378 - (م ت د س) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثْلاً بمثل، سواءا بسواءٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فَبِيعُوا كيف شِئْتُم - إذا كان يدًا بيد» . [ص:553]
وفي رواية أبي قلابة قال: كنتُ بالشام في حَلْقَةٍ فيها مسلمُ بنُ يَسَار، فجاء أبو الأشعث، فقالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث، فجلس، فقلت له: حَدِّثْ أخانا حَديثَ عُبادة بن الصامت. فقال: نعم، غَزَوْنَا غَزاةً، وعلى الناس معاوية، فَغَنِمْنَا غنائمَ كثيرة، فكان فيما غَنِمْنَا آنيةٌ من فِضَّة، فأمر معاويةُ رجلاً أن يبيعَها في أعْطيَاتِ الناس، فتسارع الناسُ في ذلك، فبلغ عُبادةَ بن الصامت، فقام فقال: إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواءا بسواء، عَينًا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، فردَّ الناسُ ما أخذُوا، فبلغ ذلك معاويةَ، فقام خطيبًا، فقال: ألا ما بالُ رجالٍ يتحدَّثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، قد كُنَّا نشهدُه ونَصْحَبُهُ، فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت، فأعاد القصة، وقال: لَنُحَدِّثَنَّ بما سمعنامن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كَرِهَ معاويةُ، أو قال: وإن رَغِمَ، ما أبالي ألا أصحبَه في جُنده ليلةً سوداء. هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، مِثْلاً بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل، والتمر بالتمر مثلاً بمثل، والبر بالبر مثلاً بمثل، والملح بالملح مثلاً بمثل، والشعير بالشعير مثلاً بمثل، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، بِيعوا الذهب بالفضة كيف شِئْتُم يدًا بيد، وبيعوا البُرَّ بالتمر كيف شئتم يدًا بيد، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدًا بيد» . [ص:554]
وفي رواية أبي داود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب تِبْرُهَا وعَيْنُها، والفضة بالفضة تِبرها وعينها، والبر بالبر مُدَّين بمدين، والشعير بالشعير مُدَّين بمدين، والتمر بالتمر مُدَّين بمدين، والملح بالملح مدين بمدين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى» . وأخرج النسائي نحو روايات مسلم وأبي داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
تبرها: التبر: الذهب قبل أن يضرب.
وعينها: العين: الذهب مضروبًا.
__________
(1) مسلم رقم (1587) في المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، والترمذي رقم (1240) في البيوع، باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل، وأبو داود رقم (3349) و (3350) في البيوع، باب في الصرف، والنسائي 7/274 و 275 و 276 و 277 و 278 في البيوع، باب بيع البر بالبر، وبيع الشعير بالشعير، وأخرجه ابن ماجة رقم (2254) في التجارات، باب الصرف وما لا يجوز متفاضلاً يداً بيد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (5/314) قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد، وفي (5/320) قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء. ومسلم (5/43) قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب. وفي (5/44) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر، جميعًا عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء. وأبو داود (3350) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن خالد. والترمذي (1240) قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن خالد الحذاء، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5089) عن يعقوب بن إبراهيم، (وهو الدورقي) ، عن إسماعيل بن عُلية، عن خالد الحذاء، وعن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن يزيد بن زُريع، عن خالد الحذاء، كلاهما -خالد الحذاء، وأيوب- عن أبي قلابة.
2 - وأخرجه أبو داود (3349) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا بشر بن عمر، والنسائي (7/276) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، وإبراهيم بن يعقوب، قالا: حدثنا عمرو بن عاصم، كلاهما - بشر، وعمرو - قالا: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم المكي.
كلاهما - أبو قلابة، ومسلم بن يسار المكي - عن أبي الأشعث، فذكره.
* أخرجه النسائي (7/276) قال: أخبرني محمد بن آدم، عن عبدة، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، فذكره. ليس فيه (أبو الخليل) .
- والروايات الأخرى:
أخرجه أحمد (5/320) قال: حدثنا إسماعيل. وابن ماجة (2254) قال: حدثنا حميد بن مَسْعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع. (ح) وحدثنا محمد بن خالد بن خِداش، قال: حدثنا إسماعيل بن علية. والنسائي (7/274) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن بَزيع، قال: حدثنا يزيد. وفي (7/275) قال: أخبرنا المؤمَّل ابن هشام، قال: حدثنا إسماعيل - وهو ابن علية - وفي (7/275) قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر بن المفضَّل.
ثلاثتهم - إسماعيل بن علية، ويزيد، وبشر- قالوا: حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: حدثني مسلم بن يسار، وعبد الله بن عبيد، فذكراه.
* أخرجه الحميدي (390) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن محمد بن سيرين، عن مسلم بن يسار، عن عبادة بن الصامت، فذكره. ليس فيه (عبد الله بن عبيد) .
* رواية محمد بن عبد الله بن بزيع، عن يزيد، قال: (عن مسلم بن يسار، وعبد الله بن عتيك) .(1/552)
379 - (خ م س) أبو المنهال - رحمه الله (1) -: قال: سألت زيد بن أرقم، والبراءَ بنَ عازب عن الصَّرْف، فكل واحد منهما يقول: هذا خير منِّي، وكلاهما يقول: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورِق دَيْنًا.
وفي رواية قال أبو المنهال: باع شَريك لي ورِقًا بنسيئةٍ إلى الموسم أو إلى الحج، فجاءَ إليَّ، فأخبرني، فَقُلْتُ: هذا أمْرٌ لا يصلُح، قال: قد بعتُه [ص:555] في السوق، فلم يُنْكِرْ ذلك عليَّ أحدٌ، قال: فائتِ البراءَ بن عازب، فأتيتُه، فسألته، فقال: قَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نبيع هذا البيعَ، فقال: «ما كان يدًا بيدٍ فلا بأسَ به، وما كان نَسِيئَةً فهو ربًا، وائتِ زيد بن أرقم، فإنه أعظمُ تجارةً مني، فأتيته فسألته، فقال مثل ذلك» . هذه رواية البخاري ومسلم.
وللبخاري عن سليمان بن أبي مسلم قال: سألت أبا المنهال عن الصرف يدًا بيد، فقال: اشتريتُ أنا وشريكٌ لي شيئًا يدًا بيد، ونسيئةً، فجاءنا البراءُ بن عازب، فسألناه، فقال: فعلتُه أنا وشريكي زيدُ بن أرقم، فَسَألْنَا النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: «أمَّا ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسيئة فردُّوه» .
وأخرج النسائي الرواية الثانية.
وفي أخرى: سألتُ البراء بن عازب وزيدَ بن أرقم، فقالا: كنا تاجِرَيْنِ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصرف؟ فقال: «إن كان يدًا بيدٍ فلا بأس، وإن كان نسيئًة فلا يَصْلُحُ (2) » .
__________
(1) هو عبد الرحمن بن مطعم البناني - بموحدة ونونين - أبو المنهال المكي. قيل: أصله من البصرة، روى عن ابن عباس، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، أخرج حديثه الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة، والدارقطني، وابن حبان، وابن سعد، مات سنة ست ومائة.
(2) البخاري 4/319 في البيوع، باب بيع الورق بالذهب نسيئة، وباب التجارة في البر، وفي الشركة باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، وأخرجه مسلم رقم (1589) في المساقاة، باب النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً، والنسائي 7/280 في البيوع، باب بيع الفضة بالذهب نسيئة. وفي الحديث ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من التواضع وإنصاف بعضهم بعضاً، ومعرفة أحدهم حق الآخر، واستظهار العالم في الفتيا بنظيره في العلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه الحميدي (727) ، والبخاري (5/89) ، قال: ثنا علي بن عبد الله. ومسلم (5/45) قال: حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون. والنسائي (7/280) قال: أخبرنا محمد بن منصور. أربعتهم - الحميدي، وعلي، وابن حاتم، وابن منصور- عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار.
2 - وأخرجه أحمد (4/289، 368) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. وفي (4/368) قال: حدثنا بهز وعفان. وفي (4/371) قال: حدثنا عفان. وفي (4/372) قال: حدثنا بهز. وفي (4/374) قال: حدثنا محمد بن جعفر، وبهز. والبخاري (3/98) قال: حدثنا حفص بن عمر. ومسلم (5/45) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي. والنسائي (7/280) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم، عن محمد (ابن جعفر) . ستتهم - يحيى، وبهز، وعفان، وحفص، ومعاذ، وابن جعفر- عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت.
3 - وأخرجه أحمد (4/368، 372) قال: حدثنا روح. والبخاري (3/72) قال: حدثني الفضل بن يعقوب، قال: حدثنا الحجاج بن محمد. والنسائي (7/280) قال: أخبرني إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا حجاج. كلاهما - روح، وحجاج - عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، وعامر بن مصعب.
4 - وأخرجه البخاري (3/183) قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عثمان -يعني ابن الأسود- قال: أخبرني سليمان بن أبي مسلم.
أربعتهم - عمرو، وحبيب، وعامر، وسليمان- عن أبي المنهال، فذكره.
* أخرجه أحمد (4/368، 373) قال: حدثنا روح، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني حسن بن مسلم، عن أبي المنهال (ولم يسمعه منه) أنه سمع زيدًا والبراء، فذكرا الحديث.(1/554)
380 - (م ت د س) فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - قال: أُتِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبرَ بقلادة فيها خَرزٌ وذهبٌ، وهي من المغانم [ص:556] تُباع، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة، فَنُزِعَ وحدَه، ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب وَزْنًا بِوَزْنٍ» .
وفي رواية قال: اشتريتُ يوم خيبرَ قِلادة باثني عشر دينارًا، فيها ذهب وخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُها، فوجدتُ فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: «لا تُبَاعُ حتى تُفَصَّلَ» .
وفي أخرى قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر نُبَايِعُ اليهودَ الوُقِيَّة الذهب بالدينارين والثلاثة (1) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وَزنًا بِوَزْن» .
وفي أخرى قال حَنَشٌ الصَّنْعَانِيّ: كنا مع فَضَالَةَ في غَزوة، فَطَارَتْ لي ولأصحابي قلادَةٌ، فيها ذهبٌ وورِق وجَوْهر، فأردتُ أنْ أشتريَها، فسألتُ فَضالة بنَ عُبيد، فقال: انْزِعْ ذهبها فاجْعَلْه في كِفَّة واجْعَل ذهبك في كِفَّةٍ (2) ، ثم لا تأخُذنَّ إلا مِثلاً بمثل، فإنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ص:557] «مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخُذَنَ إلا مثلاً بمثل» هذه روايات مسلم.
وأخرج الترمذي الرواية الثانية. وأبو داود الرواية الثانية والثالثة، ولأبي داود أيضًا قال: أُتِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ خيبر بقلادة فيها ذهب وخَزَزٌ، ابْتاعها رجلٌ بتسعة دنانير، أو بسبعة دنانير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا، حتى تُميِّزَ بينه وبينه» ، فقال: إنما أردتُ الحجارة - وفي رواية: التجارة - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا، حتى تُميِّزَ بينهما» ، قال: فرَدَّه، حتى ميَّزَ بينهما. وأخرج النسائي الرواية الثانية.
وفي أخرى قال: أصبتُ يوم خيبر قلادةً فيها ذهبٌ وخرزٌ، فأردتُ أن أبيعَها، فذُكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «افْصِلْ بَعْضها من بَعْضٍ، ثُمَّ بِعْها (3) » . [ص:558]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
فطارت: يقال: اقترعنا فطار لي كذا، أي: حصل لي سهمي كذا، والطائر: الحظُّ والنصيبُ المشهور.
__________
(1) قال النووي: يحتمل أن مراده: أنهم كانوا يتبايعون الأوقية من ذهب وخزر وغيره بدينارين أو ثلاثة، وإلا فالأوقية وزن أربعين درهماً، ومعلوم أن أحداً لا يبتاع هذا القدر من ذهب خالص بدينارين أو ثلاثة، وهذا سبب مبايعة الصحابة رضي الله عنهم على هذا الوجه، ظنوا جواز اختلاط الذهب بغيره، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرام حتى يميز، ويباع الذهب بوزنه ذهباً.
ووقع هنا في النسخ " الوقية الذهب " وهي لغة قليلة، إذ الأشهر " أوقية " بالهمز في أوله.
(2) قال النووي: هي بكسر الكاف. قال أهل اللغة: كفة الميزان وكل مستدير بكسر الكاف؛ وكفة الثوب والصائد بضمها؛ وكذلك كل مستطيل، وقيل: بالوجهين فيهما جميعاً.
(3) مسلم رقم (1591) في المساقاة، باب بيع القلادة فيها خرز وذهب، والترمذي رقم (1255) في البيوع، باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز، وأبو داود رقم (3351) و (3352) و (3353) في البيوع، باب في حلية السيف تباع بالدراهم، والنسائي 7/279 في البيوع، باب بيع القلادة فيها الخرز والذهب بالذهب.
قال الخطابي في معالم السنن 5/231: وفي هذا الحديث النهي عن بيع الذهب بالذهب مع أحدهما شيء غير الذهب، وممن قال بفساد البيع حينئذ شريح وابن سيرين والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق، ولم يفرقوا بين أن يكون الذهب الذي هو ثمن أكثر من الذهب الذي هو مع السلعة أو مساوياً أو أقل. وقال أبو حنيفة: إن كان الذي جعل ثمناً أكثر جاز وإن كان مساوياً أو أقل لم يجز، وذهب مالك إلى نحو من هذا في القلة والكثرة، إلا أنه حد الكثرة بالثلثين والقلة بالثلث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواه عن فضالة علي بن رباح اللخمي:
أخرجه أحمد (6/19) قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حيوة، وابن لهيعة، ومسلم (5/46) قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، قال: أخبرنا ابن وهب.
ثلاثتهم - حيوة بن شريح، وعبد الله بن لهيعة- وعبد الله بن وهب- عن أبي هانيء الخولاني، أنه سمع عُلَيَّ ابن رباح اللخمي، فذكره.
- ورواه عنه حنش الصنعاني:
أخرجه أحمد (6/21) قال: حدثنا هاشم ويونس، قالا: حدثنا ليث بن سعد. ومسلم (5/46) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كُريب. قالا: حدثنا ابن مبارك. وأبو داود (3351) قال: حدثنا محمد بن عيسى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، قالوا: حدثنا ابن المبارك. (ح) وحدثنا ابن العلاء، قال: أخبرنا ابن المبارك. وفي (3352) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث، والترمذي (1255) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث. (ح) وحدثنا قتيبة، قال: حدثنا ابن المبارك. والنسائي (7/279) قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث.
كلاهما - ليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك- عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، فذكره.
* أخرجه النسائي (7/279) قال: أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا محمد بن محبوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا الليث بن سعد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن فضالة بن عبيد، نحوه، ولم يذكر -سعيد بن يزيد أبا شجاع -.(1/555)
381 - (خ م س) أبو بكرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواءً بسواء، وأمرنا أن نشتريَ الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتريَ الذهب بالفضة كيف شئنا، قال: فسأله رجل، فقال: «يدًا بيد؟» فقال: هكذا سَمِْعتُ. وأخرجه البخاري ومسلم. وأخرج النسائي إلى قوله: «كيف شئنا (1) » .
__________
(1) البخاري 4/319، 320 في البيوع، باب بيع الذهب بالورق يداً بيد، وباب بيع الذهب بالذهب، ومسلم رقم (1590) في المساقاة، باب النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً، والنسائي 7/280، 281 في البيوع، باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (5/38، 49) قال: حدثنا إسماعيل، والبخاري (3/97) قال: حدثنا صدقة بن الفضل، قال: أخبرنا إسماعيل بن عُلية. وفي (3/98) قال: حدثنا عمران بن ميسرة، قال: حدثنا عباد بن العوام. ومسلم (5/45) قال: حدثنا أبو الربيع العتكي، قال: حدثنا عباد بن العوام. وفي (5/46) قال: حدثني إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا يحيى بن صالح، قال: حدثنا معاوية، عن يحيى- وهو ابن أبي كثير- والنسائي (7/280) قال: وفيما قُريءَ علينا أحمد بن منيع، قال: حدثنا عباد بن العوام.
ثلاثتهم - إسماعيل، وعباد، ويحيى بن أبي كثير- عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، فذكره.
* وأخرجه النسائي (7/281) ، قال: أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني، قال: حدثنا أبو توبة، قال: حدثنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، فذكره. ليس فيه (يحيى بن أبي إسحاق) .(1/558)
382 - (م ط) عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - وفي رواية: قال لي -: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين» . أخرجه مسلم و «الموطأ» (1) .
__________
(1) الموطأ 2/633 في البيوع، باب بيع الذهب بالذهب تبراً وعيناً عن مالك أنه بلغه عن جده مالك بن أبي عامر أن عثمان ... ، وقد وصله مسلم رقم (1585) في المساقاة، باب الربا من طريق ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن سليمان بن يسار عن مالك بن أبي عامر عن عثمان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (5/42) قال: ثنا أبو الطاهر، وهارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن عيسى، قالوا: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، قال: سمعت سليمان بن يسار يقول: إنه سمع مالك بن أبي عامر «فذكره» .(1/558)
383 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله -: قال: أمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السَّعْدَيْنِ يوم خيبر أن يبيعا آنية من المغنم من ذهب أو فضة، فباعا كلَّ ثلاثةٍ بأربعة عَينًا، أو كلّ أربعةٍ بثلاثة عينًا، فقال لهما: «أرَبَيْتُما فَرُدَّا» .أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
السعدين: إذا قيل: السعدان، إنما يراد بهما: سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري، وسعد بن عبادة الخزجي الأنصاري، وسعد بن معاذ كان قد مات قبل غزوة خيبر، وهذا الحديث مذكور أنه كان في خيبر، ولعله سعد آخر، غير ابن معاذ، على أنه قد قيل: إنه سعد بن أبي وقاص.
__________
(1) 2/632 في البيوع، باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً مرسلاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
مرسل: رواه مالك، عن يحيى بن سعيد [1359] كتاب البيوع - بيع الذهب بالفضة تبرًا وعينًا-.
قال الزرقاني: مرسل، ورواه ابن وهب عن الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه حدثهما أن عبد الله بن أبي سلمة حدثه أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكره ... قاله أبو عمر - يعني ابن عبد البر-، الشرح (3/354) .(1/559)
384 - (ط س) مجاهد بن جبر - رحمه الله - قال: كنت مع ابن عمر فجاءه صائِغٌ، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني أصُوغُ الذهب، فأبيعه بالذهب بأكثر من وَزْنِه، فأسْتَفْضِلُ قَدْرَ عَمَلِ يدي [في صَنْعَتِهِ] (1) فنهاه عن ذلك، فجعل الصائغُ يُرَدِّدُ عليه المسألَةَ، وابنُ عُمَرَ ينهاه، حتى انتهى إلى باب المسجد، أو إلى دابته، يُريدُ أن يركبَها، فقال له - آخرَ ما قال- الدينار بالدينار، والدرهم [ص:560] بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عَهْدُ نَبِيِّنَا إلينا وعهدُنا إليكم. أخرجه «الموطأ» ، وأخرج النسائي المسندَ منه فقط، وجعله من مسند عمر (2) .
__________
(1) زيادة من الموطأ، وليست في الأصل.
(2) الموطأ 2/633 في البيوع، باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً، وإسناده صحيح، والنسائي 7/278 في البيوع، باب بيع الدرهم بالدرهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده قوي: أخرجه مالك [1362] عن حميد بن قيس، عن مجاهد «فذكره» . والنسائي (7/278) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك به.(1/559)
385 - (ط س) عطاء بن يسار - رحمه الله - قال: إنَّ معاويَةَ بن أبي سفيان باع سِقَايَةً من ذهب، أو وَرِقٍ، بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذا، إلا مثلاً بمثل، فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسًا، فقال أبو الدرداء: مَنْ يَعْذِرُني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يخبرني عن رأيه، لا أسَاكِنُك بأرضٍ أنت فيها، ثم قدم أبو الدرداء على عمربن الخطاب، فذكر له ذلك، فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية: أن لا تَبِعْ ذَلِكَ إلا مثلاً بمثلٍ، وَزْنًا بِوَزْنٍ. أخرجه «الموطأ» . وأخرج النسائي منه إلى قوله: مثلاً بمثل (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
سقاية: السقاية: إناء يشرب فيه.
يعذرني: يقال: من يَعذِرني من فلان، أي: من يقوم بعذري إن كافأته على صنيعه.
__________
(1) الموطأ 2/634 في البيوع، باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً، والنسائي 7/279 في البيوع، باب بيع الذهب بالذهب، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح: أخرجه مالك [1364] عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار «فذكره» . والنسائي (7/279) قال: حدثنا قتيبة، عن مالك به.(1/560)
386 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالوَرِق، إلا مثلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورِق بالذهب، أحدُهما غائبٌ والآخر ناجز، وإن اسْتَنْظَرَكَ إلى أن يَلِجَ بَيتَهُ فلا تُنْظِرْهُ، إني أخافُ عليكم الرَّمَاء. والرَّمَاءُ: هو الرِّبا.
وفي رواية عن القاسم بن محمد قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، والصاع بالصاع، ولا يُبَاعُ كالِئٌ بناجزٍ. أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
استنظر: الاستنظار: استفعال من الإنظار: التأخير.
الرِّماء: الربا: وهو الزيادة على ما يحل لك.
كاليء: الكالىء بالهمز: النسيئة.
__________
(1) 2/634 في البيوع، باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً، وإسناده صحيح، وتقدم الحديث مرفوعاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أثر صحيح: أخرجه مالك [1366] عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر «فذكره» .(1/561)
387 - (خ م س) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا في النسيئة» . وفي رواية: «إنما الربا في النسيئة» . وفي أخرى قال: «لا ربا فيما كان يدًا بيدٍ» . [ص:562]
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
__________
(1) البخاري 4/318 في البيوع، باب بيع الدينار بالدينار نساء، ولفظه " لا ربا إلا في النسيئة "، ومسلم رقم (1596) في المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثل، والنسائي 7/281 في البيوع، باب بيع الفضة بالذهب والذهب بالفضة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1- أخرجه الحميدي (545) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (5/204) قال: حدثنا سفيان. والدارمي (2583) قال: أخبرنا أبو عاصم، عن ابن جريج. ومسلم (5/49) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر، قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا سفيان بن عيينة. والنسائي (7/281) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا سفيان. كلاهما - سفيان، وابن جريج - عن عُبيد الله بن أبي يزيد.
2 - وأخرجه الحميدي (744) قال: حدثنا سفيان. والبخاري (3/97) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا الضحاك بن مَخْلَد، قال: حدثنا ابن جريج. ومسلم (5/49) قال: حدثني محمد بن عباد، ومحمد ابن حاتم، وابن أبي عمر، جميعًا عن سفيان بن عيينة. وابن ماجة (2257) قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا سفيان بن عيينة. والنسائي (7/281) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان. كلاهما -سفيان، وابن جريج- عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، سمع أبا سعيد الخدري.
2 - وأخرجه أحمد (5/200) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، وعفان، وفي (5/201) قال: حدثنا عفان، ومسلم (5/50) قال: حدثنا زهير بن حرب، قال: حدثنا عفان (ح) وحدثني محمد بن حاتم، قال: حدثنا بهز، ثلاثتهم - يحيى بن إسحاق، وعفان، وبهز- قالوا: حدثنا وُهَيب، قال: حدثنا عبد الله بن طاوس، عن أبيه.
3 - وأخرجه أحمد (5/200) قال: حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (5/209) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، كلاهما - سفيان، وشعبة- عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح.
4 - وأخرجه أحمد (5/206) قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، وفي (5/206) قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: أخبرنا يحيى بن قيس المازني، ومسلم (5/50) قال: حدثنا الحكم بن موسى، قال: حدثنا هِقْل، عن الأوزاعي. والنسائي في الكبرى (تحفة 94) عن إبراهيم ابن الحسن المقسمي، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج. أربعتهم -الصائغ، ويحيى بن قيس، والأوزاعي، وابن جريج- عن عطاء بن أبي رباح.
5 - وأخرجه أحمد (5/208) قال: حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا خالد الحذّاء، عن عكرمة.
ستتهم - عُبيد الله، وأبو سعيد الخدري، وطاوس، وأبو صالح، وعطاء، وعكرمة- عن ابن عباس، فذكره.
* ألفاظ الروايات متقاربة.
- ورواه عن سعيد بن المسيب، قال: حدثني أسامة:
أخرجه أحمد (5/202) ، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبيد الله ابن علي بن أبي رافع، عن سعيد بن المسيب، فذكره.(1/561)
388 - (ت د س) ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنت أبيع الإبلَ بالبَقيعِ، فأبيعُ بالدنانير، فآخُذُ مكانها الوَرِق، وأبيع الورِق، فآخذ مكانَها الدنانير، فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجدتُه خارجًا من بيت حَفْصَة، فسألته عن ذلك؟ فقال: «لا بأسَ به بالقيمة» . هذه رواية الترمذي، وقال الترمذي: وقد روي موقوفًا على ابن عمر.
وفي رواية أبي داود قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيعُ بالدنانير وآخذُ الدراهم، وأبيعُ بالدراهم وآخذُ الدنانير، آخذُ هذه من هذه، وأعْطِي هذه من هذه، فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت حفصة، فقلتُ: يا رسول الله رُويدَكَ أسْأْلك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيعُ بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذُ الدنانيرَ، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأسَ أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تفترقا وبينكما شيء» . وفي أخرى له بمعناه، والأول أتم، ولم يذكر «بسعر يومها» .
وأخرج النسائي نحوًا من هذه الروايات. وله في أخرى: أنه كان لا يرى بأسًا في قبض الدراهم من الدنانير، [ص:563] والدنانير من الدراهم (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (1242) في البيوع، باب ما جاء في الصرف، وأبو داود رقم (3354) و (3355) في البيوع، باب في اقتضاء الذهب من الورق، والنسائي 7/281، 282 في البيوع، باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، وباب أخذ الورق من الذهب، وأخرجه ابن ماجة رقم (2262) في التجارات، باب اقتضاء الذهب من الورق ورجاله ثقات.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفاً، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أن لا بأس أن يقتضي الذهب من الورق والورق من الذهب وهو قول أحمد وإسحاق، وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ذلك. وقال الحافظ في " التلخيص " 3/26: وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب عن نافع عن ابن عمر ولم يرفعه، ونا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر ولم يرفعه، ونا يحيى بن أبي إسحاق عن سالم عن ابن عمر ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب وأنا أفرقه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
معلول بالوقف: أخرجه أحمد (2/33) (4883) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، وفي (2/59) (5237) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا إسرائيل، وفي (2/83) (5555) ، (2/154) (6427) ، (2/89) (5628) قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا إسرائيل. وفي (2/83) (5559) قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا حماد بن سلمة. وفي (2/101) (5773) قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثنا إسرائيل. وفي (2/139) (6239) قال: حدثنا بهز وأبو كامل. قالا: حدثنا حماد بن سلمة. والدارمي (2584) قال: أخبرنا أبو الوليد، قال: حدثنا حماد بن سلمة. وأبو داود (3354) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، ومحمد بن محبوب، قالا: حدثنا حماد، وفي (3355) قال: حدثنا حسين بن الأسود، قال: حدثنا عُبيدالله، قال: أخبرنا إسرائيل، وابن ماجة (2262) قال: حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: أنبأنا حماد بن سلمة. والترمذي (1242) قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة. والنسائي (7/281) قال: أخبرني أحمد بن يحيى، عن أبي نُعيم، قال: حدثنا حماد بن سلمة. وفي (7/282) قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، وفي (7/283) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار، قال: حدثنا أبو المُعافى، عن حماد بن سلمة.
ثلاثتهم - إسرائيل، وحماد، وأبو الأحوص- عن سِماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، فذكره.
* أخرجه ابن ماجة (2262) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب وسفيان بن وكيع ومحمد بن عبيد بن ثعلبة الحماني، قالوا: حدثنا عمر بن عبيد الطَّنافسي، قال: حدثنا عطاء بن السائب، أو سماك، ولا أعلمه إلا سماكًا، عن سعيد بن جبير، فذكره.
* وأخرجه النسائي (7/282) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: أنبأنا المُؤمَّل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر (موقوفًا) .
* وأخرجه النسائي (7/282) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا وكيع. وفي (7/283) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. كلاهما -وكيع، وسفيان- عن موسى بن نافع، عن سعيد بن جبير. (قوله) .
قلت: قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفًا. أه.(1/562)
389 - (م) مَعمر بن عبد الله بن نافع - رضي الله عنه - أرسل غلامه بصاع قَمْحٍ، فقال: بِعْهُ، ثم اشْتَرِ به شعيرًا، فذهب الغلام، فأخذ صاعًا وزيادة بعضِ صاعٍ، فلما جاء مَعْمَرًا أخبره بذلك، فقال له معمرٌ: لِمَ فعلتَ ذلك؟ انطلق فَرُدَّه، ولا تأخذنَّ إلا مِثلاً بمثل، فإني كنتُ أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الطعامُ بالطعام مِثلاً بمثل» وكان طعامُنا يومئذ الشعير، قيل له: فإنه ليس بمثله، قال: إني أخاف أن يُضَارِعَ (1) . [ص:564] أخرجه مسلم (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
قمح: القمح: الحنطة.
المضارعة: المشابهة، يعني أخاف أن يشبه الربا.
__________
(1) قال النووي: يضارع، أي يشابهه، واحتج مالك بهذا الحديث في كون الحنطة والشعير صنفاً واحداً لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً، ومذهبنا ومذهب الجمهور: أنهما صنفان يجوز التفاضل بينهما كالحنطة مع الأرز، ودليلنا: ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم " فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم " مع ما رواه أبو داود والنسائي في حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما، يداً بيد " وأما [ص:564] حديث معمر هذا، فلا حجة فيه، لأنه لم يصرح بأنهما جنس واحد، وإنما خاف من ذلك، فتورع عنه احتياطاً.
(2) رقم (1592) في المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/400) قال: حدثنا حسن، قال: حدثنا ابن لهيعة، وفي (6/401) قال: حدثنا هارون، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، ومسلم (5/47) قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو. (ح) وحدثني أبو الطاهر، قال: أخبرنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث.
كلاهما - ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث- قالا: حدثنا أبو النضر، أن بسر بن سعيد حدثه، فذكره.(1/563)
390 - (ط) مالك - رحمه الله - بلغه أنَّ سليمان بن يسار قال: «فَنِيَ عَلَفُ حمارِ سعدِ بن أبي وَقَّاصٍ» فقال لغلامه: «خُذْ من حِنْطَة أهلك فابتع به شعيرًا، ولا تأخذْ إلا مثلَهُ» . أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/645 في البيوع، باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما، وفي سنده انقطاع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الموطأ (2/645) البيوع - باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما.(1/564)
391 - (ط) سليمان بن يسار - رحمه الله: أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يَغُوثَ فَنِيَ عَلَفُ دابته، فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك طعامًا، فابْتَعْ به شعيرًا، ولا تأخذْ إلا مثله.
أخرجه «الموطأ» . قال مالك: وبلغني عن القاسم بن محمد عن ابن مُعَيْقِيبٍ مثلُه (1) .
__________
(1) 2/645، 646 في البيوع، باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما، وإسناده صحيح، وعبد الرحمن ابن الأسود مدني ثقة من كبار التابعين، ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة ممن ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الموطأ (2/646) البيوع - باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما.(1/564)
392 - (ط ت د س) أبو عياش - رضي الله عنه - واسمه زيد - أنه [ص:565] سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسُّلْتِ، فقال له سعدٌ: أيَّتُهُمَا أفْضَلُ؟ قال: البيضاءُ، فنهاه عن ذلك، وقال سعد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسْألُ عن اشتراء التمر بالرُّطَب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟» قالوا: نعم! فنهاه عن ذلك. أخرجه «الموطأ» والترمذي وأبو داود والنسائي.
وفي أخرى لأبي داود: أنه سمع سعدَ بنَ أبي وقاصٍ يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر نسيئةً.
وفي أخرى له عن مولى لبني مخزوم عن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
البيضاء: الحنطة.
بالسلت: السُلْتُ: ضرب من الشعير، رقيق القشر، صغار الحب.
أينقص؟ : قال الخطابي: هذا لفظه - لفظ الاستفهام- ومعناه: [ص:566] التقرير والتنبيه بكُنْهِ الحكم وعِلته، ليكون معتبرًا في نظائره، وإلا فلا يجوز أن يخفى مثلُ هذا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونحوٌ من هذا قوله تعالى: {أليس الله بكافٍ عبده؟} وأمثاله في القرآن كثير، وكقول جرير:
أَلَسْتُم خَيْرَ من رَكِبَ المطايا؟
__________
(1) الموطأ 2/624 في البيوع، باب ما يكره من بيع التمر، والترمذي رقم (1225) في البيوع، باب ما جاء في النهي عن المحاقلة والمزابنة، وأبو داود رقم (3359) في البيوع، باب في التمر بالتمر، والنسائي 7/269 في البيوع، باب اشتراء التمر بالرطب، وأخرجه ابن ماجة رقم (2264) في التجارات، باب بيع الرطب بالتمر، والشافعي في الرسالة فقرة (907) وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم 2/38، 39 وله شاهد مرسل جيد عند البيهقي في السنن 5/295 من حديث عبد الله بن أبي سلمة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في (الموطأ) (386) والحميدي (75) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا إسماعيل بن أمية. وأحمد (1/175) (1515) قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا مالك بن أنس، وفي (1/179) (1544) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، وفي (1/179) (1552) قال: حدثنا سفيان، عن إسماعيل ابن أمية، وأبو داود (3359) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، وفي (3360) قال: حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة، قال: حدثنا معاوية - يعني ابن سلام-، عن يحيى بن أبي كثير. وابن ماجة (2264) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، وإسحاق بن سليمان، قالا: حدثنا مالك بن أنس، والترمذي (1225) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا مالك بن أنس. (ح) وحدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن مالك. والنسائي (7/268) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيي، قال: حدثنا مالك. وفي (7/269) قال: أخبرنا محمد بن علي بن ميمون، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (3854) ، عن هارون بن عبد الله، عن معن، عن مالك.
ثلاثتهم - مالك، وإسماعيل بن أمية، ويحيى بن أبي كثير- عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن زيد أبي عياش، فذكره.(1/564)
الفرع الثاني: في الحيوان
393 - (م ت د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما -: جاء عبدٌ فبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة، ولم يَشْعُرْ أنه عبدٌ، فجاء سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بِعنيه» ، فاشتراه بِعَبْدَيْنِ أسْوَدَيْنِ، ثم لم يُبَايِعْ أحدًا بعدُ، حتى يسألَ: «أعَبْدٌ هو؟» . أخرجه مسلم والترمذي والنسائي.
واختصره أبو داود فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى عبدًا بِعَبْدَيْنِ (1) .
__________
(1) مسلم رقم (1602) في المساقاة، باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً، والترمذي رقم (1596) في البيوع، باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين، وأبو داود رقم (3358) في البيوع، باب في ذلك إذا كان يداً بيد، والنسائي 7/292، 293.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/349) قال: حدثنا حجين، وإسحاق بن عيسى. وفي (3/372) قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم. ومسلم (5/55) قال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، وابن رمح (ح) وحدثنيه قتيبة بن سعيد، وأبو داود (3358) قال: حدثنا يزيد بن خالد الهمداني، وقتيبة بن سعيد الثقفي، وابن ماجة (2869) قال: حدثنا محمد بن رمح. والترمذي (1239، 1596) قال: حدثنا قتيبة. والنسائي (7/150، 292) قال: أخبرنا قتيبة.
سبعتهم - حجين، وإسحاق، وأبو سعيد، ويحيى، وابن رمح، وقتيبة، ويزيد- عن الليث، عن أي بالزبير، فذكره.
جاء مختصرًا عند أحمد (3/372) . وأبي داود (3358) : «أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- اشترى عبدًا بعبدين» .(1/566)
394 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمَرَهُ أنْ يُجَهِّزَ جيْشًا، فَنَفِدَتْ الإبلُ، فأمره أنْ يأخُذَ على قلائص (1) الصدقة، فكان يأخُذُ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة. أخرجه أبو داود (2) . [ص:567]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
قلائص: جمع قلوص، وهي الناقة.
__________
(1) في أبي داود: في قلاص.
(2) رقم (3357) في البيوع، باب في الرخصة في ذلك، وفي سنده جهالة واضطراب، انظر نصب الراية [ص:567] 4/47، لكن أخرجه البيهقي في " السنن " 5/287، 288 من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وصححه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/171) (6593) قال: حدثنا حسين، يعني ابن محمد، قال: حدثنا جرير، يعني ابن حازم، وفي (2/216) (7025) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي.
كلاهما - جرير، وإبراهيم بن سعد، والد يعقوب- عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني أبو سفيان الحرشي، عن مُسلم بن جبير مولى ثقيف، عن عمرو بن حريش الزبيدي، فذكره.
* أخرجه أبو داود (3357) قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جُبير، عن أبي سفيان، عن عمرو بن حَريش، عن عبد الله بن عمرو: «أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يُجهز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة» .
قلت: نقل الحافظ الزيلعي عن ابن القطان قوله: هذا حديث ضعيف، مضطرب الإسناد، وفصَّل فيه القول. راجع نصب الراية (4/531، 532) بتحقيقي.(1/566)
395 - (ط) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: بَاعَ جَمَلاً لَهُ يُدْعَى عُصَيْفيرًا بعشرين بعيرًا إلى أجل. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2/652 في البيوع، باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه، وأخرجه الشافعي 2/184، وفي سنده انقطاع، لأن الحسن بن محمد بن علي لم يسمع من جده أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقد روي عنه ما يعارض هذا، فقد روى عبد الرزاق من طريق ابن المسيب عن علي أنه كره بعيراً ببعيرين نسيئة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف للانقطاع: أخرجه مالك [1391] كتاب البيوع - ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه، عن صالح بن كيسان، عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: أن عليّاً «فذكر الأثر» .
قلت: الحسن ثقة فقيه وأبوه ابن الحنفية لكنه لم يدرك جده عليّاً رضي الله عنه.(1/567)
396 - (خ ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: اشترى راحلة بأربعة أبْعِرَةٍ مضْمُونَةٍ عليه، يُوفيها صاحبَها بالرَّبذَة. أخرجه «الموطأ» ، وأخرجه البخاري في ترجمة بابٍ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
راحلة: اسم للجمل والناقة، إذا كانا قويين على الأحمال والأسفار.
__________
(1) البخاري 4/348 في البيوع، باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة تعليقاً، ووصله مالك في الموطأ 2/652 في البيوع، باب ما يجوز من بيع الحيوان، وإسناده صحيح، وأخرجه الشافعي 2/184.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح: أخرجه مالك [1392] عن نافع أن ابن عمر «فذكر الأثر» ، وعلقه البخاري (4/348) كتاب البيوع - باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة.(1/567)
397 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصلُح الحيوان اثْنَانِ بواحدٍ نَسيئةً، ولا بأسَ به يدًا بيد» . [ص:568]
أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1238) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وقال: حديث حسن. نقول: وفي سنده الحجاج بن أرطاة وأبو الزبير وكلاهما مدلسان وقد عنعنا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/310) قال: حدثنا نصر بن باب، وفي (3/380، 382) قال: حدثنا يزيد، وابن ماجة (2271) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا حفص بن غياث، وأبو خالد، والترمذي (1238) قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حُريث، قال: حدثنا عبد الله بن نُمير.
خمستهم - نصر، ويزيد، وحفص، وأبو خالد، وابن نُمير- عن الحجاج - وهو ابن أرطاة- عن أبي الزبير، فذكره.
قلت: مداره على الحجاج بن أرطاة وشيخه أبو الزبير وقد عنعنا، وهما مدلسان.(1/567)
398 - (ت د س) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة» . أخرجه الترمذي وأبو داود، والنسائي (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (1237) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، والنسائي 7/292 في البيوع، باب بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وأبو داود رقم (3356) في البيوع، باب في الحيوان بالحيوان نسيئة من حديث الحسن عن سمرة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة وبه يقول أحمد، وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول الشافعي وإسحاق.
نقول: الحسن موصوف بالتدليس وقد عنعن في هذا الحديث، لكن في الباب عن ابن عباس عند ابن حبان رقم (1113) والدارقطني 3/319 ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة يحيى بن أبي كثير، وأخرجه البزار وقال: ليس في الباب أجل إسناداً من هذا، وعن ابن عمر عند الطبراني وفيه ضعف. وأخرج أحمد في المسند رقم (5885) حدثنا حسين بن محمد، ثنا خلف بن خليفة، عن أبي جناب عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، فقال رجل: يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس البختية وبالإبل؟ قال: " لا بأس إذا كان يداً بيد " وفيه ضعف لكن يصلح شاهداً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1 - أخرجه أحمد (5/12) قال: حدثنا إسماعيل، وفي (5/19) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وابن جعفر. وفي (5/21) قال: حدثنا عبدة، والدارمي (2567) قال: أخبرنا سعيد بن عامر، وجعفر بن عون. وابن ماجة (2270) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبدة بن سليمان. النسائي (7/292) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ويزيد بن زريع، وخالد بن الحارث. (ح) وأخبرني أحمد بن فضالة بن إبراهيم، قال: حدثنا عُبيد الله بن موسى، قال: حدثنا الحسن بن صالح، تسعتهم - إسماعيل، ويحيى، ومحمد بن جعفر، وعبدة، وسعيد بن عامر، وجعفر، ويزيد بن زريع، وخالد، والحسن بن صالح، - عن سعيد بن أبي عَرُوبة.
2 - وأخرجه أحمد (5/22) قال: حدثنا عفان. وأبو داود (3356) قال: حدثنا مُوسى بن إسماعيل، والترمذي (1237) قال: حدثنا أبو موسى، محمد بن مُثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. ثلاثتهم - عفان، وموسى، وابن مهدي- عن حماد بن سلمة.
كلاهما - سعيد، وحماد- عن قتادة، عن الحسن، فذكره. قلت: الإسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، لكن رواية الحسن عن سمرة مختلف فيها، والحديث صححه الترمذي، وحسنه.(1/568)
399 - (ط) ابن شهاب - رحمه الله -: أنَّ سعيد بن المسيب كان يقول: لا رِبا في الحيوان، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى في بيع الحيوان عن ثلاثٍ: المضامِين، والملاقيح، وحَبَلِ الْحَبَلَةِ، فالمضامين: ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح: ما في ظهور الجمال، وحَبَل الحبَلة: هو بيع الجَزور إلى أن تُنْتَج [ص:569] الناقة، ثم تُنْتَج التي في بطنها. أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الجزور: قد ذكر معناه في الباب.
المضامين: جمع مضمون، وهو ما في صُلب الفَحل، يقال: ضمن الشيء بمعنى تضمنه، ومنه قولهم: مضمون الكتاب كذا وكذا.
الملاقيح: جمع ملقوحٍ، وهو ما في بطن الناقة، يقال: لَقَحَتِ الناقة: إذا حملت، وولدها ملقوح به، إلا أنهم استعملوه بحذف الجارّ، هذا تأويل أرباب اللغة والغريب، والفقهاء.
ووجدت في كتاب الموطأ في نسختين ظاهرتي الصحة، وهما اللتان قرأتهما: قد جاء في متن الحديث تفسير لمالك، فجعل المضامين: ما في بطون الإناث، والملاقيح: ما في ظهور الذكور.
وحبل الحبلة: قد ذكر معناه فيما تقدم من الباب.
__________
(1) 2/654 في البيوع، باب لا يجوز من بيع الحيوان، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1395] عن ابن شهاب «فذكره» .(1/568)
400 - (خ) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: اشترى بعيرًا ببعيرين، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدًا رهْوًا إن شاء الله. ذكره البخاري تعليقًا (1) . [ص:570]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
رَهْوًا: أي: آتيك به سهلاً عفوًا، لا احتباس فيه، وهو من السير السهل المستقيم.
__________
(1) 4/348 في البيوع، باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة، قال الحافظ: وصله عبد الرزاق من طريق مطرف بن عبد الله عنه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
علقه البخاري (4/348) في كتاب البيوع - باب بيع العبد، والحيوان بالحيوان نسيئة. وقال الحافظ: وصله عبد الرزاق.(1/569)
الفرع الثالث: في أحاديث متفرقة
401 - (ط) مالك - رضي الله عنه - قال: بلغني أنَّ رجلاً أتَى ابنَ عُمَرَ - رضي الله عنه - فقال: إني أسلَفْتُ رجُلاً سلَفًا، واشترطتُ عليه أفْضَلَ مما أسلَفْتُهُ، فقال عبد الله ابن عمر: فذلك الربا، قال: فكَيْفَ تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عبد الله بن عمر: السلف على ثلاثة وُجوهٍ: سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ به وَجْهَ اللهِ، فَلَكَ وَجْهُ اللهِ تعالى، وسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُريدُ به وجهَ صاحبك، فلك وجهُ صاحبك، وسلَفٌ تُسْلِفُهُ لتأخُذَ خَبِيثًا بطيِّب، فذلك الربا، قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أرى أن تَشُقَّ الصَّحِيفَة، فإن أعطاك مثلَ الذي أسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ، وإن أعطاك دون الذي أسلفتَه فأخذَتَه أُجِرْتَ، وإن أعطاك أفضل مما أسلفته طيِّبَةً به نَفْسُهُ، فذلك شُكْرٌ شَكَرَهُ لَكَ، ولك أجرُ ما أنْظَرْتَهُ. أخرجه «الموطأ» (1) . [ص:571]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
خبيثًا: الخبيث: الحرام، والطيب: الحلال، وأراد به هاهنا: الربا أو تركه.
أنظرته: الإنظار: التأخير، قد ذكر معناه فيما تقدم من الباب.
__________
(1) 2/681، 682 في البيوع، باب ما لا يجوز من السلف بلاغاً، وأخرج أيضاً عن ابن عمر بإسناد صحيح قال: من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الموطأ [1424] كتاب البيوع - باب ما لا يجوز من السلف.(1/570)
402 - (ط) مجاهد بن جبر - رحمه الله - أنَّ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - استلف دراهم، فقضى صاحبَها خيرًا منها، فأبى أن يأخذَها، فقال: هذه خيرٌ من دراهمي، فقال ابن عمر: قد علمتُ، ولكن نفسي بذلك طيِّبة. أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/681 في البيوع، باب ما يجوز من السلف، وإسناده قوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1422] عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد «فذكر الأثر»
قلت: إسناده صحيح.(1/571)
403 - (ط) سالم: أنَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - «سُئِلَ عن الرجل يكون له على الرجل الدَّيْنُ إلى أجَلٍ، فيضَعُ عنه صاحبُ الحق ليُعجِّل الدَّيْنَ الذي هو عليه، فَكَرِهَ ذلك ابن عمر، ونهى عنه» . أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/672 في البيوع، باب ما جاء في الربا في الدين، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1414] عن عثمان بن حفص بن خلدة، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، فذكر الأثر.
قلت: إسناد هذا الأثر صحيح أيضًا.(1/571)
404 - (ط) عبيد أبي صالح مولى السفاح -: قال: بعتُ بَزًّا (1) لي من أهل دارِ نَخْلَةَ إلى أجلٍ، فأردتُ الخروج إلى الكوفة، فعرضوا عليَّ أنْ أضعَ عنهم بعض الثمن ويَنْقُدُوني، فسألتُ زيد بن ثابت؟ فقال: لا آمُرَك أن تأكل هذا ولا تُوكِلَهُ. أخرجه «الموطأ» (2) .
__________
(1) في المطبوع: براً.
(2) 2/671 في البيوع، باب ما جاء في الربا في الدين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1413] عن أبي الزناد، عن بسر بن سعيد، عن عبيد أبي صالح «فذكر الأثر» .
قلت: إسناده صحيح.(1/571)
405 - () أم يونس قالت: جاءت أمُّ ولدِ زيد بن أرقم إلى عائشة، فقالت: بعتُ جاريةً من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريتُها منه قبل حلول الأجل بستمائة، وكنتُ شَرطتُ عليه: أنك إنْ بعتَها فأنا أشتريها منك. فقالت لها عائشة: بئسما شَريتِ، وبئسما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهادَه مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، إن لم يَتُب منه، قالت: فما يصنع؟ قالت: فَتَلَتْ عائشة: {فمن جاءه مَوْعِظَةٌْ من رَبِّه فانتهى فله ما سَلف، وأمرُه إلى الله، ومن عادَ فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة: الآية 275] فلم ينكر أحدٌ على عائشة، والصحابةُ مُتَوَفِّرونَ. ذكره رزين ولم أجده في الأصول (1) . [ص:573]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
العطاء: هو ما كان يعطيه الأمراء للناس من قرارتهم وديوانهم الذي يقررونه لهم في بيت المال، كان يصل إليهم في أوقات معلومة من السنة.
__________
(1) أخرجه الدارقطني بنحوه 3/52 عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني، عن أمه العالية بنت أنفع قالت " حججت أنا وأم محبة ـ وفي رواية: خرجت أنا وأم محبة إلى مكة ـ فدخلنا على عائشة، فسلمنا عليها، فقالت: من أنتن؟ قلنا: من أهل الكوفة. قالت: فكأنها أعرضت عنا، فقالت لها أم محبة: يا أم المؤمنين، كانت لي جارية، وإني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه، وأنه أراد بيعها، فابتعتها منه بستمائة درهم نقداً ... الحديث " قال الشيخ شمس الحق العظيم أبادي في " التعليق المغني على سنن الدارقطني ": وأخرجه البيهقي وعبد الرزاق أيضاً، وأم محبة ـ بضم الميم وكسر الحاء المهملة ـ هكذا ضبطه الدارقطني في كتاب " المؤتلف والمختلف "، وقال: إنها امرأة تروي عن عائشة، روى حديثها أبو إسحاق السبيعي ـ عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي ـ عن امرأته العالية، ورواه أيضاً يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أنفع عن أم محبة عن عائشة، وقال: أم محبة والعالية مجهولتان، لا يحتج بهما، وأخرجه الإمام أحمد في " المسند ": حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته " أنها دخلت على عائشة، هي وأم ولد زيد بن أرقم، فقالت أم ولد زيد لعائشة: إني بعت من زيد غلاماً بثمانمائة درهم نسيئة واشتريت بستمائة نقداً، فقالت: بلغي زيداً أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب، بئسما اشتريت وبئسما شريت " قال في " التنقيح ": إسناده جيد، وإن كان الشافعي لا يثبت مثله عن عائشة، وكذلك الدارقطني قال في العالية: هي مجهولة، لا يحتج بها، وفيه نظر، [ص:573] فقد خالفه غيره، ولولا أن عند أم المؤمنين عائشة علماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا حرام لم تستجز أن تقوله.
وقال ابن الجوزي: قالوا: العالية امرأة مجهولة لا يحتج بها، ولا يقبل خبرها. قلنا: بل هي امرأة معروفة جليلة القدر، ذكرها ابن سعد في " الطبقات " فقال: العالية بنت أنفع بن شراحيل امرأة أبو إسحاق السبيعي، سمعت من عائشة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
قلت: الحديث عند الدارقطني (3/52) بنحوه. والبيهقي (5/300) قال الدارقطني: أم محبة وعالية مجهولتان لا يحتج بهما. أه.
وعزاه الحافظ الزيلعي لأحمد، ونقل تجوّيد ابن عبد الهادي لإسناده في التنقيح وتعقب قول الشافعي بعدم ثبوت الأثر، وتضعيف الدارقطني لرواته.
راجع نصب الراية (4/467) بتحقيقي. ط/ دار الحديث.(1/572)
406 - () زيد بن أسلم قال: كان الربا الذي آذَنَ الله فيه بالحرب لمن لم يتركه، كان عند أهل الجاهلية على وجهين - كان يكون للرجل على الرجلِ حَقٌّ إلى أجلٍ، فإذا حل الحق، قال صاحب الحق: أتَقْضِي أم تُرْبي؟ فإذا قضاه أخذ منه، وإلا طَوَاهُ إنْ كان مما يُكالُ أو يُوزَن، أو يُذرَع أويُعَدُّ، وإن كان نَسِيئًا رفعه إلى الذي فوقه، وأخَّرَ عنه إلى أجل أبعدَ منه. فلما جاء الإسلام أنْزَلَ الله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنُوا اتَّقُوا الله وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبَا، إنْ كُنْتُم مُؤمِنِينَ} إلى قوله - {وإنْ تُبْتُم فَلَكُم رُؤوسُ أمْوَالِكُم لا تَظْلِمُون ولا تُظْلَمُونَ، وإنْ كانَ ذُو عُسْرةٍ} - يعني الذي عليه رأس المال - {فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ، وأنْ تَصَدَّقُوا} - يعني برأس المال - {خَيْرٌ لَكُم إنْ كُنْتُم تَعْلَمُون} [البقرة: الآيات 278-280] ذكره رزين ولم أجده في الأصول. [ص:574]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
آذن: أعلم، والإيذان: الإعلام بالشيء.
طواه (1) :
__________
(1) لم يذكر شرح الطي، وهو من طي الثوب، جعله طبقات فوق بعضه، فالمعنى أنه يؤجله بمضاعفة، وهو الزيادة والربا.(1/573)
الباب الخامس: من كتاب البيع، في الخيار
407 - (خ م ط د س ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المتبايعين بِالخيار في بيعهما ما لم يَتَفَرَّقا، أو يكون البيعُ خيارًا» .
قال نافع: فكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يُعْجِبُهُ فَارَق صاحبه.
وفي رواية قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما للآخر: اخْتَرْ، وربما قال: أو يكون بيع خيار.
وفي أخرى قال: المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار.
وفي أخرى قال: إذا تبايعَ الرجلانِ فكلُّ واحدٍ منهما بالخيار، ما لم يتفرقا، وكانا جميعًا، أو يُخَيِّر أحدُهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحدٌْ منهما البيع، فقد [ص:575] وجب البيعُ، هذه روايات البخاري ومسلم.
ولمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلُّ بَيِّعَيْن لا بيعَ بينهما حتى يَتَفَرَّقَا، إلا بيع الخيار» .
وللبخاري: قال ابن عمر: بِعتُ من أمير المؤمنين عثمان مالاً بالوادي بمال له بخيبر، فلما تبايعنا رجعتُ على عَقِبي، حتى خرجتُ من بيته، خَشْيَةَ أنْ يُرَادَّني البيع، وكانت السُّنَّةُ: أنَّ المتبايعين بالخيار، حتى يتفرَّقا، فلما وَجَبَ بيعي وبيعُه، رأيتُ أنِّي قد غَبَنْتُهُ بأني سُقْتُه إلى أرض ثمودَ بثلاثِ ليالٍ، وساقَني إلى المدينة بثلاثِ لَيَالٍ.
ولمسلم قال: إذا تبايع المتبايعان فكلُّ واحدٍ منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا، أو يكون بَيْعُهما عن خيار فإذا كان بيعُهما عن خيارٍ فقد وَجَبَ، زاد في أخرى: قال نافع: فكان ابن عمر إذا بايع رجلاً، فأرَادَ ألا يُقِيلَهُ، قام فَمَشى هُنَيْهَةً، ثم رجع. وأخرج «الموطأ» الرواية الثالثة.
وأخرج الترمذي قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا - أو قال: حتى يتفرقا - أو يختارا» .
قال نافعٌ: وكان ابنُ عمر إذا ابتاعَ بيعًا، وهو قاعدٌ، قامَ لِيَجِبَ له وأخرج أبو داود الرواية الثانية والثالثة.
وأخرج النسائي الرواية الأولى، والثانية، ولم يذكر قول نافع. [ص:576]
والرابعة والخامسة والسابعة، ولم يذكر قول نافع أيضًا (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الخيار: اسم من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين، وهو على ثلاثة أضرب: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار النقيصة.
أما خيار المجلس، فالأصل فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار» ، معناه: إلا بيعًا شرط فيه الخيار، فلا يلزم بالتفرق، وقيل: معناه: إلا بيعًا شرط فيه نفي خيار المجلس، فيلزم بنفسه عند قوم.
وأما خيار الشرط، فلا تزيد مدته على ثلاثة أيام عند الشافعي - رحمه الله - وأول مدته من حال العقد، وقيل: من حال التفرق.
وأما خيار النقيصة، فمثل أن يظهر بالمبيع عيبٌ يوجب الردَّ، أو يلتزم البائع فيه شرطًا لم يكن فيه ونحو ذلك.
__________
(1) البخاري 4/276 في البيوع، باب كم يجوز الخيار، وباب إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع، وباب إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع، وباب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع، وباب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، وأخرجه مسلم رقم (1531) في البيوع، باب ثبوت خيار المجلس، و " الموطأ " 2/671 في البيوع، باب بيع الخيار، وأبو داود رقم (3454) في البيوع، باب خيار المتبايعين، والنسائي 7/248 في البيوع، باب وجوب الخيار للمتبايعين، والترمذي رقم (1245) في البيوع، باب رقم (26) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواه نافع، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فذكره
1 - أخرجه مالك (الموطأ) (416) ، وأحمد (1/56) (393) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، والبخاري (3/84) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. ومسلم (5/9) قال: حدثنا يحيى بن يحيى. وأبو داود (3454) قال: حدثنا عبد الله بن مَسْلمة. والنسائي (7/248) قال: أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين - قراءة عليه وأنا أسمع - عن ابن القاسم، خمستهم -إسحاق بن عيسى، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى، وعبد الله بن مَسلمة، وعبد الرحمن بن القاسم- عن مالك.
2 - وأخرجه الحميدي (654) ، ومسلم (5/10) قال: حدثني زُهير بن حرب، وابن أبي عمر. والنسائي (7/248) قال: أخبرنا علي بن ميمون. أربعتهم -الحميدي، وزهير، وابن أبي عمر، وعلي بن ميمون- عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا ابن جريج.
3 - وأخرجه أحمد (2/4) (4484) قال: حدثنا إسماعيل، وفي (2/73) (8413) قال: حدثنا عَفَّان، قال: حدثنا حماد بن سلمة. والبخاري (3/84) قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، ومسلم (5/9) قال: حدثني زهير بن حرب، وعلي بن حجر، قالا: حدثنا إسماعيل، (ح) وحدثنا أبو الربيع، وأبو كامل، قالا: حدثنا حماد، وهو ابن زيد، وأبو داود (3455) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد. والنسائي (7/249) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا شعبة، وفي (7/249) قال: أخبرنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا ابن عُلية. أربعتهم - إسماعيل بن علية، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وشعبة- عن أيوب.
4 - وأخرجه أحمد (2/54) (5158) قال: حدثنا يحيى. ومسلم (5/9) قال: حدثنا زُهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا يحيى، وهو القطان (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر. (ح) وحدثنا ابن نُمير، قال: حدثنا أبي، والنسائي (7/248) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى. ثلاثتهم - يحيى القطان، ومحمد بن بشر، وعبد الله بن نمير- عن عبيد الله.
5 - وأخرجه أحمد (2/119) (6006) قال: حدثنا هاشم. والبخاري (3/84) قال: حدثنا قتيبة. ومسلم (5/10) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. (ح) وحدثنا محمد بن رُمح. وابن ماجة (2181) قال: حدثنا محمد بن رُمح المصري. والنسائي (7/249) قال: أخبرنا قتيبة. ثلاثتهم هاشم بن القاسم، وقُتَيبة بن سعيد، ومحمد بن رُمح - عن الليث بن سعد.
6 - وأخرجه البخاري (3/83) قال: حدثنا صدقة، قال: أخبرنا عبد الوهاب. ومسلم (5/10) قال: حدثنا ابن المثنى، وابن أبي عمر، قالا: حدثنا عبد الوهاب. والترمذي (1245) قال: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن فضيل، والنسائي (7/249) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الوهاب، وفي (7/250) قال: أخبرنا علي بن حُجر. قال: حدثنا هشيم، ثلاثتهم -عبد الوهاب الثقفي، وابن فُضيل، وهشيم - عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
7 - وأخرجه مسلم (5/10) قال: حدثنا ابن رافع، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرنا الضحاك.
8 - وأخرجه النسائي (7/248) قال: أخبرنا محمد بن علي المروزي، قال: حدثنا مُحرز بن الوضاح، عن إسماعيل.
ثمانيتهم -مالك، وابن جريج، وأيوب، وعبيد الله بن عمر، وليث بن سعد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والضحاك بن عثمان، وإسماعيل- عن نافع، فذكره.
* في رواية الليث بن سعد: «إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا وكانا جميعًا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خَيَّرَ أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع» .
* وجاءت باقي الروايات مطولة ومختصرة، وألفاظها متقاربة.
- ورواه عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر:
أخرجه الحميدي (655) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (2/9) (4566) قال: حدثنا سفيان. وفي (2/51) (5130) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وفي (2/135) (6193) قال: حدثنا الفضل بن دُكين، قال: حدثنا سفيان. والبخاري (3/84) قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان، ومسلم (5/10) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب، وقتيبة، وابن حُجر. قال يحيى بن يحيى: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل بن جعفر. والنسائي (7/250) قال: أخبرنا علي بن حُجر، عن إسماعيل، (ح) وأخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، عن ابن الهاد. (ح) وأخبرنا عبد الحميد بن محمد، قال: حدثنا مَخلد، قال: حدثنا سفيان. (ح) وأخبرنا الربيع بن سليمان بن داود، قال: حدثنا إسحاق بن بكر، قال: حدثنا أبي، عن يزيد بن عبد الله. وفي (7/251) قال: أخبرنا عمرو بن يزيد، عن بَهْز بن أسد، قال: حدثنا شعبة. (ح) وأخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان.
خمستهم - سفيان بن عيينة، وشعبة، وسفيان الثوري، وإسماعيل بن جعفر، ويزيد بن عبد الله بن الهاد- عن عبد الله بن دينار، فذكره.(1/574)
408 - (خ م ت د س) حكيم بن حزام - رضي الله عنه -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البَيِّعَان بالخيار ما لم يفترقا (1) - أو قال: حتى [ص:577] يتفرقا - فإن صَدَّقا وبَيَّنا، بُورِكَ لهما في بيعهما، وإن كَتَما وكَذَبا، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما» . أخرجه الجماعة إلا «الموطأ» (2) .
وقال أبو داود: رواه همَّامٌ، فقال: «حتى يتفرقا، قال: أو يختار ثَلاثَ مرارٍ» .
__________
(1) هذه رواية همام عند البخاري، وسائر الروايات عنده وعند مسلم " يتفرقا ".
(2) البخاري 4/263 في البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، وباب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع، وباب البيعان بالخيار ما لم يفترقا، وباب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع، وباب كم يجوز الخيار، وأخرجه مسلم رقم (1532) في البيوع، باب الصدق في البيع، والترمذي رقم (1246) في البيوع، باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا، وأبو داود رقم (3459) في البيوع، باب خيار المتبايعين، والنسائي 7/244 في البيوع، باب ما يجب على التجار.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (3/402، 434) قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، وفي (3/403) قال: حدثنا محمد ابن جعفر، والدارمي (2550) قال: أخبرنا سعيد بن عامر. والنسائي (7/247) قال: أخبرنا أبو الأشعث، عن خالد. أربعتهم - إسماعيل، وابن جعفر، وسعيد، وخالد- عن سعيد، يعني ابن أبي عروبة.
2 - وأخرجه أحمد (3/402) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة.
3 - وأخرجه أحمد (3/403) قال: حدثنا عفان. والبخاري (3/83) قال: حدثنا حفص بن عمر. وفي (3/84) قال: حدثني إسحاق، قال: حدثنا حبان. ثلاثتهم -عفان، وحفص، وحبان- قالوا: حدثنا همام.
4 - وأخرجه أحمد (3/403) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وابن جعفر. وفي (3/403) أيضًا قال: حدثنا محمد بن جعفر. والدارمي (2551) قال: أخبرنا أبو الوليد. والبخاري (3/76) قال: حدثنا سليمان ابن حرب. وفي (3/76) أيضًا قال: حدثنا بَدَل بن المحبر. وفي (3/84) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا حبان. ومسلم (5/10) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (3459) قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي. والترمذي (1246) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، والنسائي (7/244) قال: أخبرنا عمرو بن علي، عن يحيى، سبعتهم - عبد الرحمن، وابن جعفر، وأبو الوليد، وسليمان بن حرب، وبدل، وحبان، ويحيى بن سعيد- قالوا: حدثنا شعبة.
أربعتهم - سعيد، وحماد، وهمام، وشعبة- عن قتادة، قال: أخبرني صالح أبو الخليل.
وأخرجه البخاري (3/84) قال: حدثني إسحاق، قال: حدثنا حبان. ومسلم (5/10) قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. كلاهما -حبان، وعبد الرحمن- قالا: حدثنا همام، قال: حدثنا أبو التياح.
كلاهما - أبو الخليل، وأبو التياح- عن عبد الله بن الحارث، فذكره.(1/576)
409 - (د ت س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، إلا أن تكون صفْقَةَ خيارٍ، ولا يَحِلُّ أن يُفَارِقَ صاحبَهُ خشيةَ أن يَسْتَقِيلَه» . أخرجه الترمذي وأبوداود والنسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
صفقة: أصل الصفق: ضرب اليد على اليد في البيع، ثم جعل عبارة عن العقد.
ما لم يتفرقا: قال الأزهري في قوله: «ما لم يتفرقا، وما لم يفترقا» ، [ص:578] سئل أحمد بن يحيى - المعروف بثعلب - عن الفرق بين التَّفَرُّق والافتراق؟ فقال: أخبرني ابن الأعرابي عن المفضَّل قال: يقال: فرَقت بين الكلامين مخففًا فافترقا، وفرَّقت بين اثنين مشدَّدًا فتَفرَّقا، فجعل الافتراق في القول، والتفرُّق بالأبدان.
وقال الخطابي: اختلف الناس في التفرق الذي يصح بوجوده البيع، فقالت طائفة: هو التفرق بالأبدان، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين والعلماء، وبه قال الشافعي، وأحمد، وقال أصحاب الرأي ومالك: إذا تعاقدا صح البيع.
قال الخطابي: وظاهر الحديث يشهد للقول الأول، فإن راوي الحديث عبد الله بن عمر، وفي الحديث أن ابن عمر كان إذا بايع رجلاً فأراد أن يتم البيع، مشى خطوات حتى يفارقه، قال: ولو كان تأويل الحديث على القول الثاني، لخلا الحديث من الفائدة، وسقط معناه؛ لأن العلم محيط أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع، فهو بالخيار، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه قبل أن يعقد البيع، وهذا من العلم العام الذي قد استقر بيانه، والخبر الخاص إنما يروى في الحكم الخاص، والمتبايعان هما المتعاقدان، والبيع من الأسماء المشتقة من أسماء الفاعلين، ولا يقع حقيقة إلا بعد حصول الفعل منهم.
__________
(1) أبو داود رقم (3456) في البيوع والإجارة، باب في خيار المتبايعين، والترمذي رقم (1247) في البيوع، باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يفترقا، والنسائي 7/251، 252 في البيوع، باب وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما بأبدانهما، وحسنه الترمذي، وهو كما قال، وصححه ابن خزيمة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/183) (6721) قال: حدثنا حماد بن مَسْعَدة. وأبو داود (3456) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث. والترمذي (1247) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث بن سعيد. والنسائي (7/251) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: أنبأنا الليث.
كلاهما - حماد، والليث- عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، فذكره.
قلت: إسناده حسن.(1/577)
410 - (ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيِّعان بالخيار ما لم يفترقا» . هذه رواية الترمذي (1) .
ورواية أبي داود قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفترقنَّ اثنان إلا عن تراضٍ (2) » .
__________
(1) رواية الترمذي في النسخ التي بين أيدينا " لا يفترقن عن بيع إلا عن تراض ".
(2) الترمذي رقم (1248) في البيوع، باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يفترقا، وأبو داود رقم (3458) في البيوع، باب في خيار المتبايعين، واستغربه الترمذي، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه عن أبي هريرة أبو زرعة:
أخرجه أحمد (2/536) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير. وأبو داود (3458) قال: حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي، قال: مروان الفزاري أخبرنا. والترمذي (1248) قال: حدثنا نصر بن علي. قال: حدثنا أبو أحمد.
كلاهما - أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، ومروان- عن يحيى بن أيوب البجلي الكوفي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، فذكره.
- رواه عن أبي هريرة أبو كثير:
أخرجه أحمد (2/311) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. قال: حدثنا أيوب، يعني ابن عتبة. قال: حدثنا أبو كثير السحيمي، فذكره.
قلت: إسناده صحيح.(1/579)
411 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيَّرَ أعرابِيًّا بعد البيع. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1249) في البيوع، باب ما جاء في البيعين بالخيار، وفيه عنعنة ابن جريج وأبي الزبير، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي (1249) قال: ثنا عمر بن حفص الشيباني، حدثنا ابن وهب عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، «فذكره» .
قلت: ابن جريج، وأبو الزبير مدلسان، وقد عنعنا!!! .(1/579)
412 - (ط ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اخْتَلَفَ البيِّعان، فالقولُ قولُ البائع، والمبتاعُ بالخيار» . هذه رواية الترمذي.
وأخرجه «الموطأ» ، قال مالك: بلغه أنَّ ابنَ مسعود كادَ يُحَدِّثُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيُّما بَيِّعَيْنِ تَبَايعَا، فالقولُ ما قال البائع، أو يَتَرَادَّانِ» (1) .
__________
(1) الموطأ 2/671 في البيوع، باب بيع الخيار، والترمذي رقم (1270) في البيوع، باب إذا اختلف البيعان، وقال: هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود، وقد روي عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أيضاً، وهو مرسل أيضاً، وأخرجه أحمد في المسند رقم (4442) و (4443) و (4444) و (4445) و (4446) و (4447) وقد أعل الحديث غير واحد من الحفاظ بالانقطاع، إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة [ص:580] العلماء، تلقوه بالقبول، وبنوا عليه كثيراً من فروعهم.
وقال البيهقي: روي من أوجه بأسانيد مراسيل إذا جمع بينها صار الحديث قوياً. وأخرجه أبو داود رقم (3511) في البيوع، باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم، والنسائي 7/302، 303 في البيوع، باب اختلاف المتبايعين في الثمن، من طريق عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده قال: قال عبد الله بن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة، فهو ما يقول رب السلعة أو يترك " وصححه الحاكم وحسنه البيهقي، وأعله ابن القطان بجهالة عبد الرحمن وأبيه وجده.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
منقطع: أخرجه أحمد (1/466) (4444) قال عبد الله بن أحمد: قرأت على أبي: حدثنا يحيى بن سعيد. والترمذي (1270) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان.
كلاهما - يحيى، وسفيان- عن ابن عجلان، عن عون بن عبد الله، فذكره.
* قال الترمذي: هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود.
قلت: ذكره مالك (2/671) في البيوع - باب بيع الخيار.(1/579)
413 - (د) أبو الوضيء [عباد بن نُسيب]- رحمه الله - قال: غَزَوْنا غَزْوَةً لنا، فَنَزَلْنَا منزِلاً، فباع صاحبٌ لنا فرسًا بغلام، ثم أقاما بقيةَ يومِهما وليلتِهما، فلما أصبحنا من الغدِ حَضَرَ الرحِيلُ، فقام إلى فرسِهِ يُسْرِجُه، فنَدِم، فأتى الرجلَ وأخذه بالبيع، فأبى الرجلُ أنْ يدفعَه إليه، فقال: بيني وبينك أبو بَرْزَةَ، صاحبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيا أبا بَرْزَةَ في ناحية العسكرِ، فقالا له هذه القصة، قال: أتَرْضَيَان أنْ أقْضِيَ بينكما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا» .
قال هشام بن حَسَّان: حَدَّثَ جميلُ بنُ مُرَّةَ أنه قال: ما أراكُما افْتَرَقْتُما. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3457) في البيوع، باب خيار المتبايعين، وإسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجة رقم (2182) في التجارات مختصراً بدون القصة، قال المنذري في مختصره: رجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/425) قال: حدثنا أبو كامل. وأبو داود (3457) قال: حدثنا مسدد. وابن ماجة (2182) قال: حدثنا أحمد بن عبدة، وأحمد بن المقدام.
أربعتهم - أبو كامل، ومسدد، وأحمد بن عبدة، وأحمد بن المقدام- عن حماد بن زيد، عن جميل بن مرة، عن أبي الوضيء، فذكره.
قلت: قال المنذري في مختصر أبي داود: رجاله ثقات.(1/580)
414 - (س) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيِّعان بالخيار حتى يتفرَّقا، ويأخذَ كُلُّ واحد منهما من البيع ما هَوِيَ، ويَتَخَايَرانِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ» . وفي أخرى: «ما رضيَ صاحبُه أوْ هَوِيَ» . [ص:581] أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7/251 في البيوع، باب وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما، ذكر الاختلاف على عبد الله بن دينار، وأخرجه ابن ماجة رقم (2183) ورجاله ثقات، لكن الحسن لم يسمع من سمرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/12) قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا سعيد. وفي (5/17) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، وفي (5/17، 22) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام. وفي (5/21) قال: حدثنا عبد الصمد، وعفان قالا: حدثنا شعبة، وفي (5/22، 23) قال: حدثنا إسماعيل، ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا سعيد. وابن ماجة (2183) قال: حدثنا محمد بن يحيى، وإسحاق بن منصور قالا: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا شعبة. والنسائي (7/251) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي (ح) وأخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا هَمّام.
خمستهم - سعيد، وحماد، وهمام، وشعبة، وهشام - عن قتادة، عن الحسن، فذكره.
قلت: رواية الحسن عن سمرة، مختلف فيها، راجع حديث العقيقة من فتح الباري.(1/580)
الباب السادس: في الشفعة
415 - (خ م ت د س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قَضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالشُّفْعَةِ في كل ما لم يُقْسَم، فإذا وقعت الحدودُ وصُرِفَتِ الطُّرُقُ فلا شُفْعَة» . هذه رواية البخاري والترمذي وأبو داود.
وأخرجه مسلم، وهذا لَفْظُهُ، قال: «قَضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالشُّفعة في كل شِرْكَةٍ لم تُقْسَم، رَبْعَةٍ أو حائطٍ، لا يَحِلُّ له أن يبيعَ حتَّى يُؤذِنَ شَريكه، فإنْ شاء أخذَ، وإن شاء تركَ، وإذا باع ولم يُؤذِنْهُ فهو أحقُّ به» (1) .
وفي أخرى له قال: «الشفعة في كل شِرْكٍ من أرضٍ، أو رَبْعٍ [ص:582] أو حائطٍ، لا يصْلُح أنْ يَبِيعَ حتى يَعْرِضَ على شريكه، فيأخُذَ أو يَدَعَ، فإن أبى فشريكه أحق به، حتى يُؤْذِنَه» .
وافقه أبو داود أيضًا على روايته الأولى.
وأخرجه الترمذي أيضًا قال: «مَنْ كان له شريكٌ في حائط، فلا يبيع نصيبَهُ من ذلك حتى يَعْرِضَهُ على شريكه» .
وفي أخرى للترمذي وأبي داود: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجارُ أحَّقُّ بشُفْعَةِ جارِهِ، يُنتَظَرُ بها، وإن كان غائبًا، إذا كانَ طريقُهما واحدًا» .
وفي أخرى للترمذي قال: «جارُ الدار أحق بالدار» . وأخرج النسائي روايتي مسلم.
وله في أخرى: «أيُّكم كانتْ له أرضٌ، أو نَخْلٌ، فلا يَبِِعْها حتى يَعْرِضَها على شريكه» .
وله في أخرى: «قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة والجِوَار» .
رأيتُ الْحُمَيْدِيَّ - رحمه الله - قد جعل هذا الحديث في كتابه «الجمع بين الصحيحين» . من أفراد البخاري، وأفراد مسلم، ولم يذكره في المتفق عليه، وما أعلم السببَ في ذلك، لعله قد عرف فيه ما لم نَعْرِفْهُ (2) . [ص:583]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الشُّفعة: عند الشافعي - رحمه الله -: لا تثبت إلا في الشركة، وعند أبي حنيفة - رحمه الله - تثبت للشريك والجار، وأصل الشفعة: هو الزيادة، وهو أن يشفعك فيما يشتري حتى تضمه إلى ما عندك، فتزيده عليه، أي: كان واحدًا، فضممت إليه ما زاد وجعلته به شفعًا.
ربعة: الرَّبع والربعة: المنزل.
__________
(1) قال الحافظ في الفتح 4/360 بعد أن أورد رواية مسلم هذه: وقد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار وبما فيه العقار، وقد أخذ بعمومها في كل شيء مالك في رواية وهو قول عطاء، وعن أحمد تثبت في الحيوانات دون غيرها من المنقولات. وروى البيهقي من حديث ابن عباس مرفوعاً " الشفعة في كل شيء " ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال، وأخرج الطحاوي له شاهداً من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته.
(2) البخاري 4/360 في الشفعة، باب الشفعة فيما لم يقسم، وفي البيوع، باب بيع الشريك من شريكه، وباب بيع الأرض والدور والعروض مشاعاً، وفي الشركة، باب الشركة في الأرضين، وباب إذا قسم الشركاء الدور أو غيرها، وفي الحيل، باب الهبة والشفعة، وأخرجه مسلم رقم (1608) في المساقاة، باب الشفعة، والترمذي رقم (1370) في الأحكام، باب إذا حدت الحدود فلا شفعة [ص:583] ورقم (1369) في الأحكام، باب الشفعة للغائب، ورقم (1312) في البيوع، باب ما جاء في أرض المشترك يريد بعضهم بيع نصيب بعض، وأبو داود رقم (3513) و (3514) في البيوع، باب في الشفعة، والنسائي 7/301 في البيوع، باب بيع المشاع، و 319، 320، باب الشركة في النخيل، و 321، باب الشركة في الرباع، وباب ذكر الشفعة وأحكامها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه الحميدي (1272) ، وأحمد (3/307) ، وابن ماجة (2492) قال: حدثنا هشام بن عمار، ومحمد بن الصبّاح. والنسائي (7/319) قال: أخبرنا قتيبة، خمستهم -الحميدي، وأحمد، وهشام، وابن الصبّاح، وقتيبة- قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة.
2 - وأخرجه أحمد (3/310) قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، وفي (2/382) قال: حدثنا يزيد. كلاهما - البكائي، ويزيد- عن حجاج بن أرطاة.
3 - وأخرجه أحمد (3/312) قال: حدثنا هاشم، وحسن بن موسى، وفي (3/397) قال: حدثنا يحيى ابن بُكير. ومسلم (5/57) قال: حدثنا أحمد بن يونس. (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى. خمستهم - هاشم، وحسن، ويحيى بن بكير، وأحمد بن يونس، ويحيى بن يحيى- عن زُهير.
4 - وأخرجه أحمد (3/316) قال: حدثنا إسماعيل، والدارمي (2631) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، ومسلم (5/57) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا عبد الله بن إدريس. وفي (5/57) قال: حدثني أبو الطاهر، قال: أخبرنا ابن وهب، وأبو داود (3513) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، والنسائي (7/301) قال: أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أنبأنا إسماعيل، وفي (7/320) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، قال: أنبأنا ابن إدريس، وفي الكبرى (تحفة المزيّ) (2806) عن يوسف بن سعيد، عن حجاج بن محمد. أربعتهم - إسماعيل، وابن إدريس، وابن وهب، وحجاج بن محمد- عن ابن جريج.
أربعتهم - سفيان، والحجاج بن أرطأة، وزهير، وابن جريج- عن أبي الزبير، فذكره.(1/581)
416 - (ت د) أنس بن مالك وسمرة بن جندب - رضي الله عنهما - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «جَارُ الدَّارِ أحقُّ بالدار» أخرجه الترمذي، وفي رواية أبي داود عن سَمُرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «جار الدار أحقُّ بدار الجار والأرض» (1) .
__________
(1) أبو داود رقم (3517) في البيوع والإجارات، باب الشفعة، والترمذي رقم (1368) في الأحكام من طريق الحسن عن سمرة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان رقم (1153) من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، وله شاهد عند أحمد في المسند 4/388 من حديث قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جار الدار أحق بالدار من غيره ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1 - أخرجه أحمد (5/8) قال: حدثنا بهز، وعفان قالا: حدثنا همام. وفي (5/12) قال: حدثنا عبد الوهاب الخفاف، قال: حدثنا سعيد. وفي (5/13) قال: حدثنا إسماعيل، عن سعيد. وفي (5/17) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن حماد بن سلمة. وفي (5/18) قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة. (ح) وأبو داود، قال: أخبرنا هشام. وفي (5/18) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام. وأبو داود (3517) قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، والترمذي (1368) قال: حدثنا علي بن حُجر، قال: حدثنا إسماعيل بن عُلية، عن سعيد، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4588) عن إسماعيل بن مسعود، عن بشر بن المُفَضّل، عن شعبة. (ح) وعن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس، عن سعيد. خمستهم - همام، وسعيد، وحماد، وهشام، وشعبة- عن قتادة.
2 - وأخرجه أحمد (5/22) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد، عن قتادة، وحميد.
3 - وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4610) عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، عن عبد الرحيم بن مُطَرِّف، عن عيسى بن يونس، عن شعبة، عن يونس بن عبيد.
ثلاثتهم - قتادة، وحميد، ويونس بن عبيد- عن الحسن، فذكره.
قلت: تقدم الكلام في رواية الحسن عن سمرة.(1/583)
417 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [ص:584] «إذا قُسِمَتِ الأرضُ وحُدِّدَتْ، فلا شُفعَةَ فيها» أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3515) في البيوع، باب في الشفعة، ورجاله ثقات، وأخرجه ابن ماجة رقم (2497) وانظر التعليق على الحديث رقم (422) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
معلول: أخرجه ابن ماجة (2497) قال: حدثنا محمد بن يحيى، وعبد الرحمن بن عمر. قالا: حدثنا أبو عاصم. (ح) وحدثنا محمد بن حماد الطهراني. قال: حدثنا أبو عاصم. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (10/13241) عن سليمان بن داود، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون.
كلاهما - أبو عاصم النبيل، وعبد الملك- عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة ابن عبد الرحمن، فذكراه.
* في رواية محمد بن حماد الطِّهْراني. قال أبو عاصم: سعيد بن المسيب مرسل، وأبو سلمة، عن أبي هريرة متصل.
* وأخرجه أبو داود (3515) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس. قال: حدثنا الحسن بن الربيع. قال: حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، أو عن سعيد بن المسيب، أو عنهما جميعًا، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها» .
* وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (10/13241) عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، وأبي سلمة، فذكراه، مرسلاً.
* وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (10/13241) عن محمد بن حاتم، عن سُويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن مالك، ومعمر، كلاهما عن الزهري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشفعة فيما لم يقسم.
* وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (10/13241) عن قُتيبة، عن بكر بن مُضَر، عن جعفر بن ربيعة، عن بكير بن الأشج، عن ابن المسيب، قوله.
قلت: قال البيهقي: المحفوظ - روايته عن أبي سلمة - يعني الزهري - عن جابر موصولاً، وعن ابن المسيب عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما سوى ذلك شذوذ ممن رواه.(1/583)
418 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشريك شفيعٌ، والشُّفعةُ في كل شيء» . أخرجه الترمذي (1) .
قال: وقد رُوي عن ابن أبي مُلَيْكَةَ (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. وهو أصح.
__________
(1) رقم (1371) في الأحكام، باب ما جاء أن الشريك شفيع، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار في الشفعة 2/268 ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال كما قال الترمذي، وأخرج الطحاوي له شاهداً من حديث جابر. قال الحافظ في " الفتح ": بإسناد لا بأس برواته.
(2) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة - زهير - بن عبد الله بن جدعان، أبو بكر، ويقال: أبو محمد التيمي المكي، كان قاضياً لابن الزبير ومؤذناً له. روى عن العبادلة الأربعة، وعبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن السائب المخزومي، والمسور بن مخرمة، وأبي محذورة، وأسماء وعائشة ابنتي أبي بكر وغيرهم رضي الله عنهم قال البخاري: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من الصحابة. مات سنة سبع عشرة ومائة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
معلول: أخرجه الترمذي (1371) قال: حدثنا يوسف بن عيسى. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5795) عن إسحاق بن إبراهيم.
كلاهما - يوسف، وإسحاق- عن الفضل بن موسى، عن أبي حمزة السكري، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن ابن أبي مُليكة، فذكره.
* أخرجه الترمذي (1371) قال: حدثنا هنّاد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش. (ح) وحدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5795) عن محمد بن علي بن ميمون الرقي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن إسرائيل، ثلاثتهم - أبو بكر بن عياش، وأبو الأحوص، وإسرائيل- عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن ابن أبي مليكة، مرسل (ليس فيه ابن عباس) .(1/584)
419 - (خ د س) عمرو بن الشريد (1) : قال: وقفتُ على سعد بن أبي وقَّاص، فجاء الْمِسْوَرُ بن مَخْرَمَة، فوضع يدَهُ على إحدى مَنْكِبيَّ، إذ جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا سعدُ، ابْتعْ مِني بَيتي في دارك، فقال سعدٌ: والله ما أبتاعها، فقال الْمِسْورُ: والله لَتَبْتَاعَنَّها، فقال سعدٌ: والله لا أزيد على [ص:585] أربعة آلاف مَنَجَّمَةً، أو مقطَّعَةً. قال أبو رافع: لقد أُعطيتُ بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الجار أحق بِصَقَبِهِ» لما أعطيتُهَا بأربعة آلاف، وأنا أعْطَى بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه، ومنهم من قال: بيتًا، وفي رواية مختصرًا: «الجار أحَقُّ بِصَقَبِه» . أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود: سَمعَ أبا رافع، سَمِعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الجار أحق بصَقَبه» . وأخرج النسائي المسند فقط (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
منجمة: تنجيم الدين: هو أن يقرر عطاءَه في أوقات معلومة.
الجار أحق بصقبه: الصقَب: القرب والملاصقة، فإن حملته على الجوار، فهو مذهب أبي حنيفة، وإن حملته على الشركة، فهو مذهب الشافعي، والسقب بالسين: مثله.
والجار: يقع في اللغة على أشياء متعددة:
منها: الشريك، ومنها الملاصق.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الشُّفْعَة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت [ص:586] الطرق فلا شفعة» ، يدل على حصر الشفعة في الشركة؛ لأن الجار لا يقاسم، وإنما يقاسم الشريك.
__________
(1) ابن سويد الثقفي، أبو الوليد الطائفي. روى عن أبيه وأبي رافع، وسعد بن أبي وقاص، وابن عباس، والمسور بن مخرمة وآخرين، أخرج حديثه البخاري ومسلم. قال العجلي: حجازي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
(2) البخاري 4/360، 361 في الشفعة باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع، وفي الحيل، باب في الهبة والشفعة، وباب احتيال العامل ليهدى له، وأبو داود رقم (3516) في البيوع، باب في الشفعة، والنسائي 7/320 في البيوع، باب ذكر الشفعة وأحكامها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (552) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (6/10، 390) قال: حدثنا سفيان. وأحمد أيضًا عن عبد الرحمن، -هو ابن مهدي-، عن سفيان، هو الثوري، والبخاري (3/114) قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن جريج، وفي (9/35) قال: حدثنا علي بن عبد الله. قال: حدثنا سفيان، وفي (9/35) قال: حدثنا محمد بن يوسف. قال: حدثنا سفيان. وفي (9/36) قال: حدثنا أبو نُعيم. قال: حدثنا سفيان. وفي (9/37) قال: حدثنا مُسَدَّد. قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، وأبو داود (3516) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا سفيان. وابن ماجة (2495) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (2498) قال: حدثنا عبد الله بن الجراح. قال: حدثنا سفيان بن عيينة. والنسائي (7/320) قال: أخبرنا علي بن حُجر. قال: حدثنا سفيان. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (9/12027) عن محمود بن غيلان، عن أبي نُعيم، عن سفيان الثوري.(1/584)
420 - (س) الشريد - رضي الله عنه -: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، أرْضِي لَيْس لأحدٍ فيها شَرِكَةٌ، ولا قِسمةٌ إلا الجوار، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجار أحقُّ بسقَبِه» . أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7/320 في البيوع، باب ذكر الشفعة وأحكامها، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1 - أخرجه أحمد (4/389) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا حُسين المُعلم. (ح) وحدثنا روح، قال: حدثنا حسين المعلم. (ح) والخفاف، قال: أخبرنا حسين. وفي (4/390) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن حسين المعلم. وابن ماجة (2496) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن حسين المعلم، والنسائي (7/320) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا حسين المعلم، وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (4840) عن إسحاق بن إبراهيم، عن الوليد بن مُسلم، عن ابن جُريج. كلاهما - حسين المعلم، وابن جريج- عن عَمرو بن شعيب.
2 - وأخرجه أحمد (4/389) قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، (ح) وأبو عامر. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4840) عن محمد بن عبد الله بن عمار، عن المُعافى بن عمران، (ح) وعن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي. (ح) وعن محمد بن علي بن ميمون، عن الفِريابي، عن سفيان. خمستهم -إسحاق، بن سليمان، وأبو عامر، والمُعافى بن عمران، وابن مهدي، وسفيان- عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن يعلى الطائفي.
3- وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4840) عن محمد بن حاتم، عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن مَعْمَر، عن إبراهيم بن ميسرة.
ثلاتهم - عمرو بن شعيب، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى، وإبراهيم بن ميسرة- عن عمرو بن الشريد، فذكره.
* أخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4840) عن زكريا بن يحيى، عن محمد بن عُبَيد بن حساب، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو بن الشريد قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الجارُ أحقُّ بسقبه» ولم يقل: عن أبيه.
* وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (4840) عن زكريا بن يحيى، عن أبي معمر، إسماعيل بن إبراهيم الهُذَلي، عن هشيم، عن منصور، عن الحكم، عن عمرو بن شعيب، عن رجل من آل الشَّريد، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
* في رواية سفيان: قال: عن يعلى بن عبد الرحمن.
* وأخرجه أحمد (4/388) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، قال: أخبرنا قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن الشريد بن سويد «فذكره بنحوه» ، ولم يذكر بين عمرو بن شعيب، وابن الشريد أحدًا.(1/586)
421 - (ط) عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: «إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شُفْعَةَ فيها، ولا شُفعة في بئرٍ، ولا فَحْل النَّخْلِ» أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
فحل النخل: وفُحَّالُهُ: هو الذكر الذي يُلَقِّحون منه الإناث، وقيل: لا يقال فيه: إلا فُحَّالُ النخل، وإنما لم تثبت فيه الشفعة؛ لأن القوم كانت تكون لهم نخيل في حائط، فيتوارثونها ويقتسمونها، ولهم فحل يلقحون منه نخيلهم، فإذا باع أحدهم نصيبه المقسوم من ذلك الحائط بحقوقه من الفُحَّال وغيره، فلا شفعة للشركاء في الفحال في حقه منه؛ لأنه لا ينقسم، ويجمع الفحل على فحولٍ، والفُحَّال على فحاحيل، وكذلك البئر تكون لجماعة يسقون منها نخيلهم، فإذا باع أحدهم سهمه من النخيل، فلا شفعة للشركاء في سهمه من البئر؛ لأنها لا تنقسم.
__________
(1) 2/717 في الشفعة، باب ما لا تقع فيه الشفعة، ورجاله ثقات لكن في سنده انقطاع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1459] كتاب الشفعة- باب ما لا تقع فيه الشفعة: عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن حزم أن عثمان «فذكر الأثر» .(1/586)
422 - (ط س) سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن - رحمهما الله - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قَضَى بالشفعة فيما لم يُقْسَمْ بين الشركاء، فإذا وَقَعتِ الحدود بينهم؛ فلا شفعة فيه.
أخرجه «الموطأ» ، وأخرجه النسائي عن أبي سلمة وحده (1) .
__________
(1) الموطأ 2/718 في الشفعة، باب ما تقع فيه الشفعة، والنسائي 7/326 في البيوع، باب ذكر الشفعة وأحكامها مرسلاً ورجاله ثقات، وقال الحافظ في "الفتح " 4/360: اختلف على الزهري في هذا الإسناد، فقال مالك عنه عن أبي سلمة وابن المسيب، كذا رواه الشافعي وغيره، ورواه أبو عاصم والماجشون عنه، فوصله بذكر أبي هريرة، أخرجه البيهقي، ورواه ابن جريج عن الزهري كذلك، لكن قال: عنهما أو عن أحدهما، أخرجه أبو داود، والمحفوظ روايته عن أبي سلمة عن جابر موصولاً، وعن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وما سوى ذلك شذوذ ممن رواه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
مرسل: أخرجه مالك [1457] كتاب البيوع - باب ما تقع فيه الشفعة: عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب، وأبي سلمة «فذكراه» .
قال ابن عبد البر: مرسل عن مالك لأكثر رواة الموطأ وغيرهم ووصله عنه عبد الملك بن الماجشون وأبو عاصم النبيل، ويحيى بن أبي قتيلة. وابن وهب بخلف عنه فقالوا: عن أبي هريرة.
وذكر الطحاوي أن قتيبة وصله أيضًا عن مالك فالله أعلم.
وكذا اختلف فيه رواية ابن شهاب فرواه ابن إسحاق عنه عن سعيد وحده عن أبي هريرة، ويونس عنه عن سعيد وحده مرسلاً، ورواه معمر الزهري عن أبي سلمة، عن جابر، قال أحمد: رواية معمر حسنة. وقال ابن معين: رواية مالك أحب إليّ وأصح، يعني مرسلاً عن سعيد وأبي سلمة. أه. شرح الموطأ للزرقاني (3/477، 478) .
قلت: راجع التعليق على الحديث رقم [417] .(1/587)
الباب السابع: في السلم
423 - (خ م ت د س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهم يُسْلِفُون في التمر (1) العامَ والعامَيْنِ، فقال لهم: «مَنْ أسْلَفَ في تمر، ففي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، أو وزْنٍ معلومٍ، إلى أجَلٍ معلوم» . وفي أخرى: «ووزن معلوم» هذه رواية البخاري ومسلم. [ص:588]
وفي رواية الترمذي مثله، إلا أنه لم يذكر «العامَ والعامَين» ، وقال: «ووَزْنٍ معلوم» . وفي رواية أبي داود نحوه. وللبخاري في رواية نحوه، وقال: «السنتين والثلاث» وأخرجه النسائي وقال: «السنتين والثلاث» (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
السلم: والسلف واحد، يقال: سَلَم وأسلم بمعنى، إلا أن السلف يكون أيضًا قرضًا.
__________
(1) قال علي القاري: الجملة حالية، والإسلاف: إعطاء الثمن في بيع إلى مدة، أي: يعطون الثمن في الحال، ويأخذون السلعة في المآل.
(2) البخاري 4/355 في السلم، باب السلم في كيل معلوم، وباب السلم في وزن معلوم، وباب السلم إلى أجل معلوم، وأخرجه مسلم رقم (1604) في المساقاة، باب السلم، والترمذي رقم (1311) في البيوع، باب ما جاء في السلف في الطعام والتمر، وأبو داود رقم (3463) في الإجارة، باب في السلف، والنسائي 7/290 في البيوع، باب السلف في الثمار، وأخرجه ابن ماجة في التجارات رقم (2280) باب السلف في كيل معلوم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (510) قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) . وأحمد (1/217) (1868) قال: حدثني إسماعيل ابن إبراهيم. وفي (1/222) (1937) قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) . وفي (1/282) (2548) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد الوارث. وفي (1/358) (3370) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان (الثوري) . وعبد بن حُميد (676) قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان الثوري، والدارمي (2586) قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان (الثوري) . والبخاري (3/111) قال: حدثنا عمرو بن زُرارة، قال: أخبرنا إسماعيل بن عُلَيَّة. وفي (3/111) قال: أخبرنا محمد، قال: أخبرنا إسماعيل. وفي (3/111) قال: حدثنا صدقة، قال: أخبرنا ابن عيينة. وفي (3/111) قال: حدثنا علي، قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) . وفي (3/111) قال: حدثنا قُتيبة، قال: حدثنا سفيان (ابن عُيينة) وفي (3/113) قال: حدثنا أبو نُعيم، قال: حدثنا سفيان (الثوري) ومسلم (5/55) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وعمرو الناقد، قال عمرو: حدثنا، وقال يحيى: أخبرنا سفيان بن عيينة. (ح) وحدثنا شَيْبان بن فَرُّوخ، قال: حدثنا عبد الوارث. وفي (5/56) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسماعيل بن سالم، جميعًا عن ابن عيينة. (ح) وحدثنا أبو كُريب، وابن أبي عمر، قالا: حدثنا وكيع (ح) وحدثنا محمد ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان (الثوري) . وأبو داود (3463) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيلي، قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) . وابن ماجة (2280) قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، والترمذي (1311) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) . والنسائي (7/290) قال: أخبرنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) .
أربعتهم - سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلية، وعبد الوارث، وسفيان الثوري- عن ابن أبي نَجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، فذكره.(1/587)
424 - (خ د س) محمد بن أبي المجالد - رحمه الله (1) -: قال: اختلف عبد الله بن شَدَّادِ بن الهادِ، وأبو بُرْدَةَ في السَّلَف، فبعثوني إلى ابن أبي أوفَى، فسألتُه، فقال: إنَّا كُنَّا نُسْلِفُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وعمر في [ص:589] الحِنْطَة والشَّعير، والزَّبيب والتمر، وسألتُ ابنَ أبْزَى، فقال مثل ذلك.
وفي أخرى، فقال ابنُ أبي أوْفَى: إنَّا كنا نُسْلِفُ نَبِيطَ أهلِ الشَّام في الحنطة والشعير والزبيب في كيلٍ معلوم، إلى أجل معلوم، قلتُ: إلى مَنْ كانَ أصْلُهُ عِنْدَه؟ فقال: ما كنا نسألهم عن ذلك. قال: ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبْزى، فسألتُه، فقال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفُون على عهدرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نسألهم، ألَهُم حَرْثٌ، أم لا؟» هذه رواية البخاري.
وأخرج أبو داود الرواية الأولى، وزاد فيها: «إلى قومٍ ما هو عندهم» .
وفي أخرى له قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يأتينا أنْبَاطٌ من أنباط الشام، فنُسْلِفُهم في البُرِّ والزبيب سِعْرًا معلومًا، وأجلاً معلومًا» ، فقيل له: ممَّنْ له ذلك؟ قال: «ما كُنَّا نسألهم» .
وأخرج النسائي الأولى والثانية، وزاد في الأولى «إلى قومٍ ما عندهم» (2) . [ص:590]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
نبيط: النبط والنبيط والأنباط: جيل من الناس معروفون (3) .
حرث: الحرث: الزرع.
__________
(1) في رواية أبي الوليد عن شعبة " ابن أبي المجالد ": وسماه غيره عنه محمد بن أبي المجالد، ومنهم من أورده على الشك " محمد أو عبد الله " وذكر البخاري الروايات الثلاث، وأورده النسائي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة عن عبد الله، وقال مرة: محمد، وقد أخرجه البخاري من رواية عبد الواحد بن زياد، وجماعة عن أبي إسحاق الشيباني، فقال: عن محمد بن أبي المجالد، ولم يشك في اسمه، قال الحافظ: وكذلك ذكره البخاري في تاريخه في " المحمديين " وجزم أبو داود بأن اسمه عبد الله، وكذا قال ابن حبان ووصفه بأنه كان صهر مجاهد، وبأنه كوفي ثقة، وكان مولى عبد الله بن أبي أوفى، ووثقه أيضاً يحيى بن معين وغيره، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد.
(2) البخاري 4/356 في السلم، باب السلم في وزن معلوم، وباب السلم إلى من ليس عنده أصل، وباب السلم إلى أجل معلوم، وأخرجه أبو داود رقم (3464) في الإجارة، باب في السلف، والنسائي 7/290 في البيوع، باب السلم في الزبيب. واستدل بهذا الحديث على صحة السلم إذا لم يذكر مكان القبض، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور، وبه قال مالك، وزاد: ويقبضه في مكان السلم، فإن اختلفا، فالقول قول البائع، وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي: لا يجوز السلم فيما له حمل ومؤنة، إلا أن يشترط في تسليمه مكاناً معلوماً. واستدل به على جواز السلم فيما ليس موجوداً في وقت السلم إذا أمكن وجوده في وقت حلول السلم، وهو قول الجمهور، ولا يضر انقطاعه قبل المحل وبعده عندهم، وقال أبو حنيفة: لا يصح فيما ينقطع قبله، ولو أسلم فيما يعم فانقطع في محله، لم ينفسخ البيع عند الجمهور، وفي وجه للشافعية: ينفسخ، واستدل على جواز التفرق في السلم قبل القبض لكونه لم يذكر في الحديث، وهو قول مالك إن كان بغير شرط، وقال الشافعي والكوفيون: يفسد بالافتراق قبل القبض، لأنه يصير من باب بيع الدين بالدين.
(3) كانوا ينزلون البطائح بين العراقين، وإنما سموا نبطاً لاستنبطاهم ما يخرج من الأرض.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (4/354) قال: حدثنا محمد بن جعفر. (ح) وحدثنا حجاج. والبخاري (3/111) قال: حدثنا أبو الوليد. (ح) وحدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. وفي (3/112) قال: حدثنا حفص بن عُمر. وأبو داود (3464) قال: حدثنا حفص بن عمر. (ح) وحدثنا ابن كثير. وفي (3465) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، وابن مهدي، وابن ماجة (2282) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي. والنسائي (7/289) قال: أخبرنا عُبيدالله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى. وفي (7/290) قال: أخبرنا محمود بن غَيلان، قال: حدثنا أبو داود، تسعتهم - محمد، وحجاج، وأبو الوليد، ووكيع، وحفص، وابن كثير، ويحيى، وابن مهدي، وأبو داود- عن شعبة.
2 - وأخرجه أحمد (4/380) قال: حدثنا هُشيم، والبخاري (3/112) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الواحد. وفي (3/112) قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا خالد بن عبد الله. وفي (3/112) قال: حدثنا قُتيبة، قال: حدثنا جرير. وفي (3/114) قال: حدثنا محمد بن مقاتل، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا سفيان. خمستهم -هشيم، وعبد الواحد، وخالد، وجرير، وسفيان- عن سليمان الشيباني.
كلاهما - شعبة، والشَّيباني- عن محمد، أو عبد الله بن أبي المجالد، فذكره.
* في رواية محمد بن جعفر، وحجاج، ويحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: عن (عبد الله بن أبي المجالد) .
* في رواية وكيع، عن شعبة، قال: عن (محمد بن أبي المجالد) .
* في رواية حفص بن عمر، عن شعبة عند البخاري، قال: عن (محمد. أو عبد الله بن أبي المجالد) .
* في رواية حفص بن عمر، وابن كثير عند أبي داود قال شعبة: (أخبرني محمد، أو عبد الله بن أبي المجالد) .
* في رواية أبي الوليد الطيالسي، وابن مهدي عن شعبة. قال: عن (ابن أبي المجالد) .
* في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة. قال: (عن ابن أبي المجالد. وقال مرة: عبد الله. وقال مرة: محمد) .
* رواية سليمان الشيباني عن (محمد بن أبي المجالد) .
ك(1/588)
425 - (د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سَلَّفَ في طَعَامٍ، أو في شيءٍ، فلا يَصْرِفه إلى غيره قبل أن يقبِضَه»
أخرجه أبو داود (1) .إلا أن هذا لفظه: «مَنْ أسْلَفَ في شيءٍ فلا يصرفه إلى غيره» والأولى ذكرها رَزين.
__________
(1) رقم (3468) في الإجارة، باب السلف لا يحول، وأخرجه ابن ماجة رقم (2382) وفي سنده عطية بن سعد العوفي، قال المنذري: لا يحتج بحديثه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف جدًا: أخرجه أبو داود (3468) قال: حدثنا محمد بن عيسى، وابن ماجة (2283) قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير.
كلاهما -ابن عيسى، ومحمد بن عبد الله بن نمير- قالا: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر، عن زياد بن خَيْثَمة، عن سعد - يعني الطائي-، عن عطية بن سعد، فذكره.
* وأخرجه ابن ماجة (2283) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن عطية، عن أبي سعيد. ولم يذكر سعدًا الطائي.
قلت: الراوي عن أبي سعيد، ضعفوه بشدة، وقد تكلم فيه.(1/590)
426 - (خ) أبو البختري - رحمه الله (1) -: قال: سألت ابنَ عمر عن السَّلَم في النخل، فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النَّخْلِ حتى يصلح، ونهى عن بيع الورِق نسَاءً بناجز. وسألت ابن عباس عن السَلَمِ في النخل، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى يؤكل منه، أو يأكل منه حتى يُوزن.
وفي رواية قال: سألت ابن عمر عن السلم في النخل، فقال: نهى (2) [ص:591] عن بيع الثمر حتى يصْلُحَ، ونهى عن الذهب بالورِق نَسَاءً بناجِزٍ، وسألتُ ابن عباس، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -.... وذكر الحديث -
قال: قلت: ما يُوزنُ؟ قال رجل عنده: حتى يُحْزَر (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
نسأ: نسأت الشيء نساءً: أخرته، وكذلك أنسأته، والنُّسَأة بالضم: التأخير، وكذلك النسيئة، والنساء في الدَّين والعمر.
__________
(1) هو سعيد بن فيروز الطائي مولاهم الكوفي، روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر، وأبي سعيد وأبي كبشة، وأبي برزة. وثقه أبو زرعة وابن معين، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق. قتل في وقعة الجماجم مع ابن الأشعث سنة ثلاث وثمانين و " البختري " بفتح الباء والتاء المثناة.
(2) في الأصل والمطبوع: نهى عمر، والتصحيح من البخاري.
(3) البخاري 4/357، 358 في السلم، باب السلم إلى من ليس عنده أصل، وباب السلم في النخل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3/112) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (3/113) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا غُنْدَر.
كلاهما - أبو الوليد، وغُنْدَر- قالا: حدثنا شعبة، عن عمرو، عن أبي البَخْتَرِي، فذكره.(1/590)
427 - (ط د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: إنَّ رجلاً أسلَفَ في نخل، فلم يُخْرِجْ في تلك السنة شيئًا، فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «بِمَ تَسْتَحِلُّ مالَهُ؟ ارْدُدْ عليه مَالَهُ» ، ثم قال: «لا تُسْلِفُوا في النخلِ حتى يبْدُوَ صلاحُه» . هذه رواية أبي داود.
وأخرجه «الموطأ» موقوفاً عليه، قال: لا بأسَ أنْ يُسْلِفَ الرجلُ الرجلَ في الطعام الموصوف بِسعرٍ معلوم، إلى أجلٍ مُسمّى، ما لم يكن ذلك في زَرْع لَمْ يبدُ صلاحُهُ، أو تَمرٍ لم يبدُ صلاحُه (1) ، وأخرجه البخاري في ترجمة باب (2) .
__________
(1) الموطأ 2/644 في البيوع، باب السلفة في الطعام موقوفاً، وإسناده صحيح، وأبو داود رقم (3467) في الإجارة، باب في السلم في ثمرة بعينها، وفي سنده مجهول، وضعفه الحافظ في الفتح 4/358 وقال: ونقل ابن المنذر اتفاق الأكثر على منع السلم في بستان معين، لأنه غرر، وقد حمل الأكثر الحديث المذكور على السلم الحال، وقد روى ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن سلام في قصة إسلام زيد بن سعنة - بفتح السين وسكون العين المهملتين ونون مفتوحة - أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم " هل لك أن تبيعني تمراً معلوماً إلى أجل معلوم من حائط بني فلان؟ قال: لا أبيعك من حائط مسمى، بل أبيعك أوسقاً مسماة إلى أجل مسمى ".
(2) 4/359 في السلم، باب السلم إلى أجل معلوم تعليقاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
المرفوع ضعيف: أخرجه مالك [1382] عن نافع عن ابن عمر «موقوفًا» .
وأبو داود [3467] قال: ثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن رجل نجراني، عن ابن عمر «فذكره مرفوعًا» .
قلت: في إسناده مبهم، والصواب وقفه لرواية نافع عند الإمام مالك.(1/591)
428 - (ط) ابن عمر - رضي الله عنه - كان يقول: من أسلَفَ سَلَفًا فلا يَشترطْ إلا قضاءه. أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/682 في البيوع، باب ما لا يجوز من السلف، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الإمام مالك [1425] عن نافع أنه سمع ابن عمر «فذكره» .(1/592)
429 - (ط) مالك - رضي الله عنه - قال: «بلغني أنَّ عُمر سُئِلَ في رَجُلٍ أسلفَ طعامًا على أنْ يُعْطيَهُ إيَّاهُ في بَلَدٍ آخرَ، فكَرِهَ ذلك عُمَرُ» ، وقال: «فأيْنَ كِراء الحمل؟» أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/681 في البيوع، باب ما لا يجوز من السلف بلاغاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره مالك في الموطأ [1423] كتاب البيوع - باب ما لا يجوز من السلف.(1/592)
430 - (ط) مالك - رضي الله عنه -: بلغه أن ابنَ مَسْعودٍ - رضي الله عنه - كان يَقُولُ: مَنْ أسُلَفَ سَلَفًا فلا يَشْتَرِطْ أفْضََلَ منه، وإن كانت قُبْضَةً من عَلَف فهو ربًا. أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/682 في البيوع، باب ما لا يجوز من السلف بلاغاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره مالك في الموطأ [1426] كتاب البيوع - الباب السابق.(1/592)
الباب الثامن: في الإحتكار والتسعير
431 - (م ت د) ابن المسيب - رضي الله عنه -: أنَّ مَعْمَرَ بْنَ أبي مَعْمَرٍ وقيل: ابنَ عبد الله، أحَدَ بني عَدِيِّ بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من احْتكَرَ طَعامًا فَهُوَ خاطئ» قيل لسعيد: فإنك تحتكر، [ص:593] فقال: إنَّ مَعْمرًا - الذي كان يُحَدِّثُ بهذا الحديث - كان يَحْتَكِرْ. أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الاحتكار: حبس الطعام طلبَ غلائه، والاسم منه الحُكْرَةُ.
خَطِيءَ الخاطىء: المذنب، يقال: خَطِيءَ يخطأ فهو خاطىء: إذا أذنب، وأخطأ يُخطيء فهو مخطيء: إذا فعل ضد الصواب، وقيل: المخطيء: من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطيء: من تعمد لما لا ينبغي.
__________
(1) مسلم رقم (1605) في المساقاة، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، والترمذي (1267) في البيوع، باب ما جاء في الاحتكار، وأبو داود رقم (3447) في الإجارة، باب النهي عن الحكرة. قال الصنعاني في " سبل السلام " 3/32: وظاهر حديث مسلم تحريم الاحتكار للطعام وغيره، إلا أن يدعى أنه لا يقال: احتكر إلا في الطعام، وقد ذهب أبو يوسف إلى عمومه، فقال: كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار، وإن كان ذهباً أو ثياباً، وقيل: لا احتكار إلا في قوت الناس وقوت البهائم، وهو قول الهادوية والشافعية، ولا يخفى أن الأحاديث الواردة في منع الاحتكار وردت مطلقة ومقيدة بالطعام، وما كان من الأحاديث على هذا الأسلوب، فإنه عند الجمهور لا يقيد فيه المطلق بالمقيد لعدم التعارض بينهما، بل يبقى المطلق على إطلاقه، وهذا يقتضي أنه يعمل بالمطلق في منع الاحتكار مطلقاً، ولا يقيد بالقوتين إلا على رأي أبي ثور، وقد رده أئمة الأصول، وكأن الجمهور خصوه بالقوتين نظراً إلى الحكمة المناسبة للتحريم، وهي دفع الضرر عن عامة الناس، والأغلب في دفع الضرر عن العامة، إنما يكون في القوتين، فقيدوا الإطلاق بالحكمة المناسبة، أو أنهم قيدوه بمذهب الصحابي الراوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (3/453) ، (6/400) قال: حدثنا يزيد. وفي (3/453) ، (6/400) قال: حدثنا عبده بن سليمان. وفي (3/453) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. والدارمي (2546) قال: حدثنا أحمد بن خالد. وابن ماجة (2154) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون. والترمذي (1267) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، أربعتهم - يزيد، وعبدة، وشعبة، وأحمد بن خالد- عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي.
2 - وأخرجه أحمد (3/453) قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، ومسلم (5/65) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: حدثنا سليمان، يعني ابن بلال. كلاهما -يحيى، وسليمان- عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
3 - وأخرجه مسلم (5/56) قال: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان. (ح) وحدثني بعض أصحابنا، عن عمرو بن عون، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى. وأبو داود (3447) قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: أخبرنا خالد، عن عمرو بن يحيى. كلاهما - محمد بن عجلان، وعمرو بن يحيى- عن محمد بن عمرو بن عطاء.
ثلاثتهم - محمد بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد، ومحمد بن عمرو- عن سعيد بن المسيب «فذكره» .(1/592)
432 - (ط) مالك - رحمه الله -: بلغه أن عمر كان يقول: لا حُكْرَةَ في سُوقِنَا، لا يَعْمِدُ رِجالٌ بأيْديهم فُضولٌ من أذهاب إلى رِزقٍ من أرزاق الله يَنزلُ بساحتنا، فَيَحْتَكِرونَهُ علينا، ولكن أيُّما جَالبٍ جَلَبَ على [ص:594] عَمُودِ كَبِدِه في الشتاء والصيف فذلك ضيفُ عمر، فَلْيَبِعْ كيف شاء الله، ولْيُمْسِكْ كيف شاء الله. أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
عمود كبده: أراد بعمود كبده: ظهره، وذلك أنه يأتي به على تعبٍ ومشقةٍ، وإن لم يكن جاء به على ظهره، وإنما هو مَثَل، وإنما سمي الظهر عمودًا؛ لأنه يعمدها، أي: يقيمها ويحفظها.
__________
(1) 2/651 في البيوع، باب الحكرة والتربص بلاغاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره مالك في الموطأ [1388] كتاب البيوع - باب الحكرة والتربص.
قلت: وأخرجه الأصبهاني في ترغيبه [314] بتحقيقي. ط/ دار الحديث.(1/593)
433 - (ط) مالك - رحمه الله -: بلغه أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان ينهى عن الحُكْرَةِ. أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/651 في البيوع، باب الحكرة والتربص.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره مالك في الموطأ [1390] كتاب البيوع - الباب السابق.(1/594)
434 - (ط) ابن المسيب - رضي الله عنه -: أنَّ عمر بن الخطاب مرَّ بِحَاطِب بن أبي بَلْتَعَةَ، وهو يبيع زبيبًا له بالسوق، فقال له عمر: إمَّا أن تزيدَ في السِّعر وإما أن تُرْفَعَ من سُوقنا. أخرجه «الموطأ» (1) .
__________
(1) 2/651 في البيوع، باب الحكرة والتربص، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1389] عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب «فذكره» .
قلت: إسناده قوي.(1/594)
435 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رجلاً جاء، فقال: يا رسول الله، سَعِّرْ لنا، فقال: «بلْ أدْعُو» ، ثم جاءه آخر، فقال: يا رسول الله سَعِّرْ، فقال: «بل الله يَخْفِضُ ويَرفع، وإني لأرجو أن ألقَى الله وليس لأحدٍ عندي مَظْلِمةٌ» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3450) في الإجارة، باب في التسعير، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن: أخرجه أحمد (2/337) قال: حدثنا منصور. قال: أخبرنا سليمان. وفي (2/372) قال: حدثنا سليمان. قال: أخبرنا إسماعيل، وأبو داود (3450) قال: حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي، أن سليمان بن بلال حدثهم.
كلاهما - سليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر- عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، فذكره.(1/594)
436 - (ت د) أنس - رضي الله عنه -: أنَّ الناس قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله: غَلا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لنا، فقال: «إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطَالبني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ» . أخرجه الترمذي وأبو داود (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (1314) في البيوع، باب ما جاء في التسعير، وأبو داود رقم (3451) في الإجارة، باب التسعير، وأخرجه ابن ماجة رقم (2200) في التجارات، باب من كره أن يسعر، وإسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (3/286) ، وأبو داود (3451) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة كلاهما - ابن حنبل، وعثمان- قالا: حدثنا عفان.
وأخرجه ابن ماجة (2200) قال: حدثنا محمد بن المثنى. والترمذي (3414) قال: حدثنا محمد بن بشار. كلاهما -ابن المثنى، وابن بشار- قالا: حدثنا حجاج بن منهال.
كلاهما - عفان، وحجاج- عن حماد بن سلمة، عن قتادة، وثابت، وحميد، فذكروه.
2 - وأخرجه أحمد (3/156) قال: حدثنا سريج، ويونس بن محمد، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة وثابت، فذكراه.(1/595)
437 - () عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن احْتَكَرَ طعامًا أرْبَعِينَ يَومًا (1) يُريد به الغلاءَ، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه» . ذكره رزين ولم أجده (2) .
__________
(1) قال علي القاري: لم يرد " بأربعين " التوقيت والتحديد، بل أرد أن المحتكر يجعل الاحتكار حرفته، ويريد به نفع نفسه، وضر غيره، وهو المراد بقوله: " يريد به الغلاء " لأن أقل ما يتمول فيه المرء في حرفته هذه المدة.
(2) أخرجه أحمد 2/33 ذكره الهيثمي في المجمع 4/100 عن المسند، وزاد نسبته لأبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وقال: وفيه أبو بشر الأملوكي ضعفه ابن معين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/33) ، وعزاه الهيثمي في المجمع (4/100) له ولأبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وقال: فيه أبو بشر الأملوكي، ضعفه ابن معين.(1/595)
438 - () معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بِئسَ العبدُ الْمُحْتَكِرُ، إن أرخَصَ الله الأسْعارَ حَزِنَ، وإنْ أغْلاها فَرِحَ» .
وفي رواية: «إنْ سَمِعَ بِرُخْصٍ سَاءهُ، وإن سمع بِغلاءٍ فَرِحَ» . ذكره رزين ولم أجده (1) .
__________
(1) ذكره صاحب المشكاة رقم (2897) عن رزين، وزاد في نسبته للبيهقي في " شعب الإيمان ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان [11215] من طريق ابن عدي في الكامل (2/53) .(1/595)
439 - () أبو أمامة - رضي الله عنه - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أهْلُ المدائن هُم الحُبساء في سبيل الله، فلا تحتكروا عليهم الأقوات، ولا تُغْلوا عليهم الأسعار، فإنَّ مَن احتكر عليهم طعامًا أربعين يومًا، ثم تصدق به، لم يكن له كفارة» ذكره رزين ولم أجده.
__________
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
لم أقف عليه، وانظر التعليق على الحديث رقم [440] الآتي بعد هذا.(1/596)
440 - () أبو هريرة ومعقل بن يسار - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُحشرُ الحَاكِرُون وقَتَلَةُ الأنْفُسِ في درجة، ومَنْ دخل في شيء مِنْ سِعْرِ المسلمين يُغْلِيه عليهم، كان حَقًا على الله أن يُعذِّبه في مُعْظَمِ النَّار يوم القيامة (1) » ذكره رزين ولم أجده.
__________
(1) ذكره وما قبله الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " 3/27 ثم قال: ذكره رزين، وهو مما انفرد به مهنا بن يحيى عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة، وفي هذا الحديث والحديثين قبله نكارة ظاهرة، والله أعلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
قلت: قال الحافظ المنذري: هو مما انفرد به مهنأ بن يحيى عن بقية بن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول عن أبي هريرة. وهذا الحديث، والحديثين قبله - حديث أبي أمامة [439] ، وحديث معاذ [438] فيهم نكارة ظاهرة، والله أعلم، الترغيب والترهيب [2670] بتحقيقي. ط/دار الحديث.(1/596)
441 - () عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنَّ عمر - رضي الله عنه - قال: الجالِبُ مَرزوقٌ، والمُحْتَكِرُ مَحْرُومٌ، ومن احْتَكَرَ على المسلمين طَعَامًا ضربه الله بالإفلاس، والجُذام. ذكره رزين ولم أجده (1) .
__________
(1) أخرج قوله " الجالب مرزوق والمحتكر ملعون " ابن ماجة رقم (2153) في التجارات، باب الحكرة والجلب، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، والراوي عنه وهو علي بن سالم ضعيف أيضاً، وأخرج الباقي منه أيضاً ابن ماجة رقم (2155) وفي سنده أبو يحيى المكي لم يوثقه غير ابن حبان. وباقي الإسناد رجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
قلت: عزاه الحافظ المنذري لابن ماجة، والحاكم، وقال: كلاهما عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن يزيد بن جدعان، وقال البخاري والأزدي: لا يتابع علي بن سالم على حديثه هذا. قال الحافظ المنذري: لا أعلم لعلي بن سالم غير هذا الحديث، وهو في عداد المجهولين. الترغيب والترهيب [2666] .
قلت: وسيأتي في تكملة الكتاب.(1/596)
الباب التاسع: في الرد بالعيب
442 - (ت د س) عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن رجلاً ابتاع غُلامًا، فأقام عنده ما شاء اللهُ أن يُقيمَ، ثم وجدَ به عيبًا، فخاصمَه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَّه عليه. فقال الرجل: يا رسول الله، قد اسْتَغَلَّ غُلاَمي، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخراجُ بالضَّمَانِ (1) » هذه رواية أبي داود.
وله في أخرى مختصرًا وللترمذي: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: قَضَى أنَّ الخراج بالضمان. [ص:598]
وأخرجه النسائي أيضًا مختصرًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى: أن الخراج بالضمان، ونهى عن ربح ما لم يُضمن (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
استغله: استغل: استفعل من الغلة: أي أخذ حاصله ومنفعته ومعيشته.
الخراج بالضمان: الخراج: الدَّخلُ والمنفعة، فإذا اشترى الرجل أرضًا فاستعملها، أو دابة فركبها، أو عبدًا فاستخدمه، ثم وجد به عيبًا، فله أن يرد الرقبة، ولا شيء عليه؛ لأنها لو تلفت فيما بين مدة العقد والفسخ كانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج من حقه، وقيل: معناه: أنه لو مات العبد في العمل كان من المبتاع، ولم يكن له رجوع إلا في قدر العيب إن ثبتت له به بينه، وكذا الحكم في الدابة.
__________
(1) قال علي القاري في شرح المشكاة: وقال الطيبي: الباء في بـ " الضمان " متعلقة بمحذوف، تقديره: الخراج مستحق بالضمان، أي: بسببه، وقيل: الباء للمقابلة، والمضاف محذوف، أي: منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان اللازم عليه بتلف المبيع، ونفقته ومؤنته، ومنه قولهم: من عليه غرمه فله غنمه، والمراد بالخراج: ما يحصل من غلة العين المبتاعة: عبداً كان أو أمة أو ملكاً.
قال الشافعي: فيما يحدث في يد المشتري من نتاج الدابة وولد الأمة ولبن الماشية وصوفها وثمر الشجر - أن الكل يبقى للمشتري، وله رد الأصل بالعيب، وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أن حدوث الولد والثمرة في يد المشتري يمنع رد الأصل بالعيب، بل يرجع بالأرش.
وقال مالك: يرد الولد مع الأصل، ولا يرد الصوف، ولو اشترى جارية فولدت في يد المشتري بشبهة، أو وطئها ثم وجد بها عيباً، فإن كانت ثيباً ردها والمهر للمشتري، ولا شيء عليه إن كان هو الواطئ، وإن كانت بكراً فافتضها فلا رد له، لأن زوال البكارة نقص حدث في يده، بل يسترد من الثمن بقدر ما نقص من العيب من قيمتها، وهو قول مالك والشافعي.
(2) الترمذي رقم (1285) في البيوع، باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيباً، وأبو داود رقم (3508 و 3509 و3510) في الإجارة، باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم وجد به عيباً، والنسائي 8/254، 255 في البيوع، باب الخراج بالضمان. وصححه الترمذي وابن حبان وابن الجارود والحاكم وابن القطان، ولهذا الحديث في سنن أبي داود ثلاث طرق، اثنتان رجالهما رجال الصحيح، والثالثة قال أبو داود: إسنادها ليس بذاك، ولعل سبب ذلك أن فيه مسلم بن خالد الزغبي شيخ الشافعي، وقد وثقه يحيى بن معين وتابعه عمر بن علي المقدمي، وهو متفق على الاحتجاج به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح:
1 - أخرجه أحمد (6/49) قال: حدثنا يحيى. وفي (6/161) قال: حدثنا قران بن تمام، وفي (6/208) قال: حدثنا وكيع. وفي (6/237) قال: حدثنا يزيد. وأبو داود (3508) قال: حدثنا أحمد بن يونس. وفي (3509) قال: حدثنا محمود بن خالد، عن الفريابي، عن سفيان. وابن ماجة (2242) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد. قالا: حدثنا وكيع. والترمذي (1285) قالك حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عثمان بن عمر، وأبو عامر العَقَدي، والنسائي (7/254) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عيسى بن يونس ووكيع. تسعتهم - يحيى، وقران، ووكيع، ويزيد، وأحمد بن يونس، وسفيان، وعثمان بن عمر، وأبو عامر العَقَدي، وعيسى بن يونس- عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن مخلد ابن خفاف بن إيماء بن رَحضة الغفاري.
2- وأخرجه أحمد (6/80) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى. قال: حدثني مسلم. وفي (6/116) قال: حدثنا موسى بن داود، قال: حدثنا مسلم بن خالد. وأبو داود (3510) قال: حدثنا إبراهيم بن مروان. قال: حدثنا أبي. قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي. وابن ماجة (2243) قال: حدثنا هشام بن عمار. قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي. والترمذي (1286) قال: حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، قال: أخبرنا عمر ابن علي المقدمي. كلاهما - مسلم بن خالد، وعمر بن علي- عن هشام بن عروة.
كلاهما - مخلد بن خفاف، وهشام بن عروة - عن عروة، فذكره.
* رواية مسلم بن خالد الزنجي: أن رجلاً اشترى عبدًا فاستغله، ثم وجد به عيبًا فرده، فقال: يا رسول الله إنه قد استغل غلامي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الخراج بالضمان» .
* قال أبو داود عقب رواية مسلم بن خالد: هذا إسناد ليس بذاك.
* الروايات مطولة ومختصرة وألفاظها متقاربة.(1/597)
443 - (د) عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «عُهْدَةُ الرقيق ثلاثة أيام» (1) . [ص:599]
زاد في رواية: «إنْ وجد دَاءً في الثَّلاثِ ليالٍ رَدَّ بغير بَيِّنة، وإن وجد داءً بعد الثلاث كُلِّف البينةَ: أنه اشتراه وبه هذا الداء» . أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
عهدة الرقيق: قال الخطابي: معنى قوله: «عهدة الرقيق» أن يشتري العبد أو الجارية، فلا يشترط البائع البراءة من العيب، فما أصاب المشتري به من العيب في الأيام الثلاثة، فهو من مال البائع، ويُرَدُّ بلا بينة، فإن وجد به عيبًا بعد الثلاث، لم يُردَّ إلا ببينة، قال: وإليه ذهب مالك، وقال مالك: عهدة الأدواء المُعضلة كالجذام، والبرص سنة، فإذا مضت السنة بريء البائع من العهدة، وكان الشافعي لا يعتبر الثلاث ولا السنة في شيء منها، وينظر إلى العيب، فإن كان مما يحدث مثله في مثل هذه المدة التي اشتراه فيها إلى وقت الخصومة، فالقول قول البائع مع يمينه، وإن كان لا يمكن حدوثه في تلك المدة، رده [ص:600] على البائع.
__________
(1) رقم (3506 و 3507) في الإجارة، باب عهدة الرقيق.
(2) قال أبو داود: هذا التفسير من كلام قتادة، وقال المنذري في مختصره 5/157: الحسن - روايه عن عقبة - لم يصح له سماع من عقبة بن عامر، ذكر ذلك ابن المديني وأبو حاتم الرازي، فهو منقطع، وقد وقع فيه أيضاً الاضطراب، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده. وفيه " عهدة الرقيق أربع ليال " وأخرجه ابن ماجة في " سننه "، وفيه " لا عهدة بعد أربع "، وقيل فيه أيضاً " عن سمرة، أو عقبة " على الشك. فوقع الاضطراب في متنه وإسناده، وقال البيهقي: وقيل عنه عن سمرة. وقال أبو بكر الأثرم: سألت أبا عبد الله - يعني ابن حنبل - عن العهدة، قلت: إلى أي شيء تذهب فيها؟ فقال: ليس في العهدة حديث يثبت، هو ذاك الحديث، حديث الحسن. وسعيد - يعني ابن أبي عروبة - أيضاً يشك فيه. يقول: عن سمرة أو عقبة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
معلول بالإرسال:
1 - أخرجه أحمد (4/150) قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا هشام. وفي (4/152) قال: حدثنا إسماعيل، عن سعيد. وفي (4/152) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. والدارمي (2554) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا أبان بن يزيد. وفي (2555) قال: أخبرنا يزيد بن هارون، عن همام. وأبو داود (3506) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا أبان. وفي (3507) قال: حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثني عبد الصمد، قال: حدثنا همام، خمستهم - هشام، وسعيد، وشعبة، وأبان، وهمام- عن قتادة.
2- وأخرجه أحمد (4/143) ، وابن ماجة (2245) قال: حدثنا عمرو بن رافع. كلاهما -أحمد، وعمرو- قالا: حدثنا هشيم، عن يونس بن عبيد.
كلاهما - عن الحسن «فذكره» .
قلت: قال أبو حاتم: ليس هذا الحديث عندي بصحيح. وهذا عندي مرسل. العلل (1/395) [1184] .(1/598)
444 - (ط) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما -: أن عبد الرحمن بن عوف، اشترى وليدة [من عاصم بن عديّ (1) ] ، فوجدها ذاتَ زوجٍ فردَّها. أخرجه «الموطأ» (2) .
__________
(1) زيادة لم ترد في الموطأ.
(2) 2/617 في البيوع، باب النهي عن أن يطأ الرجل وليدة ولها زوج، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك [1338] كتاب البيوع- باب النهي عن أن يطأ الرجل وليدة لها زوج: عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. فذكر الأثر.(1/600)
445 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: باع غلامًا بثمانمائة درهم. وباعه على البراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داءٌ لم تُسَمِّهِ لي، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعني عبدًا وبه داءٌ لم يُسَمِّهِ لي، فقال عبد الله: بِعْتُه بالبراءة، فقضى عثمان على عبد الله بن عمر أن يحلفَ له: لقد باعه وما به داءٌ يَعْلَمُهُ، فأبى عبدُ الله أن يحلفَ، وارتجع العبدَ، فصحَّ عنده، فباعه عبد الله بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم. أخرجه «الموطأ» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
البراءة: التبري من كل عيب يكون فيه.
__________
(1) 2/613 في البيوع، باب العيب في الرقيق، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أثر صحيح: أخرجه مالك [1334] كتاب البيوع - باب العيب في الرقيق: عن يحيى بنسعيد، عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر «فذكر الأثر» .(1/600)
الباب العاشر: في بيع الشجر المثمر، ومال العبد، والجوائح
446 - (خ م ط ت د س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنِ ابْتَاعَ - وفي رواية: مَنْ بَاعَ - نَخْلاً قد أُبَّرَتْ فَثَمَرتُها للبائع، إلا أن يَشْتَرطَ المبتاع (1) ، ومن ابتاع عبدًا فَمالُهُ للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع» هذه رواية مسلم والترمذي وأبي داود، وأخرج البخاري المعنى الأول وحده.
وأخرج المعنَيْين «الموطأ» مُفَرَّقًا، وأخرجه الترمذي أيضًا وأبو داود مُفَرَّقًا من رواية أخرى، إلا أنهم جعلوا المعنى الثاني موقوفًا على عمر، من رواية عبد الله ابنه عنه.
وأخرج النسائي رواية مسلم، وله في أخرى ذكرُ النخل وحده (2) . [ص:602]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
أُبِّرت: أَبَّرْتُ النخلة: لقحتها وأصلحتها، والإبار: التلقيح، وكذلك التأبير، وتأبرت النخل قبلت الإبار.
__________
(1) المراد بالمبتاع: المشتري بقرينة الإشارة إلى البائع بقوله: من باع، وقد استدل بهذا الإطلاق على أنه يصح اشتراط بعض الثمرة، كما يصح اشتراط جميعها، وكأنه قال: إلا أن يشترط المبتاع شيئاً من ذلك، وهذه هي النكتة في حذف المفعول.
(2) البخاري 4/335، 336 في البيوع، باب من باع نخلاً قد أبرت، وباب بيع النخل بأصله، وفي الشرب، باب في الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط، وفي الشروط، باب إذا باع نخلاً قد أبرت، وأخرجه مسلم رقم (1543) في البيوع، باب من باع نخلاً عليها تمر، و " الموطأ " 2/617 في البيوع، باب ما جاء في ثمر المال يباع أصله، والترمذي رقم (1244) في البيوع، باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير، وأبو داود رقم (3433) و (3434) في الإجارة [ص:602] باب العبد يباع وله مال، والنسائي 7/396 في البيوع، باب النخل يباع أصلها ويستثني المشتري ثمرها. وقال ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " 5/79: اختلف سالم ونافع على ابن عمر في هذا الحديث، فسالم رواه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً في القضيتين: قضية العبد وقضية النخل جميعاً، ورواه نافع عنه ففرق بين القضيتين، فجعل قضية النخل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقضية العبد عن ابن عمر عن عمر، فكان مسلم والنسائي وجماعة من الحفاظ يحكمون لنافع، ويقولون: ميز وفرق بينهما، وإن كان سالم أحفظ منه، وكان البخاري والإمام أحمد وجماعة من الحفاظ يحكمون لسالم، ويقولون: هما جميعاً صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى جماعة أيضاً عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قضية العبد، كما رواها سالم. منهم يحيى ابن سعيد، وعبد ربه بن سعيد، وسليمان بن موسى، ورواه عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن ابن عمر - يرفعه - وزاد فيه: " ومن أعتق عبداً وله مال، فماله له، إلا أن يشرط السيد ماله، فيكون له ". قال البيهقي: وهذا بخلاف رواية الجماعة، وليس هذا بخلاف روايتهم، وإنما هي زيادة مستقلة، رواها أحمد في " مسنده " واحتج بها أهل المدينة في أن العبد إذا أعتق فماله له، إلا أن يشترطه سيده، كقول مالك. ولكن علة الحديث أنه ضعيف، قال الإمام أحمد: يرويه عبيد الله بن أبي جعفر من أهل مصر، وهو ضعيف في الحديث، وكان صاحب فقه، فأما في الحديث، فليس هو فيه بالقوي، وقال أبو الوليد: هذا الحديث خطأ، وكان ابن عمر إذا أعتق عبداً لم يعرض لماله.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواية مالك، عن نافع مولى ابن عمر عنه:
أخرجه مالك (الموطأ) (382) ، وأحمد (2/6) (4502) قال: حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا أيوب. وفي (2/54) (5162) قال: حدثنا يحيى، عن عُبيدالله. وفي (2/63) (5306) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن مالك. وفي (2/78) (5487) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أيوب (يعني السختياني) ، وفي (2/78) (5491) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت عبد ربه بن سعيد. وفي (2/102) (5788) قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا عبيد الله. والبخاري (3/102) (247) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك. وفي (3/102) قال: حدثنا قتيبة ابن سعيد، قال: حدثنا الليث. ومسلم (5/16) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا ابن نُمير، قال: حدثنا أبي، جميعًا عن عبيد الله (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا عبيد الله. (ح) وحدثنا قُتَيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. (ح) وحدثنا ابن رُمح، قال: أخبرنا الليث. (ح) وحدثناه أبو الربيع، وأبو كامل، قالا: حدثنا حماد (ح) وحدثنيه زهير بن حرب، قال: حدثنا إسماعيل، كلاهما عن أيوب. وأبو داود (4334) قال: حدثنا القعنبي، عن مالك. وابن ماجة (2210) قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا مالك بن أنس. (ح) وحدثنا محمد بن رمح، قال: أنبأنا الليث، وفي (2212) قال: حدثنا محمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد. والنسائي (7/296) قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (7753) عن أحمد بن عبد الله بن الحكم، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عبدربه بن سعيد. وفي (8330) عن محمد بن سلمة، عن ابن القاسم، عن مالك.
خمستهم -مالك، وأيوب السختياني، وعبيد الله، وعبد ربه بن سعيد، وليث بن سعد- عن نافع، فذكره.
* زاد في رواية عبدربه بن سعيد: « ... وأيما رجل باع مملوكًا وله مال، فماله لربه الأول، إلا أن يشترط المبتاع» . قال شعبة: فحدثته بحديث أيوب، عن نافع، أنه حدث بالنخل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمملوك عن عمر. قال عبد ربه: لا أعلمهما جميعًا إلا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال مرة أخرى: فحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يشك.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر بقصة العبد وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصة النخل.
- ورواية الباقين عن سالم بن عبد الله عن أبيه:
أخرجه الحميدي (613) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (2/9) (4552) قال: حدثنا سفيان. وفي (2/82) (5540) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا معمر. وفي (2/150) (6380) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر. وعبد بن حميد (722) قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخرنا سفيان ابن حسين، و «البخاري» (3 /150) قال: أخبرنا عبد الله بن سوف، قال: حدثنا الليث و «مسلم» (5 /17) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، قالا: أخبرنا الليث (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث، (ح) وحدثناه يحي بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا سفيان بن عيينة. (ح) وحدثني حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس. وأبو داود (3433) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا سفيان. وابن ماجة (2211) قال: حدثنا محمد بن رمح، قال: أنبأنا الليث بن سعد (ح) وحدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عُيينة.
والترمذي (1244) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، النسائي (7/297) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا سفيان. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (6970) عن إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر.
خمستهم - سفيان بن عيينة، ومعمر، وسفيان بن حسين، والليث بن سعد، ويونس- عن ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، فذكره.
قلت: ورواه عكرمة بن خالد عن ابن عمر:
أخرجه أحمد في مسنده (2/30) [4852] .(1/601)
447 - (د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من باع عَبدًا وله مالٌ، فَمالُهُ للبائِع، إلا أن يَشتَرِطَ المبتاع» أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3435) في الإجارة باب العبد يباع وله مال، وفي إسناده مجهول، وهو الراوي عن جابر وبقية رجاله ثقات، وهو بمعنى حديث ابن عمر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف للجهالة: أخرجه أحمد (3/301) قال: حدثنا وكيع، وعبد الرحمن. وأبو داود (3435) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى.
ثلاثتهم - وكيع، وعبد الرحمن، ويحيى- عن سفيان، قال: حدثني سلمة بن كهيل، قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله، فذكره.(1/602)
448 - (م د س) جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ بِعْتَ من أخيك ثَمرًا، فأصابَتْهُ جائحَةٌ، فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تأخُذَ مِنْهُ شَيئًا، بِمَ تأخُذُ مَالَ أخيكَ بغير حق؟» .
وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بوضْعِ الْجَوَائِح. هذه رواية مسلم وأبي داود والنسائي. إلا أن أبا داود زاد في أول الرواية الثانية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السِّنين، ووضَعَ الجوائحَ.
وفي أخرى للنسائي قال: من باع ثمرًا فأصابته جائحة، فلا يأخذ من أخيه شيئًا، عَلاَم يأكُلُ أحدُكُم مالَ أخيهِ المسلم؟ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الجائحة: واحدة الجوائح، وهي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها، يقال: جَاحَهُمُ الدهر، يجوحهم، واجتاحهم: إذا أصابهم مكروه عظيم.
ووضعها: إسقاطها، وهو أمر ندب واستحباب عند الأكثرين، وقد أوجبه قوم.
وقال مالك - رحمه الله -: توضع في الثلث فصاعدًا، ولا توضع فيما دون ذلك.
أي: إن الجائحة إذا كانت دون الثلث كانت من مال المشتري
__________
(1) مسلم رقم (1554) في المساقاة، باب وضع الجوائح، وأبو داود رقم (3374) و (3470) في الإجارة، باب وضع الجائحة، وباب بيع السنين، والنسائي 7/264، 265 في البيوع، باب وضع الجوائح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الدارمي (2559) قال: أخبرنا عثمان بن عمر. ومسلم (5/29) قال: حدثني أبو الطاهر، قال: أخبرنا ابن وهب. (ح) وحدثنا محمد بن عباد، قال: حدثنا أبو ضمرة (ح) وحدثنا حسن الحلواني، قال: حدثنا أبو عاصم. وأبو داود (3470) قال: حدثنا سليمان بن داود المهري، وأحمد بن سعيد الهمداني، قالا: أخبرنا ابن وهب. (ح) وحدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا أبو عاصم. وابن ماجة (2219) قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثنا ثور بن يزيد. والنسائي (7/264) قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا حجاج. وفي (7/265) قال: أخبرنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثنا ثور بن يزيد.
ستتهم - عثمان بن عمر، وابن وهب، وأبو ضمرة، وأبو عاصم، وثور، وحجاج- عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، فذكره.(1/603)
الكتاب الثالث: من حرف الباء في البخل وذم المال
449 - (خ م) الأحنف بن قيس - رضي الله عنه (1) - قال: قَدِمْتُ المدينة، فبينا أنا في حَلْقةٍ فيها مَلأُ من قُريش، إذْ جاء رجُلٌ أخْشَنُ الثياب، أخشنُ الجسَدِ، أخشنُ الوجه (2) ، فقام عليهم، فقال: بَشِّرِ الكانِزينَ برَضْفٍ يُحْمَى عليه، في نار جهنم، فيوضَعُ على حَلَمةِ (3) ثَدْي أحَدِهِم حتى يَخْرُجَ من نُغْضِ كَتِفِهِ، ويُوضَعُ على نُغْضِ كَتِفِهِ حتى يخرجَ من حَلَمة ثديه، يَتَزَلْزَلُ (4) ، قال: فوضع القومُ رؤُوسهم، فما رأيت أحدًا منهم رجع إليه شيئًا، قال: فأدْبَرَ، فاتَّبعتُه، حتى جلس إلى ساريةٍ، فقلتُ: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلتَ [ص:605] لهم، فقال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئًا، إنَّ خَليلي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - دعاني فأجبتُه، فقال: «أتَرى أُحُدًا؟» فنظرتُ ما عليَّ من الشَّمْسِ، وأنا أظُنُّ أنَّهُ يَبْعَثُني في حاجةٍ له، فقلت: أراه، فقال: «ما يَسُرُّني أن لي مثله ذَهبًا أُنُفِقه كُلَّه، إلا ثلاثة دنانير، ثم هؤلاء يجمعون الدنيا، لا يعقِلُون شيئًا» قال: قلت: ما لك ولإخوانك من قريش لا تَعْتَرِيهِم وتُصيبُ منهم؟ قال: «لا، ورَبِّكَ، لا أسألُهم عن دُنيا (5) ، ولا أستفيهم عن دِين، حتى ألْحَقَ بالله ورسوله» . هذا لفظ مسلم، وهو عند البخاري بمعناه.
وفي رواية: أن الأحنف قال: كنت في نَفَر من قريش، فمرَّ أبو ذَرٍّ وهو يقول: بَشِّر الكانزين بكَيٍّ في ظُهُورهم، يخرُجُ من جُنوبهم. وبَكَيٍّ من قِبَلِ أقفائهم يخرج من جِبَاههم، ثم تنحَّى، فقعد، فقلتُ: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر. قال: فقمتُ إليه. فقلت: ما شَيءٌ سَمِعْتُك تقول قُبَيْلُ؟ قال: ما قلتُ إلا شيئًا سمعتُهُ من نبِيِّهم - صلى الله عليه وسلم -، قال: قُلتُ: ما تَقُولُ في هذا العطاء؟ قال: خُذه، فإن فيه اليوم مَعونةً، فإذا كان ثمنًا لدِينك فدعْهُ.
وفي أخرى بعض هذا المعنى قال: كنتُ أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ينظُرُ إلى أُحُدٍ، فقال: ما أُحِبُّ أن يكون لي ذهبًا تُمسِي عليَّ ثالثةٌ وعندي منه شَيءٌ.
وفي رواية: وعندي منه دينار، إلا دينارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أن [ص:606] أقولَ به في عباد الله، هكذا، حَثَا بين يَديه، وهكذا عن يمينه، وهكذا عن شماله (6) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الكنَّازين: الكنَّازون: جمع كناز: وهو الذي يكنز الذهب والفضة: أي يجعلهما كنزًا، والكنز: المال المدفون.
بِرَضْفٍ: الرَّضفُ: جمع رضفة. وهي الحجر يحمى ويترك في اللبن ليُحْمى.
حلمة ثديه: حلمة الثدي: هي الحبة على رأسه.
نغض الكتف: غضروفه.
تعتريهم: عراه واعتراه: إذا قصده يطلب رفده وصلته.
أرصده: رصدت فلانًا: ترقبته، وأرصدت له: أعددت له.
__________
(1) الأحنف: لقب له لحنف كان برجله. واسمه الضحاك، وقيل: صخر بن قيس بن معاوية التميمي، أبو بحر السعدي، أدرك النبي صلى لله عليه وسلم، ودعا له. كان أحد الحكماء الدهاة العقلاء، توفي بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة مصعب بن الزبير على العراق، فمشى في جنازته، وكان له ولد يدعى بحراً، وبه كان يكنى، وتوفي بحر وانقرض عقبه من الذكور.
(2) في البخاري: خشن الشعر والثياب والهيئة.
(3) قال النووي: فيه جواز استعمال " الثدي " في الرجل، وهو الصحيح، ومن أهل اللغة من أنكره، وقال: لا يقال " ثدي " إلا للمرأة، ويقال: في الرجل " ثندوة " وقد سبق بيان هذا مبسوطاً في كتاب الإيمان في حديث الرجل الذي قتل نفسه بسيفه، فجعل ذبابه بين ثدييه، وسبق أن الثدي يذكر ويؤنث.
(4) يضطرب ويتحرك وهو للرضف، أي: يتحرك من نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثدييه.
(5) قال النووي: بحذف عن، وهو الأجود، أي لا أسألهم شيئاً من متاعها.
(6) البخاري 3/218 في الزكاة، باب ما أدى زكاته فليس بكنز، وفي الاستقراض، باب أداء الديون، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي الاستئذان، باب من أجاب لبيك وسعديك، وفي الرقاق، باب المكثرون هم المقلون، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم " ما أحب أن لي مثل أحد ذهباً " وأخرجه مسلم رقم (992) في الزكاة، باب في الكانزين للأموال.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (5/160) قال: حدثنا إسماعيل، عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير. وفي (5/167) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو الأشهب، قال: حدثنا خليد العصري، قال أبو جري: أين لقيت خليدًا؟ قال: لا أدري. وفي (5/169) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا أبو نعامة. وفي (5/169) قال: حدثنا أبو كامل. قال: حدثنا حماد. قال: حدثنا أبو نعامة السعدي، والبخاري (2/133) قال: حدثنا عياش، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا الجريري، عن أبي العلاء. (ح) وحدثني إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الجريري، قال: حدثنا أبو العلاء بن الشخير، ومسلم (3/76) قال: حدثني زهير ابن حرب، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن أبي العلاء. وفي (3/77) قال: وحدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا أبو الأشهب، قال: حدثنا خليد العصري.
ثلاثتهم - أبو العلاء بن الشيخر يزيد بن عبد الله، وخليد، وأبو نعامة السعدي- عن الأحنف بن قيس، فذكره.(1/604)
450 - (خ م ت س) أبو ذر - رضي الله عنه - قال: انْتَهَيْتُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جَالِسٌ في ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فلما رآني قال: «هُمُ الأخسرون ورَبِّ الْكَعْبَةِ» قال: فجئتُ حتى جَلَسْتُ، فلم أتَقَارَّ أن قُمتُ، فقلتُ: يا رسول الله فِدَاكَ أبي وأمي مَن هُمْ؟ قال: «هُمُ الأكثرون أموالاً، إلا من قال هكذا، [ص:607] وهكذا، وهكذا، - من بَيْنِ يديه - ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله - وقليلٌ ما هم، ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ، لا يُؤدِّي زكاتَها، إلا جاءتْ يومَ القيامة أعظمَ ما كانت وأسمنَه، تَنْطَحُه بِقُرُونِها، وتَطؤُه بأظْلافها، كلما نَفِدَت أُخْراها عادت عليه أُولاها حتى يُقضى بين الناس. هذه رواية مسلم، وفرَّقه البخاري في موضعين» .
وأخرجه الترمذي والنسائي بطوله: وفيه - بعد قوله: وقليلٌ ما هم -، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يموتُ رجلٌ فيدَعُ إبلاً ولا بقرًا لم يُؤَدِّ زَكاتَها.. وذكر الحديث (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
أَتَقَارُّ: بمعنى أقَرُّ وأَثْبُتُ: أي لم أَلْبَث أن سألته.
بأظلافها: الظِّلْفُ للبقر والغنم: بمنزلة الحافر للفرس والبغل، وبمنزلة الخف للبعير.
__________
(1) البخاري 11/460 في الإيمان، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، و 3/256 في الزكاة، باب زكاة البقر، ومسلم رقم (990) في الزكاة، باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة، والترمذي رقم (617) في الزكاة، باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منع الزكاة، والنسائي 5/10، 11 في الزكاة، باب التغليظ في حبس الزكاة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (140) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (5/152) قال: حدثنا محمد بن عبيد، وابن نمير. وفي (5/157، 158) قال: حدثنا وكيع. وفي (5/169) قال: حدثنا أبو معاوية. والدارمي (1626) قال: أخبرنا الحسن بن الربيع، قال: حدثنا أبو الأحوص، والبخاري (2/148) ، وفي (8/162) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي. ومسلم (3/74) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع. وفي (3/75) قال: وحدثناه أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو معاوية. وابن ماجة (1785) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع. والترمذي (617) قال: حدثنا هناد بن السري التميمي الكوفي، قال: حدثنا أبو معاوية. والنسائي (5/10) قال: أخبرنا هناد بن السري في حديثه، عن أبي معاوية، وفي (5/29) قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع. وابن خزيمة (2251) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وجعفر بن محمد التغلبي، قالا: حدثنا وكيع.
سبعتهم - سفيان، ومحمد بن عبيد، وابن نمير، ووكيع، وأبو معاوية، وأبو الأحوص، وحفص بن غياث- عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، فذكره.(1/606)
451 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إيَّاكم والشُّحَّ، فإنَّما هَلَكَ من كان قَبلكُم بالشُّحِّ، أمَرَهم بالبُخْلِ [ص:608] فَبَخِلُوا [وأمرهم بالقَطيعة فَقَطعوا] (1) وأمَرهم بالفُجُور فَفَجَرُوا» . أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الشح: أشد البخل، وقيل: هو بخل مع حرص.
الفجور: هنا: العصيان والفسق.
يسفكوا: السفك: الإراقة والإجراء.
محارمهم: المحارم: كل ما حرم عليهم ونُهوا عنه.
__________
(1) زيادة من سنن أبي داود.
(2) رقم (1698) في الزكاة، باب في الشح، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم مطولاً وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه أبو داود [1698] قال: ثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو «فذكره» .(1/607)
452 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَصْلَتَانِ لا تَجْتَمعانِ في مُؤمنٍ: الْبُخْل، وسوءُ الخُلُقِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (1963) في البر والصلة، باب ما جاء في البخل وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى، وصدقة ضعيف ضعفه ابن معين وغيره.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه عبد بن حميد (996) قال: حدثنا سليمان بن داود. والبخاري في الأدب المفرد (282) قال: حدثنا مسلم. والترمذي (1962) قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، قال: أخبرنا أبو داود.
كلاهما - سليمان بن داود، وأبو داود، ومسلم بن إبراهيم- عن صَدَقَة بن موسى أبي المغيرة السلمي، قال: حدثنا مالك بن دينار، عن عبد الله بن غالب الحُدّاني، فذكره.
قلت: قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى، وصدقة ضعيف، ضعفه ابن معين.(1/608)
453 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ كان عِنْدِي أُحُدٌ ذَهَبًا، لأحْبَبْتُ أنْ لا تَأتِيَ ثلاثٌ وعِنْدِي منه دينار، لَيْسَ شَيْئًا أُرْصِدُهُ في دَيْنٍ عليَّ، أجِدُ من يَقْبَلُهُ» . [ص:609]
وفي رواية: «لَوْ كان عندي مثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَسَرَّني أن لا يَمرَّ عليَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وعندي منه شَيءٌ، إلا شَيئًا أُرْصِدُهُ لدَينٍ» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 5/42 في الاستقراض، باب أداء الديون، وفي الرقاق 11/225، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهباً "، وفي التمني، باب تمني الخير، ومسلم رقم (991) في الزكاة، باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة وإسناده:
قال البخاري (3/152، 8/118) قال: حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد. قال: حدثنا أبي، عن يونس. قال: قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فذكره.
- ورواه مسلم من حديث محمد بن زياد، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (2/457) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وفي (2/467) قال: حدثنا عبد الرحمن. قال: حدثنا حماد. ومسلم (3/57) قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي، قال: حدثنا الربيع، يعني ابن مسلم. (ح) وحدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا شعبة.
ثلاثتهم - شعبة، وحماد بن سلمة، والربيع بن مسلم- عن محمد بن زياد، فذكره.
- ورواه مالك بن أبي عامر، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (2/419) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. وابن ماجة (4132) قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب.
كلاهما - قتيبة بن سعيد، ويعقوب بن حميد- عن عبد العزيز بن محمد، عن أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، فذكره.(1/608)
454 - (د س) بهز بن حكيم - رضي الله عنهما -: عن أبيه عن جدِّه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يَأتي رجلٌ مولاه يسألُه مِن فضلٍ عندَهُ، فَيَمْنَعُهُ إيَّاهُ، إلا دُعِيَ له يومَ القيامَةِ شُجَاعٌ يَتَلَمَّظُ فَضْلَه الذي مَنَعَهُ (1) » .أخرجه النسائي.
وأخرجه أبو داود في جملة حديث يتضمن بِرِّ الوالدين، وقد ذُكر في كتاب البِرِّ (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
شُجاع: الشجاع هاهنا: الحية.
يتلمظ: التلمظ: تطعم ما يبقى في الفم من أثر الطعام.
__________
(1) الشجاع - بضم الشين وكسرها - الحية الذكر، والجمع: أشجعة وشجعان، وشجعان، وهو أجرأ الحيات، والتلمظ: الأخذ باللسان ما يبقى في الفم من أثر الطعام وتتبعه، واللماظة: أثر الطعام، والتمطق بالشفتين.
(2) النسائي 5/82 في الزكاة، باب من يسأل ولا يعطي، وأبو داود رقم (5139) في الأدب، باب بر الوالدين، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه أحمد (5/2) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم. وفي (5/3) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا حماد بن سلمة. قال: أخبرنا أبو قزعة الباهلي. وفي (5/3) قال: حدثنا يزيد. قال: أخبرنا بهز بن حكيم. وفي (5/5) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن بهز ابن حكيم، وأبو داود (5139) قال: حدثنا محمد بن كثير. قال: أخبرنا سفيان، عن بهز بن حكيم. والنسائي (5/82) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا المعتمر. قال: سمعت بهز ابن حكيم. كلاهما - بهز، وأبو قزعة- عن حكيم بن معاوية، فذكره.(1/609)
455 - (ت) كعب بن عياض - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله [ص:610] صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن لِكُلِّ أمَّةٍ فِتْنَةً ووإن فتْنَةَ أمَّتي المالُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2337) في الزهد، باب ما جاء أن فتنة هذه الأمة المال، وإسناده حسن، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده حسن: أخرجه أحمد (4/160) قال: حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار. والترمذي (2336) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا الحسن بن سوار. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (8/11129) عن عمرو بن منصور، عن آدم.
كلاهما - الحسن، وآدم - عن ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، فذكره.(1/609)
456 - (ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فترغَبُوا في الدنيا» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
الضَّيعة: هاهنا: المعيشة والحرفة التي يعود الإنسان بحاصلها على نفسه.
__________
(1) رقم (2329) في الزهد، باب لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا، وإسناده قوي، وحسنه الترمذي. وأخرجه أحمد رقم (3579) والحاكم 4/322 وصححه ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (122) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (1/377) (3579) قال: حدثنا سفيان. وفي (1/426) (4048) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (1/443) (4234) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان. والترمذي (2328) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان.
ثلاثتهم - سفيان بن عيينة، وأبو معاوية، وسفيان الثوري- عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن المغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، فذكره.
قلت: هو من بابة الزهد والرقائق، والمغيرة بن سعد «مقبول» .(1/610)
457 - (م ت س) عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ: {ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فقال: «يقولُ ابنُ آدمَ: مالي، مَالي، وهَلْ لَكَ يا ابْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ» . أخرجه مسلم والترمذي والنسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
فأمضيت: أي أنفذت فيه عطاءك.
__________
(1) مسلم رقم (2958) في الزهد، باب الزهد، والترمذي رقم (3351) في تفسير القرآن، باب من سورة ألهاكم التكاثر، والنسائي 6/238 في الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1- أخرجه أحمد (4/24) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا هشام، وفي (4/24) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة (ح) وحجاج، قال: حدثني شعبة. وفي (4/26) قال: أخبرنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا سعيد، وفي (4/26) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبان. وفي (4/26) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام. وفي (4/26) قال: حدثنا بَهز، قال: حدثنا همام، وعبد بن حميد (513) قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة. ومسلم (8/211) قال: حدثنا هَدّاب بن خالد، قال: حدثنا همام، (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قالا: حدثنا محمد ابن جعفر، قال: حدثنا شعبة (ح) وقالا جميعًا: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد. (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنا أبي. والترمذي (2342، 3354) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة. والنسائي (6/238) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (5346) عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة. خمستهم -هشام، وشعبة، وسعيد، وأبان، وهمام- عن قتادة.
2 - وأخرجه أحمد (4/26) قال: حدثنا عبد الله بن محمد -قال عبد الله بن أحمد: وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة-. وعبد بن حميد (515) قال: حدثني ابن أبي شيبة. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5346) عن أحمد بن مصرف بن عمرو. كلاهما - عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وأحمد بن مُصَرِّف - عن زيد بن الحُباب، عن شداد بن سعيد أبي طلحة الراسبي، عن غَيلان بن جرير.
كلاهما - قتادة، وغيلان- عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، فذكره.
* لفظ رواية غير ابن جرير: «أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلي قاعدًا، أو قائمًا وهو يقرأ: {ألهاكم التكاثر} حتى ختمها» .(1/610)
458 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقُولُ العَبْدُ: مَالي، مَالي، وإنَّما لَه من مَالِهِ ثَلاثٌ: ما أكَلَ فأفْنَى، أو لَبِسَ فأبْلَى، أو أعْطَى فأقْنَى، وما سوى ذلك، فَهُوَ ذَاهِبٌ وتاركُهُ لِلنَّاسِ» . [ص:611] أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (2959) في الزهد، باب الزهد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/368) قال: حدثنا هيثم. قال: أخبرنا حفص بن ميسرة. وفي (2/412) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، ومسلم (8/211) قال: حدثني سويد بن سعيد. قال: حدثني حفص بن ميسرة. (ح) وحدثنيه أبو بكر بن إسحاق، قال: أخبرنا ابن أبي مريم. قال: أخبرنا محمد بن جعفر.
ثلاثتهم - حفص بن ميسرة، وعبد الرحمن بن إبراهيم، ومحمد بن جعفر- عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، فذكره.(1/610)
459 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لُعِنَ عَبدُ الدِّينارِ، ولُعِنَ عَبْدُ الدِّرْهَم» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2376) في الزهد، باب لعن عبد الدينار. وحسنه الترمذي مع أن فيه عنعنة الحسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف للانقطاع: أخرجه الترمذي (2375) قال: حدثنا بشر بن هلال الصواف، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن يونس، عن الحسن، فذكره.
قلت: والصحيح لفظ: «تَعِس عبدُ الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أُعْطِيَ رضي، وإن لم يُعط سخط، تعس وانتكس، إذا شيك فلا انتَقَشَ، طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مُغْبَرةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في السَّاقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفَّع» .
أخرجه البخاري (4/41، 8/114) قال: حدثنا يحيى بن يوسف، قال: أخبرنا أبو بكر، عن أبي حصين. وفي (4/41) قال: وزادنا عمرو، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه. وابن ماجة (4135) قال: حدثنا الحسن بن حماد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، وفي (4136) قال: حدثنا يعقوب بن حميد، قال: حدثنا إسحاق بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الله بن دينار.
كلاهما - أبو حصين، وعبد الله بن دينار- عن أبي صالح، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة، واللفظ لعبد الله بن دينار عند البخاري.
* قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (4/41) : لم يرفعه إسرائيل ومحمد بن جحادة عن أبي حصين.(1/611)
460 - (خ س) ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّكُم مالُ وارِثِه أحبُّ إليه من ماله؟» قالوا: يا رسول الله، ما مِنَّا أحدٌ إلا مالُه أحبُّ إليه، قال: «فإنَّ مَالَهُ ما قَدَّمَ،، مالَ وَارِثِهِ ما أخَّرَ» . أخرجه البخاري والنسائي (1) .
__________
(1) البخاري 11/221 في الرقاق، باب ما قدم من ماله فهو له، والنسائي 6/237، 238 في الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية. قال ابن بطال وغيره: وفي الحديث التحريض على تقديم ما يمكن تقديمه من المال في وجوه القربة والبر لينتفع به في الآخرة، فإن كل شيء يخلفه المورث يصير ملكاً للوارث، فإن عمل فيه بطاعة الله اختص بثواب ذلك، وكان ذلك الذي تعب في جمعه ومنعه، وإن عمل فيه بمعصية الله، فذاك أبعد لمالكه الأول من الانتفاع به وإن سلم من تبعته، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم لسعد " إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة " لأن حديث سعد محمول على من تصدق بماله كله أو معظمه في مرضه، وحديث ابن مسعود في حق من يتصدق في صحته وشحه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/382) (3626) قال: حدثنا أبو معاوية. والبخاري (8/116) قال: حدثني عمر ابن حفص، قال: حدثني أبي، وفي الأدب المفرد (153) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا أبو معاوية. والنسائي (6/237) قال: أخبرنا هناد بن السري، عن أبي معاوية.
كلاهما - أبو معاوية، وحفص بن غياث- عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، فذكره.
* صرح الأعمش بالتحديث في رواية حفص بن غياث به.(1/611)
461 - (ت س) أبو وائل - رضي الله عنه - قال: جاء معاوية إلى أبي هاشم بن عُتْبَةَ - وهو مريضٌ يعوده - فوَجَدَهُ يَبْكي، فقالَ: يا خَالُ، ما يُبْكِيكَ؟ أوَجَعٌ يُشْئِزُكَ، أمْ حِرْصٌ على الدنيا؟ قال: كَلاَّ، ولكنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إلينا عَهْدًا لم آخُذْ به، قال: وما ذلك؟ قال: سَمِعْتُهُ يقول: [ص:612] «إنَّما يَكْفي مِنْ جَمعِ المال خادمٌ، ومَركبٌ في سبيل الله، وأجِدُني اليومَ قد جمعت» . هذه رواية الترمذي.
وأخرجه النسائي عن أبي وائل عن سَمُرة بن سَهْمٍ - رجل من قومه - قال: نزلتُ على أبي هاشم بن عُتْبَةَ - وهو طَعينٌ - فأتاهُ معاوية يعودُه، فبكى أبو هاشم ... وذكر الحديث (1) .
ورأيتُ قد زاد فيه رزين: فلما ماتَ حُصِّلَ ما خَلَّفَ، فبلغَ ثلاثين درهمًا، وحُسِبَتْ فيه القَصْعَةُ التي كان يَعْجِنُ فيها، وفيها كان يأكُلُ، ولم أجد هذه الزيادة.
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
يُشْئِزُكَ: يُقْلِقُكَ، يقال: أَشأزني الشيء، فشئِزْتُ، أي: أقلقني فقلقت. [ص:613]
طعين: المطعون، وهو الذي أصابه الطاعون.
__________
(1) وذكره الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " 4/123 في عيش السلف وقال: رواه الترمذي والنسائي، ورواه ابن ماجة عن أبي وائل عن سمرة بن سهم عن رجل من قومه، لم يسمه، قال: " نزلت على أبي هاشم بن عتبة وهو مطعون، فأتاه معاوية - وذكر الحديث " ورواه ابن حبان في " صحيحه " عن سمرة بن سهم قال: نزلت على أبي هاشم بن عتبة وهو مطعون، فأتاه معاوية ... فذكر الحديث.
وأبو هاشم: هو أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي العبشمي، خال معاوية بن أبي سفيان، وأخو أبي حذيفة لأبيه، وأخو مصعب بن عمير لأمه، أمهما: خناس بنت مالك القرشية العامرية، قيل: اسمه شيبة، وقيل: هشيم، وقيل: مهشم، أسلم يوم الفتح، وسكن الشام، وتوفي في خلافة عثمان، وكان من زهاد الصحابة وصالحيهم، وكان أبو هريرة إذا ذكره قال: " ذاك الرجل الصالح ". والحديث أخرجه الترمذي رقم (2328) في الزهد، باب في هم الدنيا وحبها، والنسائي 8/218، 219 في الزينة، باب اتخاذ الخادم والمركب، وابن ماجة رقم (4103) في الزهد، باب الزهد في الدنيا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (5/290) قال: حدثنا معاوية بن عمرو. قال: حدثنا زائدة. وابن ماجة (4103) قال: حدثنا محمد بن الصباح. قال: أنبأنا جرير. والنسائي (8/218) قال: أخبرنا محمد بن قدامة، عن جرير. كلاهما - زائدة، وجرير- عن منصور، عن أبي وائل، عن سمرة بن سهم، رجل من قومه، فذكره.
* وأخرجه أحمد (3/443) قال: حدثنا أبو معاوية. قال: حدثنا الأعمش. وفي (3/444) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان، عن الأعمش. ومنصور. والترمذي (2327) قال: حدثنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان، عن منصور والأعمش. والنسائي من الكبرى (الورقة 130 ب) قال: أخبرنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان، عن منصور والأعمش.
كلاهما - الأعمش، ومنصور- عن شقيق أبي وائل. قال: دخل معاوية على أبي هاشم بن عتبة، وهو مريض يبكي، فذكره بمعناه. ليس فيه (سمرة بن سهم) .
قلت: الإسناد الأول به «مبهم» ، والثاني فيه الأعمش وقد دلسه كما ترى.(1/611)
الكتاب الرابع: في البنيان والعمارات
462 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: لقد رأيتُني مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ينيتُ بيتًا بيدَيَّ، يُكِنُّني من المطرِ، ويُظِلُّني من الشمس، ما أعانني عليه أحدٌ من خلق الله.
وفي رواية: قال عمرو بن دينار: سمعتُ ابن عمر يقول: ما وضَعْتُ لَبِنَةً على لَبِنَةٍ مُنذُ قُبِضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال سُفيان: فَذَكَرتُهُ لِبَعض أهله، فقال: والله لقد بَنَى، فقلتُ: لَعَلَّهُ قَبلُ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) البخاري 11/78 في الاستئذان، باب ما جاء في البناء، وأخرجه ابن ماجة رقم (4162) في الزهد، باب في البناء والخراب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (8/82) . وابن ماجة (4162) قال: حدثنا محمد بن يحيى.
كلاهما - البخاري، ومحمد بن يحيى- قالا: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه سعيد، فذكره.(1/613)
463 - (خ م) قيس بن أبي حازم (1) - رحمه الله -: قال: دَخلْنا على خَبَّاب بن الأرَتِّ نَعودُه، وقد اكْتَوَى سبع كَياتٍ - زاد بعض الرواة: في [ص:614] بطنه - فقال: إن أصحابَنا الذين سلفوا مَضَوْا ولم تنقُصُهُم الدُّنيا، وإنا أصبنا ما لا نجدُ له موضِعًا إلا التُّراب، ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعُوَ بالموتِ لدَعَوتُ به، ثم أتيناه مرَّةً أخرى - وهو يبني حائِطًا له - فقال: إن المُسلِم يُؤجَرُ في كلِّ شيء يُنْفِقُهُ إلا في شيءٍ يجعلُهُ في هذا التراب، أخرجه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري (2) .
__________
(1) قيس بن أبي حازم - واسمه حصين - بن عوف البجلي الأحمسي، أبو عبد الله الكوفي، أدرك الجاهلية، ورحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، وأبوه له صحبة. روى عن أبيه وأبي بكر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة، إلا عبد الرحمن بن عوف. قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة أحد أروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيس، وقال الآجري عن أبي داود: أجود الناس إسناداً قيس بن أبي حازم، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين.
(2) البخاري 10/108، 109 في المرضى، باب تمني المريض الموت، وفي الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، وفي الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، وفي التمني، باب ما يكره من التمني، وأخرجه مسلم رقم (2681) في الذكر والدعاء، باب تمني كراهية الموت لضر نزل به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (154) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (5/109) قال: حدثنا وكيع. وفي (5/110) قال: حدثنا يزيد. وفي (5/111) قال: حدثنا محمد بن يزيد. وفي (5/112، 6/395) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. والبخاري (7/156) ، وفي الأدب المفرد (454) قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة. وفي (8/94) وفي الأدب المفرد (687) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، وفي (8/94، 114) قال: حدثنا محمد ابن المثنى، قال: حدثنا يحيى، وفي (8/113) قال: حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا وكيع. وفي (9/104) قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبدة. ومسلم (8/64) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. وفي (8/64) قال: حدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا سفيان بن عُيينة، وجرير بن عبد الحميد، ووكيع. (ح) وحدثنا ابن نُمير، قال: حدثنا أبي (ح) وحدثنا عُبيد الله بن معاذ، ويحيى بن حبيب، قالا: حدثنا مُعتمر، (ح) وحدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا أبو أسامة. والنسائي (4/4) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد.
جميعهم - سفيان، ووكيع، ويزيد، ومحمد بن يزيد، ويحيى بن سعيد، وشعبة، وعبدة، وابن إدريس، وجرير، وابن نُمير، ومعتمر، وأبو أسامة- عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، فذكره.(1/613)
464 - (ت) أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «النَّفَقَةُ كلُّها في سَبِيلِ اللهِ إلا البنَاءَ فلا خير فيه» أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2484) في أبواب صفة القيامة، باب النهي عن تمني الموت، وسنده ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي (2482) قال: حدثنا محمد بن حُميد الرازي، قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن إسرائيل، عن شبيب بن بشير، قال الترمذي: هكذا قال (شبيب بن بشير) ، وإنما هو (شبيب بن بشر) فذكره.(1/614)
465 - (د) أنس - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا ونحن مَعَهُ، فَرَأى قُبَّةً، مُشْرِفَةً، فقال: «مَا هَذِهِ؟» قال أصْحَابُهُ: هذه لفلانٍ - رجل من الأنصار - فسَكَت وحملها في نفسه، حتى لما جاء صاحِبُها، سَلَّمَ عليه في الناس، فأعرض عنه - صنع ذلك مرارًا - حتى عرف الرجلُ الغضبَ فيه، والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: واللهِ، إني لأُنكر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: خرَجَ، فرأى قُبَّتَكَ، فرجعَ الرجلُ إلى قُبَّتِهِ فهَدَمَهَا، حتى سوَّاها بالأرض، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَات يومٍ، فلم يَرَها قال: «ما فعلَتِ القُبَّةُ؟» قالوا: شكا إلينا صاحِبُها إعراضَك عنه، [ص:615] فأخبرناه فهدمها، فقال: «أمَا إنًَّ كلَّ بِنَاءٍ وبالٌ على صاحبِهِ، إلا مالا، إلا مالا» . أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
إلا مالا: أي: إلا ما لابد للإنسان منه مما تقوم به الحياة.
__________
(1) رقم (5237) في الأدب، باب ما جاء في البناء، وفي سنده أبو طلحة الأسدي الراوي عن أنس لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف:
1 - أخرجه أحمد (3/220) قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن عبد الملك بن عمير.
2 - وأخرجه أبو داود (5237) قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا عثمان بن حكيم، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي.
كلاهما - عبد الملك، وإبراهيم- عن أبي طلحة الأسدي، فذكره.
أخرجه ابن ماجة (4161) قال: حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فَروة، قال: حدثني إسحاق بن أبي طلحة، فذكره.(1/614)
466 - (ت د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: «مَرَّ بي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أُطَيِّنُ حائِطًا لِي من خُص - فقال: ما هذا يا عبد الله؟ قلتُ: حائطًا أصْلحُهُ يا رسولَ الله، قال: الأمْرُ أيسَرُ من ذَلِكَ» أخرجه الترمذي.
وأخرجه أبو داود نحوه، وقال: ونحنُ نُصْلحُ خُصًا لنا، وقَدْ وَهَى، فقال: ما أرى الأمرَ إلا أعْجَلَ من ذلك.
وفي رواية أخرى لأبي داود نحوه، وفيه: أنا وأمِّي، وفيه: الأمْرُ أسرعُ من ذَلِكَ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
خُصٌٌ: الخص: البيت من القصب.
وَهى: وهَى الشيء: إذا قارب الهلاك، ومنه: وهى السقاء: إذا تَخَرَّق.
__________
(1) الترمذي رقم (2336) في الزهد، باب ما جاء في قصر الأمل، وأبو داود رقم (5235 و 5236) في الأدب، باب ما جاء في البناء، وأخرجه ابن ماجة رقم (4160) في الزهد، باب في البناء والخراب، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح، لولا تدليس الأعمش:
أخرجه أحمد (2/161) (6502) قال: حدثنا أبو معاوية. والبخاري في الأدب المفرد (456) قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا أبي. وأبو داود (5235) قال: حدثنا مُسَدَّد، قال: حدثنا حفص. وفي (5236) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهناد (المعنى) ، قالا: حدثنا أبو معاوية. وابن ماجة (4160) قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو معاوية. والترمذي (2335) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية.
كلاهما - أبو معاوية، وحفص بن غياث- قالا: حدثنا الأعمش، عن أبي السفر، فذكره.(1/615)
467 - (د) دكين بن سعيد المزني - رضي الله عنه - (1) قال: «أتَيْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألنَاهُ الطَّعَامَ، فقال: يا عُمَرُ اذْهَبْ فأعْطِهِم، فارْتَقَى بِنَا إلَى عِلِّيَّةٍ، فأخرجَ المفتاحَ مِنْ حُجْزَتِهِ فَفَتَحَ» أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
حجزته: حجزة السراويل معروفة.
__________
(1) قال الحافظ في " تهذيب التهذيب " 3/212 دكين بن سعيد، ويقال: ابن سعيد - بالضم - ويقال: ابن سعد المزني، ويقال: الخثعمي، له صحبة، عداده في أهل الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه قيس بن أبي حازم، روى عنه أبو داود حديثاً واحداً في معجزة تكثير التمر القليل، قلت: (القائل ابن حجر) قال مسلم وغيره: لم يرو عنه غير قيس، وأخرج ابن خزيمة وابن حبان حديثه في " صحيحهما " وذكره الدارقطني في الإلزامات وأبو ذر في مستدركه.
(2) رقم (5238) في الأدب، باب في اتخاذ الغرف، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (893) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (4/174) . قال: حدثنا وكيع. وفي (4/174) قال: حدثنا يعلى بن عُبيد. وفي (4/174) قال: حدثنا محمد بن عُبيد. وفي (4/174) قال: حدثنا يعلى، ومحمد، ابنا عبيد. وأبو داود (5238) قال: حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي، قال: حدثنا عيسى.
خمستهم - سفيان، ووكيع، ويعلى، ومحمد، وعيسى- عن إسماعيل - ابن أبي خالد- عن قيس، فذكره.(1/616)
468 - (خ م ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا تَدَارأتُم - وفي رواية - تَشَاجَرْتم في الطَّريقِ، فاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أذْرُع» .
وفي أخرى: قالَ: قَضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تَشَاجَرُوا في الطَّريق -: «بسَبْعَة أذْرُعٍ» .
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
تدارأتم: المدارأة مهموزة: المدافعة.
تشاجرتم: المشاجرة: المخاصمة.
__________
(1) البخاري 5/85 في المظالم، باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء، ومسلم رقم (1613) في المساقاة، باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه، والترمذي رقم (1356) في الأحكام، باب ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه، وأبو داود رقم (3633) في الأقضية، باب من أبواب القضاء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواه عكرمة عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (2/495) ، قال: حدثنا إسحاق بن عيسى. والبخاري (3/177) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل.
كلاهما - إسحاق، وموسى- قالا: حدثنا جرير بن حازم، عن الزبير بن الخِرِّيت، عن عكرمة، فذكره. - ورواه بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (2/429، 474) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. وفي (2/466) قال: حدثنا وكيع. وأبو داود (3633) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم. وابن ماجة (2338) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا وكيع، والترمذي (1356) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا يحيى بن سعيد.
ثلاثتهم - يحيى، ووكيع، ومسلم بن إبراهيم- عن المثنى بن سعيد الضبعي، عن قتادة، عن بشير بن كعب العدوي، فذكره.
- ورواه عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة:
أخرجه مسلم (5/59) قال: حدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري. قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار. قال: حدثنا خالد الحذاء، عن يوسف بن عبد الله، عن أبيه، فذكره.(1/616)
ترجمة الأبواب التي أولها باء، ولم ترد في حرف الباء
البيعة: في كتاب الإيمان، من حرف الهمزة.
بَدْءُ الخلق: في خلق العالم، من حرف الخاء.
البول: في كتاب الطهارة، من حرف الطاء.
البُكاء: في كتاب الموت، من حرف الميم.
بدء الوحي: في كتاب النبوة، من حرف النون.
تم - بعون الله وتوفيقه - الجزء الأول من كتاب " جامع الأصول في أحاديث الرسول " - صلى الله عليه وسلم - ويليه الجزء الثاني، وأوله: حرف التاء ويبدأ بكتاب تفسير القرآن الكريم وأسباب نزوله، وهو على نظم سور القرآن(1/617)
حرف التاء
وفيه سبعة كتب
كتاب التفسير، كتاب تلاوة القرآن، كتاب ترتيب القرآن، كتاب التوبة، كتاب التعبير، كتاب التفليس، كتاب تمني الموت
الكتاب الأول: في تفسير القرآن، وأسباب نزوله
وهو على نَظْم سور القرآن
469 - (ت د) - جُندب بن عبد الله - رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ فِي كِتَابِ الله - عز وجل - برأْيهِ فأصابَ، فقد أَخطأَ» .
أخرجه الترمذي وأبو داود، وزاد رزين زيادة لم أجدْها في الأُصول، «ومن قالَ بِرأْيِهِ فأَخطأ، فقَد كَفَرَ» . (1) [ص:4]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مَن قَالَ فِي كِتَابِ اللهِ بِرَأْيِهِ) [النهي عن تفسير القرآن بالرأي] لا يخلو: إِمَّا أن يكون المراد به: الاقتصار على النقل والمسموع، وترك الاستنباط، أو المراد به: أمر آخر، وباطل أَنْ يكونَ المراد به: أن لا يتكلَّم أحد في القرآن إلا بما سمعه، فإنَّ الصحابة -رضي الله عنهم- قد فسروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سَمعوهُ من النبي صلى الله عليه وسلم وإنَّ النَّبيَّ دعا لابن عباس فقال: «اللهم فقهه في الدِّين وعلِّمهُ التأويل» فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل، فما فائدة تخصيصه بذلك؟.
وإنما النهي يحمل على أحد وجهين:
أحدهما: أن يكون له في الشيء رأي، وإليه ميْل من طبعه وهواه، فيتأوَّل القرآن على وفْقِ رأيه وهواه، ليحتجَّ على تصحيح غرضه، ولو لم يكن له ذلك الرأي والهوى لكان لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى.
وهذا النوع يكون تارة مع العلم، كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته، وهو يعلم أنْ ليس المراد بالآية ذلك، ولكن يُلَبِّسُ على خصمه.
وتارة يكون مع الجهل، وذلك إذا كانت الآية محتملة، فيميل فهمُه إلى الوجه الذي يوافق غرضه، ويترجَّحُ ذلك الجانب برأيه وهواه فيكون قد فسَّرَ برأيه، أي رأيُه هو الذي حمله على ذلك التفسير، ولولا رأيه لما كان يترجح [ص:5] عنده ذلك الوجه.
وتارة يكون له غرض صحيح، فيطلب له دليلاً من القرآن، ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به، كمَن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي، فيقول: قال الله تعالى: {اذهبْ إلى فرعوْنَ إنهُ طغَى} ويشيرُ إلى قلبه، ويومئُ إلى أنه المراد بفرعون.
وهذا الجنس قد استعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة، تحسيناً للكلام، وترغيباً للمستمع، وهو ممنوع.
وقد استعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة، لتغرير الناس، ودعوتهم إلى مذهبهم الباطل، فَيُنَزِّلون القرآن على وفق رأيهم ومذهبهم، على أمور يعلمون قطعاً: أنها غير مرادة به.
فهذه الفنون: أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي.
والوجه الثاني: أن يسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة، وما فيه من الاختصار، والحذف والإضمار، والتقديم والتأخير، فمن لم يُحكم ظاهر التفسير، وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية، كَثُر غلطه، ودخل في زمرة مَنْ فسَّر القرآن بالرأي.
فالنقل والسماع لابد منه في ظاهر التفسير أولاً، ليتقى به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسعُ التفهم والاستنباط، والغرائب التي لا تُفهم إلا [ص:6] بالسماع كثيرة، ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر، ألا ترى أن قوله تعالى: {وآتينا ثمودَ النَّاقةَ مبصرةً فظلموا بها} معناه: آية مبْصرة فظلموا بها أنفسهم بقتلها، فالناظر إلى ظاهر العربية، يظن أن المراد به: أن الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء، ولا يدري بماذا ظلموا، وأنهم ظلموا غيرهم أو أنفسهم، فهذا من الحذف والإضمار، وأمثال هذا في القرآن كثير، وما عدا هذين الوجهين، فلا يتطرق النهي إليه، والله أعلم.
__________
(1) الترمذي رقم (2953) في التفسير، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، وأبو داود رقم (3652) في العلم، باب الكلام في كتاب الله بغير علم، وأخرجه الطبري في " جامع البيان " رقم (80) ، وفي سنده سهيل بن أبي حزم لا يحتج به، ضعفه البخاري وأحمد وأبو حاتم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3652) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق المقرىء الحضرمي. والترمذي (2952) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا حبان بن هلال. والنسائي في «فضائل القرآن» (111) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي.
كلاهما -يعقوب، وحبان- عن سهيل بن مهران القطعي، عن أبي عمران، فذكره.
وزيادة رزين تأثر عن أبي بكر - رضي الله عنه -.(2/3)
470 - (ت) - ابن عباس- رضي الله عنهما -: قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن بِغَيْرِ عِلمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مقعدَه من النَّارِ» .
وفي رواية: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا الحديثَ عني إلا ما عَلِمْتُم، فمن كَذَبَ علَيَّ مُتَعَمِّدا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقعَده من النَّارِ، وَمن قال في القرآن بِرأْيِهِ، فَليتَبَوَّأْ مقعده من النار» . أخرجه الترمذي. (1)
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فليتبوأ) أي: فليتخذ له مباءة، يعني منزلاً.
__________
(1) رقم (2951) في التفسير، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، ورقم (2952) وأخرجه أحمد في المسند رقم (2069) و (3025) ، والطبري في " جامع البيان " رقم (73) و (74) و (75) ومداره على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي وقد تكلموا فيه. قال أحمد: ضعيف الحديث، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، ربما رفع الحديث، وربما وقفه، وقال ابن عدي: يحدث بأشياء لا يتابع عليها، وقد حدث عن الثقات، وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه لين، وهو ثقة، وقال الدارقطني: يعتبر به، وحسن له الترمذي، وصحح له الحاكم، وهو من تساهله، وصحح حديثه في الكسوف، انظر " تهذيب التهذيب " 6 / 94، 95.(2/6)
فاتحة الكتاب
471 - (ت) - عدي بن حاتم- رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المغضوب عليهم: اليهود، والضالِّينَ: النَّصَارى» .
هذا لفظ الترمذي (1) ، وهو طرفٌ من حديثٍ طويل يتضمَّنُ إسلامَ عَدِيِّ بن حاتم، وهو مذكور في كتاب «الفضائل» من حرف «الفاء» .
__________
(1) رقم (2957) في التفسير، باب فاتحة الكتاب، ورقم (2956) الحديث بطوله، وأخرجه أحمد في " المسند " 4 / 378، 379، والطبري رقم (194) و (208) وفيه عباد بن حبيش الكوفي لم يوثقه غير ابن حبان، لكن تابعه مري بن قطري عند الطبري رقم (195) و (209) فالحديث حسن، وقد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان رقم (1715) وقول الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، يدفعه رواية الطبري للحديث رقم (193) و (207) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الترمذي في التفسير (2 فاتحة الكتاب: 3) عن عبد بن حميد، عن عبد الرحمن بن سعد، عن عمرو ابن أبي قيس، عن سماك بن حرب، عنه به، و (2فاتحة الكتاب: 4) عن ابن مثنى، وابن بشار -كلاهما- عن غندر، عن شعبة، عن سماك بطوله، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك. (7/280/19870 تحفة الأشراف) .(2/7)
سورة البقرة
472 - (خ م ت) - أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل: {ادخُلُوا البابَ سُجَّداً وقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} فبدَّلُوا، فدَخلوا البابَ يَزْحَفونَ على اسْتاهِهِم، وقالوا: حَبَّةٌ في شَعْرَةٍ» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .
وفي رواية الترمذي في قول الله تعالى: {ادْخلُوا البَابَ سُجَّداً} قال: [ص:8] «دَخَلُوا مُتَزَحِّفِينَ عَلى أَورَاكِهِمْ: أي مُنْحَرِفِينَ» .
قال: وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَولاً غيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} قال: قَالُوا: حَبَّةٌ في شعْرَةٍ (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حِطة) فِعْلة، من حَطَّ، وهي مرفوعة على معنى: أَمْرُنا حِطَّة، أي: حط عنا ذنوبنا.
__________
(1) البخاري 6 / 312 في الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، و 8 / 125 في التفسير، باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً} و 288، باب قوله " حطة " في سورة الأعراف، وأخرجه مسلم رقم (3015) في التفسير، والترمذي رقم (2959) في التفسير، باب ومن سورة البقرة.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 229: كذا للأكثر. وكذا في رواية الحسن المذكورة " في شعرة " بفتحتين. وللكشميهني " في شعيرة " بكسر العين المهملة وزيادة تحتانية بعدها، والحاصل أنهم خالفوا ما أمروا به من الفعل والقول، فإنهم أمروا بالسجود عند انتهائهم شكراً لله تعالى وبقولهم " حطة " فبدلوا السجود بالزحف، وقالوا " حنطة " بدل " حطة " أو قالوا: حطة، وزادوا فيها " حبة في شعيرة " وروى الحاكم من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود قال: قالوا: " هطى سمقا " وهي بالعربية: حنطة حمراء قوية، فيها شعيرة سوداء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/312) قال: حدثنا يحيى بن آدم. قال: حدثنا ابن المبارك. وفي (2/318) قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام. والبخاري (4/190) قال: حدثني إسحاق بن نصر. قال: حدثنا عبد الرزاق. وفي (6/22) قال: حدثني محمد. قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك. وفي (6/75) قال: حدثنا إسحاق. قال: أخبرنا عبد الرزاق. ومسلم (8/237) قال: حدثنا محمد بن رافع. قال: حدثنا عبد الرزاق. والترمذي (2956) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرنا عبد الرزاق. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (10/14680) عن محمد بن عبيد بن محمد، عن ابن المبارك.
كلاهما - ابن المبارك، وعبد الرزاق- عن معمر، عن همام بن منبه، فذكره.
* أخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (10/14680) عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن مَهْدي، عن ابن المبارك، عن مَعْمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة به موقوفا.(2/7)
473 - (ت) - عامر بن ربيعة - رضي الله عنه -: قال: كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ في ليلةٍ مُظْلِمةٍ، فلم نَدْرِ أين القبلةُ؟ فصلى كلُّ رجلٍ منا على حياله، فلما أصْبَحْنا ذكرنا ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: {فأينما تُوَلُّوا، فَثمَّ وجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] أخرجه الترمذي. [ص:9] (1)
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حِياله) حيال الشيء: تلقاؤه وحذاؤه.
__________
(1) رقم (2960) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان عن أبي الربيع عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يضعف في الحديث. ووصفه الحافظ في " التقريب " بقوله: متروك، وقال الحافظ ابن كثير: قلت: وشيخه عاصم أيضاً ضعيف، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به، وقال ابن حبان: متروك. وأخرجه الطبري رقم (1841) وقد حسنه العلامة أحمد شاكر في شرحه للترمذي، ثم رجع [ص:9] عن ذلك في تخريج أحاديث الطبري، وأخرج مسلم في " صحيحه " رقم (700) من حديث ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت {فأينما تكونوا فثم وجه الله} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه عبد بن حُميد (316) قال: أخبرنا يزيد بن هارون. وابن ماجة (1020) قال: حدثنا يحيى ابن حكيم، قال: حدثنا أبو داود، والترمذي (، 345 2957) قال: حدثنا محمود بن غَيلان، قال: حدثنا وكيع.
ثلاثتهم -يزيد، وأبو داود، ووكيع- قال يزيد: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أشعث بن سعيد أبو الربيع السمان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، فذكره.(2/8)
474 - (خ م ت) - أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، لو صلَّينا خلفَ المقامِ؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا (1) من مَقامِ إِبراهِيمَ مُصلّى} [البقرة: 125] . هذا طرفٌ من حديثٍ أَخْرَجه البخاري ومسلم.
وَأَوَّلُ حديثهما، قال عمر: «وافقت ربِّي في ثلاثٍ» هذا أحدها. والحديثُ مذكورٌ في فضائل عمر، في كتاب الفضائل من حرف الفاء، والذي أخرجه الترمذي: هو هذا القدر مُفرَداً، فيكون متفقاً بينهم. وفي رواية أخرى للترمذي. قال: قال عمر، قلت: يا رسولَ الله، لو اتخذتَ من مقامِ إبراهيمَ مُصَلَّى؟ فنزلت (2) .
__________
(1) قال الحافظ: الجمهور على كسر الخاء من قوله " واتخذوا " بصيغة الأمر، وقرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء بصيغة الخبر، والمراد: من اتبع إبراهيم، وهو معطوف على قوله: جعلنا ... وتوجيه قراءة الجمهور أنه معطوف على ما تضمنه قوله " مثابة " كأنه قال: ثوبوا واتخذوا، أو معمول لمحذوف، أي: وقلنا: اتخذوا، ويحتمل أن تكون الواو للاستئناف.
(2) البخاري 8 / 128 في التفسير، باب {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ، وفي القبلة، باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب قوله تعالى {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي تفسير سورة التحريم، وأخرجه مسلم رقم [ص:10] (2399) في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، من حديث ابن عمر، والترمذي رقم (2962) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، ورقم (2963) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأخرجه ابن ماجة رقم (1009) في الصلاة، باب القبلة. قال ابن الجوزي: إنما طلب عمر الاستنان بإبراهيم عليه السلام مع النهي عن النظر في كتاب التوراة، لأنه سمع قول الله تعالى في حق إبراهيم: {إني جاعلك للناس إماماً} وقوله تعالى: {أن اتبع ملة إبراهيم} فعلم أن الإئتمام بإبراهيم من هذه الشريعة، ويكون البيت مضافاً إليه وأن أثر قدميه في المقام كرقم الباني في البناء ليذكر به بعد موته، فرأى الصلاة عند المقام كقراءة الطائف بالبيت اسم من بناه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: بلفظ: «وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر» .
أخرجه مسلم (7/115) قال: حدثنا عقبة بن مكرم العمي، قال: حدثنا سعيد بن عامر، قال: حدثنا جويرية بن أسماء، أخبرنا عن نافع، عن ابن عمر فذكره.(2/9)
475 - (خ م ت س) - البراء بن عازب - رضي الله عنهما-: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوَّلَ ما قدِمَ المدينة نزَل على أجدادِه - أو قال: أَخوالِه (1) - من الأنصارِ، وأنَّهُ صلَّى قِبَلَ بَيْتِ المقدِسِ ستَّةَ عَشرَ شهراً، أو سبعةَ عشر شَهراً، وكان يُعجِبُهُ أَن تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البيتِ، وَأَنَّهُ صلَّى أَوَّل (2) صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصر، وصلَّى معه قومٌ، فخرجَ رجلٌ (3) مِمَّنْ صلَّى معه، فمرَّ عَلى أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أَشهدُ باللهِ لقد صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ [ص:11] الكعبةِ، فدارُوا - كما هُم قِبلَ البيت - وكانت اليهودُ قد أعجَبَهُم ; إذ كان يُصلِّي قِبَلَ بيت المقدس، وأهلُ الكتابِ، فلمَّا ولَّى وجهَه قبلَ البيتِ، أَنْكَرُوا ذلك.
قال: وفي رواية: أنه ماتَ على القِبْلَةِ - قبلَ أَنْ تُحَوَّلَ - رجالٌ وقُتِلُوا (4) فلم نَدْرِ ما نقول فيهم؟ فأنزل اللهُ عز وجل {ومَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} . [البقرة: 143] .
وفي أخرى: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَن يُوَجَّهَ إِلَى الكعْبةِ، فأنزلَ اللَّهُ عز وجل {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ} فتوجَّهَ نحو الكعبة، فقال السُّفَهاءُ - وهم اليهودُ -: {ما وَلَّاهم عن قِبْلَتِهِم التي كانوا عليها قلْ لِلَّهِ المشرقُ والمغربُ يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142] هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: لمَّا قدمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، صلَّى نحو بيت المقدس ستَّةَ - أو سبعةَ - عشرَ شهراً، وكان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فولِّ وَجْهكَ شَطْرَ المسجِدِ الحرامِ} فوُجِّه نحو الكعبة، وكان يحبُّ ذلك، فصَلَّى رجلٌ معهُ العصرَ، قال: ثم مرَّ على قومٍ من الأنصارِ وهم رُكوعٌ في صلاة العصرِ نَحو بَيْتِ المقدسِ. فقال: هو [ص:12] يشهدُ أَنَّهُ صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وُجِّهَ إلى الكعبة، فانْحَرفوا وهم رُكُوعٌ.
وأخرجه النسائي قال: قدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فصلى نحو بيت المقدس ستَّةَ عشر شَهراً، ثمَّ إِنَّه وُجِّهَ إلى الكعبة، فمرَّ رجلٌ قد كانَ صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ من الأنصارِ، فقال: أشهدُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد وُجِّه إِلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قِبَل البيت) أي: حذاءَه، وجهتَه التي تقابله.
(شطر الشيء) جهته ونحوه.
__________
(1) قال الزركشي: شك من الراوي، وكلاهما صحيح، لأن هاشماً جد أبي رسول الله تزوج من الأنصار.
(2) قال الحافظ: " أول " بالنصب لأنه مفعول " صلى "، وصلاة العصر كذلك على البدلية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه، أي: أول صلاة صلاها متوجهاً إلى الكعبة: صلاة العصر. وعند ابن سعد " حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر " على التردد، وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال: " صلينا أحد صلاتي العشي " والتحقيق: أن أول صلاة كانت في بني سلمة لما زار أم بشر بن البراء بن معرور وهي الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر لأهل قباء ...
(3) هو عباد بن بشر، أو ابن نهيك.
(4) قال الحافظ: ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير، وباقي الروايات إنما ذكر فيها الموت، وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس.
(5) البخاري 1/ 88 في الإيمان، باب الصلاة من الإيمان، وفي القبلة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، وفي تفسير سورة البقرة، باب {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} ، وباب قوله تعالى: {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات} وفي خبر الواحد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، وأخرجه مسلم رقم (525) في المساجد، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، والترمذي رقم (2966) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، والنسائي 1 / 243 في الصلاة، باب فرض القبلة، وأخرجه ابن ماجة رقم (1010) في الصلاة، باب القبلة.. وفي هذا الحديث من الفوائد الرد على من ينكر تسمية أعمال الدين إيماناً، وفيه تمني تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذلك، وفيه بيان شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وكرامته على ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال، وفيه بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على إخوانهم، وفيه العمل بخبر الواحد لأن الصحابة الذين كانوا يصلون إلى جهة بيت المقدس تحولوا عنه بخبر الذي قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستقبل الكعبة وصدقوا خبره، وعملوا به في تحولهم عن جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (4/283) قال: حدثنا حسن بن موسى، والبخاري (1/16) قال: حدثنا عمرو بن خالد، وفي (6/25) قال: حدثنا أبو نعيم، ثلاثتهم -حسن، وعمرو، وأبو نعيم- عن زهير بن معاوية.
2 - وأخرجه أحمد (4/304) قال: حدثنا وكيع. والبخاري (1/110) قال: حدثنا عبد الله بن رجاء. وفي (9/108) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. والترمذي (340، 2962) قال: حدثنا هنّاد، قال: حدثنا وكيع. وابن خزيمة (433) قال: حدثنا سَلْم بن جنادة، قال: حدثنا وكيع. كلاهما -وكيع، وعبد الله بن رجاء- قالا: حدثنا إسرائيل.
3 - وأخرجه مسلم (2/65) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص.
4- وأخرجه النسائي (1/243، 2/60) قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق ابن يوسف الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة.
5 - وأخرجه النسائي في الكبرى -تحفة الأشراف- (1865) عن محمد بن حاتم بن نُعيم، عن حِبّان بن موسى، عن عبد الله بن المبارك. وابن خزيمة (437) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي. كلاهما - ابن المبارك، والوهبي- عن شريك.
خمستهم -زهير، وإسرائيل، وأبو الأحوص، وزكريا، وشريك- عن أبي إسحاق، فذكره.(2/10)
476 - (م د) - أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص:13] كان يصلِّي نحو بيت المقدس، فنزلت: {قد نَرى تقَلُّبَ وجهِكَ في السماء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً ترضاها فولِّ وجهَك شَطرَ المسجدِ الحرامِ} فمرَّ رجلٌ من بني سَلِمةَ وهم ركوعٌ في صلاة الفجرِ قد صَلَّوا ركعة، فنادى: ألا إنَّ القِبْلةَ قد حُوِّلَت، فمالوا كما هُم نحو القبلةِ. أخرجه مسلم، وأخرجه أبو داود، وقال: فيه نزلت الآيةُ، فمرَّ رجلٌ من بني سَلِمَةَ، وهم ركوعٌ في صلاة الفجر، نحو بيت المقدس. فقال: ألا إنَّ القبلةَ قد حُوِّلت إلى الكعبةِ - مرَّتَيْنِ - قال: فمالُوا كما هُم ركوعاً إلى الكعبةِ (1) .
__________
(1) مسلم رقم (527) في المساجد، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، وأبو داود رقم (1045) في الصلاة، باب من صلى لغير القبلة ثم علم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم في الصلاة (55: 5) عن أبي بكر، عن عفان. وأبو داود فيه (الصلاة 207) عن موسى بن إسماعيل. والنسائي في التفسير (في الكبرى) عن أبي بكر بن نافع، عن بهز،
ثلاثتهم عنه به، وفي حديث موسى عنه عن ثابت، وحميد (ح622) كلاهما عن أنس. (1/117/314) تحفة الأشراف.(2/12)
477 - (ت د) - ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما وُجِّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قالوا: يا رسول الله، كيفَ بإخواننا الذي ماتوا وهم يصلُّون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضِيعَ إِيمَانَكُم ... } الآية، أخرجه الترمذي وأبو داود (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (2968) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (4680) في السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، وإسناده حسن، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان رقم (1718) وأخرجه أحمد في المسند (2691) و (2771) و (2966) و (3249) والطبري رقم (2219) ومعنى الحديث ثابت في الصحيح عن البراء، وقد تقدم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: 1- أخرجه أحمد (1/347) (3249) قال: حدثنا وكيع. وفي (1/295) (2691) قال: حدثنا شاذان. وفي (1/304) (2776) قال: حدثنا خلف. وفي (1/322) (2966) قال: حدثنا يحيى بن آدم. والترمذي (2964) قال: حدثنا هناد، وأبو عمار، قالا: حدثنا وكيع. أربعتهم -وكيع، وشاذان (أسود بن عامر) ، وخلف، ويحيى بن آدم- عن إسرائيل.
2- وأخرجه أبو داود (4680) قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان.
كلاهما - إسرائيل، وسفيان- عن سِمَاك، عن عكرمة، فذكره.
أخرجه الدارمي (1238) قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن عكرمة، فذكره (كذا في المطبوع من سنن الدارمي) ليس فيه سماك بن حرب.(2/13)
478 - (خ ت) - أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيءُ نوحٌ وأُمَّتُه، فيقول اللهُ: هل بَلَّغْتَ؟ فيقولُ: نعم، أيْ رَبِّ، [ص:14] فيقول لأمته: هل بلَّغَكُمْ؟ فيقولونَ: لا، ما جاءنا من نبيٍّ، فيقول لنوح: من يشهدُ لكَ؟ فيقول: محمدٌ وأُمَّتُهُ، فنشهدُ أَنَّهُ قد بَلَّغَ، وهو قوله عز وجلَّ: {وكذلكَ جعلناكُم أُمَّةً وسطاً لتكونوا شُهداءَ على الناسِ} [البقرة: 143] » . أخرجه البخاري والترمذي.
إلا أن في رواية الترمذي. فيقولون: «ما أَتانا من نذير، وما أتانا من أحدٍ» وذكر الآية إلى آخرها - ثم قال: والوسطُ: العدْلُ.
واختصره الترمذي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وكذلكَ جعلناكُم أُمَّةً وسطاً} قال: عدلاً (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 130في التفسير، باب قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} ، وفي الأنبياء، باب قوله تعالى {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} ، وفي الاعتصام، باب قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} ، والترمذي رقم (2965) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وقال: حسن صحيح، وأخرجه أحمد 3 / 9 و 32 والطبري رقم (2165) وقوله " عدلاً " وصف بالمصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث والمثنى والجمع، قال في " اللسان ": فإن رأيته مجموعاً أو مثنى أو مؤنثاً، فعلى أنه قد أجري مجرى الوصف الذي ليس بمصدر. وقال الطبري: وأما الوسط فإنه في كلام العرب الخيار. يقال منه: فلان وسط الحسب في قومه، أي: متوسط الحسب إذا أرادوا بذلك الرفع في حسبه، وهو وسط في قومه وواسطة، قال: وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الذي بمعنى الجزء الذي هو بين الطرفين، مثل وسط الدار، والمعنى أنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلم يغلو كغلو النصارى، ولم يقصروا كتقصير اليهود، ولكنهم أهل وسط واعتدال، قال الحافظ: لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحاً لمعنى التوسط أن لا يكون أريد به معناه الآخر، كما نص عليه الحديث، فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دل عليه معنى الآية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في ذكر نوح عليه السلام (الأنبياء 3: 3) عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد ابن زياد، وفي التفسير (2: 13) عن يوسف بن راشد وهو يوسف بن موسى بن راشد القطان عن جرير، وأبي أسامة، وفي الاعتصام (20: 1) عن إسحاق بن منصور، عن أبي أسامة، (20: 1) جعفر بن عون -فرقهما - أربعتهم «عن سليمان الأعمش عن ذكوان عن سعد بن مالك» ، الترمذي في التفسير (3 البقرة: 10) عن محمد بن بشار و (3/9) عبد بن حميد - فرقهما - كلاهما عن جعفر بن عون به، و (3/8) عن أحمد بن منيع عن أبي معاوية عنه ببعضه في قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (2: 143) قال: «عدلا» وقال: حسن صحيح، والنسائي فيه - التفسير في الكبرى- عن محمد بن آدم بن سليمان عن أبي معاوية بتمامه -ولم «نوحا» وعن محمد بن المثنى عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك عن أبي معاوية بمثل حديث أحمد بن منيع، وابن ماجة في الزهد (34: 3) عن أبي كريب، وأحمد بن سنان كلاهما عن أبي معاوية بتمامه -وأوله «يجيء النبي ومعه الرجل» .(2/13)
479 - (خ م ط ت س) - ابن عمر - رضي الله عنهما: قال: بينما الناسُ بقباء، في صلاة الصُّبح، إذ جاءهم آتٍ، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه [ص:15] الليلةَ قُرآنٌ، وقد أُمرَ أن يستقبلَ القبلةَ، فاستَقْبِلُوهَا، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستدَاروا إلى الكعبة. أخرجه الجماعة إلا أبا داود (1) .
__________
(1) البخاري 1 / 424 في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، و 8 / 131 في التفسير، باب قول الله تعالى {وما جعلنا القبلة ... } ، وباب {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب} ، وباب {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه} ، وباب {ومن حيث خرجت فول وجهك} ، وفي خبر الواحد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم رقم (526) في المساجد، باب تحويل القبلة، ومالك 1 / 195 في القبلة، باب ما جاء في القبلة، والترمذي رقم (341) في الصلاة، باب ما جاء في ابتداء القبلة، والنسائي 2 / 61 في القبلة، باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1 - أخرجه مالك (الموطأ) (138) . وأحمد (2/113) (5934) قال: حدثنا إسحاق. والبخاري (1/111) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. وفي (6/27) قال: حدثنا يحيى بن قَزَعة. وفي (6/27) أيضا قال: حدثنا قُتَيبة بن سعيد. وفي (9/108) قال: حدثنا إسماعيل. ومسلم (2/66) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد. والنسائي (1/244، 2/61) ، وفي الكبرى (859) قال: أخبرنا قُتَيبة بن سعيد. وابن خزيمة (435) قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري، قال: حدثنا أبو عاصم، ستتهم -إسحاق، وعبد الله ابن يوسف، ويحيى بن قَزعة، وقُتيبة بن سعيد، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وأبو عاصم- عن مالك بن أنس.
2 - وأخرجه أحمد (2/16) (4642) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. وفي (2/26) (4794) قال: حدثنا وكيع. وفي (2/105) (5827) قال: حدثنا إسماعيل بن عُمر. والبخاري (6/26) قال: حدثنا مُسدد، قال: حدثنا يحيى. والترمذي (341، 2963) قال: حدثنا هَنَّاد، قال: حدثنا وكيع. ثلاثتهم -يحيى بن سعيد، ووكيع، وإسماعيل بن عُمر- عن سُفيان الثوري.
3- وأخرجه الدارمي (1237) قال: أخبرنا يحيى بن حَسَّان. والبخاري (6/26) قال: حدثنا خالد بن مَخْلد. كلاهما -يحيى بن حسان، وخالد بن مَخْلد- قالا: حدثنا سُليمان، هو ابن بلال.
4 - وأخرجه البخاري (6/27) قال: حدثنا مُوسى بن إسماعيل. ومسلم (2/66) قال: حدثنا شَيْبَان بن فَرُّوخ. كلاهما -موسى، وشيبان- قالا: حدثنا عبد العزيزبن مُسلم.
5- وأخرجه مسلم (2/66) قال: حدثني سُوَيد بن سعيد، قال: حدثني حَفْص بن مَيْسرة، عن موسى بن عُقبة.
خمستهم -مالك، وسفيان، وسُليمان بن بلال، وعبد العزيزبن مُسلم، ومُوسى بن عُقبة- عن عبد الله بن دينار، فذكره.
* رواية هَنَّاد، عن وكيع، عن سُفيان، مُختصرة على: «كَانُوا رُكُوعا فِي صَلاةِ الْفَجْرِ» .(2/14)
480 - (ط) - ابن المسيب - رضي الله عنه -: قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدِمَ المدينةَ ستَّة عشر شهراً نحو بيت المقدس، ثم حُوِّلَتِ القبلَةُ قبْلَ بدْرٍ بشهرين. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 2 / 196في القبلة، باب ما جاء في القبلة وهو مرسل، ومعناه ثابت من حديث البراء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره الزرقاني في شرحه على الموطأ (2/559) . وقال: أرسله في «الموطأ» ، وأسنده محمد بن خالد من عنده عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة، لكن انفرد به عن محمد بن عبد الرحمن ابن خالد بن نجيح، وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به، وقد جاء معناه مسندا من حديث البراء وغيره، قاله في «التمهيد» (2/559) .(2/15)
481 - (خ م ط ت د س) - عروة بن الزبير - رضي الله عنهما: قال: سألتُ عائشة - رضي الله عنها -، فقلتُ لها: أَرَأَيْتِ قولَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَن حجَّ البيت أَوِ اعْتَمَرَ فلا جناحَ عليه أنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فواللهِ (1) ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطَّوَّفَ بالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، قالت: [ص:16] بئسما قُلْتَ يا ابن أُخْتِي، إن هذه لو كانت على ما أَوَّلْتَهَا: كانت لا جناحَ عليه أن لا يطَّوَّف بهما، ولكنها أُنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يُسلِموا يُهِلُّونَ لِمَناةَ (2) الطَّاغِيَةِ، التي كانوا يعبدونها عند المُشلَّل، وكان مَن أهَلَّ لها يتحرَّجُ أنْ يطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَة، فلما أسلَموا سألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقالوا: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نتحرَّجُ أن نطَّوَّفَ بين الصَّفَا والمروَةِ؟ فَأنزلَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} ... الآية [البقرة: 158] ، قالت عائشة - رضي الله عنها -: [ص:17] وقد سَنَّ (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم الطَّوافَ بينهما، فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما.
قال الزهري: فأخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا العِلْم (4) ما كنتُ سمعتُه، ولقد سمعتُ رجالاً من أهل العلم يذكرون أنَّ الناس - إلا من ذكرتْ عائشةُ (5) ممن كان يُهِلُّ لِمَنَاةَ - كانوا يطوفون كلُّهم بالصفا والمروةِ، فلما ذكر الله الطَّوافَ بالبيت، ولم يذكُر الصَّفَا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله، كُنَّا نطُوف بالصفا والمروةِ، وإن الله أنزل الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا، فهل علينا من حرجٍ أن نطَّوَّف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية ... قال أبو بكر: فأَسمَعُ (6) [ص:18] هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما، في الذين كانوا يتحرَّجون أن يطَّوَّفوا في الجاهلية بين الصفا والمروة، والذين كانوا يطَّوَّفُونَ ثم تحرَّجُوا أن يطَّوَّفُوا بِهِما في الإسلام، من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت (7) .
وفي رواية: «أنَّ الأنصار كانوا - قبل أن يُسْلِمُوا - هم وغسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، فَتَحَرَّجُوا أَن يَطَّوَّفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سُنَّة في آبائِهم، من أحْرمَ لمناةَ لم يطُفْ بين الصفا والمروةِ، وإنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين أسلموا، فأنزل الله تعالى في ذلك {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} وذكر إلى آخر الآية» . أخرجه البخاري ومسلم.
ولهما رواياتٌ أُخر لهذا الحديث، تجيء في كتاب الحج من حرف الحاء.
وأخرجه الترمذي والنسائي بنحوٍ من الرواية الأولى، وهذه أتمُّ.
وأخرجه الموطأ وأبو داود نحوها، وفيه: وكانت مناة حذْوَ قُدَيدٍ، وكانوا يتحرَّجونَ أن يطَّوَّفوا بين الصَّفا والمروة ... الحديث. [ص:19]
وهذه الرواية قد أخرجها البخاري ومسلم، وستَرِدُ في كتاب الحج (8) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الصفا والمروة) : هما الجبلان بمكة، وهما منتهى المسعى من الجانبين.
وحقيقة الصفا في اللغة: جمع صفاة، وهي الحجر الأملس، والمروة: الحجرُ الرَّخو.
(يُهِلُّون لِمَنَاةَ) مناة: صنم كان لهذيل وخزاعة، بين مكة والمدينة، والهاء فيها للتأنيث، والوقف عليها بالتاء، والإهلالُ، رفع الصوت بالتلبية.
(يَتَحَرَّجُونَ) التَّحَرُّجُ تَفَعُّلٌ من الحرج، وهو الضيق والإثم، يعني: أنهم كانُوا لا يسعَوْنَ بين الصفا والمروة خُروجاً من الحرج والإثم.
(شَعائِر) جمع شعيرة، وهي معالم الإسلام.
(المُشَلَّلُ) : موضع بين مكة والمدينة، وكذلك قُدَيْد.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 3 / 398 تعليقاً على قوله: " فو الله ما على أحد جناح ألا يطوف بهما ... الخ " محصله: أن عروة احتج للإباحة باقتصار الآية على رفع الجناح، فلو كان واجباً، لما اكتفى بذلك؛ لأن رفع الإثم علامة المباح، ويزداد المستحب بإثبات الأجر، ويزداد الوجوب عليهما بعقاب التارك، ومحصل جواب عائشة: أن الآية ساكتة عن الوجوب وعدمه، مصرحة برفع الإثم عن الفاعل، وأما المباح فيحتاج إلى رفع الإثم عن التارك، والحكمة في التعبير بذلك مطابقة جواب السائلين؛ [ص:16] لأنهم توهموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية أنه لا يستمر في الإسلام، فخرج الجواب مطابقاً لسؤالهم، وأما الوجوب فيستفاد من دليل آخر، ولا مانع أن يكون الفعل واجباً، ويعتقد إنسان امتناع إيقاعه على صفة مخصوصة، فيقال له: لا جناح عليك في ذلك، ولا يستلزم ذلك نفي الوجوب، ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التارك، فلو كان المراد مطلق الإباحة لنفي الإثم عن التارك، وقد وقع في بعض الشواذ باللفظ الذي قالت عائشة " أنها لو كانت للإباحة لكانت كذلك " حكاه الطبري وابن أبي داود في " المصاحف " وابن المنذر وغيرهم عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس، وأجاب الطبري بأنها محمولة على القراءة المشهورة، و " لا " زائدة، وكذا قال الطحاوي، وقال غيره: لا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور، وقال الطحاوي أيضاً: لا حجة لمن قال: السعي مستحب بقوله {فمن تطوع خيراً} ؛ لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة لا إلى خصوص السعي، لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع.
(2) قال الحافظ 3 / 398 بفتح الميم والنون الخفيفة: صنم كان في الجاهلية، وقال ابن الكلبي: كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي لهذيل، وكانوا يعبدونها، و " الطاغية " صفة لها إسلامية، و " المشلل " بضم أوله وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى مثقلة: هي الثنية المشرفة على قديد. زاد سفيان عن الزهري: " بالمشلل من قديد " أخرجه مسلم، وأصله للمصنف كما سيأتي في تفسير النجم. وله في تفسير البقرة من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " قلت لعائشة - وأنا يومئذ حديث السن - فذكر الحديث " وفيه " كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد " أي: مقابله، وقديد بقاف مصغراً: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه. قاله أبو عبيد البكري.
(3) أي: فرضه بالسنة، وليس مراده نفي فريضتها، ويؤيده قولها " لم يتم الله حج أحد ولا عمرته ما لم يطف بينهما " قاله الحافظ.
(4) قال الحافظ: كذا للأكثر، أي أن هذا هو العلم المتين، وللكشمهيني " إن هذا لعلم " بفتح اللام وهي المؤكدة وبالتنوين على أنه الخبر.
(5) قال الحافظ: إنما ساغ له هذا الاستثناء مع أن الرجال الذين أخبروه أطلقوا ذلك، لبيان الخبر عنده من رواية الزهري له عن عروة عنها، ومحصل ما أخبر به أبو بكر بن عبد الرحمن: أن المانع لهم من التطوف بينهما: أنهم كانوا يطوفون بالبيت وبين الصفا والمروة في الجاهلية، فلما أنزل الله الطواف بالبيت، ولم يذكر الطواف بينهما، ظنوا رفع ذلك الحكم، فسألوا: هل عليهم من حرج إن فعلوا ذلك؟ بناء على ما ظنوه من أن التطوف بينهما من فعل الجاهلية، ووقع في رواية سفيان المذكورة " إنما كان من لا يطوف بينهما من العرب يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية "، وهو يؤيد ما شرحناه أولاً.
(6) كذا في معظم الروايات بإثبات الهمزة وضم العين، بصيغة المضارعة للمتكلم، وضبطه الدمياطي في نسخته بالوصل وسكون العين بصيغة الأمر، والأول أصوب، وقد وقع في رواية سفيان المذكورة [ص:18] " فأراها نزلت " وهو بضم الهمزة أي: أظنها.
قال الحافظ: وحاصله أن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب: كان للرد على الفريقين الذين تحرجوا أن يطوفوا بهما، لكونه عندهم من أفعال الجاهلية، والذين امتنعوا من الطواف بهما.
(7) قال الحافظ يعني: تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحج، وهو قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} ، ووقع في رواية المستملي وغيره " حتى ذكر بعد ذلك ما ذكر الطواف بالبيت " وفي توجيهه عسر، وكأن قوله " الطواف بالبيت " بدل من قوله ما ذكر.
(8) أخرجه البخاري 3 / 398، 411 في الحج، باب وجوب الصفا والمروة. وباب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ، وفي تفسير سورة النجم، وأخرجه مسلم رقم (1277) في الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، والموطأ 1 / 373 في الحج، باب جامع السعي، والترمذي رقم (2969) في تفسير القرآن، في باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (3901) في المناسك، باب أمر الصفا والمروة، والنسائي 5 / 238 و 239 في الحج، باب ذكر الصفا والمروة، وأخرجه ابن ماجة أيضاً رقم (2986) في المناسك، باب السعي بين الصفا والمروة، وأحمد في المسند 6 / 144 و 227، والطبري رقم (2350) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1 - أخرجه مالك «الموطأ» صفحة (243) ، والبخاري (3/، 7 6/28) قال: حدثنا عبد الله ابن يوسف، قال: أخبرنا مالك، ومسلم (4/68) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: حدثنا أبو معاوية (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة، و «أبو داود» (1901) قال: حدثنا القعنبي عن مالك (ح) وحدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن مالك، و «ابن ماجه» (2986) قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (12/17151) عن محمد بن سلمه، والحارث بن مسكين كلاهما عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، و «ابن خزيمة» (2769) قال: حدثنا محمد بن العلاء ابن كريب قال: حدثنا عبد الرحيم يعني ابن سليمان.
أربعتهم -مالك، وأبو معاوية، وأبو أسامة، وعبد الرحيم بن سليمان- عن هشام بن عروة.
2- وأخرجه الحميدي (219) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (6/144) قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد، وفي (6/162) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، وفي (6/227) قال: حدثنا أبو كامل. قال: حدثنا إبراهيم. والبخاري (2/193) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شُعيب. وفي (6/176) قال: حدثنا الحُميدي. قال: حدثنا سفيان. ومسلم (4/69) قال: حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عُمر، جميعا عن ابن عُيَيْنة. قال ابن أبي عُمر: حدثنا سُفيان. (ح) وحدثني محمد بن رافع. قال: حدثنا حُجَين بن المثنى. قال: حدثنا لَيْث، عن عُقيل. وفي (4/70) قال: حدثنا حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. والترمذي (2965) قال: حدثنا ابن أبي عُمر. قال: حدثنا سفيان. والنسائي (5/237) قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان. والنسائي (5/237) قال: أخبرنا محمد بن منصور. قال: حدثنا سُفيان. وفي (5/238) قال: أخبرني عمرو بن عثمان. قال: حدثنا أبي، عن شُعيب. وابن خزيمة (2766) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء. قال: حدثنا سُفيان. (ح) وحدثنا المخزومي. قال: حدثنا سُفيان. وفي (2767) قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس. ستتهم - سفيان بن عُيَيْنَة، وإبراهيم بن سعد، ومَعْمَر، وشُعيب بن أبي حمزة، وعُقيل ابن خالد، ويونس بن يزيد- عن ابن شهاب الزهري.
كلاهما -هشام، والزهري- عن عروة بن الزبير، فذكره.(2/15)
482 - (خ م ت) - عاصم بن سليمان الأحول - رحمه الله -: قال: قُلتُ [ص:20] لأنسٍ: أكُنتُم تكْرهون السَّعْيَ بين الصَّفا والمروة؟ فقال: نعم؛ لأنها كانت من شعائر الجاهلية، حتى أنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فمن حجَّ البيت أو اعْتَمَرَ فلا جناح عليه أن يطَّوَّفَ بِهِما} .
وفي رواية: كنا نرى ذلك من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام، أمسكنا عنهما، فأنزل الله عز وجل، وذكر الآية.
وفي رواية قال: كانت الأنصار يكرهُونَ أن يطَّوَّفُوا بين الصَّفا والمروة، حتى نزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (1) .
__________
(1) البخاري 3 / 402 في الحج، باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ، ومسلم رقم (1278) في الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، والترمذي رقم (2970) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأخرجه ابن جرير رقم (2338) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الحج (80: 4) عن أحمد بن محمد، عن ابن المبارك - وفي التفسير (2: 21) عن محمد بن يوسف عن الثوري، ومسلم في المناسك (الحج) (43: 6) عن أبي بكر، عن أبي معاوية، والترمذي في التفسير (2: 16) عن عبد بن حميد، عن يزيد بن أبي حكيم، عن سفيان الثوري، وقال: حسن صحيح، النسائي في الحج (في الكبرى) عن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي زائدة -أربعتهم عن «عاصم بن سليمان الأحول عن أنس» (1/245- 929) تحفة الأشراف.(2/19)
483 - (خ س) - مجاهد - رحمه الله -: قال: سمعتُ ابن عبَّاس يقول: كان في بني إسرائيل القِصاصُ، ولم تكن فيهم الدِّيَةُ، فقال الله -عزَّ وجَلَّ -لهذه الأُمَّةِ: {كُتِبَ عليكُمُ القِصَاصُ في القتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعبدُ بالعبدِ والأُنثَى بالأُنثى فمن عُفِيَ لَهُ من أَخِيهِ شَيْءٌ فاتِّبَاعٌ بالمعْرُوفِ وأَدَاءٌ إِليه بإحسانٍ} فالعفو: أَن يَقْبَلَ الرجُلُ الدِّيةَ في العمد، و {اتِّباع بالمعروفِ وأداءٌ إليه بإحسانٍ} أن يطلُبَ هذا بمعْرُوفٍ، ويُؤدِّي هذا بإِحْسانٍ {ذلك تخفيفٌ من ربِّكُمْ ورحمةٌ} مما كُتِبَ على من كان قبلكم {فمن اعْتدى بعد [ص:21] ذلك} قَتَلَ بعد قَبول الدِّية. أخرجه البخاري، والنسائي (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 133 في تفسير سورة البقرة، باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} و 12 / 183 في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، والنسائي 8 / 36، 37 في القسامة، باب تأويل قوله عز وجل: {فمن عفي له من أخيه شيء ... } ورواه الطبري رقم (2593) وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 1 / 173 وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في التفسير (2: 23: 1) عن الحميدي، وفي الديات (8: 2) عن قتيبة -كلاهما عن سفيان عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عباس، والنسائي في القصاص (القود والديات 23: 1) عن الحارث بن مسكين، وفي التفسير (في الكبرى) عن عبد الجبار بن العلاء -كلاهما عن سفيان عن عمرو ابن دينار عن مجاهد عن ابن عباس، وفيه عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن علي بن حفص المدائني، عن ورقاء، عن عمرو، عن مجاهد نحوه - ولم يذكر «ابن عباس» . (5/223/6415) تحفة الأشراف.(2/20)
484 - (خ د س) - عطاء - رحمه الله -: أنه سمع ابن عباس يقرأُ: {وعلى الذين يُطَوَّقونَهُ (1) فِديةٌ طَعامُ مِسكِينٍ} قال ابن عباس: ليستْ بمنسوخةٍ (2) ، هي للشَّيخ الكبير والمرأةِ الكبيرةِ، لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مسكيناً، هذه رواية البخاري.
وفي رواية أبي داود قال: {وعلى الذين يُطيقُونَهُ فديةٌ طعامُ مسكينٍ} فكان من شاءَ منهم أن يفتديَ بطعامِ مسكينٍ افتدى، وتمَّ له صومُه، فقال [ص:22] الله تبارك وتعالى: {فمن تطَوَّعَ خيراً فهُوَ خيرٌ لَهُ وأَن تصومُوا خيرٌ لكم} ثم قال: {فمن شهِدَ منكم الشَّهرَ فَلْيَصُمْهُ ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيامٍ أُخَر} .
وفي أخرى له: أُثبِتَتْ لِلْحُبَلى والمُرضِعِ، يعني الفِديَةَ والإفطارَ.
وفي أخرى له: {وعلى الذين يُطيقُونَهُ فديةٌ طعامُ مسكينٍ} قال: كانت رُخصةً للشَّيخ الكبير والمرأة الكبيرة - وهما يُطيقان الصِّيامَ - أن يفطِرَا، ويُطعِمَا مكان كل يومٍ مسكيناً، والحُبْلَى والمُرضِع: إذا خافتَا - يَعني على أولادِهِما - أفطرتَا وأَطْعمتا.
وأخرجه النسائي قال: في قول الله عزَّ وجلَّ {وعلى الذين يُطيقُونَهُ فديةٌ طعامُ مسكينٍ} قال: يُطِيقونَه: يُكلَّفونه، فِديَةٌ طعامُ مسكين واحد، فمن تطوَّع: فزاد على مسكينٍ آخرَ، ليست بمنسوخة، فهو خير له {وأن تصوموا خير لكم} لا يرخص في هذا إلا للذي لا يُطيقُ الصِّيام أو مريضٍ لا يُشفى (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يُطَوَّقُونَه) أي: يُكَلَّفونه، كأنه يُجعلُ في أعناقهم مثل الطَّوقِ.
__________
(1) بفتح الطاء وتخفيفها وتشديد الواو مبنياً للمفعول، وهي قراءة ابن مسعود أيضاً قال الحافظ في " الفتح " 8 / 135: وقد وقع عند النسائي من طريق ابن أبي نجيح عن عمرو بن دينار: يطوقونه: يكلفونه، وهو تفسير حسن، أي: يكلفون إطاقته، وقد رد الطبري في تفسيره 3 / 438 هذه القراءة بقوله: وأما قراءة من قرأ ذلك {وعلى الذين يطوقونه} فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وراثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلًا ظاهراً قاطعاً للعذر، لأن ما جاءت به الحجة من الدين هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله، ولا يعترض على ما قد ثبت وقامت به حجة أنه من عند الله بالآراء والظنون والأقوال الشاذة.
(2) قال الحافظ: هذا مذهب ابن عباس، وخالفه الأكثر. وفي حديث ابن عمر الذي في الصحيح ما يدل على أنها منسوخة ونص حديث ابن عمر أنه قرأ: {فدية طعام مسكين} قال: هي منسوخة ورجحه ابن المنذر من جهة قوله: {وأن تصوموا خير لكم} قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال له: {وأن تصوموا خير لكم} مع أنه لا يطيق الصيام.
(3) البخاري 8 / 135 في التفسير، باب قوله تعالى {أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر} ، وأبو داود رقم (2316) وإسناده حسن، في الصيام، باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، ورقم (2317) في الصوم، باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى، وإسناده حسن، ورقم (2318) ، وإسناده قوي، والنسائي 4 / 190، 191، وإسناده صحيح، في الصيام، باب تأويل قول الله عز وجل {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/30) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا، و (ح) قال: حدثنا زكريا بن إسحاق، و «النسائي» (4/190) قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا ورقاء. كلاهما -زكريا، وورقاء- عن عمرو بن دينار، عن عطاء فذكره. وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (5945) عن محمد بن عبد الوهاب عن محمد بن سابق عن ورقاء عن يحيى بن أبي يحيى عن عمرو بن دينار عن عطاء، عن ابن عباس ببعضه زاد فيه يحيى بن أبي يحيى.
- ورواه عن ابن عباس سعيد بن جبير:
أبو داود (2318) ، وفي «تحفة الأشراف» (5565) .
- ورواه عن ابن عباس عكرمة:
أبو داود (2316) ، (2317) .(2/21)
485 - (خ م ت د س) - سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت هذه الآية: {وعلى الذين يُطيقُونَهُ فديةٌ طعامُ مسكينٍ} كان من أراد أن يُفطِر ويفتديَ، حتَّى نزلت الآية التي بعدها فَنَسختها.
وفي رواية: حتَّى نزلت هذه الآية: {فمن شهِد منكم الشَّهرَ فليصُمْهُ} أخرجه الجماعة إلا الموطأ (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 136 في التفسير، باب {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ، ومسلم رقم (1145) في الصيام، باب بيان نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، وأبو داود رقم (2315) في الصيام، باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، والترمذي رقم (798) في الصوم، باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه} ، والنسائي 4 / 190 في الصوم، باب تأويل قول الله عز وجل {وعلى الذين يطيقونه} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1 - أخرجه الدارمي (1741) قال: أخبرنا عبد الله بن صالح. والبخاري (6/30) قال: حدثنا قُتيبة. ومسلم (3/154) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد. وأبو داود (2315) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد. والترمذي (798) قال: حدثنا قُتيبة. والنسائي (4/190) قال: أخبرنا قُتيبة. كلاهما -عبد الله بن صالح، وقتيبة- قالا: حدثنا بكر بن مُضر.
2- وأخرجه مسلم (3/154) قال: حدثني عمرو بن سَوَّاد العامري. و «ابن خزيمة» (1903) قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. كلاهما -عمرو، وأحمد بن عبد الرحمن - عن عبد الله بن وهب.
كلاهما -بكر، وابن وهب- عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن يزيد مولى سلمة، فذكره.
* سقط من المطبوع من «سنن الدارمي» : بُكير بن عبد الله بن الأشج.(2/23)
486 - (خ) - عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما -: قرأ {فدية طعام مساكين} ، قال: هي منسوخة، أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 136 في التفسير، باب {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ، وانظر التعليق على حديث ابن عباس رقم (482) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3/45،6/30) قال: حدثنا عياش بن الوليد، قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع فذكره.(2/23)
487 - (خ س) عبد الرحمن بن أبي ليلى - رحمه الله -: عن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم قالوا: نزل شهرُ رمضان، فشقَّ عليهم، فكان من أطعمَ كُلَّ يومٍ مسكيناً ترَك الصَّومَ، ممن يُطيقُه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها {وأن تَصُومُوا خيرٌ لكم} فأُمِروا بالصَّوْمِ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 4 / 164 في الصوم، باب {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} من حديث ابن نمير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى. تعليقاً، قال الحافظ: وصله أبو نعيم في " المستخرج " والبيهقي من طريقه، ولفظ البيهقي " قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولا عهد لهم بالصيام، فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى [ص:24] نزل شهر رمضان، فاستكثروا ذلك وشق عليهم، فكان من أطعم مسكيناً كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك، ثم نسخه {وأن تصوموا خير لكم} فأمروا بالصيام " وهذا الحديث أخرجه أبو داود رقم (506) في الصلاة، باب كيف الأذان، من طريق شعبة والمسعودي عن الأعمش مطولاً في الأذان والقبلة والصيام، واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وطريق ابن نمير هذه أرجحها.(2/23)
488 - (ت د) النعمان بن بشير - رضي الله عنهما-: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدُّعاءُ: هو العبادة. وقرأَ {ادْعُونِي أَستجِبْ لكُمْ إنَّ الَّذِينَ يسْتَكِبرُونَ عن عِبادَتي سيدخُلُونَ جَهنَّم داخِرينَ} [غافر: 60] فقال أصحابُهُ: أَقرِيبٌ ربُّنَا فنناجِيهِ، أم بعيد فنُناديهِ؟ فنزلتْ {وإذا سألكَ عبادي عنِّي فإِنِّي قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداع إذا دعَانِ} [البقرة: 186] » .الآية.
أخرجه الترمذي إلى قوله: «داخرين» وأبو داود إلى قوله: «أستجب لكم» والباقي: ذكره رزين، ولم أجده في الأصول (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(دَاخِرِينَ) الدَّاخِر: الذليل.
__________
(1) الترمذي رقم (2973) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، ورقم (3244) في تفسير سورة المؤمن، و (3369) في الدعوات، وأبو داود رقم (1479) في الصلاة، باب الدعاء، وأخرجه ابن ماجة رقم (3828) في الدعاء، باب فضل الدعاء، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/267) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش، ومنصور. وفي (4/271) قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، وفي (4/271) قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا الأعمش، وفي (4/276) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، وفي (4/276) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، والأعمش، وفي (4/277) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور. والبخاري في الأدب المفرد (714) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، عن منصور. وأبو داود (1479) قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة، عن منصور. وابن ماجة (3828) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش. والترمذي (2969) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش. وفي (3247) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان عن منصور، والأعمش. وفي (3372) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن الأعمش. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/11643) عن هناد عن أبي معاوية، عن الأعمش، (ح) وعن سويد بن نصر، عن عبد الله، عن شعبة، عن منصور كلاهما -الأعمش، ومنصور - عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن يسمع الحضرمي فذكره.(2/24)
489 - (خ) البراء بن عازب - رضي الله عنه -: قال: لمَّا نزل صومُ رمَضان، كانوا لا يقرَبُونَ النساءَ رمضان كُلَّه، وكان رجالٌ يخونون [ص:25] أنفسَهُم، فأَنزَلَ اللَّهُ تعالى: {علمَ اللَّهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُم وعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] الآية» أخرجه البخاري (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يخونون) أنفسهم: أي: يظلمونها بارتكابِ ما حُرِّم عليهم. ويَختانُونَ: يفتَعِلون منه.
__________
(1) 8 /136 في التفسير، باب قول الله تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1 - أخرجه أحمد (4/295) قال: حدثنا أسود بن عامر، وأبو أحمد. والدارمي (1700) قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. والبخاري (3/36، 6/31) قال: حدثنا عبيد الله. وأبو داود (2314) قال: حدثنا نصر بن علي، قال: أخبرنا أبو أحمد. والترمذي (2968) قال: حدثنا عبد بن حُميد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. ثلاثتهم -أسود، وأبو أحمد، وعبيد الله- عن إسرائيل.
2 - وأخرجه أحمد (4/295) قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك. والنسائي (4/147) قال: أخبرني هلال بن العلاء، قال: حدثنا حسين بن عَيَّاش. قالا -أحمد، وحسين-: حدثنا زُهير.
3 - وأخرجه البخاري (6/31) قال: حدثنا أحمد بن عثمان، قال: حدثنا شُريح بن مَسْلَمة، قال: حدثني إبراهيم بن يوسف، عن أبيه.
4 - وأخرجه ابن خزيمة (1904) قال: حدثنا سعيد بن يحيى القرشي، قال: حدثني عمي عُبيد بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل.
أربعتهم - إسرائيل، وزهير، ويوسف، وإسماعيل- عن أبي إسحاق، فذكره.(2/24)
490 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-: قال: {يا أَيُّهَا الذين آمنوا كُتِبَ عليكُمُ الصِّيامُ كما كُتِبَ علَى الذين من قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قال: وكان الناسُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّوا العتَمَةَ حرُمَ عليهم الطعامُ والشرابُ والنساءُ، وصاموا إلى القابلة، فاختانَ (1) رجُلٌ نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاءَ ولم يُفطِرْ، فأراد الله أن يجعل ذلك يسراً لمنْ بقي ورخصة ومنفعة، فقال: {عَلِمَ اللَّه أنكم كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ - الآية} [البقرة: 187] فكان هذا ممَّا نفع الله بِهِ الناسَ، ورخص لهم ويسَّرَ. أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(القابلة) الليلة الآتية، وكذلك السنة الآتية.
__________
(1) افتعل من الخيانة.
(2) رقم (2313) في الصيام، باب مبدأ فرض الصيام، وإسناده حسن، وانظر الطبري 3 / 493، 503.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2313) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه قال: حدثني علي بن حسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي،عن عكرمة فذكره.(2/25)
491 - (خ ت د س) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، إذا كان الرجلُ صائماً، فحضرَ الإفطارُ، فنامَ قبل أن يفطرَ، لم يأكلْ ليلتهُ ولا يومهُ، حتى يمسيَ، وإن قيس بنَ صرْمةَ الأنصاري كانَ صائماً، فلما حضر الإفطارُ، أتى امرأتهُ، فقال: أعندَكِ طعامٌ؟ قالت: لا، ولكن أنطَلِقُ فأطلبُ لك، وكان يومَهُ يعملُ، فغلبتهُ عينهُ، فجاءتِ امرأَتُهُ، فلما رأتهُ، قالتْ: خيْبَةً لكَ، فلما انتصفَ النهارُ، غُشِي عليه، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية {أُحِلَّ لكم ليلةَ الصيامِ الرفَثُ إلى نسائكم} [البقرة: 187] ففرحوا بها فرحاً شديداً، ونزلت {وكلُوا واشربُوا حتى يتبيَّنَ لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ من الفَجْرِ} .
هذه رواية البخاري والترمذي. وزاد أبو داود بعد قوله: «غشي عليه» قال: «فكان يعملُ يومَهُ في أرضهِ» . وعنده: أنَّ اسم الرجُلِ «صِرْمةُ بنُ قيسٍ» (1) .
وفي رواية النسائي: أن أحدهم: كان إذا نام قبلَ أَنْ يتعَشَّى، لم يَحِلَّ له أن يأكلَ شيئاً، ولا يشربَ ليلتَهُ ويومَه من الغدِ حتى تغرُبَ الشمسُ، [ص:27] حتى نزلت هذه الآية {وكلُوا واشربُوا حتى يتبيَّنَ لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ} قال: ونزلت في قيس بن عمرو، أتى أهله وهو صائم بعد المغرب، فقال هلْ من شيءٍ؟ فقالت امرأته: ما عندنا شيءٌ. وذكر الحديث (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الرَّفَثُ) هاهنا: الجماع. وقيل: هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرَّجل من المرأة.
__________
(1) رجح الحافظ بعد بيان الاختلاف في اسم هذا الأنصاري في " الفتح " 4 / 111 والروايات في ذلك أنه أبو قيس صرمة بن أبي أنس قيس بن مالك بن عدي، وأنه على هذا جاء الاختلاف فيه، فبعضهم أخطأ اسمه وسماه بكنيته، وبعضهم نسبه لجده، وبعضهم قلب اسمه، وبعضهم صحفه ضمرة بن أنس، وأن صوابه صرمة بن أبي أنس.
(2) البخاري 4 / 911، 912 في الصوم، باب {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} ، والترمذي رقم (2972) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (2314) في الصيام، باب مبدأ فرض الصيام، والنسائي 4 / 147، 148 في الصيام، باب تأويل قول الله عز وجل {كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: تم تخريجه. راجع الحديث رقم (489) .(2/26)
492 - (خ م) سهل بن سعيد - رضي الله عنه -: قال: أنزلت {وكلُوا واشربُوا حتى يتبيَّنَ لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ} ولم ينزل {مِنَ الفَجْر} فكان رجالٌ إذا أَرادوا الصومَ ربطَ أَحَدُهُمْ في رجْلَيْهِ الخيطَ الأبيضَ، والخيطَ الأسودَ، ولا يزالُ يأكلُ حتى يتبينَ لَهُ رِئْيُهما (1) ، فأنزل [ص:28] الله تعالى بعدُ {مِنَ الفَجرِ} فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يعني الليلَ والنَّهارَ. أخرجه البخاري، ومسلم (2) .
__________
(1) قال النووي: وهذه اللفظة ضبطت على ثلاثة أوجه: أحدها: رئيهما - براء مكسورة ثم همزة ساكنة ثم ياء - ومعناه: منظرهما، ومنه قول تعالى {أحسن أثاثا ورئياً} [مريم: 74] ، والثاني: " زيهما " - بزاي مكسورة وياء مشددة بلا همز - ومعناه: لونهما، والثالث: " رئيهما " - بفتح الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء - قال القاضي عياض: هذا غلط هنا، لأن الرئي: هو التابع من الجن، قال: فإن صح رواية فمعناه مرئيهما، ورواية أبي ذر في البخاري " رؤيتهما ".
(2) البخاري 4 / 114، 115 في الصوم، باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، وفي التفسير، باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، ومسلم رقم (1091) في الصوم، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3/36) قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا ابن أبي حازم. وفي (3/، 36 6/31) قال: حدثني سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا أبو غَسَّان محمد بن مُطَرِّف. ومسلم (3/128) قال: حدثنا عُبَيد الله بن عمر القواريري، قال: حدثنا فُضَيْل بن سليمان، (ح) وحدثني محمد ابن سهل التميمي، وأبو بكر بن إسحاق، قالا: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا أبو غسان. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (4750) عن أبي بكر بن إسحاق، عن ابن أبي مريم، عن أبي غَسَّان.
ثلاثتهم -ابن أبي حازم، وأبو غسان، وفُضَيل- عن أبي حازم، فذكره.(2/27)
493 - (خ م ت د س) عدي بن حاتم الطائي - رضي الله عنه -: قال: نزلت: {حتَّى يتبيَّن لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيْطِ الأسودِ} ، عمدتُ إلى عِقالٍ أسودَ، وإلى عقالٍ أبيضَ، فجعلْتُهما تحت وسادتِي، وجعَلْتُ أنظُرُ من اللَّيْل، فلا يستبينُ لي، فغدوتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له، فقال: «إنَّما ذلكَ سوادُ الليْل وبياضُ النَّهارِ» . هذه رواية البخاري ومسلم وأبي داود.
واختصر النسائي: أن عدي بن حاتم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {حتى يتبيَّن لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ} قال: «هو سوادُ الليل وبياض النَّهار» . وفي رواية الترمذي مختصراً مثله.
وله في أخرى بطوله، وفيه «فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئاً - لم يحفظْه سفيانُ - فقال: إنَّما هو الليلُ والنَّهار» .
وفي رواية البخاري، قال: أخذ عَديٌّ عقالاً أبيض وعقالاً أسودَ، [ص:29] حتى كان بعضُ الليلِ نَظرَ، فلم يَستَبينا، فلما أصبحَ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جعلتُ تحت وسادتِي خيطاً أبيضَ، وخيطاً أسودَ، قال: «إنَّ وِسادك لعريضٌ (1) ، أنْ كان الخيطُ الأبيضُ والخيطُ الأسودُ تحت وِسادك» .
وفي أخرى له قال: قلتُ: يا رسول الله، ما الخيطُ الأبيضُ، من الخيطِ الأسودِ، أهُما الخيطان؟ قال: «إنكَ لعريضُ القفا؛ أنْ أبصرتَ الخيطين» ، ثم قال: «لا، بل هما سوادُ الليلِ وبياض النهار (2) » .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عِقَال) العقال: الحُبَيْلُ الذي تُشَدُّ به رُكبة البعير لئلا يهرب.
(وِسادي) الوسادُ والوسادة: المخَدَّةُ.
(لَعَرِيض) والمراد بقوله: إنك لعريضُ الوسادة: إن نومك لعريض [ص:30] فكَنَّى بالوسادة عن النوم؛ لأن النائم يتوسد، كما يُكنى بالثوب عن البدن، لأن الإنسان يلبسه، وقيل: كنى بالوساد عن موضع الوساد من رأسه وعنقه، يَدلُّ عليه قوله الآخر: «إنك لعريض القفا» وعرضُ القفا: كناية عن السِّمَن الذي يُذهِبُ الفِطْنَة، وقيل: أراد مَنْ أكلَ مع الصبح في صومه: أصبح عريض القفا؛ لأن الصوم لا يُضعفه ولا يؤثر فيه.
__________
(1) قال الخطابي في " المعالم " فيه قولان، أحدهما: يريد أن نومك لكثير، وكنى بالوسادة عن النوم، لأن النائم يتوسد، أو أراد: إن ليلك لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل حتى يتبين لك العقال، والقول الآخر: كنى بالوسادة عن الموضع الذي يضعه من رأسه وعنقه على الوسادة إذا نام، والعرب تقول: فلان عريض القفا: إذا كان فيه غباء مع غفلة، وقد روي في هذا الحديث من طريق أخرى إنك لعريض القفا، وجزم الزمخشري بالتأويل الثاني، فقال: إنما عرض النبي صلى الله عليه وسلم قفا عدي لأنه غفل عن البيان، وعرض القفا مما يستدل به على قلة الفطنة.
(2) البخاري 4 / 113 في الصوم، باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، وفي التفسير، باب قوله {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، وأخرجه مسلم رقم (1090) في الصوم، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، والترمذي رقم (2973) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (2349) في الصيام، باب وقت السحور، والنسائي 4 / 148 في الصيام، باب تأويل قول الله عز وجل {كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الصوم (16: 1) عن حجاج بن منهال، عن هشيم، وفي التفسير (2: 28: 1) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، ومسلم في الصوم (8: 1) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن إدريس، وأبو داود فيه (الصوم 17: 4) عن مسدد، عن حصين بن نمير، و (17: 4) عن عثمان بن أبي شيبة، عن عبد الله بن إدريس، أربعتهم عن «حصين بن عبد الرحمن السلمي عن الشعبي عن عدي بن حاتم» .، والترمذي في التفسير (3 البقرة: 220) عن أحمد بن منيع، عن هشيم به، وقال: حسن صحيح (7/275/9856) تحفة الأشراف.(2/28)
494 - (خ م) البراء بن عازب - رضي الله عنهما -: قال: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجُّوا فجاءوا لم يدخُلوا من قِبَِلِ أبوابِ البُيوتِ، فجاء رجلٌ من الأنصارِ فدخل من قِبَلِ بابِهِ، فكأنَّهُ عُيِّرَ بذلِك فنزلت: {وليسَ البِرُّ بِأَنْ تَأتوا البُيُوتَ من ظُهورِهَا ولكنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وائتُوا البُيوتَ مِن أَبوابِهَا} [البقرة: 189] .
وفي رواية قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره، فأنزل الله: {وليس البِرُّ بِأَنْ تَأتُوا البُيُوتَ من ظُهورِهَا ولكنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وائتُوا البُيوتَ من أَبوابِهَا} أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 3 / 494 في الحج، باب قول الله تعالى {وأتوا البيوت من أبوابها} ، وفي التفسير، باب قوله {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} ، ومسلم رقم (3026) في التفسير.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الحج (170) عن أبي الوليد، ومسلم في آخر الكتاب (التفسير 1:27) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي موسى، وبندار، ثلاثتهم عن غندر، والنسائي في الحج (لعله في الكبرى) وفي التفسير (في الكبرى) عن علي بن الحسين الدرهمي، عن أمية بن خالد ثلاثتهم عن شعبة بن الحجاج عن السبيعي عن البراء بن عازب، ومعنى حديثهم واحد (2/53/1874) الأشراف.(2/30)
495 - (خ) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما- قال: {وأَنفِقُوا فِي سبيل اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بأيديكُمْ إِلى التهْلُكَةِ} [البقرة: 195] قال: نزلت في النفقة. [ص:31] أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 138 في التفسير، باب قوله {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ، قوله " وفي النفقة " أي: في ترك النفقة في سبيل الله عز وجل، كما جاء مفسراً في حديث أبي أيوب الذي سيذكره المصنف بعد هذا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/33) قال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا النضر، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان قال: سمعت أبا وائل فذكره.(2/30)
496 - (ت د) أسلم أبو عمران - رحمه الله - قال: «كُنَّا بمدينةِ الرُّوم، فأخرجوا إلينا صَفًّا عظيماً من الرومِ، فَخَرَجَ إليهم مِِن المسلمينَ مِثْلُهم أو أكثرُ، وعلى أهلِ مِصرَ: عُقْبةُ بن عامرٍ، وعلى الجماعة (1) : فضالة بن عبيد، فحملَ رجل من المسلمين على صفِّ الرُّوم، حتَّى دخل فِيهم، فصاحَ النَّاسُ، وقالوا: سُبْحانَ الله! يُلْقِي بِيَدِيهِ إِلى التهْلُكةِ؟! فقام أبو أيُّوب الأنصاري، فقال: يا أيها النَّاس، إنكم لتؤوِّلونَ هذه الآية هذا التأويلَ؟! وإنما نزَلتْ هذه الآية فينا -معشر الأنصار -: لما أعزَّ اللهُ الإسلامَ، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سراً - دون رسول الله صلى الله عليه وسلم -: إنَّ أموالنا قد ضاعت، وإن اللَّهَ قد أعز الإسلامَ، وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا، فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله -تبارك وتعالى- على نبيه، يردُّ علينا ما قلنا: {وأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بأيديكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ} وكانت التهلكة: الإقامة على الأموال وإصلاحها، وترْكنا الغزوَ، فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله، حتى دفن بأرض الرُّومِ» . هذه رواية الترمذي. [ص:32]
وفي رواية أبي داود قال: «غزونا من المدينةِ نريدُ القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمنِ بنُ خالد بن الوليد (2) ، والرومُ مُلْصقُو ظهورهمْ بحائط المدينة، فحملَ رجلٌ على العدوِّ، فقال الناس - مَهْ مَهْ، لا إله إلا الله يُلْقي بيديه إلى التَّهْلُكَةِ! فقال أبو أيوب: إنما أنزلت هذه الآية فينا -معشر الأنصار -لما نصر الله نبيَّه، وأظهر الإسلام، قُلْنا، هَلُمَّ نُقيم في أموالنا ونُصْلِحُها، فأنزل الله عزَّ وجلَّ {وأَنْفِقُوا فِي سبيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بأيديكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ} فالإلقاءُ بالأيدي إلى التَّهْلُكَةِ: أنْ نقيمَ في أموالنا ونصْلِحَها، وندعَ الجهادَ، قال أبو عمران: فلم يزلْ أبو أيوب يجاهدُ في سبيلِ الله حتى دُفنَ بالقُسطنطينية» (3) . [ص:33]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شاخِصاً) : شخَص الرجل من بلد إلى بلد: إذا انتقل إليه، والمراد به: لم يزل مُسَافراً.
__________
(1) رواية الطيالسي وابن عبد الحكم والحاكم: وعلى الشام، وهو الصواب إن شاء الله.
(2) قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: هذا يدل على أن هذه الغزوة كانت في سنة 46 أو قبلها، لأن عبد الرحمن مات تلك السنة، وهذه الغزوة غير الغزوة المشهورة التي مات فيها أبو أيوب الأنصاري وقد غزاها يزيد بن معاوية بعد ذلك سنة 49 ومعه جماعات من سادات الصحابة، ثم غزاها يزيد سنة 52 وهي التي مات فيها أبو أيوب رضي الله عنه وأوصى إلى يزيد أن يحملوه إذا مات ويدخلوه أرض العدو ويدفنوه تحت أقدامهم حيث يلقون العدو، ففعل يزيد ما أوصى به أبو أيوب، وقبره هناك إلى الآن معروف، انظر " طبقات ابن سعد " 3 / 2 / 49، 50، " تاريخ الطبري " 6 / 128، 130 و " تاريخ ابن كثير " 8 / 30، 31، 32، 58، 59، و " تاريخ الإسلام " للذهبي 2 / 231، 327، 328.
(3) الترمذي رقم (2976) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (2512) في الجهاد، باب في قول الله عز وجل {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. وأخرجه ابن جرير رقم (3179) و (3180) ، وأبو داود الطيالسي في مسنده 2 / 12، 13، وابن عبد الحكم في فتوح مصر: 269، 270 والحاكم 2 / 275 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أبو داود (2512) قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح، وابن لهيعة.
2- وأخرجه الترمذي (2972) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3452) عن عبيد الله بن سعيد، عن أبي عاصم، (ح) وعن محمد بن حاتم بن نعيم، عن حبان بن موسى، عن ابن المبارك كلاهما -الضحاك أبو عاصم، وابن المبارك- عن حيوة بن شريح.
كلاهما -حيوة، وابن لهيعة- عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران فذكره.
في رواية أبي داود قال: وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بدلا من فضالة بن عبيد.(2/31)
497 - (خ م ط ت د س) عبد الله بن معقل - رضي الله عنهما - قال: قعدتُ إلى كعب بن عجرَةَ في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - فسألتُهُ عن «فدْيةٍ من صيامٍ؟ فقال: حُمِلْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقمْلُ يتناثَرُ على وجهي، فقال: ما كنتُ أُرَى أنَّ الجَهْد بَلَغَ بِك هذا؟ أمَا تجد شاة؟ قلتُ: لا. قال: صُمْ ثلاثة أيام واحلِقْ رأسَك، فنزلَتْ فيَّ خاصَّة، وهي لكم عامة» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
وللبخاري ومسلمٍ رواياتٌ أُخر تردُ في كتاب الحجِّ من حرف الحاء.
وأخرجه الموطأ وأبو داود والنسائي بمعناه، وترِدُ ألفاظُ رواياتهم هناك. (1) [ص:34]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجَهدُ) بالفتح: المشقة، وبالضم: الطاقة.
(الصَّاع) : مكيال يسعُ أَربعةَ أمداد، والمُدُّ بالحجاز: رطل وثلث، وبالعراق: رطلان.
__________
(1) البخاري 4 / 138 في الحج، باب قوله تعالى {فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية} ، وباب قوله تعالى {أو صدقة} ، وباب الإطعام في الفدية نصف صاع، وباب النسك شاة، وفي المغازي، غزوة الحديبية، وفي التفسير، باب {فمن كان منكم مريضاً} ، وفي المرضى، باب قول المريض: إني وجع أو وارأساه أو اشتد بي الوجع، وفي الطب، باب الحلق من الأذى، وفي الأيمان والنذور، باب كفارات الأيمان، ومسلم رقم (1201) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم، والموطأ 1 / 471 في الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر، وأبو داود رقم (1856) و (1857) و (1858) و (1859) و (1860) و (1861) في الحج، باب الفدية، والترمذي رقم (2977) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، والنسائي 5 / 194، 195 في الحج، باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه، وأخرجه ابن ماجة رقم (3079) في الحج، باب فدية المحصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/242) قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، (ح) وحدثنا عفان قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني (ح) وحدثنا بهز قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني. وفي (4/242) أيضا، قال: حدثنا مؤمل ابن إسماعيل قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. وفي (4/243) قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثنا سليمان، يعني ابن قرم، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. وفي (4/243) قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أشعث، عن الشعبي. والبخاري (3/13) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. وفي (6/33) قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. ومسلم (4/21، 22) قال: قال: حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني. وابن ماجة (3079) قال: حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن الوليد. قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني. والترمذي (2973) قال: حدثنا علي بن حُجْر، قال: حدثنا هشيم، عن أشعث بن سوار، عن الشعبي. والنسائي في الكبرى (الورقة 54) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد ابن بشار. قالا: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني.
كلاهما -عبد الرحمن بن الأصبهاني، وعامر الشعبي- عن عبد الله بن معقل، فذكره.(2/33)
498 - (خ د) عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما -: قال كانت عُكاظُ، ومَجَنَّةُ، وذو المجاز (1) : أَسْواقاً في الجاهِليَّةِ، فلمَّا كانَ الإسلام، فكأنهم تأثموا أن يتجِروا في المواسِم، فنزلت: {ليسَ عليكم جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فضلاً من رَبِّكُمْ في مواسم الحجِّ} قرأها ابن عباس هكذا (2) [البقرة: 198] . وفي رواية: {أَنْ تبتَغوا في مواسِمِ الحجِّ فضلاً من ربِّكُمْ} أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود، أنه قرأ: {ليس عليكم جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فضلاً من ربكم} قال: كانوا لا يتَّجرون بمنى، فأمِروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات.
وفي أخرى له قال: إن الناس في أولِ الحجِّ كانوا يتبايعون بمنى، وعرفة، وسوقِ ذي المجازِ، وهي مواسِمُ الحجِّ، فخافوا البيْعَ وهم حُرُمٌ، فأَنزل [ص:35] الله عزَّ وجلَّ: {لا جناحَ عليكم أن تَبْتَغُوا فضلاً من رَبِّكُمْ في مواسم الحجِّ} قال عطاء بن أبي ربَاح: فحدثني عبيد بن عُمير، أنه كان يقْرَؤُها في المصحف (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتأثَّموا) فعلوا ما يخرجهم من الإثم، أو لأنهم اعتدُّوا فِعْلَ ذلك إثماً.
(أَفاضوا) الإفاضةُ: الزحف والدفع بكثرة، ولا تكون إلا عن تفرق وكثرة.
(المواسم) جمع مَوسم، وهو الزمان الذي يتكرر في كل سنة، لاجتماع أو بيع أو عيد أو نحو ذلك، ومنه: موسم الحج.
__________
(1) " عكاظ " بضم المهملة وخفة الكاف وبالمعجمة، " ومجنة " بفتح الميم والجيم وشدة النون، و " ذو المجاز " ضد الحقيقة: أسواق كانت للعرب، وسمي موسم الحج موسماً؛ لأنه معلم تجتمع الناس إليه.
(2) قال الحافظ: وقراءة ابن عباس " في مواسم الحج " معدودة من الشاذ الذي صح إسناده وهو حجة وليس بقرآن.
(3) البخاري 3 / 473، 474 في الحج، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية، وفي البيوع، باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} ، وباب الأسواق التي كانت في الجاهلية، وفي التفسير، باب {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} ، وأبو داود رقم (1732) في الحج، باب التجارة في الحج، ورقم (1734) باب الكري.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (2/222) قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: أخبرنا ابن جريج، وفي (3/69) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سفيان، وفي (3/81) قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان، وفي (6/34) قال: حدثني محمد، قال: أخبرني ابن عيينة، كلاهما - ابن جريج، وسفيان بن عيينة - عن عمرو بن دينار فذكره.
- ورواه أيضا عن ابن عباس عبيد بن عمير:
أخرجه أبو داود (1734) ، (1735) .
- ورواه أيضا عن ابن عباس مجاهد:
أخرجه أبو داود (1731) .(2/34)
499 - (خ د) عبد الله بن عباس: - رضي الله عنهما - قال: كان أهلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ، فلا يَتَزَوَّدُونَ، ويقولونَ: نحن المتوكِّلونَ، فإذا قَدِمُوا مَكَّةَ سألُوا الناسَ، فأنزل الله عز وجل: {وتزوَّدُوا فإِن خير الزَّادِ التَّقوَى} [البقرة: 197] . أخرجه البخاري، وأبو داود (1) .
__________
(1) البخاري 3 / 303، 304 في الحج، باب قول الله تعالى {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} ، وأبو داود رقم (1730) في الحج، باب التزود في الحج.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (2/164) قال: حدثنا يحيى بن بشر، قال: حدثنا شبابة، عن ورقاء، وأبو داود (1730) قال: حدثنا أحمد بن الفرات -يعني أبا مسعود الرازي-، ومحمد بن عبد المخرمي، قالا: حدثنا شبابة عن ورقاء، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (6166) عن سعيد بن عبد الرحمن، عن سفيان كلاهما - ورقاء وسفيان- عن عمرو بن دينار عن عكرمة فذكره.(2/35)
500 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال كان يطُوفُ الرجلُ بالبيْتِ ما كانَ حلالاً، حتى يُهِلَّ بالحجِّ، فإذا ركبَ إلى عرفَةَ، فمن تيَسَّرَ له هَدْيُهُ من الإِبل، أو البقر، أو الغنم ما تيسَّرَ له من ذلك (1) ، أيَّ ذلك شاءَ، غيرَ أنْ لم يَتَيَسَّرْ له، فعليه ثلاثةُ أيَّامٍ في الحجِّ، وذلك قبْلَ يوم عرفةَ، فإن كانَ آخر يومٍ من الأيام الثلاثةِ يومَ عَرَفَةَ، فلا جُناح عليه، ثم لينطلِقْ حتى يقفَ بعرفاتٍ من صلاة العصْرِ، إلى أنْ يكونَ الظلامُ، ثم ليَدْفَعُوا من عرفاتٍ فإذا أَفَاضُوا منها، حتى يَبْلُغُوا جمْعاً، الَّذِي يُتَبَرَّرُ فيه، ثم ليَذْكُرُوا اللهَ كثيراً، ويكثِرُوا من التَّكبيرِ والتهْليلِ، قبلَ أنْ يُصبِحُوا {ثُمَّ أَفِيضُوا} فإنَّ النَّاسَ كانُوا يُفِيضونَ، وقال الله عز وجل: {ثُمَّ أَفيضُوا من حيث أفاض النَّاسُ واسْتَغْفِرُوا الله إن الله غفُورٌ رحيم} [البقرة: 199] حتَّى يرْموا الجمْرَةَ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(هَدْيُهُ) الهدي: السَّمْتُ والطريقة والسيرة.
__________
(1) قوله: ما تيسر له، جزاء للشرط، أي ففديته ما تيسر، أو عليه ما تيسر، أو بدل من الهدي، والجزاء بأسره محذوف، أي: ففديته ذلك، أو ليفد بذلك.
(2) 8 / 139، 140 في التفسير، باب {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/34) قال: حدثني محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا فضيل بن سليمان، قال: حدثنا موسى بن عقبة، قال: أخبرني كريب، فذكره.(2/36)
501 - (د) أبو أمامة التيمي - رحمه الله - قال: كنتُ رجلاً أكْري في هذا الوجهِ، وكان الناسُ يقولون لي: إنه ليس لك حجٌّ فلقيتُ ابن [ص:37] عمر، قلتُ: يا أبا عبد الرحمن، إني رجل أكري في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون: إنه ليس لك حجٌّ، فقال ابنُ عمر: أَليس تُحرِمُ وتُلبي، وتطوفُ بالبيت، وتفيض من عرفاتٍ، وترمي الجمارَ؟ قلتُ: بلى، قال: فإن لك حجًّا، جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عنْ مِثْلِ ما سأَلتَني، فسكتَ رسولُ اللهِ فلم يُجِبْه حتى نزلت الآية: {ليس عليكم جناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فضلاً من ربكم} فأرسلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقرأها عليه، وقال: «لك حجٌّ» أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (1733) في الحج، باب الكري، وإسناده قوي، وأخرجه أحمد في المسند رقم (6435) والطبري رقم (3789) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/155) (6434) قال: حدثنا أسباط، قال: حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي. وأبو داود (1733) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا العلاء بن المسيب. وابن خزيمة (3051) قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا العلاء بن المسيب. (ح) وحدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي، قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن العلاء بن المسيب، وفي (3052) قال: حدثنا الزعفراني قال: حدثنا أسباط بن محمد القرشي، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، وأنا بريء من عهدته -كلاهما الحسن بن عمرو، والعلاء بن المسيب - عن أبي أمامة التيمي فذكره.
* أخرجه أحمد (2/155) (6435) قال: حدثنا عبد الله بن الوليد -يعني العدني- قال: حدثنا سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن رجل من بني تيم الله، قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فقال: إنا قوم نكرى فذكر مثل معنى حديث أسباط ولم يسمه.(2/36)
502 - (سعيد بن المسيب - رحمه الله -) : قال: «أقبلَ صهيبٌ مهاجراً من مكّةَ، فاتَّبعه رجالٌ من قريشٍ، فنزل عن راحلته، وانتَثلَ ما في كنانَتِهِ، وقال: واللهِ، لا تَصِلُونَ إِليَّ أَو أَرميَ بكلِّ سهمٍ معي، ثم أضرِبُ بسيفي ما بقي في يديَّ، وإن شئتم دَللتُكم على مالٍ دفنتُهُ بمكَةَ، وخَلَّيْتُم سبيلي، ففعلوا» ، فلما قدمَ المدينةَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نزلتْ: {ومن الناس مَن يشْري نفسه ابتغاء مرضاة الله ... } الآية، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «رَبِحَ البيعُ أَبا يحيى» ، وتلا عليه الآية [البقرة: 207] ذكره رزين، ولم أجده في الأصول (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(راحلته) الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال، وسواء فيه [ص:38] الذكر والأنثى.
(وانتثل) الانتثال: استخراج ما فيها من النُّشاب.
(كِنانته) الكنانة: الجُعبة.
__________
(1) ذكره البغوي وابن كثير في تفسير الآية بلا سند.(2/37)
503 - (د س) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما نزل قوله تعالى: {ولا تقربوا مالَ اليتيم إلا بالتي هي أحسنُ} [الإسراء: 34] وقولهُ: {إنَّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظُلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصْلَوْنَ سعيراً} [النساء: 10] انْطلقَ من كان عندهُ يتيم، فعزلَ طعامَهُ من طعامِهِ، وشرابَهُ من شرابِهِ، فإذا فَضَل من طعامِ اليتيم وشرابهِ شَيءٌ، حُبِسَ له، حتى يأكلهُ أو يَفسُدَ، فاشتدَّ ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللهُ تعالى: {ويسألونَكَ عن اليتامى قُلْ إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تُخالِطُوهم فإخوانُكم} [البقرة: 220] «فخلطوا طعامَهُمْ بطعامِهم، وشرابَهُم بشرابهم» .أخرجه أبو داود والنسائي (1) .
__________
(1) أبو داود رقم (2871) في الوصايا، باب مخالطة اليتيم في الطعام، وأخرجه ابن جرير رقم (4183) والنسائي 6 / 256، 257 في الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه، ورجاله ثقات إلا أن عطاء بن السائب قد اختلط بآخره، والراوي عنه - وهو جرير - قد سمع منه بعد الاختلاط.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود في الوصايا (7) عن عثمان، عن جرير، والنسائي فيه (الوصايا 10:2) عن أحمد ابن عثمان بن حكيم الأودي عن محمد بن الصلت عن أبي كدينة يحيى بن المهلب -كلاهما «عن عطاء عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس» (5569) تحفة الأشراف.(2/38)
504 - (خ) نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان ابنُ عُمر إذا قرأَ القرآنَ لم يتكلمْ حتى يفرُغَ منهُ، فأخذتُ عليه يوماً (1) ، فقرأ سورة [ص:39] البقرة، حتى انتهى إلى مكانٍ، فقال: أَتدري فيمَ أُنزلتْ؟ قلتُ: لا، قال: نزلت في كذا وكذا، ثم مضى» . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) أي: أمسكت عليه، واستمعت لقراءته.
(2) 8 / 140 في التفسير، باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} ، قال الحافظ: وقد أخرج هذه الرواية إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره بالإسناد المذكور يعني إسناد البخاري.
وقال بدل قوله: حتى انتهى إلى مكان، حتى انتهى إلى قوله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال: أتدرون فيم أنزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن، وهكذا أورده ابن جرير رقم (4326) من طريق إسماعيل بن علية عن ابن عون مثله، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن ابن عون نحوه. وانظر التعليق على الحديث الآتي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في تفسير قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم} 2: 223 التفسير 2: 39: 1) عن إسحاق، عن النضر بن شميل، عن عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر. الأشراف (7747) .(2/38)
505 - (خ) نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ ابنَ عمر قال: {فَائتُوا حرثَكمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يَأْتِيها في ... قال الحميدي: يعني في الفرج (1) . أخرجه البخاري (2) . [ص:40]
وفي رواية ذكرها رزين - ولم أجدها - قال: {فَائْتُوا حرثَكمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، يأتيهَا في الفرج، إنْ شاء مُجَبِّية (3) ، أو مُقْبِلَة، أو مُدبِرَة، غيرَ أنَّ ذلكَ في صِمامٍ واحدٍ (4) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَرثكم) الحرث: كَنى به عن المرأة وإتيانها.
(أَنَّى شِئتم) بمعنى: متى شئتم، وقد يكون «أَنَّى» بمعنى: أين في غير هذا الموضع.
(مُجَبِّيَة) التَّجبية: أن ينكب الإنسان على وجهه، باركاً على ركبتيه. [ص:41]
(صِمام واحد) الصمام: ما تُسدُّ به الفُرجة، فسمي به الفرج، ويجوز أن يكون على حذف المضاف، أي: في موضع صمام.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 141: وهو من عنده بحسب ما فهمه، ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني: زاد البرقاني: يعني الفرج، وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر.. وقد قال أبو بكر بن العربي في " سراج المريدين ": أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال: يأتيها في.. وترك بياضاً، والمسألة مشهورة صنف فيها محمد بن سحنون جزءاً، وصنف فيها محمد بن شعبان كتاباً، وبين أن حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها.
(2) 8 / 140، 141 في التفسير، باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} ، قال الحافظ: وقد أخرجه ابن جرير في التفسير رقم (4331) عن أبي قلابة الرقاشي عبد الرحمن بن عبد الوارث حدثني أبي ... فذكره بلفظ " يأتيها في الدبر " وهو يؤيد قول ابن العربي، ويرد قول الحميدي.
نقول: وقد أنكر على ابن عمر رضي الله عنه ذلك، وبين أنه أخطأ في تأويل الآية ابن عباس رضي الله عنه فقد روى أبو داود رقم (2164) بسند حسن من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن ابن عمر - والله يغفر له - أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار ... الحديث، وسيذكره المصنف رحمه الله بنصه قريباً، والأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تحرم وطء المرأة في دبرها ترد هذا التأويل وتخطئ قائله، وسيذكر المصنف بعضها. [ص:40] وقد اتفق العلماء على أنه يجوز للرجل إتيان الزوجة في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة كانت، وعليه دل قوله تعالى {نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم} أي هن لكم بمنزلة الأرض تزرع، ومحل الحرث: هو القبل. وفي " الكشاف ": " حرثكم " مواضع حرث لكم، شبههن بالمحارث: لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل كالبذور، وقوله {فائتوا حرثكم} معناه: فائتوهن كما تأتون أراضيكم التي تريدون أن تحرثوها، من أي جهة شئتم، لا يحظر عليكم جهة دون جهة، وهو من الكنايات اللطيفة والتعريضات الحسنة. وقال الطيبي: وذلك أنه أبيح لهم أن يأتوها من أي جهة شاؤوا، كالأراضي المملوكة، وكنى بالحرث ليشير إلى أن لا يتجاوز البتة موضع البذر، ويتجانف عن موضع الشهوة، فإن الدبر موضع الفرث لا محل الحرث، ولكن الأنجاس بموجب غلبة الأجناس يميلون إليه، ويقبلون عليه.
(3) أصل التجبية: أن يقوم الإنسان على هيئة الركوع، وقيل: هي الانكباب على الوجه كهيئة السجود.
(4) أخرجها مسلم في صحيحه رقم (1435) (19) بمعناها من حديث جابر في النكاح، باب جواز جماع امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (2: 39: 1) ، عن إسحاق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر. (57560) الأشراف.(2/39)
506 - (خ م ت د) جابر - رضي الله عنه - قال: كانت اليهود تقول: إذا جَامعها من ورائها (1) جاءَ الولدُ أَحوَلَ، فنزلت: {نِساؤُكم حَرْثٌ لكمْ فَائتُوا حَرْثَكُم أَنَّى شئْتُم (2) } أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.
وأخرجه الترمذي قال: كانت اليهودُ تقولُ: مَنْ أَتى امرأَة في قُبُلِهَا من دُبُرِهَا ... وذكر الحديث (3) .
__________
(1) يعني من خلفها في الفرج كما ورد مصرحاً به في رواية الإسماعيلي من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري بلفظ "باركة مدبرة في فرجها من ورائها "، ولمسلم من طريق ابن المنكدر " إذا أتيت المرأة من دبرها في قبلها، ثم حملت ... " وقد أكذب الله اليهود في زعمهم، وأباح للرجال أن يتمتعوا بنسائهم كيفما شاءوا.
(2) زاد ابن أبي حاتم والبيهقي 7 / 195 والواحدي ص 53: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج "
(3) البخاري 8 / 143 في التفسير، باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} ، ومسلم رقم (1435) في النكاح، باب جواز جماع المرأة في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر، والترمذي رقم (2982) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (2163) في النكاح، باب جامع النكاح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه الحميدي (1263) ، ومسلم (4/156) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد. وابن ماجة (1925) قال: حدثنا سهل بن أبي سهل، وجميل بن الحسن. والترمذي (2978) قال: حدثنا ابن أبي عمر. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3030) عن إسحاق بن إبراهيم. ثمانيتهم -الحميدي، وقتيبة، وابن أبي شيبة، والناقد، وسهل، وجميل، وابن أبي عمر، وإسحاق- عن سفيان (ابن عيينة) .
2 - وأخرجه الدارمي (2220) قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا مالك.
3 - وأخرجه البخاري (6/36) قال: حدثنا أبو نعيم. ومسلم (4/156) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (2163) قال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن. كلاهما -أبو نعيم، وعبد الرحمن بن مهدي- قالا: حدثنا سفيان (الثوري) .
4- وأخرجه مسلم (4/256) قال: حدثنا محمد بن رمح. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3039) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب بن الليث بن سعد. كلاهما -ابن رمح، وشعيب بن الليث- عن الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن أبي حازم.
5 - وأخرجه مسلم (4/156) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3091) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة.
6 - وأخرجه مسلم (4/156) قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أيوب.
7 - وأخرجه مسلم (4/156) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثني وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة.
8 - وأخرجه مسلم (4/156) قال: حدثني عبيد الله بن سعيد، وهارون بن عبد الله، وأبو معن الرقاشي، قالوا: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، يُحدث عن الزهري.
9- وأخرجه مسلم (4/156) قال: حدثني سليمان بن معبد، قال: حدثنا مُعلَّى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيز، وهو ابن المختار، عن سهيل بن أبي صالح.
10 - وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3064) عن هلال بن بشر، عن حماد بن مسعدة، عن ابن جريج.
11 - وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (3092) عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، عن سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، وذكر آخر، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد.
جميعهم -ابن عيينة، ومالك، والثوري، وأبو حازم، وأبو عوانة، وأيوب، وشعبة، والزهري، وسهيل، وابن جريج، وابن الهاد- عن محمد بن المنكدر، فذكره.
* رواية الزهري فيها زيادة: «إن شاء مُجَبِّيَة وإن شاءَ غَيْرَ مَجبية، غير أن ذلك في صمام واحد» .(2/41)
507 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، هلكتُ، قال: «وما أَهلكَك؟» قال: حَوَّلتُ رَحْلي اللَّيْلَة، قال: فلم يَرُدَّ عليه شيئاً، قال: فأُوحِي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نساؤُكم حرْثٌ لكم فائْتُوا حرثكم أَنَّى شِئْتُمْ} أَقْبِلْ، وأَدْبِرْ، واتَّقِ [ص:42] الدُّبُرَ والحيضَةَ (1) . أخرجه الترمذي (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حوَّلت رحلي) كنى بتحويل الرحل عن الإتيان في غير المحل المعتاد. كذا الظاهر، ويجوز أن يريد به، أنه أتاها في المحل المعتاد، لكن من جهة ظهرها، كما قد جاء في التفسير.
__________
(1) " الحيضة " بكسر الحاء: اسم من الحيض. وهي الحال التي تلزمها الحائض، من التجنب والتحيض، كالجلسة والقعدة: من الجلوس والقعود. أما الحيضة بفتح الحاء فهي المرة الواحدة من دفع الحيض ونوبه.
(2) رقم (2984) في التفسير، باب ومن سورة البقرة وحسنه، وأخرجه أحمد في " المسند رقم (2703) ، والواحدي ص 53، والنسائي في العشرة ورقة 76 وجه ثاني، وإسناده قوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/297) (2703) قال حدثنا حسن. «الترمذي» (2980) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا الحسن بن موسى. و «النسائي» في الكبرى (تحفه الأشراف) 5469) عن أحمد بن الخليل عن يونس بن محمد (ح) وعن علي بن معبد بن نوح البغدادي، عن يونس بن محمد كلاهما -الحسن بن موسى، ويونس بن محمد - عن يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبيره فذكره.(2/41)
508 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إنَّ ابنَ عمرَ - واللهُ يغْفِرُ له - أوْهَمَ (1) : إنَّمَا كان هذا الحيّ من الأنصار - وهم أهلُ وَثَنٍ - مع هذا الحيِّ من يهودَ - وهم أَهلُ كتابٍ - فكانوا يَرَوْنَ أنَّ لَهم فضْلاً عليهم في العِلم، فكانوا يقتَدُونَ بكثير من فِعلِهِمْ، وكان من أمرِ أَهْلِ الكتاب: أن لا يأتُوا النساءَ إلا على حَرْفٍ، وذلك أسْتَرُ ما تكون المرأَةُ، فكان هذا الحيُّ من الأنصار قد أخذوا بذلك من فِعلهم، وكان هذا الحيُّ من قريش يَشرَحونَ النِّساءَ شرحاً منكراً، ويتلذَّذُونَ منهُنَّ مُقْبِلاتٍ ومدْبِراتٍ، ومُسْتَلْقياتٍ، [ص:43] فَلمَّا قَدِم المهاجرون المدينةَ: تزوَّج رجلٌ منهن امرأة من الأنصارِ، فذَهَب يصْنَعُ بها ذلك، فأَنكرتْهُ عليه، وقالت: إِنَّا كُنَّا نُؤتَى على حَرْفٍ، فاصنعْ ذلك، وإلا فاجْتَنِبْنِي، حتَّى شريَ أَمْرُهُمَا، فبلغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأنزلَ اللهُ -عز وجل-: {نساؤكم حرث لكم فائتُوا حرثَكم أَنَّى شِئْتُمْ} ، أي: مُقْبِلاتٍ، ومدْبِراتٍ ومُستَلْقِياتٍ، يعني بذلك موضعَ الولدِ. أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أوْهَمَ) وَهِم بسكر الهاء: غلط، وبفتحها: ذهب وهمهُ إليه. قال الخطابي: الذي وقع في رواية هذا الحديث «أوْهَمَ» والصواب «وَهِمَ» بغير ألف.
(الوثن) الصنم، وقيل: الصورة لا جثة لها.
(الحرف) : الجانب، وحرفُ كل شيء: جانبه.
(يشرحون) قال الهروي، يقال: شرح فلان جاريته،: إذا وطئها على قفاها، وأصل الشَّرْح: البَسْط، ومنه: انشراح الصدر بالأمر، وهو انفتاحه، وانبساطه.
(شري) أمرهما: أي ارتفع وعظم وتفاقم، وأصله: من شري [ص:44] البرق: إذا لج في اللمعان، واستشرى الرجل: إذا ألح في الأمر.
__________
(1) قال الخطابي: هكذا وقع في الرواية، والصواب " وهم " بغير ألف. يقال: وهم الرجل: إذا غلظ في الشيء كفرح، ووهم مفتوحة الهاء إذا ذهب وهمه إلى الشيء، وأوهم بالألف: إذا أسقط من قراءته أو كلامه شيئاً.
(2) رقم (2164) في النكاح بسند حسن، وصححه الحاكم 2 / 195، 279، ووافقه الذهبي، وله شاهد بنحوه عن ابن عمر عند النسائي في العشرة الورقة 76وجه ثاني، وسنده قوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (2164) قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ، قال: حدثنا محمد- يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد فذكره.(2/42)
509 - (ت) أم سلمة - رضي الله عنها - أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فائتُوا حرثَكم أَنَّى شِئْتُمْ} : «في صمامٍ واحدٍ» ويروى: «في سمامٍ واحد» بالسين. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2983) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وقال: حسن صحيح. وأخرجه أحمد في المسند 6 / 305 و 310 و 318 ولفظه: عن أم سلمة قالت:لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار تزوجوا من نسائهم، وكان المهاجرون يجبون، وكانت الأنصار لا تجبي، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك، فأبت عليه حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فأتته، فاستحيت أن تسأله، فسألته أم سلمة، فنزلت " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "، وقال: " لا إلا في صمام واحد " وإسناده صحيح، وصححه البيهقي في السنن 7 / 195، وفي الباب عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه مرفوعاً " إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن " أخرجه الشافعي 2 / 360، والطحاوي 2 / 25، وصححه ابن حبان رقم (1299) وغير واحد من الأئمة. وعن أبي هريرة مرفوعاً " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " أخرجه أحمد 2 / 408 و 476، والترمذي رقم (135) ، وابن ماجة رقم (639) ، وإسناده صحيح، وعن علي عند أحمد رقم (655) لا تأتوا النساء في أعجازهن، وعن عبد الله بن عمرو عنده أيضاً رقم (6706) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها: " هي اللوطية الصغرى "، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (2979) قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط عن حفطه بنت عبد الرحمن فذكرته.
* وأخرجه أحمد (6/305) قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب وفي (6/310) قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر وفي (6/318) قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان وفي (6/318) قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان. و «الدارمي» (1124) قال أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا وهيب، الاثنان، - وهيب ومعمر- عن عبد الله بن عثمان بن خثيم،عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن فذكرته، ولكن سياق أحمد والدارمي يختلف عن سياق الترمذي.(2/44)
510 - (خ ط د) - عائشة - رضي الله عنها - قالت: «نزل قوله تعالى: {لا يُؤاخِذُكُم اللهُ باللَّغْوِ فِي أيمانِكم} [البقرة: 225] في قول الرجُلِ: لا واللهِ، وَبلى واللهِ» . هذه رواية البخاري والموطأ.
وفي رواية أبي داود قال: اللَّغو في اليمين، قالت عائشة: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هو قولُ الرجل في بيتهِ: كَلا واللهِ، وبَلى واللهِ» ورواه [ص:45] أيضاً عنها موقوفاً (1) .
قال مالك في الموطأ: «أحسنُ ما سمعتُ في ذلك: أنَّ اللغْوَ: حلْفُ الإنسان على الشيء يَسْتيقنُ أنه كذلك، ثم يوجد بخلافه، فلا كفَّارة فيه (2) ، قال: والذي يحلفُ على الشيء وهو يعلم أنَّه فيه آثِمٌ كاذبٌ ليُرضِيَ به أحداً، أو يَعْتَذِرَ لمخلوق أو يقْتَطِعَ به مالاً، فهذا أعظم [من] أن تكون فيه كفارةٌ، قال: وإنما الكفارةُ على من حَلَفَ أن لا يَفْعَلَ الشَّيْءَ المباحَ لَهُ فِعْلُه، ثم يفعله، أو أن يفعله، ثم لا يفعله، مثل أَنْ حَلَفَ لا يَبيعُ ثَوْبَهُ بعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ يبيعهُ بذلِكَ، أو يَحْلِفَ لَيضْرِبَنَّ غُلامَهُ، ثم لا يضربه» .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يقتطع) يفتعل من قطع، أي: يأخذه لنفسه متملكاً.
__________
(1) البخاري 8 / 207 في التفسير سورة المائدة، باب قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} ، وفي الأيمان والنذور، باب {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} ، والموطأ 2 / 477 في الأيمان والنذور، باب اللغو في اليمين، وأبو داود رقم (3254) و (2195) في الأيمان والنذور، باب لغو اليمين.
(2) وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وربيعة ومكحول والأوزاعي والليث، وعن أحمد روايتان، ونقل ابن المنذر وغيره عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة، وعن القاسم وعطاء والشعبي وطاوس والحسن نحو ما دل عليه حديث عائشة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/66) قال حدثنا علي بن سلمة قال حدثنا مالك بن سعيد وفي (8/168) قال حدثني محمد بن المثني قال حدثنا يحيى. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (12/17316) عن شعيب بن سويف عن يحي بن سعيد كلاهما - مالك بن سعيد، ويحيى بن سعيد - عن هشام بن عروة عن أبيه فذكره.
- ورواه عن عائشة عطاء. أخرجه أبو داود (3254) .(2/44)
511 - (د س) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: في قوله تعالى: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوءٍ} [البقرة: 228] الآية، وذلك أن الرجل كان إذا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فهو أَحق برجعتها وإن طَلَّقَهَا ثلاثاً، فَنُسخَ ذلك، فقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] الآية. [ص:46]
أخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي نحوه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يتربص) التربص: المكث والانتظار.
(قُرُوء) جمع قرء: وهو الطهر عند الشافعي، والحيض عند أبي حنيفة، فيكون من الأضداد.
__________
(1) أبو داود رقم (2195) في الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، والنسائي 6 / 212 في الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، وإسناده لا بأس به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2282، 2195) قال حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت. و «النسائي (6/187و212) » قال أحبرنا زكريا بن يحيى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم كلاهما - أحمد بن محمد، وإسحاق بن إبراهيم - عن علي بن الحسين بن واقد قال حدثني أبي قال حدثنا يزيد النحوي عن عكرمة، فذكره. الروايات مطوله ومختصرة.(2/45)
512 - (ط ت) - عروة بن الزبير - رضي الله عنهما -: قال: كان الرجل إذا طلق امرأَتَه ثم ارتَجَعَها قَبْلَ أن تَنقَضِيَ عِدَّتُهَا، كان ذلك له وإن طلَّقَها ألفَ مرة، فَعَمَدَ رجُلٌ إلى امرأَتِهِ، فَطلَّقها حتى إذا شَاَرفَتْ انقضاءَ عِدَّتِهَا ارتَجَعَهَا، ثم قال: لا والله، لا آويك إليَّ، ولا تَحِلِّينَ أَبداً، فَأنزل الله {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فإمْسَاكٌ بِمعروفٍ أو تَسْريحٌ بإِحْسانٍ} فاستقبلَ الناس الطلاق جديداً من ذلك: منْ كان طلَّقَ أو لم يُطَلِّق. أخرجه الموطأ والترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شارفتُ) الشيء: قربتُ منه، وأشرفتُ عليه. [ص:47]
(آويك) أضمك إليّ، وهو من المأوى: المنزل.
__________
(1) الموطأ 2 / 588 في الطلاق، باب جامع الطلاق، وإسناده صحيح، ووصله الترمذي رقم (1192) في الطلاق، باب الطلاق مرتان، وفيه يعلى بن شبيب المكي مولى آل الزبير، وهو لين الحديث كما في التقريب، ثم قال الترمذي: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، ثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، نحو هذا الحديث بمعناه، ولم يذكر فيه عن عائشة، وهذا أصح من حديث يعلى بن شبيب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (1192) قال حدثنا قتيبة قال حدثنا يعلى بن شبيب، عن هشام بن عروة عن أبيه فذكره. قال الترمذي: حدثنا أبو كريب قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام بن عروة عن أبيه نحو هذا الحديث بمعناه ولم يذكر فيه عن عائشة، قال أبو عيسى: وهذا أصح من حديث يعلي بن شبيب وأخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (1282) عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال ... قال الزرقاني في شرحه على الموطأ (3/281) وهذا مرسل تابع مالكا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلا، ووصله الترمذي، والحاكم وغيرهما من طريق يعلي بن شبيب وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما، عن هشام عن أبيه عن عائشة.(2/46)
513 - (خ ت د) معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: كانت لي أُخْتٌ تُخْطَبُ إليَّ، (وأَمْنَعُها من النَّاس) ، فأَتاني ابنُ عمٍّ لي، فأنكَحْتُها إيَّاه (فاصطحبا ما شاء الله) ، ثم طلَّقَها طلاقاً له رَجْعَة، ثم تركَها حتَّى انقَضَتْ عدَّتُها، فَلَّما خُطِبتْ إليَّ أَتَانِي يخطُبهَا (مع الخُطَّابِ) فقلتُ له: (خُطِبَتْ إِلَيَّ فَمنَعْتُهَا النَّاسَ، وَآثَرْتُكَ بِهَا، فَزوَّجْتُكها، ثم طلَّقْتَها طلاقاً لكَ رَجْعَةٌ، ثم تركتها حتى انقضت عدَّتُها، فلما خُطبت إليَّ أتيتني تخطبها مع الخُطَّابِ) ؟! والله، لا أَنْكَحْتُكهَا أبداً، قال: فَفِيَّ نزلت هذه الآية: {وَإذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الآية [البقرة: 232] ، فَكفَّرْتُ عن يميني، وأَنْكَحْتُها إيَّاهُ.
هذه رواية البخاري، وأخرجه الترمذي وأبو داود نحوه بمعناه (1) . [ص:48]
وفي أخرى للبخاري نحوه، وفيها: فَحَمِيَ مَعْقِلٌ من ذلك أنَفاً (2) وقال: خَلا عنها، وهو يقدرُ علَيها، ثم يخطبها، فحال بينه وبينها، فأنزل الله هذه الآية، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه، فَتَرَكَ الحَمِيَّةَ، واستقاد لأمر الله عز وجل (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تَعضُلُوهُنَّ) أي تمنعونهن أن ينكحن من يجوز لهن نكاحه.
(فكفَّرت) تكفير اليمين: إخراج الكفارة التي تلزم الحالف إذا حنث، كأنها تغطي الذنب الذي يوجبه الحنث، والتكفير: التغطية.
(فَحمِيَ) أي: أخذته الحميَّة، وهي الأنفة والغيرة.
__________
(1) لفظ الترمذي: عن الحسن، عن معقل بن يسار " أنه زوج أخته رجلاً من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فكانت عنده ما كانت - ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته -ثم خطبها مع الخطاب - فقال له: يا لكع، أكرمتك بها وزوجتكها، فطلقتها! والله لا ترجع إليك أبداً آخر ما عليك، قال: فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله تبارك وتعالى {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن - إلى قوله - وأنتم لا تعلمون} فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة، ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك ".
قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقد روي من غير وجه عن الحسن، ثم قال: وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا يجوز النكاح بغير ولي، لأن أخت معقل بن يسار كانت ثيباً، فلو كان الأمر إليها دون وليها لزوجت نفسها، ولم تحتج إلى وليها معقل بن يسار، وإنما خاطب الله في هذه الآية الأولياء، فقال: {لا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} ففي هذه الآية دلالة على أن الأمر إلى الأولياء في التزويج مع رضاهن اهـ. [ص:48] وقال ابن جرير: في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة قول من قال: لا نكاح إلا بولي من العصبة.
وقال الخطابي: هذه أدل آية في كتاب الله تعالى على أن النكاح لا يصح إلا بعقد ولي.
وقال المنذري في " مختصر السنن " 3 / 34، وقال الشافعي: وهذا أبين ما في القرآن، من أن للولي مع المرأة في نفسها حقاً، وأن على الولي أن لا يعضلها، إذا رضيت أن تنكح بالمعروف. قال: وجاءت السنة بمثل معنى كتاب الله.
(2) بفتح الهمزة والنون منون، أي: ترك الفعل غيظاً وترفعاً.
(3) البخاري 8 / 143 في التفسير، باب {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن} ، وفي النكاح 9 / 160، 161، باب من قال: لا نكاح إلا بولي، و 9 / 425، 426 في الطلاق، باب وبعولتهن أحق بردهن في العدة، والترمذي رقم (2985) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (2087) في النكاح، باب في العضل، وما بين الأقواس، زيادات ليست في البخاري والترمذي وأبو داود، ولعلها من زيادات الحميدي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/36) قال حدثنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا عباد بن راشد وفي (7/21) قال حدثنا أحمد بن أبي عمرو قال: حدثني أبي قال حدثني إبراهيم عن يونس وفي (7/75) قال حدثني محمد قال أخبرنا عبد الوهاب قال حدثنا يونس (ح) وحدثني محمد بن المثني قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا سعيد عن قتادة. و «أبو داود» (2087) قال حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني أبو عامر قال حدثنا عباد بن راشد، و «الترمذي» (2981) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا هاشم بن القاسم عن المبارك بن فضالة. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (8/14465) عن سوار بن عبد الله العنبري عن أبي داود الطيالسي عن عباد بن راشد (ح) وعن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي عن سريج بن يوسف عن هشيم عن يونس بن عبيد.
أربعتم - عباد بن راشد، ويونس بن عبيد، وقتادة، والمبارك بن فضالة - عن الحسن فذكره.
وأخرجه البخاري (6/36) قال حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا يونس عن الحسن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فذكره مرسلا.
قلت: رواية «جامع الأصول» هي رواية وسياق أبي داود.(2/47)
514 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: في قوله تعالى: {فِيما [ص:49] عَرَّضْتُم بِهِ من خِطْبَةِ النِّساءِ} [البقرة: 235] ، هو أنْ يقول: إنِّي أُريدُ التَّزَوُّجَ، [وإِنَّ النِّساءَ لِمَن حاجَتي (1) ] ، وَلَودِدْتُ أن تُيَسَّرَ لي امرأَةٌ صالِحةٌ. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) زيادة ليست عند البخاري.
(2) 9 / 154 في النكاح، باب قول الله عز وجل {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الكناح (35 تعليقا) قال لي طلق بن غنام عن زائدة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن عبد الله بن عباس (تحفة الأشراف 5/6426) .(2/48)
515 - (خ م ت د س) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب - وفي رواية يوم الخندق -: «مَلأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَاراً (1) ، كما شَغَلونَا عن الصلاةِ الوُسطى حتَّى غابتِ الشَّمْسُ» .
وفي رواية: شغلونا عن الصلاة الوسطى: صلاةِ العصر، وذكر نحوه.
وزاد في أخرى: ثم صلاها بين المغرب والعشاء.
هذه رواية البخاري ومسلم والترمذي، ولأبي داود والنسائي نحوُها (2) .
__________
(1) قال شارح المشكاة: هذا دعاء عليهم بعذاب الدارين من خراب بيوتهم في الدنيا، فتكون " النار " استعارة للفتنة، ومن اشتعال النار في قبورهم.
(2) البخاري 6 / 76 في الجهاد، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، وفي المغازي، باب غزوة الخندق، وفي تفسير سورة البقرة، في باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} ، وفي الدعوات، باب الدعاء على المشركين، ومسلم رقم (627) ، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، وباب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، والترمذي رقم (2987) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وأبو داود رقم (409) في الصلاة، باب وقت صلاة العصر، والنسائي 1 / 236 في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر، وأخرجه ابن ماجة رقم (684) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/79) (591) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد. وفي (1/135) (1134) قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد. وفي (1/137) (1150) قال: حدثنا محمد ابن جعفر، قال: حدثنا شعبة، وفي (1/137) (1151) قال: حدثنا حجاج،قال: حدثني شعبة. وفي (1/152) (1307) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال حدثنا سعيد وفي (1/153) (1313) قال: حدثنا بهز، قال: حدثنا همام، وفي (1/154) (1326) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، و «مسلم» (2/111) قال: حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار. قال ابن المثني: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنات شعبة (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد. «والترمذي» 2984) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة، عن سعيد. و «النسائي» (1/236) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة. ثلاثتهم - سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وهمام - عن قتادة عن أبي حسان الأعرج.
2- وأخرجه أحمد (1/122) (994) قال: حدثنا يحيى، وفي (1/ 144) (1220) قال: حدثنا يزيد. و «عبد بن حميد» (77) قال: أخبرنا يزيد بن هارون. و «الدارمي» (1235) قال: حدثنا يزيد ابن هارون. والبخاري (4/52) قال حدثنا إبراهيم بن موسى،قال: أخبرنا عيسى. وفي (5/141) قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا روح وفي (6/37) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يزيد (ح) وحدثني عبد الرحمن، قال حدثنا يحيى بن سعيد، وفي (8/105) قال: حدثنا محمد بن المثني، قال: حدثنا الأنصاري. و «مسلم» (2/111) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثننا أبو أسامة (ح) وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثناه إسحاق بن أبراهيم، قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان. و «أبو داود» (409) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة،ويزيد بن هارون. و «ابن خزيمة» (1335) قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا المعتمر. ثمانيتهم - يحيى بن سعيد، ويزيد بن هارون، وعيسى، وروح، ومحمد بن عبد الأنصاري،وأبو أسامة، ومعتمر، ويحيى بن زكريا - عن هشام بن حسان،عن محمد بن سيرين. كلاهما - أبو حسان، وابن سيرين- عن عبيدة عن عمرو السلماني فذكره.
- ورواه عن علي يحيى بن الجزار:
أخرجه أحمد (1/.135) (1132) ، و «مسلم» (2/111 و 112) .
- ورواه عن علي زر بن حبيش:
أخرجه أحمد (1/150) (1287) و «ابن ماجه» (684) و «النسائي» تحفة الأشراف (10093) و «ابن خزيمة» (1336) .ورواه عن علي أيضا شتير بن شكل: أخرجه أحمد (1/81/ (617) ، و «مسلم» (2/112) ، و «النسائي» في الكبرى (342) و «ابن خزيمة» (337) .(2/49)
516 - (م) ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: حَبسَ المشركون [ص:50] رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن صلاةِ العصرِ حتى احْمَرَّتِ الشمس أو اصفرَّت، فقال رسولُ صلى الله عليه وسلم: «شَغلُونَا عن الصلاةِ الوُسطى: صلاةِ العصر؛ ملأَ اللهُ أجوافَهُمْ وقُبُورَهُم ناراً، أو حشا الله أجوافَهُم وقُبُورهم ناراً» . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (628) في المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وأخرجه ابن ماجة رقم (686) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر، وأخرجه الطبري رقم (5420) ، وأحمد رقم (3716) و (3829) و (4365) ، والبيهقي 1 / 460.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/392) (3716) قال: حدثنا يزيد. وفي (1/403) (3829) قال: حدثنا خلف بن الوليد، وفي (1/456) (4365) قال: حدثنا هاشم، «مسلم» (2/112) قال: حدثنا عون ابن سلام الكوفي. و «ابن ماجة» (686) قال: حدثنا حفص بن عمرو، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي (ح) وحدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا يزيد بن هارون، «والترمذي» (181) و (2985) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، وأبو النضر.
ستتهم يزيد، وخلف، وهاشم بن القاسم أبو النضر، وعون بن سلام، وابن مهدي، وأبوداود الطيالسي عن محمد بن طللحة بن مصرف، عن زبيد عن مرة الهمداني، فذكره.
رواية الترمذي مختصرة على: «صلاة الوسطى صلاة العصر» .(2/49)
517 - (ت) سمرة بن جندب وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «الصلاةُ الوُسطى: صلاةُ العصر» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2986) و (2988) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، ورقم (181) و (182) في الصلاة، باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر، وإسناده عن ابن مسعود حسن، وصححه الترمذي، وأخرجه الطبري رقم (5417) ، وأحمد 5 / 7، 12، 13 من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، وقد حسنه الترمذي. وفي الباب عن علي وعائشة وحفصة وأبي هريرة وأبي هاشم بن عتبة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: عن الحسن عن سمرة.
1- أخرجه أحمد (5/7) قال: حدثنا محمد بن جعفر، وروح. وفي (5/12) قال: حدثنا عبد الوهاب الخفاف. وفي (5/13) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. و «الترمذي» (182) قال: حدثنا هناد، قال حدثنا عبده. وفي (2983) قال: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع - ستتهم - محمد ابن جعفر،وروح، وعبد الوهاب وعبدة، ويزيد - عن سعيد.
2-وأخرجه أحمد (5/8) قال:حدثنا بهز، وعفان، قالا:حدثنا أبان.
3-وأخرجه أحمد (5/22) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا هشام. ثلاثتهم (سعيد، وأبان، وهمام- عن قتادة، قال: حدثنا الحسن، فذكره
ابن مسعود، مسلم في الصلاة (89: 6) . الترمذي فيه (الصلاة 19) وفي التفسير (3 البقرة: 39) . وابن ماجة، الصلاة (6: 3) .(2/50)
518 - (م ط د ت س) أبو يونس - مولى عائشة - رضي الله عنهما - قال: أمَرَتْنِي عائشة - رضي الله عنها - أن أَكْتُبَ لها مُصْحَفاً، وقالت: إذا بَلَغْتَ هذه الآية فآذِنِّي {حافظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطى} [البقرة: 238] قال: فَلمَّا بَلَغْتُها آذَنْتُها، فأمْلَتْ عَليَّ {حَافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاةِ العصرِ وقوموا لله قانتين} قالت عائشة: سمعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. أخرجه الجماعة إِلا البخاري (1) . [ص:51]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فآذنِّي) أعلمني، والإيذان، الإعلام.
__________
(1) مسلم رقم (629) في المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر [ص:51] والموطأ 1 / 138، 139 في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، وأبو داود رقم (410) في الصلاة، باب وقت صلاة العصر، والترمذي رقم (2986) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، والنسائي 1 / 236 في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك الموطأ صفحة (105) » وأحمد « (6/73) قال: حدثنا إسحاق، وفي (6/178) قال: قرأت على عبد الرحمن، و» مسلم « (2/113) قال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. و» أبو داود « (410) قال: حدثنا القعنبي. و» الترمذي « (2982) قال: حدثنا قتيبة (ح) وحدثنا الأنصاري قال: حدثنا معن.» والنسائي (1/236) وفي الكبرى (345) قال: أخبرنا قتيبة، وفي الكبرى تحفة الأشراف (12/ 17809) عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم سبعتهم- إسحاق، وعبد الرحمن، ويحيى بن يحيى، والقعنبي، وقتيبة ومعن، وابن القاسم، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس، فذكره.(2/50)
519 - (ط) عمرو بن رافع - رحمه الله - أَنَّه كان يكتبُ مُصْحفاً لحفصةَ فقالت له: إذا انتَهَيْتَ إلى {حافظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطى} فآذنِّي، فآذنتُها، فقالت: اكتُب {والصلاةِ الوسطى وصلاةِ العصرِ وقُومُوا لِلهِ قانتين} أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 139 في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، وعمرو بن رافع وثقه ابن حبان، وقال الحافظ في " تهذيب التهذيب " 8 / 32: وأخرج الحديث المذكور إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " من طريق سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن عبد الله عن نافع أن عمرو بن رافع أو نافع مولى عمر أخبره أنه كتب مصحفاً لحفصة،
ومن طريق موسى بن عقبة عن نافع: أمرت حفصة، ولم يذكر عمرو بن رافع، وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (1722) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي ونافع أن عمرو بن رافع مولى عمر بن الخطاب حدثهما أنه كان يكتب المصاحف أيام أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فاستكتبتني حفصة مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية من سورة البقرة فلا تكتبها حتى تأتيني منها فأمليها عليك كما حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما بلغتها جئتها بالورقة التي أكتبها فقالت: اكتب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده قوي: أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (312) عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع.(2/51)
520 - (م) شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «نزلت هذه الآية: {حافظوا على الصلواتِ وصلاةِ العصر} فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها اللهُ، فنزلت: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فقال [ص:52] رجل - كان جالساً عند شقيق - له: فهي إذاً صلاة العصر؟ قال البراءُ: قد أخبرتُك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم» . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (630) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/301) ومسلم (2/112) قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، كلاهما أحمد، وإسحاق عن يحيى بن آدم قال قال حدثنا فضيل بن مرزوق عن شقيق فذكره.(2/51)
521 - (ط ت) مالك - رضي الله عنه - بلغه أنَّ عليَّ بن أبي طالب وعبدَ اللهِ ابن عَبَّاس - رضي الله عنهم -كانا يقولان: «الصلاةُ الوسْطى: صلاةُ الصبحِ» أخرجه الموطأ، وأخرجه الترمذي عن ابن عباس وابن عمر تعليقاً (1) .
__________
(1) الموطأ 1 / 137 في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، والترمذي تعليقاً في الصلاة، باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها صلاة العصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (314) قال الزرقاني: روى ابن جرير من طريق عوف الأعرابي عن أبي رجاء العطاردي قال صليت خلف ابن عباس الصبح فقنت فيها، ورفع يديه ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين. وأخرجه أيضا من وجه آخر عند ابن عمر وأما علي فالمعروف عنه أنها العصر عنه رواه مسلم من طريق ابن سيرين ومن طريق عبيدة السلماني عنه يحيى التميمي. والترمذي والنسائي من طريق زر بن حبيش قال قلنا لعبيدة سل عليا عن الصلاة الوسطى فسأله فقال كنا نرى أنها الصبح حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول يوم الأحزاب» شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر «كذا في» الفتح الزرقاني في شرحه على الموطأ (1/406) .(2/52)
522 - (ط ت د) زيد بن ثابت وعائشة - رضي الله عنهما - قالا: «الصلاة الوسطى: صلاةُ العصر» .
أخرجه الموطأ عن زيد، والترمذي عنهما تعليقاً.
وأخرجه أبو داود عن زيد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الظهرَ بالهاجِرَةِ، ولم يكن يصلي صلاة أشدَّ على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- منها، فنزلت: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} وقال: إنَّ قَبْلها صلاتين، وبعدها صلاتين (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بالهاجرة) الهاجرة: شدَّة الحرِّ.
__________
(1) الموطأ 1 / 139 في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر تعليقاً، وأبو داود رقم (411) في الصلاة، باب وقت صلاة العصر، وإسناد أبي داود صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك الموطأ صفحة 105 و «أحمد» (6/73) قال حدثنا إسحاق وفي (6/178) قال قرأت على عبد الرحمن. و «مسلم» (2/112) قال حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. و «أبوداود» (410) قال حدثنا القعنبي. و «الترمذي» (2982) قال حدثنا معن «والنسائي» قتيبة (ح) وحدثنا الأنصاري قال حدثنا معنو «النسائي» (1/236) وفي الكبرى (345) قال أخبرنا قتيبة وفي الكبرى تحفة الأشراف (12/17809) عن الحاث بن مسكين عن ابن القاسم سبعتهم - إسحاق، وعبد الرحمن، ويحيى بن يحيى، والقعنبي، وقيتبة، ومعن، وابن القاسم - عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس فذكره.(2/52)
523 - (خ) ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة: {والَّذِينَ يُتَوفَّوْنَ مِنْكُمْ ويذَرُونَ أَزواجاً - إلى قوله - غير إخراجٍ} قد نسختْها الآيةُ الأُخرى، فلِمَ تكْتُبُها،؟ قال: تدعُها (1) يا ابن أخي، لا أُغَيِّرُ شيئاً [منه] من مكانهِ. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) في رواية البخاري " فلم تكتبها أو تدعها؟ " قال: يا ابن أخي لا أغير شيئاً منه من مكانه "، قال الحافظ تعليقاً على هذه الرواية: كذا في الأصول بصيغة الاستفهام الإنكاري كأنه قال: لم تكتبها وقد عرفت أنها منسوخة أو قال: لم تدعها، أي: تتركها مكتوبة وهو شك من الراوي، أي اللفظين قال، ووقع في الرواية الآتية: فلم تكتبها؟ قال: تدعها يا ابن أخي، وفي رواية الإسماعيلي: لم تكتبها، وقد نسختها الآية الأخرى، وهو يؤيد التقدير الذي ذكرته، وله من رواية أخرى، قلت لعثمان: هذه الآية {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج} قال: نسختها الآية الأخرى، قلت: تكتبها أو تدعها؟ قال: يا ابن أخي لا أغير منها شيئاً عن مكانه، وهذا السياق أولى من الذي قبله، و " أو " للتخيير لا للشك.
(2) 8 / 144 و 150 في تفسير سورة البقرة، باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} ، وباب {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/36) قال حدثني أمية بن بسطام قال حدثنا بن يزيد بن زريع. وفي (6/39) قال حدثني عبد الله بن أبي الأسود قال حدثنا حميد بن الأسود ويزيد بن زريع كلاهما - يزيد وحميد - عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال قال ابن الزيبير فذكره.(2/53)
524 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزل قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ في الدِّينِ} في الأنصار، كانت تكونُ المرأةُ ِمقلاة، فتَجْعَل على نفسها إن عاشَ لهَا ولدٌ أن تُهَوِّدَهُ، فلما أُجْليَتْ بنو النَّضِير، كان فيهم كثير من أبناء الأنصار، فقالوا: لا نَدَعُ أبناءنا، فأنزل الله تعالى: {لا إكرَاه في الدِّين قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} . أخرجه أبو داود (1) ، وقال: المقلاة: التي لا يعيش لها ولدٌ. [ص:54]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مِقْلاة) المقلاة: المرأة التي لا يعيش لها ولد.
__________
(1) رقم (2682) في الجهاد، باب الأسير يكره على الإسلام، وأخرجه الطبري (5813) ، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان رقم (1725) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2682) قال حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي، قال حدثنا أشعث بن عبد الله يعني السجستاني (ح) وحدثنا ابن بشار قال حدثنا ابن أبي عدي (ح) وحدثنا الحسن بن علي قال حدثنا وهب ابن جرير، و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (5459) عن بندار عن ابن أبي عدي (ح) وعن إبراهيم بن يونس بن محمد عن عثمان بن عمر.
أربعتهم - أشعث، وابن أبي عدي، ووهب، وعثمان ابن عمر عن شعبة - عن أبي بشر عن سعيد بن جبير فذكره، أبو داود المقلات التي لايعيش لها ولد،.(2/53)
525 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «نَحْنُ أَحَقُّ بالشَّكِّ (1) من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كيف تُحْيِي الموتَى قال أَوَلَم تُؤْمِنْ قال بَلى ولكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلبِي} وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطاً، لقد كان يأوي إلى رُكْنٍ شديدٍ، ولو لَبِثْتُ في السِّجْنِ طول ما لَبِثَ يوسفُ، لأَجَبتُ الدَّاعيَ» .
هذه رواية البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إن الكَرِيمَ بْنَ الكَريم بْنَ الكَريمِ: يوسف بنُ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ولو لبِثتُ في السِّجْنِ ما لبِثَ، ثم جاءني الرسولُ: أجبتُ» ، ثم قرأَ « {فَلَمَّا جاءهُ الرَّسُولُ [ص:55] قال ارجِعْ إلى ربك فاسأله ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 50] قال: ورحمة الله على لوطٍ، إنْ كان ليأوي إلى ركْنٍ شديدٍ فما بعثَ الله من بَعْدِهِ نبيّاً إلا في ثَرْوةٍ من قومِهِ» (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نحن أحق بالشك من إبراهيم) لما نزلت {رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحيِي الموْتَى} [البقرة: 260] قال بعض من سمعها: شك إبراهيم عليه السلام: ولم يشك نبينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: تواضعاً منه وتقديماً لإبراهيم على نفسه، «نحن أحق بالشك منه» والمعنى: إننا لم نشك ونحن دونه فكيف يشك هو؟.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 6 / 294، 295: اختلفوا في معنى قوله صلى الله عليه وسلم " نحن أحق بالشك " فقال بعضهم: معناه: نحن أشد اشتياقاً إلى رؤية ذلك من إبراهيم، وقيل: معناه: إذا لم نشك نحن، فإبراهيم أولى أن لا يشك، أي: لو كان الشك متطرقاً إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به منهم، وقد علمتم أني لم أشك، فاعلموا أنه لم يشك، وإنما قال ذلك تواضعاً منه، أو من قبل أن يعلمه الله بأنه أفضل من إبراهيم، وهو كقوله في حديث أنس عند مسلم " أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية، قال: ذاك إبراهيم "، وقيل: إن سبب هذا الحديث: أن الآية لما نزلت قال بعض الناس " شك إبراهيم ولم يشك نبينا " فبلغه ذلك، فقال: " نحن أحق بالشك من إبراهيم " أراد: ما جرت به العادة في المخاطبة لمن أراد أن يدفع عن آخر شيئاً. قال: مهما أردت أن تقوله لفلان فقله لي، ومقصوده: لا تقل ذلك.
(2) البخاري في الأنبياء 6 /293، 295، باب قوله عز وجل {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} ، وباب {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} ، وباب قوله تعالى {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي التفسير، باب {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى} ، وتفسير سورة يوسف، باب {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} وفي التعبير، باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك، ومسلم رقم (151) في الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب، ورقم (151) في الفضائل، باب فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام، والترمذي رقم (3115) في التفسير، باب ومن سورة يوسف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (2: 46: 1) وفي أحاديث الأنبياء (12: 1) عن أحمد بن صالح عن ابن وهب - وفي التفسير أيضا (12: 5:1) عن سعيد بن تليد عن عبد الرحمن بن القاسم عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث - كلاهما عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة (ح 15313) كلاهما عن أبي هريرة به (مسلم) في الإيمان (68: 1) وفي الفضائل (3: 97) عن حرملة بن يحيى- (وابن ماجة) في الفتن (33: 4) عن حرملة بن يحيى - ويونس ابن عبد الأعلى - كلاهما عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. الأشراف (10/63/13325) .(2/54)
526 - (خ) عبيد بن عمير - رحمه الله - قال: قال عمرُ بن الخطاب يوماً لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: فيم تَرَوْنَ هذه الآيةَ نزلت {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أنْ تكُونَ لَه جَنَّةٌ من نخيلٍ وأَعنابٍ} [البقرة: 266] قالوا: الله أعلم فغضبَ [ص:56] عمرُ فقال: قولوا: نعلمُ، أو لا نعلمُ، فقال ابنُ عباس: في نفسي منها شيءٌ يا أَميرَ المؤمنين، قال عُمَرُ: يا ابن أَخِي، قُلْ ولا تَحْقِرْ نفْسَكَ، قال ابنُ عبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثلاً لعملٍ، قال عُمَرُ، أيُّ عَملٍ؟ قال ابن عباسٍ، لِعَمَلٍ، قال عمرُ: لرجلٍ غنيّ يَعْمَلُ بطاعَةِ الله، ثم بَعَثَ الله عزَّ وجَلَّ له الشَّيطانَ فَعمِلَ بالمَعَاصي حتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ " أخرجه البخاري (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أغرق أعماله) الصالحة: أضاعها بما ارتكب من المعاصي.
__________
(1) 8 / 151 في تفسير سورة البقرة، باب قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب} ، قال الحافظ: وقوله: " أغرق أعماله " أي: أعماله الصالحة، وأخرج ابن المنذر هذا الحديث من وجه آخر عن ابن أبي مليكة وعنده بعد قوله: " أي عمل " قال ابن عباس: شيء ألقي في روعي فقال: صدقت يا ابن أخي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (47: 2) عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف عن ابن جريح قال سمعت ابن أبي مليكة عبد الله يحدث عن ابن عباس (ح 5802) وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي ملكه يحدث عن عبيدة بن عمير قال: قال: عمر..فذكره، (؟) عن الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج عن ابن جريج قال سمعت أبا بكر بن أبي مليكة يخبر عن عبيد بن عمير نحوه، وعن ابن جريج قالسمعت عبد الله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس مثل هذا وزاد فذكره عنه زيادة. تحفة الأشراف (8/46/10506) .(2/55)
527 - (ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: في قوله تعالى: {ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ منْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] نزلت فينا معشر الأنصار، كُنَّا أصحابَ نخلٍ، فكان الرجلُ يأتي من نَخْلِهِ على قدْرِ كَثْرَتِهِ وِقِلَّتِهِ، وكانَ الرجلُ يأتي بالقِنْوِ والقنْوَيْنِ، فيُعَلِّقُهُ في المسجدِ، وكانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ ليس لهم طعامٌ، فكانَ أَحَدُهُمْ إذا جاعَ أَتى القِنْوَ، فضرَبهُ بعصاهُ، فسقطَ البُسْرُ والتَّمر، فيأكلُ، وكان ناسٌ مِمَّن لا يرغبُ في الخيرِ، يأتي الرجلُ بالقِنْوِِ فيه الشيصُ والحشَفُ، وبالقِنْو قد انكسرَ، فيُعَلِّقُهُ، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِن طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا [ص:57] لَكُم من الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بآخِذِيهِ إلا أن تُغْمِضُوا فيهِ} قال لو أنَّ أحدكم أُهديَ إليه مثلُ ما أَعْطَى، لم يأْخذه إلا على إغماضٍ، أو حياء، قال: فكُنَّا بعد ذلك يأتي أَحَدُنَا بصَالحِ ما عندهُ " أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تَيمَّموا الخبيث) التيمم: القصد، والخبيث: الرديء والحرام.
(بالقِنو) العذق من الرطب (2) .
(أهل الصُّفة) : هم الفقراء من الصحابة الذين كانوا يسكنون صفة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، لا مسكن لهم، ولا مكسب ولا مال ولا ولد، وإنما كانوا متوكلين ينتظرون من يتصدق عليهم بشيء يأكلونه ويلبسونه (3) .
(الإغماض) : المسامحة والمساهلة، يقول في البيع: أغمض لي: إذا [ص:58] استزدته من البيع، واستحطته من الثمن.
(الشِّيص) : الرديء من البُسر.
__________
(1) رقم (2990) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وإسناده حسن، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وأخرجه ابن ماجة رقم (1822) في الزكاة، باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله، والطبري رقم (6139) ، والحاكم 2 / 285، وقال: هذا حديث غريب صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(2) وهو في التمر بمنزلة العنقود من العنب وجمعه أقناء.
(3) ظاهر هذا التفسير: أنهم كانوا جماعة خاصة منقطعين للصفة. وهذا خطأ، فإن صريح الأحاديث الواردة في ذلك: أنهم الذين كانوا يقدمون المدينة مهاجرين ينزلون الصفة ريثما يتخذون المنزل فيتحولون، فكانت الصفة كالمنزل في المدينة، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الأربعة سادات المتوكلين، ولم يجلسوا ينتظرون صدقات الناس، بل لقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر عن ذلك أشد التحذير.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (2987) قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي مالك -غزوان - فذكره. ورواه عن البراء أيضا عدي بن ثابت.
وأخرجه ابن ماجة (1822) قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحي بن سعيد القطان قال حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا أسباط بن نصر عن السدي عن عدي بن ثابت فذكره.(2/56)
528 - (ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ للشَّيْطانِ لَمَّة بابْنِ آدَمَ، ولِلْمَلَكِ لَمَّة، فأَمَّا لَمَّةُ الشيطانِ، فإيعادٌ بالشَّرِّ وتكذيبٌ بالحق، وأمَّا لَمَّةُ الملَكِ، فإيعادٌ بالخَير، وتصديقٌ بالحق، فمن وجد ذلك، فلْيعْلَم أنَّه من الله، فيحْمَدُ الله، ومَن وجد الأخرى، فَلْيَتَعَوَّذْ بالله من الشيطان الرجيم» ، ثم قرأ: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأمُرُكُمْ بالفَحْشاءِ.... الآية} . [البقرة: 268] أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اللمة) : المرة الواحدة من الإلمام، وهو القرب من الشيء، والمراد بها: الهمة التي تقع في القلب من فعل الخير والشر والعزم عليه.
__________
(1) رقم (2991) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، وقال:هذا حديث حسن غريب، وفي بعض النسخ: حسن صحيح غريب، وأخرجه الطبراني (6170) ، وابن حبان في صحيحه رقم (40) وفي سنده عطاء بن السائب، وقد رمي بالاختلاط في آخر عمره فمن سمع منه قديماً فحديثه صحيح، وقد استظهر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله من مجموع كلام أئمة الجرح والتعديل أن اختلاطه كان حين قدم البصرة، وعطاء كوفي، والراوي عنه في هذا الحديث أبو الأحوص كوفي أيضاً، فالظاهر أنه سمع منه قبل الاختلاط.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (2988) ، و «النسائي» في الكبرى تحفة الأشراف (9550) كلاهما عن هناد قال حدثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن مرة الهمداني فذكره.(2/58)
529 - (خ) مروان الأصفر - رحمه الله - عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو ابن عمر- قال: {وإنْ تُبْدُوا ما في أَنْفُسِكم أو تُخفوهُ [ص:59] يُحاسِبْكُم به اللَّهُ فيغْفِرُ لمنْ يشاءُ ويعذِّبُ منْ يشاءُ واللَّهُ على كلِّ شيء قَديرٌ} [البقرة: 284] إنها قد نسخت.
وفي رواية: «نسختها الآية التي بعدها» أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 154 في تفسير سورة البقرة، باب {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} ، وباب {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} ، قال الحافظ في " الفتح ": قوله: " وهو ابن عمر ": لم يتضح لي من هو الجازم بأنه ابن عمر، فإن الرواية الآتية بعد هذه وقعت بلفظ: أحسبه ابن عمر، وعندي في ثبوت كونه ابن عمر توقف، لأنه ثبت أن ابن عمر لم يكن اطلع على كون هذه الآية منسوخة، فروى أحمد من طريق مجاهد قال: دخلت على ابن عباس فقلت: كنت عند ابن عمر فقرأ {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} فبكى، فقال ابن عباس: إن هذه الآية لما أنزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غماً شديداً، وقالوا: يا رسول الله هلكنا، فإن قلوبنا ليست بأيدينا، فقال: قولوا: سمعنا وأطعنا، فقالوا، فنسختها هذه الآية {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} ، وأصله عند مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس دون قصة ابن عمر، وأخرج الطبري رقم (6459) بإسناد صحيح عن الزهري أنه سمع سعيد بن مرجانة يقول: كنت عند ابن عمر فتلا هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} فقال: والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن، ثم بكى حتى سمع نشيجه، فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر، وما فعل حين تلاها، فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون حين نزلت مثل ما وجد، فأنزل الله {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} ، وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: لما نزلت {لله ما في السماوات وما في الأرض ... } الآية، اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر القصة وفيها: فلما فعلوا نسخها الله فأنزل الله {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} إلى آخر السورة، ولم يذكر قصة ابن عمر، ويمكن أن ابن عمر كان أولاً لا يعرف القصة ثم لما تحقق ذلك جزم به، فيكون مرسل صحابي، والله أعلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/41) قال حدثنا محمد قال حدثنا النفيلي قال حدثنا مسكين وفي (6/41) قال حدثني إسحاق بن منصور قال أخبرنا روح كلاهما - مسكين وروح - عن شعبة عن خالد الحذاء عن مروان الأصفر في رواية روح عن رجل من أصحاب رسول الله قال أحسبه ابن عمر {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} قال نسختها الآية التي بعدها..(2/58)
530 - (ت) السديّ - رحمه الله - قال: حدثني من سمع علياً يقول: لما نزلتْ هذه الآية: {وإنْ تُبدوا ما في أنفُسِكمْ أو تُخْفوهُ يحاسِبْكمْ بهِ اللَّهُ فيَغْفِرُ لمنْ يشاءُ ويعذِّبُ من يشاءُ واللَّهُ على كلِّ شيءٍ قَديرٌ} . [ص:60] أحزنتْنا قال: قُلنا، يُحَدِّثُ أحدُنَا نفسهُ، فيُحاسبُ به؟ لا يدْري ما يُغْفرُ مِنْهُ وما لا يغفرُ؟ فنزلت هذه الآية بعدها فَنَسَخَتْها {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نفساً إلا وُسْعَها لها ما كسبتْ وعليها ما اكْتَسبتْ} [البقرة: 286] أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2993) في التفسير، باب ومن سورة البقرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (2990) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي قال حدثنا من سمع عليّا فذكره.(2/59)
531 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {للهِ ما في السمواتِ وما في الأرضِ وإنْ تُبدوا ما في أنفُسِكم أو تُخفوهُ يحاسِبْكم به اللهُ ... الآية} [البقرة: 284] اشْتدَّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ بَرَكوا على الرُّكبِ» ، فقالوا: أيْ رسول الله، كُلِّفْنا مِنَ الأعمال ما نطيقُ، الصلاة والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أُنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غُفرانكَ ربنا وإليكَ المصير» [قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير] فلما اقترأها القومُ، وذَلَّتْ بها أَلسِنتُهم أنزلَ اللهُ في إِثْرِها: {آمَنَ الرسولُ بما أُنزِلَ إليهِ مِنْ رَبِّهِ والمُؤْمِنونَ كُلٌّ آمَن باللَّهِ وملائكَتهِ وكتبِهِ ورسُلِه لا نفرِّقُ بين أحدٍ من رُسُله وقالوا سمعْنا وأَطعْنا غُفرانكَ ربنا وإليكَ المصيرُ} فلما فعلوا ذلك: نسَخَها اللهُ تعالى، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {لا يُكلِّفُ اللَّهُ نفْساً إلا وُسْعَهَا لها ما كسبَتْ [ص:61] وعليها ما اكْتَسَبَتْ ربنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نسِينا أو أخطأْنا} قال: نعم {ربَّنا ولا تحْمِلْ عليْنا إِصْراً كما حَملْتَهُ على الذين منْ قبْلِنا} قال: نعم {ربَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقةَ لنا به} قال: نعم {واعْفُ عنا واغفرْ لنا وارحمْنا أنتَ موْلانا فانْصُرنا على القومِ الكافرينَ} قال: نعم. أخرجه مسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اقترأها) بمعنى قرأها، وهو افتعل من القراءة.
__________
(1) رقم (125) في الإيمان، باب بيان: أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/412) قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم. و «مسلم» (1/80) قال حدثني محمد بن منها الضرير وأمية بن بسطام العيشي قالا: حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح وهو ابن القاسم كلاهما - عبد الرحمن، وروح - عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه فذكره.(2/60)
532 - (م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما نزلتْ هذه الآية {وإِن تبدُوا ما في أَنفسكم أَو تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُم به اللَّهُ} دخلَ قُلُوبَهُم منها شيءٌ، لم يَدْخُلْ قُلوبَهُمْ من شيْء، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قولوا: سمعنا وأطعنا وسلَّمنا» ، قال: فألقى الله الإيمانَ في قُلُوبِهم، فأنزل الله عز وجل: {لا يُكلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلا وُسْعَهَا لها ما كَسبَتْ وعليْها ما اكْتَسَبَتْ ربَّنَا لا تُؤاخِذْنا إنْ نسينا أَوْ أَخْطَأْنا} قال: قد فعلتُ {ربَّنَا ولا تَحمِلْ علينا إِصراً كما حملتَه على الذين من قبلنا} قال: قد فعلتُ: {واغْفِرْ لنا وارحَمنَا أنْتَ مَوْلانا} قال: فعلتُ. أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي مثلُه، وقال: فأنزَلَ اللهُ {آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إليه من ربِّهِ والمُؤْمِنُونَ ... }
. الآية، وزاد فيه: {ولا تحمل علينا إصْراً كما حَمَلْتَه على الذين من قَبْلِنا ربنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لنا بِهِ وَاعْفُ عنَّا واغْفِرْ [ص:62] لنا} ... الحديث (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الإصر) : العهد والميثاق، وقيل: الحمل والثقل.
__________
(1) مسلم رقم (126) في الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، والترمذي رقم (2995) في التفسير، باب ومن سورة البقرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد: (1/233) (2070) . و «مسلم» (1/81) قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم. و «الترمذي» (2992) قال حدثنا محمود بن غيلان. و «النسائي» في الكبرى تحفة الأشراف، (5434) عن محمود بن غيلان خمستهم- أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق ومحمود - عن وكيع قال: حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان ومولى خالد بن خالد عن سعيد بن جبير فذكره.(2/61)
533 - (خ م ت د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الله تعالى تجاوزَ لأُمَّتِي ما حدَّثَثْ به أنفُسَها (1) ، ما لم يَعْمَلُوا به أَو يتكلَّمُوا (2) » . وفي رواية «ما وسْوَستْ به صُدُورها» .أخرجه الجماعة إلا الموطأ (3) .
ولفظُ أبي داود: «إنَّ الله تجاوزَ لأُمَّتِي ما لم تَكلَّم به أو تعمَل به، وما حدَّثتْ به أنفُسَها» .
__________
(1) قال النووي رحمه الله: ضبطه العلماء بالنصب والرفع، وهما ظاهران، إلا أن النصب أشهر وأظهر، قال القاضي عياض: " أنفسها " بالنصب، ويدل عليه قوله: " إن أحدنا يحدث نفسه " قال: قال الطحاوي: وأهل اللغة يقولون: " أنفسها " بالرفع، يريدون بغير اختيارها، كما قال الله تعالى: {ونعلم ما توسوس به نفسه} .
(2) وفي صحيح مسلم " ما لم يتكلموا أو يعملوا به ".
(3) البخاري 11 / 478 في الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسياً في الأيمان، وفي العتق، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق، وفي الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، ومسلم رقم (127) في الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر، والترمذي رقم (1183) في الطلاق، باب ما جاء فيمن يحدث بطلاق امرأته، وأبو داود رقم (2209) في الطلاق، باب الوسوسة في الطلاق، والنسائي 6 / 156، 157 في الطلاق، باب من طلق في نفسه، وأخرجه ابن ماجة رقم (2540) في الطلاق، باب من طلق في نفسه ولم يتكلم به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الطلاق (11:1) عن مسلم بن إبراهيم عن هشام، وفي العتق (؟) عن محمد بن عرعرة عن شعبه -و (6:1) عن الحميدي عن سفيان عن مسعر - وفي النذور والأيمان (15:1) عن خلاد عن يحي بن مسعر - ثلاثتهم عن قتادةعن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة في حديث خلاد عن أبي هريرة يرفعه. (مسلم) في الإيمان (5:17) عن قتيبة وسعيد بن منصور ومحمد بن عبيد بن حساب ثلاثتهم عن أبي عوانة عن قتادة به (5:27) عن عمرو الناقد وزهير بن حرب كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم و (5:27) عن ابن مثنى وابن بشار كلاهما عن ابن أبي عدي. و (57:2) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن مسهر وعبدة بن سليمان أربعتهم عن سعيد بن أبي عروبة. و (57:3) عن زهير بن حرب عن وكيع عن مسعر - وهشام و (5:37) عن إسحاق بن منصور عن حسين بن علي عن زائدة عن شيبان أربعتهم عن قتادة به د وفي الطلاق (15:1) عن مسلم بن إبراهيم به (والترمذي) في النكاح (بل في الطلاق 8) عن قتيبة به وقال حسن صحيح (مسلم) في الطلاق (22:2) معن عبيد الله بن سعيد عن ابن إدريس عن مسعر به،و (22:3) عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي عن حسين بن علي الجعفي به (وابن ماجة) فيه (الطلاق 14) عن أبي بكر بن أبي شيبة به و (14) عن حميد بن مسعدة عن خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة به و (16:1) عن هشام بن عمار عن سفيان بن عيينة بإسناده وزاد: «وما استكرهوا عليه» .(2/62)
سورة آل عمران
534 - (خ م ت د س) عائشة - رضي الله عنها-: قالت: تلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ علَيْكَ الكِتابَ منه آياتٌ محكماتٌ} - وقرأَتْ إلى - {ومَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الأَلبابِ} [آل عمران: 7] فقال: «فإذا رَأَيْتُم الَّذِين يَتَّبِعُونَ ما تشابَهَ منه، فأُولئكَ الذين سمَّى اللهُ فاحذَرُوهم» . هذه رواية البخاري ومسلم وأبي داود.
وفي رواية الترمذي، قالت: سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - وفيها - «فإذا رأيتُمُوهُم فاعْرِفوهُم» قالها مَرَّتَيْنِ، أو ثلاثاً (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 157، 159 في التفسير، باب {منه آيات محكمات} ، ومسلم رقم (2665) في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن، والترمذي رقم (2996) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، ورقم (2997) ، وأبو داود رقم (4598) في السنة، باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/،124 132) قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد. وفي (6/356) فال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم: و «الدارمي» (147) قال: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي. قال: حدثنا حماد بن سلمة ويزيد بن إبراهيم. و «البخاري» (6/42) وفي خلق أفعال العباد (30) قال: حدثنا عبد الله بن سلمة: قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري. و «مسلم» (8/56) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب. قال: حدثنا يزيد بن ابراهيم التستري: و «أبو داود» (4598) قال: حدثنا القعنبي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري. و «الترمذي» (2993) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا أبو داود الطيالسي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم. وفي (2994) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم.
كلاهما -حماد بن سملة، ويزيد بن إبراهيم- عن عبد الله بن أبي ملكية عن القاسم بن محمد، فذكره.
* أخرجه أحمد (6/48) قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا أيوب. و» ابن ماجة « (47) قال:حدثنا محمد ابن خالد بن خداش. قال: حدثنا إسماعيل بن علية. قال: حدثنا أيوب. (ح) وحدثنا أحمد بن ثابت الجحدري ويحيى بن حكيم. قالا: حدثنا عبد الوهاب. قال: حدثنا أيوب. و «الترمذي» (2993) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا أبو داود الطيالسي. قال: حدثنا أبو عامر، وهو الخزاز.
كلاهما -أيوب،وأبو عامر الخزاز - عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة، نحوه، ليس فيه القاسم بن محمد.(2/63)
535 - (خ) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ: إني أجدُ في القرآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قال: ما هُوَ؟ (1) قال: {فلا أَنْسَابَ بينهم يومئذٍ ولا يتَساءَلُونَ} [المؤمنون: 101] ، وقال: {وأَقْبَلَ بعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يتساءَلُونَ} [الصافات: 27] ، وقال: {ولا يَكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً} [النساء: 42] ، وقال: {واللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكين} [الأنعام: 23] ، وقد كتموا في هذه الآية، [ص:64] وفي [النازعات: 27] {أَم السماءُ بناها. رفعَ سمْكها فسوَّاها. وأَغْطش ليلها وأَخرج ضُحاها. والأرضَ بعد ذلك دَحَاها} فذكر خلقَ السماء قبلَ خلقِ الأرضِ، ثم قال: {أَئِنَّكم لتكْفُرون بالذي خلق الأرضَ في يومين - إلى - طائعينَ} [فصلت: 9 - 11] فذكر في هذه خلْقَ الأَرض قبلَ خلقِ السَّماءِ، وقال: {وكان اللَّهُ غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 50] وقال: {وكان اللَّهُ عزيزاً حكيماً} [الفتح: 19] وقال: {وكان اللَّهُ سميعاً بصيراً} [النساء: 134] فكأنه كان، ثمَّ مضى، قال ابن عباس: {فَلا أَنساب بينهم} في النفخة الأولى، يُنفخ في الصور، فيصعقُ منْ في السموات ومَن في الأرضِ إلا من شاء اللهُ، فلا أَنسابَ بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النَّفخَةِ الآخرةِ: أقبلَ بعضُهم على بعض يتساءلون، وأما قوله: {واللَّهِ ربِّنا ما كنَّا مُشْركين} {ولا يكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً} ، فإنَّ الله يغفرُ لأهل الإخلاص ذنوبَهُمْ، فيقولُ المُشْركُ: تعالَوْا نقولُ: ما كُنَّا مُشركين، فيخْتِمُ اللَّهُ على أفواهِهِمْ، فتَنطِقُ جوارِحُهُمْ بأعمالهم، فعند ذلك عُرفَ أنَّ الله لا يُكْتُمُ حديثاً، وعندهُ: {رُبَما يوَدُّ الذينَ كفرُوا لَوْ كانوا مُسلمين} وخلق الأرضَ في يومين، ثُمَّ استوى إلى السماء، فسواهن سبع سمواتٍ في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، أي: بسَطها، وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجارَ، والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: {والأرض بعدَ ذلكَ دَحَاها} [النازعات: 30] فخُلِقت الأرضُ وما فيها من شيءٍ في [ص:65] أربعةِ أيامٍ، وخُلِقَتِ السَّمواتُ فِي يومَيْنِ، وقولُه: {وكانَ اللَّهُ غفُوراً رحيماً} سمَّى نفسهُ ذلك، أي: لم يزلْ، ولا يزالُ كذلكَ، وإن الله لم يُرِدْ شيئاً إلا أصابَ بهِ الذي أرادَ. وَيْحَكَ، فلا يختلفْ عليك القرآنُ، فإنَّ كُلاً من عند الله. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(دحاها) دحا الأرض: بسطها.
(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.
(الآكام) : جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.
(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل ونحو ذلك.
__________
(1) قال الحافظ: زاد عبد الرزاق في رواية عن معمر عن رجل عن المنهال بسنده، فقال ابن عباس: ما هو أشك في القرآن؟ قال: ليس بشك، ولكنه اختلاف، فقال: هات ما اختلف عليك من ذلك قال: أسمع الله يقول.
(2) 8 / 427، 429 في تفسير سورة حم السجدة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري - في التفسير (41: 1: 2) حدثني يوسف بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمروهعن زيد بن أبي أنيسه عن المنهال عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس تحفة الأشراف (4/452)(2/63)
536 - (د) ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما أصابَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- قُريشاً يومَ بدْرٍ، وَقَدِمَ المدينَةَ، جمعَ اليهودَ في سُوقِ بني قينُقَاعٍ، فقال: يا معشر يهود، أسلموا قبلَ أن يصيبكم مثلُ ما أصابَ قُريشاً، قالوا: يا محمد، لا يغرَّنكَ من نفِسكَ أنْ قتلْتَ نفراً من قريشٍ كانوا أغماراً لا يعرفون القتالَ، إنَّكَ لو قاتلتنَا لعرفتَ أنَّا نحنُ الناسُ، وأَنَّكَ لم تلْقَ مِثْلَنا، فأنزَلَ اللَّهُ تعالى في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كفرُوا ستُغْلَبُونَ [ص:66] إلى قوله: {فئةٌ تقاتِلُ في سبيل الله} - ببدْرٍ - {وأُخْرى كافرةٌ} [آل عمران: 12، 13] . أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أغماراً) الأغمار: جمع غُمر بضم الغين، وهو الجاهل الغر الذي لم يجرب الأمور.
__________
(1) رقم (3001) في الخراج، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة، وأخرجه الطبري رقم (6666) ، وفي سنده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الطبري رقم (6667) من حديث ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر عن قتادة قال: لما أصاب الله قريشاً يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود في سوق بني قينقاع حين قدم المدينة، ثم ذكر نحو حديث ابن عباس.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري: في خلق أفعال العباد (53) قال حدثنا عمرو بن زرارة قال حدثنا زياد. و «أبو داود» (3001) قال حدثنا مصرف بن عمرو الأيامي، قال حدثنا يونس يعني ابن بكير كلاهما -زياد، ويونس -عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة فذكراه في رواية زياد: محمد بن إسحاق قال حدثني مولي لزيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير.(2/65)
537 - (ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ لكلِّ نبيٍ وُلاةً من النبِيِّينَ، وإنَّ ولِيِّي أبي وَخليلُ ربِّي إبراهيمُ» ، ثم قرَأَ {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68] أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ولاة) الولاة: جمع ولي، وهو الذي يوالي الإنسان، وينضم إليه ويكون من جملته وأتباعه والناصرين له.
__________
(1) رقم (2998) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، وإسناده صحيح، وأخرجه الطبري رقم (7216) والحاكم في المستدرك 2 / 292، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (2995) قال: حدثنا محمود بن غيلان،قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق فذكره.
أخرجه أحمد (1/400) (3800) قال: حدثنا وكيع. وفي (1/429) (4088) قال: حدثنا يحيى، وعبد الرحمن. و «الترمذي» (2995) قال: حدثنا محمود، قال: حدثنا أبو نعيم (ح) وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع.
أربتتهم -وكيع، ويحيى، وعبد الرحمن، وأبو نعيم - عن سفيان عن أبيه، عن أبي الضحى،عن عبد الله،فذكره ليس فيه مسروق.
وقال الترمذي: هذا أصح من حديث أبي الضحى، عن مسروق،وأبو الضحى،اسمه: مسلم بن صبيح.(2/66)
538 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: وآلُ عمران: المؤمنون من آلِ إِبراهيم، وآل عمران، وآل ياسين، وآل محمد، يقول: {إِنَّ أوْلى النَّاس بإِبراهيمَ لَلَّذِين اتَّبَعُوهُ} وهم المؤمنون. أخرجه البخاري بغير إسناد (1) .
__________
(1) 6 / 338 في أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم ... } ، قال الحافظ: وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وحاصله أن المراد بالاصطفاء بعض آل عمران وإن كان اللفظ عاماً فالمراد به الخصوص.
نقول: وعلي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس، فروايته عنه منقطعة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:(2/67)
539 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: تفسير قول المرأَةِ الصَّالِحَةِ {إِنِّي نَذَرتُ لَكَ ما في بطني مُحَرَّراً} [آل عمران: 35] أي: خالصاً للمسجد يخدُمُهُ. أخرجه البخاري في ترجمة بابٍ (1) .
__________
(1) 1 / 461 في الصلاة، باب الخدم للمسجد تعليقاً، قال الحافظ: وهذا التعليق وصله ابن أبي حاتم بمعناه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: (1/461) في الصلاة باب الخدم للمسجد تعليقا.(2/67)
540 - (خ) ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: {إذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} [آل عمران: 44] ، اقتَرَعُوا فَجَرَتْ أَقْلامُهمْ مع الجرْيَةِ (1) ، فَعالَ قَلَمُ زكريَّا الجرْيَةَ. أخرجه البخاري في ترجمة بابٍ من أبوابِ كتابِهِ بغير إسنادٍ (2) .
__________
(1) بكسر الجيم، والمعنى أنهم اقترعوا على كفالة مريم أيهم يكفلها، فأخرج كل واحد منهم قلماً وألقوها كلها في الماء، فجرت أقلام الجميع مع الجرية إلى أسفل، وارتفع قلم زكريا فأخذها.
(2) 5 / 216 في الشهادات، باب القرعة في المشكلات، وقوله عز وجل {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} ، وقد أشار البخاري إلى الاحتجاج بهذه القصة في صحة الحاكم بالقرعة بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه، ولاسيما إذا ورد في شرعنا تقريره، وساقه مساق الاستحسان والثناء على فاعله، وهذا منه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: (5/216) في الشهادات باب الفرعة في المشكلات.(2/67)
541 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنه - قال: {إِنِّي مُتَوفِّيكَ} أي مُميتُكَ، أَخْرَجه البخاري في ترجمة بابٍ (1) .
__________
(1) 8 / 213 في تفسير سورة المائدة، ولا يصح، والمحققون من العلماء فسروا التوفي بأنه الرفع إلى السماء، وهو الصحيح المتعين، قال الطبري 6 / 55 بعد أن ذكر أقاويل العلماء في معنى " متوفيك ": وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إلي لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكرها، اختلفت الرواية في بعضها ثم يموت، فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه، ثم قال: ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى فيجمع عليه ميتتين، لأن الله عز وجل إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يميتهم ثم يحييهم، كما قال جل ثناؤه: {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء} فتأويل الآية إذاً: قال الله لعيسى: يا عيسى، إني قابضك من الأرض ورافعك إلي، ومطهرك من الذين كفروا، فجحدوا نبوتك. وانظر كتاب " عقيدة الإسلام في حياة عيسى عليه السلام " للعلامة محمد أنور الكشميري، ففيه مقنع وكفاية لمن أراد الله له الهداية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: (8/213) في تفسير سورة المائدة.(2/68)
542 - (س) ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كان رجلٌ من الأنصار أسلَمَ، ثم ارتدَّ، ولَحِقَ بالشِّرْكِ، ثُمَّ ندم، فأرسل إلى قومِهِ: سَلُوا لي رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- هل لي من تَوبَةٍ؟ فنزلت: {كيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قوماً كَفَرُوا بعد إيمانهم - إلى قوله - غفورٌ رحيمٌ} [آل عمران: 86، 89] . فأرسل إليه فأسلم، أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7 / 107 في تحريم الدم، باب توبة المرتد، وأخرجه الطبري رقم (7360) ، وسنده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/247) قال حدثنا علي بن عاصم و «النسائي» (7/107) قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال حدثنا يزيد - وهو ابن زريع كلاهما -علي، ويزيد - عن داود بن أبي هند عن عكرمة فذكره.(2/68)
543 - (ت) أبو غالب - رحمه الله- (1) : قال: رأى أبو أُمامة رُؤوساً [ص:69] مَنْصُوبَة على درج دمشق، فقال أبو أُمامةَ: كلابُ النَّارِ، شَرُّ قتلى تحت أديم السماءِ، خيْرُ قَتلَى مَنْ قَتَلُوهُ، ثم قَرأ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتسْوَدُّ وُجُوهٌ} إلى آخر الآية [آل عمران: 106] ، قلتُ لأبي أُمامة: أنتَ سَمَعْتَهُ من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لوْ لمْ أَسْمَعْه إلا مرَّة أو مرَّتين أو ثلاثاً، [أو أربعاً] حتَّى عدَّ سَبْعاً، ما حدَّثْتُكُمُوهُ. أَخْرَجَهُ الترمذي (2) .
__________
(1) أبو غالب اسمه: حروز الباهلي البصري، أعتقه عبد الرحمن بن الحضرمي، وقد قيل: إنه مولى خالد بن عبد الله القسري، روى عن أبي أمامة ولقيه بالشام، وروى عنه ابن عيينة وحماد بن زيد.
(2) رقم (3003) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، وأخرجه أحمد في المسند 5 / 253 و 256، وابن ماجة رقم (176) في المقدمة، باب ذكر الخوارج. وأبو غالب صدوق يخطئ، ومع ذلك فقد حسن الترمذي حديثه هذا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في تفسير (4آل عمران: 10) عن أبي كريب عن وكيع عن ربيع بن صبيح وحماد ابن سلمة كلاهما عنه به وقال حسن (وابن ماجة) في السنة (12: 10) عن سهل بن أبي سهل عن سفيان ابن عيينة مختصرا شر قتلى تحت أديم السماء إلى آخره تابعه أبو عزة الدباغ عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة تحفة الأشراف (4/183) .(2/68)
544 - (ت) بهز بن حكيم - رضي الله عنه - عن أبيه عن جده أنه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- يقول في قوله تعالى: {كُنتم خيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجتْ للناس} [آل عمران: 110] قال: «أَنتم تُتِمُّونَ سبعين أُمَّة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3004) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، وإسناده حسن، وقال الترمذي: حديث حسن، وأخرجه الطبري رقم (7622) ، وابن ماجة رقم (4288) في الزهد، وأحمد في المسند 5 / 255، والحاكم في المستدرك 4 / 84 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في " الفتح " 8 / 169: وهو حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه، وله شاهد مرسل عن قتادة عند الطبري رجاله ثقات، وفي حديث علي عند أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وجعلت أمتي خير الأمم "، وقد ورد معناه أيضاً ضمن حديث مطول عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً أخرجه أحمد في " المسند " 3 / 61.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
(أخرجه الترمذي) في التفسير (14 آل عمران: 11) عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر عن بهز بن حكيم عن حكيم بن معاوية عن معاوية بن حيدة. وقال حسن وروى غير واحد هذا الحديث عن بهز بن حكيم نحو هذا ولم يذكر فيه {كنتم خير أمة أخرجت للناس ... } (3: 110) (وابن ماجة) في الزهد (334: 6) عن عيسى بن محمد بن النحاس الرملي وأيوب بن محمد الرقي كلاهما عن ضمرة بن ربيعة عن عبد الله ابن شوذب و (24: 7) عن محمد بن خالد بن خداش عن إسماعيل بن عليه - كلاهما عنه نحوه - ولم يذكروا قوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس 3: 10) تحفة الأشراف (8/430/11387) .(2/69)
545 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: {كونوا ربَّانيِّينَ} [آل عمران: 79] قال: حلماء (1) فقهاء علماء، أخرجه البخاري في ترجمة [ص:70] باب (2) .
__________
(1) في المطبوع " حكماء ".
(2) 1 / 148 في العلم، باب العلم قبل القول والعمل تعليقاً، قال الحافظ: وهذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضاً بإسناد حسن والخطيب بإسناد آخر حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: (1/148) في العلم، باب العلم قبل القول والعمل تعليقا.(2/69)
546 - (خ م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: فينا نزَلتْ {إذْ هَمَّتْ طائفتان منكم أن تفْشَلا واللَّهُ وليُّهُما} [آل عمران: 122] قال: نحن الطَّائفتانِ: بَنو حارثَة، وبنُو سَلِمَةَ، وما يسُرُّنِي أنها لم تنزل، لقولِ الله {واللَّهُ وليُّهُما} أخرجه البخاري ومسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تفشلا) الفشل: الفزع والجبن والضعف.
__________
(1) البخاري 7 / 275 في المغازي، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، وفي التفسير، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، ومسلم رقم (2505) في فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (1253) و «البخاري» (5/123) قال حدثنا محمد بن يوسف وفي (6/47) قال حدثنا علي بن عبد الله. و «مسلم» (7/173) قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وأحمد بن عبدة.
خمستهم - الحميدي، ومحمد بن يوسف، وعلي بن عبد الله، والحنظلي، وأحمد بن عبدة - عن سفيان ابن عيينة عن عمرو فذكره.(2/70)
547 - (خ ت س) ابن عمر- رضي الله عنهما - قال: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يدْعو على صفوان بْنِ أُمَيَّة، وسُهيل بن عمرو، والحارثِ بن هشامٍ» ، فنزلت: {ليس لكَ مِنَ الأمْرِ شيءٌ - إلى قوله - فإنَّهُم ظالِمونَ} [آل عمران: 128] . هذه رواية البخاري.
وفي رواية الترمذي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم أُحدٍ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ أبا سفيان، اللهمَّ العن الحارث بن هشامٍ، اللهم العن صفوان بن أُميَّة» ، فنزلت: {ليس لَكَ من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذِّبَهم} فتابَ عليهم، [ص:71] فأسلموا، فحسنَ إسلامُهُمْ.
وفي رواية النسائي: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الأخيرة - قال: «اللهم العنْ فلاناً وفلاناً، يدعو على أناسٍ من المنافقين» ، فأنزل الله هذه الآية.
وقد أخرج البخاري أيضاً نحو رواية النسائي.
وفي أخرى للترمذي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يدعو على أربعة نفرٍ، فأنزل الله: {ليس لك من الأمر شيءٌ} إلى {ظالمونَ} فهداهم الله للإسلام (1) .
__________
(1) البخاري 7 / 281 في المغازي،، باب {ليس لك من الأمر شيء} ، عن سالم بن عبد الله وهذه الرواية مرسلة، وأخرجه موصولاً في تفسير آل عمران، باب {ليس لك من الأمر شيء} ، وفي الاعتصام، باب {ليس لك من الأمر شيء} ، عن عبد الله بن عمر، لكن لم يفصح عن الأسماء في كلتا الروايتين، بل قال: " اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً "، والترمذي رقم (3007) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، وفي سنده عمر بن حمزة وهو ضعيف، ورجح الشيخ أحمد شاكر في المسند توثيقه، وقد قال الترمذي عقب إخراجه: هذا حديث حسن غريب، يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم، وكذا رواه الزهري عن سالم عن أبيه، والنسائي 2 / 203 في الصلاة، باب لعن المنافقين في القنوت، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (5674) ، والطبري رقم (7819) ، ورواية الزهري عن سالم التي أشار إليها الترمذي، أخرجها أحمد في " المسند " رقم (6349) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وإسنادها صحيح، وأخرجه أحمد أيضاً رقم (6350) عن علي بن إسحاق، عن ابن المبارك، عن معمر، عن سالم، عن أبيه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (7/423) قال: وعن حنظلة بن أبي سفيان، سمعت سالم بن عبد اللهيقول فذكره. وأخرجه أحمد (2/93) (5674) قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا أبو عقيل - قال عبد الله بن أحمد قال أبي وهو عبد الله بن عقيل صالح الحديث ثقه و «الترمذي» (3004) قال حدثنا أبو السائب سلم ابن جنادة الكوفي قال حدثنا أحمد بن بشير كلاهما -أبو عقيل عبد الله بن عقيل، وأحمد بن بشير - عن عمر ابن حمزة عن سالم بن عبد الله فذكره. ورواه أيضا عن ابن عمر نافع:
أخرجه أحمد (2/104) (5812) وفي (2/104) (5813) و «الترمذي» (3005) ، و «ابن خزيمة» (623) وأخرجه أحمد (2/118) (5997) .(2/70)
548 - (ت د) ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: نزلت هذه الآية: {وما كان لِنَبيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] في قطيفة حمراء فُقِدَت يوم بدْرٍ، فقال بعض القوم: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخذها، فأنزل الله هذه [ص:72] الآية إلى آخرها، أخرجه الترمذي وأبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَغُل) الغل: الخيانة، وقد قُرئ (يَغَلُّ - ويُغَلُّ) (2) ، أي يخون، ويُخان.
(قطيفة) : دثار له خُمَيْلَة (3) .
__________
(1) الترمذي رقم (3012) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، وأبو داود رقم (3971) في الحروف والقراءات أول باب كتاب الحروف، وحسنه الترمذي مع أن فيه خصيف بن عبد الرحمن الجزري وهو سيء الحفظ وقد خلط بأخره.
(2) قال ابن الجوزي في " زاد المسير " 1 / 161: واختلف القراء في " يغل" فقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: بفتح الياء وضم الغين، وقرأ الباقون: بضم وفتح الغين.
(3) في نسخة أخرى: خميل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وفي الحروف (3) (الترمذي) في التفسير (4 آل عمران: 20) جمعيا عن قتيبه عن عبد الواحد بن زياد عن عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس به. وقال (الترمذي) حسن غريب وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا وروى بعضهم هذا عن حضيف عن مقسم - ولم يذكروا ابن عباس تحفة الأشراف (5/246/6487) .(2/71)
549 - (خ) ابن عباس- رضي الله عنه - قال: في قوله تعالى: {إنَّ النَّاسَ قدْ جَمعوا لكُم فاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} قالها إبراهيمُ حينَ أُلقِيَ فِي النَّارِ، وَقالَها محمدٌ حين قال لهم الناس: {إنَّ النَّاسَ قد جَمَعُوا لَكُم} [آل عمران: 173] . أَخْرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 173 في تفسير سورة آل عمران، باب {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/48) قال حدثنا أحمد بن يونس أراه قال حدثنا أبو بكر (ح) وحدثنا مالك بن أسماعيل قال حدثنا إسرائيل. و «النسائي» في عمل اليوم والليلة (603) قال أخبرني هارون بن عبد الله قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا أبو بكر بن عياش وفي الكبرى تحفة الأشراف (6456) عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يحي بن أبي بكير عن أبي بكر بن عياش كلاهما - أبو بكر بن عياش وإسرائيل - عن أبي حصين عن أبي الضحى فذكره.
رواية إسرائيل مختصرة علي «كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل» .(2/72)
550 - (خ م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رجالاً من المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كانوا إذا خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى الغزْوِ تَخَلَّفُوا عنه، وفرِحُوا بمقعدهم خلافَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإذا قدمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- اعتذروا إليه، وحَلَفوا له، وأَحبوا أن يُحْمدُوا بما لم يفعَلُوا، فنزلت: {لا تَحْسَبَنَّ الذين يفرَحُونَ بما أَتوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بما لم يَفْعَلُوا ... } [ص:73] الآية [آل عمران: 188] ، أخرجه البخاري ومسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(خلاف رسول الله) قعدت خلاف فلان: إذا قعدت خلفه أو تأخرت بعده.
__________
(1) البخاري 8 / 175 في تفسير سورة آل عمران، باب {لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا} ، ومسلم رقم (2777) في صفات المنافقين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/50) . و «مسلم» (8/. 121) حدثنا الحسن بن علي الحلواني ومحمد بن سهل التميمي ثلاثتهم - البخاري، والحلواني، وابن سهل - قالوا: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار فذكره.(2/72)
551 - (خ م ت) حميد بن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما - أنَّ مرْوان قال لبوَّابهِ: اذْهبْ يا رَافِعُ إلى ابن عباسٍ، فقُلْ: لئن كان كلُّ امْرئ مِنَّا فَرِحَ بما أَتى، وأحب أن يحمدَ بما لم يفْعَلْ: مُعَذباً لَنُعْذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ، فقالَ ابنُ عباسٍ: ما لكم ولهذه الآية؟ إنما نزلتْ هذه الآيةُ في أهل الكتاب، ثم تلا ابنُ عباسٍ: {وإِذْ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ الذين أُوتُوا الكتاب لَتُبَيِّنُنَّهُ للنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم واشْتَرَوْا بِهِ ثمناً قليلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ. لا تَحْسَبَنَّ الذين يفرحُونَ بما أَتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يفْعَلُوا} [آل عمران: 187، 188] وقال ابنُ عباسٍ: سألَهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن شيءٍ، فكتَمُوهُ إيَّاهُ، وأَخْبَرُوهُ بغيرِه، فأَرَوْهُ أنْ قدِ اسْتُحْمِدُوا إِلَيه بما أَخبروه عنه فيما سألهم، وفرِحوا بما أَتوا من كتمانهم إيَّاه ما سألهم عنه. أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 175 في تفسير سورة آل عمران، باب {لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا} ، ومسلم رقم (2778) في أول كتاب صفات المنافقين، والترمذي رقم (3018) في التفسير، باب ومن سورة [ص:74] آل عمران واللفظ لمسلم والترمذي.
وقال الحافظ في " الفتح ": ومروان هو ابن الحكم الذي ولي الخلافة، وكان يومئذ أمير المدينة من قبل معاوية، و " رافع " هذا لم أر له ذكراً في كتب الرواة، إلا ما جاء في هذا الحديث. والذي يظهر من سياق الحديث: أنه توجه إلى ابن عباس، فبلغه الرسالة، وعاد إلى مروان بالجواب، فلولا أنه معتمد عند مروان ما قنع برسالته، لكن قد ألزم الإسماعيلي البخاري أن يصحح حديث بسرة بنت صفوان في نقض الوضوء من مس الذكر، فإن عروة ومروان اختلفا في ذلك، فبعث مروان حرسيه إلى بسرة، فعاد إليه بالجواب عنها. فصار الحديث من رواية عروة عن رسول مروان عن بسرة، ورسول مروان مجهول الحال، فتوقف عن القول بصحة الحديث جماعة من الأئمة لذلك، فقال الإسماعيلي: إن القصة التي في حديث الباب شبيهة بحديث بسرة، فإن كان رسول مروان معتمداً في هذه فليعتمد في الأخرى، فإنه لا فرق بينهما، إلا أنه في هذه القصة سمي رافعاً، ولم يسم في قصة بسرة، قال: ومع هذا فاختلف على ابن جريج في شيخ شيخه، فقال عبد الرزاق وهشام عنه عن ابن أبي مليكة عن علقمة، وقال حجاج بن محمد: عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن حميد بن عبد الرحمن، ثم ساقه من رواية محمد بن عبد الملك بن جريج عن أبيه عن ابن أبي مليكة عن حميد، فصار لهشام متابع، وهو عبد الرزاق، ولحجاج متابع، وهو محمد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/298) (2712) . و» البخاري (6/51) قال حدثنا ابن مقاتل. و «مسلم» (8/122) قال حدثنا زهير بن حرب وهارون بن عبد الله و، الترمذي (3014) قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني. «النسائي» في الكبرى تحفه الأشراف (5414) عن الزعفراني، ويوسف بن سعيد بن مسلم ستتهم -أحمد، وابن مقاتل، وزهير، وهارون، والحسن بن محمد الزعفراني، ويوسف بن سعيد عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي ملكية أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره فذكره.(2/73)
552 - () (رافع بن خديج - رضي الله عنه -) قال: إنَّهُ كان هو وزَيد بنُ ثابتٍ عند مروان بن الحكم - وهو أمير المدينة - فقال لي مروان: في أيِّ شيءٍ نزلت هذه الآية: {لا تحسبنَّ الذين يفرحون بما أتَوْا ويُحِبُّونَ أن يُحْمَدُوا بما لم يَفعلوا} قال: قلت: نزلت في ناسٍ من المنافقين، كانوا إذا خرجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ إلى سفرٍ تخَلَّفوا عنهم، فإذا قَدِمَ اعتذروا إليه، وقالوا: ما حَبَسَنَا عنك إلا السَّقَمُ، والشُّغْلُ، وََلوَدِدْنا أنَّا كُنَّا معكم، فأنزل [ص:75] الله هذه الآية فيهم، فكأنَّ مروانَ أَنكرَ ذلك، فقال: ما هذا هكذا؟ فجزعَ رافعٌ من ذلك، فقال لِزيدٍ: أنشُدُكَ الله، ألم تعلم ما أَقول؟ فقال زيدٌ: نعم، فلما خرجنا من عند مروان. قال زيدٌ - وهو يمزَحُ -: أما تحمدني كما شهدتُ لك؟ فقال رافع: وأَين هذا من هذا، أنْ شهدتَ بالحق؟ قال زيد: حَمِدَ اللهُ على الحقِّ أهلَهُ. أخرجه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنشُدُك الله) أي: أسألك وأقسم عليك أن ترفع نشيدي (2) . يعني، صوتي، بأن تجيبني وتلبي دعوتي.
__________
(1) لم يذكر ابن الأثير من أخرجه، وقد ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير الآية 2 / 317، 318 من رواية ابن مردويه في تفسيره من حديث الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: قال أبو سعيد ورافع بن خديج وزيد بن ثابت " كنا عند مروان ... الحديث " إلا بعض اختلاف في لفظتين - ثم قال: ثم رواه من حديث مالك عن زيد بن أسلم عن رافع بن خديج " أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة. فقال مروان: يا رافع، في أي شيء نزلت هذه الآية؟ - فذكره كما تقدم " قال ابن كثير: ولا منافاة بين ما ذكره ابن عباس وما قاله هؤلاء، لأن الآية عامة في جميع ما ذكر، وانظر الفتح 8 / 176.
(2) في نسخة أخرى: نشدتي.(2/74)
553 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) قال: مَا مِن بَرٍّ ولا فاجِرٍ، إلا والموتُ خيرٌ له، ثم تلا {إِنَّما نُملي لهم لِيَزْدَادُوا إِثْماً} [آل عمران: 178] وتلا {وما عِنْدَ اللَّهِ خيْرٌ للأَبْرَارِ} [آل عمران: 198] . أخرجه (1) . [ص:76]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نُملي) الإملاء: الإمهال وإطالة العمر.
__________
(1) لم يذكر ابن الأثير من خرجه أيضاً، وقد رواه بنحوه ابن جرير رقم (8267) و (8373) من حديث عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم في المستدرك 2 / 298 [ص:76] وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 104 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي بكر المروزي في الجنائز، وابن المنذر، والطبراني.(2/75)
554 - (ت) أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسولَ الله، لا أسمعُ الله -تعالى- ذكر النِّساء في الهِجْرَةِ بشيءٍ؟ فأنزل الله تعالى: {أنِّي لا أُضِيعُ عملَ عاملٍ منكم من ذكر أَو أُنثَى بعضُكُم مِنْ بَعْضٍ - إلى - واللَّهُ عندهُ حسنُ الثوابِ} [آل عمران: 195] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3026) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأخرجه الطبري رقم (8368) ، وفي سنده رجل من بني سلمة، وقد بينه الحاكم في المستدرك، فرواه 2 / 300 من طريق يعقوب بن حميد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن سلمة بن أبي سلمة رجل من ولد أم سلمة عن أم سلمة، وصححه على شرط البخاري وليس كما قال، فإن سلمة بن أبي سلمة وهو سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة لم يخرج له سوى الترمذي، ولم يوثقه غير ابن حبان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (301) ، و «الترمذي» (3023) قال حدثنا ابن أبي عمر كلاهما الحميدي، وابن أبي عمر، قالا: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن رجل من ولد أم سلمة فذكره. في رواية الحميدي «حدثنا عمرو بن دينار قال أخبرني سملة رجل من ولد أم سلمة» .(2/76)
سورة النساء
555 - (خ م د س) عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّ رجلاً كانَتْ له يتيمةٌ فنكحها، وكان له عذْقُ نَخْلٍ، فكانت شريكَتَهُ فيه وفي مالِه، فكانُ يمسِكُهَا عليه، ولم يَكُنْ له من نفسه شيءٌ، فنزلَتْ: {وإنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسطُوا في اليتَامَى ... } الآية [النساء: 3] . [ص:77]
وفي رواية: أنَّ عُرْوَةَ سأَلَها عن قوله تعالى: {وإِن خِفْتُم ألَّا تُقْسِطُوا في اليتامى فانكحوا - إلى قوله - أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قالت: يا بنَ أُخْتِي، هذه اليتيمَةُ تكون في حجْر وَلِيِّها، فيرغَب في جمالها ومالها ويريد أن ينتَقِص صداقَها، فنُهوا عن نكاحهن، إلا أن يُقْسِطوا لهن في إكمال الصَّداقِ، وأُمرُوا بنكاح مَن سِواهُنَّ، قالت عائشة: فاسْتفتى النَّاسُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {ويستَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ - إلى - وترغبون أنْ تنكحوهن} فبيَّن الله لهم أنَّ اليتيمة إذا كانت ذاتَ جمالٍ ومالٍ رَغِبُوا في نكاحِها، ولم يُلْحِقوها بِسُنَّتها في إكمال الصَّداق، وإذا كانت مرغوباً عنها في قلَّةِ المال والجمال، تركوها، والتمسوا غيرها من النساء، قالت: فكما يتركونها حين يرغبونَ عنها، ليس لهم أن ينكحوها إذا رَغِبُوا فيها إلا أن يُقسِطُوا لها، ويُعْطُوها حقَّها الأَوْفى من الصداقِ.
وفي رواية نحوه، وفيه قالت: يا ابن أُخْتِي، هي اليتيمة تكون في حُجْر ولِيهَا، تشاركه في ماله، فيُعْجِبُهُ مالُهَا وجمالُها، ويريد أن يتزوَّجها بغير أن يُقسِطَ في صداقها، فيعْطِيها مثلَ ما يُعْطِيها غَيْرُهُ، فَنُهُوا عن نكاحهن، إلا أن يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغوا بهن أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ من الصداق.
وفيه: قالت عائشة، والذي ذكر اللهُ أنَّهُ {يُتْلَى عليكم في الكتاب....} الآية الأولى، التي قال فيها: {وإن خِفْتم ألَّا تقسطوا في اليتامى فانكحوا [ص:78] ما طابَ لكم} قالت: وقول الله عز وجل في الآية الآخرة (1) {وترغبون أن تنكحوهن} : رغبة أَحدهم عن يتيمته التي في حجْره حين تكون قليلةَ المال، فنُهُوا أنْ ينْكِحوا ما رَغِبُوا في مالها وجمالها من يتامى النساء، إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن.
زاد في روايةٍ آخرة: من أَجل رغبتهم عنهن، إذا كُنَّ قليلات المال والجمال.
وفي أُخرى عنها في قوله: {ويستفتونك في النساء قل الله يُفْتِيكُمْ فيهن..} إلى آخر الآية. قال: هي اليتيمة تكون في حجْر الرجلِ، قد شَرِكَتْهُ في ماله، فيرغب عنها أَن يتزوجها، ويكره أن يُزوِّجها غيرَه، فيدخل عليه في ماله، فيَحْبِسُها، فنهاهم الله عن ذلك. هذه روايات البخاري ومسلم، وأخرج أبو داود، والنسائي أتمها.
وزاد أبو داود: قال يونس، وقال ربيعة في قول الله: {وإن خِفتم أن لا تُقْسِطُوا في اليتامى} قال: يقول: اتركُوهُنَّ إن خِفْتم، فقد أحْلَلْتُ لكم أرْبعاً (2) . [ص:79]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عذق) بفتح العين: النخلة مع حملها، وهو المراد هاهنا، وبكسرها: القنو بما فيه من الرطب.
(تُقسطوا) قَسَط الرجل: إذا جار، وأَقْسط: إذا عدل، والمراد ها هنا: العدل.
(حَجْر وليها) الحجر: حجر الإنسان، وهو معروف، والحَجر: المنع من التصرف، والولي هاهنا: هو القائم بأمر اليتيم.
والمعروف هاهنا: هو القصد في النفقة، وترك الإسراف، أي فليقتصد.
__________
(1) وهي قوله تعالى {قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} .
(2) البخاري 2 / 295 في الوصايا، باب قول الله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى} ، وباب قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} وفي النكاح، باب الترغيب في النكاح، وباب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية، وباب لا يتزوج أكثر من أربع، وباب لا نكاح إلا بولي، وباب إذا [ص:79] كان الولي هو الخاطب، وباب تزويج اليتيمة، وفي الحيل، باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وأن لا يكمل صداقها، وأخرجه مسلم رقم (3018) في التفسير، وأبو داود رقم (2068) في النكاح، باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، وإسناده صحيح، والنسائي 6 / 115 و 116 في النكاح، باب القسط في الأصدقة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/53) قال حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام عن ابن جريج قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه فذكره، وأخرجه البخاري (3/182و5316) و «مسلم» (8/239) وفي (8/240) و «أبو داود» (2068) و «النسائي» (6/115) .(2/76)
556 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - في قوله: {ومَن كان غَنيًّا فلْيَسْتَعْفِفْ ومن كان فقيرًا فلْيأكُلْ بالمعروف} [النساء: 6] ، إِنّمَا نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيراً: أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف.
وفي رواية: أن يُصيبَ من مالِهِ إذا كان محتاجاً بِقَدرِ مالِهِ بالمعروف. [ص:80] أخرجه البخاري ومسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فليستعفف) العفة: وهي النزاهة عن الشيء.
__________
(1) البخاري 4 / 339 في البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم، وفي الوصايا، باب وللوصي أن يعمل في مال اليتيم وأن يأكل منه بقدر عمالته، وفي تفسير سورة النساء، باب {ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} ، ومسلم رقم (3019) في التفسير، وأخرجه الطبري رقم (8658) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3/103) قال حدثني إسحاق. قال: حدثنا أبو نمير (ح) وحدثني محمد. قال: سمعت عثمان بن فرقد. وفي (4/12) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو أسامة. وفي (6/54) قال: حدثني إسحاق. قال: أخبرنا عبد الله بن نمير. و «مسلم» (8/241، 240) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا عبدة بن سليمان (ح) وحدثناه أبو كريب. قال: حدثنا أبو أسامة (ح) وحدثناه أبو كريب. قال: حدثنا ابن نمير.
أربعتهم - ابن نمير، وعثمان، وأبو أسامة، وعبدة - عن هشام بن عروة عن أبيه، فذكره(2/79)
557 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى واليتامَى والمساكينُ فارْزُقُوهُم مِنه} [النساء: 8] قال: هي مُحْكمَةٌ، وليست بمنسوخةٍ.
وفي رواية قال: إن ناساً يزعمون أن هذه الآية نُسخت، ولا والله ما نُسخت، ولكنها مما تهاون الناس بها، هما واليان: والٍ يرث، وذلك الذي يُرْزَقُ، ووالٍ لا يرث، وذلك الذي يقول بالمعروف، ويقول: لا أملك لك أن أُعطيك، أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 5 / 290 في الوصايا، باب قول الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/456) قال حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره.(2/80)
558 - (خ م ت د) جابر - رضي الله عنه - قال: مرضْتُ، فأتاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يَعُودُني وأبو بكرٍ، وهما ماشيان فوجداني أُغْمِيَ عليَّ، فتوضأَ النبِّيُّ - صلى الله عليه وسلم- ثم صَبَّ وَضُوءه عليَّ، فأَفَقْتُ، فإذا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: يا رسولَ الله، كيف أصنع في مالي؟ كيف أَقضِي في مالي؟ فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ [ص:81] حتى نزلت آية الميراث.
وفي رواية: فَعقلْتُ، فقلت: لا يرثني إلا كَلالة، فكيف الميراث؟ فنزلت آية الفرائض.
وفي أخرى، فنزلت: {يوصِيكم الله فِي أولادكم} (1) [النساء: 11] .
وفي أخرى، فلم يرُدَّ عليَّ شيئاً حتى نزلتْ آية الميراث {يستفتونك قُلِ اللهُ يُفْتِيكم في الكلالة} [النساء: 176] .
هذه رواية البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: فقلت: يا نبيَّ الله، كيف أقسم مالي بين ولدي؟ فلم يردَّ عليَّ، فنزلت {يوصيكم الله ... } الآية (2) . [ص:82]
وفي رواية مثل رواية البخاري ومسلم، وزاد فيها: وكان لي تسعُ أخواتٍ، حتى نزلت آية الميراث {يستفتونك قُلِ اللَّهُ يفتِيكم في الكلالة} .
وفي رواية أبي داود نحو الأولى، وقال فيها: أُغْمي عليَّ، فلم أُكَلِّمْهُ، وقال في آخرها: فنزلت آية الميراث: {يستفتونك قُلِ اللهُ يفتِيكم في الكلالة} مَن كان ليس له ولدٌ وله أخوات.
وفي أخرى قال: اشتكيتُ وعندي سبْعُ أخوات، فدخلَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فنفخ في وجهي، فأَفَقتُ، فقلت: يا رسول اللهِ، ألا أُوصِي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أَحْسِن، قلتُ: بالشطْرِ؟ قال: أحْسِنْ، ثم خرج وتركني، فقال: يا جابر، لا أُرَاك مَيِّتاً مِنْ وجَعك هذا، وإنَّ الله قد أنزل، فَبَيَّن الذي لأخواتك، فجعل لهن الثُّلُثَينِ، قال: فكان جابرٌ يقول: أُنزلِتْ فيَّ هذه الآية {يستفتونك قُلِ اللهُ يفتِيكم في الكلالة} (3) . [ص:83]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(كلالة) الكلالة: هو أن يرث الميتَ غيرُ الوالد والولد، وتطلق على مَنْ ليس بوالد، ولا ولد من الوارثين.
__________
(1) وقال الحافظ في " الفتح " 8 / 182: هكذا وقع في رواية ابن جريج، وقيل: إنه وهم في ذلك، وأن الصواب: أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء، وهي: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ؛ لأن جابراً يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة: من لا ولد له ولا والد. وقد أخرجه مسلم عن عمرو الناقد، والنسائي عن محمد بن منصور، كلاهما عن ابن عيينة عن ابن المنكدر فقال في هذا الحديث " حتى نزلت عليه آية الميراث: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ، ولمسلم أيضاً من طريق شعبة عن ابن المنكدر، قال في آخر هذا الحديث " فنزلت آية الميراث " فقلت لمحمد بن المنكدر: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ؟ قال: " هكذا أنزلت ".
وقد تفطن البخاري لذلك، فترجم في أول الفرائض " قوله: {يوصيكم الله في أولادكم - إلى قوله - والله عليم حليم} ثم ساق حديث جابر المذكور عن قتيبة عن ابن عيينة، وفي آخره " حتى نزلت آية الميراث " ولم يذكر ما زاده الناقد، فأشعر أن الزيادة عنده مدرجة من كلام ابن عيينة، وانظر تمام الكلام على هذا في " الفتح ".
(2) هذه رواية الترمذي في الفرائض، وقد رواه في التفسير نحو ما في " الصحيحين "، قال الشيخ المباركفوري: كذا وقع في رواية الترمذي هذه، بزيادة لفظ " ولدي " ولم يقع هذا اللفظ في [ص:82] الرواية الآتية في التفسير، ولا في رواية واحد من بقية الأئمة الستة، بل وقع في بعض طرق حديث جابر المذكور في " الصحيحين " فقلت: يا رسول الله " إنما يرثني كلالة "، ووقع في رواية البخاري: " إنما لي أخوات " فبين رواية الترمذي هذه وروايات الصحاح مخالفة ظاهرة، فما في الصحاح مقدم. اهـ.
(3) البخاري 1 / 261 في الوضوء، باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه، وفي تفسير سورة النساء، باب {يوصيكم الله في أولادكم} ، وفي المرضى، باب عيادة المغمى عليه، وباب عيادة المريض راكباً وماشياً وردفاً على الحمار، وباب وضوء العائد للمريض، وفي الفرائض في فاتحته، وباب ميراث الأخوات والإخوة، وفي الاعتصام، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ومسلم رقم (1616) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، والترمذي رقم (2098) في الفرائض، باب ميراث الأخوات [ص:83]، ورقم (3019) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأبو داود رقم (2886) ، ورقم (2887) ، ورجاله ثقات، في الفرائض، باب في الكلالة، وأخرجه الطبري رقم (10867) ، والطيالسي 2 / 17، والبيهقي 6 / 231، وذكره السيوطي في " الدر " 2 / 250 وزاد نسبته لابن سعد والنسائي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1-أخرجه الحميدي (1229) . وأحمد (3/307) . والبخاري (7/150) وفي «الأدب المفرد» (511) قال: حدثنا عبد الله بن محمد. وفي (8/184) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وفي (9/124) قال: حدثنا على بن عبد الله. و «مسلم» (5/60) قال: حدثنا عمرو بن محمد بن بكير الناقد. و «أبو داود» (2886) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، و «ابن ماجة» (1436) قال: حدثنا محمد ابن عبد الأعلى الصنعاني وفي (2728) قال: حدثنا هشام بن عمار، و «الترمذي» (2097و3015) قال: حدثنا الفضل بن الصباح البغدادي. وفي (3015) أيضا قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يحي بن آدم. و «النسائي» (8711) وفي «الكبرى» (71) قال: أخبرنا ابن منصور. وفي «الكبرى» أيضا «تحفة الأشراف» (3028) عن قتيبة. و «ابن خزيمة» (106) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء. جميعهم - الحميدي، وأحمد، وعبد الله بن محمد، وقتيبة بن سعيد، وعلي بن عبد الله، وعمرو الناقد، ومحمد بن عبد الأعلى، وهشام بن عمار، والفضل بن الصباح، ويحيى بن آدم، ومحمد بن منصور، وعبد الجبار بن العلاء - عن سفيان بن عيينة.
2-وأخرجه أحمد (3/373) . و «البخاري» (7/154) قال: حدثنا عمرو بن عباس. و «مسلم» (5/60) قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري. و «أبو داود» (3096) قال: حدثنا أحمد بن حنبل. و «الترمذي» (3851) . وفي «الشمائل» (338) . قال: حدثنا محمد بن بشار. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (3021) عن عمرو بن على، خمستهم - أحمد، وعمرو بن عباس، والقواريري، ومحمد بن بشار، وعمرو بن علي - عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان الثوري.
3-وأخرجه أحمد (3/298) قال: حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج. و «الدارمي» (739) : قال أخبرنا أبو الوليد الطيالسي، وأبو زيد سعيد بن الربيع. «والبخاري» (1/60) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (7/157) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا غندر. وفي (8/190) قال: حدثنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا عبد الله - ابن المبارك -، و «مسلم» (5/60) قال: حدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا بهز، وفي (5/61) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا النضر بن شميل. وأبوعامر العقدي (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (3043) عن محمد بن عبد الأعلى. عن خالد بن الحارث عشرتهم - محمد بن جعفر، وحجاج، والطيالسي، وسعيد بن الربيع، وابن المبارك، وبهز، وابن شميل، والعقدي، ووهب بن جرير وخالد بن الحارث- عن شعبة.
4- وأخرجه البخاري (6/54) قال حدثنا إبراهيم بن موسى. قال: حدثنا هشام. و «مسلم» (5/60) قال حدثني محمد بن حاتم بن ميمون قال حدثنا الحجاج بن محمد. و «النسائي» في الكبري «تحفة الأشراف» (3060) عن الحسن عن الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج بن محمد كلاهما -هشام، وحجاج-عن ابن جريج.
5-وأخرجه الترمذي (2096) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال أخبرنا عمرو بن أبي قيس.
خمستهم - ابن عيينة، والثوري، وشعبة، وابن جريج، وعمرو بن أبي قيس - عن محمد بن المنكدر فذكره.(2/80)
559 - (ت د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى جِئنا امرأَة من الأنصار في الأسواف، فجاءتِ المرأةُ بابنتين لها، فقالت: يا رسولَ الله، هاتان ابنتا ثابت بن قيس (1) ، قُتِلَ معك يومَ أُحُدٍ، وقد استفاءَ عمُّهما مالَهُما وميراثَهُما كُلَّهُ فَلم يدَعْ لهما مالاً إلا أخذَه، فما ترى يا رسول الله؟ فو اللهِ لا يُنْكَحان أبداً إلا ولهما مالٌ، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: يَقضِي الله في ذلك، قال: ونزلت سورة النساء {يوصيكم الله في أَولادكم ... } الآية، فقال رسول الله صلى لله عليه وسلم: ادعوا لي المرأة وصاحبها، فقال لعمّهما: أعطهما الثلثين، وأعط أمهما الثُّمن، وما بقي فلك. هذه رواية أبي داود.
وأخرجه أيضاً، أنَّ امرأةَ سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله، إنَّ سَعْداً هلك وترك ابنتين. [ص:84]
وساق نحوه، قال أبو داود: هذا هو الصواب.
وأخرجه الترمذي قال: جاءت امرأةُ سعد بن الربيع بابنَتيها من سَعْدٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قُتِلَ أَبُوهما معك يوم أُحدٍ شهيداً، وإن عمَّهُما أَخذ مالهما، فلم يدَعْ لهما مالاً، ولا تُنْكحَان إلا ولهما مالٌ، قال: يَقْضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى عمهما، فقال: أعطِ ابنتيْ سعْدٍ- الثلثين، وأعطِ أُمّهما الثُّمن، وما بقي فهو لك (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بالأسواف) الأسواف: موضع بالمدينة كان يومئذ معروفاً.
(استفاءه) أي: أخذه لنفسه، يعني: جعله فيئاً له.
__________
(1) قال أبو داود: أخطأ بشر بن المفضل فيه، إنما هما ابنتا سعد بن الربيع، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة وكذا قال الخطابي، ورواية الترمذي وابن ماجة على الصواب.
(2) الترمذي رقم (2093) في الفرائض، باب ما جاء في ميراث البنات، وأبو داود رقم (2891) في الفرائض، باب ما جاء في ميراث الصلب، وأخرجه ابن ماجة رقم (2720) في الفرائض، باب فرائض الصلب، وإسناده قوي، وحسنه الترمذي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/352) ، و «الترمذي» (2092) قال: حدثنا عبد بن حميد. كلاهما -أحمد، وعبد - عن زكريا بن عدي، قال: أخبرنا عبيد الله بن عمرو..
2- وأخرجه «أبو داود» (2891) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا بشر بن المفضل. وقال في حديثه «امرأة ثابت بن قيس»
3- وأخرجه أبو داود (2892) قال: حدثنا ابن السرح، قال: حدثنا ابن وهب، قال أخبرني داود بن قيس، وغيره من أهل العلم.
4- وأخرجه ابن ماجة (2720) قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة.
أربعتهم - عبيد الله، وبشر، وداود، وابن عيينة - عن عبد الله بن محمد بن عقيل، فذكره.(2/83)
560 - (م) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أُنزِلَ عليه كُرِبَ (1) لذلك وتَرَبَّدَ وَجْهُهُ، قال: فَأُنزِلَ عليه ذاتَ يوَمٍ فَلُقِي كذلك، فلما سُرِّيَ عنه، قال: خُذُوا عَنِّي، خُذوا عني، فقد جعل [ص:85] الله لهن سبيلاً (2) ، البكْرُ بالبِكْر، جَلدُ مائةٍ ونفْيُ سَنَةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ، جَلدُ مائةٍ والرجم. أخرجه مسلم (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تربَّد وجهه) : أي تغير حتى صار كلون الرماد، والرَّبدة: لون بين السواد والغبرة.
(سُرِّيَ عنه) أي: كُشف ما نزل به من شدة الوحي.
__________
(1) قال النووي: هو بضم الكاف وكسر الراء، وتربد وجهه: أي علته غبرة و " الربد ": تغير البياض إلى السواد، وإنما يحصل له ذلك لعظم موقع الوحي، قال الله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} .
(2) قال النووي في " شرح مسلم ": أما قوله صلى الله عليه وسلم: " فقد جعل الله لهن سبيلا " فأشار إلى قوله تعالى: {فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً} فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل.
واختلف العلماء في هذه الآية، فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور، وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين، وأجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة، ورجم المحصن وهو الثيب، ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة، إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج وبعض المعتزلة، كالنظام وأصحابه فإنهم لم يقولوا بالرجم.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام " البكر بالبكر، والثيب بالثيب " فليس هو على سبيل الاشتراط، بل حد البكر: الجلد والتغريب، سواء زنا ببكر أم بثيب، وحد الثيب: الرجم، سواء زنا بثيب أم ببكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب.
واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء: من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل، سواء كان جامع بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أم لا، والمراد بالثيب: من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله: المسلم والكافر، والرشيد والمحجور عليه لسفه.
(3) رقم (1690) في الحدود، باب حد الزنى، وأخرجه أحمد 5 / 318، وأبو داود رقم (4415) في الحدود، باب في الرجم، والترمذي رقم (1434) في الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب، والطبري رقم (8806) و (8807) ، والبيهقي 8 / 210.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد 5/313) و «الدارمي» (2333) قال: أخبرنا عمرو بن عون. و «مسلم» 5/115) قال حدثنا يحيى بن يحيى التميمي (ح) وحدثنا عمرو والناقد و «أبو داود» (4416) قال حدثنا وهب بن بقية ومحمد بن الصباح بن سفيان، و «الترمذي» (1434) قال حدثنا قتيبة و «النسائي» «في الكبرى» «تحفة الأشراف» (5083) عن قتيبة سبعتهم - أحمد، وعمرو بن عون، ويحيى بن يحيى، وعمرو الناقد، ووهب، وابن الصباح، وقتيبة - عن هشيم قال أخبرنا منصور، هو ابن زاذان.
2- وأخرجه أحمد (5/317) قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد قال أخبرنا قتادة وحميد.
3- وأخرجه أحمد (5/318) قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا سعيد - هو ابن أبي عروبة -وفي (5/320) قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة (ح) وحدثنا حجاج قال سمعت شعبة. وفي (5/320) قال حدثنا عبد الله بن بكر قال حدثنا سعيد. و «الدارمي» (2332) قال أخبرنا بشر بن عمر الزهراني قال حدثنا حماد بن سلمة. و «مسلم» (5/115) قال حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن عبد الأعلى قال حدثنا سعيد (ح) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي. وفي (7/82) قال: حدثنا محمد بن المثني، وقال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، وقال: حدثنا أبي. و «أبو داود» (4415) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سعيد بن أبي عروبة، و «النسائي» في فضائل القران (5) قال: أخبرنا عمرو بن يزيد، قال: حدثنا سيف ابن عبيد الله، قال: حدثنا سرار، -هو ابن مجشر - عن سعيد، وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5083) عن محمد بن عبد الأعلى، عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، (ح) وعن شعيب بن يوسف، عن يحيى القطان، عن سعيد بن أبي عروبة، خمستهم - سعيد، وشعبة، وحماد، وهشام، وسرار - عن قتادة.
4- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (5083) عن أحمد عن حرب الموصلي، عن قاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان، عن سفيان عن يونس بن عبيد.
أربعتهم - منصور، وقتادة، وحميد، ويونس - عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، فذكره.
أخرجه عبد الله بن أحمد (5/327) قال: -حدثنا شيبان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير بن حازم، قال: حدثنا الحسن، قال: قال عبادة، فذكره، ليس فيه حطان بن عبد الله الرقاشي.
وأخرجه ابن ماجة (2550) قال: حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن عبادة بن الصامت، فذكره.(2/84)
561 - (خ د) ابن عباس - رضي الله عنهما - {يا أيها الذين آمنوا [ص:86] لا يَحِلُّ لكم أن تَرثُوا النِّسَاءَ كَرهاً ولا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهنَّ} [النساء: 19] قال: كانوا إذا ماتَ الرجل، كان أولياؤه أحقَّ بامرأَته، إن شاء بعضُهم تزوَّجها، وإن شاءوا زوَّجوها، وإن شاءوا لم يزوِّجوها، فهم أَحقُّ بها من أَهْلِها، فنزلت هذه الآيةُ في ذلك. أخرجه البخاري وأبو داود.
وفي أخرى لأبي داود، قال: {لا يَحِلُّ لكم أن ترثُوا النساء كرهاً ولا تَعْضُلوهُنَّ لتذهبوا ببعض ما آتيتُموهن إلا أنْ يأتين بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وذلك أنَّ الرجل كان يرثُ امرأَةَ ذي قرابته، فيعضِلُها حتَّى تموتَ، أو تَرُدَّ إليه صداقَها، فأحكم الله عن ذلك، ونهى عن ذلك (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تعضلوهن) العضل: قد مَرّ في سورة البقرة.
__________
(1) البخاري 8 / 185، 186 في تفسير سورة النساء، باب {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} ، وفي الإكراه، باب من الإكراه، وأبو داود رقم (2089) في النكاح، باب قوله تعالى: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن} ، وأخرجه ابن جرير الطبري رقم (8869) ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 131 وزاد نسبته إلى ابن المنذر والنسائي وابن أبي حاتم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجة البخاري (6/55) قال: حدثنا محمد بن مقاتل. وفي (9/27) قال: حدثنا حسن اين منصور. و «أبو داود» (2089) قال: حدثنا أحمد بن منيع. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (6100) عن أحمد بن حرب.
أربعتهم - محمد بن مقاتل، وحسين بن منصور، وأحمد بن منيع، وأحمد بن حرب - عن أسباط بن محمد، قال: حدثنا الشيباني سليمان بن فيروز، وعن عكرمة، فذكره.
قال الشيباني: وحدثني عطاء أبو الحسن السوائي، ولا أظنه إلا ذكره عن ابن عباس -رضي الله عنهما-(2/85)
562 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم} [النساء: 29] فكان الرجلُ يَحْرَجُ أن يأكلَ عند أحدٍ من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنُسِخَ ذلك بالآية الأخرى التي في النور، فقال: {ولا على أَنفسكم أَن تأكلوا من بيوتِكم - إلى قوله - أَشتاتاً} [النور: 61] فكان الرَّجل الغنيُّ يدعُو الرَّجُل من أهله إلى طعام، فيقولُ: إني لأجنَحُ أن آكلَ منه - والتَّجَنُّحُ [ص:87]: الحرَج - ويقولُ: المسكِينُ أَحقُّ به مني، فأُحِلَّ في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسمُ الله عليه، وأُحلَّ طعامُ أهل الكتاب.
أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَحْرَجُ) التَّحَرُّجُ: قد مر أيضاً تفسيره فيها.
(أجْنح) أي: أرى جناحاً وإثماً أن آكله.
(أشْتاتاً) : جمع شت، وهم المتفرقون.
__________
(1) رقم (3753) في الأطعمة، باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره، وفي سنده علي بن الحسين بن واقد، وعلي وأبوه الحسين كلاهما ثقتان، لكنهما يهمان بعض الشيء، فالإسناد محتمل للتحسين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3753) ، قال حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي، عن عكرمة فذكره.(2/86)
563 - (ت) أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، يغزو الرجالُ، ولا تَغزو النساء، وإنما لنا نِصْفُ الميراث؟ فأنزل الله تعالى: {وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ الله بهِ بَعضَكُم على بعْضٍ} [النساء: 32] .
قال مجاهد: وأنزل فيها: {إنَّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] وكانت أمُّ سلمةَ أَوَّلَ ظعينَةٍ قَدِمت المدينة مهاجرة. أخرجه الترمذي، وقال: هو مُرْسَلٌ (1) . [ص:88]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الظعينة) : المرأة، وهي في الأصل: ما دامت في الهودج، ثم صارت تطلق على المرأة وإن لم تكن في هودج.
__________
(1) رقم (3025) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأخرجه أحمد 6 / 322، والحاكم 2 / 305، 306، وابن جرير رقم (9241) ، والواحدي في أسباب النزول ص 110، وقال الحاكم بعد روايته: مجاهد عن أم سلمة: هذا حديث على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقد رد العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الطبري قول الترمذي: "حديث مرسل " فقال: إنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقيناً وعاصرها، فإنه ولد [ص:88] سنة 21 هـ وأم سلمة ماتت بعد سنة 60 على اليقين، والمعاصرة من الراوي الثقة تحمل على الاتصال إلا أن يكون الراوي مدلساً، ولم يزعم أحد أن مجاهداً مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في شرح البخاري، حكاها عنه الحافظ في " التهذيب " 10 / 44، ثم عقب عليها بقوله: ولم أر من نسبه إلى التدليس، وقال الحافظ في " الفتح " أيضاً 6 / 194 رداً على من زعم أن مجاهداً لم يسمع من عبد الله بن عمرو: لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس، فثبت عندنا اتصال الحديث وصحته والحمد لله.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجة أحمد (6. /322) ، و «الترمذي» (3022) قال: حدثنا ابن أبي عمر.
كلاهما - أحمد بن حنبل، وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فذكره.
(*) في رواية ابن أبي عمر: «مجاهد، عن أم سلمة أنها قالت» وزاد في آخره: قال مجاهد فانزل فيها: إن المسلمين والمسلمات وكانت أمل سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة.
(*) قال الترمذي: هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسل، أن أم سلمة قالت كذا وكذا.(2/87)
564 - (خ د) ابن عباس - رضي الله عنهما - {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوالِيَ} ورثَة {والَّذين عاقدت أَيمانكم} [النساء: 33] كان المهاجرون لما قَدِمُوا المدينَةَ يرثُ المهاجريُّ الأنصاريَّ، دونَ ذَوِي رَحِمِهِ، للأُخُوَّةِ التي آخَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بينهم، فلما نزلت: {ولكلٍ جعلنا موالي} ، نسختْها ثم قال: {والذين عَقَدَتْ أَيمانُكُمْ} إلا (1) النَّصْرَ والرِّفادَةَ والنَّصِيحَةَ، وقد ذَهبَ الميراثُ، ويُوصِى له. أخرجه البخاري وأبو داود.
وفي أخرى لأبي داود قال: {والذين عَاقَدَتْ أَيمانُكم فآتوهم نَصِيبَهُم} كان الرَّجُلُ يُحالِفُ الرَّجُلَ، ليس بيْنَهُما نَسَبٌ، فيرثُ أَحدُهما الآخر، فنَسَخَ [ص:89] ذلك الأنفالُ، فقال: {وأُولو الأرحام بعضُهم أَولى ببعضٍ} (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عاقدت أيمانكم) المعاقدة: المعاهدة والميثاق، و «الأيمان» جمع يمين: القسم أو اليد.
(ذوي رحمه) ذوو الرحم: الأقارب في النسب..
(الرِّفادة) : الإعانة، رفدت الرجل: إذا أعنته، وإذا أعطيته.
__________
(1) رواية البخاري في التفسير " من النصر ... "، قال الحافظ تعليقاً: كذا وقع فيه، وسقط منه شيء بينه الطبري رقم (9277) في روايته عن أبي كريب، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد - أي: إسناد البخاري - ولفظه: ثم قال: والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر، فقوله: من النصر يتعلق بـ " آتوهم " لا بـ " عاقدت " ولا بـ " أيمانكم " وهو وجه الكلام.
(2) البخاري 4 / 386 في الكفالة، باب قول الله تعالى: {والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} ، وفي الفرائض، باب ذوي الأرحام، وأبو داود رقم (2922 و 2921) في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3/6، 125/55) قال: حدثنا الصلت بن محمد. وفي (8/190) قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم. و «أبو داود» (2922) قال: حدثنا هارون بن عبد الله. و «النسائي» في الكبرى- تحفة الأشراف - (5523) عن هارون بن عبد الله.
ثلاثتهم - الصلت، وإسحاق، وهارون - قالوا: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني إدريس بن يزيد، قال: حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير فذكره.(2/88)
565 - (د) داود بن الحصين - رحمه الله - قال: كنتُ أَقْرَأُ على أم سعْد بنت الربيع - وكانت يتيمَة في حَجْر أَبِي بكر - فقرأتُ: {والذين عَاقَدَت أَيمانُكم} فقالت: لا تقرأ {والذين عاقدت أَيمانكم} إنما نزلت في أبي بكرٍ وابنِهِ عبد الرحمن، حين أبى الإسلامَ، فحلف أبو بكر أن لا يُوَرِّثَهُ، فلما أسْلَمَ أَمَرهُ الله أن يؤتيَه نصيبَه.
زاد في رواية: فما أَسلم حتى حُمل على الإسلام بالسيف. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2923) في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، ورجاله ثقات، لكن ابن إسحاق عنعن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2923) قال حدثنا أحمد بن حنبل، وعبد العزيز بن يحيى قال أحمد حدثنا محمد ابن سلمة عن ابن إسحاق عن داود بن الحصين، فذكره.(2/89)
566 - (م) أنس بن مالك -رضي الله عنه - {إنَّ اللهَ لا يَظْلِم مِثْقَاَل [ص:90] ذَرَّةٍ وإِنْ تكُ حسنةً يُضاعِفْها} [النساء: 40] قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزي بها في الآخرة، وَأَمَّا الكافر فيُطْعَمُ بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرةِ، لم تكُن له حسنةٌ يجزى بها (1) . أخرجه مسلم (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مثقال ذرة) الذرة: النملة الصغيرة (3) ، والمثقال: مقدار من الوزن، أي شيء كان، والناس يطلقونه على الدينار خاصة، وليس كذلك.
__________
(1) يعني أن الكافر إذا عمل حسنة في الدنيا كأن فك أسيراً، فإنه يجازى في الدنيا بما فعله من قربة لا تحتاج لنية، وقال النووي في " شرح مسلم ": أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره، لا ثواب له في الآخرة، ولا يجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقرباً إلى الله تعالى، وصرح في هذا الحديث: بأنه يطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات، أي: بما فعله متقرباً به إلى الله تعالى، مما لا تفتقر صحته إلى النية، كصلة الرحم والصدقة والعتق والضيافة وتسهيل الخيرات ونحوها، وأما المؤمن فيدخر له حسناته وثواب أعماله في الآخرة، ويجزى بها مع ذلك أيضاً في الدنيا، ولا مانع من جزائه في الدنيا والآخرة، وقد ورد الشرع به فيجب اعتقاده.
وقوله: " إن الله تعالى لا يظلم مؤمناً حسنة " معناه: لا يترك مجازاته بشيء على حسناته، والظلم: يطلق بمعنى النقص، وحقيقة الظلم مستحيلة من الله تعالى، كما سبق بيانه.
ومعنى: أفضى إلى الآخرة، صار إليها، وأما إذا فعل الكافر مثل هذه الحسنات ثم أسلم، فإنه يثاب عليها في الآخرة على المذهب الصحيح.
(2) رقم (2808) في صفات المنافقين، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة.
(3) الذرة: هي الوحدة الدقيقة، أدق من الهباءة، تتكون منها الأشياء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: (أخرجه مسلم في المغازي (36: 10) عن أبي موسى عن أبي داود عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك. تحفة الأشراف (1/362/1418) .(2/89)
567 - (ط) مالك - رضي الله عنه - بلغه، أنَّ عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال في الحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قال الله فيهما: {وَإِن خِفْتم شِقاق بينهِما [ص:91] فابْعَثُوا حَكَماً من أَهْلِهِ وحكماً من أهلها إن يُريدا إصلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بينهما إن الله كان عليماً خبيراً} : إنَّ إليهما الفُرقَةَ بينهما والاجتماع. أخرجه الموطأ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شقاق) الشقاق: الخلاف.
__________
(1) 2 / 584 في الطلاق، باب ما جاء في الحكمين بلاغاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجة مالك في الموطأ (3/275) بشرح الزرقاني وقال: رواها عبد الرزاق وغيره عن عبيدة السلماني(2/90)
568 - (د) أبو حُرَّةَ الرقاشي - رضي الله عنه - عن عمه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «فإنْ خِفْتُم نُشُوزَهُن فاهجرُوهُنَّ في المضاجع» .
قال حماد: يعني النكاح. أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نُشُوزهن) النشوز من المرأة: استعصاؤها على زوجها، وبغضها له،ومن الرجل: إذا ضربها وجفاها.
__________
(1) رقم (2145) في النكاح، باب في ضرب النساء، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود في النكاح (43: 1) عن موسى بن حماد عن علي بن زيد عن أبي حرة الرقاشي تحفة الأشراف (11/142/15558) .(2/91)
569 - (ت د) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: صَنَعَ لنا ابنُ عوفٍ طعاماً، فدَعانا فأكلنَا، وسَقَانَا خَمْراً قَبْل أن تُحَرَّمَ، فأَخَذَتْ مِنَّا، وَحَضَرتِ الصلاةُ، فقدَّموني، فقرأتُ: {قُلْ يا أَيُّها الكافرون. لا أَعبد ما تعبدُون} : ونحن نَعْبُدُ ما تَعْبُدُون، قال: فخَلَّطْتُ، فنزلت: [ص:92] {لا تقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنتُم سُكارى حَتَّى تَعلموا ما تقُولونَ} [النساء: 43] ، أخرجه الترمذي.
وأخرجه أبو داود " أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرم الخمر، فحضرت الصلاة، فأمهم علي في المغرب فقرأ {قُلْ يا أَيُّها الكافرون} فخَلَّط فيها، فنزلت {لا تقْرَبوا الصلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعلموا ما تقُولونَ} " (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3029) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأبو داود رقم (3671) في الأشربة، باب تحريم الخمر، وأخرجه ابن جرير الطبري رقم (9524) ، وإسناده صحيح، فإن الراوي عند أبي داود والطبري، عن عطاء بن السائب سفيان، وقد سمع منه قبل الاختلاط، وصححه الحاكم 2 / 307، وأقره الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه عبد بن حميد (82) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سعد، قال أخبرنا أبو جعفر الرازي و «أبو داود» (3671) قال: حدثنا مسدد، وقال: حدثنا يحيى، عن سفيان. و «الترمذي» (3026) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد، عن أبي جعفر الرازي. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (10175) عن عمرو بن علي، وعن ابن مهدي، عن سفيان.
كلاهما -أبو جعفر، وسفيان - عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، فذكره.(2/91)
570 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: ما في القرآن آية أحبُّ إليَّ من هذه الآية: {إنَّ الله لا يغفر أن يُشْرَكَ بِه ويغفِرُ ما دونَ ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3040) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وحسنه مع أن فيه ثويراً، وهو ابن أبي فاختة وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
في التفسير (النساء: 25) عن خلاد بن أسلم عن النضربن شميل عن إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة] عن أبيه وقال حسن غريب (7/378،10110) تحفة الأشراف.(2/92)
571 - (خ م ت د س) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت قوله تعالى {أَطيعوا الله وأَطِيعوا الرسولَ وأُولِي الأمر منكم ... } الآية، [النساء: 59] ، في عبد الله بن حُذَافة بن قَيس بن عَدِيّ السهمي، إذ بعثَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، أخرجه الجماعة إلا الموطأ (1) . [ص:93]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(السرية) : الطائفة من الجيش، يُنفَّذُون إلى بعض الجهات للغزو.
__________
(1) البخاري 8 / 191 في تفسير سورة النساء، باب {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ومسلم [ص:93] رقم (1834) في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأبو داود رقم (2624) في الجهاد، باب في الطاعة، والترمذي رقم (1672) في الجهاد، باب ما جاء في الرجل يبعث وحده سرية، والنسائي 7 / 154 و 155 في البيعة، باب قوله تعالى {وأولي الأمر منكم} ، وأخرجه ابن جرير الطبري رقم (9858) ، وأحمد رقم (3124) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (4: 11) عن صدق بن الفضل، في رواية أبي علي بن السكن «عن سنيد بن داود» بدل «صدقة بن الفضل» - ومسلم في الجهاد - (61: 1) عن زهير بن حرب وهاون بن عبد الله وأبو داود فيه (الجهاد 96: 1) عن زهير بن حرب، والترمذي، (الجهاد 29) عن محمد بن يحيى، والنسائي في البيعة (28) وفي السير (الكبرى 96: 1) وفي التفسير (في الكبرى) عن الحسن بن محمد الزعفراني.
خمستهم عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عنه عن يعلى بن مسلم المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقال حسن صحيح غريب لانعرفه إلا من حديث ابن جريج تحفة الأشراف (4/457 /5651) .(2/92)
572 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنه - {وما لكم لا تُقَاتِلُونَ في سبيل اللهِ والمستضعفين - إلى قوله - الظَّالِمِ أَهْلُها} [النساء: 75] قال: كنتُ أَنا وأُمِّي من المستضعَفِينَ.
وفي روايةٍ قال: تلا ابنُ عباسٍ {إلا المستَضعَفِينَ من الرجالِ والنساءِ والوِلْدَانِ} فقال: كنت أنا وأمي ممَّن عَذَرَ اللهُ، أَنا من الولدان، وأمي من النساء. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 192 في تفسير سورة النساء، باب {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} ، وباب {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} ، وفي الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وهل يعرض الإسلام على الصبي، وقوله " أنا من الولدان وأمي من النساء " لم يذكر في البخاري، وقد ذكر الحافظ في " الفتح " أن الإسماعيلي أخرجه من طريق إسحاق بن موسى عن ابن عيينة بلفظ: كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان، وأمي من النساء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/58) قال حدثني عبد الله بن محمد قال:حدثنا سفيان عن عبيد الله فذكره.(2/93)
573 - (س) ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ عبد الرحمن بن عوفٍ وأصحاباً له أَتَوُا النبي - صلى الله عليه وسلم- بمكة، فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّا كُنَّا في عِزٍّ، ونحنُ مُشرِكُونَ، فلما آمنَّا صِرْنا أذلَّة، فقال: إِني أُمِرْتُ بالعفوِ، فلا تُقَاتِلوا، فلما حوَّلَه الله إلى المدينة أُمرَ بالقِتال، فكفُّوا، فأنزل الله [ص:94] عز وجل {ألم تَرَ إلى الذين قِيْلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيدِيَكُمْ وأَقِيمُوا الصلاةَ} إلى قوله: {ولا تظلمونَ فَتِيلاً} [النساء: 77] .
أخرجه النسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتيلاً) الفتيل: ما يكون في شق النواة: وقيل: هو ما يُفْتَلُ بين الإصبعين من الوسخ.
__________
(1) 6 / 3 في الجهاد، باب وجوب الجهاد، وأخرجه ابن جرير الطبري رقم (9951) ، والحاكم في المستدرك 2 / 307 وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، نقول: وفي سنده الحسين بن واقد، ولم يخرج له البخاري، وإنما خرج له مسلم، وقد وصفه الحافظ بقوله: ثقة، له أوهام، ورواه البيهقي في السنن 9 / 11، ورواه ابن كثير في تفسيره 2 / 514 من طريق ابن أبي حاتم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/2) قال أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال أنبأنا أبي قال أنبأنا الحسن ابن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة فذكره.(2/93)
574 - (د س) خارجة بن زيد - رضي الله عنه - قال: سمعتُ زيد بن ثابت في هذا المكان يقُولُ: أنزلت هذه الآية: {ومَنْ يَقْتُلْ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤه جَهَنَّمُ خالداً فيها} [النساء: 93] بعد التي في الفُرقان {والَّذِين لا يَدْعُونَ مع الله إلهاً آخر ولا يَقْتُلونَ النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله إلا بالحق} بستة أشهر. أخرجه أبو داود والنسائي.
وفي أخرى للنسائي: «بثمانية أشهر» .
وفي أخرى له، قال: لما نزلت، أشْفقْنا منها، فنزلت الآية التي في [ص:95] الفرقان: {والَّذِينَ لا يدْعُونَ مع الله إلهاً آخر ... } الآية (1) [الفرقان: 68] .
__________
(1) أبو داود رقم (4272) في الفتن، باب تعظيم قتل المؤمن، والنسائي 7 / 87 و 88 في تحريم الدم، باب تعظيم الدم، وإسناده قوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (4272) والنسائي (7/87) قال: أخبرنا عمرو بن علي.
كلاهما -أبو داود، وعمرو - عن مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن ابن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن خارجة بن زيد، فذكره.
وأخرجه النسائي (7/87) قال: أخبرني محمد بن بشار، عن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد. -ولم يذكر مجالد بن عوف -.
وأخرجه النسائي (7/87) قال: أخبرنا محمد بن المثني، قال: حدثنا الأنصاري، قال حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد
-ولم يذكر موسى بن عقبة، ولا مجالد بن عوف.(2/94)
575 - (خ م د س) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قلت لابن عباسٍ: أَلِمنْ قَتَلَ مؤْمناً مُتَعَمِّداً من تَوْبَةٍ؟ قال: لا (1) ، فَتَلوْتُ عليه هذه الآية التي في الفرقان {والَّذِينَ لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله إلّا بالحَقِّ ... } إلى آخر الآية، قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية {ومن يَقْتُلْ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فجزاؤهُ جهنَّم} .
وفي رواية، قال: اخْتلَفَ أَهْلُ الكُوفَة في قَتْل المؤمن، فرحَلْتُ فِيه إلى ابن عبَّاسٍ، فقال: نزلت في آخر ما نزَل، ولم ينسخها شيء.
وفي أخرى، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة {والَّذِينَ لا يدعُونَ [ص:96] مَعَ الله إلهاً آخر} - إلى قوله -: {مُهَاناً} فقال المشركون: وما يغني عنا الإسلامُ وقد عدَلنا باللهِ، وقد قتلنا النَّفْسَ التي حرَّم الله، وأتينا الفواحش، فأنزل الله عز وجل {إلا مَنْ تَابَ وآمن وعَمِل عملاً صالحاً} ... إلى آخر الآية [الفرقان: 70] .
زاد في رواية: فأمَّا من دخل في الإسلام وعَقَلهُ، ثم قتل، فلا توبة له. هذه روايات البخاري ومسلم، ولهما روايات أُخر بنحو هذه.
وأخرجه أبو داود: أنَّ سعيد بن جبير سأل ابن عباسٍ؟ فقال: لما نزلت الآية التي في الفرقان - وذكر الحديث - نحو الرواية الأولى.
وله في أخرى: قال في هذه القصة: في الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخرَ: أَهل الشرك، قال: ونزل {يا عِبَادِيَ الذين أَسرفوا على أَنفسهم} [الزمر: 53] .
وفي أخرى، قال: {ومن يقتل مؤمناً متعمِّداً} ما نسخها شيء.
وأخرجه النسائي مثل الرواية الأولى من روايات البخاري ومسلم.
وفي أخرى لهما وله، قال سعيد: أمرني عبد الرحمن بن أبْزَى أنْ أسأل ابن عباسٍ عن هاتين الآيتين؟ {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} فسألته، فقال: لم ينسخها شيء، وعن هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حَرَّم الله إلا بالحق} قال: نزلت في أهل [ص:97] الشرك (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عدلنا بالله) : أشركنا به، والعدل: الميل (3) .
(الفواحش) جمع فاحشة، وهي المعصية، وقيل: الزنا خاصة، والأصل فيها: الشيء المستقبح بين الناس.
__________
(1) قال النووي: قوله: لا، أي: لا توبة له، واحتج بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} . هذا هو المشهور عن ابن عباس، وروي عنه: أن له توبة، وجواز المغفرة له، لقوله تعالى: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} [النساء: 110] فهذه الرواية الثانية: هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا، محمول على التغليظ والتحذير من القتل، والتأكيد في المنع منه، وليس في هذه الآية - التي احتج بها ابن عباس - تصريح بأنه يخلد في النار، وإنما فيها جزاؤه، ولا يلزم منه أنه يجازى.
نقول: إن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول فيه، وإذا كان الشرك – وهو أعظم الذنوب وأشدها – تمحوه التوبة إلى الله تعالى، ويقبل من صاحبه الخروج منه، والدخول في باب التوبة، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتها القتل عمداً؟!
(2) البخاري 7 / 127 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، وفي تفسير سورة النساء، باب {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} ، وفي تفسير سورة الفرقان، {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} ، وباب {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً} ، وباب {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً} ، ومسلم رقم (3023) في التفسير، وأبو داود رقم (4273 و 4274 و 4275) في الفتن، باب تعظيم قتل المؤمن، والنسائي 7 / 85 و 86 في تحريم الدم، باب تعظيم الدم.
(3) والعدل: المعادل والمساوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (5/57) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير وفي (6/138) قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة وفي (6/138) قال حدثنا سعد بن حفص، قال: حدثنا شيبان. وفي (6/139) قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا أبي، عن شعبة، و «مسلم» (8/242) قال: حدثنا محمد ابن المثني، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثني هارون ابن عبد الله، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي، قال: حدثنا أبو معاوية - يعني شيبان -، و «أبو داود» (4273) قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير، و «النسائي» (7/86) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة.
ثلاثتهم - جرير بن عبد الحميد، وشعبة، وشيبان أبو معاوية -عن منصور بن المعتمر.
2- وأخرجه البخاري (6/59) قال: حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شعبة. وفي (6/138) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا غندر، وقال: حدثنا شعبة. و «مسلم» (8/241) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثنا محمد بن المثني، وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر. (ح) وحدثنا ابن إبراهيم، قال: أخبرنا النضر، قالا جميعا: حدثنا شعبة. و «أبو داود» (4275) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. و «النسائى» (7/85) قال: أخبرني أزهر بن جميل البصري، قال: حدثا خالد بن الحارث، قال: حدثنا شعبة. كلاهما -شعبة، وسفيان - عن المغيرة بن النعمان.
3- وأخرجه البخاري (6/157) قال: حدثني إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف. و «مسلم» (1/79) قال: حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، وإبراهيم بن دينا، قال: حدثا حجاج- وهو ابن محمد -و «أبو داود» (4274) قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج و «النسائي (7/86) قال: أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: ثنا حجاج بن محمد. كلاهما - هشام بن يوسف، وججاج - عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلى بن مسلم.
4- وأخرجه البخاري (6/138) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف. و «مسلم» (8/242) قال: حدثني عبد الله بن هاشم، وعبد الرحمن بن بشر العبدي، قالا: حدثني يحيى - وهو ابن سعيد القطان - و «النسائي» (7/85) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5599) عن الحسن بن محمد، عن حجاج بن محمد. ثلاثتهم - هشام، ويحيى، وحجاج - عن ابن جريج، قال: حدثني القاسم بن أبي بزة.
5-وأخرجه النسائى (7/86) قال: أخبرنا حاجب بن سليمان المنبجي قال: حدثنا ابن أبي رواد، قال: حدثنا ابن جريج، عن عبد الأعلى الثعلبي.
خمستهم - منصور، والمغيرة، ويعلي بن مسلم، والقاسم، وعبد الأعلى - عن سعيد بن حبير، فذكره.
(*) في رواية جريرعن منصور قال: حدثني سعيد بن جبير، أو قال حدثني الحكم عن سعيد بن جبير.(2/95)
576 - (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما - سُئِل عَمَّنْ قَتَلَ مؤمناً متعمِّداً، ثم تاب وآمن، وعملَ صالحاً، ثم اهتدى؟ فقال ابن عباس: فأَنَّى له بالتوبة؟ سمعتُ نبيَّكم - صلى الله عليه وسلم- يقول: «يجيءُ المقتول متعلقاً بالقاتل، تشخُبُ أَودَاجُهُ دماً، فيقول: أي رَبِّ، سَلْ هذا فيمَ قَتلَني؟» ثم قال: «واللهِ، لقد أنزلها الله، ثم ما نسخها» . هذه رواية النسائي.
وفي رواية له أيضاً وللترمذي: أَنَّ ابنَ عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يجيء المقتول بالقاتِل يوم القيامةِ، ناصيتُه ورأسُه بيده، وأوداجُهُ [ص:98] تشْخُبُ دماً، يقول: يا ربِّ، قَتَلَني هذا، حتى يدْنِيَهُ من العرشِ، قال: فذكروا لابن عبَّاسٍ التَّوْبَةَ، فَتَلا هذه الآية: {وَمَن يقْتُلْ مؤمِناً مُتَعَمِّداً} قال: ما نُسِخَتْ هذه الآية، ولا بُدِّلَتْ، وأَنَّى له التوبة (1) ؟ !» .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تشخب ناصيته) أي: تسيل، والناصية: شعر مقدم الرأس.
__________
(1) الترمذي رقم (3032) في التفسير، باب ومن سورة النساء، والنسائي 7 / 85 و 87 في تحريم الدم، باب تعظيم الدم، وإسناده قوي. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد رقم (2142) و (2683) ، والطبري رقم (10188) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3029) قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني. و «النسائى» 7/87 قال: أخبرنا محمد بن رافع كلاهما - الحسن، ومحمد رافع - قالا: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا ورقاء بن عمر عن عمرو دينار فذكره.(2/97)
577 - (د) أبو مجلزٍ (1) - رحمه الله - في قوله تعالى: {ومنْ يقْتُلْ مؤمِناً مُتَعَمِّداً فجزاؤه جَهَنَّمُ} قال: هي جزاؤه، فإن شاءَ الله أن يتجاوزَ عن جزائِهِ فَعَلَ. أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) هو لاحق بن حميد بن سعيد، ويقال: شعبة بن خالد بن كثير بن حبيش بن عبد الله السدوسي البصري، روى عن أبي موسى الأشعري والحسن بن علي وعمران بن حصين، وسمرة بن جندب، وابن عباس وغيرهم. وثقه ابن سعد، وأبو زرعة، وابن خراش، والعجلي، وأخرج له الجماعة مات سنة ست. وقيل: تسع ومائة.
(2) رقم (4276) في الفتن، باب تعظيم قتل المؤمن، ورجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (4276) قال حدثنا أحمد بن يونس ثنا أبو شهاب عن سليمان التيمي عن أبي مجلز فذكره.(2/98)
578 - (خ م ت د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لَقِيَ ناسٌ من المُسلِمِينَ رجلاً في غُنَيْمَةٍ له، فقال: السَّلام عليكم، فأخذُوه فَقَتَلُوه، وأَخَذُوا تلك الغُنَيْمَة، فنزلت: {ولا تَقُولُوا لمنْ أَلْقَى إليْكُمُ السَّلَم (1) لَسْتَ مؤمناً} [ص:99] وقرأها ابن عباس: السلامَ. هذا لفظ البخاري ومسلم.
ولفظ الترمذي قال: مَرَّ رجلٌ من بني سُلَيْم على نَفَرٍ من أَصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " ومَعَهُ غَنَمٌ له، فَسَلَّمَ علَيْهِم، فقَالوا: ما سَلَّمَ عليكم إلا ليتَعَوَّذَ مِنْكُم، فقاموا فَقَتلُوه، وأَخَذوا غنمَهُ، فأَتوا بها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله الآية.
وفي رواية أبي داود نحوٌ من لفظ البخاري ومسلم إلا أنه لم يذكر: وقرأ ابن عباس: السلام (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ليتعوذ) التعوذ: الالتجاء والاحتماء.
__________
(1) في الأصل والمطبوع " السلام " والتصحيح من صحيح مسلم، وهي قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة، وخلف، وجبلة عن المفضل، عن عاصم، وهي بفتح السين واللام من غير ألف من الاستسلام، وقرأ ابن كثير، وأبو [ص:99] عمرو، وأبو بكر، وحفص عن عاصم والكسائي " السلام " بالألف مع فتح السين، قال الزجاج: يجوز أن يكون بمعنى التسليم، ويجوز أن يكون بمعنى الاستسلام، راجع " زاد المسير " 2 / 172 طبع المكتب الإسلامي.
(2) البخاري 8 /194 في تفسير سورة النساء، باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً} ، ومسلم رقم (3025) في التفسير، والترمذي رقم (3033) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأبو داود رقم (3974) في الحروف والقراءات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/59) قال حدثني علي بن عبد الله، و «مسلم» (8/243) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن عبدة الضبي. و «أبو داود» (3974) قال: حدثنا محمد بن عيسى. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (5940) عن محمد بن عبد الله ابن يزيد.
ستتهم - علي، وأبو بكر، وإسحاق، أحمد بن عبدة، ومحمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الله - عن عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، فذكره.(2/98)
579 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم- للمقداد: «إذا كان رجلٌ مؤمن يُخْفِي إيمانه مَعَ قَوْمٍ كفارٍ فَأَظْهَرَ إِيمانَهُ، فَقَتَلْتَهُ، فكذلك كنت أنت تُخفي إيمانك بمكة من قَبلُ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 12 / 168 في الديات، باب أول كتاب الديات، وقال حبيب بن أبي عمرة عن سعيد عن ابن عباس تعليقاً، قال الحافظ: وهذا التعليق وصله البزار والدارقطني في " الأفراد " والطبراني في " الكبير " من رواية أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم والد محمد بن أبي بكر المقدمي عن حبيب، وفي أوله: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها [ص:100] المقداد، فلما أتوهم وجدوهم تفرقوا، وفيهم رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فأهوى إليه المقداد فقتله ... الحديث، وفيه: فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مقداد قتلت رجلاً قال: لا إله إلا الله، فكيف لك بـ " لا إله إلا الله " فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ... } الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد: كان رجلاً مؤمناً يخفي إيمانه ... قال الدارقطني: تفرد به حبيب، وتفرد به أبو بكر عنه، قلت – القائل الحافظ -: قد تابع أبا بكر سفيان الثوري لكنه أرسله، أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عنه، وأخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري كذلك، ولفظ وكيع بسنده عن سعيد بن جبير: خرج المقداد بن الأسود في سرية ... فذكر الحديث مختصراً إلى قوله: فنزلت، ولم يذكر الخبر المعلق.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (12/194) قال: وقال حبيب بن أبي عمرة عن سعيد عن ابن عباس فذكره.(2/99)
580 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: {لا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عَنْ بَدْرٍ والخارجون إليها.
هذه رواية البخاري.
وزاد الترمذي: لما نزلت غزوةُ بدرٍ، قال عبد بن جَحْشٍ (1) ، وابن أُمِّ مكتومٍ: إِنَّا أعمَيَان يا رسولَ الله، فهل لنا رُخْصةٌ؟ فنزلت: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أولي الضَّرَرِ} و {فَضَّلَ الله المجاهدين على القاعدين درجةً} فهؤلاء القاعدون غير أولي الضَّرَرِ، {وفَضَّلَ الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً. درجاتٍ منه} على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر (2) .
__________
(1) عبد بن جحش، بدون إضافة، أبو أحمد، وكان أعمى، وهو مشهور بكنيته، وهو أخو عبد الله بن جحش، كما حققه العلماء، كالحافظ ابن حجر العسقلاني، والعيني، وغيرهما.
(2) البخاري 7 / 226 في المغازي، باب قول الله تعالى {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} ، والترمذي رقم (3035) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وحسنه، وقوله في الحديث: فهولاء القاعدون غير أولي الضرر ... إلى آخره، مدرج في الخبر. قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 8 / 197: هو من كلام ابن جريج، بينه الطبري فأخرج من طريق حجاج نحو ما أخرجه الترمذي إلى قوله " درجة ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (5/93، 6/60) قال حدثني إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام وفي (6/60) قال حدثني إسحاق قال أخبرنا عبد الرزاق، و «الترمذي» (3032) قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا الحجاج بن محمد.
ثلاثتهم - هشام، وعبد الرزاق، والحجاج - عن ابن جريج قال أخبرني عبد الكريم أنه سمع مقسما مولى عبد الله بن الحارث فذكره.(2/100)
581 - (خ ت د س) زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن رسول الله [ص:101] أَمْلى عَليَّ: {لا يستوي القاعدُون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} فجاءه ابنُ أُم مكتومٍ - وهو يُمِلُّها عَليَّ فقال: واللهِ يا رسولَ اللهِ، لو أَستطيعُ الجهادَ لجاهدتُ - وكان أَعمى - فأنزل الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفخِذُهُ على فَخِذِي - فثَقُلَتْ علَيَّ، حَتَّى خِفْتُ أَن تُرَضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عنه، فأنزل الله عز وجل: {غيرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
أخرجه البخاري والترمذي والنسائي.
وفي رواية أبي داود قال: كنتُ إلى جَنبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَغَشِيَتْهُ السَّكِينةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سُرِّيَ عنه، فقال لي: «اكتُبْ» ، فكَتَبْتُ في كَتِفٍ: {لا يسْتَوِي القَاعِدُونَ ... } إلى آخر الآية. فقام ابن أم مَكْتُومٍ - وكان رجلاً أَعمى - لمَّا سمع فضيلة المجاهدين، فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستَطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلمَّا قَضَى كلامَه غَشِيَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السَّكِينَةُ، فوَقعَتْ فَخِذُهُ على فخذي، ووجدتُ من ثِقلِها في المرة الثانية كما وجدتُ في المرة الأولى، ثم سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:: اقرأ يا زيدُ، فقَرأْتُ: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ... } الآية كلها، قال زيد: أنزلَها اللَّهُ وَحْدَها، فَألْحَقَها: «والذي نفسي بيده، لَكَأَنِّي أَنظُرُ إِلى مُلْحَقِها عِنْدَ صَدْعٍ في كَتِفٍ» (1) . [ص:102]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يرض) الرَّضُّ: شبه الدَّقِّ والكسر من غير إبانة.
(السكينة) فعيلة من السكون، والمراد بها: ما كان يأخذه صلى الله عليه وسلم عند الوحي من ذلك.
(كتف) الكتف: عظم كتف الشاة العريض.
__________
(1) البخاري 6 / 34 في الجهاد، باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} [ص:102]، والترمذي رقم (3036) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأبو داود رقم (2507) في الجهاد، باب الرخصة في القعود من العذر، وإسناده حسن. والنسائي 6 / 9 و 10 في الجهاد، باب فضل المجاهدين على القاعدين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/184) قال: حدثنا يعقوب - ابن إبراهيم. و «البخاري» (4/30) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، وفي (6/59) قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله. و «الترمذي» (3033) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. و «النسائي» (6/9) قال: أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثلاثتهم - يعقوب، وعبد العزيز إسماعيل قالوا: حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان.
2- وأخرجه النسائى (6/9) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيع قال: حدثنا بشر- يعني ابن الفضل - قال: أنبأنِا عبد الرحمن بن إسحاق.
كلاهما - صالح بن كيسان، وعبد الرحمن - عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن مروان بن الحكم فذكره.(2/100)
582 - (خ م ت س) البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْداً، فجاءَ بِكَتِفٍ، وكتبها، وشكا ابنُ أمِّ مكتوم ضرارته، فنزلت {لا يستوي القاعدُونَ من المؤمنين غير أُولي الضرر} .
وفي أخرى قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا فُلاناً، فجاءه، ومعه الدواةُ واللوح أَو الكتف» ، فقال: اكتُبْ {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} وخَلْفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ابنُ أمِّ مكتوم، فقال: يا رسول الله، أنا ضريرٌ، فنزلت مكانها {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أُولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} ، هذه رواية البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ائتُوني بالكتف - أو اللوح-» [ص:103] فَكَتَبَ (1) {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} وعمرو بنُ أمِّ مكتومٍ خلْفَ ظهره، فقال: هل لي رخصةٌ؟ فنزَلت {غَير أُولي الضَّرَرِ} .
وفي أخرى له وللنسائي بنحوها، قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} جاء عمرو بن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم - وكان ضَريرَ البَصَرِ - فقال: يا رسول الله، ما تأمُرُنِي؟ إني ضرير البصر، فأنزل الله {غير أُولي الضَّرَرِ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ائتوني بالكتف والدواة، أو اللوح والدواة» (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ضرارته) الضرارة هاهنا: العمى.
__________
(1) يعني: أمر بالكتابة، كما هو مصرح به في غير هذه الرواية.
(2) البخاري 6 / 34 في الجهاد، باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون} ، وفي فضائل القرآن، باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم رقم (1898) في الإمارة، باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، والترمذي رقم (1670) في الجهاد، باب ما جاء في الرخصة لأهل العذر في القعود، ورقم (3034) في التفسير، باب ومن سورة النساء، والنسائي 6 / 10 في الجهاد، باب فضل المجاهدين على القاعدين، وأخرجه الطبري رقم (10223) ، وابن حبان رقم (40) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/299، 282) قال حدثنا محمد بن جعفر وفي (4/284) قال حدثنا عفان وفي (4/299) قال حدثنا عبد الرحمن، و «الدارمي» (2425) قال: أخبرنا أبو الوليد. و «البخاري» (4/30) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (6/60) قال: حدثنا حفص بن عمر. و «مسلم» (6/43) قال: حدثنا محمد بن المثني، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر..
خمستهم - ابن جعفر، وعفان، وعبد الرحمن، وأبو الوليد، وحفص - عن شعبة.
2- وأخرجه أحمد (4/299290) ، والترمذي (3031) قال: حدثنا محمود بن غيلان. كلاهما - أحمد، ومحمود - قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان الثوري.
3- وأخرجه أحمد (4/301) قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا زهير.
4- وأخرجه البخاري (6/60) قال: حدثنا محمد بن يوسف. وفي (6/227) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. كلاهما - محمد، وعبيد الله - عن إسرائيل.
5- وأخرجه مسلم (6/43) قال: حدثنا أبو كريب، وقال: حدثنا ابن بشر، عن مسعر.
6-وأخرجه الترمذي (1670) ، والنسائي (6/10) قال الترمذي: حدثنا، وقال النسائى: أخبرنا نصر ابن على، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه..
7-وأخرجه النسائي (6/10) قال: أخبرنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش.
سبعتهم -شعبة، وسفيان، وزهير، وإسرائيل، ومسعر، وسليمان التيمي، وأبو بكر بن عياش - عن أبي أسحاق فذكره.(2/102)
583 - (خ) محمد بن عبد الرحمن [وهو أبو الأسود من تَبَع التابعين]- رحمه الله - قال: قُطعَ على أَهل المدينةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فيه، فلقيتُ عِكْرِمةَ موْلى ابن عباسٍ فأخبرتُهُ، فنهاني عن ذلك أَشدّ النهي، ثم قال: أَخبرني ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما- أنَّ ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين، يُكَثِّرُونَ سوادَ المشركِينَ على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: يأتي [ص:104] السَّهْمُ يُرْمَى به، فيُصيبُ أَحَدَهُمْ فيقتُله، أو يُضْرَبُ فَيُقتَلُ، فأنزل اللهُ {إنَّ الذين تَوَفَّاهُم الملائِكةُ ظالمِي أَنْفُسِهم ... } [النساء: 97] . أَخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 197، 198 في تفسير سورة النساء، باب {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} ، وفي الفتن، باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم، وأخرج الطبري رقم (10260) من حديث عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا فكانوا يستخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم ... } الآية، قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم، قال: فخرجوا، فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة، فنزلت {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله ... } الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فحزنوا وأيسوا من كل خير، ثم نزلت فيهم {إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} فكتبوا إليهم بذلك: إن الله قد جعل لكم مخرجاً فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجة البخاري (6/، 60 9/65) و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (6210) عن زكريا بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم كلاهما -البخاري وإسحاق بن إبراهيم - عن عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا حيوة وغيره قالا حدثنا محمد عبد الرحمن أبو الأسود فذكره.(2/103)
584 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {إنْ كَانَ بِكمْ أَذَى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102] قال عبد الرحمن بن عوف: وكان جريحاً، أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 199 في تفسير سورة النساء، باب قول الله تعالى {ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر ... } الآية، وقوله: " وكان جريحاً " أي: فنزلت الآية فيه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/61) قال حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن و «النسائي ( «) في الكبري» «تحفة الأشراف» (3653) عن أحمد بن الخليل والعباس بن محمد.
ثلاثتهم - محمد بن مقاتل، وأحمد بن الخليل، والعباس بن محمد - عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني يعلي عن سعيد بن جبير فذكره لم يقل العباس بن محمد - وكان جريحا.(2/104)
585 - (م ت د س) يعلى بن أمية - رضي الله عنه - قال: قُلت لعمر بن الخطاب {فليس عليكم جناحٌ أن تَقْصُروا من الصلاةِ إن خِفتُم أن يَفتِنَكم الذين كفروا} [النساء: 101] فقد أَمنَ النَّاسُ؟ فقال: عجبتُ مما عجِبتَ منه، فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: «صدَقةٌ تَصَدَّقَ الله [ص:105] بها عليكم، فاقبلوا صدَقَتَه» . أخرجه الجماعة إلا البخاري والموطأ.
وأول حديث أبي داود قال: قلت: لعمر: إقْصارُ النَّاسِ الصلاةَ اليومَ؟ وإنما قال الله ... وذكر الحديث (1) .
__________
(1) مسلم رقم (686) في صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، والترمذي رقم (3037) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأبو داود رقم (1199) في الصلاة، باب صلاة المسافر، والنسائي 3 / 116 في الصلاة، باب تقصير الصلاة في السفر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/25) (174) قال: حدثنا ابن إدريس. وفي (1/36) (244) قال: حدثنا يحيى. وفي (245) قال: حدثنا عبد الرزاق. و «الدارمي» (1513) قال: أخبرنا أبو عاصم. و «مسلم» (2/143) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم. قال إسحاق: أخبرنا وقال الأخرون: حدثنا عبد الله بن إدريس (ح) وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدس قال: حدثنا يحيى. و «أبو داود» (1199) قال: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد، قالا: حدثنا يحيى (ح) وحدثنا حشيش، يعني ابن أصرم، قال: حدثنا عبد الرزاق. وفي (1200) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر. «وابن ماجة» (1065) قال: حدثنا أبو بكر أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. و «الترمذي» (3034) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق. و «النسائي» (3/116) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (8/10659) عن شعيب بن يوسف، عن يحيى بن سعيد، وابن خزيمة (945) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج ومحمد بن هشام. قالا: حدثنا ابن إدريس. (ح) وحدثنا على بن خشرم، قال أخبرنا عبد الله، يعني ابن إدريس. (ح) وحدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي. (ح) وقرأته على بندار، أن يحيى حدثهم.
خمستهم - ابن إدريس، ويحيى القطان، وعبد الرزاق، وأبو عاصم ومحمد بن بكر - عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلي بن أميه، فذكره.
(*) في رواية شعيب بن يوسف عند النسائي: (عبد الله بن بابي)(2/104)
586 - (س) [أمية بن] عبد الله بن خالد بن أسيد - رحمه الله - أنه قال لابن عمر: كيف تقصر الصلاة؟ وإنما قال الله -عز وجل-: {فليس عليكم جناح أَنْ تقصروا من الصلاة إن خِفْتُمْ} فقال ابن عمر: يا ابن أَخي، إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَتَانَا ونحن ضُلالٌ فعلَّمَنا، فكان فيما علمنا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرنَا أنْ نُصَلِّيَ ركعتين في السَّفَرِ. أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) الحديث عند النسائي 3 / 117 بمعناه من حديث أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وسنده صحيح، ولعله بهذا اللفظ عند النسائي في السنن الكبرى، ورواه بمعناه عبد بن حميد، وابن ماجة، وابن حبان، وابن جرير، والبيهقي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/94) (5683) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: حدثني ليث، قال: حدثني ابن شهاب. وفي (2/148) (6353) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، و «ابن ماجة» (1066) قال: حددثنا محمد بن رمح، قال:أنبأنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، و «النسائي» (1/226) قال: أخبرنا يوسف بن سعيد، قال: حدثنا حجاج بن محمد، قال حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي وفي (3/117) قال: أخبرنا قتيبة،قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب. و «ابن خزيمة» (496) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا شعيب، يعني ابن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب.
كلاهما - ابن شهاب الزهري، والشعيثي - عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله ابن خالد بن أسيد، فذكره.
وأخرجه مالك (الموطأ) صفحة (109) . وأحمد (2/65) (5333) قال: حدثنا عبد الرحمن،قال: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن رجل من آل خالد بن أسيد، قال: قلت لابن عمر. فذكره.(2/105)
587 - (ت) قتادة بن النعمان - رضي الله عنه - قال كان أهل بيتٍ منَّا يقال لهم: بَنُو أُبَيْرق: بِشْرٌ، وبَشِيرٌ، ومبَشِّرٌ، وكان بشير رجلاً منافِقاً، يقول الشِّعْرَ يَهْجُو به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يَنْحَلُهُ بعض العرَبِ، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، قال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أَصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشِّعْرَ، قالوا: واللهِ، ما يقول هذا الشِّعْرَ إلا هذا الخَبيثُ - أو كما قال الرجل - وقالوا: ابنُ الأُبَيْرق قالها: وكانوا أهلَ بيتِ حاجةٍ وفاقةٍ في الجاهلية والإسلامِ، وكان النَّاسُ إنما [ص:106] طعامهم بالمدينة التمرُ والشَّعِيرُ، وكان الرجلُ إذا كان له يَسارٌ فقدمت ضافِطةٌ من الدَّرمَك، ابتاع الرجلُ منها، فخصَّ بها نفسه، وأما العيالُ: فإنما طعامهم التمرُ والشعيرُ.
فقدمت ضافِطَةٌ من الشام، فابتاع عَمِّي رِفاعَةُ بنُ زيد حِمْلاً من الدَّرمك، فجعله في مَشْرَبةٍ له، وفي المشربة سلاحٌ: دِرْعٌ وسيف، فَعُدِي عليه من تحت البيت فَنُقِبَتِ المشربةُ، وأُخذَ الطعام والسلاح، فلما أصبح أتاني عَمِّي رِفاعَةُ، فقال: يا بن أخي، إنه قد عُدِيَ علينا في ليلتنا هذه، فنُقِبتْ مَشرَبتُنا، وذُهِبَ بطعامنا وسلاحنا، قال: فتحَسّسْنَا في الدارِ، وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أُبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم، قال: وكان بنُو أُبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدَّار -: والله ما نَري صاحبكم إلا لَبِيدَ بنَ سَهْلٍ - رجل منَّا له صلاحٌ وإسلامٌ - فلمَّا سمع لبيدٌ اختَرط سيفَه: وقال: أَنا أَسرِق؟ فَوالله ليخالطنَّكم هذا السيف، أَو لتُبِّينُنَّ هذه السرقة، قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار، حتى لم نَشُكَّ أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرتَ ذلك لَهُ؟ قال قتادة: فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إن أهل بيت منَّا، أَهلَ جفاءٍ عَمَدُوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقَّبُوا مَشْرَبَة لهُ، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليَرُدُّوا علينا سلاحنا، فأمَّا الطعام فلا حاجة لنا فيه. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: سآمرُ في ذلك، فلما سمعَ بَنُو أُبَيْرِقَ أَتَوْا رجلاً منهم، يقال له: أسَيْد بن عروة فكلَّموه في ذلك، واجتمع [ص:107] في ذلك أناسٌ من أَهل الدار، فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان وعمَّهُ عمداً إلى أَهل بيت منَّا أهلِ إسلامٍ وصلاحٍ يرمونهم بالسرقةِ من غير بَيِّنَةٍ ولا ثَبتٍ.
قال قتادة: فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلَّمته، فقال: عمدْتَ إلى أَهل بيت ذُكرَ منهم إسلامٌ وصلاحٌ، ترميهم بالسرقة من غير ثبتٍ ولا بينة؟ قال: فرجعت، ولودِدْتُ أَنِّي خرجت من بعض مالي، ولم أكلِّم رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأتاني عمي رفاعةُ، فقال: يا ابن أَخي، ما صنعتَ؟ فأَخبرتُه بما قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهُ المستعانُ، فلم نَلْبَثْ أن نزل القرآنُ {إنَّا أَنْزَلنا إليْكَ الكِتابَ بالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بما أَرَاكَ اللَّهُ ولا تكُنْ لِلْخَائِنينَ خَصِيماً} بني أُبَيْرق {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} مما قلت لقتادة {إنَّ الله كان غفوراً رحيماً. ولا تُجَادِلْ عن الَّذِينَ يَخْتَانُون أَنْفُسَهُمْ إِنَّ الله لا يُحِبُّ مَنْ كان خَوَّاناً أَثِيماً. يسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى من القولِ وكان الله بما يعملون محيطاً. هاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا فمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ أَمْ مَنْ يكونَ عَلَيْهِم وكيلاً. ومن يعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يسْتَغْفِرِ الله يجدِ اللَّهَ غَفوراً رحيماً} أي: لو استغفروا الله لغفرَ لهم {ومَنْ يَكسِبْ إِثْماً فإِنَّما يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ وكان الله عليماً حكيماً. ومَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَو إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بريئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وإِثْماً مبيناً} قولهم لِلبَيدٍ {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ منْهُم أن يُضِلُّوكَ وما يُضِلُّونَ إلَّا أَنفُسَهُمْ وما يَضُرُّونَكَ مِنْ شيءٍ [ص:108] وأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتابَ والحِكمةَ وعَلَّمك ما لم تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظيماً. لا خَيْرَ فِي كثيرٍ من نَجْواهم إلا من أمرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بين النَّاس ومَنْ يفْعَلْ ذَلِك ابْتِغَاءَ مَرْضاةِ اللهِ فَسوفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 105- 114] ، فلمَّا نزل القرآن أُتِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح، فَرَدَّهُ إلى رفاعة، قال قتادة: لما أتيتُ عمِّي بالسلاح - وكان شيخاً قد عسا، أو عشا - الشك من أبي عيسى - في الجاهلية، وكنت أرى إسلامه مدخولاً، فلما أتيته قال لي: يا ابن أخي، هو في سبيل الله - فعرفتُ أنَّ إِسلامه كان صحيحاً - فلما نزلَ القرآنُ لِحقَ بُشَيْرٌ بالمشركين فنزل على سُلافة بنت سعد بن سُمَيَّةَ (1) ، فأنزل الله {ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّه ما تَولَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً. إنَّ الله لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمْن يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً} [النساء: 115، 116] ، فلمَّا نزل على سُلافةَ، رماها حَسَّانُ بن ثابتٍ بأبياتٍ من شِعْرٍ (2) ، فأخذَتْ رَحْلَهُ [ص:109] فَوَضَعَتْهُ عَلى رأسها، ثم خرجت به فرمت به في الأبطَحِ، ثم قالت: أَهْدَيْتَ إليَّ شِعْرَ حسَّان، ما كنتَ تأتيني بخير. أخرجه الترمذي (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ينحله) النحلة: الهبة والعطية.
(فاقة) الفاقة: الحاجة والفقر.
(ضافطة) بضاد معجمة: ناس يجلبون الدقيق والزيت، ونحوهما. وقيل: هم الذين يُكْرون من منزل إلى منزل.
(الدرمك) الدقيق الحواري.
(مشربة) بضم الراء وفتحها: الغرفة.
(عُدِي عليه) أي: سرق ماله، وهو من العدوان، أي: الظلم.
(عسا أو عشا) عسا بالسين غير المعجمة، أي: كبر وأسن، وبالمعجمة، أي: قَلّ بصره وضعف.
(مدخولاً) الدَّخل: العيب والغش، يعني: أن إيمانه متزلزل فيه نفاق.
__________
(1) كذا وقع في الترمذي، وفي المستدرك " سلامة بنت سعد بن سهل "، وفي الطبري " بنت سعد بن سهيل "، والصواب: سلافة بنت سعد بن شهيد، كما في " الدر المنثور "، و " ديوان حسان بن ثابت ". وسلافة هذه هي زوج طلحة بن أبي طلحة وهي أم مسافع والجلاس وكلاب بنو طلحة بن أبي طلحة، وقد قتلوا يوم أحد هم وأبوهم قتل مسافعاً والجلاس عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح حمي الدبر، فنذرت سلافة لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته الدبر ـ النحل ـ حين أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة. راجع ابن هشام 3 / 66 و 180.
(2) هو في ديوانه: 271 يقول في أوله يذكر سلافة بالسوء من القول:
وما سارق الدرعين إن كنت ذاكراً ... بذي كرم من الرجال أوادعه
فقد أنزلته بنت سعد فأصبحت ... ينازعها جلد استها وتنازعه
(3) رقم (3039) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأخرجه الطبري رقم (10411) ، والحاكم في " المستدرك " 4 / 385 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. نقول: وفي سنده عمر بن قتادة الظفري الأنصاري لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وأخرجة الترمذي (3036) قال حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لانعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني، وروى يونس بن بكير وغير واحد هذا الحديث عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، مرسل لم يذكروا فيه - عن أبيه عن جده.(2/105)
588 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] بَلَغتْ مِنَ المسلمين مَبْلغاً شديداً، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قَارِبُوا وَسَددوا ففي كلِّ ما يُصَابُ بِهِ المُسلمُ كفارةٌ، حتَّى النَّكْبةُ يُنْكبُهَا، وَالشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا» . أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي مثلُهُ، وفيه: شَقَّ ذلك على المسلمين، فشَكوْا ذلك إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قاربوا) المقاربة: الاقتصاد في العمل.
(سددوا) السداد: الصواب.
__________
(1) مسلم رقم (2574) في البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض، أو نحو ذلك، والترمذي رقم (3041) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وأخرجه الطبري رقم (10520) ، وأحمد رقم (7380) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم في القدر -لا بل في الأدب (14:13) عن قتيبة - وأبي بكر بن أي شببة - والترمذي في التفسير (النساء: 26) عن ابن أبي عمر - وعبد الله بن أبي زياد - النسائي فيه التفسير في الكبرى - عن أبي بكر بن علي عن يحيى بن معين. خمستهم عن سفيان بن عيينة عن ابن محيص عن محمد بن قيس عن أبي هريرة وقال (ت) حسن غريب وابن محيص اسمه عمر بن عبد الرحمن بن محيص تحفة الأشراف (10./365/14598) .(2/110)
589 - (ت) أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ به ولا يَجِدْ له مِنْ دون الله وليّاً ولا نصيراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر، ألا أُقرئك آية أنزلت عليَّ؟» قلتُ: بَلى يا رسول الله، قال: «فأقرأَنيها» ، فلا أعلمُ إلا أَنِّي وجدت في ظهري انفصاماً، فتمطَّيتُ لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما شأنُك يا أبا بكر؟» قُلْتُ: يا رسول الله بأبي أنت وأُمي، وأَيُّنا لم يَعْمَلْ سُوءاً؟ وإنَّا لمَجْزِيُّون بما عَمِلْنا، [ص:111] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتُجزونَ بذلك في الدنيا، حتى تلْقوُا الله وليس لكم ذنوبٌ، وأما الآخرون: فيجتمع ذلك لهم حتى يجْزَوا به يوم القيامة» . أخرجه الترمذي، وقال: في إسناده مقالٌ وتضعيفٌ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(انفصاماً) الفاصمة: الكاسرة، والانفصام: الانقطاع.
__________
(1) رقم (3042) في التفسير، باب ومن سورة النساء، ونص كلام الترمذي بعد أن أخرجه: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد بن حنبل، ومولى بن سباع مجهول.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/6) (23) مختصرا. قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن زياد الجصاص، عن علي بن زيد، عن مجاهد، و «عبد بن حميد» (7) قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا موسى بن عبيدة الربذي، قال أخبرني مولي ابن سباع. و «الترمذي» (3039) قال: حدثنا يحيى بن موسى، وعبد ابن حميد قال: حدثنا روح بن عبادة عن موسى بن عبيدة، قال: أخبرني مولى ابن سباع.
كلاهما - مجاهد، ومولى ابن سباع - عن عبد الله بن عمر، فذكره.
(*) قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، موسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول، وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح، أيضا.(2/110)
590 - (ت) علي بن زيد - رحمه الله - عن أمية (1) ، أنها سألت عائشةَ عن قول الله تبارك وتعالى: {إن تُبْدُوا ما في أَنفُسكم أَو تُخْفُوه يُحاسِبْكُم به الله} [البقرة: 284] وعن قوله تعالى: {مَن يعملْ سوءاً يُجْزَ به} فقالت: ما سألني أحدٌ منذُ سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «هذه معاتبةُ (2) اللهِ العبدَ فيما يُصيبه من الحمَّى والنَّكْبَةِ، حتى البِضاعةَ يضعُها في كُمِّ قميصهِ، فيفقدها، فيفزع لها، حتى إن العبدَ ليخرج من ذنوبه، كما يخرج التِّبْر الأحمر من الكِير» . أخرجه الترمذي (3) .
__________
(1) في المطبوع: " عن أمه ".
(2) في الطبري والمسند متابعة الله العبد، يعني: ما يصيب الإنسان مما يؤلم، يتابعه الله به ليكفر عنه من سيئاته، وفي أبي داود والترمذي والدر المنثور، معاتبة الله كما هنا، ومعناه: قريب من هذا، وفي رواية للطبري رقم (10531) ذلك مثابة الله للعبد.
(3) رقم (2993) في التفسير في آخر سورة البقرة، وقال: حديث حسن غريب، من حديث عائشة لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، وأخرجه أبو داود الطيالسي 2 / 15، وأحمد في " المسند " 6 / 218 [ص:112]، والطبري رقم (6495) ، وفي سنده عندهم علي بن زيد بن جدعان، قال ابن كثير: ضعيف يغرب في رواياته، وهو يروي هذا الحديث عن امرأة أبيه أم محمد أمية بنت عبد الله، عن عائشة، وليس له عنها في الكتب سواه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (3 البقرة: 46) عن عبد عن حميد بن الحسن بن موسى وروح بن عبادة كلاهما عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أمية أنها سألت عائشة فذكره، قال: حسن غريب من حديث عائشة، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة. وقال المزي: هكذا وقع في عدة من الأصول الصحاح القديمة ووقع في بعض النسخ المتأخرة «عن أمه» ، وهو خطأ ووقع في بعض الروايات «عن علي بن زيد عن أم محمد» وذكره أبو القاسم في ترجمة أم محمد - امرأة زيد بن جدعان عن عائشة - تحفة الأشراف 12/386) .(2/111)
591 - (د) عائشة - رضي الله عنها - قالت: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ إنِّي لأعلمُ أشَدَّ آيةٍ في كتابِ الله- عز وجل-قولَ الله تعالى: {مَن يعمل سُوءاً يُجْزَ بهِ} فقال: «أما علمتِ يا عائشةُ، أنَّ المسلم تُصِيبُهُ النَّكْبَةُ أَو الشَّوكَةُ، فيحاسَبُ، أو يكافأ، بأَسوإِ أَعماله، ومن حُوسِب عُذِّبْ؟» قالت: أليس يقول الله عز وجل {فسوفَ يُحاسَبُ حساباً يسيراً} [الانشقاق: 8] قال: «ذاكُمُ العرْضُ يا عائشة، ومن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّبَ» .أخرجه أبو داود (1) .
وقد أخرج أيضا قصة الحساب البخاريُّ، ومسلم وهي مذكورة في كتاب القيامة من حرف القاف.
__________
(1) رقم (3093) في الجنائز، باب عيادة النساء، وأخرجه الطبري رقم (10530) ، وفي سنده أبو عامر الخزاز، واسمه: صالح بن رستم المزني، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الخطأ، وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما: " أليس يقول الله " وما بعده ... إلى آخر الحديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود وفي الجنائز (3:2) عن مسدد بن مسرهد عن يحيى و (3:2) عن محمد بن بشار عن عثمان بن عمر وأبي داود ثلاثتهم عن صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة عن عائشة (تحفة الأشراف 11/454) .(2/112)
592 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خشيتْ سَودَةُ أنْ يُطَلِّقَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تُطلِّقْنِي، وأَمسِكْنِي، واجعلْ يومي لعائشةَ، ففعل، فنزلت {فلا جُناحَ عليهما أن يُصْلحا بينَهُمَا صُلحاً والصُّلحُ خيرٌ} [النساء: 128] فما اصطلحا عليه من شيءٍ فهو جائزٌ. [ص:113] أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3043) في التفسير، باب ومن سورة النساء، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. نقول: وفي سنده سليمان بن معاذ، وقد وصفه الحافظ في التقريب بسوء الحفظ، وسماك صدوق إلا في روايته عن عكرمة، فهي مضطربة، وقد روى هذا الحديث عن عكرمة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (النساء: 27) عن ابن المثنى عن أبي داود عن سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. وقال: حسن غريب تحفة الأشراف (5/141) .(2/112)
سورة المائدة
593 - (خ م ت س) طارق بن شهاب - رحمه الله - قال: قالت اليهود لعمر - رضي الله عنه- إِنَّكُمْ تقْرءونَ آية لو نزلتْ فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر: إني لأعْلَمُ حيثُ أُنزِلتْ، وأينَ أُنزلت (1) ، وأَينَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أُنزلت: يومَ عرفةٍ (2) وإنا-واللهِ- بعرفة. قال سفيان: وأشكُّ (3) : كان يومَ الجمعة أم لا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] .
وفي رواية قال: جاء رجلٌ من اليهود إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أَميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزَلتْ - مَعْشَرَ اليهود - لاتخذنا ذلك اليومَ عيداً، قال: فأَيُّ آية؟ قال: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُمْ [ص:114] وأَتممتُ عليكم نعمتي ورضِيتُ لكم الإسلامَ ديناً} ، فقال عمر: إِنِّي لأعْلَمُ اليومَ الذي نزَلتْ فيه، والمكانَ الذي نزلت فيه: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات، في يوم جمعةٍ.
أخرجه الجماعة إلا الموطأ وأَبا داود (4) .
__________
(1) في رواية أحمد ومسلم " حيث أنزلت وأي يوم أنزلت " وبها يظهر أن لا تكرار في قوله " حيث " و " أين " بل أراد بإحداهما المكان، وبالأخرى: الزمان.
(2) قال الحافظ: هكذا لأبي ذر ولغيره " حيث " بدل " حين "، وفي رواية أحمد " وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت، أنزلت يوم عرفة " بتكرار " أنزلت " وهي أوضح، وكذا لمسلم عن محمد بن المثنى عن عبد الرحمن في الموضعين.
(3) وقد جاءت الرواية في الإيمان والاعتصام على سبيل الجزم، بأن ذلك كان يوم الجمعة.
(4) البخاري 1 / 97 في الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، وفي المغازي، باب حجة الوداع، وفي تفسير سورة المائدة، باب {اليوم أكملت لكم دينكم} ، وفي الاعتصام في فاتحته، ومسلم رقم (3017) في أول التفسير، والترمذي رقم (3046) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، والنسائي 8 / 114 في الإيمان، باب زيادة الإيمان، و 5 / 251 في الحج، باب ما ذكر في يوم عرفة، وأخرجه أحمد رقم (272) ، والطبري (11094) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في المغازي (78: 12) عن محمد بن يوسف وفي التفسير (5: 1) عن بندار عن ابن مهدي كلاهما عن سفيان الثوري وفي الأيمان (34: 2) عن الحسن بن الصباح عن جعفر ابن عون عن أبي العميس وفي الاعتصام (1: 1) عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن مسعر وغيره كلهم عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر به، (م) في آخر الكتاب (التفسير 1: 3) عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى كلاهما عن ابن مهدي به و (1: 5) عن عبد بن حميد عن جعفر بن عون به و (1: 4) عن أبي بكر وأبي كريب كلاهما عن عبد الله بن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم به 0 والترمذي في التفسير (16 المائدة: 1) عن بن أبي عمر عن سفيان بن عيينه به وقال حسن صحيح «النسائي» في الحج (194: 1) عن إسحاق ابن إبراهيم عن عبد الله بن إدريس به وفي الأيمان (18: 3) عن أبي داود الحراني عن جعفر بن عون به.(2/113)
594 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُمْ وأتممتُ عليكم نعمتي ورضِيتُ لكم الإسلامَ ديناً} وعنده يهوديٌّ فقال: لو نزلتْ هذه الآية علينا لاتَّخَذْناها عيداً، فقال ابنُ عباس: «فإنها نزلت يوم عيدين: في يوم جمعة، ويوم عرفة» أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3047) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وحسنه وهو كما قال، وأخرجه أبو داود الطيالسي 2 / 17، 18، والطبري رقم (11097) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (6 المائدة: 2) عن عبد بن حميد عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس. وقال: حسن غريب من حديث ابن عباس.(2/114)
595 - (د س) ابن عباس - رضي الله عنه - قال: {إِنَّما جزاء الذين يُحارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسَاداً أنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا أو تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَو يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلكَ لَهُمْ خِزْيٌ في الدُّنيا ولَهمْ في الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم. إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 33، 34] نزلت [ص:115] هذه الآية في المشركين، فمن تابَ منهم قبلَ أن يُقدَرَ عليه لم يَمنعهُ ذلك أنْ يُقام فيه الحد الذي أصابه. أخرجه أبو داود والنسائي (1) .
__________
(1) أبو داود رقم (4372) في الحدود، باب ما جاء في المحاربة، والنسائي 7 / 101 في تحريم الدم، باب تأويل قول الله عز وجل {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً} ، وإسناده لا بأس به، وأخرجه الطبري رقم (11805) من قول عكرمة والحسن البصري، وقد ضعف القرطبي هذا القول، ورده بقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ، وبقوله صلى الله عليه وسلم: " الإسلام يهدم ما كان قبله " رواه مسلم، وقال أبو ثور: وفي الآية دليل على أنها نزلت في غير أهل الشرك، وهو قوله جل ثناؤه: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} وقد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم، فدل ذلك على أن الآية نزلت في أهل الإسلام، وقال ابن كثير 2 / 48 وتبعه الشوكاني في " فتح القدير " 2 / 32: والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو دواد وفي الحدود (3: 9) بإسناد الذي قبله والنسائي في المحاربة (7-ب 12) بإسناد الذي قبله.(2/114)
596 - (م د) البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي، محمَّماً مجلوداً، فدعاهم صلى الله عليه وسلم، فقال: «هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟» قالوا: نعم. فدعا رجلاً من علمائهم، فقال: «أنشدُكَ بالله الذي أنزل التوراةَ على موسى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم» ؟ قال: لا، ولولا أنكَ نَشَدتَني بهذا لم أُخْبرْك، نَجِده الرجمَ، ولكنه كَثُرَ في أشرافنا، فكنَّا إذا أخذنا الشريفَ تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أَقمنا عليه الحدَّ، فقلنا: تعالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ على شيءٍ نقيمُهُ على الشريف والوَضيع، فَجَعلْنا التَّحْميم والجلدَ مكان الرَّجمِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم إنِّي أولُ من [ص:116] أحيَا أمْرَكَ إذْ أَمَاتُوهُ، فأَمرَ بِهِ فَرُجِمَ» ، فأنزل الله عز وجل: {يا أَيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بأَفْواهِهِمْ ولم تُؤمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لمْ يأتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ منْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتيتُمْ هذا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يقول: ائتُوا محمداً، فإنْ أمركُمْ بالتَّحْمِيم والجلد فخُذوه، وإن أَفتَاكم بالرَّجْم فاحذَروا، فأنزل الله تبارك وتعالى: {ومن لم يَحْكُم بما أَنْزَلَ اللهُ فأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ - ومَنْ لَم يَحْكُمْ بما أنزَلَ الله فأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ - ومَنْ لمْ يَحْكم بما أَنزل الله فأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} في الكفَّار كُلها. هذه رواية مسلم.
وفي رواية أبي داود مِثلُهُ، وقال في آخرها: فأَنزلَ الله: {يا أيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكفْرِ} - إلى قوله - {يَقُولونَ إنْ أُوتيتُمْ هذا فخذوه وإن لم تُؤتَوْهُ فاحْذَرُوا} إلى قوله جل ثَناؤه {ومَنْ لم يَحْكُم بما أَنزلَ اللهُ فأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} في اليهود إلى قوله: {ومَنْ لَم يَحْكُمْ بما أنزَلَ الله فأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في اليهود، إلى قوله - {ومَن لم يَحْكم بما أَنزل الله فأُولَئكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} قال: هي في الكفار كُلها، يعني: هذه الآي (1) . [ص:117]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تحمم) التحميم: تسويد الوجه، من الحميم، جمع: حممة، وهي: الفحمة.
(أنشدك بالله) أحلف عليك وأقسم، وقد تقدم تفسيره في هذا الباب.
__________
(1) مسلم رقم (1700) في الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو داود رقم (4448) في الحدود، باب رجم اليهوديين، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/286) مطولا ومختصرا قال: حدثنا معاوية. وفي (4/300، 290) قال حدثنا وكيع. و «مسلم» (5/122) قال حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن أبي معاوية. وفي (5/123) قال: حدثنا ابن نمير، وأبوسعيد الأشج، قالا: حدثنا وكيع. «وأبوداود» (4447) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد. وفي (4448) قال: حدثنا محمد ابن العلاء، قال: حدثنا أبو معاوية. و «ابن ماجة» (2558، 2327) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية. و «النسائي» في الكبري «تحفة الأشراف» (1771) عن محمد بن العلاء، عن أبي معاوية. (ح) وعن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن أبي معاوية.
ثلاثتهم - أبو معاوية، ووكيع، وعبد الواحد - عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، فذكر هـ.(2/115)
597 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: {ومن لم يحكم بما أنزل اللَّه فأولئك هم الكافرون} إِلى قوله: {الفاسقون} ؛ هذه الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصة: قريظة، والنضير. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (3576) في الأقضية، باب في القاضي يخطئ، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
تخريجه في الذي بعده.(2/117)
598 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان قُريْظةُ والنضيرُ: - وكان النضير أَشرفَ من قريظة - فكان إذا قَتَلَ رجلٌ من قريظة رجلاً من النضير: قُتِلَ به، وإذا قتلَ رجلٌ من النضير رجلاً من قريظة، فُودِيَ بمائَةِ وَسْقٍ منْ تَمرٍ، فلما بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: قَتَلَ رجلٌ من النضير رجلاً من قريظة، فقالوا: ادفَعُوهُ إلينا نقْتُلْهُ، فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم، فأَتَوْهُ، فنزلت: {وإن حَكَمتَ فاحْكُم بينهم بالقِسط} [المائدة: 42] والقسطُ: النفسُ بالنَّفسِ، ثم نزلت {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} [المائدة: 50] . هذه رواية أبي داود والنسائي. [ص:118]
ولأبي داود قال: {فإن جاءوك فَاحْكم بَيْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عنهم} [المائدة: 42] فنسِختْ قال: {فاحكم بينهم بما أَنزلَ اللهُ} .
وفي أخرى لهما قال: لما نزلت هذه الآية {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أَعْرض عنهم وإن تُعرضْ عنهم فلن يَضُرُّوك شيئاً وإن حكمت فَاحْكُمْ بينهم بالقسط إنَّ الله يحب المقسطين} قال: كان بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة: أَدَّوْا نِصْفَ الدِّيةِ وإذا قَتلَ بنو قريظةَ من بني النضير: أَدَّوْا إليهم الدية كاملة، فسوَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فودي بمائة) الفدية: ما يعطاه أهل القتيل عوض الدم.
(وسق) الوسق: ستون صاعاً، والصاع قد تقدم ذكره.
(يبغون) يطلبون، والبِغَاء الطلب.
__________
(1) أبو داود رقم (4494) في الديات، باب النفس، وفي الأقضية رقم (3591) ، باب الحكم بين أهل الذمة، والنسائي 8 / 18 في القسامة، باب تأويل قول الله تعالى: {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} ، وأخرجه أحمد رقم (3434) ، والطبري رقم (11974) ، وإسناده حسن، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند الطبري، وداود بن الحصين لم ينفرد به عن عكرمة، بل تابعه سماك عند أبي داود والنسائي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/246) (2212) قال حدثنا إبراهيم بن أبي العباس. و «أبو داود» (3576) قال حدثنا إبراهيم من حمزة بن أبي يحيى الرملي قال حدثنا زيد بن أبي الزرقاء كلاهما -إبراهيم بن أبي العباس. وزيد بن أبي الزرقاء - عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه فذكره ورواية زيد بن أبي الزرقاء مختصرة على «ومن لم يحكم بها أنزل الله فأولئك هم الكافرون - إلى قوله الفاسقون هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصة في قريظة والنضير» .(2/117)
599 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحْرَسُ ليْلاً، حتى نزل {واللَّهُ يَعْصِمُكَ من النَّاس} [المائدة: 67] فأخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسهُ من القُبَّةِ، فقال لهم: «يا أَيُّها الناسُ، انصرفوا، فقد [ص:119] عَصمَنِي الله» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3049) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وأخرجه بنحوه ابن جرير (12276) ، وصححه الحاكم 2 / 213 ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في " الفتح ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (6 المائدة: 4) عن عبد بن حميد، و (6 المائدة: 5) عن نصر بن علي الجهضمي - كلاهما عن مسلم بن إبراهيم عن الحارث بن عبيد عن الجريري به وقال: غريب وروي بعضهم هذا عن الجريري عن ابن شقيق قال: كان النبي ولم يذكرو ا «عائشة» .(2/118)
600 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللهِ، إني إذا أصبْتُ اللحمَ انتشرْتُ للنساء، وأخذَتني شهْوَتي فحَرَّمتُ عليَّ اللَّحْمَ، فأنزل الله تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبات ما أحلَّ الله لكم ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً} [المائدة: 87، 88] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3052) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وقال: هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم من غير حديث عثمان بن سعد مرسلاً ليس فيه عن ابن عباس، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة، وأخرجه الطبري رقم (12350) ، وأخرج البخاري 8 / 207 من حديث عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3054) قال حدثنا عمرو بن علي الفلاس قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عثمان بن سعد قال حدثنا عكرمة فذكره.(2/119)
601 - (م ت) ابن مسعود- رضي الله عنه - قال: لما نزلت: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جُناحٌ فيما طَعِمُوا ... } الآية [المائدة: 93] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيلَ لي: أَنت منهم» . هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي: قال عبد الله: لما نزلت: - وقرأَ الآية - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت منهم (1) » .
__________
(1) مسلم رقم (2459) في فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، [ص:120] والترمذي رقم (3056) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وأخرجه الطبري (12531) ، والحاكم 4 / 143، 144، وقد قال الطبري في تفسير الآية: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم حرج فيما شربوا من ذلك – أي: من الخمر – في الحال التي لم يكن الله تعالى حرمه عليهم إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم في الفضائل (68: 1) عن منجاب بن الحارث، وسهل بن عثمان، وعبد الله بن عامر ابن زرارة وسويد بن سعيد والوليد بن شجاع خمستهم عن علي بن مسهر عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود. والترمذي فيه التفسير (16 المائدة: 15) عن سفيان بن وكيع والنسائي فيه التفسير عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي كلاهما عن خالد بن مخلد عن علي بن مسهر به وقال الترمذي حسن صحيح تحفة الأشراف (7/102) .(2/119)
602 - (ت) البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: مات رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تحرَّمَ الخمرُ، فلما حُرِّمت الخمر، قال رجالٌ: كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربون الخمر؟ فنزلت: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناحٌ فيما طَعِموا إذا ما اتَّقَوْا وآمنوا وعملوا الصالحات} [المائدة:93] .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3054) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود الطيالسي 2 / 18، والطبري رقم (12529) ، وإسناده قوي، وصححه ابن حبان رقم (1740) موارد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3050) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل وفي (3051) قال حدثنا بندار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة، وكلاهما -إسرائيل، وشعبة - عن أبي إسحاق فذكره.(2/120)
603 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قالوا: يا رسول الله، أَرأيتَ الذين ماتوا وهم يشربون الخمر، لما نزل تحريم الخمر؟ فنزلت: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناحٌ فيما طَعِموا إذا ما اتَّقَوْا وآمنوا وعملوا الصالحات} . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3055) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وإسناده حسن، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/234) (2088) قال حدثنا وكيع وفي (1/272) (2452) وفي (1/295) (3691) قال حدثنا أسود بن عامر- شاذان - وفي (1 /304) (2775) قال حدثنا خلف بن الوليد، و «الترمذي» 3052) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا عبد العزيز بن أبي رزمة.
أربعتهم - وكيع، وأسود، وخلف،وعبد العزيز - عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة فذكره.(2/120)
604 - (د) ابن عباس - رضي الله عنه -: قال: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارَى حتى تعلموا ما تقولون} [النساء: 44][ص:121] و {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثْمٌ كبير ومنافع للناس} [البقرة: 219] نسخَتها التي في المائدة {إنما الخمر والميسر والأنصابُ والأزْلام رِجْسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90] . أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الميسر) القمار.
(والأنصاب) الأحجار التي كانوا ينصبونها، ويذبحون عليها لأصنامهم، وقيل: هي الأصنام.
__________
(1) رقم (3672) في الأشربة، باب تحريم الخمر، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
في الأشربة (1: 4) الحديث تحفة الأشراف (5/178) .(2/120)
605 - (ت د س) عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: أنه قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانَ شِفاءٍ، فنزلت التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثْمٌ كبير ومنافع للناس ... } الآية فدُعِيَ عمر، فقُرِئت عليه، فقال: «اللهم بَيِّن لنا في الخمر بيانَ شِفاءٍ» فنزلت التي في النساء {يا أيُّها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارَى حتى تعلموا ما تقولون} فدُعِيَ عمرُ، فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاءٍ، فنزلت التي في المائدة {إنما يريدُ الشيطانُ أن يُوقِع بينكم العداوةَ والبغضاءَ في الخمر والميسر ويَصُدَّكُم عن ذِكر اللَّهِ وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91] فدُعي [ص:122] عمر فقُرئتْ عليه، فقال: انتهينا، انتهينا. أخرجه الترمذي، وأبو داود، والنسائي.
إلا أن أبا داود زاد بعد قوله: {وأَنتم سكارى} : فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يَقْرَبَنَّ الصلاةَ سكرانٌ. وعنده: «انتهينا» ، مرة واحدة (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3053) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وأبو داود رقم (3670) في الأشربة، باب تحريم الخمر، والنسائي 8 / 286 و 287 في الأشربة، باب تحريم الخمر، وإسناده حسن، وأخرجه أحمد رقم (378) ، والطبري رقم (12512) ، والبيهقي 8 / 285، والنحاس في " الناسخ والمنسوخ " ص 39، وصححه الترمذي وابن المديني، والحاكم 2 / 278، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (531) (378) قال: حدثنا خلف بن الوليد. و «أبوداود» (3670) قال: حدثنا عباد بن موسى الختلي، قال: أخبرنا إسماعيل، يعني ابن جعفر، و «الترمذي» (3049) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، و «النسائي» (8/286) قال: أنبأنا أبو داود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى.
أربعتهم - خلف، وإسماعيل، ومحمد بن يوسف، وعبيد الله - عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، فذكره.
أخرجه الترمذي (3049) قال: حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، أن عمر بن الخطاب، قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ... فذكر نحوه - يعني مرسلا ثم قال: وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف.(2/121)
606 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: خَطبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خُطْبة ما سمعتُ مثلَها قَطٌّ، فقال: «لو تعلمون ما أعلمُ لضَحِكتم قليلاً، ولبَكَيْتمْ كثيراً» ، قال: فَغَطَّى أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم، ولهم خنين (1) ، فقال رجل: من أبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية {لا تسأَلوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسُؤْكُم} [المائدة: آية 101] .
وفي رواية أخرى أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغتِ الشمسُ، فصلى الظُّهْرَ، فقام على المنبر فذكر الساعةَ، وذكَرَ أَنَّ فيها أُمُوراً [ص:123] عظاماً، ثم قال: «من أحبَّ أن يسألَ عن شيءٍ فلْيَسألْ، فلا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم ما دمتُ في مَقامي، فأكثَرَ الناسُ البكاءَ، وأكثر أن يقول: سَلُوا» فقام عبدُ الله بنُ حُذافَةَ السَّهْمِيُّ، فقال: مَن أَبِي؟ فقال: أبوكَ حُذافَةُ، ثم أَكْثَرَ أنْ يقول: سَلُوني، فَبَرَكَ عمرُ على رُكبتيه، فقال: رضينا بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ نبيّاً، فَسَكَتَ (2) ثم قال: عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنارُ آنفاً في عُرْض هذا الحائط، فلم أرَ كاليوم في الخير والشَّرِّ قال: ابن شهابٍ: فأخبرني عُبَيْدُ الله بنُ عبد الله بن عُتْبَةَ قال: قالت أم عبد الله بنُ حُذَافة لعبد اللهِ بْنِ حُذافَةَ: ما سمعتُ قَطُّّ أَعَقَّ منك، أمِنْتَ أن تكون أُُمُّكَ قَارفتْ بعضَ ما يُقارفُ أهل الجاهلية فَتَفضَحَهَا (3) على أعين الناس؟ فقال عبد الله بن حذافة: لو ألحقَني بعبدٍ أَسودَ لَلَحِقْتُهُ.
وفي أخرى قال: بلغ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيءٌ، فخطَبَ، [ص:124] فقال: «عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنَّارُ، فلم أرَ كاليوم في الخير والشَّرِّ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، قال: فما أَتَى على أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومٌ أَشدُّ منه، قال: غَطوْا رءوسهم، ولهم خنينٌ..» ، ثم ذَكَر قيامَ عمر وقولَه، وقولَ الرجل: مَنْ أَبِي؟ ونزولَ الآية.
وفي أخرى قال: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتَّى أحْفَوْهُ في المسأَلِة، فصَعِد ذاتَ يومٍ المنبرَ، فقال: لا تسألوني عن شيء إلا بَيَّنْتُهُ لكم، فلما سمعوا ذلك أرَمُّوا (4) ورَهِبُوا أن يكون بين يديْ أمْرٍ قد حَضَرَ، قال أَنس: فجعلتُ أنْظُرُ يميناً وشمالاً، فإذا كلُّ رجلٍ لافٌّ رأسَهُ في ثوبه يَبْكِي، فأنشأ رجل -كان إذا لاحَى يُدْعَى إلى غير أبيه - فقال: يا نبيَّ الله، منْ أبي؟ قال: أبوك حُذافةُ، ثم أنشأ عمر، فقال: رضينا بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ رسولاً، نعوذُ بالله من الفِتن، فقال رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيتُ في الخير والشر كاليوم قطُّ، إني صُوِّرتْ لي الجنةُ والنارُ، حتى رأيتُهما دون الحائط» .
قال قتادة: يُذكرُ هذا الحديثُ عند هذه الآية {لا تسألوا عن أشياء إنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكُمْ} أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي منه طَرفاً يسيراً، قال: قال رجل: يا رسولَ اللهِ، منْ أبي؟ قال: أبوك فلان: فنزلت: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تسألوا عن [ص:125] أشياء إنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكُم} (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(آنفاً) فعلت الشيء آنفاً، أي: الآن.
(الخنين) بالخاء المعجمة، شبيه بالبكاء مع مشاركة في الصوت من الأنف.
(عرض) عرض الشيء: جانبه.
(المقارفة) هاهنا: الزنا، وهي في الأصل: الكسب والعمل.
(أحفوه) الإحفاء في السؤال: الاستقصاء والإكثار.
(أرَمُّوا) أرمَّ الإنسان: إذا أطرق ساكتاً من الخوف.
(رهبة) الرهبة: الخوف والفزع.
__________
(1) قال النووي 15 / 113: هكذا هو في معظم النسخ " خنين "، ولبعضهم بالحاء المهملة. وممن ذكر الوجهين: القاضي وصاحب التحرير وآخرون، قالوا: معناه بالمعجمة: صوت البكاء: وهو نوع من البكاء دون الانتحاب، وأصله: خروج الصوت من الأنف كالحنين بالمهملة من الفم. وقال الخليل: هو صوت فيه غنة.
(2) وفي رواية عند البخاري في كتاب الاعتصام 13 / 230 وعند مسلم في باب توقير النبي صلى الله عليه وسلم " فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله: أولى والذي نفس محمد بيده، لقد عرضت علي الجنة والنار آنفاً ".
(3) قال النووي: معناه: لو كنت من زنا فنفاك عن أبيك حذافة فضحتني.
وأما قوله: " لو ألحقني بعبد أسود للحقته " فقد يقال: هذا لا يتصور، لأن الزنا لا يثبت به النسب. ويجاب عنه: بأنه يحتمل وجهين:
أحدهما: أن ابن حذافة ما كان بلغه هذا الحكم، وكان يظن أن ولد الزنا يلحق بالزاني، وقد خفي هذا على أكبر منه، وهو سعد بن أبي وقاص، حين خاصم في ابن وليدة زمعة، فظن أنه يلحق أخاه بالزنا.
والثاني: أنه يتصور الإلحاق بعبد وطئها بشبهة، فيثبت النسب منه. والله أعلم.
(4) " أرموا " بفتح الراء وتشديد الميم المضمومة: أي سكتوا، وأصله من المرمة: وهي الشفة؛ أي: ضموا شفاهم بعضها على بعض فلم يتكلموا، ومنه رمت الشاة الحشيش: ضمته بشفتها.
(5) البخاري 8 / 211 في تفسير سورة المائدة، باب قوله تعالى {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ، وفي الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً "، وفي الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال، ومسلم رقم (2359) في الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، والترمذي رقم (3058) في التفسير، باب ومن سورة المائدة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1- أخرجه أحمد (3/206) ، والبخاري (9/118) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، و «مسلم» (7/93) ، و «الترمذي» (3056) قالا: حدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي. ثلاثتهم -أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الرحيم ومحمد بن معمر - قالوا: حدثنا روح بن عبادة.
2-وأخرجه أحمد (3/210) قال: حدثنا سُليمان، وأبو سعيد مولى بني هاشم.
3-وأخرجه أحمد (3/268) قال: حدثنا عفان.
4- وأخرجه الدارمي (2738) قال: حدثنا أبو الوليد.
5- وأخرجه البخاري (6/68) قال: حدثنا منذر بن الوليد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي.
6-وأخرجه البخاري (8/127) قال: حدثنا سليمان بن حرب.
7- وأخرجه مسلم (7/92) قال: حدثنا محمود بن غيلان، ومحمد بن قدامة السلمي، ويحيى بن محمد اللؤلؤي، و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (1608) عن محمود بن غيلان، ثلاثتهم عن النضر ابن شميل.
ثمانيتهم -روح، وسليمان بن داود، وأبو سعيد، وعفان، وأبو الوليد، والوليد بن عبد الرحمن، وسليمان بن حرب والنضر -عن شعبة، عن موسى بن أنس، فذكره.
(*) رواية روح مختصرة على سؤال الرجل، ونزول الآية.
(*) رواية سليمان بن داود، وأبي سعيد، وعفان، وأبي الوليد، وسليمان بن حرب مختصره علي «لو تعلمون ماأعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ... » .(2/122)
607 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كان قومٌ يَسْأَلونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استهزاءاً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقولُ الرجلُ، تَضِلُّ ناقَتُهُ: أَين ناقتي؟ فأنزل اللهُ تعالى فيهم هذه الآية {يا أيُّها الذين آمنوا لا تسأَلوا عن أشياء إنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكُمْ ... } الآية كلها. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 212 في تفسير سورة المائدة، باب قوله تعالى {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ويفهم [ص:126] من مجموع ما تقدم من الأحاديث وغيرها أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام امتحاناً له أحياناً واستهزاءاً أحياناً، فيقول له بعضهم " من أبي؟ " ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته " أين ناقتي؟ " فقال لهم تعالى ذكره: لا تسألوا عن أشياء من ذلك إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه ساءكم إبداؤها وإظهارها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/68) قال حدثنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو الجويرية فذكره.(2/125)
608 - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أَشياء كَرِهَها، فلما أُكْثِرَ عليه غَضِبَ، ثم قال للناس: سلوني عما شئتم، فقال رجل: من أبي؟ فقال: أبوك حُذافةُ، فقام آخر، فقال: يا رسولَ الله، منْ أبي؟ قال:أبوك سالمٌ مولى شيبةَ، فلما رأى عمرُ بن الخطاب ما في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغَضَبِ، قال: يا رسول اللهِ، إنَّا نتوبُ إلى الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 1 / 168 في العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، وفي الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، ومسلم رقم (2360) في الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (1/34) قال حدثنا محمد بن العلاء. في (9/117) قال حدثنا يوسف بن موسى،و «مسلم» (7/94) قال حدثنا عبد الله بن براد الأشعري ومحمد بن العلاء الهمداني.
ثلاثتهم - محمد بن العلاء، ويوسف بن موسى، وعبد الله بن براد - قالوا حدثنا أبو أسامة عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة فذكره.(2/126)
609 - (خ م) سعيد بن المسيب -رحمه الله -: قال: البَحيِرَةُ: التي يُمنعُ دَرُّها لِلطَّواغيت، فلا يَحْلِبهُا أحدٌ من الناس، والسائبة: كانوا يُسَيِّبونها لآلهتهم، لا يُحمَل عليها شيء، وقال: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيتُ عمرو ابن عامر الخزاعي يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّار، وكان أولَ من سَيَّبَ السوائب» . والوصيلة: الناقَةُ البكر تُبَكِّرُ في أول نِتاجِ الإبل بأُنْثى، ثم تُثَنِّي بعدُ بأُنثى، وكانوا يسيِّبونها لطواغيتهم إن وصَلَتْ إحداهما بالأخرى، ليس بينهما ذَكَر، والحام: فحلُ الإبل يَضْرِبُ الضِّرابَ [ص:127] المعدود، فإذا قضَى ضِرابَهُ، وَدَعُوه للطَّواغيت، وأَعْفَوْه من الحمل، فلم يُحْمَل عليه شيءٌ، وسمَّوْهُ الحاميَ.
وفي رواية قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيتُ عمرو بنَ لُحَيٍّ بْن قَمَعَةَ بن خِنْدِفٍ، أخا بني كعبٍ، وهو يَجُرُّ قُصْبَهُ في النار» . وفي أخرى مثله، وقال «أبو خزاعة» (1) أخرجه البخاري ومسلم (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البحيرة والسائبة) كانت العرب إذا تابعت الناقة بين عشر إناث. لم يُركب ظهرها، ولم يُجزّ وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، وهي السائبة، أي أنهم يسيِّبونها ويخلُّونها لسبيلها، فما نتجت بعد ذلك من أنثى: شقوا أذنها، وخلوا سبيلها مع أمها في الإبل، وحرم منها ما حرم من أمها، وهي البحيرة بنت السائبة.
والبحيرة: هي المشقوقة الأذن، وقيل: البحيرة كانوا إذا ولد لهم سَقْب، بَحَروا أذنه، وقالوا: اللهم إن عاش ففتيّ، وإن مات فذكي، فإذا مات أكلوه. [ص:128]
وأما السائبة: فكان الرجل يُسيِّب من ماله، فيجيء به إلى السدنة، فيدفعه إليهم، فيطعمون منها أبناء السبيل، إلا النساء، فلا يطعمونهن منها شيئاً حتى يموت، فيأكله الرجال والنساء جميعاً.
(دَرُّهَا) الدَّر: اللبن.
(للطواغيت) والطواغيت: الأصنام التي كانوا يعبدونها، واحدها: طاغوت.
(قُصْبَه) القُصْب: المِعَى. وجمعها: الأقصاب.
__________
(1) يعني أن خندفاً هو أبو خزاعة قاله الحافظ.
(2) البخاري 6 / 399 و 400 في الأنبياء، باب قصة خزاعة، وفي تفسير سورة المائدة، باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} ، ومسلم رقم (2856) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/366) قال: حدثنا الخزاعي. قال: أخبرنا ليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، و «البخاري» (4/224 6/69) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. وفي (6/68) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان. و «مسلم» (8/155) قال: حدثني عمرو الناقد وحسين الحلواني وعبد بن حميد،. قال عبد: أخبرني. وقال الآخران: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن صالح. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (10/13177) عن محمد بن عبد الله المخرمي، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان.
ثلاثتهم - يزيد بن الهاد، وشعيب، وصالح - عن ابن شهاب الزهري. قال: سمعت سعيد بن المسيب فذكره.
وأخرجه أحمد (2/275) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر.، عن الزهري، عن أبي هريرة، فذكره نحوه، ليس فيه الكلام الذي في أول الحديث.(2/126)
610 - (خ) عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، ورأيت عَمْراً يجر قُصْبَه في النار، وهو أول من سيَّب السوائب» . أخرجه البخاري (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يحطم) الحطم: الكسر
__________
(1) 8 / 214 في التفسير، باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (5: 12: 2) عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني عن حسان ابن إبراهيم عن يونس.(2/128)
611 - (خ) ابن مسعود - رضي الله عنه -: إنَّ أهل الإسلام لا يسيِّبونَ، وإن أَهل الجاهليَّةِ كانوا يُسَيِّبُونَ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 12 / 35 في الفرائض، باب ميراث السائبة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (8/191) قال حدثنا قبية بن عقبة قال حدثنا سفيان بن أبي قيس عن هزيل فذكره. ومعناه في العبد يعتق سائبة فيموت وله مال وليس له وارث انظر: «فتح الباري» (12/41) .(2/128)
612 - (خ ت د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: خرج رجلٌ من بني سَهْم مع تمِيمٍ الدارِيِّ، وعديِّ بن بدَّاءٍ، فمات السهميُّ بأرضٍ ليس بها مسلمٌ، فلما قَدِمَا بتَرِكته، فَقَدوا جَاماً من فِضَّةٍ مُخَوَّصاً بذهبٍ، فأحْلَفَهُما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم وُجِدَ الجَامُ بمكة، فقالوا: ابْتَعْناه من تميمٍ وعدي بن بدَّاءٍ، فقام رجُلان من أَوليائه فحلفا: لشهادتُنا أحقُّ من شهادتِهِما، وأنَّ الجامَ لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يا أيُّها الذين آمنوا شهادةُ بينِكم إذا حضَرَ أحدَكُم الموتُ} [المائدة: 106] ، أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود (1) .
__________
(1) البخاري 5 / 308 في الوصايا، باب قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} ، والترمذي رقم (3062) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وأبو داود رقم (3606) في الأقضية، باب شهادة أهل الذمة، وفي الوصية في السفر، وأخرجه البيهقي 10 / 165، والطبري رقم (12966) ، وقد جاء في " شرح المفردات " ص 333: إذا كان مسلم مع رفقة كفار مسافرين ولم يوجد غيرهم من المسلمين، فوصى وشهد بوصيته اثنان منهم، قبل شهادتهما، ويستحلفان بعد العصر: لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله، وأنها وصية الرجل بعينه، فإن عثر على أنهما استحقا إثماً، قام آخران من أولياء الموصي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما، ويقضى لهم. قال ابن المنذر: وبهذا قال أكابر العلماء. وممن قاله، شريح، والنخعي والأوزاعي، ويحيى بن حمزة، وقضى بذلك عبد الله بن مسعود في زمن عثمان، رواه أبو عبيد، وقضى به أبو موسى الأشعري، رواه أبو داود والخلال، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا تقبل، لأن من لا تقبل شهادته على غير الوصية لا تقبل في الوصية كالفاسق وأولى. ولنا (أي الحنابلة) قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ... } الآية، وهذا نص الكتاب، وقد قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس، وحمل الآية على أنه أراد: من غير عشيرتكم لا يصح، لأن الآية نزلت في قصة عدي وتميم بلا خلاف بين المفسرين، ودلت عليه الأحاديث، ولأنه لو صح ما ذكروه لم تجب الأيمان لأن الشاهدين من المسلمين لا قسامة عليهما.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري وأبو داود في الوصايا (35) وقال لي علي بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال وقال على لا أعرف محمد بن أبي القاسم وقال على هو حديث حسن وفي القضايا (19: 2) عن الحسن بن علي -والترمذي في التفسير (المائدة: 20) عن سفيان بن وكيع - كلاهما عن يحيى بن آدم به وقال (حسن غريب وهو حديث ابن أبي زائدة الأشراف (4/425) .(2/129)
613 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنه -: قال: عن تميمٍ الداري في هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بينِكم إذا حضَر أحدَكُمُ الموتُ} قال: بَرِئ الناسُ منها غيري وغير عَدِي بن بدَّاء وكانا نصرانيَّيْن يختلفان إلى الشام قبل الإسلام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهمٍ يقال له: بُدَيل بن أبي مريم بتجارةٍ، ومعه جامٌ من فضةٍ، يريد به الملك، وهو عُظْمُ تجارته، فمرض، فأوصى به إليهما، وأمر أن يُبْلِغا ما ترك أَهلَه، قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجامَ، فبعناه بألف درهمٍ، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بدَّاء، فلما قَدِمنا إلى أهله، دفعنا إليهم ما كان معنا، ففقدوا الجام، فسألونا عنه؟ فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره، قال تميم: فلما أسلمتُ بعد قُدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، تأثَّمتُ من ذلك، فأتيْتُ أهلَه، فأخبرتُهم الخبرَ، وأدَّيْتُ إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتُهم أنَّ عند صاحبي مِثْلَها، فأَتوْا به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسألهم البَيِّنة، فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفُوهُ بما يَعْظُم به على أَهل دينه. فحلف، فأنزل الله: {يأيها الذين آمنوا شهادةُ بينِكم إذا حضَر أحدَكُمُ الموتُ} إلى قوله {أو يخافوا أن تُردَّ أَيْمانٌ بعد أَيْمانهم} فقام عمرو بن العاص، ورجلٌ آخر، فحلفا، فَنُزِعَتِ الخمسمائة درهم من عدي بن بدَّاء.
أخرجه الترمذي، وقال: إنه غريب، وليس إسناده بصحيح (1) . [ص:131]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تأثمت) التأثم: تفعل من الإثم، فإما أنه فعل ما يخرج به من الإثم، أو أنه اعتدَّ ما فعلَه إثماً.
__________
(1) رقم (3061) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وتمام كلامه: وأبو النضر (يريد أحد رواته) [ص:131] الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر، وقد تركه أهل العلم بالحديث وهو صاحب التفسير سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر، ولا نعرف لسالم أبي النضر المدني رواية عن أبي صالح باذان مولى أم هانئ، وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه، ثم ساق الترمذي الأثر السالف بإسناده.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (المائدة 5: 19) عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني عن محمد ابن سلمة الحراني عن محمد بن سلمة الحراني عن ابن إسحاق عن أبي النضر عن باذان - مولى أم هانئ - عن ابن عباس به. وقال: غريب. وليس إسناده صحيح، وأبو النضر الذي روى عنه ابن إسحاق هو عندي «محمد بن السائب الكلبي» سمعت محمدا يقول: محمد بن السائب يكني أبا النضر ولا نعرف لأبي النضر سالم رواية عن أبي صالح - مولى أم هانئ.(2/130)
614 - (ت) عمار بن ياسر -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُنزلت المائدة من السماء خبزاً ولحماً، وأُمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغدٍ فخانوا، وادَّخروا ورفعوا لغدٍ،فمسخوا قردة وخنازير»
أخرجه الترمذي، وقال: وقد روي عن عمار بن ياسر من غير طريق موقوفاً (1) .
__________
(1) رقم (3063) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وإسناده حسن، وقال الترمذي عقب إخراجه: هذا حديث غريب رواه أبو عاصم وغير واحد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن عمار موقوفاً، ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الحسن بن قزعة. ثم قال: حدثنا حميد بن مسعدة أخبرنا سفيان بن حبيب، عن سعيد بن أبي عروبة نحوه ولم يرفعه، وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة، ولا نعلم للحديث المرفوع أصلاً. وأخرجه الطبري رقم (13012) و (13014) مرفوعاً وموقوفاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي (3061) قال الحسن بن قزعة قال: حدثنا سفيان بن حبيب، قال حدثنا سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو فذكره.
(*) قال الترمذي: هذا حديث قد رواه أبو عاصم وغير واحد عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر. موقوفا. ولانعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة: حدثنا حميد ابن مسعدة، قال: حدثنا سفيان بن حبيب، عن سعيد بن أبي عروبة. نحوه ولو يرفعه. وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة. ولا نعلم للحديث المرفوع أصلا.(2/131)
سورة الأنعام
615 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنَّ أَبا جهل قال للنبي [ص:132] صلى الله عليه وسلم: إنا لا نُكذِّبك ولكن نكذِّبُ بما جئتَ به، فأنزل الله فيهم: {فإنَّهمْ لا يُكذِّبونَك (1) ، ولكِنَّ الظالمِينَ بآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 32] . أخرجه الترمذي [من طريقين] (2) .
__________
(1) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة وابن عامر " يكذبونك " بالتشديد وفتح الكاف، وقرأ نافع والكسائي " يكذبونك "بالتخفيف وتسكين الكاف، وفي معنى القراءة الثانية قولان: أحدهما: لا يلفونك كاذباً، قاله ابن قتيبة، والثاني: لا يكذبون الشيء الذي جئت به، إنما يجحدون آيات الله ويتعرضون لعقوباته.
(2) رقم (3066) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام، ثم رواه هو والطبري مرسلاً عن ناجية بن كعب الأسدي دون ذكر علي وقال: وهذا أصح (يعني المرسل) ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 315 موصولاً بإسناد آخر غير إسناد الترمذي، وصححه على شرط الشيخين، قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في " عمدة التفسير " 5 / 25: فالوصل زيادة من ثقتين، فهي مقبولة على اليقين. وقد تعقب الذهبي تصحيح الحاكم إياه على شرط الشيخين بأنهما لم يخرجا لناجية شيئاً، وهذا صحيح، فإن الشيخين لم يخرجا لناجية بن كعب شيئاً، ولكنه تابعي ثقة، فالحديث صحيح وإن لم يكن على شرطهما.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3064) قال: حدثنتا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، وع وعن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، فذكره.
وأخرجه الترمذي (3064) أيضا قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن ناجية، أن أباجهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر نحوه، ولم يذكر فيه (عن علي) وهذا أصح.(2/131)
616 - (م) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: كُنَّا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ نفرٍ، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطْرُدْ هؤلاءِ لا يَجْتَرئون علينا، قال: وكنتُ أَنا وابُن مسعودٍ ورجل من هُذَيْل وبلالٌ ورَجُلاَن - لستُ أَسمِّيهِما - فوَقَعَ في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقعَ، فحدَّثَ نفسَه، فأنزل الله: {ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغدَاةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} . [الأنعام: 52] . أخرجه مسلم (1) . [ص:133]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يجترئون) الاجتراء: افتعال من الجرأة، وهي الإقدام في الشيء والسرعة إليه.
__________
(1) رقم (2413) في فضائل الصحابة، باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وأخرجه الطبري (13263) ، وابن ماجة بنحوه رقم (4128) ، وأخرجه السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 13 -[133] – وزاد نسبته لأحمد والفريابي وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وأبي نعيم في " الحلية " والبيهقي في " دلائل النبوة ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه عبد بن حميد (131) قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان، قال: حدثنا إسرائىل. و «مسلم» (7/127) قال: حدثنا زهير بن حرب، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل. و «ابن ماجة» (824 (r)) قال: حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا قيس بن الربيع. و «النسائي» في - فضائل الصحابة - (116) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال حدثنا سفيان. وفي (162، 133) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل. وفي (160) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمان، قال: حدثنا سفيان.
ثلاثتهم -إسرائيل، وسفيان، وقيس - عن المقدام بن شريح، عن أبيه فذكره.(2/132)
617 - (ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -:في هذه الآية: {قُلْ هو القادر على أَن يبعثَ عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أَرجلكم} [الأنعام: 65] فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أمَا إنَّها لكائنة، ولم يأتِ تأويلُها بعدُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3068) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام، وفي سنده أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم النسائي الشامي وهو ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (7 الأنعام: 4) عن الحسن بن عرفة عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص. وقال:غريب.(2/133)
618 - (خ ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما نزلت: {قُلْ هو القادرُ على أَن يَبْعَثَ عليكم عذاباً من فوقكم} قال: أعوذ بوجهك {أو من تحت أرجلكم} قال: أَعوذ بوجهك، قال: فلما نزلت: {أو يَلبِسَكم شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بأسَ بعضٍ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هاتانِ أهوَن، أو أيسرُ» . أخرجه البخاري. وفي رواية الترمذي: «هاتانِ أهْوَن، أو هاتان أيسرُ» (1) . [ص:134]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يلبسكم شيعاً) الشِّيع: جمع شيعة، وهي الفرقة من الناس، واللبس: الخلط، والمراد: أنه يجعلكم فرقاً مختلفين.
__________
(1) البخاري 8 / 218 في تفسير سورة الأنعام، باب قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم} ، وفي الاعتصام، باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعاً} ، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} ، والترمذي رقم (3067) في التفسير، باب ومن سورة المائدة، وأخرجه الطبري رقم (13366) بنحوه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1- أخرجه الحميدي (1259) . وأحمد (3/309) . و «البخاري» (9/125) قال: حدثنا علي بن عبد الله. و «الترمذي» (3065) قال: حدثنا ابن أبي عمر أربعتهم - الحميدي، وأحمد، وعلي، وابن أبي عمر - قالوا: حدثنا سفيان.
2- وأخرجه البخاري (6/71) . وفي «خلق أفعال العباد» (40) قال: حدثنا أبو النعمان. وفي (9/148) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (2516) عن قتيبة، ومحمد بن النضر بن مساور، ويحيى بن حبيب بن عربي. أربعتهم - أبو النعمان، وقتيبة، وابن النضر، ويحيى بن حبيب - عن حماد بن زيد.
3- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (2568) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن معمر بن راشد.
ثلاثتهم - سفيان، وحماد، ومعمر - عن عمرو، فذكره.(2/133)
619 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه – قال: لما نزلت {الذين آمنوا ولم يَلبِسوا (1) إيمانَهُمْ بظلم} [الأنعام: 82] شَقَّ ذلك على المسلمين، وقالوا: أيُّنَا لا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس ذلك، إنَّما هو الشِّركُ، أَلم تَسمَعُوا قولَ لقمان لابنه» : {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ باللَّه إنَّ الشِّرْكَ لظُلْمٌ عظيم} [لقمان: 13] .
وفي أخرى: «ليس هو كما تظنُّونَ، إنما هو كما قال لقمان لابنه» .
وفي أخرى: «ألم تسْمَعُوا قولَ العَبْدِ الصالِح» . أخرجه البخاري، ومسلم [ص:135] والترمذي (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح ": أي لم يخلطوا، تقول: لبست الأمر - بالتخفيف -، ألبسه بالفتح في الماضي، والكسر في المستقبل، أي: خلطته، وتقول: لبست الثوب - ألبسه - بالكسر في الماضي، والفتح في المستقبل. وقال محمد بن إسماعيل التيمي في شرحه: خلط الإيمان بالشرك لا يتصور، فالمراد: أنهم لم تحصل لهم الصفتان: كفر متأخر عن إيمان متقدم، أي: لم يرتدوا، ويحتمل أن يراد أنهم لم يجمعوا بينهما ظاهراً وباطناً، أي: لم ينافقوا. وهذا أوجه ...
وفي المتن من الفوائد: الحمل على العموم، حتى يرد دليل الخصوص، وأن النكرة في سياق النفي تعم، وأن الخاص يقضي على العام، والمبين عن المجمل، وأن اللفظ يحمل على خلاف ظاهره لمصلحة دفع التعارض، وأن درجات الظلم تتفاوت، وأن المعاصي لا تسمى شركاً، وأن من لم يشرك بالله شيئاً فله الأمن وهو مهتد.
فإن قيل: فالعاصي قد يعذب، فما هو الأمن والاهتداء الذي حصل له؟ فالجواب: أنه آمن من التخليد في النار، مهتد إلى طريق الجنة.
(2) البخاري 1 / 81 و 82 في الإيمان، باب ظلم دون ظلم، وفي الأنبياء، باب قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} ، وباب قوله تعالى {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله} ، وفي تفسير سورة الأنعام، باب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} ، وفي تفسير سورة لقمان، وفي استتابة المعاندين والمرتدين في فاتحته، وباب ما جاء في المتأولين، ومسلم رقم (124) في الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، والترمذي رقم (3069) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (3589) و (4031) و (4240) ، والطبري رقم (13476) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/378) (3589) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (1/424) (4031) قال: حدثنا ابن نمير. وفي (1/444) (4240) قال: حدثنا وكيع. «والبخاري» (1/15) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة (ح) وحدثني بشر بن خالد أبو محمد العسكري، قال حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة. وفي (4/171) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي. وفي (4/198) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة. وفي (4/198) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا عيسى بن يونس. وفي (6/71) قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة. وفي (6/143) و (9/17) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير. وفي (9/23) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وكيع (ح) وحدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. و «مسلم» (1/80) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، وأبو معاوية، ووكيع (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعلي بن خشرم، قالا: أخبرنا عيسى، وهو ابن يونس (ح) وحدثنا مِنجاب بن الحارث التميمي، قال: أخبرنا ابن مُسْهِر (ح) وحدثنا أبو كُريب، قال: أخبرنا ابن إدريس. و «الترمذي» (3067) قال: حدثنا علي بن خَشْرم، قال: أخبرنا عيسى بن يونس. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9420) عن علي بن خَشْرم، عن عيسى بن يونس. (ح) وعن بشر بن خالد، عن محمد بن جعفر، عن شعبة.
تسعتهم -أبو معاوية، وعبد الله بن تميز، ووكيع، وشعبة، وحفص بن غياث، وعيسى بن يونس، وجرير، وعبد الله بن إدريس، وعلي بن مسهر- عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، فذكره.
* قال أبو كريب: قال ابن إدريس: حدثنيه أولا أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، ثم سمعته منه. (صحيح مسلم) .
* صرح الأعمش بالتحديث في رواية حفص بن غياث عند البخاري.(2/134)
620 - (ت د س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: أتى نَاسٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، أَنأكلُ ما نقتلُ ولا نأكل ما يقتلُ اللهُ؟ فأنزل الله {فكُلوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إن كُنتم بآياته مُؤمِنينَ. وما لكمْ ألَّا تأكلُوا مِمَّا ذْكَرِ اسمُ اللَّه عليه وقد فَصَّل لكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكمْ إلا ما اضْطُّرِرْتُمْ إلَيْهِ وإنَّ كثيراً ليُضِلُّون بأهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إنَّ رَبَّك هُوَ أعْلَمُ بالْمُعْتَدِين. وذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وبَاطِنَه إنَّ الذينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ. ولا تأكُلوا مِمَّا لم يُذْكرِ اسْمُ اللَّه عليه وإنَّهُ لَفِسْقٌ وإنَّ الشياطينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وإنْ أطَعْتُمُوهُمْ إنكُمْ لمُشْرِكون} [الأنعام: 118 - 121] . هذه رواية الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نأكلُ مما قَتَلْنَا، ولا نأكل مما قَتلَ الله؟ فنزلت: {ولا تأكُلوا مِمَّا لم يُذْكرِ اسْمُ اللَّه عليه} [الأنعام: 121] إلى آخر الآية. [ص:136]
وفي أخرى له: في قوله: {وإنَّ الشياطينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121] قال: يقولون: ما ذَبحَ الله - يعنون الميتَةَ - لم لا تأكلونه؟ فأنزل الله {وإنْ أطَعْتُمُوهُمْ إنكُمْ لُمشْرِكون} ثم نزل: {ولا تأكُلوا مِمَّا لم يُذْكرِ اسْمُ اللَّه عليه} . وفي رواية أخرى قال: {فكُلوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ، {ولا تأكُلوا مِمَّا لم يُذْكرِ اسْمُ اللَّه عليه} . فنُسِخَ، واستُثني من ذلك، فقال: {وطعامُ الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامُكم حِلٌّ لهم} [المائدة: 5] .
وفي رواية النسائي: في قوله: {ولا تأكُلوا مِمَّا لم يُذْكرِ اسْمُ الله عليه} قال: خاصَمهمُ المشركون، فقالوا: ما ذَبحَ الله لا تأكلُونه وما ذبحتُم أَنتم أَكلتُمُوه؟ (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3071) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام وحسنه، وفيه عطاء بن السائب وقد رمي بالاختلاط والراوي عنه وهو زياد بن عبد الله البكائي فيه لين، وأبو داود رقم (2817) ، وإسناده لا بأس به، و (2818) وفي سنده سماك، وفي روايته عن عكرمة اضطراب، و (2819) في الأضاحي، باب ذبح أهل الكتاب، والنسائي 7 / 237، وإسناده حسن، في الأضاحي، باب تأويل قول الله عز وجل: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وطرق هذا الحديث يشد بعضها بعضاً فيتقوى.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
في الذبائح (بل في الضحايا 13: 3) عن عثمان بن أبي شيبة عن عمران بن عيينة، والترمذي في التفسير (7 الأنعام: 7) عن محمد بن موسى الحرشي البصري عن زياد بن عبد الله الكبائي كلاهما عنه عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال الترمذي: حسن غريب رواه بعضهم عن عطاء عن سعيد عن النبي مرسلا تحفة الأشراف (4/430) .(2/135)
621 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: إذا سَرَّكَ أن تَعْلَمَ جهلَ العرب (1) ، فاقْرَأْ ما فوقَ الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خَسِرَ الذي قتلوا أَولادهم سَفَهاً بغير علم وحَرَّموا مَا رَزَقَهُمُ اللَّه افتراءً على اللَّه قد [ص:137] ضَلُّوا وما كانوا مُهْتَدِينَ} . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) أي: في الجاهلية قبل الإسلام.
(2) 6 / 401 في الأنبياء، باب قصة زمزم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في مناقب قريش (المناقب 13) عن أبي النعمان عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس..(2/136)
622 - (ت) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: من سرَّه أَنْ ينظُرَ إلى الصحيفة التي عليها خاتَمُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فليقرأ هؤلاء الآيات: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ ربُّكُمْ عليْكم أَلَّا تُشْرِكوا به شيئاً وبالوَالِدَيْنِ إحْسَاناً ولا تَقْتُلوا أَوْلادَكم مِنْ إِملاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإِيَّاهم ولا تَقْربُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها ومَا بَطَنَ ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّه إلا بالحقِّ ذَلِكمْ وصَّاكمْ بِهِ لَعَلَّكم تَعْقِلونَ. ولا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيم إلا بالتي هي أَحْسنُ حتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وأوْفُوا الكَيْلَ والمِيزَانَ بالقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إلا وُسعَها وإذا قُلْتُم فاعْدِلوا ولَوْ كان ذَا قُرْبَى وبِعَهْدِ اللَّه أوْفُوا ذلكم وصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكم تَذكَّرُونَ. وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقيماً فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [الأنعام: 151، 153] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3072) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام، وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو كما قال.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (7 الأنعام: 8) عن الفضل بن الصباح البغدادي عن ابن فضيل عن داود الأودي عن عبد الرحمن عن علقمة عن ابن مسعود. وقال حسن غريب، تحفة الأشراف (7/113) .(2/137)
623 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثٌ إذا خَرجنَ لا ينْفَعُ نفساً إيمانُها لم تكن آمنتْ من قبلُ: طُلوعُ الشَّمْسِ من مغربها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرض» . أخرجه مسلم والترمذي (1) . [ص:138]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(دابة الأرض) هي التي ذكرت في أشراط الساعة وعلاماتها، وهي دابة تخرج من جبل الصفا، يتصدع فتخرج منه، وقيل: من أرض الطائف. طولها: ستون ذراعاً، وهي ذات قوائم ووبر، وقيل: هي مختلفة الخلقة، تشبه عدة من الحيوانات، معها عصا موسى، وخاتم سليمان عليهما السلام، لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، وتضرب المؤمن بالعصا، وتكتب في وجهه مؤمن، وتطبع الكافر بالخاتم، وتكتب في وجهه كافر، وروي: «أنها تخرج ليلة جمع والناس سائرون إلى منى» .
__________
(1) مسلم رقم (158) في الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والترمذي رقم (3074) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/445) قال: حدثنا وكيع. و «مسلم» (1/95) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب. قالا: حدثنا وكيع. ح وحدثنيه زهير بن حرب. قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق. ح وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال: حدثنا ابن فضيل. و «الترمذي» (3072) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: حدثنا يعلى بن عبيد.
أربعتهم -وكيع، وإسحاق الأزرق، ومحمد بن فضيل، ويعلى بن عبيد- عن فضيل بن غَزوان الضبي، عن أبي حازم، فذكره.(2/137)
624 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {أَوْ يَأْتِيَ بعضُ آياتِ ربِّكَ} [الأنعام: 158] قال: «طُلُوعُ الشَّمْس من مغربها» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3073) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام، وأخرجه أحمد 3 / 31، والطبري رقم (14201) ، وفي سنده عطية العوفي، وهو ضعيف. والراوي عنه هو ابن أبي ليلى سيء الحفظ، لكن يشهد له حديث أبي هريرة المتقدم، وحديث صفوان بن عسال عند أحمد 4 / 240، وأبي داود الطيالسي 2 / 220، والطبري رقم (14206) بلفظ: " إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت الشمس من نحوه، لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً "، وإسناده حسن، وحديث أبي ذر عند الطبري رقم (14222) و (14223) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (7 الأنعام: 8) عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن مطرف عن عطية عن سعد بن مالك. وقال: غريب ورواه بعضهم ولم يرفعه تحفة الأشراف (3/424) .(2/138)
سورة الأعراف
625 - (م س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كانت المرأة تطُوفُ بالبيتِ وهي عُرْيانَةٌ، فتَقُولُ: من يُعِيرُني تطْوَافاً (1) ؟ تَجْعَلُهُ على فرجها، وتقُولُ:
اليومَ يَبدُو بعضُهُ أو كُلُّهُ ... وما بَدَا منه فَلا أُحِلُّهُ
فنزلت هذه الآية {خذوا زينتَكم عند كُلِّ مسجدٍ} [الأَعراف: 31] أخرجه مسلم والنسائي (2) .
__________
(1) قال النووي في " شرح مسلم " 18 / 162: هو بكسر التاء المثناة: ثوب تلبسه المرأة تطوف به، وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة، ويرمون ثيابهم ويتركونها ملقاة على الأرض، ولا يأخذونها أبداً، ويتركونها تداس بالأرجل حتى تبلى، وتسمى: اللقى، حتى جاء الإسلام، فأمر الله تعالى بستر العورة. فقال تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يطوف بالبيت عريان ".
(2) مسلم رقم (3028) في التفسير، باب قوله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} ، والنسائي 5 / 233 و 234 في الحج، باب قوله عز وجل: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (8/243) قال: حدثنا محمد بن بشار (ح) وحدثني أبو بكر بن نافع و «النسائي» (5/233) قال: أخبرنا محمد بن بشار.
كلاهما -محمد بن بشار، وأبو بكر بن نافع- عن محمد بن جعفر غندر، قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير فذكره.(2/139)
626 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {فلما تَجَلَّى ربه للجبل جعله دَكًّا} [الأَعراف: 143] قال حماد: هكذا - وأمسك سليمان بطرف إبهامه على أنْمُلَة إصبعه اليمنى - قال: فساخ الجبلُ {وخَرَّ موسى صَعِقاً} . أخرجه الترمذي (1) . [ص:140]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فساخ) ساخت قوائم الدابة في الأرض: إذا غاصت.
(فخرَّ) خر إلى الأرض: إذا سقط لوجهه.
(صعقاً) الصعقة: الغشي والموت.
__________
(1) رقم (3076) في التفسير، باب ومن سورة الأعراف، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال. وأخرجه الطبري رقم (15087) ، وأخرجه أيضاً الطبري رقم (15088) ، والحاكم 2 / 320، وقال: هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/125) قال: حدثنا أبو المثني معاذ بن معاذ العنبري، وفي (3/209) قال: حدثنا روح. و «الترمذي» (3074) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا سليمان بن حرب، وفيه أيضا قال: حدثنا عبد الوهاب الوراق قال: حدثنا معاذ بن معاذ.
ثلاثتهم -معاذ، وروح، وسليمان قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت فذكره.(2/139)
627 - (ت ط د) مسلم بن يسار الجهني -رحمه الله -: أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرَّياتِهم ... } الآية [الأَعراف: 172] قال: سُئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «إن الله تبارك وتعالى خلق آدمَ، ثم مسح ظهرهُ بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقتُ هؤلاء للجنة، وبعمل أَهل الجنة يعملون، ثم مسَحَ ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خَلَقتُ هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل: يا رسول الله، ففيمَ العملُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا خَلَقَ العبد للجنَّةِ، استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموتَ على عملٍ من أعمال أهلِ الجنة، فيدِخلَهُ به الجنة، وإذا خلق العبْدَ للنَّار، استعمله بعمل أهل النَّار، حتَّى يموت على عملٍ من أعمال أهل النَّار، فيُدْخِلَهُ به النَّار» . أخرجه الموطأ والترمذي وأبو داود (1) . [ص:141]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ذرياتهم) الذريات: جمع الذرية. وهم نسل الإنسان وولده.
__________
(1) الموطأ 2 / 898 و 899 في القدر، باب النهي عن القول بالقدر، والترمذي رقم (3077) في التفسير، باب ومن سورة الأعراف، وأبو داود رقم (4703) في السنة، باب في القدر. وأخرجه أحمد رقم (311) ، والحاكم في المستدرك 1 / 27، والطبري رقم (15357) ، وقال الترمذي: حديث حسن، ومسلم بن يسار: لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن – [141]- يسار وبين عمر رجلاً.
وقد ذكر أبو حاتم الرازي بينهما: نعيم بن ربيعة، وكذا رواه أبو داود في سننه عن محمد بن مصفى، عن بقية، عن عمرو بن جعثم القرشي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة قال: كنت عند عمر بن الخطاب: وقد سئل عن هذه الآية - الحديث ... ، قال الحافظ المنذري: قال أبو عمر بن عبد البر النمري: هذا حديث منقطع بهذا الإسناد، لأن مسلم بن يسار هذا، لم يلق عمر بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث نعيم بن ربيعة. وهذا أيضاً مع الإسناد لا تقوم به حجة، ومسلم بن يسار هذا مجهول، وقيل: إنه مدني، وليس بمسلم بن يسار البصري، وقال أيضاً، وجملة القول: إنه حديث ليس إسناده بالقائم، لأن مسلم بن يسار ونعيم بن ربيعة جميعاً غير معروفين بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث له شواهد كثيرة يتقوى بها، فهو صحيح لغيره.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك (الموطأ) صفحة (560) ، وأحمد (1/44) (311) قال: حدثنا روح. (ح) وحدثنا إسحاق. قال عبد الله بن أحمد: وحدثنا مصعب الزبيري. و «أبو داود» (4703) قال: حدثنا القعنبي. و «الترمذي» (3075) قال: حدثنا الأنصاري، قال: حدثنا معن. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10654) عن قتيبة.
ستتهم -روح، وإسحاق، ومصعب، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ومعن، وقتيبة- عن مالك، عن زيد بن أبي أنيسة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، عن مسلم بن يسار الجهني، فذكره.
* أخرجه أبو داود (4704) قال: حدثنا محمد بن المصفى، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني عمر بن جعثم القرشي، قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة. قال: كنت عند عمر بن الخطاب....بهذا الحديث.
قال الترمذي عقب حديث مالك: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر. وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلا مجهولا.(2/140)
628 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله آدم مسحَ ظهره، فسقط من ظهره كل نَسَمَةٍ هو خالقُها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عَيْنَيْ كل إنسانٍ منهم وَبيصاً من نورٍ، ثم عرضهم على آدَمَ، فقال: أيْ ربِّ، مَنْ هؤلاء؟ قال: ذريتُك، فرأي رجلاً منهم فأعجبه وَبيصُ ما بين عينيه، قال: أَيْ ربِّ، من هذا؟ قال: داود. فقال: يا رب، كم جعلت عُمُره؟ قال: ستين سنَة، قال: رَبِّ، زده من عمري أربعين سنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلما انقضى عمرُ آدم إلا أربعينَ، جاءه مَلَك الموت، فقال آدمُ: أوَ لم يبق من عمري أربعين سنة؟ قال: أوَلَمْ تُعْطِها ابنَكَ داودَ؟ فَجَحَدَ آدَمُ، فجحدت ذريتُه، ونسي آدم، فأكل من الشَّجَرَةِ [ص:142] فنَسِيتْ ذريتُه، وخَطئَ فخطئَتْ ذريتُه» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نسمة) النسمة: النفس، وكل دابة فيها روح فهي نسمة.
(وَبيصاً) الوبيص: البريق والبصيص.
__________
(1) رقم (3078) في التفسير، باب ومن سورة الأعراف، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 325 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (8 الأعراف: 4) عن عبد بن حميد عن أبي نعيم عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ذكوان عن أبي هريرة، وقال: حسن صحيح، تحفة الأشراف (9/345)(2/141)
629 - (ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما حَمَلَتْ حَوَّاءُ، طافَ بها إبليسُ، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سَمِّيه عبدَ الحارث، فسمَّتهُ،فعاش» ، وكان ذلك من وَحْي الشيطان وأمْرِه. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3079) في التفسير، باب ومن سورة الأعراف، وأخرجه أحمد 5 / 11، والحاكم 2 / 545 وصححه، ووافقه الذهبي، والطبري رقم (15513) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة. ورواه بعضهم عن عبد الصمد بن عبد الوارث، ولم يرفعه. نقول: والحسن قد عنعن عند الجميع وهو مدلس، وهو لم يسمع من سمرة، فالحديث ضعيف، وقد أخرجه الحافظ ابن كثير، وأعله من ثلاثة وجوه:
الأول: أن عمر بن إبراهيم - هذا - هو البصري - أحد رجل السند - لا يحتج به، إلا أنه استدرك فقال: ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعاً.
الثاني: أنه قد روي قول سمرة نفسه، ليس مرفوعاً، كما قال ابن جرير، حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر عن أبيه، حدثنا بكر بن عبد الله عن سليمان التيمي عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب قال: سمى آدم ابنه عبد الحارث.
الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل عنه، قال – [143]- ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو عن الحسن: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} قال: كان هذا في بعض أهل الملل، ولم يكن بآدم - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال: قال الحسن: عنى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده. يعني: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} ، وحدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى: رزقهم الله الأولاد فهودوا ونصروا. وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن: أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره، ولاسيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي. ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم، مثل كعب أو وهب بن منبه وغيرهما. كما سيأتي بيانه إن شاء الله، إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (8 الأعراف: 5) عن محمد بن مثنى عن عبد الصمد بن عبد الوراث عن عمر بن إبراهيم عن قتادة بن دعامة عن الحسن عن سمرة بن جندب، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه، تحفة الأشراف (4/73) .(2/142)
630 - (خ م) ابن الزبير - رضي الله عنهما -: قال: ما نزلت {خُذِ العفوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأعرض عن الجاهلين} [الأَعراف: 199] إلا في أخلاق الناس (1) .
وفي رواية قال: أمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يأخذ العفو من أخلاق الناس. أخرجه البخاري، وأبو داود (2) . [ص:144]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العفو) هاهنا: السهل الميسر، وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أخلاق الناس ويقبل منها ما سهل وتيسر، ولا يستقصي عليهم.
(خطئ) الرجل يخطأ: إذا أذنب، والخطأ: الذنب.
__________
(1) هذه رواية البخاري 8 / 229، في تفسير سورة الأعراف، باب {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ، ولفظها عنده عن عبد الله بن الزبير {خذ العفو وأمر بالعرف} قال: ما أنزل الله - يعني هذه الآية - إلا في أخلاق الناس، وكذا أخرجها ابن جرير في تفسير سورة الأعراف: 199، وسندها صحيح. وهذه الرواية لم يروها أبو داود، وإنما روى الرواية الثانية عن ابن الزبير بمعناها رقم (15538) بلفظ: ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس {خذ العفو وأمر بالعرف ... } الآية.
(2) رواه البخاري 8 / 229، في تفسير سورة الأعراف، باب {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ، قال البخاري: وقال عبد الله بن براد: حدثنا أبو أسامة، قال هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، أو كما قال، وأبو داود (4787) من حديث الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير. قال الحافظ في " الفتح ": وعبد الله بن براد: هو عبد الله بن عامر بن براد بن يوسف بن أبي – [144]- بردة بن أبي موسى الأشعري، ما له في البخاري سوى هذا الموضع، وقال الحافظ: وقد اختلف عن هشام في هذا الحديث، فوصله من ذكرنا عنه، وتابعهم عبدة بن سليمان عن هشام عند ابن جرير، والطفاوي عن هشام عند الإسماعيلي، وخالفهم معمر وبن أبي الزناد وحماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه من قوله موقوفاً. وقال أبو معاوية: عن هشام عن وهب بن كيسان عن ابن الزبير، أخرجه سعيد بن منصور عنه، وقال عبيد الله بن عمر: عن هشام عن أبيه عن ابن عمر، أخرجه البزار والطبراني، وهي رواية شاذة، وكذا رواية حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة عند ابن مردويه. وأما رواية أبي معاوية فشاذة أيضاً مع احتمال أن يكون لهشام فيه شيخان. وأما رواية معمر ومن تابعه فمرجوحة بأن زيادة من خالفهما مقبولة لكونهم حفاظاً.
ثم قال: وإلى ما ذهب إليه ابن الزبير من تفسير الآية، ذهب مجاهد، وخالف في ذلك ابن عباس، فروى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال: خذ العفو، يعني خذ ما عفا لك من أموالهم، أي: ما فضل، وكان ذلك قبل فرض الزكاة، وبذلك قال السدي، وزاد: نسختها آية الزكاة، وبنحوه قال الضحاك وعطاء وأبو عبيدة، ورجح ابن جرير الأول واحتج له.
وروي عن جعفر الصادق قال: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها، ووجهوه بأن الأخلاق ثلاثة، بحسب القوى الإنسانية: عقلية، وشهوية، وغضبية. فالعقلية الحكمة، ومنها الأمر بالمعروف، والشهوية: العفة، ومنها أخذ العفو، والغضبية، الشجاعة، ومنها الإعراض عن الجاهلين.
وروى الطبري مرسلاً وابن مردويه موصولاً من حديث جابر وغيره: لما نزلت {خذ العفو وأمر بالعرف} سأل جبريل، فقال: لا أعلم حتى أسأله، ثم رجع فقال: " إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/76) قال: حثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع (ح) وقال عبد الله بن براد: حدثنا أبو أسامة. و «أبو داود» (4787) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (5277) عن هارون بن إسحاق عن عبدة بن سليمان، أربعتهم: وكيع، وأبو أسامة، ومحمد، وعبدة عن هشام بن عروة عن أبيه فذكره.(2/143)
سورة الأنفال
631 - (خ م) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: قلت لابن عبَّاسٍ: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بَدْرٍ. أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 230 في أول تفسير سورة الأنفال، ومسلم رقم (3031) في التفسير، باب ومن سورة براءة والأنفال والحشر، ولفظه: تلك سورة بدر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في موضعين من التفسير عن محمد بن عبد الرحيم عن سعيد بن سليمان عن هشيم عنه به، بتمامه في تفسير الحشر (59:1:1) وببعضه في سورة الأنفال) (8:1) وفيه (التفسير 59:1:2) وفي المغازي (14:2) عن الحسن بن مدرك عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عنه ببعضه، قلت: لابن عباس سورة الحشر، قال: قل سورة النضير،ومسلم في آخر الكتاب (التفسير 6) عن عبد الله بن مطيع عن هشيم عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، تحفة الأشراف (4/399،398) .(2/145)
632 - (م ت د) عن مصعب بن سعد - رضي الله عنهما -: عن أبيه قال: لمَّا كان يومُ بدْرٍ، جِئْتُ بسيفٍ، فقلت: يا رسول الله، إن اللهَ قد شَفَى صدري من المشركين - أو نحو هذا - هَبْ لي هذا السيفَ، فقال: «هذا ليس لي ولا لَك» ، فقلتُ: عسى أن يُعْطَى هذا مَنْ لا يُبْلي بلائي، فجاءني الرسولُ صلى الله عليه وسلم [فقال] : «إنك سألتني وليس لي، وإنه قد صارَ لي، وهو لك، قال: فنزلت {يسألونك عن الأَنفال ... } الآية» [الأنفال: 1] . أخرجه الترمذي، وأبو داود (1) .
وقد أخرجه مسلم في جملة حديث طويل، يجيءُ في فضائل سَعْدٍِ، في كتاب الفضائل من حرف الفاء (2) . [ص:146]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يُبْلي بلائي) أبليت بلاءاً حسناً، أي: صنعت، والأصل فيه: الابتلاء والاختبار، أي: فعلت فعلاً اختُبِرْت فيه، وظهر به خيري وشري.
__________
(1) الترمذي رقم (3080) في تفسير سورة الأنفال، وأبو داود في الجهاد، باب في النفل، رقم (2740) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه سماك بن حرب عن مصعب أيضاً، وفي الباب عن عبادة، وسنده حسن، ورواه مسلم مختصراً رقم (1748) في الجهاد والسير، باب الأنفال.
(2) رواه مسلم في فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 4 / 1877.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
مسلم في الفضائل (51: 9) عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن الحسن بن موسى عن زهير بن معاوية و (51: 10) عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلاهما عن محمد بن جعفر عن شعبة كلاهما عن سماك بن حرب عنه به، وفي المغازي (14: 1) عن قتيبة عن أبي عوانة عن سماك بقصة الأنفال مختصرا و (14: 2) عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار بهذه القصة، وأبو داود وفي الجهاد (156: 3) عن هناد بن السرى عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عنه بقصة الأنفال الترمذي في التفسير (9 الأنفال: 1) عن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش بهذه القصة وقال: حسن صحيح و (30 العنكبوت: 1) عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار بعضه أنزلت في أربع آيات ... فذكر قصة وقالت: أم سعد: أليس قد أمر الله بالبر ... الحديث بهذه القصة وقال: حسن صحيح. والنسائي فيه (التفسير، في الكبرى) عن هناد به تحفة الأشراف (3/316، 317) .(2/145)
633 - (د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: نزلت: {ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمئذٍ دُبُرَه} [الأنفال: 16] في يوم بَدْرٍ. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2648) في الجهاد، باب التولي يوم الزحف، وفي سنده داود بن أبي هند، ثقة متقن، كان يهم بأخرة، ورواه الحاكم في " المستدرك " 2 / 327 وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أبو داود في الجهاد (106:3) عن محمد بن هشام المصري. والنسائي في التفسير (في الكبرى) عن حميد بن مسعدة السامي كلاهما عن بشر بن المفضل. وفيه (التفسير) وفي السير (كلاهما في الكبرى) عن أبي داود سليمان بن سيف عن أبي زيد سعيد بن الربيع عن شعبة كلاهما عن داو عن المنذر عن سعد بن مالك، تحفة الأشراف (3/،455 456) .(2/146)
634 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {إن شَرَّ الدواب عند اللَّه الصُّمُّ البُكم الذين لا يعقلون ... } الآية [الأنفال: 22] قال: هم نفر من بني عبد الدار. أخرجه البخاري (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الصم) جمع الأصم، وهو الذي لا يسمع، والبكم: جمع الأبكم، وهو الذي لا ينطق خرساً.
__________
(1) 8 / 231 في تفسير سورة الأنفال، باب {إن شر الدواب عند الله الصم البكم} ، ورواه الطبري رقم (15860) من طريق شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح، وزاد: لا يتبعون الحق.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في التفسير (8:2) عن محمد بن يوسف عن ورقاءعن عبد الله عن مجاهد عن ابن عباس..(2/146)
635 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال أَبو جهل: {اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمْطِرْ علينا حِجارةً من السماء ... } [ص:147] الآية [الأنفال: 32] فنزلت {وما كان اللَّهُ ليُعَذِّبَهُمْ وأنت فيهم ... } الآية [الأنفال: 33] فلما أخرجوه، نزلت {وما لهم أَلَّا يُعَذِّبَهم اللَّه وهم يَصُدُّونَ عن المسجد الحرام ... } الآية [الأنفال: 34] أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 232 في تفسير سورة الأنفال، باب قوله: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} ، وباب {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} ، ومسلم رقم (2796) في صفات المنافقين، باب قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} وليس عند البخاري ومسلم: جملة " فلما أخرجوه " ولعلها من زيادات الحميدي، وهو عند الطبري رقم (15990) من طريق ابن أبزى: فلما خرجوا أنزل الله عليه {وما لهم ألا يعذبهم ... } الآية.
قال الحافظ في " الفتح ": قوله: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا ... إلخ: ظاهر في أنه القائل ذلك، وإن كان هذا القول نسب إلى جماعة، فلعله بدأ به ورضي الباقون فنسب إليهم. وقد روى الطبراني من طريق ابن عباس أن القائل ذلك هو النضر بن الحارث، قال: فأنزل الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} ، وكذا قال مجاهد وعطاء والسدي، ولا ينافي ذلك ما في الصحيح لاحتمال أن يكونا قالاه، ولكن نسبته إلى أبي جهل أولى. وعن قتادة قال: قال ذلك سفهة هذه الأمة وجهلتها. وروى ابن جرير من طريق يزيد بن رومان أنهم قالوا ذلك، ثم لما أمسوا ندموا فقالوا: غفرانك اللهم، فأنزل الله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في التفسير (8: 4) عن أحمد هو ابن النضر أخو محمد وهما من نيسابور و (8: 5) عن محمد بن النضر كلاهما عن عبيد الله بن معاذ. مسلم ذكر المنافقين والكفار (التوبة 19) عن عبيد الله (بن معاذ) نفسه عن أبيه عن شعبة عن عبد الحميد بن دينار، عن أنس، تحفة الأشراف (1/265) .(2/146)
636 - (م د ت) عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: « {وأَعِدُّوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ - ثلاثاً» . أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود (1) . [ص:148]
وزاد الترمذي ومسلم: ألا إن الله سيَفتحُ لكم الأرض، وستُكْفوْنَ المؤوَنة، فلا يَعْجِزَنَّ أحدُكم أن يَلْهُوَ بأسْهُمِهِ.
إلا أنَّ مسلماً أَفرد هذه الزيادة حديثاً برأسه (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الرمي) هاهنا خاص، يريد به: رمي السهام عن القسي.
__________
(1) مسلم رقم (1917) في الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه، والترمذي رقم (3083) في التفسير، باب ومن سورة الأنفال، وأبو داود رقم (2514) في الجهاد، باب في الرمي. ورواه ابن ماجة رقم (2883) ، والحاكم 2 / 328 وصححه، ووافقه الذهبي.
(2) رقم (1918) بلفظ " ستفتح عليكم أرضون، ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/156) قال: حدثنا هارون بن معروف، وسريج. و «مسلم» (6/52) قال: حدثنا هارون بن معروف. و «أبو داود» (2514) قال: حدثنا سعيد بن منصور. و «ابن ماجة» (2813) ، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى.
أربعتهم -هاورن بن معروف، وسريج، وسعيد بن منصور، ويونس بن عبد الأعلى- عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي علي الهمداني، فذكره.
* أخرجه الدارمي (2409) قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرئ.
قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب. قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله، عن عقبة ابن عامر. (موقوفا) .(2/147)
637 - (خ د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما نزلت {إنْ يَكُنْ منكم عشرون صابرونَ يَغْلِبُوا مائتين} [الأنفال: 65] كُتِبِ عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشَرةٍ، ولا عِشْرُونَ من مائتين، ثم نزلت: {الآن خفَّفَ اللَّه عنكم وعلم أنَّ فيكم ضَعْفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين} [الأنفال: 66] فكُتِبَ أن لا يفرَّ مائة من مائتين. أخرجه البخاري.
وفي أخرى له، ولأبي داود قال: لمَّا نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} شَقَّ ذلك على المسلمين، فنزل {الآن خَفَّفَ اللَّه عنكم ... } الآية، قال: فلمَّا خَفَّفَ الله عنهم من العِدَّة نقص عنهم من الصَّبْرِ بقدر ما خفَّف عنهم (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 233، 234 في تفسير سورة الأنفال، باب {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} ، وباب {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً} ، وأبو داود رقم (2646) في الجهاد، باب التولي يوم الزحف، ورواه ابن جرير الطبري رقم (16280) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في التفسير (8:7) عن علي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، تحفة الأشراف (5/188) .(2/148)
638 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لم تَحِلَّ الغنائمُ لأحدٍ سُودِ الرُّءوسِ من قَبْلِكم،إنما كانت تَنزِلُ نارٌ من السماء فتأكلُها» .قال سليمان الأعمش: فَمنْ يقول هذا إلا أبو هريرة الآن؟ فلما كان يوم بَدْرٍ، وَقَعُوا في الغنائم قبل أَنْ تَحِلَّ لهم، فأنزل الله {لولا كتابٌ من اللَّه سَبَقَ لَمَسَّكُم فيما أَخذْتُم عذابٌ عَظِيمٌ} [الأنعام: 68] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3084) في التفسير، باب ومن سورة الأنفال، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش. ورواه الطبري رقم (16301) و (16302) ، والبيهقي 6 / 290، وأورده السيوطي في " الدر " 3 / 203 وزاد نسبته إلى النسائي، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وروى الشيخان من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني منكم رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها ... " الحديث، وفيه " حتى فتح الله عليهم، فجمع الغنائم، فجاءت - يعني النار - لتأكلها "، وفيه " فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم، ثم رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا ".
قال الحافظ في " الفتح ": وفيه اختصاص هذه الأمة بحل الغنائم، وكان ابتداء ذلك من غزوة بدر. وفيها نزل قول الله تعالى: {فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً} فأحل الله لهم الغنائم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
النسائي في التفسير (في الكبرى) عن محمد بن عبد الله المخرميعن أبي معاوية عن سليمان عن ذكوان عن أبي هريرة، الأشراف (9/383) .(2/149)
639 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: لما كان يومُ بَدْرٍ، وأخذ- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - الفِداءَ، أنزل الله عز وجل {ما كان لنَبِيٍّ أن يكونَ له أَسْرَى حتى يُثْخِنَ في الأرض تُريدون عَرَض الدنيا واللَّه يريد الآخرة واللَّه عزيز حكيم. لولا كتاب من اللَّه سبق لمسّكُمْ فيما أخذتُمْ} من الفداء {عذابٌ عظيمٌ} [الأنفال: 67، 68] ثم أُحِلَّ لهم الغنائم. [ص:150] أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يثخن) الإثخان في الشيء: المبالغة فيه والإكثار، يقال: أثخنه المرض: إذا أثقله وأوهنه، والمراد به هاهنا: المبالغة في قتل الكفار، والإكثار من ذلك.
__________
(1) رقم (2690) في الجهاد، باب فداء الأسير بالمال، وسنده لا بأس به. وروى هذا المعنى مسلم في حديث طويل في الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، وإباحة الغنائم رقم (1763) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
مسلم في المغازي (20) عن هناد بن السرى عن ابن المبارك، و (20) عن زهير بن حرب عن عمر بن يونس كلاهما عن عكرمة بن عمار عنه به. وأبو داود في الجهاد (131: 1) عن أحمد بن حنبل عن أبي نوح عن عكرمة بن عمار، ببعضه: كما كان يوم بدر فأخذ النبي الفداء أنزل الله: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} 8: 67) بهذه القصة، والترمذي في التفسير (9 الأنفال: 2) عن ابن بشار عن عمر بن يونس بالقصة الأولى إلى قوله: فأيدهم الله بالملائكة، وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه من حديث عمر إلا من حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل، تحفة الأشراف (8: 44)(2/149)
640 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل: {والذين آمنوا وهَاجروا} وقوله: {والذين آمنوا ولم يهَاجروا} قال: كان الأعرابيُّ لا يَرِثُ المهاجِرَ، ولا يرثه المهاجرُ، فَنُسِخَتْ، فقال: {وأولوا الأرحام بعضُهم أَولى ببعض} [الأنفال: 72 - 75] أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2924) في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، من حديث علي بن حسين بن واقد، وعلي وأبوه الحسين ثقتان، ولكنهما يهمان بعض الشيء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1921، 2924) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت قال: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة فذكره في (2924) {والذين آمنوا وهاجروا....} .(2/150)
سورة براءة
641 - (ت د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قُلْتُ لعُثمانَ: ما حَمَلَكُم على أنْ عَمَدْتُم إلى الأنفال، وهي من المثاني؟ وإلى براءة وهي من المئين (1) ؟ فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر: بسم الله الرحمن الرحيم [ص:151]
ووضعتموها في السبع الطِّول؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب، فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا نزلت عليه الآية، فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطول. أخرجه الترمذي وأبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عمدتم) العمد: القصد إلى الشيء.
(المثاني) جمع مثنى، وهي التي جاءت بعد الأولى.
(السَّبعُ الطِّوَلُ) جمع طُولَى، فأما السبع المثاني الطول: فهي البقرة، [ص:152] وآل عمران، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة. وسميت الأنفال من المثاني، لأنها تتلو الطول في القدر، وقيل: هي التي تزيد آياتها على المفصل وتنقص عن المئين، والمئين: هي السور التي تزيد كل واحدة منها على مائة آية.
__________
(1) المئين: جمع مئة، وأصل مئة: مئى، بوزن: معى، والهاء عوض عن الواو، وإذا جمعت المئة قلت: مئون، كما قلت: مئات.
(2) الترمذي رقم (3086) في التفسير، باب ومن سورة التوبة، وأبو داود رقم (786) في الصلاة، باب من جهر بها، أي: بسم الله الرحمن الرحيم، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس، ويزيد الفارسي: هو من التابعين من أهل البصرة، قد روى عن ابن عباس غير حديث. نقول: ويزيد الفارسي: لم يوثقه غير ابن حبان، وكذا رواه أحمد والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم من طرق أخر عن عوف الأعرابي به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/57) قال: حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثنا محمد بن جعفر. وفي (1/69) (499) قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، و «أبو داود» (786) قال: أخبرنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم. وفي (787) قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا مروان، يعني بن معاوية، و «الترمذي» (3086) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، وسهل بن يوسف. و «النسائي» في (فضائل القرآن) (32) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد.
سبعتهم -محمد بن جعفر، وإسماعيل، وهشيم، ومروان، ويحيى، وابن أبي عدي، وسهل- عن عوف بن أبي جميلة، قال: حدثني يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس، فذكره.(2/150)
642 - (خ م) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: قلت لابن عباسٍ: سورةُ التَّوبة؟ فقال: بل هي الفَاضِحَةُ، مازالتْ تنزل {ومنهم} ، {ومنهم} حتى ظنُّوا أن لا يبقي أحدٌ إلا ذُكِرَ فيها، قال: قلت: سورةُ الأنفال؟ قال: نَزَلتْ في بَدْرٍ، قال: قلتُ: سورة الْحَشْرِ؟ قال: نزلت في بني النَّضِيرِ.
وفي رواية: قلت لابن عباس: سورةُ الحشرِ؟ قال: قل: سورةَ النَّضير. أخرجه البخاري ومسلم (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 483 في تفسير سورة الحشر، وفي تفسير سورة الأنفال في فاتحتها، وفي المغازي، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ودية الرجلين، ومسلم رقم (3031) في التفسير، باب ومن سورة براءة، قال الحافظ: قوله: ما زالت تنزل، ومنهم، ومنهم، أي: كقوله: {ومنهم من عاهد الله} ، {ومنهم من يلمزك في الصدقات} ، {ومنهم الذين يؤذون النبي} ، وقوله: قل: سورة النضير، كأنه كره تسميتها بالحشر لئلا يظن أن المراد: يوم القيامة، وإنما المراد به هنا: إخراج بني النضير.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (5/113) و (6/183) قال: حدثني الحسن بن مدرك، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أخبرنا أبو عوانة. وفي (6/77) و (183) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا سعيد ابن سليمان، قال: حدثنا هشيم. و «مسلم» (8/245) قال: حدثني عبد الله بن مطيع، قال: حدثنا هشيم.
كلاهما -أبو عوانة، وهشيم- عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، فذكره.
* رواية أبي عوانة مختصرة على: «قلت لابن عباس سورة الحشر؟ قال: قل سورة النضير» .(2/152)
643 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ أبا بكرٍ بَعثَه في الحجَّةِ التي أمَّرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَبْل حَجَّةِ الوَداعِ، في رَهْطٍ يُؤذِّنُون في النَّاس يوم النَّحر: أن لا يَحُجَّ (1) بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت [ص:153] عُرْيانٌ.
وفي رواية: ثم أرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيِّ بن أبي طالب، فأمرهُ أن يُؤذِّن بـ «براءة» ، فقال أبو هريرة: فأذَّن معنا في أهل مِنى ببراءة: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ.
وفي رواية: ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النَّحْر، والحجُّ الأَكْبرُ: الحجُّ، وإنما قيل: الحجُّ الأكبر، من أَجلِ قول النَّاسِ: العمرةُ: الحجُّ الأصغَرُ، قال: فَنَبَذَ أبو بكرٍ إلى الناس في ذلك العام، فلم يحُجَّ في العام القابل الذي حَجَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوداع مُشْرِكٌ.
وأنزل الله تعالى في العام الذي نَبَذَ فيه أبو بكر إلى المشركين {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ فلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحرَامَ بعدَ عَامِهِمْ هذا وإنْ خِفْتُمْ عَيْلة فَسوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ ... } الآية [التوبة: 28] وكان المشركون يُوَافُون بالتجارة، فينتفعُ بها المسلمون، فلما حَرَّمَ الله على المشركين أنْ يقرَبوا المسْجِدَ الحرامَ، وجَدَ [ص:154] المسلمون في أنفسهم مما قُطِعَ عليهم من التجارة التي كان المشركون يُوَافُون بها، فقال الله تعالى: {وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فسَوْفَ يُغنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه إنْ شاء} ثم أحلَّ في الآية التي تَتْبعُها الجِزْيةَ، ولم [تكن] تُؤخَذْ ُقبْلَ ذلك، فجعلها عوضاً ممَّا مَنَعُهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ باللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحقِّ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكِتاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صَاغِرُون} [التوبة: 29] فلما أحلَّ الله عز وجل ذلك للمسلمين: عَرَفُوا أَنَّهُ قد عاضَهُم أفْضَل مما خافوا ووَجَدُوا عليه، مما كان المشركون يُوافُون به من التجارة. هذه رواية البخاري ومسلم (2) .
وفي رواية أبي داود، قال: بعثني أبو بكرٍ فيمن يُؤذِّنُ يومَ النَّحْرِ بمنى: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت عريانٌ، ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النحر، والحجُّ الأكبر: الحجُّ.
وفي رواية النسائي مثل رواية أبي داود، إلى قوله: «عُرْيانٌ» .
وله في رواية أخرى، قال أبو هريرة: جِئتُ مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، قيل: ما كنتم تنادونَ؟ قال: كُنَّا ننادي: إنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة، ولا يطوَفنَّ بالبيت عرْيانٌ، ومن [ص:155] كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهدٌ، فأجَلُهُ - أو أمَدُه - إلى أربعةِ أشهر، فإذا مَضتِ الأربعةُ الأشهر، فإنَّ الله بَريءٌ من المشركين ورسولُهُ، ولا يَحُجُّ بعد العام مشركٌ، فكنت أُنادي حتى صَحِلَ صوتي (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رهط) الرهط: الجماعة من الرجال: ما بين الثلاثة إلى التسع، ولا تكون فيهم امرأة.
(يؤذن) الإيذان: الإعلام.
(نبذ) الشيء إذا ألقاه، ونبذت إليه العهد، أي: تحَّللتُ من عهْده.
(عَيْلة) العَيْلَةُ: الفَقْر والفاقة.
(الجزية) : هي المقدار من المال الذي تعقد للكتابي عليه الذمة.
(وجد المسلمون) وجد الرجل يجد: إذا حزن.
(عَاضَهم) عضت فلاناً كذا: إذا أعطيته بدل ما ذهب منه.
(صَحل) الصحل في الصوت: البحة.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 225: ألا يحج - بفتح الهمزة وإدغام النون في اللام، قال الطحاوي – [153]- في " مشكل الآثار " هذا مشكل، لأن الأخبار في هذه القصة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك، ثم أتبعه علياً، فأمره أن يؤذن، فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين، مع صرف الأمر عنه في ذلك إلى علي؟
ثم أجاب بما حاصله: أن أبا بكر كان الأمير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف، وكان علي بن أبي طالب هو المأمور بالتأذين بذلك، وكأن علياً لم يطق التأذين بذلك وحده، واحتاج إلى من يعينه على ذلك، فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك، ثم ساق من طرق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، فكنت أنادي معه بذلك حتى يصحل صوتي ... فالحاصل: أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر، وكان ينادي بما يلقيه إليه علي مما أمر بتبليغه.
(2) الرواية الأخيرة " وأنزل الله تعالى في العام القابل الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين ... " إلى هنا، ليست في البخاري ومسلم، ولعلها من زيادات الحميدي، وقد ذكرها السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 227، 228 بنصها، ونسبها لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) البخاري 1 / 403 في الصلاة في الثياب، باب ما يستر من العورة، وفي الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان، وفي الجهاد، باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، وفي المغازي، باب حج أبي بكر بالناس، وفي تفسير سورة براءة، باب قوله: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} ، وباب قوله: {وأذان من الله ورسوله} ، وباب قوله: {إلا الذين عاهدتم من المشركين} ، ومسلم رقم (1347) ، باب لا يحج البيت مشرك، وأبو داود رقم (1946) ، وإسناده صحيح، في الحج، باب يوم الحج الأكبر، والنسائي 5 / 234، وإسناده صحيح، في الحج، باب قوله عز وجل: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (1/103) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي (2/188) ، قال: حثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث. قال: قال يونس. وفي (4/124) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. وفي (5/212) ، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع. قال: حدثنا فليح. وفي (6/81) قال: حدثنا سعيد بن عفير. قال: حدثني الليث. قال: حدثنثي عقيل. وفي (6/81) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني عقيل. وفي (6/81) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن صالح. و «مسلم» (4/106) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي. قال: حدثنا ابن وهب. قال: أخبرني عمرو. (ح) وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس و «أبو داود» (1946) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم قال: حدثنا شعيب. و «النسائي» (5/234) قال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح، و «ابن خزيمة» (2702) قال: حدثنا عيسى ابن إبراهيم الغافقي. قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث.
سبعتهم -محمد بن عبد الله بن أخي ابن شهاب، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وفليح بن سليمان، وعقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، وعمرو بن الحارث -عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة.(2/152)
644 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: سألتُ رسولَ الله [ص:156] صلى الله عليه وسلم عن يوم الحجِّ الأكبر؟ فقال: «يومُ النَّحْرِ» ، ورُوِيَ مَوْقوفاً عليه. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3088) في التفسير، باب ومن سورة براءة، ورقم (957) في الحج، باب يوم الحج الأكبر، وفي سنده الحارث بن الأعور، وهو ضعيف. ولكن الحديث حسن بشواهده، منها حديث ابن عمر الآتي. واختار ابن جرير أن يوم الحج الأكبر، هو يوم النحر، وهو قول مالك والشافعي والجمهور، وقال آخرون، منهم: عمر، وابن عباس، وطاووس إنه يوم عرفة، والأول أرجح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (957 و3088) قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث. قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، فذكره.
* أخرجه الترمذي (958 و 3089) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر.
* قال الترمذي: ولم يرفعه، وهذا أصح من الحديث الأول. ورواية ابن عيينة موقوفا أصح من رواية محمد ابن إسحاق مرفوعا. هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي موقوفا، وقد روى شعبة عن أبي إسحاق قال: عن عبد الله بن مرة، عن الحارث عن علي موقوفا.(2/155)
645 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: وقد سئل: بأيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ في الحَجَّةِ؟ قال: بُعِثْتُ بِأرْبَعٍ: لا يطوفَنَّ بالبيت عُريانٌ، ومن كان بينه وبينَ النبي صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فهو إلى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لم يكن له عهدٌ، فَأجَلُهُ أرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (1) ، ولا يَدُخلُ الجنَّة إلا نفسٌ مُؤمنَةٌ، ولا يجتمع المشركون والمؤمنونَ بعد عامهم هذا. أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) قال الحافظ: استدل بهذا على أن قوله تعالى: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت، أو لم يكن له عهد أصلاً، وأما من له عهد مؤقت، فهو إلى مدته، وانظر تمام البحث فيه.
(2) رقم (3091) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وإسناده قوي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد رقم (594) ، والطبري رقم (16372) ، وأخرج أحمد في مسند أبي بكر رقم (4) نحو هذا الحديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (48) . وأحمد (1/79) (594) . والدارمي (1925) قال: أخبرنا محمد بن يزيد البزار. و «الترمذي» (871) و (3092) قال: حدثنا علي بن خشرم. وفي (872) قال: حدثنا ابن أبي عمر ونصر بن علي. وفي (3092) قال: حدثنا ابن أبي عمر، (ح) وحدثا نصر بن علي وغير واحد.
ستتهم -الحميدي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يزيد، وعلي، وابن أبي عمر، ونصر- عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع أو أثيع، فذكره.(2/156)
646 - (د) ابن عمر - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقَفَ يَوْمَ النَّحْر بَيْنَ الجَمَراتِ في الحجَّةِ التي حَجَّ فيها، فقال: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» فقالوا: يومُ النَّحْر، فقال: «هذا يوم الحج الأكبر» . [ص:157] أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجمرات) : هي المواضع التي ترمى بالحصا في منى.
__________
(1) رقم (1945) في الحج، باب يوم الحج الأكبر، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري تعليقاً، وابن ماجة رقم (3058) ، والطبري رقم (16447) والبيهقي 5 / 139.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في الحج (133: 4 تعليقا) عقيب حديث عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر (ح 7418) وقال هشام بن الغاز.... فذكره وأبو داود (المناسك 67: 1) عن مؤمل بن الفضل عن الوليد بن مسلم وابن ماجة فيه (المناسك 76: 4) عن هشام بن عمار عن صدقه بن خالد كلاهما به، تحفة الأشراف (6/249) .(2/156)
647 - (د) ابن أبي أوفي - رضي الله عنه -: كان يقول: يومُ النحرِ: يومُ الحجِّ الأكبر، يُهراقُ فيه الدمُ، ويوضع فيه الشَّعَرُ، ويُقْضى فيه التَّفَثُ، وتَحِلُّ فيه الحُرُمُ. أخرجه (1) .
__________
(1) كذا أورده المؤلف ولم يذكر من أخرجه وفي المطبوع: أخرجه أبو داود، وهو خطأ، وقد أخرجه مختصراً الطبري في تفسيره 14 / 117 من طرق عنه، وإسناده صحيح. ولفظه عن عبد الملك بن عمير: سئل عن قوله " يوم الحج الأكبر " قال: " هو اليوم الذي يراق فيه الدم ويحلق فيه الشعر ".(2/157)
648 - (س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حين رجعَ مِنْ عُمْرَةِ الجعْرانَةِ بَعَثَ أَبَا بكرٍ عَلى الحجِّ، فأَقْبَلْنا معه، حتى إذا كُنَّا بالعَرْجِ، ثَوَّبَ بالصبح (1) ، ثم استوى ليُكَبِّر، فسمع الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظهره، فَوقفَ عن التَّكْبِير، فقال: هذه رَغوَةُ ناقَةِ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَدْعاء، لقد بَدَا لرُسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الحجِّ، فَلَعَلَّهُ [أن] يَكُونَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، [ص:158] فَنُصَلِّيَ مَعَهُ، فإذَا عليٌّ عَلَيْها، فقال أبو بكرٍ: أمِيرٌ، أمْ رَسُولٌ؟ قال: لا، بل رُسولٌ، أرْسَلَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بـ «براءة» ، أقْرَؤُها على النَّاس في مَواقِف الحجِّ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فلمَّا كان قَبْلَ التَّرْوِيَة بيَوْمٍ، قَامَ أبو بكرٍ فخَطَبَ النَّاسَ فحَدَّثَهُمْ عَنْ مناسكهم، حتى إذا فرغَ قام علي رضي الله عنه فقرأَ على الناسِ (بَراءة) ، حتى خَتمها، ثم خرجنا معه، حتى إذا كان يومُ عَرفة قام أبو بكر، فخطب الناس، فحدَّثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام عليٌّ، فقرأَ على الناس «براءة» حتى خَتمها، ثم كان يومُ النَّحْرِ، فأَفَضْنَا، فلمَّا رجعَ أبو بكرٍ خَطَبَ النَّاسَ، فحَدَّثَهُمْ عَنْ إفَاضَتِهِمْ، وعن نَحْرِهم، وعن مناسكهم، فلما فرغ قام عليٌّ، فقرأ على الناس «براءةَ» حتى خَتمها، فلما كان يومُ النَّفْرِ الأول، قَامَ أبو بكرٍ، فَخَطَبَ الناس، فحدَّثَهُم كيف يَنْفِرون؟ وكيف يَرْمُونَ؟ فَعَلَّمَهُمْ مناسكهم، فلما فرغَ، قام عليٌّ، فقَرأَ على النَّاسِ «بَرَاءةَ» حتى خَتَمَها. أخرجه النسائي (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجعرانة) : موضع قريب من مكة، اعتمر منه النبي صلى الله عليه وسلم، يُخَفَّف ويُثَقَّل.
(العَرْج) بسكون الراء: موضع بين مكة والمدينة. [ص:159]
(ثوَّب) إذا نادى بأعلى صوته، والأصل فيه: المستصرخ يلوح بثوبه، فسمي الدعاء تثويباً، ومنه التثويب في صلاة الفجر، وهو أن يقول: «الصلاة خير من النوم» .
(الرَّغوة) : المرة الواحدة من الرغاء، وهو صوت ذوات الخف، والمراد به ها هنا: صوت الناقة.
(الجَدْعاء) : الناقة التي جدع أنفها، أي: قطع، وكذلك الأذن واليد والشفة.
(مناسكهم) المناسك: معالم الحج ومتعبداته.
(فأفضنا) الإفاضة: الدفع، ولا يكون إلا في كثرة.
__________
(1) العرج: - بفتح العين وسكون الراء - قرية جامعة من عمل الفرع على أيام من المدينة، و " التثويب " هو رفع الصوت بالأذان. وأصله من دعاء الناس ليثوبوا ويرجعوا إلى المكان الذي تعودوا أن يجتمعوا فيه.
(2) 5 / 247 و 248 في الحج، باب الخطبة قبل يوم التروية، والدارمي 2 / 66، 67، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الدارمي (1921) . و «النسائى» (5/247) . و «ابن خزيمة» (2974) قال: حدثنا محمد بن يحيى بحديث غريب.
ثلاثتهم -الدارمي، والنسائي، ومحمد- عن إسحاق بن إبراهيم، قال: قرأت على أبي قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، فذكره.
* قال أبو عبد الرحمن النسائي: ابن خثيم ليس بالقوي في الحديث، وإنما أخرجت هذا لئلا يجعل (ابن جريج، عن أبي الزبير) وما كتبناه إلا عن إسحاق بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد القطان لم يترك الحديث ابن خثيم، ولا عبد الرحمن، إلا أن علي بن المديني قال: ابن خثيم منكر الحديث، وكان علي بن المديني خُلِق للحديث.(2/157)
649 - (خ) زيد بن وهب -رحمه الله -: قال: كُنَّا عِندَ حُذَيْفَةَ، فقال: ما بَقِيَ من أصحابِ هذه الآية يعني {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لهُم} [التوبة: 12] إلا ثلاثةٌ (1) ، ولا بقي من المنافقين إلا أربعة، [ص:160] فقال أعرابيٌّ: إنكم أصحابَ محمدٍ، تخبرونا أخباراً، لا ندري ما هي؟ تزعمون أن لا مُنافقَ إلا أربعة، فما بالُ هؤلاء الذي يَبْقُرون بيوتنا، ويَسْرِقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفُسَّاق، أجَلْ لم يبق منهم إلا أربعةٌ: أحدهم: شيخ كبير لو شَربَ الماءَ الباردَ لما وجدَ بَرْدَهُ (2) . أخرجه البخاري (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يبقرون) أي: يفتحون ويوسعون، يقال: بقرت الشيء: إذا فتحته.
(أَعْلاقنا) الأعلاق: جمع عِلق، وهو الشيء النفيس مما يقتنى.
__________
(1) لم تذكر الآية في الحديث، وإنما جاءت مبهمة، ولعل المصنف ذكرها في الحديث اعتماداً على الباب، فقد أورده البخاري تحت قوله تعالى: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} الذي أورد فيه الحديث، وقال الحافظ: تعليقاً على ذلك: هكذا وقع مبهماً، ووقع عند الإسماعيلي من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد بلفظ: " ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ... } الآية، إلا أربعة نفر، إن أحدهم لشيخ كبير. قال الإسماعيلي: إن كانت الآية ما ذكر في خبر ابن عيينة فحق هذا الحديث أن يخرج في سورة الممتحنة. وقد وافق البخاري على إخراجها عند آية براءة النسائي وابن مردويه، فأخرجا من طرق عن إسماعيل، وليس عند أحد منهم تعيين الآية، وانفرد عيينة بتعيينها، إلا أن عند الإسماعيلي من رواية خالد الطحان [ص:160] عن إسماعيل في آخر الحديث. قال إسماعيل: يعني الذين كاتبوا المشركين، وهذا يقوي رواية ابن عيينة، وكأن مستند من أخرجها في آية براءة، ما رواه الطبري من طريق حبيب بن حسان عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقرأ هذه الآية {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد، ومن طريق الأعمش عن زيد بن وهب نحوه، والمراد بكونهم لم يقاتلوا، أن قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشرط، لأن لفظ الآية {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا} فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا. وروى الطبري من طريق السدي قال: المراد بأئمة الكفر كفار قريش. ومن طريق الضحاك قال: أئمة الكفر: رؤوس المشركين من أهل مكة.
قال الحافظ: وقوله: إلا ثلاثة
، سمي منهم في رواية أبي بشر عن مجاهد أبو سفيان بن حرب، وفي رواية معمر عن قتادة: أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وتعقب بأن أبا جهل وعتبة قتلا ببدر، وإنما ينطبق التفسير على من نزلت الآية المذكورة وهو حي، فيصح في أبي سفيان وسهيل بن عمرو، وقد أسلما جميعاً.
(2) قال الحافظ: أي: لذهاب شهوته، وفساد معدته، فلا يفرق بين الألوان والطعوم.
(3) 8 / 243 في تفسير سورة براءة، باب {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (9: 5: 1) عن محمد بن المثنى عن يحيى القطان، والنسائي فيه (التفسير، وفي الكبرى) عن إسحاق بن إبراهيم عن المعتمر بن سليمان كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد عنه به، والمعنى متقارب، الأشراف (3/33) .(2/159)
650 - (م) النعمان بن بشير - رضي الله عنه -: قال: كنتُ عند [ص:161] مِنْبَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ: ما أبالي أن لا أعمل عَملاً بعد الإسلام، إِلا أنْ أسْقيَ الحاجَّ، وقال آخر: ما أُبالي أنْ لا أعملَ عملاً بعد الإسلام، إِلاَّ أنْ أَعْمُرَ المسجدَ الحرام، وقال آخر: والجهادُ في سبيل الله أَفْضَلُ مِما قُلتم، فزجَرَهم عُمَرُ، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند مِنْبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومُ الجُمُعةِ ولكن إذا صليتُ الجمعةَ دخلتُ فاستَفْتَيْتُه فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ باللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ} إلى آخرها [التوبة: 19] . أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (1879) في الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم في الجهاد (2: 5) عن الحسن الحلواني عن أبي توبة الربيع بن نافع، و (2/6) عن عبد الله بن عبد الرحمن عن يحيى بن حسان كلاهما عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام، تحفة الأشراف (9/29) .(2/160)
651 - (ت) عدي بن حاتم [الطائي]- رضي الله عنه -: قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وفي عُنُقي صليبٌ من ذهبٍ، فقال: يا عديُّ، اْطرَحْ عنك هذا الوثَنَ، وسمعته يقرأُ {اتَّخَذوا أَحْبارَهم ورُهبانَهم أرباباً من دون اللَّه} [التوبة: 31] قال: إِنَّهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنَّهم كانوا إذا أَحَلُّوا لهم شيئاً اسْتَحَلُّوهُ، وإذا حَرَّمُوا عليهم شيئاً حَرَّمُوهُْ. أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الوثن) : ما يعبد من دون الله تعالى، وأراد به ها هنا الصليب. [ص:162]
(أحبارهم) الأحبار: جمع حَبْر، وهو العالم.
__________
(1) رقم (3094) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأخرجه ابن جرير رقم (16631) و (16632) و (16633) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 230 وزاد نسبته لابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في سننه. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. نقول: لكن في الباب عن حذيفة موقوفاً أخرجه الطبري رقم (16634) وبما يتقوى به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3095) قال: حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث.(2/161)
652 - (خ) زيد بن وهب -رحمه الله -: قال: مررتُ بالرَّبَذَةِ، فإذا بأبي ذَرٍّ، فقلت له: ما أنزَلكَ منزِلك هذا؟ قال: كنتُ بالشام، فاختلفتُ أنا ومعاويةُ في هذه الآية: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّه فَبشِّرْهُمْ بعذابٍ أليمٍ} [التوبة: 34] فقال [معاوية] : نزَلتْ في أهل الكتاب، فقلتُ: نزلتْ فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فَكَتبَ إلى عثمان يَشكُوني، فكتَب إليَّ عثمانُ: أنْ اقدَم المدينةَ، فقدِمْتُها فكثُر عليَّ الناسُ، حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرتُ ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئتَ تنحَّيت (1) ، فكنتُ قريباً، فذاك الذي أنزلني هذا المنزِلَ ولو أمَّرُوا عليَّ حَبشيّاً لَسَمِعْتُ وأَطَعْتُ. أخرجه البخاري (2) . [ص:163]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الربذة) : موضع قريب من المدينة.
(يكنزون) الكنز: الادخار والجمع. مصدر كنز المال يكنزه كنزاً.
__________
(1) في رواية الطبري، فقال لي: تنح قريباً، قلت: والله لن أدع ما كنت أقول.
(2) 3 / 217 و 218 في الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، وفي تفسير سورة براءة، باب {والذين يكنزون الذهب والفضة} ، وأخرجه الطبري رقم (16678) ، قال الحافظ في " الفتح ": وفي هذا الحديث من الفوائد: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة لاتفاق أبي ذر ومعاوية على أن الآية نزلت في أهل الكتاب. وفيه ملاطفة الأئمة للعلماء، فإن معاوية لم يجسر على الإنكار عليه، حتى كاتب من هو أعلى منه في أمره، وعثمان لم يحنق على أبي ذر، مع كونه كان مخالفاً له في تأويله. وفيه التحذير من الشقاق والخروج على الأئمة، والترغيب في الطاعة لأولي الأمر، وأمر الأفضل بطاعة المفضول خشية المفسدة، وجواز الاختلاف في الاجتهاد، والأخذ بالشدة في الأمر بالمعروف وإن أدى ذلك إلى فراق الوطن، وتقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة، لأن في بقاء أبي ذر بالمدينة مصلحة كبيرة من بث علمه في طالب العلم، ومع ذلك فرجح عند عثمان دفع ما يتوقع من المفسدة من الأخذ بمذهبه الشديد في هذه المسألة، ولم يأمره بعد ذلك بالرجوع عنه، لأن كلاً منهما كان مجتهداً.
وقال ابن كثير رحمه الله 4 / 157، 158: وكان من مذهب أبي ذر رضي الله عنه، تحريم ادخار [ص:163] ما زاد على نفقة العيال، وكان يفتي بذلك ويحثهم عليه، ويأمرهم به، ويغلظ في خلافه، فنهاه معاوية فلم ينته، فخشي أن يضر بالناس في هذا، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان وأن يأخذه إليه، فاستقدمه عثمان إلى المدينة، وأنزله بالربذة وحده، وبها مات رضي الله عنه في خلافة عثمان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (2/133) قال حدثنا علي سمع هشيما، وفي (6/82) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جرير. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9/11916) عن محمد بن زنبور عن محمد ابن فضيل ثلاثتهم -هشيم، وقتيبة، وابن فضيل- عن حصين عن زيد بن وهب فذكره.(2/162)
653 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما نزلت هذه الآية: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ} كَبُرَ ذلك على المسلمين، فقال عمر: أَنا أُفَرِّجُ عنكم، فانطلق، فقال: يا نَبِيَّ اللهِ، إِنه كَبُرَ عَلى أَصحابك هذه الآية، فقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم] : «إِن الله لم يَفْرِض الزكاة إِلا لِيطيبَ ما بقي من أموالكم، وإنما فرضَ المواريثَ لتكون لمن بعدكم» ، فكبَّرَ عُمَرُ، ثم قال له: «ألا أُخْبرك بخير ما يَكْنِزُ المرءُ؟ المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سَرَّتْهُ، وإذا أمَرَهَا أطاعتْه، وإذا غاب عنها حفظتْه» . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (1664) في الزكاة، باب في حقوق المال، وإسناده حسن، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 333 وصححه، ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1664) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد فذكره.(2/163)
654 - (خ ط) ابن عمر [بن الخطاب]- رضي الله عنهما -: قال له أعرابيٌّ: أخبرني عن قول الله- تعالى -: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بعذابٍ أليم} قال ابن عمر: مَنْ كَنَزها فلم يُؤَدِّ زكاتها [ص:164] ويلٌ له، هذا كان قبلَ أن تَنْزِل الزكاةُ، فلما أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا الله طُهْراً للأمْوالِ. أخرجه البخاري.
وفي رواية الموطأ، قال عبد الله بن دينارٍ: سمعتُ عبد الله بن عمر وهو يُسأَل عن الكنز ما هو؟ فقال: هو المال الذي لا تُؤدَّى منهُ الزكاةُ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ويل له) دعاء عليه بالعذاب، وقيل: ويل: واد في جنهم.
__________
(1) البخاري 3 / 216 في الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، وفي تفسير سورة براءة، باب قوله: {والذين يكنزون الذهب والفضة} ، والموطأ 1 / 156 في الزكاة، باب ما جاء في الكنز.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في الزكاة (4 تعليقا) وفي التفسير (9: 7 تعليقا) وقال أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس عن الزهري، وابن ماجة في الزكاة (3: 1) عن عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري نحوه.(2/163)
655 - (ت) ثوبانُ - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّه} كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أُنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا: أيُّ المالِ خيرٌ اتخذناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلهُ: لِسانٌ ذَاكرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ صالحةٌ تُعين المؤمِنَ على إيمانه» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3093) في التفسير، باب ومن سورة براءة، من طريق سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، وقال: حديث حسن، وقال: سألت محمد بن إسماعيل، فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا. قلت له: ممن سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سمع من جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك. وذكر غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " تهذيب التهذيب " في ترجمة سالم بن أبي الجعد: وقال الذهلي عن أحمد: لم يسمع سالم من ثوبان ولم يلقه، بينهما معدان بن أبي [ص:165] طلحة، وليست هذه الأحاديث بصحاح. وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " 5 / 278 و 282، والطبري رقم (16662) و (16666) ، وقال الحافظ ابن كثير بعد إيراده ونقل كلام الترمذي: قلت: ولهذا رواه بعضهم عنه مرسلاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الترمذي في التفسير (التوبة 9: 12) عن عبد بن حميد، عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عنه به، وقال: حسن، سألت محمدا فقلت: سمع سالم من ثوبان، فقال: لا. وابن ماجة في النكاح (5: 2) عن محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمس عن وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه نحوه، تحفة الأشراف (2/130) .(2/164)
656 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال:: {لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذين يؤمنون باللَّه واليوم الآخر أن يُجاهدوا بأموالهم وأَنفسهم والله عليمٌ بالمتَّقين} [التوبة: 44] ، نَسَخَتْها التي في النُّورِ: {إنما المؤمنون الذين آمنوا باللَّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إِن الذين يستأذنونك أَولئك الذين يؤمنون باللَّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعضِ شأنهم فائْذَنْ لمن شئتَ منهم واستغفر لهم اللَّه إِن اللَّه غفور رحيم} [النور: 62] . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2771) في الجهاد، باب في الإذن في القفول بعد النهي، بإسناد لا بأس به، وأخرجه بنحوه ابن جرير رقم (16769) ، وذكره السيوطي في " الدر " 3 / 247 ونسبه إلى أبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي، ولم ينسبه إلى أبي داود وابن جرير، ونقل ابن الجوزي في " زاد المسير " 4 / 446 طبع المكتب الإسلامي، عن أبي سليمان الدمشقي: أنه ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لما يعرض لهم من حاجة، وكان المنافقون إذا كانوا معه، فعرضت لهم حاجة ذهبوا من غير استئذان. وانظر " تفسير الطبري " 14 / 274، 276 و " الناسخ والمنسوخ " ص 168، 169 لأبي جعفر النحاس.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أبو داود في الجهاد (171) الحديث عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد بن أبي سعيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس فذكره، تحفة الأشراف (5/176) .(2/165)
657 - (خ م س) أبو مسعود البدري [عقبة بن عامر]- رضي الله عنه - قال: لما نزلت آيةُ الصَّدَقِة، كُنَّا نُحامِلُ على ظهورنا، فجاء رجل فتصدَّق بشيءٍ كثير (1) ، فقالوا: مُرَاءٍ، وجاء رجل فتصدق بِصَاعٍ، فقالوا: [ص:166] إِن الله لَغَنِيٌّ عن صاع هذا، فنزلت {الذين يَلْمِزُون المطَّوِّعِينَ من المؤمنين في الصدقات والذين لا يَجِدُونَ إلّا جُهْدَهُمْ ... } الآية [التوبة: 79] .
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَرَنا بالصدقة انْطَلَقَ أحَدُنا إلى السُّوق، فَيُحَامِلُ، فَيُصيبُ المُدَّ، وإنَّ لبعضهم اليومَ لَمِائَةَ ألفٍ.
زاد في رواية: كأنَّهُ يُعَرِّضُ بنفسه (2) .
وفي أخرى: لمَّا أَمر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة كُنَّا نَتَحَامَلُ، فجاء أبو عَقيلٍ بِنصْفِ صاعٍ، وجاء إنسانٌ بأَكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغنيٌّ عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخرُ إلا رياء، فنزلت. أخرجه البخاري ومسلم والنسائي. [ص:167]
وزاد النسائي بعد قوله: لِمَائَةَ ألفٍ: وما كان له [يومئذ] دِرْهَمٌ (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نُحَامِلُ) بمعنى الحمل، أي: نتكلف الحمل، وكذلك التحامل: تكلف الشيء على مشقة.
(بصاع) قد تقدم ذكره في هذا الكتاب.
(اللمز) : العيب
(المطوعين) المطَّوِّع: المتطوع: وهو الذي يفعل الشيء تبرعاً من نفسه، من غير أن يجبر عليه، فأدغمت التاء في الطاء.
(جهدهم) الجهد: بضم الجيم: الطاقة والوسع.
(المد) : قد تقدم ذكره.
__________
(1) هو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ذكره الحافظ في " الفتح " من رواية البزار.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: كأنه يعرض بنفسه،
هو كلام شقيق الراوي عن أبي مسعود، بيّنه إسحاق ابن راهويه في مسنده، وهو الذي أخرجه البخاري عنه، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن إسحاق، فقال في آخره " وإن لأحدهم اليوم لمائة ألف "، قال شقيق: " كأنه يعرض بنفسه "، وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر، وزاد في آخر الحديث: قال الأعمش: وكان أبو مسعود قد كثر ماله.
قال ابن بطال: يريد أنهم كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يتصدقون بما يجدون، وهؤلاء مكثرون ولا يتصدقون، كذا قال، وهو بعيد.
وقال الزين بن المنير: مراده: أنهم كانوا يتصدقون مع قلة الشيء، ويتكلفون ذلك، ثم وسع الله عليهم فصاروا يتصدقون من يسر، ومع عدم خشية عسر.
قلت (القائل ابن حجر) : ويحتمل أن يكون مراده: أن الحرص على الصدقة الآن لسهولة مأخذها بالتوسع الذي وسع عليهم، أولى من الحرص عليها مع تكلفهم، أو أراد: الإشارة إلى ضيق العيش في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لقلة ما وقع من الفتوح والغنائم في زمانه، وإلى سعة عيشهم بعده لكثرة الفتوح والغنائم.
(3) البخاري 6 / 224 في الزكاة، باب " اتقوا النار ولو بشق تمرة، وفي الإجارة، باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، وفي تفسير سورة براءة، باب {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين} ، ومسلم رقم (1018) في الزكاة، باب الحمل أجرة يتصدق بها، والنسائي 5 / 59 و 60 في الزكاة، باب جهد المقل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (2/136) قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو النعمان الحكم، هو ابن عبد الله البصري. وفي (6/84) قال: حدثني بشر بن خالد أبو محمد، قال: أخبرنا محمد بن جعفر. و «مسلم» (3/88) قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا غندر ح وحدثنيه بشر بن خالد، قال: أخبرنا محمد، يعني ابن جعفر. (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثني سعيد بن الربيع (ح) وحدثنيه إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا أبو داود. و «النسائي» (5/59) قال: أخبرنا بشر بن خالد، قال: حدثنا غندر.
أربعتهم - أبو النعمان، ومحمد بن جعفر غندر، وسعيد بن الربيع، وأبو داود- عن شعبة، عن سليمان الأعمش، عن شقيق أبي وائل، فذكره.(2/165)
658 - (خ م س) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: لمَّا تُوُفِّيَ عبدُ الله يعني: ابنَ أُبَيّ بن سَلُولَ (1) جاء ابنُه عبد الله [ص:168] إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2) ، فسأله أنْ يُعْطِيَهُ قميصَهُ يُكَفِّنُ فيه أباه؟ فأعطاه، ثم سأله أَن يُصلِّيَ عليه؟ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّيَ عليه، فقام عمرُ، فأخَذَ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تُصلِّي عليه وقد نهاكَ ربُّك أَن تُصليَ عليه (3) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خَيَّرني الله عز وجل، فقال: {استغفِرْ لهم أَو لا تَسْتَغْفِرْ لهم إِن تستغفر لهم سبعين مَرَّةً} [التوبة: 80] وسأَزيد على السبعين، قال: إنه منافق، فصَلَّى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (4) قال: [ص:169] فأنزل الله عز وجل {ولا تُصلِّ على أحدٍ منهم ماتَ أبداً ولا تَقُمْ على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84] .
زاد في رواية: فترك الصلاة عليهم.
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (5) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: ذكر الواقدي، ثم الحاكم في " الإكليل ": أن عبد الله بن أبي مات بعد منصرفهم من تبوك، وذلك في ذي القعدة سنة تسع، وكانت مدة مرضه عشرين يوماً، ابتداؤها من ليال بقيت من شوال، قالوا: وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك، وفيهم نزلت: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً} [التوبة: 47] وهذا يدفع قول ابن التين: أن هذه القصة كانت في أول الإسلام قبل تقرير الأحكام.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: وقع في الطبري من طريق الشعبي " لما احتضر عبد الله، جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إن أبي قد احتضر، فأحب أن تشهده وتصلي عليه. قال: ما اسمك؟ قال: الحباب. قال: بل أنت عبد الله الحباب: اسم الشيطان. وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي: من خيار الصحابة وفضلائهم، شهد بدراً وما بعدها. واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
(3) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 252: كذا في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة، وقد استشكل جداً حتى أقدم بعضهم، فقال: هذا وهم من بعض رواته. وعاكسه غيره، فزعم أن عمر اطلع على نهي خاص في ذلك. وقال القرطبي: لعل ذلك وقع في خاطر عمر، فيكون من قبيل الإلهام، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} .
قلت: - القائل الحافظ - القول الثاني - يعني ما قاله القرطبي - أقرب من الأول، لأنه لم يتقدم النهي عن الصلاة على المنافقين، بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث: فأنزل الله {ولا تصل على أحد منهم} ، والذي يظهر: أن في رواية الباب تجوزاً، بينته الرواية التي في الباب بعده من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ: " فقال: تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم؟ ".
(4) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 253: أما جزم عمر بأنه منافق، فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله، وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله، وصلى عليه، إجراءاً له على ظاهر حكم الإسلام، كما تقدم تقريره، واستصحاباً لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده، الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الإستئلاف لقومه، ودفع المفسدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يصبر على أذى المشركين، ويعفو ويصفح، ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الإسلام ولو [ص:169] كان باطنه على خلاف ذلك، لمصلحة الإستئلاف وعدم التنفير، ولذلك قال: " لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه " فلما حصل الفتح، ودخل المشركون في الإسلام، وقل أهل الكفر وذلوا، أمر بمجاهدة المنافقين، وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهدتهم، وبهذا التقدير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى.
(5) البخاري 3 / 110 في الجنائز، باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف، وفي تفسير سورة التوبة، باب {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ، وباب {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً} ، وفي اللباس، باب لبس القميص، ومسلم رقم (2400) في فضائل الصحابة، باب فضائل عمر، ورقم (2774) في صفات المنافقين وأحكامهم، والنسائي 4 / 67 و 68 في الجنائز، باب الصلاة على المنافقين. وقد توسع الحافظ في " الفتح " 8 /255، 257 في الكلام على هذا الحديث فانظره فيه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1- أخرجه أحمد (2/18) (4680) . و «البخاري» (2/96) قال: حدثنا مسدد. وفي (7/185) قال: حدثنا صدقة. و «مسلم» (7/116) و (8/120) قال: حدثنا محمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، و «ابن ماجة» (1523) قال: حدثنا أبو بشر، بكر بن خلف. و «الترمذي» (3098) قال: حدثنا محمد ابن بشار. و «النسائى» (4/36) قال: أخبرنا عمرو بن علي. ثمانيتهم-أحمد بن حنبل، ومسدد، وصدقة ابن الفضل، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، وبكر بن خلف، ومحمد بن بشار، وعمرو بن علي- عن يحيى بن سعيد القطان.
2-وأخرجه البخاري (6/85) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. و «مسلم» (7/116) و (8/120) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما -عبيد بن إسماعيل، وأبو بكر بن أبي شيبة- عن أبي أسامة.
3-وأخرجه البخاري (6/86) قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا أنس بن عياض.
ثلاثتهم - يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة، وأنس بن عياض- عن عبيد الله، قال: حدثني نافع، فذكره.
* في رواية صدقة بن الفضل، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، وعمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، زادوا: «فترك الصلاة عليهم» .(2/167)
659 - (خ ت س - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-) : قال: لمَّا مَاتَ عبدُ اللهِ بن أُبيِّ بن سَلول (1) ودُعيَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ عليه، فلما قامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِليه، فقلتُ: يا رسولَ الله، أَتُصلِّي على ابن أُبَيٍّ وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ ! أُعَدِّدُ عليه قولَهُ، فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقال: أَخِّرْ عَني يا عُمَرُ، فلما أَكْثَرْتُ عليه، قال: أما إني خُيِّرْتُ، فاخترتُ، لو أَعلمُ أَني إن زدتُ على السبعين يُغْفرْ له، لَزِدْتُ عليها، [ص:170] قال: فصلىَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انْصرَفَ، فلم يَمكُثْ إِلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة {ولا تُصَلِّ على أحدٍ منهم ماتَ أَبداً ولا تقم على قبره إِنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} قال: فعجبتُ بعدُ من جُرْأَتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، والله ورسولُهُ أعلم (2) . أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي.
وزاد الترمذي: فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قَبضَهُ اللهُ (3) .
__________
(1) سلول: بفتح المهملة وضم اللام وسكون الواو بعدها لام - هو اسم امرأة، وهي والدة عبد الله، وأبوه: أبي، وهي خزاعية، وأما هو فمن الخزرج إحدى قبيلتي الأنصار.
(2) ظاهره: أنه قول عمر، ويحتمل أن يكون من قول ابن عباس رضي الله عنهما. قاله الحافظ.
(3) البخاري 3 / 181 في الجنائز، باب ما يكره من الصلاة على المنافقين، وفي تفسير سورة براءة، باب {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ، والترمذي رقم (3096) في التفسير، باب ومن سورة براءة، والنسائي 4 / 68 في الجنائز، باب الصلاة على المنافقين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/16) (95) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. و «عبد بن حميد» (19) قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق. و «البخاري» (2/121) وفي (6/85) قال: حدثني يحيى بن بكير، قال: حدثني الليث، عن عقيل. و «الترمذي» (3097) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق. و «النسائي» (4/67) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا حجين بن المثنى، قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10509) عن محمد بن عبد الله بن عمار ومحمد ابن رافع، عن حجين، عن الليث عن عقيل.
كلاهما -ابن إسحاق، وعقيل- عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، فذكره.(2/169)
660 - (ت د) - أبو هريرة- رضي الله عنه-: قال: نزلت هذه الآية في أَهل قُباءَ {فيه رجالٌ يُحبُّونَ أَن يَتطَهروا والله يُحبُّ المُطَّهِّرين} [التوبة: 108] قال: كانوا يَسْتَنجُونَ بالماء، فنزلت هذه الآية فيهم. أَخرجه الترمذي وأَبو داود (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3099) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأبو داود رقم (44) في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء، وضعفه الحافظ في " التلخيص" 1 / 112 وقال: وروى أحمد وابن خزيمة والطبراني والحاكم عن عويم بن ساعدة نحوه، وأخرجه الحاكم من طريق مجاهد عن ابن عباس، لما نزلت الآية بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة، فقال: ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ قال: ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره، فقال عليه السلام: هو هذا، وأخرج [ص:171] بنحوه ابن ماجة رقم (355) في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من حديث عتبة بن أبي حكيم، عن طلحة بن نافع، قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، قال الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " 1 / 219: وسنده حسن، وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 234 وصححه. ورواه أحمد 6 / 6 وابن أبي شيبة من حديث محمد بن عبد الله بن سلام، وحكى أبو نعيم في " معرفة الصحابة " الخلاف فيه على شهر بن حوشب، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة. نقول: وهذه شواهد يشد بعضها بعضاً، فيقوى الحديث بها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/99) (771) قاك: حدثنا يحيى بن آدم، وفي (1/130) (1085) قال: حدثنا وكيع. وحدثنا عبد الرحمن. و «الترمذي» (3101) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، و «النسائي» (4/91) قال: أخبرنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا عدالرحمن.
ثلاثتهم يحيى بن آدم، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، فذكره.(2/170)
661 - (ت س) - علي بن أَبي طالب -رضي الله عنه -:قال: سمعت رَجُلاً يستغْفِرُ لأبوْيهِ وهما مشركانِ، فقلتُ له: أَتستغْفِرُ لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفرَ إِبراهيمُ لأَبيه وهو مشرك، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت {ما كان لِلنَّبِيِّ والَّذِين آمنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكينَ} [التوبة: 113] أخرجه النسائي والترمذي (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3100) في التفسير، باب ومن سورة براءة، والنسائي 4 / 91 في الجنائز، باب النهي عن الاستغفار للمشركين.
وقال الترمذي: حديث حسن، وفي الباب عن سعيد بن المسيب عن أبيه. اهـ.
وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه أخرجه أحمد 5 / 433 والبخاري 3 / 176، 177 و 8 / 258 و 389، ومسلم رقم (24) في الإيمان " أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: أي عم، قل: " لا إله إلا الله " أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} . اهـ.(2/171)
662 - (خ م ت د س) ابن شهاب الزهري-رحمه الله -: قال: أخْبَرَني [ص:172] عبد الرحمن بنُ عبد الله بن كعب بن مالِكٍ: أنَّ عبدَ الله بن كَعْبٍ، كان قائدَ كعبٍ من بنيه حين عَمِيَ - قال: وكان أعلمَ قومه وأوعاُهم لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ يُحدِّثُ حديثَهُ حين تَخَلَّفَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غَزْوةِ تَبُوكَ، قال كعبٌ: لم أتخلَّفُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قَطُّ إِلا في غزوة تبوك، غير أنِّي تخلَّفتُ في غزوة بَدْرٍ، ولم يُعاتِبْ أحداً تَخلَّفَ عنها، إِنما خرجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عِيرَ قُرَيْشِ، حتى جَمَع الله بينهم وبين عَدُوِّهمْ على غير ميعادٍ، ولقد شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العَقَبة (1) ، حين تواثَقْنَا (2) على الإِسلام، وما أُحِبُّ أَنَّ لي بها (3) مَشْهَدَ بَدْرٍ وإن كانت بدرٌ أذْكَرَ في الناس منها، وكان مِنْ خَبَري حين تخَلَّفْتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أقوَى، ولا أيْسرَ منِّي حين تَخَلَّفْتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوةِ، واللهِ ما جمعتُ قَبْلَها راحلتين قَطُّ، حتى جَمَعْتُهُما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسولُ الله [ص:173] صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شَديدٍ، واستقْبَلَ سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عَدُوّاً كثيراً فَجَلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهَّبوا أُهْبَةَ (4) غزوهم، وأخبرهم بوجْهِهم الذي يريدُ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير (5) لا يجمعهم كتابُ حافظٍ - يريد بذلك الديوانَ (6) - قال كعبٌ: فقلَّ رجل يريد أن يَتَغَيَّبَ، إلا ظَنَّ أنَّ ذلك سَيَخْفى ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمارُ والظِّلالُ، فأنا إِليها أصعَرُ، فتهجر (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطَفِقْتُ أغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ معهم، فأرجعُ ولم أَقضِ شيئاً، وأقول في نفسي: أَنا قادرٌ على ذلك إِذا أردتُ، فلم يزل ذلك يتمادَى بي، حتى استمرَّ بالناس الجِدُّ، فأَصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادِياً، والمسلمون معه، ولم أقضِ من جَهازي شيئاً، ثم غدوتُ فرجعتُ، ولم أقض شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى [بي] حتى أسرعوا، وتفارطَ الغزوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فأُدْرِكَهُمْ، فيا ليتني فَعَلْتُ، ثم لم يُقدَّر ذلك لي، فَطَفِقْتُ إِذا خرجت في الناس - بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحْزُنُني أني لا أرى لي أُسْوَة، إِلا رجلاً مغموصاً عليه في النِّفاق، أَو [ص:174] رجلاً ممن عذَرَ اللهُ من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغَ تبوكاً (8) فقال وهو جالس في القوم بتبوك: «ما فعل كعبُ بن مالك؟» ، فقال رجل من بني سَلِمَةَ: يا رسول الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ، فقال له معاذ بن جَبَل: بِئْسَ ما قُلْتَ (9) ، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إِلا خيراً، فسكتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك رأى رجُلاً مُبَيِّضاً (10) يَزُول به السَّرابُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُنْ أَبا خَيثَمَة (11) » ، فإِذا هُوَ أبو خَيثمةَ الأنصاريُّ، وهو الذي تصدَّق بصاعِ التمرِ حين لمزَه المنافقون، قال كعبٌ: فلما بلغني أَن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد توَجَّه قافِلاً من تبوك، حضرني بَثِّي، فطفقتُ أَتذكَّرُ الكذبَ، وأَقول: بم أَخرجُ من سَخَطِهِ غداً؟ وأستعينُ على ذلك [ص:175] بكلِّ ذي رأيٍ من أَهلي، فلما قيل: إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد أَظَلَّ قادماً، زاحَ عنِّي الباطِلُ، حتى عرفتُ أني لن أَنجوَ منه بشيءٍ أبداً، فأجمعْتُ صِدْقَهُ (12) ، وَصَبَّحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إِذا قَدِمَ من سفرٍ بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناسِ، فلَمَّا فَعل ذلك جاءهُ المُخَلَّفُونَ، فطَفِقُوا يعتذرون إِليه، ويحلفون له، وكانوا بِضعة وثمانين رجُلاً، فقَبِلَ منهم عَلانيتَهم، وبايَعهم، واستغفر لهم، ووَكَل سرائرهم إِلى الله، حتى جئتُ، فلمَّا سلَّمتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّم المُغْضَبِ، ثم قال: «تعالَ» ، فجئتُ أَمْشي، حتى جَلَسْتُ بين يديْهِ، فقال لي: «ما خَلَّفَكَ؟ ألم تكن قدِ ابتعتَ ظَهرَكَ؟» قلتُ: يا رسول الله، إِنِّي - واللهِ- لو جلستُ عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيتُ أَنِّي سأخرُجُ من سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، لقد أُعطِيتُ جَدَلاً، ولكني -والله- لقد علمتُ لَئنْ حَدَّثْتُك اليومَ حَديثَ كذِبٍ ترضى به عني، ليوشكنَّ اللهُ أن يُسخِطَكَ عليَّ، ولئَن حَدَّثتُكَ حديثَ صِدقٍ تَجِدُ عليَّ فيه، إِني لأرجو فيه عُقْبى الله عز وجل - وفي رواية: عفو الله -[والله] ما كان لي من عُذْرٍ، والله ما كنتُ قَطُّ أَقْوَى ولا أيْسرَ منِّي حين تَخَلَّفْتُ عنك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا هَذا فقد صدق، فَقُمْ حتى يَقْضيَ اللهُ فيك» ، فقمتُ، وثارَ رجالٌ من بني سَلِمةَ، فاتَّبعوني، فقالوا لي: واللهِ ما علمناكَ أَذنبتَ ذنباً قَبلَ هذا، لقد عَجَزتَ في أن لا تكونَ اعتَذَرْتَ [ص:176] إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذَرَ إِليه المُخَلَّفون، فقد كان كافِيَكَ (13) ذَنْبَكَ استغفارُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لك، قال: فَوَ الله ما زالوا يُؤنِّبُونَني حتى أردتُ أَنْ أرجعَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُكَذِّبُ نَفسي، قال: ثم قُلتُ لهم: هل لَقِي هذا مَعي من أحَدٍ؟ قالوا: نعم، لَقِيهُ مَعَكَ رَجُلانِ، قالا مِثلَ ما قُلتَ، وقيل لهما مثلَ ما قِيلَ لكَ، قال: قلتُ: مَن هما؟ قالوا: مُرارةُ بن الرَّبيع العامِريُّ (14) ، وهِلالُ ابنُ أُمَيَّة الواقِفيُّ (15) ، قال: فذكروا لي رجُلين صالحَيْنِ قد شَهِدا بَدراً، ففيهما أُسْوَةٌ، قال: فمضيتُ حين ذكروهما لي، قال: ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أَيُّها الثلاثةُ (16) من بينِ من تَخَلَّفَ عنه، قال: فَاجْتَنَبَنَا [ص:177] الناسُ - أو قال: تغيَّرُوا لنا - حتى تنكَّرَتْ ليَ في نفسي الأرضُ، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبِثْنَا على ذلك خمسين ليلة، فأمَّا صاحِبايَ فاستكانا، وقَعَدَا في بيوتهما يَبكيان، وأَما أَنا فكنتُ أَشَبَّ القومِ وأَجلَدَهُمْ، فكنتُ أخرُجُ، فأَشهَدُ الصلاةَ، وأطوفُ في الأسواق، فلا يكلِّمُني أحدٌ، وآتِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُسَلِّمُ عليه - وهو في مجلِسِهِ - بعدَ الصلاةِ، فأقولُ في نفسي: هل حرَّكَ شَفَتَيْهِ بِردِّ السلام، أمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قريباً منه، وأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فإِذا أَقْبَلْتُ على صَلاتِي نَظَرَ إِليَّ، وإِذا الْتَفَتُّ نحوه أَعْرَضَ عنّي، حتى إِذا طَالَ عليَّ ذلكَ مِن جَفْوَةِ المُسلمينَ، مَشَيْتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدارَ حائِطِ أَبي قتادة - وهو ابنُ عَمِّي، وأحَبُّ النَّاس إِليَّ - فسلَّمْتُ عليه، فو اللهِ ما رَدَّ عليَّ السلام، فقُلْتُ له: يا أَبَا قتادة، أَنشُدُكَ بالله، هل تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ ورَسولَه؟ قال: فسكتَ، فعُدتُ فناشَدْتُهُ، فسكتَ، فعدتُ فناشدْتُهُ، فقال: اللهُ ورسولُهُ أعلم (17) ، ففاضت عَيْنَايَ، وتوَّليتُ حتى تَسوَّرتُ الجدارَ، فبينا أَنا أَمْشي في سُوقِ المدينة، إِذا نَبَطِيٌّ من نَبَطِ أَهل الشام (18) ، مِمَّنْ قَدِمَ بِطعامٍ يبيعه بالمدينةِ، يقول: مَنْ يَدَلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ؟ قال: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشيرونَ له إِليَّ، حتى جاءني، فدفعَ إِليَّ كتاباً من ملك غسانَ، وكنتُ كاتباً، فقرأتُهُ، فإِذا فيه: [ص:178] أَما بعد، فإِنَّهُ قد بلغنا أن صاحبك قد جَفاك، ولم يجعلك اللهُ بدارِ هوانٍ، ولا مَضيَعةٍ، فالْحَقْ بنا نُوَاسِكَ (19) ، قال: فقلتُ حين قرأتُها (20) : وهذه أَيضاً من البلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بها التَّنُّورَ، فسَجَرْتُها، حتى إِذا مَضتْ أَربعون من الخمسين، واسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، فَإِذا رسولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: «إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يأمْرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امرأَتكَ» ، قال: فقلتُ: أُطَلِّقُها، أمْ ماذا أفعلُ؟ قال: «لا، بل اعتَزِلها فلا تقرَبَنَّها» ، قال: وأَرسل إِلى صَاحِبيَّ بمثل ذلك، قال: فقلتُ لامرأتي: الْحَقِي بأَهلِك، فكوني عندهم حتى يَقْضِيَ اللهُ في هذا الأمرِ، قال: فجاءَتْ امرأةُ هلال بنِ أُميةَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إِنَّ هِلالَ بن أُمَيَّةَ شيخٌ ضائِعٌ، ليس له خادمٌ، فهل تكرهُ أَن أَخْدُمَه؟ قال: «لا، ولكن لا يَقْرَبنَّكِ» ، فقالت: إِنَّهُ واللهِ ما به حَرَكةٌ إِلى شيءٍ، ووَاللهِ ما زال يبكي، منذُ كان من أَمرِهِ ما كان إِلى يومه هذا، قال: فقال لي بعْضُ أَهلي: لو اسْتَأْذَنتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في امرأَتِكَ، فقد أذِنَ لامْرَأةِ هلالِ بن أُمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَه؟ قال: فقلتُ: لا أَسْتَأْذِن فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وما يُدْريني ما يقولُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا استأذْنتُهُ فيها، وأنا رجلٌ شابٌّ؟ قال: فَلبِثْتُ بذلك عَشْرَ ليالٍ، فكَمُل لنا خمسونَ ليلة من حين نُهي عن كلامنا، قال: [ص:179] ثم صليتُ صلاةَ الفجر صَبَاحَ خمسين ليلة، على ظَهْرِ بيتٍ من بُيُوتنا، فَبَيْنما أنا جالسٌ على الحالِ التي ذكرَ اللهُ عز وجل منَّا: قد ضاقَتْ عَليَّ نَفْسي، وضاقَتْ عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ، سمعتُ صوتَ صارخٍ أَوْفَى على سَلْعٍ (21) يقول بأعلى صوتِهِ: يا كَعْبَ بنَ مالِكٍ، أَبْشِرْ، قال: فَخَرَرْتُ ساجداً، وعلمتُ أَنْ قد جاءَ فَرَجٌ، قال: وآذَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتوبَةِ اللهِ علينا حين صلَّى صلاةَ الفجر، فذهب النَّاسُ يُبَشِّرُونَنا، فذهبَ قِبَلَ صاحِبيَّ مُبَشِّرون، وركَضَ رَجلٌ إِليَّ فرساً، وسعَى ساعٍ من أَسْلَمَ قِبَلي، وأوْفَى على الجبل، وكانَ الصوتُ أَسرعَ من الفرسِ، فلما جاءني الذي سمعتُ صوتَهُ يُبَشِّرُني، نَزَعتُ له ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُما إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، والله ما أَمْلِكُ غيرَهُما يومئذٍ، واستَعَرْتُ ثوبين فلَبِسْتُهُما، وانْطَلَقْتُ أَتَأمَّمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يَتَلَقَّاني النَّاسُ فَوْجاً فَوْجاً، يُهَنِّؤوني بالتَّوْبةِ، ويقولون: لِتَهْنِئْكَ توبةُ الله عليك، حتَّى دخلتُ المسجد، فإِذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَوْلَهُ النَّاسُ، فقام طَلْحَةُ بنُ عُبيْدِ اللهِ (22) يُهَرْوِلُ، حتى صافَحَني وهَنَّأَنِي، والله ما قام رجلٌ من المهاجرين غيرُهُ، قال: فكان كعبٌ لا يَنْسَاها لِطَلْحةَ، قال كعبٌ: فلما سلَّمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وهو يَبْرُقُ وجْهُهُ من السرور -: «أَبْشِر بِخَيْرِ يومٍ مرَّ عليك منذُ وَلَدتْكَ أُمُّكَ» [ص:180]، قال: فقلتُ: أمِن عندِكَ يا رسولَ اللهِ، أَم من عنْدِ الله؟ فقال: «بلْ مِن عِنْدِ اللهِ» ، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا سُرَّ اسْتَنَارَ وجهُهُ، حتى كأنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمرٍ، قال: وكُنَّا نَعْرِفُ ذلك، قال: فلمَّا جلستُ بين يديه، قلتُ: يا رسولَ الله، إِنَّ من تَوْبَتي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مالي صَدَقَة إِلى الله وإِلى رسول الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكْ بعْضَ مَالِكَ، فهو خيرٌ لك» ، قال: فقلتُ: فإني أُمْسِكُ سَهْمي الذي بِخَيْبَرَ، قال: وقلت: يا رسول الله، إِن الله إِنَّمَا أَنجاني بالصِّدق، وإِن من توبتي أَن لا أُحَدِّثُ إِلا صِدْقاً ما بَقِيتُ، قال: فوالله ما علمتُ أَحداً من المسلمين أَبْلاهُ الله في صِدق الحديث منذُ ذكرْتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مما أبلاني الله (23) ، وَوَاللهِ ما تَعَمَّدْتُ كَذْبَة مُنْذُ قلت ذلك لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلى يومي هذا، وإِني لأرْجو أن يَحْفَظَنِيَ اللهُ فيما بَقِيَ، قال: فأنزل الله عز وجل: {لَقَد تابَ اللهُ على النبيِّ والمُهَاجرينَ والأَنصارِ الذينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ العُسْرَةِ مِن بعدِ ما كَادَ يَزِيغُ قُلوبُ فريق منهم ثم تابَ عليهم إِنَّهُ بهم رؤوفٌ رَحيمٌ. وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا حتى إِذَا ضَاقَتْ عليهمُ الأرضُ بِمَا رَحُبَتْ وضاقَتْ عليهم أَنفُسُهُم وظنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِليه ثم تابَ عليهم ليتوبوا إِنَّ اللهَ هو التَّوابُ الرحيم. يا أيُّها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 117 - 119] ، قال كعبٌ: واللهِ ما أَنعمَ اللهُ عليَّ [ص:181] من نِعْمَةٍ قَطُّ - بعدَ إِذْ هداني للإِسلام - أعْظَمَ في نفسي من صِدْقِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أَنْ لا أكونَ (24) كَذَبْتُهُ فأهْلِكَ كما هَلَكَ الذين كَذَبُوا، إِنَّ اللهَ قال للذينَ كَذَبوا حين أَنْزَلَ الوْحيَ شَرَّ ما قال لأَحَدٍ، فقال الله: {سَيَحْلِفُونَ باللهِ لكم إِذا انقَلَبْتُم إِليهم لِتُعْرِضُوا عنهم فأَعْرِضُوا عنهم إِنَّهُم رِجْسٌ ومأْواهم جهنَّمُ جزاءً بِمَا كانوا يكسبون. يحلفون لكم لتَرْضَوْا عنهم فإِن تَرْضَوْا عنهم فَإِنَّ اللهَ لا يَرضَى عن القومِ الفاسقين} [التوبة: 95 - 96] ، قال كعب: كُنَّا خُلِّفْنا - أَيُّها الثلاثةَ - عن أمْرِ أُولئِكَ الذين قَبِلَ منهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين حَلفُوا له، فبايَعَهُم واستغفر لهم، وأَرجأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمْرَنا، حتى قَضَى اللهُ تعالى فيه بذلك، قال اللهُ عز وجل: {وَعلى الثلاثةِ الذين خُلِّفُوا} [التوبة: 118] ، وليس الذي ذُكِرَ مما خُلِّفْنا عن الغَزْو، وإِنَّمَا هو تَخْلِيفه إِيَّانا، وإِرجاؤه أَمْرَنا عَمَّن حَلَفَ له، واعتذر إِليه فَقَبِلَ منه.
وفي رواية: ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كلامي وكلام صاحبَيَّ، ولم يَنْهَ عن كلامِ أَحدٍ من المتخلِّفين غيرِنا، فاجْتَنَبَ الناسُ كلامَنَا، فَلَبِثْتُ كذلك، حتى طال عليَّ الأمْرُ، وما من شيءٍ أَهَمُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ، فلا يُصَلِّي عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو يموتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأَكون من النَّاسِ بتلكَ المنزلَةِ، فلا يكلِّمني أَحَدٌ [ص:182] منهم، ولا يُسَلِّمُ عليَّ، ولا يُصَلِّي عليَّ، قال: فأَنزل الله تَوْبَتنا على نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، حين بقي الثلثُ الأَخيرُ من الليل، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند أُمِّ سَلَمَةَ، وكانتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَة في شأني مَعْنيَّة (25) بأمري، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يا أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ على كَعْبٍ» ، قالت: أَفلا أُرْسِلُ إِليه فأُبَشِّرُهُ؟ قال: إِذاً يَحْطِمُكُمُ الناسُ، فيمنعونكم النوْمَ سائرَ الليْلِ، حتى إِذا صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر، آذَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتوبةِ الله علينا.
وفي رواية: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ يومَ الخميس في غزوة تبوك، وكان يحبُّ أن يخرجَ يومَ الخميس. وفي رواية طَرَفٌ من هذا الحديث، وفيها زيادة معنى: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَقْدَمُ من سَفَرٍ إِلا نهاراً في الضُّحَى، فإِذا قَدِمَ بدأَ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه. هذه روايات البخاري ومسلم (26) . [ص:183] وأَخرج الترمذي طَرَفاً من أوَّلِهِ قليلاً: ثم قال ... وذكر الحديث بطوله، ولم يذكر لفظه ... ثم أَعادَ ذِكْر دُخُولِ كعبٍ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المسجد، بعد نزول القرآن في شأنه ... إِلى آخر الحديث.
وأَخرجه أبو داود مُجْمَلاً، وهذا لفظُهُ: أَنَّ عبد الله بن كعبٍ - وكان قائدَ كعبٍ من بَنيه حين عَمِيَ - قال: سمعتُ كعبَ بن مالك - وذكر ابنُ السَّرحِ قِصَّةَ تَخَلُّفِهِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةِ تبوك - قال: ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيُّهَا الثلاثةُ، حتى إِذا طالَ عليَّ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حائط أبي قتادة - وهو ابنُ عَمي- فسلَّمتُ عليه، فو الله ما ردَّ عليَّ السلامَ - ثم ساق خبر تنزيل تَوْبته، هذا لفظ أبي داود. وأَخرج أيضاً منه فصلاً في كتاب الطلاق، وهذا لفظه: أنَّ عبد اللهِ بن كعب - وكان قائدَ كعب من بَنِيهِ حين عَميَ - قال: سمعتُ كعب بن مالك - وساق قصته في تبوك - قال: حتى إذا مَضَتْ أربعون من الخمسين إذا رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِيني، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأْمُركَ أن [ص:184] تعتزل امرأَتَك، قال: فقلتُ: أُطَلِّقها، أم ماذا أَفْعَلُ؟ قال: لا، بل اْعتَزِْلها فلا تَقْرَبَنَّها، فقلتُ لامرأَتي: الحقي بأهلك، وكوني عندهم حتى يَقْضيَ الله في هذا الأمر.
وأخرج أيضاً منه فصلاً في كتاب الجهاد، في باب إعطاء البشير، قال: سمعتُ كعبَ بن مالك يقول: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قَدِمَ مّنْ سَفَرٍ بدأَ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، - قال أبو داود: وقَصَّ ابنُ السَّرْح الحديثَ - قال: ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أَيُّها الثلاثةُ، حتى إذا طالَ علي، تَسَوَّرْتُ جدار حائط أبي قتادة - وهو ابن عَمِّي - فسَّلمتُ عليه، فو الله ما رَدَّ عليَّ السلامَ، ثم صلَّيتُ الصبْح صباحَ خمسين ليلة، على ظَهْر بيتٍ من بيوتنا، سَمعْتُ صارخاً: يا كعبَ بن مالكٍ، أبْشِرْ، فلما جاء الذي سَمِعْتُ صوتهُ يُبشِّرُني نزَعْتُ له ثوبَيَّ، فكَسَوْتُهُما إيِّاهُ، فانطلقتُ، حتى إذا دخلتُ المسجدَ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فقام إليَّ طَلْحَةُ بنُ عبيد الله يُهَرْوِلُ، حتى صافحني وهنَّأني.
وأخرج أيضاً منه فصلاً آخر في كتاب النذُور، قال: فقلتُ: يا رسول الله، إِنِّي أَنْخَلِعُ من مالي صدَقة إلى الله عز وجل، وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمْسك عليك بعض مالك فهو خَيْرٌ لك، قال: فقلتُ: إني مُمْسِكٌ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ. وفي أخرى له قال: قال كعب للنبي صلى الله عليه وسلم أوْ أبُو لُبَابَةَ، أو مَنْ [ص:185] شاء الله -: إِنَّ من توبتي: أَن أهجُر دارَ قَوْمي التي أصبتُ فيها الذَّنْبَ، وأن أَنْخَلِعَ من مالي كُلِّهِ صدَقة، قال: ويُجْزئُ عنك الثُّلُثُ.
وأخرج النسائي منه فصلاً، قال: عبدُ اللهِ بنُ كعبٍ: سمعت كعبَ بن مالك يحدِّثُ حديثه، حين تَخلَّفَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزْوة تبُوكَ، قال: وصَبَّحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قادماً - وكان إذا قَدِمَ من سفرٍ بَدأَ بالمسجد فركعَ فيه ركعتين، ثم جلس للناس - فلما فعل ذلك: جاءهُ المُخلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يعتذرون إليه، ويَحلِفُونَ له، وكانوا بِضْعاً وثمانين رجلاً، فقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلانيتَهم، وبايعهم، واسْتَغْفَرَ لهم، وَوَكَلَ سَرائرهم إلى الله تعالى، فجئُت حتى جلستُ بين يديه، فقال: مَا خَلَّفكَ؟ أَلم تكنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قلتُ: يا رسولَ اللهِ، واللهِ لو جلستُ ... وذكر الحديث إلى قوله: قُمْ، حتى يقْضِي اللهُ فيك، فَقُمْتُ فَمضيْتُ.
وأخرج منه أيضاً: أمْرَه باعتزال امرأته. وأخرج منه فصلاً في كتاب النذور، مثلَ ما أخرجَ أبو داود (27) . [ص:186]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عير) العير: الإبل والحمير تحمل الميرة والتجارة، ونحو ذلك.
(تواثقنا) التواثق: تفاعل من الميثاق، وهو العهد والحلف.
(راحلتين) الراحلة: الجمل والناقة القويان على الأسفار والأحمال، والهاء فيه للمبالغة. كداهية (28) ، وراوية، وقيل: إنما سميت راحلة، لأنها تُرَحَّل، أي: تحمّل، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، كقوله تعالى {في عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] أي: مرضية.
(ورّى) عن الشيء: إذا أخفاه وذكر غيره.
(مفازاً) المفاز والمفازة: البرية القفر، سميت بذلك تفاؤلاً بالفوز والنجاة، وقيل: بل هو من قولهم: فوَّز: إذا مات.
(فجلا) جلا الشيء: إذا كشفه، أي: أظهر للناس مقصده.
(بوجههم) وجه كل شيء: مستقبله، ووجههم: جهتهم التي يستقبلونها ومقصدهم.
(أصعر) : أميل.
(فتهجّر) التهجير: معناه: المبادرة إلى الشيء في أول وقته، ويجوز أن [ص:187] يريد به وقت الهاجرة.
(استمر الجد) أي تتابع الاجتهاد في السير.
(يتمادى) التمادي: التطاول والتأخر.
(تفارط) الغزو: تقدم وتباعد: أي بعد ما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المسافة.
(طفقت) مثل جعلت.
(أسوة) الأسوة - بكسر الهمزة وضمها-: القدوة.
(مغموصاً) المغموص: المعيب المشار إليه بالعيب.
(والنظر في عِطْفيه) يقال: فلان ينظر في عطفيه. إذا كان معجباً بنفسه.
(يزول به السراب) زال به السراب يزول: إذا ظهر شخصه خيالاً فيه.
(لمزه) اللمز: العيب، وقد ذُكر.
(قافلاً) القافل: الراجع من سفره إلى وطنه.
(بثي) البث: أشد الحزن، كأنه من شدته يبثه صاحبه: أي يظهره.
(أظل) الإظلال: الدنو، وأظلك فلان: أي دنا منك، كأنه ألقى عليك ظله.
(زاح) عني الأمر: زال وذهب. [ص:188]
(فأجمعت) أجمعت على الشيء: إذا عزمت على فعله.
(المخلَّفون) جمع مخلَّف، وهم المتأخرون عن الغزو، خلفهم أصحابهم بعدهم فتخلَّفوهم.
(بضعة) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع من العدد. (ووكل سرائرهم) وكلت الشيء إليك: أي رددته إليك، وجعلته إليك. والمراد به: أنه صرف بواطنهم إلى علم الله تعالى.
(ظهرك) الظهر هنا: عبارة عما يركب.
(ليوشكن) أوشك يوشك: إذا أسرع.
(تجد) تجد من الموجدة: الغضب.
(يؤنبونني) التأنيب: الملامة والتوبيخ.
(فاستكانا) الاستكانة: الخضوع.
(تسوَّرت) الجدار: إذا ارتفعت فوقه وعلوته.
(مَضِيعَة) المضيعة: مفعلة من الضياع: الاطراح والهوان، كذا أصله، فلما كانت عين الكلمة ياء، وهي مكسورة، نقلت حركتها إلى الفاء وسكنت الياء، فصارت بوزن معيشة، والتقدير فيهما سواء، لأنهما من ضاع وعاش.
(نُواسِك) المواساة: المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق ونحو ذلك. [ص:189]
(فتيممت) التيمم: القصد.
(استلبث) : استفعل، من لبث: إذا قام وأبطأ.
(رحب) الرحب: السعة.
(أوفى) على الشيء: إذا أشرف عليه.
(سَلع) : جبل في أرض المدينة.
(ركض) الركض: ضرب الراكب الفرس برجليه ليسرع في العدو.
(آذن) : أعلم.
(أتأمم) بمعنى: أتيمم: أي أقصد.
(فوجاً) الفوج: الجماعة من الناس.
(يبرق) برق وجهه: إذا لمع وظهر عليه أمارات السرور والفرح.
(أنخلع) أنخلع من مالي: أي أخرج من جميعه، كما يخلع الإنسان قميصه.
(ساعة العسرة) سمي جيش تبوك جيش العسرة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى الغزو في شدة الحر، فعسر عليهم. وكان وقت إدراك الثمار.
(رِجْس) الرجس: النجس.
(إرجاء) الإرجاء: التأخير. [ص:190]
(يحطمكم) الناس: أي يطؤونكم ويزدحمون عليكم، وأصل الحطم: الكسر.
__________
(1) " ليلة العقبة " هي الليلة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الأنصار على الإسلام والإيواء والنصر، وذلك قبيل الهجرة، والعقبة هي التي في طرف منى من ناحية مكة، التي تضاف إليها جمرة العقبة، وكانت بيعة العقبة مرتين، كانوا في السنة الأولى: اثني عشر، وفي الثانية: سبعين، كلهم من الأنصار.
(2) أي: تعاقدنا وتعاهدنا.
(3) أي: بدلها ومقابلها، وذلك لأنها كانت سبب قوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهور الإسلام، وإعلاء الكلمة.
(4) بضم الهمزة وإسكان الهاء - أي: ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك.
(5) وفي رواية لمسلم " وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ ".
(6) قال النووي: هو بكسر الدال على المشهور، وحكي فتحها. وهو فارسي، وقيل: عربي.
(7) في رواية للبخاري ومسلم: فتجهز.
(8) قال النووي: " حتى بلغ تبوكاً " هكذا هو في أكثر النسخ: تبوكاً بالنصب، وكذا هو في نسخ البخاري، وكأنه صرفها لإرادة الموضع دون البقعة.
(9) قال النووي: هذا دليل لرد غيبة المسلم الذي ليس بمنهمك في الباطل، وهو من مهمات الآداب، وحقوق الإسلام.
(10) قال النووي: المبيض بكسر الياء: هو اللابس الأبيض، ويقال: هم المبيضة والمسودة، بالكسر فيهما: أي لابسوا البيض والسود. وقوله يزول به السراب، أي: يتحرك وينهض، والسراب: هو ما يظهر للإنسان في الهواجر في البراري كأنه ماء.
(11) قال النووي: قيل: معناه: أنت أبو خيثمة، قال ثعلب: العرب تقول: كن زيداً، أي: أنت زيد، قال القاضي عياض: والأشبه أن " كن " هنا للتحقيق والوجود، أي: يوجد هذا الشخص أبا خيثمة حقيقة، وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب، وهو معنى قول صاحب التحرير، تقديره: اللهم اجعله أبا خيثمة، وليس في الصحابة من يكنى أبا خيثمة إلا اثنان. أحدهما: هذا. والثاني: عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي.
(12) قال النووي: أي: عزمت عليه، يقال: أجمع أمره وعلى أمره وعزم عليه بمعنى.
(13) بنصب الياء من " كافيك " خبر كان، واسمها " استغفار " و " ذنبك " منصوب بإسقاط الخافض، قاله الزركشي.
(14) قال النووي: مرارة بن الربيع العامري، هكذا هو في جميع نسخ مسلم " العامري " وأنكره العلماء، وقالوا: هو غلط، إنما صوابه العمري - بفتح العين وإسكان الميم - من بني عمرو بن عوف، وكذا ذكره البخاري، وكذا نسبه محمد بن إسحاق، وابن عبد البر وغيرهما من الأئمة، قال القاضي: هذا هو الصواب، وان كان القابسي قد قال، لا أعرفه إلا العامري، فالذي ذكره الجمهور أصح.
وأما قوله: مرارة بن الربيع، فهو رواية البخاري، ووقع في نسخ مسلم، وكذا نقله القاضي عن نسخ مسلم: مرارة بن ربيعة، قال ابن عبد البر: يقال بالوجهين، و " مرارة " بضم الميم وتخفيف الراء المكررة.
(15) قال النووي: هو بقاف ثم فاء، منسوب إلى بني واقف، بطن من الأنصار، وهو هلال بن أمية بن عامر بن كعب بن واقف، واسم واقف: مالك بن امرئ القيس بن مالك بن أوس الأنصاري.
(16) قال النووي: بالرفع، وموضعه نصب على الاختصاص، قال سيبويه نقلاً عن العرب: " اللهم اغفر لنا أيتها العصابة " وهذا مثله، وفي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، دليل على لزوم هجران أهل البدع والمعاصي.
(17) قال القاضي: لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه، لأنه منهي عن كلامه، وإنما قال ذلك لنفسه، لما ناشده الله، فقال أبو قتادة: مظهراً لاعتقاده، لا لسمعه، ولو حلف رجل لا يكلم رجلاً، فسأله عن شيء؟ فقال: الله أعلم، يريد إسماعه وجوابه: حنث.
(18) يقال: النبط والأنباط والنبيط، وهم فلاحو العجم.
(19) قال النووي: في بعض النسخ " نواسيك " بزيادة ياء، وهو صحيح. أي: ونحن نواسيك، وقطعه عن جواب الأمر، ومعناه: نشاركك فيما عندنا.
(20) أنث الضمير الراجع إلى الكتاب: على معنى الصحيفة، قاله الزركشي.
(21) أي: صعد على جبل سلع الذي يشرف على دار كعب. والصارخ: هو أبو بكر رضي الله عنه، تعجل ذلك ليكون أسبق بالبشارة ممن ركض الفرس.
(22) وكعب وطلحة أخوين في الله، آخى بينهما صلى الله عليه وسلم.
(23) قال النووي: أي: أنعم عليه، والبلاء والإبلاء: يكون في الخير والشر، لكن إذا أطلق كان للشر غالباً، وإذا كان في الخير قيد كما قيده هنا، فقال: أحسن مما أبلاني.
(24) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ مسلم، وكثير من روايات البخاري، قال العلماء: لفظة " لا " في قوله " أن لا أكون " زائدة، ومعناه: أن أكون كذبته، كقوله تعالى: {ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك} [الأعراف: 12] وقوله: " فأهلك " هو بكسر على الفصيح المشهور، وحكى فتحها، وهو شاذ.
(25) بفتح الميم وسكون العين، أي: ذات اعتناء بي، كذا عند الأصيلي. ولغيره بضم الميم وكسر العين من العون، والأول أليق بالحديث، قاله الزركشي.
(26) في هذا الحديث فوائد كثيرة منها: إباحة الغنيمة لهذه الأمة، إذ قال: يريدون عيراً لقريش، وفضيلة أهل بدر والعقبة، والمبايعة مع الإمام، وجواز الحلف من غير استحلاف، وتورية المقصد إذا دعت إليه ضرورة، والتأسف على ما فات من الخير، وتمني المتأسف عليه، ورد الغيبة، وهجران أهل البدعة، وأن للإمام أن يؤدب بعض أصحابه بإمساك الكلام عنه، واستحباب صلاة القادم، ودخوله المسجد أولاً، وتوجه الناس إليه عند قدومه، والحكم بالظاهر وقبول المعاذير، واستحباب البكاء على نفسه، وأن مسارقة النظر في الصلاة لا تبطلها، وفضيلة الصدق، وأن السلام ورده كلام، وجواز دخول بستان صديقه بغير إذنه، وأن الكتابة لا يقع بها الطلاق ما لم ينوه، وإيثار طاعة [ص:183] الله ورسوله على مودة القريب، وخدمة المرأة لزوجها، والاحتياط بمجانبة ما يخاف منه الوقوع في منهي عنه، إذ كعب لم يستأذن في خدمة امرأته لذلك، وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى إذا كان لمصلحة، واستحباب التبشير عند تجدد النعمة واندفاع الكربة، واجتماع الناس عند الإمام في الأمور المهمة، وسروره بما يسر أصحابه، والتصدق بشيء عند ارتفاع الحزن، والنهي عن التصدق بكل المال عند خوف عدم الصبر، وإجازة التبشير بخلعة، وتخصيص اليمين بالنية، وجواز العارية ومصافحة القادم، والقيام له، واستحباب سجدة الشكر، والتزام مداومة الخير الذي انتفع به، وانظر " فتح الباري " 8 / 293 - 295 و " دليل الفالحين " لابن علان 1 / 121، 122.
(27) البخاري 5 / 289 في الوصايا، باب إذا تصدق ووقف بعض ماله، وفي الجهاد، باب من أراد غزوة فورى بغيرها، وفي الأنبياء، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وفي المغازي، باب قصة غزوة بدر، وباب غزوة تبوك، وفي تفسير سورة براءة، باب {لقد تاب الله على النبي} ، وباب {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ، وباب {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ، وفي الاستئذان، باب من لم يسلم على من اقترف ذنباً، وفي الأيمان والنذور، باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والمثوبة، وفي الأحكام، باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة، ومسلم رقم (2769) في التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك، والترمذي رقم (3101) [ص:186] في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأبو داود رقم (2202) في الطلاق، باب فيما عني به الطلاق والنيات، وفي الجهاد، باب إعطاء البشير، وفي النذور، باب من نذر أن يتصدق بماله، والنسائي 6 / 152 في الطلاق، باب الحقي بأهلك، وفي النذور، باب إذا أهدى ماله على وجه النذر، وأخرجه أحمد 3 / 459، 460، والطبري رقم (17447) .
(28) في المطبوع: ككراهية، وهو تحريف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/456) قال: حدثنا عتاب بن زياد، قال: حدثنا عبد الله، قال: أخبرنا يونس. وفي (3/456) قال: حدثنا يعقوب بن إبرهيم، قال: حدثنا ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله. وفي (3/459) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث بن سعد. قال: حدثني عقيل بن خالد. و «البخاري» (4/9) و (58) و (529) و (5/69) و (92) و (6/3) و (86) و (89) و (8/70) و (9/102) قال: حدثنا يحيى ابن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي (5/96) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. وفي (6/87) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثني ابن وهب. قال: أخبرني يونس. (ح) قال أحمد (بن صالح) : وحدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. وفي (6/88) قال: حدثني محمد قال: حدثنا أحمد بن أبي شعيب. قال: حدثنا موسى بن أعين. قال: حدثنا إسحاق بن راشد. وفي (8/175) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي «الأدب المفرد» (944) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن صالح. قال: حدثني الليث. قال: حدثني عقيل. و «مسلم» (8/105) قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح مولى بني أمية. قال: أخبرني ابن وهب. قال: أخرني يونس. وفي (8/112) قال: وحدثنيه محمد بن رافع. قال: حدثنا حجين بن المثنى. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. و «أبو داود» (2202) و (3317) قال: حدثنا أحمد بن عمرو ابن السرح، وسليمان بن داود. قالا: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي (2773 و4600) قال: حدثنا ابن السرح. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي (3321) قال: حدثنا محمد بن يحيى. قال: حدثنا حسن بن الربيع. قال: حدثنا ابن إدريس. قال: قال ابن إسحاق. و «النسائي» (2/53) و (6/152) و (7/22) . وفي الكبرى (721) قال: أخبرنا سليمان بن داود. قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس. وفي (6/153) قال: أخبرني محمد بن جبلة ومحمد بن يحيى بن محمد. قالا: حدثنا محمد بن موسى بن أعين. قال: حدثنا أبي، عن إسحاق بن راشد. وفي (6/153) و (7/23) قال: أخبرنا يوسف بن سعيد. قال: حدثنا حجاج بن محمد. قال: حدثنا الليث بن سعد. قال: حدثني عقيل.
خمستهم (يونس، وابن أخي الزهري، وعقيل، وإسحاق بن راشد، ومحمد بن إسحاق) عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه عبد الله بن كعب، فذكره.
* أخرجه أحمد (3/455) و (6/386) قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر. و «الدارمي» (1528) قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي. قال: أخبرنا أبو عاصم. و «البخاري» (4/94) قال: حدثنا أبو عاصم. و «مسلم» (2/156) قال: حدثنا محمد بن المثنى. قال: حدثنا الضحاك، يعني أبا عاصم (ح) وحدثني محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق. و «أبو داود» (2781) قال: حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي. قالا: حدثنا عبد الرزاق. و «النسائي» في الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرنا عمرو بن علي. قال: حدثنا أبو عاصم.
ثلاثتهم - عبد الرزاق، ومحمد بن بكر، وأبو عاصم- قالوا: أخبرنا ابن جريج. قال: أخبرني ابن شهاب، أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أخبره عن أبيه عبد الله بن كعب. وعن عمه عبيد الله بن كعب، عن عبد الله بن كعب، فذكره.
* في مسند أحمد (3/455) قال ابن بكر في حديثه: (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) عن أبيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه.
* وأخرجه أبو داود (3318) قال: حدثنا أحمد بن صالح. و «النسائي» (7/22) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى. و «ابن خزيمة» (2442) قال أخبرني: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. (ح) وأخبرنا يونس.
ثلاثتهم -أحمد، ويونس، ومحمد-عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب. قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره. ليس فيه (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) .
* قال أبو عبد الرحمن النسائي: يُشبه أن يكون الزهري سمع هذا الحديث من (عبد الله بن كعب) ومن (عبد الرحمن) عنه.
* وأخرجه أحمد (3/454) قال: حدثنا روح. قال: حدثنا ابن جريج. وفي (6/390) قال: حدثنا يحيى ابن آدم. قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر ويونس. و «البخاري» (4/95) قال: حدثني أحمد بن محمد. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا يونس. و «النسائي» (6/152) قال: أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم. قال: حدثنا محمد بن مكي بن عيسى. قال: حدثنا عبد الله. قال: حدثنا يونس. وفي الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرني إبراهيم بن الحسن. قال: حدثنا الحجاج. قال: قال ابن جريج: أخبرني معمر.
ثلاثتهم -ابن جريج، ويونس، ومعمر - عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جده كعب بن مالك. فذكره. ليس فيه (عبد الله بن كعب) .
* وأخرجه أحمد (3/455) و (6/387) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. (ح) حدثنا علي بن إسحاق. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا معمر. وفي (3/456) قال: حدثنا عثمان بن عمر. قال: حدثنا يونس. وفي (3/456) قال: حدثنا عامر بن صالح. قال: حدثني يونس بن يزيد. وفي (6/386) قال: حدثنا أبو أسامة. قال: أخبرنا ابن جريج. و «عبد بن جميد» (375) قال: أخبرنا عثمان بن عمر. قال: أخبرنا يونس. و «الدارمي» (2454) قال: أخبرنا محمد بن يزيد الحزامي. قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر. وفي (2441) قال: حدثنا عثمان بن عمر. قال: أخبرنا يونس. و «البخاري» (4/59) قال: حدثني عبد الله بن محمد. قال: حدثنا هشام. قال: أخبرنا معمر. و «أبو داود» (2605) قال: حدثنا سعيد بن منصور. قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. عن يونس بن يزيد. و «ابن ماجة» (1393) قال: حدثنا محمد بن يحيى. قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. و «الترمذي» (3102) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. و «النسائي» (6/154) قال: أخبرني محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد، وهو ابن نور، عن معمر، وفي الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرنا أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس.
ثلاثتهم -معمر، ويونس، وابن جريج - عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره.
* وأخرجه أحمد (3/455) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث. قال: حدثني عقيل. وفي (3/455) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. وفي (6/390) قال: حدثنا إسحاق، يعني ابن الطباع. قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب.
ثلاثتهم - عقيل، ومعمر، ويزيد- عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره.
* وأخرجه مسلم (8/112) قال: حدثني عبد بن حميد. قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري. (ح) وحدثني سلمة بن شبيب، قال: حدثنا الحسن بن أعين. قال: حدثنا معقل، وهو ابن عبيد الله. و «النسائي» (6/153) و (7/23) قال: أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى. قال: حدثنا الحسن بن أعين. قال: حدثنا معقل. كلاهما -ابن أخي الزهري، ومعقل- عن الزهري. قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عبيد الله بن كعب. قال: سمعت أبي كعبا. فذكره.
* جميع روايات هذا الحديث جاءت مطولة ومختصرة، ومنها من اقتصر على جملة منه.
* وأخرجه أبو داود (3319) قال: حدثني عبيد الله بن عمر. قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أو أبو لبابة، أو من شاء الله: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة. قال: يجزئ عنك الثلث.(2/171)
663 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: في قوله تعالى: {إلّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُم عَذاباً أَليماً} [التوبة: 39] و {ما كانَ لأهْلِ المدينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يتَخَلَّفُوا عن رسولِ اللَّه} [التوبة: 120] قال: نَسَخَتْها {وما كان المؤمنون لِيَنْفِرُوا كافَّةً} [التوبة: 122] . أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2505) في الجهاد، باب نسخ تفسير العامة بالخاصة، وفي سنده علي بن الحسين، وقد قالوا فيه: ثقة له أوهام، وقد جنح غير ابن عباس، إلى أن الآيتين محكمتان، وأن قوله سبحانه: {إلا تنفروا يعذبكم} معناه: إذا احتيج إليكم، وهذا مما لا ينسخ، وقوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} محكم أيضاً، لأنه لابد أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلو دار الإسلام من المؤمنين فيلحقهم مكيدة، قال الإمام الطبري في تفسيره 14 / 563، 564 بعد أن ذكر قول من قال بالنسخ، وقول من قال بالإحكام: والصواب من القول في ذلك عندي أن الله عنى بها الذين وصفهم بقوله: {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم} ثم قال جل ثناؤه: {ما كان لأهل المدينة} الذين تخلفوا عن رسول الله ولا لمن حولهم من الأعراب الذين قعدوا عن الجهاد معه أن يتخلفوا خلافه، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ندب في غزوته تلك كل من أطاق النهوض معه إلى الشخوص، إلا من أذن له، أو أمره بالمقام بعده، فلم يكن لمن قدر على الشخوص التخلف، فعدد جل ثناؤه من تخلف منهم، فأظهر نفاق من كان تخلفه منهم نفاقاً، وعذر من كان تخلفه لعذر، وتاب على من كان تخلفه تفريطاً من غير شك ولا ارتياب في أمر الله، أو تاب من خطأ ما كان منه من الفعل، فأما التخلف عنه في حال استغنائه فلم يكن محظوراً، إذا لم يكن عن كراهة منه صلى الله عليه وسلم ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم إزاء إمامهم، فليس بفرض على جميعهم النهوض معه، إلا في حال حاجته إليهم، لما لا بد للإسلام وأهله من حضورهم واجتماعهم واستنهاضه إياهم، فيلزمهم حينئذ طاعته، وإذا كان ذلك معنى الآية، لم تكن إحدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن إحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوهه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن إحداهما ناسخة للأخرى.
وانظر " زاد المسير " لابن الجوزي 3 / 515، 516 طبع المكتب الإسلامي، و " نواسخ القرآن " له أيضاً ورقة 97، 98.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود في الجهاد (19:1) عن أحمد بن ثابت المروزي، عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه، تحفة الأشراف (5/176) .(2/190)
664 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: نَجْدَةُ بنُ نُفَيْع: سألتُ ابن عباس عن هذه الآية: {إلّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُم عَذاباً أَليماً} ؟ قال: فأمسكَ عنهم المطرَ، فكان عذابَهُم. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (2506) في الجهاد، باب نسخ تفسير العامة بالخاصة، وفي سنده مجهول.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه عبد بن حميد (682) وأبو داود (2506) قال حثنا عثمان بن أبي شيبة.
كلاهما -عبد بن حميد، وعثمان- قالا:حدثنا زيد بن حباب عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال: حدثني نجدة بن نفيع فذكره.(2/191)
سورة يونس
665 - (ت) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى في الحياةِ الدُّنيا} [يونس: 64] قال: «هي الرؤيا الصالحة، يَرَاها المؤمِنُ، أَو تُرَى له» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2276) في الرؤيا، باب قوله: {لهم البشرى في الحياة الدنيا} ، وأخرجه أحمد 5 / 315، والدارمي 2 / 123، والطبري (17718) و (17719) و (17720) و (17721) ورجاله ثقات، لكن أعل بالانقطاع فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من عبادة، وله طريق أخرى عند الطبري (17725) وفيها انقطاع أيضاً. لكن في الباب أحاديث تشهد له وتقويه. ومنها حديث أبي الدرداء الآتي ولذا حسنه الترمذي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/315) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا علي بن المبارك. (ح) وحدثنا عفان، قال: حدثنا أبان. وفي (5/321) قا: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا حرب. و «الدارمي» (2142) قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا أبان. و «ابن ماجة» (3898) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن علي بن المبارك.
ثلاثتهم - علي، وأبان، وحرب بن شداد- عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة فذكره.
* أخرجه الترمذي (2275) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حرب بن شداد، وعمران القطان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال: نُبِّئتُ عن عبادة بن الصامت، فذكره.
* قال المزي: أبو سلمة لم يسمع من عبادة. «تحفة الأشراف» (5123) .(2/191)
666 - (ت) أبو الدرداء - رضي الله عنه -: سأَلَهُ رَجُلٌ من أهل مِصْرَ عن هذه الآية {لَهُمُ الْبُشْرَى في الحياةِ الدُّنيا} ؟ قال: ما سألني عنها أحدٌ منذُ سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما سأَلني عنها أحد غيرك منذُ أُنْزِلت: هي الرؤيا الصالحة، يَراها المسلم، أو تُرى له» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2274) في الرؤيا، باب قوله: {لهم البشرى في الحياة الدنيا} ، ورقم (3105) في التفسير، [ص:192] باب ومن سورة يونس، وأخرجه الطبري رقم (17722) و (17723) و (17724) و (17733) و (17734) ، وأحمد 6 / 447، وفي سنده رجل مجهول، وباقي رجاله ثقات، وهو يتقوى بما قبله، ولذا حسنه الترمذي. وأخرجه الطبري رقم (17736) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن أبي الدرداء ... ، وإسناده قوي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (391 و392) قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن عبد العزيزبن رفيع، عن أبي صالح قال سفيان: ثم لقيت عبد العزيز بن رفيع، وحدثنيه عن أبي صالح و «أحمد»
(6/445) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان. وفي (6/446) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، عن ذكوان. وفي (6/447) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر. (ح) وعبد العزيزبن رفيع، عن أبي صالح. وفي (6/447 و542) قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح. و «الترمذي» (2373 و3106) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر. وفي (3106) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيزبن رفيع، عن أبي صالح السمان.
كلاهما - أبو صالح السمان ذكوان، ومحمد بن المنكدر- عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، فذكره.
* أخرجه الترمذي (3106) قال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. وليس فيه (عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر) .(2/191)
667 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ، قال: {آمنتُ أَنه لا إِلَه إِلّا الذي آمَنَتْ به بنو إِسرائيل} [يونس: 90] » قال جبريل: يا محمَّدُ، فلو رأَيْتَني وأَنا آخُذُ من حالِ البحْرِ فأدُسُّهُ في فيه، مخافَةَ أن تُدْرِكَهُ الرَّحمةُ.
وفي رواية: أنه ذكر أَنَّ جبريل جَعلَ يدُسُّ في فِي فرعون الطينَ خَشْيَةَ أنْ يقُولَ: لا إله إلا الله، فيرحمه الله، أَوْ خَشْيَةَ أنْ يرحمه. أخرجه الترمذي (1) . [ص:193]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حال البحر) الطين الأسود الذي يكون في أرضه.
__________
(1) رقم (3106) في التفسير، باب ومن سورة يونس، وأخرجه أحمد رقم (2821) ، وابن جرير وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وحسنه الترمذي. وقد رواه أحمد رقم (2144) و (3154) ، والترمذي رقم (3107) ، وأبو داود الطيالسي، وابن جرير رقم (17859) من طريق شعبة عن عطاء بن السائب عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ، وإسناده صحيح. وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. وذكر ابن كثير في تفسيره 2 / 430 الحديث من طريق ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما أغرق الله فرعون أشار بأصبعه ورفع صوته: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه، وكذا رواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع، عن أبي خالد به موقوفاً، وقد روي من حديث أبي هريرة أيضاً، فقال ابن جرير رقم (17860) حدثنا ابن حميد، حدثنا حكام عن عنبسة هو ابن أبي سعيد، عن كثير بن زاذان عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال لي جبريل: يا محمد، لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له " يعني فرعون. وكثير بن زاذان هذا، قال ابن معين: لا أعرفه، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: مجهول، وباقي رجاله ثقات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (1/245) (2203) قال: حدثنا يونس. وفي (1/309) (2821) قال: حدثنا سليمان ابن حرب و «عبد بن حميد» (644) قال: حدثنا حجاج بن منهال و «الترمذي» (3107) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا الحجاج بن منهال.
ثلاثتهم - يونس، وسليمان، وحجاج- قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران فذكره.(2/192)
سورة هود
668 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال أبو بكر يا رسول الله، قد شبْتَ، قال: شَيَّبَتْني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعَمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كُوِّرَتْ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3293) في التفسير، باب ومن سورة الواقعة، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس، إلا من هذا الوجه. وروى علي بن صالح هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة نحو هذا. وقد روي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، شيء من هذا مرسل. وصححه الحاكم. وفي الباب عن عقبة بن عامر، وعن أبي جحيفة عند الطبراني، وعن أنس عند ابن مردويه. قال العلماء: لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال الآخرة وعجائبها وفظائعها، وأحوال الهالكين والمعذبين مع ما في بعضهن من الأمر بالاستقامة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3297) وفي الشمائل (41) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة فذكره.(2/193)
669 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال محمدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جعفر المخزوميُّ: إِنه سمع ابنَ عباس يقرأ {أَلا إِنهم تَثْنَوْني صَدُورُهُمْ (1) } [هود: 5] قال: فسألته عنها؟ فقال: كان أُناس يَسْتَحْيُونَ أنْ يَتَخَلَّوْا [ص:194] فَيُفْضُوا إلى السماء، وأَن يُجامِعُوا نساءهم فَيُفْضُوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.
وفي رواية عمرو بن دينارٍ قال: قرأ ابن عباس {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ليستخفوا منه ألا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُم} قال: وقال غيره: يَسْتَغْشُونَ: يُغَطُّونَ رُؤوسَهمْ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تثنوني) تفعوعل: من الانثناء.
(يتخلوا) أي يخلون بأنفسهم، من الخلاء عند قضاء الحاجة.
(فيفضوا) الإفضاء: الوصول إلى الشيء، وأراد به: الانكشاف.
__________
(1) نقل ابن الجوزي في " زاد المسير " 4 / 77 عن ابن الأنباري: تثنوني: تفعوعل، وهو فعل للصدور، معناه: المبالغة في تثني الصدور، كما تقول العرب: احلولى الشيء يحلولي: إذا بالغوا في وصفه بالحلاوة
قال عنترة:
ألا قاتل الله الطلول البواليا ... وقاتل ذكراك السنين الخواليا
وقولك للشيء الذي لا تناله ... إذا ما هو احلولى ألا ليت ذاليا
(2) 8 / 264 في تفسير سورة هود في فاتحتها، وقوله في آخر الحديث: وقال غيره: أي: غير عمرو بن دينار عن ابن عباس، وهو معلق، وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رقم (17958) وعلي بن أبي طلحة يرسل عن ابن عباس ولم يره. قال الحافظ ابن حجر في " الفتح ": وتفسير التغشي بالتغطية متفق عليه، وتخصيص ذلك بالرأس يحتاج إلى توقيف، وهذا مقبول من مثل ابن عباس. يقال منه: استغشى بثوبه وتغشاه. قال الشاعر:
((وتارة أتغشى فضل أطماري)) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/91) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن صباح، قال: حدثنا حجاج (ح) وحدثني إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام.
كلاهما (حجاج، وهشام) عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر فذكره.(2/193)
670 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ لُوطاً، لقَدْ كان يأْوِي إلىِ رُكنٍ شديدٍ، ولو لَبِثْتُ في السجنِ ما لبثَ يوسفُ، ثم أتاني الداعي، لأَجبتُ» . أخرجه البخاري، ومسلم. [ص:195]
وللبخاري أيضاً أَنه صلى الله عليه وسلم قال: «يغْفِر الله لِلُوطٍ، إنْ كان لَيَأْوِي إلى رُكنٍ شَديدٍ» وأخرج الترمذي هذا المعنى بنحوه.
وقد تقدم بزيادةٍ في أوله، وهو مذكور في تفسير سورة البقرة (1) .
__________
(1) البخاري 6 / 295 في الأنبياء، باب قوله عز وجل: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} ، وباب {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} ، وباب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة البقرة {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى} ، وتفسير سورة يوسف، باب قوله {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} ، وفي التعبير، باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك، ومسلم رقم (151) في الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة، والترمذي رقم (3115) في التفسير، باب ومن سورة يوسف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/326) قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي. و «البخاري» (4/179) و (6/39) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا ابن وهب. وفي (6/97) قال: حدثنا سعيد بن تليد. قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث. و «مسلم» (1/92) و (7/97) قال: حدثني حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا ابن وهب. و «ابن ماجة» (4026) قال: حدثنا حرملة ابن يحيى، ويونس بن عبد الأعلى. قالا: حدثنا عبد الله بن وهب.
ثلاثتهم -جرير بن حازم، وابن وهب، وعمرو- عن يونس يزيد، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، فذكراه.
* أخرجه البخاري (4/183) و (9/42) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، ابن أخي جويرية. قال: حدثنا جويرية بن أسماء، عن مالك. و «مسلم» (1/92) و (7/98) قال: حدثني به إن شاء الله عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي. قال: حدثنا جويرية، عن مالك. وفي (1/92) قال: حدثناه عبد بن حميد. قال: حدثني يعقوب، يعني ابن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبو أويس. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/12931) عن عمرو بن منصور، والعباس بن عبد العظيم بن العنبري فرقهما كلاهما عن عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية، عن مالك.
كلاهما (مالك، وأبو أويس) عن الزهري، أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة فذكراه. وجعل مكان أبي سلمة بن عبد الرحمن أبا عبيد.
الروايات مطولة ومختصرة. وفي رواية أخرى عن الأعرج عن أبي هريرة أخرجها أحمد (2/322) و «البخاري» (4/180) ، و «مسلم» (7/98) .
وفي رواية أخرى عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة عن رسول الله أنه قال: «يرحم الله لوطا فإنه كان يأوي إلى ركن شديد» .
أخرجه أحمد (2/350) .(2/194)
671 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله لَيُمْلي لِلظَّالمِ، حتَّى إذا أَخذه لم يُفْلِتْهُ (1) » ، ثم قرأَ {وكَذلِكَ أَخْذُ ربِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَليمٌ شَديدٌ} [هود: 102] . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (2) .
وقال الترمذي: وربما قال: «لَيُمْهِلُ» . [ص:196]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ليملي) الإملاء: الإطالة والإمهال.
__________
(1) أي: يمهله، قال تعالى: {وأملي لهم إن كيدي متين} [الأعراف: 183] أي: أطيل لهم المدة، وقوله: " لم يفلته " هو من أفلت، الرباعي: أي: لم يخلصه: أي: إذا أهلكه لم يرفع عنه الهلاك، وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه، وإن فسر بما هو أعم، فيحمل على كل بما يليق به.
(2) البخاري 8 / 267 في التفسير، باب قوله: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} ، ومسلم رقم (2583) في البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، والترمذي رقم (3109) في التفسير، باب ومن سورة هود، وأخرجه ابن ماجة رقم (4018) في الفتن، باب العقوبات.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه البخاري (6/93) قال: حدثنا صدقة بن الفضل و «مسلم» (8/19) قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير. و «ابن ماجة» (4018) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد. و «الترمذي» (3110) قال: حدثنا أبو كريب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9037) عن أبي بكر بن علي عن يحيى بن معين.
خمستهم -صدقة، وابن نمير، وعلي بن محمد، وأبو كريب، ويحيى- عن أبي معاوية. 2 وأخرجه الترمذي (3110) قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة.
كلاهما -أبو معاوية، وأبو أسامة- عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة فذكره.(2/195)
672 - (خ م ت د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: أَنَّ رُجلاً (1) أصَابَ من امرأَةٍ قُبْلَة، فأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فَنزلت {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرين} [هود: 114] فقال الرجل: يا رسول الله، أَلِيَ هذه؟ قال: «لَمِنْ عمل بها من أُمَّتي» . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
ولمسلم أيضاً قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إِني عَالجْتُ امرأة في أَقْصَى المدينِة، وإِني أَصَبْتُ مِنْها ما دونَ أنْ أمَسَّها، فأنا هذا، فاقْضِ فيَّ ما شِئتَ، فقال له عمر: لقد سَتَرَكَ الله، لَوْ سَتَرْتَ عَلِى نَفْسِكَ؟ قال: ولم يَرُدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقام الرجلُ فانطلقَ، فأتْبَعَهُ النبيُّ رُجلاً، فدعاهُ وتلا عليه هذه الآية: {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذاكِرين} فقال رجلٌ من القوم: يا نبيَّ الله، هذا له خاصَّة؟ قال: «بَلْ للناسِ كافَّة» .
وأخرج الترمذي الروايتين، وأبو داود الرواية الثانية (2) . [ص:197]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(زلفاً) الزلف: جمع زلفة: وهي الطائفة من الليل.
(عالجت) المعالجة: الممارسة.
(أمسها) المس هاهنا: كناية عن الجماع.
__________
(1) هو أبو اليسر كعب بن عمرو. روى الترمذي والنسائي " أنه شهد العقبة مع السبعين، وشهد بدراً وهو ابن عشرين، وأسر العباس يومئذ " وكان رجلاً قصيراً دحداحة، ذا بطن، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين وله عقب.
(2) البخاري 2 / 7 في مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، وفي تفسير سورة هود، باب {وأقم [ص:197] الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} ، ومسلم رقم (2763) في التوبة، باب قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} ، والترمذي رقم (3111) في التفسير، باب ومن سورة هود، وأبو داود رقم (4468) في الحدود، باب في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع، وأخرجه أحمد رقم (4250) و (4290) و (4291) ، وأبو داود الطيالسي 2 / 20، والطبري رقم (18668) و (18669) و (18670) و (18671) و (18672) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/385) (3653) و (1/430) (4094) قال: حدثنا يحيى. و «البخاري» (1/140) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا يزيد بن زريع. وفي (6/94) قال: حدثنا مسدد، وقال: حدثنا يزيد، هو ابن زريع. و «مسلم» (8/101) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، كلاهما عن يزيد بن زريع. وفي (8/102) قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معمر. (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير. و «ابن ماجة» (1398) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن عُلية. وفي (4254) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، قال: حدثنا المعتمر. و «الترمذي» (3114) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. و «النسائي» في الكبرى (318) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى. وفي (تحفة الأشراف) (9376) عن قتيبة، عن ابن أبي عدي. وعن إسماعيل وبشر بن المفضل. (ح) وعن إسماعيل بن مسعود، عن يزيد بن زريع. و «ابن خزيمة» (312) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قالا: حدثنا المعتمر. (ح) وحدثناه الصنعاني، قال: حدثنا يزيد بن زريع.
سبعتهم - يحيى بن سعيد، ويزيد بن زريع، والمعتمر، وجرير، وإسماعيل بن علية، وابن أبي عدي، وبشر ابن المفضلعن سليمان التيمي - عن أبي عثمان، فذكره.
وفي رواية أخرى عن علقمة والأسود عن عبد الله أخرجه أحمد (1/445) (4250) وفي (1/449) (4290) وفي (1/449) (4291) و «مسلم» (8/102) و «الترمذي» (3112) و «ابن خزيمة» (313) وأخرجه أحمد (1/452) (4325) و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9162) .
وفي رواية أخرى عن عبد الرحمان بن يزيد عن عبد الله أخرجه أحمد (1/406) (3854) و «الترمذي» (3112) و «النسائي» في الكبيرى (الورقة 96-ا) وأخرجه الترمذي (3112) ، «النسائي» في الكبرى (الورقة 96-أ) ، أخرجه النسائى في الكري (الورقة 96- أ) .(2/196)
673 - (ت) معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: قال: أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسول الله، أرأيتَ رجلاً لَقيَ امرأة ليس بينهما معرفةٌ، فليس يأتي الرجلُ إلى امرأته شيئاً إِلا قَدْ أتَى هو إليها، إلا أنه لم يجامعها؟ قال: فأنزل الله عز وجل: {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِين} فأمره أَن يتوضَّأَ ويُصلِّيَ، قال معاذ: فقلت: يا رسُولَ اللهِ، أهيَ له خاصَّة، أم للمؤمنين عامَّة؟ قال: «بل للمؤمنين عامة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3113) في التفسير، باب ومن سورة هود، وأخرجه الطبري رقم (18678) ورجاله ثقات، لكن أعله الترمذي بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وهو بمعنى الحديث الذي قبله.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/244) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو سعيد. و «الترمذي» (3113) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا حسين الجعفي.
ثلاثتهم - ابن مهدي، وأبو سعيد، وحسن الجعفي - عن زائدة عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلي، فذكره.
(*) قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ.
* أخرجه النسائي في الكبرى (الورقة 96) قال:أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد. قال: حدثنا شعبة. عن عبد الملك، عن ابن أبي ليلي، أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم....فذكره نحوه مرسلا - ليس فيه - عن معاذ.(2/197)
674 - (ت) أبو اليسر - رضي الله عنه -: قال: أتَتْني اْمْرَأةٌ تَبْتاعُ [ص:198] تَمْراً، فقلتُ: إنَّ في البيتِ تمراً أطْيَبَ منه، فدَخلتْ معي في البيتِ، فأهويتُ إليها، فقبَّلْتُها، فأَتيتُ أَبا بكرٍ، فذكرتُ ذلك له، فقال: اسْتُرْ على نفسك وتُبْ، فأتيتُ عمر، فذكرت ذلك له، فقال: اسْتُر على نفسك وتُبْ، ولا تُخبِرْ أحداً، فلم أصبِرْ، فأتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: أخلَّفْتَ غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟ حتى تَمنَّى أنه لم يكن أَسْلمَ إلا تِلْكَ الساعة، حتى ظَنَّ أنَّه مِنْ أَهل النار، قال: وأطرقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، حتى أوحى الله إليه {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرين} قال أبو اليسرِ: فأتيْتُهُ، فقرأها عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال أصحابه: يا رسول الله، ألِهذا خاصَّة، أمْ للنَّاسِ عامَّة؟ فقال: «بل للناس عامة» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فأهويت) يقال: أهوى بيده إلى شيء: أي مدها إليه والمراد: عزمت عليه، وانبعثت على فعله.
(أخلفت) خلفت الرجل: إذا قمت بعده وقمت عنه فيما كان يفعله.
__________
(1) رقم (3114) في التفسير، باب ومن سورة هود، وأخرجه الطبري رقم (18684) و (18685) وقيس بن الربيع (أحد رواته) ضعفه وكيع وغيره، وروى شريك عن عثمان بن عبد الله هذا الحديث مثل رواية قيس بن الربيع، وفي الباب عن أبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3115) قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا قيس بن الربيع. و «النسائي» في الكبرى (الورقة 96) قال أخبرنا سويد قال أخبرنا عبد الله عن شريك كلاهما -قيس، وشريك - عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسي بن طلحة فذكره.(2/197)
سورة يوسف
675 - (خ) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما -: أنهُ سألَ عائشة عن قوله تعالى: {حَتَّى إذا اسْتيْأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهمْ قد كُذِّبوا (1) } [يوسف: 110] أَو كُذِبُوا؟ قالت: بلْ كَذَّبَهُم قَوْمُهُم، فقُلْتُ: واللهِ، لقَد اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبوهُم، وما هو بالظَّنِّ، فقالت: يا عُرَيَّةُ أجَلْ، لقد استيقنوا بذلك، فقلتُ: لعلَّها {قد كُذِبُوا} فقالت: معاذ الله (2) ، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أَتْباعُ الرُّسُلِ الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم، وطال عليهم البلاءُ، واسْتأْخَرَ عنهم النصرُ، حتى إذا اسْتَيْأَسَ الرسُلُ ممن كَذَّبَهُم مِن قومهم، وظَنُّوا أنَّ أتْباعَهم كَذَّبُوهُم، جاءهم نصرُ الله عند ذلك.
وفي رواية عبْدِ اللهِ بن عُبَيْدِ الله بن أبي مُلَيْكَة قال: قال ابن عباس: [ص:200] {حَتَّى إذا اسْتيْأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهمْ قد كُذِبوا} خَفِيفة، قال: ذهبَ بها هُنالك، وتلا {حتَّى يقولَ الرَّسولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا معه مَتَى نَصْرُ الله ألا إنَّ نَصْرَ الله قَريب} [البقرة: 214] ، قال: فلقيتُ عروةَ بنَ الزبير فذكرتُ ذلك له، فقال: قالت عائشة: مَعاذَ الله، والله ما وَعدَ اللهُ رسوله من شيء قَطُّ إِلا عَلِمَ أَنَّه كائِنٌ قبلَ أَنْ يَمُوتَ، ولكن لم تزَل البلايا بِالرُّسُلِ، حتى خافوا أَن يكون مَن معهم مِن قومهم يُكَذِّبُونَهم، وكانت تَقْرَؤها {وظَنُّوا أَنَّهمْ قد كُذِّبُوا} مُثَقَّلَة. أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) جاء في " زاد المسير " 4 / 296 قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر " كذبوا " مشددة الذال مضمومة الكاف، والمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم، فيكون الظن هاهنا بمعنى اليقين، وهذا قول الحسن وعطاء وقتادة وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " كذبوا " خفيفة، والمعنى: ظن قومهم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من النصر، لأن الرسل لا يظنون ذلك.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 267: وهذا ظاهر في أنها أنكرت القراءة بالتخفيف، بناء على أن الضمير للرسل، وليس الضمير للرسل على ما بينته، ولا لإنكار القراءة بذلك معنى بعد ثبوتها، ولعلها لم تبلغها ممن يرجع إليه في ذلك، وقد قرأها بالتخفيف أئمة الكوفة من القراء: عاصم ويحيى بن وثاب، والأعمش، وحمزة، والكسائي، ووافقهم من الحجازيين: أبو جعفر بن القعقاع، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس، وأبي عبد الرحمن السلمي، والحسن البصري، ومحمد بن كعب القرظي في آخرين.
(3) 8 / 299 في الأنبياء، باب قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة البقرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} ، وفي تفسير سورة يوسف، باب قوله {حتى إذا استيأس الرسل} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجة البخاري في أحاديث الأنبياء (20: 8) عن يحي بن بكير عن ليث عن عقيل عن محمد الزهري عن عروة عن عائشة تحفة الأشراف (12/66) .(2/199)
676 - () ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله: {وما يُؤمِنُ أكثَرُهُمْ بالله إِلاّ وهم مشركون} [يوسف: 106] ، قال: تسألهم: مَنْ خَلَقَهُم، ومن خلق السموات والأرضَ؟ فيقولون: اللَّه.
وفي رواية: فيُقرُّونَ أَنَّ الله خالقُهم، فذلك إيمانُهُم، وهم يعبدون غيره، فذلك شركهم. أخرجه (1) .
__________
(1) لم يذكر المصنف رحمه الله من أخرجه. وقد روى ابن جرير 13 / 51 من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال: من إيمانهم أنهم إذا قيل لهم: من خلق السماء، ومن خلق الأرض، ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله. وهم مشركون. وهو قول مجاهد وعكرمة وقتادة وعطاء والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن اسلم.(2/200)
سورة الرعد
677 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {ونُفَضِّلُ بعضَها على بعض في الأُكُلِ} [الرعد: 4] ، قال: «الدَّقَلُ والفارِسيُّ والحلوُ والحامضُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3117) في التفسير، باب ومن سورة الرعد، وأخرجه ابن جرير 13 / 69، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3118) قال حدثنا محمود بن خداش البغدادي. قال: حدثنا سيف بن محمد الثوري عن الأعمش عن أبي صالح فذكره.(2/201)
سورة إبراهيم
678 - (ت) أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {ويُسقَى من ماءٍ صَديدٍ. يتَجَرَّعُه} [إبراهيم: 16] ، قال: «يُقَرَّبُ إلى فِيه، فيكْرَهُه، فإِذا أُدْنِي منه شَوَى وجْهَهُ، ووَقعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِه، فإذا شرِبَه قَطَّعَ أمْعاءهُ، حتَّى يخرج من دُبُره» ، قال تعالى: {وَسُقُوا ماءً حَميماً فَقَطَّعَ أَمعاءَهم} [محمد: 15] ، وقال: {وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بماءٍ كالمُهْلِ يَشْوي الوُجُوهَ بئسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفقاً} [الكهف: 29] . أخرجه الترمذي (1) . [ص:202]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(صديد) الصديد: ما يسيل من القيح من الجراحات، ومن أجساد الموتى.
(فروة رأسه) فروة الرأس: هي جلدته بما عليها من الشعر.
(حميم) الحميم: الماء المتناهي حره.
(كالمهل) المهل: النحاس المذاب.
__________
(1) رقم (2586) في أبواب صفة جهنم، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، من حديث صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة، وقال: هذا حديث غريب، وهكذا قال محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن عبيد الله بن بسر، ولا نعرف عبيد الله بن بسر إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، [ص:202] وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبد الله بن بسر. وقال الحافظ في " التقريب ": قال الترمذي: لعله أخو عبد الله بن بسر المازني الصحابي. وقد جزم أبو نعيم في " الحلية " 8 / 182 بأن رواية صفوان هنا عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي، فإن صح ما قال زال الإشكال، والله أعلم. والحديث رواه أيضاً أحمد في " المسند " 5 / 265، وابن جرير 13 / 131، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 73، 74، وزاد نسبته للنسائي، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في " البعث والنشور ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجة أحمد (5/265) قال حدثنا علي بن إسحاق. و «الترمذي» (2583) قال حدثنا سويد بن نصر و «النسائي» في الكبرى « (تحفة الأشراف» (4894) عن سويد بن نصر.
كلاهما - علي، وسويد - قالا: أخبرنا عبد الله قال أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر فذكره.(2/201)
679 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: أُتِيَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقناعٍ فيه رُطَبٌ، فقال: مثلُ كلمةٍ طيِّبةٍ {كشجرةٍ طيِّبَةٍ أَصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السَّمَاءِ. تُؤتِي أُكُلَها كُلَّ حين بإذن ربِّها} [إبراهيم: 24، 25] قال: «هي النَّخْلةُ» ، {ومَثَلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجَرَةٍ خبيثَةٍ اجتُثَّتْ من فوق الأرض مالها من قَرارٍ} [إبراهيم: 26] قال: «هي الحنْظَل» . أخرجه الترمذي.
وقال: وقد رَوَاهُ غيرُ واحدٍ موقوفاً، ولم [ص:203] يرفَعُوهُ (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بقناع) القناع: طبق يؤكل عليه.
(مرتفقاً) المرتفق: المتكأ. وأصله من المرفق.
__________
(1) الترمذي رقم (3118) من حديث حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وزاد فيه - يعني شعيباً - كما صرح بذلك في رواية أبي يعلى: فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: صدق وأحسن، وقال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب عن أبيه عن أنس بن مالك نحوه بمعناه، ولم يرفعه، ولم يذكر قول أبي العالية، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة. وروى غير واحد مثل هذا موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد، ولم يرفعوه. حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، أخبرنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب ولم يرفعه. قال ابن كثير: وكذا نص عليه مسروق، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة، وغيرهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3119) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا أبو الوليد، «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (916) عن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل.
كلاهما - أبو الوليد، والنضر - عن حماد بن سلمة عن شعيب فذكره.(2/202)
680 - (خ م ت د س) البراء بن عازب - رضي الله عنهما -: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم إذا سُئلَ في القبر: يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسولُ الله، فذلك قوله: {يُثبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقولِ الثَّابتِ} » [إبراهيم: 27] .
وفي رواية قال: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقولِ الثَّابتِ} نزلت في عذاب القبر، يقالُ له: مَن رَبُّك؟ فَيقُولُ: ربِّيَ اللهُ، ونَبِيِّي محمدٌ. أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي. [ص:204]
إلا أنَّه قال: «هي في القبر، يُقال له: من ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نَبِيُّكَ؟» (1) .
__________
(1) البخاري 3 / 184 في الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، وفي تفسير سورة إبراهيم، باب {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} ، ومسلم رقم (2871) في صفة الجنة، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار، والترمذي رقم (3119) في التفسير، باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، وأبو داود رقم (4750) في السنة، باب المسألة في القبر وعذاب القبر، والنسائي 6 / 101 في الجنائز، باب عذاب القبر، وأخرجه ابن ماجة رقم (4269) في الزهد، باب ذكر القبر والبلى.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/282) قال: حدثنا عفان. وفي (291) قال: حدثنا محمد بن جعفر. و «البخاري» (2/122) قال: حدثنا حفص بن عمر. وفي (6/100) قال: حدثنا أبو الوليد. وفي (2/ 122) و «مسلم» 8/162) . و «ابن ماجة» (4269) ، «والنسائي» (4/101) قالوا: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا محمد بن جعفر. و «أبو داود» (4750) قال: حدثنا أبو الوليد. و «الترمذي» (3120) قال حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود.
خمستهم - عفان، وابن جعفر، وحفص، وأبو الوليد، وأبو داود - عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، وعن سعد بن عبيدة، فذكره.(2/203)
681 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {ألم تر إلى الذين بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً} [إبراهيم: 28] قال: هم كُفَّارُ أهْلِ مَكَّةَ.
وفي روايةٍ قال: هم والله كُفَّارُ قُريْشٍ، قال عَمرو (1) هم قُرَيْشٌ، ومحمدٌ: نعمةُ الله، {وأَحَلُّوا قومَهم دار البَوار} قال: النَّارَ يومَ بَدْرٍ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البوار) : الهلاك.
__________
(1) هو عمرو بن دينار، وهو موصول بالإسناد، كما في الرواية التي قبلها.
(2) 7 / 235 في المغازي، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، وفي تفسير سورة إبراهيم، باب {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً} ، قال الحافظ في " الفتح ": وقوله: يوم بدر، ظرف لقوله " أحلوا " أي: أنهم أهلكوا قومهم يوم بدر فأدخلوا النار، والبوار: الهلاك، وسميت جهنم دار البوار لإهلاكها من يدخلها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في المغازي (8: 18) عن الحميدي - وفي التفسير (14:3) عن علي بن عبد الله كلاهما عن سفيان والنسائي في التفسير «في الكبرى» عن قتيبه عن سفيان نحوه.(2/204)
682 - (م ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {يوم تُبَدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرض والسمواتُ} [إبراهيم: 48][ص:205] قلت: أيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يومئذ يا رسول الله؟ قال: «على الصراطِ» . أخرجه مسلم، والترمذي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (2791) في صفات المنافقين وأحكامهم، باب في البعث والنشور، والترمذي رقم (3120) في التفسير، باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (274) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (6/35) قال: حدثنا ابن أبي عدي. و «الدارمي» (2812) قال: حدثنا عمرو بن عون. قال: أخبرنا خالد. و «مسلم» (8/127) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا علي بن مسهر. و «ابن ماجة» (4279) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا علي بن مسهر. و «الترمذي» و (3242) قال: حدثنا ابن أبي عمر: قال حدثنا سفيان.
أربعتهم - سفيان بن عيينة، وابن أبي عدي، وخالد بن الحارث، وعلي بن مسهر - عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، فذكره.
أخرجه أحمد (6/134) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا وهيب. وفي (6/218) قال: حدثنا إسماعيل.
كلاهما - وهيب، وإسماعيل بن علية - عن داود، عن الشعبي. قال: قالت عائشة، فذكره، ليس فيه: - مسروق.(2/204)
سورة الحجر
683 - (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كانت امْرَأةٌ تُصلِّي خَلْفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حسناءُ من أحْسنِ النَّاسِ - وكان بعضُ القومَ يتقَدَّمُ، حتى يكونَ في الصفِّ الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصفِّ المؤَّخرِ، فإذا رَكعَ نظر من تحت إِبطَيهِ، فأنزل الله تعالى: {ولَقَدْ عَلِمْنا المُسْتَقْدِمينَ مِنْكُمْ ولقَدْ عَلِمْنا المُسْتَأخِرين} [الحجر: 24] . أخرجه الترمذي، والنسائي (1) .
__________
(1) النسائي 2 / 18 في الصلاة، باب المنفرد خلف الصف، والترمذي رقم (3122) في التفسير، باب ومن سورة الحجر من حديث نوح بن قيس الحداني عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس، قال الترمذي: وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه، ولم يذكر فيه عن ابن عباس، وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح. وقد استظهر ابن كثير بعد أن ذكر كلاماً طويلاً عن هذا الحديث أنه كلام أبي الجوزاء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/305) قال: حدثنا سريج. و «ابن ماجة» (1046) قال: حدثنا حميد بن مسعدة، وأبو بكر بن خلاد. و «الترمذي» (3122) قال: حدثنا قتيبة. و «النسائي» (2/118) ، وفي الكبري (853) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، و «ابن خزيمة» (1696) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي. وفي (1697) قال: حدثنا أبو موسى. (ح) وحدثناه الفضل بن يعقوب. سبعتهم - سريج، وحميد، وابن خلاد، وقتيبة، ونصر، وأبو موسى،والفضل - عن نوح بن قيس، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، فذكره.(2/205)
684 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا فِراسَةَ المؤمن، فإِنه يَنظُرُ بنورِ الله» ، ثم قرأ {إنَّ في ذلك لآياتٍ للمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] . [ص:206] أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3125) في التفسير، باب ومن سورة الحجر، وفي سنده عطية العوفي، وهو ضعيف. وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 103 وزاد نسبته لابن جرير وابن أبي حاتم والبخاري في " التاريخ " وابن السني وأبي نعيم معاً في " الطب " وابن مردويه والخطيب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (16 الحجر: 6) عن محمد بن إسماعيل البخاري عن أحمد بن أبي الطيب عن مصعب بن سلام، وقال: غريب إنما نعرفه من هذا الوجه.(2/205)
685 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول.
وفي رواية: في قوله {سبعاً من المثاني} [الحجر: 87] ، قال: السبع الطُّوَلُ. أخرجه النسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المثاني الطول) قد تقدم ذكر المثاني والطول، في تفسير سورة براءة.
__________
(1) 2 / 139 في الصلاة، باب تأويل قول الله عز وجل: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني} من حديث جرير عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وإسناده حسن. وأخرجه أيضاً من حديث علي بن حجر عن شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأخرجه أبو داود رقم (1459) بلفظ: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى عليه السلام ستاً، فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقي أربع "، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 105 وزاد نسبته إلى الفرياني وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم والبيهقي في " شعب الإيمان ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1459) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. و «النسائي» (2/139) وفي الكبرى (897) قال: أخبرني محمد بن قدامة. كلاهما - عثمان، ومحمد بن قدامة - قالا: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، فذكره. أخرجه النسائى (2/140) ، وفي الكبرى (898) قال: أخبرنا علي بن حجر المروزي، قال: حدثنا شريك. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5590) عن أحمد بن سليمان، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل. كلاهما - شريك، وإسرائيل - عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله- سبعا من المثاني - قال: السبع الطول.(2/206)
686 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {الذينَ جَعَلُوا القرآن عِضينَ} [الحجر: 91] قال: هم أهل الكتاب: اليهودُ والنَّصارَى، جَزَّؤوهُ أَجزاء، فآمنوا بِبَعْضٍ، وكفروا بِبَعْضٍ. [ص:207] أخرجه البخاري (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عِضِين) جمع عِضَة: من عَضَيت الشيء: إذا فرقته، وقيل: الأصل عِضْوة، فنقصت الواو وجمعت، كما فعل في عِزِين: جمع عِزوة.
__________
(1) 8 / 290 في تفسير سورة الحجر، باب قوله عز وجل: {الذين جعلوا القرآن عضين} ، و 8 / 279 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الهجرة (المناقب: 112: 5) عن زياد بن أيوب وفي التفسير (15: 4:1) عن يعقوب بن إبراهيم كلاهما عن هشيم.(2/206)
687 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: {لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعينَ. عَمَّا كانُوا يعْمَلونَ} [الحجر: 92، 93] قال: عن قول: «لا إله إلا اللهُ» . أخرجه الترمذي (1) . وأخرجه البخاري في ترجمة باب.
__________
(1) رقم (3126) في التفسير، باب ومن سورة الحجر، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (15: 5) عن أحمد بن عبدة الضبي عن المعتمر بن سليمان، عن ليث ابن أبي سليم وقال: غريب إنما نعرفه من حديث ليث واقد رواه ابن إدريس عن ليث عن بشر عن أنس نحوه ولم يرفعه.(2/207)
سورة النحل
688 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {مَنْ كفر باللَّه من بعد إِيمانه إلّا مَنْ أُكْرِهَ وقَلبُهُ مُطمئنٌّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من اللَّه ولهم عذاب عظيم} واستثنى من ذلك {ثُمَّ إنَّ ربَّكَ لِلَّذينَ هاجَرُوا مِنْ بعْدِ ما فُتِنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها [ص:208] لغفور رحيم} [النحل: 110] وهو عبد الله بن أبي السَّرْح (1) - الذي كان على مصرَ - كان يكتُبُ الوْحيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأزلَّهُ الشيطانُ، فَلَحِقَ بالكفار، فأمر به أن يُقتل يوم الفتح، فاسْتجارَ له عثمان بن عفان، فأجارَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائي (2) .
__________
(1) عبد الله بن سعد بن أبي السرح: أحد بني عامر بن لؤي، كان كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ولحق بمكة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وعرف فضله وجهاده، وكان على ميمنة عمرو بن العاص حين فتح مصر، وهو الذي فتح إفريقية سنة سبع وعشرين. وغزا الأساود من النوبة، ثم هادنهم الهدنة الباقية إلى اليوم. ولما خالف محمد بن أبي حذيفة على عثمان، اعتزل الفتنة، ودعا الله أن يقبضه إثر صلاة الصبح، فصلى بالناس الصبح، فلما ذهب يسلم الثانية، قبضت نفسه بعسفان. عن الروض الأنف (274) للسهيلي.
(2) 7 / 107 في تحريم الدم، باب توبة المرتد، وأخرجه أبو داود رقم (4358) في الحدود، باب الحكم فيمن ارتد، وفي سنده علي بن الحسين بن واقد، وهو وإن كان ثقة له أوهام، وباقي رجاله ثقات، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 356، 357 ووافقه الذهبي. وروى الحاكم أيضاً في " المستدرك " 2 / 357 من حديث عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال: " إن عادوا فعد " وقال: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. وقد ذكره الحافظ في " الفتح " 12 / 278، وقال: وهو مرسل ورجاله ثقات، وذكره من عدة طرق مرسلة، وقال: وهذه المراسيل يقوى بعضها ببعض.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود وفي الحدود (1: 8) . النسائي في المحاربة (12: 2) . - في حديث أوله قال في سورة النحل - من كفر بالله من بعد إيمانه (16: 106) الحديث تحفة الأشراف (5/176) .(2/207)
689 - (ت) أبي بن كعب رضي الله عنه قال: لما كان يومُ أُحُدٍ: أُصيب من الأنصار أربعةٌ وستُّون رُجلاً، ومن المهاجرين ستةٌ - منهم حمزة بن [ص:209] عبد المطَّلب - فمثَّلُوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوماً مثلَ هذا لَنُرْبِيَنَّ عليهم التمثيل، فلما كان يومُ فتح مكة أَنزل الله {وإن عاقبتُم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ولئن صبرتُم لهو خيرٌ للصابرين} [النحل: 126] فقال رجل: لا قُرَيْشَ بعد اليوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُفُّوا عن القوم إلا أَربعة (1) » . أخرجه الترمذي (2) . [ص:210]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مثّلوا بهم) مثل به يمثل: إذا نكَّل به، ومثل بالقتيل: إذا جدعه. وشوه خلقته، والاسم: المُثلة.
(لنربين) أي: لنزيدن.
__________
(1) هم: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح. أما عكرمة بن أبي جهل: فهرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، فاستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه. فخرجت في طلبه إلى اليمن، حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه.
وأما عبد الله بن خطل: فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي، اشتركا في دمه. وابن خطل: رجل من بني تميم بن غالب. وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، لأنه كان مسلماً - فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً، وبعث معه رجلاً من الأنصار، وكان معه مولى من المسلمين يخدمه فنزل منزلاً، وأمر ابن خطل المولى أن يذبح له تيساً فيصنع له طعاماً، فنام فاستيقظ ولم يصنع المولى له شيئاً، فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركاً.
وكان له قينتان - فرتنى وسارة - وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه. فقتلت فرتنى، وهربت صاحبتها، وبقيت حتى أوطأها رجل فرسه فقتلها في زمن عمر.
ويقال: إن فرتنى أسلمت، وإن سارة أمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما مقيس بن صبابة: فقتله نميلة بن عبد الله، رجل من قومه بني ليث، حي من بني كعب.
(2) رقم (3128) في التفسير، باب ومن سورة النحل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} ، وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي بن كعب، وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد 5 / 135 ولفظه: كان يوم أُحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربين عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمن [ص:210] الأسود والأبيض إلا فلاناً وفلاناً، ناساً سماهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصبر ولا نعاقب» ...
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3129) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف 13» كلاهما عن أبي عمار الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى، و «عبد الله بن أحمد» (5/135) قال: حدثنا أبو صالح هدبة بن عبد الوهاب قال: حدثنا الفضل. وفي (3/135) قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي قال: حدثنا أبو تميلة.
كلاهما - الفضل، وأبو تميلة - عن عيسى بن عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، فذكره.(2/208)
سورة بني إسرائيل
690 - (خ) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: في بني إسرائيل والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: إِنَّهُنَّ من العتاقِ (1) الأُوَل، وهُنَّ من تِلادي. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العِتاق الأول) أراد بالعتاق الأول: السور التي نزلت أولاً بمكة، [ص:211] ولذلك قال: «تلادي» يعني: من أول ما تعلمته، والتِّلاد والتالد: المال الموروث القديم، والطريف: المكتسب.
__________
(1) بكسر المهملة وتخفيف المثناة: جمع عتيق، وهو القديم، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة، وبالثاني: جزم جماعة في هذا الحديث، وبالأول: جزم أبو الحسن بن فارس، وقوله " الأول " بتخفيف الواو، وقوله " هن من تلادي " بكسر المثناة وتخفيف اللام، أي: مما حفظ قديماً، والتلاد، والتليد: قديم المال، وهو بخلاف الطارف، والطريف، ومراد ابن مسعود: أنهن من أو ما تعلم من القرآن، وأن لهن فضلاً لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم.
(2) 8 / 294 في فاتحة تفسير سورة بني إسرائيل، وفي فاتحة تفسير سورة الأنبياء، وفي فضائل القرآن، باب تأليف القرآن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (1021) عن بندار عن غندر وفيه - التفسير (17: 1) وفي فضائل القرآن (6: 2) عن آدم كلاهما عن شعبة عن أبي إسحاق عنه به الأشراف (7/ 88) .(2/210)
691 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناسِ} [الإسراء: 60] ، قال: هي رؤيا (1) عَيْنٍ أُرِيها (2) النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسْريَ به إلى بيتِ المقدس، {والشجرة الملعونة في القرآن} هي شَجرة الّزَّقُّوم (3) . أخرجه البخاري، والترمذي (4) . [ص:212]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إلا فتنة للناس) الفتنة: الاختبار والابتلاء، وقيل: أراد به: الافتتان في الدِّين. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به، وحدث الناس بما رأى من العجائب، صدقه بعض الناس، وكذبه بعضهم، فافتتنوا بها.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 278: واستدل به على إطلاق لفظ " الرؤيا " على ما يرى بالعين في اليقظة، وقد أنكره الحريري تبعاً لغيره، وقالوا: إنما يقال: " رؤيا " في المنام، وأما التي في اليقظة فيقال رؤية، وممن استعمل الرؤيا على التي في اليقظة المتنبي في قوله:
((ورؤياك أحلى في العيون من الغمض))
وهذا التفسير يرد على من خطأه.
(2) قال الحافظ: لم يصرح بالمرئي، وعند سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال: هو ما أري في طريقه إلى بيت المقدس.
(3) قال الحافظ: هذا هو الصحيح، وذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفساً من التابعين. وأما الزقوم: فقد قال أبو حنيفة الدينوري في " كتاب النباتات " الزقوم شجرة غبراء، تنبت في السهل، صغيرة الورق مدورته، لا شوك لها، ذفرة مرة، لها كعابر في سوقها كثيرة ولها وريد ضعيف جداً يجرسه النحل، ونورتها بيضاء، ورأس ورقها قبيح جداً.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: " قال المشركون: يخبرنا محمد أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فكان ذلك فتنة لهم ".
وقال السهيلي: الزقوم وزن فعول، من الزقم: وهو اللقم الشديد، وفي لغة تميمية: كل طعام يتقيأ منه، يقال له: زقوم، وقيل: هو كل طعام ثقيل.
(4) البخاري 7 / 170، 171 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب المعراج، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} ، وفي القدر، باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} ، والترمذي رقم (3133) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/221) (1916) . و «البخاري» (5/.، 69 8/156) قال حدثنا الحميدي وفي (6/107) قال حدثنا علي بن عبد الله. و «الترمذي» (3134) قال حدثنا ابن أبي عمر. و «النسائي» في الكبرى. «تحفة الأشراف» (1667) عن محمد بن منصور خمستهم - أحمد، والحميدي وعلي بن عبد الله، وابن أبي عمر، ومحمد بن منصور - عن سفيان.
2- وأخرجه أحمد (1/370) (3500) قال حدثنا روح قال حدثنا زكريا بن إسحاق.
كلاهما- سفيان، وزكريا - قالا: حدثنا عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة، فذكره.(2/211)
692 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -:في قوله عز وجل: {أَمَرْنا مُتْرَفِيها} [الإسراء: 16] قال: كنا نقولُ للحيِّ في الجاهلية - إذا كَثُرُوا - قد أَمِرَ (1) بنُو فُلانٍ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قد أمِرَ بنو فلان) يقال: أمر بنو فلان، أي: كثروا وزادوا.
__________
(1) وأخرجه البخاري عن الحميدي عن سفيان وقال: " أمر " وضبطه الحافظ فقال الأولى بكسر الميم، والثانية بفتحها، وقال: كلاهما لغتان، وأنكر ابن التين فتح الميم في أمر بمعنى كثر، وغفل في ذلك، ومن حفظه حجة عليه.
وقال ابن الجوزي في " زاد المسير " 5 / 18 في تفسير الآية: قرأ الأكثرون " أمرنا " مخففة على وزن " فعلنا " وفيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا، هذا مذهب سعيد بن جبير، قال الزجاج: ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر. والثاني: أكثرنا، يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثرته، ومنه قولهم: مهرة مأمورة، أي: كثيرة النتاج: يقال: أمر بنو فلان يأمرون أمراً: إذا كثروا، هذا قول أبي عبيدة وابن قتيبة،
والثالث: أن معنى: أمرنا أمرنا، يقال: أمرت الرجل بمعنى أمرته، والمعنى: سلطنا مترفيها بالإمارة. ذكره ابن الأنباري.
(2) 8 / 299 في تفسير سورة بني إسرائيل، باب {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (17: 3- ألف) عن علي بن عبد الله عن سفيان. قال: وقال الحميدي:حدثنا سفيان.... فذكره وقال: أمر. تحفة الأشراف (7./57) .(2/212)
693 - (خ م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: [ص:213] {أولئك الذين يَدْعُون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} [الإسراء: 57] قال: كان نَفَرٌ من الإنس يعبدون نفراً من الجن، فأسلم (1) النَّفَرُ من الجِنِّ، فاسْتمْسَك الآخرون بعبادتهم، فنزلت {أولئك الذين يَدْعون (2) يبتغون إلى ربهم الوسيلة} أخرجه البخاري ومسلم (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يبتغون إلى ربهم الوسيلة) الوسيلة: ما يتوسل به إلى الشيء، أي: يطلبون القربة إلى الله تعالى.
__________
(1) قال الحافظ: أي: استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك، لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه " والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم " وهذا هو المعتمد في تفسير الآية.
(2) مفعول " يدعون " محذوف، تقديره: أولئك الذين يدعونهم آلهة يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه " تدعون " بالمثناة الفوقية، على أن الخطاب للكفار، وهو واضح، قاله الحافظ.
(3) البخاري 8 / 301 في تفسير سورة بني إسرائيل، باب {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} ، وباب قوله: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} ، ومسلم رقم (3030) في التفسير، باب قوله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} ، واللفظ لمسلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/107) قال: حدثني عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان. (ح) وحدثنا بشر بن خالد، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، و «مسلم» (8/244) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. (ح) وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. (ح) وحدثنيه بشر بن خالد، قال: أخبرنا محمد، يعني ابن جعفر، عن شعبة. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9337) عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان. (ح) وعن محمد بن العلاء، عن ابن إدريس. (ح) وعن محمد ابن منصور، عن سفيان بن عيينة. أربعتهم - سفيان الثوري، وشعبة، وعبد الله بن إدريس، وسفيان بن عيينة- عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، فذكره.(2/212)
694 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: عن النبي صلى الله عليه وسلم {يومَ نَدعو كلَّ أُناسٍ بإِمامهم} [الإسراء: 71] قال: «يُدْعى أحدُهم، فيُعطى كتابَه بيمينه، ويمُدُّ له في جِسْمِهِ سِتُّون ذراعاً، ويَبْيضُّ وجهْهُ، ويُجعلُ على رأسِه تَاجٌ من لؤلؤٍ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه الذين كانوا يجتمعون إليه [ص:214] فيرَونه من بعيد، فيقولون، اللهم ائْتِناَ بهذا، فيأتيهم، فيقول: أبْشرُوا لكُلِّ رجُلٍ منكم مثلُ هذا المتبوع على الهُدَى، وأما الكافر: فيُعْطَى كتابَه بشماله، ويَسوَدُّ وجهه، ويُمدُّ له في جسمه سِتونَ ذراعاً، ويُلبس تاجاً من نارٍ، فإذا رآه أصحابُهُ يقولون: نعوذُ بالله من شر هذا، اللَّهُمَّ لا تأتِنا به، فيأتيهم، فيقولون: اللهم أّخِّرْه، فيقول لهم: أبعَدكُمُ الله، فإنَّ لكلِّ رجلٍ منكم هذا» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3135) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي كريمة، والد السدي الكبير، وهو مجهول الحال، لم يوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد حسن الترمذي حديثه هذا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3136) قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبيه فذكره.(2/213)
695 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: كان يقولُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ: مَيْلُها. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 11 في وقوت الصلاة، باب ما جاء في دلوك الشمس إلى غسق الليل، وإسناده صحيح. وهو قول أبي برزة وأبي هريرة والحسن والشعبي وسعيد بن جبير وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعبيد بن عمير وقتادة والضحاك ومقاتل، وهو اختيار الأزهري. وروى الحاكم 2 / 363 عن ابن مسعود أنه غروبها، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقد قال بهذا القول النخعي وابن زيد، وعن ابن عباس كالقولين، قال الفراء: ورأيت العرب تذهب في الدلوك إلى غيبوبة الشمس، وهذا اختيار ابن قتيبة، قال: لأن العرب تقول: ذلك النجم: إذا غاب، قال ذو الرمة:
مصابيح ليست باللواتي تقودها ... نجوم ولا بالافلات الدوالك
وتقول في الشمس: دلكت براح، يريدون: غربت.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (1/44/18) وقال الزرقاني: وكذا روى عن ابن ابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة وعن خلق من التابعين ورى ابن أبي حاتم عن علي: دلوكها غروبها ورجح الأول بأن نافعا وإن وقفه فقد رواه سالم نافعا عن أبيه ابن عمر عن النبي، أخرجه ابن مردويه فلا يعدل عنه،وبأنه يدل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم «أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بهم الظهر» أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وابن مردويه في تفسيره والبيهقي في المعرفة من حديث أبي مسعود الأنصاري.(2/214)
696 - (ط) ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان يقولُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ: إذا فاءَ الفَيْئُ، وغَسَقُ اللَّيل: اجتماعُ اللَّيْلِ وظُلْمتُهُ. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 11 في وقوت الصلاة، باب ما جاء في دلوك الشمس إلى غسق الليل، وفي سنده مجهول، وأورده السيوطي في " الدر " 4 / 195، ونسبه لابن أبي شيبة وابن المنذر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (1/45) وقال الزرقاني - مالك بن داود بن الحصين - وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وابن إسحاق وأحمد بن صالح المصري. والنسائي وقال أبوحاتم:ليس بقوى لولا أن مالكا روى عنه لترك حديثه وقال الباجي: منكر الحديث متهم برأسه الخوارج قال ابن حبان لم يكن داعية وقال بن عدي هو عندي صالح الحديث مات سنة خمس وثلاثين ومائة.(2/214)
697 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -:في قوله تعالى: {إِنَّ قرآن الفجر كان مَشْهوداً} [الإسراء: 78] أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «تشهدُهُ ملائكةُ الليل وملائكة النهار» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3134) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرج البخاري 8 / 312، ومسلم رقم (649) من حديث أبي هريرة مرفوعاً " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، ويجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح، يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال ابن كثير: فعلى هذا تكون هذه الآية: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قد دخل فيها أوقات الصلوات الخمس. فمن قوله: {لدلوك الشمس إلى غسق الليل} وهو ظلامه: أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن قوله {وقرآن الفجر} يعني صلاة الفجر، وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواتراً من أقواله وأفعاله بتفاصيل هذه الأوقات على ما هي عليه اليوم عند أهل الإسلام مما تلقوه خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/474) والبخاري في جزءالقراءة خلف الإمام (251) قال حدثنا عبيد بن أسباط و «ابن ماجة» (670) قال حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي، «الترمذي» (3135) قال حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد قرشي كوني. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/.12332) عن عبيد بن أسباط بن محمد.
كلاهما - أحمد بن حنبل، وعبيد - عن أسباط بن محمد، عن الأعمش عن أبي صالح، فذكره.(2/215)
698 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {عسى أن يبعثَك ربُّكَ مقاماً محموداً} قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود؟ قال: «هو الشفاعة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3136) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وفي سنده ضعيف ومجهول، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (18 بني إسرائيل: 9) عن أبي كريب عن وكيع عن داود بن يزيد عن أبيه وقال: حسن تحفة الأشراف (10/423) .(2/215)
699 - (خ) آدم بن علي- رحمه الله (1) -: قال: سمعتُ ابن عمر يقول: [ص:216] إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُون جُثى (2) ، كلُّ أُمَّة تَتْبَعُ نَبِيّها، يقولون: يا فلانُ اشْفَع، يا فلان اشفع، حتَّى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يومَ يَبْعَثُهُ الله المقام المحمود. أخرجه البخاري.
وأخرجه البخاري أيضاً، عن حمزة، عن أبيه عبد الله بن عُمَرَ مَرْفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جُثى) الجثى: جمع جثوة، وهي الجماعة.
__________
(1) هو آدم بن علي العجلي. ويقال: الشيباني، ويقال: البكري. روى عن ابن عمر، وعنه شعبة والأحوص وأيوب بن جابر وغيرهم. وهو بصري ثقة، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث، كما قال الحافظ ابن حجر في " الفتح ".
(2) بضم الميم وفتح المثلثة، مقصوراً، أي: جماعات، واحدها: جثوة، وكل شيء جمعته من تراب ونحوه فهو جثوة، وأما الجثي في قوله تعالى: {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً} فهو جمع الجاثي على ركبتيه ... .
(3) 8 / 302، 303 في التفسير، في تفسير سورة بني إسرائيل، باب قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} ، وفي الزكاة، باب من سأل الناس تكثراً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/108) قال: حدثني إسماعيل بن أبان: و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (6644) عن العباس بن عبد الله بن العباس، عن سعيد بن منصور.
كلاهما - إسماعيل بن أبان، سعيد بن منصور - عن أبي الأحوص، عن آدم ابن علي، فذكره.
سعيد بن منصور رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.(2/215)
700 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بِمكَّةَ أُمِرَ بالهجرِةِ، فنزلت عليه {وقُلْ رَبِّ أَدْخلني مُدْخَل صِدْقٍ وأَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ واجعلْ لي من لدُنْك سُلطاناً نَصيراً} [الإسراء: 80] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3138) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل. وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (1948) ، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، لينه الحافظ في " التقريب " قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/223) (1948) والترمذي (3139) قال حدثنا أحمد بن منيع.
كلاهما - أحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع - قالا: حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه فذكره.(2/216)
701 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: بَينَا أنا مع [ص:217] رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوكَّأُ على عَسيبٍ - مَرَّ بنفَرٍِ من اليهود، فقال بعضُهُمْ: سلوهُ عن الروح؟ وقال بعضهم: لا تسألوه لا يُسمِعكم ما تَكرهُون، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا القاسم، حَدِّثنا عن الروح، فقام ساعة ينظُرُ، فعرفتُ أَنه يوَحى إليه فتأَخرتُ حتى صَعِد الوحيُ، ثم قال: {ويسألونك عن الروح قُل الرُّوحُ من أمْرِ (1) رَبِّي وما أُوتيتُم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85] فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم: لا تسألوه.
وفي رواية: «وما أوتوا من العلم إلا قليلاً» قال الأعمش: هكذا في قراءتنا (2) . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (3) . [ص:218]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عسيب) العسيب: سعف النخل، وأهل العراق يسمونه الجريد.
__________
(1) قال ابن القيم: ليس المراد هنا بالأمر الطلب اتفاقاً، وإنما المراد به المأمور، والأمر يطلق على المأمور كالخلق على المخلوق، ومنه {لما جاء أمر ربك} ، وقال ابن بطال: معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه بدليل هذا الخبر، والحكمة في إبهامه اختبار الخلق ليعرفهم عجزهم عن علم ما لا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه.
(2) ليست هذه القراءة في السبعة، بل ولا في المشهور من غيرها، قال الحافظ: وقد أغفلها أبو عبيد في كتاب القراءات له من قراءة الأعمش.
(3) البخاري 1 / 198 في العلم، باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب {ويسألونك عن الروح} ، وفي الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال، وفي التوحيد، باب {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} ، وفي التوحيد، باب قوله تعالى: {إنما أمرنا لشيء إذا أردناه} ، ومسلم رقم (2794) في صفات المنافقين، باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح، والترمذي رقم (3140) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " رقم (3688) . قال ابن كثير في تفسيره 5 / 227: وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية، وقد يجاب عن هذا بأن تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية: {ويسألونك عن الروح} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/389) (3688) ، (1/444) (4248) قال: حدثنا وكيع. و «البخارى» (1/43) قال: حدثنا قيس بن حفص، قال: حدثنا عبد الواحد، في (6/108) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي. وفي (9/119) قال: حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون، قال: حدثنا عيسى بن يونس. وفي (9/166) قال: حدثنا يحي، قال: حدثنا وكيع. وفي (9/1167) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد. و «مسلم» (8/، 128 129) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، وقال أبي. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو سعيد الأشج، قالا: حدثنا وكيع ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وعلي بن خشرم، قالا: أخبرنا عيسى بن يونس، و «الترمذي» (3141) قال: حدثنا علي بن خشرم، قال: أخبرنا عيسى بن يونس. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» . (9419) عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس.
أربتعتهم - وكيع، وعبد الواحد بن زياد، وحفص بن غياث، وعيسى بن يونس - عن الأعمش، قال: حدثني إبراهيم، عن علقمة، فذكره.
(*) صرح الأعمش بالتحديث في رواية حفص بن غياث عنه، عند البخاري.
ورواه أيضا عن عبد الله، مسروق.
أخرجه أحمد (1/410) (3898) . و «مسلم» (8/129) .(2/216)
702 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه عن الروح، فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن الروح قُل: الرُّوحُ من أمْرِ رَبِّي وما أُوتيتُم من العلم إلا قليلاً} قالوا: أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً، فأنزل الله: {قُل لو كانَ البحْرُ مِداداً لكلمات ربِّي لنَفِدَ البحرُ قبل أَن تَنْفَدَ كلماتُ ربي ولو جئنا بمثله مَدَداً} [الكهف: 109] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3139) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وإسناده حسن. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (2309) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 199، وزاد نسبته للنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبي الشيخ في " العظمة " والحاكم وابن مردويه، وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في " الدلائل " عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي والنسائي: جميعا في التفسير (ت 18بني إسرايئل:،12 والنسائي في الكبرى) عن قتيبه عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. تحفة الأشراف (5./133) .(2/218)
703 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {وَلا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها} [الإسراء: 110] قال: أُنْزِلتْ ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُتَوارٍ بمكَّةَ (1) ، وكان إذا رفَعَ صوتَهُ، سَمِعَهُ المشركون فسبُّوا القرآن ومَنْ أنْزَلَهُ ومَنْ جاءَ بِهِ، فقال الله عز وجل: {ولا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ} ، أي: [ص:219] بقراءتك، حتى يَسْمَعَها المشركون {ولا تُخافِتْ بها} : عن أصْحابِكَ، فلا تُسْمِعُهُم {وَابْتَغِ بين ذلك سَبيلاً} : أسْمِعْهُم، ولا تجهر حتى يأخُذوا عنك القرآن.
وفي رواية: {وَابْتَغِ بين ذلك سَبيلاً} يقول: بين الْجَهْرِ والمخَافَتَةِ. أخرجه الجماعة إلا الموطأ، وأبا داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تخافت) المخافتة: المساررة: والتخافت: السرار.
__________
(1) يعني: في أول الإسلام.
(2) البخاري 8 / 307 في تفسير سورة بني إسرائيل، باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} ، وفي التوحيد، باب قوله {أنزله بعلمه} ، وباب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به} ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الماهر بالقرآن "، ومسلم رقم (446) في الصلاة، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية، والترمذي رقم (3144) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي 2 / 177 و 178 في الصلاة، باب قوله عز وجل {ولا تجهر بصلاتك} ، ورواه أحمد في " المسند "، والطبري 15 / 123، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 206، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، والطبراني والبيهقي في سننه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1-أخرجه أحمد (1/، 23 1/215) (1853) . و «البخاري» (6/109) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. وفي (9/1743) قال: حدثنا مسدد. وفي (9/188) قال: حدثني عمرو بن زرارة. وفي (9/194) قال: حدثنا حجاج بن منهال. و «مسلم» (2/34) قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح. وعمرو الناقد. و «الترمذي» (3146) قال: حدثنا أحمد بن منيع و «الترمذي» أيضا «تحفة الأشراف» (5451) عبد بن حميد، عن سليمان بن داود. و «النسائي» (2/177) . وفي الكبرى (993) قال: أخبرنا أحمد بن منيع، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي. و «ابن خزيمة» (1587) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي وأحمد بن منيع.
تسعتهم - أحمد بن حنبل، ويعقوب، ومسدد، وعمرو بن زرارة، وحجاج، ومحمد بن الصباح، وعمرو الناقد، وأحمد بن منيع، وسليمان بن داود - عن هشيم.
كلاهما - هشيم، والأعمش - عن أبي بشر جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، فذكره.
2- أخرجه الترمذي (3145) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: حدثنا سليمان بن داود، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، ولم يذكر - عن ابن عباس.(2/218)
704 - (خ م ط) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: أُنْزِلَ هذا في الدُّعاء {ولا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها} . أخرجه البخاري، ومسلم.
وأخرجه الموطأ عن عروة بن الزبير، فجعله من كلامه (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 307 في تفسير سورة بني إسرائيل، باب {ولا تجهر بصلاتك} ، وفي الدعوات، باب الدعاء في الصلاة، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به} ، ومسلم رقم (447) في الصلاة، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية، والموطأ 1 / 218 في القرآن، باب العمل في الدعاء، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 207، وزاد نسبته إلى سعيد [ص:220] بن منصور، وابن أبي شيبة في المصنف، وأبي داود في " الناسخ "، والبزار، والنحاس، وابن نصر، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها.
قال الحافظ في " الفتح ": قوله: أنزل ذلك في الدعاء، هكذا أطلقت عائشة وهو أعم من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/109) قال: حدثني طلق بن غنام. قال: حدثنا زائدة. وفي (8/89) قال: حدثنا علي. قال: حدثنا مالك بن سعير. وفي (9/188) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو أسامة. و «مسلم» (2/34) قال: حدثنا يحيى بن يحيى. قال: أخبرنا يحيى بن زكريا. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا حماد، يعن ابن زيد (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثناأبو أسامة ووكيع (ح) وحدثنا أبو كريب. وقال: حدثنا أبو معاوية. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (12/17094) عن هارون بن إسحاق، عن عبدة بن سليمان. وفي (12/17332) عن شعيب بن يوسف. وعن يحيى بن سعيد القطان. و «ابن خزيمة» (707) قال: حدثنا سلم بن جنادة. قال: حدثنا حفص، يعني ابن غياث.
عشرتهم - زائدة، ومالك بن سعير، وأبو أسامة، ويحيى بن زكريا، وحماد بن زيد، ووكيع، وأبو معاوية، وعبدة، ويحيى بن سعيد، وحفص - عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.(2/219)
سورة الكهف
705 - (ط) سعيد بن المسيب -رحمه الله -: قال: {الباقيات الصالحات} [الكهف: 46] هي قولُ العبدِ، اللهُ أَكَبرُ، وسبحان الله، والحمد للهِ، ولا إلهَ إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 210 في القرآن، بل ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (513) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وسنده صحيح، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1 / 297 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 235 وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ (2/39) بشرح الزرقاني في القرآن باب ماجاء في ذكر الله تبارك وتعالى وأخرجه أحمد رقم (513) عن عثمان بن عفان. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/297) وقال: رواه أحمد وأبو يعلي البزار. وأورده السيوطي في الدر المنثور (4 /235) وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر.(2/220)
706 - (خ م ت) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: قلتُ لابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما: إنَّ نَوْفاً البِكاليُّ (1) يزْعُمُ أنَّ مُوسى - صاحبَ بني إسرائيل - ليس هو صاحبَ الخَضِرِ (2) . [ص:221]
فقال: كذبَ عَدُوُّ الله (3) ، سَمِعتُ أُبَيَّ بن كَعْبٍ يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قام موسى -عليه السلام -خَطيباً في بني إسرائيل» ، فسُئل: أَي الناس أعلمُ؟ فقال: أنا أعلم، قال: فعتَبَ الله عليه إذْ لم يَرُدَّ العلمَ إليه، فأَوحْى الله إليه: إنَّ عبداً من عبادي بمجْمَع البحرين، هو أعلم منك (4) ، قال موسى، أيْ ربِّ، كَيْفَ لي به؟ فَقِيلَ له: احْمِلْ حُوتاً في مِكْتَلٍ، فحيثُ تَفْقِدُ الحُوتَ، فهو ثَمَّ، فانطلق وانطلق معه فتاهُ (5) ، وهو يُوشَعُ بنُ نونٍ، فحملَ مُوسَى حوتاً في مِكتَلٍ، فانطلق هو وفتاه يَمشِيانِ، حتى أَتيا الصخرةَ، فَرقَدَ موسى وفتاه، فاضطرب الحوتُ في المكتل، حتى خرجَ من المكتلِ، فسقط في البحر، [ص:222] قال: وأَمْسك الله عنه جِرْيَةَ الماء حتى كان مِثلَ الطَّاق (6) فكان للحوت سَرباً وكان لموسى وفتاهُ عَجباً، فانطلقا بقيةَ ليلتهما ويومَهما (7) ، ونسي صاحبُ موسى أنْ يُخبِرَهُ، فلما أَصبح موسى عليه السلام قال لفتاه: {آتنا غَداءنا لقد لَقِينا من سفرنا هذا نَصباً} [الكهف: 62] قال: ولم ينَصبْ حتى جاوزَ المكانَ الذي أُمِرَ به {قال أرأيتَ إذْ أوَيْنا إلى الصخرةِ فإني نسيتُ الحوتَ ومَا أنْسانِيهُ إلا الشيطانُ أَن أذكره واتَّخذَ سبيلَه في البحر عَجباً} قال موسى: {ذلك ما كُنَّا نَبْغ (8) فارتَدَّا على آثارهما قَصَصاً} [الكهف: 63، 64] قال: يَقُصَّان آثارَهُما، حتى أتَيا الصخرةَ، فرأى رجلاً مُسجّى عليه بثوب، فسلَّم عليه موسى، فقال له الخضر: أنَّى بأرضك السلام (9) ؟ قال: أنا موسى، قال: [ص:223] موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنَّك على علمٍ من علم الله علَّمَكَهُ اللهُ لا أعْلَمُهُ، وأَنا على علم من علم الله عَلمنِيهِ لا تَعْلَمُهُ، قال له موسى: {هل أتَّبِعُكَ على أن تُعلِّمني (10) مما عُلِّمتَ رُشْداً. قال إنك لن تَسْتطيع معي صَبْراً. وكيف تَصْبِرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْراً. قال سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللَّهُ صابراً ولا أعصي لك أمراً} قال له الخضر: {فإن اتَّبَعْتَني فلا تَسألني عن شيء حتى أُحْدِثَ لك منه ذكراً} [الكهف: 66 - 70] قال: نعم، فانطلق موسى والخَضر يَمشِيانِ على ساحل البحر، فمرَّت بهما سفينةٌ، فكَلَّموهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُما، فَعَرَفُوا الخَضِرَ، فحملوهما بغير نَوْلٍ، فَعَمَدَ الخضرُ إلى لوْحٍ من ألواح السفينة، فنزعه، فقال له موسى: قومٌ حملونا بغير نولٍ، عمدت إلى سفينتهم، فخرقتها {لتُغْرِق أَهلها لقد جئت شيئاً إمْراً (11) . قال ألم أقل إنَّك لن تستطيع معي صبراً. قال لا تُؤَاخِذني بما نَسيتُ ولا تُرْهِقْني من أمري عُسْراً} [الكهف: 71، 73] ، [ص:224] ثمَّ خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل، إذا غُلامٌ يلعبُ مع الغلمان، فأخذَ الخضرُ برأْسِهِ، فاقْتلَعَهُ بيده، فقتله، فقال موسى: {أقَتَلْتَ نَفْساً زاكيةً (12) بغير نفسٍ لقد جئتَ شيئاً نُكْراً. قال ألم أقُلْ لك إنك لن تستطيع معي صبراً} [الكهف: 74، 75] قال: وهذه أشَدُّ من الأولى {قال إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَّدُنِّي عُذْراً. فانطلقا حتى إذا أَتَيا أهلَ قَريةٍ اسْتَطْعَمَا أهْلها فأبَوْا أَن يُضَيِّفُوهما فَوَجَدا فيها جِداراً يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ} يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا {فأقامَه قال} له موسى: قومٌ أتَيناهُمْ، فلم يضيفونا، ولم يُطْعمونا {لو شِئتَ لاتَّخذتَ عليه أجراً. قال هذا فِراقُ بيني وبينِك سأُنَبِّئُك بتأويلِ ما لم تَسْتَطِعْ عليه صَبراً} [الكهف: 76 - 78] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحُم الله موسى لوَدِدْتُ أنه كانَ صَبَرَ، حتى كان يقصُّ علينا من أخبارهما» قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كانت الأولى من موسى نسياناً» قال: وجاءَ عُصْفُورٌ حتى وقع على حرفِ السَّفِينةِ، ثُمَّ نَقَرَ في البحر، فقال له الخضرُ: ما نَقَصَ علمي وعلمُك من علم الله، إلا مثلَ ما نَقَصَ هذا العُصفُور من البحر.
زاد في رواية: «وعِلْمُ الخلائِقِِ» ثم ذكر نحوه.
قال سعيد بن جبير: وكان يقرأ «وكان أمامَهُم (13) ملك يأخذ كل سفينةٍ غَصْباً» وكان يقرأ «وأما الغلام فكان كافراً» . [ص:225]
وفي رواية قال: «بينما موسى- عليه السلام - في قومه يُذَكِّرُهم بأيَّام الله، وأيَّامُ الله: نَعماؤه وبلاؤه، إذْ قالَ: ما أعلمُ في الأرض رجلاً خَيْراً أو أعلمَ مِنِّي» قال: ... وذكر الحديث.
وفيه «حُوتاً مالِحاً» .
وفيه: «مُسَجّى ثَوْباً، مستلقياً على القفا، أو على حُلاَوَةِ الْقَفَا» .
وفيه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «رحمةُ الله علينا وعلى مُوسَى، لَوْلاَ أَنَّهُ عَجَّلَ لَرأى العجبَ، ولكنَّه أخذَتْهُ من صاحِبِه ذَمامَةٌ، قال: {إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَدُنِّي عُذْراً} ولو صبَر لرأى العجبَ، قال: وكان إذا ذَكرَ أَحدا من الأنبياءِ بَدأَ بنفسه، ثم قال: {فانطلقا حتى إذا أتيا أهلَ قريةٍ} لئِامٍ، فطافا في المجلس، فاسْتَطعَما أهلها {فأَبَوْا أَن يُضيِّفُوهما} إلى قوله: {هذا فِرَاقُ بيني وبينِك} قال: وأخذ بثوبه، ثم تلا إلى قوله: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} إلى آخر الآية [الكهف: 79] ، فإذا جاء الذي يُسَخِّرُها وجدها مُنْخرِقَةً، فتجاوزها، فأصلحوها بخشبَةٍ وأما الغلام فطُبِعَ يومَ طُبعَ كافراً، وكان أبواه قد عَطفا عليه، فلو أنه أدرك {أرْهَقهما طُغياناً وكفراً فأردنا أن يُبدِلهما ربُّهما خَيراً منه زكاةً وأقربَ رُحْماً} » .
وفي رواية قال: «وفي أصل الصَّخْرةِ عَينٌ يقال لها: الحياةُ لا يُصيِبُ من مائها شيءٌ إلا حَيِيَ، فأصابَ الحوتَ من ماءِ تلك العين فتحرَّكَ، وانْسلَّ [ص:226] من المِكْتل» . وذكر نحوه.
وفي رواية: «أنه قيل له: خُذْ حوتاً، حتى تُنْفَخَ فيه الروحُ، فأخذ حوتاً، فجعله في مكتل، فقال لفتاهُ: لا أُكَلِّفُكَ إلا أن تُخْبِرَني بحيثُ يُفارِقُكَ الحوتُ، فقال: ما كَلَّفْتَ كبيراً» ... وذكر الحديث.
وفيه «فوَجدا خَضِراً على طُنْفُسَةٍ (14) خضراءَ على كَبِدِ الْبَحْرِ، وأن الْخَضِرَ قال لموسى: أما يَكْفيكَ أنَّ الْتَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وأَنَّ الْوَحْيَ يأتيك، يا موسى، إنَّ ليَ عِلْماً لا ينبغي لك أن تعلَمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعْلَمه (15) » .
وفيه في صفة قتل الغلام «فأضجعَهُ فذبحه بالسِّكين» .
وفيه «كان أبواه مؤمنين، وكان كافراً {فَخشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} يحملهما حُبُّهُ على أن يُتَابِعَاهُ على دينه {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً - لقوله: {قتلت نفساً زكية} - وَأقْرَبَ رُحْماً} أَرحمُ بهما من الأول الذي قَتلَ الخضرُ» .
وفي رواية «أَنهما أُبْدِلا جَارِية» . [ص:227]
وفي رواية عُبَيْد الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود أنَّ ابن عباسٍ تَمارَى هو والحُرُّ (16) بنُ قيس بن حِصْنٍ الفزَاريُّ في صاحبِ موسى عليه السلام، فقال ابن عباس: هو الْخَضِرُ، فمرَّ بهما أُبَيُّ بن كعبٍ، فَدعاهُ ابنُ عباسٍ فقال: يا أبا الطُّفيل، هَلُمَّ إلينا فإنِّي قد تماريتُ أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ، فهل سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يذكُرُ شأْنَهُ؟ فقال أُبيٌّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بَيْنا موسى في ملأٍ من بني إسرائيل، إذ جاءهُ رَجُلٌ، فقال له: هل تَعْلم أحداً أعلمَ منك؟ قال موسى: لا، فأوْحى الله تعالى إلى موسى: بلى، عبدُنا الخضر (17) ، فسأَل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ، فجعل الله له الحوتَ آية ... وذكر الحديث إلى قوله: {فَارْتَدَّا عَلَى آثارِهِما قَصَصاً} فوجدا خضراً، فكان مِن شأنِهما ما قصَّ اللهُ في كِتابِهِ» . هذه رواياتُ البخاري، ومسلم.
ولمسلم رواية أخرى بطولها، وفيها فانطلقا، حتى إذا لَقيا غِلْماناً يَلْعَبون، قال: فانطلقَ إلى أحدهم بَادِيَ الرأْي، فقتَله، قال: فَذُعِرَ عندها [ص:228] موسى ذُعْرَة مُنْكَرَة، قال: {أقَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند هذا المكان: «رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عَجَّلَ لرأى العجبَ، ولكنه أَخَذَتْهُ منْ صَاحِبهِ ذَمَامَةٌ» .
وعند البخاري فيه ألفاظ غير مسندة، منها: «يزعمون أن الملك كان اسمه: هُدَدُ بنُ بُدَدَ، وأنَّ الغلام المقتول: كان اسمه فيما يزعمون: حَيْسُور» (18) .
وفي رواية في قوله قال: {ألَمْ أَقُلْ إنَّكَ لَنْ تَستَطِيعَ مَعيَ صَبْراً} قال: «كانت الأولى نسياناً، والوسطى: شَرْطاً، والثالثةُ عمْداً» (19) .
وأخرجه الترمذي مثل الرواية الأولى بطولها.
(وفيها (20) قال سفيان: «يَزْعُمُ ناسٌ أنَّ تِلكَ الصخرةَ عندها عَيْنُ الحياةِ، لا يُصيبُ ماؤها مَيتاً إلا عاش. قَالَ: وكان الحوتُ قد أُكِلَ منه، فلما قُطِرَ عليه الماء عاشَ» ... وذكر الحديث إلى آخره) .
وفي رواية لمسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ {لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أجْراً} .
وعنده قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الغلامُ الذي قتله الخضرُ طُبِع كافراً، ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .
وفي رواية الترمذي أيضاً: قال «الغُلام الذي قتله الخضرُ: طُبعَ يَومَ طُبع كافراً ... لم يَزِدْ» . [ص:229]
وأخرج أبو داود من الحديث طَرَفَيْنِ مختصرَيْنِ عن أبُيِّ بن كعبٍ:
الأول، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الغلام الذي قتله الخضر: طُبِع يوم طبع كافراً ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .
والثاني: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أبْصرَ الخَضِر غُلاماً يلعبُ مع الصبيان، فَتَناول رأسَه فقَلَعه، فقال موسى: {أقتلت نفساً زَكِيَّةً ... } الآية» .
وحيث اقتصر أبو داود على هذين الطرفين من الحديث بطوله لم أُعْلِمْ عَلامَتهُ (21) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مِكْتَل) المكتل: شبه الزنبيل، يسع خمسة عشر صاعاً.
(سَرَباً) السرب: المسلك.
(نصباً) النصب، التعب.
(أوينا) أي: يأوي إلى المنزل: إذا انضم إليه ورجع. [ص:230]
(فارتدا) افتعلا من الارتداد: وهو الرجوع.
(قَصَصاً) القصص: تتبع الأثر شيئاً بعد شيء، والمعنى: رجعا من حيث جاءا، يقصان الأثر.
(مسجى) المسجى: المغطى.
(رَشَداً) الرَّشَد والرُّشْد: الهدى.
(نول) النَّوْل: العطية والجعل. تقول: نِلْت الرجل أنوله نولاً: إذا أعطيته، ونلت الشيء أناله نيلاً: وصلت إليه.
(إمْراً) الإمر: الأمر العظيم المنكر.
(حُلاوة القَفا) قال الجوهري: حُلاوة القفا بالضم: وسطه، وكذلك حلاوى القفا: فإن مددت، فقلت: حَلاواء القفا: فتحت.
(ذَمامَة) الذمامة بالذال المعجمة: الحياء والإشفاق من الذم، وبالدال غير المعجمة: قبح الوجه، والمراد الأول.
(أرهقهما طغياناً) يقال: رَهِقَه - بالكسر، يَرْهَقه رهقاً، أي: غشيه وأرهقه طغياناً وكفراً، أي أغشاه أياه، ويقال: أرهقني فلان إثماً حتى رهَقْتُه، أي: حملني إثماً حتى حملته له، والطغيان: الزيادة في المعاصي.
(طنَْفسه) الطنفسة: واحدة الطنافس: وهي البُسُط التي لها خَمَل رقيق.
(كبد البحر) كبد كل شيء: وسطه. وكأنه أراد به ها هنا: جانبه.
(تمارى) المماراة: المجادلة والمخاصمة.
__________
(1) جاء في " الفتح " 8 / 311 نوف: بفتح النون وسكون الواو بعدها فاء، والبكالي بكسر الموحدة مخففاً، وبعد الألف لام، ووقع عند بعض رواة مسلم: بفتح أوله وتشديد الكاف والأول هو الصواب، واسم أبيه: فضالة - بفتح الفاء، وتخفيف المعجمة - وهو منسوب إلى بني بكال ابن دعمي بن سعد بن عوف. بطن من حمير، ويقال: إنه ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، وهو تابعي صدوق. وفي التابعين: جبر - بفتح الجيم وسكون الموحدة - ابن نوف البكيلي - بفتح الموحدة وكسر الكاف مخففاً بعدها تحتانية بعدها لام - منسوب إلى بكيل بطن من همدان، ويكنى: أبا الوداك، بتشديد الدال، وهو مشهور بكنيته، ومن زعم أنه ولد نوف البكالي، فقد وهم.
(2) قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة ": ثبت في " الصحيحين ": أن سبب تسميته الخضر " أنه جلس على [ص:221] فروة بيضاء، فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا لفظ الإمام أحمد من رواية ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة. و " الفروة " الأرض اليابسة.
(3) قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله، لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة. إنما قاله مبالغة في إنكار قوله لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك في حال غضب ابن عباس لشدة إنكاره، وفي حال الغضب تطلق الألفاظ، ولا يراد بها حقائقها.
(4) قال في " الفتح " 1 / 194 قوله " هو أعلم منك " ظاهر في أن الخضر نبي، بل مرسل، إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول ومن أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله: {وما فعلته عن أمري} وينبغي اعتقاد كونه نبياً، لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم: أن الولي أفضل من النبي، حاشا وكلا.
(5) قال النووي: " فتاه " صاحبه. و " نون " معروف، كنوح. وهذا الحديث يرد قول من قال من المفسرين: إن فتاه: عبد له، وغير ذلك من الأقوال الباطلة. قالوا: هو يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف.
(6) قال النووي: قوله: " وأمسك الله عنه جرية الماء، حتى كان مثل الطاق " الجرية: بكسر الجيم، والطاق: عقد البناء، وجمعه: طوق وأطواق، وهو الأزج، وما عقد أعلاه من البناء، وبقي ما تحته خالياً.
(7) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 195، قوله " فانطلقا بقية ليلتهما " بالجر على الإضافة و " يومهما " بالنصب على إرادة سير جميعه، ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب، وأن الصواب: بقية يومهما وليلتهما، لقوله بعده " فلما أصبح "؛ لأنه لا يصبح إلا عن ليل. انتهى. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فلما أصبح " أي من الليلة التي تلي اليوم الذي سارا جميعه. والله أعلم.
(8) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 154 قوله: " ذلك ما كنا نبغي " أي: نطلب؛ لأن فقد الحوت جعل آية، أي: علامة على الموضع الذي فيه الخضر. وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت، والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع، والعمل بخبر الواحد الصدوق، وركوب البحر في طلب العلم، بل في طلب الاستكثار منه، ومشروعية حمل الزاد في السفر، ولزوم التواضع في كل حال، ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر وطلب العلم منه، تعليماً لقومه أن يتأدبوا بأدبه. وتنبيهاً لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع.
(9) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 195 قوله: " أنى " أي: كيف بأرضك السلام. ويؤيده ما في التفسير [ص:223] " هل بأرضي من سلام؟ " أو من أين، كما في قوله تعالى: {أنى لك هذا} ، والمعنى: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها، وكأنها كانت بلاد كفر، أو كانت تحيتهم بغير السلام، وفيه دليل على أن الأنبياء ومن دونهم، لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله، إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله.
(10) قراءة ابن كثير بإثبات الياء، وعاصم بحذفها.
(11) قال النووي: في الحديث: الحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه لإنكار موسى عليه السلام عليه. قال القاضي: اختلف العلماء في قول موسى: {لقد جئت شيئاً إمراً} و {شيئاً نكراً} أيهما أشد؟ فقيل " إمراً " لأنه العظيم، ولأنه في مقابلة خرق السفينة الذي يترتب عليه في العادة هلاك الذين فيها وأموالهم، وهلاكهم أعظم من قتل الغلام، فإنها نفس واحدة. وقيل: " نكراً " أشد. لأنه قاله عند مباشرة القتل حقيقة. وأما القتل في خرق السفينة فمظنون، وقد يسلمون في العادة، وقد سلموا في هذه القضية فعلاً، وليس فيها ما هو محقق إلا مجرد الخرق. والله أعلم.
(12) قرأه الكوفيون وابن عامر " زكية " بغير ألف، والباقون بألف، وهما بمعنى واحد.
(13) هذه القراءة كالتفسير، لا أنها تكتب في المصحف، قاله الزركشي.
(14) " الطنفسة " فراش صغير، وهي بكسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة، وبضم الطاء والفاء، وبكسر الطاء وبفتح الفاء - لغات.
(15) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 316: قوله: (يا موسى، إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه) أي: جميعه (وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه) أي: جميعه، وتقدير ذلك متعين، لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي. ووقع في رواية سفيان " يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت " وهو بمعنى الذي قبله.
(16) قال الحافظ في " الفتح " قوله " تمارى هو والحر " سقط " هو " من رواية ابن عساكر، فعطف على المرفوع المتصل بغير توكيد ولا فصل، وهو جائز عند البعض.
(17) قال الحافظ: قوله: (بلى، عبدنا) أي: هو أعلم منك، وللكشميهني " بل " بإسكان اللام، والتقدير: فأوحى الله إليه: لا تطلق النفي بل قل: خضر، وإنما قال عبدنا وإن كان السياق يقتضي أن يقول: عبد الله، لكونه أورده على طريق الحكاية عن الله تعالى، والإضافة فيه للتعظيم.
(18) البخاري 8 / 319.
(19) البخاري 8 / 318.
(20) يعني رواية الترمذي، ولا تصح لانقطاع سندها، وكون الذين يزعمون ذلك مجهولين.
(21) البخاري 8 / 310 - 322 في تفسير سورة الكهف، باب {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} ، وباب {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} ، وباب {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا} ، وفي العلم، باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر، وباب الخروج في طلب العلم، وباب ما يستحب للعالم إذا سئل، وفي الإجارة، باب إذا استأجر أجيراً على أن يقيم حائطاً، وفي الشروط، باب الشروط مع الناس بالقول، وفي بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وفي الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، وفي التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، ومسلم رقم (2380) في الفضائل، باب فضائل الخضر عليه السلام، والترمذي رقم (3148) في التفسير، باب ومن سورة الكهف، وأبو داود رقم (4705) و (4706) و (4707) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (5/118) قال: حدثنا بهز بن أسد. و «البخاري» (1/41) قال: حدثنا عبد الله بن محمد. وفي (4/50، 6/ 110، 8/170) قال: حدثنا الحميدي. وفي (4/188) قال: حدثنا علي بن عبد الله..و «مسلم» (7/103) قال: حدثنا عمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم. وعبيد الله بن سعد، ومحمد بن أبي عمر. «وأبو داود» 4707» قال: حدثنا محمد بن مهران الرازي. و «الترمذي» (3149) قال: حدثنا ابن أبي عمر، و «عبد الله بن أحمد» (5/117) قال: حدثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن قتيبة. عشرتهم - بهز، وعبد الله بن محمد، والحميدي، وعلي، وعمرو، وإسحاق، وعبيد الله، وابن أبي عمر، ومحمد بن مهران، وقتيبة - عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار.
وأخرجه أحمد (5/119) قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم المروزي. و «البخاري» (3/، 117، 251 6/112) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى. كلاهما - عبد الله، وإبراهيم - عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلي بن مسلم، وعمرو بن دينار.
وأخرجه عبد بن حميد (169) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. عن إسرائيل بن يونس. و «مسلم» (7/105) قال: حدثني محمد بن عبد الأعلى القيسي، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن رقبة. وفي (7/107) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا محمد بن يوسف (ح) وحدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى.
كلاهما عن إسرائيل. و «عبد الله بن أحمد» (5/118) قال: حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، وفي (5. /121) قال: حدثني محمد بن يعقوب أبو الهيثم، قال حدثنامعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، قال: حدثنا رقبة. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه، عن رقبة (ح) وعن أحمد ابن سليمان الرهاوي، عن عبد الله بن موسى، عن إسرائيل.
كلاهما -إسرائيل، ورقبة - عن أبي إسحاق السبيعي.
ثلاثتهم - عمرو بن دينار، ويعلي بن مسلم، وأبو إسحاق - عن سعيد بن جبير.
2- وأخرجه أحمد (5/116) قال: حدثنا الوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب القرقساني. قال الوليد: حدثني الأوزاعي. قال أحمد: حدثنا الأوزاعي. و «البخاري» (1/28) قال حدثني محمد بن غرير الزهري قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح. وفي (1/29) قال حدثنا أبو القاسم خالد بن خلي قال حدثنا محمد بن حبر قال: قال الأوزاعي وفي (4/187) قال: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح وفي (9/171) قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو حفص عمرو قال: حدثنا الأوزاعي، و «مسلم» (7/107) قال حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس. و «عبد الله بن أحمد» (5/122) قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال: حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، قال حدثنا جعفر بن محمد الصادق، و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن عمران بن يزيد عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة عن الأوزاعي أربعتهم - الأوزاعي وصالح، ويونس بن يزيد، وجعفر -عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
كلاهما - سعيد بن جبير، وعبيد الله -عن ابن عباس فذكره.(2/220)
707 - (ت) أبو الدرداء - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «كانَ الكَنْزُ ذَهباً وَفِضَّة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3153) في التفسير، باب ومن سورة الكهف، وإسناده ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3152) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا الوليد، عن يزيد بن يوسف الصنعاني، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أم الدرداء، فذكرته.
(*) وأخرجه الترمذي أيضا (3152) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن فضيل الجزري وغير واحد. قالوا: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن يزيد بن يوسف الصنعاني،عن مكحول، عن أم الدرداء، فذكرته. ليس فيه -يزيد بن يزيد بن جابر -.(2/230)
708 - (خ م ت) زينب بن جحش - رضي الله عنها -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْها فَزِعاً يقول: «لا إله إلا الله، ويَلٌ لِلْعَرَبِ (1) من شَرّ قد اقْتَرَب، فُتِحَ اليوم من رَدْم يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذه - وحَلَّقَ بأصْبَعِهِ: الإبهام والتي تَليِها-» فقالت زينب بنتُ جَحْشٍ: فقلت: يا رسول الله أَنَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كَثُرَ الْخَبَثُ (2) . هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي قالت: اسْتَيْقَظَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ النَّومِ مُحْمَرّاً وَجْهُهُ، يقول: «لا إله إلا الله ... » وذكر نحوه.
وفيه «وَعَقَدَ عَشْراً (3) » . [ص:232]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَدْم) ردمت الثلمة ردماً: إذا سددتها، والاسم والمصدر سواء: الردم.
(حلَّق وعقد عشراً) حلق: أي جعل أصبعه كالحلقة، وعقد عشراً: هي من مواضعات الحساب، وهو أن تجعل رأس أصبعك السبابة في وسط أصبعك الإبهام من باطنها شبه الحلقة، وعقد التسعين مثلها.، إلا أنها أضيق منها، حتى لا يبين في الحلقة إلا خلل يسير.
(الخُبْث) بضم الخاء وسكون الباء الموحدة: الفسق والفجور.
__________
(1) قوله: " ويل للعرب " إنما خص الويل بهم، لأن معظم مفسدتهم راجع إليهم، وقد وقع بعض ما أخبر به صلى الله عليه وسلم حيث قال: " إن يأجوج ومأجوج هم الترك " وقد أهلكوا الخليفة المستعصم، وجرى ما جرى ببغداد، قاله الكرماني.
(2) قال النووي: " الخبث " هو بفتح الخاء والباء، وفسره الجمهور: بالفسوق والفجور، وقيل: المراد به: الزنا خاصة، وقيل: أولاد الزنا، والظاهر: أنه المعاصي مطلقاً. و " نهلك " بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فتحها. وهو ضعيف أو فاسد. ومعنى الحديث: أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون.
(3) البخاري 6 / 274 في أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين} ، وباب علامات النبوة في الإسلام، وفي الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ويل للعرب من شر قد [ص:232] اقترب "، وباب يأجوج ومأجوج، ومسلم رقم (2880) في الفتن، باب اقتراب الفتن، والترمذي رقم (2188) في الفتن، باب ما جاء في خروج يأجوج ومأجوج.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي: (308) . و «أحمد» (6/428) . و «مسلم» (8/166) قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر. و «ابن ماجة» (3953) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. و «الترمذي» (2187) قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وأبو بكر بن نافع وغير واحد و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (11/15880) عن عبيد الله بن سعيد.
تسعتهم - الحميدي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وسعيد بن عمرو، وزهير، وابن أبي عمر، وأبو بكر بن نافع، وعبيد الله بن سعيد - عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أبي سلمة، عن حبيبة بنت أم حبيبة، عن أم حبيبة، فذكرته.
(*) في رواية الحميدي. قال سفيان.: أحفظ في هذا الحديث أربع نسوة من الزهري، وقد رأين النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين من أزواجة: أم حبيبة، وزينب بنت جحش، وثنتين ربيبتاه: زينب بنت أم سلمة، وحبيببة بنت أم حبيبة، أبوها عبد الله بن جحش، مات بأرض الحبشة.
وأخرجه أحمد (6/428) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح، يعني ابن كيسان. وفي (6/429) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. و «البخاري» (4/168) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي (4/240) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. وفي (9/60) قال: حدثنا مالك بن إسماعيل. قال: حدثنا ابن عيينة. وفي (9/76) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب (ح) وحدثنا إسماعيل. قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق. و «مسلم» (8/165) قال حدثنا عمرو الناقد. قال: حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (8/166) قال: حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس (ح) وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي قال حدثن عقيل بن خالد (ح) وحدثنا عمرو الناقد قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن صالح. و «النسائي في الكبري «تحفة الأشراف» (11/15880) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن أبيه عن صالح سيعتهم -محمد بن إسحاق، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وسفيان بن عيينة، ومحمد بن أبي عتيق، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة فذكرته ليس فيه: «حبيببة بنت أم حبيبة» .(2/230)
709 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد بيده تسعين (1) » . أخرجه البخاري، ومسلم (2) .
__________
(1) قال النووي: " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وعقد سفيان بيده عشرة، هكذا وقع في رواية سفيان عن الزهري، ووقع بعده في رواية يونس " وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها "، وفي حديث أبي هريرة بعده " وعقد وهب بيده تسعين " فأما روايتا سفيان ويونس، فمتفقتان في المعنى، وأما رواية أبي هريرة فمخالفة لهما، لأن عقد التسعين أضيق من العشرة. قال القاضي: لعل حديث أبي هريرة متقدم، فزاد قدر الفتح بعد هذا القدر، قال: أو يكون المراد: التقريب للتمثيل، لا حقيقة التحديد، و " يأجوج ومأجوج " غير مهموزين ومهموزان، قرئ في السبع بالوجهين، والجمهور بترك الهمزة.
(2) البخاري 6 / 274 في الأنبياء، باب {ويسألونك عن ذي القرنين} ، وفي الفتن، باب يأجوج ومأجوج، ومسلم رقم (2881) في الفتن، باب اقتراب الفتن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (8:2) عن مسلم بن إبراهيم وفي الفتن (29:2) عن موسى بن إسماعيل - ومسلم في القتن (1:5) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أحمد بن إسحاق الحضري ثلاثتهم عن وهيب عن ابن طاوس تحفة الأشراف (10/121) .(2/232)
710 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال في السَّدِّ: «يَحْفِرُونَه كُلَّ يومٍ، حتى إذا كادوا يَخْرِقونه، قال الذي عليهم: ارْجِعُوا، فَستَحْفِرُونه غداً، قال: فيُعيدُهُ اللهُ كأَشَدِّ ما كان، حتى إذا بلغ مُدَّتَهُمْ، وأَراد الله أَن يبعثَهم على الناس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحْفِرونه غداً إن شاء الله، واستثنى، قال: فيرجعون، فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقِونه، فيخرجون على الناس، فَيَشْتَفُّونَ المياه، ويَفِرُّ الناسُ منهم، فيرمون بسهامٍ إلى السَّماءِ، فترجع مُخَضَّبة بالدماء، فيقولون: قَهَرْنا مَنْ في الأرض، وعَلَوْنا مَنْ في السَّماء، قَسْوَة وَعُلُوًّا، فيبعِثُ اللهُ عليهم نَغَفَاً في أقْفَائِهمْ، فَيَهْلِكونَ فيُصْبِحُونَ فَرْسَى، قال: فوالذي نَفْسُ محمدٍ بيدهِ، إنَّ دوابَّ الأرض تَسْمَنُ وتَبْطَرُ، وتشْكُرُ شُكراً من لُحومِهِمْ» . أخرجه الترمذي (1) . [ص:234]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قسوة) القسوة: الغلظة والفظاظة.
(النغف) دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدتها: نغفة.
(فَرْسى) جمع فريس بمعنى: مفروس، من فرس الذئب الشاة: إذا قتلها.، فمعنى فرسى: قتلى، مثل: قتيل وقتلى.
(تشكر) شكرت الشاة تشكر شكراً: إذا امتلأ ضرعها لبناً، فالمعنى: تمتلئ أجسادها لحماً وتسمن.
__________
(1) رقم (3151) في التفسير، باب ومن سورة الكهف، وقال: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه، مثل هذا، والحديث أخرجه أيضاً أحمد في " المسند " من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة، ومن طريق حسن بن موسى الأشهب عن سفيان عن قتادة به ... وكذا رواه ابن ماجة عن أزهر بن مروان عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 5 / 333: وإسناده جيد قوي، ولكن متنه في رفعه نكارة؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى [ص:234] منه إلا القليل، فيقولون كذلك، ويصبحون وهو كما كان، فيلحسونه ويقولون: غداً نفتحه، ويلهمون أن يقولوا: إن شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه. قال ابن كثير: وهذا متجه ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب الأحبار، فإنه كثيراً ما يجالسه ويحدثه، فحدث به أبو هريرة، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه، والله أعلم. ثم قال ابن كثير: ويؤيد ما قلناه من نكارة هذا المرفوع ومن أنهم لم يتمكنوا من نقبه ولا نقب شيء منه، حديث زينب بنت جحش (يعني الذي تقدم رقم (708)) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/510) قال: حدثنا روح. قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة. وفي (2/511) قال: حدثنا حسن، قال: حدثنا شيبان، و «ابن ماجة» (4080) قال: حدثنا أزهر بن مروان. قال: حدثنا عبد الأعلى. قال: حدثنا سعيد. و «الترمذي» قال حدثنا محمد بن بشار وغير واحد قالوا: حدثنا هشام بن عبد الملك. قال: حدثنا أبو عوانة.
ثلاثتهم - سعيد بن أبي عروبة، وشيبان بن عبد الرحمن، وأبو عوانة - عن قتادة، عن أبي رافع، فذكره.(2/233)
711 - (خ) مصعب بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما -: قال: سألتُ أبي عن قوله تعالى: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً} [الكهف: 103] أهُم الحَرُوريّةُ (1) ؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى، أمَّا اليهود: [ص:235] فكَذَّبُوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأما النَّصَارى: فكذَّبوا بالجَنَّةِ، قالوا: لا طعام فيها ولا شرابَ، والحَرورية {الذين يَنْقُضُونَ عَهدَ اللَّه مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ} [البقرة: 27] (2) ، وكان سعدٌ يُسَمِّيهمُ: الفاسقين (3) أخرجه البخاري (4) .
__________
(1) قال في " الفتح " 8 / 323: " الحرورية " بفتح الحاء المهملة وضم الراء نسبة إلى حروراء، وهي القرية التي كان ابتداء خروج الخوارج على علي منها.
ولابن مردويه من طريق حصين عن مصعب " لما خرجت الحرورية، قلت لأبي: أهؤلاء الذين أنزل الله فيهم؟ " وله من طريق القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي في هذه الآية، قال: " أظن أن بعضهم الحرورية ". [ص:235] وللحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل قال: " قال علي " منهم أصحاب النهروان " وذلك قبل أن يخرجوا، ولعل هذا هو السبب في سؤال مصعب إياه عن ذلك. وليس الذي قاله علي بن أبي طالب ببعيد، لأن اللفظ يتناوله وإن كان السبب مخصوصاً.
(2) قال في " الفتح " 8 / 323: قوله: " والحرورية الذين ينقضون إلخ ... "، وفي رواية النسائي " والحرورية الذين قال الله تعالى: {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل - إلى - الفاسقين} " قال يزيد: هكذا حفظت.
قال الحافظ: وهو غلط منه، أو ممن حفظه عنه، وكذا وقع عند ابن مردويه " أولئك هم الفاسقون " والصواب " الخاسرون " ووقع على الصواب، كذلك في رواية الحاكم.
(3) لعل هذا السبب في الغلط المذكور، وفي رواية الحاكم " الخوارج قوم زاغوا، فأزاغ الله قلوبهم "، وهذه الآية هي التي آخرها " الفاسقين " فلعل الاختصار اقتضى ذلك الغلط، وكأن سعداً ذكر الآيتين التي في البقرة، والتي في الصف. وقد روى ابن مردويه من طريق أبي عون عن مصعب قال: " نظر رجل من الخوارج إلى سعد، فقال: هذا من أئمة الكفر، فقال له سعد: كذبت، أنا قاتلت أئمة الكفر، فقال له آخر: هذا من الأخسرين أعمالاً، فقال له سعد: كذبت {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ... } الآية. قال ابن الجوزي: وجه خسرانهم: أنهم تعبدوا على غير أصل، فابتدعوا فخسروا الأعمار والأعمال.
(4) 8 / 323، 324 في تفسير سورة الكهف، باب {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (18: 5) عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة والنسائي فيه - التفسير في الكبرى - عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد عن شعبة نحوه. تحفة الأشراف (3. /320) .(2/234)
712 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يومَ القيامة لا يَزِنُ عِنْدَ الله جَناحَ بَعُوضةٍ، وقال: اقْرَؤوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف: 105] » . أخرجه البخاري ومسلم (1) . [ص:236]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بعوضة) البعوضة، وجمعها البعوض: صغار البق.
__________
(1) البخاري 8 / 324 في تفسير سورة الكهف، باب {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه} ، ومسلم رقم (2785) في صفة القيامة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/117) قال: حدثنا محمد بن عبد الله. قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم. (ح) وعن يحيى بن بكير. و «مسلم» (8/125) قال: حدثني أبو بكر بن إسحاق. قال: حدثنا يحيى بن بكير. كلاهما - سعيد بن أبي مريم، ويحيى بن بكير - عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، فذكره.(2/235)
713 - (ت) أبو سعيد بن أبي فَضالةَ - رضي الله عنه -: قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذَا جَمعَ الله النَّاسَ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فيه، نادى مُنادٍ: مَنْ كانَ يُشْرِكُ في عملٍ عمله لله أحَداً فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْهُ، فإنَّ الله أَغْنى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3152) في التفسير، باب ومن سورة الكهف، وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن بكر. نقول: وسنده حسن، وقد رواه أيضاً ابن ماجة وابن حبان والبيهقي، وغيرهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/،466 4/215) . و «ابن ماجة» (4203) قال: حدثنا محمد بن بشار وهارون ابن عبد الله الحمال وإسحاق بن منصور. و «الترمذي» (1354) قال: حدثنا محمد بن بشار وغير واحد. أربعتهم - أحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار، وهارون، وإسحاق - قالوا: حدثنا محمد بن بكر البرساني. قال: أخبرنا عبد الحميد بن جعفر. قال: أخبرنا أبي، عن زياد بن ميناء، فذكره.
(*) في رواية أحمد والترمذي: (عن أبي سعيد بن أبي فضالة) .(2/236)
سورة مريم
714 - (م ت) المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: قال: لما قدمت نَجرَانَ سألُوني، فقالوا: إِنكم تقرؤون {يا أُخْتَ هارون} [مريم: 28] وموسى قبلَ عيسى بكذا وكذا؟ فلما قَدِمْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عن ذلك؟ فقال: «إنهم كانوا يُسَمُّون بأنبيائهم (1) ، والصالحين قبلَهم» . [ص:237] هذه رواية مسلم.
وأخرجه الترمذي قال: بَعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نَجْرَانَ، فقالوا: ألَسْتُم تَقْرَءونَ ... وذكر الحديث (2) .
__________
(1) قال النووي: " إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم الخ ... " استدل به جماعة على جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وأجمع عليه العلماء، إلا ما قدمناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسبق تأويله، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم، وكان في أصحابه خلائق مسمون بأسماء الأنبياء.
قال القاضي: وقد كره بعض العلماء: التسمي بأسماء الملائكة، وهو قول الحارث بن مسكين، قال: وكره مالك التسمي بجبريل وياسين.
(2) مسلم رقم (2135) في الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب من الأسماء، والترمذي رقم (3154) في التفسير، باب ومن سورة مريم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/252) . و «مسلم» (6/171) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو سعيد الأشج، ومحمد بن المثنى العنزي. و «الترمذي» (3155) قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، ومحمد بن المثنى. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (8/11519) عن محمد بن يحيى بن أيوب الثقفي.
ستتهم - أحمد، وأبو بكر، ومحمد بن عبد الله، وأبو سعيد، وابن المثنى، ومحمد بن يحيى - عن عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل، فذكره.(2/236)
715 - (ت) قتادة -رحمه الله -: في قوله تعالى {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} [مريم: 57] قال: قال أنسٌ: إنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما عُرِجَ بِي رأَيْتُ إدْريسَ في السماء الرابِعَة» . أخرجه الترمذي. وقال: هذا طرف من حديث المعراج.
وسيَرِدُ الحديثُ بطوله في كتاب النبوة: من حرف النون (1) .
__________
(1) رقم (3156) في التفسير، باب ومن سورة مريم، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى سعيد بن أبي عروبة وهمام وغير واحد عن قتادة عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث المعراج بطوله، وهذا عندي مختصر من ذلك.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (مريم: 19:3) عن أحمد بن منيع عن حسين بن محمد وقال: حسن صحيح قال وهو عندي مختصر من حديث قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة يعني حديث المعراج، ورواه عبد الأعلى بن حماد عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس مختصرا نحوه،ولم يذكر «مالك بن صعصعة» تحفة الأشراف (1/338) .(2/237)
716 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: «ما يَمنَعُكَ أنْ تَزَورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟» فنزلت: {وما نَتَنَزَّلُ إلّا بأمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلكَ ومَا كانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم: 64] قال: هذا كان الجواب لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. [ص:238] أخرجه البخاري، والترمذي (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 326 في تفسير سورة مريم، باب قوله {وما نتنزل إلا بأمر ربك} ، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي التوحيد، باب {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} ، والترمذي رقم (3157) في التفسير، باب ومن سورة مريم، وقوله في آخر الحديث " قال: هذا كان الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم " زيادة ليست في البخاري ولا في الترمذي، ولعلها من زيادات الحميدي، وهي عند أحمد في " المسند " رقم (2043) وكذلك هي عند ابن جرير وابن أبي حاتم، وقد أورد الحديث السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 278 وزاد نسبته لمسلم، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم، والبيهقي في " الدلائل ". نقول: ولم نجد الحديث عند مسلم كما ذكر السيوطي، ولعله وهم منه رحمه الله. قال الحافظ في " الفتح ": قوله: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: ما بين أيدينا: الآخرة، وما خلفنا: الدنيا، وما بين ذلك: ما بين النفختين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/231) (2043) قال: حدثنا يعلي. وفي (1/233) (2078) قال: حدثنا وكيع. وفي (1/457) (3365) قال: حدثنا عبد الرحمن. و «البخاري» (4/137) قال: حدثنا أبو نعيم (ح) قال: حدثني يحيى بن جعفر قال: حدثنا وكيع. وفي (6/118) قال: حدثنا أبو نعيم. وفي (9/166) قال: حدثنا خلاد بن يحى. وفي (خلق أفعال العباد) صفحة (72) قال: حدثنا أبو نعيم وخلاد بن يحيى. و «الترمذي» (3158) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعلي بن عبيد (ح) وحدثنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا وكيع. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (5505) عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي عامر العقدي (ح) وعن إبراهيم بن الحسن، عن حجاج بن محمد.
سببعتهم - يعلي، ووكيع، وعبد الرحمن، وأبو نعيم، وخلاد بن يحيي، وأبو عامر، وحجاج بن محمد - عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، فذكره.(2/237)
717 - (م) أمُّ مبشرٍ الأنصارية (1) - رضي الله عنها -: أنَّها سَمعَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: «لا يدْخُلُ النَّارَ - إن شاءَ اللهُ - من أصحاب الشَجَرَةِ أحدٌ (2) : الذين بايَعُوا تَحْتَها، قالت: بلى يا رسول الله، فانْتَهَرَها، فقالتْ حَفصةُ: {وإنْ منكم إلّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قال الله تعالى: {ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ الظَّالمين فيها جِثِيّاً} » [ص:239][مريم: 72] . أخرجه مسلم (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أصحاب الشجرة) هم الصحابة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في الحديبية، وكانت الشجرة سمرة.
(جثياً) جمع جاث: وهو الذي يقعد على ركبتيه.
__________
(1) هي امرأة زيد بن حارثة رضي الله عنها.
(2) قال النووي: قوله: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد ... الخ " قال العلماء: معناه: لا يدخلها أحد منهم قطعاً: كما صرح به في غير هذا الحديث، وإنما قال: " إن شاء الله " للتبرك، لا للشك، وأما قول حفصة: " بلى " وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها، فقالت: {وإن منكم إلا واردها} فقال عليه الصلاة والسلام: وقد قال: " {ثم ننجي الذين اتقوا} " ففيه دليل للمناظرة والاعتراض، والجواب على وجه الاسترشاد، وهو مقصود حفصة، لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم. والصحيح: أن المراد بالورود في الآية: المرور على الصراط، وهو جسر منصوب على جهنم، فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون.
(3) رقم (2496) في فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب الشجرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/362) قال: حدثنا ابن إدريس. قال: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان. وفي (6/420) قال: حدثنا حجاج. قا ل: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير. و «مسلم» (7/169) قال: حدثني هارون بن عبد الله قال: حدثنا حجاج بن محمد. قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (13 /18356) عن هارون بن عبد الله والحسن ابن محمد، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير.
كلاهما - أبو سفيان، وأبو الزبير - عن جابر، فذكره.
(*) في رواية أبي سفيان: «لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية....» الحديث.(2/238)
718 - (ت) السدي -رحمه الله -: قال:سألتُ مُرَّةَ الهَمَدانِيَّ عن قول اللهِ تعالى: {وإنْ منكم إلا وارِدُهَا} ؟ فحدثني: أنَّ عبدَ الله بنَ مسعودٍ حَدَّثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَرِدُ الناسُ، ثم يَصْدُرُون عنها بأعمالهم، فأَوَّلُهُم كلمْحِ البَرْقِ، ثم كالريح، ثم كَحُضْرِ الفَرَسِ ثم كالرَّاكب في رَحْله، ثم كَشَدِّ الرَّجُل، ثم كَمَشْيِهِ» . أخرجه الترمذي. وقال: وقد روي عن السدي ولم يرفعه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(كحُضْر الفرس) الحُضْر: العَدْو، والشد أيضاً: العَدْو.
__________
(1) رقم (3158) في التفسير، باب ومن سورة مريم، ورواه أحمد في " المسند "، وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه شعبة عن السدي ولم يرفعه، والسدي هذا، هو أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي القرشي، وهو السدي الكبير، كان يقعد في سدة باب الجامع، فسمي السدي وهو صدوق يهم، وذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم عن أسباط عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه. ومن رواية ابن جرير عن ابن مسعود بمعناه، ثم قال: ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/434) (4141) قال: حدثنا عبد الرحمن، و «الدارمي» (2813) قال: أخبرنا عبيد الله، و «الترمذي» (3159) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى.
كلاهما - عبد الرحمن،وعبيد الله - عن إسرائيل، عن السدي، فذكره.
أخرجه أحمد (1/433) (4128) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. و «الترمذي» (3160) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
كلاهما - عبد الرحمن، ويحيى - عن شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود {وإن منكم إلا واردها} قال: يردونها ثم يصدرون بأعمالهم موقوفا
قال عبد الرحمن: قلت لشعبة: إن إسرائيل حدثني عن السدي، عن مرة، عن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شعبة: وقد سمعته من السدي مرفوعا ولكني عمدا أدعه.(2/239)
719 - (خ م ت) خَباب بن الأرت - رضي الله عنه -: قال: كنْتُ قَيْناً في الجاهلية، وكان لي على العَاص بن وائل السهمي (1) دَينٌ، فأتيْتُه أَتَقَاضَاهُ - وفي رواية قال: فعمِلتُ للعَاصِ بن وائل سيفاً، فجئتُهُ أتَقَاضَاهُ فقال: لا أعطيك، حتى تكْفُرَ بِمُحمدٍ، فقلتُ: والله لا أكفرُ حتى يُميتكَ الله ثمَّ تبعث (2) ، قال: وإني لميِّتٌ ثم مبعوث؟ قُلْتُ: بلى، قال: دَعْني حتى أمُوتَ وأُبعث، فسأُوتَى مالاً وولداً فَأَقْضيِكَ، فنزلت: {أَفرأيتَ الذي كَفر بآياتنا وقال لأُوتَيَنَّ مالاً وولداً. أَطَّلَعَ الغيبَ أم اتخذَ عند الرحمن عَهْداً. كلَّا سَنَكْتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّاً. ونَرِثُهُ ما يقولُ ويأتينا فَرْداً} [مريم: 77 - 80] أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: جئتُ العاصَ بنَ وائلٍ السَّهميَّ أَتَقاضاه حَقّاً لي عنده، فقال: لا أُعطيك حتى تكفر بِمحمَّدٍ ... الحديث (3) . [ص:241]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قَيْناً) القين عند العرب: الحدَّاد.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح ": هو والد عمرو بن العاص: الصحابي المشهور، وكان له قدر في الجاهلية، ولم يوفق للإسلام. قال ابن الكلبي: كان من حكام قريش، وكان موته بمكة قبل الهجرة، وهو أحد المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن عمرو: سمعت أبي يقول: عاش أبي خمسا وثمانين سنة، وإنه ليركب حماراً إلى الطائف، يمشي عنه أكثر مما يركب، ويقال: إن حماره رماه على شوكة، فأصابت رجله، فانتفخت فمات منها.
(2) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: " حتى تموت، ثم تبعث " مفهومه: أنه يكفر حينئذ، لكنه لم يرد ذلك، لأن الكفر حينئذ لا يتصور، فكأنه قال: لا أكفر أبداً، والنكتة في تعبيره بالبعث: تعيير العاص بأنه لا يؤمن به، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا، فقال: علق الكفر، ومن علق الكفر كفر، وأصاب بأنه خاطب العاص بما يعتقده، فعلق على ما يستحيل بزعمه، والتقرير الأول يغني عن هذا الجواب.
(3) البخاري 8 / 327 في تفسير سورة مريم، باب قوله {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين [ص:241] مالاً وولداً} ، وباب {أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً} ، وباب {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً} ، وباب: {ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً} ، وفي البيوع، باب ذكر القين والحداد، وفي الإجارة، باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب، وفي الخصومات، باب التقاضي، ومسلم رقم (2795) في صفات المنافقين وأحكامهم، باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح، والترمذي رقم (3161) في التفسير، باب ومن سورة مريم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 01أخرخه أحمد (5/110) قال: حدثنا عبد الرزاق. و «البخاري» (118) قال: حدثنا محمد بن كثير. كلاهما - عبد الرزاق. وابن كثير - عن سفيان الثوري.
2- وأخرجه أحمد (5/111) . و «مسلم» (8/129) قال: حدثنا أبو كريب. و «الترمذي» (3162) قال: حدثنا هناد. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (3520) عن محمد بن العلاء. ثلاثتهم - أحمد، وأبو كريب، وهناد - قالوا: حدثنا أبو معاوية.
3- وأخرجه أحمد (5/111) . و «مسلم» (8/129) قال حدثنا ابن نمير - وهو محمد بن عبد الله بن نمير - كلاهما - أحمد، وابن نمير - عن عبد الله بن نمير.
4- وأخرجه البخاري (3/79) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي. وفي (3/162) قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم. وفي (6/119) قال: حدثنا بشر بن خالد، قال: حدثنا محمد بن جعفر ثلاثتهم - ابن أبي عدي، ووهب، وابن جعفر - عن شعبة 5- وأخرجه البخاري (3/120) قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي.
6- وأخرجه البخاري (6/118) قال: حدثنا الحميدي. و «مسلم» (8/129) . و «الترمذي» (3162) قالا: - مسلم. والترمذي- حدثنا ابن أبي عمر كلاهما - الحميدي، وابن أبي عمر - قالا: حدثنا سفيان - ابن عيينة -.
7- وأخرجه البخاري (6/119) قال: حدثنا يحيى. و «مسلم» (8/129) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. وعبد الله بن سعيد الأشج. ثلاثتهم -يحيى، وابن أبي شيبة، والأشج - قالوا: حدثنا وكيع.
8-وأخرجه مسلم (8/129) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير.
ثمانيتهم - الثوري، وأبو معاوية، وابن نمير، وشعبة، وحفص، وابن عيينة، ووكيع، وجرير - عن الأعمش عن مسلم أبي الضحى عن مسروق فذكره.(2/240)
سورة الحج
720 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: {ومن النَّاسِ من يَعْبُد اللَّهَ على حَرْفٍ} [الحج: 11] كان الرَّجلُ يَقدَمُ المدينةَ [فَيُسْلِمُ] ، فإن وَلَدَت امرأتُه غُلاماً، ونُتِجَتْ خَيْلُهُ (1) . قال: هذا دِينٌ صالحٌ، وإن لم تَلدِ امرأَتُهُ، ولم تُنْتَجْ خَيلُهُ، قال: هذا دينُ سوءٍ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(على حرف) حرف كل شيء: جانبه.
__________
(1) " نتجت " بضم النون، فهي منتوجة، مثل: نفست، فهي منفوسة.
(2) 7 / 336 في تفسير سورة الحج، باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/123) قال: حدثني إبراهيم بن الحارث، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير فذكره.(2/241)
721 - (خ) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: أنا أولُ من يَجثُو للخُصومَةِ بين يَدي الرحمن يومَ القيامة، قال قَيْسُ بن عُبادٍ: فيهم نزلت: {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم} [الحج: 19] قال: هم الذين [ص:242] تَبارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: عليٌّ، وحمزَةُ، وعُبيدةُ بن الحارث، وشيبَةُ بن رَبيعة، وعُتبةُ بن ربيعة، والوليد بن عُتبة.
وفي رواية أنَّ عليّاً قال: نزلت هذه الآيةُ في مُبارزَتنا يومَ بدْرٍ {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم (1) } أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يجثو) أي: يقعد على ركبتيه.
__________
(1) قال الزركشي: قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} نزلت في حمزة وصاحبيه، يعني علياً وعبيدة بن الحارث، وهم الفريق المؤمنون، وعتبة وصاحبيه، أي: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وهم الفريق الآخر.
فعتبة وشيبة قتلهما علي وحمزة، وقطع الوليد رجل عبيدة بن الحارث فمات في الصفراء، ومال علي وحمزة على الوليد فقتلاه.
فإن قيل: كيف نزلت هذه في يوم بدر، والسورة مكية؟
قلنا: السورة مكية، إلا ثلاث آيات، وهي {هذان خصمان ... } الخ.
(2) 8 / 336، 337 في تفسير سورة الحج، باب {هذان خصمان اختصموا في ربهم} ، وفي المغازي، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، و 7 / 231 في قصة غزوة بدر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (22: 3: 2) عن حجاج بن المنهال. وفي المغازي (8: 7) عن محمد بن عبد الله الرقاشي كلاهما عن معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه وفيه المغازي (8: 9) عن إسحاق بن إبراهيم الصواف عن. يوسف بن يعقوب السدوسي بن سليمان اليتمي به والنسائي في التفسير (الكبري (49: 2) عن هلال بن بشر البصري عن يوسف بن يعقوب به، تحفة الأشراف (7/439) .(2/241)
722 - (خ م) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال قَيْسُ بن عُبَادٍ (1) : سَمعْتُ أَبا ذَرّ يُقسِمُ قَسماً: أنَّ [هذه الآية] {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم} نزلت في الذين بَرَزُوا يوم بَدرٍ: حمزةَ، وعليّ، وعُبيدَةَ بنِ الحارث، وعُتبة وشيبةَ ابنَيْ ربَيعةَ، والوليدِ بن عُتبةَ. أخرجه البخاري، ومسلم. [ص:243]
وهذا الحديث آخرُ حديث في «صحيح مسلم» (2) .
__________
(1) بضم العين وتخفيف الباء.
(2) البخاري 8 / 336، 337 في تفسير سورة الحج، باب قوله {هذان خصمان اختصموا} ، وفي المغازي، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، ومسلم رقم (3033) في التفسير، باب قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} . قال النووي: وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني فقال: أخرجه البخاري عن أبي مجلز عن قيس عن علي رضي الله عنه قال: " أنا أول من يجثو للخصومة "، قال قيس: وفيهم نزلت الآية ولم يجاوز به قيساً، ثم قال البخاري: وقال عثمان: عن جرير عن منصور عن أبي هاشم عن أبي مجلز قال، وقال الدارقطني: فاضطرب الحديث. هذا كلامه.
قلت: (القائل النووي) فلا يلزم من هذا ضعف الحديث واضطرابه؛ لأن قيساً سمعه من أبي ذر، كما رواه مسلم هنا، فرواه عنه، وسمع من علي بعضه، وأضاف قيس إليه ما سمعه من أبي ذر، وأفتى به أبو مجلز تارة، ولم يقل: إنه من كلام نفسه ورأيه، وقد عملت الصحابة فمن بعدهم بمثل هذا، فيفتي الإنسان منهم بمعنى الحديث عند الحاجة إلى الفتوى دون الرواية ولا يرفعه، فإذا كان وقت آخر وقصد الرواية، رفعه وذكر لفظه، ولا يحصل بهذا اضطراب، والله أعلم، وله الحمد والنعمة.
وقال الحافظ في " الفتح ": وقد روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس، أنها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين، ومن طريق الحسن قال: هم الكفار والمؤمنون، ومن طريق مجاهد: هو اختصام المؤمن والكافر في البعث، واختار الطبري هذه الأقوال في تعميم الآية قال: ولا يخالف المروي عن علي وأبي ذر، لأن الذين تبارزوا ببدر كانوا فريقين: مؤمنين وكفاراً، إلا أن الآية إذا نزلت في سبب من الأسباب لا يمتنع أن تكون عامة في نظير ذلك السبب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجة البخاري (5/95) قال: حدثنا قبيصة. قال: حدثنا سفيان. وفي (5/96) قال: حدثنا يحيى بن جعفر. قال: أخبرنا وكيع، عن سفيان. (ح) وحدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي. قال: حدثنا هشيم. وفي (6/123) قال: حدثنا حجاج بن منهال. قال: حدثنا هشيم. و «مسلم» (8/245) قال: حدثنا عمرو بن زرارة. قال: حدثنا هشيم. وفي (8/246) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا وكيع (ح) وحدثني محمد بن المثنى. قال: حدثنا عبد الرحمن. جميعا عن سفيان. و «ابن ماجة» (2835) قال: حدثنا يحيى بن حكيم وحفص بن عمرو قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، (ح) حدثنا محمد بن إسماعيل قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا سفيان. و «النسائي» في فضائل الصحابة (51) قال: فيما قرأ علينا أحمد بن منيع. عن هشيم. وفي (99، 69) قال: أخبرنا محمد بن بشار. قال: حدثنا عبد الرحمن. قال: حدثنا سفيان. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9/11974) عن سليمان بن عبيد الله بن عمرو الغيلاني، عن بهز، عن شعبة.
ثلاثتهم - سفيان، وهشيم، وشعبة - عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، فذكره..(2/242)
723 - (ت) ابن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما سُمِّيَ البَيْتُ الْعَتيقُ؛لأنهُ لم يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3169) في التفسير، باب ومن سورة الحج، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقد روي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. نقول: ورجاله ثقات، خلا عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث فإنه سيء الحفظ. وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 357 وزاد نسبته للبخاري في تاريخه، والطبري، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في " الدلائل ". والعتيق في لغة العرب: القديم والنفيس والكريم والشريف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3170) قال حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد قالوا:حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن بن شهاب عن محمد بن عروة فذكره.(2/243)
724 - (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لمَّا خَرَجَ [ص:244] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من مكَّة، قال أبو بكر: آذَوْا نَبِيَّهُمْ حتى خرج، لَيَهْلِكُنَّ فأنزل الله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِين يُقاتَلونَ بأنَّهم ظُلِمُوا وإِنَّ اللَّه على نَصْرِهم لقديرٌ} [الحج: 39] فقال أَبو بكرٍ: لقد علمتُ أَنه سيكونُ قِتالٌ. هذه رواية الترمذي.
وفي رواية النسائي قال: لمَّا أُخْرِجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من مكة، قال أبو بكرٍِ: أخْرَجوا نَبِيَّهُمْ، إنَّا للهِ وإِنا إليه راجعون، فنزلت {أُذِنَ لِلَّذين يُقاتَلونَ ... } الآية. فعرفتُ أَنهُ سيكون قتالٌ. قال ابن عباسٍ: هي أَوَّلُ آيةٍ نزلتْ في القتال (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3170) في التفسير، باب ومن سورة الحج، والنسائي 6 / 2 في الجهاد، باب وجوب الجهاد: وقال الترمذي: حديث حسن، وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير فيه عن ابن عباس، وقد رواه غير واحد عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير مرسلاً، وليس فيه: عن ابن عباس. وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (1865) ، وإسناده صحيح وصحح إسناده العلامة أحمد شاكر، ونقل كلام الترمذي وقال: وكأنه يريد تعليل الحديث، ولذلك حسنه فقط، وما هذه بعلة، فالوصول زيادة من ثقة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/216) (1865) قال: حدثنا إسحاق. و «الترمذي» (3171) قال: حدثنا سفيان ابن وكيع قال: حدثنا أبي، وإسحاق بن يوسف الأزرق. و «النسائي» (6/2) قال أخبرنا عبد الرحمان بن محمد بن سلام قال: حدثنا إسحاق الأزرق كلاهما إسحاق الأزرق، ووكيع - عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير فذكره.(2/243)
سورة قد أفلح المؤمنون
725 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قُلتُ: يا رسول الله، {والَّذين يُؤتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَهُمُ الذين يَشْربَون الخمرَ ويَسْرِقُونَ؟ قال: «لا، يا بنْتَ الصِّدِّيق، ولكن هم الذي يَصُوُمون [ويصلُّون] ويَتَصَدَّقون، ويخافُون أَنْ لا يُتقَبَّلَ منهم {أولئك يُسارِعونَ في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61] » . [ص:245] أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3174) في التفسير، باب ومن سورة المؤمنين، وفي سنده انقطاع، فإن عبد الرحمن بن وهب الهمداني - الراوي عن عائشة رضي الله عنها لم يدركها، لكن له شاهد يتقوى به من حديث أبي هريرة عند ابن جرير 18 / 26، وقد صححه الحاكم 2 / 394 ووافقه الذهبي. قال ابن كثير في معنى الآية: يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط العطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (275) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (6/159) حدثنا بن آدم. وفي (6/205) قال حدثنا وكيع. و «ابن ماجة» (4198) قال: حدثنا أبو بكر. قال: حدثنا وكيع. و «الترمذي» (3175) قال: حدثنا ابن أبي عمر. قال: حدثنا سفيان.
ثلاثتهم -سفيان، ويحيى، ووكيع - عن مالك بن مغول، عن عبد الرحمن بن سعيد قال ابن وهب الهمداني، فذكره.(2/244)
726 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: عن النبي صلى الله عليه وسلم {وَهُمْ فيها كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] قال: «تَشْويِهِ النَّارُ، فَتَقَلَّصَ شَفَتُهُ الْعُلْيا حتى تبْلُغَ وسْطَ رأْسِهِ، وتَسْتَرخِي شَفَتُهُ السُّفْلى حتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3175) في التفسير، باب ومن سورة المؤمنين، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أحمد في " المسند " 3 / 88، والحاكم 2 / 395 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، نقول: وفي سنده دراج أبو السمح، وهو وإن كان صدوقاً، إلا أنه في روايته عن أبي الهيثم ضعيف، وهذا منها. وقد أورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 16 وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبي يعلى وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم في " الحلية ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/88) قال حدثنا علي بن إسحاق. و «الترمذي» (2587) و (3176) قال: حدثنا وسويد كلاهما - علي، وسويد - عن عبد الله بن المبارك عن سعيد بن يزيد أبي شجاع عن أبي السمح عن أبي الهيثم فذكره.(2/245)
سورة النور
727 - (ت د س) عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنهما -: قال: كان رجلٌ يقالُ له: مَرْثَدُ بنُ أَبي مرثَدٍ، وكان رجلاً يَحمل الأُسَراءَ من مكة، حتى يأتِيَ بهم المدينة، قال: وكانت امرأَةٌ بَغِيٌّ بمكة، يقال لها: [ص:246] عَنَاقُ، وكانت صَديقَة له، وإنه كان وَعَدَ رجلاً من أُسَارَى مكةَ يحمله، قال: فجئتُ حتى انتهيتُ إلى ظِلِّ حائطٍ من حَوائط مكة، في ليلةٍ مُقْمِرَةٍ، قال: فجاءت عَناقُ، فأبْصَرَتْ سوادَ ظِلِّي بجنْبِ الحائطِ، فلما انْتَهتْ إليَّ عَرَفَتْني، فقالت: مَرْثَدُ؟ فقلت: مرثد، فقالت: مَرْحباً وأهلاً، هَلُمَّ فبِتْ عندنا، قال: قلتُ: يا عناق: حَرَّمَ الله الزنا، قالت: يا أهلَ الخِيام، هذا الرجلُ يحمل أُسْراءكُمْ، قال: فَتبِعَني ثمانيةٌ، وسَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ (1) ، فانتهيتُ إلى غارٍ، أَو كَهْفٍ، فدخلتُ، فجاءوا حتَّى قامُوا على رأْسِي، فَبَالُوا، فَظلَّ بَوْلُهُمْ على رأسي، وعَمَّاهُم الله عَنِّي، قال: ثم رجعوا، ورجعتُ إلى صاحِبي، فَحمَلْتُهُ وكانَ رجلاً ثقيلاً - حتى انتهيتُ إلى الإذْخِرِ، ففكَكْتُ عنه أَكْبُلَهُ، فجعلتُ أَحملُه، ويُعْيِيني (2) حتى قَدِمتُ المدينةَ، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أَنْكِحُ عناقَ؟ فأمسكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلم يَرُدَّ شيئاً، حتى نزلت {الزَّاني لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيةً أَو مُشْركَةً والزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} [النور: 3] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا مَرْثَدُ {الزَّاني لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيةً أَو مُشْركَة والزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} فلا تَنْكِحْها» . هذه رواية الترمذي.
وأخرجه النسائي بنحوه. ورواية الترمذي أتمّ. [ص:247]
واختصره أبو داود قال: إنَّ مرثَدَ بنَ أبي مَرْثَد الغَنَويَّ كان يحملُ الأُسارى بمكَّةَ، وكان بمكةَ بَغيٌّ يقال لها: عَنَاقُ، وكانت صديقَتهُ، قال: فجئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسولَ الله، أنكحُ عناقَ؟ قال: فسكتَ، فنزلت: {الزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} فدعاني فَقَرأها، وقال لي: لا تَنْكِحها (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بغيّ) بغت المرأة تبغي بغاء، فهي بغي: إذا زنت، ويقال للأمة: بغي، وإن لم يرد به الذم، وإن كان في أصل التسمية ذماً.
(أكْبُله) الأكبل: جمع كبل: وهو القيد الضخم، يقال: كَبَلته، وكبَّلته.
__________
(1) جبل بمكة، أي: سلك طريق الخندمة.
(2) من الإعياء، وهو الكلال والتعب.
(3) الترمذي رقم (3176) في التفسير، باب ومن سورة النور، وأبو داود رقم (2051) في النكاح، باب قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية} ، والنسائي 6 / 66 في النكاح، باب تزويج الزانية، وإسناده حسن، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وصححه الحاكم 2 / 396.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2051) قال حدثنا إبراهيم بن محمد اليتمي قال حدثنا يحيى. و «الترمذي» (3177) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا روح بن عبادة. و «النسائى» (6/66) قال أخبرنا إبراهيم بن محمد التيمي قال حدثنا يحيى هو ابن سعيد.
كلاهما - يحيى بن سعيد، وروح بن عبادة - عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكره.(2/245)
728 - (خ د ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّ هلالَ بنَ أُميةَ قَذفَ امْرأَتهُ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَشريك بن سَحْمَاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةَ (1) [ص:248] أو حَدٌّ في ظَهرك» ، قال: يا رسولَ الله إذا رأَى أَحدُنا على امْرأتِهِ رَجلاً يَنطلقُ يلتمسُ البينةَ؟ فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: البينة، وإلا حدٌّ في ظهرك، فقال هلالُ: والذي بعثكَ بالحقِّ، إني لصادقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ الله ما يُبرئُ ظَهرِي من الحدِّ، فنزل جبريل عليه السلام، وأَنزل عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الْصَّادِقينَ. والْخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كان منَ الْكاذِبِينَ. وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهادَاتٍ باللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبينَ. والْخَامِسةَ أَنَّ غضب اللَّه عَليها إِنْ كان مِنَ الصادقين} (2) [النور: 6 - 9][ص:249] فانصرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأرْسَلَ إليهما، فجاء هلالٌ فَشهد، والنبيُّ يقُولُ: إِنَّ اللهَ يعلمُ أنَّ أَحدَكُما كاذبٌ، فهلْ مِنكُما تائبٌ؟ ثم قامتْ فَشهدَتْ، فلما كانتْ عند الخامسةِ وقَفُوَها، وقالوا: إنها مُوجِبةٌ، قال ابن عباسٍ: فَتلكَّأت ونَكصتْ، حتَّى ظَنَنَّا أَنَّها تَرْجِعُ، ثم قالت: لا أَفْضحُ قَوْمي سائرَ الْيومِ فمضتْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبْصِرُوها، فإن جاءتْ به أكحل الْعَيْنَيْنِ، سَابغَ الألْيَتَيْن، خَدَلَّج السَّاقَيْن، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل لكان لي ولها شأْنٌ» . أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي.
وسيرد في كتاب «اللعان» من حرف اللام - أَحاديثُ في سببِ نُزولِ هذه الآيات عن ابنِ عباسٍ وغيره (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قذف) القذف: رميُ الإنسان بالزنا، أو ما كان في معناه.
(موجبة) الموجبة: هي التي توجب لصاحبها الجنة أو النار.
(فتلكأت) التلكؤ: التوقف والتباطؤ في الأمر.
(نكصت) النكوص: الرجوع إلى وراء. [ص:250]
(سابغ) الأليتين: ضخمها، تامهما.
(أكحل العينين) الكحَل في العين: هو سواد في الأجفان خلقة.
(خدلج الساقين) أي: ممتلئهما.
(لكان لي ولها شأن) أراد بقوله: «لكان لي ولها شأن» يعني: لولا ما حكم الله تعالى من آيات الملاعنة وأنه أسقط عنها الحد. لأقمت عليها الحد حيث جاءت بالولد شبيهاً بالذي رميت به.
__________
(1) قال في " الفتح " 8 / 341: قال ابن مالك: ضبطوا " البينة " بالنصب على تقدير عامل، أي: أحضر البينة، وقال غيره: روي بالرفع، والتقدير: إما البينة، وإما حد في ظهرك، وقوله في الرواية المشهورة " أو حد في ظهرك " قال ابن مالك: حذف منه فاء الجواب وفعل الشرط بعد " إلا "، والتقدير: وإلا تحضرها فحد في ظهرك، قال: وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر لكن يرد عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 341: كذا في هذه الرواية أن آيات اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية، وفي حديث سهل، أنها نزلت في عويمر - يعني العجلاني - ولفظه، فجاء عويمر فقال: يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلاً يقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فأمرهما بالملاعنة. وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع، فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال، ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضاً، فنزلت في شأنهما معاً في وقت واحد، وقد جنح النووي إلى هذا، وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد، ثم قال الحافظ: ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول، ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال، أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم. ولهذا قال في قصة هلال: فنزل جبريل، وفي قصة عويمر: قد أنزل الله فيك، فيؤول قوله: قد أنزل الله فيك، أي: وفيمن كان مثلك، وبهذا أجاب ابن الصباغ في " الشامل " قال: نزلت الآية في هلال، وأما قوله لعويمر: قد نزل فيك وفي صاحبتك، فمعناه: ما نزل في قصة هلال، ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى قال: أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته ... الحديث.
(3) البخاري 8 / 341 في تفسير سورة النور، باب {ويدرأ عنها العذاب} ، وفي الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وفي الطلاق، باب يبدأ الرجل بالتلاعن. وأبو داود رقم (2254) في الطلاق، باب في اللعان، والترمذي رقم (3178) في التفسير، باب ومن سورة النور.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (1/238) (2131) قال: حدثنا يزيد. وفي (1/245) (2199) قال: حدثنا محمد بن ربيعة. و «أبو داود» (2256) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا يزيد بن هارون. كلاهما -يزيد، ومحمد بن ربيعة - قالا: حدثنا عباد بن منصور.
2- وأخرجه أحمد (1/273) (2468) قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا جرير. و «النسائي» في فضائل الصحابة (122) قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: حدثنا أبو الربيع.، قال: حدثنا حماد. كلاهما - جرير، وحماد - عن أيوب.
3- وأخرجه البخاري (3/233و6/126و7/69) . و «أبو داود» (2254) . و «ابن ماجة» (2067) ، «الترمذي» (3179) قالوا: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، قال: حدثنا هشام بن حسان.
ثلاثتهم - عباد، وأيوب، وهشام - عن عكرمة، فذكره.
الروايات مطولة ومختصرة.(2/247)
729 - (خ م ت س) محمد بن شهاب الزُّهريُّ عن عُرْوةَ بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعَلْقمَةَ بنِ وقَّاصٍ الليثيِّ، وعُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ: عن حديثِ عائشةَ- زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها - حين قال لها أهل الإِفْكِ ما قالوا، فبرَّأهَا اللهُ مما قالُوا، قال الزُّهريُّ: وكُلُّهُمْ حدثني طائفة من حديثها، وبعضُهم كان أوعى له من بعضٍ، وأَثْبَتَهمْ له اقتصاصاً، وقد وَعيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الذي حدَّثني عن عائشة، وبعضُ حديثهم (1) يُصَدِّقُ بعْضاً، قالوا: قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أَرادا أَنْ يَخْرُج [ص:251] سَفراً، أَقْرَعَ بيْنَ أَزْواجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خرجَ سَهْمُهَا، خرجَ بها معَهُ، قالت: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزاةٍ غَزَاها، فخرجَ فيها سهْمي، فخرجتُ معه - بعدَ ما أُنزِلَ الحِجابُ - وأَنا أُحْمَلُ في هوْدَجي وأُنْزَلُ فيه، فسِرْنا حتى إذا فرغ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من غزْوِتهِ تلكَ، وقفلَ، ودنونا من المدينة، آذَن (2) ليلة بالرَّحيل فقُمتُ حين آذَنُوا بالرحيل، فمشَيتُ حتى جاوزتُ الجيش، فلَمَّا قَضَيْتُ من شَأني، أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فَلمَسْت صَدْري، فإذا عِقْدٌ لِي من جَزْع أَظْفَارٍ (3) . [ص:252]
وفي رواية: جَزع ظَفارٍ (4) قد انقطعَ، فرجعتُ، فالتمستُ عِقْدي، فحبَسني ابْتِغاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرهطُ الذين كانوا يَرْحَلونَ لي، فاحْتَمُلوا هوْدَجِي فرحلوه على بعيري الذي كُنْتُ أَرْكَبُ، وهم يَحْسِبُونَ أَنِّي فيه، وكان النساءُ إِذْ ذاكَ خِفافاً لم يَثْقُلْنَ - ومنهم مَن قال: لم يُهَبَّلْنَ (5) - ولم يَغْشَهُنَّ اللحمُ وإنَّما يأْكلن العُلْقة (6) من الطعام، فلم يسْتَنْكِرِ القومُ حين رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهوْدَجِ، ومنهم من قال: خِفَّةَ الهودج - فحملوُه، وكنتُ جارية حديثَةَ السِّنِّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدتُ عِقْدِي بعد ما اسْتَمَرَّ الجيشُ، فجئتُ منزلَهم وليس فيه أحد - ومنهم من قال: فجئتُ منازلهم وليس بها منهم دَاعٍ ولا مجيبٌ - فتَيَمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ فيه، وظَنَنْتُ أَنهم سَيفْقِدُوني فيرجعون إِليَّ، فَبيْنا أَنا جالِسةٌ غلبَتْني عيْنايَ فنِمْتُ، وكان صَفْوانُ بنُ المُعطِّلِ السُّلَمِيُّ، ثم [ص:253] الذَّكْوَانِيُّ: عَرَّسَ (7) من وراء الجيش، فادَّلَجَ (8) فأصبح عند منزلي، فرأى سوادَ إِنسانٍِ نائمٍ، فأتاني فَعَرفني حين رآني - وكان يراني قبل الحجابِ - فاسْتيْقَظْتُ باسترجاعه حين عرَفني، فخمَّرْتُ وجْهي بِجِلْبابي، والله ما كلَّمَني بكلمةٍ، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، وهَوَى حتى أَناخَ راحلتَهُ، فَوطِئَ على يَدَيْهَا فركِبْتُها، فانْطلق يقُودُ بي الراحلةَ، حتى أتيْنا الجيش، بعْد ما نَزلوا مُعرِّسين - وفي رواية مُوغِرِين في نَحْرِ الظهيرة - قال أَحدُ رُواتِهِ: والْوَغْرَةُ: شِدَّةُ الحر - قالت: فهَلَك مَنْ هَلك في شأني، وكان الذي تَولَّى كبْرَ [ص:254] الإفكِ: عبدُ الله بن أُبَيِّ بن سلُولٍ، فقدِمنا المدينةَ، فاشتكيتُ بها شَهْراً، والناسُ يُفِيِضُونُ في قولِ أَصحاب الإفْكِ ولا أشْعُرُ، وهو يَريبُني في وجَعي: أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدُخلُ فيُسلِّمُ، ثم يقولُ: كيْف تِيْكُمْ (9) ؟ ثم ينصرف، فذلك الذي يَرِيبُني منه، ولا أَشْعُرُ بالشَّرِّ حتى نقهْتُ، فخرجتُ أَنا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبلَ المَنَاصِع، وهي مُتَبَرَّزُنا، وكُنَّا لا نخرج إلا ليلاً إلى لَيْلٍ، وذلك قبلَ أن نَتَّخِذَ الكُنُف (10) قريباً من بُيُوتنا، وأمْرُنا أَمْرُ العربِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغائط، وكنا نتأذَّى بالكُنُفِ أنْ نَّتخذَها عند بيوتِنا، فأقْبَلتُ أَنا وأْمُّ مِسطَحٍ - وهي ابنةُ أبي رُهُم (11) بن عبد المطلب بن عبد مناف، وأُمُّها بنْتُ صَخْر بن عامِرٍ (12) ، خالةُ أبي بكر الصِّدِّيق (13) ، - رضي الله عنه - وابْنُها: مِسطَحُ بنُ أُثَاثَةَ (14) بن عَبَّادِ [ص:255] ابن المطلب - حين فَرغْنا من شأننا نَمشي، فعثَرتْ أُمُّ مِسطَح في مِرْطِها، فقالت: تعِسَ مِسطَحٌ (15) ، فقُلْت لها: بئْسما قُلْتِ، أَتسبُيِّينَ رجُلاً، شَهِدَ بْدراً؟ فقالت: يا هَنْتاهْ ألمْ تَسْمَعي ما قال؟ قلتُ: وما قال؟ فأَخْبَرَتْني بقولِ أهلِ الإفْكِ، فازْدَدْتُ مرضاً إلى مَرضي، فلمَّا رجعتُ إلى بيتي، دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّم، وقال: كيف تيكُم؟ فقلت: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قالت: وأنا حينئذ أُريدُ أنُ أسْتَيقِنَ الخبرَ من قِبَلهمِا، فأذنَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتُ أبويَّ، فقلت لأُمِّي: يا أُمَّتاه، ماذا يتحدَّثُ الناسُ به؟ فقالت: يا بُنيَّةُ، هوِّني على نَفِسكِ الشَّأْنَ، فوالله لَقلَّمَا كانتِ امْرأَةٌ قَطُّ وَضِيْئةٌ عند رجلٍ يُحبُّها ولها ضَرَائرُ إلا أَكثْرنَ عليها، فقلتُ: سبحان الله (16) ! ولقد تَحدثَ النَّاسُ بهذا؟ قالت: فبكيتُ تلكَ الليلة، حتى أصبحتُ لا يَرْقأُ لي دمْعٌ ولا أكتحِلُ بنوْمٍ، ثمَّ أَصبحتُ أَبكي، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ (17) ، وأُسامةَ [ص:256] ابْنَ زيدٍ، حين اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ (18) ، يسْتَشيِرُهما في فراقِ أهْلهِ، قالتْ: فأما أُسامةُ فأشارَ عليه بما يعلمُ من براءةِ أهله، وبالذي يعلم في نفسه من الوُدِّ لهم، فقال أُسامةُ: هم أهلُكَ (19) يا رسولَ الله، ولا نعلمُ واللهِ إِلا خيراً. وأَما عليّ بن أبي طالبٍ فقال: يا رسولَ الله، لم يُضَيِّق اللهُ عليك والنساءُ سواها كثير (20) ، وسَلِ الجاريةَ تَصْدُقْكَ، قالت: فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بريرةَ، فقال: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رأيتِ فيها شيئاً يَرِيبُكِ؟ قالت له بريرةُ: لا والذي بعثَك بالحقِّ، إنْ رأَيتُ (21) منها أمراً أَغْمِصُهُ (22) عليها أكْثرَ منْ [ص:257] أنَّها جاريَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ، تنامُ عن عجينِ أهْلِها (23) ، فيأتي الدَّاجِنُ فيأكله قالت: فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من يومِهِ فاستعذرَ من عبد الله بن أُبيِّ بن سلولٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر -: مَنْ يَعْذِرُني من رجلٍ بَلغني أذاه في أَهلي؟ - ومن الرُّواةِ من قال: في أهل بيتي - فو اللهِ ما علمتُ على أَهلي إلا خيراً، ولقد ذَكرُوا رَجُلاً ما علمتُ عليه إلا خيراً، وما كان يدَخُلُ على أهلي إلا معي، قالت: فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ أحدُ بني عبدِ الأشهلِ، فقال: يا رسولَ الله، أَنا واللهِ أعْذِرُك منه، إنْ كان من الأوْس ضربنا عُنُقَهُ (24) ، وإن كان مِن إخواننا من الخَزْرَج (25) أمرْتَنَا ففعلنا فيه أمْرَكَ، فقام سعدُ بنُ عُبادة - وهو سيد الخزرج -، وكانت أُمُّ حسانٍ بنتَ عَمِّهِ من فَخِذِهِ (26) وكان قبل ذلك رجُلاً صالحاً (27) ، ولكن احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ - وَمِنَ الرواةِ مَنْ قال: اجْتَهلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فقال لسعد بن معاذٍ: كذبتَ، لَعمْرُ الله لا تقتُلُه، ولا [ص:258] تقْدِر على ذلك، فقام أُسيْد بن حُضَيْرٍ - وهو ابن عَمِّ سعْدٍ، يعني ابن معاذٍ - فقال لسعد بن عُبادة: كَذبتَ، لعمر الله لَنَقْتُلَنَّهُ، فإِنَّك منافقٌ تُجادِلُ عن المنافقين (28) ، فتثاوَر الحيَّانِ الأوسُ والخزرجُ حتى هَمُّوا أنْ يقْتتِلُوا - ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المنبر - فلم يَزَلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُخفِّضُهمْ حتَّى سَكتُوا وسكتَ، وبَكَيْتُ يومي ذلك، لا يرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولا أَكْتحِل بنوْمٍ، ثم بكَيْتُ ليلتي المقبلة، لا يرقأ لي دَمْعٌ، ولا أَكْتحِل بنوْمٍ، فأصبحَ عِندي أبواي (29) ، وقد بكَيْتُ ليْلتَينْ ويوماً، حتى أُظنُّ أَنَّ البكاءَ فَالِقٌ كبِدي - ومن الرُّواةِ من قال: وأبوايَ يظُنَّانِ أنَّ البكاء فالقٌ كبدي- قالت: فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي، إذ اسْتَأْذنتِْ امرأَةٌ من الأنصار، فأذِنتُ لها، فجلستْ تبكي معي، فبيْنا نحن كذلك، إذْ دخل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّم، ثم جلسَ، قالت: ولم يجْلِسْ عندي من يوم قيل لي ما قيلَ قبْلَها، وقد مكثَ شهراً لا يُوحَى إليه في شأني بشيء، قالت: فتَشهَّدَ [ص:259] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: أما بعدُ، يا عائشةُ، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كُنتِ بريئة فسيُبَرِّئكِ الله، وإن كُنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ فاسْتغْفري الله، وتُوبي إليه، فإِنَّ العبدَ إذا اعترف بذنبه، ثم تابَ تاب الله عليه (30) . فلما قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مقالتَهُ قَلَصَ دَمْعِي، حتَّى ما أُحِسُّ (31) منه قطْرَة، فقلتُ لأبي: أجِبْ عَنِّي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما قالَ: قالَ: والله ما أدْري ما أقُولُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقُلْتُ لأُمِّي: أَجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، قالت: وأَنا جاريةٌ حديثَةُ السِّنِّ، لا أَقْرأُ كثيراً من القرآن (32) ، فقلتُ: إِني والله، لقد علمتُ أنَّكُم سمعتُمْ ما تَحدَّثَ به الناسُ، حتى استقَرَّ في أنفسكم، وصدَّقْتُم به، ولِئنْ قلْتُ لكم: إني بريئة - واللهُ يعلم أني لبريئَةٌ - لا تُصدِّقوني بذلك، ولئن اعْترفتُ لكم بأمْرٍ- والله يعلم أني بريئة- لتُصدِّقُنِّي، فو الله ما أَجدُ لي ولكم مثلاً إلا أَبا يوسفَ إذا قال: {فصبْرٌ جميلٌ واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} [ص:260][يوسف: 18] ثم تحوَّلتُ، فاضْطجعْتُ على فراشي، وأنا والله حينئذٍ أعلم أني بريئةٌ، وأَنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَراءتي، ولكن والله ما كنت أظُنُّ أنَّ الله يُنْزِل في شأني وحْياً يُتْلى، ولشَأني في نفسي كان أَحقَرَ من أنْ يتكلَّم اللهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلى - ومن الرواة من قال: ولأنا أَحْقَرُ في نفسي منْ أن يتَكلَّمُ اللهُ بالقرآن في أمري- ولكن كنتُ أرجُو أَنْ يَرَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في النوم رُؤْيا يُبرِّئني الله بها، فو الله ما رام (33) رسولُ الله مَجْلِسَهُ، ولا خرج أحَدٌ من أهل البيت، حتى أَنْزَلَ الله على نبيِّهِ، فأخذه ما كان يأخُذُه من البُرَحاء (34) ، حتى إِنَّهُ ليتَحَدَّرُ منه مثْلُ الْجُمانِ من العرَقِ في يومٍ شاتٍ من ثِقَل القولِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالت: فَسُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضْحَكُ، وكان أَوَّل كلمَةٍ تكلَّم بها، أَنْ قال لي: يا عائشةُ، احْمَدِي الله - ومن الرواةِ من قال: أبْشِري يا عائشة، أمَّا الله فقَدْ بَرَّأَكِ- فقالت لي أُمِّي: قُومِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقُلْت: لا والله لا أقومُ إليه، ولا أحْمَد إلا الله، هو الذي أنزلَ بَرَاءتي، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ جاءُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ منكم} العَشْرَ الآيات (35) ، [النور: 11 - 19][ص:261] فلما أنزلَ اللهُ هذا في بَراءتي، قال أبو بكر الصديق: وكان ينُفِقُ على مِسْطحِ بن أُثَاثةَ - لقرابته منه وفَقْرهِ - والله لا أُنْفِقُ على مسطحٍ شيئاً أَبداً، بعد ما قال لعائشة، فأَنزل اللهُ: {وَلَا يَأْتَلِ (36) أُولُوا الْفَضْلِ منكم والسَّعَةِ أن يُؤتوا أولي القُرْبى والمساكينَ والمهاجرينَ في سبيل اللَّه ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا ألا تحبُّون أن يغفر اللَّه لكم واللَّه غَفُورٌ رحيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكر: بَلى والله إنِّي لأُحِبُّ أَن يَغْفِرَ اللهُ لي، فرجعَ إلى مِسطَحٍ الذي كان يُجري عليه، وقال: واللهِ لا أَنْزِعُها منه أَبداً. قالت عائشة: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سألَ زينبَ بنتَ جحشٍ عنْ أمْرِي، فقال: يا زينب، مَا علمتِ؟ ما رأَيتِ؟ فقالت: يا رسولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعي وبصري، واللهِ [ص:262] ما عَلمتُ عليها إلا خيراً، قالتْ عائشةُ: وهي التي كانت تُسامِيني من أزْواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَصمها اللهُ بالورَعِ، قالت عائشةُ: وطَفِقَتْ (37) أختُها حَمْنَةُ تُحارب لها (38) ، فَهلكَتْ فيمن هَلكَ من أصحاب الإفك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرَّهْطِ.
ومن الرواة من زاد: قال عُرْوةُ: قالت عائشةُ: والله إِنَّ الرجُلَ الذي قيل له ما قيل، ليقولُ: سُبحانَ اللهِ! فو الذي نفسي بيده، ما كشفتُ مِنْ كَنَفِ (39) أُنْثى، قالت: ثم قُتلَ بعد ذلك في سبيل الله.
وفي رواية أُخرى عن عُرْوةَ عن عائشة قالت: لما ذُكِرَ من شأني الذي ذُكِرَ، وما علمتُ به، قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خطيباً، فتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ الله وأثْنَى عليه بما هُو أَهْلُه، ثم قال: أما بعدُ، فأَشِيرُوا عليَّ في أُناسٍ أبَنُوا أَهْلي، وايْمُ الله، ما علمتُ على أهْلي من سوءٍ قط، وأَبَنُوهُمْ بِمنْ واللهِ ما عملتُ عليه من سوءٍ قطُّ، ولا دَخَلَ بيْتَي قطُّ إلا وأَنا حاضِرٌ، ولا غِبْتُ في سفَرٍ إلا غابَ مَعي، فقام سعدُ بنُ معاذٍ، فقال: إِئذَنْ لي يا رسولَ الله: أنْ نَضربَ أَعناقَهمْ وقام رجلٌ من بني الخزرج - وكانت أُمُّ حسانٍ من رَهْطِ ذلك الرجل [ص:263] فقال: كذبتَ والله: أنْ لو كانُوا من الأوْسِ ما أحْببتَ أن تُضرَبَ أعناقُهم حتى كادَ يكُون بيْن الأوسِ والخزرج شرٌّ في المسجد، وما علمتُ، فلمَّا كان مساءُ ذلك اليومِ خرجتُ لبعضِ حاجتي ومعي أُمُّ مِسْطَحٍ، فعَثَرت، فقالتْ: تَعِسَ مِسطحٌ، فقلتُ لها: أي أُمِّ، أتَسُبِّينَ ابْنكِ؟ فسكتتْ، ثم عَثَرَت الثانية، فقالتْ: تَعِسَ مِسطحٌ، فقلتُ لها: أي أُمِّ، أتَسُبِّينَ ابْنكِ؟ فسكتتْ، ثم عَثَرَت الثالثة، فقالتْ: تَعِسَ مِسطحٌ، فانْتَهرْتُها، فقالت: والله ما أسُبُّهُ إلا فيك، فقلتُ: في أيِّ شَأْني؟ فذكرتْ - وفي رواية: فَبَقَرَتْ - لي الحديثَ، فقلتُ: وقد كانَ هذا؟ قالت: نعمْ والله، فرجعْتُ إلى بيتي كأنَّ الذي خرجتُ له لا أجد منه قليلاً ولا كثيراً، وَوُعِكْتُ، وقلتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أرسلني إلى بيتِ أمي، فأرسلَ معي الغلامَ، فدخلتُ الدارَ، فوجدْتُ أمَّ رُومانٍ في أَسفلِ البيتِ، وأَبا بكرٍ فوقَ البيتِ يقرأ، فقالت أُمي: ما جاءَ بكِ يا بُنيَّةُ؟ فأخبرتُها، وذكرتُ لها الحديث. وإذا هو لم يَبْلُغْ منها مِثلَ ما بلغَ مني، فقالت: أَيْ بُنيَّةُ، خَفِّضِي عليكِ الشَّأْنَ، فإنَّهُ واللهِ لَقَلَّما كانت امرأةٌ حَسناءُ عند رجلٍ يُحبُّها لها ضَرائرُ، إِلا حَسَدْنَها، وقيلَ فيها، قلت: وقد علمَ به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسُولُ الله؟ قالت: نعم، ورسولُ اللهِ، فَاسْتَعْبَرْتُ وبَكَيت، فسمعَ أبو بكرٍ صَوْتي وهو فوق البيت يقرأُ فنزل. فقال لأُمي: ما شأْْنُها؟ فقالت: بَلَغها الذي ذُكِرَ في شأْنِها، فَفاضت عيناهُ، وقال: أَقْسمتُ عليك يا بُنَيَّةُ إِلا رجعْتِ إِلى بَيتكِ [ص:264] فَرَجعت، ولقدْ جاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فسألَ عني خادمي؟ فقالت: لا واللهِ، ما علمتُ عليها عيباً، إلا أنَّها كانت تَرْقُدُ، حتى تدخلَ الشَّاةُ فتأْكلَ خُبْزَها أو عَجينها - وفي رواية: عجينها أو خَمِيرَها - شكَّ هشام. فانْتَهَرها بعضُ أَصحابه، فقال: اصْدُقي رسولَ الله، حتى أسْقَطُوا لها بِهِ، فقالت: سبْحانَ الله! والله ما علمتُ عليها إلا ما يعلمُ الصائغ على تِبْرِ الذهب الأحمر (40) وبلغ الأمرُ ذلك الرجلَ الذي قيل له، فقال: سُبحانَ الله! واللهِ ما كشفتُ كَنفَ أُنثى قط، قالت عائشةُ: فقُتلَ شهيداً في سبيل اللهِ، قالت: وأصْبحَ أَبوايَ عِندي، فلم يزالا، حتى دخلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلَّى العصر ثم دخلَ، وقد اكْتَنَفَني أَبواي عن يميني وعن شمالي، فحمد الله وأثْنى عليه ثم قال: أمَّا بعدُ، يا عائشةُ إنْ كُنْتِ قارْفتِ سُوءاً أَو ظَلمْتِ، فتُوبي إلى الله، فإِنَّ اللهَ يقْبلُ التَّوبة عن عباده، قالت: وقد جاءت امرأَةٌ من الأَنصارِ، فهي جالسةٌ بالبابِ، فقلتُ: أَلا تسْتحيي من هذه المرأةِ: أَنْ تذكُرَ شيئاً؟ قالت: فوعَظَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فالتفَتُّ إلَى أَبي، فقلتُ: أجِبْهُ، قال: فماذا أَقُولُ؟ فالْتفتُّ إلى أُمِّي فقلتُ: أَجِيبيِه، فقالت: أَقولُ ماذا؟ فلمَّا لم يُجيباهُ تشهَّدْتُ، فحمِدتُ الله وأثْنَيْتُ عليه بما هو أهُله، ثم قُلْتُ: أَما بعد [ص:265] فو الله، لَئِنْ قُلْتُ لكم: إِني لم أُفْعلْ - واللهُ يعْلَم إني لصادقةٌ - ما ذاك بنافِعي عندكم، لقد تكلَّمتُمْ به، وأُشْرِبتْهُ قُلُوبُكم، وإنْ قُلْتُ: إني قد فعلت - واللهُ يعْلُم أنِّي لم أفعلْ - لتَقُولُنَّ: قد باءتْ به على نفسها، وإِني والله ما أَجد لي ولكم مثلاً - والْتمسْتُ اسم يعقُوب، فلم أَقْدرْ عليه - إلا أَبا يُوسُف، حين قال: {فصبْرٌ جميلٌ واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم منْ ساعتِه، فسكتْنا، فرُفعَ عنه، وإِني لأََتبيَّنُ السُّرور في وجْهه، وهُو يمْسحُ جَبينَهُ ويقول: أَبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك، قالت: وكُنْت أَشَدَّ ما كُنتُ غضباً، فقال: لي أبوايَ: قُومي إليه، فقُلت: والله لا أَقوم إليه، ولا أحْمَدُهُ، ولا أَحْمدكما، ولكن أحْمدُ الله الذي أنْزلَ بَراءتي ولقد سَمِعْتُمُوهُ فما أنْكرْتُموهُ ولا غيَّرْتُموهُ، وكانت عائشة تقول: أمَّا زينبُ بنتُ جحْشٍ: فعَصَمها اللهُ بدينها فلم تقُلْ إِلا خيْراً، وأَما أخْتُها حَمْنةُ: فهلَكتْ فيمن هَلك، وكان الذي يتكلمُ فيه: مِسْطحٌ، وحسَّانُ بن ثابتٍ، والمنافقُ: عبدُ الله بْن أُبَيّ بْنَ سَلُول، وهو الذي كان يسْتوْشِيهِ ويجْمعُهُ، وهو الذي تولَّى كِبْرَهُ منهم هو وحَمْنَةُ، قالت: فحلَفَ أبو بكرٍ أَلاّ ينْفعَ مسْطحاً بنافعةٍ أبداً، فأنزل الله عز وجل: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ منكم والسَّعَةِ ... } إلى آخر الآية، يعني أبا بكرٍ {أنْ يُؤتوا أُولي القُرْبى والمساكينَ} يعني مِسْطحاً، إلى قوله: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغفر اللَّه لكم واللَّه غَفُورٌ رحيمٌ} فقال أبو بكر: بلى والله يا ربَّنا، إِنا لنُحبُّ أنْ تغفِر لنا، وعادَ له بما كان يصْنعُ. [ص:266]
وفي رواية: أن عائشةَ لمَّا أُخْبِرتْ بالأمر قالت: يا رسول الله، أَتأذنُ لي أنْ أنطَلقَ إلى أهْلي؟ فأذِن لها، وأرسل معها الغلامَ، وقال رُجلٌ من الأنصار (41) : {سبحانك ما يكون لنا أن نتَكلَّمَ بهذا سُبحانك هذا بُهتانٌ عظيم} لمْ يَزِد على هذا.
هذه روايات البخاري، ومسلم.
وعند البخاري قال: قال الزهري: كان حديثُ الإفكِ في غزوةِ المُرَيْسِيعِ، ذكره البخاري في غزوة بني المُصْطَلِق من خُزاعَةَ، قال: وهي غزوَةِ المُرَيْسِيعِ، قال ابن إسحاق: وذلك سنة ستٍ، وقال موسى بنُ عُقْبة: سنَة أربعٍ، إلى هنا ما حكاه البخاري.
وأخرج البخاري من حديث الزُّهري قال: قال لي الوليدُ بن عبد الملك: أبَلَغَكَ أنَّ عليًّا كان فيمن قَذَف عائشة؟ قُلتُ: لا، ولكن قد أخبرني رُجلان من قومِك: - أبو سلمةَ بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - أنَّ عائشة قالت لهما: كان عليٌّ مُسَلِّما (42) في شأنِها.
وأخرج البخاري أيضاً من حديث الزهري عن عروة عن عائشة {والَّذي [ص:267] تولَّى كِبْرَهُ منهم} : عبد الله بن أُبيّ.
زاد في رواية: قال عُروة: أُخبرتُ أنه كان يُشاعُ، ويُتحدَّثُ به عندَه، فيُقِرُّه ويُشيعُهُ ويَسْتوشِيهِ، قال عروةُ: لم يُسمَّ من أهْلِ الإفك أيضاً إلا حسَّانُ بن ثابتٍ، ومِسْطحُ بنُ أُثاثة، وحَمْنةُ بنت جحش، في ناسٍ آخرين، لا عِلْم لي بهم، غير أَنهم عُصْبةٌ، كما قال الله تعالى، قال عروةُ: وكانت عائشةُ تكره أَنْ يُسبَّ عِندها حَسّانُ، وتقول: إنه الذي قال:
فإنَّ أبي ووَالِدَهُ وعِرْضي ... لعِرْضِ محمدٍ منكم وِقاءٌُ
وفي رواية لهما: قال مسروق بن الأجْدع: دخلتُ على عائشة، عندها حسانُ يُنْشِدُها شعراً، يُشبِّبُ (43) من أبياتٍ، فقال:
حَصانٌ رَزانٌ، ما تُزَنُّ برِيبةٍ ... وتُصِبحُ غَرْثَى من لُحُوم الغوافلِ
فقالت له عائشة: لكِنَّك لست كذلك، قال مسروق: فقلت لها: أتأذنين (44) له أن يدخُل عليك؟ وقد قال الله تعالى: {والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ} ؟ قالت: وأَيُّ عذابٍ أَشدُّ من العمى؟ وقالت: إنه كان يُنافحُ [ص:268] أو يُهاجِي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي الرواية الثانية من الروايتين الطويلتين عن عروة عن عائشة بطولها، وقال: وقد رواه يونس بن يزيد، ومعمرٌ، وغيرُ واحد عن الزهري عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بنِ وَقَّاص الليثيِّ، وعبيد الله بن عبد الله - عن عائشة أَطولَ من حديث هشام بن عروة وأتمَّ، يعني بذلك: الرواية الأولى بطولها.
وأخرج النسائي من الرواية الأولى إلى قوله: «فلم يستنكِرِ القومُ خِفَّةَ الهوْدج حين رفَعوهُ وحملوهُ، وكنت جارية حديثةَ السِّنِّ» ، ثم قال: وذكر الحديث، ولم يذكر لفظه.
وأخرج أبو داود منه طرفين يسيرين.
أحدهما: عن ابن شهاب قال: أَخبرني عروةُ بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن، وقَّاصٍ الليثي، وعبيد الله بن عبد الله، عن حديث عائشة، وكُلٌّ حدَّثني طائفة من الحديث «قالت: ولشَأني في نفسي كان أحقرَ من أن يتكلَّم الله فيَّ بأمْرٍِ يُتْلى» .
والطرف الآخر: أخرجه في باب الأدب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبْشِري يا عائشة، فإن الله -عزَّ وجلَّ- قدْ أنزلَ عُذْرَكِ، وقرأ عليها القرآنَ، فقال أبوايَ: قُومي فقَبِّلي رأسَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: أَحْمَدُ الله، لا إِيَّاكُما» . [ص:269]
وحيث اقْتَصَر على هذين الطرَفين اليسيرين، لم أُثْبِتْ علامته مع الجماعة، ونبَّهْتُ بِذِكْرِهِما ها هنا؛ لِئَلا يُخِلَّ بِهِما (45) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الإفك) الكذب، أراد به: قذف عائشة -رضي الله عنها -.
(أوعى) أحفظ. [ص:271]
(آذن) أي أعلم، يعني: نادى بالرحيل. [ص:272]
(جزع أظفار) الجزع هنا: الحجر اليماني المعروف، وإضافته إلى أظفار: تخصيص له، وفي اليمن موضع يقال له: ظِفار، والرواية في الحديث «أظفار - وظِفَار» .
(لم يُهَبَّلن) أي: لم يكثر لحمهن من السمن فيثقلن، والمهبَّل: الكثير اللحم. الثقيل الحركة من السمن، وقد روى «لم يُهَبِّلن» .
(العُلقة) بضم العين: البلغة من الطعام قدر ما يمسك الرمق. تريد القليل.
(داعٍ ولا مجيب) أي ليس بها أحد لا من يدعو، ولا من يرد جواباً.
(عرَّس فادَّلج) التعريس: نزول آخر الليل نزلة الاستراحة، والادِّلاج - بالتشديد -: سير آخر الليل.
(الاسترجاع) هو قول القائل: (إنا لله وإنا إليه راجعون) .
(بجلبابي) الجلباب: ما يتغطى به الإنسان من ثوب أو إزار.
(وهوي) هوي الإنسان: إذا سقط من علو، والمراد: أنه نزل من بعيره عجلاً.
(موغرين) الوغرة: شدة الحر.، ومنه يقال: وغر صدره يوغر: إذا [ص:273] اغتاظ وحمي، وأوغره غيره، فيكون قوله: موغرين، أي: داخلين في شدة الحر.
(نحر الظهيرة) الظهيرة: شدة الحر، ونحرها: أولها. ونحر كل شيء: أوله.
(كبر الإفك) الكبر - بكسر الكاف وضمها هاهنا - معظم الإفك.
(يفيضون) الإفاضة في الحديث: التحدث به والخوض فيه بين الناس.
(يريبني) رابني الشيء يريبني: شككت فيه، ولا يكون ريباً إلا في شك مع تهمة.
(المناصع) : المواضع الخالية تقضى فيها الحاجة من الغائط والبول، وأصله: مكان فسيح خارج البيوت، واحدها: منصع.
(مرطها) المرط: كساء من صوف أو خز يؤتزر به، وجمعه: مروط.
(تعس) الإنسان: إذا عثر: ويقال في الدعاء على الإنسان: تعس فلان، أي: سقط لوجهه.
(هنتاه) يقال امرأة هنتاه، أي بلهاء، كأنها منسوبة إلى البله وقلة المعرفة بمكائد الناس، وفسادهم.
(وضيئة) الوضاءة: الحسن، ووضيئة: فعيلة بمعنى: فاعلة.
(أغمصه) الغمص: العيب. [ص:274]
(الداجن) الشاة التي تألف البيت وتقيم به، يقال: دجن بالمكان أذا أقام به.
(فاستعذر) يقال: من يعذرني من فلان، أي: من يقوم بعذري إن كافأته على سوء صنيعه، فلا يلومني، واستعذر: استفعل من ذلك، أي قال: من يعذرني؟ فقال له سعد بن معاذ: أنا أعذرك، أي أقوم بعذرك.
(من فخذه) الفخذ في العشائر: أقل من البطن أولها: الشَّعب، ثم القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ، كذا قال الجوهري.
(اجتهلته الحمية) الاجتهال: افتعال: من الجهل، أي: حملته الحمية، وهي الأنفة والغضب على الجهل، واحمتلته: افتعلته من الحمل.
(فتثاور) تثاور الناس، أي: ثاوروا ونهضوا من أماكنهم، طلباً للفتنة.
(يخفضهم) : يهون عليهم ويسكنهم.
(فالق) فاعل، من فلق الشيء: إذا شقه.
(ألممت) الإلمام: المقاربة، وهو من اللمم: صغار الذنوب، وقيل: اللمم: مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل (46) . [ص:275]
(قلص) قلص الدمع: انقطع جريانه.
(ما رام) أي ما برح من مكانه، يقال: رام يريم: إذا برح وزال وقلَّما يستعمل إلا في النفي.
(البرحاء) الشدة.
(الجمان) جمع جمانة: وهي الدرة، وقيل: هي خرزة تعمل من الفضة مثل الدرة.
(سري عنه) أي كشف عنه.
(ولا يأتَل) يأتل: يفتعل: من الألية: وهي القسم، يقال: آلى وائتلى وتألى.
(أحمي سمعي) حميت سمعي وبصري: إذا منعتهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه.
(تساميني) المساماة: مفاعلة من السمو والعلو: أي أنها تطلب من السمو والعلو مثل الذي أطلب.
(فعصمها الله بالورع) أي منعها بالمعدلة: ومجانبة مالا يحل.
(كنف) الكنف: الجانب، والمراد: ما كشفت على امرأة ما سترته من نفسها، إشارة إلى التعفف.
(أبنوا أهلي) التأبين على وجهين: فتأبين الحي: ذكره بالقبيح، [ص:276] ومنه قوله: أبنوا أهلي: أي ذكروهم بسوء. والثاني تأبين الميت: وهو مدحه بعد موته.
(فبقرت) البَقْر: الفتح والتوسعة والشق، والمعنى: ففتحت لي الحديث وكشفته وأوضحته.
(وايم الله) من ألفاظ القسم، وفيها لغات كثيرة.
(وأسقطوا لها به) أسقطوا به: أي: قالوا لها السقط من القول، وهو الرديء، يريد: أنهم سبوها، وقوله «به» أي بسبب هذا المعنى: وهو الذي سئلت عنه من أمر عائشة -رضي الله عنها - فيكون المعنى سبوها بهذا السبب. وقد روي هذا اللفظ على غير ما قلناه، والصحيح المحفوظ: إنما هو ما ذكرناه. والله أعلم.
(قارفت) المقارفة: الكسب والعمل في الأصل، ويقال لمن باشر معصية أو ألم بها.
(وأشربته قلوبكم) أي: تداخل هذا الحديث قلوبكم، كما يتداخل الصبغ الثوب فيشربه.
(باءت به) أي: رجعت به وتحملته.
(يستوشيه) أي: يستخرجه بالبحث عنه والاستقصاء، كما يستوشي الرجل فرسه: إذا ضرب جنبيه بعقبيه ليجري، يقال: أوشى فرسه، واستوشاه. [ص:277]
(حصان رزان) امرأة حصان: بينة الحصانة، أي: عفيفة حيية: وامرأة رزان: ثقيلة ثابتة.
(تُزن) تُرمى وتقذف.
(بريبة) أي: بأمر يريب الناس، كالزنا ونحوه.
(غرثى) أي: جائعة، والمذكر: غرثان.
(الغوافل) جمع غافلة، والمراد به: الغفلة المحمودة، وهي مالا يقدح في دين أو مروءة.
(منافح) المنافحة: المناضلة والمخاصمة.
(أكنف) الأكنف: الأستر الأصفق، ومن هاهنا قيل للوعاء الذي يحرز فيه الشيء: كَنَف، والبناء الساتر لما وراءه: كنيف.
__________
(1) قال النووي: هذا الذي فعله الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز، لا منع منه ولا كراهة فيه، لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم، وبعضه عن بعضهم، وهؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقات، من أجل التابعين، فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضر، وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان. وقد اتفق العلماء على أنه لو قال: حدثني زيد أو عمرو - وهما ثقتان معروفان بالثقة عند المخاطب - جاز الاحتجاج به. وقوله " وبعضهم أوعى لحديثها من بعض، وأثبت اقتصاصاً " أي: أحفظ وأحسن إيراداً وسرداً للحديث.
(2) " آذن " روي بالمد وتخفيف الذال، وبالقصر وتشديدها: أي أعلم.
(3) قال الحافظ في " الفتح " 8 /347: كذا في هذه الرواية " أظفار " بزيادة ألف، وكذا في رواية فليح، لكن في رواية الكشميهني من طريقه " ظفار "، وكذا في رواية معمر وصالح.
وقال ابن بطال: الرواية " أظفار " بألف، وأهل اللغة لا يعرفونه بألف، ويقولون: " ظفار "، وقال ابن قتيبة: " جزع ظفاري "، وقال القرطبي: وقع في بعض روايات مسلم " أظفار " وهي خطأ.
قلت: - القائل ابن حجر - لكنها في أكثر روايات أصحاب الزهري، حتى إن في رواية صالح بن أبي الأخضر عند الطبراني " جزع الأظافير " فأما " ظفار " بفتح الظاء المعجمة، ثم فاء بعدها راء مبنية على الكسر، فهي مدينة باليمن، وقيل: جبل، وقيل: سميت به المدينة، وهي في أقصى اليمن إلى جهة الهند، وفي المثل: من دخل ظفار حمر، أي: تكلم بالحميرية، لأن أهلها كانوا من حمير، وإن ثبتت الرواية أنه " جزع أظفار " فلعل عقدها كان من الظفر أحد أنواع القسط، وهو طيب الرائحة يتبخر به، فلعله عمل مثل الخرز، فأطلقت عليه جزعاً تشبيهاً به، ونظمته قلادة، إما لحسن لونه أو لطيب ريحه، وقد حكى ابن التين: أن قيمته كانت اثني عشر درهماً. وهذا يؤيد أنه ليس جزعاً ظفارياً، إذ لو كان كذلك لكانت قيمته أكثر من ذلك. ووقع في رواية الواقدي " فكان في عنقي عقد من جزع ظفار، كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال النووي: وأما ظفار، فبفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء، وهى مبنية على الكسر. تقول: هذه ظفار، ودخلت ظفار، وسافرت إلى ظفار - بكسر الراء بلا تنوين في الأحوال كلها -، وهي قرية باليمن.
(4) قال الحافظ في " الفتح ": وهو أصوب.
(5) قال النووي: " لم يهبلن " ضبطوه على أوجه. أظهرها: بضم الياء وفتح الهاء والباء المشددة، أي: يثقلن باللحم والشحم. والثاني: يهبلن، بفتح الياء والباء وإسكان الهاء بينهما. والثالث: بفتح الياء وضم الباء الموحدة. ويجوز بضم أوله وإسكان الهاء وكسر الموحدة.
قال أهل اللغة: هبله اللحم وأهبله: إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.
وفي رواية البخاري " لم يثقلن " وهو بمعناه: وهو أيضاً المراد بقولها " ولم يغشهن اللحم ".
(6) بضم العين، القليل، ويقال لها أيضاً: البلغة.
(7) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 350: قال أبو زيد: التعريس: النزول في السفر في أي وقت كان. وقال غيره: أصله: النزول من آخر الليل في السفر للراحة.
ووقع في حديث ابن عمر: بيان سبب تأخر صفوان، ولفظه " وكان صفوان سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة، فكان إذا رحل الناس قام يصلي، ثم اتبعهم، فمن سقط له شيء أتاه به ". وفي حديث أبي هريرة " وكان صفوان يتخلف عن الناس، فيصيب القدح والجراب والإداوة "، وفي مرسل مقاتل بن حيان " فيحمله فيقدم به فيعرفه أصحابه "، وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه.
(8) قال الحافظ في " الفتح " 8 /322: " أدلج " بسكون الدال في روايتنا، وهو كادلج بتشديدها. وقيل: معناه بالسكون: سار من أوله. وبالتشديد: سار من آخره. وعلى هذا: فيكون الذي هنا بالتشديد، لأنه كان في آخر الليل، وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح، فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل، ويحتمل أن يكون سبب تأخيره: ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه، كما في سنن أبي داود، إذ شكته امرأته.
(9) بالمثناة المكسورة، وهي للمؤنث مثل ذاكم للمذكر.
واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض جفاء، ولكنها لما لم تكن تدري السبب لم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته.
ووقع في رواية أبي أويس " إلا أنه يقول وهو مار: كيف تيكم؟ ولا يدخل عندي ولا يعودني، ويسأل عني أهل البيت "، وفي حديث ابن عمر: " وكنت أرى منه جفوة، ولا أدري من أي شيء؟ ".
(10) جمع كنيف. وهو الساتر، والمراد به هنا: المكان المتخذ لقضاء الحاجة.
(11) بضم الراء وسكون الهاء.
(12) ابن كعب بن سعد بن تميم بن بكر.
(13) قال الحافظ: اسمها رائطة، حكاه أبو نعيم.
(14) بضم الهمزة ومثلثتين، الأولى خفيفة، بينهما ألف، ابن عباد بن المطلب، فهو مطلبي من أبيه [ص:255] وأمه. وأصل المسطح: عود من أعواد الخباء، وهو لقب، واسمه: عوف، وقيل: عامر. والأول هو المعتمد، وكان هو وأمه من المهاجرين الأولين، وكان أبوه مات وهو صغير، فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منه، وكانت وفاة مسطح سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين، بعد أن شهد صفين مع علي رضي الله عنه. قاله الحافظ في " الفتح ".
(15) أي كب لوجهه، أو هلك ولزمه الشر، أو بعد.
(16) قال الحافظ في " الفتح " قوله: " فقلت: سبحان الله " استغاثت بالله متعجبة من وقوع مثل ذلك في حقها مع براءتها المحققة عندها.
(17) قال الحافظ: ظاهره: أن السؤال وقع بعد ما علمت بالقصة، لأنها عقبت بكاءها تلك الليلة بهذا، ثم عقبت هذا بالخطبة. ورواية هشام بن عروة تشعر بأن السؤال والخطبة وقعا قبل أن تعلم عائشة بالأمر، فإن في أول رواية هشام عن أبيه عن عائشة " لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به [ص:256] قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً " فذكر قصة الخطبة الآتية؛ ويمكن الجمع بأن الفاء في قوله " فدعا " عاطفة على شيء محذوف، تقديره: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد سمع ما قيل، فدعا علياً.
(18) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: " استلبث الوحي " بالرفع: أي طال لبث نزوله، وبالنصب: أي استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزول الوحي.
(19) قال الحافظ في " الفتح ": " هم أهلك " أي العفيفة اللائقة بك، ويحتمل أن يكون قال ذلك متبرئاً من المشورة، ووكل الأمر إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يكتف بذلك، حتى أخبر بما عنده، فقال: " ولا نعلم إلا خيراً " وإطلاق " الأهل " على الزوجة شائع، قال ابن التين: أطلق عليها أهلاً، وذكرها بصيغة الجمع، حيث قال: " هم أهلك " إشارة إلى تعميم الأزواج بالوصف المذكور. اهـ، ويحتمل أن يكون جمع لإرادة تعظيمها.
(20) وإنما قال علي رضي الله عنه ذلك: تسهيلاً للأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإزالة لما هو متلبس به، وتخفيفاً لما شاهده فيه، لا عداوة لها، حاشاهم عن ذلك، قاله الكرماني.
(21) أي: ما رأيت فيها مما تسألون عنه شيئاً أصلاً، وأما من غيره: ففيها ما ذكرت من غلبة النوم لصغر سنها ورطوبة بدنها، قاله الحافظ في " الفتح ".
(22) أي: أعيبه.
(23) قال الحافظ في" الفتح ": وفي رواية مقسم " ما رأيت منها مذ كنت عندها إلا أني عجنت عجيناً، فقلت: احفظي هذه العجينة حتى أقتبس ناراً لأخبزها، فغفلت، فجاءت الشاة فأكلتها "، وهو يفسر المراد بقوله في رواية الباب: " حتى تأتي الداجن ".
(24) وإنما قال ذلك: لأنه سيدهم، فجزم أن حكمه فيهم نافذ.
(25) " من " الأولى تبعيضية والأخرى بيانية، ولهذا سقطت من رواية فليح، قاله الحافظ في " الفتح ".
(26) هي الفريعة بنت خالد بن حبيش بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة الأنصارية.
(27) أي: كامل الصلاح، وفي رواية الواقدي " وكان صالحاً لكن الغضب بلغ منه، ومع ذلك لم يغمص عليه في دينه ". قاله الحافظ في " الفتح ".
(28) قال الحافظ في " الفتح ": أطلق أُسيد ذلك مبالغة في زجره عن القول الذي قاله، وأراد بقوله: " فإنك منافق " أي: تصنع صنيع المنافقين، وفسره بقوله: " تجادل عن المنافقين " وقابل قوله لسعد بن معاذ: " كذبت، لا تقتله " بقوله هو: " كذبت لنقتلنه ". وقال المازري: إطلاق أسيد لم يرد به نفاق الكفر، وإنما أراد: أنه كان يظهر المودة لقومه الأوس، ثم ظهر منه في هذه القصة ضد ذلك. فأشبه حال المنافق، لأن حقيقة النفاق: إظهار شيء وإخفاء غيره، ولعل هذا هو السبب في ترك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم.
(29) قال الحافظ في " الفتح ": أي أنهما جاءا إلى المكان الذي كنت به من بيتهما، لا أنها رجعت من عندهم إلى بيتها. ووقع في رواية محمد بن ثور عن معمر " وأنا في بيت أبوي ".
(30) قال الداودي: أمرها بالاعتراف، ولم يندبها إلى الكتمان، للفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن، فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن، ولا يكتمنه إياه، لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك. بخلاف نساء الناس، فإنهن يندبن إلى الستر. وتعقبه عياض بأنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك، ولا فيه أنه أمرها بالاعتراف، وإنما أمرها أن تستغفر الله وتتوب إليه، أي فيما بينها وبين ربها، فليس صريحا في الأمر لها بأن تعترف عند الناس بذلك، قال الحافظ: وسياق جواب عائشة يشعر بما قال الداودي، لكن المعترف عنده ليس إطلاقه فليتأمل. ويؤيد ما قال عياض: أن في رواية ابن حاطب، قالت " فقال أبي: إن كنت صنعت شيئاً فاستغفري الله، وإلا فأخبري رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرك ".
(31) أي: أجد.
(32) قالت هذا، توطئة لعذرها، لكونها لم تستحضر اسم يعقوب عليه السلام.
(33) أي: ما فارق، ومصدره: الريم بالتحتانية، بخلاف رام، بمعنى: طلب. فمصدره: الروم.
(34) " البرحاء " بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ثم مد: هي شدة الحمى، وقيل: شدة الكرب، وقيل: شدة الحر، ومنه برح بي الهم: إذا بلغ غايته.
(35) قال الحافظ في " الفتح ": آخر العشرة قوله {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} ، لكن وقع في رواية عطاء الخراساني عن الزهري " فأنزل الله {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم - إلى قوله - أن يغفر [ص:261] الله لكم والله غفور رحيم} ، وعدد الآي إلى هذا الموضع: ثلاث عشرة آية، فلعل في قولها " العشر الآيات " مجازاً بطريق إلغاء الكسر.
وفي رواية الحكم بن عيينة مرسلاً عند الطبري " لما خاض الناس في أمر عائشة " فذكر الحديث مختصراً، وفي آخره: فأنزل الله خمس عشرة آية من سورة النور - حتى بلغ - {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26] وهذا منه تجوز، فعدد الآي إلى هذا الموضع ست عشرة. وفي مرسل سعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم والحاكم في " الإكليل ": فنزل ثماني عشرة آية متوالية كذبت من قذف عائشة {إن الذين جاءوا - إلى قوله - رزق كريم} ، وفيه ما فيه أيضاً. وتحرير العدة: سبع عشرة آية. قال الزمخشري: لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الإفك بأوجز عبارة وأشبعها، لاشتماله على الوعيد الشديد، والعقاب البليغ، والزجر العنيف، واستعظام القول في ذلك، واستشناعه بطرق مختلفة، وأساليب متقنة، كل واحد منها كاف في بابه، بل ما وقع من وعيد عبدة الأوثان، إلا بما هو دون ذلك، وما ذلك إلا لإظهار علو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير من هو منه بسبيل.
(36) أي: لا تحلفوا، إذ الألية هي اليمين، قاله النووي.
(37) بكسر الفاء، وحكي فتحها. أي: جعلت أو شرعت.
(38) أي: تجادل لها وتتعصب، وتحكي ما قال أهل الإفك، أي: لتنخفض منزلة عائشة، وتعلو منزلة أختها زينب.
(39) هو بفتح النون: الستر، والمراد هنا: ثوبها الذي يكنفها، كناية عن الجماع، ومنه: هو في كنف الله وحفظه، والكنف أيضاً: الجانب، قاله الزركشي.
(40) قال الحافظ: أي: كما لا يعلم الصائغ من الذهب الأحمر إلا الخلوص من العيب، فكذلك أنا: لا أعلم منها إلا الخلوص من العيب.
وفي رواية ابن أبي حاطب عن علقمة " فقالت الجارية الحبشية: والله لعائشة أطيب من الذهب، ولئن كانت صنعت ما قال الناس، ليخبرنك الله. قالت: فعجب الناس من فقهها ".
(41) قال الحافظ في مقدمة " الفتح ": هو أبو أيوب الأنصاري، رواه الحاكم في " الإكليل ".
(42) بكسر اللام، كذا رواه القابسي، من التسليم وترك الكلام في إنكاره، وفتحها الحموي [[وبعضهم]] من السلامة من الخوض فيه. [[ورواه النسفي وابن السكن مسيئا من الإساءة في الحمل عليها وترك التحزب لها وكذا رواه ابن أبي خيثمة وعليه تدل فصول الحديث في غير موضع رواه ابن أبي شيبة، وعليه يدل فصول الحديث في غير موضع]] (*) ، وهو رضي الله عنه منزه أن يقول ما قال أهل الإفك. كما نص عليه في الحديث، ولكن أشار بفراقها، وشدد على بريرة في أمرها، قاله الزركشي.
(43) أي: ينشد شعراً يتغزل به.
(44) قال الحافظ: هذا مشكل، لأن ظاهره: أن المراد بقوله {والذي تولى كبره منهم} هو: حسان بن ثابت. وقد تقدم قبل هذا: أنه عبد الله بن أبي. وهو المعتمد.
وقد وقع في رواية أبي حذيفة عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في " المستخرج " وهو ممن تولى كبره فهذه الرواية أخف إشكالاً.
(45) البخاري 5 / 198 - 201 في الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً، وباب القرعة في المشكلات، وفي الهبة، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها. وفي الجهاد، باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه، وفي المغازي، باب شهود الملائكة بدراً، وباب غزوة النساء، وفي تفسير سورة يوسف، باب {بل سولت لكم أنفسك أمراً} ، وفي تفسير سورة النور، باب {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً} ، وباب {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} ، وفي الأيمان والنذور، باب اليمين فيما لا يملك، وفي الاعتصام، باب قول الله تعالى {وأمرهم شورى بينهم} ، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى {يريدون أن يبدلوا كلام الله} ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الماهر بالقرآن مع الكرام البررة "، ومسلم رقم (2770) في التوبة، باب حديث الإفك وقبول توبة القاذف، والترمذي رقم (3179) في التفسير، باب ومن سورة النور، والنسائي 1 / 163 - 164 في الطهارة، باب بدء التيمم. قال العلماء: في هذا الحديث من الفوائد: جواز الحديث عن جماعة ملفقاً مجملاً، وفيه مشروعية القرعة حتى بين النساء، وفي المسافرة بهن، والسفر بالنساء حتى في الغزو، وجواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس وذم ناس إذا تضمن ذلك إزالة توهم النقص عن الحاكي إذا كان بريئاً عند قصد نصح من يبلغه ذلك لئلا يقع فيما وقع فيه من سبق، وأن الاعتناء بالسلامة من وقوع الغير في الإثم أولى من تركه يقع في الإثم، وتحصيل الأجر للموقوع فيه، وفيه استعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام، وأن الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة، وجواز ركوب المرأة الهودج على ظهر البعير، ولو كان ذلك مما يشق عليه حيث يكون مطيقاً لذلك، وفيه خدمة الأجانب للمرأة من وراء الحجاب، وجواز تستر المرأة بالشيء المنفصل عن البدن، وتوجه المرأة لقضاء حاجتها وحدها وبغير إذن خاص من زوجها، بل اعتماداً على الإذن العام المستند إلى العرف العام، وجواز تحلي المرأة في السفر بالقلادة ونحوها، وصيانة المال ولو قل للنهي عن إضاعة المال، فإن عقد عائشة لم يكن من ذهب [ص:270] ولا جوهر، وفيه شؤم الحرص على المال لأنها لو لم تطل في التفتيش لرجعت بسرعة فلما زاد على قدر الحاجة أثر ما جرى، وتوقف رحيل الجند على إذن الأمير، والاسترجاع عند المصيبة، وتغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي، وإغاثة الملهوف، وعون المنقطع، وإنقاذ الضائع، وإكرام ذوي القدر وإيثارهم بالركوب، وتجشم المشقة لأجل ذلك، وحسن الأدب مع الأجانب خصوصاً النساء، لا سيما في الخلوة، والمشي أمام المرأة ليستقر خاطرها وتأمن مما يتوهم من نظره لما عساه ينكشف منها في حركة المشي، وفيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها، والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقص وإن لم يتحقق، وفائدة ذلك أن تتفطن لتغير الحال فتعتذر أو تعترف، وأنه لا ينبغي لأهل المريض أن يعلموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه، وفيه السؤال عن المريض والإشارة إلى مراتب الهجران بالكلام والملاطفة، وفيه أن المرأة إذا خرجت لحاجة تستصحب من يؤنسها أو يخدمها ممن يؤمن عليها، وفيه ذب المسلم عن المسلم خصوصاً من كان من أهل الفضل، وردع من يؤذيهم ولو كان منهم بسبيل، وبيان مزيد فضيلة أهل بدر، وفيه البحث عن الأمر القبيح إذا أشيع، وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل فيه، واستصحاب حال من اتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفاً بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يخالف ذلك، وفيه فضيلة قوية لأم مسطح لأنها لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة، بل تعمدت سبه على ذلك، وفيه مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب، وفيه توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلى أبويها، وفيه البحث عن الأمر المقول ممن يدل عليه المقول فيه، والتوقف في خبر الواحد ولو كان صادقاً، وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين، وأن خبر الواحد إذا جاء شيئاً بعد شيء أفاد القطع، لقول عائشة: " لأستيقن الخبر من قبلهما " وأن ذلك لا يتوقف على عدد معين، وفيه استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به بقرابة وغيرها، وتخصيص من جربت صحة رأيه منهم بذلك ولو كان غيره أقرب، والبحث عن حال من اتهم بشيء، وحكاية ذلك للكشف عن أمره، ولا يعد ذلك غيبة، وفيه استعمال " لا نعلم إلا خيراً " في التزكية، وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفي أمره، وفيه التثبت في الشهادة، وفطنة الإمام عند الحادث المهم، والاستنصار بالأخصاء على الأجانب، وتوطئة العذر لمن يراد إيقاع العقاب به أو العتاب له، واستشارة الأعلى لمن هو دونه، وأن من استفسر عن حال شخص فأراد بيان ما فيه من عيب فليقدم ذكر عذره في ذلك إن كان يعلم، كما قالت بريرة في عائشة حيث عابتها بالنوم عن العجين فقدمت قبل ذلك أنها جارية حديثة السن، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشيء قبل نزول الوحي، وأن الحمية لله ورسوله لا تذم، وفيه فضائل جمة لعائشة ولأبويها ولصفوان ولعلي بن أبي طالب وأسامة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وفيه أن التعصب لأهل الباطل يخرج عن [ص:271] اسم الصلاح، وجواز سب من يتعرض للباطل، ونسبته إلى ما يسوءه وإن لم يكن ذلك في الحقيقة فيه، وإطلاق الكذب على الخطأ، والقسم بلفظ " لعمر الله "، وفيه الندب إلى قطع الخصومة وتسكين ثائرة الفتنة، وسد ذريعة ذلك، واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما، وفضل احتمال الأذى، وفيه مباعدة من خالف الرسول ولو كان قريباً حميماً، وفيه أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل يقتل؛ لأن سعد بن معاذ أطلق ذلك ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه مساعدة من نزلت فيه بلية بالتوجع والبكاء والحزن، وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الأمور لأنه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهراً كلمة فما فوقها، وفيه ابتداء الكلام في الأمر المهم بالتشهد والحمد والثناء، وقول: " أما بعد "، وتوقيف من نقل عنه ذنب على ما قيل فيه بعد البحث عنه، وأن قول: " كذا وكذا " يكنى بها عن الأحوال كما يكنى بها عن الأعداد ولا تختص بالأعداد، وفيه مشروعية التوبة، وأنها تقبل من المعترف المقلع المخلص، وأن مجرد الاعتراف لا يجزئ فيها، وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز ولو عرف أنه يصدق في ذلك، ولا يؤاخذ على ما يترتب على اعترافه، بل عليه أن يقول الحق أو يسكت، وأن الصبر تحمد عاقبته ويغبط صاحبه، وفيه تقديم الكبير في الكلام، وتوقف من اشتبه عليه الأمر في الكلام، وفيه تبشير من تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة، وفيه الضحك والفرح والاستبشار عند ذلك، ومعذرة من انزعج عند وقوع الشدة لصغر سن ونحوه، وإدلال المرأة على زوجها وأبويها، وتدريج من وقع في مصيبة فزالت عنه لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهلة فيهلكه، وفيه أن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرج، وفضل من يفوض الأمر لربه، وأن من قوي على ذلك خف عنه الهم والغم، وفيه الحث على الإنفاق في سبيل الخير خصوصاً في صلة الرحم، ووقوع المغفرة لمن أحسن إلى من أساء إليه أو صفح عنه، وأن من حلف أن لا يفعل شيئاً من الخير استحب له الحنث، وجواز الاستشهاد بآي القرآن في النوازل، والتأسي بما وقع للأكابر من الأنبياء وغيرهم، وفيه التسبيح عند التعجب واستعظام الأمر، وذم الغيبة وذم سماعها وزجر من يتعاطاها لاسيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه، وذم إشاعة الفاحشة، وتحريم الشك في براءة عائشة رضي الله عنها.
(46) قال في " اللسان ": الإلمام في اللغة، يوجب أنك تأتي في الوقت. ولا تقيم على الشيء. فهذا معنى اللمم. قال أبو منصور: ويدل على صواب قوله قول العرب: ألممت بفلان إلماماً، وما تزورنا إلا لماماً. قال أبو عبيد: معناه: في الأحيان، على غير مواظبة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/194) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. وفي (6/197) قال: حدثنا بهز. قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح. قال: بهز قلت له: ابن كيسان؟ قال: نعم. و «البخاري» (3/219، و4/40، و5/110، و6/96، و8/، 168، 172 و9/176) قال: حدثنا حجاج بن منهال. قال: حدثنا عبد الله بن عمر النميري. قال: حدثنا يونس بن يزيد الأيلي. وفي (3/227) قال: حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود. وأفهمني بعضه أحمد. قال: حدثنا فليح بن سليمان. وفي (5/148) ، (6/، 95 و8/، 168، 162 و9/139) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله -الأويسي -. قال: حدثنا إبر اهيم بن سعد، عن صالح وفي (6/172) 9، /193) ، وفي خلق أفعال العباد (صفحة 35) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن يونس. وفي خلق أفعال العباد (35) قال: حدثنا عبد الله. قال: حدثنا الليث، قال: حدثني يونس. و «مسلم» (8/112) قال: حدثنا حبان بن موسى. قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك. وقال: أخبرنا يونس بن يزيد الأيلى. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد. قال ابن رافع: حدثنا. وقال الأخران: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (8/118) قال: حدثني أبو الربيع العتكي قال: حدثنا فليح بن سليمان. (ح) وحدثنا الحسن بن علي الحلواني، وعبد بن حميد. قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان. و «أبو داود» (4735) قال حدثنا سليمان بن داود المهري. قال: أخبرنا عبد الله بن وهب. قال: أخبرني يونس بن يزيد. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (11/16126) عن أبي داود سليمان بن سيف الحراني، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان. (ح) وعن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور. عن معمر. وفي (11/16129) عن سليمان بن داود المهري. عن ابن وهب. عن يونس وذكر آخر.
أربعتهم - معمر بن راشد، وصالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وفليح ابن سليمان - عن ابن شهاب الزهري. قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود، فذكره.
* وأخرجه الحميدي (284) قال: حدثنا سفيان. عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، فذكره مختصرا. ليس فيه - عروة بن الزبير، ولا علقمة بن وقاص، ولا عبيد الله بن عبد الله -.
وأخرجه أحمد (6/198) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثني أبي عن صالح بن كيسان. قال: قال ابن شهاب: حدثني عروة فذكر الحديث.
وأخرجه أحمد (6/264) قال: حدثنا محمد بن يزيد، يعني الواسطي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعائشة، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار.
وأخرجه البخاري (3/231) قال: حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود قال: وحدثنا فليح، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة وعبد الله بن الزبير مثله.
وأخرجه البخاري (6/127) قال: حدثنا أبو نعيم. قال حدثنا سفيان عن معمر، عن الزهري عن عروة، عن عائشة، -رضي الله عنها- {والذي تولى كبره} قالت: عبد الله بن أبي بن سلول.
وأخرجه النسائي في الكبير «تحفة الأشراف» (11/16311) عن الربيع عن سليمان، عن الشافعي، عن محمد بن علي بن شافع، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة فذكره.
وأخرجه أحمد (6/59) قال: حدثنا أبو أسامة. و «البخاري» (9/139) قال: حدثني محمد ب حرب. قال: حدثنا يحيى بن أبي زكرياء الغساني. و «مسلم» (8/118) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد ابن العلاء قالا حدثنا أبوأسامة. و «أبو داود» (5219) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال حدثنا حماد. و «الترمذي» (3180) قال: حدثنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا أبو أسامة.
ثلاثتهم -أبو أسامة، ويحيى، وحماد - عن هشام بن عروة، عن أبيه فذكره.
وأخرجه أبو داود (4008) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا حماد. قال: حدثنا هشام ابن عروة، أن عائشة، -رضي الله عنها- نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا: {سورة أنزلناها وفرضناها} حتى أتى على هذه الآيات.
قال أبو داود: يعني مخففة.
- ورواه أيضا عن عائشة، القاسم بن محمد بن أبي بكر.
أخرجه البخاري (3/231) . ورواه أيضا عن عائشة عروة أخرجه أبو داود (785) وراه أيضا عنه عائشة، أبو سلمة أخرجه أحمد (6/30و 6/103) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كان في العبارة خلل ونقص أصلحناه من مشارق الأنوار للقاضي عياض(2/250)
730 - (خ) أمُّ رُومان (1) - رضي الله عنهما -: وهي أُمُّ عائشةَ -رضي الله عنها - قالت: بيْنا أَنا قاعدَةٌ أنا وعائشةُ، إذْ وَلَجت امرأَةٌ من الأنصار، فقالت: فعَلَ الله بفُلانٍ وفعَلَ، فقالت: أُمُّ رُومان: ومَا ذَاك؟ قالت: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيِثَ، قالت: وما ذاكَ؟ قالت: كذا وكذا، قالت عائشةُ: وسَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، قالت: وأبو بكرٍ؟ قالت: نعم، فَخرَّتْ مَغْشِيًّا عليها، فَما أفاقَت إلا وعليها حُمَّى بنافِضٍ، فطرَحْتُ عليها ثيابَها، [ص:278] فَغَطَّيْتُها، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما شأْنُ هذه؟» قُلْتُ: يا رسول الله، أَخذتْها الحُمَّى بنافِضٍ، قال: فلعلَّ في حديثٍ تُحُدِّثَ بَهِ؟ قالت: نعم، فقعدتْ عائشةُ، فقالت: واللهِ لئن حلَفتُ لا تُصدِّقوني، ولئن قلتُ لا تعذِروني، مثَلي ومثلُكم كيعقوبَ وبنَيه {واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} قالت: فانْصرفَ، ولم يقل لي شيئاً، فأنزل الله عُذْرها، قالت: بحمدِ اللهِ، لا بحمدِ أحدٍ، ولا بحمْدِكَ. أخرجه البخاري.
قال الحميدي، في كتاب «الجمع بين الصحيحين» : كان بعضُ مَن لقينا من الحفَّاظ البغداديِّين يقول: إِن الإرسالَ في هذا الحديثِ أبْيَنُ، واستدلَّ على ذلك بأنَّ أُمَّ رُومانٍ توفِّيتْ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. ومَسْرُوقُ بن الأجْدَعِ - راوي هذا الحديثِ عن أُمِّ رومانِ - لم يُشاهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بلا خِلافٍ (2) .
__________
(1) أم رومان: - بفتح الراء وضمها - هي أم عائشة وعبد الرحمن، ولدي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
(2) 7 / 337 في المغازي، باب حديث الإفك، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة يوسف، باب {قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً} ، وفي تفسير سورة النور، باب قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} وقد استشكل قول مسروق: حدثتني أم رومان مع أنها ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومسروق ليست له صحبة، لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر. قال الحافظ: قال الخطيب: لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين (بن عبد الرحمن الواسطي) ومسروق لم يدرك أم رومان، وكان يرسل هذا الحديث عنها، ويقول: سئلت أم رومان، فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقاً، أو يكون بعض النقلة كتب: " سئلت " بألف فصارت " سألت " فقرئت بفتحتين، على أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب، يعني بالعنعنة، وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال، ولم يظهر له علة. وقد حكى المزي كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف ولم يتعقبه، بل أقره، وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان، وهو أشبه بالصواب. كذا قال. وهذه الرواية شاذة وهي من " المزيد في متصل الأسانيد " على ما سنوضحه، والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري، لأن عمدة الخطيب ومن [ص:279] تبعه في دعوى الوهم، الاعتماد على قول من قال: إن أم رومان ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع، وقيل: سنة خمس، وقيل: ست، وهو شيء ذكره الواقدي، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي، وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذي الحجة، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير، فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان: روى علي بن يزيد عن القاسم قال: ماتت أم رومان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست، قال البخاري: وفيه نظر، وحديث مسروق أسند، أي أقوى إسناداً وأبين اتصالاً. انتهى. وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقاً سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر، لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة، ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمداً على ما تقدم عن الواقدي والزبير، وفيه نظر لما وقع عند أحمد من طريق أم سلمة عن عائشة قالت: " لما نزلت آية التخيير، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال: يا عائشة إني عارض عليك أمراً فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان ... الحديث، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان، وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقاً، فهذا دال على تأخر موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدي والزبير أيضاً، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر، قال عبد الرحمن: وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم، وفيه عند المصنف (يعني البخاري) في الأدب، فلما جاء أبو بكر قالت له أمي: احتبست عن أضيافك ... الحديث، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد، وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها، لأنه روي أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه، وفي بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه على هذا الجامع الصحيح، والله المستعان. وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق والمطالع والسهيلي وابن سيد الناس، وتبع المزي الذهبي في مختصراته والعلائي في المراسيل وآخرون، وخالفهم صاحب " الهدي ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/376) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. قال: حدثنا أبو جعفر، يعني الرازي. وفي (6/367) قال: حدثنا علي بن عاصم. و «البخاري» (4/183) قال: حدثنا محمد بن سلام. قال أخبرنا ابن فضيل. وفي (5/154) و (6/96) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو عوانة، وفي (6/132) قال: حدثنا محمد بن كثير. قال: أخبرنا سليمان.
خمستهم -أبو جعفر الرازي، وعلي بن عاصم، وابن فضيل، وأبو عوانة، وسليمان بن كثير - عن حصين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن مسروق بن الأجدع، فذكره.
(*) لفظ رواية سليمان بن كثير: «رميت عائشة خرت مغشية عليها» .(2/277)
731 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: لمَّا أُنْزِلَ عُذْرِي، قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وذكرَ ذلك،وتلا القُرآنَ، قالت: وأَمرَ بِرَجُلَيْنِ وامرأَةٍ، فَجُلِدوا الحدَّ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3180) في التفسير، باب ومن سورة النور، وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق، نقول: وفيه عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلس لكن قد صرح بالتحديث كما ذكر الحافظ في " الفتح "، فالحديث حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/61،35) . و «أبو داود» (4474) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي، ومالك ابن عبد الواحد المسمعي. و «ابن ماجة» (2567) قال: حدثنا محمد بن بشار. و «الترمذي» (3181) قال: حدثنا محمد بن بشار،.و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (12/17898) عن قتيبة.
أربعتهم -أحمد، وقتيبة،ومالك، ومحمد بن بشار - عن محمد بن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، فذكرته.
وأخرجه أبو داود (4475) قال:حدثنا النفيلي. قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق بهذا الحديث لم يذكر عائشة. قال: فأمر برجلين وامرأة ممن تكلم بالفاحشة: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة. قال النفيلي: ويقولون: المرأة حمنة بنت جحش.(2/279)
732 - (خ د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: يَرْحَمُ الله نِساء المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ (1) ، لَمَّا أُنزل {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ... } الآية [النور: 31] شَقَقْنَ، مُرُوطَهُنَّ فاخْتَمَرْنَ بها.
وفي أخرى قالت: «أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ، فَشَقَقْنَها مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشي، واخْتَمَرْن بها (2) » . أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود، قال: «شَقَقْنَ أَكْنُفَ مُرُوطِهِنَّ (3) ، فاخْتََمَرْنَ بِهَا (4) » .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مروطهن) المروط: جمع مرط، وهو كساء من خز أو صوف يتغطى به.
__________
(1) قال الحافظ: أي: السابقات من المهاجرات، وهذا يقتضي أن الذي صنع ذلك نساء المهاجرات، لكن في رواية صفية بنت شيبة عن عائشة: أن ذلك في نساء الأنصار. كما سأنبه عليه. انظر التعليق رقم (4) .
(2) أي: غطين وجوههن؛ وصفة ذلك: أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع، قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل.
(3) قال أبو داود: قال ابن صالح: أكثف مروطهن. ومعنى أكنف مروطهن: أي أشدها ستراً لصفاقته، والأكثف: الأغلظ والأثخن.
(4) البخاري 8 / 376 في تفسير سورة النور، باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، وأبو داود رقم (4102) في اللباس، باب قول الله تعالى {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، قال الحافظ في " الفتح ": [ص:281] قوله: " لما نزلت هذه الآية: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} أخذن أزرهن " هكذا وقع عند البخاري الفاعل ضميراً، وأخرجه النسائي من رواية ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع بلفظ - أخذ النساء - وأخرجه الحاكم من طريق زيد بن الحباب عن إبراهيم بن نافع بلفظ - أخذ نساء الأنصار - ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية ما يوضح ذلك، ولفظه - ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن، فقالت: إن نساء قريش لفضلاء، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان، ويمكن الجمع بين الروايتين، بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في التفسير ترجمة الباب 34: 13 تعليقا وقال أحمد بن شبيب ثنا أبي عن يونس تحفة الأشراف (12/112) .
وأبو داود في اللباس (22: 1) عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود المهدي وابن السرح وأحمد بن سعيد الهمداني أربعتهم عن ابن وهب عن قرة بن عبد الرحمن المعافري به و (32: 2) عن ابن السرح قال قرأت في كتاب خالي عن عقيل عن بن شهاب بإسناده ومعناه. تحفة الأشراف (12- 70) .(2/280)
733 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -:، {وقُلْ لِلْمُؤمِناتِ يَغْضُضْنَ [ص:281] مِنْ أَبصارِهِنَّ ... } الآية [النور: 31] فَنُسِخَ، واستُثْني من ذلك، {والْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتي لا يَرْجُونَ نِكاحاً ... } الآية [النور: 60] ، أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (4111) في اللباس، باب قوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} ، وفي سنده الحسين بن واقد، وهو ثقة له أوهام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبوداود في اللباس (36: 1) عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه الأشراف (5/178) .(2/280)
734 - (م د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: كان عبدُ الله بنُ أُبيِّ بن سلُول يقولُ لجاريةٍ له: اذهبي فابْغينا شيْئاً، قال: فأَنزلَ الله عز وجل: {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ إنْ أَرَدْنَ (1) تَحصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الحياةِ الدُّنْيا ومَنْ يُكْرهْهُّنَّ فإن اللَّه من بعد إكراهِهنَّ [ص:282] لَهُنَّ (2) - غَفُورٌ رَحيمٌ} [النور: 33] .
وفي أخرى: أنَّ جارية لعبدِ الله بن أُبّيٍ يُقال لها: مُسَيْكَةُ، وأخرى يقال لها أُمَيْمةُ، كان يُريدُهما على الزِّنا، فَشَكتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ - إلى قوله - غَفُورٌ رَحيمٌ} أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود قال: جاءتْ مُسيكةُ لبعضِِ الأنصار، فقالت: إنَّ سيدي يُكْرِِهُني على البغاء، فنزل في ذلك: {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ} .
قال أبو داود: وروى مُعُتَمِرٌ عن أبيه: {ومَنْ يُكْرِهْهُّنَّ فإن اللَّه من بعد إكراهِهنَّ غَفُورٌ رَحيمٌ} قال: قال سعيدُ بنُ أبي الحسَنِ: غَفُورٌ لُهَنَّ: المُكْرَهَات (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البغاء) : الزنا وهو في الأصل: الطلب.
__________
(1) قال النووي: قوله تعالى: {إن أردن تحصناً} خرج على الغالب، لأن الإكراه إنما هو لمريدة التحصن، أما غيرها فهي تسارع إلى البغاء من غير حاجة إلى إكراه، والمقصود: أن الإكراه على الزنا حرام، سواء أرادت تحصناً أم لا، وصورة الإكراه - مع أنها لا تريد التحصن -: أن تكون هي مريدة للزنا بإنسان، فيكرهها على الزنا بغيره، فكله حرام.
(2) قال النووي: هكذا وقع في النسخ كلها: " لهن " وهذا تفسير، ولم يرد: أن لفظة " لهن " منزلة، فإنه لم يقرأ بها أحد، وإنما هي تفسير وبيان: أن المغفرة والرحمة لهن، لكونهن مستكرهات، لا لمن أكرههن.
(3) مسلم رقم (3029) في التفسير، باب قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ، وأبو داود رقم (2311) في الطلاق، باب تعظيم الزنا.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (8/244) قال حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، وأبو كريب جميعا عن أبي معاوية (ح) وحدثني أبو كامل الجحدري قال: حدثنا أبو عوانة كلاهما -أبو معاوية، وأبو عوانة -عن الأعمش عن أبي سفيان فذكره.(2/281)
735 - (د) عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه -: أنَّ نَفراً من أْهلِ [ص:283] العراق قالوا: يا ابنَ عباسٍ، كيف ترى في هذه الآية التي أُمِرْنا بها ولا يعمل بها أَحدٌ؟ قَول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم ... } الآية [النور: 58] فقال ابن عباسٍ: إن الله حَليمٌ رحيمٌ بالمؤمنين، يُحبُّ السِّتْرَ. وكان الناسُ ليس لِبُيُوتِهمْ سُتورٌ ولا حِجالٌ، فربما دخلَ الخادم، أو الولدُ، أو يتيمةُ الرَّجُلِ، والرجلُ على أهله، فأمرهم الله تعالى بالاستئذان في تلك العَوراتِ، فجاءهم الله بالسُّتُورِ والخيرِ، فلم أرَ أحداً يعمل بذلكَ بَعْدُ.
وفي رواية عن ابن عباس: «أنه سُمِعَ يقول: لم يُؤمَرْ (1) بها أَكثرُ الناس: آية الإذن، وإِني لآمرُ جاريتي هذه تستأْذِنُ عَليَّ» . أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) في بعض النسخ: لم يؤمن.
(2) رقم (5191) و (5192) في الأدب، باب الاستئذان في العورات الثلاث، وسنده حسن. وهذه الآية من العلماء من قال بنسخها، ومنهم من قال: إنها محكمة، والأكثرون على أنها محكمة، قال ابن الجوزي في " نواسخ القرآن: الورقتان 110، 111 بعد أن أسند القول بالنسخ إلى سعيد بن المسيب: وهذا ليس بشيء، لأن معنى الآية: {وإذا بلغ الأطفال منكم} أي من الأحرار {الحلم فليستأذنوا} أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم {كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الأحرار الكبار الذين بلغوا قبلهم، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث.
وقال في " زاد المسير " 6 / 62: وأكثر علماء المفسرين على أن هذه الآية محكمة، وممن روي عنه ذلك: ابن عباس، والقاسم بن محمد، وجابر بن زيد، والشعبي، وحكي عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة، والأول أصح.
وقال ابن كثير: ولما كانت هذه الآية محكمة ولم تنسخ بشيء وكان عمل الناس بها قليلاً جداً أنكر عبد الله بن عباس على الناس، وذكر بعض الروايات الدالة على أنها محكمة، منها رواية ابن أبي حاتم [ص:284] بسند صحيح إلى ابن عباس، ثم قال: ومما يدل على أنها محكمة لم تنسخ قوله تعالى: {كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} ، ثم قال تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث، إذا بلغوا الحلم، وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال، يعني بالنسبة إلى أجانبهم، وإلى الأحوال التي يكون الرجل على امرأته، وإن لم يكن في الأحوال الثلاث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (5192) قال حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا عبد العزير- يعني ابن محمد - عن عمروبن أبي عمرو عن عكرمة فذكره.(2/282)
سورة الفرقان
736 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالمُ على يَدَيْهِ} [الفرقان: 27] قال: الظَّالمُ: عُقْبةُ بن أَبي مُعَيْط {يقول يا ليتني اتخذْتُ مع الرسولِ سَبيلاً. يا ويْلَتا ليْتني لم أتَّخِذْ فُلاناً خليلاً} يعني: أُميَّةَ بن خلفٍ، وقيل: أُبيّ» .أخرجه (1) .
__________
(1) بياض في الأصل، وقد أخرجه بمعناه ابن جرير 18 / 6 من رواية حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، وحجاج ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، وابن جريج ثقة فقيه فاضل ولكنه كان يدلس ويرسل، وعطاء الخراساني صدوق يهم كثيراً، والحديث رواه أيضاً الواحدي في " أسباب النزول " 191، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 68 وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس، ورواه ابن جرير أيضاً عن ابن عباس، وفي سنده عطية العوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً.
قال ابن كثير: وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
علقه الواحدي في أسباب النزول (683) بتحقيقي،وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/68) وزاد نسبته لا بن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس، وقد أخرجه بمعناه ابن جرير (19/6) من رواية حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس وحجاج ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته وابن جريج ثقة فاضل لكنه كان يدلس ويرسل، وعطاء الخراساني صدوق يهم كثيرا.(2/284)
737 - (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: صَنعَ عُقْبةُ بن أبي مُعيط طعاماً، فدعا أَشْراف قُرَيْشٍ - وكان فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - فامتنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَطْعَمَ، أو يشْهَد عُقبةُ شهادةَ التوحيد، ففَعلَ، فأتاه أُبيٌّ، [ص:285] أو أُميَّةُ - وكان خَلِيلَهُ - فقال: أَصَبَأْتَ؟ قال: لا ولكن اسْتَحْيَيْت أن يَخرج من منزلي، أو يَطْعَمَ من طعامي، فقال: ما كنتُ أَرضَى أو تبْصُقَ في وجهه، ففعَلَ عقُبةُ، وقُتِل يوم بدرٍ صَبْراً كافراً. أخرجه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(خليلاً) الخليل: الصديق (2) .
(أصبأت) يقال: صبأ من دين إلى دين: إذا خرج من هذا إلى هذا.
(صبراً) الصبر حبس القتيل على القتل، فكل من قُتل في غير حرب ولا غيلة، فقد قُتل صبراً.
__________
(1) في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه. وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 68 بمعناه من رواية أبي نعيم في " الحلية " من طريق الكلبي عن ابن عباس. والكلبي، هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي أبو النضر الكوفي النسابة المفسر، متهم بالكذب.
(2) هو الذي تخللت محبته القلب.(2/284)
738 - (خ م د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: سألتُ - أو سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - أيُّ الذَّنبِ عند الله أَعْظَمُ؟ قال: أنْ تَجْعَلَ للهِ ندّاً وهو خَلَقَكَ، قال: قُلْتُ: إن ذلك لعظيمٌ؛ قلتُ: ثم أَيٌّ؟ قال: أنْ تقتُلَ ولَدَكَ مخافَةَ أنْ يَطْعَمَ معك، قلت: ثم أيٌّ؟ قال أنْ تُزَاني حَلِيلَةَ جارِك، قال: ونزلت هذه الآية، تصْديقاً لقولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: {والذين لا يدْعُونَ مع اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ولا يقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالْحَقِّ ولا يَزْنونَ} [ص:286][الفرقان: 68] . أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ندّاً) الند: المثل
(حليلة) الحليلة: المرأة، والحليل: الزوج
__________
(1) البخاري 8 / 378 في تفسير سورة الفرقان، باب قوله: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس} ، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أنداداً} ، وفي الأدب، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، وفي المحاربين، باب إثم الزناة، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} ، ومسلم رقم (86) في الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب، وأبو داود رقم (2310) في الطلاق، باب تعظيم الزنا، ورواه الترمذي من طريقين رقم (3181) ولم يرمز له المؤلف.
وأخرجه الترمذي في التفسير أيضاً من طريقين عن ابن مسعود، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/434) (4131) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان عن منصور، والأعمش، وواصل. وفي (1/434) (4134) قال: حدثنا علي بن حفص، قال: حدثنا ورقاء، عن منصور. و «البخاري» (6/22) ، وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير عن منصور، وفي (6/137) وفي خلق أفعال العباد (61) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني منصور، وسليمان. وفي (8/9) وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال: حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان، عن منصور. وفي (8/204) قال: حدثنا عمرو ابن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني منصور، وسليمان. وفي (9/، 2 190) وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، وفي (9 / 186) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا جرير، عن منصور، و «مسلم» (1/63) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا جرير، وقال عثمان: حدثنا جرير، عن منصور (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، جميعا عن جرير عن الأعمش. و «أبو داود» (2310) قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان عن منصور. «والترمذي» (3182) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان عن واصل (ح) وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا سفيان عن منصور، والأعمش. «النسائي» (7/89) قال: أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى عن واصل. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9480) عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان عن منصور، والأعمش (ح) وعن قتيبة، عن جرير، عن منصور. (ح) وعن محمد بن بشار، عن ابن مهدي،. عن سفيان، عن واصل.
ثلاثتهم - منصور، وسليمان الأعمش، وواصل الأحدب - عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، فذكره.
وأخرجه أحمد (1/380) (3612) قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش. وفي (1/431) (4102) قال: حدثنا وكيع، وأبو معاوية، قالا: حدثنا الأعمش. وفي (1/434) (4132) قال: حدثا بهز بن أسد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا واصل الأحدب. وفي (1/434) (4133) ، (1/464) (4423) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن واصل. وفي (1/462) (4411) قال حدثنا عفان، قال: حدثنا مهدي، قال: حدثنا واصل الأحدب. والبخاري» (6/137) قاال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان قال: حدثني واصل. وفي (8/204) قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: قال يحيى: وحدثنا سفيان، قال: حدثني واصل. و «الترمذي» (3/318) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا سعيد بن الربيع أبو زيد، قال: حدثنا شعبة، عن واصل الأحدب. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن واصل. و «النسائى» (7/90) قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال حدثني واصل (ح) وأخبرنا عبدة قال: أنبأنا يزيد، قال: أنبأنا شعبة، عن عاصم، وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9271) عن هناد بن السري، عن أبي معاوية عن الأعمش. وفي (9311) عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام، عن أبي أسامة، عن مالك بن مغول عن واصل.
ثلاثتهم - الأعمش، وواصل الأحدب، وعاصم بن بهدلة -. عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، فذكره. -ليس فيه عمرو بن شرحبيل -.
(*) قال النسائي عقب رواية عاصم: حديث يزيد هذا خطأ، إنماه هو واصل والله تعالى أعلم.
(*) قال عمروبن علي - عقب حديث يحيى، عن سفيان، عن واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله - فذكرته لعبد الرحمن، وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش، ومنصور، وواصل، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة، قال: دعه دعه.(2/285)
سورة الشعراء
739 - (خ م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما نزَلتْ: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] (1) صَعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على [ص:287] الصَّفا، فجعل يُنادي: يا بني فِهْرٍ، يا بني عدِيّ - لِبُطونِ قُريشٍ - حتى اجتمعوا. فجعل الرجلُ إذا لم يستْطِعْ أَن يخرجَ أرسل رسولاً، ليَنْظرَ ما هو؟ فجاء أبو لهبٍ وقُريشٌ، فقال: أرأيْتَكُم لو أخبَرْتُكم أن خَيْلاً بالوادي، تُريدُ أن تغير عليكم، أَكُنْتمْ مُصدِّقيَّ؟ (2) قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليكَ إلا صِدقاً، قال: فإِنِّي نذيرٌ لكم بين يديْ عذاب شديدٍ، فقال أبو لهب: تَبّاً لك سائرَ اليومِ، أَلهذا جمَعْتنَا؟ فنزلت {تَبَّتْ يدَا أبي لهبٍ وتبَّ. ما أغنى عنه مالُه وما كَسَبَ} .
وفي بعض الروايات: «وقد تَبَّ» كذا قرأَ الأعمش (3) .
وفي رواية: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ إلى البَطْحاء، فصَعِدَ الجبَلَ، فنَادى: «يا صَبَاحاهْ، يا صباحاهْ» ، فاجتمعت إليه قُريشٌ فقال: «أرأيتُم إِنْ [ص:288] حَدَّثْتُكُم: أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكمْ، أو مُمَسِّيكُمْ، أَكنتُم تُصَدِّقوني؟» قالوا: نعم، قال: «فإني نذِيرٌ لكم بْين يدَيْ عذابٍ شديدٍ» - وذكر نحوه.
هذه رواية البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً قال: لما نزل: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربين} جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعوهم قَبَائِِلَ، قَبَائِلَ. وأخرج الترمذي الرواية الثانية.
وفي رواية للبخاري: لما نزلت: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربين. ورهْطَك منهم المُخْلَصيِن} (4) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صِعد الصَّفا، فهتفَ: يا صَباحَاه، فقالوا: مَنْ هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم إنْ أخبرتُكم أنَّ خيلاً تخرجُ من سَفْح هذا الجبلِ، أكنتم مُصدِّقيَّ (5) ؟ قالوا: ما جرَّبنا عليك كذباً ... وذكر الحديث (6) . [ص:289]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البطحاء) : الأرض المستوية.
(تباً لك) التب: الهلاك: أي هلاكاً لك، وهو منصوب بفعل مضمر.
(صباحاه) كلمة يقولها المنهوب والمستغيث، وأصله: من يؤم الصباح، وهو يوم الغارة.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 385: " قوله: عن ابن عباس: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} : هذا مرسل من مراسيل الصحابة، وبذلك جزم الإسماعيلي، لأن أبا هريرة إنما أسلم بالمدينة، وهذه القصة وقعت بمكة، وابن عباس كان حينئذ إما لم يولد، وإما طفلاً، ويؤيد الثاني نداء فاطمة، فإنه يشعر بأنها كانت حينئذ بحيث تخاطب بالأحكام ".
قال الحافظ: وقد قدمت في " باب من انتسب إلى آبائه " في أوائل السيرة النبوية احتمال أن تكون هذه القصة وقعت مرتين، لكن الأصل عدم تكرار النزول، وقد صرح في هذه الرواية بأن ذلك وقع حين نزلت. نعم وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال: " لما نزلت {وأنذر عشيرتك} [ص:287] جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم ونساءه وأهله، فقال: يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار، واسعوا في فكاك رقابكم، يا عائشة بنت أبي بكر، يا حفصة بنت عمر، يا أم سلمة ... فذكر حديثاً طويلاً، فهذا إن ثبت دل على تعدد القصة، لأن القصة الأولى وقعت بمكة لتصريحه في حديث الباب أنه صعد الصفا، ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده ومن أزواجه إلا بالمدينة، فيجوز أن تكون متأخرة عن الأولى، فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وابن عباس أيضاً، ويحمل قوله: " لما نزلت، جمع "، أي بعد ذلك، لأن الجمع وقع على الفور، ولعله كان نزل أولاً {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع قريشاً فعم، ثم خص، كما سيأتي، ثم نزل ثانياً: " ورهطك منهم المخلصين " فخص بذلك بني هاشم ونساءه، والله أعلم.
(2) قال الحافظ: أراد بذلك تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن الأمر الغائب.
(3) قال الحافظ: ليست هذه القراءة فيما نقل الفراء عن الأعمش، فالذي يظهر أنه قرأها حاكياً لا قارئاً، ويؤيده قوله في هذا السياق: يومئذ، فإنه يشعر بأنه كان لا يستمر على قراءتها كذلك، والمحفوظ أنها قراءة ابن مسعود وحده.
(4) قوله: " ورهطك منهم المخلصين " هذه الرواية في تفسير سورة تبت من رواية أبي أسامة عن الأعمش بهذا السند، قال الحافظ: وهذه الزيادة: وصلها الطبراني من وجه آخر، عن عمرو بن مرة: أنه كان يقرؤها كذلك. قال القرطبي: لعل هذه الزيادة كانت قرآناً، فنسخت تلاوتها، ثم استشكل ذلك، بأن المراد: إنذار الكفار، والمخلص صفة المؤمن، والجواب عن ذلك: أنه لا يمتنع عطف الخاص على العام، وقوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} عام فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن؛ ثم عطف عليه الرهط المخلصين تنويهاً بهم وتأكيداً. وقال الحافظ أيضاً: وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في " شرح مسلم ": إن البخاري لم يخرجها، أعني " ورهطك منهم المخلصين " اعتماداً على ما في سورة الشعراء، وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت.
(5) " مصدقي " بتشديد الياء، أدغمت الياء في الياء، وحذفت النون للإضافة.
(6) البخاري 8 / 385 في تفسير سورة الشعراء، باب {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، وفي الجنائز، باب ذكر شرار الموتى، وفي الأنبياء، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، وفي تفسير سورة سبأ، وفي تفسير سورة تبت، ومسلم رقم (208) في الإيمان، باب قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3360) في التفسير، باب ومن سورة تبت.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1-أخرجه أحمد (1/281) (2544) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (1/307) (2802) قال: حدثنا عبد الله بن نمير. و «البخاري» (2/129) وفي 4/224) وفي (6/140و6/222) قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي. في (6/153) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن خازم. وفي (6/221) قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا أبو أسامة. وفي (6/221) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا أبو معاوية. و «مسلم» (1/134) قال: حدثنا أبوكريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية. و «الترمذي» (3363) قال: حدثنا هناد، وأحمد بن منيع قالا، حدثنا أبو معاوية. و «والنسائى» في عمل اليوم واللية» (983) قال: أخبرنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: أخبرنا أبو معاوية. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5594) عن هناد بن السري، عن أبي معاوية (ح) وعن إبراهيم ابن يعقوب، عن عمر بن حفص، عن أبيه.
أربعتهم - أبو معاوية محمد بن خازم، وعبد الله بن نمير، وحفص بن غياث، وأبو أسامة - عن الأعمش، عن عمرو بن مرة.
2- وأخرجه البخاري (4/224) قال: وقال لنا قبيصة. و «النسائي» في عمل اليوم والليلة (8922) قال أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا معاوية وهو ابن هشام القصار. وفي الكبري «تحفة الأشراف» (5476) عن أحمد بن سليمان، عن معاوية بن هشام،. كلاهما- قبيصة، ومعاوية - عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت.
كلاهما - عمرو، وحبيب - عن سعيد عن جبير، فذكره.
(*) الروايات مطولحة ومختصرة.(2/286)
740 - (خ م ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} قال: «يا معْشر قُريشٍ - أو كلمة نحوها - اشْتَرُوا أَنفسكم، لا أُغني عنكم من الله شيئاً (1) . يا بني عبد منافٍ، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا عباسَ بنَ عبْد المطلبِ، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا صفِيَّةُ (2) عمَّةَ رسُولِ الله، لا أغني عنكِ من [ص:290] الله شيئاً. ويا فاطمةُ بنْتَ محمَّدٍ، سَلِيني ما شِئْتِ مِنْ مالي، لا أغني عنْكِ من الله شيئاً» .
وفي رواية نحوه، ولم يذكر فيه «يا بني عبدٍ منافٍ» وذكر بدله: «بني عبد المطلب» .
هذه رواية البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً قال: يا بني عبدِ منافٍ، اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ من الله، يا بني عبدِ المطلب، اشتروا أنفسكم من الله، يا أُمَّ الزُّبَيْرِ عَّمةَ رسولِ الله، يا فاطمةُ بنتَ مُحمَّدٍ، اشْتَرِيا أَنفُسَكُما من الله، لا أملك لَكُما من الله شيئاً، سَلاني مِنْ مالي ما شِئْتما.
ولمسلم أيضاً قال: لمَّا نَزلت هذه الآية {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقَربينَ} دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فاجتمُعوا، فعَمَّ وخَصَّ، فقال: يا بني كعبِ بنِ لُؤيّ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني مُرَّة بنِ كَعبٍ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني عبدِ شمسٍ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدِ المطلب، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا فَاطِمَةُ (3) ، أنِقذُي نفُسَكِ مِنَ النَّارِ، [ص:291] فإنَّي لا أملك لكم من الله شيْئاً، غير أنَّ لكم رَحِماً، سَأبُلُّها بِبَلالِها (4) .
وأخرجه الترمذي قال: لما نزلت {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} جَمَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فخصَّ وعمَّ، فقال «يا مَعْشَر قريْشٍ أنْقِذوا أنَفْسَكم مِنَ النَّارِ فإني لا أملك لكم من الله ضَرًّا ولا نفعاً، يا معشر بني عبدٍ منافٍ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا معشر بني قُصيّ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا معشرَ بني عبد المطلب، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا فاطمة بنتَ محمد أنِقذي نفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فإني لا أملك لك من الله ضرًّا ولا نفعاً، إِنَّ لكِ رَحِماً، سأبُلُّها ببِلالها» .
وأخرج النسائي الرواية الأولى من روايات البخاري، ومسلم، والرواية التي أخرجها مسلم وحْدَهُ (5) . [ص:292]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنقذوا) أنقذت فلاناً: أذا خلصته مما يكون قد وقع فيه أو شارف أن يقع فيه.
(سأبلها) البلال: ما يبل به، وإنما قالوا في صلة الرحم: بلَّ رحمه؛ لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة، ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليُبس، استعاروا البل لمعنى الوصل، واليبس لمعنى القطيعة، والمعنى: سأصل الرحم بصلتها، وقيل: البلال: جمع بل.
__________
(1) قال الحافظ: أي باعتبار تخليصها من العذاب ليكون ذلك كالشراء، كأنهم جعلوا الطاعة ثمن النجاة. وأما قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} فهناك المؤمن بائع باعتبار تحصيل الثواب، والثمن: الجنة، وفيه إشارة إلى أن النفوس كلها ملك لله تعالى، وأن من أطاعه حق طاعته في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وفي ما عليه من الثمن.
(2) يجوز في " صفية " الرفع والنصب، وكذا القول في " يا فاطمة بنت محمد ".
وقال النووي: والنصب أفصح وأشهر، وأما " بنت وابن " فمنصوب لا غير، وهذا - وإن كان ظاهراً معروفاً - فلا بأس بالتنبيه عليه لمن لا يحفظه، وأفردهم صلى الله عليه وسلم لشدة قرابتهم.
(3) قال النووي: هكذا وقع في بعض الأصول " يا فاطمة " وفي بعضها أو أكثرها: " يا فاطم " بحذف الهاء، على الترخيم، وعلى هذا يجوز: ضم الميم وفتحها كما عرف في نظائره.
(4) قوله: " ببلالها " قال النووي: ضبطناه بفتح الباء الثانية وكسرها، وهما وجهان مشهوران ذكرهما جماعات من العلماء، والبلال: الماء، ومعنى الحديث: سأصلها، شبهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة الماء، ومنه " بلوا أرحامكم " أي: صلوها.
(5) البخاري 8 / 386 في تفسير سورة الشعراء، باب {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، وفي الوصايا، باب هل يدخل النساء والأولاد في الأقارب، وفي الأنبياء، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، ومسلم رقم (206) في الإيمان، باب قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3184) في التفسير، باب ومن سورة الشعراء، والنسائي 6 / 248 في الوصايا، باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجة الدارمي (2735) قال: حدثنا الحكم بن نافع، عن شعيب. و «البخاري» (4/7و6/140) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. و «مسلم» (1/133) قال: حدثني حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. و «النسائي» (6/349) قال: أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهب. قال: أخبرني يونس. (ح) وأخبرنا محمد بن خالد. قال: حدثنا بشر بن شعيب، عن أبيه.
كلاهما -شعيب، ويونس - عن ابن شهاب الزهري. قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.
- ورواه أيضا موسى بن طلحة عن أبي هريرة، أخرجه أحمد (2/، 333 2/، 360 2/519) والبخاري في الأدب المفرد (48) و «مسلم» (1/133) و «الترمذي» (3185) ، و «النسائي» (6/248) .
- ورواه أيصا عن أبي هريرة الأعرج، أخرجه أحمد (2/350) وفي (2/448) و «البخاري» (4/224) و «مسلم» (1331) .(2/289)
741 - (م ت س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: لما نزلت: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الصَّفا، فقال: «يا فاطمةُ بنتَ محمد، يا صفيةُ بنَت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سَلُوني مِنْ مالي ما شئُتْم» .أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (205) في الإيمان، باب قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3183) في التفسير، باب ومن سورة الشعراء، والنسائي 6 / 250 في الوصايا، باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح أخرجه أحمد (6/ 136و187) . قال:حدثنا وكيع. و «مسلم» (1/133) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير. قال: حدثنا وكيع ويونس بن بكير. و «الترمذي» (2310) ، (3184) قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. و «النسائي» (6/250) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال:أنبأنا أبو معاوية.
أربعتهم - وكيع، ويونس بن بكير، ومحمد بن عبد الرحمن، وأبو معاوية الضرير - قالوا: حدثنا هشام ابن عروة،عن أبيه، فذكره.(2/292)
742 - (ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأقْربينَ} وضعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصبعيهِ في أُذنَيْهِ، فرفع صوتهُ، فقال: «يا بني عبد منافٍ، يا صَباحاهُ» . [ص:293]
أخرجه الترمذي، وقال: وقد رُوي مرسلاً، ولم يُذْكَر الأشعريُّ، قال: وهو أصحُّ (1) .
__________
(1) رقم (3185) في التفسير، باب ومن سورة الشعراء، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث أبي موسى، وقد رواه بعضهم عن عوف عن قسامة بن زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وهو أصح، ولم يذكر فيه عن أبي موسى. وقد ذاكرت فيه محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) فلم يعرفه من حديث أبي موسى. ورواه ابن جرير مرسلاً وموصولاً. ورواه السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 59 وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3186) قال: حدثنا عبد الله بن أبي زياد. قال: حدثنا أبو زيد، عن عوف، عن قسامة بن زهير، فذكره..
(*) قال أبو عيسى الترمذي: هذا حدث غريب من هذا الوجه، من حديث أبي موسى. وقد رواه بعضهم عن عوف، عن قسامة بن زهير، عن النبيصلى الله عليه وسلم مرسلا. ولم يذكروا فيه عن أبي موسى وهو أصح. ذاكرت به محمد بن إسماعيل البخاري فلم يعرفه من حديث أبي موسى.(2/292)
743 - (م) قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو - رضي الله عنهما -: قالا: لما نزلت {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} انطلقَ نبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى رَضْمَةِ جَبلٍ، فعَلا أعْلاها حَجَراً، ثم نادى: «يا بني عبدٍ منافٍ إِني نَذِيرٌ لكم، إِنما مَثَلي ومَثَلُكُم كمَثَلِ رَجُلٍٍ رأَى العَدُوَّ، فانْطَلَق يَرْبَأُ أَهْلَهُ، فخشِيَ أَن يسبقوهُ، فجعل يَهْتِفُ: «يا صاحباهُ» .أخرجه مسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَضمة) الرَّضمة: واحدة الرضم: وهي الحجارة والصخور بعضها على بعض.
(يربأ) الربيئة: الذين يحرسُ القوم، ويتطلع لهم، خوفاً [من] أن يكبسهم العدو.
__________
(1) رقم (207) في الإيمان، باب قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/476) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان، يعني التيمي، عن أبي عثمان، يعني النهدي، فذكره.
قال أحمد: قال ابن أبي عدي في هذا الحديث -عن قبيصة بن مخارق، أو وهب بن عمرو- وهو خطأ، إنما هو -زهير بن عمرو- فلما أخطأت تركت -وهب بن عمرو-.(2/293)
744 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {وَالشُّعَراءُ [ص:294] يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] قال: اسْتَثْنَى الله منهم {الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً} [الشعراء: 227] . أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الغاوون) جمع غاو: وهو ضد الراشد.
__________
(1) رقم (5016) في الأدب، باب ما جاء في الشعر، وفي سنده الحسين بن واقد، وهو ثقة له أوهام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود في الأدب (95: 8) عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه. تحفة الأشراف (5/178) .(2/293)
سورة النمل
745 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ومَعها خاتَمُ سُلَيْمان، وعَصَا موسى، فتجْلُو وجْهَ المُؤمِنِ، وتَخْطِمُ أنفَ الكافِرِ بالخاتم، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْخُوَانِ (1) لَيجْتَمِعُونَ، فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر، ويقول هذا: يا كافر، ويقول هذا: يا مؤمن» . أخرجه الترمذي (2) . [ص:295]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الدابة) : هي التي تخرج من الأرض، وهي من أشراط الساعة، وقد مرَّ ذكرها في سورة الأنعام.
(وتخطم) يريد: أنها تَسِمُ أنفه بسِمَة يعرف بها، والخطام: سمة في عرض الوجه إلى الخد، يقال: جمل مخطومُ [خطامٍ، ومخطوم] خطامين، بالإضافة، وربما وُسِمَ بخطام، وربما وسم بخطامين.
__________
(1) " الخوان " بضم الخاء وكسرها: ما يؤكل عليه.
(2) رقم (3186) في التفسير، باب ومن سورة النمل، ولفظه: ها ها يا مؤمن، ويقال: ها ها يا كافر، ويقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر. وأخرجه الطبري 20 / 15، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي وقال: وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه في دابة الأرض، وفي الباب عن أبي أمامة، وحذيفة بن أسيد، وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجة وأبو داود الطيالسي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 116 وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في " البعث " عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (2/295) قال: حدثنا يزيد. (ح) وعفان. وفي (2/491) قال: حدثنا بهز. وابن ماجة (4066) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا يونس بن محمد. والترمذي (3187) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: حدثنا روح بن عبادة.
خمستهم -يزيد بن هارون، وعفان، وبهز بن أسد، ويونس بن محمد، وروح بن عبادة - عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد، فذكره.
قال أبوالحسن القطان -راوي السنن عن ابن ماجة - عقب هذا الحديث: حدثناه إبراهيم بن يحيى قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا حماد بن سلمة فذكر نحوه، وقال فيه مرة: فيقول هذا: يا مؤمن، وهذا يا كافر.(2/294)
سورة القصص
746 - (خ) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: سألني يهوديّ من أهلِ الحيَرَةِ (1) ، أيَّ الأَجَلَيْنِ قضَى موسى عليه السلام؟ قلتُ: لا أَدري، حتى أقدَم على حَبْرِ العرب (2) فأسأَلَه، فقدِمتُ، فسألتُ ابن عباس؟ فقال: قضَى أكثرَهما وأطيبهما، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فَعلَ (3) . [ص:296] أخرجه البخاري (4) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَبْر) الحَبْرُ: العالمُ.
__________
(1) بلد معروف بالعراق.
(2) المراد به العالم الماهر.
(3) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل: المراد برسول الله صلى الله عليه وسلم من اتصف بذلك، ولم يرد شخصاً بعينه، وفي رواية حكيم بن جبير: إن النبي إذا وعد لم يخلف، زاد الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها البخاري، قال سعيد: فلقيني اليهودي فأعلمته بذلك، فقال: صاحبك والله عالم. والغرض من ذكر هذا الحديث بيان توكيد الوفاء بالوعد، لأن موسى صلى الله عليه وسلم لم يجزم بوفاء العشر، ومع ذلك فوفاها، فكيف لو جزم. قال ابن الجوزي: لما رأى موسى عليه السلام طمع شعيب عليه السلام متعلقاً بالزيادة لم يقتض كريم أخلاقه أن يخيب ظنه فيه.
(4) 5 / 213، 214 في الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد، من رواية سالم الأفطس عن سعيد بن جبير. قال الحافظ في " الفتح ": سالم الأفطس، هو ابن عجلان الجزري شامي ثقة، ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطب، وكذا الراوي عنه مروان بن شجاع، وقد تابع سالماً على روايته لهذا الحديث حكيم بن جبير، وتابع سعيداً عكرمة عن ابن عباس، ورواه أيضاً أبو ذر وأبو هريرة وعتبة بن النذر (بضم النون وتشديد الذال المعجمة المفتوحة بعدها راء) وجابر وأبو سعيد، رفعوه كلهم، وجميعها عند ابن مردويه في التفسير، وحديث عتبة وأبي ذر عند البزار أيضاً، وحديث جابر عند الطبراني في الأوسط، ورواية عكرمة في مسند الحميدي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في الشهادات (29: 4) عن محمد بن عبد الرحيم عن سعيد بن سليمان عن مروان ابن شجاع. تحفة الأشراف (4/415) .(2/295)
747 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: {إنَّك لا تَهْدي مَنْ أَحبَبْتَ} [القصص: 56] نزلتْ في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حيثُ يُرَاوِدُ عَمَّهُ أبا طالبٍ على الإسلام. أخرجه مسلم، والترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يُرَاوِدُ) المراودة: المراجعة في طلب الحاجة والغرض.
__________
(1) مسلم رقم (25) في الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضر الموت، والترمذي رقم (3187) في التفسير، باب ومن سورة القصص، ورواه البخاري مطولاً من حديث ابن المسيب عن أبيه في قصة موت أبي طالب في باب قوله: {إنك لا تهدي من أحببت} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/434) قال: حدثنا يحيى. وفي (2/441) قال: حدثنا محمد بن عبيد. ومسلم (1/41) قال: حدثنا محمد بن عباد، وابن أبي عمر، قالا: حدثنا مروان. (ح) وحدثنا محمد بن حاتم بن ميمون. قال: حدثنا يحيى بن سعيد، والترمذي (3188) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد.
ثلاثتهم -يحيى بن سعيد، ومحمد بن عبيد، ومروان بن معاوية- عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم الأشجعي، فذكره.(2/296)
748 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {لرَادُّكَ إلى معَادٍ} [القصص: 85] قال: إلى مكة. أخرجه البخاري (1) . [ص:297]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لرادُّكَ إلى معاد) أي: لراجعك إلى مكة، كذا جاء في التفسير.
__________
(1) 8 / 392 في تفسير سورة القصص، باب {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: البخاري في التفسير (28: 2) ، عن محمد بن مقاتل، والنسائي فيه التفسير في الكبرى عن أبي داود الحراني كلاهما عن يعلى بن عبيد. تحفة الأشراف (5/135) .(2/296)
سورة العنكبوت
749 - (ت) أم هانئ - رضي الله تعالى عنها -: قالت: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم؟ فقال: كانوا يَحْبِقونَ فيه، والخذْفُ والسُّخْرِيُّ بِمنْ مَرَّ بهم في أَهل الأرض. هذه روايةٌ.
وفي رواية الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وتأتونَ في نادِيكم المنْكَرَ} [العنكبوت: 29] قال: كانوا يَخْذِفون أَهل الأرض، ويسْخَرونَ منهم (1) . [ص:298]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَحْبِقُونَ) الحَبْقُ: الضرط.
(الخذف) رَمي الحصاة من طرف الإصبعين.
__________
(1) الرواية الأولى لم أجدها بهذا اللفظ، والرواية الثانية هي رواية الترمذي رقم (3189) في التفسير، باب ومن سورة العنكبوت، وقال: حديث حسن، إنما نعرفه من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك. ورواه أحمد في " المسند " 6 / 341 و 424، وابن جرير الطبري 20 / 493، والحاكم 2 / 409 وصححه ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 144 وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن أبي الدنيا في كتاب " الصمت "، وابن المنذر، والشاشي في " مسنده " والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الإيمان "، وابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها. قال ابن كثير: قوله: {وتأتون في ناديكم المنكر} أي: يفعلون (يعني قوم لوط) ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها، لا ينكر بعضهم على بعض شيئاً من ذلك، فمن قائل: كانوا يأتون بعضهم بعضاً في الملأ قاله مجاهد، ومن قائل: كانوا يتضارطون ويتضاحكون، قالته عائشة، رضي الله عنها والقاسم، ومن قائل: كانوا يناطحون بين الكباش، ويناقرون بين الديوك، وكل ذلك [ص:298] كان يصدر عنهم، وكانوا شراً من ذلك. وقال ابن جرير الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: وتخذفون في مجالسكم المارة بكم، وتسخرون منهم، لما ذكر من الرواية بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/341) قال: حدثنا حماد بن أسامة، (ح) وروح. وفي (6/424) قال: حدثنا أبو أسامة. والترمذي (3190) قال: حدثنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا أبو أسامة، وعبد الله بن بكر السهمي (ح) وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا سليم بن أخضر.
أربعتهم -حماد بن أسامة أبو أسامة، وروح، وعبد الله بن بكر، وسليم بن أخضر- عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي صالح مولى أم هانيء، فذكره.(2/297)
750 - (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أكْبَرُ} [العنكبوت:45] قال: ذِكْرُ الْعَبْدِ اللهَ بلسانِه كَبِيرٌ، وذِكره له وخوفه منه، إذا أشْفَى على ذَنْبٍ، فتركَهُ من خَوْفِه: أكَبرُ من ذِكره بلسانه، من غَيْرِ نزْعٍ عن الذَّنبِ. أخرجه (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه. ولم أر من ذكره بهذا اللفظ عن ابن عباس من المفسرين وغيرهم، قال ابن جرير الطبري: اختلف أهل التأويل في قوله تعالى: {ولذكر الله أكبر} فقال بعضهم: معناه: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه، وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولذكركم الله أفضل من كل شيء، وقال آخرون: محتمل للوجهين جميعاً. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللصلاة التي أتيت أنت بها، وذكرك الله فيها أكبر مما نهتك الصلاة من الفحشاء والمنكر، ثم قال: وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل: قول من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الأثر رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/82/2256) عن الثوري، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن ربيعة، عن ابن عباس، قال: سألني عن هذه الآية: {ولذكر الله أكبر} قال: قلت: التكبير والتسبيح، فقال ابن عباس: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه، ورواه أيضا سفيان الثوري في تفسيره، (ص،235 رقم 758) وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/409) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/146) .(2/298)
سورة الروم
751 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: لما كان يومُ بدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ على فارس، فأعجَبَ ذلك المؤمنين، فنزلت: {الم. غُلِبَتِ [ص:299] الرُّوم. في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون. في بِضْعِ سنينَ للَّه الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ويومئذٍ يَفْرَحُ المؤمنون} [الروم: 1- 4] قال: ففرح المؤمنون بظهور الروِم على فارس. أخرجه الترمذي.
وقال: هكذا قال نصرُ بنُ عليٍّ: {غَلَبَتْ} (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بِضْع) البضعُ: ما بين الثلاث إلى التسع من العدد.
__________
(1) رقم (3190) في التفسير، باب ومن سورة الروم، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. أقول: وفي سنده عطية بن سعد العوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، ونصر بن علي: هو الجهضمي شيخ الترمذي، وهو ثقة. وقد قرأ " غلبت " بفتح الغين واللام، وقراءة حفص عن عاصم " غلبت " بضم الغين وكسر اللام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي (، 2935 3192) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن سليمان الأعمش عن عطية فذكره.(2/298)
752 - (ت) نيار بن مُكرِم الأسلمي - رضي الله عنه - (1) : قال: لما نزلت {الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون. في بِضْعِ سنينَ} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآيةُ قاهِرينَ للرومِ، وكان المسلمون يُحِبُّون ظُهُورَ الروم عليهم، لأنهم وإِيَّاهم أَهلُ كِتابٍ، وفي ذلك (2) قولُ اللهِ: {ويومئذ يَفْرَحُ المؤمنون بنصر اللَّه ينصُر من يشاء وهو العزيز الحكيم} [الروم: 4 -5] وكانت قريشٌ تُحِبُّ ظهورَ فارسَ، لأنهم [ص:300] وإيَّاهم ليسُوا بأهلِ كتابٍ، ولا إيمانٍ ببعْثٍ، فلما أنزلَ الله هذه الآية، خرج أبو بكرٍ الصِّدِّيق يصيحُ في نواحي مكة: {الم. غُلِبَتِ الرُّوم. في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون. في بِضْعِ سنينَ} قال ناسٌ من قُريشٍ لأَبي بكرٍ: فذلك بيننا وبينك، زعَمَ صاحبُكَ أنَّ الروم سَتَغْلِبُ فارسَ في بضعِ سنين، أفلا نُراهنُكَ على ذلك؟ قال: بلى، - وذلك قبل تحريم الرِّهان - فارْتهنْ أبو بكرٍ والمشركون، وتواَضعُوا الرِّهانَ، وقالوا لأبي بكرٍ، كم تجعلُ البِضْعَ: ثلاثَ سنين إلى تسعِ سنين، فسَمِّ بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه، قال: فسمَّوا بينهم سِتَّ سنين، قال: فمضَتِ السِّتُّ سنينَ قبلَ أن يظهروا، فأخذَ الْمُشركونَ رَهْن أبي بكرٍ، فلما دخلتِ السَّنَةُ السابعُة، ظهرتِ الرومُ على فارسَ، فعابَ المسلمونَ على أبي بكرٍ تسْمِيَةَ سِتّ سِنين، قال: لأنَّ الله قال: {في بضْعِ سِنينَ} قال: وأسلم عند ذلك ناسٌ كثير. أخرجه الترمذي (3) .
__________
(1) " نيار بن مكرم " بكسر النون وتخفيف الياء، و " مكرم " بضم الميم وسكون الكاف وكسر الراء: له صحبة عاش إلى أول خلافة معاوية وقد أنكر ابن سعد أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره في الطبقة الأولى من أهل المدينة، وقال: سمع من أبي بكر، وكان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الصحابة وفي ثقات التابعين أيضاً، وهذه عادته فيمن اختلف في صحبته.
(2) في بعض النسخ: وذلك.
(3) رقم (3192) في التفسير، باب ومن سورة الروم، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد. أقول: وعبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً.
قال ابن كثير: وقد روي نحو هذا مرسلاً عن جماعة من التابعين، مثل عكرمة، والشعبي، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والزهري، وغيرهم. أقول: وهو حديث حسن بشواهده.
وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 151 وزاد نسبته للدارقطني في " الأفراد "، والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم في " الحلية "، والبيهقي في " شعب الإيمان ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3194) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير فذكره.(2/299)
753 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {الم. [ص:301] غُلِبَتِ الرُّوم. في أدْنَى الأرض} قال: غُلِبتْ وغَلَبت، قال: كان المشركون يُحبُّون أن يظهرَ أهلُ فارسَ على الرومِ لأنهم وإيَّاهم أهل الأوثانِ، وكان المسلمون يحبون أن يظهرَ الرومُ على فارس لأنهم أهلُ كتابٍ، فذكروهُ لأبي بكرٍ، فذكرهُ أبو بكرٍ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أَما إنهُمْ سَيَغْلِبُونَ، فذكره أبو بكرٍ لهم، فقالوا: اجعلْ بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرْنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتُم كان لكم كذا وكذا، فجعل أَجلَ خمسِ سنينَ، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أَلا جَعَلْتهُ إلى دون العشْرِ؟ - قال سعيد بن جبير: والبِضْعُ، ما دونَ العشْرِ - قال: ثم ظهرتِ الرومُ بعدُ فذلك قوله: {الم. غُلِبَتِ الرُّوم - إلى قوله - ويومئذ يَفْرَحُ المؤمنون. بنصر الله} قال سفيان: سمعتُ أنَّهُمْ ظهروا عليهم يومَ بدْرٍ.
وفي رواية: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ في مُنَاحَبَةٍ {الم. غُلِبَتِ الرُّوم} : أَلاَّ أَخْفَضْتَ (1) يا أبا بكرٍ؟ فإِنَّ البِضعَ، ما بين ثلاث إلى تسْعٍ. أخرجه الترمذي (2) . [ص:302]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الأوثان) الأصنام.
(مُنَاحَبة) المناحبة: المراهنة.
__________
(1) وفي رواية: ألا احتطت.
(2) رقم (3191) في التفسير، باب ومن سورة الروم، وقال عن الرواية الأولى: هذا حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة.
أقول: وإسناده صحيح، وقد رواه أحمد، وابن جرير وغيرهما، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 150 وزاد نسبته للنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في " الكبير "، وابن مردويه، والبيهقي في " الدلائل "، والضياء.
والرواية الثانية: قال عنها الترمذي: هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه من حديث الزهري عن عبد الله بن عباس، أقول: وفي سندها عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي أبو سعيد [ص:302] المدني، قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " قال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: كيف هو؟ فقال: لا أعرفه، قلت (ابن حجر) وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: مجهول.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/276) (2495) ، (1/304) (2770) قال: حدثنا معاوية بن عمرو. والبخاري في «خلق أفعال العباد» صفحة (16) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا معاوية، (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد أبو سعيد التغلبي، والترمذي (3193) . والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5489) . كلاهما -الترمذي، والنسائي- عن الحسين بن حريث، قال: حدثنا معاوية بن عمرو.
كلاهما -معاوية بن عمرو، وأبو سعيد التغلبي محمد بن أسعد- قالا: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جُبير، فذكره.(2/300)
سورة لقمان
754 - (خ) ابن عمر - رضي الله عنهما -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَفاتِيحُ الغيب خمسٌ، ثم قرأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} إلى آخر الآية» [لقمان: 34] أخرجه البخاري.
وفي أُخرى له: «مفاتيحُ الْغَيْبِ خمسٌ لا يعْلَمُها إلاَّ الله: لا يعلمُ أحدٌ ما يكونُ في غدٍ إِلاَ اللهُ، ولا يعلمُ أَحدٌ ما يكون في الأرحام، ولا تعلم نفسٌ ماذا تَكْسِبُ غداً؟ ولا تدري نفسٌ بأي أَرضٍ تموتُ؟ وما يدْري أحدٌ متى يَجيء المطرُ؟» .
وفي رواية أُخرى: مفاتيحُ الْغَيْبِ خمسٌ لا يعْلَمُها إلا الله: لا يعلمُ ما تَغِيضُ الأَرحامُ إلا اللهُ، ولا يعْلَمُ ما في غَدٍ إلا الله، ولا يعلم مَتَى يأتي المطَرُ أَحدٌ إلا الله، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أَرضٍ تَموت إلا الله، ولا يعلم متى [ص:303] تقومُ الساعة إلا اللهُ (1) .
__________
(1) 8 / 395، 396 في تفسير سورة لقمان، باب قوله: {إن الله عنده علم الساعة} ، وفي الاستسقاء، باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله، وفي تفسير سورة الأنعام، باب {وعنده مفاتح الغيب} ، وفي تفسير سورة الرعد، باب {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} ، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} . قال ابن كثير: هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها؛ فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل، ولا ملك مقرب، {لا يجليها لوقتها إلا هو} ، وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله، ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه الله تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى، أو شقياً أو سعيداً علم الملائكة الموكلون ومن شاء الله من خلقه، وكذلك لا تدري نفس ماذا تكسب غداً في دنياها وأخراها، {وما تدري نفس بأي أرض تموت} في بلدها أو غيره من أي بلاد الله كان، لا علم لأحد بذلك.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1 - أخرجه أحمد (2/24) (4766) ، (2/58) (5226) قال: حدثنا وكيع. وفي (2/52) (5133) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وعبد بن حميد (791) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الزبيري أبو أحمد، والبخاري (2/41) قال: حدثنا محمد بن يوسف، أربعتهم -وكيع، وعبد الرحمن، وأبو أحمد، وابن يوسف- عن سفيان.
2- وأخرجه البخاري (6/99) ، قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا معن، قال: حدثني مالك.
3- وأخرجه البخاري (9/142) قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا سليمان بن بلال.
4- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (7146) عن علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر.
أربعتهم -سفيان، ومالك، وسليمان، وإسماعيل- عن عبد الله بن دينار، فذكره.(2/302)
سورة السجدة
755 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {تَتَجافى جُنُوبُهُم عن المضاجع} [السجدة: 16] نزلت في انتظار الصلاة التي تُدْعى الْعَتَمَة. هذه رواية الترمذي (1) .
وفي رواية أَبي داود قال: كانوا يَتَنَفَّلُونَ ما بيْنَ المغرب والعِشاء، ويُصَلُّونَ وكان الحسن يقول: «قيامُ الليل (2) » .
__________
(1) رقم (3194) في التفسير، باب ومن سورة السجدة، وقال: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
أقول: وإسناده جيد، ورواه كذلك الطبري 21 / 63، 64 وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 174 وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وابن مردويه، ومحمد بن نصر في " كتاب الصلاة ".
(2) رقم (1321) في الصلاة، باب أي الصلاة أفضل، وإسناده قوي، ورواه الطبري 20 / 63 [ص:304] وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 175 وزاد نسبته لابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (السجدة 1: 32) عن عبد الله بن أبي زياد، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن سليمان بن بلال، وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. تحفة الأشراف (1/429) .(2/303)
756 - (م) أُبيُّ بن كعب - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {وَلنُذِيقَنَّهُمْ من العَذابِ الأَدْنَى دُونَ العذابِ الأكْبَر} [السجدة: 21] قال: مصائبُ الدنيا، والرُّوم، والْبَطْشَةُ أَو الدُّخان. شك شعبَةُ في البطشَةِ أو الدُّخان. أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (2799) في صفة القيامة، باب الدخان، فسر العذاب الأدنى، بمصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان، والعذاب الأكبر، هو عذاب الآخرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:مسلم في التوبة (20) عن أبي بكر وأبي موسى بندار كلهم عن غندر، عن شعبة، عن قتادة، عن عزره العرني عن يحيى بن الجزار عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. تحفة الأشراف (1/33) .(2/304)
سورة الأحزاب
757 - (خ م ت) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: إِنَّ زَيدَ بن حارثَةَ مَوْلَى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ما كُنَّا ندُعوهُ إِلا زيدَ بنَ محمدٍ، حتَّى نَزَلَ القرآنُ {ادْعُوهُمْ لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه ... } الآية. أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (1) . [ص:305]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أَقْسَطَ) الرجلُ: إذا عدل، وقسط: إذا جار.
__________
(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب، باب {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} ، ومسلم رقم (2425) في فضائل الصحابة، باب فضائل زيد بن حارثة، والترمذي رقم (3207) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب. قال النووي: قال العلماء: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً ودعاه ابنه، وكانت العرب تفعل ذلك؛ يتبنى الرجل مولاه أو غيره فيكون ابناً له يورثه، وينتسب إليه، حتى نزلت الآية، فرجع كل إنسان إلى نسبه، إلا من لم يكن له نسب معروف فيضاف إلى مواليه، كما قال تعالى: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/77) (5479) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيب. والبخاري (6/145) قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيزبن المختار. ومسلم (7/130) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري. وفي (7/131) قال: حدثني أحمد بن سعيد الدارمي. قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا وهيب. والترمذي (3209) ، (3814) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (7021) عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن. (ح) وعن الحسن بن محمد، عن حجاج، عن ابن جريج.
أربعتهم -وهيب، وعبد العزيزبن المختار، ويعقوب، وابن جريج- عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، فذكره.(2/304)
758 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «ما مِن مُؤمنٍِ، إلا وأنا أولَى الناس به في الدنيا والآخرة، اقْرؤُوا إنْ شئتم {النبيُّ أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6] فأيُّما مُؤمنٍ تَركَ مالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبتُه من كانوا، فإِن ترك دَيناً أو ضَياعاً، فَليأتِني فأنا مولاه» أخرجه البخاري، ومسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عَصَبة) الميت: من يرثُهُ، سوى من له فرض مقدر.
(ضياعاً) الضياع: العيال، وقيل: هو مصدر ضاع يضيع.
__________
(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب في فاتحتها، وفي الكفالة، باب الدين، وفي الاستقراض، باب الصلاة على من ترك ديناً، وفي النفقات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من ترك كلاً أو ضياعاً فإلي "، وفي الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من ترك مالاً فلأهله "، وباب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج، وباب ميراث الأسير، ومسلم رقم (1619) في الفرائض، باب من ترك مالاً فلورثته، وفي رواية لمسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء، فإن حدث أنه ترك وفاءاً صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فهو لورثته " أي إذا لم يترك وفاءاً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (1:33) عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فليح، عن أبيه، عن هلال بن علي، وفي الاستقراض (11:2) عن عبد الله بن محمد، عن أبي عامر العقدي، عن فليح به، تحفة الأشراف (10/4478) .
وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض باب من ترك مالا فلورثته رقم (1619) .(2/305)
759 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {ما جَعلَ الله لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] قال أبو ظبيان: قُلنا لابنِ [ص:306] عباسٍ: أرأَيت قولَ الله تعالى {ما جَعلَ اللَّهُ لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} ما عَنَى بذلك؟ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يُصلّي، فَخطَرَ خَطْرَة، فقال المنافقون الذي يُصلون معه: أَلا ترى أنَّ له قلْبَين: قلباً معكم، وقلباً معهم؟ فأنزل الله تعالى: {ما جَعلَ اللَّه لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3197) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب بسندين، وقال: هذا حديث حسن، أقول: وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، وفيه لين كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب "، ورواه الحاكم 2 / 415 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: قلت: قابوس ضعيف. ورواه أيضاً أحمد وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، والضياء في " المختارة ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (34 الأحزاب: 1) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن صاعد الحراني، و (34 الأحزاب: 2) عن عبد بن حميد، عن أحمد بن يونس كلاهما عن زهير، عن قابوس عن أبيه. وقال: حسن. تحفة الأشراف (4/379) .(2/305)
760 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها -: في قوله تعالى {إذْ جاءُوكم من فَوْقِكُم ومن أسْفَلَ منكم وإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجرَ} [الأحزاب: 10] قالت: كان ذلك يومَ الخَنْدَق. أخرجه البخاري، ومسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(زاغت الأبصار) : مالت عن مكانها، وذلك كما يعرض للإنسان عند الخوف.
(الحناجر) : جمع الحنجرة، وهي الحلقوم.
__________
(1) البخاري 7 / 307 في المغازي، باب غزوة الخندق، ولم نجده في مسلم، وربما يكون وهماً من المؤلف فإن السيوطي أورده في " الدر المنثور " 5 / 185 ولم يعزه إلى مسلم، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في " الدلائل ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (5/139) قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى (6/429) (11398) قال: أخبرنا هارون بن إسحاق.
ثلاثتهم -عثمان، وأبو بكر، وهارون- عن عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.(2/306)
761 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: نَرى هذه الآية نزلت في عَمِّي أنَسِ بن النَّضِر (1) {من المؤمنين رجال صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه} [الأحزاب: 23] . أخرجه البخاري (2) .
وقد أخرج هو ومسلم، والترمذيُّ هذا الحديثَ بأَطْوَلَ مِنْهُ،وهو مذكورٌ في غزوةِ أُحدٍ، من كتاب الغزَوات، من حرفِ الغين (3) .
__________
(1) قتل أنس بن النضر يوم أحد شهيداً، ووجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف ورمية بسهم وطعنه برمح، حتى قالت أخته الربيع بنت النضر: ما عرفت أخي إلا ببنانه.
(2) 8 / 398 في تفسير سورة الأحزاب، باب {فمنهم من قضى نحبه} .
(3) مسلم رقم (1903) في الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، والترمذي رقم (3198) و (3199) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/146) ، قال: حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة فذكره.(2/307)
762 - (ت) أمُّ عمارَة الأنصارية - رضي الله عنها -: قالت: أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما أرَى كُلَّ شيءٍ إلا للرجال، وما أرى النساءَ يُذْكرْنَ بشيءٍ، فنزلت {إِن المسلمين والمسلمات - إلى قوله -: أَعدَّ اللَّه لهم مغفرةً وأَجراً عظيماً} [الأحزاب: 35] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3209) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث حسن غريب، وإنما نعرف هذا الحديث من هذا الوجه. أقول: وسنده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3211) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سليمان بن كثير عن حصين عن عكرمة، فذكره.(2/307)
763 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [ص:308] كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية: {وإذْ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه} [الأحزاب: 37] يعني: بالإِسلام {وأنعمتَ عليه} : بالعتق فَأَعْتَقْتَهُ {أمْسِكْ عليك زوجَكَ واتَّقِ اللَّه وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ وتَخْشى النَّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشاهُ فلما قَضى زيدٌ منها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْلَا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أَدْعِيائهم إذا قَضَوْا منهن وطَراً وكان أمرُ اللَّهِ مفعولاً} [الأحزاب: 37] فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما تَزَوَّجَها، قالوا: تَزوَّجَ حَلِيلةَ ابْنِهِ، فأنزل الله تعالى {ما كان محمدٌ أبا أَحدٍ من رجالكم ولكن رسولَ اللَّهِ وخاتَمَ النبيين} [الأحزاب: 40] وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تَبَنَّاهُ وهو صغيرٌ، فَلبِثَ حتى صارَ رَجُلاً، يقالُ له: زَيْدُ بنُ مُحمَّدٍ، فأنزل الله تعالى: {ادْعُوهم لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَواليكم} فُلانٌ مولى فُلانٍ، وفلانٌ أخو فلانٍ {هو أقْسَطُ عند اللَّه} يعني: أعدلُ عند الله (1) .
وفي رواية مختصراً: لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية: {وإذ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه وأنعمتَ عليه} لم يَزِدْ. [ص:309] أخرجه الترمذي (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَلِيلَة) قد ذكرت في سورة الفرقان.
__________
(1) رواه الترمذي رقم (3205) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث غريب. أقول: وفي سنده داود بن الزبرقان الرقاشي البصري نزيل بغداد، وهو متروك، وكذبه الأزدي كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب ". وقول عائشة في أول الحديث: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية، هذا القدر ثابت. وقال الحافظ في " الفتح ": وأظن الزائد بعده مدرجاً في الخبر، فإن الراوي له عن داود - يعني بن أبي هند - لم يكن بالحافظ - يريد به داود بن الزبرقان -.
(2) رقم (3206) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم رقم (177) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {ولقد رآه نزلة أخرى} ، والطبري 22 / 11، ورواه البخاري من حديث أنس 13 / 347 في التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} . قال الحافظ: وفي مسند الفردوس عن عائشة من لفظه صلى الله عليه وسلم: " لو كنت كاتماً شيئاً من الوحي ... " الحديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/241) قال: حدثنا ابن أبي عدي. وفي (6/266) قال: حدثنا عبد الوهاب. والترمذي (3207) قال: حدثنا علي بن حُجْر. قال: أخبرنا داود بن الزبرقان.
ثلاثتهم -ابن أبي عدي، وعبد الوهاب، وداود بن الزبرقان- عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، فذكره.
وأخرجه الترمذي (3207) قال: حدثنا عبد الله بن وضاح الكوفي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. وفي (3208) قال: حدثنا محمد بن أبان. قال: حدثنا ابن أبي عدي.
كلاهما -عبد الله بن إدريس، وابن أبي عدي- عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة -رضي الله عنها- مختصرا على أوله. وزاد فيه: «عن مسروق» .(2/307)
764 - (خ ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: جاءَ زيدُ بن حارثةَ يشْكُو، فجعل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: اتقِ اللهَ، وأمْسِكْ عليك زوجكَ، قال أنسٌ لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية: قال: وكانت تَفْخَرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول: زَوَّجَكُنَّ أَهِالِيكنَّ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتِ.
وفي رواية قال: {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جَحْشٍ وزيد بن حارثة. أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي قال: لما نزلت هذه الآية {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} في شأن زينب بن جحش، جاء زيدٌ يَشكُو، فهمَّ بِطلاَقِها، فاستأْمَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ عليك زوجك، واتق الله.
وفي أخرى له قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بن جحش {فلما قَضى [ص:310] زيدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجْناكَها} قال: فكانت تَفْخرُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زَوَّجَكُنَّ أَهْلوكنَّ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتٍِ.
وفي رواية النسائي قال: كانت زينب تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: أنْكَحَني من السَّمَاءِ، وفيها نزلت آية الحجاب (1) .
__________
(1) البخاري 13 / 347، 348 في التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} ، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} ، والترمذي رقم (3212) و (3210) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6 / 80 في النكاح، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها، وأخرجه أحمد، والحاكم 2 / 417 وصححه ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 201 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه.
قال الحافظ في " الفتح ": وقد أخرج بن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقاً واضحاً حسناً، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة، فكرهت ذلك، ثم أنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيداً، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء زيد بن حارثة فقال: يا رسول الله إن زينب أشتد علي لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس.
قال الحافظ: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته منها هو المعتمد.
والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابناً ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/149) قال: ثنال مؤمل بن إسماعيل. وعبد بن حميد (1207) وقال: ثنا محمد بن الفضل. و «البخاري» (6/147) قال: ثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: ثنا معلي بن منصور وفي (9/152) قال: ثنا أحمد، قال: ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي. و «الترمذي» 3212 قال: ثنا عبد بن حميد، قال: ثنا محمد ثنا بن الفضل. و «النسائي» في الكبري «تحفة الأشراف» (296) عن محمد بن سليمان، لوين.
خمستهم - مؤمل، وابن الفضل، ومعلى، والمقدمي، ولوين - قالوا: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، فذكره. والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/226) . و «البخاري» (9/152) . و «النسائي» (6/79) وفي الكبرى تحفة الأشراف (1124) عن عيسى بن طهران فذكره.(2/309)
765 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّهُ كان ابنَ عَشْرِ سنين مَقْدَمَ (1) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وَكُنَّ أُمَّهاتِي يُواظِبْنَني (2) على خدمِة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَخَدْمتُهُ عَشْر سِنينَ، وتُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنُ عشرين سنة، وكنتُ أعلَم النَّاسِ بشأنِ الحجاب حين أُنْزِلَ، وكان أول ما نزل في مُبْتَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش: أصْبَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بها فدعا القومَ فأصابوا الطعام، ثم خرجوا وبقي رَهْطٌ منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأطالوا المُكْثَ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج وخرجتُ معه لِكَيْ يخرجوا، فمشى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَشَيْتُ، حتَّى جاءَ عَتَبَةَ حُجْرةِ عائشة، ثم ظَنَّ أنهم خرجوا، فرجع ورجعتُ معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه، حتى إذا بلغ عَتبةَ حُجْرة عائشة ظنَّ أَنهم خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا، فضربَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالسِّتْرِ، وأُنْزِلَ الحِجابُ.
زاد في رواية: أَنا أَعْلَمُ النَّاسِ بالحِجَابِ، وكان أُبَيُّ بن كعب يَسألُني [ص:312] عنه. هذه رواية البخاري ومسلم.
وللبخاري من رواية الجَعْد عن أنس، قال: مَرَّ بنا أنَسٌ في مسجد بني رِفاعة، فسمعتُه يقولُ: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُليم (3) دَخلَ [عليها] فَسَلَّمَ عليها، ثم قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بزينبَ، فقالت لي أُمُّ سُلَيم: لَوْ أَهْدَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هَدِيَّة؟ فقلتُ لها: افْعَلي، فعمَدَتْ إلى تَمرٍ وسَمْنٍ وأَقِطٍ، فاتخذتْ حَيْسَة في بُرْمَةٍ، فأرسلتْ بها مَعي إليه، فانطلقْتُ بها إليه، فقال [لي] : ضَعْها، ثُمَّ أمرني، فقال: ادْعُ لي رجالاً سمَّاهم، وادْعُ لي من لَقِيتَ، قال: ففعلْتُ الذي أَمرني، فرجعتُ، فإذا البيتُ غاصٌّ بأهله، ورأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وضَعَ يدَهُ على تِلْكَ الْحَيْسَةِ، وتَكلَّمَ بما شاء اللهُ، ثم جعل يدْعُو عشرة عَشرَة، يأكلونَ منه، ويقولُ لهم: اذكروا اسم الله، وليأكلْ كُلُّ رُجل ممَّا يلِيه، حتى تصدَّعُوا كلُّهم، فخَرجَ مَنْ خَرَجَ، وبَقيَ نَفرٌ يتحدَّثون، ثم خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم نحو الحُجراتِ، وخَرجتُ في إِثْرِهِ، فقلتُ: إنهم قد ذَهبُوا، فرجع فدخل البيتَ وأَرْخَى السِّتْرَ، وإنِّي لَفي الحجرة، وهو يقول: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيُوتَ النبيِّ إِلّا أنْ يُؤذَن لكم إلى طعامٍ غيرَ ناظرين إِناهُ ولكن إِذا دُعِيتُمْ فادخلوا فإِذا طَعِمْتُم فانْتَشِروا ولا مُسْتَأنِسين لحديثٍ إِن ذلكم كان يُؤذي النبيَّ فيستحيي منكم واللَّه لا يستحيِي من الْحَقِّ} [الأَحزاب: 53] . [ص:313]
وقال الجعدُ (4) : قال أنس: إِنَّهُ خدم النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين.
ولمسلم من رواية الْجَعْدِ أيضاً قال: تزوج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فدخلَ بأهله، قال: فَصنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْم حَيْساً، فجعلتْهُ في تَوْرٍ، فقالت: يا أَنسُ، اذْهبْ بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: بعَثَتْ بهذا إليك أُمِّي، وهي تُقْرِئُكَ السلام، وتقول: إِنَّ هذا لَكَ منَّا قليلٌ، فقال: ضَعْهُ، ثم قال: «اذهب فادْعُ لي فُلاناً وفُلاناً [وفلاناً] ومَنْ لِقيتَ» ، قال: فدعوتُ من سَمَّى ومن لقيتُ، قال: قُلْتُ لأنسٍ: عَدَدَ (5) كَمْ كانوا؟ قال: زُهاءَ ثَلاثِمائةٍ (6) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنسُ، هاتِ التَّوْرَ (7) ، قال: فدخلوا حتى امتلأتِ الصُّفَّةُ والحُجْرَةُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لِيتَحلَّقْ عشرةٌ عشرة، وليأكلْ كلُّ إنسانٍ مما يليه، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجتْ طائفةٌ، ودخلت طائفة، حتى أكلوا كلُّهم، فقال لي: يا أنسُ، ارفع، فرفعتُ، فما أدري حين وضعتُ كان أكثرَ، أم حين رفعتُ؟ قال: وجلس طوائفُ منهم يتحدَّثون في بيت [ص:314] رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، وزوجتُهُ مُوَلِّيَةٌ وجهها (8) إلى الحائطِ، فثقُلوا (9) على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّمَ على نسائه ثم رجع، فلما رأوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد رجعَ، ظنُّوا أنهم قد ثقُلوا [عليه] ، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلُّهم، وجاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتى أرخى السِّترَ، ودخلَ وأنا جالسٌ في الحُجْرة، فلم يلْبَثْ إلا يسيراً، حتى خرج عليَّ، وأُنزلت هذه الآية، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقرأَهُنَّ على الناس: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوتَ النبيِّ إلا أن يُؤذَنَ لكم ... } إلى آخر الآية، قال: الجعد: قال أنس: أنا أَحْدَثُ الناسِ عهداً بهذه الآيات، وحُجِبْنَ نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى للبخاري قال: بنى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بزينبَ، فأوْلَمَ بخبزٍ ولحمٍ، فأُرْسِلْتُ على الطعام داعياً، فيجيءُ قومٌ فيأكلونَ ويخرجونَ، ثم يجيءُ قومٌ فيأَكلونَ ويخرجونَ، فدعوتُ حتى ما أجِدُ أَحداً أَدْعُو، فقلتُ: يا نبيَّ الله، ما أَجدُ أحداً أَدعو، قال: «ارفعوا طعامكم» وبقي ثلاثةُ رهْطٍ يتحدَّثونَ في البيت، فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حُجْرة عائشة، فقال: «السلام عليكم أهلَ البيت ورحمةُ الله» ، وقالت: وعليك السَّلامُ ورحمة الله، [ص:315] كيف وجدتَ أهلكَ؟ باركَ اللهُ لك، فتقرَّى حُجَرَ نسائه (10) كُلِّهِنَّ، يقولُ لهن كما يقولُ لعائشة، ويقُلْنَ له كما قالت عائشةُ، ثمَّ رجعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فإذا رهطٌ ثلاثةٌ في البيتِ يتحدَّثونَ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم شديدَ الحياء، فخرج مُنْطلقاً نحو حُجرةِ عائشة، فما أدري أخبَرْتُهُ أو أُخْبِرَ أنَّ القومَ قد خرجوا، فرجع حتى وضع رِجْلهُ في أُسْكُفَّةِ البابِ داخلة، وأُخرى خارجة، أَرْخى السِّتر بيني وبينه، وأُنزلَ الحجابُ.
وفي أخرى له قال: أوْلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَنَى بزَينَبَ بِنْتِ جحشٍ، فأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزاً ولَحماً، وخرجَ إلى حُجَرِ أُمَّهاتِ المُؤمِنينَ، كما كان يصَنْعُ صَبِيحَة بنائهِ، فَيُسَلِّمُ عليهنَّ ويدْعُو لهنَّ، ويُسَلِّمْنَ عليه ويدعون له، فلما رجع إلى بيْتِهِ، رأى رجلين، جرى بهما الحديث، فلما رآهما رجَعَ عن بيته، فلما رأى الرَّجُلانِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثَبا مُسْرِعيْنِ، فما أدْرِي أَنا أخبرتُه بخُرُوجِهمِا أو أُخْبِر؟ فرجع حتَّى دخلَ الْبيْتَ، وأرْخَى السِّتْرَ بيْني وبينَهُ، وأُنْزِلت آيَةُ الحجابِ.
وأخرج الترمذي من هذه الروايات رواية الجعد التي أخرجها مسلم.
ولَهُ في رواية أُخرى قال: بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن نسائِهِ، فأرْسَلَني، فدعوتُ له قوماً إلى الطعامِ، فلمَّا أَكلوا وخرجُوا، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنْطلقاً قِبَلَ بيت عائشة، فرأى رجلين جالسيْنِ، فانصرفَ راِجعاً، فقام [ص:316] الرَّجُلانِ فخرجا، فأنزلَ الله {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تدخُلوا بُيُوتَ النبيِّ إلّا أنْ يُؤذَنَ لكم إلى طعامٍ غيْرَ ناظِرينَ إِناهُ (11) } . قال: وفي الحديث قصةٌ. وقد أَخرج البخاري هذه الرواية مختصرة قال: بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ، فأرسلني، فدعوتُ رجالاً إلى الطعامِ، لم يَزِدْ على هذا، ولم يُسَمِّها.
وللترمذي من طريق آخر قال: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأتَى بابَ امرأةٍ عَرَّسَ بها، فإذا عندها قومٌ، فانطلق يقضي حاجته واحْتُبِسَ، ثم رجع وعندها قومٌ، فانطلقَ، فقضى حاجتهُ، فرجع وقد خرجوا، قال: فدخلَ وأَرْخى بيني وبينه سِتْراً، قال: فذكرتُه لأبي طلحة، قال: فقال: لئن كان كما تقولُ لِيْنزِلَنَّ في هذا شيءٌ. قال: فنزلت آية الحجاب. وأخرج النسائي من هذه الروايات: رواية مسلم من طريق الجعد (12) . [ص:317]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مبتنى) الابتناء بالمرأة: الدخول بها، وكذلك البناء، والأصل فيه: أن الرجل كان إذا تزوج امرأة، بنى عليها قبة ليدخل بها فيها.
قال الجوهري: ولا يقال: بنى بأهله، إنما يقال: بنى على أهله.
(عروساً) العروس: يطلق على الرجل وعلى المرأة أيام دخول أحدهما بالآخر.
(رهط) الرهط: ما بين الثلاث إلى التسع من الرجال.
(بجنبات) جنبات الإنسان: نواحيه.
(أقط) الأقط: لبن مجفف يابس صلب.
(حيسة) الحيسة: خلط من تمر وسمن وأقط.
(برمة) البرمة: القدر من الحجر المعروف بالحجاز، والبرمة: القدر مطلقاً.
(زُهاء) يقال: القوم زهاء مائة، أي: قدر مائة.
(تصدَّعوا) أي: تفرقوا.
(ليتحلق) التحلق: أن يصير القوم حلقة مجتمعة.
(أولم) الوليمة: طعام العرس.
(فتقرَّى) تقرَّى: مثل استقرى، أي: تتبَع شيئاً فشيئاً.
(إناه) الإنا مقصور: النضج.
__________
(1) أي زمان قدومه.
(2) قال الحافظ في " الفتح ": يواظبنني، كذا للأكثر بظاء مشالة وموحدة ثم نونين من المواظبة، وللكشميهني بطاء مهملة بعدها تحتانية مهموزة بدل الموحدة من المواطأة وهي الموافقة.
وفي رواية الإسماعيلي " يوطنني " بتشديد الطاء المهملة ونونين، الأولى: مشددة بغير ألف بعد الواو، ولا حرف آخر بعد الطاء، من التوطين، وفي لفظ له مثله لكن بهمزة ساكنة بعدها النونان من التوطئة، يقول: وطأته على كذا: أي حرضته عليه.
(3) " الجنبات " بفتحتين: النواحي، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الجناب، وهو الفناء. وأم سليم: هي أم أنس.
(4) هو أبو عثمان الجعد بن دينار اليشكري الصيرفي، من أهل البصرة، وهو ثقة مشهور تابعي، روى عن أنس بن مالك وأبي رجاء العطاردي، سمع منه يونس وشعبة وحماد بن زيد، ويقال له: صاحب الحلي. قال ابن حبان في الثقات: يخطئ.
(5) كلمة " عدد " مقحم.
(6) قوله: " زهاء " بضم الزاي وفتح الهاء والمد ومعناه: نحن ثلاثمائة، وفيه: أنه يجوز في الدعوة أن يأذن المرسل في ناس معينين وفي مبهمين، لقوله: " من لقيت، من أردت "، وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتكثير الطعام، قاله النووي.
(7) " هات " هو بكسر التاء، كسرت للأمر، كما تكسر الطاء من: أعط، والتور: إناء يشرب فيه.
(8) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ " وزوجته " بالتاء، وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر، والمشهور: حذفها.
(9) هو بضم القاف المخففة.
(10) أي: تتبعهن واحدة واحدة، يقال منه: قروت الأرض: إذا تتبعتها أرضاً بعد أرض، وناساً بعد ناس، قاله الزركشي.
(11) " إناه " أي إدراكه ووقت نضجه. يقال: أنى الحميم: إذا انتهى حره، وأنى أن يفعل ذلك: إذا حان، إنى - بكسر الهمزة مقصورة - فإذا فتحتها مددت، فقلت: الأناء. وفيه لغتان: أنى يأني وآن يئين، مثل حان يحين.
(12) البخاري 8 / 405 - 407 في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي النكاح، باب الوليمة حق، وباب الهدية للعروس، وفي الأطعمة، باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا} ، وفي الاستئذان، باب آية الحجاب، وباب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، وفي التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} ، ومسلم رقم (1428) في النكاح، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب، والترمذي رقم (3215) و (3216) و (3217) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (3/168) قال: ثنا حجاج بن محمد. و «البخارى» (7/30) قال: ثنا يحيى بن بكير. وفي «الأدب المفرد» . (105) قال البخاري، ثنا عبد الله بن صالح. ثلاثتهم - حجاج، وابن بكير، وعبد الله بن صالح - قالوا: ثنا الليث بن سعد عن عقيل.
2- وأخرجه أحمد (3/236) . و «البخاري « (7/107) قال: ثني عبد الله بن محمد. و «مسلم» (4/105) قال: ثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (1505) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم.
أربعتهم- أحمد، وعبد الله بن محمد، وعمرو الناقد، وعبيد الله- عن يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا أبي، عن صالح بن كيسان.
3- وأخرجه البخاري 8/65 قال: ثنا يحيى بن سليمان، قال: ثنا ابن وهب، قال: عن يونس.
ثلاثتهم - عقيل، وصالح بن كيسان، ويونس - عن الزهري، فذكره.
والرواية الأخرى. أخرجها أحمد (3/163) ، ومسلم (4/152، 151) ، «والترمذي» (3218) ، «والنسائى» 6/، 136وفي «الكبرى» «تحفة الأشراف» (513، 1721) عن الجعد، فذكره.
والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/868، 236) و «البخاري» (307، 82107 / 65) وفي «الأدب المفرد» 1061 و «مسلم» 4/، 150و «النسائي» في الكبرى تحفة الأشراف1505» عن الزهري، فذكره.(2/311)
766 - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها -: قال عروةُ: كانت خولةُ بنتُ حكيمٍ من اللاتي وهبْنَ أنفَسهُنَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشةُ: أما تستحي المرأةُ أن تهبَ نفسها للرجلِ، فلما نزلت: {تُرْجي من تشاءُ مِنْهُنَّ} قلت: يا رسولَ اللهِ، ما أرى ربَّكَ إِلا يُسارِعُ في هواكَ (1) . وفي أخرى، قالت: كنتُ أغارُ على اللاتي وهبْنَ أنفسَهُنَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2) ، وذكر نحوه. وفي أخرى، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسْتأْذِنُنَا إذا كان في يومِ المرأةِ مِنَّا، بعد أنْ نزلت هذه الآية: {تُرْجي منْ تشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممَّنْ عزلتَ فلا جُناح عليك} فقلتُ لها: ما كنتِ تقولين؟ قالت: كنتُ أقول لهُ: إن كان ذلك إليَّ، فإنِّي لا أُريدُ يا رسولَ الله [ص:319] أنْ أُوثِرَ عليك أحداً. وفي رواية: لم أُوثِرْ على نفسي أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، ووافقهم على الرواية الثالثة، أبو داود (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ترجي) الإرجاء: التأخير.
__________
(1) أي: ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير، منزلاً لما تحب وتختار.
(2) قال الحافظ: ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام بن عروة بلفظ: كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن، بعين مهملة وتشديد.
قال النووي: هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر، قال الله تعالى: {خالصة لك من دون المؤمنين} واختلف العلماء في هذه الآية، وهي قوله: {ترجي من تشاء} فقيل: ناسخة لقوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد} ومبيحة له أن يتزوج ما شاء. وقيل: بل نسخت تلك الآية بالسنة، قال زيد بن أرقم: " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ميمونة، ومليكة، وصفية، وجويرية "، وقالت عائشة رضي الله عنها: " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء "، وقيل: عكس هذا، وأن قوله تعالى: {لا يحل لك النساء} ناسخة لقوله {ترجي من تشاء} والأول: أصح. قال أصحابنا: الأصح: أنه صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى أبيح له النساء مع أزواجه.
(3) البخاري 8 / 404 في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله {ترجي من تشاء منهن} ، وفي النكاح، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد، ومسلم رقم (1464) في الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها، وأبو داود رقم (2136) في النكاح، باب في القسم بين النساء، والنسائي 6 / 54 في النكاح، باب ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وأزواجه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/134) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا حماد بن سلمة. وفي (6/158) قال: حدثنا محمد بن بشر. وفي (6 /261) قال: حدثنا يونس. قال: حدثنا حماد بن سلمة. و «البخاري» (6/147) قال: حدثنا زكريا بن يحيى. وقال: حدثنا أبو أسامة. وفي (7/15) قال: حدثنا محمد بن سلام. قال: حدثنا ابن فضيل. و «مسلم» (4/174) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العباس.
قال: حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شبيب. قال: حدثناه عبدة بن سليمان. و «ابن ماجة» (2000) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا عبدة بن سليمان. و «النسائي» (6/54) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي. قال: حدثنا أبو أسامة.
خمستهم -حماد بن سلمة، ومحمد بن بشر، وأبو أسامة، ومحمد بن فضيل، وعبدة بن سليمان - عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.
- والرواية الأخرى: أخرجها أحمد (6/76) . و «البخارى» (6/147) . و «مسلم» (4/186) . و «أبو داود» (2136) . و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (12 / 17665) عن معاذه، فذكرته.(2/318)
767 - (ت) أم هانئ - رضي الله عنها -: قالت: خطَبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فاعتذَرْتُ إليه، فعذرَني، ثم أَنزل الله: {إِنا أحْلَلْنا لك أزواجَكَ اللَّاتي آتيْتَ أجُورهُنَّ وما ملكتْ يمينُكَ ممَّا أفاءَ اللَّه عليك وبناتِ عَمِّكَ وبناتِ عمَّاتك وبناتِ خالك وبنات خالاتك اللَّاتي هاجَرْنَ معك ... } الآية [الأحزاب: 50] فلم أكُنْ لأحِلَّ له؛ لأني لما هاجرتُ كنتُ من الطُّلقاءِ. أخرجه الترمذي (1) . [ص:320]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الطلقاء) جمع طليق: وهم أهل مكة الذين عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» والطليق: الأسير إذا خلي سبيله.
__________
(1) رقم (3211) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السدي، أقول: والسدي هذا، هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكبير أبو محمد الكوفي، وهو صدوق يهم كما قال الحافظ في " التقريب "، وفي سنده أيضاً أبو صالح باذام مولى أم هانئ، وهو ضعيف مدلس، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 420 ووافقه الذهبي، قال الحافظ في " تخريج الكشاف ": رواه الترمذي، والحاكم، وابن أبي شيبة، وإسحاق، والطبري، والطبراني، وابن أبي حاتم، كلهم من رواية السدي عن أبي صالح عن أم هانئ.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3214) قال: ثنا عبد بن حميد. قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل عن السدي، وعن أبي صالح، فذكره.(2/319)
768 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: نُهيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أَصنافِ النِّساءِ، إلا ما كان من المؤمناتِ المهاجرَاتِ بقوله: {لا يحل لك النِّساءُ من بعدُ ولا أَن تَبَدَّلَ بِهنَّ مِنْ أزواجٍ ولو أَعْجَبكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما ملكتْ يمينُك} فأحلَّ اللهُ فتياتِكم المؤمناتِ {وامرأَةً مؤمِنَةً إِنْ وهبَتْ نفسها للنبيِّ} وحرَّم كُلَّ ذات دِينٍ غير الإسلام، قال: {ومن يَكْفُرْ بالإيمانِ فقد حبط عملُهُ وهو في الآخرةِ من الخاسرين} [المائدة: 5] وقال: {يا أَيُّها النبيُّ إنا أحللنا لك أَزواجَكَ اللَّاتي آتيتَ أُجورَهنَّ وما ملكت يمينك مِمَّا أفاءَ اللَّه عليك - إلى قوله - خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرَّم ما سِوى ذلك من أصنافِ النِّساءِ. أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حبط عمله) أي: بطل.
__________
(1) رقم (3213) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب وقال: هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام قال: سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب. أقول: وشهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، ومع ذلك فقد حسن حديثه بعضهم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/318) (25 29) و (4/164) قال: ثنا أبو النضر..و «الترمذي» (3215) قال: ثنا عبد، قال: ثنا روح. كلاهما - أبو النضر، وروح- عن عبد الحميد بن بهرام، قال: ثني شهر ابن حوشب، فذكره.(2/320)
769 - (ت س (1) - عائشة - رضي الله عنها -: قالت: ما ماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أُحِلَّ له النساء. أخرجه الترمذي والنسائي.
وللنسائي أيضاً: حتَّى أُحِلَّ له أَنْ يَتَزوَّجَ من النساء ما شاءَ (2) .
__________
(1) في الأصل: خ م، وهو خطأ.
(2) الترمذي رقم (3214) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6 / 56 في النكاح، باب ما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه من حديث سفيان، عن عمرو عن عطاء عن عائشة، وإسناده صحيح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة، وله شاهد عند ابن أبي حاتم كما نقله عنه ابن كثير 6 / 512 من حديث أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم ... .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه أحمد 6/180 قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. و «الدارمي» 2247 قال: أخبرنا المعلى. و «النسائي» 6/56 قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا أبو هشام، وهوالمغيرة بن سلمة المخزومي.
ثلاثتهم - عبد الرحمن بن مهدي، والمعلى، وأبو هشام - قالوا: حدثنا وهيب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، فذكره.
وأخرجه الحميدي (25) قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا عمرو. و «أحمد» (6/14) قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا عمرو. وفي (6 /201) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج. و «الترمذي» (3216) قال: حدثنا ابن أبي عمر. قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو. و «النسائى» (6/56) قال: أخبرنا محمد بن منصور، عن سفيان. قال: حفظناه من عمرو. كلاهما - عمرو بن دينار، وابن جريج- عن عطاء، قال: قالت عائشة مثله، وليس فيه - عبيد بن عمير - وقال الترمذي: هذا حديث حسن.(2/321)
770 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها -: أنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَخْرُجْنَ باللَّيلِ قِبَلَ الْمَناصِع - وهو صَعيدٌ أَفيح - وكان عمرُ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احْجُبْ نِساءك، فلم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة من الليالي عِشاءاً - وكانت امرأَة طويلة - فناداها عمر: ألاَ قد عَرفْناكِ يا سودةُ، حِرْصاً على أن ينزلَ الحجابُ.
وفي رواية: كان أَزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم يَخْرُجْنَ ليلاً إلى ليْلٍ قِبَلَ المناصع، وذكر نحوه.
وفي أخرى قالت: خرَجتْ سودةُ بعد ما ضُرِبَ الحجَابُ (1) لحاجَتِها [ص:322] وكانَت امرأَة جسيمة تفرَعُ النِّساءَ جِسْماً (2) ، لا تَخْفَى على مَنْ يعْرِفُها (3) - فرآها عمرُ بنُ الخطاب، فقال: يا سَوْدةُ، [أما وَاللهِ] ما تَخْفَيْنَ علينا، فانظُري كيفَ تخرُجينَ؟ قالت: فانْكَفَأتْ راِجعة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتَعَشَّى وفي يدِهِ عَرْقٌ، فدَخلَتْ، فقالتْ: يا رسول اللهِ، إني خَرَجْتُ، فقال لي عمرُ كذا وكذا، قالت: فأُوحِي إليه، ثُمَّ رُفِعَ عنه وإنَّ العَرْق في يَدِهِ ما وضَعهُ، فقال: إِنهُ قد أُذِنَ لكُنَّ أَن تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ، قال هشامٌ: يعني: البَراز (4) . أخرجه البخاري، ومسلم (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المناصع) : المواضع الخالية لقضاء الحاجة من الغائط والبول، وقد ذكرت. [ص:323]
(صعيد) الصعيد: وجه الأرض.
(أفيح) الأفيح: الواسع.
(جسيمة) امرأة جسيمة: عظيمة الجسم.
(تفرع) النساء طولاً، أي: تطولهن.
(فانكفأت) الانكفاء: الرجوع.
(عَرْق) العَرْق: العظم الذي يقشر عنه معظم اللحم، ويبقى [عليه] منه بقية.
__________
(1) قال الحافظ 8 / 408 قوله: " بعد ما ضرب الحجاب " وقد تقدم في كتاب الطهارة من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهره رواية الزهري هذه عن عروة.
قال الكرماني: فإن قلت: وقع هنا " أنه كان بعد ما ضرب الحجاب " وتقدم في الوضوء " أنه كان قبل الحجاب " فالجواب: لعله وقع مرتين.
قلت: (القائل ابن حجر) بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني.
والحاصل: أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له -عليه الصلاة والسلام -: " احجب نساءك " وأكد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد [ص:322] ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً، ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك، فمنع منه، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن، دفعاً للمشقة، ورفعاً للحرج.
(2) أي: تطولهن، فتكون أطول منهن، والفارع: المرتفع العالي.
(3) أي: إذا كانت متلففة في ثيابها ومرطها، في ظلمة الليل ونحوها، على من قد سبقت له معرفة طولها، لانفرادها بذلك.
(4) " البراز " بفتح الباء: هو كناية عن قضاء حاجة الإنسان، والبروز لها من البيوت إلى الخلاء.
(5) البخاري 1 / 218 في الوضوء، باب خروج النساء إلى البراز، وفي التفسير، في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي الاستئذان، باب آية الحجاب، ومسلم رقم (2170) في كتاب السلام، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/56) قال: حدثنا ابن نمير. قال: حدثنا هشام. وفي (6/223) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث. قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب ثنا. وفي (6/271) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان. قال: قال ابن شهاب. و «البخاري» (1/49) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب. وفي (1/49) و (6/150) قال: حدثني زكرياء بن يحيى. قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة. وفي (7/49) قال حدثنا فروة بن أبي المعراء. قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام. وفي (8/66)
قال: حدثنا إسحاق. قال: أخبرنا يعمر بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب. و «مسلم» (7/6، 7) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو أسامة، عن هشام. (ح) وحدثناه أبو كريب. قال: حدثنا بن نمير. قال: حدثنا هشام. (ح) وحدثنيه سويد بن سعد. قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث. قال: حدثني أبي، عن جدي. قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب. (ح) وحدثنا عمرو الناقد. قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب. و «ابن خزيمة» (54) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن الطفاوي، قال: حدثنا هشام بن عروة. (ح) وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام. كلاهما -هشام بن عروة، وابن شهاب الزهري - عن عروة بن الزبير.(2/321)
771 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسِلونَ عُراة ينظُر بعضُهُمْ إلى سوْأَةِ بعضٍ، وكان موسى - عليه السلام- يغتسلُ وحدهُ، فقالوا: واللهِ ما يمْنَعُ موسى أَنْ يغتسلَ معنا إلا أنهُ آدَرُ، قال: فذهبَ مرَّة يغتسلُ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، ففرَّ الحجَرُ بثوْبِه، قال: فجمحَ موسى -عليه السلام - بإثْره، يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى نظرتْ بنو إسرائيل إلى سوأَةِ موسى. فقالوا: والله ما بموسى من بأْسٍ. فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه، قال: فأَخذَ ثوبَهُ، فطفِقَ بالحجر ضرباً (1) ، قال أَبو هريرة: والله إنَّ بالْحَجَر نَدَباً - ستَّة أو سبعة - من ضربِ موسى بالحجرِ» . [ص:324] هذه رواية البخاري، ومسلم.
وللبخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ موسى كانَ رجلاً حَييّاً سِتِّيراً، لا يُرى شيءٌ من جلده، استحياء منه، فآذاه مَنْ آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يَسْتَتِرُ هذا السِّتر إلا من عَيبٍ بجِلده: إِمَّا بَرَصٍ، وإِمَّا أُدْرَةٍ، وإِمَّا آفةٍ، وإِنَّ الله أراد أن يُبَرِّئهُ مِمَّا قالوا لموسى، فخَلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغْتَسَلَ، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخُذَها، وإنَّ الحجَرَ عدَا بثوبه، فأخذ موسى عصاهُ، وطلب الحجر، وجعل يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى انتهى إلى مَلإِ بني إسرائيل، فرأوه عُرْياناً أحسنَ ما خلق اللهُ، وأبْرَأَهُ مما يقولون، وقام الحجرُ؛ فأَخذه بثوبه فلبِسَه، وطَفِقَ بالحجرِ ضرباً بعصاهُ، فو اللهِ إنَّ بالحجر لنَدَباً من أَثَرِ ضرْبِه - ثلاثاً أو أَرْبعاً أو خمساً - فذلك قوله تعالى: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} (2) » .
ولمسلم قال: وكان موسى رجلاً حَيِيّاً، قال: فكان لا يُرَى [ص:325] متجرِّداً، قال: فقالت بنو إسرائيل: إنهُّ آدَرُ، قال: فاغتْسَلَ عند مُوَيْهٍ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، فانطلقَ الحجرُ يَسْعى، واتَّبعَهُ بعصاه يضْرِبه: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى وقفَ على ملأٍ من بني إسرائيل، فنزلت: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} ، وأخرجه الترمذي مثْلَ روايةِ البخاري المفردة (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سوأة) السوأة: كل ما يستحي الإنسان منه إذا انكشف.
(آدر) الأدرة: نفخة في الخصية، والرجل آدر.
(فجمح) جمح: إذا أسرع.
(ندباً) الندب: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر.
(ملأ) الملأ: أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.
__________
(1) أي: جعل يضرب، يقال: طفق يفعل كذا، وطفق - بكسر الفاء وفتحها - وجعل وأخذ وأقبل بمعنى واحد.
(2) قال الحافظ: وقد روى أحمد بن منيع في مسنده، والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن ابن عباس عن علي قال: " صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقال بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان ألين لنا منك، وأشد حياء، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته، فمروا به على بني إسرائيل، فعلموا بموته "، قال الطبري: يحتمل أن يكون هذا هو المراد بالأذى في قوله: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، قال الحافظ: وما في الصحيح أصح من هذا، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر، كما تقدم تقريره غير مرة.
(3) البخاري 1 / 330 في الغسل، باب من اغتسل عرياناً وحده، وفي الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، ومسلم رقم (339) في الحيض، باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة، ورقم (339) في الفضائل، باب فضائل موسى عليه السلام، والترمذي رقم (3219) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/315) . و «البخاري» (781) قال: ثنا إسحاق بن نصر. و «مسلم» (1/183) ، (7/99) قال: ثنا محمد بن رافع.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل، وإسحاق، ومحمد بن رافع - عن عبد الرزاق بن همام، قال: ثنا معمر، عن همام بن منبه، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (2/492، 514، 535) ، والبخاري (4/190) ، (6/151) «الترمذي» (3221) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/12302) عن خلاس، عن عمار بن أبي عمار، فذكره.(2/323)
سورة سبأ
772 - (ت د) - (فروةُ بن مُسيكٍ المرادي - رضي الله عنه - (1) : قال: أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا أُقاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ من قومي بمن أقبَلَ منهم؟ فأذِنَ لي في قتالهم وأمَّرَني، فلما خرجتُ من عنده، سأَل عني، ما فعل الغُطَيْفيُّ؟ فأُخبِرَ أني سِرْتُ، فأرسل في إثْري فرَدَّني، فأتيْتُهُ - وهو في نفرٍ من أصحابه - فقال: ادْعُ القوم، فمن أسلمَ منهم فاقْبَلْ منه، ومن لم يُسِلم فلا تَعْجَلْ حتى أُحَدِّث إليك، قال: وأُنزِلَ في سبأٍ ما أنزلَ، فقال رجل: يا رسولَ الله، وما سبَأ؟ أَرضٌ، أَو امرأة؟ قال: «ليس بأَرضٍ، ولا امرأة، ولكنه رجلٌ وَلدَ عشرة من العرب، فتَيَامَنَ منهم ستةٌ وتشاءمَ منهم أربعةٌ، فأما الذين تشاءموا: فلَخْمٌ، وجُذامٌ، وغسان، وعامِلةُ. وأما الذين تَيَامنُوا: فالأزدُ، والأشْعريون (2) ، وحِمَيرُ، وكِنْدَة، ومِذْحجُ، وأنمارُ» . فقال رجلٌ: وما أنمارُ؟ قال: «الذين منهم خَثْعَمُ وبَجيلةُ» . هذه رواية الترمذي.
وأخرجه أبو داود مختصراً في كتاب الحروف، وهذا لفظُهُ، قال: أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث، ولم يذكر لفظه - فقال رجل من القومِ: يارسولَ الله، [ص:327] أخبِرنا عن سبأٍ، ما هو: أرضٌ، أو امرأةٌ؟ قال: «ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكنه رجلٌ وَلدَ عشرة من العرب، فتيامَنَ ستةٌ، وتشاءمَ أربعةٌ» (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتيامن وتشاءم) تيامن، أي: قصد جهة اليمن، وتشاءم، أي: قصد جهة الشام.
__________
(1) فروة بن مسيك - بضم الميم، مصغر - المرادي ثم الغطيفي أبو عمر له صحبة، أسلم سنة تسع وسكن الكوفة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه هانئ بن عروة، والشعبي، وأبو سبرة النخعي وغيرهم، قال ابن سعد: استعمله عمر رضي الله عنه على صدقات مذحج. ثم سكن الكوفة، وكان من وجوه قومه.
(2) في الأصل والمطبوع: الأشعرون، والتصحيح من الترمذي.
(3) الترمذي رقم (3220) في التفسير، باب ومن سورة سبأ، وأبو داود رقم (3978) في الحروف والقراءات، وفي سنده أبو سبرة النخعي الكوفي، لم يوثقه غير ابن حبان، وأخرجه الحاكم 2 / 423 من طريق آخر، وله شاهد عنده من حديث ابن عباس 2 / 423 وصححه ووافقه الذهبي، ولذا قال الترمذي: حديث حسن، وهو كما قال، وأخرجه أحمد 3 / 451، وابن جرير الطبري 22 / 52، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 231 وزاد نسبته لعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر، وابن مردويه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3988) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهارون بن عبد الله. و «الترمذي» 3222 قال: حدثنا أبو كريب وعبد بن حميد وغير واحد. و «عبد الله بن أحمد» قال: حدثنا خلف ابن هشام. (ح) وحدثنا عبد الله بن محمد.
ستتهم - عثمان، وهارون، ومحمد بن العلاء أبو كريب، وعبد بن حميد، وخلف، وعبد الله بن محمد أبو بكر بن أبي شيبة - عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الحسن بن الحكم النخعي، قال: حدثناه أبو سيبرة النخعي، فذكره.
أخرجه أحمد. قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا شيبان، قال: حدثنا الحسن بن الحكم، عن عبد الله ابن عايش، عن فروة بن مسيك، فذكره.(2/326)
773 - (خ ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى اللهُ الأمرَ في السماءِ ضرَبت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعاناً لقوله، كأنه سِلْسِلةٌ على صفوان، فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا: ماذا قال ربُّكُمْ؟ قالوا للذي قال: الحقَّ (1) ، وهو العليُّ الكبيرُ، فَيَسمعُها مُستَرِقُ السَّمْعِ، ومسترقُو السَّمع (2) هكذا، بعضُه فوق بعض - ووَصفَ سُفيانُ (3) بِكفِّهِ فحرَّفَها، وبدَّدَ بين أصابعه - فيَسْمعُ الكلمةَ [ص:328] فَيُلْقيها إلى من هو تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيها على لِسانِ السَّاحِر أو الكاهِنِ، فرُبَّما أدْرَكَ الشِّهابُ قَبْلَ أن يُلْقِيَها، وربما ألقَاهَا قَبْلَ أن يُدْرِكَهُ، فيَكْذِبُ معها مائَةَ كذْبةٍ، فيقال: أَليسَ قد قال لنا يومَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيُصَدَّقُ بتلك الكلمة التي سُمِعَتْ من السماء» . أخرجه البخاري.
وأخرجه الترمذي قال: إذا قَضَى اللهُ في السَّمَاءِ أَمْراً، ضَرَبتِ الملائكةُ بأجْنِحَتها خُضَّعاً لقوله، كأنها سِلْسِلةٌ على صفوان فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا: ماذا قال ربُّكُمْ؟ قالوا: الحقَّ، وهو العليُّ الكبيرُ، قال: والشَّيَاطين بعضُهم فوقَ بعضٍ (4) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فُزِّع) عن قلوبهم: كشف عنها الفزع.
(خُضَّعاً) جمع خاضع، وهو المنقاد المتطامن، وخضعاناً: مصدر، ويجوز أن يكون جمع خاضع.
(صفوان) الصفوان: الحجر الأملس، وجمعه: صُفِيٌّ، وقيل: هو جمع واحدته صفوانة والصفا أيضاً: جمع صفاة، وهي الحجر الأملس.
__________
(1) أي للذي قال القول الحق، وهو الله سبحانه وتعالى.
(2) قال الحافظ: في رواية علي عند أبي ذر: ومسترق السمع، بالإفراد، وهو فصيح.
(3) هو سفيان بن عيينة.
(4) البخاري 8 / 413، 414 في تفسير سورة سبأ، باب {حتى إذا فزع عن قلوبهم} ، وفي تفسير سورة الحجر، باب قوله: {إلا من استرق السمع} ، والترمذي رقم (3221) في التفسير، باب ومن سورة سبأ، وقال: حديث حسن صحيح.(2/327)
774 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: إذا تكَلَّمَ الله بِالْوَحْيِ سَمِعَ أهلُ السماءِ صَلْصَلَة كجرّ السّلْسِلَةِ على الصَّفَا، فيَصْعَقُونَ، فلا يزالونَ [ص:329] كذلك، حتَّى يأتِيَهُمْ جبريلُ، فإذا جاء فُزّع عن قُلوبهم، فيقولون: يا جبريلُ ماذا قال ربك (1) ؟ فيقول: الحقَّ، فيقولونَ: الحقَّ الحقَّ. أخرجه أبو داود (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(صلصلة) الصلصلة: صوت الأجرام الصلبة بعضها على بعض.
__________
(1) في الأصل: ربكم، والتصحيح من أبي داود.
(2) رقم (4738) وسنده حسن، وعلقه البخاري موقوفاً على ابن عباس في التوحيد 13 / 381، باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} . قال الحافظ في "الفتح ": وقد وصله البيهقي في " الأسماء والصفات " من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح وهو أبو الضحى عن مسروق، وهكذا أخرجه أحمد عن أبي معاوية، وأخرجه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد "، وابن أبي حاتم في كتاب " الرد على الجهمية "، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 236 وزاد نسبته لسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ " في العظمة "، وابن مردويه، والبيهقي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (4738) قال: ثنا أحمد بن أبي سريح الرازي، وعلي بن الحسين بن أبراهيم، علي ابن مسلم، قالوا: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، فذكره.(2/328)
سورة فاطر
775 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتابَ الذين اصْطَفيْنا من عِبادِنا فمنهم ظالمٌ لِنَفْسِهِ ومنهم مُقْتَصِدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32] قال: «هؤلاءِ كُلُّهُم بمنزلةٍ واحدَةٍ، وكُلُّهُم في الْجَنَّةِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3223) في التفسير، باب ومن سورة الملائكة وقال: حديث غريب حسن. وأبو داود الطيالسي 2 / 22، والطبري 22 / 90، وفي سنده من لم يسم، وله شاهد عند أحمد 5 / 198 و 6 / 444 من حديث أبي الدرداء، وأبي داود الطيالسي 2 / 22 من حديث عائشة، وغيرهما، وهذه الطرق يشد بعضها بعضاً كما قال ابن كثير، فتقوى.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/78) . و «الترمذي» (3225) قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار.
ثلاثتهم - أحمد، وابن المثني، وابن بشار - قالوا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الوليد بن العيزار، أنه سمع رجلا من ثقيف، يحدث عن رجل من جرير كنانة، فذكره.(2/329)
776 - ابن عباس رضي الله عنهما قال: {وجاءكُم النذير} [فاطر: 37] : الرسول بالقرآن. أخرجه رزين (1) .
__________
(1) قال ابن جرير الطبري: قال ابن زيد في قوله تعالى: {وجاءكم النذير} قال النذير: النبي، وقرأ {هذا نذير من النذر الأولى} . وقال ابن كثير: وهذا هو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال: احتج عليهم بالعمر والرسل، وهذا اختيار ابن جرير، وهو الأظهر، لقوله تعالى: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} أي: لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم.(2/330)
سورة يس
777 - (ت) (أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -) : قال: كانت بنُو سَلِمَةَ في ناحِيَةِ المدينة، فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُرب المسجد، فنزلت هذه الآية {إنَّا نَحنُ نُحْييِ الموتَى ونكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثارهُمْ} [يس: 12] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ آثاركم تُكْتَب، فلم ينْتَقِلُوا» . أخرجه الترمذي (1) . [ص:331]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(آثاركم) الآثار: آثار أقدامهم في الأرض، أراد به: مشيهم إلى العبادة.
__________
(1) رقم (3224) في التفسير، باب ومن سورة يس، وقال: هذا حديث حسن غريب، من حديث الثوري. وقال ابن كثير 7 / 84: وقد روي من غير طريق الثوري.
فقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عباد بن زياد الساجي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا شعبة، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن بني سلمة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد، فنزلت: {ونكتب ما قدموا وآثارهم} ، فأقاموا في مكانهم، وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا الجريري، عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، وفيه غرابة من حيث ذكر سبب نزول الآية، والسورة بكمالها مكية، فالله أعلم. اهـ.
وللحديث شاهد أيضاً عند ابن جرير 22 / 100 من طريق إسرائيل عن سماك عن عكرمة [ص:331] عن ابن عباس بنحوه فيتقوى الحديث به، ولذلك حسنه الترمذي، وصححه الحاكم 2 / 428، 429 ووافقه الذهبي، وأصل الحديث عند مسلم رقم (665) من حديث جابر دون سبب النزول.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3226) قال: ثنا محمد بن وجرير الواسطي. قال: ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان، والثوري، عن أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، فذكره.(2/330)
778 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) قال: كان بمدينة أنطاكِيةَ فرعونٌ من الفراعِنة، فبعثَ اللهُ إليهم المرسَلين، وهم ثلاثةٌ، قدَّمَ اثنين، فكذَّبوهُمَا فقوَّاهم بثالث، فلما دعتْهُ الرُّسلُ، وصَدَعت بالذي أُمِرتَ به، وعابَتْ دينَهُ، قال لهم: {إنَّا تَطَيَّرْنَا بكم} {قالوا طائرُكم معكم} [يس: 18-19] ، أي: مصائبكُم. أخرجه رزين (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تطيرنا بكم) : تشاءمنا بكم
__________
(1) ورواه ابن جرير الطبري بمعناه 22 / 101 من رواية ابن إسحاق بسند معضل فيما بلغه عن ابن عباس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه.(2/331)
779 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) في قوله تعالى: {وجاء من أقْصى المدينةِ رَجُلٌ يسعى - إلى قوله - وجَعلني من المُكْرَمين} [يس: 20 - 27] قال: نَصَحَ قومَهُ حيّاً وميِّتاً. [ص:332] أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره ابن كثير عن ابن عباس بلفظ: نصح قومه في حياته بقوله: {يا قوم اتبعوا المرسلين} ، وبعد مماته في قوله: {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ، وقال: رواه ابن أبي حاتم.(2/331)
780 - (خ م ت) أبو ذَرٍ الغفاري - رضي الله عنه -: قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، عند غروب الشمسِ، فقال: «يا أبا ذَرٍّ، أتَدري أينَ تذهبُ هذه الشمس؟» قلتُ: الله ورسولُه أعلم، قال: «تذهب تسجُد تحتَ العرش، فتستأذِنُ، فيُؤذَنُ لها، ويوشكُ أَن تسجُدَ فلا يُقْبَل منها، وتستأذِنَ فلا يُؤذَن لها، فيقال لها: ارجعِي مِن حيثُ جِئتِ، فتطلُع من مَغرِبِها، فذلك قوله عز وجل: {والشمسُ تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38] » .
وفي رواية: ثم قرأَ: {ذلك مُسْتَقَرٌّ لها} في قراءِة عبد الله (1) .
وفي أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تَدْرُونَ مَتى ذاكُم؟ ذاكَ حين لا يَنْفَعُ نفساً إيمانُها، لم تكن آمنتْ مِنْ قبلُ، أو كسَبتْ في إيمانها خَيراً.
وفي رواية مُخْتَصراً، قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: {والشمسُ تجرى لمستقرٍّ لها} ؟ قال: مُسْتَقَرُّها: تحت العرش. أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي نحو ذلك (2) . [ص:333]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يوشك) الإيشاك: الإسراع.
__________
(1) أي عبد الله بن مسعود، وقرأها كذلك عكرمة، وعلي بن الحسين، والشيزري عن الكسائي، كما في زاد المسير 7 / 19 لابن الجوزي.
(2) البخاري 8 / 416، في تفسير سورة يس، وفي بدء الخلق، باب صفة الشمس والقمر، وفي التوحيد، [ص:333] باب {وكان عرشه على الماء} ، وباب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} ، ومسلم رقم (159) في الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والترمذي رقم (3225) في التفسير، ومن سورة يس. قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها، وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، قال الحافظ: ويحتمل أن يكون المراد بالسجود، سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك. وقال ابن كثير: في معنى قوله: {لمستقر لها} قولان: أحدهما: أن المراد: مستقرها المكاني، وهو تحت العرش مما يلي الأرض في ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش وجميع المخلوقات، لأنه سقفها، والقول الثاني: أن المراد بمستقرها، هو منتهى سيرها، وهو يوم القيامة يبطل سيرها وتسكن حركتها، وتكور، وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا هو مستقرها الزماني. وقال الحافظ: وقال الخطابي: يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش، أنها تستقر تحته استقراراً لا نحيط به نحن، ويحتمل أن يكون المعنى: أو علم ما سألت عنه - يعني أبا ذر - من مستقرها تحت العرش في كتاب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها، فينقطع دوران الشمس وتستقر عند ذلك ويبطل فعلها، وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/145) قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا حماد، يعني ابن سلمة. قال: حدثنا يونس. وفي (5/152) قال حدثنا: محمد عبد عبيد. قال: حدثنا الأعمش والبخاري (4/131) قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن الأعمش. وفي (5/158، 177) قال: حدثنا وكيع. قال: حدثنا الأعمش. وفي (5/165) قال: حدثنا يزيد. قال: حدثنا سفيان، يعني ابن حسين، عن الحكم. وفي (5/177) قال: حدثنا سفيان عن الأعمش. وفي (6/154) قال: حدثنا أبو نعيم. قال: حدثنا الأعمش. وفي (6/154) قال: حدثنا الحميدي. قال: حدثنا وكيع. قال: حدثنا الأعمش. وفي 9/153 قال: حدثنا يحيى بن جعفر. قال: حدثنا أبو معاوية. عن الأعمش. وفي (9/155) قال: حدثنا عياش ابن الوليد. قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش. و «مسلم» 1/96 قال: حدثنا يحيى بن أيوب وإسحاق بن إبراهيم، جميعا عن ابن علية. قال: حدثنا يونس (ح) وحدثني عبد الحميد بن بيان الواسطي. قال: أخبرنا خالد، يعني بن عبد الله، عن يونس. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش. (ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج، وإسحاق بن إبراهيم. قال: إسحاق: أخبرنا. وقال الأشج: حدثنا وكيع. قال: حدثنا الأعمش. و «أبو داود» (4402) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وعبيد الله بن ميسرة. قالا: حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان حسين، عن الحكم بن عتيبة. و «الترمذي» (3227، 2186) قال: حدثنا هناد. قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد. (ح) وعن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم، عن أبيه، عن الأعمش.
ثلاثتهم - يونس بن عبيد، والأعمش، والحكم بن عتيبة - عن إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، فذكره.
(*) في رواية ابن علية قال: (حدثنا يونس، عن إبراهيم بن يزيد التيمي، سمعه فيما أعلم عن أبيه)(2/332)
سورة الصافات
781 - (ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {وجعلنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات: 77] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حَامٌ، وسَامٌ، ويافث، ويقال: يافث بالثاء والتاء، ويقال: يَفَث» (1) . [ص:334]
وفي رواية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سامٌ: أَبو العرب، وحام: أبو الحبش، ويافث: أبو الرومِ» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) الترمذي رقم (3228) في التفسير، باب ومن سورة الصافات، وفي سنده سعيد بن بشير الأزدي، وهو ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ".
(2) رقم (3229) ، وفيه عنعنة الحسن عن سمرة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3230) قال: ثنا محمد بن المثني، قال: ثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة عن الحسن، فذكره.
- والرواية الثانية: أخرجها أحمد (5/9) قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد (ح) وحدثنا حسين، قال: حدثنا شيبان. وفي (5/10) قال: حدثنا روح في كتابه، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة. و «الترمذي» (، 3231 و3931) قال: أخبرنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة.
كلاهما (سعيد، وشيبان) عن قتادة، عن الحسن، فذكره.(2/333)
782 - () (ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهما -) : يُذكَرُ عنهما:أَنَّ إلْياسَ: هو إدْرِيسُ، وكان ابنُ مسعودٍ يقرأُ: {سلام على إدْراسين} [الصافات: 130] . أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم، وذكر هذه القراءة ابن الجوزي في " زاد المسير " عن عبد الله بن مسعود.(2/334)
783 - (ت) (أبي بن كعب - رضي الله عنه -) : قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وأَرسلناه إلى مائة أَلفٍ أو يزيدونَ} [الصافات:147] قال: «يزيدُون عِشْرينَ ألفاً» .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3227) في التفسير، باب ومن سورة الصافات وقال: هذا حديث غريب، ورواه ابن جرير الطبري 23 /67، وفي سنده مجهول وضعيف، وأورده السيوطي في "الدر المنثور " 2 / 219 وزاد نسبته لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3229) قال: ثنا علي بن حجر قال:ثنا الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن رجل، عن أبي العالية،فذكره.(2/334)
784 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله تعالى: {وإنا لنحن الصَّافُّونَ} [الصافات: 165] قال: الملائكةُ تُصَفُّ عند ربها بالتسبيح. أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره بمعناه ابن جرير الطبري 23 / 72 وابن عباس قوله: {وإنا لنحن الصافون} قال: يعني [ص:335] الملائكة {وإنا لنحن المسبحون} قال: الملائكة صافون تسبح لله عز وجل، وفي سنده عطية العوفي، وهو ضعيف، وفي صحيح مسلم رقم (522) في المساجد ومواضع الصلاة، من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء، وذكر خصلة أخرى ".(2/334)
سورة ص
785 - (ت) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: مرضَ أبو طالبٍ فجاءتْهُ قريشٌ، وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم - وعند أبي طالبٍ مجلسُ رجُلٍ - فقام أبو جهلٍ كي يمنَعه من الجلوس فيه، قال: وشكَوْه إلى أبي طالبٍ. فقال: يا ابن أَخي، ما تُريدُ من قومِكَ؟ قال: أُريدُ منهم كلمة تدينُ لهم بها العربُ، وتُؤدِّي إليهم العجمُ الجِزيةَ. قال: كلمة واحدة؟ قال: كلمة واحدة، فقال: يا عمِّ. قولوا: لا إله إلا الله. فقالوا: إلهاً واحداً؟ ما سمعنا بهذا في المِلَّة الآخرة. إنْ هذا إلا اختلاقٌ. قال: فنزل فيهم القرآن {ص. والقرآنِ ذي الذِّكْر. بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاقٍ. كم أَهلكنا من قبلِهم من قَرْنٍ فنادَوْا ولاتَ حين منَاص. وعجبوا أنْ جاءهم منْذِرٌ منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذَّاب. أجعلَ الآلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيءٌ عُجاب. وانطلقَ الملأُ منهم أن امْشُوا واصبروا على آلهتِكم إن هذا لشيءٌ يُراد. ما سمعنا بهذا في الْمِلَّةِ الآخِرة إنْ هذا إلا اخْتِلاق} [ص: 1 - 7] . [ص:336] أَخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تدين) دان له يدين: إذا أطاعه، ودخل تحت حكمه.
(اختلاق) الاختلاق: الكذب.
__________
(1) رقم (3230) في التفسير، باب ومن سورة ص، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (2008) ، وفي سنده يحيى بن عمارة الكوفي لم يوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي، ورواه الحاكم 2 / 432 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 295 وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1-أخرجه أحمد (1/227) (2008) قال: حدثنا يحيى. و «الترمذي» (3232) قال: حدثنا محمود بن غيلان، وعبد بن حميد،. قالا: حدثنا أبو أحمد. (ح) وحدثنا بندار، قال: حدثنا يحيى ابن سعيد. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) 5647 عن إبراهيم بن محمد التيمي، عن يحيى بن سعيد. (ح) عن ابن بشار عن عبد عبد الرحمن. ثلاثتهم- يحيى، وأبو أحمد، وعبد الرحمن -عن سفيان.
2- وأخرجه أحمد (1/228) (2008) ، (1/362) (3419) . و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (5647) عن الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني، عن محمد بن عبد الله بن نمير. كلاهما -أحمد، ومحمد -عن حماد بن أسامة أبي أسامة.
كلاهما (سفيان، وحماد) عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، فذكره.
في رواية يحيى (يحيى بن عمارة) .
في رواية محمود بن غيلان (يحيى) ولم ينسبه.
في رواية عبد بن حميد (يحيى بن عباد) .
في رواية حماد بن أسامة (عباد بن جعفر) .(2/335)
سورة الزمر
786 - (ت) (عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -) : قال: لما نزلت {ثم إنَّكم يومَ القيامة عند ربكم تَخْتصِمون} [الزمر: 31] قال الزبير: يا رسول الله، أتُكَرَّرُ علينا الخصومةُ بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: «نعم» فقال: «إنَّ الأمرَ إذاً لشديدٌ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3234) في التفسير، باب ومن سورة الزمر، وإسناده حسن إن شاء الله، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم 2 / 435 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 327 وزاد نسبته لأحمد، وعبد الرزاق، وابن منيع، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في " البعث والنشور "، وأبي نعيم في " الحلية ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (60) قال: حدثنا سفيان. وفي (62) قال: حدثنا أبو ضمرة، أنس بن عياض الليثي. و «أحمد» (1/164) (1405) قال: حدثنا سفيان. وفي (1/167) (1434) قال حدثنا ابن نمير و «الترمذي» (3236) قال حدثنا ابن أبي عمر. قال: حدثنا سفيان.
ثلاثتهم -سفيان، وأبو ضمرة، وابن نمير - عن محمد بن عمرو بن علقمة،عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(2/336)
787 - (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: إِنَّ قَوْماً قَتَلوا فأكْثَرُوا، وزنُوا فَأكثَرُوا وانتَهَكُوا، فأتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمدُ، إِنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخْبِرنا أَنَّ لَمِا عَمِلْنا كفَّارة؟ فنزلت: {والذين [ص:337] لا يَدْعون مع اللَّه إلَهاً آخر - إلى قوله - فأُولئِكَ يُبَدِّلُ اللَّه سيِّئاتِهم حَسَناتٍ} [الفرقان: 68-70] قال: يُبَدِّلُ الله شركَهُم إيماناً، وزِناهم إحصْاناً، ونزلَت {قُلْ يا عباديَ الذين أسْرفوا على أنفسهم لا تقْنَطُوا من رحمة اللَّهِ} [الزمر: 53] أخرجه النسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(انتهكوا) يقال: انتهكت محارم الشرع: إذا فعلت ما حرمه عليك ولم تلزم أوامره.
(كفارة) الكفارة: التي تجب على الحالف إذا حنث، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية، التي أوجب فيها الشرع كفارة، كالصوم والظهار، وسميت كفارة، لأنها تغطي الذنب وتمحوه.
(تقنطوا) القنوط: اليأس من الشيء.
__________
(1) 7 / 86 في تحريم الدم، باب تعظيم الدم، وهو بمعناه واختلاف يسير في ألفاظه في البخاري 8 / 422 في تفسير سورة الزمر، باب قوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ، ومسلم رقم (122) في الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وأبو داود رقم (4273) في الفتن والملاحم، باب تعظيم قتل المؤمن، والنسائي 7 / 86، والحاكم 2 / 403 وصححه ووافقه الذهبي، كلهم من حديث ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 77 وزاد نسبته لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي.(2/336)
788 - (ت) (أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها -) : قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: {يا عباديَ الذين أَسْرفوا على أنفسهم لا تقْنَطُوا من [ص:338] رحمة اللَّهِ إن اللَّه يغفرُ الذُّنوبَ جميعاً} ولا يبالي. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3235) في التفسير، باب ومن سورة الزمر، ورواه أحمد 6 / 454، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ثابت عن شهر بن حوشب. نقول: وشهر بن حوشب ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/454) قال: حدثنا يزيد بن هارون. وفي (6/459) قال: حدثنا حجاج بن محمد. وفي (6/460) قال: حدثنا عفان. وفي (6/461) قال: حدثنا عبد الصمد. و «عبد بن حميد» (1577) قال: حدثني حبان بن هلال وسليمان بن حرب وحجاج بن منهال. و «الترمذي» (3237) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: حدثنا حبان بن هلال وسليمان بن حرب، وحجاج بن منهال، سبعتهم -يزيد، وحجاج بن محمد، وعفان، وعبد الصمد بن عبد الوراث، وحبان بن هلال، وسليمان بن حرب. وحجاج بن منهال - عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شهر بن حوشب، فذكره.
(*) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ثابت، عن شهر بن حوشب.(2/337)
789 - (خ م ت) (ابن مسعود - رضي الله عنه -) : قال: جاء حَبْرٌ (1) إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمدُ، إن الله يضَع السَّماءَ على إِصْبَعٍ، والأرضِينَ على إصْبَعٍ، والجبال على إصبعٍ. والشَّجرَ والأنهار على إصبعٍ، وسائرَ الخلقِ على إِصبع، ثم يقول: أنا الملكُ، فضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: {وما قَدَروا اللَّه حقَّ قدره} [الزمر: 67] .
وفي رواية نحوه، وقال: والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يَهُزُّهُنَّ - وفيه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، تَعَجُّباً وتصديقاً لَهُ (2) ، ثم قرأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وما قدَروا الله حقَّ قدرهِ.....} الآية. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي، فقال: يا محمد، إن الله يُمسِكُ السمواتِ على إصبعٍ، والجبالَ على إصبعٍ، والأرضينَ على إصبع، والخلائق على إصْبَعٍ، ثم يقول: [ص:339] أَنا الملِكُ، قال: فضحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذُه، قال: {وما قَدَروا اللَّه حقَّ قدرِهِ} .
وفي رواية قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجباً وتَصديقاً (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نواجذ) النواجذ: الأضراس التي تلي الأنياب، وهي الضواحك، وقيل: هي أواخر الأسنان.
__________
(1) بفتح الحاء المهملة وكسرها: واحد الأحبار، وهو العالم.
(2) قال القرطبي في " المفهم ": وأما من زاد " تصديقاً له " فليست بشيء، فإنها من قول الراوي، وهي باطلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال. وقال الحافظ في " الفتح " 13 / 336: عن الخطابي: إن قول الراوي " تصديقاً له " ظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة، وعلى تقدير صحتها، فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، وبصفرته على الوجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة كثوران خلط من مرار وغيره، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظاً، فهو محمول على تأويل قوله تعالى: {والسموات مطويات بيمينه} أي: قدرته على طيها وسهولة الأمر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئاً في كفه، واستقل بحمله من غير أن يجمع كفه عليه، بل يقله ببعض أصابعه، وقد جرى في أمثالهم: فلان يقل كذا بأصبعه، ويعمله بخنصره (*) .
(3) البخاري 8 / 423 في تفسير سورة الزمر، باب قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} ، وفي التوحيد، باب قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} ، وباب قول الله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} ، وباب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء، ومسلم رقم (2786) في صفة القيامة، والترمذي رقم (3239) في التفسير، باب ومن سورة الزمر. وقد أفاض الحافظ ابن حجر في " الفتح " 13 / 336، 337 في شرح هذا الحديث فارجع إليه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/378) (3590) قال: حدثنا أبو معاوية. و «البخاري» (9/151) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي. وفي (9/164) قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا أبو عوانة. و «مسلم» (8/125) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي. وفي (8/126) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، قالا: حدثنا أبومعاوية. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعلى بن خشرم، قالا: أخبرنا عيسى بن يونس (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9422) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس. خمستهم - أبو معاوية، وحفص بن غياث، وأبو عوانة، وعيسى بن يونس، وجرير - عن الأعمش.
2- وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (9459) عن أحمد بن الأزهر، عن عبد الرزاق، عن سفيان ابن عيينة، فضيل بن عياض، كلاهما عن منصور.
كلاهما الأعمش، ومنصور عن إبراهيم، عن علقمة، فذكره.
والرواية الأخرى.
1- أخرجها أحمد 1/429 (4087) . و «البخارى» 9/150 قال: حدثنا مسدد. و «الترمذي» (3238) قال: حدثنا محمد بن بشار. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9404) عن محمد بن مثنى. أربعتهم - أحمد، ومسدد، وابن بشار، وابن مثنى - عن يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: حدثني منصور وسليمان.
2- وأخرجهما أحمد (1/457) (4368) قال: حدثنا يونس. قال: حدثنا شيبان. وفي (1/457) (4369) قال: حدثناه أسود، وقال: حدثنا إسرائىل. و «البخاري» 6/157 قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شيبان. وفي (9/181) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير. و «مسلم» (8/125) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا فضيل (يعني ابن عياض) . (ح) وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، كلاها عن جرير. و «الترمذي» (3239) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا يحيى بن سعيد. قال: حدثنا فضيل بن عياض. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9404) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير. (ح) وعن علي بن حجر، عن جرير.
أربعتعهم - شيبان، وإسرائيل، وجرير، وفضيل -عن منصور.
كلاهما - منصور، وسليمان الأعمش - عن إبراهيم، عن عبيدة السلماني، فذكره.
في رواية أحمد (1/429) ، ومسدد، ومحمد بن المثنى، قال: يحيى بن سعيد، وزاد فيه: فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، وعن عبيدة، عن عبد الله، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا له.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الهامش، نقل الشيخ عبد القادر - رحمه الله - عن القرطبي في المفهم والحافظ في الفتح أقوال المتأولين لصفة الأصابع ولم ينبه ويبين مذهب أهل السنة في إثبات الأصابع لله سبحانه وتعالى على صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
قال الشيخ البراك: من العجب إفراط الحافظ عفا الله عنا وعنه في نقل أقوال المتأولين من النفاة لحقائق كثير من الصفات مع ما فيها من التمحلات والتكلفات في صرف الكلام عن وجهه بشبهات واهية؛ مثل التشكيك في تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لضحك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "تصديقًا له"، وتخطئة ابن مسعود رضي الله عنه في خبره ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المشاهد للقصة والأعلم بدلالة حال النبي صلى الله عليه وسلم ومقاله ... إلخ (التعليق 121) وينظر (التعليق 119) [تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - نقله على الشبكة العنكبوتية عبد الرحمن بن صالح السديس] وينظر التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري - لعلي الشبل وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته - ص 115 - 116(2/338)
790 - (خ م د) (ابن عمر - رضي الله عنهما -) : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَطوِي الله - عز وجل - السمواتِ يوم القيامة، ثم يأخُذُهُنَّ بيده اليُمنى، ثم يقول: أَنا الملكُ، أَيْن الجبَّاروُن؟ أينَ المتَكبِّرون؟ ثم يطوِي الأرض بشِماله، ثم يقول: أنا الملكُ، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟» . هذه رواية مسلم.
وفي رواية البخاري قال: «إن الله -عز وجل- يَقبِضُ يومَ القيامةِ [ص:340] الأرَضينَ، وتكونُ السموات بِيَمِينهِ، ثم يقولُ: أنا الملكُ» .
ثم قال البخاري: وقال عمر بنُ حمزة (1) : سمعتُ سالماً (2) سمعتُ ابنَ عُمَرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
وفي أخرى لمسلم من حديث عبيد الله بن مِقْسَم، أَنه نَظَر إلى عبد الله بن عمر كيف يَحكي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: يأخُذُ الله - عَز وجل- سماواتِهِ وأَرَضيهِ بيَديه، ويقول: أنا الله - ويَقْبِضُ أصَابعه (3) ويَبْسطُها - ويقول: [ص:341] أنا الملكُ، حتى نظرتُ إلى المنبر يَتَحرَّكُ من أسْفَلِ شيءٍ منه (4) ، حتى إني أقولُ: أَساقِطٌ هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
وفي أخرى نحوه، وفي آخره: «يأخذ الجبَّارُ عز وجل سماواتِه وأرَضيهِ بيديه» .
وأخرج أبو داود الرواية الأولى، وقال في حديثه: بيده الأخرى، ولم يقل: بشماله (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجبارون) : جمع جبار، وهو القهار المتسلط، وقيل: العظيم الذي يفوت الأيدي فلا تناله.
__________
(1) يعني ابن عبد الله بن عمر.
(2) هو ابن عبد الله بن عمر، عم عمر بن حمزة وشيخه، وهذه الرواية ذكرها البخاري تعليقاً، وقد وصلها مسلم رقم (2788) من رواية أبي أسامة عن عمر بن حمزة بلفظ " يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ". قال الحافظ في " الفتح ": قال البيهقي: تفرد بذكر الشمال فيه عمر بن حمزة، وقد رواه عن ابن عمر أيضاً نافع وعبيد الله بن مقسم بدونها، ورواه أبو هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، وثبت عند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه " المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين "، وكذا في حديث أبي هريرة قال: " اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين " ثم قال: وقال القرطبي في " المفهم ": كذا جاءت هذه الرواية بإطلاق لفظ الشمال على يد الله تعالى على المقابلة المتعارفة في حقنا، وفي أكثر الروايات وقع التحرز عن إطلاقها على الله، حتى قال: " وكلتا يديه يمين " لئلا يتوهم نقص في صفته سبحانه وتعالى، لأن الشمال في حقنا أضعف من اليمين.
(3) قال القاضي عياض: وفي هذا الحديث ثلاثة ألفاظ " يقبض، ويطوي، ويأخذ " وكله بمعنى الجمع، لأن السموات مبسوطة، والأرضين مدحوة ممدودة، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة، وتبديل الأرض غير الأرض والسموات، فعاد كله إلى معنى ضم بعضها إلى بعض، ورفعها وتبديلها بغيرها، قال: وقبض النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها: تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها، وحكاية للمقبوض المبسوط، وهو السموات والأرضون، لا إشارة إلى القبض والبسط [ص:341] الذي هو صفة للقابض والباسط سبحانه وتعالى، ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية المسماة باليد التي ليست بجارحة.
ثم قال: والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم فيما ورد في هذه الأحاديث من مشكل، ونحن نؤمن بالله تعالى وصفاته، ولا نشبه شيئاً به، ولا نشبهه بشيء، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه، فهو حق وصدق، فما أدركنا علمه فبفضل الله تعالى، وما خفي علينا آمنا به، ووكلنا علمه إليه سبحانه وتعالى، وحملنا لفظه على ما احتمل في لسان العرب الذي خوطبنا به، ولم نقطع على أحد معنييه، بعد تنزيهه سبحانه عن ظاهره الذي لا يليق به سبحانه وتعالى، وبالله التوفيق.
(4) أي: من أسفله إلى أعلاه، لأن بحركة الأسفل يتحرك الأعلى، ويحتمل أن تحركه بحركة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الإشارة، ويحتمل أن يكون تحرك بنفسه هيبة لسمعه، كما حن الجذع، قاله النووي.
(5) البخاري 13 / 334 في التوحيد، باب قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي} ، ومسلم رقم (2788) في صفات المنافقين، باب صفة القيامة، وأبو داود رقم (4738) في السنة، باب الرد على الجهمية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه عبد بن حميد (744) قال: ثني ابن أبي شيبة. و «مسلم» (8/126) قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة. و «أبو داود» 4732 قال: ثنا عثمان بن أبي شبية، ومحمد بن العلاء.
ثلاثتهم - أبو بكر بن أبي شيبة، وعثمان بن أبي شيبة، وابن العلاء - عن أبي أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم فذكره.
ورواية أخرى أخرجها البخاري (9/150) قال: ثنا مقدم بن محمد بن يحيى، قال: ثنى عمى القاسم بن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، فذكره.
ورواية مسلم:
1- أخرجها أحمد 2/72 (5414) قال: حدثنا عفان. وفي 2/87 (5608) قال: حدثنا بهز، وحسن ابن موسى. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) 7315 عن عمرو بن منصور، عن حجاج ابن منهال (ح) وعن أبي داود الحراني، عن عفان، أربعتهم - عفان، وبهز، وحسن وحجاج - عن حماد ابن سلمة، قال: أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.
2- وأخرجها مسلم (8/126) قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا يعقوب، يعني ابن عبد الرحمن. وفي (8/127) قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم. و «ابن ماجة» (198، 4275) قال: حدثنا هشام بن عمار، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (7315) عن الحسين بن حريث، عن عبد الله بن نافع الزبيري، عن عبد العزيز بن أبي حازم (ح) وعن قتيبة عن يعقوب. كلاهما - يعقوب، وعبد العزيز - عن أبي حازم. كلاهما - إسحاق، وأبو حازم - عن عبيد الله بن مقسم، فذكره.(2/339)
791 - (خ) (أبو هريرة - رضي الله عنه -) : قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقْبِضُ الله الأَرضَ، ويطوي السماءَ بيمينه، ثم يقول: أنا الملِكُ، أَيْنَ ملوك الأرض؟» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 423 في تفسير سورة الزمر، باب قوله تعالى: {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/374) قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق قال: حدثنا ابن المبارك. و «البخاري» (8/135) قال: حدثنا محمد بن مقاتل. قال: أخبرنا عبد الله. وفي (9/142) قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب. و «مسلم» (8/126) قال: ثنى حرملة بن يحيى قال: نا ابن وهب. و «ابن ماجة» (192) قال: ثنا حرملة بن يحيى ويونس بن عبد الأعلى. قال:ثنا عبد الله بن وهب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (10/13322) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك. (ح) وعن سليمان بن داود المهري، عن ابن وهب. (ح) وعن يونس بن عبد الأعلى، عن بن وهب.
كلاهما - عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب - عن يونس، عن ابن شهاب. قال:ثنى سعيد بن المسيب، فذكره.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أخرجه الدارمي (2802) قال: حدثنا الحكم بن نافع. قال: حدثنا شعيب. و «البخاري» (6/158) قال: حدثنا سعيد بن عفير. قال: حدثنى الليث. قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلاهما. -شعيب بن أبي حمزة. وعبد الرحمن بن خالد- عن ابن شهاب الزهري. قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.(2/342)
792 - (ت) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: مَرَّ يهودِيٌّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا يَهوديّ، حدِّثنا» ، قال: كيف تقولُ يا أبا القاسم إذا وَضَع الله السمواتِ على ذِهْ، والأرضَينَ على ذِهْ، والماءَ على ذِهْ، والجبال على ذِهْ، وسائر الخلائقِ على ذِهْ - وأشار محمد بن الصَّلت بخِنْصَره أولاً، ثم تابع حتى بلغَ الإبهامَ - فأنزلَ اللهُ {وما قَدَرُوا اللَّه حَقَّ قدره} .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3238) في التفسير، باب ومن سورة الزمر، وإسناده حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وأبو كدينة - أحد الرواة - اسمه: يحيى بن المهلب، ورأيت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - روى هذا الحديث عن الحسن بن شجاع عن محمد بن الصلت، ورواه أحمد في " المسند " رقم (2267) من رواية حسين الأشقر، عن أبي كدينة عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس، وإسناده ضعيف، لكن طريق الترمذي تقويه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/251) (2267) و (1/324) (2990) قال: حدثنا حسين بن حسن الأشقر. و «الترمذي» (3240) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا محمد بن الصلت.
كلاهما -حسين ومحمد بن الصلت - قالا: حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب،عن أبي الضحى. فذكره.(2/342)
سورة حم: المؤمن
793 - (خ) (العلاء بن زياد - رحمه الله - (1) : كان يُذَكِّرُ بالنَّارِ (2) ، فقال [ص:343] رجلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ الناسَ؟ قال: وأنا أقدِرُ أنْ أُقَنِّط الناسَ، والله يقول: {يا عبادِيَ الذين أَسْرَفوا على أنفُسهم لا تَقْنَطُوا من رحمةِ اللَّه} [الزمر: 53] ويقول: {وأَنَّ المُسْرفين هُم أَصحابُ النارِ} [غافر: 43] ولكِنَّكم تُحبون أن تُبَشَّروا بالجنة على مَساوِئِ أعْمالِكم، وإِنما بعَثَ الله- عز وجل- محمداً صلى الله عليه وسلم مُبشِّراً بالجنة لِمَن أَطاَعَهُ، ومُنذِراً بالنار لمن عَصاهُ.
ذكره البخاري، ولم يذكر له إسناداً (3) .
__________
(1) هو أبو نصر العلاء بن زياد بن مطر العدوي البصري، تابعي ثقة زاهد، قليل الحديث، قال الحافظ: ليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع، ومات قديماً سنة أربع وتسعين.
(2) أي: يخوفهم بها.
(3) 8 /426 في تفسير سورة حم المؤمن.(2/342)
سورة حم: السجدة
794 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: اجتَمعَ عند البيتِ ثلاثةُ نَفرٍ: ثَقَفِيَّانِ، وقُرَشِيٌّ (1) ، أوْ قُرَشِيَّانِ، وثَقَفِيٌّ، كثيرٌ شَحْمُ بُطونِهِم، قليلٌ فِقْهُ قلوبهم، فقال أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ الله يَسْمَعُ ما نقُولُ؟ فقال الآخرُ: يَسْمع إِنْ جَهَرْنا، ولا يسمع إِنْ أَخْفَيْنا، وقال الآخرُ: إنْ كان يَسْمَعُ إذا جَهرنا، فهو يسْمعُ إذا أَخفَيْنا، فأنزل الله عز وجل {وما كنتُم تَستَتِرُونَ أَن يشهدَ [ص:344] عليكم سمعُكم ولا أَبصارُكم ... } الآية [فُصِّلت: 22] . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (2) .
وللترمذي أيضاً، قال: كنتُ مُسْتَتِراً بأسْتَارِ الكَعْبةِ، فجاء ثلاثَةُ نَفَرٍ، كثيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قليلٌ فقْهُ قُلوبِهِمْ: قُرَشِيٌّ، وخَتَنَاهُ ثَقَفِيَّانِ، أو ثَقَفِيٌّ وخَتَنَاهُ قُرَشِيَّانِ، فتَكَلَّمُوا بِكلام لم أَفْهَمْهُ، فقال أحدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ الله يَسمَعُ كلامنا هذا، فقال الآخرُ: إِنَّا إذا رفَعْنا أَصْواتَنا سَمِعَهُ، وإذا لم نرفعْ أصواتَنا لمْ يسمعه، فقال الآخر: إنْ سَمِعَ منه شيئاً سَمِعَهُ كُلَّهُ، قال عبد الله: فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله {وما كُنتُم تَسْتَتِرُونَ أَنْ يشْهَدَ عليكم سَمْعُكم ولا أَبْصَارُكم ولا جُلُودُكم ولكن ظَنَنْتُم أن اللَّهَ لا يعلمُ كثيراً مما تعملون. وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَننتم بربكم أَرْداكُم فأصْبَحْتُم من الخاسرين} (3) [فُصِّلت: 22، 23] .
__________
(1) البخاري 8 / 431 في التفسير " كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف، أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش في بيت - الحديث ".
قال الحافظ: هذا الشك من أبي معمر راويه عن ابن مسعود، وهو عبد الله بن سخبرة، وقد أخرجه عبد الرزاق من طريق وهب بن ربيعة عن ابن مسعود بلفظ: ثقفي وختناه قرشيان، ولم يشك.
(2) البخاري 8 / 431 في تفسير حم السجدة، باب {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم} ، وباب قوله: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم} ، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم} ، ومسلم رقم (2775) في صفات المنافقين، والترمذي رقم (3245) في التفسير، باب ومن سورة حم السجدة، وقال: حديث حسن صحيح.
(3) الترمذي رقم (3246) وحسنه، وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (3614) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 362 وزاد نسبته لسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في " الأسماء والصفات ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (87) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/143) (4238) قال: حدثنا يحيى، عن سفيان. و «البخاري» (161) قال: حدثنا الصلت بن محمد، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم. وفي (6/161) و (9/186) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (6/161) قال: حدثنا عمرو بن علي. قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان الثوري. و «مسلم» (8/121) قال: حدثنا محمد بن أبي عمر المكي، قال: حدثنا سفيان (ح) وحدثني أبوبكر بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان. و «الترمذي» (3248) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9335) عن محمد بن منصور، عن سفيان ابن عيينة. (ح) وعن محمد بن بشار، عن يحيى، عن سفيان الثوري.
ثلاثتهم - سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وروح بن القاسم -عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (1/381) (3614) و1/426 (4047) و1/442 (4222) . و «الترمذي» (3249) قال: ثنا هناد.
كلاهما - أحمد بن حنبل، وهناد - قالا: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، فذكره.(2/343)
795 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قرأ {إِنَّ الذين قالوا رَبُّنا اللَّهُ ثم استقاموا} [فُصِّلت: 30] قال: قد [ص:345] قال الناسُ، ثم كَفَرَ أكْثَرُهم، فَمنْ مات عليها، فهو مِمَّنِ استقامَ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3247) في التفسير، باب ومن سورة حم السجدة، من حديث عمرو بن علي الفلاس، عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن سهيل بن أبي حازم عن ثابت عن أنس، وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، نقول: وسهيل بن أبي حزم القطعي ضعيف، وذكره ابن كثير 7 / 335 من رواية أبي يعلى الموصلي، وقال: وكذا رواه النسائي في تفسيره، والبزار وابن جرير عن عمرو بن علي الفلاس عن سلم بن قتيبة، عن سهيل بن أبي حزم به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3250) ، والنسائى في الكبرى «تحفة 433» كلاهما عن عمرو بن علي الفلاس، قال: ثنا أبو قيتية مسلم بن قتيبة، قال ثنا سهيل بن أبي حزم القطعي، قال: ثنا ثابت فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.(2/344)
796 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {ادْفَعْ بالتي هي أَحْسَنُ} [فُصِّلت: 34] قال: الصَّبْر عند الغَضَبِ، والعَفْوُ عند الإساءة، فإذا فَعَلوا عَصَمَهُمُ الله،وخَضَعَ لهم عَدُوُّهُم.
ذكره البخاري، ولم يذكر له إسناداً (1) .
__________
(1) 8 / 431 في تفسير حم السجدة، وقد وصله الطبري 24 / 76 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره البخاري تعليقا في التفسير - باب سورة حم السجدة،وقال الحافظ ابن حجر: وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.(2/345)
سورة حم عسق
797 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: سُئِلَ عن قوله تعالى: {إِلا الْمَوَدَّةَ في القُرْبى} [حم عسق: 23] فقال سعيد بن جبير: قُرْبى آل محمدٍ، فقال ابن عباس: عَجِلْتَ، إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن بَطْنٌ من قريش إلا كان له فيهم قَرابةٌ، فقال: إلا أَنْ تَصِلُوا ما بَيْني وبينْكم من القرابة.
أخرجه البخاري، والترمذي، إلا أن الترمذي قال عوضَ «عَجِلتَ» [ص:346] «أعَلمْتَ؟» (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 433 في تفسير حم عسق، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى {إلا المودة في القربى} ، والترمذي رقم (3248) في التفسير، باب ومن سورة الشورى، وفي تفسير هذه الآية أقول أخرى، قال ابن جرير بعد أن سردها: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال: معناه: قل لا أسألكم عليه أجراً يا معشر قريش إلا أن تودوا لي في قرابتي منكم وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم. وقال ابن كثير في تفسيرها: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش: لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونيه، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني، وتذروني أبلغ رسالات ربي، إن لم تنصروني، فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/229 (2024) قال: حدثنا يحيى (ح) وسليمان بن داود. وفي (1/286) (2599) قال: حدثنا محمد بن جعفر. و «البخارى» (4/217) قال: حدثنا مسدد، قال: حثنا يحيى. وفي (6/162) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر. و «الترمذي» (3251) قال: حدثنا بندار، قال: حدثنا محمد ابن جعفر. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (31 57) عن إسحاق بن إبراهيم، عن غندر.
ثلاثتهم - يحيى، وسليمان بن داود، ومحمد بن جعفر غندر عن شعبة، قال: حدثني عبد الملك بن ميسرة، عن طاووس، فذكره.(2/345)
798 - (د) ابن عوْن -رحمه الله -: قال: كنتُ أَسألُ عن الانتصارِ؟ وعن قوله: {وَلَمنِ انْتَصَرَ بعدَ ظُلْمِهِ فأولئك ما عليهم مِنْ سَبيلٍ} [الشورى: 41] فحدَّثني علي بنُ زيد بن جُدعان عن أمِّ مُحَمَّدٍ - امرأة أبيه - قال ابنُ عونٍ: وزَعُموا أَنَّها كانت تدْخُلُ على أُمِّ المؤمنين عائشة، قالت: قالَت عائشة أُمُّ المؤمنين: دخَلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعندنا زينبُ بنت جَحْشٍ، فَجعلَ يَصْنَعُ بيدِه شيئاً (1) ، فقلتُ بيده حتى فَطَّنْتُهُ لها (2) ، فأمْسَكَ، وأقْبَلَتْ زينبُ تُقَحِّمُ لعائشة، فنهاها، فأبَتْ أنْ تنتهيَ، فقال لعائشة: «سُبِّيها» فسَبَّتْها، فَغَلَبَتْها، فانْطَلَقتْ زينبُ إلى عليّ، قالت: إِنَّ عائشَة وقَعتْ بكم (3) ، وفَعلتْ، فجاءتْ [ص:347] فاطمة، فقال لها (4) : إِنَّها حِبَّةُ أَبيك - ورَبِّ الكعبةِ - فانْصَرفَتْ، فقالت لهم: إني قلتُ له كذا وكذا، فقال لي: كذا وكذا، قال: وجاء عليٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلَّمه في ذلك. أخرجه أبو داود (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تقحم) : تعرض لشتمها، وتدخل عليها، ومنه قولهم: فلان تقحم في الأمور: إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية.
(حبة) الحبة بكسر الحاء: المحبوبة، والحب: المحبوب.
__________
(1) أي: جعل النبي صلى الله عليه وسلم يصنع شيئاً بيده من المس ونحوه مما يجري بين الزوج وزوجه.
(2) أي: نبهته إلى وجود زينب، فتنبه.
(3) تعني في بني هاشم، لأن أم زينب: هي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4) أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته.
(5) رقم (4898) في الأدب، باب الانتصار، وعلي بن زيد بن جدعان لا يحتج بحديثه، وأم محمد امرأة زيد بن جدعان مجهولة، فالحديث ضعيف.(2/346)
سورة حم: الزخرف
799 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: {ولَوْلا أنْ يكونَ النَّاسُ أُمَّةً واحدةً} [الزخرف: 33] : لَوْلا أنْ جعل النَّاس كُلَّهُم كُفَّاراً، لَجَعلتُ لبيوتِ الكفارِ سُقُفاً من فضَّةٍ، ومعارجَ من فضَّةٍ - وهي الدُّرُجُ - وسُرُراً من فضَّةٍ ذكره البخاري، ولم يذكرْ له إسناداً (1) .
__________
(1) 8 / 435 في تفسير سورة حم الزخرف، وقد وصله الطبري 25 / 41، وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وهو منقطع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا في التفسبر - باب سورة حم الزخزف. وقال الحافظ في «الفتح» وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.(2/347)
سورة حم: الدخان
800 - (خ م ت) عن مسروق بن الأجدع -رحمه الله -: قال: كُنَّا جلوساً عند عبد الله بن مسعودِ - وهو مُضْطجِعٌ بيننا - فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنَّ قاصًّا عند أبواب كِنْدَة يَقُصُّ، ويَزعمُ: أنَّ آيةَ الدُّخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، وَيأْخُذُ المؤمنين منها كهيئة الزُّكام، فقال عبد الله - وَجلَسَ وهو غَضْبانُ-: يَا أُيُّها الناس، اتقوا الله، مَنْ عَلِمَ منكم شيئاً فلْيَقُلْ بما يعْلَمُ، ومن لا يعْلَمُ، فَلْيَقُل: الله أعلم، فإِنه أَعلمُ لأَحدِكم أنْ يقولَ لما لا يعْلَمُ: الله أعلمُ، فإِن الله تعالى قال لنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عليه من أجْرٍ وما أنا مِن المُتَكلِّفين} [ص: 86] إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا رأَى من الناس إِدْباراً قال: اللهم سَبْعٌ (1) كسَبْعِ يُوسُفَ.
وفي رواية: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً كَذَّبُوه، واسْتعْصَوْا عليه، فقال: اللهم أعِنِّي عليهم بسبعٍ كسبْعِ يُوسف، فأَخذتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شيءٍ، حتى أكلوا الجُلودَ والمَيْتَةَ من الجوع، ويْنظُرُ إلى السماء أحدُهم، فَيرى كهَيْئَةِ الدُّخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إِنَّك جئتَ تأَمرُ بطاعةِ اللهِ [ص:349] وبصِلةِ الرَّحِمِ، وإِنَّ قَوْمَك قد هَلَكوا، فادْعُ الله- عَزَّ وجلَّ - لهم، قال الله تعالى {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم. ربَّنا اكشِفْ عنا العذابَ إنا مؤمنون. أَنَّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسولٌ مُبين. ثم تَولَّوْا عنه وقالوا مُعَلَّمٌ مجنونٌ. إِنَّا كاشِفُوا العَذَابِ قَليلاً إِنَّكُمْ عائدون} [الدخان: 10- 15] قال عبدُ الله: أفَيُكْشَفُ عذابُ الآخرة {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} فالبطشَةُ: يومُ بدرٍ.
وفي رواية قال: قال عبد اللهِ: إنما كان هذا؛ لأن قريشاً لما اسْتَعْصَوا على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بِسِنِينَ كَسِني يوسفَ فأصابهم قَحْطٌ وجَهْدٌ، حتى أكلوا العظامَ، فجعل الرجلُ ينظرُ إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجَهدِ، فأنزل الله عز وجل {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال: فأُتي (2) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسولَ الله، اسْتَسْقِ الله لِمُضَرَ (3) ، فإنها قد هَلَكَتْ. قال: [ص:350] لِمُضَرَ (4) ؟ إنك لجريء فاستسقى لهم، فَسُقُوا، فنزلت: {إنكم عَائدون} فلما أصابهم الرفاهيةُ، عَادُوا إلى حالهم، حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} قال: يعني يومَ بدر.
وفي رواية نحوه، وفيها: فقيل له: إِنْ كَشَفنا عنهم عادوا، فدعا ربَّه فكشف عنهم، فعادوا، فانتقم الله منهم يومَ بدرٍ، فذلك قولُه: {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين - إلى قوله - إنا منتقمون} . هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي مثل الرواية الأولى إلى قوله: {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَان مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال أحد رواتِهِ: هذا كقوله: {ربنا اكشف عنَّا العذابَ} فهل يكشفُ عذابُ الآخرة؟ قد مضى البطشةُ واللِّزامُ والدخانُ، وقال أحدهم: القمر، وقال الآخر: الرومُ واللزام يوم بدرٍ.
وقد أخرج البخاري في أحد طُرقِه هذا الذي ذكره الترمذي.
وفي أخرى للبخاري ومسلم قال: قال عبد اللهِ: خمسٌ قد مَضَيْنَ: [ص:351] الدخانُ، واللِّزامُ، والرومُ، والبطشةُ، والقمرُ (5) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بسبع كسبع) أراد بالسبع: سبع سنين التي كانت في زمن النبي يوسف عليه السلام المجدبة التي ذكرها الله تعالى في القرآن.
(حصت) حلقت واستأصلت.
(قحط) القحط: احتباس المطر.
(جهده) الجهد - بفتح الجيم -: المشقة.
(الرفاهية) : الدعة وسعة العيش.
__________
(1) هذه رواية مسلم، وللبخاري: سبعاً، قال الزركشي: والنصب هو المختار، لأن الموضع، موضع فعل دعاء، فالاسم الواقع فيه بدل من اللفظ بذلك الفعل، والتقدير: اللهم ابعث أو سلط، والرفع جائز على إضمار مبتدأ أو فعل رافع.
(2) كذا بضم الهمزة على البناء للمجهول للجمهور، والآتي المذكور: هو أبو سفيان كما صرح به في الرواية المتقدمة.
(3) إنما قال: لمضر، لأن غالبهم كانوا بالقرب من مياه الحجاز، وكان الدعاء بالقحط على قريش، وهم سكان مكة، فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن أن يطلب الدعاء لهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم، فيذكر بجرمهم، فقال " لمضر ": ليندرجوا فيهم، ويشير أيضاً إلى أن المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم، وقد وقع في الرواية الأخيرة " وإن قومك هلكوا " ولا منافاة بينهما، لأن مضر أيضاً قومه.
(4) أي: أتأمرني أن أستسقي الله لمضر، مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟ !
(5) البخاري 8 / 439 في تفسير حم الدخان، باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ، وفي الاستسقاء، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلها عليهم سنين كسني يوسف "، وباب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط، وفي تفسير سورة يوسف، باب {وروادته التي هو في بيتها عن نفسه} ، وفي تفسير سورة الروم، وفي تفسير سورة ص، ومسلم رقم (2798) في صفات المنافقين، باب الدخان، والترمذي رقم (3251) في التفسير، باب ومن سورة الدخان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه الحميدي (116) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/380) (3613) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (1/431) (4104) قال: حدثنا وكيع، وابن نمير. و «البخاري» (6/96) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (6/156) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير. وفي (6/164) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (6/164) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. وفي (6/165) قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا جرير بن حازم. و «مسلم» (8/131) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، ووكيع (ح) وحدثني أبو سعيد الأشج، قال: أخبرنا وكيع (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى، وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9574) عن أبي كريب، عن أبي معاوية. ستتهم -سفيان، وأبو معاوية، ووكيع، وعبد الله بن نمير، وجرير بن عبد الحميد، وجرير بن حازم - عن الأعمش.
2- وأخرجه أحمد (1/441) (4206) قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة. و «البخاري» (2/37 6، /142) قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سفيان. وفي (6/165) قال: حدثنا بشر ابن خالد، قال: أخبرنا محمد، عن شعبة. «والترمذي» (3254) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الملك بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9574) عن بشر بن خالد، عن محمد بن جعفر، عن شعبة. (ح) وعن محمود بن غيلان، وعن النضر بن شميل، عن شعبة كلاهما -شعبة، وسفيان- عن منصور، والأعمش.
3- وأخرجه البخاري (2/33) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. و «مسلم» (8/130) قال: حدثنا إسحاق إبراهيم. كلاهما - عثمان، وإسحاق - عن جرير، عن منصور.
كلاهما -الأعمش، ومنصور- عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، عن مسروق، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة ويزيد بعضهم على بعض.
* جاء مختصرا من قول عبد الله بن مسعود على: «خمس قد مضين الدخان، واللزام، الروم، والبطشة والقمر» أخرجه البخاري (6/139) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش. وفي (6/164) قال: حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش. وفي (6/166) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش. و «مسلم» (8/132) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش. (ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9576) عن قتيبة، عن عمرو بن محمد، عن سفيان، عن منصور. (ح) وعن شعيب بن يوسف، عن يحيى بن سعيد، عن فطر بن خليفة.
ثلاثتهم -الأعمش، ومنصور، وفطر - عن مسلم بن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله، فذكره موقوفا.(2/348)
801 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُؤمِنٍ إلا وله بابانِ: بابٌ يَصعَدُ منه عَمَلُهُ، وبابٌ ينزلُ منه رِزْقُه. فإذا مات بَكيَا عليه، فذلك قوله: {فما بكَتْ عليهم السماءُ والأَرضُ وما كانوا مُنظرين} » . [ص:352]
أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه (1) .
__________
(1) رقم (3252) في التفسير، باب ومن سورة الدخان، وتمام كلامه: وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث، وقد أورده السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 30 وزاد نسبته لابن أبي الدنيا في " ذكر الموت "، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم في " الحلية "، والخطيب.(2/351)
802 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: «أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: {كالمُهْلِ} [الدخان: 45] كَعَكَرِ الزَّيْتِ، إذا قَرَّبَهُ إلى وجههِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وجهه فيه» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فروة وجهه) فروة الوجه: هي جلدته.
__________
(1) رقم (2584) و (2587) في أبواب صفة جهنم، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، و (3319) في التفسير، باب ومن سورة سأل سائل، ورواه أحمد في " المسند " 3 / 70، 71، وفي سنده رشدين بن سعد أبو الحجاج المصري، وهو ضعيف، ودراج أبو السمح حديثه عن أبي الهيثم ضعيف، وهذا منها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف:
1-أخرجه (3/70) قال: حدثنا حسن، قال: حدثنا ابن لهيعة.
2- إسناده ضعيف:وأخرجه عبد بن حميد (930) قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا ابن المبارك و «الترمذي» (2581، 3322) قال: حدثنا أبو كريب. وفي (2584) قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك. كلاهما - ابن المبارك. وأبو كريب - عن رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث.
كلاهما - ابن لهيعة، وعمرو - عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، فذكره.
وقال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد، ورشدين قد تكلم فيه.(2/352)
سورة حم الأحقاف
803 - (خ) يوسف بن مَاهَكْ (1) - رحمه الله -: قال: كان مَرْوانُ على الحجازِ (2) استعمله مُعاويةُ، فَخَطَبَ فجعل يذكُرُ يزيد بن مُعاوية؛ لكي [ص:353] يُبايعَ له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بْنُ أبي بكرٍ شيئاً (3) ، فقال: خُذوهُ، فدَخلَ بيتَ عائِشَةَ فلم يقدرُوا عليه (4) ، فقال مروانُ: إنَّ هذا الذي أَنزل الله فيه {والذي قال لوالديه أُفٍّ لكُما} [الأحقاف: 17] فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إِلا ما أنزل في سورة النُّورِ من بَرَاءتِي (5) . أخرجه البخاري (6) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أف لكما) أفّ: صوت إذا صَوَّتَ به الإنسان علم أنه متضجر، واللام في (لكما) للبيان، ومعناه: هذا التأفيف لكما خاصة دون غيركما، [ص:354] والمعنى: الكراهية، وقيل: الكلام الغليظ، وقيل: أصل الأف، من وسخ الإصبع إذا فُتل.
__________
(1) بفتح الهاء وبكسرها، ومعناه: القمير، تصغير القمر، ويجوز صرفه وعدمه.
(2) أي: أميراً على المدينة من قبل معاوية.
(3) قال الحافظ في " الفتح ": والذي في رواية الإسماعيلي: فقال عبد الرحمن: ما هي إلا هرقلية، ولابن المنذر: أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم، ولأبي يعلى وابن أبي حاتم من طريق إسماعيل بن أبي خالد: حدثني عبد الله المدني قال: كنت في المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله قد أرى أمير المؤمنين رأياً حسناً في يزيد وأن يستخلفه، فقد استخلف أبو بكر وعمر، فقال عبد الرحمن: هرقلية، إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولد ولا في أهل بيته، وما جعلها معاوية إلا كرامة لولده.
(4) أي: امتنعوا من الدخول خلفه إعظاماً لعائشة. وفي رواية أبي يعلى " فنزل مروان عن المنبر، حتى أتى باب المسجد، حتى أتى عائشة، فجعل يكلمها وتكلمه، ثم انصرف " قاله الحافظ.
(5) أي: الآية التي في سورة النور، في قصة أهل الإفك وبراءتها مما رموها به رضي الله عنها. قال الحافظ: وفي رواية الإسماعيلي: فقالت عائشة: كذب والله ما نزلت فيه. قال ابن كثير: ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، فقوله ضعيف، لأن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان من خيار أهل زمانه.
(6) 8 / 442 و 443 في تفسير سورة الأحقاف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/166) قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك فذكره.(2/352)
804 - (م ت د) علقمة -رحمه الله -: قال: قلت لابن مسعودٍ: هل صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنِّ منكم أحدٌ؟ قال: ما صحبه منَّا أحدٌ، ولكنَّا كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليْلَةٍ فَفقَدناهُ، فالتمسناه في الأودية والشِّعابِ، فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ، أَوِ اغْتِيلَ (1) ، فبِتْنا بشرِّ ليْلَةٍ باتَ بها قومٌ، فلما أَصبحنا إذا هُوَجَاءٍ من قِبلِ حِراءَ، قال: فقُلْنا: يا رسول الله، فَقَدْناكَ، فطلبناكَ، فلم نَجِدْكَ، فَبِتْنا بشَرِّ ليلةٍ باتَ بها قومٌ، قال: «أتَاني داِعي الجِنِّ، فذَهبْتُ معه، فقرأتُ عليهم القرآن» قال: فانطَلقَ بنا، فأرانا آثارهم، وآثار نِيرَانِهمْ (2) ، وسألُوهُ الزَّادَ، فقال: «لكم كلُّ عَظْمٍ ذُكر اسم الله عليه (3) يقع في أيديكم أوْفَرَ ما يكون لَحْماً، وكلُّ بَعْرَةٍ علَفٌ لِدَوَابِّكم» فقال- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فلا تَسْتَنْجوا بهما، فإنهما طعامُ إخوانِكم» . [ص:355]
وفي رواية بعد قوله: «وآثار نيرانِهِم» قال الشعبيُّ: وسألُوهُ الزَّادَ؟ وكانُوا من جِنِّ الجزيرَةِ - إلى آخر الحديث من قول الشعبي مفصَّلاً من حديث عبد الله، هذه رواية مسلم.
وأخرجه الترمذي، وذكر فيه قول الشعبي، كما سبق في هذه الرواية الآخرة، وزاد فيه: أَو رَوْثةٍ.
وفي رواية لمسلم، أَنَّ ابنَ مسعود قال: لم أكن ليلَة الجنِّ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ََوَوَدِدْتُ أَنِّي كنتُ معَهُ، لم يزد على هذا.
وأخرج أبو داود منه طرفاً، قال: قلتُ لعبد الله بن مسعودٍ: «مَنْ كان منكم ليْلَةَ الجن مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما كان معه منَّا أحَدٌ» . لم يزدْ على هذا (4) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(استطير) : استفعل من الطيران، كأنه أخذه شيء وطار به.
(اغتيل) : أُخِذَ غيلة، والاغتيال: الاحتيال.
__________
(1) استطير، أي: طارت به الجن، و " اغتيل " أي: قتل سراً، والغيلة بكسر الغين: هي القتل خفية.
(2) قال النووي: قال الدارقطني: انتهى حديث ابن مسعود عند قوله: " فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم " وما بعده من قول الشعبي، كذا رواه أصحاب داود الراوي عن الشعبي، وابن علية، وابن زريع، وابن أبي زائدة، وابن إدريس وغيرهم. هكذا قاله الدارقطني وغيره. ومعنى قوله: إنه من كلام الشعبي، أنه ليس مروياً عن ابن مسعود بهذا الإسناد، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) قال بعض العلماء: هذا لمؤمنيهم، وأما غيرهم: فجاء في حديث آخر " أن طعامهم: ما لم يذكر اسم الله عليه ".
(4) مسلم رقم (450) في الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح، والترمذي رقم (3254) في التفسير، باب ومن سورة الأحقاف، وأبو داود رقم (85) في الطهارة، باب الوضوء بالنبيذ، ورواه أحمد في " المسند "، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 44 وزاد نسبته لعبد بن حميد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (1/436) (4149) قال: حدثنا إسماعيل (ح) وابن أبي زائدة. و «مسلم» (2/36) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى. (ح) وحدثنيه علي بن حجر السعدي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. و «أبو داود» (85) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب. «والترمذي» (3258) قال: حدثنا علي بن حجر، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) 9463 عن أحمد بن منيع، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. و «ابن خزيمة» 82 قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى. (ح) وحدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب. ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعبد الأعلى، وعبد الله بن إدريس، ووهيب عن داود أبي هند، عن عامر.
2- وأخرجه مسلم 2/37 قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن خالد، عن أبي معشر عن إبراهيم.
كلاهما - عامر الشعبي، وإبراهيم - عن علقمة، فذكره.
(*) رواية وهيب مختصرة على: «عن علقمة قال: قلت: لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ فقال: ما كان معه منا أحد» .
(*) ورواية إبراهيم مختصرة على: «عن عبد الله قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وودت أني كنت معه» .(2/354)
سورة الفتح
805 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً [ص:356] مبيناً} [الفتح: 1] قال: الحُدْيبِيَةُ (1) ، فقال أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: هَنيئاً مَريئاً، فَمالنا؟ فأنزل الله عز وجل: {لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَناتٍ تجري من تحتها الأنهار} [الفتح: 5] قال شعبةُ: فقَدِمْتُ الكوفةَ، فحدَّثتُ بهذا كُلِّه عن قتادة، ثم رجَعتُ فذكرتُ له، فقال: أَمَّا {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً} فَعنْ أنسٍ، وأما «هنيئاً مريئاً» فَعنْ عِكْرِمَةَ. هذه رواية البخاري (2) .
وأخرجه مسلم عن قَتادة عن أنس قال: لما نزلتْ {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً. ليغفر لَكَ اللَّهُ ما تقدَّمَ من ذنبك وما تأَخَّر ويُتمَّ نعمته عليك ويَهديَك صراطاً مستقيماً. ويَنْصُرَك اللَّه نصراً عزيزاً. هو الذي أنزل السَّكينةَ في قُلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً معَ إيمانهم وللَّه جنُودُ السموات والأرض وكان اللَّه عليماً حكيماً. لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويُكفِّرَ عنهم سَيِّئاتهم وكان ذلك عند اللَّه فَوزاً عظيماً} [الفتح: 1-5] مَرْجِعهُ من الحديبية - وهم يُخَالِطُهُم الحزنُ والكآبةُ [ص:357] وقد نَحَر الهديَ بالحُدَيْبِية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أُنزِلَتْ عليَّ آيةٌ هي أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعاً» .
وأخرجه الترمذي عن قتادة عن أنس قال: أُنزِلَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم {ليغفرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقدَّمَ من ذنبك وما تأَخَّرَ} مرجِعَهُ من الحديبية، فقال النبي: «لقد أُنزلت عليَّ آيةٌ أحَبُّ إليَّ مِمَّا على الأرضِ» ، ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئاً مريئاً، يا رسولَ الله، لقد بَيَّنَ الله لك ما يُفعَل بك، فماذا يُفعَل بنا؟ فنزلت عليه {لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار - حتى بَلَغَ - فوزاً عظيماً} (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الهدي) : ما يهديه الحاج أو المعتمر إلى البيت الحرام من النعم لينحره بالحرم.
__________
(1) الحديبية: بالتخفيف، وكثير من المحدثين يشددونها، والصواب تخفيفها، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر عند الشجرة التي بايع الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، أو بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، بينها وبين مكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل، وسمي ما وقع في الحديبية فتحاً، لأنه كان مقدمة الفتح وأول أسبابه.
(2) قال الحافظ: أفاد هنا أن بعض الحديث عن قتادة عن أنس، وبعضه عن عكرمة، وقد أورده الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن شعبة، وجمع في الحديث بين أنس وعكرمة وساقه مساقاً واحداً.
(3) البخاري 7 / 347 في المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي تفسير سورة الفتح، باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، ومسلم رقم (1786) في الجهاد، باب صلح الحديبية، والترمذي رقم (3259) في التفسير، باب ومن سورة الفتح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1- أخرجه أحمد (3/122) قال: حدثنا يزيد. وفي (3/134) قال: حدثنا بهز. وفي (3/252) قال: حدثنا عفان. و «مسلم» (5/176) قال: حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا أبو داود. أربعتهم - يزيد بن هارون، وبهز بن أسد، وعفان، وأبو داود - عن همام بن يحيى.
2- وأخرجه أحمد (3/197) ، الترمذي (3263) قال: حدثنا عبد بن حميد. كلاهما - أحمد، وعبد - قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر.
3-وأخرجه أحمد (3/173) قال: حدثنا حجاج، قال: حدثني شعبة.
4- وأخرجه أحمد (3/215) قال: حدثنا محمد بن بكر (ح) وحدثنا عبد الوهاب. و «مسلم» 5/176 قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا خالد بن الحارث. ثلاثتهم - ابن بكر، وعبد الوهاب، وخالد - عن سعيد بن أبي عروبة.
5- وأخرجه عبد بن حميد (1188) ، ومسلم (5/176) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يونس ابن محمد، قال: حدثنا شيبان بن عبد الرحمن.
6-وأخرجه مسلم (5/176) قال: حدثنا عاصم بن النضر التيمي، قال: حدثنا معتمر، قال: سمعت أبي (سليمان التيمي) .
ستتهم -همام، ومعمر، وشعبة، وسعد، وشيبان، وسليمان- عن قتادة، فذكره ولفظ البخاري أخرجه (4172) قال ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عثمان بن عمر. وفي (34 48) قال: ثنا محمد بن بشار، ثنا غندر كلاهما - عثمان بن عمر، وغندر - قال عثمان: وأخبرنا، وقال غندر: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، فذكره.(2/355)
806 - (خ ط ت) أسلم - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يسيرُ في بعض أسفاره (1) - وعُمر بنُ الخطابِ يسيرُ معهُ ليلاً - فسأله عمرُ [ص:358] عن شيء؟ فلم يُجِبْهُ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ، نَزَرْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ مَراتٍ، كلُّ ذلك لا يُجيبُكَ، قالَ عمرُ: فَحَرَّكتُ بعيري، حتى تقدَّمتُ أمامَ النَّاسِ، وخَشيتُ أنْ ينزلَ فيَّ قُرآنٌ، فما نَشِبْتُ أنْ سَمِعتُ صَارخاً يَصْرُخُ بي، فقلت: لقد خشيِتُ أن يكون قد نزلَ فِيَّ قرآن، فجئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّمت عليه، فقال: لقد أُنزِلت عليَّ الليلةَ سورةٌ، لهيَ أحبُّ إليَّ مما طلَعَتْ عليه الشمسُ، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً} أخرجه البخاري، والموطأ هكذا.
وأخرجه الترمذي عن أسْلَمَ، قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: كُنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسْفَارِهِ ... الحديث (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نزرت) فلاناً: إذا ألححت عليه في السؤال.
(فما نشبت) أي ما لبثت.
__________
(1) قال الحافظ: هذا السياق صورته الإرسال، لأن أسلم لم يدرك زمان هذه القصة، لكنه محمول على أنه سمعه من عمر، بدليل قوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري ... إلى آخره، وإلى ذلك أشار القابسي، وقد جاء من طريق أخرى: سمعت عمر، أخرجه البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك، ثم قال: لا نعلم رواه عن مالك هكذا، إلا ابن عثمة وابن غزوان. انتهى. ورواية ابن غزوان - وهو عبد الرحمن أبو نوح المعروف بقراد - قد أخرجها أحمد عنه، واستدركها مغلطاي على البزار ظاناً أنه غير ابن غزوان، وأورده الدارقطني في " غرائب مالك " من طريق هذين، ومن طريق يزيد بن أبي حكيم ومحمد بن حرب وإسحاق الْحُنَيْنِيِّ أيضاً، فهؤلاء خمسة رووه عن مالك بصريح الاتصال، قال الحافظ: وجاء في رواية الطبراني من طريق عبد الرحمن بن أبي علقمة عن ابن مسعود أن السفر المذكور هو عمرة الحديبية، وكذا في رواية معتمر عن أبيه [ص:358] عن قتادة عن أنس قال: لما رجعنا من الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة فنزلت. قال: واختلف في المكان الذي نزلت فيه: فوقع عند محمد بن سعد بضجنان، وعند الحاكم في " الإكليل " بكراع الغميم، وعن أبي معشر بالجحفة، والأماكن الثلاثة متقاربة.
(2) البخاري 8 / 447 و 448 في تفسير سورة الفتح، باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي فضائل القرآن، باب فضل سورة الفتح، والموطأ 1 / 203 و 204 في القرآن، باب ما جاء في القرآن، والترمذي رقم (3257) في التفسير، باب ومن سورة الفتح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك (الموطأ) صفحة (144) . وأحمد 1/31 (209) قال: حدثنا أبو نوح. و «البخاري» 5/160 قال: حدثني عبد الله بن يوسف. وفي (6/168) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة،. وفي 6/232 قال: حدثنا إسماعيل. و «الترمذي» 3262 قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10387) عن محمد بن عبد الله المخرمي، عن عبد الرحمن بن مهدي
ستتهم - أبو نوح، وعبد الله بن يوسف، وعبد الله بن مسلمة، وإسماعيل بن أبي أويس، ومحمد بن خالد، رابن مهدي - عن مالك، عن زيد بن أسلم عن أبيه، فذكره.(2/357)
807 - (م ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّ ثمانِينَ رجُلاً مِنْ أهْلِ مَكَّةَ، هَبَطُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من جَبَل التَنْعِيمِ مُسَلَّحِينَ - يُرِيدُونَ غِرَّةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (1) - فأخَذَهم سلْماً، فاسْتَحْياهُم، وأنْزَلَ اللهُ عزَّ وجل: {وهو الذي كفَّ أَيديَهُمْ عنكم وأيدَيكم عنهم بِبَطْنِ مكة من بعد أنْ أظْفَرَكم عليهم} [الفتح: 24] هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي، أَنَّ ثمانِينَ نزلُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الصبح؛ يُرِيدونَ أَنْ يقْتُلُوهُ، فأُخِذُوا، فأَعتقهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله {وهو الذي كفَّ أَيديَهُمْ عنكم وأيدَيكم عنهم ... } الآية.
وأخرجه أبو داود بنحوه من مجموع الروايتين (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مسلحين) قوم مسلحون، أي: معهم سلاح.
(غِرَّة) الغرة: الغفلة.
(استحياهم) : استبقاهم ولم يقتلهم.
(سِلماً) - السِّلْم بكسر السين وفتحها: الصلح، وهو المراد في الحديث، على ما فسره الحميدي في غريبه، وكذا يكون قد رواه بدليل شرحه. [ص:360] وقال الخطابي: إنه السلم - بفتح السين واللام -يريد به الاستسلام والإذعان، ومنه قوله تعالى: {وأَلْقَوْا إليكم السَّلَمَ} أي: الانقياد.
والذي ذهب إليه الخطابي هو الأشبه بالقصة، فإنهم لم يؤخذوا عن صلح وإنما أخذوا قهراً، فأسلموا أنفسهم عجزاً، على أن الأول له وجه، وذلك: أنه لم يَجْرِ لهم معهم حرب، إنما صالحوهم على أن يؤخذوا أسرى ولا يقتلوهم، فسمي الانقياد إلى ذلك صلحاً. وهو السِّلم، والله أعلم.
__________
(1) أي: يريدون أن يصادفوا منه ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم ليتمكنوا من غدرهم والفتك بهم.
(2) مسلم رقم (1808) في الجهاد، باب قوله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم} ، والترمذي رقم (3260) في التفسير، باب ومن سورة الفتح، وأبو داود رقم (2688) في الجهاد، باب في المن على الأسير بغير فداء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/122، 124) قال: حدثنا يزيد. وفي (3/290) قال: حدثنا عفان و «عبد بن حميد» (1208) قال: حدثنا سليمان بن حرب. و «مسلم» (5/195) قال: حدثني عمر بن محمد الناقد، قال: حدثنا يزيد بن هارون. و «أبو داود» (2688) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. و «الترمذي» (3264) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثني سليمان بن حرب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف 390» عن أبي بكر بن نافع، عن بهز، وفيه أيضا عن إسحاق بن إبراهيم، عن عفان.
خمستهم - يزيد بن هارون، وعفان، وسليمان، وموسى، وبهز - عن حماد بن سلمة، عن ثابت، فذكره.(2/359)
808 - (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه -: عن النبي صلى الله عليه وسلم {وألْزَمَهم كلمةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قال: «لا إله إلا الله» .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3261) في التفسير، باب ومن سورة الفتح، وفي سنده ثوير بن أبي فاختة، وهو ضعيف، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الحسن بن فزعة، قال: وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فلم يعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي (3265) وعبد الله بن أحمد (5/138) قالا: ثنا الحسن بن قزعة، قال: ثنا سفيان بن حبيب، عن شعبة، عن ثوير، عن أبيه،عن الطفيل فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة وقال:وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فلم يعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.(2/360)
سورة الحجرات
809 - (خ س ت) عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -: قال: قَدِمَ رَكْبٌ من بني تَميمٍ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أَبو بكْرٍ: أَمِّر الْقَعْقَاعَ ْبنَ مَعْبَد بنِ زُرَارة، وقال عمر: أَمِّر الأقْرَعَ بنَ حابسٍ، فقال أبو بكرٍ: ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي (1) ، وقال عمر: ما أردتُ خِلافَكَ، فَتَمارَيا، حتى [ص:361] ارْتَفَعَتْ أصواتُهُما، فنزل في ذلك: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تُقدِّمُوا بين يَدي اللَّه ورَسُولِه واتَّقُوا اللَّه إن اللَّه سميع عليم} [الحجرات: 1] .
وفي رواية: قال ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: كادَ الْخَيِّرَان أنْ يَهْلكا: أَبُو بكرٍ، وعُمَرُ، لمَّا قَدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفدُ بني تميم، أشَارَ أحَدُهُما بالأقْرَعِ بن حابِس الْحَنْظَلِيِّ، وأشار الآخر بغيره، ثم ذكره نحوه، ونزولَ الآية (2) . ثم قال: قال ابن الزبير: فكان عمرُ بعدُ إذا حدَّثَ بحديثٍ حدَّثَهُ كأخي السِّرارِ، لم يُسْمِعْهُ حتى يسْتَفهِمَهُ.
وفي أخرى نحوه، وفيه قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه، ولم يذكرْ ذلك عن أبيه، يعني: أبا بكرٍ الصِّديق. أخرجه البخاري، وأخرج النسائي الرواية الأولى.
وأخرجه الترمذي قال: إِنَّ الأقْرَعَ بنَ حابسٍ قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله، استعْمِلْهُ على قومه، فقال عمر: لا تستعْمِلْهُ [ص:362] يا رسول الله، فتكلَّما عند النبي صلى الله عليه وسلم، حتى علَتْ أصواتُهُما، فقال أبو بكرٍ لعُمر: ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي، فقال: ما أردتُ خِلافَكَ، قال: فنزلت هذه الآية: {يا أيُّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوقَ صوتِ النبي} [الحجرات: 2] قال: فكان عمرُ بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم: لم يُسْمِعْ كلامَهُ، حتى يسْتَفْهِمَهُ. وما ذكرَ ابنُ الزُّبَيْرِ جدَّه: يعني أبا بكرٍ.
وقال الترمذي: وقد رواه بعضُهم عن ابن أبي مُلَيْكَةَ مرْسَلاً، ولم يذكر ابنَ الزبير (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتماريا) التماري: المجادلة والمنازعة في الكلام.
(كأخي السِّرار) أي كلاماً كمثل المساررة بخفض صوته، والكاف، صفة لمصدر محذوف، والضمير في «يُسْمعه» راجع إلى الكاف، ولا يسمعه: منصوب المحل بمنزلة الكاف.
__________
(1) ولأحمد " إنما أردت خلافي ".
(2) الآية التي ذكرت في هذا الحديث هي {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} . قال الحافظ في " الفتح " 8 / 453: زاد وكيع كما سيأتي في " الاعتصام " إلى قوله " عظيم "، وفي رواية ابن جريج: فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} إلى قوله {ولو أنهم صبروا} وقد استشكل ذلك، قال ابن عطية: الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الأعراب.
قلت - القائل ابن حجر -: لا يعارض ذلك هذا الحديث، فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير في أول السورة {لا تقدموا} لكن لما اتصل بها قوله: {لا ترفعوا} تمسك عمر منها بخفض صوته، وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم، والذي يختص بهم قوله: {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} .
(3) البخاري 8 / 452 - 454 في تفسير سورة الحجرات، باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} ، وباب {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ، وفي المغازي، باب وفد بني تميم، وفي الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم، والترمذي رقم (3262) في التفسير، باب ومن سورة الحجرات، والنسائي 6 / 226 في القضاء، باب استعمال الشعراء.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (4/4) قال: حدثنا موسى بن داود. وفي (4/6) قال: حدثنا وكيع. و «البخاري» (6/171) قال: حدثنا بسرة بن صفوان بن جميل اللخمي. وفي (9 /120) قال: حدثنا محمد بن مقاتل، قال أخبرنا وكيع. و «الترمذي» (3266) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثا مؤمل بن إسماعيل. أربعتهم - موسى، ووكيع، وبسرة، ومؤمل - عن نافع بن عمر الجمحي.
2- وأخرجه البخارى (5/213) قال: حدثني إبراهيم بن موسى، قال حدثني هشام بن يوسف. وفي (6/172) قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال حدثنا حجاج. و «النسائي» (8/226) قال: أخبرنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا حجاج. كلاهما -هشام، وحجاج - عن ابن جريج.
كلاهما (نافع بن عمر، وابن جريج) عن ابن أبي مليكة (قال ابن جريج: أخبرني ابن أبي مليكة) فذكره.(2/360)
810 - (ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه -: في قوله {إنَّ الّذينَ يُنَادُونَك من وَرَاءِ الحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4] قال: قام رجلٌ، فقال: يا رسول الله، إِنَّ حَمْدي زَيْنٌ، وذَمِّي شَيْنٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك الله [ص:363] عز وجل» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شين) الشين: الذم والعيب.
__________
(1) رقم (3263) في التفسير، باب ومن سورة الحجرات، وقال: هذا حديث حسن، وهو كما قال، فإن له شاهداً يتقوى به عند أحمد 3 / 488 و 6 / 393، 394 من حديث الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، فقال: يا رسول الله، فلم يجبه رسول الله، فقال: يا رسول الله، ألا إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذاك الله عز وجل "، وسنده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي (3267) قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل ابن موسى. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف» (1829) عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، عن أبيه.
كلاهما- الفضل، وعلي بن الحسن، - عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(2/362)
811 - (ت) أبو نَضرة (1) - رحمه الله -: قال: قرأَ أبو سعيد الخدري: {واعْلَمُوا أنَّ فيكم رسولَ اللَّه لو يُطيعُكُمْ في كثيرٍ من الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ (2) } [الحجرات: 7] قال: هذا نبيُّكمْ يُوَحى
إليه، وخِيَارُ أئمَّتِكم (3) لو أَطاعهم في كثير من الأَمرِ لَعَنِتُوا، فكيف بكم اليوم؟. أخرجه الترمذي (4) . [ص:364]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لعنتُّم) العنت: الإثم.
__________
(1) بالنون المفتوحة والضاد الساكنة: المنذر بن مالك بن قطعة - بكسر القاف وسكون الطاء - العبدي العوفي البصري. وثقه أحمد وابن معين، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.
(2) أي: اعلموا أن بين أظهركم رسول الله فعظموه ووقروه وتأدبوا معه، وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم، وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم، ثم بين أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم فقال: {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} أي لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم.
(3) يريد أبو سعيد بخيار الأئمة هنا: الصحابة رضي الله عنهم لو أطاعهم النبي صلى الله عليه وسلم لعنتوا، وقوله: " فكيف بكم اليوم " الخطاب فيه للتابعين، أي كيف يكون حالكم لو يقتدي بكم ويأخذ بآرائكم ويترك كتاب الله وسنة رسوله.
(4) رقم (3265) في التفسير، باب ومن سورة الحجرات، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: هذا حديث غريب حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الترمذي (3269) قال: ثنا عبد بن حميد، قال ثنا عثمان بن عمر، عن المستمر ابن الريان، عن أبي نضرة، فذكره.
وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد القطان عن المستمر بن الريان، فقال: ثقة.(2/363)
812 - (ت د) أبو جبيرة (1) بن الضحاك - رضي الله عنه -: قال: فينا نزلت هذه الآيةُ - بني سَلِمَةَ - قال: قدِمَ علينا رسول صلى الله عليه وسلم - وليس مِنَّا رجلٌ إلا ولَهُ اسْمانِ، أو ثلاثَةٌ - فَجَعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «يا فلان» فيقولون: مَهْ يا رسول الله، إِنه يَغْضَبُ من هذا الاسم، فأُنزِلت هذه الآيةُ {ولا تَنابَزُوا بالألقَابِ بئْسَ الاسْمُ الفسوقُ بعد الإيمانِ} [الحجرات: 11] هذه رواية أبي داود.
وأخرجه الترمذي قال: كان الرَّجلُ منَّا يكونُ له الاسمانِ والثلاثةُ، فَيُدْعَى بِبَعْضِها فعَسَى أنْ يكْرَهَ، قال: فنزلت هذه الآية {ولا تنابَزُوا بالألقَابِ} (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تنابزوا) التنابز: التداعي بالألقاب، والأصل: تتنابزوا، فحذف التاء الأولى، وهو حذف مطرد في العربية.
__________
(1) بفتح الجيم وكسر الباء: ابن خليفة، من بني عبد الأشهل، أخو ثابت بن الضحاك. صحابي. وقيل: لا صحبة له.
(2) الترمذي رقم (3264) في التفسير، باب ومن سورة الحجرات، وأبو داود رقم (4962) في الأدب، باب في الألقاب، وإسناده حسن، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 463، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأخرجه الطبري 16 / 132، وأحمد في " المسند " 5 / 380.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/260) قال: حدثنا إسماعيل. و «أبو داود» (4962) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل،قال: حدثنا وهيب. و «ابن ماجة» (3741) قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. و «الترمذي» (3268) قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري البصري، قال: حدثنا أبو زيد، عن شعبة. (ح) قال: حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف قال: حدثنا بشر بن المفضل و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (11882) عن حميد بن مسعدة، عن بشر بن المفضل.
خمستهم- إسماعيل ووهيب، وعبد الله بن إدريس، وشعبة، وبشر بن المفضل- عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، فذكره.
* وأخرجه أحمد (4/69، 5/380) قال: حدثنا حفص بن غياث،قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري،عن عمومة له، فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأبو جبير،هو أخو ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصاري، وأبوزيد بن سعيد بن الربيع صاحب الهروي بصري ثقة.(2/364)
813 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {وجعلناكم شُعُوباً وقَبائِلَ} [الحجرات: 13] قال: الشعوبُ: القبائِلُ الكبارُ العظامُ، والقبائِلُ: الْبُطُونُ (1) . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الخطابي في " معالم السنن ": الشعوب: " جمع شعب - بفتح الشين - وهي رؤوس القبائل، مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، سموا شعوباً لتشعبهم واجتماعهم، كتشعب أغصان الشجر، والشعب: من الأضداد، يقال: شعب أي: جمع، وشعب أي: فرق، و " قبائل " وهي دون الشعوب، واحدتها قبيلة، وهي كبكر من ربيعة، وتميم من مضر، ودون القبائل: العمائر، واحدتها: عمارة - بفتح العين - وهم كشيبان من بكر، ودارم من تميم، ودون العمائر: البطون، واحدها: بطن، وهم كبني غالب ولؤي من قريش، ودون البطون: الأفخاذ، واحدها: فخذ، وهم كبني هاشم، وأمية من بني لؤي، ثم الفصائل والعشائر، واحدتها: فصيلة وعشيرة، وليس بعد العشيرة حي يوصف.
وقيل: الشعوب: من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل. وقال أبو روق: الشعوب الذين لا يعتزون إلى أحد، بل ينتسبون إلى المدائن والقرى، والقبائل: العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.
(2) 6 / 382، 383 في الأنبياء، باب المناقب، وقول الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} .(2/365)
سورة ق
814 - (خ) مجاهد بن جبر -رحمه الله -: قال ابنُ عباس: أمَرَهُ أن يُسَبِّحَ في أدْبار الصَّلواتِ كلِّها، يعني قوله: {وأَدْبَارَ السُّجُود} [ق: 40] . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 459 في تفسير سورة ق، باب قوله: {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4852) قال: ثنا آدم، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد،قال: فذكره.(2/365)
الذاريات
815 - (د ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: في قوله تعالى {كانوا قليلاً من الليل ما يَهْجَعون} [الذاريات: 17] قال: كانوا يُصَلُّونَ بين المغربِ والعشاء.
زاد في رواية (1) وكذلك {تَتَجافى جنوبهم عن المضاجِع} [السجدة: 16] أخرجه أبو داود (2) .
وقد أخرج الترمذي قْولَه: {تَتَجافى جنوبهم} وهو مذكور في سورة [السجدة: 16] (3) .
__________
(1) هي رواية يحيى بن سعيد القطان.
(2) رقم (1322) في الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، وإسناده قوي.
(3) انظر صفحة 303.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
تقدم برقم 755.(2/366)
سورة الطور
816 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه -: عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنهُ رأى البَيْتَ المعمورَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سبعُونَ ألفَ مَلكٍ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 6 / 219 في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وجدته عن مالك بن صعصعة، وهو جزء من حديث طويل:
صحيح: أخرجه أحمد 4/207قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال حدثنا هشام الدستوائي، وفي (4/208) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا همام بن يحيى. وفي (4/210) قال: حدثنا محمد بن جعفر،.قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة. وفي (4/120) قال: حدثنا محمد بن بكر. قال: أخبرنا سعيد. و «البخاري» (4/133، 185 و199و5/66) قال: حدثنا هدبة بن خالد. قال: حدثنا همام بن يحيى وفي (4/133) قال البخاري:وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع. قال: حدثا سعيد وهشام. و «مسلم» (1/103) قال: حدثنا محمد بن المثني. قال: حدثنا ابن أبي عدي.، عن سعيد. وفي (1/104) قال:حدثنا محمد بن المثنى. قال: حدثنا معاذ بن هشام. قال: حدثني أبي. و «الترمذي» (3346) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة. والنسائي» 1/217 قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم. قال:حدثنا يحيى بن سعيد. قال: حدثنا هشام الدستوائي. وفي الكبرى (305) قال: حدثنا إسماعيل بن مسعود. قال: حدثنا يزيد بن زريع. قال: حدثنا هشام، يعني ابن أبي عبد الله وسعيد. و «ابن خزيمة» (301) ،قال:حدثنا محمد بن بشار بندار، قال: حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة وفي (302) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال حدثنا همام بن يحيى العوذي ثم المحملي.
أربعتهم - هشام،وشيبان، وهمام، وابن أبي عروبة - عن قتادة، عن أنس ابن مالك، فذكره.(2/366)
817 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِدْبارُ النُّجُوم: الركَعَتان قَبْل الفجر، وأَدْبَارُ السُّجُودِ: الركعَتان بعد المغربِ» . [ص:367] أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3271) في التفسير، باب ومن سورة الطور، وفي سنده رشدين بن كريب، وهو ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي (3275) قال: ثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن رشدين بن كريب، عن أبيه فذكره.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب وسألت محمد بن إسماعيل عن محمد ورشدين بن كريب أيهما أوثق؟ قال: ما أقربها، ومحمد عندي أرحج. قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا؟ فقال: ما أقربهما عندي، ورشدين بن كريب أرجحهما عندي. قال: والقول عندي ما قال أبو عبد الله، ورشدين أرجح من محمد وأقدم، وقد أدرك رشدين ابن عباس ورآه.(2/366)
سورة النجم
818 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه -: في قوله تعالى {فكانَ قابَ قوسَيْنِ أَو أَدْنَى} [النجم: 9] وفي قوله تعالى: {ما كَذَبَ الْفُؤَادُ ما رَأَى} [النجم: 11] وفي قوله تعالى: {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} [النجم: 18] قال: فيها كُلهَا: رَأَىَ جبريلَ عليه السلام، له ستمائة جَناح - زادَ في قوله تعالى: {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} أي جبريل في صورته. كذا عند مسلم.
وعند البخاري في قوله تعالى: {فكانَ قابَ قوسَيْنِ أَو أَدْنَى (1) . فأَوْحَى إلى عبدِه ما أَوْحَى} قال: رأَى جبريلَ له ستمائة جناح. [ص:368]
ولمْ يذكر في سائر الآيات هذا، ولا ذكر منها غير ما أَوْرَدْنَا.
وفي رواية الترمذي: {ما كذبَ الفؤادُ ما رأَى} قال: رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ في حُلَّةٍ من رَفْرَفٍ قد مَلأ ما بين السَّماءِ والأرض.
وللبخاري، والترمذي في قوله: {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} قال: رأَى رَفْرفاً أَخْضرَ سَدَّ أُفُقَ السماءِ (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قاب قوسين) قاب الشيء: قدره، والمعنى: فكان قرب جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين عربيتين، وقيل: قاب القوس: صدرها، حيث يشد عليه السير.
(رفرف) يقال: لأطراف الثياب والبسط وفضولها: رفارف ورفرف السحاب: هيدبه.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 469: و " القاب ": ما بين القبضة والسية من القوس، قال الواحدي: هذا قول جمهور المفسرين: أن المراد: القوس التي يرمى بها، قال: وقيل المراد بها: الذراع، لأنه يقاس بها الشيء، قلت: (القائل ابن حجر) وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح، فقد أخرج ابن مردويه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: " القاب: القدر، والقوسان: الذراعان " ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمى بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية، فكان يقال مثلاً: قاب رمح ونحو ذلك. وقد قيل إنه على القلب، والمراد: فكان قاب قوس، لأن القاب: ما بين المقبض إلى السية، ولكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته، وقوله " أو أدنى ": أي أقرب، قال الزجاج: خاطب الله العرب بما ألفوا، والمعنى: فيما تقدرون أنتم عليه، والله تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه، لا تردد عنده، وقيل " أو " بمعنى " بل " والتقدير: بل هو أقرب من القدر المذكور.
(2) البخاري 8 / 469 في تفسير سورة النجم، باب {فكان قاب قوسين أو أدنى} ، وباب قوله تعالى {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ومسلم رقم (173) في الإيمان، باب ذكر سدرة المنتهى، والترمذي رقم (3279) في التفسير، باب ومن سورة النجم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (1/398) (3780) قال: حدثنا حسن بن موسى.، قال: حدثنا زهير. و «البخارى» (4/140) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي (6/176) قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا عبد الواحد. (ح) وحدثنا طلق بن غنام، قا ل: حدثنا زائدة. و «مسلم» (1/109) قال: حدثني أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا عباد، وهو ابن العوام. (ح) وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، وقال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة. و «الترمذي» (3277) قال: أخبرنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا عباد بن العوام. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9205) عن أحمد بن منيع، عن عباد بن العوام. وفي (9217) عن محمد بن منصور، عن سفيان. ثمانيتهم - زهير، وأبو عوانة، عبد الواحد بن زياد، وزائدة، وعباد بن العوام، وحفص بن غياث، وشعبة، وسفيان - عن أبي إسحاق الشيباني.
2- وأخرجه أحمد (1/ 412) (3915) قال: حدثنا عفان. وفي (4601) (96 43) قال: حدثنا حسن ابن موسى. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9216) عن يحيى بن حكيم، عن يحيى بن سعيد. ثلاثتهم - عفان، وحسن، ويحيى -عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة.
كلاهما، أبو إسحاق الشيباني، وعاصم بن بهدلة - عن زر بن حبيش فذكره.(2/367)
819 - (م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {ما كذبَ الفُؤَادُ ما رأَى} {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى} [النجم: 11 - 13] قال: [ص:369] رآه بفؤاده، مرَّتينِ (1) .
وفي رواية قال: رآه بقلبه، ولقد رآه نزلة أُخرى هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي قال: رأى محمدٌ ربَّه، قال عكرمة: قلتُ: أليسَ الله يقول: {لا تُدْرِكُهُ الأَبصارُ وهو يُدْركُ الأَبصارَ} [الأنعام: 103] قال: ويْحَكَ، ذاكَ إذا تَجَلَّى بنوره الذي هو نورُهُ، وقد رأى رَبَّهُ مرتين.
وفي أخرى له: {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى. عند سِدرةَ المنتهى} ، {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، {فكان قابَ قوسين أو أدْنَى} قال ابن عباس: قد رآه صلى الله عليه وسلم.
وله في أخرى {ما كذب الفؤاد ما رأى} قال: رآه بقلبه (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سدرة المنتهى) : السدر: شجر النبق. والمنتهى: الغاية التي ينتهي إليها علم الخلائق.
__________
(1) هذا الخبر وما ماثله يقيد الأخبار المطلقة التي جاءت عن ابن عباس في الرؤية، فيجب حمل مطلقها على مقيدها، قال الحافظ: وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء عن ابن عباس قال: لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه إنما رآه بقلبه.
(2) مسلم رقم (176) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {ولقد رآه نزلة أخرى} ، والترمذي رقم (3275) و (3276) و (3277) في التفسير، باب ومن سورة النجم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/223) (1956) قال: حدثنا أبو معاوية. و «مسلم» (1/109) قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو سعيد الأشج جميعا، عن وكيع وفي (1/110) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (5423) عن أبي كريب، عن أبي معاوية عن الحسين بن منصور، عن عبد الله بن نمير.
أربعتهم- أبو معاوية، ووكيع، وحفص، وعبد الله - عن الأعمش، عن زياد بن الحصين أبي جهمة، عن أبي العالية، فذكره.
والرواية الأخرى: أخرجها مسلم (1/ 109) قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا حفص، عن عبد الملك، عن عطاء، فذكره.
* ورواية الترمذي المذكورة أخرجها الترمذي (3281) قال: ثنا عبد بن حميد، قال: ثنا عبد الرزاق، وابن أبي رزمة، وأبونعيم، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، فذكره.
* والرواية الثانية: أخرجها الترمذي (3280) قال: ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، فذكرة.(2/368)
820 - (م) أبوهريرة - رضي الله عنه - قال: {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى} قال: رأى جبريل عليه السلام. أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (175) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {ولقد رآه نزلة أخرى} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (1/109) قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا علي بن مسهر، عن عبد الملك، عن عطاء، فذكره.(2/369)
821 - (ت) الشعبي -رحمه الله -: قال: لقِيَ ابنُ عباسٍ كعْباً بعَرفَة، فسألَهُ عن شيء، فكبّرَ، حتى جاوبَتْهُ الجبالُ، فقال ابن عباس: إنَّا بنُو هاشمٍ، فقال كعبٌ: إِن الله قَسَمَ رُؤيَتَهُ وكلاَمه بين مُحمَّدٍ وموسى، فكلَّمَ موسى مرتين، ورآه محمد مرتين، قال مسروق: فدخلتُ على عائشة - رضي الله عنها -، فقلتُ: هل رأَى محمدٌ ربَّهُ؟ فقالت: لقد تكلَّمْتَ بشيءٍ قَفَّ له شَعري، قُلتُ: رويداً، ثم قرأتُ {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} فقالت: أيْن يُذْهَبُ بِكَ؟ إنما هو جبريل، مَن أخبَركَ أنَّ محمداً رأى ربَّهُ، أو كَتَم شيئاً ممَّا أُمِرَ به، أو يعلمُ الْخَمْسَ التي قال الله: {إنَّ اللَّه عنده علمُ الساعَةِ وينزِّلُ الغَيْثَ} [لقمان: 34] فقد أعظَمَ الفِرْيَة، ولكنه رأى جبريلَ، لم يره في صورِتِه إلا مرتين: مرة عند سِدرةِ المنتهى، ومرةَ في جيادٍ (1) له سِتُّمائَة جَناحٍ، قد سَدَّ الأُفُق. أخرجه الترمذي (2) .
وقد أخرج هو والبخاري ومسلم هذا الحديثَ بأَلفاظٍ أُخرى، تتضمن زيادة، وهو مذكورٌ في كتاب القيامةِ من حرف القاف. [ص:371]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قفَّ له شعري) : إذا سمع الإنسان أمراً عظيماً هائلاً قام شعر رأسه وبدنه، فيقول: قد قف شعري لذلك.
(الفِرية) : الكذب.
(جياد) : موضع بمكة.
__________
(1) ويقال: أجياد: موضع معروف بأسفل مكة، من شعابها.
(2) رقم (3274) في التفسير، باب ومن سورة النجم، وفي سنده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. لكن الحديث ثابت بمعناه من طرق أخرى في " الصحيحين " كما ذكر المؤلف، فقد أخرجه البخاري 8 / 466 و 467 و 468 و 469 في تفسير سورة النجم في فاتحتها، وفي تفسير سورة المائدة، باب {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} ، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} ، وأخرجه مسلم رقم (177) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {ولقد رآه نزلة أخرى} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الترمذي (3278) قال: ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان عن مجالد، عن الشعبي قال: مسروق، فذكره. وقال الترمذي: وقد روى داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق، وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث، وحديث داود أقصر من حديث مجالد.(2/370)
822 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {أفرأَيتُم الَّلاتَ والعُزَّى} [النجم:19] قال: كان الَّلاتُ رجلاً يَلُتُّ سَويقَ الحاجِّ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 470 في تفسير سورة النجم، باب {أفرأيتم اللات والعزى} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4859) قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا أبو الأشهب، ثنا أبو الجوزاء، فذكره.(2/371)
823 - (خ م د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: ما رأيتُ شيئاً أَشبَه باللَّمَمِ مما قال أبو هريرة: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الله كتبَ على ابن آدمَ حَظَّهُ من الزِّنا، أَدْرَكَ ذلك لا مَحالَةَ، فَزِنا العينين النظرُ، وزِنا اللسانِ النُّطْقُ، والنفسُ تَمنَّى وتَشْتهي، والْفَرْجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ» . أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود.
ولمسلم قال: كُتِبَ على ابن آدمَ نصيبُهُ من الزِّنا، مُدْرِكٌ ذلك لا مَحالَةَ، الْعينانِ زِنَاهُما النَّظَرُ، والأُذُنَانِ زناهُمَا الاستماعُ، واللِّسانُ زِناه الْكلامُ، والْيَدُ زِناها البْطَشُ، والرِّجْل زِناها الخُطَا، والْقَلْبُ يَهوى ويَتمنَّى، ويُصَدِّقُ ذلك الْفَرْجُ أو يُكَذِّبُهُ (1) . [ص:372]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اللمم) : صغار الذنوب، وقيل: مقاربة الذنب.
__________
(1) البخاري 10 / 22 في الاستئذان، باب زنى الجوارح دون الفرج، وفي القدر، باب {وحرام [ص:372] على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} ، ومسلم رقم (2657) في القدر، باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا، وأبو داود رقم (2152) في النكاح، باب ما يؤمر به من غض البصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/276) قال: حدثنا عبد الرزاق. و (البخارى) (8/67و156) قال: حدثني محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق. و (مسلم) (8/52) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. قالا: أخبرنا عبد الرزاق. و (أبو داود) 2152 قال: حدثنا محمد بن عبيد. قال: حدثنا ابن عبد الرزاق. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) 13573 عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.
كلاهما - عبد الرزاق، ومحمد بن ثور- عن معمر، قال: أخبرنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
* أخرجه البخاري (678) قال: حدثنا الحميدي. قال: حدثنا سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال: لم أر شيئا أشبه باللمم من قول أبي هريرة..
ورواية مسلم: أخرجها أحمد (2/343) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا حماد بن سلمة. قال: أخبرنا سهيل بن أبي صالح. وفي (2/379) قال: حدثنا قتيبة. قال: حدثنا ليث بن سعد.، عن ابن عجلان، عن القعقاع. وفي (2/536) قال: حدثنا عبد الصمد بن الوارث قال: حدثنا حماد، عن سهيل. و (مسلم) (8/52) قال: حدثنا إسحاق بن منصور. قال: أخبرنا أبو هشام المخزومي. قال: حدثنا وهيب. قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح. و (أبو داود) (2153) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد، عن سهيل بن أبي صالح. وفي (2154) قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم.
كلاهما -سهيل، والقعقاع- عن أبي صالح، فذكره.(2/371)
824 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {الذينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ والفواحِشَ إِلّا اللَّمَمَ (1) } [النجم: 32] قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن تَغْفِر اللهمَّ تَغفِرْ جَمًّا، وأَيُّ عبدٍ لكَ لا أَلمَّا؟» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) قال الطيبي: استثناء منقطع، فإن اللمم ما قل وما صغر من الذنوب، ومنه قولهم: ألم بالمكان: إذا قل لبثه فيه، ويجوز أن يكون " إلا اللمم " صفة، و " إلا " بمعنى " غير " فقيل: هو النظرة والغمزة والقبلة، وقيل: الخطرة من الذنب، وقيل: كل ذنب لم يذكر الله فيه حداً ولا عذاباً.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهاداً بأن المؤمن لا يخلو من اللمم " إن تغفر اللهم تغفر جما " بألف بعد ميم مشددة: أي كثيراً كبيراً، " وأي عبد لك لا ألما " فعل ماض مفرد، والألف للإطلاق، أي: لم يلم بمعصية.
(2) رقم (3280) في التفسير، باب ومن سورة النجم، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
: أخرجه الترمذي (3284) قال: ثنا أحمد بن عثمان البصري، قال: ثنا أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار. عن عطاء،فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق.(2/372)
سورة القمر
825 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: جاء مُشركو قُريشٍ يُخاصِمونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الْقَدَرِ، فنزلت {يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النَّارِ على وُجوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. إنا كلَّ شيءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48، 49] . [ص:373] أخرجه مسلم، والترمذي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (2656) في القدر، باب كل شيء بقدر، والترمذي رقم (3286) في التفسير، باب ومن سورة النجم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/444 و476) قال: حدثنا وكيع. و (البخاري) في خلق أفعال العباد (19) قال: حدثنا أبو نعيم. (ح) وحدثنا قبيصة. و (مسلم) (8/52) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا وكيع. و (ابن ماجة) 83 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع. و (الترمذي) (2157، 3290) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا وكيع.
ثلاثتهم - وكيع، وأبو نعيم، وقبيصة- عن سفيان الثوري، عن زياد بن إسماعيل، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، فذكره.(2/372)
سورة الرحمن
826 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقرأَ عليهم سورة الرحمن، من أَولها إلى آخِرِها، فسَكَتُوا، فقال: «لقد قرأتُها على الجِنِّ ليلةَ الجنِّ، فكانُوا أحسنَ مردوداً منكم، كنتُ كُلَّما أتيتُ على قوله: {فبأيِّ آلاءِ ربِّكما تُكَذِّبان} قالوا: لا بشيء من نِعَمِكَ ربَّنَا نُكَذِّبُ، فَلكَ الحمدُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3287) في التفسير، باب ومن سورة الرحمن، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد، نقول: والوليد مدلس وقد عنعن، وزهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها، ورواه الحاكم 2 / 473 وصححه ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي (3291) قال: حدثنا عبد الرحمان بن واقد، أبو مسلم السعدي، قال حدثنا الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد. قال ابن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي وقع بالشام ليس هو يرى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر قلبوا اسمه - يعني لما يروون عنه من المناكير.
قلت: فيه الوليد بن مسلم، وهو مدلس، وقد عنعن.(2/373)
سورة الواقعة
827 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: في قوله: {وفُرُشٍ مرْفُوعةٍ} [الواقعة: 34] : أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ارتفاعها كما بيْن السماءِ والأرضِ، مسيرةُ ما بيْنِهما خمسمائة عام. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2543) في صفة الجنة، باب ما جاء في صفة أهل الجنة، وأخرجه أحمد 3 / 75، والنسائي وابن أبي حاتم والضياء في صفة الجنة كلهم من حديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه أحمد (3/75) قال:حدثنا حسن، قال:حدثنا ابن لهيعة. و (الترمذي) (2540،3294) قال: حدثنا أبوكريب، قال:حدثنا رشدين بن سعد، وعن عمرو بن الحارث. كلاهما - ابن لهيعة، وابن الحارث - عن دراج أبي السمح، عن أبي الهثم، فذكر هـ. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد.(2/373)
828 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: في قوله: {إِنَّا أنْشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} [الواقعة: 35] إِنَّ مِنَ الْمُنْشَآتِ: الَّلاتِي كُنَّ في الدُّنْيا عَجَائِزَ عُمْشاً رُمْصاً. أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إنشاء) الإنشاء: ابتداء الخلقة
__________
(1) رقم (3292) في التفسير، باب ومن سورة الواقعة من حديث موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان عن أنس وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه الترمذي 3296 قال: ثنا أبو عمار الحسين بن حريث الخزاعي، قال: ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفرعا إلا من حديث موسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث.(2/374)
829 - (ط) عبد الله بن أبي بكر بن [محمد بن] عمرو بن حزمٍ -رحمه الله -: قال: إنَّ في الكتاب الذي كتبه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لِعَمْرو بن حزمٍ: «أن لا يَمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 199 في القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن مرسلاً، وإسناده صحيح، وهو قطعة من كتاب كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أقيال اليمن، وبعث به عمرو بن حزم وبقي بعده عند آله، وقد رواه الحاكم بطوله في " المستدرك " 1 / 395 من طريق الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه عن جده، وصححه هو وابن حبان رقم (793) وصححه غير واحد من الحفاظ.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه الدارمي (1628،1635،1642،2271،2357 2359، 2369، 2370،23716،2376، 2378، 2380) (مقطعا) . والنسائي (8/57) قال: أخبرنا عمرو بن منصور. و (ابن حبان) (8/180) (6525) قال: أخبرنا الحسين سفيان وأبو يعلي وحامد بن محمد بن شعيب، في آخرين.
خمستهم -الدارمي عبد الله بن عبد الرحمان، وعمرو بن منصور الحسن بن سفيان، وأبو يعلي، وحامد ابن محمد، عن الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيي بن حمزة، عن سليمان بن داود الخولاني، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، فذكره.
أخرجه النسائي (8/58) قال: أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي، قال: حدثنا محمد بن بكار بن بلال، قال: حدثنا يحيى،قال:حدثنا سليمان بن أرقم، قال: حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم، عن أبيه، عن جده، فذكره. قال النسائي: وهذا أشبه بالصواب،والله أعلم وسليمان بن أرقم متروك الحديث.
وأخرجه الدارمي (1629) قال: حدثنا بشر بن الحكم. و (ابن خزيمة) 2269 قال: حدثنا عبد الرحمان بن بشر بن الحكم. كلاهما -بشر، وعبد الرحمان - قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه،عن جده، فذكره.
* وأخرجه مالك مالك (الموطأ) 530. والنسائي (8/60) قال: قال الحارث بن مسكين،قراءة عليه وأنا أسمع: عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: الكتاب الذي كتبه رسول الله لعمرو بن حزم في العقول..فذكره. ولم يقل (عن جده) .
* وأخرجه النسائي (8/59) قال: أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن بن شهاب. قال: قرأت كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب لعمرو بن حزم فذكره. لم يذكر 0 أبا بكر بن محمد - ولا (أباه) ولا (جده) .
* وأخرجه النسائي (8/59) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا مروان بن محمد، قال: حدثنا سعيد، وهو بن عبد العزيز، عن الزهري. قال: جاءني أبو بكر بن حزم بكتاب في رقعة من أدم، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. لم يذكر (أباه) ولا (جده) .
* وأخرجه النسائي (8/56) قال: أخبرنا الحسين بن منصور، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب؛ أنه لما وجد الكتاب الذي عند آل عمرو بن حزم، الذي ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب لهم. وجدوا فيه: وفيما هنالك من الأصابع عشرا عشرا.(2/374)
830 - (م) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مُطِرَ الناسُ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَصبحَ من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر (1) ، قالوا: هذه رحمةُ الله، وقال بعضهم: لقد صدقَ نَوْءُ كذا وكذا، فنزلت: [ص:375] هذه الآية: {فلا أُقْسِمُ بمواقِعِ النَّجُومِ. وإِنَّهُ لقَسَمٌ لو تعلمونَ عظِيمٌ. إنَّهُ لقُرآنٌ كريمٌ. في كتَابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمسُّهُ إلَّا المُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالمِينَ. أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أنتمْ مُدْهِنُونَ. وتَجْعلونَ رِزْقَكُمْ أنَّكم تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بمواقع) : مواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها.
__________
(1) المراد: كفر نعمة الله تعالى لاقتصاره على إضافة الغيث للكوكب، وهذا فيمن لا يعتقد تدبير الكوكب. انظر " شرح مسلم " 2 / 60، 61 للنووي.
(2) رقم (73) في الإيمان، باب بيان كفر من قال: مطر بالنوء، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: ليس مراده أن جميع هذا نزل في قولهم في الأنواء، فإن الأمر في ذلك وتفسيره يأبى ذلك، وإنما النازل في ذلك قوله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} والباقي نزل في غير ذلك، ولكن اجتمعا في وقت النزول، فذكر الجميع من أجل ذلك.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (1/60) قال: ثني عباس بن عبد العظيم العنبري، قال: ثنا النضر بن محمد، قال: ثنا عكرمة وهو ابن عمار، قال: ثنا أبو زميل، فذكره.(2/374)
831 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « {وتَجْعَلونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُم تُكَذِّبُونَ} قال: شُكرَكُم، تقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذَا وكذا، وبِنَجْمِ كذا وكذا؟» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3291) في التفسير، باب ومن سورة الواقعة، وأخرجه أحمد في " المسند " 1 / 89 و 108 و 131، وفي سنده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وهو ضعيف، لكنه يتقوى بما قبله فإنه بمعناه، وذكره ابن كثير في التفسير 8 / 208 من رواية أحمد رقم (849) ثم قال: " وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مخول بن إبراهيم النهدي وابن جرير عن محمد بن المثنى عن عبد الله بن موسى وعن يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن أبي بكير، ثلاثتهم عن إسرائيل به مرفوعاً، وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن حسين بن محمد وهو المروزي به. وقال: حسن غريب، وقد رواه سفيان الثوري عن عبد الأعلى ولم يرفعه. وقرأ ابن عباس (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) أخرجه عنه ابن جرير بإسناد صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/89) (677) قال: ثنا أبو سعيد. وفي (1 /108) (849) قال: ثنا حسين بن محمد. و (الترمذي) (3295) قال: ثنا أحمد بن منيع، قال: ثنا الحسين بن محمد. و (عبد الله بن أحمد) (1/131) (1087) قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا يحيى بن أبي بكر.
ثلاثتهم -أبو سعيد، وحسين، ويحيى- عن إسرائيل، عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعن أبي عبد الرحمان، فذكره.
* أخرجه أحمد (1/108) (850) قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا إسرائيل، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمان، عن علي رفعه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث إسرائيل ورواه سفيان الثوري عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي نحوه، ولم يرفعه.(2/375)
سورة الحديد
832 - (م) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: مَا كان بيْنَ إسْلاَمِنا وبيْنَ أنْ عاتَبَنا اللهُ تعالى بقوله: {أَلَمْ يأْنِ للذين آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذكْرِ اللَّه} [الحديد: 16] . إلا أربع سِنين. أخرجه مسلم (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ألم يأن) : ألم يقرب.
(الخاشع) والمنيب: الراجع إلى الله تعالى بالتوبة، وأناب: إذا رجع.
__________
(1) رقم (3027) في التفسير، باب قوله تعالى {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (8/243) قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) 9342 عن هارون بن سعيد. كلاهما - يونس، وهارون - عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، فذكره.(2/376)
833 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيي الأرضَ بعْدَ مَوْتِها} [الحديد: 17] . قال: يُلَيِّنُ الْقُلُوبَ بعد قَسْوَتِها، فيَجْعلُها مُخْبِتَة منيبة، يُحْيي القلوبَ الميِّتَةَ بالعِلْمِ، والحكمةِ، وإِلا فقد عُلِمَ إحياءُ الأرضِ بالمطر مُشاهَدَة. أخرجه (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مخبتة) المخبت: المطمئن.
__________
(1) الذي في " الدر المنثور " 6 / 175 من رواية ابن المبارك عن ابن عباس مختصراً بلفظ: {اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها} قال: يلين القلوب بعد قسوتها.(2/376)
834 - (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: كانت مُلوكٌ بعد عيسى -عليه السلام- بدَّلوا التَّوراةَ والإنجيلَ، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون [ص:377] التوارة والإنجيل، قيل لِمُلوكِهِمْ: ما نجدُ شتماً أَشدَّ من شَتْمٍ يشتمُونا هؤلاء، إنهم يقرؤون {ومَنْ لمْ يحكُمْ بما أنزلَ اللَّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم، فادْعهُم فلْيَقرؤوا كما نَقْرَأُ، ولْيُؤْمِنُوا كَما آمَنَّا، فدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ، وعَرَضَ عليهم القتل أو يترُكوا قراءةَ التَّوراةِ والإنجيلِ، إلا ما بدَّلوا منها، فقالوا: ما تُريدون إلى ذلك؟ دَعُونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابْنُوا لنا أُُسْطُواناً، ثم ارفعونا إليها، ثم أَعطونا شيئاً نرَفعُ به طعامَنا وشرابَنا، فلا نَرِدُ عليكم، وقالت طائفةٌ: دَعُونا نَسيحُ في الأرضِ، ونَهيمُ ونشرَبُ كما يشربُ الوحْشُ، فإن قَدَرْتُم علينا في أَرِضكُم فاقتُلونا، وقالت طائفةٌ منهم: ابْنُوا لنا دوراً في الفَيافِي، ونحتْفِرُ الآبارَ، ونَحْتَرِثُ البُقولَ، ولا نَرِدُ عليكم، ولا نَمُرُّ بكم، وليس أَحدٌ من القبائل إلا ولهُ حميمٌ فيهم، قال: فَفعلوا ذلك، فأنزل الله عز وجل: {ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كتبناها عليهم - إلا ابْتِغاءَ رضوانِ اللَّهِ (1) - فَما رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِها} [الحديد: 27] والآخَرُونَ قالوا: نَتَعَبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلانٌ، ونَسيحُ كما ساحَ فُلانٌ، وهم على شِرْكِهِمْ، ولا عِلْمَ لهم بإِيمانِ الذين اقْتَدَوْا بهم، فَلمَّا بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يَبْقَ منهم إلا قليلٌ، انْحَطَّ رجلٌ من صَوْمَعَتِهِ، وجاءَ سائِحٌ من [ص:378] سياحَتِهِ، وصاحبُ الدَّيْرِ من دَيْرِهِ، فآمنُوا به وصدَّقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يا أيُّها الذين آمنُوا اتَّقُوا اللَّه وآمنوا برسولِهِ يُؤتِكُم كِفْلَيْنِ من رحمته} [الحديد: 28] : أجْرَينِ، بإيمانهم بعيَسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإِيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، وقال: {ويجْعلْ لكم نوراً تمشُونَ بهِ} [الحديد: 28] : القرآن، واتِّباعَهُم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أهلُ الكِتابِ} [الحديد: 29] الذين يَتَشبَّهون بكم {أَلَّا يقدرون على شيءٍ من فَضْلِ اللَّه} ... الآية. أخرجه النسائي (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نهيم) هام في البراري: إذا ذهب لوجهه على غير جادة، ولا طالب مقصد.
(الفيافي) البراري.
__________
(1) فيه قولان: أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله سعيد بن جبير وقتادة. والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، وقوله: {فما رعوها حق رعايتها} أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين. أحدهما: الابتداع في دين الله بما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل. قاله ابن كثير.
(2) 8 / 231 - 233 في القضاء، باب تأويل قول الله عز وجل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، وإسناده قوي، فإن الراوي عن عطاء بن السائب فيه سفيان الثوري، وقد سمع منه قبل أن يختلط، كما نبه على ذلك غير واحد من النقاد، وذكره ابن كثير في تفسيره 4 / 316 عن النسائي وابن جرير ثم قال: وهذا السياق فيه غرابة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه النسائي (8/231-233) قال: نا الحسين بن حريث، قال: نا الفضل بن موسى عن سفيان بن سعيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، فذكره.(2/376)
835 - (خ س) (عائشة - رضي الله عنها -) : قالت: الحمد لله الذي وسعَ [ص:379] سَمْعُهُ الأصواتَ، لقد جاءَتِ المُجادِلَةُ: خَوْلَةُ (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلَّمته في جانِبِ البيتِ، وما أسْمعُ ما تقول، فأنزل الله عز وجل {قد سمع اللَّه قولَ التي تجادِلُكَ في زوجها وتشتكي إلى اللَّهِ ... } إلى آخر الآية. [المجادلة: 1] . أخرجه البخاري والنسائي (2) .
__________
(1) هي خولة بنت ثعلبة، وقيل: بنت حكيم، وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت، وقد مر بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته والناس معه على حمار، فاستوقفته طويلاً ووعظته، وقالت: يا عمر: قد كنت تدعى عميراً، ثم قيل لك: عمر، ثم قيل لك: أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وهو واقف يسمع كلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟ قال: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ !
(2) البخاري 13 / 316 في التوحيد، باب قول الله تعالى: {وكان الله سميعاً بصيراً} تعليقاً، ووصله النسائي 6 / 168 في النكاح، باب الظهار، وأخرجه أحمد في " المسند " 6 / 46، وإسناده صحيح، وصححه الحاكم في " المستدرك " 2 / 481 ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن ماجة رقم (2063) من حديث عروة عن عائشة قالت: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، وإني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 481 وصححه ووافقه الذهبي.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6 /46) قال: حدثنا أبو معاوية. و (عبد بن حميد) (1514) قال: حدثنا إبراهيم بن الأشعث. قال: حدثنا فضيل بن عياض. و (ابن ماجة) (188) قال: حدثنا علي بن محمد. قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (2063) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا محمد ابن أبي عبيدة. قال: حدثنا أبي. و (النسائي) (6/168) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال: أنبأنا جرير. أربعتهم - أبو معاوية، وفضيل بن عياض، وأبو عبيدة بن معن، وجرير - عن سليمان الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، فذكره.
* أما البخاري، فقد أخرجه تعليقا في التوحيد - باب قول الله تعالى: {وكان الله سميعا بصيرا} .(2/378)
836 - (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -) : قال: لما نزلت {يا أيُّها الذي آمنوا إذا ناجيْتُمُ الرَّسولَ فقدِّمُوا بينَ يَدَيْ نجواكُمْ صدقَةً} [المجادلة: 12] قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَرى؟ دينارٌ؟» قلتُ: لا يُطيقُونَه، قال: «فَنِصفُ [ص:380] دينارٍ؟» قلت: لا يُطيقونه، قال: «فَكمْ؟» قلت: شَعيرة (1) ، قال: «إنك لَزهِيدٌ» ، قال: فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا بيْنَ يَدَيْ نَجْواكم صدقاتٍ ... } الآية [المجادلة: 13] ، قال: «فَبِي خَفَّفَ الله عن هذه الأمة» . أخرجه الترمذي (2) .
وفي رواية ذكرها رزين: ما عمل بهذه الآية غيري (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لزهيد) الزهيد: القليل.
__________
(1) يعني وزن شعيرة من ذهب.
(2) رقم (3297) في التفسير، باب ومن سورة المجادلة، أخرجه ابن جرير 28 / 15، وفي سنده علي بن علقمة الأنماري الراوي عن علي، وقد اختلف فيه. قال البخاري: في حديثه نظر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأساً، وقد حسن الترمذي حديثه هذا.
(3) ذكره الحافظ ابن كثير 4 / 326 عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن علي بنحوه، ولم يعزه لأحد.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف: أخرجه عبد بن حميد (90) قال: حدثني ابن أبي شيبة. و (الترمذي) (3300) قال: حدثنا سفيان بن وكيع.
كلاهما -ابن أبي شيبة، وسفيان بن وكيع - قالا: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثني عبيد الله الأشجعي، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي بن علقمة الأنماري، فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذ الوجه.(2/379)
سورة الحشر
837 - (خ م ت د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: حَرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بني النَّضِير وقَطَعَ، وهي البُوَيْرَةُ، فأنزل الله: {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أصُولها فبِإِذْنِ اللَّه ولِيُخْزِيَ الفاسقين} . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبو داود.
وسيجيء لهذا الحديث رواياتٌ في كتاب الغَزَواتِ، من حرف [ص:381] الغين (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 483 في تفسير سورة الحشر، باب قوله تعالى: {ما قطعتم من لينة} ، وفي الحرث والمزارعة، باب قطع الشجر والنخل، وفي الجهاد، باب حرق الدور والنخيل، وفي المغازي، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في دية الرجلين، ومسلم رقم (746) في الجهاد، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، والترمذي رقم (3298) في التفسير، باب ومن سورة الحشر، وأبو داود رقم (2615) في الجهاد، باب الحرق في بلاد العدو.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (685) قال: حدثنا سفيان، عن موسى بن عقبة. (قال سفيان ولم أسمعه منه) و (أحمد) 2/7 (4532) و2/52 (5136) قال: حدثنا عبد الرحمان، قال: حدثا سفيان، عن موسى بن عقبة. وفي 2/80 (5520) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان، عن موسى بن عقبة. وفي (2/86 (5582) قال: حدثنا موسى بن طارق أبو قرة الزبيدي، من أهل زبيد من أهل الحصيب باليمن، عن موسى، يعني ابن عقبة. وفي 2/123 (6054) قال: حدثنا يونس، قال حدثنا ليث وفي (2/140) (6251) قال: حدثنا حجاج وأبو النضر قالا: حدثنا ليث، و (الدارمي) (2463) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد،: حدثنا عقبة بن خالد، قال: حدثنا عبيد الله. و (البخاري) (3/136) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جويرية. وفي 4/76 قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان، عن موسى بن عقبة. وفي (5/113) قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا الليث. وفي (5/113) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا حبان، قال: أخبرنا جويرية بن أسماء. وفي (6/184) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا ليث. و (مسلم) (5/145) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. (ح) وحدثنا سعيد بن منصور، وهناد بن السري، قالا: حدثنا ابن المبارك، عن موسى بن عقبة. (ح) وحدثنا سهل بن عثمان، قال: أخبرني عقبة بن خالد السكوني، عن عبيد الله. و (أبو داود) 2615 قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا اليث، و (ابن ماجة) (2844) قال: حدثنا محمد بن رمح، قال: أنبأنا الليث بن سعد. وفي (2845) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عقبة بن خالد، عن عبيد الله. و (الترمذي) (1552، 3302) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث. و (النسائى) في الكبرى (الورقة /115-ب) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. (ح) وأخبرنا عبد الرحمان بن خالد، حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج، عن موسى بن عقبة. أربعتهم -موسى بن عقبة، والليث بن سعد، وعبيد الله بن عمر، وجويرية بن أسماء - عن نافع، فذكره(2/380)
838 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله الله عز وجل: {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أُصُولها} قال: اللِّينَةُ: النَّخْلَةُ، {ولِيُخْزِيَ الفاسقين} قال: اسْتَنْزلُوهم من حُصونهم، قال: وأُمِرُوا بقَطعِ النَّخْلِ قال: فَحَك (1) ذلك في صُدُورِهْم، فقال المسلمون: قد قطَعْنَا بعْضاً، وتَركْنا بعْضاً، فلَنَسْألنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: هل لنا فيما قَطَعْناهُ من أَجرٍ، وهَلْ علينا فيما تركْنَاهُ من وِزْرٍ؟ فأنزل الله {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أُصُولها ... } الآية. أخرجه الترمذي (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لينة) اللينة: مادون العجوة من النخل، والعجوة: نوع من التمر معروف بالمدينة.
(وزر) الوزر: الحمل والثقل والإثم.
__________
(1) يقال: حك الشيء في نفسي: إذا لم يكن منشرح الصدر به، وكان في قلبه شيء منه من الشك والريب، لتوهمه أنه ذنب أو خطيئة.
(2) رقم (3299) في التفسير، باب ومن سورة الحشر، وإسناده حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ذكره ابن كثير 4 / 333 من رواية النسائي بنحوه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3303) ،و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5488) .
كلاهما -الترمذي، النسائي - عن الحسن بن محمد الزعفراني،قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، فذكره.
* أخرجه الترمذي (3303) قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمان،قال: حدثنا هارون بن معاوية، عن حفص بن غياث، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مرسلا.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.(2/381)
839 - () (كعب بن مالك - رضي الله عنه -) : قال: نَزَلَ قولُهُ تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بأَيْدِيهم وأيْدِي المؤمنين} [الحشر: 2] في اليهود، حين أجْلاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، على أَنَّ لهم ما أقَلَّتْ الإبِلُ من أَمتعتهم، فكانُوا يُخْرِبُونَ الْبيْتَ عن عَتَبَتِهِ وبابِهِ وخَشَبِهِ، قال: فكان نَخْلُ بني النَّضِير لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصة، أعطَاهُ اللهُ إِيَّاها، وخصَّهُ بها. أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكر معناه في حديث طويل أخرجه أبو داود رقم (3004) من حديث الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي سنده محمد بن داود بن سفيان شيخ أبي داود وهو مجهول.(2/382)
840 - (د) محمد بن شهاب الزهري -رحمه الله -: في قوله: {فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ من خَيْلٍ ولا رِكابٍ} [الحشر: 6] قال: صَالَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ فَدَك وقُرى - قد سَمَّاها، لا أحفظُها - وهُو محاصِرٌ قَوْماً آخرين، فأرسَلُوا إليه بالصلح قال: {فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ من خَيْلٍ ولا رِكابٍ} يقول: بغير قتالٍ، قال الزهريُّ: وكانت بنُو النضير للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خالصاً، لم يَفْتَحُوها عَنْوَة، افْتَتحوها عَلى صُلح، فَقسَمَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، لم يُعْطِ الأَنصارَ منها شيئاً، إلا رجلين كانت بهما حاجة. أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أوجفتم) الإيجاف: سرعة السير. [ص:383]
(ركاب) الركاب: الإبل، واحدها: راحلة.
(عنوة) فُتحت المدينة عنوة: إذا أُخذت قهراً من غير صلح.
__________
(1) رقم (2971) في الخراج، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، ورجاله ثقات، لكن لم يذكر الزهري ممن سمعه، فهو منقطع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2971) قال حدثنا محمد بن عبيد، قال ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري فذكره.(2/382)
841 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: إِنَّ أموالَ بني النَّضير مما أفاء الله على رسولِهِ مما لم يُوجف المسلمونَ عليه بخيل ولا رِكاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة - قرى: عُرَينَةَ، وفَدَكَ وكذا وكذا - يُنْفِقُ على أهله منها نَفقَة سَنَتِهم، ثُمَّ يَجْعَلُ ما بَقِيَ في السِّلاح، والكُراعِ عُدَّة في سبيل اللهِ، وتلا {ما أَفاءَ اللَّه على رسوله من أهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وللرسولِ ... } الآية، [الحشر: 7] وقال: استَوعَبَتْ هذه هؤلاءِ، وللفقراء الذين أُخْرِجُوا من ديارهم وأموالهم، والذين تَبَوَّءُوا الدارَ والإِيمانَ من قبلهم، والذين جاءوا من بعدهم، فاسْتَوْعبتْ هذه النَّاسَ، فلم يَبْقَ أَحدٌ من المسلمين، إلا له فيها حّظٌ وحقٌّ، إلا بعض من تَمِلكونَ من أَرِقَّائِكُمْ. أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أرقائكم) الأرقاء: العبيد والإماء، وقوله: «إلا بعض من تملكون من أرقائكم» أراد به: أرقاء مخصوصين، وذلك «أن عمر رضي الله عنه كان يعطي ثلاثة مماليك لبني غفار شهدوا بدراً، لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة [ص:384] آلاف درهم» . قال أبو عبيد: أحسبه إنما أراد بهذا الاستثناء: هؤلاء المماليك الثلاثة حيث شهدوا بدراً.
وقيل: أراد: جميع المماليك، وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك، وقد يوضع البعض موضع الكل، حتى قيل: إنه من الأضداد..
__________
(1) رقم (2965) و (2966) في الخراج، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، واللفظ الذي ساقه المصنف فلفق من الروايتين الأولى: منهما إسنادها صحيح وهي في الصحيحين، والثانية: فيها انقطاع.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الجزء الأول صحيح:
الجزء الأول:
أخرجه الحميدي (22) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو بن دينار ومعمر. و (أحمد) (1/25) (171) قال: حدثنا سفيان، عن عمرو ومعمر. وفي (1/48) (337) قال: حدثنا سفيان، عن عمرو،. (البخاري) 4/46، 6 /184 قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو و (مسلم) (5/151) قال: حدثنا قتيبة بن سعد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. قال إسحاق أخبرنا. وقال الأخرون: حدثنا سفيان، عن عمرو (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن معمر. و (أبوداود) (2965) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة أحمد بن عبدة بن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار. و (الترمذي) (1719) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار. و (النسائي) (7/132) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، يعني ابن دينار. وفي الكبرى (الورقة 124-أ) قال: أخبرنا سعيد بن عبد الرحمان، قال: حدثنا سفيان، عن معمر، (ح) وأخبرنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو ومعمر وفي الكبرى أيضا (تحفة الأشراف 10631) عن عبيد الله بن سعد ويحيى بن موسي وهارون ابن عبد الله.
ثلاثتهم عن سفيان، عن عمرو بن دينار.
كلاهما (عمرو، ومعمر) عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، فذكره.
* أخرجه البخاري (7/81) قال: حدثني محمد بن سلام، قال: أخبرنا وكيع، عن ابن عيينة، قال: قال لي معمر: قال لي الثوري: هل سمعت في الرجل يجمع لأهله قوت سنتهم، وأبو بعض السنة؟ قال معمر: فلم يحضرني. ثم ذكرت حديثا لابن شهاب الزهري، عن مالك بن أوس، عن عمر رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير، يحبس لأهله قوت سنتهم.
والجزء الثاني: أخرجه أبو داود (2966) قال: ثنا مسدد، قال: ثتا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا أيوب، عن الزهري، فذكره.(2/383)
842 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَن رجلاً من الأنصارِ باتَ به ضَيْفٌ، ولم يَكُنْ عندَهُ إلا قُوتُهُ وقُوتُ صِبْيانِهِ، فقال لامرأتِهِ: نَوِّمي الصِّبَيَة، وأَطْفِئِي السِّراَجِ، وقَرِّبي للضِّيْفِ ما عندكِ، فنزلت هذه الآية: {ويُؤثِرونَ على أنفسِهم ولو كان بهم خَصاصَةٌ} . أخرجه الترمذي (1) .
وهو طرف من حديث طويل، أخرجه البخاري، ومسلم، والرجل: هو أبو طلحة الأنصاري، والحديث مذكور في كتاب الفضائل من حرف الفاء، في فضائل أبي طلحة.
__________
(1) رقم (3301) في التفسير، باب ومن سورة الحشر، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (5/42) . وفي الأدب المفرد (740) قال: حدثنا مسدد. قال: حدثنا عبد الله بن داود،. وفي (6/185) قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم بن كثير. قال: حدثنا أبو أسامة. و (مسلم) 6/127 قال: حدثني زهير بن حرب. قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد. وفي (6/128) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال: حدثنا وكيع. (ح) وحدثناه أبو كريب. قال: حدثنا ابن فضيل. و (الترمذي) (3304) قال: حدثنا أبوكريب. قال: حدثنا وكيع. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (10 /13419) عن هناد، عن وكيع.
خمستهم - عبد الله بن داود، وأبو أسامة، وجرير، ووكيع، ومحمد بن فضيل - عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم، فذكره.
(*) في رواية ابن فضيل: فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة.(2/384)
843 - () (أنس بن مالك - رضي الله عنه -) : في قوله: {أَلمْ تَرَ إلى الذين نافَقوا يقولون لإخوانهم ... } الآية قال: إِنَّ ابنَ أُبِيّ قالَهُ ليهود بني النَّضِير، إذ أراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إجلاءهُم، فنزلت. أخرجه.
[ص:385]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إجلاءهُم) الإجلاء: النفي من الموطن من غير اختيار.(2/384)
سورة الممتحنة
844 - (خ م ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُبايِعُ النساءَ بالكلام بهذا الآية {لا يُشْرِكْنَ باللَّه شْيئاً} [الممتحنة: 12] وما مَسَّتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرأَةٍ لا يْملِكُها.
وفي رواية: كان المؤمناتُ إذا هاجَرْنَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَمتَحِنُهُنَّ بقَولِ اللهِ: {يا أَيُّها الذين آمنُوا إذا جاءَكم المؤمناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ ... } إلى آخر الآية [الممتحنة: 10] قالت عائشة: فمن أقَرَّ بهذا الشَّرْطِ من المؤمِناتِ، فَقَدْ أَقَرَّ بالْمِحنِة، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أقْررْنَ بذلك من قَوْلِهِنَّ، قال لَهُنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انْطَلِقْنَ، فقد بايَعْتُكُنَّ» لاَ واللهِ، مَا مَسَّتْ يَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أَمَرَهُ اللهُ، وكان يقولُ لهُنَّ إذا أخَذ عليهنَّ قد بايَعْتَكُنَّ كلاماً. هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي، قالت: ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمتَحِنُ إلا بالآيَةِ [ص:386] التي قال الله: {إذا جاءك المؤمناتُ يُبَايِعْنَكَ ... } الآية [الممتحنة: 12] قال معمر: فأخبَرني ابن طاوُوسَ، عن أبيه قال: ما مَسَّتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرأَةٍ، إلا [يد] امرأة يملكها (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يمتحنهن) الامتحان: الاختبار.
__________
(1) البخاري 8 / 488 في تفسير سورة الممتحنة، باب {إذا جاءك المؤمنات مهاجرات} ، وفي الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة والنصرانية تحت الذمي والحربي، وفي الأحكام، باب بيعة النساء، ومسلم رقم (1866) في الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، والترمذي رقم (3303) في التفسير، باب ومن سورة الممتحنة، وقوله " للنساء " قال الحافظ: أي: على النساء. وقد اختلف في الشرط، والأكثر على أنه النياحة، كما في حديث أم عطية ... انظر " زاد المسير " لابن الجوزي طبع المكتب الإسلامي 8 / 245.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (6/114) قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس. قال: حدثنا أبو أويس. وفي (6/153 و163) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (6/153) قال: حدثنا بن آدم. قال: حدثنا ابن مبارك، عن معمر. وفي 6/270 قال حدثنا يعقوب. قال: حدثنا يحيى ابن أخي ابن شهاب. و (البخاري) (5/162، 6/186) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي 7/63 قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي 9/99 قال: حدثنا محمود. قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر. و (مسلم) (6/29) قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس بن يزيد. (ح) وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر. قال أبو الطاهر: أخبرنا. وقال هارون: حدثنا وابن وهب. قال: حدثني مالك. و (أبو داود) (2941) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا ابن وهب. قال: حدثني مالك. و (ابن ماجة) (2875) قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري. قال: حدثنا عبد الله بن وهب. قال أخبرني يونس. و (الترمذي) (3306) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (12/16668) عن محمد بن يحيى بن عبد الله، عن عبد الرزاق، عن معمر (12/16697) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس.
ستتهم - أبو أويس عبد الله بن عبد الله، ومعمر، وابن أخي ابن شهاب، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، ومالك - عن ابن شهاب الزهر، قال: أخبرني عروة بن الزبير، فذكره..
* أخرجه أحمد 6/151 قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، أو غيره، عن عروة، عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عليها أن لا يشركن بالله شيئا.... الحديث.(2/385)
845 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله: {ولا يعْصِينَكَ في معروفٍ} [الممتحنة:12] إنَّما هو شَرْطٌ شَرَطهُ الله للنِّساءِ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 490 في تفسير سورة الممتحنة، باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4893) قال: ثنا عبد الله بن محمد، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي قال: سمعت الزبير، عن عكرمة فذكره.(2/386)
سورة الصف
846 - (ت) عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -: قال: كُنْتُ جالساً في نَفَرٍ من أصْحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نَتَذَاكَرُ، نقُولُ: لَوْ نَعْلَمُ أيُّ الأْعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ لعَمِلْناهُ؟ فأنزل الله تعالى {سَبَّح للَّه ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم. يا أيُّها الذين آمنوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلونَ. كَبُرَ مَقْتاً عندَ اللَّهِ} أي: عَظُمَ {أنْ تقُولُوا مالا تفْعَلُونَ} [الصف: 1-3] فخرجَ [ص:387] علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقرأَها علينا. أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مقتاً) المقت: أشد البغض.
__________
(1) رقم (3306) في التفسير، باب ومن سورة الصف، من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام، وذكره ابن كثير 8 / 336 من رواية ابن أبي حاتم عن العباس بن الوليد بن مزيد - وفي ابن كثير مرثد وهو خطأ - البيروتي عن أبيه، سمعت الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني عبد الله بن سلام، وإسناده صحيح، وصححه الحاكم 2 / 487، وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 452 من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، وعن عطاء بن يسار عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله، فلم يقم أحد منا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً، فجمعنا، فقرأ علينا هذه السورة - يعني سورة الصف - كلها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد 5/452 قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا ابن المبارك. و (الدارمي) (2395) قال: أخبرنا محمد بن كثير. و (الترمذي) 3309 قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان، قال: أخبرنا محمد بن كثير. كلاهما - ابن المبارك، ومحمد بن كثير - عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير.
2- وأخرجه أحمد 5/452 قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا ابن المبارك، عن عطاء بن يسار.
كلاهما - يحيى، وعطاء - عن أبي سلمة، فذكره
* وأخرجه أحمد 5/452 قال: حدثنا يعمر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني هلال بن أبي ميمونة، أن عطاء بن يسار حدثه، أن عبد الله بن سلام حدثه، أو قال (هلال) حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمان، فذكره.(2/386)
سورة الجمعة
847 - (خ م ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: بيْنَما (1) [ص:388] نحن نُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذْ أَقْبلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طعاماً، فالتَفَتُوا إليْها، حتَّى ما بَقِيَ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عَشَرَ رُجلاً، فنزلت هذه الآيةُ {وإذا رَأَوْا تِجارَةً أَو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وتَركُوك قَائِماً} [الجمعة: 11] .
وفي رواية: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يخطُبُ قائماً، فجاءتْ عيرٌ من الشَّامِ وذكر نحوه.
وفيه: إلا اثْنا عَشَرَ رجلاً، فيهم: أبو بكرٍ وعمر.
وفي أخرى: إلا اثنا عشر رجلاً، أنا فيهم. أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
وفي رواية لمسلم قال: كُنَّا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ الْجُمُعَةِ، فَقَدِمتْ سُوَيْقَةٌ، فخرجَ الناسُ إليها، فلم يبق إلا اثْنا عَشَرَ رجلاً أنا فيهم، قال: فأنزل الله {وإذا رَأَوْا تِجارَةً أَو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وتَركُوكَ قَائِماً ... } إلى آخر الآية (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العير) الإبل والحمير تحمل الميرة والأحمال.
(انفضوا) : تفرقوا، وهو مطاوع قولك: فضضت.
__________
(1) قال الحافظ في" الفتح " 2 / 338: في رواية خالد المذكورة عند أبي نعيم في " المستخرج " " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة " وهذا ظاهر في أن انفضاضهم وقع بعد دخولهم في الصلاة، لكن وقع عند مسلم من رواية عبد الله بن إدريس، عن حصين " ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب " وله في رواية هشيم " بينا النبي صلى الله عليه وسلم قائم " زاد أبو عوانة في صحيحه والترمذي والدارقطني من طريقه " يخطب " ومثله لأبي عوانة من طريق عباد بن العوام، ولعبد بن حميد من طريق سليمان بن كثير، كلاهما عن حصين، وكذا وقع في رواية قيس بن الربيع وإسرائيل، ومثله في حديث ابن عباس، وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني في " الأوسط " وفي مرسل قتادة عند الطبراني وغيره، فعلى هذا فقوله " نصلي " أي: ننتظر الصلاة، وقوله " في الصلاة " أي: في الخطبة مثلاً، وهو من تسمية الشيء بما قاربه، فبهذا يجمع بين الروايتين، ويؤيده: استدلال ابن مسعود على القيام في الخطبة بالآية المذكورة، كما أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح، وكذا استدل به كعب بن عجرة في " صحيح مسلم ".
(2) البخاري 8 /493 و 494 في تفسير سورة الجمعة، باب {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، وفي الجمعة، باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة، وفي البيوع، باب قول الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، ومسلم رقم (863) في الجمعة، باب قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، والترمذي رقم (3308) في التفسير، باب ومن سورة الجمعة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/313) قال: حدثنا ابن إدريس. وفي (3/370) قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة. و (عبد بن حميد) (1110) قال: حدثني محمد بن كثير، قال حدثنا سليمان ابن كثير. و (البخاري) (2/16) قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة. وفي (3/71) قال: حدثنا طلق بن غنام، قال: حدثنا زائدة. وفي (3/73) قال: حدثني محمد، قال: حدثني محمد بن فضيل. و (مسلم) (3/9) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير. وفي (3/10) قال: حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. و (الترمذي) (3311) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا هشيم. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (2239) عن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن عبثر. و (ابن خزيمة) 1823 قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا جرير
سبعتهم - ابن إدريس، وزائدة، وسليمان بن كثير، وابن فضيل، وجرير، وهشيم، وعبثر - عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، فذكره.
* وأخرجه عبد بن حميد (1111) قال: حدثني عمرو بن عون، عن هشيم. و (البخاري) 6/189 قال: حدثني حفص بن عمر، قال: حدثنا خالد بن عبد الله. و (مسلم) 3/10 قال: حدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، قال: حدثنا خالد (يعني الطحان) . وفي 3/10 قال: حدثنا إسماعيل بن سالم، قال: أخبرنا هشيم.
كلاهما - هشيم، وخالد - عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، وأبي سفيان، فذكراه.
* وأخرجه الترمذي (3311) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن أبي سفيان، فذكره.(2/387)
سورة المنافقين
848 - (خ م ت) جابر - رضي الله عنه -: قال: غَزَوْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقَدْ ثَابِ معه ناسٌ من المهاجرين حتى كَثُرُوا، وكان مِن المهاجرينَ رجلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أنصاريّاً (1) ، فَغَضِبَ الأْنصَاريُّ غَضباً شديداً، حتى تَدَاعَوْا، وقال الأنصاريُّ: يَالِ الأنْصَارِ، وقال المهاجِريُّ: يالَ المهاجرينَ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: مَا بَال دَعْوَى الجاهلية؟ ثم قال: مَا شَأْنُهُمْ؟ فأُخبر بكَسْعَةِ المهاجِريِّ الأنْصارِي، قال: فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: دَعُوها، فإنها خبيثةٌ، وقال عبدُ الله بنُ أُبَيّ بنِ سلولٍ: أَقَدْ تَدَاعَوْا علينا؟ لئن رََجَعْنَا إلى المدينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأذَلَّ، قال عمر: ألاَ نَقْتُلُ [ص:390] يا نبي اللهِ هذا الخبيثَ؟ - لعبدِ اللهِ - فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كان يَقْتُلُ أصحابَهُ» .
وفي رواية نحوه، إلا أَنه قال: فَأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَألهُ القَوَدَ؟ فقال: دعُوها، فإنها مُنتْنَةٌ (2) ... الحديث، هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية لمسلم قال: اقْتَتَلَ غُلامانِ: غُلامٌ من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فَنادَى المهاجِريُّ - أو المهاجرون -: يالَ الْمُهاجرين، ونادى الأنصاري: يالَ الأنصارِ، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ دعوى [أهل] الجاهلية؟ قالوا: لا يا رسول الله، إلا أنَّ غُلامَيْن اقْتَتَلا، فكَسَعَ أحدُهما الآخر، فقال: لا بأس، وَلَينصُرِ الرُجلُ أخاهُ ظالماً، أو مظلوماً، إِنْ كان ظَالماً فَلْيَنْهَهُ، فإنَّهُ له نَصْرٌ، وإِن كان مظْلُوماً، فَلْيَنْصُرْهُ.
وأخرجه الترمذي بنحوه، وفي أوله، قال سفيانُ: يَرَوْنَ أنَّها غزوة بني الْمُصْطَلِقِ.
وفي آخرها: لا يتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحمَّداً يَقْتلُ أصْحابَهُ.
وقال غيرُ عَمْرو بن دينار: فقال لَهُ ابْنُه عبدُ اللهِ بنُ عبد اللهِ: لا تَنْقَلِبُ حتَّى تُقِرَّ: أنَّكَ الذليل، ورسولُ اللهِ: العزيزُ، فَفَعَلَ (3) . [ص:391]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ثاب) : إذا رجع.
(الكسع) أن تضرب دبر الإنسان بيدك، أو بصدر قدمك.
(الخبيث) الرديء الكريه المنتنة والمنتن معروف، أراد: أن دعوى الجاهلية (يال فلان) كريهة رديئة في الشرع.
(القود) القصاص.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 497، 498: المشهور فيه أنه ضرب الدبر باليد أو بالرجل. ووقع عند الطبري من وجه آخر عن عمرو بن دينار عن جابر " أن رجلاً من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار برجله، وذلك عند أهل اليمن شديد " والرجل المهاجري هو: جهجاه بن قيس، ويقال: ابن سعيد الغفاري، وكان مع عمر بن الخطاب يقود له فرسه، والرجل الأنصاري هو: سنان بن وبرة الجهني حليف الأنصار - وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلاً، أن الأنصاري كان حليفاً لهم من جهينة، وأن المهاجري كان من غفار، وسماهما ابن إسحاق في المغازي عن شيوخه - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري عن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت أنهما أخبراه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المريسيع - وهي التي هدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مناة الطاغية، التي كانت بين قفا المشلل وبين البحر - فاقتتل رجلان فاستعلى المهاجري على الأنصاري، فقال حليف الأنصار: يا معشر الأنصار، فتداعوا إلى أن حجز بينهم، فانكفأ كل منافق إلى عبد الله بن أبي فقالوا: كنت ترجى وتدفع، فصرت لا تضر ولا تنفع، فقال: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " فذكر القصة بطولها، وهو مرسل جيد.
(2) قال الحافظ في " الفتح ": أي: دعوى الجاهلية. وأبعد من قال: المراد: الكسعة. ومنتنة - بضم الميم وسكون النون وكسر المثناة - من النتن، أي أنها كلمة قبيحة خبيثة.
(3) أخرجه البخاري 6 / 398 في الأنبياء، باب دعوى الجاهلية، و 8 / 499 في تفسير سورة المنافقين، باب {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ، وباب قوله تعالى: {سواء عليهم [ص:391] استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} ، وأخرجه مسلم رقم (2584) في البر والصلة، باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، والترمذي رقم (2312) في تفسير سورة المنافقين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي 1239. و (أحمد) 3/392 قال: حدثنا حسين بن محمد. و (البخاري) 6/191 قال: حدثنا علي. وفي 6/192 قال حدثنا الحميدي. و (مسلم) 8/19 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي وابن أبي عمرو. و (الترمذي) 3315 قال: حدثنا ابن أبي عمر (النسائي) في عمل اليوم والليلة 977 قال أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار وفي الكبرى (تحفة الأشراف) 2525 عن محمد بن منصور تسعتهم - الحميدي، وحسين بن محمد، وعلي، وابن أبي شيبة، وزهير، الضبي، وابن أبي عمر، وعبد الجبار، ومحمد بن منصور - عن سفيان بن عيينة.
2- وأخرجه أحمد (3/338) قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا حماد (يعني ابن زيد) .
3-وأخرجه أحمد (3/385) قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا سعيد (يعني ابن زيد) .
4- وأخرجه البخاري 4/223 قال: حدثنا محمد، قال: أخبرنا مخلد بن يزيد، قال: أخبرنا ابن جريج.
5- وأخرجه مسلم (8/19) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور، ومحمد بن رافع. قال ابن رافع: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر، عن أيوب.
خمستهم -ابن عيينة، وحماد بن زيد، وسعيد بن زيد، وابن جريج، وأيوب - عن عمرو بن دينار، فذكره.(2/389)
849 - (خ م ت) زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: قال: خرجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ - أَصَابَ الناسَ فيه شِدَّةٌ - فقال عبْدُ اللهِ بنُ أَبَيّ: لا تُنْفِقُوا على من عِنْد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حتى يَنْفَضُّوا من حَوْلِه (1) ، وقال لئن رَجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، قال: فأَتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَخْبَرْتُهُ بذلك، فأرَسلَ إلى عبدِ الله بنِ أُبَيّ، فسألَهُ؟ فَاجْتَهَدَ يمينَهُ ما فَعَلَ، فقالوا: كَذَبَ زْيدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوقَعَ في نفْسِيِ ممَّا قالوا شدَّةٌ، حتى أنزل اللهُ تصديقي {إذا جاءكَ المنافقون} [المنافقون: 1] قال: ثم دعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَيسْتَغَفِرَ لهم، قال: فَلَوَّوْا رؤوسهم، وقوله: {كأنهم خُشُبٌ [ص:392] مُسَنَّدَةٌ} قال: كانوا رِجالاً أجْمَلَ شَيْءٍ.
وفي رواية أن زيداً قَالَ: كُنْت في غزاةٍ فسمعتُ عبد الله بن أُبَيّ يقولُ - فذكره نحوه - قال: فذكرتُ ذلك لِعَمِّي - أو لِعُمَر (2) - فذكر ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني فحدَّثْتُهُ، فأرسل إلى عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، فحلفُوا ما قالوا، فصدَّقَهُمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكَذَّبني، فأصابَني غَمٌّ لم يُصِبْني مثلُه قط، فجلستُ في بيتي، وقال عَمِّي: ما أرَدْتَ إلى أنْ كَذَّبَكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَقَتَكَ؟ فأنزل اللهُ عز وجل {إذا جاءكَ المنافقون - إلى قوله - لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ} [المنافقون: 1- 8] فأرسل إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأهَا عليَّ ثم قال: إنَّ اللهَ قد صَدَّقَكَ. أخرجه البخاري، ومسلم (3) . [ص:393]
وللبخاري أيضاً، قال: لما قال عبد الله بن أُبّيٍ: لا تُنْفِقُوا عَلَى من عندَ رسولِ الله، وقال أيضاً: لئن رََجَعْنَا إلى المدينَةِ أخْبرتُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَلامَني الأنصارُ، وحلفَ عبدُ الله ابن أُبّيٍ ما قال ذلك، فرجعتُ إلى المنزل، فنمتُ، فأَتاني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأتَيْتُه، فقال: إنَّ اللهَ قد صَدَّقَكَ، فنزلت: {هُمُ الذين يقولُونَ لا تُنْفِقُوا على من عِندَ رسولِ اللَّه حتى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] .
وأخرجه الترمذي مثل الرواية الثانية، ونحو الرواية الثالثة التي أخرجها البخاري، وقال: «في غزوةِ تبوكَ» .
وفي رواية أخرى له قال: غزونا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان معنا أُناسٌ من الأعراب، فكُنَّا نَبْتَدِرُ الماءَ، وكان الأعرابُ يَسْبِقوننا إليه، فسبق أعرابيٌّ أصحابَهُ، فيسبِق الأعرابيُّ، فَيمْلأُ الحوضَ، فيجعلُ حَوْلَه حِجارَة، ويجعل النِّطْعَ عليه، حتى يَجيء أصحابه قال: فأَتى رَجُلٌ من الأنصارِ أعرابيّاً، فأرْخى زمام ناقته لتشربَ فأبى أن يدعه، فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبة، فضرب بها رأْس الأنصاريِّ، فَشَجَّهُ فأتى عبدَ اللهِ بن أُبّيٍ رأسَ المنافقين فأخبرهُ - وكان من أصحابه - فَغَضِبَ عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ، ثم قال: لا تُنْفِقُوا على من عندَ رسولِ الله حتى ينفضوا من حوله - يعني الأعراب- وكانوا يحضُرُون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عند الطَّعامِ قال عبْدُ الله: إِذا انفَضوا من عندِ محمدٍ، فائْتُوا محمداً بالطعام، فَليأْْكُلْ هو [ص:394] ومن عندهُ، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة فلَيُخْرِجَِ الأعَزُّ منها الأذَلَّ - قال زيدٌ: وأنا رِدْفُ عمّي - فسمعتُ عبد الله، فأَخبْرتُ عمي، فانطلقَ فَأخْبَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فحلف وجَحَد، قال: فصَدَّقهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكذَّبني، قال: فجاءَ عمي إليَّ فقال: ما أردْتَ إلى أنْ مَقَتَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكذَّبكَ والمسلمونَ، قال: فوقعَ عليَّ من الهمِّ ما لم يَقعْ على أحدٍ، قال: فبينما أنا أسيرُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قد خفقت برأسي من الهم. إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَعَرَكَ أُذُني وضحكَ في وجهي فما كان يَسُرُّني أنَّ لي بها الخُلدَ في الدنيا، ثم إِنَّ أبا بكرٍ لَحِقَني، فقال: ما قال لك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: ما قال شيئاً، إلا أَنَّهُ عَركَ أُذُني، وضَحِكَ في وجهي، فقال: أبْشِرْ، ثم لحقني عمر، فقلتُ له مثلَ قَوْلي لأبي بكر، فلما أصبحنا قَرَأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين (4) .
__________
(1) قال النووي: هو كلام عبد الله بن أبي، ولم يقصد الراوي بسياقه التلاوة، وغلط بعض الشراح فقال: هذا وقع في قراءة ابن مسعود، وليس في المصاحف المتفق عليها، فيكون على ذلك، سبيله: البيان من ابن مسعود. قلت: ولا يلزم من كون عبد الله بن أبي قالها: أن ينزل القرآن بحكاية جميع كلامه.
(2) قال الحافظ: كذا بالشك، وفي سائر الروايات الآتية " لعمي " بلا شك، كذا عند الترمذي من طريق أبي سعيد الأزدي عن زيد.
ووقع عند الطبراني وابن مردويه: أن المراد بعمه: سعد بن عبادة وليس عمه حقيقة وإنما هو سيد قومه الخزرج، وعم زيد بن أرقم الحقيقي هو ثابت بن قيس له صحبة.
ووقع في مغازي أبي الأسود عن عروة: أن مثل ذلك وقع لأوس بن أرقم، فذكره لعمر بن الخطاب، فلعل هذا سبب الشك في ذكر عمر.
وجزم الحاكم في " الإكليل " أن هذه الرواية وهم، والصواب زيد بن أرقم.
قال الحافظ: ولا يمتنع تعدد المخبر بذلك عن عبد الله بن أبي، إلا أن القصة لزيد بن أرقم.
(3) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 495 و 496 وفي الحديث من الفوائد: ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلا تنفر أتباعهم، والاقتصار على معاتباتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم، وإن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك، لما في ذلك من التأنيس والتأليف، وفيه جواز تبليغ ما لا يجوز للمقول فيه، ولا يعد نميمة مذمومة إلا إن قصد بذلك الإفساد المطلق، وأما إذا كانت فيه مصلحة ترجح على المفسدة فلا.
(4) أخرجه البخاري 8 / 494 في تفسير سورة المنافقون، في فاتحتها، وباب {اتخذوا أيمانهم جنة} ، وباب قوله: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم} ، وباب {إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} ، وأخرجه مسلم رقم (2772) في صفات المنافقين، والترمذي رقم (3309) و (3310) في التفسير، باب ومن سورة المنافقين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (4/373) قال: حدثنا يحيى بن آدم، ويحيى بن أبي بكير. و (عبد بن حميد) (362) قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. و (البخاري) (6/189) قال: عبد الله بن رجاء وفي (6/189) قال: حدثا آدم بن أبي إياس، وفي (6/191) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، و (الترمذي) 3312 قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. خمستهم - يحيى بن آدم، ويحيى بن أبي بكير، وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن رجاء، وآدم عن إسرائيل.
2-وأخرجه أحمد (4/373) قال: حدثنا حسن بن موسى. و (البخارى) (6/190) قال: حدثنا عمرو ابن خالد. و (مسلم) 8/119 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا الحسن بن موسى. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) 3678 عن أبي داود الحراني، عن الحسن بن محمد بن أعين. ثلاثتهم - حسن بن موسى، وعمرو، والحسن بن محمد - قالوا: حدثنا زهير بن معاوية.
كلاهما -إسرائيل، وزهير - عن أبي إسحاق، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد 4/368 قال: حدثنا محمد بن جعفر، وفي (4/370) قال: حدثنا هاشم. و (البخارى) 6/190 قال: حدثنا آدم. و (الترمذي) 3314 قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي. و (عبد الله بن أحمد) (4/370) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي. (النسانى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (3683) عن بندار محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر غندر، وابن أبي عدي.
خمستهم - محمد بن جعفر، وهاشم، وآدم وابن أبي عدي، ومعاذ - عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن محمد بن كعب القرظي، فذكره.
والرواية الثالثة: أخرجها الترمذي (3313) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي سعد الأزدي، فذكره.(2/391)
850 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: من كان له مالٌ يُبَلِّغُهُ حَجَّ بيْتِ ربِّهِ أوْ يَجِبُ عليه فيه زكاةٌ، فلم يفعل، سألَ الرَّجعَةَ عند الموتِ، فقال رجلٌ: يا ابنَ عبَّاسٍ، اتَّقِ اللهَ، فإِنما يسألُ الرجعةَ الكفُّارُ، قال: سأتْلُو عليك بذلك قُرْآناً {يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا لا تُلْهِكُم أَمْوالُكُم ولا أَولادُكم عن ذِكْرِ [ص:395] اللَّه ومَنْ يَفْعلْ ذَلكَ فأُوْلئِكَ هُمُ الخاسِرُون. وأنْفِقُوا مما رزَقْناكم مِنْ قَبلِ أن يأْتِيَ أحدَكُمُ الْموتُ فيقولَ ربِّ لولا أَخَّرْتني إلى أجلٍ قريبٍ فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ مِنَ الصَّالحينَ. ولَنْ يُؤخِّرَ اللَّهُ نفساً إذا جاءَ أَجلُها واللَّهُ خبيرٌ بما تَعْملونَ} [المنافقون: 9- 11] قال: فما يُوجِبُ الزَّكاةَ؟ قال: إذا بلَغَ المالُ مائتين فَصَاعداً، قال: فما يوجِبُ الحجَّ؟ قال: الزَّادُ والبعيرُ. أخرجه الترمذي (1) .
وفي رواية له عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، قال: والأول أصح (2) .
__________
(1) رقم (3313) في التفسير، باب ومن سورة المنافقين، من حديث أبي جناب الكلبي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس وأبو جناب الكلبي، واسمه يحيى بن أبي حية ضعيف، ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع.
(2) لفظ الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، عن الثوري عن يحيى بن أبي حية عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. هكذا روى ابن عيينة وغير واحد هذا الحديث عن أبي جناب عن الضحاك عن ابن عباس قوله ولم يرفعه، وهذا أصح من رواية عبد الرزاق، وأبو جناب القصاب، اسمه يحيى بن أبي حية، وليس هو بالقوي في الحديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3316) قال حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرنا أبو جناب الكلبي عن الضحاك عن ابن عباس قال فذكره.(2/394)
سورة التغابن
851 - (خ) علقمة بن قيس -رحمه الله -: قال: شَهِدْنا عِنْدَ عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- وعرَضَ المصاحِفَ، فأتَى على هذه الآية: {ومن يُؤمِنْ باللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] قال: هي الْمصِيباتُ تُصيبُ الرَّجُلَ، [ص:396] فيعلم أنها من عند الله، فَيُسَلِّمُ ويَرْضى. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 500 في تفسير سورة التغابن تعليقاً، قال الحافظ: هذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة مثله، لكن لم يذكر ابن مسعود. وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد عن عمر بن سعد عن الثوري عن الأعمش، والطبري من طرق عن الأعمش، نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال: عن علقمة قال: " شهدنا عنده - يعني عند عبد الله - عرض المصاحف، فأتى على هذه الآية {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: هي المصيبات تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله، فيسلم ويرضى ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا في التفسير - باب سورة التغابن.
وقال الحافظ في (الفتح) وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان، عن علقمة مثله، لكن لم يذكر ابن مسعود، وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد، عن عمر بن سعد عن الثوري، عن الأعمش، والطبري من طريق عن الأعمش، نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال: (عن علقمة قال: شهدنا عنده - يعني عند عبد الله - عرض المصاحف فأتى على هذه الآية {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم ويرضي) وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المعنى يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.(2/395)
852 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: سُئِلَ عن هذه الآية {يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أَزواجِكم وأَولادكُم عَدُوًّا لكم فَاحذَروهم} ؟ [التغابن: 14] قال: هؤلاء رجالٌ أسلموا من مكة، وأرادوا أنْ يأتُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجُهُمْ وأولادُهم أنْ يَدْعُوُهم أنْ يأْتُوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأُوُا النَّاسَ قد فَقُهُوا في الدين، هَمُّوا أنْ يُعاقِبوهُم، فأنزل الله عز وجل {يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أزواجِكم وأولادكُم عَدُوًّا لكم فاحْذَرُوهم ... } الآية. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3314) في التفسير، باب ومن سورة التغابن، من حديث إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، وسماك بن حرب صدوق، إلا في روايته عن عكرمة فإنها مضطربة، ومع ذلك فقد قال الترمذي: هذا حديث صحيح، وذكره ابن كثير، من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير والطبراني من حديث إسرائيل به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3317) قال حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا إسرائيل قال حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة فذكره.(2/396)
سورة الطلاق
853 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قَرأ {يا أيها [ص:397] النبيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبلِ (1) عِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] قال مالك - رحمه الله-: يعني بذلك: أنْ يُطَلِّقَ في كلِّ طُهْرٍ مَرَّة. أخرجه الموطأ (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قُبُل) الشيء: ما أقبل منه. أي فطلقوهن مستقبلات عدتهن.
__________
(1) قال النووي: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآناً بالإجماع، ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين. وقال الزرقاني: وهذه القراءة على التفسير لا للتلاوة.
(2) 2 / 587 في الطلاق، باب جامع الطلاق، وإسناده صحيح، وفي رواية مسلم رقم (1470) في الطلاق، قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح: أخرجه مالك (الموطأ) 1281 في الطلاق - باب جامع الطلاق قال: عبد الله بن دينار، فذكره.(2/396)
854 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قول الله عزَّ وجلَّ {يا أيها النبيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لعِدَّتِهِنَّ} قال ابن عباس: قُبُلِ عدَّتهنَّ. أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 139 و 140 في الطلاق، باب وقت الطلاق للعدة، وإسناده صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/139، 140) قال أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت مجاهدا يحدث عن ابن عباس فذكره.(2/397)
سورة التحريم
855 - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ العَسلَ والحَلْوَاءَ، وكان إذا انصرف من العَصْرِ دخلَ على نسائه فيدنُو من إحداهُنَّ، فَدَخَلَ على حفصةَ بنتِ عمر، فاحْتبسَ أكثر مما كان يحتبس، فَغِرْتُ [ص:398] فسألتُ عن ذلك؟ فقيل لي: أهْدتْ لها امرأةٌ من قومها عُكَّة من عسلٍ، فَسَقَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهُ شَرْبَة، فقلتُ: أما واللهِ لَنَحتْالنَّ له، فقلتُ لسودةَ بنتِ زَمْعةَ: إِنهُ سَيدنو مِنكِ، إذا دنا منْكِ فَقولي له: يا رسولَ الله أكلتَ مَغَافيرَ؟ فإنه سيقُولُ لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ - زاد في رواية: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَشْتَدُّ عليه أنْ يوجد منهُ الريحُ - فأنهُ سيقولُ لك: سقَتْني حفصةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فقولي له: جَرَسَتْ نَحلُهُ العُرْفُطَ، وسأَقولُ ذلك، وقُولي أَنْتِ يا صفيَّة مثل ذلك، قالت: تقولُ سَوْدَةُ: فَوَالله الَّذِي لا إلهَ إلا هو، ما هوَ إلا أن قام على البابِ، فأردتُ أنْ أُبادِئَهُ بما أمَرَتْني فَرَقاً منكِ، فلمَّا دَنا منها قالتْ له سَوْدةُُ: يا رسولَ الله، أَكَلْتَ مَغَافيَر؟ قال: «لا» قالت: فما هذه الريحُ التي أجِدُ منك؟ قال: «سَقَتْني حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَل» فقالت: جَرَستْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فلما دارَ إِليَّ، قلت له نحو ذلك، فلمَّا دارَ إلى صَفِيَّةَ، قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حَفْصَةَ، قالت: يا رسولَ الله، أَلا أسقيك منه؟ قال: «لا حاجَةَ لِي فِيهِ» قالت: تقولُ سودَةُ: والله لقد حَرَّمْنَاهُ، قلتُ لها: اسْكُتي.
وفي رواية قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمكُثُ عندَ زينبَ بنتِ جَحْشٍ، فيَشْرَبُ عندَها عسلاً، قالت: فَتَواطَأت أَنا وحفصةُ، أَنَّ أيَّتنا مَا دَخَلَ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَلْتَقُلْ له: إِنِّي أِجِدُ منك ريحَ مَغَافيرَ، أَكَلْتَ مَغَافيرَ؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شَرِبْتُ عسل عند [ص:399] زينب بنت جحش (1) ، ولن أَعودَ له، فنزل {يا أَيُّها النبيُّ لِمَ تَحرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لك} [التحريم: 1] {إنْ تَتُوبا إلى اللَّه} [التحريم: 4] لعائشة وحفصة {وإذْ أسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجهِ حديثاًً} [التحريم: 3] لقوله: بل شربتُ عسلاً ولن أعود له، وقد حَلَفتُ، فلا تُخْبِرِي بذلك أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود. وأخرج النسائي الرواية الثانية (2) . [ص:400]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عكة) العكة: الظرف الذي يكون فيه العسل.
(مغافير) المغافير بالفاء والياء: شيء ينضجه العرفط، حلو كالناطف وله ريح كريهة.
(جرست العرفط) جرست النحل العرفط: إذا أكلته، ومنه قيل للنحل: جوارس، والعرفط: جمع عرفطة، وهو شجر من العضاه زهرته مدحرجة، والعضاه: كل شجر يعظم وله شوك كالطلح والسمر والسلم ونحو ذلك.
(فَرَقاً) الفرق: الفزع والخوف.
__________
(1) وهذه الرواية من طريق عبيد بن عمير عن عائشة، في " الصحيحين " أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وفيه أن شرب العسل كان عند حفصة بنت عمر، قال الحافظ: وأخرج ابن مردويه من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن شرب العسل كان عند سودة، وأن عائشة وحفصة هما اللتان تواطأتا على وفق ما في رواية عبيد بن عمير، وإن اختلفا في صاحبة العسل، وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد، فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد، فإن جنح إلى الترجيح، فرواية عبيد بن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها، على أن المتظاهرتين حفصة وعائشة على ما تقدم في التفسير، وفي الطلاق من جزم عمر بذلك، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في التظاهر بعائشة، لكن يمكن تعدد القصة في شرب العسل وتحريمه، واختصاص النزول بالقصة التي فيها أن عائشة وحفصة هما المتظاهرتان، ويمكن أن تكون القصة التي وقع فيها شرب العسل عند حفصة كانت سابقة، ويؤيد هذا الحمل أنه لم يقع في طريق هشام بن عروة التي فيها: أن شرب العسل كان عند حفصة تعرض للآية، ولا يذكر سبب النزول، والراجح أيضاً أن صاحبة العسل زينب لا سودة، لأن طريق عبيد بن عمير أثبت من طريق ابن أبي مليكة بكثير، ولا جائز أن تتحد بطريق هشام بن عروة، لأن فيها أن سودة كانت ممن وافق عائشة على قولها: أجد ريح مغافير، ويرجحه أيضاً ما ثبت عن عائشة أن نساء النبي كن حزبين، أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب، وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب، فهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل، ولهذا غارت منها لكونها من غير حزبها والله أعلم.
(2) البخاري 9 / 331 و 332 و 333 في الطلاق، باب قوله تعالى: {لم تحرم ما أحل الله لك} ، وفي النكاح، باب دخول الرجل على نسائه في اليوم، وفي الأطعمة، باب الحلواء والعسل، وفي الأشربة، باب البازق ومن نهى عن كل مسكر، وباب شراب الحلواء والعسل، وفي الطب، باب الدواء بالعسل [ص:400] وفي الحيل، باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، ومسلم رقم (1474) في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، وأبو داود رقم (3715) في الأشربة، باب شراب العسل، والنسائي 6 / 151 و 152 في الطلاق، باب قول الله عز وجل: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (6/59) . و (عبد بن حميد) 1489. و (البخارى) (7/100) قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. وفي (7/140) قال: حدثنا عبد الله بن أبي شيبة. وفي (7/143، 159) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وفي (9/33) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. و (مسلم) (4/185) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وهارون بن عبد الله. و (أبو داود) (3715) قال: حدثنا الحسن بن علي. و (ابن ماجة) (3323) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. وعلي بن محمد وعبد الرحمان بن إبراهيم. و (الترمذي) (1831) . وفي الشمائل (163) قال: حدثنا سلمة بن شبيب ومحمود بن غيلان وأحمد بن إبراهيم الدورقي. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) 12/16796 عن إسحاق بن إبراهيم (ح) وعن عبيد الله بن سعيد. جميعهم - أحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، وإسحاق، وأبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله، وعبيد بن إسماعيل، وأبوكريب، وهارون، الحسن، وعلي بن محمد، وعبد الرحمان ابن إبراهيم، وسلمة، ومحمود، وأحمد بن إبراهيم، وعبيد الله بن سعيد - عن أبي أسامة.
2- وأخرجه الدارمي (2081) قال: حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (البخارى) (7/، 44 57) قال حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (مسلم) 4/185 قال: حدثنيه سويد بن سعيد. كلاهما -فروة، سويد - قالا: حدثنا علي بن مسهر.
3-وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) 12/16793 عن محمد بن عبيد الكوفي، عن حفص بن غياث.
ثلاثتهم - حماد بن أسامة أبو أسامة، وعلي بن مسهر، وحفص بن غياث- عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة..
(*) جاء في صحيح مسلم عقب هذا الحديث: قال: أبو إسحاق إبراهيم (راوي الصحيح عن مسلم) : حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم قال حدثنا أبو أسامة، بهذا سواء.
والرواية الثانية أخرجها أحمد (6/131) قال: حدثنا عفان. وفي (6/261) قال: حدثنا يونس. كلاهما -عفان، ويونس - قالا: حدثنا حماد بعني ابن سلمة، عن ثابت عن شميسة، فذكرته.
(*) قال عفان عقب روايته. حدثنيه حماد، عن شميسة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سمعته بعد يحدثه عن شميسة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعد في حج أو عمرة قال: ولا أظنه إلا قال: في حجة الوداع.
* أخرجه أحمد (6/338) قال: حدثنا عفان. و (أبو داود) (4602) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. كلاهما - عفان، وموسى بن إسماعيل - قالا: حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن ثابت البناني، عن سمية فذكرته.(2/397)
856 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لم أزلْ حَريصاً على أنْ أسْأَلَ عُمرَ بنَ الخطابِ عن المرأتينِ من أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قال الله عز وجل: {إِنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما} (1) حتى حَجَّ عمرُ، وحَجَجْتُ مَعهُ، فلما كان بِبعضِ الطريقِ عَدَلَ عمرُ، وعَدَلْتُ [ص:401] مَعهُ بالإِدَاوِة، فَتَبَرَّزَ ثمَّ أتاني، فسكبتُ على يَدَيْهِ، فَتَوَضَّأَ، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، مَنِ المرأتانِ من أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتانِ قال الله عز وجل: {إنْ تَتُوبا إلى اللَّه فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما} ؟ فقال عمرُ: واعجباً لكَ يا ابْن العباس! قال الزهريُّ: كَرِهَ واللهِ ما سأله عَنْهُ ولم يكْتُمْه، فقال: هُما عائشَةُ وحفْصَةُ، ثم أخَذَ يسُوقُ الحديثَ - قال: كُنَّا معْشَرَ قُرَيْش قَوْماً نَغْلِبُ النِّساءَ، فلمَّا قَدِمْنا المدينَةَ، وجدْنا قوماً تغْلِبُهُمْ نِساؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِساؤُنا يتَعَلَّمْنَ من نِسائِهِمْ، قال: وكان مَنْزِلي في بني أُمَيَّةَ بن زيْدٍ بالعَوَالي، فَتَغَضَّبْتُ يوماً على امْرَأَتِي، فإِذا هي تُراجِعُني، فأنكَرْتُ أنْ تُراجِعَني، فقالت: ما تُنْكِرُ أنْ أُراجعَك، فو اللهِ، إِن أزْواجَ النبي صلى الله عليه وسلم لُيرَاجِعْنَهُ، وتَهْجُرُهُ إحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إلى اللَّيْلِ، فانْطَلَقْتُ، فدَخلْتُ على حَفْصَةَ، فَقُلتُ: أتُراجِعِينَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: نعم، فقلتُ: أَتَهْجُرُهُ إِحْداكُنَّ الْيَوْمَ إلى اللَّيْلِ؟ قالت: نعم، قُلْتُ: قَدْ خابَ مَنْ فَعَلَ ذلك مِنْكُنَّ وخَسِرَتْ، أفَتَأَْمَنُ إِحْداكُنَّ أنْ يغْضَبَ اللهُ عليها لِغَضَبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فإِذا هيَ هَلَكَتْ، لا تُراجعي رسولَ الله، ولا تسْأَليه شَيْئاً، وسَلينيِ ما بَدَالك، ولا يغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارَتُكِ هي أوْسَمُ (2) وأحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكِ - يريِد عائشَةَ - وكان لي جارٌ من الأنصار، فكُنَّا نتَنَاوَبُ النزولَ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فينزلُ يوماً، وأَنزِلُ يوماً، فيَأْتِيني بِخَبَرِ [ص:402] الوَحْيِ وغيره، وآتِيهِ بِمثِلِ ذلك وكُنَّا نتحدثُ: أنَّ غسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُونَا، فَنزَلَ صاحبي، ثُمَّ أتَانِي عِشاء، فضَرَبَ بابِي، ثم ناداني، فخرجتُ إليه، فقال: حَدَثَ أمْرٌ عظيمٌ، فقلتُ: ماذا؟ جاءتْ غَسَّانُ؟ قال: لا، بلْ أعظمُ من ذَلِكَ وأهْوَلُ، طَلَّقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءهُ، قلتُ: وقد خَابَتْ حَفْصَةُ وخَسِرَتْ، وقد كُنْتُ أَظُنُّ هذا يُوشكُ أن يكونَ، حتى إذا صَلَّيْتُ الصبحَ شَدَدْتُ عليَّ ثيابي، ثم نزلتُ، فدخلتُ على حَفْصَةَ، وهي تبكي، فقلتُ: أطَلَّقكُنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أَدري، هو هذا مُعْتَزِلٌ في هذه المشرُبةِ، فأتيتُ غلاماً له أسودَ، فقلت: اسْتأذِنْ لعمر، فدخلَ ثم خرج إليَّ، قال: قد ذكرتكَ له فَصَمَتَ، فانطلقتُ حتى إذا أتيتُ المنبرَ، فإذا عنده رهْطٌ جلوسٌ، يبكي بعضُهم، فجلستُ قليلاً، ثم غلبني ما أجِدُ، فأتيتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذنْ لعمرَ، فدخلَ ثم خرجَ إليَّ، فقال: قد ذكرْتُكَ له فصَمَتَ، فخرجتُ فجلستُ إلى المنبر، ثم غلبني ما أجدُ، فأتيتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذنْ لعمرَ، فدخلَ ثم خرجَ فقال: قد ذكرْتُكَ له فصَمَتَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل فقد أذن لك، فدخلت، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مُتِّكىءٌ على رِمَالِ حَصِيرٍ، قد أثَّرَ في جنبِه، فقلتُ: أطلَّقتَ يا رسولَ اللهِ نِساءكَ؟ فرفع رأسه إليَّ، فقال: لا، فقلت: الله أكبر، لو رأيتَنا يا رسولَ الله، وكُنَّا معشر قريشٍ نغلِبُ النساء، فلمَّا قَدِمْنا المدينَةَ وجدْنا قوماً تغْلِبُهُمْ نِساؤُهُمْ، فطفِقَ نساؤنا يتعلَّمْنَ من نسائهم، فتغضَّبْتُ على امرأَتي يوْماً، فإذا هي [ص:403] تراجعُني، فأنكرتُ أن تَراجعني، فقالت: ما تُنكرُ أن أُراجعَكَ؟ فو اللهِ إنَّ أزواجَ رسولِ الله لَيُرَاجِعْنَهُ، وتَهْجُرُهُ إِحداهنَّ اليومَ إِلى الليلِ، فقْلتُ: قد خابَ مَنْ فعلَ ذلكَ منهنَّ وخسِرَ، أَفتأْمَنُ إِحداهنَّ أنْ يَغْضبَ اللهُ عليها لِغضبِ رسولِ الله، فإِذا هِيَ قَدْ هلكت؟ فتبسَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله، قد دَخَلْتُ على حفصةَ فقلتُ: لا يغُرَّنَّكِ أَنْ كانت جارتُكِ هي أوسمُ وأَحبُّ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منكِ، فتبسَّم أُخرى. فقلتُ: استأنِس يا رسولَ الله؟ قال: نعم، فجلستُ، فرفعتُ رأْسي في البيتِ، فو الله ما رأَيتُ فيه شيْئاً يَرُدُّ البصرَ، إِلا أُهبَة ثلاثة، فقلتُ: يا رسولَ الله، ادعُ اللهَ أَن يُوسِّعَ على أُمَّتك، فقد وسَّعَ على فارسَ والروم، وهم لا يعْبُدُون اللهَ. فاستوى جالساً، ثم قال: أَفي شكٍّ أَنتَ يا ابنَ الخطاب؟ أَولئك قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياة الدنيا، فقلتُ: استغفرْ لي يا رسولَ اللهِ، وكان أقسَمَ أَلاَّ يدخُلَ عليهنَّ شهراً من أَجلِ ذلك الحديث، حين أفشَتْهُ حفصةُ إِلى عائشة، من شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهن حتى عاتبهُ اللهُ تعالى. قال الزهري: فأخبرني عُروةُ عن عائشة قالت: لما مضت تسعٌ وعشرونَ ليلة، دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بدأَ بي، فقلتُ: يا رسول الله، إِنك أَقْسَمْتَ أَنك لا تدخل عليْنا شهراً، وإِنَّكَ دخلت من تسعٍ وعشرينَ أَعُدُّهُنَّ؟ فقال: إِنَّ الشهر تسعٌ وعشرون - زاد في رواية: وكان ذلك الشهر تسعاً وعشرين ليلة، ثم قال: يا عائشة إِنِّي ذاكِرٌ لكِ أمراً، فلا علْيكِ أن لا تعجلي حتى تستأمِري أَبويكِ، ثم قرأَ: {يا أَيُّها النبيُّ قُلْ لأَزواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدُّنيا وزينتها [ص:404] فَتَعَالَيْنَ أُمتِّعْكُنَّ وأُسرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جميلاً. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ ورسولَهُ والدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أجراً عظيماً} قالت عائشة: قد عَلِمَ والله أَنَّ أبويَّ لم يكونا لِيأْمُراني بِفِراقِهِ، فقلتُ: أَفي هذا أَستأمرُ أَبويَّ؟ فإني أُريدُ اللهَ ورسوله، والدار الآخرة.
وفي روايةٍ: أنَّ عائشةَ قالت: لا تُخبِرْ نِساءكَ أَني اختَرْتُكَ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ أَرسلني مُبَلِّغاً، ولم يُرْسِلْني مُتَعَنِّتاً» ، هذه رواية البخاري، ومسلم، والترمذي.
ولمسلم أَيضاً نحوُ ذلك، وفيه: «وذلك قبل أَن يؤمَرْن بالحجابِ» .
وفيه: دخولُ عمرَ على عائشةَ وحفصة ولوْمُهُ لهما، وقوله لحفصةَ: «واللهِ لقد علمتُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّكِ، ولولا أَنا لطَلَّقَكِ» .
وفيه: قولُ عمر عند الاستئذان - في إِحدى المرات - يا رباحُ، استأْذِنْ لي، فإني أُظُنُّ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ظنَّ أني جئتُ من أَجل حفصة، والله لئن أمرني أن أضرِبَ عُنُقَها، لأضرِبَنَّ عُنُقَها، قال: ورفعتُ صوتي، وأنهُ أذِنَ له عند ذلك، وأَنهُ استأْذَنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أَن يخبر الناسَ أنهُ لم يُطلِّقْ نساءهُ، فأذِنَ له، وأنهُ قام على بابِ المسجدِ، فنادى بأعلى صوتِهِ: لم يُطَلِّقْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءهُ، وأَنَّهُ قال له - وهو يَرى الغضبَ في وَجهه-: يا رسولَ اللهِ، ما يشُقُّ عليك من شأنِ النساءِ، فإنْ كنتَ طلَّقْتَهُنَّ، فإنَّ اللهَ مَعَكَ، وملائكتَهُ وجبريلُ، وميكائيلُ، وأنا وأَبو بكرٍ والمؤمنون معكَ، [ص:405] قال: وقَلَّمَا تكلَّمْتُ - وأحمدُ الله - بكلامٍ، إِلا رجوتُ أن يكونَ اللهُ يُصدِّقُ قولي الذي أَقولُ، فنزلت هذه الآية، آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزواجاً خَيراً مِنكُنَّ مُسلماتٍ مُؤْمِنَاتٍ قانتَاتٍ تَائِباتٍ عابِدَاتٍ سائحاتٍ ثيِّباتٍ وأَبكاراً} .
وفيه أنه قال: فلم أزلْ أُحدِّثُهُ، حتى تحسَّر الغضبُ عن وجهه وحتى كشَرَ فضحِك - وكان من أَحسن الناسِ ثغْراً - قال: ونزلتُ أَتشبَّثُ بالجِذْع وهو جذعٌ يَرْقَى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وينْحَدِرُ، ونزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرضِ، ما يمسُّهُ بيدهِ. فقلتُ: يا رسولَ الله، إِنَّمَا كُنتَ في الغرفةِ تسعاً وعشرين؟ فقال: إِنَّ الشهرَ يكون تسعاً وعشرين، قال: ونزلت هذه الآية: {وَإِذا جَاءهُم أَمرٌ مِن الأمنِ أو الخَوفِ أَذاعوا بهِ ولو رَدُّوه إِلى الرسولِ وإِلى أُولي الأَمرِ منهم لَعَلِمَهُ الذين يسْتَنْبِطونهُ منهم} [النساء: 83] قال: فكنتُ أنا الذي استنْبَطْتُ ذلك الأمر، فأنزل الله عز وجلَّ آية التخيير.
وفي رواية للبخاري ومسلم قال: مكَثْتُ سنة أريدُ أَن أَسأَل عمر بن الخطاب عن آيةٍ، فما أستطيعُ أَن أَسأَلَهُ، هَيْبَة له، حتى خرجَ حاجّاً، فخرجتُ معه، فَلَمَّا رجعنا - وكنا بِبعْضِ الطريق - عَدَلَ إِلى الأراك لحاجةٍ له فوقفتُ له حتى فرغَ، ثم سِرتُ معه، فقلتُ: يا أَمير المؤمنين، مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أَزواجه؟ فقال: تلكَ حفصة وعائشةُ، فقلتُ: والله إِنْ كُنتُ لأُريدُ أَنْ أَسأَلكَ عن هذا مُنذُ سنةٍ، فما أستطيعُ، هَيْبة لك، قال: فلا تفْعَلْ، ما ظَنْنتَ أَنَّ عندي من علم، فسلني، فإن كان لي به علمٌ خَبَّرْتُكَ به، ثم قال عمر: واللهِ [ص:406] إِنْ كُنَّا في الجاهليةِ ما نَعُدُّ لِلنِّساءِ أمْراً، حَتَّى أنزلَ اللهُ فيهنَّ ما أنْزَلَ، وقَسَمَ لهنَّ ما قسم، قال: فبينا أَنا في أَمرٍ أَتأمَّرُه، إِذْ قالت امرأتي: لو صنعتَ كذا وكذا؟ فقلتُ لها: مالكِ ولِمَا هاهنا! فيما تكلُّفُكِ في أَمرٍ أُرِيدُهُ! فقالت لي: عجباً لك يا ابن الخطابِ! ما تُريدُ أن تُراجَعَ أنتَ، وإنَّ ابنتكَ لتُرَاجِعُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى يظلَّ يومَهُ غضبان؟ فقام عمر، فأخذ رداءهُ مكَانَهُ، حتى دخلَ على حفصةَ، فقال لها: يا بُنيَّةُ، إِنَّكِ لتراجعِين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظلَّ يومَهُ غضبان؟ فقالت حفصةُ: واللهِ إِنَّا لنُراجِعُهُ، فقلتُ: تعلمينَ أَني أُحذِّركِ عقوبةَ اللهِ، وغضب رسولِهِ؟ يا بُنيَّةُ، لا يَغُرنَّكِ هذه التي أَعجَبَهَا حُسْنُهَا، وحُبُّ رَسولِ اللهِ إِيَّاهَا - يُريدُ عائشةَ - قال: ثُمَّ خرجتُ، حتى دخلتُ على أُم سلمةَ لقرابتي منها، فكلَّمتُها، فقالت أُمُّ سلمة: عجباً لكَ يا ابنَ الخطَّاب! ، دخلْتَ في كلِّ شيءٍ، حتى تبتغي أَن تَدْخُلَ بين رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبَين أَزواجِهِ؟ قال: فأَخَذَتْني واللهِ أَخْذاً كَسَرَتْني بهِ عن بَعْضِ مَا كُنتُ أَجِدُ، فخرجتُ من عندها. وكان لي صاحبٌ من الأنصارِ، إِذا غِبتُ أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف مَلِكاً من ملوك غسان ذُكِرَ لنا: أنه يريدُ أن يسيرَ إِلينا، فقد امتلأتْ صُدورنا منه، فإِذا صاحبي الأنصاريُّ يَدُقُّ البابَ. فقال: افتحْ، افتحْ، فقلتُ: جاءَ الغسانيُّ؟ فقال: بل أشدُّ من ذلك، اعتزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجَهُ، فقلت: رَغِمَ أنفُ حفصةَ وعائشة، فأخذتُ ثوبي فأخرجُ حتى جِئتُ، فَإِذا [ص:407] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مشرُبةٍ له، يَرْقى عليها بعجلةٍ، وغلامٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على رأس الدرجةِ، فقلتُ: قلْ: هذا عمرُ بن الخطاب، فَأَذِنَ لي، قال عمر: فَقَصَصْتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث، فلما بَلَغْتُ حديثَ أُمِّ سلمةَ، تبسَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإِنَّهُ لعلى حصيرٍ، ما بينَهُ وبينَهُ شيءٌ، وتحت رأسه وسادةٌ من أَدم، حشْوُها ليفٌ، وإِن عند رجليْهِ قَرظاً مصْبُوراً، وعند رأْسِهِ أَهَبٌ مُعلَّقةٌ، فرأيتُ أَثَرَ الحصير في جنْبِهِ، فبكَيتُ. فقال: ما يُبكيك؟ فقلتُ: يا رسولَ الله، إِن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسولُ الله؟ ! فقال: «أَما ترضى أَن تكونَ لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟» .
وأخرجه النسائي مجملاً، وهذا لفظهُ: قال ابن عباس: لم أزلْ حريصاً أَن أسأَلَ عُمرَ بن الخطاب عن المرأَتين من أَزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللَّتين قال الله عز وجل: {إِنْ تَتُوبَا إِلى اللهِ فقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وساق الحديث. هكذا قال النسائي، ولم يذكر لفظه، وقال: واعتزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهُ - من أجل ذلك الحديث، حين أَفشَتْهُ حفصةُ إِلى عائشةَ - تسعاً وعشرين ليلة، قالت عائشةُ: وكان قال: ما أَنا بداخلٍ عليهنَّ شهراً، من شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهنَّ حينَ حدَّثهُ اللهُ - عزَّ وجلَّ - حديثَهُنَّ، فلما مضت تِسعٌ وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأَ بها؛ فقالت له عائشة: قد كنتَ آليتَ يا رسولَ الله، أَن لا تدخُلَ علينا شهراً، وإِنَّا أصبحنا من تِسعٍ وعشرين ليلة، نعدُّها عَدّاً؟ [ص:408] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الشهر تِسعٌ وعشرون ليلة» (3) . [ص:409]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العوالي) جمع عالية: وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة.
(صغت) قلوبكما: مالت.
(جارتك) الجارة هاهنا: الضرة، أراد بها عائشة رضي الله عنها.
(أوسم منك) أكثر منك حسناً وجمالاً، والوسامة: الحسن والجمال.
(أوضأ منك) أكثر منك وضاءة، والوضاءة: الحسن والنظافة، ومنه الوضوء.
(نتناوب) التناوب: هو أن تفعل الشيء دفعة ويفعله الآخر دفعة أخرى، مرة بعد مرة.
(المشربة) بضم الراء وفتحها: الغرفة.
(رمال حصير) يقال: رملت الحصير: إذا ضفرته ونسجته، والمراد: أنه لم يكن على السرير وطاء سوى الحصير.
(نقير) النقير: جذع ينقر، ويجعل فيه كالمراقي، يصعد عليه [ص:410] إلى الغرف.
(أهبة، وأهب) الأهب: جمع إهاب، كذلك الأهبة، والإهاب الجلد، ويجمع أيضا على أهب بالضم.
(الموجدة) الغضب.
(تحسر) الغضب، أي: انكشف وزال.
(كشَرَ) عن أسنانه، أي: كشف.
(أتأمَّره) التأمر: تدبر الشيء والتفكر فيه، ومشاورة النفس في شأنه.
(قرظاً) القرظ: ورق السلم، يدبغ به الجلود.
(مصبوراً) المصبور: المجموع، أي: جُعِل صبرة كصبرة الطعام.
__________
(1) نقل القرطبي في تفسيره 6 / 173 و 174 قال الخليل بن أحمد والفراء: كل شيء يوجد من خلق الإنسان إذا أضيف إلى اثنين جمع. تقول: هشمت رؤوسهما وأشبعت بطونهما، و {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} ، ولهذا قال: {فاقطعوا أيديهما} ولم يقل: يديهما.
(2) " أن كانت " بفتح الهمزة، والمراد بالجارة هنا: الضرة، و " أوسم " أحسن وأجمل، والوسامة: الجمال.
(3) البخاري 8 / 503 و 504 في تفسير سورة التحريم، باب {تبتغي مرضاة أزواجك} ، وفي المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة، وفي النكاح، باب موعظة الرجل ابنته لحال زواجها، وباب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض، وفي اللباس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط، وفي خبر الواحد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، وباب قول الله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، ومسلم رقم (1479) في الطلاق، باب الإيلاء واعتزال النساء، والترمذي رقم (3315) في التفسير، باب ومن سورة التحريم، والنسائي 4 / 137 و 138 في الصوم، باب كم الشهر. وفي الحديث من الفوائد: سؤال العالم عن بعض أمور أهله وإن كان عليه فيه غضاضة إذا كان في ذلك سنة تنقل ومسألة تحفظ، وفيه توقير العالم ومهابته عن استفسار ما يخشى من تغيره عند ذكره، وترقب خلوات العالم ليسأل عما لعله لو سئل عنه بحضرة الناس أنكره على السائل، وفيه أن شدة الوطأة على النساء مذموم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بسيرة الأنصار في نسائهم وترك سيرة قومه، وفيه تأديب الرجل ابنته وقرابته بالقول لأجل إصلاحها لزوجها، وفيه سياق القصة على وجهها وإن لم يسأل السائل عن ذلك، إذا كان في ذلك مصلحة من زيادة شرح وبيان، لاسيما إذا كان العالم يعلم أن الطالب يؤثر ذلك، وفيه البحث في العلم في الطرق والخلوات وفي حال القعود والمشي، وفيه ذكر العالم ما يقع من نفسه وأهله بما يترتب عليه فائدة دينية وإن كان في ذلك حكاية ما يستهجن، وجواز ذكر العمل الصالح لسياق الحديث على وجهه، وبيان ذكر وقت التحمل، وفيه الصبر على الزوجات والإغضاء عن خطابهن والصفح عما يقع منهن من ذلك في حق المرء دون ما يكون من حق الله تعالى، وفيه جواز اتخاذ الحاكم عند الخلوة بواباً يمنع من يدخل إليه بغير إذنه، وفيه أن للإمام أن يحتجب عن بطانته وخاصة عند الأمر يطرقه من جهة أهله حتى يذهب غيظه ويخرج إلى الناس وهو منبسط إليهم، فإن الكبير إذا احتجب لم يحسن الدخول إليه بغير إذن ولو كان الذي يريد أن يدخل جليل القدر، عظيم المنزلة عنده، وفيه أن المرء إذا رأى صاحبه مهموماً استحب له أن يحدثه بما يزيل همه ويطيب نفسه، لقول عمر: لأقولن شيئاً يضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب أن يكون ذلك بعد استئذان الكبير في ذلك، كما فعل عمر، وفيه التجمل بالثوب والعمامة عند لقاء الأكابر، وفيه التناوب في مجلس العالم إذا لم تتيسر المواظبة على حضوره لشاغل شرعي من أمر ديني أو دنيوي، وفيه أن الأخبار التي تشاع ولو كثر ناقلوها إن لم يكن مرجعها إلى أمر حسي من مشاهدة أو سماع لا تستلزم الصدق، فإن جزم الأنصاري في رواية بوقوع التطليق، وكذا جزم الناس الذين رآهم عمر عند المنبر بذلك محمول على أنهم شاع بينهم ذلك من شخص بناء على التوهم الذي [ص:409] توهمه من اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فظن لكونه لم تجر عادته بذلك أنه طلقهن فأشاع أنه طلقهن، فشاع ذلك فتحدث الناس به، وفيه أن الغضب والحزن يحمل الرجل الوقور على ترك التأني المألوف منه، لقول عمر: ثم غلبني ما أجد ثلاث مرات، وفيه كراهة سخط النعمة واحتقار ما أنعم الله به ولو كان قليلاً، والاستغفار من وقوع ذلك، وطلب الاستغفار من أهل الفضل، وإيثار القناعة، وعدم الالتفات إلى ما خص به الغير من أمور الدنيا الفانية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (1/33) (222) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر. و (البخاري) (1/33 7/36) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب. وفي (3/174) قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن عقيل. و (مسلم (4/192) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن أبي عمر. قال ابن أبي عمر: حدثنا. وقال إسحاق: أخبرنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر. (الترمذي) (2461و3318) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر. و (النسائى) (4/137) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن صالح. (ح) وأخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا الحكم بن نافع قال: أنبأنا شعيب. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10507) عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور، عن معمر. أربعتهم - معمر، وشعيب، وعقيل، وصالح - عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور.
2- وأخرجه أحمد (339) قال: حدثنا سفيان. و (البخاري) (6/194، 7/44، 9/110) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن بلال. وفي (6/196) قال: حدثنا علي، قال: حدثنا سفيان. وفي (6/197) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (7/196) و (9/109) قال: حدثنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا حماد بن زيد. و (مسلم) (4/190) قال: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني سليمان، يعني ابن بلال. وفي (4/191) قال حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة. وفي (4/192) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب. قالا: حدثنا سفيان بن عيينة. أربعتهم - سفيان، وسليمان، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة - عن يحيى عن سعيد، عن عبيد بن حنين.
3- وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (835) قال حدثنا محمد بن المثنى. و (مسلم) (4/188) قال: حدثني زهير بن حرب. و (ابن ماجة) 4153 قال: حدثنا محمد بن بشار. و (الترمذي) 2691 قال: حدثنا محمود بن غيلان. و (ابن خزيمة) 1921، 78 21 قال: حدثنا محمد بن بشار. أربعتهم-ابن المثني، وزهير، وابن بشار، ومحمود - عن عمر بن يونس، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك الحنفي أبي زميل.
4- وأخرجه أبو داود (5201) قال: حدثنا عباس العنبري. و (النسائى) في عمل اليوم والليلة (321) قال: أخبرنا الفضل بن سهل. كلاهما - عباس، والفضل - قالا: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا حسن بن صالح، عن أبيه عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير (مختصرا على السلام فقط) أربعتهم -عبيد الله، وعبيد بن حنين، وأبو زميل، وسعيد -عن ابن عباس فذكره.
ورواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها أخرجه عبد بن حميد (43) قال: حدثني ابن أبي شيبة، قال حدثنا يحيى بن آدم. و (الدارمي) (2269) قال: حدثنا إسماعيل بن خليل وإسماعيل بن أبان. و (أبو داود) (2283) قال: حدثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري و (ابن ماجة) (2016) قال: حدثنا سويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة ومسروق بن المرزبان. و (النسائي) (6/213) قال: أخبرنا عبدة بن عبد الله، قال: أنبأنا يحيى بن آدم (ح) وأنبأنا عمرو بن منصور قال: حدثنا سهل بن محمد أبو سعيد.
سبعتهم - يحيى بن آدم، وإسماعيل بن خليل، وإسماعيل بن أبان، وسهل، وسويد، وعبد الله بن عامر ومسروق - عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن صالح بن صالح بن حي، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. فذكره.(2/400)
857 - (س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتْ له أَمَةٌ يَطَؤُها، فلم تَزَلْ به عائشَةُ وحفصة حتى حرَّمَها على نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أيُّها النَّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... } الآية. أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7 / 71 في عشرة النساء، باب الغيرة، وإسناده قوي. وذكر ابن كثير في تفسيره 8 / 404: عن الهيثم بن كليب قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: " لا تخبري أحداً، وإن أم إبراهيم علي حرام ". فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال: " فوالله لا أقربها " قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، قال فأنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} ، وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه " المستخرج ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي 7/71 وفي الكبرى (تحفة الأشراف -382) قال: في إبراهيم بن يونس بن محمد، حرمي وهو لقبه، قال: ثنا أبي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت فذكره.(2/410)
سورة ن
858 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (1) } [ن: 13] قال رجلٌ من قريش: كانت له زَنَمَةٌ مثل زَنَمَة الشاة. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عتل) العتل: الفظ الغليظ، وقيل: الجافي الشديد الخصومة.
(زنيم) الزنمة: الهناة المعلقة عند حلق المعزى، وهما زنمتان، والمراد بالزنيم: الدعي في النسب الملحق في القوم وليس منهم، تشبيهاً له بالزنمة.
__________
(1) قال الحافظ في "الفتح " 8 / 467: " العتل " قال الفراء: الشديد الخصومة. وقيل الجافي عن الموعظة. وقال أبو عبيدة: الفظ الشديد، وقال الحسن: الفاحش الآثم. وقال الخطابي: الغليظ العنيف. وقال الداودي: السمين العظيم العنق والبطن. وقال الهروي: الجموع المنوع. و " الزنيم " الملصق في القوم ليس منهم. قال حسان:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
قال الحافظ في " الفتح " 8 / 508: اختلف في الذي نزلت فيه، فقيل: هو الوليد بن المغيرة، ذكره يحيى بن سلام في تفسيره، وقيل: الأسود بن عبد يغوث، ذكره سنيد بن داود في تفسيره، وقيل: الأخنس بن شريق، ذكره السهيلي عن القعنبي، وزعم قوم: أنه أبو الأسود، وليس به، وأبعد من قال: إنه عبد الرحمن بن الأسود، فإنه يصغر عن ذلك، وقد أسلم، وذكر في الصحابة.
(2) 8 / 507 في تفسير سورة ن والقلم، باب {عتل بعد ذلك زنيم} ، وقال الحافظ: زاد أبو نعيم في مستخرجه " في آخره يعرف بها "، وفي رواية سعيد بن جبير عند الحاكم 2 / 499: يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها، وللطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: نعت فلم يعرف حتى قيل: زنيم فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4917) قال حدثنا محمود قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي حصين عن مجاهد، فذكره.(2/411)
859 - (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكْشِفُ ربُّنا عن ساقِهِ (1) ، فيسجُدُ له كُلُّ مؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ، ويَبْقى من كان يسجُدُ في الدُّنيا رِياء وسُمْعَة، فيذهبُ ليسجدَ، فيعودُ ظَهرُهُ طَبَقاً واحداً» .
وأخرجه البخاري هكذا، وهو طرف من حديث طويل، وقد أخرجه هو ومسلم بطوله، وهو مذكور في كتاب القيامة من حرف القاف (2) . [ص:413]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يكشف عن ساقه) الساق في اللغة: الأمر الشديد، و (كشف الساق) مثل في شدة الأمر. وأصله في الروع، كما يقال للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثم ولا غل، وإنما هو مثل في البخل، وكذلك هذا: لا ساق هناك ولا كشف (*) .
(طبقاً) الطبق: خرز الظهر، واحدتها: طبقة، يقال: صار فقارهم فقارة واحدة، فلا يقدرون على السجود، وقيل: الطبق: عظم رقيق يفصل بين الفقارين، أي: صار الظهر عظماً واحداً
(رياء وسمعة) فعلت الشيء رياء وسمعة: إذا فعلته ليراك الناس ويسمعوك.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 508: " قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: (يوم يكشف عن ساق) قال: من شدة أمر، وعند الحاكم 2 / 499، 500 وصححه ووافقه الذهبي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: هو يوم كرب وشدة، قال الخطابي: فيكون المعنى: يكشف عن قدرته التي تنكشف عن الشدة والكرب. ووقع في هذا الموضع " يكشف ربنا عن ساقه " وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم، فأخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال في قوله: " عن ساق " نكرة، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ: " يكشف عن ساق " قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء ". وقال النووي في " شرح مسلم ": وفسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث: الساق هنا: بالشدة. أي: يكشف عن شدة وأمر مهول.
وقال العيني في " شرح البخاري " 9 / 234 في باب يوم يكشف عن ساق، أي: هذا باب في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} قيل: تكشف القيامة عن ساقها، وقيل: عن أمر شديد فظيع، وهو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا، وهذا من باب الاستعارة، تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى اجتهاد ومعاناة ومقاساة للشدة: شمر عن ساقه، فاستعير الساق في موضع الشدة وإن لم يكن كشف الساق حقيقة، كما يقال: أسفر وجه الصبح، واستقام له صدر الرأي. والعرب تقول لسنة الحرب: كشفت عن ساقها.
(2) 8 / 508 في تفسير سورة ن والقلم، باب {يوم يكشف عن ساق} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، وفي التوحيد، باب {وجوه يومئذ ناضرة} ، ورواية مسلم المطولة أخرجها في صحيحه رقم (183) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، وكذلك أحمد في " المسند " 3 / 16 و 17.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في شرح الغريب ذكر ابن الأثير رحمه الله معنى "يكشف ربنا عن ساقه" وأنه مثل في شدة الأمر ... إلخ ولم بيبن أن فيه إثبات صفة الساق لله عز وجل على صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وكذلك في الهامش ذكر الشيخ عبد القادر من فسرها بالشدة والكرب ونحوه ولم يذكر أن فيه إثبات لصفة الساق.
قال الشيخ البراك وقوله في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" نص في إثبات الساق لله تعالى، والقول فيه كالقول في سائر صفاته تعالى، والآية وإن لم تكن نصا في إثبات صفة الساق لأنها جاءت بلفظ التنكير فالحديث مفسر لها. وإن صح أن يُختلف في دلالة الآية، فلا يصح أن يختلف في دلالة الحديث. وتأويل الساق في الحديث بالقدرة هو من سبيل أهل التأويل من النفاة لتلك الصفات، وهم بهذا التأويل يجمعون بين التعطيل والتحريف. وأهل السنة يمرون هذه الصفات على ظاهرها مؤمنين بما دلت عليه، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته سبحانه بصفات خلقه. (التعليق 52)
قال الشيخ البراك: تفسير الكشف عن الساق بزوال الخوف والهول فيه نظر؛ فإن المشهور في معنى يكشف عن ساق أنه كناية عن شدة الأمر والهول كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويبدو أن الذي فسره بزوال الشدة توهمه من لفظ الكشف. والذي جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما محتمل في الآية، ولكن جاء في السنة ما يبين أن المراد كشف الله تعالى عن ساقه بلفظ الإضافة، فيدل على إثبات الساق لله سبحانه، وهو أولى ما تفسر به الآية؛ فإن سياق الحديث موافق لسياق الآية لفظًا ومعنى. (التعليق 88) وينظر (التعليق 136) [تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - نقله على الشبكة العنكبوتية عبد الرحمن بن صالح السديس] وينظر التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري - لعلي الشبل وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته - ص 86 -87
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: 1-أخرجه أحمد (3/16) قال: ثنا ربعي بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق.
2-وأخرجه أحمد (3/94) و (ابن ماجة) (60) قال: حدثنا محمد بن يحيى، (الترمذي) (2598) قال: حدثنا سلمة بن شبيب. و (النسائي) (8/112) قال: أخبرنا محمد بن رافع. أربعتهم -أحمد، وابن يحيى، وسلمة، وابن رافع - قالوا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر.
3- وأخرجه البخاري (6/56) قال: حدثني محمد بن عبد العزيز. و (مسلم 1/114 قال: حدثني سويد ابن سعيد. كلاهما محمد، وسويد عن أبي عمر حفص بن ميسرة.
4- وأخرجه البخاري (6/198) قال: حدثنا آدم. وفي (9/158) قال: حدثنا يحيى بن بكير. و (مسلم) (1/117) قال: قرأت على عيسى بن حماد. ثلاثتهم - آدم، وابن بكير، وعيسى - عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال.
5-وأخرجه مسلم (1/117) قال: حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا هشام بن سعد.
خمستهم - عبد الرحمان، ومعمر، وحفص، وسعيد، وهشام -عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، فذكره.(2/412)
سورة نوح
860 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: صارتِ الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعْدُ أمَّا «وَدّ» فكانتِ لكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وأما «سُواعٌ» فكانت لهذيل، وأما «يَغُوثُ» فكانت لِمُرادَ، ثم صارَت لِبَني غُطَيْفٍ بالْجُرفِ عِند سَبأ، وأمَّا «يَعُوقُ» فكانت لَهِمْدان، وأَمَّا «نَسْرٌ» فَلِحِمْيرَ، لآلِ ذي الْكَلاعَ، وكلُّها أسماءُ رجالٍ صالحينَ من قوْمِ نُوحٍ، فلَّما هَلَكوا أَوْحى [ص:414] الشَّيطانُ إلى قَوْمِهِم: أنِ انْصِبُوا إلى مَجالِسِهِمْ التي كانوا يجلسون فيها أنْصاباً، وسَمُّوها بأسمائهم، ففعلُوا، فلم تُعبدْ، حتى إذا هلك أولئك، وتنَسَّخَ (1) العلمُ عُبِدَتْ. أخرجه البخاري (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنصاباً) الأنصاب: الأصنام، وقيل: أحجار كانوا ينصبونها ويذبحون عليها لآلهتهم الذبائح.
__________
(1) أي: علم تلك الصور بخصوصها.
(2) 8 / 511 و 512 و 513 في تفسير سورة نوح، باب وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (492) حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس فذكره.(2/413)
سورة الجن
861 - (خ م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: ما قَرَأَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجنِّ ولا رآهم (1) ، انْطَلَق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابهِ عامِدينَ إلى سوقِ عُكاظَ، وقد حِيلَ بيْنَ الشياطينِ وبيْنَ خَبَرِ السماء، وأُرسِلَ عليهُم الشُّهُبُ، فرَجعَتِ الشَّياطينُ إلى قَومِهِمْ، فقالوا: مالكم؟ قيل: حِيل بيننا وبْين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب، قالوا: وما ذَاكَ إِلا من شيءٍ حَدَثْ، فاضرِبُوا مَشارِقَ الأرْضِ ومغارِبَها، فَمَرَّ النفَرُ الذين أخذُوا نحوَ [ص:415] تِهامة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو بنَخْلٍ (2) عامدينَ إلى سوقِ عُكاظَ، وهو يُصَلِّي بأصحابهِ صلاةَ الفجر، فلما سمعوا القرآنَ، اسْتمعوا له، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجَعُوا إلى قومهم، فقالوا: (يا قومنا إنا سمعنا قرآناً عجباً يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فآمَنَّا به ولنْ نُشْركَ بربنا أحداً) فأنزل الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوِحىَ إليَّ أنَّه اسْتَمعَ نَفَرٌ من الجن} [الجن: 1] .
زاد في رواية: وإنما أُوحِيَ إليه قولُ الجنِّ (3) .
أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
قال الترمذي: وبهذا الإسناد قال: قولُ الجنِّ لقومِهِم {لما قام عبدُ اللَّه يدُعوهُ كادُوا يكونون عليه لِبَداً} [الجن: 19] قال: لما رأوْهُ يُصَلِّي، وأصحابُهُ يُصلونَ بصلاتِهِ، ويسجُدُون بسجودِهِ، قال: تعَجَّبُوا من طواعِيَةِ أصحابِهِ له، قالوا لقومهم: لما قام عبدُ اللَّه يدُعوهُ، كادُوا يكونون عليه لِبَداً (4) . [ص:416]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عامدين) عمدت إلى الشيء: قصدت نحوه.
(حِيل) حلت بين الشيئين: فصلت بينهما، ومنعت أحدهما من الآخر.
(لبداً) أي: مجتمعين بعضهم على بعض، وهي جمع لبدة.
__________
(1) قال النووي: لكن ابن مسعود أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجن: فكان ذلك مقدماً على نفي ابن عباس، وقد أشار إلى ذلك مسلم، فأخرج في " صحيحه " رقم (450) في الصلاة، عقب حديث ابن عباس هذا حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني داعي الجن فانطلقت معه فقرأت عليه القرآن. قال الحافظ: ويمكن الجمع بالتعدد.
قال العلماء: هما قضيتان، وحديث ابن عباس في أول الأمر، وأول النبوة، ثم أتوا وسمعوا {قل أوحي} .
(2) قال النووي: كذا وقع في مسلم " بنخل " بالخاء المعجمة. وصوابه " بنخلة " بالهاء، وهو موضع معروف هناك، كذا جاء صوابه في صحيح البخاري، ويحتمل أنه يقال فيه: نخل، ونخلة.
وأما " تهامة " فبكسر التاء: وهو اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، ومكة من تهامة.
(3) قال الحافظ: هذه الزيادة من كلام ابن عباس، كأنه يقرر فيه ما ذهب إليه أولاً: أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتمع بهم، وإنما أوحى الله إليه بأنهم استمعوا، ومثله قوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا ... } الآية [الأحقاف: 29] ولكن لا يلزم من عدم ذكر اجتماعه بهم حين استمعوا، أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك.
(4) البخاري 8 / 513، 518 في تفسير سورة الجن، وفي صفة الصلاة، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر – [416] – ومسلم رقم (449) في الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح، والترمذي رقم (3320) في التفسير، باب ومن سورة الجن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/252) (2271) قال: حدثنا عفان، (والبخاري) (1/195) قال: حدثنا مسدد. وفي (6/199) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. و (مسلم) (2/35) قال: حدثنا شيبان بن فروخ. و (الترمذي) (3323) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثني أبو الوليد. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشواف) (5452) عن أبي داود الحراني، عن أبي الوليد (ح) وعن عمرو بن منصور، وعن محمد ابن محبوب.
ستتهم - عفان، ومسدد، وموسى، وشبيان، وأبو الوليد، ومحمد بن محبوب - عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (1/270) (2431) قال: حدثنا مؤمل. و (الترمذي) (3323) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثني أبو الوليد. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5452) عن أبي داود الحراني، عن أبي الوليد، وعن عمرو بن منصور عن محمد بن محبوب.
ثلاثتهم -مؤمل، وأبو الوليد، ومحمد بن محبوب - عن أبي عوانة، قال: حدثنا أبو بشر، عن سعيد ابن جبير، فذكره.
والرواية الثالثة: أخرجها أحمد (1/274) (2482) قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق. وفي (1/323) (2979) قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك. و (الترمذي) (3324) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا إسرائيل، قال: حدثنا أبو إسحاق. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5588) عن أبي داود الحراني، عن عبيد الله ابن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
كلاهما - أبو إسحاق، وسماك-عن سعيد بن جبير، فذكره.(2/414)
862 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنه -: قال: كان الجنُّ يصعَدُونَ إلى السماء يستمِعونَ الوحْيَ، فإِذا سَمِعُوا الكلمةَ، زَادُوا عليها تسْعاً، فأمَّا الكلمةُ فتكونُ حقّاً، وأمَّا ما زادُوا فيكُونُ باطِلاً، فلما بُعِثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنِعُوا مقَاعِدَهُم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجومُ يُرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا من أمرٍ قد حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً يُصلى بين جبلين - أُراه قال: بمكة - فأخبروه، فقال: هذا الحدثُ الذي حدثَ في الأرض.أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3321) في التفسير، باب ومن سورة الجن، وإسناده حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3324) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن يوسف حدثنا إسرائيل حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره.(2/416)
سورة المزمل
863 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {قُمِ الليل إلَّا قليلاً. نِصْفَهُ ... } الآية [المزمل: 2] قال: نسختها الآية التي فيها قوله تعالى: {عَلِمَ أنْ لنْ تُحصُوه فتابَ عليكم فَاقّْرَؤوا ما تيسر من القرآن} (1) [المزمل: 20] قال: وناشئة الليل: أوله، يقول: هو أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك: أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ، وقوله: {وأقْوَمُ قِيْلاً} [المزمل:6] يقول: هو أجدر أن تفقه في القرآن، قوله {إنَّ لك في النهار سَبْحاً طويلاً} [المزمل:7] . يقول فراغاً طويلاً.
وفي رواية قال: لما نزل أول المزَّمّل كانوا يقومونَ نحواً من قيامهم في شهر رمضان، حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سَنَةٌ. أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) وهو قول عكرمة ومجاهد والحسن وغير واحد من السلف، ويؤيده حديث مسلم في " صحيحه " رقم (746) في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل، وفيه أن حكيم بن أفلح قال لعائشة: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألست تقرأ {يا أيها المزمل} قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة.
(2) رقم (1304) و (1305) في الصلاة، باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه، وسند الروايتين حسن. وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 286 وزاد نسبته لمحمد بن نصر، وابن مردويه، والبيهقي في " السنن ".
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه أبو داود (1304) قال: ثنا أحمد بن محمد المروزي بن شبويه، قال: ثني علي بن حسين،عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أبو داود (1305) قال: ثنا أحمد بن محمد - يعني المروزي قال: ثنا وكيع، عن مسعر، عن سماك الحنفي، فذكره.(2/417)
سورة المدثر
864 - (ت) - أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصَّعود: عقَبةٌ في النار، يتصعَّدُ فيها الكافر سبعين خريفاً، ثمَّ يهوي فيها سبعين خريفاً، فهو كذلك أبداً» . أخرجه الترمذي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يهوي) هوى: إذا نزل إلى أسفل.
__________
(1) رقم (3323) في التفسير، باب ومن سورة المدثر، وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه مرفوعاً من حديث ابن لهيعة، وقد روي شيء من هذا عن عطية عن أبي سعيد. نقول: وفي سنده أيضاً دراج عن أبي الهيثم، وقد ذكرنا غير مرة أنه ضعيف في روايته عن أبي الهيثم، ومع ذلك فقد صححه ابن حبان رقم (3610) ، والحاكم 2 / 507 ووافقه الذهبي، وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 282 وزاد نسبته إلى أحمد وابن المنذر وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي. وقال السيوطي أيضاً: أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن أبي سعيد قال: " إن صعوداً: صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت، فإذا رفعوها عادت، واقتحامها: فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة، وذكره الهيثمي في " المجمع " 7 / 131 وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عطية، وهو ضعيف.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف:أخرجه الترمذي (3326) حدثنا عبد بن حميد حدثنا الحسين بن موسى عن ابن لهيعة عن دارج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فذكره.
قال الترمذي:هذا حديث غريب إنما نعرفه مرفوعا من حديث ابن لهيعة، وقد روي شيء من هذا عن عطية عن أبي سعيد قوله موقوف.(2/418)
865 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال ناسٌ من اليهود لأُناسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل يعلمُ نبيُّكم عدد خزنةِ جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسألَه، فجاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا مُحَمَّدُ، غُلِبَ أصحابُكَ اليومَ، قال: «وبم غُلِبُوا؟» قال: سألهم يهودُ: هل يعلم نبيُّكم عَدَدَ خَزَنة جهنم؟ قال: «فما قالوا؟» قال: قالوا: لا ندري حتى [ص:419] نسألَ نبيَّنا، قال: أَفغُلبَ قومٌ سُئِلوا عما لا يعلمون، فقالوا: لا نعلمُ حتى نسأَل نبينا؟ لكنهم قد سألوا نبيَّهم، فقالوا: أَرِنا الله جهْرة، علي بأعداءِ الله، إني سائلُهم عن تُربةِ الجنة - وهي الدَّرْمَكُ -؟ قال: فلما جاءوا، قالوا: يا أبا القاسم، كم عددُ خزنةِ جهنم؟ قال: هكذا وهكذا - في مرة عشرةٌ وفي مرٍة تسعةٌ - قالوا: نعم، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تُرْبةُ الجنةِ؟» قال: فسكتوا هُنَيْهَة (1) ، ثم قالوا: أخبرنا يا أبا القاسم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الخبْزُ من الدَّرْمكِ» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) قوله " هنيهة " تصغير هنة، ثم زيد فيها هاء، وقال النووي في شرح الحديث من كتاب الصلاة: " هنية " بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء بغير همزة، وهي تصغير هنة، أصلها: هنوة، فلما صغرت صارت: هنيوة، فاجتمعت واو وياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فوجب قلب الواو ياء، فاجتمعت ياءان، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارت: هنية، ومن همزها فقد أخطأ. ورواه بعضهم: هنيهة، وهو صحيح أيضاً.
(2) رقم (3324) في التفسير، باب ومن سورة المدثر، وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد. نقول: ومجالد ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، لكن يشهد لبعضه ما أخرجه السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 283، 284 من رواية ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن البزار، أن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم، فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء فأخبر صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ {عليها تسعة عشر} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (3/361) قال: ثنا علي. و «الترمذي» (3327) قال: ثنا ابن أي عمر. كلاهما -علي، وابن أبي عمر - قالا: ثنا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي، فذكره.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد.(2/418)
866 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {هو أَهلُ التَّقْوى وأهلُ المغفرة} [المدثر: 56] قال: قال الله تبارك وتعالى: «أنا أَهلٌ أَنْ أُتَّقى، فمن اتَّقاني فلم يجعلْ معي إلهاً، [ص:420] فأنا أهلٌ أن أغفِرَ له» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3325) في التفسير، باب ومن سورة المدثر، وأخرجه ابن ماجة رقم (4299) في الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، والدارمي في سننه 2 / 302 و 303 في الرقاق، باب في تقوى الله، وأحمد في مسنده 3 / 242 و 243 كلهم من حديث سهيل بن عبد الله القطعي، وقال الترمذي: حديث غريب، وسهيل ليس بالقوي في الحديث، وقد تفرد سهيل بهذا الحديث عن ثابت، وذكره ابن كثير في تفسيره 9 / 55 وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن أبيه عن هدبة بن خالد عن سهيل به، وقال: هكذا رواه أبو يعلى والبزار والبغوي وغيرهم من حديث سهيل القطعي به.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي (3328) حدثنا الحسن بن الصباح البزاز حدثنا زيد بن حباب أخبرنا سهيل بن عبد الله القطعي وهو أخو حزم بن أبي حزم القطيعي عن ثابت عن أنس بن مالك فذكره.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وسهيل ليس بالقوى في الحديث وقد تفرد بهذا الحديث عن ثابت.(2/419)
سورة القيامة
867 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل: {لا تُحرِّك به لسانَك لتَعْجَلَ به} [القيامة: 16] قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ (1) من التنزيل شِدَّة، وكان مما يُحرِّكُ به شفتيه - فقال ابن [ص:421] عباسٍ: أنا أُحَرِّكُهُما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرِّكُهما، وقال سعيد بن جُبير: وأنا أَحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرَّكَ شَفَتَيْهِ، فأنزل الله تعالى: {لا تُحرِّك به لسانَكَ لِتَعْجَلَ به. إِنَّ علينا جَمْعَهُ وقرآنه} [القيامة: 16، 17] قال: جمعه لك في صدرك، ثم تقرؤه: {فإذا قرأناه فاتبِعْ قرآنه} [القيامة: 18] قال: فاستَمِعْ وأَنصتْ، ثم علينا أن تقرأَه، قال: فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاهُ جبريلُ عليه السلام، بعد ذلك اسْتَمَعَ، فإذا انطلقَ جبريل قرأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
وفي رواية: كما وعده الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أُنزِلَ عليه القرآنُ يحرِّكُ به لسانَهُ، يُرِيدُ أن يَحفْظَهُ، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا تُحرِّك به لسانَك لتَعْجَلَ به} قال: فكان يُحَرِّك به شَفَتيه، وحَرَّك سفْيَانُ شَفَتَيْهِ.
وفي رواية النسائي: نحوٌ من رواية البخاري ومسلم، إلاَّ أَنه لم يذكر حكاية ابن عباسٍ تحريكَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم شفَتَيْهِ، ولا حكايةَ سعيدٍ (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 28: المعالجة: محاولة الشيء بمشقة، وقوله: " مما يحرك به شفتيه " أي: كان العلاج ناشئاً من تحريك الشفتين، أي: مبدأ العلاج منه، أو " ما " موصولة، وأطلقت على من يعقل مجازاً، هكذا قرره الكرماني، وفيه نظر؛ لأن الشدة حاصلة قبل التحريك، والصواب ما قاله ثابت السرقسطي: أن المراد كان كثيراً ما يفعل ذلك، قال: وورودهما في هذا كثير، ومنه حديث الرؤيا " كان مما يقول لأصحابه: من رأى منكم رؤيا ... "، ومنه قول الشاعر:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على وجهه تلقي اللسان من الفم
قلت: ويؤيده أن رواية المصنف في التفسير من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة ولفظها " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، فكان مما يحرك به لسانه وشفتيه ". فأتى بهذا اللفظ مجرداً عن تقدم العلاج الذي قدره الكرماني، فظهر ما قال ثابت.
ووجه ما قال غيره: أن " من " إذا وقع بعدها " ما " كانت بمعنى ربما، وهي تطلق على القليل والكثير، وفي كلام سيبويه مواضع من هذا، منها قوله: اعلم أنهم مما يحذفون كذا. والله أعلم. ومنه حديث البراء: " كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم مما نحب أن نكون عن يمينه ... " الحديث.
(2) البخاري 8 / 523 و 524 في تفسير سورة القيامة، باب {إن علينا جمعه وقرآنه} ، وباب {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} ، و 1 / 28 في بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي فضائل القرآن، باب الترتيل في القراءة، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} ، ومسلم رقم (448) في الصلاة، باب الاستماع للقراءة، والترمذي رقم (3326) في التفسير، باب ومن سورة القيامة، والنسائي 2 / 149 و 150 في الصلاة، باب جامع ما جاء في القرآن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه الحميدي (527) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/220) (1910) قال: حدثنا سفيان. وفي (1/343) (3191) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عوانة. و «البخاري» (1/4) وفي «خلق أفعال العباد» صفحة (45) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي (6/202) وفي خلق أفعال العباد صفحة (46) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان..وفي (6/202) وفي خلق أفعال العباد صفحة (45) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل. وفي (6/203، 240) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير. وفي (9/187) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي خلق أفعال العباد صفحة (54) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة، وجرير. و «مسلم» (2/34) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، كلهم عن جرير بن عبد الحميد. وفي (2/35) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة. و «الترمذي» (3329) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة. و «النسائي» 2/149. وفي السنن الكبرى. (917) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة وفي فضائل القرآن (3) قال: أخبرنا هناد بن السري، عن عبيدة خمستهم - سفيان، وأ بو عوانة، وإسرائيل، وجرير وعبيدة ابن حميد - عن موسى بن أبي عائشة.
2-وأخرجه النسائى في الكبرى (تحفة الأشراف) (5585) عن أحمد بن عبدة الضبي، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار.
3- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (5591) عن أحمد بن سليمان، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
ثلاثتهم - موسى، وعمرو، وأبو إسحاق - عن سعيد بن جبير،
* وأخرجه الحميدي (528) قال: حدثنا سفيان، قال عمرو: عن سعيد بن جبير، ولم يذكر فيه - عن ابن عباس - قال: كان النبي.....فذكره.(2/420)
سورة المرسلات
868 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: {إِنها تَرْمِي بشَرَرٍ كالْقَصرِ (1) } [المرسلات: 32] كُنَّا نرفعُ الخشَبَة للشتاء ثلاثَةَ أذْرُعٍ أو أَقَلَّ، ونُسَمِّيهِ: الْقَصْر {كأنه جِمالاتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 32] حبالُ السُّفن تُجْمَعُ، حتَّى تكُونَ كأوْسَاطِ الرجالِ. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 528: بسكون الصاد وبفتحها، وهو على الثاني جمع قصرة، أي: كأعناق الإبل، ويؤيده قراءة ابن عباس كالقصر بفتحتين، وقيل: هو أصول الشجر، وقيل: أعناق النخيل، وقال ابن قتيبة: القصر: البيت، ومن فتح أراد: أصول النخل المقطوعة، شبهها بقصر الناس، أي: أعناقهم، فكأن ابن عباس فسر قراءته بالفتح بما ذكر، وأخرج أبو عبيدة من طريق هارون الأعرج عن حسين المعلم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بشرر كالقصر بفتحتين، قال هارون: وأنبأنا أبو عمرو أن سعيد وابن عباس قرأ كذلك، وأسنده أبو عبيد عن ابن مسعود بفتحتين. وأخرج ابن مردويه من طريق قيس بن الربيع عن عبد الرحمن بن عابس " سمعت ابن عباس: كانت العرب تقول في الجاهلية: اقصروا لنا الحطب، فيقطع على قدر الذراع والذراعين "، وقد أخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن مسعود في قوله تعالى {إنها ترمي بشرر كالقصر} قال: ليست كالشجر والجبال، ولكنها مثل المدائن والحصون.
(2) في تفسير سورة المرسلات، باب ومن قوله {ترمي بشرر كالقصر} .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4933) قال: حدثنا عمرو بن علي، قال حدثنا يحيى قال: أخبرنا سفيان قال حدثنا عبد الرحمن بن عابس فذكره.(2/422)
سورة عم يتساءلون
869 - (خ) عكرمة - رحمه الله-: في قوله تعالى: {وكأساً دِهاقاً} [النبأ: 34] قال: مَلأَى متتابعة (1) قال: وقال ابن عباس: سمعتُ أبِي في [ص:423] الجاهلية يقول: اسْقِنا كأساً دِهاقاً (2) . أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) كذا جمع بينهما، وهما قولان لأهل اللغة، تقول: أدهقت الكأس: إذا ملأتها، وأدهقت له: إذا تابعت له السقي، وقيل: أصل الدهق، الضغط: والمعنى: أنه ملأ اليد بالكأس حتى لم يبق فيها متسع لغيرها.
(2) قال الحافظ في " الفتح " في رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس: سمعت أبي يقول لغلامه: أدهق لنا، أي: املأ لنا أو تابع لنا. وهو بمعنى ما ساقه البخاري.
(3) 7 / 115 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب أيام الجاهلية.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (3839، 3840) قال: ثني إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي إسامة، حدثكم يحيى بن المهلب، ثنا حصين عن عكرمة، فذكره.(2/422)
سورة عبس
870 - (ط ت) عروة بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهم -: أنَّ عائشة -رضي الله عنها - قالت: أُنزلتْ {عَبَسَ وتَولَّى} [عَبَسَ: 1] في ابن أُم مكتومٍ الأعمَى، أَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: يا رسول الله، أرْشدِْني - وعند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من عُظماءِ المشركين - فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعرِضُ عنه ويُقْبِلُ على الآخرينَ، ويقول: «أتَرى بما أقولُ بأساً؟» فيقول: لا، ففي هذا أُنزلَ. أخرجه الموطأ والترمذي عن عروة، ولم يذكرا عائشة. وأخرجه الترمذي أيضاً عن عائشة (1) .
__________
(1) الموطأ 1 / 203 في القرآن، باب ما جاء في القرآن مرسلاً، ورجاله ثقات. ووصله الترمذي عن عائشة رضي الله عنها رقم (3328) في التفسير، باب ومن سورة عبس، وقال: حديث حسن غريب، وصححه ابن حبان رقم (1769) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (2/21) عن هشام بن عروة عن أبيه فذكره. وأخرجه الترمذي (3331) حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي قال: هذا ماعرضنا على هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره.(2/423)
871 - (خ) أنس بن مالك -رضي الله عنه -: أن عُمرَ قرأ: {وفاكهةً وأَبّاً} [عبس: 31] قال: فما الأبُّ؟ ثم قال: ما كُلِّفْنا بهذا، أو قال: ما أُمِرْنَا بهذا. أخرجه البخاري (1) . [ص:424]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أبّاً) الأب: المرعى، وقيل: هو للدواب كالفاكهة للإنسان.
__________
(1) لم يذكره البخاري بهذا السياق، وإنما هو من زيادات الحميدي، ولفظ البخاري 13 / 229 في – [423] – الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال عن أنس: كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف، قال الحافظ: هكذا أورده مختصراً. وذكر الحميدي: أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس، أن عمر قرأ {وفاكهة وأباً} فقال: ما الأب؟ ثم قال: ما كلفنا أو قال ما أُمرنا بهذا.
قلت (القائل ابن حجر) : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت، وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ: أن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن قوله {وفاكهة وأباً} ما الأب؟ فقال عمر: نهينا عن التعمق والتكلف. وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري، وأولى منه، ما أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه، ولفظه: عن أنس: كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع، فقرأ: {وفاكهة وأبّاً} فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب؟ ثم قال: مه نهينا عن التكلف، وأخرج الحاكم في مستدركه 2 / 514 عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه أخبره: أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: {فأنبتنا فيها حباً. وعنباً وقضباً. وزيتوناً ونخلاً. وحدائق غلباً. وفاكهة وأبّاً} قال: فكل هذا قد عرفناه، فما الأب؟ ثم نفض عصا كانت في يده، فقال: هذا لعمر الله التكلف، اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري مختصرا (7293) قال: ثنا سليمان بن حرب، ثا حماد بن زيد فذكره. وقال الحافظ في «الفتح» وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى فذكره.(2/423)
سورة إذا الشمس كورت
872 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الْوَائِدَةُ والمَوْؤُدة في النار» . أخرجه أبو داود (1) . [ص:425]
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الموؤدة) البنت الصغيرة، كانوا في الجاهلية إذا ولد لهم بنت دفنوها في التراب وهي حية لتموت، فحرم الإسلام ذلك.
__________
(1) رقم (4717) في السنة، باب في ذراري المشركين، وفي سنده أبو إسحاق السبيعي قد خلط بأخره، لكن له طريقان آخران عند الطبراني في " الكبير " ويحيى بن صاعد، يتقوى بهما، وشاهد عند أحمد 3 / 478 من حديث سلمة بن يزيد الجعفي، وإسناده صحيح، وفي قوله " الموؤودة " إشكال أجاب عنه العلماء بعدة أجوبة. انظر " مرقاة المفاتيح " 1 / 152 لملا علي القاري.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو ادود (4717) حدثنا إبراهيم بن موسى (الرازي) ثنا ابن أبي زائدة قال حدثني عن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.(2/424)