1826- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا بَدْرًا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَأُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ، وَذَاتَ الرِّقَاعِ فِي الرَّابِعَةِ، وَغَزْوَةَ الْخَنْدَقِ فِي الْخَامِسَةِ، وَغَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ فِي السَّادِسَةِ، وَفَتَحَ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، وَفَتَحَ "مَكَّةَ" فِي الثَّامِنَةِ، وَغَزْوَةَ تَبُوكَ فِي التَّاسِعَةِ".
أَمَّا غَزْوَةُ بَدْرٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ: ابْنُ إِسْحَاقَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَغَيْرُهُمْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَهُوَ شَاذٌّ، ثُمَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ سَابِعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ ثَانِي عَشَرَةَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الثَّانِيَ ابْتِدَاءُ الْخُرُوجِ، وَالسَّابِعَ عَشْرَ يَوْمَ الْوَقْعَةِ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ أُحُدٍ فِي الثَّالِثَةِ: فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ؛ لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: كَانَتْ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، وَعِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ: لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةَ خَلَتْ منه.
وأما غزوة ذات الرِّقَاعِ: فَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّلْقِيحِ".
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ.
قُلْت: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهَا كَانَ فِي أَوَاخِرِ الرَّابِعَةِ، وَالِانْتِهَاءُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَةَ أَرْبَعٍ.
تَنْبِيهٌ: قِيلَ: كَأَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ، الْأُولَى هَذِهِ، وَفِيهَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِيَةَ بَعْدَ "خَيْبَرَ"، وَشَهِدَهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ1، وَسُمِّيَتْ الْأُولَى "ذَاتَ الرِّقَاعِ" بِجَبَلٍ صَغِيرٍ، وَالثَّانِيَةُ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى بِالرِّقَاعِ الَّتِي لَفُّوا بِهَا أَرْجُلَهُمْ مِنْ الْحَفَاءِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْوَجَهُ إلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ: فَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّلْقِيحِ"، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: فِي ذِي الْقِعْدَةِ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَبِهِ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي "كِتَابِ
__________
1 أخرجه البخاري [8/ 179] ، كتاب المغازي: باب: "غزوة ذات الرقاع"، حديث [4128] ومسلم [6/ 437- نووي] ، كتاب "الجهاد والسير"، باب: "غزوة ذات الرقاع"، حديث [149/ 1816] كلاهما من طريق أبي أسامة عن بريد عن عبد الله بن أبي برزة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاة ونحن في ستة نفر بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا، وحدث أبو موسى بهذا الحديث، ثم كره ذاك قال: ما كنت أصنع بأن أذكره.
كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.(4/240)
الْأَمْوَالِ"، وَاحْتَجَّ لَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ؛ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي"1، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ.
قُلْت: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ: لِأَنَّ أُحُدًا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ طُعِنَ فِي الرَّابِعَةَ عَشْرَ، وَفِي الْخَنْدَقِ اسْتَكْمَلَ الْخَامِسَةَ عَشْرَ، فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ فِي نِصْف الرَّابِعَةَ عَشْرَ مَثَلًا، فَلَا يَسْتَكْمِلُ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَّا أَثْنَاءَ سَنَةِ خَمْسٍ، إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ.
تَنْبِيهٌ: صَحَّحَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَنَّ غَزْوَةَ "الْمُرَيْسِيعِ" كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وَأَمَّا ابْنُ دِحْيَةَ فَصَحَّحَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فَتَبِعَ فِيهِ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ2، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّلْقِيحِ"، وَالنَّوَوِيُّ فِي "الرَّوْضَةِ" وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَانَتْ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ.
فَائِدَةٌ: كَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، فَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَنَقَلَ ابْنُ الطَّلَّاعِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَهُوَ نَقْلٌ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَمَّا فَتْحُ "مَكَّةَ" فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ تَبُوكَ: فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَكَانَ فِي رَجَبٍ، وَخَالَفَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَذَكَرَ فِي "الْكَشَّافِ" فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْعَاشِرَةِ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا جَمِيعُ مَا غَزَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ غَزَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ غَزَوَاتٍ أُخْرَى، لَكِنْ غَالِبُهَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ قِتَالٌ، فَمِمَّا قَاتَلَ فِيهِ
__________
1 أخرجه البخاري [7/ 392] ، كتاب المغازي: باب غزوة الخندق، حديث [4097] ، ومسلم [3/ 1490] ، كتاب الإمارة: باب بيان سن البلوغ، حديث [91/ 1868] ، وأبو داود [4406] ، والترمذي [4/ 211] ، كتاب الجهاد: باب حد بلوغ الرجل، حديث [1711] ، وابن ماجة [2/ 850] ، كتاب الحدود: باب من لا يجب عليه الحد، حديث [2543] ، وأحمد [2/ 17] ، من حديث ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه.
2 أخرجه البخاري [8/ 67] ، كتاب المغازي: باب حديث بني النضير في الترجمة قبل حديث [4028] .(4/241)
بَنَى قُرَيْظَةَ1، وَحُنَيْنَ2، وَالطَّائِفَ3.
وَمِمَّا لَمْ يُقَاتِلْ فِيهِ: بَنِي غَطَفَانَ، وَقَرْقَرَةَ الْكُدْرِ4، وَبَنِي لِحْيَانَ5، وَبَدْرًا بِمَوْعِدٍ،
__________
1 غزوة بني قريظة في سنة 5 هجرية وكذلك بنو قريظة نقضوا العهد وانضموا إلى الحلفاء في عزوة الأحزاب بتحريض من عدو الله حيي بن أخطب الذي أتى كعب بن أسد صاحب عقد بني قريظة؛ حتى نقض عهده وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أنهم قالوا لسعد بن معاذ ومن معه لما أرسلهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم: "من رسول الله لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد" فشاتمهم سعد وشاتموه. فلما رجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأحزاب سار إليهم وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم الرسول فجعل الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ، فحكم فيهم أن تقتل الرجل وتقسم الأموال وتسبى الذراري، ونفذ الحكم ...
2 لما خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فتح مكة سنة ثمان من الهجرة خاف أشراف هوازان أن يكون سيره إليهم فمشوا إلى بعضهم، وتجهزوا القتلة، وسارت رؤساؤهم في العرب يجمعون ذلك فلما فتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة دخل هوزان من الزهو والإعجاب بأنفسهم ما حمل فريقاً منهم على أن يقول: والله ما لقي محمداً قوم يحسنون القتال، وخافوا أن يغشاهم في ربوعهم، وقالوا: قد فرغ لنا فلا مانع له دوننا ولا ناهية له عنا، واعترفوا على أن يبادروه بالغزو قبل أن يصبحهم في دارهم.
وقلدت هوزان أمرهم مالك بن عوف وقد ظاهرتهم ثقيف وقائدهم كنانة بن عبد يا ليل، وانضم إليهم من أعداء سائر العرب جموع كثيرة.
وقد ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم، ونساءهم وأبناءهم ليضرم بهم الحمية في القلوب. وساروا حتى نزلوا بحنين، فلما بلغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبرهم رجع إليهم في اثنى عشر ألفاً من المقاتلة. والتقي الجيشان، وشد جيش المشركين على المسلمين حتى فروا لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله ذات اليمين، وكادت الدائرة تدور على المسلمين لولا أن الله أنزل سكينته عليهم فنادى في الناس: "هلموا إلي أنا رسول الله" ونادى عمه العباس: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، فعادوا إلى الرسول، وحمل المسلمون على المشركين، وتم لهم النصر، وظفروا بالغنائم والسبايا.
3 فر المنهزمون من ثقيف، ومن انضم إليهم من غيرهم في حنين إلى الطائف فسار إليهم المسلمون وحاصروهم مدة طويلة. ونصب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنجنيق. واستعمل المسلمون الدبابات. ولما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام أن أمد الحصار سيطول ارتحل إلى الجعرانة حيث قسم الغنائم فجاءه بعد ذلك وفد هوازن مسلمين نادمين فرد عليهم نساءهم وذراريهم كما جاءه عوف بن مالك فأسلم وأسلمت ثقيف بعده، ثم رجع إلى مكة معتمراً فجاءته الوقود تترى تقدم خضوعها للمسلمين، وتدخل في دينهم.
وبهذا تم فتح الحجاز، ودانت الجزيرة كلها للإسلام فلم ترتفع بعد ذلك للوثنية رأس.
4 ما كاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقر في المدينة بعد رجوعه من بدر حتى بلغة اجتماع بني سليم على ماء يقال له: الكدر فخرج إليهم في شوال سنة 2 هجرية ورجع ولم يلق كيداً.
5 غزوة بني لحيان كانت في جمادى الأولى من السنة السادسة للهجرة وفيها خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني لحيان ينتقم لحبيب بن عدي وأصحابه فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال فرجع إلى المدينة.(4/242)
وَدُومَةَ الْجَنْدَلِ1، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ طُولَ الصَّلَاةِ"، تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ "صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ".
حَدِيثٌ: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ"، تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ بَابِ "الْمَوَاقِيتِ".
حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ يَوْمَ "بَدْرٍ" نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَصْغَرَهُمْ" لَمْ أَرَهُ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: "اسْتَصْغَرْت أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ" 2.
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ جَيْشًا، فَرَدَّ عُمَيْرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فبكى، فأجازه" 3، وروي فِي "مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ"؛ أَنَّهُ اُسْتُصْغِرَ هُوَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَوْمَ بَدْرٍ"4، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ رَدَّ أَيْضًا أَبَا سَعِيدٍ الْخِدْرَيَّ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ5، وَفِي ابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ رَدَّ ابْنَ عُمَرَ6.
1827- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، جِهَادٌ لَا شَوْكَ فِيهِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ"، ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهَا بِلَفْظِ: "لَا قِتَالَ فِيهِ"، وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ7، وَفَسَّرَ الرَّافِعِيُّ قَوْلَهُ: "لَا شَوْكَ فِيهِ": يَعْنِي: لَا
__________
1 غزوة دومة الجندل كانت في ربيع الأول من السنة الخامسة للهجرة بلغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن جمعاً تجمعوا بدومة الجندل ودنوا من أطرافه فغزاهم الرسول عليه الصلاة والسلام ثم رجع ولم يلق كيداً.
2 أخرجه البخاري [8/ 17] ، كتاب المغازي: باب عدة أصحاب بدر، حديث [3955] ، وطرفه في [3956] .
3 أخرجه الحاكم [3/ 188] ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه يعقوب وقد ضعفوه.
4 أخرجه الحاكم [3/ 189] ، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن الحديث منكر، وقال: كيف يستصغر من هو نقيب.
5 أخرجه الحاكم [3/ 563] ، وفيه أنه رد أبا سعيد، [3/ 565] ، وفيه أنه رد جابر.
وأخرجه البيهقي [9/ 22] ، كتاب السير: باب من لا يجب عليه الجهاد، من حديث زيد بن خارجة أنه صلى الله رد ناساً منهم أبو سعيد وجابر رضي الله عنهما.
6 تقدم تخريجه بلفظ: عرضت على النبي صلى الله عليه يوم أحد ... الحديث.
7 أخرجه ابن ماجة [2/ 967] ، كتاب المناسك: باب الحج جهاد النساء، حديث [2901] ، والدارقطني [2/ 284] ، كتاب الحج، حديث [215] ، وأحمد [6/ 165] ، من طريق محمد بن فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله على النساء جهاد قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة".
وصححه ابن خزيمة [4/ 359] ، رقم [3074] من هذا الطريق. وأخرجه البخاري [6/ 89] ، كتاب الجهاد والسير: باب جهاد النساء، حديث [2875، 2876] ، وأحمد [6/ 67، 120] ، =(4/243)
سِلَاحَ فِيهِ، وَغَلِطَ فِي عَزْوِ هَذَا الْمَتْنِ إلَى عَائِشَةَ؛ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ؛ كَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِهِ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ، فقال: "هلم في جِهَادٍ لَا شَوْكَ فِيهِ ... "، الْحَدِيثَ1.
تَنْبِيهٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "جِهَادُ الْكَبِيرِ، وَالضَّعِيفِ، وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ" وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: "الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ".
1828- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَايِعُ الْأَحْرَارَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، وَالْعَبِيدَ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الجهاد"، النسائي من حديث جَابِرٍ: "أَنَّ عَبْدًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعَهُ عَلَى الْجِهَادِ وَالْإِسْلَامِ، فَقَدَّمَ صَاحِبَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فَاشْتَرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ بِعَبْدَيْنِ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا أَتَاهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِيُبَايِعَهُ، سَأَلَهُ: أَحُرٌّ هُوَ أَمْ عَبْدٌ، فَإِنْ قَالَ: حُرٌّ، بَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، وَإِنْ قَالَ مَمْلُوكٌ بَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْجِهَادِ"2.
__________
= وأبو يعلى [8/ 10] ، رقم [4511] ، والبيهقي [9/ 21] ، كتاب السير: باب من لا يجب عليه الجهاد، كلهم من طريق معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة به لكن بلفظ: جهادكن الحج وفي لفظ آخر أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله نساؤه عن الجهاد فقال: "نعم الجهاد الحج".
وأخرجه البخاري [4/ 86] ، كتاب جزاء الصيد: باب حج النساء، حديث [1861] ، وأحمد [6/ 79] ، والبيهقي [4/ 326] ، من طريق عبد الواحد بن زياد عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة به.
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" [3/ 147] ، برقم [2910] من طريق معاوية بن إسحاق عن عباية بن رافعة عن الحسين بن علي رضي الله عنه ... فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" [3/ 209] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.
2 أخرجه مسلم [6/ 43- 44- نووي] ، كتاب المساقاة: باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من حنسه متفاضلاً، حديث [123/ 1602] ، والترمذي [3/ 531] ، كتاب البيوع: باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين، حديث [1239] ، [4/ 151] ، كتاب السير: باب ما جاء في بيعة العبد حديث [1596] ، والنسائي [7/ 150] ، كتاب البيعة: باب بيعة المماليك، حديث [4184] ، [7/ 292- 293] ، كتاب البيوع: باب بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد متفاضلاً، حديث [4621] ، وفي "الكبرى" [4/ 41] ، كتاب البيوع: باب بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد متفاضلاً، حديث [6215] ، [4/ 429] ، كتاب البيعة: باب بيعة المماليك، حديث [7817] ، [5/ 219] ، كتاب السير: باب بيعة المماليك، حديث [8716] .
وأخرجه أبو داود [3/ 250- 251] ، كتاب البيوع: باب في ذلك إذا كان يداً بيد، حديث [3358] ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترى عبداً بعبدين.
وقد أخرجوه كلهم من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه فذكره وفيه أنه بايعه على الهجرة ولم أجد أنه بايعه على الإسلام والجهاد من هذه المصادر.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، أنه لا بأس بعبد بعبدين يداً بيد واختلفوا فيه إذا كان نسيئاً.
وقال في الموضع الآخر: حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير.(4/244)
وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ مَرَّ بِأُنَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةَ"، فَاتَّبَعَهُ عَبْدٌ لِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: فُلَانٌ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا شَأْنُك؟ قَالَ: أُجَاهِدُ مَعَك، قَالَ: "أَذِنَتْ لَك سَيِّدَتُك"، قَالَ: لَا، قَالَ: "ارْجِعْ إلَيْهَا"، فَإِنَّ مَثَلَك مَثَلُ عَبْدٍ لَا يُصَلِّي إنْ مِتَّ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهَا، اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ، فَرَجَعَ إلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَقَالَتْ: اللَّهَ هُوَ أَمَرَك أَنْ تَقْرَأَ عَلَيَّ السَّلَامَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: " ارْجِعْ فَجَاهِدْ مَعَهُ"، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ1.
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: "أَحَيٌّ وَالِدَاك؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "بَاب الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ".
1829- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَاسْتَأْذَنَهُ، فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَك، فَقَالَ: "أَلَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَهُمَا؟ قَالَ: تَرَكْتُهُمَا وَهُمَا يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتهمَا"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ خِصَالٌ أَرْبَعٌ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا رَحِمَ لَك إلَّا مِنْ قَبِلَهُمَا، فَهُوَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْك مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا" 3، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
__________
1 أخرجه الحاكم [2/ 118] ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود [3/ 17] ، كتاب الجهاد: باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان، حديث [2528] ، والنسائي [7/ 143] ، كتاب البيعة: باب البيعة على الهجرة، حديث [4163] ، وابن ماجة [2/ 930] ، كتاب الجهاد: باب الرجل يغزو وله أبوان، حديث [2782] ، وأحمد [2/ 160، 194، 198] ، والحميدي [2/ 626] ، حديث [584] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [19] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [5/ 175] ، كتاب الجهاد: باب الرجل يغزو وأبوه كاره له، حديث [9285] ، وابن حبان [2/ 163] ، كتاب البر والصلة والإحسان: باب حق الوالدين، حديث [419] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 525- بتحقيقنا] ، كتاب السير والجهاد: باب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين، حديث [2633] .
كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره بنحوه.
3 أخرجه أحمد [3/ 497- 498] ، وأبو داود [4/ 336] ، كتاب الأدب: باب في بر الوالدين، حديث [4142] ، وابن ماجة [2/ 1208- 1209] ، كتاب الأدب: باب صل من كان أبوك يصل، حديث [3664] . =(4/245)
قَوْلُهُ: "وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَخْذُلُ الْأَجَانِبَ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْجِهَادِ".
أَمَّا غَزْوُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "ف قد عَدَّهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فيمن شهد "بدرا" و"أحدا" وَمَا بَعْدَهُمَا.
وَأَمَّا تَخْذِيلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: فَوَقَعَ فِي غَزْوَةِ "أُحُدٍ" وَغَيْرِهَا؛ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ.
1830- حَدِيثٌ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَعَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَحْسَنَ كَلَامَهُ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي أَنْ يُقَبِّلَ وَجْهَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ. فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ فِي أَنْ يَسْجُدَ لَهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ"، الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"، مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مُطَوَّلًا1، مِنْ رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَنَزِيِّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عن صالح بن حيان؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ.
وَفِي تَقْبِيلِ الْيَدِ أَحَادِيثُ جَمَعَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِي فِي جُزْءٍ جَمَعْنَاهُ، مِنْهَا:
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ قَالَ: "فَدَنَوْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلْنَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: "قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ"3، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بإسناد ق وي.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ الزَّارِعِ أَنَّهُ كَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا،
__________
= كلهم من حديث أسيد بن علي بن عبيد بن علي مولى بني ساعدة عن أبيه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة ... فذكره بنحوه.
1 أخرجه الحاكم [4/ 172] ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" برقم [291] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأنه فيه صالح بن حيان متروك، والحديث واه.
2 أخرجه أبو داود [3/ 46] ، كتاب الجهاد: باب في التولي يوم الزحف، حديث [2647] ، من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أن ابن عمر رضي الله عنه.
3 أخرجه أحمد [4/ 239، 240] ، والترمذي [5/ 77، 306] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، باب: ومن سورة بني إسرائيل، حديث [2733، 3144] ، والنسائي في "الكبرى" [2/ 306] ، كتاب المحاربة: باب السحر، حديث [3541] ، وابن ماجة مختصرا [2/ 1221] ، كتاب الأدب: باب الرجل يقبل يد الرجل، حديث [3705] ، مختصراً كلهم من طريق عن شعبة قال: حدثني عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.(4/246)
فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " الْحَدِيثَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1.
وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ عن عائشة قالت: "فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَهُ".
وَفِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا رَأَيْت أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إلَيْهَا، فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَتْ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا"2.
1831- قَوْلُهُ: "وَرَدَتْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي السَّلَامِ وَإِفْشَائِهِ"؛ هُوَ كَمَا قَالَ، فَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لم تَعْرِفْ" 3، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ" 4، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 357] ، كتاب الأدب: باب في قبلة الجسد، حديث [5225] .
2 أخرجه أبو داود [4/ 355] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في القيام، حديث [5217] ، والترمذي [5/ 700] ، كتاب المناقب: باب فضل فطمة بنت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [3872] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 96، 392] ، كتاب المناقب: باب فاطمة بنت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضي الله عنها، حديث [8373] ، في كتاب عشرة النساء: باب مصافحة ذي محرم، حديث [9237] ، كلهم من طريق عثمان بن عمر أخبرنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ولا وهدياً برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: وكانت إذا دخلت ... الحديث.
قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عائشة.
3 أخرجه البخاري [12، 273] كتاب الاستئذان: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، حديث [6236] ، ومسلم [1/ 284- نووي] ، كتاب الإيمان: باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل، حديث [63/ 39] .
4 أخرجه مسلم [1/ 74] ، في الإيمان: باب بيان أن لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأن نخبة المؤمنين من الإيمان [93/ 54] ، وأبو داود [2/ 771] ، في الأدب: باب في إفشاء السلام [5193] ، والترمذي [5/ 50] ، في الاستئذان: باب ما جاء في إفشاء السلام [2688] ، وابن ماجة في المقدمة: باب الإيمان [69] ، وفي الأدب: باب إفشاء السلام [3692] ، وأحمد [2/ 477] ، والبيهقي [10/ 232] ، وابو بكر بن أبي شيبة [8/ 437] ، والخطيب في "التاريخ" [4/ 58] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 330] ، برقم [3193] ، من طريق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(4/247)
السُّنَنِ عَدَا النَّسَائِيّ، وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ1.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ الْبَرَاءِ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: إفْشَاءِ السَّلَامِ ... 2"، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ: "أَفْشُوا السَّلَامَ تُسْلِمُوا" 3.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: وَاعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ"4، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ" 5، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ
__________
1 أخرجه البزار [2/ 418- 419] ، كتاب الأدب: باب بعد باب فضل السلام، حديث [2002] ، من طريق يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى لابن الزبير عن ابن الزبير أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد والبغضاء هي الحلقة، ليس حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا فلا أببئكم بما يثبت لكم ذلك؟ أفشوا السلام بينكم".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 33] : رواه البزار وإسناده جيد.
2 أخرجه البخاري [10/ 327] ، كتاب اللباس: باب خواتيم الذهب، حديث [5863] ، ومسلم [3/ 1635- 1636] ، كتاب اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، حديث [3/ 2066] ، من حديث البراء بن عازب قال: نهانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سبع نهانا عن خاتم الذهب أو قال: حلقة الذهب أو قال: حلقة الذهب وعن الحرير والاستبرق والديباج والميثرة الحمراء والقسي وآنية الفضة وأمرنا بسبع بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميث العاطس ورد السلام وإجابة الداعي وإبرار القسم ونصر المظلوم.
3 أخرجه أحمد [4/ 286] ، والبخاري في "الأدب المفرد" ص [234- 235] برقم [795] ، وابن حبان [2/ 244- 245] ، كتاب البر والصلة والإحسان: باب إفشاء السلام وإطعام الطعام، حديث [491] ، وأبو يعلى [3/ 247] ، برقم [1687] ، كلهم من حديث البراء رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 32] : رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات.
4 أخرجه الترمذي [4/ 287] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في فضل إطعام الطعام، حديث [1855] ، وابن ماجة [2/ 1218] ، كتاب الأدب: باب إفشاء السلام، حديث [3694] ، والدارمي [2/ 109] ، كتاب الأطعمة: باب في إطعام الطعام، وابن حبان [2/ 242] ، كتاب البر والصلة والإحسان: باب إفشاء السلام وإطعام الطعام، حديث [489] ، [2/ 260- 161] ، برقم [507] ، والبخاري في "الأدب المفرد" في باب إفشاء السلام برقم [989] .
كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عنه به.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 أخرجه الترمذي [4/ 652] ، كتاب صفة القيامة: باب [42] ، حديث [2485] ، وابن ماجة [1/ 423] ، كتاب أقامة الصلاة والسنة فيها: باب ما جاء في قيام الليل، حديث [1334] ، [2/ 1083] ، كتاب الأطعمة: باب إطعام الطعام، حديث [3251] ، والدارمي [1/ 340- 341] ، كتاب الصلاة: باب فضل صلاة الليل، والحاكم [3/ 13] ، [6/ 160] ، كلهم من طريق زرارة بن أبي أوفى عن عبد الله بن سلام. =(4/248)
حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مريم عنه موقوفا1، ومن رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا2، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَفْرُقُ بَيْنَنَا شَجَرَةٌ، فَإِذَا الْتَقَيْنَا سَلَّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ"، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ3.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ" 4؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَمِنْهَا: أَحَادِيثُ أَبِي أَيُّوبَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَتُذْكَرُ بَعْدَ قَلِيلٍ.
وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ الْجَنَّةَ، قَالَ: "طِيبُ الْكَلَامِ، وَبَذْلُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ" 5، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَفِي
__________
= قال الترمذي: حديث صحيح.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
1 أخرجه أبو داود [4/ 351] ، كتاب الأدب: باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلفاه يسلم عليه، حديث [5200] ، من طريق معاوية بن صالح عن أبي موسى عن أبي مريم.
قال معاوية: وحدثني عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
2 ينظر السابق.
3 أخرجه الطبراني في "الأوسط" [8/ 475] ، حديث [7983] ، قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا سهيل بن صالح الأنطاكي، قال: رأيت أبا يزيد بن أبي منصور فقال: حدثنا أنس بن مالك ... فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" [8/ 37] : رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.
4 أخرجه أبو داود [4/ 351] ، كتاب الأدب: باب في فضل من بدأ بالسلام، حديث [5197] ، والترمذي [5/ 56] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في فضل الذي يبدأ السلام، حديث [2694] ، بنحو رواية أبي داود.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
5 أخرجه ابن حبان [2/ 244، 257- 258] ، كتاب البر والصلة والإحسان: باب إفشاء السلام وإطعام الطعام، حديث [490، 504] ، والطبراني [22/ 180] ، حديث [470] ، والحاكم [1/ 23] .
قال الحاكم: هذا حديث مستقيم وليس له علة ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(4/249)
رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: "قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: "إنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ: بَذْلَ السَّلَامِ وَحُسْنَ الْكَلَامِ"1.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْشُوا السَّلَامَ كَيْ تَسْلَمُوا2".
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ إذَا هُوَ يَقْدَمُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ بِتَذْكِيرِهِ إيَّاهُمْ السَّلَامَ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ3"، رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ" 4، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمَيْهِ، وَلَهُ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. "أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ فِي الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ"5.
1832- قَوْلُهُ: "وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنْ السَّلَامِ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ"، ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا رَأَيْتنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ؛ فَإِنَّك إنْ فَعَلْت لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك6".
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ
__________
1 أخرجه الطبراني [22/ 180] ، حديث [469] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 32] ، رواه الطبراني وفيه أبو عبيدة بن عبد الله الأشجعي روى عنه أحمد بن حنبل وغيره ولم يضعفه أحد.
2 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوئد" [8/ 33] ، بلفظ: أفشوا السلام كي تعلو، وقال: رواه الطبراني وإسناده جيد.
3 وأخرجه الطبراني [10/ 224] ، برقم [10391] ، والبزار [2/ 417] ، برقم [1999- كشف] .
قال البزار: رواه غير واحد موقوفاً وأسند ورقاء وشريك وأيوب بن جابر.
قال الهيثمي في "المجمع" [8/ 32] : رواه البزار بإسنادين والطبراني بأسانيد وأحدهما رجاله رجال الصحيح عن البزار والطبراني.
4 أخرجه الطبرانيك في "الصغير" [1/ 121] ، و"الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [2/ 140- 141] ، برقم [850] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [2/ 123] ، رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله ثقات.
5 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [5/ 260] ، برقم [3030] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 34] : رواه الطبراني في "الأوسط" وقال: لا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد ورجاله رجال الصحيح غير مسروق بن المرزبان وهو ثقة.
6 أخرجه ابن ماجة [1/ 126] ، كتاب الطهارة: باب الرجل يسلم عليه وهو يبول، حديث [352] .
قال في الزوائد: إسناده حسن فإن سويداً لم ينفرد به.(4/250)
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ1"، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَارُودِ، مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، نَسَبَهُ السَّرَّاجُ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "إذَا رَأَيْتنِي هَكَذَا، فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ؛ فَإِنَّك إنْ تَفْعَلْ لَا أَرُدَّ عَلَيْك"، زَادَ السَّرَّاجُ: "إنَّهُ لَمْ يَحْمِلْنِي عَلَى السَّلَامِ عَلَيْك إلَّا أَنِّي خَشِيت أَنْ تَقُولَ: سَلَّمْت عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ" 2، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَحْوُهُ3، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: حَدِيثُ مُسْلِمٍ أَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ، وَعَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُدٍ قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إلَيَّ، فَقَالَ: إنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ"4، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ.
1833- قَوْلُهُ: "وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ،
__________
1 أخرجه مسلم [2/ 395- نووي] ، كتاب الحيض: باب التيمم، حديث [115/ 370] ، وأبو داود [1/ 5] ، كتاب الطهارة: باب أيرد السلام وهو يبول، حديث [16] ، والترمذي [5/ 71] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في التسليم على من يبول، حديث [2720] ، والنسائي [1/ 35] ، كتاب الطهارة: باب السلام على من يبول، حديث [37] ، وابن ماجة [1/ 127] ، كتاب الطهارة: باب الرجل يسلم عليه وهو يبول، حديث [353] .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه ابن الجارود [37] ، والبزار كما في "نصب الراية" [1/ 6] ، وقال الزيعلي: وذكره عبد الحق في "أحكامه" من جهة البزار، ثم قال: وأبو بكر هذا فيما أعلم هو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، روى عنه مالك وغيره لا بأس به، ولكن حديث الضحاك بن عثمان أصح، فإن الضحاك أوثق من أبي بكر هذا، ولعل ذلك كان في موطنين. انتهى كلامه. وتعقبه ابن القطان في كتابه فقال: من أين له أنه هو، ولم يصرح في الحديث باسمه واسم أبيه وجده؟ انتهى. قلت: قد جاء ذلك مصرحاً في "مسند السراج" فقال: حدثنا محمد بن إدريس ثنا عبد الله بن رجاء ثنا سعيد بن سلمة حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن نافع عن ابن عمر، فذكره.
3 أخرجه الشافعي [1/ 44- 45] ، كتاب الطهارة: باب في التيمم، حديث [133] .
4 أخرجه أبو داود [1/ 51] ، كتاب الطهارة: باب أيرد السلام وهو يبول، حديث [17] ، والنسائي [1/ 37] ، كتاب الطهارة: باب رد السلام بعد الوضوء، حديث [38] ، وابن ماجة [1/ 126] ، كتاب الطهارة: باب الرجل يسلم عليه وهو يبول، حديث [350] ، وأحمد [4/ 354] ، وابن خزيمة [206] ، وابن حبان [189- 190- موارد] ، وابن المنذر في "الأوسط" رقم [19] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 85] ، والطبراني في "الكبير" [20/ 329] ، رقم [781] ، والبيهقي [1/ 90] ، كتاب الطهارة، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 361- بتحقيقنا] ، من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حصين عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول فلم يرد عليه حتى توضأ فلما توضأ رد عليه.(4/251)
وَالطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ عَلَى الْكَثِيرَةِ".
قُلْت: هُوَ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ" 1، وَفِي رِوَايَةٍ: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ".
1834- قَوْلُهُ: "وَالِانْحِنَاءُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ"؛ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخاه وصديقه أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا، قال: أفيلتزمه وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ2.
1835-
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي "الرَّوْضَةِ" مِنْ "زِيَادَاتِهِ": وَأَمَّا حَدِيثُ: "السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ"، فَضَعِيفٌ، انْتَهَى، وَلَهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ3، وَقَالَ: مُنْكَرٌ، وَثَانِيهمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عدي في "الكامل"، وإسناده لَا بَأْسَ بِهِ4.
1836- قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: "وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ"، انْتَهَى، وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ:
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 304] ، والبخاري [11/ 16] ، كتاب الاستئذان: باب تسليم القليل على الكثير [6231] ، ورواه أيضاً في باب يسلم الراكب على الماشي [6232] ، في [6233، 6234] . ورواه مسلم [4/ 1703] ، كتاب السلام: باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير [2160] وأبو داود [2/ هـ772] ، كتاب الأدب: باب من أولى بالسلام [5198، 5199] ، والترمذي [5/ 62261] ، كتاب الاستئذان: باب في تسليم الراكب على الماشي [2703، 2704] ، والبيهقي في "السنن" [9/ 203] ، وعبد الرزاق [10/ 388] ، [19445] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 332، 333] ، [3196، 3196- بتحقيقنا] ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" [2/ 83، 301] ، واللحديث شاهد من حديث جابر مرفوعاً.
رواه ابن حبان [2/ 251 [498] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [983] ، والبزار [2/ 420] ، [2006- كشف] ، بلفظ: ليسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل.
قال الهيثمي في "المجمع" [8/ 39] : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، ا. هـ.
2 أخرجه الترمذي [5/ 75] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في المصافحة، حديث [2728] ، قال الترمذي: حديث حسن.
3 أخرجه الترمذي [5/ 59] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في السلام قبل الكلام، حديث [2699] ، قال: حدثنا الفضل بن الصالح –بغدادي-، حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زازن عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه.
قال الترمذي: وبهذا الإسناد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تدعوا أحداً إلى الطعام حتى يسلم".
قال الترمذي: هدا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسمعت محمداً يقول: عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف في الحديث ذاهب، ومحمد بن زازان منكر الحديث.
4 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [5/ 1999] ، وقال: رواه عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر، وهذا عن نافع، تفرد به عبد العزيز فأورده في ترجمة محمد بن زازان عن محمد بن المنكدر عن جابر، ومحمد هذا قال البخاري: لا يكتب حديثه وحديثه منكر.(4/252)
مِنْهَا: لِلْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ قُلْت لِأَنَسٍ: "أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ"1.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ الْبَرَاءِ رَفَعَهُ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا"، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا2.
1837- حَدِيثٌ: "حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتٌّ: أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ، وَأَنْ يُجِيبَهُ إذَا دَعَاهُ، وَأَنْ يُشَمِّتَهُ إذَا عَطَسَ، وَأَنْ يَعُودَهُ إذَا مَرِضَ، وَأَنْ يُشَيِّعَ جِنَازَتَهُ إذَا مَاتَ، وَأَلَّا يَظُنَّ فِيهِ إلَّا خَيْرًا"، إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ مِثْلُهُ إلَّا الْأَخِيرَةَ، فَقَالَ بَدَلَهَا: "وَيَنْصَحُهُ إذَا اسْتَنْصَحَهُ"، وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ".
وَلِأَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتَّةٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ"، فَذَكَرَهَا وَقَالَ بَدَلَ الْأَخِيرَةِ، "وَيَنْصَحُهُ إذَا غَابَ، أَوْ شَهِدَ"3.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ. لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَقَالَ بَدَلَ الْأَخِيرَةِ: "وَيُحِبُّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"4، وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ، فِي الْأَوَّلِ: الْإِفْرِيقِيُّ، وَفِي الثَّانِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِي الثَّالِثِ: الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَلَكِنْ لَهُ أَصْلٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ: إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عَلَيْهِ"، وَسَاقَهَا كَمَا عِنْدَ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ5.
__________
1 أخرجه البخاري [12/ 323] ، كتاب الاستئذان: باب المصافحة، حديث [6263] .
2 أخرجه أبو داود [4/ 354] ، كتاب الأدب: باب في المصافحة، حديث [5212] ، والترمذي [5/ 74] ، كتاب الاستئذان: باب في المصافحة، حديث [5212] ، والترمذي [5/ 74] ، كتاب لاستئذان: باب في المصافحة، حديث [2727] .
قال الترمذي: حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء.
وقد روي هذا الحديث عن البراء من غير وجه.
3 أخرجه أحمد [2/ 67] .
4 أخرجه الترمذي [5/ 75] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في تشميت العاطس [2736] ، وابن ماجة [1/ 461] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في عيادة المريض [1433] ، والدارمي [2/ 275، 276] ، كتاب الاستئذان: باب في حق المسلم على المسلم، وأحمد [1/ 89] ، وهناد بن السري في الزهد [1022] ، وأبو يعلى في "مسنده" [1/ 342، 435] ، عن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "للمسلم على المسلم ست بالمعروف: سلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويتبع جنازته إذا مات ويحب له ما يحب لنفسه" وهذا لفظ الترمذي.
وقال الترمذي: وفي الباب على أبي هريرة وأبي أيوب والبراء وابن مسعود.
وقال الترمذي: هذاه حديث حسن صحيح.
5 أخرجه أحمد [2/ 372- 412] ، كتاب السلام: باب من حق المسلم للمسلم رد السلام [2162/ 5] ، والترمذي [5/ 75] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في تشميت العاطس [2737] ، والنسائي [4/ 53] ، كتاب الجنائز: باب النهي عن سب الأموات، والبيهقي في "السنن" [5/ =(4/253)
1838- حَدِيثُ: "أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا قَدِمَ مِنْ "الْحَبَشَةِ"، عَانَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ "الْحَبَشَةِ"، خَرَجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَانَقَهُ"1، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّى جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَالْتَزَمَهُ، وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ"2، وَوَصَلَهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ،
__________
= 347] ، كتاب البيوع: باب الرخصة في معونته ونصيحته إذا استنصحه [10/ 108] ، كتاب آداب القاضي: باب القاضي يأتي الوليمة إذا دعي لها والبغوي في "شرح السنة" [3/ 171، 172] ، كتاب الجنائر: باب عيادة المريض وثوابه، وابن حبان [1/ 477] ، [242] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [925] كلهم عن أبي هريرة. بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن؟ يا رسول الله قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" وهذا لفظ مسلم.
ورواه البخاري [3/ 135] ، كتاب الجنائز: باب الأمر باتباع الجنائز [1240] ، ومسلم [4/ 1704] ، كتاب السلام: باب من حق المسلم على المسلم رد السلام [2162/ 4] ، وأبو داود [2/ 726] ، كتاب الأدب: باب في العطاس [5030] ، وابن ماجة [1/ 461، 462] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في عيادة المريض [1435] ، وأحمد في "المسند" [2/ 332، 540] ، والبيهقي في "السنن" [3/ 386] ، والبغوي في "شرح السنة" [3/ 171] ، [1398- بتحقيقنا] ، وابن حبان في "صحيحه" [1/ 476] ، [241] ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس".
1 أخرجه الدارقطني كما في "نصب الراية" [4/ 2550] ، وابن عدي في "الكامل" [6/ 2225] ، ومن طريقه البيهقي في "الشعب" [6/ 477] ، برقم [8969] ، قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 255] : رواه الدارقطني في "سننه" عنها قالت: لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة خرج إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعانقه، انتهى. وأخرخه ابن عدي في "الكامل" عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عميرة عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بن عائشة، قالت: لما قدم جعفر، واصحابه استقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقبله بين عينيه انتهى. ومن طريق ابن عدي رواه البيهقي في "شعب الإيمان" قال ابن عدي: ورواه أبو قتادة الحراني عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، انتهى. قال الدارقطني في كتاب "العلل": هذا حديث برويه يحيى بن سعيد الأنصاري. واختلف عنه، فرواه الثوري عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، رواه أبو قتادة الحراني عنه، وخالفه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير فرواه عن يحيى عن القاسم عن عائشة، وكلاهما غير محفوظ، وهما ضعيفان. انتهى.
وأخرجه أبو يعلى [3/ 398] ، برقم [109] من حديث جابر بلفظ "المصنف".
قال الهيثمي [9/ 275] : رواه أبو يعلى وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجال "الصحيح".
2 أخرجه أبو داود [4/ 356] ، كتاب الآداب: باب قبلة ما بين العينين، حديث [5220] ، والطبراني كما في "مجمع الزوائد" [9/ 275] . =(4/254)
وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ1 وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، اتَّهَمُوهُ بِالْكَذِبِ، وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ "الْحَبَشَةِ"، فَقَبَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ... "، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "اسْتَأْذَنَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ"، أَخْرَجَهُ الترمذي3.
__________
= وقال الهيثمي: رواه الطبراني مرسلاً ورجاله رجال "الصحيح".
1 أخرخه الحاكم [3/ 211] ، من طريق الشعبي عن جابر ثم قال: أرسله إسماعيل بن أبي خالد وزكريا بن أبي زائدة، فيما حدثناه علي بن عيسى الحيري ثنا إبراهيم بن أبي طالب ثنا ابن عمر ثنا سفيان عن ابن أبي خالد وزكريا عن الشعبي قال: قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر فذكر الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح إنما ظهر بمثل هذا الإسناد الصحيح مرسلاً وقد وصله ابن أجلح بن عبد الله، وتعقبه الحاكم بأن الصواب مرسلاً.
2 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 334] ، برقم [2558] ، قال: حدثنا محمد بن أبي غسان، ثنا مكي بن عبد الله الزعيني، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، تلقاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما نظر جعفر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجل إعظاما منه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين عينيه، وقال له: "يا حبيبي أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها، يا حبيبي حدثني عن بعض عجائب أرض الحبشة"، قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بينا أنا قائم في بعض طرقها، إذ أنا بعجوز على رأسها مكتل، وأقبل شاب يركض على فرس له، فزحمها، وألقى المكتل على رأسها، فاستوت قائمة وأتبعته ببصرها وهي تقول: الويل لك غداً، إذا جلس الملك على كرسيه، فاقتص للمظلموم من الظالم.
قال جابر، فنظرت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو إن دموعه تنحدر على عينيه مثل الجمار، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قدس الله أمة لا يأخذ المظلوم حقه من الظالم غير متعتع".
لم يروه عن ابن عيينة إلا مكي ا. هـ.
وأخرجه العقيلي من طريق مكي بن عبد الله الرعيني [4/ 257] ، وقال مكي بن عبد الله الرعيني عن ابن عيينةحديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به.
قال الهيئمي [9/ 275] :رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه مكي بن عبد الله الرعيني وهذا من مناكيره.
3 أخرجه الترمذي [5/ 76- 77] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في المعانقة والقبلة، حديث [2732] ، من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرياناً يجر ثوبه، والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الزهري ألا من هذا الوجه.(4/255)
1839- قَوْلُهُ: "ويكره لِلدَّاخِلِ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ الْقَوْمِ، وَلْيُسْتَحَبَّ لَهُمْ أَنْ يُكْرِمُوهُ"، انْتَهَى.
كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَازِ، وَالْكَرَاهَةِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَفِيهِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" 1.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: "قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2، وَحَدِيثُ جَرِيرٍ: "إذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِمَا3.
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 358] ، كتاب الأدب: باب في قيام الرجل للرجل، حديث [5229] ، والترمذي [5/ 90- 91] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل، حديث [2755] ، وأحمد [4/ 100] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
2 أخرجه البخاري [7/ 411] ، كتاب المغازي: باب مرجع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، حديث [4121] ، ومسلم [3/ 4121] ، ومسلم [3/ 1388، 1389] ، كتاب الجهاد والسير: باب جواز قتال من نقض العهد، حديث [64/ 1768] .
3 أخرجه البيهقي [0/ 168] ، كتاب قتال أهل البغي: باب ما على السلطان من إكرام وجوه الناس، والطبراني [2/ 304، 325] ، برقم [2266، 2358] ، وأبو نعيم في "الحلية" [6/ 205- 206] ، كلهم من حديث جرير.
قال أبو نعيم: غريب من حديث الجريري لم نكتبه إلا من حديث عوين وكذلك الحديث الذي قبله تفرد به عوين عن الجريري.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 336] : قال أبو زرعة هذا حديث منكر قيل له: فحديث عون بن عمرو القيسي عن سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن جرير عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أتاكم كريم قوم فأكروموه" قال: ما أقربه من هذا أخاف أن يكون ليس لهما أصل والصحيح حديث الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجة [2/ 1223] ، كتاب الأدب: باب إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، حديث [3712] ، والبيهقي [8/ 168] ، كتاب قتال أهل البغي: باب ما على السلطان من إكرام وجوه الناس.
كلاهما من طريق سعيد بن مسلمة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.
قال في "الزوائد": في إسناده سعيد بن مسلمة وهو ضعيف.
قال العجلوني في "كشف الخفاء" [1/ 77- 78] : رواه أبو داود عن الشعبي مرسلاً بسند ضعيف عن جرير البجلي قال: لما بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتيته، فقال: "ما جاء بك؟ " قلت: جئت لأسلم، فألقى إلى كساءه، وذكره، ورى البزار بسند ضعيف أيضاً عن جرير قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبسط لي رداءه، وقال: اجلس على هذا، فقلت: أكرمك الله كما أكرمتني، فذكره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه الحاكم عن جرير أيضاً بأبسط من هذا، ولفظه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل بعض بيوته فدخل عليه أصحابه حتى غص المجلس بأهله وامتلأ، فجاء جرير البجلي، فلم يجد مكاناً، فقعد على الباب فنزع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رداءه فألقاه على وجهه وجعل يقبله ويبكي، ورومى به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يميناً =(4/256)
__________
= وشمالاً فذكره، وروى الحكيم الترمذي وابن منده والسكري وآخرون بسند مجهول عن أبي عبد الله بن صمرة أنه قال: بينما أنا قاعد عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جماعة من أصحابه إذ قال: سيطلع عليكم من هذه الثنية خير ذي يمن، فإذا هو بجرير بن عبد الله فذكره قصة طولها بعضهم، وفيها فقالوا: يا نبي الله رأينا منك ما لم نره لأحد، فقال: "نعم هذا كريم قوم، فإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"، وروى السكري بسند ضعيف عن عدي بن حاتم أنه لما دخل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألقى إليه وسادة، وجلس على الأرض، فقال: أشهد أنك لا تبغي علواً في الأرض ولا فساداً وأسلم، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أتاكم ... " الحديث، وللدولابي في "الكنى" عن عبد الرحمن بن عبد، قال: قدمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مائة راجل من قومي، فذكر حديثاً فيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكرمه وأجلسه وكساه رداءه، ودفع إليه عصاه، وأنه أسلم، فقال له رجل من جلسائه: إنا نراك أكرمت هذا الرجل، فقال: "إن هذا شريف قومه، وإذا أتاكم شريف قوم فأكرموه"، وفي الباب عن جابر وابن عباس ومعاذ وأبي قتادة وأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم، وبهذه الطرق بتقوى وإن كانت مفرداتها ضعيفة؛ ولذا انتقد الحافظ ابن حجر وشيخه العراقي الحكم عليه بالوضع، ويقرب من هذا ما رواه ابن عمر وأبو هريرة في حديث: وإذا كانت عندك كريمة قوم أكرمها.(4/257)
2- بَابُ كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ
1840- قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ مَا اُشْتُهِرَ فِي سِيَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَغَازِيهِ: إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهَا أَمِيرًا، وَيَأْمُرُهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَيُوصِيهِمْ؛ رَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا ... " الْحَدِيثَ1.
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي
__________
1 أخرجه البخاري [7/ 655] ، في المغازي: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي [4340] ، و [13/ 130] ، في الأحكام: باب السمع والطاعة للإمام، ما لم تبن معصية [3145] ، ومسلم [3/ 1497] ، في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية [40/ 1840] ، وأحمد [1/ 82، 124] ، وأبو يعلى [378، 611] ، والبيهقي في "الدلائل" [4/ 311- 312] ، من طرق عن الأعمش.
وأخرجه البخاري [13/ 245، 460] ، في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق [3257] ، ومسلم [39/ 1840] ، وأبو داود [4612] ، في الجهاد: باب في الطاعة [2625] ، والنسائي [7/ 109] ، في البيعة: باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع، وأحمد [1/ 94] ، وأبو يعلى [279] ، وابن حبان [4567- الإحسان] ، والبيهقي في "السنن" [8/ 156] ، وأبو نعيم في "الحلية" [5/ 38] ، من طريق شعبة عن زيد.
وكذا رواه أبو داود والطيالسي [2/ 165- 166] ، [2612- منحة] ، كلاهما [أتى الأعمش وزيد] عن سعد بن عميرة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه، قال: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية وأمر عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه ... فذكر الحديث بطوله وأنه أمرهم أن يلقوا أنفسهم في النار إلى أن قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف".(4/257)
خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: "اُغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ. وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مِنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تقتلوا وليداً"، وَهَذَا الْحَدِيثُ بِطُولِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1.
1841- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْجُنْدِ حَتَّى لَا يَفِرُّوا"، مُسْلِمٌ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: "بَايَعَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ وَجْهِهِ، لَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ على أن لا نَفِرَّ"2، وَرَوَيَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا3، وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ4، وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ5.
1842- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يَبْعَثَ الطَّلَائِعَ"، مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَسْبَسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ ... "6، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَ طَرَفًا مِنْهُ.7.
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 358] ، ومسلم [3/ 1357] ، كتاب الجهاد: باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث، حديث [3] 1731، وأبو داود [3/ 83] ، كتاب الجهاد: باب في دعاء المشركين، حديث [1612] ، والترمذي [3/ 85] ، كتاب السير: باب ما جاء في وصية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القتال، حديث [1666] ، وابن ماجة [2/ 953] ، كتاب الجهاد: باب وصية الإمام، حديث [2858] ، والبيهقي [6919] ، كتاب السير: باب قتل المشركين بعد الأسار بضرب الأعناق دون المثلة. عنه قال: قال رسول الله صى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً لما قال: "اغزوا باسم الله قاتلوا من كفر بالله غزواً ولا تغلوا ولا تغذروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً".
وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 أخرجه مسلم [7/ 7] ، كتاب الإمارة: باب استحباب مبايعة إمام الجيش، حديث [76/ 1858- نووي] ، وابن حبان [10/ 415- 416] ، كتاب السير: باب مبايعة الأئمة وما يستحب لهم، حديث [4551] ، [11/ 232] ، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4876] ، والطبراني [20/ 236- 237] ، برقم [530- 532] ، والبيهقي [8/ 146] ، كتاب قتال أهل البغي: باب كيفية البيعة.
3 أخرجه مسلم [7/ 5- نووي] ، كتاب الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش، حديث [67، 68/ 1856] ، وابن حبان [11/ 231] ، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4875] .
4 أخرجه مسلم [7/ 8- نووي] ، كتاب الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش، حديث [80/ 1860] .
5 أخرجه البخاري [15/ 103] ، كتاب الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، حديث [7202] .
6 أخرجه مسلم [7/ 52- نووي] ، كتاب الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، حديث [145/ 1901] ، في حديث طويل.
7 أخرجه الحاكم [3/ 426] ، مختصراً بذكر عجز الحديث وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.(4/258)
1843- قَوْلُهُ: "وَيَتَجَسَّسُ أَخْبَارَ الْكُفَّارِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ: "قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ: "أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ... " 1، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
1844- قَوْلُهُ: "وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْخَمِيسِ"، الْبُخَارِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ"2.
1845- قَوْلُهُ: "فِي أَوَّلِ النَّهَارِ"، أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ حِبَّانَ، عَنْ صَخْرِ بْنِ وَدَاعَةَ الْغَامِدِيِّ رَفَعَهُ: "اللَّهُمَّ، بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا3".
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشِّهَابِ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الصَّحِيحِ، وَأَقْرَبُهَا إلَى الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ؛ هَذَا الْحَدِيثُ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ4 وَالْعَبَادِلَةِ5
__________
1 أخرجه مسلم [6/ 385- 386] ، كتاب الجهاد والسير: باب غزوة الأحزاب، حديث [99/ 1788] .
2 هو جزء من حديث توبة كعب بن مالك وقد أخرجه البخاري [7/ 717- 719] ، كتاب المغازي: باب حديث كعب بن مالك، حديث [4418] ، ومسلم [4/ 2120- 2128] ، كتاب التوبة، حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، حديث [53/ 2769] ، والترمذي [5/ 281- 282] ، كتاب التفسير: باب ومن سورة التوبة، حديث [3102] ، وابن حبان [3370] ، والبيهقي في "دلائل النبوة" [5/ 273- 279] ، من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك به مطولاً.
وقد أخرج جزءاً من هذا الحديث البخاري برقم [2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3901، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 76690، 7225] . وأيضاً أبو داود [3320/] ، والنسائي [2/ 53- 54] ، وابن ماجة [1393/] ، وأحمد [6/ 390] ، وابن أبي شيبة [14/ 539] ، كلهم من طريق الزهري بهذا الإسناد مختصراً.
3 أخرجه أحمد [3/ 416، 417، 431، 432، 4/ 384، 390، 390- 391] ، وأبو داود [3/ 35] ، كتاب الجهاد: باب في الابتكار في السفر، حديث [2606] ، والترمذي [3/ 508] ، كتاب البيوع: باب ما جاء في التبكير بالتجارة، حديث [1212] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 258] ، كتاب السير: باب الوقت الذي يستحب فيه توجيه السرية، حديث [8833] ، وابن ماجة [2/ 752] ، كتاب التجارات: باب ما ما يرجى من البركة في البكور، حديث [2236] ، وابن حبان [11/ 62] ، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، حديث [4754] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 555- بتحقيقنا] ، كتاب السير والجهاد: باب الابتكار، حديث [2667] .
قال الترمذي: حديث حسن.
4 أخرجه البزار [2/ 79] ، كتاب البيوع: باب البكور في طلب الرزق، حديث [1248] ، وأحمد [1/ 153- 154، 154، 155، 156] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 64] : رواه عبد الله بن أحمد من زياداته والبزار وفيه عبد الرحمن بن إسحاق وهو ضعيف.
5 أخرجه البزار [2/ 80] ، كتاب البيوع: باب البكور في طلب الرزق، حديث [1250] ، والطبراني [12/ 229] ، برقم [12966] ، كلاهما من حديث ابن عباس. =(4/259)
وَابْنِ مَسْعُودٍ1، وَجَابِرٍ2 وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ3 وَأَبِي هُرَيْرَةَ4، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ5، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي رَافِعٍ6، وَعُمَارَةَ بْنِ وَثِيمَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ7، وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ8، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَزَادَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي مُسْتَخْرَجِهِ: وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ9، وَنُبَيْطَ بْنَ شَرِيطٍ10، وَزَادَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ": عَنْ
__________
= قال الهيثمي [4/ 64] : رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه عمر بن مساور وهو ضعيف.
وأخرجه ابن ماجة [2/ 752] ، كتاب التجارات: باب ما يرجى من البركة في البكور، حديث [2238] ، والطبراني في [12/ 375] ، برقم [13390] .
كلاهم من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
1 أخرجه أبو يعلى [9/ 279- 280- 281] ، برقم [5406، 5409] ، والطبراني [10/ 10490] .
قال الهيثمي [4/ 64] : رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير وفيه علي بن عابس وهو ضعيف.
2 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [3/ 355- 356] ، برقم [1951] .
قال الهيثمي [4/ 65] : رواه الطبراني في "الأسط" ورجاله ثقات إلا أن شيخ الطبراني أحمد بن مسعود المقدسي لم أجد له ترجمة.
3 أخرجه الطبراني [18/ 216] ، برقم [540] ، وفي "الأسط" كما في "مجمع البحرين" [3/ 354] ، برم [1948] .
قال الهيثمي [4/ 65] : رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" وفيه المعلى بن تركة وهو متروك.
4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [3/ 356] ، برقم [1952] ، وابن الجوزي [1/ 32] ، برقم [528] ، قال ابن الجوزي: تفرد به عبد الله بن جعفر عن ثور، وكان عبد الله كثير الغلط.
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 65] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عبد الله بن نجيح والد علي بن المديني وهو ضعيف.
5 أخرجه أبو يعلى [13/ 488] ، برقم [7500] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 64] : رواه أبو يعلى والطبراني في "الكبير" وفيه هشام بن زياد وهو ضعيف جداً.
6 أخرجه ابن الجوزي [1/ 321] ، برقم [526] ، وقال: قال الدارقطني: تفرد به علي بن سويد عنه، وتفرد به الحسن بن عمرو بن سيف عنه، وقال علي بن المديني والبخاري: الحسن كذاب.
7 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 355] ، برقم [1949] ، وفي "الصغير" [1/ 95- 96] .
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 65] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه الخليل بن زكريا وهو كذاب.
8 أخرجه ابن الجوزي [1/ 318] ، برقم [516] .
9 أخرجه ابن الجوزي [1/ 318] ، برقم [517، 518] ، وقال: ففي طريقه الأول عمر بن هارون، قال: يحيى كذاب، خبيث. وفي الطريق الثاني حكيم بن خذام، قال الرازي: متروك الحديث، وفيه محمد بن الوليد قال ابن عدي: كان يضع الحديث ويوصله ويسرق.
10 أخرجه الطبراني في "الصغير" [1/ 30] ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 64] : رواه الطبراني في "الصغير" وفيه جماعة لم أعرفهم.(4/260)
أَبِي ذَرٍّ1، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ2، وَأَنَسٍ3، وَالْغَرْسِ بْنِ عُمَيْرَةَ4، وَعَائِشَةِ5، وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَضَعَّفَهَا كُلَّهَا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا أَعْلَمُ فِي: "اللَّهُمَّ، بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا"، حَدِيثًا صَحِيحًا6.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ7 وَأَنَسٍ8 بِلَفْظِ: "اللَّهُمَّ، بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا، يَوْمَ خَمِيسِهَا"، وَفِي الْأَوَّلِ: عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ وَهُوَ كَذَّابٌ، وَفِي الثَّانِي: عَمْرُو بن مساور؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَى أَيْضًا: "اللَّهُمَّ، بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ سَبْتِهَا، وَيَوْمَ خَمِيسِهَا"، وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ: هِيَ مُفْتَعَلَةٌ.
1846- قَوْلُهُ: "وَأَنْ تُعْقَدَ الرَّايَاتُ"، فِي هَذَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ:
مِنْهَا: حَدِيثُ سَلَمَةَ وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" بِلَفْظِ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ
__________
1 قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" [1/ 324] : وأما حديث أبو ذر فتفرد به على بن هشام عن عفان كالمجهول وهو أنه وجد في كتابه فلا يعول عليه.
2 أخرجه ابن الجوزي [1/ 317] ، برقم [514] ، وقال: رواه عمار بن هارون؛ قال أبو حاتم الرازي: هو متروك.
3 أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" [1/ 318- 319] من أربع طرق برقم [519- 522] ، وقال: أما في الطريق الأول: أحمد بن بشير قال يحيى: متروك.
وفي الطريق الثاني عمار بن هارون وقد خرجناه آنفاً، وفيه عدي بن الفضل قال الرازي: متروك الحديث.
وفي الطريق الثالث: محمد بن عيسى وروح كلاهما مطعون فيه.
والطريق الرابع تفرد به أسيد بن زيد، قال يحيى: هو كذاب.
4 أخرجه ابن الجوزي [1/ 320] ، برقم [525] ، وقال: يرويه يحيى بن زهدم قال ابن حبان: يروي عن أبيه نسخة موضوعة لا يحل كتبها إلا على التعجب.
5 أخرجه ابن الجوزي [1/ 321] ، برقم [527] ، وقال: قال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن قيس وهو منكر الحديث.
وقال أبو حاتم الرازي: مجهول ا. هـ.
6 ينظر: "علل الحديث" [2/ 268] .
7 أخرجه البزار [2/ 80] ، كتاب البيوع: باب البكور في طلب الرزق، حديث [1250] ، قال البزار: لا نعلم رواه إلا أبو حمزة، وعمرو، روى عنه عفان وجماعة، ولم يكن بالقوي.
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 64] : رواه البزار والطبراني في "الكبير" وفيه عمر بن مساور وهو ضعيف.
8 أخرجه البزار [2/ 80] ، كتاب البيوع: باب البكور في طلب الرزق، حديث [1249] ، قال البزار: لا نعلمه عن أنس إلا بهذا الإسناد، وعنبسة لين الحديث.
قال الهيثمي [4/ 64] : رواه البزار وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك.(4/261)
وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَأَعْطَاهَا لِعَلِيٍّ1 ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ وَلِوَاءُهُ أَبْيَضَ2".
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بلفظ: "كان لواؤه أَبْيَضَ، وَرَايَتُهُ سَوْدَاءَ3".
وَفِي السُّنَنِ عَنْ الْبَرَاءِ: "كَانَتْ رَايَتُهُ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرٍ4".
وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ، قَالَ: "رَأَيْت رَايَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفْرَاءَ5".
وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ الْعَصْرِيِّ قَالَ: "عَقَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَايَاتِ الْأَنْصَارِ وَجَعَلَهُنَّ صَفْرَاءَ"6.
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مكة" عام الفتح، ولواؤه أَبْيَضُ"7.
__________
1 أخرجه البخاري [6/ 230] ، كتاب الجهاد والسير: باب ما قيل في لواء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [2975] ، ومسلم [8/ 189- 190- نووي] ، كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حديث [35/ 2407] .
2 أخرجه الترمذي [4/ 196- 198] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في الروايات، حديث [1681] ، وابن ماجة [2818] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس.
3 أخرجه الحاكم [2/ 105] ، وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بأن فيه يزيد وهو ضعيف.
4 أخرجه أحمد [4/ 297] ، وأبو داود [3/ 32] ، كتاب الجهاد: باب في الرايات والألوية، حديث [2591] ، والترمذي [4/ 196] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في الروايات، حديث [1680] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 181] ، كتاب السير: باب صفة الراية، حديث [8606] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة.
5 أخرجه ابو داود [3/ 32] ، كتاب الجهاد: باب في الرايات والألوية، حديث [2593] .
6 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 324] ، عن مزيذة العبدي وقال: رواه الطبراني وفيه محمد بن الليث الهدادي ولم أعرفه، وبقية رحاله ثقات.
7 أخرجه أبو داود [3/ 32] ، كتاب الجهاد: باب في الرايات والألوية، حديث [2592] ، والترمذي [4/ 195] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في الألوية، حديث [1679] ، والنسائي [5/ 200] ، كتاب مناسك الحج: باب دخول مكة باللواء، حديث [2866] ، وابن ماجة [2/ 941] ، كتاب الجهاد: باب الرايات والألوية، حديث [2817] ، والحاكم [2/ 104] ، وابن حبان [11/ 47] ، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، حديث [4743] .
كلهم من طريق يحيى بن آدم ثنا شريك عن عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك، وقال: حدثنا غير واحد عن شريك عن عمار عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل مكة وعليه عمامة سوداء، =(4/262)
وَفِي النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَتْ مَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ، فِي بَعْضِ مُشَاهَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
1847- قَوْلُهُ: "وَيَجْعَلُ كُلَّ أَمِيرٍ تَحْتَ رَايَةٍ"، الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ فِي قِصَّةِ الْفَتْحِ وَقِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: "ثُمَّ مَرَّتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَهُ الرَّايَةُ"، وَفِيهِ: "ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَايَتُهُ مَعَ الزُّبَيْرِ ... "2، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
1848- قَوْلُهُ: "وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا حَتَّى لَا يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بَيَاتًا"، النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ الْبَرَاءِ: "إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ الْعَدُوَّ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ: حم لَا تُنْصَرُونَ"3، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ4، وَقَالَ: صَحِيحٌ، قَالَ: وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ الْمُهَلَّبُ: هُوَ الْبَرَاءُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5، وَفِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: "كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا هَوَازِنَ: "أَمِتْ أَمِتْ"6.
__________
= قال محمد: والحديث هو هذا.
وقال أيضاً: والدهن بطن من بجيلة وعمار الدهني هو عمار بن معاوية الدهني ويكنى أبا معاوية وهو كوفي، وهو ثقة عند أهل الحديث.
1 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 181] ، كتاب السير: باب حمل الأعمى الراية، حديث [8605] .
2 أخرجه البخاري [8/ 316] ، كتاب المغازي: باب أين ركز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراية يوم الفتح، أخرجه البخاري [4280] .
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [6/ 157- 158] ، كتاب عمل اليوم والليلة: باب كيف الشعار، حديث [10451، 10452] ، والحاكم [2/ 107] .
4 أخرجه الحاكم [2/ 107] .
قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين إلا أن فيه إرسال فإذا الرجل الذي لم يسمعه المهلب بن أبي صفرة البراء بن عازب.
5 أخرجه النسائي في "الكبرى" [6/ 158] ، كتاب عمل اليوم واليلة: باب كيف الشعار، حديث [10453] ، وأخرجه أبو داود [3/ 33] ، كتاب الجهاد: باب في الرجل ينادي بالشعار، حديث [2597] .
6 أخرجه أحمد [4/ 46] ، وأبو داود [3/ 33] ، كتاب الجهاد: باب في الرجل ينادي بالشعار، حديث [2596] ، [3/ 43- 44] ، كتاب الجهاد: باب في الديات، حديث [2638] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 271] ، كتاب السير: باب الشعار، حديث [8862] ، وابن ماجة [2/ 947] ، كتاب الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، حديث [2840] ، وابن حبان [11/ 48، 52، 53] ، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، حديث [4744، 4747، 4748] ، والبيهقي [6/ 361] ، كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب ما جاء في شعار القبائل ونداء =(4/263)
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَالْخَزْرَجَ: عَبْدَ اللَّهِ ... "1، الْحَدِيثَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: جَعَلَ شِعَارَ الْأَزْدِ: "يَا مَبْرُورُ، يَا مَبْرُورُ"2.
1849- قَوْلُهُ: "وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخَلَ دَارُ الحرب بتعبية الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَهْيَبُ"، التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: "عَبَّأَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ"3، وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ الطَّوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ: "أَنَّهُمْ مَرُّوا قَبِيلَةً قَبِيلَةً".
1850- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يَسْتَنْصِرَ بِالضُّعَفَاءِ"، الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ" 4، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ5.
__________
= كل قبيلة، والحاكم [2/ 107] ، كلهم من طريق عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة عن الأكوع رضي الله عنه.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه الحاكم [2/ 106] ، وقال: هذا حديث غريب صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، إنما أخرجا في الشعار حديث الزهري عن كثير بن العباس عن أبيه لما كان يوم حنين انهزم، الحديث بطوله يذكر فيه شعار القبائل.
وتعقبه الذهبي بأن فيه: يعقوب وإبراهيم وهما ضعيفان.
2 أخرجه الحاكم [2/ 106] ، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي منكر الحديث.
3 أخرجه الترمذي [4/ 194] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في الصف والتعبئة عند القتال، حديث [1677] .
قال الترمذيذ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الرجل، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه. وقال محمد بن إسحاق: سمع من عكرمة، وحين رأيته كان حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي ثم صعفه بعد.
4 أخرج البخاري [6/ 184] ، كتاب الجهاد والسير: باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، حديث [2896] ، والنسائي [6/ 45] ، كتاب الجهاد: باب الاستنصار بالضعيف، حديث [3178] .
5 أخرجه أحمد [5/ 198] ، وأبو داود [3/ 32] ، كتاب الجهاد: باب الانتصار برذل الخيل والضعفة، حديث [2594] ، والترمذي [4/ 706] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الاستفتاح بصعاليك المسلمين، حديث [1702] ، والنسائي [6/ 49] ، كتاب الجهاد: باب الاستنصار بالضعيف، حديث [3179] ، وابن حبان [11/ 85] ، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، حديث [4767] ، والحاكم [2/ 145] .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.(4/264)
1851- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ"، أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: "سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"1، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ: "عِنْدَ النِّدَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وَلِلْحَاكِمِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "إذَا نَادَى الْمُنَادِي فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ، فَمَنْ نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ فَلْيَتَحَيَّنْ الْمُنَادِيَ" 2.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: "الدُّعَاءُ يُسْتَجَابُ، وَتُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ" 3، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ بَدَلَ "رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ": "دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ": وَزَادَ: "وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ"4.
1852- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يُكَبِّرَ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ فِي رَفْعٍ الصوت".
أَمَّا التَّكْبِيرُ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: "صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ5 ... "، الْحَدِيثَ.
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 21] ، كتاب الجهاد: باب الدعاء عند اللقاء، والدارمي [1/ 272] ، كتاب الصلاة: باب الدعاء عند الأذان، وابن حبان [5/ 60- 61] ، كتاب الصلاة: باب فضل الصلوات الخمس: باب صفة الصلاة، حديث [1720، 1764] ، والحاكم [1/ 198] ، وابن الجارود [1065/] ، والطبراني [6/ 135] ، وبرقم [5756] ، وابن حزيمة [1/ 219] ، برقم [419] ، كلهم من حديث سهل بن سعد مرفوعاً.
واخرجه مالك [1/ 70] ، كتاب الصلاة: باب ما جاء في النداء للصلاة، حديث [7] ، موقوفاً على سهل بن سعد رضي الله عنه.
2 أخرجه الحكم [1/ 546- 547] ، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه عفير وهو واه جداً.
3 أخرجه البيهقي [3/ 360] ، كتاب صلاة الاستسقاء: باب طلب الإجابة عند نزول الغيث.
4 أخرجه الطبراني في "الصغير" [1/ 169] ، وفي "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [2/ 5- 6] ، برقم [617] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 333] ، رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" وفيه حفص بن سليمان الأسدي ضعفه البخاري ومسلم وابن معين والنسائي وابن المديني. ووثقه أحمد وابن حبان إلا أنه قال الأزدي مكان الأسدي.
5 أخرجه البخاري [2/ 107] ، كتاب الأذان: باب ما يحقن من الأذن من الدماء برقم [610] ، 5721 كتاب الصلاة: باب ما يذكر في الفخذ رقم [371] ، [2/ 507، 508] ، كتاب الخوف: باب التكبير والغلس بالصبح، والصلاة عند الإغارة والحرب، رقم [947] ، [4/ 489] ، كتاب البيوع: باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة رقم [2228] ، طرفا منه [4/ 494] ، كتاب البيوع: باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها، رقم [2235] ، [6/ 98] ، كتاب الجهاد والسير: باب فضل الخدمة في الغزو، رقم [2889] ، [6/ 101، 102] ، كتاب الجهاد والسير: باب من غزا بصبي للخدمة، رقم [2893] ، [6/ 130] ، كتاب الجهاد والسير: باب دعاء =(4/265)
وَأَمَّا عَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى: "إنكم لا تدعون أصم وَلَا غَائِبًا ... "، الْحَدِيثَ1.
1853- قَوْلُهُ: "وَأَنْ يُحَرِّضَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ، وَعَلَى الصَّبْرِ، وَعَلَى الثَّبَاتِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى2، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى: "الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ
__________
= النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام والنبوة، رقم [2943- 2945] ، [6/ 156] ، كتاب الجهاد والسير: باب التكبير عند الحرب، رقم [2991] ، [6/ 222، 223] ، كتاب الجهاد والسير: باب ما يقول إذا رجع من الغزو، رقم [3085- 3086] ، [6/ 223، 224] ، كتاب الجهاد والسير: باب الصلاة إذا قدم من سفر، رقم [3087] ، [6/ 732] ، كتاب المناقب: باب [28] ، رقم [3647] ، [7/ 436] ، كتاب المغازي: باب أحد جبل يحبنا ونحبه رقم [4083- 4084] ، [7/ 534] ، كتاب المغازي: باب غزو خيبر، رقم [4197- 4198- 4200- 4201] ، [7/ 547] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، رقم [4211- 4212- 4213] ، [9/ 29] ، كتاب النكاح: باب اتخاذ السراري، من أعتق جارية ثم تزوجها، رقم [5085] ، [9/ 132] ، كتاب النكاح: باب البناء في السفر، رقم [5159] ، [9/ 140] ، كتاب النكاح: باب الوليمة ولو بشاة، رقم [5169] ، [9/ 440] ، الخوان والسفرة، رقم [5387] ، [9/ 465] ، كتاب الأطعمة: باب الحيس، رقم [5425] ، [9/ 466] ، كتاب الأطعمة: باب ذكر الطعام، رقم [4428] ، [9/ 570] ، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الحمر الإنسية، رقم [5528] ، [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، رقم [5968] ، [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، رقم [5968] ، [10/ 584] ، كتاب الأطعمة: باب قول الرجل: جعلني الله فداك، رقم [6185] ، [11/ 177] ، كتاب الدعوات: باب التعوذ من غلبة الرجال، رقم [6363] ، [11/ 182] ، كتاب الدعوات: باب الاستعداد من الجبن والكسل، رقم [6369] ، [13/ 316] ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة، رقم [7333] ، ومسلم [2/ 1043، 1044] ، كتاب النكاح: باب فضيلة إعتقه أمة ثم يتزوجها، رقم [84/ 1365] ، والنسائي [6/ 131، 132، 133، 134] ، كتاب النكاح: باب البناء في السفر [163- 164- 186- 206- 246- 263- 270- 271] ، والبيهقي [2/ 230] ، كتاب الصلاة: باب من زعم أن الفخذ ليست بعورة، وما قيل في السرة والركبة، [9/ 55] ، كتاب السير: باب قسمة الغنيمة في دار الحرب، [9/ 79، 80] ، كتاب السير: باب قتل النساء والصبيان في التبييت والغارة من غير قصد، وما ورد في إباحة التبييت، وابن حبان [11/ 51، 52] ، كتاب السير: باب ذكر البيان بأن على المرء إذا أتى دار الحرب أن لا يشن الغارة حتى يصبح، رقم [4747] ، ومالك في "الموطأ" [2/ 468- 469] ، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، رقم [48] ، والترمذي [4/ 121] ، كتاب السير: باب في البيات والغارات رقم [1550] .
1 أخرجه البخاري [7/ 537] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4205] ، وفي [11/ 217] ، كتاب الدعوات: باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله، حديث [6409] ، وباب الدعاء إذا علا عقبة، حديث [6384] ، وفي [13/ 384] ، كتاب التوحيد: باب وكان الله سميعاً بصيراً، حديث [7386] ، ومسلم [4/ 2076] ، كتاب الذكر والدعاء: باب استحباب خفض الصوت بالذكر، حديث [44/ 2704] .
2 أخرجه البخاري [6/ 223] ، كتاب الجهاد والسير: باب كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى نزول الشمس، حديث [2966] ، وأطرافه في [2818، 2833، 3024، =(4/266)
السُّيُوفِ" 1.
1854- قَوْلُهُ: "وَلَا يُقَاتَلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ حَتَّى يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ" 2، سَبَقَ فِي
__________
= 7237] ، ومسلم [6/ 304- أبي] ، كتاب الجهاد والسير: باب كراهية تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء، حديث [20/ 1742] ، وفيه أنه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أيها الناس: لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".
1 أخرجه مسلم [6/ 637- 638] ، كتاب الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، حديث [146/ 1902] .
2 أرسل الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الناس كافة، وأمره بتبليغ رسالته، والدعوة إلى الإيمان بها، ثم أذن له في قتال المغرضين المستكبرين، وقد اتفق العلماء على أن تبليغ الدعوة الإسلامية أمر يقضي به منصب النبوة وهو مقتضى الرسالة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] . وهذا التبليغ لا محل للكلام فيه، وإنما الكلام في أنه إذا أراد المسلمون قتال قوم، فهل يجب عليهم أن يدعوهم قبل الشروع في القتال دعوة خاصة غير التبليغ الذي وجب بمقتضى الرسالة؟ أو يصح لهم أن يفاجئوهم من غير تجديد لدعوتهم.
وهنا اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: عدم وجوبها، وإليه ما فريق من العلماء.
المذهب الثاني: وجوبها مطلقاً، سواء بلغتهم الدعوة قبل ذلك أم لا؛ وإليه ذهب الإمام مالك، والهادوية.
والمذهب الثالث: التفضيل، وهو أنه إذا لم تكن الدعوة العامة قد بلغتهم وجبت دعوتهم قبل القتال، وإذا كانت قد بلغتهم لم تجب دعوتهم، بل تستحب وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وأكثر أهل العلم.
الأدلة: استدل القائلون بعدم الوجوب، بما جاء في حديث متفق عليه عن ابن عوف قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله صلى الله على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى دراريهم وأصاب يومئذ جويرية ابنة الحارث، حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش. فدل هذا الحديث على عدم وجوب الدعوة قبل القتال. لأنها قد انتشرت وعمت ولم يبق ممن لم تبلغهم الدعوة إلا النادر القليل.
واستدل الإمام مالك ومن معه على الوجوب مطلقاً: بحديث بريدة حيث قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم". رواه أحمد ومسلم فذكر الإسلام ثم الجزية ثم القتال. وهو ظاهر في الإطلاق، بلغتهم الدعوة أم لا.
واستدل المفصلون على وجوب الدعوة قبل القتال لمن لم تسبق دعوتهم بما رواه أحمد عن ابن عباس قال: ما قاتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوماً قط إلا دعاهم، ولأنهم بالدعوة إلى الإسلام يعلمون أننا نقاتلهم على الدين لا على شيء آخر من الأموال والنساء والذراري وغير ذلك من متاع الدنيا، فلعلهم يستجيبون لداعي الهدى فيحصل المقصود من غير احتياج إلى قتال وسفك دماء وعلى ذلك يكون من قاتل قبل الدعوة آثماً.
وللعلماء في حكم التضمين خلاف ليس هذا محله. =(4/267)
حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَفِيهِ: "وَإِذَا لَقِيت عَدُوَّك فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ... "، الْحَدِيثَ1.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: "مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا حَتَّى دَعَاهُمْ"2، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ.
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ مَسِيكٍ، قَالَ: "قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُقَاتِلْهُمْ حَتَّى تَدْعُوَهُمْ إلى الإسلام".
__________
= وأما من بلغتهم الدعوة فلا يجب علينا أن ندعوهم مرة أخرى ولكن يستحب فقط مبالغة في الإنذار وقطعاً لحجتهم، وإنما لم تجب لما رواه أحمد والبخاري عن البراء بن عازب أنه قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رهطاً من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عبد الله بن عتيك بيته ليلاً فقتله وهو ثائم.
ولما روي من الإغارة على بني المصطلق وهم غازون، ويرون أن بهذا التفصيل يمكن الجمع بين الأحاديث المختلفة.
مناقشة الأدلة: أما القائلون بعدم الوجوب مطلقاً فيرد عليهم ما جاء في حديث بريدة من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادعهم إلى الإسلام" فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر بالدعوة والأمر ظاهر في الوجوب، فأما القائلون بالوجوب مطلقاً فيرد عليهم ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أغار على بني المصطلق وهم غارون، ولو كانت الدعوة واجبة مطلقاً ما أغار عليهم من غير دعوة. ولهم أن يجيبوا بأن ذلك فعل، وهو يحتمل الخصوصية دون القول والذي نختاره هو مذهب الجمهور القائل بالتفصيل لما سبق من أن فيه جمعاً بين الأدلة، وبأن وجوب الدعوة معلل باحتمال قبول العدو الإسلام لو عرض عليه قبل القتال وإلزامه الحجة، فإذا سبقت الدعوة وعلمت فقد انتهت هذه العلة فينتهي حكم الوجوب بانتهائها، ولم يبق إلا المبالغة في الإنذار فلذلك ندعوهم للإسلام وعلى ما قلنا من انتهاء الوجوب لانتهاء العلة يحمل فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إغارته على بني المصطلق وهم غافلون.
وهذا مذهب وسط، وجدير بالاعتبار والتقديم على غيره عند المقارنة، فلم يذهب إلى وجوب الدعوة مطلقاً ولو كانت قد بلغتهم، لأن ذلك يضر المسلمين ويضيع عليهم فوائد كثيرة، لأنهم لو اشتغلوا بالدعوة حينئذ ربما راوغهم الأعداء، حتى يتحصنوا ويستعدوا للمسلمين فلا نقدر عليهم بعد ذلك، ولم يذهب إلى عدم الوجوب مطلقاً لأن ذلك يجعل حجة الكفار قائمة علينا، وقد يكونون مستعدين لقبول الإسلام لو عرضناه عليهم فيفوت الغرض الأصلي من الجهاد وهو نشر دين الإسلام وإذاعة تعالميمه بين الناس لهدايتهم أجمعين.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
1 أخرجه مسلم [6/ 279 وما بعدها- أبي] ، كتاب الجهاد والسير: باب تأمير الإمام الأمراء على البغوث، ووصية إياهم بآداب الغزو، حديث [3/ 1731] ، وقد تقدم تخريج الحديث في أول هذا الباب.
2 أخرجه أحمد [1/ 236] ، والحاكم [1/ 15] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح من حديث الثوري ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بأبي نجيح والد عبد الله واسمه يسار وهو من موالي المكيين.(4/268)
1855- وَقَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِيَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ1 فِي بَعْضِ الغزوات،
__________
1 اتفق الفقهاء على أن المسلمين إذا لم يأمنوا جانب الكافر وخافوا منه إفشاء السر للأعداء، لا يجوز لهم الاستعانة به لا في الحرب، لأن الاستعانة به في هذه الحالة تؤدي إلى نقيض المقصود منها، وهو نصرة المسلمين وإعلاء كلمة الله ولا في خدمة الجيش والأعمال التمهيدية كحفر الخنادق وبناء الحصون، وتمهيد الطرق، وإصلاح آلات الحرب وغير ذلك.
واختلفوا فيما عدا ذلك، فذهب الإمام مالك وأحمد في رواية عنه إلى أنه يحرم الاستعانة بالكفار في الجهاد وبهذا قال ابن المنذر، والجوزجاني، وجماعة من أهل العلم وذهب الإمام أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد في رواية أخرى إلى جواز الاستعانة بهم وشرط الشافعي مع أمن خيانتهم كونهم بحيث لو انظم المستعان به إلى العدو قاومناهم.
الأدلة: استدل المانعون بما يأتي:
أولاً: ما رواه أحمد ومسلم عن عائشة قالت: خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل كانت تذكر منه جرأة ونجدة ففرح به أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رأوه، فلما قال: جئتك لأتبعك فأصيب معك قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تؤمن بالله ورسوله"؟ قال: لا، قال: "ارجع فلن أستعين بمشرك". قالت: ثم قضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال أول مرة فقال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك، قالت: فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له فانظلق.
ثانياً: ما رواه الإمام أحمد عن خبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يريد غزوا أنا ورجل من قومي ولم يسلم فقلنا إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم، فقال: أسلمتما؟ فقلنا لا، فقال: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين فأسلمنا وشهدنا معه. ففي هذين الحديثين نفي صريح للاستعانة بعموم المشركين، لأن لفظ مشرك نكرة في سياق النفي ولفظ المشركين في الحديث الثاني جمع معرف بأداة الاستغراق فيفيد العموم، ولم يقبل منهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستعانة في القتال مع شدة رغبتهم فيه حتى أسلموا.
ثالثاً: إن الكافر لا يؤمن مكره وغدره لخبث طويته، والحرب تقتضي المناصحة، والكافر ليس من أهلها. وقد نوقش الدليلان الأولان بأنهما لا يدلان على عدم جواز الاستعانة بالمشركين، وإنما كان رد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن رد؛ لأنه تفرس فيهم الرغبة في الإسلام فردهم رجاء أن يسلموا، وقد صدق الله ظنه.
وقد ردت هذه المناقشة بأن الحديثين عامان في المنع من الاستعانة بمن طلب الإعانة وغيره.
أدلة المجيزين: استدل المجيزون بما يأتي:
أولاً: ما رواه الإمام الشافعي، وأبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال: استعان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهود بني قينقاع فرضخ لهم ولم يسهم.
ثانياً: ما رواه أبو داود في "مراسيله" عن الزهري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعان بناس من اليهود في خيبر في حربه فأسهم لهم.
ثالثاً: ما رواه أحمد وأبو داود عن ذي مخبر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ستصالحون الروم صلحاً تغزون أنتم، وهم عدوا من ورائكم" فأخبر عليه الصلاة والسلام بأن المسلمين سيحصل منهم التعاون مع الروم وإخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدق لا شك فيه، ولم يذكر ما يدل على أنه ممنوع. =(4/269)
وَوَضَعَ1 لَهُمْ"، أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ"، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
= رابعاً: هناك حوادث أخرى اشتهرت عند أهل السير يفيد الاستعانة بهم كما في "زاد المعاد"، و"عيون الأثر" والشوكاني منها أن قزمان خرج مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مشرك فقتل ثلاثة من بني عبد الدار حملة لواء المشركين حتى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله ليأزر هذا الدين بالرجل الفاجر، ومنها أن خزاعة خرجت مع النبي صلى الله على قريش عام فتح مكة، ومنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار من صفوان بن أمية دروعاً وأشياء أخرى يستعان بها في الحرب، وكان صفوان في ذلك الوقت مشركاً.
وأجابوا عن حديث عائشة، وحديث خبيب رضي الله عنهما بأنهما منسوخان، لأن المنع من الاستعانة كان في أول الأمر ثم استعان بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة خيبر سنة ست من الهجرة فتكون ناسخة لما قبلها.
مناقشة الأدلة: ونوقشت أدلة المجيزين بما يأتي:
أولاً: الحديث الأول في سنده الحسن بن عمارة وهو ضعيف فلا يحتج به.
ثانياً: والحديث الثاني أرسله الزهري، وكان يحيى بن القطان لا يرى مراسيل الزهري شيئاً ويقول هي بمنزلة الريح.
ثالثاً: حديث ذي مخبر ليس في استعانة المسلمين بأفراد من الكفار وإنما هو في التحالف معهم ضد عدو مشترك.
رابعاً: يقال في حديث فزمان أنه لم يبين طريقه ليمكن الحكم عليه ولو سلمت صحته فلم يثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن بذلك في الابتداء، وغاية ما فيه أنه يجوز للإمام السكوت عن كافر قاتل مع المسلمين تبرعاً منه من غير استعانة منهم به، وأما خزاعة فقد كانوا حلفاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأهم من ذلك أنهم كانوا في ذلك الوقت مسلمين بدليل قول عمران بن سالم الخزاعي حين وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستنصره على بني بكر وقريش: [الرجز]
يا رب إني ناشد محمداً ... حلف أبينا وأبيه الأتلد
قد كنتم ولداً وكنا والداً ... ثمت أسلمنا فلم ننزع يداً
إلى أن قال:
هم بيتونا بالوتير هجداً ... وقاتلونا ركعاً وسجداً
وأما حديث صفوان فهو في غير محل النزاع، لأن ما فيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعان بالسلاح والكلام في الاستعانة بالرجال، والفرق والضح.
ومن هذه المناقشة يظهر أن أدلة المجيزين لا ينهض للاستدلال فضلاً عن كونها تعارض أدلة المنع، ولو صح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعان بأحد من المشركين لأمكن أن نجعله مخصوصاً من عموم المنع للمصلحة؛ ولأمكن أن نقيس عليه مثله مما يكون في الاستعانة به مصلحة للمسلمين، ولكن لم يظهر ذلك بعد أن استوعبنا كل ما ورد في الباب من الأحاديث والآثار.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
1 الرضخ في اللغة: إعطاء القليل.
وفي الشرع إعطاء شيء دون سهم المجاهد يجتهد الإمام في قدره لأنه لم يرد عن الشرع فيه تحديد، فيرجع فيه إلى رأي الإمام، وعليه أن يفاوت بين المرضخ لهم فيعطي كلا بمقدار نفعه وغنائه وما يقوم به من عمل، واستثنى الحنفية الذمي يقوم بنوع من الدلالة فجوزوا زيادة رضخه =(4/270)
اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ، وَأَسْهَمَ لَهُمْ" 1، وَالزُّهْرِيُّ مَرَاسِيلُهُ ضَعِيفَةٌ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "اسْتَعَانَ ... " فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَزَادَ: "وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ2"، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "لَمْ أَجِدْهُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ مَا أَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَسَاقَ بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إذَا خَلَفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، إذَا كَتِيبَةٌ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: بَنِي قَيْنُقَاعَ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: "وَأَسْلَمُوا"؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: قُلْ لَهُمْ: "فَلْيَرْجِعُوا؛ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ" 3.
حَدِيثٌ: "أَنَّ صَفْوَانَ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْبَ حُنَيْنٍ وَهُوَ مُشْرِكٌ"، تَقَدَّمَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ.
1856- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى بَدْرٍ، فَتَبِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: "تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: "فَارْجِعْ؛ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ... "، الْحَدِيثَ. مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهَا4، وَعَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ خَبِيبِ بْنِ إسَافٍ قَالَ: "أَقْبَلْت أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَسْتَحْيِيَ أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ، فَقَالَ "أَسْلَمْتُمَا"؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: "فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ ... "، الْحَدِيثَ5.
__________
= على السهم إذا كان في دلالته منفعة عظيمة، ولا يلزم من ذلك تسويته بالمجاهدين لأن ما يأخذه بمنزلة الأجرة، فيعطى بالغاً ما بلغ.
من يرضخ له؟
ذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلى أنه لا يسهم للمرأة، والصبي، والعبد، بل يرضخ لهم، وذهب الإمام مالك في المشهور عنه إلى أن الذين لا يسهم لهم لا يرضخ لهم أيضاً، وله في الصبي إن أجيز وقاتل خلاف:
وحكى الشوكاني عن الأوزاعي أنه يسهم للمرأة، والصبي وهذا هو مشهور المذاهب.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
1 أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" [2/ 331] ، برقم [2790] ، قال: نا سفيان عن زيد بن يزيد بن جابر عن الزهري فذكره.
ومن طريقه أبو داود في "المراسيل" ص [224] ، برقم [281] .
وعلقه الترمذي عن الزهري مرسلاً [4/ 128] ، كتاب السير: باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم، عقب حديث [1558] .
2 أخرجه الشاعفي في "الأم" [7/ 563] ، كتاب سير الأوزاعي: باب سهم الفارس والراجل وتفضيل الخيل.
3 أخرجه البيهقي [9/ 37] ، كتاب السير: باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين.
4 أخرجه مسلم [6/ 437- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب كراهية الاستعانة في الغزو بكافر، حديث [150/ 1817] .
5 أخرجه أحمد [3/ 454] ، والطبراني [4/ 223- 224] ، برقم [4194- 4196] . =(4/271)
وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَوْجُهٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، مِنْهَا. وذكره الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّسَ فِيهِ الرَّغْبَةَ فِي الْإِسْلَامِ، فَرَدَّهُ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فَصَدَقَ ظَنُّهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ التَّنْكِيرِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ النَّظَرُ بِعَيْنِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ كَانَتْ مَمْنُوعَةً، ثُمَّ رُخِّصَ فِيهَا، وَهَذَا أَقْرَبُهَا، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ.
حَدِيثٌ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْغَزْوِ، وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ، تَقَدَّمَ.
حَدِيثٌ: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا"، تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ.
1 857- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا؛ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"، الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ قانع من حديث حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ بلفظ: "من جهز غازيا أَوْ حَاجًّا أَوْ فَطَّرَ صَائِمًا؛ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا"1، وَسِيَاقُ ابْنِ قَانِعٍ أَتَمُّ، وَأَمَّا زِيَادَةُ الْمُعْتَمِرِ فَرَوَاهَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي "كِتَابِ الْجِهَادِ" لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، بِسَنَدٍ وَاهٍ.
1858- حَدِيثٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعَ أَبَا بَكْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ قَتْلِ ابْنِهِ عَبْدِ الرحمن، وأبا حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ يَوْمَ بَدْرٍ"، الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ بَدْرًا، وَدَعَا أَبَاهُ عُتْبَةَ إلَى الْبِرَازِ، فَمَنَعَهُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ فِي الشِّرْكِ، حَتَّى شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَدَعَا إلَى الْبِرَازِ، فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ لِيُبَارِزَهُ، فَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: مَتِّعْنَا بِنَفْسِك، ثُمَّ إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْلَمَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ2.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ دَاوُد شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ: ابْنُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٍ؛ فَإِنَّهُمَا وُلِدَا فِي الْإِسْلَامِ، انْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْت مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْوَاقِدَيَّ ضَعِيفٌ. وَقَوْلُ ابْنِ دَاوُد: "إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ" مَرْدُودٌ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي
__________
= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 306] ، رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات.
1 أخرجه الطبراني [5/ 244- 246] ، برقم [5225- 5234] بنحوه.
2 أخرجه الحاكم [3/ 223] ، طرفاً منه وأخرجه البيهقي [8/ 186] ، باب ما يكره لأهل العدل من أن يعمد قتل ذي رحمه من أهل البغي.(4/272)
بَكْرٍ لِأَبِيهِ: قَدْ رَأَيْتُك يَوْمَ أُحُدٍ فَضِفْت عَنْك، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ رَأَيْتُك لَمْ أَضِفْ عَنْك"، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ أَيْضًا1، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إرْسَالِهِ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: تَفَطَّنَ الرَّافِعِيُّ لِمَا وَقَعَ لِلْغَزَالِيِّ فِي "الْوَسِيطِ" مِنْ الْوَهْمِ فِي قَوْلِهِ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَةَ وَأَبَا بَكْرٍ عَنْ قَتْلِ أَبَوَيْهِمَا"، وَهُوَ وَهْمٌ شَنِيعٌ، تَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَخْفَى هَذَا عَلَى مَنْ عِنْدَهُ أَدْنَى عِلْمٍ مِنْ النَّقْلِ، أَيْ لِأَنَّ وَالِدَ حُذَيْفَةَ كَانَ مُسْلِمًا، وَوَالِدَ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا.
1859- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَتَلَ أَبَاهُ حِينَ سَمِعَهُ يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنيعه"، أبو دا ود فِي "الْمَرَاسِيلِ" وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لَقِيت الْعَدُوَّ وَلَقِيت أَبِي فِيهِمْ، فَسَمِعْت مِنْهُ مَقَالَةً قَبِيحَةً، فَطَعَنْته بِالرُّمْحِ فَقَتَلْته، فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنِيعَهُ"2، هَذَا مُبْهَمٌ، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مُنْقَطِعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: جَعَلَ أَبُو أَبِي عُبَيْدَةِ بْنِ الْجَرَّاحِ يَنْعَتُ الْآلِهَةَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ بَدْرٍ وَجَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحِيدُ عَنْهُ، فَلَمَّا أكثر قصده أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَتَلَهُ3، وَهَذَا مُعْضِلٌ، وَكَانَ الْوَاقِدِيُّ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: مَاتَ وَالِدُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ.
1860- حَدِيثٌ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ4.
__________
1 أخرجه الحاكم [3/ 475] ، وسكت عنه هو والذهبي.
2 أخرجه أبو داود في "المراسيل" [328] ، والبيهقي [9/ 27] ، كتاب السير: باب المسلم يتوقى في الحرب قتل أبيه ولو قتله لم يكن به بأس.
كلاهما عن إسماعيل بن سميع الحنفي عن مالك بن عمير به.
قال البيهقي: وهذا مرسل جيد.
3 أخرجه الحاكم [3/ 265] وسكت عنه البيهقي [21/ 27] كتاب "السير"، باب: "المسلم يتوفى في الحرب قتل أبيه ولو قتله لم يكن به بأس" قال البيهقي: هذا منقطع.
4 أخرجه مالك [1/ 447] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن قتل النساء والوالدان في الغزو [9] ، والبخاري [6/ 148] ، كتاب الجهاد: باب قتل النساء والصبيان في الحرب، حديث [3014، 3015] ، ومسلم [3/ 1364] ، كتاب الجهاد: باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، حديث [24، 25/ 1744] ، وأبو داود [2/ 60] ، كتاب الجهاد: باب في قتل النساء، حديث [2668] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 185] ، كتاب السير: باب النهي عن قتل النساء، حديث [6818] ، والترمذي [4/ 116] ، كتاب السير: باب ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان، حديث [1569] ، وابن ماجة [2/ 947- 948] ، كتاب الجهاد: باب الغارة والبيان وقتل النساء والصبيان، حديث [2841] ، وأحمد [2/ 22، 23، 76، 91] ، والدارمي [2/ 222- 223] ، كتاب السير: باب النهي عن قتل النساء والصبيان، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1043] ، وابن أبي شيبة [12/ 381] ، رقم [14058] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 220] ، =(4/273)
1861- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَقَالَ: "مَا بَالُ هَذِهِ تُقْتَلُ"؟
__________
= وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" ص [41] ، رقم [98] ، وابن حبان [1657] ، والبيهقي [9/ 77] ، والطبراني في "الكبير" [12/ 382- 283] ، رقم [13416] ، من طريق نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فنهى عن قتل النساء والصبيان.
وقال الترمذي: حسن صحيح ا. هـ.
وفي الباب عن الأسود بن سريع والصعب بن جثامة، وابن عباس وأبي ثعلبة وعبد الله بن عتيك وأبي سعيد وعوف بن مالك.
حديث الأسود بن سريع:
أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 184] ، كتاب السير: باب النهي عن قتل ذراري المشركين [8616] ، والدارمي [2/ 223] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن قتل النساء والصبيان وأحمد [3/ 435] ، وابن ماجة [1658- موارد] ، وأبو عبيد في "الأموال" ص [41] ، رقم [97] ، والحاكم [2/ 123] ، والبيقهي [9/ 77] ، من طرق عن الحسن البصري ثنا الأسود بن سريع قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاة فظفر بالمشركين فأسرع الناس في القتل حتى قتلوا الذرية فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ما بال أقوام ذهب بهم القتال حتى قتلوا الذرية ألا لا تقتلوا ذرية ثلاثاً".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
حديث الصعب بن جثامة:
أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" [4/ 73] ، والطبراني في "الكبير" [8/ 103] ، رقم [7450] ، وابن حبان [1659- موارد] من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا حمى إلا لله ولرسوله"، وسألته عن عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟ قال: "نعم"، فإنهم منهم ثم نهى عن قتلهم يوم خيبر. واللفظ لعبد الله بن أحمد والطبراني ولفظ ابن حبان: ثم نهى عن قتلهم يوم حنين.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 318] ، وقال: رواه عبد الله بن أحمد والطبراني ...
ورجال المسند رجال "الصحيح".
حديث ابن عباس: أخرجه البزار [2/ 270- كشف] ، رقم [1679] ثنا بشر بن آدم ثنا أبو داود ثنا همام عن قتادة عن عكرمة بن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن قتل النساء والصبيان.
قال البزار: لا نعلم رواه أحد بهذا الإسناد إلا همام ولا عنه إلا أبو داود.
وذكره الهيثمي في "المجمع" [5/ 319] ، وقال: رواه البزار ورجاله رجال "الصحيح".
حديث أبي ثعلبة الخشني: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [8/ 279- 280] ، والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" [5/ 321] ، من طريق سالم الخواص ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النساء والولدان.
قال أبو نعيم غريب من حديث الزهري لا أعلم رواه عن سفيان إلا سالم.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 321] ، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه سالم بن ميمون الخواض وهو ضعيف.
حديث عبد الله بن عتيك:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 319] ، عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بعثه هو وأصحابه لقتل بن أبي الحقيق وهو بخيبر ونهى عن قتل النساء والصبيان، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح" خلا محمد بن مصفى وهو ثقة وفيه كلام لا يضر. =(4/274)
وَلَا تُقَاتِلُ"، أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ والحاكم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ من حديث رياح بْنِ الرَّبِيعِ بِلَفْظِ: "مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلْ؟ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: انْطَلِقْ إلَى خَالِدٍ، فَقُلْ لَهُ: إنَّ رسول الله يأمرك أن لا تَقْتُلَ ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا" 1، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ،
__________
= حديث أبي سعيد الخدري:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 321] ، عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتل النساء والصبيان.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عطية العوفي وهو ضعيف.
حديث عوف بن مالك:
إخرجه البزار [2/ 269- كشف] ، رقم [1678] ، ثنا أحمد بن منصور ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن عبد الله بن نمران الذماري ثنى أبو عمرو العبسي عن مكحول عن أبي إدريس عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقتلوا النساء".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 319] ، وقال: رواه البزار وفيه محمد بن عبد الله بن نمران وهو ضعيف.
وهذا الحديث وهو النهي عن قتل النساء والصبيان عدة الحافظ اليسوطي من الأحاديث المتواترة فذكره في "الأزهار المتناثرة" ص [63] رقم [90] وعزاه إلى الشيخين وأحمد عن ابن عمر.
والطبراني عن كعب بن مالك وعبد الله بن عتيك وأبي ثعلبة الحشني وأبي سعيد الخدري.
1 أخرجه أحمد [3/ 488] ، وأبو داود [3/ 121- 122] ، كتاب الجهاد: باب في قتل النساء، حديث [2669] ، وابن ماجة [2/ 948] ، كتاب الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، حديث [2842] ، والحاكم [2/ 122] ، كتاب الجهاد: باب لا يقتلن ذرية ولا عسيقاً، والبيهقي [9/ 82] ، كتاب السير: باب المرأة تقاتل فتقتل والطحاوي في "معاني الآثار" [3/ 220] ، كتاب السير: باب ما ينهى عنه قتله من النساء والولدان في دار الحرب.
وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال، ص [41] ، رقم [96] ، وسعد بن منصور [2/ 280] ، رقم [2623] ، وأبو يعلى [3/ 115- 116] ، رقم [1546] ، وابن حبان [1656- موارد] ، والطبراني في "الكبير" [5/ 72] ، رقم [4618] ، من طريق المرقع بن صيفي عند جده رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة غزاها وخالد بن الوليد على مقدمته، فمر رباح وأصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون حتى كفهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ناقة له، فأفرجوا عن المرأة فوقف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها ثم قال: "ها ما كانت هذه تقاتل"، ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم: "الحق خالد بن الوليد، فلا يقتلن ذرية ولا عسيفاً".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان:
وأخرجه ابن ماجة [2/ 948] ، كتاب الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، حديث [2842] ، وأحمد [4/ 178] ، وأبو عبيد في "الأموال" ص [41] ، رقم [95] ، وابن حبان [1655- موارد] وعبد الرزاق [5/ 201] ، رقم [9382] ، وابن أبي شيبة [12/ 382] ، رقم [14063] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 222] ، والطبراني في "الكبير" [4/ 10- 11] ، رقم [3489] ، من طريق سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن =(4/275)
فَقِيلَ: عَنْ جَدِّهِ رِيَاحٍ، وَقِيلَ: عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّبِيعِ.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحَّ.
تَنْبِيهٌ: رِيَاحٌ: بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَقِيلَ: بِالْمُوَحَّدَةِ، وَرَجَّحَهُ الْبُخَارِيُّ.
18 62- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ "مَنْ قَتَلَ هَذِهِ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَنِمْتهَا، فَأَرْدَفْتهَا خَلْفِي، فَلَمَّا رَأَتْ الْهَزِيمَةَ فِينَا أَهْوَتْ إلَى قَائِمِ سَيْفِي لِتَقْتُلَنِي، فَقَتَلْتهَا"، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً بِالطَّائِفِ"، فَذَكَرَ نَحْوَهُ1، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ نَحْوَهُ3، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا.
1863- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَحْيَوْا شَرْخَهُمْ" 4،
__________
= حنظلة الكاتب به.
وصححه ابن حبان، وذكره البوصيري في "الزوائد" [2/ 418] ، وقال: هذا إسناد صحيح: المرقع بن صيفي ذكره ابن حبان في الثقات ولم أر من جرحه وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين ا. هـ.
وقد وهم هذا الطريق أبو حاتم وأبو زرعة. فقال ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 305] ، رقم [914] : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال لما خرج رسلول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض مغازيه نظر إلى امرأة مقتولة فقال: ما كانت هذه تقاتل فنهى عن قتل النساء والولدان قال أبي وأبو زرعة هذا خطأ يقال: إن هذا من وهم الثوري إنما هو المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا يرويه مغيرة بن عبد الرحمن وزياد بن سعد وعبد الرحمن بن أبي الزناد قال أبي والصحيح هذا.
1 أخرجه أبو داود في "المراسيل" [333] .
2 أخرجه الطبراني [11/ 388] ، برقم [12082] ، من طريق حفص بن غياث عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 319] : رواه أحمد والطبراني وفي إسناد الحجاج بن أرطأة وهو مدلس.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 483] ، كتاب الجهاد: باب من ينهى عن قتله في دار الحرب، حديث [33125] .
4 أخرجه أحمد [5/ 12- 13، 20] ، وأبو داود [3/ 122] ، كتاب الجهاد: باب في قتل النساء، حديث [2670] ، والترمذي [1632] ، والبيهقي [9/ 92] ، كتاب السير: باب قتل من لا قتال فيه من الكفار جائز. وسعيد بن منصور في "شرح السنة" [5/ 573- بتحقيقنا] ، من طريق الحجاج بن أرطأة عن قتادة عن الحسن عن سمرة به.
وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. =(4/276)
أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بِلَفْظِ، "وَاسْتَبْقُوا".
تَنْبِيهٌ: الشَّرْخُ؛ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: الشَّبَابُ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الشَّيْخُ لَا يَكَادُ يُسْلِمُ، وَالشَّابُّ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ.
1864- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ، وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ"، أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: اُخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ، قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... "، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: "وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ، وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ"، وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ1، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: "وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَا طِفْلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا"، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَإِرْسَالٌ2، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا، وَفِيهِ: "وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَغِيرًا" وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ بِلَفْظِ: "وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ" وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ3.
__________
= وذكره الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 386] ، وقال: والحجاج بن أرطأة غير محتج به والحسن عن سمرة: منقطع في غير حديث العقيقة على ما ذكره أهل العلم بالحديث.
1 أخرجه أحمد [1/ 300] ، والبيقهي [9/ 90] ، كتاب السير: باب ترك قتل من لا قتل فيه من الرهبان والكبير وغيرهما.
2 أخرجه البيهقي في المصدر السابق.
3 أخرجه أبو يعلى [13/ 493- 494] ، رقم [7505] ، والطبراني في "الكبير" [2/ 313] ، رقم [2304] ، وفي "الصغير" [1/ 44- 45] ، من طريق ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن سلمة بن كهيل عن شقيق بن سلمة عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث سرية قال: "باسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان".
قال الطبراني: لا يروى عن جرير إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن لهيعة.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 320] ، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في الثلاثة وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات وله طريق في "الكبير" [2305] ، وفيه عبد الغفار بن القاسم أبو مريم وهو متروك.
والحديث ذكره الحفظ أبي حجر في "المطالب العالية" [2/ 150] ، رقم [9600] ، وعزاه إلى أبي يعلى. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 151- 152] ، رقم [1948] : سألت أبي عن حديث رواه أبو هارون البكاء عن ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن سلمة بن كهيل عن شقيق بن سلمة عن جرير قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بايع على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والسمع والطاعة لله ولرسوله والنصح لكل مسلم وإذا بعث سرية قال: "بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان". قال أبي ليس لهذا الحديث أصل بالعراق وهو حديث منكر.(4/277)
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "لَا تَقْتُلْ عَسِيفًا1، وَلَا امْرَأَةً"، تَقَدَّمَ.
1865- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ2"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
__________
1 اتفق الفقهاء على أنه يجوز قتل النساء والصبيان: إذا لم يقاتلوا، ولدليل على ذلك ما رواه الجماعة إلا النسائي عن عبد الله بن عمر قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنهى عن قتل النساء والصبيان، واتفقوا أيضاً على أن من قتل في صفوف الكفار جاز قتله سواء كان صبياً أو امرأة أو شيخاً أو راهباً أو غيرهم دفعاً لشره. واختلفوا في الشيخ الفاني، والمقعد والأعمى والراهب في صومعته وأهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس إذا لم يكن لهم في الحرب رأي، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعي في قول له إلى عدم جواز قتلهم.
وذهب الشافعي في أظهر قوليه وابن حزم إلى جواز قتلهم.
الأدلةك استدل الجمهور بما يأتي:
أولاً: ما رواه أبو داود عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا امرأة".
ثانياً: ما رواى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أوصى يزيد بن معاوية حين وجهه إلى الشام قال: "لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا هرماً"، وعن عمر رضي الله عنه أنه أوصى مسم بن قيس بمثل ذلك.
ثالثاً: ما رواه أحمد عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث جيوشه قال: "اخرجوا باسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع".
رابعاً: بالقياس على المرأة والصبي بجامع أن كلا ليس من أهل القتال واستدل الشافعي، وابن حزم على جواز قتلهم بعموم قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وهو عام يتناول الشيخ والأعمى والمقعد وغيرهم.
واستدل الشافعية أيضاً بأنهم أحرار مكلفون فجاز قتلهم كغيرهم.
مناقشة الأدلة: يرد على الجمهور في دليلهم الأول أن في إسناد خالد بن الفرز، وقد قال فيه ابن معين: ليس بذاك. وقال ابن حزم: إنه مجهول وبذلك ينهض حجة للمدعي ... وفي دليلهم الثاني أن ما روي عن أبي بكر وعمر إنما هو من أقوال الصحابة. وقد تكون ناشئة عن اجتهاد وليسوا معصومين من الخطأ فلا ينهض كلامهم حجة للمدعي ... وفي دليلهم أن في إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وهو ضعيف فلا يكون حجة.
وأما ما استدل به الشافعي، وابن حزم من عموم الآية فيقال فيه إن الآية خصصت بالنساء والصبيان وأهل الذمة فيقاس عليهم غيرهم.
بقي الترجيح بين القياسين وذلك بالنظر في علتيهما والذي يقتضيه الدليل أن العلة في قتل الأفراد هي الحرابة لا لكفر بدليل لاتفاق على تحريم قتل النساء والصبيان، وبهذا تترجح علة الحرابة وتبعاً لها يترجح قياس الجمهور ويكون قتل الشيخ الفاني والمقعد والأعمى ومن على شاكلتهم ممن لا قوة له ولا رأي ممنوعاً منه شرعاً.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
2 شرع الله قتال الكفار بكل ما يكفل لنا النصر عليهم والظفر بهم وإخضاعهم لشريعة الإسلام.
ولما كانت آلات القتال يختلف تأثيرها في التخريب والتدمير والفتك، اختلف أنظار الفقهاء فيما يجوز استعماله منا وما لا يجوز، وإليك بيان كل من هذه الآراء وأدلتها من معقول ومنقول: =(4/278)
.................................................................................
__________
= اتفق الفقهاء على جواز قتال الكفار بالآلات المستعملة عادة في الحروب كالسيف والرمح والنبل والرصاص ولمدفع ونحوها عدا الماء والنار.
ومستند هذا الاتفاق عموم الأدلة الدالة على مشروعية القتال كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ووجه استنادهم إلى هذه الآية: أن الله أمر فيها بقتال المشركين أمراً مطلقاً لم يقيده بآلة خاصة من آلات القتال. وما رواه أحمد عن صفوان بن عسال قال: بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية فقال: "سيروا باسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليداً".
أما القتال بالماء والنار فقد اتفقوا على جوازه إذا خيف على جماعة المسلمين، واختلفوا بعد ذلك في جواز إحراقهم بالنار وإرسال الماء عليهم لغرقوا أو حبسه عنهم ليموتوا عطشاً فذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى جواز قتل الكفار بهما في الجملة –غير أن الحنفية يرون جواز ذلك مطلقاً سواء أمكن القدرة عليهم بغيرهما أم لا، وسواء كان معهم نساء وصبيان أو مسلمون أم لا، وقد قال الكمال في "فتح القدير": هذا إذا لم يغلب على الظن أنهم مأخوذون بغير ذلك، فإن كان الظاهر أنهم مغلوبون وأن الفتح باد كره ذلك، لأنه إفساد في غير محل الحاجة وما شرع إلا لها.
والشافعية، والحنابلة يقيدون استعمالهما بعدم القدرة عليهم بغيرهما فإن أمكن القدرة عليهم بغيرهما كره استعمالهما عند الشافعية، وحرم عند الحنابلة.
أما المالكية فيقولون برأي الحنابلة على تفصيل لهم وفرق بين كونهم داخل الحصون أو خارجها، وبين وجود النساء والصبيان فيها أو عدم وجودهم، وبين استعمال الماء والنار يقول المقام بشرحه.
الأدلة: استدل الجمهور بما يأتي:
أولاً: بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وجه الدلالة أن الله تعالى أمر بقتالهم من غير تقييد بآلة خاصة.
ثانياً: بما روى عن أسامة بن زيد قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قرية يقال لها: "أبنى" فقال: "إئتها صباحاً ثم حرق" رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة. فهذا صريح في الأمر بالتحريق من غير تقييد، وهو نص في إباحة التحريق بالنار، ويقاس عليه التغريق بالماء، لأنه لا فرق بينهما باعتبار أثرهما.
ثالثاً: إن المقصود من مشروعية الجهاد مع الكفار قتالهم بأي وسيلة لتكون كلمة الله هي العليا ولا شك أن التحريق والتغريق مما يحقق به المقصود فيكون جائزاً.
واستدل الجنابلة على حرمة استعمال الماء والنار عند القدرة عليهم بدونهما بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله وسلم في بعث فقال: "إن وجدتم فلاناً وفلاناً لرجلين فأحرقوهما النار"، ثم قال حين أردنا الخروج: "إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما" رواه والبخاري وغيرهما. ووجه الدلالة أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى الصحابة عن إحراق الرجلين لعلمه بأنهم يقدرون عليهما بغير النار، والنهي ظاهر في التحريم فهم يجمعون بين الأدلة فسيعملون بالدليل المجوز لا ستعمالهما في حالة عدم القدرة عليهم بغيرهما، وبالدليل المانع عند القدرة عليهم بغيرهما، واستدل الشافعية على الكرهية في حالة القدرة عليهم بغيرهما بأنه يحتمل إصابة مسلم يظن أنه كافر =(4/279)
بِهَذَا وَأَتَمُّ مِنْهُ، وَفِيهِ الشِّعْرُ1.
1866- حَدِيثٌ: "أَنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةَ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الْمِائَةِ، وَكَانُوا قَدْ اسْتَحْضَرُوهُ لِيُدَبِّرَ لَهُمْ الْحَرْبَ، فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: "لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقَتَلَهُ، فَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ"، وَبَاقِي الْقِصَّةِ ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ فِي
__________
= فلذلك كان مكروهاً. هذا وقد قال صاحب "الفتح" من علماء الحنفية بعد أن ذكر جواز التحريق، وإرسال الماء وقطع الأشجار وإفساد الزرع، هذا إذا لم يغلب على الظن أنهم مأخوذون بغر ذلك، فإن كان الظاهر أنهم مغلوبون وأن الفتح باد كره؛ لانه إفساد في غير محل الحاجة، وما شرع إلا لها.
ومما تقدم يعلم أن مذهب الحنفية يلتقي مع المذاهب الأخرى في الجواز حيث دعت الحاجة، وعدمه إذا لم تدع حاجة.
فلم يبق ما يصح أن يكون محلاً للخلاف سوى أنه مكروه أو حرام عند عدم الحاجة إليه، والخلاف في ذلك سهل لا يمنع الاتفاق على أصل الحظر أو الإباحة.
بقي علينا بعدما تقدم النظر إلى ما يستعمله العدو من الآلات فنستعمل معه مثل ما يستعمل جرياً على قاعدة: وجزاء سيئة مثلها، وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. وقد علمنا من أصول الشريعة العامة أنها لا تسمح بعمل من شأنه أن يؤدي إلى هزيمة المسلمين، كما انها لا تبيح من المحظورات باعتبار أصلها إلا ما دعت إليه الحاجة.
وبذلك نستطيع أن نقول: إذا رأى المسلمون أن اتقاء الهزيمة ومغلوبية الأعداء تتوقف على استعمال ما ذكر فإن الشرع بيبح لنا ذلك بل يوجبه إذا استدت الحاجة إليه.
وبهذا يمكن التوفيق بين هذه الآراء المختلفة وتصير المسألة إجماعية لا خلاف فيها، وهكذا شأن المسأل التي يناط الحكم فيها بتقدير أولي الأمر وأصحاب البصيرة.
وقد صح الأمر بالتحريق في بعض المواضع، والنهي عنه في بعضها والقريب في ذلك أنه مبني على تقدير حالة العدو والعمل بما يناسبها.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
1 أخرجه البخاري [7/ 329] ، كتاب المغازي: باب حديث بني النضر، حديث [4031- 4032] ، ومسلم [3/ 1365] ، كتاب الجهاد والسير: باب جواز قطع أشجار الكفار وتحرقها، حديث [29، 30/ 1746] ، والترمذي [5/ 380] ، كتاب التفسير: باب سورة الحشر، حديث [3302] ، والطبري [12/ 34] ، والبيهقي في "دلائل النبوة" [3/ 184- 185] ، من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عله وسلم قطع نخل بني النضير وحرق ولها يقول حسان:
وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير
وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} [الحشر: 5] الآية.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [6/ 278] ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن المنذر.(4/280)
"السِّيرَةِ" مُطَوَّلًا1.
1867- حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلِمَةَ، فَقَالَ لَهُمَا: "أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: "لَوْ كُنْت قَاتِلًا رَسُولًا لَضَرَبْت أَعْنَاقَكُمَا2، فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَلَّا تُقْتَلَ الرُّسُلُ"، أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُخْتَصَرًا وَكَذَا النَّسَائِيُّ.
وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ "أَشْجَعَ" يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ، "سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَأَ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ: مَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا؟ قَالَا: نَقُولُ كَمَا قَالَ، قَالَ: أَمَا لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ، لَقَتَلْتُكُمَا"3.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" فِي تَرْجَمَةٍ وَبِيرِ بْنِ شَهْرٍ الْحَنَفِيِّ: أَنَّ مُسَيْلِمَةَ بَعَثَهُ، هُوَ وَابْنُ شِغَافٍ الْحَنَفِيُّ، وَابْنُ النواحة، وأما وَبِيرٌ فَأَسْلَمَ، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَشَهِدَا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ: خُذُوهُمَا، فَأُخِذَا، فَأُخْرِجَ بِهِمَا إلَى الْبَيْتِ فَحُبِسَا، فَقَالَ رَجُلٌ: "هَبْهُمَا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَفَعَلَ".
1868- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ الطَّائِفَ شَهْرًا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو4، دُونَ ذِكْرِ الشَّهْرِ.
__________
1 أخرجه البخاري [8/ 361- 362] ، كتاب المغازي: باب غزوة أوطاس، حديث [4323] ، ومسلم [8/ 297- 298- نووي] ، كتاب فضائل النبوة: باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر رضي الله عنهما، حديث [165/ 2498] .
2 أخرجه أحمد [1/ 396، 404] ، وأخرجه أبو داود [2/ 93] ، كتاب الجهاد: باب في الرسل، حديث [2762] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 206] ، كتاب السير: باب النهي عن قتل الرسل، حديث [8676] ، والدارمي [2/ 235] ، كتاب السير: باب في النهي عن قتل الرسل، وابن حبان [11/ 235] ، كتاب السير: باب الرسول، حديث [4878، 4879] ، والبيهقي [9/ 211] ، كتاب السير: باب السنة أن لا يقتل الرسل، والطبراني [9/ 219] ، برقم [8957، 8958] ، وابن الجارود [1046] ، كلهم عن عبد الله بن مسعود ونحوه.
3 أخرجه أبو داود [2/ 93] ، كتاب الجهاد: باب في الرسل، حديث [2761] ، والبيقهي [9/ 211] ، كتاب الجزية: باب السنة أن لا يقتل الرسل.
4 أخرجه البخاري [8/ 365] ، كتاب المغازي: باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، حديث [4325] ، وطرفاه في [6086، 7480] ، ومسلم [6/ 364- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب غزوة الطائف، حديث [82/ 1778] ، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي العباس الشاعر الأعمى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: لما حاصر النبي صلى الله الطائف قلم ينل منهم شيئاً، فقال: "إنا قافلون إن شاء الله" ... الحديث.(4/281)
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ ثَوْرٍ عَنْ مَكْحُولٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَبَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ الْمَنْجَنِيقَ"2، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْ مَكْحُولًا3، ذَكَرَهُ مُعْضِلًا عَنْ ثَوْرٍ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ شَهْرًا، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَقُلْت لِيَحْيَى: أَبَلَغَك أَنَّهُ رَمَاهُمْ بِالْمَجَانِيقِ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَا نَعْرِفُ مَا هَذَا4، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقَيْنِ؛ أنه حاصرهم بضع عشر لَيْلَةً5، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ مَكْحُولٌ، وَزَعَمَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَرَوَى ابْنُ
__________
1 أخرجه مسلم [4/ 164- 165- نووي] ، كتاب الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم علىالإسلام، حديث [136/ 1059] ، من حديث السميط عن أنس بن مالك بن مالك رضي الله عنه قال: افتتحنا مكة ثم إنا غزونا حنيناً ... الحديث وفيه: ثم انطلقنا إلى الطائف فحاصرناهم أربعين ليلة.
2 أخرجه أبو داود في "المراسيل" ص [248] ، برقم [335] ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" [2/ 159] ، من طريق سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن مكحول أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصب المجانيق على أهل الطائف.
وأخرجه الترمذي [5/ 88] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في الأخذ من اللحية قال: سمعت قتيبة ثنا وكيع بن الجراح عن رجل عن ثور بن يزيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصب المنجنيق على أهل الطائف قال قتيبة: قلت لوكيع: من هذا؟ قال: صاحبكم عمر بن هارون البلخي.
وهذا الحديث من إعضاله ففيه عمرو بن هارون البلخي كذبه يحيى وصالح حزرة.
وقد ورد هذا الحديث موصولاً من حديث علي بن أبي طالب أخرجه العقيلي في "الضعفاء" [2/ 244] ، من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن علي قال: نصب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنجنيق على أهل الطائف.
قال العقيلي: عبد الله بن خراش: أحاديثه علها غير محفوظة ولا يتابعه عليها إلا من هو دونه أو مثله وأسند عن البخاري قال: عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب: منكر الحديث.
وأخرجه البيهقي [9/ 84] ، من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي عبيدة بن الجراح أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاصر أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق سبعة عشر يوماً.
قال أبو قلابة: وكان ينكر عليه هذا الحديث أي على هشام بن سعد.
قال البيهقي: فكأنه كان ينكر عليه وصل إسناده ويحتمل أنه أنكر رميهم يومئذ بالمجانيق.
وقد رود ما يعارض ذلك وإن كان مرسلاً.
فأخرج أبو داود في "المراسيل" ص [248] ، رقم [336] عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: حاصرهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً [يعني أهل الطائف] قلت: أبلغك أنه رماهم بالمجانيق فأنكر ذلك وقال: ما يعرف هذا.
3 أخرجه الترمذي [5/ 94] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في الأخذ من اللحية، عقب حديث [2762] .
4 أخرجه أبو داود في "مراسيله" [336] .
5 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [7/ 411] ، كتاب المغازي: باب ما ذكر في الطائف، حديث [36958] .(4/282)
أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا"، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ1.
1869- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَنَّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ"2.
1870- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْبَيَاتِ"، هَذَا الْأَمْرُ لَا أَعْرِفُهُ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ: "أَنَّهُ سَمِعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَذَرَارِيِّهِمْ، فَقَالَ: "هُمْ مِنْهُمْ" 3، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مَا وَرَدَ فِي إبَاحَةِ التَّبْيِيتِ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَدَّعِي أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَنْكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [7/ 411] ، برقم [36953] ، وفيه أنه حاصرهم تسع عشرة أو ثمان عشرة فلم يفتحها.
2 أخرجه البخاري [5/ 170] ، كتاب العتق: باب من ملك من العرب رقيقاً، حديث [2541] ، ومسلم [3/ 1356] : كتاب الجهاد والسير: باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة، حديث [1/ 1730] ، من حديث ابن عمر قال: أغار رسول الله صلى الله عله وسلم على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقي على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث.
وأخرجه مالك [2/ 468] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة، حديث [48] ، وأحمد [3/ 163- 164] ، والبخاري [6/ 111] ، كتاب الجهاد: باب دعاء النبي الناس إلى الإسلام، حديث [2945] ، ومسلم [3/ 1427] ، كتاب الجهاد: باب غزوة خيبر، حديث [121/ 1365] ، من حديث أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج إلى خيبر، أتاها ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يعر حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا: محمد والله محمد، والخميس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
3 أخرجه البخاري [6/ 170] ، كتاب الجهاد والسير: باب أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذراري رقم [3012- 3013] ، ومسلم [3/ 1364] ، كتاب الجهاد والسير: باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، رقم [26، 27، 28/ 1745] ، وأبو داود [2/ 61] ، كتاب الجهاد: باب في قتل النساء والصبيان، رقم [1570] ، والنسائي [5/ 185- الكبرى] ، كتاب السير: باب إصابة نساء المشركين في البيات بغير قصد، رقم [8622/ 1] ، باب إصابة أولاد المشركين البيات بغير قصد، رقم [8623/ 1] ، وابن ماجة [2/ 947] ، كتاب الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان برقم [2839] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(4/283)
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَمُّدِ، وَحَدِيثُ الصَّعْبِ فِيمَا لَمْ يَتَعَمَّدْ، فَلَا تَنَاقُضَ.
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ"، تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا، وَوَصَلَهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ وَجْه آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ.
حَدِيثٌ: "سُئِلَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَذَرَارِيِّهِمْ، فَقَالَ: "هُمْ مِنْهُمْ" تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
حَدِيثٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
حَدِيثٌ: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ"، تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجِرَاحِ، وَيَأْتِي.
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّ الْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ"، تَقَدَّمَ فِي بَابِ "حَدِّ الْقَذْفِ"، قَوْلُ عُمَرَ يَأْتِي، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
1871- حَدِيثٌ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت لَوْ انْغَمَسْت فِي الْمُشْرِكِينَ فَقَاتَلْتهمْ، حتى قتلت، إلى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ فَانْغَمَسَ الرَّجُلُ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ"، الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، الْحَدِيثُ نَحْوُهُ1، وَلَمْ يَذْكُرْ الِانْغِمَاسَ.
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ قُتِلْت؟ قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ" 2.
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُضْحِكُ الرَّبَّ تَعَالَى مِنْ عَبْدِهِ؟ قَالَ: "أَنْ يَرَاهُ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْقِتَالِ؛ يُقَاتِلُ حَاسِرًا، فنزع عوف ذرعه، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ" 3.
1872- حَدِيثٌ: "أَنَّ عَلِيًّا وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عُتْبَةَ وشيبة ابن رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَلَبُوا أُولَئِكَ ذَلِكَ" أَبُو دَاوُد م ن حَدِيثِ عَلِيٍّ4،
__________
1 أخرجه الحاكم [2/ 93- 94] ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري [8/ 98] ، كتاب المغازي: باب غزوة أحد، حديث [4049] ، ومسلم [7/ 51- نووي] ، كتاب الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، حديث [143/ 1899] .
3 ذكر عنه ابن هشام في "سيرته" [2/ 268] .
4 أخرجه أبو داود [3/ 52- 53] ، كتاب الجهاد: باب في المبادرة، حديث [2665] .(4/284)
وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مُخْتَصَرًا1، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مُخْتَصَرًا أَيْضًا2.
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا بَارَزَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ"3، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي مُنْقَطِعًا، وَوَصَلَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي الرَّافِعِيِّ: "عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ"، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
قَوْلُهُ: "وَبَارَزَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبًا"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي" حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِ خَيْبَرَ، قَدْ جَمَعَ سِلَاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ، فَذَكَرَ الشِّعْرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِهَذَا"؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالْقِصَّةَ4، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ بِنَحْوِهِ قال الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، عَلَى أَنَّ الْأَخْبَارَ مُتَوَاتِرَةٌ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا.
1873- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّهُ بَارَزَهُ عَلِيٌّ"، مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ: فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ [من الرجز] :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنَّى مرحب ... شاكي السلام بَطَلٌ مُجَرَّبُ5
فَقَالَ عَلِيٌّ [من الرجز] :
أنا الذي سمعتني أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كريه المنظره6
فضر رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ7.
قَوْلُهُ: "وَبَارَزَ الزُّبَيْرُ يَاسِرًا"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي" وَالْبَيْهَقِيُّ مُنْقَطِعًا، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: "لَقِيت يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ
__________
1 أخرجه البخاري [8/ 25] ، كتاب المغازي: باب قتل أبي جهل، حديث [3965، 3967] ، من طريقين عن أبي مجلز عن قيس بن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذكره نحوه.
2 أخرجه البخاري [8/ 25] ، كتاب المغازي: باب قتل أبي جهل، حديث [3966] ، ومسلم [9/ 390، 391- نووي] ، كتاب التفسير: باب في قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] ، حديث [34/ 3033] .
3 ينظر: "السيرة النبوية" لابن هشام [3/ 241] .
4 ينظر: "السيرة النبوية" لابن هشام [3/ 385] .
وأخرجه أحمد [3/ 385] ، والحاكم [3/ 436- 437] .
ينظر: ديوان علي بن أبي طالب ص [23] .
ينظر: ديوانه ص [53] .
5 أخرجه مسلم [6/ 414- 419- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب غزوة ذي قرد وغيرها، حديث [132/ 1807] .
6 أخرجه البخاري [8/ 47] ، كتاب المغازي: باب [12] ، حديث [3998] .
7 تقدم وهو جزء من حديث مبارزة علي وحمزة وعبيدة لعتبة وشيبة والوليد.(4/285)
الْعَاصِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ لَهُ".
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ أَنَّ عَوْفًا وَمُعَوِّذًا ابْنَيْ عَفْرَاءَ، خَرَجَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الَّذِي بَعْدَهُ.
1874- قَوْلُهُ: "وَرَوَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ إلَى الْبِرَازِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: "أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ خَرَجَ بِأَخِيهِ شَيْبَةَ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ حَتَّى وَصَلَ إلَى الصَّفِّ، فَدَعَا إلَى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَمُعَوِّذٌ وَعَوْفٌ ابْنَا عَفْرَاءَ"، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ.
1875- قوله: "لا يُكْرَهُ حَمْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ"؛ لِأَنَّ أَبَا جَهْلٍ لَمَّا قُتِلَ حُمِلَ رَأْسُهُ1، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: مَا حُمِلَ رَأْسُ كَافِرٍ قَطُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحُمِلَ إلَى عُثْمَانَ رُءُوسُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: مَا فُعِلَ هَذَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عُمَرَ، قَالُوا: وَمَا رُوِيَ مِنْ حَمْلِ الرَّأْسِ إلَى أَبِي بكر فقد تكلم ثُبُوتِهِ"، انْتَهَى.
أَمَّا حَمْلُ رَأْسِ أَبِي جَهْلٍ فَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ؛ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ حَزَّهَا وَجَاءَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ رَكْعَتَيْنِ"2، إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَاسْتَغْرَبَهُ الْعُقَيْلِيُّ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "جِئْت إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ مَرْحَبٍ"3.
__________
1 ذكر الفصة ابن هشام في "سيرته" [2/ 275- 277] ، عن ابن إسحاق وفيها أن ابن مسعود رضي الله عنه حمل رأس أبي جهل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 أخرجه ابن ماجة [1/ 445] ، كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، حديث [1391] .
قال البوصيري في "الزوائد" [1/ 448] : هذا إسناد فيه مقال؛ شعثاء بنت عبد الله لم أر من تكلم فيها لا بجرح ولا توثيق.
وسلمة بن رجاء لينة ابن مجنب.
وقال ابن عدي: حديث بأحاديث لا يتابع عليها.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال الدارقطني: ينفرد عن الثقات بأحاديث.
وقال أبو زرعة: صدوق.
وقال أبو حاتم: ما يحديثه بأس انتهى.
رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" عن القواري حدثنا سلمة فذكره بزيادته كما أوردته في زوائد المسانيد العشرة في كتاب النوافل.
3 أخرجه البيهقي [9/ 132] ، كتاب السير: باب المبارزة.(4/286)
وَفِي "مَرَاسِيلِ" أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ؛ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَدُوَّ، فَقَالَ: "مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ، فَلَهُ عَلَى اللَّهِ مَا تَمَنَّى، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ بِرَأْسٍ ... " الْحَدِيثَ1، قَالَ أَبُو دَاوُد: فِي هَذَا أَحَادِيثُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا إنْ ثَبَتَ؛ فَإِنَّ فِيهِ تَحْرِيضًا عَلَى قَتْلِ الْعَدُوِّ، وَلَيْسَ فِيهِ حَمْلُ الرَّأْسِ مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ رَأْسٌ قَطُّ، وَلَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَحُمِلَ إلَى أَبِي بَكْرٍ رَأْسٌ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ حُمِلَتْ إلَيْهِ الرُّءُوسُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ2.
قُلْت: وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ3، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى: هُوَ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَدَ قُتِلَ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ خُرُوجَ الْأَسْوَدِ صَاحِبِ صَنْعَاءَ بَعْدَهُ، لَا فِي حَيَاتِهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ: بِأَنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ، وَتَفَرُّدُ ضَمْرَةَ بِهِ لَا يَضُرُّهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاصِدًا إلَيْهِ، وَافِدًا عَلَيْهِ، مُبَادِرًا بِالتَّبْشِيرِ بِالْفَتْحِ، فَصَادَفَهُ قَدْ مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْت: وَقَوْلُ الْحَاكِمِ: إنَّ الْأَسْوَدَ لَمْ يَخْرُجْ فِي حَيَاتِهِ، غَيْرَ مُسَلَّمٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْتِدَاءَ خُرُوجِهِ كَانَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّهُ يَخْرُجُ بَعْدَهُ، اشْتِدَادُ شَوْكَتِهِ، وَاشْتِهَارُ أَمْرِهِ، وَعِظَمُ الْفِتْنَةِ بِهِ، وَكَانَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ فِي أَثَرِ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَتَقْرِيرِهِ؛ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ شَاهِينَ فِي الْأَفْرَادِ لَهُ، وَمِنْ طَرِيقِهِ السَّلَفِيُّ فِي الطُّيُورِيَّاتِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، نَا مُحَمَّدُ بن يحيى القطعي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عبد الرحمن، حدثني أبي، عن صالح بن خَوَّاتٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "إنَّ أَوَّلَ رَأْسٍ عُلِّقَ فِي الْإِسْلَامِ رَأْسُ أَبِي عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ عُنُقَهُ، ثُمَّ حَمَلَ رَأْسَهُ عَلَى رُمْحٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهِ إلَى الْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا الْحَمْلُ إلَى عُثْمَانَ: فَلَمْ أَرَهُ، نَعَمْ وَرَدَ فِي حَمْلِ الرُّءُوسِ إلَى أَبِي بَكْرٍ؛ لَكِنَّهُ أَنْكَرَهُ" كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ "أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، بَعَثَا عُقْبَةَ بَرِيدًا إلَى أَبِي بَكْرٍ بِرَأْسِ يَنَّاقَ بِطْرِيقِ الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ بِنَا؛ قَالَ: تأسيا أو أسيانا
__________
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله" [296] ، والبيهقي [9/ 133] ، كتاب السير: باب ما جاء في نقل الرؤوس، بنحوه.
2 أخرجه البيهقي [9/ 132- 133] ، كتاب السير: باب ما جاء في نقل الرؤوس.
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 204] ، كتاب السير: باب حمل الرؤوس، حديث [8672] .(4/287)
بِفَارِسَ والروم، لا يُحْمَلُ إلَيَّ بِرَأْسٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ"، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ1.
قُلْت: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْكُبْرَى"، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ خديج، قَالَ: "هَاجَرْنَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَهُ إذْ طَلَعَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: إنَّهُ قُدِمَ عَلَيْنَا بِرَأْسِ يَنَاقَ الْبِطْرِيقِ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِهِ حَاجَةٌ، إنَّمَا هَذِهِ سُنَّةُ الْعَجَمِ2.
قُلْت: وَرَأَيْت فِي كِتَابِ أَخْبَارِ زِيَادٍ، لِمُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيِّ الْإِخْبَارِيِّ الْبَصْرِيِّ، بِسَنَدِهِ إلَى الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمْ يُحْمَلْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إلَى عُمَرَ، وَلَا إلَى عُثْمَانَ، وَلَا إلَى عَلِيٍّ بِرَأْسٍ، وَأَوَّلُ مَنْ حُمِلَ رَأْسُهُ عَمْرُو بْنُ الْحُمْقِ حُمِلَ إلَى مُعَاوِيَةَ.
1876- قَوْلُهُ: "قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ"، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَبْدَرِيَّ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتَلَهُ صَبْرًا، وَأَسَرَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتَلَهُ صَبْرًا3.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَقْبَلَ بِالْأَسَارَى وَكَانَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ أَمَرَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ فَضَرَبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ صَبْرًا، فَقَالَ: مَنْ لِلصَّبِيَّةِ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: النَّارُ4، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
__________
1 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 204- 205] ، كتاب السير: باب حمل الرؤوس، حديث [8673] ، والبيهقي [9/ 132] ، كتاب السير: باب ما جاء في نقل الرؤوس.
2 أخرجه البيهقي [9/ 132] ، كتاب السير: باب ما جاء في نقل الرؤوس.
3 أخرجه البيهقي في "السنن" [9/ 64] ، كتاب السير: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 552] ، كتاب السير: باب الحكم في الرجال البالغين، حديث [5369] ، من طريق الشافعي.
كما أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" [6/ 93] ، من حديث ابن عباس قال: قتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر ثلاثة صبراً. قتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار، وقتل طعيمة بن عدي من بني نوفل وقتل عقبة بن أبي معيط.
وقال الهيثمي: وفيه عبد الله بن حماد ولم أعرفه.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" [14/ 372] ، كتاب المغازي: باب غزوة بدر الكبرى، حديث [18529] ، وأبو داود في "المراسيل" ص [248- 249] ، رقم [337] عن سعيد بن جبير مرسلاً إلا أنه وقع عند أبي داود فيه المطعم وهو وهم.
4 أخرجه البيهقي [9/ 64- 65] ، كتاب السير: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم من حديث سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أقبل بالأسارى حتى إذا كان بقرق الظبية، أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أن يضرب عنق بن أبي معيط فجعل عقبة يقول: يا ويلاه علام أقتل هؤلاء؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدواتك الله ولرسوله فقال محمد: منك أفضل فاجعلني كرجل من قومي إن قتلتهم قتلتني وإن مننت عليهم مننت علي وإن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم يا محمد من للصبية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الثأر لهم ولأبيهم يا عاصم بن ثابت قدمه فاضرب عنقه فقدمه فضرب عنقه".(4/288)
فِي "الْأَفْرَادِ" وَزَادَ: فَقَالَ: "النَّارُ لَهُمْ وَلِأَبِيهِمْ".
وَفِي "الْمَرَاسِيلِ" لِأَبِي دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ ثلاثة من قريس صَبْرًا: الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ1، انْتَهَى، وَفِي قَوْلِهِ: الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ2.
قَوْلُهُ: "وَمَنَّ عَلَى أَبِي عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ على أن لا يُقَاتِلَهُ، فَلَمْ يُوفِ فَقَاتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأُسِرَ وَقُتِلَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ: فَقَالَ لَهُ: "أين مَا أَعْطَيْتنِي مِنْ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، وَاَللَّهِ، لَا تَمْسَحُ عارضيك بـ"مكة" تَقُولُ: سَخِرْت بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَيْنِ"، قَالَ شُعْبَةُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُلْدَغُ من حجر مَرَّتَيْنِ" 3، وَفِي إسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ.
1877- حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادَى رَجُلًا أَسَرَهُ أَصْحَابُهُ بِرَجُلَيْنِ أَسَرَهُمَا ثَقِيفٌ مِنْ أَصْحَابِهِ"، مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" مُطَوَّلًا4، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 وأخرج الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" كما في "المجمع" [6/ 92] ، من حديث ابن عباس قال: نادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسارى بدر وكان فداء كل رجل منهم أربعة آلاف، وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبراً قال من للصبية يا رسول الله قال: "النار".
وقال الهيثمي رجاله رجال "الصحيح".
3 أخرجه البيهقي [9/ 65] ، كتاب السير: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم.
4 أخرجه أحمد [4/ 430، 433- 434] ، ومسلم [6/ 111- نووي] ، كتاب النذر: باب لا وفاء لنذر في معصية الله، حديث [8/ 1641] ، وأبو داود [3/ 239] ، كتاب الأيمان والنذور: باب في النذر فيما لا يملك، حديث [3316] ، والشافعي [2/ 121- 122] ، في كتاب الجهاد، والحميدي [2/ 365- 366] ، برقم [829] ، وابن الجارود برقم [933] ، وسعيد بن منصور [2/ 396- 397] ، برقم [2967] ، والبيهقي [10/ 75] ، كتاب النذور: باب ما يوفى به من النذر وما لا يوفى.
كلهم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه الغضباء، فأتى عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الوثاق.
قال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شأنك. فقال: بما أخذتني؟ وما أخذت سابقة الحاج؟ فقال –إعظاماً لذلك-: أخذت بجريرة حلفاءك ثقيف. ثم انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد –وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحيماً رقيقاً، فرجع إليه فقال: ما شأنك؟.
قال: إني مسلم. قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك ... إلى آخر الحديث وفيه قصة المرأة التي نذرت أن تذبح العضباء إن نجاها الله عليه وأنه فدى رجل برجلين من المسلمين.(4/289)
حِبَّانَ مُخْتَصَرًا نَحْوَ مَا هُنَا1.
1878- قَوْلُهُ: "وَأَخْذُ الْمَالِ فِي فِدَاءِ أَسْرَى بَدْرٍ مَشْهُورٌ".
قُلْت: فِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ: مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَإِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وسبعة عشر رجلا ... " الح ديث وَفِيهِ: "فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تأخذ مِنْهُمْ الْفِدْيَةَ، فَيَكُونُ لَنَا قُوَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ"؟ قَالَ: فَقُلْت: لَا وَاَللَّهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، قَالَ: فَهَوَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْت ... "، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى3، وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَرَى أَنْ تعفو عنهم، وتقبل مِنْهُمْ الْفِدَاءُ"4.
__________
1 أخرجه أحمد [4/ 426- 427- 432] ، والترمذي [4/ 135] ، كتاب السير: باب ما جاء في قتل الأسارى والفداء، حديث [1567] ، كلاهما مختصراً، وابن حبان [11/ 198] ، كتاب السير: باب الفذاء وفك الأسارى، حديث [4859] ، فذكره بأتم من سابقه إلا أنه مختصراً وليس فيه قصة المرأة.
كلهم من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين. ولفظ ابن حبان أتم كما ذكرت.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وعم أبي قلابة هو أبو المهلب واسمه عبد الرحمن بن عمرو ويقال: معاوية بن عمرو، وأبو قلابة اسمه عبد الله بن زيد الجرمي والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم أن اللإمام أن يمن على من شاء من الأساري ويقتل على الفداء. وقال الأوزاعي: بلغني أن هذه الآية منسوخة قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] نسختها {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191] . حدثنا بذلك هناد حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا أسر الأسير يقتل أو يفادي أحب إليك؟ قال: إن قدروا أن يفادوا فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأساً. قال إسحاق: الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفاً فأطمع به الكثير.
قال ابن حبان: قول الأسير: إني مسلم وترك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك منه، كان لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم منه بإعلام الله جل وعز إياه أنه كاذب في قوله، فلم يقبل ذلك منه في أسره، كما كان يقبل مثله من مثله إذا لم يكن أيسراً، فأما اليوم، فقد انقطع الوحي، فإذا قال الحربي: إني مسلم، قبل ذلك منه، ورفع عنه السيف، سواء.
2 أخرجه أحمد [1/ 30- 31] .
3 أخرج الحاكم [3/ 21] ، فذكر قصة الأسارى. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه أحمد [3/ 243] .(4/290)
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَمِائَةٍ"1.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لَابْن أَخُتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ: لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا2، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ سَاقَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي تَفْصِيلَ أَمْرِ فَدْيِ أَسْرَى بَدْرٍ، فَشَفَى وَكَفَى3.
1879- قَوْلُهُ: "وَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: "لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مكة في فدى أساراهم، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا، كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: "إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا"، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهَا"، لَفْظُ أَحْمَدَ4.
1880- قَوْلُهُ: "وَمَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ"، مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ: فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَاذَا عِنْدَك يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عِنْدِي خَيْرٌ، إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْت ... " وَفِيهِ أَطْلَقُوا ثُمَامَةَ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ5.
1881- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْض} [لأنفال: 67] أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي الْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا فِي الْأَسَارَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فَجَعَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْخِيَارِ فِيهِمْ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ، وإن شاؤوا اسْتَعْبَدُوهُمْ،
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 61- 62] ، كتاب الجهاد: باب في فذاء الأسير بالمال، حديث [2691] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 200] ، كتاب السير: باب الفداء، حديث [8661] ، والحاكم [2/ 140] ، كلهم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
2 أخرج البخاري [6/ 280] ، كتاب الجهاد السير: باب فداء المشركين، حديث [3048] .
3 ينظر: "سيرة ابن هشام" [2/ 364- 367] .
4 أخرجه أحمد [6/ 276] ، وأبو داود [3/ 62] ، كتاب الجهاد: باب في فداء الأسير بالمال، حديث [2692] ، والحاكم [3/ 23] .
قال الحاكم: هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه البخاري [8/ 419] ، كتاب المغازي: باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، حديث [4372] ، ومسلم [6/ 330- 331- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، حديث [59/ 1964] .(4/291)
وَإِنْ شَاءُوا فَادُوهُمْ"1، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ نَحْوُهُ، وَعَلِيٌّ يُقَالُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ التَّفْسِيرَ عَنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ اعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا فِي التَّفْسِيرِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: نَا أَحْمَدُ، نَا أَبُو نُوحٍ، نَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، نَا سِمَاكُ الْحَنَفِيُّ، نَا ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَخَذَ يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِدَاءَ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} -إلَى قَوْلِهِ - {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأنفال: 67،68] ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمْ الْغَنَائِمَ2.
1882- ح ديث مُعَاذٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، "لَوْ كَانَ الِاسْتِرْقَاقُ جَائِزًا عَلَى الْعَرَبِ، لَكَانَ الْيَوْمُ، إنَّمَا هُوَ أُسَرَاءُ وَفِدَاءٌ" 3، ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ذَكَرَهُ فِي الْقَدِيمِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ السَّلُولِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ أَيْضًا، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِيهَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ؛ وَهُوَ أَشَدُّ ضَعْفًا مِنْ الْوَاقِدِيِّ.
حَدِيثٌ: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"، تَقَدَّمَ.
1883- حَدِيثُ: "إنَّ الْقَوْمَ إذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ"، أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ صَخْرِ بن العيلة، وفيه قِصَّةٌ4.
فَائِدَةٌ: الْعَيْلَةُ -بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ- هِيَ: أُمُّ صَخْرٍ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ" 5، أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيِّ بِيَاسِينَ
__________
1 أخرجه البيهقي [6/ 324] ، كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب ما جاء في استعباد الأسير.
2 أخرجه أبو داود [3/ 61] ، كتاب الجهاد: باب في فداء الأسير بالمال، حديث [2690] .
3 أخرجه البيهقي [9/ 74] ، كتاب السير: باب من يجري عليه الرق، وقال: هذا إسناد ضعيف لا يجتج بمثله.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" [20/ 168] ، برقم [355] من طريق يزيد بن عياض عن موسى بن محمد التيمي عن ابن شهاب عن البلوي عن معاذ بن جبل.
قال الهيثمي في "المجمع" [5/ 335] : رواه الطبراني وفيه يزيد بن عياض وهو كذاب.
4 أخرجه أبو داود [3/ 175- 176] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في إقطاع الأرضين، حديث [3067] ، من حديث عثمان بن أبي حازم عن أبيه عن جده صخر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزا ثقيفاً فلما سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث بطوله وفيه: يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم فادفع إلى المغيرة عمته.
وأخرجه أحمد [4/ 310] ، بنحوه مختصراً من طريق عبد الله البجلي حدثني عمومتي عن جدهم صخر بن عيلة.
وأخرجه الدارمي [2/ 228] ، من طريق عثمان بن أبي حازم عن صخر بن العيلة.
5 أخرجه أبو يعلى [10/ 226- 227] ، برقم [5847] ، والبيهقي [9/ 113] ، كتاب السير: باب من أسلم على شيء فهو له. =(4/292)
الزَّيَّاتِ، رَاوِيهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا. وَمُرْسَلُ عُرْوَةَ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ.
1884- حَدِيثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَسْلَمَ ثَعْلَبَةُ وَأَسَدُ ابْنَا سَعْيَةَ، فَأَحْرَزَ لَهُمَا إسْلَامُهُمَا أَمْوَالَهُمَا وَأَوْلَادَهُمَا الصِّغَارَ، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي" حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: هَلْ تَدْرِي؛ كَيْفَ كَانَ إسْلَامُ ثعلبة وأسد ابني شعب، وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ نَفَرٌ مِنْ هُذَيْلٍ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَلَا النَّضِيرِ، كَانُوا فَوْقَ ذَلِكَ؟ قُلْت: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ "الشَّامِ" مِنْ يَهُودَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْهَيَبَانِ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا، فَوَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ خَيْرًا مِنْهُ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ، وَكَانَ يَقُولُ: إنَّهُ يَتَوَقَّعُ خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي اُفْتُتِحَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ قَالَ أُولَئِكَ الْفِتْيَةُ الثَّلَاثَةُ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَلرَّجُلُ الَّذِي كَانَ ذَكَرَ لَكُمْ ابْنُ الْهَيَبَانِ، قَالُوا: مَا هُوَ؟ قَالُوا: بَلَى، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَهُوَ، قَالَ: فَنَزَلُوا وَأَسْلَمُوا، وكانوا شبابا، فحلوا أموالهم وأولاهم وَأَهْلِيهِمْ فِي الْحِصْنِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا فُتِحَ رُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ1، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
تَنْبِيهٌ: سَعْيَةُ بِفَتْحِ السِّينِ، وَقِيلَ: بِضَمِّهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَقِيلَ: بِالنُّونِ بَدَلَ الْيَاءِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ مِنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ وَالِدِ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي الْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ كَانَ شَابًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مِثْلُ زَيْدٍ؟ قَالَ: وَقِيلَ: شُعْبَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ خَطَأٌ، وَأَسِيدُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا بِلَا يَاءٍ، وَقِيلَ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرٌ، وَالْهَيَبَانُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ضَبَطَهُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي "الْمُغْرِبِ".
حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ: "أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ" تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ.
__________
= كلاهما من طريق مروان بن معاوية ثنا ياسين بن معاذ الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 339] : رواه أبو يعلى وفيه ياسين بن معاذ الزيات وهو متروك.
1 ذكر ابن هشام في "مسيرته" [3/ 256] ، صدره فقط عن ابن إسحاق ولم يذكر قصة ابن الهيبان.
وأخرجه البيهقي [9/ 114] ، كتاب السير: باب الحربي يدخل بأمان وله مال في دار الحرب ثم يسلم أو يسلم في دار الحرب.(4/293)
1885- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: أَصَبْنَا نِسَاءَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ، فَكَرِهُوا أَنْ يَقَعُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] فَاسْتَحْلَلْنَاهُنَّ، مُسْلِمٌ نَحْوُهُ، وَفِي آخِرِهِ: فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ1.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَحَرَقَ، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ.
1886- حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ عَلَى أَهْلِ "الطَّائِفِ" كُرُومًا، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي"؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارَ إلَى "الطَّائِفِ"، فَأَمَرَ بِقَصْرِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ فَهُدِمَ، وَأَمَرَ بِقَطْعِ الْأَعْنَابِ، وَرَوَاهُ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَكَمَةِ عِنْدَ حِصْنِ الطَّائِفِ، فَحَاصَرَهُمْ، وَقَطَعَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا مِنْ كُرُومِ ثَقِيفَ؛ لِيَغِيظُوهُمْ2؛ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي "الْمَغَازِي".
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ "الطَّائِفَ" كَانَ آخِرَ غَزَوَاتِهِ.
قُلْت: مَعْنَاهُ الَّتِي غَزَاهَا بِنَفْسِهِ وَاَلَّتِي قَاتَلَ فِيهَا، لَا بُدَّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ، وَإِلَّا فَغَزْوَةُ "تَبُوكَ" بَعْدَهَا بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ جَيْشًا إلَى "الشَّامِ"، فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ الشُّيُوخِ، وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ، وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُطَوَّلًا3.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَنْكَرَهُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَحْوَهُ4، وَرَوَاهُ سَيْفٌ فِي "الْفُتُوحِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الحسن مرسلا أَيْضًا.
__________
1 أخرجه مسلم [2/ 1079] ، كتاب الرضاع: باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي، رقم [33، 34، 35/ 1456] ، وأبو داود [1/ 653] ، كتاب النكاح: باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج، هل يحل له أن يطأها، رقم [1132] ، والترمذي [5/ 235] ، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة النساء، برقم [3017] ، والنسائي [6/ 110] ، كتاب النكاح: باب تأويل قول الله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] [3333] .
2 أخرجه البيهقي [9/ 84] ، كتاب السير: باب قطع الشجر وحرق المنازل.
3 أخرجه البيهقي [9/ 85] ، كتاب السير: باب قطع الشجر وحرق المنازل، من طريق يونس عن أبي إسحاق حدثني طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: كان أبو بكر رضي الله عنه يأمر أمراءة حين كان يبعثهم في الردة ... فذكر بنحوه.
4 أخرجه مالك [2/ 447] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو، حديث [10] ، وفيه قصة.(4/294)
1887- حَدِيثُ: أَنَّ حَنْظَلَةَ الرَّاهِبَ عَقَرَ فَرَسَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ "أُحُدٍ"، فَسَقَطَ عَنْهُ، فَجَلَسَ حَنْظَلَةُ عَلَى صَدْرِهِ لِيَذْبَحَهُ، فَجَاءَ ابْنُ شَعُوبٍ وَقَتَلَ حَنْظَلَةَ، وَاسْتَنْقَذَ أباسفيان، وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ حَنْظَلَةَ1، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "الْمَغَازِي" عَنْ شُيُوخِهِ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي" دُونَ ذِكْرِ الْعَقْرِ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ النَّهْيُ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إلَّا لِمَآكِلِهِ، تَقَدَّمَ.
1888- حَدِيثُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ صَبْرًا"، مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ2، وَلَهُمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: نَهَى أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ3، ولأحمد عن أَيُّوبَ: نَهَى عَنْ قَتْلِ الصَّبْرِ4، وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تصبر البهائم، وَأَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا إذَا صُبِرَتْ5"، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ أَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ، وَأَمَّا أَكْلُ لَحْمِهَا فَلَا يَحْفَظُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
1889- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا طَعَامًا وَعَسَلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ الْخَمْسَ"، أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَجَّحَ
__________
1 أخرجه البيهقي [4/ 15] ، [3/ 20] ، وذكره ابن هشام في "سيرته"، كلاهما دون ذكر ما كان من حنظلة من إرادته ذبح أبي سفيان.
2 أخرجه مسلم [3/ 1550] ، كتاب الصيد والذبائح: باب النهي عن حبر البهائم، رقم [60/ 1959] ، وابن ماجة [2/ 1064] ، كتاب الذبائح: باب النهي عن حبر البهائم وعن المثلة رقم [3188] ، وأحمد [3/ 318- 322- 339] .
3 أخرجه البخاري [9/ 558، 559] ، كتاب الذبائح والصيد: باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة، برقم [5515] ، ومسلم [3/ 155] ، كتاب الصيد والذبائح: باب النهي عن حبر البهائم، برقم [59، 59/ 1958] ، والنسائي [7/ 238] ، كتاب الضحايا: باب النهي عن المجثمة، رقم [4442] ، وأحمد [2/ 60- 94] ، وابن حبان [12/ 434] ، كتاب الحظر والإباحة: باب المثلة، ذكر الزجر عن المثلة بشيء، فيه الروح، برقم [5617] ، والبيهقي [9/ 87] ، كتاب السير: باب تحريم قتل ما له روح إلا بأن يذبح فيؤكل، والدارمي [2/ 173] ، كتاب الأضاحي: باب النهي عن مثلة الحيوان، والحاكم [4/ 234] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [4/ 454] ، رقم [8428] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي وليس كذلك فقد أخرجه مسلم.
4 أخرجه أحمد [5/ 422- 422، 423] ، والدارمي [2/ 83] ، كتاب الأضاحي: باب النهي عن مثلة الحيوان، والطبراني [4/ 159، 160] ، رقم [4001، 4005] ، والبيهقي [9/ 71] ، كتاب السير: باب المنع من حبر الكافر بعد الأسار بأن يتخذ غرضاً، وابن حبان [12/ 423] ، كتاب الحظر والإباحة: باب فصل في التعذيب، ذكر الزجر عن حبر الدواب بالقتل، رقم [5609] ، [5610] .
5 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" [2/ 18- 19] .(4/295)
الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ1.
1890- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ"، الْبُخَارِيُّ بِهَذَا2.
1891- حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: "أَصَبْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ"خيبر" طَعَامًا، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ3.
1892- حَدِيثُهُ: "كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ طَعَامِ الْمَغْنَمِ مَا نَشَاءُ"، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى "الْوَسِيطِ": هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُذْكَرْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، انْتَهَى، وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: "لَمْ يُخَمَّسْ الطَّعَامُ يَوْمَ خَيْبَرَ"، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلِ، قَالَ: "أَصَبْت جِرَابًا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ شَحْمٍ ... "، الْحَدِيثَ، "فَالْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ فاستحييت مِنْهُ"، زَادَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَقَالَ: "هُوَ لَك" 4.
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 65] ، كتاب الجهاد: باب في إباحة الطعام في أرض العدو، حديث [2701] ، وابن حبان [11/ 156- 157] ، كتاب السير: باب الغنائم وكثرتها، حديث [4825] ، والبيهقي [9/ 59] ، كتاب السير: باب السرية تأخذ العلف والطعام، حديث [4825] ، والطبراني في "الكبير" [12/ 369- 370] ، برقم [13372] .
2 أخرجه البخاري [6/ 255] ، كتاب فرض الخمس: باب ما يعيب من الطعام في أرض الحرب، حديث [3145] ، وأبو داود [3/ 149] ، كتاب الجهاد: باب في إباحة الطعام في أرض الحرب، حديث [2701] ، والبيهقي [9/ 59] ، كتاب السير: باب السرية تأخذ العلف والطعام لكن من حديث ابن عمر.
أما حديث ابن أبي أوفى في هذا الباب.
أخرجه أبو داود [3/ 151] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن النهب إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو، حديث [2704] ، وابن الجارود ص [359] ، باب إباحة أطعمة العدو من غير قسم، حديث [1072] ، والحاكم [2/ 126] ، كتاب قسم الفيء: باب تنفيل الثلث بعد الخمس، وأحمد [4/ 354] ، والبهيقي [9/ 60] ، كتاب السير: باب السرية تأخذ العلف والطعام.
من طريق أبي إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: أصبنا طعاماً يوم خيبر وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينظلق.
قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري فقد احتج بمحمد وعبد الله ابني أبي المجالد جميعاً ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم [2/ 133- 134] ، من طريق أبي إسحاق الشيباني وأشعث بن سوار عن محمد بن أبي المجالد به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه البخاري [6/ 387] ، كتاب فرض الخمس: باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب، حديث [3153] ، وطرفاه في [4224، 5508] ، ومسلم [6/ 344- 345- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب جواز الأكل من طعام الغنيمة؛ حديث [72، 73/ 1772] .(4/296)
1893- حَدِيثُ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إذَا أَخْلَقَ رَدَّهُ"، وَفِيهِ: "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْء الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا إلَيْهِ ... " الْحَدِيثُ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ، وَزَادَ: "وُرُودُ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ" 1.
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ: "هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ"، تَقَدَّمَ فِي "اللُّقَطَة".
حَدِيثُ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، تَقَدَّمَ فِي "قِسْمِ الْفَيْءِ".
1894- حَدِيثُ: "رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا غَلَّ فِي الْغَنِيمَةِ، فَأَحْرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْلَهُ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحْرَقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ، وَضَرَبُوهُ، وَمَنَعُوا سَهْمَهُ"2، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ، وَهُوَ الْخُرَاسَانِيُّ نَزِيلُ "مَكَّةَ"، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُقَالُ هُوَ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ.
وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا وَجَدْتُمْ الرَّجُلَ قَدْ غَلَّ، فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ، وَاضْرِبُوهُ"، وَفِيهِ قِصَّةٌ3، وَصَالِحٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ
__________
1 أخرجه أبو داود [1/ 654] ، كتاب النكاح: باب في وطء السبايا، برقم [2158- 2159] ، والترمذي [3/ 4280] ، كتاب النكاح: باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، رقم [1131] ، وأحمد [4/ 108- 109] ، والدارمي [2/ 226/ 227- 230] ، كتاب السير: باب استبراء الأمة، النهي عن ركوب الدابة من المغنم، وابن حبان في "صحيحه" [11/ 186] ، كتاب السير: باب الغلول، ذكر الزجر عن اتساع المريء بالمغانم على سبيل الضرر بالمسلمين فيه، برقم [4850] ، وأخرجه [5/ 281- الموارد] ، رقم [1675] ، وسعيد بن منصور ص [313] ، برقم [2722] ، وابن سعد في "الطبقات" [2/ 88] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 251] ، كتاب السير: باب الرجل يحتاج القتال على دابة من المغنم، والطبراني في "الكبير" [5/ 26، 27] ، رقم [4482- 4483- 4484- 4486- 4487- 4488- 4489- 4490] ، والبيهقي [9/ 62] ، كتاب السير: باب أخذ السلاح وغيره بغير إذن الإمام، وابن عبد البر في "التمهيد" [2/ 21] .
2 أخرجه أبو داود [3/ 69] ، كتاب الجهاد: باب في عقوبة الغال، حديث [2715] ، والحاكم [2/ 131] ، والبيهقي [9/ 102] ، كتاب السير: باب لا يقطع من غل في الغنيمة ولا يحرق متاعه ومن قال: يحرق.
قال الحاكم: حديث غريب صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه أبو داود [3/ 69] ، كتاب الجهاد: باب في عقوبة الغال، حديث [2713] ، والترمذي [4/ 61] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الغال، حديث [1461] ، والحاكم في "المستدرك" [2/ 127] ، كتاب الجهاد: باب التشديد في الغول، والبيهقي [9/ 103] ، كتاب: السير باب لا يقطع من غل من الغنيمة. =(4/297)
الْبُخَارِيُّ: عَامَّةُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّونَ بِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَصَحَّحَ أَبُو دَاوُد وَقْفَهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَنْكَرُوهُ عَلَى صَالِحٍ، وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ سَالَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، وَمَعَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَغَلَّ رَجُلٌ مَتَاعًا، فَأَمَرَ الْوَلِيدُ بِمَتَاعَةِ فَأُحْرِقَ، وَطِيفَ بِهِ، وَلَمْ يُعْطِهِ سَهْمَهُ"1، قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا أَصَحُّ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ هِشَامٍ حَرَقَ رَحْلَ زياد شَعْرٍ، وَكَانَ قَدْ غَلَّ، وَضَرَبَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُد: شِعْرٌ لَقَبُهُ.
قَوْلُهُ: "وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِحَّتُهُ، قَالَ: وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ".
قُلْت: لَمْ يصح، فلا حاجة إلى الْحَمْلِ، وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَأَوْرَدَ مَا يُخَالِفُهُ2، ثُمَّ إنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ مِمَّا يُنَازَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ جَيْشًا فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ الشُّيُوخِ ... " الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
1895- حَدِيثُ عُمَرَ: الشافعي عن ابن عيينة،"أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَجُنُودُهُ بِالشَّامِ والعراق" عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: "أَنَّ عُمَرَ قَالَ: أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"3، وَرَوَاهُ هُوَ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا4.
__________
= قال الترمذي: هذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق.
قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة، وهو أبو واقد اليثي، وهو منكر الحديث. وقال محمد: وقد روي في غير حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغال فلم يأمر فيه يحرق متاعه.
قال الترمذي: هذا حديث غريب.
قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ووفقه الذهبي.
1 أخرجه أبو داود [3/ 69] ، كتاب الجهاد: باب في عقوبة الغال، حديث [2714] .
2 "فتح الباري" [6/ 304] ، كتاب الجهاد والسير: باب القليل من الغلول، قال البخاري: ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه حرق متاعه وهذا أصح. ثم أخرج برقم [3074] من طريق سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل يقال له: كركرة، فمات، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هو في النار" فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد علها.
3 أخرجه الشافعي في "الأم" [4/ 240] ، كتاب الجزية: باب تحريم الفرار من الزحف.
4 أخرجه الشافعي في "الأم" [4/ 240] ، كتاب الجزية: باب الفرار من الزحف، وأحمد [2/ 58، 70، 99، 111] ، وأبو داود [3/ 46] ، كتاب الجهاد: باب في التولي يوم الزحف، حديث [2647] ، والترمذي [4/ 215] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الفرار من الزحف، حديث [1716] ، والبيهقي [9/ 77] ، كتاب السير: باب من تولى متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة.
قال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد.(4/298)
1896- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يَفِرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ"، الشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عن ابن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا2.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حُمِلَتْ إلَيْهِ رُءُوسٌ" تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ "أَمَرَ عُثْمَانُ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ رَقِيقٌ، وَقَالَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ"3، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ مَوْصُولًا.
1897- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ عَقَارَ مَكَّةَ بِأَيْدِي أَهْلِهَا"، مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَمِنْ قَوْلِهِ: "مَنْ وَجَدَ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَهُوَ آمَنُ"، ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: "وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ"4.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ فَتَحَ السَّوَادَ عَنْوَةً، وَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ اسْتَطَابَ قُلُوبَهُمْ وَاسْتَرَدَّهُ"، وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ: "كَانَتْ بَجِيلَةُ رُبْعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَقَسَمَ لَهُمْ عُمَرُ رُبْعَ السَّوَادِ، فَاسْتَغَلُّوا ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَدِمَتْ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قَسَمَ"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَعَنْ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ؛ "أَنَّهُ اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ، فَأَتَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ اشْتَرَيْتهَا؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ فَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ أَبِعْتُمُوهُ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَاذْهَبْ وَاطْلُبْ مَالَك".
__________
1 أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 116] ، في كتاب الجهاد، حديث [387] .
2 أخرجه الطبراني [11/ 93] ، برقم [11151] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 330] : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
3 أخرجه البيهقي [9/ 126] ، كتاب السير: باب التفريق بين المرأة وولدها.
4 أخرجه البخاري [8/ 13] ، كتاب المغازي: باب أين ركز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراية يوم الفتح، حديث [4282] ، ومسلم [2/ 985] ، كتاب الحج: باب النزول بمكة للحاج وتوريث دورها، حديث [440/ 1251] ، وأبو داود [2/ 140] ، كتاب الفرائض: باب هل يرث المسلم الكافر، حديث [2910] ، وابن ماجة [2/ 912] ، كتاب الفرائض: باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك، حديث [2730] ، وأحمد [5/ 202] ، والدارقطني [3/ 62] ، والبيهقي [5/ 160] ، وابن خزيمة [4/ 322- 323] ، رقم [2985] ، من حديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله أين تنزل غداً؟ في حجته قال: "وهل ترك لنا عقيل منزلاً".
وزاد البخاري ومسلم في رواية: وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرث جعفر ولا علي شيئاً لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين.(4/299)
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ عُمَرُ السَّوَادَ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا، وَعَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: لَا أُجِيزُ بَيْعَ أَرْضِ السَّوَادِ، وَلَا هِبَتَهَا، وَلَا وَقْفَهَا.
وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: لَوْلَا أَخْشَى أَنْ يَبْقَى آخر الناس ببانا لَا شَيْءَ لَهُمْ، لَتَرَكْتُكُمْ وَمَا قُسِمَ لَكُمْ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَلْحَقَ آخِرُ النَّاسِ أَوَّلَهُمْ1، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ... } [الحشر: 10] .
وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ: أَدْرَكْت النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ، وَإِنَّهُ لَيُجَاءُ بِالتَّمْرِ، فَمَا يَشْتَرِيهِ إلَّا أَعْرَابِيٌّ أَوْ مَنْ يَتَّخِذُ النَّبِيذَ؛ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْخَرُّونَ عَنْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَشْهُورًا فِيمَا بَيْنَهُمْ.
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فِي فَتْحِ السَّوَادِ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ "الْأَمْوَالِ": نَا هُشَيْمٌ، أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ؛ قَالَ: "لَمَّا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ السَّوَادَ، قَالُوا لِعُمَرَ: اقْسِمْهُ بَيْنَنَا؛ فَإِنَّا فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً، قَالَ: فَأَبَى، ثُمَّ أَقَرَّ أَهْلَ السَّوَادِ عَلَى أَرْضِهِمْ، وَضَرَبَ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةَ، وَعَلَى أَرْضِهِمْ الْخَرَاجَ"، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ مِثْلَهُ.
وَأَمَّا أَثَرُ جَرِيرٍ: فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ مِثْلَهُ2.
وَأَمَّا أَثَرُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي السُّنَنِ3، وروا الْخَطِيبُ فِي "تَارِيخِ بَغْدَادَ" مِنْ طَرِيقِ الْخَرَاجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَامِرٍ هُوَ الشَّعْبِيُّ، قَالَ: اشْتَرَى عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَيْضًا: نَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ؛ قَالَ: أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ مَهْرِ الْمَلِكِ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إنْ اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَأَدَّتْ مَا عَلَى أَرْضِهَا، فَخَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهَا، وَإِلَّا فَخَلُّوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَرْضِهِمْ4.
وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: فَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لَهُ عَنْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 135] ، كتاب السير: باب السوار، وذكره الهندي في "كنز العمال" [3/ 915] ، برقم [9153] ، وعزاه إلى الشافعي وأبي عبيد وابن زنجويه.
2 أخرجه الشافعي في "الأم" [4/ 396] ، كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي: باب فتح السواد، والبيهقي [9/ 135] ، كتاب السير: باب السواد.
3 أخرجه البيهقي [9/ 141] ، كتاب السير: باب الأرض إذا أخذت عنوة فوقفت للمسلمين بطيب أنفس ...
4 أخرجه البيهقي في الموضع السابق.(4/300)
سَمِعَ عُمَرَ1، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: "بَبَّانَا" بموحدتين، الثانية مشدودة، وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ خَفِيفَةٌ، أَيْ: شَيْئًا وَاحِدًا؛ كَذَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ: فَهُوَ فِي كِتَابِ "الْأَحْكَامِ" لِزَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى السَّاجِيِّ عَنْهُ؛ وَكَذَا نَسَبَهُ إلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ.
قَوْلُهُ: "وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ مَاسِحًا، فَفَرَضَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَيْنِ ... "، الْحَدِيثُ2، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَهُوَ فِي الْخَرَاجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْأَمْوَالِ": نَا الْأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَا أَعْلَمُ إسْمَاعِيلَ بْنَ إبْرَاهِيمَ إلَّا "ناه" أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَحَرْبِهِمْ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ معسود عَلَى قَضَائِهِمْ وَبَيْتِ مَالِهِمْ، وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَرَضَ لَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ شَاةً ... " الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "فَمَسَحَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ الْأَرْضَ، فجعل عَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ خَمْسَةً، وَعَلَى جَرِيبِ الْقَصَبِ سِتَّةً، وَعَلَى جَرِيبِ الْبُرِّ أَرْبَعَةً، وَعَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَيْنِ"3، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ.
قَوْلُهُ: يُذْكَرُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَسَبْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَقِيلَ: مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّينَ أَلْفَ أَلْفٍ، ثُمَّ كَانَ يَتَنَاقَصُ حَتَّى عَادَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ارْتَفَعَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى إلَى ثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى سِتِّينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَقِيلَ فَوْقَ ذَلِكَ، وَقَالَ: "لَئِنْ عِشْتُ لِأُبْلِغَنَّهُ إلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ"، يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَّهَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى خَرَاجِ السَّوَادِ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "فَحُمِلَ مِنْ خَرَاجِ سَوَادِ الْكُوفَةِ إلَى عُمَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ ثَمَانُونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ عَزَاهُ صَاحِبُ "الْمُهَذَّبِ" إلَى رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ قَحْدَمٍ، وَعَبَّادٌ ضَعِيفٌ.
__________
1 أخرجه البخاري [6/ 350] ، كتاب فرض الخمس: باب العنيمة لم شهد الواقعة، حديث [3125] ، وأبو داود [3/ 161- 162] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب ما جاء في حكم أرض خيبر، حديث [3020] .
2 أخرجه البيهقي [9/ 136] ، كتاب السير: باب قدر الخراج الذي وضع على السواد، بنحو ذلك في حديث طويل.
3 أخرجه البيهقي في الموضع السابق.(4/301)
قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ أَنَّ أَرْضَ الْبَصْرَةِ كَانَتْ سَبَخَةً، فَأَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ".
قُلْت: هو كما قال، رواه عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي "أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ"، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ السَّابِقُ إلَى ذَلِكَ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى حُجْرَةَ سودة بـ"مكة". وَأَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بَاعَ دَارَ النَّدْوَةِ مِنْ معاوية".
أما حُجْرَةُ سَوْدَةَ: فَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ؛ وَكَذَا تَقَدَّمَ فِيهِ قِصَّةُ حَكِيمٍ.(4/302)
3- بَابُ الْأَمَانِ1
1898- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَكَّةَ"، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إحْدَى
__________
1 لا يبيح الإسلام للحربي أن يدخل بلادنا من غير أن يكون معه أمان محترم يجعلنا نظمئن إليه، والأمان لغة ضد الخوف وشرعاً عقد يعطيه الإمام أو غيره من أفراد الأمة العقلاء البالغين للحربي فرداً أو جماعة يباح لهم بمقتضاه الدخول في دار الإسلام ومباشرة أعمالهم العلمية، أو التجارية على نحو ما يريدون. ويشترط فيه ألا يكون في أعمالهم مساس بسلامة الدولة الإسلامية.
والدليل عليه: الأمان جائز في الكتاب والسنة:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] الآية. ومعناه: وإن جاءك أحد من المشركين لا عهد بينك وبينه وطلب أمانك وجوارك فأمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويعوف حقيقة الإسلام، ثم أبلغه بعد ذلك مكاناً يأمن فيه على نفسه.
ووجه الدلالة: أن الله أذن لنبيه عليه الصلاة والسلام في إعطاء الأمان لمن سأله أو استجار به، والاستجارة في الآية عامة، فتناول الاستجارة لنثر العلوم، والتجارة، وسماع كلام الله، وغير ذلك من الأسباب التي تحمل على طلب الأمان. وأما قوله سبحانه وتعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ، فهو إشارة إلى الحكمة المقصودة من إعطاء الأمان، وذلك لأنه إذا دخل بلاد المسلمين وأقام بينهم ثم سمع كلام الله، وعرف مقاصد الدين، وكثيراً ما يكون ذلك سبباً لإسلامه.
وأما السنة: فما رواه البخاري عن علي رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". والذمة معناها: العهد والأمان والحرمة، وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم"، أي يتحملها ويعقدها مع الكفار أقلهم وقوله: "ممن أخفر مسلماً" أي نقض عهده. ووجه الدلالة أن الحديث جعل الأمان لجميع المسلمين فمن أعطى منهم الأمان لكافر وجب على الجميع احترمه الوفاء به فيستدل به على مشروعية الأمان في كل الأحوال التي ليس فيها ضرر على المسلمين.
صيغة الأمان: والأمان كسائر العقود لا بد من صيغة يتم بها وينفذ مدلوله بمقتضاها، وقد اتفق الفقهاء على أنه يحصل بما يفهم منه المقصود سواء كان بلفظ عربي أو غيره صريح أو كناية وبالإشارة والكتابة مثال الصريح: أجرتك وأمنتك، وأنت مجار وأنت آمن. ومثال الكناية: أنت =(4/302)
الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى ... "، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ1، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، قَالَ صَاحِبُ "الْحَاوِي": الَّذِي عِنْدِي أَنَّ أَسْفَلَ "مَكَّةَ" دَخَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْوَةً، وَأَعْلَاهَا دَخَلَهُ الزُّبَيْرُ صُلْحًا، وَمِنْ جِهَتِهِ دَخَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ حُكْمُ جِهَتِهِ الْأَغْلَبَ؛ كَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
1899- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَى يَوْمَ فَتْحِ "مَكَّةَ" رِجَالًا مَخْصُوصِينَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: "لَمَّا كَانَ فَتْحُ "مَكَّةَ" أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إلَّا أَرْبَعَةً وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: اُقْتُلُوهُمْ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُعَلَّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمَقِيسَ بْنَ ضَبَابَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ معلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ ... "، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: "وَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ"3، وَجَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ
__________
= على ماتحب، وكن كما شئت ولا بد لها من نية، والإشارة من الناطق كناية، ومن غيره إن اختص بفهمها الفطنون في كناية، وإن فهمها كل أحد فمن الصريح. وتكفي الإشارة في القبول، ولو من ناطق بشرط أن تكون مفهمة ودليل ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} الآية، أي: وإن أحد من المشركين طلب جوارك والطلب مطلق لم يقيد بصيغة خاصة، وما رواه البخاري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم"، ولم يذكر للسعي كيفية خاصة على حصوله بكل مفهم، والحكمة في صحة الأمان بالإشارة أنه يكون بين المسلم والكافر، وقد لا يفهم كل منهما لغة الآخر فدعت الحاجة إلى الإشارة، وصحت مع القدرة على النطق توسعاً في حقن الدماء، ولذلك صح بغير العربية فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا قلتم: لا بأس أو لا تذهل، أو مترس فقد أمنتموهم فإن الله يعلم الألسنة.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
1 أخرجه مسلم [6/ 367- 370- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب فتح مكة، حديث [84، 86/ 1780] .
2 أخرجه أبو داود [3/ 59] ، كتاب الجهاد: باب قتل الأسير لا يعرض عليه الإسلام، حديث [2683] ، [4/ 128] ، كتاب الحدود: باب الحكم فيمن ارتد، حديث [4359] ، مختصراً، والنسائي [7/ 105- 106] ، كتاب تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، حديث [4067] ، والبيهقي [9/ 212] ، كتاب الجزية: باب الحربي إذا لجأ إلى الحرم وكذلك من وجب عليه حد.
3 أخرجه البيهقي [9/ 212] ، كتاب الجزية: باب الحربي إذا لجأ إلى الحرم وكذلك من وجب عليه الحد.
وأخرجه أبو داود [3/ 59] ، كتاب الجهاد: باب قتل الأسير لا يعرض عليه الإسلام، حديث [2684] ، مختصراً.(4/303)
فِي الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ أَبُو بَرْزَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ قَتَلَهُ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ اشْتَرَكَا فِي دَمِهِ1، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَفَرْتَنَةَ، وَسَارَةَ، فَقُتِلَتَا، وَأَسْلَمَتْ هِنْدُ، وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ سَارَةَ أَمَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ اُسْتُؤْمِنَ لَهَا فَبَقِيَتْ حَتَّى أَوْطَأَهَا رَجُلٌ فَرَسًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْأَبْطَحِ، فَقَتَلَهَا2.
1900- حَدِيثُ: "أَنَّ رجل أَجَارَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: لَا تجيز ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: لَيْسَ كَمَا قُلْتُمَا؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بعضهم، فأجاروه"، أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوُهُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ3، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَمَّنَ قَوْمًا، وَهُوَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ: لَا نُجِيرُ مَنْ أَجَارَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ" 4.
حَجَّاجُ: هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ.
وَالْمَعْرُوفُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ فَرَفَعَهُ: "يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ" 5، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ" 6، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ: "يُجِيرُ عَلَى
__________
1 ينظر: "سيرة ابن هشام" [4/ 30] .
2 ينظر الموضع السابق.
3 أخرجه أحمد [1/ 195، 5/ 250] ، والطبراني [8/ 277] ، رقم [7908] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 333] : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وفيه الحجاج بن أرطاس وهو مدلس.
وأخرجه البزار [2/ 288- كشف] ، رقم [1727] ، وأبو يعلى [2/ 180] ، رقم [8/ 877] ، كلاهما من طريق الحجاج عن الوليد بن أبي مالك عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث، قال البزار: لا نعلم له طريقاً عن أبي عبيدة إلا بهذا الطريق، وعبد الرحمن وعمه لا نعلم رويا إلا هذا.
4 ينظر السابق.
5 وأما حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أخرجه أحمد [4/ 197] ، وأبو يعلى [13/ 329] ، رقم [9/ 7344] من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.
قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال "الصحيح".
6 أخرجه أحمد [2/ 365] .(4/304)
الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ" 1.
1901- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ قَالَ: مَا عِنْدِي إلَّا كِتَابُ اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ ذِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ2، وَأَتَمُّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ دُونَ أَوَّلِهِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَالْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ4.
1902- حَدِيثُ: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ بِهِ5، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ
__________
1 تقدم في تخريج الحديث الأول. وللحديث شاهد من حديث عائشة وزينب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضي الله عنها.
فأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه البيهقي [9/ 95] ، كتاب السير: باب أمان المرأة، وأبو يعلى [7/ 356] ، برقم [36/ 4392] ، والحاكم [2/ 141] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على ذكر الغادر فقط.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 332] : رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه محمد بن أسعد، وثقه ابن حبان وضعفه أبو زرعة.
وأما حديث زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال الهيثمي [5/ 333] : رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" باختصار وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن وفيه ضعيف، وبقية رجاله ثقات.
وللحديث شاهد بلفظ: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وسيأتي قريباً بإذن الله.
2 أخرجه البخاري [4/ 564- 565] ، كتاب فضائل المدينة: باب حرم المدينة، حديث [1870] ، ومسلم [5/ 148- 149- نووي] ، كتاب الحج: باب فضل المدينة ودعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها بالبركة، حديث [467/ 137] .
3 أخرجه مسلم [5/ 150- نووي] ، كتاب الحج: باب فضل المدينة ودعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها بالبركة، حديث [469، 470/ 1371] .
4 أخرجه البخاري [4/ 564] ، كتاب فضائل المدينة: باب حرم المدينة، حديث [1867] ، بلفظ المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث.
ومن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وطرفه في [7306] ، وأخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه [2/ 52- 53] ، كتاب الصلاة: باب فضل استقبال القبلة، يستقبل بأطراف رجليه للقبلة، حديث [391] ، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفووا الله في ذمته". وطرفاه في [392- 393] .
5 أخرجه أحمد [1/ 122] ، وأبو داود [4/ 667] ، كتاب الديات: باب أيقاد المسلم بالكافر، حديث [4530] ، والنسائي [8/ 19] ، كتاب القسامة: باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس، وابو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" ص [179] ، رقم [495] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 192] ، وفي "مشكر الآثار" [2/ 90] ، والدارقطني [3/ 98] ، كتاب =(4/305)
شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا: "يَدُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" 1، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مُطَوَّلًا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ مُخْتَصَرًا: "الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ" 2، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَصَرًا: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ" 3.
__________
= الحدود والديات: باب [61] ، والحاكم [2/ 141] ، والبيهقي [8/ 29] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 388- بتحقيقنا] ، من طريق الحسن عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صلى عليه وسلم شيئاً لم يعهده للناس عامة قال: لا إلا ما كان في كتابي هذا فأخرج كتاباً من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ومن أحدث حدثاً فعلى نفسه ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه الطيالسي [2/ 37- منحة] ، وأحمد [2/ 211] ، وأبو داود [3/ 183] ، كتاب الجهاد: باب السرية ترد على أهل العسكر، حديث [2751] ، وابن ماجة [2/ 895] ، كتاب الديات: باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث [2685] ، وابن الجارود في "المنتقى" [771] ، والبيهقي [8/ 29] ، كتاب الجنايات: باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين وابن أبي شيبة [9/ 432] ، والقضاعي في "مسند الشهاب" [170] ، من طريق عن عمرو بن شعيب عن أبيه.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 895] ، كتاب الديات: باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث [2684] ، وابن عدي في "الكامل" [5/ 332] ، من طريق عبد السلام بن أبي الجنوب عن الحسن عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله وسلم: "المسلمون يد على من سواهم وتتكافأ دماؤهم".
واللفظ لابن ماجة:
أما لفظ ابن عدي: لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده والمسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم.
وقال ابن عدي: وعبد السلام بن أبي الجنوب بعض ما يرويه لا يتابع منكر.
وذكره الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 353- 354] ، وقال: هذا إسناد ضعيف عبد السلام ضعفه ابن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة والبزار وابن حبان.
3 أخرجه الحاكم [2/ 49] ، بلفظ: المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين.
وصححه وتعقبه الذهبي بأن كثير ضعفه النسائي ومشاه غيره، وللحديث شواهد من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنها وعن عطاء مرسلاً.
فأما حديث ابن عباس:
أخرجه ابن ماجة [2/ 895] ، كتاب الديات: باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث [2683] ، من طريق حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد على أقصاهم".
وذكره الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 353] ، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف حنش واسمه حسين بن قيس.
وأما حديث عائشة: =(4/306)
1903- حَدِيثُ أُمُّ هَانِئٍ: "أَجَرْت رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ" 1، التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِهَا بِهَذَا، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَتَمُّ مِنْ هَذَا، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَلَفْظُهُ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت يَا أُمَّ هَانِئٍ" 2، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ "مَكَّةَ" فُتِحَتْ عَنْوَةً؛
__________
= أخرجه الدارقطني [3/ 131] ، كتاب الحدود والديات، حديث [155] ، من طريق مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة. قالت: وجد في قائم سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابان: إن أشد الناس عتواً في الأرض رجل ضرب غير ضاربه أو رجل قتل غير قاتلة ورجل تولى غير أهل نعمته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله وبرسله ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وفي الآخر: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين.
وقال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 395] ، ومالك هذا هو ابن أبي الرجال أخو حارثة. ومحمد قال أبو حاتم: هو أحسن حالاً من أخويه ا. هـ.
وأما مرسل عطاء: أخرجه أبو عبيد في "الأموال" ص [290] ، رقم [290] ، رقم [803] ، ثنا ابن أبي زائدة عن معقل بن عبد الله الجوزي عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المسلمون أخوة يتكافؤون دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم ومشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم".
1 أخرجه الترمذي [4/ 142] ، كتاب السير: باب أمان العبد والمرأة، حديث [1579] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم، أجازوا أمان المرأة وهو قول أحمد وإسحاق أجاز أمان المرأة والعبد.
وقد روي من غير وجه وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب ويقال له أيضاً مولى أم هانئ أيضاً واسمه يزيد.
وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه أجاز أمان العبد. وقد روي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم".
قال الترمذي: ومعنى هذا عند أهل العلم أن من أعطى الأمان من المسلمين فهذا
2 أخرجه مالك [1/ 152] ، كتاب قصر الصلاة في السفر: باب صلاة الضحى، حديث [28] ، وأحمد [6/ 343] ، والبخاري [1/ 469] ، كتاب الصلاة: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به، حديث [357] ، ومسلم [1/ 498] ، كتاب الصلاة: باب استحباب صلاة الضحى، حديث [82/ 719] ، وأبو عوانة [1/ 282- 283] ، وأبو داود [2/ 93] ، كتاب الجهاد: باب في أمان المرأة، حديث [2763] ، والنسائي [1/ 126] ، كتاب الطهارة: باب ذكر الاستتار عند الاغتسال، والترمذي [5/ 73- 74] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في مرحبا، حديث [2734] ، وابن ماجة [1/ 439] ، كتاب الصلاة: باب ما جاء في صلاة الضحى، حديث [1379] ، والدارمي [2/ 234- 235] ، وعبد الرزاق [9439] ، وابن الجارود رقم [1055] ، والحميدي [1/ 158- 159] ، رقم [331] ، وابن حبان [2428- الإحسان] ، والدولابي في "الكنى والأسماء" [2/ 82] ، والحاكم [3/ 277] ، والبيهقي [9/ 95] ، وفي "دلائل النبوة" [5/ 80- 81] ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" [2/ 110] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" =(4/307)
إذْ لَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا مَا اُحْتِيجَ إلَى هَذَا.
تَنْبِيهٌ: الرَّجُلَانِ هُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ؛ كَذَا سَاقَهُ الْحَاكِمُ فِي "تَرْجَمَةِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ" بِسَنَدٍ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ؛ وَكَذَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذئب، عن المقري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: وَكَانَ الَّذِي أَجَارَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْحَارِثَ بْنَ هشام.
وهو في "الموطأ" والصحيحي، وَفِيهِ: "قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْته فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ".
وَاسْمُ أُمِّ هَانِئٍ فَاخِتَةُ؛ كَذَا فِي الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: مَرْحَبًا بِفَاخِتَةَ أُمِّ هَانِئٍ1، وَادَّعَى الْحَاكِمُ تَوَاتُرَهُ2.
وَقِيلَ: اسْمُهَا هِنْدُ؛ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.
وَقِيلَ: فَاطِمَةُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.
وَقِيلَ: عَاتِكَةُ؛ حَكَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو مُوسَى.
وَقِيلَ: جُمَانَةُ؛ حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ.
وَقِيلَ: رَمْلَةُ، حَكَاهُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ.
وَقِيلَ: إنَّ جُمَانَةَ أُخْتُهَا؛ وَقِيلَ: ابْنَتُهَا.
1904- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ" 3، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَصَحَّحَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ إرْسَالَهُ إلَى قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ
__________
= [3/ 223- 224] ، والطبراني في "الصغير" [2/ 67] ، والبغوي في "شرح السنة" [2/ 17- بتحقيقنا] ، من طرق مطولاً ومختصراً عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: ذهبت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، قالت: فسلمت عليه فقال: "مرحباً بأم هانئ"، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفاً في ثوب واحد فلما انصرف قلت: يارسول الله زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان بن هبيرة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ". قالت أم هانئ: وذلك ضحى.
1 أخرجه الطبراني [24/ 416] ، برقم [1013] .
2 الحاكم [4/ 52] .
3 أخرجه أبو داود [2/ 52] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم [2645] ، والترمذي [4/ 155] كتاب السير: باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين برقم [1604] ، وابن عبد البر في "التمهيد" [8/ 360] ، والطبراني في "الكبير" [2/ 303- 304] ، برقم [2265] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 256] ، كتاب الجهاد: باب النهي عن مساكنة الكفار وعزاه إلى الطبراني.(4/308)
الْمُصَنِّفِ مَوْصُولًا.
1905- حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كأني بـ"الحيرة" قَدْ فُتِحَتْ"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي مِنْهَا جَارِيَةً، فَقَالَ: "قَدْ فَعَلْت"، فَلَمَّا فُتِحَتْ الْحِيرَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيَ الْجَارِيَةَ الرَّجُلُ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بَعْضُ أَقَارِبِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ"، ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ مُطَوَّلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ1، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، تَفَرَّدَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا، وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ "الدَّلَائِلِ" مِنْ حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسٍ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي طَلَبَ الْمَرْأَةَ، واسمها: الشيما بِنْتُ بُقَيْلَةَ3، وَهُوَ فِي مُعْجَمِ ابْنِ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مُطَوَّلًا4.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَمَّنَ الزُّبَيْرَ بْنَ بَاطَا يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَتَلَهُ"، رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فِي الْمَغَازِي لِعُرْوَةِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مِنْ طَرِيقِهِ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
حَدِيثُ: "أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ: قَتْلُ مُقَاتِلِهِمْ، وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ، وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ"، كَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.
قَوْلُهُ: "فيه: شبعة أرقفة"، بِالْقَافِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَنْ قَالَهُ بِالْفَاءِ غَلِطَ.
1906- حَدِيثُ بُرَيْدَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "وَإِنْ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوك أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِك؛ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا"، مُسْلِمٌ بِهَذَا وَأَتَمِّ مِنْهُ5.
1907- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ لَمَّا حَكَمَ بِقَتْلِ الرِّجَالِ، اسْتَوْهَبَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ: الزُّبَيْرَ بْنَ بَاطَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَهَبَهُ لَهُ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
__________
1 أخرجه ابن حبان [15/ 95] ، كتاب التاريخ: باب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، حديث [6674] ، والطبراني [17/ 81] ، برقم [183] ، والبيهقي [9/ 136] ، كتاب السير: باب السواد.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 215] : رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح".
2 قال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 397] : باطل.
3 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" [6/ 326] .
4 أخرجه الطبراني [4/ 213- 214] ، برقم [394] .
5 تقدم تخريجه في هذا اكتاب.(4/309)
مُرْسَلًا مُطَوَّلًا، وَفِيهِ: "أَنَّ الزُّبَيْرَ قَتَلَهُ"، وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ إِسْحَاقَ1، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي، وَقَدْ أَعَادَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مُخْتَصَرًا؛ كَمَا سَبَقَ.
حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا أَسَرَتْهُ الصَّحَابَةُ، فَنَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَمُرُّ بِهِ: إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَسْلَمْت وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْت كُلَّ الْفَلَاحِ، ثُمَّ فَدَاهُ بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ"، مُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرَحِ الْمَدِينَةِ، وَذَهَبُوا بِالْعَضْبَاءِ، وَأَسَرُوا امْرَأَةً ... "، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: "لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ"، مُسْلِمٌ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.
1908- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ"، ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَفِيهِ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ؛ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مَتْرُوكٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ": لَا أَصْلَ لَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةَ: أَنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَرُّوا عَنْ أَرْضِهِمْ، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، فَأَخَذْتهَا، فَأَسْلَمُوا، فَخَاصَمُونِي فِيهَا، فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: "إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ" 3.
حَدِيثُ: "أَنَّ الْهُرْمُزَانَ لَمَّا حَمَلَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إلَى عُمَرَ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّمْ، لَا بَأْسَ عَلَيْك، ثُمَّ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَالَ أَنَسٌ: لَيْسَ لَك إلَى قَتْلِهِ سَبِيلٌ، قُلْتُ لَهُ: تَكَلَّمْ، لَا بَأْسَ"، الشَّافِعِيُّ: أَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "حَاصَرْنَا تُسْتَرَ فَنَزَلَ الْهُرْمُزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ، فَقَدِمْتُ بِهِ عَلَى عُمَرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إلَيْهِ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّمْ، قَالَ: كَلَامُ حَيٍّ أَوْ كَلَامُ مَيِّتٍ، قَالَ: تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ ... "، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ4، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَيْنَاهُ فِي نُسْخَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ بِطُولِهِ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا.
1909- قَوْلُهُ: "يُرْوَى فِي الْخَبَرِ: الدُّعَاءُ وَالْبَلَاءُ يَعْتَلِجَانِ"، أَيْ: يَتَدَافَعَانِ"، الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ: "لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدْرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ، أَحْسَبُهُ قَالَ:
__________
1 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 261- 262] ، عن ابن إسحاق.
2 تقدم تخريجه قريباً.
3 أخرخه أحمد [4/ 310] .
4 أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 120] ، في كتاب الجهاد، برقم [403] ، ومن طريقه البيقهي [9/ 96] ، كتاب السير: باب كيف الأمان.
وأخرجه ابن أبي شيبة [6/ 511] ، كتاب الجهاد: باب في الأمان ما هو؟ وكيف هو؟، حديث [33402] ، من طريق حميد بن أنس. وعلقه البخاري [6/ 411] ، كتاب الجزية والموادعة: باب إذا قالوا: لو صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا. ووصله عبد الرزاق كما قال ابن حجر في "الفتح".(4/310)
مَا لَمْ يَنْزِلْ الْقَدْرُ، وَإِنَّ الدُّعَاءَ لِيَلْقَى الْبَلَاءَ فَيَتَعَالَجَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وَفِي إسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ1، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ2.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَلْمَانَ: "لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إلَّا الْبِرُّ" 3، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ ثَوْبَانَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: "إنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ" 4.
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ لِسَانٍ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَعْجَمِيًّا فقال: مترس فقد آمنه"، لَمْ أَرَهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عُمَرَ؛ كَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: "جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لَا تَخَفْ فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ: مَتْرَسْ فَقَدْ آمَنَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ"5، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" بَلَاغًا عَنْ عُمَرَ6، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَيْضًا، قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مَرْزُوقُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي أَبُو فَرْقَدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ يَوْمَ فَتَحْنَا سُوقَ الْأَهْوَازِ، فَسَعَى رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَسَعَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَلْفَهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَهُ: مَتْرَسْ، فَقَامَ الرَّجُلُ، فَأَخَذَاهُ، فَجَاءَا بِهِ أَبَا مُوسَى وَهُوَ يَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْأُسَارَى، فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا أَبَا مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَمَا مَتْرَسْ؟ قَالَ: لَا تَخَافُ، قَالَ: هَذَا أَمَانٌ خَلَّيَا سَبِيلَهُ، فَخُلِّيَ7.
تَنْبِيهٌ: مَتْرَسْ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَسُكُونِ الرَّاءِ.
__________
1 أخرجه البزار [2165] ، والحاكم [1/ 492] ، وصححه وتعقبه الذهبي بأن فيه زكريا مجمع على ضعفه.
2 أخرجه البزار برقم [2164، 3136] .
3 أخرجه الترمذي [4/ 448] ، كتاب القدر: باب ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء، حديث [2139] .
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي أسيد وهذا حديث حسن غريب من حديث سلمان لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن الضريس، وأبو مودود اثنان: أحدهما يقال له: فضة وهو الذي روى هذا الحديث اسمه قضة بصري.
والآخر عبد العزيز بن أبي سليمان أحدهما بصري والآخر مدني وكانا في عصر واحد ا. هـ.
4 أخرجه أحمد [5/ 277، 280، 282] ، وابن ماجة [1/ 35] ، في المقدمة، باب في القدر، حديث [90] ، وابن حبان [3/ 153] ، كتاب الرقاق: باب الأدعية، حديث [872] .
5 تقدم تخريجه قريباً.
6 أخرجه مالك [2/ 448- 449] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الوفاء بالأيمان، حديث [12] .
7 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 511] ، كتاب الجهاد: باب في الأمان ما هو وكيف هو؟ حديث [33401] .(4/311)
1910- حَدِيثُ فُضَيْلٍ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: "جَهَّزَ عُمَرُ جَيْشًا كُنْت فِيهِمْ، فَحَصَرْنَا قَرْيَةَ رَامَهُرْمُزَ، فَكَتَبَ عَبْدٌ أَمَانًا فِي صَحِيفَةٍ شَدَّهَا مَعَ سَهْمٍ رَمَى بِهِ إلَى الْيَهُودِ، فَخَرَجُوا بِأَمَانِهِ، فَكُتِبَ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ"، الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَى فُضَيْلٍ، قَالَ: "كُنَّا نِصَافَ الْعَدُوِّ، قَالَ: فَكَتَبَ عَبْدٌ فِي سَهْمٍ لَهُ أَمَانًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ"1، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ بِلَفْظِ: "أَمَانُ الْعَبْدِ جَائِزٌ".
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ إلَى مُشْرِكٍ، فَنَزَلَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَتَلَهُ، لَقَتَلْته"، سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "وَاَللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ إلَى السَّمَاءِ إلَى مُشْرِكٍ، فَنَزَلَ إلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَتَلَهُ، لَقَتَلْته بِهِ"2.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قال: قَالَ عُمَرُ: أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَشَارَ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْعَدُوِّ، إنْ نَزَلْت مَا قَتَلْتُك، فَنَزَلَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ أَمَانٌ، فَقَدْ أَمَّنَهُ3.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ حَاصَرَ مَدِينَةَ السُّوسِ، وَصَالَحَهُ دِهْقَانُهَا عَلَى أَنْ يُؤَمِّنَ مِائَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَخْدَعَهُ اللَّهُ عَنْ نفسه، قال: اعتزلهم، فَلَمَّا عَزَلَهُمْ، قَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَفَرَغْت؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَّنَهُمْ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الدِّهْقَانِ فَقَالَ: أَتَغْدِرُنِي وَقَدْ أَمَّنْتَنِي؟ فَقَالَ: أَمَّنْتُ الْعَدَدَ الَّذِي سَمَّيْت، وَلَمْ تُسَمِّ نَفْسَك"، رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلَاذِرِيُّ فِي كِتَابِهِ "الْفُتُوحِ وَالْمَغَازِي" بِإِسْنَادِهِ.
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 94] ، كتاب السير: باب أمان العبد.
2 أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" [2/ 270] ، برقم [2597] .
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 511] ، كتاب الجهاد: باب في الأمان ما هو وكيف هو؟ حديث [33404] .(4/312)
كِتَابُ الجزية
مدخل
...
72- كتاب الجزية4
حديث بريدة: كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سرية أوصاه، وقال: إذَا
__________
قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} [البقرة: 48] أي لا تقضي.
والأصل فيها قبل الإجماع آية: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] وقد أخذها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مجوس هجر. وقال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" كما رواه البخاري، ومن أهل نجران كما رواه أبو داود، والمغني في ذلك أن في أخذها معونة لنا وإهانة لهم، وربما يحملهم ذلك على الإسلام. وفسر إعطاء الجزية في الآية بالتزامها والصغار بالتزام أحكامنا. =(4/312)
لَقِيت عَدُوَّك فَادْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، مُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1911- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: "إنَّك سَتَرِدُ عَلَى قَوْمٍ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، فَاعْرِضْ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ امْتَنَعُوا فَاعْرِضْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ، وَخُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، فَإِنْ امْتَنَعُوا فَقَاتِلْهُمْ"، وَسَبَقَ إلَى إيرَادِهِ هَكَذَا الْغَزَالِيُّ فِي "الْوَسِيطِ"، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُلَفَّقٌ مِنْ حَدِيثَيْنِ:
الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَوَّلِهِ إلَى قَوْلِهِ: "فَادْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ" 1، وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ هُنَا.
وَأَمَّا الْجِزْيَةُ فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ، أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مِنْ الْمَعَافِرِ، ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ2، وَقَالَ أَبُو
__________
= ينظر: "الصحاح" [6/ 2303] ، و"المغرب" [1/ 143] ، و"القاموس المحيط" [4/ 314] ، و"المصباح المنير" [1/ 158] ، و"الطلبة" ص [87] ، و"شرح الحدود" ص [145] ، و"المطلع" ص [218] .
1 أخرجه البخاري [3/ 261] ، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، حديث [1395] ، ومسلم [1/ 50] ، كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، وشرائع الإسلام، حديث [29] 19، وأبو داود [2/ 242، 243] ، كتاب الزكاة: باب في زكاة السائمة، حديث [1584] ، والترمذي [2/ 69] ، كتاب الزكاة: باب ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة، حديث [621] ، والنسائي [2/ 5] ، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، وابن ماجة [1/ 568] ، كتاب الزكاة: باب فرض الزكاة، حديث [1873] ، وأحمد [1/ 233] ، من حديث ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذالك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
وقد تقدم تخريجه في الزكاة.
2 أخرجه يحيى بن آدم القرشي في كتاب الخراج [68] ، وأبو عبيد في الأموال ص [34- 35] ، حديث [64] ، وعبد الرزاق [4/ 21- 22] ، كتاب الزكاة: باب البقر، حديث [6841] ، وابن أبي شيبة [3/ 126- 127] ، كتاب الزكاة: باب في صدقة البقر ما هي؟، وابو داود الطيالسي [1/ 240] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الجزية، حديث [3077] ، وأحمد [5/ 230] ، وأبو داود [2/ 234- 235- 236] ، كتاب الزكاة: باب في الزكاة السائمة، حديث [1576- 1577- 1578] ، والترمذي [2/ 68] ، كتاب الزكاة: باب ما جاء في زكاة البقر، حديث [619] ، والنسائي [5/ 26] ، كتاب الزكاة: باب زكاة البقر، وابن ماجة [1/ 576] ، كتاب الزكاة: باب صدقة البقر [1803] ، وابن الجارود ص [372] ، باب الجزية، حديث [1104] ، =(4/313)
دَاوُد: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، فَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا"، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ، وَأَنَّ مَسْرُوقًا لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا"، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ مُرْسَلًا، وَأَنَّهُ أَصَحُّ.
1912- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ، فَأَخَذُوهُ فَأَتَوْا بِهِ، فَحَقَنَ دَمَهُ، وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ"، أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى أُكَيْدِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ كَانَ مَلِكًا عَلَى دَوْمَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا ... "، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ كَمَا سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ مُخْتَصَرًا2.
تَنْبِيهٌ: إنْ ثَبَتَ أَنَّ أُكَيْدِرَ كَانَ كِنْدِيًّا فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَجَمِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ أُكَيْدِرَ عَرَبِيٌّ كَمَا سَبَقَ.
1913- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ"، وَقِيلَ: إنَّ هَذَا جَرَى فِي الْمُهَادَنَةِ حِينَ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ، لَا فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ.
قُلْت: الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ3، وَفِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ
__________
= والدارقطني [2/ 102] ، كتاب الزكاة: باب ليس في الخضروات صدقة، حديث [29] ، والحاكم [1/ 398] ، كتاب الزكاة: باب زكاة البقر، والبيهقي [4/ 98] ، كتاب الزكاة: باب كيف فرض صدقة البقر و [9/ 193] : كتاب الجزية: باب كم الجزية، وابن خزيمة [4/ 19] ، رقم [2268] ، وابن حبان [794- موارد] ، من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن وأمرت أنه آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين حسنة، ومن كل حالم ديناراً، أو عدله ثوب معافر.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ولذلك صححه ابن حبان وشيخه ابن خزيمة فأخرجه في "الصحيح".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن قال رواه بعضهم عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معاذاً إلى اليمن وهذا أصح، وقال البيهقي [9/ 193] ، كتاب الجزية: باب كم الجزية؟ قال أبو داود في بعض نسخ السنن هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد انه كان ينكر هذا الحديث.
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 187] .
2 أخرجه أبو داود [3/ 166- 167] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في أخذ الجزية، حديث [3037] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 187] .
3 أخرجه البخاري [5/ 26] ، كتاب الحرث والمزارعة: باب إذا قال رب الأرض: أقرك الله، حديث [2338] ، وفي [5/ 385] ، كتاب الشروط: باب إذا شئت أخرجتك، حديث [2730] .(4/314)
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ1.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لِمَنْ يُؤَمِّرُهُ: "إذَا لَقِيت عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ ... " الْحَدِيثَ: مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ قاله لِمُعَاذٍ: "خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا"، تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: "وَكَتَبَ عُمَرُ إلَى أمرأء الأجناد: أن لا يَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلى أمراء الأجناد أن لا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى، فَكَانَ لَا يَضْرِبُ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"2.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَفْظِ: "وَلَا تَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"، وَكَانَ عُمَرُ يَخْتِمُ أَهْلَ الْجِزْيَةِ فِي أَعْنَاقِهِمْ"3.
حَدِيثُ: "لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ"، رُوِيَ مَرْفُوعًا، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ، لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، بَلْ الْمَرْوِيُّ عَنْهُمَا خِلَافُهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْأَمْوَالِ" عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: "كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: "أَنَّهُ مَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَنُ عَنْهَا، وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، عَلَى كُلِّ حَالِمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ -دِينَارٌ وَافٍ أَوْ قِيمَتُهُ" 4-، وَرَوَاهُ ابْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي "الْأَمْوَالِ" عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ، وَهَذَانِ مُرْسَلَانِ يُقَوِّي أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 703] ، في المساقاة: باب ما جاء في المساقاة [1] عن سعيد بن المسيب مرسلاً.
وقال ابن عبد البر: أرسله جميع وراة الموطأ، وأكثر أصحاب ابن شهاب.
وأخرجه [2] عن سليمان بن يسار مرسلاً.
ولكن الحديث موصول من حديث ابن عباس، وجابر وعائشة وابن عمر.
فأما حديث ابن عباس فرواه أبو داود [2/ 283- 284] ، في البيوع: باب في المساقاة [3410- 3411] ، وابن ماجة [1/ 582] ، في الزكاة: باب خرص النخل والعنب [1820] ، من طريق ميمون بن سهران عن مقسم عن ابن عباس.
فأما حديث جابر فرواه أبو داود [3414] ، وأحمد [3/ 67] ، من طريق إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر.
فأما حديث عائشة فرواه أبو داود [3413] ، وأحمد [6/ 163] ، عن ابن جريج قال: أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عنها.
2 أخرجه البيهقي [9/ 195] ، كتاب الجزية: باب الزيادة على الدينار بالصلح، من طريق نافع عن أسلم مولى عمر أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... فذكره.
3 أخرجه البيهقي [9/ 195] ، كتاب الجزية: باب الزيادة على الدينار بالصلح.
4 أخرج أبو عبيد في كتاب الأموال: ص [31] ، برقم [66] .(4/315)
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْأَمْوَالِ" أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَقِيقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: "لَا تَشْتَرُوا رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ خَرَاجٍ يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ"1.
1914- حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ، حَتَّى شَهِدَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ"، الْبُخَارِيُّ أَتَمُّ مِنْ هَذَا مِنْ طَرِيقِ بَجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، فَذَكَرَهُ2، وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي بَجَالَةَ، فَقَالَ فِي الْحُدُودِ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ فِي الْجِزْيَةِ: حَدِيثُهُ ثَابِتٌ.
1915- حَدِيثُ: "لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا3، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَفَحَصَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُ الثَّلْجُ وَالْيَقِينُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ، قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ أَجْلَى عُمَرُ يَهُودَ نَجْرَانَ، وَفَدَكَ.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: "بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ" 4، وَوَصَلَهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا، وَزَادَ: "فَقَالَ عُمَرُ لِلْيَهُودِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَلْيَأْتِ بِهِ، وَإِلَّا فَإِنِّي مُجْلِيكُمْ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مَوْصُولًا عَنْ عَائِشَةَ؛ فَلَفْظُهُ عَنْهَا قَالَتْ: "آخِرُ مَا عَهِدَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ"، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ5.
__________
1 أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال: ص [79] ، برقم [194] .
2 أخرجه البخاري [6/ 390] ، كتاب الجزية والموادعة: باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب ... " حديث [3156، 3157] .
3 أخرجه مالك [2/ 892- 893] ، كتاب الجامع: باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة، برقم [48] .
4 أخرجه مالك [2/ 892] ، كتاب الجامع: باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة، حديث [17] ، وأصله في "الصحيحين" دون الأمر بإجلاء اليهود.
أخرجه البخاري [437] ، ومسلم [530] .
5 أخرجه أحمد [6/ 275] .(4/316)
1916- حَدِيثُ: "لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لِأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ"، أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ1، وَفِي آخِرِهِ: "حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إلَّا مُسْلِمًا"، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ دُونَ قَوْلِهِ: "لَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ"، وَقَدْ أَعَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ مَعْزُوًّا إلَى رِوَايَةِ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ، دُونَ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِهِ، وَبِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِي آخِرِهِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2.
قَوْلُهُ: "سُئِلَ ابْنُ سُرَيْجٍ عَمَّا يَدَّعُونَهُ –يَعْنِي: يَهُودَ خَيْبَرَ- أَنَّ عَلِيًّا كَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بِإِسْقَاطِهَا، فَقَالَ: لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، هُوَ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إنَّهُمْ أَخْرَجُوا الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَصَنَّفَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيٌّ وَزِيرُ الْقَائِمِ فِي إبْطَالِهِ جُزْءًا، وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ: أَبُو الطَّيِّبُ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو نصر بن الصباع، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَيْضَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: "تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَاهُمْ، وَجَعَلَهُمْ بِذَلِكَ حَوْلًا؛ وَلِأَنَّهُ قَالَ: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ، فَأَمَّنَهُمْ بِذَلِكَ"، انْتَهَى، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ عَجِيبِ الْبَحْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي "الْحَاوِي"، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ذَلِكَ.
1917- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى فَقَالَ: "أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: "اشْتَدَّ الْوَجَعُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: "أَخْرَجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ... "، الْحَدِيثَ3.
1918- حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: "آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ، وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ" 4، أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: "أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ"، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ مُسَدَّدٍ، وَفِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ أَيْضًا.
__________
1 أخرجه أحمد [1/ 32] ، والبيهقي [9/ 207] ، كتاب الجزية: باب لا يسكن أرض الحجاز مشرك.
2 أخرجه مسلم [6/ 335- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حديث [63/ 1767] .
3 أخرجه البخاري [6/ 283] ، كتاب الجهاد: باب هل يستشفع إلى أهل الذمة؟ ومعاملتهم، حديث [3053] ، ومسلم [6/ 99- 100- نووي] ، كتاب الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء، حديث [2/ 1637] .
4 أخرجه أحمد [1/ 195] ، وابو يعلى [2/ 177] ، برقم [872] ، والبيقهي [9/ 208] ، كتاب الجزية: باب لا يسكن أرض الحجاز مشرك، والحميدي [1/ 46] ، برقم [85] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 328] ، رواه أحمد بإسنادين ورجال طريق منهما ثقات متصل إسنادهما ورواه أبو يعلى [2/ 177] ، رقم [872] .(4/317)
1919- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ على أن لا يَأْكُلُوا الرِّبَا فَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَأَكَلُوهُ"، أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فِي صَفَرٍ، وَالنِّصْفُ فِي رَجَبٍ، يُؤَدُّونَهَا إلَى الْمُسْلِمِينَ ... " الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: "مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا، أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا"1، قَالَ إسْمَاعِيلُ وَهُوَ السدي راويه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَقَدْ أَكَلُوا الرِّبَا، انْتَهَى، وَفِي سَمَاعِ السُّدِّيُّ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَظَرٌ، لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ، قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عَفَّانُ، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، نَا مُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ: "كَتَبَ رَسُولُ الله إلى أهل نَجْرَانَ وَهُمْ نَصَارَى: إنَّ مَنْ بَايَعَ مِنْكُمْ بِالرِّبَا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ"، وَقَالَ أَيْضًا: نَا وَكِيعٌ، نَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ نَجْرَانَ قَدْ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا2، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَخَافُهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَتَحَاسَدُوا بَيْنَهُمْ، فَأَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: أَجْلِنَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ كَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا أَنْ لَا يُجْلَوْا، فَاغْتَنَمَهَا عُمَرُ فَأَجْلَاهُمْ، فَنَدِمُوا فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: أَقِلْنَا، فَأَبَى أَنْ يُقِيلَهُمْ، فَلَمَّا قَامَ عَلِيٌّ أَتَوْهُ فَقَالُوا: إنَّا نَسْأَلُك بِحَظِّ يَمِينِك، وَشَفَاعَتِك عِنْدَ نَبِيِّك، إلَّا أَقَلْتنَا، فَأَبَى، وَقَالَ: إنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ3.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ نَفَرٍ" لَمْ أَجِدْهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يَذْكُرُ أَنَّ قِيمَةَ مَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلِ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ، وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ"5، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ بِهِ مُرْسَلًا، وَزَادَ: "وَأَلَّا يغشوا مسلما"، قال و: انا إبْرَاهِيمُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ.
قَوْلُهُ: "إنَّ الصَّحَابَةَ أَخَذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ"، الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ فَذَكَرَهُ.
1920- قَوْلُهُ: "يُرْوَى فِي الْخَبَرِ: أَنَّ الضِّيَافَةَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: "فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ"6، وَفِي الْبَابِ عَنْ:
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 167] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في أخذ الجزية، حديث [3041] .
2 أخرجه ابن أبي شيبة [14/ 550] ، [17761] .
3 أخرجه ابن أبي شيبة [14/ 550] ، برقم [18863] .
4 "السنن الكبرى" للبيهقي [9/ 195] ، كتاب الجزية: باب كم الجزية؟.
5 أخرجه البيهقي [9/ 159] ، كتاب الجزية: باب كم الجزية؟.
6 أخرجه البخاري [10/ 460] ، كتاب الأدب: باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره رقم [6019] ، والحديث [6019] ، طرفاه [6135- 6476] ، ومسلم [3/ 1353] ، كتاب =(4/318)
جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَغَيْرِهِمْ.
1921- حَدِيثُ: "الْإِسْلَامُ يَعْلُوَ، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِذٍ الْمُزَنِيِّ1، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ" مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مُطَوَّلًا فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ وَالضَّبِّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا.
1922- حَدِيثُ: "لا تبدؤا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ ... "، الْحَدِيثَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2.
1923- حَدِيثُ: "إذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ"، مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "إذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ، فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ" 3.
1924- حَدِيثُ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ خَلَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، فَهِيَ مَلْعُونَةٌ" 4،
__________
= اللقطة: باب الضيافة ونحوها، رقم [14/ 48] ، [15/ 48] ، والترمذي [4/ 345] ، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في الضيافة كم هو؟، وابن ماجة [2/ 1212] ، كتاب الأدب: باب حق الضيف، برقم [3675] ، ورقم [1967] ، والدارمي [2/ 98] ، كتاب الأطعمة: باب الضيافة، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 104] ، كتاب الأطعمة: باب إكرام الضيف برقم [2896] .
1 أخرجه البخاري [3/ 258] ، كتاب الجنائز: باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه [معلق] ، والبيهقي [6/ 205] ، كتاب اللقطة: باب ذكر بعض من صار مسلماً بإسلام أبويه أو أحدهما، والدارقطني [3/ 253] ، باب المهر [30] .
2 أخرجه مسلم [4/ 1707] ، كتاب السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم برقم [6/ 2163] ، وأبو داود [2/ 773] ، كتاب الأدب: باب في السلام على أهل الذمة: برقم [5205] ، والترمذي [4/ 154] ، كتاب السير: باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب، برقم [1602] ، وأحمد [2/ 266- 346- 459] ، وعبد الرزاق [10/ 391] ، كتاب الجامع: باب السلام على أهل الشرك والدعاء لهم، برقم [19457] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 341] ، كتاب الكراهية: باب السلام على أهل الكفر، والروايات مطولة ومختصرة.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3 أخرجه مسلم [4/ 1707] ، كتاب السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم، وأحمد [2/ 525] ، والبيهقي [9/ 203] ، كتاب الجزية: باب لا يأخذون على المسلمين سردات الطرق ولا المجالس في الأسواق، والبخاري في الأدب المفرد [321] ، باب: لا يبدأ أهل الذمة بالسلام، برقم [1110] ، وعبد الرزاق في "المصنف" [6/ 10] ، كتاب أهل الكتاب: باب رد السلام على أهل الكتاب، رقم [9837] ، وبلفظ: لا تبلغوهم السلام وإذا لقيتموهم في الطرق فاضطروهم إلى أضيقه، وأخرجه أبو داود [2/ 773] ، كتاب الأدب: باب في السلام على أهل الذمة، برقم [5205] .
4 أخرجه أبو داود [4/ 39] ، كتاب الحمام، برقم [4010] ، والترمذي [5/ 114] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في دخول الحمام، حديث [2703] ، وابن ماجة [2/ 1234] ، كتاب الأدب: باب =(4/319)
الدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ ابْنَ خَطَلَ وَالْقَيْنَتَيْنِ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ"، تَقَدَّمَ.
1925- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا انْطَلَقَ إلَى طَائِفَةٍ مِنْ الْعَرَبِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ، فَأَكْرَمُوهُ، ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ"، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: "هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ كَافِرًا"، الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمِهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حِبَّانَ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطَبَ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يُزَوِّجُوهُ، فَأَتَاهُمْ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسَانِي هَذِهِ الْحُلَّةَ، وَأَمَرَنِي أَنَّ أَحْكُمَ فِي أَمْوَالِكُمْ وَدِمَائِكُمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَنَزَلَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُهَا فَأَرْسَلَ الْقَوْمُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلًا فَقَالَ: إنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا -وَمَا أَرَاك تَجِدُهُ حَيًّا- فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَإِنْ وَجَدْته مَيِّتًا فَأَحْرِقْهُ بِالنَّارِ قَالَ: فَجَاءَهُ فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ، فَحَرَقَهُ بِالنَّارِ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ"، وَصَالِحُ بْنُ حِبَّانَ ضَعَّفُوهُ، وَأَمَّا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، فَقَدْ رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، عَنْ زكريا بن علي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَرَوَى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ قِطْعَةً مِنْهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الحنيفة، عَنْ صِهْرٍ لَهُمْ مِنْ أَسْلَمَ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ قصة، رواه أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وَقِيلَ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَادَّعَى الذَّهَبِيُّ فِي "الْمِيزَانِ" أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ طَرِيقَ أَحْمَدَ مَا بِهَا بَأْسٌ، وَشَاهِدُهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ، فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ أَجْلَى الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ، ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ تَاجِرًا أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثًا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ بِهِ، وَقَدْ مَضَى فِي "صَلَاةِ الْمُسَافِرِ".
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَالَ: "دِينَارُ الْجِزْيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا"، الْبَيْهَقِيُّ بِهِ؛ قَالَ: وَيُرْوَى عَنْهُ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ، "عَشَرَةُ دَرَاهِمَ"، قَالَ: وَوَجْهُهُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ السِّعْرِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ ضَرَبَ فِي الْجِزْيَةِ عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وعلى الفقير المتكسب اثْنَيْ عَشَرَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُرْسَلَةٍ1.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةً
__________
= دخول الحمام، حديث [3750] ، والدارمي [2/ 281] ، كتاب الاستئذان: باب في النهي عن دخول المرأة الحمام، والحاكم [288- 289] ، قال الترمذي: حسن.
1 أخرجه البيهقي [9/ 196] ، كتاب الجزية: باب الزيادة على الدينار بالصلح.(4/320)
وَأَرْبَعِينَ"، الْبَيْهَقِيُّ بِهِ1.
حَدِيثُ: "يُرْوَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: إنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا مَرُّوا بِنَا كَلَّفُونَا ذَبَائِحَ الْغَنَمِ وَالدَّجَاجِ، فَقَالَ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَلَا تَزِيدُوهُمْ عَلَيْهِ"، لَمْ أَجِدْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ صَعْصَعَةَ بْنِ يَزِيدَ، أَوْ يَزِيدَ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ طَلَبَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ: تَنُوخُ، وَبَهَرَا، وَبَنُو تَغْلِبَ، فَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ، لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي الْعَجَمُ، فَخُذْ مِنَّا مَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ –يَعْنُونَ: الزَّكَاةَ- فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا فَرْضُ اللَّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: زِدْنَا مَا شِئْت بِهَذَا الِاسْمِ، لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، فَرَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُضَعِّفَ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةَ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ حَمْقَى؛ رَضُوا بِالِاسْمِ وَأَبَوْا الْمَعْنَى"، الشَّافِعِيُّ قَالَ: ذَكَرَ حَفَظَةُ الْمَغَازِي وَسَاقُوا أَحْسَنَ سِيَاقَهُ؛ أَنَّ عُمَرَ طَلَبَ، فَذَكَرَهُ إلَى قَوْلِهِ: "عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ"، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: "هَؤُلَاءِ حَمْقَى إلَى آخِرِهِ"2.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ السَّفَّاحِ بْنِ مَطَرٍ، عَنْ دَاوُد بْنَ كُرْدُوسٍ، عَنْ عُمَرَ؛ "أَنَّهُ صَالَحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ يُضَعَّفَ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ مَرَّتَيْنِ، وَعَلَى أَلَّا يَنْصُرُوا صَغِيرًا، وَعَلَى أَلَّا يُكْرَهُوا عَلَى دِينِ غَيْرِهِمْ"، قَالَ دَاوُد بْنُ كُرْدُوسٍ: "فَلَيْسَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ قَدْ نَصَرُوا"، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ نَحْوَهُ، وَأَتَمَّ مِنْهُ3.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ أَذِنَ لِلْحَرْبِيِّ فِي دُخُولِ دَارٍ الْإِسْلَامِ، بِشَرْطِ أَخْذِ عُشْرِ مَا مَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ"، الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقُلْت: لَا أَعْمَلُ لَك حَتَّى تَكْتُبَ لِي عَهْدَ عُمَرَ الَّذِي عَهِدَ إلَيْك، فكتب لي أن تأخذ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهَا لِلتِّجَارَةِ
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 196] ، كتاب الجزية: باب الزيادة على الدينار بالصلح، لكنه قال: على أهل الورق أربعين درهماً وليس ثمانية وأربعين أخرجه أيضاً ابن أبي شيبة [6/ 429] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في وضع الجزية والقتال عليها، حديث [32643] ، بلفظ المصنف.
2 أورده الشافعي في "الأم" [4/ 402] ، كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي: باب الصدقة.
3 أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال: ص [481] ، برقم [1694] ، بنحوه من طريق أبي معاوية عن الشيباني عن السفاح عن داود بن كردوس ... وبنحو حديث أبي عبيد أخرجه البيهقي [9/ 316] ، كتاب الجزية: باب نصارى الغرب تضعف عليهم الصدقة، من طريق أبي معاوية بإسناد أبي عبيد.(4/321)
نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ1".
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نَا أَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الْعُشُورِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ، وَمِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ الْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: "وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ شَرَطَ فِي الْمِيرَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَشَرَطَ الْعُشْرَ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ، قَصَدَ بِذَلِكَ تَكْثِيرَ الْمِيرَةِ"، مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ كَانَ عُمَرُ يَأْخُذُ مِنْ الْقِبْطِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يكثر الحمل إلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ2.
قَوْلُهُ: "الْعُشْرُ لَمْ يُرْوَ فِيهِ حَدِيثٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضِّيَافَةِ، وَإِنَّمَا الْعُشْرُ عَنْ عُمَرَ".
أَمَّا الضِّيَافَةُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا؛ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ عَلَى الْعُشْرِ.
حَدِيثُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا يُمَكَّنُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ إحْدَاثِ بَيْعَةٍ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا كَنِيسَةٍ، وَلَا صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ".
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: "كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ أَنْ أَدِّبُوا الخيل، ولا ترفعهن بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ الصَّلِيبَ، وَلَا يُجَاوِرَنَّكُمْ الْخَنَازِيرُ"3 الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ عُمَرَ4، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ الْحَرَّانِيُّ فِي "تَارِيخِ الرَّقَّةِ" مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "لَا يُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا" 5.
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 210] ، كتاب الجزية: باب ما يؤخذ من الذمي إذا تجر في غير بلده والحربي إذا دخل بلاد الإسلام بأمان.
2 أخرجه مالك في "موطأه" [1/ 281] ، كتاب الزكاة: باب عشور أهل الذمة، حديث [46] .
3 أخرجه البيهقي [9/ 201] ، كتاب الجزية: باب يشترط عليهم ألا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجمعاً لصلاتهم ولا صوت ناقوس ولا حمل خمر ولا إدخال خنزير.
4 أخرجه البيهقي [09/ 202] ، كتاب الجزية: باب الإمام يكتب كتاب الصلح على الجزية.
5 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [3/ 1199] ، من طريق سعيد بن سنان الحمصي عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... فذكره.
قال ابن عدي: سعيد متروك الحديث.
قال الذهبي في "الميزان" [2/ 210] : ضعفه أحمد وقال يحيى بن معين: ليس بثقة وقال مرة:
ليش بشيء. =(4/322)
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ، لَا يُبْنَى فِيهِ بِيعَةٌ وَلَا كَنِيسَةٌ، وَلَا يُضْرَبُ فِيهِ نَاقُوسٌ، وَلَا يُبَاعُ فِيهِ لَحْمُ خِنْزِيرٍ" 1، وَفِيهِ حَنَشٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ شَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يَرْكَبُوا عَرْضًا عَلَى الْأَكُفِّ"، أَبُو عُبَيْدٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ": نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ؛ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَأَنْ يَرْكَبُوا عَلَى الْأَكُفِّ عَرْضًا، وَلَا يَرْكَبُونَ كَمَا يَرْكَبُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَنْ يُوَثِّقُوا الْمَنَاطِقَ"2.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي: الزَّنَانِيرَ، وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلَهُ3.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ يَخْتِمُوا رِقَابَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخَاتَمِ الرَّصَاصِ وَأَنْ يَجُزُّوا نَوَاصِيَهُمْ، وَأَنْ يَشُدُّوا الْمَنَاطِقَ"، تَقَدَّمَ قَبْلَهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ هَذَا مُفْرَدَةً، مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ"، فَذَكَرَهُ4.
حَدِيثُ: "أَنَّ نَصْرَانِيًّا اسْتَكْرَهَ مُسْلِمَةً عَلَى الزنا، فرفع إلى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا صَالَحْنَاكُمْ، وَضَرَبَ عُنُقَهُ"، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ أُخْبِرْت
__________
= وقال الجوزاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك.
ثم أورد الذهبي له أحاديثاً منها هذا الحديث.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 454] : ومن جهة ابن عدي، ذكره عبد الحق في "أحكامه"، وأعله تبعاً لابن عدي بسعيد بن سنان، قال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وأسند تضعيفه عن أحمد، وابن معين، قال ابن القطان في "كتابه": وفيه الضعفاء غير سعيد محمد بن جامع أبو عبد الله العطار قال أبو زرعة: ليس بصدوق، وامتنع أبو حاتم من الرواية عنه، وسعيد بن عبد الجبار أيضاً ضعيف بل متروك؛ حكى البخاري أن جرير بن عبد الحميد كان يكذبه، فلعل العلة فيه غير سعيد بن سنان، والله أعلم، انتهى كلامه. قال عبد الحق: وأبو المهدي كان رجلاً صالحاً، لكن حديثه ضعيف لا يحتج به، انتهى.
1 أخرجه البيهقي [9/ 201] ، كتاب الجزية: باب يشترط عليهم ألا يحدثوا في أمصار المسلمين ... من طريق حنش عن عكرمة عن ابن عباس.
2 أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال: ص [55] ، برقم [137] .
3 أخرجه في المصدر السابق برقم [139] .
4 أخرجه البيهقي [9/ 202] ، كتاب الجزية: باب يشترط عليهم أن يفرقوا بين هيئتهم وهيئه المسلمين.(4/323)
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأَبَا هُرَيْرَةَ قَتَلَا كِتَابِيَّيْنِ أَرَادَا امْرَأَةً على نفسها مسلمة1.
وروى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالشَّامِ، فأتاه نبطي مضروب مشجج يستعدى، فَغَضِبَ، وَقَالَ لِصُهَيْبٍ: اُنْظُرْ مَنْ صَاحِبُ هَذَا، فَذَكَرَ القصة، فجاء به وهو عوف بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: رَأَيْته يَسُوقُ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ، فَنَخَسَ الْحِمَارَ لِيَصْرَعَهَا فَلَمْ تُصْرَعْ، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَنْ الْحِمَارِ، فَغَشِيَهَا فَفَعَلْت بِهِ مَا تَرَى، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ، مَا عَلَى هَذَا عَاهَدْنَاكُمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا الناس، فوا بِذِمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ هَذَا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ2.
قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ: "إنَّ مَنْ شَتَمَ مِنْهُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ حَدًّا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ"، تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ خَطَلٍ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى مَنْ قَالَهُ، قَالَ: لِأَنَّ ابْنَ خَطَلٍ كَانَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ حَرْبٍ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [6/ 115- 116] ، كتاب أهل الكتاب: باب نقض العهد والصلب، حديث [10170] .
2 أخرجه البيهقي [9/ 201] ، كتاب الجزية: باب يشترط عليهم أن أحداً من رجالهم إن أصاب مسلمة بزنا أو اسم نكاح ...(4/324)
كِتَابُ المهادنة
مدخل
...
73- كتاب الْمُهَادَنَةِ3
1926- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سنين"، وأعاده في مَوْضِعٌ آخَرُ وَزَادَ: "وَكَانَ قَدْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ لَا بأهبة القتال، وكان بـ"مكة" مُسْتَضْعَفُونَ، فَأَرَادَ أَنْ يَظْهَرُوا ... "، الْحَدِيثَ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ مُطَوَّلًا فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ4؛ وَكَذَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ الطَّوِيلِ فِي سَفَرِهِ إلَى الشَّامِ إلَى هِرَقْلَ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهَا5، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ عَشْرَ سِنِينَ؛ كَمَا
__________
3 تسمى المهادنة، والموادعةن والمسالمة: مشتقة من الهدون، وهو السكون، ومعناها: المصالحة.
وشرعاً: عقد يتضمن مصالحة الإمام أو نائبه أهل الحرب على ترك القتال مدة مؤقتة.
فاختصاصه بالإمام أو نائبه يميزه عن عقد الأمان الذي ولا يتوقف على الإمام أو نائبه بل يجوز أن يعقده غيرهما من المسلمين، واختصاصه بالمدة يميزه عن الذمة فإنه مؤبد.
4 أخرجه البخاري [5/ 675- 679] ، كتاب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب، وكتابه الشروط، حديث [2731، 2732] .
5 أخرجه البخاري [1/ 46- 48] ، كتاب بدء الوحي: باب [6] ، حديث [7] ، وأطرافه [51، 2681، 284، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541] ، ومسلم [6/ 346- 348- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، حديث [74/ 1773] .(4/324)
رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَرَوَى فِي الدَّلَائِلِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: "فَكَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ سَنَتَيْنِ"، وَقَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ وَقَعَتْ هَذَا الْقَدْرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا أَصْلُ الصُّلْحِ فَكَانَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، قَالَ: وَرَوَاهُ عَاصِمٌ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ"، وَعَاصِمٌ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: "وَحَكَى عَنْ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي الْإِسْلَامِ كَصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ"، إمَّا الشَّعْبِيُّ وَإِمَّا غَيْرُهُ، فَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ فَتْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُطَوَّلًا.
1927- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا بَلَغَهُ تَأَلُّبُ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعُ الْأَحْزَابِ، قَالَ لِلْأَنْصَارِ: إنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَهَلْ تَرَوْنَ أَنْ نَدْفَعَ إلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ قُلْت عَنْ وَحْيٍ فَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ قُلْت عَنْ رَأْيٍ فَرَأْيُك مُتَّبَعٌ؛ كُنَّا لَا نَدْفَعُ إلَيْهِمْ تَمْرَةً إلَّا بِشِرًى أَوْ قِرًى، وَنَحْنُ كُفَّارٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَسُرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمْ"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، وَهُمَا قَائِدَا غطفان، فأعطاهما ثلث تمار الْمَدِينَةِ؛ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا الصُّلْحُ، وَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ، فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ بَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَاسْتَشَارَهُمَا فِيهِ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ الْغَطَفَانِيُّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يا محمد، شاطرنا تمر الْمَدِينَةِ، قَالَ: "حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ، فَبَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَسَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ ... "، الْحَدِيثَ2. وَفِيهِ حَسَّانُ بْنُ الْحَارِثِ3،
__________
1 ذكر القصة بنحوه ابن هشام في "سيرته" [3/ 239- 240] ، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري: قال بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري ... فذكره.
2 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 135- 136] ، وقال: رواه البزار والطبراني، ورجال البزار والطبراني فيها محمد بن عمرو وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات.
3 الحارث بن عوف بن حارثة المري، وقد أدرك الإسلام وبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معه رجلاً من الأنصار ليدعو أهله في جواره إلى الإسلام، فقتله رجل من بني ثعلبة، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال =(4/325)
1928- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادَنَ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ"، تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: "سَيَّرَنِي شَهْرَيْنِ، فَقَالَ: بَلْ لَك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ".
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادَنَ قُرَيْشًا، ثُمَّ أَبْطَلَ الْعَهْدَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ"، تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي سَبَبُ ذَلِكَ.
1929- قَوْلُهُ: "وَإِنَّمَا أَبْطَلَ الْعَهْدَ لِأَنَّهُ وَقَعَ شَيْءٌ بَيْنَ حُلَفَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ خُزَاعَةُ، وَبَيْنَ حُلَفَاءِ قُرَيْشٍ وَهُمْ بَنُو بكر، فأعان قُرَيْشٌ حُلَفَاءَهَا عَلَى حُلَفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَقَضَتْ هُدْنَتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، دَخَلَ بَنُو خُزَاعَةَ فِي عَهْدِهِ، وَبَنُو بَكْرٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ عَدَا بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ، وَأَعَانَهُمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ قُرَيْشَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَسَارَ إلَى "مَكَّةَ" وَفَتَحَهَا، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ بن الحكم؛ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ جَمِيعًا، قَالَ: كَانَ فِي صُلْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، أَنَّهُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ –دَخَلَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَعَقْدِهَا- دَخَلَ، فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ؛ فَمَكَثُوا فِي تِلْكَ الْهُدْنَةِ نَحْوَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إنَّ بَنِي بَكْرٍ وَثَبُوا عَلَى خُزَاعَةَ لَيْلًا بِمَاءٍ لَهُمْ قَرِيبٍ مِنْ "مَكَّةَ"، فَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، فَرَكِبَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده [من الرجز] :
اللَّهُمَّ إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
الْأَبْيَاتَ وَالْقِصَّةَ بِطُولِهَا1.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَاهُ، وَذَكَرَهَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي "الْمَغَازِي"، وَفِيهَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرِيدُ قُرَيْشًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَيْسَ بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ مُدَّةٌ؟ قَالَ: أَلَمْ يَبْلُغْك مَا صَنَعُوا بِبَنِي كَعْبٍ؟ 2.
__________
= لحسان: قل فيه، فقال حسان: الأبيات، وأولها [من الطويل] :
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لم يغدر
فبعث الحارث يعتذر، وبعث بدية الرجل ففرقها على أهله.
ينظر: "الاشتقاق" ص [288] .
ينظر: ديوانه ص [262] .
1 أخرجه البيهقي [9/ 233] ، كتاب الجزية: باب نقض أهل العهد أو بعضهم العهد.
2 أخرجه الواقدي في كتاب المغازي مرسلاً عن جماعة كثيرة كما في "نصب الراية" للزيلعي [3/ 390] .(4/326)
حَدِيثُ: "أَنَّهُ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ، وَقَالَ: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ"، تَقَدَّمَ.
1930- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمَّا قَصَدَ الْأَحْزَابُ الْمَدِينَةَ آوَاهُمْ سَيِّدُ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَعَانَهُمْ بِالسِّلَاحِ، وَلَمْ ينكر الآخرون ذلك، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ مِنْ الْكُلِّ، وَقَتَلَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، إلَّا ابْنَيْ سَعْيَةَ؛ فَإِنَّهُمَا فَارَقَاهُمْ وَأَسْلَمَا".
أَمَّا الْمُوَادَعَةُ: فَرَوَاهَا أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ1.
وَأَمَّا النَّقْضُ: فَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي" قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ يَهُودَا أَحَدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: كَانَ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ نَفَرًا مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَكَانَ مِنْهُمْ: حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي وَائِلٍ ... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ2، قَالَ: وَخَرَجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ أَغْلَقَ حِصْنَهُ، وَقَالَ: إنِّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ إلَّا صِدْقًا وَوَفَاءً، وَقَدْ وَادَعَنِي وَوَادَعْته، فَدَعْنِي وَارْجِعْ عَنِّي، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى فَتَحَ له، فقال له: وَيْحَك يَا كَعْبُ؛ جِئْتُك بِعِزِّ الدَّهْرِ، بِقُرَيْشٍ وَمَنْ معها، أنزلتها بـ"رومة"، وَجِئْتُك بِغَطَفَانَ عَلَى قَادَتِهَا وِسَادَتِهَا، أَنْزَلْتهَا إلَى جَانِبِ أحد، جئتك بـ"بحر" طَامٍّ لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: جِئْتَنِي –وَاَللَّهِ- بِالذُّلِّ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَطَاعَهُ، فَنَقَضَ الْعَهْدَ، وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: "لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُ كَعْبٍ، وَنَقْضُ بَنِي قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ، بَعَثَ إِلْيَهِمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَغَيْرَهُ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُ3.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ إسْلَامِ ثعلبة وأسد بني سَعْيَةَ، وَنُزُولِهِمْ عَنْ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ4.
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [5/ 358- 361] ، كتاب المغازي: باب وقعة بني النضير، حديث [9733] ، عن الزهري قال: وأخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر.
ومن طريق أخرجه أبو داود [3/ 156- 157] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في خبر النضير، حديث [3004] ، والبيهقي في "دلائل النبوة: [3/ 178- 179] .
2 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 229- 230] .
3 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 235- 238] .
4 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 356] .(4/327)
وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنْ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبُوا مَعَهُ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا"1.
1931- حَدِيثُ: "أَنَّهُ كَانَ فِي مُهَادَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو رَسُولًا مِنْهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ مُسْلِمًا رَدَدْنَاهُ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا فَسُحْقًا سُحْقًا"، مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: "فَاشْتَرَطُوا فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يا رسول الله، أنكتب هَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، إنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ" 2، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ3.
1932- حَدِيثُ: "أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَتْ مُسْلِمَةً فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ وَجَاءَ أَخُوهَا فِي طَلَبِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ... ، إلَى قَوْلِهِ: فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرُدُّ النِّسَاءَ، وَيَغْرَمُ مُهُورَهُنَّ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ4.
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 149] ، والبخاري [8/ 67] ، كتاب المغازي: باب حديث بني النضير، حديث [4028] ، ومسلم [6/ 334- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب إجلاء اليهود من الحجاز، حديث [62/ 1766] ، وأبو داود [3/ 157] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في خبر النضير، حديث [3005] .
2 أخرجه أحمد [3/ 268] ، ومسلم [6/ 377- نووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب صلح الحديبية في الحديبية، حديث [93/ 1784] ، وابن حبان [11/ 214] ، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4870] ، وأبو يعلى [6/ 69- 70] ، برقم [3323] ، والبيهقي [9/ 226] ، كتاب الجزية: باب الهدنة على أن يرد الإمام من جاء بلده مسلماً من المشركين.
كلهم من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشاً يوم الحديبية قال لعلي: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم"، الحديث.
3 حديث المسور تقدم تخريجه في أول هذا الكتاب.
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [5/ 330- 342] ، كتاب المغازي: باب غزوة الحديبية، حديث [9720] ، عن معمر قال: أخبروني الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم صدق كل واحد منها صاحبه، قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ... فذكر الحديث بطوله.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد [4/ 328- 331] ، والبخاري [5/ 675- 680] ، كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد، حديث [2731- 2733] ، والطبراني [20/ 9- 15] ، برقم [13] ، وأخرجه البيهقي [9/ 144- 145] ، في كتاب السير [5/ 215] ، في كتاب الحج =(4/328)
1933- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ وَهُوَ يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، إلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبَا بَصِيرٍ وَقَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ، فَرَدَّهُ إلَيْهِمَا، فقتل أَحَدُهُمَا وَأَفْلَتَ الْآخَرُ"، هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِطُولِهِ1.
تَنْبِيهٌ: يَرْسُفُ؛ بِالرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ: يَمْشِي فِي قَيْدِهِ2.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رُدَّ إلَى أَبِيهِ: إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ الله كدم الكلب، يعرض لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ"، أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، وَفِيهِ: "قَالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ فَقَالَ: اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ؛ فَإِنَّمَا هُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ، قَالَ: وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ، قَالَ: رَجَوْت أَنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبَ بِهِ أَبَاهُ، قَالَ: فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ"3.
__________
= [7/ 171] ، في كتاب النكاح [10/ 109] ، في كتاب آداب القاضي مقطوعاً، وابن حبان [11/ 216- 227] ، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4872] ، وأخرجه أحمد [4/ 331- 332] ، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4872] ، وأخرجه أحمد [4/ 331- 332] ، والبخاري [4/ 362] ، كتاب الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، حديث [1694، 1695] ، [1694] ، وأطرافه [1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181] ، [1695] ، وأطرافه في [2711، 2732، 4157، 4179، 4180] ، وأبو داود [3/ 85- 86] ، كتاب الجهاد: باب في صلح العدو، حديث [2765] ، [4/ 313] ، كتاب السنة: باب في الخلفاء، حديث [4655] ، والنسائي في "الكبرى" [2/ 359] ، كتاب الحج: باب إشعار الهدي، حديث [3752] ، [5/ 263- 264] ، كتاب السير: باب توجيه عين واحدة، حديث [8840] ، [5/ 171] ، كتاب السير: باب مشاروة الإمام الناس إذا كثر العدو، حديث [8581، 8582] ، كلهم من طريق معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ... فذكروا أطرافاً من الحديث.
1 تقدم تخريجه وهو جزء من قصة الحديبية في الحديث السابق.
2 قال ابن الأثير في "النهاية" [2/ 222] ، الرسف والرسيف: مشي المقيد إذا جاء يتحامل برجله مع القيد.
3 تقدم في تخريج حديث المسور.(4/329)
كِتَابُ الصيد والذبائح
مدخل
...
74- كتاب الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ4
1934- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ؛ فَكُلْ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَطُرُقٌ5.
__________
4 الصيد هو اسم للمصيد والصيد ما كان ممتنعاً ولم يكن له مالك وكان حلالاً أكله فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال فهو صيد.
ينظر: "النظم المستعذب" [1/ 229] .
5 أخرجه البخاري [9/ 598] ، كتاب الذبائح والصيد: باب التسمية على الصيد، حديث [4575] ، ومسلم [3/ 1529- 1530] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث [1، 2، 3/ 1929] ، والطيالسي [1/ 340- 341] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في صيد الكلب المعلم، حديث [1731- 1732] ، باب ما جاء في الصيد بالمعراض، حديث =(4/329)
حَدِيثُ: "مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ"، تَقَدَّمَ فِي "النَّجَاسَاتِ" فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ.
1935- حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً، فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا، فَقَالَ: "كُلْ مَا أَمْسَكْنَ"، قُلْت: "ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ"؟ قَالَ: "ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ" 1، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَزِيَادَةٍ قَالَ: "وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ"، وَسَيَأْتِي.
1936- حَدِيثُ: أَنَّ بَعِيرًا نَدَّ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمِ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ
__________
= [1733- 1734] ، وأحمد [4/ 256] ، والدارمي [2/ 89، 91] ، كتاب الصيد: باب التسمية عند إرسال الكلب وباب في الصيد بالمعراض، وأبو داود [3/ 268- 269] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2847- 2848] ، والترمذي [4/ 68- 69] ، كتاب الصيد: باب ما جاء في الكلب يأكل من الصيد، حديث [1470] ، وباب ما جاء في صيد المعراض، حديث [1471] ، والنسائي [7/ 179- 180] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأمر بالتسمية عند الصيد، وباب صيد الكلب المعلم، وابن ماجة [2/ 1069] ، كتاب الصيد: باب صيد الكلب، حديث [3207] ، وباب صيد المعراض، حديث [3214] ، وابن الجارود في "المنتقى" ص [305- 306] ، باب ما جاء في الصيد، حديث [914] ، والبيهقي [9/ 235- 236] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأكل مما أمسك عليك المعلم وإن قتل، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 3- بتحقيقنا] ، من طريق الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أرسلت كلبك وسميت، فأمسك، وقتل، فكل وإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلاباً لم يذكر اسم الله عليها، فأمسكن وقتلن، فلا تأكل، فإنك لا تدري أيها قتل، وإذا رميت الصيد، فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك، فكل، وإن وقع في الماء، فلا تأكل".
1 أخرجه أبو داود [3/ 271- 272] ، كتاب الصيد، حديث [2852] ، والبيهقي [9/ 237، 238] ، كتاب الصيد والذبائح: باب المعلم يأكل من الصيد الذي قد قتل. من طريقه من رواية داود بن عمرو الدمشقي عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة به.
وقال البيهقي: حديث أبي ثعلبة مخرج في "الصحيحين" من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة وليس فيه ذكر الأكل، وحديث الشعبي عن عدي أصح من حديث داود بن عمرو الدمشقي، ومن حديث عمرو بن شعيب.
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [2/ 17- 18] ، تفرد بحديث: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه وهو حديث منكر.
وقال ابن حزم في "المحلى" [7/ 471] ، وهو حديث ساقط لا يصح وداود بن عمرو ضعيف صعفه أحمد بن حنبل وقد ذكر بالكذب وحديث عمرو بن شعيب الذي أشار إليه البيهقي أخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2857] ، والبيهقي [9/ 237، 238] ، كتاب الصيد والذبائح: باب المعلم يأكل من الصيد الذي قد قتل، من طريق حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إن أعرابياً يقال له: أبو ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلاباً مكلبة فأفتني في صيدها فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك" قال: ذكي وغير ذكي قال: وإن أكل منه؟ قال: "وإن إكل منه".
قال الحافظ في "التلخيص" [2/ 136] ، وأعله البيهقي.(4/330)
لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ1.
تَنْبِيهٌ: نَدَّ2؛ بِالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، أَيْ: هَرَبَ، وَالْأَوَابِدُ: النَّوَافِرُ؛ مِنْ النُّفُورِ وَالتَّوَحُّشِ3.
1937- حَدِيثُ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَالَ: "وَأَبِيك، لَوْ طَعَنْت فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَاك" 4، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ بِهِ دُونَ الْقَسَمِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو
__________
1 أخرجه أحمد [463/] ، والبخاري [11/ 49- 50] ، كتاب الدبائح والصيد: باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمداً، حديث [5498] ، ومسلم [7/ 136] ، كتاب الأضاحي: باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، إلا السن والظفر وسائر العظام، حديث [20] 1968، وأبو داود [3/ 102] ، كتاب الأضاحي: باب الذبيحة بالمرة، حديث [2821] ، والترمذي [4/ 82] ، كتاب الأحكان والفوائد: باب ما جاء في البغير والبقر والغنم إذا ند فصار وحشياً يوم بسهم أم لا؟، حديث [1492] ، والنسائي [7/ 228- 229] ، كتاب الضحايا: باب ذكر المنقلتة التي لا يقدر على أخذها، حديث [4409، 4410] ، وابن ماجة [2/ 1062] ، كتاب الدبائح: باب ذكاة الناد من البهائم، حديث [3183] ، وابن حبان برقم [5886- الإحسان] ، والطيالسي [1/ 343- منحة] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في البعير الناد والمتردية، حديث [1745] ، والبيهقي [9/ 246] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في ذكاة ما لا يقدر على ذبحه إلا برمي أو سلاح، وابن الجارود [895] ، والحميدي [411] ، والطبري [4/ 269] ، [438] ، كلهم من حديث رافع بن خديخ رضي الله عنه به.
قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان وكما عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، ولم يذكر فيه عباية عن أبيه وهذا أصح، والعمل على هذا عند أهل العلم، وهكذا رواه شعبة عن سعيد بن مسروق نحو رواية سفيان.
2 قال في "النهاية" [5/ 34] ، أي شرد وذهب على وجهه.
3 ينظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير [1/ 13] .
4 أخرجه أبو داود [1/ 113] ، في الذبائح: باب ما جاء في ذبيحة الحيوان [2825] ، والترمذي [4/ 75] ، في الأطعمة: باب ما جاء في الضحايا، باب ذكر المتردية في البئر، وابن ماجة [2/ 163] ، في الدبائح: باب ذكاة الناد من البهائم [3184] ، وأحمد [4/ 334] ، والدارمي [2/ 82] ، وأبو يعلى [1053، 1504] ، والبيهقي [9/ 246] ، وابن الجارود [901] ، والطبراني [7/ 199] ، "المعجم الكبير" [6719، 6720، 6721] ، وابو نعيم في "الحلية" [6/ 257، 341] ، والخطيب في "التاريخ" [12/ 377] ، والمزي في "تهذيب الكمال" [24/ 85- 86] ، من طريق حماد بن سلمة عن أبي العشراء عن أبيه.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة ولا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" عن أنس كما في "مجمع الزوائد" [4/ 37] ، وقال: فيه بكر بن الشرود وهو ضعيف.(4/331)
مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي مُسْنَدِ أَبِي الْعُشَرَاءِ تَصْنِيفُهُ، وَأَبُو الْعُشَرَاءِ1 مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ وَفِي اسْمِ أَبِيهِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يُعْرَفُ حَالُهُ.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَعِيرٍ نَادٍّ"، وَيُرْوَى أَنَّهُ تَرَدَّى لَهُ بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ"، هَذَا تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَصْلُحُ الذَّكَاةُ إلَّا فِي اللَّبَّةِ وَالْحَلْقِ؟ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذَا بَاطِلٌ لَا يُعْرَفُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، قَالُوا: هذا عندالضرورة فِي التَّرَدِّي فِي الْبِئْرِ وَأَشْبَاهِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ، قَالَ: هَذَا لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّافِرَةِ وَالْمُتَوَحِّشِ.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ لَهُ: لَوْ طَعَنْت فِي خَاصِرَتِهِ لَحَلَّ لَك"، أَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَفْظَ الْخَاصِرَةِ عَلَى الْغَزَالِيِّ، وَالْغَزَالِيُّ تَبِعَ فِيهِ إمَامَهُ، وَلَا إنْكَارَ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى فِي مُسْنَدِ أَبِي الْعُشَرَاءِ لَهُ بِلَفْظِهِ: "لَوْ طَعَنْت فِي فَخِذِهَا أَوْ شَاكِلَتِهَا، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ؛ لَأَجْزَأَ عَنْك"، وَالشَّاكِلَةُ: الْخَاصِرَةُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ فَطُعِنَ فِي شَاكِلَتِهِ، فَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ أَكْلِهِ، فَأَمَرَ بِهِ2.
وَرَوَى ابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي حَدِيثِهِ الْمَشْهُورِ الْآتِي؛ قَالَ: "ثُمَّ إنَّ نَاضِحًا تَرَدَّى فِي بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ، فَذُكِّيَ مِنْ قِبَلِ شَاكِلَتِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ عَشِيرًا بِدِرْهَمٍ"3.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ وَهْمٌ غَيْرُ هَذَا؛ فَإِنَّهُ جَعَلَ أَبَا الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيَّ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ أن يكون ذلك في النُّسَّاخِ؛ كَأَنْ يَكُونَ سَقَطَ مِنْ النُّسْخَةِ: "عَنْ أَبِيهِ".
حَدِيثُ: "كُلُّ إنْسِيَّةٍ تَوَحَّشَتْ، فَذَكَاتُهَا ذَكَاةُ الْوَحْشِيَّةِ"، ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ بِهِ4، وَحَرَامٌ
__________
1 قال المزي في "تهذيب الكمال" [34/ 85] : قال أحمد بن حنبل: ما أعرف أنه يروي عن أبي العشراء حديثاً غير هذا يعني حديث الذكاة ... وقال البخاري: في حديثه واسمه واسمه وسماعه من أبيه يظر.
وذكره ابن حبان في كتابه "الثقات" وقال: كان ينزل الحفرة على طريق البصرة. وروى له الأربعة.
2 ذكره الشافعي في "الأم" [2/ 374] ، كتاب الصيد والذبائح: باب فيه مسائل مما سبق.
3 ينظر: المصدر السابق.
4 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [2/ 852] ، وقال: متروك.(4/332)
مَتْرُوكٌ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ الرِّوَايَةُ عَنْ حَرَامٍ حَرَامٌ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: هُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَرَامٍ أَيْضًا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ ابْنَيْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِمَا بِهِ نَحْوَهُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ1.
1938- حَدِيثُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت أَحَدَنَا إذَا صَادَ صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّينٌ، أَيَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: "أَمْرِرْ الدَّمَ بِمَا شِئْت، وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ"، أَبُو دَاوُد بِهِ2، وَزَادَ بَعْدَ الْمَرْوَةِ: "وَشِقَّةِ الْعَصَا"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَمَدَارُهُ عَلَى سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرَيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ عَنْهُ.
تَنْبِيهٌ: "شِقَّةِ الْعَصَا" بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: مَا يَشُقُّ مِنْهَا، وَيَكُونُ مُحَدَّدًا.
وَأَمْرِرْ: بِرَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مَكْسُورَةٌ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: صَوَابُهُ: "أَمْرِ الدَّمَ" بِرَاءٍ خَفِيفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَغَلِطَ مَنْ ثَقَّلَهَا، وَأُجِيبَ عَنْ الثَّقِيلِ بِأَنَّهُ يَكُونُ أَدْغَمَ إحْدَى الرَّاءَيْنِ فِي الْأُخْرَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى.
1939- حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنا لاقوا الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ"، الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ3.
1940- حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ، فَقَالَ:
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 246] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في ذكاة ما لا يقدر على ذبحه إلا برمي أو سلاح.
2 أخرجه أحمد [4/ 256، 258، 377] ، وأبو داود [3/ 102- 103] ، كتاب الأضاحي: باب في الذبيحة بالمروة، حديث [2824] ، والبيقهي [9/ 281] ، كتاب الضحايا: باب الذكاة بما أنهر وفري الأوداج والمذبح ولم يزد إلا الظفر والسن.
3 أخرجه أحمد [3/ 463- 464] ، والبخاري [9/ 672] ، كتاب الذبائح والصيد: باب إذا أصاب القوم غنيمة ... حديث [5543] ، ومسلم [3/ 1558] ، كتاب الأضاحي: باب حواز الذبح بكل ما أنهر الدم، حديث [20/ 1968] ، وأبو داود [3/ 247] ، كتاب الأضاحي: باب في الذبيحة بالمروة، حديث [2821] ، والترمذي [4/ 81] ، كتاب الأحكام والفوائد: باب ما جاء في الذكاة بالقصب وغيره، حديث [1491] ، والنسائي [7/ 226] ، كتاب الضحايا: باب في الذبح بالسن، وابن ماجة [2/ 1061] ، كتاب الذبائح: باب ما يذكي به، حديث [3178] ، والدارمي [2/ 84] ، كتاب الأضاحي: باب في البهيمة إذا ندت وعبد الرزاق [4/ 465- 466] ، رقم [8481] ، والطيالسي [963] ، وابن الجارود [895] ، والحميدي [1/ 199] ، رقم [410] ، وابن حبان [5856- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 183] ، والطبراني في "الكبير" [4/ 321] ، رقم [4380، 4381، 4382، 4383 4384] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 18- بتحقيقنا] ، من طريق عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج قال: قلت: يا رسول الله إنا نلقى العدو ... فذكر الحديث.(4/333)
إنْ قَتَلَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِنْ قَتَلَ بِنَصْلِهِ فَلَا تَأْكُلْ"، وَرُوِيَ: "إذَا أَصَبْت بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْت بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، إلَّا قَوْلَهُ: "وَإِنْ قَتَلَ بِنَصْلِهِ فَلَا تَأْكُلْ"1.
1941- حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "مَا عَلَّمْت مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ، ثُمَّ أَرْسَلْت، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْك"، أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ2، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ مُجَالِدٍ بِذِكْرِ "الْبَازِ" فِيهِ، وَخَالَفَ الْحُفَّاظَ، وَأَعَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيلٍ.
1942- حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ: "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَقَالَ: "مَا صِدْت بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ، فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ3.
وَأَعَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيلٍ بِلَفْظِ: "إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، قَالَ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: وَإِنْ قَتَلَ، قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ؟ قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه الترمذي [4/ 66] ، كتاب الصيد: باب ما جاء في صيد البزاة، حديث [1467] ، وأحمد [4/ 257] ، وأبو داود [3/ 271] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2851] ، والبيهقي [9/ 238] ، كتاب الصيد والذبائح: باب البزاة المعلمة إذا أكلت، من طريق مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم، قلت: يا رسول الله، إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب والبزاة فما يحل لنا منها؟ قال: "يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه، فلما علمت من كلب أو باز ثم أرسلت وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك". قلت: وإن قتل. قال: "وإن قتل، ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسك عليك".
3 أخرجه البخاري [9/ 604] ، كتاب الذبائح والصيد: باب صيد القوس، حديث [5478] ، ومسلم [3/ 1532] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث [8/ 1930] ، والطيالسي [1/ 340] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في صيد الكلب المعلم، حديث [1730] ، وأحمد [4/ 193، 194] ، وأبو داود [3/ 274، 275، 276] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2855، 2856، 2857] ، وابن ماجة [2/ 1070] ، كتاب الصيد: باب صيد الكلب، حديث [3207] ، والبيهقي [9/ 244- 245] ، كتاب الصيد والذبائح: باب غير المعلم إذا أصاب صيداً، وباب من رمى صيداً أو طعنه عن أبي ثعلبة الخشني قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل من آنيتهم وأرض صيد أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلم أو بكلبي الذي ليس بمعلم فأخبرني ما الذي يحل لنا من ذلك؟ قال: "أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب تأكلون من آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد فما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله ثم كل وما أصبت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كل وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم وأدركت ذكاته فكل".(4/334)
وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ بِهِ، وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ.
1943- حَدِيثُ عَدِيٍّ: "إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك وَسَمَّيْت، وَأَمْسَكَ وَقَتَلَ؛ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
وَأَعَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بِلَفْظِ وَفِي الْخَبَرِ: "فَإِنْ أَكَلَ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ".
1944- حَدِيثُ: "كُلْ مَا رَدَّ عَلَيْك قَوْسُك"، أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ2، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ مِثْلَهُ3، وَفِيهِمَا ابْنُ لَهِيعَةَ4.
1945- حَدِيثُ أبي ثَعْلَبَةَ: "إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك، فَغَابَ عَنْك، فَأَدْرَكْته؛ فَكُلْ، مَا لَمْ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه أبو داود [3/ 271- 272] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2852] ، والبيهقي [9/ 237، 238] ، كتاب الصيد والذبائح: باب المعلم يأكل من الصيد الذي قد قتل. من طريقه من رواية داود بن عمرو الدمشقي عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة به.
وقال البيهقي: حديث أبي ثعلبة مخرج في "الصحيحين" من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة وليس فيه ذكر الأكل، وحديث الشعبي عن عدي أصح من حديث داود بن عمرو الدمشقي ومن حديث عمرو بن شعيب.
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [2/ 17- 18] ، تفرد بحديث إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه وهو حديث منكر.
وقال ابن حزم في "المحلى" [7/ 471] ، وهو حديث ساقط لا يصح وداود بن عمرو ضعيف ضعفه أحمد بن حنبل وقد ذكر بالكذب. وحديث عمرو بن شعيب الذي أشار إليه البيهقي أخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الصيد: باب في الصيد، حديث [2857] ، والبيهقي [9/ 237، 238] ، كتاب الصيد والذبائح: باب المعلم من الصيد الذي قد قتل، من طريق حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إن إعرابياً يقال له أبو ثعلبة قال يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن لي كلاباً مكلبة فافتني في صيدها فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك" قال: ذكي وغير ذكي قال: وإن أكل منه؟ قال: "وإن أكل منه".
وأخرجه ابن ماجة [2/ 1071] ، كتاب الصيد: باب صيد القوس، حديث [3211] ، من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه.
3 أخرجه أحمد [4/ 156] ، [5/ 388] ، من طريق عمرو بن شعيب حدثه أن مولى شرحبيل بن حسنة حدثه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني وحذيفة بن اليمان يقولان: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل ما ردت عليك قوسك".
4 ورد هذا الحديث من طريقين:
الأول: من طريق ابن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب ... فذكره.
والثاني: من طريق ابن لهيعة قال: حدثنا عمرو بن الحارث ... فذكره.(4/335)
يُنْتِنْ" 1، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ، حَمَلَ أَصْحَابُنَا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ.
1946- حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ مِثْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ قَالَ: "كُلْهُ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ وَقَعَ فِي مَاءٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
1947- حَدِيثُهُ: "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ، وإنا أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ، فَيَغِيبُ عنه الليلتين والثلاث، فَيَجِدُهُ مَيِّتًا، فَقَالَ: "إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرَ سَهْمِك، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ، وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ، فَكُلْ"، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ3.
1948- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "كُلْ مَا أَصْمَيْت، وَدَعْ مَا أَنْمَيْت"، الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا مِنْ وَجْهَيْنِ4، قَالَ: وَرُوِيَ مَرْفُوعًا، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِي
__________
1 أخرجه مسلم [3/ 1532] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده، حديث [9، 10/ 1931] ، والنسائي [7/ 194] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الصيد إذا أنتن، وأبو داود [3/ 279] ، كتاب الصيد: باب في اتباع الصيد، حديث [2861] ، وأحمد [4/ 194] ، والبيهقي [9/ 242] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الإرسال على الصيد يتوارى بلفظ "إذا رميت سهمك فغاب ثلاث أيام وأدركته فكله ما لم ينتن".
2 تقدم تخريجه قريباً.
3 أخرجه الترمذي [4/ 67] ، كتاب الصيد: باب ما جاء في الرجل يرمي الصيد فيغيب عنه، حديث [1468] ، والنسائي [7/ 193] ، كتاب الصيد والذبائح: باب في الذي يرمي الصيد فيغيب عنه ثم أحمد [4/ 377] ، والبيهقي [9/ 242] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الإرسال على الصيد يتوارى ... عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه قلت: إن أرضنا أرض صيد فيرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين فيجده، وفيه سهمه. قال: "إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله".
4 أخرجه البيهقي [9/ 241] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الإرسال على الصيد يتوارى عنك ثم تجده مقتولاً من طريقين:
الأول: من طريق عمرو بن الحارث عن عبد الملك بن الحارث بن الرحيل حدثه أن عمرو بن ميمون حدثه عن أبيه: أن أعرابياً أتى إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: أصلحك الله إني أرمي ... فذكره.
الثاني: من حديث عبد الله بن أبي الهذيل قال: أمرني ناس من أهلي أن أسأل عبد الله بن عباس ... فذكر الحديث مطولاً.
وأخرجه الطبراني [12/ 27] ، [12370] ، وفي "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 118] ، برقم [2192] .
من طريق عباد بن زياد ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الحكم عن سعيد بن حبير عن ابن عباس أن عبداً أسود أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 165] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عبادة كذا قال وفي الطبراني عباد وثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه موسى بن هارون وغيره.
قال العجلوني في "كشف الخفا" [2/ 171] : رواه الطبراني عن ابن عباس وهو حديث حسن.(4/336)
وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن مشمول، وَقَدْ ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا أَصْمَيْت: مَا قَتَلَهُ الْكِلَابُ وَأَنْتَ تَرَاهُ، وَمَا أَنْمَيْت: مَا غَابَ عَنْك مَقْتَلُهُ1.
1949- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ قَوْمًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا، أَنَأْكُلُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اُذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا" 2، الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِرْسَالِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّوَابُ مُرْسَلٌ.
__________
1 نقله عن البيهقي في السنن الكبرى [9/ 241- 242] .
2 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 488] ، كتاب الذبائح: باب ما جاء في التسمية على الذبيحة، حديث [1] ، هكذا مرسلاً، وأخرجه البخاري [9/ 634] ، كتاب الذبائح والصيد: باب ذبيحة الأعراب ونحوهم، حديث [5507] ، وأبو داود [3/ 254] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في أكل اللحم لا يدري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ حديث [2829] ، وابن ماجة [2/ 1059- 1060] ، كتاب الذبائح: باب التسمية عند الذبح، حديث [3174] ، والنسائي [7/ 237] ، كتاب الضحايا: باب ذبيحة من لم يعرف، وابن الجارود ص [297] ، باب ما جاء في الأطعمة [881] ، والبيهقي [9/ 239] ، كتاب الصيد والذبائح: باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته، والدارمي [2/ 84] ، كتاب الأضاحي: باب اللحم يوجد فلا يدري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ والدارقطني [4/ 296] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 5- بتحقيقنا] ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 17] ، رقم [1525] : وسئل أي أبو زرعة عن حديث رواه عبد الرحيم بن سليمان وعبد العزيز الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قيل: يا رسول الله إن الأعراب يأتونا بلحم ولا ندري هل سموا الله عليه أم لا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سموا الله عليه عليه وكلوا" قال أبو زرعة الصحيح هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مرسل أصح. كذا يرويه مالك وحماد بن سلمة مرسل.
ورجح الدارقطني في "العلل" المرسل أيضاً فقال الحافظ في "الفتح" [9/ 550] ، عبد الرحيم بن سليمان ومحاضر بن المورع والنضر بن شميل وآخرون عن هشام موصولاً ورواه مالك مرسلاً عن هشام، ووافق مالكاً على إرساله الحمادان وابن عيينة والقطان عن هشام، وهو أشبه بالصواب.
وقد ردهما الحافظ في "الفتح" [9/ 550] ، ورجح الموصول على المرسل فقال: ويستفاد من صنيع البخاري أن الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله حكم للواصل بشرطين أحدهما أن يزيد عدد من وصله على من أرسله، والآخر أن يحتف بقرينة تقوي الرواية الموصولة، لأن عروة معروف بالرواية عن عائشة مشهور بالأخذ عنها، ففي ذلك إشعار بحفظ من وصله عن هشام دون من أرسله. ويؤخذ من صنعه أيضاً أنه وإن اشترط في "الصحيح" أن يكون راوية من أهل الضبط والاتقان أنه إن كان في الراوي قصور عن وصله ووافقه على رواية ذلك الخبر من هو مثله انجبر ذلك القصور بذلك وصح الحديث على شرطه.(4/337)
1950- حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: "الْمُسْلِمُ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ"، لَمْ أَرَهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَزَعَمَ الْغَزَالِيُّ فِي "الْإِحْيَاءِ" أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ جِهَةِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الصَّلْتِ رَفَعَهُ: "ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ، ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ؛ لِأَنَّهُ إنْ ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا اسْمَ اللَّهِ" 1، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولًا2، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِمَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ، فَأَخْطَأَ؛ بَلْ هُوَ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "الْأَصَحُّ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُنْكَرٌ3، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِيهِ مَرْوَانُ بْنُ سَالِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
1951- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مَرُّوا بِظَبْيٍ حَاقِفٍ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ بِأَخْذِهِ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ"، مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ الْبَهْزِيِّ؛ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ، وَفِيهِ قِصَّةٌ4.
__________
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله" [278] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الضحايا والذبائح برقم [378] .
2 أخرجه البيهقي [9/ 239] ، كتاب الصيد والذبائح: باب من ترك التسمية وهو ممن يحل ذبيحته، والدارقطني [4/ 296] ، كتاب الأشربة وغيرها: باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، رقم [98] .
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 182] : قال ابن القطان في كتابه: ليس في هذا الإسناد من يتكلم فيه غير محمد بن يزيد بن سنان، وكان صدوقاً صالحاً، ولكنه شديد الغفلة، انتهى، وقال غيره: معقل بن عبيد الله وإن كان من رجال مسلم لكنه أخطأ في رفع هذا الحديث، وقد رواه سعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحميدي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن الشعثاء عن عكرمة عن ابن عباس.
3 أخرجه الدارقطني [4/ 295] ، كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك: باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، حديث [94] ، من طريق مروان بن سالم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال الدارقطني: مروان بن سالم ضعيف.
وقال العظيم آبادي في "التعليق المغني" هو الجزري قال أحمد وغيره: ليس بثقة.
وقال البخاري ومسلم وأبو حاتم: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك الحديث.
4 أخرجه أحمد [3/ 452] ، والنسائي [7/ 205] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة أكل لحوم حمر الوحش، حديث [4344] ، [5/ 183] ، كتاب مناسك الحج: باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، حديث [2818] ، ومالك في "الموطأ" [1/ 351] ، كتاب الحج: باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد [79] ، وأحمد [3/ 452] ، وعبد الرزاق [4/ 431] ، حديث [8339] ، والبيهقي [6/ 171] ، كتاب الهبات: باب ما جاء في هبة المشاع [9/ 322] ، كتاب الضحايا: =(4/338)
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ1، وَتَعَقَّبَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ بِأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ خَالَفَ النَّاسَ فِيهِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عِيسَى، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ الْبَهْزِيِّ.
__________
= باب ما جاء في حمار الوحش وما أكلته العرب من غير ضرورة، وابن حبان [110/ 512] ، في كتاب الهبة، حديث [5111] ، والحاكم [3/ 624] ، كلهم من طريق عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري به.
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 1033] ، كتاب المناسك: باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له، حديث [3092] ، من طريق سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عيسى بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه حمار وحش، وأمره أن يفرقه في الرفاق وهم محرمون.
قال البويصري في "الزوائد" [3/ 41] : هذا إسناد رجاله ثقات.
قال الغزي في الأطراف: قال يعقوبب بن شيبة: هذا الحديث لا أعلمه، رواه هكذا غير ابن عيينة وأحسبه أراد أن يختصره فأخطأ فيه. وقد خالفه الناس في هذا الحديث، رواه مالك بن أنس، وحماد بن زيد ويزيد بن هارون وغيرهم كلهم رووه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن رجل من بهز عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا جميعاً في حديثهم: فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يقسم في الرقاق وهم محرمون.
قال: ولعل ابن عيينة حين اختصره لحقه الوهم والله أعلم انتهى.
ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر في مسنده حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه أنه قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفاح الدوحا، وإذا نحن بحمار عقير فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا الحمار يوشك أن يأتيه طالبه"، قال: فما لبثنا أن جاء صاحبه فقال: يا رسول الله خذوه. فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يقسمه بفيء الرفاق قال: ثم خرجنا حتى إذا كنا باثلية الحرج إذا ظبي خافق فيه سهم فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يقف عليه فيمنعه من الناس قال: وصاحب الحمار رجل من بهر، وله شاهد في "الصحيحين" من حديث أبي قتادة.(4/339)
كِتَابُ الضحايا
مدخل
...
75- كتاب الضَّحَايَا2
1952- حَدِيثُ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
__________
2 اشتق اسمها من الضحى وهو ارتفاع الشمس لأنها تذبح ذلك الوقت وفيها أربع لغات أضحية بضم الهمزة وإضحية بكسرها والجمع أضاحي وضحية على فعيلة والجمع ضحايا وأضحاه والجمع أضحى وبها سمي يوم الأضحى.
ينظر: "النظم المستعدب" [1/ 216] .
3 أخرجه أحمد [3/ 115] ، والبخاري [10/ 18] ، كتاب الأضاحي: باب من ذبخ الأضاحي بيده، حديث [5558] ، ومسلم [3/ 1556- 1557] ، كتاب الأضاحي: باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة، حديث [17، 18/ 1966] ، وأبو داود [4/ 84] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الأضحية بكبشين، حديث [1494] ، والنسائي [7/ 220] ، كتاب الضحايا: باب الكبش، وابن ماجة [2/ 1043] ، كتاب الأضاحي: باب الأضاحي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [3120] ، والدارمي =(4/339)
فَائِدَةٌ الْأَمْلَحُ: الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ.
1953- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سواد، ويبرك فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ: فَقَالَ: يَا عَائِشَةَ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: "اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ"، ثُمَّ قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى" 1، مُسْلِمٌ بِهَذَا، وَزَادَ النَّسَائِيُّ: "وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ" 2، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ3،
__________
= [2/ 75] ، كتاب الأضاحي: باب السنة في الأضحية، والطيالسي [1/ 229- منحة] ، رقم [1106] ، وابن الجارود رقم [902] ، وأبو يعلى [5/ 258] ، رقم [2877] ، وعبد الرزاق [4/ 379] ، رقم [8129] ، وابن خزيمة [4/ 286] ، رقم [2895] ، والغوي في "شرح السنة" [2/ 617- بتحقيقنا] ، من طرق عن قتادة عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحى بكبشين أملحين أقرنين فرأيته واضعاً قدميه على صفاحهما يسمى ويكبر فذبحهما بيده.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه البخاري [10/ 12] ، كتاب الأضاحي: باب أضحية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبشين أقرنين، حديث [5554] ، وأحمد [3/ 268] ، وأبو داود [2/ 104] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب من الضحايا، حديث [2793] ، والنسائي [7/ 220] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب أن يضحى به من الغنم وأبو يعلى [5/ 188] ، رقم [2806] ، من طرق عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس به.
وأخرجه البخاري [10/ 11- 12] ، كتاب الأضاحي: باب أضحية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبشين أقرنين، حديث [5553] ، وأحمد [3/ 281] ، والنسائي [7/ 219] ، كتاب الضحايا: باب الكبش والدارقطني [4/ 285] ، رقم [52] من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس به.
وأخرجه أحمد [3/ 178] ، والنسائي [8/ 219- 220] ، من طريق ثابت البناني عن أنيس به.
1 أخرجه أحمد [6/ 78] ، ومسلم [3/ 1557] ، كتاب الأضاحي: باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة، حديث [19] 1967، وأبو داود [2/ 103- 104] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب أن يضحى به من الغنم من طريق عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها.
2 أخرجه النسائي [7/ 220- 221] ، كتاب الضحايا: باب الكبش، حديث [4390] ، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
3 أخرجه أبو داود [3/ 95] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب من الضحايا [2796] ، والترمذي [4/ 72] ، كتاب الأضاحي: باب ما يستحب من الأضاحي [1496] ، والنسائي [7/ 221] ، كتاب الضحايا: باب الكبش، وابن ماجة [2/ 1046] ، كتاب الأضاحي: باب ما يستحب من الأضاحي [3128] ، عنه قال: "ضحى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبش أقرن فحيل ... "
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وللحديث شواهد من حديث جابر وأبي طلحة رضي الله عنهما.
فأما حديث جابر رضي الله عنه: فأخرجه أبو داود [2/ 108] ، كتاب الضحايا: باب في الشاة يضحي بها جماعة، حديث [2810] ، والترمذي [4/ 85] ، كتاب الأضاحي: باب [22] ، رقم [1521] ، والدارقطني [4/ 285] ، والحاكم [4/ 229] ، والبيهقي [9/ 246] ، كتاب الضحايا: باب الأضحية سنة من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن جابر. =(4/340)
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَهُ صَاحِبُ "الِاقْتِرَاحِ".
حَدِيثُ: "عَظِّمُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ"، لَمْ أَرَهُ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ فِي "الْوَسِيطِ"، وَسَبَقَهُمَا فِي "النِّهَايَةِ"1، وَقَالَ مَعْنَاهُ: إنَّهَا تَكُونُ مَرَاكِبَ الْمُضَحِّينَ.
وَقِيلَ: إنَّهَا تُسَهِّلُ الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلَا ثَابِتٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ، انْتَهَى.
وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَيْهِ فِي "شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ" بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي فَضْلِ الْأُضْحِيَّةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، ومنها قوله: "إنها مطايكم إلَى الْجَنَّةِ".
قُلْت: أَخْرَجَهُ صَاحِبُ "مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ" مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى
__________
= وقال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه ... والمطلب بن حنطب يقال أنه لم يسمع من جابر.
أما الحاكم فقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
حديث آخر:
أخرجه أبو يعلى [3/ 327] ، رقم [1792] ، والبيهقي [9/ 268] ، من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر عن جابر بن عبد الله قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بكبشين أقرنين أملحين عظيمين موجوءين فأصبح أحدهما وقال: "بسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وآل محمد"، ثم أضجع الآخر فقال: "بسم الله والله أكبر عن محمد وأمته من شهد لك بالتوحيد وشهد له بالبلاغ".
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 25] ، وقال: رواه أبو يعلى وإسناده حسن.
حديث آخر عن جابر:
أخرجه أبو داود [3/ 95] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب من الضحايا، حديث [2795] ، وابن ماجة [2/ 1043] ، كتاب الأضاحي: باب أضاحي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقم [3121] ، والدارمي [2/ 75] ، كتاب الأضاحي: باب السنة في الأضحية من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش الزرقي عن جابر قال: ضحى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عيد بكبشين ...
وأما حديث أبي طلحة رضي الله عنه: فأخرجه أبو يعلى [3/ 11- 12] ، رقم [1417] ، من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي طلحة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحى بكبشين أملحين فقال: عند الذبح الأول: "عن محمد وآل محمد" وقال عند الذبح الثاني: "عمن آمن بي وصدق من أمتي".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 25] ، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن جده ولم يدركه وبقية رجاله رجال "الصحيح".
1 قال العجلوني في "كشف الخفا" [1/ 98] : ذكره إمام الحرمين في "النهاية"، ثم الغزالي في "الوسيط" ثم الرافعي في العزيز.(4/341)
الصِّرَاطِ، وَيَحْيَى ضَعِيفٌ جِدًّا.
حَدِيثُ: "ثَلَاثٌ هِيَ عَلَيَّ فَرَائِضَ، وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ، وَالْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى" قَالَ: وَيُرْوَى: "ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ، وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ: الضُّحَى، وَالْأَضْحَى، وَالْوِتْرُ"، تَقَدَّمَ فِي "صَلَاةِ التَّطَوُّعِ"، وَفِي "الْخَصَائِصِ".
1954- حَدِيثُ: "إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسُّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ بِهَذَا، وَلَهُ عِنْدَهُ أَلْفَاظٌ1، وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ فَوَهَمَ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْوَقْفِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
قَوْلُهُ: "لَمْ يُؤْثَرْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ"، يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: "ضَحَّيْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْلِ"2، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ضَحَّى بِدِيكٍ.
__________
1 أخرجه مسلم [3/ 1565] ، كتاب الأضاحي: باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية [39/ 1977] ، والنسائي [7/ 211- 212] ، كتاب الضحايا: باب [1] ، وابن ماجة [2/ 1052] ، كتاب الأضاحي: باب من أراد أن يضحي فلا يأخذ في العشر من شعره وأظفاره، حديث [3149] ، والبيهقي [9/ 266] ، كتاب الضحايا: باب سنة لم أرد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره، وأحمد [6/ 289] ، من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة مرفوعاً بلفظ: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً، قيل لسفيان: فإن بعضهم لا يرفعه قال: لكني أرفعه.
وأخرجه مسلم [3/ 1565] ، كتاب الأضاحي: باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، حديث [41/ 1977] ، والنسائي [7/ 212] ، كتاب الضحايا، الترمذي [4/ 102] ، كتاب الأضاحي: باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي رقم [1523] ، وأبو داود [2/ 103] ، كتاب الضحايا: باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي، حديث [2791] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [2/ 305] ، والحاكم [4/ 220] ، والبيهقي [9/ 266] ، وأحمد [6/ 301، 311] ، من طريق عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة بلفظ: من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظافره شيئاً حتى يضحي.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقد وهما فالحديث أخرجه مسلم.
وأخرجه الحاكم [4/ 220- 221] ، من طريق الحارث بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت: إذا دخل عشر ذي الحجة فلا تأخذن من شعرك ولا من أظافرك حتى تذبح أضحيتك
وقال الحاكم: هذا شاهد صحيح وإن كان موقوفاً.
2 أخرجه البخاري [9/ 556] ، كتاب الذبائح والصيد: باب النحر والذبح، رقم [5510] ، وأطرافه في [5511- 5512- 5519] ، ومسلم [3/ 1541] ، كتاب الصيد والذبائح: باب في أكل =(4/342)
قَوْلُهُ: "وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الضَّحِيَّةِ عُضْوًا مِنْ الْمُضَحِّي"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ سَنَدًا يَثْبُتُ بِهِ، انْتَهَى
في معجم الطبراني نحوه من حديث أبي داود والنخعي عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده معروفاً "من ضحى طيبة بها نفسه محتسباً بأضحيته كانت له حجاباً من النار" 1 وأبو داود كذاب قال أحمد كان يضع الحديث.
1955- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْعَقِيقَةِ: "لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إنَاثًا"، أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ: "أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ: "عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إنَاثًا"، لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ2.
__________
= لحوم الخيل برقم [38، 38، 1942] ، والنسائي [7/ 231] ، كتاب الضحايا: باب نحر ما يذبح، برقم [4420- 4421] ، وابن ماجة [2/ 1064] ، كتاب الذبائح: باب لحوم الخيل، رقم [3190] ، وأحمد [6/ 345- 346- 353] ، والشافعي في "مسنده" [2/ 172] ، برقم [1600] ، والحميدي [10/ 153] ، برقم [322] ، وابن حبان [12/ 77] ، كتاب الأطعمة: باب ما يجوز أكله وما لا يجوز، ذكر الإباحة للمرء أكل لحوم الخيل، برقم [5271] ، والطحاوي [4/ 211] ، كتاب الصيد والذبائح والأضاحي: باب أكل لحوم الفرس، والدارقطني [4/ 290] ، كتاب الأشربة وغيرها: باب الصيد والدبائح والأطعمة، برقم [76] ، والبيهقي [9/ 327] ، كتاب الضحايا: باب أكل لحوم الخيل، وابن الجارود في "المنتقى"، برقم [886] ، وعبد الرزاق [4/ 526] ، كتاب المناسك: باب الخيل والبغال.
1 أخرجه الطبراني [3/ 85- 86] ، برقم [2736] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 20] : رواه الطبراني في "الكبير" وفيه سليمان بن عمرو النخعي وهو كذاب.
والحديث سقط في ط.
2 أخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الضحايا: باب في العقيقة، حديث [2834] ، والنسائي [7/ 165] ، كتاب العقيقة: باب العقيقة عن الغلام وعن الجارية، والدارمي [2/ 81] ، كتاب الأضاحي: باب السنة في العقيقة، وأحمد [6/ 381، 422] ، وعبد الرزاق [4/ 327] ، رقم [7953] ، والحميدي [1/ 167] ، رقم [346] ، وابن حبان [1060- موارد] ، والبيهقي [9/ 301] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 457] ، من طريق حبيبة بنت ميسرة عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة".
وصححه ابن حبان:
وحبيبة بنت ميسرة مقبولة.
وأخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الضحايا: باب في العقيقة، حديث [2835] ، والنسائي [7/ 165] ، كتاب العقيقة: باب العقيقة عن الغلام وعن الجارية، والترمذي [4/ 98] ، كتاب الأضاحي: باب الأذان في أذن المولود، حديث [1516] ، وابن ماجة [2/ 1056] ، كتاب الذبائح: باب العقيقة، حديث [3162] ، وعبد الرزاق [4/ 328] ، رقم [7954] ، وابن أبي شيبة [8/ 237] ، والدارمي [2/ 86] ، والحميدي [1/ 166] ، والحاكم [4/ 237] ، والبيهقي [9/ 300- 301] ، وابن حبان [1059- موارد] ، من طريق سباع بن ثابت عن أم كرز الكعبية به. =(4/343)
1956- حَدِيثُ: "ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ"، أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ بِلَالٍ قَالَتْ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ"، فَذَكَرَهُ1، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ بِلَالٍ بِنْتِ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهَا بِلَفْظِ: "يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً" 2، وَأَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ3.
1957- حَدِيثُ: "نِعْمَتْ الْأُضْحِيَّةُ؛ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْن"، التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ4، وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا، وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِر5
__________
= وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان أيضاً. وأخرجه النسائي [7/ 164- 165] ، وابن جميع في "معجمه" [265] ، من طريق عطاء وطاوس ومجاهد عن أم كرز أن رسول الله صلى الله عليه قال: "الغلام شاتان مكافأتان وفي الجارية شاة".
1 أخرجه أحمد [6/ 368] ، والبيهقي [9/ 271] ، كتاب الضحايا: باب لا يجزئ الجذع إلا من الضأن وحدها ويجزئ الثني من المعز والإبل والبقر كلاهما من حديث أم بلال بنت هلال.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 22] : رواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات.
2 أخرجه أحمد [6/ 368] ، وابن ماجة [2/ 1049] ، كتابب الأضاحي: باب ما تجزئ من الأضاحي، حديث [3139] ، كلاهما من حديث أم هلال عن أبيها.
3 الترمذي [4/ 87] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الجذع من الضأن في الأضاحي، حديث [1499] .
4 أخرجه الترمذي في الموضع السابق.
وأخرجه أحمد [2/ 445] .
والبيهقي [9/ 271] كتاب الضحايا، باب: لا يجزئ الجذع إلا من الضأن وحدثا ويجزئ الثني من المعز والإبل.
ثلاثتهم من طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال: حلبت غنماً جدعاناً إلى المدينة فكسدت علي فلقيت أبا هريرة رضي الله عنه فسألته فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب، وقد روي هذا عن أبي هريرة موقوفاً، وعثمان بن واقد هو ابن محمد بن زياد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم أن الجذع من الضأن يجزئ في الأضحية.
5 أخرجه مسلم [3/ 1555] ، كتاب الأضاحي: باب سن الأضحية، حديث [13/ 1963] ، وأحمد [3/ 312] ، وأبو داود [3/ 232] ، كتاب الضحايا: باب ما يجوز من السن في الضحايا، حديث [2797] ، والنسائي [7/ 218] ، كتاب الضحايا: باب المسنة والجذعة، وابن ماجة [2/ 1049] ، كتاب الأضاحي: باب ما تجزئ من الأضاحي، حديث [3141] ، وابن الجارود في "المنتقى" ص [303] ، باب ما جاء في الضحايا، حديث [904] ، وابن جزيمة [4/ 294- 295] ، رقم [2918] ، وأبو يعلى [4/ 210] ، رقم [2324] ، والبيقهي [9/ 269] ، كتاب الضحايا: باب لا يجزئ الجذع إلا من الضأن من طريق أبي الزبير عن جابر به.(4/344)
وَعُقْبَةَ بْن عَامِر وَأُمِّ بِلَالٍ بِنْتِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهَا، وَحَدِيثُ عُقْبَةَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ بِلَفْظِ: "ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجذع مِنْ الضَّأْنِ"1.
1958- حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَا نُسُكَ لَهُ"، فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ نَسَكْت قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ، قَالَ: "فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا جَذَعَةً، هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَهَلْ تُجْزِئُ عَنِّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2، وَاللَّفْظُ هُنَا لِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: بَدَلَ: "فَلَا نُسُكَ لَهُ"، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ".
1959- حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: "قَسَمَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِي جَذَعَةٌ، فَقُلْت: عَنَاقٌ، فَقَالَ: "ضَحِّ بِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: "قسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أَصْحَابَهُ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي جَذَعٌ، فَقَالَ: "ضَحِّ بِهِ أَنْتَ" 3، وَفِي رِوَايَةٍ: "فَبَقِيَ عَتُودٌ"، وَلِلْبَيْهَقِيِّ: "وَلَا رُخْصَةَ لِأَحَدٍ فِيهَا بَعْدَك".
__________
1 أخرجه النسائي [7/ 219] ، كتاب الضحايا: باب المسنة والجذعة، وابن الجارود [905] ، والبيهقي [9/ 270] ، من طريق بكير بن عبد الله الأشج عن معاذ بن عبد الله عن العقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجذع من الضأن.
2 أخرجه أحمد [4/] 281- 282، 303] ، والبخاري [10/ 3] ، كتاب الأضاحى: باب سنة الأضحية، حديث [5545] ، ومسلم [3/ 1553] ، كتاب الأضاحي: باب وقتها، حديث [7/ 1961] ، وأبو داود [3/ 233- 234] ، كتاب الضحايا: باب ما يجوز من السن في الضحايا، حديث [2800] ، والترمذي [4/ 93] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الذبح بعد الصلاة، حديث [1508] ، والنسائي [7/ 222- 223] ، كتاب الضحايا: باب ذبح الضحية قبل الإمام، والبيهقي [9/ 276] ، كتاب الضحايا: باب وقت الأضحية من حديث البراء بن عازب قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، من فعله فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في الشيء"، فقام أبو بردة بن نيار وقد ذبح فقال: إن عندي جذعة، فقال: "أذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك".
3 أخرجه أحمد [4/ 144- 145، 149، 152، 156] ، والبخاري [5/ 433] ، كتاب الشركة: باب قسم الغنم والعدل فيها، حديث [2500] ، وطرفاه في [5547، 5555] ، ومسلم [7/ 131- نووي] ، كتاب الأضاحي: باب سن الأضحية، حديث [14- 16/ 1964] ، والترمذي [4/ 88] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الجذع من الضأن في الأضاحي، حديث [1500] ، والنسائي [7/ 218- 219] ، كتاب الضحايا: باب المسنة والجذعة، حديث [4379- 4382] ، وابن ماجة [2/ 1048- 1049] ، كتاب الأضاحي: باب ما تجزئ من الأضاحي، حديث [3138] ، والدارمي [2/ 77- 78] ، كتاب المناسك: باب ما يجزئ من الضحايا، وابن خزيمة [4/ 294] ، برقم [2916] ، والطبراني [17/ 343] ، برقم [945] ، وابن حبان [13/ 219] ، في كتاب الأضحية، حديث [5898، 5899] ، والبيهقي [9/ 269- 270] ، كتاب الضحايا: باب =(4/345)
1960- حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عما لا يجزي مِنْ الضَّحَايَا، فَقَالَ: "الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا"، وَيُرْوَى: "الْبَيِّنُ ضلعها"، والعوراء الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي"1، مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَادَّعَى الْحَاكِمُ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ، وَأَنَّهُ مِمَّا أُخِذَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فيروز، وقد اختلف النقالون عَنْهُ فِيهِ، هَذَا كَلَامُ الْحَاكِمِ فِي "كِتَابِ الضَّحَايَا"، وَسَاقَهُ فِي أَوَاخِرِ "كِتَابِ الْحَجِّ" مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ الْبَرَاءِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهُوَ مُصِيبٌ هُنَا، مُخْطِئٌ هُنَاكَ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ؛ سَأَلْنَا الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ عَمَّا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ، فَقَالَ: أَرْبَعٌ -وَأَشَارَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِهِ- لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ضِلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي، قَالَ: قُلْت: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ، قَالَ: مَا كَرِهْت فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ"، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: "وَالْعَجْفَاءُ"، بَدَلُ: "الْكَسِيرِ".
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "لَا تُنْقِي"؛ بِضَمِّ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، وَإِسْكَانِ النُّونِ، وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ:
__________
= لا يجزئ الجذع إلا من الضأن وحدها ويجزئ الثني من المعز والإبل والبقر، والبغوي في "شرح السنة" [2/ 616- بتحقيقنا] ، كتاب العيدين: باب سنة عيد الأضحى، وتأخير الأضحية، حديث [1111] ، كلهم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.
1 أخرجه مالك [2/ 482] ، كتاب الضحايا: باب ما ينهى عنه من الضحايا، حديث [1] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 230] ، كتاب الهدايا والضحايا: باب الأضحية، حديث [2010] ، وأحمد [4/ 300] ، والدارمي [2/ 76- 77] ، كتاب الأضاحي: باب ما لا يجوز من الأضاحي، وأبو داود [3/ 235] ، كتاب الضحايا: باب ما يكره من الضحايا، حديث [2802] ، والترمذي [4/ 85، 86] ، كتاب الأضاحي: باب ما لا يجوز من الأضاحي، حديث [1497] ، والنسائي [7/ 212] ، كتاب الضحايا: باب ما ينهى عنه من الأضاحي، وابن ماجة [2/ 1050] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره أن يضحى به، حديث [3144] ، وابن الحارود ص [303- 304] ، باب ما جاء في الضحايا، حديث [907] ، والحاكم [4/ 223] ، كتاب الأضاحي: باب ما ذكر أربع لا يجزئ في الضحايا، والبيهقي [9/ 274] ، كتاب الضحايا: باب ما ورد النهي عن التضحية به، وابن خزيمة [4/ 292] ، رقم [2912] ، وابن حبان [1046- موارد] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 168] ، من طريق سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه لقلة روايات سليمان بن عبد الرحمن وقد أظهر علي بن المديني وفضائله واتقانه، ووافقه الذهبي وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان.(4/346)
الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا؛ بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ؛ وَهُوَ الْمُخُّ، يُقَالُ: هَذِهِ نَاقَةٌ مُنْقِيَةٌ، أَيْ: فِيهَا نِقْيٌ، وَهُوَ الْمُخُّ.
قَوْلُهُ: "وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالثَّوْلَاءِ"، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى "الْوَسِيطِ": هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَجِدْهُ ثَابِتًا.
قُلْت: وَفِي "النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ"؛ عَنْ الْحَسَنِ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّى بِالثَّوْلَاءِ"؛ مُثَلَّثَةَ الثَّاءِ مَفْتُوحَةً؛ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّوْلِ؛ وَهُوَ الْجُنُونُ1.
1961- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَلَّا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا شَرْقَاءَ، وَلَا خَرْقَاءَ"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَزَّارُ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَاللَّفْظُ لِلنَّسَائِيِّ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2.
1962- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالْمُصْفَرَّةِ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 ينظر: "النهاية في غريب الحديث" [1/ 230] .
2 أخرجه أحمد [1/ 128] ، والدارمي [2/ 77] ، كتاب الأضحاي: باب ما لا يجوز في الأضاحي، وأبو داود [2/ 237] ، كتاب الضحايا: باب ما يكره من الضحايا، حديث [2804] ، والترمذي [4/ 86] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره من الأضاحي، حديث [1498] ، والنسائي [7/ 216] ، كتاب الضحايا: باب المقابلة وهي ما قطع طرف أذنها، وابن ماجة [2/ 1050] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره أن يضمن به، حديث [3142] ، وابن الجارود ص [303] ، باب ما جاء في الضحايا، حديث [906] ، والحاكم [4/ 224] ، كتاب الأضاحي: باب معنى المقابلة والمدابرة والشرقاء والخرقاء، والبيقهي [9/ 275] ، كتاب الضحايا: باب ما ورد النهي عن التضحية به، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 169] ، من طرق عن أبي إسحاق عن شريح عن علي.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووفقه الذهبي.
وللحديث طريق آخر عن علي رضي الله عنه.
أخرجه النسائي [7/ 217] ، كتاب الضحايا: باب المقابلة وهي ما قطع طرف أذنها والترمذي [4/ 86] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره من الأضاحي، حديث [1498] ، وابن ماجة [2/ 1050] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره أن يضحي به، وأحمد [1/ 105] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 169] ، والحاكم [4/ 225] ، وأبو يعلى [1/ 279] ، رقم [333] ، وابن خزيمة [4/ 293] ، برقم [2914، 2915] ، من طريق سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال: سمعت علياً يقول: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستشرف العين والأذن.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وحجية بن عدي قال الذهبي: قال أبو حاتم: شبه المجهول لا يحتج به.(4/347)
عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ1، وَالْمُصْفَرَّةُ؛ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ: الْمَهْزُولَةُ.
1963- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ"، أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، هَذِهِ رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ.
وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ3. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ4، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ جَابِرٍ5، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءَ6.
وَالْمَوْجُوءَيْنِ: الْمَنْزُوعَيْ الْأُنْثَيَيْنِ.
1964- حَدِيثُ: "خَيْرُ الضَّحِيَّةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ"، أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَزَادَ: "وَخَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ" 7، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةُ نَحْوَ الْجُمْلَةِ
__________
1 أخرجه أحمد [4/ 185] ، وأبو داود [3/ 97] ، كتاب الأضاحي: باب ما يكره من الضحايا، حديث [2803] ، والحاكم [4/ 225] ، كلهم من طريق عيسى بن يونس ثنا ثور بن يزيد حدثني أبو حميد الرعيني حدثني يزيد بن خالد المصري قال: أتيت عتبة بن عبد الله السلمي فقلت: يا أبا الوليد: إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئاً يعجبني غير مرماء ... الحديث.
2 وأخرجه أحمد [6/ 391- 392] ، من طريق عبيد الله بن عمر عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبي رافع به، وأخرجه ابن ماجة [2/ 1043- 1044] ، كتاب الأضاحي: باب أضاحي رسول الله صل الله عليه وسلم [3122] ، وأحمد [6/ 220] ، والحاكم [4/ 227- 228] ، من طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن عائشة أو عن أبي هريرة به.
قال البويصري في "الزوائد" [3/ 49] : هذا إسناد حسن عبد الله بن محمد مختلف فيه.
3 أخرجه الحاكم [2/ 391] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بأن فيه سهيل ذو مناكير وابن عقيل ليس بالقوي.
4 تقدم تخريجه قريباً.
5 ينظر: الموضع السابق.
6 أخرجه أحمد [5/ 196] ، من حديث أبي الدرداء قال: ضحى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبشين جذعين موجيين.
7 أخرجه أبو داود [2/ 217] ، كتاب الجنائز: باب كراهية المغالاة في الكفن، حديث [3156] ، وابن ماجة [1/ 473] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، حديث [1473] ، بلفظ: "خير الكفن الحلة".
والحاكم [4/ 228] ، والبيهقي [9/ 273] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب أن يضحى به من الغنم من طريق عبادة بن نسي عن أبيه عن عبادة بن الصامت مرفوعاً: "خير الكفن الحلة وخير الأضحية الكبش الأقرن". =(4/348)
الْأُولَى1، وَفِي إسْنَادِهِ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْهَتْمَاءِ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، لَكِنْ فِي "غَرِيبِ الْحَدِيثِ" لِأَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ فِي الْهَتْمَاءِ يُضَحَّى بِهَا، فَهِيَ الْمَكْسُورَةُ الْأَسْنَانِ.
قُلْت: وَفِي حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد؛ أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنْ الثَّرْمَاءِ أَلَّا جِئْتَنِي أُضَحِّي بِهَا، والثرماء: الذي ذَهَبَ بَعْضُ أَسْنَانِهَا.
وَنَقَلَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "لَا نَحْفَظُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نقض الأسنان شيء يَعْنِي: فِي النَّهْيِ".
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أُتِيَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَأَضْجَعَهُ"، تَقَدَّمَ.
1965- حَدِيثُ جَابِرٍ: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ"، مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ2، وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ حُذَيْفَةَ؛ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَكَ بَيْنَ
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 وأخرجه الترمذي [4/ 98] ، كتاب الأضاحي: باب [18] ، رقم [517] ، وابن ماجة [2/ 1046] ، كتاب الأضاحي: باب ما يستحب من الأضاحي، رقم [3130] .
2 أخرجه مالك [2/ 486] ، كتاب الضحايا: باب الشركة في الضحايا، حديث [9] ، وأحمد [3/ 353، 363] ، ومسلم [2/ 955] ، كتاب الحج: باب الأشتراك في الهدي، حديث [350/ 1318] ، وأبو داود [3/ 239- 240] ، كتاب الضحايا: باب في البقر والجزور عن كم تجزئ، حديث [8209] ، والترمذي [4/ 89] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الأشتراك في الأضحية، حديث [1502] ، وابن ماجة [2/ 1047] ، كتاب الأضاحي: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، حديث [3132] ، والبيهقي [9/ 294] ، كتاب الضحايا: باب الاشتراك في الهدي والأضحية، من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: نحرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
وأخرجه مسلم [2/ 955] ، كتاب الحج: باب الاشتراك في الهدي، حديث [353/ 1318] ، وأحمد [3/ 378] ، وابن الجارود [479] ، وابن خزيمة [4/ 287- 288] ، رقم [2900] ، والبيهقي [9/ 295] ، كتاب الضحايا: باب الاشتراك في الهدي والأضحية من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: اشتركنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة فقال رجل لجابر أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور قال: ما هي إلا من البدن.
وأخرجه ابن خزيمة [4/ 288] ، رقم [2901] ، من طريق عمرو بن الحارث ومالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر به.
وأخرجه مسلم [2/ 955] ، كتاب الحج: باب الاشتراك في الهدي، حديث [352/ 1318] ، من طريق عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر وأخرجه أيضاً [351/ 1318] ، من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر ورواه من هذا الطريق أيضاً أحمد [3/ 292] ، والبيقهي [5/ 295- 296] ، وقد توبع أبو الزبير على هذا الحديث تابعه عطاء بن أبي رباح وأبو سفيان والشافعي وسليمان بن قيس. متابعة عطاء أخرجها مسلم [2/ 956] ، كتاب الحج: باب الاشتراك في الهدي، حديث [355/ 1318] ، وأبو داود [2/ 108] ، كتاب الضحايا: باب في البقر =(4/349)
الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ1.
1966- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ، وَنَحْنُ مُتَمَتِّعُونَ"، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثٍ لِجَابِرٍ قَالَ: "خرجنا رَسُولِ اللَّهِ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الإبل والبقر؛ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ"، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "اشْتَرَكْنَا كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ"2.
قَوْلُهُ: "وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الشَّعَائِرَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج: 32] بِاسْتِسْمَانِ الْهَدْيِ وَاسْتِحْسَانِهِ".
قُلْت: الْبُخَارِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ: سُمِّيَتْ البدن لاستسمانها، وصله الْفِرْيَابِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِهِ؛ كَمَا بَيَّنْته فِي "التعليق"، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ زُفَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ: أَحَبُّ الضَّحَايَا إلَى اللَّهِ أَعْلَاهَا وَأَسْمَنُهَا".
1967- حَدِيثُ: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا الثَّنِيَّةَ، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ"، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَالُوا كُلُّهُمْ: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً" 3؛ وَكَأَنَّ الْمُصَنَّفَ سَاقَهُ بِالْمَعْنَى، فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "شَرْحِ مُسْلِمٍ" نَقْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ: الْمُسِنَّةُ الثَّنِيَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ،
__________
= والجذور، حديث [2807] ، والنسائي [7/ 222] ، كتاب الضحايا: باب ما تجزئ عنه البقرة في الضحايا، وأحمد [3/ 263] ، والدارقطني [2/ 47] ، العيدين، وابن خزيمة [4/ 288] ، رقم [2902] ، وأبو يعلى [4/ 31] ، رقم [2034] ، والبيهقي [9/ 295] ، من طريق هشيم عن عبد الملك عن عطاء عن جابر قال: كنا نتمتع مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعميرة فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها.
متابعة أبي سفيان:
أخرجها أحمد [3/ 316] ، من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.
متابعة عامر الشعبي:
أخرجه أحمد [3/ 335] ، والدارقطني [2/ 243- 244] ، من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر به.
ومجالد بن سعيد فيه ضعف.
متابعة سليمان بن قيس:
أخرجها أحمد [3/ 353، 364] ، والطيالسي [1/ 229- منحة] ، رقم [1103] من طريق أبي عوانة حدثنا أبو بشير عن سليمان بن قيس عن جابر به.
1 أخرجه أحمد [5/ 405] .
2 أخرجه مسلم [5/ 75- 76] ، كتاب الحج: باب الاشتراك في الهدي، وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة، حديث [350- 355/ 1318] .
3 تقدم تخريجه قريباً.(4/350)
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: الْمُسِنَّةُ: الَّتِي لَهَا ثَلَاثٌ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: الَّتِي دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ لَا يُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ، فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَفْضَلِ، وَتَقْدِيرُهُ: المستحب أن لا يَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً.
حَدِيثُ: "مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ... "، الْحَدِيثَ، تَقَدَّمَ فِي "الْجُمُعَةِ".
1968- حَدِيثُ: "دَمُ عَفْرَاءَ، أَحَبُّ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ"، أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "دَمُ الشَّاةِ الْبَيْضَاءِ، عِنْدَ اللَّهِ أَزْكَى مِنْ دَمِ السَّوْدَاوَيْنِ" 2، وَفِيهِ حَمْزَةُ النَّصِيبِيُّ، قِيلَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ كَبِيرَةَ بِنْتِ سُفْيَانَ نحو الْأَوَّلُ3، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ4، وَنُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَفْعَهُ لَا يَصِحُّ.
1969- حَدِيثُ أَنَسٍ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ5"، الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ.
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 417] ، والحاكم [4/ 227] ، والبيهقي [9/ 273] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب أن يضحي به من الغنم، كلهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
وفي إسناده أبو ثفال المري الشاعر المدني هو ثمامة بن حصين، قال البخاري في حديثه نظر. "ميزان الاعتدال" [7/ 346] .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد" [4/ 21] : رواه أحمد وفيه أبو ثقال قال البخاري: فيه نظر.
2 أخرجه الطبراني [11/ 109] ، برقم [11201] من طريق حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنه قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "واستوصوا بالمعزى خيراً وإن دم الشاه البيضاء أعظم عند الله من دم السوداوين".
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 69] : رواه الطبراني في "الكبير" وفيه حمزة النصيبي وهو متروك.
3 أخرجه الطبراني [25/ 16] ، برقم [9] ، وذكره الهيثمي في "الكبير" وفيه محمد بن سليمان بن مسمول وهو ضعيف.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" [7/ 122] ، من طريق يزيد بن الحباب ثنا سفيان عن توبة العنبري عن سلاة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دم الشاه يعني عقراء أفضل من دم شاتين أسودين".
4 أخرجه البيهقي [9/ 273] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب أن يضحي به من الغنم.
5 تقدم تخريجه قريباً.(4/351)
قَوْلُهُ: "وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَذَبَحَ بَعْدَهَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ"، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ لَفَظَّةُ: "هَذِهِ"، مِنْ قَوْلِهِ: "صَلَاتَنَا هَذِهِ".
قَوْلُهُ: "وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى "ق"، وَفِي الثَّانِيَةِ: "اقْتَرَبَتْ"، وَيَخْطُبُ خُطْبَةً مُتَوَسِّطَةً".
أَمَّا الْقِرَاءَةُ: فَتَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي "صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ"؛ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ: فَتَقَدَّمَ في "الجمعة".
قوله: "وَكَانَ لَا يُطَوِّلُ الصَّلَاةَ"، تقدم فِي "صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ".
حَدِيثُ: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَأَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ بِلَفْظِ: "فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ"، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الِاخْتِلَافَ فِي إسْنَادِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَصْلُهُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، وَالْمَحْفُوظُ: "مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، يَعْنِي: الْبُقْعَةَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الذَّبْحِ لَيْلًا"، الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا، وَفِيهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ؛ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
قُلْت: وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ الْحَسَنِ: "نَهَى عَنْ جِدَادِ اللَّيْلِ، وَحَصَادِ اللَّيْلِ، وَالْأَضْحَى بِاللَّيْلِ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَنَحَرَ مِنْهَا بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَأَمَرَ عَلِيًّا فَنَحَرَ الْبَاقِيَ"، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي "الْحَجِّ"2.
1970- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كن يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى"، الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ أَنْ يَلِينَ ذَبْحَ هَدْيِهِنَّ"، لَمْ أَرَهُ مَرْفُوعًا،
__________
1 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد: [4/ 26] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه سليمان بن أبي سلمة الجنايزي وهو متروك.
2 تقدم تخريجه في كتاب الحج.
3 أخرجه البخاري [10/ 9] ، كتاب الأضاحي: باب الأضاحي، حديث [5552] ، وأبو داود [3/ 240] ، كتاب الضحايا: باب الإمام يذبح بالمصلى، حديث [2811] ، والنسائي [7/ 213] ، كتاب الضحايا: باب ذبح الإمام أضحيته بالمصلى، وابن ماجة [2/ 1055] ، كتاب الأضاحي: باب الذبح بالمصلى، حديث [3161] ، والبيهقي [9/ 278] ، كتاب الضحايا: باب ما شاء من الأئمة ضحى في مصلاه.(4/352)
وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي "تَعَالِيقِ الْبُخَارِيِّ".
1971- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَفَاطِمَةَ: "قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا؛ فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك"، الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ1، وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ2، وَفِي الْأَوَّلِ عَطِيَّةُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ، أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ3، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
1972- حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"، مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِلَفْظِ: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ"، وَالْبَاقِي سَوَاءٌ4.
__________
1 أخرجه الحاكم [4/ 222] ، كتاب الأضاحي، والبزار [2/ 59- كشف] ، رقم [1202] ، من طريق عمرو بن قيس عن عطية العوفي عن أبي سعيد مرفوعاً.
وقال البزار: لا نعلم له طريقاً عن أبي سعيد أحسن من هذا وعمرو بن قيس كان من عباد أهل الكوفة وأفاضلهم ممن يجمع أحاديثه كلامه.
وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: عطية واه.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" المجمع [4/ 20] ، وقال: رواه البزار وفيه عطية بن قيس وفيه كلام كثير وقد وثق.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 38- 39] : فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر.
2 أخرجه الحاكم [4/ 222] ، من طريق أبي حمزة الثفالي عن سعيد بن جبير عن عمران بن حصين مرفوعاً.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: بل أبو حمزة ضعيف جداً وإسماعيل ليس بذاك.
3 أخرجه البيهقي [9/ 283] ، كتاب الضحايا: باب ما يستحب للمرء عن أن يتولى ذبح نسكه أو يشهده.
4 أخرجه مسلم [3/ 1548] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، حديث [57/ 1955] ، والطيالسي [1/ 341- 342] ، كتاب الصيد والدبائح: باب ما جاء في نحر الإبل وذبح غيرها، حديث [1740] ، وأحمد [4/ 123، 124، 125] ، وأبو داود [3/ 244] ، كتاب الأضاحي: باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، حديث [2815] ، والترمذي [4/ 23] ، كتاب الديات: باب ما جاء في النهي عن المثلة، حديث [1409] ، والنسائي [7/ 229] ، كتاب الضحايا: باب حسن الذبح، وابن ماجة [2/ 1058] ، كتاب الذبائح: باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، حديث [3170] ، وابن الجارود ص [301] ، ما جاء في الذبائح، حديث [899] ، والدارمي [2/ 82] ، كتاب الأضاحي: باب في حسن الذبيحة وعبد الرزاق [4/ 492] ، رقم [8603، 8604] ، وابن حبان [5853- الإحسان] ، والطبراني في "الكبير" [7/ رقم 7114] ، وفي "الصغير" [2/ 105] ، والسهمي في "تاريخ جرجان" ص [386] ، والخطيب في "تاريخه" [5/ 278] ، والبيهقي [8/ 60] ، والبغوي في "شرح السنة" =(4/353)
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَجُلًا أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَهُوَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ، هَلَّا حَدَدْت شَفْرَتَك قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا"، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ1، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا2.
1973- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: "وَجَّهْت وَجْهِي اللذي فطر السماوات وَالْأَرْضَ"، الْآيَتَيْنِ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرٍ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ3، وَأَبُو عَيَّاشٍ لَا يُعْرَفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ: "ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ بِذَلِكَ الْكَبْشِ: "اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ"، تَقَدَّمَ، وَهُوَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: "إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ"، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ"، الْحَدِيثَ، تَقَدَّمَ فِي "الْحَجِّ".
1974- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُقَلِّدُهَا هُوَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4.
1975- حَدِيثُ عُمَرَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِي بَدَنَةً، وَهِيَ تُطْلَبُ مِنِّي، فَقَالَ: "انْحَرْهَا، وَلَا تَبِعْهَا وَلَوْ طُلِبَتْ بِمِائَةِ بَعِيرٍ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، نَعَمْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ رِوَايَةِ جَهْمِ بْنِ الْجَارُودِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: "أَهْدَى عُمَرُ نَجِيبًا فَأُعْطِيَ بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:
__________
= [6/ 21- بتحقيقنا] ، من طريق أبي فلاتة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله كتب الإحسان ... " الحديث.
1 أخرجه الحاكم [4/ 231] ، والطبراني [11/ 333] ، برقم [11916] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 36] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح".
قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه عبد الرزاق [4/ 493] ، كتاب المناسك: باب سنة الذبح، حديث [8608] .
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه البخاري [4/ 362] ، كتاب الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، حديث [1696] ، وأطرافه في [1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 23017، 5566] ، ومسلم [5/ 78- 82] ، كتاب الحج: باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم ... حديث [359- 370/ 1321] .(4/354)
لَا، انْحَرْهَا إيَّاهَا" 1.
1976- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: "اشْتَرَيْت كَبْشًا لِأُضَحِّيَ بِهِ، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْيَةَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "ضَحِّ بِهِ" 2، أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمَدَارُهُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ قَرَظَةَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَيُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَاةٍ قُطِعَ ذَنَبُهَا، يُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ: ضَحِّ بِهَا3.
حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ بِبُدْنٍ مِنْ الْيَمَنِ، وَسَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَنَحَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ ... " الْحَدِيثَ، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي "الْحَجِّ".
1977- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بَدَنَةٍ، وَأَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وأن لا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: "نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4.
__________
1 أخرجه أبو داود [2/ 146- 147] ، كتاب المناسك: باب تبديل الهدي، حديث [1756] ، وابن خزيمة في "صحيحه" [4/ 292] ، برقم [1911] .
2 أخرجه أحمد [3/ 78] ، وابن ماجة [2/ 1051] ، كتاب الأضاحي: باب من اشترى أضحية صحيحة فأصابها عنده شيء، حديث [3146] ، والبيهقي [9/ 289] ، كتاب الضحايا: باب الرجل يشتري أضحية وهي تامة ثم عرض بها نقص وبلغت المنسك، من طريق عن جابر الجعفي عن محمد بن قرطة عن أبي سعيد به.
وقال البيهقي: جابر غير محتج به وأخرجه من طريق الحجاج بن أرطأة عن شيخ من أهل المدينة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا بأس بالأضحية المقطوعة الذنب". ثم قال: وهذا مختصر من الحديث الأول فقد رواه حماد بن سلمة عن حجاج عن عطية عن أبي سعيد أن رجلاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شاة قطع ذنبها يضحى بها؟ قال: "ضح بها".
والحديث ذكره الحافظ البوصيري في "الزوائد" [3/ 54] ، وقال: هذا إسناد ضعيف فيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف وقد اتهم.
قلت: وطريق حماد بن سلمة خرجها أحمد عن سريج وعفان كلاهما عن حماد عن حجاج عن أبي سعيد قال: سألت إن الذئب قطع ذنب شاه لي فأضحي بها؟ قال: نعم وهذا سند ضعيف الحجاج وعطية ضعيفان مدلسان.
3 ينظر السابق.
4 أخرجه البخاري [3/ 642] ، كتاب الحج: باب الجلال للبدن رقم [1707] ، وأطرافه في [1716- 1717، 1718، 2299] ، ومسلم [2/ 954- 955] ، كتاب الحج: باب في الصدقة بلحوم الهدى وجلودها وجلالها، رقم [348، 348، 348، 349، 349/ 1317] ، وأبو داود [1/ 549] ، كتاب المناسك: باب كيف تنحر البدن، برقم [1769] ، والنسائي [2/ 456- 457] ، كتاب الحج: باب ترك الأكل منها، رقم [4142/ 1] ، باب الأمر بصدقة لحومها، رقم [4143/ 1- 4144/ 2- 4145/ 3] ، باب الأمر بصدقة جلودها، رقم [4146/ 1- 4147/ 2] ، باب الأمر بصدقة جلالها، رقم [4148/ 1- 4149/ 2] ، وابن ماجة [2/ 1035] ، كتاب المناسك: باب من جلل البدنة، رقم [3099] ، [2/ 1054] ، كتاب الأضاحي: باب جلود الأضاحي، برقم [3157] .(4/355)
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ"، تَقَدَّمَ فِي "صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ".
1978- قَوْلُهُ: "قَالَ الْعُلَمَاءُ، كَانَ ادِّخَارُ الْأُضْحِيَّةِ فَوْقَ الثَّلَاثِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، ثُمَّ أَذِنَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَاجَعُوهُ، وَقَالَ: كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: "دُفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادَّخِرُوا ثَلَاثًا -وَفِي رِوَايَةٍ: "لِثَلَاثٍ"- ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، فَقَالَ: "إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَادَّخِرُوا" 1.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 484] ، كتاب الضحايا: باب إدخار لحوم الأضاحي، حديث [7] ، ومن طريقه مسلم [3/ 1561] ، كتاب الأضاحي: باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء، حديث [28/ 1971] ، وأبو داود [2/ 108- 109] ، كتاب الأضاحي: باب في حبس لحوم الأضاحي، رقم [2812] ، والنسائي [7/ 235] ، كتاب الأضاحي: باب الإدخار من الأضاحي [4431] ، وأحمد [6/ 51] ، والبيهقي [9/ 293] ، عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضضى زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ادخروا ثلاثاً ثم تصدقوا بما بقي" فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويحملون منها الوذك. فقال: "وما ذاك"؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فقال: "إنما نهيتكم من أجل الدافة، فكلوا وادخروا وتصدقوا".
وأخرجه الدارمي [2/ 79] ، كتاب الأضاحي: باب في لحوم الأضاحي من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة بنحوه. وأخرجه البخاري [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، حديث [5570] ، والبيهقي [9/ 293] ، من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قال: الضحية كنا نملح منه فتقدم به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة فقال: "لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام وليست بعزيمة ولكن أراد أن نطعم منه".
وأخرجه البخاري [9/] ، كتاب الأطعمة: باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم [5423] ، وأحمد [6/ 127- 128] ، والنسائي [7/ 235- 236] ، كتاب الأضاحي: باب الإدخار من الأضاحي [4432] ، والبيهقي [9/ 292] ، من طريق عبد الرحمن بن عباس عن أبيه قال: قلت لعائشة: أنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغني الفقير وإن كان لنرفع الكراع فنأكله بعد خمسة عشرة قيل: ما اضطركم إليه فضحكت قالت: ما شبع آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله.
وأخرجه الترمذي [4/ 79] ، كتاب الأضاحي: باب في الرخصة في أكلها بعد ثلاثة [1511] ، عن عباس بن ربيعة قال: قلت لأم المؤمنين: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن لحوم الأضاحي قالت: لا ولكن قل من كان يضحي من الناس فأحب أن يطعم من لم يكن يضحي فلقد كنا نرفع الكراع فنأكله بعد عشرة أيام.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح وأم المؤمنين هي عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد روي عنها هذا الحديث من غير وجه.(4/356)
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ1، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ2، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَعَنْ بُرَيْدَةَ3 وَأَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ4.
__________
1 أخرجه البخاري [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، حديث [5567] ، ومسلم [3/ 1562] ، كتاب الأضاحي: باب بيان النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه، حديث [30، 31/ 1972] ، وأحمد [3/ 317، 378] ، والدارمي [2/ 80] ، كتاب الضحايا: باب في لحوم الأضاحي والبيهقي [9/ 291] ، من طريق عطاء عن جابر قال: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث مني فأرخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتزود منها ونأكل منها.
وفي رواية من هذا الوجه: كنا نتزود لحوم الهدي على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة.
وأخرجه مالك [2/ 484] ، كتاب الضحايا: باب إدخار لحوم الأضاحي، حديث [6] ، ومن طريقه مسلم [3/ 1562] ، كتاب الأضاحي: باب بيان النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه [29/ 1972] ، والنسائي [7/ 233] ، كتاب الأضاحي: باب [26] ، وأحمد [3/ 388] ، والبيهقي [9/ 291] ، عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن أكل لحوم الصحايا بعد ثلاث ثم قال: "كلوا وتزودوا وادخروا".
2 أخرجه البخاري [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، حديث [5569] ، ومسلم [3/ 1513] ، كتاب الأضاحي: باب بيان النهبي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه، حديث [34] 1974، عنه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثة شيئاً"، فلما كان في العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول فقال: "لا إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشوا فيهم".
3 أخرجه مسلم [3/ 1563- 1564] ، كتاب الأضاحي: باب بيان النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه [37/ 1977] ، والنسائي [7/ 234- 235] ، كتاب الأضاحي: باب [26] ، والترمذي [4/ 79] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الرخصة في أكلها بعد ثلاث، حديث [1510] ، من طريق ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث ليتسع ذوو الطول على من لا طول له فكلوا ما بدا لكم وأطعموا وادخروا".
وقال الترمذي: حسن صحيح.
4 أخرجه البخاري [10/ 26] ، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، حديث [5567] ، والنسائي [7/ 233] ، كتاب الأضاحي: باب [26] ، من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن ابن خباب أن أبا سعيد الخدري قدم من سفر فقدم إليه أهله لحماً من لحوم الأضاحي فقال: ما أنا بآكله حتى أسأل فانطلق إلى أخيه لأمه قتادة بن النعمان وكان بدرياً فسأله عن ذلك فقال: إنه قد حدث بعدك أمر نقضاً لما كانوا نهوا عنه من أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام.
أخرجه مسلم [3/ 1562] ، كتاب الأضاحي: باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه [33/ 1973] ، وأحمد [3/ 85] ، وأبو يعلى [2/ 411] ، رقم [1196] ، من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث" فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لهم عيالاً وحشماً وخدماً فقال: "كلوا وأطعموا وادخروا". =(4/357)
تَنْبِيهٌ: دَفَّ؛ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ؛ أَيْ: جَاءَ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الدافة قوم يسيرون جَمَاعَةً سَيْرًا لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَيَجْمُلُونَ بِالْجِيمِ، أَيْ: يُذِيبُونَ.
1979- قَوْلُهُ: "وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: "كُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَاتَّجِرُوا"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ بِهِ فِي حَدِيثٍ1.
فَائِدَةٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: "قَوْلُهُ اتَّجِرُوا"، هُوَ بِالْهَمْزِ، أَيْ: اُطْلُبُوا الْأَجْرَ بِالصَّدَقَةِ، قَالَ: وَذَكَرَ الِادِّخَارَ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كُلُوهُ فِي الْحَالِ إنْ شِئْتُمْ، أَوْ ادَّخِرُوا إنْ شِئْتُمْ، أَوْ تَصَدَّقُوا، وَأَنْكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ التِّجَارَةِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: اتَّجِرُوا، بِوَزْنِ اتَّخِذُوا، وَالْأَجْرُ وَهُوَ بِمَعْنَى ائْتَجِرُوا بِالْهَمْزِ، وَكَقَوْلِك فِي الْإِزَارِ، ائْتَزِرْ، وَاِتَّزِرْ، وَصَحَّحَ ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
1980- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ"، ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ"، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُذَيْنَةَ،
__________
= وللحديث طريق آخر عن أبي سعيد:
أخرجه أحمد [3/ 23] ، والنسائي [7/ 234] ، كتاب الأضاحي: باب [26] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 186- 187] ، وأبو يعلى [2/ 281] ، رقم [997] ، من طريق سعد بن إسحاق قال: حدثتني زينب بنت كعب عن أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ثم رخص أن نأكل وندخر قال: فقدم قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد فقدموا إليه قديد الأضاحي فقال: كان هذا من قديد الأضحى قالوا نعم، قال: أليس قد نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو سعيد: بلى إنه قد حدث فيه أمر كان نهانا عنه أن نحبسه فوق ثلاثة أيام ورخص لنا أن نأكل وندخر.
وله شاهد أيضاً من حديث ثوبان:
أخرجه مسلم [3/ 1563] ، كتاب الأضاحي: باب بيان النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه، حديث [35/ 1975] ، وأحمد [5/ 177] ، وأبو داود [2/] ، والنسائي في "الكبرى" [2/ 458] ، والبيهقي [9/ 291] ، من طريق معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ثوبان قال: ذبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحيته ثم قال: يا ثوبان أصلح لهم هذه فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة.
وأخرجه مسلم [36/ 1975] ، والدارمي [2/ 79] ، كتاب الأضاحي: باب في لحوم الأضاحي من طريق عبد الرحمن بن نفير عن أبيه عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع: "أصلح هذا اللحم فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة".
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه ابن حبان في كتاب "المجروحين" [2/ 18- 19] ، وابن الجوزي في "الموضوعات" [2/ 302] ، من طريق ابن حبان كلاهما من حديث عبد الله بن أذينة عن ثور بن يزيد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
وعبد الله بن أذينة قال عنه ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي عن ثور ما ليس من حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحال. =(4/358)
وَهُوَ شَيْخٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ.
وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْغَرِيبِ" وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَرْفُوعًا1، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَعَ انْقِطَاعِهِ.
حَدِيثُ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "أَنَّهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَعْتَقِدَ النَّاسُ وُجُوبَهَا"، ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حديث أبي شريحة الْغِفَارِيِّ قَالَ: "أَدْرَكْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُضَحِّيَانِ؛ كَرَاهَةَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِمَا"2، وَهُوَ فِي "تَارِيخِ ابْنِ أبي خيثمة، و"كتاب الضَّحَايَا" لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَهُوَ فِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "مَنْ عَيَّنَ أُضْحِيَّتَهُ فَلَا يَسْتَبْدِلْ بِهَا"، لَمْ أَجِدْهُ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ، مِنْ طَرِيقِ سلمة بن كهيل، عَنْ خَالٍ لَهُ: "أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا عَنْ أُضْحِيَّةٍ اشتراها، فقال: أو عينتموها لِلْأُضْحِيَّةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَكَرِهَهُ.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّهَا أَهْدَتْ هَدْيَيْنِ فَأَضَلَّتْهُمَا، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إلَيْهَا بِهَدْيَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ فَنَحَرَتْهُمَا وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ"، الدارقطني مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهَا3، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَطَاءٍ؛ "أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَدَنَةً فَأَضَلَّتْهَا، فَاشْتَرَتْ مَكَانَهَا، ثُمَّ وَجَدَتْهَا فَنَحَرَتْهُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ أَنْحَرَهُمَا جَمِيعًا"4.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً مَعَهَا وَلَدُهَا، فَقَالَ: "لَا تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بن حدف الْعِيسِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ بِالرَّحْبَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ "هَمْدَانَ" يَسُوقُ بَقَرَةً مَعَهَا وَلَدُهَا، فَقَالَ لَهُ: إنِّي اشْتَرَيْتهَا أُضَحِّي بِهَا، وَإِنَّهَا وَلَدَتْ، قَالَ: فَلَا تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا فَضْلًا عَنْ ابْنِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ؛ فَانْحَرْهَا هِيَ
__________
= قال ابن الجوزي في "الموضوعات": وقد فسروا هذا الحديث بأن الجاهلية كانوا إذا اشتروا داراً أو استخرجوا عيناً ذبحوا لها ذبيحة لئلا يصيبهم أذى من الجن، فأبطل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك.
ونقل مثل ذلك البيهقي [9/ 314] .
1 أخرجه البيهقي [9/ 314] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في معاقرة الأعراب، وذبائح الجن.
2 أخرجه البيهقي [9/ 264- 265] ، كتاب الضحايا: باب الأضحية سنة نحب لزومها ونكره تركها.
وفي "معرف السنن والآثار" [7/ 197] ، كتاب الضحايا: باب الأمر بالضحية، حديث [5632] ، من طريق الشافعي.
3 أخرجه الدارقطني [2/ 242] ، كتاب الحج: باب المواقيت، حديث [29] .
4 أخرجه ابن أبي شيبة [3/ 304] ، كتاب الحج: باب في الرجل يشتري البدنة فتضل فيشتري غيرها، حديث [14440] .(4/359)
وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ1، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"، وَحُكِيَ عَنْ ابن زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ2.
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَيْضًا: "أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ بِالْبَصْرَةِ: إنَّ أَمِيرَكُمْ هَذَا قَدْ رَضِيَ مِنْ دُنْيَاكُمْ بِطِمْرَيْهِ، وَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ فِي السَّنَةِ إلَّا الْفِلْذَةَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ"، لَمْ أَجِدْهُ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى "الْوَسِيطِ": إنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِثَوْبَيْهِ الخلقين.
__________
1 أخرجه البيهقي [9/ 288] ، كتاب الضحايا: باب ما حاء في ولد الأضحية ولبنها.
2 "العلل" لابن أبي حاتم [2/ 46] .(4/360)
كِتَابُ العقيقة
مدخل
...
76- كتاب الْعَقِيقَةِ3
1981- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ"، التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لِابْنِ مَاجَهْ، وَزَادَ: "شَاتَيْنِ مُكَافِئَتَيْنِ"4.
__________
3 أصل العقيقة: صوف الجزع، وشعر كل مولود من الناس والبهائم، الذي يولد عليه، يقال: عقيقة وعقيق، وعقة أيضاً بالكسر، وبه سميت الشاة التبي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عقيقة، لأنه يزال عنه الشعر يومئذ، فسميت باسم سببها وقال زهير بذكر حماراً وحشياً:
أذلك أم أقب البطن جأب ... عليه من عقيقته عفاء
وقال امرؤ القيس:
فيا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا
هو الذي في رأسه شقرة. وقيل إنه مأخوذ من العق، وهو الشق والقطع، فسميت الذبيحة عقيقة، لأنه يشق حلقومها.
ينظر: "النظم المستعذب" [1/ 219- 220] .
4 أخرجه الترمذي [4/ 97] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في العقيقة، حديث [1513] ، وابن ماجة [2/ 1056] ، كتاب الذبائح: باب العقيقة، حديث [3163] ، وأحمد [6/ 158] ، وعبد الرزاق [7956] ، وأبو يعلى [8/ 108- 109] ، رقم [4648] ، وابن حبان [1058- موارد] ، والبيهقي [9/ 301] ، من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وصححه أيضاً ابن عباس. وله طريق آخر عن عائشة:
أخرجه الحاكم [4/ 238] ، من طريق عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزوراً فقالت عائشة رضي الله عنها: لا بل السنة أفضل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. =(4/360)
1982- حَدِيثُ سَمُرَةَ: "الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ
__________
= وفي الباب عن أسماء بنت يزيد وأم كرز الكعبية وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم فأما حديث أسماء بنت يزيد:
أخرجه أحمد [6/ 456] ، عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العقيقة حق على الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 60] ، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجاله محتج بهم.
وأما حديث أم كرز الكعبية:
أخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الضحايا: باب في العقيقة، حديث [2834] ، والنسائي [7/ 165] ، كتاب العقيقة عن الغلام وعن الجارية، والدارمي [2/ 81] ، كتاب الأشربة: باب السنة في العقيقة، وأحمد [6/ 381، 422] ، وعبد الرزاق [4/ 327] ، رقم [7953] ، والحميدي [1/ 167] ، رقم [346] ، وابن حبان [1060- موارد] ، والبيهقي [9/ 301] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 457] ، من طريق حبيبة بنت ميسرة عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة".
وصححه ابن حبان.
وحبيبة بنت ميسرة مقبولة.
وأخرجه أبو داود [3/ 275] ، كتاب الضحايا: باب في العقيقة حديث [2835] ، والنسائي [7/ 165] ، كتاب العقيقة: باب العقيقة عن الغلام وعن الجارية، والترمذي [4/ 98] ، كتاب الأشربة: باب الأذن في أذن المولود، حديث [1516] ، وابن ماجة [2/ 1056] ، كتاب الذبائح: باب العقيقة، حديث [3162] ، وعبد الرزاق [4/ 328] ، رقم [7954] ، وابن أبي شيبة [8/ 237] ، والدارمي [2/ 86] ، والحميدي [1/ 166] ، رقم [345] ، والحاكم [4/ 237] ، والبيهقي [9/ 300- 301] ، وابن حبان [1059- موارد] ، من طريق سباع بن ثابت عن أم كرز الكعبية به.
وقال الترمذي: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان أيضاً، وأخرجه النسائي [7/ 164- 165] ، وابن جميع في "معجمه" [265] ، من طريق عطاء وطاوس ومجاهد عن أم كرز أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "في الغلام شاتان مكافئتان وفي الجارية شاة".
وأما حديث أبي هريرة:
اخرجه البزار [2/ 72- 73- كشف] ، رقم [1233] ، والبيهقي [9/ 301- 302] ، من طريق أبي حفص الشاعر عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن اليهود تعق عن الغلام كبشاً ولا تعق عن الجارية أو تذبح –الشك منه أو من ابنه- فعقوا واذبحوا عن الغلام كبشين وعن الجارية كبشا".
قال البزار: لا نعلمه عن الأعرج عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 61] ، وقال: رواه البزار من رواية أبي حفص الشاعر عن أبيه ولم أجد من ترجمها.
وأما حديث ابن عباس: =(4/361)
رَأْسُهُ وَيُسَمَّى"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ1، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: "وَيُدْمَى"، قَالَ أَبُو دَاوُد: "وَيُسَمَّى أَصَحُّ، وَيُدْمَى غَلَطٌ مِنْ هَمَّامٍ".
قُلْت: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَبَطَهَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ بَهْزٍ عَنْهُ ذَكَرَ الْأَمْرَيْنِ: التَّدْمِيَةَ وَالتَّسْمِيَةَ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ سَأَلُوا قتادة من هية التدمية، فذكرها لهم، فَكَيْفَ يَكُونُ تَحْرِيفًا مِنْ التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ يَضْبِطُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ التَّدْمِيَةِ.
وَأَعَلَّ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، لَكِنْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ مِنْ سَمُرَةَ2؛ كَأَنَّهُ عَنَى هَذَا.
حَدِيثُ أُمِّ كُرْزٍ: "عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ"، النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الذَّبَائِحِ"، وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَيْهَقِيِّ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ3، وَقَالَ: مُنْكَرٌ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْت: أَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ عَنْ قَتَادَةَ: فَلَمْ أَرَهُ مَرْفُوعًا؛ وَإِنَّمَا وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ؛ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، بَلْ جَزَمَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ بِتَفَرُّدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ بِهِ عَنْ قَتَادَةَ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ عَنْ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الْأَضَاحِيّ، وَابْنُ أَيْمَنَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَالْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "شَرْحِ الْمُهَذِّبِ": هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ.
__________
= أخرجه البزار [2/ 73- كشف] ، من طريق عمران بن عيينة عن يزيد بن أبي زياد عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "للغلام عقيقتان وللجارية عقيقة". وذكره الهيثمي [4/ 61] ، وقال: رواه البزار والطبراني في "الكبير" وفيه عمران بن عيينة وثقه ابن معين وابن حبان وفيه ضعف وله طريق آخر عن ابن عباس.
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 458] .
1 تقدم.
2 أخرجه البخاري [11/ 8] ، كتاب العقيقة: باب إماطة الأذى عن الصبي في القيقة، عقب حديث [5472] ، قال: حدثني عبد الله بن أي الأسود حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: أمرني ابن يسرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة، فسألته فقال: من سمرة بن جندب.
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 300] ، كتاب الضحايا: باب العقيقة سنة من ظريق عبد الرزاق أنبأنا عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس به. قال عبد الرزاق: إنما تركوا عبد الله بن محرر، لحال: هذا الحديث. قال البيهقي: وقد روي من وجه آخر عن أنس وليس بشيء.(4/362)
1983- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ: "كَبْشًا كَبْشًا"1، وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، بِزِيَادَةِ: "يَوْمَ السَّابِعِ، وَسَمَّاهُمَا، وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رؤوسهما الْأَذَى"2، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَفِيهِ: "وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَجْعَلُونَ قُطْنَةً فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ، وَيَجْعَلُونَهَا عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ، فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوا مكان الدم خلوفا".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ3، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ4، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ" مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ5،
__________
1 للحديث طرق عن عكرمة عن ابن عباس:
الطريق الأول: أخرجه أبو داود [3/ 261- 262] ، كتاب الأشربة: باب في العقيقة، حديث [2841] ، وابن الجارود رقم [911، 912] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 457] ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" [2/ 151] ، وعبد الرزاق [4/ 330] ، رقم [7862] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [10/ 151] ، من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً.
الطريق الثاني: أخرجه النسائي [7/ 165- 166] ، وابن طهمان في "مشيخته" ص [109] ، رقم [53] ، من طريق عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن والحسين بكبشين كبشين.
الطريق الثالث: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [7/ 116] ، من طريق يعلى بن عبيد عن أيوب عن سفيان عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً.
قال أبو نعيم: تفرد بروايته موصولاً عن الثوري يعلى عن أيوب.
2 أخرجه أبو يعلى [8/ 17- 18] ، رقم [4521] ، والبزار [2/ 75] ، رقم [1239] ، والحاكم [4/ 237] ، وابن حبان [1056، 1057- موارد] ، والبيهقي [9/ 303- 304] ، من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: "عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن والحسين شاتين شاتين يوم السابع ... "
وصححه ابن حبان.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.
3 أخرجه أحمد [5/ 355، 361] ، والنسائي [7/ 164] ، في كتاب العقيقة، حديث [42413] ، من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عق عن الحسن والحسن.
4 أخرجه الحاكم [4/ 237] ، من طريق سوار أبي حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين.
وسكت عنه الحاكم: وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: سوار ضعيف.
5 أخرجه أبو يعلى [5/ 323- 324] ، رقم [2945] ، وفي "معجم شيوخه" ص [199] ، رقم [152] ، والبزار [2/ 73- كشف] ، رقم [1235] ، وابن حبان [1061- موارد] ، وابن عدي في "الكامل" [2/ 550] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 456] ، والبيهقي [9/ 299] ، من طريق جرير بن حازم عن قتادة عن أنس. =(4/363)
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ1، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ2.
وَلَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ، ذَبَحَ شَاةً، وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ"3.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمُّوا السَّقْطَ4، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، لَكِنْ فِي "الطُّيُورِيَّاتِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صَارِخًا سُمِّيَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَتَمَّتْ دِيَتُهُ، وَوَرِثَ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهَلَّ، لَا"، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ5.
__________
= قال عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حسن وحسين بكبشين.
وصححه ابن حبان.
وقال الذهبي في "المجمع" [4/ 60] : رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجاله ثقات.
وقال في موضع آخر [4/ 61] : رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح".
1 أخرجه البيهقي [9/ 304] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في التصدق بزنة شعره فضة وما تعطي القابلة.
2 أخرجه الترمذي [4/ 99] ، كتاب الأشربة: باب العقيقة بشاة، حديث [1519] ، والحاكم [4/ 237] ، والبيهقي [9/ 304] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في التصدق بزنة شعره فضة وما تعطى القابلة.
كلهم من حديث ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب قال: عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن بشاة، وقال: يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة. قال: فوزنه فكان وزنه درهماً أو بعض درهم.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والحديث سكت الحاكم والذهبي كلاهما عنه ولم يذكرا فيه شيئاً.
قال البيهقي: وهذا أيضاً منقطع، وقيل: في روايته –يعني ابن إسحاق- عن محمد بن علي بن حسين عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه ولا أدري محفوظ هو أم لا.
3 أخرجه بهذا اللفظ أبو داود [3/ 107] ، كتاب الأشربة: باب في العقيقة، حديث [3843] ، والحاكم [4/ 238] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 456] ، والبيهقي [9/ 302- 303] ، كتاب الضحايا: باب لا يمس الصبي بشيء من دمها.
قال الحاكم: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 ذكره الهندي في "كنز العمال" [6/ 420] ، برقم [45214] ، بلفظ: سموا أسقاطكم فإنهم من أفراطكم، غزاه إلى ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وذكره برقم [45215] ، بلفظ: "سموا السقط يثقل الله به ميزانكم، فإنه يأتي يوم القيامة يقول: أضاعوني فلم يسموني".
وعزاه إلى ميسرة في "مشيخته" عن أنس رضي الله عنه.
5 قال الذهبي في "الميزان" [4/ 118] : واه.
وقال الحاكم: ذاهب الحديث. =(4/364)
وَفِي "عمل يوم وليلة" لِابْنِ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَسْقَطْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقْطًا فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَنَّانِي بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ1، وَفِي إسْنَادِهِ دَاوُد بْنُ الْمُحَبَّرِ؛ وَهُوَ كَذَّابٌ2، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّاهَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَتْ، وَلَمْ تُسْقِطْ3، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهِ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَنَّانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي وَلَدٌ، وَلَا سَقْطٌ4.
وَفِي سُنَنِ أبي داود بسند صحيح عَنْهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى غَيْرِي، قَالَ: فَاكْتَنِي بِابْنِك عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ تُكَنَّى أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ5، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ اخْتِلَافٌ فِي إسْنَادِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُضَعِّفُ رِوَايَةَ دَاوُد بْنِ الْمُحَبَّرِ.
1984- حَدِيثُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عَنْهَا وَزَنَتْ شَعْرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومَ، فَتَصَدَّقَتْ بِوَزْنِهِ فِضَّةً، مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِهِ6.
__________
= وقال الرازي: يحل ضرب عنقه.
وقال الحافظ عبدان قلت لعبد الله بن خراش: هذه الأحاديث التي يحدث بها غلام خليل من أين له؟ قال: سرقها من عبد الله بن شبيب، وسرقها ابن شبيب من النضر بن سلمة بن شاذان، ووضعها شاذان.
قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويسرقها.
1 أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" ص [143] ، برقم [419] .
2 قال أحمد: لا يدري ما الحديث.
وقال ابن المديني: ذهب حديثه.
وقال أبو زرعة وغيره: ضعيف.
وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث غير ثقة.
وقال الدارقطني: متروك. "ميزان الاعتدال" [3/ 33] .
3 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [11/ 42] ، كتاب الجامع: باب الأسماء والكنى، حديث [19858] ، بنحو حديث أبي داود الآتي.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" [23/ 28] ، برقم [34] .
5 أخرجه أبو داود [4/ 293] ، كتاب الأدب: باب في المرأة تكنى، حديث [4970] .
6 أخرجه مالك [2/ 501] ، كتاب العقيقة: باب ما جاء في العقيقة، حديث [2، 3] عن جعفر بن محمد عن أبيه وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن علي أيضاً بدون ذكر زينت وأم كلثوم.
وأخرجه الترمذي [4/ 99] ، كتاب الأشربة: باب العقيقة بشاة، حديث [1519] ، من حديث محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن شاة وقال: يا فاطمة أحلقي رأسه وتصدقي زنة شعره فضة فوزنته فكان وزنه درهماً أو بعض درهم. =(4/365)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَسَنِ شَاةً، وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً، فَوَزَنَّاهُ، فَكَانَ وَزْنُهُ درهما أبو بَعْضَ دِرْهَمٍ1.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حَسَنًا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَعُقُّ عَنْ ابْنِي بِدَمٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ احْلِقِي شَعْرَهُ، وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ مِنْ الْوَرِقِ عَلَى الْأَوْفَاضِ، يَعْنِي: أَهْلَ الصُّفَّةِ2، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ.
فَائِدَةٌ: الْأَوْفَاضُ بِفَاءٍ وَمُعْجَمَةٍ: الْمُتَفَرِّقُونَ، وَأَصْلُهُ مِنْ وفضت الْإِبِلُ إذَا تَفَرَّقَتْ3.
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: "زِنِي شَعْرَ الحسين وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً، وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ" 4، وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.
تَنْبِيهٌ: وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى ذِكْرِ التَّصَدُّقِ بِالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ فِي
__________
= وقال الترمذي: حسن غريب وإسناده ليس بمتصل أبو جعفر محمد بن علي لم يدرك علي بن أبي طالب.
قال العلائي في "مجمع التحصيل" ص [266] : محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أبو جعفر الباقر أرسل عن جديه الحسن والحسين وجده الأعلى علي رضي الله عنهم وعن عائشة وأبي هريرة أيضاً وجماعة قاله في "التهذيب".
وأخرجه الحاكم [4/ 237] ، كتاب الذبائح: باب عق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن والحسين من هذا الوجه فقال عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي، وقال: فكان وزنه درهماً، ولم يزد أو بعض درهم وسكت عليه هو والذهبي.
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه أحمد [6/ 390] ، والبيهقي [9/ 304] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في التصدق بزنة شعره فضة وما تعطي القابلة.
كلاهما من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل ... فذكره.
وشريك هذا سيء الحفظ.
3 ينظر: "النهاية" [5/ 5/ 210] .
4 أخرجه الحاكم [3/ 179] ، والبيهقي [9/ 304] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في التصديق بزنة شعره فضة وما تعطي القابلة.
كلاهما من حديث أبو علي الحسن بن علي الحفظ أنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ثنا حسن بن زيد العلوي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه ... فذكره.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأنه: لا.(4/366)
شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الذَّهَبِ، بِخِلَافِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَبًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِضَّةً، وَفِي الْأَحْمَدِينَ مِنْ مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ "الْأَوْسَطِ" فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: "سَبْعَةٌ مِنْ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ، يَوْمَ السَّابِعِ: يُسَمَّى، وَيُخْتَنُ، وَيُمَاطُ عنه الأذى، وتثقب أُذُنُهُ وَيُعَقُّ عَنْهُ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُلَطَّخُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ، وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِ رَأْسِهِ ذَهَبَا أَوْ فِضَّةً"، وَفِيهِ رواه بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُ: يُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى1، مَعَ قَوْلِهِ: يُلَطَّخُ رَأْسُهُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ.
قُلْت: وَلَا إشْكَالَ فِيهِ، فَلَعَلَّ إماطة الذي تَقَعُ بَعْدَ اللَّطْخِ، وَالْوَاوُ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّرْتِيبَ. وَأَمَّا زِنَةُ شَعْرِ أُمِّ كُلْثُومَ وَزَيْنَبَ، فَلَمْ أَرَهُ.
1985- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ2، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: "أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ" 3، وَمَدَارُهُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
حَدِيثُ فَاطِمَةَ: "فِي إعْطَاءِ الْقَابِلَةِ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ"، تَقَدَّمَ.
1986- حَدِيثُ: "لَا فَرْعٌ وَلَا عَتِيرَةٌ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ4، وَقَدْ وَرَدَ
__________
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [3/ 334] ، برقم [1913] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 62] : رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقات.
2 أخرجه أحمد [6/ 9] ، وابو داود [4/ 328] ، كتاب الأدب: باب في الصبي يولد فيؤذن في أذنه، حديث [5105] ، والترمذي [4/ 97] ، كتاب الاضاحي: باب الأذان في أذن المولود، حديث [1514] ، والحاكم [3/ 179] ، والبيهقي [9/ 305] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في التأذين في أذن الصبي حين يولد، كلهم من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف.
3 أخرجه الطبراني كما في "المجمع" [4/ 62- 63] ، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف جداً.
4 أخرجه أحمد [2/ 229، 239، 279، 490] ، والبخاري [11/ 15] ، كتاب العقيقة: باب الفرع، حديث [5473] ، وطرفه في [5474] ، ومسلم [7/ 150- نووي] ، كتاب الأضاحي: باب الفرع والعتيرة، حديث [38/ 1976] ، ومسلم [3/ 105] ، كتاب الأضاحي: باب في العتيرة، حديث [2831] ، والترمذي [4/ 95- 96] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في الفرع والعتيرة، حديث [1512] ، والنسائي [7/ 167] ، في كتاب الفرع والعتيرة، حديث [4222، 4223] ، وابن ماجة [2/ 1058] ، كتاب الذبائح: باب الفرعة والعتيرة، حديث [3168] ، =(4/367)
الْأَمْرُ بِالْعَتِيرَةِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْهَا حَدِيثًا، وَسَاقَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْهَا جُمْلَةً1، وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ، أَيْ: لَا فَرْعَ وَاجِبٌ، وَلَا عَتِيرَةَ وَاجِبَةٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُمَا إنْ تَيَسَّرَا كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا.
حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ أَنَّهُ كَانَ إذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى، لَمْ أَرَهُ عَنْهُ مُسْنَدًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا؛ أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: "مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ، وَأُمُّ الصَّبِيَّانِ هِيَ: التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ" 2.
__________
= والدارمي [2/ 80] ، كتاب الأضاحي: باب في الفرع والعتيرة، وعبد الرزاق [4/ 341] ، كتاب المناسك: باب الفرعة، حديث [7998] ، والحميدي [2/ 468] ، برقم [1095] ، وابن الجارود [913] ، وابن حبان [13/ 208] ، في كتاب الذبائح، حديث [5890] ، والبيهقي [9/ 313] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الفرع والعتيرة، والدارقطني [4/ 304] ، في كتاب السبق بين الخيل، حديث [20] ، والبغوي في "شرح السنة" [2/ 626- بتحقيقنا] ، كتاب العيدين: باب إذا دخل العشر فمن أراد أن يضحي.
كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 ينظر: البيهقي [9/ 311 وما بعدها] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الفرع والعتيرة.
2 أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" [623] ، وابن عدي في "الكامل" [7/ 2656] ، وقال: رواه يحيى بن العلاء الرازي عن مروان بن سالم عن طلحة بن عبيد الله العقيلي عن الحسين بن علي. وقال: يحيى متروك.
ومن طريق يحيى أخرجه أبو يعلى أيضاً [12/ 150] ، برقم [6780] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 62] : رواه أبو يعلى وفيه مروان بن سالم وهو متروك.(4/368)
كِتَابُ الأطعمة
مدخل
...
77- كتاب الْأَطْعِمَةِ
1987- حَدِيثُ: "أَيُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أولى به"، الترمدي مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِلَفْظِ: "إنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، إلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ"، وَالْحَدِيثُ طَوِيلٌ عِنْدَهُ؛ أَوَّلُهُ: "أُعِيذُك بِاَللَّهِ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ بَعْدِي" 3، وَرَوَاهُ ابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ
__________
3 أخرجه الترمذي [2/ 512- 513] ، كتاب الصلاة: باب ما ذكر في فضل الصلاة، حديث [614] ، والطبراني [19/ 105- 106] ، برقم [212] ، كلاهما من طريق طارق بن شهاب عن كعب بن عجرة فذكره.
قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث عبيد الله بن موسى.
وأخرجه ابن حبان [12/ 378] في كتاب الحظر والإباحة، حديث [5567] ، من طريق أبي بكر بن بشر عن كعب.(4/368)
مِنْ سُحْتٍ ... "، الْحَدِيثَ1، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا2، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ3، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَرْفُوعًا4، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَوْقُوفًا5، وَرَفَعَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" وَفِي "الصَّغِيرِ"، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي "الْأَوْسَطِ"، وَلَفْظُهُ: تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً} [البقرة: 168] فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فَقَالَ: "يَا سَعْدُ، طَيِّبْ مَطْعَمَك، تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ بِلُقْمَةِ الْحَرَامِ فِي جَوْفِهِ فَلَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ السُّحْتِ وَالرِّبَا؛ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ" 6، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَصَحَّحَ عَنْ أَبِيهِ وَقْفَهُ7.
1988- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَامَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ8.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [11/ 345- 346] ، في كتاب "الجامع"، حديث [20719] ، قال: أخبرنا محمد عن ابن خشيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لكعب بن عجرة: "أعاذك الله ياكعب بن عجرة من إمارة السفهاء ... " الحديث.
ومن طريقه أحمد [3/ 321] ، وابن حبان [5/ 141- موارد] ، برقم [1569] ، والحاكم [4/ 422] .
قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأخرجه أحمد [3/ 399] ، والدارمي [2/ 318] ، كتاب الرقاق: باب في أكل السحت، مختصراً. وأبو يعلى [1999] ، والحاكم [3/ 479- 480] ، والبزار [1609] .
كلهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [5/ 250] : رواه أحمد والبزار ورجالهما رجال "الصحيح".
2 ينظر السابق.
3 أخرجه الحاكم [4/ 126- 127] ، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 الحاكم [4/ 127] .
5 أخرجه الحاكم [4/ 127] .
6 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [8/ 233- 234] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [10/ 294] : رواه الطبراني في "الصغير" وفيه من لم أعرفهم.
7 "علل الحديث" لابن أبي حاتم [2/ 144- 145] .
8 أخرجه مالك [2/ 542] ، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة [41] ، والبخاري [7/ 481] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4216] ، ومسلم [2/ 1027، 1028] ، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، حديث [29- 32/ 1407] ، والنسائي [6/ 125- 126] ، كتاب النكاح: باب تحريم المتعة والترمذي [3/ 429] ، كتاب النكاح: باب تحريم المتعة، حديث [1121] ، وابن ماجة [1/ 630] ، كتاب النكاح: باب النهي عن نكاح المتعة، حديث [1961] ، الشافعي [2/ 14] ، كتاب النكاح: باب الترغيب في التزوج، حديث [35] ، وأحمد [1/ 79] ، والطيالسي =(4/369)
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى ذَلِكَ –يَعْنِي: تَحْرِيمَ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ- مِنْ حَدِيثِ حابر، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ".
قُلْت: وهو مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ1، وَابْنِ عُمَرَ2، وَابْنِ عَبَّاسٍ3، وَأَنَسٍ4،
__________
= [1/ 18] ، حديث [111] ، والدارمي [2/ 140] ، كتاب النكاح: باب النهي عن متعة النساء والحميدي [1/ 22] ، رقم [37] ، وابن الجارود [697] ، وأبو يعلى [1/ 434] ، برقم [576] ، والطبراني في "معجم الصغير" [1/ 133] ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 24] ، والدارقطني [3/ 257- 258] ، كتاب النكاح: باب المهر، حديث [51] ، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 177] ، والبيهقي [7/ 201- 202] ، كتاب النكاح: باب نكاح المتعة، والخطيب في "تاريخ بغداد" [6/ 102] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 77- بتحقيقنا] ، من طرق عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأنسية.
قال الترمذي: حديث علي حديث حسن صحيح. وقال أبو نعيم: هذا حديث صحيح متفق عليه. وقال البغوي: هذا حديث متفق على صحته.
والحديث أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" [8/ 461] ، من طريق مالك عن الزهري عن عبد الله –وحده دون ذكر الحسن- عن أبيه عن علي بن أبي طالب به.
وللحديث طريق آخر عن علي:
أخرجه الدارقطني [3/ 259] ، كتاب النكاح: باب المهر، حديث [55] ، ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار" ص [171] ، من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المتعة قال: وإنما كانت لمن لم يجد فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والنكاح والميراث بين الزواج والمرأة نسخت. وقال الحازمي: غريب من هذا الوجه وقد روي من طريق تقوي بعضها بعضاً. وقال الزيلغي في "نصب الراية" [3/ 180] : وضعه ابن القطان في كتابه. وقد جاء النهي عن علي موقوفاً. أخرجه عبد الرزاق [7/ 505] ، رقم [14046] ، عنه قال: نسخ رمضان كل صوم ونسخت الزكاة كل صدقة ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث قلت: وسنده ضعيف.
1 أخرجه البخاري [9/ 648] ، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الخيل، حديث [5520] ، ومسلم [3/ 1541] ، كاب الصيد والذبائح: باب في أكل لحوم الخيل، حديث [36/ 1941] ، وأبو داود [2/ 379] ، كتاب الأطعمة: باب في أكل لحوم الخيل: حديث [3788] ، النسائي [7/ 201] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الإذن في أكل لحوم الخيل وأحمد [3/ 361، 385] ، والدارمي [2/ 87] ، كتاب الأضاحي: باب في أكل الحوم الخيل وابن حبان، حديث [5249- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 204] ، وفي "مشكل الآثار" [4/ 164] ، وابن الجارود رقم [885] ، والبيهقي [9/ 326- 327] ، من طريق حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى يوم خيبر عن لحوم وأذن في لحوم الخيل.
2 أخرجه البخاري [11/ 86] ، كتاب الذبائخ والصيد: باب لحوم الإنسية، حديث [5521] ، ومسلم [3/ 1538] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحم الخمر الإنسية [24، 25/ 561] ، وأحمد [2/ 202، 144] ، وابن أبي شيبة [8/ 261] ، والنسائي [7/ 203] ، كتاب الصيد: باب تحريم أكل لحوم الحمر الإهلية، وابن حبان [5275] ، وابن الجارود في "المنتقى" =(4/370)
وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ1، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ2، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ3، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى4،
__________
= رقم [883] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 204] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 329] ، من طرق عن ابن عمر.
3 أخرجه البخاري [8/ 261] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4227] ، ومسلم [3/ 1539- 1540] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية، حديث [32/ 1939] ، عن ابن عباس قال: لا أدري أنهى عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب جمولتهم أو حرمه في يوم خيبر لحم الحمر الأهلية.
4 أخرجه البخاري [6/ 239- 240] ، كتاب الجهاد والسير: باب التكبير عند الحرب، حديث [2991] ، وفي [8/ 243] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4198] ، وفي [11/ 87] ، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الحمر والإنسية، حديث [5528] ، ومسلم [3/ 1540] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحوم الحم الأهلية، وابن ماجة [2/ 1066] ، كتاب الذبائح باب لحوم الحمر الأهلية حديث [3196] ، وأحمد [3/ 111، 121، 164] ، وعبد الرزاق [8719] ، وابن أبي شيبة [8/ 262] ، والحميدي [1200] ، والدارمي [2/ 86] ، وابن حبان [5274] ، والطحاوي في شرح معاني الآثار [4/ 206] ، كلهم من طريق محمد بن سيرين عن أنس أن منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نادي: "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس".
1 أخرجه البخاري [8/ 261] كتاب المغازي: باب غزوة خيبر حديث [4221، 4222] ، وفي [11/ 87] ، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الحمر الإنسية حديث [5525، 5526] ، ومسلم [3/ 1539] ، كتاب الصيد والذبائح باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية حديث [28/ 1938] ، وأحمد [4/ 291، 356] ، والطحاوي في شرح معاني الآثار [4/ 205] من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب وابن أبي أوفى، أنهم كانوا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأصابوا حمراً فطبخوها فنادى منادي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكفئوا القدور". وأخرجه البخاري [8/ 261] كتاب المغازي: باب غزوة خيبر حديث [4225] وأحمد [4/ 291] وابن حبان [5277] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 329] من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب وحده.
وأخرجه مسلم [3/ 1539] كتاب الصيد والذبائح باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية حديث [29/ 1938] ، وأحمد [4/ 291، 301] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 205] والبيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 329] من طريق أبي إسحاق عن البراء بن عازب.
وأخرجه البخاري [8/ 261] كتاب المغازي: باب غزوة خيبر حديث [4226] ، ومسلم [3/ 1539] كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية حديث [31/ 1938] ، والنسائي [7/ 230] كتاب الصيد: باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهية، وابن ماجة [2/ 1065] كتاب الذبائح: باب لحوم الحمر والحشية حديث [3194] ، وأحمد [4/ 297] ، وعبد الرزاق [8724] ، والبيهقي [9/ 330] من طريق الشعبي عن البراء.
2 أخرجه البخاري [8/ 238] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4196] ، ومسلم [3/ 1427- 1429] ، كتاب الجهاد: باب غزوة خيبر، حديث [123/ 1802] ، وابن ماجة [2/ 1066] ، كتاب الذبائح: باب لحوم الحمر الوحشية، حديث [3195] ، وابن حبان [2576] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [9/ 330] .
3 سيأتي تخريجه عند حديث تحريم كل ذي ناب من السبع.
4 تقدم تخريجه وينظر: حديث البراء بن عازب.(4/371)
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَاهِرٍ الْأَسْلَمِيِّ1، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ3، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ4، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ5، وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ6، وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ7.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةَ النَّاسِ، أَوْ حُرْمَةً8.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: قُلْت لجابر بن زيد: يزعمون إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ –يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ-9.
حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ: "أَنَّهُ رَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فِي طَرِيقِ "مَكَّةَ" فَقَتَلَهُ ... "، الْحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وقد تقدم في باب "مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ".
1989- حَدِيثُ جَابِرٍ: "ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ، وَالْبِغَالَ، وَالْحُمُرَ، فَنَهَانَا
__________
1 أخرجه البخاري [8/ 221] ، كتاب المغازي: باب غزوة الحديبية، حديث [4173] .
2 تقدم تخريجه بلفظ: نهى عن كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الإنسي.
3 أخرجه الترمذي [4/ 17- 72] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في كراهية أكل المصبورة، حديث [1474] .
4 أخرجه أحمد [4/ 89] ، وأبو داود [3/ 356] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل السباع، حديث [3806] ، والنسائي [7/ 202] ، كتاب الصيد: باب تحريم أكل لحوم الصيد، حديث [4331- 4333] .
5 أخرجه أبو داود [3/ 357] ، كتاب الأطعمة: باب في لحوم الحمر الأهلية، حديث [3811] ، والنسائي [3/ 239- 240] ، كتاب الضحايا: باب النهي عن أكل لحوم الجلالة، حديث [4447] .
6 أخرجه أبو داود [3/ 355] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل السباع، حديث [3804] ، والبيهقي [9/ 331- 332] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل لحوم الحمر الأهلية.
7 أخرجه الدارمي [2/ 86] ، كتاب الأضاحي: باب في لحوم الحمر الأهلية، عن علي أن علياً قال لابن عباس: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية.
8 أخرجه البخاري [8/ 261] ، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث [4227] ، ومسلم [7/ 102- 103] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، حديث [32/ 1939] .
9 أخرجه البخاري [11/ 87] ، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الحمر الإنسية، حديث [5529] .(4/372)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِغَالِ وَالْحُمَرِ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ الْخَيْلِ"، أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ1.
1990- قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرٍ: "أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْخَيْلِ، وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ"، التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَأَصْلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي السُّنَنِ2.
1991- حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: "نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْنَاهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ: "وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ"، وَزَادَ أحمد فيه: "ونحن وَأَهْلُ بَيْتِهِ"3.
1992- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ"، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي "زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ" مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْهُ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ4، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إلَّا أَنَّ لَهُ عِلَّةً؛ فَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدَيْهِمَا5، وَوَقَعَ عِنْدَهُمَا: عَنْ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي الْمُسْنَدِ: حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، إنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، وَعَمْرُو كَذَّابٌ مُدَلِّسٌ؛ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَرْوِ حَبِيبٌ عَنْ عَاصِمٍ إلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يَثْبُتُ لَهُ عَنْ عَاصِمٍ شَيْءٌ، فَهَاتَانِ عِلَّتَانِ خَفِيَّتَانِ قَادِحَتَانِ، وَجَزَمَ الْحَاكِمُ فِي "عُلُومِ الْحَدِيثِ" بِأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَبِيبٍ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ؛ كَمَا سَيَأْتِي.
1993- حَدِيثُ أبي هريرة: "كل نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، فَأَكْلُهُ حَرَامٌ"، مُسْلِمٌ بِهَذَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ6.
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 ينظر السابق.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" [1/ 147] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 90] : رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات.
5 أخرجه أبو يعلى [1/ 295] ، برقم [357] .
6 أخرجه مسلم [7/ 92- نووي] ، كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، حديث [15/ 1933] ، ومالك [2/ 496] ، كتاب الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، حديث [14] ، والنسائي [7/ 200] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل السباع، حديث [4324] ، وابن ماجة [2/ 1077] كتاب الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع، حديث [32333] .(4/373)
1994- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى نَادَى: "أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ"، أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "غَزَوْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزو خَيْبَرَ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ فِي حَظَائِرِ يَهُودَ، فَأَمَرَنِي أَنْ أُنَادِيَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُسْلِمٌ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ قَدْ أَسْرَعْتُمْ فِي حَظَائِرِ يَهُودَ، أَلَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالُ الْمُعَاهَدِينَ إلا بحقها، وحرام عَلَيْكُمْ لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ" 1، وَأَثْبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، و"مسند أَبِي يَعْلَى" مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: "أَنَّ الَّذِي نَادَى بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، هُوَ أَبُو طَلْحَةَ"، وَفِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" أَنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ.
قُلْت: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ جَمَاعَةً بِالنِّدَاءِ بِذَلِكَ، وَحَدِيثُ خَالِدٍ لَا يَصِحُّ، فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّهُ مَنْسُوخٌ.
1995- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ"، مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْهُ2، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَمْ يَسْمَعْهُ مَيْمُونُ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ بَيْنَهُمَا فِيهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ؛ كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ، وَقَدْ خَالَفَ الْخَطِيبُ هَذَا الْكَلَامَ، فَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ مَيْمُونَ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ.
1996- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ، فَقَالَ: "لَا
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه مسلم [3/ 1543] ، كتاب الصيد والذبائح: باب تحريم أكل كل ذي ناب، حديث [16] 1934، وأبو داود [2/ 383] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل السباع، حديث [3803] ، والدارمي [2/ 85] ، كتاب الأضاحي: باب لا يؤكل من السباع وأحمد [1/ 244، 289، 373] ، وابن الجارود [892] ، وابن حبان [5256- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 190] ، والبيهقي [9/ 325] ، كتاب الضحايا: باب ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 95] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 32- بتحقيقنا] ، من طريق أبي بشير –والحكم عن بعضهم- عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به.
وقد رواه ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أخرجه أبو داود [2/ 383] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل السباع، حديث [3805] ، والنسائي [7/ 206] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة أكل لحوم الدجاج وابن ماجة [2/ 1077] ، كتاب الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع، حديث [3234] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 190] ، وأحمد [1/ 339] ، والبيهقي [9/ 315] ، كتاب الضحايا: باب ما يجرم من جهة ما لا تأكل العرب، وابن الجارود [893] ، من طريق علي بن الحكم عن ميمون بن مهران عن سعيد بن حبير عن ابن عباس.(4/374)
آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ1.
1997- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ"، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
1998- حَدِيثُ جَابِرٍ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الضَّبُعِ: أَصَيْدٌ هُوَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قِيلَ: أَيُؤْكَلُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قِيلَ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ3"، الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
__________
1 أخرجه البخاري [9/ 580] ، كتاب الذبائح والصيد: باب الضب، حديث [5536] ، ومسلم [3/ 1541- 1542] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة الضب، حديث [39، 40، 41/ 1943] ، والترمذي [4/ 251- 252] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في أكل الضب، حديث [4314، 4315] ، وابن ماجة [2/ 1080] ، كتاب الصيد: باب الضب، حديث [3242] ، من حديث ابن عمر.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه البخاري [9/ 534] ، كتاب الأطعمة: باب ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو، حديث [5391] ، ومسلم [3/ 1543] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة الضبع، حديث [44/ 1946] ، وأحمد [4/ 88، 89] ، والدارمي [2/ 93] ، كتاب الصيد: باب في أكل الضب، وأبو داود [4/ 153- 154] ، كتاب الأطعمة: باب في أكل الضب، حديث [3794] ، والنسائي [7/ 198] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الضب، وابن ماجة [2/ 1079- 1080] ، كتاب الصيد: باب الضب، حديث [3241] ، والبيهقي [9/ 323] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الضب، من حديث خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ميمونة، وهي خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضباً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهوى بيده في الضب فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قدمتن له، قلن: هو الضب يا رسول الله فرفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده فقال خالد بن الوليد أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه"، قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر فلم ينهني.
3 أخرجه الشافعي [2/ 173- 174] ، كتاب الصيد والذبائح، حديث [609] ، وأحمد [3/ 318- 322] ، والدارمي [2/ 74- 75] ، كتاب المناسك: باب في جزاء الضبع، حديث [1791] ، والنسائي [7/ 200] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الضبع، وابن ماجة [2/ 1078] ، كتاب الصيد: باب الضبع، حديث [3236] ، وابن الجارود ص [299] ، باب ما جاء في الأطعمة، حديث [890] ، والدارمي [2/ 74] ، كتاب المناسك: باب في جزاء الضبع، وعبد الرزاق [8681] ، وابن أبي شيبة [4/ 77] ، والدارقطني [2/ 246] ، وأبو يعلى [4/ 96] ، رقم [2127] ، وابن خزيمة [4/ 182] ، وابن حبان [979- الإحسان] والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [2/ 164] ، وفي "المشكل" [4/ 370- 371] ، والحاكم [1/ 452] ، والبيهقي [9/ 318] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الضبع والثعلب من طريق عبد الله بن عبيد عن ابن أبي عمار قال: نعم قلت: سمعت ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نعم. =(4/375)
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، فَوَهِمَ؛ لِأَنَّهُ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ، ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا يُبَاعُ لَحْمُ الضِّبَاعِ إلَّا بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الضَّبُعِ، فَقَالَ: "صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ"، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ قَالَ: "أَيَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ" 1، فَضَعِيفٌ؛ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ2، وَالرَّاوِي عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ.
1999- حَدِيثُ أَنَسٍ: "أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَأَدْرَكْتهَا، فَأَتَيْت بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِفَخِذِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ3.
__________
= وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وأخرجه الحاكم [1/ 453] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [2/ 165] ، والبيهقي [9/ 319] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الضبع والثعلب من طريق حسان بن إبراهيم عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الضبع صيد فإذا أصابه المحرم فقيه جزار كبش مسن ويؤكل".
قال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه وإبراهيم بن ميمون الصائغ زاهد عالم أدرك الشهادة رضي الله عنه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه الترمذي [4/ 253] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في أكل الضبع، حديث [1792] ، وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن مسلم عن عبد الكريم أبي أمية، وقد تكلم بعض أهل الحديث في إسماعيل وعبد الكريم أبي أمية وهو عبد الكريم بن قيس بن أبي الحارث، وعبد الكريم بن مالك الجزري ثقة ا. هـ.
2 قال الحافظ في "التقريب" [1/ 516] : عبد الكريم بن أبي المخارق، بضم الميم والخاء المعجمة، أبو أمية المعلم البصري، نزيل مكة، واسم أبيه قيس، وقيل: طارق، ضعيف، له في البخاري زيادة في أول قيام الليل من طريق سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس، في الذكر عند القيام، قال سفيان: زاد عبد الكريم فذكر شيئاً، وهذا موصول، وعلم له المزي علامة التعليق، وليس هو معلقاً، وله ذكر في مقدمة مسلم، وما روي له النسائي إلا قليلاً، من السادسة أيضاً، مات سنة ست وعشرين، وقد شارك الجزري في بعض المشايخ، فربما التبس على من لا فهم له. خت م ل ت س ق.
3 أخرجه البخاري [5/ 515] ، كتاب الهبة وفضلها التحريض عليها: باب قبول هدية الصيد، حديث [2572] ، وطرفاه في [5489، 5535] ، ومسلم [7/ 116- نووي] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة الأرنب، حديث [53/ 1953] ، وأبو داود [3/ 352] ، كتاب الأطعمة: باب في أكل الأرنب، حديث [3791] ، والترمذي [4/ 251] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في =(4/376)
قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ: "فَأَكَلَ مِنْهُ"، وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَقَوْلُهُ: "أَنْفَجْنَا"، مَعْنَاهُ: أَثَرْنَا.
2000- حَدِيثُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: "أَنَّهُ قَالَ: اصْطَدْنَا أَرْنَبَيْنِ، فَذَبَحْتهمَا بِمَرْوَةَ، وَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ1، وَفِي رِوَايَةٍ: مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيِّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَيْفِيِّ فَقَدْ وَهِمَ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوَهُ2.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ ذِئْبًا نَيَّبَ فِي شَاةٍ، فَذَبَحُوهَا بِمَرْوَةَ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا"3، وَهَذَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ
__________
= أكل الأرنب، حديث [1789] ، والنسائي [7/ 197] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأرنب، حديث [4312] ، وابن ماجة [2/ 1080] ، كتاب الصيد: باب الأرنب، حديث [3243] ، والدارمي [2/ 92] ، كتاب الصيد: باب في أكل الأرنب، وأحمد [3/ 118، 171، 291] ، والبيهقي [9/ 320] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الأرنب.
كلهم من حديث أنس رضي الله عنه.
1 أخرجه أحمد [3/ 471] ، وأبو داود [3/ 102] ، كتاب الأضاحي: باب في الذبيحة بالمروة، حديث [2822] ، والنسائي [7/ 197] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأرنب، حديث [4313] ، وابن ماجة [2/ 1060] ، كتاب الذبائح: باب ما يذكي به، حديث [3175] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [4/ 516] ، كتاب المناسك: باب ما جاء في أكل الأرنب، حديث [5887] ، والطبراني [19/ 236- 237] ، برقم [525- 529] ، والبيهقي [9/ 320] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الأرنب، والحاكم [5/ 235] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم مع الاختلاف فيه على الشعبي ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
2 أخرجه الترمذي [4/ 70] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الذبيحة بالمروة، حديث [1472] ، وفي "العلل الكبير" ص [239- 240] ، برقم [433] والبيهقي [9/ 321] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في الأرنب.
قال الترمذي: وقد رخص بعض أهل العلم أن يذكى بمروة ولم يروا بأكل الأرنب بأساً وهو قول أكثر أهل العلم وقد كره بعضهم أكل الأرنب وقد اختلف أصحاب الشعبي في رواية هذا الحديث فروى داود بن أبي هند عن الشعبي عن محمد بن صفوان. وقد روى عاصم الأحول عن الشعبي عن صفوان بن محمد أو محمد بن صفوان، ومحمد بن صفوان أصح. ورى جابر الجعفي عن الشعبي عن جابر بن عبد الله نحو حديث قتادة عن الشعبي ويحتمل أن رواية الشعبي عنهما قال محمد: حديث الشعبي عن جابر غير محفوظ.
3 أخرجه النسائي [7/ 225] ، كتاب الضحايا: باب إباحة الصيد بالمرة، حديث [4400] ، وابن ماجة [2/ 1060] ، كتاب الذبائح: باب ما يذكى به، حديث [3176] ، وابن حبان [13/ 2- 201] ، في كتاب الذبائح، حديث [5885] ، والحاكم [4/ 113- 114] ، كلهم من طريق شعبة قال: سمعت حاضر بن مهاجر الباهلي يقول: سمعت سليمان بن يسار يحدث عن زيد بن ثابت ... فذكره. =(4/377)
مَالِكٍ1 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ؛ وَهُوَ مَعْلُولٌ2.
وَالصَّوَابُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حَدَّثَ ابْنَ عُمَرَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَجَعَلَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: "الْهِرَّةُ سَبْعٌ"، تَقَدَّمَ فِي بَابِ "النَّجَاسَاتِ".
حَدِيثُ الْبَرَاءِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ لَحْمَ مَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ" -وَأَعَادَهُ الْمُصَنَّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ- لَمْ أَجِدْهُ.
قَوْلُهُ: "وَيُذْكَرُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ –يَعْنِي: الصَّحَابَةَ- كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ"، لَمْ أَجِدْهُ أَيْضًا، وَلَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَمِنْ طَرِيقِ
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد [5/ 183- 184] ، من طريق محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة بالإسناد السابق ومن طريقه أخرجه الطبراني [5/ 127] ، برقم [4832] ، والحاكم [4/ 113- 114] ، والبيهقي [9/ 250] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في البهيمة تريد أن تموت فتذبح.
1 أخرجه البخاري [5881/] ، كتاب الذبائح والصيد: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، حديث [5501] ، وأحمد [2/ 80، 3/ 54] ، وابن ماجة [2/ 1062] ، كتاب الذبائح: باب ذبيحة المرأة، حديث [3182] ، والبيهقي [9/ 282- 283] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في ذبيحة من أطاق الذبح من طريق نافع عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه كانت له غنم ترعى بسلع، فأبصرت جارية لها بشاة من غنمنا موتاً فكسرت حجراً فذبحتها به، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك أو أرسل إليه فأمره بأكلها.
ورواه مالك [2/ 489] ، كتاب الذبائح: باب ما يجوز من الزكاة حال الضرورة، حديث [4] ، والبخاري [9/ 548] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ذبيحة المرأة والأمة، حديث [5505] ، من طريق مالك عن نافع عن رجل من الأنصار عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنماً لها بسلع فأصيبت شاة منها فأدركتها فذكتها بحجر فسئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: لا بأس بها فكلوها.
وأخرجه ابن الجارود [897] ، وأحمد [2/ 76، 80] ، والدارمي [2/ 82] ، كتاب الأضاحي: باب ما يجوز به الذبح والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" [408- بغية الباحث] ، من طريق يزيد بن هارون ثنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن جارية لآل كعب مالك كانت ترعى غنماً لهم بسلع فخافت على شاة أن تموت فأخذت حجراً فذبحتها به وأن ذلك ذكر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرهم بأكلها.
2 أخرجه أحمد [2/ 76، 80] ، وابن الجارود برقم [797] ، وابن حبان [13/ 210] ، في كتاب الذبائح، حديث [5892] ، من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنه به قال ابن حجر في "الفتح" [11/ 61] ، في كتاب الصيد، باب ذبيحة المرأة والأمة: لكن ليس في شيء من طرقه أن ابن عمر رضي الله عنه رواه عنه يعني ابن كعب بن مالك، وإنما فيها أن ابن كعب حدث ابن عمر رضي الله عنه بذلك، فحمله عنه نافع، وأما الرواية التي فيها عن ابن عمر رضي الله عنه، فقال راويها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يذكر ابن كعب، وقد تقدم أنها شاذة.(4/378)
مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَعَافَهُ.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "خَمْسٌ فَوَاسِقَ؛ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْكَلْبُ، وَالْحِدَأَةُ"، وَيُرْوَى: تَقْيِيدُ الْكَلْبِ بِالْعَقُورِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ فِي بَابِ "مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ".
قَوْلُهُ: "وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَدَلُ "الْغُرَابِ": "الْعَقْرَبُ"، أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ وَابْنِ عُمَرَ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي "الْحَجِّ".
قَوْلُهُ: "وَفِي رِوَايَةٍ: "وَكُلُّ سَبْعٍ عَادٍ""، تَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ.
2001- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ الرَّخَمَةِ"1، ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ2، وَفِي إسْنَادِهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ3، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخَطَّافِ"، تَقَدَّمَ فِي "الْحَجِّ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالصُّرَدِ"، تَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "الذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إلَّا النَّحْلَةُ"، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قَتْلِهِنَّ4.
حَدِيثُ: "نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخُفَّاشِ"، لَمْ أَجِدْهُ مَرْفُوعًا، لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَتْ الْأَوْزَاغُ يَوْمَ أُحْرِقَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ تَنْفُخُ النَّارُ بِأَفْوَاهِهَا، وَالْوَطْوَاطُ تُطْفِيهَا بِأَجْنِحَتِهَا"5، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ.
قُلْت: وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ، وَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
__________
1 الرخم: طائر غزير الريش، أبيض اللون، مبقع بسواد به منقار طويل، قليل النقوش، رمادي اللون إلى الحمرة، وأكثر من نصفه مغطى بجلد رقيق، وفتحة الأنف مستطيلة عارية من الريش، وله جناح طويل مذنب يبلغ طوله نحو نصف متر، والذنب طويل به أربع عشر ريشة، والقدم ضيقة والمخالب متوسطة الطول سوداء اللون "المعجم الوسيط" [1/ 236- 237] .
2 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [2/ 924- 925] ، والبيهقي [9/ 317] ، كتاب الضحايا: باب ما يجرم من جهة ما لا تأكل العرب.
3 قال المصنف في "التقريب" [1/ 210- 211] : متروك وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" [12/ 389] ، برقم [13436] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 44] : رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" بأسانيد رجال بعضها ثقات كلهم، ورواه البزار باختصار.
5 أخرجه البيهقي [9/ 318] ، كتاب الضحايا: باب ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب.(4/379)
قَالَ: "لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ، فَإِنَّ نَقِيقَهُنَّ تَسْبِيحٌ، وَلَا تَقْتُلُوا الْخُفَّاشَ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرِبَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ؛ قَالَ: يَا رَبِّ، سَلِّطْنِي عَلَى الْبَحْرِ حَتَّى أُغْرِقَهُمْ" 1، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ إسْنَادُهُ صَحِيحًا، لَكِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَأْخُذُ عَنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلْ مَا دَفَّ وَدَعْ مَا صَفَّ، يُقَالُ: دَفَّ الطَّائِرُ فِي طَيَرَانِهِ إذَا حَرَّكَ جَنَاحَيْهِ؛ كَأَنَّهُ يَضْرِبُ بِهِمَا دُفَّهُ، وَصَفَّ: إذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ كَالْجَوَارِحِ"، هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَرَ مَنْ خَرَّجَهُ، إلَّا أَنَّ الْخَطَّابِيَّ ذَكَرَهُ فِي "غَرِيبِ الْحَدِيثِ" وَفَسَّرَهُ.
2002- حَدِيثُ: "مَا مِنْ إنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، إلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهَا، قَالَ: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: يَذْبَحُهَا وَيَأْكُلُهَا، وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَطْرَحُهَا"، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو2، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِصُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ، الرَّاوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ: "مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا؛ عَجَّ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: إنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا، وَلَمْ يَقْتُلْنِي مَنْفَعَةً" 3.
2003- حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: "رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي قِصَّةٍ4.
2004- حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: "أَكَلْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمَ حُبَارَى"، هَذَا الْحَدِيثُ وَقَعَ فِيهِ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ: "عَنْ شُعْبَةَ"، وَالصَّوَابُ: "عَنْ سَفِينَةَ"، وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، ضَعَّفَهُ الْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ5.
__________
1 ينظر الموضع السابق.
2 أخرجه أبو داود الطيالسي [9722] ، والنسائي [7/ 239] ، كتاب الضحايا: باب من قتل عضفوراً بغير حقها [4445] ، والشافعي [2/ 171- 172] ، كتاب الصيد والذبائح، رقم [598] ، وأحمد في "المسند" [2/ 166] ، والدارمي [2/ 84] ، كتاب الأضاحي: باب ما قتل شيئاً من الدواب عبثاً، والحاكم في "المستدرك" [4/ 233] ، كتاب الذبائح.
3 أخرجه الشافعي [2/ 171- 172] ، وأحمد [4/ 389] ، وابن حبان [13/ 214] ، في كتاب الذبائح، حديث [5894] .
4 أخرجه البخاري [6/ 365] ، كتاب فرض الخمس: باب إذا بعث الإمام رسولاً في حاجة أو أمره بالمقام هل يسهم له، حديث [3133] ، وأطرافه في [4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6680، 6718، 6721، 7555] ، ومسلم [6/ 121- 126- نووي] ، كتاب الإيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، حديث [1649] .
5 أخرجه أبو داود [4/ 155] ، كتاب الأطعمة: باب في أكل لحم الجباري، حديث [3797] ، والترمذي [4/ 272] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في أكل الجباري، حديث [1828] ، وفي =(4/380)
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"، تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ.
حَدِيثُ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ"، تَقَدَّمَ فِي بَابِ "النَّجَاسَاتِ".
2005- حَدِيثُ: "إنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَتْهُمْ الْمَجَاعَةُ فِي غُزَاةٍ، فَلَفَظَ الْبَحْرُ حَيَوَانًا عَظِيمًا يُسَمَّى الْعَنْبَرَ، فَأَكَلُوا مِنْهُ، ثُمَّ أَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمُوا، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ هَلْ: "حَمَلْتُمْ لِي مِنْهُ؟ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، "قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، وَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ.. "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَلَهُ عِنْدَهُمَا أَلْفَاظٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: "هَلْ حَمَلْتُمْ لِي مِنْهُ؟ "، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: "أَطْعِمُونَا إنْ كَانَ مَعَكُمْ، فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ، فَأَكَلَهُ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا"، قَالَ: "فَأَرْسَلْنَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، فَأَكَلَهُ"1.
قَوْلُهُ: "وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ الضُّفْدَعِ، تَقَدَّمَ فِي مُحَرَّمَاتِ "الْإِحْرَامِ".
2006- قَوْلُهُ: "وَفِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْوَزَغِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَنْوَاعِ الْحَشَرَاتِ"، هَذَا مِنْ أَعْجَبْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَقَعَتْ لِهَذَا الْمُصَنَّفِ مَعَ جَلَالَتِهِ؛ فَأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا"2،
__________
= "الشمائل" رقم [155] ، والبيهقي [9/ 322] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في حمار الوحش وما أكلته العرب في غير ضرورة من حديث سفينة.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقال النووي في "المجموع" [9/ 19] : حديث سفينة رواه أبو داود والترمذي بإسناد ضعيف.
1 أخرجه البخاري [9/ 615] ، كتاب الذبائح والصيد: باب قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] ، حديث [5493] ، ومسلم [3/ 153] ، كتاب الصيد والذبائح: باب إباحة ميتات البحر، حديث [17، 18/ 1935] ، ومالك [2/ 930- 931] ، رقم [24] ، والطيالسي [2/ 105- 106] ، كتاب السيرة النبوية: باب سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر، حديث [366] ، وأحمد [3/ 309، 311] ، والدارمي [2/ 91] ، كتاب الصيد: باب في صيد البحر، والنسائي [7/ 207، 208] ، كتاب الصيد: باب ميتة البحر، وابن الجارود في "المنتقى" ص [296] باب ما جاء في الأطعمة، حديث [878] ، والبيهقي [9/ 251] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الميتات وميتة البحر، وابن حبان [5235، 5236، 5237، 5238- الإحسان] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 41- بتحقيقنا] ، من طرق عن جابر قال: غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة فجعنا جوعاً شديداً فألقى البحر حوتاً ميتاً لم نر مثله يقال له العنبر، فأكلنا منه نصف شهر فأخذ أبو عيبدة عظماً من عظامه فر الراكب تحته، قال: فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "كلوا رزقاً أخرجه الله إليكم أطعمونا إن كان معكم"، فأتاه بعضهم بشيء فأكله.
2 أخرجه أحمد [1/ 176] ، ومسلم [4/ 1758] ، كتاب السلام: باب استحباب قتل الأوزاع، حديث [144/ 2238] ، وأبو داود [5/ 416] ، كتاب الأدب: باب في ما للمحرم قتله من الدواب =(4/381)
وَلِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ"1، وفي الباب عدة أحديث، بَلْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِالتَّرْغِيبِ فِي قَتْلِهِ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةٍ ... " الْحَدِيثَ2.
وَلَعَلَّهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ: "وَفِي الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ"، فَكَتَبَ: "وَفِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ".
وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ كَرِهَ قَتْلَ الْأَوْزَاغِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: ذُكِرَ الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ قَتْلَهَا، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ أُمِّ شَرِيكٍ الْمُتَقَدِّمِ3.
2007- قَوْلُهُ: "رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ -يَعْنِي الْقُنْفُذَ- مِنْ الْخَبَائِثِ"، قَالَ: "وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْقُنْفُذِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَعْنِي: قَوْلَهُ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ... } [الأنعام: 145] الْآيَةَ، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سمع أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ الْقُنْفُذُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَبِيثَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ، فَهُوَ كَمَا قَالَهُ، قَالَ الْقَفَّالُ: إنْ صَحَّ الْخَبَرُ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِلَّا رَجَعْنَا إلَى الْعَرَبِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ
__________
= البر في الحل والحرم، عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتل الوزغ فويسقاً.
1 أخرجه البخاري [6/ 351] ، كتاب بدء الخلق: باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الحبال [3307] ، ومسلم [4/ 1757] ، كتاب السلام: باب استحباب ققتل الوزغ، حديث [142/ 2237] ، والنسائي [5/ 209] ، كتاب الحج: باب قتل الوزغ، والبيهقي [5/ 211] ، كتاب الحج: باب ما للمحرم فتله من دواب البر في الحل والحرم، وأحمد [6/ 421] ، عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها بقتل الأوزاع.
2 أخرجه مسلم [4/ 1758] ، كتاب السلام: باب استحباب قتل الوزع، حديث [146/ 224] ، وأبو داود [5/ 416] ، كتاب الأدب: باب في قتل الأوزاغ، حديث [5263] ، والترمذي [4/ 76] ، كتاب الأحكام والفوائد: باب ما جاء في قتل الوزع، حديث [1482] ، وابن ماجة [2/ 1076] ، كتاب الصيد: باب قتل الوزع، حديث [3229] ، وأحمد [2/ 355] ، عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من قتل وزعة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة بدون الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة بدون الثانية".
3 أخرجه ابن حبان [12/ 451] ، كتاب الحظر والإباحة: باب قتل الحيوان، حديث [5634] ، وفي الباب أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه أحمد [1/ 420] ، حديث أسباط ثنا الشيباني عن المسيب بن رافع، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من قتل حية فله سبع حسنات، ومن قتل وزعاً فله حسنة، ومن ترك حية مخافة عاقبتها فليس منا".
وصححه ابن حبان [1081- موارد] ، ورواه أيضاً الطبراني في "الكبير" [10/ 258] ، رقم [10492] . والحديث فيه انقطاع بين المسيب بن رافع وابن مسعود قال العلاني في "جامع التحصيل" ص [280] : المسيب بن رافع قال أحمد بن حنبل لم يسمع من عبد الله بن مسعود شيئاً.(4/382)
أَنَّهُمْ يَسْتَطِيبُونَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا الشَّيْخُ مَجْهُولٌ، فَلَمْ نَرَ بِقَبُولِ رِوَايَتِهِ، انْتَهَى.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ بِالنُّونِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ ... "، فَذَكَرَهُ1، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهِ ضَعْفٌ، وَلَمْ يُرْوَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
2008- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ، وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا، حَتَّى تُحْبَسَ"، الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ نَحْوُهُ2، وَقَالَ: حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: "نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ الْجَلَّالَةِ، وَعَنْ رُكُوبِهَا" 3.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ، وَأَلْبَانِهَا"4، وَلِأَبِي دَاوُد: "أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا، أَوْ
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 354] ، كتاب الأطعمة: باب في أكل حشرات الأرض، حديث [3799] ، والبيهقي [9/ 326] ، كتاب الضحايا: باب ما روي في القنفذ وحشرات الأرض.
2 أخرجه الحاكم [2/ 39] ، والدارقطني [4/ 283] ، في باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، حديث [44] ، والبيهقي [9/ 333] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الجلالة، وألبانها كلهم من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر قال: سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ... فذكره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد لما قدمنا من القول في إبراهيم بن المهاجر ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأنه إسماعيل وأباه ضعيفان.
3 أخرجه أبو داود [2/ 385] ، كتاب الأطعمة: باب في لحوم الحمر الأهلية، حديث [3811] ، والنسائي [7/ 239- 240] ، كتاب الضحايا: باب النهي عن أكل لحوم الجلالة [4447] ، وأحمد [2/ 119] ، والبيهقي [9/ 233] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الجلالة وألبانها من طريق وهيب عن ابن طاوس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
4 أخرجه أبو داود [4/ 148، 185] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها، حديث [3785] ، وابن ماجة [2/ 1064] ، كتاب الذبائح: باب النهي عن لحوم الجلالة، حديث [3189، والترمذي [4/ 270] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة، حديث [1824] ، والحاكم [2/ 34] ، والبيهقي [9/ 332] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الجلالة وألبانها.
من طريق ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر به ...
وقال الترمذي: حديث حسن غريب وروى الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
وسفيان الثوري بلا شك أثبت من ابن إسحاق.
لكن للحديث طريق آخر عن ابن عمر: =(4/383)
تُشْرَبَ أَلْبَانُهَا"، وَهُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ:
فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا.
وَقِيلَ: عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ1، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ طَرِيقٌ أُخْرَى، رَوَاهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، بِلَفْظِ: "نَهَى عَنْ أَكْلِ الْمُجَثَّمَةِ، وَهِيَ الْمَصْبُورَةُ لِلْقَتْلِ، وَعَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ، وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا"، وَفِي رِوَايَةٍ: "وَالشُّرْبِ مِنْ فِي السقا"2، صَحَّحَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "النَّهْيَ عَنْ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ في السقا، وَعَنْ الْمُجَثَّمَةِ وَالْجَلَّالَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ"، إسْنَادُهُ قَوِيٌّ3.
2009-[حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَنْحَرُ الْإِبِلَ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالشَّاةَ، فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أَفَنُلْقِيه أَمْ نَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ: "كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ؛ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ" 4، التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مثله،
__________
= أخرجه أبو داود [4/ 148] ، كتاب الأطعمة: باب النهي عن أكل لحم الجلالة وألبانها، حديث [3787] ، والحاكم [2/ 34- 35] ، والبيهقي [9/ 332] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الجلالة وألبانها من طريق عمرو بن أبي قيس عن أيوب السختياني عن نافع ابن عمر به.
وسكت عنه الحاكم والذهبي.
1 ينظر: السابق.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه الحاكم [2/ 35] ، والبيهقي [9/ 333] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الجلالة وألبانها.
4 أخرجه أحمد [3/ 31] ، وأبو داود [3/ 252] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث [2827] ، والترمذي [4/ 72] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث [1476] ، وابن ماجة [2/ 1067] ، كتاب الذبائح: باب ذكاة الجنين ذكاة أمه، حديث [3199] ، وعبد الرزاق [4/ 502] ، رقم [8650] ، وابن الجارود [900] ، وأبو يعلى [2/ 278] ، رقم [992] ، والدارقطني [4/ 272] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة: باب رقم [26، 28] ، والبيهقي [9/ 335] ، كتاب الضحايا: باب ذكاة ما في بطن الذبيحة، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 28- بتحقيقنا] ، من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعد به.
وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال ابن حزم في "المحلى" [7/ 419] : مجالد وأبو الوداك ضعيفان.
قلت: وفي كلاهما نظر.
فأما قول الترمذي: حديث حسن، فليس بحسن أو لعله أراد لغيره لمتابعة يونس بن أبي إسحاق لمجالد بن سعيد. =(4/384)
إلَّا أنه: النَّاقَةَ"، بَدَلَ: "الْإِبِلِ".
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: "إذَا سَمَّيْتُمْ عَلَى الذَّبِيحَةِ، فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ"، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يُحْتَجُّ بِأَسَانِيدِهِ كُلِّهَا، وَخَالَفَ الْغَزَالِيُّ فِي "الْإِحْيَاءِ" فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ إمَامَهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي "الْأَسَالِيبِ": هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا يَتَطَرَّقُ احْتِمَالٌ إلَى مَتْنِهِ، وَلَا ضَعْفٌ إلَى سَنَدِهِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ.
وَالْحَقُّ أَنَّ فِيهَا مَا تنتهض به الحجة، وهي مَجْمُوعُ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَطُرُقِ حَدِيثِ جَابِرٍ؛ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ حَدِيثٌ وَاهٍ، فَإِنَّ مُجَالِدًا ضَعِيفٌ؛ وَكَذَا أَبُو الْوَدَّاكِ.
قلت: قد رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَطِيَّةُ وَإِنْ كَانَ لَيِّنَ الْحَدِيثِ، فَمُتَابَعَتُهُ لِمُجَالِدٍ مُعْتَبَرَةٌ، وَأَمَّا أَبُو الْوَدَّاكِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ضَعَّفَهُ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ، عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَدْ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَدَّادِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، فَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ قَوِيَّةٌ لِمُجَالِدٍ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" 1، وَفِيهِ عُبَيْدُ
__________
= فإن مجالد بن سعيد معروف بالضعف.
أما قول ابن حزم فمردود أيضاً فتضعيفه لمجالد مقبول أما تضعيفه لأبي الوداك ففيه نظر.
فهذا السند ضعيف لضعف مجالد لكنه توبع تابعه يونس بن أبي إسحاق عن أبي الوداك به.
أخرجه أحمد [3/ 39] ، وابن حبان [1077- موارد] ، والدارقطني [4/ 274] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة، حديث [30] ، والبيهقي [9/ 335] ، كتاب الضحايا: باب ذكاة ما في بطن الذبيحة كلهم من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبي الوداك عن أبي سعيد به.
وصححه ابن حبان.
وقال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 189] : قال الترمذي: إسناده حسن ويونس وإن تكلم فيه فقد احتج به مسلم في "صحيحه".
وللحديث طريق آخر عن أبي سعيد.
أخرجه أحمد [3/ 45] ، وأبو يعلى [2/ 415] ، رقم [1206] والطبراني في "المعجم الصغير" [1/ 88، 168] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [8/ 412] ، من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" وعطية العوفي فيه ضعف.
1 يرويه أبو الزبير عنه وله طرق عن أبي الزبير. =(4/385)
اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَالْقَدَّاحُ ضَعِيفٌ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَتَابَعَهُمْ حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، وَلَوْ صَحَّ الطَّرِيقُ إلَى زُهَيْرٍ، لَكَانَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ؛ إلَّا أَنَّ رَاوِيَهُ عَنْهُ اسْتَنْكَرَ أَبُو دَاوُد حَدِيثَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَرَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ جَمِيعًا1، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي
__________
= فأخرجه أبو داود [3/ 253] ، كتاب الأضاحي: باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث [2828] ، والدارمي [2/ 84] ، كتاب الأضاحي: باب في ذكاة الجنين ذكاة أمه، والحاكم [4/ 114] ، وأبو نعيم في الحلية [9/ 236] ، من طريق عتاب بن بشير عن عبيد الله بن أبي زياد القداح عن أبي الزبير به.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم [4/ 114] ، وابن عدي في "الكامل" [2/ 320] ، والبيهقي [9/ 334- 335] ، من طريق الحسن بن بشير عن زهير بن معاوية عن أبي الزبير به.
قال ابن عدي: وهذا حديث زهير عن أبي الزبير لم يروه غير الحسن.
وأسند عن النسائي قال: ليس بالقوي.
وقال الحاكم: تابعه من الثقات عبيد الله بن أبي زناد القداح، وهو الطريق الأول.
وأخرجه أبو يعلى [3/ 343] ، رقم [1808] ، من طريق حماد بن شعيب عن أبي الزبير به بلفظ: ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 38] ، وقال: رواه أبو يعلى وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف رواه أبو داود خلا قوله: إذا أشعر.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" [7/ 92] ، من طريق إسحاق بن عمرو ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير به.
وقال أبو نعيم: تفري به معاوية عن الثوري وعن إسحاق.
وإخرجه الدارقطني [4/ 273] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة، حديث [27] ، من طريق ابن أبي ليلى عن أبي الزبير به.
1 أخرجه البزار [2/ 570- كشف] ، رقم [1226] ، من طريق بشر بن عمارة عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء وأبي أمامة قالا: قال رسول الله عليه وسلم: "ذكاة الجنين ذكاة أمه".
قال البزار: وهذا روي من وجوه رواه أبو سعيد الخدري وأبو أيوب وأعلى من رواه أبو الدرداء فذكرنا حديثه، حديث أبي أسامة، وأخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "نصب الراية" [4/ 191] ، من طريق بشير بن عمارة عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن أبي أمامة وأبي الدرداء به.
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 38] ، وقال: رواه البزار والطبراني في "الكبير" وفيه بشر بن عمارة وقد وثق فيه ضعف.(4/386)
هُرَيْرَةَ1، فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ قَيْسٍ ضَعِيفٌ؛ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِسَنْدَلٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 وَفِيهِ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَالرَّاوِي عَنْهُ أَيْضًا ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ4، إلَّا أَحْمَدَ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ الصَّلْتِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَهُوَ عِلَّتُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ5، وَمُحَمَّدٌ ضَعِيفٌ؛ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ6.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 274] ، من طريق عمر بن قيس عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة به.
وذكره الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 190] ، وقال: عبد الحق لا يحتج بإسناده وقال ابن القطان: وعلته عمرو بن قيس وهو المعروف بسندل فإنه متروك ا. هـ.
2 أخرجه الحاكم [4/ 114] ، والسهمي في "تارخ جرجان" [ص: 1377] رقم [629] ، من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه".
وقال الحاكم: وقد روي بإسناد صحيح عن أبي هريرة ثم أخرجه. وتعقبه الذهبي فقال: عبد الله هالك.
3 أخرجه الدارقطني [4/ 274- 275] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة: باب [33] ، من طريق موسى بن عثمان الكندي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" وموسى بن عثمان قال ابن القطان: مجهول كما في "نصب الراية" [4/ 191] ، وفيه نظر فهو معروف لكن بالضعف الشديد.
4 أخرجه الدارقطني [4/ 274] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة: باب من طريق أحمد بن الحجاج بن الصلت ثنا الحسن بن سالم ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: أراه رفعه قال: ذكاة الجنين ذكاة أمه.
قال الحافظ في "التلخيص" [4/ 157] : حديث ابن مسعود رجاله ثقات إلا أحمد بن الحجاج بن الصلت فإنه ضعيف جداً ا. هـ.
5 أخرج الحاكم [4/ 114] ، من طريق ابن أبي ليلى عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه".
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 38] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ ولكنه ثقة.
6 ينظر: البيهقي [9/ 335] ، كتاب الضحايا: باب ذكاة ما في بطن الذبيحة.(4/387)
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَلَهُ طُرُقٌ، مِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ"، فِي تَرْجَمَةِ "مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيِّ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "إذَا أَشْعَرَ الْجَنِينُ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ" 1 فِيهِ عَنْعَنَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِصَامٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ بِهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ" مَوْقُوفٌ؛ وَهُوَ أصح؛ ولفظ: "إذَا نُحِرَتْ النَّاقَةُ؛ فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي ذَكَاتِهَا، إذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ، وَنَبَتَ شَعْرُهُ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ذُبِحَ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ" 2، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" فِي تَرْجَمَةِ "أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْأَنْطَاكِيِّ"، مِنْ حَدِيثِ الْعُمْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا3، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ
__________
1 أخرجه الحاكم [4/ 114] ، من طريق محمد بن الحسن الواسطي عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: ذكاة الجنين إذا أشعر ذكاة أمه ولكنه يذبح حتى ينصب ما فيه من الدم.
ومن هذا الطريق أخرجه ابن حبان في "المجروحين" [2/ 275] ، واقال محمد بن الحسن من أهل واسط يروى عن محمد بن إسحاق روى عنه أهل بلده يرفع الموقوف ويسند المراسيل روى عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وذكر الحديث.
وقال: الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 190] : ورجاله رجال "الصحيح" وليس فيه غير ابن إسحاق وهو مدلس لم يصرح بالسماع فلا يحتج به ومحمد بن الحسن ذكره ابن حبان في "الضعفاء" وروى له هذا الحديث ا. هـ.
ومحمد بن الحسن هذا ثقة احتج به البخاري ووثقه.
2 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 490] ، كتاب الذبائح: باب ذكاة ما في بطن الذبيحة، حديث [8] .
3 أخرجه الطبراني في "الصغير" [1/ 16] ، من طريق عبد الله بن نصر الأنطاكي ثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
وقال الطبراني: لم يروه مرفوعاً عن عبيد الله إلا أبو أسامة.
تفرد به عبد الله بن نضر، قلت: وهو ضعيف.
وهذا الطريق لم يذكره الزيعلي في "نصب الراية".
وقد توبع عبد الله تابعه مبارك بن مجاهد.
أخرجه الدارقطني [4/ 271] ، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة: باب [24] ، والبيهقي [9/ 335] ، كتاب الضحايا: باب ذكاة ما في بطن الذبيحة. من طريق عصام بن مدرك عن مبارك بن مجاهد عن عبيد الله بن عمر به.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 190] : قال ابن القطان: وعصام رجل لا يعرف له حال وقال في "التنقيح": مبارك بن مجاهد ضعفه غير واحد ا. هـ.
وقال البيهقي: روي من أوجه عن ابن عمر مرفوعاً ورفعه عن ضعيف، والصحيح موقوف.
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 38] ، من طريق محمد بن الحسن الواسطي عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" وفيه ابن إسحاق وهو ثقة =(4/388)
مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ1، وَمِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ على نَافِعٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، وَعَدَّدَ جَمَاعَةً عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ الْكِنْدِيِّ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" 3، وَمُوسَى مَجْهُولٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبٍ بِهِ4، وَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضفعاء" فِيمَا أُنْكِرَ عَلَى إسْمَاعِيلَ، قَالَ: إنَّمَا هُوَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: "كَانَ الصَّحَابَةُ ... "، فَذَكَرَهُ، وَرَوَى ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
__________
= لكنه مدلس وبقية رجال "الأوسط" ثقات.
1 ينظر السابق.
2 أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" [2/ 107] ، من طريق أحمد بن الفرات الرازي ثنا هشام بن بلال ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه".
قال الطبراني: لم يروه عن أيوب بن موسى إلا محمد بن مسلم ولا عن محمد إلا هشام تفرد به أبو مسعود.
ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 44] ، رقم [614] ، فقال: سألت أبي عن حديث رواه هشام الرازي عن محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، قال أبي: هكذا رواه هشام في كتابي عنه ورواه أبو مسعود بن فرات عنه والناس يوقفونه على عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة وغيرهم يروونه عن نافع عن ابن عمر موقوفاً وهو أصح.
3 أخرجه الدارقطني [4/ 275] ، من طريق موسى بن عثمان الكندي عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس بمثل حديث علي وموسى بن عثمان متروك وانظر حديث علي.
4 أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" كما في "نصب الراية" [4/ 91] ، و"المجمع" [4/ 38] ، من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعاً.
وإسماعيل بن مسلم المكي ضعيف قال ابن حبان في "المجروحين" [1/ 120- 121] ، إسماعيل بن مسلم المكي أبو ربيعة ضعيف ضعفه ابن المبارك وتركه يحيى وعبد الرحمن بن مهدي روى عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه ... فذكر الحديث.
قال: وإنما هو عن الزهري قال: كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه. هكذا قاله ابن عيينة وغيره من الثقات.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 38] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف.(4/389)
ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" 1، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَوْقُوفًا2، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ فِيهِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
2010- حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا طَيْبَةَ حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ3، وَعِنْدَهُمَا: "بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ"، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِثْلُ مَا هُنَا.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَأْتِيَهُ مع غيبوبة الشمس، فأمره أَنْ يَضَعَ الْمَحَاجِمَ مَعَ إفْطَارِ الصَّائِمِ، ثُمَّ سَأَلَهُ: كَمْ خَرَاجُهُ؟ فَقَالَ: صَاعَيْنِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ صَاعًا"4.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَى أَبِي طَيْبَةَ لَيْلًا، فَحَجَمَهُ، وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ"5.
__________
1 ينظر السابق.
2 البيهقي [9/ 335] ، وله شاهد أيضاً من حديث أبي ليلى.
أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" [4/ 38] ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن ذكاة الجنين فقال: ذكاته ذكاة أمه.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه حليس بن محمد وهو متروك.
3 أخرجه البخاري [5/ 50] ، كتاب البيوع: باب ذكر الحجام، حديث [2102] ، وأطرافه في [2210، 2277، 2280، 2281، 5696] ، ومسلم [5/ 509- نووي] ، كتاب المساقاة: باب حل أجرة الحجامة، حديث [62، 64/ 1577] ، وأخرجه أبو داود [3/ 266] ، كتاب البيوع: باب في كسب الحجام، حديث [3424] .
4 أخرجه ابن حبان [8/ 307] ، كتاب الصوم: باب حجامة الصائم، حديث [3536] .
5 أخرجه الطبراني [11/ 327] ، برقم [11796] . وله شاهد من حديث ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وأعطى الحجام أجراً.
ولابن عباس حديث آخر:
أخرجه البخاري [4/ 324] ، كتاب البيوع: باب ذكر الحجام، الحديث [2103] ، وفي [4/ 458] ، كتاب الإجارة: باب خراج الحجام، الحديث [2278] ، و [2279] ، ومسلم [3/ 1205] ، كتاب المساقاة: باب حل أجرة الحجامة، الحديث [65/ 1202] ، و [66/ 1202] ، وأبو داود [2/ 287] ، كتاب البيوع: باب في كسب الحجام، حديث [3423] ، وابن ماجة [2/ 731] ، كتاب التجارات: باب كسب الحجام، حديث [2162] ، وأحمد [1/ 241، 250، 258، 92، 316] ، وابن الحارود رقم [584] ، من طرق عن ابن عباس.
ولمسلم الحديث [66/ 1202] : حجم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد لبني بياضة، فأعطاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجره، وكلم سيده فخفف عنه ضريبته. ولو كان سحتاً لم يعطه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(4/390)
2011- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ: "اطعمه رفيقك، وَاعْلِفْهُ نَاضِحَك1"، مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَيِّصَةَ، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَقَالَ: "اعْلِفْهُ نَاضِحَك" 2.
2012- قَوْلُهُ: "رُوِيَ فِي الْخَبَرِ: إنَّ مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَا يُكَفِّرُهُ صَوْمٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَيُكَفِّرُهُ عَرَقُ الْجَبِينِ فِي الْحِرْفَةِ"، الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"، وَالْخَطِيبُ فِي "تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ"، مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "إنَّ مِنْ الذنوب ذنوب لَا يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ، وَلَا الْوُضُوءُ، وَلَا الْحَجُّ، وَلَا الْعُمْرَةُ، قِيلَ: فَمَا يُكَفِّرُهَا؟ قَالَ: يُكَفِّرُهَا الْهُمُومُ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ" 3، وَإِسْنَادُهُ إلَى يَحْيَى وَاهٍ.
حَدِيثُ: "كَسْرُ عِظَامِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عِظَامِ الْحَيِّ"، تَقَدَّمَ فِي آخِرِ كِتَابِ "الْغَصْبِ".
2013- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الرَّهْطَ الْعُرَنِيِّينَ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ روياة أَنَسٍ4، وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانِيَةً"، وَوَقَعَ
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 435، 436] ، في مسند محيصة بن مسعود رضي الله عنه، وأبو داود [3/ 707] ، كتاب البيوع والإجارات: باب في كسب الحجام، الحديث [3422] ، والترمذي "السنن" [3/ 575] ، كتاب البيوع والإجارات: باب في كسب الحجام، الحديث [3422] ، والترمذي "السنن" [3/ 575] ، كتاب البيوع: باب ما جاء في كسب الحجام، الحديث [1277] ، وابن ماجة [2/ 732] ، كتاب التجارات: باب كسب الحجام، الحديث [2166] ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 131] ، كتاب الإجارات: باب الجعل على الحجامة، والحميدي [2/ 387] ، رقم [878] ، وابن أبي شيبة [6/ 265] ، وابن الجارود [583] ، والبيهقي [9/ 337] ، من طرق عن الزهري عن حرام بن مصيصة عن أبيه.
وقال الترمذي: حديث حسن.
2 أخرجه أحمد [3/ 307، 381] ، والحميدي [2/ 538] ، برقم [1284] ، وأبو يعلى [4/ 88] ، برقم [2114] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 130] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 96- 97] ، رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحمد رجال "الصحيح".
3 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [3/ 337- 338] ، كتاب البيوع: باب في طلب المعيشة، حديث [1919] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 67] : رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن سلام المصري؛ قال الذهبي: حدث عن يحيى بن بكير يخبر موضوع، قلت: وهذا مما رواه عن بحيى بكير ا. هـ.
4 أخرجه البخاري [1/ 446- 447] ، كتاب الوضوء: باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، حديث [233] ، وأطرافه [1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5686، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899] . ومسلم [6/ 167- 170- =(4/391)
فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا: "أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ"1، وَقَالَ ابْنُ الطَّلَّاعِ: رَوَى فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ.
قُلْت: لَمْ أَرَ لِذَلِكَ إسْنَادًا.
حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا جَعَلَ اللَّهُ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ"، تَقَدَّمَ فِي "حَدِّ الشُّرْبِ".
2014- قَوْلُهُ: "إذَا اسْتَضَافَ مُسْلِمٌ لَا اضْطِرَارَ بِهِ مُسْلِمًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ضِيَافَتُهُ"، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، انْتَهَى.
فَمِنْ الْأَحَادِيثِ: حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ: "الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، تَقَدَّمَ فِي "الْجِزْيَةِ".
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ2، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَحَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: "ليلة الضيق حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَصْبَحَ بِبَابِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، إنْ شَاءَ اقْتَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ" 3، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِهِ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا، فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا، فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، حَتَّى يَأْخُذَ لَيْلَةً مِنْ مَالِهِ"، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا4.
وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ "قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ، فَاقْبَلُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ" 5، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي "الْأَوْسَطِ" عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: "دَخَلْنَا عَلَى سَلْمَانَ، فَدَعَا بِمَا كَانَ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَانَا عَنْ التَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ، لتكلفت لكم"6.
2015- قوله: "وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الطِّينِ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَلَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ.
قُلْت: جَمَعَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ فِي ذَلِكَ جُزْءًا فِيهِ أَحَادِيثُ، لَيْسَ فِيهَا مَا يَثْبُتُ، وَعَقَدَ لَهَا الْبَيْهَقِيُّ بَابًا، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ، وَرُوِيَ فِيهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "مَنْ انْهَمَكَ عَلَى
__________
= نووي] ، كتاب القسامة: باب [9- 14/ 1671] .
1 أخرجه عبد الرزاق [10/ 107- 108] ، كتاب العقول: باب المحاربة، حديث [18541] ، عن إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكره، وعلته صالح هذا وقد تقدم الكلام عنه.
2 تقدم تخريجه.
3 تقدم تخريجه.
4 تقدم تخريجه.
5 تقدم تخريجه.
6 تقدم تخريجه.(4/392)
أَكْلِ الطِّينِ؛ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ" 1، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ2، وَفِيهِ سَهْلُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: حَدِيثُ "إنَّ أَكْلَ الطِّينِ حَرَامٌ"، فَأَنْكَرَهُ3.
حَدِيثُ مُجَاهِدٍ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ"، يَعْنِي: "الصَّحَابَةَ"، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: "مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ شَيْءٍ إلَّا قَدْ ذَكَّاهُ اللَّهُ لَكُمْ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْت شَيْخًا يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ ... ، فَذَكَرَهُ4.
وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ "الطَّهُورِ" مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، قَالَ فَذَكَرَهُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ شَرِيكٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ ذَكَّى لَكُمْ صَيْدَ الْبَحْرِ.
قَوْلُهُ: "وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَكْتَسِبُونَ بِالتِّجَارَةِ5".
قُلْت: مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ: "أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ"، فِي الصَّحِيحَيْنِ6 وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَمَّا إخْوَانِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، فَكَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ ... "، الْحَدِيثَ7، وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي آخِرِ كِتَابِ "الْفُكَاهَةِ وَالْمِزَاحِ" لَهُ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ سُوَيْبِطِ بْنِ حَرْمَلَةَ وَالنُّعْمَانِ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَاجِرًا إلَى بُصْرَى".
__________
1 أخرجه البيهقي [10/ 11] ، كتاب الضحايا: باب ما جاء في أكل الطين.
قال البيهقي: عبد الله بن مروان هذا مجهول.
2 أخرجه البيهقي [10/ 11- 12] ، في المصدر السابق. وقال: وهذا لا أعلم يرويه عن سهيل بن أبي صالح غير عبد الملك هذا وهو مجهول.
3 ينظر: المصدر السابق.
4 تقدم تخريجه في كتاب الطهارة.
5 أخرجه البيهقي [9/ 252] ، كتاب الذبائح والصيد: باب الحيتان وميتة البحر.
6 أخرجه البخاري [5/ 2062] ، كتاب البيوع: باب الخروج في التجارة، حديث [2062] ، وطرفاه في [6245، 7353] ، ومسلم [7/ 386- نووي] ، كتاب الآداب: باب الاستئذان، حديث [36/ 2153] .
7 أخرجه البخاري [1/ 289] ، كتاب العلم: باب حفظ العلم، حديث [118] ، وأطرافه في [119، 2047، 2350، 3648، 7354] .(4/393)
كِتَابُ السَّبَقِ والرمي
مدخل
...
78- كتاب السبق وَالرَّمْيِ
2016- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ من الحفيا إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
قَوْلُهُ: "وَيُقَالُ إنَّ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ أَمْيَالٍ، أَوْ سِتَّةً"، هُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ.
2017- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَا تُسْبَقُ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ حَقًّا على الله أن لا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا إلَّا وَضَعَهُ"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ2.
2018- حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ فِي السُّوقِ، فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
2019- حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي الرَّمْيِ4، رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
__________
1 أخرجه البخاري [6/ 83] ، كتاب الجهاد والسير: باب السبق بين الخيل، حديث [2868] ، ومسلم [3/ 1491] ، كتاب الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، حديث [95/ 1870] ، ومالك [2/ 467- 468] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها، حديث [45] ، وأبو داود [2/ 34] ، كتاب الجهاد: باب في السبق، حديث [2575] ، والترمذي [4/ 177- 178] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث [1699] ، والنسائي [6/ 226] ، كتاب الخيل: باب إضمار الخيل، وابن ماجة [2/ 960] ، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2877] ، والدارمي [2/ 212] ، كتاب الجهاد: باب في السبق، وأحمد [2/ 5، 11، 55- 56] ، وأبو يعلى [10/ 209] ، رقم [5839] والبيهقي [10/ 16] ، كتاب السبق: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 533- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه البخاري [6/ 165] ، كتاب الجهاد والسير: باب ناقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [2872] .
3 أخرجه البخاري [6/ 187] ، كتاب الجهاد والسير: باب التحريض على الرمي، حديث [2869] ، وطرفاه في [3373، 3507] ، وأحمد [4/ 50] ، وابن حبان [10/ 457] ، في كتاب الرمي، حديث [4693] ، والبيهقي [10/ 17] ، كتاب السبق: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل.
ووهم الحاكم فاستدركه [2/ 94] ، وتبعه الذهبي.
4 أخرجه أبو داود [3/ 13] ، كتاب الجهاد: باب في الرمي، حديث [2513] ، والترمذي [4/ 149] ، كتاب فضل الجهاد: باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، حديث [1637] ، والنسائي [6/ 28] ، كتاب الجهاد: باب ثواب من رمى، حديث [3146] ، وابن ماجة [2/ 940] ، كتاب الجهاد: باب فضل الرمي في سبيل الله، حديث [2811] ، والحاكم [2/ 95] ، والدارمي [2/ 204- 205] ، كتاب الجهاد: باب في فضل الرمي والأمر به كلهم من حديث =(4/394)
2020- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا سَبَقَ إلَّا فِي: خُفٍّ، أَوْ نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ1، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَأَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْضَهَا بِالْوَقْفِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "لَا سَبَقَ"؛ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ مَفْتُوحَةٌ أَيْضًا: مَا يَجْعَلُ
__________
= عقبة بن عامر. وفيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه الذي احتسب صنعته الخير، ومستنبله والرامي، ارموا أو اركبوا، وأن توموا أحب إلى من أن تركبوا وليس من اللهو إلا ثلاثة ... " الحديث.
قال الترمذي: حسن صحيح.
1 أخرجه أبو داود [3/ 29] ، كتاب الجهاد: باب في السبق: حديث [2574] ، والترمذي [4/ 178] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث [1700] ، والنسائي [6/ 226] ، كتاب الخيل: باب السبق، حديث [3585] ، وأحمد [2/ 474] ، والشافعي [2/ 128] ، كتاب الجهاد، حديث [422] ، وابن حبان [1638- موارد] ، والطبراني في "الصغير" [1/ 25] ، والبيهقي [10/ 16] ، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 535- بتحقيقنا] ، من طريق ابن أبي ذئب عن نافع عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حديث حسن. وأقره الغوي وصححه ابن حبان.
وأخرجه الشافعي [2/ 129] ، كتاب الجهاد، حديث [423] ، والبيهقي [10/ 16] ، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به لفظ: لا سبق إلا في حافر أو خف.
وأخرجه النسائي [6/ 227] ، كتاب الخيل: باب السبق، وابن ماجة [2/ 960] ، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2878] ، وأحمد [2/ 256، 385، 425] ، والبغوي [10/ 16] ، كتاب السبق والرمي: باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، من طريق محمد بن عمرو عن أبي الحكم مولى الليثيين عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد [2/ 358] ، من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" [10/ 382] ، رقم [10764] ، من طريق عبد الله بن هارون الفروي ثنا قدامة عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس قال: لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل.
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" [5/ 266] ، وقال: وفيه عبد الله بن هارون الفروي وهو ضعيف.
وفي الباب عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
أخرجه ابن حبان [7/ 96- الإحسان] ، رقم [4670] من طريق عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقاً وجعل بينهما محللاً وقال: "لا سبق إلا في حافر أو نصل".
ومن طريق عاصم رواه ابن أبي عاصم في الجهاد كما في "التلخيص" [4/ 163- 164] ، وقال الحافظ: وعاصم هذا ضعيف واضطرب فيه رأي ابن حبان فصحح حديث تارة وقال في "الضعفاء": لا يجوز الاحتجاج به، وقال في "الثقات": يخطئ ويخالف.(4/395)
الْمُسَابِقُ عَلَى سَبْقِهِ مِنْ جُعْلٍ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ.
2021- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رِهَانُ الْخَيْلِ طَلْقٌ"، أَيْ: حَلَالٌ"، أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهَا بِهَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ1: اسْمُ أَبِيهَا: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ.
2022- حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ"، لَمْ أَرَهُ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: "كُنَّا فِي الحجر بعد ما صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ، فَلَمَّا أَسْفَرْنَا إذَا فِينَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، فجعل يستقرينا رَجُلًا رَجُلًا، يَقُولُ: صَلَّيْت يَا فُلَانُ، قَالَ: يَقُولُ ههنا، حَتَّى أَتَى عَلَيَّ، فَقَالَ: أي صليت يابن عبيد؟ قلت: ههنا، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، مَا نَعْلَمُ صَلَاةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَسَأَلُوهُ: أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدْ رَاهَنَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا سُبْحَةُ، فَجَاءَتْ سَابِقَةً2.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي لَبِيَدٍ؛ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقُلْنَا: "أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدْ رَاهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا سَبْحَةُ، جاءت سابقة، فهش لِذَلِكَ، وَأَعْجَبَهُ.
قَوْلُهُ: "سَبْحَةُ" مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ سَبَّاحٌ إذَا كَانَ حَسَنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الْجَرْيِ.
وَقَوْلُهُ: "فَبَهَشَ" بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: هَشَّ وَفَرِحَ3.
2023- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَابَقَ هُوَ وَعَائِشَةُ"، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، من حديث هاشم بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "سَابَقْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْته، فَلَمَّا حَمَلْت اللَّحْمَ، سَابَقْته فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" 4، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ، فَقِيلَ هَكَذَا، وَقِيلَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي
__________
1 ذكره الهندي في "كنر العمال" [4/ 344] ، برقم [10815] ، وعزاه إلى الضياء ع رفاعة بن رافع.
2 أخرجه البيهقي [10/ 21] ، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في الرهان على الخيل وما يجوز منه وما لا يجوز.
3 أخرجه أحمد [3/ 160، 206] ، والدارمي [2/ 202- 213] ، كتاب الجهاد: باب في رهان الخيل، والدارقطني [4/ 301] ، في كتاب السبق بين الخيل، حديث [10] ، والبيهقي [10/ 21] ، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في الرهان على الخيل وما يجوز منه وما لا يجوز.
4 أخرجه أحمد [6/ 39] ، وأبو داود [3/ 29- 30] ، كتاب الجهاد: باب في السبق على الرجل، حديث [2578] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 303- 305] ، كتاب عشرة النساء: باب مسابقة =(4/396)
سَلَمَةَ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
2024- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَعَ رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ"، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رُكَانَةَ: "أَنَّ رُكَانَةَ صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رُكَانَةُ: وَسَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ" 1، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَأَتَى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ رُكَانَةَ، أَوْ رُكَانَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَعَهُ أَعْنُزٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: "يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَك أَنْ تُصَارِعَنِي"، قَالَ: "مَا تَسْبِقُنِي"، قَالَ: "شَاةٌ مِنْ غَنَمِي، فَصَارَعَهُ، فَصَرَعَهُ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقَالَ رُكَانَةُ: هَلْ لَك فِي الْعَوْدِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاَللَّهِ مَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ إلَى الْأَرْضِ، وَمَا أَنْتَ بِاَلَّذِي تَصْرَعُنِي، يَعْنِي: فَأَسْلَمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمَهُ"2، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إلَّا أَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُدْرِكْ رُكَانَةَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مَوْصُولًا.
قُلْت: هُوَ فِي أَحَادِيثِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَفِي كِتَابِ "السَّبْقِ وَالرَّمْيِ"، لِأَبِي الشَّيْخِ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الله بن يزيد المقرئ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطَوَّلًا.
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مطولا، وإسناداهما ضَعِيفَانِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَحْسَبُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: صَارَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رُكَانَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ شَدِيدًا، فَقَالَ: شَاةٌ بِشَاةٍ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: عَاوِدْنِي فِي أُخْرَى، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عَاوِدْنِي، فَصَرَعَهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ أَبُو رُكَانَةَ: مَاذَا أَقُولُ لِأَهْلِي!! شَاةٌ أكلها الذئب، وشاة بشرت، فَمَا أَقُولُ فِي الثَّالِثَةِ!! فَقَالَ
__________
= الرجل زوجته، حديث [8942- 8945] ، وابن ماجة [1/ 636] ، كتاب النكاح: باب حسن معاشرة النساء، حديث [1979] ، والحميدي [1/ 128] ، برقم [261] ، وابن حبان [10/ 545] ، كتاب السير: باب السبق، حديث [4691] .
وأخرجه أحمد [6/ 129، 182، 261، 264، 289] ، والطبراني [23/ 46- 47] ، برقم [123- 125] والبيهقي [10/ 17- 18] ، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في المسابقة بالعدو.
1 أخرجه أبو داود [4/ 55] ، كتاب اللباس: باب في العمائم، حديث [4078] ، والترمذي [4/ 247] ، كتاب الباس: باب العمائم على القلانس، حديث [1784] .
قال الترمذي: حديث حسن غريب وإسناده ليس بالقائم، ولا نعلم أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة.
2 أخرجه أبو داود في "المراسيل" ص [235- 236] ، برقم [308] .
وعنه أخرجه البيهقي في "السنن" [10/ 18] ، كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في المصارعة.(4/397)
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا كُنَّا لِنَجْمَعَ عَلَيْك أَنْ نَصْرَعَك، وَنُغَرِّمَك، خُذْ غَنَمَك"، هَكَذَا وَقَعَ فِيهِ أَبُو رُكَانَةَ1؛ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَيَزِيدُ فِيهِ ضَعْفٌ، وَالصَّوَابُ رُكَانَةَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: مَا رُوِيَ مِنْ مُصَارَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْلٍ لَا أَصْلَ لَهُ، وَحَدِيثُ رُكَانَةَ أَمْثَلُ مَا رُوِيَ فِي مُصَارِعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2025- حَدِيثُ: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بين فرسين، وقد أمر أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَهُوَ قِمَارٌ، وإن لم يؤمر أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ"، أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ": تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ الْوَلِيدُ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ.
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ الْوَلِيدِ، لَكِنَّهُ أَبْدَلَ قَتَادَةَ بِالزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِي مَنْ ذُكِرَ قَبْلُ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَسُفْيَانُ هَذَا ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَشُعَيْبٌ وَعُقَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ قَالَهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلَهُ. انْتَهَى3؛ وَكَذَا هُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلُهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْت ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ وَضُرِبَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ غَلَّطَ الشَّافِعِيُّ سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدِيثَ "الرجل جبار"، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي "الْحِلْيَةِ" لِأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَوْلُهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَطَأٌ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالصَّوَابُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ؛ كَمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ، وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ شَرِيكٍ رَوَاهُ عَنْ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [11/ 427] ، كتاب الجامع: باب قوة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [20909] .
2 أخرجه أحمد [2/ 505] ، وأبو داود [3/ 30] ، كتاب الجهاد: باب في المحلل، حديث [2579] ، وابن ماجة [2/ 960] ، كتاب الجهاد: باب السبق والرهان، حديث [2876] ، وابن حزم في "المحلى" [7/ 354] ، والدارقطني [4/ 111] ، كتاب السير، [4/ 305] ، كتاب السبق بين الخيل، والحاكم [2/ 114] ، والبيهقي [10/ 20] ، كتاب السبق، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 537- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً.
3 أخرجه مالك في "موطئه" [2/ 468] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو، حديث [46] ، عن يحيى بن سعيد بن المسيب يقول: ليس برهان الخيل بأس ... الحديث بنحوه.(4/398)
هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ أَيْضًا؛ فَقَدْ رَوَاهُ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَنْهُ، عَنْ الْوَلِيدِ، عن سعيد عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قُلْت: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدَانُ عَنْ هِشَامٍ مِثْلَ مَا قَالَ عُبَيْدٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ، وَقَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْغَلَطَ فِيهِ مِنْ هِشَامٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ فِي الْآخِرِ.
2026- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا سَبْقًا"، ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الْجِهَادِ" مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا"1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ هَذَا عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَاصِمٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَاضْطَرَبَ فِيهِ رَأْي ابْنُ حِبَّانَ؛ فَصَحَّحَ حَدِيثَهُ تَارَةً، وَقَالَ فِي "الضُّعَفَاءِ": لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَقَالَ فِي الثِّقَاتِ، يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَفِي الْكِتَابِ الْمُتَرْجِمِ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْمُتَرَاهِنَانِ فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى السَّبَقِ بِهِ، فَهُوَ حَرَامٌ" 2، وَفِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَرَاهَنَ"، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُحَلِّلُ؛ وَكَذَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ حَدِيثَ أَنَسٍ: "لَقَدْ رَاهَنَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ، فَسَبَقَ النَّاسَ، فَبَهَشَ لِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ"3.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحِزْبَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، وَقَدْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَأَقَرَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ"، يأت ي.
2027- قَوْلُهُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ؟ فَقَالَ: "إذَا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا، قَاتَلْنَاهُمْ بِالسِّهَامِ، ثُمَّ بِالْحِجَارَةِ، وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، قَاتَلْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ"، الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ حسين بن السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ بَدْرٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: كَيْفَ تُقَاتِلُونَ؟ فَقَامَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ فَأَخَذَ الْقَوْسَ، وَأَخَذَ النَّبْلَ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إذَا كَانَ الْقَوْمُ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، كَانَ الرَّمْيُ بالقسي، وإذا دنى الْقَوْمُ حَتَّى تَنَالَهُمْ الْحِجَارَةُ، كَانَتْ الْمُرَاضَخَةُ، فَإِذَا دَنَوْا حَتَّى تَنَالَهُمْ الرِّمَاحُ، كَانَتْ الْمُدَاعَسَةُ، حَتَّى تَتَقَصَّفَ الرِّمَاحُ، ثُمَّ كَانَتْ الْمُجَالَدَةُ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ
__________
1 تقدم تخريجه في أول كتاب السبق والرمي.
2 تقدم تخريحه.
3 تقدم تخريحه.(4/399)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِهَذَا أُنْزِلَتْ الْحَرْبُ مَنْ قَاتَلَ فَلْيُقَاتِلْ قِتَالَ عَاصِمٍ"، السِّيَاقُ لِأَبِي نُعَيْمٍ1.
قَوْلُهُ: "رَوَوْا أَنَّهُ لَمْ يَرْمِ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ"، لَمْ أَرَ هَذَا.
2028- حَدِيثُ: "مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ"، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا إلَّا عِنْدَ صَاحِبِ "مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ" مِنْ جِهَةِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "تَعَلَّمُوا الرَّمْيَ؛ فَإِنَّ مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" 2، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، مَعَ انْقِطَاعِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي عَلَى مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ" 3، وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت حُذَيْفَةَ بِالْمَدَائِنِ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ"4.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي فَضْلِ الرَّمْيِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ" 5.
2029- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحِزْبَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، فَقَالَ: أَنَا مِنْ الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ ابْنُ الْأَدْرَعِ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا؛ وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى نَاسٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ ... " الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ: "وَلَقَدْ رَمَوْا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَلَى السَّوَاءِ، مَا نَضَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ6.
وَرَوَاهُ هُوَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمٌ مِنْ أَسْلَمَ يَرْمُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ، فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ كُنْت مَعَهُ غَلَبَ، قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ" 7.
__________
1 أخرجه الطبراني [5/ 34] برقم [4513] . قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [5/ 330] ، رواه الطبراني ومحمد بن حجاج قال الحاكم مجمول. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة محمد بن حجاج هذا مختصر. ا. هـ.
2 أخرجه بن أبي الدنيا والديلمي كما في "الدر المنثور" [3/ 194] .
3 أخرجه البيهقي [10/ 15] كتاب "السبق والرمي"، باب: التحريض على الرمي.
4 أخرجه سعيد بن منصور [2/ 208] ، برقم [2457] .
5 أخرجه الطبراني كما في "الدر المنثور" [3/ 194] : من حديث أبي الدرداء، وقال: الهيثمي في "المجمع" [5/ 272] : رواه الطبراني وفيه عثمان بن مطر وهو ضعيف.
6 تقدم تخريجه.
7 تقدم تخريجه.(4/400)
فَائِدَةٌ: اسْمُ ابْنِ الْأَدْرَعِ: مِحْجَنٌ1، سَمَّاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَنَاضَلُ، فِينَا مِحْجَنُ بْنُ الْأَدْرَعِ ... "، الْحَدِيثَ. وَلَيْسَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ.
2030- حَدِيثُ: "لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ"، تَقَدَّمَ فِي "الزَّكَاةِ"، وَمِنْ طُرُقِهِ الَّتِي لَمْ تَتَقَدَّمْ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّهْنِ، مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الْجِهَادِ" مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَإِذَا أَدْخَلَ الْمُرْتَهِنَانِ فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى سَبْقِهِ، فَهُوَ حَرَامٌ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجُوزَجَانِيَّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْحُكْمَيْنِ.
2031- حَدِيثُ: "مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ، فَلَيْسَ مِنَّا"، ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَإِسْنَادُ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ الرَّمْيَ، وَالْمَشْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ"، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَفِي ابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ: "أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بن فرقد بـ"أذربيجان" ... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَامْشُوا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ" 3.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَفَعَهُ: "حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ، وَالسِّبَاحَةَ، وَالرَّمْيَ" 4.
2032- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى الرَّمْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ"، انْتَهَى.
__________
1 محجن بن الأدرع: له صححه وكان قديم الإسلام سكن البصرة وهو الذي اختط مسجدها، ويقال: إنه مات في آخر خلافة معاوية. و"تهذيب الكمال" [27/ 267] : "طبقات ابن سعد" [4/ 236] ، [6/ 8- 9] .
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" [11/ 222- 223] ، رقم [11558] .
3 أخرجه ابن حبان [12/ 268] ، في كتاب اللباس وآدابه، حديث [5454] ، والبيهقي [10/ 14] ، كتاب السبق والرمي: باب التحريض على الرمي، إلا أن ابن حبان قال شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا عثمان.
وأما البيهقي فهو من طريق شعبة عن عاصم.
4 أخرجه البيهقي [10/ 15] ، كتاب السبق والرمي: باب التحريض على الرمي.
قال البيهقي عقب روايته له: هذا حديث ضعيف، عيسى بن إبراهيم الهاشمي هذا من شيوخ بقية منكر الحديث، وضعفه يحيى بن معين، والبخاري وغيرهما.(4/401)
أَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ، وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْك، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا" 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: "رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَيَقُولُ أَنَا بِهَا"2، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "كِتَابِ الرَّمْيِ" بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يَجْلِسُ وَيُطْرَحُ لَهُ الْفِرَاشُ، وَيَرْمِي وَلَدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا يوما ونحن نرمي، فقال: يا بني بئس، مَا تَرْمُونَ، ثُمَّ أَخَذَ الْقَوْسَ فَرَمَى، فَمَا أَخْطَأَ الْقِرْطَاسَ"3، وَرُوِّينَاهُ بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ الْأَنْصَارِيِّ.
فَائِدَةٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ؛ رَأَيْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَرْمِيَانِ، فَمَلَّ أَحَدُهُمَا فَجَلَسَ، فَقَالَ الْآخَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَهُوَ لَغْوٌ وَسَهْوٌ إلَّا أَرْبَعُ خِصَالٍ: مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَأْدِيبُ فَرَسِهِ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَتَعْلِيمُ السِّبَاحَةِ" 4.
__________
1 أخرجه مسلم [7/ 73- نووي] ، كتاب الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه، حديث [169/ 1919] .
2 أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" [12/ 268] ، برقم [13078] ، وسعيد بن منصور [2/ 209] ، برقم [2460] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [5/ 272] : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
3 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوئد" [5/ 274] ، وقال: رجاله رجال "الصحيح".
4 أخرجه النسائي في "الكبير" [5/ 302، 302- 303] ، في كتاب عشرة النساء: باب ملاعبة الرجل زوجته، حديث [8938- 8940] ، والطبراني في "الكبير" [2/ 193] ، برقم [1785] ، وفي "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [5/ 46] ، برقم [2677] ، والبزار [2/ 280] ، كتاب الجهاد: باب في الرمي، حديث [1704] .
قال البزار: لا نعلم أسند جابر بن عمير إلا هذا وهو مشهور أمام مسجد بني خطمة بالمدينة.
قال الهيثمي في "المجمع" [5/ 272] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجال الطبراني رجال "الصحيح" عند عبد الوهاب بن بخت وهو ثقة.(4/402)
كِتَابُ الأيمان
مدخل
...
79- كتاب الْأَيْمَانِ5
2033- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَاَللَّهِ، لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا"، وَفِي رِوَايَةٍ: "قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا،
__________
5 الأيمان لغة: جمع يمين وهو القوة: وفي "الصحاح" اليمين القسم، والجمع الأيمن والأيمان.
انظر: "الصحاح" [6/ 2221] ، "المصباح المنير" [2/ 1057] ، و"المغرب" [2/ 399] ، "لسان العرب" [3/ 462] ، "القاموس المحيط" [4/ 281] .
واصطلاحاً: =(4/402)
ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ"، وَأَعَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: "ثُمَّ سَكَتَ، فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ، الْأَشْبَهُ إرْسَالُهُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ": رَوَاهُ مِسْعَرٌ وَشَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ، أَرْسَلَاهُ مَرَّةً، وَوَصَلَاهُ أُخْرَى1.
__________
=عرفه الحنابلة بأنه: عقد قوي به عزم الحالف على فعل شيء أو تركه.
وعرفه الشافعية بأنه: تحقيق غير ثابت ماضياً كان أو مستقبلاً نفياً أو إثباتاً ممكناً أو ممتنعاً صادقة أو كاذبة على العلم بالحال أو الجهل به.
وعرفه المالكية بأنه: تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله أو صفته.
وعرفه الحنابلة بأنه: توكيد حكم أي: محلوف عليه بذكر معظم أو هو المحلوف به على وجه مخصوص.
انظر: "تبيين الحقائق" [3/ 107] ، "شرح فتح القدير" [4/ 2] ، "مغني المحتاج" [4/ 320] ، "المحلى على المنهاج" [4/ 370] ، "حاشية الدسوقي" [2/ 112] ، "شرح منتهى الإرادات" [3/ 419] .
1 أخرجه أبو داود [2/ 250] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت، حديث [3285] ، والبيهقي [10/ 48] ، كتاب الأيمان: باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه من طريق قتيبة بن سعيد ثنا شريك عن سماك عن عكرمة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "والله لأغزون قريشاً والله لأغزون قريشاً والله لأغزون قريشاً" ثم قال: "إن شاء الله".
قال أبو داود: وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أسند.
أما المسند فقد أخرجه أبو يعلى [/ 5] 78، رقم [2674] ، ثنا الحسن بن شبيب ثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به.
وهذا الإسناد مسلسل بالعلل.
الحسن بن شبيب شيخ أبو يعلى قال ابن عدي [2/ 331] .
حدث بالبواطيل وأوصل أحاديث مرسلة.
وشريك بن عبد الله القاضي سيء الحفظ.
اضطراب رواية سماك عن عكرمة.
والحسن بن شبيب قد توبع على هذا الحديث.
أخرجه الطبراني في "الكبير" [11742] ، والبيهقي [10/ 47] ، من طريق عمرو بن عون ثنا شريك بهذا الإسناد.
أما شريك فقد توبع أيضاً.
أخرجه أبو يعلى [5/ 78] ، رقم [2675] ، وابن حبان [1186- موارد] ، من طريق علي بن مسهر عن مسهر بن كدام عن سماك بن حرب عن عكرمة بن ابن عباس.
قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" [2/ 68] : هذا حديث غريب اختلف في وصله وإرساله. =(4/403)
2034- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يحلف فيقول: ولا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ"، مَالِكٌ وَالْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ1.
__________
= وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" [7/ 404] ، من طريق الحسن بن قتيبة ثنا مسعر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الخطيب: وخالفه ابن عيينة فرواه عن مسعر عن سماك عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر فيه ابن عباس وقد رواه سفيان الثوري وشريك بن عبد الله عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس.
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس:
أخرجه ابن عدي في "الكامل" [5/ 298] ، من طريق عبد الواحد بن صفوان حدثني عكرمة عن ابن عباس به.
وأسند ابن عدي عن يحيى بن معين قال: عبد الواحد بن صفوان بصري وليس بشيء.
وقال ابن عدي: ولعبد الواحد بن صفوان غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه مما لا يتابع عليه.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 303] : وذكره ابن القطان في كتابة من جهة ابن عدي ثم قال: وعبد الواحد هذا ليس حديثه بشيء والصحيح مرسل ا. هـ.
وقد رجع المرسل أيضاً أبو حاتم الرازي.
فقال ابنه في "العلل" [1/ 440] ، رقم [1322] : سألت أبي عن حديث رواه عمر بن عون عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والله لأغزون قريشاً، والله لأغزون قريشاً، والله لأغزون قريشاً إن شاء الله". قال أبي: رواه مسعر عن سماك عن عكرمة لم يذكر ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسل وهو أشبه.
وقد رجح المرسل أيضاً عبد الحق كما في "خلاصة البدر المنير" [2/ 409] .
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر:
أخرجه ابن حبان في "المجروحين" [2/ 307] ، من طريق محمد بن إسحاق البلخي عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والله لأغزون قريشاً" ثلاث مرات، ثم قال عند الثالثة: "إن شاء الله".
وقال ابن حبان: محمد بن إسحاق البلخي شيخ قدم الجبل فحدثهم بها يروي عن ابن عيينة وأهل العراق المقلوبات ويأتي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات كأنه كان المتعمد لها لا يكتب حديثه إلا للاعتبار.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [2/ 331] ، من طريق أبي يعلى عن الحسن بن شبيب ثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: والله لأغزون قريشاً.
قال ابن عدي: وهذا الحديث لا أعلم أحداً رواه عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس موصولاً إلا الحسن بن شبيب. وهذا روى عن مسعر عن سماك موصولاً ومرسلاً والأصل في هذا الحديث مرسل ا. هـ.
وكلام ابن عدي فيه نظر فقد توبع الحسن بن شبيب تابعه عمرو بن عون عند الطبراني والبيهقي كما تقدم.
1 أخرجه البخاري [11/ 531] ، كتاب الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رقم [6628] ، [13/ 388] ، كتاب التوحيد: باب مقلب القلوب، وقول الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ =(4/404)
2035- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا اجْتَهَدَ في اليمين فقال: "لَا وَاَلَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، أَوْ نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَبِلَفْظِ نَفْسِي بِيَدِهِ1.
2036- حَدِيثُ: "الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ بِهَذَا2، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ بِلَفْظِ: "مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ... "، وَلَمْ يَذْكُرْ قَتْلَ النَّفْسِ، وَزَادَ: "مَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاَللَّهِ يَمِينَ صَبْرٍ، فَأَحَلَّ مِنْهَا مِثْلَ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ، إلَّا جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قَلْبِهِ كَيَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3.
2037- حَدِيثُ: "الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى رِجَالٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ؛ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ" 4، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: "وَلَكِنَّ الْيَمِينَ
__________
= أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110] ، رقم [7391] ، وأبو داود [2/ 245] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في يمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كانت؟، رقم [3263] ، والترمذي [4/ 113] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء كيف كان يمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رقم [1540] ، والنسائي [7/ 2] ، كتاب الأيمان والنذور: باب [10] ، رقم [3761] ، باب الحلف بمصرف القلوب، رقم [3762] ، وأحمد [2/ 25، 26- 68- 127] ، والدارمي [2/ 187] ، كتاب النذور والأيمان: باب بأي أسماء الله حلفت، والبيهقي [10/ 27] ، كتاب الأيمان: باب الحلف بالله عز وجل أو باسم من أسماء الله عز وجل، والطبراني [12/ 396، 397] ، رقم [13163- 13164- 13165- 13166] ، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 172] ، [9/ 38] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 325] ، وفي بعض روايات الحديث: لا ومصرف القلوب.
والحديث أخرجه مالك في "موطأه" بلاغاً [2/ 480] ، كتاب النذور والأيمان: باب جامع الأيمان، حديث [15] .
1 أخرجه أحمد [3/ 33، 48] ، وابو داود [3/ 225- 2269] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في يمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كانت، حديث [3264] .
2 أخرجه البخاري [13/ 409] ، كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين الغموس، حديث [6675] ، وطرفاه في [6870، 6920] .
3 أخرجه أحمد [3/ 495] ، والترمذي [5/ 236] ، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة النساء، حديث [3020] ، وابن حبان [12/ 374] ، في كتاب الحظر والإباحة: باب حديث [5563] ، والحاكم [4/ 296] ، وابو نعيم في "الحلية" [7/ 327] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي [10/ 252] ، كتاب الدعوى والبينات: باب البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه من حديث ابن عباس بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وهو في "الصحيحين" =(4/405)
عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" 1، وَسَيَأْتِي فِي "الدَّعَاوَى".
__________
= والسنن الأربعة بلفظ: واليمين على المدعى عليه.
1 أخرجه البخاري [8/ 213] ، كتاب التفسير: باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ} [آل عمران: 77] ، حديث [4552] ، ومسلم [3/ 1336] ، كتاب الأقضية: باب اليمين على المدعى عليه، حديث [1/ 1711] ، وأبو داود [4/ 40] ، كتاب الأقضية: باب في اليمين على المدعى عليه، حديث [3619] ، والترمذي [3/ 626] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه، حديث [1342] ، والنسائي [8/ 248] ، كتاب آداب القضاة: باب عظة الحاكم على اليمين، وابن ماجة [2/ 778] ، كتاب الأحكام: باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، حديث [2321] ، والبيهقي [5/ 332] ، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 339- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" لفظ مسلم.
تنبيه: ذكر هذا الحديث الإمام النووي في "الأذكار" ص [447] ، بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودمائهم بكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وقال: هو حسن بهذا اللفظ بعضه في "الصحيحين".
قلت: أخرجه بهذا اللفظ البيهقي [10/ 252] ، كتاب الدعوى والبينات: باب البينة على المدعي.
وفي الباب عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة وعمر بن الخطاب وعمران بن حصين وزيد بن ثابت.
حديث عبد الله بن عمرو:
أخرجه الترمذي [3/ 626] ، كتاب الأحكام: باب البينة على المدعي، حديث [1341] ، من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في خطبته: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه".
قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال ومحمد بن عبد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه ضعفه ابن المبارك وغيره ا. هـ.
ولكنه توبع تابعه الحجاج بن أرطأة.
أخرجه الدارقطني [4/ 218] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [53] ، والبيهقي [10/ 256] ، كتاب الدعوى والبينات: باب المتداعيان يتداعيان شيئاً.
حديث أبي هريرة:
أخرجه الدارقطني [4/ 217- 218] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [51] ، من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة". ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف.
حديث عمر:
أخرجه الدارقطني [4/ 218] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [54] ، من طريق أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن شريح عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه". =(4/406)
2038- حَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: "إنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ: لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ"، أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي اللَّغْوِ: "هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي يَمِينِهِ، كَلًّا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ" 1، قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهَا مَوْقُوفًا، وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْوَقْفَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا2، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ أَيْضًا مَوْقُوفًا3.
حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِسَبْعٍ، فَذَكَرَ مِنْهَا إبْرَارَ الْقَسَمِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "السِّيَرِ".
حَدِيثُ: "لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا"، تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
2039- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ"، التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِهَذَا4، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيمَا
__________
= حديث عمران بن حصين:
أخرجه الدارقطني [4/ 219] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [56] ، عنه قال: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاهدين على المدعي واليمين على المدعى عليه.
حديث زيد بن ثابت:
أخرجه الدارقطني [4/ 219] ، حديث [57] ، والبيهقي [10/ 253] ، بلفظ: إذا لم يكن للطالب بينه فعلى المطلوب اليمين.
1 أخرجه أبو داود [3/ 223] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لغو اليمين، حديث [3254] ، وابن جرير [2/ 417] ، برقم [4379- 4382] ، والبيهقي [10/ 49] ، كتاب الأيمان: باب لغو اليمين، وابن حبان [10/ 176] ، في كتاب الأيمان، حديث [4333] .
2 أخرجه مالك [2/ 477] ، كتاب النذور والأيمان: باب اللغو في اليمين، حديث [9] ، والبخاري [13/ 7] ، كتاب الأيمان والنذور: باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225، المائدة: 89] ، حديث [6663] ، والشافعي [2/ 444] ، وابن الجارود [925] ، والبيهقي [10/ 48] ، كتاب الأيمان: باب لغو اليمين.
3 أخرجه من طريقه البيهقي في "معرفة السنن الآثار" [7/ 317] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لغو اليمين، حديث [5804] .
4 أخرجه أحمد [2/ 309] ، والترمذي [3/ 44] ، كتاب النذر والأيمان: باب في الاستثناء في اليمين، حديث [1571] ، والنسائي [7/ 30- 31] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء، وابن ماجة [1/ 680] ، كتاب الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، حديث [2104] ، وأبو يعلى [11/ 120] ، رقم [6246] ، وابن حبان [1185- موارد] ، من حديث عبد الرزاق وهو في "مصنفه" [8/ 517] ، عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث" واللفظ لأحمد والترمذي وأبي يعلى وابن حبان وقال الباقون: =(4/407)
حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ: أَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، اخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِ: إنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد قَالَ:
__________
= من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى.
قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ. أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث"، واللفظ لأحمد والترمذي وأبي يعلى وابن حبان وقال الباقون: من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى.
قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ. أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن سليمان بن داود عليه السلام قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة غلاماً، فطاف عليهن لم تلد امرأة منهن إلا امرأة نصف غلام" فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو قال: "إن شاء الله لكان كما قال". ثم وهمه الترمذي أيضاً في قوله سبعين امرأة وإن الصحيح مائة امرأة.
وعبد الرزاق بريء من ذلك فإن حصل تصرف في الحديث فهو من معمر فقد قال أحمد [2/ 309] ، قال عبد الرزاق: هو اختصره، يعني معمراً فبرئ عبد الرزاق.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر وجابر.
فحديث ابن عمر:
أخرجه أحمد [2/ 6، 48، 126] ، والدارمي [2/ 185] ، كتاب النذور والأيمان: باب في الاستثناء في اليمين. وأبو داود [3/ 575- 576] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، حديث [3261- 3262] ، والترمذي [3/ 43- 44] ، كتاب النذور والأيمان: باب في الاستثناء في اليمين، حديث [1570] ، والنسائي [7/ 25] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء، وابن ماجة [1/ 680] ، كتاب الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، حديث [2105، 2106] ، وابن الجارود في "المنتقى" ص [310] ، باب ما جاء في الأيمان، حديث [928] ، والحميدي [690] والبيهقي [10/ 46] ، كتاب الأيمان: باب الاستثناء في اليمين، وابن حبان [1183- موارد] ، وابن جميع في "معجمه" ص [86] ، رقم [30] ، كلهم من حديث أيوب وهو السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه" لفظ الترمذي، وفي رواية لابن ماجة: "من حلف واستثنى فلن يحنث"، ولفظ أكثرهم: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى".
وقال الترمذي: حديث حسن وقد رواه عبيد بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفاً، وهكذا روى سالم عن ابن عمر موقوفاً. ولا نعلم أحداً رفعه غير أيوب السختياني.
وقال إسماعيل بن علية كان أيوب أحياناً يرفعه وأحياناً لا يرفعه.
والحديث صححه ابن حبان أيضاً.
ولم ينفرد أيوب برفعه بل تابعه كثير بن فرقد وحسان بن عطية وأيوب بن موسى وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر.
فأما رواية كثير بن فرقد:
فأخرجها النسائي [7/ 25] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء، والحاكم [4/ 303] ، كتاب الأيمان والنذور: باب يمينك على ما يصدقك به صاحبك من رواية عمرو بن الحارث عن كثير بن فرقد نافعاً حدثهم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من حلف فقال: =(4/408)
لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً ... "، الْحَدِيثُ وَفِيهِ: "فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قَالَ: "إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ"، وَهُوَ عِنْدَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
قُلْت: هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِتَمَامِهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ"، لَفْظُ النَّسَائِيّ. وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: "فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ"، وَلَفْظُ الْبَاقِينَ: "فَقَدْ اسْتَثْنَى"1، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَقَالَ ابْنُ علية: كَانَ أَيُّوبُ تَارَةً يَرْفَعُهُ، وَتَارَةً لَا يَرْفَعُهُ، قَالَ: وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَعَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مَوْقُوفًا.
قُلْت: هُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ" كَمَا قَالَ2، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ إلَّا عَنْ أَيُّوبَ، مَعَ أَنَّهُ يُشَكُّ فِيهِ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى رَفْعِهِ الْعُمَرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ،
__________
= إن شاء الله فقد استثنى".
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخره هكذا ووافقه الذهبي. وأما رواية حسان بن عطية فأخرجها أبو نعيم [6/ 79] ، والخطيب [5/ 88] ، من رواية عمرو بن هاشم قال: سمعت الأوزاعي يحدث عن حسان بن علية عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف على يمين فاستثنى ثم أتى ما حلف فلا كفارة عليه".
قال أبو نعيم: غريب من حديث الأوزاعي وحسان تفرد به عمرو بن هاشم البيروتي.
وفيه نظر فقد تابعه هقل بن زياد ذكره الدارقطني في "العلل" كما في "نصب الراية" [3/ 301] .
وأما رواية أيوب بن موسى فأخرجها، والبيهقي [10/ 46] ، كتاب الأيمان: باب الاستثناء في اليمين، من طريق ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به بلفظ: فله ثنياه.
وقال البيهقي: كذا وجدته وهو في الأول من فوائد أبي عمرو بن حمدان أيوب بن موسى، وكذلك روى عن ابن وهب عن سفيان عن أيوب بن موسى.
وأما رواية موسى بن عقبة فأخرجها البيهقي [10/ 47] ، كتاب الأيمان: باب صلة الاستثناء باليمين من طريق الأوزاعي عن داود بن عطاء رجل من أهل المدينة قال: حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "من حلف على يمين فقال في أثر يمينه إن شاء الله ثم حنث فيما حلف فإن كفارة يمينه إن شاء الله".
وأما رواية عبيد الله بن عمر فقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 105] ، ثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا العباس بن يزيد ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث".
أما حديث جابر أخرجه الخطيب [6/ 394] ، في التاريخ من رواية إبراهيم بن هراسة عن عمر بن موسى عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى".
1 ينظر تخريجه في شواهد الحديث السابق.
2 ينظر تخريجه في شواهد الحديث قبل السابق.(4/409)
وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى.
2040- حَدِيثُ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاَللَّهِ إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ" 1، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِاَللَّهِ ... "، الْحَدِيثُ2.
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 222] ، كتاب الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالأباء، حديث [3248] ، والنسائي [7/ 5] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الحلف بالأمهات، حديث [3769] ، وابن حبان [10/ 199] ، كتاب الأيمان، حديث [4357] ، وابن حبان [10/ 29] ، كتاب الأيمان: باب كراهية الحفل بغير الله عز وجل.
2 أخرجه البخاري [11/ 538] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، حديث [6647] ، ومسلم [3/ 1266] ، كتاب الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله، حديث [2/ 1646] ، والترمذي [4/ 93] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، حديث [1533]] ، والنسائي [7/ 4] ، كتاب الأيمان: باب الحلف بالآباء، والحميدي [2/ 280] ، رقم [624] ، والطيالسي [1/ 246- محة] ، رقم [1211] ، وابن الجارود [922] ، واحمد [2/ 7، 8] ، وأبو يعلى [9/ 314] ، رقم [5430] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 354- 355] ، والبيهقي [10/ 28] ، كتاب الأيمان: باب كراهية الحلف بغير الله عز وجل، كلهم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه به مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وأخرجه مالك [2/ 480] ، كتاب النذور والأيمان: باب جامع الأيمان، حديث [14] ، والبخاري [11/ 538] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، حديث [6646] ، ومسلم [3/ 1266] ، كتاب الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله، حديث [3/ 1646] ، والترمذي [4/ 93] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، حديث [1534] ، والدارمي [2/ 185] ، كتاب الأيمان: باب النهي أن يحلف بغير الله، وأحمد [2/ 11- 17، 142] ، وابن أبي شيبة [4/ 179] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 245- منحة] ، رقم [686] ، والطحاوي في "مشكل القرآن" [1/ 355] ، وابن حبان [4344، 4345، 4346- الإحسان] ، والبيهقي [10/ 28] ، كتاب الأيمان: باب كراهية الحلف بغير الله عز وجل وأبو نعيم في "الحليةط [9/ 160] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ -بتحقيقنا] ، من طريق عن نافع عن ابن عمر به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه البخاري [11/ 539] ، كتاب الأيمان الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، حديث [6648] ، ومسلم [3/ 1267] ، كتاب الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، حديث [4] 1646، وأحمد [2/ 20، 76، 98] ، والنسائي [7/ 4] ، كتاب الأيمان: باب التشديد في الحلف بغير الله تعالى، وابن حبان [4347- الإحسان] ، والبيهقي [10/ 29] ، كتاب الأيمان: باب كراهية الحلف بغير الله عز وجل.
من طريق عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.(4/410)
2041- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ، قَالَ عُمَرُ: فَمَا حَلَفْت بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا، أَيْ: حَاكِيًا عَنْ غَيْرِي"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ: "لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا أَنْقُصُ: أَفْلَحَ –وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي "الصِّيَامِ".
2042- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا2، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا: "كُلُّ يَمِينٍ يُحْلَفُ بِهَا دُونَ اللَّهِ شِرْكٌ".
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَدْ أَشْرَكَ"، هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ؛ وَكَذَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا بِلَفْظِ: "فَقَدْ كَفَرَ وَأَشْرَكَ"، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَسْمَعْهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ مِنْ ابْنِ عُمَرَ.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْهُ، قَالَ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ رُكَانَةَ: "آلله، مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً"، تَقَدَّمَ فِي "الطَّلَاقِ"، قَالَ الرافعي: ذكره صَاحِبُ "الْبَيَانِ" بِالرَّفْعِ: وَالرُّويَانِيُّ بِالْجَرِّ.
قُلْت: لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ كُتُبِ الْحَدِيثِ مَضْبُوطًا بِالْحُرُوفِ، وَوَقَعَ فِي أَصْلٍ
__________
1 أخرجه البخاري [11/ 538] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، حديث [6647] ، ومسلم [3/ 1266] ، كتاب الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، حديث [1/ 1646] ، وأبو داود [2/ 242] ، كتاب الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، حديث [3250] ، والنسائي [7/ 5] ، كتاب الأيمان: باب الحلف بالآباء، وابن ماجة [1/ 677] ، كتاب الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، حديث [2094] ، وأحمد [1/ 18] ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [32] ، كلهم من طريق الزهري عن سالم عن أبي عن عمر قال: سمعني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحلف بأبي ... الحديث.
2 أخرجه أبو داود [3/ 223] ، كتاب الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء [3251] ، والترمذي [4/ 93، 94] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله [1535] ، وأحمد [1/ 47] ، وصححه ابن حبان وذكره الهيثمي في "موارد الظمآن" ص [286] ، كتاب الأيمان والنذور: باب فيما يحلف به وما نهى عن الحلف به [1176] ، عن سعد بن عبيدة قال: كنت عند ابن عمر فحلف رجل بالكعبة فقال ابن عمر: ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكر الحديث ... والحاكم في "المستدرك" [1/ 18] ، كتاب الأيمان: باب من أكبر الكبائر عقوق الوالدين واليمين الغموس وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم =(4/411)
جَيِّدٍ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِالنَّصْبِ، لَكِنَّ الْجَرَّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ فَقَالَ: "وَاَللَّهِ، قُلْت: وَاَللَّهِ".
2044- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: "اللَّهَ، قَتَلْت أَبَا جَهْلٍ، بِالنَّصْبِ".
قُلْت: لَمْ أَرَهُ بِالنَّصْبِ، بَلْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ قَتْلِهِ أَبَا جَهْلٍ، قَالَ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا جَهْلٍ، قَالَ: "آللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، فَقُلْت: آللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، لَقَدْ قَتَلْته"، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: "فَقَالَ: آللَّهِ، قُلْت: آللَّهِ، حَتَّى حَلَّفَنِي ثَلَاثًا"، وَرَوَاهُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى وَظَاهِرُهَا الْجَرُّ1.
2045- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَأَيْمُ اللَّهِ، إنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ... "، الْحَدِيثُ2، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الْمُصَنِّفِ تَخْبِيطٌ فِي لَفْظِ: "لَخَلِيقٌ".
2046- حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ" 3، وَأَعَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
2047- قَوْلُهُ: "وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ".
__________
= يخرجاه ووفقه الذهبي.
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه البخاري [7/ 108، 109] ، كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب زيد بن حارثة [3730] ، وأطرافه [4250، 4468، 4469، 6627، 7187] ، ومسلم [4/ 1884] ، كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما [3426] ، والبيهقي [8/ 154] ، كتاب قتال أهل البغي: باب جواز توليه الإمام من ينوب عنه وإن لم يكن قرشياً [10/ 44] ، كتاب الأيمان: باب من قتل وأيم الله.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثاً وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمارة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا هذا لمن أحب الناس إلى بعده". واللفظ للبخاري وابن عساكر كما في "التهذيب" [5 460] .
3 أخرجه أحمد [4/ 144] ، ومسلم [3/ 26] ، كتاب النذور: باب في كفارة النذر، حديث [13/ 1654] ، وأبو داود [6513] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من نذر نذراً لم يسمعه، حديث [3323] ، والترمذي [3/ 42] ، كتاب النذور والأيمان: باب في كفارة النذر إذا لم يسم، حديث [1567] ، والنسائي [7/ 26] ، كتاب الأيمان والنذر: باب كفارة النذر، وابن ماجة [1/ 687] ، كتاب الكفارات: باب من نذر نذراً ولم يسمه، حديث [2127] ، والبيهقي [10/ 45] ، كتاب الأيمان: باب من قال علي نذر ولم يسم شيئاً من حديث عقبة بن عامر.(4/412)
قُلْت: فَمِنْهَا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَفَعَهُ: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ... "، الْحَدِيثُ، وَفِيهِ: "ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذِرُونَ، وَلَا يُوفُونَ ... "، الْحَدِيثُ1.
__________
1 أخرجه البخاري [5/ 306] ، كتاب الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، حديث [2651] ، وفي [7/ 5] ، كتاب فضائل الصحابة، حديث [3650] ، وفي [11/ 248] ، كتاب الرفاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، حديث [6428] ، وفي [11/ 589] ، كتاب الأيمان والنذور: باب إثم من لم يف بالنذر، حديث [6695] ، ومسلم [4/ 1964] ، كتاب فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة، حديث [214/ 2535] ، والنسائي [7/ 17- 18] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، وابن أبي شيبة [12/ 176- 177] ، رقم [12461] ، وأحمد [4/ 427] ، والبيهقي [10/ 123] ، كتاب آداب القاضي: باب مسألة القاضي عن أحوال الشهود، والطبراني في "الكبير" [18/ 233] ، رقم [581، 582] ، كلهم من طريق شعبة ثنا أبو جمرة: سمعت زهدم بن مضرب سمعت عمران بن حصين به.
ولحديث عمران طرق أخرى.
فأخرجه الترمذي [4/ 549] ، كتاب الشهادات، حديث [2302] ، وابن أبي شيبة [12/ 176] ، رقم [12460] ، وأحمد [4/ 426] ، وابن حبان [2285- موارد] ، والطبراني في "الكبير" [18/ 235] ، رقم [585] كلهم من طريق وكيع ثنا الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين مرفوعاً.
وقال الترمذي: وهذا أصح من حديث محمد بن فضيل ا. هـ.
قلت: وحديث محمد بن فضيل.
أخرجه الترمذي [4/ 548] ، كتاب الشهادات، حديث [2302] ، من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران به. فزاد محمد بن فضيل في هذا الإسناد علي بن مدرك.
قلت: ولا يضره ذلك فقد توبع على ذلك فأخرجه الطبراني في "الكبير" [18/ 234] ، رقم [583] ، من طريق منصور بن الأسود عن الأعمش به.
وقال الترمذي عقبه: وهذا حديث غريب من حديث الأعمش عن علي بن مدرك وأصحاب الأعمش إنما روا عن الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين ا. هـ.
ومن طريق الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران:
أخرجه الحاكم [3/ 471] ، والطبراني في "الكبير" [18/ 234] ، رقم [584] .
وقال الحاكم: هذا حديث عال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
قلت: هلال بن يساف لم يخرج له البخاري شيئاً فالحديث على شرط مسلم وحده.
وينظر: "الجمع بين رجال الصحيحين".
ولحديث عمران طريق آخر:
فأخرجه مسلم [4/ 1965] ، كتاب فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة، حديث [215/ 2535] ، وأبو داود [2/ 625- 626] ، كتاب السنة: باب في فضل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [4657] ، والترمذي [4/ 500- 501] ، كتاب الفتن: باب ما جاء في القرن الثالث، حديث [2222] ، والطيالسي [2/ 198- منحة] ، رقم [2700] ، وأبو نعيم في "الحلية" [2/ 78] ، والبيهقي [10/ 160] ، كتاب الشهادات: باب كراهية التسارع إلى الشهادة، والطبراني في =(4/413)
2048- قَوْلُهُ: "كَانَتْ الْمُبَايَعَةُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُصَافَحَةِ"، أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ"
__________
= "الكبير" [18/ 212- 213] ، رقم [526، 527] ، كلهم من طريق قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ا. هـ.
ولحديث عمران شواهد من حديث ابن مسعود والنعمان بن بشير وأبي برزة الأسلمي وجعدة بن هبيرة.
حديث ابن مسعود:
أخرجه البخاري [5/ 306] ، كتاب الشهادات: باب لا يشهد على جور إذا أشهد، حديث [2652] ، وفي [7/ 5] ، كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [3651] ، وفي [11/ 248] ، كتاب الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا، حديث [6429] ، وفي [11/ 552] ، كتاب الأيمان والنذور: باب إذا قال: أشهد بالله أو شهدت بالله، حديث [6658] ، ومسلم [4/ 1962- 1963] ، كتاب فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة، حديث [210/ 2533 وما بعده] ، والترمذي [5/ 695] ، كتاب المناقب: باب ما جاء في فضل من رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، حديث [3859] ، وابن ماجة [2/ 791] ، كتاب الأحكام: باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد، حديث [2362] ، وأحمد [1/ 378، 438، 442] ، وأبو داود الطيالسي، رقم [5103] ، وابن حبان [10/ 171] ، رقم [4328] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 152] ، وفي "مشكل الآثار" [3/ 176] ، والطبراني في "الكبير" [10/ 204] ، رقم [10338] ، والبيهقي [10/ 122- 123] ، كتاب آداب القاضي: باب مسألة القاضي عن أحوال الشهود، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" [2/ 39- 40] ، رقم [1119] كلهم من طريق عبيدة السلماني عن ابن مسعود مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
حديث النعمان بن بشير:
أخرجه أحمد [4/ 267، 277] ، وابن أبي شيبة [12/ 177] ، رقم [12463] ، والبزار [3/ 290- كشف] ، رقم [2767] ، وابن أبي عاصم في "السنة" [1477] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [3/ 177] ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [2/ 78، 4/ 125] ، وابن حبان [2286- موارد] .
كلهم من طريق عاصم بن أبي النجود عن حيثمة بن عبد الرحمن وقرن بعضهم الشعبي بخيثمة عن النعمان بن بشير به.
وقال أبو نعيم: هذا حديث مشهور من حديث عاصم.
وصححه ابن حبان:
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [10/ 22] ، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفي طرقهم عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجال أحمد رجال "الصحيح".
حديث أبي برزة الأسلمي"
أخرجه أحمد [5/ 350، 357] ، وأبو يعلى [13/ 415- 416] ، رقم [7420] .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [10/ 22] ، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال "الصحيح". =(4/414)
مِنْ حَدِيثِ نُهَيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيَّةِ، قَالَتْ: "وَفَدْت مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَبَايَعَ الرِّجَالَ وَصَافَحَهُمْ، وَبَايَعَ النِّسَاءَ وَلَمْ يُصَافِحْهُنَّ، وَنَظَرَ إلَيَّ، فَدَعَانِي، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي، وَدَعَا لِي وَلِوَلَدِي، قَالَ: فَوُلِدَ لَهَا سِتُّونَ وَلَدًا، أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَعِشْرُونَ امْرَأَةً، اُسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ".
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَافِحْ النِّسَاءَ"1، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ2.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ"3.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ مَرْفُوعًا: "إنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ" 4.
__________
1 تقدم تخريجه وفيه قالت عائشة: والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله.
2 أخرجه أحمد [2/ 213] ، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [8/ 269] : رواه أحمد وإسناده حسن.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" [20/ 201] ، برقم [454] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [6/ 42] ، رواه الطبراني في "الكبري" و"الأوسط" وفيه عتاب بن حرب وهو ضعيف.
4 أخرجه مالك في "موطئه" [2/ 982- 983] ، كتاب البيعة: باب ما جاء في البيعة، حديث [2] ، وأحمد [6/ 357] ، والترمذي [4/ 151- 152] ، كتاب السير: باب ما جاء في بيعة النساء، حديث [1597] ، والنسائي [7/ 149] ، كتاب البيعة: باب بيعة النساء، حديث [4181] ، وابن ماجة [2/ 959] ، كتاب الجهاد: باب بيعة النساء، حديث [2874] ، والحميدي [1/ 163] ، حديث [341] ، وابن حبان [10/ 417] ، كتاب السير: باب بيعة الأئمة وما يستحب لهم، حديث [4553] ، والطبراني [24/ 186- 189] ، برقم [470- 476] ، والبيهقي [8/ 148] ، كتاب قتال أهل البغي: باب كيف يبايع النساء، والحاكم [4/ 71] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث محمد بن المنكدر، وروى سفيان الثوري ومالك بن أنس وغير واحد هذا الحديث عن محمد بن المنكدر نحوه. قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: لا أعرف لأمية بنت رقيقة غير هذا الحديث، وأميمة =(4/415)
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ طَلَعَ رَاكِبَانِ ... "، الْحَدِيثُ، وَفِيهِ: "إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ: أَرَأَيْت مَنْ آمَنَ بِك، وَصَدَّقَك، وَاتَّبَعَك، وَلَمْ يَرَك، قَالَ: طُوبَى لَهُ، ثُمَّ طُوبَى لَهُ، فَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ، وَانْصَرَفَ" 1.
قَوْلُهُ: "فَلَمَّا أَتَى الْحُجَّاجَ، ونبها عَلَى أَيْمَانٍ يَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَلَى الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالْحَجِّ، وَصَدَقَةِ الْمَالِ، قُلْت ذَكَرَ ذَلِكَ".
2049- حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ ... "، الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ، وَفِيهِ: "فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِتَقْدِيمِ التَّكْفِيرِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: "فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" 2.
__________
= امرأة أخرى لها حديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1 أخرجه أحمد [4/ 152] .
قال الهيثمي في "المجمع" [10/ 70] : رواه أحمد ورجاله رجال "الصحيح" غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع.
وقال [10/ 21] : رواه البزار والطبراني وإسناده حسن.
2 أخرجه أحمد [5/ 62- 63] ، والدارمي [2/ 186] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، والبخاري [11/ 516- 517] ، كتاب الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225، المائدة: 89] ، حديث [6622] ، ومسلم [3/ 1273- 1274] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خيراً منها، حديث [9/ 1652] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 247] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، حديث [1219] ، والنسائي [7/ 12] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الكفارة بعد وأبو داود [3/ 584] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، حديث [3277] ، وبن الجارود في "المنتقى" ص [310] ، باب ما جاء في الأيمان، حديث [929] ، والبيهقي [10/ 31] ، كتاب الأيمان، باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، والخطيب في "تاريخ بغداد" [2/ 400] ، من طرق عن الحسن عن عبد الرحمن به.
ما جاء من تقدم الكفارة فأخرجه أحمد [5/ 62- 63] ، والدارمي [2/ 186] ، كتاب النذور والأيمان: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، والبخاري [11/ 516- 517] ، كتاب الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ، حديث [6622] ، ومسلم [3/ 1273] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، حديث [19/ 1652] ، والطيالسي في "المسند" ص [192] ، حديث [1351] ، وأبو داود [3/ 585] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، حديث [3278] ، والنسائي [7/ 10] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، والبيهقي [10/ 52- 53] ، كتاب الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 228] .(4/416)
2050- قَوْلُهُ: "وَفِي رِوَايَةِ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا؛ فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ1، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ من حديث ابن عمر مِثْلَ مَا هُنَا2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا؛ فَلْيُكَفِّرْ عَنْ
__________
1 أخرجه مسلم [3/ 1271- 1272] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، حديث [11/ 1650] ، والبيهقي [10/ 32] ، كتاب الأيمان: باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه بلفظ: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأتها وليكفر عن يمينه. ومن رواية عبد العزيز بن المطلب عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم [3/ 1272] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، حديث [13/ 1650] ، من حديث عدي بن حاتم أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" وأبو داود الطيالسي [1/ 247] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من خلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، حديث [1218] ، وأحمد [4/ 256- 257- 258] ، والدارمي [2/ 186] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، ومسلم [3/ 1272- 1273] ، كتاب الأيمان: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، ومسلم [3/ 1272- 1273] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، أن يأتي الذي هو خير، يكفر عن يمينه، حديث [16، 18/ 1651] ، والنسائي [7/ 10- 11] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الكفارة بعد الحنث، وابن ماجة [1/ 681] ، كتاب الكفارات: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، حديث [2108] ، والحاكم [4/ 300- 301] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم، والبيهقي [10/ 32] ، كتاب الأيمان: باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. بلفظ فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
وقد روي بتقديم الكفارة من طريق مالك وسليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رواه مالك [2/ 478] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما تجب في الكفارة من الأيمان، حديث [11] ، وأحمد [2/ 361] ، ومسلم [3/ 1272] ، كتاب الأيمان: باب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، حديث [12] ، والترمذي [4/ 107] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في الكفارة قبل الحنث، حديث [1530] ، والبغوي في "التفسير"، والبيهقي [10/ 53] ، كتاب الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث.
2 رواه أحمد [2/ 204] بلفظ: فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، ورواه الطيالسي [1/ 247] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأي خيراً منهما، حديث [1221] ، وأحمد [2/ 212] ، وأبو داود [3/ 582] ، كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين في قطيعة الرحم، حديث [3274] ، وابن ماجة [1/ 682] ، كتاب الكفارات: باب من قال: كفارتها تركها، حديث [2111] ، بلفظ: فليدعها وليأت الذي هو خير فإن تركها كفارتها.
وقال أبو داود: الأحاديث كلها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليكفر عن يمينه، إلا فيما لا يعبأ به يعني فمن ترك ذكر الكفارة، وقال: تركها كفارتها.(4/417)
يَمِينِهِ، ثُمَّ لْيَفْعَلْ"، وَفِيهِ قِصَّةٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ1.
2051- حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: "لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْت عَنْ يَمِينِي"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ قِصَّةٌ2.
2052- حَدِيثُ: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ"، الْحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ3.
__________
1 أخرجه الطبراني [23/ 307] ، برقم [694] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 188] : رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن حسين لم يسمع من أم سلمة.
2 أخرجه الطيالسي [1/ 247] ، كتاب اليمين والنذر: باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها، حديث [1217] ، وأحمد [4/ 398] ، والبخاري [11/ 517] ، كتاب الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُم} ، حديث [6623] ، ومسلم [3/ 1268- 1269] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، حديث [7/ 1649] ، وأبو داود [3/ 583- 584] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، حديث [3276] ، والنسائي [7/ 9- 10] ، كتاب الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، وابن ماجة [1/ 681] ، كتاب الكفارات: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، حديث [2107] ، والطبراني في "المعجم الصغير" [1/ 56- 57] ، والبيهقي [10/ 51] ، كتاب الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة وفيه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يمين وأتيت الذي هو خير"، وله طرق وألفاظ.
وفي الباب من حديث عائشة وعبد الرحمن بن أذينة وعدي بن حاتم ومالك الجشمي رضي الله عنهم، فأما حديث عائشة رضي الله عنها فأخرجه الحاكم [4/ 301] ، كتاب الأيمان والنذور: باب لا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم بنحو حديث أبي موسى وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي من حديث أبي الدرداء رواه الحاكم [4/ 301] ، والبيهقي [10/ 52] ، كتاب الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث.
وأما حديث عبد الرحمن بن أذينة فأخرجه الطيالسي [1/ 247] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه حديث [1220] .
وأما حديث عدي بن حاتم أخرجه مسلم [3/ 1273] ، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خييراً منها، حديث [17/ 1651] ، ومن حديث أم سلمة الطبراني [23/ رقم 694] ، والقضاعي في "مسند الشهاب" [1/ 308] ، حديث [514] ، ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة أيضاً.
وأما حديث مالك الجشمي رواه النسائي [7/ 11] , كتاب الأيمان والنذور: باب الكفارة بعد الحنث, وابن ماجة [1/ 681] , كتاب الكفارات: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، حديث [2109] .
3 أخرجه البخاري [1/ 126] , كتاب الأيمان: باب فضل من استبرأ لدينه، حديث [52] ، [4/ 29] , كتاب البيوع: باب الحلال بين والحرام بين، حديث [2051] ، ومسلم [3/ 3219- 1220] , كتاب المساقاة: باب أخذ وترك الشبهات، حديث [1205] ، والنسائي [7/ =(4/418)
حَدِيثُ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ… " , تقدم في "النجارات".
2053- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ", مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ, فَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ, أَكَلَ مِنْهَا وَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ, لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا"1.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ, وَلَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ"2, وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ "الْهِبَةِ"؛ وَفِي "قِسْمِ الصَّدَقَاتِ".
حَدِيثُ: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" , يَأْتِي فِي "كِتَابِ الْكِتَابَةِ".
2054- حَدِيثُ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ" , مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ3, وَأَنَسٍ4.
__________
= 241- 242] ، كتاب البيوع: باب اجتناب الشبهات في الكسب، حديث [4453] ، وابن ماجة [2/ 1318- 1319] , كتاب الفتن: باب الوقوف عند الشبهات، الحديث [3984] ، وأحمد [4/ 269، 270] ، والدارمي [2/ 245] ، كتاب البيوع: باب في الحلال بين والحرام بين، والحميدي [2/ 408] , رقم [918] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [555] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 324] ، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 269- 270] , والسهمي في "تاريخ جرجان" ص [317- 318] والبيهقي [5/ 2649، كتاب البيوع: باب طلب الحلال واجتناب الشبهات، والبغوي في " شرح السنة" [4/ 207- بتحقيقنا] , من طرق عن الشعبي عن نعمان بن بشير مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
1 أخرجه البخاري [5/ 517] ، كتاب الهبة: باب قبول الهدية، حديث [2576] ، ومسلم [4/ 197- نووي] ، كتاب الزكاة: باب قبول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهدية ورده الصدقة، حديث [175/ 1077] .
2 أخرجه أحمد [4/ 189] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 150] : رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال "الصحيح".
3 أخرجه مالك [2/ 906] ، كتاب حسن الخلق: باب ما جاء في المهاجرة، حديث [13] , والبخاري [10/ 507] ، كتاب الأدب: باب الهجرة، حديث [6077] ، [11/ 23] ، كتاب الاستئذان: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، حديث [6237] ، ومسلم [4/ 1984] ، كتاب البر والصلة: باب تحريم الهجر فوق ثلاث، حديث [25/ 2560] ، وأبو داود [2/ 696] ، كتاب الأدب: باب فيمن يهجر أخاه المسلم، حديث [4911] ، والترمذي [4/ 289] ، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في كراهية الهجر للمسلم، حديث [1932] ، والبخاري في "الأدب المفرد"، حديث [406] ، وأحمد [5/ 416، 421, 422] ، والحميدي [1/ 186- 187] , رقم [377] , وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [103] ، رقم [223] والطبراني في "الكبير" [4/ 144- 145] ، رقم [3949، 3950, 3951, 3952, 3953, 3954, 3955, 3956] ، كلهم من طريق الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالً يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا =(4/419)
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ" 1, وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ ثَلَاثٍ" 2, وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ الْأَوَّلِ, وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ3, وَلَهُ عَنْ أَبِي خِرَاشٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ" 4.
حَدِيثُ: "يُرْوَى أَنَّ جَبْرَائِيلَ عَلَّمَ آدَمَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ, وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ, وَقَالَ: عَلَّمْتُك مَجَامِعَ الْحَمْدِ, قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى "الْوَسِيطِ": ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مُنْقَطِعٌ، غَيْرُ مُتَّصِلٍ".
قُلْت: فَكَأَنَّهُ عَثَرَ عَلَيْهِ حَتَّى وَصَفَهُ, وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي "الروضة" في مسألة جل الْحَمْدِ: مَا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ مُعْتَمَدٌ, ثُمَّ وَجَدْته عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي "أَمَالِيهِ" بِسَنَدِهِ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ, عَنْ أَبِي عَوَانَةَ, عَنْ أَيُّوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَاعِدِيِّ, عَنْ أَبِي نَصْرِ التَّمَّارِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: قَالَ آدَم: يَا رَبِّ, شَغَلْتَنِي بِكَسْبِ يَدِي، فَعَلِّمْنِي شَيْئًا فِيهِ مَجَامِعُ الْحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ, فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: يَا آدَم, إذَا أَصْبَحْتَ فَقُلْ ثَلَاثًا, وَإِذَا أَمْسَيْت فَقُلْ ثَلَاثًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ, وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ, فَذَلِكَ مَجَامِعُ الْحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ", وَهَذَا مُعْضِلٌ.
حَدِيثُ: "إمَامَةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" تَقَدَّمَ فِي "الصَّلَاةِ".
حَدِيثُ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ, وَالنِّسْيَانُ, وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" , تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ "شُرُوطِ الصَّلَاةِ", وَفِي "الطَّلَاقِ".
__________
= وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 907] ، كتاب حسن الخلق: باب ما جاء في المهاجرة، حديث [13] ، والبخاري [12/ 284] , الاستئذان: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، حديث [6237] , ومسلم [8/ 359- نووي] , كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم فوق ثلاث، حديث [25/ 2560] .
1 أخرجه البخاري [12/ 102] , كتاب الأدب: باب ما ينهى, عن التحاسد والتدابر، حديث [6065] , ومسلم [8/ 357- نووي] , كتاب البر والصلة: باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، حديث [23/ 2559] .
2 أخرجه مسلم [8/ 510- أبي] ، كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم الهجرة فوق ثلاث بلا عذر شرعي، حديث [27/ 2562] .
وأخرجه أبو داود [2/ 696] ، كتاب الأدب: باب فيمن يهجر أخاه المسلم، حديث [4914] , وأحمد [2/ 392, 356] , من طريق منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار.
3 أخرجه أبو داود [4/ 379] , كتاب الأدب: باب فيمن يهجر أخاه المسلم، حديث [4913] .
4 أخرجه أبو داود [4/ 279] , كتاب الأدب: باب فيمن يهجر أخاه المسلم، حديث [4915] ,
وأحمد [4/ 220] , والحاكم [4/ 163] . =(4/420)
2055- حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ عَلَى مَقْهُورٍ يَمِينٌ" , الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ1, وَفِيهِ الْهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ, وَهُوَ مَتْرُوكٌ, وَشَيْخُهُ عَنْبَسَةُ مَتْرُوكٌ أَيْضًا مُكَذَّبٌ, ثُمَّ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّقَّاشِ الْمُقْرِي الْمُفَسِّرِ, وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُ وَقَدْ كُذِّبَ أَيْضًا, وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: "لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إغْلَاقٍ" 2.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ مَالِهِ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ إنْ كَلَّمَ ذَا قَرَابَةٍ لَهُ, فَقَالَتْ: يُكَفِّرُ الْيَمِينَ", مَالِكٌ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ3, وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ, وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ, مِنْ قَوْلِهِ4.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قِيلَ لَهُ: لَوْ لَيَّنْت طَعَامَك, وَشَرَابَك, فَقَالَ: سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ لِأَقْوَامٍ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا....} [الأحقاف: 20] الْحَاكِمُ فِي "الْعِلْمِ" مِنْ "الْمُسْتَدْرَكِ", مِنْ حَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا5, وَظَاهِرُهُ الْإِرْسَالُ, فَإِنْ كَانَ مُصْعَبٌ سَمِعَهُ مِنْ حَفْصَةَ, فَهُوَ مُتَّصِلٌ.
حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "أَنَّهُ سُئِلَ: هل تجزء الْقَلَنْسُوَةُ فِي الْكَفَّارَةِ؟ فَقَالَ: "إذَا وَفَدَ عَلَى الْأَمِيرِ فَأَعْطَاهُ قَلَنْسُوَتَهُ- قِيلَ قَدْ كَسَاهُ" , الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ, فَقَالَ عِمْرَانُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ, وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ول يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه الدارقطني [4/ 171] , كتاب المكاتب: باب النذور [35] قال: نا أبو بكر محمد بن الحسن المقري نا الحسين بن إدريس عن خالد بن الهياج نا أبي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة قالا فذكره.
ونقل الزيلعي في "نصب الراية" [3/ 294] , عن ابن الجوزي في "التحقيق" أنه قال: عنبسة ضعيف، وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح": حديث منكر، بل موضوع، وفيه جماعة ممن لا يجوز الاحتجاج بهم، انتهى.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه مالك [2/ 481] , كتاب النذور والأيمان: باب جامع الأيمان، حديث [17] ، والبيهقي [10/ 65] , كتاب الأيمان: باب من جعل شيئاً من ماله صدقة أو في سبيل الله أو في رتاج الكعبة على معاني الأيمان.
4 أخرجه أبو داود [3/ 227- 228] , كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين في قطعية الرحم، حديث [3272] .
5 أخرجه الحاكم [1/ 123] , وقال: حديث صحيح على شرطهما؛ فإن مصعب بن سعد كان يدخل على أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو من كبار التابعين من أولاد الصحبة رضي الله عنهم.
وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاع.(4/421)
يَمِينٍ" , فَقُلْت: يَا أَبَا نُجَيْدٍ, إنَّ صَاحِبَنَا لَيْسَ بِالْمُوسِرِ, فبم يُكَفِّرُ؟ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ قَوْمًا قَامُوا إلَى أَمِيرٍ مِنْ الْأُمَرَاءِ, فَكَسَاهُمْ كُلَّ إنْسَانٍ قَلَنْسُوَةً, لَقَالَ النَّاسُ: قَدْ كَسَاهُمْ الْأَمِيرُ"1, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
2056- قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ أَنَّ الْحَلِفَ بِأَيِّ اسْمٍ كَانَ مِنْ الْأَسْمَاءِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ, الَّتِي وَرَدَ بِهَا الْخَبَرُ صَرِيحٌ....", أَصْلُ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الْعِدَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا, مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَفِي رِوَايَةٍ "مَنْ حَفِظَهَا" , وَفِي رِوَايَةٍ: "لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ" , وَلَهُ طُرُقٌ2, وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
__________
1 أخرجه البيهقي [10/ 56- 57] , كتاب الأيمان: باب ما يجزئ من الكسوة في الكفارة.
2 رواه البخاري [5/ 417] , في الشروط: باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار [2736 [11/ 218] , في الدعوات: باب لله مائة اسم غير واحد [6410] , و [13/ 389] , في باب إن الله مائة اسم إلا واحدة [7392] , ومسلم [4/ 2062] , في الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى [5/ 2677] , والترمذي [5/ 497] , في الدعوات [3058] , والحميدي [2/ 479] , [1130] , وأحمد [2/ 258] , والنسائي في "الكبرى" [4/ 393] , في النعوت، باب قول الله جل ثناؤه, {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 108] [7659] , وأبو يعلى [6277] , والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص [4] ، في "السنن" [10/ 27] , من طرق عن أبي الزناد عن الأعرج من أبي هرير مرفوعاً.
ورواه الترمذي [3506] , وأحمد [2/ 427, 499] , وابن حبان [807- الإحسان] وأبو نعيم في الحديث [6/ 274] , والخطيب في "التاريخ" [10/ 371] , والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص [27] , من طرق عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق [10/ 445- 446] , [19656] , من طريق أحمد [2/ 267] , ومسلم [6/ 2977] , والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص [4] , عن معمر عن أيوب عن محمد بن سيرين بالإسناد السابق.
وأخرجه أحمد [2/ 516] ، من طريق روح عن ابن عون.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" [3/ 122] , من طريق الفريابي حدثنا الثوري عن عاصم كلاهما عن محمد بن سيرين بالإسناد السابق.
وأخرجه ابن ماجة [2/ 1269] , في الدعاء: باب أسماء الله عز وجل [3860] , وأحمد [2/ 53] , من طريق محمد بن عمرو.
وأخرجه الخطيب في "التاريخ" [8/ 337] , من طريق ابن عيينة عن الزهري كلاهما عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرازق [19656] , وعنه أحمد [2/ 267, 314] , ومسلم [6/ 2677] , والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص [4] ، والخطيب في "التاريخ" [12/ 957] , والبغوي في "شرح السنة" [3/ 57] , [1249] , من طريق معمر عن همام بن متعب عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي [3506] , من طريق يوسف بن حماد، حديثنا عبد الأعلى عن معبد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة. =(4/422)
وَابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ, مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَرَدَ الْأَسْمَاءَ1, قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْلَمُ فِي كَثِيرِ شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ ذِكْرَ الْأَسْمَاءِ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ, وَذَكَرَ آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَذَكَرَ فِيهِ الْأَسْمَاءَ, وَلَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ صَحِيحٌ.
قُلْت: وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ, عَنْ الْأَعْرَجِ, وَسَاقَ الْأَسْمَاءَ, وَخَالَفَ سِيَاقَ التِّرْمِذِيِّ فِي التَّرْتِيبِ, وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ, فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَهِيَ: "الْبَارُّ الرَّاشِدُ", الْبُرْهَانُ, الشَّدِيدُ, الْوَاقِي, الْقَائِمُ, الْحَافِظُ, الْفَاطِرُ, السَّامِعُ, الْمُعْطِي, الْأَبَدُ, الْمُنِيرُ, التَّامُّ", وَالطَّرِيقُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا التِّرْمِذِيُّ رَوَاهَا الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن الْحُصَيْنِ, عَنْ أَيُّوبَ, وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ, جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَفِيهَا أَيْضًا زِيَادَةٌ وَنُقْصَانُ, وَقَالَ: الْمَحْفُوظُ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْأَسَامِي, قَالَ الْحَاكِمُ: وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ثِقَةٌ.
قُلْت: بَلْ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ, وَهَّاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَعِينٍ2, وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ, قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ؛ وَلِهَذَا الِاحْتِمَالُ تَرَكَ الشَّيْخَانِ إخْرَاجَ حَدِيثِ الْوَلِيدِ فِي الصَّحِيحِ.
__________
= وأخرجه الطبري في "التفسير" [8/ 166] , [22805] , عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن مكحول عن عراك بن مالك عن أبي هريرة.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1 ورواه الترمذي [3507] ، وابن حبان [808- الإحسان] ، والحاكم [1/ 16- 17] ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص [5] , والبغوي في "شرح السنة" [1250] , من طريقين عن صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً به.
وقال الحافظ في "الفتح" [11/ 219] : وأما رواية الوليد عن شعيب، وهي أقرب الطرق إلى الصحة. وعليها عول غالب من شرح الأسماء الحسنى، سياقها عند الترمذي.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، حدثنا به واحد عن صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا نعلم في كبير شيء من الروايات، له إسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث.
وقال الحاكم: هذا حديث قد خرجاه في "الصحيحين" بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه، والعلة فيه عندهما أن الوليد بن مسلم تفرد بسياقه بطرله. وذكر الأسامي فيه ولم يذكرها غيره, وليس هذا بعلة، فإني لا أعلم اختلافاً بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أو ثور أحفظ وأعلم, وأحل من أبي اليمان، وبشر بن شعيب وعلى بن عابس، وأقرانهم من أصحاب شعيب. وأورد الحافظ في "الفتح" [11/ 219] , كلام الحاكم هذا وقال: وليست العلة عند الشيخين تفرد الوليد فقط بل الاختلاف فيه، والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج.
2 ينظر: "ميزان الاعتدال" [4/ 362] .(4/423)
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا نَعْلَمُ هَلْ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَسَامِي فِي الْحَدِيثِ, أَوْ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي.
قُلْت: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافِهَا, وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ الْوَلِيدِ أَرْجَحَهَا؛ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: جَاءَ فِي إحْصَائِهَا أَحَادِيثُ مُضْطَرِبَةٌ, لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا, وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ لَيْسَ بِالْمُتَوَاتِرِ, وَفِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي فِيهِ – شُذُوذٌ, وَقَدْ وَرَدَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ" , وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَاحِدٌ مِنْهَا, انْتَهَى.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَمْ أَعْرِفْ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ اعْتَنَى بِطَلَبِ الْأَسْمَاءِ وَجَمَعَهَا مِنْ الْكِتَابِ - سِوَى رَجُلٍ مِنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهُ: عَلِيُّ بْنُ حَزْمٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: صَحَّ عِنْدِي قَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِينَ اسْمًا, اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْكِتَابُ, قَالَ: فَلْيُتَطَلَّبْ الْبَاقِي مِنْ الصِّحَاحِ مِنْ الْأَخْبَارِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَظُنُّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي عَدَدِ الْأَسْمَاءِ, أَوْ بَلَغَهُ وَاسْتَضْعَفَ إسْنَادَهُ انْتَهَى. وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَهُ الدَّالَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَحّ عِنْدَهُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى لَهُ: الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ حَزْمٍ, ذَكَرَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى نَيِّفًا وَثَمَانِينَ فَقَطْ, وَاَللَّهُ يَقُولُ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] , ثُمَّ سَاقَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ "وَهُوَ اللَّهُ, الرَّحْمَنُ, الرَّحِيمُ, الْعَلِيمُ, الْحَكِيمُ, الْكَرِيمُ, الْعَظِيمُ, الْحَلِيمُ, الْقَيُّومُ, الْأَكْرَمُ, السَّلَامُ, التَّوَّابُ, الرَّبُّ, الْوَهَّابُ, الْإِلَهُ, الْقَرِيبُ, الْمُجِيبُ, السَّمِيعُ, الْوَاسِعُ, الْعَزِيزُ, الشَّاكِرُ, الْقَاهِرُ, الْآخِرُ, الظَّاهِرُ, الْكَبِيرُ, الْخَبِيرُ, الْقَدِيرُ, الْبَصِيرُ, الْغَفُورُ, الشَّكُورُ, الْغَفَّارُ, الْقَهَّارُ, الْجَبَّارُ, الْمُتَكَبِّرُ, الْمُصَوِّرُ, الْبَرُّ, الْمُقْتَدِرُ, الْبَارِئُ, الْعَلِيُّ, الْوَلِيُّ, الْقَوِيُّ, الْمُحَيِّي, الْغَنِيُّ, الْمَجِيدُ, الْحَمِيدُ, الْوَدُودُ, الصَّمَدُ, الْأَحَدُ, الْوَاحِدُ, الْأَوَّلُ, الْأَعْلَى, الْمُتَعَالُ, الْخَالِقُ, الْخَلَّاقُ, الرَّزَّاقُ, الْحَقُّ, اللَّطِيفُ, الرَّءُوفُ, الْعَفُوُّ, الْفَتَّاحُ, الْمُبِينُ, الْمَتِينُ, الْمُؤْمِنُ, الْمُهَيْمِنُ, الْبَاطِنُ, الْقُدُّوسُ, الْمَلِكُ, الْمَلِيكُ, الْأَكْبَرُ, الْأَعَزُّ, السَّيِّدُ, السُّبُّوحُ, الْوِتْرُ, الْمُحْسِنُ, الْجَمِيلُ, الرَّفِيقُ, الْمُعِزُّ, الْقَابِضُ, الْبَاسِطُ, الْبَاقِي, الْمُعْطِي, الْمُقَدِّمُ, الْمُؤَخِّرُ، الدَّهْرُ، فَهَذِهِ، أَحَدٌ، وَثَمَانُونَ، اسْمًا، قَالَ، الْقُرْطُبِيُّ، وَفَاتَهُ، الصَّادِقُ، الْمُسْتَعَانُ، الْمُحِيطُ، الْحَافِظُ، الْفَعَّالُ، الْكَافِي، النُّورُ, الْفَاطِرُ، الْبَدِيعُ، الْفَالِقُ، الرَّافِعُ، الْمُخْرِجُ.
قُلْت: وَقَدْ عَاوَدْت تَتَبُّعَهَا مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ إلَى أَنْ حَرَّرْتهَا مِنْهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا, وَلَا أَعْلَمُ مَنْ سَبَقَنِي إلَى تَحْرِيرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ لَمْ يَقْتَصِرْ فِيهِ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ بَلْ ذَكَرَ مَا اتَّفَقَ لَهُ الْعُثُورُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ اسْمًا مُتَوَالِيَةً؛ كَمَا نَقَلْته عَنْهُ آخِرُهَا: "الْمَلِكُ", وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ التقطه مِنْ الْأَحَادِيثِ, فَمِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ فِي(4/424)
الْقُرْآنِ: "الْمَوْلَى, النَّصِيرُ, الشَّهِيدُ، الشَّدِيدُ، الْحَفِيُّ، الْكَفِيلُ، الْوَكِيلُ، الْحَسِيبُ، الْجَامِعُ، الرَّقِيبُ، النُّورُ، الْبَدِيعُ، الْوَارِثُ، السَّرِيعُ، الْمُقِيتُ، الْحَفِيظُ, الْمُحِيطُ، الْقَادِرُ، الْغَافِرُ، الْغَالِبُ، الْفَاطِرُ، الْعَالِمُ، الْقَائِمُ، الْمَالِكُ، الْحَافِظُ، الْمُنْتَقِمُ، الْمُسْتَعَانُ، الْحَكَمُ، الرَّفِيعُ، الْهَادِي، الْكَافِي، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ", فَهَذِهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ اسْمًا, جَمِيعُهَا وَاضِحَةٌ فِي الْقُرْآنِ إلَّا "الْحَفِيُّ", فَإِنَّهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ, فَهَذِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مُنْتَزِعَةً مِنْ الْقُرْآنِ, مُنْطَبِقَةً عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا" , مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى جَزِيلِ عَطَائِهِ, وَجَلِيلِ نَعْمَائِهِ.
وَقَدْ رَتَّبْتهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِيُدْعَى بِهَا: "الْإِلَهُ, الرَّبُّ, الْوَاحِدُ, اللَّهُ, الرَّبُّ, الرَّحْمَنُ, الرَّحِيمُ, الْمَلِكُ, الْقُدُّوسُ, السَّلَامُ, الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ, الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، الظَّاهِرُ، الْبَاطِنُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْعَلِيُّ، الْعَظِيمُ، التَّوَّابُ، الْحَلِيمُ، الْوَاسِعُ، الْحَكِيمُ, الشَّاكِرُ, الْعَلِيمُ, الْغَنِيُّ, الْكَرِيمُ, الْعَفُوُّ, الْقَدِيرُ, اللَّطِيفُ, الْخَبِيرُ, السَّمِيعُ, الْبَصِيرُ, الْمَوْلَى, النَّصِيرُ, الْقَرِيبُ, الْمُجِيبُ, الرَّقِيبُ, الْحَسِيبُ, الْقَوِيُّ, الشَّهِيدُ, الْحَمِيدُ, الْمَجِيدُ, الْمُحِيطُ, الْحَفِيظُ, الْحَقُّ, الْمُبِينُ, الغفار, القهار, والخلاق, الْفَتَّاحُ, الْوَدُودُ, الْغَفُورُ, الرَّءُوفُ, الشَّكُورُ, الْكَبِيرُ, الْمُتَعَالُ, الْمَقِيتُ, الْمُسْتَعَانُ, الْوَهَّابُ, الْحَفِيُّ, الْوَارِثُ, الْوَلِيُّ, الْقَائِمُ, الْقَادِرُ, الْغَالِبُ, الْقَاهِرُ, الْبَرُّ, الْحَافِظُ, الْأَحَدُ, الصَّمَدُ, الْمَلِيكُ, الْمُقْتَدِرُ, الْوَكِيلُ, الْهَادِي, الْكَفِيلُ, الْكَافِي, الْأَكْرَمُ, الْأَعْلَى, الرَّزَّاقُ, ذُو الْقُوَّةِ, الْمَتِينُ, غَافِرُ الذَّنْبِ, قَابِلُ التَّوْبِ, شَدِيدُ الْعِقَابِ, ذُو الطَّوْلِ, رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ, سَرِيعُ الْحِسَابِ، فَاطِرُ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضِ بَدِيعُ، السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَالِكُ الْمُلْكِ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
تَنْبِيهٌ: فِي قَوْلِهِ: "مَنْ أَحْصَاهَا" أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: مَنْ حَفِظَهَا, فَسَّرَهُ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ, وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ الصَّرِيحَةُ بِهِ, وَأَنَّهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ.
ثَانِيهَا: مَنْ عَرَفَ مَعَانِيَهَا وَآمَنَ بِهَا.
ثَالِثُهَا: مَنْ أَطَاقَهَا بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ لَهَا, وَتَخَلَّقَ بِمَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْعَمَلِ بِمَعَانِيهَا.
رَابِعُهَا: أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَخْتِمَهُ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي هَذِهِ الْأَسْمَاءَ فِي أَضْعَافِ التِّلَاوَةِ, وَذَهَبَ إلَى هَذَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ مَنْ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْقُرْآنِ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الزَّبِيرِي.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ حَصْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ, وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ, وَنُوزِعَ, وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا خَالَفَهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي فِيهِ: "أسألك بكل(4/425)
اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَك، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِك, أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِك, أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَك...." , الْحَدِيثُ1, وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ أَيْضًا اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي سَرْدِهَا, وَثُبُوتُ أَسْمَاءِ غَيْرِ مَا ذَكَرْته فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
__________
1 أخرجه أحمد [1/ 391] , والطبراني [2/ 209- 210] , برقم [10352] , وأبو [9/ 199] , برقم [5297] , وابن حبان [7/ 404- موارد] ، برقم [2372] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [10/ 139] : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجال أحمد وأبو يعلى رجال "الصحيح" غير أبي سلمة الجهني وقد وثقة ابن حبان.(4/426)
كِتَابُ النذور
مدخل
...
80- كتاب النُّذُورِ
2057- حَدِيثُ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ, وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ" 2, الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ, وَزَادَ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْوَجْهِ: "وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" , قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: عِنْدِي شَكٌّ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
2058- حَدِيثُ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ, وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ" , مُسْلِمٌ مِنْ
__________
2 أخرجه مالك [2/ 476] , كتاب النذور والأيمان: باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله، حديث [8] , وأحمد [6/ 36, 41] , والبخاري [11/ 581] , كتاب الأيمان والنذور: باب النذور في الطاعة، حديث [6696] , وأبو داود [3/ 593] , كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر من المعصية، حديث [3289] , والترمذي [3/ 41] , كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء عن الرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نذر في معصية, حديث [1564] , والنسائي [7/ 17] , كتاب الأيمان والنذور: باب نذور في المعصية، وأبن ماجة [1/ 687] , كتاب الكفارات: باب النذر في المعصية، حديث [2126] , وابن الجارود ص [312- 313] ، باب ماجاء في النذر, حديث [934] , والدارمي [2/ 184] , كتاب النذور والأيمان: باب لا نذر في معصية الله، والشافعي [1/ 74- 75] , رقم [246] , والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 133] , وفي "مشكل الآثار" [1/ 470] , والبيهقي [9/ 231] , وأبو نعيم في "الحلية" [6/ 346] , والبغوي في "شرح السنة" [5/ 284- بتحقيقنا] , من طرق عن طلحة عبد الملك الأيلي عن القاسم بن محمد عن عائشة.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن القاسم بن محمد....
والطريق الذي أشار إليه الترمذي أخرجه أحمد [6/ 208] , والبخاري في "التاريخ الكبير" [1/ 34] , من طريق علي ابن المبارك عن يحيى بن كثير وعند البخاري مقرون بأيوب، عن القاسم بن محمد عن عائشة.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" [1/ 33] , وأبو يعلى [8/ 277] , رقم [4863] , من طريق أبان بن يزيد ثنى يحيى بن أبي كثير أن محمد بن أبان حدثه عن القاسم به محمد حدثه أن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه".(4/426)
حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ1.
وَلِأَبِي دَاوُد, عَنْ عَمْرٍو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ, وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ, وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" 2, وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ3.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ رَسُولُ: "اللَّهِ أَوْفِ بِنَذْرِك" , تَقَدَّمَ فِي "الِاعْتِكَافِ".
2059- حَدِيثُ: "إنَّمَا النَّذْرُ مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ" , أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهَذَا, وَفِيهِ قِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ4, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ" 5, وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى6.
2060- حَدِيثُ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ, وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" 7, هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذِهِ
__________
1 أخرجه أحمد [6/ 429، 430, 432] , ومسلم [3/ 1262] , كتاب النذر: باب لا وفاء لنذر في معصية الله، حديث [8] 1641, وأبو داود [3/ 609- 610- 611- 612] , كتاب الأيمان والنذور: باب في النذور فيما لا يملك ابن آدم، حديث [1566] , والنسائي [7/ 19] , كتاب الأيمان والنذور: باب النذور فيما لا يملك، وابن ماجة [1/ 686] , كتاب الكفارات: باب النذر في المعصية، حديث [2124] , والبيهقي [10/ 75] , كتاب النذور: باب ما يوفي به من النذر وما لا يوفي.
ولفظ الترمذي والنسائي وابن ماجة مختصراً بذكر المرفوع من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 أخرجه أبو داود [3/ 228] , كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين في قطيعة الرحم، حديث [3274] , والدارقنطي [4/ 15] , في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث [44] .
3 أخرجه الدارقطني [4/ 16] , في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث [48] .
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني"، وذكر عبد الحق في أحكامه من جهة "المصنف" وقال: إسناده ضعيف، قال ابن القطان: وعلته ضعف سليمان بن أبي سليمان فإنه شيخ ضعيف الحديث، قاله أبو حاتم الرازي.
وقال صاحب "التنقح": هذا حديث لا يصح فإن سليمان بن داود اليمامي متفق على ضعفه.
قال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث.
قال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. انتهى كذا ذكره الزيلعي.
4 أخرجه أحمد [2/ 211] .
5 أخرجه أبو داود [3/ 228] , كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين في قطيعة الرحم، حديث [3273] .
6 أخرجه البيهقي [10/ 75] ، كتاب النذور: باب ما يوفى به من النذور. وما لا يوفى.
7 أخرجه النسائي [7/ 28] ، كتاب الأيمان والنذور: باب كفارة النذر والحاكم [4/ 305] , والبيهقي [10/ 70] , كتاب الأيمان: باب من جعل فيه كفارة يمين وأبو نعيم في "الحلية" [7/ 97] , والخطيب في "تاريخ بغداد" [6/ 292- 293] , من طريق محمد بن الزبيبر الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين". =(4/427)
الزِّيَادَةِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَمَدَارُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عِمْرَانَ"، فَذَكَرَ حَدِيثًا تَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ قَبْلُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى إسْنَادُهَا صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ، رواه أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبي سلمة، عن عائشة1، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَبِهِ رَوَاهُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ مَتْرُوكٌ، وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، يَعْنِي: فَرَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِمْرَانَ، فَرَجَعَ إلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى.
قُلْت: وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ معمر، عن يحيى أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَالْحَنَفِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ تَصْحِيفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ عائشة، رواه الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ غَالِبِ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" 2، وَغَالِبٌ مَتْرُوكٌ.
__________
= وقال النسائي: محمد بن الزبير ضعيف لا تقوم به حجة وقد احتلف عليه في هذا الحديث ثم بين النسائي ذلك وقال الحاكم: مدار الحديث على محمد بن الزبير الحنظلي وليس بصحيح.
وقال ابن حزم في "المحلى" [8/ 7- 6] : حديث باطل.
1 أخرجه أحمد [6/ 247] ، وأبو داود [3/ 594] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية [3290] ، والترمذي [4/ 103] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نذر في معصية، حديث [1524] ، والنسائي [7/ 126] ، كتاب الأيمان والنذور: باب كفارة النذر، وابن ماجة [1/ 686] ، كتاب الكفارات: باب النذر في المعصية، حديث [2125] ، والبيهقي [10/ 69] ، كتاب الأيمان: باب من جعل فيه كفارة يمين وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 190] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [5/ 127] ، من طريق الزهري عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل حديث عمران.
قال الترمذي: هذا حديث لا يصح لأن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة سمعت محمداً يعني البخاري يقول: روي عن غير واحد عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة وهذا أصح أي أصوب من الزهري عن أبي سلمة عن عائشة.
وقال البيهقي: هذا وهم من سليمان بن أرقم فيحيى بن أبي كثير إنما رواه عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين.
2 أخرجه الدراقطني [4/ 160] ، في باب النذور، حديث [4] ، من طريق غالب بن عبيد الله العقيلي قال في "التعليق المغني"، قال صاحب "التنقيح": غالب بن عبيد الله مجمع على تركه.(4/428)
وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فِيهِ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى2، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رُوِيَ مَوْقُوفًا، يَعْنِي: وَهُوَ أَصَحُّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الرَّوْضَةِ": حَدِيثُ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"، ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ.
قُلْت: قَدْ صَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ، فَأَيْنَ الاتفاق3.
حديث أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْقَصْرِ: "إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُمَرَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ، وَفِي صلاة المسافر.
2061- قَوْلُهُ: "رَغَّبَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ"، تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ فِي "الْجَنَائِزِ"، وَمِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا نَادَى مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ؛ طِبْت وَطَابَ مَمْشَاك، وَتَبَوَّأْت مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ4.
وَحَدِيثُ ثَوْبَانَ: "إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ؛ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ5.
__________
1 أخرجه أبو دواد [3/ 241] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من نذر نذراً لا يطيقه، حديث [3322] .
2 قال أحمد: مقارب الحديث.
وقال ابن معين: ثقة.
وكذالك عثمان بن أبي شيبة.
وقال أبو داود: لا بأس به.
وقال يعقوب بن شيبة: شيخ ضعيف جداً، ومنهم من لا يكتب حديثه لضعفه.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
ينظر: "تهذيب الكمال" [13/ 445- 446] ، وقال المصنف في "التقريب" [1/ 380] ، صدوق يهم.
3 "روضة الطالبين" للإمام النووي [5/ 216] .
4 أخرجه الترمذي [4/ 305] ، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في زيارة الإخوان، حديث [2008] ، وابن ماجة [1/ 464] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب من عاد مريضاً، حديث [1443] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
5 أخرجه مسلم [8/ 521- الأبي] ، كتاب البر والصلة والآداب: باب فضل عيادة المريض، حديث [39/ 2568] ، والترمذي [967، 968] ، وأحمد [5/ 276، 277، 279، 283، 283- 284] ، والحاكم [1/ 350] ، والبيهقي [3/ 380] ، والطبراني في "الكبير" [2/ 101] ، برقم [1445، 1446] ، والبغوي في "شرح السنة" [3/ 175- بتحقيقنا] ، كتاب الجنائز: باب =(4/429)
وَحَدِيثُ جَابِرٍ: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا؛ لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ، فَإِذَا جَلَسَ انْغَمَسَ فيها"، ورآه أَحْمَدُ1.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ: "مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَائِدًا، مَشَى فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ"، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ... " الْحَدِيثُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2، وَفِي التِّرْمِذِيِّ بَعْضُهُ3.
قَوْلُهُ: "وَفِي إفْشَاءِ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، تَقَدَّمَ الْكَثِيرُ مِنْهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ "السِّيَرِ".
قَوْلُهُ: "وَفِي زِيَارَةِ الْقَادِمِينَ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي مُطْلَقِ زِيَارَةِ الْإِخْوَانِ".
مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: "أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ... " الْحَدِيثُ4، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ، نَادَاهُ مُنَادٍ: طِبْت، وَطَابَ مَمْشَاك، وَتَبَوَّأْت مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا" 5، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا، وَأَمَّا تَقْيِيدُهَا بِالْقَادِمِينَ فَيُنْظَرْ.
2062- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ: إذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ: "مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَيُتِمَّ صَوْمَهُ"، الْبُخَارِيُّ بِهَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ: "فِي الشَّمْسِ"6.
__________
= عيادة المريض وثوابه، حديث [1403] ، وابن حبان [7/ 223] ، برقم [2957] .
1 أخرجه أحمد [7/ 222] ، كتاب الجنائز: باب المريض وما يتقلق به، حديث [2956] ، والبيهقي [3/ 380] ، كتاب الجنائز: باب فضل العيادة.
2 أخرجه أحمد [1/ 281، 138] ، وابن ماجة [1/ 463- 464] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب عن عاد مريضاً، حديث [1442] .
3 أخرجه الترمذي [3/ 291- 292] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في عيادة المريض، حديث [969] .
قال الترمذي: حديث حسن غريب.
4 أخرجه مسلم [8/ 520- 521- أبي] ، كتاب البر الصلة والأدب: باب في فضل الحب في الله، حديث [2567] ، وأحمد [2/ 642] ، كلاهما من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه.
5 أخرجه الترمذي [4/ 365] ، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في زيارة الإخوان، حديث [2008] ، وابن ماجة مختصراً [1/ 464] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب من عاد مريضاً، حديث [1443] ، كلاهما من طريق يوسف بن يعقوب ثنا أبو عثمان القسملي عن عثمان بن أبي سودة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
6 أخرجه البخاري [11/ 586] ، كتاب الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك وفي المعصية، حديث [6704] ، وأبو داود [3/ 599- 600] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، حديث [3300] ، وابن ماجة [1/ 690] ، كتاب الكفارات: باب من =(4/430)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ بِهَا، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مُرْسَلًا، وَفِيهِ: "فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِتْمَامِ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً، وَتَرْكِ مَا كَانَ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّهُ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إسْرَائِيلَ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَأَبُو إسْرَائِيلَ يُصَلِّي، قِيلَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ ذَا؛ لَا يَقْعُدُ، وَلَا يُكَلِّمُ النَّاسَ ... " الْحَدِيثُ.
وَقَوْلُهُ: "عَنْ أَبِي إسْرَائِيلَ" لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، عَلَى مَا بَيَّنْته فِي "النُّكَتِ عَلَى عُلُومِ الْحَدِيثِ"، وَالتَّقْدِيرُ: عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ قِصَّةِ أَبِي إسْرَائِيلَ، فَذَكَرَهَا مُرْسَلَةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِالْتِفَاتُ الَّذِي فِي السِّيَاقِ، وَأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ رَوَاهُ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا؛ كَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْهُ، عَنْ طَاوُسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِأَبِي إسْرَائِيلَ ... "، الْحَدِيثُ، وَفِي آخِرِهِ: "وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ".
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْكَفَّارَةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ.
حَدِيثُ: "أَنَّ الْمُشْرِكِينَ اسْتَاقُوا سَرْحَ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ الْعَضْبَاءُ؛ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، الْحَدِيثُ، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ "الْأَمَانِ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ رَاكِبًا"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: "حَجَّ عَلَى رَحْلٍ"1.
2063- قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: "أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ"، مُتَّفَقٌ
__________
= خلط في نذره بمعصية، حديث [2136] ، وابن الجارود في "المنتقى" ص [314] ، باب ما جاء النذور، حديث [938] ، والدارقطني [4/ 160- 161] ، كتاب النذور، حديث [7] ، وابن حبان [4370- الإحسان] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [3/ 44] ، والبيهقي [10/ 75] ، كتاب النذور: باب ما يوفى به من النذور وما لا يوفى من حديث ابن عباس قال: بينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وذكره ... ورواه مالك [2/ 475- 476] ، كتاب النذور والأيمان: باب لا يجوز من النذر في معصية الله، حديث [6] ، عن حميد بن قيس وثور بن يزيد الديلي أنهما أخبراه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى رجلاً فذكره. ثم قال مالك: ولم أسمع أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بكفارة وقد أمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتم ما كان الله طاعة ويترك ما كان معصية.
1 أخرجه البخاري [4/ 155] ، كتاب الحج: باب الحج على الرجل، حديث [1517] ، وابن ماجة [2/ 965] ، كتاب المناسك: باب الحج على الرجل، حديث [2890] ، وابن حبان [9/ 70] ، كتاب الحج: باب مقدمات الحج، حديث [3754] ، والترمذي في "الشمائل" [335] ، والبيهقي [4/ 332] ، كتاب الحج: باب من اختار الركوع.(4/431)
عَلَيْهِ عَنْهَا، وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ فَوَهَمَ1.
2064- حَدِيثُ: "أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ: إنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَقَالَ فَلْتَرْكَبْ، وَلْتُهْدِ هَدْيًا"، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكَبَ، وَتَهْدِيَ هَدْيًا" وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ2، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَقَدْ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ"، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِلَفْظِ: "نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ" 3.
تَنْبِيهٌ قِيلَ: إنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ هِيَ أُمُّ حِبَّانَ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ، أَفَادَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِي السُّنَنِ"، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي "الْإِكْمَالِ" لِابْنِ مَاكُولَا، لَكِنْ قَالَ: "إنَّهَا أُخْتُ عُقْبَةَ بن عامر بن بابي الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ؛ فَعَلَى هَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ وَهَمَ.
2065- قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: "وَلْتُهْدِ بَدَنَةً"، عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنَّ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلْتَرْكَبْ، وَلْتُهْدِ بَدَنَةً" 4.
2066- حَدِيثُ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
__________
1 أخرجه البخاري [4/ 448- 449] ، كتاب العمرة: باب أجر العمرة على قدر النصب، حديث [1787] ، ومسلم [4/ 394 وما بعدها –نووي] ، كتاب الحج: باب وجوه الإحرام، حديث [1211] ، ووهم الحاكم فاستدركه [1/ 471] ، وصححه على شرط الشيخين وتبعه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود [3/ 235] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، حديث [3303] .
3 أخرجه البخاري [4/ 78- 79] ، كتاب جزاء الصيد: باب من نذر المشي إلى الكعبة، حديث [1866] ، ومسلم [3/ 1264] ، كتاب النذر: باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة، حديث [11/ 1644] ، وأبو داود [3/ 598- 599] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، حديث [3299] ، والترمذي [4/ 116] ، كتاب النذور والأيمان، حديث [1544] ، والنسائي [7/ 19] ، كتاب الأيمان والنذور: باب من نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى، وابن ماجة [1/ 689] ، كتاب الكفارات: باب من نذر أن يحج ماشياً، حديث [2134] ، وأحمد [4/ 145] ، والدارمي [2/ 183] ، كتاب النذور والأيمان: باب في كفارة النذر، وابن الجارود في "المنتقى" ص [313] ، باب ما جاء في النذور، حديث [937] ، والبيهقي [10/ 78- 79] ، كتاب النذور، باب المشي فيما قدر عليه والركوب فيما عجز عنه من حديث عقبة بن عامر.
4 تقدم تخريجه.(4/432)
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1 وَغَيْرِهِ2.
__________
1 أخرجه البخاري [3/ 63] ، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، حديث [1189] ، ومسلم [2/ 1014] ، كتاب الحج: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، حديث [511] 1397، وأبو داود [1/ 620] ، كتاب المناسك: باب في إتيان المدينة، حديث [2033] ، والنسائي [2/ 37- 38] ، كتاب المساجد: باب ما تشد الرحال إليه من المساجد، وابن ماجة [1/ 452] ، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس، حديث [1409] ، وأحمد [2/ 234- 238] ، والحميدي [2/ 421] ، رقم [943] ، وعبد الرزاق [5/ 132] ، رقم [9158] ، وابن الجارود [512] ، وأبو يعلى [10/ 283] ، رقم [5880] ، وابن حبان [1610- الإحسان] ، والبيهقي [5/ 244] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [9/ 222] ، من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشدوا الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى".
وأخرجه مسلم [2/ 1014] ، كتاب الحج: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، حديث [512/ 1397] ، من طريق هارون بن سعيد ثنا ابن وهب ثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سليمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة فذكره.
وأخرجه أحمد [2/ 501] ، والدارمي [1/ 330] ، كتاب الصلاة: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، والبغوي في "شرح السنة" [2/ 104- بتحقيقنا] ، من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
وقال البغوي: هذا حديث صحيح أخرجه مسلم من طريق آخر عن أبي هريرة.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 242- 243] ، من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه أنه قال: أتيت الطور فصليت فيه فلقيت جميل بن بصرة الغفاري، فقال: من أين حئت، فأخبرته فقال: لو لقيتك قبل أن تأتيه ما جئته، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تضرب المطايا إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى".
2 وقد ورد هذا الحديث عن عدة من الصحابة منهم أبو بصرة الغفاري وأبو سعيد الخدري وابن عمر وعبد الله بن عمرو وعمر بن الخطاب وأبو الجعد الضمري وعلي بن أبي طالب والمقدام وأبو أمامة.
حديث أبي بصرة الغفاري:
أخرجه ماللك [1/ 108- 109] , كتاب الجمعية: باب ماجاء في الساعة التي يوم الجمعة، حديث [16] , وأحمد [2/ 151] , والحمدي [2/ 421] , رقم [944] , والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 242] , وابن حبان [1024- موارد] , من الطريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن أبي بصرة مرفوعاً: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو مسجد بيت المقدس".
وصححهابن حبان:
وأخرجه أبو داود الطيالسي [1/ 108- منحة] , كتاب الصلاة: باب المساجد، حديث [343] ,وأحمد [6/ 7] , من طريق عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أن أبا بصرة لقى أبا هرييرة وهو جاء فقال: من أين أقبلت من الطور, صليت فيه. قا: أما إني لو أدركتك لم تذهب، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة =(4/433)
2067- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ, اللَّهِ إنِّي نَذَرْت إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْك
__________
= مساجد، مسجدي هذا، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى".
حديث أبي سعيد الخدري:
أخرجه البخاري [3/ 84- 85] , كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: باب مسجد بيت المقدس, حديث [1197] , ومسلم [2/ 975- 976] , كتاب باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، حديث [415/ 727] , والترمذي [2/ 148] , أبواب الصلاة: باب في أي المساجد أفضل، حديث [326] , وابن ماجة [1/ 452] , كتاب أقامة الصلاة: باب ماجاء في الصلاة في المسجد بيت المقدس، حديث [1410] , وأحمد [3/ 7, 34, 45, 77] , والخطيب في "تاريخ بغداد" [11/ 195] , من طريق قزعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى":
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وللحديث طرق أخرى عن أبي سعيد:
الطريق الأول: أخرجه أحمد [3/ 53] , من طريق مجالد ثنى أبو الوداك عن أبي سعيد به. ومجالد هو ابن سعيد وفيه ضعف.
الطريق الثاني: أخرجه أحمد [3/ 71] , من طريق عكرمة مولى زياد عن أبي سعيد به.
الطريق الثالث: أخرجه أحمد [3/ 93] , وأبو يعلى [2/ 489- 490] , رقم [1326] من طريق ليث عن شهر بن حوشب قال: أقبلت أنا ورجال من العمرة فمررنا بابي سعيد الخدري فدخلنا عليه فقال: أين تريدون قلت: نريد الطور قال: وما الطور؟ سمعة رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول: "لا تشدالمطي إلى مسجد يذكر الله فيه إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجد المدينة وبيت المقدس ... ".
وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 6] , وقال: هو في الصحيح بنحوه وإنما أخرجته لغرابة لفظه رواه أحمد وشهر فيه كلام وحديثه حسن.
الطريق الرابع: أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [295] ، رقم [951] , من طريق سفيان عن أبقي هارون العبدي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشد المطي إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الأقصى".
وهذا سند ضعيف جداً أبو هارون العبدي متروك قال الحافظ في "التقريب" [2/ 49] , ومنهم من كذبه.
حديث عبد الله ابن عمر:
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" [3/ 256] , من طريق الفضل بن سهل عن بن يونس البلخي قال ثنا هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يشد المصلي إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".
ذكره العقلي في "ترجمة" البلخي وقال: عن هشام بن الغاز ولا يتابع على حديثه والمتن معروف بغير هذا الإسناد. والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 7] . وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.
حديث عبد الله عمرو:
أخرجه عبد الله بن عمرو:
أخرجه ابن ماجة [1/ 452] , كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس، حديث [1410] , طريق قزعة عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو بن =(4/434)
"مَكَّةَ" أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المقدس ركعتين, فقال: "صل ههنا ... " , الْحَدِيثُ1 أَبُو دَاوُد
__________
= العاص به.
حديث عمر بن الخطاب: أخرجه البزار [2/ 3- كشف] ، رقم [1073] , من طريق حبان بن هلال عن هشام عن قتادة عن أبي العالية عن ابن العباس عن عمران أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".
قال البزار: لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه وهو خطأ أتى خطؤه من حبان لأن هذا إنما يرويه همام وغيره عن قتادة عن قزعة عن أبي سعيد:
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 7] , وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح إلا أن البزار
قال: أخطأ فيه حبان بن هلال.
حديث أبي الجعد الضمري:
أخرجه البزار [2/ 4- كشف] , رقم [1074] , والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [1/ 244] , من طريق محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي والمسجد الأقصى".
قال البزار: لا نعلم روى أبو الجعد إلا هذا وآخر.
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 7] , وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح" ورواه البزار أيضا.
حديث على بن طالب:
أخرجه الطبراني في "الصغير" [1/ 173- 174] , ثنا سلمة بن أبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي ثنى عن أبيه عن جده سلمة بن كهيل الحضرمي عن حجية بن عدي عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام, والمسجد الأقصى".
قال الطبراني: لم يروه عن سلمة إلا ابنه يحيى تفرد به ولده عنه.
وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 6] , وقال: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى الكهيلي وهو ضعف اهـ.
حديث المقدام وأبي أمامة:
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" [9/ 308] , من طريق شريح بن عبيد عن المقدام بن معدي كرب وأبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام وإلى المسجد الأقصى وإلى مسجدي هذا ولا تسافر امرأة مسيرة يومين إلا مع زوجها أو ذي محرم".
1 أخرجه أبو داود [2/ 255] , كتاب الأيمان والنذور: باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس، حديث [3305] , والدارمي [2/ 174- 185] , كتاب النذور والأيمان: باب من نذر أن يصليس في بيت المقدس أيجزئه أن يصلي بمكة، وأحمد [3/ 363] ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" رقم [1009] , من طريق عطاء بن رباح عن جابر به.
وقال النوور في "المجموع" [8/ 465] : رواه أبو داود بإسناد صحيح.
والبيهقي [10/ 82] , كتاب النذور: باب من لم يرجو به النذر أو إقام الأفضل من هذه المساجد الثلاثة مقام ما هو أدنى منه. =(4/435)
وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ, وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي "الِاقْتِرَاحِ".
2068- قَوْلُهُ: "وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ طُرُوقِ الْمَسَاجِدِ إلَّا لِحَاجَةٍ", ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا, أَوْ يُقَامَ فِيهَا الْحَدُّ, أَوْ يُنْشَدَ فِيهَا الْأَشْعَارُ, أَوْ تُرْفَعَ فِيهَا الْأَصْوَاتُ1", وَفِيهِ عُرَابَةُ بْنُ السَّائِبِ, وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ, وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يَصِحُّ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَفْظِ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا" 2.
وَرَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ, وَهُوَ مَعْلُولٌ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الصَّلَاةِ" فِي بَابِ "مَا يَجُوزُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ", مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ, قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ – يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ – الْمَسْجِدَ ... ", فَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَفِيهِ: "كَانَ يُقَالُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْمَعْرِفَةِ, وَأَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا"3.
2069- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا, تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ, وَصَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ إيلِيَاءَ تَعْدِلُ خمسمائة صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ, وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ" , هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي "الْوَسِيطِ" هَكَذَا, وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنْ قَالَ: هُوَ هَكَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ.
قُلْت: مَعْنَاهُ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ: "الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ, وَالصَّلَاةُ في مسجدي بِأَلْفِ صَلَاةٍ, وَالصَّلَاةُ فِي بيت المقدس بخمسمائة صَلَاةٍ4".
__________
= والحاكم في "المستدرك" [4/ 304] , وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، كتاب النذور، وابن الجارود في "المنتقى" [945] .
1 أخرجه ابت عدي في "الكامل" [6/ "2049] , من طريق الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر.
قال ابن عدي: والفرات ضعيف.
2 أخرجه الحاكم [4/ 446, 524] , قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإستاد وقد هذه الكلمات بشر بن سليمان في روايته ثم صار الحديث برواية شعبية هذه صحيحاً ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بأن الحديث موقوف، وبشر ثقة احتج به مسلم وسمع هذا منه أبو نعيم.
وقال الحاكم في الموضع الثاني: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه البيهقي [2/ 245] , كتاب الصلاة: باب يجوز من قراءة القرآن والذكر في الصلاة يريد به جوابا أو تنبيها.
4 أخرجه البزار [1/ 212- 213] , كتاب الصلاة: باب الصلاة في المساجد الثلاثة، حديث [422] , من طريق إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء.... فذكره بنحوه. =(4/436)
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ, عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ وَالصَّلَاةُ, فِي مَسْجِدِي بِأَلْفِ صَلَاةٍ, وَفِي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صَلَاةٍ" 1, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ مُفْتَرِقَةٍ.
فَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ: فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا, أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ, إلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ" 2, وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عمر3, وعَنْ مَيْمُونَةَ مِثْلُهُ4, وَلِأَحْمَدَ عنجابر مِثْلُهُ5.
__________
= قال البزار: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعا إلا بهذا رالإسناد.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 10] : رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام وهو حديث حسن.
1 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [7/ 2670] , وقال: رواه أبو جناب يحيى بن أبي حبة عن عثمان بن الأسود عن مجاهد عن جابر.
ويحيى ضعيف.
وأخرجه أحمد [3/ 343, 397] , وابن ماجة [1/ 450- 451] , كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [1406] , من طريق عبيد الله عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه".وصححه المنذري في "الترغيب" [2/ 172] , فقال: رواه أحمد وابن ماجة بإسنادين صحيحين قلت: بل هو سند واحد والحديث ذكره الحافظ البوصي في "الزوائد" [1/ 553] ، وقال: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
2 أخرجه مالك [1/ 196] , كتاب القبلة، حديث [9] , أخرجه البخاري [3/ 63] , كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، حديث [1190] , ومسلم [2/ 1012] , كتاب الحج: باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، حديث [507/ 1394] , والنسائي [5/ 214] , كتاب المناسك: باب فضل الصلاة في المسجد الحرام، والترمذي [2/ 147] , أبواب الصلاة: باب ما جاء في أي المساجد أفضل، حديث [325] , وابن ماجة [1/ 450] , كتاب إقامة الصلاة: باب فضل ما جاء في المسجد الحرام ومسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1404] , وأحمد [2/ 256, 386, 368]] , والدارمي [1/ 230] , كتاب الصلاة: باب فضل الصلاة في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن حبان [1616- الإحسان] , والبيهقي [5/ 246] , كتاب الحج: باب فضل الصلاة في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [14/ 145] , والبغوي في "شرح السنة" [2/ 103- بتحقيقنا] ، من طرق عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3 أخرجه مسلم [2/ 1013] , كتاب الحج: باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، حديث [509/ 1395] , وابن ماجة [1/ 405] , كتاب الإقامة: باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام، حديث [1405] , والنسائي [5/ 213] , كتاب المناسك: باب فضل الصلاة في =(4/437)
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ إيلِيَاءَ؛ وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ: فَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ: "فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ – يَعْنِي: بَيْتَ الْمَقْدِسِ - كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ" 1, وَرَوَى ابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: "وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ" 2, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ, وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ", وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ" 3.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: فَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي الْمُتَّفَقِ كَمَا تَقَدَّمَ, وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَيْمُونَةَ, وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أفضل من ألف صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ, إلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ, وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أفضل من مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي" 4, وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ" مِنْ
__________
= المسجد الحرام، وأبو داود الطيالسي [2/ 205- منحة] , رقم [2732] , وأحمد [2/ 16, 101. 102] , والبيهقي [5/ 246] , والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 162] , وابن عبد البر في "التمهيد" [6/ 29] , من طريق نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام" ,
وله طريق إخر عن ابن عمر: أخرجه أحمد [2/ 29, 155] , وأبو يعلى [10/ 163] , رقم [5787] , والبيهقي [5/ 246] , كتاب الحج: باب فضل الصلاة في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عبد البر في "التمهيد" [6/ 28] , من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عمر.
4 أخرجه مسلم [2/ 1014] , كتاب الحج: باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة [510/ 1396] , والبخاري في "التاريخ الكبير" [1/ 302] , والبخاري في "التاريخ الكبير" [1/ 302] , وأحمد [6/ 334] ، وعبد الرزاق [5/ 21] , والنسائي [2/ 33] , كتاب المساجد: باب فضل الصلاة في المسجد الحرام، وأبو يعلى [13/ 30- 31] , رقم [7113] , والبيهقي [10/ 83] , كتاب النذور: باب من لم يرجو به من طريق نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس عن ميمونة أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".
5 تقدم تخريجه.
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه ابن ماجة [1/ 453] ، كتاب الصلاة: باب ما جاء في الصلاة في المسجد الجامع، حديث [1413] ، من طريق أبي الخطاب الدمشقي ثنا رزيق أبو عبد الله الألهاني عن أنس بن مالك مرفوعاً.
قال البوصيري في "الزوائد" [1/ 456] : هذا إسناد ضعيف أبو الخطاب الدمشقي لا يعرف حاله ورزيق أبو عبد الله الألهاني فيه مقال.
3 أخرجه الحاكم [4/ 509] ، في كتاب الفتن والملاحم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 10] : رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح".
4 أخرجه أحمد [4/ 5] ، والبزار [1/ 214- كشف] ، رقم [425] ، وابن حبان [1027- موارد] ، والبيهقي [5/ 246] ، كتاب الحج: باب فضل الصلاة في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد بن حميد =(4/438)
حَدِيثِ الْأَرْقَمِ: "صَلَاةٌ هُنَا خَيْرٌ من ألف صلاة"، ثم يَعْنِي: فِي مَسْجِدِ بَيْتِ المقدس1، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، هُوَ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ2"، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَطَاءٍ.
تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ: "وَصَلَاةٌ فِي الْكَعْبَةِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"، لَمْ يُصَحِّحْهَا الْإِثْبَاتُ، فَلَا تَعْوِيلَ عَلَيْهَا.
قُلْت: لَمْ أَجِدْ لَهَا أَصْلًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُصَحَّحَ، وَالصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ؛ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا الْفَرْضَ.
2070- حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ إبِلًا فِي مَوْضِعٍ سَمَّاهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ فِيهِ وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك" أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ3، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَسَمَّى الْمَوْضِعَ "بُوَانَةَ"4، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ "كردم"5؛ فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو بْنِ
__________
= في "المنتخب من المسند" ص [185] ، رقم [521] ، من طرق عن حماد بن زيد عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في ذلك أفضل من مئة صلاة في هذا".
قال البزار: اختلف على عطاء ولا نعلم أحداً قال: فإنه يزيد عليه مئة إلا ابن الزبير ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عمر ورواه ابن جريج عن عطاء عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو عائشة ورواه ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
والحديث صححه ابن حبان:
وقال المنذري في "الترغيب" [2/ 172] : إسناده صحيح وذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 7] ، وقال: رواه أحمد والبزار ولفظه ... والطبراني بنحو البزار ورجال أحمد والبزار رجال "الصحيح".1 أخرجه الحاكم [3/ 504] ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 تقدم في تخريجه.
3 أخرجه أبو داود [3/ 238] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، حديث [3313] ، والبيهقي [10/ 83] ، كتاب النذور: باب من نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق.
4 أخرجه أبو داود [3/ 237- 238] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، حديث [3312] .
5 أخرجه ابن ماجة [1/ 687- 688] ، كتاب الكفارات: باب الوفاء بالنذر، حديث [2130] . =(4/439)
شُعَيْبٍ، عَنْ ابْنَةِ كردم، عَنْ أَبِيهَا؛ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ ثَلَاثَةً مِنْ إبِلِي"، فَقَالَ: "إنْ كَانَ عَلَى وَثَنٍ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا ... "، الْحَدِيثُ1، وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ مَاجَهْ عن ميمونة بنت كردم الثَّقَفِيَّةِ: "أَنَّ أَبَاهَا لَقِيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي ريفة كردم، فَقَالَ: "إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ، فَقَالَ: "هَلْ فِيهَا وَثَنٌ"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: "فَأَوْفِ بِنَذْرِك" 2.
تَنْبِيهٌ: بُوَانَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الشَّامِ وَدِيَارِ بَكْرٍ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: أَسْفَلَ "مَكَّةَ"
دُونَ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: هَضْبَةٌ مِنْ وَرَاءِ يَنْبُعَ.
حَدِيثُ: "مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً.. " الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "صَلَاةِ الْجُمُعَةِ".
2071- قَوْلُهُ: "وَرَدَ بِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا يَوْمَ الشَّكِّ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يُؤْمَرُ بِالْإِمْسَاكِ"، الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ3، وَمُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ4، وَلَيْسَ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِرَمَضَانَ.
__________
= قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 154] : هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود أخو أبو عميس اختلط بآخره ولم يتميز حديثه فاستحق الترك، قاله ابن حبان ا. هـ.
والحديث أخرجه البيهقي أيضاً [10/ 84] ، كتاب النذور: باب من نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق.
1 أخرجه أحمد [4/ 64] .
2 أخرجه ابن ماجة [1/ 688] ، كتاب الكفارات: باب الوفاء بالنذر، حديث [2131] ، والحديث أخرجه أبو داود أيضاً بأتم من حديث ابن ماجة [3/ 238- 239] ، كتاب الأيمان والنذور: باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، حديث [3314] .
قال في الزوائد:
إسناده صحيح. أعني الطريق الأولى إلى ميمونة بنت كردم. واختلف في صحتها، أبي ابن حبان والذهبي في "الكاشف" وفي "الطبقات". ويؤيد ذلك سياق الرواية الأولى. ورواها الإمام أحمد في "مسنده" بلفظ عن ميمونة بنت كردم عن أبيها كردم أنه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فجعل الحديث من مسند أبيها. وإسناد الطريق الثاني منقطع. لأن يزيد بن مقسم لم يسمع من ميمونة. وأصل الحديث في الصحيح وغيرهما من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
3 أخرجه أحمد [4/ 47، 48، 50] ، والبخاري [4/ 640] ، كتاب الصوم: باب إذا نوى بالنهار صوماً، حديث [1924] ، وطرفاه في [2007، 7265] ، ومسلم [4/ 268- نووي] ، كتاب الصيام: باب من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه، حديث [135/ 1135] ، والنسائي [4/ 192] ، كتاب الصيام: باب إذا لم يجمع من الليل يصوم ذلك اليوم من التطوع، حديث [2321] ، وابن خزيمة [3/ 290] ، برقم [2092] .
4 أخرجه أحمد [6/ 359] ، والبخاري [4/ 715] ، كتاب الصوم: باب صوم الصبيان، حديث [1960] ، ومسلم [4/ 268- 269- نووي] ، كتاب الصيام: باب من أكل في عاشوراء فيكف بقية يومه، حديث [136، 137/ 1136] .(4/440)
كِتَابُ الْقَضَاءِ
مدخل
...
81- كتاب القضاء1
2072- حَدِيثُ: "إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ2، وَأَبِي هُرَيْرَةَ3.
__________
1 القضاء له في اللغة معان كثيرة ترجع كلها إلى انقضاء الشيء وتمامه. فمن تلك المعاني: الأمر نحو قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر بذلك، ولا يصح أن يكون معنى قضى هنا حكم أي قدر وعلم. وإلا لما تخلف أحد عن عبادته؛ لأن ما قدره تعالى وعلمه لا يتخلف. ومنها: الأداء نحو قضيت الدين أي أديته. ومنها: الفراغ نحو قضى فلان الأمر أي فرغ منه. ومنها: الفعل نحو قوله تعالى: {فاقض ما أنت قاض} أي افعل ما تريده. ومنها: الإرادة نحو فإذا قضى الله أمراً. ومنها: الموت نحو قضى نحبه. ومنها: العلم نحو قضيت إليك بكذا أي أعلمتك به. وفيه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} ، ومن هنا صح تسمية المفتي والقاضي قاضياً لأنهما معلمان بالحكم. ومنها: الفصل نحو قضى بينهم بالحق ومنها: الخلق نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ،أي خلقهن. ومنها: الحكم نحو قضيت عليك بكذا أي حكمت عليك به. وهذا المعنى الأخير متلائم مع المعنى الاصطلاحي. فالقضاء في اللغة مشترك لفظي بين تلك المعاني السابقة، ومن يتأمل يدرك أن هذه المعاني متقاربة بعضها آيل إلى الآخر، ويجمعها كلها انقضاء الشيء وتمامه.
ينظر: "تاج العروس" [10/ 296] ، "المصباح المنير" [2/ 781] .
واصطلاحاً:
عرفه الشافعية بأنه: فصل الخصومة بين خصمين بحكم الله تعالى.
عرفه المالكية بأنه: صفة حكمية توجب لموصوفها ونفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تخريج لا من عموم مصالح المسلمين.
عرفه الحنفية بأنه: إلزام على الغير بنية أو إقرار.
عرفه الحنابلة بأنه: إلزام بالحكم الشرعي وفصل الخصومات.
"حاشية الباجوري" [2/ 335] ، "الدرر" [2/ 404] ، "الحاشية الخرشي" [7/ 138] ، "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" [4/ 129] ، "الفقهاء" ص [228] ، "كشاف القناع" [6/ 285] .
2 أخرجه البخاري [13/ 330] ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب أجر الحاكم إذا اجتهد أو أخطأ، حديث [7352] ، ومسلم [3/ 1342] ، كتاب الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، حديث [15/ 1716] ، وأبو داود [2/ 323] ، كتاب الأقضية: باب في القاضي يخطئ، حديث [3574] ، وابن ماجة [2/ 776] ، كتاب الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، حديث [2314] ، والشافعي [2/ 176] ، كتاب الأحكام: باب في الأقضية، حديث [621] ، وأحمد [4/ 198، 204] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 268- منحة] ، رقم [1451] ، والدارقطني [4/ 210- 211] ، كتاب في الأقضية والأحكام، حديث [22] ، وابن حبان [5061] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 351- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو مرفوعاً به.
3 أخرجه البخاري [13/ 330] ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب أجر الحاكم إذا اجتهد أو أخطأ، حديث [7352] ، ومسلم [3/ 1342] ، كتاب الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد =(4/441)
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ: "إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ"، وَفِيهِ فَرَجُ بْنُ فضالة1، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ2.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ: "إنْ أَصَبْت الْقَضَاءَ فَلَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنْ أَنْتَ اجْتَهَدْت فَأَخْطَأْت، فَلَكَ حَسَنَةٌ3"، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
2073- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ, وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ, وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ, حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ" , أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ, عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَائِشَةَ4, وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ, وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ, عَنْ خَالِدٍ.
قُلْت وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زُحَرَ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ الْقَاسِمِ, وَهُوَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي "كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ" لَهُ.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ, وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ, الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ, وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا5" , قَالَ ابْنُ
__________
= فأصاب أو أخطأ، حديث [15/ 1716] ، والنسائي [8/ 223- 224] ، كتاب آداب القضاة: باب الإصابة في الحكم، والترمذي [1326] ، وابن حبان [560] ، والدارقطني [4/ 204] ، كتاب في الأقضية والأحكام، البيهقي [10/ 118] ، كلهم من طريق أبي بكر بن محمد عن أبي عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
1 أخرجه الحاكم [4/ 88] , والدارقنطي [4/ 203] , في كتاب والأحكام، حديث [1] , كلاهما من طريق فرج بن فضالة عن محمد بن عبد الأعلى عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد [4/ 205] , من طريق الفرج بالإسناد الأول.
وأخرجه عبد بن حميد [292] , حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني فرج بن فضالة، بإسناد أحمد, قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا السياقة، وتعقبه الذهبي بأن فيه فضالة وقد ضعفوه.
2 أخرجه الدارقنطني [4/ 203] , في أول كتاب الأحكام برقم [4] من طريق ابن لهيعة عن أبي المصعب المعافري عن محرر بن أبي هريرة، عن أبي هرية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن لهيعة: سيء الحفظ.
3 ينظر الحديث قبل السابق.
4 أخرجه أحمد [6/ 67, 69] , وأبو نعيم في "الحلية" [1/ 16] , 2/ 187] .
5 أخرجه أحمد [2/ 159, 160, 203] ,ومسلم [6/ 451- نووي] , كتاب الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم, حديث [18/ 1827] , والنسائي [8/ 221] ، كتاب آداب القضاة: باب فضل الحاكم العادل في حكمة,/ =(4/442)
أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ1.
2074- حَدِيثُ: "إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ لِلْحُكْمِ, بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ, وَيُوَفِّقَانِهِ, وَيُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ, فَإِذَا جَارَ عَرَجَا, وَتَرَكَاهُ" , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَشْعَرِيِّ يَحْيَى بْنِ بُرَيْدٍ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: "إذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَكَانِهِ, هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ, يُسَدِّدَانِهِ, وَيُوَفِّقَانِهِ, وَيُرْشِدَانِهِ, مَا لَمْ يَجُرْ, فَإِذَا جَارَ عَرَجَا, وَتَرَكَاهُ2" , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ قَالَ صَالِحُ جَزَرَةَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ3.
وَفِي الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا, وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا عَنْ يَمِينِهِ - أَحْسِبُهُ قَالَ: وَمَلَكًا عَنْ شِمَالِهِ - يُوَفِّقَانِهِ وَيُسَدِّدَانِهِ, إذَا أُرِيدَ بِهِ خَيْرًا, وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا, فَأُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ, وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ" 4, قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِرَاكٍ, وَإِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ5.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ, مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
__________
= حديث [5379] , والحميدي [2/ 268- 269] , برقم [588] , وابن حبان [10/ 366- 338] , كتاب السير: باب الخلافة والإمارة, حديث [4484, 4485] , والبيهقي [10/ 87- 88] , كتاب آداب القاضي: باب فضل من ابتلي بشيء من الأعمال فقام فيه بالقسط وقضى بالحق.
حديث صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه جميعاً, ووافقه الذهبي.
1 العلل لابن أبي حاتم [1/ 464] , برقم [1393] .
2 أخرجه البيهقي [10/ 88] , برقم [, كتاب آداب القاضى: باب فضل من ابتلى بشيء من الأعمال فقام فيه بالقسط وقضى بالحق.
3 أخرجه الطبراني [22/ 84] , برقم [204] .
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 197] : رواه الطبراني في "الكبير" وفيه جناح مولى الوليد ضعفه الأزدي.
4 أخرجه البزار [2/ 123] , كتاب الأحكام: باب فيمن ولي شيئا، حديث [1350] , والطبراني في "الأوسط كما في "مجمع البحرين" [4/ 89] , [2141] .
كلاهما من طريق إبراهيم بن خثيم بن عراك عن أبيه عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 197] : رواه الطبراني في "الأوسط" والزار وفيه إبراهيم بن خيثمة كذا قال وهو خطأ والصواب خثم بن عراك وهو ضعيف.
5 قال أبو زرعة الرازي ليس بالقوى.
وذكره الدارقنطي في "الضعفاء والمتروكين".
وقال النسائي: متروك الحديث.
الجامع في الجرح والتعديل" [1/ 25] .(4/443)
أَوْفَى: "إنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ" 1, زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: "فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ, وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ" , وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ: "فَإِذَا جَارَ وَكَّلَهُ اللَّهُ إلَى نَفْسِهِ" , وَلِلْحَاكِمِ: "فَإِذَا جَارَ تَبْرَأَ اللَّهُ مِنْهُ" , وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ, لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ.
قُلْت: وَفِيهِ مَقَالٌ؛ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ, وَقَدْ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ, وَصَحَّحَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ, وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ, عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيِّ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهِ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ, فَقَالَ أَنَسٌ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ, وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ, وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ, أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ, وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ, تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى انْتَهَى, وَقَوْلُهُ: بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ فِيهِ نَظَرٌ, فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى, عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ, عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ, وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَنَسٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِغَيْرِ ذِكْرِ خَيْثَمَةَ.
قُلْت: طَرِيقُ خَيْثَمَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ2.
2075- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, بَعَثْتَنِي أَقْضِي بَيْنَهُمْ, وَأَنَا شَابٌّ لَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ, قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِي, وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ, وَثَبِّتْ لِسَانَهُ, فَوَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ, مَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ" , أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَهْ, وَالْبَزَّارُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ3, أَحْسَنُهَا رِوَايَةُ
__________
1 أخرجه الترمذي [3/ 609] , كتاب الأحكام: باب ما جاء في الإمام العادل، حديث [1330] , وابن ماجة [2/ 775] , كتاب الأحكام: باب التغليظ في الحيف والرشوة, حديث [2312] , وابن حبان [11/ 448] , في كتاب القضاء، حديث [5062] , والحاكم [4/ 93] , والبيهقي [10/ 88] , كتاب آداب القاضي: باب من مات وعليه نذر.
والمزى في "تهذيب الكمال" [6/ 458] , كلهم من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
قال الحاكم: الإسناد صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود [3/ 300] , كتاب الأقضية: باب في طلب القضاء والتسرع إليه، حديث [3578] , والترمذي [3/ 604- 605] , [1323] , والحاكم [4/ 92] , من طريق إسرائيل ثنا عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
وأخرجه الترمذي [3/ 605] , كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي, حديث [1324] .
قال الترمذي: حديث حسن غريب وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى.
3 أخرجه أبو داود [4/ 11] , كتبا الأقضية: باب كيف القضاء، حديث [3582] , والترمذي [3/ 618] , كتاب الأحكام: القاضي لا يقضي بن الخصمين؛ حديث [1331] , وابن ماجة [2/ 774] , كتاب الأحكام: باب ذكر القضاة [2310] , وأبو يعلى [1/ 252] , رقم [293] , وأحمد [1/ 88, 56] , والطيالسي [1/ 286- منحة] , رقم [1449, 1450] , وابن حبان [2208- موارد] , والحاكم [4/ 93] , كتاب الأحكام، والبيهقي [10/ 140] , كتاب =(4/444)
الْبَزَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ عَلِيٍّ, وَفِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ, واختلف فيه عَلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, فَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُ, عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيًّا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى, وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ, لَوْلَا هَذَا الْمُبْهَمُ, وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ, كَمَا سَيَأْتِي.
وَمِنْهَا رِوَايَةُ الْبَزَّارِ أَيْضًا عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ، وَمِنْهَا - وَهِيَ أَشْهُرُهَا - رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ, عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ, عَنْ عَلِيٍّ, وَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ, وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ عَلِيٍّ, وَمِنْهَا رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ, عَنْ عَلِيٍّ, وَهَذَا مُنْقَطِعٌ, وَأَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ.
2076- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ, قَالَ لَهُ: "كَيْفَ تَقْضِي إذَا غَلَبَك قَضَاءٌ"؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ, قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ, قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ, قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ, قَالَ: اجْتَهِدْ رَأْيِي وَلَا آلُو, فَضَرَبَ صَدْرَهُ, وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ" , أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ والبيهقي, من حديث الحويرث بْنِ عَمْرٍو عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ عَنْ مُعَاذٍ1, قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ,
__________
آداب القاضي: باب لا يقبل القاضي شهادة الشاهد إلا بمحضر من الخصم، من طرق عن علي وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وصححه ابن حبان.
1 أخرجه أبو داود [2/ 327] , كتاب الأقضية: باب اجتهاد الرأي في القضاء، حديث [3592, 3593] , والترمذي [3/ 616] , كتاب الأحكام: باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، حديث [1327, 1328] , وأحمد [5/ 230, 242] , وأبو داود الطيالسي [1/ 286- منحة] , وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [72] , رقم [124] , والدارمي [1/ 60] , المقدمة: باب الفتيا وما فيه من الشدة، والطبراني في "الكبير" [20/ 170] , رقم [362] , والبيهقي [10/ 114] , كتاب آداب القاضي، والخطيب في "الفقه والمتفقة" [1/ 488- 189] , وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" [2/ 55- 56] , وابن حزم في "الأحكام" [6/ 26, 35] , كلهم من طريق شعبة عن الحارث بن عمرو عن أصحاب معاذ بن جبل عن معاذ بن جبل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بعثه إلى اليمن قال له: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؛ قال: أقضي بما في كتاب الله قال: فإن لم يكن في كتاب الله, قال: بسنة رسول الله قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله قال: اجتهد رأيي لا آلو قال: فضرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضى رسول الله" اهـ.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل.
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" [2/ 277] : لا يصح.
ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" [2/ 758- 759] , وقال: هذا حديث لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه ولنعمري إن كان معناه صحيحاً، إنما ثبوته لا يعرف لأن الحارث بن عمرو مجهول وأصحاب معاذ من أهل حمص لا =(4/445)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ, وَعَنْهُ أَبُو عَوْنٍ لَا يَصِحُّ, وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": رَوَاهُ شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي عَوْنٍ هَكَذَا, وَأَرْسَلَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَاتٌ عَنْهُ, وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ قَالَ أَبُو دَاوُد: أَكْثَرُ مَا كان يحدثنا شبعة عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ: أَنَّ رسول ال, له وَقَالَ مَرَّةً عَنْ مُعَاذٍ, وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَارِثَ مَجْهُولٌ, وَشُيُوخَهُ لَا يُعْرَفُونَ, قَالَ: وَادَّعَى بَعْضُهُمْ فِيهِ التَّوَاتُرَ, وَهَذَا كَذِبٌ, بَلْ هُوَ ضِدُّ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّهُ مَا رَوَاهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ الْحَارِثِ, فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَوَاتِرًا, وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يُسْنَدُ, وَلَا يُوجَدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ": لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي
__________
= يعرفون اهـ.
وقد أقر الحافظ في "التقريب" [1/ 143] , قال ابن الجوزي في الحارث فقال: مجهول.
وقال الحافظ في "تخريج المختصر" [1/ 119] : هذا حديث غريب أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة فوقع لنا بدلا عاليا، وأخرجه أبو داود والترمذي من طرق عن شعبة، قال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، كذا قال، وكأنه نفى التصال باعتبار الإبهام الذي في بعض رواته وهو أحد القولين في حكم المبهم، وقال البخاري في "التاريخ": الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أهل حمص وعنه أبو عون يعني محمد بن عبيد الله الثقفي لا يعرف ولا يصح. انتهى.
وقد أطلق صحته جماعة من الفقهاء كالباقلاني وأبي الطيب والطبري وإمام الحرمين لشهرته وتلقى العلماء له بالقبول. وله شاهد صحيح الإسناد لكنه موقوف.
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا شعبة حدثنا سليمان هو الأعمش عن عمارة بن عمير عن حريث بن ظهير فيما أحسب.
وبه إلى الدارمي أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقد أتى علينا زمان وما نسأل ولسنا هناك, ثم بلغنا الله ما ترون، فإذا سئل أحدكم عن شيء فلينظر في كتاب الله فإن لم يجده في كتاب الله فلينظر في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن لم يجده في كتاب الله ولا في سنة رسول الله فلينظر فيما اجتمع عليه المسلمون فإن لم يكن فليجتهد رأيه، ولا يقل أحدكم إني أخشى فإن الحلال بين الحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
هذا موقف صحيح، ولا يضر الاختلاف فيه على الأعمش فإن كلا من التابعين ثقة معروف من أصحاب ابن مسعود، وقد أخرجه البيهقي من طريق الثوري عن الأعمش فقال: عن عمارة عن حريث بن ظهير أو عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود، فلعل الأعمش كان يشك فيها تارة ويجزم بأحدهما أخرى.
وله عن عمر موقوف أيضا. إخرجه النسائي [8/ 231] , والدارمي [1/ 60] , وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 56] , من طريق عامر الشعبي عن شريح أن عمر كتب إليه: إذا أتاك أمر فاقض بما سن فيه رسول الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم يسن فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقض بما اجتمع عليه الناس وإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم يسنه رسول الله ولم يتكلم فيه أحد فأي الأمرين شئت فخذ به.(4/446)
كُتُبِهِمْ, وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ, وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ مُفْرَدٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الحديث: اعلم أني فَحَصْت عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَسَانِيدِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَسَأَلْت عَنْهُ مَنْ لَقِيته مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ, فَلَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ طَرِيقِينَ, أَحَدَهُمَا طَرِيقُ شُعْبَةَ, وَالْأُخْرَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جابر, عن أشعت بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ, عَنْ مُعَاذٍ, وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ, قَالَ: وَأَقْبَحُ مَا رَأَيْت فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ "أُصُولِ الْفِقْهِ". وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ, قَالَ: وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْهُ, وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّقْلِ لَمَا ارْتَكَبَ هَذِهِ الْجَهَالَةَ.
قُلْت: أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى "إمَامِ الْحَرَمَيْنِ", وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِأَلْيَنَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ, مَعَ أَنَّ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَشَدُّ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ, فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْحَدِيثُ مُدَوَّنٌ فِي الصِّحَاحِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ, لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّأْوِيلُ؛ كَذَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ "الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ" مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ, عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ, فَلَوْ كَانَ الْإِسْنَادُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَابِتًا, لَكَانَ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ, وَقَدْ اسْتَنَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي صِحَّتِهِ - إلَى تَلَقِّي أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ بِالْقَبُولِ, قَالَ: وَهَذَا الْقَدْرُ مُغْنٍ عَنْ مُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ, وَهُوَ نَظِيرُ أَحَدِهِمْ بِحَدِيثِ: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ"1, مَعَ كَوْنِ رَاوِيهِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ.
2077- حَدِيثُ: "إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ" , ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ" , وَفِيهِ قِصَّةٌ2, وَفِي الْبَابِ عَنْ بُرَيْدَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3, وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4, وَعَنْ قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ, عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 1329] , كتاب الفتن: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث [4010] ,وأبو يعلى [4/ 7] , برقم [2003] , وابن حبان [11/ 444] , كتاب القضاء: باب ذكر الأمر للمرء أن يأخذ للضعيف من القوي إذا قدر على ذلك، رقم [5058] , والخطيب في "تاريخ بغداد" [7/ 396] , رقم [3933] .
قال البوصيري في "الزوائد" [3/ 243] : هذا إسناد حسن؛ سويد مختلف فيه.
وقال في "المجمع" [5/ 121] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه مكي بن عبد الله الرعيني وهو ضعيف.
3 أخرجه البزار [2/ 235- * 236] , كتاب الإمارة: باب أخذ الحق للضعيف من القوي، حديث [1596] , والبيهقي [6/ 95] , كتاب في الغصب: باب نصر المظلوم والأخذ على يد الظالم عند الإمكان.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 211] : رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات.
4 أخرجه ابن ماجة [2/ 810] , كتاب الصدقات: باب لصاحب الحق سلطان، حديث [2426] . =(4/447)
قَانِعٍ1, وَعَنْ خَوْلَةَ غَيْرَ مَنْسُوبَةٍ يُقَالُ إنَّهَا امْرَأَةُ حَمْزَةَ, رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ2, وروى الحاكم وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ, عَنْ سِمَاكٍ عَنْ شَيْخٍ, عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَفَعَهُ: "إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا تَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنْ الْقَوِيِّ حَقَّهُ" , وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتِعٍ3, وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بِهِ فِي قِصَّةٍ4, قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ, وَقَالَ الْحَاكِمُ: الْمَوْصُولُ صَحِيحٌ, وَالْمُرْسَلُ مُفَسِّرٌ لِاسْمِ الْمُبْهَمِ الَّذِي فِي الْمَوْصُولِ, هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ, وَفِيهِ نَظَرٌ.
2078- حَدِيثُ: "مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ, فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ" أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ5, وَلَهُ طُرُقٌ, وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: هَذَا
__________
= قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 249] : هذا إسناده صحيح رجاله ثقات، رواه أبو يعلى ورواته رواة الصحيح.
1 أخرجه الطبراني [20/ 313] , برقم [745] , قال الهيثمي في "المجمع" 04/ 200] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.
2 أخرجه الطبراني [23/ 233] , برقم [591] .
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 134] : رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أبو سعد البفال، وهو ضعيف.
3 أخرجه الحاكم [3/ 256] , والبيهقي [10/ 93] .
4 أخرجه الحاكم [3/ 256] , قال الحاكم: لم يرو أبو سفيان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد، ولم يقم إسناده عن شعبة غير غندر فقد أخبرناه أبو العباس السياري أنا أبو الموجه أنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن سماك قال: كنا مع مدرك بن المهلب بسجستان فسمعت شيخا يحدث عن أبي سفيان بن الحارث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره ولم يسمع عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني [114/ 118] , رقم [11230] , عن ابن العباس وفي الباب عن عبد الله بن مسعود: أخرجه الطبراني [10/ 274] , بلفظ: إن الله عز وجل لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه، والبيهقي [6/ 95] , كتاب الغصب: باب نصر المظلوم والأخذ على يد الظالم عند الإمكان، عن بريدة نحوه، والحاكم [3/ 256] , عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
قال الحاكم: لم يسند أبو سفيان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد ولم يقم إسناده عن شعبة غير غندر، فقد أخبرناه أبو العباس السياري أنا أبو الموجه أنا أبو عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن سماك قال: كنا مع مدرك بن المهلب بسجستان، شيخاً يحدث عن أبي عثمان بن الحارث عن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره ولم يسمع عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه اهـ.
5 أخرجه أبو داود [2/ 322] , كتاب الأقضية: باب في طلب القضاء، رقم [3571, 3572] , والترمذي [3/ 605] , كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي رقم [1325] , وابن ماجة [2/ 774] , كتاب الأحكام: باب ذكر القضاء رقم [2308] , =(4/448)
حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَكَفَاهُ قُوَّةً تَخْرِيجُ النَّسَائِيّ لَهُ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَعْنَاهُ: ذُبِحَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا إنْ رَشَدَ، وَبَيْنَ عَذَابِ الْآخِرَةِ إنْ فَسَدَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَخَافُ مِنْ هَلَاكِ دِينِهِ، دُونَ بَدَنِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ يُرِيحُ، وَبِغَيْرِهَا كَالْخَنْقِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ الْأَلَمُ فِيهِ أَكْثَرَ، فَذُكِرَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّحْذِيرِ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ فُتِنَ بِمَحَبَّةِ الْقَضَاءِ، فَأَخْرَجَهُ عَمَّا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الْفَهْمُ مِنْ سِيَاقِهِ، فَقَالَ: إنَّمَا قَالَ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ لِيُشِيرَ إلَى الرِّفْقِ بِهِ، وَلَوْ ذُبِحَ بِالسِّكِّينِ لَكَانَ أَشَقَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا.
2079- حَدِيثُ: "إنَّمَا يُجَاءُ بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ"، أَحْمَدُ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ الرَّاوِي عَنْ عَائِشَةَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي سَمَاعُهُ عَنْهَا.
قُلْت: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِهِ، قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَّرْتهَا، حَتَّى ذَكَرْنَا الْقَاضِيَ، فَذَكَرَهُ.
__________
= والنسائي في "الكبرى" [3/ 462] , كتاب القضاء: باب التغليظ في الحكم، رقم [5923/ 1- 5924/ 5925/ 3- 5926/ 4] , والدارقطني [4/ 204] , كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك، رقم [6, 7] , والبيهقي [10/ 96] , كتاب آداب القاضي: باب كراهية الإمارة وكراهية تولي أعمالها لمن رأى من نفسه ضعفاً أو رأى فرضها أو رأى فرضها عنه بغيره ساقطا، وأحمد [2/ 230- 365] , والحاكم [4/ 91] .
قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى أيضا من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 أخرجه أحمد [6/ 57] ، وابن حبان [1563- موارد] ، والبخاري في "التاريخ الكبير" [4/ 282] ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 298] ، والطبراني في "الأوسط" [3/ 294- 295] ، كلهم من طريق عمرو بن العلاء اليشكري عن صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة به.
وصححه ابن حبان.
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به عمرو بن العلاء.
وذكره الهيثمي: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به عمرو بن العلاء.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 195] ، وقال: رواه أحمد وإسناده حسن ورواه الطبراني في "الأوسط".(4/449)
حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ"، تَقَدَّمَ.
2080- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إنَّا لَا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الْقَضَاءِ".
لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا.
وَفِي الْمَعْنَى حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ: "بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا، وَقَالَ: "لَا ألقينك يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِك بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، قَدْ غَلَلْتَهُ، قَالَ: إِذا لَا أَنْطَلِقُ قَالَ: إِذا لَا أُكْرِهُك"، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1.
2081- حَدِيثُ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمْ امْرَأَةٌ"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ2.
2082- حَدِيثُ: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ؛ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَاَللَّذَانِ فِي النَّارِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ"، أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ3، قَالَ الْحَاكِمُ فِي "عُلُومِ الْحَدِيثِ": تَفَرَّدَ بِهِ الْخُرَاسَانِيُّونَ، وَرُوَاتُهُ مَرَاوِزَةٌ.
__________
1 أخرجه أبو داود [3/ 135] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في غلول الصدقة، حديث [2947] ، والطبراني [17/ 247] ، برقم [688، 689] ، كلاهما من طريق مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزروائد" [3/ 89] : رواه الطبراني في "الكبير" ورجال "الصحيح".
2 أخرجه البخاري [7/ 732] ، كتاب المغازي: باب كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كسرى وقيصر، رقم [425] ، [13/ 58] ، كتاب الفتن: باب [18] ، رقم [7099] ، والترمذي [4/ 527] ، كتاب الفتن: باب [7] ، رقم [2262] ، والنسائي [8/ 227] ، كتاب آداب القضاة: باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، رقم [5388] ، وأحمد [5/ 38- 43- 47- 50] ، والبيهقي [3/ 90] ، كتاب الصلاة: باب لا يأتم رجل بامرأة [10/ 118] ، كتاب آداب القاضي: باب لا يولى القاضي امرأة ولا فاسقاً ولا جاهلاً أمر القضاء، والحاكم [4/ 291] ، [3/ 118، 119] ، وابن حبان [10/ 375] ، كتاب السير: باب الخلافة والإمارة، رقم [4516] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهذا وهم منهما فقد أخرجه البخاري كما بينا.
3 أخرجه أبو داود [2/ 322] ، كتاب الأقضية: باب في القاضي يخطئ، رقم [3573] , والترمذي [3/ 604] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي، رقم [1322] ، وابن ماجة [2/ 776] ، كتاب الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، رقم [2315] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 461، 462] ، كتاب القضاء: باب ذكر ما أعد الله تعالى للحاكم الجاهل، رقم [5822/ 1] ، والحاكم في "المستدرك" [4/ 90] ، والبيهقي [10/ 116، 117] ، كتاب آداب القضاء، باب إثم من أفتى أو قضى بالجهال، والشجري في "الأمالي" [2/ 232- 234] . =(4/450)
قُلْت: لَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ، قَدْ جَمَعْتهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.
2083- حَدِيثُ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ امْتَنَعَ مِنْ الْقَضَاءِ لَمَّا اسْتَقْضَاهُ عُثْمَانُ"، التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ: "أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: اذْهَبْ فَاقْضِ، قَالَ: أَوْ تَعْفِينِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: عَزَمْت عَلَيْك إلَّا ذَهَبْت فَقَضَيْت، قَالَ: لَا تَعْجَلْ، أَمَّا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ عَاذَ بِاَللَّهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ"، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُك وَقَدْ كَانَ أَبُوك يَقْضِي، قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ، كَانَ مِنْ أَهْل النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا يَقْضِي بِحَقٍّ أَوْ يَعْدِلُ سَأَلَ التَّفَلُّتَ كِفَافًا، فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدُ" 1، هَذَا لَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ، وَقَدْ شَهِدَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِغَيْرِ تَمَامِهِ2.
2084- حَدِيثُ: "مَنْ سُئِلَ فَأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا"، فَفِي آخِرِهِ: "فَيَأْتِي نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ، فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ"، لَفْظُ إحْدَى رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُمَا: "اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"، وَهِيَ أَشْهُرُ3.
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم.
قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 198، 199] : رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال "الصحيح".
1 أخرجه الترمذي [3/ 602] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي، حديث [1322] ، وأبو يعلى [10/ 93] ، برقم [5727] ، وابن حبان [11/ 440] ، في كتاب القضاء، حديث [5056] .
والطبراني في "الكبير" [12/ 351- 352] ، برقم [13319] .
قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، وعبد الملك الذي روى عنه المعتم هذا هو عبد الملك بن أبي جميلة.
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 196] : رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" والبزار وأحمد كلاهما باختصار ورجاله ثقات.
2 أخرجه أحمد [6/ 66] ، من طريق يزيد بن موهب أن عثمان رضي الله عنه قال لابن عمر رضي الله عنهما، فذكر نحواً من ذلك.
3 أخرجه البخاري [1/ 234] ، كتاب العلم: باب كيف يقبض العلم، حديث [100] ، ومسلم [4/ 2058- 2059] ، كتاب العلم: باب رفع العلم وقبضه، حديث [13/ 2673] ، والترمذي [5/ =(4/451)
حَدِيثُ: "مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ، فَلَمْ يَعْدِلْ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ"، ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، قَالَ: ذَكَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ نُسْخَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ، فَذَكَرَهُ، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" فَقَالَ: هِيَ نُسْخَةٌ بَاطِلَةٌ؛ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"، وَبَالَغَ فِي الْحَطِّ عَلَى الْخَطِيبِ، لِاحْتِجَاجِهِ بِحَدِيثٍ مِنْهَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِ "التَّحْقِيقِ".
قَوْلُهُ: "رُوِيَ: أَنَّ عُمَرَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ تَحَاكَمَا إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: "كَانَ بَيْنَ عُمَرَ وَأُبَيٍّ خُصُومَةٌ فِي حَائِطٍ، فَقَالَ عُمَرُ: بَيْنِي وَبَيْنَك زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَانْطَلَقَا، فَطَرَقَ عُمَرُ الْبَابَ، فَعَرَفَ زَيْدٌ صَوْتَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَّا بَعَثْت إلَيَّ حَتَّى آتِيَك، فَقَالَ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ"1.
قَوْلُهُ: "يُرْوَى: أَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَحَاكَمَا إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ
__________
= 31] ، كتاب العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، حديث [2652] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 455- 456] ، كتاب العلم: باب كيف يرفع العلم، حديث [5907] ، وابن ماجة [1/ 20] ، المقدمة: باب اجتناب الرأي والقياس، حديث [52] ، والدارمي [1/ 77] ، باب في ذهاب العلم، وأحمد [2/ 162، 190، 203] ، والحميدي [1/ 264- 265] ، رقم [581] ، وابن المبارك في "الزهد" ص [281] ، رقم [816] ، وابن حبان [10/ 432] ، رقم [4561] وفي [15/ 114] ، رقم [6719] ، وأبو نعيم في "الحلية" [10/ 24- 25] ، وابن حميع الصيداوي في "معجمه" رقم [156، 164، 241، 324] ، والطبراني في "الصغير" [1/ 165] ، والبيهقي في "شعب الإيمان" [2/ 252- 253] ، رقم [1660، 1661] ، وفي "دلائل النبوة" [6/ 543] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 247- بتحقيقنا] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 282] ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [1/ 149- 150] ، وبن الشجري في "أماليه" [1/ 41] ، من طرق كثيرة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ا. هـ.
وقد توبع هشام بن عروة على هذا الحديث فتابعه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة بن الزبير والزهري ويحيى بن أبي كثير.
رواية أبي الأسود: د
أخرجها البخاري [13/ 295] ، كتاب الاعتصام: باب ما ذكر في ذم الرأي، حديث [7307] ، ومسلم [4/ 2059] ، كتاب العلم: باب رفع العلم، حديث [14/ 2673] .
رواية الزهري: أخرجها النسائي في "الكبرى" [3/ 456] ، كتاب العلم: باب كيف يرفع العلم، حديث [5908] ، وعبد الرزاق [11/ 254] ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [1/ 150] ، كلهم من طريق معمر عن الزهري.
رواية يحيى بن أبي كثير:
أخرجها عبد الرزاق [11/ 257] ، وأبو نعيم في "الحلية" [2/ 181] ، وأشار الحافظ في "الفتح" [1/ 234] ، إلى أن رواية يحيى بن أبي كثير في مسند أبي عوانة.
1 أخرجه البيهقي [10/ 136] ، كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما والإنصاف لكل واحد منهما حتى تنفذ حجته وحسن الإقبال عليهما.(4/452)
أَبِي مُلَيْكَةَ: "أَنَّ عُثْمَانَ ابْتَاعَ مِنْ طَلْحَةَ أَرْضًا بِالْمَدِينَةِ، بِأَرْضٍ لَهُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ نَدِمَ عُثْمَانُ فَقَالَ: "بِعْتُك مَا لَمْ أَرَهُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: إنَّمَا النَّظَرُ لِي، لِأَنَّك بِعْت مَا رَأَيْت، وَأَنَا ابْتَعْت مَغِيبًا، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ حَكَمًا، فَقَضَى عَلَى عُثْمَانَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ، وَأَنَّ النَّظَرَ لِطَلْحَةَ؛ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ مَغِيبًا"1.
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَبَرَ مُعَاذًا"، تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: "هَرَبَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ الْقَضَاءِ"، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: نَا مُسَدَّدٌ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ إلَى الشَّامِ.
قَوْلُهُ: "وَهَرَبَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ".
أَمَّا الثَّوْرِيُّ فروى الخطب فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَظْهَرَ التَّجَانُنَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْبِسَاطَ، وَيَقُولُ: مَا أَحْسَنَ بِسَاطَكُمْ هَذَا، بِكَمْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ: الْبَوْلَ الْبَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ اخْتَفَى، فَقَالَ الشَّاعِرُ: [من الطويل]
تحرز سُفْيَانُ فَفَرَّ بِدِينِهِ ... وَأَمْسَى شَرِيكٌ مُرْصِدًا لِلدَّرَاهِمِ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي الْبَصْرَةِ، دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ: إنَّ سَوَّارًا قَدْ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمِصْرِ مِنْ قَاضٍ، فَاقْبَلْ الْقَضَاءَ، فَقَدْ وَلَّيْتُك قَضَاءَ الْبَصْرَةِ"، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي امْتِنَاعِهِ2.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْصَى الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِ موته، بأن لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ".
وَقَوْلُهُ: "عُرِضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الرشيد بالقضاء، فلم يجيبه أَلْبَتَّةَ"، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا.
وَقَوْلُهُ: "انْتَهَى امْتِنَاعُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانِ3 لَمَّا اسْتَقْضَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ، حَتَّى خُتِمَتْ دُورُهُ بِالطِّينِ أَيَّامًا".
قُلْت: ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِهِ".
حَدِيثُ: "سُئِلَتْ عَائِشَةَ عَنْ الْقَاضِي الْعَادِلِ، إذَا اسْتَقْضَاهُ الْأَمِيرُ الْبَاغِي، هَلْ يُجِيبُهُ، فَقَالَتْ: إنْ لَمْ يَقْضِ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، قَضَى لَكُمْ شِرَارُكُمْ، قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ
__________
1 أخرجه البيهقي [5/ 268] ، كتاب البيوع: باب من قال: يجوز بيع العين الغائبة.
2 أخرجه البيهقي [10/ 98] ، كتاب آداب القاضي: باب كراهية الإمارة وكراهية تولي أعمالها لمن رأى من نفسه ضعفاً أو رأى موضعاً عنه بغيره ساقطاً.
3 أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، كان من أئمة مذهب الشافعي. قال الخطيب: كان من أفاضل الشيوخ، وأمائل الفقهاء مع حسن المذهب، وقوة الورع، وأراد السلطان أن يوليه القضاء فامتنع واستتر، وسمر بابه لامتناععه. مات سنة 310. =(4/453)
"السُّلْطَانِ لَهُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: "اجْتَمَعْت أَنَا وَنَفَرٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ رَحَلْنَا إلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ اسْتَشَرْنَا أُمَّنَا عَائِشَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَذَكَرْنَا لَهَا الْعِيَالَ وَالدَّيْنَ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، قُلْنَا: إنَّا نَخَافُ أَنْ يَسْتَعْمِلَنَا، قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ خِيَارَكُمْ، يَسْتَعْمِلْ شِرَارَكُمْ".
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ، أَلَهُ تَوْبَةٌ؟ فَقَالَ مَرَّةً: لَا، وَقَالَ مَرَّةً: نَعَمْ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْت فِي عَيْنَيْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْقَتْلَ فَقَمَعْته، وَكَانَ الثَّانِي صَاحِبَ وَاقِعَةٍ يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟ قَالَ: لَا، إلَى النَّارِ، فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْت تَفْتِينَا، فَمَا بَالُ هَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: إنِّي أَحْسَبُهُ مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا، قَالَ: فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ، فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ"1، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ إذَا سُئِلُوا عَنْ الْقَاتِلِ، قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ، وَإِذَا اُبْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ.
وَفِي الْمَعْنَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإِذَا الَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ"2.
قَوْلُهُ: "كَانَ الصَّحَابَةُ يُحِيلُونَ فِي الْفَتَاوَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّنْزِيلَ، وَيَحِيدُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ"، ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ والرامهرمزي مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ؛ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: "لَقَدْ أَدْرَكْت فِي هَذَا الْمَسْجِدِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُحَدِّثُ إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ، ولا يسئل عَنْ فُتْيَا إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا".
وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ إذَا سُئِلْتُمْ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْت، كَانَ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَفْتِهِمْ، فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْأَوَّلِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي "أَدَبِ الْمُحَدِّثِ" مِنْ هَذَا لوجه.
__________
= انظر: ط، ابن قاضي شهبة [1/ 92] ، "تاريخ بغداد" [8/ 52] ، "شذرات الذهب" [2/ 287.1 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 435] ، كتاب الحدود: باب من قال للقائل توبة، حديث [17753] .
2 أخرجه أبو داود [2/ 312] ، كتاب الصوم: باب كراهيته للشباب، حديث [2387] .(4/454)
وَفِي مُسْلِمٍ حَدِيثُ أَبِي الْمِنْهَالِ؛ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنْ الصَّرْفِ، فَقَالَ: "سَلْ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، فَسَأَلَ الْبَرَاءَ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدًا ... ، الْحَدِيثُ1.
__________
1 أخرجه مسلم [6/ 19- 20- نووي] ، كتاب المساقاة: باب النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً، حديث [87/ 1589] .(4/455)
بَابُ أَدَبِ الْقَضَاءِ2
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ"، تَقَدَّمَ فِي "الدِّيَاتِ".
حَدِيثُ: "كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ لِأَنَسٍ كِتَابًا"، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الزَّكَاةِ".
2085- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ دَارَ الْهِجْرَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ"، الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ طَوِيلٌ3.
2086- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ"، مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ4.
__________
2 والقاضي يحتاج إلى خصال حميدة حتى يصلح بها للقضاء.
واعلم أن القضاء الشرعي أصل المحاسن ومجمعها ومشعب المكارم ومنشؤها، لما أن المراد منه نيابة الله تعالى ورسوله عليه السلام، فإن القضاء بالحق من أقوى الفرائض بعد الإيمان وهو أشرف العبادات، لما أثبت الله تعالى لآدم عليه السلام اسم الخلافة فقال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، وأثبت ذلك لداود عليه السلام فقال تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [صّ: 26] .
وبه أمر كل نبي مرسل صلوات الله سبحانه وتعالى عليهم أجمعين. لأن المقصود منه إظهار العدل ورفع الظلم من الظالم وإيصال الحق إلى المستحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأدب: أدب النفس والدرس، وقد أدب فهو أديب، وأدبه غيره. فتأدب واستأدب. وتركيبه يدل على الجمع والدعاء، ومنه الأدب بسكون الدال وهو أن تجمع الناس إلى طعامك وتدعوهم، ومنه الأدب بالتحريك لأنه يأدب الناس إلى المحامد أي بدعوهم إليها.
وعن أبي زيد: الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل. كذا في "المغرب".
وفي "النهاية": والمراد من أدب القاضي هنا هو الخصال الحميدة المندوبة والمدعو إليها، فالأدب للقاضي ما يذكر له من شرائط الشهادة.
ينظر: "أنس الفقهاء" ص [227- 228] .
3 أخرجه البخاري [2/ 140- 141] ، كتاب الصلاة: باب المسجد يكون في الطريق من غير صرر بالناس، حديث [476] ، وأطرافه في [2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 5807، 6079] ، وأحمد [6/ 198] ، وابن حبان [14/ 177- 181] ، كتاب التاريخ: فصل في هجرته إلى المدينة، وكيفية أحواله فيها، حديث [6277] ، والبيقهي في "دلائل النبوة" [2/ 471- 475] .
4 أخرجه مسلم [5/ 142- نووي] ، كتاب الحج: باب جواز دخول مكة بغير إحرام، حديث [451/ 1358] .(4/455)
2087- قَوْلُهُ: "كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتَّابٌ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ"، فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا: "فَكُنْت أَكْتُبُ لَهُ إلَى الْيَهُودِ وَأَقْرَأُ كُتُبَهُمْ إلَيْهِ1.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إنَّك شاب عاقل لأتهمك، وَقَدْ كُنْت تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ، الْحَدِيثُ2.
وَقَالَ الْقُضَاعِيُّ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَكْتُبُ عَنْهُ لِلْمُلُوكِ، مَعَ مَا كَانَ يَكْتُبُ مِنْ الْوَحْيِ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ وَجَهْمٌ يَكْتُبَانِ أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ.
2088- حَدِيثُ: "أَيُّمَا عَامِلٍ اسْتَعْمَلْنَاهُ، وَفَرَضْنَا لَهُ رِزْقًا، فَمَا أَصَابَ بَعْدَ رِزْقِهِ فَهُوَ غُلُولٌ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ3.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ"، ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ وَوَاثِلَةَ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ4، وَقَدْ
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 94] ، كتاب الأحكام: باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، حديث [7195] ، تعليقاً.
ووصله أبو داود [3/ 318] ، كتاب العلم: باب رواية حديث أهل الكتاب، حديث [3645] ، وأحمد [5/ 186] ، والترمذي [5/ 67- 68] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في تعليم السريانية، حديث [2715] .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه أحمد [1/ 10، 13، 5/ 188] ، والبخاري [15/ 91] ، كتاب الأحكام: باب يستحب للكاتب أن يكون أميناً عاقلاً، حديث [7191] ، والترمذي [5/ 283] ، كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، حديث [3103] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
3 أخرجه أبو داود [3/ 134] ، كتاب الخراج والإمارة الفيء: باب في أرزاق العمال، حديث [2943] ، والحاكم [1/ 406] ، وابن جزيمة [4/ 70] ، برقم [2369] ، والبيهقي [6/ 355] ، كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله ... ".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يحرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه ابن خزيمة.
4 أخرجه ابن ماجة [247] ، كتاب المساجد والجماعات: باب ما يكره في المساجد، برقم [750] ، والطبراني في "الكبير" [8/ 156] ، رقم [7601] ، وابن حجر [1/ 100] ، كتاب الصلاة: باب صوان المسجد، رقم [357] ، وذكره الهندي في "كنز العمال" [7/ 667] ، رقم [20822] ، وذكره العجلوني في "كشف الخفاء ومزيل الإلباس ... "، رقم [1077] ، وقال البزار: لا أصل له، وتعقبه في المقاصد بأن ابن ماجة مطولاً عن اثلة رفعه بلفظ "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوبها المطاهر"، وجمروها في الجمع، وسنده ضعيف، لكن له شاهد عن الطبراني في "الكبير" والعقيلي وابن عدي بسند فيه العلاء بن كثير وهو ضعيف أيضاً =(4/456)
تَقَدَّمَ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَوَاثِلَةَ جَمِيعًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُعَاذٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: إنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ1 وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاهِيَةٌ2.
2089- حَدِيثُ: "مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ، حَجَبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ لَهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ3، وَأَوْرَدَ الْحَاكِمُ لَهُ شَاهِدًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ، وَعَنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ4، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي "الْعِلَلِ": هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ5.
2090- حَدِيثُ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا وَهُوَ شَبْعَانُ رَيَّانُ" الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"، وَالْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ6، وَفِيهِ الْقَاسِمُ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ.
__________
= عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة قالوا: سمعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره بلفظ: مساجدكم، ولكن بدون وشراءكم وبيعكم، ولابن عدي عن أبي هريرة رفعه جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وفي سنده عبد الله بن محرر –مهملات بوزن محمد- ضعيف، وفي الباب مما يستأنس به لتقويته أحاديث: منها من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد أو ينشد ضالة الحديث، رواه الطبراني وابن السنى وابن مندة عن أبي هريرة رضي الله عنه من رأيتموه ينشد شعراً في المسجد فقولوا فض الله فاك ثلاثاً، ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاثاً، ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا ربح الله تجارتك.
1 ينظر: تخريج السابق.
2 ينظر: تخريج قبل السابق.
3 أخرجه أبو داود [3/ 135] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب فيما يلزم الإمام من أمر الرعية والحجبة عنه، حديث [2948] ، والترمذي [3/ 611] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في إمام الرعية، حديث [1333] ، والحاكم [4/ 93- 94] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه أحمد [4/ 231] ، والترمذي [3/ 610] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في إمام الرعية، حديث [1332] ، والحاكم [4/ 94] ، وعبد بن حميد [286] ، والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
5 علل ابن أبي حاتم [2/ 428- 429] .
6 أخرجه البيهقي [10/ 106] ، كتاب آداب القاضي: باب لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان، والدارقطني [4/ 206] ، كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك، رقم [4] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [6/ 2/ 248] ، رقم [3307/ 5] ، وابن ححر في "المطالب العلية" [2/ 248] ، رقم [2127] ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوئد" [4/ 198] ، كتاب الأحكام: باب لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه القاسم بن عبد الله بن عمر، وهو متروك كذاب.(4/457)
2091- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ بِمَعْنَاهُ1، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ.
حَدِيثُ "الزُّبَيْرِ والأنصاري اللذين اخْتَصَمَا فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي "إحْيَاءِ الْمَوَاتِ".
2092- قَوْلُهُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَحْكُمُونَ، وَلَا يَكْتُبُونَ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ"، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، لَكِنْ قَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَمَاعَةٍ أَقْطَعَ لَهُمْ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ دَعَا الْأَنْصَارَ لِيَقْطَعَ لَهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابًا2.
2093- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ3، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ.
قُلْت: وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَثَوْبَانَ.
أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ4، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَوَّاهُ الدَّارِمِيُّ.
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 34] ، كتاب الأحكام: باب وهل يقضى القاضي أو يفتي وهو غضبان، حديث [7158] ، ومسلم [6/ 256- نووي] ، كتاب الأقضية: باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان، حديث [16/ 1717] .
2 أخرجه البخاري [5/ 323] ، كتاب المساقاة: باب القطائع، حديث [2376] .
3 أخرجه الترمذي [3/ 613] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، رقم [1336] ، وأحمد [2/ 387- 387، 388] ، وابن الجارود ص [150] ، رقم [585] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [10/ 254] ، رقم [5370] ، وابن حبان [11/ 467] ، كتاب القضايا: باب الرشوة، رقم [5076] ، والحاكم [4/ 103] .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4 أخرجه أبو داود [2/ 324] ، كتاب الأقضية: باب في كراهية الرشوة، رقم [3580] ، والترمذي [3/ 614] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، رقم [1337] ، وابن ماجة [2/ 775] ، كتاب الأحكام: باب التغليظ في الحيف والرشوة، رقم [2313] ، والطيالسي [1/ 285] ، كتاب القضاء والدعاوى والبينات: باب كراهية الحرص على القضاء، والتحذير من الرشوة وإثم من خاصم في باطل، رقم [1447] ، وابن الجارود [150، 151] ، رقم [586] ، والحاكم [4/ 102، 103] ، والبيهقي [10/ 138، 139] ، كتاب آداب القاضي: باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال حق، وأحمد [2/ 164- 190- 194- 212] ، وابن حبان [11/ 468] ، كتاب القضاء: باب الرشوة ذكر لعن المصطفى صلى الله عله وسلم المرتشي في أسباب المسلمين، وإن لم يكن مسلك تلك الأسباب تؤدي إلى الحكم، رقم [5077] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. ولم يخرجاه، ووفقه الذهبي.(4/458)
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: فَيُنْظَرُ مَنْ أَخْرَجَهُمَا1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ وَهُوَ أَصَحُّ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ"، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَبِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ2، وَفِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ.
2094- حَدِيثُ: "هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ"، الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ3، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِسْنَادُهُ أَشَدُّ ضَعْفًا4، وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُد فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ5.
__________
1 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوئد" [4/ 202] ، عن أم سلمة، وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
وأخرجه أبو يعلى [8/ 74] ، برقم [245] ، والبزار [2/ 125] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في الرشا، حديث [1354] ، كلاهما من طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة حدثني أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها فذكره.
قال البزار: لا نعلمه عن عائشة إلا من هذا الوجه، تفرد به إسحاق وهو لين الحديث، وقد حدث عنه ابن المبارك وغيره.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 202] : رواه البزار وأبو يعلى وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك.
2 أخرجه أحمد [5/ 279] ، والحاكم [4/ 103] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 201- 202] ، رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" وفيه أبو الخطاب وهو مجهول.
3 أخرجه البيهقي [10/ 138] ، كتاب آداب القاضي: باب لا يقبل منه قضية، وابن عدي في "الكامل" [1/ 295] .
قال الهيثمي [4/ 154] : رواه الطبراني في "الكبير"، وأحمد من طريق إسماعيل بن عباس عن أهل الحجاز وهي ضعيفة.
قال ابن عدي: ولا يحدث هذا الحديث عن يحيى غير إسماعيل بن عياش.
4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 94] ، برقم [2151] .
قال ابن عدي [1/ 177] : رواه أحمد بن معاوية الباهلي قال: حدثنا ولله النضر بن شميل، عن ابن عون عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال: وهذا باطل بهذا الإسناد، وهو حانث في يمينه الذي حلف عليه، ولم يروه عن النضر غير أحمد، والنضر ثقة، وأحمد يروي عن الثقات البواطيل.
قال الهيثمي [4/ 154] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه حميد بن معاوية الباهلي وهو ضعيف.
5 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 93] ، برقم [2148، 2149] ، من طريقين عن عطاء عن جابر به. =(4/459)
قَوْلُهُ: "وَيَرْوِي: هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ"، الْخَطِيبُ فِي "تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1.
2095- حَدِيثُ: "عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ... } " 2 الْآيَةُ [الحج: 30] ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ؛ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَيْمَنَ بْنُ خُرَيْمٍ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ لِأَيْمَنَ سَمَاعًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ وَأَشَارَ إلَى حَدِيثِ خُرَيْمٍ.
2096- حَدِيثُ: "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ3،
__________
= وفي الإسناد الأول ليس ابن أبي سليم.
وفي الثاني ابن لهيعة.
كلاهما صدوق اختلط باخرة.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [1/ 281] ، من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن عطاء عن جابر.
وقال إسماعيل متروك الحديث.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 154] : رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن. 1 أخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" [1/ 331] .
2 أخرجه أبو داود [2/ 329] ، كتاب الأقضية: باب في شهادة الزور، حديث [3599] ، والترمذي [4/ 547] ، كتاب الشهادات: باب ما جاء في شهادة الزور، حديث [2300] ، وابن ماجة [2/ 794] ، كتاب الأحكام: باب شهادة الزور، حديث [2372] ، وأحمد [4/ 321، 322] ، والطبراني [4/ 209] ، رقم [4162] ، والبيهقي [1/ 121] ، كلهم من طريق حبيب بن النعمان عن خريم بن فاتك الأسدي به.
وقال الترمذي: خريم بن فاتك له صحبة وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث وهو مشهور ا. هـ.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [4/ 646] ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان".
وأخرجه الترمذي [4/ 547] ، كتاب الشهادات: باب ما جاء في شهادة الزور، حديث [2299] ، من طريق سفيان بن زياد الأسدي عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم مرفوعاً.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد واختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعاً من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد.
وأخرجه الطبراني في "تفسيره" [9/ 144] ، رقم [25134] عن عبد الله بن مسعود موقوفاً.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" [4/ 646] ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والخرائطي في "مكارم الأخلاق".
3 أخرجه أحمد [5/ 385] ، والترمذي [5/ 609، 610] ، كتاب المناقب: باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، حديث [3663] ، وابن ماجة [1/ 37] ، المقدمة: باب في فضائل =(4/460)
وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَهُوَ يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ تَثْبُتُ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ وَابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مَوْلَى رِبْعِيٍّ؛ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ رِبْعِيٍّ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ رِبْعِيٍّ، وَأَنَّ رِبْعِيًّا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ حُذَيْفَةَ.
قُلْت: أَمَّا مَوْلَى رِبْعِيٍّ فَاسْمُهُ هِلَالٌ، وَقَدْ وُثِّقَ، وَقَدْ صَرَّحَ رِبْعِيٌّ بِسَمَاعِهِ مِنْ حُذَيْفَةَ فِي رِوَايَةٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ الْحَاكِمُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِهِ.
2097- حَدِيثُ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ1، قَالَ الْبَزَّارُ: هُوَ أَصَحُّ سَنَدًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: هُوَ كَمَا قال، وطرقه الْحَاكِمِ فِي الْعِلْمِ
__________
= أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [97] ، والحميدي [449] ، وابن أبي شيبة [12/ 11] ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" [2/ 334] ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" [1/ 480] ، وابن حبان [2193- موارد] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [2/ 83- 84] ، وابن أبي عاصم في "السنة" رقم [1148، 1149] ، والحاكم [3/ 75] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [12/ 20] ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [9/ 109] ، كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة بن اليمان به.
1 أخرجه أبو داود [2/ 611] ، كتاب السنة: باب في لزوم السنة، حديث [4607] ، والترمذي [5/ 44] ، كتاب العلم: باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث [2676] ، وابن ماجة [1/ 15- 16] ، المقدمة: باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، حديث [4] 126- 127، وابن أبي عاصم في السنة [28: 33] ، والآجري في "الشريعة" ص [46] ، والطحاوي في "مشاكل الآثار" [2/ 69] ، والحاكم [1/ 95] ، وابن حبان [5- موارد] ، والبيهقي [6/ 541] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 181- بتحقيقنا] ، من طرق عن العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرقت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بعدة ضلالة".
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة.
وقال البغوي: حديث حسن.(4/461)
مِنْ "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَقَالَ: قَدْ اسْتَقْصَيْت فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضَ الِاسْتِقْصَاءِ.
2098- حَدِيثُ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ" 1، عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي
__________
1 أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 925] ، وبن حزم في "الأحكام" [6/ 82] ، وابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 146] ، من طريق سلام بن سليمان ثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.
قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة لأن الحارث بن غصين مجهول.
وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة أبو سفيان ضعيف.
والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي وسلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة وهذا منها بلا شك.
وقال الحافظ: حديث غريب ... وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة والحارث مجهول قلت: -أي الحافظ- الآفة فيه من الراوي عنه وإلا فالحارث ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه حسين الجعفي ا. هـ.
وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [250، 251] ، رقم [783] ، وابن عدي في "الكامل" [2/ 785- 786] ، كلاهما من طريق أبي شهاب عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مثل أصحابي مثل النجوم يهتدي به فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم".
وذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [2/ 924] ، معلقاً عن أبي شهاب بن وقال: وهذا إسناد لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به.
وقال ابن جزم في "الأحكام" [6/ 83] : فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلاً بل لا شك أنها مكذوبة لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] ... ا. هـ.
ومن طريق عبد بن حميد أخرجه الحافظ ابن حجر في "تخريج أحديث المختصر" [1/ 145] ، وقال: هذا حديث غريب.
وذكره ابن عبد البر في كتاب بيان العلم عن أبي شهاب بسنده وقال: هذا إسناد ضعيف الراوي له عن نافع لا يحتج به.
قلت: هو متفق على تركه بل قال ابن عدي: إنه يضع ا. هـ.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [3/ 1057] ، والبيهقي في "المدخل" [151] ، وابن عساكر [6/ 5- تهذيب] ، من طريق نعيم بن حماد ثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سألت ربي عما يختلف فيه أصحابي من بعدي فقال: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ بشيء مما اختلفوا فيه فهو عندي على هذا".
قال الحافظ في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 147] ، هذا حديث غريب ... وزيد العمي بفتح المهملة وتشديد الميم وابنه أضعف منه، وقد سئل البزار عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد رواه عبد الرحيم مرة أخرى فقال عن أبيه عن ابن عمر ... ا. هـ.
وأخرجه البيهقي في "المدخل" [152] ، والخطيب في "الكفاية" ص [48] ، من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس بلفظ: "إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيها أخذتم به اهتديتم". =(4/462)
مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمْزَةَ النَّصِيبِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَحَمْزَةُ ضَعِيفٌ جِدًّا ضعفه ابن معين وغيره، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "غَرَائِبِ مَالِكٍ" مِنْ طَرِيقِ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، وَجَمِيلٌ لَا يُعْرَفُ، وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، وَلَا مَنْ فَوْقَهُ، وَذَكَرَهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ كَذَّابٌ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَرَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ، وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي "كِتَابِ السُّنَّةِ" مِنْ حَدِيثِ مِنْدَلٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ مُنْقَطِعًا، وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: هَذَا الْكَلَامُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا خَبَرٌ مَكْذُوبٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الِاعْتِقَادِ"1 عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: "النُّجُومُ أَمَنَةُ أَهْلِ السَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أُتِيَ أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أُتِيَ أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ" 2، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَوْصُولٍ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ قَوِيٍّ يَعْنِي: حَدِيثَ
__________
= قال الحافظ في "تخريج المختصر" [1/ 146] ، وجويبر ضعيف جداً والضحاك لم يلق ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في "المدخل" أيضاً 0153] ، من طريق جويبر عن جواب بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مرسل أو معضل كما قال الحافظ.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" [1346] ، من طريق جعفر ابن عبد الواحد قال: قال لنا وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مثل أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى". وجعفر بن عبد الواحد كذاب، كذبه غير واحد. فذكره برهان الدين الحلبي في كتابه "الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث" ص [127] ، رقم [197] ، وقال: قال الدارقطني: يضع الحديث، وساق له ابن عدي أحاديث وقال: كلها بواطيل وبعضها سرقة من قوم انتهى، ونقل ابن الجوزي عن ابن عدي أنه منهم، بوضع الحديث ذكر ذلك في غير مكان من الموضوعات.
1 ينظر: "الاعتقاد" ص [319] .
2 أخرجه مسلم [4/ 1961] ، كتاب فضائل الصحابة: باب بيان أن بقاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان للأمة، حديث [207/ 2531] ، وأحمد [2/ 398- 399] ، وابن حبان [7249] ، والبيهقي في "الاعتقاد" ص [318- 319] ، من طريق أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه.
قال ابن حبان: يشبه أن يكون معنى هذا الخبر أن الله جل وعلا جعل النجوم علامة لبقاء السماء وأمنه لها عن الفناء فإذا غارت واضمحلت أتى السماء الفناء الذي كتب عليها وجعل الله جل وعلا المصطفى أمنة أصحابه من وقوع الفتن فلما قبضه الله جل وعلا إلى جنته أتى أصحابه الفتن التي أوعدوا وجعل الله أصحابه أمنة أمته من ضهور الجور فيها فإذا مضى أصحابه أتاهم ما يوعدون من ظهور غير الحق من الجوز والأباطيل ا. هـ.(4/463)
عَبْدِ الرَّحِيمِ الْعَمِّيِّ -وَفِي حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ- يَعْنِي: حَدِيثَ الضَّحَّاكِ ابْنِ مُزَاحِمٍ "مَثَلُ أَصْحَابِي كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، مَنْ أَخَذَ بِنَجْمٍ مِنْهَا اهْتَدَى"، قَالَ: وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ ههنا مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يُؤَدِّي بَعْضَ مَعْنَاهُ.
قُلْت: صَدَقَ الْبَيْهَقِيُّ، هُوَ يُؤَدِّي صِحَّةَ التَّشْبِيهِ لِلصَّحَابَةِ بِالنُّجُومِ خَاصَّةً، أَمَّا فِي الِاقْتِدَاءِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَتَلَمَّحَ ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الِاهْتِدَاءِ بِالنُّجُومِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ إلَى الْفِتَنِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ؛ مِنْ طَمْسِ السُّنَنِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ، وَفُشُوِّ الْفُجُورِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ ... "، الْحَدِيثُ، تَقَدَّمَ فِي "الْبُيُوعِ".
حَدِيثُ: "النَّهْيُ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْعَوْرَاءِ"، تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
حَدِيثُ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ"، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ"، تَقَدَّمَ فِي "الطَّهَارَةِ".
حَدِيثُ: "إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ"، تَقَدَّمَ فِي "الْأَضَاحِيِّ".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا فَسَجَدَ"، تَقَدَّمَ فِي "الصَّلَاةِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ مَاعِزًا زَنَا فَرُجِمَ"، تَقَدَّمَ فِي "الْحُدُودِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ"، تَقَدَّمَ فِي "النِّكَاحِ".
حَدِيثُ: "إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ"، تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
2099- حَدِيثُ: "إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ"، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ1.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 719] ، كتاب الأقضية: باب الترغيب في القضاء، حديث [1] ، والبخاري [12/ 339] ، كتاب الحيل: باب [10] ، حديث [6967] ، ومسلم [3/ 1337] ، كتاب الأقضية: باب الحكم بالظاهر بالحجة، حديث [4/ 1713] ، وأبو داود [4/ 12] ، كتاب الأقضية: باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، حديث [3583] ، والترمذي [3/ 624] ، كتاب الأحكام: باب التشديد على من يقضي له بشيء، حديث [1339] ، والنسائي [8/ 233] ، كتاب آداب القاضي: باب الحكم بالظاهر، وابن ماجة [2/ 777] ، كتاب الأحكام: باب أقضية الحاكم لا تحل حراماً، حديث [2317] ، والشافعي [2/ 178] ، كتاب الأحكام في الأقضية، حديث [626] ، والحميدي [1/ 142] ، رقم [296] ، وابن الجارود في "المنتفى" رقم [999] ، وأبو يعلى [12/ 305] ، رقم [6880] ، وابن حبان [47، 50، 5049- الإحسان] ، والدارقطني [4/ 239- 240] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [127] ، والبيهقي [10/ 143] ، كتاب آداب القاضي: باب من قال: ليس للقاضي أن يقضي بعلمه، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 154] ، باب الحاكم يحكم بالشيء فيكون في الحقيقة بخلافه في الظاهر، الطبراني في "الكبير" [23/ 342] ، رقم [798] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 347- بتحقيقنا] ، كلهم من =(4/464)
2100- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّمَا نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ"، هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَنْكَرَهُ الْمُزَنِيّ، فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْهُ فِي "أَدِلَّةِ التَّنْبِيهِ"، وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ: بَابُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ "الْمِنْهَاجِ" لِلْبَيْضَاوَيَّ، سَبَبُ وُقُوعِ الْوَهْمِ من الفقهاء في جعلهم هَذَا حَدِيثًا مَرْفُوعًا، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ: وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ مُتَوَلِّي السَّرَائِرَ؛ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ": أَجْمَعُوا أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ، وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ، وَأَغْرَبَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أبي القاسم الجنزوي فِي كِتَابِهِ "إدَارَةُ الْأَحْكَامِ"، فَقَالَ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي قِصَّةِ الْكِنْدِيِّ، وَالْحَضْرَمِيِّ، اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: قَضَيْت عَلَيَّ، وَالْحَقُّ لِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّمَا أَقْضِي بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ".
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عُمَرَ: "إنَّمَا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ1"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: "إنِّي لَمْ أُؤْمَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ"، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ
__________
= طريق هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار".
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه البخاري [5/ 107] ، كتاب المظالم: باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه، حديث [2458] ، ومسلم [3/ 1338] ، كتاب الأقضية: باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، حديث [4/ 1713] ، وأحمد [6/ 308] ، والدارقطني [4/ 229] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [126] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 154] ، والبيهقي [10/ 143] ، كتاب آداب القاضي: باب من قال: ليس للقاضي أن يقضي بعلمه.
كله من طريق الزهري عن عروة عن زينب عن أم سلمة به.
وللحديث طريق آخر عن أم سلمة:
أخرجه أبو داود [4/ 12] ، كتاب الأقضية: باب قضاء القاضي إذا أخطأ [3584، 3585] ، وأحمد [6/ 320] ، وابن أبي شيبة [7/ 233- 234] ، رقم [3016] ، وابن الجارود رقم [1000] ، وأبو يعلى [12/ 324- 325] ، رقم [6897] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 154- 155] ، وفي "المشكل" [1/ 229- 230] ، والدارقطني [4/ 238- 239] ، كتاب الأقضية والأحكام، والحاكم [4/ 95] ، والطبراني في "الكبير" [23/ 298] ، رقم [663] ، كلهم من طريق أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
1 أخرجه البخاري [5/ 578] ، كتاب الشهادات: باب الشهداء العدول، حديث [2641] .(4/465)
فِي قِصَّةِ الذَّهَبِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَلِيٌّ1، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي بَعْدَهُ.
2101- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قِصَّةِ الْمُلَاعَنَةِ: "لَوْ كُنْت رَاجِمًا أَحَدًا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ رَجَمْتهَا"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ2.
2102- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشَّاهِدِ، باليمين"، الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ3، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ: هُوَ صَحِيحٌ،
__________
1 أخرجه أحمد [3/ 5- 4] ، والبخاري [8/ 394] ، كتاب المغازي: باب معث علي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع، حديث [4351] ، واطرافه في [3344، 3610، 4667، 7762] ، ومسلم [4/ 172- نووي] ، كتاب الزكاة: باب ذكر الخوارج وصفاتهم، حديث [144/ 1064] ، وابن حبان [1/ 205- 206] ، في المقدم: باب الاعتصام بالسنة، حديث [25] .
2 تقدم تخريجه أبو داود [4/ 34] ، كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد، حديث [3610] ، والترمذي [3/ 627] ، كتاب الأحكام: باب اليمين مع الشاهد، حديث [1343] ، وابن ماجة [2/ 793] ، كتاب الأحكام: باب القضاء بالشاهد واليمين، حديث [2368] ، والشافعي [2/ 179] ، كتاب الأقضية: باب [1] ، حديث [38] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1007] ، وأبو يعلى [12/ 36] ، رقم [6683] ، والدارقطني [4/ 213] ، كتاب الأقضية ولأحكام، حديث [33] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 144] ، كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين مع الشاهد، والبيهقي [10/ 168- 169] ، كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 341- بتحقيقنا] .
كلهم من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
قال الترمذي: حسن غريب.
وقال أبو داود: وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا لحديث قال: أخبرني الشافعي عن عبد العزيز قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه، قال عبد الغزيز: وكان قد أصابت سهيلاً علة أذهبت بعض عقله ونسى بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عن أبيه ا. هـ.
ومنه نعلم أن سهيب بن أبي صالح حدث بن ونسى وهذا لا يضر في صحى الحديث.
قال الحافظ في "الفتح" [5/ 282] : ومنها حديث أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد وهو عند أصحاب السنن ورجاله مدنيون ثقات ولا يضره أن سهيل بن أبي صالح نسيه بعد أن حدث به ربيعة لأنه كان بعد ذلك يرويه عن ربيعة عن نفسه وقصته بذلك مشهورة في سنن أبي داود وغيرها ا. هـ.
وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة:
أخرجه البيهقي [8/ 169] ، كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من طريق مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين =(4/466)
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنْ الْأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي
__________
= مع الشاهد.
وأسند البيهقي عن أحمد أنه قال: ليس في هذا الباب حديث أصح من هذا.
وفي باب من حديث ابن العباس وزيد بن ثابت وجابر وسعد بن عبادة.
فأما حديث عبد الله بن عباس:
أخرجه مسلم [3/ 1327] , كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد, حديث [3] 1712, وأبو داود [4/ 32] , كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد، حيدث [3608] , والنسائي في "الكبير" [3/ 490] , كتاب القضاء: باب الحكم باليمين مع الشاهد الواحد, حديث [6011] , وابن ماجة [2/ 793] , كتاب الأحكام: باب القضاء بالشاهد واليمين، حديث [2370] , وأحمد [1/ 248, 315, 323] , والشافعي [2/ 178] , كتاب الأقضية، رقم [627, 628] , وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1006] , وأبو يعلى [4/ 390] , رقم [2511] , والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 144] , كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين مع الشاهد، والبيهقي [10/ 167] , كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد, والبغوي في "شرح السنة" [5/ 340- بتحقيقنا] , كلهم من طريق قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
وهذا الحديث قد طعن فيه الطحاوي فقال في "شرحه" أما حديث ابن عباس فمنكر لأن قيس بن سعد لا يعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء فكيف يحتجون به في مثل هذا اهـ.
وقد رد عليه البيهقي فقال في "المعرفة" [7/ 401- 402] : ورأيت أبا جعفر الطحاوي رحمنا الله وإياه أنكره واحتج بأنه لا يعلم قيسا يحدث عن عمرو بن دينار بشيء والذي يقتضيه مذهب أهل الحفظ والفقه في قبول الأخبار ما كان قيس بن سعد ثقة والراوي عنه ثقة ثم يروي عن شيخ يحتمله سنة ولقيه غير معروف بالتدليس كان ذلك مقبولا وفيس بن سعد مكي وعمرو بن دينارمكي وقد روى قيس عن من هو أكبر سنا وأقدم موتا من عمرو: عطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبر، وروى عن عمرو ما كان في قيس وأقدم لقيا منه: أيوب بن أبي السختناني فإنه رأى أنس بن مالك وروى عن سعيد بن جبير ثم روى عن عمرو بن دينار فمن أين إنكار رواية قيس عن عمرو غير أنه روى عنه ما يخالف مذهب هذا الشيخ ولم يمكنه أن يطعن فيه يوجه آخر فزعم أنه منكر.
وقد روى جرير بن حازم وهو من الثقات عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا وقصته ونافته وهو محلرم فذكر الحديث، فقد علمنا قيسا روى عن عمرو دينار غير حديث اليمين مع الشاهد فلا يضرنا جهل غيرنا ثم تابع قيس بن سعد على روايته هذه عن عمرو محمد بن مسلم الطائفي اهـ.
قلت: والمتابعة التي أشار إليها البيهقي:
أخرجها أبو داود [4/ 32] , كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين والشاهد، حديث [3609] , والبيهقي [10/ 168] , كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد وفي "المعرفة" [7/ 402] .
حديث زيد بن ثابت:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [5/ 150] , رقم [4909] , والبيهقي [10/ 172] , كلاهما من طريق عثمان بن الحكم الجذامي حدثني زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن =(4/467)
هُرَيْرَةَ, وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ حَدِيثَ الْأَعْرَجِ لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ.
2103- قَوْلُهُ: "وَاشْتُهِرَ أَنَّ سُهَيْلًا رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ, وَسَمِعَهُ مِنْهُ رَبِيعَةُ, ثُمَّ اخْتَلَطَ حِفْظُهُ لِشَجَّةٍ أَصَابَتْهُ, فَكَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ أَنِّي أَخْبَرْته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
__________
زيد بن ثابت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 205] , وقال, وفيه عثمان بن الحكم الجذامي، قال أبو حاتم: ليس بالمتقن وبقية رجاله ثقات.
حديث جابر:
أخرجه أحمد [3/ 305] , والترمذي [3/ 628] , كتاب الأحكام: باب اليمين مع الشاهد، حديث [1344] , وابن ماجة [2/ 793] , كتاب الأحكام: باب القضاء بالشاهد واليمين، حديث [2369] , والطحاوي في "شرح معاني الىثار" [4/ 144- 145] , والدارقطني [4/ 212] , كتاب الأقضية والأحكام، حديث [29] , وابن الجارود في "المنتقى" [1008] , والبيهقي [10/ 107] , كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد من طريق عبد الوهاب الثقفي ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد وقد خولف عب
الوهاب الثقفي في هذا الحديث, فخالفة الإمام مالك فرواه عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا.
أخرجه مالك [2/ 721] , كتاب الأقضية: باب القضاء باليمين مع الشاهد، حديث [5] , والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 145] , عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا.
وقد توبع مالك على ذلك، تابعه سفيان الثوري.
أخرجه الطحاوي [4/ 145] , وتابعه إسماعيل بن جعفر.
أخرجه الترميذي [3/ 628] , كتاب الأحكام: باب اليمين مع الشاهد، حديث [1345] , وقال: وهذا أصح يعني مرسلا اهـ.
لكن عبد الوهاب لم ينفرد بواصل الحديث كما قال البيهقي: وقد روى عن حميد بن الأسود وعبد الله العمري وهشام بن سعد وغيرهم عن جعفر بن محمد كذلك موصولا اه،.
وللدارقطني كلام ذكره في "علله" في ترجيح الموصول.
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 100] : وقد أطال الدارقطني الكلام على هذا الحديث في كتاب "العلل" قال: وكان جعفر بن محمد ربما أرسل هذا الحديث وربما وصله عن جابر لأن جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر والقول قولهم لأنهم زادوا وهم ثقات وزيادة الثقة مقبولة اهـ.
حديث سعد بن عبادة:
أخرجه الترمذي [3/ 627] , كتاب الأحكام: باب ما جاء في اليمين مع الشاهد, حديث [1343] , والدارقطني [4/ 214] , كتاب الأقضية والأحكام, حديث [37] , والبيهقي [10/ 171] , كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: وأخبرني ابن لسعد بن عبادة قال: وجدنا في كتاب سعد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
وله طريق آخر:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [6/ 16] , رقم [5361] , والبيهقي [10/ 171] , كتاب الشهادات: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من طريق سعد بن عمرو بن شرحبيل بن سعد بن سعد بن =(4/468)
قُلْت: هَذِهِ القصة ذكره الشَّافِعِيُّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ بِهِ, وَلَكِنْ فِيهِ: وَكَانَ قَدْ أَصَابَ سُهَيْلًا عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ, وَنَسِيَ بعض حديثه وذكره الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي كِتَابِ مَنْ حَدَّثَ فَنَسِيَ, وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ.
2104- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي", أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ, مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهِ قِصَّةٌ1, وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ2 وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَلِيٍّ: "إذَا جَلَسَ إلَيْك الْخَصْمَانِ".
وَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ", مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَحْظِهِ, وَإِشَارَتِهِ, وَمَقْعَدِهِ, وَمَجْلِسِهِ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ, مَا لَا يَرْفَعُ عَلَى الْآخَرِ" 3, لَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ, وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَقَدْ فَرَّقَاهُ حَدِيثَيْنِ, وَجَمَعَهُ أَبُو يَعْلَى بِمَعْنَاهُ, وَفِي إسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ, وَهُوَ ضَعِيفٌ.
2105- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ جَلَسَ بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ, فَقَالَ: لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا جَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك, وَلَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ" , أَبُو أَحْمَدَ والحاكم فِي "الْكُنَى" فِي تَرْجَمَةِ أَبِي سَمِيرٍ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ, قَالَ: "عَرَفَ عَلِيٌّ دِرْعًا لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ, فَقَالَ: يَا يَهُودِيُّ, دِرْعِي سَقَطَتْ مِنِّي....", فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا, وَقَالَ: مُنْكَرٌ, وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ" مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, وَقَالَ: لَا يَصِحُّ, تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو سَمِيرٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ, مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ إلَى السُّوقِ, فَإِذَا هُوَ بِنَصْرَانِيٍّ يَبِيعُ دِرْعًا, فَعَرَفَ عَلِيٌّ الدِّرْعَ ... ", فَذَكَرَهُ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ, وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: لَوْلَا أَنَّ خَصْمِي نَصْرَانِيٌّ, لَجَثَيْتُ بَيْنَ يَدَيْك"4, وَفِيهِ عمرو بْنُ شِمْرٍ, عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ, وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ "الْوَسِيطِ": لَمْ أَجِدْ لَهُ إسْنَادًا يَثْبُتُ, وَقَالَ
__________
= عبادة عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد.
1 أخرجه أبو داود [2/ 326] , كتاب الأقضية: باب كيف يجلس الخصمان بين يدي الحاكم, رقم [3588] , والبيهقي [10/ 135] , كتاب آداب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما.
2 قال المصنف في "التقريب" [2/ 251] , لين الحديث وكان عايدا.
3 أخرجه الدارقطني [4/ 205] , كتاب الأقضية والأحكام [10] , والبيهقي [10/ 135] , كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما والإنصاف لكل واحد مهما حتى تنفذ حجته وحسن الإقبال عليهما, وأبو يعلى [12/ 356] , برقم [6924] .
4 أخرجه البيهقي [10/ 136] , كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين.(4/469)
ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ: إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ.
2106- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "لا يضيف أحدكم الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ" , الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ, وَهُوَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ, قَالَ: "أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ, عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ, عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَنَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ فَأَضَافَهُ, فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُخَاصِمَ, فَقَالَ: تَحَوَّلْ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نُضَيِّفَ الْخَصْمَ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ"1, وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ2, وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ, عَنْ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيِّ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ, عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ, عَنْ أَبِي حَرْبٍ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُضَيِّفُ الْخَصْمَ إلَّا وَخَصْمُهُ مَعَهُ", ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ قَرَأَهُ فِي كِتَابِهِ3, وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الرَّازِيّ, عَنْ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَيَّفَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ"4, وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْوَاسِطِيُّ, انْتَهَى, وَالْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ مُضَعَّفٌ5.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا شَهِدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَسَأَلَ عَنْ إسْلَامِهِ وَقَبِلَ شَهَادَتَهُ", تَقَدَّمَ فِي "الصِّيَامِ".
حَدِيثُ: "أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الشُّهُودَ دَانْيَالُ؛ شهد عنه بِالزِّنَا عَلَى امْرَأَةٍ, فَفَرَّقَهُمْ, وَسَأَلَهُمْ, فَقَالَ أَحَدُهُمْ: زَنَتْ بِشَابٍّ تَحْتَ شَجَرَةِ كُمَّثْرَى, وَقَالَ الْآخَرُ: تَحْتَ شَجَرَةِ تُفَّاحٍ, فَعَرَفَ كَذِبَهُمْ", الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إدْرِيسَ قَالَ: "كَانَ دَانْيَالُ أَوَّلَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ ... ",
__________
1 أخرجه البيهقي [10/ 137] , كتاب آداب القاضي: باب لاينبغي للقاضي أن يضيف الخصم إلا وخصمه معه.
2 أخرجه عبد الرزاق [8/ 300] , في أبواب القضاء، باب عدل القاضي في مجلسه, حديث [15291] .
3 أخرجه البيهقي [10/ 137- 138] , كتاب آداب القاضي: باب لا ينبغي للقاضي أن يضيف الخصم إلا وخصمه معه.
قال قرأت في كتاب ابن خزيمة عن موسى بن سهل الرملي عن محمد بن عبد العزيز الرملي عن القاسم بن غصن عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن الأسود الديلمي عن أبيه عن علي مرفوعا به.
4 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 66- 97] , برقم [2155] .
5 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [5/ 457] .
قال أحمد: حدث مناكير.
قال أبو حاتم: ضعيف.
قال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير.(4/470)
فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1, وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي "مُسْنَدِهِ", وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ" مِنْ طَرِيقِهِ, مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِصَّةً طَوِيلَةً لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد, فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا؛ لِكَوْنِهَا امْتَنَعَتْ مِنْهُمْ أَنْ يَزْنُوا بِهَا, فَأَمَرَ دَاوُد بِرَجْمِهَا, فَمَرُّوا عَلَى سُلَيْمَانَ, 0فَفَرَّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ, وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهَا, فَعَلَى هَذَا هُوَ أول من فرق بين الشهود.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ لَمَّا بَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ قَاضِيًا عَلَى "الْكُوفَةِ", كَتَبَ لَهُ كِتَابًا", أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: إنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ, وَبَيْتِ الْمَالِ, وَذَكَرَ الْقِصَّةَ2.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ", لَمْ أَرَهُ هَكَذَا, وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَى مَيْمُونَ الْجَزَرِيِّ وَالِدِ عَمْرٍو, قَالَ: لَمَّا اُسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلُوا لَهُ أَلْفَيْنِ", قَالَ: زِيدُونِي؛ فَإِنَّ لِي عِيَالًا, وَقَدْ شَغَلْتُمُونِي عَنْ التِّجَارَةِ, فَزَادُوهُ خَمْسَمِائَةٍ3.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرْزُقُ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ", لَمْ أَرَهُ هَكَذَا, وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ, عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ, عَنْ الْحَكَمِ؛ "أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُرَيْحًا وَسَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيَّ عَلَى الْقَضَاءِ"4, وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ, وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا: كَانَ شُرَيْحٌ يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا"5, وَقَدْ ذَكَرْت مَنْ وَصَلَهُ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"6.
حَدِيثُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيًّا عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ؛ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَنَّ الْحُكَّامُ بَعْدُ بِهَذَا الْأَمْرِ", سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ, عَنْ الْحَسَنِ نَحْوُهُ, وَرَوَاهُ السُّلَمِيُّ فِي "آدَابِ الصُّحْبَةِ" مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا, وَفِيهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
حَدِيثُ شُرَيْحٍ: "اشْتَرَطَ عَلَيَّ عُمَرُ حِينَ وَلَّانِي الْقَضَاءَ: أَلَّا أَبِيعَ وَلَا أَبْتَاعَ, وَلَا أَقْضِيَ وَأَنَا غَضْبَانُ", لَمْ أَجِدْهُ.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 235] , كتاب الحدود: باب شهود الزنا إذا لم يجتمعوا على فعل واحد فلا حد على المشهود.
2 أخرجه البيهقي [10/ 87] , في كتاب آداب القاضي.
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" [3/ 138] .
4 أخرجه عبد الرازاق [8/ 297] , في أبواب القضاء، باب هل يؤخذ على القضاء رزق، حديث [15282] .
5 أخرجه البخاري تعليقا [15/ 50] , كتاب الأحكام: باب رزق الحاكم والعاملين عليها، قبل حديث [7163] .
6 قال في "التعليق" [5/ 294] , أما أثر شريح فقال سعيد بن منصور ثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي. قال: كان مسروق لا يأخذ على القضاء أجرا، وكان شريح يأخذ.(4/471)
حَدِيثُ: "مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَتَتْ امْرَأَةٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَنْحَرِي ابْنَك, وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِك", الْحَدِيثُ. الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْخِلَافِيَّاتِ" مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ بِهَذَا1.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ: "أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي, فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي, وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ", عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ, عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَهْيَبُ لِمَا لَا يُعْلَمُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ, وَلَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عُمَرَ, وَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِأَبِي بَكْرٍ فَرِيضَةٌ, فَلَمْ يَجِدْ الله فِي كِتَابِ اللَّهِ أَصْلًا, وَلَا فِي السَّنَةِ أَثَرًا, فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي, فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي, وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ", أَخْرَجَهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي "كِتَابِ الْحُجَّةِ", وَالرَّدِّ عَلَى الْمُقَلَّدِينَ, وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ, فِي وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةٍ".
أَمَّا عُمَرُ: فَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ, عَنْ الشَّيْبَانِيِّ, عَنْ أبي اضحى, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كَتَبَ كَاتِبٌ لِعُمَرَ: هَذَا مَا أَرَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ, فَانْتَهَرَهُ, وَقَالَ: لَا, بَلْ اُكْتُبْ: هَذَا مَا أرى عُمَرُ, فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ", إسْنَادُهُ صَحِيحٌ2.
وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَفِي قِصَّةِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ نَحْوُهُ؛ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ: فَفِي قِصَّةِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ, رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ, وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الصَّدَاقِ".
قَوْلُهُ: "خَالَفَتْ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ فِي الْجَدِّ, وَعُمَرَ فِي الْمُشَرَّكَةِ", تَقَدَّمَا فِي "الْفَرَائِضِ".
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ يُفَاضِلُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الدِّيَاتِ؛ لِتَفَاوُتِ مَنَافِعِهَا, حَتَّى رُوِيَ لَهُ فِي الْخَبَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا, فَنَقَضَ حُكْمَهُ", الْخَطَّابِيُّ فِي "الْمَعَالِمِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ "أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْإِبْهَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ, وَفِي الَّتِي تَلِيهَا عَشَرَةً, وَفِي الْوُسْطَى عِشْرِينَ, وَفِي الَّتِي تَلِي الْخِنْصَرَ بِتِسْعٍ, وَفِي الْخِنْصَرِ بِسِتٍّ, حَتَّى وَجَدَ كِتَابًا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا سَوَاءٌ, فَأَخَذَ بِهِ" 3.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي "الرِّسَالَةِ", عَنْ سُفْيَانَ وَالثَّقَفِيُّ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ, إلَّا مِنْ قَوْلِهِ: "حَتَّى وَجَدَ...." إلَى آخِرِهِ4, فَذَكَرَهُ فِي "اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ".
__________
1 ينظر: "مختصر الخلافيات" [5/ 112] .
2 أخرجه البيهقي [10/ 116] , كتاب آداب القاضي: باب ما يقضي به القاضي أو يفتي به المفتي فإنه غير جائز له أن يقلد أحدا كم أخل دهره ولا يحكم أو يفتي بالاستحسان.
3 الخطابي في "معالم السنن" [4/ 38] , في كتاب الديات، باب الأعضاء.
4 أخرجه الشافعي في الرسالة [1160] .(4/472)
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى: لا بد عن قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ, ثُمَّ رَاجَعْت فِيهِ نَفْسَك, فَهُدِيت لِرُشْدِك أن تنقضه, فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يَنْقُضُهُ شَيْءٌ, وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ", الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ أَتَمَّ مِنْهُ1, وَسَاقَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِينَ, وَأَعَلَّهُمَا بِالِانْقِطَاعِ, لَكِنَّ اخْتِلَافَ الْمَخْرَجِ فِيهِمَا, مِمَّا يُقَوِّي أَصْلَ الرِّسَالَةِ, لَا سِيَّمَا وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ رَاوِيَهُ أَخْرَجَ الرِّسَالَةَ مَكْتُوبَةً.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ نَقَضَ قَضَاءَ شُرَيْحٍ, بِأَنَّ شَهَادَةَ الْمَوْلَى لَا تُقْبَلُ، بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَهُوَ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْمَوْلَى", لَمْ أَجِدْهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "إذْ حَكَمَ بِحِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشَرَّكَةِ, ثُمَّ شَرَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ, فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا, وَهَذَا على ما تقضى, وَلَمْ يَنْقُضْ قَضَاءَهُ الْأَوَّلَ", الدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ مَسْعُودٍ2.
ووقع في "النهاية" و"الوسيط" عَلَى الْعَكْسِ, أَنَّهُ قَضَى بِإِسْقَاطِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ, بَعْدَ أَنْ أَشْرَكَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي, قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ سَهْوٌ قَطْعًا, وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَكْسِ, شَرَّك بَعْدَ أَنْ لَمْ يشرك؛ كذا رواه والبيهقي وَالنَّاسُ, وَوَقَعَ فِي الْبَحْثِ قِصَّةُ الْحِمَارِيَّةِ, وَلَمْ يَعْزُهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ كَانَ له درة يؤب بِهَا", هَذَا تَكَرَّرَ فِي الْآثَارِ, وَمِنْهُ مَا رَوَى الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي "تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمُوصِلِيِّ", عَنْ مَالِكٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ, عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ مُسْلِمًا وَيَهُودِيًّا اخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ, فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا فَعَلَاهُ بِالدَّرَّةِ.
قُلْت: وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ: "أَنَّ أَنَسًا لَمَّا أَبَى أَنْ يُكَاتِبَ سِيرِينَ, عَلَاهُ عُمَرُ بِالدَّرَّةِ3, وَيَتْلُو عُمَرُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَقَدْ ذَكَرْت مَنْ وَصَلَهُ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ", وَفِي الْمَسْأَلَةِ, أَعْنِي: اتِّخَاذُ الدَّرَّةِ, حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرَدْمٍ عَنْ أَبِيهَا4.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 206] , في كتاب عمر رضي الله عنه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مطولا، والبيهقي [10/ 119] , كتاب آداب القاضي: باب من اجتهد ثم رأى أن اجتهاد خالف نصا أو إجماعا أو ما في معناه رواه على نفسه وعلى غيره, مختصرا.
2 أخرجه الدارمي [1/ 154] , في باب الرجل يفتي بالشيء، ثم غيره، والبيهقي [10/ 120] , كتاب آداب القاضي: باب من اجتهد من الحكام ثم تغير اجتهاده ... ".
3 وصلة ابن حجر في "الفتح" [5/ 496] , وانظر "التعليق" [3/ 348] .
4 أخرجه أبو داود [2/ 233- 234] , كتاب النكاح: باب في تزويج من لم يولد، حديث [2103] .(4/473)
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ, وَجَعَلَهَا سِجْنًا", الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ: "أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارَ السِّجْنِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ", وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ1.
حَدِيثُ: أَبِي بَكْرٍ: "لَوْ رَأَيْت أَحَدًا عَلَى حَدٍّ, لَمْ أَحُدَّهُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدِي شَاهِدَانِ بِذَلِكَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ, إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا: "لَوْ رَأَيْت رَجُلًا عَلَى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ مَا أَخَذْته, وَلَا دَعَوْت لَهُ أَحَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعِي غَيْرِي", وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا.
قُلْت: وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا, قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: "لَوْ رَأَيْت رَجُلًا عَلَى حَدٍّ؟ قَالَ: أَرَى شَهَادَتَك شَهَادَةَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, قَالَ: أَصَبْت", وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ2.
حَدِيثُ: "أَنَّ شَاهِدِينَ شَهِدَا عِنْدَ عُمَرَ: فَقَالَ لَهُمَا: إنِّي لَا أعرفكما, ولا يضركما ان لا أَعْرِفُكُمَا, ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا, فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا؟ قَالَ: بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ, قَالَ: كُنْت جَارًا لَهُمَا؟ قَالَ: لَا, قَالَ: صَحِبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَلَى أَخْلَاقِ الرِّجَالِ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا, ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا", الْعُقَيْلِيُّ, وَالْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ, وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ, عَنْ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ, عَنْ شَيْبَانَ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ, عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ, فَذَكَرَهُ أَتَمَّ مِنْ هَذَا3, قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الْفَضْلُ مَجْهُولٌ, وَمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثٌ لِمَجْهُولٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا, وَصَحَّحَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ.(4/474)
بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ
حَدِيثُ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ: "أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ....", الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "النَّفَقَاتِ".
__________
1 أخرجه البخاري تعليقا [5/ 358] , كتاب الخصومات: باب الربط والحبس في الحرم قبل حديث [2423] .
ووصله البيهقي [6/ 34] , كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع دور مكة وكراء وجريان الإرث فيها.
2 أخرجه البخاري [15/ 60] , كتاب الأحكام: باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء أو قبل ذلك للخصم، قبل حديث [7170] .
3 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 454- 455] , في ترجمة الفضل بن زياد، والبيهقي [10/ 125- 126] , كتاب آداب القاضي: باب من يرجع إليه في السؤال يجب أن تكون معرفته باطنة متقادمة.
كلاهما من طريق الفضل بن زياد.
قال العقيلي: الفضل بن زياد عن شيبان لا يعرف إلا بهذا وفيه نظر.(4/474)
حَدِيثُ: "اُغْدُ يَا أُنَيْسُ, عَلَى امْرَأَةِ هَذَا, فَإِنْ اعْتَرَفَتْ, فَارْجُمْهَا" , تَقَدَّمَ فِي "حَدِّ الزِّنَا".
حَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ أُسَيْفِعِ جُهَيْنَةَ: "مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدًا؛ فَإِنَّا بَايِعُوا مَالِهِ" , تَقَدَّمَ فِي "الْحَجْرِ", وَهُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ".(4/475)
بَابُ الْقِسْمَةِ
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ", مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ, وَغَيْرِهِمَا, وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ" عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَّأَ الْعَبِيدَ السِّتَّةَ, الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ الْأَنْصَارِيُّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ, ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ", مُسْلِمٌ, وَسَيَأْتِي فِي "الْعِتْقِ".
حَدِيثُ: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" , ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1, وَرَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 228] , كتاب الأقضية، حديث [86] , والحاكم [2/ 577] , كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة ... والبيهقي [6/ 69- 70] , كتاب الصلح: باب لا ضرر ولا ضرار، وكلهم من طريق الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا ضرر ولا ضرا.
قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي: تفرد به عثمان بن محمد عن الددراوردي، قلت: وفي كلام الثلاثة نظر.
أما صحته على شرط مسلم فعثمان بن محمد لم يخرج له مسلم شيئا ومع ذلك فهو ضعيف ضعفه الدارقطني.
ينظر: "لسان الميزان" [4/ 175] .
وأما قول البيهقي: تفرد به عثمان بن محمد ففيه نظر أيضا فقد تابعه عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي به كما في "نصب الراية" [4/ 385] , قال ابن القطان في كتابه وعبد الملك هذا لا يعرف له حال اهـ.
وأخرجه مالك [2/ 745] , كتاب الأقضية: باب القضاء في المرفق، حديث [31] , عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضر ولا ضرار" هكذا مرسلا.
وقد ورد هذا الحديث من حديث عبادة بن الصامت عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة وعائشة وجابر وعمرو بن عوق وأبي لبابة.
حديث عبادة بن الصامت:
أخرجه ابن ماجة [2/ 784] , كتاب الأحكام: باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث [2340] , وأحمد [5/ 326- 327] , وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" [1/ 344] , والبيهقي [10/ 133] , كتاب آداب القاضي: باب ما لا يحتمل القسمة، كلهم من طريق موسى بن عقبة ثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أن لا ضرر ولا ضرار.=(4/475)
..................................................................................
__________
= قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 384] : قال ابن عساكر في أطرفه: وأظن إسحاق لم يدرك جده.
وقال العلائي في "جامع التحصيل" ص [144] : إسحاق بن يحيى بن الوليد بن الصامت عن جد أبيه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال الترمذي: لم يدركه اهـ.
والحديث ذكره البوصيري في "زوائد ابن ماجة" [2/ 221] , وقال: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع اهـ.
قلت: وهذا فيه نظر فإن إسحاق بن يحيى قذ ذكره ابن عدي في "الكامل" [1/ 333] , وقال: عامة أحاديثه غير محفوظة.
وقد حكى البوصيري نفسه تضعيفه في "الزوائد" [2/ 179] , فقال عن إسناده إسحاق هذا: هذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن يحيى بن الوليد وأيضا لم يدرك عبادة بن الصامت قاله البخاري والترمذي وابن حبان وابن عدي.
والحديث ذكره الحافظ أيضا في "الدراية" [2/ 282] , وقال: وفيه انقطاع.
حديث ابن عباس:
أخرجه أحمد [1/ 313] , وابن ماجة [2/ 784] , كتاب الأحكام: باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث [2341] , من طريق عبد الرزاق عن معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ضرر ولا ضرار".
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 222] : هذا إسناد فيه جابر وقد انهم اهـ.
لكنه توبع تابعه داود بن الحصين.
أخرجه الدارقطني [4/ 228] , كتاب الأقضية، حديث [84] , من طريق إبرهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 385] , قال عبد الحق في أحكامه وإبراهيم بن إسماعيل هذا هو ابن أبي حبيبة وفيه مقال فوثقه أحمد وضعفه أبو حاتم وقال: هو منكر الحديث لا يحتج به اهـ.
قلت: وضعفه أيضا البخاري فقال: منكر الحديث "التاريخ الكبير" [1/ 873] , وقال الترمذي: في "سننه" [1462] : يضعف في الحديث وقال النسائي فقال في "الضعفاء" رقم [2] : ضعيف والضعفاء له [32] .
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ينظر: "العلل" [1575] , وقال الحافظ في "التقريب" [1/ 31] , رقم [168] : ضعيف.
حديث أبي هريرة:
أخرجه الدارقطني [4/ 228] , كتاب الأقضية، حديث [86] , من طريق أبي بكر بن عياش قال: أراه عن ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة على حائطه".
قال الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 385] : وأبو بكر بن عياش مختلف فيه اهـ.
وللحديث علة أخرى وهي ابن عطاء واسمه يعقوب بن عطاء بن أبي رباح.
قال أحمد: منكر الحديث، وقال مرة أخرى: ضعيف.
وقال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ضعيف. =(4/476)
..................................................................................
__________
= وقال أبو حاتم: ليس بالمتين يكتب حديثه.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة وهو ممن يكتب حديثه وعنده غرائب.
ينظر: "التهذيب" [11/ 393] .
وقد لخص الحافظ هذه الأقوال فقال في "التقريب" [2/ 37] , رقم [386] : ضعيف.
حديث عائشة:
الأول: أخرجه الدارقطني [4/ 227] , كتاب الأقضية، حديث [83] , من طريق الواقدي ثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار"’
والواقدي محمد بن عمر متروك.
الطريق الثاني: أخرجه الطبراني في "الأوسط كما في "نصب الراية" [4/ 386] , حدثنا أحمد بن رشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبي أيوب عن سهيل عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار".
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 113] , وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال ابن عدي: كذبوه اهـ.
وللحديث طريق الطبراني في "الأوسط" كما في "نصب الراية" [4/ 386] , حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا عمرو بن مالك الراسبي ثنا محمد بن سليمان بن مسمول عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار".
قال الطبراني: لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك.
قلت: وهذا الطريق لم يدكره الهيثمي في "المجمع" مع أنه على شرطه.
وأبو بكر بن أبي سبرة.
قال البخاري: منكر الحديث "التاريخ الصغير" [2/ 184] , وقال مرة: ضعيف، "الضعفاء الصغير" [416] .
وقال النسائي: متروك الحديث، "الضعفاء والمتروكين" [697] , وقال الدارقطني: متورك، "الضعفاء والمتروكين" [619] , وقال البزار: لين الحديث، "كشف الأستار" [1129] .
وذكره أبو زرعة الرازي في "أسامي الضعفاء" [380] .
حديث جابر:
أخرجه الطبراني في "الأوسط كما في "نصب الراية" [4/ 386] , ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 113] , وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس اهـ.
وهذا الحديث رواه عبد الرحمن تن مغراء ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إسحاق عن محمد يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان مرسلا.
أخرجه أبو داود في "المراسل" ص [294] , رقم [407] . =(4/477)
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
مدخل
...
82- كتاب الشهادات1
2107- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ, فَقَالَ لِلسَّائِلِ: "تَرَى الشَّمْسَ"؟ قَالَ: "نَعَمْ", فَقَالَ: "عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ, أَوْ دَعْ" , الْعُقَيْلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ, وَفِي إسْنَادِهِ
__________
= حديث الحافظ في "التهذيب" [8/ 421- 422] , من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه.
حديث أبي لبابة:
أخرجه أبو داود في "المراسيل" ص [294] , رقم [407] .
1 الشهادات: جمع شهادة: وتجمع باعتبار أنواعها وإن كانت في أصل مفردة. تعريف الشهادة: للشهادة في اللغة معان: منها: الإخبار بالشيء خبراً قاطعاً، نقول: شهد فلان على كذا، أي أخبر به خبراً قاطعاً. ومنها: الحضور نقول: شهد المجلس أي حضره قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "الغنيمة لمن شهد الوقعة". ومنها: الاطلاع على الشيء ومعاينته: شهدت كذا أي أطلعت عليه. ومنها: إدراك الشيء نقول: شهدت الجمعة، أي أدركتها، ومنها: الحلف، تقول أشهد بالله لقد كان كذا، أي أحلف.
ومنها: العلم قال تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6] أو عليم، والفعل من باب علم، وتسكن هاؤه فتقول شهد فلان شهادة وجمع الشاهد شهد وشهود وأشهاد والمشاهدة المعاينة.
واصطلاحاً:
عرفها الشافعية بأنها: إخبار صادق بلفظ الشهادة لإثبات حق لغير على غيره، في مجلس القضاء ولو بلا دعوى.
وعرفه المالكية بأنها: إخبار حاكم عن علم ليقضي بمقتضاه.
وعرفها الحنفية بأنها: إخبار بحق للغير على آخر.
ينظر: "مغني المحتاج" [4/ 426] ، "أدب القضاء" لابن أبي الدم [1/ 175] ، "نهاية المحتاج" [8/ 277] ، "حاشية الدسوقي" [4/ 164] ، "الدرر" [2/ 370] ، "الفتاوي الهندية" [3/ 450] .
2 أخرجه البيهقي [10/ 156] ، كتاب الشهادات: باب التحفظ في الشهادة والعلم بها، والحاكم [4/ 98] ، والعقيلي [4/ 70] ، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 18] ، وابن عدي [6/ 2213] ، كلهم من حديث محمد بن سليمان بن مسمول ثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عند أبي نعيم هرم عن أبيه لم يذكر الحاكم عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه، ذكر عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل يشهد شهادة ... فذكر الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن الحديث واه فعمرو قال ابن عدي كان يسرق الحديث، وابن مسمول: ضعفه غير واحد.
ونقل العقيلي عن البخاري أنه قال: سمعت الحميدي يتكلم في محمد بن سليمان بن مسمول المسمولي المخزومي. وأعله أيضاً ابن عدي به، كذا في "نصب الراية" [4/ 82] ، وقال الزيلعي: وأسند ابن عدي تضعيفه عن النسائي، ووافقه، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه إسناداً ولا متناً، انتهى.
قال العجلوني في "كشف الخفا" [2/ 93- 94] : ورواه الطبراني والديلمي أيضاً عن ابن عمر. =(4/478)
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنُ مَسْمُولٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.
حَدِيثُ: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ"، الْعُقَيْلِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَقَالَ: لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَتَفَرَّدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِمَامِ عَنْهُ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي "التَّذْكِرَةِ": رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى أَيْضًا، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ "إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الهاشمي"، وصرح الصغاني بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ.
حَدِيثُ: "لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك، أَوْ يَمِينُهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ دُونَ قَوْلِهِ "لَيْسَ لَك إلَّا"، وَسَيَأْتِي فِي "الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ".
2108- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى أَهْلِ دِينٍ، إلَّا الْمُسْلِمُونَ؛ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ شَاذَانَ؛ كُنْت عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَسَمِعْت شَيْخًا يُحَدِّثُ عَنْ يحيى أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نحوه، وَأَتَمَّ مِنْهُ2، قَالَ شَاذَانُ: فَسَأَلْت عَنْ اسْمِ الشَّيْخِ فَقَالُوا: عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، وَعُمَرُ ضَعِيفٌ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَفِي مُعَارَضَةِ حَدِيثِ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ"، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ3، وَفِي إسناده مجالد، وهو سيء الْحِفْظِ.
__________
= وقال النجم بعد أن عزاه بلفظ الترجمة للسخاوي: لا يعرف بهذا اللفظ، وأقول: لا يظهر المراد منه فتأمل.
وزاد النجم: حديث على مثلها فاشهد أو فدع، قال: أورده الرافعي بلفظ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الشهادة، فقال للسائل: "ترى الشمس"؟
قال: نعم.
قال: على مثلها فاشهد أو فدع.
قال ابن الملقن: وهو غريب بهذا اللفظ، انتهى.
1 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" [3/ 84] ، في ترجمة عبد الصمد بن علي الهاشمي، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" [2/ 760- 761] ، قال ابن الجوزي: قال ابن الجوزي: قال الخطيب: تفرد بروايته عبد الصمد بن موسى وقد ضعفوه.
2 أخرجه البيهقي [10/ 163] ، كتاب الشهادات: باب من رد شهادة أهل الذمة.
3 أخرجه ابن ماجة [2/ 794] ، كتاب الأحكام: باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض، حديث [2374] ، والبيهقي [10/ 165- 166] ، كتاب الشهادات: باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر. =(4/479)
2109- حَدِيثُ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ"، أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ1، وَسِيَاقُهُمْ أَتَمُّ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ، إلَّا عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ2، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الشَّامِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا إسْنَادُهُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي "الْعِلَلِ": مُنْكَرٌ، وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَشَيْخُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْفَارِسِيُّ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يَصِحُّ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2110- قَوْلُهُ: اُشْتُهِرَ فِي الْخَبَرِ: مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ، إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا"، قُلْت: الْمَشْهُورُ بِلَفْظِ: "مَا مِنْ آدَمِيٍّ إلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، أَوْ عَمِلَهَا، إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، لَمْ يَهُمَّ بِخَطِيئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا"، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَلَفْظُهُمَا: "مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إلَّا قَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا" 3، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، وَهُمَا
__________
=قال البيهقي: هكذا رواه أبو خالد الأحمر عن مجالد وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه غير مرفوع.
قال البوصيري في "الزوئد" [2/ 233] : هذا إسناد ضعيف من أجل مجالد بن سعيد.
1 أخرجه أبو داود [2/ 330] ، كتاب الأقضية: باب من ترد شهادته رقم [3601] ، والبيهقي [10/ 155] ، كتاب الشهادات: باب لا تقبل شهادته، وزاد فيه ولا محدود، [10/ 201، 202] ، كتاب الشهادات: باب لاتقبل شهادة خائن ولا خائنة ... ، وابن ماجة [2/ 792] ، كتاب الأحاكم: باب من لا تجوز شهادته، رقم [3366] ، وزاد ولا محدود في الإسلام، وأحمد [2/ 208] ، وزاد ولا محدود، ولم يذكر ولا زان ولا زنية، والدارقطني [4/ 244] ، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره: باب في المرأة تقتل إذا ارتدت، ولم يذكر ولا زان ولا زانية، وزاد، ولا محمد في الإسلام، برقم [144] وعبد الرزاق [8/ 319] ، كتاب الشهادات: باب لا يقبل منهم ... رقم [15362] ، وزاد نقص، رقم [15363، 15363] ، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه.
2 أخرجه الترمذي [4/ 545] ، كتاب الشهادات: باب ما جاء فيمن لا تجوز شهادته، حديث [2298] ، والدارقطني [4/ 244] ، برقم [145] ، والبيهقي [10/ 155] ، كتاب الشهادات: باب من لا تقبل شهادته.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، ويزيد يضعف في الحديث، ولا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من حديثه ا. هـ.
قال الدراقطني: يزيد هذا ضعيف لا يحتج به.
3 أخرجه أحمد [1/ 254، 292] ، وأبو يعلى [4/ 418] ، برقم [2544] والحاكم في "المستدرك" [2/ 591] ، والحديث سكت عنه الحاكم وقال الذهبي: إسناده جيد. =(4/480)
ضَعِيفَانِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الطَّبَرَانِيِّ في "الأوسط"، و"كامل" ابْنِ عَدِيٍّ، فِي "تَرْجَمَةِ حَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ"1، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى الْحَسَنِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا2، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا أَيْضًا3.
2111- حَدِيثُ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ4، وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ إلَى تَخْرِيجِ مُسْلِمٍ.
2112- حَدِيثُ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ؛ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ ودمه" 5، مسلم بلفظ: "غمس"، بَدَلَ: "صَبَغَ"، وَقَالَ أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا الْجُعَيْدُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخِطْمِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَسْأَلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
__________
= قال الهيثمي في "مجمع الزوئد" [8/ 212] ، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني وفيه علي بن زيد وضعفه الجمهور وقد وثق، وبقية رجال "الصحيح".
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [6/ 212] ، برقم [3606] ، وابن عدي في "الكامل" [2/ 651] ، وقال: وحجاج روى عن الليث أحاديث منكرة.
2 أخرجه البيهقي [10/ 186] ، كتاب الشهادات: في جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 345] ، في كتاب الفضائل: باب ما ذكر في يحيى بن زكريا عليه السلام، حديث [31907] ، مرسلاً عن سعيد بن المسيب من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه مرقوفاً عليه.
4 أخرجه أبو داود [2/ 702] ، كتاب الأدب: باب في النهي عن اللعب بالنرد [4938] ، وأحمد [4/ 394، 397، 400] ، وابن ماجة [2/ 1237] ، كتاب الأدب: باب اللعب بالنرد [3762] ، والحاكم في "المستدرك" [1/ 50] ، كتاب الأيمان: باب من لعب بالنرد فقد عصى، ومالك [2/ 958] ، كتاب الرؤيا: باب ما جاء في النرد، حديث [6] ، والحاكم [1/ 50] ، والبيهقي في "شعب الإيمان" [5/ 237] ، باب تحريم الملاعب والملاهي، رقم [6498] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لوهم رفع لعبد الله بن مسعود بن أبي هند لسوء حفظه فيه، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه مسلم [4/ 1770] ، كتاب الشعر: باب تحريم اللعب بالنردشير، رقم [2260] ، وأبو داود [2/ 702] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في النهي عن اللعب بالنرد، رقم [4939] ، وابن ماجة [2/ 1238] ، كتاب الأدب: باب اللعب بالنرد، رقم [3763] ، والبيهقي [10/ 214] ، كتاب الشهادات: باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من كراهية اللعب بالشيء من الملاهي، وأحمد [5/ 352- 357- 361] ، والبخاري في "الأدب المفرد": باب إثم من لعب بالنرد، رقم [1274] ، وابن حبان [13/ 183] ، كتاب الحظر والإباحة: باب ذكر الإخبار عن وصف اللاعب بالنرد في التمثيل، رقم [5873] .(4/481)
أَخْبَرَنِي: مَا سَمِعْت أَبَاك؟ فَقَالَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَثَلُ الَّذِي يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، مَثَلُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِالْقَيْحِ وَدَمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي".
2113- حَدِيثُ: "الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ"، أَبُو دَاوُد بِدُونِ التَّشْبِيهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا1، وَفِيهِ شَيْخٌ لَمْ يُسَمَّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مَوْقُوفًا2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: "إنَّمَا الْمُرَادُ بِالْغِنَاءِ هُنَا: غِنَى الْمَالِ"، وَرَدَّهُ بعض الأئمة بأن الرواية إنما هي الْغِنَاءِ بِالْمَدِّ، وَأَمَّا غِنَى الْمَالِ فَهُوَ مَقْصُورٌ.
قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَوْقُوفُ؛ فَإِنَّ فِيهِ: "وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ؛ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ"؛ أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ ذِكْرَ اللَّهِ مُقَابِلًا لِلْغِنَاءِ، لِكَوْنِهِ ذِكْرَ الشَّيْطَانِ، كَمَا قَابَلَ الْإِيمَانَ بِالنِّفَاقِ.
2114- حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ –وَاَللَّهِ- الْغِنَاءُ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قَالَ: الْغِنَاءُ، وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ3، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَوْلُهُ: "وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْمَلَاهِي"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: "هُوَ الْغِنَاءُ وَأَشْبَاهُهُ"4.
2115- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ، وَهَذَا
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 282] ، كتاب الأدب: باب كراهية الغناء والزمر، حديث [4927] ، والبهيقي في "السنن الكبر" [10/ 223] ، كتاب الشهادات.
2 ينظر: "السنن الكبرى" للبيهقي [10/ 223] .
3 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 309] ، برقم [1171] ، والحاكم [2/ 411] ، والبيهقي [10/ 223] ، كتاب الشهادات: "باب الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعة ... ".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: حميد هو ابن زياد صالح الحديث.
4 أخرجه البيهقي [10/ 223] .(4/482)
عِيدُنَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ1.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا خَلَا فِي بَيْتِهِ تَرَنَّمَ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ"، ذَكَرَهُ الْمُبَرِّدُ فِي "الْكَامِلِ" فِي قِصَّةٍ، وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ الْمُعَافَى النَّهْرَوَانِيُّ فِي كِتَابِ "الْجَلِيسِ وَالْأَنِيسِ"، وَابْنُ مَنْدَهْ فِي "الْمَعْرِفَةِ" فِي تَرْجَمَةِ أَسْلَمَ الْحَادِي فِي قِصَّةٍ، وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي "التَّرْغِيبِ" شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي قِصَّةٍ.
2116- قَوْلُهُ: "مَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ، عَلَى مَا وَرَدَ مَعْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ"؛ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ: "إذَا لم تستحيي فَاصْنَعْ مَا شِئْت"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ2.
2117- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ؛ "حَرِّكْ بِالْقَوْمِ، فَانْدَفَعَ يَرْتَجِزُ"، النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ
__________
1 أخرجه البخاري [2/ 550] ، كتاب العيدين: باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين وكذلك النساء ومن كان في البيوت، برقم [987] ، [6/ 639] ، كتاب المناقب: باب قصة الجيش برقم [3529] ، ومسلم [2/ 608] ، كتاب العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد. برقم [892/ 17] ، والنسائي [3/ 197] ، كتاب صلاة العيد: باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد، رقم [1597] ، والبيهقي [7/ 92] ، كتاب النكاح: باب مساواة المرأة الرجل في حكم الحجاب والنظر إلى الأجانب [10/ 224] ، كتاب الشهادات: باب الرجل لاينسب نفسه إلى الغناء والا يؤتى لذلك.
2 أخرجه البخاري [6/ 594] ، في أحاديث الأنبياء [3483، 3484] ، و [10/ 540] ، في الأدب: باب إذا لم تستحي فاصنع ما شئت [6120] ، وأخرجه في "الأدب المفرد" ص [175] ، برقم [599] ، وص [378] ، برقم [1320] ، وأبو داود [2/ 668] ، في الأدب: باب في الحياء [4797] ، وابن ماجة [2/ 1400] ، في الزهد، باب الحياء [4183] ، وأحمد [121، 122] ، والطبراني في "الكبير" [651- 661] ، وأحمد وعبد الرزاق [20149] ، والقضاعي في "مسند الشهاب" [1153، 1154، 1155، 1156] ، والبيهقي [10/ 192] ، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 370] ، [8/ 124] ، والخطيب في "التاريخ" [3/ 100] ، [10/ 304] ، والبغوي في "شرح السنة" بتحقيقنا [6/ 542] ، برقم [3491] ، من طريق منصور عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود رفعه به.
ويشهد له حديث حذيفة [5/ 405] ، وأبو نعيم [4/ 371] ، والبزار [2028- كشف أستار] ، والخطيب في "التاريخ" [12/ 135- 136] ، عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش عن حذيفة به.
وقال الهيثمي في "المجمع" [8/ 30] : رواه أحمد والبزار ورجاله رجال "الصحيح".
وينظر شواهده في "المجمع".
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 69- 70] ، كتاب المناقب: باب عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، حديث [8250] .(4/483)
حَدِيثِ قَيْسٍ، عَنْ ابْنِ رَوَاحَةَ مُرْسَلًا1.
2118- حَدِيثُ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.
قُلْت: وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ2، وَلِابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَلِلْبَزَّارِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ4، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الْبَرَاءِ: "زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ" 5، وَهِيَ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ6، وَرَجَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْخَطَّابِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ؛ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا" 7، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُؤَيِّدُ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى.
2119- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ يَقْرَأُ، فَقَالَ: "لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ بِنَحْوِهِ8، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ بِلَفْظٍ أَقْرَبَ إلَى
__________
1 أخرجه النسائي في الموضع السابق برقم [8251] .
2 أخرجه أحمد [4/ 283- 296] ، وأبو داود [2/ 74] ، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1468] ، والنسائي [2/ 179- 180] ، كتاب الافتتاح: باب تزين القرآن بالصوت، حديث [1016] ، وابن ماجة [10/ 426] ، كتاب الإقامة: باب في حسن الصوت بالقرآن، حديث [1342] ، وابن حبان [3/ 25] ، كتاب الرقاق: باب قراءة القرآن، حديث [749] ، وعبد الرزاق [2/ 484، 485] ، في باب حسن الصوت، حديث [4175، 4176] ، والحاكم [1/ 571، 572، 573، 574، 575] ، والبيهقي [2/ 53] ، كتاب الصلاة: باب كيف قراءة المصلي.
وعلقه البخاري في الترجمة [15/ 497] ، في كتاب التوحيد: باب الماهر بالقرآن مع الكرام البررة.
ووصله في خلق أفعال العباد [49، 50] .
3 أخرجه ابن حبان [3/ 27] ، كتاب الرقاق: باب قراءة القرآن، حديث [750] .
4 أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" [2329] ، قال الهيثمي في "المجمع" [7/ 174] : رواه البزار وفيه صالح بن موسى وهو متروك.
5 تقدم تخريجه قريباً.
6 أخرجه الطبراني [11/ 81- 82] ، برقم [1113] .
قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين وفي أحدهما عبد الله بن خراش، وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، ووثقه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.
7 أخرجه الدارمي [2/ 474] ، كتاب الفضائل القرآن: باب التغني بالقرآن، والبيهقي [10/ 229] ، كتاب الشهادات: باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر، والحاكم [1/ 575] .
8 أخرجه البخاري [10/ 113] ، كتاب فضائل القرآن: باب حسن الصوب بالقراءة للقرآن، حديث [5048] ، ومسلم [3/ 337- 338- نووي] ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب استحباب =(4/484)
اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ1.
2120- حَدِيثُ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ"، الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ3، وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4 وَعَائِشَةَ فِي الْحَاكِمِ5، وَعَنْ أَبِي لُبَابَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد6، قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: يَجْهَرُ بِهِ، وَقَالَ وَكِيعٌ: يَسْتَغْنِي بِهِ، وَقِيلَ: غَيْرَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِهِ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ دَاوُد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ بِالْيَرَاعِ فِي غَنَمِهِ"، لَمْ أَجِدْهُ.
2121- قَوْلُهُ: "رُوِيَ عن الصحابة الترخيص فِي الْيَرَاعِ"، يُذْكَرُ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ؛ "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ مِزْمَارًا فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا نَافِعُ، هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا، قُلْت: لَا، قَالَ: فَرَفَعَ إصْبَعَيْهِ عَنْ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا"7، وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ ابْنَ عُمَرَ بِأَنْ يَصْنَعَ مَا صَنَعَ، وَكَذَا لَمْ يَأْمُرْ ابْنُ عُمَرَ بِذَلِكَ نَافِعًا.
__________
= تحسين الصوت بالقرآن، حديث [235، 236/ 793] ، والترمذي [5/ 693] ، كتاب المناقب: باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حديث [3855] ، وابن حبان [16/ 170] ، في كتاب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مناقب الصحابة، حديث [7197] ، والبيهقي [10/ 230- 231] ، كتاب الشهادات: باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر.
1 أخرجه الحاكم [4/ 282] ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري [13/ 510] ، كتاب التوحيد: باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 13- 14] برقم [7527] .
3 أخرجه أحمد [1/ 172، 175، 179] ، وأبو داود [1/ 464] ، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1469، 1470] ، وابن ماجة [1/ 242] ، كتاب الإقامة: باب في حسن الصوت بالقرآن، برقم [1337] ، والحاكم [1/ 569- 570] ، وابن حبان [1/ 327] ، في كتاب العلم، حديث [120] ، والحميدي [1/ 41] ، [76] .
4 أخرجه الحاكم [1/ 570] .
5 أخرجه الحاكم [1/ 570] .
6 أخرجه أبو داود [1/ 464] ، كتاب الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، حديث [1471] .
7 أخرجه أحمد [2/ 8/ 38] ، وأبو داود [4/ 281- 282] ، كتاب الأدب: باب كراهية الغناء والزمر، حديث [4924- 4926] ، كلاهما من طريق الوليد بن مسلم بإسناده إلى نافع ... فذكره.
والوليد يدلس ويسوي. =(4/485)
2122- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ، أَيْ: الدُّفِّ"، التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ1، وَفِي إسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إلْيَاسَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، عِيسَى بن ميمون، وهو ضعف، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، نَعَمْ رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ" 2، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ
__________
= وأخرجه ابن ماجة [1/ 613] ، كتاب النكاح: باب الغناء والدف، حديث [1901] ، من طريق ليث عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنه ... فذكره نحوه.
قال البويصري في "الزوئد" [2/ 91] : وهذا إسناد فيه ليث وهو ابن أبي سليم وقد ضعفه الجمهور.
1 أخرجه الترمذي [3/ 398] ، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح، حديث [1089] ، والبيهقي [7/ 290] ، كتاب الصداق: باب إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 174] ، وابن الجوزي في "العلل المنتاهية" [2/ 627] ، من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف".
قال الترمذي: حديث غريب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث وليس هو عيسى ميمون الذي يروي التفسير عن ابن أبي نجيح ذلك ثقة.
وقال البيهقي: عيسى بن ميمون ضعيف.
وقال ابن الجوزي: عيسى بن ميمون قال ابن حبان: منكر الحديث لا يحتج بروايته.
لكن تابعة ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم به.
أخرجه ابن ماجة [1/ 611] ، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح، حديث [1895] ، والبيهقي [7/ 290] ، كتاب الصدق: باب إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 265] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 137] ، وابن الجوزي في "العلل المنتاهية" [2/ 627] ، من طريق خالد بن إلياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال".
وقال البيهقي: خالد بن إلياس ضعيف.
قال أبو نعيم: هذا حديث مشهور من حديث القاسم عن عائشة تفرد به خالد.
قال ابن الجوزي: خالد بن إلياس قال أحمد بن حنبل: هو متروك الحديث، وقال يحيى: لا يكتب حديثه، ليس بشيء وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتابه حديثه إلا تعجباً.
قال البوصيري في "الزائد" [2/ 87] : هذا إسناد في خالد بن إلياس أبو الهيثم العدوي وهو ضعيف بل نسبه إلى الوضع ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النقاش.
وبالجملة فالحديث ضعيف ختى بمجموع الطريقين عن عائشة كما حكم بذلك الترمذي والبيهقي وابن الجوزي والبوصيري وابن حجر وغيرهم.
2 أخرجه أحمد [4/ 5] ، والبزار [2/ 164- كشف] ، رقم [1433] ، والحاكم [2/ 183] ، وابن حبان [1285- موارد] ، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 328] ، والبيهقي [7/ 288] ، من طريق عبد الله بن وهب قال: حدثني عبد الله بن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن =(4/486)
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ: "فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الضَّرْبُ بِالدُّفِّ" 1.
تَنْبِيهٌ: ادَّعَى الْكَمَالُ جَعْفَرُ الْأُدْفُوِيُّ فِي كِتَابِ "الْإِمْتَاعِ بِأَحْكَامِ السَّمَاعِ"، أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ حَدِيثَ الْبَابِ فِي صَحِيحِهِ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَهْمًا قَبِيحًا.
2123- حَدِيثُ: "أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنِّي نَذَرْت أَنْ أَضْرِبَ بِالدُّفِّ بَيْنَ يَدَيْك إنْ رَجَعْت مِنْ سَفَرِك سَالِمًا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِك"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَسِيَاقُ أَحْمَدَ أَتَمُّ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَعَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْفَاكِهِيُّ فِي "تَارِيخِ مَكَّةَ" بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ "النَّذْرِ".
2124- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِي الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْكُوبَةَ، فِي أَشْيَاءَ عَدَّدَهَا"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا2، وَزَادَ: "وَهُوَ الطَّبْلُ"، وَقَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْكُوبَةِ مِنْ كَلَامِ رَاوِيهِ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حديث ابن عمرو3، وَزَادَ: "وَالْغُبَيْرَاءُ"، وَزَادَ أَحْمَدُ فيه: "والمزمار"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ
__________
= رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعلنوا النكاح".
قال البزار: لا نعلمه عن ابن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 292] ، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجال أحمد ثقات. والحديث صححه ابن حبان أيضاً.
1 أخرجه الترمذي [3/ 398] ، كتاب النكاح: باب ما جاء في إعلان النكاح، حديث [1088] ، والنسائي [6/ 127] ، كتاب النكاح: باب إعلان النكاح بالصوت وضرب الدف، وابن ماجة [1/ 611] ، كتاب النكاح: باب الغناء والدفء حديث [1896] ، وأحمد [3/ 418، 4/ 259] ، وسعيد بن منصور [1/ 202] ، رقم [629] ، والحاكم [2/ 184] ، والبيهقي [7/ 289] ، كتاب النكاح: باب ما يستحب من إظهار النكاح وإباحة الضرب بالدف والطبراني في "الكبير" [19/ 242] ، رقم [542] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 39- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق أبي بلج عن محمد بن حاطب مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن وأبو بلج اسمه يحيى بن أبي سليم، ويقال ابن سليم أيضاً ومحمد بن حاطب قد رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو غلام صغير ا. هـ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أحمد [1/ 274] ، وأبو داود [3/ 331] ، كتاب الأشربة: باب في الأوعية، حديث [3696] ، وابن حبان [12/ 187] ، كتاب الأشربة: فصل في الأشربة، حديث [5365] ، والبيهقي [10/ 221] ، كتاب الشهادات: باب ما جاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها.
3 أخرجه أحمد في "المسند" [2/ 165- 167] ، وأبو داود [3/ 328] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3685] .(4/487)
قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ1.
تَنْبِيهٌ الْغُبَيْرَاءُ: اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَقِيلَ: الطُّنْبُورُ، وَقِيلَ: الْعُودُ، وَقِيلَ: الْبَرْبَطُ، وَقِيلَ: السكركة بِضَمِّ الْكَافِ الْأُولَى وَتَسْكِينِ الرَّاءِ: مِزْرٌ يُصْنَعُ مِنْ الذُّرَةِ أَوْ مِنْ الْقَمْحِ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ"، تَقَدَّمَ فِي "النِّكَاحِ".
2125- قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا، حَتَّى ينظر إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، وَيَزْفِنُونَ، وَالزَّفْنُ: الرَّقْصُ"، مُتَّفَقٌ عليه عن عائشة عن طُرُقٍ2.
2126- قَوْلُهُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ، مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَاسْتَنْشَدَ شِعْرَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِنْ الشَّرِيدِ، وَاسْتَمَعَ إلَيْهِ".
أَمَّا حَسَّانُ: فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اُهْجُوا قُرَيْشًا؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ، فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اُهْجُ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حسان: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِي، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَك نَسَبِي، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ ... "، الْحَدِيثُ بِطُولِهِ، وَفِيهِ الشِّعْرُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ3.
وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ: فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ -يَعْنِي بِذَلِكَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رواحة- قال: [من الطويل] :
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنْ الْفَجْرِ سَاطِعٌ
الْحَدِيثَ4.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
__________
1 أخرجه أحمد [3/ 422] .
2 تقدم تخريجه وهو جزء من حديث دخول أبي بكر الصديق رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان تغنيان.
3 أخرجه مسلم [8/ 286- 287] ، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت، حديث [157/ 2490] .
4 أخرجه البخاري [12/ 181- 182] ، كتاب الأدب: باب هجاء المشركين، حديث [6151] .(4/488)
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ ... " الْأَبْيَاتَ1.
وَأَمَّا الشَّرِيدُ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "هَلْ مَعَك مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هِيهِ، قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهِ، قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ حَتَّى بَلَغْت مِائَةَ بَيْتٍ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "إنْ كَادَ فِي شِعْرِهِ لَيُسْلِمُ" 2.
2127- قَوْلُهُ: "وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الشِّعْرُ كَلَامٌ، فَحَسَنُهُ كَحَسَنِهِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ"، هُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ3، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ حَبِيبٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
2128- حَدِيثُ ابْنِ عمر: "لا نقبل شَهَادَةُ ظَنِينٍ، وَلَا خَصْمٍ"، تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بِزِيَادَةِ "وَاوٍ" بِمَعْنَاهُ.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا هو مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي "النِّهَايَةِ": اعْتَمَدَ
__________
1 أخرجه الترمذي [5/ 139] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في إنشاء الشعر، حديث [2847] .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا، وروى في غير هذا الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.
2 أخرجه أحمد [4/ 390] ، ومسلم [8/ 14] ، في كتاب الشعر، حديث [1/ 2255] ، وابن ماجة [2/ 1236] ، كتاب الأدب: باب الشعر، حديث [3758] ، والترمذي في "الشمائل" [250] ، والحميدي [2/ 353- 354] ، برقم [809] ، والطحاوي في "شرح معاين الآثار" [4/ 300] ، والبيهقي [10/ 226- 227] ، كتاب الشهادات: باب لا بأس باستعمال الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل، والبخاري في "الأدب المفرد" [799، 869] ، والطبراني في "الكبير" [7/ 376- 377] ، برقم [7237- 7239] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 413- بتحقيقنا] ، كتاب الاستئذان وغيره: باب الشعر والرجز، حديث [3293] ، وابن حبان [13/ 98] ، في كتاب الحظر والإباحة: باب الشعر والسجع، حديث [5782] .
3 أخرجه الدارقطني [4/ 155] ، في باب خير الواحد يوجب العمل، حديث [2] .
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني": قال في إسناده عبد العظيم بن حبيب بن رغبان، قال الذهبي في المشتبه والمختلف: عبد العظيم بن حبيب بن رغبان عن أبي حنيفة وطبقته، متروك.
وقال في "الميزان": قال الدراقطني: ليس بثقة.
والحديث أخرجه الدارقطني [4/ 156] ، برقم [3] ، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر نا هشام بن عروة بهذا مثله.
قال العظيم آبادي: عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر هو ابن حفص العمري المدني، قال النسائي وأبو حاتم: متروك، وقال البخاري: يتكلمون فيه: ليس بالقوي، وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن عائشة أنها كانت تقول: الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ الحسن ودع القبيح. انتهى.(4/489)
الشَّافِعِيُّ خَبَرًا صَحِيحًا وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ".
قُلْت: لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَهُ طُرُقٌ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُنَادِيًا: "إنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ، وَلَا ظَنِينٍ".
وَرَوَى أَيْضًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ مُرْسَلًا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ، وَالْحِنَةِ، يَعْنِي: الَّذِي بَيْنَك وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ".
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مِثْلَهُ، وَفِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ".
وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِثْلُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ.
2129- قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا ظَنِينٍ" فِي رِوَايَتِهِ، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا.
2130- حَدِيثُ: "يَجِيءُ قَوْمٌ يُعْطُونَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا، قَالَهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ"، التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ: "خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ... "، الْحَدِيثَ1.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي خطبته وفيه: "ثم يفشوا الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا، وَيَشْهَدَ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا ... "، الْحَدِيثَ2.
2131- حَدِيثُ: "أَلَّا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ3.
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" [15/ 122] ، في كتاب التاريخ: باب أخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، حديث [6729] .
3 أخرجه مسليم [3/ 1344] ، كتاب الأقضية: باب بيان خير الشهود، حديث [19/ 1719] ، وأبو داود [2/ 328] ، كتاب الأقضية: باب في الشهادات، حديث [3596] ، والترمذي [4/ 544] ، كتاب الشهادات: باب ما جاء في الشهداء أيهم خير، حديث [2295، 2296] ، وابن ماجة [2/ 792] ، كتاب الأحكام: باب الرجل عنده الشهادة لا يعلم بها صاحبها، حديث [2364] ، ومالك [2/ 720] ، كتاب الأقضية: باب ما جاء في الشهادات، وأحمد [4/ 115، 5/ 193] ، =(4/490)
فَائِدَةٌ: جُمِعَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَالثَّانِي عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ.
أَوْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى شَاهِدِ الزُّورِ، وَالثَّانِي: عَلَى الشَّاهِدِ عَلَى الشَّيْءِ يُؤَدِّي شَهَادَتَهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَتِهَا.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَيْمَانِ؛ كَمَنْ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ كَذَا، وَوَجْهُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَظِيرُ الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَقَدْ كُرِهَ، وَالثَّانِي عَلَى مَا عَدَا ذَلِكَ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرٍ مُغَيَّبٍ؛ كَمَا يَشْهَدُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ اسْتَعَدَّ لِلْأَدَاءِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى مَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَيُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إلَى أَدَائِهَا، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا لا يعلم بها.
قوله: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَوْبَةُ الْقَاذِفِ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ"، لَمْ أَرَهُ مَرْفُوعًا، وَفِي الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقًا عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: تُبْ نقبل شَهَادَتُك"، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: "الْأَمْرُ عِنْدَنَا إذَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ".
حَدِيثُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، هَذَا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ، وَالصَّوَابُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، كَمَا مَضَى فِي كتاب "الصيال".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَامِلَ خَيْبَرَ بِبَيْعِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ ... "، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الرِّبَا".
قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: "زَنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ مَضَى فِي "اللِّعَانِ".
2132- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ"، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالشَّافِعِيُّ، وَزَادَ فِيهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: "وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ لايرده أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ مِمَّا يَشُدُّهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
__________
=وابن حبان [5079] ، والبيهقي [10/ 159] ، والطبراني في "الكبير" [5183] ، من حديث زيد بن خالد الجهني.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.(4/491)
وَقَالَ الْبَزَّارُ: فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ حِسَانٌ، أَصَحُّهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِي إسْنَادِهِ، كَذَا قَالَ.
وَقَدْ قَالَ عَبَّاسُ الدَّوْرِيُّ فِي "تَارِيخِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ"، عَنْهُ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَعَلَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَيْسًا يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ، قَالَ: وَلَيْسَ مَا لَا يَعْلَمُهُ الطَّحَاوِيُّ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِحَدِيثِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الْأَخْبَارِ كَثْرَةُ رِوَايَةِ الرَّاوِي عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ، بَلْ إذَا رَوَى الثِّقَةُ عَمَّنْ لَا يُنْكَرُ سَمَاعُهُ مِنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، عَلَى أَنَّ قَيْسًا قَدْ تُوبِعَ عَلَيْهِ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَتَابَعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، أَبُو حُذَيْفَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْعِلَلِ": سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ عِنْدِي عَمْرُو مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ سَمِعَ عَمْرُو مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا، وَسَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عِصَامٍ الْبَلْخِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ زَادَ فِيهِ بَيْنَ عَمْرٍو وَابْنِ عَبَّاسٍ "طَاوُسًا" فَهُمْ ضُعَفَاءُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرِوَايَةُ الثِّقَاتِ لَا تُعَلَّلُ بِرِوَايَةِ الضُّعَفَاءِ1.
تَنْبِيهٌ: تقدمت طريقة لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي "أَدَبِ الْقَضَاءِ".
قُلْت: فَلْتُسْتَحْضَرْ هُنَا.
2133- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ2، وَفِي آخِرِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جعفر عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَصَحُّ.
وَقِيلَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ الْبَابِ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ: هُوَ مُرْسَلٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": كَانَ جَعْفَرٌ رُبَّمَا أَرْسَلَهُ، وَرُبَّمَا وَصَلَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: عَبْدُ الْوَهَّابِ وَصَلَهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: "أَتَانِي جَبْرَائِيلُ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَقَالَ: إنَّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ" 3، وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ جِدًّا، رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَتِهِ.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [1/ 238] ، وابن حبان في "المجروحين" [1/ 104] ، في ترجمة إبراهيم بن أبي حية.(4/492)
فَائِدَةٌ: ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" عَدَدَ مَنْ رَوَاهُ فَزَادُوا عَلَى عِشْرِينَ صَحَابِيًّا، وَأَصَحُّ طُرُقِهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "أَدَبِ الْقَضَاءِ".
2134- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اسْتَشَرْت جِبْرِيلَ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ؛ فَأَشَارَ عَلَيَّ بِالْأَمْوَالِ لَا تَعْدُو ذَلِكَ"، الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ" ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "ذَمِّ الْمَلَاهِي" مِنْ طَرِيقِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَهُ وَأَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ1، وَحَمَلَهُ الصُّولِيُّ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَمَاثِيلُ.
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: "أَنَّهُ كان يعلب الشِّطْرَنْجَ اسْتِدْبَارًا"2، الشَّافِعِيُّ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّهُمَا كَانَا يَلْعَبَانِ بِالشِّطْرَنْجِ".
أَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَرَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ.
وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الشِّطْرَنْجِ بِسَنَدِهِ إلَيْهِ.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُغَنِّي، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ السَّحَرِ قَالَ: أَمْسِكِي، فَهَذَا وَقْتُ الِاسْتِغْفَارِ"، لَمْ أَجِدْهُ مَوْصُولًا.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الدُّفَّ بَعَثَ، فَإِذَا كَانَ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْخِتَانِ سَكَتَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا عَمِلَ بِالدِّرَّةِ"، أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: "أُنْبِئْتُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا سَمِعَ صَوْتًا أَنْكَرَهُ، فَإِنْ كَانَ عُرْسًا أَوْ خِتَانًا أَقَرَّهُ".
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَبِي بَكْرَةَ: "تُبْ أَقْبَلُ شَهَادَتَك"3، وَكَانَتْ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [1/ 287] ، كتاب الأدب: باب في اللعب بالشطرنج، حديث [26158] ، والبيهقي [10/ 212] ، كتاب الشهادات: باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج.
2 أخرجه البيهقي في "معرفة السنن الكبرى" [10/ 211] ، كتاب الشهادات: باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج.
من طريق الشافعي قال: كان محمد بن سيرين وهشام بن عروة يلعبان بالشطرنج استدباراً.
قال أحمد: كذا وجدته وأظنه أراد سعيد بن جبير دون ابن سيرين فقد روينا عن ابن سيرين أنه كرهه.
3 أخرجه البخاري [5/ 301] ، كتاب الشهادات: باب شهادة القاذف والسارق والزاني.(4/493)
الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ، وَلَمْ يَتُبْ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَنَا سُفْيَانُ، سَمِعَتْ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ لَا تَجُوزُ، فَأَشْهَدُ لَقَدْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لأبي بكرة: تب نقبل شَهَادَتُك، أَوْ: "إنْ تُبْت قَبِلْت شَهَادَتَك"، قَالَ سُفْيَانُ: سَمَّى الزُّهْرِيُّ الَّذِي أَخْبَرَهُ، فَحَفِظْته وَنَسِيته، وَشَكَكْت فِيهِ، فَلَمَّا قُمْنَا سَأَلْت مَنْ حَضَرَ، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْت: فَهَلْ شَكَكْت فِيمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: لَا، هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ عَنْ سَعِيدٍ بِلَا شَكٍّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ.
وأما قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ وَلَمْ يَتُبْ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ أَبَى أَنْ يَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: جَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا بَكْرَةَ، وَنَافِعًا، وَشِبْلًا، ثُمَّ اسْتَتَابَ نَافِعًا وَشِبْلًا فَتَابَا، فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَاسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فَأَبَى، وَأَقَامَ، فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ، وَكَانَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمِ الْأَفْطَسِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرَةَ إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ لِيُشْهِدَهُ، قَالَ: أَشْهِدْ غَيْرِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وكانت الصحابة يرون عَنْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَسَانِيدِ عَلَى رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَكْبَرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ: "مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ من بعده: أن لا تُقْبَلَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ"، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا، وَزَادَ "وَلَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الطَّلَاقِ"، وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ "الْخَرَاجِ" عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ بِهِ1.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا و"مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَلِيهِ غَيْرُهُنَّ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: "فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ"2، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ، مِنْ ولادات
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 533] ، كتاب الحدود: باب في شهادة النساء في الحدود، حديث [28714] .
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [4/ 39] ، كتاب البيوع والأقضية: باب ما تجوز فيه شهادة النساء، حديث [20708] .(4/494)
النِّسَاءِ وعيوبهن"1.
قَوْلُهُ: "كَانَتْ عَائِشَةُ وَسَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَرْوِينَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، وَيَرْوِي السَّامِعُونَ عَنْهُنَّ، هُوَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ، وَلِجَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رِوَايَةٌ، حَتَّى خَدِيجَةُ الَّتِي مَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَّا زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ؛ فَلَمْ أَجِدْ عَنْهَا شَيْئًا مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا فِيمَنْ دَخَلَ بِهِنَّ، وَأَمَّا غَيْرُ مَنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَفِيهِنَّ مَنْ رَوَتْ، وَفِيهِنَّ مَنْ لَمْ تَرْوِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [8/ 333] ، كتاب الشهادات: باب شهادة المرأة في الرضاع والنفاس، حديث [15427] .(4/495)
كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ
مدخل
...
83- كتاب الدعاوى2 والبينات
2135- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ"، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ قِصَّةٌ3، وَهُوَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: "الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ"، حَسْبُ، وَعَزَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِمُسْلِمٍ فَوَهِمَ، وَزَعَمَ الْأَصِيلِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: "لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ ... " إلَى آخِرِهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُدْرِجَ فِي الْخَبَرِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِابْنِ حِبَّانَ فِي حَدِيثٍ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
2136- حَدِيثُ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ" هُوَ أَوَّلُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"4.
2137- حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَآخَرَ مِنْ كِنْدَةَ، أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِأَبِي ... "، الْحَدِيثَ،
__________
2 عرفها الحنفية بأنها: إضافة الشيء إلى نفسه حاله المنازعة.
وعرفها الشافعية بأنها: إخبار عن وجوب حق على غيره عند الحاكم.
وعرفها المالكية بأنها: خبر مثل الإقرار والشهادة، والفرق بين الثلاثة: أن كان حكمه مقصوراً على قائله فهو الإقرار، وإن لم يقصر على قائله، فإن كان للمخبر فيه نفع فهو الدعوى وإن لم يكن للمخبر فيه نفع فهو الشهادة.
وعرفها الحنابلة بأنها: طلب الشيء زاعماً ملكه.
انظر: "تبيين الحقائق" [4/ 290] ، "فتح القدير" [8/ 152] ، "تكملة حاشية ابن عابدين" [1/ 283] ، "معني المحتاج" [4/ 461] ، و"الشرح الصغير" [2/ 693] ، و"الكافي" [2/ 921] ، "الإشراف" [2/ 351] .
3 تقدم تخريجه.
4 ينظر: السابق.(4/495)
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِتَمَامِهِ1، وَالْحَضْرَمِيُّ هُوَ: وَائِلٌ الْمَذْكُورُ، وَالْكِنْدِيُّ هُوَ: امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ، وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ.
حَدِيثُ: "قَوْلُهُ لِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ"، تَقَدَّمَ فِي "النَّفَقَاتِ".
قَوْلُهُ: فِي قِصَّةِ رُكَانَةَ "كَانَتْ امْرَأَةٌ تَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ تَطْلِيقَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ، فَلَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ"، قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي "الطَّلَاقِ"، وَفِيهِ التَّحْلِيفُ.
2138- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْزَمَ رَجُلًا بَعْدَ مَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِّ صَاحِبِهِ؛ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ"، أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَجِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي شَيْءٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ، فَلَمْ يُقِمْهَا، فَقَالَ لِلْآخَرِ: احْلِفْ، فَحَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هو ماله عِنْدِي شَيْءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلَى، قَدْ فَعَلْت، وَلَكِنْ غُفِرَ لَك بِإِخْلَاصِ قَوْلِ لَا إلَهِ إلَّا اللَّهُ" 2 وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فقال: بل هُوَ عِنْدَك، ادْفَعْ إلَيْهِ حَقَّهُ، ثُمَّ قَالَ: "شَهَادَتُك أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَفَّارَةُ يَمِينِك"، وَفِي رواية أحمد: "فنزل جبرائيل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّهُ كَاذِبٌ، إنَّ لَهُ عِنْدَهُ حَقَّهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَكَفَّارَةُ يَمِينِهِ مَعْرِفَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِأَبِي يَحْيَى، قال: وهو مصدع المعرقب؛ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: إنَّهُ مِصْدَعٌ، وَتَعَقَّبَهُ الْمِزِّيُّ بِأَنَّهُ وَهْمٌ، قَالَ: بَلْ اسْمُهُ زِيَادٌ؛ كَذَا سَمَّاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ3 بِرِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ مُخْتَصَرًا: "أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا فَغُفِرَ لَهُ"، قَالَ: وَشُعْبَةُ أَقْدَمُ سَمَاعًا مِنْ غَيْرِهِ4، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ
__________
1 أخرجه مسلم [1/ 437- نووي] ، كتاب الأيمان: باب وعبد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة، حديث [224، 224/ 139] .
2 أخرجه أحمد [1/ 235، 288، 296، 322] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 489] ، كتاب القضاء: باب كيف اليمين وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين للخير فيه، حديث [606، 6007] ، والحاكم [4/ 95- 96] ، والبيهقي [10/ 37] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي في "المجمع" [10/ 86] : رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
والحديث أخرجه أبو داود طرفاً منه [3/ 311] ، كتاب الأقضية: باب كيف اليمين، حديث [3620] .
3 "العلل" [1/ 441- 442] ، برقم [1327] .
4 أخرجه البيهقي [10/ 37] ، كتاب الأيمان: باب ما جاء في اليمين الغموس، والبزار برقم [3068] ، وأبو يعلى [6/ 104- 105] ، برقم [3368] ، كلهم من طريق الحارث بن عبيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به. =(4/496)
ثَابِتٍ1، عَنْهُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قُلْت: أَخْرَجَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ هُوَ أَبُو قُدَامَةَ.
رواه أحمد بن حنبل في مسنده من هذا الطريق ثم قال: قال حماد لم يسمع هذا ثابت من ابن عمر بينهما رجل2 انتهى وهو الحديث الثاني والثمانون بعد المائتين من مسند ابن عمر في جامع ابن الجوزي.
2139- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ3، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُوقٍ؛ لَا يُعْرَفُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَرَوَاهُ تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ نَافِعٍ.
2140- حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: "أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعِيرٍ، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ، فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ
__________
= والحديث أورده الذهبي في "الميزان" [2/ 174] ، في ترجمتة الحارث بن عبيد وهو أبو قدامة الإبادي البصري المؤذن من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوئد" [10/ 86] ، وقال: رواه البزار وأبو يعلى ورجالهما رجال "الصحيح" قلت: بل معلول بالحارث.
قال عنه أحمد: مضطرب الحديث.
وقال ابن معين: ضعيف.
وقال مرة: ليس بشيء.
وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي.
وقال ابن حبان: كان ممن كثر وهمه.
وقال الفلاس: رأيت ابن مهدي يحدث عن أبي قدامة وقال: ما رأيت إلا خيراً.
نظر: "ميزان الاعتدال" للذهبي.
1 أخرجه أحمد [2/ 118، 127] ، والبيهقي [10/ 37] ، كتاب الأيمان: باب ما جاء في اليمين الغموس.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [10/ 86] : رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، ورجالهما رجال "الصحيح" إلا أن حماد بن سلمة قال: لم يسمع ثابت هذا من ابن عمر رضي الله عنهما بينهما رجل.
2 "المسند" [2/ 127] .
3 أخرجه الدارقطني [4/ 213] ، كتاب في الأقضية والأحكام: باب كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رقم [34] ، والحاكم [4/ 100] ، والبيهقي [10/ 184] ، كتاب الشهادات: باب النكول ورد اليمين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: لا أعرف محمداً وأخشى أن لا يكون الحديث باطلاً.(4/497)
وَالْبَيْهَقِيُّ1، وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى قَتَادَةَ، وَقَالَ: هُوَ مَعْلُولٌ؛ فَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، فَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى.
وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، قَالَ: "أُنْبِئْت أَنَّ رَجُلًا" 3، قَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: أَنَا حَدَّثْت أَبَا بُرْدَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ4، فَعَلَى هَذَا لَمْ يَسْمَعْ أَبُو بُرْدَةَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ5، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرْسَلًا، قَالَ حَمَّادٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْت بِهِ أَبَا بُرْدَةَ6، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ سِمَاكٍ
__________
1 أخرجه أبو داود [2/ 334] ، كتاب الأقضية: باب الرجلين يدعيان شيئاً وليس بينهما بينة رقم [3613] ، والنسائي [8/ 248] ، كتاب القضاة: باب القضاء فيمن لم تكن له بينة، رقم [5424] ، وابن ماجة [2330] ، والحاكم [4/ 94- 95] ، والبيهقي [10/ 257] ، كتاب الدعوى والبينات: باب المتداعيين يتنازعان شيئاً في أيديهما معاً ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه ابن حبان [11/ 457] ، في كتاب القضاء، حديث [5068] ، والبيهقي [10/ 258] ، كتاب الدعوى والبينات: باب المتداعيين يتنازعان شيئاً في أيديهما معاً ويقيم بينة بدعواه.
والحديث أخرجه أبو داود [3/ 311] ، كتاب الأقضية: باب الرجلين يدعيان شيئاً وليس لهما بينة، حديث [3618] ، وابن ماجة [2/ 780] ، كتاب الأحكام: باب الرجلين يدعيان السلعة وليس بينهما بينة، حديث [2329] ، كلاهما من طريق أبو بكر بن أبي شيبة ثنا خالد بن الحارث ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه ذكر أن رجلين ادعيا دابة ولم يكن بينهما بينة، فأمرهما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستهما على اليمين.
وأخرجه الدارقطني [4/ 211] ، في كتاب عمر إلى أبي موسى برقم [27] ، من طريق خالد به.
وأخرجه أبو داود [3/ 311] ، كتاب الأقضية: باب الرجلين يدعيان شيئاً وليس لهما بينة، حديث [3616] ، وابن ماجة [2/ 786] ، كتاب الأحكام: باب القضاء بالقرعة، حديث [2346] ، كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رجلين اختصما في متاع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس لواحد منهما ببنة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "استهما على اليمين ما كان أحبا ذلك أو كرها".
3 أخرجه البيهقي [10/ 258] ، كتاب الدعوى والبينات: باب المتداعيين يتنازعان شيئاً في أيديهما معاً ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه.
4 نقله عنه البيهقي في المصدر السابق من طريق الترمذي.
5 الإمام الثبت الحافظ المجود: أبو كامل البغدادي، أصله خرساني.
وثقه أبو داود والنسائي.
"سير أعلام النبلاء" [10/ 124] .
6 ينظر: "علل الدارقطني" [7/ 204] ، و"تحفة الأشراف" للمزي [6/ 452- 453] .(4/498)
مُرْسَلًا1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ بَيْنَهُمَا"2، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِذِكْرِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فِيهِ بِإِسْنَادَيْنِ3، فِي أَحَدِهِمَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَالرَّاوِي عَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَفِي الْآخَرِ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ، وَالثَّلَاثَةُ ضُعَفَاءُ.
2141- حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا دَابَّةً، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ4.
2142- حَدِيثُ: "أَنَّ خَصْمَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشُّهُودِ، فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى لِمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ"، أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَحْوَهُ5، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ، وَفِيهِ شَيْخُهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيّ، وَهُوَ مِنْ أَوْهَامِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا، وَقَالَ: اُعْتُضِدَ هَذَا الْمُرْسَلُ بِطَرِيقٍ أُخْرَى، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
__________
1 ينظر المصدرين السابقين، والبيهقي [10/ 258] ، ولمزيد القائدة يرجع "تحفة الأشراف" و"علل الدراقطني" ففيهما تفصيل جيد فلينظر.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 371] ، كتاب البيوع: باب في الرجلين يختصمان في الشيء فيقيم أحدهما بينته، حديث [21157] .
3 أخرجه الطبراني [2/ 204] ، برقم [1834] من طريق ياسين الزيات عن سماك بن حرب عن مقيم بن طرفة عن جابر رضي الله عنه ... فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 206] : رواه الطبراني في "الكبير" وفيه ياسين الزيات وهو متروك.
وأخرجه الطبراني برقم [1835] ، من طريق سويد بن عبد العزيز عن الحجاج بن أرطأة عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر رضي الله عنه به، وسويد لين الحديث، وحجاج كثير الخطأ والتدليس.
ينظر: "التقريب" [1/ 340، 152] .
4 أخرجه الدارقطني [4/ 209] ، كتاب في الأقضية والأحكام: باب كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رقم [21] ، والبيهقي [10/ 256] ، كتاب الدعوى والبينات: باب المتداعيين يتنازعان شيئاً في يد أحدهما ويقيم كل واحد منهما على ذلك بينة.
كلاهما من طريق يزيد عند البيهقي [زيد] بن نعيم نا محمد بن الحسن نا أبو حنيفة عن هيثم الصيرفي عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه أن رجلين اختصما في ناقة فقال كل واحد منهما نتجت هذه عندي ... الحديث.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [4/ 209] : يزيد بن نعيم رأيت في بعض الهوامش المعتمدة أن ابن القطان قال: لا يعرف حاله والله أعلم وأما الذهبي فما ذكره في "الميزان" ا. هـ.
5 تقدم تخريجه.(4/499)
نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ، مَوْقُوفًا.
2143- حَدِيثُ عُمَرَ: "فِي تَحْوِيلِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي"، ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا فَوَطِئَ عَلَى إصْبَعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَبَرِئَ مِنْهَا، فَمَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِمْ: تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا، فَأَبَوْا وَتَحَرَّجُوا، فَقَالَ لِلْآخَرِينَ: "احْلِفُوا أَنْتُمْ فَأَبَوْا"1، وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ2 فِي الْوَاضِحَةِ: أَنَا أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شريج: أَنَّ سَالِمَ بْنَ غِيلَانَ النحيبي أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ طَلِبَةٌ عِنْدَ أَحَدٍ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْمَطْلُوبُ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ، وَأَخَذَ"، وَهَذَا مُرْسَلٌ.
حَدِيثُ تَغْلِيظِ الْيَمِينِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ، فَقَالَ: أَعَلَى دَمٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْأَمْوَالِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: "خَشِيت أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ"، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَحْلَفَ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَغَيْرَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ عَلَى دَمٍ.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 851] ، كتاب العقول: باب دية الخطأ في القتل، حديث [4] ، ومن طريقه الشافعي في "الأم" [7/ 75] ، كتاب الدعوى والبينات: باب رد اليمين ومن طريق الشافعي والبيهقي [10/ 183- 184] ، كتاب الشهادات: باب النكول ورد اليمين.
2 عبد الملك بن حبيب القرطبي أحد الأئمة ومصنف الواضحة، كثير الوهم صحفي، وكان ابن حزم يقول: ليس بثقة.
قال أبو بكر: وضعفه غير واحد، ثم قال: وبعضهم اتهمه بالكذب.
وقال ابن حزم: ورايته ساقطة مطرحة.(4/500)
بَابُ الْقَافَةِ3
2144- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ، نَظَرَ إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زيد، قد غطيا رؤوسهما بِقَطِيفَةٍ، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4، قَالَ الرَّافِعِيُّ: "كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَقْنَى
__________
3 أخرجه الشافعي في "الأم" [7/ 71] ، كتاب الدعوى والبينات: باب اليمين مع الشاهد.
ومن طريقه البيهقي [10/ 176] ، كتاب الشهادات: باب تأكيد اليمين بالمكان.
4 أخرجه البخاري [12/ 56] ، كتاب الفرائض: باب القائف، حديث [6770] ، ومسلم [2/ 1081] ، كتاب الرضاع: باب العمل بإلحاق القائف الولد، حديث [38/ 1459] ، وأبو داود [2/ 698] ، كتاب الطلاق: باب في القافة، حديث [2267] ، والترمذي [4/ 440] ، كتاب =(4/500)
الْأَنْفَ أَسْوَدَ، وَكَانَ زَيْدٌ قَصِيرًا أَخْنَسَ الْأَنْفِ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَقَصَدُوا بِالطَّعْنِ مُغَايَظَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا حِبَّهُ، فَلَمَّا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ، وَلَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا؛ سَرَّهُ ذَلِكَ، انْتَهَى.
فَأَمَّا أَلْوَانُهُمَا، فَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ، وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: كَانَ زَيْدٌ شَدِيدَ الْبَيَاضِ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ زَيْدٌ أَشْقَرَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ كَاللَّيْلِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُمَا كَانَا حِبَّهُ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ" 1، وَنَقَلَ عِيَاضٌ: أَنَّ زَيْدًا كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ، وَكَانَ ابْنُهُ أُسَامَةُ أَسْوَدَ.
قَوْلُهُ: "يُرْوَى عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ دَعَا قَائِفًا فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا مَوْلُودًا"، الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَى عُرْوَةَ: "أَنَّ عُمَرَ دَعَا قَائِفًا"، فَذَكَرَهُ2 وَعُرْوَةُ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ شَكَّ فِي ابْنٍ لَهُ، فَدَعَا الْقَائِفَ"، الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ3.
__________
= الولاء والهبة، حديث [2129] ، والنسائي [6/ 184] ، كتاب الطلاق: باب القافة، وابن ماجة [2/ 787] ، كتاب الأحكام: باب القافة، حديث [2349] ، وأحمد [6/ 226] ، والدارقطني [4/ 240] ، كتاب الأقضية والأحكام، رقم [128] ، والبيهقي [10/ 262] ، كتاب الدعوى البينات: باب القافة ودعوى الولد، من حديث عائشة.
1 أخرجه البخاري [8/ 501- 502] ، كتاب المغازي: باب بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه، حديث [4468- 4469] ، ومسلم [8/ 201- نووي] ، كتاب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، حديث [63، 64/ 2426] ، وأحمد [2/ 20، 89، 106] ، والترمذي [5/ 676- 677] ، كتاب المناقب: باب مناقب زيد بن حارثة رضي الله عنه، حديث [3816] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 52] ، كتاب المناقب: باب زيد بن حارثة رضي الله عنه، حديث [8181] .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه مالك [2/ 840] ، كتاب الأقضية: باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه، حديث [22] ، عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن عمر ومن طريقه الشافعي، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "المعرفة" [7/ 470] ، كتاب الدععوى: باب القافة ودعوى الولد، حديث [6001] ، وأخرجه أيضاً من طريق الشافعي قال: أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري عن عروة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم [6002] .
3 أخرجه البيهقي في "المعرفة" [7/ 471] ، كتاب الدعوى: باب القافة ودعوى الولد، حديث [6003] ، من طريق الشافعي، وفي "السنن الكبرى" [10/ 264] ، كتاب الدعوى والبينات: باب القافة ودعوى الولد.(4/501)
قَوْلُهُ: "يُرْوَى عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ رَجَعُوا إلَى بَنِي مُدْلِجٍ، دُونَ سَائِرِ النَّاسِ"، لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا.(4/502)
كِتَابُ العتق
مدخل
...
84- كتاب الْعِتْقِ1
2145- حَدِيثُ: "مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَفِيهِ تَقْيِيدُ الرَّقَبَةِ بِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَوَاثِلَةَ، وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، وَمُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي "الْوَصَايَا".
2146- قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، كَانَ فِدَاؤُهُ مِنْ النَّارِ"، أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ3.
__________
1 العتق لغة: الحرية، يقال منه: عتق يعتق عتقاً: بكسر العين وفتحها، عن صاحب "المحكم"، وغيره، وعتيقة وعتاقاً وعتاقة فهو عتيق، وعاتق، حكاها الجوهري، وهم عتقاء، وأمة عتيق، وعتيقة، وإماء عتائق، وحلف بالعتاق، يفتح العين، أي: بالإعتاق. قال الأزهري: هو مشتق من قولهم: عتق الفرس: إذا سبق ونجا، وعتق الفرخ: إذا طار واستقل، لأن العبد يتخلص بالعتق، ويذهب حيث يشاء. قال الأزهري، وغيره: إنما قيل لمن أعتق نسمة: إنه أعتق رقبة، وفك رقبة، فخصت الرقبة دون سائر الأعضاء، مع أن العتق يتناول الجميع، لأن حكم السيد عليه، وملكه له كحبل في رقته، وكالغل المانع له من الخروج، فإذا أعتق فكأن رقبته أطلقت من ذلك.
انظر: "ترتيب القاموس" [3/ 129] .
اصطلاحاً: عرفه الحنفية بأنه: خروج الرقيق عن الملك لله تعالى.
عرفه الشافعية بأنه: إزالة الرق عن الآدمي.
عرفه المالكية بأنه: خلوص الرقيق من الرق بصيغة.
عرفه الحنابلة بأنه: تحرير الرقيق وتخليصه من الرق.
انظر: "البحر الرائق" [4/ 238] ، "تبيين الحقائق" [3/ 66] ، "مغني المحتاج" [4/ 491] ، "بلغة السالك" [2/ 441] ، "كشاف القناع" [4/ 508] ، "الكافي" [2/ 961] ، "الإشراف" [2/ 371] .
2 أخرجه البخاري [11/ 599] ، كتاب كفارات الأيمان: باب قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] ، حديث [6715] ، ومسلم [2/ 1147] ، كتاب العتق: باب فضل العتق، حديث [23/ 1509] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 168] ، كتاب العتق: باب فضل العتق، حديث [4875] ، والترمذي [4/ 97] ، كتاب النذور والأيمان: باب ما جاء في ثواب من أعتق رقبة، حديث [1541] ، وأحمد [2/ 420، 422، 529] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [968] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 310- 311] ، والبيهقي [6/ 273] ، والخطيب في "تارخ بغداد" [5/ 225] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 252- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة مرفوعاً.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
3 أخرجه أحمد [4/ 147] ، والطيالسي [1/ 243] ، [1193] ، وأبو يعلى [1760] ، والحاكم [2/ 211] ، وصححه ووافقه الذهبي. =(4/502)
2147- حَدِيثُ: "أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا؛ كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ ... "، الْحَدِيثَ، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ1، وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى2.
2148- حَدِيثُ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، عَتَقَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ، إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَعَتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ؛ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، فَهُوَ عَتِيقٌ"، مُتَّفَقٌ عليه بهذه الألفاظ كلها وَزِيَادَةٍ3.
__________
= وقال الهيثمي في "المجمع" [4/ 245] : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله رجال "الصحيح" خلا قيس الجذامي، ولم يضعفه أحمد.
وينظر: سنن النسائي في "الكبرى" [3/ 168- 171] ، و"شرح السنة" [5/ 252- 255] ، و"المستدرك" [2/ 211- 213] ، و"نصب الراية" [3/ 277- 278] .
1 أخرجه أبو داود [3966] ، والترمذي [1634] ، في فضائل الجهاد، والنسائي [6/ 26] ، في الجهاد: باب ثواب من رمى في سبيل الله، وأحمد [4/ 113، 386] ، مرفوعاً ومن أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار.
وسعيد بن منصور [2419، 2420] ، والطبراني في "تفسيره" [30/ 129] ، والدولابي في "الكنى" [1/ 90] ، وابن حبان [4297] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [1/ 310] ، والبيقهي [9/ 161] .
2 أخرجه أحمد [4/ 404] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 169] ، كتاب العتق: فضل في العتق، حديث [4878] ، وفي الباب عن أبي هريرة وكعب بن مرة رضي الله عنهما.
فأما حديث أبي هريرة.
أخرجه البخاري [5/ 174] ، في العتق: باب في العتق وفضله [2517] ، [1/ 607] ، في كفارات الأيمان: باب قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [6715] ، ومسلم [2/ 1047] ، في العتق: باب فضل العتق [23/ 1509] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 168] ، في العتق: فضل العتق [4874- 4876] [2/ 420، 422، 429، 430، 447، 525] ، والبيهقي [10/ 271] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 252، 409] ، من طريق عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة مرفوعاً، من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله كل عضو منه عضواً من النار حتى يعتق فرجه بفرجه.
فأما حديث كعب بن مرة فرواه أبو داود [2/ 425] ، في العتق: باب أي الرقاب أفضل؟ [39] ، وابن ماجة [2/ 843] ، في العتق: باب العتق [2522] ، والنسائي في "الكبيرى" [3/ 169- 170] ، [4880- 4884] ، وأحمد [4/ 235] ، مرفوعاً: من أعتق امرأ مسلماً كان فكاكه من النار، يجزئ كل عظم منه بكر عظم منه، ومن أعتق امرأتين مسلمتين، كانتا فكاكه من النار، يجزئ بكل عظمتين منهما عظم منه.
3 أخرجه مالك [2/ 772] ، كتاب العتق والولاء: باب من أعتق شركاً له في مملوك، حديث [1] ، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 66] ، كتاب العتق: باب ما جاء في العتق =(4/503)
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا يُجْزِئُ وَلَدٌ وَالِدَهُ، إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ"،
__________
= وحق المملوك، حديث [217] ، والبخاري [5/ 151] ، كتاب العتق: باب إذا أعتق عبداً بين اثنين، حديث [2522] ، ومسلم [2/ 1139] ، كتاب العتق، حديث [1/ 1501] ، وأبو داود [4/ 256] ، كتاب العتق: باب من روى أنه لا يستسعي، حديث [3940] ، وابن ماجة [2/ 844] ، كتاب العتق، باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [2528] ، وابن الجارود في "المنتقى"، حديث [970] ، وأبو يعلى [10/ 177] ، رقم [5802] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 106] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين الرجلين فيعتقه أحدهما، وأحمد [2/ 112، 156] ، البيهقي [10/ 274] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً في عبد وهو موسر، وأبو نعيم في "الحلية" [9/ 160] ، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أعتق شركاً له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق".
وقد اختلف في زيادة "فقد عتق منه ما عتق" هل هي في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم هي من قول نافع رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر بهذه الزيادة من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمالك وجرير بن حازم عبيد الله بن عمر وإسماعيل بن أمية.
أما رواية مالك فقد تقدمت وهي الرواية السابقة.
أما رواية جرير بن حازم:
فأخرجها مسلم [3/ 1286] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [49/ 1501] ، وأحمد [2/ 105] ، والبيهقي [10/ 279] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً في عبد وهو معسر، كلهم من طريق جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر به بلفظ: من أعتق نصيباً له في عبد فكان له من المال قدر ما يبلغ قيمته قوم عليه قيمة عدل وإلا فقد عتق منه ما عتق.
أما رواية عبيد الله بن عمر:
فأخرجها البخاري [5/ 151] ، كتاب العتق: باب إذا أعتق عبد بين اثنين، حديث [2523] ، ومسلم [3/ 1286] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [48/ 1051] ، وأبو داود [4/ 257] ، كتاب العتق: باب من روى أنه لا يستسعي، حديث [3943] ، وأحمد [2/ 142] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 106] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين الرجلين فيعتقه أحدهما، والدارقطني [4/ 123- 124] ، كتاب المكاتب، حديث [7] ، والبيهقي [10/ 280] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو معسر، كلهم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أعتق شركاً له في مملوك فعليه عتقه كله إن كان له مال يبلغ ثمنه، فإن لم يكن له مال يقوم عليه قيمة عدل المعتق فأعتق منه ما أعتق". هذا لفظ البخاري.
أما رواية إسماعيل بن أمية:
فأخرجها الدارقطني [4/ 123- 124] ، كتاب المكاتب، حديث [7] ، من طريق إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أعتق شركاً له في عبد أقيم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه وعتق عليه العبد إن كان موسراً وإلا عتق منه ما عتق، ورق ما بقي".
ومن هذه الروايات نجد أنه قد اتفق على رواية هذا الحديث بزيادة "وإلا عتق منه ما عتق" كل من مالك وجرير بن حازم وعبيد الله بن عمر وإسماعيل بن أمية. =(4/504)
مُسْلِمٌ، وَتَقَدَّمَ فِي "خِيَارِ الْمَجْلِسِ".
__________
= وقد رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر بدون هذه الزيادة وهم: جويرية بن أسماء ومحمد بن إسحاق ولليث بن سعد وموسى بن عقبة وابن أبي ذئب وصخر بن جويرية والزهري وأسامة بن زيد وهشام بن سعد.
رواية جويرية بن أسماء:
أخرجه البخاري [5/ 137] ، كتاب الشركة: باب في الرقيق، حديث [2503] ، وأبو داود [4/ 257] ، كتاب العتق: باب من روى أنه لا يستسعي، حديث [3945] ، والبيهقي [10/ 277] ، كتاب العتق: باب يعتق بالقول ويدفع بالقيمة، من طريق جويرية بن أسماء.
رواية محمد بن إسحاق:
أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 105] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين رجلين فيعتقه أحدهما، من طريق محمد بن إسحاق.
رواية الليث بن سعد:
أخرجها مسلم [3/ 1286] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [49] 1501، وأحمد [2/ 156] ، والبيهقي [10/ 275] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو موسر، من طريق الليث بن سعد.
رواية موسى بن عقبة:
أخرجها البخاري [5/ 151] ، كتاب العتق: باب إذا أعتق عبد بين اثنين، حديث [2525] ، والبيهقي [10/ 275] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو موسر، من طريق موسى بن عقبة.
رواية ابن أبي ذئب:
أخرجها مسلم [3/ 1286] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 106] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين رجلين فيعتقه أحدهما، والبيهقي [10/ 175] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو موسر، كلهم من طريق ابن أبي ذئب.
رواية صخر بن جويرية:
أخرجها الدارقطني [4/ 129] ، كتاب المكاتب: الحديث [13] والطحاوي [3/ 106] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين رجلين فيعتقه أحدهما، من طريق صخر.
رواية الزهري:
أخرجها الدارقطني [4/ 123] ، كتاب المكاتب: حديث [6] ، من طريق الزهري.
رواية أسامة بن زيد:
أخرجها مسلم [3/ 1276] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [49/ 1501] ، والبيهقي [10/ 275] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو موسر، من طريق أسامة بن زيد.
رواية هشام بن سعد:
أخرجه البيهقي [10/ 277] ، كتاب العتق: باب يعتق بالقبول ويدفع بالقيمة من طريق هشام بن سعد، كلهم عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة. =(4/505)
..................................................................................
__________
= وقد رواه أيوب ويحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر وقد شكا في كونها مرفوعة أو هي من قول نافع.
رواية أيوب:
أخرجه البخاري [5/ 151] ، كتاب العتق: باب إذا أعتق عبد بين اثنين، حديث [2524] ، ومسلم [3/ 1286] ، كتاب الأيمان: باب من عتق شركاً له في عبد، حديث [49/ 1501] ، وأحمد [2/ 15] ، وعبد الرزاق [9/ 151] ، رقم [5/ 167] ، وأبو داود [4/ 257] ، كتاب العتق: باب من روى أنه لايستسعي، حديث [3942] ، والترمذي [3/ 629] ، كتاب الأحكام: باب العبد يكون بين الرجلين، حديث [1346] ، والنسائي [7/ 319] ، كتاب البيوع: باب الشركة في الرقيق، والبيهقي [10/ 276- 277] ، كتاب العتق: باب يكون حراً يوم تكلم بالعتق، كلهم من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أعتق نصيباً له في مملوك أو شركاً له في عبد فكان له من المال ما يبلغ قيمته بقيمة العدل فهو عتيق"، قال نافع: وإلا فقد عتق منه ما عتق. قال أيوب: لا أدري أشيء قاله نافع أو شيء في الحديث. لفظ البخاري.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
رواية يحيى بن سعيد:
أخرجه مسلم [3/ 1276] ، كتاب الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [49/ 1501] ، والبيهقي [10/ 277] ، كتاب العتق: باب يعتق بالقول ويدفع بالقيمة، من طريق يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر بمثل رواية أيوب.
قال يحيى: لا أدري شيئاً من قبله كان يقول أي نافع أم هو شيء في الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" [5/ 174] : هذا شك من أيوب في هذه الزيادة المتعلقة بحكم المعسر هل هي موصولة مرفوعة أو منقطعة مقطوعة وقد رواه عبد الوهاب عن أيوب فقال في آخره: وربما قال: وإن لم يكن له مال فقد عتق منه ما عتق، وربما لم يقله وأكثر ظني أنه شيء يقوله نافع من قبله، أخرجه النسائي. وقد وافق أيوب على الشك في رفع هذه الزيادة يحيى بن سعيد عن نافع أخرجه مسلم والنسائي.
ولفظ النسائي: وكان نافع يقول: قال يحيى: لا أدري أشيء كان من قبله يقوله أم شيء في الحديث، فإن لم يكن عنده فقد جاز ما صنع، ورواها من وجه آخر عن يحيى فجزم أنها عن نافع وأخرجها في المرفوع من وجه آخر وجزم مسلم بأن أيوب ويحيى قالا: لا ندري أهو في الحديث أو شيء قاله نافع من قبله. ولم يختلف عن مالك في وصلها ولا عن عبيد الله بن عمر لكن اختلف عليه في إثباتها وحذفها كما تقدم والذين أثبتوها حفاظ فإثباتها عن عبيد الله مقدم وأثبتها أيضاً جرير بن حازم كما سيأتي وإسماعيل بن أمية عند الدارقطني وقد رجح الأئمة رواية من أثبت هذه الزيادة مرفوعة قال الشافعي: لا أحسب عالماً بالحديث يشك في أن مالكاً أحفظ لحديث نافع من أيوب لأنه كان ألزم له منه حتى ولو استويا فشك أحدهما في شيء لم يشك فيه صاحبه كانت الحجة مع من لم يشك ويؤيد ذلك قول عثمان الدارمي: قلت لابن معين مالك في نافع أحب إليك أو أيوب؟ قال: مالك ا. هـ.
وقد توبع نافع على هذا الحديث تابعه سالم بن عبد الله بن عمر. =(4/506)
2149- حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ: "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَهُوَ حُرٌّ" 1، أَحْمَدُ
__________
أخرجه البخاري [5/ 179] ، كتاب العتق: باب إذا أعتق عبداً بين اثنين، حديث [2521] ، ومسلم [3/ 1287] ، كتاب الإيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، حديث [50، 51/ 151] ، وأبو داود [4/ 258] ، كتاب العتق: باب من روى أنه لا يستسعي، حديث [3946] ، والترمذي [3/ 629] ، كتاب الأحكامك باب العبد يكون بين الرجلين، حديث [1347] ، والنسائي [7/ 319] ، كتاب البيوع: باب الشركة في الرقيق، وأحمد [2/ 34] ، وعبد الرزاق [9/ 150] ، رقم [16712] ، والحميدي [2/ 295] ، رقم [670] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 106] ، كتاب العتاق: باب العبد يكون بين رجلين، وابن حبان [4312- الإحسان] ، والبيهقي [10/ 275] ، كتاب العتق: باب من أعتق شركاً له في عبد وهو موسر، كلهم من طريق سالم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "متى أعتق عبداً بين اثنين فإن كان موسراً قوم عليه ثم يعتق".
قال الترمذي: حسن صحيح.
1 أخرجه أبو داود [4/ 259- 260] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا رحم، حديث [3949] ، والترمذي [3/ 646] ، كتاب الأحكام: باب من ملك ذا رحم محرم، حديث [1365] ، والطيالسي [1/ 245- منحة] ، حديث [1205] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [973] ، والطبراني في "الكبير" رقم [6852] ، والحاكم [2/ 214] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر، والبيهقي [10/ 289] ، كتاب العتق: باب من يعتق بالملك، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 261- 262- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
قال الترمذي: لا نعرفه مسنداً إلا من حديث حماد بن سلمة وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن عمر شيئاً من هذا ا. هـ.
ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود [3950] ، من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عمر بن الخطاب من قوله.
وقال أبو داود: سعيد أحفظ من حماد.
وقال الحافظ في "التلخيص" [4/ 212] : قال الترمذي: لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن، رواه شعبة عن قتادة عن الحسن مرسلاً وشعبة أحفظ من حماد ا. هـ.
الحديث أخرجه ابن ماجة [2/ 843] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا رحم فهو حر، حديث [2524] ، والترمذي [3/ 646] ، والحاكم [3/ 638] ، من طريق محمد بن بكر البرساني عن حماد عن قتادة وعاصم الأحول. كلاهما عن الحسن عن سمرة به.
وقال الترمذي: لا نعلم أحداً ذكر في هذا الحدث عاصماً الأحوال عن حماد بن سلمة غير محمد بن بكر ا. هـ.
وقد اختلف في سماع الحسن عن سمرة أيضاً.
لكن للحديث شاهد من حديث ابن عمر:
أخرجه النسائي في "الكبير" [3/ 173] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا رحم محرم، حديث [4897] ، وابن ماجة [2/ 844] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا رحم فهو حر، حديث [2525] ، وابن الحارود في "المنتقى" [972] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، كتاب العتاق: باب من ملك ذا رحم محرم منه، والحاكم [2/ 214] ، كتاب العتق: باب من ملك ذا =(4/507)
وَالْأَرْبَعَةُ، قَالَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ إلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَشُعْبَةُ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ صمرة عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ ضَمْرَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهِمَ فِيهِ ضَمْرَةُ، وَالْمَحْفُوظُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"،
__________
=رحم محرم فهو حر، والبيهقي [10/ 290] ، كتاب العتق: باب من يعتق بالملك، كلهم من طريق ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل حديث سمرة.
وعلقه الترمذي [3/ 647] ، كتاب الأحكام: باب من ملك ذا رحم محرم، حديث [1365] ، وقال: ولا يتابع ضمرة بن ربيعة على هذا الحديث وهو حديث خطأ عند أهل الحديث.
وقال النسائي: هذا حديث منكر.
وقال البيهقي: إنه وهم فاحش والمحفوظ بهذا الإسناد، حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته.
أما الحاكم فقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقد وافقه على تصحيحه ابن حزم في "المحلى" [9/ 202] ، فقال: هذا خبر صحيح تقوم به الحجة كل رواته ثقات وإذا انفرد به ضمرة كان ماذا أو دعوى أنه أخطأ فيه باطل لأنها دعوى بلا برهان ا. هـ.
وصححه أيضاً عبد الحق الأشبيلي وابن القطان.
قال الزيلعي في "نصب الراية" [3/ 279] : قال عبد الحق في "أحكامة": تفرد به ضمير بن ربيعة الرملي عن الثوري وضمرة ثقة والحديث إذا أسنده ثقة ولا يضر انفراده به ولا إرسال من أرسله ولا وقف من واقفه انتهى، قال ابن القطان: وهذا الذي قاله أبو محمد هو الصواب ولو نظرنا الأحاديث لم نجد منها ما روي متصلاً ولم يرو من وجه آخر منقطعاً أو مرسلاً أو موقوفاً إلا القليل وذلك لاشتهار الحديث وانتقاله على ألسنة الناس فجعل ذلك علة في الأخبار لا معنى له ا. هـ.
وقد أحسن ابن التركماني الرد على البيهقي في شأن تضعيف البيهقي لهذا الحديث.
فقال في "الجوهر النقي" [10/ 290] : ليس انفراد ضميرة به دليلاً على أنه غير محفوظ ولا يوجب ذلك علة فيه لأنه من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه كذا قال ابن حنبل وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً لم يكن هناك أفضل منه وقال أبو سعيد بن يونس: كان فقيه أهل فليسطين في زمانه ...
والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحاً ولا يضره تفرده فلا أدري من أين وهم في هذا الحديث راويه كما زعم البيهقي، قال ابن حزم: هذا حديث صحيح تقوم به الحجة كل رواته ثقات وإذا انفرد به ضمرة كان ماذا ودعوى أنه أخطأ فيه باطل لأنه دعوى بلا برهان ا. هـ.
وللحديث شاهد آخر عن عائشة.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" [2/ 26] ، من طريق بكر بن خنيس عن عطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ملك ذا رحم محرم عتق".(4/508)
وَرَدَّ الْحَاكِمُ هَذَا بِأَنْ رَوَى مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ الْحَدِيثَيْنِ بِالْإِسْنَادِ الْوَاحِدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَعَ فِي قِسْمَةِ بَعْضِ الْغَنَائِمِ بِالْبَعْرِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقْرَعَ مَرَّةً بِالنَّوَى"، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَنْ "الْوَسِيطِ": لَيْسَ لِهَذَا صِحَّةٌ.
حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِسِتَّةِ مَمْلُوكِينَ أَعْتَقَهُمْ رَجُلٌ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ"، مُسْلِمٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْوَصَايَا"، وَكَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ.
قَوْلُهُ: "وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ: أَنَّ قِيمَتَهُمْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً"، لَمْ أَرَهُ.
قَوْلُهُ: "أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ رَجُلًا حَتَّى نَكَحَهَا، وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ حُرًّا، وَيَجِبُ عَلَى الْمَغْرُورِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْأَمَةِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ذَلِكَ1، وَإِطْلَاقُ الْإِجْمَاعِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمَا لَا يُعْرَفُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ.
__________
1 أخرجه البيهقي في "المعرفة" [5/ 356] ، كتاب النكاح: باب رجوع المغرور بالمهر، حديث [1257] ، من طريق الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أن عمر وعثمان رضي الله عنهما ... فذكره.(4/509)
بَابُ الْوَلَاءِ2
2150- حَدِيثُ: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ3.
__________
2 الولاء لغة: من أثار: العتق، مأخوذ من الولي بمعنى القرابة، يقال بينهما ولاء: أي قرابة حكيمة حاصلة من العتق أو الموالاة، وفيه قوله عليه السلام: "الولاء لحمة كلحمة النسب"، وقيل: الولاء والولاية بالفتح النصرة وفي "الصحاح": الولاء ولاء المعتق وفي الحديث: "نهى عن بيع الولاء وعن هبته"، والولاء: الموالون، والموالاة ضد المعاداة، والمعاداة والعداوة يمعنى واحد.
انظر: "الصحاح" [6/ 2530] .
اصطلاحاً:
عرفه الحنفية بأنه: التناصر سواء كان الإعتناق أو بعقد الموالاة وأيضاً بأنه تناصر يوجب الإرث والعقل والولاء عند الحنفية نوعان ولاء: عتاقه وولاء موالاة.
عرفه الشافعية بأنه: عصوبة ناشئة أخوية حدثت بعد زوال ملك متراخية عن عصوبة النسب تقتضي للمعتق وعصبته الإرث وولاية النكاح والصلاة عليه والعقل عنه.
عرفه المالكية بأنه: لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب.
وعرفه الحنابلة بأنه: ثبوت حكم شرعي بعتق أو تعاطي.
انظر: "شرح فتح القدير" [9/ 218] ، "الاختيار" [3/ 211] ، "نهاية المحتاج" [7/ 394] ، "الدسوقي على شرح الكبير" [4/ 415] ، "الشرح الصغير" [4/ 177] ، "كشاف القناع" [4/ 498] .
3 تقدم تخريجه في البيوع.(4/509)
2151- حَدِيثُ: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ" 1، الشَّافِعِيُّ عَنْ
__________
1 أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في "كتاب الولاء" كما في "تلخيص الحبير" [4/ 213] ، ومن طريقه الشافعي في "مسند" [2/ 72] ، كتاب العتق: باب المكاتب والولاء، حديث [237] ، والحاكم [4/ 341] ، كتاب الفرائض: باب الولاء لحمة كلحمة النسب، والبيهقي [10/ 292] ، كتاب الولاء: باب من أعتق مملوكاً له، كلهم من طريق محمد بن الحسن الشيباني عن يعقوب بن إبراهيم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وتعقبه الذهبي فلم يصححه.
وقال البيهقي عقب الحديث: قال أبو بكر بن زياد النيسابوري: هذا الحديث خطأ لأن الثقات لم يرووه هكذا وإنما رواه الحسن مرسلاً ا. هـ.
وهذا المرسل أخرجه البيهقي [10/ 292] ، كتاب الولاء: باب من أعتق مملوكاً له.
قال الألباني في "الأدواء" [6/ 110] : وإسناد هذا المرسل صحيح وهو مما يقوي الموصول الذي قبله على ما يقتضيه بحثهم في المراسل من علوم الحديث فإن طريق الموصول غير طريق المرسل ليس فيه راو واحد مما في المرسل فلا أرى وجهاً لتخطئته بالمراسل بل الوجه أن يقوى أحدهما بالآخر ا. هـ.
وللحديث طرق أخرى عن ابن دينار عن بن عمر.
وقد خولف محمد بن الحسن في هذا الحديث خالفه بشير بن الوليد فرواه عن يعقوب بن إبراهيم عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" كما في "الجوهر النقي" [10/ 293] ، وتوبع بشر على هذه الرواية فقال ابن التركماني: وتابع بشيراً على ذلك محمداً بن الحسن فرواه أبي يوسف كذلك قال البيهقي في كتاب "المعرفة": ورواه محمد بن الحسن في كتاب الولاء عن أبي يوسف عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ا. هـ.
ومنه يظهر أن محمد بن الحسن الشيباني كان يرويه عن عبد الله بن دينار ومرة يدخل عبيد الله بن عمر بن يعقوب وعبد الله بن دينار.
وقد تابع بشيراً أيضاً على هذه الرواية عبد الله بن نمير.
أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 53] ، ثنا أبو زرعتة قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثني أبي عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الولاء لا يباع ولا يوهب".
وأخرجه البيهقي [10/ 293] ، من طريق الطبراني ثنا يحيى بن عبد الباقي ثنا أبو عمير بن النحاس ثنا ضمرة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا ضمرة.
قال البيهقي: رواه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي عن ضمرة كما رواه الجماعة: نهى عن بيع الولاء وعن هبته. فكان الخطأ وقع من غيره.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [2/ 232] ، من طريق الحسن بن أبي الحسن المؤذن ثنا ابن أبي فديك ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما الولاء نسب لايصلح بيعه ولا شراؤه". =(4/510)
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، لَكِنْ قَالَ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ فِي "الْمَعْرِفَةِ": كَأَنَّ الشَّافِعِيَّ حَدَّثَ بِهِ مِنْ حِفْظِهِ، فَنَسِيَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْ إسْنَادِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ "الْوَلَاءِ" لَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: هَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الثِّقَاتِ رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَهَذَا اللَّفْظُ إنَّمَا هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ الْمُرْسَلَةِ، ثُمَّ سَاقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ضَمْرَةُ - يَعْنِي بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ -
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ عَلَى الصَّوَابِ؛ كَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، فَالْخَطَأُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَهُ، وَقَدْ جَمَعَ أَبُو نُعَيْمٌ طُرُقَ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ لَهُ، فَرَوَاهُ عَنْ نَحْوٍ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ: أَخْطَأَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ؛ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ،
__________
= وقال ابن عدي: منكر الحديث عن الثقات ويقلب الأسانيد أي الحسن بن أبي الحسن.
وقال: قوله عن نافع عن عبد الله لا أدري وهم فيه أو تعمد فأراد تقلب الإسناد وإنما أراد أن يقول عن نافع وعبد الله بن دينار.
وللحديث شواهد من حديث علي بن أبي طالب وعبد الله بن أبي أوفى.
حديث علي بن أبي طالب:
أخرجه البيهقي [10/ 294] ، كتاب الولاء: باب من أعتق مملوكاً له من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "هؤلاء بمنزلة النسب لا يباع ولا يوهب".
حديث عبد الله بن أبي أوفى.
أخرج ابن عدي في "الكامل" [5/ 1988] ، والطبراني كما في "مجمع الزوئد" [4/ 234] ، من طريق عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الولاء لحمه كلحمة النسب".
قال ابن عدي: لم يروه عن ابن أبي خالد غير عبيد.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه عبيد بن القاسم وهو كذاب.
وقول ابن عدي فيه نظر فقد رواه عن ابن أبي خالد أيضاً يحيى بن هشام السمار.
أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 8] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [12/ 61] ، والسمار كذبه ابن معين.(4/511)
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ لَفْظِ أَبِي يُوسُفَ، وَالطَّائِفِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ضعيف سيء الْحِفْظِ، وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِهِ"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَظَاهِرُ إسْنَادِهِ الصِّحَّةُ، وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى الْبَيْهَقِيّ؛ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي يُوسُفَ: يُرْوَى بِأَسَانِيدَ أُخَرَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
حَدِيثُ: "النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"، تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَهُوَ فِي "الْمُوَطَّأِ" وَالْمُسْنَدِ وَالسِّتَّةِ وَغَيْرِهَا.
حَدِيثُ: "لن يجزئ ولد ولده، إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ"، تَقَدَّمَ.
2152- حَدِيثُ: "مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ"، أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَفِيهِ قِصَّةٌ1، وَفِي الْبَابِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ2، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ إِسْحَاقَ وَابْنِ أبي شيبة، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمُ3، وَفِي "الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ"، لِلْبُخَارِيِّ4.
2153- حَدِيثُ: "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ... " الْحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ5.
حَدِيثُ: "أَنَّ بِنْتًا لِحَمْزَةَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً، فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ عَنْ بِنْتٍ وَعَنْ الْمُعْتِقَةِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ مِيرَاثِهَا لِلْبِنْتِ، وَالنِّصْفَ لِلْمُعْتِقَةِ"، تَقَدَّمَ فِي "الْفَرَائِضِ".
حَدِيثُ: "ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ ... "، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الطَّلَاقِ"، وَأَنَّ لَفْظَ الْعَتَاقِ لَا يَصِحُّ.
حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عن إبراهيم بن عُمَرَ: "إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ تَحْتَ الْمَمْلُوكِ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا؛ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ، وَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الْأَبُ؛ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ"6، الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَرُوِيَ مَوْصُولًا، وَرَوَاهُ بِذِكْرِ الْأَسْوَدِ بَيْنَ إبْرَاهِيمَ وَعُمَرَ.
حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ الزُّبَيْرَ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ اخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فِي
__________
1 أخرجه أحمد [6/ 8] ، وأبو داود [2/ 123] ، كتاب الزكاة: باب الصدقة على بني هاشم، حديث [1650] ، والترمذي [3/ 37] ، كتاب الزكاة: باب ما جاء في كراهية الصدق للنبي صلى الله وأهل بيته وموليه، حديث [657] ، والنسائي [5/ 107] ، كتاب الزكاة: باب مولى القوم منهم، حديث [2612] ، وابن حبان [8/ 88] ، كتاب الزكاة: باب مصارف الزكاة، حديث [3293] .
2 أخرجه الطبراني [17/ 118] ، برقم [291] .
3 أخرجه أحمد [4/ 340] ، والحاكم [4/ 73] ، وصححه ووافقه الذهبي.
4 أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" ص [30- 31] ، برقم [75] .
5 تقدم تخريجه.
6 أخرجه البيهقي [10/ 306] ، كتاب الولاء: باب ما جاء جر الولاء.(4/512)
مَوْلَاةٍ كَانَتْ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا، فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ الْعَبْدَ فَأَعْتَقَهُ، فَقَضَى عُثْمَانُ بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ"1، الْبَيْهَقِيُّ كَمَا عَزَاهُ إلَيْهِ، وَذَكَرَ عَنْ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا قَضَى فِي عَبْدٍ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا، فَعَتَقُوا بِعَتَاقَةِ أُمِّهِمْ، ثُمَّ أُعْتِقَ أَبُوهُمْ بَعْدُ أَنَّ وَلَاءَهُمْ لِعَصَبَةِ أُمِّهِمْ"، الْبَيْهَقِيُّ بِهِ2.
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "أَنَّهُ قَالَ الْعَبْدُ يَجُرُّ وَلَاءَهُ إذَا أُعْتِقَ"، الْبَيْهَقِيُّ بِهِ3.
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُ مَقَالَتِهِمْ"، لَمْ أَرَهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ؛ "أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ"، رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُمَا4، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، كَانُوا يَجْعَلُونَ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ5، وَعَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الثَّلَاثَةِ مِثْلُهُ6، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
حَدِيثُ: "لَا يَرِثْنَ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَوْلُهُ7، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ: "كَانَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدُ ابْنُ ثَابِتٍ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ مِنْ الْوَلَاءِ، إلَّا مَا أعتقن".
__________
1 ينظر: المصدر السابق [10/ 306- 307] .
2 ينظر: الموضع السابق [10/ 307] .
3 البيهقي في الموضع السابق.
4 أخرجه البيهقي [10/ 303] ، كتاب الولاء: باب الولاء للكبر من عصبة المعتق وهو الأقرب فالأقرب منهم بالمعتق إذا كان قد مات المعتق.
5 أخرجه عبد الرزاق [9/ 30- 31] ، كتاب الولاء: باب الولاء للكبر، حديث [16238] ، والبيهقي [10/ 303] ، في كتاب الولاء، باب: الولاء للكبر من عصبة المعتق وهو الأقرب فالأقرب منهم بالمعتق إذا كان قد مات المعتق، من طريق يزيد عن أشعث عن الشعبي عن الثلاثة مثله.
6 ينظر السابق.
7 أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 276] ، كتاب الفرائض: باب فيما ترث النساء من الولاء ما هو؟ حديث [31506] .(4/513)
كِتَابُ التدبير
مدخل
...
85- كتاب التَّدْبِيرِ8
2154- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ"، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
8 قال القتيبي: التدبير: مأخوذ من الدبر؛ لأنه عتق بعد الموت، والموت: دبر الحياة، قيل: مدبر، ولهذا قالوا: أعتق عبده عن دبر منه، أي: بعد الموت. =(4/513)
"مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَهُ، وَقَضَى الدَّيْنَ مِنْهُ، وَدَفَعَ الْفَضْلَ إلَيْهِ" 1.
أَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى: فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا مِنْ طُرُقٍ، وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَنَوِّعَةٍ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: فَلَمْ أَرَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ، نَعَمْ فِي النَّسَائِيّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَفَعَ ثَمَنَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ: "اقْضِ دَيْنَك".
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: "الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ" 2، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ
__________
= ينظر: "نظم المستعذب" [2/ 109] ، و"المطلع" ص [315] ، و"الاختيار" [4/ 280] .
1 أخرجه البخاري [5/ 165] ، كتاب العتق: باب بيع المدبر، حديث [2534] ، ومسلم [3/ 1289] ، كتاب الأيمان: باب جواز بيع المدبر، حديث [58/ 997] ، وأبو داود [4/ 264] ، كتاب العتق: باب بيع المدبر، حديث [3955] ، والنسائي [5/ 69- 70] ، كتاب الزكاة: باب أي الصدقات أفضل، والترمذي [3/ 523] ، كتاب البيوع: باب بيع المدبر، حديث [1219] ، وابن ماجة [2/ 840] ، كتاب العتق: باب المدبر، حديث [2513] ، والطيالسي [1/ 245- منحة] ، رقم [1207] ، والحميدي [2/ 513] ، رقم [1222] ، وأبو يعلى [3/ 357- 358] ، رقم [1825] ، والبيهقي [10/ 308] ، كتاب المدبر: باب المدبر: باب المدبر يجوز بيعه، من طرق عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باع مدبراً.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 840] ، كتاب العتق: باب المدبر، حديث [2514] ، والدارقطني [4/ 138] ، كتاب المكاتب: باب حديث [49] ، وابن عدي في "الكامل" [5/ 188] ، والبيقهي [10/ 314] ، كتاب المدبر: باب المدبر من الثلث، والخطيب في "تاريخ بغداد" [11/ 444] ، كلهم من طريق علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المدبر من الثلث".
قال ابن ماجة: سمعت عثمان يعني ابن أبي شيبة يقول: هذا خطأ، وقال ابن ماجة: ليس له أصل.
وقال ابن عدي في ترجمته علي بن ظبيان: الضغف على حديثه بين والحديث ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 432] ، رقم [2803] ، وقال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المدبر من الثلث"، فقال أبو زرعة: هذا حديث باطل وامتنع من قراءته قلت: يري خالد بن إلياس عن نافع عن ابن عمر قال: المدبر من الثلث قول ابن عمر ا. هـ.
وروى الخطيب في "تاريخه" [11/ 444] ، عن علي بن المديني قال: كان علي بن ظبيان حدثنا بثلاثة أحاديث مناكير كلها عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً، المدبر من الثلث ... ا. هـ.
والحديث ذكره الحافظ البوصيري في "الزوئد" [2/ 289] ، وقال: هذا إسناد ضعيف، على بن ظبيان ضعفه ابن معين وأبو حاتم والبخاري والنسائي، وأبو زرعة وابن حبان وغيرهم ... قال =(4/514)
عَنْهُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ، وَقَالَ: قُلْت لِعَلِيٍّ: كَيْفَ هُوَ؟ فَقَالَ: كُنْت أُحَدِّثُ بِهِ مَرْفُوعًا، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: لَيْسَ هُوَ بِمَرْفُوعٍ، فَوَقَفْتُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحُفَّاظُ يَقِفُونَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدَةَ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: "الْمُدَبَّرُ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ"، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عُبَيْدَةُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ": الْأَصَحُّ وَقْفُهُ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِعَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الْمَوْقُوفُ أَصَحُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: الْمَرْفُوعُ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مُرْسَلًا: "أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الثُّلُثِ"، وَعَنْ عَلِيٍّ كَذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ1، وَرُوِيَ بِسَنَدِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ خَطَأٌ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ أَجَازَ وَصِيَّةَ غُلَامٍ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ"، تَقَدَّمَ فِي "الْوَصَايَا".
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً سَحَرَتْهَا"، الشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ "دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ".
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ، وَكَانَ يَطَأُهُمَا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ بِهَذَا، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ به2.
__________
= المزي: رواه الشافعي عن ابن عمر موقوفاً.
أما الموقوف: فأخرجه الشافعي ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" [5/ 187] ، من طريق علي بن ظبان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: المدبر من الثلث.
قال الشافعي: قال لي علي بن ظبيان: قد كنت أرفعه فقال لي بعض أصحابي: لا ترفعه وكان يحدث به مرفوعاً.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر مرفوعاً.
أخرجه الدارقطني [4/ 138] ، كتاب المكاتب، حديث [50] ، من طريق عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من ثلث المال".
قال الدارقطني: لم يسنده غير عبيدة بن حسان وإنما هو ضعيف وإنما هو عن ابن عمر قوله.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 285] ، وقال ابن القطان في "كتابه" عبيدة هذا قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث وابو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجزري راويه عنه مجهول الحال، وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر من قوله وهو الصحيح لثقة حماد وضعف عبيدة.
1 ينظر السابق.
2 أخرجه مالك [2/ 814] ، كتاب المدبر: باب مس الرجل وليدته إذا دبرها، حديث [4] ، ومن طريقه الشافعي في "الأم" [8/ 29] ، كتاب أحكام التدبير: باب ولد المدبرة ووطؤها.(4/515)
كِتَابُ الكتابة
مدخل
...
86- كتاب الْكِتَابَةِ1
2155- حَدِيثُ: "مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي كِتَابَتِهِ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ"، الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بِهِ بِلَفْظِ: "مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ، أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظله"، والبيهقي عَنْهُ بِهِ2.
حَدِيثُ: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ"، يَأْتِي، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا3، وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَأَعَلَّهُ.
2156- حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده: المكاتب قن مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ4 دِرْهَمٌ، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
__________
1 الكتابة لغة: الضم والجمع، ومنها الكتيبة: وهي الطائفة من الجيش العظيم، والكتب لجمع الحروف في الخط.
ومعنى المكاتبة في الشرع: هو أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجماً عليه: فإذا أذاه فهو حر، ولها حالتان: الأولى: أن يطلبها العبد ويجيبه السيد.
الثانية: أن يطلبها العبد ويأباها السيد، وفيها قولان: الأول: لعكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم وجماعة أهل الظاهر أن ذلك واجب على السيد. وقال علماء الأمصار: لا يجب ذلك. وتعلق من أوجبها بمطلق الأمر، وافعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس، واختاره الطبراني.
وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه وإن ضوعف له في الثمن. وكذلك لو قال له: أعتقني أو دبرني، أو زوجني لم يلزمه ذلك بإجماع فكذلك الكتابة؛ لأنها معاوضة فلا تصح إلا عن تراض. وقولهم: مطلق الأمر يقتضي الوجوب صحيح لكن إذا عري عن قرينة تقتضي صرفه عن الوجوب، وتعليقه هنا بشرك علم الخير فيه؛ فعلق الوجوب على أمر باطن وهو علم السيد بالخيرية، إذا قال العبد: كاتبني؛ وقال السيد: لم أعلم فيك خيراً، وهو أمر باطن، فيرجع فيه إليه ويعول عليه. وهذا قوي في بابه.
2 أخرجه أحمد [3/ 487] ، والحاكم [2/ 89، 90] ، [2/ 217] ، والبيهقي [10/ 320] ، كتاب المكاتب: باب فضل من أعان كاتباً في رقبته.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه عمرو بن ثابت وهو رافضي متروك.
3 أخرجه مالك في "الموطأ" [21/ 787] ، كتاب المكاتب: باب القضاء في المكاتب رقم [1] .
4 أخرجه أبو داود [2/ 414] ، كتاب العتق: باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت، رقم [3926- 3927] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 197] ، كتاب العتق: باب ذكر الاختلاف على علي في المكاتب يؤدي بعض ما عليه، رقم [5025/ 1 و2، 5026، 5027/ 4] ، [21/ 218] ، وابن ماجة [2/ 842] ، كتاب العتق: باب المكاتب، رقم [2519] ، والبيهقي =(4/516)
مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَلَفْظُهُ: "وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَضَاهَا إلَّا أُوقِيَّةً، فَهُوَ عَبْدٌ"، قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: عَطَاءٌ هَذَا هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا إلَّا عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُثْبِتُهُ، وَعَلَى هَذَا فُتْيَا الْمُفْتِينَ.
2157- حَدِيثُ بَرِيرَةَ: "أَنَّهَا اسْتَعَانَتْ بِعَائِشَةَ فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إنْ بَاعُوكِ وَيَكُونُ لِي الْوَلَاءُ صَبَبْت لَهُمْ صَبًّا، فَرَاجَعَتْهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ ... " الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ نَفْسِهَا2.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى عَبْدٍ لَهُ، فَقَالَ: لَأُعَاقِبَنَّكَ أَوْ لَأُكَاتِبَنَّكَ عَلَى نَجْمَيْنِ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: "كُنْت مَمْلُوكًا لِعُثْمَانَ"، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ قِصَّةٌ لِلزُّبَيْرِ مَعَهُ3.
حَدِيثُ عَلِيِّ: "الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ"، قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجِ، عَنْ حُصَيْنِ الْحَارِثِيِّ، عَنْ عَلِيِّ: قَالَ "إذَا تَتَابَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ، فَلَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ، رُدَّ إلَى الرِّقِّ"4.
قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَوْلًا وَفِعْلًا الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ5، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَلِيِّ كَمَا تَرَى.
__________
= [10/ 324، 325] ن كتاب المكاتب: باب المكلف عبد ما بقي عليه درهم.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وذكره الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 143] ، وعزاه لأبي داود وقال فيه إسماعيل بن عياش لكنه عن شيخ شامي ثقة.
وعزاه أيضاً إلى ابن عدي من طريق سليمان بن أرقم. وقال: وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي دواد والنسائي وابن معين وقالوا كلهم فيه: إنه متروك.
قال ابن عدي: ولعل البلاء فيه من المسيب بن شريك، وهو الذي رواه عن سليمان، فإنه شر من سليمان ... انتهى.
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه النسائي في "الكبرى" [3/ 195- 196] ، كتاب العتق: باب كيف الكتابة وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر بريرة في ذلك، حديث [5017] .
3 أخرجه البيهقي [10/ 320- 321] ، كتاب المكاتب: باب مكاتبة الرجل عبده أو أمته على نجمين فأكثر بمال صحيح.
4 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 394] ، كتاب البيوع والأقضية: باب من رد المكاتب إذا عجز، حديث [21413] .
5 تقدم تخريجه من البيهقي من فعل عثمان رضي الله عنه.(4/517)
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "يُحَطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبُعِ كِتَابَتِهِ"1، النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَصَحَّحَ الْمَوْقُوفَ النَّسَائِيُّ؛ كَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ، رَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ السُّلَمِيِّ مَرْفُوعًا، وَابْنُ جُرَيْجٍ إنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ، وَرِوَايَةُ الْوَقْفِ أَصَحُّ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"، وَحَطَّ عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافِ"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" بِهَذَا2، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ3.
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ: "اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ... "، الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَمَامِهِ4.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: إجْبَارُ السَّيِّدِ فِيمَا إذَا عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ الْمَحَلِّ"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ ... "، فَذَكَرَ قِصَّتَهُ مَعَ عُمَرَ فِي إلْزَامِهَا بِأَخْذِ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ مُعَجَّلًا5.
__________
1 أخرجه الحاكم [2/ 397] ، وعبد الرزاق [8/ 375] ، رقم [15589] ، والبيهقي [10/ 329] ، عن علي مرفوعاً.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وزاد: روي موقوفاً.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" [5/ 83] ، وعزاه إلى عبد الرزاق وابن أبي حاتم والحاكم والديلمي وابن المنذر والبيهقي وابن مردويه من طرق عن عبد الله بن حبيب عن علي به.
أما الموقوف عن علي:
فكره أيضاً السيوطي في "الدرر" وعزاه إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفاً.
2 أخرجه مالك في "موطأه" [2/ 788] ، في كتاب المكاتب: باب القضاء في المكاتب، حديث [3] ، بلاغاً.
3 أخرجه البيهقي [10/ 330] ، كتاب المكاتب: باب ما جاء في تفسير قوله عز وجل: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] .
4 أخرجه البيهقي [10/ 334- 335] ، كتاب المكاتب: باب تعجل الكتابة.
5 أخرجه الدارقطني [4/ 122] ، في كاب المكاتب: برقم [3] ، من طريق عبد الله بن عبد العزيز الليثي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أنه حدثه عن أبيه قال: اشترتني ... فذكر الحديث.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني": عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر الليثي وهو ضعيف، واختلط بأخرة. كذا في "التقريب". وقال البخاري: هو منكر الحديث، وكان مالك يرضاه ا. هـ.
وأخرج البخاري تعليقاً قال: قال روح عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجب علي إذا علمت له مالاً أن أكاتبه؟
قال: ما أراه إلا واجباً. وقال عمرو بن دينار: قلت لعطاء: أتأثره عن أحد؟
قال: لا، ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنساً المكاتبة، وكان كثير المال، فأبى، فانطلق إلى عمر رضي الله عنه فقال: كاتبه، فأبى. فضربه بالدرة، ويتلو عمر رضي الله عنه: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: 33] فكاتبه. [5/ 494] ، كتاب المكاتب: باب المكاتب ونجومه في كل سنة نجم، قبل رقم [2560] .
وقد وصله إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن".
ينظر: كلام ابن حجر في تعليقه على الحديث في "الفتح" [5/ 495] .(4/518)
كِتَابُ أُمَّهَاتِ الأولاد
مدخل
...
87- كتاب أمهات الْأَوْلَادِ1
2158- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ" 2، أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَلَهُ طُرُقٌ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: "أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ سِقْطًا"، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
__________
1 أم الولد هي التي ولدت من سيدها في ملكه ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 5- 6] ، وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي أم إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيها: "أعتقها ولدها" وكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام سرية إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد ولكثير من الصحابة وكان علي بن الحسن والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات أولاد. وروي أن الناس لم يكونوا يرغبون في أمهات الأولاد حتى ولد هؤلاء الثلاثة من أمهات الأولاد فرغب الناس فيهن فإذا وطيء الرجل أمته فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعداً لحقه نسبة وصارت له بذلك أم ولد، وإن أتت بولد تام الأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبه لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.
ينظر: "المغنيط [9/ 527- 528] .
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 841] ، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، رقم [2515] ، والحاكم [2/ 19] ، وأحمد [1/ 317] ، والدارقطني [4/ 132، 133] ، كتاب المكاتب: باب رقم [24، 25] ، والبيهقي [10/ 346] ، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، والدارمي [2/ 257] ، كتاب البيوع: باب في بيع أمهات الأولاد، قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 291] : هذا إسناد ضعيف؛ حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس تركه المديني وأحمد بن حنبل والنسائي، وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال البخاري: يقال: إنه يتهم بالزندقة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد تابعه أبو بكر بن أبي سبرة القرشي ا. هـ.
وتعقبه الذهبي وقال: فيه حسن بن عبد الله وهو متروك.
قال البيهقي: حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس الهاشمي ضعفه أكثر أصحاب الحديث.(4/519)
2159- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "إذَا أَوْلَدَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ، وَمَاتَ عَنْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ" 1، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ؛ وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ: الْمَعْرُوفُ فِيهِ الْوَقْفُ، وَاَلَّذِي رَفَعَهُ ثِقَةٌ، قِيلَ: وَلَا يَصِحُّ مُسْنَدًا.
2160- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَارِيَةَ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" 2، وَفِي إسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ؛ وَلَهُ عِلَّةٌ، رَوَاهُ مَسْرُوقٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَمْرِو، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْن عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ فَعَادَ الْحَدِيثُ إلَى عُمَرَ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ إبْرَاهِيمَ: "أَعْتَقَك وَلَدُك"، وَهُوَ مُعْضَلٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صح هذا مسند، رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ ابْنِ
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 135] ، في كتاب المكاتب: حديث [36] ، والبيهقي [10/ 343] ، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له.
كلاهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغيني" [4/ 135] : وأعله ابن عدي بعبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي أبو جعفر المديني، وأسند تضعيفه عن النسائي. والسعدي، والفلاس وابن معين، ولينه هو، وقال: عامة ما يرونه لا يتابع عليه، ومع ضعفه لا يتابع حديثه كذا في الزيعلي ا. هـ.
وأخرجه الدارقطني [4/ 134] ، في كتاب المكاتب برقم [35] ، والبيهقي [10/ 342- 243] ، كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 841] ، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، حديث [2516] ، والحاكم [2/ 19] ، كتاب البيوع: باب بيع أمهات الأولاد، والدارقطني [4/ 131] ، كتاب المكاتب، حديث [21، 22، 23] ، وابن سعد في "الطبقات" [8/ 173] ، وابن عدي في "الكامل" [7/ 297] ، والبيهقي [10/ 346] ، كتاب أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته فتلد منه وابن عساكر في "تاريخ دمشق" [1/ 312- تهذيب] ، كلهم من طريق حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال: لما ولدت أم إبراهيم قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعتقها ولدها".
وهذا إسناد ضعيف لأجل حسين بن عبد الله.
قال أحمد: له أشياء منكرة، وقال ابن معين: ضعيف، وقال البخاري قال علي: تركت حديثه، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: متروك، وقال في موضع آخر: ليس بثقة. ينظر: "تهذيب التهذيب" [2/ 341- 342] .
وقال الحافظ في "التقريب" [1/ 176] : ضعيف.
والحديث ذكره الحفظ البوسيري في "الزوئد" [2/ 292] ، وقال: هذا إسناد ضعيف حسين بن عبد الله تركه علي بن المديني وأحمد بن حنبل والنسائي وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة.
وقال البخاري: يقال إنه كان يتهم بالزندقة ا. هـ.(4/520)
عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو وَهُوَ الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ خَطَأٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ وَهُوَ ابْنُ وَضَّاحٍ، عَنْ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْمِصِّيصِيُّ؛ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أُمُّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ، وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا"، الدَّارَقُطْنِيُّ بِمَعْنَاهُ، وَقَدْ سَبَقَ إسْنَادُهُ.
2161- حَدِيثُ جَابِرٍ: "كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا"1، أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ، لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا، وَزَادَ: "وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ"، وَفِيهِ: "فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا"2، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ3 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [7/ 288] ، رقم [13211] ، وأحمد [3/ 321] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 199] ، كتاب العتق: باب في أم الولد، حديث [5039] ، وابن ماجة [2/ 841] ، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، حديث [2517] ، وأبو يعلى [4/ 161] ، رقم [2229] ، وابن حبان [1215- موارد] ، والدارقطني [4/ 135] ، كتاب المكاتب، حديث [37] ، والبيهقي [10/ 348] ، كتاب أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، كلهم من طريق أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي فينا لا يرى بذلك بأساً.
وصححه ابن حبان.
وقال البوصيري في "الزوئد" [2/ 292] : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
2 أخرجه أبو داود [4/ 27] ، كتاب العتق: باب في عتق أمهات الأولاد، حديث [3954] ، وابن حبان [1216- موارد] ، والحاكم [2/ 18- 19] ، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [3/ 199] ، كتاب العتق: باب في أم الولد، حديث [5041] ، والطيالسي [1/ 240- منحة] ، رقم [1209] ، والحاكم [2/ 19] ، كتاب البيوع: باب بيع أمهات الأولاد، والدارقطني [4/ 135] ، كتاب المكاتب، حديث [38] ، والعقيلي في "الضعفاء" [2/ 74] ، والبيهقي [10/ 348] ، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، كلهم من طريق زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال النسائي: زيد العمي ليس بالقوي.
وأعله العقيلي بزيد العمي أيضاً وأسند يحيى بن تضعيف أبي الصديق الناجي، وقال: المتن يرويه غير زيد بإسناد جيد. =(4/521)
قُلْت: نَعَمْ، قَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْأُمَّهَاتِ كَانَ مُبَاحًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ النَّهْيُ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ نَهَاهُمْ.
قَوْلُهُ: "خَالَفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا: عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَحَلَّ لَنَا أَشْيَاءَ كَانَتْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا، قَالَ: مَا أَحَلَّ لَكُمْ؟ قال: أَحَلَّ لَنَا بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، قَالَ: أَتَعْرِفَانِ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ؟ فَإِنَّهُ نَهَى أَنْ تُبَاعَ أَوْ تُوهَبَ أَوْ تُورَثَ؛ يَسْتَمْتِعُ بِهَا مَا كَانَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ"1.
قَوْلُهُ: "إنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي عَهْدِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، قَالَ: وَمَشْهُورٌ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أَبِيعَهُنَّ، فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو: رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك، فَيُقَالُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ2.
قُلْت: الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ مُسْتَنْبَطًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ: "سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ في أمهات الأولاد أن لا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدُ أَنْ يُبَعْنَ، قَالَ عُبَيْدَةُ: فَقُلْت لَهُ: فَرَأْيُك وَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فِي الْفُرْقَةِ"3، وَهَذَا الْإِسْنَادُ مَعْدُودٌ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4 مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ قَالَ: اسْتَشَارَنِي عُمَرُ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَرَأَيْت أَنَا وَهُوَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ عَتَقَتْ، فَعَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيت رَأَيْت أَنْ أَرِقَّهُنَّ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ لِعُبَيْدَةَ: فَمَا تَرَى أَنْتَ؟ قَالَ: "رَأْيُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ حِينَ أَدْرَكَ
__________
= وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وهو وهم وقد تقدم بيان ضعفه لكن للحديث شاهد صحيح وهو حديث جابر السابق.
1 أخرجه البيهقي [10/ 348] .
2 ينظر: البيهقي [10/ 343] ، في كتاب عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له.
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 291] ، في أبواب ما يتعلق بالعبيد والإماء، باب بيع العبد أمهات الأولاد، حديث [13224] .
4 أخرجه البيهقي [10/ 348] ، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه ... فذكره.(4/522)
الِاخْتِلَافَ" 1.
وَقَوْلُهُ: فَيُقَالُ: إنَّ عَلِيًّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ2. آخِرُهُ، ولله الحمد على إكماله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وسلم3.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 409- 410] ، كتاب البيوع والأقضية: باب في بيع أمهات الأولاد، حديث [21590] .
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 291- 292] ، برقم [13224] .
3 ثبت في الأصل: ذكر ابن قدامة في "الكامل" ما يدل على أن علياً عليه السلام لم يرجع عن ذلك رجوعاً صريحاً إنما قال لعبيدة وشريح: أقضيا كما كنتم تقضون؟ فإني أكره الاختلاف وهو واضح في أنه لم يرجع من اجتهاده، ولكن أذن لهما أن يقضيا باجتهادهما الموافق لرأي من تقدم.
قال ابن قدامة: وروى صالح عن أحمد أنه أنه قال: أكره بيعهن، وقد باع علي بن أبي طالب عليه السلام وظاهر هذا أنه يصح البيع من الكراهية والمذهب الأول، وقد ادعى جماعة من المتأخرين الإجماع على منع بيعهن، وأفراد ابن كثير كلاماً على هذه المسألة في جزء مفرد وقال: تلخص لي عن الشافعي أربعة أقوال فيها، وفي المسألة من حديث هي ثمانية أقوال، وقد روي في "الجامع" أن علياً عليه السلام أوصى لأمهات الأولاد في مرضه.
قال المرادي: هذا يدل على أنهن يعتقن بعد موته عليه السلام. انتهت الحاشية.
تتم الكتاب بحمد الله الملك الوهاب بعناية سيدنا الفقيد العارف الفاضل، من عز الشبيه له والمماثل، فخر الأواخر على الأوائل، من لو كان الورع شخصاً ماثلاً لما كان إلا إياه، أو كان في الأرض بدر طالع لما كان إلا محياه، ضياء الإسلام والدين إسماعيل ابن محمد حنش حرس الله ذاته وتولى مكافأته.
وكان الفراغ من تحصيله يوم الثلاثاء لعله ثاني شهر صفر الخير سنة سبع وستين ومائة وألف 1167 ا. هـ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين.
وثبت في ط: تم الكتاب، والحمد لله الذي بنعمة تتم الصالحات.
وجد في آخر النسخة المنقول عنها ما نصه: فرغ منه كاتبه كاتبه أحمد بن أبي بكر بن علي الشافعي الحسن الأسيوطي الأصل في مستهل ربيع الأول سنة أربعين وثمانمائة من خط مصنفه رضي الله عنه، وأما النقط ففي نسخة الأصل في مواضع قليلة، ورأيت بخطه في آخرها فرغه مختصره أحمد بن علي بن حجر تعليقاً في 21 شوال سنة 812 حامداً لله مصلياً على نبيه محمد وعلى آله وصحبه ومسلماً، ثم فرغ منه تتبعاً في جمادي الآخر سنة 820.(4/523)