الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَكَان فَقَالَ تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ فَقُلْت لَا قَالَ نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي يَعْنِي عَبْدَ الْوَارِثِ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْله تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قَالَ يَأْتِيهَا فِي.
قَالَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى فِي تَفْسِيرِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ مِثْلُ مَا سَاقَ لَكِنَّ عَيْنَ الْآيَةِ وَهِيَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وَغَيْرُ قَوْلِهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ.
وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ1، وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فهي في تَفْسِيرُ إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنْهُ وَقَالَ فِيهِ يَأْتِيهَا فِي الدُّبُرِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ فَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ إنَّمَا نَزَلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} رُخْصَةً فِي إتْيَانِ الدُّبُرِ2، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ مَثْرُودٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ الْفَرْوِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ الْفَدَكِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا ثَابِتٌ عَنْ مَالِكٍ.
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ
__________
1 أخرجه الطبري 2/407، برقم 4329، 4/44 –طبعة شاكر، برقم 4326، وأخرجه الطبري من نفس المصدر قبل هذا الحديث من طريق يعقوب قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا ابن عون عن نافع قال.... فذكره.
قال أحمد شاكر في تعليقه على هذا الإسناد: صحيح جدا.
ثم أخرج الطبري بعده الحديث من طريق آخر عن ابن عون برقم 4327 –شاكر.
قال أحمد شاكر: وهذا الأحاديث الثلاثة صحيحة ثابتة عن ابن عمر.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين 6/10-11، برقم 3297.
تنبيه: قال الحافظ في الفتح 9/49: وذهب جماعة من أئمة الحديث –كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي علي النيسابوري إلى أنه لا يثبت فيه شيء –أي تحريم الإتيان من الدبر- قلت: لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به. ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم والأصل عدمه اهـ.(3/394)
لَكُمْ} 1 الْآيَةَ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان لا بِهِ بَأْسًا2، مَوْقُوفٌ.
وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ فَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ قُلْت لِمَالِكٍ إنَّ عِنْدَنَا بِمِصْرٍ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثْ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ إنَّا تشتري الْجَوَارِيَ فَنُحَمِّضُ لَهُنَّ وَالتَّحْمِيضُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ فَقَالَ أُفٍّ أَوَ يَفْعَلُ هَذَا مُسْلِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ لِي مَالِكٌ أَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَحَدَّثَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ3.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالُوا ثَفَّرَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ أَحْمَدَ التُّجِيبِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَلَفْظُهُ كُنَّا نَأْتِي النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْإِثْفَارُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ4.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ هِشَامٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قُلْت وَقَدْ أَثْبَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ فَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إنَّ ابْنَ عُمَرَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ أَوْهَمَ إنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانُوا
__________
1 أخرجه النسائي 5/316، كتاب عشرة النساء: باب تأويل قول الله جل ثناؤه –هذه الآية على وجه آخر، حديث 8981، والطبري 4/407 –شاكر، برقم 4333.
2 أخرجه النسائي 5/315-316، برقم 8980.
3 أخرجه النسائي 5/315-316، في الكتاب والباب برقم 8979، والطحاوي 3/41، كتاب النكاح: باب وطء النساء في أدبارهن، والطبري 4/405، ط شاكر، برقم 4329.
4 أخرجه أبو يعلى 2/354-355، برقم 1103، والطحاوي 3/40، كتاب النكاح: باب وطء النساء في أدبارهن، والطبري 4/408، شاكر، برقم 4334، مرسلا عن عطاء.
وقوله: أثغرها: من الثغر، بفتح الثاء المثلثة والغين، وهو يوضع للدابة تحت ذنبها يشد به السرج، شبه ذلك الفعل بوضع الثغر على دبر الدابة. أحمد شاكر في تعليقه على الحديث.
والحديث ذكره الهيثمي في المجمع 6/232: رواه أبو يعلى عن شيخه الحارث بن سريج القفال وهو ضعيف كذاب.(3/395)
يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ إلَّا عَلَى حَرْفٍ وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يُشَرِّحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ وَقَالَتْ إنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ إلا فَاجْتَنِبْنِي فَسَرَى أَمْرُهُمَا حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أَيْ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ1.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ نَا عَفَّانُ نَا وُهَيْبٌ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ دَخَلْت عَلَى حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْت إنِّي سَائِلُك عَنْ أَمْرٍ وأنا أستحيي أَنْ أَسْأَلُك قَالَتْ فَلَا تستحيي يَا ابْنَ أَخِي قَالَ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ إنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ فَأَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا وَقَالَتْ لن نفعل ذَلِكَ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ أَنْ تَسْأَلَهُ فَخَرَجَتْ فَحَدَّثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ فقال ادع الْأَنْصَارِيَّةَ فَدُعِيَتْ فَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} صِمَامًا وَاحِدًا2.
تَنْبِيهٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الْمَرْأَةِ تُؤْتَى فِي دُبُرِهَا فَقَالَ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ اسْقِ حَرْثَك مِنْ حَيْثُ نَبَاتُهُ3 كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ حَيْثُ شئت وكذا رواه أبو الْفَضْلُ بْنُ حِنْزَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونِيِّ عَنْ النَّسَائِيّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْيَهُودَ كانت تقول إذ أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا فِي قُبُلِهَا جَاءَ الولد أحول فأنزلها اللَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا4.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/249-250، كتاب النكاح: باب في جامع النكاح، حديث 2164.
2 أخرجه أحمد 6/305.
3 أخرجه النسائي في الكبرى 5/321، كتاب عشرة النساء: باب ذكر حديث ابن عباس فيه واختلاف ألفاظ الناقلين عليه.
4 أخرجه البخاري 8/37، كتاب التفسير: باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} [البقرة: 223] ، حديث 4528، ومسلم 2/1058-1059، كتاب النكاح: باب==(3/396)
وَفِي رِوَايَة آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قَالَ قَالَتْ الْيَهُودُ إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَارِكَةً كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَكْذَبَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يَقُولُ كَيْفَ شِئْتُمْ فِي الْفَرْجِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ لِلْحَرْثِ يَقُولُ ائْتِ الْحَرْثَ كَيْفَ شِئْت.
وَمِنْ قَوْلِهِ يَقُولُ كيف شئتم يحتمل أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكُمْ جَائِزًا وَمِنْ دُونِهِ.
فَائِدَةٌ: مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ إلَّا عَنْ نَاسٍ قَلِيلٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ كَانَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ يُجِيزُهُ وَيَذْهَبُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَصَنَّفَ فِي إبَاحَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شَعْبَانَ وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ والمازري ما يومي إلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا وَحَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هُوَ أَحَلُّ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ.
وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَصْلًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَابْنُ عَطِيَّةَ قَبْلَهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِذَلِكَ وَلَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ الزَّلَّاتِ.
وَذَكَرَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إنْكَارُ ذَلِكَ وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ لَكِنَّ الَّذِي رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ.
وَالصَّوَابُ مَا حَكَاهُ الْخَلِيلِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَبَاحَهُ.
رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ قَالَ كُنْت عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا رِوَايَةَ
__________
= جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر، حديث 117-119/1435، وأبو داود 1/656، كتاب النكاح: باب في جامع النكاح، حديث 2163، والترمذي 5/200، كتاب التفسير: باب سورة البقرة، حديث 2982، وابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب إتيان النساء في أدبارهن، حديث 1925، والدارمي 1/258، كتاب الوضوء: باب إتيان النساء ي أدبارهن، وفي 2/145-146، كتاب النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أعجازهن، وأبو يعلى 4/21، رقم 2024، وابن حبان 4174، والطبري في تفسيره 2/397، والواحدي في أسباب النزول ص 53، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/40، وعزاه إلى وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وأبي نعيم والبيهقي عن جابر.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(3/397)
مَالِكٍ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ارْوِ لَنَا مَا رَوَيْت فَامْتَنَعَ أَنْ يَرْوِيَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ أَحَدُكُمْ يَصْحَبُ الْعَالِمَ فَإِذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يُرْوَى عَنْهُ وَأَبَى أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ حِصْنٍ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ رَوْحٍ قَالَ سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ قُلْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ قَالَ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ وَالْعُهْدَةُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى إسْمَاعِيلَ فَإِنَّهُ وَاهِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ قَالَ نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ يُجْتَنَبُ أَوْ يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسٌ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي وَالْمُتْعَةُ وَإِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَالصَّرْفُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَمِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِرَاقِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ حَتَّى يَكُونَ ظِلُّ الشَّيْءِ أَرْبَعَةَ أَمْثَالِهِ وَلَا جُمُعَةَ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَمْصَارٍ وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ وَالْأَكْلُ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي اسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ويقول أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ وَبِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْمُسْكِرِ كَانَ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنِ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ نَا أَبِي سَمِعْت الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ يَقُولُ أَنَا أَصْبَغُ قَالَ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ فِي الْجَامِعِ فَقَالَ لَوْ جُعِلَ لِي مِلْءُ هَذَا الْمَسْجِدِ ذَهَبًا مَا فَعَلْته قَالَ ونَا أَبِي سَمِعْت الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ يَقُولُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْهُ فَكَرِهَهُ لِي قَالَ وَسَأَلَهُ غَيْرِي فَقَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ.
حَدِيثٌ "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" تَقَدَّمَ.
1543 - حَدِيثٌ الْعَزْلُ هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ1، مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فِي حَدِيثٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَقَدْ رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى فَقَالَ "كَذَبَتْ يَهُودٌ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصْرِفَهُ" 2 وَنَحْوُهُ
__________
1 أخرجه مسلم 2/1067، كتاب النكاح: باب جواز الغيلة وهي وطء المرضع، حديث 1441/1442.
2 أخرجه أبو داود 2/252، كتاب النكاح: باب ما جاء في العزل، حديث 2171، والترمذي 3/135، كتاب النكاح: باب ما جاء في كراهية العزل، حديث 1138، والنسائي في الكبرى 5/341، كتاب عشرة النساء: باب العزل وذكر الاختلاف للخبر في ذلك، حديث 9079، 9082،==(3/398)
لِلنِّسَائِيِّ عَنْ جَابِرٍ1، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَجَزَمَ الطَّحَاوِيُّ بِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَتَعَقَّبْ وَعَكْسَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
1544 - حَدِيثُ جَابِرٍ كُنَّا نَعْزِلُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَنْهَانَا مُسْلِمٌ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ3، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ "كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ" 4.
1545 - حَدِيثٌ مَلْعُونٌ "مَنْ نَكَحَ يَدَهُ" الْأَزْدِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ سَبْعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ فَذَكَرَ مِنْهُمْ النَّاكِحَ يَدَهُ5 وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ التَّرْهِيبِ مِنْ طَرِيقِ
__________
= وابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 1926، وأحمد 3/53، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/31.
قال الترمذي: حديث أبي سعيد، حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد، وقد كره العزل قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم.
1 أخرجه النسائي في الكبرى 5/340، كتاب عشرة النساء: باب العزل، وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، حديث 9078، والترمذي برقم 1136.
2 أخرجه النسائي 5/341، المصدر السابق، برقم 9083.
3 أخرجه مسلم 5/267 –نووي، كتاب النكاح: باب حكم العزل، حديث 138/1440، وأبو يعلى 4/177، برقم 2255، وابن حبان 9/507، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 4195، والطحاوي 3/35، والبيهقي 7/228، كتاب النكاح: باب العزل.
4 أخرجه البخاري 4/381، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 5208، حديث 5208، وطرفاه في 5207، 5209، ومسلم 5/266 –نووي، كتاب النكاح: باب حكم العزل، حديث 136/1440، والترمذي 3/434، كتاب النكاح: باب ما جاء في العزل، حديث 1137، وأحمد 3/377، والحميدي 2/529-530، برقم 1257، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/35، والبيهقي 7/228، كتاب النكاح: باب العزل.
قال الترمذي: حديث جابر حديث حسن، صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، وقد رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم في العزل، وقال مالك بن أنس تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمر الأمة.
والحديث أخرجه أحمد 3/377، وعبد الرزاق 7/144، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 12566، وأبو يعلى 4/138، برقم 2193، كلهم من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر رضي الله عنه بنحوه.
5 أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/633، كتاب النكاح: باب حديث في الاستمناء، حديث 1046، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا حسان يعرف ولا مسلمة.
وقال الذهبي في الميزان: مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس في سب الناكح يده. يجهل هو وشيخه.
قال الأزدي ضعيف ميزان الاعتدال 6/421-142، والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره وعزاه إلى الحسين بن عرفة من طريق مسلمة بن جعفر، 3/239، في تفسير سورة المؤمنون، آية 7، وقال: هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته، والله أعلم.(3/399)
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن الْحُبُلِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
1546 - حَدِيثٌ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَهُنَّ تِسْعٌ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1 وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ فِي ضَحْوَةٍ.
1547 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودُ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ فِي الْعَزْلِ أَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَوَّارٍ الْكُوفِيِّ عَنْهُ قَالَ تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةُ وَيُعْزَلُ عَنْ الْأَمَةِ2.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ قَالَ نُهِيَ عَنْ عَزْلِ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا3.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ4 وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يُعْزَلُ عَنْ الْأَمَةِ وَيُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ5 وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ6 رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيّ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ.
وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ المحرر بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا7 وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَهَمَ فِيهِ وَالصَّوَابُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عمر.
__________
1 تقدم تخريجه في الغسل.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/513، كتاب النكاح: باب من قال يعزل عن الأمة ويستأذن الحرة، حديث 16614.
3 كتاب النكاح: باب عبد الرزاق في مصنفه 7/143، كتاب النكاح: باب تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمر الأمة، حديث 12562، والبيهقي 7/231، كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة بإذنها، وعن الجارية بغير إذنها، وما روي فيه.
4 أخرجه ابن أبي شيبة 3/511، كتاب النكاح: باب في العزل والرخصة فيه، حديث 16598.
5 -6 أخرجهما البيهقي 7/321، كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة بإذنها وعن الجارية بغير إذنها، وما روي في ذلك.
7 أخرجه ابن ماجة 1/620، كتاب النكاح: باب العزل، حديث 1928، وأحمد 1/31، والبيهقي 7/321، كتاب الصداق: باب من قال يعزل عن الحرة بإذنها وعن الجارية بغير إذنها وما روي في ذلك.(3/400)
بَابٌ في وطء الأب جارية الابن
حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَلَهَا زَوْجٌ فَأَعْتَقْتهَا فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي(3/400)
مُثَبَّتَاتِ الْخِيَارِ.
1548 - حَدِيثٌ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَابْنِ مَاجَهْ وَبَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ2 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَقَالَ إنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عن بن النكدر مُرْسَلًا3.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِر غَايَةٌ فِي الْفَضْلِ وَالثِّقَةِ وَلَكِنَّا لَا نَدْرِي عَمَّنْ قَبِلَ حَدِيثَهُ هَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ رُوِيَ مِنْ أوجه آخَرَ مَوْصُولًا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهَا وَأَخْطَأَ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك4 وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ إنَّمَا هُوَ حَمَّادٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ "إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ كَسْبِهِ" فَأَخْطَأَ فِيهِ إسْنَادًا وَمَتْنًا انْتَهَى.
وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إنَّمَا أَنْتَ وَمَالُك سَهْمٌ مِنْ كِنَانَتِهِ5 وَنُقِلَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ6 وَسُمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ7.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ مِنْ حَدِيثِ سُمْرَةَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ وَفِيهَا لَيِّنٌ وَبَعْضُهَا أَحْسَنُ مِنْ بَعْضٍ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَضَرْت أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي كُلَّهُ وَيَجْتَاحُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا لَك مِنْ مَالِهِ
__________
قال البوصيري في الزوائد 2/99: هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم
3 تقدم
4 تقدم
5 تقدم
6 تقدم
7 تقدم تخريجه.(3/401)
مَا يَكْفِيك الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك مَرْفُوعًا فِي إسْنَادِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادِ الطَّائِيُّ متروك.(3/402)
كِتَابُ الصداق
مدخل
...
كتاب الصَّدَاقِ1
1549 - حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَعَلَيْهِ رَدْعُ2 زَعْفَرَانٍ فَقَالَ "مَهْيَمْ" قَالَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ "مَا أَصْدَقْتهَا" فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ "بَارَكَ اللَّهُ لَك أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ3.
قَوْلُهُ إنَّهُ قَالَ فِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ.
__________
1 الصداق: بفتح الصاد وكسرها: ما وجب بنكاح، أو وطء، أو تفويت بضع، قهرا كرضاع، ورجوع شهود سمي بذلك لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الأصل في إيجاب المهر.
ويقال له أيضا: مهر، ونحلة، وفريضة، وأجر، وعقر.
قال سيدنا عمر رضي الله عنه: لها عقر نسائها.
ومنه قولهم: الوطء لا يخلو عن عقر أو عقر.
وعليقة: قال عليه الصلاة السلام: "أدوا العلائق" قالوا: وما العلائق يا رسول الله؟ قال: "ما تراضى به الأهلون".
وحباء، ونكاح: قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} [النور: 33] .
وطول: قال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا} [النساء: 25] .
وخرس: قال العلامة القيلوبي:
أسماء مهر مع ثلاث عشر ... مهر صداق طول خرس أجر
عطية حباء علائق نحلة ... فريضة نكاح صدقة عقر
وكلهها مذكورة في الكتاب والسنة.
وقيل: الصداق: ما وجب بتسمية في النقد، والمهر: ما وجب بغير ذلك.
واصطلاحا: عرفه الحنفية بأنه: هو المال الواجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة منافع البضع إما بالتسمية أو بالعقد.
عرفه الشافعية بأنه: ما وجب بنكاح، أو وطء، أو تفويت بضع قهرا.
عرفه المالكية بأنه: ما يعطى للزوجة في مقابلة الاستمتاع بها.
عرفه الحنابلة بأنه: العوض في النكاح، سواء سمي في العقد، أو فرض بعده بتراضيهما، أو الحاكم ونحوه كوطء شبهة.
انظر: شرح المحلى 3/275، وحاشية الدسوقي 2/293، كشاف القناع 5/128، حاشية ابن عابدين 2/329.
2 يقال: ثوب رزيع: مصبوغ بالزعفران، النهاية 2/215.
3 تقدم تخريجه.(3/402)
1550 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَدُّوا الْعَلَائِقَ" قِيلَ وَمَا الْعَلَائِقُ قَالَ "مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ "انْكِحُوا الْأَيَامَى وَأَدُّوا الْعَلَائِقَ" الْحَدِيثَ1، وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَلَوْ بِقَضِيبٍ مِنْ أَرَاكٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيُّ2، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةَ الطَّائِفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُرْسَلًا3، حَكَى عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّ الْمُرْسَلَ أَصَحُّ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ4 وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ5 بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا.
1551 - حَدِيثٌ "مَنْ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدْ اسْتَحَلَّ" أَيْ طَلَبَ الْحِلَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ مَنْ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ6، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ جَارِيَةَ بْنِ هُزَمَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
__________
1 أخرجه الدارقطني 3/244، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 10، والبيهقي 7/239، كتاب الصداق: باب ما يجوز أن يكون مهرا، والطبراني في الكبير 12/239، برقم 12990، كلهم من حديث عبد الله بن عباس.
قال الهيثمي 4/283: رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف، وبه أعله العظيم آبادي في التعليق المغني، وقال: قال ابن القطان: قال البخاري منكر الحديث اهـ.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 1/200، برقم 619، وأبو داود مراسيله 215، عن ابن البيماني قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال العظيم آبادي في التعليق المغني: قال ابن القطان: ومع إرساله فيه عبد الرحمن أبو محمد لم تثبت عدالته، وهو ظاهر الضعف، انتهى قاله الزيلعي في نصب الراية 3/200.
2 ينظر: تخريج الحديث السابق.
3 ينظر: تخريج الحديث السابق.
4 أخرجه الدارقطني 3/242، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 2.
قال الزيلعي في نصب الراية 3/201، قال ابن الجوزي: وأبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين، قال حماد بن زيد: كان كذابا، وقال السعدي: كذاب مفتر، انتهى.
قلت: وهو علة على هذا الحديث، وبه أعله العظيم آبادي في التعليق المغني، وزاد: وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين ضعيف، وقال ابن حبان: كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه. د
قال الجوزجاني: كذاب مفتر، كذا في الميزان.
5 أخرجه البيهقي 7/239، كتاب الصداق: باب ما يجوز أن يكون مهرا من طريق حجاج بن أرطأة.
وقال الهيثمي: ليس بمحفوظ.
6 أخرجه البيهقي 7/238، كتاب الصداق: باب ما يجوز ن يكون مهرا.
وفي إسناده يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة.
قال عنه الذهبي في الميزان 7/214، قال ابن معين: ليس بشيء.(3/403)
بِلَفْظِ يُسْتَحَلُّ النِّكَاحُ بِدِرْهَمَيْنِ فَصَاعِدًا وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ "مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدْ اسْتَحَلَّ" 1، وَفِي إسْنَادِهِ مُسْلِمُ بْنُ رُومَانٍ2، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَقْوَى.
1552 - حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ سَأَلْت عَائِشَةَ مَا كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً3 وَنَشًّا أَتَدْرِي مَا النش قلت لا قال نِصْفُ أُوقِيَّةٍ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ فَوَهِمَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ عند مسلم أيضا4، وعن أُمِّ حَبِيبَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ5.
تَنْبِيهٌ: إطْلَاقُهُ أَنَّ جَمِيعَ الزَّوْجَاتِ كَانَ صَدَاقُهُنَّ كَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَخَدِيجَةُ وَجُوَيْرِيَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَصْفِيَّةُ كَانَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا6، وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَصْدَقَهَا عَنْهُ النَّجَاشِيُّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ،7 وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَصْدَقهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ8، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ
__________
1 أخرجه أبو داود 2/236، كتاب النكاح: باب قلة المهر، حديث 2110، من طريق موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه.
2 الصواب موسى بن مسلم بن رومان وهو مجهول. قال ابن حجر في التقريب 2/288: والصواب صالح بن مسلم بن رومان، وقد ينسب إلى جده، روى له أبو داود.
وقال الذهبي في الميزان 6/562، مجهول: روى عن أبي الزبير وعنه يزيد بن هارون فقط وساق الذهبي له هذا الحديث من طريق أبي داود عن إسحاق بن جبرائيل البغدادي، وقال: إسحاق هذا لا يعرف وضعفه الأزدي.
3 أخرجه مسلم 5/229 –نووي، كتاب النكاح: باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن، حديث 78/1476، وأبو داود 2/234-235، كتاب النكاح: باب الصداق، حديث 2105، والشافعي 2/5، حديث 1، في كتاب النكاح، ووهم الحاكم فاستدركه 2/181، في كتاب النكاح، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وتبعه الذهبي.
4 أخرجه أحمد 1/40، 41، 48، كتاب النكاح: باب الصداق، حديث 2106، والترمذي 3/413-414، كتاب النكاح: باب 23، حديث 1114م، والنسائي 7/117، كتاب النكاح: باب القسط في الأصدقة، حديث 3349، وابن ماجة 1/607، كتاب النكاح: باب صداق النساء، حديث 1887، والحميدي 1/13-15، برقم 23، كلهم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 أخرجه أحمد 6/427، والنسائي 6/119، كتاب النكاح: باب القسط في الأصدقة، حديث 3350.
6 تقدم تخريجه.
7 هو جزء من حديث أم حبيبة قبل السابق.
8 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 4/160.(3/404)
مِائَتَيْ دِينَارٍ1، لَكِنْ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
حَدِيثٌ "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1553 - حَدِيثٌ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَقَدْ نُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَالْمِيرَاثِ" أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ2، وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَهْدِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا مَغْمَزَ فِيهِ لِصِحَّةِ إسْنَادِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَحْفَظُهُ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَقَالَ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ بِرَوْعٍ لَقُلْت بِهِ.
قَوْلُهُ فِي رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ اضْطِرَابٌ قِيلَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَقِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَشْجَعَ أَوْ نَاسٍ مِنْ أَشْجَعَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَالُوا إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي اسْمِ رَاوِيهِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ
__________
1 أخرجه الطبراني في الأوسط بإسنادين كما في مجمع الزوائد 4/285، وقال: في أحدهما إسماعيل بن علي الأنصاري عن رواد بن الجراح، ورواد فيه ضعف، وإسماعيل لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
والإسناد الآخر ضعيف اهـ.
2 أخرجه أبو داود 2/589، كتاب النكاح: باب من تزوج ولم يسم صداقا، الحديث 2116، والنسائي 6/121، 12، كتاب النكاح: باب التزوج بغير صداق، والترمذي 6/450، كتاب النكاح: باب الرجل يتزوج فيموت عنها قبل أن يفرض لها، الحديث 1145، وابن ماجة 1/609، كتاب النكاح: باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت، حديثي 1891، وابن الجارود ص 240، كتاب النكاح، الحديث 718، وأحمد 4/267، رقم 929، والدارمي 2/155، والطيالسي 1/307 –منحة، وابن حبان 1263 –موارد، والحاكم 2/180، كتاب النكاح: باب من تزوج ولم يفرض صداقا، والبيهقي 7/245، كتاب الصداق: باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض صداقا، من طريق علقمة عن ابن مسعود به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، صححه ابن مهدي كما في التلخيص 3/191.
وقال ابن حزم: لا مغمز فيه لصحة إسناده وصححه ابن حبان.
وأخرجه أبو داود 2/588، كتاب النكاح: باب من تزوج ولم يسم صداقا، الحديث 2114، والنسائي 6/122، كتاب النكاح: باب إباحة التزوج بغير صداق، وابن ماجة 1/609، كتاب النكاح: باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت، حديث 1891، والحاكم 2/180، 181، كتاب النكاح: باب من تزوج ولم يفرض صداقا، والبيهقي 7/245، كتاب الصداق: باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض صداقا، وابن حبان 1265 –موارد، من طريق مسروق عن عبد الله بنحوه.(3/405)
الْأَصْلُ فيه ما ذكر الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ قَالَ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّيِّ أَنَّهُ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَقَدْ نُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَوْلَى الْأُمُورِ بِنَا وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَبُرَ وَلَا يثنى في قَوْلِهِ إلَّا طَاعَةَ اللَّهِ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ وَلَمْ أَحْفَظْهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُ مِثْلَهُ مَرَّةً يُقَالُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَمَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً عَنْ بَعْضِ أَشْجَعَ لَا يُسَمِّي1.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ سُمِّيَ فِيهِ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ لَا يَضُرُّ فَإِنَّ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ صَحِيحَةٌ وَفِي بَعْضِهَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَشْجَعَ شَهِدُوا بِذَلِكَ2.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الَّذِي قَالَ مَعْقِلُ بْنِ سِنَانٍ أَصَحُّ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرِكِ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ يَقُولُ سَمِعْت الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ سَمِعْت حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى قَالَ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ أَنْ صَحَّ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ قُلْت بِهِ قَالَ الْحَاكِمُ فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَوْ حَضَرْت الشَّافِعِيَّ لَقُمْت عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ وَقُلْت قَدْ صَحَّ الحديث فقل به3.
وذكرالدارقطني الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي الْعِلَلِ ثُمَّ قَالَ وَأَحْسَنُهَا إسْنَادًا حَدِيثُ قَتَادَةَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ اسْمَ الصَّحَابِيِّ.
قُلْت وَطَرِيقُ قَتَادَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ امْرَأَةً رَجُلًا فَدَخَلَ لها وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ لَهَا4، الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ.
تَنْبِيهٌ: اسْمُ زَوْجِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ هِلَالُ بْنُ مُرَّةَ ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَيْضًا.
1554 - حَدِيثٌ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَبْت نَفْسِي لَك
__________
1 أخرجه البيهقي 7/244، كتاب الصداق: باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها، من طريق الشافعي.
2 ينظر: البيهقي 7/246، كتاب الصداق: باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها.
3 المستدرك 2/180.
4 أخرجه أبو داود 2/238، كتاب النكاح: باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات، حديث 2117، والحاكم 2/181-182، في كتاب النكاح، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قال أبو داود: أخاف أن يكون هذا الحديث ملزقا لأن الأمر على غير هذا.(3/406)
وَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ1، وَاللَّفْظُ الَّذِي سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ السُّلْطَانُ وَلِيٌّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ "زَوَّجْتُكهَا تُعَلِّمُهَا مِنْ الْقُرْآنِ".
وَفِي أُخْرَى لِأَبِي دَاوُد "عَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً وَهِيَ امْرَأَتُك".
وَلِأَحْمَدَ قَدْ أَنْكَحْتُكهَا عَلَى مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ.
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا عُقْرُ نِسَائِهَا لَمْ أَجِدْهُ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ قَوْلُ عُمَرَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رود عَنْهُ بِلَفْظِ لَهَا عُقْرُ نِسَائِهَا وَأَنَّ الْعُقْرَ هُوَ الصَّدَاقُ أَوْ لِمَنْ وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ.
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودُ "فِيمَنْ خَلَا بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يحصل وطئ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ" مَوْقُوفُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ2، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْهُ بِهِ3، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ لَيْثٍ4، وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا5.
1555 - حَدِيثُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ6، الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْهُمَا وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.
وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ فِي الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ: إنَّهَا إذَا أَرْخَتْ السُّتُورَ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ7.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه البيهقي 7/255، كتاب الصداق: باب الرجل يخلو بامرأة ثم يطلقها قبل المسيس. قال البيهقي: وفيه انقطاع بين الشعبي وبين ابن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/520، كتاب النكاح: باب من قال لها: نصف الصداق، من طريق الشعبي.
3 أخرجه الشافعي في مسنده 2/9، في كتاب النكا: باب أحكام الصداق، برقم 11.
4 أخرجه ابن أبي شيبة 3/521، كتاب النكاح: باب من قال: لها نصف الصداق، حديث 16705، 16706.
5 أخرجه البيقهي 7/254، كتاب الصداق: باب الرجل يخلو بامرأة ثم يطلقها من قبل المسيس.
6 أخرجه البيهقي 7/255، كتاب الصداق: باب من قال: من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب الصداق، وما روي في معناه.
7 أخرجه مالك 2/528، كتاب النكاح باب إرخاء الستور، حديث 12، ومن طريق البيهقي 7/255، كتاب الصداق: باب من قال: من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب الصداق وما روي في معناه.(3/407)
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ عُمَرَ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ وَغُلِّقَتْ الْأَبْوَابُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ1.
وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِبَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إذَا أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا وَرَأَى عَوْرَةً فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ2.
وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ رِوَايَةِ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّهُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَأَرْخَى السِّتْرُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ3.
وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَشَفَ خُمُرَ امْرَأَةٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ" 4، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ مَعَ إرْسَالِهِ لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ ثَوْبَانَ5، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ {يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} إنَّهُ الْوَلِيُّ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ6، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِثْلَهُ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ7، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ الزَّوْجُ8، مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق 6/754، كتاب النكاح: باب وجوب الصداق، حديث 10868.
2 أخرجه الدارقطني 3/306-307، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 229، والبيهقي 7/255، كتاب الصداق: باب من قال من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب الصداق، وما روي في معناه.
3 أخرجه البيهقي في الموضع السابق 7/255-266.
4 أخرجه الدارقطني 3/207، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 232.
5 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 185، برقم 214.
6 أخرجه الدارقطني 3/280، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 129، والبيهقي 7/252، كتاب الصداق: باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي.
قال العظيم آبادي في التعليق المغني 3/280: الحديث رواته ثقات، محمد بن مخلد شيخ المؤلف، صحح الدارقطني حديثه في غير موضع، ومحمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو جعفر الواسطي الدقيقي وثقه مطين والدارقطني وغيرهما، ويزيد بن هارون ثقة. وورقاء بن عمر بن كليب اليشكري عالم صدوق من ثقات الكوفيين. كذا في الميزان. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا محمد بن مسلم، حدثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح. قال: ذلك أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه. وروى عن علقمة والحسن وعطاء وطاوس والزهري وربيعة وزيد بن أسلم وإبراهيم النخعي وعكرمة في أحد قوليه ومحمد بن سيرين وفي أحد قوليه: أنه الولي وهذا مذهب مالك وقول الشافعي في القديم، كذا في التفسير لابن كثير 1/289.
7 أخرجه ابن أبي شيبة 3/545-456، كتاب النكاح: باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي، حديث 16996، 17000، 17001.
8 أخرجه البيهقي،/251، كتاب الصداق: باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الزوج من باب عفو المهر.(3/408)
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْهُ1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شيبة أيضا عن شريج وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ2، وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا3، وَابْنُ لَهِيعَةَ مَعَ ضَعْفِهِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرِو وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة 3/545، كتاب النكاح: باب في قوله تعالى: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} [البقرة: 237] ، حديث 16989، والدارقطني 3/279، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 127، والبيهقي 7/251.
2 أخرجه ابن أبي شيبة 3/544-545، من قوله تعالى: {إلا أن يعفون} [البقرة: 237] أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح.
3 أخرجه الدارقطني 3/279، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 128، والبيهقي 7/251، كتاب الصداق: باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الزوج من باب عفو المهر.(3/409)
بَابُ الْمُتْعَةِ4
1556 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَحَسْبُهَا
__________
4 المتعة لغة: التمتع، أو ما يتمتع به كالمتاع، وهو ما يتمتع به من الحوائج، وشرعا: مال يجب على الزوج دفعه لامرأته لمفارقته إياها بشروط.
المطلقة قبل الدخول إن وجب لها مهر بتسمية صحيحة، أو فاسدة، أو فرض صحيح، فلا متعة لها، وإن لم يجب بأن كانت مفوضة، فلها المتعة، لقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم يمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن} [البقرة: 236] ولأن المفوضة لم يحصل لها شيء، فيجب لها متعة للإيحاش هذا الإجماع.
والمطلقة بعده تستحق المتعة بقي المهر أو أسقطت، لقوله تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف} [البقرة: 241] وهذا عام في المطلقة بعد الدخول وقبله، وخصوهن فتعالين أمتعكن، وأسرحكن، ولأن المهر في مقابلة منفعة بضعها، وقد استوفاها الزوج، فيجب للإيحاش متعة، وتجب المتعة بكل فراق يحصل في الحياة من جهته لا بسبب من جهتها كالطلاق.
وكل فراق منها، أو بسببها، فلا متعة لها، وإن لم يجب لها مهر، لأن المهر يسقط بذلك، ووجوبه آكد، وتجب المتعة لسيد الأمة، وفي كسب العبد كالمهر ومعلوم أن السيد لو زوج عبده أمته، ثم فارقها لا متعة لها، كما لا مهر.
والمستحب في المتعة ثلاثون درهما، ما قيمة ذلك. قال البوطي: وهذا أدنى المستحب، وأعلاه خادم، وأوسطه ثوب ويسن أن لا تبلغ نصف مهر المثل، فإن بلغته أو جاوزته جاز لإطلاق الآية.
قال البلقيني: ولا يزيد وجوبا على مهر المثل، ولم يذكروه، ومحل ذلك إذا فرضها الحاكم، وله نظائر منها أن لا يبلغ بالتعزير الحد، ثم إن تراضيا على شيء فذاك ظاهر، وإن تنازعا في قدرها قدرها القاضي باجتهاده بحسب ما يليق بالحال معتبرا حالهما من يسار الزوج وإعساره، ونسبها، وصفتها، بقوله تعالى: {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف} [البقرة: 241] وقيل: يعتبر حاله فقط لظاهر الآية كالمنفعة، وقيل: حالها فقط لأنها كالبدل عن المهر، وهو معتبر وقيل: لا ==(3/409)
نِصْفُ الْمَهْرِ" مَوْقُوفٌ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ بِهَذَا1.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ رَوَيْنَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُجَاهِدٌ وَالشُّعَبِيُّ.
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ عُمْرَةَ بِنْتَ الْجَوْنِ تَعَوَّذَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَقَدْ عُذْت بمعاذ فطلقها ومتعها بثلاثة أَثْوَابٍ رَازِقِيَّةٍ2، وَفِيهِ عُبَيْدُ بن القاسم وهو واهي وَأَصْلُ قِصَّةِ الْجَوْنِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ قَوْلِهِ وَمَتَّعَهَا وَإِنَّمَا فِيهِ وَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يَكْسُوَهَا بِثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتْعَةُ هِيَ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا مَوْقُوفٌ الْبَيْهَقِيُّ مَنْ رِوَايَةِ موسى بن عقبة عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَذَكَرَ أَنَّهُ فَارَقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ أَعْطِهَا كَذَا فَحَسَبْنَا فَإِذَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ3.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَة عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَدْنَى مَا أَرَى يَجْزِي مِنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا أَوْ مَا أَشْبَهَهَا4.
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَعْرِفُ فِي الْمُتْعَةِ قَدْرًا مَوْقُوتًا إلَّا أَنِّي أَسْتَحْسِنُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ الْمُتْعَةِ خَادِمٌ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ5، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ.
__________
=يقدرها بشيء، بل الواجب أقل متمول، كما يجوز جعله صداقا، وفرق بين المهر بالتراضي، وعلى تقديره حسب ما يقدره ما لم يخالف المندوب.
1 أخرجه الشافعي في مسنده 2/9، كتاب النكاح: باب في أحكام الصداق، حديث 13، ومن طريقه البيهقي 7/257، كتاب الصداق: باب المتعة.
2 تقدم تخريجه في باب ومن خصائصه من محرمات النكاح.
3 أخرجه البيهقي 7/244، كتاب الصداق: باب التفويض.
4 أخرجه عبد الرزاق 7/73، كتاب النكاح: باب وقت المتعة، حديث 12255.
5 أخرجه البيهقي 7/244، كتاب الصداق: باب التفويض.(3/410)
بَابُ الْوَلِيمَةِ وَالنَّثْرِ.
1557 - حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِبَابُ الْوَلِيمَةِ وَالنَّثْرِ.
[1557] حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ(3/410)
وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ أَنَّهُ جَعَلَ وَلِيمَتَهَا مَا حَصَلَ مِنْ السَّمْنِ وَالتَّمْرِ وَالْأَقِطِ لَمَّا أَمَرَ بِلَالًا بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأَلْقَى ذَلِكَ عَلَيْهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شيء فليجيء بِهِ" قَالَ وَبَسَطَ نَطْعًا2.
__________
1 أخرجه أحمد 3/110، وأبو داود 3/341 كتاب الأطعمة: باب في استحباب الوليمة عند النكاح، حديث 3744، والترمذي 3/394، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، حديث 1095، 1096، والنسائي في الكبرى 4/139، كتاب الوليمة: باب الوليمة في السفر، حديث 6600، وابن ماجة 1/615، كتاب النكاح: باب الوليمة، حديث 1909، وابن حبان 6/368، في كتاب النكاح، حديث 4061.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
2 هذا حديث صحيح متفق على صحته، وهو جزء من حديث طويل أخرجه البخاري 2/107، كتاب الأذان: باب ما يحقن بالأذان من الدماء، رقم 610، 1/572، كتاب الصلاة: باب ما يذكر في الفخذ، رقم 371، 2/507، 508، كتاب الخوف: باب التكبير والغلس بالصبح، والصلاة عند الإغارة والحرب، رقم 947، 4/489، كتاب البيوع: باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة رقم 2228، طرفا منه، 4/494، كتاب البيوع: باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها، رقم 2235، 6/98، كتاب الجهاد والسير: باب فضل الخدمة في الغزو، رقم 2889، 6/101، 102، كتاب الجهاد: باب من غزا بصبي للخدمة، رقم 2893، 6/130، كتاب الجهاد والسير: باب دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام والنبوة، رقم 2943-2945، 6/156، كتاب الجهاد والسير: باب التكبير عند الحرب، رقم 2991، 6/222، 223، كتاب الجهاد والسير: باب ما يقول إذا رجع من الغزو، رقم 3085-3086، 6/223، 224، كتاب الجهاد والسير: باب الصلاة إذا قدم من سفر، رقم 3087، 6/732، كتاب المناقب: باب 28، رقم 3647، كتاب المغازي: باب أحد جبل يحبنا ونحبه، رقم 4083-4084، رقم 4197-4198، 4188، 4200-4201، 7/547، كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، رقم 4211-4212-4213، 9/29، كتاب النكاح: باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جارية ثم تزوجها، رقم 5085، 9/132، كتاب النكاح: باب البناء في السفر، رقم 5159، 9/140، كتاب النكاح: باب الوليمة ولو بشاة، رقم 5169، 9/440، كتاب الأطعمة: باب الخبز المرفق، والأكل على الخوان والسفرة، رقم 5387، 9/465، كتاب الأطعمة: باب الحيس، رقم 5425، 9/466، كتاب الأطعمة: باب ذكر الطعام، رقم 4428، 9/570، كتاب الذبائح والصيد: باب لحوم الحمر الإنسية، رقم 5528، 10/26، كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، رقم 5968، 10/584، كتاب الأدب: باب قول الرجل: جعلني الله فداك رقم 6185، 11/177، كتاب الدعوات: باب التعوذ من غلبة الرجال، رقم 6363، 11/182، كتاب الدعوات: باب الاستعاذة من الجبن والكسل. رقم 6369، 13/316، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة، رقم 7333، ومسلم 2/1043، 1044، كتاب النكاح: باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها، رقم 84/1365، والنسائي 6/131، 132، 133، 134، كتاب النكاح: باب البناء في السفر، رقم 3380، وأحمد 3/101، 102، 111، 163، 164، 186، 206، 246، 263، 270-271، والبيهقي 2/230،==(3/411)
حَدِيثٌ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" سَبَقَ فِي الصَّدَاقِ.
1558 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "مَنْ دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ بِلَفْظِ "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ" 1، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ" 2.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ "مَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ" وَلَهُ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُمَا3.
وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنَّفُ فِي صَدْرِ حَدِيثٍ4،
__________
= كتاب الصلاة: باب من زعم أن الفخذ ليست بعورة، وما قيل في السرة، والركبة، 9/55، كتاب السير: باب قسمة الغنيمة في دار الحرب، 9/79، 80، كتاب السير: باب قتل النساء والصبيان في التبيت والغارة من غير قصد، وما ورود في إباحة التبيت، وابن حبان 11/51، 52، كتاب السير: باب ذكر البيان بأن على المرء إذا أتى دار الحرب أن لا يشن الغرة حتى يصبح، رقم 4747، ومالك في الموطأ 2/468-69، كتاب السير: باب الخروج وكيفية الجهاد، رقم 4746، والترمذي 4/121، كتاب السير: باب في البيان والغارات رقم 1550.
1 أخرجه البخاري 9/148، كتاب النكاح: باب حق الوليمة، حديث 5173، ومسلم 2/1052، كتاب النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي، 96/1429، ومالك في الموطأ 2/546، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، حديث 49، وأبو داود 2/367، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في إجابة الدعوة، حديث 3736، 3737، 3738، والترمذي 3/404، كتاب النكاح: باب ما جاء في إجابة الداعي، حديث 1098، وابن ماجة 1/616، كتاب النكاح: باب إجابة الداعي، حديث 1914، وأحمد 2/20، 22، 37، 101، والطحاوي في شرح معاني الآثار، 4/147، والبيهقي 7/262، كتاب الصداق: باب إتيان كل دعوة عرسا كان أو نحوه، والبغوي في شرح السنة 5/104 –بتحقيقنا، من طرق عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
وله ألفاظ متعددة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه مسلم 2/1054، كتاب النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، حديث 105/1430.
3 أخرجه مالك 2/546، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، حديث 50، وأحمد 2/240-241، 267، 405، 406، 494، والبخاري 10/305، كتاب النكاح: باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، حديث 5177، ومسلم 5/252-253، كتاب النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، حديث 107-110/1432، وأبو داود 3/341، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في إجابة الدعوة، حديث 3742، وابن ماجة 1/616، كتاب النكاح: باب إجابة الداعي، حديث 1913، والدارمي 2/105، كتاب الأطعمة: باب في الوليمة، وعبد الرزاق في مصنفه 10/447-448، كتاب الجامع: باب الوليمة، حديث 19662، والحميدي 2/493-494، برقم 1171، وابن حبان 12/116، 118، كتاب الأطعمة: باب الضيافة، حديث 5304، 5305.
4 أخرجه أبو داود 3/341، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في إجابة الدعوة، حديث 3741، من طرق أبان بن طارق عن طارق عن نافع قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ==(3/412)
وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ جَامِعًا بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرُهُمَا الْمُصَنَّفِ فَإِنَّهُ قَالَ نَا زُهَيْرٌ نَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ".
1559 - حَدِيثٌ "شَرُّ الْوَلَائِمِ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ" الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ" وَهُوَ بَعْضُ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَصَدْرُهُ مَوْقُوفٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ التَّصْرِيحُ بِرَفْعِ جَمِيعِهِ وَتَعَقَّبَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَلَمْ أَرَهُ بِلَفْظِ شَرُّ الْوَلَائِمِ.
1560 - حَدِيثٌ "الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ" 1، أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ اسْمه زُهَيْرٌ وَغَلَط ابْنُ قَانِعٍ فَذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ فِيمَنْ اسْمُهُ مَعْرُوفٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي السُّنَنِ وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ مَعْرُوفٌ أَيْ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا قَالَ قَتَادَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْمُهُ زُهَيْرٌ فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ وَأَخْرَجَهُ الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ فِيمَنْ اسْمُهُ زُهَيْرٌ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ لَهُ غَيْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ إنَّهُ مُرْسَلٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ وَلَا تَعْلَمُ لَهُ صُحْبَةٌ2، وَأَغْرَبَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فَأَخْرَجَ الْحَدِيثُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ فِي ذَيْلِ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَدْ أَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ3، وَأَشَارَ
__________
= دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن دخل على غير دعوة، دخل سارقا وخرج مغيرا"
قال أبو داود: أبان بن طارق مجهول.
1 أخرجه أحمد 5/28، وأبو داود 3/341-342، كتاب الأطعمة: باب في كم تستحب الوليمة، حديث 3745، والنسائي في الكبرى 4/139، كتاب الوليمة: باب عدد أيام الوليمة، حديث 6566، والدارمي 2/104، 105، كتاب الأطعمة: باب في الوليمة، والبيهقي 7/260، كتاب الصداق: باب أيام الوليمة.
2 ينظر: سنن البيهقي 7/261، وقال ابن حجر في الإصابة 2/475، في ترجمة زهير بن عثمان هذا: وقال ابن السكن: ليس معروفا من الصحابة إلا أن عمرو بن علي ذكر فيهم.
وقال البخاري: لا تعرف له صحبة، ولم يصح إسناده، وأثبت صحبته ابن أبي خيثمة، وأبو حاتم والترمذي، والأزدي، وغيرهم.
زاد الأزدي: تفرد بالرواية عنه: عبد بن عثمان الثقفي.
قلت: وعبد الله بن عثمان الثقفي هذا: مجهول، كذا قال الحافظ في التقريب 1/433، 469.
3 أخرج الحديث البخاري أيضا في تاريخه الكبير 3/425، 1412، في ترجمة زهير بن عثمان الثقفي، وقال: ولم يصح إسناده ولا يعرف له صحبة.(3/413)
إلَى ضَعْفِهِ فِي صَحِيحِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِثْلَهُ1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ حُسَيْنِ النَّخَعِيُّ الْوَاسِطِيُّ ضَعِيفٌ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ "طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمِ حَقٌّ وَالثَّانِي سُنَّةٌ وَالثَّالِثُ سُمْعَةٌ" 3، وَاسْتَغْرَبَهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَّمِيِّ عَنْهُ.
قُلْت وَزِيَادٌ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَسَمَاعُهُ مِنْ عَطَاءٍ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْهُ وَفِي إسْنَادِهِ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ وَرَجَّحَا رِوَايَةً مَنْ أَرْسَلَهُ عَنْ الْحَسَنِ5، وَعَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ6 وَابْنِ عَبَّاسٍ7 رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ.
1561 - حَدِيثٌ "إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا إلَيْك بَابًا فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا إلَيْك بَابًا أَقْرَبُهُمَا إلَيْك جِوَارًا وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبْ الَّذِي سَبَقَ" أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ
__________
1 أخرجه أبو داود 3/342، كتاب الأطعمة: باب في كم يستحب الوليمة، حديث 3746.
2 أخرجه ابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب إجابة الداعي، حديث 1915، من طرق عبد الملك بن حسين، وأبي مالك النخعي عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قال البوصيري في الزوائد 2/94: هذا إسناد فيه عبد الملك بن حسين وهو ضعيف.
3 أخرجه الترمذي 3/394-395، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، حديث 1097، من طريق زياد بن عبد الله قال: حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن أبي مسعود رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله، وزياد بن عبد الله كثير الغرائب والمناكير.
قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يذكر عن محمد بن عقبة قال: قال وكيع: زياد بن عبد الله مع شرفه يكذب في الحديث.
والحديث أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 4/59، والبيهقي 7/260، كتاب الصداق: باب الوليمة، ال الهيثمي: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
4 أخرجه البيهقي 7/260، كتاب الصداق: باب أيام الوليمة.
5 ذكره ابن أبي حاتم في العلل 1/398، برقم 1193.
6 أخرجه الطبراني في الكبير 22/136-137، برقم 362.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/255، رواه الطبراني ورجاله وثقهم ابن حبان.
7 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/59، وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه محمد بن عبد الله العزمي وهو متروك.(3/414)
الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ1، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ بِهِ.
وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْك بَابًا2.
حَدِيثٌ "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" وَحَدِيثٌ أَنَّهُ أَوْلَمَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ تَقَدَّمَا.
1562 - حَدِيثٌ "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلَا يَقْعُدْنَ عَلَى دَائِرَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ" 3، أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِهِ فِي حَدِيثٍ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ جَابِرٍ نَحْوِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ "نُهِيَ عَنْ مَطْعَمَيْنِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ" الْحَدِيثَ4، وَأَعَلَّهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّ جَعْفَرًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَجَاءَ
__________
1 أخرجه أبو داود 3/344، كتاب الأطعمة: باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق، حديث 3756، وأحمد 5/408، كلاهما من طريق عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن أبي العلاء الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعلة هذا الحديث: هو أبو خالد الدالاني واسمه يزيد بن عبد الرحمن، وهو صدوق يخطئ كثيرا، وكان يدلس.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه أحمد 3/339، من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، وابن لهيعة معروف بسوء الحفظ.
وأخرجه النسائي 4/171، كتاب آداب الأكل: باب النهي عن الجلوس على مائدة يدار عليها الخمر، حديث 6741، والحاكم 4/288، كلاهما عن هشام الدستوائي قال: حدثني أبي عن عطاء عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي 5/113، كتاب الآداب: باب ما جاء في دخول الحمام، حديث 2801، من طريق ليث ابن أبي سليم، عن طاوس عن جابر رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث طاوس عن جابر من هذا الوجه.
ثم قال: محمد بن إسماعيل: وقال أحمد بن حنبل: ليث لا يفرح بحديثه، كان لين يرفع أشياء لا يرفعها غيره، لذلك ضعفوه اهـ من جامع الترمذي.
4 أخرجه أبو داود 3/349، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره، حديث 3774، والنسائي 7/261، دون لفظ الشاهد، والحاكم 4/129، والبيهقي 7/266، كتاب الصداق: باب الرجل يدعى إلى الوليمة وفيها المعصية ينهاهم فإن نحوا ذلك عنه وإلا لم يجب، كلهم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الحاكم: هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(3/415)
التَّصْرِيحُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ إنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَمِنْ حَدِيثٍ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3، وَأَسَانِيدُهَا ضِعَافٌ.
1563 - حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرَتْ عَلَى صُفَّةٍ لَهَا سَتْرًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ فَأَمَرَ بِنَزْعِهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ قَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَفِقُ بِهِمَا.
أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا4.
وَأَمَّا الثَّانِيَ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ بِسَهْوَةٍ لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَقَالَ يَا عَائِشَةَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَطَّعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُزَاةِ فَأَخَذْت نَمَطًا فَسَتَرْته عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ النَّمَطَ فَرَأَيْت الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ فَقَطَّعَهُ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ قَالَتْ فقطعنا منه وسادتين وحشوهما لِيفًا فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ.
وَفِي لَفْظٍ فَأَخَذْتهَا فَجَعَلْتهَا مُرْفَقَتَيْنِ فَكَانَ يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْتِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا.
تَنْبِيهٌ: وَرَدَ قَوْلُهَا الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِعَائِشَةَ أَيْضًا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِذَلِكَ وَهِيَ شَابَّةٌ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُدُومِهِ مِنْ غُزَاةِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ5.
__________
1 أخرجه البزار والطبراني كما في مجمع الزوائد 1/283، وقال: رواه الطبراني في الأوسط والبزار وفيه علي بن يزيد الألهاني، ضعفه أبو حاتم وابن عدي، ووثقه أحمد وابن حبان.
2 أخرجه الطبراني 11/191، ببرقم 11462، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/284: رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني ضعفه البخاري وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان.
3 أخرجه أحمد 1/20.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/282، رواه أحمد وفيه رجل لم يسم.
4 أخرجه البخاري 11/586، كتاب اللباس: باب ما وطئ من التصاوير، حديث 5955.
5 أخرجه أبو داود 4/283-284، كتاب الأدب: باب في اللعب بالبنات، حديث 4932، والنسائي في الكبرى 5/306-307، كتاب عشرة النساء: باب إباحة الرجل لزوجته النظر إلى اللعب، حديث 8950، والبيهقي 10/219، كتاب الشهادات: باب ما جاء في اللعب بالبنات.(3/416)
1564 - حَدِيثُ أَبِي هريرة أن جبرائيل جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ صَوْتَهُ وَهُوَ خَارِجٌ فَقَالَ اُدْخُلْ فَقَالَ إنَّ فِي الْبَيْتِ سَتْرًا فِيهِ تماثيل فاقطعوا رؤوسها وَاجْعَلُوهُ بَسْطًا أَوْ وَسَائِدَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِهِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَأَوْطِئُوهُ فَإِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ1.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ "إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ جَاعِلًا فِي بَيْتِك فاقطع رؤوسها وَاجْعَلْهَا وَسَائِدَ أَوْ اجْعَلْهَا بَسْطًا" 2.
وَرَوَى نَحْوُهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ بِسِيَاقٍ آخَرَ3.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا جِدًّا "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ أَوْ تَمَاثِيلُ" وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ الْقِصَّةِ شَيْئًا4.
فَائِدَةٌ: أَدْعَى ابْنُ حِبَّانَ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ مُخْتَصٌّ بِبَيْتٍ يُوحَى فِيهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْحَافِظِينَ لَا يُفَارِقَانِ الْعَبْدَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ مَرْفُوعًا إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ فَإِذَا عَلَى بَابه سَتْرٌ فِيهِ صُوَرٌ قَالَ بُسْرٌ فَقُلْت لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنْ الصُّوَرِ يَوْمَ الْأَوَّلِ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ إلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ قَالَ لَا قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ5.
1565 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ" أَتَاهُ رَجُلٌ مُصَوِّرٌ فَقَالَ مَا أَعْرِفُ صَنْعَةً غَيْرُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بُدٌّ فَصَوِّرْ الْأَشْجَارَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا
__________
1 أخرجه البيهقي 7/270، كتاب الصداق: باب الرخصة فيما يوطأ من الصور أو يقطع رؤوسها من صور غير ذوات الأرواح من الأشجار وغيرها.
2 أخرجه ابن حبان 13/164، كتاب الحظر والإباحة: باب الصور والمصورين، حديث 5853.
3 أخرجه أبو داود 4/74-75، كتاب الرجل: باب من الصور، حديث 4158، والترمذي 5/115، كتاب الأدب: باب ما جاء إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب، حديث 2806، والنسائي 8/216، كتاب الزينة: باب ذكر أشد الناس عذابا، حديث 5365، مختصرا، وابن حبان 13/165، كتاب الحظر فيما يوطأ من الصور أو يقطع رؤوسها في صور غير ذوات الأرواح من الأشجار وغيرها، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
4 أخرجه مسلم 7/341 –نووي، كتاب اللباس والزينة: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، حديث 102/2112.
5 أخرجه البخاري 11/589، كتاب اللباس: باب من كره القعود على الصور، حديث 5958.(3/417)
فَقَالَ اُدْنُ مِنِّي فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ أُنَبِّئُك بِمَا سَمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صُوَرَهَا نَفْسٌ فَيُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ فَإِنْ كُنْت لَا بُدُّ فاعلا فاصنع الشجر ومالا نَفْسَ لَهُ" 1، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوِهِ2.
1566 - قَوْلُهُ وَفِي نَسْجِ الثِّيَابِ الْمُصَوِّرَةِ وَجْهَانِ ثَانِيهِمَا الْمَنْعُ تَمَسُّكًا بِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ مِنْ لَعْنِ الْمُصَوِّرِينَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَةُ وَالْمُؤْتَشِمَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَنَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَكَسْبِ الْبَغِيِّ وَلَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ" 3.
1567 - حَدِيثُ إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أَيْ فَلْيَدْعُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا دَعَا بِالْبَرَكَةِ4.
1568 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرَ دَارَ بَعْضِهِمْ فَلَمَّا قَدَّمَ الطَّعَامَ أَمْسَكَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَقَالَ إنِّي صَائِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتَكَلَّفُ لَك أَخُوك الْمُسْلِمُ وَتَقُولُ إنِّي صَائِمٌ أَفْطِرْ ثُمَّ اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ صَنَعَ أَبُو سَعِيدٍ طَعَامًا فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ5.
__________
1 أخرجه أحمد 1/241، والبخاري 5/166-167، كتاب البيوع: باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح، وما يكره من ذلك، حديث 2225، وطرفاه في 5963، 7042، ومسلم 7/39-340 –نووي، كتاب اللباس والزينة: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، حديث 99، 100/2110، والنسائي 8/215، كتاب الزينة: باب ذكر ما يكلف أصحاب الصور يوم القيامة، حديث 5358، وابن حبان 13/159، كتاب الحظر والإباحة: باب الصور والمصورين، حديث 5848.
2 أخرجه مسلم برقم 100/2110.
3 أخرجه البخاري 4/426، كتاب البيوع: باب ثمن الكلب، حديث 2238، وأحمد 4/309، وأبو داود 2/301، كتاب البيوع: باب في أثمان الكلاب، حديث 2483، من طريق عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور.
4 أخرجه مسلم 2/1054، كتاب النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، حديث 106/1431، وأبو داود 1/747، كتاب الصيام: باب في الصائم يدعى إلى وليمة، حديث 2460، والترمذي 3/150، كتاب الصوم: باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة، حديث 780، وأحمد 2/279، 489، وأبو يعلى 10/424، رقم 6036، والبيهقي 7/263، كتاب الصداق: باب يجيب المدعو صائما كان أو مفطرا والخطيب في تاريخ بغداد 5/303، والبغوي في شرح السنة 3/539 –بتحقيقنا، كلهم من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 أخرجه الدارقطني 2/177، كتاب الصيام: باب الشهادة على رؤية الهلال، حديث 24، والبيهقي 7/263-264، كتاب الصداق: باب من استحب الفطر إن صومه غير واجب، والطيالسي==(3/418)
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْت وَهُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ تَابِعِيٌّ وَمَعَ إرْسَالِهِ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُمَيْدٍ مَتْرُوكٌ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِضَعْفِ ابْنِ أَبِي حُمَيْدٍ لَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَفِيهِ لِينٌ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ لَا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ خُلَيْفٍ وَهُوَ وَضَّاعٌ.
1569 - حَدِيثُ "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ" مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ1.
قَوْلُهُ وَكَانَ السَّلَفُ يَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِ إخْوَانِهِمْ عِنْدَ الِانْبِسَاطِ وَهُمْ غُيَّبٌ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُد وَتَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قال لما نَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} كَانَ الْمُسْلِمُونَ إذَا غَزَوْا خَلَفُوا زَمْنَاهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ فَدَفَعُوا إلَيْهِمْ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِهِمْ وَقَالُوا قَدْ أَحْلَلْنَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لَهُمْ2، قَالَ وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَدِيقِكُمْ قَالَ إذَا دَخَلْت بَيْتَ صَدِيقِك مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
__________
= برقم 2203، وأعله الدارقطني بالإرسال.
1 أخرجه الدارقطني 2/178، كتاب الصيام: باب الشهادة على رؤية الهلال، حديث 26، من طريق عمرو بن خلف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي –ولعل خلف تحرف من خليف-
وعمرو بن خليف قال ابن حبان: من الضعفاء والمجروحين 2/80: كان ممن يضع الحديث.
روى عن أيوب بن سويد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أدخلت الجنة فرأيت فيها ذئبا فقلت: أذئب في الجنة؟ فقالك إني أكلت ابن شرطي". قال ابن عباس: هذا إنما أكل ابنه فلو أكله رفع في عليين. وهذا لا شك في أنه موضوع قرأته على ابن قتيبة قلت: حدثكم عمرو بن خليف؟ قال: حدثنا أيوب بن سويد، فلما فرغت من قراءته قال لي: مثلك يسمع مثل هذا الحديث؟ قلت: تجرح به راويه يا أبا العباس. فتبسم".
2 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 324، برقم 460، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور 5/106، كلاهما عن عبيد الله بن عبد الله وابن المسيب فذكره بنحوه.
وأخرجه أبو داود في المراسيل ص 323، 324، برقم 459. والبزار وابن أبي حاتم وابن مرويه وابن النجار كما في الدر المنثور 5/106، كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها بنحوه.(3/419)
قَوْلُهُ وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَقُولَ فِي الْأَوَّلِ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فَتَذَكَّرَ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1.
قَوْلُهُ وَأَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ أَيْضًا وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ2.
قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ بِالْأَصَابِعِ الثَّلَاثِ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ أَيْضًا وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ3.
__________
1 أخرجه أحمد 6/246، 265، وأبو داود 3/347، كتاب الأطعمة: باب التسمية على الطعام، حديث 3767، والبيهقي 7/276، كتاب الصداق: باب التسمية على الطعام.
2 أخرجه أحمد 5/441، وأبو داود 345-346، كتاب الأطعمة: باب من غسل اليد قبل الطعام، حديث 3761، والترمذي 4/281-282، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الوضوء قبل الطعام وبعده، حديث 1846، والحاكم 4/106-107، والطبراني 6/238، برقم 6096، والبيهقي 7/276، كتاب الصداق: باب غسل اليد قبل الطعام وبعده، والطيالسي 1/331 –منحة، 1674، والترمذي في شمائله ص 154، برقم 188، والبغوي في شرح السنة 6/66 بتحقيقنا، كتاب الأطعمة: باب الوضوء عند الطعام، حديث 2827، كلهم من طريق قيس بن الربيع عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان رضي الله عنه أنه قال: قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرته بما قرأت في التوراة فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال أبو داود وهو ضعيف.
قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يضعف في الحديث، وأبو هاشم الرماني اسمه يحيى بن دينار.
قال البيهقي: قيس بن الربيع غير قوي، ولم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث.
قال الحاكم: تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم وانفراده على علو محله أكثر من أن يمكن تركها في هذا الكتاب.
وتعقبه الذهبي: قلت مع ضعف قيس فيه إرسال.
قال أبو حاتم في علل الحديث، 2/10، 1502: هذا حديث منكر لو كان هذا الحديث صحيحا كان حديثا وأبو هاشم الرماني ليس هو قال ويشبه هذا الحديث أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن أبي هاشم وعن حبيب بن أبي ثابت قال أبي روى خمسة ستة قال أبي: ومن لم يفهم ورأى تلك الأحاديث التي تروىعن ابن جريج وحسين المطعم بظن أن خالدا هذا هو الدالاني، والدالاني ثقة، وهذا ذاهب الحديث ومن يفهم لم يخف عليه.
3 أخرجه أحمد 3/454، ومسلم 7/223 –نووي، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع حديث 131، 132/2032، وأبو داود 3/366، كتاب الأطعمة: باب في المنديل، حديث 3848، والترمذي في الشمائل ص 123، برقم 138، والنسائي في الكبرى 4/173، كتاب آداب الأكل: باب بكم إصبع يأكل، حديث 6752، كلهم من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلعق أصابعه الثلاث.(3/420)
1570 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعِمَ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ "أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ1 وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثابت عن أنس أو غيره2.
وَرَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثْت عَنْ أَنَسٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ أَفْطَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ "أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ" الْحَدِيثَ3.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ نَزَلَ عَلَى أَبِي يَعْنِي وَالِدَهُ بُسْرًا فَقَرَّبُوا لَهُ طَعَامًا فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَقَالَ أَبِي وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ اُدْعُ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ4.
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ.
1571 - قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِي أَكِيلَهُ فِيهِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيك5.
__________
1 أخرجه أحمد 3/138، وأبو داود 3/367، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده، حديث 3854.
2 أخرجه عبد الرزاق 10/381-382، كتاب الجامع: باب الاستئذان ثلاثا، حديث 19425، والبغوي في شرح السنة 6/348 –بتحقيقنا، كتاب الاستئذان: باب الاستئذان بالسلام، وأن الاستئذان ثلاث، حديث 3213.
3 أخرجه ابن ماجة 1/556، كتاب الصيام: باب في ثواب من فطر صائما، حديث 1747، وابن حبان 12/107، كتاب الأطعمة: باب الضيافة، حديث 5296.
قال البوصيري في الزوائد 2/35: هذا إسناد ضعيف لضعف مصعب بن ثابت عن عبد الله بن الزبير.
4 أخرجه أحمد 4/187-188، 188، 189، 190، ومسلم 7/244 –نووي، كتاب الأشربة: باب استحباب وضع النوى خارج التمر، حديث 146/2042، وأبو داود 3/338، كتاب الأشربة: باب في النفخ في الشراب والتنفس فيه، حديث 3729، والترمذي 5/568، كتاب الدعوات: باب في دعاء الضيف، حديث 3576، والنسائي 6/80، كتاب عمل اليوم والليلة: باب ما يقول إذا أكل عنده قوم، حديث 10123، 10126، وابن حبان 12/109، 110، كتاب الأطعمة: باب الضيافة، حديث 5297، 5298، والبيهقي 7/274، كتاب الصداق: باب ما يستحب من إجابة من دعاه إلى طعام لم يكن له سبب.
5 أخرجه البخاري 10/653، كتاب الأطعمة: باب التسمية على الطعام، والأكل باليمين، حديث 5376، وطرفاه من 5377، 5378، ومسلم 7/209 –نووي، كتاب الأشربة: باب آداب==(3/421)
1572 - قَوْلُهُ "وَأَنْ يَأْكُلَ مِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ" فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ1.
1573 - قَوْلُهُ "وَأَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ" فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ2.
1574 - قَوْلُهُ "وَأَنْ يَعِيبَ الطَّعَامَ" فِيهِ حَدِيثُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ طَعَامًا قَطُّ3.
1575 - قَوْلُهُ "وَأَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ" فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ4.
1576 - قَوْلُهُ "وَأَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ وَأَنْ يَنْفُخَ فِيهِ" فِيهِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ5، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَنَسٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا6 فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى خَارِجِ الْإِنَاءِ.
1577 - قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قَائِمًا وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَلَى حَالَةِ السَّيْرِ أَمَّا النَّهْيُ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أنس أن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا7،
__________
= الطعام والشراب وأحكامها، حديث 108، 109/2022.
1 أخرجه أبو داود 3/348، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة، حديث 3772، والترمذي 4/260، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في كراهية الأكل من وسط الطعام، حديث 1805، والنسائي في السنن الكبرى 4/175، كتاب آداب الأكل: باب الأكل من جوانب الثريد، حديث 6762، وابن ماجة 2/1090، كتاب الأطعمة: باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد، حديث 3277، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه الخباري 10/714، كتاب الأطعمة: باب القران في التمر حديث 5446، ومسلم 7/247-248 –نووي، كتاب الأطعمة: باب نهى عن الأكل مع جماعة، حديث 151/2045.
3 أخرجه البخاري 10/686، كتاب الأطعمة: باب ما عاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعاما، حديث 5409، داود 3/346، كتاب الأطعمة: باب في كراهية ذم الطعام، حديث 3763، والترمذي 4/377، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في ترك العيب للنعمة، حديث 2031، وابن ماجة 2/1085، كتاب الأطعمة: باب النهي أن يعاب الطعام، حديث 3259، وابن حبان 14/348، كتاب التاريخ: باب صفته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخباره، حديث 6437.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
4 أخرجه مسلم 7/208 –نووي، كتاب الأشربة: باب آداب الطعام والشراب وأحكامها، حديث 104/2019.
5 تقدم في كتاب الطهارة بلفظ: "إذا بال أحدكم فلا يمس يده بيمينه، ولا يستنج بيمينه، ولا يتنفس في الإناء".
6 أخرجه البخاري 11/226، كتاب الأشربة: باب الشرب بنفسين أو ثلاثة، حديث 5631.
7 أخرجه أحمد 3/118، 131، 137، 182، 199، 214، 277، ومسلم 7/213-214-نووي، كتاب الأشربة: باب كراهية الشربا قائما، حديث 112، 13/2024، وأبو داود 3/336، كتاب الأشربة: باب في الشرب قائما، حديث 3717، والترمذي 4/300، كتاب الأشربة: باب ما==(3/422)
وَعِنْدَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا يَشْرَبَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ قائما فمن نسي فليستقي1.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لَاسْتَقَى" 2 وَفِي مُسْلِمٍ نَحْوُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَطَفَانَ الْمُرِّيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ قَائِمًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ4، وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ5 وَحَمَلَ الْبَيْهَقِيّ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ ثُمَّ ادَّعَى النَّسْخَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ كَبْشَةَ قَالَتْ دَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرِبَ مِنْ فِي قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِمًا6، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
__________
= جاء في النهي عن الشرب قائما، حديث 1879، وابن ماجة 2/1132، كتاب الأشربة: باب الشرب قائما، حديث 3424، وأبو يعلى 5/342، برقم 2973، 5/451-452، برقم 3165، 5/466، برقم 3195، وابن حبان 12/140ن كتاب الأشربة: باب آداب الشرب، حديث 5321، والبيهقي 7/281-282، كتاب الصداق: باب ما جاء في الأكل والشرب قائما، كلهم من طرق عن أنس رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
1 أخرجه مسلم 7/214 –نووي، كتاب الأشربة: باب كراهية الشرب قائما، حديث 116/2026، والبيهقي 7/282، كتاب الصداق: باب ما جاء في الأكل والشرب قائما.
2 أخرجه البيهقي 7/282، كتاب الصداق: باب ما جاء في الأكل والشرب قائما.
3 أخرجه مسلم 7/214 –نووي، كتاب الأشربة: باب كراهية الشرب قائما، حديث 116/2026.
4 أخرجه أحمد 1/243، 249، 287، 369، 370، 372، والبخاري 4/299، كتاب الحج: باب ما جاء في زمزم، حديث 1637، وطرفه في 5617، ومسلم 7/214-215، كتاب الأشربة: باب في الشرب من زمزم قائما، حديث 117-120/2027، والترمذي 4/301، كتاب الأشربة: باب ما جاء في الرخصة في الشرب قائما، حديث 1882، والنسائي 5/237، كتاب مناسك الحج: باب الشرب من زمزم، حديث 2964، الشرب من زمزم قائما، حديث 2965، وابن ماجة 2/1132، كتاب الأشربة: باب الشرب قائما، حديث 3422، والترمذي في الشمائل ص 172، حديث 207، وابن حبان 12/140، كتاب الأشربة: باب آداب الشرب، حديث 5320، والبيهقي 7/282، كتاب الصداق: باب ما جاء في الأكل والشرب قائما.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 أخرجه البخاري 11/212، كتاب الأشربة: باب الشرب قائما، حديث 5615، 5616، وأبو داود 3/336، كتاب الأشربة: باب في الشرب قائما، حديث 3818، والنسائي 1/84-85، كتاب الطهارة: باب صفة الوضوء من غير حديث، حديث 130، وأحمد 1/123، والترمذي ص 173-174، حديث 210، وابن حبان 12/144، كتاب الأشربة: بب آداب الشرب، حديث 5326.
6 أخرجه أحمد 6/434، والترمذي 4/306، كتاب الأشربة: باب ما جاء في الرخصة في ذلك حديث 1892، وابن ماجة 2/132، كتاب الأشربة: باب الشرب قائما، حديث 3423، والترمذي في الشمائل ص 175، حديث 213، وابن حبان 12/138-139، كتاب ==(3/423)
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا1، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا.
وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَائِمًا2، رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِي بَابِ النَّهْيِ أَيْضًا حَدِيثُ الْجَارُودِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا" 3.
وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ عَلَى كَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ ادَّعَى النَّسْخَ وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ حَمَلَ أَحَادِيثَ الشُّرْبِ قَائِمًا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ مُتَأَخِّرَةٌ فَيُعْمَلُ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1578 - حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرَ فِي إمْلَاكٍ فَأُتِيَ بِأَطْبَاقٍ عَلَيْهَا جَوْزٌ وَلَوْزٌ وَتَمْرٌ فَنُثِرَتْ فَقَبَضْنَا أَيْدِيَنَا فَقَالَ مَا بَالُكُمْ لَا تَأْخُذُونَ فَقَالُوا لِأَنَّك نَهَيْت عَنْ النُّهْبَى فَقَالَ "إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَى الْعَسَاكِرِ خُذُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ فَجَاذَبْنَا وَجَاذَبْنَاهُ" هَذَا لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَتَبِعَ فِي إيرَادِهِ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ نَعَمْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ4، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ مُعَاذٍ نَحْوُهُ5، وَفِيهِ
__________
=الأشربة: باب آداب الشرب، حديث 5318، والحميدي 1/172، برقم 354.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
1 أخرجه أحمد "2/174، 178، 179، 206، 215"، والترمذي "4/301"، كتاب الأشربة: باب ما جاء في الشرب قائما، حديث "1883"، وفي "الشمائل" ص "172"، برقم "208".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه الطبراني "1/147"، برقم "2/332"، والترمذي في "الشمائل" "216"، "5/83"، وقال رجالهما ثقات.
3 أخرجه الترمذي "4/300:، كتاب الأشربة: باب ما جاء في النهي عن الشرب قائما، حديث "1881".
قال الترمذي: هذا حديث غريب حسن، وهكذا روى غير واحد هذا الحديث عن سعيد عن قتادة عن أبي مسلم عن الجارود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروي عن قتادة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مسلم عن الجارود هو ابن المعلى العبدي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقال الجارود بن العلاء أيضا. والصحيح ابن المعلى.
4 أخرجه البيهقي "7/288"، كتاب الصداق: باب ما جاء في النثار في الفرح.
قال البيهقي: في إسناده مجاهيل وانقطاع، وقد روي بإسناد آخر مجهول عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن معاذ بن جبل، ولا يثبت في هذا الباب شيئ والله أعلم.
5 أخرجه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" كما في "مجمع البحرين" "4/177-178"، "2289"، من طريق بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن عروة، عن عائشة، قالت: حدثني معاذ.
وقال: لم يروه عن الأوزاعي إلا بشر.==(3/424)
بِشْرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ1 وَمِنْ طَرِيقِهِ سَاقَهُ الْعُقَيْلِيُّ2، وَقَالَ لَا يَثْبُتُ فِي الْبَابِ شَيْءٌ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَرَوَاهُ فِيهَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ3، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ كَذَّابٌ.
وَأَغْرَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ لَا يُوجَدُ ضَعِيفًا فَضْلًا عَنْ صَحِيحٍ.
وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا بِالنَّهْبِ فِي الْعُرْسَاتِ وَالْوَلَائِمِ وَكَرِهَهُ أَبُو مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ.
__________
=قال الهيثمي في المجمع 4/293: رواه الطبراني في الأوسط والكبير نحوه، وفي إسناد الأوسط بشر بن إبراهيم وهو وضاع.
وفي إسناد الكبير حازم مولى بني هاشم عن لمازة ولم أجد من ترجمها، ولمازة هذا يروي عن ثور بن يزيد مستأخر وليس هو ابن زياد ذاك يروي عن علي بن أبي طالب ونحوه، وبقية رجاله ثقات.
1 قال العقيلي: يروي عن الأوزاعي موضوعات. وقال ابن عدي: هو عند ممن يضع الحديث، وقال أبي جنانة: روى عنه علي بن حرب كان يضع الحديث على الثقات، الميزان 2/21.
2 أخرجه العقيلي 1/142، من ترجمة بشر بن إبراهيم الأنصاري.
ونقله الهيثمي عنه في الميزان 2/22-23، ثم قال: هكذا فيكن الكذب.
وقد رواه حازم مولى بني هاشم –مجهول- عن لمازة- ومن لمازة؟ - عن ثور عن خالد بن معدان، عن معاذ بنحو منه، ووضع نحوه خالد بن إسماعيل أنبأنا مالك، عن حميد، عن أنس.
والحديث أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات، من طريقين من حديث معاذ 2/265-266، وضعف الأول ببشر، والثاني بجهالة حازم ولمازة.
3 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/266، من طريق خالد بن إسماعيل الأنصاري، حدثنا مالك بن أنس عن حميد عن أنس رضي الله عنه.
قال ابن الجوزي: فيه خالد بن إسماعيل، قال ابن عدي: يضع الحديث على ثقاة المسلمين.
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.(3/425)
كِتَابُ الْقَسْمِ والنشوز
مدخل
...
46- كتاب القسم وَالنُّشُوزِ4
1579 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
__________
4 القسم: بفتح القاف، وسكون السين بمعنى العدل بين الزوجات في المبيت، وهو المراد هنا، ومع فتح السين اليمين، وبكسر القاف، وبكسر القاف مع سكون السين بمعنى الحظ والنصيب، ومع فتح السين جمع قسمة، وقد تطلق على النصيب أيضا.
والنشوز: من نشز إذا ارتفع، لأن فيه ارتفاعا عن أداء الحق الواجب، فالزوجة إذا امتنعت عن أداء ما وجب عليها تسمى ناشزة.
ووجوب القسم: القسم واجب بالكتاب والسنة، وإجماع الأئمة: قال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] لما نهى جل شأنه عن الجمع بين اثنتين أو أكثر عن خوف عدم العدل فيما إذا اجتمعتا أو اجتمعن، على أن العدل واجب. وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء: 19] ومن معاشرتها بالمعروف تأدية حقها، والعدل بينها وبين غيرها في المبيت. =(3/425)
وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ" أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَاقُونَ نَحْوُهُ1، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ مَعَ تَصْحِيحِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ خَبَرٌ ثابت لكن عليه أَنَّ هَمَّامًا تَفَرَّدَ بِهِ وَأَنَّ هَمَّامًا رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ كَانَ يُقَالُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ2.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخَصَائِصِ وَأَنَّهُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ.
حَدِيثُ كَانَ يَمْضِي إلَى نِسَائِهِ لِأَجْلِ الْقَسْمِ تَقَدَّمَ وَيَأْتِي.
1580 - حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا أَقَامَ عِنْدَهَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَفْظُ أَحْمَدَ مَا
__________
= وقال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228] أي: للزوجات حقا على أزواجهن، كما أن للأزواج حقا عليهن، وليس المراد تماثلهما، وتجانسهما، وإنما أراد وجوبهما، ولزومهما. وقال تعالى: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} [الأحزاب: 50] ففي هذه الآية إشارة إلى ما أوجبه لها من نفقة وكسوة وقسم وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كان له امرأتان يمثل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطا أو مائلا"، رواه الخمسة.
وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مرض طيف به على نسائه محمولا، فلما ثقل أشفقن عليه، فحللنه من القسم ليقسم عند عائشة رضي الله عنها لميله إليها، فتوفي عندها رضي الله عنها فلذلك قالت عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري، وفي يومي ولم أظلم فيه أحدا.
1 أخرجه أحمد 2/347، والدارمي 2/143، كتاب النكاح: باب العدل بين النساء، وأبو داود 1/648، كتاب النكاح: باب القسم بين النساء، الحديث 2133، والترمذي 3/447، كتاب النكاح: باب التسوية بين الضرائر، الحديث 1141، والنسائي 7/63، كتاب عشرة النساء: باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وابن ماجة 1/633، كتاب النكاح: باب القسمة بين النساء، الحديث 1969، وابن الجارود ص 241، كتاب النكاح، الحديث 722، وابن حبان 1307 –موارد، والحاكم 2/186، كتاب النكاح: باب التشديد في العدل بين النساء، والبيهقي 7/297، كتاب القسم والنشوز: باب الرجل لا يفارق التي رغب عنها غيرهم من حديث همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كانت عند الرجل امرأتان جاء يوم القيامة وشقه ساقط" –لفظ الترمذي.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وأما الترمذي فقال: إنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى عن قتادة ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال: كان يقال: ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا من حديث همام اهـ.
2 أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/300، من طريق محمد بن الحارث الحارثي ثنا شعبة عن عبد الحميد بن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". ومحمد بن الحارث الحارثي: ضعفوه، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال ابن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه، وتركه أبو زرعة الميزان 6/96.(3/426)
مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا امْرَأَةً امْرَأَةً فَيَدْنُو وَيَلْمِسُ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا.
زَادَ أَبُو دَاوُد فِي أَوَّلِهِ كَانَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا1.
1581 - قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أن لا يَزِيدَ عَلَى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ قِصَّةُ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ أَنَّهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ2، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
1582 - حَدِيثُ "تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ وَلِلْحُرَّةِ ثُلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ" رُوِيَ مُرْسَلًا تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ وَلِلْحُرَّةِ ثُلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ إنْ أَقَامَتْ عَلَى ضِرَارٍ فَلَهَا يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ3.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ عُوَيْمٍ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ، وَفِي إسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ قَرِينٍ4، وَهُوَ كَذَّابٌ قَوْلُهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ فَاعْتَضَدَ بِهِ الْمُرْسَلَ تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَلِيٍّ.
1583 - حَدِيثُ أَنَسٍ "لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ" مَوْقُوفٌ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ فَذَكَرَهُ5، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَلَوْ شِئْت لَقُلْت إنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
__________
1 أخرجه أحمد 6/107-108، وأبو داود 2/242، كتاب النكاح: باب في القسم بين النساء، حديث 2135، والبيهقي 7/300، كتاب القسم والنشوز: باب الرجل يدخل على نسائه نهارا للحاجة، والحاكم 2/186.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري 10/391، كتاب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك، حديث 5212.
3 أخرجه البيهقي 7/300، كتاب القسم والنشوز: باب الحر ينكح على أمة فيقسم للحرة يومين وللأمة يوما.
4 قال يحيى: لا يكتب عنه كذاب خبيث.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث.
وقال موسى بن هارون وغيره: كان يكذب.
وقال العقيلي: كان يضع الحديث.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث.
ينظر: الميزان 5/183.
5 أخرجه البخاري 9/313-314، كتاب النكاح: باب إذا تزوج البكر على الثيب، الحديث 2513، وباب إذا تزوج الثيب على البكر، حديث 5214، ومسلم 2/1084، كتاب الرضاع =(3/427)
بِنَحْوِهِ1.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ إنَّ هَذَا مَوْقُوفٌ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ حَيْثُ قَالُوا إنَّ قَوْلَ الرَّاوِي مِنْ السُّنَّةِ كَذَا كَانَ مَرْفُوعًا2، عَلَى أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيَّ وَابْنَ خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيَّ وَابْنَ حِبَّانَ أَخْرَجُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ3.
1584 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ "إنْ شِئْت سَبَّعْت لَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت" 4، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهَا وَفِيهِ قِصَّةٌ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ الرَّافِعِيِّ.
__________
= باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج، الحديث 44/1461، وأبو داود 2/595، كتاب النكاح: باب في المقام عند البكر، الحديث 2122، والترمذي 3/445، كتاب النكاح: باب ما جاء في القسمة للبكر والثيب، الحديث 1139، وابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، حديث 1916، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/27-28، كتاب النكاح: باب مقدار ما يقيم الرجل عند الثيب أو البكر إذا تزوجها، وابن الجارود ص 242، كتاب النكاح:، الحديث 724، والبيهقي 7/301-302، كتاب القسم النشوز: باب الحال التي يختلف فيها حال النساء، من طريق أبي قلابة عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم" قال أبو قلابة ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم أبي داود عن أبي قلابة عن أنس قال: "إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا" ولو قلت: أنه رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذا.
وقال الترمذي: وقد رفعه محمد بن إسحاق عن أيوب.
1 ينظر: تخريج الحديث السابق.
2 ينظر: مقدمتنا على هذا الكتاب فقد ذكرنا المسألة هناك.
3 أخرجه الدارمي 2/144، كتاب النكاح: باب الإقامة عند الثيب والبكر إذا بنى بها، وابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، الحديث 1917، والدارقطني 3/283، كتاب النكاح: باب المهر، الحديث 140، وابن حبان 10/8، كتاب النكاح: باب القسم، حديث 4208، وأبو نعيم في الحلية 2/288.
4 أخرجه مالك 2/529، كتاب النكاح: باب المقام عند البكر والأيم، الحديث 14، ومسلم 2/1083، كتاب الرضاع: باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها، الحديث 42/1460، وأحمد 6/292، والدارمي 2/144، كتاب النكاح: باب المقام عند البكر، الحديث 2122، وابن ماجة 1/617، كتاب النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، الحديث 1917، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/28، كتاب النكاح: باب مقدار م يقيم الرجل عند الثيب أو البكر إذا تزوجها، وأبو يعلى 12/429، رقم 6996، وابن حبان 4073 –الإحسان، والدارقطني 3/284، كتاب النكاح: باب المهر، الحديث 143، وأبو نعيم في الحلية 7/95، والبيهقي 7/300، 301، كتاب القسم النشوز: باب الحال التي يختلف فيها حال النساء من حديث أم سلمة.(3/428)
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت أَقَمْت عِنْدَك ثَلَاثًا خَالِصَةً لَك وَإِنَّ شِئْت سَبَّعْت لَك وَسَبَّعْت لِنِسَائِي الدَّارَقُطْنِيُّ بِهِ وَأَتَمُّ مِنْهُ وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ.
قَوْلُهُ رَادًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْوَجِيزِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ الْتَمَسَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إلَى آخِرِهِ هَذَا يُشْعِرُ بِتَقْدِيمِ الْتِمَاسِ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى تَخْيِيرِهِ إيَّاهَا وَكَذَلِكَ نَقَلَ الْإِمَامُ لَكِنْ لَا تَصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ ثُمَّ سَاقَ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد التَّصْرِيحَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي خَيَّرَهَا.
وَرَدَّهُ هَذَا مُتَعَقَّبٌ بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ مَانِعَةً لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا إنْ شِئْت وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قَالَتْ وَفِي مُسْنَدِ ابْنِ وَهْبٍ نَحْوُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ أَخْذَهَا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ يَحْتَمِلُ الِالْتِمَاسَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ وَنُقِلَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ اخْتَارَتْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الثَّلَاثِ هُوَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِهَا حَيْثُ قَالَتْ ثَلَاثٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ ثَلَاثٌ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
1585 - حَدِيثُ إنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ موصولا3.
1586 - حديث أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَمَّ بِطَلَاقِ سَوْدَةَ فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ" أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تُطَلِّقْنِي وَامْسِكْنِي وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ فَفَعَلَ4.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه الشافعي في الأم 5/297، كتاب النفقات: باب الخلع والنشوز.
3 أخرجه البيهقي 7/296-297، كتاب القسم النشوز: باب ما جاء في قول الله عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} .. الآية.
4 أخرجه الترمذي 5/249، كتاب التفسير: باب سورة النساء، حديث 3040، وأبو داود الطيالسي 1944، والطبري في تفسيره 10608، والبيهقي 7/297، كتاب القسم والنشوز: باب ما جاء في قول الله عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} [النساء: 128] قال ابن عباس: فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/410، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.(3/429)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ وَفِي ذَلِكَ أُنْزِلَ {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} الْآيَةَ1 وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا2.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ سَوْدَةَ فَلَمَّا خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ أَمْسَكَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَتْ وَاَللَّهِ مالي فِي الرِّجَالِ مِنْ حَاجَةٍ وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْشَرَ فِي أَزْوَاجِك قَالَ فَرَاجَعَهَا وَجَعَلَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ3، وَهُوَ مُرْسَلٌ وَمِثْلُهُ فِي مُعْجَمِ أَبِي الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ نَحْوُهُ4.
1587 - حَدِيثُ عَائِشَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا" الْبُخَارِيُّ بِهَذَا وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي إذَا عَادَ لَا يُعْرَفُ.
1588 - قَوْلُهُ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ الزَّوْجَاتِ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ مَرْفُوعًا "لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللَّهِ" الْحَدِيثَ5.
قَوْلُهُ أَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ بِالْآيَةِ أَوْ بِالْخَبَرِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّ فِيهِ "فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّحٍ" 6وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أُمِّ
__________
1 أخرجه أبو داود 2/242-243، كتاب النكاح: باب في القسم بين النساء، حديث 2135.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه البيهقي 7/75، كتاب النكاح: باب ما يستدل به على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوى ما ذكرنا ووضعنا من خصائصه من الحكم بين الأزواج فيما يحل منهن ويحرم بالحادث لا يخالف حلاله حلال الناس.
4 تقدم تخريجه.
5 أخرجه أبو داود 1/652، كتاب النكاح: باب ضرب النساء، 1985، والنسائي في الكبرى 5/371، كتاب عشرة النساء: باب ضرب الرجل زوجته 9167/5، والشافعي في المسند 2/28، برقم 88، وعبد الرزاق 9/442، برقم 17945، والحميدي 2/386، والبخاري في التاريخ الكبير 1/440، والدارمي 2/147، والطبراني 1/270، 784، 785، 786، وابن حبان 1316، والبيهقي 7/305، والحاكم 2/188-191، والبغوي في شرح السنة 5/137، برقم 2339، من طريق الزهري عن عبد الله وفي تعض المصادر عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن إياس بن عبد الله بن أبي ذياب، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تضربوا إماء الله" فأتاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن، فأذن في ضربهن، فأطاف بآل محمد نساء كثير كلهن يشكون أزواجهن. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة، كلهن يشتكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك خيارهن"، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
6 تقدم تخريجه في الحج.(3/430)
أَيْمَنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بَعْضَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ1، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَوْ مُعْضَلٌ.
وَفِي الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ بَهْزٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ "وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ" 2.
وَفِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ رَفَعَهُ "وَلَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ" 3.
حَدِيثُ عَلِيٍّ "أَنَّهُ بَعَثَ حَكَمَيْنِ فَقَالَ تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا فَجَمْعًا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَفَرِّقَا فَقَالَتْ الزَّوْجَةُ رَضِيَتْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَيَّ وَلِيَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا قَالَ عَلِيٌّ كَذَبْت لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ" الشَّافِعِيُّ أَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إلَى عَلِيٍّ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ4.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ5 وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بُعِثْت أَنَا وَمُعَاوِيَةُ حَكَمَيْنِ قَالَ مَعْمَرٌ بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَهُمَا وَقَالَ إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَّعْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَفَرِّقَا6.
وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ عُتْبَةَ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ مُعَاوِيَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ لِيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا7.
__________
1 أخرجه البيهقي 7/304، كتاب القسم النشوز: باب ما جاء في ضربها.
قال البيهقي: في هذا إرسال بين مكحول وأم أيمن.
2 أخرجه أبو داود 2/244-245، كتاب النكاح: باب في حق المرأة على زوجها، حديث 2142، وابن ماجة 1/593-594، كتاب النكاح: باب حق المرأة على الزوج، حديث 1850، وأحمد 4/447، والحاكم 2/188، والبيهقي 7/259، من حديث معاوية بن حيدة القشيري.
3 أخرجه أبو داود 2/246، من كتاب النكاح: باب في ضرب النساء، حديث 2147، والنسائي في الكبرى 5/372، كتاب عشرة النساء: باب ضرب الرجل زوجته، وابن ماجة 1/639، كتاب النكاح: باب ضرب النساء، حديث 1986، وأحمد 1/20، والبيهقي 7/305، كتاب القسم والنشوز: باب لا يسأل الرجل فيما ضرب امرأته.
4 أخرجه الشافعي في الأم 5/286، كتاب النفقات: باب الحكمين.
5 أخرجه النسائي في الكبرى 3/111، كتاب المزارعة: باب الشقاق بين الزوجين، حديث 4678، والدارقطني 43/295، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 189، والبيهقي 7/305-306، كتاب القسم النشوز: باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين.
6 أخرجه عبد الرزاق 6/512، كتاب الطلاق: باب الحكمين. حديث 11885.
7 أخرجه عبد الرزاق 6/513، كتاب الطلاق: باب الحكمين، حديث 11885.(3/431)
كِتَابُ الْخُلْعِ
مدخل
...
كتاب الخلع1.
1589 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ" الْحَدِيثَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد2.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ أَصْدَقَهَا تِلْكَ الْحَدِيقَةَ فَخَالَعَهَا عَلَيْهَا هُوَ صَرِيحٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد.
قَوْلُهُ وَيُقَالُ إنَّهُ أَوَّلُ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ هُوَ فِي الْمَعْرِفَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي آخِرِ حَدِيثٍ وَكَذَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ3.
وَعِنْدَ الْبَزَّارِ عَنْ عُمَرَ4.
قَوْلُهُ وَيُحْكَى أَنَّ ثَابِتًا كَانَ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ وَلِذَلِكَ افْتَدَتْ هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد أَيْضًا
__________
1 الخلع لغة: النزع، وهو استعارة من خلع اللباس، لأن كل واحد منهما لباس للآخر، فكأن كل واحد نزع لباسه منه، وخالعت المرأة زوجها مخالعة إذا افتدت منه، وطلقها على الفدية.
انظر: لسان العرب 2/1232، المصباح المنير 1/242، المطلع: 331.
واصطلاحا:
عرفه الأحناف بأنه: عبارة عن أخذ المال بإزاء ملك النكاح، بلفظ الخلع.
وعرفه الشافعية بأنه: فرقة بين الزوجين بعوض بلفظ طلاق أو خلع.
وعرفه المالكية بأنه: الطلاق بعوض.
وعرفه الحنابلة بأنه: فراق الزوج امرأته، بعوض يأخذه الزوج، بألفاظ مخصوصة.
انظر: تبيين الحقائق 2/262، شرح فتح القدير 4/210، حاشية ابن عابدين 3/422، مغني المحتاج 3/262، الشرح الصغير للدردير 3/319، بداية المجتهد 2/98، الكافي 2/597، كشف القناع 5/212، المغني 7/536.
2 أخرجه البخاري 9/395، كتاب الطلاق: باب الخلع، حديث 5273، والنسائي 6/169، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلع، وابن ماجة 1/663، كتاب الطلاق: باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، حديث 2056، والدارقطني 4/46، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء: باب 135، والبيهقي 7/313، والبغوي في شرح السنة 5/141-142 –بتحقيقنا، من طريق عكرمة عن ابن عباس به، وأخرجه أبو داود 1/677، كتاب الطلاق: باب في الخلع، حديث 2229، والترمذي 3/491، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلع، حديث 1185، مكرر من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدتها حيضة.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال أبو داود: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا.
3 أخرجه أحمد 4/3.
4 أخرجه البزار 2/199-200، كتاب الطلاق: باب الخلع، حديث 1514.(3/432)
وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ1.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا.
وَعَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَعَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ عُثْمَانَ ضَعِيفَةٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا مَذْهَبُ عُمَرَ فَلَا يُعْرَفُ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ وَأَمَّا عُثْمَانُ فَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُمْهَانَ عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْت شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْت2، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بِجُمْهَانَ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَقَالَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ إدْرِيسَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا تَكُونُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا فِي فِدْيَةٍ أَوْ إيلَاءٍ3، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الْحُصَيْنِ الْحَارِثِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ إذَا أَخَذَ لِلطَّلَاقِ ثَمَنًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ4 وَفِيهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهَا ابْنُ حَزْمٍ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ فَجَاءَتْ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ نَحْوُهُ5.
وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ.
__________
1 أخرجه النسائي 6/186، كتاب الطلاق: باب عدة المختلعة، حديث 3498.
2 أخرجه الشافعي في مسنده 2/51، كتاب الطلاق: باب في الخلع، حديث 165، من طريق مالك إلا أن جمهان تحرف في المطبوع لحمران والصواب ما ذكره المصنف كما في تهذيب الكمال 5/121-122.
وقد قال عنه المصنف في التقريب 1/113، مقبول، أي عند المتابعة وإلا فلين.
3 أخرجه ابن أبي شيبة في 4/117، كتاب الطلاق: باب ما قالوا في الرجل إذا خلع امرأت، كم يكون الطلاق، حديث 18435، من طريق وكيع وأبي عيينة وعلي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن عبيد الله قال ... فذكره.
4 أخرجه عبد الرزاق 6/482، كتاب الطلاق: باب الفداء، حديث 11755، عن هشيم عن الحجاج عن حصين الحارثي عن الشعبي أن عليا قال:....
5 أخرجه مالك في موطأه 2/565، كتاب الطلاق: باب طلاق المختلعة، حديث 33.(3/433)
كِتَابُ الطلاق
مدخل
...
كتاب الطَّلَاقِ1
1590 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبْغَضُ الْمُبَاحِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ الْحَلَالِ بَدَلَ الْمُبَاحِ2، وَرَوَاهُ أَبُو
__________
1 الطلاق: اسم مصدر لـ طلق بالتشديد ومصدره التطليق، ومصدر لـ طلق بالتخفيف، يقال: طلقت المرأة طلاقا، فهي طالق، وكثيرا ما تفرق العرب بين اللفظين عند اختلاف المعنيين، نقول: أطلقت إبلي وأسيري، وطلقت امرأتي، فاستعملوا في النكاح التفعيل، ولهذا لو قال لزوجته: أنت مطلقة بالتشديد كان صريحا، وبالتخفيف كان كناية وله معان كبيرة.
ومنها الفراق، والترك، يقال: طلقت القوم وتركتهم، وطلقت رد فارقتها.
ومنه قول الشاعر [الوافر] :
غطارفة ترون المجد غنما ... إذا ما طلق البرم العيالا.
تركهم كما يترك الرجل المرأة.
ومنها: التخلية والإرسال، أعوذ من قولهم: طالق إذا خليت مهملة بغير راع.
وفي حديث ابن عمر: والرجل الذي قال لزوجته: أنت طالق، وطلقت الأسير، أي خليته، وأنشد سيبويه [الوافر] :
طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وابن أبي كبير
وفي حنين: خرج ومعه الطلقاء هم الذين خلى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم وفرقهم.
وأحدهم طليق وهو الأسير، إذا أطلق سبيله.
ومنها حل القيد حسيا كقيد الفرس، أو معنويا كالعصمة فإنها تحل بالطلاق، ومن هذا حبسوه في السجن طلقا أي: بغير قيد، ويقال للإنسان إذا أعتق طليق، أي صار حرا.
وقال الجوهري: بغير طلق، وناقة طلق، أي غير مقيت وأطلقت الناقة من العقال فطلقت.
انظر: الصحاح 4/1517، والمغرب 292، والمصباح المنير 2/573.
اصطلاحا:
عرفه الحنفية بأنه: إزالة الذي هو قيد معنى.
عرفه الشافعية بأنه: حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه، أو هو: تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب، فيقطع النكاح.
عرفه المالكية بأنه: إزالة القيد، وإرسال العصمة، لأن الزوجة تزول عن الزوج.
وعرفه الحنابلة بأنه: حل قيد النكاح أو بعضه.
انظر: الاختيار لتعليل المختار ص 62، التبيين 2/188، الدرر 1/358، البدائع 4/1765، مغني المحتاج 3/279، الخرشي على مختصر سيدي خليل 3/11، الكافي 2/571، كشاف القناع 5/232، والمغني 7/363.
2 أخرجه أبو داود 2/661، 662، كتاب الطلاق: باب في كراهية الطلاق 2178، عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، وابن ماجة في السنن 1/650، كتاب الطلاق: باب حدثنا سويد بن سعد 2018، والبيهقي 7/322، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في كراهية الطلاق، والحاكم في المستدرك 2/196، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الذهبي على شرط مسلم، وأخرجه ابن الجوزي في العلل 2/638، 1056، وابن أبي حاتم في العلل 1/431، وقال: قال أبي: إنما هو محارب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل. وكذا رواه ابن أبي شيبة في المصنف 7/==(3/434)
دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا1 لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمُرْسَلَ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ بِإِسْنَادِ ابْنِ مَاجَهْ وَضَعَّفَهُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ به فقد تابعه معروف بْنُ الْوَاصِلِ إلَّا أَنَّ الْمُنْفَرِدَ عَنْهُ بِوَصْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِلَفْظِ "مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ" 2، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ أَيْضًا.
وَلِابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَلْعَبُ بِحُدُودِ اللَّهِ يَقُولُ قَدْ طَلَّقْت قَدْ رَاجَعْت3، بَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ "ذَكَرَ الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْءُ النِّسَاءَ ثُمَّ يَرْتَجِعَهُنَّ حَتَّى يَكْثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ" انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1591 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ} وَتَكَلَّمُوا فِي أَنَّهُ قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ هُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْحَدِيثَ4، وَفِيهِ هَذَا.
__________
=138، من طريق معرف به مرسلا.
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، قال يحيى الوصافي: ليس بشيء، وقال الفلاس، والنسائي: معروف الحديث.
1 أخرجه أبو داود 2/254-255، كتاب الطلاق: باب في كراهية الطلاق، حديث 2177، والبيهقي 7/322.
2 أخرجه الدارقطني في سننه 4/35، كتاب الطلاق، عن معاذ رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: "يا معاذ ما خلق الله شيئا على وجه الأرض أحب إليه من العتاق ولا خلق الله شيئا على وجه الأرض، ولا أبغض إليه من الطلاق ... " من طريق حميد بن مالك اللخمي عن مكحول عن معاذ به.
قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص 12:
وهو عند الديلمي في مسنده من جهة محمد بن الربيع عن أبيه، عن حميد: ولفظه إن الله يبغض الطلاق ويحب العتاق، ولكنه ضعيف بالانقطاع فمكحول لم يسمع من معاذ، بل وحميد مجهول، وقد قيل عن مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ وقيل: عنه عن مكحول عن خالد بن معدان عن معاذ وكلها ضعيفة والحمل فيها كما قال ابن الجوزي على حميد اهـ.
3 أخرجه ابن ماجة 1/650، كتاب الطلاق: باب حدثنا سويد بن سعيد، حديث 2017، وابن حبان 10/82، في كتاب الطلاق، حديث 4265، والبيهقي 7/323.
قال البوصيري: هذا إسناد حسن من أجل مؤمل بن إسماعيل أبو عبد الرحمن، مصباح الزجاجة 2/125.
4 أخرجه مسلم 5/322 –نووي، كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، حديث 14/1471.(3/435)
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنَّهُ قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ فَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ لَعَلَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ لَا عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّهَا شَاذَّةٌ لَكِنْ لِصِحَّةِ إسْنَادِهَا يُحْتَجُّ بِهَا وَتَكُونُ مُفَسِّرَةً لِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ.
1592 - حَدِيثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَلَهُ عِنْدَهُمَا أَلْفَاظٌ1 مِنْهَا:
__________
1 آخرجه مالك 2/576، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الإقراء 53، والبخاري 9/345، كتاب الطلاق حديث 5251، ومسلم 2/1093، كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، حديث 1/1471، وأحمد 2/6، 54، والشافعي 2/32-33، كتاب الطلاق: باب ما جاء في أحكام الطلاق، حديث 102، 104، والدارمي 2/160، كتاب الطلاق: باب السنة في الطلاق، والطيالسي 1853، وأبو داود 2/632، 634، كتاب الطلاق: باب طلاق السنة، حديث 2179، والنسائي 6/138، كتاب الطلاق: باب وقت الطلاق للعدة، وابن ماجة 1/651، كتاب الطلاق: باب طلاق السنة حديث 2019، وابن الجارود في المنتقى رقم 734، والمروزي في السنة 240، والدارقطني 4/6-11، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء، والبيهقي 7/323-324، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في طلاق السنة، وابن حبان 4249 –الإحسان، والبغوي في شرح السنة 5/148 –بتحقيقنا، من طرق عن نافع عن ابن عمر به.
وأخرجه البخاري 8/521، كتاب لتفسير: باب سورة الطلاق، حديث 4908، ومسلم 2/1094، كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها وأنه لو خالف رقع الطلاق، حديث 4، 5/1471، وأبو داود 2/634-635، كتاب الطلاق: باب في طلاق السنة، حديث 2181، 2182، والنسائي 6/138، كتاب الطلاق: باب وقت الطلاق، والترمذي 3/479، كتاب الطلاق: باب ما جاء في طلاق السنة، حديث 1176، وابن ماجة 1/652، كتاب الطلاق: باب الحامل كيف تطلق، حديث 2023، والدارمي 2/160، كتاب الطلاق: باب السنة في الطلاق، وابن الجارود 736، وأبو يعلى 9/329، رقم 5440، والطحاوي في شرح معاني الآثار، والدارقطني 4/6، 7، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، والبيهقي 7/324، كتاب الطلاق: باب ما جاء في طلاق السنة وطلاق البدعة، من طرق من سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه البخاري 9/264، كتاب الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، حديث 5252، ومسلم 2/1093، كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ... حديث 11، 12/1471، وأحمد 2/61، 74، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/52، وابن الجارود 735، والدارقطني 4/5-6، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره من طريق شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر قال: طلق ابن امرأته وهي حائض فذكر عمر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ليراجعها" قلت: تحتسب، قال: فمه.
وأخرجه البخاري 9/264، كتاب الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، حديث 5253، والنسائي 6/141، كتاب الطلاق: باب الطلاق بغير العدة، والطيالسي 1605، وعبد==(3/436)
عِنْدَ مُسْلِمٍ وَحَسَبْت لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتهَا وَفِي رِوَايَةٍ فَقُلْت لِابْنِ عُمَرَ وَحَسَبْت تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ قَالَ فَمَهْ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا قَالَ أَبُو دَاوُد الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ هَذَا يَعْنِي أَنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو الزُّبَيْرِ فَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَكِنْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أنه خالف السنة لا عَلَى مَعْنَى أَنَّ الطَّلْقَةَ لَا تُحْسَبُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْقَوِيَّةِ1، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
=الرزاق 6/308، رقم 10955، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/52، والبيهقي 7/327، من طريق سعيد بن جببير عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فردها عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى طلقها وهي طاهر.
وأخرجه البخاري 9/269، كتاب الطلاق: باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، حديث 258، ومسلم 2/1096، 1097، كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، حديث 9، 10/1471، وأبو داود 1/662، كتاب الطلاق: باب في طلاق السنة، حديث 2183، والنسائي 6/141، كتاب الطلاق: باب الطلاق بغير العدة، ما تحتسب منه على المطلق، والترمذي 3/478، كتاب الطلاق واللعان: باب ما جاء في طلاق السنة، حديث 1175، وابن ماجة 1/650، كتاب الطلاق: باب طلاق السنة حديث 2022، وعبد الرزاق 6/309، رقم 10959، والطيالسي 1603، والطحاوي 3/52، والبيهقي 7/325-326، من طريقين عن أبي غلاب يونس بن جبير قال: قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض فقال: تعرف ابن عمر؟ إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك له فأمره أن يراجعها فإذا طهرت فأراد أن يطلقها فيطلقها قلت: فهل عد ذلك طلاقا، قال: "أرأيت إن عجز واستحمق".
1 أجمع جمهور العلماء على أن الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه واقع، وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه غير واقع، وإليه ذهب الصادق وابن حزم من المتقدمين، وابن تيمية وابن القيم من المتأخرين، وحكاه الخطابي عن الخوارج والروافض وحكاه ابن العربي عن إبراهيم بن إسماعيل بن علية وهو من فقهاء المعتزلة.
أدلة القائلين بالوقوع
استدل الموقعون لهذا الطلاق، أولا: بقوله تعالى: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] الآية. وجه الاستدلالة إن صدر الآية استفيد منه أننا مأمورون إذا أردنا الطلاق بأن نطلق نساءنا للعدة. والطلاق للعدة هو الطلاق في طهر لا يجامعها فيه أو عند استبانة الحمل. وقوله تعالى في نسق الخطاب: {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} [الطلاق: 1] ، يدل بعمومه على أن من طلق في الحيض أو في طهر جامع فيه فهو ظالم لنفسه: إذ لا نزاع بيننا وبين المخالف في أن من طلق في الحيض أو في طهر جامع فيه قد تعدى حدود الله بهذا الطلاق. وقد قال تعالى: {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} [الطلاق: 1] ، فثبت بهاذ أن من طلق في الحيض أو في طهر جامع فيه ظالم لنفسه ولا يكون ظالما لنفسه إلا إذا تعدى حدوده=(3/437)
تَنْبِيهٌ: اسْمُ امْرَأَتِهِ آمِنَةُ بِنْتُ غِفَارٍ قَالَهُ ابْنُ بَاطِيشٍ.
__________
= تعالى. ولا يكون متعديا حدوده تعالى إلا إذا ارتكب أمرا محرما. ولا يكون مرتكبا أمرا محرما إلا إذا وقع ما أوقفه في الحيض أو في طهر جامع فيه من غير أن يقع به شيء أمرا محرما واستدلوا ثانيا: بإطلاقات النصوص من قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: 230] ، وقوله تعالى: {الطلاق مرتان} [البقرة: 229] .
قالوا: دلت هذه النصوص بإطلاقها على وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه.
واستدلوا ثالثا: بما في صحيح البخاري حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته في الحيض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك عمر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء".
فقد أمر ابن عمر بمراجعة امرأته لما طلقها في الحيض والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق.
وقول ابن القيم: إن المراجعة أطلقت في لسان الشارع على ثلاثة معان: أحدها: الرد الحسي من غير وقوع طلاق. فجائز أن يكون المراد منها في هذا الحديث الرد الحسي. غاية ما يلزم منه أنها تطلق في لسان الشارع على هذه المعاني الثلاثة بالاشتراك اللفظي، ونحن نسلم له ذلك، ونقول إن أحد هذه المعاني –وهو المراجعة بعد وقوع الطلاق- فتعين لوجود قرائن تدل عليه أحدها: إضافة المراجعة إلى المرأة. فلا يقال في عرف الشارع راجع امرأتك إلا بعد وقوع طلاق عليها. ثانيها: أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عمر بأن يترك امرأته من غير طلاق حتى تطهر من الحيضة الثانية. لأنه لو كان المراد من المراجعة الرد الحسي من غير وقوع طلاق كما كان هناك معنى معقول، لأين يتركها من غير طلاق حتى تطهر من الحيضة الثانية. لأن الطهر الذي يلي الحيضة التي أوقع فيها الطلاق إذا كان خاليا عن جماع صالح لإيقاع الطلاق فيه، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عمر بأن يدعها حتى تطهر عن الحيضة الثانية دليل على أن المراجعة المراد معها المراجعة بعد وقوع الطلاق.
إن قيل: ورد في رواية أخرى أن ابن عمر أمر بمراجعة امرأته وتركها حتى تطهر من الحيضة الأولى التي أوقع فيها الطلاق ثم إن شاء أمسكها في طهر هذه الحيضة وإن شاء طلقها فيه.
قلنا: الرواية التي سقناها هي أصح الروايات عن ابن عمر كيف وهي رواية مالك عن نافع عن ابن عمر. ومن مذهب البخاري أن أصح الأسانيد ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر.
ثالثها: ما أخرجه الدارقطني من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبد الله بن عمر أن رجلا قال له: إني طلقت امرأتي البتة، وهي حائض. فقال ابن عمر: عصيت ربك وفارقت امرأتك. فقال الرجل: فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ابن عمر أن يراجع امرأته. قال ابن عمر: إنه أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له، وأنت لم يبق لك ما ترجع به امرأتك.
فقول ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له دليل على أن المراجعة المراد منها المراجعة بعد وقوع الطلاق.
وقوله لذلك الرجل الذي طلق امرأته البتة في الحيض: عصيت ربك وفارقت امرأتك. إفتاء منه بوقوع الطلاق في الحيض وغير معقول أن يفتي ابن عمر بوقوع الطلاق في الحيض وهو يعلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يوقع طلاقه في الحيض.
واستدلوا رابعا: بما عند الدارقطني من رواية شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر ... فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك المطلقة قال: نعم وهو نص في موضوع النزاع. ورجاله في شعبة ثقات. ==(3/438)
قُلْت وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَكْمِلَةِ الْإِكْمَالِ لِابْنِ نُقْطَةَ عَزَاهُ لِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ
__________
= واستدلوا خامسا: بما ورد في رواية متفق عليها، وكان عبد الله طلق تطليقة فحسبت من طلاقها، وفي لفظ للبخاري: حسبت علي بتطليقة.
وأجاب ابن حزم بأن ابن عمر لم يصرح بمن حسبها عليه ولا حجة في أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورد هذا الجواب بأن قول الصحابي أمرنا بكذا في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. في حكم المرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقول ابن عمر: حسبت علي بتطليقة: يفيد أن الذي حسبها عليه هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحافظ: وعندي أنه لا ينبغي أن يجيء فيه الخلاف الذي في قول الصحابي أمرنا بكذا. فإن محل الخلاف حيث يكون اطلاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس صريحا. وليس كذلك في قصة ابن عمر. فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الآمر بالمراجعة. وهو المرشد لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، وإذا أخبر ابن عمر بأن الذي وقع منه حسب عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها عليه غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعيدا جدا مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك.
وكيف يتخيل أن ابن عمر يفعل في القصة شيئا برأيه، وهو ينقل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تغيظ من صنعه حيث لم يشاوره فيما يفعل في القصة المذكورة اهـ، وبما نقلناه عن الحافظ سقط ما قال ابن القيم: إنه لم يرد التصريح بأن ابن عمر احتسب بتلك الطلقة إلا في رواية سعيد بن جبير عند البخاري وليس في التصريح بالرفع فانفراد سعيد بن جبير بذلك، كانفراد أبي الزبير بأنه لم يرها شيئا. فإما أن يتساقطا، وإما أن ترجح رواية أبي الزبير لتصريحها بالرفع، وتحمل رواية سعيد بن جبير على أن أباه هو الذي حسبها عليه بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوقت الذي ألزم الناس بالطلاق الثلاث بعد أن كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحتسب عليهم به ثلاثا إذا كان بلفظ واحد اهـ.
وجه سقوط ما قال ابن القيم أن رواية سعيد بن جبير لم يصرح فيها بالرفع إلا أنها في حكم المرفوع على ما قال الحافظ.
على أننا لا نسلم أن سعيد بن جبير قد انفرد بالتصريح باحتساب تلك الطلقة كما قال ابن القيم، ففي مسلم من رواية أنس بن سيرين. قلت: فاعتددت بتلك التطليقة وهي حائض، فقال ابن عمر: ما لي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت فقد ظهرت موافقة أنس ابن سيرين لسعيد بن جبير في التصريح باحتساب تلك الطلقة.
واستدلوا سادسا: بما عند الدارقطني من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وابن إسحاق جميعا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي واحدة. وهو نص في موضوع النزاع.
وأجاب: ابن القيم بأن قوله تعالى: {هي واحدة} لا يدرى أقاله ابن أبي ذئب من عنده أم نافع فلا يجوز أن يضاف إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا يتعين أنه من كلامه.
ورد: بأن هذا التجويز لا يدفع الظاهر من الرفع، ولو فتحنا باب دفع الأدلة بمثل هذه الاحتمالات ما سلم لنا حديث.
ويؤيد: إن جملة: وهي واحدة، من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما في مسند أبي داود حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر له فجعلها واحدة.
فهذا يدل على أن الذي جعلها واحدة وحسبها تطليقة هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستدلوا سابعا: بما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: أرسلنا إلى نافع وهو يترجل في دار الندوة هل حسبت تطليقة عبد الله بن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نعم. ==(3/439)
لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَوَقَعَ فِيهِ تَصْحِيفٌ وَرَوَيْنَاهُ فِي
__________
= واستدل القائلون بعدم وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر وطئها فيه أولا: بقوله تعالى: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} ، قالوا: الطلاق للعدة هو الطلاق في طهر لم يجامعها فيه. وقد أمر المكلفون بأن يطلقوا للعدة، والأمر بالشيء نهي عن ضده فيكون الطلاق لغير العدة وهو الطلاق اللازم يقتضي الفساد، والفساد لا يثبت حكمه.
واستدلوا ثانيا: بقوله تعالى: {الطلاق مرتان} قالوا: المراد من الطلاق في الآية الطلاق المأذون فيه وقد حصر الله الطلاق المأذون فيه الذي يعقب الرجعة في مرتين، لأنه تعريف المسند إليه بلام الجنس يفيد الحصر. فدل ذلك على أن ما عدا الطلاق المأذون فيه وهو الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ليس بطلاق فلا يقع به شيء.
واستدلوا ثالثا: بقوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229] قالوا: المراد بالتسريح بإحسان التطليق بإحسان. والتطليق في الحيض أو في طهر جامعها فيه فنهى عنه بالاتفاق فلا يكون تطليقا بإحسان. وإذا لم يكن تطليقا بإحسان فلا يقع لأن موجب عقد النكاح أحد أمرين إما إمساك بمعروف وإما تسريح بإحسان والتسريح المنهي عنه أمر ثالث غيرها فلا يقع.
واستدلوا رابعا: بما رواه أبو داود عن أحمد بن صالح عن عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا، فقال ابن عمر: طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأل عمر عن ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن عبد الله طلق امرأته حائضا. قال عبد الله: فردها علي ولم يرها شيئا.
واستدلوا خامسا: بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"، والطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه عمل ليس عليه أمر الله ورسوله لأنه منهي عنه، فيكون مردودا وباطلا لا يقع به شيء.
واستدلوا سادسا: بأن الطلاق في الحيض أو في طهر جامع فيه منهي عنه فلا يترتب عليه أثره كالنكاح المنهي عنه، لأن المعنى الذي من أجله لم يصح النكاح المنهي عنه وهو أنه منهي عنه، وهذا المعنى موجود في الطلاق في الحيض أو في طهر جامع فيه، فيلزم ألا يصح لعدم الفرق بينهما.
واستدلوا سابعا: بأنه لا يزال النكاح المتيقن إلا بيقين مثله من كتاب أو سنة أو إجماع متيقن فإذا أوجدتمونا واحدا من هذه الثلاثة رفعنا حكم النكاح به ولا سبيل إلى رفعه بغير ذلك.
والجواب عن شبه القائلين بعدم الوقوع. أما الجواب عن الشبهة الأولى: وهي قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} فإن سلمنا أن الأمر بالشيء نهي عن ضده فلا نسلم أن النهي عن الشيء مطلقا يقتضي الفساد، وإنما يقتضي الفساد إذا كان نهيا عن الشيء لذاته، أما إذا كان نهيا عن الشيء لأمر خارج لازم فلا يقتضي الفساد. والنهي عن الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ليس لذات الطلاق بل لأمر خارج لازم وهو تطويل العدة عليها إذا طلقها في الحيض، أو تلبيس وجه العدة عليها إذا طلقها في طهر جامعها فيه.
وإن سلمنا أن النهي عن الشيء مطلقا يقتضي الفساد فإنها يقتضي الفساد فيما إذا لم يدل دليل على عدم الفساد، وقد دل الدليل هنا على عدم الفساد وعلى وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، وهو ما ذكرنا من الأدلة على وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه. ==(3/440)
حَدِيثِ قُتَيْبَةَ جَمَعَ الْعَيَّارُ بِهَذَا السَّنَدِ الَّذِي فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ أَنَّهَا آمِنَةُ بِنْتُ عَمَّارٍ وَفِي
__________
= وعن الشبهة الثانية: وهي قوله تعالى: {الطلاق مرتان} فلا نسلم أن المراد من الطلاق في الآية الطلاق المأذون فيه، لأنه كما يحتمل أن يكون المراد من الطلاق الطلاق المأذون فيحتمل أن يكون المراد الطلاق المعقب للمراجعة، ويكون المعنى على هذا: الطلاق المعقب للرجعة، محصور في مرتين أي في طلقتين، لا يتعداهما إلى الثلاث، ومع قيام هذا الاحتمال لا يتم الاستدلال. سلمنا أن المراد الطلاق المأذون فيه لكن لا نسلم أن الطلاق غير المأذون فيه ليس بطلاق، قولكم: قد حصر الله الطلاق المأذون فيه في مرتين مسلم لكن لا لا يقتضي هذا الحصر أن يكون الطلاق المأذون فيه الذي يعقب الرجعة محصور في مرتين أي في طلقتين لا يتعداهما إلى الطلاق الثلاث. وهذا لا يقتضي أن يكون الطلاق غير المأذون فيه ليس بطلاق.
وعن الشبهة الثالثة: وهي قوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فلا نسلم أن التطليق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ليس تسريحا بإحسان، لأن معنى التسريح بإحسان على ما قال المفسرون تطليق المرأة مع جبر خاطرها وإعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة.
وعن الشبهة الرابعة: وهي ما رواه أبو داود عن أحمد بن صالح من رواية أبي الزبير فلا نسلم صحة الاحتجاج بما رواه أبو الزبير. لأنه قال أبو داود في سننه روى هذا الحديث جماعة عن ابن عمر وأحاديثهم كلها على خلاف ما قاله أبو الزبير. وقال أبو عمرو بن عبد البر قوله: "لم يرها شيئا" لم يقلها غير أبي الزبير وهو ليس بحجة فيما خالف فيه مثله فكيف بخلاف من هو أثبت منه. وقال الخطابي لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا. وقال الشافعي فيما نقله البيهقي في المعرفة نافع أثبت من أبي الزبير، الأثبت من الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا. ولو سلمنا صحة هذه الرواية فيمكن أن يقول قوله: "لم يرها شيئا" بأنه لم يرها شيئا صوابا كما يقال لمن أخطأ في فعله أو في صوابه لم تضع شيئا أي صوابا أو بما قال الخطابي لم يرها شيئا تحرم من المراجعة.
إن قيل: إن تأويل هذا الدليل على عدم الوقوع فيوافق الأدلة الدالة على الوقوع ليس أولى من العكس. فلم لم تأول الأدلة على الوقوع لتوافق الدليل الدال على عدم الوقوع.
فالجواب: أن الدلالة الدالة على الوقوع غير قابلة للتأويل بل هي نص في موضوع النزاع. ألا ترى قول ابن عمر: حسبت علي بتطليقة، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هي واحدة" وما رواه أبو داود: حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره له فجعلها واحدة.
قال الشوكاني: ويجاب عما أوردوه على حديث أبي الزبير بأن أبا الزبير غير مدفوع بالحفظ ولعدالة وإنما يخشى من تدليسه، فإذا قال: سمعت أو حدثني زال ذلك عنه وقد صرح هنا بالسماع.
ولا يخفى: أنه بعد قول ابن عبد البر أن أبا الزبير ليس بحجة فيما خالف فيه مثله فكيف بخلاف من هو أثبت منه. وقول الخطابي لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا. وقول الشافعي: نافع أثبت من أبي الزبير والأثبت من الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا. لا وجه لما قاله الشوكاني. ويكفي من أبي الزبير أنه يخشى من تدليسه.
قال: وليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير حتى يصار إلى الترجيح ويقال: قد خالفه الأكثر. بل عليه ما هناك الأمر بالمراجعة على فرض استلزامه لوقوع الطلاق =(3/441)
مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ
__________
وقد عرفت اندفاع ذلك على أنه لو سلم الاستلزام لم يصلح لمعارضة النص الصريح أعني لم يرها شيئاً
والجواب عما قاله الشوكاني: واما قوله وليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير حتى يصار إلى الترجيح فالجواب عنه أن من الأحاديث الصحيحة التي سلم بصحتها الشوكاني وغيره قول ابن عمر حسبت علي بتطليقة وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي واحدة وقول ابن عمر فيما رواه مسلم: ما لي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت فهذه الحاديث الصحيحة تخالف ما رواه أبو الزبير.
وأما قوله بل غاية ما هنالك الأمر بالمراجعة على فرض استلزامه لوقوع الطلاق وقد عرفت اندفاع ذلك فالجواب عنه ما بينا صدر هذه المسألة من استلزام الأمر بالمراجعة لوقوع الطلاق.
وأما قوله على أنه لو سلم الأستلزام لم يصلح لمعارضة النص الصريح أعني لم يرها شيئاً فالجواب أن قوله لم يرها شيئا ليس نصا صريحا بل هو قابل للتأويل على ما سبق.
قال الشوكاني على أنه يؤيد رواية أبي الزبير ما أخرجه سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن ملك عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس ذلك بشيء.
والجواب أن هذا الدليل على فرض صحته ليس نصا صريحا بل هو قابل للتأويل.
قال: وقد روى ابن حزم بسنده المتصل إلى ابن عمر من طريق عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض لا يعتد بذلك وهذا إسناد صحيح وروى ابن عبد البر عن الشعبي أنه قال إذا طلق وهي حائض لم يعتد بها.
والجواب عما قاله الشوكاني: أن ما رواه ابن حزم وابن عبد البر ليس معناه عدم وقوع الطلاق في الحيض بل معناه كما قال ابن عبد البر نفسه لم تعتد المرأة بتلك الحيضة في العدة كما روي ذلك عن عمر منصوصاً أنه قال يقع عليها الطلاق ولا تعتد بتلك الحيضة
وعن الشبهة الخامسة: وهي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" فلا نسلم أن الضمير في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فهو رد" ععائد إلى العمل بل هو عائد إلى الفاعل والمعنى من عمل عملا ليس عيله أمرنا فالفاعل رد أي مردود ومعنى كونه مردودا أنه غير مثابا عليه ونحن نقول به سلمنا أن الضمير عائد إلى العمل لكن لا نسلم أن معنى كونه ردا أنه باطل لا يترتب عليه أثره بل معناه أنه غير مقبول ومعنى كونه غير مقبول أنه غير مثاب عليه ولا يلزم من كونه غير مثاب عليه أن يكون باطلا لا يترتب عليه أثره سلمنا أن معنى كونه رداباطلا لا يترتب عليه أثره لكن لا نسلم أن هذا الحديث باق على عمومه وذلك لأن الطلاق الثلاث بكلمة عمل ليس عليه أمر الله ورسوله لأنه منهي عنه فلزم أن يكون مردودا على أنهم قد أخرجوا الطلاق الثلاث بكلمة من عموم هذا الحديث فصار عاما مخصوصا والعام المخصوص فيه فيخصص بحديث ابن عمر من رواية البخاري وبالأحاديث الأخرى الدالة على وقوع الطلاق في الحيض
وعن الشبهة السادسة: وهي قياسهم الطلاق المنهي عنه على النكاح المنهي عنه فهو قياس في معارضة النص القاطع وهو غير مقبول
على أنه قياس غير صحيح من وجهين الأول أنه لو كانت العلة التي من اجلها فسد النكاح المنهي عنه لاقتضى ذلك عدم وقوع الطلاق الثلاث بكلمة لتحقق هذه العلة ==(3/442)
النَّوَارَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَقَبُهَا وَذَاكَ اسْمُهَا:
__________
= فيه مع أن الخصم قائل بوقوعه واحدة. فدل القول بالوقوع واحدة على أن هذه العلة غير معتبرة شرعا. إذ لو كانت معتبرة لما تخلف الحكم عنها في المحل الذي وجدت فيه من غير مانع. فإن قالوا: إن الحكم تخلف لمانع وهو النصوص الشرعية الدالة على وقوع الثلاث واحدة، قلنا: سنبين في المسألة الثانية إن شاء الله تعالى عدم دلالة هذه النصوص على وقوع الثلاث واحدة.
الثاني: أن قياس الطلاق المنهي عنه على النكاح المنهي عنه قياس مع الفارق ذلك أن موجب عقد النكاح حل استمتاع الرجل بالمرأة. ولا حل للاستمتاع مع النهي عن النكاح لأن النهي عنه يقتضي حرمة الاستمتاع. فثبت بهذا أن النكاح المنهي عنه لا يترتب عليه ثمرته وهي حل الاستمتاع وكل عقد لا تترتب عليه ثمرته لا يصح. بخلاف الطلاق فإن موجبه زوال الملك. والنهي عنه يقتضي حرمة إزالة الملك. وحرمة إزاله الملك، لا تستلزم عدم صحة إزالة الملك إذ قد توجد حرمة إزالة الملك مع وجود صحة الإزالة فقد يزول ملكه عن العين بالإتلاف المحرم كهبتها لمن يعلم أنه يستعين بها على فعل المعاصي وارتكاب الآثام ومن ينفق ماله رئاء الناس يزول ملكه بهذا الإنفاق مع أن إنفاق المال رياء وسمعة حرام.
وهذا لأنه لا تنافي بين حرمة الشيء وصحته إذ لا معنى لصحة ذلك لاشيء إلا ترتب أثره عليه، ولو قال الشارع: حرمت عليك الطلاق في الحيض وإن فعلته ترتب أثره عليه لما عد متناقضا لغة وشرعا. وكيف يعد متناقضا وقد حرم الظهار وجعله منكر من القول وزورا ومع ذلك رتب عليه أثره من الكفارة وطلاق الهازل واقع مع أنه محرم عليه لأنه اتخذ آيات الله هزوا فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما بال قوم يتخذون آيات الله هزوا، طلقتك، راجعتك، طلقتك راجعتك".
وفرق ثان: بين الطلاق المنهي عنه والنكاح المنهي عنه. وهو أن النكاح نعمة فلا تستباح المحرمات. وإزالته وخروج البضع عن ملكة نقمة، فيجوز أن يكون سببها محرما. وثالث: وهو أن الفروج يحتاط لها والاحتياط يقضي بوقوع الطلاق وتجديد الرجعة أو العقد. وثالث: وهو أنه قد عهد بالنكاح لا يدخل فيه إلا بالتشديد واثنان من الإيجاب والقبول ورضي الزوجة المعتبر رضاها والولي والشاهدين فلا يحتاج الخروج منه إلى شيء من ذلك بل يدخل فيه بالعزيمة ويخرج منه بالشبهة.
وعن الشبهة السابعة: وهي قولهم: لا يزال النكاح المتيقن إلا بيقين فلا نسلم أنه لم يوجد دليل يقيني يدل على زوال هذا النكاح المتيقن. لأن الأدلة التفصيلية الدالة على وقوع الطلاق في الحيض وإن كانت ظنية إلا أن الإجماع قام على وجوب العمل بالظن. والإجماع دليل يقيني.
فإن قالوا: نحن نطالبكم بالإتيان بدليل تفصيلي يقيني يدل على وقوع الطلاق في الحيض لا بدليل إجمالي.
قلنا: فقد لزمكم عدم ثبوت أكثر الأحكام في ذمة المكلفين. لأن الأحكام الثابتة بأدلة يقينية أقل القليل وأكثرها ثابت بأدلة ظنية.
وهذا لأن الأصل براءة الذمة عن التكاليف بيقين. ولا يزال هذا اليقين إلا بيقين مثله فما هو جوابكم عن لزوم عدم ثبوت أكثر الأحكام في فرقة المكلفين فهو جوابنا في محل النزاع.
والذي يحسم النزاع بيننا وبين الخصم قول حملة الشرع كلهم قديما وحديثا طلق امرأته وهي حائض.
والطلاق نوعان طلاق سنة وطلاق بدعة. وقول ابن عباس رضي الله عنهما، الطلاق على أربعة أوجه =(3/443)
قَوْلُهُ وَإِذَا خَالَعَ الْحَائِضَ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْإِذْنَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَاسْتِفْصَالٍ عَنْ حَالِ الزَّوْجَةِ أَمَّا الْحَدِيثُ فَسَبَقَ فِي الْخُلْعِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ انْتَهَى وَبَابُهُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ لَازِمِ مَنْ يَجِيءُ إلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَفِي دُخُولِهَا الْمَسْجِدَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا طَاهِرًا غَيْرَ حَائِضٍ.
قُلْت هَكَذَا بَحَثَ الْمُخَرِّجُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَهْمٍ بَلْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِذْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ عُمُومُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَيْضًا فَإِطْلَاقُ الْإِذْنِ فِي الِاخْتِلَاعِ يُعَارِضُهُ إطْلَاقُ الْمَنْعِ مِنْ طَلَاقِ الْحَائِضِ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ1 فَتَعَارَضَا.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ أَنَّ عُوَيْمِرَ الْعَجْلَانِيَّ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَقَالَ كَذَبْت عَلَيْهَا إنْ أَمْسَكْتهَا هِيَ طَالِقٌ يَأْتِي فِي اللِّعَانِ.
1593 - قَوْلُهُ روي في قصة عُمَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ" وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ "فَلْيُمْسِكْهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ مَرَّةً أُخْرَى".
قُلْت الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرٍ عَنْ
__________
= وجهان حلال، ووجهان حرام، فهذا الإطلاق والتقسيم دليل على أن الطلاق في الحيض عندهم طلاق حقيقة ويتحول اسم الطلاق له كشموله للطلاق الحلال ولو كان لفظا مجردا لقول لم يكن له حقيقة ولا قيل: طلق امرأته. فإن هذا اللفظ إذا كان هنا كان وجوده كعدمه. ومثل هذا لا يقال فيه: طلق ولا يكون قسما من أقسام الطلاق الحقيقي.
والذي يحسم النزاع أيضا ما تقرر من أن الله ابتلى عباده بالأمر والنهي بناء على اختيارهم، والابتلاء بالنهي إنما يتحقق إذا كان المنهي عنه متصور الوجود بحيث لو أقدم عليه يوجد حتى يبقى العبد مبتلى بين أن يقدم على الفعل فيعاقب أو يكف عنه فيثاب بامتناعه حال كونه مختارا عن تحقيق الفعل لأجل النهي فليكون عدم الفعل مضافا إلى كسبه واختياره. وهذا معنى ما قال الإمام محمد رحمه الله ردا على من قال: إن الطلاق لغير السنة لا يقع. فقد قال في كتاب الطلاق: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صوم يوم النحر. فقال: أنهانا عما يتكون أو لا يتكون، والنهي عما لا يتكون لغو. لا يقال للأعمى لا تبصر.
وقصارى القول أن ما ذهب إليه الخصم لا يساعد النقل ولا العقل ولا اللغة. بل هو مكابرة صريحة لا يتلفت إليها، والله أعلم.
ينظر: الطلاق البدعي والسني لشيخنا بكري مصطفى.
1 العموم والخصوص الوجهي مثل حيوان وأبيض بين نقيضيهما التباين الجزئي فيقال: اللا حيوان واللا أبيض، يجتمعان في الحجر الأسود وينفرد كل في مادة فينفرد اللاحيوان في الحجر الأبيض وينفرد اللاأبيض في الفرس الأحمر وقد يكون بينهما التباين الكلي مثل الحيوان واللاإنسان فنقيض حيوان لا حيوان، ونقيض اللاإنسان إنسان، وبينهما التباين الكلي إذ انتفاء الحيوانية يستلزم انتفاء اللاإنسانية لا الإنسانية.(3/444)
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ1، وَأَقْرَبُ مِنْهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَتَطْهُرَ" 2، وَالْمَشْهُورَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَالثَّانِيَةُ فِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ "فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا" 3.
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ طَلَّقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا4.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ تطلق بعد أو تمسك" 5.
وَفِي هَذَا مَا يَقْتَضِي إمْكَانَ رَدِّ رِوَايَةِ نَافِعٍ إلَى رِوَايَةِ سَالِمٍ بِالتَّأْوِيلِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْحَدِيثُ وَاحِدًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ.
1594 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ6 وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ أَنَسٍ7، وَقَالَا جَمِيعًا الصَّوَابُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثِّقَاتِ.
قُلْت وَهُوَ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُد كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُرْسَلُ أَصَحُّ
__________
1 أخرجه الدارقطني 4/7، في كتاب الطلاق، حديث 15.
2 تقدم تخريجه.
3 تقدم.
4 تقدم.
5 تقدم.
6 أخرجه الدارقطني 4/3-4، في كتاب الطلاق، حديث 1.
7 أخرجه الدارقطني 4/4، في كتاب الطلاق، حديث 2.
والبيهقي 7/340، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في موضع الطلقة الثالثة من كتاب الله عز وجل.
وابن مردويه كما في التعليق المغني 4/4.(3/445)
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ الْمُسْنَدُ أَيْضًا صَحِيحٌ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ شَيْخَانِ.
1595 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مَنْزِلَ حَفْصَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا وَكَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ إلَى مَنْزِلِ أَبِيهَا فَدَعَا مَارِيَةَ إلَيْهِ وَاتَتْ حَفْصَةُ فَعَرَفَتْ الْحَالَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي فَقَالَ يَسْتَرْضِيهَا إنِّي أُسِرُّ إلَيْك سِرًّا فَاكْتُمِيهِ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} الْآيَةَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ إبراهيم وَعَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ زَارَتْ أَبَاهَا ذَاتَ يَوْمٍ وَكَانَ يَوْمُهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَهَا فِي الْمَنْزِلِ أَرْسَلَ إلَى أَمَتِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ فَأَصَابَ مِنْهَا فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَجَاءَتْ حَفْصَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَفْعَلُ هَذَا فِي بَيْتِي فِي يَوْمِي قَالَ فَإِنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا فَانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} إلَى قَوْلِهِ {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} فَأُمِرَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَيُرَاجِعَ أَمَتَهُ1.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَلَفْظُهُ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ وَلَدِهِ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَوَجَدَتْهُ حَفْصَةُ مَعَهَا ثُمَّ سَاقَهُ بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فذكرته لعائشة فآلى أن لا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا2، وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَةٌ يَطَؤُهَا فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} 3. وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ
__________
1 أخرجه سعيد بن منصور 1/438، برقم 6707.
ومن طريقه البيهقي 7/353، كتاب الخلع والطلاق: باب من قال لأمته، أنت علي حرام لا يريد عتاقا.
2 أخرجه الدارقطني 4/41-42، في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث 122.
قال العظيم آبادي في التعليق المغني 4/41: الحديث أخرجه الهيثمي بن كليب في مسنده ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا جرير بن حازم، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر نحوه. قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج، وقال الحافظ في فتح الباري: وأخرج الضياء في المختارة من مسند الهيثم بن كليب، ثم من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، عن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحفصة: "لا تخبري أحدا أن أم إبراهيم علي حرام" ثم قال: ووقع عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى مسروق، قال: حلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فذكر الحديث بنحوه.
ثم قال: وحديث الباب فليه عبد الهل بن شعيب هو: أبو سعيد إخباري علامة لكنه واه. قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. كذا في الميزان.
3 أخرجه النسائي في الكبرى 5/286، 287، كتاب عشرة النساء: باب الغيرة 8907، وفي التفسير 2/449، 627، أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد بن حرمي قال: نا أبي قال: ثنا=(3/446)
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَدَخَلَتْ فَرَأَتْ مَعَهُ فَتَاتَهُ فَقَالَتْ فِي بَيْتِي وَيَوْمِي فَقَالَ اُسْكُتِي فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ1.
وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ لِلْقِصَّةِ أَصْلًا أَحْسِبُ لَا كَمَا زَعَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَمْ تَأْتِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَغَفَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ طَرِيقِ النَّسَائِيّ الَّتِي سَلَفَتْ فَكَفَى بِهَا صِحَّةً وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
1596 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} الْآيَةَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا كَانَ حَلَالًا أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْ يَكْسُوَهُمْ الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ دُونَ أَوَّلِهِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ طَلَاقٌ2.
حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك} وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَمْ يُخَيِّرْهُنَّ الطَّلَاقَ.
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ لما أراد تخيير نساءه إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك هُوَ طَرَفٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ قَوْلَهُ فَلَا تُبَادِرِينِي
__________
= حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه فأنزل الله تعالى: {يا أيها النبي....} الآية.
وأخرجه الحاكم 2/493، من طريق محمد بن بكير عن سليمان بن المغيرة عن ثابت به.
وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وزاد السيوطي نسبته في الدر 6/366، لابن مردويه.
1 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 202، برقم 240، من طريق محمد بن الصباح، قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي عروبة عن قتادة ... فذكره.
2 أخرجه البيهقي 7/351، كتاب الخلع والطلاق: باب من قال لامرأته: أنت علي حرام.
وأخرجه الطبراني 11/86، 11130، حدثنا محمد، ثنا عبد الله، أنا إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ... } الآية. قال: حرم سريته.
وعزاه الطبراني في الدر 6/367، للترمذي والطبراني وقال: بسند حسن صحيح.
رواه البزار بإسنادين والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح غير بشر ابن آدم الأصغر وهو ثقة. اهـ.
وشاهد آخر رواه ابن جرير 12/149، 34397، عن ابن عباس أنه قال لعمر: من المرأتان اللتان تظاهرتا؟ قال: عائشة وحفصة وكان بدء الحديث في شأن مارية أم إبراهيم القبطية أصابها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيت حفصة في يومها فوجدت حفصة.... فحرمها، أي مارية ... فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله} الآيات....
وعزاه السيوطي في الدر 6/367، لابن المنذر.(3/447)
بِالْجَوَابِ نَعَمْ جَاءَ بِمَعْنَاهُ
حَدِيثُ "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ" تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ.
1597 - حَدِيثُ "ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالْعَتَاقُ" الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِلَفْظِ "ثَلَاثٌ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالْعِتْقُ" 1 وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَفَعَهُ "لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالْعَتَاقُ فَمَنْ قَالَهُنَّ فَقَدْ وَجَبْنَ" 2 وَهَذَا مُنْقَطِعٌ
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ مَنْ طَلَّقَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَطَلَاقُهُ جَائِزٌ وَمَنْ أَعْتَقَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَعَتَاقُهُ جَائِزٌ وَمَنْ نَكَحَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْهُ3، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَأُخْرِجَ عَنْ عَلِيٍّ4 وَعُمَرَ5 نَحْوُهُ مَوْقُوفًا وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعَلَى النَّوَوِيِّ حَيْثُ أَنْكَرَا عَلَى الْغَزَالِيِّ إيرَادَ هَذَا اللَّفْظِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْرُوفُ اللفظ الأول بالرجعة يدل الطَّلَاقِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ وَيُرْوَى بَدَلَ الْعَتَاقِ الرَّجْعَةُ قُلْت هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَفِيهِ بَدَلَ الْعَتَاقُ الرَّجْعَةُ6، قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ
__________
1 أخرجه الطبراني "18/304"، برقم "780". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "4/338": رواه الطبراني في "الكبير" ومنه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح.
2 أخرجه الحارث بن أسامة في "مسنده" كما في "نصب الراية" "3/294".
3 أخرجه عبد الرزاق "6/134ـ 135"، كتاب النكاح: باب ما يجوز من اللعب في النكاح والطلاق، حديث "10249".
4 أخرحه عبد الرزاق "6/134"، في الموضع السابق برقم "10247".
5 أخرحه عبد الرزاق في الموضع السابق برقم "10248".
6 أخرجه أبو داود "1/666"، كتاب الطلاق: باب في الطلاق على الهزل "2194"، والترمذي "3/490"، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق "1184"، وابن ماجه "1/657"، كتاب الطلاق: باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبا "2039"، والطحاوي في "شرح المعاني" "3/98"، والدارقطني "3/256، 257"، باب المهر "45، 47"، "4/18،19"، كتاب الطلاق "50،51"، والحاكم "2/198"، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وعبد الرحمن بن حبيب هذا هو ابن أردك من ثقات المدنيين.
وتعقبه الذهبي بقول في عبد الرحمن هذا: فيه لين، والبغوي في "شرح السنة" "5/16"، "2349- بتحقيقنا"، كلهم من طريق عبد الرحمن بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة.==(3/448)
وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ النَّسَائِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا حَسَنٌ
تَنْبِيهٌ: عَطَاءٌ الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ صُرِّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي داود والحاكم وَوَهَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ هُوَ عَطَاءُ بْنُ عَجْلَان وَهُوَ مَتْرُوكٌ
حَدِيثُ "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ" الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَفِي كِتَابِ الصِّيَامِ
1598 - حَدِيثُ عَائِشَةَ "لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْهَا1 وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَفِي إسناده
__________
=وعبد الرحمن بن أردك سبق كلام الحاكم والذهبي فيه. وقال الحافظ في "التقريب" "1/476": لين الحديث.
1 أخرجه أحمد "6/276"، والبخاري في التاريخ الكبير "1/171"، وأبو داود "2/642"، كتاب الطلاق: باب في الطلاق على غلط، حديث "2193"، وابن ماجه "1/660"، كتاب الطلاق: باب طلاق المكره والناسي، حديث "2046"، والحاكم "2/198"، كتاب الطلاق: باب لا طلاق ولا عتاق في إغلاق، والبيهقي "7/357"، كتاب الطلاق: باب ماجاء في طلاق المكره، وابن أبي شيبة "5/49"، والدارقطني "4/36"، وأبو يعلى "7/421"، رقم "4444"، من حديث محمد بن عبيد بن أبي صالح عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي فقال: محمد بن عبيد لم يحتج به مسلم وقال أبو حاتم: ضعيف.
وقد توبع عغلى هذا الحديث تابعه زكريا بن إسحاق ومحمد بن عثمان: أخرجه الدارقطني "4/36"، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء، رقم "99"، والبيهقي "7/357"، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في طلاق المكره من طريق قزعة بن سويدنا زكريا بن إسحاق ومحمد بن عثمان جميعا عن صفية بنت شيبة عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".
قال أبو الطيب آبادي في "التعليق المغني" "4/36ـ 37": الحديث في إسنا ده قزعة بن سويد الباهلي البصري، قال البخاري: ليس بذلك القوي ولابن معين فيه قولان وقال أحمد: مضطرب الحديث وقال أبو حاتم: لا يحتج به وقال النسائي ضعيف.
وذكر الحديث البخاري في "التاريخ الكبير" "1/172"، من طريق يحيى بن يحيى أخبرنا إسماعيل بن عياش عن عطاف بن خالد عن محمدج بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به.
وقد رجح أبو حاتم الطريق الأول وهو طريق صفية على هذا الطريق فقال ابن أبي حتم في "العلل" "1/ 430"، رقم "1292": سألت أبي عن حديث رواه محمد بن إسحاق عن ثور بن زيد الديلي عن محمد بن عبيد عن صفية بنت شيبة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا طلاق ولا عتاق في غلاق".
ورواه عطاف بن خالد قال: حدثني محمد بن عبيد عن عطاء عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: أيهما الصحيح. قال حديث صفية أشبه. قيل لأبي ما معنى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا طلاق ولا عتاق في غلاق"،==(3/449)
مُحَمَّدُ بن عبد بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ هُوَ فِيهَا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ وَزَادَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلَا إعْتَاقٍ.
قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ عُلَمَاءُ الْغَرِيبِ بِالْإِكْرَاهِ1.
قُلْت هُوَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَالْخَطَّابِيِّ وَابْنِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ الْجُنُونُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْمُطَرِّزِيُّ وَقِيلَ الْغَضَبُ وَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَكَذَا فَسَّرَهُ أَحْمَدُ وَرَدَّهُ ابْنُ السَّيِّدِ فَقَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ طَلَاقٌ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُطَلِّقُ حَتَّى يَغْضَبَ.
وَقَالَ أبو عبيد الإغلاق التضيق.
قَوْلُهُ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ "أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ أَعْتَقَ كُلَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اسْتَسْعَى غَيْرَ مَشْقُوقٍ" عَلَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَسَيَأْتِي وَفِيهِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ.
1599 - حَدِيثُ "لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ" هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَالَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ الشَّيْخَيْنِ كَيْفَ أَهْمَلَاهُ فَقَدْ صَحَّ عَلَى شَرْطِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَجَابِرٍ انْتَهَى.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ نَافِعٌ عَنْهُ بِلَفْظِ لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ2 وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ،
__________
= قال: يعني في استكراه.
1 ينظر: النهاية لابن الأثير 3/379-380.
2 أخرجه الحاكم 2/419، والطبراني في الصغير 1/180، من طريق محمد بن يحيى القطيفي ثنا عاصم بن هلال البارقي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا طلاق إلا بعد نكاح".
وصححه الحاكم، وقال محمد بن طاهر المقدسي: رواه حسين المعلم: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
ورواه يحيى بن صاعد: عن محمد بن يحيى القطعي، عن محمد بن راشد عن حسين عنه.
وتعقبه: ثنا محمد بن يحيى، عن عاصم بن هلال عن أيوب عن نافع عن ابن عمر. قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا طلاق إلا بعد نكاح".
قال: حدثنا ابن صاعد، وما سمعنا إلا منه، ولا أعرف له علة؛ فأذكرها وحدثناه في أضعاف من قرأه علينا، لم نلقنه إياه، ولا سألناه عنه، ولا هو ملحق في جانب كتاب، ولا أخرج الكتاب إلا إلى هاشم.
قال ابن عدي: هكذا قال لنا ابن صاعد، فذكرته لأبي عروبة فأخرج إلي فوائد القطعي فإذا فيه حديث عمرو بن شعيب الذي ذكره ابن صاعد.==(3/450)
أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ صَاعِدٍ قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً.
قُلْت وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَدِيٍّ عِلَّتَهُ1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَمِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا2، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
__________
=وبعقبه: حدثنا عاصم بن هلال عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين:6] ، فعلم ما تبين لنا في كتاب أبي عروبة أنه أدخل لابن صاعد حدثنا في حديث {يوم يقوم الناس لرب العالمين} مشهور عن أيوب على أن علي بن عاصم يحتمل ما هو أنكر من هذا.
قال المؤلف رحمه الله: قرأت بخط أبي عبد الله الحاكم بمشكان سمعت أبا الحسين بن مظفر الحافظ يقول: لما حدثنا أبو محمد بن صاعد، عن محمد بن يحيى القطعي، عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا طلاق قبل نكاح".
وقيل فيه ما قال، ذهبنا إلى علي بن الحسن القافلاني، فوجدنا الحديث في أصل كتابه عن محمد بن يحيى القطعي، وسألناه، فحدثنا به وغدوت أنا إلى ابن صاعد فوجدته قاعدا إلى باب داره، فقلت: يا سيدي! حديث أيوب عن نافع وجدناه في كتاب القافلاني فقال لي: اسكت، اسكت، وزمر لي، ثم قال: ومن القافلاني في حديث أخذه من أصل كتابي.
وأورده في ترجمة صالح مولى التوأمة: عن ابن عباس رفعه.
وصالح ضعيف. وأورده في ترجمة صالح بن أحمد بن أبي مقاتل: عن محمد بن يحيى القطعي، عن عاصم بن هلال، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر.
وهذا يعرف بابن صاعد سرقه منه صالح هذا حتى لا يفوته.
وأورده في ترجمة هشام بن سعد المخزومي: عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة مسندا وهشام ضعيف.
ينظر: ذخيرة الحفاظ 5/2662-2663.
1 ينظر: السابق.
2 أخرجه ابن أبي شيبة 5/16، والدارقطني 4/165، كتاب الطلاق، حديث 45، 46، والحاكم 2/419، عنها مرفوعا بلفظ: "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا بعد ملك".
قال الترمذي في العلل الكبير ص 173، رقم 302.
سألت محمدا عن هذا الحديث، فقلت: أي حديث في هذا الباب أصح –في الطلاق قبل النكاح-؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وحديث هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة.
فقلت: إن بشر بن السري وغيره قالوا: عن هشام بن سعد، عن الزهري عن عروة، عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال: إن حماد بن خالد روى عن هشام بن سعد، عن الزهري عن عروة عن عائشة موقوفا.
وقال ابن أبي حاتم في العلل 1/422، رقم 1271.
سألت أبي عن حديث رواه حماد بن خالد الخياط عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "لا طلاق إلا بعد نكاح" قال أبي: هذا حديث منكر وغ، ما يروى عن الزهري أنه قال: ما بلغني في هذا رواية عن أحد من السلف ولو كان عنده عن عروة عن عائشة كان لا يقول ذلك.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/392، وعزاه للحاكم وابن مردويه.(3/451)
قُلْت وَسَيَأْتِي لَهُ طُرُقٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْ هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا1.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْجَزَرِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْهُ2، وَفِيهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سليمان3، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْهُ4، وَسُلَيْمَانُ ضَعِيفٌ.
__________
1 ينظر السابق.
2 أخرجه الحاكم 2/419، من طريق أيوب بن سليمان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا طلاق لمن لا يملك".
وصححه الحاكم.
وأخرجه أيضا من طريق طاوس عن ابن عباس موقوفا.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/392، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
وقال السيوطي في الدر المنثور 5/392: وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، قال: ليس بشيء إنما الطلاق لمن يملك.
وأخرجه أيضا ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس بنحو كما في الدر المنثور 5/392.
3 في الأصل: سليم والصواب ما أثبناه، كما في الدارقطني.
4 أخرجه الدارقطني 4/16، في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث 48، من طريق سليمان بن أبي سليمان الزهري عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نذر فيما أطيع الله فيه ولا يمين في قطيعة رحم ولا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك".
قال الزيلعي في نصب الراية 3/232.
وذكر عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني، وقال: إسناده ضعيف، قال ابن القطان وعلته سليمان بن أبي سليمان، فإنه شيخ ضعيف الحديث، قاله أبو حاتم الرازي انتهى.
وقال صاحب التنقيح: هذا حديث لا يصح، فإن سليمان بن أبي سليمان هو سليمان بن داود اليمامي، متفق على ضعفه، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، انتهى. قال الحاكم: إنما لم يخرج الشيخان في كتابيهما هذا الحديث لأنهما وجدا مداره على إسنادين واهيين: أحدهما: عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي. والثاني: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فلذلك لم يقع منهما إلاستقصاء في طلب هذه الأسانيد الصحيحة، انتهى. –يعني أسانيده التي أخرجها-.(3/452)
وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَمِنْ رِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ1، وَهُوَ مُرْسَلٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مُعَاذٍ2، وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ أَيْضًا وَفِيهَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ3 وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَلَهُ طُرُقٌ عَنْهُ بَيَّنْتهَا فِي تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ الصَّحِيحُ مُرْسَلٌ لَيْسَ فِيهِ جَابِرٌ4، وَأَعَلَّهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ بِشَيْءٍ آخَرَ سَيَأْتِي وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ5، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
__________
1 أخرجه الدارقطني 4/14، برقم 40، والحاكم 2/419، والبيهقي 7/318، من طريق طاوس عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك".
وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين طاوس ومعاذ. قال العلائي في جامع التحصيل ص 201: طاوس بن كيسان.
قال ابن المديني: لم يسمع من معاذ بن جبل شيئا. وقال يحيى بن معين: لا أراه سمع من عائشة، وقال أبو زرعة: لم يسمع من عثمان شيئا، وقد أدرك زمنه وطاوس عن عمر وعن علي وعن معاذ مرسل رضي الله عنهم. اهـ.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/337، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات إلا أن طاوسا لم يلق معاذ بن جبل.
تنبيه: صحح هذا الحديث الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي وهو وهم للانقطاع المعروف بين طاوس ومعاذ.
2 أخرجه الدارقطني 4/17، برقم 49، وهو حديث مرسل، سعيد بن المسيب لم يدرك معاذ، وفيه أيضا يزيد بن عياض.
قال الدارقطني: ضعيف.
3 قال البخاري وغيره: منكر الحديث.
وقال يحيى: ليس بثقة.
وقال علي: ضعيف ورماه مالك بالكذب.
وقال النسائي وغيره: متروك.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء، ضعيف.
وروى يزيد بن العبثم عن ابن معين: كان يكذب.
وروى أحمد بن مريم عن ابن معين: ليس بشيء، لا يكتب حديثه.
ينظر: ميزان الاعتدال 7/259.
4 أخرجه ابن أبي شيبة 5/16، والطيالسي 1/314 –منحة، والحاكم 2/419-420، والبيهقي 7/319-320، كتاب الخلع والطلاق: باب الطلاق قبل النكاح من طرق عن جابر.
وصححه الحاكم.
5 قال أحمد: كان يضع الحديث.
وقال البخاري: روى عنه بقية، منكر الحديث.
ينظر: ميزان الاعتدال 6/17.(3/453)
قُلْت وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِلَفْظِ "لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ طَلَاقٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" الْحَدِيثُ1، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ قَالَ الْبُخَارِيُّ أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ وَأَشْهَرُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عَلِيٍّ وَمَدَارُهُ عَلَى جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَجُوَيْبِرٌ مَتْرُوكٌ وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ2، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ عَنْ عَلِيٍّ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/640، كتاب الطلاق: باب الطلاق قبل النكاح، حديث 2190، والترمذي 2/326، كتاب الطلاق واللعان: باب ما جاء لا طلاق قبل النكاح، حديث 1192، وابن ماجة 1/660، كتاب الطلاق: باب لا طلاق قبل النكاح، حديث 1047، والطيالسي 1/314 –منحة، وابن الجارود رقم 743، والطحاوي في مشكل الآثار 1/280-281، والبيهقي 7/318، كتاب الخلع والطلاق: باب الطلاق قبل النكاح، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
وقال في العلل الكبير ص 173، رقم 302: سألت محمدا عن هذا الحديث فقلت: أي حديث في هذا الباب أصح.
فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اهـ.
2 أخرجه ابن الجوزي 2/640، برقم 106، من طريق عبد الله بن زياد عن محمد بن المنكدر عن طاوس عن ابن عباس عن علي رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح وعبد الله بن زياد هو ابن سمعان، قال يحيى: كان كذابا.
قال الدارقطني: متروك الحديث.
قال: وإنما رواه ابن المنكدر مرسلا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصواب.
قال: وقد رواه عن ابن المنكدر عن جابر ولا يصح عن جابر.
والحديث أخرجه أبو داود 3/293-294، كتاب الوصايا: باب ما جاء متى ينقطع اليتم، حديث 2873، والطحاوي في مشكل الآثار 1/280، والطبراني في الصغير 1/96، من طريق أحمد بن صالح ثنا يحيى بن محمد ثنا عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أنه سمع شيوخا من بني عمرو بن عوف ومن خاله عبد الله بن أبي أحمد قال علي بن أبي طالب: حفظت لكم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستا: "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك ... " إلى آخر الحديث.
قال الطبراني: وقال أحمد بن صالح: عبد الله بن أبي أحمد من كبار تابعي المدينة قد لقي عمر بن الخطاب وهو أكبر من سعيد بن المسيب.(3/454)
وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ محرمة رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ1 وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ لَكِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا قَالَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنْ كَانَ قَالَهَا فَزَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} وَلَمْ يَقُلْ إذَا طَلَّقْتُمُوهُنَّ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ2، وَرَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ وَفِي آخِرِهِ فَلَا يَكُونُ طَلَاقٌ حَتَّى يَكُونَ نِكَاحٌ3، وَهَذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ4، وَقَدْ أَوْضَحْته فِي تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.
وَمُقَابِلُ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ" وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَمَّنْ سَمِعَ طَاوُسًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي مَنْ سمع عطاء عن جَابِرٍ5، نَحْوُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَطَاءٍ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ6،
__________
1 أخرجه ابن ماجة 1/660، كتاب الطلاق: باب الطلاق قبل النكاح، حديث 2048، والسهمي في تاريخ جرجان ص 257، من طريق علي بن الحسين بن واقد ثنا هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك".
قال البوصيري في الزوائد 2/132: هذا إسناد حسن، علي بن الحسين وهشام بن سعيد مختلف فيهما، اهـ.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/393، وعزاه إلى ابن ماجة وابن مردويه.
2 أخرجه الحاكم 2/205، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه الحاكم 2/419، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ثم قال: أنا متعجب من الشيخين الإمامين كيف أهملا ... وساق الكلام كما أورده المصنف قبل.
4 أخرجه البخاري 10/478، كتاب الطلاق: باب 9، لا طلاق قبل نكاح، تعليقا.
قال: ويروى في ذلك عن علي وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبان بن عثمان، وعلي بن حسين، وشريح وسعيد بن جبير، والقاسم، وسالم، وطاوس، والحسن، وعكرمة، وعطاء، وعامر بن سعد وجابر بن زيد، ونافع بن جبير، ومحمد بن كعب، وسليمان بن يسار، ومجاهد والقاسم بن عبد الرحمن، وعمرو بن هرم، والشعبي: أنها لا تطلق.
وقد وصل هذه الروايات الحافظ بن حجر في تغليق التعليق 4/439-451.
5 تقدم في الروايات السابقة.
6 تقدم في الروايات السابقة.(3/455)
وَاسْتَدْرَكَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَهُوَ مَعْلُولٌ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ إلَّا أَنَّهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَعْلُولَةٌ.
1600 - حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ دَعَتْنِي أُمِّي إلَى قَرِيبٍ لَهَا فَرَاوَدَنِي فِي الْمَهْرِ فَقُلْت إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْكِحْهَا فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَكِنْ قَرِيبٌ مِنْ هذه القصة ما أورد الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عن ابابة أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً لَهَا أَنْ أَتَزَوَّجَهَا فَقُلْت إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ "هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكٍ" قَالَ لَا قَالَ "لَا بَأْسَ تَزَوَّجْهَا" 1، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَأَوْرَدَ أَيْضًا عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ قَالَ عَمٌّ لِي اعْمَلْ لِي عَمَلًا حَتَّى أُزَوِّجَك ابْنَتِي فَقُلْت إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ2، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ قَرِينٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
1601 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا3، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا أَيْضًا وَقَالَ أَحْمَدُ
__________
1 أخرجه الدارقطني 4/19-20، في كتاب الطلاق، حديث 52.
2 أخرجه الدارقطني 4/35-36، في كتاب الطلاق، حديث 67، من طريق علي بن قرين ثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي ثعلبة الخشني قالك قال لي عم لي: اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي فقلت: إن تزوجنيها فهي ثالثا ثم بدا لي أن أتزوجها فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته فقال لي: "تزوجتها فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح فتزوجها فولدت لي سعدا ... " الحديث.
قال أبو الطيب آبادي في التعليق المغني 4/36: قال صاحب التنقيح: وهذا باطل، علي بن كذبه يحيى بن معين وغيره.
وقال ابن عدي: يسرق الحديث اهـ. وقال الذهبي: قال يحيى: كذاب خبيث. وقال أبو حاتم متروك الحديث.
3 وأخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 4/340، والبيهقي 7/370، عن ابن مسعود.
قال البيهقي: ليس بمحفوظ.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة 5/83، والبيهقي 7/370، كتاب الرجعة: باب عن ابن عباس موقوفا.
وأخرجه البيهقي 7/370 عن علي مثله.
قال ابن التركمان في الجوهر النقي: لا يصح.
وأخرجه عبد الرزاق 7/234، عن علي وعثمان وزيد بن ثابت موقوفا.(3/456)
فِي الْعِلَلِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ البت بِالنِّسَاءِ يَعْنِي الطَّلَاقَ وَالْعِدَّةَ قُلْت لِهَمَّامٍ مَا يَرْوِيه أَحَدٌ غَيْرُك قَالَ مَا أَشُكُّ فِيهِ.
1602 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا "الْعَبْدُ يُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ" مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا1.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا طَلَاقُ الْأَمَةِ اثْنَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ2، وَفِي إسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمَوْقُوفَ وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمَا إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فقد حرمت عليه حتى تَنْكِحُ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ.
وَفِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ" 3، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا4.
__________
1 وأخرجه مالك 2/574، في الطلاق: باب ما جاء في طلاق العبد 50، ومن طريقه.
أخرجه البيهقي 7/369، عن نافع عن ابن عمر موقوفا.
وأخرجه الدارقطني 4/38، عن سالم ونافع عن ابن عمر موقوفا.
وقال الدارقطني: وهذا هو الصواب، حديث عبد الله بن عيسى عن عطية عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: منكر غير ثابت من وجهين:
أحدهما: أن عطية ضعيف. وسالم ونافع أثبت منه وأصح رواية.
والوجه الآخر: أن عمر بن شبيب ضعيف الحديث لا يخبر بروايته.
2 أخرجه ابن ماجة 2079/، والدارقطني 4/38، والبيهقي 7/369، عن عمر بن شبيب المسلي عن عبد الله بن عيسى عن عطية عن ابن عمر، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان". وقال البيهقي والدارقطني: تفرد به عمر بن شبيب المسلي هكذا مرفوعا، وكان ضعيفا.
والصحيح ما رواه سالم ونافع عن ابن عمر موقوفا.
3 أخرجه أبو داود 1/665، في الطلاق: باب في سنة طلاق العبد 2189، والترمذي 3/488، في الطلاق: باب ما جاء في طلاق الأمة تطليقتان 1182، وابن ماجة 1/672، في الطلاق: باب في طلاق الأمة وعدتها 2080، والدارقطني 4/39، والحاكم 2/205، والبيهقي 7/369، عن أبي عاصم نا ابن جريج عن مظاهر عن القاسم بن محمد عن عائشة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان". قال أبو عاصم: فلقيت مظاهرا فحدثني عن القاسم عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله إلا أنه قال: "وعدتها حيضتان".
قال أبو داود: وهو حديث مجهول.
وقال الترمذي: حديث عائشة، حديث غريب: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر، لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث.
وقال الهيثمي: بإسناده عن ابن حماد ويقول: قال البخاري: مظارهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة، ضعفه أبو عاصم.
4 ينظر السابق.(3/457)
1603 - حَدِيثُ أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ وَوَاللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا عَلَيْهِ" 1، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مِنْ مُسْنَدِ رُكَانَةَ أَوْ مُرْسَلٌ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِالِاضْطِرَابِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ ضَعَّفُوهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ2، وَهُوَ مَعْلُولٌ أَيْضًا.
1604 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ" أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي ذَيْلِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ مَعْدِي كَرِبَ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا شَيْءَ عليه ومن قَالَ لِغُلَامِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ3.
__________
1 أخرجه الشافعي 2/37، كتاب الطلاق: باب ما جاء في أحكام الطلاق، حديث 117، وأبو داود 2/263، كتاب الطلاق: باب في البتة، حديث 2206، والترمذي 3/471، كتاب الطلاق واللعان: باب ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة، حديث 1177، وابن ماجة 1/661، كتاب الطلاق: باب طلاق البتة، حديث 2051، والدارقطني 4/34-35، في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء ويغره، حديث 91-93، وابن حبان 10/97، كتاب الطلاق: باب الرجعة، حديث 4274، والحاكم 2/199-200.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: فيه اضطراب.
2 أخرجه أحمد 1/265، والحاكم 2/491، وأبو يعلى 4/379، رقم 2500، والبيهقي 7/339، كتاب الخلع والطلاق: باب من جعل الثلاث واحدة، من طريق ابن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن فيه محمد واه، والخبر خطأ وعبد اله لم يدرك الإسلام.
وللحديث طريق آخر عن عكرمة عن ابن عباس.
أخرجه أبو داود 2/645، كتاب الطلاق: باب نسخ المراجعة عند التطليقات الثلاث، حديث 2196، والبيهقي 7/339، كتاب الخلع والطلاق: باب من جعل الثلاث واحدة، كلاهما من طريق ابن جريج عن بعض بني رافع عن عكرمة عن ابن عباس به.
3 أخرجه البيهقي 7/361، كتاب الخلع والطلاق: باب الاستثناء في الطلاق، والعتق والنذور كسهو في الأيمان لا يخالفها، وابن عدي في الكامل 1/332.
وقال إسحاق هذا يروي عن الثقات وغيرهم المناكير.
الاستثناء في اللغة: الصرف والإمالة، يقال: ثنى كذا عن كذا إذا صرفه عنه وأماله، لأن المستثنى يميل بالمستثنى منه.
وفي الاصطلاح: إخراج بعض ما تناوله اللفظ عنه بإلا أو إحدى أخواتها.==(3/458)
وَفِي إسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْكَعْبِيُّ وَفِي تَرْجَمَتِهِ أَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَضَعَّفَهُ
__________
=والاستثناء في اللسان معهود وموجود في الكتاب والسنة.
قال تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس} [الحجر: 30-31] . وقال أيضا: {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك} [الحجر:39-40] ، وقال أيضا: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} [العنكبوت: 14] ، إلى غير ذلك، ولهذا اتفقت الأئمة على أنه يجوز في الطلاق، كما جاز في غيره، وقد اشتهر في لسان أهل الشريعة تسمية التعليق بمشيئة الله استثناء.
واختلف أصحابنا هل هو استثناء يعطي حكم الاستثناء، أو تعليق له حكم التعليق، وإن سمي في لسانهم اسنثناء على وجهين:
قال الماوردي: المشهور: من مذهب الشافعي. إن صيغة استثناء تمنع انعقاد اللفظ فيصير اللفظ: كأنه لم يكن.
وقال أبو إسحاق المروزي: إنه شرط له حكم التعليق بالشرط، وإن كان ممنوع الوقوع، لعدم الشرط. فإن تسميته استثناء تساهل، لأن ذلك صيغة تعليق على شرط، كإن دخلت الدر ونحوه، وإن كان لا يبعد في اللغة تسمية كل تعليق استثناء، فإن قول القائل: أنت طالق يقتضي وقوع الطلاق من غير قيد، فإن علقه بالشرط فقد ثناه عن مقتضى إطلاقه.
مذهب الشافعية: الاستثناء في الطلاق على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: يصح لفظا ونية، وهو ما جاز أن يكون صفة للطلاق، أو أمكن أن يكون حالا للمطلقة، مثال ما يكون صفة للطلاق: أنت طالق من وثاقي، أو أنت مسرحة إلى أهلك، أو مفارقة إلى سفر فإن أظهره بلفظ صح، وحمل عليه ظاهرا وباطنا، ولم يقع طلاق، لأن وضعه بما يجوز أن يكون من صفاته.
وإن لم يظهره في لفظه وأضمره في نيته، صح إضماره ودين فيما بينه وبين ربه، ولم يلزمه الطلاق في الباطن ولزمه في الظاهر.
وقال أبو حنيفة: يلزمه الطلاق ظاهرا وباطنا، ولا يدين، كما لا يدين، إذا تلفظ بالطلاق مريدا به غيره.
ودليلنا: قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تحاسبوا العبد حساب الرب" أي: لا تحاسبوه إلا على الظاهر فقط، وإن كان الله تعالى يحاسبه على الظاهر والباطن.
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما أحكم بالظاهر ويتولى الله السرائر"، ولأن اللفظ يحتمل ما نوى، لأنه لو صرح به لكان محمولا عليه، فاقتضى أن يكون مدينا فيه، لأنه أحد احتماليه وليس كذلك، إذا أوقع الطلاق مريدا به غير الطلاق، لأنه يسلب اللفظ حكم الذي لا يحتمل غيره.
ومثال ما يمكن أن يكون حالا للمطلقة: أنت طالق إن دخلت الدار، أو إن كلمت زيدا، فإن أظهر ذلك بلفظه حمل عليه في الظاهر، ولم يقع الطلاق عليها، إلا على الحال التي شرطها، وإن أضمره بقلبه، ولم يظهره بلفظ دين فيه بالباطن، فلم يلزمه الطلاق إلا بذلك الشرط اعتبارا بما أضمره، ولزمه في ظاهر الحكم اعتبارا بما أظهره.
النوع الثاني: لا يصح مطلقا، وهو ما كان فيه إبطال ما أوقع، ونفي ما أثبت كقوله: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا، أو أنت طالق إلا أنت، الطلاق واقع ظاهرا وباطنا، وهذا الاستثناء باطل، لأن وقوع الطلاق يمنع من رفعه لا سيما مع قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، العتاق"، والفرق بين ما هنا حيث بطل، والنوع الأول؛ حيث صح أن بذلك صفة محتلمة، وحال ممكنة يبقى معها اللفظ على احتمال يجوز وهذا رجوع لا يحتمل، ولا يجوز.==(3/459)
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ الْجَارُودُ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ.
1605 - قَوْلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ مَعْهُودٌ وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَوْجُودٌ.
وهو كَمَا قَالَ أَمَّا آيَاتُ الْقُرْآنِ فَكَثِيرَةٌ وَوَقَعَ فِي كتاب الاستثناء للقراء فِي عَدِّ آيَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعَةِ فِيهِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكَثِيرَةٌ كَحَدِيثِ "لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" 1 وَحَدِيثِ أَبِي دَاوُد فِي قِصَّةِ الْفَتْحِ "وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا والله لأغزون قريشا ثلاثا ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ" 2، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ الله لَمْ يَحْنَثْ" 3، وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَهُ.
__________
= النوع الثالث: يصح لفظا لا نية، وهو الاستثناء من العدد، أو الشرط الرافع لحكم الطلاق.
مثال الاستثناء من العدد: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، ومثال الشرط الرافع: أنت طالق إن شاء الله، فإن أظهره بلفظه متصلا لكلامه صح، وكان محمولا عليه في الظاهر والباطن، فلا يلزمه الطلاق، إذا قال: إن شاء الله، ويقع طلقة واحدة، إذا قال: إلا اثنتين، لأن بعض الكلام مرتبط ببعضه، وأوله موقوف على آخره، ولا ينقصه بعضه بعضا.
وأما إذا لم يتلفظ بهذا الاستثناء بلسانه وأضمره بقلبه، فنوى أن يكون معلقا بمشيئة الله أو نوى إلا اثنتين من قوله: أنت طالق ثلاثا، لم يصح ما أضمره، ووقع عليه طلاق في الأولى، وثلاث في الثاني ظاهرا وباطنا، وإنما صح مع إظهاره باللفظ، ولم يصح مع نيته، لأن حكم اللفظ أقوى من النية، لأن الطلاق يقع بمجرد اللفظ من غير نية، ولا يقع بمجرد النية من غير لفظ، فإذا تعارضت النية اللفظ يغلب حكم اللفظ، لقوته على حكم النية، فيقع الطلاق ويبطل الاستثناء.
ولذا لو قال لزوجاته الأربع: أنتن طوالق، واستثنى واحدة منهن فعزلها من الطلاق صح، فلا يقع طلاقها لا في الظاهر ولا في الباطن، وإن استثناها ظاهرا بلفظه، ولا يقع باطنا إن استثناها بنية، وإن كان واقعا في الظاهر.
أما لو قال لهن: أنت يا أربع طوالق، وأراد إلا واحدة نظر، فإن استثناها بلفظه صح، وإن عزلها بنية لم يصح، كالاستثناء من العدد، لأنه قد صرح بذكر الأربع، ولم يصرح بذكرهن في الاستثناء.
1 تقدم.
2 تقدم.
3 أخرجه أحمد 2/6، 48، 126، والدارمي 2/185، كتاب النذور والأيمان: باب في الاستثناء في اليمين، وأبو داود 3/575-576، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، حديث 3261-3262، والترمذي 3/43-44، كتاب النذور والأيمان: باب في الاستثناء في الأيمان، حديث 1570، والنسائي 7/25، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء، وابن ماجة 1/680، كتاب الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، حديث 2105، 2106، وابن الجارود في المنتقى ص 310، باب ما جاء في الأيمان، حديث 928، والحميدي 690، والبيهقي 10/46، كتاب الأيمان: باب الاستثناء في اليمين، وابن حبان 1183 –موارد، وابن جميع في معجمه =(3/460)
1606 - قَوْلُهُ وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرَّرَ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ هُوَ كَمَا قَالَ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا1.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا2.
__________
=ص 86، رقم 30، كلهم من حديث أيوب هو السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا يحنث عليه" لفظ الترمذي. وفي رواية لابن ماجة: "من حلف واستثنى فلن يحنث" ولفظ أكثرهم: "من حلف على يمين" فقال: "إن شاء الله فقد استثنى".
وقال الترمذي: حديث حديث حسن وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفا. وهكذا روى سالم عن ابن عمر موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب السختياني.
وقال إسماعيل بن علية كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه، والحديث صححه ابن حبان أيضا.
ولم ينفرد أيوب برفعه بل تابعه كثير بن فرقد وحسان بن عطية وأيوب بن موسى وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر فأما رواية كثير بن فرقد، فأخرجها النسائي 7/25، كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء، والحاكم 4/303، كتاب الأيمان والنذور: باب يمينك على ما يصدقك به صاحبك. من رواية عمرو بن الحارث عن كثير بن فرقد أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى".
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، هكذا، ووافقه الذهبي. وأما رواية حسان بن عطية فأخرجها أبو نعيم 6/79، والخطيب 5/88، من رواية عمرو بن هاشم، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف على يمين فاستثنى ثم أتى ما حلف فلا كفارة عليه".
قال أبو نعيم: غريب من حديث الأوزاعي وحسان تفرد به عمرو بن هاشم البيروتي.
وفيه نظر فقد تابعه هقل بن زياد ذكره الدارقطني في العلل كما في نصب الراية 3/301، وأما رواية أيوب بن موسى فأخرجها، والبيهقي 10/46، كتاب الأيمان: باب الاستثناء في اليمين. من طريق ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به بلفظ: "فله ثنياه".
وقال البيهقي: كذا وجدته وهو في الأول من فوائد أبي عمرو بن حمدان أيوب بن موسى وكذلك روي عن ابن وهب عن سفيان عن أيوب بن موسى.
وأما رواية موسى بن عقبة فأخرجها البيهقي 10/47، كتاب الأيمان: باب صلة الاستثناء باليمين من طريق الأوزاعي عن داود بن عطاء رجل من أهل المدينة، قال: حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "من حلف على يمين فقال في أثر يمينه –إن شاء الله ثم حنث فيما حلف فيه فإن كفارة يمينه إن شاء الله"
وأما رواية عبيد الله بن عمر. فقال أبو نعيم في تاريخ أصفهان 2/105، ثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا العباس بن يزيد ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث".
1 أخرجه البخاري 1/254، كتاب العلم: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، حديث 94، وطرفاه ص 95، 6244.
2 أخرجه مسلم 7/391-392، كتاب الجهاد والسير: باب ما لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أذى المشركين والمنافقيه حديث 107/1794.(3/461)
وَلِأَحْمَدَ وَلِابْنِ حِبَّانَ عَنْهُ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا1.
وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فِي حَدِيثِ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ.
وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ الْكَبَائِرِ قَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا.
وَفِي قِصَّةِ الْفَتْحِ قَالَ "وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثًا".
1607 - قَوْلُهُ مُسْتَدِلًّا عَلَى إمْكَانِ الصُّعُودِ إلَى السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ عَقْلًا بِأَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى السَّمَاءِ وَأُعْطِيَ جَعْفَرٌ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا.
أما الإسراء بالنبي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِجَسَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ قَالَ وَسِيَاقُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عن أنس بن مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ دَالٌّ عَلَيْهِ2، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا رَفْعُ عِيسَى فَاتَّفَقَ أَصْحَابُ الْأَخْبَارِ وَالتَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّهُ رُفِعَ بِبَدَنِهِ حَيًّا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ أَوْ نَامَ فَرُفِعَ.
وَأَمَّا قِصَّةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَالْأَحَادِيثُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْطَ الْجَنَاحَيْنِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ فَفِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أُرِيت جَعْفَرًا مَلَكًا يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ3، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَمُرُّ
__________
1 أخرجه أحمد 1/394-397، وأبو داود 2/86-87، كتاب الصلاة: باب في الاستغفار ثلاث مرات، حديث 1524، والنسائي في الكبرى 6/119، كتاب عمل اليوم والليلة: باب الاقتصار على ثلاث مرات، حديث 10291، والطبراني 10/197، برقم 10317، وابن حبان 3/203، كتاب الرقائق: باب الأدعية، حديث 923.
2 أخرجه مسلم 1/486-488 –نووي، كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 259/162، من طريق حماد عن ثابت عن أنس – ليس فيه مالك بن صعصعة.
وأخرجه برقم 264/164، من طريق سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك لعله قال: من مالك بن صعصعة رجل من قومه.
3 أخرجه الترمذي 5/654، كتاب المناقب: باب مناقب جعفر رضي الله عنه، حديث 3763، والحاكم 3/309، كلاهما من طريق عبد الله بن جعفر المديني قال: حدثني أبي، ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة لا نعلمه إلا من حديث عبد الله بن جعفر، وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جفعر هو والد علي بن المديني.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجا وتعقبه الذهبي بأن عبد الله بن جعفر واه.
قلت: أخرجه الحاكم وابن حبان من غير طريق عبد الله بن جعفر.
فقد أخرجه الحاكم 3/212، قال: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا الحسين بن الفضل، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن مسلمة عن عبد الله بن المختار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة=(3/462)
مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَهُ جَنَاحَانِ عوضه الله من يَدَيْهِ الْحَدِيثُ1، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ2، وَأَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ الْبَرَاءِ3، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ5.
حَدِيثُ "الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ" تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ.
حَدِيثُ "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ" تَقَدَّمَ فِي الصوم.
__________
= رضي الله عنه بنحوه.
وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان 15/521، في كتاب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مناقب الصحابة: رجالهم ونسائهم، حديث 7047، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست، حدثنا أحمد بن منصور المروزي زاج حدثني يحيى بن نصر بن حاجب القرشي، حدثني أبي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
1 أخرجه الطبراني 2/107، 1466، 1467، والحاكم: 3/209.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
2 أخرجه البخاري 7/439، كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه، حديث 3709، وطرفه في 4264، والنسائي في الكبرى 5/47-48، كتاب المناقب: باب فضائل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، حديث 8158، والطبراني 2/109، برقم 1474.
3 أخرجه الحاكم 3/40.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن كلها ضعيفة.
4 أخرجه الحاكم 3/209.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولم يذكره الذهبي في التلخيص.
5 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4/28، من حديث علي.
وأخرجه ابن عدي في الكامل 5/2009، من حديث عبد الله بن عباس وقال: وهذا حديث غير محفوظ.(3/463)
ذِكْرُ الآثار فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.
حَدِيثُ إنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَقَالَ الرَّجُلُ أَرَدْت الْفِرَاقَ قَالَ هُوَ مَا أَرَدْت مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كُتِبَ إلَى عُمَرَ مِنْ الْعِرَاقِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَكَتَبَ عُمَرُ إلَى عَامِلِهِ أَنْ مُرْهُ فليوافيني فِي الْمَوْسِمِ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَهُ عِنْدَ الْبَيْتِ فَقَالَ أَرَدْت الْفِرَاقَ فَقَالَ هُوَ مَا أَرَدْت6، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ غَسَّانَ بْنِ مُضَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَلَالِ
__________
6 أخرجه مالك في موطأ 2/551، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك، حديث 5. =(3/463)
الْعَتَكِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ وَافٍ مَعَنَا الْمَوْسِمَ فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَتَرَى ذَلِكَ الْأَصْلَعَ الَّذِي يَطُوفُ اذْهَبْ إلَيْهِ فَسَلْهُ ثُمَّ ارْجِعْ فذهبت غليه فإذا هُوَ عَلِيٌّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وأنه قال "اسْتَقْبِلْ الْبَيْتَ وَاحْلِفْ مَا أَرَدْت طَلَاقًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا الطَّلَاقَ فَقَالَ بَانَتْ مِنْك" 1.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بِنْتِ الْجَوْنِ حَيْثُ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقِي بِأَهْلِك أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ زَادَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ الْحَقِي بِأَهْلِك جَعَلَهَا تَطْلِيقَةً قَالَ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ تَبُوكَ فَقِيلَ لَهُ اعْتَزِلْ امْرَأَتَك قَالَ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ بَلْ اعْتَزِلْهَا فَقَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِك فَكُونِي عِنْدَهُمْ3 فَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ فَلَمْ تَطْلُقْ.
حَدِيثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا قَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك بِحَرَامٍ ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} الْآيَةَ النَّسَائِيُّ بِهَذَا وَزَادَ فِي آخِرِهِ عَلَيْك أَغْلَظُ الْكَفَّارَةِ عِتْقُ رَقَبَةٍ4.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَرَامِ بِيَمِينٍ يُكَفِّرُهَا5، وَلِلْبُخَارِيِّ إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ6.
__________
= ومن طريق الشافعي. ومن طريق البيهقي 7/343، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في كنايات الطلاق التي لا يقع بها إلا أن يريد بمخرج الكلام منه.
وفي شرح معاني الآثار 5/473، كتاب الخلع والطلاق: باب ما يقع به الطلاق من الكلام ولا يقع إلا بالنية، رقم 436.
1 أخرجه البيهقي 7/343، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في كنايات الطلاق التي لا يقع الطلاق بها إلا أن يريد بمخرج الكلام منه الطلاق.
2 تقدم تخريجه.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه النسائي 6/151، كتاب الطلاق: باب تأويل قول الله عز وجل: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} حديث 3420.
5 أخرجه البخاري 9/374، كتاب الطلاق: باب لم تحرم ما أحل الله لك، حديث 5266، ومسلم 2/1100، كتاب الطلاق: باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، حديث 18، 19/1473، وابن ماجة 1/670، كتاب الطلاق: باب الحرام، حديث 2073، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/362، وزاد نسبته إلى ابن مردويه وعبد الرزاق والطيالسي.
6 أخرجه البخاري 8/656، كتاب التفسير –سورة التحريم- باب {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اله لك} .... حديث 4911، ومسلم 2/1100، كتاب الطلاق: باب وجوب الكفارة على من حرم=(3/464)
قَوْلُهُ اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي لَفْظِ الْحَرَامِ1، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعَائِشَةُ إلَى أَنَّهُ يَمِينٌ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
__________
= امرأته ولم ينو الطلاق، حديث 18، 19/1473، من حديث هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: في الحرام يمين تكفر.
وقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وهذا لفظ البخاري ومسلم ومن رواية مسلم: "إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها"، وقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
1 اختلفوا في قول الرجل لامرأته: أنت علي حرام. فقال أبو بكر وعمر وابن عباس هو يمين، وقال علي وزيد: هو طلاق ثلاث، وقال ابن مسعود هو طلقة واحدة. كذا في أعلام الموقعين، ومثله في الإحكام للآمدي إلا أنه نسب إلى ابن عباس القول بأنه ظهار لا يمين فعليه تكون الأقوال أربعة: ونقل بعضهم قولا خامسا عن بعض الصحابة والتابعين وهو أنه ليس بشيء، ولم ينقل عن واحد من هؤلاء الاستناد إلى شيء من الكتاب أو السنة فلا مرجح لهم في هذه الأقوال المختلفة سوى القياس.
فمن قال أنه يمين قاسه على اليمين في وجوب كفارته، وعدم نقص عدد الطلاق به بجامع الدلالة على المنع في كل فإن قوله أنت علي حرام يدل على منع النفس من وطء الزوجة كما يدل على قول الشخص لها: والله لا أطؤك.
ومن قال: أنه طلاق ثلاث قاسه على الطلاق الثلاث في إيجابه البينونة الكبرى بجامع الدلالة على التحريم التام في كل فإن الطلقة والطلقتين تجوز بعدهما الرجعة فلا تكون المرأة بهما محرمة تحريما تاما لجواز رجعتها في العدة، بخلاف الثلاث فإنها توجب التحريم التام فيلحق بها لفظ الحرام لأنه يدل على التحريم المطلق المحتمل للتحريم التام والناقص فيحمل على التحريم التام احتياطا.
ومن قال: أنه طلقة واحدة، فإن قال: إنها رجعة كان ذلك قياسا على التلفظ بأنت طالق من غير قصد عدد في إيجاب طلقة واحدة رجعية بجامع الدلالة على التحريم المطلق المحتمل للتمام والنقصان، فإنه يحمل على أقل ما يمكن لأنه المتيقن، وإن قال: إنها بائنة كان ذلك قياسا على الخلع في إيجابه طلقة واحدة بائنة بجامع الدلالة على التحريم التام من غير قصد عدد فإن الخلع يقصد به التحريم التام الذي لا تصلح بعده الرجعة لكن يعد واحدة لعدم قصد العدد به فيجوز بعده العقد من غير أن يتوسط بينهما زوج آخر، وكذلك التحريم يدل على التحريم المطلق فيحمل على التحريم التام للاحتياط فتكون به بائنة لكن لا يعتبر ثلاثا لعدم قصد العدد به فيعد واحدة.
ومن قال: أنه ظهار ألحقه بصيغة الظهار في إيحاب كفارته من غير طلاق بجامع الدلالة على التحريم بلفظ ليس هو لفظ الطلاق ولا لفظ الإيلاء في كل.
ومن قال: لا شيء فيه قياسه على تحريم المأكول كقوله هذا العسل علي حرام في أنه لا يؤثر بجامع الدلالة على تحريم ما كان حلالا.
فإن قيل: لا نسلم أن مستندهم في هذا الخلاف القياس لم لا يجوز أن يكون مستندهم النص ونحوه، فمن ذهب إلى أنه يمين فقد استند إلى قول الله تعالى: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: 1 و2] فإنه عليه السلام قد حرم على نفسه مارية القبطية فأنزل الله تعالى هذه الآية، وسماه يمينا، ومن ذهب إلى أنه طلاق رآه دالا على حل العصمة صراحة أو كناية فأدخله تحت نصوص الطلاق، ثم من جعله ثلاثا نزله على أعظم أحواله احتياطا، ومن جعله واحدا رجعية نزله على أقل أحواله لأنه المتيقن، ومن جعله واحدة بائنة توسط، ومن جعله ظهارا جعله دالا على المظاهرة صراحة أو كناية فدخل تحت قوله تعالى: {يظاهرون من نسائهم} [المجادلة: 3] . ومن لم يجعله شيئا تمسك بالبراءة الأصلية. =(3/465)
وَذَهَبَ عمر غلى أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَقَاتِ وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالُوا مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ1، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ أَيْضًا.
وَأَمَّا عَائِشَةُ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ تُكَفَّرُ2.
وَأَمَّا عُمَرُ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ هُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ قَدْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَرُدُّهَا إلَيْك3، ثُمَّ سَاقَ الْإِسْنَادَ إلَيْهِ فَالْأَوَّلُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ
__________
=قلنا: أنه لا يمكن أن يكون مستندهم جميعا ما ذكرتم من النص والبراءة الأصلية بدون حاجة إلى القياس أصلا.
وبيانه: أن آية التحريم نزلت في قصة تحريم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شب العسل كما ذكره النووي في شرح مسلم، وهذا هو الصحيح، والتحريم الذي فيها يحتمل أن يكون بيمين نحو: والله لا أشرب العسل. وأن يكون بغير يمين نحو: هذا العسل علي حرام. فلا تصلح دليلا على المسألة أصلا، وعلى فرض أنها نزلت في تحريم مارية القبطية ففيها هذان الاحتمالان فلا تصلح دليلا أيضا، وعلى فرض أنه حرمها بلفظ: أنت علي حرام، فهذا لفظ خوطبت به المملوكة التي لا يتصور في حقها طلاق ولا ظهار، فإن اعتبره الشارع يمينا في المملوكة لم يعتبر يمينا في الزوجة إلا بملاحظة إلغاء الفارق، وحينئذ يقاس اللفظ الذي خوطبت به الزوجة على اللفظة التي خوطبت بها الأمة بجامعه الدلالة على تحريم الوطء في كل، ولا يمكن أن يقال أن النص دل على كون هذه الصيغة يمينا مطلقا سواء أخوطبت به الأمة أم غيرها، وإلا ما اختلفوا في تحريم الزوجة وتحريم المطعومات ونحوها وقولهم: أن الصيغة تدل على حل العصمة أو المظاهرة صراحة باطل يعرف ذلك من له أدنى إلمام باللغة. وقولهم: أنها تدل عليهما بالكناية ليس هو مذهب من جعل الصيغة طلاقا ولا مذهب من جعلها ظهارا فإن كنايات الطلاق والظهار لا يقع بها طلاق ولا ظهار إلا مع النية.
والذابون إلى أنها طلاق أو ظهار لم يشترطوا النية، فلا بد لهم من قياس هذا اللفظ على اللفظ الصريح في الطلاق أو الظهار ليقع به الطلاق أو الظهار عند الإطلاق. وقولهم: أن من لم يجعله شيئا استند إلى البراءة الأصلية مسلم ولا يضرنا إذ يكفينا أن باقي الأقوال مستند إلى القياس.
ينظر: القياس لشيخنا علي عبد التواب، وينظر: أعلام الموقعين 1/261، والإحكام 3/82.
1 أخرجه ابن أبي شيبة 4/97، كتاب الطلاق: باب من قال: الحرام يمين وليست بطلاق، حديث 18200.
2 أخرجه البيهقي 7/351، كتاب الخلع والطلاق: باب من قال لامرأته: أنت علي حرام، والدارقطني 4/66، في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث 163، وابن أبي شيبة 4/96، كتاب الطلاق: باب من قال: الحرام يمين وليست بطلاق، حديث 18191.
3 ينظر: البيهقي 7/351.(3/466)
عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ1، لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعًا2.
وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ عَنْهُ3، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْبَرِيَّةِ وَالْبَتَّةِ وَالْحَرَامِ أنها ثلاث ثلاث وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ حَرَامًا4، قَالَ يَقُولُونَ إنَّ عَلِيًّا قَالَ لَا أَحِلُّهَا وَلَا أُحَرِّمُهَا ثُمَّ سَاقَ سَنَدَهُ5.
وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ6.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ هِيَ ثَلَاثٌ7.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْهُ8، وَعَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَطَرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ هِيَ ثَلَاثٌ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ9، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْصَلُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَجَاءَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ سَأَلَتْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عُمَرَ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قَالَا جَمِيعًا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ حَزْمٍ10.
وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَحَكَاهَا أَيْضًا أبو بكر الْعَرَبِيِّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى إسْنَادِهَا.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا نِيَّتُهُ فِي الْحَرَامِ مَا نَوَى إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى طَلَاقًا فَهِيَ يَمِينٌ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْهُ11.
وَفِي لَفْظٍ "إنْ نَوَى يَمِينًا فَيَمِينٌ وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَطَلَاقٌ" وَهَذِهِ رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ
__________
1 ينظر: البيهقي في الموضع السابق.
2 أخرجه عبد الرزاق 6/399، كتاب الطلاق: باب الحرام، حديث 11360.
3 أخرجه عبد الرزاق 6/405، كتاب الطلاق: باب الحرام، حديث 11391.
4 أخرجه البيهقي 7/351، كتاب الخلع والطلاق: باب من قال لامرأته: أنت علي حرام.
5 ينظر: السابق.
6 أخرجه مالك 2/552، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك، حديث 6.
7 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/401-402، كتاب الطلاق: باب الحرام، حدث 11372.
8 أخرجه ابن أبي شيبة 4/96، كتاب الطلاق: باب ما قالوا في الحرام، من قال لها: أنت علي حرام، من رآه طلاقا، حديث 18188.
9 أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم 18187، من طريق عبد الوهاب عن سعيد عن مطرف عن حميد بن هلال بهذا الإسناد والمتن.
10 أخرجه ابن حزم في المحلى 10/125.
11 أخرجه البيهقي 7/351، كتاب الطلاق والخلع: باب من قال لامرأته: أنت علي حرام.(3/467)
عَنْ الْحَكَمِ1.
وَفِي رِوَايَةِ إنْ نَوَى فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَيَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَهَذِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ2، وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ هِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا3، وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَدَلَّى بِحَبْلٍ لِيَشْتَارَ عَسَلًا فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فَجَلَسَتْ عَلَى الْحَبْلِ وَقَالَتْ تُطَلِّقْنِي ثَلَاثًا وَإِلَّا قَطَعْت الْحَبْلَ فَذَكَّرَهَا بِاَللَّهِ وَالْإِسْلَامِ فَأَبَتْ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ إلَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ارْجِعْ إلَى أَهْلِك فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ عَنْ أَبِيهِ4، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ قُدَامَةَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَى مُكْرَهٍ طَلَاقٌ5، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَهُ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: رَوَى الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ الطَّائِيِّ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَرْفُوعًا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ" 6، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَأَنَّهُ وَاهٍ جِدًّا.
حَدِيثُ أَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ وَفَارَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَقَالَ هِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الطَّلَاقِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ7، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَأَلْت عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ فَذَكَرَهُ8، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
__________
1 أخرجه البيهقي في الموضوع السابق.
2 أخرجه عبد الرزاق 6/404-405، كتاب الطلاق: باب الحرام، حديث 11390، بنحوه.
3 أخرجه عبد الرزاق 6/401، برقم 11366.
4 أخرجه البيهقي 7/357، كتاب الخلع والطلاق: باب ما جاء في طلاق المكره.
5 أخرجه ابن أبي شيبة 4/82، كتاب الطلاق: باب من لم ير طلاق المكره شيئا، حديث 18027-18029، عن ابن عباس وعلي، وعن عبد الله بن عمرو والزبير.
6 أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير للعقيلي 2/211-212، في ترجمة صفوان الأصم، وقال: لا يتابع على حديثه، منكر في المكره.
وذكره ابن أبي قاسم في العلل 1/436، برقم 1312.
7 أخرجه البيهقي 7/364-365، كتاب الخلع والطلاق: باب ما يهدم الزوج من الطلاق وما لا يهدم.
8 أخرجه البيهقي 7/365، في الموضع السابق.(3/468)
1608 - حَدِيثُ أَنَّ نُفَيْعًا وَكَانَ عَبْدًا لِأُمِّ سَلَمَةَ سَأَلَ عُثْمَانَ وَزَيْدًا فقالت طَلَّقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حُرَّةٌ تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَا حَرُمَتْ عَلَيْك مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ بِهِ وَأَتَمُّ مِنْهُ1.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ غُلَامًا لَهَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ2، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
حَدِيثُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْكَلْبِيَّةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ فَبَتَّهَا ثُمَّ مَاتَ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ فِي عِدَّتِهَا3.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جريج به وسماه تُمَاضِرَ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ وَزَادَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَةً4، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا مُنْقَطِعٌ وَحَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ مُتَّصِلٌ5.
قَوْلُهُ وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِسُؤَالِهَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ سَأَلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَ إذَا حِضْت ثُمَّ طَهُرْت فَأْذَنِينِي فَلَمْ تَحِضْ حَتَّى مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَلَمَّا طَهُرَتْ أَذِنَتْهُ فَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا.
تَنْبِيهٌ: تُمَاضِرُ بِضَمِّ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ [وبضاد معجمة مكسورة] 6، وَالْأَصْبَغُ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ.
__________
1 أخرجه مالك 2/574، كتاب الطلاق: باب ما جاء في طلاق العبد، حديث 47، 48.
ومن طريق أخرجه الشافعي في مسنده 2/39، كتاب الطلاق: باب ما جاء في أحكام الطلاق، حديث 123-124.
2 أخرجه عبد الرزاق 7/236، في ما يتعلق بالعبيد، والإماء، باب طلاق الحرة، حديث 12952.
وفيه عبد الله بن زياد بن سمعان: متروك، بالتهمة بالكذب أبو داود وغيره، التقريب 1/416.
3 أخرجه الشافعي 2/60، كتاب الطلاق: باب في العدة، حديث 199.
4 أخرجه مالك في موطأه 2/571، كتاب الطلاق: باب طلاق المريض، حديث 40.
5 أخرجه مالك في موطأه 2/572، كتاب الطلاق: باب طلاق المريض، حديث 42.
6 سقط في ط.(3/469)
قَوْلُهُ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إلَّا مُمَلَّكًا ... أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهُ1
كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَفِي التَّهْذِيبِ قَالَ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ إبْرَاهِيمَ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ يَمْدَحُ إبْرَاهِيمَ بْنَ هِشَامِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ انْتَهَى وَهُوَ صَوَابٌ لَكِنْ فِيهِ خَطَأٌ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَخَبَرُهُ فِي أَنْسَابِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهَا.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ" فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ يَسْتَمْتِعُ بِهَا إلَى سَنَةٍ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى يَمِينٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَلَوْ إلَى سَنَةٍ2.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هِيَ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ قَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا إلَى سَنَةٍ قَالَ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3.
قَوْلُهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الشَّرِيحِيَّةَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَنَّ مَذْهَبَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الشَّرِيحِيَّةِ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ زَيْدٍ وَلَا عَمْرٍو فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَانَ بن شريج رَجُلًا فَاضِلًا لَوْلَا مَا أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مَسْأَلَةِ الدُّورِ فِي الطَّلَاقِ وَهَذَا مِنْ الدَّارَقُطْنِيِّ دَالٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ بن شريج إلَى ذَلِكَ.
قُلْت وَكَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّصِّ أَوْ مُقْتَضَى النَّصِّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي النَّصِّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ بِابْنٍ لِأَخِيهِ الْمَيِّتِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْمُقِرُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ آخَرَ فَتَوْرِيثُ الِابْنِ يُفْضِي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ فَتَسَاقَطَا فَأَخَذَ بن شريج مِنْ هَذَا النَّصِّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةَ وَلَمْ يَنُصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهَا فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ.
__________
1 البيت من الطويل، وهو للفرزدق في لسان العرب 10/492، ملك، ومعاهد التنصيص 1/43، ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في الخصائص 1/146، استشهد به النحاة على التعقيد، وهو أن لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد، والمعنى فيه: وما مثله، يعني الممدوح، وفي الناس حي يقاربه، أي أحد يشبهه في الفضائل إلا مملكا، يعني هشاما، وأبو أمه، أي أبو أم هشام، أبوه أي أبو الممدوح، فالضمير في أمه للملك، وفي أبوه للممدوح، ففصل بين أبو أمه وهو مبتدأ، وأبوه، وهو خبره بأجنبي، وهو قوله: حي، كما فصل بين حي ونعته، وهو قوله: يقاربه، بأجنبي وهو أبوه وقدم المستثنى منه.
2 أخرجه الحاكم 4/303، والبيهقي 7/356، كتاب الخلع والطلاق: باب الطلاق بالوقت والفعل.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
3 أخرجه البيهقي 7/356، في الموضع السابق.(3/470)
كِتَابُ الرَّجْعَةِ
مدخل
...
كتاب الرجعة1
1609 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ " طَلَاقِهِ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" تَقَدَّمَ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا2، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا عَنْ أَنَسٍ3.
__________
1 الرجعة: قال في المصباح بالفتح بمعنى الرجوع، وفلان يؤمن بالرجعة، أي بالعود إلى الدنيا.
وأما الرجعة: بعد الطلاق، ورجعة الكتاب فبالفتح، والكسر، وبعضهم يقتصر في رجعة الطلاق على الفتح، وهو أفصح.
قال ابن فارس: والرجعة مراجعة الرجل أهله، وقد تكسر، وهو تمليك على زوجته، وطلاق رجعي بالوجهين أيضا اهـ.
وفيه: رجعت المرأة إلى أهلها بموت زوجها أو طلاق، فهي راجع.
ومنهم: من يفرق فيقول: المطلقة مردودة، والمتوفى عنها راجع.
قال صاحب المختار: رجع الشيء بنفسه من باب: جلس، ورجعة غيره من باب قطع وقوله تعالى: {يرجع بعضهم إلى بعض القول} [سبأ: 31] أي يتلاومون.
والرجعي: الرجوع، كذا المرجع، ومنه قوله تعالى: {إلى ربكم مرجعكم} [الزمر:7] وهو شاذ، لأن المصادر من فعل إنما تكون بالفتح.
ورجعة بفتح الراء وكسرها، والفتح أفصح، والراجع المرأة يموت زوجها، فترجع إلى أهلها.
وأما المطلقة: فهي المردودة.
والرجع: المطر، قال تعالى: {والسماء ذات الرجع} [الطارق: 11] .
وقيل: معناه النفع.
والمراجعة: المعادة، يقال: راجعه الكلام، وراجع امرأته، فهي لغة: المرد من الرجوع.
واصطلاحا:
عرفها الحنفية بأنها: استدامة الملك القائم في العدة، برد الزوجة إلى زوجها، وإعادتها إلى حالتها الأولى.
عرفها الشافعية بأنها: رد المرأة إلى النكاح، من طلاق غير بائن في العدة، على وجه مخصوص.
عرفها المالكية بأنها: عود الزوجة المطلقة للعصمة من غير تجديد عقد.
عرفها الحنابلة بأهنا: إعادة الملطقة غير بائن، إلى ما كانت عليه بغير عقد.
انظر: الاختيار 100، اللباب 56، الإقناع 2/175، حاشية الدسوقي 2/415، كشاف القناع 5/341.
2 أخرجه أبو داود 3/285، كتاب الطلاق: باب في المراجعة، حديث 2283، والنسائي 6/213، كتاب الطلاق: باب الرجعة، حديث 3560، وابن ماجة 1/650، كتاب الطلاق: باب حدثنا سويد بن سعيد، حديث 2016، والحاكم 2/197، وعبد بن حميد ص 45، برقم 43، كلهم من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه به.
تحرف ابن عباس عن عمر إلى ابن عمر عند النسائي في المطبوع والصواب ما أثبتناه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه الحاكم 2/196-197. =(3/471)
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ لِرُكَانَةَ اُرْدُدْهَا تَقَدَّمَ لَكِنْ بِلَفْظِ ارْتَجِعْهَا.
1610 - حَدِيثُ "يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا نُطْفَةً وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا عَلَقَةً وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا مُضْغَةً ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ" مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ.
حَدِيثُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ سُئِلَ عَمَّنْ رَاجَعَ امْرَأَةً وَلَمْ يُشْهِدْ فَقَالَ رَاجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ فَيُشْهِدْ الْآنَ1، أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَهُوَ أَتَمُّ.
زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ2.
حَدِيثُ أَنَّ عُثْمَانَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ فِي رَجْمِهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْزَلَ اللَّهُ {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} وَالْفِصَالُ فِي عَامَيْنِ فَكَانَ أَقَلُّ الْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْمُنَاظِرَ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ لَا ابْنُ عَبَّاسٍ3، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُثْمَانَ وَأَنَّ الْمُنَاظِرَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ أَخْبَرَنِي صَاحِبٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَتْ فَأَتَى بِهَا عُثْمَانُ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ إنَّهَا إنْ تُخَاصِمْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَخْصُمْكُمْ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ وَالْمُنَاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ وَحَكَى الْقُتَيْبِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ قتيبة في المعارف وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْوِشَاحِ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَبْعَةِ أشهر.
__________
= وقال: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 سقط في الأصل.
2 أخرجه أبو داود 2/257، كتاب الطلاق: باب الرجل يراجع ولا يشهد، حديث 2186، وابن ماجة 1/652، كتاب الطلاق: باب الرجعة، والبيهقي 7/373، كتاب الرجعة: باب ما جاء في الإشهاد على الرجعة، والطبراني في الكبير 18/130-131، برقم 271، 18/142، برقم 300.
3 أخرجه مالك في موطأه 2/525، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، حديث 11.(3/472)
كِتَابُ الايلاء
مدخل
...
كتاب الْإِيلَاءِ4
1611 - حَدِيثُ " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ
__________
4 الإيلاء لغة: بالمد: الحلف، وهو: مصدر. يقال آلى بمدة بعد الهمزة، يؤلي إيلاء، وتألى، والألية بوزن فعيلة: اليمين، وجمعها إلايا: بوزن خطايا، قال الشاعر:
قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت فيه الألية برت
والألوة بسكون اللام، وتثليث الهمزة: اليمين أيضا.
انظر: الصحاح، 6/227، المغرب 28، لسان العرب 1/117، المصباح المنير 1/35=(3/472)
عَنْ يَمِينِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَسَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ.
1612 - حَدِيثُ الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ إنَّمَا الطَّلَاقُ وَفِيهِ قِصَّةٌ1، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ2، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ3، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ
__________
= واصطلاحا:
عرفه الحنفية هو: عبارة عن اليمين على ترك وطء المنكوحة أربعة أشهر أو أكثر.
وعرفه الشافعية بأنه: هو حلف زوج يصبح طلاقه ليمتنعن من وطئها مطلقا أو فوق أربعة أشهر. لأن المرأة يعظم ضررها إذا زاد على ذلك لأنها تصبر عن الزوج أربعة أشهر وبعد ذلك يفنى صبرها أو يقل. روى البيهقي عن عمر أنه خرج مرة في الليل في شوارع المدينة فسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله تخشى عواقبه ... لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني ... وأخشى لبعلي أن تنال مراتبه.
فقال عمر لابنته حفصة: كم أكثر ما تصبر المرأة عن الزوج؟ وروي أنه سأل النساء فقلن له: تصبر شهرين وفي الثالث يقل صبرها، فكتب إلى أمراء الأجناد أن لا تحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر، وقولها من هذا السرير أرادت نفسها لأنها فراش الرجل فهي كالسرير الذي يجلس عليه.
وعرفه المالكية بأنه: حلف الزوج المسلم المكلف الممكن وطؤه بما يدل على ترك وطء زوجته غير الموضع أكثر من أربعة أشهر أو شهرين للعبد تصريحا أو احتمالا قيد أو أطلق وإن تعليقا.
وعرفه الحنابلة بأنه: حلف الزوج –القادر على الوطء- بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته من قبلها مدة زائدة على أربعة أشهر.
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 2/261، مغني المحتاج 3/343، الشرح الصغير 2/278، 279، المطلع 343، تحفة المحتاج 8/188، شرح المحلى على المنهاج 24.
1 أخرجه ابن ماجة 1/672، كتاب الطلاق: باب طلاق العبد، 2081، قال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا ابن لهيعة عن موسى بن أيوب الغافقي عن عكرمة عن ابن عباس قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال: يا رسول الله إن سيدي زوجني أمة وهو يريد أن يفرق بيني وبينها، قال: فصعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبر فقال: "يا أيها الناس: ما بال أحدكم يزوج عبده أمة ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق".
قال البوصيري في الزوائد 2/140: هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة اهـ.
ورواه البيهقي 7/360، كتاب الخلع والطلاق: باب طلاق العبد بغير إذن سيده والدارقطني 4/37، كتاب الطلاق، 102، كلاهما من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن عكرمة مرسلا.
ولكن لم ينفرد به ابن لهيعة فقد رواه البيهقي 7/360، عن الحاكم من طريق أبي الحجاج المهدي عن موسى بن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به.
وقال البيهقي: خالفه ابن لهيعة فرواه عن موسى بن أيوب مرسلا.
ورواه الدارقطني 4/37-38، كتاب الطلاق 103، عن عصمة بن مالك –وفيه القصة- بلفظ: "يا أيها الناس إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" وإسناده ضعيف.
2 أخرجه الطبراني 11/300، برقم 11800.
3 قال الحافظ في التقريب 2/352: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث. =(3/473)
عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ1، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ رَوَوْا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَطُوفُ لَيْلًا فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ فِي طَرَفِ بَيْتِهَا:
أَلَا طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهُ
الْحَدِيثَ وفيه فسأل عمر من النِّسَاءَ كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا تَصْبِرُ شَهْرًا فَقُلْنَ نَعَمْ قَالَ تَصْبِرُ شَهْرَيْنِ فَقُلْنَ نَعَمْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قُلْنَ نَعَمْ وَيَقِلُّ صَبْرُهَا قَالَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قُلْنَ نَعَمْ وَيَفْنَى صَبْرُهَا فَكَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَرُدُّوهُمْ وَيُرْوَى أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ حَفْصَةَ فَأَجَابَتْ بِذَلِكَ.
قُلْت لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا هَكَذَا وَإِنَّمَا رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ الشِّعْرُ فَقَالَ عُمَرُ لِحَفْصَةَ كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا قَالَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَذَا ذَكَرَهُ بِالشَّكِّ2.
وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَأَرْسَلَهُ وَجَزَمَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ ابْنُ سَمْعَانَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ فَذَكَرَهُ وَقَالَتْ نصف سنة فكان لا يُجَهِّزُ الْبُعُوثَ وَيَقْفِلُهُمْ فِي ستة أشهر.
ورواه الخرايطي فِي اعْتِلَالِ الْقُلُوبِ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَفِيهَا يَقُولُونَ إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ أُمُّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ.
قُلْت وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مَنْ أصدق أن عمر بينا هُوَ يَطُوفُ سَمِعَ امْرَأَةً فَذَكَرَهُ فَقَالَ مَالِكٌ قَالَتْ أَغْزَيْتَ زَوْجِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَسَأَلَ حَفْصَةَ فَقَالَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَإِلَّا فَأَرْبَعَةً فَكَتَبَ عُمَرُ لَا يُحْبَسُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ3.
__________
=وقال الذهبي في الميزان 7/198: وثقه يحيى بن معين وغيره، وأما أحمد فقال: كان يكذب جهارا.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان فيه.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب.
1 تقدم قريبا.
2 أخرجه البيهقي 9/29، كتاب السير: باب الإمام لا يجمر بالغزي.
3 أخرجه عبد الرزاق 7/151، في أبواب اللعان، باب: حق المرأة على زوجها وفي كم تشتاق، حديث 12593.(3/474)
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.(3/475)
كِتَابُ الظهار
مدخل
...
كتاب الظِّهَارِ1
1613 - حَدِيثُ أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبَهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْتَكِيهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك فِي زَوْجِهَا} الْحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ إنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ وَهِيَ تَشْتَكِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ قَالَ وَزَوْجُهَا ابْنُ الصَّامِتِ2، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهَا3.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ4.
__________
1 الظهار لغة: الظهار، والتظهر، والتظاهر: عبارة عن قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، مشتق من الظهر، وخصوا الظهر دون عيره؛ لأنه موضع الركوب، والمرأة مركوبة، إذا غشيت، فكأنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي، أراد: ركوبك للنكا، حرام علي، كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، فأقام الظهر مقام الركوب، لنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب. وهذا من استعارات العرب في كلامها.
انظر: تاج العروس 3/373، الصحاح 2/730، المصباح المنير 2/590، المغرب 299.
واصطلاحا: عرفه الحنفية بأنه: تشبيه المسلم زوجته، أو جزءا شائعا منها، بمحرم عليه تأبيدا.
عرفه الشافعية بأنه: تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا.
عرفه المالكية بأنه: تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزأها بظهر محرم أو جزئه.
عرفه الحنابلة بأنه: هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد، أو بها أو بعض منها.
انظر: حاشية ابن عابدين 2/574، شرح فتح القدير 4/245، 246، مجمع الأنهر 1/446، مغني المحتاج 3/352، المهذب 2/143، المحلى على المنهاج 4/14، مواهب الجليل 4/111، الخرشي 4/101، حاشية الدسوقي 2/439، الإنصاف 9/193 المغني 3/255.
2 أخرجه ابن ماجة 1/666، كتاب الطلاق: باب الظهار، حديث 2063، والحاكم 4/481، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد روى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، رضي الله عنها مختصرا.
3 أخرجه البخاري تعليقا 15/324، كتاب التوحيد: باب {وكان الله سميعا بصيرا} من حديث عروة عن عائشة مختصرا.
4 أخرجه أبو داود 2/662-664، كتاب الطلاق: باب في الظهار، الحديث 2214، وأحمد 6/410، والطبري في تفسيره 28/5، وابن الجارود رقم 746، وابن حبان 1334 –موارد =(3/475)
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ جَمِيلَةُ امْرَأَةَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ امْرَأً بِهِ لَمَمٌ فَإِذَا اشْتَدَّ بِهِ لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ1، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَخِي عُبَادَةَ فَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ وَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ لَمْ يُدْرِكْهُ عَطَاءٌ2 وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ خَوْلَةُ بِنْتُ الصَّامِتِ وَهُوَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ زَوْجُ ابْنِ الصَّامِتِ وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ خُوَيْلَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ3، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ ضَعِيفٌ.
1614 - حَدِيثُ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إنْ غَشِيَهَا حَتَّى يَنْصَرِفَ رَمَضَانُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اعْتِقْ رَقَبَةً ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِلَفْظِ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيرِ رَقَبَةٍ
__________
= والطبراني في الكبير رقم 616، والبيهقي 7/389، كتاب الظهار: باب لا يجرئ أن يطعم أقل من ستين مسكينا، من طريق اين إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خولة بنت مالك بن ثعلبة به.
1 أخرجه أبو داود 2/267، كتاب الطلاق: باب في الظهار، حديث 2220، والحاكم 2/481.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود 2/267، كتاب الطلاق: باب في الظهار، حديث 2218.
3 أخرجه البزار 2/198-199، كشف، والطبري في تفسيره 28/3-4، والبيهقي 7/392، من طريق عبيد الله بن موسى ثنا أبو حمزة الثمالي واسمه ثابت بن أبي صفية عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية: أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه، وكان أول من ظاهر في الإسلام رجل كان تحته ابنة عم يقال لها: خويلة فظاهر منها فأسقط في يده، وقال: ألا قد حرمت علي، وقالت له مثل ذلك، قال: فانطلق على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا خويلة، فجعلت تشتكي إلى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله تبارك وتعالى: {قد سمع الله التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} [المجادلة: 1] إلى قوله: {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} [المجادلة:3] قالت: أي رقبة؟ ماله غيري، قال: فصيام شهرين متتابعين، قالت: والله إنه ليشرب في اليوم ثلاث مرات، قال: فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، قالت: يا أبي وأمي ما هي إلا أكلة إلى مثلها لا نقدر على غيرها. فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشطر وسق ثلاثين صاعا، والوسق وستون صاعا، فقال: ليطعمه ستين مسكينا وليراجعك.
قال البزار: لا نعلم بهذا اللفظ في الظهار، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد، وأبو حمزة لين الحديث، وقد خاف في روايته، ومتن حديثه الثقات في أمر الظهار، لأن الزهري رواه عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وهذا إسناد لا نعلمه بين علماء أهل الحديث اختلافا في صحته بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا بإناء فيه خمسة عشرة صاعا، وحديث أبي حمزة منكر وفيه لفظ يدل على خلاف الكتاب لأنه قال: وليراجعك وقد كانت امرأته فما معنى مراجعته امرأته ولم يطلقها وهذا مما لا يجوز على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما أتى هذا من رواية أبي حمزة الثمالي.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ذ/8، وقال: رواه البزار وفيه أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف.(3/476)
أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيَّ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إنْ غَشِيَهَا حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ" الْحَدِيثُ1.
وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا النَّسَائِيَّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ كُنْت امْرَأً أُصِيبُ مِنْ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْت أَنْ أُصِيبَ مِنْ امْرَأَتِي شَيْئًا فَظَاهَرْت مِنْهَا حَتَّى ينسلخ شهر رمضان فبينا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ فَكُشِفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَمَا لَبِثْت أَنْ نَزَوْت عَلَيْهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ2 وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِالِانْقِطَاعِ وَأَنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يُدْرِكْ
__________
1 أخرجه الترمذي 3/503-504، كتاب الطلاق: باب ما جاء في كفارة الظهار، حديث 1200، والحاكم 2/204، والبيهقي 7/390، من طريق يحيى بن أبي كثير أنبأنا أبو سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن شوبان. إن سلمان بن صخر الأنصاري أحد بني بياضة جعل امرأته عليه كظهر أمه حتى بمضي رمضان فلما مضى نصف من رمضان وقع عليها ليلا، فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك له فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعتق رقبة" قال: لا أجدها. قال: "فصم شهرين متتابعين" قال: لا أستطيع، قال: "أطعم ستين مسكينا" قال: لا أجدها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفروة بن عمرو: أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا أو ستة عشر صاعا، إطعام ستين مسكينا.
قال الترمذي: حديث حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
2 أخرجه الترمذي 2/334، كتاب الطلاق: باب ما جاء في المظاهر بواقع قبل أن يكفر، الحديث، وأحمد 5/436، والدارمي 2/163، 164، كتاب الطلاق: باب الظهار، وأبو داود 2/660-662، كتاب الطلاق: باب الظهار، الحديث 2213، وابن ماجة 1/665، كتاب الطلاق: باب الظهار، الحديث 2062، وابن الجارود المنتقى ص 248، كتاب الطلاق: باب الظهار، الحديث الظهار، وحكاية سلمة بن صخر، والبيهقي 7/385-386، كتاب الظهار: باب لا يقربها حتى يكفر.
من طريق محمد بن إسحاق بن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال: كنت امرئا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يوؤت أحد غيري، فلما كان رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ فرقا من أن أصيب من ليلى منها شيئا فاتايع في ذلك حتى يدركني، النهار وأنا لا أستطيع أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها فوثبت عليه، فلما أصبحت غدوت على قومي، فأخبرتهم خبري فقلت لهم: انطلقوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروه بأمري فقالوا: لا والله لا نفعل، نتخوف أن ينزل فينا قرآن، أو يقول فينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب فاصنع ما بدا لك، فخرجت حتى أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته خبري فقال لي: "أنت بذاك"؟ فقلت: أنا بذاك، قال: "أنت بذاك"؟ قلت: أنا بذاك؟ قال: "أنت بذاك"؟ قلت: أنا بذاك فامض في حكم الله فإني صابر محتسب، قال: "اعتق رقبة"، قال: فضربت صفحة عنقي فقلت: والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما أصبحت أملك غيرها، قال: "فصم شهرين متتابعين"، قلت: يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصوم، قال: "فأطعم ستين مسيكنا"، قلت: والذي بعثك بالحق، لقد بتنا ليلتنا وحشا ما لنا عشاء، قال: "اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق"، قال: يحيى والصواب فقل له: فليرفعها إليك فأطعم عنك منها=(3/477)
سَلَمَةَ قُلْت حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ
تَنْبِيهٌ: نَصَّ التِّرْمِذِيُّ عَلَى أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ يُقَالُ لَهُ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ أَيْضًا وَهَذَا الْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الظِّهَارِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الَّذِي فِي السُّنَنِ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا هُوَ ظِهَارٌ مُؤَقَّتٌ لَا مُعَلَّقٌ.
وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ عَنْ الْبَيْهَقِيّ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
1615 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ وَيُرْوَى اعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَقَالَ "لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَك اللَّهُ" لَفْظُ النَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ "اعْتَزِلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْك" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد قَالَ "فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْك" 1، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ أَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ
__________
= وسقا من تمر ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك، قال: فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السعة والبركة، قد أمر لي بصدقتكم، فادفعوها إلي، قال فدفعوها لي.
قال الترمذي: حديث حسن ... وقال محمد –يعني البخاري- سلمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وفيه نظر.
محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
سلمان بن يسار لم يدرك سلمة بن صخر.
قال العلائي في جامع التحصيل ص 190-191، سليمان بن يسار أحد كبار التابعين سمع من جماعة من الصحابة منهم زيد بن ثابت، وعائشة، وأبو هريرة، وميمونة مولاته، وأم سلمة، وابن عباس والمقداد بن الأسود، ورافع بن خديج، وجابر رضي الله عنهم، وأرسل عن جماعة منهم عمر رضي الله عنه، قال أبو زرعة، وسلمة بن صخر البياضي قال البخاري: لم يسمع منه وعبد الله بن حذافة، قال يحيى بن معين لم يسمع منه.
ومحمد بن إسحاق توبع.
أخرجه أبو داود 2217/، وابن الجارود 745، من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكر بن الأشج عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر به، لتبقى علة الانقطاع.
1 أخرجه أبو داود 2/268، كتاب الطلاق: باب في الظهار، حديث 2221-2225، والترمذي 3/494، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الظهار، حديث 3457، وابن ماجة 1/666-667، كتاب الطلاق: باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر، حديث 2065، والحاكم 2/204، وذكره ابن أبي حاتم في العلل من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي العالية عن ابن عباس ... فذكره.
وقال: قال أبي: روى غير معتمر عن أبيه عن صاحب له عن أبي العالية.
قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.==(3/478)
بِالْإِرْسَالِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَلَا يَضُرُّهُ إرْسَالُ مَنْ أَرْسَلَهُ وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ طَرِيقٌ أُخْرَى شَاهِدَةٌ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ خُصَيْفٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي رَأَيْت سَاقَهَا فِي الْقَمَرِ فَوَاقَعْتهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ قَالَ كَفِّرْ وَلَا تَعُدْ وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ وَلَفْظُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ1، وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَبَالَغَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ لَيْسَ فِي الظِّهَارِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
حَدِيثُ عُمَرَ إذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ أَمْسَكَهُنَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2، وَمِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمِيعًا عَنْ عُمَرَ جَمِيعًا فِي رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ3.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ وَالْحَسَنُ وَرَبِيعَةُ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
__________
==وتعقب الذهبي الحاكم وقد أخرج الحديث من طريق بأن في الأول العدني غير ثقة، وإسماعيل وهو واه.
1 أخرجه الترمذي 3/193، كتاب الطلاق: باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، حديث 1198.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
2 أخرجه البيهقي 7/383-384، كتاب الظهار: باب الرجل يظاهر مع أربع نسوة له بكلمة واحدة.
3 ينظر: السنن الكبرى 7/383-384.(3/479)
كِتَابُ الكفارات
مدخل
...
كتاب الْكَفَّارَاتِ
حَدِيثُ "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَفِي غَيْرِهِ4.
1616 - قَوْلُهُ "رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَعْجَمِيَّةٌ أَوْ خَرْسَاءُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَهَلْ يَجْزِي عَنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَنْ أَنَا فَأَشَارَتْ إلَى أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 5، مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُونَ
__________
4 تقدم خريجه.
5 أخرجه مالك في الموطأ 2/776-777، كتاب العتق والولاء: باب ما يجوز في العتق في الرقاب الواجبة رقم 8، ومسلم 1/381، في المساجد، باب تحريم الكلام في العاطس في الصلاة، 930، والنسائي 3/14-18، في السهو باب الكلام في الصلاة، والبخاري في خلق أفعال العباد 26-27، في القراءة خلف الإمام 70، وأحمد 5/447، 448، والدارمي 1/353-354، والطيالسي 1105، وابن ماجة 2/35-36، برقم 859، وفي التوحيد ص 121، وابن أبي شيبة في كتاب الإيمان 31-42، وابن أبي عاصم في السنة 1/215، والطبراني في الكبير 9/=(3/479)
عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ مِنْ أَوْهَامِ مَالِكٍ فِي اسْمِهِ قَالَ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْت إنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى لِي غَنَمًا فَجِئْتهَا وَقَدْ أَكَلَ الذِّئْبُ مِنْهَا شَاةً فَلَطَمَتْ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ "أَيْنَ اللَّهُ" قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ "مَنْ أَنَا" قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ "فَاعْتِقْهَا".
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَلَيَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ كُنْت ترى هذه مؤمنة أعتقها فَقَالَ لَهَا "أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" قَالَتْ نَعَمْ قَالَ "أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" قَالَتْ نَعَمْ قَالَ "أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ" قَالَتْ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَاعْتِقْهَا" 1، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ امْتِحَانِ الْكَافِرِ عِنْدَ إسْلَامِهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَقَالَ لَهَا "أَيْنَ الله" فأشار إلَى السَّمَاءِ بِإِصْبَعِهَا فَقَالَ لَهَا "فَمَنْ أَنَا" فَأَشَارَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى السَّمَاءِ يَعْنِي أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ "اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 2.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي فَذَكَرَهُ3، وَفِي اللَّفْظِ مُخَالَفَةٌ كَثِيرَةٌ وَسِيَاقُ أَبِي دَاوُد أَقْرَبُ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ أَنَّهَا خَرْسَاءُ وَفِي كِتَابِ السُّنَّةِ لِأَبِي أَحْمَدَ الْعَسَّالِ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ جَاءَ حَاطِبٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ بِجَارِيَةٍ لَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً فَهَلْ يجزي هَذِهِ عَنِّي قَالَ أَيْنَ رَبُّك فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ.
__________
=389، 399، 937-938، وابن الجارود في المنتقى 212، والطحاوي في شرح السنة 1/446، وأبو الشيخ في أخلاق النبي 1/3/70، 71، والبيهقي في سننه 2/249-250، وفي الأسماء والصفات ص 442، وفي القراءة خلف الإمام 177، والخطيب في الموضح 1/195، والبغوي في شرح السنة 2/308، برقم 727، من طريق عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية ... فذكر حديثا طويلا.
1 أخرجه مالك في الموطأ 2/777، كتاب العتق والولاء: باب ما يجوز في العتق في الرقاب الواجبة، رقم 9، وأحمد في المسند 3/451، 452، عن عبد الله بن مسعود به.
2 أخرجه أبو داود 3/230، 231، كتاب الإيمان والنذور: باب في الرقبة المؤمنة، حديث 3284، والبيهقي في السنن الكبرى 7/388، كتاب الظهار: باب إعتاق الخرساء إذا أشارت بالإيمان وصلت.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 3/258، كتاب معرفة الصحابة، ذكر عتبة بن مسعود أخي عبد الله، والبيهقي في السنن الكبرى 7/388، كتاب الظهار: باب إعتاق الخرساء إذا أشارت بالإيمان وصلت.(3/480)
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد قَالَ "قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي أَوْصَتْ أَنْ يُعْتَقَ عَنْهَا رَقَبَةٌ وَعِنْدِي جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ قَالَ اُدْعُ بِهَا" 1، الْحَدِيثَ.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِنْهَالِ وَالْحَكَمِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ "أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً وَعِنْدِي جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ أَعْجَمِيَّةٌ" 2، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ هُوَ حَدِيثٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ تَقَدَّمَ فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ.
قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِعِرْقٍ مِنْ تَمْرٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَأُتِيَ بِعِرْقٍ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا3، وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ صَخْرٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهِ وَهُوَ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ صاعا4.
__________
1 أخرجه أحمد 4/222، 388، وأبو داود 3/230، كتاب الإيمان والنذور: باب في الرقبة المؤمنة، حديث 3283، والنسائي 6/252، كتاب الوصايا: باب فضل الصدقة عن الميت، رقم 3653، وابن حبان 1/418، 419 –الإحسان، رقم 189، والبيهقي في السنن الكبرى 7/388، 389، من حديث الشريد بن سويد الثقفي.
2 رواه الطبراني في الأوسط والكبير كما في مجمع الزوائد 4/82، 83، رقم 2132، ومجمع الزوائد 4/247، وعزاه للبزار أيضا.
وقال الهيثمي: وفيه سعيد بن أبي المرزبان، وهو ضعيف مدلس، وعنعنه، وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وقد وثق.
3 أخرجه أبو داود 2/314، كتاب الصوم: باب كفارة من أتى أهله في رمضان، حديث 2395.
4 أخرجه الترمذي 3/494، 495، كتاب الطلاق: باب ما جاء في كفارة الظهار، حديث 200.
عن سليمان بن صخر الأنصاري
قال الترمذي: حديث حسن.(3/481)
كِتَابُ اللعان
مدخل
...
كتاب اللِّعَانِ5
1617 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ
__________
5 اللعان لغة: مصدر لاعن لعانا: إذا فعل ما ذكر، أو لعن كل واحد من الاثنين الآخر، قال الأزهري: وأصل اللعن: الطرد والإبعاد، يقال: لعنه الله، أي باعده.
انظر: لسان العرب 5/4044، والمصباح المنير 2/761.=(3/481)
سَحْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك" الْحَدِيثَ1، وَفِي آخِرِهِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الْآيَاتِ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ سِوَى قَوْلِهِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ قَالَ فَنَزَلْت وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ فَقَرَأَ إلَى أَنْ بَلَغَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَنَزَلَ جِبْرِيلُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ إنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ السَّحْمَاءِ وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَاعَنَ الْحَدِيثَ2.
قَوْلُهُ وَهَذَا الْمَرْمِيُّ بِالزِّنَا سُئِلَ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ مُرْسَلًا أَوْ مُعْضَلًا فِي قَوْلِهِ {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} قَالَ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الزَّوْجِ وَالْخَلِيلِ وَالْمَرْأَةِ فَقَالَ
__________
= واصطلاحا: عرفه الحنفية بأنه: شهادات مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنا في حقها.
عرفه الشافعية بأنه: كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد، وسميت هذه الكلمات لعانا لقوله الرجل: عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين. وإطلاقه في جانب المرأة من مجاز التغليب، واختير لفظه دون لفظ الغضب وإن كانا موجودين في اللعان لكون اللعنة مقدمة في الآية، ولأن لعانه قد ينفك عن لعانها ولا ينعكس.
عرفه المالكية بأنه: حلف زوج مسلم مكلف على زنا زوجته أو نفي حملها على تكذيبه أربعا.
عرفه الحنابلة بأنه: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف أو تعذيب أو حد زنا في جانبها.
انظر: تبيين الحقائق 3/14، حاشية ابن عابدين 2/585، مغني المحتاج 3/367، الشرح الصغير 2/299، والكافي 2/609، كشف القناع 5/390، والإشراق 2/167.
1 أخرجه البخاري 9/381 –الفتح، كتاب التفسير: باب {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد ... } [النور: 8] الآية، حديث 4747، من طريق هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس.
وأخرجه أبو داود 2/688، كتاب الطلاق: باب في اللعان، حديث 2256، وأحمد 1/238-239، والطيالسي 1/319 –منحة، رقم 1620، والطبري في تفسيره 18/65-66، والبيهقي 7/394، كتاب اللعان: باب الزوج يقذف امرأته، كلهم من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس وفيه، فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما جاء به واشتد عليه فنزلت: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله} .
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/43، وعزاه إلى أحمد وعبد الرزاق والطيالسي وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.
2 أما حديث أنس، فأخرجه مسلم 2/1134، كتاب اللعان، حديث 11، 1496، والنسائي 6/171-172، كتاب الطلاق: باب اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه، وأحمد 3/142، من حديث أنس.(3/482)
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَيْحَك مَا يَقُولُ ابْنُ عَمِّك" فَقَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ إنَّهُ مَا رَأَى مَا يَقُولُ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَحْلَفَهُ1 قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ كَانَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلَمْ أَجِدْهُ مَوْصُولًا.
قَوْلُهُ قَالَ عُمَرُ لِزَانٍ قَدِمَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَادَّعَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَا اُبْتُلِيَ بِهِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ هَذَا لَمْ أَرَهُ فِي حَقِّ الزَّانِي إنَّمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا سَرَقْت قَطُّ قَبْلَهَا فَقَالَ كَذَبْت مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسْلِمَ عَبْدًا عِنْدَ أَوَّلِ ذَنْبٍ فَقَطَعَهُ2، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
1618 - حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُوَيْمِرَ الْعَجْلَانِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَيَقْتُلُهُ فتقتلونه أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ قَالَ قَدْ أُنْزِلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا قَالَ سَهْلٌ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ "عُوَيْمِرٌ كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" 3.
1619 - حَدِيثُ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "قَالَ كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْيَدَانِ زِنَاهُمَا الْبَطْشُ" 4 الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا بِلَفْظِ "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَالْيَدَانِ
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/407، 408، كتاب اللعان: فصل في سؤال المرمى بالمرأة.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/276، كتاب السرقة: باب ما جاء في الإقرار بالسرقة والرجوع عنه.
3 أخرجه مالك 2/566-567، كتاب الطلاق: باب ما جاء في اللعان، حديث 34، والبخاري 9/361، كتاب الطلاق: باب من جوز الطلاق الثلاث، حديث 5259، ومسلم 2/1129-1130، كتاب اللعان: 1/1492، وأبو داود 2/679-682، كتاب الطلاق: باب في اللعان حديث 2245، والنسائي 6/170-171، كتاب الطلاق: باب بدء اللعان، وابن ماجة 1/667، كتاب الطلاق: باب اللعان، حديث 2066، وأحمد 5/336-337، والدارمي 2/150، كتاب النكاح: باب في اللعان، وابن الجارود في المنتقى رقم 756، وابن حبان 4271 –الإحسان، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/102، والبيهقي 7/398-399، كتاب اللعان: باب سنة اللعان، والبغوي في شرح السنة 5/181 –بتحقيقنا، من طريق الزهري عن سهل بن سعد به.
4 أخرجه مسلم 8/457 –نووي، كتاب القدر: باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره، حديث 21-2657، وأخرجه أحمد 2/372، وأبو داود 2/247، كتاب النكاح: باب ما يؤمر به من عض البصر، حديث 2153، والبيهقي في السنن الكبرى 7/89، كتاب النكاح: باب تحريم النظر إلى الأجنبيات من غير سبب، وابن حبان في صحيحه 10/270 –الإحسان، رقم 4423، من=(3/483)
تَزْنِيَانِ وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا رَأَيْت أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ" 1، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ2.
1620 - حَدِيث أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "إنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ إنِّي أُحِبُّهَا قَالَ أَمْسِكْهَا" 3، الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا.
وَأَسْنَدَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ4، وَاخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ وَإِرْسَالِهِ قَالَ النَّسَائِيُّ الْمُرْسَلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَقَالَ فِي الْمَوْصُولِ إنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ لَكِنْ
__________
= حديث أبي هريرة.
1 أخرجه البخاري 12/289 –الفتح، كتاب الاستئذان: باب زنا الجوارح دون الفرج، حديث 6243، ومسلم 8/456، 457 –نووي، كتاب القدر: باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره، حديث 20-2657، وأبو داود 2/246، 247، رقم 2152، وابن حبان 10/268- الإحسان، رقم 4420، والبيهقي 7/89.
2 أخرجه أحمد 1/402، والطبراني في الكبير 10/193، رقم 10303، وأخرجه أبو يعلى في مسنده 9/246، رقم 5364، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/259، وعزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني عن ابن مسعود. قال: وإسنادها جيد.
3 أخرجه الشافعي في المسند 2/15،كتاب النكاح: باب في الترغيب في التزويج، رقم 37، والبيهقي في السنن الكبرى 7/154، كتاب النكاح: باب ما يستدل به على قصر الآية على ما نزلت فيه أو نسخها.
4 أخرجه النسائي 6/170، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلع من طريق حماد بن سلمة قال: أنبأنا هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس أن لاجلا قال: يا رسول الله إن تحتي امرأة لا ترد يد لامس قا: "طلقها" قال: إني لا أصبر عنها، قال: "أمسكها".
قال النسائي: هذا خطأ والصواب مرسل.
وقد أخرجه 6/67-68، من طريق حماد بن سلمة وغيره عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير.
وعبد الكريم عن عبد الله بن عبيد عن ابن عباس مرفوعا.
قال النسائي: هارون لم يرفعه ...
وقال عقب حديث عبد الكريم ليس بالقوي وهارون بن رئاب أثبت منه وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم. ومنه تعلم الاختلاف في سند هذا الحديث وإرساله وقد رجح النسائي المرسل، كما سبق وقال: إنه ليس بثابت بدعوى أن هارون أرسله وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف وقد وصله بذكر ابن عباس.
لكن قد رواه هارون أيضا موصولا وتابعه حبيب بن الشهيد.
أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب كما في اللآلي المصنوعة 2/173، من طريق حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب وحسين بن الشهيد عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس فذكره اهـ. =(3/484)
رَوَاهُ هُوَ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ1، وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ الصِّحَّةَ وَلَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَتَمَسَّكَ بِهَذَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ2، مَعَ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَقَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَهُ3، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فَسَمَّى الرَّجُلَ هِشَامًا مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَأَخْرَجَهُ الْخَلَّالُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَلَفْظُهُ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ4.
تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ فَقِيلَ مَعْنَاهُ الْفُجُورُ وَأَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ يَطْلُبُ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْخَلَّالُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى اسْتِدْلَالِ الرَّافِعِيِّ بِهِ هُنَا.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ التَّبْذِيرُ وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ
__________
= ومع التسليم بقول النسائي في ترجيح المرسل عن الموصول، فإن للحديث طريق آخر عن ابن عباس سيأتي بعده.
1 أخرجه أبو داود 2/541-542، كتاب النكاح: باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء حديث 2049، والنسائي 6/169-170، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الخلع، والبيهقي 7/154-155، كتاب النكاح: باب ما يستدل به على قصر الآية على ما نزلت فيه أو نسخها، من طريق الفضل بن موسى ع الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالك إن امرأتي لا تدفع يد لامس، قال: غربها إن شئت، قال إني أخاف أن تتبعها نفسي قال: فاستمتع بها.
وأخرجه أيضا البزار والدارقطني في الأفراد والضياء المقدسي في المختارة كما في اللآلي المصنوعة، 2/172، وقال البزار: لا نعلمه يروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد.
قلت: وفيه نظر فقد أخرجه النسائي من طريق آخر كما تقدم.
وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة وتفرد به الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد.
2 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/272،كتاب النكاح: باب ثبوت الرجل مع المرأة الفاجرة.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/155، وابن أبي حاتم في علل الحديث 1/432، رقم 1304، من طريق معقل بن عبد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر به.
وأخرجه الخلال كما في اللآلي 2/171، ومن طريقه الجوزي في الموضوعات 2/272، من طريق عبد الكريم بن مالك الجزري عن أبي الزبير عن جابر به.
4 ينظر السابق.(3/485)
وَالْأَصْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَنَقَلَهُ عن علماء الإسلام وابن الْجَوْزِيِّ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ.
وَقَالَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَمْسِكْهَا مَعْنَاهُ أَمْسِكْهَا عَنْ الزِّنَا أَوْ عَنْ التَّبْذِيرِ إمَّا بِمُرَاقَبَتِهَا أَوْ بِالِاحْتِفَاظِ عَلَى الْمَالِ أَوْ بِكَثْرَةِ جِمَاعِهَا.
وَرَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْأَوَّلَ بِأَنَّ السَّخَاءَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِقَوْلِهِ طَلِّقْهَا وَلِأَنَّ التَّبْذِيرَ إنْ كَانَ مِنْ مَالِهَا فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ فَعَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ بِطَلَاقِهَا.
قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ أَنَّهَا لَا تمتنع من يَمُدُّ يَدَهُ لِيَتَلَذَّذَ بِلَمْسِهَا وَلَوْ كَانَ كَنَّى بِهِ عَنْ الْجِمَاعِ لَعُدَّ قَاذِفًا أَوْ أَنَّ زَوْجَهَا فَهِمَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا.
1621 - حَدِيثُ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَمْ يُدْخِلْهَا جَنَّتَهُ" الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ فَذَكَرَهُ وَزَادَ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ1، وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِتَفَرُّدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ بِهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
__________
1 أخرجه أبو داود 1/688، كتاب الطلاق: باب التغليظ في الانتفاء 2263، والنسائي 6/179، كتاب الطلاق: باب التغليظ في الانتفاء من الولد، والدارمي 2/153،كتاب النكاح: باب من جحد ولده، وهو يعرفه، والبيهقي 7/403، كتاب اللعان: باب التشديد في إدخال المرأة على قوم من ليس منهم، والبغوي في شرح السنة 5/194، كتاب الطلاق: 2367، وابن حبان 9/418، 4108، والحاكم 2/202-203، والشافعي في مسنده 2/49ن من طريق عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به.
قال الألباني في الإرواء 8/34: وهذا إسناد ضعيف علته عبد الله بن يونس قال الذهبي: ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد، وقال الحافظ ابن حجر: مجهول الحال، مقبول، اهـ.
وقد تابع عبد الله بن يونس عليه يحيى بن حرب عن سعيد المقبري به.
أخرجه ابن ماجة 2/916، كتاب الفرائض: باب من أنكر ولده 2743.
قال البوصيري في المصباح 2/378، 969: هذا إسناد ضعيف يحيى بن حرب مجهول، قاله الذهبي في الكاشف وموسى بن عبيدة الربذي ضعفوه اهـ.
وأخرجه البغوي في شرح السنة 5/195، كتاب الطلاق: باب إثم من جحد ولده أو ادعى إلى غير أبيه 2367، من طريق أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياناني عن بكاد بن عبد الله عن عمه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به.
قال الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان 9/419 –الإحسان، وهذا إسناده ضعيف جدا.(3/486)
وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُوزِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
حَدِيثُ "أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ" 1، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ قَبْلُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَكِيعٍ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ وَكِيعٌ.
1622 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ قَالَ هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ" 2 الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ رَوَى عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي الْمُبْهَمَاتِ مِنْ طَرِيقِ قُطَيَّةَ بِنْتِ هَرِمٍ أَنَّ مَدْلُوكًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ ضَمْضَمَ بْنَ قَتَادَةَ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ أَسْوَدُ مِنْ امْرَأَةٍ لَهُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَدِمَ عَجَائِزُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ فَأَخْبَرْنَ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَرْأَةِ جَدَّةٌ سَوْدَاءُ.
1623 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ احْلِفْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّك لَصَادِقٌ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَذَفَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ امْرَأَتَهُ قِيلَ لَهُ لَيَجْلِدَنَّك رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "احْلِفْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنِّي لصداق يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ" 3، قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ
__________
1 أخرجه الطبراني في الأوسط 5/159، رقم 4309، وفي الكبير 12/401، رقم 13478، وأخرجه أحمد 2/26، وأبو نعيم في الحلية 9/223، 224، عن ابن عمر بلفظ: "من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله ... " الحديث فذكره.
2 أخرجه البخاري 9/351، كتاب الطلاق: باب إذا عرض بنفي الولد 5305، وأطرافه في 6847، 7314، ومسلم 2/1137، كتاب اللعان، 1500، وأبو داود 1/687، كتاب الطلاق: باب إذا شك في الودل، 2260-2262، والنسائي 6/178، كتاب الطلاق: باب إذا عرض بامرأته وشك في ولده، والترمذي 4/382، 383، كتاب الولاء ولهبة: باب ما جاء في الرجل ينتفي من ولده، 2128، وقال: حسن صحيح، وأحمد في المسند 2/239، 409، والبيهقي في السنن الكبرى 7/411، كتاب اللعان: باب لا لعان ولا حد في التعريض، 8/251-252، كتاب الحدود: باب من قال: لا حد إلا في القذف الصريح، 10/265، كتاب الدعوى والبينات: باب الدليل على أن لغلبة الأشباه تأثيرا في الأنساب، وابن حبان 9/416، 4106-4107، والبغوي في شرح السنة 5/196، كتاب الطلاق: باب الشك في الولد 2370 –بتحقيقنا، والشافعي 2/31، في مسنده والحميدي 2/464-465، 1084.
3 تقدم حديث ابن عباس في قصة هلال بن أمية.(3/487)
فَرَّقَ بَيْنَهُمَا 1.
1624 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَمَّا أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَكَذَا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ" وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 فِي قِصَّةِ هِلَالٍ.
1625 - حَدِيثُ "الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَلَاعِنَانِ إذَا تَفَرَّقَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا3، وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ "فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا"، وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ "مَضَتْ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ" 4، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ5، وَعُمَرَ6 وَابْنِ مَسْعُودٍ7، فِي مُصَنِّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ البخاري 10/557 –الفتح، كتاب الطلاق: باب إحلاف الملاعن حديث 5306.
وأخرجه مالك 2/567، كتاب الطلاق: باب في اللعان، حديث 35، والبخاري 9/460، كتاب الطلاق: باب يلحق الولد بالملاعنة، حديث 5315، ومسلم 2/1132، كتاب اللعان، حديث 8/1494، وأبو داود 2/693، كتاب الطلاق: باب في اللعان، حديث 2259، والترمذي 3/508، كتاب الطلاق: باب في اللعان، حديث 1203، والنسائي 6/178، كتاب الطلاق: باب نفي الولد باللعان وإلحاقه بأمه، وأبو داود 1/669، كتاب الطلاق: باب في اللعان، حديث 2069، وسعيد بن منصور في سننه رقم 1554، والشافعي 2/47، كتاب الطلاق: باب اللعان، حديث 153، 154، وابن الجارود في المنتقى رقم 754، وابن حبان 4274 – الإحسان، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/104، والبيهقي 7/409، والبغوي في شرح السنة 5/185، بتحقيقنا، كلهم من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففرق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وألحق الولد بأمه.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه الدارقطني في سننه 3/276، كتاب النكاح: باب المهر، حديث 116، والبيهقي في السنن الكبرى 7/409، كتاب اللعان: باب ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفي الولد وحد المرأة إن لم تلتعن، من حديث ابن عمر.
4 تقدم حديث سهل بن سعد.
5 أخرجه الدارقطني في سننه 3/276، رقم 117، وعبد الرزاق في مصنفه 7/112، 113، رقم 12436، وابن أبي شيبة في مصنفه 4/19، رقم 17370، والبيهقي 7/410،كتاب اللعان: باب ما يكون بعد التعان الزوج، عن زر بن علي رضي الله عنه به.
6 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/112، رقم 12433، وابن أبي شيبة 4/19، رقم 17369، والبيهقي في السنن الكبرى 7/410، عن الأعمش عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب به.
7 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/112، رقم 12434، وابن أبي شيبة في مصنفه 4/19، رقم 17370، والبيهقي في السنن الكبرى 7/410، كتاب اللعان: باب ما يكون بعد التعان الزوج، عن عبد الله بن مسعود.(3/488)
أَبِي شَيْبَةَ.
1626 - حَدِيثُ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ المتلاعنين وقضى بأن لا تُرْمَى وَلَا وَلَدُهَا" أَبُو دَاوُد بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي آخِرِ قِصَّةِ هِلَالٍ1، وَفِي إسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَفِي عِلَلِ الْخَلَّالِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ ذَكَرَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فِي تكريره قَذْفِ الْمُغِيرَةِ يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لِقَوْلِنَا بِأَنَّهُ لَا يُخْبِرُ الْمَقْذُوفَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنَبِّهْ شَرِيكَ ابْنَ سَحْمَاءَ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالْقَذْفِ انْتَهَى وَهُوَ يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ فَأَنْكَرَ فَلَمْ يُحَلِّفْهُ لَكِنْ الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ سَأَلَهَا عَمَّنْ زنا بِهَا وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ2.
1627 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَا "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُك اللَّهَ إلَّا قَضَيْت لِي بِكِتَابِ اللَّهِ" الْحَدِيثُ بِطُولِهِ3، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا.
1628 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى سِلْعَتَهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ" 4 الْبُخَارِيُّ بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي بَعْدَ الْعَصْرِ هُوَ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 سيأتي تخريج ذلك في كتاب حد الزنا، إن شاء الله تعالى.
3 أخرجه مالك 2/822، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، حديث 6، والبخاري 12/185، كتاب الحدود: باب الإمام يأمر رجلا فيضرب الحد غائبا، حديث 6859، 6860، ومسلم 3/1324، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث 25/1697، 1698، وأبو داود 2/558، كتاب الحدود: باب المرأة التي أمر النبي برجمها من جهينة، حديث 4445، والسنائي 8/240-241، كتاب آداب القضاء: باب صون النساء عن مجلس الحكم، حديث 5411، والترمذي 4/39-40، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب، حديث 1433، وابن ماجة 2/852، كتاب الحدود: باب حد الزنا، حديث 2549، وأحمد 4/115-116، والدارمي 2/98، كتاب الحدود، وعبد الرزاق 13309، 13310، والحميدي 811، وابن الجارود في المنتقى رقم 811، والطحاوي في مشكل الآثار 1/21-22، والبيهقي 10/274-275، كلهم من طريق الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
4 أخرجه البخاري 5/53، في الشرب والمساقاة: باب من رأى أن صاحب الحوض والقربى أحق بمائه 2369، ومسلم في الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، 173-108، والنسائي 7/246-247، في البيوع: باب الحلف الواجب للخديعة في البيع، وابن ماجة 2/744، في التجارات: باب ما جاء في كراهية الأيمان 2207، عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا.(3/489)
الَّذِي يَقْتَطِعُ وَمُسْلِمٌ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ وَفَسَّرُوا قَوْله تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} بِأَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بِهِ1، قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ كَانَ يُقَالُ عِنْدَهَا يَصْبِرُ الْأَيْمَانُ2.
1629 - حَدِيثُ "فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ" 3، اشْتَهَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
1630 - قَوْلُهُ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْعَصْرِ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُصَلِّي وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الْعَصْرِ مَكْرُوهَةٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الصَّلَاةِ مَا دَامَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ انْتَهَى وَهَذَا يُخَالِفُ الْمَوْجُودَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ لأنه هَذِهِ الْمُرَاجَعَةَ إنَّمَا صَدَرَتْ بَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ4، كَذَا هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْحَاكِمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ انْتِقَالٌ ذِهْنِيٌّ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَأَلَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَوَّلًا ثُمَّ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ ثَانِيًا وَحَصَلَتْ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ "الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ" 5، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ إنَّ اللِّعَانَ حَضَرَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَسَهْلُ بْنُ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق كما في الدر المنثور للسيوطي 2/605، وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبيدة.
2 أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره 5/111، رقم 12955، عن قتادة به.
3 أخرجه البخاري 9/345، كتاب الطلاق: باب الإشارة في الطلاق والأمور، رقم 5294، 11/602، كتاب الدعوات: باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة، رقم 6400، ومسلم 2/584، كتاب الجمعة: باب الساعة التي في يوم الجمعة رقم 852، واللفظ لمسلم.
4 أخرجه مالك في الموطأ 1/108، 109، كتاب الجمعة: باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة، رقم 16، وأبو داود 1/274، 275، كتاب الصلاة: باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، حديث 1046، والترمذي 2/362، 363، كتاب أبواب الصلاة: باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، حديث 491، والنسائي 3/113، 114، 115، كتاب الجمعة: باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، حديث 1430، وأبو داود 1/360، 361، كتاب إقامة الصلا: والسنة فيها: باب ما جاء في الساعة التي ترجى يوم الجمعة، رقم 1137، 1139، والحاكم في المستدرك 1/279، من حديث أبي هريرة وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
5 أخرجه الترمذي 2/360، كتاب الصلاة: باب ما جاء في الساعة التي ترجى يوم الجمعة، حديث 489، عن أنس، وقال: غريب من هذا الوجه.(3/490)
سَعْدٍ1.
قُلْت أَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَثَبَتَ حُضُورُهُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ شَهِدْت وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَهِدَهَا.
1631 - قَوْلُهُ وَرَدَ أَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ2، الْبَيْهَقِيّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ في مسند حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ نَاصِحٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ صَاحِبُ مسند الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِهِ فِي حَدِيثٍ وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَعَلَّهُ بِالْإِرْسَالِ وأروده ابْنُ طَاهِرٍ بِسَنَدٍ شَامِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ3، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِلَفْظِ "الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ تُذْهِبُ الْمَالَ" 4، وَقَالَ لَا نَعْلَمُ أَسْنَدَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ إلَّا ابْنَ عِلَاثَةَ وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ.
قُلْت اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيلَ هَذَا عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَقَالَ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ رِوَايَةً فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا أَوْ مُعْضَلًا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ
__________
1 تقدم تخريج ذلك.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/35، كتاب الأيمان: باب ما جاء في اليمين الغموس، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب، 2/610، رقم 2740، وعزاه للبيهقي، وعزاه المتقي الهندي في كنز العمال 16/697، للديلمي، عن أبي هريرة، ورقم 46388، لعبد الرزاق عن معمر بلاغا.
3 أخرجه الديلمي في فردوس الأخبار 5/485، رقم 8559، عن أبي الدرداء وعزاه المتقي الهندي في كنز العمال 16/697، رقم 46387، للخطيب في المتفق والمفترق، عن أبي الدرداء.
4 أخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم 1345، وأورده البيهقي في مجمع الزوائد 4/182، وعزاه له، وقال: ورجاله رجال الصحيح، إلا أن أبا سلمة لم يصح سماعه من أبيه، والله أعلم.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 2/610، رقم 2739، وعزاه للبزار، وقال: وإسناده صحيح لو صح سماع أبي سلمة من أبيه عبد الرحمن بن عوف.
قال العلائي في جامع التحصيل ص 213، رقم 378: قال يحيى بن معين والبخاري: لم يسمع من أبيه شيئا، زاد ابن معين: ولا من طلحة بن عبيد الله، وذكره المديني في جماعة لا يثبت لهم لقاء زيد بن ثابت، وقال صالح بن محمد: لم يسمع من عمرو بن العاص شيئا.
وصححه الألباني بمجموع طرقه كما في الصحيحين 2/706، رقم 978.(3/491)
مَعْمَرٍ أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو سُوَيْد سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ "إنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَعْقُمُ الرَّحِمَ" قَالَ مَعْمَرٌ وَسَمِعْت غَيْرَهُ يَذْكُرُ فِيهِ "وَتُقِلُّ الْعَدَدَ وَتَدَعُ الدِّيَارَ بلاقع" 1.
1632 - حديث أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ "حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ" أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ2 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
حَدِيثُ التَّلَاعُنِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَأْتِي بَعْدُ.
1633 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ بِسِوَاكٍ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ" 3، أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ "لَا يَحْلِفُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ" 4.
تَنْبِيهٌ: سَقَطَ لَفْظُ رَطْبٍ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَوَهَمَ صَاحِبُ الْمُبْهَمَاتِ فَضَبَطَ قَوْلَهُ سِوَاكٍ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَقَالَ يَعْنِي شِرَاكَ النَّعْلِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ الْآتِيَةِ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ.
1634 - حَدِيثُ جَابِرٍ "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" 5
__________
1 ذكره المتقي الهندي في كنز العمال 16/697، رقم 46388، وعزاه لعبد الرزاق عن معمر بلاغا.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه أحمد 2/518، وابن ماجة 2/779، كتاب الأحكام: باب اليمين عند مقاطع الحقوق، حديث 2326، من حديث أبي هريرة.
قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وله شاهد من حديث جابر رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجة، ينظر: مصباح الزجاجة 2/215.
4 أخرجه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك 4/297، كتاب الأيمان والنذور، من طريق الحسن بن يزيد الضمري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، فإن الحسن بن يزيد هذا هو أبو يونس القوي العابد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه مالك في الموطأ 2/727، كتاب الأقضية: باب ما جاء في الحنث على منبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقم 10، وأبو داود 3/221، 222، كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في تعظيم اليمين عند منبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث 3246، والنسائي في السنن الكبرى 3/491، كتاب القضاء: باب اليمين على المنبر، حديث 6018، وابن ماجة 2/779، كتاب الأحكام: باب اليمين عند مقاطع الحقوق، ورقم 2325، وابن حبان 10/210 –الإحسان، رقم 4368، والحاكم 2/296، كتاب الأيمان والنذور، والبيهقي في السنن الكبرى 7/398، كتاب اللعان: باب أين يكون اللعان، عن جابر عن عبد الله.(3/492)
مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فَلْيَتَبَوَّأْ بَدَلَ تَبَوَّأَ وَلَهُ طُرُقٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ1، فِي الطَّبَرَانِيِّ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ2 فِي الْكُنَى لِلدُّولَابِيِّ وَفِي ابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ.
1635 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ3، الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَفِي إسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ فَحَلَفَا بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ4.
تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تُغْنِي عَنْ تَأْوِيلِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَى فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى عِنْدَ بَلْ تُؤَيِّدُهُ.
1636 - حَدِيثُ "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" 5، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ6.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ وَأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَزَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَمُعَاذِ بْنِ الْحَارِثِ أَبِي حَلِيمَةَ القاري وَغَيْرِهِمْ7، ذَكَرَهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ فِي تَذْكِرَتِهِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
__________
1 أخرجه الطبراني في الكبير 7/37، 38، رقم 6297، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/183، وعزاه له في الكبير والأوسط عن سلمة بن الأكوع، وقال: ورجاله ثقات.
2 أخرجه مسلم 1/435 –نووي كتاب الأيمان: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، حديث 218-137، والنسائي 8/246، كتاب آداب القضاء: باب القضاء في قليل المال وكثيره، حديث 5419، وابن ماجة 2/779، كتاب الأحكام: باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالا، حديث 2324ن والحاكم في المستدرك 4/296، كتاب الأيمان والنذور، من حديث أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/398، كتاب اللعان: باب أين يكون اللعان؟ وقال: الواقدي ضعيف.
4 ينظر: المصدر السابق، وقال البيهقي: وهذا منقطع، وإنما بلغنا موصولا من جهة محمد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف –كما تقدم.
5 أخرجه البخاري 4/587 –فتح الباري، كتاب فضائل المدينة، حدث 1888، ومسلم 5/174 –نووي، كتاب الحج: باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة، حديث 502، 1391، وأخرجه أحمد 2/438، وابن حبان 9/65 –الإحسان، رقم 3750.
6 أخرجه النسائي 2/35، كتاب المساجد: باب فضل مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رقم 694، دون موضع الشاهد من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة ورقم 695، عن عبد الله بن زيد بهذا اللفظ.
7 أورد ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد 4/11، 12، كتاب الحج: باب فيما بين القبر والمنبر، بألفاظ مختلفة.(3/493)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ1، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْهُ بِلَفْظِ "مَا بَيْنَ حُجْرَتِي وَمُصَلَّائِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" 2.
1637 - قَوْلُهُ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ بَالَغَ الْقَاضِي فِي تَخْوِيفِهِ وَتَحْذِيرِهِ وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْزَجِرَ وَيَمْتَنِعَ وَيَقُولَ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ صَاحِبُ مَجْلِسِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَقَوْلُك فَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ يُوجِبُ اللَّعْنَةَ إنْ كُنْت كَاذِبًا وَتَضَعَ الْمَرْأَةُ يَدَهَا عَلَى فَمِ الْمَرْأَةِ إذَا انْتَهَتْ إلَى كَلِمَةِ الْغَضَبِ فَإِنْ أَبَتْ إلَّا الْمُضِيَّ لَقَّنَهَا الْكَلِمَةَ الْخَامِسَةَ وَرَدَ النَّقْلُ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ3، هُوَ كَمَا قَالَ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطَوَّلًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِ الرَّجُلِ وَلَا امْرَأَةً أَنْ تَضَعَ يَدَهَا عَلَى فَمِ الْمَرْأَةِ نَعَمْ عِنْدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا حِينَ أَمَرَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَتَلَاعَنَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ فَيَقُولُ إنَّهَا مُوجِبَةٌ4 وَأَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَلَمْ أَرَهُ.
حَدِيثُ "الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا" تَقَدَّمَ.
1638 - حَدِيثُ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَزَوْجَتِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا وَنَفَى الْحَمْلَ" 5، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَكَانَتْ حَامِلًا6، لَكِنْ بَيَّنَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.
1639 - قَوْلُهُ وَرَدَ الْوَعِيدُ فِي نَفْيِ مَنْ هُوَ مِنْهُ وَاسْتِلْحَاقِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ "أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ ولده" وأما الاستلحاق فَلَمْ أَرَ حَدِيثًا فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْوَعِيدِ فِي حَقِّ مَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا لَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا الْوَعِيدُ فِي حَقِّ الْمُسْتَلْحِقِ إذَا عَلِمَ بُطْلَانَ ذَلِكَ
__________
1 أخرجه البخاري 3/392 –الفتح، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: باب فضل ما بين القبر والمنبر، حديث 1195، ومسلم 5/173، 174-نووي، كتاب الحج: باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة، حديث 500، 501-1390، والنسائي 2/35، كتاب المساجد، رقم 695.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/12، ومجمع البحرين 3/283، رقم 1826، قال الهيثمي: وفيه عدي بن الفضل التيمي، وهو متروك.
3 تقدمت.
4 أخرجه أبو داود 2/276، رقم 2255، والنسائي 6/175، رقم 3472.
5 تقدم تخريجه.
6 تقدم تخريجه.(3/494)
فَمِنْ ذَلِكَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَعْدٍ مَنْ "ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ" 1، وَعِنْدَهُمَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إلَّا كَفَرَ" 2، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَنَسٍ "مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ" 3، وَلِابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ نَحْوُهُ4 وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
حَدِيثُ عُمَرَ "إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِوَلَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ" 5، مَوْقُوفٌ الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ عُمَرَ وَمِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِي رَجُلٍ أَنْكَرَ وَلَدًا مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا حَتَّى إذَا وَلَدَتْ أَنْكَرَهُ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً لِفِرْيَتِهِ عَلَيْهَا ثُمَّ أَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدَ6، إسْنَادُهُ حسن.
__________
1 أخرجه البخاري 13/546 –الفتح، كتاب الفرائض: باب من ادعي إلى غير أبيه، حديث 6766، ومسلم 1/328 –نووي، كتاب الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه، حديث 114-63، وأخرجه أحمد 5/46، وأبو داود 4/330، كتاب الأدب: باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه، حديث 5113، وابن حبان في صحيحه 2/160 –الإحسان، رقم 416، والبيهقي في السنن الكبرى 7/403، كتاب اللعان: باب من ادعي إلى غير أبيه، من حديث سعد.
2 أخرجه البخاري 7/227، كتاب المناقب، حديث 3508، ومسلم 1/325، نووي، كتاب الإيمان: باب حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر، حديث 112-61.
3 أخرجه أبو داود 4/330، كتاب الأدب: باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه، رقم 5115، من حديث أنس بن مالك، فذكره.
4 أخرجه ابن حبان 2/161، الإحسان، رقم 417، وأخرجه أحمد 1/328، وابن ماجة 2/870، كتاب الحدود: باب من ادعى إلى أبيه أو تولى غير مواليه، حديث 2609، من حديث ابن عباس.
وفي إسناد ابن ماجة ابن أبي الضيق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/325، هذا إسناد فيه مقال، ابن أبي الضيق اسمه: محمد بن أبي الضيق، لم أر من جرحه، ولا من وثقه، وباقي رجاله الإسناد على شرط مسلم.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/412، كتاب اللعان: باب الرجل يقر بحبل امرأته أو بولدها مرة فلا يكون له نفيه بعده.
6 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى 7/411، كتاب اللعان: باب الرجل يقر بحبل امرأته أو بولدها مرة فلا يكون له نفيه بعده.(3/495)
كِتَابُ العدد
مدخل
...
كتاب الْعِدَدِ7
1640 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ "دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك" تَقَدَّمَ
__________
1 أخرجه البخاري 13/546 –الفتح، كتاب الفرائض: باب من ادعي إلى غير أبيه، حديث 6766، ومسلم 1/328 –نووي، كتاب الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه، حديث 114-63، وأخرجه أحمد 5/46، وأبو داود 4/330، كتاب الأدب: باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه، حديث 5113، وابن حبان في صحيحه 2/160 –الإحسان، رقم 416، والبيهقي في السنن الكبرى 7/403، كتاب اللعان: باب من ادعي إلى غير أبيه، من حديث سعد.
2 أخرجه البخاري 7/227، كتاب المناقب، حديث 3508، ومسلم 1/325، نووي، كتاب الإيمان: باب حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر، حديث 112-61.
3 أخرجه أبو داود 4/330، كتاب الأدب: باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه، رقم 5115، من حديث أنس بن مالك، فذكره.
4 أخرجه ابن حبان 2/161، الإحسان، رقم 417، وأخرجه أحمد 1/328، وابن ماجة 2/870، كتاب الحدود: باب من ادعى إلى أبيه أو تولى غير مواليه، حديث 2609، من حديث ابن عباس.
وفي إسناد ابن ماجة ابن أبي الضيق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/325، هذا إسناد فيه مقال، ابن أبي الضيق اسمه: محمد بن أبي الضيق، لم أر من جرحه، ولا من وثقه، وباقي رجاله الإسناد على شرط مسلم.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/412، كتاب اللعان: باب الرجل يقر بحبل امرأته أو بولدها مرة فلا يكون له نفيه بعده.
6 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى 7/411، كتاب اللعان: باب الرجل يقر بحبل امرأته أو بولدها مرة فلا يكون له نفيه بعده.
7 العدة لغة بكسر العين مأخوذ من العدد بفتحها لاشتمالها عليه غالبا وتجمع على عدد، بكسر العين أيضا وبضمها الاستعداد وجمع هذه عدد بضم العين أيضا.=(3/495)
فِي الْحَيْضِ.
حَدِيثُ "أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ وَقَدْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ إنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِهَا الطُّهْرَ ثُمَّ تُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً" تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَلَهُ طُرُقٌ وَهَذَا السِّيَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ أَرَهُ نَعَمْ هُوَ بِالْمَعْنَى مَوْجُودٌ وَأَقْرَبُ مَا يُوجَدُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طريق يعلى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ رُزَيْقٍ أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَهَا بتطليقتين أخريين عند القرئين فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ "مَا هَكَذَا أَمَرَك اللَّهُ إنَّك قَدْ أَخْطَأْت السُّنَّةَ وَالسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ1".
حَدِيثُ "أَنَّهُ قَرَأَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" تَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ.
1641 - قَوْلُهُ "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَسْقِ مَاءَك زَرْعَ غَيْرِك" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتِ بِلَفْظِ "لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ" 2، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي خَبَرِ أَوَّلِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقَسَّمَ وَقَالَ لَا تَسْقِ مَاءَك زَرْعَ غَيْرِك3، وَأَصْلُهُ فِي النَّسَائِيّ.
فَائِدَةٌ: هَذَا الْحَدِيثُ احْتَجَّ بِهِ الْحَنَابِلَةُ عَلَى امْتِنَاعِ نِكَاحِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا وَاحْتَجَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى امْتِنَاعِ وَطْئِهَا وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي السَّبْيِ لَا فِي مُطْلَقِ النِّسَاءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَيُؤَيِّدُ الْعُمُومَ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ
__________
= واصطلاحا:
قال العلامة ابن عرفة هي مدة منع النكاح، لفسخه أو موت الزوج أو طلاقه.
وعرفها الخطاب بأنها: المدة التي جعلت دليلا على براءة الرحم لفسخ النكاح أو موت الزوج أو طلاقه.
ينظر: الصحاح 2/505، ولسان العرب 4/34، والمصباح النير 2/604، وأنيس الفقهاء ص 167، والدرر 1/400، وتبيين الحقائق 3/26، وحاشية ابن عابدين 5/177، والمغني 8/100، والكافي 2/619.
1 تقدم في الطلاق.
2 أخرجه أحمد 4/108، 109، وأبو داود 2/615، 616، كتاب النكاح: باب في وطء السبايا حديث 2158، والترمذي 3/437، كتاب النكاح: باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، حديث 1131، وابن حبان 11/186 –الإحسان، رقم 4850، وابن الجارود ص 244، رقم 731، والبيهقي 7/449، كتاب العدد: باب استبراء من ملك الأمة، من حديث رويفع بن ثابت.
3 أخرجه الحاكم في المستدرك 2/56، كتاب البيوع: وعند النسائي 7/301، كتاب البيوع: باب بيع المغانم قبل أن تقسم، حديث 4645، من حديث ابن عباس.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووفقه الذهبي.(3/496)
نَضْرَةَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا فَدَخَلْت عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ "فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا" 1، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.
1642 - قَوْلُهُ ثَبَتَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ وَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حَلَلْت فَانْكِحِي مَنْ شِئْت مِنْ الْأَزْوَاجِ" 2، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاللَّفْظُ الَّذِي هنا أخره مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِرُمَّتِهِ وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ بِنِصْفِ شَهْرٍ بَلْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَفِي رِوَايَةٍ فَمَكَثْت قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ وَلَهُمَا فَوَضَعْت بَعْدَهُ بِلَيَالٍ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ بَعْدَهُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً3 وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْأَصْلِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً4 وَفِي أُخْرَى قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً5، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ بِشَهْرٍ أَوْ أَقَلَّ6، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ بِشَهْرَيْنِ.
حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَصْبِرُ حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقُهُ7، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْخَبَرُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُمْ.
قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا طَعَنَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ.
أَمَّا عَائِشَةُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَفِيهِ قِصَّةٌ وَفِيهِ
__________
1 أخرجه أبو داود 2/241، 242، كتاب النكاح: باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى، رقم 2131، عن سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار به.
2 أخرجه مالك 2/590، كتاب الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها، إذا كانت حاملا، حديث 86، والبخاري 8/653، كتاب التفسير: باب سورة الطلاق، حديث 4909، ومسلم 2/1122-1123، كتاب الطلاق: باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، حديث 57/1485، والترمذي 2/332-333، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع، حديث 1208، والنسائي 6/191-192، كتاب الطلاق: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، وأحمد 6/432، والدارمي 2/165-166، كتاب الطلاق: باب في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها والمطلقة. الطيالسي 1593، وابن الجارود، حديث 762، وابن حبان 4283 –الإحسان، والبيهقي 7/429.
3 أخرجه أحمد 1/447.
4 أخرجه النسائي 6/190، رقم 3508.
5 أخرجه النسائي 6/194، رقم 3516.
6 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/429، كتاب العدد: باب عدة الحامل من الوفاة.
7 أخرجه الدارقطني ي سننه 3/312، كتاب النكاح، حديث 255، والبيهقي في السنن الكبرى 7/445، كتاب العدد: باب من قال: امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها يقين وفاته.(3/497)
قَوْلُهَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ1، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إلَّا وَهُوَ يَقُولُ2 هَذَا وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إذَا دَخَلَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ3.
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَرَوَاهُ مَالِكٌ أَيْضًا وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الْأَحْوَصَ هَلَكَ بِالشَّامِ حِينَ دَخَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثالثة فقد برئت مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا4، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ وَعَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا رَجْعَةَ أَمَّا عُثْمَانُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَ منها وبرئت مِنْهُ وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا5، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا6.
فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ7، تَفَرَّدَ بِهِ الثَّقَفِيُّ قَالَهُ يَحْيَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ جَاءَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ نَحْوُهُ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ نُفَسَاءُ لَا يَعْتَدُّ بِدَمِ نِفَاسِهَا وَعَنْ ابْنِ
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ 2/576، 577، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق، وطلاق الحائض، رقم 54، والشافعي في الأم 5/303، كتاب العدد: باب عدة المدخول بها التي تحيض.
2 ينظر: المصدر السابق، رقم 55.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/415، كتاب العدد: باب قوله عز وجل {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] .
4 أخرجه مالك في الموطأ 2/577، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض، رقم 56، والشافعي في الأم 5/303، كتاب العدد: باب عدة المدخول بها التي تحيض والبيهقي في السنن الكبرى 7/415، كتاب العدد: باب {والمطلقات يتربصن بأنفسهن..} الآية.
5 أخرجه مالك في الموطأ 2/578، رقم 58، ومن طريق الشافعي في الأم 5/303، والبيهقي في السنن الكبرى 7م415.
6 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/415.
7 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/418، كتاب العدد: باب لا تعتد بالحيضة التي وقع فيها الطلاق.(3/498)
أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ1.
حَدِيثُ عُمَرَ "يُطَلِّقُ الْعَبْدُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بقرئين" 2، مَوْقُوفٌ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ إلَيْهِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ لَوْ اسْتَطَعْت لَجَعَلْتهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا فَسَكَتَ عُمَرُ3.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عُمَرُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَةٌ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ4.
حَدِيثُ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَكَانَتْ لَهَا مِنْهُ بُنَيَّةٌ صَغِيرَةٌ تُرْضِعُهَا فَتَبَاعَدَ حَيْضُهَا، وَمَرِضَ حِبَّانُ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّك إنْ مِتَّ وَرِثَتْكَ، فَمَضَى إلَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ: مَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَا: نَرَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا، وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، وَلَا مِنْ اللَّوَاتِي لَمْ يَحِضْنَ، فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ، وَمَاتَ حِبَّانُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّالِثَةِ، فورثها عثمان، والشافعي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَتَهُ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ5، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ حتى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ: أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَ جَدِّهِ حِبَّانَ امْرَأَتَانِ: هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ، وَهِيَ تُرْضِعُ، فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ عَنْهَا، وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ: أَنَا أَرِثُهُ، فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ، فَلَامَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهَا: ابْنُ عَمِّك أَشَارَ بِهَذَا، يَعْنِي: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ6، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا.
__________
1 ينظر: المصدر السابق.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/425، كتاب العدد: باب عدة الأمة، عن عمر.
3 أخرجه الشافعي في الأم 5/315، كتاب العدد: باب عدة الأمة، والبيهقي في السنن الكبرى 7/425، 426، عدة الأمة.
4 أخرجه مالك في الموطأ 2/582، كتاب الطلاق: باب جامع عدة الطلاق، رقم 70، والشافعي في الأم 5/307، كتاب العدد: باب عدة المدخول بها التي تحيض، عن عمر به.
5 أخرجه الشافعي في الأم 5/307، كتاب العدد: باب عدة المدخول بها التي تحيض، وفي مسنده 2/58، رقم 191، والبيهقي في السنن الكبرى 7م419، كتاب العدد: باب عدة من تباعد حيضها، بهذا الإسناد وهذا اللفظ فذكره.
6 أخرجه مالك في الموطأ 2/572، كتاب الطلاق: باب طلاق المريض، رقم 43، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 419، كتاب العدد: باب عدة من تباعد حيضها.(3/499)
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلْقَمَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ مَاتَتْ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: حَبَسَ اللَّهُ عَلَيْك مِيرَاثَهَا، وَوَرِثَهُ مِنْهَا" 1. الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، لَكِنْ قَالَ: سبعة عشر شهرا، أو ثمانية عشرة.
قَوْلُهُ: مَذْهَبُ عُمَرَ فِي تَرَبُّصِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْهُ أَيْ عَنْ عُمَرَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَاكَ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَحَلَّتْ. تَقَدَّمَ مِنْ الْمُوَطَّأِ.
حَدِيثُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: كَيْفَ نَبِيعُهُنَّ وَقَدْ خَالَطَتْ لُحُومُنَا لُحُومَهُنَّ، وَدِمَاؤُنَا دِمَاءَهُنَّ. مَنْعُ عمر من بيعهن، ظاهر2 مَشْهُورٌ، وَأَمَّا كَلَامُهُ هَذَا فَلَمْ أَجِدْهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ: إنَّ أبان اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، قَدْ أَسْقَطَتْ لِرَجُلٍ سَقْطًا، فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ، فَلَامَهُ لَوْمًا شديدا، وقال: والله3 إنْ كُنْت لَأُنَزِّهكَ عَنْ هَذَا، أَوْ مِثْلِ هَذَا، قَالَ: وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: الْآنَ حين اختلطت لحومكم ولحمهن، وَدِمَاؤُكُمْ وَدِمَاؤُهُنَّ تَبِيعُوهُنَّ تَأْكُلُونَ أَثْمَانَهُنَّ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا اُرْدُدْهَا قَالَ فَرَدَدْتهَا وَأَدْرَكْت مِنْ مَالِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ4.
قَوْلُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ جَارَتُنَا امرأة محمد بن5 عَجْلَان امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قُلْت لِمَالِكٍ إنِّي حَدَّثْت عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ هَذَا هذه جارنا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَان امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ بَطْنٍ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ6، انْتَهَى.
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/419، كتاب العدد: باب عدة من تباعد حيضها.
2 سقط في ط.
3 سقط في ط.
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/296، 297، كتاب النكاح: باب ما يعتقها السقط، رقم 13248، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 3/87، 88، رقم 2049، عن عمر بن الخطاب به.
5 سقط في ط.
6 أخرجه الدارقطني في سننه 3/322، كتاب النكا؛ باب المهر، حديث 282، ومن طريق البيهقي في السنن الكبرى 7/443، كتاب العدد: باب ما جاء في أكثر الحمل.(3/500)
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ "مَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ عَمُودِ الْمِغْزَلِ" 1، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ وَرَوَى الْقُتَبِيُّ أَنَّ هَرِمَ بْنَ حِبَّانَ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ أَرْبَعَ سِنِينَ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ وَزَادَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَرِمًا وَتَبِعَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى أَنَّهُ يُرْوَى أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ سَنَتَيْنِ.
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ "فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ" ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَنْتَظِرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا2، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بِهِ3، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِهِ وَسَيَأْتِي لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا غُنْدَرٌ نَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ نَحْوُهُ4.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَقَالَ أَتَتْ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ اسْتَهْوَتْ الْجِنُّ زَوْجَهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ أَمَرَ وَلِيَّ الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا5.
حَدِيثُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ عِدَّتَانِ مِنْ شَخْصَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَدَاخَلَانِ أَمَّا قَوْلُ عُمَرَ فَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ طُلَيْحَةَ كَانَتْ تَحْتَ رَشِيدٍ الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَكَانَ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ لَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَهَا
__________
1 أخرجه الدارقطني 3/322، رقم 280، والبيهقي في السنن الكبرى 7/443، عن عائشة به.
2 أخرجه مالك في الموطأ 2/575، كتاب الطلاق: باب عدة التي تفقد زوجها، رقم 52، والشافعي كما في معرفة السنن والآثار للبيهقي 6/71، كتاب العدد: باب امرأة المفقود، رقم 4690، وفي السنن الكبرى 7/445، عن عمر.
3 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/88، رقم 12323.
4 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/521، رقم 16718، عن عمر به.
5 أخرجه الدارقطني في سننه 3/311، 312، رقم 254، والبيهقي في السنن الكبرى 7/445، كتاب العدد: باب من قال: تنتظر أربع سنين ثم أربعة أشهر وعشرا ثم تحل.(3/501)
مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا1، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَجَعَ فَقَالَ لَهَا مَهْرُهَا وَيَجْتَمِعَانِ إنْ شَاءَ2.
وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَاذَانَ عَنْهُ أن قَضَى فِي الَّتِي تَزَوَّجَ فِي عِدَّتِهَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَتُكْمِلُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَعْتَدُّ مِنْ الْآخَرِ3، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ حَلَّتْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَوْ وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ لَمْ يُدْفَنْ حَلَّتْ4، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ5، وَرَوَاهُ هُوَ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ سَمِعْت رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْت أَبَاك يَقُولُ لَوْ وَضَعَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ لَقَدْ حَلَّتْ.
1643 - حَدِيثُ عَائِشَةَ لَوْ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا نِسَاؤُهُ6، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
حَدِيثُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ زَوْجَ أَبِي بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ كَانَ أَوْصَى بِذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَضَعُفَتْ فَاسْتَعَانَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ شَوَاهِدُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَنْ عَطَاءٍ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَكُلُّهَا مَرَاسِيلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ.
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/442، كتاب العدد: باب الاختلاف في مهرها، وتحريم نكاحها على الثاني.
2 أخرجه الشافعي في الأم 5/337، كتاب العدد: باب اجتماع العدتين، وفي المسند 2/57، رقم 186، والبيهقي في السنن الكبرى 7/441.
3 أخرجه مالك في الموطأ 2/589، 590، كتاب الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا، رقم 84، والشافعي في الأم 5/324، كتاب العدد: باب عدة الوفاة، والبيهقي 7/430.
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم 11719.
5 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/472، رقم 11718، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/554، رقم 17096، عن ابن عمر.
6 تقدم في الجنائز.(3/502)
قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ ثُمَّ تَنْكِحُ" وَعَنْ عَلِيٍّ هَذِهِ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ.
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَتَقَدَّمَ قَبْلُ بِأَحَادِيثَ وَمَعَهُ أَثَرُ عُثْمَانَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَا فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ "تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا" 1.
وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ شَهِدَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ تُذَاكَرَا امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ فَقَالَا تربص بِنَفْسِهَا أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ2، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ سَعِيدٍ بِهِ.
وَأَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ3، وَذَكَرَهُ فِي مَكَان آخَرَ تَعْلِيقًا فَقَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ امرأة ابتليت فلتصبر لا تَنْكِحْ حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ مَوْتِهِ4، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ عَنْ عَلِيٍّ مَشْهُورٌ وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عتيبة5 أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَأْتِيَهَا مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ أَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تَتَرَبَّصُ حَتَّى تَعْلَمَ أَحَيٌّ هو أم ميت قال وَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَافَقَ عَلِيًّا6.
حَدِيثُ عُمَرَ "أَنَّهُ لَمَّا عَادَ الْمَفْقُودُ مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِ زَوْجَتِهِ" عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا7، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ مَعَ ثِقَةِ رِجَالِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ الْفَقِيدِ الَّذِي أفقد قَالَ دَخَلْت الشِّعْبَ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/521، كتاب النكاح: باب ومن قال: تعتد وتزوج ولا تربص، رقم 16717.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/445، كتاب العدد: باب من قال: تنتظر أربع سنين ثم أربعة أشهر وعشرا ثم تحل.
3 أخرجه الشافعي في مسنده 2/63، رقم 207، وفي الأم 5/348، والبيهقي في السنن الكبرى 7/444.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/446، كتاب العدد: باب من قال بتخيير المفقود إذا قدم بينها وبين الصداق، ومن أنكره.
5 في ط: عيينة.
6 أخرجه عبد الرزاق من هذه الطرق 7/90، بأرقام 12330-12333.
7 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/86، رقم 12321.(3/503)
فَاسْتَهْوَتْنِي الْجِنُّ فَمَكَثْت أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ أَتَتْ امْرَأَتِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ ثُمَّ دَعَا وَلِيَّهُ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ جِئْت بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ فَخَيَّرَنِي عُمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّدَاقِ الَّذِي أَصَدَقْتهَا1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ عَنْ عُمَرَ2 بِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ خَرَجَ يُصَلِّي مَعَ قَوْمِهِ الْعِشَاءَ فَفُقِدَ فَانْطَلَقَتْ امْرَأَتُهُ إلَى عُمَرَ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَ قَوْمَهُ عَنْهُ فَقَالُوا نَعَمْ خَرَجَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فَفُقِدَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سنن فَتَرَبَّصَتْهَا ثُمَّ أَتَتْهُ فَسَأَلَ قَوْمَهَا قَالُوا نَعَمْ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا يُخَاصِمُهُ فِي ذلك إلى عُمَرُ يَغِيبُ أَحَدُكُمْ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ لَا يَعْلَمُ أَهْلُهُ حَيَاتَهُ فَقَالَ إنَّ لِي عُذْرًا خَرَجَتْ أُصَلِّي الْعِشَاءَ فَأَخَذَنِي الْجِنُّ فَلَبِثْت فِيهِمْ زَمَانًا طَوِيلًا فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مُؤْمِنُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ فَسَبَوْنِي فِيمَا سَبَوْا مِنْهُمْ فَقَالُوا نَرَاك رَجُلًا مُسْلِمًا وَلَا يَحِلُّ لَنَا سِبَاؤُك فَخَيَّرُونِي بَيْنَ الْمَقَامِ وَبَيْنَ الْقُفُولِ إلَى أَهْلِي فَاخْتَرْت الْقُفُولَ إلَى أَهْلِي فَأَقْبَلُوا مَعِي أَمَّا بِاللَّيْلِ فَلَا يُحَدِّثُونَنِي وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَعِصَارُ رِيحٍ أَتْبَعُهَا قَالَ فَمَا كَانَ طَعَامُك إذْ كُنْت فيهم قال الفول ومالا يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ والشراب مالا يحمر قَالَ فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنِي مَطَرٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ أَنَّهُ أَمَرَهَا بَعْدَ التَّرَبُّصِ أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا3.
حَدِيثُ عُمَرَ "أَنَّهُ قَضَى لِلْمَفْقُودِ فِي امْرَأَتِهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ الثَّانِي وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهَا" هُوَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ لَوْلَا أَنَّ عُمَرَ خَيَّرَ الْمَفْقُودَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ أَوْ الصَّدَاقِ لَرَأَيْت أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا4.
قَوْلُهُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لَا مِنْ وَقْتِ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَعَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي صَادِقٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُ وَكَذَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَادِقٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ عَنْهُ5.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/86، رقم 12320.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/522، رقم 16720.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/445، 446، كتاب العدد: باب من قال بتخيير المفقود إذا قدم، وعبد الرزاق في المصنف 7/87، 88، رقم 12322.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/446.
5 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/425، كتاب العدد: باب العدة من الموت والطلاق والزوج غائب.(3/504)
بَابُ الْإِحْدَادِ1
1644 - حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ "لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ" 2 الْحَدِيثَ متفق عليه والا يراد لِلَفْظِ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد أَقْرَبُ.
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَقَدْ يُرْوَى مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ3،وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي النَّسَائِيّ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِالْوَاوِ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ رِوَايَةُ الْوَاوِ عَلَى الْعَطْفِ وَبِأَوْ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّسْوِيَةِ.
__________
1 الإحداد في اللغة: ترك الزينة لكل معتدة، قيل في المصباح: الإحداد فيه لغتان:
إحداهما: أنه من باب أفعل يقال: أحدت المرأة على زوجها تحد بضم التاء، فهي محد ومحدة.
والثانية: أنه من باب فعل، يقال: حدت المرأة على زوجها تحد بفتح التاء مع ضم الحاء وكسرها، فهي حاد، وأنكر الأصمعي الثلاثي، واقتصر على الرباعي.
وفي شرع: ترك الزينة ونحوها لمعتدة بموت أو طلاق بائن، واحدا كان الطلاق أو أكثر، وذلك بأن تجتنب المعتدة كل ما يحصل به الزينة فلا تلبس الحلي بأنواعه من ذهب وفضة، وجواهر وقصب وزمرد وياقوت ومرجان، ولا تلبس أنواع الحرير إلا لضرورة، كأن يكون بها حكة أو غيرها، فيجوز لها لبسه.
لإباحة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبس الحرير لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام لحكة كانت في جسديهما.
2 أخرجه البخاري 9/402، كتاب الطلاق: باب تلبس الحادة ثياب العصب 5342، 5341، 5343، وأخرجه مسلم 1/1127، كتاب الطلاق: باب وجوب الإحداد 938، وأبو داود 1/702، كتاب الطلاق: باب ما تجتنب المعتدة في عدتها 2302، 2303، والسنائي 6/202، 203، كتاب الطلاق: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة، 6/202، 203، كتاب الطلاق: باب هل تحد المرأة على غير زوجها، 2087، والدارمي 2/167، 168، كتاب الطلاق: باب النهي للمرأة عن الزينة في العدة، وأحمد 5/65، 6/408، والبيهقي 7/439، والبغوي في شرح السنة 5/222، كتاب لعدة: باب عدة المتوفى عنها زوجها 2383، والطحاوي 3/76، من طرق عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية، وفي رواية للبخاري 3/174، كتاب الجنائز: باب إحداد المرأة على غير زوجها 1279، عن ابن سيرين قال: توفي ابن لأم عطية رضي الله عنها فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به وقالت: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج، وهو عند البخاري أيضا في كتاب الطلاق 5340.
والحديث صح من رواية جماعة من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهن.
3 قال النووي في شرح مسلم 5/376، نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض، لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم لا للتطيب والله تعالى أعلم.
وقال ابن الأثير في النهاية 4/60: القسط: ضرب من الطيب، وقيل: هو العود، والقسط عقار معروف في الأدوية طيب الريح، تبخر به النفساء والأطفال.
وقال 3/158: الأظفار: جنس من الطيب لا واحد له من لفظه، وقيل: واحدة ظفر، وقيل: هو شيء من العطر أسود، والقطعة منه شبيهة بالظفر.(3/505)
1645 - حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ "الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ ولا الحلي ولا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ" 1، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا.
قُلْت هِيَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْهَا وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِهِ2 وَالْمَرْفُوعُ رِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ عَنْ بُدَيْلٍ وَإِبْرَاهِيمُ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَضْعِيفِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ لَهُ وَإِنَّ مَنْ ضَعَّفَهُ إنَّمَا ضَعَّفَهُ مِنْ قِبَلِ الْإِرْجَاءِ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْإِرْجَاءِ.
1646 - حَدِيثُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا" 3، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهِمَا وَرَوَاهُ بِالشَّكِّ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ حَفْصَةَ.
حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ تَقَدَّمَ لَكِنْ قَالَ هُنَا وَأَنْ تَلْبَسَ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحِ إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ4.
1647 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبِرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبِرٌ لَا طِيبَ فِيهِ قَالَ اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ" 5، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
__________
1 أخرجه أحمد 6/302، وأبو داود 2/292، كتاب الطلاق: باب فيما تجتنبه في عدتها، حديث 2304، والنسائي 6/203، 204، كتاب الطلاق: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة، حديث 3535، وابن حبان 10/144 –الإحسان، رقم 4306، والبيهقي في السنن الكبرى 7/440، كتاب العدد: باب كيف الإحداد، من حديث أم سلمة به.
2 أخرجه الطبراني في الكبير 23/357، رقم 838، والبيهقي في السنن الكبرى 7/440، كتاب العدد: باب كيف الإحداد.
3 أخرجه مسلم 5/371 –نووي، كتاب الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، حديث 63-1490، من حديث حفصة أو عائشة أو عنهما، والشافعي في الأم 5/333، كتاب الإحداد وابن حبان 4302 –الإحسان.
4 قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/245: العصب: برود يمنية يعصب غزلها: أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ، وقيل: هي برود مخططة، والعصب: الفتل والعصاب: الغزال، فيكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسج، اهـ.
5 أخرجه مالك في الموطأ 2/598، كتاب الطلاق: باب ما جاء في الإحداد رقم 105، ومن طريقه الشافعي في الأم 5/334، في الإحداد، والبيهقي في السنن الكبرى 7/440، 441، كتاب العدد: باب المعتدة تضطر إلى الكحل.(3/506)
وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أبيه عن المغير بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ أُمِّ حَكِيمِ بِنْتِ أَسِيدٍ عَنْ أُمِّهَا عَنْ مَوْلًى لَهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ1، وَفِيهِ قِصَّةٌ وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَالْمُنْذِرِيُّ بِجَهَالَةِ حَالِ الْمُغِيرَةِ وَمَنْ فَوْقَهُ وَأُعِلَّ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ سَمِعْت أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتُكَحِّلُهَا قَالَ "لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا2".
فَائِدَةٌ: الْمَرْأَةُ هِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ نُعَيْمٍ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ وَزَوْجُهَا هُوَ الْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ وَقَعَ مُسَمًّى فِي مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ.
قَوْلُهُ قِصَّةُ قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَى آخِرِهِ جَوَازُ الْإِحْدَادِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ انْتَهَى وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَلَّبِي3 ثَلَاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْت4، أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.
__________
1 أخرجه أبو داود 2/292، 293، كتاب الطلاق: باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها، حديث 2305، والنسائي 6/204، كتاب الطلاق: باب الرخصة للحادة أن تمشط بالسدر، حديث 3537، والبيهقي 7/440-441.
2 أخرجه البخاري 10/607 –فتح الباري، كتاب الطلاق: باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا، حديث 5336، ومسلم 5/369 –نووي كتاب الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، حديث 1488، وأخرجه أبو داود 2/290، كتاب الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها، 2299، والنسائي 6/188، كتاب الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها، رقم 3501، 3502، وابن ماجة 1/673، 674، كتاب الطلاق: باب كراهية الزينة للمتوفى عنها زوجها، حديث 2084، وابن حبان في صحيحه 10/140، 141 –الإحسان، رقم 4304، والبيهقي في السنن الكبرى 7/437، كتاب العدد: باب الإحداد، من حديث أم سلمة.
3 قال ابن الأثير في النهاية 2/387: أي البسي ثوب الحداد وهو السلاب، والجمع سلب، وتسلبت المرأة إذا لبسته، وقيل: هو ثوب أسود تغطي به المحدة رأسها.
4 أخرجه ابن حبان في صحيحه 7/418، 419 –الإحسان، رقم 3148، ووقع عنده: تلسمي ثلاثا وهو تصحيف.
قال الحافظ في الفتح 10/611، وأغرب ابن حبان فساق الحديث بلفظ: "تسلمي" بالميم بدل الموحدة، وفسره بأنه أمرها بالتسليم لأمر الله، ولا مفهوم لتقييدها بالثلاث، بل الحكمة فيه كونه القلق يكون في ابتداء الأمر أشد فلذلك قيدها بالثلاث، هذا معنى كلامه فصحف الكلمة وتكلف لتأويلها، وقد وقع في رواية البيهقي وغيره: فأمرني أن أتسلب ثلاثا، فتبين خطؤه. والحديث أخرجه أحمد 6/369، 438، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/75، كتاب النكاح: باب المتوفى عنها زوجها، هل لها أن تسافر في عدتها؟ والطبراني في الكبير 24/139، رقم 369، ووقع عنده تسكني ثلاثا، وهو تصحيف أيضا، وذكره في المجمع للهيثمي 3/19، 20، وعزاه لأحمد، والطبراني وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/438، وقال: لم يثبت سماع عبد الله بن شداد بن الهاد من أسماء بنت عميس وقد قيل فيه: عن أسماء، فهو مرسل، ومحمد بن طلحة ليس بالقوي، والأحاديث قبله أثبت فالمصير إليها أولى، وبالله التوفيق. =(3/507)
__________
=قال الحافظ في الفتح 10/611: وهذا تعليل مدفوع، فقد صححه أحمد، ولكنه قال: إنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد.
قال الحافظ: وهو مصير منه إلى أنه يعله بالشذوذ. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي بهامش البيهقي 7/438، وابن شداد لم يذكر من المدلسين، والعنعنة من غير المدلس محمولة على الاتصال، إذا ثبت اللقاء، أو أمكن على الاختلاف المعروف بين البخاري ومسلم.
وينظر كلامه في مكانه.(3/508)
بَابُ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ
1648 - حَدِيثُ "أَنَّ فُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قُتِلَ زَوْجُهَا فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يُمْلَكُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الحجرة أوفى الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ "اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ" قَالَتْ فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"،مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ عَنْ الْفُرَيْعَةِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَدِيثِ وَسِيَاقُ ابْنِ مَاجَهْ مِثْلُ مَا هُنَا وَفِي أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَبَعًا لِابْنِ حَزْمٍ بِجَهَالَةِ حَالِ زَيْنَبَ وَبِأَنَّ سَعْدَ بْنَ إِسْحَاقَ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعَدَالَةِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ سَعْدًا وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَزَيْنَبَ وَثَّقَهَا التِّرْمِذِيُّ.
قُلْت وَذَكَرَهَا ابْنُ فَتْحُونٍ وَابْنُ الْأَمِينِ فِي الصَّحَابَةِ وَقَدْ رَوَى عَنْ زَيْنَبَ غَيْرُ سَعْدٍ فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثٌ فِي فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
حَدِيثُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ بَتَّ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ 2/591، كتاب الطلاق: باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، رقم 87، والشافعي في الأم 5/328، كتاب العدد: باب مقام المتوفى عنها والمطلقة في بيها.
وأخرجه أحمد 6/370، وأبو داود 2/291، كتاب الطلاق: باب في المتوفى عنها تنتقل، حديث 2300، والترمذي 3/499، 500، كتاب الطلاق: باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟ حديث 1204، والنسائي 6/199، كتاب الطلاق: باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، رقم 3528، 3529، وابن ماجة 1/654، 655، كتاب الطلاق: باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها، حديث 2031، وابن حبان 10/128 – الإحسان، رقم 4292، والحاكم في المستدرك 2/208، والبيهقي 7/434، 435.
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم وابن حبان.(3/508)
مَكْتُومٍ هَذَا مِمَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْأَوْهَامِ الْوَاضِحَةِ وَالْقِصَّةُ إنَّمَا هِيَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّهْيِ عن الْخِطْبَةِ عَلَى الصَّوَابِ وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ [ثم ظهر لي أن الوهم إنما هو من جهة الشهرة وإلا فوالد فاطمة بنت أبي حبيش اسمه قيس وكأن الراوي ظنه واحدا] 1.
1649 - حَدِيثُ مُجَاهِدٍ أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَ نِسَاؤُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا أَفَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَأَذِنَ لَهُنَّ أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا2، الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ.
وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ عَلَى الصَّوَابِ وَفِي نُسْخَةٍ بَيْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ جُرَيْجٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ الْيَافِعِيُّ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ نِسَاءً مِنْ هَمْدَانَ نُعِيَ لَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ فَسَأَلْنَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ3.
1650 - حَدِيثُ جَابِرٍ "لقت خَالَتِي ثَلَاثًا فَخَرَجَتْ تَجُذُّ نَخْلًا لَهَا فَنَهَاهَا رَجُلٌ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُخْرُجِي فَجُذِّي نَخْلَك لَعَلَّك أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي معروفا" 4ودَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
تَنْبِيهٌ: خَالَةُ جَابِرٍ ذَكَرَهَا أَبُو مُوسَى فِي ذَيْلِ الصَّحَابَةِ فِي الْمُبْهَمَاتِ.
حَدِيثُ أَنَّ الْغَامِدِيَّةَ لَمَّا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا رَجَمَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَسَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ.
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ "اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِحْضَارِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ.
__________
1 سقط في ط.
2 أخرجه الشافعي في معرفة السنن والآثار للبيهقي 6/57، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 7/36، رقم 12077, والبيهقي في السنن الكبرى 7/436، كتاب العدد: باب كيفية سكنى المطلقة والمتوفى عنها.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/436، كتاب العدد: باب كيفية سكنى المطلقة، والمتوفى عنها.
4 أخرجه مسلم 5/365 –نووي، كتاب الطلاق: باب جواز خروج المعتدة البائن، حديث 55-1483، وأبو داود 2/289، كتاب الطلاق: باب في المبتوتة تخرج بالنهار، حديث 2297، والنسائي 6/209، رقم 3550، وابن ماجة 1/656، حديث 2034، والحاكم في المستدرك 2/207، والبيهقي في السنن الكبرى 7م436.(3/509)
1651 - حَدِيثُ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" 1 وَقَدْ اُشْتُهِرَ هَذَا الْحَدِيثُ، أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ2، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ3، وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ4، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا ومعها ذُو مَحْرَمٍ" 5 وَلَمْ يَذْكُرَا آخِرَهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا نَقَلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بَعْدَمَا اُسْتُشْهِدَ عُمَرُ بِسَبْعِ لَيَالٍ" 6، الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ بِهَذَا، ورواه الثوري في جامع عَنْ فِرَاسٍ وَزَادَ: لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ، وَالشَّافِعِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كاهن يُرَحِّلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا يَنْتَظِرُ بِهَا7.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "لَا يَصْلُحُ أَنْ تَبِيتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إلَّا فِي بَيْتِهَا" 8 مَوْقُوفٌ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَ الْفَاحِشَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] بأن تبذو أو تستطيل بِلِسَانِهَا عَلَى أَحْمَائِهَا، وَكَذَا هُوَ فِي تَفْسِيرِ غَيْرِهِ.
__________
1 أخرجه أحمد 3/446، من حديث عامر بن ربيعة، وعزاه له الزيلعي في نصب الراية، 4/250، من حديث عامر.
2 أخرجه ابن حبان 7/261 –موارد، رقم 2282، 4576 –الإحسان، من طريق جابر بن سمرة، قال: خطبنا عمر بن الخطاب بالجاثية ... فذكره، وفيه: "ألا لا يخلون رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان".
3 رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 5/228، وقال: وفيه عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي وهو متروك.
4 أخرجه أحمد 1/81، والترمذي 4/465، 466، كتاب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة، حديث 2165، والحاكم في المستدرك 1/114، كتاب العلم، وذكره الزيلعي في نصب الراية 4/249، من طريق محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، قال: خطبنا عمر بالجاثية، فذكره.
قال الترمذي: حسن صحيح.
5 أخرجه البخاري 6م142، 143، كتاب الجهاد: باب من اكتتب في جيش، فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذر هل يؤذن له؟ حديث 3006، ومسلم 2/978، كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، حديث 424/1341، وأحمد 1/222، والطيالسي 1/124 –منحة، رقم 583، وأبو يعلى 4/279، رقم 2391، وابن خزيمة 2529، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/112، وابن حبان 3763، 3764 –الإحسان، من طريق عمرو بن أبي معبد عن ابن عباس قالك سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم".
6 أخرجه الشافعي في معرفة السنن والآثار 6/55، 56، رقم 4666، والبيهقي في السنن الكبرى 7/436، كتاب العدد: باب من قال: لا سمكنى للمتوفى عنها زوجها.
7 ينظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي 6/55، رقم 4666.
8 أخرجه الشافعي في مسنده 2/53، رقم 174، والبيهقي في السنن الكبرى 7/436، كتاب العدد: باب كيفية سكنى المطلقة، والمتوفى عنها وفي معرفة السنن والآثار 6/58، رقم 4674.(3/510)
أَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قَالَ: أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَحْمَائِهَا1.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ نَحْوُهُ2.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعِكْرِمَةَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ الزِّنَا، وَهُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا3، فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ وَعَدَّ مَنْ قَالَ بِهِ غَيْرُهُمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفْسًا.
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: "أَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ذَرَابَةٌ فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا" 4 الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ عَنْهُ فِي قِصَّةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا.
تَنْبِيهٌ: هَذَا الْأَثَرُ مِنْ سَعِيدٍ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الماضي، الذرابة5: بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، هِيَ: الْحِدَةُ.
تم الجزء الثالث، ويليه الجزء الرابع وأوله: كتاب العدد.
__________
1 أخرجه الشافعي في الأم 5/340، كتاب العدد: باب العذر الذي يكون للزوج أن يخرجها، والبيهقي في السنن الكبرى 7/431، كتاب العدد: باب ما جاء في قول الله عز وجل {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [الطلاق: 1] .
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/432، وذكره السيوطي في الدر المنثور 9/352، وعزاه لعبد الرزاق، وسعيد بن منصور وابن راهويه، وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.
3 ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/352، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/433، كتاب العدد: باب ما جاء في قوله عز وجل: {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [الطلاق:1] .
5 الذرابة من الذرب، من قولهم: ذرب لسانه: إذا كان حاد اللسان، لا يبالي ما قال.
ينظر: النهاية لابن الأثير 2/156.(3/511)
المجلد الرابع
تابع كتاب العدد
باب الاستبراء
...
بسم الله الرحمن الرحيم
3- بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ1
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: "لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ"، وَكَرَّرَهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مُبَيَّنًا فِي "كِتَابِ الْحَيْضِ".
حَدِيثُ: "لَا تَسْقِ مَاءَك زَرْعَ غَيْرِك"، تَقَدَّمَ فِي الْعَدَدِ.
1652- حَدِيثُ: "أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ تَنَازَعَا عَامَ الْفَتْحِ فِي وَلَدِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَكَانَ زَمْعَةُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَخِي كَانَ عَهِدَ إلَيَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَلَمَّ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ عَبْدٌ: هُوَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا3.
__________
1 الاستبراء مأخوذ من التَّبَرِّي، وهو التخلُّيص، وإن كان مصدراً إلا أن المزيد يؤخذ من المجرد، ومما هو أقل منه زيادة، وهو لغة الاستقصاء، والبحث، والكشف عن الأمر الغامض.
وشرعاً: هو الكَشْفُ عن حال الأرحام عند انتقال الأملاك؛ مراعاة لحفظ النسب وقال ابن عرفة مدة دليل براءة الرحم لا لرفع عصمة أو طلاق.
2 أخرجه البخاري 4/ 342 كتاب البيوع باب تفسير المشبهات [53- 2] كتاب الخصومات باب دعوة الوصي للميت [2421] وأخرجه أيضاً برقم [2218، 2523، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182] ومسلم 2/ 1080 كتاب الرضاع باب الولد للفراش، وتوقي الشبهات [1457/ 36] وأبو داود 1/ 692 كتاب الطلاق باب الولد للفراش [2273] والنسائي 6/ 180 كتاب الطلاق باب إلحاق الولد بالفراش وابن ماجة 1/ 646 كتاب النكاح، باب الولد للفراش [2004] والدارمي 2/ 152 كتاب النكاح باب الولد للفراش والدارقطني 4/ 241 كتاب الأقضية والأحكام [133- 136] ومالك في الموطأ 2/ 739 كتاب الأقضية باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه وأحمد في المسند [6/ 37، 129، 200، 226، 237، 246، 247] والبغوي في شرح السنة 5/ 198 كتاب الطلاق باب الولد للفراش [2371- بتحقيقنا] والبيهقي في السنن 7/ 412 والطحاوي [3/ 104] والقضاعي في مسند الشهاب كما في فتح الوهاب للغمادي 1/ 250 [200] .
3 أخرجه أحمد [2/ 239، 280، 386، 409، 466، 475، 492] والبخاري 12/ 33 كتاب الفرائض باب الولد للفراش [6750] و12/ 130 كتاب الحدود باب للعاهر الحجر [6818] ومسلم 2/ 1081 كتاب الرضاع باب الرضاع باب الولد للفراش [1458] والنسائي 6/ 180 كتاب الطلاق باب إلحاق الولد بالفراش والترمذي 3/ 463 كتاب الرضاع باب ما جاء أن الولد للفراش [1157] وابن ماجة 1/ 646، 647، كتاب النكاح باب الولد للفراش [2006] والدارمي 2/ 152 كتاب النكاح باب الولد للفراش والبيهقي 7/ 412 كتاب اللغات باب الولد للفراش والحميدي [1085] والقضاعي في مسند الشهاب [282- 283] وعبد الرزاق في المصنف 7/ 443 =(4/3)
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ مِنْ سَبْيِ "جَلُولَاءَ"، فَنَظَرْت إلَيْهَا، فَإِذَا عُنُقُهَا، مِثْلُ إبْرِيقِ الْفِضَّةِ، فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ وَقَعْت عَلَيْهَا، فَقَبَّلْتهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَلَمْ
__________
= [13821] والخطيب في التاريخ [4/ 295] وفي الباب عن عثمان وابن مسعود وأبي أمامة.
أمَّا حديث عثمان: رواه أبو داود 1/ 692 كتاب الطلاق باب الولد للفراش [2275] " حدثناً موسى بن إسماعيل، ثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رباح قال: زوجني أهلي أمة لهم رومية فوقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبد الله ثم وقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبيد الله ثم طبن لها غلام لأهلي رومي يقال له يوحنه فراطنها بلسانه فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات فقلت لها ما هذا؟ فقالت: هذا ليوحنة فرفعنا إلى عثمان أحسبه قال مهدي قال: فسألهما فاعترفا فقال لهما: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أن الولد للفراش وأحسبه قال: فجلدها وجلده وكانا مملوكين" ورواه الطحاوي [3/ 104] مختصراً.
وذكر نحوه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 16 وفيه أن عثمان رفعهما إلى علي فقضى فيهما بقضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن "الولد للفراش وللعاهر الحجر وجلدهما خمسين خمسين.
وقال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس وبقية رجال أحمد ثقات" ا. هـ.
أمَّا حديث ابن مسعود:
رواه النسائي 6/ 181 كتاب الطلاق باب إلحاق الولد بالفراش وأبو يعلى في مسنده 9/ 80 [5148] وابن حبان كما في موارد الظمآن [1336] والخطيب في تاريخ بغداد 11/ 116 أما حديث أبي أمامة رواه أحمد 5/ 267 وابن ماجة 1/ 647 كتاب النكاح باب الولد للفراش [2007] .
وورد أيضاً من حديث ابن الزبير: أخرجه النسائي 6/ 180- 181 كتاب الطلاق باب إلحاق الولد بالفراش ورواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي في المجمع 5/ 18: "راجالة ثقات" ورواه ابن ماجة 1/ 646 كتاب النكاح باب الولد للفراش [2005] والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 104 والبيهقي في السنن 7/ 402 كتاب اللعان باب الولد للفراش وأبو يعلى 1/ 177 [199] كلهم من طريق ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن عمر بن الخطاب.
وحديث علي ابن أبي طالب قال الهيثمي في المجمع 5/ 16 "رواه أحمد والبزار وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس وبقية رجال أحمد ثقات" ا. هـ وهو في المسند 1/ 104 وقال البزار كما في كشف الأستار 2/ 197 [1510] : "لا نعلمه عن علي إلا بهذا الإسناد وأحسب الحجاج أخطأ فيه، إنما رواه الحسن بن عبد الله بن أبي يعقوب في إسناد له عن الحسن بن سعد عن رباح عن عثمان".
وحديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالولد للفراش.
رواه البزار كما في كشف الأستار 2/ 197، 198 [1511] حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا يعقوب بن محمد، ثنا عبد العزيز بن عمران، عن أبيه عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه به.
قال البزار: لا نعلمه عن سعد إلا بهذا الإسناد.
قال الهيثمي في المجمع 5/ 16: "فيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك" ا. هـ. =(4/4)
يُنْكِرْ عَلَيَّ أَحَدٌ"1، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي "الْكِتَابِ الْأَوْسَطِ": نَا2 عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نَا3 حجاج، نَا4 عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيِّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ "جَلُولَاءَ" فَذَكَرَهُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَقَمْتُ عِشْرِينَ سَنَةً أَبْحَثُ عَمَّنْ خَرَّجَ هَذَا الْأَثَرَ فَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مصنفه" [من طريق هشيم] 5 عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، ورواه الْخَرَائِطِيُّ فِي "اعْتِلَالِ الْقُلُوبِ" مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ نَحْوُهُ.
__________
= -وحديث ابن عمر رواه البزار [1512 كشف الأستار] وفيه سنان بن الحارث قال الهيثمي في المجمع 5/ 16: "فيه سنان بن الحارث ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات".
- وحديث معاوية: أخرجه أبو يعلى 13/ 382- 384 [7389] قال الهيثامي 5/ 17: "رواه أبو يعلى وإسناده منقطع ورجاله ثقات" وذكره الحافظ في المطالب العالية 2/ 68- 69 [1675] وعزاه لأبي يعلى.
- وحديث الحسن رواه أحمد 2/ 492 حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن الحسن قال: "بلغني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أن الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر" قال الهيثمي في المجمع 5/ 16: "رواه أحمد مرسلاً ورجاله رجال الصحيح".
- وحديث ابن عباس رواه الدارقطني 2/ 142 كتاب زكاة الفطر [18] والطبراني 11/ 183 [11434] من طريق داود بن شبيب ثنا يحيى بن عباد السعدي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، فذكره، قال الهيثمي 5/ 17: "فيه يحيى بن عباد السعدي وهو ضعيف وقال داود بن شبيب وكان من خيار الناس وبقية رجاله ثقات".
- وحديث البراء بن عازب وزيد أرقم رواه الطبراني في الكبير 5/ 191 [5057] قال الهيثمي 5/ 18: "رواه الطبراني وفيه موسى بن عثمان الحضري وهو ضعيف".
- وحديث عبادة بن الصامت قال الهيثمي في المجمع 5/ 18: "رواه الطبراني وأحمد في حديث طويل وإسناده منقطع".
- وحديث أبي مسعود: رواه الطبراني في الكبير وقال الهيثمي في المجمع 5/ 18: "وفيه من لا يعرف" ا. هـ.
- وحديث واثلة بن الأسقع رواه الطبراني في الكبير 22/ 83 [201] قال الهيثمي في المجمع 5/ 18: "وفيه جناح مولى الوليد وهو ضعيف".
- وحديث أبي وائل رواه الطبراني كما في المجمع 5/ 18 وقال: "مرسل ورجاله ثقات".
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" [4/ 229- 230] .
2 في الأصل: حدثنا.
3 في الأصل: حدثنا.
4 في الأصل: حدثنا.
5 سقط في ط.(4/5)
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا هَلَكَ سَيِّدُهَا بِحَيْضَةٍ، وَاسْتِبْرَاؤُهَا بِقُرْءٍ وَاحِدٍ"، مَوْقُوفٌ، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا، تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ"، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَأَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ نَحْوُهُ1، زَادَ أَبُو أُسَامَةَ: "وَكَذَا إنْ عَتَقَتْ أَوْ وُهِبَتْ".
حَدِيثُ عُمَرَ: "لَا تَأْتِينِي أُمُّ وَلَدٍ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنَّهُ قَدْ أَلَمَّ بِهَا، إلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ، أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ"، الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ، ثُمَّ يَعْتَزِلُوهُنَّ"، فَذَكَرَ نَحْوَهُ2.
وَعَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ فِي إرْسَالِ الْوَلَائِدِ يوطئن، بِمَعْنَى حَدِيثِ سَالِمٍ، وَلَفْظُهُ: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ، ثُمَّ يَدَعُوهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا، إلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ، أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ" 3.
قَوْلُهُ: "الْمَنْصُوصُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ إذَا نَفَاهُ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ نفوا أولاد جواري لهم، هذا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُمْ بِلَا إسْنَادٍ فِي "الْأُمِّ"؛ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ عَنْهُ4، فَيُنْظَرُ فِي أَسَانِيدِهِ".
قُلْتُ: أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ؛ أَمَّا عُمَرُ: فَعَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ فَحَمَلَتْ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُلْحِقْ بِآلِ عُمَرَ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، قَالَ: فَوَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: مِنْ رَاعِي الْإِبِلِ، فَاسْتَبْشَرَ5.
وَأَمَّا زَيْدٌ: فَعَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: "كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ بِطِيبِ نَفْسِهَا، فَلَمَّا وَلَدَتْ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، وَضَرَبَهَا مِائَةً، ثُمَّ
__________
1 أخرجه مالك [2/ 593] كتاب "الطلاق"، باب: "عدة أم الولد إذا توفى عنها سيدها"، حديث [92] من طريق نافع عن ابن عمر –رضي الله عنه- ومن طريقة الشافعي [2/ 58] كتاب "الطلاق"، باب "في العدة"، حديث [189] ومن طريق الشافعي أخرجة البيهقي [7/ 447] كتاب "العدد"، باب "استبراء أم الولد".
2 أخرجه الشافعي في "الآم" [7/ 229] بهذا الإسناد ومن طريقه البيهقي [7/ 413] كتاب "اللعان"، باب: "الفوائد للفراش بالوطء بملك اليمين والنكاح".
3 أخرجه الشافعي في الأم [7/ 229] بهذا الإسناد ومن طريقه البيهقي [7/ 413] كتاب "اللعان"، باب: "الولد للفراش بالوطء بملك اليمين والنكاح".
4 ينظر الأم [7/ 229] ، والسن الكبرى للبيهقي [7/ 413] .
5 أخرجه عبد الرازق في "مصنفة" [7/ 136] في أبواب "اللعان"، باب: الرجل يطأ سريته وينتفي منها"، حديث [12536] .(4/6)
أَعْتَقَ الْغُلَامَ"1، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ مِثْلُهُ2.
وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ: فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ "أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ، وَكَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا، فَوَلَدَتْ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا"3، وَعَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ زِيَادٍ4 قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ"، فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا أَنَّهُ انْتَفَى مِنْ وَلَدِ جَارِيَتِهِ"5.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [7/ 135] في الموضع السابق، حديث [12531] .
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 135] [12532] إلا أنه قال: "كانت الجارية فارسية".
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 135] [12534] .
4 في الأصل زناد وهو خطأ والصواب المثبت.
5 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفيه" [7/ 136] [12535] عن زيادة قال: "كنت عند ابن عباس يسب الغلام وأمه، فتناوله بلسانه قال: إنه لابنك، فدعاه وحمل أمه على راحلة".
قال وكان ابن عباس: "انتفى منه".(4/7)
كِتَابُ الرضاع
مدخل
...
55- كتاب الرَّضَاعِ6
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ".
__________
6 هو مصدر من: رَضِع بكسر الضاد يَرْضَع بفتحها من باب تَعِبَ، أو ورضع بفتح الضاد يَرْضع بكسرها من باب ضَرَب يَضْرِب.
قال في "المصباح": رضع الصبي رضعا من باب تعب لُغَةٌ لأهل "نجد"، ورضع من باب ضرب لغة لأهل "تهامة"، وأهل "مكة" يتكلمون بها، وعلى هذا فهو مصدر سماعي لا قياسي؛ لأن المصدر القياسي من الباب الأول رَضَعاً بفتح الراء والضاد مع القَصْر، والمصدر من الباب الثاني رضْعاً بسكون الضاد.
وقال جَمْعٌ: إن المصدر من هذه اللُّغة بكسر الضاد، وإنما السكون تخفيف مثل الحلف والحلف.
وقال في "المصباح" أيضاً: رضع يرضع بفتحتين من رضاعاً ورصاعة لغة ثالثة.
وعلى هذه اللغة هو مصدر قياسي، وإذا أريد وَصْف المرأة به يقال: مرضع ومرضعة بإثبات التاء، وحذفها في آخره.
وقال الفراء: إنْ قصد حقيقة الوصف بالإرضاع، فمرض بغير تاء، وإن قصد مجازه يعني: أنها محلُّ الإرضع باعتبار ما كان، أو سيكون فبالهاء، وقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] على هذا النحو.
وقد خالف في ذلك الشيخ الشَّرقَاوِيُّ حيث عكس المسألة فقال: يقال للمرأة التي لم تباشر الإرضاع وهي ذات ولد مرضع بحذف التاء، وللتي باشرته مرضعة بالتاء ففعله يجوز فيه فتح الضَّاد وكسرها، ومصدره يجوز فيه إثبات التاء وحذفها، مع فتح الراء وكسرها، وإبدال ضاده تاء. =(4/7)
1653- حَدِيثُ: "الْإِرْضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ، وَأَنْشَرَ الْعَظْمَ"، أَبُو دَاوُد، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: "لَا رَضَاعَ إلَّا"، وَفِيهِ قِصَّةٌ لَهُ مَعَ أَبِي مُوسَى فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ1، وَأَبُو مُوسَى وَأَبُوهُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولَانِ؛ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي موسى" فذكره بِمَعْنَاهُ2.
__________
= والخلاصة من هذا كُله أن الفعل الماضي من هذه المادة تكسر ضاده وتفتح، والمضارع تفتح ضاده وتكسر، والمصدر منها تفتح راؤه، وهو الأفصح، وتكسر مع فتح الضاد، ويجوز قَلْبُ ضاده تاء، والتاء تحذف في آخره، وقد تثبت فيقال: رضاع ورضاعة ورتاع بفتح الراء وكسرها في الجميع، ومعناه لغة: مَصّ الثدي وشرب لَبَنِهِ.
انظر: لسان العرب: 3/ 1660، المصباح المنير: 1/ 312، المطلع: 350.
واصطلاحاً:
عرفه الحنفية بأنه: مصُّ لبن آدمية في وقت مخصوص.
وعَرّفه الشافعية بأنه: اسمٌ لحصول لبن امْرَأةٍ، أو ما حصل منه في معدة طفل أو دماغه.
وعَرفه المالكية بأنه: وصول لَبن المرأة، وإن كانت ميتة أو صغيرة لم تطق لجوف رضيع وإن بسَعُوطٍ أو حقنة تغذي، أو خلط بغيره، إلا أن يغلب عليه في الحولين، أو بزيادة شهرين، إلا أن يستغنى ولو قيها.
وعرف الحنابلة بأنه: مصّ لبن من له دون حولين لبناً، أو شربه كالسعوط ثاب من حمل من ثدي امرأة.
انظر: تبيين الحقائق: 2/ 181، اللباب: 31، معني المحتاج: 3/ 314، الشرح الصغير: 327، كشف القناع: 5/ 442.
1 أخرجه أبو داود [2/ 222] كتاب "النكاح"، باب: "في رضاعة الكبير"، حديث [2059] قال: حدثنا عبد السلام بن مطهر، أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن أبي موسى عن أبيه عن ابن لعبد الله بن مسعود عن ابن مسعود به، ومن طريقه أخرجه البيهقي [7/ 461] كتاب "الرضاع"، باب: "رضاع الكبير"، وابن عبد البر في "التمهيد" [8/ 261] .
وأخرجه أبو داود [2/ 222] كتاب "النكاح"، باب: "في رضاعة الكبير"، حديث [2060] مرفوعاً دون ذكر القصة، والدارقطني [4/ 172] في باب الرضاع، والبيهقي [7/ 460، 461] كتاب "الرضاع"، باب: "رضاع الكبير" من طريق أبي موسى الهلالي عن أبيه أن رجلاً كان في سفر فولدت امرأته فاحتبس لبنها فخشى عليها فأصبح يمصه ومجه، فدخل في حلقه، فسأل أبا موسى، فقال: حرمت عليك فأتى ابن مسعود فسأله، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم".
2 أخرجه البيهقي [7/ 461] كتاب "الرضاع"، باب: "رضاع الكبير" عن أبي عطية قال: جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- فقال: إن امرأتي ورم ثديها فمصصته فدخل حلقي شيء سبقني، فشدد عليه أبو موسى، فأتى عبد الله بن مسعود، فقال: سألت أحداً غيري قال: نعم أبا موسى فشدد علي، فأتى أبا موسى، فقال: أرضيع هذا، فقال أبو موسى: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم، أو قال: بين أظهركم.(4/8)
1654- حَدِيثُ: "لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةُ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا، وَقَالَ ابْنُ عدي: يعرف بـ "الهيثم"، وَغَيْرُهُ لَا يَرْفَعُهُ، وَكَانَ يَغْلَطُ.
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَوَقَفَهُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ التَّحْدِيدَ بِالْحَوْلَيْنِ2، قَالَ: وَرَوَيْنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَالشَّعْبِيِّ.
وَيُحْتَجُّ لَهُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: "لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ، وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ" 3.
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 174] قال الزيلعي في "نصب الراية" [3/ 218، 219] : قال ابن القطان: والراوي عن الهيثم أبو الوليد بن برد الأنطاكي، وهو لا يعرف، انتهى كلامه، قال صاحب "التنقيح": وأبو الوليد بن برد هو محمد بن أحمد بن الوليد بن برد، وثقة الدارقطني، وقال النسائي: صالح، والهيثم بن جميل وثقة الإمام أحمد، والعجيلي، وابن حبان، وغير واحد، وكان من الحفاظ، إلا أنه وهم في رفع هذا الحديث، والصحيح وفقه على ابن عباس، هكذا رواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة موقوفاً. ا. هـ.
وأخرجه سعيد بن منصور كما في نصب الراية موقوفاً من طريق ابن عيينة، ومن طريقه البيهقي [7/ 462] وأخرجه مالك [2/ 607] كتاب الرضاع، باب: "ما جاء في الرضاعة بعد الكبر"، حديث [14] عن يحيى بن سعيد أن رجلاً سأل أبا موسى ... فذكره وفيه فقال عبد الله بن مسعود ... فذكره ولم يرفعه.
ومن طريقه الشافعي في الأم [6/ 29] كتاب "النكاح"، باب: "رضاعة الكبير".
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي [7/ 462] كتاب "الرضاع"، باب: "ما جاء في تحديد ذلك بالحولين".
2 ينظر البيهقي [7/ 462] كتاب الرضاع: باب ما جاء في تحديد ذلك بالحولين.
3 أخرجه الترمذي 3/ 458 في الرضاع، باب ما جاء فيما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين [1152] ، والنسائي في الكبرى 3/ 301 في النكاح، باب الرضاعة بعد الفطام قبل الحولين [5465/ 2] وابن حبان [1250] موارد من طريق أبي عوانة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به وكذا أخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 20 وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه النسائي في الكبرى [5461/ 15] والبيهقي 7/ 456 عن جرير بن محمد بن إسحاق عن إبراهيم بن عقبة قال: كان عروة بن الزبير يحدث عن الحجاج بن الحجاج بن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحرم من الرضاعة المصة ولا المصتان ولا يحرم إلا ما فتق الأمعاء من اللبن".
وأخرجه الشافعي 2/ 21 برقم [63] ، وعنه البيهقي عن سفيان عن هشام عن أبيه عن الحجاج عن أبي هريرة به موقوفاً كما يشهد له حديث عبد الله بن الزبير رواه ابن ماجة 1/ 626 في النكاح، باب لا رضاع بعد فصال [1946] من طريق عبد الله بن وهب أخبرني ابن لهيعة عن =(4/9)
1655- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ"1، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهَا.
قَوْلُهُ: "وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَةِ حُكْمِهَا"، أَيْ: أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهَا "وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ": أَنَّ التِّلَاوَةَ بَاقِيَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَالْمَعْنَى قِرَاءَةُ الْحُكْمِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا: "تُوُفِّيَ"، قَارَبَ الْوَفَاةَ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ النَّسْخُ مَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى التِّلَاوَةِ.
1656- حَدِيثُ: "لَا تُحَرَّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ"، مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ2، وَأُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ3، وَفِيهِ قِصَّةٌ.
__________
= أبي الأسود عن عروة عنه مرفوعاً "لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء".
ورواه النسائي [5466/ 3] عن المعتمر قال سمعت عبد الله يعني ابن نمير عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير به مرفوعاً.
وينظر سنن النسائي الكبرى 3/ 300- 301.
1 أخرجه البخاري مالك [2/ 608] كتاب الرضاع باب جامع ما جاء في الرضاعة حديث [17] ومسلم [2/ 1075] كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات حديث [24/ 1452] والشافعي [2/ 21] كتاب النكاح باب فيما جاء في الرضاع حديث [66] والدرامي [2/ 157] كتاب النكاح باب كم رضعة تحريم، وأبو داود [2/ 551] كتاب النكاح باب هل يحرم ما دون خمس رضعات حديث [2062] والترمذي [3/ 456] كتاب الرضاع باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان حديث [1150] والنسائي [6/ 100] كتاب النكاح باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، وابن حبان [4207- الإحساء] والبيهقي [7/ 454] كتاب الرضاع باب من قال لا يحرم من قال لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات من طريق عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة به.
وأخرجه مسلم [2/ 1075] كتاب الرضاع: باب التحريم بخمس رضعات حديث [25/ 1452] والشافعي في "المسند" [2/ 21] كتاب النكاح: باب فيما جاء في الرضاع حديث [67] وسعد بن منصور [1/ 279] رقم [976] وابن الجارود [688] والدارقطني [4/ 181] من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة به وأخرجه ابن ماجة [1/ 625] كتاب النكاح: باب لا تحرم المصة والمصتان حديث [1942] من طريق القاسم بن محمد عن عمرة عن عائشة.
2 أخرجه مسلم [3/ 1073- 1074] كتاب الرضاع: باب في المصة والمصتان حديث [17/ 1450] وأبو داود [2/ 552] كتات النكاح: باب هل يحرم ما دون خمس رضعات حديث [2063] والنسائي [6/ 101] كتاب النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة والترمذي [3/ 455] كتاب الرضاع: باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان حديث [1150] وابن ماجة [1/ 624] كتاب النكاح: باب لا تحرم المصة ولا المصتان حديث [1940] وأحمد [6/ 31، 95، 96] وسعيد بن منصور [1/ 277] رقم [969] ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" [ص 88] رقم [312] وأبو يعلى [8/ 239] رقم [4812] وابن حبان [4214- الإحسان] والدارقطني [4/ 172] كتاب الرضاع رقم [3] والبيهقي [7/ 455] كتاب الرضاع: باب من قال لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات وابن الجارود [689] كلهم من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحرم المصة ولا المصتان".
3 أخرجه مسلم [3/ 1074] كتاب الرضاع: باب هل يحرم ما دون خمس رضعات حديث [18/ 1451] والنسائي [6/ 100- 101] كتاب النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة وابن =(4/10)
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ1، وَقَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، يَعْنِي: كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ2.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ بِالِاضْطِرَابِ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ3، وَعَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا وَاسِطَةٍ.
وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بَيْنَهَا بِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعَهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَفِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بُعْدٌ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ4.
__________
= ماجة [1/ 624] كتاب النكاح: باب لا تحرم المصة ولا المصتان حديث [1940] والدارمي [2/ 157] كتاب النكاح: باب كم رضعة تحرم وسعيد بن منصور [1/ 277] رقم [980] وأحمد [6/ 339] وعبد الرزاق [7/ 469] رقم [13926] والمروزي في "السنة" [ص 88] رقم [311] وأبو يعلى [12/ 498] رقم [2072] وابن حبان [4215- الإحسان] والدارقطني [4/ 175] كتاب الرضاع رقم [27] والطبراني في "الكبير" [25/ 22] رقم [28، 29] والبيهقي [7/ 445] كتاب الرضاع: باب من قال لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات كلهم من طريق عبد الله بن الحارث عن أم الفضل أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إني قد تزوجت امرأة وعندي أخرى فزعمت الأولى أنها أرضعت الحدثى فقال: "لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان".
1 أخرجه عبد الرزاق [7/ 469] رقم [13925] والنسائي [6/ 101] كتاب النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة والشافعي [2/ 21] كتاب النكاح: باب ما جاء في الرضاع [65] والمروزي في "السنة" [ص 88] رقم [313، 314] والبغوي في "شرح السنة" [5/ 63- بتحقيقنا] من طريق عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحرم المصة ولا المصتان".
والحديث صححه ابن حبان فأخرجه في "صحيحه" [1251- موارد] وذكره الترمذي في "سننه" [3/ 455] تعليقاً، ورجحه البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي [ص 168] على حديث الزبير.
تنبيه: علق الترمذي هذا الحديث في سننه ولم يخرجه بإسناده كما يوهم بذلك كلام الحافظ.
2 تقدم تخريجه من حديث عائشة.
3 أخرجه أبو يعلى [2/ 46] رقم [688] وابن حبان [1252- موارد] من طريق محمد بن دينار الطاحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحرم المصة والمصتان والإملاجة والإملاجتان" قال الترمذي [3/ 455] : هو غير محفوظ.
وأخرجه من هذا الوجه في "العلل" [ص 167- 168] وقال: سألت محمداً –يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال الصحيح عن ابن الزبير عن عائشة وحديث محمد بن دينار أخطأ فيه وزاد فيه [عن الزبير] إنما هو هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 264] وقال: رواه أبو يعلى والطبراني وفيه محمد بن دينار الطاحي وثقة أبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان.
4 أخرجه البزار [2/ 168- كشف] رقم [1444] ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" [ص89] رقم [318] والبيهقي [7/ 456] من طريق جرير بن عبد الحميد عن محمد بن إسحاق عن =(4/11)
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا1.
1657- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبَا الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا من الرضاعة، بعد أن أُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ"، الْحَدِيثَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
__________
= إبراهيم بن عقبة قال: كان عروة بن الزبير يحدث عن الحجاج بن الحجاج من أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تحرم من الرضاعة المصة والمصتان ولا يحرم منه إلا ما فتق الأمعاء".
قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد وحجاج بن حجاج روى عن أبيه وأبي هريرة وروى عنه عروة وهو معروف. ا.هـ. وقد سقط من إسناد البزار اسم عروة والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 264] وقال: رواه البزار وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس وبقية رجاله ثقات وفي الباب من حديث المغيرة بن شعبة ذكره الهيثمي في "المجمع" [4/ 264] عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا تحرم العنقة" قال المرأة تلد فيحضر اللبن في ثديها فترضع جارتها المرة والمرتين وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير والأوسط" ورجاله رجال الصحيح.
1 ينطر الاستذكار [18/ 288] .
2 أخرجه البخاري [9/ 338] كتاب النكاح باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع حديث [5239] ومسلم [2/ 1070] كتاب الرضاع باب ما يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة حديث [144517] ومالك [2/ 601] كتاب الرضاع باب رضاعة الصغير حديث [2] وأحمد [6/ 38] والدارمي [2/ 156] كتاب النكاح باب ما يحرم من الرضاع، وأبو داود [2/ 547] كتاب النكاح باب في لبن الفحل حديث [2057] والترمذي [3/ 453، 454] كتاب الرضاع باب ما جاء في لبن الفحل حديث [1148] والنسائي [6/ 103] كتاب النكاح باب لبن الفحل، وابن ماجة [1/ 627] كتاب النكاح باب لبن الفحل حديث [1949] وابن الجارود ص [232] كتاب النكاح حديث [692] والحميدي [1/ 113] رقم [230] وعبد الرزاق [7/ 472] رقم [13938] وسعيد بن منصور [1/ 273] رقم [951] وأبو يعلى [7/ 475] رقم [4501] وابن حبان [4206، 4207- الإحسان] والطبراني في "المعجم الصغير" [1/ 88، 89] والدارقطني [4/ 177- 178] والبيهقي [7/ 452] كتاب الرضاع: باب يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وأن لبن الفحل يحرم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاء عمي بعد ما ضرب الحجاب يستأذن علي فلم آذن له فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته فقال: "ائذني له فإنه عمك" قلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قال: "تربت يمينك ائذني له فإنه عمك".
وأخرجه مالك [2/ 601، 602] كتاب الرضاع: باب رضاعة الصغير حديث [3] والبخاري [8/ 392] كتاب التفسير: باب إن تبدوا شيئاً أو تخفوه ... حديث [4796] ومسلم [2/ 1070] كتاب الرضاع: باب ما يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة حديث [6/ 1445] والنسائي [6/ 103] كتاب النكاح: باب لبن الفحل وابن ماجة [1/ 627] كتاب النكاح: باب لبن الفحل حديث [1948] والحميدي [1/ 113] رقم [229] وعبد الرزاق [7/ 472] رقم [13937] وسعيد بن منصور [1/ 273] رقم [951] وابن الجارود [692] والدارقطني [4/ 178] والبيهقي [7/ 452] كتاب الرضاع: باب يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة كلهم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة به. =(4/12)
قَوْلُهُ: "وَلَبَنُ الْفَحْلِ مُحَرَّمٌ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ"، هَذَا الْمُبْهَمُ هو بن الزبير، رواه الشَّافِعِيُّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ بِسَنَدِهِ إلَى زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: "كَانَ الزُّبَيْرُ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْتَشِطُ، أَرَى أَنَّهُ أَبِي وَأَنَّ وَلَدَهُ إخْوَتِي، لِأَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَرْضَعَتْنِي"، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْحَرَّةِ، أَرْسَلَ إلَيَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ، عَلَى أَخِيهِ حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وكان الكلبية، فَقُلْتُ وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ؟ فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لَك بأخ، أما أنا مَا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ فَهُمْ إخْوَتُك، وَمَا كَانَ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَسْمَاءَ فَمَا هُمْ لَك بِإِخْوَةٍ، قَالَتْ: فَأَرْسَلْتُ فَسَأَلْتُ، وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ، وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالُوا: إنَّ الرَّضَاعَ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، فَأَنْكَحْتُهَا إيَّاهُ1.
قَوْلُهُ: وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ؛ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا غُلَامًا، وَالْأُخْرَى جَارِيَةً، أَيَنْكِحُ الْغُلَامُ الْجَارِيَةَ؟ فَقَالَ: لَا، اللِّقَاحُ وَاحِدٌ، إنَّهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ"، وَهَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا قَالَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "جَامِعِهِ" مِنْ هَذَا الْوَجْهِ2.
1658- قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ،
__________
= وأخرجه مسلم [2/ 1071] كتاب الرضاع: باب ما يحرم من الرضاعة وما يحرم من الولادة حديث [8/ 1445] والنسائي [6/ 103] كتاب النكاح: باب لبن الفحل وعبد الرزاق [7/ 473] رقم [13939] من طريق عطاء بن أبي رباح عن عروة بن الزبير عن عائشة.
وأخرجه مسلم [2/ 1071] كتاب الرضاع: باب ما يحرم من الرضاعة وما يحرم من الولادة حديث [9/ 1445] والنسائي [6/ 104] كتاب النكاح: باب البن الفحل والبيهقي [7/ 452] كتاب الرضاع: باب يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة من طريق عراك بن مالك عن عروة بن الزبير عن عائشة.
وأخرجه النسائي [6/ 103] كتاب النكاح: باب لبن الفحل من طريق وهب بن كيسان عن عروة عن عائشة، ومن الطرق السابقة يتبين أنه رواه عن عروة جماعة وهم هشام بن عروة والزهري وعطاء بن أبي رياح وعراك بن مالك ووهب بن كيسان.
وللحديث طريق آخر عن عائشة أخرجه [1/ 308- منحة] رقم [1570] من طريق عباد بن منصور عن القاسم عن عائشة به.
1 أخرجه الشافعي في "المسند" [2/ 25] كتاب النكاح: باب في الرضاع حديث [77] .
2 أخرجه مالك [2/ 602- 603] كتاب "الرضاع"، باب: "رضاعة الصغير"، حديث [5] من طريقه بهذا الإسناد.
ومن طريقة الشافعي في "المسند" [2/ 24] في كتاب "النكاح"، باب: "في الرضاع"، حديث [73] ، والترمذي [3/ 445] كتاب "الرضاع"، باب: "ما جاء في لبن الفحل"، حديث [1149] قال الترمذي: وهذا الأصل في هذا الباب، وهو قول أحمد وإسحاق.(4/13)
وَنَشَأْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ، وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي زُهْرَةَ"، وَيُرْوَى: أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ، بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ ... ، إلَى آخِرِهِ؛ كَأَنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ مَقْلُوبٌ؛ فَإِنَّهُ نَشَأَ فِي بَنِي زُهْرَةَ، وَارْتَضَعَ فِي بَنِي سَعْدٍ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ، أَنَا أَعْرَبُ الْعَرَبِ، وَلَدَتْنِي قُرَيْشٌ، وَنَشَأْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَأَنَّى يَأْتِيَنِي اللَّحْنُ"، وَفِي إسْنَادِهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ؛ وَهُوَ مَتْرُوكٌ1.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "كِتَابِ المطر"، وأبو عبيد فِي "الْغَرِيبِ"، والرامهرمزي فِي "الْأَمْثَالِ"، مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" [6/ 35- 36] حديث [5437] ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 221] فقال وفيه مبشر بن عبيد وهو متروك ا. هـ.
قلت: وفيه بقية بن الوليد والحجاج بن أرطأة وعطية العوفي وثلاثتهم مدلسون فضلاً عن صعف الحجاج وعطية.
أما صدر الحديث وهو قوله أنا سيد ولد آدم فهو صحيح وقد ورد ذلك من حديث حماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وعبد الله بن سلام.
فأما حديث أبي هريرة فرواه مسلم 4/ 782 في الفضائل، باب تفضيل نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جميع الخلائق [3/ 2278] ، وأبو داود 2/ 630 في السنة، باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام [4673] ، وأحمد 2/ 540 والبغوي في شرح السنة 7/ 11 برقم [3519] عنه مرفوعاً "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع".
وأما حديث أبي سعيد الخدري فرواه الترمذي 5/ 288 في التفسير، باب "ومن سورة بنى إسرائيل" [3148] وفي المناقب، باب في فضل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3615] ، وابن ماجة 2/ 1440 في الزهد، باب ذكر الشفاعة [4308] عنه مرفوعاً "أنا سيد ولد آدم ولا فخر ... " فذكره بنحو حديث أبي هريرة ورواه الترمذي في الموضع الأول مطولاً.
وقال في الموضعين: هذا حديث حسن صحيح.
وأما حديث أنس فرواه أحمد 3/ 144- 145، والدارمي 1/ 27- 28 في المقدمة، باب ما أعطى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الفضل، وأبو يعلى واللفظ له [4305] عنه مرفوعاً "أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأنا أول من يأخذ يحلقة باب الحنة ولا فخر، ولواء الحميد بيدي ولا فخر".
وأما حديث عبد الله بن سلام فرواه أبو يعلى [7493] ، وابن حبان [2127- موارد] من طريق عمرو الناقد حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي حدثنا موسى بن أعين عن معمر بن راشد عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف عنه مرفوعاً.
وذكره الهيثمي في المجمع 8/ 257 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن عثمان الكلابي، وثقه ابن حبان على ضعفه وبقية رجاله ثقات.
أما قوله: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش فقد ورد أيضاً بلفظ: أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش فقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" [ص 95] معناه صحيح ولكن لا أصل له كما قاله ابن كثير ا. هـ. وذكره القاري في "الأسرار المرفوعة" [248] وقال: قال السيوطي: أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من خرجه ولا أسنده ا. هـ.(4/14)
كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ دَجْنٍ فَقَالَ: "مَا تَرَوْنَ بَوَاشِقَهَا"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: "فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا الَّذِي هُوَ أَعْرَبُ أَوْ أَفْصَحُ مِنْك، فَقَالَ: "حَقٌّ لِي، وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" 1.
1659- حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ: "أَنَّهُ نَكَحَ بِنْتًا لِأَبِي إهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْت عُقْبَةَ وَاَلَّتِي نَكَحَهَا، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّك أَرْضَعْتِينِي، وَلَا أَخْبَرْتِينِي، فَأَرْسَلَ إلَى آلِ أَبِي إهَابٍ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَاهَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَك، فركب إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ"المدينة"، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ"، فَفَارَقَهَا، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "كِتَابِ الشَّهَادَاتِ" مِنْ "صَحِيحِهِ"، بِهَذَا السِّيَاقِ سَوَاءٌ2، وَرَوَاهُ فِيهِ مِنْ طريق أُخْرَى، وَسَمَّى فِي بَعْضِهَا الزَّوْجَةَ "أُمَّ يَحْيَى".
وَقَالَ ابْنُ مَاكُولَا: اسْمُهَا "غَنِيَّةُ" بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ3، وَوُهِمَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُتَّفَقِ.
__________
1 أخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" [3/ 104- 106] والرامهرمزي في "الأمثال" ص [247- 248] .
ينظر هذا الحديث في "وصف المطر" لابن دريد رقم [4] وأمالي القالي [1/ 8] و"مجالس ثعلب" برواية ابن الأعرابي [2/ 522] و"الأزمنة والأمكنة" للمرزوقي [2/ 99] .
2 أخرجه البخاري [9/ 152] كتاب النكاح باب شهادة المرضعة حديث [5104] والطيالسي ص [190] حديث [1337] وأحمد [4/ 7] والدارمي [2/ 157، 158] كتاب النكاح باب شهادة المرآة الواحدة على الرضاع وأبو داود [4/ 27، 28] كتاب الأقضية باب الشهادة في الرضاع حديث [3603] والترمذي [3/ 457] كتاب الرضاع باب ما جاء في شهادة المرأة الواحدة في الرضاع حديث [1151] والنسائي [6/ 109] كتاب النكاح باب الشهادة في الرضاع والبيهقي [7/ 463] كتاب الرضاع باب شهادة الخنساء في الرضاع من حديث عقبة بن الحارث.
3 ينظر "الإكمال" لابن ماكولا [6/ 119] .(4/15)
56- كِتَابُ النَّفَقَاتِ4
1660- حَدِيثُ: "أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ زَوْجَ أَبِي سُفْيَانَ جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
__________
4 قال الجوهري في الصحاح: "نَفَقَ البَيع نفاقاً بالفتح أي راج، والنّفَاق بالكسر، فعل المنافق، والنفاق أيضاً جمع النفقة من الدراهم" ثم قال: "وقد أنفقت الدراهم من النفقة ا. هـ".
وقال المجد في القاموس: "النفَقَةُ، ما تُنْفِقُه من الدراهم ونحوها" ثم قال: "وأنفق: افتقر، وماله: أنفذه، كاستنفقه ا. هـ".
وقال ابن منظور في لسان العرب: "أنفق المال صرفه، وفي التنزيل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [يس: 47] أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا، وتصدقوا، واسْتَنْفَقَهُ: أذهبه، والنَّفَقَهُ: ما أُنفِق والجمع، نٍفَاقٌ" ثم قال: "وقد أًنفَقْتُ الدراهم، من النّفَقَةُ" والنّفَقَة: ما أنْفَقْت، واسْتنْفَقت على العيال، وعلى نفسك ا. هـ". =(4/15)
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إلَّا مَا أَخَذْته مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَقَالَ: "خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ" 1، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَهُ عِنْدَهُمَا أَلْفَاظٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ هِنْدٍ2.
حَدِيثُ: "إنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ"، تَقَدَّمَ فِي "الْوَصَايَا".
1661- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ، فَقَالَ " أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْت، وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْتَ"، أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، وَزَادُوا فِي آخِرِهِ: "وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إلَّا فِي الْبَيْتِ"، وَقَدْ عَلَّقَ
__________
= ويستفاد من هذه النصوص، أن النفقة اسم لم تصرفه من الدراهم أو نحوها على نفسك أو غيرك.
واصطلاحاً:
عند الشافعية: قال الشرقاوي في حاشيته على شرح التحرير: النفقة: طعام مقدر لزوجة وخادمة على زوج، ولغيرهما من أصل وفرع، ورقيق، وحيوان ما يكفيه.
وعند الحنفية: في تنوير الأبصار مع شرح الدر المختار: هي الطعام والكسوة السكنى، وعرفاً: هي الطعام.
عند المالكية: في شرح "الخرشي على مختصر خليل": النفقة مطلقاً، ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرف.
عند الحنابلة: في "الإقناع والمنتهى": هي كفاية من يمونه، خبزاً، وأدماً وكسوة، وسكناً، وتوابعها.
ينظر: الصحاح 4/ 560، والمغرب 2/ 319، والقاموس المحيط 3/ 296، وأنيس الفقهاء ص 168، والدرر 1/ 412.
1 أخرجه أحمد [6/ 50] والبخاري [4/ 405] كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمطار على ما يتعارفون بينهم، الحديث [2211] ومسلم [3/ 1338] كتاب الأقضية باب قضية هند الحديث [7/ 1714] أبو داود [3/ 802] كتاب البيوع، باب الرجل يأخذ حقه من تحت يده الحديث [3532] والنسائي [8/ 246] كتاب آداب القضاء باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، وابن ماجة [2/ 769] كتاب التجارات باب ما للمرأة من مال زوجها الحديث [2293] والدارمي [2/ 159] كتاب النكاح: باب في وجوب نفقة الرجال على أهله والحميدي [1/ 118] رقم [242] والشافعي في "مسنده" [2/ 64] كتاب الطلاق: باب النفقات حديث [210، 211] وأبو يعلى [8/ 98] رقم [4636] وابن حبان [4241- الإحسان] والطحاوي في "مشكل الآثار" [2/ 338] وابن الجارود [1025] وعبد الرزاق [9/ 126- 127] رقم [16613] وابن سعد في "الطبقات الكبرى" [8/ 188] والدارقطني [4/ 234- 235] كتاب الأقضية والأحكام حديث [108] والبيهقي [7/ 477] كتاب النفقات: باب النفقة على الأولاد من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن هنداً قالت: يا رسول الله أن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت ... الحديث.
2 أخرجه الطبراني [25/ 72- 73] ، حديث [177] .(4/16)
الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ حَسْبُ1، وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ"2.
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "لَا نَفَقَةَ لَكِ عَلَيْهِ"، "وَكَانَتْ مَبْتُوتَةً"، مُسْلِمٌ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ"، تَقَدَّمَ فِي "الِاسْتِبْرَاءِ".
1662- حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا الْقُرْآنَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْت قَوْسًا مِنْ النَّارِ"، احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: عَلَى أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النَّفَقَةَ على ظَنِّ الْحَمْلِ، فَبَانَ خِلَافُهُ؛ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ، كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ3، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، يَعْنِي: بَيْنَ عَطِيَّةَ وَأُبَيٍّ.
وَقَالَ الْمِزِّيُّ: أُرْسِلَ عَنْ أُبَيٍّ؛ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ4؛ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ أَبُو مِسْهَرٍ: إنَّ عَطِيَّةَ وُلِدَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَكَيْفَ لَا يَلْحَقُ أُبَيًّا5.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ؛ بِالْجَهْلِ بِحَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ6، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أُبَيٍّ؛ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ.
وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي "الْأَطْرَافِ" لَهُ طُرُقًا، مِنْهَا: مَا بَيَّنَ أَنَّ الَّذِي أَقْرَأَهُ أُبَيٌّ، هُوَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو7.
__________
1 أخرجه أبو داود [2/ 244- 245] كتاب النكاح باب في حق المرأة على زوجها حديث [2142] وابن ماجة [1/ 593- 594] كتاب النكاح: باب حق المرأة على الزواج حديث [1850] وأحمد [4/ 447] والحاكم [2/ 188] والبيهقي [7/ 259] من حديث معاوية بن حيدة القشيري.
والحديث علقه البخاري [10/ 375] كتاب "النكاح"، باب: "هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءه في غير بيوتهن" بصيغة التمريض عن معاوية بن حيدة بهذه الزيادة، ثم قال: والأول أصبح.
2 ينظر "العلل" للدارقطني [7/ 87- 89] .
3 أخرجه ابن ماجة [2/ 830] كتاب "التجارات"، باب: "الأجر على تعليم القرآن"، حديث [2158] والبيهقي [6/ 125- 126] كتاب "الإجارة"، باب: "من كره أخذ الأجرة عليه".
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 165] : هذا إسناد مضطرب؛ قاله الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن سلم، وقال العلائي في المراسل، عطية بن قيس عن أبي بن كعب مرسل.
عند البيهقي والبوصيري –عبد الرحمن بن مسلم- وهو خطأ والصواب ما أثبتناه، وهو في التقريب [3906] قال عنه الحافظ: مجهول.
4 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي [6/ 126] و"تهذيب الكمال" [20/ 153- 156] و"جامع التحصيل" ص [239] .
5 ينظر قول أبي مسهر في "تهذيب الكمال" [20/ 155] .
6 تقديم الكلام على حال عبد الرحمن بن سلم وبيان أنه مجهول.
7 ينظر "تحفة الأشراف" [1/ 35- 36] و"النكت الظراف" [1/ 36] .(4/17)
وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْهُ، قَالَ: "عَلَّمْتُ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَةَ وَالْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا ... "، الحديث1 و"مغيرة " مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَاسْتَنْكَرَ أَحْمَدُ حديثه، وناقض الْحَاكِمُ فَصَحَّحَ حَدِيثَهُ فِي "الْمُسْتَدْرِكِ"، وَاتَّهَمَهُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَقَالَ: يُقَالُ إنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ بِحَدِيثٍ مَوْضُوعٍ.
والأسود بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: إسْنَادُهُ مَعْرُوفٌ إلَّا الْأَسْوَدَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْهُ إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ2.
كَذَا قَالَ مَعَ أن له حديث آخَرَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِتِ أَيْضًا، رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "كِتَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ"، وَثَالِثٌ أخرجه الحاكم في " [النفساء] 3 تطهر"، وَرَابِعٌ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "الْفِتَنِ"، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَنْ عُبَادَةَ، بَلْ تَابَعَهُ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ4، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عُبَادَةَ، فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ جُنَادَةَ، وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ لَكِنَّ شَيْخَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَحْيَى بْنِ إسْمَاعِيلَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي هَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
1663- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ، "يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا" وَيُرْوَى: "مَنْ أعسر بنفقة امْرَأَتِهِ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا".
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 315] وأبو داود [3/ 164] كتاب الإجارة: باب في كسب العلم حديث [3416] وابن ماجة [2/ 729- 730] كتاب التجازات: باب الأجر على تعليم القرآن حديث [2157] وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" [183] والحاكم [2/ 41] وصححه الحاكم.
وتعقبه الذهبي فقال: فيه مغيرة بن زياد وهو صالح الحديث وتركه ابن حبان.
2 ينظر ترجمته في "تهذيب الكمال" [28/ 359- 363] .
3 في ط: النساء وهو خطأ حيث أن لفظ الحديث عند الحاكم [1/ 176] من طريق الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن عثمان عن معاذ بن جبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله وسلم قال: "إذا مضى للنفساء سبع ثم رأت الطهر فلتغتسل ولتصل".
تنبيه: وقع في نسخة حديثه مطبوعة من "التلخيص" وفيها: في النساء تظهر.
وهو تحريف غير مفهوم لما في الطبعة القديمة وقد تابع محقق هذه النسخة ما في النسخة القديمة المطبوعة من الأوهام.
4 أخرجة أبو داود [3/ 265] كتاب الإجازة، باب: "في كسب العلم"، حديث [3417] والحاكم [3/ 356] . والبيهقي [6/ 125] كتاب "الإجارة"، باب: "من كره أخذ الأجرة عليه" كلهم من طريق جنادة بن أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر.
قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرخاه، ووافقه الذهبي.(4/18)
وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا"، فَقِيلَ لَهُ: "سُنَّةٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، سُنَّةٌ.
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ1.
وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرَهُ2، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ سَعِيدٍ سُنَّةٌ، سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَوْلُهُ: "وَلَمْ يَقُلْ مِنْ السُّنَّةِ"3، وَأَمَّا لَفْظُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُشَارِ إلَيْهَا، فَلَمْ أَرَهُ.
قُلْتُ: لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى عِلَّةٌ بَيَّنَهَا ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ الْمَوَّاقِ، وَذَلِكَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ، عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَرْأَةُ تَقُولُ لِزَوْجِهَا أَطْعِمْنِي أَوْ طَلِّقْنِي ... "، الْحَدِيثَ.
وَعَنْ حَمَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَعْجِزُ عَنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ، قَالَ: "إنْ عَجَزَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا"، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ بِذَلِكَ، وَبِهِ إلَى حَمَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: ظَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمَّا نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ؛ أَنَّ قَوْلَهُ "مِثْلُهُ" يَعُودُ عَلَى لَفْظِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا يَعُودُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّاقِ بِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ لَمْ يَهِمْ فِي شَيْءٍ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى صَرْفِهِ لِلْأَبْعَدِ، انْتَهَى.
وَقَدْ وَقَعَ الْبَيْهَقِيّ ثُمَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا خَشِيَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، فَنَسَبَا لَفْظَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَهُوَ خَطَأٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّ الْبَيْهَقِيّ أَخْرَجَ أَثَرَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ثُمَّ سَاقَ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ "مِثْلُهُ"، وَبَالَغَ فِي "الْخِلَافِيَّاتِ" فَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا؛ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ، "يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا"؛ كَذَا قَالَ، وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ سِيَاقِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
__________
1 أخرجه الدارقطني [3/ 297] كتاب "النكاح"، باب: "المهر"، حديث [194] ، والبيهقي [7/ 470] كتاب "النفقات"، باب: "الرجل لا يجد نفقة امرأته" كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة.
2 أخرجه الشافعي [2/ 65] كتاب "الطلاق"، باب: "في النفقات"، حديث [212] .
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 96] في أبواب "العدة والنفقة"، باب: "الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته"، حديث [12356] .(4/19)
1664- حَدِيثُ: "طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ"، مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عن جابر بأتم مِنْهُ، وَلَهُ طُرُقٌ1.
1665- حَدِيثُ: "إنَّ أَطْيَبَ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ؛ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"، أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ مَاجَهْ سِوَى قَوْلِهِ: "فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ".
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: "أَطْيَبُ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ".
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَلِلْحَاكِمِ: "وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ مِثْلُ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ، إلَّا قَوْلَهُ: "فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" 2، وَصَحَّحَهُ
__________
1 أخرجه مسلم [3/ 1630] كتاب الأشربة: باب فضيلة المواساة في الطعام القليل، حديث [181/ 2058] والترمذي [4/ 236] كتاب الأطعمة: باب ما جاء في طعام الواحد يكفي لاثنين حديث [1821] وأحمد [3/ 315] وأبو يعلى [3/ 416] رقم [1902] كلهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر.
وأخرجه مسلم [3/ 1630] كتاب الأشربة: باب فضيلة المواساة في الطعام القليل، حديث [179/ 2059] وابن ماجة [2/ 1084] كتاب الأطعمة: باب طعام الواحد يكفي الاثنين: حديث [3254] والدارمي [2/ 100] كتاب الأطعمة: باب طعام الواحد يكفي الاثنين: وأحمد [3/ 382] والبغوي في "شرح السنة" [6/ 93- بتحقيقنا] كلهم من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر.
وأخرجه مسلم [2059] وأحمد [3/ 301] من طريق الأعمش عن أبي الزبير عن جابر.
وفي الباب من حديث عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أخرجه ابن ماجة [2/ 1084] كتاب الأطعمة: باب طعام الواحد يكفي الاثنين حديث [3255] من طريق قهرمان آل الزبير قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن طعام الواحد يكفي الاثنين وإن طعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة وإن طعام الأربعة يكفي الخمسة والستة".
قال البوصيري في "الزوائد" [3/ 71] : هذا إسناد ضعيف لضعف قهرمان آل الزبير عمرو بن دينار فقد ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والفلاس والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم.
2 أخرجه أبو داود [3/ 289] كتاب "البيوع"، باب: "في الرجل يأكل من مال ولده"، حديث [3528] ، والترمذي [3/ 630- 631] كتاب "الأحكام"، باب: "ما جاء في أن الوالد يأخذ من مال ولده"، حديث [1358] والنسائي [7/ 241] كتاب: البيوع، باب: الحث على الكسب، رقم: [4452] ، وابن ماجة [2/ 723] كتاب التجارات، باب: الحث على المكاسب، رقم: [2137] وأحمد [6/ 31- 42- 127- 193] ، والبيهقي [7/ 480] كتاب النفقات، باب: نفقة الأبوين، والدارمي [2/ 247] كتاب: البيوع، باب: الكسب وعمل الرجل بيده، وابن حبان "موارد الظمآن" [3/ 424] ، رقم: [1091- 1092] وعبد الرزاق في "المصنف" [9/ 133] باب: ما يناله الرجل من مال ابنه وما يجبر عليه من النفقة، رقم: [16643] والحاكم [2/ 46] . =(4/20)
أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"1، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ عَمَّتِهِ، وَتَارَةً عَنْ أُمِّهِ، وَكِلْتَاهُمَا لَا يُعْرَفَانِ، وَزَعَمَ الْحَاكِمُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ "مُسْتَدْرَكِهِ" بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: "وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إذَا احْتَجْتُمْ إلَيْهَا" -أَنَّ الشَّيْخَيْنِ أَخْرَجَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَهْمًا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَدْرَكَهُ فِيمَا قِيلَ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ: "إذَا احْتَجْتُمْ إلَيْهَا" -: إنَّهَا مُنْكَرَةٌ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ حَمَّادٌ وَوُهِمَ فِيهِ2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا، وَوَالِدِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، قَالَ: "أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك؛ إنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ"، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ3.
1666- حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، مَعِي دِينَارٌ، فَقَالَ: "أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك ... "، الْحَدِيثَ، الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ4.
__________
= قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة وأكثرهم قالوا: عن عمته عن عائشة، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم، قالوا: إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء.
وقال بعضهم: لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 علل الحديث [1/ 465] .
2 ينظر سنن أبي داود [3/ 389] .
3 أخرجه أحمد [2/ 214] وأبو داود [3/ 801- 802] كتاب البيوع والإجارات: باب في الرجل يأكل من مال ولده حديث [3530] وابن ماجة [2/ 769] كتاب التجارات: باب ما للرجل من مال ولده حديث [2292] وابن الجارود في "المنتقى" رقم [995] والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 158] كتاب القضاء والشهادات: باب الوالد هل يملك مال ولده أم لا والبيهقي [7/ 480] والخطيب في "تاريخ بغداد" [12/ 49] وأبو نعيم ص204 في "أخبار أصبهان " [2/ 22] من طريق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتى أعرابي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن أبي يريد أن يحتاج مالي قال: "أنت ومالك لوالدك إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئاً".
4 أخرجة أبو داود 2/ 320- 321 في الزكاة، باب في صلة الرجم [1691] والنسائي 5/ 62 في الزكاة، باب تفسير ذلك، والبخاري في الأدب المفرد [197] والشافعي في سننه 2/ 63، 64 برقم [209] ، وأحمد 2/ 251، 471، وابن حبان [828، 829- موارد] ، والحاكم 1/ 415، وأبو يعلي في سننه [6616] ، والبغوي في شرح السنة 3/ 435 في الزكاة، باب فضل الصدقة =(4/21)
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اخْتَلَفَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَالثَّوْرِيُّ؛ فَقَدَّمَ يَحْيَى الزَّوْجَةَ عَلَى الْوَلَدِ، وَقَدَّمَ سُفْيَانُ الْوَلَدَ عَلَى الزَّوْجَةِ، فينبغي أن لا يُقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ يَكُونَا سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي إعَادَتِهِ إيَّاهُ قَدَّمَ الْوَلَدَ مَرَّةً، وَمَرَّةً قَدَّمَ الزَّوْجَةَ، فَصَارَا سَوَاءً.
قُلْت: وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ تَقْدِيمُ الْأَهْلِ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ1، فَيُمْكِنُ أَنْ تُرَجَّحَ بِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
16 67- حَدِيثٌ: "أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمَّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبَاك" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ2، وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ3، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ عَنْ جَدِّهِ
__________
= على الأولاد والأقارب برقم [1679] بتحقيقنا من طريق محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هرية قال: أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقة فقال رجل: عندي دينار؟ قال: "أنفقه على نفسك". قال: عندي آخر؟ قال: "انفقه على ولدك"، قال عندي آخر قال: "أنفقه على أهلك". قال: "عندي آخر" قال: "أنفقه على خادمك"، قال عندي آخر. قال: "أنت أعلم به".
1 أخرجه مسلم [4/ 90- نووي] كتاب "الزكاة"، باب: "الابتداء بالنفقة بالنفس ثم أهله" حديث [41/ 997] من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر –رضي الله عنه-، قال: أعتق رجل من بني عذرة عبداً له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "ألك مال غيره"، فقال: لا. فقال: "من يشتريه مني"؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا"، يقول: "فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك".
2 أخرجه أحمد [2/ 327- 328] والبخاري [12/ 4] كتاب "الأدب"، باب: "من أحق الناس بحسن الصحابة"، حديث [5971] ومسلم [8/ 343- نووي] كتاب "البر والصلة والآداب"، باب: بر الوالدين وأنهما أحق به، حديث [41/ 2548] وابن ماجة [2/ 1207] كتاب "الأدب"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3658] والبخاري في "الأدب المفرد" [5] في باب بر الأب وابن حبان [2/ 175- 177] كتاب "البر والإحسان"، باب: "حق الوالدين"، حديث [433، 334] والبيهقي [8/ 2] كتاب "النفقات"، باب: "من أحق منهما بحسن الصحبة" والبغوي في شرح السنة [6/ 424- تحقيقنا] كتاب "البر والصلة"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3309] ، كلهم من طريق أبي زرعة بن عمر بن جرير عن أبي هريرة.
3 أخرجه أبو داود [4/ 336] كتاب "الأدب"، باب: "بر الوالدين"، حديث [5139] والترمذي [4/ 309] كتاب "البر والصلة"، باب: "ما جاء في بر الوالدين"، حديث [1897] والبخاري في الأدب المفرد [3] في باب: "بر الأم" والبيهقي [8/ 2] كتاب "النفقات"، باب: "من أحق منهما بحسن الصحبة" والحاكم [4/ 150] والبغوي في "شرح السنة" [6/ 425- بتحقيقنا] كتاب "البر والصلة"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3310] كلهم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده =(4/22)
نَحْوُهُ1، وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ" 2، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
قَوْلُهُ: "نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ مَنْصُوصٌ 3 عَلَيْهَا فِي قِصَّةِ "هِنْدٍ" وَغَيْرِهَا"، قَدْ تَقَدَّمَ
__________
= قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد تكلم شعبة في بهز بن حكيم وهو ثقة عند أهل الحديث، وروى عنه معمر والنووي وحماد بن سلمة، وغير واحد من الأئمة، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
1 أخرجه أبو داود [4/ 336] كتاب "الأدب"، باب: "في بر الوالدين"، حديث [5140] والبيهقي [4/ 179] كتاب "الزكاة"، باب: "الاختبار في صدفة التطوع".
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 1207- 1208] كتاب الأدب، باب: "بر الوالدين"، حديث [3661] وأحمد [4/ 132] والبخاري في الأدب [60] في باب: "بر الأقرب فالأقرب".
والحكام [4/ 151] كلهم من طريق إسماعيل من عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقداد ... فذكره.
قال الحاكم: إسماعيل بن عياش أحد أئمة أهل الشام إنما نقم عليه سوء الحفظ فقط.
وفي إسناده إسماعيل وروايته عن الحجازيين ضعيفة كما هنا.
قلت: بحير بن سعد حمصي وليس حجازي، وعلى هذا فلا يكون في الحديث علة من جهة إسماعيل، وتابعه بقية بن الوليد عن بحير بن سعد، أخرجه البيهقي [4/ 179] كتاب "الزكاة"، باب: "الاختيار في صدقة التطوع".
3 اتفق الأئمة الأربعة على أنه يجب على على الأب نفقة ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى، وأدلة ذلك:
1- قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] الآية.
وجه الدلالة: إن الله عز وجل أوجب على الآباء أجرة رضاع أولادهم، ولو لم تكن مؤنتهم واجبة عليهم، لما وجب أجر رضاعهم.
2- قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] .
وجه الدلالة: أن الله تعالى أوجب للوالدات الرزق والكسوة على المولود، وهو الأب، ولا شك أن "المولود" مشتق، فتعلق الحكم به يؤذن بأن ولادة الولد له علة في وجوب الرزق، والكسوة عليه، فإذا وحبت نفقة غير الولد بسبب الولد، فوجوب نفقته أولى هذا على أنها في الإنفاق على الزوجات، والمعتدات بدون إرضاع، وأما على أنها في الإنفاق على المرضعات جزاء الإرضاع فهي مثل الآية السابقة، وقد قررت في صدر الرسالة أن الظاهر كونها في الإنفاق للولادة لا للرضاع، وأن كون الولادة علة لا يتنافى مع إيجاب النفقة للزوجات، والمعتدات بدون ولادة.
والمقصود هنا بيان دلالتها على وجوب نفقة الأولاد على الأب، وهي تدل على ذلك بوجهيها.
3- قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهند: "خذي ما يكفيك ... إلخ".
وجه الدلالة: أنه أباح لهند أن تأخذ للولد من مال أبيه بالمعروف من غير إذنه، ولو لم تكن نفقته واجبة عليه لما أباح لها ذلك.
4- ما أخرجه أبو داود ... عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: "أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدقة: فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار: فقال: "تصدق على نفسك": قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على ولدك"؛ قال: عندي آخر: قال: "تصدق به على زوجتك"، أو قال: "على زوجك"؛ =(4/23)
حَدِيثُ هِنْدٍ، وَأَمَّا الْغَيْرُ الْمُبْهَمُ: فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ؛ فَإِنَّ فِيهِ: "وَلَدُك يَقُولُ إلَى مَنْ تَتْرُكُنِي".
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ؛ إمَّا أَنْ يُنْفِقُوا، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقُوا، وَيَبْعَثُوا نَفَقَةَ مَا حَبَسُوا"، الشَّافِعِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، بِهِ1، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بِهِ وَأَتَمَّ سِيَاقًا، وَهُوَ فِي "مُصَنَّفِ" عَبْدِ الرَّزَّاقِ2، وَذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهِ، وَقَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صَحَّ عَنْ عُمَرَ إسْقَاطُ طَلَبِ الْمَرْأَةِ لِلنَّفَقَةِ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ3
__________
= قال: عندي آخر؛ قال: تصدق به على خادمك قال: عندي آخر؛ قال: أنت أعلم".
هذا حديث صحيح، كما قال ابن حزم، ووجه الدلالة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالإنفاق على الولد بعد الإنفاق علىالنفس والأمر للوجوب.
5- إجماع العلماء على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
حكى هذا الإجماع القرطبي في تفسيره، وابن قدامة في "المغني" والشوكاني في "نيل الأوطار".
6- المعقول، فإن ولد الإنسان بعضه، فيجب عليه إحياؤه، كما يجب عليه إحياء نفسه، وذلك بالإنفاق عليه عند حاجته.
ينظر النفقات لشيخنا محمد سالم، وينظر القرطبي 3/ 163، النهاية 6/ 265، معني المحتاج 3/ 427، المغني 9/ 56، المبسوط 7/ 222، نيل الأوطار 6/ 253.
1 أخرجه الشافعي [2/ 65] كتاب "الطلاق"، باب: "في النفقات"، حديث [213] ، وعبد الرزاق [7/ 93- 94] في أبواب "العدة والنفقة"، باب: "الرجل يغيب عن امرأته فلا ينفق عليها"، حديث [12346] .
وذكره ابن أبي حاتم في العلل [1/ 406] ثم قال: قال أبي: نحن نأخذ بهذا في نفقة ما مضى.
2 أخرجه الدارقطني [3/ 314- 315] كتاب "النكاح"، باب: "المهر"، حديث [257] .
والبيهقي [7/ 466] كتاب النفقات، باب: "وجوب النفقة للزوجة".
وابن أبي حاتم قي تفسيره كما في "الدر المنثور" [2/ 211] ، قال العظيم أبادي في "التعليق المغني" [3/ 315] : وبه قال سفيان بن عيينة والشافعي وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً –أي فقراً- فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة: 28] ، والصحيح قول الجمهور: ذلك أدنى لا تعولوا: أي ألا تجوروا، يقال: عال في الحكم إذا ظلم وجار، وقال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس وعائشة ومجاهد وعكرمة والحسن وأبي مالك وأبي رزين والنخعي والشعبي والضحاك وعطاء الخرساني وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: لا تميلوا، كذا في التفسير لابن كثير –رحمه الله- ا. هـ.
3 إذا أعسر الزوج بنفقة المعسرين أو ببعضها، ففي ثبوت حق طلب الفراق للزوجة مذهبان:
الأول: أنه يثبت للزوجة حق طلب الفراق في الجملة، وهو مذهب الجمهور، وحكى عن علي، وعمر، وأبي هريرة من الصحابة، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز من التابعين، وكثير من الفقهاء كمالك، والشافعي في قوله الأظهر وأحمد في الرواية الظاهرة عنه، وربيعة وحماد بن أبي سليمان، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، =(4/24)
قَوْلُهُ: "إنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] ، أَيْ:
__________
= [وإنما قلت في الجملة] ؛ لأن ما من مذهب من المذاهب المدونة تفاصيلها إلا وفيه صور يمتنع فيها هذا الحق اتفاقاً أو اختلافاً، وقد اختلفوا أيضاً في نوع الفراق أطلاق أم فسخ؟ وفي وقته أيعجل، أم يؤجل يوماً أو أكثر؟.
فهذا المذهب بالنظر إلى الصور المختلف فيها، وإلى نوع الفراق ووقته، يتفرع من مذاهب، وسأذكرها بعد.
الثاني: أن لا يثبت للزوجة حق طلب الفراق أصلاً، بل عليها الصبر، وهو قول الحسن، وعطاء، والزهري، والثوري، وابن شبرمة وابن أبي ليلى، والظاهرية، والهادوية، والقاسمية، وهو مذهب الحنفية وعبيد الله بن الحسن العنبري، والمزني من أصحاب الشافعي، وأحد قولي الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.
ثم من هؤلاء من قال: إن الزوج المعسر يحبس، ومنهم من قال: يجب على الزوجة أن تنفق عليه وإليك أدلة أصل المذهبين، ومناقشاتها، والموازنة بينها:
1- استدل المثبتون لحق الفراق بالكتاب، والسنة، ولأجماع، والمعقول.
أما الكتاب، فآيات، منها:
[أ] قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] .
وجه الدلالة: أن الله عز وجل نهى عن إمساك الرجال نساءهم مضاربين لهم، والنهي يقتضي التحريم، فكان الفراق عند الإعسار واجباً؛ لما في الإمساك معه من المضار، فإن لم يفعل ذلك كان للزوجة حق المطالبة به.
[وأورد عليه] : -أولاً- أنه لو كان الفراق واجباً لما جاز الإبقاء إذا رضيت.
[وأجيب] بأن الإجماع دل على جواز الإبقاء إذا رضيت، فبقي ما عدا هذه الحالة على عموم النهي.
[وأورد عليه ثانياً] : أن ابن عباس، ومجاهداً، ومسروقاً، والحسن، وقتادة، الضحاك، والبيع، ومقاتل بن حيان، وغيرهم قالوا: "نزلت في الرجل، كان يطلق امرأته فإذا قارب انقضاء العدة راجعها ضراراً؛ لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها، فتعتد، فإذا شارفت على انقظاء العدة يطلق؛ ليطول عليها العدة، فنهاهم الله –عز وجل-، وتوعدهم عليه، فقال –تعالى-: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231] أي بمخالفة أمر الله –عز وجل- " فعموم النهي، لا يشمل صورة الإعسار؛ لأنه خاص بما ذكر.
[وأجب] بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
[وأورد عليه ثالثاً] : أن الآية لا تنطبق على المعسر بحال؛ وذلك أن المضارة، والعدوان ما يكون للشخص فيهما فعل واختيار، وليس الإمساك مع الإعسار مضارة، ولا عدواناً، لأنه لا يد له فيه، والمقصود من الآية إحسان العشرة، فيما يدخل تحت قدرة العبد، واختياره.
وسبب النزول يعين على فهم الآية، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ، فإنما يعم السبب، وما ماثله.
[ويجاب] بأن الذي لا يقدر على إحسان العشرة؛ لإعساره لم يخرج من باب التكليف؛ لأنه قادر على الفراق، فإن لم يفعل فقد اختار الإمساك بغير المعروف، وذلك حرام.
وقريب من هذه الآية قوله تعالى: {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ضرر ولا ضرار".=(4/25)
لَا تَكْثُرَ عِيَالُكُمْ"، هُوَ كَمَا قَالَ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْهُ
__________
= [ب] قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] .
وجه الدلالة: أن الله –عز وجل- خير الأزواج بين الإمساك بمعروف، والفراق بمعروف، فمن لم يتيسر له الأول تعين عليه الثاني، ولا شك أن المعسر الذي لا يجد ما ينفقه على زوجته، لا يستطيع الإمساك بمعروف، فحينئذ يتعين عليه الفراق بمعروف، فإن لم يفعل ثبت للزوجة حق المطالبة به، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} .
[وأورد عليه] أن الآية، وما ماثلها لا انطباق لها على المعسر؛ فإن المقصود منها إحسان العشرة؛ فيما يدخل تحت قدرته واختياره، والمعسر لا بد له في الإعسار، فإمساكه لا ينافي الإمساك بالمعروف، وقد مر جوابه.
وأما السنة، فأحاديث، فمنها:
[أ] ما رواه أحمدم عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: "امرأتك ممن تعول: تقول: اطعمني، وإلا فارقني، جاريتك تقول: اطعمني، واستعملني، ولدك يقول: إلى من تتركني"، ورواه النسائي من طريق محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة وفيه أيضاً: "فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: "امرأتك تقول: اطعمني وإلا فارقني" ورواه الدارقطني بلفظ: "قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اليد العليا خير من اليد السفلى، ويبدأ أحدكم بمن يعول: تقول المرأة أطعمني أو طلقني ... الحديث".
ورواه أيضاً بلفظ: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "المرأة تقول لزوجها أطعمني أو طلقني الحديث".
وجه الدلال: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل للمرأة طلب الفراق عند الامتناع عن الإنفاق.
[وأورد عليه أولاً] : أن قوله: "تقول المرأة: أطعمني وإلا فارقني" ليس من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هو من قول أبي هريرة، فنسبته للرسول صريحاً في هذه الأحاديث من قبيل الوهم والاشتباه، وإذا لم يكن من قول الرسول، لم يكن حجة، ويدل على هذا، أن البخاري روى الحديث، وليس في وسطه سؤال، وذكر في آخره، فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: لا… هذا من كيس أبي هريرة ا. هـ. فقول: هذا من كيس أبي هريرة" إما بكسر الكاف، ومعناه من حاصله، وهو إشارة إلى أنه استنباطه مما فهمه من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وابدأ بمن تعول" مع تطبيقه على ماهو واقع.
وإما بفتح الكاف، ومعناه من فطنته، وعلى كل هو دليل على أن عجز الحديث ليس من كلام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى الإسماعيلي الحديث بسند حديث البخاري، وفي وسطه: "فقال أبو هريرة: تقول امرأتك إلخ"، وفي آخره: "قالو يا أبا هريرة، شيء تقوله من رأيك، أو من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: " هذا من كيسي" فهذه الرواية صريحة في أن هذا من كلام أبي هريرة؛ وروى النسائي رواية غير السابقة من نفس الطريق السابق، وهو طريق محمد بن عجلان عن أبي صالح عن أبي هريرة، وفيها: "فسئل أبو هريرة: من تعول يا أبا هريرة؟ فدلت هذه الرواية بمعونة ما سبق، على أن الرواية السابقة للنسائي، وما ماثلها من قبيل الوهم، ثم حديث الدارقطني بروايتيه السابقتين إنما هو من طريق عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، وفي حفظ عاصم شيء، فلا يحتج به.
[ولك أن تجيب] لو تأملنا جلياً لم نحكم بالوهم على هذه الروايات، بل نجمع بينها، وبين الأخرى فنقول: إن هذا من قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ذكر أبو هريرة الحديث مرة تفصيلاً، وفيه أن =(4/26)
فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قَالَ: ذلك أدنى أن لا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَهُ.
__________
= الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل وأجاب، وذكره مرة أخرى بلا تفصيل، فجمع قول الرسول من غير توسيط السؤال، ومرة ذكره صدره، فسأله السامعون، فأجاب ببقيته، ولا يلزم من ذلك كون الجواب من كلام نفسه، وأما قوله في بعض الروايات: "هذا من كيس أبي هريرة" فإنما هو من قبيل التهكم.
كأنه يقول: "كيف أخبركم في صدر الحديث بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، ثم تسألونني، أسمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ".
[وأورد عليه ثانياً] : لو سلم أن هذا الكلام من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تسلم دلالته على أن للمرأة حق طلب الفراق عند الإعسار، وأن القاضي يحكم به؛ لأنه إنما يقرر حق المرأة في النفقة، ويحكى ما تنطق به المرأة بلسان الحال، أو المقال إذا وجدت زوجها ينفق المال على غيرها، ويدعها، ولا يجب أن يكون ما تنطق به حقاً لها يقضى لها به، وإنما هو أمر يقع في المخاصمات، ومما يدل على هذا أنه كلام عام يشمل الموسر والمعسر مع أن الموسر يحسن الإنفاق، ولا يحكم عليه بالفراق.
[ولك أن تجيب] بأن الأصل فيما يحكيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمر مشروع ما دام قد قرره، وكونه حكاية لما يحصل، وإن لم يكن مشروعاً خلاف الأصل، فلا يعدل إليه إلا الدليل، وأين الدليل هنا؟ وشمول الكلام للموسر لا يضر؛ فإنه يثبت لزوجته حق طلب الفراق في الجملة كما يأتي، وكذالك المعسر.
وغاية هذا أن يكون عموم الحديث مخصوصاً بالأدلة التي تمنع هذا الحق في بعض صور المعسر والموسر.
[ب] ما رواه الدارقطني، والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "في الرجل لا يجد ما ينفق على أهله، قال: "يفرق بينهما".
وهذا الحديث صريح في وجوب التفريق عند الإعسار بالنفقة، لكن إنما يكون ذلك عند عدم رضا المرأة بالمقام معه على إعساره؛ للإجماع على عدم وجوبه عند رضاها.
[وأورد عليه] أن من رواية عاصم عن أبي هريرة" وفي حفظ عاسم شيء، كما قال ابن القطان وغيره.
وقد أعل هذا الحديث أبو حاتم.
وقال الحافظ: "إن الدارقطني وهو فيه، وتبعه البيهقي" ا. هـ.
وقال ابن القيم: "إنه حديث منكر لا يحتمل أن يكون عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأحسن أحواله، أن يكون عن أبي هريرة –رضي الله عنه- موقوفاً، وأما أن يكون عن أبي هريرة عن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوالله ما قال هذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا سمعه أبو هريرة، ولا حديث به، كيف وأبو هريرة، لا يستجيز أن يروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "امرأتك تقول: وإلا طلقني" ويقول: "هذا من كيس أبي هريرة"؛ لئلا يتوهم نسبته للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟.
[ولك أن تجيب عن ذلك] : أما ما قيل في حفظ عاصم، فإنه لا يقدح في حديثه؛ فإن عاصماً هو ابن بهدلة المعروف بابن أبي النجود، أحد القراء السبعة، وثقه الإمام أحمد، وغيره، ويروى له الشيخان مقروناً، فإذا روى حديثاً، ولم يخالف من هو أحفظ منه لم يكن في حديثه شذوذ، ولا نكارة، كهذا الحديث الذي معنا، فإعلال أبي حاتم له، وتوهيم الحافظ ابن حجر للدارقطني، والبيهقي فيه، وادعاء ابن القيم أنه منكر، كل ذلك مبني على توهم المخالفة، لما في صحيح البخاري من قول أبي هريرة: "هذا من كيسي" وقد بينت فيما مضى أن هذا القول =(4/27)
......................................................................................
__________
= يجب أن يكون من قبيل التهكم، لا الحقيقة جمعاً بينه وبين رواية النسائي وأحمد التي صرحت برفع الحديث.
ولا شك أن الجمع أولى من توهيم رواية النسائي وأحمدم والدارقطني، وتأويل حديث سعيد بن المسيب الآتي:
[ج] ما رواه سعيد بن منصور في سننه عن سفيان عن أي الزناد قال: سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، أيفرق بينهما؟
قال: نعم؛ قلت سنة؟
قال: سنة".
ووجه الدلالة: أن سعيد بن المسيب جعل التفريق بالإعسار سنة، وهو لا يعني إلا سنة رسول الله صلى الله علسه وسلم، أي طريقته.
[وأورد عليه] أولاً: عدم تسليم صحته: لما فيه من الاضطراب، وبيانه: أنه روي عن سعيد بن المسيب قولان:
أحدهما: يجبر على مفارقتها.
ولآخر: يفرق بينهما، فلو كان أحدهما سنة لكان الآخر خلاف السنة.
[ويجاب] بأن الإجبار طريق من طرق التفريق؛ فإن الإجبار على الطلاق، والتطليق عليه، والفسخ، وإذن الزوجة بالفسخ، أو تطليق نفسها، ويرتفع بكل منها ضرر المعاشرة بغير المعروف.
[وأورد عليه] ثانياً أنه لو سلم صحته، فسعيد لم يقل: إن ذلك سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ثبت عنه إطلاق لفظ سنة من غير أن يريد به سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال الطحاوي: "كان زيد بن ثابت؛ يقول: المرأة في الأرش كالرجل إلى ثلث الدية، فإذا زادت على الثالث، فحالها على النصف من الرجل.
قال ربيعة بن عبد الرحمن: "قلت لسعيد بن المسيب: ما تقول فيمن قطع إصبع امرأة؟
قال: عشر من الإبل: قلت: فإن قطع إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل.
قلت: فإن قطع ثلاثاً؟
قال: ثلاثون من الإبل؟
قلت: فإن قطع أربعاً من أصابعها؟
قال: عشرون.
قلت: سبحان الله!!. لما كثل ألمها، واشتد مصابها، قل أرشها!!؛ قال: إنه السنة".
قال الطحاوي: لم يكن ذلك إلا عن زيد بن ثابت فسمى قوله سنة ا. هـ.
فلعل مراد سعيد بالسنة ما قاله أبو هريرة موقوفاً عليه، وهو: "تقول امرأتك: اطعمني، وإلا فارقني" أو ما كتب به عمر –رضي الله عنه- حيث كتب إلى أمرء الأجناد في قوم غابوا عن نسائهم، إما أن يرجعوا وإما أن يبعثوا بنفقة، وإما أن يطلقوا ويبعثوا بنفقة ما مضى" فحينئذ تكون سنة أبي هريرة أو عمر ولا حجة فيها.
[ويجاب] بأن جعله هنا سنة أبي هريرة، أو عمر خلاف الظاهر وهو مما لا ينبغي حمل الكلام عليه، وفرق بين ما هنا، وبين ما في دية الأصابع فهاهنا سأله السائل: أهو سنة؟ فأجاب بأنه سنة، ولا يريد السائل إلا سنة ريول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنها الحجة بخلاف ما لو قال ابتداء: هذا سنة، =(4/28)
..................................................................................
__________
= أو من السنة كذا؛ فإنه يحتمل كونه سنة غيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولذا قال الشافعي –رضي الله عنه-: "الذي يشبه أن يكون قول سعيد سنة، سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
[وأورد عليه] ثالثاً أنه لو سلم أنه أراد سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مرسل، ولا حجة في المرسل.
[ويجاب] بأن مراسيل سعيد معمول بها؛ لما عرف من أنه لا يرسل إلا عن ثقة، ولذا احتج به الشافعي مع أنه لا يحتج بالمراسيل.
وأما الإجماع: فبيانه أن عمر –رضي الله عنه- كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
قال الحافظ في "بلوغ المرام": "أخرجه الشافعي، ثم البيهقي بإسناد حسن" ا. هـ.
قال عميرة في حاشيته على شرح "المنهاج" للجلال المحلى ما نصه: "قال الشافعي: ولا أعلم أحداً من الصحابة خالفه" ا. هـ؛ وقال ابن حجر: "وقضى به عمر عمر رضي الله عنه ولم يخالف أحد من الصحابة".
وقال الشرواني تعليقاً على ابن حجر ما نصه: "فصار إجماعاً سكوتيا" ا. هـ.
[وأورد عليه] أنه لا حجة قيه على هذا المسألة، وهي الفراق بالإعسار] ؛ لأن عمر لم يخاطب بذلك إلا أغنياء قادرون على النفقة، وليس في خبره حكم المعسر، بل قد صح عنه إسقاط طلب المرأة للفقة إذا أعسر به الرزوج.
هذا الإيراد أورده ابن حزم، وتبعه عليه بعض الحنفية.
[وفيه نظر] فإن كتاب عمر عام الأغنياء والفقراء.
وقال الشافعي في [الأم] : "وأحسب عمر –والله تعالى أعلم- لم يجد بحضرته لهم أموالاً، يأخذ منها نفقة نسائهم، فكتب إلى أمراء الأجناد أن يأخذوهم بالنفقة إن وجدوها، والطلاق إن لم يجدوها، وإن طلقوا، فوجد لهم أموال أخذوهم بالبعثة بنفقة ما حسبوا" ا. هـ.
وقول ابن حزم: إن صح عن عمر إسقاط طلب المرأة للنفقة إذا أعسر بها الزوج، مراده به ما يأتي عن عمر "أنه صرب ابنته حين كان أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألن النفقة، وقال: أتسألن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس عنده؟ ".
وعلى فرض صحة ما فهمه ابن حزم منه، فلا دلالة فيه على أن كتابه خاص بالقادرين، بل القادرون يؤخذون بالنفقة، والعاجزون يؤخذون بالطلاق، كما قال الشافعي.
لكن في دعوى الإجماع نظر لا يخفى ... نعم، هو قول صحابي جليل، وهو حجة عند من يقول إن مذهب الصحابي حجة.
وأما المعقول، فوجوه أكتفي منها بهذا الوجه، وهو: قياس الإعسار بالنفقة على الجب والعنة، يجامع العجز عما تتضرر المرأة بعدمه، وهو قياس أولوي، فإن العجز عن الوطء فيه فقد اللذة التي يقوم البدن بدونها، والعجز عن النفقة فيه، فقد القوت ونحوه، مما لا يقوم البدن بدونه. وأيضاً العجز عن الوطء تفوت به منفعة مشتركة بين الزوجين، والعجز عن النفقة تفوت به منفعة مختصة بالزوجة، وفوات المختص أستر.
[وأورد عليه] أنه قياس مع الفارق من جهتين.
الأولى: أن العجز عن الوطء يفوت به المقصود، وهو التناسل، والعجز عن النفقة يفوت به التابع، وهو المال، والتابع لا يلحق بالمقصود.=(4/29)
..................................................................................
__________
= الثانية: أن العجز عن الوطء يفوته، لأنه لا يكون ديناً، والعجز عن النفقة لا يفوتها؛ لأنها تصير ديناً.
[ولك أن تجيب] أولاً بأن التفرقة يكون الوطء مقصوداً، والمال تابعاً لا أثر لها؛ لأن الشارع إنما أثبت حق الفسخ بالجب، والعنة للتضرر، هذه هي العلة المناسبة، ولا فرق بين التضرر بمقصود، وتابع، فقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ضرر ولا ضرار" ولم يفرق.
وثانياً بأن التفرقة بالدينية وعدمها لا أثر لها؛ لأن ثبوت الدين في الذمة لا يرفع الضرر الحاصل بالجوع والعري، والاستدانة التي لا أمد لها فيها من العسر ما لا يختلف فيه اثنان.
3- واستدل القائلون بأنه لا يثبت للزوجة حق طلب الفراق، بالكتاب والسنة والمعقول.
أما الكتاب فمنه:
1- قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر الدائن بإنظار مدينه المعسر إلى ميسرة وغاية النفقة أن تكون ديناً في ذمة الزوج المعسر لزوجته فهي مأمورة بإنظاره، حتى يوسر.
هذا إن قيل: إنها تجب، وتصير ديناً ثابتاً في الذمة، فإن قيل: إنها لا تجب أصلاً، أو تجب ثم تسقط بمضي الزمان، كان صبرها عليه أولى بالوجوب من صبر الدائن على المدين.
[ولك أن تورد عليه] أن من أثبت للزوجة حق طلب الفراق، لم يثبته للدينية، حتى تقاس على الدائن، ولذا لم يثبته للنفقة الماضية مع كونها ديناً، وإنما أثبته للضرر، ولعدم تسليم ما يقابل الاحتباس، وكلاهما حاصل مع الإعسار.
[ب] قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] .
وجه الدلالة: أن الله عز وجل أخبر بأنه لا يكلف نفساً إلا ما آتاها من المال أو الكسب فمن أعسر بالنفقة، وعجز عنها لا تكليف عليه بها، فلم يترك ما وجب عليه، ولم يأثم، فلا يكون ذلك سبباً للتفريق بينه، وبين حبه وسكته، وتعذيبه بذلك.
[ويمكن أن يناقش] بأن غاية ما دلت عليه الآية عدم تكليفه إيتاء النفقة في هذه الحالة، ولا يلزم من ذلك بقاء زوجته على الضرر فالتفريق ليس من قبيل تعذيبه على إثم ارتكبه، وإنما هومن قبيل رفع الضرر عن زوجته.
وأما السنة، فوجهان:
2- ما في صحيج مسلم من حديث جابر: "دخل أبو بكر وعمر –رضي الله عنهما- على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجداه جالساً حوله نساؤه واجما ساكنا، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة، سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقال: هن حولي، كما ترى، يسألني النفقة فقام ابو بكر –رضي الله عنه- إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر –رضي الله عنه- إلى حفصة –رضي الله عنها- يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس عنده: فقلن: والله لا نسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً أبداً ما ليس عنده، ثم اعتزلهن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً، وذكر الحديث".
وجه الدلالة فيه: أن أبا بكر وعمر ضربا ابنتيهما بحضرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سألاه نفقة لا يجدها، ومن المحال أن يضربا طالبتين للحق، ويقرهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك.=(4/30)
..................................................................................
__________
= فدل على أنه لا حق لهما فيما طلبتاه من النفقة في حال الإعسار، وإذا كان طلبهما لها باطلاً؛ فكيف تمكن المرأة من فسخ النكاح بعدم ما ليس لها طلبه، ولا يحل لها؟.
[وأورد عليه أولاً] : أن الحديث ليس في محل النزاع أصلاً، فإن أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعدمن النفقة بالكلية؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قد استعاذ من الفقر المدقع. فالظاهر بل الحق الذي لا ينبغي النزاع فيه أن ذلك فيما زاد على ما به قوام البدن، مما يعتاد الناس النزاع في مثله.
ثانياً: أنه لو سلم أن الحديث في الإعسار بالنفقة، فزجرهما عن المطالبة بما ليس عنده، لا يدل على امتناع المطالبة بالفسخ؛ لأجل الإعسار، فإن المطالبة بما ليس عنده تكليف بما لا يطاق بخلاف المطالبة بالفسخ، فإنها مطالبة بما يرفع الضرر، ولم يرد أنهن طلبن الفسخ، ولم يجبن إليه، كيف وقد خيرهن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك، فاخترنه.
[ب] إن الصحابة لم يزل فيهم المعسر والموسر، وكان معسروهم أضعاف موسريهم، فما مكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة قط من الفسخ بإعسار زوجها، ولا أعلمها أن الفسخ حق لها، ولو كان من المستقر في الشرع أن المرأة تملك الفسخ بإعسار زوجها؛ لرفع إليه ذلك، ولو من امرأة واحدة فإنهن قد رفعن إليه وأنذر فيما هو دون ذلك، شكاتهن منه، كما في حديث امرأة رفاعة.
[وأورد عليه] أن كثرة المعسرين في الصحابة لا تدل على أن فيهم من كان عجز عن الإنفاق على زوجته، وتضررت بعجزه، فعلى المستدل أن يثبت أن من الصحابة من عجز عن الإنفاق ثم طالبت امرأته بالفراق، فلم يمكنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، ودون إثبات هذا فرط القتاد.
وأما المعقول، فوجوه:
1- أن المقرر شرعاً ارتكاب أخف الضررين، إذا لم يكن مناص من ارتكاب أحدهما، واجب.
ولا شك أن في إلزام الفرقة إبطال حق الزوج بالكلية، وفي إلزام الإنظار عليها، والاستدانة عليه تأخير حقها، وتأخير الحق أهون شأناً من الإبطال، فوجب المصير إليه؛ عملاً بذلك الأصل.
[أقول:] يمكن أن يعارض بأن في إلزام الفرقة فوات حق يمكن الصبر عنه، وهو حق الزوج في حبس الزوجة، وفي إلزام الإنظار تأخير حق لا يمكن الصبر عنه، وهو حق الزوجة في القوت ونحوه، فوجب المصير إلى ما يمكن الصبر عنه، وهو الإلزام بالفراقة، إذا طلبتها الزوجة لرفع ضررها.
على أن تأخير الحق إنما يكون أهون من إبطاله لو كان أخف ضرراً منه، أما وهو أشد ضرراً فلا.
[ب] إن المال غاد ورائح، وقد جعل الله الفقر والغنى مطية للعباد، فيفتقر الرجل الوقت، ويستغنى الوقت، فلو كان كل من افتقر فسخت عليه امرأته لعم البلاء وتفاقم الشر، وفسخت أنكحة أكثر العالم، وكان الفراق بيد أكثر النساء فمن ذا الذي لم تصبه عسرة، ويعوز النفقة أحياناً؟.
[ويمكن أن يرد عليه] : أن المعسرين بنفقة أزواجهم قليلون، والممسكون أزواجهم مع هذا الإعسار أقل، والنساء المطالبات بحق الفسخ مع هذا الإمساك أقل وأقل، فلا يلزم من إثبات هذا الحق تفاقم الشر، ولا كثرة البلاء.
[ج] أنه تعذر من المرأة الاستمتاع بمرض متطاول، وأعسرت بالجماع لم يمكن الزوج من فسخ النكاح، بل تجب عليه النفقة كاملة، فكيف تمكن هي من الفسخ بإعساره عن النفقة التي غايتها أن تكون عوضاً عن الاستمتاع؟.=(4/31)
4- بَابُ الْحَضَانَةِ1
1668- حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنِي هَذَا بَطْنِي
__________
= [ويمكن أن يرد عليه] أن الله عز وجل جعل بيد الأزواج الطلاق، وهو طريق للتخلص من الزوجة المعسرة بالجماع.
وأما الزوجات، فلما لم يكن بيدهن الطلاق، ولم يكن لهن طريق للتخلص من الأزواج المعسرين بالنفقة، كان من المعقول إثبات حق المطالبة بالتفريق لهن في الحالة.
[والذي يظهر] بالتأمل في هذه الأدلة ومناقشاتها اختيار القول بثبوت حق الفراق لزوجة المعسر في الجملة؛ لقوة أدلته.
أضيف إلى ذلك أنه مذهب الجمهور، وأنه نقل عن بعض الصحابة، ولم ينقل عن أحد منهم ما يخالفه، وأما القول بمنع هذا الحق على الإطلاق؛ فإنه لم يسلم له دليل.
ينظر النفقات لشيخنا محمد سالم، وينظر المحلى 10/ 87، وزاد المعاد 2/ 348، الأم 5/ 81، نيل الأوطار 6/ 275، فتح القدير 3/ 321.
1 الحضانة لغة: بفتح الحاء: مصدر حضنت الصبي حضانة: تحملت مؤنته وترببيته، عن ابن القطاع، والحاضنة: التي تربى الطفل سميت بذلك لأنها تصم الطفل إلى خضنها، وهو: ما دون الإبط إلى الكشح، وهو الخصر.
قال زين الدين بن نجيم في "البحر الرئق، شرح كنز الدقائق": "الحضانة: بكسر الحاء وفتحها لغة تربية الولد".
"والحاضنة" المرأة توكل بالصبي، فترضعه وتربيه، وقد حضنت ولدها حضانة من باب "طلب" وحضن الطائر بيضه حضنا إذا جثم عليه يكنفه يحضنه، كذا في "المغرب".
والحضانة مصدر الخاصن والحاضنة.
والحاضن والحاضنة الموكلان بالصبي يحفظانه، ويربيانه، والحضن ما دون الإبط إلى الكشح.
وقيل: هو الصدر والعضدان وما بينهما، والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع، والخاصرة هي وسط الإنسان.
وجمع الحضن إحضان، ومنه الاحتضان، وهو احتمالك الشيء، وجعله في حضنك، كما تحضن المرأة ولدها تحمله في أحد شقيها، وفي الحديث أنه –عليه الصلاة والسلام- "خرج محتضناً إحدى ابني ابنته، أي: حلاملاً له في حصنه، والحضن الجنب، وهما حضنان، انتهى ابن منظور في لسان العرب.
وقال علاء الدين الكاشاني في "البدائع": الحضانة لغة تستعمل في معنيين:
أحدهما: جعل الشيء في ناحية يقال: حضن الرجل الشيء إذا اعتزله، فيجعله في ناحية منه.
ثانيها: الضم إلى الجنب، يقال: حضنته، واحتضنته إذا ضممته إلى جانبك.
والحضانة بمعنى الضم، وهو المراد لمناسبته للمعنى الشرعي.
انظر: المطلق على أبواب المقنع: 355.
واصطلاحا:
عرفها الحنفية بأنها: تربية الطفل ورعايته، والقيام بجميع أموره في سن معينة ممن له الحق في الحضانة.
عرفها الشافعية بأنها: تربية من لا يستقل بأموره بما يصلحه، ودفع ما يغيره.=(4/32)
لَهُ وعاء وثدي لَهُ سِقَاءٌ، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءٌ، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي"، أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ1.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي الْأَصْلِ "ابْنُ عُمَرَ" بِضَمِّ الْعَيْنِ؛ وَهُوَ وَهْمٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنُ الْعَاصِ.
1669- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ، وَأُمِّهِ الْمُشْرِكَةِ، فَمَالَ إلَى الْأُمِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَمَالَ إلَى الْأَبِ، أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ2، وَفِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَأَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ رِوَايَةَ عَبْدِ الحميد بْنِ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ الْبِنْتَ الْمُخَيَّرَةَ اسْمُهَا "عَمِيرَةُ".
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ غُلَامًا أَصَحُّ.
__________
= عرفها المالكية بأنها: حفظ الولد في مبيته، ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه.
عرفها الحنابلة بأنها: حفظ صغير وغيره عما يضره، وتربيته بعمل مصالحه.
انظر: شرح الخرشي 3/ 347، حاشية ابن عابدين 2/ 633، نهاية المحتاج 7/ 214، المدونة 14/ 224، الروض المريع 2/ 328.
1 أخرجه أحمد [2/ 182] وأبو داود [2/ 283] كتاب "الطلاق"، باب: "من أحق بالولد"، حديث [2276] والدارقطني [4/ 305] كتاب "النكاح"، باب: "في المهر"، حديث [220] وعبد الرزاق [7/ 153] [12596- 12597] ومن طريقه إسحاق بن زاهويه لما في نصب الرية [3/ 265] والحاكم [2/ 207] .
والبيهقي [8/ 4- 5] كتاب "النفقات"، باب: "الأم نتزوج فيسقط حقها من حضانة الولد ينتقل إلى حدته"، كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو داود [2/ 273] كتاب "الطلاق"، باب: "إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد"، حديث [2244] .
النسائي 6/ 185 كتاب الطلاق باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد وابن ماجة 2/ 788 كتاب الأحكام باب تخيير الصبي [2352] وأحمد في المسند 5/ 446، 447 وابن سعيد في الطبقات 7/ 56 كلهم من طريق عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري عن أبيه عن جده "أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء ابن لهما صغير لم يبلغ الحلم فأجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأب ههنا والأم ههنا ثم خيره فقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه" وهذا لفظ النسائي.
رواه الحاكم 2/ 206، 207 من طريق عيسى بن يونس ثنا عبد الحميد بن أطول من ذلك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وعزاه صاحب الكنز [14037] لعبد الرزاق وعزاه برقم [4038] لابن أبي شيبة.(4/33)
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَوْ صَحَّ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهَا بِنْتٌ، لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَضِيَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْمَخْرَجَيْنِ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: احْتَجَّ بِهِ الْإِصْطَخْرِيُّ1 عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ للأم الكافرة2 حَقُّ الْحَضَانَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَجْوِبَةٍ، مِنْهَا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي مَوْلُودٍ غَيْرِ مُمَيَّزٍ.
وَمِنْهَا دَعْوَى النَّسْخِ، وَبَالَغَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِلْكَافِرِ.
قَالَ الْقَاضِي مُجْلِي3: وَلَعَلَّ النَّسْخَ وَقَعَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى
__________
1 أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى، الأصطخري، ولد سنة 244، أخذ عن أبي القاسم الأنماطي، قال القاضي أبو الطيب: حكى عن الداركي أنه قال: ما كان أبو إسحاق المروزي يفتي بحضرة الاصطخري إلا بإذنه ... وله مصنفات عديدة، مات سنة 328.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/ 109، تاريخ بغداد 7/ 268، المنتظم 6/ 302 والأعلام 2/ 192، النجوم الزاهرة 3/ 267، البداية والنهاية 11/ 193، والأنساب 1/ 286، شذرات الذهب 2/ 312.
2 سقط في ط.
3 مجلى بن جميع بن نجا، أبو المعالي المخزومي، المصري، تفقه على الفقيه سلطان المقدسي تلميذ الشيخ نصر، وبرع وصار من كبار الأئمة، وقال المنذري: إن أبا المعالي تفقه من غير شيخ، وتفقه عليه جماعة، منهم العراقي شارح المهذب، ومن تصانيفه "الذخائر"، قال الأذرعي: إنه كثير الوهم، وله أيضاً "العمدة" وغيره. توفي سنة 550.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/ 321، ط. الإسنوي 183، ط. السبكي 4/ 300.
هذا، وقد ذهب الحنفية إلى أن الحضانة إذا كانت للأم أو للإناث مطلقاً فلا يشترط فيها اتحاد الدين بين الحضانة والطفل إلى أن يعقل الأديان إلا إذا خيف عليه أن يألف الكفر، أما إذا كانت الحضانة للعصبة من الرجال المحارم فيشترط لأهلية العاصب للحضانة اتحاد الدين، أما إذا انتقل حق الحضانة إلى المحارم من الأقارب غير العصبة فالظاهر أنه لا يشترط اتحاد الدين.
وذهبت المالكية: إلى أنه لا يشترط إسلام الحاضن فالذمية إذا طلقت أو المجوسية يسلم زوجها وتأبى الإسلام فتقع الفرقة لكل منهما حضانة الصغير كالأم المسلمة متى كانت الذمية والمجوسية في حرز وتمتنع ان تغذي أولادها بخمر أو خنزير، أما إن خيف فعلها ذلك صمت إلى ناس من المسلمين ولا ينزع الطفل منها إلا إذا بلغ.
وذهب الشافعية والحنابلة وابن القيم إلى أنه يشترط لحضانة الصغير المسلم اتحاد دين الحاضن معه، فلا حضانة عندهم لكافرة أو كافر عليه.
وذهب ابن حزم من الظاهرية إلى أنه لا يشترط اتحاد دين الحاضن مع دين الصغير مدة الرضاع. ويشترط بعدها فإذا ما بلغ الضغير أو الصغيرة سن الاستغناء وبلغ مبلغ الفهم سقطت حضانة المخالف له في الدين.
تلك مذاهب الفقهاء في المسألة تفصيلاً يمكن ردها إلى قولين إجمالاً قول. بالجواز وقول بالمنع ونورد الأدلة لكل قول. أدلة لقائل بالجواز:
أولاً: ما روى أحمد وأبو داود والنسائي في سننه من حديث عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: ابنتي فطيم أو شبهه =(4/34)
الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] .
__________
= وقال رافع ابنتي فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أقعد ناحية"، وقال لها: "اقعدي ناحية" وقال لهما: "ادعواها" فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم اهدها" فمالت إلى أبيها فأخذها.
دل الحديث على أن الرسول عليه الصلاة والسلام خير الأب المسلم والأم الكافرة في بنتهما الصغيرة وكان المراد من ذلك حضانتها، وهذا التخيير دليل شرعية حق الأم في الحضانة وإن كانت كافرة إذ لو كان كفرها مانعاً لها لما خيرها الرسول، فكان هذا دليلاً على عدم تأثر الحضانة باختلاف الدين.
ونوقش: بأن الخبر ضعيف عند أصحاب الحديث فقد ضعف راويه إمام العلل يحيى بن القطان، وكان سفيان الثوري يحمل عليه، وضعفه ابن المنذر وفضلاً عن هذا فالقصة مضطربة ففي بعض الروايات أن المخيرة كانت بنتاً. وفي بعضها كان المخير ابناً. وقال ابن المنذر في إسناد الحديث مقال وروى على غير هذا الوجه ولا يثبته أهل النقل. وقال ابن حزم في "المحلى" بعد سياقه للحديث –قلنا- هذا خبر لم يصح قط لأن الرواة له اختلفوا فقال عثمان البتي عبد الحميد الأنصاري عن ابيه عن جده، وقال مرة أخرى عبد الحميد بن يزيد بن سلمة عن أبيه عن جده. وقال عيسى: عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان وكل هؤلاء مجهولون، وقال الماوردي في "الحاوي الكبير": ولو صح لكان الجواب عنه من ثلاثة أوجه:
احدها: أن المقصود بالتخيير ظهور المعجزة باستجابة دعوته.
الثاني: أن الطفل كان فطيماً ومثله لا يخير.
الثالث: أن عليه السلام دعا بهدايتها إلى مستحق كفالتها، وهو الأب لثبوت إسلامها بإسلام أبيه. فلو كان لأم حق لأقرها عليه، ولما دعا بالهداية.
وقال ابن المنذر يحتمل أن النبي عليه السلام علم أن الطفلة تختار أباها بدعوته فكان ذلك خاصاً في حقها. فلم يكن التخيير لإثبات حق الأم في الحضانة مع اختلاف دينها.
واستدلوا ثانياً: بأن شرعية الحضانة لأمرين هما: الرضاع وخدمة الرضيع، والأم أوفر شفقة على ولدها وأقدر على ملاحظته من غيرها، ثم هي تدين بدين به تكون مأمومة عليه، فلم يكن كفرها مانعاً لحضانتها.
ونوقش: بأن الأم إذا كانت كافرة لا تؤمن على عقيدة الطفل وإن كانت مأمونة على حياته، وهذا لأنها تعلمه الكفر وتفتنه في دينه إن ترك إليها. وفي ذلك ضرب ذلك بليغ منعت لأجله حضانتها.
واستدل من قال بجواز حضانة الأم أو الجدة أو لأخت فقط إذا كن كافرات، وهم الحنفية بأن الشفقة الباعثة على قيام الأم بشؤون ابنها والأخت بشؤون أخيها لا تأثير لاختلاف الدين فيها. لكونها أمراً طبيعياً في الإناث فكان كفرهن غير مانع من حضانتهن للولد المسلم ولهذا قالوا إذا ظهر أن في الحضانة خطر على الطفل ينزع منها ويسقط حقها في الخضانة، وعند أمن الضرر وذلك مدة عدم عقله الأديان يبقى معها إلى أن يعقل.
فإذا ما انتقلت الحضانة من الإناث إلى العصبة قال الحنفية بشرطية اتحاد الدين لأن الحضانة للرجال الذين هم عصبة يعتمد التوارث ولا توارث بين مختلفي الدين.
ثم إذا انتقلت الحضانة من الرجال الذين هم عصبة إلى المحارم غير العصبات يسقط هذا الشرط لأن علة الاستحقاق هي القرابة المحرمة وهي غير متأثرة باختلاف الدين.
واستدل القائمون بمنع الحضانة عند اختلاف الدين: =(4/35)
وَمِنْهَا: رَدُّ الْحَدِيثِ بِالضَّعْفِ.
قَوْلُهُ: "فَلَوْ نَكَحَتْ أَجْنَبِيًّا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا؛ لِمَا سَبَقَ فِي الْخَبَرِ"، يَعْنِي: الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ؛ فَإِنَّ فِيهِ: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي".
__________
= أولاًً: بما رواه النسائي في حديث التخيير المتقدم، ووجهوا دلالة الحديث لمذهبهم، بأن دعاء الرسول للصغير بالهداية حين اختار أمه الكافرة دليل على أن اختياره كان على خلاف هدي الله الذي أراد لعباده فلو كان للأم حق لترك الأمر على ما كان. لكن ابطال الرسول اختياره بدعائه دليل عدم استحقاق الأم في الحضانة إذا خالفت الرضيع في دينه.
ونوقش: بأن ذلك التخيير لا يخلو عن تشريع، إذ لو كان خالياً منه لما خيرها الرسول، وإذا كان هناك تشريع فلا شيء سوى كون الأم لها.
وأجيب: بأن ذلك التخيير قد يكون من باب التشريع للأمة، ولبيان أن الأم الكافرة لا حق لها في حضانة طفلها المسلم وإن وجد ميل من الصغير إلى أمه.
واستدلوا ثانياً: بأن الحضانة من أقوى أسباب الولاية فلا يثبت للأم الكافرة على ولدها عندما يكون مسلماً، لأن الله قطع الموالاة بين المسلم والكافر، ولهذا لا تثبت ولاية مال أو نكاح لأب كافر على ابن مسلم، ثم الكافر فوق الكافر. والفسق مانع للأم من حضانتها، لأولى إذا كانت كافرة إذا يعظم الضرر ويشتد الخطر.
واستدلوا ثالثاً: إن في حضانة الكافرة للطفل المسلم إلحاق ضرر للطفل في دينه لأنها حريصة على تنشئته على دينها ليكون إلى جانبها دائماً، ثم عند كبره يصعب عليه التحول عن الدين الذي عرفه وليداً وتربى على تقاليده يافعاً. وكيف يرجع تحوله إلى الإسلام وقد انتقش دين أمه في عقله ورسخ في صدره. وهذا وأيم الله في غاية البعد. من أجل هذا كان كفر المرأة مانعاً لها من حضانتها لولدها المسلم لأن هذا هو الأنظر للصغير.
ونوقش: بأن المذكور في الدليل أمور محتملة الوقوع وعدمه، فأما الشفقة التي طبعت عليها الأم الباعثة على النظر في جميع الأحوال فهي محققة لا يعارض المحتمل محققاً.
وأجيب: بأن الأمور المذكورة وإن كانت محتملة إلا أنها راجحة فقاربت المحقق وأشبهته. والشفقة في جهة وحرص الأم على أن يكون ولدها على دينها وإلى حانبها في جهة أخرى، ومع ذلك فهي ترى أن الأخير باب من أبواب الشفقة، ثم إذا كان هلاك الدين أعظم من هلاك البدن. والحيطة فيه مطلوبة كان جانب الدين أولى بالنظر من غيره إقامة للمعنى الذي شرعت لأجله الحضانة.
واستدل ابن حزم: بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [لأنفال: 75] . وجه الدلالة: أن الله تعالى يقرر أحقية ذي الرحم برحمه من غير نظر لدينه، وكان مقتضى الآية أن يكون ذلك على عمومه بممعنى أن الأم الكافرة تكون أحق بولدها في الحضانة إلى انتهاء مدتها وهي بلوغ الفضل مبلغ الاستفتاء، لكن لما ورد قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] . كانت تلك المدة هي مدة الرضاع ومدة الحضانة الضرورية عندما يختلف الدين بين الحاضن والمحضون، إذ لا ضرر يحديث في هذه السن ويقع على الصغير لعدم فهمه وعقله الشيء.
ونوقش: بأن الله سبحانه لما قطع الموالاة بين المسلمين والكفار فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: 13] كانت هذه دليل تخصيص الآية الأخرى وهي =(4/36)
1 670- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْأُمُّ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ". الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ1، وَفِيهِ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ قَالَ خَاصَمْت امْرَأَةَ عُمَرَ عمر إلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ طَلَّقَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ أَعْطَفُ وَأَلْطَفُ وَأَرْحَمُ وأحنى وَأَرْأَفُ، وَهِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ"2.
قَوْلُهُ: "روي أن ع ليا وَجَعْفَرًا وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، تَنَازَعُوا فِي حَضَانَةِ بِنْتِ حَمْزَةَ بَعْدَ أَنْ اُسْتُشْهِدَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بِنْتُ عَمِّي، وَعِنْدِي بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ زَيْدٌ: بِنْتُ أَخِي، وكان -عليه السلام- آخَى بَيْنَ زَيْدٍ وَحَمْزَةَ.
وَقَالَ جَعْفَرٌ: الْحَضَانَةُ لِي؛ هِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَعِنْدِي خَالَتُهَا؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَالَةُ أُمٌّ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ"، وَسَلَّمَهَا إلَى جَعْفَرٍ، وَجَعَلَ لَهَا الْحَضَانَةَ، وَهِيَ ذَاتُ زَوْجٍ"، الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ3، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ
__________
= قوله: {وَأُولُوا الْأَرْحَام} بالمسلمين.
تلك أدلة الفريقين في المسألة بالنظر فيها يترجح لنا مذهب القائلين بمنع حضانة الأم الكافرة لولدها، كيف وفي ذلك نوع إعزاز للإسلام والمسلمين وإظهار لعلو شأن الإسلام ورفعة أهله. وقد يكون في حرمانها من حضانتها حمل لها على الدخول في الإسلام والاندماج في جماعة المسلمين.
ينظر: "أثر الاختلاف في الأحكام" لشيخنا بدران أبو العينين.
وينظر: "المبسوطة" [5/ 510] ، "فتح القدير" [3/ 217] ، "بدائع الصنائع" [4/ 42] ، "الخرشي" [4/ 212] ، "المغني" لابن قدامة [10/ 297] ، "زاد المعاد" [2/ 226] .
1 أخرجه الدارقطني [3/ 305] ، كتاب النكاح: باب في المهر، حديث [219] ، من طريق المثنى بن الصباح.
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 154] ، في أبواب العدة والنفقة، باب أي الأبوين أحق بالولد، حديث [12600] ، من طريق عاصم عن عكرمة.
وأخرجه مالك 2/ 67] ، كتاب الوصية: باب ما جاء في المؤنث من الرجال ومن أحق بالولد، حديث [6] ، عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد ... فذكر القصة بنحو ذلك.
ومن طريقه أخرجه البيهقي [8/ 5] ، كتاب النفقات: باب الأم تتزوج فسقط حقها من حضانة الولد.
ومن طريق يحيى بن سعيد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [7/ 155] ، حديث [12602] .
3 أخرجه البخاري [5/ 357] ، كتاب الصلح: باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان ... [2699] ، وأطرافه في البخاري [1781، 1844، 2698، 2700، 3184، 4251] ، والبيهقي [7/ 5] ، كتاب النفقات: باب الخالة أحق بالحضانة من العصبة وقال: رواه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى.(4/37)
وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: "إنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ" 1.
تَنْبِيهٌ: الْخَالَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ [أبي] 2 مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "الْخَالَةُ وَالِدَةٌ"، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ3، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ الْعُقَيْلِيُّ4، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعَمُّ أَبٌ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ أَبٌ، وَالْخَالَةُ وَالِدَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ"، أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي "الْبِرِّ وَالصِّلَةِ"5.
1671- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ اخْتَصَمَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي وَلَدِهِ مِنْهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنِي هَذَا قَدْ نَفَعَنِي، وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَإِنَّ أَبَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنِّي، فَقَالَ الْأَبُ: لَا أَحَدَ يُحَاقُّنِي فِي ابْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا غُلَامُ، هَذِهِ أُمُّك، وَهَذَا أَبُوك، فَاتَّبِعْ أَيَّهمَا شِئْت، فَاتَّبَعَ أُمَّهُ".
__________
1 رواه أحمد [1/ 98- 99] ، حدثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن مريم عن علي رضي الله عنه قال: لما خرجنا ... فذكر الحديث بطوله.
وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" [3/ 267] ، لإسحاق بن راهويه في مسنده بالإسناد المذكور عند أحمد ورواه أبو داود في "السنن" [1/ 694] ، كتاب الطلاق: باب من أحق بالولد [2280] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 140] ، والطحاوي في "المشكل" [4/ 173- 174] ، والحاكم [2/ 120] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
ورواه في موضع آخر مختصراً [4/ 344] ، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
والبيهقي [8/ 6] ، كتاب النفقات: باب الخالة أحق بالحضانة من العصبة.
2 في ط: ابن وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
3 قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 267] : رواه الطبراني في "معجمه": حدثنا أبو الشيخ محمد بن الحسن الأصبهاني وأحمد بن زهير التستري قالا: ثنا محمد بن حرب النسائي ثنا يحيى بن عباد ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن خالد بن سعد عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخالة والدة".
قال الهيثمي في "المجمع" [4/ 323] : وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات.
4 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" [472] ، في ترجمة السمتي قال: حدثنا ابو هريرة المدني عن مجاهد عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخالة والدة"، وأعله بيوسف هذا ووصفه بالكذب وقال: لا يتابع عليه.
5 قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 268] : رواه ابن المبارك في "البر والصلة" بسنده عن الزهري وقال الألباني في "الإرواء" [6/ 144] : وقد رأيته في كتاب "الجامع" لعبد الله بن وهب شيخ الإمام أحمد بن شهاب بلاغاً ا. هـ. وهو ضعيف.(4/38)
وَيُرْوَى: أَنَّ رَجُلًا وَامْرَأَةً أَتَيَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي ابْنٍ لَهُمَا، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةُ: لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِمَا شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي بِهِ؛ "يَا غُلَامُ، هَذَا أَبُوك، وَهَذِهِ أُمُّك، فَاخْتَرْ أَيَّهمَا شِئْت".
رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَقَالَ: حَسَنٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" بِاللَّفْظِ الثَّانِي2، وَرَوَاهُ هُوَ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا، وَرَوَاهُ بِالْقِصَّةِ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا وَغَيْرُهُ3، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اسْتَهِمَا فِيهِ"، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ4.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبَوَيْهِ"، الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيّ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ [عُبَيْدِ] 5 اللَّهِ بْنِ
__________
1 أحمد [2/ 246] ، مختصر وأبو داود [2/ 283- 284] ، كتاب الطلاق: باب من أحق بالولد، حديث [2277] ، مطولاً والترمذي [3/ 629] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه:إذا افترقا، حديث [1358] ، مختصر بذكر تخير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط، والحاكم [4/ 97] ، وصححه الذهبي، وابن ماجة [2/ 787- 788] ، كتاب الأحكام: باب تخيير الصبي بين أبويه، حديث [2351] ، بنحو رواية الترمذي.
كلهم من طريق هلال بن أبي ميمونة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وجد الحميد بن جعفر.
ثم قال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وأبو ميمونة اسمه سليم، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم؛ قالوا: يخير الغلام بين أبويه إذا وقعت بينهما المنازعة في الولد، وهو قول أحمد وإسحاق.
وقولا: ما كان الولد صغيراً فالأم أحق، فإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه.
ثم قال: هلال بن أبي ميمونة هو: هلال بن علي بن أسامة، وهو مدني وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير ومالك بن أنس وفليح بن سليمان.
قلت: وعلى هذا فيكون قول الحافظ عن هلال بن أبي ميمونة عن ابيه فيه نظر، لأن أباه هو علي بن أسامة، وأبو ميمونة هو: سليم كما قال الترمذي.
2 أخرجه ابن حبان [4/ 106] ، حديث [1200- موارد] ، وأبو يعلى [10/ 512] ، حديث [6131] ، كلاهما من طريق زياد بن سعد عن هلال ابن أبي ميمونة عن أبي ميمونة شهد أبا هريرة خير غلاماً بين أبيه وأمه.
3 أخرجه النسائي [6/ 185] ، كتاب الطلاق: باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد، حديث [3446] ، من طريق زياد عن هلال بن أبي ميمونة.
4 أحمد [2/ 447] ، وابن أبي شيبة [5/ 237] .
5 في ط: عبد وهو خطأ والصواب ما أثبتاه.(4/39)
أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ1.
حَدِيثُ عُمَارَةَ الجرمي: "خَيَّرَنِي عَلِيٌّ بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي، وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ"، الشَّافِعِيُّ فِي "الْأُمِّ" عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ الْجَرْمِيِّ؛ قَالَ: "خَيَّرَنِي عَلِيٌّ بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي، وَقَالَ لِأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنِّي: وَهَذَا لَوْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خَيَّرْته"2.
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ يُونُسَ، وَزَادَ فِيهِ: "وَكُنْت ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ" 3.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يُونُسَ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ عُمَارَةُ.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 4] ، كتاب النفقات: باب الأبوين إذا افترقا وهما في قرية واحدة فالأم أحق بولدها ما لم تتزوج.
2 أخرجه الشافعي [2/ 63] ، كتاب الطلاق: باب في الخضانة، حديث [206] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 4] ، كتاب النفقات: باب الأبوين إذا افترقا وهما في قرية واحدة: والأم أحق بولدها ما لم تتزوج.
3 ينظر: الموضع السابق.(4/40)
5- بَابُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ وَنَفَقَةِ الْبَهَائِمِ
1672- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ العمل مالا يُطِيقُ"، الشَّافِعِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ4، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ5.
1673- حَدِيثُ: "إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ؛ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ
__________
4 أخرجه الشافعي [2/ 66] ، كتاب العتق: باب فيما جاء في العتق وحق المملوك، حديث [214] .
وأخرجه مسلم في "صحيحه" [3/ 1284] ، كتاب الإيمان: باب إطعام المملوك مما يأكل [1662] حدثني أبو طاهر أحمد بن عمرو بن سرج أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه عن العجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما طيق".
ورواه أحمد [2/ 342] ، والبيهقي [8/ 6] ، والبخاري في "الأدب" من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن بكير بن الأشج عن عجلان عن أبي هريرة وهو عند ابن حبان في "صحيحه" [1/ 152] ، [14313] ، وأخرجه أحمد [2/ 342] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [192] [193] ، والبيهقي [8/ 8] ، من طرق عن محمد بن عجلان به.
5 ومحمد بن عجلان صدوق إلا أنه أختلطت عليه أحاديث أبي هريرة.
ينطر: "التقريب" [6176] .(4/40)
يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُهُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ1.
1674- حَدِيثُ: "إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، وَقَدْ كَفَاهُ حَرَّهُ وَعَمَلَهُ؛ فَلْيُقْعِدْهُ، فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ، وَإِلَّا فَلْيُنَاوِلْهُ أَكْلَةً مِنْ طَعَامِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: "إذَا كَفَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ، حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ؛ فَإِنْ أَبَى فليروغ لَهُ لُقْمَةً"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي2، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
__________
1 أخرجه البخاري [1/ 106] ، في الإيمان: باب المعاصي من أمر الجاهلية [30] و [5/ 25] ، في العتق، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون" [2545] ، [480] ، في الأدب: باب ما ينهى عن السباب واللعن [650] ، ومسلم [3/ 1282- 1283] ، في الإيمان: باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس [38- 40/ 1661] ، وأبو داود [2/ 761] ، في الأدب: باب في حق المملوك [5158] ، والترمذي [4/ 294- 295] ، في البر والصلة: باب ما جاء في الإحسان إلى الخدم [1945] ، وابن ماجة [2/ 1216- 1217] ، في الأدب: باب الإحسان إلى المماليك [3690] ، وأحمد [5/ 158] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [187] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 356] ، والبيهقي [8/ 7] ، من طريق المعرور بن سويد قال: مررنا بأبي ذر بالربذة وعليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا: يا أبا ذر لو جمعت بينها كانت حلة. فقال: إن كان بيني وبين رجل من إخواني كلام، وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه، مشكاني إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "يا أبا ذر إنك أمرؤ فيك جاهلية"، قلت: يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه. قال: "يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيدكم، فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ويشهد له حديث أبي اليسر رواه مسلم [4/ 2301- 2303] ، في الزهد: باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر [74/ 3006، 3007/] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [181] ، والطبراني في "الكبير" [19/ 168- 169] ، برقم [379] ، والطحاوي [4/ 356] ، وابن أبي شيبة [7/ 11] ، من طريق حاتم بن إسماعيل ثنا يعقوب بن مجاهد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عنه.
2 أخرجه الشافعي [5/ 101] ، كتاب النفقات: باب نفقة المماليك، وأحمد [2/ 259، 277، 283، 299، 316، 406، 409، 430، 469، 473، 483، 505] ، والبخاري [5/ 489] ، كتاب العتق: باب إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، حديث [2557] ، وطرفة [5460] ، ومسلم [6/ 147- 148] ، كتا الإيمان: باب إطعام المملوك مما يطعم وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه، حديث [42/ 1663] ، وأبو داود [3/ 365] ، كتاب الأطعمة: باب في الخادم يأكل مع المولى، حديث [3846] ، والترمذي [4/ 287] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الأكل مع المملوك والعيال، حديث [1853] ، والحميدي [4608] ، حديث [1070- 1072] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 357] ، كتاب الزيادات: باب ما يجب للمملوك على مولاء من الكسوة والطعام، والبيهقي [8/ 8] ، كتاب النفقات: باب ما جاء في =(4/41)
1675- قَوْلُهُ: "ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ"، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ طُرُقٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ2، جَابِرٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو3، رَوَاهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ".
حَدِيثُ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقُ، وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْسِبُ بِفَرْجِهَا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ
__________
= تسوية المالك بين طعامه وطعام رقيقه وبين كسوته وكسوة رقيقه، والخطيب في "تاريخ بغداد" [8/ 18] ، كلهم من طريق عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الترمذي: حسن صحيح.
1 أخرجه عبد الرزاق [11/ 284] ، كتاب الجامع: باب الرخص والشدائد، حديث [20551] ، عن معمر عن همام أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ... فذكره، ومن طريقه مسلم [8/ 421] ، كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم تغذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي، حديث [135/ 2619] ، وأخرجه البخاري [6/ 512] ، كتاب بدء الخلق: باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، فإن في أحد جناحيه داء والآخر شفاء، وخمس من الدواب فوسق يقتلن في الحل والحرم، حديث [3318] ، ومسلم [8/ 420] ، كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم تغذيب الهرة ونحوها من الحيوان الدي لا يؤذي، حديث [مكرر 134/ 2242] ، وابن حبان [2/ 305] ، [546] ، كلهم من طريق عبيد الله عن سعيد المقبري عنه به.
وأخرجه عبد الرزاق [11/ 284] ، [20549] ، قال: قال الزهري: وحدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخرجه ابن حبان [12/ 438] ، كتاب الحظر والإباحة: باب فصل فيا يتعلق بالدواب، حديث [5621] ، وبرواية عبد الرزاق أخرجه ابن ماجة [2/ 5421] ، [4256] ، وأخرجه أحمد [2/ 261، 269، 686، 424، 457، 467، 479، 507، 519] ، والبغوي في "شرح السنة" [3/ 422- بتحقيقنا] ، كتاب الزكاة: باب فضل سقي الماء وإثم منعه، من طرق أبي هريرة به.
2 أخرجه مسلم [3/ 476] كتاب "الكسوف"، باب: ما عرض على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الكسوف عن أمر الجنة والنار، حديث [10/ 904] في حديث الكسوف الطويل، وقد تقدم.
3 أخرجه البخاري [5/ 315] كتاب المساقاة: باب: فضل سقي الماء، حديث [2365] ، وطرفاه في [3318- 3482] .
ومسلم [8/ 420] كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي، حديث [133، 134/ 242] ، الدارمي [2/ 330- 331] كتاب الرقاق، باب: دخلت امرأة النار في هرة.
وابن حبان في صحيحه [2/ 305] كتاب البر والإحسان، باب: فضل من البر والإحسان، حديث [546] والبيهقي [8/ 13] كتاب النفقات، باب: نفقة الدواب.
كلهم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه وذكره.(4/42)
عُثْمَانَ بِهَذَا1، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَمُسْلِمٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ2.
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ [2/ 901] كتاب الاستئذان، باب: الأمر بالرفق بالمملوك، حديث [42] ، ومن طريقه الشافعي [5/ 148] كتاب النفقات، باب: "نفقة المملك".
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي [8/ 9] كتاب النفقات.
باب: "ما جاء في النهي عن كسب الأمة إذا لم تكن في عمل واصب".
2 أخرجه البيهقي [8/ 8] ، كتاب النفقات: باب "ما جاء في النهي عن كسب الأمة إذا لم تكن من عمل واصب" من طريق مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابيه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كسب الأمة إلا أن يكون لها عمل واصب أو كسب يعرف وجهه".
ومسلم بن خالد هو المخزوم مولاهم المكي المعروف بالزنجي فقيه صدوق كثير الأوهام.
ينظر "التقريب" [6669] .(4/43)
57- كِتَابُ الْجِرَاحِ
1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقَتْلِ
1676- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك ... "، الْحَدِيثُ. الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
1677- حَدِيثُ عُثْمَانَ: "لَا يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ، وزنى بَعْدَ إحْصَانٍ، وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ"، الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ مَاجَهْ والْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ4 عَنْهُ.
__________
3 أخرجه البخاري [8/ 13] ، كتاب التفسير: باب قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} [البقرة: 22] حديث [4477] ، وفي [8/ 350- 351] ، كتاب التفسير: باب {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [الفرقان: 68] ، حديث [4761] ، وفي [10/ 448] ، كتاب الأدب: باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، حديث [6001] ، وفي [12/ 116] ، كتاب الحدود: باب إثم الزناة، حديث [6811] ، وفي [12/ 194] ، كتاب الديات: باب قوله تعالى: {مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} [النساء: 93] ، حديث [6861] ، وفي [13/ 499- 500] ، كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} [البقرة: 22] ، حديث [7520] ، وفي [13/ 512] ، حديث [7532] ، ومسلم [1/ 90- 91] ، كتاب الإيمان: باب كون الشرك أقبح الذنبوب، حديث [141/ 86] ، وأبو داود [1/ 705] ، كتاب الطلاق: باب في تعظيم الزنا، حديث [2310] ، والترمذي [5/ 336] ، كتاب التفسير: باب ومن سورة الفرقان، حديث [3182] ، والنسائي [7/ 89] ، كتاب تحريم الدم: باب ذكر أعظم الذنب، حديث [4013] ، وأحمد [1/ 380، 431، 433، 462، 464] ، والطيالسي [3، 4- منحة] ، وأبو عوانة [1/ 56] ، وأبو نعيم [4/ 145] ، والبيهقي [8/ 18] ، كتاب الجنايات: باب قتل الولدان، من حديث ابن مسعود.
4 اخرجه الشافعي [2/ 96] ، كتاب الديات، الحديث [318] ، والطيالسي [ص- 13] ، الحديث [72] ، وأحمد [1/ 61] ، والدارمي [2/ 218] ، كتاب السير: باب لا يحل دم رجل يشهد أن =(4/43)
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمَا2.
1678- حَدِيثُ: "لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِلَفْظِ: "قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا" 3.
وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِلَفْظِ: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ" 4.
__________
= لا إله إلا الله، والترمذي [4/ 19] ، كتاب الديات: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم، الحديث [1402] ، والنسائي [7/ 103] ، كتاب تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، وابن ماجة [2/ 847] ، كتاب الحدود: باب الحكم في المرتد، وابن ماجة [2/ 847] ، كتا الحدود: باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث، الحديث [2533] ، والحاكم [4/ 350] ، كتاب الحدود، وابن الجارود [ص- 213] ، رقم [836] من حديث عثمان.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه: ووافقه الذهبي.
1 أخرجه البخاري [12/ 201] ، كتاب الديات: باب قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] ، حديث [6878] .
ومسلم [3/ 7302] ، كتاب الفسامة: باب ما يباح به دم المسلم [25/ 1676] ، والترمذي [1402] ، وأبو داود [4352] ، والنسائي [7/ 92] ، وابن ماجة [2534] ، والدارمي [2/ 218] ، والدارقطني [3/ 82] ، والبيهقي [8/ 19] ، وأحمد [1/ 382، 428، 444، 465] ، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً بنحوه.
2 أخرجه مسلم [3/ 1303] ، كتاب القسامة: باب ما يباح به دم المسلم، حديث [26/ 1676] .
وأخرجه الطيالسي [ص- 216] ، الحديث [1543] ، وأحمد [6/ 214] ، وأبو داود [4/ 522] ، كتاب الحدود: باب الحكم فيمن ارتد: الحديث [4353] ، والنسائي [7/ 101- 102] ، باب الصلب، والحاكم [4/ 367] ، من حديث عائشة، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه النسائي [7/ 83] ، كتاب تحريم الدم: باب تعظيم الدم.
قال: أخبرنا الحسن بن إسحاق المروزي –ثقة-، حدثني خالد بن خداش، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ... فذكر.
وزاد العجلوني في "كشف الخفاء" [2/ 137] ، إلى ابن ماجة والضياء، وقال: سنده حسن.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" [4/ 345] ، حديث [5342] ، من طريق حاتم بن إسماعيل بإسناد النسائي.
4 أخرجه ابن ماجة [2/ 874] ، كتاب الديات: باب التغليظ في قتل مسلم ظلماً، حديث [2619] ، من طريق الوليد بن مسلم ثنا مروان بن جناح، عن أبي الجهم الجوزجاني عن البراء بن عازب، فذكره.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" [4/ 345] ، حديث [5343، 5344، 5345] من طريق الوليد بن مسلم بإسناد ابن ماجة إلا أنه قال روح بن جناح بدلاً من مروان بن جناح والصواب ما وقع عند ابن ماجة لأن [روح] بن جناح. =(4/44)
وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مِثْلُهُ1؛ لَكِنْ قَالَ: "مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ". وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا.
1679- حَدِيثُ: "مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ؛ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ"، ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُعْضَلًا؛ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مَنْ طَرِيقِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ الضَّحَّاكِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ يَرْفَعُهُ، وَفَرَجٌ مُضَعَّفٌ، وَبَالَغَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَهُ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"؛ لَكِنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ أَبَا حَاتِمٍ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي "الْعِلَلِ": إنَّهُ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ
__________
= قال الحافظ في "التهذيب" [3/ 292] : روى له الترمذي وابن ماجة حديثاً واحداً متنه فقيه واحد أشد على الشيطان من الف عابد ا. هـ.
فيتبين من كلام الحافظ أن الذي في سند حديث ابن ماجة إنما هو مروان وليس [روح] وهو يروي عن أبي الجهم كما قال الحافظ في "التهذيب" [10/ 90] .
والحديث حسن المنذري في "الترغيب" [3/ 256- 3588] ، إسناده فقال: رواه ابن ماجة بإسناد حسن ورواه البيهقي والأصبهاني، وزواد فيه: "ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار" ا. هـ.
وعزاه السيوطي في "الدرر" [2/ 355] ، لأبن عدي.
قال في "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله موثوقون، وقد صرح الوليد بالسماع فزالت شبهة تدليسه. والحديث في رواية غير البرا، أخرجه غير المصنف أيصاً.
1 أخرجه الترمذي [4/ 16] ، كتاب الديات: باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن، حديث [1395] ، والنسائي [7/ 82] ، كتاب تحريم الدم: باب تعظيم الدم، حديث [3998] ، والبيهقي في "سننه" [8/ 22- 23] ، كتاب الجنايات: باب تحريم القتل من السنة.
والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 296] ، كلهم من طريق يعلى بن عطاء عن ابيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه به.
وأخرجه النسائي [7/ 82] ، كتاب تحريم الدم: باب تعظيم الدم، حديث [3997] ، والبيهقي في "شعب الإيمان" [4/ 344- 345] ، كلاهما من طريق محمد بن مهاجر عن إسماعيل مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنه ... فذكره.
وأخرجه الترمذي [4/ 11] ، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا سعيد بن جعفر، حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو نحوه ولم يرفعه.
قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو هكذا رواه ابن أبي عدي عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو وعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى محمد بن جعفر وغيره واحد عن شعبة عن يعلى بن عطاء فلم يرفعه، وهكذا روى سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء موقوفاً وهذا أصح الحديث المرفوع.(4/45)
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، سَمِعْت عُمَرَ؛ فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ حَكِيمٌ عَنْ خَلَفٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.
مِنْهَا: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ: "يَجِيءُ الْقَاتِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" 1، وَأَعَلَّهُ بِعَطِيَّةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى أَحَادِيثِهِ بِالْوَضْعِ، وَأَمَّا عَطِيَّةُ فَضَعِيفٌ، لَكِنَّ حَدِيثَهُ يُحَسِّنُهُ التِّرْمِذِيُّ إذَا تُوبِعَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: "شَطْرُ الْكَلِمَةِ" مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: "اُقْ" مِنْ قَوْلِهِ: اُقْتُلْ.
قَوْلُهُ: "الْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ؛ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي "الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الدِّينِ"، سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي:
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 784] ، كتاب الديات: باب التغليظ في قتل مسلم ظلماً، حديث [2620] ، والعقيلي في "الضعفاء" [4/ 382] ، والبيهقي [8/ 22] ، كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً ومن هذا الوجه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" [3/ 104] ، وقال: لا يصح ففيه يزيد قال ابن المبارك: ارم به وقال النسائي: متروك، وقال أحمد بن حنبل: ليس هذا الحديث بصحيح، وقال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقات ا. هـ.
وقال العقيلي: يزيد قال البخاري: منكر الحديث.
والحديث قال فيه الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 334] ، أبو حاتم: منكر الحديث زاد ابو حاتم ذاهب الحديث ضعيف كان حديثه موضوع، وقال النسائي: متروك الحديث وقال الترمذي: ضعيف الحديث ... ا. هـ.
وللحديث شواهد كثيرة من حديث عمر بن الخطاب وابن عباس وأبي سعيد الخدري أوردها كلها ابن الجوزي في "الموضوعات" وحكم عليها بالوضع.
وتعقبه السيوطي في "الآلي" [2/ 186- 188] ، بشواهد من حديث ابن عمر والزهري مرسلاً تخرج الحديث من دائرة الحكم عليه بالوضع.
وقد أورد السيوطي في "الجامع الصغير" [6/ 72- فيض رقم [4871] ، عن أبي هريرة معزواً لابن ماجة ورمز له بالضعف.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" من طريق حكيم بن نافع عن خلف بن حوشب [5/ 74] ، وقال: غريب تفرد به حكيم عن خلف رواه هلال بن العلاء والمتقدمون عن أحمد بن سعيد بن أبي شعيب.(4/46)
2- باب ما يجب به القصاص
1680- حَدِيثُ: "أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ عَمَّةَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ"، الْحَدِيثَ، وَأَعَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 784] ، كتاب الديات: باب التغليظ في قتل مسلم ظلماً، حديث [2620] ، والعقيلي في "الضعفاء" [4/ 382] ، والبيهقي [8/ 22] ، كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً ومن هذا الوجه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" [3/ 104] ، وقال: لا يصح ففيه يزيد قال ابن المبارك: ارم به وقال النسائي: متروك، وقال أحمد بن حنبل: ليس هذا الحديث بصحيح، وقال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقات ا. هـ.
وقال العقيلي: يزيد قال البخاري: منكر الحديث.
والحديث قال فيه الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 334] ، أبو حاتم: منكر الحديث زاد ابو حاتم ذاهب الحديث ضعيف كان حديثه موضوع، وقال النسائي: متروك الحديث وقال الترمذي: ضعيف الحديث ... ا. هـ.
وللحديث شواهد كثيرة من حديث عمر بن الخطاب وابن عباس وأبي سعيد الخدري أوردها كلها ابن الجوزي في "الموضوعات" وحكم عليها بالوضع.
وتعقبه السيوطي في "الآلي" [2/ 186- 188] ، بشواهد من حديث ابن عمر والزهري مرسلاً تخرج الحديث من دائرة الحكم عليه بالوضع.
وقد أورد السيوطي في "الجامع الصغير" [6/ 72- فيض رقم [4871] ، عن أبي هريرة معزواً لابن ماجة ورمز له بالضعف.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" من طريق حكيم بن نافع عن خلف بن حوشب [5/ 74] ، وقال: غريب تفرد به حكيم عن خلف رواه هلال بن العلاء والمتقدمون عن أحمد بن سعيد بن أبي شعيب.(4/46)
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ أُمَّ حَارِثَةَ جَرَحَتْ إنْسَانًا، فَاخْتَصَمُوا، فَذَكَرَهُ1.
وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ؛ وَكَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي "أَمَالِيهِ".
1681- حَدِيثُ: "قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي حَدِيثٍ2، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
__________
1 اخرجه البخاري [8/ 177] ، كتاب التفسير: باب كتب عليكم القصاص في القتلى، حديث [4500] ، وأبو داود [2/ 607] ، كتاب المديات: باب القصاص من السن، حديث [4595] ، والنسائي [8/ 26- 27] ، كتاب القسامة: باب القصاص من الثنية وابن ماجة [2/ 884- 885] ، كتاب الديات: باب القصاص في السن، حديث [2649] ، وأحمد [3/ 128] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [841] والبغوي في "شرح السنة" [5/ 385- بتحقيقنا] ، من طريق حميد عن أنس أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية فطلبوا إليها العفو فعرضوا الأرش فأبوا فأتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو إلا القصاص فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقصاص فقال أنس بن النضر: با رسول الله أتكسر ثنية الربيع لا والذي بعثك لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أنس كتاب الله القصاص" فرضى القوم فعفوا فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره"، وتابعه ثابت بن أنس.
أخرجه مسلم [3/ 1302] ، كتاب القسامة: باب إثبات القصاص في الأسنان حديث [24/ 1675] ، والنسائي [8/ 26- 28] ، كتاب القسامة: باب القصاص من الثنية وأحمد [3/ 284] ، وأبو يعلى [6/ 124] ، رقم [3396] كلهم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به.
2 أخرجه أبو داود [4/ 185، 195] ، كتاب الديات: باب في الخطأ شبه العمد، في دية الخطأ شبه العمد [4547، 4548، 4588، 4589] ، والنسائي [8/ 41] ، كتاب القسامة: باب ذكر الأختلاف على خالد الحذاء، حديث [4793] ، وابن ماجة [2/ 877] ، كتاب الديات: باب دية شبه العمد مغلظة، حديث [2627] ، الدارقطني [3/ 104- 105] ، كتاب الحدود والديات وغيره.
وابن حبان [13/ 364] ، في كتاب الديات، حديث [6011] .
والبيهقي [8/ 45] ، كتاب الجنايات: باب شبه العمد وهو ما عمد إلى الرجل بالعصا الخفيقة أو السوط الضرب الذي الأغلب أنه لا يموت من مثله.
كلهم من طريق خلد الحذاء عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد [2/ 164، 166] ، والشافعي [2/ 108] ، [362] ، والنسائي [8/ 40] ، كتاب القسامة: باب كم دية شبه العمد وذكر الاختلاف على أبواب من حديث القاسم بن ربيعة فيه، حديث [4791] ، والدارقطني [3/ 104] ، برقم [78] ، والبيهقي [8/ 44] ، كلاهما من طريق شعبة عن أيوب السختياني عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد [3/ 410] ، وعبد الرزاق [3/ 172] ، والنسائي [8/ 41- 42] ، كتاب القسامة: باب ذكر الاختلاف على خالد الحذاء، حديث [4796] ، كلهم من طريق خالد الحذاء عن =(4/47)
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ صَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّهُ الِاخْتِلَافُ.
1682- حَدِيثُ: "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ؛ فَقَتَلَهَا؛ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَضِّ رَأْسِهِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ"1، وَأَعَادَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
__________
= القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره عند النسائي: يعقوب بن أوس بدلاً من عقبة بن أوس.
وأخرجه النسائي [8/ 41] ، حديث [4795] من طريق القاسم عن عقبة بن أوس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره مرسلاً.
وأخرجه أحمد [3/ 410] .
والنسائي [8/ 40- 41، 42] ، حديث [4792، 4800] ، كلاهما عن القاسم بن أبي ربيعة مرسلاً.
وأخرجه أحمد [2/ 11] ، والشافعي [2/ 108] ، في كتاب الديات، حديث [361] .
وأبو داود [4/ 185] ، كتاب الديات: باب في الخطأ شبه العمد، حديث [4549] ، والنسائي [8/ 42] ، كتاب القسامة: باب ذكر الاختلاف على خالد الحذاء، حديث [4799] ، وابن ماجة [2/ 878] ، كتاب الديات: باب جية شبه العمد مغلظة، حديث [2628] ، والدارقطني [3/ 105] ، برقم [80] .
وعبد الرزاق [9/ 281] ، كتاب العقول: باب شبه العمد، حديث [17212] ، البيهقي [8/ 44] ، كتاب الجنايات: باب شبه العمد وهو ما عمد إلى الرجل بالعصا الخفيفة أو السوط الضرب الذي الأغلب أنه لا يموت من مثله.
والبغوي في "شرح السنة" [5/ 397- بتحقيقنا] ، كتاب القصاص: باب الدية، حديث [2530] ، كلهم من طريق علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعلي بن زيد ضعيف.
1 أخرجه البخاري [5/ 86] ، كتاب الخصومات: باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهود حديث [2413] ، [5/ 437] ، كتاب الوصايا: باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت، حديث [2746] ، [12/ 222] ، كتاب الديات: باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به، حديث [6884] ، ومسلم [3/ 1300] ، كتاب القسامة: باب في القصاص في القتل بالحجر، حديث [17/ 1672] ، وأبو داود [4/ 180] ، كتاب الديات: باب يقاد من القاتل، حديث [4527] ، والنسائي [8/ 22] ، كتاب القسامة: باب القود من الرجل للمرأة، والترمذي [4/ 15] ، كتاب الديات: باب ماجاء فيمن رضخ رأسه بصخرة، حديث [1394] ، وابن ماجة [2/ 889] ، كتاب الديات: باب يقتاد من القاتل كما قتل، حديث [2665] ، والدارمي [2/ 190] ، كتاب الديات: باب كيف العمل في القود، وأحمد [3/ 183، 193، 262، 269] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [837، 838] ، والطيالسي رقم [1986] ، وأبو يعلى [5/ 249] ، رقم [2866] ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 179] ، والبيهقي كتاب الجنايات: باب عمد القتل بالحجر وغيره، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 383- بتحقينا] ، من طرق عن قتادة عن أنس بن مالك أن يهودياً رض رأس جارية بين حجرتين فقيل لها: من فعل هذا؟ أفلان أفلان حتى سمى اليهودي فأومأت برأسها فجيء باليهودي فاعترف فأمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض رأسه =(4/48)
1683- حَدِيثُ: "يُقْتَلُ الْقَاتِلُ، وَيُصْبَرُ الصَّابِرُ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ1، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ مُرْسَلًا2.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالْإِرْسَالُ فِيهِ أَكْثَرُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّهُ مَوْصُولٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ3، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
__________
= بالحجارة، وقد قال همام: بحجرين: لفظ البخاري.
وتابعه هشام بن زيد عن أنس.
أخرجه البخاري [12/ 213] ، كتاب الديات: باب من أقاد بالحجر، حديث [6879] ، ومسلم [3/ 1299] ، كتاب القسامة: باب القصاص في القتل بالحجر حديث [15/ 1672] ، وأبو داود [4/ 181] ، كتاب الديات: باب يقاد من القاتل، حديث [4529] ، والنسائي [8/ 35] ، كتاب القسامة: باب القود بغير حديدة، وابن ماجة [2/ 889] ، كتاب الديات: باب يقتاد من القاتل كما قتل حديث [2666] ، وأحمد [3/ 171، 203] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 179] ، والبيهقي [8/ 42] ، كتاب الجنايات: باب عمد القتل بالحجر وغيره، كلهم من طريق شعبة عن هشام بن زيد عن أنس به.
وتابعه أبو قلابة عن أنس.
أخرجه مسلم [3/ 1299] ، كتاب القسامة: باب القصاص في القتل بالحجر، حديث [15] 1672، وأبو داود [4/ 181] ، كتاب الديات: باب يقاد بن القاتل حديث [4528] ، والنسائي [7/ 101] ، كتاب تحريم الدم: باب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح على يحيى بن سعد في هذا الحديث وعبد الرزاق [10171، 18525] ، وأحمد [3/ 163] ، وأبو يعلى [5/ 200، 201] ، رقم [2818] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 181] ، كلهم من طريق معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن رجلاً من اليهود قتل جارية من الأنصار على حلي لها ثم ألقاها في القليب ورضخ رأسها بالحجارة فأخذ فأتى به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر به أن يرجم حتى يموت فرجم حتى مات.
1 أخرجه الدارقطني [3/ 140] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [176] ، والبيهقي [8/ 50] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يحبس الرجل للآخر فيقتله، كلاهما من طريق إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك".
2 أخرجه الدارقطني [3/ 140] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [177] ، والبيهقي [8/ 50، 51] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يحبس الرجل الآخر فيقتله، كلاهما من طريق مسلم بن جنادة ثنا وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجل أمسك رجلاً وقتل الآخر ... الحديث.
وأخرج البيهقي [8/ 51] ، نفس الكتاب والباب من طريق عبد الله بن المبارك يحدثه عن معمر عن أسماعيل بن امية يرفعه.
وأخرجه الدارقطني [3/ 139] ، من طريق إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه.
3 وزاد وقد قيل إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [8/ 50] .(4/49)
1684- حَدِيثُ: "كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ ... "، الْحَدِيثَ، الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد، مِنْ حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُد1.
1685- حَدِيثُ: "أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ"، الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي حَدِيثٍ2، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: "مُسْلِمٌ"، بَدَلَ: "مُؤْمِنٌ".
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 109، 110، 111] ، والبخاري [14/ 326] ، كتاب الإكراه: باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر، حديث [6943] .
وطرفاه في [3612، 3852] .
وأبو داود [3/ 47] ، كتاب الجهاد: باب في الأسير يكره على الكفر، حديث [2649] ، والنسائي [8/ 204] ، كتاب الزينة: باب لبس البرود، حديث [5320] ، مختصراً.
والحميدي [1/ 85] ، حديث [157] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 450] ، كتاب العلم: باب الغضب عند الموعظة والتعليم إذا رأى العالم ما يكره، حديث [5893] ، وابن حبان [7/ 156- 157] ، كتاب الجنائز: باب ما جاء في الصبر وثواب الأمراض، حديث [2897] ، [15/ 91] ، كتاب الطعام: باب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يكون من أمته من الفتن والحوادث.
كلهم من حديث قيس بن أبي حازم عن خباب قال: أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو متوسد بردة في طل الكعبة فشكونا إليه فقلنا، ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا، فجلس محمراً وجهه فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ثم يؤتى بالمنشار فيجعل على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ولله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحضرموت ما يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون".
2 أخرجه الشافعي [2/ 104] ، في كتاب الحدود والديات: باب [346] ، وأحمد [1/ 97] ، والبخاري [14/ 258] ، كتاب الديات: باب لا يقتل المسلم بالكافر، حديث [6915] ، والترمذي [4/ 24- 25] ، كتاب الديات: باب لا يقتل مؤمن بكافر، حديث 1412] ، والنسائي [8/ 23- 24] ، كتاب القسامة: باب سقوط القود من المسلم للكافر، حديث [4744] ، وابن ماجة [2/ 887] ، كتاب الديات: باب لا يقتل مسلم بكافر، حديث [2658] ، والدارمي [2/ 190] ، كتاب الديات: باب لا يقتل مسلم بكافر، وعبد الرزاق [18508] ، والحميدي [1/ 23] ، حديث [40] .
كلهم من طريق عن مطرف بن طريف: سمعت الشعبي يحدث قال: سمعت أبا جحيفة قال: سألت علياً رضي الله عنه: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟ قال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهما يعطي رجل في كتابه، وما في الصحيفة.
قلت وما في الصحيفة؟
قال: العق وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر.
وللحديث طريق آخر عن علي رضي الله عنه.
أخرجه أحمد [1/ 122] ، وأبو داود [4] 667، كتاب الديات: باب أيقاد المسلم بالكافر حديث [4530] ، والنسائي [8/ 19] ، كتاب القسامة: باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" ص [179] رقم [495] والطحاوي في "شرح معاني الآثار" =(4/50)
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، إلَّا النَّسَائِيَّ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ1، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ3، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ مُرْسَلًا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ" 4.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ وَعَائِشَةَ5، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ6، وَحَدِيثِ عِمْرَانَ عِنْدَ الْبَزَّارِ7.
__________
= [3/ 192] ، وفي "مشكل الآثار" [2/ 90] ، والدارقطني [3/ 98] ، كتاب الحدود والديات [61] والحاكم [2/ 141] ، والبيهقي [8/ 29] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 388- بتحقيقنا] من طريق الحسن عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا ولاأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً لم يعهده للناس عامة قال: لا إلا ماكان في كتابي هذا فأخرج كتاباً من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهو يد على من سواهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ومن أحدث حدثاً فعلى نفسه ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه أبو داود [4/ 670] ، كتاب الديات: باب إيقاد المسلم بالكافر حديث [4531] ، والترمذي [4/ 25] ، كتاب الديات: باب دية الكافر حديث [1413] ، وابن ماجة [2/ 887] ، كتاب الديات: باب لا يقتل مسلم بكافر حديث [2659] ، وأحمد [2/ 194] والبيهقي [8/ 29- 30] ، كتاب الجنايات: باب لا قصاص باختلاف الدينين كلهم من طريق عمرو بن شعيب عن أيبيه عن جده به.
وقال الترمذي: حديث حسن.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 895] ، كتاب الديات: باب المسلمون تتكافأ دماؤهم حديث [2683] ، من طريق حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد على أقصاهم.
وذكره الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 353] ، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف حنش واسمه حسين بن قيس.
3 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" [13/ 341] ، كتاب الجنايات: باب القصاص، حديث [5996] ، في حديث طويل.
4 أخرجه الشافعي [2/ 105] ، في كتاب الديات، حديث [348، 349] ، والبيهقي [8/ 29] ، كتاب الجنايات: باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين.
5 أخرجه البيهقي [8/ 29] ، كتاب الجنايات: باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
وأخرجه البيهقي [8/ 29، 30] ، من حديث عائشة رضي الله عنها.
6 لم أجده عند أبي داود والنسائي من رواية عائشة رضي الله عنها وأخرجه الدارقطني [3/ 131] ، كتاب الحدود والديات، حديث [155] ، من طريق مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة قالت: وجد في قائم سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابان إن أشد الناس عتواً في الأرض ورجل ضرب غير ضربه أو رجل قتل غير قاتله ورجل تولى غير أهل نعمته فمن ذلك فقد =(4/51)
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَرَفَعَ إلَى عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ بِهِ، وَغَلَّظَ عَلَيْهِ الدِّيَةَ"1، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا، إلَّا مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَتَبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يُقَادَ بِهِ، ثُمَّ أَلْحَقَهُ كِتَابًا فَقَالَ: "لَا تَقْتُلُوهُ؛ وَلَكِنْ اعْتَقِلُوهُ"2.
1686- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ3، وَفِيهِ "جُوَيْبِرٌ" وَغَيْرُهُ من المتروكين، ورويا أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "من السنة أن لا
__________
= كفر بالله وبرسله ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً وفي الآخر: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين.
والحديث أخرجه أبو يعلى [8/ 197- 198] ، حديث [4757] ، من طريق معمر بن محمد بأتم من ذلك.
وقال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 395] ، ومالك هذا هو ابن أبي الرجال أخو حارثة ومحمد قال أبو حاتم: هو أحسن حالاً من أخويه ا. هـ.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 296] : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مالك بن أبي الرجال وقد وثقه ابن حبان ولم يصحفه أحد.
7 أخرجه البزار [2/ 214] ، كتاب الحدود: باب لا يقتل مؤمن بكافر، حديث [1546] ، من حديث عمران بن حصين، قال: قتل رجل من هذيل رجلاً من خزاعة في الجاهلية وكان الهذلي متوارياً فلما كان يوم الفتح ظهر الهذلي، فلقيه رجل من خزاعة فذبحة كما تذبح الشاة، فقال: أقتله قبل النداء، أو بعد النداء؟ فقال: بعد النداء.
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو كنت قاتلاً مؤمناً بكافر لقتلته، فأخرجوا عقله فأخرجوا عقله وكان أول عقل في الإسلام".
قال البزار: لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه ولا نعلم له طريقاً أشد اتصالاً من هذا الطريق فلذلك كتبناه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 295] : رواه البزار ورجاله وثقهم ابن حبان، ورواه الطبراني باختصار.
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 96] ، كتاب العقول: باب دية المجوس، حديث [18492] .
2 أخرجه عبد الرزاق [10/ 102] ، كتاب العقول: باب قود المسلم الذمي، حديث [18520] ، عن معمر عن ليث –أحسبه- عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رجل من أهل الجزيرة نصراني قتله مسلم أن يقاد صاحبه فجعلوا يتحولون للنصراني: اقتله، قال: -لا يأبى حتى يأتي العصب- فبينما هو على ذلك جاء كتاب عمر بن الخطاب لا نقده منه.
3 أخرجه الدارقطني [3/ 133] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [158] ، والبيهقي [8/ 35] ، كتاب الجنايات: باب لا يقتل حر بعبد.
كلاهما من طريق عبد الصمد بن علي نا السري بن سهل نا عبد الله بن رشيد نا عثمان البري عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... الحديث.
قال البيهقي: في هذا الإسناد ضعيف.=(4/52)
يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ" 1، وَفِي إسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا لَا يَقْتُلَانِ الْحُرَّ بِقَتْلِ الْعَبْدِ2، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: "أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا، فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَقُدْهُ بِهِ" 3، وَفِي طَرِيقِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ؛ لَكِنْ رَوَاهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ الشَّامِيِّينَ قَوِيَّةٌ؛ لَكِنَّ مَنْ دَوَّنَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الشَّامِيِّ؛ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بِالْمَحْمُودِ، وَعِنْدَهُ غَرَائِبُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا4، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ عِيسَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
__________
= قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 133] ، جويبر بن سعيد أبو القاسم الأزدي البلخي المفسر صاحب الضحاك قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجاني: لا يشتغل به، وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك الحديث كذا في "الميزان" ا. هـ من التعليق.
1 أخرجه الدارقطني [3/ 134] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [160] ، والبيهقي [8/ 34] ، كتاب الجنايات: باب لا يقتل حر بعبد.
كلاهما من طريق إسرائيل عن جابر عن عامر قال: قال علي رضي الله عنه ...
وجابر هذا هو ابن يزيد بن الحارث الجعفي ضعيف رافضي، كذا قال الحافظ في "التقريب" [886] .
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 413] ، كتاب الديات: باب الحر يقتل عبد غيره، حديث [5/ 275] ، والدارقطني [3/ 134] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [161، 162] .
3 أخرجه الدارقطني [3/ 144] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [187] .
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 144] : في إسناده إسماعيل بن عياش وهو ضعيف، إلا أن أحمد قال: ما روي عن الشاميين صحيح، وما روي عن أهل الحجاز فليس بصحيح، وكذلك قول البخاري فيه، كذا في "المنتقى"، والأوزاعي شامي دمشقي، لكن دون محمد بن عبد العزيز الشامي ... فذكر فيه كلام المصنف.
4 أخرجه الحاكم [4/ 368] ، وابن عدي في "الكامل" [3/ 182] ، والطبراني في "الأوسط" [9/ 298- 299] ، حديث [8652] ، ثم الأسدي عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: إن سيدي اتهمني فأقعدني على النار حتى احترق فرجي فقال عمر رضي الله عنه: هل رأى ذلك عليك قالت: لا.
قال: فاعترفت له بشيء.
قالت: لا.
قال عمر رضي الله عنه: علي به.
فلما رأى عمر رضي الله عنه الرجل قال: أتعذب بعذاب الله؟
قال: يا أمير المؤمنين اتهمتها في نفسها.
قال: رأيت ذلك عليها.=(4/53)
1687- حَدِيثُ: "لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ"، التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ1، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَحْمَدَ2، وَأُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ أَصَحُّ مِنْهَا، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ سَنَدَهُ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ.
__________
= قال الرجل: لا.
قال: فاعترفت لك بذلك.
قال: لا.
قال: والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يقاد مملوك من مالكه، ولا ولد من والده، لأقدتها منك، فبرزه وضربه مائة سوط ثم قال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله وأنت مولاة الله ورسوله.
زاد الطبراني: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من حرق بالنار أو مثل به فهو حر وهو مولى الله ورسوله".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا عمر بن عيسى تفرد به الليث.
قال الحاكم: قال أبو صالح: قال الليث: هذا معمول به، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قلت: بل القول ما قاله الحافظ، فعمر بن عيسى الأسلمي قال فيه البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات.
وقال العقيلي: لعله عمر الحميدي، حديثه غير محفوظ.
ينظر: "ميزان الاعتدال" للذهبي [5/ 260] .
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 291] : روى الترمذي بعضه رواه الطبراني في الأوسط ويه عمر بن عيسى القرشي وقد ذكره الذهبي في "الميزان" وذكر له هذا الحديث ولم يذكر له جرحاً وبيض له، وبقية رجاله وثقوا.
1 أخرجه الترمذي [4/ 18] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا، حديث [1400] .
وابن ماجة [2/ 888] ، كتاب الديات: باب لا يقتل الوالد بولده، حديث [2662] ، وأحمد [1/ 49] ، وعبد بن حميد [41] ، والبيهقي [8/ 38- 39] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، وابن أبي عاصم في الديات ص [97] .
والدارقطني [3/ 141] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، برقم [181] .
كلهم من طريق حجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 339] : قال صاحب التنقيح: قال يحيى بن معين في حجاج: صندوق ليس بالقوي، يدلس عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب وقال ابن المبارك كان الحجاج يدلس فيحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه العرزمي والعرزمي متروك.
2 أخرجه أحمد [1/ 22، 22- 23] ، من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دون ذكر القصة.=(4/54)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ1، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَفِيهِ اضْطِرَابٌ وَاخْتِلَافٌ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فَقِيلَ عَنْ عَمْرٍو، وَقِيلَ عَنْ سُرَاقَةَ قيل بِلَا وَاسِطَةٍ وَهِيَ عِنْدَ أحمد، وفيها ابْنُ لَهَيْعَةَ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ
__________
= وأخرجه [1/ 16] ، من طريق أسود بن عامر قال: أخبرنا جعفر يعني الأحمر، عن مطرف عن الحكم عن مجاهد قال: حذف رجل ابنا له بسيف فقتله فرففه إلى عمر فقال: لولا أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يقاد الوالد من ولده لقتلتك قبل أن تبرح.
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" حديث [788] ، والدارقطني [3/ 140- 141] ، كتاب الحدود والديات، الحديث [186] ، والبيهقي [8/ 38] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، كلهم من طريق محمد بن عجلان بن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: كانت لجل من بني مدلج جارية فأصاب منها ابناً فكان يستخدمها فلما شب الغلام دعا بها يوماً فقال: اصنعي كذا وكذا فقال الغلام: لا تأتيك حتى متى تستأمر أمي؟ قال: فغضب أبوه فحذفه بسيفه فأصاب رجله أو غيرها فقطعها فنزف الغلام فمات فانطلق في رهط من قومه إلى عمر فقال: يا عدو نفسه أنت الذي قتلت ابنك؟ لولا أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يقاد الأب بابنه لقتلتك هلم ديته قال: فأتاه بعشرين أو بثلاثين ومائة بعير قال: فتخير منها مائة فدفعها إلى ورثته وترك أباه.
قال البيهقي: وهذا إسناد صحيح.
1 أخرجه الترمذي [4/ 18] ، كتاب الديات: باب الرجل يقتل ابنه حديث [1399] ، والدارقطني [3/ 142] ، كتاب الحدود والديات، حديث [183] من طريق إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن سراقة بن مالك بن جشعم قال: حضرت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقيد الأب من ابنه ولا يقيد الابن من أبيه.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه من حديث سراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، رواه إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح، والمثنى بن الصباح يضعف في الحديث، وقد روى هذا الحديث أبو خالد الأحمر عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد هذا الحديث عن عمرو بن شعيب مرسلاً، وهذا حديث فيه اضطراب، والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأب إذا قتل ابنه لا يقتل به، وإذا قذف ابنه لا يحد به.
وقال الدارقطني: والمثني وابن عياش ضعيفان.
وقال الترمذي في "العمل الكبير" ص [220] : سألت محمد –البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث إسماعيل بن عياش وحديثه عن أهل العراق وأهل الحجاز كأنه شبه لا شي ولا يعرف له أصل ا. هـ.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 340] : قال في "التنقيح": حديث سراقة فيه المثنى بن الصباح وفي لفظة اختلاف ا. هـ.
والحديث صححه الألباني في "الإرواء" [7/ 269] ، بمجموع طرقه.
2 أخرجه الترمذي [4/ 19] ، كتاب الديات: باب الرجل يقتل ابنه هل يقاد منه أم لا؟ حديث [1401] ، وابن ماجة [2/ 888] ، كتاب الديات: باب لا يقتل الوالد بولده، حديث [2661] ، =(4/55)
مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ1، لَكِنْ تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حَفِظْت عَنْ عَدَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَقِيتهمْ؛ "أن لا يُقْتَلَ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ"، وَبِذَلِكَ أَقُولُ2، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ مُنْقَطِعَةٌ، وَأَكَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِهِ3.
1688- قوله: "روي عن عمر بْنِ حَزْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ:
__________
= والدارمي [2/ 190] ، كتاب الديات: باب القود بين الوالد والولد، والدارقطني [3/ 142] ، كتاب الحدود والديات، حديث [185] ، والبيهقي [8/ 39] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، والسهمي في "تاريخ جرجان" ص [429- 430] وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 18] ، كلهم من طريق مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا تقام الحدود في المسجد ولا يقاد بالولد الوالد.
وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث إسماعيل بن مسلم وإسماعيل تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ا. هـ.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث طاوس تفرد به إسماعيل عن عمرو ا. هـ.
قلت: لكنه لن يتفرد برفع هذا الحديث فقد توبع على رفعه.
تابعه سعيد بن بشير.
أخرجه الحاكم [4/ 369] ، من طريق أبي الجماهير محمد بن عثمان ثنا سعيد بن بشير ثنا عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: لا يقاد ولد من والده ولا تقام الحدود في المساجد.
أخرجه الدارقطني [3/ 142] ، كتاب الحدود والديات، حديث [184] ، والبيهقي [8/ 39] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، من طريق عقبة بن مكرم ثنا أبو حفص التمار ثنا عبيد الله بن الحسن العنبري عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس به. وتابعه قتادة أيضاً.
أخرجه البزار كما في "نصب الراية" [4/ 340] ، عن قتادة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس به.
1 قال عنه الحافظ في "التقريب" كان في البصرة ثم سكن مكة وكان فقيهاً ضعيف الحديث [489] .
2 الأبوة مانعة من وجوب القصاص فلا يقتل الأب بابنه. وهو مذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد رحمهم الله جميعاً.
الأبوة لا تمنع من وجوب القصاص، إذا كان يقصد قتل ابنه –كأن يضجعه ويذبحه- أما إذا لم يقصد فلا يقتل له.
وهو قول الإمام مالك –رحمه الله تعالى-.
ينظر: "الهداية" [4/ 161] ، "تكملة فتح القدير" [1/ 321] ، "الأم" [6/ 26] ، و"مغني المحتاج" [4/ 8] ، و"المحرر" [2/ 126] ، "الشرح الكبير" بهامش حاشية الدسوقي [4/ 242] .
3 ينظر: "معرفة السنن والآثار" [6/ 160] .(4/56)
"أَنَّ الذَّكَرَ يُقْتَلُ بِالْأُنْثَى"، هَذَا طَرَفٌ مِنْ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَشْهُورٌ؛ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ، وَوَصَلَهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَجَدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ.
وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَرَأْت فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إلَى "نَجْرَانَ"، وَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا مُطَوَّلًا، مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد؛ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَفَرَّقَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْحَكَمِ مُقَطَّعًا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ": قَدْ أُسْنِدَ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَا يَصِحُّ، وَاَلَّذِي فِي إسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد وَهْمٌ؛ إنَّمَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا أُحَدِّثُ بِهِ، وَقَدْ وَهِمَ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى فِي قَوْلِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد؛ وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ أَنَّهُ قَرَأَهُ فِي أَصْلِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ: "سُلَيْمَان بْنُ أَرْقَمَ"؛ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَتَبِعَهُ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ جَزَرَةُ: نَا1 دُحَيْمٌ، قَالَ: قَرَأْت فِي كِتَابِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ فَإِذَا هُوَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ صَالِحٌ: كَتَبَ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنِّي مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ.
قُلْت: وَيُؤَكِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ: هَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صَحِيفَةُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مُنْقَطِعَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد هَذَا الَّذِي يَرْوِي هَذِهِ النُّسْخَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ضَعِيفٌ، وَيُقَالُ: إنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ إنَّمَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد،
__________
1 في الأصل: حدثنا.(4/57)
وَقَدْ جَوَّدَهُ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَرَضْته عَلَى أَحْمَدَ، فَقَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْيَمَامِيُّ ضَعِيفٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْخَوْلَانِيُّ ثِقَةٌ، وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَاَلَّذِي رَوَى حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ هُوَ الْخَوْلَانِيُّ، فَمَنْ ضَعَّفَهُ فَإِنَّمَا ظَنَّ أَنَّ الرَّاوِيَّ لَهُ هُوَ الْيَمَامِيُّ.
قُلْت: وَلَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ مُوسَى وَهِمَ فِي قَوْلِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد، وَإِنَّمَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ لَكَانَ لِكَلَامِ ابْنِ حِبَّانَ وَجْهٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، قَالَ: وَقَدْ أَثْنَى عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْخَوْلَانِيِّ هَذَا أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عِنْدَنَا مِمَّنْ لَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثَ بِالْكِتَابِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، لَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الشُّهْرَةُ؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: لَمْ يَقْبَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، مَعْرُوفٌ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهَا عَنْ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ التَّوَاتُرَ فِي مَجِيئِهِ؛ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى شُهْرَتِهِ مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ قَالَ: وُجِدَ كِتَابٌ عِنْدَ آلِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَحْفُوظٌ؛ إلَّا أَنَّا نَرَى أَنَّهُ كِتَابٌ غَيْرُ مَسْمُوعٍ عَمَّنْ فَوْقَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ فِي جَمِيعِ الكتب المنقولة كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ هَذَا؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِمَامُ عَصْرِهِ الزُّهْرِيُّ، لِهَذَا الْكِتَابِ بِالصِّحَّةِ، ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ بِسَنَدِهِ إلَيْهِمَا1.
__________
1 حديث عمرو بن حزم المشهور. وقد أخرجه بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً فأخرجه أبو داود في "المراسيل" رقم [259] ، والنسائي [8/ 57- 58] ، كتاب القسامة: باب دكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين فيه، والدارمي [2/ 161، 188، 189- 190] ، =(4/58)
1689- حَدِيثُ: "في كل إصبغ عَشَرٌ مِنْ الْإِبِلِ"، هُوَ طَرَفٌ مِنْ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى1، وَمِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ أَيْضًا2، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ3.
__________
= وعثمان والدارمي في المرد على المريسي [131] ، وابن حبان [6559] ، والدارقطني [1/ 122] ، و [2/ 285] ، وابن عدي في "الكامل" [3/ 1123- 1124] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [8/ 228] ، والحافظ المزي في "تهذيب الكمال" [11/ 419] ، والحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" [2/ 202- 203] ، كلهم من طريق الحكم بن موسى بهذا الإسناد.
واخرجه أيضاً الإمام أحمد كما في "تنقيح التحقيق" [1/ 410] ، لابن عبد الهادي، والبيهقي [1/ 87- 88] ، [8/ 25، 28، 79] ، وقد سقط مسند عمرو بن حزم من المسند.
وهذا الإسناد ضعيف.
قال ابن كثير في "تحفة الطالب" ص [232- 233] ، وقد روى نسخة آل عمرو بن حزم النسائي، وأبو داود في "المراسيل" وفي إسنادها مقال وحاصله أنه رواها سليمان بن أرقم أو سليمان بن داود الخولاني عن الزهيري عن أبي بكر بن محمد بن حزم عن أبيه عن جده، وكلاهما ضعيف بل سليمان بن أرقم هو الذي يرجحونه ويجعلونه هو الراوي لها وهو متروك ا. هـ.
قلت: وقد رجح أبو داود والنسائي ذلك، فقال أبو داود في "المراسيل"، والذي قال: سليمان بن داود وهم فيه.
وقال النسائي عقب روايته: خالفه –أي الحكم بن موسى- محمد بن بكار بن بلال أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي ثنا محمد بن بكار بن بلال ثنا يحيى حدثنا سليمان بن أرقم ثنى الزهري به ... الحديث.
وقال: وهذا أشبه بالصواب، والله أعلم وسليمان بن أرقم متروك الحديث ا. هـ.
والدي قال سليمان بن داود هو الحكم بن موسى وقد وهمه الأئمة في ذلك.
قال الذهبي في "الميزان" [2/ 201- 202] ، ترجح أن الحكم بن موسى وهم ولا بد.
وقال أيضاً: رجحنا أنه ابن أرقم فالحديث إذاً ضعيف الإسناد.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 222] : سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى أهل اليمن بصدقات الغنم قلت له من سليمان هذا قال أبي من الناس من يقول سليمان بن أرقم قال أبي وقد كان قدم يحيى بن حمزة العراقي فيزون أن الأرقم لقب وأن الأسم داود ومنهم من يقول سليمان بن داود الدمشقي شيخ ليحيى بن حمزة لا بأس به فلا أدري أيهما هو وما أظن أنه هذا الدمشقي ويقال إنهم أصابوا هذا الحديث بالعراق من حديث سليمان بن أرقم.
1 أخرجه أبو داود [4/ 688] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء حديث [4556] والنسائي [8/ 65] ، كتاب القسامة: باب عقل الأصابع، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء.
2 أخرجه الترمذي [4/ 13] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية الأصابع، وابن حبان [1528- موارد] والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء.
3 أخرجه أبو داود [4/ 691] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4562] ، والنسائي [8/ 57] ، كتاب القسامة: باب عقل الأصابع، وابن ماجة [2/ 886] ، كتاب الديات: باب دية =(4/59)
1690- حَدِيثُ: "إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ"، مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ1، وَسَيَأْتِي فِي "الضَّحَايَا"
حَدِيثُ: "أَنَّ الْغَامِدِيَّةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: زَنَيْت فَطَهِّرْنِي، وَاَللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى، قَالَ "اذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي ... "، الْحَدِيثَ. مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَسَيُعَادُ فِي الْحُدُودِ2.
1691- حَدِيثُ: "مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ، وَمَنْ غَرَّقَ أَغْرَقْنَاهُ"، الْبَيْهَقِيّ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ3، وَقَالَ: فِي الْإِسْنَادِ بَعْضُ مَنْ يُجْهَلُ؛ وَإِنَّمَا قَالَهُ زِيَادٌ فِي خُطْبَتِهِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ"، تَقَدَّمَ.
1692- حَدِيثُ: "لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ" ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَرَوَاهُ
__________
= الأصابع، حديث [2653] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء.
1 أخرجه مسلم [3/ 1548] ، كتاب الصيد والذبائح: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، حديث [57/ 1955] ، والطيالسي [1/ 341- 342] ، كتاب الصيد والذبائح: باب ما جاء في نحر الإبل وذبح غيرها، حديث [1740] ، وأحمد [4/ 123، 124، 125] ، وأبو داود [3/ 244] ، كتاب الأضاحي: باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، حديث [2815] ، والترمذي [4/ 23] ، كتاب الديات: باب ما جاء في النهي عن المثلة، حديث [1409] ، والنسائي [7/ 229] ، كتاب الضحايا: باب حسن الذبح، وابن ماجة [2/ 1058] ، كتاب الدبائح: باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، حديث [3170] ، وابن الجارود ص [301] باب ما جاء في الذبائح، حديث [899] ، والدارمي [2/ 82] ، كتاب الأضاحي: باب من حسن الذبيحة وعبد الرزاق [4/ 492] ، رقم [8603، 8604] ، وابن حبان [5853- الإحسان] ، والطبراني في "الكبير" [7/ رقم 7114] ، وفي "الصغير" في "تاريخه" [5/ 278] ، والبيهقي [8/ 60] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 21- بتحقيقنا] ، من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله كتب الإحسان على كل مسلم فإذا فتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته ويسرح ذبيحته".
2 سيأتي تخريجه مفصلاً هناك إن شاء الله.
3 أخرجه البيهقي في "السنن" [8/ 43] ، كتاب الجنايات: باب عمد القتل بالحجر وغيره من طريق بشر بن حازم عن عمران بن يزيد البراء عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من عرض عرضنا له، ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه".
وغزاه الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 344] ، للبيهقي في "السنن" وفي "المعرفة" وقال عقبة: "قال صاحب "التنقيح": في هذا الإسناد من يجهل حاله كبشر وغيره" ا. هـ.(4/60)
الْبَزَّارُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ1، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ2، قَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِهِ الْحُرُّ بْنُ
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 889] ، كتاب الديات: باب لا قود إلا بالسيف، حديث [2667] ، وأبو داود الطيالسي [802] ، والبزار كما في "نصب الراية" [4/ 342] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 184] ، والبزار ... كما في "نصب الراية" [4/ 342] ، والدارقطني [3/ 106] ، كتاب الحدود والديات: باب [84] ، والبيهقي [8/ 62] ، كتاب الجنايات: باب لا قود إلا بحديدة، كلهم من طريق جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قود إلا بالسيف".
قال البزار: لا نعلم رواه عن النعمان إلا أبو عازب ولا عن إبي عازب إلا جابر الجعفي وقال البيهقي: جابر الجعفي مطعون فيه.
قال الزيعلي "نصب الراية" [4/ 342] : وقال عبد الحق في "أحكامه": وأبو عازب مسلم بن عمرو لا أعلم روى عنه إلا جابر الجعفي انتهى قال ابن الجوزي في "التحقيق"، وجابر الجعفي أجمعوا على ضعفه ا. هـ.
وقال الحافظ الذهبي في "المغني" [2/ 793] ، رقم [7562] : أبو عازب عن النعمان بن بشير لا يعرف.
والحديث ضعفه البوصيري في "الزوائد" [2/ 793] ، رقم [7562] : أبو عازب عن النعمان بن بشير لا يعرف.
والحديث ضعفه البوصيري في "الزوائد" [2/ 345] ، وأعله بجابر وحده فقال: هذا إسناد فيه جابر الجعفي وهو متهم ا. هـ.
وقال الهيثمي [6/ 294] : ضعيف وللحديث طريق آخر عن النعمان.
أخرجه البيهقي [8/ 42] ، كتاب الجنايات: باب عمد القتل بالسيف، من طريق قيس بن الربيع عن أبي حصين عن إبراهيم بن بنت النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير به بلفظ: كل شيء سوى الحديدة خطأ ولكل خطأ أرش.
قال البيهقي: مدار هذا الحديث على جابر الجعفي وقيس بن الربيع ولا يحتج بهما.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 889] ، كتاب الديات: باب لا قود إلا بالسيف، حديث [2668] ، والبزار كما في "نصب الراية" [4/ 341] ، كلاهما من طريق الحر بن مالك عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا قود إلا بالسيف".
قال البزار: لا نعلم أحداً أسنده بأحسن من هذا الإسناد ولا نعلم أحداً قال: عن أبي بكر إلا الحر بن مالك وكان لا بأس به وأحسبه أخطأ في هذا الحديث لأن الناس يروونه عن الحسن مرسلاً ا. هـ.
وتابعه على وصله الوليد بن محمد بن صالح الأيلي.
أخرجه الدارقطني [3/ 105- 106] ، كتاب الحدود والديات، حديث [825] ، وابن عدي في "الكامل" [7/ 82] ، والبيهقي [8/ 63] ، كتاب الجنايات: باب لا قود إلا بحديدة، كلهم من طريق الوليد بن محمد بن صالح الأيلي ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا قود إلا بالسيف". =(4/61)
مَالِكٍ، وَالنَّاسُ يَرْوُونَهُ مُرْسَلًا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَأَفَادَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ صَالِحٍ تَابَعَ الْحُرَّ بْنَ مَالِكٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ بـ"مبارك بْنِ فَضَالَةَ"؛ رَاوِيهِ عَنْ الْحُرِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ: أَحْسَبُهُ خَطَأً؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَهُ عَنْ الْحُرِّ مُرْسَلًا، انْتَهَى.
وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ وَغَيْرِهِ، عَنْ الْحُرِّ مُرْسَلًا1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ؛ وَهُوَ مَتْرُوكٌ2.
__________
= قال ابن عدي: واليد بن محمد له ابن يقال له إبراهيم بن الوليد بن محمد له عن أبيه بهذا الإسناد غير حديث وكل هذه الأحاديث غير محفوظة.
وقال البيهقي: ومبارك بن فضالة لا يحتج به ا. هـ.
والحديث من هذا الطريق ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 461] ، رقم [1388] : وقال: سألت أبي عن حديث رواه أبو أمية الطرسوسي عن الوليد بن محمد بن صالح الأيلي عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قود إلا بالسيف"، قال أبي: هذا حديث منكر.
1 أخرجه ابن أبي شيبة [9/ 354] ، كتاب الديات: باب لا قوة إلا بالسيف، حديث [7772] ، وأحمد كما في "نصب الراية" [4/ 341] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [14/ 89] ، كلهم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قود إلا بحديدة".
وهذا حديث مرسل ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل.
2 أخرجه الدارقطني [3/ 88] ، كتاب الحدود والديات، حديث [22] ، وابن عدي [3/ 252] ، والبيهقي [8/ 63] ، كتاب الجنايات: باب لا قود إلا بحديدة، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" [2/ 792] ، من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قود إلا بالسيف".
قال الدارقطني: عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
وقال: سليمان بن أرقم متروك.
وقد نقل ابن عدي عن البخاري وأحمد ويحيى والنسائي والسعدي والفلاس تضعيفه.
فقال البخاري: سليمان بن أرقم عن الحسن والزهري: تركوه.
وقال أحمد: ليس بشيء لا يروى عنه الحديث.
وقال يحيى: ليس بشيء وقال: ليس يساوي فلساً.
وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال السعدي: ساقط.
وقال الفلاس: ليس بثقة روى أحاديث منكرة ا. هـ.
وقال ابن الجوزي في "العلل" [2/ 792] : هذا حديث لا يصح وسليمان بن أرقم.
قال أحمد بن حنبل: ليس بشيء لا يروى عنه الحديث، وقال يحيى: لا يساوي فلساً، وقال النسائي وأبو داود والدارقطني: متروك ا. هـ. =(4/62)
وَعَنْ عَلِيٍّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِيهِ يَعْلَى بْنُ هِلَالٍ؛ وَهُوَ كَذَّابٌ1.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا2؛ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: طُرُقُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ؛ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إسْنَادٌ.
حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ عَلَى رَجُلٍ بِسَرِقَةٍ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَقَالَ: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْت أَيْدِيَكُمَا"، الشَّافِعِيُّ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيّ: أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ بِهَذَا، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ، فَقَالَ: "وَقَالَ مُطَرِّفٌ"3، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ نَحْوُهُ.
__________
= والحديث ذكره الحافظ الغساني في "تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني". ص [276] رقم [623] .
1 أخرجه الدارقطني [3/ 88] ، كتاب الحدود والديات، حديث [21] ، من طريق معلى بن هلال عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: قال رسول الله صلى الله علي وسلم: "لا قود إلا بحديدة".
قال الدارقطني: معلي بن هلال متروك.
وهذا الحديث علقه الذهبي [8/ 63] ، وقال: وهذا الحديث لم يثبت له إسناد معلى بن هلال الطحان متروك وسليمان بن أرقم ضعيف ومبارك بن فضالة لا يحتج به وجابر بن يزيد الجعفي مطعون فيه.
والحديث ذكره أيضاً الحافظ الغساني في "تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني" ص [277] رقم [624] .
2 أخرجه الدارقطني [3/ 88] ، كتاب الحدود والديات، حديث [23] ، والطبراني في "الكبير" [10/ 109] ، رقم [10044] ، وابن عدي في "الكامل" [5/ 340] ، والبيهقي [8/ 63] ، كتاب الجنايات: باب لا قود إلا بحديدة، كلهم من طريق سليمان بن أرقم عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قود إلا بالسيف".
قال الدارقطني: أبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو متروك.
والحديث ضعفه ابن عدي وأعله بعبد الكريم بن أبي المخارق وقال: والضعف بين علي كل ما يرويه.
ونقل تضعيفه عن أيوب وابن معين وابن عيينة وأحمد والساجي والحديث ذكره، الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 294] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أبو معاذ سليمان بن أرقم وفيه عنعنة بقية وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق ضعيف.
وبالجملة فطرق هذا الحديث كلها ضعيفة لا يصح منها شيء وضعفها متفاوت ولا ينجبر ضعف هذه الطرق إذا اجتمعت وقد ضعف هذا الحديث البيهقي فقال: لم يثبت له إسناد.
وقال في "المعرفة" [6/ 188] : وروى من أوجه أخر كلها ضعيفة.
وضعف أكثر طرقه ابن عدي في "الكامل" وضعف حديث النعمان وأبي بكرة البوصيري في "الزوائد" وضعف حديث ابن مسعود الهيثمي في "مجمع الزوائد".
3 أخرجه البخاري [41/ 216] ، كتاب الديات: باب إذا أصاب قوم من رجل تعليقاً بصيغة الجزم قبل حديث [6896] ، والبيهقي [8/ 41] ، كتاب الجنايات: باب الاثنين أو أكثر يقطعان يد رجل.(4/63)
حَدِيثُ: أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ آخَرَ فِي عَهْدِ، عُمَرَ فَطَالَبَ أَوْلِيَاؤُهُ بِالْقَوَدِ، ثُمَّ قَالَتْ أُخْتُ الْقَتِيلِ، وَكَانَتْ زَوْجَةَ الْقَاتِلِ: "قَدْ عَفَوْت عَنْ حَقِّي، فَقَالَ عُمَرَ: عَتَقَ الرَّجُلُ"، عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ بِهِ1، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَزَادَ: "فَأَمَرَ عُمَرُ لِسَائِرِهِمْ بِالدِّيَةِ"2، وَسَاقَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ: "قَدْ عَهِدَ عُمَرُ وَأَوْصَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، أَيْ: حَالَةِ الْهَلَاكِ، فَعُمِلَ بِعَهْدِهِ وَوَصَايَاهُ، وَذَكَرَ أَنَّ الطَّبِيبَ سَقَى عُمَرَ لَبَنًا، فَخَرَجَ مِنْ جُرُوحِهِ؛ لِمَا أَصَابَ أَمْعَاهُ مِنْ الْحَرْقِ، فَقَالَ الطَّبِيبُ: أَعْهِدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ"، الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عُمَرَ مُطَوَّلًا3، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ4، قَالَ: قَالَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا.
حَدِيثُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا: "إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ يُخَيَّرُ وَلِيُّهَا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دِيَتَهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَيَبْذُلَ نِصْفَ دِيَتِهِ، وَإِذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ؛ يُخَيَّرُ وَلِيُّهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ دِيَتِهِ، مِنْ مَالِهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهَا وَيَأْخُذَ نِصْفَ دِيَتِهِ؛ قَالَ: وَيُرْوَى فِي مِثْلِهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي رِوَايَةٍ" لَمْ أَجِدْهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَتَلَ خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ: "لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ جَمِيعًا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ " عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه: [10/ 13] ، كتاب العقول: باب العفو، حديث [18188] ، وأورده الهيثمي في "معرفة السنن والآثار" [6/ 182] ، كتاب الجراح: باب العفو عن القصاص بلا مال، قال: وروي من وجه آخر عن عمر ... فذكره.
2 أخرجه البيهقي [8/ 59] ، كتاب الجنايات: باب عفو بعض الأولياء عن القصاص دون بعض من طريق الأعمش عن زيد بن وهب، قال: وجد رجل عند امرأته رجلاً فقتلها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فوجد عليها بعض إخوتها فتصدق عليه بنصيبه، فأمر عمر رضي الله عنه لسائرهم بالدية
وأورده في "معرفة السنن والآثار" [6/ 182] ، كتاب الجراح: باب العفو عن القصاص بلا مال.
قال: وقد روينا بإسناد موصول عن الأعمش عن زيد بن وهب ... فذكره.
3 أخرجه البخاري [7/ 419- 421] ، كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان، وفيه مقتل عمر رضي الله عنهما، حديث [3700] ، في حديث طويل، وفيه: فأتى بلبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت، ولم أجد فيه قول الطيب: أعهد يا أمير المؤمنين.
4 أخرجه الحاكم [3/ 91] ، في كتاب معرفة الصحابة، والبيهقي [8/ 48] ، كتاب الجنايات: باب الحال الذي إذا بها الرجل أقيد منه.
وفيه أنه أتي بلبن، وليس فيه هذه الزيادة أيضاً.(4/64)
بِهَذَا1، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ مُطَوَّلًا3.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ لِي ابْنُ بَشَّارٍ: نَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ غُلَامًا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: "لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ"4.
قَوْلُهُ؛ حِكَايَةٌ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ مِنْ اللَّطْمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، لَمْ أَجِدْهُ، وَالصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ خِلَافُهُ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَقَادَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ مِنْ لَطْمَةٍ5، وَقَدْ بَيَّنْته فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"6.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ مَاتَ من حد وقصاص، فَلَا دِيَةَ لَهُ، الْحَدُّ قَتْلُهُ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: الَّذِي يَمُوتُ
__________
1 أخرجه الشافعي [2/ 100- 101] ، في كتاب الديات، حديث [333] ، ومالك في "الموطأ" [2/ 871] ، كتاب العقول: باب ما جاء في الغيلة والسعر، حديث [13] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 41] ، كتاب الجنايات: باب النفر يقتلون الرجل.
2 أخرجه البخاري [14/ 216] ، كتاب الديات: باب إذا إصاب قوم من رجل، حديث [6896] ، معلقاً.
3 أخرجه البيهقي [8/ 41] ، كتاب الجنايات: باب النفر يقتلون الرجل.
4 ينظر: الحديث قبل السابق، وقد وصله البيهقي، كما قال المصنف في "التعليق" [5/ 250- 251] ، قال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نضر، ثنا ابن وهب، حدثني جرير بن حازم، أن المغيرة بن حكيم الصنعاني حدثه عن أبيه أن امرأة بصنعاء، غاب عنها زوجها، وترك في حجرها ابناً له من غيرها ... فذكر الحديث، وهو حديث البيهقي السابق.
5 أخرجه البخاري [14/ 216] ، كتاب الديات: باب إذا أصاب قوم من رجل، عقب حديث [6896] .
وقال ابن حجر في "التعليق" [5/ 252] ، أما أثر أبو بكر فقال أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة عن شعبة عن يحيى بن الحصين سمعت طارق بن شهاب يقول: لطم أبو بكر يوماً رجل لطمة، فقيل: ما رأينا كاليوم قط منعة ولطمة، فقال أبو بكر: إن هذا أتاني ليستحملني فحملته، فإذا هو يبيعهم فحلفت لا أحمله ثلاث مرات؛ ثم قال له: اقتص فعفا الرجل.
وهذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة بهذا الإسناد [5/ 464] ، كتاب الديات: باب القود من اللطمة، حديث [28010] .
وأما أثر علي فقد وصله ابن أبي شيبة [5/ 464] ، كتاب الديات: باب القود من اللطمة، حديث [28005] قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي عن عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة عن ناجية أي الحسن عن أبيه أن علياً أتى في رجل لطم رجلاً فقال للملطوم: اقتص.
ينظر: "التعليق".
6 ينظر: "تغليق التعليق" [5/ 252- 254] ، وفيه تعليق ما علقه البخاري عن ابن الزبير، وسويد بن مقرن وعمر، وشريح.(4/65)
فِي الْقِصَاصِ لَا دِيَةَ1 لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كُنْت لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتُ، فَأَجِدُ فِي نَفْسِي إلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدِيَتُهُ2.
قَوْلُهُ: "عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ عَنْ الْقِصَاصِ سُقُوطُهُ"، أَمَّا عُمَرُ: فَتَقَدَّمَ قَرِيبًا.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ: فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ3.
3- بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ
1693- حَدِيثُ: "فِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ"، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ4، وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 68] ، كتاب الديات: باب الرجل يموت من قصاص الجرح، من طريق عطاء عن عبيد بن عمير.
2 أخرجه البخاري [12/ 66] ، كتاب الحدود: باب الضرب بالجريد والنعال، حديث [6778] ، ومسلم [3/ 1332] ، كتاب الحدود: باب الخمر حديث [39/ 1707] ، وأبو داود [4/ 626] ، كتاب الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر حديث [4486] ، وابن ماجة [2/ 858] ، كتاب الحدود: باب حد السكران حديث [336] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" كتاب الحدود: باب حد الخمر، والبيهقي [8/ 321] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب الشارب يضرب زيادة على الأربعين كلهم من حديث علي قال: ما كنت لأقيم حداً على أحد فيموت واجد في نفسي منه شيئاً إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتبين فيه شيئاً.
قال البيهقي: وإنما أراد والله أعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسنه زيادة على الأربعين أو لم يسنه بالسياط وقد سنة بالنعال وأطراف الثياب مقدار أربعين.
3 أخرجه البيهقي [8/ 60] ، كتاب الجنايات: باب عفو بعض الأولياء: من طريق الشافعي أنبأ محمد هو ابن الحسن أنبأ أبو حنيفة، عن حماد عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى برجل قد قتل عمداً فأمر بقتله فقال ابن مسعود رضي الله عنه: كانت النفس لهم جميعاً فلما عفا هذا أحيا النفس لا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره.
قال: فما ترى.
قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وترفع حصته الذي عفا، فقال عمر رضي الله عنه: وأنا أرى ذلك.
قال البيهقي: هذا منقطع والموصول قبله يؤكده.
4 أخرجه الشافعي [2/ 100] ، في كتاب الديات، حديث [330] ، وأبو داود [4/ 183] ، كتاب الديات: باب من قتل في عمياء بين قوم، حديث [4539] ، والبيهقي [8/ 45] ، في كتاب الجنايات: باب شبه العمد. =(4/66)
فِي "الْعِلَلِ" الْإِرْسَالَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "الْعَمْدُ قَوَدٌ، وَالْخَطَأُ دِيَةٌ"، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ1.
1694- حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ: "أَنْتُمْ، يَا خُزَاعَةُ "، قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ "هُذَيْلٍ"، وَأَنَا –وَاَللَّهِ- عَاقِلُهُ"، التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَصْلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
__________
= كلهم من طريق عمرو بن دينار عن طاوس مرسلاً أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قتل في عمياء في رمي يكون بحجارة أو بالسياط ابو ضرب بعصا فهو خطأ، وعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمداً فهو قود، ومن حال دونه فعليه لعنه الله وغضبه، ولا يقبل منه صرف ولا عدل".
وأخرجه أبو داود [4/ 196] ، كتاب السنة: باب فيمن قتل في عمياء بين قوم، حديث [4591] ، والنسائي [8/ 39] ، كتاب القسامة: باب من قتل بحجر أو سوط، حديث [4789] ، وابن ماجة [2/ 880] ، كتاب الديات: باب ما لا قود فيه، حديث [2635] ، والدارقطني [3/ 93- 95] ، حديث [41، 42، 45، 47، 49] ، والطبراني [11/ 52] ، حديث [11017] ، [11/ 6] ، [10848] ، والبيهقي [8/ 45] ، كتاب الجنايات: باب شبه العمد، [8/ 53] ، باب من قال موجب العمد القوة.
كلهم من طريق عن طاوس عن ابن عباس مرفوعاً نحو حديث طاوس.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 332] : قال في "التنقيح": إسناده جيد لكنه روي مرسلاً.
1 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" [6/ 289] ، وقال الهيثمي: فيه عمران بن أبي الفضل وهو ضعيف.
وينظر: تخريج حديث عمرو بن حزم.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة.
أخرجه الدراقطني [3/ 93- 94] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [43] ، والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 284- 285] ، حديث [2475] ، كلاهما من طريق حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار حدثني طاوس عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكره بنحو حديث مسعود.
قال الطبراني: لم يرو بهذا الإسناد حمزة ورواه غيره عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 289] ، رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار وفيه حمزة النصيبي وهو متروك.
قالت: حمزة ليس في إسناد البزار فقد رواه [2/ 206] ، كتاب الجنايات: باب فيمن حال دون القود، حديث [1530] ، قال: حدثنا محمد بن مسكين، ثنا عثمان بن صالح، حدثني بكر بن مصر، عن عمرو بن دينار قال: قال طاوس عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.
وأخرجه الدارقطني [3/ 94] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [44] ، من طريق بكر بن مضر بإسناد البزار، وأخرجه برقم [48] من طريق بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن عمرو بن دينار بإسناد البزار.
قال الدارقطني: قال ابن صاعد: ورواه إسماعيل بن مسلم وسليمان بن كثير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس.
قال البزار: رواه سليمان بن كثير عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس.
2 تقدم تخريجه في كتاب الحج.(4/67)
حَدِيثُ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا: "إذَا عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْقِصَاصِ، أَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُونَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.(4/68)
كِتَابُ الديات
مدخل
...
58- كتاب الدِّيَاتِ1
حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ ذَكَرَ فِيهِ الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ وَالدِّيَاتِ، وَفِيهِ: "أَنَّ فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ فِي بَابِ "مَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ".
1695- قَوْلُهُ: "احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي دِيَةِ الْخَطَأِ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةً: عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ، وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ، قَالَ: وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ نَحْوُهُ"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا2؛
__________
1 الدية: مصدر ودي القاتل المقتول أذا أعطي وليه المال الذي هو بدل النفس ثم قيل لذلك المال: الدبة تسمية بالمصدر، ولذا جمعت، وهي مثل "عدة" في حذف الفاء.
قيل: والتاء في آخرها عوض عن الواو في أولها.
انظر: المغرب [2/ 347] ، وارجع إلى "الصحاح" [6/ 252] ، و"لسان العرب" [15/ 383] ، و"القاموس المحيط" [4/ 401] ، وما بعدها "المصباح المنير" [2/ 1013] .
عرفها الشافعية بأنها المال الواجب بالجناية على الحر في النفس، أو فيما دونها. وعرفها بعض الأحناف بأنها: اسم لضمان يجب بمقابلة الآدمي، أو طرف منه.
وقيل: الدية اسم للمال الذي هو بدل النفس، والأرش اسم للواجب فيما دون النفس.
وعرفها الإمام ابن عرفة من المالكية فقال: الدينة مال يجب بقتل آدمي حر عن دمه، أو بجرحه، مقدر شرعاً لا باجتهاد.
ينظر: "درر الحكام" [10/ 270] ، و"مغني المحتاج" [4/ 53] ، و"المغني" [8/ 367] ، و"الكافي" [2/ 1108] ، و"الإشراق" [2/ 200] ، "تكملة فتح القدير" [10/ 270] .
وقد نص في وجوب الدية الكتاب والسنة والإجماع:
في الكتاب: فقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] .
وأما السنة: فما روى أبو بكر بن محمد بن عمروو بن حزم، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب لعمرو بن حزم كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات، وقال فيه: "توفي النفس المؤمنة مائة من الإبل"، رواه النسائي في "سنته" ومالك في "موطئه".
قال ابن عبد البر: وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر بمجيئه في أحاديث كثيرة.
وقد أجمع أهل العلم على وجوب الدينة في الجملة.
2 أخرجه أحمد [1/ 450] ، وأبو داود [4/ 680] ، كتاب الديات: باب الدية كم هي حديث [4545] ، والترمذي [4/ 10] ، كتاب الديات: باب الدية كم هي من الإبل، حديث [1386] ، =(4/68)
لَكِنَّ فِيهِ: "بَنِي مَخَاضٍ"، بَدَلُ: "ابْنِ لَبُونٍ"، وَبَسَطَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْقَوْلَ فِي السُّنَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا، وَفِيهِ: "عِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ"، وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ، وَضَعَّفَ الْأَوَّلَ مِنْ أَوْجُهٍ عَدِيدَةٍ، وَقَوَّى رِوَايَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ. بِمَا رَوَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ ابْنِ مسعود على وفقه، وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ وَهِمَ فِيهِ، وَالْجَوَادُ قَدْ يَعْثُرُ، قَالَ، وَقَدْ رَأَيْته فِي جَامِعِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعِنْدَ الْجَمِيعِ: "بَنِي مَخَاضٍ".
قُلْت: وَقَدْ رَدَّ عَلَى نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: وَقَدْ رَأَيْته فِي كِتَابِ ابْنِ خُزَيْمَةَ -وَهُوَ إمَامٌ- مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ، فَقَالَ: "بَنِي لَبُونٍ" كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ.
قُلْت: فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ الدَّارَقُطْنِيُّ غَيْرَهُ، فَلَعَلَّ الْخِلَافَ فِيهِ مِنْ فوق.
1696- حديث: "إن أَعْتَى النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَرَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَرَجُلٌ قَتَلَ بِذَحْلِ1 الْجَاهِلِيَّةِ"، أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو2،
__________
= والنسائي [8/ 43] ، كتاب القسامة: باب ذكر إسنان دية الخطأ وابن ماجة [2/ 879] ، كتاب الديات: باب دية الخطأ وابن ماجة [2/ 879] ، كتاب الديات: باب دية الخطأ، حديث [2631] ، والدراقطني [3/ 173] ، كتاب الحدود والديات حديث [265] ، والبيهقي [8/ 70] ، كتاب الديات: باب الدية هي أخماس منها بني مخاض: من طريق الحجاج بن أرطأة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك الطائي عن عبد الله بن مسعود به، قال البيهقي: قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ في تعليل هذا الحديث لا تعلم رواه إلا خشف بن مالك وهو رجل مجهول لم يرو عنه إلا زيد بن جبير بن حرملة الجثمي ولا تعلم أحداً رواه عن زيد بن جبير إلا حجاج بن أرطأة والحجاج رجل مشهور بالتدليس وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه [قال ورواة] جماعة من الثقاة عن الحجاج فاختلفوا عليه فيه فرواه عبد الرحيم بن سليمان وعبد الواحد بن زياد على اللفط الذي ذكرناه عنه، ورواه يحيى بن سعيد الأموي عن الحجاج فجعل مكان الحقاق بني اللبون، ورواه إسماعيل بن عياش عن الحجاج فجعل مكان بني المخاض بني اللبون، ورواه أبو معاوية الضرير وحفص بن غياث وجماعة عن الحجاج بهذا الإسناد قال: جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دية الخطأ أخماساً لم يزيدوا على هذا ولم يذكروا فيه تفسير الأخماس فيشبه أن يكون الحجاج ربما كان يفسر الأخماس برأيه بعد فراغه من الحديث فيتوهم السامع أن ذلك في الحديث وليس كذلك [قال الشيخ] ، وكيف ما كان فالحجاج بن أرطأة غير محتج به، وخشف بن مالك مجهول والصحيح انه موقوف على عبد الله بن مسعود.
1 الذخل: الوتر وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه من قتل أو جرح أو نحو ذلك.
والذخل: العداوة أيضاً.
ينظر: "النهاية" [2/ 155] .
2 أخرجه أحمد [2/ 187] ، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. =(4/69)
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ1، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِمَعْنَاهُ2.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "أَبْغَضُ النَّاسِ إلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهْرِيقَ دَمَهُ" 3.
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَلَا إنَّ قتل العمد الخطأ قتيل السوط والعصى، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ: أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا ... "، الْحَدِيثَ. أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ "مَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ".
1697- حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا سُلِّمَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ؛ فَإِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ: ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً فِي
__________
= وأخرجه ابن حبان [5/ 329] ، كما في "موارد الظمان" للهيثمي برقم [1699] من طريق طلحة بن مصرف عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه في حديث طويل.
1 أخرجه الدراقطني [3/ 96] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [57] ، والحاكم [4/ 349] ، والطبراني كما في "مجمع الزوائد" [6/ 180، 181] ، كلهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، عن عطاء بن يزيد عن ابن شريح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 445] ، [1340] .
قال أي: كذا روى عبد الرحمن بن إسحاق وخولف ورواه عقيل ويونس وغيرهما يقولون عن الزهري عن مسلم بن يزيد عن أبي شريح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصحيح، أخطأ عبد الرحمن بن إسحاق.
2 أخرجه الدراقطني [3/ 131] ، في كتاب الحدود والديات، وغيره، حديث [155] ، والحاكم [4/ 349] ، والبيهقي [8/ 26] ، كتاب الجنايات: باب إيجاب القصاص على القاتل دون غيره.
كلهم من طريق مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وجد في قائم سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابان: "إن أشد الناس عتواً في الأرض رجل ضرب غير ضاربة أو رجل قتل غير قاتله ورجل تولى غير أهل نعمته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله وبرسله ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً"، وفي الآخرة: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 395] ، ومالك هذا هو ابن أبي الرجل حارثة ومحمد قال أبو حتم: هو أحسن حالاً من أخويه ا. هـ.
3 أخرجه البخاري [14/ 195] ، كتاب الديات: باب من طلب دم امرئ بغير حق، حديث [6882] ، من طريق نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه.(4/70)
بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا"، التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي حَدِيثٍ1.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي الْأَصْلِ "ابْنُ عُمَرَ"، وَالصَّوَابُ "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو"، وَهُوَ ابْنُ الْعَاصِ.
1698- حَدِيثُ: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ ضَرَّتَيْنِ اقْتَتَلَتَا، فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَمَاتَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2،
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 183] ، والترمذي [4/ 11- 12] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل، حديث [1387] ، وابن ماجة [2/ 877] ، كتاب الديات: باب من قتل عمداً فرضوا بالدية، حديث [2626] ، والدارقطني [3/ 177] ، في الحدود [275] ، والبيهقي [8/ 53، 60، 71- 72] ، كتاب الجنايات: باب الخيار في القصاص، إمكان الإمام ولي الدم من القاتل، أسنان دية العمد إذا زال فيه القصاص وأنها حالة في مال القاتل.
كلهم من طريق محمد بن راشد نا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن غريب.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 177] ، في إسناده محمد بن راشد وهو ضعيف.
وأخرجه أحمد [2/ 117] من طريق محمد بن إسحاق ولم يصح فيه بالسماع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، في حديث طويل.
2 أخرجه البخاري [12/ 263] ، كتاب الديات: باب جنين المرأة وأن العقل على الولد وعصبة الوالد لا على الوالد حديث [6910] ومسلم [3/ 1309- 1310] ، كتاب القسامة: باب دية الجنين حديث [36/ 1681] ، وأبو داود [2/ 601- 602] ، كتاب الديات: باب دية الجنين حديث [4576] ، والنسائي [8/ 48] ، كتاب القسامة: باب دية جنين المرأة، والدارمي [2/ 197] ، كتاب الديات: باب دية الخطأ على من هي، وأبو داود الطيالسي [1/ 295- منحة] ، رقم [1498] ، وابن حبان [5988- الإحسان] وابن أبي عاصم في "الديات" ص [118] ، والبيهقي [8/ 105] ، كتاب الديات: باب العاقلة، من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى أن دية المرأة على عاقلتها.
وأخرجه مالك [2/ 855] ، كتاب العقول: باب عقل الجنين، حديث [5] ، عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن –وحده- عن أي هريرة أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغرة عبد أو وليدة.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري [12/ 257] ، كتاب الديات: باب جنين المرأة، حديث [6904] ، ومسلم [1309] ، كتاب القسامة: باب دية الجنين، حديث [34/ 1681] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 411- بتحقيقنا] .
وقد توبع الزهري في هذه الرواية تابعه محمد بن عمرو بن أبي سلمة.
أخرجه الترمذي [3/ 23] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية الجنين، حديث [1410] ، وابن ماجة [2/ 882] ، كتاب الديات: باب دية الجنين، حديث [2639] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 205] ، كلهم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حسن صحيح. =(4/71)
وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ1.
حَدِيثُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، تَقَدَّمَ.
1699- حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "أَلَا إنَّ فِي الدِّيَةِ الْعُظْمَى مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا: أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ، وَفِيهِ قِصَّةٌ لِعُمَرَ فِي تَقْوِيمِهَا2.
حَدِيثُ: "فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، وَحَدِيثُ: "فِي قَتِيلِ السَّيْفِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَا.
1700- حَدِيثُ مَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ، قَالَا: "أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، فَقَوَّمَهَا عُمَرُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"، الشَّافِعِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَعَنْ مَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ بِهِ، وَالْوَاقِدِيِّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.
وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: الدِّيَةُ: الْمَاشِيَةُ أَوْ الذَّهَبُ؟ ق ال: كَانَتْ الْإِبِلُ حَتَّى كَانَ عُمَرُ، فَقَوَّمَ الْإِبِلَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، كُلُّ بَعِيرٍ، فَإِنْ شَاءَ الْقَرَوِيُّ أَعْطَاهُ مِائَةً مِائَةً، وَلَمْ يُعْطِهِ ذَهَبًا"3؛ كَذَلِكَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ.
__________
= وأخرجه البخاري [12/ 263] ، كتاب الديات: باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد، حديث [6909] ، ومسلم [3/ 1309] ، كتاب القسامة: باب دية الجنين، حديث [35/ 1681] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 410- بتحقيقنا] ، من طريق الليث عن الزهري عن سعيد بن المسيب –وحده- عن أبي هريرة أنه قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنين المرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرة: عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن ميراثها لبنيها وزوجها والعقل على عصبتها.
1 أخرجه أحمد [4/ 245، 246، 249] ، ومسلم [6/ 191] ، كتاب القسامة: باب دية الجنين ووجوب الدية من قتل الخطأ، حديث [37، 38/ 682] ،
وأبو داود [4/ 190- 191] ، كتاب الديات: باب دية الجنين، حديث [4568، 4569] ، والترمذي [4/ 24] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية الجنين، حديث [1411] ، وابن ماجة [2/ 879] ، كتاب الديات: باب الدية على العاقلة فإن لم تكن عاقلة ففي بيت المال، حديث [2633] ، مختصراً، والنسائي [8/ 49- 51] ، كتاب القسامة: باب دية الجنين وما بعده، والدارمي [2/ 196] ، كتاب الديات: باب دية الجنين.
كلهم من طرق عن منصور عن إبراهيم عن عبيد بن نضيلة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه البيهقي [8/ 77] ، كتاب الديات: باب إعوذ الإبل.
3 أخرجه الشافعي [2/ 109] ، في الديات [367] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 95] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 399- 400] ، برقم [2531] ، عن مسلم عن خالد عن عبيد الله بن عمر عن =(4/72)
وَفِي "الْمَرَاسِيلِ" لِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشاء أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ"1، ثُمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا2.
1701- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الدِّيَةِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"، أَمَّا قَضَاؤُهُ فِي الدِّيَةِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَهُوَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الطَّوِيلِ3، وَأَمَّا قَضَاؤُهُ في الدية باثني عَشَرَ أَلْفًا، فَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ4، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
__________
= أيوب بن موسى عن ابن شهاب وعن مكحول وعطاء قالوا: أدركنا الناس على أن دية المسلم الحر على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة من الإبل، فقوم عمر بن الخطاب تلك الدية على أهل القرى ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى حمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم فإذا كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل، ودية الأعرابية إذا أصابها الأعرابي خمسون من الإبل لا يكلف الأعرابي الذهب ولا الورق.
وأخرج البيهقي [80/ 100] ، من طريق الشافعي عن فضل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن ثابت الحداد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضي في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف، وفي دية المجوسي بثمانمائة درهم.
1 أخرجه أبو داود [4/ 184] ، كتاب الديات: باب الدية كم هي؟ حديث [4543] .
2 أخرجه أبو داود [4/ 184] ، كتاب الديات: باب الدية كم هي؟ حديث [4544] .
3 تقدم في كتاب الخراج: باب ما يجب به القصاص.
4 أخرجه أبو داود [4/ 185] ، كتاب الديات: باب الدية كم هي؟، حديث [4546] ، والترمذي [4/ 12] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الدية كم هي من الدراهم، حديث [1388] ، والنسائي [8/ 44] ، كتاب القسامة: باب الدية من الورق، حديث [4803] ، وابن ما جة [2/ 878] ، كتاب الديات: باب دية الخطأ، حديث [2629] ، والدارقطني [3/ 130] ، والدارمي [2/ 192] ، كتاب الديات: باب كم الدية من الورق والذهب.
كلهم من حديث محمد بن مسلم الطائفي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً من بني عدي قتل فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ديته اثني عشر ألفاً.
قال أبو داود: رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يذكر ابن عباس.
وأخرجه الدارقطني [3/ 130] ، عن سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس.
وأخرجه الترمذي [4/ 12] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الدية كم هي من الدراهم، حديث [1389] ، من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
وأخرجه النسائي [8/ 44] ، كتاب القسامة: باب ذكر الدية من الورق، حديث [4804] ، من طريق سفيان عن عمرو عن عكرمة سمعناه مرة يقول عن ابن عباس أن النبي صلى الله عيله وسلم قضى باثنى عشر ألفاً يعني الدية. =(4/73)
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ هَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مُرْسَلًا.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ1، وَتَبِعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَوْصُولًا2، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونَ، وَإِنَّمَا قَالَ لَنَا فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ كَانَ يَقُولُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا3.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهَكَذَا رَوَاهُ مَشَاهِيرُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
1702- حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَوِّمُ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا" الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِطُولِهِ4.
1703- حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ"، هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الطَّوِيلِ؛ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ5، وَقَالَ: إسْنَادُهُ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ.
__________
= قال الترمذي: لا نعلم أحداً يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.
ورأى بعض أهل العلم الدية عشرة آلاف وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.
وقال الشافعي: لا أعرف الدية إلا من الإبل وهي مائة من الإبل أو قيمتها.
1 ينظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم [1/ 463] .
2 أخرجه الدارقطني [8/ 130] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [151] .
3 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه [9/ 296- 297] ، كتاب العقول: باب كيف أمر الدية، حديث [17273] ، عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة، قال: قتل مولى لبني عدي بن كعب رجلاً من الأنصار، فقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ديته اثنى عشر ألف درهم.
وقال: وهو الذي يقول: {وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74] .
4 أخرجه الشافعي في "الأم" [6/ 148] ، كتاب جراح العمد، باب: إعواذ الإبل من طريق مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب.
وأخرجه أبو داود [4/ 189- 190] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4564] ، والنسائي [8/ 42- 43] ، كتاب القسامة: باب ذكر الاختلاف على خالد الحذاء، وابن ماجة [2/ 878] ، كتاب الديات: باب دية الخطأ، حديث [2630] .
كلهم من طريق محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
5 أخرجه البيهقي [8/ 95] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية المرأة من طريق عبادة بن نسي عن ابن غنم عن معاذ بن جبل. =(4/74)
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَالْعَبَادِلَةِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ".
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ: فَتَقَدَّمَ فِي أَثَرِ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ، وَيَأْتِي مَعَ عَلِيٍّ.
وَأَمَّا أَثَرُ عثمان: فلم أره.
و [أما] أَثَرُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْهُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ؛ لَكِنْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ1.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ: فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: فِي جِرَاحَاتِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ إلَى الثُّلُثِ، فَمَا زَادَ فَعَلَى النِّصْفِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إلَّا السِّنَّ وَالْمُوَضَّحَةَ؛ فإنهما سواء، ومازاد فَعَلَى النِّصْفِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: على الصنف فِي الْكُلِّ2، قَالَ: وَأَعْجَبُهَا إلَى الشَّعْبِيِّ قَوْلُ عَلِيٍّ.
وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ أَرَهُ عَنْهُمَا.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: "الْعَبَادِلَةِ"، جَمِيعُ الثَّلَاثَةِ، لَا أَنَّ الَّذِينَ اُشْتُهِرُوا بِهَذَا اللَّقَبِ هُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، وَلَا مَعْنَى لِاعْتِرَاضِ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَوَقَعَ فِي "الْمُبْهَمَاتِ" لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ فِي مَادَّةِ "عَبْدٍ" فِي ذِكْرِ الْعَبَادِلَةِ؛ إنَّهُ عَدَّ فِيهِمْ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحَذَفَ ابْنَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: فَاَلَّذِي "فِي الصِّحَاحِ" حَذْفُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ مَسْعُودٍ انْتَهَى، وَاَلَّذِي فِي "الصِّحَاحِ" فِي مَادَّةِ "عَبْدٍ" بِإِثْبَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحَذْفِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَهُمْ عِنْدَهُ أَرْبَعَةٌ؛ لَكِنْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي مَادَّةِ "هَاءٍ"، قَالَ: وَهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فِيهِ، وَوَقَعَ فِي "شَرْحِ الْكَافِيَةِ"3 لِابْنِ مَالِكٍ: "الْعَبَادِلَةُ": خَمْسَةٌ، فَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِيهِمْ، وَعَدَّ
__________
= قال البيهقي: وروي من وجه آخر عن عبادة بن أنس وفيه ضعيف.
1 أخرجه البيهقي [8/ 96] ، كتاب الديات: باب ما جاء في جراح المرأة، من طريق حماد عن إبراهيم عن اعلي رضي الله عنه فذكره.
قال البيهقي: حديث إبراهيم منقطع إلا إنه يؤكد رواية الشعبي.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 363] : وقيل إنه منقطع؛ فإن إبراهيم لم يحدث عن أحد من الصحابة مع أنه أدرك جماعة منهم.
وينظر: المصنف لابن أبي شيبة [9/ 296، 300] .
2 أخرجه البيهقي [8/ 96] ، كتاب الديات: باب ما جاء في جراح المرأة.
قال البيهقي: ورواه أيضاً إبراهيم النخعي عن زيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهما وكلاهما منقطع. ورواه شقيقي عن عبد الله بن مسعود وهو موصول.
3 الكافية الشافية في النحو لابن مالك محمد بن عبد الله النحوي المتوفى سنة 672 اثنتين وسبعين وستمائة وهو كتاب منظوم لخص منه ألفيته وكلاهما جليل القدر فقولهم الكافية الحاجية =(4/75)
الزَّمَخْشَرِيُّ فِي "الْكَشَّافِ" ابْنَ مَسْعُودٍ فِيهِمْ أَيْضًا، وَحَذَفَ ابْنَ عَمْرٍو، وَتُعُقِّبَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1704- حَدِيثُ: "عَقْلُ الْمَرْأَةِ كَعَقْلِ الرَّجُلِ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ"، النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ1، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ مَالِكٌ يَذْكُرُ أَنَّهُ السُّنَّةُ، وَكُنْت أُتَابِعُهُ عَلَيْهِ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ عَلِمْت أَنَّهُ يُرِيدُ سُنَّةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعْت عَنْهُ.
حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ"، لَمْ أَجِدْهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ أَبُو إسحاق الإسفرائني2 فِي كِتَابِ "أَدَبِ الْجَدَلِ"3 لَهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَادَةَ بِهِ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ؛ "أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَفِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ
__________
= احتراز عنها أولها:
قال ابن مالك محمد وقد ... نوى إفادة بما فيه اجتهد
الحمد لله الذي من رفده ... توفيق من وفقه لحمده
ثم شرحها وسماه الوافية وعلق عليه نكتاً، وشرحها أيضاً ولده بدر الدين محمد المتوفى سنة 686 ست وثمانين وستمائة وأبو أمامة محمد بن علي بن النقاش المصري [الدكاني المغربي] المتوفى سنة 763 ثلاث وستين وسبعمائة ومحمد بن علي الأربيلي المتوفى سنة 686 سنة ست وثمانين وستمائة، وذيلها أبو الثناء محمود بن محمد بن خطيب الريفة الحموي بخمس ومائة بيت سماها وسيلة الإصابة نظمها في سنة 805 خمس وثمانمائة ثم شرحها.
ينظر: "كشف الظنون" [2/ 1369] .
1 أخرجه النسائي [8/ 44] ، كتاب القسامة: باب عقل المرأة، والدراقطني [3/ 91] ، كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [38] ، من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها".
قال البيهقي [8/ 96] : إسناده ضعيف. إسماعيل بن عياس شامي وابن جريج مكي ورواية ابن عياش عن غير أهل بلده ضعيفة. وبنحو ما قال البيهقي قال صاحب "التنقيح" كما في "نصب الراية" [4/ 364] .
2 أبو إسحاق إبراهيم بن مهران، الإسفراييني المتكلم الأصولي الفقيه، شيخ أهل خرسان، يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، وله المصنفات الكثيرة منها "جامع الحلى في أصول الدين والرد على الملحدين"، قال الحاكم: الفقيه، الأصولي، المتكلم، المتقدم من هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم، مات سنة 418.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة [1/ 170] ، وفيات الأعيان [1/ 8] ، "تذكرة الحفاظ" [3/ 1084] ، "الأعلام" [1/ 59] ، و"شذارت الذهب" [3/ 209] ، و"النجوم الزاهرة" [4/ 267] .
3 ينظر: "كشف الظنون" [1/ 45] .(4/76)
ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ" 1.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: أُرْسِلْنَا إلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَسْأَلُهُ عَنْ دِيَةِ الْمُعَاهَدِ، فَقَالَ: قَضَى فِيهِ عُثْمَانُ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ2.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ رَبَاحِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ يَهُودِيًّا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَضَى فِيهِ عُمَرُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"3، وَرَبَاحٌ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ: "أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ السَّمَوْأَلِ الْيَهُودِيَّ قُتِلَ بِالشَّامِ، فَجَعَلَ عُمَرُ دِيَتَهُ أَلْفَ دِينَارٍ"، وَهَذَا مُعْضَلٌ.
1705- حَدِيثُ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ4، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، وَصَلَّى صَلَاتَنَا، حَرُمَ عَلَيْنَا دَمُهُ وَمَالُهُ، وَلَهُ [مَا] لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ" 5.
__________
1 أخرجه الشافعي [2/ 106- 107] ، في كتاب الديات، حديث [356] ، من طريق فضيل بن عياض ومن طريقه البيهقي [8/ 100] ، كتاب الديات: باب دية أهل الذمة.
وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 233] ، كتاب الديات: باب دية أهل الذمة، حديث [4929] .
2 أخرجه الشافعي [2/ 106] ، في كتاب الديات، حديث [354، 355] ، من طريق سفيان ومن طريق الشافعي، أخرجه البيهقي [8/ 100] ، كتاب الديات: باب دية أهل الذمة، حديث [4930] .
3 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 97] ، كتاب العقول: باب دية المجوس، حديث [18495] ، وفيه رباح بن عبيد الله بن عمر العمري، قال الذهبي في الميزان: يروي عن سهيل بن أبي صالح وغيره، قال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به.
4 أخرجه البخاري [1/ 22] ، كتاب الإيمان: باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، حديث [35] ، ومسلم [1/ 53] ، ومسلم [1/ 53] ، كتاب الإيمان: باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ... [36/ 22] ، والدارقطني [1] 232 والبيهقي [3/ 92] .
5 أخرجه البخاري [1/ 594] ، كتاب الصلاة: باب فضل استقبال القبلة، حديث [392] ، وأحمد [3/ 199، 224] ، وأبو داود [2/ 50- 51] ، كتاب الجهاد: باب على ما يقاتل المشركون، حديث [2641] ، والترمذي [5/ 4] ، كتاب الإيمان: باب ما جاء في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أمرت بقتالهم ... " [2608] ، والدارقطني [1/ 232] ، كتاب الصلاة: باب تحريم دمائهم وأموالهم إذا تشهدوا بالشهادتين [2] ، وأحمد [3/ 199] ، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 173] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 215] ، والبيهقي [3/ 92] ، والخطيب [10/ 464] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 96- بتحقيقنا] ، من طريق حميد الطويل عن أنس وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. =(4/77)
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْكِتَابِ: "فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
__________
= وهذا الحديث متواتر عن جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم: أبو هريرة، وجابر، وأبو بكر، وعمر، وجرير، وسهل بن سعد، وأبو بكرة، وأبو مالك الأشجعي، وعياض الأنصاري، والنعمان بن بشير، وسمرة بن جندب، ومعاذ وأوس بن أوس، ورجل من بلقين، وابن عباس، هذا بالإضافة إلى حديث ابن عمر وأنس اللذين سبقا.
حديث أبي هريرة:
أخرجه البخاري [3/ 262] ، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، حديث [1399] ، ومسلم [1/ 52] ، كتاب الإيمان: باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وأبو داود [3/ 101] ، كتاب الزكاة: باب على ما يقاتل المشركون، حديث [2640] ، والترمذي [4/ 117] ، كتاب الإيمان: باب ما جاء أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، حديث [2733] ، والنسائي [5/ 14] ، كتاب الزكاة: باب مانع الزكاة، وابن ماجة [2/ 1295] : كتاب الفتن: باب الكف عمن قال لا إله إلا الله، حديث [3827] ، والشافعي [1/ 13] ، باب الإيمان والإسلام، عبد الرزاق [6/ 67] ، كتاب أهل الكتاب: باب أقاتلهم حتى يقولوا: لا إله إلا الله، حديث [10022] ، وأحمد [2/ 345] ، وابن الجارود ص [343] ، باب في ما أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدعاء إلى توحيد الله عز وجل والقتال عليها، حديث [1032] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 213] ، كتاب السير: باب ما يكون الرجل به مسلماً، وابن سعيد في الطبقات، والدارقطني [1/ 231، 232] ، كتاب الصلاة: باب تحريم دمائهم وأموالهم إذا تشهدوا بالشهادتين، حديث [2] ، والحاكم [1/ 387] ، كتاب الزكاة، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 306] ، وابن حبان [174] ، من طريق عن أبي هريرة.
حديث جابر:
أخرجه مسلم [1/ 53] ، كتاب الإيمان: باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ... [35/ 22] ، وابن ماجة [2/ 1295] ، كتاب الفتن: باب الكف عن من قال: لا إله إلا الله [3928] ، والترمذي [5/ 409] ، كتاب التفسير: باب تفسير سورة الغاشية [3338] ، وأحمد [3/ 295] ، وأبو حنيفة في "مسنده" [6] ، وأبو يعلى [4/ 190] ، رقم [2282] من طريق عنه.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
حديث أبي بكر وعمر:
ويرويه عنهما أنس بن مالك قال: قال عمر لأبي بكر في الردة ألم يقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"، قال أبو بكر: إنما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... "
أخرجه النسائي [7/ 76- 77] ، وابو يعلى [1/ 69] ، رقم [68] ، وابن خزيمة [4/ 7] ، رقم [2447] ، والحاكم [1/ 368] ، من طريق عمران القطان عن معمر عن الزهري عن أنس به وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 30] ، وقال: رواه البزار. وقال: لا أعلمه يورى عن أنس عن أبي بكر إلا من هذا الوجه وأحس أن عمران أخطأ في إسناده. =(4/78)
حَدِيثُ عُمَرَ مِثْلُهُ، الْبَزَّارُ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ.
__________
= وقال الترمذي بعد الحديث [2610] : وقد روى عمران القطان هذا الحديث عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك عن أبي بكر وهو حديث خطأ.
وقد حكم عليه بالخطأ أيضاً الإمام أبو زرعة الرازي فقال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 159] ، رقم [1970] : سئل أبو زرعة عن حديث رواه عمرو بن عاصم عن عمران القطان عن معمر عن الزهري عن أنس ... فذكر الحديث.
قال أبو زرعة: هذا وهم إنما هو الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة.
إما الحاكم فله مع هذا الحديث شأن آخر فقال بعد إخراجه: صحيح الإسناد غير أن الشيخين لم يخرجا عمران القطان وليس لهما حجة في تركه فإنه مستقيم الحديث ووافقه الذهبي.
وعمران روى له البخاري تعليقاً والأربعة وقال الحافظ في "التقريب" [2/ 83] : صدوق يهم.
حديث جرير:
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" [2/ 347] ، رقم [2276] ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 29] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفي إسناده إبراهيم بن عيينة وقد ضعفه الأكثرون.
قال ابن معين: كام مسلماً صدوقاً، ا. هـ.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: أتى بمناكر.
ينظر: "المغني" [1/ 21] .
حديث سهل بن سعيد:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [6/ 132] ، رقم [5746] ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 30] ، وقال: رواه الطبراني وفي إسناده مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان والأكثر على تضعيفه ا. هـ.
ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم.
وقال الحافظ: لين الحديث.
ينظر: "المغني" [2/ 660] ، و"التقريب" [2/ 251] .
حديث أبي بكرة:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 30] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الله بن عيسى الخزاز وهو ضعيف لا يحتج به ا. هـ.
وذكره الذهبي في "الغني" [1/ 350] ، وقال: عبد الله بن عيسى أبو خلف الخزاز عن يونس بن عبيد ضعفوه.
حديث أبي مالك الأشجعي:
أخرجه الطبراني في "الكبير" [8/ 382] ، رقم [8191] وذكره الهيثمي في "المجمع" [1/ 30] ، وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.
حديث عياض الأنصاري:
أخرجه البزار [1/ 10- كشف] ، رقم [4] ، من طريق عبد الرحمن القراشي عن عياض مرفوعاً: بلفظ: إن لا إله إلا الله كلمة على الله كريمة لها عند الله مكان وهي كلمة من قالها صادقاً أدخله الله بها الجنة ومن قالها كاذباً حقنت دمه وأحرزت ماله ولقي الله غذاً فحاسبه.
قال البزار: ولا نعلم أسند عياش إلا هذا. =(4/79)
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ1، وَرَوَاهُ عَبْدُ
__________
= وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 31] ، وقال: رواه البزار ورجاله موثقون إن كان تابعيه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.
حديث النعمان بن بشير:
أخرجه البزار [1/ 15- كشف] ، رقم [15] من طريق أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن سماك عن النعمان بن بشير به.
قال البزار: وهذا أخطأ فيه أسود.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 31] رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه مبارك بن فضالة واختلف في الاحتجاج به.
حديث معاذ بن جبل:
أخرجه ابن ماجة [1/ 28] ، المقدمة: باب في الإيمان، حديث [72] ، والدراقطني [1/ 233] ، كتاب الصلاة: باب تحريم دمائهم وأموالهم ... من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به.
قال الحافظ البوصيري في "الزوائد" [1/ 56] هذا إسناد حسن ا. هـ.
وفيه شهر بن حوشب وقد اختلفوا في الاحتجاج به.
حديث أوس بن أوس:
أخرجه الدارمي [2/ 218] ، كتاب السير: باب في القتال على قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وابن ماجة [3929] ، وأحمد [4/ 8] ، وعزاه السيوطي في "الأزهار المتناثرة" ص [20] رقم [4] إلى ابن أبي شيبة.
حديث الرجل من بلقين:
أخرجه أبو يعلى [13/ 131- 132] ، والبيهقي [6/ 336] ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 53، 54] ، وقال: رواه أبو يعلى وإسناده صحيح.
وذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" [2/ 185] ، رقم [2010] ، وعزاه إلى أحمد بن منيع وذكره برقم [2011] وعزاه إلى أبي يعلى.
حديث ابن عباس:
ذكره الهيثمي في "المجمع" [1/ 30] ، وقال: رواه الطبراني ورجاله موثقون إلا أن فيه إسحاق بن يزيد الخطابي ولم أعرفه.
وهذا الحديث قد صرح الحافظ السيوطي يتواتره فأورده في "الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة" ص [19- 20] رقم [4] .
وعزاه إلى الشيخان عن ابن عرم وأبي هريرة.
ومسلم عن جابر:
وابن أبي شيبة في "المصنف" عن أبي بكر الصديق وعمر وأوس وجرير البجلي.
والطبراني عن أنس وسمرة بن جندب وسهل بن سعد.
وابن عباس وأبي بكرة وأبي مالك الأشجعي.
والبزار عن عياض الأنصاري والنعمان بن بشير.
1 أخرجه أبو داود [4/ 695] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4566] ، والترمذي [4/ 13] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الموضحة، حديث [1390] ، والنسائي [8/ 57] ، =(4/80)
الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا1.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ "فِي الْمُنَقِّلَةِ2 خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ3 عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ"، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا، هُوَ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ مَوْقُوفٌ؛ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْبَيْهَقِيُّ4.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "في المأمومة5 ثُلُثُ الدِّيَةِ"، تَقَدَّمَ.
__________
= كتاب القسامة: باب الموضحة، وابن ماجة [2/ 886] ، كتاب الديات: باب الموضحة، حديث [2655] ، وابن أبي شيبة [9/ 142] ، رقم [6830] ، وابن أبي عاصم في الديات ص [113] ، والبيهقي [8/ 81] ، كتاب الديات: باب أرش الموضحة، والبغوي في "شرح السنة" [403- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.
وقالك الترمذي: حديث حسن صحيح.
1 أخرجه عبد الرزاق [9/ 305] ، كتاب العقول: باب الموضحة، حديث [17312] .
2 المنقلة: هي الشجة التي تنقل العظم أي: تكسره حتى يخرج منها فراش العظام فيحتاج إلى نقل العظم ليلتئم، وقد دل الحديث على أن الواجب في المنقلة خمس عشرة من الإبل، ولا فرق بين أن تكون في رجل أو امرأة فديتهما في المنقلة سواء، وقد نقل الإجماع على هذا.
قال الموفق في "المغني": وفيها خمس عشرة من الإبل بإجماع من أهل العلم حكاه ابن المنذر.
وقال الشاعفي –رحمه الله- في "الأم": لست أعلم خلافاً في أن المنقلة خمس عشرة من الإبل وبهذا أقول.
وقال ابن عبد البر –رحمه الله-: ولا خلاف أن المنقلة فيها خمس عشرة من الإبل.
والمنقلة لا تكون إلا في الرأس، قال ابن عبد البر –رحمه الله- ولا تكون إلا في الرأس.
وقد ورد عدد من الأحاديث والآثار تدل على أن في المنقلة خمس عشرة من الإبل.
انظر في هذا "الهداية" [4/ 182] ، "روضة الطالبين" [9/ 214] ، "التاج والإكليل" [6/ 259] ، "المغني" [8/ 46] ، "المبدع" [9/ 8] .
3 الهاشمة: التي تهشم العظم، أي تكسره وترضه ولا تبينه، والهشم: الكسر، ومنه سمي هشيم الشجر، لما تحطم منه، قال الله تعالى: {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31] .
ينظر: "النظم المستعذب" [2/ 238] .
4 أخرجه الدارقطني [3/ 201] ، في كتاب الحدود، حديث [357] ، وعبد الرزاق [9/ 314] كتاب العقول: باب الهاشمة، حديث [17348] ، والبيهقي [8/ 82] ، كتاب الديات: باب الهاشمة.
كلهم من طريق محمد بن راشد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت فذكره.
5 هي الجناية [الشجة] التي نفذت الجلد واللحم والقشرة وشقت العظم فبلغت الدماغ حتى ما يبقى بينها وبين الدماغ إلا جلد رقيق وهو ما يسمى بأم الدماغ.
والمأمومة والأمة شيء واحد فأهل العراق يقولون لها الآمة وأهل الحجاز المأمومة. ولا تكون المأمومة إلا في الرأس.
ينظر: "أنيس الفقهاء للقونوي" ص [294] .(4/81)
حَدِيثُ عُمَرَ مِثْلُهُ، الْبَيْهَقِيّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ1؛ لَكِنَّهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ2، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إلَّا مَكْحُولًا؛ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ، فَقَالَ الثُّلُثُ فِي الْخَطَأِ، وَفِي الْعَمْدِ ثُلُثَا الدِّيَةِ.
1706- حَدِيثُ مَكْحُولٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِي الْمُوضِحَةِ3 خمسا الْإِبِلِ، وَلَمْ يُوجِبْ فِيمَا دُونِ ذَلِكَ شَيْئًا"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ4.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ شَيْخٍ لَهُ، عَنْ الْحَسَنِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْضِ فِيمَا دُونِ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ"5، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مُرْسَلًا6.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ"، تَقَدَّمَ.
1707- حَدِيثُ عُمَرَ: "فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ"، الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رَفَعَهُ: "فِي الْأَنْفِ إذَا اسْتَوْعَبَ جَدْعَةً الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثٌ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ، وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِمَّا هُنَاكَ عَشْرٌ عَشْرٌ"، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى7، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَضْعَفَ منه، وزاد: "في الْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ".
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 82] ، كتاب الديات: باب أرش الموضحة.
2 تقدم تخريجه قريباً.
3 هي الشجة التي شقت الجلد واللحم والقشرة التي على العظم حتى أظهرت العظم وأبانته حتى ظهر بياضه إذ أن وضح العظم هو بياضه.
ينظر: "أنيس الفقهاء" ص [294] .
4 أخرجه ابن شيبة [5/ 349] ، كتاب الديات: باب في الموضحة كم فيها، والبيهقي [8/ 82] ، كتاب الديات: باب المنقلة.
5 أخرجه عبد الرزاق [9/ 307] ، كتاب العقول: باب الموضحة، حديث [17320] ، عن إسماعيل بن عبد الله أبي الوليد عن يونس عن الحسن.
6 أخرجه البيهقي [8/ 83] ، كتاب الديات: باب ما دون الموضحة من الشجاج، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعقل ما دون الموضحة وجعل ما دون الموضحة عقلاً بين المسلمين.
7 أخرجه البزار [2/ 207] ، كتاب الديات: باب دية الأعضاء، حديث [1531] .
قال البزار: لا نعلمه عن عمر إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم يروى عن عكرمة بن خالد عن أبي بكر بن عبيد الله إلا بهذا. =(4/82)
1708- حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "فِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ"، لَيْسَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ؛ وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ تَبَعًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ؛ حَيْثُ قَالَ: رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، قَالَ: وَهُوَ مَجَازٌ، فَنَفَى الرِّوَايَةَ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا بِذَلِكَ خَبَرٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَقَدْ أَفْصَحَ بِقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ؛ لِأَنَّهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي نُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَهِيَ مَعَ إرْسَالِهَا أَصَحُّ إسْنَادًا مِنْ الْمَوْصُولِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ"، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَضَى أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَائِفَةِ إذَا نَفِدَتْ فِي الْجَوْفِ مِنْ الشَّفَتَيْنِ، بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ1، وَرَوَاهُ هُوَ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ نَحْوَهُ2، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ وَمَكْحُولٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ، أَثَرُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، يَأْتِي بَعْدُ.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَهُوَ لَفْظُ مَالِكٍ وَأَبِي دَاوُد.
حَدِيثُهُ: "فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ"، تَقَدَّمَ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فِي حَدِيثٍ مرسل3.
حدي ثه: "أَنَّهُ قَالَ: فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفِي الْأَنْفِ إذَا أَوْعَى جَدَعًا الدِّيَةُ، أَيْ: اسْتَوْعَبَ"، تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: "وَحَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَارِنِ4، دُونَ جَمِيعِ الْأَنْفِ5؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ
__________
= والحديث فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، صدوق سيء الحفظ جداً "التقريب" [6121] .
1 أخرجه عبد الرزاق [9/ 370] ، كتاب العقول: باب الجائفة، حديث [17629] .
2 أخرجه عبد الرزاق [9/ 369] ، كتاب العقول: باب الجائفة، حديث [17623] ، وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 362] ، كتاب الديات: باب الشفتان ما فيهما، حديث [26919] ، من طريق عمرو بن شعيب قال: فضى أبو بكر في الشفتين بالدية مائة من الإبل.
3 أخرجه عبد الرزاق [9/ 339] ، كتاب العقول: باب الأنف، حديث [17463] ، مرسلاً.
وقد تقدم تخريجه في مسند البزار من حديث عمرو رضي الله عنه.
4 ما دون قصبة الأنف وهو ما لان منه والجمع موارن، "مختار الصحاح" [569] .
5 الأنف مركب من أربعة أشياء: قصبة ومارن وأرنبة وروثة.
فالقصبة: هي العظم المنحدر من مجمع الحاجبين.
والمارن: هو العضروف الذي يجمع المنخرين.
والورثة: طرف الأنف. =(4/83)
قَالَ: عِنْدِي كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: وَفِي الْأَنْفِ إذَا قُطِعَ مَارِنُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ1، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ تَعْلِيقًا2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ، نَحْوُهُ3.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى فِي الْأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ الدِّيَةُ كَامِلَةً"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: كَانَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى نَجْرَانَ: "وَفِي الْأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ، الدِّيَةُ كَامِلَةً"4.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ"، تقدم5.
حديثه: "وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ"، تَقَدَّمَ أَيْضًا.
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْجَمَالِ، فَقَالَ: "هُوَ اللِّسَانُ"، الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: أَقْبَلَ الْعَبَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ حُلَّتَانِ، وَلَهُ ظَفِيرَتَانِ، وَهُوَ أَبْيَضُ، فَلَمَّا رَآهُ تَبَسَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، فَقَالَ: "أَعْجَبَنِي جَمَالُ عَمِّ النَّبِيِّ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: "مَا الْجَمَالُ؟ قَالَ: "اللِّسَانُ"، وَهُوَ مُرْسَلٌ6.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ الْعَسْكَرِيُّ فِي "أَمْثَالِهِ" مِنْ حَدِيثِ آلِ بَيْتِ الْعَبَّاسِ عَنْ الْعَبَّاسِ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَائِشَةَ عَنْ أَبِيهِ مُعْضَلًا، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ طَاهِرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "جَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَةُ لِسَانِهِ"، وَفِي إسْنَادِهِ أَحْمَدُ بْنُ الْجَارُودِ الرَّقِّيُّ؛ وَهُوَ كَذَّابٌ، وَأَخْرَجَهُ الْعَسْكَرِيُّ فِي "الْأَمْثَالِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: "إنَّ جَمَالَ"، فَذَكَرَهُ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ7.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد.
__________
= ينظر: "سبل السلام" [3/ 473] ، و"نيل الأوطار" [7/ 213] .
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 339] ، كتاب العقول: باب الأنف، حديث [17464] .
2 أخرجه الشافعي في "الأم" [6/ 153] ، كتاب جراح العمد: باب دية الأنف معلقاً، ومن طريقه أخرجه البيهقي [8/ 88] ، كتاب الديات: باب دية الأنف.
3 أخرجه البيهقي [8/ 88] ، كتاب الديات: باب دية الأنف.
4 أخرجه البيهقي [8/ 88] ، كتاب الديات: باب دية الأنف.
5 والشفتين: مثنى الشفة، وكل شفة في عرض الوجه إلى الشدقين وفي طوله ما يستر اللثة.
ينظر: "الإقناع في حل ألفاظ ابن شجاع" [4/ 121] .
6 أخرجه الحاكم [3/ 330] ، وسكت عنه وتعقبه الذهبي بأنه مرسل.
7 ينظر: الكلام على طرق هذا الحديث وشواهده في "المقاصد الحسنة" ص [174- 175] ، و"كشف الخفاء" [1/ 399- 400] ، و"فتح الوهاب" [1/ 203] .(4/84)
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: "فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ"، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
1709- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ سَوَاءً"، وَقَالَ: "الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، الثَّنِيَّةُ والضرس سواء، وهذه وَهَذِهِ سَوَاءٌ"، أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ بِتَمَامِهِ، وَابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا، وَابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ في "صحيح البخاري" مختصر بِلَفْظِ: "هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ"، يَعْنِي: الْخِنْصِرَ وَالْإِبْهَامَ"1.
وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: "الْأَصَابِعُ وَالْأَسْنَانُ سواء"؛ في كُلُّ إصْبَعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ؛ وَفِي كُلِّ سِنٍّ، خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ"2.
وَلَهُمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: "إنَّ الْأَصَابِعَ سَوَاءٌ، عَشْرًا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ" 3، وَأَخْرَجَهُ
__________
1 أخرجه أحمد [1/ 289] ، وأبو داود [2/ 597] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء حديث [4561] ، والترمذي [4/ 13] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية الأصابع، حديث [1391] ، وابن حبان [1528- موارد] ، والدارقطني [3/ 212] ، والبيهقي [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء، كلهم من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "في دية الأصابع اليدين والرجلين سواء عشر من الإبل لكل إصبع".
وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه ابن حبان.
وأخرجه البخاري [14/ 214] ، كتاب الديات: باب دية الأصابع، حديث [6895] ، وابن ماجة، وأبو دواد [4/ 188] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4558] ، والترمذي [4/ 14] ، كتاب الديات: باب ما جاء في دية الأصابع، حديث [1392] ، والنسائي [8/ 56] ، وابن ماجة [2/ 885] ، كتاب: الديات باب دية الأصابع، حديث [4558] ، وأحمد [1/ 227، 345] ، وابن أبي شيبة [5/ 367] ، كتاب الديات: باب الأصابع من سوى بينهما، حديث [26982] ، والطبراني [11/ 307] ، حديث [11824] ، والبيهقي [8/ 90] ، كتاب الديات: باب الأسنان كلها سواء.
كلهم من طريق شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس بمثل رواية البخاري.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه أبو داود [4/ 691] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4562] ، والنسائي [8/ 57] ، كتاب القسامة: باب عقل الأصابع، وابن ماجة [2/ 886] ، كتاب الديات: باب دية الأصابع، حديث [2653] ، واحمد [2/ 207] ، وابن الجارود في "المنتقى" [781] ، والبيهقي [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء، من طريق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "في الأصابع عشر عشر".
وفي الباب عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري وعمر بن الخطاب.
حديث ابن عباس.
3 أخرجه أحمد [4/ 403، 404] ، وأبو داود [4/ 688] ، كتاب الديات: باب ديات الأعضاء، حديث [4556، 4557] ، والنسائي [8/ 56] ، كتاب القسامة: باب عقل الأصابع والدارمي [2/ =(4/85)
ابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَيْضًا1.
حَدِيثُ مُعَاذٍ: "فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا"، لَمْ أَجِدْهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "فِي الْيَدَيْنِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ".
وَفِي لَفْظِ: "كُلُّ إصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ.
قَوْلُهُ: "قَضَى عُمَرُ فِي كَسْرِ التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ"، رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: "أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ، وَفِي التَّرْقُوَةِ2 بِجَمَلٍ، وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ".
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ3، وَقَالَ: وَبِهِ أَقُولُ؛ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ.
1710- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ السَّارِقَ مِنْ الْكُوعِ"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: "أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ مِنْ الْمِفْصَلِ"4، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِمِثْلِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ5، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ؛ مَجْهُولٌ6.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حُزَمٍ: "وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَيُرْوَى: "فِي
__________
= 194] ، كتاب الديات: باب في دية الأصابع، والطيالسي [1/ 294- منحة] ، رقم [1495] ، وأبو يعلى [13/ 317- 319] ، رقم [7334، 7335] ، وابن حبان [1527- موارد] ، والبيهقي [8/ 92] ، كتاب الديات: باب الأصابع كلها سواء، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 403- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق مسروق بن أوس عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأصابع سواء".
قلت: عشر عشر؟ قال: نعم.
1 تقدم تخريجه.
2 الترقوة: العظمة الناتئة أعلى الصدر و"الظلع" مثال العنب، وتسكن اللام جائز، وهي واحدة الأضلاع.
3 أخرجه مالك [2/ 861] ، كتاب العقول: باب جامع عقل الأسنان عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر رضي الله عنه قضى في الضرس ... فذكره.
ومن طريقه الشافعي في "المسند" [2/ 111] ، في كتاب الديات، حديث [374] .
4 أخرجه البيهقي [3/ 204- 205] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [363] ، في قصة سارق صفوان بن أمية.
5 أخرجه البيهقي [8/ 270- 271، 272] ، كتاب السرقة، باب: "السارق يسرق أولاً فتقطع يده اليمنى من مفصل الكف ثم يحسم بالنار".
6 أخرجه البيهقي [8/ 271] .(4/86)
الْبَيْضَتَيْنِ"، تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي "بَابِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ"، وَفِي "مَرَاسِيلِ" أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّكَرِ الدِّيَةَ1، وَعَنْ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا مِثْلُهُ، وَزَادَ: "وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ الدِّيَةُ".
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ"، وَفِي الْوَاحِدَةِ نِصْفُهَا، تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
حَدِيثُهُ: "فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ"، لَيْسَ هَذَا فِي نُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ لَكِنْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ2، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ: وَرَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ.
حَدِيثُ مُعَاذٍ: "فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ"، لَمْ أَجِدْهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي وَجَدْت مِنْ حَدِيثِهِ: "فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ" وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيٍّ: "فِي الْيَدَيْنِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي لَفْظِ: "كُلُّ إصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ.
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "فِي الشَّمِّ الدِّيَةُ"، لَمْ أَجِدْهُ فِي النُّسْخَةِ؛ وَإِنَّمَا فِيهَا: "وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جُدْعًا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ".
وَفِي رِوَايَةٍ: "وَفِي الْأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ الدِّيَةُ كَامِلَةً".
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: "فِي الْأَنْفِ إذَا جُدِعَ الدِّيَةُ كَامِلَةً"، وَقَدْ تقدم.
حديثه: فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، تَقَدَّمَ، وَهُوَ فِي "مَرَاسِيلِ" أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ3، وَسَيَأْتِي أَثَرُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَمَنْ مَعَهُ بَعْدُ.
1711- حَدِيثُ: "الْبِئْرُ جُبَارٌ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ4.
__________
1 أخرجه أبو داود في "المراسيل" [265] ، من طريق عبد الرزاق.
وأخرجه عبد الرزاق [9/ 371] ، كتاب العقول: باب "الذكر"، حديث [17633] ، عن محمد عن الزهري به.
وأخرجه عبد الرزاق [5/ 376] ، كتاب الديات: باب "الذكر ما فيه"، حديث [27093] ، عن عبد الرحيم عن أشعث عن الزهري فذكره.
2 أخرجه البيهقي [8/ 86] ، كتاب الديات: باب ذهاب العقل من الجناية.
3 أخرجه أبو داود في "المراسيل" رقم [263] .
4 أخرجه البخاري [5/ 33] ، كتاب المساقاة: باب من حفر بئراً في ملكه لم يضمن، حديث [2255] ، ومسلم [3/ 1334] ، كتاب الحدود: باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، حديث [45/ 1710، وأبو داود [14] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب ما جاء في الركاز وما فيه، حديث [3085] ، والترمذي [2/ 418] ، كتاب الأحكام: باب ما جاء في العجماء أن =(4/87)
أَثَرُ عُمَرَ يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ مَرَّ تَحْتَ مِيزَابِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَطَّرَ عَلَيْهِ قَطَرَاتٍ، فَأَمَرَ بِنَزْعِهِ"، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ
__________
= جرحها جبار، حديث [1391] ، والنسائي [5/ 45] ، كتاب الزكاة: باب المعدن وابن ماجة [2/ 839] ، كتاب اللقطة: باب من أصاب ركازاً، حديث [2509] ، ومالك [1/ 249] ، كتاب الزكاة: باب زكاة الركاز، حديث [8] ، والشافعي [1/ 248] ، كتاب الزكاة: الباب الرابع في الركاز والمعادن، حديث [671، 672] ، وأبو عبيد [420، 421] ، كتاب الخمس وأحكامه وسننه: باب الخمس في المعادن والركاز، والطيالسي ص [304] ، حديث [2305] ، وابن أبي شيبة [3/ 224، 225] ، كتاب الزكاة: باب في الركاز يجدوه القوم. فيه زكاة، وأحمد [2/ 228] ، وابن الجارود ص [135] ، كتاب الزكاة، حديث [372] ، والبيهقي [4/ 155] ، كتاب الزكاة: باب زكاة الركاز، وعبد الرزاق [10/ 66] ، رقم [18373] ، والحميدي [2/ 462] ، رقم [1079] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 204] ، وأبو يعلى [10/ 437] ، رقم [6050] ، والطبراني في "الصغير" [1/ 120- 121] ، من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".
وفي الباب عن جماعة من الصاحبة وهم:
عبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وجابر، وابن عباس، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن مسعود، وسراء بنت نبهان، وأبو ثعلبة الخشني والحسن والشعبي كلاهما مرسلاً.
حديث عبد الله بن عمر:
أخرجه الحاكم [2/ 65] ، وأبو عبيد في الأموال ص [308] ، رقم [860] ، والشافعي في "الأم" [2/ 37] ، والبيهقي [4/ 155] ، وسكت عنه الحاكم، وقال: لم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى قتنا هذا.
حديث أنس بن مالك:
أخرجه أحمد [3/ 128] ، عنه قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خيبر فدخل صاحب لنا إلى خربة فقضى حاجته فتناول لبنة يستطيب بها فانهارت عليه تبراً فأخذها فأتى بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره بها فقال: زنها فوزنها فإذا هي مائتي درهم فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا ركاز وفيه الخمس".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [3/ 80] ، وقال: رواه أحمد والبزار وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وفيه كلام وقد وثقه ابن عدي.
وهذا كلام فيه نظر فعبد الرحمن شديد الضعف.
حديث جابر:
أخرجه أبو يعلى [4/ 101] ، رقم [2134] ، وأحمد [3/ 353] ، والبزار [1/ 423- كشف] ، رقم [894] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 203] ، من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السائمة جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [3/ 80] ، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" ورجاله موثقون ا. هـ.
ومجالد هو ابن سعيد وهو ضعيف.
حديث ابن عباس: =(4/88)
حَدِيثِ أَبِي هَارُونَ الْمَدَنِيِّ، قَالَ: كَانَ فِي دَارِ الْعَبَّاسِ مِيزَابٌ1، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "تَرْجَمَةِ
__________
= أخرجه أحمد [1/ 314] ، وابن ماجة [2/ 839] ، كتاب اللقطة: باب من أصاب ركازاً، حديث [2510] .
حديث عبادة بن الصامت:
أخرجه أحمد [5/ 326- 327]
حديث عبد الله بن مسعود:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [3/ 81] ، بلفظ: "العجماء جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس".
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الله بن بزيغ وهو ضعيف.
حديث سراء بنت نبهان:
ذكره الهيثمي في "المجمع" [3/ 81] ، عنها قالت: احتفر الحي في دار كلاب فأصابوا بها كنزاً عادياً فقالت كلاب: دارنا وقال الحي: احتفرنا فنافروهم في ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقضى به للحي وأخذ منهم الخمس......
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أحمد بن الحارث الغساني وهو ضعيف ا. هـ.
وأحمد بن الحارث الغساني شيخ لابن وارة.
قال أبو حاتم الرازي: متروك.
ينظر: "المغني" [1/ 35] .
حديث أبي ثعلبة الخشني:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [1/ 81] ، عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "في الركاز الخمس".
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يزيد بن سنان وفيه كلام وقد وثق.
حديث زيد بن أرقم:
ذكره الهيثمي في "المجمع" [3/ 81] ، عنه قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملاً على اليمن فأتى بركاز فأخذ منه الخمس ودفع بقيته إلى صاحبه فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعجبه.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه راو لم يسم.
مرسل الحسن:
أخرجه الإمام أحمد عنه مرسلاً بلفظ: "المعدن جبار والبئر جبار وفي الركاز الخمس".
قال الهيثمي في "المجمع" [3/ 81] : إسناده صحيح.
مرسل الشعبي:
ذكره الزيعلي في "نصب الراية" [2/ 382] ، وعزاه إلى ابن المنذر من طريق سعيد بن منصور ولفظه: أن رجلاً وجد ركازاً فأتى به علياً رضي الله عنه فأخذ منه الخمس وأعطى بقيته للذي وجده فأخبر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعجبه.
قال الحافظ في "الدراية" ص [163] : مرسل قوي.
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله" [406] ، قال: حدثنا أحمد بن عبيدة، أخبرنا سفيان عن أبي هارون المدني ... فذكره.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [8/ 292] ، كتاب البيوع: باب من مات وعليه دين، حديث [15264] ، من طريق سفيان بإسناد أبي داود بنحوه. =(4/89)
الْعَبَّاسِ" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِسَنَدِهِ، عَنْ عُمَرَ؛ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا مِيزَابٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ1، وَقَالَ: لَمْ يحتج الشيخان بـ"عبد الرَّحْمَنِ"، وَقَدْ وَجَدْت لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ "الشَّامِ"2.
1712- حَدِيثٌ: "رُوِيَ أَنَّ ناسا بـ"اليمن" حفروا زبية لِلْأَسَدِ، فَوَقَعَ الْأَسَدُ فِيهَا، فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَتَرَدَّى فِيهَا وَاحِدٌ، فَتَعَلَّقَ بِوَاحِدٍ فَجَذَبَهُ، وَجَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا، وَالثَّالِثُ رَابِعًا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: لِلْأَوَّلِ رُبْعُ الدِّيَةِ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ، وَلِلثَّالِثِ النِّصْفُ، وَلِلرَّابِعِ الْجَمِيعُ، فَرُفِعَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْضَى قَضَاءَهُ"، أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إلَّا عَنْ عَلِيٍّ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ إلَّا هَذَا الطَّرِيقَ3، وَحَنَشٌ ضَعِيفٌ4.
1713- حَدِيثُ: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ "هُذَيْلٍ" اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ وَيُرْوَى: بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا، فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وَفِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ5.
1714- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ "هُذَيْلٍ" بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: "وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، فَبَرَّأَ الزَّوْجُ وَالْوَلَدُ، ثُمَّ مَاتَتْ الْقَاتِلَةُ؛ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا، وَالْعَقْلُ عَلَى الْعُصْبَةِ"، الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دُونَ الزِّيَادَةِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عُصْبَتِهَا"6.
__________
= وأخرجه أحمد [1/ 210] ، من حديث عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب أخي عبد الله بنحو حديث هارون.
1 أخرجه الحاكم [3/ 331- 332] ، في كتاب معرفة الصحابة.
2 ينظر: "المستدرك" [3/ 332] .
3 أخرجه أحمد [1/ 77، 128، 152] ، والبزار [2/ 207- 208] ، كتاب الديات، حديث [1532] .
والبيهقي [8/ 111] ، كتاب الديات: باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار.
4 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [2/ 395] : وثقه أبو داود.
وقال أبو حاتم: صالح، لا أراهم يحتجون به.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال البخاري: يتكلمون في حديثه.
وقال ابن حبان: لا يحتج به، يتفرد عن علي بأشياء، لا يشبه حديثه الثقات.
وأورد له البخاري هذا الحديث في "الضعفاء" ... فذكره.
5 تقدم تخريجه في أول كتاب الديات.
6 تقدم تخريجه في أول كتاب الديات.(4/90)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَفِيهِ: "وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَوَلَدٌ"، نَحْوَهُ1، وَفِي إسْنَادِهِ مُجَالَدٌ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، لِأَنَّ مُجَالِدًا ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، مِنْ طَرِيقٍ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ، عَنْ الْمُغِيرَةِ: قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاقِلَتِهَا بِالدِّيَةِ وَغُرَّةٍ فِي الْحَمْلِ2.
قَوْلُهُ: "لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيوَانٌ، وَلَا زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا وَضَعَهُ عُمَرُ حِينَ كَثُرَ النَّاسُ" إلَى آخِرِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ الدِّيوَانَ.
وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ قَالَا: أَوَّلُ مِنْ فَرَضَ الْعَطَاءَ عُمَرُ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضِرَةَ عَنْ جَابِرٍ: أَوَّلُ مَنْ فَرَضَ الْفَرَائِضَ، وَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، وَعَرَّفَ الْعُرَفَاءَ عمر3.
1715- حدي ث: "أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنُهُ، فَقَالَ: "مَنْ هَذَا"؟ قَالَ: ابْنِي، فَقَالَ: "إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْك، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي رَمَثَةَ نَحْوُهُ4.
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 192] ، كتاب الديات: باب دية الجنين، حديث [4575] .
وابن ماجة [2/ 884] ، كتاب الديات: باب عقل المرأة على عصبتها وميراثها لولدها، حديث [2648] ، مختصراً.
كلاهما من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه، ومجالد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي والدارقطني وغيرهم.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 391] ، كتاب الديات: باب في جنين الحرة، حديث [27269] .
3 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 81- 85] .
4 أخرجه أبو داود [4/ 635] ، كتاب الديات: باب لا يؤخذ أحد بجريرة أحد حديث [4495] ، والنسائي [8/ 53] ، كتاب القسامة: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره، والترمذي في "الشمائل المحمدية" رقم [44] ، والشافعي [2/ 98] ، كتاب الديات، حديث [325] ، وأحمد [2/ 226] ، والدارمي [2/ 199] ، كتاب الديات: باب لا يؤخذ أحد بجناية غيره، والحميدي [2/ 383] ، رقم [866] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [770] ، والدولابي في "الكنى والأسماء" [1/ 29] ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" [3/ 281] ، وابن أبي عاصم في "الديات" [229] ، وابن جبان [1522- موارد] ، والبيهقي [8/ 27] ، كتاب الجنايات: باب إيجاب القصاص على القاتل دون غيره، البغوي في "شرح السنة" [5/ 394- تحقيقنا] ، كلهم من طريق إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال: "انطلقت مع أبي نحو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي: "ابنك هذا"؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: "حقا"؟ قال: أشهد به، قال: فتبسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي ومن حلف أبي علي، ثم قال: "أما إنه لا يجني عليك، =(4/91)
وَأَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ؛ أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا يَجْنِي جَانٍ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ، لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ1.
وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيِّ نحو حديث أَبِي رَمَثَةَ2.
وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ3، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ4، وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ5.
__________
= ولا تجني عليه" وقرأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18] .
صححه ابن حبان.
وقال الترمذي: هذا أحسن شيء روي في هذا الباب.
وصحح سنده الألباني في "الإرواء" [7/ 333] .
وفي الباب عن جماعة من الصحابة وهم عمرو بن الأحوص وثعلبة بن زهدم وطارق المحاربي والخشخاش العنبري وأسامة بن شريك.
1 أخرجه الترمذي [4/ 410] ، كتاب الفتن: باب ما جاء دماؤكم وأموالكم عليكم حرام، حديث [2159] ، وابن ماجة [2/ 890] ، كتاب الديات: باب لا يجني أحد على أحد، حديث [2669] ، وأحمد [3/ 499] ، من طريق سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حجة الوداع: "ألا لا يجني جان إلا على نفسه لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده".
وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 890] ، كتاب الديات: باب لا يجني أحد على أحد، حديث [2671] ، وأحمد [4/ 344- 345] ، من طريق حصين بن أبي الحر عن الخشخاش العنبري قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعي ابني فقال: "لا تجني عليه ولا يجني عليك".
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 348] : ليس للخشخاش عند ابن ماجة سوى هذا الحديث وليس له رواية في شيء من الخمسة الأصول ورجال إسناده كلهم ثقات.
3 أخرجه أحمد [3/ 64- 65] ، والنسائي [8/ 54] ، كتاب القسامة: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره، كلاهما من طريق الأشعث بن سليم عن أبيه عن رجل من بني ثعلبة بن يربوع قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتكلم فقال رجل: يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذين أصابوا فلاناً فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا يعني لا تجني نفس على نفس".
وأخرجه النسائي [8/ 53] ، كتاب القسامة: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره، والبيهقي [8/ 345] ، من طريق سفيان عن أشعث عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب في أناس من الأنصار فقالوا: يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلوا فلاناً في الجاهلية فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهتف بصوته "ألا لا تجني نفس على الأخرى".
4 أخرجه النسائي [8/ 55] ، كتاب القسامة: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره، ابن ماجة [2/ 890] ، كتاب الديات: باب لا يجني أحد على أحد، حديث [2670] ، والحاكم [2/ 611- 612] ، من طريق جامع بن شداد عن طارق المحاربي قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه يقول: "ألا لا تجني أم على ولد ألا لا تجني أم على ولد"، لفظ ابن ماجة.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. =(4/92)
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "مَا كَانَتْ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ"، تَقَدَّمَ فِي "اللُّقَطَةِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ"1، هُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا"، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "النِّهَايَةِ": رَوَى الْفُقَهَاءُ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا ولا اعترافا"، قال: وَغَالِبُ ظَنِّي أَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي أَوْرَدَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا".
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ: هَذَا الْحَدِيثُ تَكَلَّمُوا فِي ثُبُوتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَمْ يَثْبُتْ مُتَّصِلًا؛ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى.
وَفِي جَمِيعِ هَذَا نَظَرٌ، فَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ " مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَجْعَلُوا عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ دِيَةِ الْمُعْتَرِفِ شَيْئًا" 2، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ3؛ وَهُوَ كَذَّابٌ، وَفِيهِ الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ4، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ من حديث عمر
__________
= وقال البوصيري في "الزوائد" [2/ 347] : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
5 أخرجه ابن ماجة [2/ 890] ، كتاب الديات: باب لا يجني أحد على أحد، حديث [2672] ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ثنا عمرو بن عاصم ثنا أبو العوام القطان عن محمد بن جحادة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تجني نفس على أخرى".
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 348] : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وأبو العوام اسمه عمران بن داود وإن ضعفه النسائي فقد وثقه الجمهور.
1 العاقلة: مأخوذ من العقل، وهو الدية، وسميت الدية عقلاً؛ لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول، يقال: عقلت المقتول: إذا أديت ديته، ومنه سمي العقل عقلاً؛ لأنه يمنع من الخطأ كما يمنع العقال الدابة من الذهاب.
ينظر: "النظم المستعذب" [2/ 253] .
2 أخرجه البيهقي [3/ 178] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [278] .
وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [5/ 177] ، كلاهما من طريق الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن رجاء بن حيوة عن جنادة بن أمية عن عبادة بن الصامت.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 304] ، رواه الطبراني وفيه الحارث بن نبهان وهو متروك.
3 قال الذهبي في "الميزان" [6/ 166] : قال الدارقطني: متروك.
4 قال أحمد: رجل صالح منكر الحديث.
قال البخاري: منكر الحديث.
قال النسائي: متروك.
قال ابن معين: ليس بشيء. =(4/93)
[مَرْفُوعًا] 1: "الْعَمْدُ وَالْعَبْدُ وَالصُّلْحُ وَالِاعْتِرَافُ لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ" 2، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْمُلْكِ بْنُ حُسَيْنٍ3؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ من قوله، وري أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ" 4.
وَفِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ5.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نَحْوَهُ6.
قوله: "تؤجل الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ"، يَأْتِي.
حَدِيثٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ"، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةَ.
قَوْلُهُ: "قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "الْمُخْتَصَرِ": لَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي وُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَرَدَ وَنُسِبَ إلَى رِوَايَةِ عَلِيٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وأما للتأجيل فَلَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ؛ وَإِنَّمَا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُمْ أَجَّلُوا الدِّيَةَ ثَلَاثَ سِنِينَ"، أَمَّا الْحَدِيثُ فَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْنَا عَامًّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرِّ، خَطَأً، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَعَامًّا فِيهِمْ أَيْضًا أنها [في مضي الثَّلَاثِ] 7 سِنِينَ؛ فِي كُلِّ سَنَةٍ
__________
= وقال مرة: لا يكتب حديثه. ينظر: "ميزان الاعتدال" [2/ 180- بتحقيقنا] .
1 أخرجه الدارقطني [3/ 177] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [276] .
والبيهقي [8/ 104] ، كتاب الديات: باب من قال: "لا تحمل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافاً"، من طريق الدارقطني قال: نا أبو عبيدة نا أسلم بن جنادة نا وكيع عن عبد الملك بن حسين أبي مالك النخعي عن عبد الله بن أبي بن أبي السفر عن عامر عن عمر رضي الله عنه.
وأخرجه الدارقطني [3/ 178] ، برقم [277] ، والبيهقي [8/ 104] ، من كلام الشعبي نفسه.
2 في ط: مرفوعاً والصواب ما أثبتناه.
3 قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 178] : قال في التنقيح عبد الملك ضعفوه وقال الأزدي متروك.
4 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 104] .
5 ينظر "الموطأ" [2/ 865] ، كتاب العقول: باب ما يوجب العقل على الرجل في ماله خاصة.
6 ينظر: البيهقي [8/ 105] .
7 في ط: يمضي لثلاث، وفي الأصل: تمضي الثلاث والصواب ما أثبتناه وهو نص الشافعي رحمه الله.
وينظر: "السنن الكبرى" [8/ 109] ، و"المعرفة" [6/ 246] .(4/94)
ثُلُثُهَا، وَبِأَسْنَانٍ مَعْلُومَةٍ1.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.
وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَدَنِيِّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ حَسَنَ الظَّنِّ بِهِ، يَعْنِي: إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى.
وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ2 بِأَنَّ مَنْ عَرَفَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تُنَجَّمَ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ3.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَيُسْتَفَادُ مِمَّا حَكَيْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ؛ وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ4، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَرَوَاهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ5؛ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: أُخْبِرْت عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَجَعَلَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ، وَمَا دُونَ النِّصْفِ فِي سَنَةٍ6.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ: فَرَوَاهَا الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 109] ، كتاب الديات: باب تنجيم الدية على العاقلة.
2 أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع بن حازم بن إبراهيم بن العباس الأنصاري، البخاري، حامل لواء الشافعية في عصره، أبو العباس بن الزمعة، المصري، ولد سنة 645، وسمع الحديث من ابن الصواف، وابن الدميري، وتفقه على السديد والظهير التزمنتيين وغيرهما، ولي، وناب، وصنف كتابيه "الكفاية" في شرح التنبيه، و"المطلب" في شرح الوسيط، في نحو أربعين مجلداً، وله تصنيف آخر سماه "النفائس في هدم الكنائس" أخذ عنه تقي الدين السبكي وجماعة. قال الأسنوي: كان شافعي زمانه. مات سنة 710. انظر: ط، ابن قاضي شهبة [2/ 211] ، ط، الأسنوي ص [220] ، "الدرر الكامنة" [1/ 284] .
3 أخرجه البيهقي [8/ 110] ، كتاب الديات: باب تنجيم الدية من كلام يحيى بن سعيد.
4 ينظر: "سنن الترمذي" [4/ 11] ، كتاب الديات: باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل، حديث [1386] .
5 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 406] ، كتاب الديات: باب الدية في كم تؤدي، حديث [27438] .
وعبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 420] ، كتاب العقول: باب في كم تؤخذ الدية، حديث [17858] ، والبيهقي [8/ 109- 110] ، كتاب الديات: باب تنجيم الدية على العاقلة.
6 أخرجه عبد الرزاق [9/ 420] ، كتاب العقول: باب في كم تؤخذ الدية، حديث [17857] .(4/95)
عَلِيٍّ1، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا.
حَدِيثُ: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا اعْتِرَافًا"، تَقَدَّمَ. وَرَوَى أبو عبيد فِي "الْغَرِيبِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ؛ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ" 2.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عاقلة الجاني"، تقدم قريب اً.
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ "هُذَيْلٍ" رَمَّتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1716- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى: فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا، وَمَا فِي جَوْفِهَا ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى فِيهِ: فَقَضَى بِدِيَةِ جَنِينِهَا غُرَّةَ؛ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ"، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: "كَيْفَ نَدِي مَنْ لَا أَكَلَ؟ ... " الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، وَمِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَسَمَّى فِي رِوَايَتَهُ الْمَرْأَتَيْنِ3.
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ"، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: "الْغُرَّةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ"، تَقَدَّمَ أَيْضًا.
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "فِي تَخْمِيسِ الدِّيَةِ"، مَوْقُوفًا، سَلَفَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: دِيَةُ الْخَطَأِ مِائَةٌ فِي الْإِبِلِ"، تَقَدَّمَ أَيْضًا.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 110] ، كتاب الديات: باب تنجيم الدية على العاقلة.
2 ينظر: "النهاية في غريب الحديث" [3/ 279] .
3 أخرجه الطبراني [1/ 193- 194] ، حديث [513- 515] .
وليس فيه تسمية المرأتين.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 303] ، وفيه ذكر اسميهما، وقال: رواه الطبراني وفيه محمد بن سليمان بن مسمول وهو ضعيف.
وذكر الأول في رواية الطبراني وقال فيه: رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف.
والحديث أخرجه البزار [2/ 8] ، كتاب الديات: باب دية الجنين، حديث [1523] ، من طريق المنهال بن خليفة عن سلمة بن تمام عن أبي المليح عن أبيه ... فذكره مختصراً بنحو حديث الطبراني الثاني.
قال البيهقي [6/ 303] : رواه الطبراني والبزار باختصار كثير، والمنهال بن خليفة وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات.(4/96)
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ بِمُجَرَّدِ الْقَرَابَةِ، بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهَا الْمَحْرَمِيَّةُ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ عُمَرَ؛ "أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، أَوْ وهو مُحْرِمٌ بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ"، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَرَاوِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ1.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ عُمَرَ مَا دَلَّ عَلَى التَّغْلِيظِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؛ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَتَلَ مُحْرِمًا، أَوْ قَتَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَثُلُثُ الدِّيَةِ2.
قَوْلُهُ: "تَمَسَّكَ الْأَصْحَابُ بِالْآثَارِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ"، يَعْنِي: فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ.
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَتَقَدَّمَ.
وَأَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَجُلًا أُوطَأَ امرأة" بـ"مكة"، فقتلها، فقضى فيها عُثْمَانُ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، دِيَةً وَثُلُثًا"3، لَفْظُ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: يُزَادُ فِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَفِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ فِي الْحُرُمِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ4.
قَوْلُهُ: "يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ سَبَبُ التَّغْلِيظِ، فَإِنَّهُ يُزَادُ لِكُلِّ سَبَبٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ.
قُلْت: هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ السَّالِفَةِ؛ لَكِنْ رَوَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: دِيَتُهُ اثْنَا عَشَرَ ألفا، وللشهر الْحَرَامُ، وَالْبَلَدُ الْحَرَامُ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ.
قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالْعَبَادِلَةِ -ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ-: أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَلَمْ يُخَالِفُوا، فَصَارَ إجْمَاعًا"؛ أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ، عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 71] ، كتاب الديات: باب تغليظ الدية من الخطأ في الشهر الحرام والبلد الحرام وذي الرحم.
وفي "شرح معاني الآثار" [6/ 198] ، كتاب الديات: باب ما جاء في أسنان الإبل المغلظة.
2 ينظر: البيهقي في "شرح معاني الآثار" [6/ 198] .
3 أخرجه البيهقي [8/ 71] ، كتاب الديات: باب تغليظ الدية في الخطأ في الشهر الحرام والبلد.
4 أخرجه البيهقي [8/ 71] ، كتاب الديات: باب تغليظ الدية من الخطأ في الشهر الحرام والبلد الحرام وذي الرحم.(4/97)
إلَى شُرَيْحٍ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ: "أَنَّ الْأَصَابِعَ سَوَاءٌ، الْخِنْصِرُ وَالْإِبْهَامُ، وَأَنَّ جِرَاحَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ فِي السِّنِّ وَالْمُوضِحَةِ، وَمَا خَلَا ذَلِكَ فَعَلَى النِّصْفِ"، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: "كَتَبَ إلَيَّ عُمَرُ"، وَذَكَرَ نَحْوَهُ1.
وَأَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ: فَلَمْ أَجِدْهُ.
وَأَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا وَغَيْرِهِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ: "أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ: جِرَاحَاتُ النِّسَاءِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ"، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَقْلِ الرَّجُلِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا"2.
وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي "الْجَعْدِيَّاتِ" عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ قَالَ: "جِرَاحَاتُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ إلَى الثُّلُثِ، فَمَا زَادَ فَعَلَى النِّصْفِ"3وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إلَّا السِّنَّ وَالْمُوضِحَةَ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَمَا زَادَ فَعَلَى النِّصْفِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَلَى النِّصْفِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَكَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ أَعْجَبَهَا إلَى الشَّعْبِيِّ.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَتَقَدَّمَ -كَمَا تَرَى- مَعَ أَثَرِ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ أَرَهُ؛ وَكَذَا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
حَدِيثُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ: "أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَلَمْ يُخَالِفُوا، فَصَارَ إجْمَاعًا"؛ أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عمر، في الثَّانِيَةِ: "وَالْمَجُوسِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةٍ"4، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا.
وَأَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ: فَرَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي "الْإِيصَالِ" مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 96- 97] ، كتاب الديات: باب ما جاء في جرح المرأة.
2 أخرجه الشافعي في "الأم" [7/ 510] ، كتاب الرد على محمد بن الحسن، باب في عقل المرأة.
قال: أخبرنا أبو حذيفة عن حماد ... بهذا الإسناد. ومن طريقه البيهقي في "شرح معاني الآثار" [6/ 225] ، كتاب الديات: باب دية المرأة، حديث [4920] .
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 397] ، كتاب العقول: باب "متى يعاقل الرجل المرأة" حديث [17760] عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن علي قال: ... فذكره بنحوه.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 412] ، كتاب الديات: باب في جراحات الرجال والنساء، حديث [27498] ، قال: حدثنا ابن علية عن ثابت عن أبي قلابة عن زيد بن ثابت أنه قال: يستوون إلى الثلث.
4 تقدم تخريجه.(4/98)
دِرْهَمٍ"، قَالَ عُقْبَةُ: وَقَتَلَ رَجُلٌ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ كَلْبًا لِصَيْدٍ، لَا يُعْرَفُ مِثْلُهُ فِي الْكِلَابِ فَقُوِّمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَلْزَمَهُ عُثْمَانُ تِلْكَ الْقِيمَةَ، فَصَارَتْ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ دِيَةَ الْكَلْبِ، انْتَهَى، وَالْمَرْفُوعُ مِنْهُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَدِّي وَالْبَيْهَقِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ ابْنِ لَهِيعَةَ1.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ: فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ2، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ -كَاتِبُ اللَّيْثِ- عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا، وَتَفَرَّدَ بِهِ أَبُو صَالِحٍ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ3.
قَوْلُهُ: "يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا إذَا نَفَذَتْ الطَّعْنَةُ مِنْ الْبَطْنِ، حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ الظَّهْرِ، أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِثُلُثِي الدِّيَةِ"، سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى فِي الْجَائِفَةِ بِثُلُثِي الدِّيَةِ"4، ورواه الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ نحوه5؛ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ.
حديث عُمَرُ وَعَلِيٌّ: أَنَّهُمَا قَالَا: "فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمَا6، وَفِي الطَّرِيقِ عَنْ عُمَرَ انْقِطَاعٌ.
__________
1 أخرجه ابن عدي في "الكامل" [4/ 1524] ، والبيهقي [8/ 101] ، كتاب الديات: باب دية أهل الذمة.
2 أخرجه البيهقي [8/ 101] كتاب الديات: باب "دية أهل الذمة".
3 ينظر: الموضع السابق.
4 أخرجه البيهقي [8/ 85] ، كتاب الديات: باب الجائفة من طريق سعيد بن منصور بهذا الإسناد ... فذكره. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 375] ، كتاب الديات: باب الجائفة كم فيها، حديث [27077] ، قال: حدثنا عبد الرحيم عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ... فذكره بنحوه.
5 أخرجه البيهقي [8/ 85] ، كتاب الديات: باب الجائفة من طريق محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب. وأخرجه عبد الرزاق [9/ 369، 370] ، كتاب العقول: باب الجائفة، حديث [17623] ، من طريق الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ... فذكره، [17628] من طريق ابن جريج عن عمرو بن شعيب.
6 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 354] ، كتاب الديات: باب الأذن ما فيها من الدية، حديث [26839] .
وعبد الرزاق [9/ 324] ، كتاب العقول: باب الأذن، حديث [17395] ، والبيهقي [8/ 85] ، كتاب الديات: باب الأذنين، كلهم عن عمر رضي الله عنه: أنه قضى في الأذن بنصف الدية.
وأخرجه ابن شيبة [5/ 354] ، كتاب الديات: باب الأذن ما فيها من الدية، حديث [26835] ، وعبد الرزاق [9/ 323] ، كتاب العقول: باب الأذن، حديث [17389] ، والبيهقي =(4/99)
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَضَى فِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ، وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ"، الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ: "فِي الضِّرْسِ1 جَمَلٌ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "أَمَّا فِي التَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ فَأَنَا أَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْت، وَأَمَّا الضِّرْسُ فَفِيهِ خَمْسٌ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، ثُمَّ أَوَّلَ قَوْلَ عُمَرَ [بأنه قال: يشبه أن يكون ما نقل عن عمر قضاء حكومة لا توقيت عقل ففي كل عظم كسر من إنسان غير السن حكومة وليس في شيء منها أرش مقدر] 2.
حَدِيثُ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "فِي ذهاب العقل الدية"، الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "مَضَتْ السُّنَّةُ فِي النُّطْقِ الدِّيَةُ"، وَفِي نُسْخَةٍ: "فِي إيجَابِ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى لِسَانِهِ فَأَبْطَلَ كَلَامَهُ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِلَفْظِ: "مَضَتْ السَّنَةُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ الْأَسْنَانِ"، إلَى أَنَّ قَالَ: "وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ الدِّيَةُ"3.
[حديث ابن عمر: في اللسان إذا امتنع الكلام وفي سنده ضعيفان العرزمي والحارث من نبهان] 4.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ: "إذَا جَنَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ فِي صُلْبِهِ، فَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ، أَمَّا أَبُو بَكْرٍ، فَلَيْسَ هُوَ الصِّدِّيقَ؛ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا عُمَرُ: فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَوْفٍ: سَمِعْت شَيْخًا فِي زَمَنِ
__________
= [8/ 85] ، كتاب الديات: باب الأذنين، كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: وفي الأذن النصف.
1 أخرجه مالك في "موطأه" [2/ 861] ، كتاب العقول: باب جامع عقل الأسنان، حديث [7] ، ومن طريقه الشافعي [2/ 111] ، في كتاب الديات، حديث [374] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 99] ، وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 365] ، كتاب الديات: باب الترقوة ما فيها، حديث [26955] ، وعبد الرزاق [9/ 361- 362] ، كتاب العقول: باب الترقوة.
كلاهما من طريق زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر أنه قال رضي الله عنه: في الترقوة جمل.
وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 380] ، كتاب الديات: باب الضلع إذا كسر، حديث [27135] ، من طريق زيد بن أسلم ... أنه سمع عمر يقول: "في الضلع جمل".
وعبد الرزاق [17607] من طريق زيد بن أسلم نحوه.
2 سقط في ط.
3 أخرجه البيهقي [8/ 89] ، كتاب الديات: باب دية اللسان.
4 سقط في ط.(4/100)
الْحَجَّاجِ وَهُوَ أَبُو الْمُهَلَّبِ عَمُّ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: رَمَى رَجُلٌ رَجُلًا بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ، فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ وَلِسَانُهُ وَذَكَرُهُ، فَلَمْ يَقْرَبْ النِّسَاءَ، فَقَضَى فِيهِ عُمَرُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَهُوَ حَيٌّ1.
وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ عَنْهُ، قَالَ: فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، إذَا مَنَعَ الْجِمَاعَ"، وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَفِي الصُّلْبِ2 الدِّيَةُ" 3.
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "فِي الْإِفْضَاءِ الدِّيَةُ"، لَمْ أَجِدْهُ عَنْهُ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ؛ وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ4؛ وَكَذَا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زَيْدٍ: "فِي الرَّجُلِ يَعْقِرُ الْمَرْأَةَ"، قَالَ: "إذَا أَمْسَكَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَالثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُمْسِكْ فَالدِّيَةُ".
قُلْت: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ5.
حَدِيثُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ: "أَنَّ جِرَاحَ الْعَبْدِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ".
أَمَّا الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ: فَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: "فِي الْحُرِّ يَقْتُلُ الْعَبْدَ ثَمَنُهُ، بَالِغًا مَا بَلَغَ"6.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ فِي الْعَبْدِ ثَمَنَهُ؛ كَجَعْلِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ"7، فِيهِ انْقِطَاعٌ إلَّا إنْ أَرَادَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ حُصَيْنٍ الْحَارِثِيِّ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "مَا جَنَى الْعَبْدُ فَفِي رَقَبَتِهِ، وَيُخَيَّرُ مَوْلَاهُ: إنْ شَاءَ فَدَاهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ" 8.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 359] ، كتاب الديات: باب إذا ذهب سمعه وبصره، حديث [26892] .
2 الصلب: هو عظم من لدن الكاهل إلى العجب، والصلب من الظهر وكل شيء في الظهر فيه فقار فذلك الصلب.
ينظر: "لسان العرب" "صلب".
3 تقدم في كتاب عمرو بن حزم.
4 أخرجه ابن أبي شيبة [9/ 411- 412] .
5 ينظر: المصدر السابق.
6 أخرجه البيهقي [8/ 37] ، كتاب الجنايات: باب العبد يقتل فيه قيمته بالغة ما بلغت.
وقال: إسناده صحيح.
7 أخرجه عبد الرزاق [10/ 4- 5] ، كتاب العقول: باب جراحات العبد، حديث [18150] .
8 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 384] ، كتاب الديات: باب العبد يجني الجناية، حديث [27179] .(4/101)
قَوْلُهُ: "وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ جِرَاحَ الْعَبْدِ مِنْ ثَمَنِهِ1؛ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ"، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى الزهري عنه، وفي وراية قَالَ الزُّهْرِيُّ: "وَكَانَ رِجَالٌ سِوَاهُ يَقُولُونَ تُقَوَّمُ سِلْعَةً" 2.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى امْرَأَةٍ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ، فَأَجْهَضَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَقَالَ عُمَرُ لِلصَّحَابَةِ: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ؛ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: مَاذَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ غَشَّكَ، وَإِنْ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَخْطَأَ، أَرَى أَنَّ عَلَيْكَ الدِّيَةَ فَقَالَ عُمَرُ: أَقْسَمْت عَلَيْكَ لَتُفَرِّقَنَّهَا فِي قَوْمِكَ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ سَلَّامٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ إلَى امْرَأَةٍ مُغَيَّبَةٍ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهَا: أَجِيبِي عُمَرَ، قَالَتْ: وَيْلَهَا مَا لَهَا وَلِعُمَرَ، فَبَيْنَمَا هِيَ فِي الطَّرِيقِ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَدَخَلَتْ دَارًا فَأَلْقَتْ وَلَدَهَا، فَصَاحَ صَيْحَتَيْنِ وَمَاتَ، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ: أَنْ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ، إنَّمَا أَنْتَ وَالٍ وَمُؤَدِّبٌ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُ يَا عَلِيٌّ؟ فَقَالَ: إنْ كَانُوا قَالُوا بِرَأْيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَئُوا، وَإِنْ كَانُوا قَالُوا فِي هَوَاكَ فَلَمْ يَنْصَحُوا لَكَ، أَرَى أَنَّ دِيَتَهُ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّك أَنْتَ أَفْزَعَتْهَا، فَأَلْقَتْ وَلَدَهَا مِنْ سَبَبِك، فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يُقَيِّمَ عَقْلَهُ عَلَى "قُرَيْشٍ"، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَعُمَرَ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عمر، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ الْحَسَنِ بِهِ3، وَقَالَ: "إنَّهُ طَلَبَهَا فِي أَمْرٍ"، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا عَنْ عُمَرَ مُخْتَصَرًا4.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ بَصِيرًا كَانَ يَقُودُ أَعْمَى، فَوَقَعَ الْبَصِيرُ فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ الْأَعْمَى فَوْقَهُ، فَقَتَلَهُ، فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى فَذَكَرَ أَنَّ الْأَعْمَى كَانَ ينشد في الموسم:
[الرجز]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ رَأَيْت مُنْكَرًا
هَلْ يَعْقِلُ الْأَعْمَى الصحيح المبصرا؟!
ضرا مَعًا كِلَاهُمَا تَكَسَّرَا
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَعْمَى كَانَ يَنْشُدُ
__________
1 أخرجه الشافعي [2/ 112] ، في كتاب الديات، حديث [378] ، قال: أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال ... فذكره.
2 ينظر: المصدر السابق.
3 أخرجه عبد الرزاق [9/ 458- 459] ، كتاب العقول: باب من أفزعه السلطان، حديث [18010] .
4 ينظر: "الأم" للشافعي [6/ 14] ، كتاب جراح العمد: باب جناية السلطان.(4/102)
فِي الْمَوْسِمِ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ1.
1717- قَوْلُهُ: "لَا يَتَحَمَّلُ الدِّيوَانُ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، إلَّا إذَا كَانَ قَرَابَةً"؛ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَاحْتَجَّ هُوَ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ دِيوَانٌ، وَلَا فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا وَضَعَهُ عُمَرُ حِينَ كَثُرَ النَّاسُ وَاحْتَاجَ إلَى ضَبْطِ الْأَسْمَاءِ والأرزاق، فَلَا يَتْرُكُ مَا اسْتَقَرَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَضَاءُ عُمَرَ كَانَ فِي الْأَقَارِبِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ".
أَمَّا قَضَاءُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: "أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، وَعَرَّفَ الْعُرَفَاءَ عُمَرُ2، وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حدثني عمر بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَخْنَسِ بن شَرِيقَ، قَالَ: أَخَذْت مِنْ آلِ عُمَرَ هَذَا الْكِتَابَ، كَانَ مَقْرُونًا بِكِتَابِ الصَّدَقَةِ الَّذِي كُتِبَ لِلْعُمَّالِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَلَحِقَ بِهِمْ، وَجَاهَدَ مَعَهُمْ؛ إنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ، يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ، وَالْأَنْصَارَ عَلَى رِبْعَتِهِمْ، يَتَعَاقَلُونَ"، الْحَدِيثَ3.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عَقُولَهُ"4.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ أَنْ يَعْقِلَ عَنْ وَلِيِّ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَضَى بِالْمِيرَاثِ لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَضْرِبْ الدِّيَةَ عَلَى الزُّبَيْرِ، وَضَرَبَهَا عَلَى عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ابْنَ أَخِيهَا"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ؛ أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ اخْتَصَمَا فِي مَوَالِيَ لِصَفِيَّةَ إلَى عُمَرَ، فَقَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلزُّبَيْرِ، وَالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ5، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
__________
1 أخرجه الدارقطني [3/ 98- 99] ، كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [62] ، والبيهقي [8/ 112] ، كتاب الديات، باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه البيهقي [8/ 106] ، كتاب الديات: باب العاقلة.
4 أخرجه مسلم [5/ 407- 408] ، كتاب العتق: باب تحريم تولي العتق غير مواليه، حديث [150717] ، والنسائي [8/ 52] ، كتاب القسامة: باب صفة شبه العمد وعلى من دية الأجنة، وشبه العمد وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر إبراهيم عن عبيد بن ننضيلة عن المغيرة، حديث [4829] ، والبيهقي [8/ 107] ، كتاب الديات: باب من في الديون ومن ليس فيه من العاقلة سواء.
5 أخرجه البيهقي [8/ 107] ، كتاب الديات: باب من العاقلة التي تغرم من طريق سفيان عن حماد عن إبراهيم أن الزبير وعلياً ... فذكره.(4/103)
قَوْلُهُ: "وَسَهَا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ؛ فَجَعَلَا عَلِيًّا ابْنَ عَمِّهَا"، هُوَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ أَشْهُرُ وَأَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَحْتَجَّ لَهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَالَ فِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ تُضْرَبُ فِي سَنَتَيْنِ، يُؤْخَذُ فِي آخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَالْبَاقِي فِي آخِرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ1، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "الْعَبْدُ لَا يُغَرِّمُ سَيِّدَهُ فَوْقَ نَفْسِهِ شَيْئًا"، الْبَيْهَقِيّ من حديث مجاهد عند هذا، وَزَادَ: "وَإِنْ كَانَ الْمَجْرُوحُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، فَلَا يُزَادُ لَهُ" 2.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَوَّمَ الْغُرَّةَ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ"، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: "أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْغُرَّةِ"، لَمْ أَجِدْهُ عَنْهُمَا، بَلْ رَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَوَّمَ الْغُرَّةَ خَمْسِينَ دينارا3؛ لكن لا منافة بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَعْنَى.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 109- 110] ، كتاب الديات: باب تنجيم الدية على العاقلة.
2 أخرجه البيهقي [8/ 105] ، كتاب الديات: باب من قال: لا تحمل العاقلة، عمداً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافاً.
3 أخرجه البيهقي [8/ 116] ، كتاب الديات: باب ما جاء في تقدير الغرة عن بعض الفقهاء.(4/104)
كِتَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
مدخل
...
59- كتاب كَفَّارَةِ الْقَتْلِ4
1718- حَدِيث وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ: "أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ
__________
4 يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92- 93] ... إلى أن قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 92- 93] .
فبين سبحانه وتعالى أن القتل في ذاته جريمة منكرة ليس من شأن المؤمن أن يقدم عليها، ولا من طبعه الميل إليها، وأنه إن فعل ذلك إنما يفعله عن كره منه، على غير قصد، وأنه في هذه الحالة عليه أن يخرج رقبة من ذل العبودية تتمتع بنسيم الحرية، بدل تلك الرقبة التي فارقت الحياة الدنيا، فإن كان معسراً عاجزاً عن تحرير تلك الرقبة، فعليه أن يصوم شهرين متتابعين تهذيباً لنفسه، وإشعاراً لها بما وقع منها من التقصير؛ ولعل الله يغفر لها ما فرط من ذنب إنه غفور رحيم.
وهذه الآيات بظاهرها تفيد أن الكفارة إنما تجب في قتل الخطأ دون العمد إذ القاتل عمداً جعل الله جزاءه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذاباً عظيماً.
ومن هنا اتفقت كلمة الفقهاء على وجوب الكفارة في قتل الخطأ.
وبعد اتفاق الفقهاء على وجوب الكفارة في قتل الخطأ اختلفوا في وجوبها في غيره، كالعمد، وشبه العمد عند من يقول به.
فالإمام مالك، وأهل الظاهر يرون أن الكفارة لا تجب في العمد، ولا في شبه العمد.
ويرى المالكية: أن على القاتل عمداً إذا عفي عنه أن يكفر بما يكفر به القاتل خطأ على سبيل الندب، لا على سبيل الوجوب، ويجلد مائة، ويغرب سنة. =(4/104)
بِالْقَتْلِ، فَقَالَ: "أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً، يَعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِهِ1، وَلَفْظُهُمْ: "قَدْ اسْتَوْجَبَ" فَقَطْ، وَلَمْ يَقُولُوا: "النَّارَ بِالْقَتْلِ".
1719- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِلْقَتْلِ كَفَّارَةٌ"، أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ؛ لَكِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، فَيَكُونُ حَسَنًا، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ2، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ": "مَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ ... "، الْحَدِيثُ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: "فَهُوَ كَفَّارَتُهُ" 3.
__________
= ويرى الحنفية: أن الكفارة تجب في شبه العمد دون العمد.
ويرى الشافعية: أنها تجب في كل قتل سواء كان خطأ أم عمداً، أم شبه عمد، وهو رواية عن الإمام أحمد.
ينظر: "الشرح الكبير" [254] ، "المحلى" [259] ، "زيعلي" [6] ، "المغني" [670] .
1 أخرجه أحمد [3/ 490، 4/ 107] ، وأبو [4/ 29] ، كتاب العتق: باب في ثواب العتق، حديث [2964] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 172] ، كتاب العتق: باب ذكر اسم هذا الولي، حديث [4892] ، وابن حبان [10/ 145- 146] ، كتاب العتق، حديث [4307] ، والحاكم [2/ 212] ، والطبراني [22/ 91- 93] ، حديث [218- 223] ، والبيهقي [8/ 132- 133، 133] ، كتاب القسامة: باب الكفارة من قتل العمد.
2 أخرجه الطبراني [3/ 68] ، حديث [2690] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 269] ، رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
3 أخرجه أحمد [5/ 313، 314، 320، 321، 322] ، والبخاري [1/ 99] ، كتاب الإيمان: باب [11] ، حديث [18] ، وأطرافه في [3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 8468] ، ومسلم [6/ 238- 239] ، كتاب الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها، حديث [41- 44/ 1709] ، والترمذي [4/ 45] ، كتاب الحدود: باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها، حديث [1439] ، والنسائي [7/ 141- 142] ، كتاب البيعة: باب البيعة على الجهاد، حديث [4161] ، والدارمي [2/ 220] ، كتاب السير، باب في بيعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن الجارود في "المنتقى" [803] ، والحميدي [1/ 191] ، حديث [387] ، والبيهقي [10/ 246] ، كتاب الشهادات: باب من عضه غيره بحد أو نفي نسب ردت شهادته وكذلك من أكثر النميمة أو الغيبة. كلهم من حديث عبادة بن الصامت أنه قال: كنا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلس فقال: "تبايعون على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا، قرأ عليهم الآية، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب عليه فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه، فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
قال الترمذي: حديث عبادة بن الصامت حديث حسن صحيح.
قال الشافعي: ولم أسمع في هذا الباب أن الحدود تكون كفارة لأهلها شيئاً أحسن من هذا الحديث. قال الشافعي: وأحب لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، وكذلك روي عن أبي بكر وعمر أنهما أمرا رجلاً أن يستر على نفسه، ا. هـ. من "الجامع الصحيح" للترمذي.(4/105)
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ صَاحَ بِامْرَأَةٍ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا، فَأَعْتَقَ عُمَرُ غُرَّةَ عَبْدٍ"، الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.(4/106)
كِتَابُ دَعْوَى الدم والقسامة
مدخل
...
60- كتاب دعوى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ1
1720- حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إلَى "خَيْبَرَ"، فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ مُحَيِّصَةُ لِلْيَهُودِ: "أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ"، قَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ ... "، الْحَدِيثُ بِطُولِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ: "انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى "خَيْبَرَ"، وَهِيَ يَوْمئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ... "، الْحَدِيثُ بِطُولِهِ فِي "الْقَسَامَةِ"2، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
__________
1 القسامة في اللغة مأخوذة من القسم، وهو اليمين، والقسامة: الأيمان تقسم على ألياء القتيل إذا ادعوا الدم، يقال: قتل فلان بالقسامة إذا اجتمعت جماعة من أولياء القتيل، فادعوا على رجل أنه قتل صاحبهم، ومعهم دليل دون البينة، فخلفوا خمسين يميناً أن المدعي عليه قتل صاحبهم.
وفي اصطلاح الفقهاء هي الأيمان المكررة في دعوى القتل.
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن القسامة، مشروعة، وقد استدلوا على ذلك بأحاديث منها: ما روي عن سهل بن أبي حثمة قال: انطلق عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مسعود إلى "خيبر" وهي يومئذ صلح، فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل، وهو يتشحط في دمه قتيلاً، فدفنه، ثم قدم "المدينة"، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كبر كبر" وهو أحدث القوم، فسكت فتكلما، فقال: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، فقالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يميناً"، فقالوا له: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار، فعقله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عنده.
وفي رواية متفق عليها قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم، فيدفع برمته" فقالوا: أمر لم نشهده، كيف نحلف؟ قال: "فتبرئكم يهود بأيمان حمسين منهم قالو: يا رسول الله قوم كفار" الحديث.
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم" دليل على مشروعية القسامة، وإلى هذا ذهب جمهور الصحابة والتابعين، والعلماء من "الحجاز" و"الكوفة" و"الشام" كما حكى ذلك القاضي عياض: ولم يختلفوا في الجملة، ولكن اختلفوا في التفاصيل.
2 أخرجه مالك [2/ 877- 878] ، كتاب القسامة: باب تبرئة أهل الدم في القسامة، حديث [1] ، والبخاري [12/ 229] ، كتاب الديات: باب القسامة، حديث [6898] ، ومسلم [3/ 1291] ، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات: باب القسامة، حديث [1/ 1669] ، وأبو داود [4/ 655] ، كتاب الديات: باب القتل بالقسامة، حديث [4520] ، والترمذي [4/ 30- 31] ، كتاب الديات: باب ما جاء في القسامة، حديث [1422] ، والنسائي [8/ 5- 7] ، كتاب القسامة: باب تبرئة أهل الدم في القسامة، وابن ماجة [2/ 892- 893] ، كتاب الديات: باب القسامة، حديث [2677] ، والحميدي [1/ 196- 197] ، رقم [403] وأحمد [4/ 3] ، وابن(4/106)
سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ1.
وَفِي رِوَايَةٍ لـ"مسلم": عَنْ سَهْلٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ، بِهِ2، وَلَهُ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُمَا.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا أَخْرَجَاهُ، مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبِدَايَةِ بِالْأَنْصَارِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ: "أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودٌ بخمسين يَمِينًا يَحْلِفُونَ إنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوهُ؟ "، فَبَدَأَ بِذَكَرِ الْيَهُودِ؛ وَقَالَ: إنَّهُ وَهَمٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ: إنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ، وَقَدْ وَافَقَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى رِوَايَتِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى.
فَائِدَةٌ: اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَجُوَبِ الْقِصَاصِ بِهَا، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ، بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ: "يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرِمَّتِهِ"، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ، وَهُوَ الْجَدِيدُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ لـ"مسلم": "إمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ".
1721- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ3 بِهِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: إسْنَادُهُ لَيِّنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ
__________
= الجارود في "المنتقى" رقم [798، 799، 800] ، وابن حبان [5977- الإحسان] ، والدارقطني [3/ 109] ، كتاب الحدود والديات، حديث [95] ، والبيهقي [8/ 126- 127] ، كتاب القسامة: باب ما جاء في القتل بالقسامة، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 414- بتحقيقنا] ، كلهم من حديث سهل بن أبي حثمة قال: انظلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كبر كبر" وهو أحدث القوم فسكت فتكلمنا قال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم فقالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يميناً" فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عنده.
1 أخرجه البخاري [12/ 169- 170] ، كتاب الأدب: باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال، حديث [6142، 6143] ، ومسلم [6/ 158- 159] ، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات: باب القسامة، حديث [201/ 1669] .
كلاهما من طريق بشير بن يسار عنهما.
2 أخرجه مسلم [6/ 160] ، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات: باب القسامة، حديث [6/ 1669] .
3 أخرجه الدارقطني [4/ 218] ، كتاب في الأقضية والأحكام: باب في المرأة تقتل إذا ارتدت، حديث [52] ، والبيهقي [8/ 123] ، كتاب القسامة: باب أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيمان المدعي. وعبد البر في "التمهيد" [23/ 204- 205] ، من طريق مسلم ولم يذكر ابن جريج.(4/107)
الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرٍو مُرْسَلًا، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ أَحْفَظُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ وَأَوْثَقُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَهَذِهِ عِلَّةٌ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: "لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَدَاوَةٌ، فَلَا يُجْعَلُ قُرْبُهُ مِنْ إحْدَاهُمَا لَوْثًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جرت بأن يبعد القتيل القاتل عَنْ بِقَاعِهِ؛ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ، وَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ وَفِي الْأَثَرِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَثْبُتْ إسْنَادُهُ، انْتَهَى" وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَبِي إسْرَائِيلَ عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتِيلًا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُرِعَ مَا بَيْنَهُمَا، رواه أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ: "أَنْ يُقَاسَ إلَى أَيَّتِهِمَا أَقْرَبُ، فَوُجِدَ أَقْرَبَ إلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ بِشِبْرٍ، فَأَلْقَى دِيَتَهُ عَلَيْهِمْ" 2.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو إسْرَائِيلَ عَنْ عَطِيَّةَ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ: فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، "أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ خَيْوَانَ3 وَوَادِعَةَ4، أَنْ يُقَاسَ ما بين الفريقين ... "، الْحَدِيثَ5 قَالَ
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 218] ، كتاب في الأقضية: باب في المرأة تقتل إذا ارتدت، حديث [51] ، وابن عدي في "الكامل" [6/ 310] ، قال ابن عدي: رواه مسلم بن خالد الزبغي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة. ورواه مرة أخرى عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وهذان الإسنادان يعرفان بالزنجي وفي المتن زيادة قوله: "إلا القسامة" والزنجي ضعيف.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [4/ 218] ، الحديث أخرجه أيضاً البيهقي عن مسلم بن خالد الزنجي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله.
قال في "التنقيح": ومسلم بن خالد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقد اختلف عليه فقيل عنه هكذا وقال بشير بن الحكم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به، "انتهى من التعليق".
2 أخرجه أحمد [3/ 39، 89] ، والبزار [2/ 209] ، كتاب الديات: باب إذا وجد قتيل بين قريتين، حديث [1534] ، والبيهقي [8/ 126] ، كتاب القسامة: باب ما ورد في القتيل يوجد بين قريتين ولا يصح وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" إلى أبي داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه.
أخرجه العقيلي [1/ 76] ، قال البزار: لا نعلمه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد، وأبو إسرائيل ليس بالقوي.
3 خيوان بالفتح، ثم السكون، آخره نون: مخلاف باليمن، ومدينة بها. قيل: كان يعوق بقرية يقال لها: خيوان، من صنعاء على ليلتين مما يلي مكة.
ينظر: "مراصد الاطلاع" [1/ 498] .
4 وداعة: مخلاف باليمن عن يمين صنعاء.(4/108)
الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِثَابِتٍ، إنَّمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ، عَنْ عُمَرَ؛ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ الْحَارِثِ؛ فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ: سَمِعْت أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ حَدِيثَ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ، يَعْنِي: هَذَا، قَالَ: فَقُلْت، يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ بِهِ، فَعَادَتْ رِوَايَةُ أَبِي إِسْحَاقَ إلَى حَدِيثِ مُجَالِدٍ، وَمُجَالِدٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ.
__________
ينظر: "مرصد الاطلاع" [3/ 1429] .
5 أخرجه البيهقي [8/ 124] ، وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 264] ، كتاب الديات: باب القسامة.
وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 445] ، كتاب الديات: باب القتيل يوجد بين الحيين، حديث [27851] ، عن الشعبي قال: وجد قتيل بين حيين من همذان بين وداعة وخيوان، فبعث عمر معهم المغيرة بن شعبة، فقال: انظلق معهم فقس ما بين القريتين فأيهما كانت أقرب فألحق بهم القتيل.(4/109)
1- بَابُ السِّحْرِ1
1722- حديث: "أنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ"،
__________
4 وداعة: مخلاف باليمن عن يمين صنعاء.
ينظر: "مرصد الاطلاع" [3/ 1429] .
5 أخرجه البيهقي [8/ 124] ، وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 264] ، كتاب الديات: باب القسامة.
وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 445] ، كتاب الديات: باب القتيل يوجد بين الحيين، حديث [27851] ، عن الشعبي قال: وجد قتيل بين حيين من همذان بين وداعة وخيوان، فبعث عمر معهم المغيرة بن شعبة، فقال: انظلق معهم فقس ما بين القريتين فأيهما كانت أقرب فألحق بهم القتيل.
1 السحر أصله التمويه والتخاييل، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني، فيخيل للمسحور أنها يخلاف ما هي به؛ كالذي يرى السراب من بعيد فيخيل إليه أنه ماء، وكراكب السفينة السائرة سيراً حثيثاً يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه. وقيل: هو مشتق من سحرت الصبي، إذا خدعته، وكذلك إذا عللته، والتسحير مثله؛ قال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافير من هذا الأنام المسحر
آخر:
أرنا موضعين لأمر غيب ... ونسحر بالطعام وبالشراب
عصافير وذبان ودود ... وأجراً من مجلحة الذئاب
وقوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153] يقال: المسحر الذي خلق ذا سحر؛ ويقال من المعللين؛ أي ممن يأكل الطعام ويشرب الشراب. وقيل: أصله الخفاء، فإن الساحر يفعله في خفية. وقيل: أصله الصرف؛ ويقال: ما سحرك عن كذا، أي ما صرفك عنه؛ فالسحر مصروف عن جهته. وقيل: أصله الاستمالة؛ وكل من استمالك فقد سحرك. وقيل: في قوله تعالى: {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر: 15] أي سحرنا فأزلنا بالتخييل عن معرفتنا. وقال الجوهري: السحر الأخذة؛ وكل من لطف مأخذه ودق فهو سحر؛ وقد سحره يسحره سحراً. والساحر: العالم، وسحره أيضاً بمعنى خدعه؛ وقد ذكرناه. وقال ابن مسعود: كنا نسمي السحر في الجاهلية العضه. والعضه عند العرب: شدة البهت وتمويه الكذب؛ قال الشاعر: =(4/109)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1.
1723- قَوْلُهُ: "وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ"، انْتَهَى، وَهَذَا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا2، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا تَعْلِيقًا3، وَطَرِيقُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ؛ أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ رِوَايَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ "وَنَزَلَتْ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [سورة الْفَلَقِ: 1] ".
تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ: أَنَّ عُقَدَ السِّحْرِ كَانَتْ إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ إحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، فَانْحَلَّتْ بِكُلِّ آيَةٍ عُقْدَةٌ.
قُلْت: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِلِ مَعْنَى ذَلِكَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرَ فيها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سحر وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ: "أَنَّهُمْ وَجَدُوا وِتْرًا فِيهِ إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، وَأُنْزِلَتْ سُورَةُ الْفَلَقِ وَالنَّاسِ فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ" 4.
وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا وَعَمَّارًا فَوَجَدَا
__________
أعوذ بربي من النافثا ... ت في عضه العاضه المعضه
واختلف هل له حقيقة أم لا؛ فذكره الغزنوي الحنفي في عيون المعاني له: أن السحر عند المعتزلة خداع لا أصل له، وعند الشافعي وسوسة وأمراض، قال: وعندما اصله طلسم بينى على تأثير خصائص الكواكب؛ كتأثير الشمس في زئبق عصي فرعون، أو تعظيم الشياطين ليسهلوا له ما عسر. قلت: وعندما أنه حق وله حقيقة يخلق الله عنده ما شاء على ما يأتي ثم من السحر ما يكون بخفة اليد كالشعوذة. والشعوذي: البريد لخفة سيره. قال ابن فارس في المجمل: الشعوذة ليست من كلام أهل البادية، وهي خفة في اليدين وأخذة كالسحر؛ ومنه ما يكون كلاماً يحفظ ورقى من أسماء الله تعالى. وقد يكون من عهود الشياطين، ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك.
ينظر: القرطبي [2/ 31، 32] .
قال البيهقي: ومجالد غير محتج به.
1 أخرجه أحمد [6/ 50، 57، 63، 96] ، والبخاري [6/ 414] ، كتاب الجزية والموادعة: باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر، حديث [3175] ، وأطرافه في [2268، 5763، 5765، 5766، 6063، 6391] ، ومسلم [7/ 429- 430- النووي] ، كتاب السلام: باب السحر، حديث [43، 44/ 2189] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 380] ، كتاب الطب: باب السحر، حديث [3545] ، والحميدي [1/ 125- 127] ، حديث [259] ، وابن حبان [14/ 545- 548] ، كتاب التاريخ: باب كتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث [6583، 6584] ، كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها وفيه قصة.
2 ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [6/ 717] ، وعزاه إلى ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
3 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" [7/ 92- 94] .
وعزاه السيوطي في "الدر" [6/ 717] ، لابن مردويه كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها.
4 ينظر المصدر السابق.(4/110)
طَلْعَةً فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً"، فَذَكَرَ نَحْوَهُ1.
1724- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ كُهِّنَ لَهُ"، الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ2، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ3، وَفِي الْأَوَّلِ: إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ ضَعَّفَهُ الْفَلَّاسُ، وَالرَّاوِي عَنْهُ أَيْضًا لَيِّنٌ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: مُخْتَارُ بْنُ غَسَّانَ؛ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَعِيسَى بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ لَيِّنٌ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: زَمَعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ وُكِّلَ إلَيْهِ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي "تَرْجَمَةِ عَبَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ"، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ4.
حَدِيثُ: "أَنَّ مُدَبَّرَةً لِعَائِشَةَ سَحَرَتْهَا اسْتِعْجَالًا لِعِتْقِهَا، فَبَاعَتْهَا عَائِشَةُ مِمَّنْ يُسِيءُ مِلْكَهَا مِنْ الْأَعْرَابِ"، مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْهَا، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ5
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "الطبقات" [2/ 153] .
2 أخرجه الطبري [18/ 162] ، حديث [355] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 106- 107] : رواه الطبراني وفيه إسحاق بن الربيع العطار وثقه أبو حاتم وضعفه عمرو بن علي وبقية رجاله ثقات.
وقال في موضع آخر [5/ 120] : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة. وهو عند البزار برقم [3044] .
3 أخرجه البزار برقم [3043] ، والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" [5/ 120] : رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه زمعة بن صالح وهو ضعيف.
4 أخرجه النسائي [7/ 112] ، كتاب تحريم الدم: باب الحكم في السحرة، حديث [4079] ، وابن عدي في "الكامل" [4/ 1648] ، قال ابن عدي: رواه عباد بن ميسرة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه وعباد ليس بالقوي. والحديث أورده الذهبي في "الميزان" [4/ 43- 44] ، وقال: هذا الحديث لا يصح للين عباد وانقطاعه.
وقال ابن عباد: ضعفه أحمد وابن معين.
وقال يحيى مرة: ليس به بأس.
وقال أبو داود: ليس بالقوي وكان من العباد، روى عنه أبو داود.
5 أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 67] ، كتاب العتق: باب في التدبير، حديث [221] ، من طريق مالك عن أبي الرجال عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه أن عائشة رضي الله عنها ... فذكره الحديث.
ومن طريقه أخرجه البيهقي [8/ 313] ، كتاب المدبر: باب المدبر يجوز بيعه متى شاء مالكه. =(4/111)
كِتَابُ الإمامة وقتال البغاة
مدخل
...
61- كتاب الْإِمَامَةِ1 وَقِتَالِ الْبُغَاةِ2
وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ، فَلَمَّا انْتَهَتْ أَتْبَعْنَاهَا الْمَوْقُوفَاتِ.
1725- حَدِيثُ: "أَنَّ الْأَنْصَارَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ... } [الحجرات: 9] الْآيَةَ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْلَعُوا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَلَفْظُهُ: "قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَتَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارَهُ، وَرَكِبَ مَعَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: تَنَحَّ؛ فَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاَللَّهِ، لَحِمَارُ رَسُولُ اللَّهِ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْك، فَغَضِبَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَوْمٌ، فَتَضَارَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ؛ فَبَلَغْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} 3.
1726- حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي
__________
= أخرجه الحاكم [4/ 219- 220] ، من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة أن عائشة رضي الله عنها ... فذكره.
1 قال السعد في "متن المقاصد":
الفصل الرابع: في الإمامة وهي رياسة عامة في أمر الدين والدنيا خلافة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال البيضاوي في "طوالع الأنوار":
الإمامة عبارة عن خلافة شخص من الأشخاص للرسول عليه السلام في إقامة القوانين الشرعية، وحفظ حوزة الملة، على وجه يجب اتباعه على كافة الأمة.
وقال أبو الحسن الماوردي في "الأحكام السلطانية":
الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين، وسيامة الدنيا.
وقد زاد الإمام الرازي قيد آخر في التعريف فقال: هي رياسة عامة في الدين والدنيا، لشخص واحد من الأشخاص.
وقال هو احتراز عن كل الأمة، إذا عزلوا الإمام لفسقه.
2 البغي: التعدي، وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد الشيء فهو يغي، والبغي أيضاً: الفجور، والباغية: التي تعدل عن الحق، وما عليه أئمة المسلمين، يقال: بغى الجرح: إذا ترامى إلى الفساد.
ينظر: "النظم" [2/ 255] .
3 أخرجه أحمد [3/ 157] ، والبخاري [5/ 636] ، كتاب الصلاح: باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، حديث [2691] ، ومسلم [6/ 399- النووي] ، كتاب الجهاد والسير: باب في دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصبره، حديث [177/ 1799] ، وابن جرير [11/ 387] ، حديث [31699] ، والبيهقي [8/ 172] ، كتاب قتل أهل البغي: باب ما جاء في قتال أهل البغي والخوارج.
كلهم من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه به.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [6/ 94- 95] ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه.(4/112)
[الْمَنْشَطِ والكره] 1 نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ2.
1727- حديث: "من فارق الجامعة قَدْرَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِلَفْظِ: "شِبْرًا" 3، وَلَمْ يَقُلْ أَبُو دَاوُد: "قَدْرَ شِبْرٍ"، وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَتِهِ قِيدَ شِبْرٍ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "مَنْ خَرَجَ عَنْ الْجَمَاعَةِ قَيْدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ، حَتَّى يُرَاجِعَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إمَامُ جَمَاعَةٍ، فَإِنَّ مَوْتَتَهُ مَوْتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ" 4، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ5، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ
__________
1 في ط: البسط والكره والصواب ما أثبتناه.
2 أخرجه البخاري [1/ 81] ، في الإيمان [18] ، و [7/ 260] ، في المناقب: باب وفود الأنصار إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة [3892] ، [12/ 85- 86] ، في الحدود: باب الحدود كفارة [9784] ، وباب توبة السارق [6801] ، و [13/ 216] ، في الإحكام، باب بيعة النساء [7213] ، في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة [7468] ، ومسلم [3/ 1333] ، في الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها [41- 42/ 1709] ، والترمذي [4/ 36] ، في الحدود: باب ما جاء الحدود كفارة لأهلها [1439] ، والنسائي [7/ 141- 143] ، في البيعة: باب البيعة على الجهاد، و [7/ 148] ، باب البيعة على فراق المشرك، وباب ثواب من وفى بما بايع عليه، والدارمي [2/ 220] ، في السير: باب بيعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأحمد [5/ 314] ، والبيهقي [8/ 18- 328] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 91 [29] عن الزهري عن أبي إدريس عائد الله بن عبد الله أن عبادة بن الصامت، وكان شهد بدراً، وهو أحد النقباء ليلة العقبة. قال أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه"، فبايعناه على ذلك.
وأخرجه مسلم [43/ 179] ، عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت بنحوه.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3 أخرجة أحمد [5/ 180] ، وأبو داود [4/ 241] ، كتاب السنة: باب في قتل الخوارج، حديث [4758] ، والحاكم [1/ 117] ، والبيهقي [8/ 157] ، والبيهقي [8/ 157] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة.
كلهم من طريق خالد بن وهبان عن أبي ذر رضي الله عنه به.
قال الحاكم: خالد بن وهبان لم يجرح في روايته وهو تابعي معروف إلا أن الشيخين لم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه الحاكم [1/ 117] ، وصححه على شرطهما وسكت عنه الذهبي.
5 أخرجه أحمد [4/ 130، 202] ، والترمذي [5/ 148- 149] ، كتاب الأمثال: باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة، حديث [2863، 2864] ، وابن خزيمة [3/ 195- 196] ، حديث [1895] ، والحاكم [1/ 117- 118] ، وابن حبان [14/ 124- 126] ، كتاب التاريخ: =(4/113)
حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا1، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2.
1728- حَدِيثُ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ3 وَابْنِ عُمَرَ4، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ5
__________
= باب بدء الخلق، حديث [6233] ، وأبو يعلى [3/ 140- 142] ، والطبراني [3/ 323- 328] ، حديث [3427- 3431] ، "مجمع الزوائد" والمزي في "تهذيب الكمال" [5/ 217- 219] ، كلهم من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، قال محمد بن إسماعيل: الحارث الأشعري له صحبة وله غير هذا الحديث.
1 أخرجه الحاكم [1/ 118] .
2 أخرجه الطبراني [10/ 350] ، حديث [10687] ، والبزار [2/ 252] ، كتاب الإمارة: باب فيمن فارق الجماعة، حديث [1635] ، والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 324- 325] ، حديث [2542] ، كلاهما من طريق محمد بن عثمان أبو الجماهير ثنا خليد بن دعلج عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال البزار: لا نعلمه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، تفرد به وخليد مشهور، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو الجماهير والنفيلي وغيرهم.
قال الطبراني: لا يرى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
قال الهيثمي في "المجمع" [5/ 227] : رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه خليد بن دعلج وهو ضعيف.
3 أخرجه البخاري [14/ 517] ، كتاب الفتن: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، حديث [7071] ، ومسلم [1/ 384- نووي] ، كتاب الإيمان: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، حديث [163/ 100] ، والترمذي [4/ 59- 60] ، كتاب الحدود: باب ما جاء فيمن شهر السلاح، حديث [1459] ، وابن ماجة [2/ 860] ، كتاب الحدود: باب من شهر السلاح، حديث [2577] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [1281، والبيهقي [8/ 20] ، كلهم من طريق أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث أبي موسى حديث حسن صحيح.
4 أخرجه أحمد [2/ 3، 16، 53، 142، 150] ، والبخاري [14/ 517] ، كتاب الفتن: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، حديث [7070] . وطرفه في [6874] ، ومسلم [1/ 384- نووي] ، كتاب الإيمان: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، حديث [161/ 98] ، والنسائي [7/ 117- 118] ، كتاب تحريم الدم: باب من شهر سيفه تم وضعه في الناس، حديث [4100] ، وابن ماجة [2/ 860] ، كتاب الحدود: باب من شهر السلاح، حديث [2576] ، وابن حبان [10/ 450] ، كتاب السير: باب طاعة الأئمة، حديث [4590] ، وعبد الرزاق [18680، 18681] ، والبيهقي [8/ 20] ، كتاب الجنايات: باب تحريم القتل من السنة، والخطيب في "تاريخ بغداد" [7/ 236] ، كلهم من طرق عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله به فذكره.
5 أخرجه أحمد [2/ 329، 417] ، ومسلم [1/ 385- نووي] ، كتاب الإيمان: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من غشنا فليس منا"، حديث [164/ 101] ، وابن ماجة [2/ 860] ، كتاب الحدود: باب من شهر السلاح، حديث [2575] ، والبخاري في "الأدب المفرد: [1280] . =(4/114)
وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ1
1729- حَدِيثُ: "مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ2، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فكرهه فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ، إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" 3، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَفِيهِ قِصَّةٌ4.
__________
= كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
1 أخرجه أحمد [4/ 46، 54] ، ومسلم [1/ 384- نووي] ، كتاب الإيمان، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، حديث [162/ 99] ، وابن حبان [10/ 448] ، كتاب السير: باب طاعة الأئمة، حديث [4588] ، والطبراني [7/ 18، 21- 22] ، [6242، 6249، 6251] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 439- بتحقيقنا] ، كتاب قتال أهل البغي: باب من قصد مال رجل أو حريمه فدفعه.
كلهم من طرق عن إياس بن سلمة عن سلمة بن الأكوع به.
2 أخرجه مسلم [3/ 1476- 1477] ، كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث [53/ 1848] ، والنسائي [7/ 123] ، كتاب تحريم الدم: باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية، وأحمد [2/ 306، 488] ، وابن أبي عاصم [1/ 43] ، رقم [90] ، والبيهقي [8/ 156] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الترغيب في لزوم الجماعة، كلهم من طريق أبي قيس بن رياح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبه أو يدعو إلى عصية فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه"، وابن حبان [10/ 441] ، كتاب السير: باب طاعة الأئمة، حديث [4580] .
3 أخرجه أحمد [1/ 275، 297، 310] ، والبخاري [14/ 494] ، كتاب الفتن: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أموراً تنكرونها"، حديث [7054] ، وطرفة في [7143] ، ومسلم [6/ 480- النووي] ، كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، حديث [55، 56/ 1849] ، والطبراني [12/ 160- 161] ، حديث [12759] ، والبيهقي [8/ 157] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الصبر على أذى يصيبه من جهة إمامه وإنكار المنكر من أموره بقلبه وترك الخروج عليه، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 302- بتحقيقنا] ، كتاب الإمارة والقضاء: باب الصبر على ما يكره من الأمير ولزوم الجماعة، حديث [2452] .
كلهم من طريق الجعد أبي عثمان عن أبي رجاء عن ابن عباس رضي الله عنه.
4 أخرجه مسلم [6/ 481- النووي] ، كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، حديث [58/ 1851] ، والبخاري في "تاريخه" مختصراً [5/ 205] ، [647] ، والبيهقي [8/ 156] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة.
كلهم من حديث ابن عمر رضي الله عنه لفظ نافع عند مسلم قال: جاء عبد الله بن عمر رضي الله عنه إلى عبد الله بن مطيع، حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت =(4/115)
1730- حَدِيثُ: "الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ"، النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ، وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَنَسٍ1.
قُلْت: وَقَدْ جَمَعْت طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ عَنْ نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ2، وَاخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي
__________
= رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله. سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من خلع يده من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".
1 أخرجه أبو داود الطيالسي [2/ 163- منحة] ، رقم [2596] والبزار [3/ 228، كشف] ، رقم [1578] ، وأبو يعلى [6/ 321] ، رقم [3644] ، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 171] ، والبيهقي [8/ 144] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الأئمة من قريش، كلهم من طريق إبراهيم بن سعيد عن أبيه عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأئمة من قريش إذا حكموا فعدلوا وإذا عاهدوا فوفوا وإذا استرحموا فرحموا".
وقال أبو نعيم: هذا حديث مشهور ثابت من حديث أنس.
وقال الحافظ في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 474] : هذا حديث حسن ا. هـ.
وللحديث طرق أخرى عن أنس، فأخرجه أحمد [3/ 129] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 467- 468] ، كتاب القضاء: باب الأئمة من قريش حديث [5942] ، من طريق شعبة عن علي أبي الأسد ثنا بكير بن وهب الجزري عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: الأئمة من قريش ... فسمعت أبي يقول: إنما هو الأعمش عن سهل أبي الأسد عن بكير الجزري عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" [1/ 252] ، رقم [725] ، من طريق ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك به.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" [5/ 8] ، من طريق حماد بن أحمد بن حماد بن أبي رجاء المروزي قال: وجدت في كتاب جدي حماد بن أبي رجاء السلمي بخطه عن أبي حمزة السكري عن محمد بن سوقة عن أنس به.
قال أبو نعيم: غريب من حديث محمد تفرد به حماد موجوداً في كتاب جده.
وأخرجه الحاكم [4/ 501] ، من طريق الصعق بن حزن ثنا علي بن الحكم عن أنس مرفوعاً بلفظ: الأمراء من قريش.
وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه البزار [1579] من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس بلفظ: الملك في قريش.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 195] ، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الأوسط" أتم منهما والبزار إلا أنه قال: الملك في قريش ورجال أحمد ثقات.
2 أخرجه الطبراني في الصغير [1/ 152] ، وأبو نعيم في "الحلية" [7/ 242] ، والحاكم [4/ 75- 76] ، من طريق فيض بن الفضل ثنا مسعر بن كدام عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأئمة من قريش ... ".
قال الطبراني: لم يروه عن مسعود إلا فيض.
وسكت عنه الحاكم والذهبي لكن قال المناوي في "فيض القدير" [3/ 190] قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: حديث منكر وتحسين ابن حجر للحديث وقع في كتابه "تخريج المختصر" [1/ 472] ، وزاد نسبته إلى البزار والهيثم بن كليب في مسنده.(4/116)
الْعِلَلِ الْمَوْقُوفَ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي عصام عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيّ1، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ" 2، وعن جابر لـ"مِثْلُهُ"3 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ" 4، وَعَنْ
__________
1 أخرجه أبو داود الطيالسي [2/ 163ب- منحة] ، رقم [2597] وأحمد [4/ 421، 424] ، وابن أبي عاصم في "السنة" [2/ 533] ، رقم [1125] من طريق سكين بن عبد العزيز عن أبي المنهال عن أبي برزة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال ابن كثير في "تحفة الطالب" ص [249] : سكين بن عبد العزيز هذا وثقه وكيع وابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، ولكن الحديث يقوى لأن له سندين جيدين، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 196] : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح خلا سكين بن عبد العزيز وهو ثقة.
وحسنه الحافظ أيضاً في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 473] .
2 أخرجه أحمد [2/ 242- 243، 261، 319، 395، 433] ، والبخاري [7/ 210] ، كتاب المناقب: باب قوله الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ، حديث [3495] ، ومسلم [6/ 439- نووي] ، كتاب الإمارة: باب "الناس تبع لقريش والخلافة في قريش"، حديث [1، 2/ 1818] ، وعبد الرزاق [11/ 55] ، كتاب الجامع: باب فضائل قريش، حديث [19895] ، والحميدي [2/ 451] ، حديث [1044] ، والبيهقي [3/ 120- 121] ، كتاب الصلاة: باب من قال: يؤمهم ذو نسب إذا استووا في القراءة والفقه، والبغوي في "شرح السنة" [7/ 165- بتحقيقنا] ، كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب قريش، حديث [3739] ، وابن حبان [14/ 159] ، كتاب التاريخ: باب بدء الخلق، حديث [6264] ، كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
3 أخرجه أحمد [3/ 331، 379، 383] ، ومسلم [6/ 439] ، كتاب الإمارة: باب الناس تبع لقريش والإمامة من قريش، حديث [3/ 1819] ، وابن حبان [14/ 158] ، كتاب التاريخ: باب بدء الخلق، حديث [6263] ، والبهيقي [8/ 141] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الأئمة من قريش، والبغوي في "شرح السنة" [7/ 165- بتحقيقنا] ، كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب قريش، حديث [3740] .
4 أخرجه أحمد [2/ 29، 93، 128] ، والبخاري [15/ 7] ، كتاب الأحكام: باب الأمراء من قريش، حديث [7140] ، ومسلم [6/ 439- نووي] ، كتاب الإمارة: باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، حديث [4/ 1820] ، وابن حبان [14/ 162] ، كتاب التاريخ: باب بدء الخلق، حديث [6266] ، [15/ 33] ، كتاب التاريخ: باب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، حديث [6655] ، وأبو يعلى [9/ 438] ، حديث [5589] ، والبيهقي [8/ 141] ، كتاب قتل اهل البغي: باب الأئمة من قريش، والبغوي في "شرح السنة" [7/ 165- 166] ، كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب قريش، حديث [3741] ، والبيهقي في "دلائل النبوة" [5/ 520] ، كلهم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.(4/117)
مُعَاوِيَةَ بِلَفْظِ: "إنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ: "قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ2.
قَوْلُهُ: "وَقَدْ احْتَجَّ بِهَذَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ3، فَتَرَكُوا مَا تَوَهَّمُوهُ"،
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 6- 7] ، كتاب الأحكام: باب الأمراء من قريش، حديث [7139] ، والدارمي [2/ 242] ، كتاب السير: باب الإمارة من قريش، والطبراني [19/ 337- 338] ، حديث [779- 781] ، والبيهقي [8/ 141- 142] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الأئمة من قريش، والبيهقي في "دلائل النبوة" [6/ 521] ، كلهم من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد [4/ 101] ، من حديث بلفظ: "الناس تبع لقريش".
2 أخرجه أحمد [4/ 203] ، والترمذي [4/ 503] ، كتاب الفتن: باب ما جاء أن الخلفاء من قريش إلى أن تقوم الساعة، حديث [2227] ، كلاهما من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
3 أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فكانت وظيفته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبليغ الشريعة وتقريرها بين الناس على وجه يجمع شملهم ويلم شعثهم ويحوط أمرهم ويتكفل بسعادتهم الدينية والدنيوية.
ولما اختاره الله لجواره وانتقل إلى الرفيق الأعلى احتاج المسلمون إلى من يخلفه في قومه ليحمي شريعته ويحكم بين الناس بما أنزل الله وسنة الرسول لأن هذا الدين لا بد له ممن يقوم به فاجتمع المسلمون لذلك قبل دفن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سقيفة بني ساعدة وهي: ظلة كانت بالقرب من دار سعد بن عبادة وتشاوروا في أمر الخلافة وفيمن يقوم بها.
اجتمع الأنصار وهو بنو الأوس وبنو الخزرج في هذه السقيفة وتداولوا في أمر الخلافة وكانوا يرمون إلى توليه سعد بن عبادة إذ كانت له الرياسة فيهم، فخطب سعد إذ ذاك وبين أن لهم أكبر الفضل في حماية الدعوة إلى دين الله وأعظم الأجر في الجاهدة بالأموال والأنفس لنشرها وكان مما قاله بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان فما آمن به من قومه إلا قليل والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يعرفوا دينه ولا يدافعوا عن أنفسهم حتى أراد الله لكم الفضيلة وساق لكم الكرامة وخصكم بالنعمة ورزقكم بالإيمان به ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمنع له ولأصحابه والإعزاز لدينه إلى أن قال: حتى أثحن الله لنبيه بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب توفاه الله وهو راض عنكم قرير العين فشدوا أيديكم بهذا الأمير فإنكم أحق الناس وأولاهم به".
فاجابوه جميعاً أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول وكفى بعد ذلك ما رأيت بتوليتك هذا الأمر فأنت مقنع ولصالح المسلمين رضى.
ثم تشاوروا في الأمر فقال قائل منهم إن احتج علينا المهاجرون فقالوا: نحن أهل عشيرته ولهم الحق في وراثته فبماذا نجيبهم فأجابه رجل منهم قائلاً نجيبهم بقولنا: منا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا. =(4/118)
الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ
__________
= فلما سمع سعد بن عبادة هذا الرأي قال: هذا أول الوهن بلغ هذا الاجتماع كبار المهاجرين: أبا بكر وعمر وغيرهما فمضوا إلى السقيفة مسرعين حتى وصلوا إليها وكان عمر يريد أن يتكلم بكلام هيأه في نفسه ليقوله في هذا الموقف.
فقال أبو بكر على رسلك وكان أبو بكر رجلاً وقوراً فيه حلم وتؤدة ثم تكلم فذكر تاريخ المهاجرين وما لهم من فضل السبق وتحمل الشدائد في سبيل دينهم ثم كر على ذكر الأنصار فأثنى عليهم وذكر مآثرهم وكان مما قاله بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "نحن المهاجرون أول الناس إسلاماً وأكرمهم أحساباً وأوسطهم داراً وأحسنهم وجوهاً وأمسهم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحماً وأنتم إخواننا في الإسلام وشركاؤنا في الدين نصرتم وواسيتم فجزاكم الله خيراً فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش فلا تنفسوا على أخوانكم المهاجرين ما فضلهم الله به فقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأئمة من قريش" إلى آخره.
قام بعد ذلك الخباب بن المنذر وهو من بني الخزرج وقال: "يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وظلكم ولن يجترئ على خلافكم ... إلى أن قال: ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم أبي هؤلاء ألا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير".
فقال عمر بن الخطاب: هيهات لا يجتمع اثنان في قرن فقام الحباب ثانية وقال: "يا معشر الأنصار املكوا على أيدكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر"، فحدث إذ ذاك بينه وبين عمر جدال.
ثم قام أبو عبيدة بن الجرح وقال: "يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزار فلا تكونوا أول من بدل وغير".
فقام بشير بن سعيد وهو من بني زيد بن مالك من الخزرج وقال: "يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولى فضيلة وجهاد وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضاء ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ولا نتبغي به من الدنيا عرضاً فإن الله ولي النعمة علينا بذلك ألا إن محمداً من قريش وأهله أحق، وأولي وأيم الله لا يراني أنازعهم هذا الأمر أبداً فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم".
قال عند ذلك أبو بكر: هذا عمر وهذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا فقالا: لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك فإنك أفضل المهاجرين وثاني اثنين إذ هما في الغار وخليفة الرسول على الصلاة والصلاة أفضل أركان دين المسلمين فماذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك ابسط يدك لنبايعك فمد عمر يده إليه فبايعه ثم أبو عبيدة ثم بشر بن سعد الأنصاري.
فلما رأى ذلك الحباب قال لبشير: عققت، أنفست على ابن عمك الإمارة.
قال: لا والله ولكني كرهت أن أنازع قوماً حقاً جعله الله لهم ولما رأت الأوس ما صنع بشير وما تدعوا إليه قريش وما تطلبه الخزرج من تأمير سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض: وفيهم أسيد بن الحضير وكان أحد النقباء.
والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبداً قوموا فبايعوا أبا بكر فقاموا إليه فبايعوه وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر حتى كادوا يطأون سعد بن عبادة. امتع سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر واستمر على ذلك مدة خلافته فلما تولى عمر الخلافة ذهب إلى الشام واستمر بها حتى مات ولم يبايع أحداً. =(4/119)
فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: "وَلَنْ يَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ؛ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ
__________
= أما بنو هاشم فقد اجتمعوا بعلي بعد أن علموا ما حدث في السقيفة من بيعة أبي بكر ومعهم الزبير بن العوام.
واجتمعت بنو أمية بعثمان وبنو زهرة بسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف.
وجلسوا جميعاً في المسجد فقدم عليهم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر فقال لهم عمر: ما لي أراكم مجتمعين حلقاً شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار.
فقام عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوه وبايعه سعد وعبد الرحمن ومن معهم من بني زهرة.
أما علي والزبير ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رجالهم ولم يبايعوا فذهب إليهم عمر مع جماعة من الصحابة ودعاهم للبيعة فبايع الزبير بعد نزاع ثم بايع بنو هاشم. بهذا تمت البيعة لأبي بكر لأن جمهور المسلمين بايعه وكان كبار الصحابة كلهم إذ ذاك في المدينة ولم يزل علي بن أبي طالب ممتنعاً عن مبايعة أبي بكر ستة شهور لأنه كان يعتقد أنه أولى بالخلافة لقرابته من الرسول ومكانته من المسلمين.
وكان يقول له أبو عبيدة: با ابن عم إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور فسلم لأبي بكر هذا الأمر فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.
فيقول علي كرم الله وجهه: الله الله يامعشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقه فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بسنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتطلع لأمر الرعية الدافع عنهم الأمور السيئة القاسم بينهم بالسوية الله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله.
قال بشير بن سعد الأنصاري لما سمع هذا القول: لو سمعت الأنصار هذا قبل البيعة لأبي بكر ما اختلفت عليك يا علي فلما توفيت فاطمة الزهراء بعد ستة شهور من خلافة أبي بكر [كما يقول بعض المؤرخين] واستنكر علي وجوه الناس أرسل إلى أبي بكر فحضر إليه وعنده بنو هاشم فتشهد علي ثم قال: قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولا ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقاً فاستبددت به علينا.
ثم ذكر علي قرابته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما زال يكلم أبا بكر حتى فاضت عيناه ثم قال له علي موعدك للبيعة غداً في المسجد إن شاء الله.
حضر أبو بكر في الموعد الذي ذكره علي. ثم حضر علي فبايع أبا بكر وذكر فضله وسابقته في الإسلام وما هو عليه من جميل الصفات ومكارم الأخلاق.
فسر المسلمون من علي بن أبي طالب حيث انضم إلى الجماعة وبايع الخليفة الأول.
والمتأمل في بيعة أبي بكر هذه يرى أنهم قد بدأوا بها قبل أن يتم التشاور بين جمهور أهل الحل والعقد إذ لم يكن في سقيفة بني ساعدة أحد من بني هاشم وهم في ذروتهم فخالفوا بذلك الأصل في المبايعة: وهو أن تكون بعد استشارة جمهور المسلمين واختيار أهل الحل والعقد.
لذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كانت بيعة أبي بكر. فتنة وقي الله المسلمين شرها.
وإنما حملهم على ذلك ما كان يخشى من وقوع الفتنة بين المهاجرين والأنصار لولا تلك المبادرة بمبايعته رضي الله عنه. والضرورات تبيح المحظورات.
ينظر: "الخلافة الإسلامية" لعبد الفتاح الجوهري.(4/120)
نَسَبًا وَدَارًا"، وَفِيهِ قَوْلُ الْأَنْصَارِ: "مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ1"، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْصَرَ مِنْهُ2.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِهَذَا اللَّفْظِ3؛ وَأَغْرَبَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيِّ فَأَنْكَرَ عَلَى الرَّافِعِيِّ إيرَادَهُ إيَّاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، أَعْنِي: لَفْظَ: "الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ، وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا فِي النَّسَائِيُّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا، لَكِنَّ لَفْظَهُ: "وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ وَاسْتَقَامُوا" 4.
حَدِيثِ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ فِي غَزْوَةِ "مُؤْتَةَ"5 زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَقَالَ:"إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْوَكَالَةِ"، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ6.
__________
1 أخرجه البخاري [16/ 109- 111] ، كتاب الحدود: باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت، حديث [6830] ، من حديث عمر رضي الله عنه، وبنحو أخرجه أحمد [1/ 55- 56] .
2 أخرجه البخاري [7/ 368- 369] ، كتاب فضائل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو كنت متخذاً خليلاً"، حديث [3668] ، من حديث عائشة رضي الله عنها.
3 أخرجه أحمد [1/ 5- 6] .
4 أخرجه البيهقي [8/ 143] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الأئمة من قريش.
من طريق محمد بن إسحاق بن يسار في خطبة أبي بكر رضي الله عنه.
5 سرية مؤتة: في جمادي الأولى من السنة الثامنة للهجرة رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحمي دعاته في هذه الجهات التي اعتدي فيها على رسوله، فجهز جيشاً يبلغ عدده ثلاثة آلاف رجل وأمر عليهم: زيد بن حارثة، وقال: "إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة". فسار القوم حتى بلغوا تخوم البلقاء فلقيتهم جموع الروم والعرب بقرية مشارف، وانحاز المسلمون إلى قرية "مؤتة" التي بدأت فيها المعركة، واستشهد الامراء الثلاثة فأخذ الراية خالد بن الوليد، وأخذ يدافع القوم ويتأخر بجيشه قليلاً فظن الروم أن المسلمين إنما يقصدون بتأخرهم هذا أن يتحيزوا إلى مدد جاءهم أو يقصدون أن يزجوا بهم في الصحراء فلم يتبعوهم، وبذلك تخلص الجيش من ذلك المأزق بمهارة خالد بن الوليد وسعة حيلته الحربية.
ينظر: الجهاد: لشحاتة محمد شحاتة.
6 أخرجه أحمد [3/ 113، 117] ، والبخاري [3/ 452] ، كتاب الجنائز: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، حديث [1246] ، وأطرافه في [2798، 3063، 3630، 3757، 6242] ، والنسائي [4/ 26] ، كتاب الجنائر: باب النعي مختصراً برقم [1878] .
كلهم من طريق حميد بن هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب –وإن عيني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتذرفان- ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له".(4/121)
1731- حَدِيثُ: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنَّ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ1، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعٍ" 2.
1732- حَدِيثُ: "مَنْ نَزَعَ يَدَهُ مِنْ طَاعَةِ إمَامِهِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ3.
1733- حَدِيثُ: "مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنْ يَدَهُ مِنْ طَاعَتِهِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ4، وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "مِنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا، مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً" 5.
1734- حَدِيثُ: "إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا"، مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ6.
__________
1 أخرجه أحمد [4/ 69] ، [5/ 381] ، [6/ 402، 403] ، ومسلم [6/ 465- 466- النووي] ، كتاب الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، حديث [37/ 1838] ، والنسائي [7/ 154] ، كتاب البيعة: باب الحض على طاعة الإمام، حديث [2861] ، وعبد بن حميد [1560، 1561] ، وابن سعد في "الطبقات" [8/ 236] ، [2/ 141] ، كلهم من طريق يحيى بن الحصين عن جدته أم الحصين.
وأخرجه أحمد [6/ 402، 403] ، والترمذي [4/ 209] ، كتاب الجهاد: باب ما جاء في طاعة الإمام، حديث [1706] ، والحميدي [1/ 174] ، حديث [359] ، والحاكم [4/ 186] ، وابن سعد في "الطبقات" [2/ 141] ، [8/ 236] ، كلهم من طريق العيزار بن حريث عن أم الحصين فذكره بنحوه.
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة وعرباض بن سارية، وهذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أم الحصين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه مسلم [6/ 465- النوووي] ، كتاب الإمارة: باب وجوب طاعة والأمراء في غير معصية، حديث [36/ 1837] ، وابن ماحة [2/ 955] ، كتاب الجهاد: باب طاعة الإمام، حديث [2862] ، وابن حبان [13/ 302] ، كتاب الرهن: باب ما جاء في الفتن، حديث [5964] ، مطولاً فيه قصة.
كلهم من حديث أبي ذر –رضي الله عنه- فذكره.
3 تقدم تخريجه قريباً.
4 أخرجه أحمد [6/ 24، 28] ، ومسلم [6/ 486- نووي] ، كتاب الإمارة: باب خيار الأئمة وشرارهم، حديث [65، 66/ 1855] ، والدارمي [2/ 324] ، كتاب الرقائق: باب في الطاعة ولزوم الجماعة، والطبراني [18/ 62- 63] ، حديث [115- 117] ، كلهم من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه.
5 تقدم تخريجه في هذا الباب.
6 أخرجه مسلم [6/ 484- نووي] ، كتاب الإمارة: باب إذا يويع لخليفتين، حديث [61/ 1853] ، والبيهقي [8/ 144] ، كتاب قتال أهل البغي: باب لا يصلح إمامان في عصر واحد. =(4/122)
1735- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَهُوَ خَبَرٌ مَشْهُورٌ، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ1، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ2 وَأُمِّ سَلِمَةَ3، وَأَصْلُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ4، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرُ مَقْصُودَ التَّرْجَمَةِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ، وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ فَذَكَرَهَا.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ5، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَمَّارٍ6، وَحُذَيْفَةَ7 وَأَبِي أَيُّوبَ وَزِنَادٍ8، وَعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ9
__________
= كلاهما من طريق وهب بن بقية ثنا خالد بن عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه به.
1 أخرجه أحمد [5/ 306] ، ومسلم [9/ 226] ، كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، حديث [70/ 71/ 2915] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 156] ، كتاب الخصائص: باب ذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عمار تقتله الفئة الباغية، حديث [8548] ، وابن سعد [3/ 191] ، كلهم من طريق عن شعبة عن أبي سلمة قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: أخبر من هو خير مني أبو قتادة ... فذكره.
2 أخرجه أحمد [90- 91] ، والبخاري [2/ 111] ، كتاب الصلاة: باب التعاون في بناء المسجد، حديث [447] ، وطرفة في [2812] . والنسائي في "الكبرى" [5/ 156] ، كتاب الخصائص: باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسم: "عمار تقتله الفئة الباغية"، حديث [8547] ، وابن حبان [15/ 554] ، كتاب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مناقب الصحابة، حديث [7078، 7079] ، وابن سعد في "الطبقات" [3/ 191] ، كلهم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفي بعض الروايات اختصار وفي الآخر تطويل.
3 أخرجه مسلم [9/ 226- 227- نووي] ، كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ... ، حديث [7372/ 2916] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 155- 156] ، كتاب الخصائص: باب ذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمار تقتله الفئة الباغية، حديث [8543- 8546] ، وابن سعد في "الطبقات" [3/ 191] ، وابن حبان [15/ 553] ، كتاب إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مناقب الصحابة، حديث [7077] .
4 تقدم في تخريج حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
5 أخرجه أحمد [5/ 214] ، من حديث خزيمة. وأخرجه الترمذي [5/ 669] ، كتاب المناقب: باب مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه، حديث [3800] ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح غريب من حديث العلاء بن عبد الرحمن.
6 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [9/ 301] ، وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.
7 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" [9/ 300] ، عن حذيفة قال: سمع ت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "وضرب جنب عمار بن ياسر قال: "إنك لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية الناكبة عن الحق يكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن".
قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه مسلم بن كيسان الأعور وهو ضعيف. =(4/123)
وَمُعَاوِيَةَ1 وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو2، وَأَبِي رَافِعٍ3 وَمَوْلَاةٍ لِعَمَّارِ بْنُ يَاسِرٍ4 وَغَيْرِهِمْ5.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: لَا مَطْعَنَ فِي صِحَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ لَرَدَّهُ مُعَاوِيَةُ وَأَنْكَرَهُ، وَنَقَلَ
__________
= 8 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [9/ 299] ، عن أبي اليسر بن عمر عن زياد بن العود أنهما سمعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لعمار: "تقتلك الفئة الباغية".
قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه محمد بن موسى الطائفي وهو ضعيف.
9 أخرجه عبد الرزاق [11/ 240] ، حديث [20427] ، قال: حدثنا معمر عن طاووس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمر بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقتله الفئة الباغية". فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجع حتى دخل على معاوية رضي الله عنه فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قتل عمار، فقال معاوية: قد قتل عمار، فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تقتله الفئة الباغية"، فقال له معاوية: دحضت في بولك لو نحن قتلناه، إنما قتله على وأصحابه جاؤواء به حتى ألقوه بين رماحنا أو قال بين سيوفنا.
1 أخرجه أبو يعلى [13/ 353- 354] ، حديث [7364] ، من طريق جرير يقول: سمعت شيخناً يحدث مغيرة عن أبيه هاشم بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرض عماراً قالت: جاء معاوية إلى عمار يعوده فلما خرج من عنده قال: اللهم لا تجعل منيته بأيدينا فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تقل عماراً الفتة الباغية"، حديث [7364] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [9/ 299] : رواه أبو يعلى والطبراني وابنه هشام والراوي عنها لم أعرفها، وبقية رجالها رجال الصحيح.
2 أخرجه أحمد [4/ 197] ، وابن شيبة [7/ 552] ، كتاب الجمل: باب ماذكر في صفين، حديث [37876] ، وأبو يعلى [13/ 327] ، حديث [7342] ، كلهم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [7/ 245] : رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه أبو يعلى باختصار.
3 أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" [9/ 299] ، وقال الهيثمي: وفيه محمد بن موسى الواسطي وهو ضعيف.
4 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [9/ 298] ، عن مولاة لعمار بن ياسر قالت: اشتكى عمار بن ياسر شكوى يعل منها فغشي عليه، فأفاق ونحن نبكي حوله، فقال: ما يبكيكم؟ أتحسبون أني مت على فراشي، أخبرني حبيبي –رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه تقتلني الفئة الباغية، وأن آخر زاد مذقة من لبن.
وقال: رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه إلا أنه قال: أخبرني أني أقتل بين صفين، ورواه البزار باختصار وإسناده حسن.
5 ينظر: "مجمع الزوائد" للهيثمي [7/ 244] ، وما بعدها، [9/ 298- 301] ، فقد أورد روايات كثير عن عدة من الصحابة.(4/124)
ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ الْخَلَّالِ فِي "الْعِلَلِ" أَنَّهُ حَكَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، لَيْسَ فِيهَا طَرِيقٌ صَحِيحٌ1، وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ يَصِحَّ.
1736- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: "يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، مَا حُكْمُ مَنْ بَغَى مِنْ أُمَّتِي"؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ"، الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ2، وَفِي لَفْظِ: "وَلَا يُدَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ"، وَزَادَ: "وَلَا يُغْنَمُ فَيْئُهُمْ"، سَكَتَ عَنْهُ الْحَاكِمُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ضَعِيفٌ.
قُلْت: فِي إسْنَادِهِ كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ3، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّهُ مَتْرُوكٌ.
قَوْلُهُ: "إنَّ أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالُوا لَهُ: أُمِرْنَا بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَنَا، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ، عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} -إلَى قَوْلِهِ- {سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] قَالُوا: وَصَلَوَاتُ غَيْرِهِ لَيْسَتْ سَكَنًا لَنَا، انْتَهَى".
أَمَّا قِتَالُ أَبِي بَكْرٍ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ فَمَشْهُورٌ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ. وَأَمَّا هَذَا السَّبَبُ فَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى أَصْلٍ.
قَوْلُهُ: "إنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ أَصْحَابَ الْجَمَلِ، وَأَهْلَ الشَّامِ وَالنَّهْرَوَانِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ بعد الاستيلاء مَا أَخَذُوهُ مِنْ الْحُقُوقِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي التَّوَارِيخِ الثَّابِتَةِ، وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ تَكْلِيفِ إيرَادِ الْأَسَانِيدِ لَهُ، وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ عَنْ هِشَامٍ وَعَبَّادٍ أَنَّهُمَا أَنْكَرَا وقعة "الْجَمَلِ" أَصْلًا وَرَأْسًا؛ وَكَذَا أَشَارَ إلَى إنْكَارِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي "الْعَوَاصِمِ"، وَابْنُ حَزْمٍ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا هَذَانِ أَصْلًا وَرَأْسًا؛ وَإِنَّمَا أَنْكَرَا وُقُوعَ الْحَرْبِ فِيهَا عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ لِمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ الْمَقْطُوعِ بِهِ4.
فَائِدَةٌ: كَانَتْ وَقْعَةُ "الْجَمَلِ" فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ "صَفِّينَ" فِي رَبِيعٍ
__________
1 ينظر: "العلل المتناهية" لابن الجوزي [2/ 848] .
2 أخرجه الحاكم [2/ 155] ، والبيهقي [8/ 182] ، كتاب قتال أهل البغي: باب أهل البغي إذا فاؤوا لم يتبع مدبرهم ولم يقتل أسيرهم ولم يجهز على جريحهم ولم يستمتع بشيء من أموالهم.
3 قال أبو زرعة: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه بواطيل ليس بشيء.
وقال الدارقطني وغيره: متروك.
ينظر: "ميزان الاعتدال" [5/ 504] .
4 قال العلامة اللقاني في "جوهرته": [الرجز] . =(4/125)
الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، وَاسْتَمَرَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ "النَّهْرَوَانُ" فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ.
قَوْلُهُ: "ثَبَتَ أن أهل "الجمل" و"صفين" و"النهروان بُغَاةٌ"، هُوَ كَمَا قَالَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
__________
=
وأول التشاجر الذي ورد ... إن خضت فيه واجتنب داء الحسد
وقد وقع تشاجر بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وقد افترقت الصحابة ثلاث فرق: فرقة اجتهدت، فظهر لها أن الحق مع علي، فقاتلت معه، وفرقة اجتهدت، فظهر لها أن الحق مع معاوية، فقاتلت معه، وفرقة توفقت.
وقد قال العلماء: المصيب بأجرين والمخطئ بأجر، وقد شهد الله ورسوله لهم بالعدالة، والمراد تأويل ذلك أن يصرف إلى محمل حسن لتحسين الظن بهم فلم يخرج واحد منهم عن العدالة بما وقع بينهم؛ لأنهم مجتهدون. وقوله: "إن خضت فيه" أي إن قدر أنك خضت فيه فأوله: ولا تنقص أحداً منهم، وإنما قال المصنف ذلك؛ لأن الشخص ليس مأموراً بالخوض فيما جرى بينهم، فإنه ليس من العقائد الدينية، ولا من القواعد الكلامية وليس مما ينتفع به في الدين، بل ربما ضر في اليقين، فلا يباح الخوض فيه إلا للرد على المتعصبين؛ أو للتعليم كتدريس الكتب التي تشتمل على الآثار المتعلقة بذلك، وأما العوام فلا يجوز لهم الخوض فيه لشدة جلعهم، وعدم معرفتهم بالتأويل.
وقال السعد التفتازاني: "يجب تعظيم الصحابة والكف عن مطاعنهم، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات، سيما المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان، ومن شهد بدراً وأحداً والحديبية، فقال: انعقد على علو شأنهم الإجماع، وشهد بذلك الآيات الصراح، والأخبار الصحاح".
"وللروافض سيما الغلاة منهم مبالغات في يغض الصحابة رضي الله عنهم والطعن فيهم بناء على حكايات وأفتراءات لم تكن في القرن الثاني والثالث، فإياك والإصغاء إليها، فإنها تصل الأحداث، وتحير الأوساط وإن كانت لا تؤثر فيمن له استقامة على الصراط المستقيم، وكفاك شاهداً على ما ذكرنا أنها لم تكن في القرون السالفة ولا فيما بين العترة الطاهرة، بل ثناؤهم على عظماء الصحابة وعلماء السنة والجماعة، والمهديين من خلفاء الدين مشهور وفي خطبتهم ورسائلهم وأشعارهم ومدائحهم مذكورة".
وقال العلامة المرعشي في "نشر الطوالع":
"يجب تعظيم جميع أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والكف عن مطاعتهم، وحسن الظن بهم، وترك التعصب والبغض لأجل بعضهم على بعض، وترك الإفراط في محبة بعضهم على وجه يفضي إلى عداوة آخرين منهم والقدح فيهم، فإن الله تعالى أثنى عليهم في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ... } [التحريم: 8] الآية.
وقد أحبهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأثنى عليهم وأوصى أمته بعدم سبهم وبغضهم وأذاهم، ما ورد من المطاعن: فعلى تقدير صحته له محامل وتأويلات، ومع ذلك لا يعادل ما ورد في مناقبهم، وحكي عن آثارهم المرضية وسيرهم الحميدة نفعنا الله أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلفت اجتهادهم وصاروا ثلاثة أقسام: قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف، وأن مخالفة باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه فعلوا ذلك، ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة أمام العدل في قتال البغاة.
وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر، فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه. =(4/126)
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أُمِرْت بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْخَصَائِصِ"، وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ1، وَالنَّاكِثِينَ: أَهْلُ الْجَمَلِ، لِأَنَّهُمْ نَكَثُوا بَيْعَتَهُ، وَالْقَاسِطِينَ: أَهْلُ الشَّامِ؛ لِأَنَّهُمْ جَارُوا عَنْ الْحَقِّ فِي عَدَمِ مُبَايَعَتِهِ، وَالْمَارِقِينَ: أَهْلُ النَّهْرَوَانِ؛ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِمْ؛ "أَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ"، وَثَبَتَ فِي أَهْلِ الشَّامِ حَدِيثُ عَمَّارٍ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ بَايَعَهُ بَاقِي الصَّحَابَةِ"، تَقَدَّمَ فِي حديث السقيفة، ولفظ البخار ي: "قَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ؛ أَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ".
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَهِدَ إلَى عُمَرَ"، هُوَ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ فِي التَّوَارِيخِ الثَّابِتَةِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْن عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: "إنِّي إنْ أَسْتَخْلِفُ، فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ ... "، الْحَدِيثُ2، وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ3، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "لَمَّا ثَقُلَ، أَيْ: دَخَلَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، قَالُوا: يَا خَلِيفَةَ
__________
= وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم فيها ولم يظهر لهم ترجيع أحد الطرفين فاعتزلوا الفريقين، وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم، لأنه لا يحل الإقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك، ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأن الحق معه لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه.
فكلهم معذورون رضي الله عنهم ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين.
ينظر: "أسد الغابة" لابن الأثير [1/ 26- 28- تحقيقنا] .
1 أخرجه البزار [3270] ، وابن عدي في "الكامل" [2/ 636] ، [7/ 209] ، [4326] ، وعبد الغني بن سعيد في "إيضاح الإشكال" والأصبهاني في الحجة وابن مندة في غرائب شعبة وابن عساكر في "تهذيب تاريخ دمشق" كما في "كنز العمال" للهندي [11/ 292] ، [31552] .
قال الطبراني: لم يروه عن ربيعة إلا سلمة، تفرد به ابنه.
قال ابن عدي: رواه حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة عن علي قال: أمرت. وحكيم ترك شعبة حديثه وكان من كبار الشيعة. ورواه جعفر بن سليمان عن الخليل بن مرة، عن القاسم بن سليمان عن أبيه، عن جده، قال: سمعت عماراً يقوله، موقوف.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [7/ 241] : رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثقه ابن حبان.
2 أخرجه البخاري [15/ 119] ، كتاب الأحكام: باب الاستخلاف، حديث [7218] ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ...
وأخرجه أبو داود [3/ 133] ، كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في الخليفة يستخلف، من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنه به.
3 أخرجه مسلم [6/ 444، 445] ، كتاب الإمارة: باب الاستخلاف وتركه، حديث [11، 12/ 1823] .(4/127)
رَسُولِ اللَّهِ، مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّك غَدًا إذَا قَدِمْت عَلَيْهِ وَقَدْ اسْتَخْلَفْت عَلَيْنَا ابْنَ الْخَطَّابِ ... "، الْحَدِيثَ1.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: أَقِيلُونِي مِنْ الْخِلَافَةِ"، رَوَاهُ أَبُو الْخَيْرِ الطَّالَقَانِيُّ فِي السُّنَّةِ، مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مَتْنًا، ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ سَنَدًا.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا سَمِعَ رَجُلًا مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَتَعَرَّضَ بِتَخْطِئَتِهِ فِي التَّحْكِيمِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: "كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَهُ، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ"، الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا؛ أَنَّ عَلِيًّا بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إذْ سَمِعَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ قَائِلًا يَقُولُ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ"، فَذَكَرَهُ إلَى آخِرِهِ وَفِيهِ: "ثُمَّ قَامُوا مِنْ نَوَاحِي الْمَسْجِدِ يُحَكِّمُونَ اللَّهَ، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ بِيَدِهِ: اجْلِسُوا، نَعَمْ لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَى بِهَا بَاطِلٌ، حُكْمُ اللَّهِ يُنْتَظَرُ فِيكُمْ، أَلَا إنَّ لَكُمْ عِنْدِي ثَلَاثَ خِلَالٍ: مَا كُنْتُمْ مَعَنَا لَنْ نَمْنَعَكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَا نَمْنَعَكُمْ فَيْئًا مَا كَانَتْ أَيَدِيكُمْ مَعَ أَيْدِينَا، وَلَا نُقَاتِلُكُمْ حَتَّى تُقَاتِلُونَا"2.
وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ: "أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ على عَلِيٍّ وَهُوَ مَعَهُ، فَقَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ"، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا إنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ؛ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ ... "، الْحَدِيثُ بِطُولِهِ3.
قَوْلُهُ: "الْخَوَارِجُ فِرْقَةٌ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ، خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ؛ حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمْ؛ لِرِضَاهُ بِقَتْلِهِ، وَمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ أَتَى
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 149] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الاستخلاف.
2 أخرجه الشافعي في "الأم" [4/ 309] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الحال التي لا يحل فيها دماء أهل البغي، بلاغاً.
وأخرخه ابن أبي شيبة [15/ 327- 328] ، رقم [19776] ، والبيهقي [8/ 184] ، كتاب قتال أهل البغي: باب القوم يظهرون رأي الخوارج لم يحل به قتالهم.
3 أخرجه مسلم [4/ 183- 184- نووي] ، حديث [157/ 1066] ، فذكره في حديث طويل.
وأخرجه أحمد [1/ 18، 113، 131] ، والبخاري [7/ 324] ، كتاب المناقب: باب علامات النبوة، حديث [3611] ، وطرفاه في [5057، 6930] ، ومسلم [4/ 181] ، كتاب الزكاة: باب التحريض على قتل الخوارج، حديث [154/ 1066] ، وأبو داود [4/ 244] ، كتاب السنة: باب في قتال الخوراج، حديث [4767] ، والنسائي [7/ 119] ، كتاب تحريم الدم: باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس، حديث [4102] ، كلهم من طريق الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة عن علي قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فأن الحرب خدعة، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: =(4/128)
كَبِيرَةً فَقَدْ كَفَرَ، وَاسْتَحَقَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ، وَيَطْعَنُونَ لِذَلِكَ فِي الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَجْتَمِعُونَ مَعَهُمْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ شَرِّهِمْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ قَتَلَ عَلِيًّا مُتَأَوِّلًا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ شُبْهَةً وَتَأْوِيلًا بَاطِلًا، وَحَكَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْخَوَارِجِ تُسَمَّى "قَطَامِ"، خَطَبَهَا ابْنُ مُلْجَمٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا فِي جُمْلَةِ الْخَوَارِجِ، فَوَكَّلَتْهُ فِي الْقِصَاصِ، وَشَرَطَتْ لَهُ مَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ1 آلَافِ دِرْهَمٍ وَعَبْدًا وَقَيْنَةً؛ لِتُحَبِّبَهُ فِي ذَلِكَ، وفي ذلك قيل [من الطويل] :
فَلَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذو سماحة ... كمهر قَطَامِ مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمِ
ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ ... وقتل علي بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى مِنْ عَلِيٍّ وَإِنْ غَلَا ... وَلَا فَتْكَ إلَّا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجَمٍ
انْتَهَى.
أَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِقَادِ الْخَوَارِجِ: فَأَوَّلَهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ، فَإِنَّ الِاعْتِقَادَ الْمَذْكُورِ هُوَ اعْتِقَادُ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَأَمَّا الْخَوَارِجَ فَكَانُوا أولا من رؤوس أَصْحَابِ عَلِيٍّ، وَكَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ نَكِيرًا عَلَى عُثْمَانَ، بَلْ الْغَالِبُ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ ظُلْمًا، وَلَمْ يَزَالُوا مَعَ عَلِيٍّ فِي حروبه في "الجمل" و"صفين" إلَى أَنْ وَقَعَ التَّحْكِيمُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ "صِفِّينَ" لَمَّا كَادُوا أَنْ يُغْلَبُوا أَشَارَ عَلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ، وَالدُّعَاءِ إلَى التَّحْكِيمِ، فَنَهَاهُمْ عَلِيٌّ عَنْ إجَابَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: إنَّا عَلَى الْحَقِّ، فَأَبَى أَكْثَرُهُمْ، فَأَجَابَهُمْ عَلِيٌّ لِتَحَقُّقِهِ أَنَّ الْحَقَّ بِيَدِهِ، فَحَصَلَ مِنْ اخْتِلَافِ الْحُكْمَيْنِ مَا أَوْجَبَ رُجُوعَ أَهْلِ الشَّامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَرُجُوعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَ عَلِيٍّ بَعْدَ التَّحْكِيمِ، فَأَنْكَرَتْ الْخَوَارِجُ التَّحْكِيمَ، وَقَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، وَحَكَمُوا بِكُفْرِ عَلِيٍّ وَجَمِيعِ مَنْ أَجَابَ إلَى التَّحْكِيمِ، إلَّا مِنْ تَابَ وَرَجَعَ، وَقَالُوا لِعَلِيٍّ: أَقِرَّ عَلَى نَفْسِك بِالْكُفْرِ ثُمَّ تُبْ، وَنَحْنُ نُطَاوِعُك، فَأَبَى، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ وَقَاتَلَهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ عَنْهُمْ، مُصَرَّحٌ بِهِ فِي التَّوَارِيخِ الثَّابِتَةِ وَالْمِلَلِ وَالنِّحَلِ.
وَقَدْ اسْتَوْفَى أَخْبَارَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ فِي "كَامِلِهِ" وَغَيْرُهُ، وَصَنَّفَ
__________
= "يأتي قوم في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة".
وهذا لفظ البخاري.
وأخرجه مسلم [4/ 182- 183] ، كتاب الزكاة: باب التحريض على قتل الخوارج، حديث [156/ 1066] ، وأبو داود [4/ 244- 245] ، كتاب السنة: باب في قتال الخوارج، حديث [4768] ، كلاهما من طريق زيد بن وهب عن علي.
1 في الأصل: أربعة.
2 ينظر: "تاريخ الطبري" [5/ 150] .(4/129)
فِي أَخْبَارِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ قَدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ كِتَابًا حَافِلًا، وَقَفْت عَلَيْهِ فِي نُسْخَةٍ كُتِبَتْ عَنْهُ، وَتَارِيخُهَا سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ أَقْدَمُ خَطٍّ وَقَفْت عَلَيْهِ.
وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْخَوَارِجُ قَطُّ أَنَّ عَلِيًّا أَخْطَأَ قَبْلَ التَّحْكِيمِ؛ كَمَا أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا اعْتَقَدُوا مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الْفَاسِدَةِ؛ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ مُصِيبًا سِتَّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ كَفَرَ –بِزَعْمِهِمْ- أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ الَّذِينَ كَانُوا يَتَأَوَّلُونَ فِي قِتَالِ عَلِيٍّ، بِسَبَبِ عَدَمِ اقْتِصَاصِهِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، وَيَظُنُّونَ فِيهِ سَائِرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ قَبْلَ قَوْلِهِ: "وَيَعْتَقِدُونَ" هُمْ أَهْلُ "الْجَمَلِ" وَأَهْلُ "صِفِّينَ"، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مُكَاتَبَاتِهِمْ لَهُ وَمُخَاطَبَاتِهِمْ.
وَأَمَّا سَائِرُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْخَوَارِجِ مِنْ الِاعْتِقَادِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَبَعْضٌ مِنْهُ اعْتِقَادُهُمْ كُفْرَ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَاسْتِبَاحَةَ مَالِهِ، وَدَمِهِ، وَدِمَاءِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَلِذَلِكَ كَانُوا يَقْتُلُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ ابْن مُلْجَمٍ فِي تَأْوِيلِهِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَبَالَغَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: "لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي أَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ قَتَلَ عَلِيًّا مُتَأَوِّلًا مُجْتَهِدًا مُقَدِّرًا أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ"؛ كَذَا قَالَ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ، إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ عِنْدَ نَفْسِهِ، فَنَعَمْ، وَإِلَّا لم يَكُنْ ابْنُ مُلْجَمٍ قَطُّ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَلَا كَادَ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَوَارِجِ، وَقَدْ وَصَفْنَا سَبَبَ خُرُوجِهِمْ عَلَى عَلِيٍّ، وَاعْتِقَادِهِمْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ.
وَأَمَّا قِصَّةُ قَتْلِهِ لِعَلِيٍّ وَسَبَبُهَا: فَقَدْ رَوَاهَا الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ1، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ بَيْنَ أَهْلِ التَّارِيخِ، وَسَاقَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "الِاسْتِيعَابِ" مُطَوَّلًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي قِصَّةِ "قَطَامِ" فَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهَا شَرَطَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَهْرًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي سِيَاقِ الشِّعْرِ الْمَذْكُورِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلَّذِينَ قاتلهم بعد ما تَابُوا: تَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ؛ فَذَكَرَهُ فِي حَدِيثٍ2.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: "جَاءَ وَفْدُ بزاخة أسد و"غطفان" إلَى أَبِي بَكْرٍ، يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، فَخَيْرَهُمْ بَيْنَ الْحَرْبِ الْمُجْلِيَةِ، وَالسِّلْمِ الْمُخْزِيَةِ، قَالُوا: مَا السِّلْمُ الْمُخْزِيَةُ؟ ! قَالَ: تُودُونَ الْحَلْقَةَ وَالْكُرَاعَ، وَتَتْرُكُونَ أَقْوَامًا يَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ، وَتَدُونَ
__________
1 أخرجه الحاكم [3/ 143- 144] .
2 أخرجه البيهقي [8/ 183- 184] ، كتاب قتال أهل البغي: باب من قال يتبعون الدم، عن عاصم بن ضمرة قال: ارتد علقمة بن علاثة عن دينه بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأبى أن يجنح للسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه لا نقبل منك إلا سلم مخزية أو حرب مجلية، فقال: ما سلم مخزية، قال: تشهدون على قتلانا أنهم في الجنة وأن قتلاكم في النار وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم، فاختاروا سلماً مخزية.(4/130)
قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ ... "1، الْحَدِيثُ ذَكَرَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ طَرَفًا، وَسَاقَهُ الْبَرْقَانِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: "أَنَّ عُمَرَ وَافَقَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا عَلَى قَوْلِهِ: تَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ قَتْلَانَا قُتِلُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَلَا دِيَاتِ لَهُمْ، قَالَ: فَتَبَايَعَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ".
تَنْبِيهٌ: بُزَاخَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ زَايٍ وَبَعْدِ الْأَلِفِ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ؛ هُوَ مَوْضِعٌ؛ قِيلَ بِالْبَحْرَيْنِ، وَقِيلَ: مَاءٌ لِبَنِي أَسَدٍ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا نَادَى: مَنْ وَجَدَ مَالَهُ فَلْيَأْخُذْهُ، قَالَ الرَّاوِي: فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ فَعَرَفَ قِدْرًا نَطْبُخُ فِيهَا، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى نَطْبُخَ، فَلَمْ يَفْعَلْ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَرْفَجَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "لَمَّا جِيءَ عَلِيٌّ بِمَا فِي عسر أَهْلِ "النَّهْرَوَانِ" قَالَ: مَنْ عَرَفَ شَيْئًا فَلْيَأْخُذْهُ، قَالَ فَأَخَذُوا إلَّا قِدْرًا، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتهَا بَعْدُ أُخِذَتْ2، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ "الْبَصْرَةِ"، وَلَمْ يَتَتَبَّعْ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الْحُقُوقِ"، تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ بـ"أهل الْبَصْرَةِ" أَصْحَابُ الْجَمَلِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ بِحَبْسِ ابْنِ مُلْجَمٍ، وَقَالَ: إنْ قَتَلْتُمُوهُ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ، وَرَأَى عَلَيْهِ الْقَتْلَ، فَقَتَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ" انْتَهَى.
وَهَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ -كَمَا قَالَ- عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ3.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ: "أَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ لَمَّا ضَرَبَ عَلِيًّا تِلْكَ الضَّرْبَةَ أَوْصَى،
__________
1 أخرجه البخاري [15/ 119] ، كتاب الأحكام: باب الاستخلاف، حديث [7221] ، من طريق طارق بن شهاب عن أبي بكر رضي الله عنه قال لوفد بزاخة: تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمهاجرين أمراً يعذرونكم به.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [15/ 287، 332] ، رقم [19679، 19789] ، والبيهقي في "الكبرى" [8/ 183] ، كتاب قتال أهل البغي: باب أهل البغي إذا فاؤوا لم يتبع مدبرهم ولم يقتل أسيرهم ولم يجهز على جريحهم ولم يستمتع بشيء من أموالهم.
وسعيد بن منصور في "سننه" [2/ 291] ، حديث 2952] ، عن علي: جاء بما كان من رئة أهل النهر فوضعه في الرحبة فقال: من عرف شيئاً فليأخذه ... الحديث.
3 أخرجه الشافعي في "الأم" [4/ 308] ، كتاب قتال أهل البغي وأهل الردة: باب السيرة في أهل البغي. من طريق جعفر بن محمد بإسناده أن علياً رضي الله تعالى عنه قال في ابن ملجم بعدما ضربه: أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره، إن عشت فأنا ولي أن أعفو إن شئت وإن شئت استقدت، وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا به.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي [8/ 183] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الرجل يقتل واحداً من المسلمين على التأويل وجماعة غير ممتنعين يقتلون واحداً كان عليهم القصاص. =(4/131)
فَقَالَ: قَدْ ضَرَبَنِي فَأُحْسِنُوا إلَيْهِ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ؛ فَإِنْ أَعِشْ، فَعَفْوٌ أَوْ قِصَاصٌ، وَإِنْ أَمُتْ فَعَاجِلُوهُ؛ فَإِنِّي مُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ".
تَنْبِيهٌ: هَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَتَلَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ السَّاعِينَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، لَا قِصَاصًا؛ لِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْأَثَرِ "عَاجِلُوهُ".
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنَ عَبَّاسٍ إلَى أَهْلِ "النَّهْرَوَانِ"، فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ"، أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمَّا خَرَجَتْ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِي دَارٍ، وَكَانُوا سِتَّةَ آلَافٍ، فَقُلْت لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ؛ لَعَلِّي أُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، قَالَ: إنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْك، قُلْت: كَلًّا، فَلَبِسْت ثِيَابِي وَمَضَيْت حَتَّى دَخَلْت عَلَيْهِمْ فِي الدَّارِ، فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا جَاءَ بِك؟ قُلْت: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُبَلِّغُكُمْ مَا يَقُولُونَ، وَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُونَ، فَانْتَدَبَ لِي نَفَرٌ مِنْهُمْ، قُلْت: مَا نَقَمْتُمْ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَتَنِهِ، قَالُوا: ثَلَاثٌ؛ قَالُوا: حُكْمُ الرِّجَالِ فِي دِينِ اللَّهِ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنْ الْحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ} فَذَكَرَ الْحَدِيثَ1.
حَدِيثُ: "نادى منادي عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ": أَلَا لَا يُتْبَعَ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُدَفَّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ2.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا قتل ليلة "الهرير" أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، تَقَدَّمَ فِي "صَلَاةِ الْخَوْفِ".
__________
= وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 285] ، كتاب قتال أهل البغي: باب الرجل يأول فيقتل أو يتلف مالاً أو جماعة غير ممتنعة، حديث [5003] ، وأخرجه البيهقي في "الكبرى" [8/ 56] ، كتاب الجنايات: باب لا عقوبة على كل من كان عليه قصاص فعفى عنه في دم ولا جرح.
1 أخرجه النسائي في "الكبرى" [5/ 165- 167] ، كتاب الخصائص: باب مناظرة عبد الله بن عباس الحرورية، واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حديث [8575] ، والبيهقي [8/ 179] ، كتاب قتال أهل البغي: باب لا يبدأ الخوارج بالقتال حتى يسألوا ما نقموا ثم يؤمروا بالعود ثم يؤذنوا بالحرب.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [15/ 263، 267] ، رقم [19624، 19636] ، وأخرجه سعيد بن منصور [2/ 390، 391] ، حديث [2950] ، عن علي نحوه.
وأخرجه الحاكم [2/ 155] ، وصححه ووافقه الذهبي. والبيهقي [8/ 181] ، كتاب قتال أهل البغي: باب أهل البغي إذا فاؤوا لم يتبع مدبرهم.
كلاهما من طريق شريك عن السدي عن يزيد بن ضيعة العبسي قال: نادى منادٍ عمار أو قال على يوم الجمل ... فذكره.
وأخرجه البيهقي [8/ 181] ، من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال: أمر علي رضي الله عنه ... فذكره بنحوه. =(4/132)
كِتَابُ الرِّدَّةِ
مدخل
...
62- كتاب الردة1
حَدِيثُ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ"، تَقَدَّمَ فِي "الْجِرَاحِ".
1737- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ2، وَفِيهِ قِصَّةٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي الْبَابِ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي الطَّبَرَانِيِّ "الْكَبِيرِ"3، وَعَنْ عَائِشَةَ فِي "الْأَوْسَطِ"4.
1738- حَدِيثُ: "مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ؛ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ
__________
= وأخرجه سعيد بن منصور [2/ 390] ، [2947] ، والبيهقي [8/ 181] ، كلاهما من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين قال: دخلت على مروان بن الحكم فقال: ما رأيت أحداً أكرم غلبة من أبيك، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادي مناديه لا يقتل مدير ولا يذفف على جريح.
1 الردة عند الحنفية: عبارة عن الرجوع عن الإيمان.
وعند المالكية: الردة كفر المسلم، يقول صريح أو بلفظ يقتضيه، أو يفعل يتضمنه.
وعند الشافعية: عبارة عن قطع الإسلام من مكلف أو هي قطع الإسلام بنية كفر، أو قول كفر، أو فعل كفر، وكفر، سواء في القول، قاله استهزاءاً، أو عناداً، أو اعتقاداً.
ينظر: "بدائع الصنائع" [7/ 134] ، و"فتح القدير" [6/ 68] ، و"حاشية الدسوقي" [4/ 301] ، و"روضة الطالبين" [10/ 64] ، و"قليوبي وعميرة" [4/ 174] .
2 أخرجه أحمد [1/ 282، 322، 323] ، والبخاري [14/ 267] ، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم: باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، حديث [6922] ، والنسائي [7/ 105] ، وابن حبان [12/ 421] ، كتاب الحظر والإباحة: فصل في التعذيب، حديث [5606] ، وأبو يعلى [4/ 410] ، حديث [2533] ، والطبراني [10/ 330] ، حديث [10638] ، والبيهقي [8/ 202] ، كلهم من طريق عن علي رضي الله عنه أنه أتى بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بدل دينه فاقتلوه".
وهذا لفظ البخاري وفي ألفاظ الباقين خلاف يسير.
وأخرجه النسائي [7/ 105] ، كتاب تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، حديث [4064] ، وابن حبان [10/ 327] ، كتاب الحدود: باب الردة، حديث [4475] ، وأبو يعلى [4/ 409] ، حديث [2532] ، والدارقطني [3/ 113] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [108] .
كلهم من طريقين عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من بدل دينه فاقتلوه".
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" [19/ 419] ، حديث [1013] .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 264] ، رواه الطبراني ورجاله ثقات.
4 أخرجه الطبراني في "الأسط" كما في "مجمع البحرين" للهيثمي [4/ 256] ، حديث [2428] ، من طريق أبي بكر الهذلي عن الحسن وشهر بن حوشب عنها به.
وقال: لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به موسى.
قال الهيثمي في "المجمع" [6/ 264] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف.(4/133)
حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ1، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ2، وَالْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ4.
1739- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحِسَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؛ "رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا"5، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مِثْلُهُ6،
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 18، 44، 47، 105، 112، 142] ، والبخاري [12/ 143] ، كتاب الأدب: باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، حديث [6104] ، ومسلم [1/ 325- النووي] ، كتاب الإيمان: باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر، حديث [111/ 60] ، وأبو داود [4/ 221] ، كتاب السنة: باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، حديث [4687] ، والترمذي [5/ 22] ، كتاب الإيمان: باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر، حديث [2637] ، ومالك في "موطأه" [2/ 984] ، كتاب الكلام: باب ما يكره من الكلام، حديث [1] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 512- بتحقيقنا] ، كتاب "البر والصلة" باب: "وعيد من سب مسلماً أو رماه بكفر"، حديث [3444، 3445] ، وابن حبان [1/ 484] ، كتاب الإيمان: باب صفات الرئيس، حديث [250] ، والبيهقي [10/ 208] ، كتاب الشهادات: باب ما ترك به شهادة أهل الأهواء.
كلهم من طريق عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
2 أخرجه أحمد [5/ 181] ، والبخاري [12/ 82] ، كتاب الأدب: باب ما ينهى عن السباب واللعن، حديث [6045] ، ومسلم [1/ 325- النووي] ، كتاب الإيمان: باب بيان حال من قال لأخيه المسلم: يا كافر، حديث [112/ 61] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 512- بتحقيقنا] ، كتاب البر والصلة: باب وعيد من سب مسلماً أو رماه بكفر، حديث [3446] ، والبخاري في "الأدب المفرد"، حديث [432] ، [433] .
3 أخرجه البخاري [12/ 143] ، كتاب الأدب: باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، حديث [6103] ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث.
4 اخرجه ابن حبان [1/ 483] ، كتاب الإيمان: باب صفات المؤمنين، حديث [248] .
5 أخرجه أحمد [6/ 114، 386، 454] ، ومسلم [7/ 223- نووي] ، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع، حديث [131/ 232] ، والبيهقي [7/ 278] ، والدارمي [2/ 97] ، كتاب الأطعمة: باب الأكل بثلاث أصابع، والحاكم [4/ 117] ، وصححه ووافقه الذهبي.
6 أخرجه أحمد [3/ 177، 290] ، ومسلم [7/ 225- نووي] ، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع، حديث [2034] ، وأبو داود [3/ 365] ، كتاب الأطعمة: باب في اللقمة تسقط، حديث [3845] ، والترمذي [4/ 259] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في اللقمة تسقط، حديث [1803] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 176] ، كتاب آداب الأكل: باب إذا سقطت اللقمة، والبيهقي [7/ 278] ، كتاب الصداق: "باب رفع اللقمة إذا سقطت وإنقاء القصعة والتمسح بالمنديل بعد اللعق". وعبد بن حميد [1352] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [11/ 117] ، كلهم من حديث أنس رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.(4/134)
وَجَاءَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ2 وَأَبِي هُرَيْرَةَ3.
__________
1 أخرجه أحمد [1/ 221، 293] ، والبخاري [10/ 723] ، [كتاب الأطعمة: باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل، حديث [5456] ، ومسلم [7/ 222- نووي] ، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع، حديث [129، 130/ 2031] ، وأبو داود [2/ 366] ، كتاب الأطعمة: باب في المنديل، حديث [3847] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 179] ، كتاب آداب: باب مسح اليد بالمنديل بعد اللعق، حديث [6776] ، وابن ماجة [2/ 1088] ، كتاب الأطعمة: باب لعق الأصابع، حديث [3269] ، وعبد بن حميد [626، 629] ، والحميدي [1/ 229] ، حديث [490] ، والبيهقي [7/ 278] ، كتاب الصداق: باب الأكل بثلاث أصابع ولعقها، والدارمي [2/ 95] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 90- بتحقيقنا] ، كتاب الأطعمة: باب لعق الأصابع، حديث [2869] ، كلهم من طرق عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أكل أحدكم، فلا يمسح يده حتى يلعقها، أو يلعقها".
زاد عبد بن حميد في إحدى روايتيه فإن آخر الطعام فيه بركة.
2 أخرجه أحمد [3/ 293، 301، 331، 337، 394] ، ومسلم [7/ 223- 224- نووي] ، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع، حديث [133، 134/ 2033] ، وابن ماجة [2/ 1088] ، كتاب الأطعمة: باب لعق الأصابع، حديث [3270] ، وعبد بن حميد [1067] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 179] ، كتاب آداب الأكل: باب العلة في اللعق، حديث [6777] ، والترمذي [4/ 259] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في اللقمة تسقط، حديث [1802] ، والبيهقي [7/ 278] ، كتاب الصداق: باب رفع اللقمة إذا سقطت وإنقاء القصعة والتمسح بالمنديل بعد اللعق.
كلهم من طريق عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة".
وهذا لفظ مسلم.
وأخرجه أحمد [3/ 315] ، ومسلم [7/ 224- نووي] ، كتاب الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع، حديث [135/ 2033] ، وابن ماجة [2/ 1091] ، كتاب الأطعمة: باب اللقمة إذا سقطت، حديث [3278] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 90- بتحقيقنا] ، كتاب الأطعمة: باب لعق الأصابع، حديث [2870] ، كلهم من طريق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه ... فذكر الحديث بنحو حديث أبي الزبير.
3 أخرجه أحمد [2/ 341] ، ومسلم [7/ 225- نووي] ، كتاب الأشربة: باب لعق الأصابع، حديث [137/ 2035] ، والترمذي [4/ 257] ، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في لعق الأصابع بعد الأكل، حديث [1801] ، كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أكل أحدكم فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أيتهن البركة".
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث سهيل، وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا حديث عبد العزيز من المختلف لا يعرف إلا من حديثه.(4/135)
حَدِيثُ: "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ"، تَقَدَّمَ فِي "اللِّعَانِ".
1740- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ رُومَانَ ارْتَدَّتْ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ تَابَتْ، وَإِلَّا قُتِلَتْ"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِينَ1، وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا: "فَأَبَتْ أَنْ تُسْلِمَ فَقُتِلَتْ"، وَإِسْنَادَاهُمَا ضَعِيفَانِ.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي الْأَصْلِ "أُمُّ رُومَانَ"، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ أُمُّ مَرْوَانَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنْ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً ارْتَدَّتْ يَوْمَ "أُحُدٍ"، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ2، وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ".
1741- حَدِيثُ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ3.
__________
1 أخرجه الدارقطني [3/ 118- 119] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [122] ، والبيهقي [8/ 203] ، كتاب المرتد: باب قتل المرتد عن الإسلام إذا ثبت عليه رجلاً كان أو امرأة.
كلاهما من طريق معمر بن بكار السعدي نا إبراهيم بن سعد –زاد البيهقي ثنا محمد بن عبيد بن عتيبة- عن الزهري عن محمد بن المنكدر عن جابر أن امرأة ... فذكر الحديث.
قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" [4/ 207] ، في حديثه وهم ولا يتابع على أكثره.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 119] : وأيضاً فيه محمد بن عبد الملك.
وأخرجه البيهقي من طريق آخر عن معمر بن بكار، ومن طريق ابن أخي الزهري عن عمه بمعناه.
وأخرجه الدارقطني [3/ 119] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [125] ، والبيهقي [8/ 203] ، كتاب المرتد: باب قتل من ارتد عن الإسلام، وابن عدي في "الكامل" [4/ 1530] ، كلهم من طريق عبد الله بن عطارد بن أذينة البصري عن هشام بن الغاز عن محمد بن المنكدر عن جابر.
قال ابن عدي: وهذا لا أعلم يرويه غير أذينة. قال البيهقي: في هذا الإسناد بعض من يجهل وقد روي من وجه آخر عن ابن المنكدر.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 458] ، وعبد الله بن أذينة جرحه ابن حبان؛ فقال: لا يجوز الاحتجاج به بحال، وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف: متروك، ورواه ابن عدي في "الكامل"، وقال: عبد الله بن عطارد بن أدينة منكر الحديث، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً.
2 أخرجه الدارقطني [3/ 118] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [121] ، من طريق محمد بن عبد الملك الأنصاري، عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 458] : ومحمد بن عبد الملك هذا، قال أحمد وغيره فيه: يضع الحديث.
3 تقدم تخريجه لشواهده.(4/136)
1742- قَوْلُهُ: "اشْتَدَّ نَكِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُسَامَةَ حِينَ قَتَلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ، وَقَالَ: إنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنِّي، فَقَالَ: "هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بِمَعْنَاهُ1.
1743- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتَابَ رَجُلًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ"، رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "كِتَابِ الْحُدُودِ"، مِنْ طَرِيقِ الْمُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ؛ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا، وَسَمَّى الرَّجُلَ "نَبْهَانَ".
حَدِيثُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَتَابَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ "ارْتَدَّتْ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "أَنَّ امْرَأَةً يُقَال لَهَا أُمُّ قِرْفَةَ"، كَفَرَتْ بَعْدَ إسْلَامهَا، فَاسْتَتَابَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَتُبْ، فَقَتَلَهَا"2، قَالَ اللَّيْثُ: هَذَا رَأْيِي، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَيْنَاهُ مِنْ وَجْهَيْنِ مُرْسَلَيْنِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ فِي السِّيَرِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ أُمَّ قِرْفَةَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ"، وَهِيَ غَيْرُ تِلْكَ، وَفِي "الدَّلَائِلِ" لِأَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ قَتَلَ "أُمُّ قِرْفَةَ" فِي سَرِيَّتِهِ إلَى "بَنِي فَزَارَةَ"3.
حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا وَفَدَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ مِنْ مُغْرِبَةِ خَبَرٍ؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، فَقَالَ مَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ فَقَالَ: قَرَّبْنَاهُ، وَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَأَسْقَيْتُمُوهُ؛ لَعَلَّهُ يَتُوبَ، اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إذْ بَلَغَنِي، مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
__________
1 أخرجه البخاري [7/ 590] ، كتاب المغازي، حديث [4269] ، ومسلم، كتاب الإيمان، حديث [96] ، وأحمد [5/ 205] ، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
وأخرجه أبو يعلى [3/ 91- 92] ، رقم [1522] ، من حديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن جندب بن عبد الله به.
وقال الهيثمي في "المجمع" [1/ 30] : هو في الصحيح باختصار رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى وفي إسناده عبد الحميد بن بهرام وشهر بن حوشب وقد اختلف في الاحتجاج بهما ا. هـ.
وللحديث شاهد من حديث أسامة بن زيد.
2 أخرجه البيهقي [8/ 204] ، كتاب المرتد: باب قتل من ارتد عن الإسلام إذا ثبت عليه رجلاً كان أو امرأة.
وأخرجه الدارقطني [3/ 114] ، في كتاب الحدود والديات، حديث [110] ، من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر قتل أم قرفة الفزارية في ردتها، قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها، وأم ورقة الأنصارية كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسميها الشهيدة فلما كان في خلافة عمر رضي الله عنه قتلها غلامها وجاريتها فأتى بهما عمر بن الخطاب فقتلهما وصلبهما.
3 أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" [534- 535/] رقم [462] .(4/137)
الْقَارِيّ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا1.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ لم يتأنى بِالْمُرْتَدِّ زَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلْنَا عَلَى تَسَتُّرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَنَسُ مَا فَعَلَ الستة؛ لرهط مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الذي ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قُتِلُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، فَاسْتَرْجَعَ، قُلْت: وَهَلْ كَانَ سَبِيلُهُمْ إلَّا الْقَتْلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْت أَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَوْا أَوْدَعْتُهُمْ السِّجْنَ2
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "مِنْ مُغْرِبَةٍ" يُقَالُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْإِضَافَةِ فِيهِمَا، مَعْنَاهُ: هَلْ مِنْ خَبَرٍ جَدِيدٍ جَاءَ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: شُيُوخُ "الْمُوَطَّأِ" فَتَحُوا الْغَيْنَ وَكَسَرُوا الرَّاءَ وَشَدَّدُوهَا.
1744- حَدِيثُ: "أَنَّ أُمَّ مُحَمَّدِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ" كَانَتْ مُرْتَدَّةً، فَاسْتَرَقَّهَا عَلِيٌّ، وَاسْتَوْلَدَهَا الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الرِّدَّةِ" مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ؛ "أَنَّهُ قَسَمَ سَهْمَ بَنِي حَنِيفَةَ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، وَقَسَمَ عَلَى النَّاسِ أَرْبَعَةً، وَعَزَلَ الْخُمُسَ حَتَّى قَدِمَ بِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ"، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ.
قُلْت: وَرَوَيْنَا فِي جُزْءِ ابْنِ عَلَمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْحَنَفِيَّةَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَأَخْبَرَ عَلِيًّا أَنَّهَا سَتَصِيرُ لَهُ، وَأَنَّهُ يُولَدُ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: "أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ مِنْ أهل الردة جاؤوا تَائِبِينَ: تَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ"، تَقَدَّمَ فِي "كِتَابِ الْبُغَاةِ".
__________
1 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 837] ، كتاب الأقضية [2/ 837] ، كتاب الأقضية: باب القضاء فيمن ارتد عن الإسلام، حديث [16] ، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" [2/ 87] ، كتاب الحدود: باب فيما جاء في قطاع الطريق وحكم من ارتد أو سحر وأحكام آخر، حديث [286] ، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي [8/ 206- 207] ، كتاب المرتد: باب من قال يحبس ثلاثة أيام، وفي "معرفة السنن والآثار" [6/ 309] ، كتاب المرتد: باب استتابة المرتد، حديث [5032] .
2 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 207] ، كتاب المرتد: باب من قال: يحبس ثلاثة أيام.(4/138)
كِتَابُ حَدِّ الزنا
مدخل
...
36- كتاب حد الزِّنَا1
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ"، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ "بَابِ الْجِرَاحِ".
1745- حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهِ بِهَذَا2.
__________
1 الزنا لغة وشرعاً:
الزنا يمد ويقصر: مصدر زني الرجل، يزني زنى وزناء، فجر، وزنت المرأة تزني زنى وزناء فجرت.
وزاني مزاناة وزناء، والمرأة تزاني مزاناة وزناء، أي تباغي، وهو بالقصر لغة أهل الحجاز.
قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الاسراء: 32] بالقصر.
ولوقوع الألف ثالثة قلبت ياء والنسبة إليه زنوي.
وبالمد لغة أهل "نجد" و"بني تميم" وأنشد: [البسيط]
أما الزناء فإني لست قاربه ... والمال بيني وبين الخمر نصفان
وقال الفرذدق: [الطويل]
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه ... ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكراً
والنسبة إليه زنائي، وزناه نسبة إلى الزنا، وهو ابن زنية بالفتح والكسر أي ابن زنا.
ومعناه في كل ما تقدم الفجور، وأما زنى الموضع زنوا فمعناه ضاق، ووعاء زني، أي ضيق.
والاسم منه الزنا بفتح الزاي.
الزنا شرعاً:
عرفه الشافعية: بأنه إدخال مكلف واضح الذكورة، أولج حشفة ذكره الأصلي المتصل، أو قدرها منه عند فقدها، في قبل واضح الأنوثة، ولو غوراء.
وعرفه ابن عرفة: بأنه مغيب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة جلية عمداً.
وقيل: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك فيه باتفاق تعمداً.
وقيل: إيلاج مسلم مكلف حشفة في فرج آدمي، مطيق، عمداً، بلا شبهة.
2 أخرجه مسلم [3/ 1316] ، كتاب الحدود: باب حد الزاني، حديث [12/ 1690] ، وأبو داود [4/ 569- 570] ، كتاب الحدود: باب في الرجم حديث [4415] ، والترمذي [4/ 41] ، كتاب الحدود: باب الرجم على الثيب، حديث [1434] ، والدارمي [2/ 181] ، كتاب الحدود: باب في تفسير قول الله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] ، وأحمد [5/ 313، 317، 318، 320، 321] ، وابن أبي شيبة [10/ 8] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 298- منحة] ، رقم [1514] ، ابن الجارود في "المنتقى" [810] ، والطبري في "تفسير" [4/ 198] ، وابن حبان [4408/ 4409، 4410، 4426- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 134] ، وفي "مشكل الآثار" [1/ 92] ، البيهقي [8/ 210] ، كتاب الحدود: باب جلد الزانيين ورجم الثيب، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [1/ 113] ، من طريق عن الحسن عن =(4/139)
1746- حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا نَبِيًّا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، وَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَتَلَوْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا؛ "الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا، فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ؛ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ، وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وَقَدْ رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِي آخره: "وَلَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَأُثَبِّتُهُ عَلَى حَاشِيَةِ الْمُصْحَفِ"، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَانَ ذَلِكَ بِمَشْهَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ مُطَوَّلًا1، وَلَيْسَ فِيهِ: "فِي حَاشِيَةِ الْمُصْحَفِ"، وَقَالَ: "آيَةُ الرَّجْمِ"، وَلَمْ يَذْكُرْ: "الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ".
__________
= حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت به.
والحديث أخرجه الشافعي [2/ 77] ، كتاب الحدود: باب الزنا، حديث [252] ، والطيالسي [1/ 298- منحة] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 457- بتحقيقنا] ، من طريق الحسن عن عبادة بن الصامت دون ذكر حطان بن عبد الله قلت: ولعل ذلك من تدليسات الحسن فأسقط حطان بن عبد الله ورواه عن عباد دون واسطة.
تنبيه:
وهذا الحديث [2550] ، من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن عبادة بن الصامت.
قال الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" [4/ 247] : هذا وهم –والله أعلم- فإن المحفوظ بهذا الإسناد، حديث حطان ا. هـ.
وقد روى هذا الحديث الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيضة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "خذوا عني جعل الله لهن سبيلاً ... " الحديث.
أخرجه أحمد [3/ 476] .
قال ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 456] ، رقم [1370] : سألت أبي عن حديث رواه الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً ... " الحديث قال أبي: هذا خطأ إنما رواه الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسم ا. هـ.
ومن هذا الطريق ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 267] .
وقال: رواه أحمد وفيه الفضل بن دلهم وهو ثقة ولكنه أخطأ في هذا الحديث.
1 أخرجه البخاري [12/ 148، 149] ، كتاب الحدود: باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت، رقم [6830] ، [13/ 315، 316] ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحض على اتفاق أهل العلم، وما اجتمع عليه الحرمان: مكة المدينة ... ، رقم [7323] ، ومسلم [3/ 1317] ، كتاب الحدود: باب رجم الثيب الزاني، رقم [15/ 1691] ، وأبو داود [2/ 550] ، كتاب الحدود: باب في الرجم، رقم [4418] ، والترمذي [4/ 38، 39] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في تحقيق الرجم، رقم [1423] ، وابن ماجة [2/ 853] ، كتاب العتق: باب الرجم، رقم [2553] ، ومالك [2/ 823] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، رقم [8] مختصراً.
والبيهقي [8/ 210- 211] ، كلهم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن عمر رضي الله عنه أنه خطب ... فذكر الحديث وفيه آية الرجم.(4/140)
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَمَامِهِ، وَعَزَاهُ لِلشَّيْخَيْنِ، وَمُرَادُهُ أَصْلُ الْحَدِيثِ.
وَفِي رِوَايَةِ للترمذي: "لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَزِيدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهُ فِي الْمُصْحَفِ؛ فَإِنِّي قَدْ خَشِيت أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ فَلَا يَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَكْفُرُونَ بِهِ"1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أمامة بنت سَهْلٍ، عَنْ خَالَتِهِ الْعَجْمَاءِ بِلَفْظِ: "الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا، فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ، لِمَا قَضَيَا مِنْ اللَّذَّةِ"، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ2.
وَفِي "صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ" مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ: كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ "الْأَحْزَابِ" مِنْ آيَةٍ؟ قَالَ: قُلْت: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ، قَالَ: وَاَلَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، كَانَتْ سُورَةُ "الْأَحْزَابِ" تُوَازِي سُورَةَ "الْبَقَرَةِ"، وَكَانَ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ: "الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ"، الْحَدِيثَ3.
__________
1 أخرجه الترمذي [4/ 38] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في تحقيق الرجم، حديث [1431] ، ومالك [2/ 824] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، حديث [10] ، والشافعي [1487] ، وأحمد [1/ 36] ، من طريق سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله تعالى: ولقد رجم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجمنا بعنده فوالذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها "الشيخ والشيخة" إذا زنيا فارجموهما البتة، فإنا قد قرأناها.
واللفظ للشافعي:
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 270- 271] ، كتاب الرجم: باب نسخ الجلد عن الثيب، حديث [7146، 7147] ، والطبراني في "الكبير" [24/ 350] ، رقم [867] ، وابن منده في "المعرفة"، كما في "تخريج المختصر" [2/ 304] ، لابن حجر كلهم من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن خالته العجماء قالت: لقد أقراناها رسول الله صلى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة.
وقال الحافظ في "تخريج المختصر": وسنده حسن، وجود إسناده أيضاً ابن كثير في "تحفة الطالب" ص [384] ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 268] ، رجاله رجال الصحيح.
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 271- 272] ، كتاب الرجم: باب نسخ الجلد عن الثيب، حديث [7150] ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" [5/ 132] ، والحاكم [4/ 359] ، وابن حبان [1756- موارد] .
كلهم من طريق عاصم بن أبي النجود عن ذر قال: قال أبي بن كعب: كم تعدون سورة الأحزاب آية؟
قلنا: ثلاثاً وسبعين.
فقال أبي: كانت لتعد سورة البقرة، ولقد كان فيها آية الرجم، والشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم.
وهذا لفظ النسائي والألفاظ متقاربة وزاد ابن حبان في أول الحديث لقيت أبي بن كعب فقلت له: إن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول: إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.(4/141)
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تقدم في "كتاب اللِّعَانِ".
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَمَهُ، وَعَنْ بُرَيْدَةَ: أَنَّ امْرَأَةً اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِثْلُ ذَلِكَ فِي امْرَأَةٍ مِنْ "جُهَيْنَةَ"، انْتَهَى.
أَمَّا حَدِيثُ مَاعِزٍ: فَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1 وَابْنِ
__________
1 أخرجه البخاري [12/ 136] ، كتاب الحدود: باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟ حديث [6825] ، ومسلم [3/ 1318] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنا، حديث [16/ 1691] ، وأحمد [2/ 453] ، والبيهقي [8/ 219] ، كتاب الحدود: باب من أجاز أن لا يحضر الإمام، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 465، 466- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل من الناس وهو في المسجد فناداه: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال: يا رسول الله إني زنيت فإعرض عنه فجاء لشق وجه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعرض عنه فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أبك جنون"؟ قال: لا يا رسول الله فقال: "أحصنت"؟ قال: نعم يا رسول الله قال: "اذهبوا فارجموه".
وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة:
أخرجه الترمذي [4/ 27] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، حديث [1428] ، وابن ماجة [2/ 854] ، كتاب الحدود: باب الرجم، حديث [2554] ، وأحمد [2/ 286- 287، 450] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [819] ، وابن حبان [2422- الإحسان] ، والحاكم [4/ 336] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 465- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه ثم جاءه من شقه الأيمن فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فأعرض عنه ثم جاءه من شقه الأيسر فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فأعرض عنه ثم جاءه فقال: إني قد زنيت قال ذلك أربع مرات فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انظلقوا به فأرجموه"، فانطلقوا به فلما مسته الحجار أدبر يشتد فلقيه رجل في يده لحي جمل فضربه به فصرعه فذكروا ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "فهلا تركتموه".
وقال الترمذي: حديث حسن وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان:
وقال البغوي عقبه: هذا حديث متفق على صحته، وهو وهم متفق على صحته من حديث أبي هريرة ولكن ليس من هذا الطريق.
وللحديث طريق ثالث عن أبي هريرة.
أخرجه أبو داود [4/ 579] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4429] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 276- 277] ، كتاب الرجم: باب استقصاء الإمام على المعترف عنده بالزنا، حديث [7164] ، وأبو يعلى [10/ 524- 525] ، رقم [6140] ، كلهم من طريق =(4/142)
عَبَّاسٍ1 وَجَابِرٍ2، وَلَمْ يُسَمِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فَسَمَّاهُ، قَالَ جَاءَ
__________
= ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن ابن عم لأبي هريرة عن أبي هريرة: أن ماعز بن مالك جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فأعرض عنه حتى قالها أربعاً فلما كان في الخامسة قال: "زنيت"، قال: نعم، قال: "وتدري ما الزنى"؟ قال: نعم، أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً، قال: "ما تريد إلى هذا القول"؟ قال: أريد أن تطهرني قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدخلت ذلك منك في ذلك منها كما يغيب الميل في المكحلة والعصا في الشيء"؟ قال: نعم يا رسول الله قال: فأمر برجمه فرجم فسمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلين يقول أحدهما لصاحبه: ألم تر إلى هذا ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب فسار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً ثم مر بجيفة حمار فقال: "أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا جيفة هذا الحمار"، قالا: غفر الله لك يا رسول الله وهل يؤكل هذا؟ قال: "فما نلتما من أخيكما آنفاً أشد أكلاً منه والذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة يتقمص فيها".
وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن عم أبي هريرة، لكن أخرجه عبد الرزاق [7/ 322] ، رقم [13340] عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت عن أبي هريرة به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود [4/ 579] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4428] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 277] ، كتاب الرجم: باب ذكر استقصاء الإمام على المعترف عنده بالزنا، حديث [7165] ، وابن الجارود رقم [814] ، وابن حبان [1513- موارد] ، والدارقطني [3/ 196- 197] ، كتاب الحدود والديات، حديث [339] ، والبيهقي [8/ 227] ، كتاب الحدود: باب من قال: لا يقام عليه الحد حتى يعترف أربع مرات.
وقد اخرجه ابن حبان [1514- موارد] ، من طريق زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير به.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 277] ، كتاب الرجم، حديث [7166] ، من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزبير، وصححه ابن حبان.
وقال النسائي: عبد الرحمن بن الهضهاض ليس بمشهور قلت: ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" [5/ 297] ، والبخاري في "تاريخه الكبير" [5/ 361] ، ولم يدكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات".
1 أخرجه مسلم [3/ 1320] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث [19] 1693، وأبو داود [4/ 579] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4425] ، والترمذي [4/ 35] ، كتاب الحدود: باب التلقين في الحد، حديث [1427] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 279] ، كتاب الرجم: باب الاعتراف بالزنا أربع مرات، حديث [7171، 7172، 7173] ، وأحمد [1/ 245، 314، 328] ، وعبد الرزاق [7/ 324] ، رقم [13344] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 299- منحة] ، رقم [1520] ، وأبو يلعى [4/ 453] ، رقم [2580] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 142] ، باب الاعتراف بالزنى الذي يجب به الحد ما هو، كلهم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك"؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان"، قال: نعم قال: فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس:
أخرجه البخاري [12/ 138] ، كتاب الحدود: باب هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت؟ حديث [3824] ، وأبو داود [4/ 580] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، =(4/143)
..................................................................................
__________
= حديث [4427] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 278- 279] ، كتاب الرجم: باب مسألة المتعترف بالزنا عن كيفيته، حديث [7169] ، وأحمد [1/ 238، 270] ، والدارمي [3/ 121] ، كتاب الحدود والديات، حديث [131، 132] ، والبيهقي [8/ 226] ، كتاب الحدود: باب من قال: لا يقام عليه الحد حتى يعترف أربع مرات، وابن حزم في "المحلى" [11/ 179] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 467- بتحقيقنا] ، والطبراني في "الكبير" [11/ 338] ، رقم [11936] ، كلهم من طريق جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت"؟ قال: لا يا رسول الله قال: أنكتها؟ -لا يكنى- قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وأخرجه أبو داود [4/ 578] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4421] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 279] ، كتاب الرجم: باب مسألة المعترف بالزنا عن كيفيته، حديث [7170] ، كلاهما من طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن ماعز بن مالك أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إنه زنى فأعرض عنه فأعاد عليه مراراً، فأعرض عنه فسأل قومه: "أمجنون هو"؟ قالوا: ليس به بأس قال: "أفعلت بها"؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم فانظلق به فرجم ولم يصل عليه.
وأخرجه أحمد [1/ 289، 325] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 278] ، كتاب الرجم: باب مسألة المعترف بالزنا عن كيفيته، حديث [7168] ، والدارقطني [3/ 122] ، كتاب الحدود والديات، حديث [133] ، كلهم من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس أن الأسلمي أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاعترف بالزنا فقال: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت".
واللفظ للنسائي في الكبرى.
2 أخرجه البخاري [12/ 129] ، كتاب الحدود: باب الرجم بالمصلى، حديث [6820] ، ومسلم [3/ 1318] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث [16/ 1691] ، وأبو داود [4/ 580] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4430] ، والترمذي [4/ 28] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، حديث [1429] ، والنسائي [4/ 62- 63] ، كتاب الجنائز: باب ترك الصلاة على المرجوم، وأحمد [3/ 323] ، وابن الجارود رقم [813] ، والدارقطني [3/ 127- 128] ، كتاب الحدود والديات، حديث [146] ، كلهم من طريق عبد الرزاق في "المصنف" [7/ 320] ، رقم [13337] ، عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه فاعترف عنده بالزنى ثم اعترف فأعرض عنه ثم اعترف فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبك جنون"؟ قال: لا، قال: "أحصنت"؟ قال: نعم، قال: فأمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك فرجم حتى مات فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيراً ولم يصل عليه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
أما البخاري فقال في روايته: وصلى عليه، وقد رواه من طريق محمود بن غيلان عن عبد الرزاق به.
قال الحافظ في "الفتح" [12/ 133] : قوله وصلى عليه: هكذا وقع هنا عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق وخالفه محمد بن يحيى الذهلي وجماعة عن عبد الرزاق فقالوا في آخره ولم =(4/144)
مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، الْحَدِيثَ1، وَفِيهِ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
__________
= يصل عليه. قال المزي في حاشية "السنن": رواه ثمانية أنفس عن عبد الرزاق فلم يذكروا قوله: وصلى عليه. قلت قد أخرجه أحمد في "مسنده" عن عبد الرزاق ومسلم عن إسحاق بن راهويه وأبو داود عن محمد بن المتوكل العسقلاني وابن حبان من طريقه زاد أبو داود والحسن بن علي الخلال والترمذي عن الحسن بن علي المذكور والنسائي وابن الجارود عن محمد بن يحيى الذهلي زاد النسائي ومحمد بن رافع ونوح بن حبيب والإسماعيلي والدارقطني من طريق أحمد بن منصور الرمادي زاد الإسماعيلي: ومحمد بن سهل الصغاني فهؤلاء أكثر من عشر أنفس خالفوا محموداً منهم من سكت عن هذه الزيادة ومنهم من صرح بنفيها. ا. هـ.
قلت: وعليه فزيادة وصلى زيادة شاذة تفرد بها محمود بن غيلان وخالف فيها "الثقات".
وقد رواه ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن رجلاً من أسلم أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه أنه زنى فشهد على نفسه أنه زنى أربعاً فأمر برجمه، وكان قد أحصن.
أخرجه الدارمي [2/ 176] ، كتاب الحدود: باب الاعتراف بالزنا من طريق أبي عاصم عن ابن جريج به.
وللحديث طريق آخر عن جابر:
أخرجه أبو داود [4/ 577] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4420] ، من طريق محمد بن إسحاق قال: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك فقال لي: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب قال: حدثني ذلك من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فهلا تركتموه" من شئتم من رجال أسلم ممن لا أتهم قال: ولم أعرف هذا الحديث قال: فجئت جابر بن عبد الله فقلت: إن رجلاً من أسلم يحدثون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجارة حين أصابته: ألا تركتموه وما أعرف الحديث، قال: يا ابن أخي أنا أعلم الناس بهذا الحديث كنت فيمن رجم الرجل إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردوني إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير قاتلي فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبرناه قال: فهلا تركتموه وجئتموني به؟ ليستثبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه فأما لترك حد فلا. قال: فعرفت وجه الحديث.
1 أخرجه مسلم [3/ 1321] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث [22/ 1695] ، وأبو داود [4/ 581] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك والنسائي في "الكبرى" [4/ 276] ، كتاب الرجم: باب كيف الاعتراف بالزنا، حديث [7163] ، وأحمد [5/ 347- 348] ، والدارقطني [3/ 91- 92] ، كتاب الحدود والديات، حديث [39] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 468، 469- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق غيلان بن جامع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله طهرني، فقال: "ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه"، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ذلك. حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فيم أطهرك"؟ فقال: من الزنى. فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبه جنون"؟ فأخبر أنه ليس بمجنون. فقال: "أشرب خمراً"؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أزنيت"؟ =(4/145)
وَأَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا1.
__________
= فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز: أنه جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجار، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال: "استغفروا لماعز بن مالك"، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم"، قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد، فقالت: يا رسول الله: طهرني. فقال: "ويحك! ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه"، فقالت: أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك. قال: "وما ذاك"؟ قالت: إنها حبلى من الزنى، فقال: "آنت" قالت: نعم، فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: "إذاً لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه" فقام رجل من الأنصار، فقال: إلي رضاعه يا نبي الله! قال: فرجمها.
قال الدارقطني: حديث صحيح.
وقال النسائي: هذا صالح الإسناد.
1 أخرجه مسلم [3/ 1324] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنا، حديث [24/ 1996] ، وأبو داود [2/ 556] ، كتاب الحدود: باب المرأة التي أمر النبي برجمها من جهينة، حديث [4440] ، والترمذي [4/ 33] ، كتاب الحدود: باب تربص الرجم بالحبلى حتى تضع، حديث [1435] ، والدارمي [2/ 180- 181] ، كتاب الحدود: باب الحامل إذا اعترفت بالزنا، وأحمد [4/ 429- 430، 438، 440] ، وعبد الرزاق [7/ 325] ، رقم [13348] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 299، 300- منحة] ، رقم [1524] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [815] ، وابن حبان [4424- الإحسان] ، والبيهقي [8/ 217] ، كتاب الحدود: باب المرجوم يغسل ويصلى عليه ثم يدفن، كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن امرأة من جهينة اعترفت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالزنا فقالت: أنا حبلى فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليها فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأخبرني ففعل فأمر بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشكت عليها ثيابها ثم أمر برجمها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر: يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى".
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وفي الباب من أحاديث الرجم عن جابر بن سمرة، ونعيم بن هزال وأبي بكر الصديق وأبي ذر ورجل من الصاحبة وسهل بن سعد وابن برزة الأسلمي وعن سعيد بن المسيب والشعبي كلاهما مرسلاً.
حديث جابر بن سمرة:
أخرجه مسلم [3/ 1318- 1319] ، كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث [17/ 1692] ، وأبو داود [4/ 578] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث =(4/146)
قَوْلُهُ: "وَالرَّجْمُ مِمَّا اُشْتُهِرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَالْيَهُودِيِّينَ، وَعَلَى
__________
= [4422] ، والدارمي [2/ 176- 177] ، كتاب الحدود: باب الاعتراف بالزنا، وأحمد [5/ 91، 99، 102، 103] ، وعبد الرزاق [7/ 324] ، رقم [13343] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 299- منحة] ، رقم [1522] ، وأبو يعلى [13/ 443- 444] ، رقم [7446] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 142] ، كتاب الحدود: باب الاعتراف بالزنى، والبيهقي [8/ 226] ، كتاب الحدود: باب من قال: لا يقام عليه الحد حتى يعترف أربع مرات، من طريق عن سماك بن جرب عن جبار بن سمرة قال: رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاسراً ما عليه رداء فشهد على نفسه أربع مرات أنه قد زنى فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فلعلك"؟ قال: لا والله إنه قد زنى الآخر، قال: فرجمه ثم خطب فقال: "ألا كلما نفروا في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة أما إن أمكنني الله من أحد منهم لأنكلن عنهن".
وللحديث طريق آخر:
أخرجه البزار [2/ 218، 219- كشف] ، رقم [1556] ، حدثنا صفوان بن المغلس ثنا بكر بن خداش ثنا حرب بن خالد بن جابر بن سمرة عن أبيه عن جده، قال: جاء ماعز إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فأعرض بوجهه ثم جاءه من قبل وجهه فأعرض عنه فجاءه الثالثة فأعرض عنه ثم جاءه الرابعة فلما قال له ذلك، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: "قوموا إلى صاحبكم فإن كان صحيحاً فارجموه" فسئل عنه فوجد صحيحاً فرجم فلما أصابته الحجارة حاضرهم وتلقاه رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلحى جمل فضربه به فقتله فقال أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلا إنه قد تاب توبة لو تابها أمة من الأمم تقبل منهم.
قال الهيثمي في "الكشف": له حديث في الصحيح بغير السياق، وذكره الهيثمي في "المجمع" [6/ 270- 271] ، وقال: قلت لسمرة حديث في "الصحيح" بغير سياقه رواه البزار عن شيخه صفوان بن المغلس ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
حديث أبي سعيد:
أخرجه مسلم [3/ 1320- 1321] ، كتاب الحدود: باب فيمن اعترف على نفسه بالزنى، حديث [20/ 1694] ، وأبو داود [4/ 581] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4431] ، وأحمد [3/ 2- 3] ، كلهم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد أن رجلاً من أسلم يقال له: ماعز بن مالك أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني اصبت فاحشة فأقمة على فرده النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مراراً: قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأساً إلا أنه أصاب شيئاً يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد قال: فرجع إلى الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرنا أن نرجمه قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة، يعني: الحجارة حتى سكت ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطيباً من العشى، فقال: "أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس علي أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به"، قال: فما استغفر له ولا سبه.
حديث نعيم بن هزال:
أخرجه ابن أبي شيبة [10/ 71] ، كتاب الحدود: باب الزنى كم مرة يرد، حديث [8816] ، وأحمد [5/ 216- 217] ، وأبو داود [4/ 573] ، كتاب الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، حديث [4419] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 290- 291] ، كتاب الرجم: باب إذا اعترف بالزنا =(4/147)
ذَلِكَ جَرَى الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، فَبَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ"، انْتَهَى، فَأَمَّا مَاعِزٌ وَالْغَامِدِيَّةُ فَتَقَدَّمَا، وَأَمَّا قِصَّةُ
__________
= ثم رجع، حديث [7205] ، والطبراني في "الكبير" [22/ 201- 202] ، رقم [530، 531] ، والحاكم [4/ 363] ، كتاب الحدود: باب الحفر عند الرجم، والبيهقي [8/ 228] ، كتاب الحدود: باب المعترف بالزنا يرجع عن إقراره، وابن حزم في "المحلى" [11/ 177] ، كلهم من طريق يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: كان ماعز بن مالك يتيماً حجر أبي فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجاً فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله حتى قالها أربع مرات قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنك قد قلتها أربع فيمن؟ قال: بفلانة، قال: "هل ضاجعتها"؟ قال: نعم، قال: "هل باشرتها"؟ قال: نعم، قال: "هل جامعتها"؟ قال: نعم، قال: فأمر أن يرجم، فأخرج به إلى الحرة فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بغير فرماه به فقتله ثم أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك ففال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والحديث أعله ابن حزم بالإرسال.
قال العلاني في "جامع التحصيل" ص [292] : نعيم بن هزال الأسلمي مختلف في صحبته أخرج له أبو داود والنسائي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال ابن عبد البر هو أولى بالصواب ولا صحبة لنعيم وإنما الصحابة لأبيه. قلت: والحديث فيه اختلاف كثير ا. هـ.
حديث أبي بكر الصديق:
أخرجه أحمد [1/ 8] ، وأبو يعلى [1/ 42، 43] ، رقم [40، 41] ، والبزار [2/ 217- كشف] ، رقم [1554] من طريق جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه ماعز بن مالك فاعترف بالزنى فرده ثم عاد ثانية فرده ثم عاد الثالثة فرده، فقلت: إن عدت الرابعة رجمك فعاد الرابعة فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحبسه ثم أرسل فسأل عنه قالوا: لا نعلم إلا خيراً فأمر برجمه.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزائد" [6/ 269] ، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ولفظه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد ماعزاً أربع مرات ثم أمر برجمه والطبراني في "الأوسط" إلا أنه قال: ثلاث مرات وفي أسانيدهم كلها جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف.
حديث أبي ذر:
أخرجه أحمد [5/ 179] ، والبزار [2/ 217، 219- كشف] ، رقم [1555] ، كلاهما من طريق الحجاج بن أرطأة عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن المقدام عن نسعة بن شداد عن أبي ذر قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فأتاه رجل فقال: إن الآخر زنى فأعرض عنه ثلاث مرات ثم رجع فأمرنا فحفرنا له حفيرة ليست بالطويلة فرجم فارتحل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كئيباً حزيناً فسرنا حتى نزلنا منزلاً فسري عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا أبا ذر ألم تر إلى صاحبكم قد غفر له وأدخل الجنة".
قال البزار: لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلا أبو داود وعبد الملك معروف وعبد الله بن المقدام ونسعة لا نعلمهما ذكرا إلا في هذا الحديث، والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" [6/ 269] ، وقال: رواه أحمد والبزار وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس.
حديث رجل من الصحابة: =(4/148)
الْيَهُودِيَّيْنِ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا، وَأَمَّا عَمَلُ الْخُلَفَاءِ فَسَيَأْتِي عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ.
1747- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- جَلَدَ شُرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ، ثُمَّ رَجَمَهَا،
__________
= اخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 289] ، كتاب الرجم: باب الرجم كيف يفعل بالرجل وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، حديث [7201] ، من طريق سلمة بن كهيل قال: حدثني أبو مالك عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع مرات كل ذلك يرده ويقول: أخبرت أحداً غيري ثم أمر برجمه فذهبوا به إلى مكان يبلغ صدره إلى حائط فذهب يثب فرماه رجل ...
حديث سهل بن سعد:
ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 271] ، عنه قال: شهدت ماعزاً حين أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمه فاتبعه الناس يرجمونه حتى لقيه عمر بالجبانة فضربه بلحى جمل فقتله.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي سبرة وهو كذاب.
حديث أبي بزرة الأسلمي:
أخرجه ابن أبي شيبة [10/ 78] ، كتاب الحدود: باب في الزاني كم مرة يرد، حديث [8831] ، وأحمد [4/ 423] ، وأبو يعلى [13/ 426] ، رقم [7431] من طريق مساور بن عبيد، قال: حدثني ابو برزة قال: رجم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً منا يقال له ماعز بن مالك.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 268] ، وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
مرسل سعيد بن المسيب:
أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 281] ، كتاب الرجم: باب اختلاف الزهري وسعيد بن المسيب في هذا الحديث من طريق مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له: إن الآخر قد زنى، فقال أبو بكر: هل ذكرت ذلك لأحد غيري؟ قال: لا، قال: فاستتر يستر الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده فأتى عمر فقال له مثل ما قاله لأبي بكر فقال له عمر ما قال له أبو بكر فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن الآخر قد زنى قال سعيد: فأعرض عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث مرات كل ذلك يعرض عنه حتى إذا أكثر عليه بعث إلى أهله فقال: أيشتكي؟ ابه جنة؟ فقالوا: والله إنه لصحيح فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبكر أم ثيب"؟ قال: بل ثيب فأمر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجم.
مرسل الشعبي:
أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 538] ، كتاب الحدود: باب في الزاني كم مرة يرد، حديث [28770] ، من طريق جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: شهد ماعز على نفسه أربع مرات أنه قد زنى فأمر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرجم.
وقصة ماعز في الزنا ورجمه قد عدها الحافظ السيوطي متواترة فذكرها في كتابه "الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة" ص [59] ، رقم [82] ، وعزاها إلى الشيخين عن جابر بن عبد الله وابن عباس ومسلم عن بريدة وجابر بن سمرة وأبي سعيد وأبي داود عن اللجلاج ونعيم بن هزال وأبي هريرة، والنسائي عن رجل من الصحابة ومن مرسل ابن المسيب وأحمد عن أبي بكر الصديق وأبي ذر، وأبن أبي شيبة في "المصنف" عن نصر والد عثمان ومن مرسل عطاء بن يسار والشعبي، وابي مرة في "سننه" عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف.(4/149)
وَقَالَ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ1، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا وَلَمْ يَجْلِدْهُ، وَرَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ جَلَدَهَا، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِفِعْلِهِ هَذَا، وَمَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ فَعَنْ عُمَرَ خِلَافُهُ"، انْتَهَى.
فَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ فَتَقَدَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْغَامِدِيَّةِ فَتَقَدَّمَ قَبْلَهُ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَهُوَ ابْنُ سَمُرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَلْدًا2".
وَأَمَّا قِصَّةُ عَلِيٍّ مَعَ شُرَاحَةَ، فَرَوَاهَا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يُسَمِّهَا3.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَعَنْ عُمَرَ خِلَافُهُ؛ يَعْنِي: أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ ذَلِكَ مُجْتَهِدًا.
وَأَنَّ عُمَرَ تَرَكَهُ مُجْتَهِدًا فَتَعَارَضَا، وَلَمْ أَرَهُ عَنْ عُمَرَ صَرِيحًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِهِ
__________
1 أخرجه البخاري [12/ 117] ، كتاب الحدود: باب رجم المحصن، حديث [6812] ، وأحمد [1/ 93، 107، 141، 153] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 140] ، من طريق سلمة بن كهيل عن الشعبي قال: جلد علي رضي الله عنه شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله.
قال الحافظ في "الفتح" [12/ 119] : قد طعن بعضهم كالحازمي في هذا الإسناد بأن الشعبي لم يسمعه من علي وأدخل بعضهم ابن أبي ليلى بينهما وقال آخرون: الشعبي عن أبيه عن علي وحزم الدارقطني بأن الزيادة في الإسنادين وهم وبأن الشعبي سمع هذا الحديث من علي قال: ولم يسمع منه غيره ا. هـ.
وأخرجه أبو يعلى [1/ 249] ، رقم [290] ، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 329] ، من طريق هشيم عن إسماعيل بن سالم عن الشعبي به. وزاد أبو نعيم في الإسناد حصين بن عبد الرحمن مع إسماعيل.
وأخرجه الحاكم [4/ 365] ، من طريق جعفر بن عون، وأبو نعيم [4/ 329] ، من طريق سفيان كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت الشعبي وسئل: هل رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: رأيته أبيض الرأس واللحية قيل: فهل تذكر عنه شيئاً قال: نعم، أذكر أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة فقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واللفظ للحاكم.
وقال الحاكم: وهذا إسناد صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي [8/ 220] ، كتاب الحدود: باب من اعتبر حضور الإمام والشهود وبداية الإمام الرجم، من طريق أبي حصين والأجلح عن الشعبي به.
2 تقدم تخريجه في شواهد حديث ماعز.
3 ينظر تخريجه في الحديث قبل السابق.(4/150)
حَدِيثَ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إلَّا الرَّجْمُ؛ وَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا1.
1748- حَدِيثُ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فِي الْبَيْعَةِ: "أو تزني الْحُرَّةُ! " الْحَازِمِيُّ فِي "النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ"؛ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قِصَّةِ مُبَايَعَةِ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَفِيهِ: "فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يَزْنِينَ"، قَالَتْ: أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟! لَقَدْ كُنَّا نستحيي مِنْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَكَيْفَ فِي الْإِسْلَامِ؟ "، وَهَذَا مُرْسَلٌ2، وَأَسْنَدَهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ عَمْرٍو الْمُجَاشِعِيَّةِ قَالَتْ: "حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي عَنْ جَدَّتِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ تُبَايِعُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُبَايِعُك على أن لا تُشْرِكِي بِاَللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي، وَلَا تَزْنِي"، قَالَتْ: أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟! قَالَ: "وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ"، قَالَتْ: وَهَلْ تَرَكْت لَنَا أَوْلَادًا فَنَقْتُلَهُمْ! قَالَ: "فَبَايَعَتْهُ ... "، الْحَدِيثَ3، وَفِي إسْنَادِهِ مَجْهُولَاتٌ.
وَرَوَى ابْنُ مَنْدَهْ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"؛ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: قَالَتْ هِنْدُ لِأَبِي سُفْيَانَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُبَايِعَ مُحَمَّدًا، قَالَ: فَإِنْ فَعَلْت فَاذْهَبِي مَعَكِ بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِك، قَالَ: فَذَهَبَتْ إلَى عُثْمَانَ، فَذَهَبَ مَعَهَا، فَدَخَلَتْ مُتَنَقِّبَةً، فَقَالَ: تبايعي على أن لا تُشْرِكِي بِاَللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي، وَلَا تَزْنِي، فَقَالَتْ: أوهل تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ: وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَك، فَقَالَتْ: إنَّا رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارًا، وَقَتَلْتَهُمْ كِبَارًا، قَالَ: قَتَلَهُمْ اللَّهُ يَا هِنْدُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْآيَةِ بَايَعَتْهُ، وَقَالَتْ:
__________
1 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 141] ، كتاب الحدود: باب حد الزاني المحصن ما هو؟.
2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" [8/ 189] ، من طريق عمر بن أبي زائدة قال: سمعت الشعبي يذكر أن النساء حئن يبايعن، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئاً".
فقالت هند: إنا لقائلوها.
قال: "فلا تسرقن".
قالت هند: كنت أصيب من مال أبي سفيان.
قال أبو سفيان: فما أصبت من مالي فهو حلال لك.
قال: "ولا تزنين".
قالت هند: وهل تزني الحرة؟.
قال: "ولا تقتلن أولادكن".
قالت هند: "أنت قتلتهم".
وأخرجه ابن سعد [8/ 188- 189] ، من حديث ميمون بن مهران بنحو حديث الشعبي.
3 أخرجه أبو يعلى [8/ 195] ، حديث [398] ، من طريق غبطة أم عمرو –عجوز من بني مجاشع- حدثتني عمتي عن جدتي عن عائشة رضي الله عنها قالت ... فذكره.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 40] : رواه ابو يعلى وفيه من لم أعرفهن.(4/151)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ بَخِيلٌ؛ وَلَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي، إلَّا مَا أَخَذْت مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا يَابِسًا فَلَا، وَأَمَّا رَطْبًا فأحله، قال عروة: لحدثتني عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" 1.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ أَيْضًا تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِهَذَا السِّيَاقِ.
قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الرَّاوِي مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ حِبَّانَ إلَى الْوَهَمِ، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَوَّلًا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا، فَيُحْمَلُ -إنْ صَحَّ- عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ؛ أُخْتِ هِنْدَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ ذَهَبَ بِهَا وَبِأُخْتِهَا هِنْدَ تُبَايِعَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اشْتَرَطَ عليهن، قالت هند: أو تعلم فِي نِسَاءِ قَوْمِك مِنْ هَذِهِ الْهَنَاتِ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا أَبُو حُذَيْفَةَ: بَايِعِيهِ؛ فَإِنَّهُ هَكَذَا يَشْتَرِطُ2.
وَرَوَاهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ "الِامْتِحَانِ" مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَيْضًا، وَفِيهِ: "فَقَالَتْ هِنْدُ: لَا أُبَايِعُكَ عَلَى السَّرِقَةِ؛ إنِّي أَسْرِقُ مِنْ زَوْجِي، فَكَفَّ حَتَّى أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ يَتَحَلَّلُ لَهَا مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا الرَّطْبُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْيَابِسُ فَلَا، وَلَا نِعْمَةَ، قَالَتْ: فَبَايَعْنَاهُ"3، وَسَاقَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ" هَذِهِ الْقِصَّةَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، فَيُنْظَرُ مِنْ أَيْنَ نَقَلَهُ.
ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي "مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ"؛ وَأَنَّهُ بايعهن [وهو] 4 عَلَى "الصَّفَّا"، وَهُوَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُهُنَّ عَنْهُ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ سُؤَالَهَا عَنْ النَّفَقَةِ كَانَ حَالَ الْمُبَايَعَةِ، وَلَا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ شَاهِدًا لِذَلِكَ مِنْهَا، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ قَطْعًا، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ هَلْ شَهِدَ الْقِصَّةَ حَالَةَ الْمُبَايَعَةِ، أَوْ لَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
1749- حَدِيثُ: "لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمٌ لَهَا"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنْ الدَّهْرِ، إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، أَوْ زَوْجُهَا"، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا"5، وَهُوَ
__________
1 ذكره الحافظ في "الإصابة" [8/ 347] ، في ترجمة هند بنت عتبة وعزاه إلى ابن منده.
2 أخرجه الحاكم [4/ 67] ، وسكت عنه هو والذهبي.
3 أخرجه الحاكم [2/ 486] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 سقط في ط.
5 أخرجه أحمد [2/ 13، 19، 142، 143] ، والبخاري [3/ 274] ، كتاب تقصير الصلاة: باب من كم يقصر الصلاة، وسمى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وليلة سفراً، حديث [1086] ، =(4/152)
مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1 وَابْنِ عُمَرَ2 أَيْضًا وَأَبِي هُرَيْرَةَ3.
__________
= وطرفه في [1087] ، ومسلم [5/ 112- 113- نووي] ، كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، حديث [413/ 1338] ، وأبو داود [2/ 140- 141] ، كتاب المناسك: باب في المرأة تحج بغير محرم، حديث [1727] ، وابن خزيمة [4/ 133] ، [2521] ، وابن حبان [6/ 440] ، كتاب الصلاة: فصل في سفر المرأة، حديث [2729، 2730] ، والبيهقي [3/ 138] ، كتاب الصلاة: باب حجة من قال لا تقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام.
كلهم من طرق عن عبد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تسافر امرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم".
وأخرجه مسلم [5/ 113- نووي] ، كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، حديث [414، 1338] ، وابن حبان [6/ 435] ، كتاب الصلاة: فصل في سفر المرأة، حديث [2722] ، كلاهما من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاثة ليال إلا ومعها ذو محرم".
ولم أجد عند مسلم زيادة منها أو زوجها.
1 أخرجه البخاري [4/ 73] ، كتاب جزاء الصيد: باب حج النساء، حديث [1864] ، ومسلم [2/ 975، 976] ، كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، حديث [415، 416/ 827] ، وأحمد [3/ 34، 71] ، والحميدي رقم [750] ، وأبو يعلى [2/ 388- 389] ، رقم [1160] من طريق قزعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ: "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها".
وأخرجه أبو داود [1/ 539] ، كتاب المناسك: باب في المرأة تحج بغير محرم، حديث [1726] ، والترمذي [3/ 472] ، كتاب الرضاع: باب كراهية أن تسافر المرأة وحدها، حديث [1169] ، من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يحل لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاثة أيام فصاعداً إلا معها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها".
وقال الترمذي حسن صحيح.
2 تقدم تخريجه قريباً في الموضوع الأول.
3 أخرجه مالك [2/ 979] ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في الواحدة في السفر للرجال والنساء، حديث [37] ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
ومن طريقه الشافعي [1/ 285] ، كتاب الحج: باب فيما جاء في فرض الحج وشروطه، حديث [747] ، واحمد [2/ 236] ، وابن خزيمة [4/ 134] ، [2524] ، والبغوي في "شرح السنة" [4/ 12- بتحقيقنا] ، كتاب الحج: باب المرأة لا تحج إلا مع محرم، حديث [1844] ، وابن حبان [6/ 437] ، كتاب الصلاة: فصل في سفر المرأة، حديث [2725] ، والبيهقي [3/ 139] ، كتاب الصلاة: باب حجة من قال: لا تقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام. وأخرجه أحمد [2/ 250- 251، 437، 445، 493، 506] ، والبخاري [3/ 274] ، كتاب تقصير الصلاة: باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وليلة سفراً، حديث [1088] ، ومسلم [5/ 114- 115- نووي] ، كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، حديث [419- 421/ 1339] ، وأبو داود [2/ 140] ، كتاب المناسك: باب في المرأة تحج بغير محرم، حديث =(4/153)
1750- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا، وَكَانَا قَدْ أُحْصِنَا"، أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ "مُزَيْنَةَ" سَمِعَهُ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة، قال: "زنا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنْ الْيَهُودِ، وَقَدْ أُحْصِنَا، حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ كَانَ الرَّجْمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ ... "، فَذَكَر بَاقِيَ الْحَدِيثِ1.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أُحْصِنَا، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالرَّجْمِ"2.
__________
= [1723] ، والترمذي [3/ 464] ، كتاب الرضاع: باب ما جاء في كراهية أن تسافر المرأة وحدها، حديث [1170] ، وابن ماجة [2899] ، وابن خزيمة [4/ 134] ، [2523] ، والبيهقي [3/ 139] ، كتاب الصلاة: باب حجة من قال: لا تقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام، وابن حبان [6/ 437] ، كتاب الصلاة: فصل في سفر المرأة، حديث [2726] .
كلهم من طريق عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكره.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أبو داود [2/ 140] ، كتاب المناسك: باب في المرأة تحج بغير محرم، حديث [1725] ، من طريق سهيل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة.
1 أخرجه أبو داود [2/ 560- 561] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهوديين، حديث [4450] ، وعبد الرزاق [7/ 316] ، رقم [13330] ، والبيهقي [8/ 246- 247] ، من طريق الزهري قال: سمعت رجلاً من مزينة ممن يتبع العلم وبعيه، ثم اتفقا: ونحن عند سعيد بن المسيب، فحدثنا عن أبي هريرة، وهذا حديث معمر، وهو أتم. قال: زنى رجل من اليهود وامرأة فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه نبي بعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله قلنا: فتيا نبي من أنبيائك، قال: فأتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جالس في المسخد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة [منهم] زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: "أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن"؟ قالوا: يحمم، ويجبه ويجلد، والتجبيه: أن يحمل الزانيات على حمار ويقابل أقفيتهما، ويطاف بهما، قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكت ألظ به النشدة؛ فقال: اللهم إذا نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فما أول ما ارتحصتم أمر الله"؟ قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه، فحال قومه دونه، وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذا العقوبة بينهم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فإني احكم بما في التوراة" فأمر بهما فرجما.
وهذا إسناد ضعيف لضعف أو جهالة الرجل المزني.
2 أخرجه الحاكم [4/ 365] ، وأحمد [2368- شاكر] ، والطبراني في "الكبير" [10/ 403] ، رقم [10821] من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل بن إبراهيم الشيباني عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بيهودي ويهودية قد أحصنا فسألوه أن يحكم فيهما بالرجم فرجمهما في فناء المسجد. =(4/154)
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيِّ: "أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ زَنَيَا قَدْ أُحْصِنَا، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَكُنْت فِيمَنْ رَجَمَهُمَا"، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ1، وَأَصْلُ قِصَّةِ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي الزِّنَا وَالرَّجْمِ، دُونَ ذِكْرِ الْإِحْصَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ2.
__________
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولعل متوهماً من غير أهل الصنعة يتوهم أن إسماعيل الشيباني هذا مجهول وليس كذلك فقد روى عن ابن دينار والأثرم.
وقال الذهبي: إسماعيل معروف ا. هـ.
والحديث ليس على شرط مسلم لأن مسلماً لم يخرج للشيباني هذا وذكر الحديث الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 274] ، وقال: رواه أحمد والطبراني ... ورجال أحمد ثقات وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في رواية أحمد ا. هـ.
1 أخرجه البزار [2/ 219- كشف] ، رقم [1557] ، والبيهقي [8/ 215] ، كتاب الحدود: باب ما يستدل به على شرائط الإحصان، من طريق سعيد بن أبي مريم أنبأ ابن لهيعة عن عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن مليل أن أباه أخبره أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يذكر أن اليهود أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهودي ويهودية زنيا وقد أحصنا فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمهما.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 274] ، وقال: رواه البزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وقال فيه: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد –كذا قال وأظنه خطأ- وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف ا. هـ.
2 أخرجه مالك [2/ 819] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، حديث [1] ، والبخاري [6/ 631] ، كتاب المناقب: باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] ... حديث [3635] ، ومسلم [3/ 1326] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، حديث [26/ 1699] ، وأبو داود [2/ 558] ، كتاب الحدود: باب في رجم اليهوديين، حديث [4446] ، والترمذي [4/ 43] ، كتاب الحدود: باب ما جاء أخل الكتاب، حديث [1436] ، وابن ماجة [2/ 854] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهودي واليهودية، حديث [2556] ، والدارمي [2/ 178- 179] ، كتاب الحدود: باب في الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إلى حكام المسلمين، والشافعي [2/ 81] ، كتاب الحدود: باب حد الزنا، حديث [264] ، وأحمد [2/ 5، 7، 17، 62، 63، 76، 126] ، وعبد الرزاق في "المصنف" [7/ 318] ، رقم [13331، 13332] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [822] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 301- منحة] ، رقم [1530] ، والحميدي [2/ 306] ، رقم [696] ، والبيهقي [8/ 246] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد الذميين، والغوي في "شرح السنة" [5/ 462- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر قال: إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عيله وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم"؟ قالوا: نفضحهم ويجلدون. قال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها لآية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك فإذا فيها آية الرجم فقال: صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجما. قال عبد الله بن عمر: فرأيت الرجل يحنئ على المرأة يقيها الحجارة. =(4/155)
فَائِدَةٌ: تَمَسَّك الْحَنَفِيَّةُ فِي أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي الْإِحْصَانِ، بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
__________
= قال الترمذي: حسن صحيح.
وللحديث طرق آخرى عن ابن عمر.
فأخرجه أحمد [2/ 151] ، ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه بنحو حديث مالك.
وأخرجه أبو داود [2/ 560] ، كتاب الحدود: باب في رجم اليهوديين، حديث [4449] ، من طريق ابن وهب، حدثني هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن عمر بمثل حديث مالك.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 257- 258] ، من طريق خالد بن مخلد حدثني سليمان بن بلال حدثني عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعاً، فقال لهم: "ما تجدون في كتابكم"؟ فذكر الرجم.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
أخرجه مسلم [3/ 1328] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، حديث [28/ 1701] ، وأبو داود [2/ 562] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهوديين، حديث [4455] ، وعبد الرزاق [7/ 319] ، رقم [13333] ، كلهم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رجم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً من اليهود وامرأة زنيا.
وللحديث طريق آخر عن جابر:
أخرجه أبو داود [2/ 561- 562] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهوديين، حديث [4452] ، والبزار [2/ 219، 220- كشف] ، رقم [1558] ، كلاهما من طريق أبي أسامة ثنا مجالد –قال أبو داود: أخبرنا عن عامر وقال البزار عن الشعبي- عن جابر: جاءت اليهود برجل وامرأة زنيا قال: ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا فنشدهما، كيف تجدان أمر هذين في التوراة، قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما قال: فما يمنعكما أن ترجموهما؟ قال: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله صلى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشهود فجاؤوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة. فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمهما. ولفظ أبي داود ولفظ البزار مطولاً.
وإسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد
وذكره الهيثمي في "المجمع" [6/ 274- 275] ، وقال: رواه أبو داود وغيره باختصار، رواه البزار من طريق مجالد عن الشعبي وقد صححها ابن عدي ا. هـ.
قلت: وقد سبق للهيثمي تضعيف مجالد في "المجمع" بما لا يحصى. والحديث أخرجه أبو يعلى [3/ 437] ، رقم [1928] بلفظ مختصر جداً من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رجم يهودياً ويهودية. وله أيضاً شاهد آخر من حديث جابر بن سمرة:
أخرجه أحمد [5/ 96] ، وابن في "زوائد المسند" [5/ 97] ، والترمذي [4/ 34] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في رجم أهل الكتاب، حديث [1437] ، وابن ماجة [2/ 854] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهودي واليهودية، حديث [2557] ، وأبو يعلى [13/ 448] ، رقم [7451] ، والطبراني في "الكبير" [2/ 230] ، رقم [1954] . كلهم من طريق شريك بن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهودياً ويهودية. =(4/156)
مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: "مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ" 1، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ الْوَقْفَ، وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْإِحْصَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِحْصَانِ الْقَذْفِ.
1751- حَدِيثُ: "مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ"،
__________
= قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أبو داود الطيالسي [1/ 301] ، رقم [1531] ، عن حماد عن سماك عن جابر بن سمرة به.
ومن حديث البراء بن عازب:
وفيه أنه رجم يهودياً دون ذكر المرأة.
أخرجه مسلم [3/ 1327] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، حديث [28/ 1700] ، وأبو داود [2/ 559] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهوديين، حديث [4448] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 294] ، كتاب الرجم: باب إقامة الإمام الحد على أهل الكتاب إذا تحاكموا إليه، حديث [7218] ، وابن ماجة [2/ 855] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهودي واليهودية، حديث [2558] ، كلهم من طريق الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: مر على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهودي محمماً مجلوداً، فدعاهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "هكذا تجدون حد الزنى في كتابكم"؟. قالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم، فقال: "أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى! أهكذا تجدون حد الزنى في كتابكم"؟ قال: لا، ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، لكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف اقمنا عليه الحد، قلت: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عيله وسلم: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه" فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر} إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يقول: ائتوا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن افتاكم بالرجم فاحذروا؛ فأنزل الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، [المائدة: 44] ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، [المائدة: 45] ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] في الكفار كلهما.
1 أخرجه الدارقطني [3/ 147] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [199] ، والبيهقي [8/ 216] ، كتاب الحدود: باب من قال: من أشرك بالله فليس بمحصن، كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه ... فذكره.
ومن طريق جويرية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه البيهقي [8/ 215- 216] ، موقوفاً.
وأخرجه الدارقطني [3/ 147] ، [198] ، والبيهقي [8/ 216] ، كلاهما من طريق مسلم بن جنادة نا وكيع عن سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً.
وأخرجه الدارقطني [3/ 146- 147] ، حديث [197] ، طريق عفيف بن سالم نا سفيان الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الدارقطني: وهم عفيف في رفعه، والصواب موقوف من قول ابن عمر رضي الله عنه.(4/157)
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَاسْتَنْكَرَهُ النَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ بِكَثِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي "أَحْكَامِهِ": لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَجَمَ فِي اللِّوَاطِ، وَلَا أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "اُقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ"، رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أُحْصِنَا أَمْ لَمْ يُحْصَنَا"؛ كَذَا قَالَ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ، وَعَاصِمٌ مَتْرُوكٌ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: "فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ"، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخْتَلِفٌ فِي ثُبُوتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
1752- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ؛ فَهُمَا زَانِيَانِ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 158] ، في الحدود: باب فيمن عمل عمل قوم لوط [4462] ، والترمذي [4/ 47] ، في الحدود: باب ما جاء في حد اللوطي، وابن ماجة [2/ 856] ، في الحدود: باب من عمل عمل قوم لوط [2561] ، وابن حزم في "المحلى" [11/ 387] ، وابو يعلى [2463] ، والدارقطني [3/ 124] ، [140] ، والبيهقي [8/ 231- 232] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 478] ، [2587] ، من طريق عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به.
وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" [1/ 554] ، [870] ، من طريق عبد الله بن جعفر، والحاكم [4/ 355] ، وابن الجارود في "المنتقى" [820] من طريق سليمان بن بلال كلاهما عن عمرو به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق [13492] ، وأحمد [1/ 2300] ، والبيهقي [8/ 232] ، وابن حزم في "المحلى" [11/ 387] ، والطبري في "تهذيب الآثار" [1/ 555- 556] ، برقم [873- 874] من طريق عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن حصين عن عكرمة عن عباد بن منصور عن عكرمة به.
2 اخرجه ابن ماجة [2/ 856] ، كتاب الحدود: باب من عمل عمل قوم لوط، حديث [2562] ، والبزار كما في "نصب الراية" للزيعلي [3/ 340] ، وأشار إليه الترمذي في "صحيحه" [4/ 58] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد اللواط.
كلهم من طريق عاصم بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال ولا نعرف أحداً رواه عن سهيل غبر عاصم بن عمر العمري وعاصم يضعف في الحديث من قبل حفظه.
وأخرجه الحاكم [4/ 355] ، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه. وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن عبد الرحمن ساقط.(4/158)
حَدِيثِ أَبِي مُوسَى1، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيُّ2؛ كَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ3؛ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْهُ.
1753- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ"، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: فَمَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ قَالَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلُ"، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ فِي الْجَوَابِ: "إنَّهَا تُرَى، فَيُقَالُ: هَذِهِ الَّتِي فُعِلَ بِهَا مَا فُعِلَ"، وَفِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامٌ"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو وَغَيْرِهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ4.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 233] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد اللواط من طريق محمد بن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي موسى رضي الله عنه به.
2 قال الذهبي في "الميزان" [6/ 233- 234] ، قال ابن عدي: منكر الحديث.
ثم قال: وفيه جهالة. وهو متهم ليس بثقة.
وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث.
3 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" [2/ 36] : بشر بن الفضل البجلي عن أنس بن سيرين عن أبي يحيى عن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: "إذا باشر الرجل الرجل والمرأة المرأة فهما زانيان".
قال الأزدي: مجهول.
4 أخرجه أبو داود [4/ 159] ، في الحدود: باب فيمن أتى بهيمته [4464] ، والترمذي [4/ 64] ، في الحدود: باب ما جاء فيمن يقع على البهيمة [1455] ، وابن حزم في "المحلى" [11/ 387] ، وأبو يعلى [2462] ، والدارقطني [3/ 126- 127] ، برقم [143] ، والبيهقي [8/ 233] ، والحاكم [4/ 356] ، من طريق عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد [1/ 269] ، من طريق سليمان بن بلال، والطبراني في "تهذيب الآثار" [1/ 554] ، [870] . من طريق عبد الله بن جعفر كلاهما عن عمرو به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق [13492] وأحمد [1/ 300] ، وابن ماجة [2/ 856] ، في الحدود: باب من أتى ذات محرم، ومن أتى بهيمة [2564] ، والدارقطني [3/ 126] ، برقم [142] ، والطبراني في "تهذيب الآثار" [1/ 554- 555] ، برقم [871- 782] ، والبيهقي [8/ 232، 234، 237] ، وابن حزم في "المحلى" [11/ 387] ، والحاكم [4/ 356] ، من طريق داود بن الحصين عن عكرمة به.
وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: لا.
واخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" [1/ 555] ، [23] ، والبيهقي [8/ 32- 33] ، وابن حزم في "المحلى" [26/ 387] ، والحكم [4/ 355] ، من طريق عباد بن منصور عن عكرمة به.
وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. =(4/159)
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى فَهِيَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: "مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، وَقَالَ: اقتلوه واقتلوها؛ لئلا يُقَالُ: هَذِهِ الَّتِي فُعِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا" 1.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَيْسَ عَلَى الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ حَدٌّ"، فَهَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ عَاصِمٍ أَصَحُّ؛ وَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي "كِتَابِ اخْتِلَافِ، عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ" مِنْ جِهَةِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، قال: إنْ صَحَّ قُلْت بِهِ، وَمَالَ الْبَيْهَقِيّ إلَى تَصْحِيحِهِ لَمَّا عَضَّدَ طَرِيقَ عَمْرِو بن أبي عمرو عنده، مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ؛ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَيُقَالُ: إنَّ أَحَادِيثَ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ إنَّمَا سَمِعَهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ دَاوُد، عَنْ عِكْرِمَةَ، فَكَانَ يُدَلِّسُهَا بِإِسْقَاطِ رَجُلَيْنِ، وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يُقَوِّي أَمْرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1754- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ"، وَفِي إسْنَادِهِ كَلَامٌ، أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، نَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهُ بِهَذَا2، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي يَعْلَى ثُمَّ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو يَعْلَى: بَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ الْغَفَّارِ رَجَعَ عَنْهُ3، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إنهم كانوا لقنوه.
ق وله: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذبح الحيوان إلا لمأكله"، تَقَدَّمَ فِي "كِتَابِ الْغَصْبِ".
1755- حديث: "ادرؤوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ"، التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: "ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ" 4،
__________
= وزاد الترمذي وأبو داود وغيرهما فقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك شيئاً. ولكن أرى رسول الله صلى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كره أن يؤكل من لحمها أو ينتفع بها، وقد عمل بها ذلك العمل.
1 أخرجه البيهقي [8/ 233- 234] ، كتاب الحدود: باب من أتى بهيمة.
2 أخرجه أبو يعلى [10/ 389] ، حديث [5987] ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 276] : رواه أبو يعلى وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات.
3 ينظر الموع السابق من أبي يعلى.
4 أخرج الترمذي [4/ 33] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود، حديث [1424] ، والدارقطني [3/ 84] ، كتاب الحدود والديات، حديث [8] ، والحاكم [4/ 384] ، كتاب الحدود، والبيهقي [8/ 238] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، والخطيب في "تاريخ بغداد" [5/ 331] ، كلهم من طريق يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن =(4/160)
وَفِي إسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَصَحُّ، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ: رِوَايَةُ وَكِيعٍ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، قَالَ: وَرَوَاهُ رِشْدِينُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَرِشْدِينُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَرَوَيْنَاهُ عن علي مرفوعا: "ادرؤوا الْحُدُودَ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَطِّلَ الْحُدُودَ1"، وَفِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ؛ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ؛ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: وَأَصَحُّ مَا فِيهِ حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود قال: "ادرؤوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، ادْفَعُوا الْقَتْلَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ2"، وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
__________
= عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري ويزيد بن زياد ضعيف في الحديث. ورواه وكيع عن يزيد بن زياد ولم يرفعه وهو أصح ... ا. هـ.
وقال في "العلل الكبير" ص [228] رقم [409، 410] : سألت محمداً عن هذا الحديث؟
فقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فرده الذهبي بقوله: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك.
قال البيهقي: تفرد به يزيد بن زياد الشامي عن الزهري وفيه ضعيف. ورواه رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري مرفوعاً ورشدين ضعيف ا. هـ.
1 أخرجه الدارقطني [3/ 84] ، كتاب الحدود والديات، حديث [9] ، والبيهقي [8/ 238] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، كلاهما من طريق مختار التمار عن أبي مطر عن علي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ادرؤوا الحدود".
قال البيهقي: في هذا الإسناد ضعف.
مختار التمار ضعيف، ينظر: "نصب الراية" [3/ 309] ، وأبو مطر مجهول لا يعرف قاله أبو حاتم. ينظر: "الجرح والتعديل" [9/ 445] .
2 أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" [1860] ، و"تخريج المختصر" [1/ 443] ، كلاهما لابن حجر ...
قال مسدد: ثنا يحيى القطان عن شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: ادرؤوا الحد بالشبهة.
قال الحافظ في "تخريج المختصر" [1/ 443] : وهذا موقوف حسن الإسناد، قال المناوي في "فيض القدير" [1/ 228] : وبه يرد قول السخاوي طرقه كلها صعيفة. نعم أطلق الذهبي على الحديث الضعيف ولعل مرادة المرقوع ا. هـ.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 251] ، عن القاسم قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه.
وقال: رواه الطبراني من رواية أبي نعيم عن المسعودي وقد سمع من قبل اختلاطه ولكن القاسم لم يسمع من جده ابن مسعود.(4/161)
وَمُعَاذٍ أَيْضًا مَوْقُوفًا1، وَرُوِيَ مُنْقَطِعًا وَمَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ2.
قُلْت: وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي "كِتَابِ الْإِيصَالِ" مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عُمَرَ: "لَأَنْ أُخْطِئَ فِي الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُقَيِّمَهَا بِالشُّبُهَاتِ"3، وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ" لِلْحَارِثِيِّ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ الْأَصْلِ مَرْفُوعًا4.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 511] ، كتاب الحدود: باب في درء الحدود بالشبهات، حديث [28494] ، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه أن معاذاً وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر قالوا: إذا اشتبه عليك الحد فادراء.
2 أخرجه أبو مسلم الكجي وابن السمعاني في "ذيل تاريخ بغداد" كما في "الجامع الصغير" [314] ، و"المقاصد الحسنة" [46] من طريق أبي منصور ومحمد بن أحمد بن الحسين بن النديم الفارسي ثنا جناح بن نذير ثنا أبو عبد الله بن بطة العكبري ثنا أبو صالح محمد بن أحمد بن ثابت ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الصمد ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي ثنا محمد بن علي الشامي ثنا أبو عمران الجوني عن عمر بن عبد العزيز فذكر قصة طويلة فيها: قصة شيخ وجدوه سكراناً فأقام عمر عليه الحد ثمانين فلما فرغ قال: يا عمر طلمتني فإنني عبد فاغتنم عمر ثم قال: إذا رأيتم مثل هذا في هيئته وسمته وأدبه فاحملوه على الشبهة فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ادرؤرا الحدود بالشبهة".
قال السخاوي: قال شيخنا –أي ابن حجر- في سنده من لم يعرف ا. هـ.
والحديث ذكر أنه في "الخلافيات" للبيهقي عن علي وفي "مسند أبي حنيفة" عن ابن عباس ا. هـ.
وقد حسن السيوطي في "الجامع الصغير" رقم [314] ، حديث ابن عباس وموقوف ابن مسعود ومرسل عمر بن عبد العزيز بمجموعها.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 5119] ، كتاب الحدود: باب في درء الحدود بالشبهات، أخرجه [28493] .
4 أخرجه بهذا اللفظ أبو محمد البخاري في "مسند أبي حنيفة" كما في "جامع المسانيد" [2/ 183] ، للخوارزمي عن أبي سعيد بن جعفر عن يحيى بن فروخ عن محمد بن بشر عن الإمام أبي حنيفة عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادرؤوا الحدود بالشبهات".
وأبو سعيد بن جعفر: هو أباء بن جعفر.
قال الذهبي في "المغني" [1/ 6] ، رقم [4] : أبان بن جعفر كما في "اللسان" كما سيأتي.
قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" [1/ 21] : رواى عن محمد بن إسماعيل الصانغ، أورده الذهبي في "ذيل الضعفاء" فقال: كذاب كذا أورده تبعاً للبناني في "الحافل ذيل الكامل" فإنه أورده ونقل عن ابن حبان أنه قال: رأيته وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلاث مائة حديث مما لم يحدث به أبو حنيفة قط. قلت –أي الحافظ- كذا سماه ابن حبان وصحفه وإنما هو أباء يهمزة لا بنون ا. هـ.
قلت: ويبدو أن للحديث طريق آخر عن ابن عباس فقد رأيت الحافظ السيوطي ذكره في "الجامع الصغير" رقم [314] ، بلفظ: ادرؤوا الحدود بالشبهات وأقيلوا الكرام عثراتهم إلا في حد من حدود الله تعالى. وعزاه لابن عدي في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة عن ابن عباس. =(4/162)
حَدِيثُ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ ... "، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الصِّيَامِ" وَغَيْرِهِ.
1756- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ... "، الْحَدِيثَ، التِّرْمِذِيُّ بِتَمَامِهِ دُونَ قَوْلِهِ: "فَقَالَ: أَحْصَنْت"، وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، وَفِي رِوَايَةِ: رَجُلٍ مِنْ "أَسْلَمَ" وَفِيهَا قَوْلُهُ: "قَالَ: هَلْ أَحْصَنْت" إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمَا قَوْلُهُ: "فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ ... " إلَى آخِرِهِ، نَعَمْ هَذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرَوَى أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ1.
قَوْلُهُ: "وَالْإِقْرَارُ مَرَّةً وَاحِدَةً كَافٍ؛ بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُنَيْسٍ: "اُغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، تَقَدَّمَ فِي "قِصَّةِ الْعَسِيفِ".
حَدِيثُ: "مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ من أبدا لَنَا صَفْحَتَهُ، أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "حَدَّ اللَّهِ" مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ ... "، فَذَكَرَهُ، وَفِي آخِرِهِ: "نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ: هُوَ مُنْقَطِعٌ.
__________
= قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" [1/ 447] : وقد وجدت خير ابن عباس في موضع آخر ذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل –هو العراقي- رجمه الله في شرح الترمذي قال: وأما حديث ابن عباس فرواه أبو أحمد بن عدي في جزء خرجه من حديث أهل مصر والجزيرة من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ادرؤوا الحدود بالشبهات وأقيلوا الكرام عثراتهم إلا في حد".
وهذا الإسناد إن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبولين فهو حسن ا. هـ.
وفي الباب من حديث أبي هريرة:
أخرجه ابن ماجة [2/ 850] ، كتاب الحدود: باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، حديث [2545] ، وأبو يعلى [11/ 464] ، رقم [4418] ، كلاهما من طريق إبراهيم بن الفضل المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً".
ولفظ أبي يعلى: ادرؤوا الحدود ما استطعتم.
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 303] : هذا إسناد ضعيف إبراهيم بن الفضل المخزومي ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي والأزدي والدارقطني ا. هـ.
وقال الحافظ في "تخريخ المختصر" [1/ 443] : غريب وإبراهيم بن الفضل مدني ضعيف.
1 تقدم تخريجه في حديث رجم ماعز.(4/163)
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ أُسْنِدَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ1. انْتَهَى، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرِكِ" عَنْ الْأَصَمِّ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال بعد رجمه الْأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ: "اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ ... "، الْحَدِيثَ2.
وَرَوَيْنَاهُ فِي جُزْءِ هِلَالِ الْحَفَّارِ، عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَمْرٍو الربالي، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ بِهِ إلَى قَوْلِهِ: " فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ"، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ"، وَقَالَ: رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا، وَالْمُرْسَلُ أَشْبَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَمَّا ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي "النِّهَايَةِ"، قَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ: هَذَا مِمَّا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ الْعَارِفُ بِالْحَدِيثِ، وَلَهُ أَشْبَاهٌ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ أَوْقَعَهُ فِيهَا اطِّرَاحُهُ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا كُلُّ فَقِيهٍ وَعَالِمٍ.
1757- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: "لَعَلَّك قَبَّلْت، لَعَلَّك لَمَسْت"، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت، قال: لا، قال: أنكحتها؟ -لَا يُكَنِّي-، قَالَ: نَعَمْ"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "لَعَلَّك قَبَّلْتهَا، قَالَ: لَا، قَالَ: لَعَلَّك مَسِسْتهَا، قَالَ: لَا، قَالَ: فَفَعَلْت بِهَا كَذَا وَكَذَا -وَلَمْ يُكَنِّ؟ - قَالَ: نَعَمْ".
قَوْلُهُ: "وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ فِي قِصَّةِ "مَاعِزٍ": فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ، تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَوْلُهُ: "وَرُوِيَ: هَلَّا رَدَدْتُمُوهُ إلَيَّ، لَعَلَّهُ يَتُوبُ"، أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: "كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي، فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنْ الْحَيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعْت، لعله يستغفر لك، ... "، فذ كر الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "فَلَمَّا رُجِمَ، فوجد مس الحجارة، حزم، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَنَزَعَ لَهُ بِوَظِيفٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ؛ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ"، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
قَوْلُهُ: "وَحَدُّ الْأَحْرَارِ إلَى الْإِمَامِ".
قُلْت: فِيهِ أَثَرٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: "الْجُمُعَةُ وَالْحُدُودُ وَالزَّكَاةُ وَالْفَيْءُ إلَى السُّلْطَانِ" 3.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم تخريخه.
3 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 506] ، كتاب الحدود: باب من قال الحدود إلى الإمام، حديث [28439] .(4/164)
1759- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ"، هُوَ كَمَا قَالَ فِي مَاعِزٍ، لَمْ يَقَعْ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَضَرَ، بَلْ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ.
وَأَمَّا الْغَامِدِيَّةُ فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ1.
1760- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إلَى أَنْ وَصَلْنَا إلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ"، فَمَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَا حَفَرْنَا لَهُ، وَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ، ثُمَّ اشْتَدَّ، وَاشْتَدَدْنَا إلَيْهِ إلَى عَرْضِ "الْحَرَّةِ"، فَانْتَصَبَ لَنَا، فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ "الْحَرَّةِ" حَتَّى سَكَنَ، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ2.
1761- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفَرَ لِلْغَامِدِيَّةِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بريرة بِلَفْظِ: "ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَحُفِرَ لَهَا إلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا"3.
تَنْبِيهٌ: ثبوت زناء الْغَامِدِيَّةِ كَانَ بِإِقْرَارِهَا، وَالْأَصْحَابُ يُفَرِّقُونَ، فَيَلْزَمُهُمْ الْجَوَابُ.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْفِرْ للجهنية، هو ظَاهِرُ الْحَدِيثِ كَمَا سَلَفَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛ لَكِنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِعَدَمِ الذِّكْرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ.
1762- حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ بْنِ حُنَيْفٍ: "أن رجلا مقعدا زنا بِامْرَأَةٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يجلد بإثكال النخل"، يروى: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَأْخُذُوا مِائَةَ شِمْرَاخٍ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً"، الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي الزِّنَادِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ4، وَرَوَاهُ البيهقي، وقال: هذا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ أَبْيَاتِنَا رَجُلٌ مُخْدَجٌ ضَعِيفٌ، فَلَمْ يُرَعْ إلَّا وَهُوَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إمَاءِ الدَّارِ يَخْبُثُ بِهَا، فَرَفَعَ شَأْنَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اجْلِدُوهُ مِائَةَ سوط"، فقال: يا بني اللَّهِ، هُوَ أَضْعَفُ مِنْ ذَاكَ، لَوْ ضَرَبْنَاهُ مِائَةَ سَوْطٍ لَمَاتَ، قَالَ: فَخُذُوا لَهُ عُثْكَالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، فَاضْرِبُوهُ وَاحِدَةً، وَخَلُّوا سَبِيلَهُ"5، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
__________
1 تقدم تخريج حديث ماعز والغامدية بشواهده قريباً في أول هذا الباب.
2 ينظر السابق.
3 ينظر السابق.
4 أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 79- 80] ، كتاب الحدود: باب في الزنا، حديث [258] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 230] ، كتاب الحدود: باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد.
5 أخرجه أحمد [5/ 222] ، وابن ماجة [2/ 859] ، كتاب الحدود: باب الكبير والمريض يجب عليه الحد، حديث [2574] .(4/165)
مِنْ حَدِيثِ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ1، وَقَالَ وَهِمَ فِيهِ فُلَيْحٌ، وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ2، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ3، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ4، فَإِنْ كَانَتْ الطُّرُقُ كُلُّهَا مَحْفُوظَةً، فَيَكُونُ أَبُو أُمَامَةَ قَدْ حَمَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَرْسَلَهُ مَرَّةً.
1763- حَدِيثُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ والبيهقي، من حَدِيثِ عَلِيٍّ5، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مَوْقُوفٌ مِنْ لَفْظِ عَلِيٍّ فِي حَدِيثٍ6،
__________
1 أخرجه الدارقطني [3/ 99] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [64] .
2 أخرجه أبو داود [4/ 161] ، كتاب الحدود: باب في إقامة الحد على المريض، حديث [4472] .
3 أخرجه النسائي [4/ 311، 312] ، كتاب الرجم: باب الضرير في أصل الخلقة يصيب الحدود، حديث [7301، 7302] ، من حديث أبي أمامة بن سهل.
وقد أخرجه من طرق في نفس الباب وفي الباب الذي بعده بألفاظ متقاربة.
4 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 255] ، من أبي سعيد رضي الله عنه أن مقعداً ذكر منه زمانه كان عند أم سعد فظهر بامرأة حمل فسئلت فقالت: هو منه فسئل: عنه، فاعترف فأمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجلد بأثكال عذق النخل.
قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
5 أخرجه أحمد [95، 135، 145] ، وأبو داود [4/ 161] ، كتاب الحدود: باب إقامة الحد على المريض، حديث [4473] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 304] ، كتاب الرجم: باب تأخير الحد عن الوليدة إذا زنت حتى تضع حملها ويجف عنها الدم وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عبد الأعلى فيه، حديث [7268، 7269] ، والدارقطني [3/ 158] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [228] ، والبيهقي [8/ 245] ، كتاب الحدود: باب حد الرجل أمته إذا زنت، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 136] ، كتاب الحدود: باب حد البكر في الزنا، والغوي في "شرح السنة" [5/ 473- بتحقيقنا] ، كتاب الحدود: باب المولى يقيم الحد على مملوكه، حديث [2583] ، كلهم من حديث علي رضي الله عنه أن جارية ولدت من زنا لبعض نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أقم عليها الحد"، قال: فوجدتها لم تجف من دمها، فذكرت ذلك له، فقال: "إذا جفت من دمها فأقم عليه الحد"، ثم قال: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم".
وأخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 299] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت، حديث [7239] ، من طريق عبد الأعلى عن ميسرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم".
6 أخرجه مسلم [6/ 230- نووي] ، كتاب الحدود: باب تأخير الحد عن النفساء، حديث [34] 1705، من طريق سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن، قال: خطب علي فقال: يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ =(4/166)
وَغَفَلَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَهُ1.
1764- حَدِيثُ: أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
__________
= زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أحسنت".
1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" [4/ 369] ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه البخاري [4/ 432] ، كتاب البيوع: باب بيع العبد الزاني، حديث [2152] ، ومسلم [3/ 1328] ، كتاب الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، حديث [30/ 1703] ، وأحمد [2/ 494] ، وأبو داود [2/ 566] ، كتاب الحدود: باب في الأمة تزني ولم تحصن، حديث [4470] ، والحميدي [2/ 463] ، رقم [1082] ، والشافعي [2/ 79] ، كتاب الحدود: باب الزنا، حديث [256] ، وعبد الرزاق [7/ 392] ، رقم [13597، 13599] ، وأبو يعلى [11/ 419] ، رقم [6541] ، والدارقطني [3/ 160- 161] ، كتاب الحدود والديات، حديث [2369] ، والبيهقي [8/ 242] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد المماليك، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 471- بتحقيقنا] ، من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري قال بعضهم عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر".
قلت: وقع في هذا الإسناد اختلاف فقد رواه الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة وقد وافقه على ذلك محمد بن إسحاق، ورواه بعضهم عن سعيد عن أبي هريرة دون ذكر أبيه كإسماعيل وعبيد الله بن عمرو وأيوب بن موسى ومحمد بن عجلان وعبد الرحمن بن إسحاق ووقع في رواية عبد الرحمن تصريح سعيد بسماعه عن أبي هريرة فقال: سمعت أبا هريرة.
قال الحافظ في "الفتح" [12/ 172] : ووافق الليث على زيادة قوله عن أبيه محمد بن إسحاق أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، ووافقه إسما عيل –ابن أمية- على حذفه عبيد الله بن عمر العمري عندهم وأيوب بن موسى عند مسلم والنسائي، ومحمد بن عجلان وعبد الرحمن بن إسحاق عند النسائي ووقع في رواية عبد الرحمن المذكور عن سعيد سمعت أبا هريرة ... ا. هـ.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة:
أخرجه الترمذي [4/ 37] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في إقامة الحد على الإماء، حديث [1440] ، والسنائي في "الكبرى" [4/ 299] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت كلاهما في طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثاً بكتاب الله فأن عادت فليبعها ولو بحبل من شعر".
قال الترمذي: حديث أبي هريرة: حديث حسن صحيح ا. هـ.
وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة به.
أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 299] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت، حديث [7242] . =(4/167)
1765- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْغَامِدِيَّةِ فَرُجِمَتْ، وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ" مُسْلِمٌ مِنْ
__________
= وأخرجه ابن عدي في "الكامل" [3/ 358] ، من طريق سعد بن سعيد عن سفيان عن الأعمش عن حبيب عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا زنت الأمة فاجلدوها فإن عادت فاجلدوها فإن عادت فاجلدوها فإن عادت فبيعوها ولو بضفير".
قال ابن عدي: ذكر الأعمش عير محفوظ إنما هو عن الثوري عن حبيب نفسه، وهذه الأحاديث التي ذكرتها لسعد بن سعيد عن الثوري وعن غيره مما ينفرد فيها سعد عنهم وقد صحب سعد الثوري بجرجان في بلده روى عنه غرائب عن مسائل كثيرة فتلك المسائل معروفة عنه ولسعد غير ما ذكرت من الأحاديث غرائب وأفراد غريبة تروى عنهم وكان رجلاً صالحاً ولم تؤت أحاديثه التي لم يتابع عليها من تعمد منه فيها أو ضعف في نفسه ورواياته إلا لغفلة كانت تدخل عليه وهكذا الصالحين، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً لأنهم كانوا غافلين عنه وهو من أهل بلدنا ونحن أعرف به ا. هـ.
وسعد ذكره الذهبي في "المغني في الضعفاء" [1/ 254] ، رقم [2343] ، وقال: سعد بن سعد الساعدي عن الثوري وهاء أبو نعيم ا. هـ.
قلت: وقد خالفه عبد الرحمن بن مهدي فرواه عن الثوري عن حبيب عن أبي صالح عن أبي هريرة ولم يذكر فيه الأعمش.
أخرجه النسائي [4/ 299- الكبرى] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت، حديث [7241] ، عن محمد بن بشار –بندار- عن عبد الرحمن بن مهدي به.
وينظر: "تحفة الأشراف" [9/ 342] .
وللحديث شواهد عن عائشة وابن عمر وعبد الله بن زيد:
1- حديث عائشة:
أخرجه ابن ماجة [2/ 857] ، كتاب الحدود: باب إقامة الحدود على الإماء، حديث [2566] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 303] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت حديث [7264] ، كلاهما من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عمار بن أبي فروة أن محمد بن مسلم حدثته أن عروة حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها فإن زنت فاجلدوها فإن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفيرة".
وقد رواه عروة وعمرة عن عائشة:
أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 303] ، كتاب الرجم: باب إقامة الرجل الحد على وليدته إذا زنت، حديث [7265] ، وابن عدي في "الكامل" [5/ 74] ، كلاهما من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمار بن أبي فروة أن محمد بن مسلم حدثه أن عروة وعمرة حدثاه أن عائشة حدثتهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" [3/ 324] ، من طريق الليث عن حبيب عن عمار بن أبي فروة أن محمد بن مسلم حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثه أن عائشة حدثتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكر الحديث.
قالت: وهذا كله من ضعف عمار بن أبي فروة فمرة يرويه عن محمد عن عروة عن عمرة عن عائشة ومرة يرويه عن عمرة عن عائشة والحديث ذكره البوصيري في "الزوئد" [2/ 310] ، وقال: هذا إسناد ضعيف، عمار –كذا قال والصواب عمار- ابن أبي فروة قال البخاري: لا =(4/168)
حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي قِصَّتِهَا، وَفِيهِ: "ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ"1.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَوْلُهُ: "فَصَلَّى عَلَيْهَا" هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَاللَّامِ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي دَاوُد: "فَصُلِّيَ" بِضَمِّ الصَّادِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد الْأُخْرَى: "ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَصَلَّوْا عَلَيْهَا".
1766- حَدِيثُ: "الصَّلَاةُ عَلَى الْجُهَنِيَّةِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَفِيهِ: "فَقَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا؟: فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المدينة لَوَسِعَتْهُمْ"2.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُعْطِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجُهَنِيَّةِ، وَاَلَّذِي فِي "مُسْلِمٍ" كَمَا تَرَى: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْجُهَنِيَّةِ، وَأَمَّا الْغَامِدِيَّةُ فَمُحْتَمِلَةٌ.
1767- قَوْلُهُ: "وَرَدَ الْخَبَرُ بِنَفْيِ الْمُخَنَّثِينَ"، الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ، وَقَالَ: أَخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِكُمْ، قَالَ: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا، وَأَخْرَجَ فُلَانَةَ" 3، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ: "وَأَخْرَجَ عُمَرُ مُخَنَّثًا"، وَفِي رِوَايَةٍ
__________
= يتابع على حديثه وذكره العقيلي وابن الجارود في "الضعفاء" وذكره ابن حبان في "الثقات" فما أجاد ا. هـ.
2- حديث ابن عمر:
ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 455] ، رقم [1366] ، فقال: سألت أبي عن حديث رواه مسلم بن خالد عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا زنت أمة أحدكم فاجلدوها ... " الحديث. قال أبي: هذا خطأ إنما هو ما رواه بشر بن المفضل عن إسماعيل بن أمية عن المقبري عن أبي هريرة ا. هـ.
حديث عبد الله بن زيد:
أخرجه النسائي في "الكبرى" [4/ 298] ، كتاب الرجم: باب حد الزاني البكر، حديث [7238] ، من طريق أبي أويس عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عمه وكان شهد بدراً أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها بضفير".
قال النسائي: أبو أويس ضعيف وإسماعيل ابنه أضعف منه.
قلت: وعم عباد بن تميم هو عبد الله بن زيد كما في "تحفة الأشراف" [4/ 340] ، للحافظ المزي.
في "التحفة" قول النسائي: أبو أويس ليس بالقوي.
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه البخاري [11/ 522] ، كتاب اللباس: باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت، حديث [5886] ، وطرفة في [6834] ، وأبو داود [4/ 283] ، كتاب الأدب: باب في الحكم في المخنثين، حديث [4930] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 396] ، كتاب عشرة النساء: باب لعن المتبرجات من النساء، حديث [9251، 9252] ، وأحمد [1/ 225، 227] ، والدارمي [2/ =(4/169)
لَهُ: "وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ آخَرَ"1.
وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ: "مَا بَالُ هَذَا"؟ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى النقيع2 ... "، الْحَدِيثَ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِسَنَدِهِ: "كَانَ الْمُخَنَّثُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةً: ماتع، وهدم، وهيت، وكان ماتع لِفَاخِتَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عَائِدٍ، فَمَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى نِسَائِهِ، وَمِنْ الدُّخُولِ إلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي يَوْمِ من الْجُمُعَةِ يَسْأَلُ ثُمَّ يَذْهَبُ، وَنُفِيَ مَعَهُ صَاحِبُهُ هِدْمٌ، وَالْآخَرُ هِيتٌ"3.
تَنْبِيهٌ: هِيتٌ بكسر الهاء بعدها يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ أَسْفَلَ، وَآخِرُهُ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ، وَقِيلَ: صَوَابُهُ بِنُونٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ، قَالَهُ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ، وَقَالَ: إنَّ مَا سِوَاهُ تَصْحِيفٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ فِي حَدِيثٍ فِيهِ: "وَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِنِّيثَ، وَأَخْرَجَ فُلَانًا"4.
"الْآثَارُ"
حَدِيثُ: "أَنَّ أَمَةً لِابْنِ عُمَرَ زَنَتْ، فَجَلَدَهَا، وَغَرَّبَهَا إلَى فَدَكَ"، ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي "الْأَوْسَطِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ حَدَّ مَمْلُوكَةً لَهُ فِي الزِّنَا، وَنَفَاهَا إلَى فَدَكَ"5.
قَوْلُهُ: "سُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ الْأَمَةِ: هَلْ تُحْصِنُ الْحُرَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: عَمَّنْ؟ قَالَ: أَدْرَكْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ ذَلِكَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ يَسْأَلُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ6، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَبَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْت عَنْ
__________
= 280- 281] ، كتاب الاستئذان: باب لعن المخنثين والمترجلات، والطبراني في "الكبير" [11/ 283] ، حديث [11745] ، [11/ 352] ، حديث [11990] ، كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً.
1 أخرجه البيهقي [8/ 224] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي المخنثين، من طريق يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً.
2 أخرجه أبو داود [4/ 282] ، كتاب الأدب: باب في الحكم في المخنثين، حديث [4928] .
3 أخرجه البيهقي [8/ 224] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي المخنثين.
4 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [8/ 106- 107] ، وقال: رواه الطبراني وفيه حماد مولى بني أمية.
5 أخرجه البيهقي [8/ 243] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي الرقيق من طريق أبو بكر بن المنذر صاحب الخلافيات عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه فذكره.
6 أخرجه البيهقي [8/ 216] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الأمة تحصن الحر.(4/170)
الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلَ مَا قَالَ يُونُسُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: "سَأَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ عَنْ الْأَمَةِ"، فَذَكَرَهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ إلَى الشَّامِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نَا هُشَيْمٌ، نَا أَبُو سِنَانٍ والأحلج، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى بِرَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ ثَمَانِينَ سَوْطًا، ثُمَّ سَيَّرَهُ إلَى الشَّامِ"، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ طَرَفًا مِنْهُ1، وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَزَادَ: "وَكَانَ إذَا غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ سَيَّرَهُ إلَى "الشَّامِ"، وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْفِي إلَى الْبَصْرَةِ2.
قُلْت: وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نافع: "أن عُمَرَ نَفَى إلَى "فَدَكَ"3، وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ"4، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُثْمَانَ غَرَّبَ إلَى مِصْرَ"، لَمْ أَجِدْهُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجْهُولٍ: "أَنَّ عُثْمَانَ جَلَدَ امْرَأَةً فِي زِنًا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إلَى "خَيْبَرٍ" فَنَفَاهَا"5.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: يُرْجَمُ اللوطي"، البيهقي من طريق: "مِنْ فِعْلِهِ أَنَّهُ رَجَمَ لُوطِيًّا"6.
__________
1 أخرجه البخاري [14/ 126] ، كتاب الحدود: باب البكران يجلدان وينفيان، حديث [6832] ، تعليقاً عن ابن شهاب، قال: وأخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غرب، ثم لم تزل تلك السنة.
2 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [7/ 314] ، حديث [13321] ، من طريق عبد الرزاق عن معمر قال: سمعت الزهري، وسئل: إلى كم ينفى الزاني؟ قال: نفي من المدينة إلى البصرة، ومن المدينة إلى خيبر.
وعلقه البيهقي في "الكبرى" [8/ 222] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي البكر، عن ابن شهاب أنه قال: وكان عمر ينفى من المدينة إلى البصرة وإلى خيبر.
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 315] ، حديث [13326] .
4 أخرجه الترمذي [4/ 44] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في النفي، حديث [1438] ، والنسائي [4/ 323] ، أبواب التعزيرات والشهود: باب التغريب، حديث [7342] ، والحاكم [4/ 369] ، كلهم من طريق عبد الله بن إدريس الأودي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه فذكره.
قال الترمذي: حديث غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
5 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 541- 542] ، كتاب الحدود: باب في النفي من أين إلى أين؟ حديث [28798] .
6 أخرجه البيهقي [8/ 232] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد اللوطي.(4/171)
حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إنِّي زَنَيْت الْبَارِحَةَ، فَسُئِلَ، فَقَالَ: مَا عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ فَحُدُّوهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَأَعْلِمُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَارْجُمُوهُ"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله عن عُمَرَ: "أَنَّهُ كَتَبَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: مَتَى عَهْدُك بِالنِّسَاءِ؟ فَقَالَ: الْبَارِحَةَ، قِيلَ: بِمَنْ؟ قَالَ: بأم مثواي، يَعْنِي: رَبَّةَ مَنْزِلِي، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ هَلَكْت، قَالَ: مَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الزِّنَا، فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ يُسْتَحْلَفَ، ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُ1".
وَرَوَيْنَا فِي فَوَائِدِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الرحيم الجوبري، قَالَ: أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: ذُكِرَ الزِّنَا بِالشَّامِ، فَقَالَ رَجُلٌ: قَدْ زَنَيْت الْبَارِحَةَ، فَقَالُوا: مَا تَقُولُ؟ فقال: أو حرمه اللَّهُ؟ مَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ، فَكُتِبَ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: إنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ فَحُدُّوهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ فَعَلِّمُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَحُدُّوهُ"، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ2، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَزَادَ: "إنَّ الَّذِي كَتَبَ إلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"3، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: أَنَّ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِي أَشَارَ بِذَلِكَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قِصَّةً لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي جَارِيَةٍ زَنَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ تَحْرِيمَهُ4.
قَوْلُهُ: "حُكِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أنه أباح وطء الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ"، تَقَدَّمَ فِي "كِتَابِ الرَّهْنِ".
حَدِيثُ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَطَعَ عَبْدًا لَهُ سَرَقَ"، الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ، فَأَرْسَلَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ إلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ لِيَقْطَعَ يَدَهُ، فَأَبَى سَعِيدُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، وقال: لا تقطع يَدَ الْعَبْدِ إذَا سَرَقَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فِي أَيِّ كِتَابٍ وَجَدْت هَذَا؟ فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ"5.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَطَعَ يَدَ
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 239] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود والشبهات.
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 403] ، حديث [13643] .
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 402] ، حديث [13642] .
4 أخرجه عبد الرزاق [7/ 403- 404، 404] ، حديث [13644، 13645] ، والبيهقي [8/ 238] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات. كلاهما من طريق هشام بن يحيى عن أبيه أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب به.
5 أخرجه مالك [2/ 833] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في قطع الآبق والسارق، حديث [26] ، والشافعي [2/ 83] ، كتاب الحدود: باب حد السرقة، حديث [269] .(4/172)
غُلَامٍ لَهُ سَرَقَ، وَجَلَدَ عَبْدًا لَهُ زَنَى، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُمَا إلَى الْوَالِي1، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ قِصَّةٌ لِعَائِشَةَ2.
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ نَحْوُهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عَائِشَةَ قَطَعَتْ أَمَةً لَهَا سَرَقَتْ"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بكر، عن عمرو؛ قَالَتْ: خَرَجَتْ عَائِشَةُ إلَى "مَكَّةَ"، وَمَعَهَا غُلَامٌ لِبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ"، فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا: "أَنَّهُ سَرَقَ، وَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ"3.
حَدِيثُ: "أَنَّ حَفْصَةَ قَتَلَتْ أَمَةً لَهَا سَحَرَتْهَا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ: "أَنَّ حَفْصَةَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْهَا"4، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَفِيهِ: "فَأَمَرَتْ بِهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَتَلَهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: مَا تُنْكِرُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! امْرَأَةً سَحَرَتْ وَاعْتَرَفَتْ"5.
حَدِيثُ: "أَنَّ فَاطِمَةَ جَلَدَتْ أَمَةً لَهَا زَنَتْ"، الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: "أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّتْ جَارِيَةً لَهَا زَنَتْ"6. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: "أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَجْلِدُ وَلِيدَتَهَا خَمْسِينَ، إذَا زَنَتْ".
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 239] ، كتاب اللقطة: باب سرقة العبد، حديث [18979] .
2 أخرجه عبد الرزاق [10/ 241- 242] ، كتاب اللقطة: باب سرقة الآبق، حديث [18986] .
3 أخرجه مالك [2/ 832- 833] ، كتاب الحدود: باب ما يجب فيه القطع، حديث [25] .
4 أخرجه مالك في "موطأه" [2/ 871] ، كتاب العقول: باب ما جاء في الغيلة والسحر، حديث [14] .
5 أخرجه عبد الرزاق [10/ 180] ، كتاب اللقطة: باب قتل الساحر، حديث [18747] ، عن عبد الله أو عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه ... فذكره.
وأخرجه البيهقي [8/ 136] ، كتاب الحدود: باب تكفير الساحر وقتله إن كان ما يسخر به كلام كفر صريح، من طريق أبي معاوية عن عبيدة الله بن عمر بالإسناد السابق.
6 أخرجه الشافعي [2/ 79] ، كتاب الحدود: باب في الزنا، حديث [257] ، وعبد الرزاق [7/ 394] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، باب: زنا الأمة، حديث [13603] .
والحديث أخرجه البيهقي [8/ 245] ، كتاب الحدود: باب حد الرجل أمته إذا زنت من طريق الشافعي.
وأخرجه عبد الرزاق [13602] ، من طريق ابن جريج قال: أخبروني عمرو بن دينار بإسناده نحوه.(4/173)
كِتَابُ حد القذف
مدخل
...
64- كتاب حَدِّ الْقَذْفِ1
1768- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْغَيْثِ عَنْهُ2.
1769- حَدِيثٌ: "يُرْوَى أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَامَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ، نُودِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَدْخُلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ" وَذَكَرَ مِنْ السَّبْعِ "قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ"، الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ الْمُصَلُّونَ، وَمَنْ يُقِيمُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الَّتِي كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: وَكَمْ الْكَبَائِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ هِيَ سَبْعٌ؛ "أَعْظَمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، لَا يَمُوتُ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ هَؤُلَاءِ الْكَبَائِرَ، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، إلَّا رَافَقَ "مُحَمَّدًا" فِي بُحْبُوحَةِ جَنَّةٍ أَبْوَابُهَا
__________
1 القذف لغة: الرمي بالحجارة، ثم استعير للقذف بالسان لجامع بينهما وهو الأذى.
انظر: "تحرير التنبيه" [351] .
وصطلاحاً:
عرفه الحنفية بأنه: الرمي بالزنا.
وعرفه سعدي حلبي بأنه من رمي من أحتصن بالزنا، صريحاً أو دلالة.
عرفه الشافعية بأنه: الرمي بالزنا في معرض التعبير لا الشهادة، ويكون للرجل والمرأة.
عرفه المالكية بأنه: رمي مكلف، ولو كافر، حراً مسلماً، ينفي نسب عن أب أو جد، أو بزنا، إن كلف وعف عنه، ذا آلة أو إطاقة الوطء بما يدل عرفاً ولو تعاريضاً.
عرفه الحنابلة بأنه: الرمي بالزنا.
انظر:
"نهاية المحتاج" [7/ 435] ، "شرح فتح القدير" [5/ 316] ، الصاوي على الشرح الصغير [2/ 354] ، "الشرح الصغير" [4/ 127] ، "مغني ابن قدامة" [7/ 217] .
2 أخرجه البخاري [6/ 50] ، كتاب الوصايا: باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء:10] ، حديث [2766] ، وطرفاه في [5764، 6857] ، ومسلم [1/ 359- 360- نووي] ، كتاب الإيمان: باب الكبائر وأكبرها، حديث [145/ 89] ، وأبو داود [3/ 115] ، كتاب الوصايا: ما باب جاء في التشديد في أكل مال اليتيم، حديث [2874] ، والنسائي [6/ 257] ، كتاب الوصايا: باب اجتناب أكل مال اليتيم، حديث [3671] ، وابن حبان [12/ 371- 372] ، في كتاب الحظر والإباحة، حديث [5561] ، والبيهقي [8/ 20، 249] ، [9/ 76] ، [6/ 284] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 106- 107- بتحقيقنا] ، كتاب الإيمان: باب الكبائر، حديث [45] ، كلهم من طريق سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث.
قال أبو داود: أبو الغيث: سالم مولى ابن مطيع.(4/174)
مَصَارِيعُ الذَّهَبِ" 1، وَفِي إسْنَادِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَزْرَقُ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَصْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ بِلَفْظِ: "مَنْ جَاءَ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ، كَانَ لَهُ الْجَنَّةُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ2".
وَلَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ صُهَيْبٍ مَوْلَى الْعَتْوَارِيِّينَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ يَقُولَانِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ، إلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ" 3.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ عبد الله بن عمرو
__________
1 أخرجه الطبراني [17/ 47- 48] ، حديث [101] ، من طريق العباس بن الفضل بن الأزرق ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان أنه حدثه عن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه ... فذكر الحديث.
قال الهيثمي في "المجمع" [1/ 53] : رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثوقون.
قلت: العباس بن الفضل؛ قال الذهبي في "الميزان" [4/ 53] : قال البخاري: ذهب حديثه.
وقال يحيى بن معين: كذاب خبيث.
وقال ابن المديني: ضعيف.
قلت: لكن للحديث طريقاً آخر إلا أنه مختصر.
أخرجه أبو داود [3/ 115- 116] ، كتاب الوصايا: باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم، حديث [2875] ، والنسائي [7/ 89] ، كتاب تحريم الدم: باب ذكر الكبائر، حديث [4012] ، والحاكم [1/ 59] ، كلهم من طريق معاذ بن هانئ ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه وكانت له صحبة –أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال: "هن تسمع"، فذكر معناه. ورواية الحاكم أتم وهي قريبة من رواية الطبراني، ورواية أبي داود والنسائي مختصرة.
قال الحاكم: قد احتجا برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان، فأما عمير بن قتادة فإنه صحابي، وابنه عبيد متفق على إخراجه والاحتجاج به، وتعقبه الذهبي بأن عبد الحميد بن سنان لم يحتجا به لجهالته.
2 أخرجه النسائي [7/ 88] ، كتاب تحريم الدم: باب ذكر الكبائر، حديث [4009] ، وأحمد [5/ 413] ، كلاهما من طريق بقية قال: حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان أن أباهم السمعي حدثهم أن أبا أيوب الأنصاري حدثه ... فذكره.
3 أخرجه النسائي [5/ 8] ، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، حديث [2438] ، والبخاري [4/ 316] ، من "تاريخه الكبير" وابن حبان [5/ 43- 44] ، كتاب الصلاة: باب فضل الصلوات الخمس، حديث [1748] ، وابن خزيمة [1/ 163] ، حديث [315] ، والبيهقي [10/ 187] ، كتاب الشهادات: جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين المسلمين، والطبري في تفسير سورة النساء، آية [31] برقم [9186] ، والحاكم [2/ 240] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(4/175)
وَقَالَ: "صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ؛ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ... "،الْحَدِيثَ1.
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: "أَدْرَكْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْخُلَفَاءِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمَمْلُوكَ إذَا قَذَفَ إلَّا أَرْبَعِينَ سَوْطًا"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ3.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَى؛ أَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعٌ، وَنُفَيْعٌ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ زِيَادٌ، وَكَانَ رَابِعَهُمْ، فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ، وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ"4، الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرِكِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، وَأَبُو مُوسَى فِي "الذَّيْلِ" مِنْ طُرُقٍ، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ طَرَفًا مِنْهُ5.
وَجَمِيعُ الرِّوَايَاتِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ: أَبُو بَكْرَةَ، وَنَافِعٌ، وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: "نُفَيْعٌ" بَدَلُ "شِبْلٍ" –وَهْمٌ-؛ فَنُفَيْعٌ اسْمُ أَبِي بَكْرَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَأَفَادَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ أَمِيرًا يَوْمَئِذٍ عَلَى "الْبَصْرَةِ"، فَعَزَلَهُ عُمَرُ وَوَلَّى أَبَا مُوسَى.
وَأَفَادَ الْبَلَاذِرِيُّ: أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي رُمِيَ بِهَا: أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ مِحْجَنِ بْنِ الْأَفْقَمِ الْهِلَالِيَّةُ، وَقِيلَ: إنَّ الْمُغِيرَةَ كَانَ تَزَوَّجَ بِهَا سِرًّا، وَكَانَ عُمَرُ لَا يُجِيزُ نِكَاحَ السِّرِّ، وَيُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى
__________
1 ذكره السيوطي في "الدر المنثور" [2/ 262] ، وعزاه إلى ابن مردويه وابن المنذر والطبراني عن ابن عمرو رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من صلى الصلوات الخمس ... " الحديث.
2 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 828] ، كتاب الحدود: باب الحد في القذف والنفي والتعريض.
3 أخرجه البيهقي [8/ 251] ، كتاب الحدود: باب العبد يقذف حراً.
4 أخرجه البيهقي [./ 234] ، كتاب الحدود: باب شهود الزنا إذا لم يكملوا أربعة.
وعزاه ابن حجر في "الفتح" [5/ 584] ، للحاكم.
5 أخرجه البخاري [5/ 582] ، كتاب الشهادات: باب شهادة القاذف والسارق والزاني، والحديث وصله الطبري في تفسير سورة النور: آية [5] ، حديث [25781] ، قال: حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب ضرب أبا بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة حدهم وقال لهم: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته، فأكذبت شبل نفسه ونافع وأبى أبو بكرة أن يفعل قال الزهري: هو والله سنة فاحفظوه.
وقال الشافعي في "الأم" [4/ 151] ، كتاب الوصايا: باب الوصية للوارث: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: سمعت الزهري يقول: زعم أهل العراق أن شهادة المحدود لا تجوز فأشهد لأخبرني فلان أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأبي بكرة رضي الله عنه: تب تقبل شهادتك أو إن تتب قبلت شهادتك، قال سفيان: سمى الزهري الذي أخبره فحفطته ثم نسيته، وشككت فيه، فلما قمنا سألت من حضر فقال لي عمرو بن قيس: هو سعيد بن المسيب، فقلت: هل شككت فيما قال، فقال: لا هو سعيد بن المسيب غير شك.(4/176)
فَاعِلِهِ، فَلِهَذَا سَكَتَ الْمُغِيرَةُ.
وَهَذَا لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا بِإِسْنَادٍ، وَإِنَّ صَحَّ كَانَ عُذْرًا حَسَنًا لِهَذَا الصَّحَابِيِّ.
قَوْلُهُ: "إنَّ عُمَرَ عَرَضَ لِزِيَادٍ بِالتَّوَقُّفِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُغِيرَةِ؛ قَالَ: أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ لَا يَفْضَحُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ"، رُوِيَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ طُرُقٍ بِمَعْنَاهُ، مِنْهَا: رِوَايَةُ الْبَلَاذِرِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ.
وَمِنْهَا: رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبي عثمان النهدي، قَالَ: شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ، وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَنَافِعٌ عَلَى الْمُغِيرَةِ أَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَيْهِ كَمَا يَنْظُرُونَ إلَى الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَنَكَلَ زِيَادٌ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا رَجُلٌ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِحَقٍّ، ثُمَّ جَلَدَهُمْ الْحَدَّ1
وَمِنْهَا: رِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَقَالَ عُمَرُ: "إنِّي لَأَرَى رَجُلًا لَا يَشْهَدُ إلَّا بِحَقٍّ، فَقَالَ زِيَادٌ: أَمَّا الزِّنَا فَلَا"، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [7/ 374] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، باب قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} [النور: 4] ، حديث [13564] .(4/177)
كِتَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ
مدخل
...
65- كتاب حد السرقة2
1770- حَدِيثُ عَائِشَةَ: "تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا"، وَيُرْوَى: "لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاللَّفْظَيْنِ مَعًا3، وَفِي لَفْظٍ: "لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ عَلَى عَهْدِ
__________
2 السرقة: وهي بفتح السين، وكسر الراء، ويجوز إسكان الراء، مع فتح السين، وكسرها، يقال: سرق بفتح الراء، يسرق بكسرها سرقاً، وسرقة، فهو سارق، والشيء مسروق، وصاحبه مسروق منه، فهي لغة: أخذ الشيء من الغير خفية، أي شيء كان.
واصطلاحاً:
عرفها الشافعية: بأنها أخذ المال خفية، ظلماً، من غير حرز مثله بشروط.
وعرفها المالكية: بأنها أخذ مكلف حراً لا يعقل لصغره، أو مالاً محترماً لغيره نصاباً، أخرجه من حرزه، بقصد واحد خفية لا شبهة له فيه.
وعرفها الحنفية: بأنها أخذ مكلف عاقل بالغ خفية قدر عشرة دراهم.
وعرفها الحنابلة: بأنها أخذ مال محترم لغيره، وأخرجه من حرز مثله.
ينظر: "الصحاح" [4/ 1496] ، و"المغرب" [1/ 393] ، "المصباح" [1/ 419] ، "تهذيب الأسماء" للنووي [2/ 148] ، و"درر الحكام" [2/ 77] ، و"ابن عابدين" [4/ 82] ، "مغني المحتاج" [4/ 158] ، "المغني لابن قدامة" [9/ 104] ، "كشف القناع" [6/ 129] ، "الخرشي على المختصر" [8/ 91] .
3 أخرجه البخاري [12/ 96] ، كتاب الحدود: باب السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، حديث [6789] ، ومسلم [3/ 1313] ، كتاب الحدود: باب حد السرقة ونصابها، حديث [2، 3، 4/ 1684] ، وأبو داود [4/ 546] ، كتاب الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، حديث [4383، =(4/177)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ"، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ".
1771- حَدِيثٌ: "أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ، وَجَاءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ: فَقَالَ صَفْوَانُ: إنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا، وَهُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ: "هَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ"، مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمِ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عَنْ طَاوُسٍ
__________
= 4384] ، والنسائي [8/ 87] ، كتاب قطع السارق: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، الترمذي [4/ 50] ، كتاب الحدود: باب في كم تقطع يد السارق، حديث [1445] ، وابن ماجة [2/ 862] ، كتاب الحدود: باب حد السارق، حديث [2585] ، وأحمد [6/ 36، 163، 249] ، والدارمي [2/ 172] ، كتاب الحدود: باب ما يقطع فيه اليد، والشافعي [2/ 83] ، كتاب الحدود: باب في حد السرقة، حديث [270] ، والحميدي [1/ 134] ، رقم [279] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 301- منحة] ، رقم [1532] ، وأبو يعلى [7/ 381] ، رقم [4411] ، وابن حبان [4442] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [824] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 167] ، كتاب الحدود والديات، حديث [315] ، والبيهقي [8/ 254] ، كتاب السرقة: باب ما يجب فيه القطع، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 481- بتحقيقنا] ، من طرق عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "القطع في ربع دينار فصاعداً".
قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمرة عن عائشة مرفوعاً ورواه بعضهم عن عمرة عن عائشة موقوفاً ا. هـ.
أما الموقوف فأخرجه مالك [2/ 832] ، كتاب الحدود: باب ما يجب فيه القطع حديث [24] ، عن يحبى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعداً.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" [23/ 380] : هذا حديث مسند بالدليل الصحيح لقول عائشة: ما طال علي وما نسيت فكيف وقد رواه الزهري وغيره مسنداً.
وقال الزرقاني في "شرح الموطأ" [4/ 190] : وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف لكنه مشعر بالرفع وقد أخرجه الشيخان من طريق عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً" ا. هـ.
قال الحميدي في "مسنده" [1/ 134] : حدثنا سفيان قال: وحدثناه أربعة عن عمرة عن عائشة لم يرفعوه: عبد الله بن أبي بكر ورزيق بن حكيم الأيلي ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد والزهري أخفظهم كلهم إلا أن في حديث يحيى ما دل على الرفع ... ا. هـ.
والحديث قد رواه يونس عن الزهري فزاد في الإسناد عروة مع عمرة عن عائشة.
أخرجه البخاري [12/ 99] ، كتاب الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، حديث [6790] ، ومسلم [3/ 1313] ، كتاب الحدود: باب حد السرقة ونصابها، حديث [2/ 1684] ، وأبو داود [4/ 546] ، كتاب الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، حديث [4384] ، والنسائي [8/ 78] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 164] ، والبيهقي [8/ 254] ، كتاب السرقة: باب ما يجب فيه القطع.(4/178)
عَنْ صَفْوَانَ1، وَرَجَّحَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: إنَّ سَمَاعَ طَاوُسٍ مِنْ صَفْوَانَ مُمْكِنٌ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى، ثُمَّ لَفَّ رِدَاءً لَهُ مِنْ بُرْدٍ، فَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَنَامَ، فَأَتَاهُ لِصٌّ، فَاسْتَلَّهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، فَأَخَذَهُ ... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
1772- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: "مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ"، أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ ... "، فَذِكْرُهُ أَتَمُّ مِنْهُ2.
1773- قَوْلُهُ: "كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عِنْدَهُمْ رُبْعَ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "ثَمَنُهُ
__________
1 أخرجه أبو داود [4/ 553] ، كتاب الحدود: باب من سرق من حرز، حديث [4394] ، والنسائي [8/ 69] ، كتاب قطع السارق: باب ما يكون حرزاً وما لا يكون، وابن ماجة [2/ 865] ، كتاب الحدود: باب من سرق من الحرز، حديث [2595] ، وأحمد [3/ 401] ، والشافعي [2/ 84] ، كتاب حد السرقة، حديث [278] ، والحاكم [4/ 380] ، كتاب الحدود، والبيهقي [8/ 265] ، كتاب السرقة: باب ما يكون حرزاً وما لا يكون.
وأخرجه مالك [2/ 834- 835] ، كتاب الحدود: باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان، حديث [28] ، مرسلاً من حديث الزهري.
2 أخرجه أبو داود [4/ 550] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه، حديث [4390] ، والنسائي [8/ 86] ، كتاب قطع السارق: باب الثمر يسرق، وابن ماجة [2/ 865] ، كتاب الحدود: باب من سرق من الحرز، حديث [2596] ، وأحمد [2/ 180، 203، 207] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [827] ، والدارقطني [4/ 236] ، كتاب الأقضية والأحكام، حديث [114] ، والحاكم [4/ 381] ، كتاب الحدود: باب حكم حربية الجبل، والبيهقي [8/ 263] ، كتاب السرقة: باب القطع كل ما له ثمن، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً من مزينة أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله كيف ترى في حربية الجبل؟ قال: "هي ومثلها والنكال ليس في شيء من الماشية قطع إلا ما أواه المراح فبلغ ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليهن وجلدات نكال"، قال: يا رسول الله كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: "هو ومثله معه وليس في شيء من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال".
وقال الحاكم: هذه سنة تفرد بها عمرو بن شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص وإذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة وهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.(4/179)
ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ"1.
__________
1 أخرجه مالك [2/ 831] ، كتاب الحدود: باب ما يجب فيه القطع، حديث [21] ، والبخاري [12/ 97] ، كتاب الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، حديث [6795] ، ومسلم [3/ 1313] ، كتاب الحدود: باب حد السرقة، حديث [6/ 1686] ، وأبو داود [4/ 547] ، كتاب الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، حديث [4385] ، والنسائي [8/ 76] ، كتاب قطع السارق: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، والترمذي [4/ 40- 41] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، حديث [1446] ، وابن ماجة [2/ 862] ، كتاب الحدود: باب حد السارق، حديث [2584] ، وأحمد [2/ 6، 54، 64، 80، 82، 143، 145] ، والدارمي [2/ 173] ، كتاب الحدود: باب ما يقطع فيه اليد، والشافعي [2/ 83] ، كتاب الحدود: باب في حد السرقة، حديث [272] ، وأبو داود الطيالسي [1/ 303- منحة] ، رقم [1532] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [825] ، وأبو يعلى [10/ 201] ، رقم [5833] ، وابن حبان [4444، 4446- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 162] ، والدارقطني [3/ 190] ، كتاب الحدود والديات، حديث [318] ، والبيهقي [8/ 256] ، كتاب السرقة: باب اختلاف الناقلين في ثمن المجن وما يصح منه وما لا يصح، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 481- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
أخرجه النسائي [8/ 86- 87] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، حديث [4/ 52] ، كتاب الحدود: باب لا قطع في ثمر ولا كثر، حديث [1449] ، والشافعي في "الأم" [6/ 133] ، والدارمي [2/ 174] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه من الثمار، والحميدي [1/ 199] ، رقم [407] ، والطيالسي [1/ 301- منحة] ، رقم [1535] ، وابن ماجة [2/ 865] ، كتاب الحدود: باب لا يقطع في ثمر ولا كثر، حديث [2594] ، وابن حبان [1505- موارد] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [8/ 263] ، كتاب السرقة: باب القطع في كل ما له ثمن إذا سرق من حرز، كلهم من طريق عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا قطع في ثمر ولا كثر".
وقال الترمذي: هكذا روى بعضهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج نحو رواية الليث بن سعد وروى مالك بن أنس هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديج عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يذكروا فيه عن واسع بن حبان ا. هـ. والطريق الذي أشار إليه الترمذي.
أخرجه مالك [2/ 839] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه حديث [32] ، وأبو داود [4/ 549] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه، حديث [4399] ، والنسائي [8/ 87] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، والدارمي [2/ 174] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه من الثمار، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 173] ، كتاب الحدود: باب سرقة الثمر والكثر، والطبراني في "الكبير" [4/ 260- 262] ، والبيقهي [8/ 262] ، كتاب السرقة: باب القطع في كل ما له ثمن، الخطيب في "تاريخ بغداد" [13/ 391] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 485- بتحقيقنا] ، من طريق عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديخ به.
وهذا الطريق فيه انقطاع بين محمد بن يحيى بن حبان ورافع بن خديج. =(4/180)
1774- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا قَطْعَ فِي تمر وَلَا كَثَرٍ"، مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: "هَذَا الْحَدِيثُ تَلَقَّتْ الْعُلَمَاءُ مَتْنَهُ بِالْقَبُولِ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
__________
= وقد اتفق أربعة من الثقات على وصله بذكر واسع بن حبان فيه وهم سفيان بن عيينة عند النسائي والشافعي والحميدي وابن حبان والطحاوي والبيهقي، ولليث بن سعد عند الترمذي والنسائي، هؤلاء الأربعة اتفقوا على رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع وهؤلاء ثقات فيجب قبول زيادتهم في الإسناد أو المتن. وقد رواه أبو أسامة أيضاً عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رجل من قومه عن رافع بن خديج.
أخرجه الدارمي [2/ 174] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه، والنسائي [8/ 88] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه.
وقد وقع في رواية للدارمي والنسائي أيضاً أن الرجل هو أبو ميمون.
أخرجه الدارمي [2/ 174] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه، والنسائي [8/ 88] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه. من طريق عبد العزيز بن محمد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن ميمون عن رافع به.
قال النسائي: هذا خطأ وأبو ميمون لا أعرفه.
وللحديث طريق آخر:
أخرجه النسائي [8/ 86- 87] ، والطبراني في "الكبير" [4/ 247] ، رقم [4277] من طريق الحسن بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن رافع بن خديج.
وأخرجه النسائي [8/ 88] ، من طريق بشر بن المفضل عن يحيى بن سعيد أن رجلاً من قومه حدثه عن عمة له عن رافع.
والروايتان ضعيفتان.
وخلاصة القول: أن أصح طرق الحديث طريق الليث وسفيان بن عيينة الذي روياه عن يحيى عن محمد عن عمه واسع بن حبان عن رافع.
وقد صححه من طريق سفيان بن حبان في صحيحه.
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 865] ، كتاب الحدود: باب ما لا يقطع في ثمر ولا كثر، حديث [2594] ، حدثنا هشام بن عمار عن سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قطع في ثمر ولا كثر". قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 320] : هذا إسناد ضعيف أخو سعد بن سعيد اسمه عبد الله ضعفه يحيى القطان وابن مهدي وأحمد وابن معين والفلاس والبخاري والنسائي وأبو داود وابن عدي وغيرهم ا. هـ.
قلت: وسعد بن سعيد قال الحافظ في "التقريب" [1/ 287] ، لين.
تنبيه: وقع للحافظ ابن حجر رحمه الله وهم فاحش بخصوص حديث أبي هريرة فقال في "الدراية" [2/ 109] ، وفي الباب عن أبي هريرة بإسناد صحيح، مع أنه ضعفه في "التلخيص" فقال: وفيه سعد بن سعيد المقبري وهو ضعيف.
وفاته هنا أيضاً إعلاله بضعف عبد الله مع أنه شديد الضعف عن أخيه سعد.(4/181)
تَنْبِيهٌ: الْكَثَرُ؛ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ: الْجِمَارُ؛ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ.
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "لَا قَطْعَ فِي تَمْرٍ مُعَلَّقٍ"، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَفِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "لَا قَطْعَ فِي تَمْرٍ مُعَلَّقٍ، وَلَا فِي حَرِيسَةِ1 جَبَلٍ"، وَهُوَ مُعْضِلٌ.
حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: "مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ"، الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، فَقَالَ فِيهِ: " وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ" 2، وَقَالَ: فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بَعْضُ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ": قَالَ هُشَيْمٌ، نَا سَهْلٌ: شَهِدْت ابْنَ الزُّبَيْرِ قَطَعَ نَبَّاشًا"3.
1775- حَدِيثُ: "لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ"، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ4، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ
__________
1 الحريسة فعيلة بمعني مفعولة: إي أن لها ما يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة يفسها.
ينظر: "النهاية" [1/ 367] .
2 أخرجه البيهقي في "شرح معاني الآثار" [6/ 409] ، كتاب السرقة: باب النباش، حديث [5171] ، قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 367] ، قال في "التنقيح": في هذا الإسناد من يجهل حاله؛ كبشر بن حازم وغيره.
3 أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" [4/ 104] ، في ترجمته سهيل بن ذكوان أبو السندي المكي. وقال عباد بن العوام: كنا نتهمه بالكذب، قلت له: صف لي عائشة، قال: كانت أدماء، وقال غير عباد وكانت عائشة شقراء بيضاء.
واتهمه ابن معين.
وقال محمد بن عبادة نا يزيد نا سهيل بن ذكوان المكي أبو عمر، وكان بواسط عندنا، ا. هـ. من "التاريخ الكبير".
4 أخرجه أحمد [4/ 380] ، وأبو داود [4/ 551- 552] ، كتاب القطع في الخلسة، حديث [4391] ، والترمذي [4/ 52] ، كتاب الحدود: باب الخائن والمختلس والمنتهب، حديث [1448] ، والنسائي [8/ 88- 89] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، وابن ماجة [2/ 864] ، كتاب الحدود: باب المنتهب والخائن والسارق، حديث [2591] ، والدارمي [2/ 175] ، كتاب الحدود: باب ما لا يقطع من السراق، وعبد الرزاق [10/ 210] ، رقم [18860] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 171] ، كتاب الحدود: باب الرجل يستعير الحلي فلا يرده، والدارقطني [3/ 187] ، كتاب الحدود والديات، حديث [310] ، وابن حبان [1502- موارد] ، والبيقهي [8/ 279] ، كتاب السرقة: باب لا قطع على المختلس والمنتهب والخائن، والخطيب في "تاريخ بغداد" [11/ 153] ، كلهم عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليس على المختلس ولا على المنتهب ولا على الخائن قطع.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وصححه ابن حبان. =(4/182)
حِبَّانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْخَائِنِ.
__________
= وقد ضعف هذا الحديث جماعة بحجة أن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير.
فقال أبو داود: وهذان الحديثان لم يسمعهما ابن جريج من أبي الزبير وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنما سمعها ابن جريج من ياسين الزيات وقد رواهما المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال النسائي: وقد روى هذا الحديث عن ابن جريج عيسى بن يونس والفضل بن موسى وابن وهب ومحمد بن ربيعة ومخلد بن يزيد وسلمة بن سعيد فلم يقل فيه منهم حدثني أبو الزبير ولا أراه سمعه من أبي الزبير، وقال ابن أبي حاتم في "العلل" [1/ 450] : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس على مختلس ولا خائن ولا منتهب قطع" فقالا: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير، يقال: سمعه من ياسين أنا حدثت به ابن جريج عن أبي الزبير فقلت لهما: ما حال ياسين؟ فقالا: ليس بقوي ا. هـ.
الرد على المضعفين لهذا الحديث.
مما سبق يتبين أن المضعفين لهذا الحديث أعلوه بعدم سماع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير وزاد بعضهم أنه سمعه من ياسين الزيات عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: صرح ابن جريج بسماع هذا الحديث من أبي الزبير في ثلاث روايات الأولى أخرجها الدارمي [2/ 175] ، كتاب الحدود: باب ما لا يقطع من السراق عن أبي عاصم عن ابن جريج قال: أنا أبو الزبير قال جابر ... فذكر الحديث.
الرواية الثانية: أخرجها الخطيب [1/ 256] ، من طريق مكي بن إبراهيم قال: أنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقطع الخائن ولا المختلس ولا المنتهب". وقال الخطيب: لا أعلم روى هذا الحديث عن ابن جريج مجوداً هكذا غير مكي بن إبراهيم.
وفي تصريح ابن جريج بسماعه من أبي الزبير ما يهدم تعليل هذا الحديث على أنه قد توبع ابن جريج على هذا الحديث أيضاً تابعه سفيان الثوري.
أخرجه النسائي [8/ 88] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه وابن حبان [1503- موارد] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [9/ 135] ، كلهم من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر به. وهذا الطريق صححه ابن حبان.
لكن قال النسائي: لم يسمعه سفيان من أبي الزبير ثم أخرجه [8/ 88] ، من طريق أبي داود الحفري عن سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر.
وتابعه أيضاً المغيرة بن مسلم.
أخرجه النسائي [8/ 89] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 171] ، والبيهقي [8/ 279] ، كتاب السرقة: باب لا قطع على المختلس والمنتهب والخائن، كلهم من طريق شبابة بن سوار ثنا المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر به.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [3/ 364] : والمغيرة بن مسلم صدوق قاله ابن معين وغيره ا. هـ.
وتابعه أيضاً أشعث بن سوار لكن موقوفاً.
أخرجه النسائي [8/ 89] ، كتاب قطع السارق: باب ما لا قطع فيه من طريق أشعث عن أبي الزبير عن جابر قال: "ليس على خائن قطع". قال النسائي: أشعث بن سوار ضعيف. =(4/183)
وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ" مِنْ طَرِيقِ مَكِّيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْخَائِنَ غَيْرُ مَكِّيٍّ.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ، أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَلَا عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ أَبِيهِ: لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد، وَزَادَ: وَقَدْ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَسْنَدَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَرَوَاهُ عَنْ سُوَيْد بْنِ نَصْرٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَابْنُ وَهْبٍ وَمَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ وَجَمَاعَةٌ، فَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، وَلَا أَحْسَبُهُ سَمِعَهُ مِنْهُ.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ مِنْ مُعَنْعَنِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ أَبِي الزُّبَيْرِ لَهُ مِنْ جَابِرٍ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ1، وَآخَرُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"2، فِي "تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ"، وَرَوَاهُ ابْنُ
__________
= ومما سبق ومن تصريح ابن جريج باسماع من أبي الزبير ومتابعة الثوري والمغيرة لابن جريج أن الحديث صحيح قطعاً وقد توبع أبو الزبير أيضاً تابعه عمرو بن دينار عن جابر.
أخرجه ابن حبان [1502- موارد] ، والحديث ذكره الحافظ في "الفتح" [12/ 91- 92] ، وقال: هو حديث قوي أخرجه الأربعة وصححه أبو عوانة والترمذي من طريق ابن حريج عن أبي الزبير عن جابر رفعه وصرح ابن جريج في رواية للنسائي بقوله: أخبرني أبو الزبير، ووهم بعضهم هذه الرواية فقد صرح أبو داود بأن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير قال: وبلغني عن أحمد إنما سمع ابن جريج من ياسين الزيات، ونقل ابن عدي في "الكامل" عن أهل المدينة أنهم قالوا: لم يسمع ابن جريج من أبي الزبير، وقال النسائي: رواه الحافظ من أصحاب ابن جريج عنه عن أبي الزبير فلم يقل أحد منهم أخبرني، ولا أحسبه سمعه قلت –أي ابن حجر- لكن وجد له متابع عن أبي الزبير أخرجه النسائي أيضاً من طريق المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير لكن أبو الزبير مدلس أيضاً وقد عنعنه عن جابر لكن أخرجه ابن حبان من وجه آخر عن جابر بمتابعة أبي الزبير فقوي الحديث وقد أجمعوا على العمل به إلا من شذ ا. هـ.
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 864] ، كتاب الحدود: باب الخائن والمنتهب والسارق، حديث [2592] ، من طريق الفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ليس على المختلس قطع.
قال الحافظ البوصيري في "الزوائد" [2/ 319] : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
2 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "نصب الراية" [3/ 365] ، حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال: أملى علي عبد الله بن وهب من حفظه عن يونس عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس على منتهب ولا مختلس ولا =(4/184)
الْجَوْزِيِّ في "العلل" من حيث ابْنِ عَبَّاسٍ وَضَعَّفَهُ1.
حَدِيثُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَارِيَةٍ سَرَقَتْ، فَوَجَدَهَا لَمْ تَحِضْ، فَلَمْ يَقْطَعْهَا"، هَذَا الْحَدِيثُ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي إيرَادِهِ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ وَعَزَاهُ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَإِنَّمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ2.
حَدِيثُ: "مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ"، تَقَدَّمَ بِلَفْظِ: "نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ".
1776- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِسَارِقٍ، فَقَالَ: "مَا إخَالُكَ سَرَقْت"، قَالَ: بَلَى سَرَقْت، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ"، أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ بِهَذَا نَحْوُهُ، وَزَادَ: "فَقَطَعُوهُ وَحَسَمُوهُ"، ثُمَّ أَتَوْهُ بِهِ، فَقَالَ: تُبْ إلَى اللَّهِ، فَقَالَ: تُبْت إلَى اللَّهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ"3، وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ، وَرَجَّحَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إرْسَالَهُ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ الْمَوْصُولَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا، وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ لَهُ: "مَا إخَالُكَ سَرَقْت ... "، الْحَدِيثَ4.
__________
= خائن قطع".
قال الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا يونس ولا عن يونس إلا ابن وهب تفرد به أبو معمر.
1 أخرجه ابن الجوزي في "العلل" [2/ 793] ، حديث [1325] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [4/ 243] .
2 أخرجه البيهقي [8/ 264] ، كتاب السرقة: باب السن الذي إذا بلغها الرجل أو المرأة أقيمت عليهما الحدود.
3 أخرجه أبو داود في "مراسيله" [242] ، قال: حدثنا أحمد بن عبده حدثنا سفيان عن يزيد بن حصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
وأخرجه الدارقطني [3/ 102] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [71] ، والحاكم [4/ 381] ، والبيهقي [8/ 271] ، كتاب السرقة: باب والسارق يسرق أولاً فتقطع يده من المفصل [8/ 275- 276] ، كتاب السرقة: باب ما جاء في الإقرار بالسرقة والرجوع عنه.
كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الداراوردي أخبرني يزيد بن حصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكر.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.
وللحديث أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 225] ، كتاب اللقطة: باب ستر المسلم، حديث [18923] ، من طريق ابن جريج عن يزيد بن حصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلاً.
4 أخرجه أبو داود [2/ 539] ، كتاب الحدود: باب في التلقين في الحد برقم [4380] ، والنسائي [8/ 67] ، كتاب قطع السارق: باب تلقين السارق رقم [4877] وابن ماجة [2/ 866] ، كتاب الحدود: باب تلقين السارق رقم [2597] ، وأحمد [5/ 293] ، والدارمي [2/ 173] ، كتاب =(4/185)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ إذَا رَوَاهُ مَجْهُولٌ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، وَلَمْ يَجِبْ الْحُكْمُ بِهِ.
1777- حَدِيثُ: "مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ... "، الْحَدِيثَ1، وَقَالَ: رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثْت عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَكَانَ هَذَا أَصَحَّ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقَيْنِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ: هَذَا يُصَحِّحُ الْمَوْصُولَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ2"، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"
__________
= الحدود: باب المعترف بالسرقة.
قال الزيعلي في "نصب الراية" [4/ 76] : فيه ضعيف، فإن أبا المنذر هذا مجهول، لم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة؛ قاله المنذري.
1 أخرجه مسلم [4/ 2074] ، كتاب الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، حديث [38/ 2699] ، والترمذي [4/ 26] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم، حديث [1425] ، [4/ 287- 288] ، كتاب البر والصلة: باب ما جاء في السترة على المسلم، حديث [1930] ، وأبو داود [2/ 704] ، كتاب الأدب: باب في المعونة للمسلم، حديث [4946] ، وأبو داود [1/ 82] ، المقدمة: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث [225] ، وأحمد [2/ 252] ، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 119] ، والبغوي في "شرح السنة" [1/ 221- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه الحاكم [4/ 383] ، من طريق محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه [4/ 383- 384] ، من طريق وهيب قال: ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2 أخرجه أحمد [2/ 91] ، البخاري [5/ 385- 386] ، كتاب المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، حديث [2442] ، وطرفه في [6951] ، ومسلم [8/ 377] ، كتاب البر والصلة والأدب: باب تحريم الظلم، حديث [58/ 2580] ، وأبو داود [4/ 273] ، كتاب الأدب: باب المؤاخاة، حديث [4893] ، والترمذي [34- 35] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم، حديث [1426] ، والبيهقي [6/ 94] ، كتاب الغصب: باب نصر المظلوم والأخذ على يد الظالم عند الإمكان [8/ 330] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في الستر على أهل الحدود، وابن حبان [2/ 291- 292] ، كتاب البر والإحسان: فصل من البر والإحسان، حديث [533] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 486- بتحقيقنا] ، كتاب البر والصلة: باب الستر، حديث [3412] ، كلهم من طريق الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه به فذكره.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.(4/186)
مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ مَخْلَدِ مَرْفُوعًا: "مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا فِي الدُّنْيَا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ".
وَعَنْ ابْن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ1.
حَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ لِمَاعِزٍ: "لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت"، تَقَدَّمَ فِي "بَابِ حَدِّ الزِّنَا".
1778- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلسَّارِقِ: "أَسَرَقْت"؟ قُلْ: لَا؛ وَلَمْ يُصَحِّحُوا هَذَا الْحَدِيثَ، هَذَا الْحَدِيثُ تُبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيُّ فِي "الْوَسِيطِ"؛ فَإِنَّهُ قَالَ: "وَقَوْلُهُ: "قُلْ: لَا"، لَمْ يُصَحِّحْهُ الْأَئِمَّةُ"، وَسَبَقَهُمَا الْإِمَامُ فِي "النِّهَايَةِ"، فَقَالَ: سَمِعْت بَعْضَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَا يُصَحِّحُ هَذَا اللَّفْظَ، وَهُوَ "قُلْ: لَا"، فَيَبْقَى اللَّفْظُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: "مَا إخَالُكَ سَرَقْت"، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: غالب ظني أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَهُ لِسَارِقٍ أَقَرَّ عِنْدَهُ"، انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ: "أَنَّهُ أَتَى بِجَارِيَةٍ سَرَقَتْ، فَقَالَ لَهَا: "أَسَرَقْت"؟ قَوْلِي: لَا، فَقَالَتْ: لَا، فَخَلَّى سَبِيلَهَا2"، وَلَمْ أَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، إلَّا أَنَّ فِي "مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ" عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: كَانَ مَنْ مَضَى يُؤْتَى إلَيْهِمْ بِالسَّارِقِ، فَيَقُولُ: أَسَرَقْت؟ قُلْ: لَا، وَسَمَّى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ3.
وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَجُلٍ؛ فَسَأَلَهُ أَسَرَقْت؟ قُلْ: لَا، فَقَالَ: لَا، فَتَرَكَهُ4.
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 850] ، كتاب الحدود: باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، حديث [2546] ، من طريق محمد بن عثمان الجمحي ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به.
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 304] : هذا إسناد فيه مقال؛ محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث.
وقال الدارقطني: ليس بقوي.
وذكره ابن حابن في "الثقات". وباقي الإسناد ثقات؛ وله شاهد من حديث أبي هريرة؛ رواه مسلم في "صحيحه" السنن. ورواه الترمذي من حديث ابن عمر.
2 أخرجه البيهقي [8/ 276] ، كتاب السرقنة: باب ما جاء في الإقرار بالسرقة والرجوع عنه.
3 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 224] ، كتاب اللقطة: باب ستر المسلم، حديث [18919] ، وابن أبي شيبة [5/ 520] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يؤتى به فيقال: أسرقت؟ قل: لا، كلاهما من طريق ابن جريج.
4 أخرجه عبد الرزاق [10/ 224] ، كتاب اللقطة: باب ستر المؤمن، حديث [18920] .(4/187)
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ: "أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَتَى بِسَارِقٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ، فَقَالَ: "أَسَرَقْت؟ قُلْ: لَا، مَرَّتَيْنِ أو ثلاثا1".
وَفِي "جَامِعِ سُفْيَانَ" عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: أَتَى أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ بِامْرَأَةٍ سَرَقَتْ جَمَلًا، فَقَالَ: أَسَرَقْت؟ قُولِي: لَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ: "مَا إخَالُكَ سَرَقْت، فَتَقَدَّمَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ اصْطِلَاحًا.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: "كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، فَجَاءَ مَاعِزُ بْنُ مالك فاعترف عنده ... "، الحد يث، وَفِيهِ: "إنَّك إنْ اعْتَرَفْت الرَّابِعَةَ رَجَمْتُك"، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ2.
وَفِي "الْمُوَطَّأِ" مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَاقِدٍ؛ أَنَّ عُمَرَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وُجِدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رجلا، فَبَعَثَ عُمَرُ أَبَا وَاقِدٍ إلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ لَهَا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ، وَجَعَلَ يُلَقِّنُهَا لِتَنْزِعَ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْزِعَ وَتَمَّتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ3.
قَوْلُهُ: "وَعَرَضَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِزِيَادٍ، بِالتَّوَقُّفِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ".
قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ.
1779- حَدِيثُ: "أَنَّ مَاعِزًا لَمَّا ذَكَرَ لِهَزَّالٍ أَنَّهُ زنا، قَالَ لَهُ: بَادِرْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِيك قُرْآنًا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هَلَّا سَتَرْته بِثَوْبِك يَا هَزَّالُ".
قُلْت: حَدِيثُ هَزَّالٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِ قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِيك قُرْآنًا"، لَكِنْ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ ابْنِ هَزَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِمَاعِزٍ: "اذْهَبْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبِرْهُ خَبَرَك؛ فَإِنَّك إنْ لَمْ تُخْبِرْهُ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ خَبَرَك".
1780- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بسارق فقطع يمينه"، الْبَغَوِيّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"، مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ4.
__________
1 أخرجة ابن أبي شيبة [5/ 520] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يؤتى به فيقال: أسرقت؟ قل: لا، حديث [28576] .
2 تقدم في شواهد حديث ماعز.
3 أخرجه مالك في الموطئه [2/ 823] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الرجم، حديث [9] .
4 عبد الكريم بن أبي المخارق.
قال معمر: قال لي أيوب: لا تحمل عن عبد الكريم أبي أمية ليس بشيء.
وقال الفلاس: كان يحيى وابن مهدي لا يحدثا عن عبد الكريم المعلم.
وعن يحيى: ليس بشيء. =(4/188)
1781- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي السَّارِقِ: "إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ1"، الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "السَّارِقُ إذَا سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا2 رِجْلَهُ".
وَفِي الْبَابِ عَنْ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ3.
1782- حَدِيثُ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ ثَانِيًا فَقَطَعَ
__________
= وقال أحمد بن حنبل: قد ضربت على حديثه، هو شبه المتروك.
وقال النسائي والدارقطني: متروك. وعن سفيان قال: قلت لأيوب: يا أبا بكر لم تكثر عن طاوس؟ قال: أتيته لأسمع منه، فرأيته بين ثقيلين: عبد الكريم بن أبي أمية، وليث بن أبي سليم فتركته.
وقال ابن عبد البر: بصريي لا يختلفون في ضعفه إلا أن منهم من يقبله في غير الأحكام خاصة، ولا يحتج به.
ينظر: "ميزان الاعتدال" [4/ 387- 388] .
1 أخرجه الدارقطني [3/ 181] ، كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [292] ، من طريق الواقدي عن ابن ذئب عن خالد بن سلمة أداء عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال العظيم آبادي في "تعليق المغني" [3/ 181] ، فيه محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم، قال أحمد كذاب، وقال البخاري متروك الحديث والأكثر على ضعفه.
2 أخرجه من طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" [6/ 410] ، كتاب السرقة: باب قطع اليد والرجل في السرقة.
3 أخرجه الدارقطني [3/ 137- 138] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [171] ، والطبراني [17/ 182] ، [483] .
كلاهما من طريق خالد بن عبد السلام الصدفي نا الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك قال: سرق مملوك في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرفع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعفا عنه، ثم رفع إليه الثانية وقد سرق فعفا عنه، فرفع الثالثة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعفا عنه، ثم رفع إليه الرابعة وقد سرق فعفا عنه، ثم رفع إليه الخامسة وقد سرق فقطع يده، ثم رفع إليه السادسة فقطع رجله، ثم رفع إليه السابعة فقطع يده، ثم رفع إليه الثامنة فقطع وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أربع باربع".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 278] : رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو صعيف.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني" [3/ 138] : حديث ضعيف؛ قال عبد الخالق: هذا لا يصح للإرسال، وضعيف الإسناد، وقال الذهبي يشبه أن يكون موضوعاً، وضعف الفضل بن المختار عن جماعة من غير توثيق ا. هـ.(4/189)
رِجْلَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ ثَالِثًا فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ رَابِعًا فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ خَامِسًا فَقَتَلَهُ" 1، الدَّارَقُطْنِيُّ بِهَذَا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ2.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ، بِلَفْظِ: "جِيءَ بِسَارِقٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اُقْتُلُوهُ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ: "اقطعوه"، فقطع، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: "اُقْتُلُوهُ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ: "اقْطَعُوهُ ... "، فَذَكَرَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: فَجِيءَ بِهِ الْخَامِسَةَ فَقَالَ: "اُقْتُلُوهُ"، قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقْنَا إلَى مِرْبَدِ النَّعَمِ، فَاسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، فَقَتَلْنَاهُ"، ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بئر، ورمينا عليه بالحجارة3، وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا صَحِيحًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِمِ4.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجُهَنِيِّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ"5.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدِيثُ الْقَتْلِ مُنْكَرٌ، لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ6.
__________
1 أخرجه الدارقطني [3/ 180- 181] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [289] ، من طريق محمد بن يزيد بن سنان نا أبي نا هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه به.
2 قال المصنف في "التقريب" [6439] : ليس بالقوي.
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" [8/ 128] : سألت أبي عنه فقال: ليس بالمتين هو أشد غفلة من أبيه عن أنه كان رجلاً صالحاً لم يكن من أحلاس الحديث صدوق وكان يرجع إلى ستر وصلاح وكان النخيلي يرضاه.
3 أخرجه أبو داود [4/ 142] ، كتاب الحدود: باب في السارق يسرق مراراً، حديث [4410] ، والنسائي [8/ 90- 91] ، في كتاب قطع السارق: باب قطع اليدين والرجلين من السارق، حديث [4978] ، والبيهقي [8/ 272] ، كلهم من طريق مصعب بن ثابت عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال ... فذكره.
قال النسائي: هذا حديث منكر ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث والله أعلم.
4 أخرجه النسائي [8/ 89- 90] ، كتاب قطع السارق: باب قطع الرجل من السارق بعد اليد، حديث [4977] ، والحاكم [4/ 382] ، والطبراني [3/ 315] ، [3408] ، والبيهقي [8/ 272] ، كتاب السرقة: باب السارق يعود فيسرق ثانياً وثالثاً ورابعاً، كلهم من طرق عن حماد بن سلمة ثنا يوسف بن سعد عن الحارث بن حاطب ... فذكره.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بأنه منكر.
5 أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [4/ 39] .
6 اختلف الفقهاء في محل القطع من السارق. =(4/190)
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا حَكَاهُ أَبُو مصعف، عَنْ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ
__________
= فذهب الحنفية، والحنابلة إلى أنه اليد اليمنى، والرجل اليسرى وذهب المالكية، والشافعية إلى أنه اليدان والرجلان وذهب داود وربيعة إلى أنه اليدان فقط.
وذهب عطاء إلى أنه اليد اليمنى خاصة.
استدل الحنفية، والحنابلة بأدلة منها ما يخص اليد اليمنى ومنها مما يعم اليد اليمنى والرجل اليسرى.
أمام ما يخص اليد اليمنى، فقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] .
ووجه الدلالة أن المراد بأيديهما أيمانهما لقراءة عبد الله بن مسعود: [فاقطعوا أيمانهما] وهي خبر مشهور مقيد لإطلاق الآية. فالذي يقطع من السارق والسارقة ينص الآية اليد اليمنى فاليد اليسرى خارجة من إطلاق الآية بهذه القراءة. ولم يثبت في السنة من طريق صحيح تعلق القطع بها في السرقة. فعلم من ذلك أنها ليست فقط للقطع.
وأما ما يعم اليد اليمنى، والرجل اليسرى. فأولاً: ما رواه الدارقطني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى فإن عاد ضمنته السجن حتى يحدث خيراً. إني لأستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها، ورجل يمشي عليها.
وثانياً: ما رواه ابن أبي شيبة أن نجده كتب إلى ابن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول علي.
وثالثاً: ما رواه ابن أبي شيبة. أن عمر رضي الله عنه قال: إذا سرق فاقطعوا يده ثم إن عاد فاقطعوا رجله. ولا تقطعوا يده الأخرى. وذروه يأكل بها ويستنجي بها.
ورابعاً: ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر رضي الله عنه استشار الصحابة في سارق، فأجمعوا على مثل قول علي.
فهذه الآثار جميعها صريحة في أن ما يقطع من السارق إنما هو اليد اليمنى والرجل اليسرى. ثم إن عاد إلى السرقة بعد قطعها. أودع السجن حتى يظهر صلاح حاله.
واستدل المالكية، والشافعية بأدلة: منها ما يخص اليدين، ومنها ما يعم اليدين والرجلين.
أما ما يخص اليدين. فأولاً: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] فإن اسم اليد يطلق على اليد اليسرى كما يطلق على اليد اليمنى.
وقد أمر الله تعالى بقطع يدي كل من السارق والسارقة. فظاهر النص قطعهما معاً ولولا قيام الإجماع على عدم قطعهما معاً في سرقة واحدة، وعلى عدم الابتداء باليسرى.
وأجيب عنه بأن نص الآية لا يتناول اليد اليسرى لتقييده باليمنى، من قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وثانياً: ما رواه مالك في "الموطأ" عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من اليمن أقطع اليد والرجل، قدم فنزل على أبي بكر الصديق، فشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر رضي الله عنه: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم فقدوا عقداً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجعل الرجل يطوف معهم، ويقول: للهم عليك بمن بليت لأهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلى عند صائغ، زعم أن الأقطع جاء به، فاعترف الأقطع، أو شهد عليه، فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى. وقال أبو بكر لدماؤه على نفسه أشد عليه من سرقته. فهذا الأمر، صريح في أن اليد اليسرى محل للقطع، =(4/191)
الْعَزِيزِ أَنَّهُ يُقْتَلُ لَا أَصْلَ لَهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً1: "اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ، ثُمَّ احْسِمُوهُ"
__________
= وإلا لما صح لأبي بكر قطعها.
وأجيب عنه: بأن سارق حلي أسماء لم يكن أقطع اليد والرجل، بل كان اقطع اليد اليمنى فقط.
فقد قال محمد بن الحسن في موطئه قال الزهري ويروى عن عائشة قالت: إنما كان الذي سرق حلي أسماء أقطع اليد اليمنى، فقطع أبو بكر رجله اليسرى. قال: وكان ابن شهاب أعلم بهذا الحديث من غيره.
وأما ما يعم اليدين والرجلين، فما رواه الدارقطني من طريق الواقدي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله". فهذا الحديث صريح في أن القطع يتعلق بجميع أطراف السارق وأجيب عنه: بأنه لا يصلح للاحتجاج فإن في طريقه الواقدي وفيه فقال: وقد روي هذا المعنى من طرق كثيرة لم تسلم من الطعن.
فقال قال الطحاوي: تتبعنا هذه الآثار، فلم نجد لشيء منها أصلاً ومما يدل على عدم صلاحيته للحجية عدم استدلال الصحابة به حينما استشارهم علي رضي الله عنه في سارق أقطع اليد والرجل فلم يقطعه وجلده جلداً شديداً، ودعوى الجهل به بعيدة فإن مثل هذا لا يخفى على الصحابة رضوان الله عليهم فعدم احتجاجهم به ليس إلا لضعفه أو نسخه فإن الحدود كان فيها تغليظ في الابتداء. ألا ترى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع أيدي العرنيين وسمل أعينهم ثم نسخ ذلك.
واستدل داود ومن وافقه بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] .
ووجه الدلالة أن الله تعالى قد نص على قطع اليدين ولم ينص على قطع الرجلين فلو كان قطع الرجلين مطلوباً لأمر به تعالى والسنة لم يرد فيها من طريق صحيح ما يفيد قطعهما في السرقة، والذي ورد في السنة صحيحاً جميعه يتعلق بقطع اليد: فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها". وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً". وأمثال ذلك كثيرة، متعلق بقطع اليد ولم يرد للرجل فيها ذكر، وفي ذلك دليل صحيح على أن القطع إنما يتعلق باليدين، دون الرجلين. وأجيب عنه من قبل الحنفية، والحنابلة بأنه لا دلالة في الآية على أن اليد اليسرى محل للقطع فإن المراد من قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أيمانهما، لقراءة عبد الله بن مسعود. [فاقطعوا أيمانهما] وقطع الرجل اليسرى قد ثبت بالسنة الصحيحة. وإجماع الصحابة على ذلك مما يقطع بصحة الورادة بقطع الرجل اليسرى بعد قطع اليد اليمنى.
واستدل عطاء بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} .
فإن المراد من قوله: {أَيْدِيَهُمَا} أيمانهما لقراءة عبد الله [فاقطعوا أيمانهما] فإنها مقيدة لإطلاق الآية، فاليد اليسرى ليست مرادة ولم يثبت في السنة من طريق صحيح قطع غيرها من الأطراف.
فوجب الاقتصار عليها.
وأجيب عنه بأن السنة الصحيحة قد أثبتت قطع الرجل اليسرى في السرقة، وقام الإجماع على ذلك.
ينظر: حد السرقة لشيخنا إبراهيم الشهاوي، وينظر: "فتح القدير" [4/ 248] ، "والمحلى" [11/ 356] .
1 الشملة: هو الكساء والمئزر يتشح به. "النهاية في غريب الحديث" [2/ 502] .(4/192)
الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1783- حَدِيثُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ عُلِّقَتْ فِي رَقَبَتِهِ"، أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِهِ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيِّ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ.
قُلْتُ: وَهُمَا مُدَلِّسَانِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: الْحَجَّاجُ ضَعِيفٌ، وَلَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ، قَالَ هَذَا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ1.
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّعْلِيقَ، وَلَمْ يُصَحِّحْ الْخَبَرَ فِيهِ".
قُلْت: هُوَ كَمَا قَالَ لَا يَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ وَلَا يُقَارِبُهَا.
1784- حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَتَبَ بَعْضُ عُمَّالِ عُمَرَ إلَيْهِ بِذَلِكَ فَقَالَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ"، لَمْ أَجِدْهُ عَنْهُ.
قُلْت: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ الْقَاسِمِ: أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَتَبَ فِيهِ سَعْدٌ إلَى عُمَرَ ... " فَذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ2.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "لَيْسَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَطْعٌ3".
وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخَمْسِ سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ، فَرُفِعَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْطَعْهُ، وَقَالَ: مَالُ اللَّهِ سَرَقَ بَعْضُهُ
__________
1 أخرجه أحمد [6/ 19] ، وأبو داود [4/ 143] ، كتاب الحدود، باب في تعليق يد السارق في عنقه، حديث [4411] ، والترمذي [4/ 51] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في تعليق يد السارق، حديث [1447] ، والنسائي في [8/ 92] ، كتاب قطع السارق: باب تعليق يد السارق في عنقه، حديث [4982، 4983] ، وابن ماجة [2/ 863] ، كتاب الحدود: باب تعليق اليد في العنق، حديث [2587] ، والبيهقي [8/ 275] ، كتاب السرقة: باب ما جاء في تعليق اليد في عنق السارق.
كلهم من طرق عن أبي بكر عمر بن علي المقدمي، عن حجاج بن أرطأة عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز قال: قلت لفضالة بن عبيد: أرأيت تعليق اليد في عنق السارق من السنة هو؟ قال: نعم ... فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من طريق عمر بن علي المقدمي عن الحجاج بن أرطأة وعبد الرحمن بن محيريز هو أخو عبد الله بن محيريز شامي.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 18] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يسرق من بيت المال، ما عليه؟ حديث [28563] .
3 أخرجه البيهقي [8/ 282] ، كتاب السرقة: باب من سرق من بيت المال.(4/193)
بَعْضًا"، إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ1.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ سُرِقَ فِي عَهْدِهِ ثَوْبٌ مِنْ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَطَعَ السَّارِقَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ"، لَمْ أَجِدْهُ عَنْهُ أَيْضًا.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ سَرَقَ مِرْآةً لِزَوْجَةِ الرَّجُلِ، قِيمَتُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا، فَلَمْ يَقْطَعْهُ، وَقَالَ: خَادِمُكُمْ أَخَذَ مَتَاعَكُمْ"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيَّ جَاءَ بغلام إلىعمر بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: اقْطَعْ هَذَا ... "، فَذَكَرَهُ2، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ3.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ قَطَعَ سَارِقًا فِي أُتْرُجَّةٍ قُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ"، الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي "الْمُوَطَّأِ"، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ؛ أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ أُتْرُجَّةً فِي عَهْدِ عُثْمَانَ، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ بِدِينَارٍ، فَقَطَعَ يَدَهُ4.
قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ الْأُتْرُجَّةُ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ5.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: كَانَتْ أُتْرُجَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ، يُجْعَلُ فِيهَا الطِّيبُ.
وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ لَمْ تُقَوَّمْ.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "سَارِقُ مَوْتَانَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا"، الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْهَا6.
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 864] ، كتاب الحدود: باب العبد يسرق، حديث [2590] ، ولبيهقي [8/ 282] ، كتاب السرقة: باب من سرق من بيت المال شيئاً، كلاهما من طريق جبارة عن حجاج بن نعيم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنه.
قال البيوصري في "الزوائد" [2/ 318] ، هذا إسناد فيه حجاج بن تميم وهو ضعيف والراوي عنه أضعف منه وكذا ضعفه البيهقي في "الكبرى".
2 أخرجه مالك [2/ 836، 840] ، كتاب الحدود: باب ما لا قطع فيه، حديث [33] ، ومن طريقه الشافعي [2/ 82] ، كتاب الحدود: باب في حد السرقة، حديث [268] ، ومن طريقه أخرجه البيهقي [8/ 281- 282] ، كتاب السرقة: باب العبد يسرق من مال امرأة سيده.
3 أخرجه الدارقطني [3/ 188] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [311] .
4 أخرجه مالك [2/ 832] ، كتاب الحدود: باب ما يجب فيه القتل، حديث [23] ، ومن طريقه الشافعي [2/ 83] ، في كتاب الحدود: باب في حد السرقة، حديث [273] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 260] ، كتاب السرقة: باب ما جاء عن الصاحبة رضي الله عنهم فيما يجب به قطع.
5 ينظر البيهقي الموضع السابق.
6 أورده الزيلعي في "نصب الراية" [3/ 367] ، قال: وروى أيضاً أنبأني أبو عبيد الله إجازة ثنا أبو الوليد ثنا محمد بن سليمان ثنا علي بن حجر ثنا سويد بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنهما، فذكره.
والذي أخرجه الدارقطني من طريق عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن كسر عظم الميت ميتاً مثل كسره حياً في الإثم [3/ 188] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [313] .(4/194)
حَدِيثُ: "لَا قَطْعَ فِي عَامٍّ"، إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ فِي "جَامِعِهِ"، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ إسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَزْهَرَ: أَنَّ ابْنَ حُدَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُمَرَ قَالَ: "لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي غَدَقٍ، وَلَا عَامِ سَنَةٍ1"، قَالَ: فَسَأَلْت أَحْمَدَ عَنْهُ، فَقَالَ: الْغَدَقُ: النَّخْلَةُ، وَعَامُ سَنَةٍ عَامُ الْمَجَاعَةِ، فَقُلْت لِأَحْمَدَ: تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي.
حَدِيثُ: "جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَنْزَلَ ضَيْفًا فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، فَوَجَدَ مَتَاعًا قَدْ أَخْفَاهُ، فَأَتَى بِهِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: خَلِّ عَنْهُ؛ فَلَيْسَ بِسَارِقٍ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَانَةٌ أَخْفَاهَا"، لَمْ أَجِدْهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ رَجُلًا مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ... "، الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: "فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: أَبْكِي لِغِرَّتِهِ بِاَللَّهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ"، مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيُمْنِ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ ... "، فَذَكَرَهُ2، وَفِيهِ: "أَنَّ الْحُلِيَّ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ"، وَفِي آخِرِهِ: "فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاَللَّهِ، لَدُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَشَدُّ عِنْدِي مِنْ سَرِقَتِهِ"، وَفِي سَنَدِهِ انْقِطَاعٌ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: "أَنَّ رَجُلًا أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ نَزَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ... "، فَذَكَرَهُ مِثْلَ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ3.
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ4، وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَجُلٌ أَسْوَدُ يَأْتِي أَبَا بَكْرٍ فَيُدْنِيهِ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [5/ 521] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يسرق التمر والطعام، حديث [28586] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 242] ، كتاب اللقطة: باب القطع في عام سنة، حديث [18990] ، كلاهما من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمر رضي الله عنه قال: لا يقطع في عذق ولا عام السنة.
وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 521] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يسرق التمر والطعام، حديث [28591] ، من طريق هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن ابن زاهر عن حصين بن جرير قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: ... فذكره.
2 أخرجه مالك [2/ 835، 836] ، كتاب الحدود: باب جامع القطع، حديث [30] ، ومن طريقه الشافعي [2/ 85] ، كتاب الحدود: باب في السرقة، حديث [281] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 273] ، كتاب السرقة يعود فيسرق ثانياً وثالثاً ورابعاً.
3 أخرجه الدارقطني [3/ 183- 184] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [301] .
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [10/ 188- 189] ، كتاب اللقطة: باب قطع السارق، حديث [18774] .(4/195)
وَيُقْرِيهِ الْقُرْآنَ حَتَّى بَعَثَ سَاعِيًا أَوْ قَالَ سَرِيَّةً، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مَعَهُ، فَقَالَ: بَلْ تَمْكُثُ عِنْدَنَا، فَأَبَى، فَأَرْسَلَهُ وَاسْتَوْصَاهُ بِهِ خَيْرًا، فَلَمْ يَغِبْ إلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ فَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُك؟ قَالَ: مَا زِدْتُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ، فَخُنْتُ فَرِيضَةً وَاحِدَةً، فَقَطَعَ يَدِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَجِدُونَ الَّذِي قَطَعَ هَذَا يَخُونُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَرِيضَةً؛ وَاَللَّهِ، لِإِنْ كُنْتَ صَادِقًا لأقيدنك مِنْهُ، ثُمَّ أَدْنَاهُ، فَكَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ فَيَقْرَأُ، فَإِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتَهُ قال: بالله، لِرَجُلٍ قَطَعَ هَذَا، لَقَدْ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ، قَالَ: فلم يلبث إلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ وَمَتَاعًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: طُرِقَ الْحَيُّ اللَّيْلَةَ، فَقَامَ الْأَقْطَعُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَهُ الصَّحِيحَةَ وَالْأُخْرَى الَّتِي قُطِعَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَيَّ مَنْ سَرَقَهُمْ، أَوْ تَخَوَّنَهُمْ، فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى عَثَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَيْلَكَ؛ إنَّك لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ"1، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ كَانَ اسْمُهُ جَبْرًا أَوْ جُبَيْرًا2.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: "أَنَّهُ قَالَ لِسَارِقٍ: أسرقت؟ قل: لَا، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا"، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ، وَهُوَ فِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
حَدِيثُ: "أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38] أَيْمَانَهُمَا"، الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: "فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ"، فَذَكَرَهُ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ3، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ فِي قِرَاءَتِنَا: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ تُقْطَعُ أَيْمَانُهُمْ"4.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: "إذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ"، لَمْ أَجِدْهُ عَنْهُمَا.
وَفِي "كِتَابِ الْحُدُودِ" لِأَبِي الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، عَنْ اب ن عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَقْطَعُونَ السَّارِقَ مِنْ الْمَفْصِلِ".
وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ السَّارِقَ من المفصل"5، ورجح الشَّيْخُ نَصْرٌ لِلْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ"، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَاكَ مِنْ الْكُوعِ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ هُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَاكَ.
__________
1 ينظر السابق.
2 في المصنف [10/ 179] ، تحت رقم [18775] .
3 أخرجه البيقهي [8/ 270] ، كتاب السرقة: باب النباش يقطع إذا خرج الكفن من جميع القبر.
4 أخرجه البيقهي [8/ 270] ، كتاب السرقة: باب النباش يقطع إذا خرج الكفن من جميع القبر.
5 أخرجه البيهقي [8/ 271] ، كتاب السرقة: باب السارق يسرق أولاً فتقطع يده اليمنى من مفصل الكف ثم يحسم بالنار.(4/196)
كِتَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ
مدخل
...
66- كتاب قاطع الطريق
حَدِيثُ: "لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا"، تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: "وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ"، انْتَهَى؛ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ"، وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ1.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... } الآية [المائدة: 33] ، أَنَّهَا فِي حَقِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْآيَةَ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى مراتب، والمعنى: أَنْ يُقَتَّلُوا إنْ قَتَلُوا، أَوْ يُصَلَّبُوا إنْ أَخَذُوا الْمَالَ وَقَتَلُوا، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إنْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَخْذِ الْمَالِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَى نَفْيِهِمْ مِنْ الْأَرْضِ أَنَّهُمْ إذَا هَرَبُوا مِنْ حَبْسِ الْإِمَامِ، يُتْبَعُونَ لِيُرَدُّوا، وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ، وَتَبْطُلَ شَوْكَتُهُمْ، فَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ: [إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا] 2 "إذَا قَتَلُوا قُتِلُوا، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يُقْتَلُوا قُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ" 3.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيِّ عَنْ آبَائِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... } الْآيَةَ، قَالَ: إذَا حَارَبَ فَقَتَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ، إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ، وَإِذَا حَارَبَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ، فَعَلَيْهِ الصَّلْبُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ فَعَلَيْهِ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا حَارَبَ وَأَخَاف السَّبِيلَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ النَّفْيُ4.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطِيَّةَ بِهِ نَحْوُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاخْتِلَافُ حُدُودِهِمْ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ على قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَوْلُهُ: "وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ".
قُلْتُ: وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ؛ فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادِ حَسَنٍ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ الَّذِي أَصَابَهُ5، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُرْتَدِّينَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 سقط في ط.
3 أخرجه الشافعي [2/ 86] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في قطاع الطريق وحكم من ارتد أو سحر وأحكام أخر، حديث [282] .
4 أخرجه البيقهي [8/ 283] ، كتاب السرقة: باب قطاع الطريق.
5 أخرجه أبو داود [4/ 132] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في المحاربة، حديث [4372] .(4/197)
كِتَابُ حَدِّ شَارِبِ الخمر
مدخل
...
67- كتاب حد شارب الْخَمْرِ
قَوْلُهُ: قِيلَ: إنَّ المراد بـ"الإثم" فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ ... } [لأعراف: 33] أَيْ: الْخَمْرَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ [من الوافر] :
شَرِبْتُ الْإِثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلِي ... كَذَاك الْإِثْمُ يَذْهَبُ بِالْعُقُولِ1
انْتَهَى.
وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْقَزَّازُ فِي "جَامِعِهِ"، وَأَنْكَرَهُ النَّحَّاسُ.
1785- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ"، مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" 2، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِهَذَا، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ بِالتَّقْدِيمِ
__________
1 ينظر: "لسان العرب" [قفل] ، و"تاج العروس" [قفل] .
2 أخرجه مسلم [3/ 1588] ، كتاب الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، حديث [75/ 2003] ، وأبو داود [4/ 85] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3679] ، والنسائي [8/ 296- 297] ، كتاب الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر، والترمذي [4/ 290] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في شارب الخمر، حديث [1861] ، وأبو عوانة [5/ 270- 271] ، وأحمد [2/ 29، 134، 137] ، وعبد الرزاق [9/ 221] ، رقم [17004] ، وابن الجارود [857] ، وابن حبان [5342- الإحسان] ، وأبو يعلى [10/ 189] ، رقم [5816] ، والطبراني في "الصغير" [1/ 54] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 216] ، والدارقطني [4/ 248] ، كتاب الأشربة، والبيهقي [8/ 293، 296] ، وأبو نعيم في "الحلية" [6/ 352- 353] ، وفي "تاريخ أصفهان" [1/ 172] ، والخطيب في "تاريخ بغداد" [6/ 294] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 117- بتحقيقنا] ، من طريق عن نافع عن ابن عمر به.
أخرجه النسائي [8/ 297] ، والترمذي [4/ 257] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء كل مسكر حرام، حديث [1864] ، وابن ماجة [2/ 1124] ، كتاب الأشربة: باب كل مسكر حرام، حديث [3390] ، وابن الجارود [859] ، وأبو يعلى [9/ 470] ، رقم [5621، 5622] ، وابن حبان رقم [5245- الإحسان] ، وأحمد [2/ 16، 21] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 215] ، ووكيع في "أخبار القضاء" [3/ 43] ، والدارقطني [4/ 249] ، كتاب الأشربة، وأبو نعيم في "الحلية" [9/ 232] ، وفي "تاريخ أصفهان" [1/ 355] ، من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عمر به.
وقال الترمذي: حديث حسن.
وصححه ابن حبان.
وأخرجه ابن ماجة [2/ 1124] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [3392] ، وابن عدي في "الكامل" [3/ 1068] ، من طريق زكريا بن منظور عن أبي حازم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام".
وهذا إسناد صعيف زكريا بن منظور ضعفه أحمد وابن معين والنسائي.
وقال الحافظ البوصيري في "الزوائد" [3/ 106] : هذا إسناد فيه زكريا بن منظور وهو ضعيف ا. هـ. وقد ورد هذا الحديث من طريق أبي حازم عن نافع عن ابن عمر فقال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 30- 31] ، رقم [1567] : سألت أبي عن حديث رواه يعقوب بن كعب الحلبي =(4/198)
وَالتَّأْخِيرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ كَذَلِكَ.
1786- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ1"، أَبُو دَاوُد بِهَذَا، وَفِيهِ عَبْدُ
__________
= عن زكريا بن منظور عن أبي حازم عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مسكر حرام". قال أبي: ثنا إبراهيم بن المنذر عن زكريا بن منظور عن أبي حازم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل نافع أبي: وهذا عندي أصح بلا نافع.
وأخرجه ابن ماجة [2/ 1023] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [3387] ، وأحمد [2/ 91] ، وأبو يعلى [9/ 356] ، رقم [5466] ، والبيهقي [8/ 296] ، من طرق عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مسكر حرام".
وأخرجه ابن عدي [3/ 1216] ، من طريق سعيد بن مسلمة الآمدي سمعت أيوب عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "كل مسكر حرام وكل مسكر خمر".
وقال ابن عدي: وإنما رواه الثقات عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ا. هـ.
وسعيد بن مسلمة صعيف:
قال الحافظ في "التقريب" [1/ 305] : ضعيف.
وأخرجه ابن عدي [6/ 2254] ، عن طريق محمد بن القاسم الأسدي ثنا مطيع الأنصاري المديني عن زيد بن أسلم ونافع وأبي الزناد عن ابن عمر به مرفوعاً.
وهذا سند ضعيف جداً محمد بن القاسم الأسدي. قال الحافظ في "التقريب" [2/ 201] : كذبوه.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 27] ، رقم [1556] : وسألته عن حديث رواه أحمد بن القاسم الأسدي ثنا أبو يحيى الأنصاري المديني الأعور عن نافع وزيد بن أسلم وأبي الزناد كلهم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل مسكر حرام"، قلت لأبي: من أبو يحيى هذا؟ قال: هو مجهول وأبو الزناد لم يدرك ابن عمر.
وله طريق آخر يرويه طاوس عن ابن عمر.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" [2/ 29] ، رقم [1564] : وسألته عن حديث رواه نصر بن علي عن أبيه عن إبراهيم بن نافع عن أبيه عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر قال: خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر الخمر فقال رجل: يا رسول الله أرأيت المزر قال: ما المزر قال: حبة باليمن قال: هل يسكر قالوا: نعم قال: كل مسكر حرام.
قال أبي: هذا حديث منكر لا يحتمل عندي أن يكون من حديث ابن عمر وبعبد الله بن عمرو أشبه.
1 أخرجه أحمد [2/ 25، 71] ، وأبو داود [4/ 326] ، كتاب الأشربة: باب العنب يعصر للخمر، حديث [3674] ، والبيهقي [5/ 327] ، كتاب البيوع: باب كراهية بيع العصير ممن يعصر الخمر، والسيف ممن يعصي الله عز وجل، والطبراني في "التاريخ الصغير" [1/ 266] ، كلهم من وكيع بن الجراح حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم وقع عند أبي داود والبيهقي: أبو علقمة وهو خطأ وصوابه أبو طعمة ينظر "التقريب" [8325/ 1] ، وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر رضي الله عنه يقول: ... فذكره. =(4/199)
الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ: "وَآكِلَ ثَمَنِهَا" 1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِهِ وَزَادَ: "وَعَاصِرَهَا، وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا، وَالْمُشْتَرَى له"، رواه الترمدي وَابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ2، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ3، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"4، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
__________
= قال الطبراني: لم يروه عن عبد الله بن عمر إلا سعيد المدني، تفرد به فليح. وهذا الإسناد فيه أبو طعمة، قال عنه الحافظ في "التقريب": لم يثبت أن مكحولاً رماه بالكذب [247- تقريب] وقال عنه: مقبول أي عند المتابعة وإلا فلين. وقد تابعه هنا عبد الله بن عبد الرحمن الغافقي.
قال الذهبي في "الميزان" [4/ 301] : لا يعرف.
قال ابن معين: لا أعرفه، ولا أعرف عبد الرحمن بن آدم. وقال ابن عدي: هذا إن كان مثل ابن معين قال: لا أعرفهما. فمثل ذلك مجهول وإذا عرفه غيره لم يعتمد على معرفته؛ لأن ابن معين به تستبرأ أحوال الرجل.
قلت: لكن للحديث طريق آخر.
أخرجه أحمد [2/ 97] ، والحاكم [2/ 32] ، وصححه ووافقه الذهبي. كلاهما من طريق فليح عن سعد بن عبد الرحمن وقال الحاكم: سعيد وصوابه سعيد بن عبد الرحمن بن وائل الأنصاري في "الجرح والتعديل" [4/ 42] ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه ... فذكره.
* عند الحاكم تحرفت ابن وائل إلى كما تحرفت سعيد إلى سعد عند أحمد.
وفيه فليح بن سليمان وهو صدوق كثير الخطأ.
وسعيد بن عبد الرحمن ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وبقية رجاله ثقات.
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 1121- 1122] ، كتاب الأشربة: باب لعنت الخمر على عشرة أوجه، حديث [2380] ، من طريق وكيع بإسناد أبي داود السابق.
2 أخرجه الترمذي [3/ 580] ، كتاب البيوع: باب النهي أن يتخذ الخمر خلاً، حديث [1295] ، وابن ماجة [2/ 1122] ، كتاب الأشربة: باب لعنت الخمر على عشرة أوجه، حديث [3381] ، كلاهما من طريق أبي عاصم عن شبيب بن بشر عن أنس بن مالك به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أنس، وقد روي نحو هذا عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 أخرجه أحمد [1/ 316] ، وابن حبان [12/ 179] ، كتاب الأشربة: فصل في الأشربة، حديث [5356] ، والحاكم [2/ 31] ، كلهم من طريق حيوة بن شريح، قال: حدثني مالك بن خير الزبادي، أن مالك بن سعيد التجيبي حدثه أنه سمع ابن عباس يقول: إن رسول الله صلى الله عيه وسلم أتاه جبريل فقال: "إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقاها".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 ذكره ابن أبي حاتم في "علل الحديث" [2/ 27] ، حديث [1558] ، وقال: سألت أبي عن حديث رواه ابن أبي فديك عن عيسى بن أبي الحناط عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله =(4/200)
مَرْفُوعًا: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَثَمَنَهَا، وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا، وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ" 1، وَرَوَاهُ أبو داود وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
1787- حَدِيثُ جَابِرٍ2: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَالْفَرْقُ مِنْهُ حَرَامٌ"، ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ3، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ؛ لَكِنَّ لَفْظَهُ: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ"، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ" 4.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَخَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
__________
= عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبي: رواه الحسن بن صالح عن عيسى الحناط عن الشعبي عن من حدثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبي: لا أبعد عيسى أن يكون قال مرة كذا ومرة كذا: هذا من عيسى.
1 أخرجه أبو داود [3/ 279] ، كتاب البيوع: باب في ثمن الخمر والميتة، حديث [3485] ، والدارقطني [3/ 7] ، في كتاب البيوع، حديث [21] ، وأبو نعيم في "حيلة الأولياء" [8/ 327] ، كلهم من طريق عبد الله بن وهب ثنا معاوية بن صالح عن عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال أبو نعيم: تفرد به ابن وهب عن معاوية فيما قاله سليمان.
2 أخرجه الترمذي [4/ 292] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [1865] ، وأبو داود [4/ 87] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3681] ، وابن ماجة [2/ 1125] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [3393] ، وابن الجارود في "المنتقى" [291] ، باب ما جاء في الأشربة، حديث [860] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 217] ، كتاب الأشربة: باب ما يحرم من النبيذ، والبيهقي [8/ 296] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، وابن حبان [1385- موارد] من طريق محمد بن المنكدر عن جابر به.
وقال الترمذي: حسن غريب. وصححه ابن حبان.
3 أخرجه ابن ماجة [2/ 1124] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [3392] ، من طريق زكريا بن منظور عن أبي حازم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام".
4 أخرجه النسائي [8/ 301] ، كتاب الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر قليله، والدارمي [2/ 113] ، كتاب الأشربة: باب ما قيل في المسكر والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 216] ، وأبو يعلى [2/ 55] ، رقم [694، 695] ، وابن حبان [1386- موارد] والبيهقي [8/ 296] ، من طريق عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسل قال: أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره.
صححه ابن حبان.(4/201)
فَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ1، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ سَيَأْتِي بَعْدَهُ، وَحَدِيثُ خَوَّاتٍ فِي الْمُسْتَدْرِكِ2، وَحَدِيثُ سَعْدٍ فِي النَّسَائِيّ3، وَحَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو فِي ابْنِ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ أَيْضًا4، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ5 وَزَيْدٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ6.
1788- حَدِيثُ: "مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ، فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ7، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْوَقْفِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 250] ، كتاب الأشربة [21] ، من طريق عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام" قال أبو الطيب آبادي في "التعليق المغني" [4/ 250- 251] ، فيه عيسى بن عبد الله عن آبائه تركه الدارقطني.
2 أخرجه الحاكم [3/ 413] ، والدارقطني [4/ 254] ، كتاب الأشربة [44] والعقيلي في "الضعفاء" [2/ 233] ، من طريق عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: ثنا أبي عن صالح بن خوات بن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن جده عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". وسكت عنه الحاكم والذهبي وضعفه العقيلي.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 60] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال العقيلي: له أحاديث لا يتابع منها على شيء وذكر له الذهبي هذا الحديث.
3 تقدم قبل هذا بحديثين.
4 أخرجه أحمد [2/ 167] ، والنسائي [8/ 300] ، كتاب الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر كثيره وابن ماجة [2/ 1125] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [3394] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 217] ، والدارقطني [4/ 254] ، كتاب الأشربة [43] ، والبيهقي [8/ 296] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
5 أخرجه أحمد [2/ 91] ، والطبراني [12/ 381] ، حديث [13411] .
6 أخرجه الطبراني [5/ 139] ، حديث [4880] ، و"الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [7/ 98- 99] ، حديث [4110] ، من طريق إسماعيل بن قيس بن زيد بن ثابت، حدثني أبي حدثني خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت رضي الله عنه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 60] ، عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه إسماعيل بن قيس وهو ضعيف جداً.
7 أخرجه أحمد [6/ 131] ، وأبو داود [3/ 729] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3687] ، والترمذي [4/ 293] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام، حديث [1866] ، وابن حبان [12/ 203] ، كتاب الأشربة: فصل في الأشربة، حديث [5383] ، والدارقطني [4/ 255] ، في كتاب الأشربة وغيرها، حديث [48] ، والبيهقي [8/ 296] ، كتاب الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام.
كلهم من طريق مهدي بن ميمون نا أبو عثمان الأنصاري قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر يحدث عن عائشة قالت: ما أسكر الفرق فملء الكف منه حرام: زاد بعضهم: كل مسكر =(4/202)
كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ بِلَفْظِ: "فَالْوَقِيَّةُ مِنْهُ حَرَامٌ".
1789- حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبُ، وَالتَّمْرُ، وَالْحِنْطَةُ، وَالشَّعِيرُ، وَالْعَسَلُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ، وَفِي آخِرِهِ: "وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ" 1.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرٌ، وَمِنْ الشَّعِيرِ خَمْرٌ، وَمِنْ التمر، وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرٌ، وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرٌ" 2.
1790- قَوْلُهُ: "وَمَا لَا يُسْكِرُ لَا يَحْرُمُ شُرْبُهُ، لَكِنْ يُكْرَهُ شُرْبُ المنصف وَالْخَلِيطَيْنِ؛ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُمَا في الحديث.
قال: والمنصف: مَا عُمِلَ مِنْ تَمْرٍ وَرُطَبٍ، وَالْخَلِيطَانِ: مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ.
وَقِيلَ: مَا عُمِلَ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ".
__________
= حرام: في أوله.
وأخرجه أحمد [6/ 71] ، والدارقطني [4/ 254] ، في كتاب الأشربة وغيرها، حديث [46] ، والبيهقي [8/ 296] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام. كلهم من طريق أبي عثمان عن القاسم بن محمد عن عائشة نحوه.
قال الترمذي: قال أحدهما في حديثه الحسوة منه حرام، وقال: هذا حديث حسن، وقد رواه ليث بن أبي سليم والربيع بن صبيح عن أبي عثمان الأنصاري نحو رواية مهدي بن ميمون وأبو عثمان الأنصاري: اسمه عمرو بن سالم، ويقال: عمر بن سالم أيضاً.
1 أخرجه البخاري [8/ 126] ، كتاب التفسير: باب لا تحرموا طيبات ما أحل الله، رقم [4619] ، وأطرافه في [5581- 5588- 5589- 7337] ، ومسلم [4/ 2322] ، كتاب التفسير: باب في نزول تحريم الخمر، رقم [32، 33، 33، 3032] ، وأبو داود [2/ 349] ، كتاب الأشربة: باب في تحريم الخمر، رقم [3669] ، والترمذي [4/ 297] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر، رقم [1874] نحوه، والنسائي [8/ 295] ، كتاب الأشربة: باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر، رقم [5578- 5579] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 180، 181] ، كتاب الأشربة المحظورة: باب ذكر الأشربة المحظورة، رقم [6782/ 5- 6783/ 5- 6783/ 6- 6784/ 6- 6785/ 8- 6886/ 9] ، والبيهقي [8/ 288] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في تفسير الخمر الذي نزل تحريمها.
قال الترمذي: هذا أصح من حديث إبراهيم بن مهاجر، وقال ابن المديني: قال يحيى بن سعيد: لم يكن إبراهيم بن مهاجر بالقوي الحديث، وقد روي من غير وجه أيضاً عن الشعبي عن النعمان بن بشير ا. هـ.
قلت: أخرجه النسائي عنه في "الكبرى" [4/ 181] ، كتاب الأشربة المحظورة: باب ذكر الأشربة المحظورة رقم [6787/ 10] .
وأخرجه النسائي في "الصغرى" [8/ 295] ، كتاب الأشربة: باب ذكر أنواع الأشياء التي كان منها الخمر حين نزل تحريمها، رقم [5580] عن ابن عمر رضي الله عنهما.
2 أخرجه أحمد [2/ 118] .(4/203)
كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ جَابِرٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا، وَأَنْ يُنْبَذَ الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ جَمِيعًا"1، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ: "أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ، وَالْبُسْرُ وَالرُّطَبُ".
وَفِي لَفْظٍ: "نَهَى عَنْ الْخَلِيطَيْنِ أَنْ يُشْرَبَا"، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وما هما؟ قال: "المر وَالزَّبِيبُ".
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، وَأَبِي سَعِيدٍ3، وَابْنِ عُمَرَ4، وَابْنِ عَبَّاسٍ5، رواها مُسْلِمٌ، وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ6، وَاتَّفَقَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: "نَهَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجع بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ"7.
__________
1 أخرجه أحمد [3/ 363] ، والبخاري [10/ 67] ، كتاب الأشربة: باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكراً، حديث [5601] ، ومسلم [3/ 1574] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباد التمر والزبيب مخلوطين، حديث [16- 19/ 1986] ، وأبو داود [4/ 99] ، كتاب الأشربة: باب في الخليطين، حديث [3073] ، والترمذي [4/ 298] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في خليط البسر والتمر، حديث [1876] ، والنسائي [8/ 290- 291] ، كتاب الأشربة: باب خليط البسر والرطب، خليط البسر والتمر، خليط البسر والزبيب، وابن ماجة [2/ 1125] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الخليطين، حديث [3395] ، والبيهقي [8/ 306] ، كتاب الأشربة: باب الخليطين.
2 أخرجه أحمد [2/ 445، 526] ، ومسلم [3/ 1576] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، حديث [226/ 1989] ، والبيهقي [8/ 307] ، كتاب الأشربة: باب الخليطين. من حديث أبي هريرة.
3 أخرجه أحمد [3/ 71] ، ومسلم [3/ 1574- 1575] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباذ التمر، حديث [20، 21/ 1987] ، والترمذي [4/ 298] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في خلط البسر والتمر، حديث [1877] ، والنسائي [8/ 290] ، كتاب الأشربة: باب خليط الزهو والبسر من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما.
4 أخرجه مسلم [3/ 1577] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، حديث [28، 29/ 1991] .
5 أخرجه مسلم [3/ 1576] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، حديث [28/ 1990] .
6 أخرجه النسائي [8/ 291- 292] ، كتاب الأشربة: باب ذكر العلة التي من أجلها نهى عن الخليطين، حديث [5563] .
7 أخرجه أحمد [5/ 310] ، والبخاري [10/ 67] ، كتاب الأشربة باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكراً ... حديث [5202] ، ومسلم [3/ 1575] ، كتاب الأشربة: باب كراهية انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، حديث [24/ 1988] ، وأبو داود [4/ 100] ، كتاب الأشربة: باب في الخليطين، حديث [3704] ، والنسائي [8/ 289- 290] ، كتاب الأشربة: =(4/204)
قَوْلُهُ: "وَهَذَا كَالنَّهْيِ عَنْ الظُّرُوفِ الَّتِي كَانُوا يَنْبِذُونَ فِيهَا؛ كَالدُّبَّاءِ وَهُوَ الْقَرْعُ.
وَالْحَنْتَمِ وَهِيَ الْجِرَارُ الْخُضْرُ.
وَالنَّقِيرِ: وَهُوَ أَصْلُ الْجِذْعِ، يُنْقَرُ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ الْإِنَاءُ.
وَالْمُزَفَّتِ: وهو المطلي بالزفت.
والمقير وهو يُطْلَى بِالْقَارِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: "أَنْهَاكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ، والحنتم، والنقير، والمقير" 1.
ورواه الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ2، وَلَهُمَا عَنْ أَنَسٍ: "نَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ"، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: "وَالْحَنْتَمِ"3.
وَعَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: "نَهَى عَنْ الْمُزَفَّتِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ4، وَلَهُ طُرُقٌ، فَمِنْهَا فِيمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ: عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَلِيٍّ؛ فِي النَّهْيِ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ5، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ: "نَهَى وَفْدَ عَبْدِ القيس أن ينتبذوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ، وَالْحَنْتَمِ"6.
1791- حَدِيثُ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"، مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ7 وَابْنِ عُمَرَ8 وَبُرَيْدَةَ9.
__________
= باب خليط الزهو والرطب، وابن ماجة [2/ 1125- 1126] ، كتاب الأشر: باب النهي عن الخليطين، حديث [3397] ، من حديث أبي قتادة.
1 أخرجه مسلم [3/ 1578] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الأنتباذ في المزفت، حديث [33/ 1993] .
2 أخرجه البخاري [1/ 157] ، كتاب الإيمان، حديث [53] ، ومسلم [1/ 46] ، كتاب الإيمان، حديث [23/ 17] .
3 أخرحه البخاري [10/ 44] ، كتاب الأشربة: باب الخمر من العسل، حديث [5587] ، ومسلم [3/ 1576] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الانتباذ، حديث [1992] .
4 أخرجه البخاري [10/ 60] ، كتاب الأشربة: باب ترخيص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأدعية والظروف بعد النهي، حديث [5596] .
5 أخرجه البخاري [10/ 59] ، كتاب الأشربة: باب ترخيص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأدعية والظروف بعد النهي، حديث [5594] ، ومسلم [3/ 1577] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الانتباذ، حديث [34/ 1994] .
6 أخرجه البخاري [10/ 59] ، كتاب الأشربة: باب ترخيص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأدعية والظروف بعد النهي حديث [5595] ، ومسلم [3/ 1577] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الانتباذ، حديث [35/ 1995] .
7 أخرجه مالك [2/ 845] ، كتاب الأشربة: باب تحريم الخمر، حديث [9] ، والبخاري [10/ 41] ، كتاب الأشربة: باب الخمر من العسل، حديث [5585] ، ومسلم [3/ 1585] ، كتاب الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، حديث [67/ 2001] ، وأبو عوانة [5/ 261، 262] ، وأبو داود [4/ 88] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن المسكر، حديث [3682] ، والنسائي [8/ =(4/205)
1792- حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: "وَإِنَّمَا ذَلِكَ دَاءٌ، وَلَيْسَ بِشِفَاءٍ"، ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "نَبَذْتُ نَبِيذًا فِي كُوزٍ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْلِي، فَقَالَ: "مَا هَذَا"؟ قُلْتُ: اشْتَكَتْ ابْنَةٌ لِي، فَنَعَتُّ لَهَا هَذَا، فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ"، لَفْظُ الْبَيْهَقِيّ. وَلَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ" 1، وَذَكَرَهُ
__________
= 297- 298] ، كتاب الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر، والترمذي [4/ 291] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في كل مسكر حرام، حديث [1863] ، وابن ماجة [2/ 1123] ، كتاب الأشربة: باب كل مسكر حرام، حديث [3386] ، والدارمي [2/ 113] ، كتاب الأشربة: باب ما قيل في المسكر وأحمد [6/ 36، 96، 97، 190، 225] ، والطيالسي [1478] ، وعبد الرزاق [9/ 220- 221] ، رقم [17002] ، والحميدي [1/] ، رقم [281] ، وابن الجارود [855] ، وابن طهمان في مشيخته ص [133] رقم [76] ، وأبو يعلى في "مسنده" [8/ 20] ، رقم [4523] ، وابن حبان [5321- الإحسان] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 216] والدارقطني [4/ 251] ، وابن عبد البر في "التمهيد" [7/ 124- 125] ، والبيهقي [8/ 291] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 113- بتحقيقنا] ، من طرق عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
8 أخرجه أحمد [2/ 16] ، ومسلم [7/ 112- 113] ، كتاب الأشربة: باب بيان أن مسكر خمر وأن كل خمر حرام، حديث [73، 74، 75/ 2003] ، والترمذي [4/ 290] ، كتاب الأشربة: باب ما جاء في شارب الخمر، حديث [1861] ، والنسائي [8/ 296] ، كتاب الأشربة: باب اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة، حديث [5582- 5586] ، وابن الجارود في "المنتقى" [857] ، وابن حبان [12/ 177] ، كتاب الأشربة: فصل في الأشربة، حديث [5354] ، والدارقطني [4/ 249] ، في كتاب الأشربة وغيرها، حديث [11- 18] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 221] ، كتاب الأشربة: باب ما ينهى عنه من الأشربة، حديث [17004] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [4/ 215- 216] ، كتاب الأشربة: باب ما يحرم من النبيذ، والبيهقي [8/ 293] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة من دخولها في الأسم والتحريم إذا كانت مسكرة، [8/ 296] ، باب ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأبو نعيم في "الحلية" [6/ 252- 253] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 118- بتحقيقنا] ، كتاب الأشربة: باب وعيد شارب الخمر، حديث [2906- 2908] .
كلهم من طرق عن ابن عمر رضي الله عنه وفيه: كل مسكر خمر وكل خمر حرام، والروايات مختصرة ومطولة.
9 أخرجه مسلم [7/ 106- 107- الأبي] ، كتاب الأشربة: باب النهي عن الإنتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير، وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكراً، حديث [64/ 977] .
1 أخرجه أبو يعلى [12/ 402] ، رقم [6966] ، والبزار كما في "المجمع" [5/ 89] ، وابن حبان [1397- موارد] ، البيهقي [10/ 5] ، باب النهي عن التداوي بالمسكر، من حديث أم سلمة قلت: اشتكت ابنة لي فنبذت لها في كوز، فدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يغلي: فقال: "ما هذا"؟ =(4/206)
الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ1، وَقَدْ أَوْرَدْته فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ" مِنْ طُرُقٍ إلَيْهِ صَحِيحَةٍ.
وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: "أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْد الْجُعْفِيَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ عَنْهَا، وَكَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: "إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ"، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: "إنَّمَا ذَلِكَ دَاءٌ، وَلَيْسَ بِشِفَاءٍ" 2.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
حَدِيثُ: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ"، تَقَدَّمَ فِي "اللِّعَانِ".
1793- قَوْلُهُ: "وَأَيْضًا فَالْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ"، يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "كِتَابِ ذَمِّ الْمُسْكِرِ" مَرْفُوعًا3.
1794- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَارِبٍ، فَقَالَ: "اضْرِبُوهُ"، فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ"، الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
__________
= فقلت: إن ابنتي اشتكت فنبذت لها هذا، فقال: "إن الله لم يجعل شفائكم فيما حرم عليكم". لفظ البيهقي. وقال الباقون: لم يجعل شفاءكم في حرام. وذكره الهيثمي في "المجمع" [5/ 89] ، وقال: رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبو يعلى رجال الصحيح خلا حسان بن مخارق وقد وثقه ابن حبان. وقال النووي في "المجمع" [9/ 43] : وأما حديث أم سلمة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده بإسناد صحيح إلا رجلاً واحداً فإنه مستور والأصح جواز الاحتجاج برواية المستور ورواه البيهقي أيضاً.
1 أخرجه البخاري [11/ 208] ، كتاب الأشربة: باب "شرب الحلواء والعسل" في الترجمة ووصله الحافظ في "تغليق التعليق" [5/ 29- 30] .
2 أخرجه أحمد [4/ 311] ، ومسلم [7/ 91- الأبي] ، كتاب الأشربة: باب تحريم التداوي بالخمر، حديث [12/ 1984] ، وأبو داود [4/ 7] ، كتاب الطب: باب في الأدوية المكروهة، حديث [3873] ، والترمذي [4/ 387] ، كتاب الطب: باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، حديث [2046] ، والدارمي [2/ 112- 113] ، كتاب الأشربة: باب ليس في الخمر شفاء، وابن ماجة [3500] ، وابن حبان [4/ 231- 232] ، كتاب الطهارة: باب النجاسة وتطهيرها، حديث [1389، 1390] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 251] ، كتاب الأشربة: باب التداوي بالخمر، حديث [17100] ، والبيهقي [10/ 4] ، كتاب الضحايا: باب النهي عن التداوي بالمسكر.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
3 أخرجه النسائي [8/ 315- 316] ، كتاب الأشربة: باب ذكر المتولدة عن شرب الخمر من ترك الصلوات ومن قتل النفس التي حرم الله من وقوع المحارم، حديث [5666، 5667] ، وعبد الرزاق [9/ 236] ، كتاب الأشربة: باب ما يقال في الشراب، حديث [17060] ، وابن حبان [4/ 342- 343- موارد] ، برقم [1375] ، والبيهقي [8/ 287] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في تحريم الخمر.(4/207)
هُوَ كَمَا قَالَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ": سَأَلْت أَبِي عَنْهُ وَأَبَا زُرْعَةَ، فَقَالَا: لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ1.
1795- حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ استشار الناس، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرَى أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ، فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ" مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ؛ أَنَّ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ2 وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَلْحَقْ عُمَرَ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْكُبْرَى"3، وَالْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ5، وَفِي صُحْبَتِهِ نَظَرٌ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ6"، وَلَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَلِيٌّ أَشَارَا بِذَلِكَ جَمِيعًا؛ لِمَا ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ عَلِيٍّ
__________
1 أخرجه الشافعي [2/ 90] ، في كتاب الحدود: باب في حد الخمر، حديث [292] ، وأبو داود [4/ 162- 163] ، كتاب الحدود: باب الحد في الخمر، حديث [4477، 4478] ، وباب إذا تتابع في شرب الخمر، حديث [4487، 4489] ، والنسائي في "السنن الكبرى" [3/ 251- 252] ، كتاب الحد في الخمر: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين أخبر قتادة عن أنس، والحاكم [4/ 373- 375] ، وينظر "علل الحديث" [1/ 446- 447] .
2 أخرجه مالك في "الموطأ" [2/ 842] ، ومن طرقه الشافعي في "المسند" [2/ 90] ، رقم [293] .
3 أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" [3/ 252- 253/] ، كتاب الحد في الخمر: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر قتادة عن أنس.
4 أخرجه الحاكم [4/ 375- 376] .
5 أخرجه عبد الرزاق [7/ 378] ، رقم [13542] .
6 أخرجه البخاري [12/ 64] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر [6773] ، ومسلم [3/ 1330] ، كتاب الحدود: باب في الحد من الخمر، حديث [4479] ، والترمذي [4/ 38] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في حد السكران، حديث [1443] ، وابن ماجة [2/ 858] ، كتاب الحدود: باب حد السكران، حديث [2570] ، والدارمي [2/ 175] ، كتاب الحدود: باب في حد الخمر، وأحمد [3/ 115/ 176، 180] ، والطيالسي [1/ 302- منحة] ، رقم [1538] ، وأبو يعلى [5/ 275] ، رقم [829] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" [3/ 157] ، باب حد الخمر، والبيهقي [8/ 319] ، كتاب الحدود والحد فيها كلهم من طريق قتادة عن أنس به.
وقال الترمذي: حديث أنس حسن صحيح. والحديث أخرجه البغوي في "شرح السنة" [5/ 494- بتحقيقنا] ، من طريق البخاري حدثنا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن قتادة عن أنس به.(4/208)
فِي جَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ جَلَدَهُ أَرْبَعِينَ، وَقَالَ جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ"1، فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُشِيرُ بِالثَّمَانِينَ مَا أَضَافَهَا إلَى عُمَرَ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي كِتَابِ "وَهْجُ الْجَمْرِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ"، صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي الْمُصْحَفِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ2"، وَهَذَا لَمْ يُسْبَقْ هَذَا الرَّجُلُ إلَى تَصْحِيحِهِ، نَعَمْ حَكَى ابْنُ الطَّلَّاعِ أَنَّ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي "الْإِعْرَابِ": صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَوَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ أَنَّهُ جَلَدَ ثَمَانِينَ.
1796- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ بِجَلْدِ الشَّارِبِ أَرْبَعِينَ"، هُوَ لَفْظُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، الْمُتَقَدِّمِ.
قُلْت: "لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ أَمْرٍ"، وَلَا ذِكْرُ "أَرْبَعِينَ"، بَلْ لَفْظُهُ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشارب وهو بـ"حنين"، فَحَثَى فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ وَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ؛ حَتَّى قَالَ لَهُمْ: ارْفَعُوا، فَرَفَعُوا، ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَلَدَ عُمَرُ أَرْبَعِينَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ ثَمَانِينَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، ثم جلد عثمان الحدين: ثَمَانِينَ، وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَثْبَتَ مُعَاوِيَةُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ3.
__________
1 أخرجه أحمد [1/ 82- 140- 144] ، ومسلم [7/ 231- 232- نووي] ، كتاب الحدود: باب حد الخمر، حديث [38/ 1707] ، وأبو داود [4/ 163- 164] ، كتاب الحدود: باب الحد في الخمر، حديث [4480- 4481] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 248] ، كتاب الحد في الخمر: باب حد الخمر، حديث [5269] ، وابن ماجة [2/ 858] ، كتاب الحدود: باب حد السكران، حديث [2571] ، والدارمي [2/ 175] ، كتاب الحدود: باب الحد في الخمر مختصراً، وعبد الرزاق [13545] ، بنحوه. كلهم من حديث حصين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد قد صلى الصبح ركعتين. ثم قال: أزيدكم؟ عليه رحلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه يتقيأ. فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده. فقال علي: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها –فكأنه وجد عليه- فقال: يا عبد الله بن جعفر! قم فاجلده. فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، كل سنة، وهذا أحب إلي. وهذا لفظ مسلم.
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 379- 380] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، باب: حد الخمر، حديث [13548] ، عن ابن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن. قال: هم عمر ... فذكره.
وهذا إسناد فيه عمرو بن عبيد معتزلي مشهود كان داعية إلى بدعته اتهمه جماعة مع أنه كان عابداً "التقريب" [5106] .
3 تقدم تخريجه قريباً.(4/209)
1797- حَدِيثُ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَارِبٍ، فَأَمَرَ عِشْرِينَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَرْبَتَيْنِ، بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، بَلْ فِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ رَجُلًا رُفِعَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَكِرَ، فَأَمَرَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَجَلَدُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: "أَنْ يَجْلِدَهُ كُلُّ رَجُلٍ جَلْدَتَيْنِ، بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ1"، وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ: "جَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ"، نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ"، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: "ضَرَبَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ، نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ"، قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ مُرْسَلًا.
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ"2.
قَوْلُهُ: "هَلْ يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، أَوْ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى السِّيَاطِ؟ وَجْهَانِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَبِهِ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ؛ وَأَمَّا الثَّانِي: فَبِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَيْهِ"، انْتَهَى.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْبُخَارِيِّ3، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمْ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي.
1798- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّعَالِ، وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ، وَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ سَوْطًا؛ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَالْكُلُّ سُنَّةٌ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَاسَانَ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: شَهِدْتُ عثمان أتى بالوليد بْنَ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَقَالَ: "يَا عَلِيُّ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَأَبَى، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ، وَعَلِيٌّ يَعُدُّ، حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ؛ جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ4" انْتَهَى، وَلَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ.
__________
1 أخرجه البيهقي في "في السنن الكبرى" [8/ 317] .
2 تقدم تخريج كل هذه الروايات.
3 أخرجه أحمد [3/ 449] ، والبخاري [14/ 13] ، كتاب الحدود: باب الضرب بالجريد والنعال، حديث [6779] ، كلاهما من طريق مكي بن إبراهيم عن الجعيد عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد قال: كنا نؤتي بالشارب على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإمرة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر، فتقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان آخر مرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقول جلد ثمانين.
4 تقدم تخريجه قريباً.(4/210)
1799- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَجْلِدَ رَجُلًا، فَأَتَى بِسَوْطٍ خَلَقٍ، فَقَالَ فَوْقَ هَذَا، فَأَتَى بِسَوْطٍ جَدِيدٍ، فَقَالَ: بَيْنَ هَذَيْنِ"، لَمْ أر هَذَا فِي الشَّارِبِ؛ نَعَمْ هُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي، وَوَقَعَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا فِي قِصَّةِ حَدِّ الزَّانِي، رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِسَوْطٍ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ، فَقَالَ: بَيْنَ هَذَيْنِ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلَانَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَجُلِدَ1 بِهِ"، وَهَذَا مُرْسَلٌ.
وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ نحوه2، وآخر عن ابْنِ وَهْبٍ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ، فَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ الثَّلَاثَةُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا.
1800- حَدِيثُ: "إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ"، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظٍ آخَرَ3، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "نُهِيَ أَنْ تُضْرَبَ الصُّورَةُ4"، وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرَ بِمَعْنَاهُ5.
__________
1 أخرجه مالك في "موطأه" [2/ 825] ، كتاب الحدود: باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا، حديث [12] ، عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث. ومن طريقه الشافعي [6/ 201] ، كتاب الحدود وصفة النفي، باب السوط الذي يضرب به. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي [8/ 326] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في صفة السوط والضرب.
قال الشافعي: هذا حديث منقطع ليس مما يثبت به هو نفسه حجة، وقد رأيت من أهل العلم عندنا من يعرفه ويقول به فنحن نقول به.
2 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [7/ 369] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، حديث [13515] .
3 أخرجه مسلم [4/ 2016] ، كتاب البر والصلة: باب النهي عن ضرب الوجه، حديث [112/ 2612] ، وأحمد [2/ 244] ، والحميدي [1121] ، وابن حبان [5605] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 327] ، من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: إذا ضرب ...
وأخرجه أبو داود [4/ 167] ، كتاب الحدود: باب في ضرب الوجه في الحد، حديث [4493] ، من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة باللفظ السابق. وأخرجه البخاري [5/ 215] ، كتاب العتق: باب إذا ضرب العبد فليجتنت الوجه، حديث [2559] ، وأحمد [2/ 313] ، من طريق معمر عن هجام عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: إذا قاتل أحدكم أخاه.
وللحديث طرق أخرى عند مسلم [4/ 2016- 2017] .
4 أخرجه البخاري [11/ 108] ، كتاب الذبائح والصيد: باب الوسم والعلم في الصورة، حديث [5541] .
5 أخرجه مسلم [3/ 1673] ، كتاب الباس والزينة: باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه، حديث [106/ 2116] ، بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه.(4/211)
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ"، التِّرْمِذِيُّ وابن ماجة من حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ1، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَابْنُ السَّكَنِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ؛ وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ2.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ3، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 أخرجه الترمذي [4/ 19] ، كتاب الديات: باب الرجل يقتل ابنه هل يقاد منه أم لا؟ حديث [1401] ، وابن ماجة [2/ 888] ، كتاب الديات: باب لا يقتل الوالد بولده، حديث [2661] ، والدارمي [2/ 190] ، كتاب الديات: باب القود بين الوالد والولد والدرقطني [3/ 142] ، كتاب الحدود والديات، حديث [185] ، والبيهقي [8/ 39] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، والسهمي في "تاريخ جرجان" ص [429- 430] ، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 18] ، كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تقام الحدود في المسجد ولا يقاد بالولد الوالد".
وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث إسماعيل بن مسلم وإسماعيل تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ا. هـ.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث طاوس تقرد به إسماعيل عن عمرو ا. هـ.
قلت: لكنه لم يتفرد برفع هذا الحديث فقد توبع على رفعه.
تابعه سعيد بن بشير.
أخرجه الحاكم [4/ 369] ، من طريق أبي الجماهير محمد بن عثمان ثنا سعيد بن بشير ثنا عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: لا يقاد ولد من والده ولا تقام الحدود في المساجد.
وتابعه عبد الله بن الحسن.
أخرجه الدارقطني [3/ 142] ، كتاب الحدود والديات، حديث [184] ، والبيهقي [8/ 39] ، كتاب الجنايات: باب الرجل يقتل ابنه، من طريق عقبة بن مكرم ثنا أبو حفص التمار ثنا عبيد الله بن الحسن العنبري عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس به.
وتابعه قتادة أيضاً.
أخرجه البزار كما في "نصب الراية" [4/ 340] ، عن قتادة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس به.
2 أخرجه أبو داود [4/ 167] ، كتاب الحدود: باب في إقامة الحد في المسجد، حديث [4490] ، والحاكم [4/ 378] ، وأحمد [3/ 434] ، والدارقطني [3/ 85- 86] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 328] ، من حديث حكيم بن حزام.
3 أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" [1/ 100] ، رقم [36] ، وعزاه الحافظ هناك للحارث.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [2/ 28] ، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه الواقدي وهو ضعيف ا. هـ.
والحديث في "المعجم الكبير" [2/ 139- 140] ، رقم [1590] .(4/212)
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: "نُهِيَ أَنْ يُجْلَدَ الْحَدُّ فِي الْمَسْجِدِ"، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ1.
حَدِيثُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلْجَلَّادِ: "لَا تَرْفَعْ يَدَك حَتَّى تَرَى بَيَاضَ إبِطِك" الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ الْأَحْوَلَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: "أَتَى رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي حَدٍّ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا، ثُمَّ أُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ لِينٌ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ، فَقَالَ: اضْرِبْ وَلَا تَرَى إبِطَك، وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ"2، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ فِي قِصَّةٍ3.
وَأَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ فَلَمْ أَرَهُ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: "سَوْطُ الْحَدِّ بَيْنَ سَوْطَيْنِ، وَضَرْبُ الْحَدِّ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ"، لَمْ أَرَهُ عَنْهُ هَكَذَا.
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ: "أَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ، وَاتَّقِ الْوَجْهَ وَالْمَذَاكِيرَ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ4.
حَدِيثُ عُمَرَ: "سَوْطُ الْحَدِّ بَيْنَ سَوْطَيْنِ"، الْبَيْهَقِيّ نَحْوُهُ5.
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ: "اضْرِبْ الرَّأْسَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِيهِ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
__________
1 أخرجه ابن ماجة [2/ 867] ، كتاب الحدود: باب النهي عن إقامة الحدود في المساجد، حديث [2600] ، من طريق ابن لهيعة عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن إقامة الحد في المسجد.
وقال البوصيري في "الزوائد" [2/ 321] : هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.
2 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 529] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الضرب في الحد، حديث [28673] ، وعبد الرزاق [7/ 369] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، باب {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] ، والبيهقي [8/ 326] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في صفة السوط والضرب. كلاهما من طريق عاصم الأحول.
وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 530] ، كتاب الحدود: باب في السوط من يأمر به أن يدق، حديث [2867] ، من طريق محمد بن عجلان عن زيد بن أسبم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
3 أخرجه البيهقي [8/ 326] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في صفة السوط والضرب.
4 أخرجه ابن أبي شيبة [5/ 529] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الضرب في الحد، حديث [28675] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [7/ 370] ، في أبواب القذف والرجم ولإحصان، باب: ما جاء في الضرب في الحد، حديث [13517] .
وأخرجه البيهقي [8/ 327] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في صفة السوط والضرب من طريق سعيد بن منصور.
5 تقدم تخريجه في حديث عمر رضي الله عنه.(4/213)
وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ البزار في كتاب "أَحْكَامِ الْقُرْآنِ" مِنْ طَرِيقِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ، فَقَالَ: "أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ بِرَجُلٍ انْتَفَى مِنْ ابْنِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "اضْرِبْ الرَّأْسَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي الرَّأْسِ"1، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ، وَفِي الْبَابِ قِصَّةُ عُمَرَ مَعَ صبيع، وَهِيَ فِي أَوَائِلِ مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ: "لَا يُجْلَدُ إلَّا بِالسَّوْطِ"، يُؤْخَذُ مِنْ الَّذِي مَضَى أَنَّهُمْ قَالُوا لِلْجَلَّادِ: "لَا تَرْفَعْ يَدَك".
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ فِي أَنَّ الجلد ثمانين، وَكَانَ يَجْلِدُ فِي خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ"، أَمَّا رُجُوعُهُ عَنْ رَأْيِهِ فَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَاسَانَ، وَأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَرْبَعِينَ، وَهَذَا أحب إلي، ولكن كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ لَا فِي خِلَافَتِهِ، نَعَمْ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [6/ 5] ، كتاب الحدود: باب في الرأس لضرب في العقوبة، حديث [29033] ، من طريق وكيع عن المسعودي عن القاسم أن أبا بكر ... فذكره.
والمسعودي كان اختلط.(4/214)
بَابُ التَّعْزِيرِ2
حَدِيثُ سَرِقَةِ التَّمْرِ: "إذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَإِذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْغُرْمُ، وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ"، تَقَدَّمَ فِي "السَّرِقَةِ"، وَأَنَّ النَّسَائِيَّ رَوَاهُ.
1801- قَوْلُهُ: "رَوَى التَّعْزِيرَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ"3، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَيَأْتِي فِي
__________
2 التعزير في الأصل: الرد والردع وهو المنع، وفي الشرع: هو التأدب دون الحد.
وفي "الكشاف": العزر: المنع، ومنه التعزير لأنه منع من معاودة القبيح.
والتعزير يكون بالحبس وقد يكون بالصفع أو تعريك الأذن أو الكلام العنيف أو نظر القاضي إليه بوجه عبوس أو الضرب.
والتعزير على أربع مراتب: فتعزير الأشراف كالدهاقنة والقواد وغيرهم: الإعلام والجر إلى باب القاضي، وتعزير أشراف كالفقهاء العلوية: الإعلام فقط بأن يقول: بلغني أنك فعلت كذا فلا تفعل، وتعزير الأوساط كالسوقية: الإعلام والجر والحبس، وتعزير الأخساء: الإعلام والجر والضرب والحبس ...
وفي "التاتارخانية": التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي والوالي جاز، وفي جملة ذلك: الرجل الذي لا يحضر الجماعة يجوز تعزيره بأخذ المال. كذا في "التقرير".
ينظر: "أنيس الفقهاء" ص [174، 175] .
3 أخرجه أبو داود [4/ 46] ، كتاب الأقضية: باب الحبس في الدين، حديث [3630] ، والترمذي [4/ 20] ، كتاب الديات: باب في الحبس والتهمة، حديث [1417] ، والنسائي [8/ 67] ، كتاب السارق: باب امتحان السارق بالضرب والحبس، وأحمد [5/ 2] ، وعبد الرزاق [8/ 306] ، =(4/214)
"السِّيَرِ" تَحْرِيقُ مَتَاعِ الْغَالِّ، وَمَضَى فِي "حَدِّ الزِّنَا" نَفْيُ الْمُخَنَّثِينَ.
1802- حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَكَلَّمَ فِي إسْنَادِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْأَصِيلِيُّ مِنْ جِهَةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ وَصَلَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ إسْنَادَهُ، فَلَا يَضُرُّ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ فِيهِ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: صَحَّحَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيُّ فِي "التَّذْنِيبِ" فَقَالَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ:
__________
= رقم [18891] ، والحاكم [4/ 102] ، كتاب الأحكام، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [1003] ، والطبراني في "الكبير" [19/ 414] ، رقم [996، 997، 998] ، والبيهقي [6/ 53] ، كتاب التفليس: باب حبس المتهم إذا اتهم، عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس رجلاً في تهمة ساعة من نهار ثم خلى عنه.
قال الترمذي: حديث حسن.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس بن مالك ونبيشة.
حديث أبي هريرة:
أخرخه البزار [2/ 128- كشف] ، رقم [1360، 1361] ، والعقيلي في "الضعفاء" [1/ 52] ، وابن عدي في "الكامل" [1/ 243] ، والحاكم [4/ 102] ، كلهم من طريق إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن جده عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس رجلاً في تهمة يوماً وليلة استظهاراً.
قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن أبي هريرة من هذا الوجه وإبراهيم ليس بالقوي وقد حدث عنه جماعة.
وقال العقيلي: لا يتابع إبراهيم على هذا.
وقال ابن عدي: رواه عن عراك بن مالك يحيى بن سعيد الأنصاري وغيره مرسلاً وموصولاً.
وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: قلت: إبراهيم متروك.
والحديث ذكره أيضاً الهيثمي في "مجمع الزوائد" [4/ 207] ، وقال: رواه البزار وفيه إبراهيم بن خثيم وهو متروك.
حديث أنس بن مالك:
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" [1/ 53- 54] ، وابن حبان في "المجروحين" [1/ 116] ، من طريق إبراهيم بن زكريا الواسطي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس في تهمة.
قال العقيلي: إبراهيم بن زكريا مجهول وحديثه خطأ.
قال ابن حبان: ليس هذا من حديث أنس ولا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري وليس يحفظ هذا المتن إلا من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
حديث نبيشة:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" [4/ 206] ، وقال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه.(4/215)
"بَعْضُ الْأَئِمَّةِ" صَاحِبَ التَّقْرِيبِ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ أَظْهَرَ أَنْ تُضَافَ صِحَّتُهُ إلَى فَرْدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ؛ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1.
__________
1 أخرجه البخاري [12/ 182] ، كتاب الحدود: باب كم التعزير والأدب، حديث [6848] ، وأبو داود [2/ 573] ، كتاب الحدود: باب في التعزير، حديث [4491] ، والترمذي [4/ 51] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في التعزير، حديث [1463] ، وابن ماجة [2/ 867] ، كتاب الحدود: باب التعزير، حديث [2601] ، وأحمد [3/ 466، 4/ 45] ، والدارمي [2/ 176] ، كتاب الحدود: باب التعزير في الذنوب، الطحاوي في "مشكل الآثار" [3/ 164] ، وابن الجارود في "المنتقى" رقم [850] ، والبيهقي [8/ 327] ، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 501- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث بكير بن الأشج وقد اختلف أهل العلم في التعزير وأحسن شيء روي في التعزير هذا الحديث قال: وقد روى ابن لهيعة عن بكير فأخطأ فيه وقال: عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو خطأ والصحيح حديث الليث بن سعيد إنما هو عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة من نيار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ.
وكلام الترمذي فيه نظر فقد تابع ابن لهيعة عمرو بن الحارث على روايته الحديث عن بكير عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة به.
أخرجه البخاري [12/ 183] ، كتاب الحدود: باب كم التعزير والأدب، حديث [6850] ، ومسلم [3/ 1332] ، كتاب الحدود: باب قدر أسواط التعزير، حديث [40/ 1708] ، وأبو داود [2/ 574] ، كتاب الحدود: باب في التعزير، حديث [4492] ، والدارقطني [3/ 207- 208] ، والحاكم [4/ 369- 370] ، والبيهقي [8/ 327] ، كلهم من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة بن نيار به. وقال مال أبو حاتم الرازي إلى تصحيح الطريقين: الطريق الذي ذكر فيه جابر والطريق الآخر الذي لم يذكر فيه فقال ولده في "العلل" [1/ 451- 452] ، رقم [1356] .
سألت أبي عن حديث رواه الليث عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر عن أبي بردة بن نيار عن البني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله". قال أبي رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة بن نيار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يجلد فوق عشر أسواط إلا في حد". قال أبي: رواه حفص بن ميسرة عن مسلم بن أبي مريم عن ابن جابر عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لأبي: أيهما أصح قال: حديث عمرو بن الحارث لأن نفسين قد اتفقا على أبي بردة بن نيار قصر أحدهما ذكر جابر وحفظ الآخر جابراً.
وقد رجح الحافظ ابن حجر في "الفتح" [12/ 184] ، صحة الطريقين فقال رحمه الله: وهل بين عبد الرحمن وأبي بردة واسطة وهو جابر أو لا؟ الراجح الثاني أيضاً، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" الاختلاف ثم قال: القول قول الليث ومن تبعه، وخالف ذلك في جميع كتاب التتبع فقال: القول قول عمرو بن الحارث وقد اتبعه أسامة بن زيد، قلت: ولم يقدح هذا الاختلاف عن الشيخين في مسحة الحديث فإنه كيفما دار يدور على ثقة، ويحتمل أن يكون عبد الرحمن =(4/216)
قَوْلُهُ: "وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشْرِ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَاعَى النُّقْصَانُ عَنْ الْحَدِّ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَمَنْسُوخٌ؛ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَاحْتُجَّ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ"، انْتَهَى.
وَقَدْ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: أُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ بِالدِّرَّةِ، فَإِنْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فَأُحِبُّ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ، فَإِنْ ضُرِبَ بِالدِّرَّةِ فَلَا يُزَادُ عَلَى التِّسْعَةِ وَثَلَاثِينَ انْتَهَى، وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ السِّيَاطِ وَالدِّرَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَقْيِيدِ الْخَبَرِ بِالْأَسْوَاطِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي مِقْدَارِ التَّعْزِيرِ آثَارٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَأَحْسَنُ مَا يُصَارُ إلَيْهِ فِي هَذَا مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ مِنْ طُرُقٍ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ إلَى مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز: "أن لا يَبْلُغَ فِي التَّعْزِيرِ أَدْنَى الحدود، أربعين سوط" 1.
قُلْتُ: "فَتَبَيَّنَ بِمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ؛ ألا اتِّفَاقَ عَلَى عَمَلٍ فِي ذَلِكَ، فَكَيْفَ يُدَّعَى نَسْخُ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَيُصَارُ إلَى مَا يُخَالِفُهُ مِنْ غَيْرِ بُرْهَانٍ، وَسَبَقَ إلَى دَعْوَى عَمَلِ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ الْأَصِيلِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَعُمْدَتُهُمْ كَوْنُ عُمَرَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَأَنَّ الْحَدَّ الْأَصْلِيَّ أَرْبَعُونَ، وَالثَّانِيَةَ ضَرَبَهَا تَعْزِيرًا؛ لَكِنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمَ دَالٌّ على أنما عمر ضَرَبَ ثَمَانِينَ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا الْحَدُّ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، وَأَمَّا النَّسْخُ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ، نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ لَدَلَّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ نَاسِخًا، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْدِيبِ الصَّادِرِ مِنْ غَيْرِ الْوُلَاةِ؛ كَالسَّيِّدِ يَضْرِبُ عَبْدَهُ، وَالزَّوْجِ امْرَأَتَهُ، وَالْأَبِ وَلَدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ".
__________
= وقع له فيه ما وقع لبكير بن الأشج في تحديث عبد الرحمن بن جابر لسليمان بحضرة بكير ثم تحديث سليمان بكيراً به عن عبد الرحمن، أو أن عبد الرحمن سمع أبا بردة لما حدث به أباه وثبته فيه أبوه فحدث به تارة بواسطة أبيه وتارة بغير واسطة، وادعى الأصيلي أن الحديث مضطرب فلا يحتج به لاضطرابه، وتعقب بأن عبد الرحمن ثقة فقد صرح بسماعه، وإبهام الصحابي لا يضر، وقد اتفق الشيخان على تصحيحه وهما العمدة في التصحيح، وقد وجدت له شاهداً بسند قوي لكنه مرسل أخرجه الحارث بن أبي أسامة من رواية عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام رفعه: لا يحل أن يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد. وله شاهد آخر عن أبي هريرة عن ابن ماجة ستأتي الإشارة إليه.
أما الشاهد الذي أشار إليه الحافظ عن أبي هريرة أخرجه ابن ماجة [2/ 867- 868] ، كتاب الحدود: باب التعزير، حديث [2602] ، من طريق عباد بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تعزروا فوق عشرة أسواط.
قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 322] : هذا إسناد ضعيف عباد بن كثير الثقفي قال فيه أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب لم يسمعها، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث وفي حديثه عن الثقات نكارة وقال النسائي: متروك الحديث، وقال العجلي: ضعيف متروك الحديث.
1 أخرجه البيهقي [8/ 327] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما جاء في التعزير وأنه لا يبلغ به أربعين، من طريق سعيد بن منصور ثنا هشيم أنبأنا مغيرة قال: كتب عمر بن عبد العزيز فذكره.(4/217)
1803- حَدِيثُ: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا فِي الْحُدُودِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالْعُقَيْلِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَهُ طُرُقٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَثْبُتُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ طَاهِرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْقَرَوِيِّ، عَنْ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: هُوَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بَاطِلٌ، وَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى الْفَرْوِيِّ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، بِلَفْظِ: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ زَلَّاتِهِمْ"، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَمِعْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَقُولُ: "يُتَجَافَى لِلرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ عَنْ عَثْرَتِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا"، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي بَابِ "وَاصِلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّقَاشِيِّ"، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً.
قُلْتُ: وَوَاصِلٌ هُوَ أَبُو حَرَّةَ، ضَعِيفٌ، وَفِي إسْنَادِ ابْنِ حِبَّانَ: أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، وَقَدْ نَصَّ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى ضَعْفِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ1.
__________
1 أخرجه أحمد [6/ 181] ، وأبو داود [4/ 133] ، كتاب الحدود: باب في الحد يشفع فيه، حديث [4375] ، والنسائي في "الكبرى" [4/ 310، 311] ، كتاب الرجم: باب التجاوز عن ذلة ذي الهيئة، حديث [7293، 7294، 7298] ، والدارقطني [3/ 207] ، في كتاب الحدود والديات، وابن حبان [5/ 75- الموارد] ، حديث [1520] ، وابن عدي في "الكامل" [5/ 1945] ، والعقيلي [2/ 343] ، برقم [943] ، والبخاري في "الأدب المفرد" [465] ، وأبو نعيم في "الحلية" [9/ 43] ، كلهم من طرق عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها.
قال ابن عدي: رواه عبد الملك بن زيد المديني: عن محمد بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة.
وهذا منكر بهذا الإسناد، يرويه عبد الملك، ويرويه عنه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك.
ورواه أبو حرة الرقاشي واصل بن عبد الرحمن: عن محمد، عن عمرة، عن عائشة.
وأبو حرة ضعيف الحديث.
ورواه عبد الله بن هارون بن موسى الفروي أبو علقمة: عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أنس.
وهذا بهذا الإسناد باطل، كأنه حمل فيه على الفروي هذا، لأن الإسناد إلى أنس ثقات.
قال الحافظ ابن حجر في أجوبته على صاحب المصابيع [1/ 87] ، أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عائشة، واخرجه ابن عدي من الطريق الذي أخرجه أبو داود منه، وهو من رواية عبد الملك بن زيد من ولد محمد بن أبي بكرة عن عمرة عن عائشة، وقال: منكر بهذا الإسناد؛ لم يروه غير عبد الملك.
قلت: أخرجه النسائي من وجه آخر من رواية عطاف بن خالد عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة، وأخرجه أيضاً من طريق آخر عن عمرة، ورجالها لا بأس بهم، إلا أنه اختلف في وصله وإرساله؛ فلا يتأتى لحديث يروى بهذه الطرق أن يسمى موضوعاً ا. هـ.(4/218)
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "كِتَابِ الْحُدُودِ"، بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفْعُهُ: "تَجَاوَزُوا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ بِيَدِهِ عِنْدَ عَثَرَاتِهِ"، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ1.
قال الشافعي: وذووا الْهَيْئَاتِ الَّذِينَ يُقَالُونَ عَثَرَاتِهِمْ؛ هُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا يُعْرَفُونَ بِالشَّرِّ، فَيَزِلُّ أَحَدُهُمْ الزَّلَّةَ؟.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فِي عَثَرَاتِهِمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الصَّغَائِرُ.
وَالثَّانِي: أَوَّلُ مَعْصِيَةٍ زَلَّ فِيهَا مُطِيعٌ.
قَوْلُهُ: "كَتَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى: لَا يَبْلُغُ النَّكَالُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَيُرْوَى ثَلَاثِينَ إلَى أَرْبَعِينَ"، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: وروينا عنه أن لا يَبْلُغَ بِعُقُوبَةٍ أَرْبَعِينَ.
1804- قَوْلُهُ: "وَقَدْ أَعْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جَمَاعَةٍ اسْتَحَقُّوا التَّعْزِيرَ؛ كَاَلَّذِي غَلَّ فِي الْغَنِيمَةِ؛ وَكَاَلَّذِي لَوَى شِدْقَهُ بِيَدِهِ حِينَ حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ فِي شِرَاجِ الْحُرَّةِ، وَأَسَاءَ الْأَدَبَ، انْتَهَى.
فَأَمَّا الْغَالُّ: فَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ حَدِيثَهُ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَصَابَ غَنِيمَةً، أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ، فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ، فَيُخَمِّسُهُ، وَيَقْسِمُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَوْمًا بَعْدَ النِّدَاءِ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ: هَذَا كَانَ فِيمَا أَصَبْنَاهُ، فَقَالَ: سَمِعْت بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَك أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَاعْتَذَرَ، فَقَالَ: كَلًّا، كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْك"2.
__________
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [4/ 280] ، من طريق زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أقيلوا ... " الحديث.
قال الطبراني: لا يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الله بن يزيد.
قال الهيثمي في "المجمع" [6/ 285] : رواه الطبراني عن محمد بن عاصم عن عبد الله بن محمد بن يزيد الرفاعي، ولم أعرفها وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" أيضاً كما في "مجمع البحرين" [4/ 279] ، من طريق بشير بن عبيد الدارسي ثنا محمد بن حميد العتكي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال ... فذكره بلفظ المصنف.
قال الطبراني: لم يروه عن الأعمش إلا محمد بن حميد تفرد به بشر.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 285] : رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه بشير بن عبيد الله الدارسي وهو ضعيف.
2 أخرجه أحمد [2/ 213] ، وأبو داود [3/ 68- 69] ، كتاب الجهاد: باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله، حديث [2712] ، والحاكم [2/ 127] ، وابن حبان [11/ 138] ، كتاب السير: باب العنائم وقسمتها، حديث [4809] ، و [4858] ، والبيهقي [6/ 293] ، =(4/219)
فَائِدَةٌ: يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَقَ مَتَاعَ الْغَالِّ"1، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ.
__________
= كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب بيان مصرف العنيمة في ابتداء الإسلام، [9/ 102] ، كتاب السير: باب لا يقطع من غل في الغنيمة، ولا يحرق متاعه ومن قال يحرق.
كلهم من طريق عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال ... فذكره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
1 أخرجه أبو داود [2/ 77] ، كتاب الجهاد: باب في عقوبة الغال، حديث [2715] ، والحاكم [2/ 130- 131] ، وابن الجارود [1082] ، من طريق الوليد بن مسلم قال: زهير بن محمد به.
وقال الحاكم: حديث صحيح ووافقه الذهبي.
قال ابن القيم في "شرح أبي داود" [7/ 283] : وعلة هذا الحديث أنه من رواية زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب وزهير هذا ضعيف ا. هـ.
وقد أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب من قوله أي موقوفاً، وللحديث شاهد من حديث عمر رضي الله عنه.
أخرجه أحمد [1/ 22] ، وأبو داود [2/ 76] ، كتاب الجهاد: باب في عقوبة الغال، حديث [2713] ، والترمذي [3/ 11] ، كتاب الحدود: باب ما جاء في الغال ما يصنع به، حديث [1486] ، والحاكم [2/ 127- 128] ، والبيهقي [9/ 103] ، كتاب السير: باب لا يقطع من غل في الغنيمة، والغوي في "شرح السنة" [5/ 622- بتحقيقنا] ، من طريق صالح بن محمد بن زائد قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم فأتى برجل قد غل فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فأخرقوا متاعه واضربوه".
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
قلت: وهذا من أوهامهما. فإن صالح بن محمد بن زائدة جرحه البخاري وغيره وسيأتي ذلك.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه قال: وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث. والحديث صعفه أيضاً أبو داود فقد أخرجه عقب الحديث حديثاً آخر من طريق أبي إسحاق عن صالح بن محمد قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز فغل رجل متاعاً فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به ولم يعطه سهمه.
وقال أبو داود: هذا أصح الحديثين رواه غير واحد أن الوليد بن هشام أخرق رحل زياد بن سعد كان قد غل وضربه.
والحديث ذكره البخاري في "التاريخ الصغير" [2/ 96] ، وقال: صالح بن محمد بن زائدة أبو واقد الليثي تركه سليمان بن حرب منكر الحديث روى عن سالم عن أبيه عن عمر رفعه: "من غل فأحرقوا متاعه"، لا يتابع عليه وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغل: "صلوا على صاحبكم" ولم يحرق متاعة ا. هـ.
وقد أسند البيقهي [9/ 103] ، عن البخاري أن قال في هذا الحديث: أنه باطل.
قد ضعف هذا الحديث أيضاً البيهقي. قال أبو الطيب آبادي في "عون المعبود" [7/ 382] : قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقال سألت محمداً عن =(4/220)
وَأَمَّا حَدِيثُ شِرَاجِ الْحُرَّةِ؛ فَتَقَدَّمَ فِي "بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ"، وَلَا أَعْلَمُ مَنْ الَّذِي رَوَى فِيهِ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ لَوَى شِدْقَهُ أَوْ يَدَهُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "أَنَّهُ عَزَّرَ مَنْ زَوَّرَ كِتَابًا"، لَمْ أَجِدْهُ، لَكِنْ فِي "الْجَعْدِيَّاتِ" لِلْبَغَوِيِّ قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أَتَى عُمَرُ بِشَاهِدِ زُورٍ، فَوَقَفَهُ لِلنَّاسِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ، يَقُولُ: هَذَا فُلَانٌ شَهِدَ بِزُورٍ، فَاعْرِفُوهُ، ثُمَّ حَبَسَهُ، وَعَاصِمٌ فِيهِ لِينٌ1.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: يَا فَاسِقُ، يَا خَبِيثُ، فَقَالَ: هُنَّ فَوَاحِشُ، فِيهِنَّ تَعْزِيرٌ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ حَدٌّ"، الْبَيْهَقِيّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا فَاسِقُ، يَا خَبِيثُ، لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ
__________
= هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو الليثي وهو منكر الحديث وقال محمد يعني البخاري: وقد روى في غير حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغل فلم يأمر فيه بحرق متاعه هذا آخر كلامه، وصالح بن محمد بن زائدة تكلم فيه غير واحد من الأئمة وقد قيل: أنه تفرد به وقال البخاري: وعامة أصحابنا يحتجون بهذا في الغلول وهو باطل ليس بشيء وقال الدارقطني: أنكروا هذا الحديث على صالح بن محمد قال: وهذا حديث لم يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال ابن القيم في "شرح سنن أبي داود" [7/ 381] : وقد ذكر أبو عمرو بن عبد البر هذا الحديث وزاد فيه: "واضربوا عنقه" بدل واضربوه قال عبد الحق: هذا حديث يدور على صالح بن محمد وهو منكر الحديث ضعيفه لا يحتج به ضعفه البخاري وغيره ا. هـ.
وقد ضعفه أيضاً الطحاوي كما في "الفتح" [6/ 217] ، فقال: لو صح الحديث لا حتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال وضعفه الحافظ ابن حجر أيضاً في المصدر السابق.
وصالح بن محمد قد ضعفه كثير من الأئمة غير البخاري فقال ابن معين: ضعيف ليس حديثه بذاك وقال مرة: ليس بذاك وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صعيف الحديث.
وقال أبو حاتم أيضاً والنسائي: ليس بالقوي.
وقال الدارقطني: صعيف.
وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مستقيمة وبعضها فيها إنكار وهو من الضعفاء الذي يكتب حديثهم.
وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار والأسانيد ولم يعلم ويرسل المسند ولا يفهم فلما كثر ذلك في حديثه استحق الترك.
وقال أبو أحمد الحاكم: حديث ليس بالقائم.
وقال الساجي: منكر الحديث فيه ضعف ينظر: "التهذيب" [4/ 401- 402] ، ومما سبق يتبين ضعف الحديث لوجود صالح بن محمد في سنده وقد علمت ما فيه لتعرف ما في قول الحاكم من التساهل.
1 أخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" [2/ 148] ، رقم [2289] ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" [10/ 141] ، كتاب آداب القاضي: باب ما يفعل بشهادة الزور.(4/221)
مَعْلُومٌ1؛ يُعَزِّرُهُ الْوَالِي بِمَا يَرَى، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ2، وَزَادَ: وَإِنَّمَا فِيهِ عُقُوبَةٌ مِنْ السُّلْطَانِ، فَلَا يَعُودُوا، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
__________
1 أخرجه البيهقي [8/ 253] ، كتاب السرقة: باب ما جاء في الشتم دون القذف. وأخرجه ابن أبي شيبة [5/ 560] ، كتاب الحدود: باب في الرجل يقول للرجل: يا خبيث، يا فاسق، حديث [28964] ، من طريق شريك عن عبد الملك بن عمير قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قول الرجل للرجل: يا خبيث يا فاسق، قال: هن فواحش، وفيهن عقوبة ولا نقولهن فنعودهن
2 ينظر الموضع السابق من البيهقي.(4/222)
كِتَابُ ضمان الولاة
مدخل
...
68- كتاب ضَمَانِ الْوُلَاةِ
حَدِيثُ: "حَدَّ الشَّارِبَ أَرْبَعِينَ"، تَقَدَّمَ.
1805- حَدِيثُ عَلِيٍّ: "لَيْسَ أَحَدٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَيَمُوتُ، فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا إلَّا حَدَّ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُ شَيْءٌ رَأَيْنَاهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَئِنْ مَاتَ مِنْهُ، وَدَيْتُهُ، إمَّا قَالَ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِمَّا قَالَ: عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ، شَكَّ فِيهِ الشَّافِعِيُّ"، هُوَ كَمَا قَالَ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، لَكِنْ فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ3.
وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "مَا كُنْت لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا، إلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: "لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا؛ إنَّمَا قُلْنَاهُ نَحْنُ" 4.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَرَادَ -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ لَمْ يَسُنَّهُ بِالسِّيَاطِ، وَقَدْ سنه بالنعال وأطراف الثِّيَابِ5.
__________
3 أخرجه الشافعي في "الأم" [6/ 176] ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 321] ، كتاب الأشربة: باب الشارب يضرب زيادة على الأربعين.
4 أخرجه البخاري [12/ 66] ، كتاب الحدود: باب الضرب بالجريد والنعال، حديث [6778] ، ومسلم [3/ 1332] ، كتاب الحدود: باب حد الخمر، حديث [39/ 1707] ، وأبو داود [4/ 626] ، كتاب الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر، حديث [4486] ، وابن ماجة [2/ 858] ، كتاب الحدود: باب حد السكران، حديث [2569] ، وأحمد [1/ 125] ، وأبو يعلى [1/ 281] ، رقم [336] ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، كتاب الحدود: باب حد الخمر، والبيهقي [8/ 321] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب الشارب يضرب زيادة على الأربعين كلهم من حديث علي قال: ما كنت لأقيم حداً على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئاً إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتبين فيه شيئاً.
5 ينظر: "السنن الكبرى" [8/ 321] .(4/222)
وَقَالَ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي "الْأَحْكَامِ": مَعْنَاهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ.
قُلْت: وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد ظَاهِرَةٌ فِي تَأْوِيلِ الْمَجْدِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
حَدِيثُ عُمَرَ: "فِي الَّتِي أُرْسِلَ إلَيْهَا لِرِيبَةٍ فَأَجْهَضَتْ ذَا بَطْنِهَا؛ أَنَّ الصَّحَابَةَ حَكَمُوا عَلَى عُمَرَ بِوُجُوبِ دِيَةِ الْجَنِينِ"، وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي "الدِّيَاتِ"، وَأَنَّ الَّذِي تَوَلَّى الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ "عَلِيٌّ".(4/223)
كِتَابُ الْخِتَانِ
مدخل
...
69- كتاب الختان1
1806- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَسْلَمَ بِالِاخْتِتَانِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ: "أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ، وَاخْتَتِنْ"، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَعُثَيْمٌ وَأَبُوهُ مَجْهُولَانِ، قَالَهُ ابن القطان، وقال عبدان: هُوَ عُثَيْمُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ كُلَيْبٍ، وَالصَّحَابِيُّ هُوَ كُلَيْبٌ؛ وَإِنَّمَا نُسِبَ عُثَيْمٌ فِي الْإِسْنَادِ إلَى جَدِّهِ.
قُلْت: وَهَذَا قَدْ وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي "الْمَعْرِفَةِ".
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الَّذِي أَخْبَرَ ابْنَ جُرَيْجٍ بِهِ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى2.
تَنْبِيهٌ: عُثَيْمٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ، بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: "سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ أَقْلَفَ يَحُجُّ بَيْتَ اللَّهِ، قَالَ: "لَا، حَتَّى يَخْتَتِنَ"، رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَسْلَمَ فَلْيَخْتَتِنْ، وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا"، رَوَاهُ حَرْبُ بْنُ إسْمَاعِيلَ.
__________
1 الختان: موضع القطع من الذكر والأنثى ويقال له الإعذار والخفض.
ينظر: "النهاية" [2/ 10] ، و"المعجم الوسيط" [1/ 217] .
2 أخرجه عبد الرزاق [6/ 10] ، كتاب أهل الكتاب: باب ما يجب على الذي يسلم، حديث [9835] ، قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرت عن غثيم بن كليب عن أبيه عن جده ... فذكره.
ومن طريقه أحمد [3/ 415] ، وأبو داود [1/ 89] ، كتاب الطهارة: باب في الرجل يسلم بالغسل، حديث [355] ، والبيهقي [1/ 172] ، وأخرجه ابن عدي [1/ 223] ، والمزي في "تهذيب الكمال" [19/ 514] ، في ترجمة عثيم.
كلاهما من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن عثيم بن كثير بن كليب عن أبيه عن جده أنه قال ... فذكره.
قال ابن عدي: وهذا رواه ابن جريج قال: أخبرت عن عثيم.
والرجل الذي كنى عنه هو إبراهيم هذا وهو ضعيف جداً، وهو رواه عن عثيم بن كثير بن كليب.(4/223)
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخِتَانُ سُنَّةٌ فِي الرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ1" أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ، وَالْحُجَّاجُ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ، فَتَارَةً رَوَاهُ كَذَا، وَتَارَةً رَوَاهُ بِزِيَادَةِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ بَعْدَ وَالِدِ أَبِي الْمَلِيحِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ"، وَتَارَةً رَوَاهُ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْعِلَلِ"، وَحَكَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ خَطَأٌ مِنْ حَجَّاجٍ، أَوْ مِنْ الرَّاوِي عَنْهُ، عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ": هَذَا الْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى حَجَّاجِ بن أرطاة، وليس ممن يُحْتَجُّ بِهِ2.
قُلْت: وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ حَجَّاجٍ؛ فَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا3، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ"4.
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 75] ، والبيهقي [8/ 325] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب السلطان يكره على الاختتان أو الصبي وسيد المملوك يأمران به وما ورد في الختان.
كلاهما من طريق الحجاج عن أبي المليح عن أبيه.
وأخرجه ابن أبي شيبة [9/ 58] ، [6519] ، حديث [7112- 7113] ، من طريق الحجاج عن أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
وأخرجه البيهقي [8/ 325] ، من طريق الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب.
وأخرجه الطبراني [11/ 233] ، حديث [11590] ، والبيهقي [8/ 324- 325] ، كلاهما من طريق الوليد ثنا ابن ثوبان عن محمد بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس.
قال ابن حاتم في "العلل" [2/ 247] : سألت أبي عن حديث رواه حفص بن غياث عن حجاج بن أرطأة عن ابن أبي المليح عن أبيه عن شداد عن أوس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الختان سنة للجال مكرمة للنساء". ورواه عبد الواحد بن زياد عن حجاج عن مكحول عن أبي أيوب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبي الذي توهم أن الحديث مكحول خطأ وإنما أراد حديث حجاج ما قد رواه مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمس من سنن المرسلين التعطير والحناء والسواك فترك أبا الشمال فلا أدري هذا من الحجاج أو من عبد الواحد وقد رواه النعمان بن المنذر عن مكحول قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الختان سنة للرجال مكرمة للنساء".
2 "التمهيد" [21/ 59] .
3 أخرجه الطبراني [12/ 182] ، حديث [12828] ، والبيهقي [8/ 325] ، وابن عدي [1/ 272] ، كلاهما من طريق وكيع بن الجراح عن سعيد بن بشير عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس.
قال ابن عدي: رواه إبراهيم بن مجشر عن وكيع عن سعيد بن بشير عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس، وهذا الحديث من حديث قتادة: لا أعلم يرويه غير ابن مجشر والحديث غير محفوظ من هذا الوجه.
4 البيهقي [8/ 325] ، وقال: هذا إسناد صعيف والمحفوظ موقوف.(4/224)
وَقَالَ فِي "الْمَعْرِفَةِ": لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ1، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ، عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ ابْنِ عِجْلَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ، وَرُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ، إلَّا أَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا.
1807- حَدِيثٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ، وكانت خافضة: "اشتمي وَلَا تُنْهِكِي"، الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ؛ كَانَ بِالْمَدِينَةِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمَّ عَطِيَّةَ، تَخْفِضُ الْجَوَارِيَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ عَطِيَّةَ اخْفِضِي، وَلَا تُنْهِكِي؛ فَإِنَّهُ أَنْضَرُ لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ" 2، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهِ3، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ الْعَلَائِيُّ: سَأَلْت ابْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ هَذَا لَيْسَ بِالْفِهْرِيِّ.
قُلْت: أَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي تَرْجَمَةِ الْفِهْرِيِّ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَقِيلَ عَنْهُ كَذَا، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ خَافِضَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمَّ عَطِيَّةَ، فَذَكَرَهُ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ4، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، فَقَالَ: إنَّهُ مَجْهُولٌ ضَعِيفٌ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَدِيٍّ5 فِي تَجْهِيلِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَخَالَفَهُمْ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فَقَالَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ، وَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِهِ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ إيضَاحِ الشَّكِّ، وَلَهُ طَرِيقَانِ آخَرَانِ؛ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "يَا نِسَاءَ الْأَنْصَارِ اخْتَضِبْنَ غَمْسًا، وَاخْفِضْنَ، ولا تنهكن؛ فإنه أخطى عِنْدَ أَزْوَاجِكُنَّ، وَإِيَّاكُنَّ وَكُفْرَانَ النِّعَمِ" 6، لَفْظُ الْبَزَّارِ، وَفِي إسْنَادِهِ مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ7، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي إسْنَادِ ابْنُ عَدِيٍّ: خَالِدُ بْنُ
__________
1 "شرح معاني الآثار" [6/ 466] .
2 أخرجه الحاكم [3/ 525] ، وسكت عنه هو والذهبي، والبيهقي [8/ 324] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب السلطان يكره على الاختتان أو الصبي وسيد المملوك يأمران به وما ورد في الختان.
3 أخرجه أبو داود [4/ 368- 369] ، كتاب الأدب: باب ما جاء في الختان، حديث [5271] ، من طريق محمد بن حسان عن عبد الملك بن عمير به.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" [8/ 358] ، رقم [8137] ، والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/ 324] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب السلطان يكره على الاختتان.
5 الكامل لابن عدي [3/ 30] .
6 أخرجه البزار في "مسنده" [3014] .
7 قال أبو حاتم: شيخ.
قال أبو زرعة: لين.
قال أحمد: ضعيف. =(4/225)
عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ1، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ مِنْدَلٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الصَّغِيرِ"، وَابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْجُمَحِيِّ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ أَبِي الرُّقَادِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد2.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ تَفَرَّدَ بِهِ زَائِدَةُ عَنْ ثَابِتٍ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ.
وَقَالَ ثَعْلَبُ: رَأَيْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فِي جَمَاعَةٍ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدِ بْن سَلَّامٍ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي زَائِدَةَ: إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي الْخِتَانِ خَبَرٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَلَا سَنَدٌ يُتَّبَعُ.
1808- حَدِيثٌ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَتَنَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا"، الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ3، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَخَتَنَهُمَا لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ" 4.
حَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ التي أجهضت، تقدم فِي الدِّيَاتِ.
__________
= قال العجلي: جايز الحديث يتشيع.
ينظر: "ميزان الاعتدال" [5/ 513] .
1 قال أحمد: ليس بثقة.
قال البخاري: منكر الحديث.
وقال صالح جرزة: يضع الحديث.
وضرب أبو زرعة على حديثه.
ينظر: "ميزان الاعتدال" [2/ 419] .
2 أخرجه الطبراني في "الأوسط" [7/ 195] ، حديث [4299] ، من طريق زائدة ابن أبي الرفاد عن ثابت البناني عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأم عطية ختانة كانت بالمدينة: "إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [5/ 175] : رواه الطبراني في "الأوسط" إسناد حسن.
3 أخرجه الحاكم [4/ 237] ، والبيقهي [9/ 299- 300] ، كتاب الضحايا: باب العقيقة سنة.
كلاهما من طريق عبد الله بن وهب أخبرني محمد بن عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: عق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رأسيهما الأذى.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووفقه الذهبي.
4 أخرجه البيهقي [8/ 324] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب السلطان يكره على الاختتان أو الصبي وسيد المملوك يأمران به وما ورد في الختان.(4/226)
كتاب الصيال
مدخل
...
70- كِتَابُ الصِّيَالِ
1809- حَدِيثٌ: "اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ... "، الْحَدِيثَ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1، وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ2، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي "الْأَوْسَطِ"3.
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، تَقَدَّمَ فِي "صَلَاةِ الْخَوْفِ"، وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ.
1810- حَدِيثُ حُذَيْفَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي وَصْفِ الْفِتَنِ: "كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ"، هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَإِنْ زَعَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "النِّهَايَةِ" أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. انْتَهَى، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَامٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا بِـ"شَرٍّ"، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِـ"خَيْرٍ" فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ"، الْحَدِيثَ4، وَفِيهِ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُك، وَأُخِذَ مَالُك، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ".
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ فِي حَدِيثٍ قَالَ
__________
1 أخرجه البخاري [5/ 117- 118] ، في المظالم: باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً [2443- 2444] ، و [12/ 338] ، في الإكراه: باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه [6952] ، والترمذي [4/ 453] ، في الفتن [2255] ، وأحمد [3/ 99، 201] ، وأبو يعلى [3838] ، والبغوي في "شرح السنة" [6/ 488] ، برقم [3410] ، من طريق عن أنس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً": قيل: يا رسول الله نصرته مظلوماً، فكيف أنصره صالماً؟
قال: تمنعه من الظلم: فذلك نصرك إياه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه مسلم [4/ 1998] ، في البر والصلة: باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً [62/ 2584] ، والدارمي [2/ 311] ، في الرقاق: با باب أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، وأحمد [3/ 323] ، من طريق زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: فذكر قصة وفية قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً. إن كان ظالماً فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلموماً فلينصره".
3 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" [7/ 233- 234] ، حديث [4372] ، من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [7/ 267] : رواه الطبراني في "الأوسط" من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وفيها ضعف.
4 أخرجه مسلم [6/ 478- نووي] ، كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، حديث [52/ 1847] .(4/227)
فِي آخِرِهِ: "فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ" 1، وَمِنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ مِثْلُ هَذَا2، وَزَادَ: "وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا وَابْنُ قَانِعٍ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ بِلَفْظِ: "سَتَكُونُ فِتْنَةٌ بَعْدِي، وَأَحْدَاثٌ وَاخْتِلَافٌ، فَإِنْ اسْتَطَعْت أَنْ تَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، لَا الْقَاتِلَ، فَافْعَلْ" 3 وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ هُوَ ابْنُ جُدْعَانَ؛ ضَعِيفٌ، لَكِنْ اعْتَضَدَ كَمَا تَرَى.
1811- قَوْلُهُ: "وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ، يَعْنِي: قَابِيلَ وَهَابِيلَ"، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ فِتْنَةِ عُثْمَانَ: "أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ... "، الْحَدِيثَ4، وَفِيهِ: "فَإِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي، وَبَسَطَ يَدَهُ إلَيَّ لِيَقْتُلَنِي؟ قَالَ: كُنْ كَابْنِ آدَمَ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إذَا جَاءَ أَحَدٌ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ابْنِ آدَمَ؛ الْقَاتِلُ فِي النَّارِ، وَالْمَقْتُولُ فِي الْجَنَّةِ" 5، وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْفِتْنَةِ:
__________
1 أخرجه الطبراني [2/ 177] ، حديث [1724] ، قال الهيهمي في "مجمع الزوائد" [7/ 306] : رواه الطبراني وفيه شهر بن حوشب وعبد الحميد بن بهرام وقد وثقا فيهما ضعف.
2 أخرجه أحمد [5/ 110] ، وأبو يعلى [13/ 176- 177] ، حديث [7215] ، والطبراني [4/ 59- 61] ، حديث [3629- 3631] ، قال الهيثمي [7/ 306] : لم أعرف الرجل الذي من عبد القيس، وبقية رجاله رجال الصحيح.
3 أخرجه أحمد [5/ 292] ، والحاكم [4/ 517] ، والطبراني [4/ 189] ، حديث [4099] ، قال الحاكم: تفرد به علي بن زيد القرشي عن أبي عثمان النهدي ولم يحتجا به، وسكت عنه الذهبي.
قال الهيثمي [7/ 305] : رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه علي بن زيد وفيه ضعف وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات.
4 أخرجه أحمد [1/ 168- 169] ، من طريق ابن لهيعة ثنا بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سمع عبد الرحمن بن حسين أنه سمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ... فذكره.
وأخرجه أحمد [1/ 185] ، والترمذي [4/ 486] ، كتاب الفتن: باب ما جاء تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، حديث [2194] ، كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد بن عياش عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عه فذكره.
وأخرجه أبو داود [4/ 99] ، كتاب الفتن والملاحم: باب في النهي عن السعي في الفتنة، حديث [4257] ، من طريق بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ... فذكره.
5 أخرجه أحمد [2/ 100] ، من طريق عون بن أبي جحيفة عن عبد الرحمن ابن سميرة أن ابن عمر رضي الله عنه رأى رأساً فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث.(4/228)
"كَسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ وَأَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَحَدِكُمْ بَيْتَهُ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ" 1، وَصَحَّحَهُ الْقُشَيْرِيُّ فِي آخِرِ "الِاقْتِرَاحِ" عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
1812- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ مَعِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قال: كفى بالسيف شا، أَرَادَ أَنْ يَقُولَ شَاهِدًا، فَقَطَعَ الْكَلِمَةَ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ"، عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ الْحَسَنِ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كفى بالسيف شا، يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَاهِدًا، فَلَمْ تُتِمَّ الْكَلِمَةُ" 2.
وَعَنْ مَعْمَرٍ؛ عَنْ الزُّهْرِيِّ؛ أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْبَى اللَّهُ إلَّا الْبَيِّنَةَ"، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَنِّي وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ ... "، الْحَدِيثَ3.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَفْظُهُ: قَالَ نَاسٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ، قَدْ نَزَلَتْ الْحُدُودُ، فَلَوْ أَنَّك وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِك رَجُلًا، كَيْفَ كُنْت صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْت ضَارِبَهُمَا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَسْكُنَا، أَفَأَنَا ذَاهِبٌ فَأَجْمَعُ أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ؟ فَإِذَا ذَلِكَ قَدْ قَضَى الْآخَرُ حَاجَتَهُ وَانْطَلَقَ؟ فَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ مَا قَالَ أَبُو ثَابِتٍ؟ فَقَالَ
__________
1 أخرجه أحمد [4/ 416] ، وأبو داود [4/ 100] ، كتاب الفتن والملاحم: باب النهي عن السعي في الفتنة، حديث [4259] ، والترمذي [4/ 490] ، كتاب الفتن: باب ما جاء في اتخاذ سيف من خشب في الفتنة، وابن ماجة [2/ 1310] ، كتاب الفتن: باب التثبت في الفتنة، حديث [3961] ، وابن حبان [13/ 297] ، كتاب الرهن: باب ما جاء في الفتن، حديث [5962] ، كلهم من طريق محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل بن شرحبيل عن أبي موسى الأشعري.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح وعبد الرحمن بن ثوران هو أبو قيس الأودي.
وأخرجه أبو داود [4/ 101] ، كتاب الفتن والملاحم: باب في النهي عن السعي في الفتنة، حديث [4262] ، والحاكم [4/ 440] ، كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، ثنا عاصم الأحول، عن أبي كبشة قال: سمعت أبا موسى الأشعري ... رضي الله عنه ... فذكره بنحوه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
2 أخرجه عبد الرزاق [9/ 434] ، كتاب العقول: باب الرجل يجد على امرأته رجلاً، حديث [17918] .
3 أخرجه عبد الرزاق [9/ 434] ، كتاب العقول: باب الرجل يجد على امرأته رجلاً، حديث [17917] .(4/229)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا" 1 ثُمَّ قَالَ: "لَا أَخَافُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهِ السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ"، وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ: "كَفَى بالسيف شا"، عَلَى الِاكْتِفَاء كَمَا سَبَقَ، إلَّا فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ.
1813- حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: "غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، وَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الْآخَرِ ... "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى2، وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ3، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ تَسْمِيَةُ الرَّجُلِ الْعَاضِّ بِأَنَّهُ يَعْلَى.
__________
1 أخرجه مسلم [5/ 383- نووي] ، كتاب اللعان، حديث [14/ 1498] ، وأبو داود [4/ 181] ، كتاب الديات: باب في من وجد مع أهله رجلاً أيقتله؟ حديث [4532] ، وابن ماجة [2/ 868] ، كتاب الحدود: باب الرجل يجد مع امرأته رجلاً [2605] ، والبيهقي [8/ 337] ، كتاب الأشربة: باب الرجل يجد مع امرأته الرجل فيقتله [10/ 147] ، كتاب الشهادات: باب الشهادة في الزنا.
كلهم من طريق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2 أخرجه أحمد [4/ 222، 223] ، والبخاري [14/ 207] ، كتاب الديات: باب إذا عض رجلاً فوقعت ثناياه، حديث [6893] ، وطرفه في [2265] ، ومسلم [6/ 107، 108- أبي] ، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه، لا صمان عليه، حديث [20، 21، 22/ 1674] ، وأبو داود [4/ 194] ، كتاب الديات: باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه، حديث [4584] ، ذكر الاختلاف على عطاء في هذا الحديث، حديث [4766- 4769] ، والحميدي [2/ 346] ، حديث [788] ، وابن الجارود في "المنتقى" [892] ، وعبد الرزاق في "مصنفه" [9/ 354] ، كتاب العقول: باب السن تنزع فيعيدها صاحبها، حديث [17546] ، وابن حبان [13/ 343] ، كتاب الجنايات: باب القصاص، حديث [5997] ، والبيهقي [8/ 336] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب ما يسقط القصاص من العمد، والطبراني [22/ 249- 251] ، حديث [648- 652] ، كلهم من طريق عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه مثله ونحوه.
3 أخرجه أحمد [4/ 427- 435] ، والبخاري [14/ 207] ، كتاب الديات: باب إذا عض رجلاً فوقت ثناياه، حديث [6892] ، ومسلم [6/ 105- أبي] ، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، إذا دفع المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه، لا ظمان عليه، حديث [18/ 1673] ، والترمذي [4/ 27] ، كتاب الديات: باب ما جاء في القصاص، حديث [1416] ، والنسائي [8/ 28- 29، 29] ، كتاب القسامة: باب الرجل يدفع عن نفسه، حديث [4759- 4762] ، وابن ماجة [2/ 887] ، كتاب الديات: باب من عض رجلاً فنزع يده فندر ثناياه، حديث [2657] ، والدارمي [2/ 195] ، كتاب الديات: باب فيمن عض يد رجل فانتزع المعضوض يده، وابن حبان [13/ 345، 346] ، كتاب الجنايات: باب القصاص، حديث [5998، 5999] ، والطبراني [18/ 214- 215] ، حديث [530- 536] ، والبيهقي [8/ 336] ، كلهم من طرق عن قتادة قال: سمعت زرارة بن أوفى يحدث عن عمران بن حصين ... الحديث.
قال الترمذي: حسن صحيح. =(4/230)
1814- حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحَرٍ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهَا رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّك تَنْظُرُنِي لَطَعَنْت بِهِ فِي عينك؛ إنما جعل الاستيذان مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ" 1، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ.
1815 - قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَاتِلُهُ النظر، ليرمي عنه بِالْمِدْرَى"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ2، وَلَهُ أَلْفَاظٌ أَيْضًا.
__________
= والحديث أخرجه النسائي [8/ 30] ، كتاب القسامة: باب ذكر الاختلاف على عطاء في هذا الحديث، حديث [4765] ، وابن ماجة [2/ 886] ، كتاب الديات: باب من عض رجلاً فنزع يده فندر ثناياه، حديث [2656] ، كلاهما من طريق صفوان بن عبد الله عن عميه يعلى وسلمة ابن أمية ... فذكره.
1 أخرجه البخاري [12/ 253] ، كتاب الديات: باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، حديث [6901] ، ومسلم [3/ 1698] ، كتاب الأداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، حديث [40/ 2156] ، من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن الزهري ان سهل بن سعد أخبره أن رجلاً اطلع في جحر في باب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مدرى يحك بها رأسه فلما رآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت بها في عينك"، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما جعل الإذن من أجل الصبر".
وأخرجه البخاري [10/ 379] ، كتاب اللباس: باب الامتشاط، حديث [5924] ، [11/ 26] ، كتاب الاستئذان: باب الاستئذان من أجل البصر، حديث [6241] ، ومسلم [3/ 1698] ، كتاب الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، حديث [41/ 2156] ، والترمذي [5/ 61] ، كتاب الاستئذان: باب من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، حديث [/ 2709] ، وأحمد [5/ 330، 334- 335] ، وعبد الرزاق [10/ 383] ، رقم [19431] ، والدرامي [2/ 197- 198] ، والحميدي [2/ 412] ، رقم [924] ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ص [166] ، رقم [448] , وأبو يعلى [13/ 499- 500] ، رقم [7510] ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"، رقم [659] ، والبيهقي [8/ 338] ، والبغغوي في "شرح السنة" [5/ 441- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق الزهري عن سهل بن سعد الساعدي به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2 أخرجه البخاري [11/ 26] ، كتاب الاستئذان: باب الاستئذان من أجل البصر، حديث [6242] ، ومسلم [3/ 1699] ، كتاب الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، حديث [2157] ، وأبو داود [2/ 764- 765] ، كتاب الأدب: باب في الاستئذان، حديث [5171] ، وأحمد [3/ 239، 242] ، والطيالسي [1/ 303- منحة] ، رقم [1873] ، من طريق حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عيله وسلم فقام إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص أو بمشاقص فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه.
وأخرجه البخاري [12/ 225] ، كتاب الديات: باب من أخذ حفنة أو اقتص دون السلطان، حديث [6889] ، والترمذي [5/ 61] ، كتاب الاستئذان: باب من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، حديث [2708] ، وأحمد [3/ 125] ، وأبو يعلى [6/ 435] ، رقم [3813] ، كلهم من طريق حميد عن أنس بن مالك به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(4/231)
1816- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَوْ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِك، وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، فَخَذَفْته بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ جُنَاحٍ"1، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزناد من الْأَعْرَجِ عَنْهُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "خَذَفْته"، هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
1817- قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى: وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ"، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أخرجها أمد وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْهُ بِلَفْظِ: "وَلَا قِصَاصَ"2، بَدَلَ "قَوَدَ"، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حديث ابن عمر: "ما كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ".
حَدِيثٌ: "أَنَّ جَارِيَةً كَانَتْ تَحْتَطِبُ، فَرَاوَدَهَا رَجُلٌ عَنْ نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ فَقَتَلَتْهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: قَتِيلُ اللَّهِ، وَاَللَّهِ لَا يُؤَدَّى أَبَدًا"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: "إنَّ رَجُلًا أَضَافَ نَاسًا مِنْ "هُذَيْلٍ"، فَذَهَبَتْ جَارِيَةٌ لَهُمْ تَحْتَطِبُ، فَرَاوَدَهَا رَجُلٌ عَنْ نَفْسِهَا ... "، الْحَدِيثَ3، وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا4، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَسَمَّى المقتول غفل، بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، فَقَالَ: هُوَ كَاسْمِهِ، وَأَبْطَلَ دَمَهُ.
حَدِيثُ: "أَنَّ عُثْمَانَ مَنَعَ مَنْ عِنْدِهِ مِنْ الدَّفْعِ يَوْمَ الدَّارِ، وَقَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ، لَمْ أَجِدْهُ"، وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ؛ سَمِعْت عُثْمَانَ يَقُولُ: "إنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدِي حَقًّا مَنْ كَفَّ سِلَاحَهُ وَيَدَهُ"5.
__________
1 أخرجه البخاري [12/ 253- 254] ، كتاب الديات: باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، حديث [6902] ، ومسلم [3/ 1699] ، كتاب الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، حديث [44/ 2158] ، والنسائي [8/ 61] ، كتاب القسامة: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، حديث [4861] ، والشافعي في "المسند" [2/ 101] ، كتاب الديات، حديث [337] ، والحميدي [2/ 462] ، رقم [1078] ، والبيهقي [8/ 338] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب التعدي والاطلاع، والبغوي في "شرح السنة" [5/ 441- بتحقيقنا] ، كلهم من طريق سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح.
2 أخرجه أحمد [2/ 385] ، والنسائي [8/ 61] ، كتاب القسامة: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، حديث [4860] ، وابن حبان [13/ 351] ، كتاب الجنايات: باب القصاص، حديث [6004] ، والبيهقي [8/ 338] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب التعدي والاطلاع، والدارقطني [3/ 199] ، في كتاب الحدود والديات وغيره، حديث [348] ، وابن الجارود [790] .
3 أخرجه البيهيقي [8/ 337] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب الرجل يجد مع امرأته الرجل فيقتله.
4 ينظر المصدر السابق.
5 أخرجه ابن أبي شيبة [12/ 5] ، برقم [12087] ، [14/ 591] برقم [18928] .(4/232)
بَابُ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ
1818- حَدِيثُ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ: "أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلْت حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدْت فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتْهُ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا" مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ1، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخَذْنَا بِهِ لِثُبُوتِهِ
__________
1 أخرجه مالك [2/ 747] ، كتاب الأقضية: باب القضاء في الضواري، حديث [7] ، وأحمد [5/ 436] ، والشافعي [2/ 107] ، رقم [358] ، وأبو داود [3/ 298] ، كتاب الأقضية: باب المواشي تفسد زرع القوم، حديث [3570] ، والنسائي في "الكبرى" [3/ 411] ، كتاب العارية: باب تضمين أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل، حديث [5784، 5785] ، والحاكم [2/ 48] ، والدارقطني [3/ 156] ، كتاب الحدود، حديث [222] ، والبيهقي [8/ 342] ، كتاب الأشربة: باب الضمان على البهائم، من طريق الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب ...
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" [22/ 251] : هكذا روى هذا الحديث جماعة، رواه الموطأ فيما رووه مرسلاً واختلف أصحاب ابن شهاب عن ابن شهاب فيه فرواه الأوزاعي وصالح بن كيسان ومحمد بن إسحاق كما رواه مالك، وكذلك رواه ابن عيينة إلا أنه جعل مع حرام بن سعد بن محيصة سعيد بن المسيب جميعاً في هذا الحديث.
ورواه معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه ولم يقل عن أبيه غير معمر، قال محمد بن يحيى: لم يتابع عليه معمر، وقال أبو داود: لم يتابع عليه عبد الرزاق عن معمر ا. هـ.
وقال الدارقطني: وكذلك رواه صالح بن كيسان والليث ومحمد بن إسحاق وعقيل وشعيب ومعمر من غير رواية عبد الرزاق وقال ابن عيينة وسفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن الميسيب وحرام جميعاً أن ناقة للبراء وقال قتادة عن الزهري عن سعيد بن المسيب وحده، وقال ابن جريج عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن ناقة للبراء، قاله الحجاج وعبد الرزاق عنه ا. هـ.
أما رواية عبد الرزاق عن معمر فهي كرواية حرام بن محيصة أخرجها أبو داود [3/ 828] ، كتاب البيوع: باب المواشي تفسد زرع قوم، حديث [3569] ، وأحمد [5/ 436] ، والدارقطني [3/ 154] ، كتاب الحدود، حديث [216] ، والبيهقي [8/ 342] ، كتاب الأشربة والحد فيها: باب الضمان على الهائم.
قال الدارقطني: خالفه وهب وأبو مسعود الزجاج فلم يقولا عن أبيه ورواه الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة الأنصاري أنه أخبره أن البراء عن عازب كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطاً فأفسدت فيه ... الحديث.
وأخرجه الدارقطني [3/ 155] ، كتاب الحدود، حديث [217] ، والبيهقي [8/ 341] ، كتاب الأشربة: باب الضمان على البهائم من طريق يونس بن عبد الأعلى ثنا أيوب بن سويد عن الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب أن ناقة لرجل من الأنصار دخلت حائطاً ... الحديث. =(4/233)
وَاتِّصَالِهِ، وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ.
قُلْت: وَمَدَارُهُ عَلَى الزُّهْرِيِّ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ هَكَذَا، وَهَذِهِ رِوَايَةُ "الْمُوَطَّأِ"، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ مُحَيِّصَةَ -لَمْ يُسَمِّهِ-؛ "أَنَّ نَاقَةً"، وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ؛ فَزَادَ فِيهِ: "عَنْ جَدِّهِ مُحَيِّصَةَ"، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ.
وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى؛ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حرام، عن البراء، و"حرام" لَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْبَرَاءِ؛ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَبَعًا لِابْنِ حَزْمٍ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ الْبَرَاءِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ "أَنَّ الْبَرَاءَ".
وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ؛ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: "أن ناقة للبراء".
ورواه ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: "بَلَغَنِي أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ".
__________
= وأخرجه ابن ماجة [2/ 781] ، كتاب الأحكام: باب الحكم فيما أفسدت المواشي، حديث [2332] ، والدارقطني [3/ 155] ، كتاب الحدود والديات، والبيهقي [8/ 341] ، كتاب الأشربة: باب الضمان على البهائم، من طريق سفيان عن عبد الله بن عيسى عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء: أن ناقة آل البراء أفسدت ... فذكر الحديث.(4/234)
كِتَابُ السِّيَرِ
مدخل
...
71- كتاب السير
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: تُرْجِمَ الْكِتَابُ بِالسِّيَرِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُودَعَةَ فِيهِ مُتَلَقَّاةٌ مِنْ سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَوَاتِهِ.
قُلْت: فَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يُتَتَبَّعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ، وَيُعْزَى إلَى مَنْ خَرَّجَهُ، إنْ وُجِدَ.(4/234)
1- بَابُ وُجُوبِ الْجِهَادِ1
حَدِيثٌ: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 الجهاد في اللغة: المبالغة واستفراغ الوسع في الشيء مشتق من الجهد يقال: جهد الرجل في كذا: أي جد فيه وبالغ ويقال: اجهد جهدك: أي ابلغ غايتك، وفيه تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] وقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [فاطر: 42، النور: 53، المائدة: 53، الأنعام: 109] ، أي بالغوا في اليمين واجتهدوا فيها، وهذا من المعاني الحقيقية لمادة الجهاد، ومن المعاني المجازية قول العرب: سقاه لبناً مجهوداً وهو الذي أخرج زبده أو أكثر ماؤه. ويقال: أجهد فيه الشيب إذا كثر.
هذا معناه في اللغة، وهو كما نرى عام في ذاته وفي غايته.
ينظر: "لسان العرب" [1/ 710] ، "المصباح المنير" [112] ، "المعجم الوسيط" [1/ 142] . =(4/234)
عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَتَقَدَّمَ فِي "الدِّيَاتِ".
حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ.
1819- حَدِيثٌ: "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ؛ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ1 وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ2، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ3.
__________
= واصطلاحاً:
عرفه الحنيفة بأنه: بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله تعالى بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك.
عرفه الشافعية بأنه: المتلقى تفسيره من سيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عرفه المالكية بأنه: قتال مسلم كافراً غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى أو حضوره له أو دخوله أرضه له.
عرفه الحنابلة بأنه: قتال الكفار خاصة بخلاف المسلمين من البغاة وقطاع الطريق وغيره.
ينظر: "بدائع الصنائع" [9/ 299] ، "حاشية أبو السعود" [2/ 417] ، "مغني المحتاج" [4/ 208] ، "نهاية المحتاج" [8/ 45] ، "المحلى على المنهاج" [4/ 213] ، "شرح الزرقاني" [23/ 106] ، "كشف القناع عن متن الإقناع" [3/ 32] .
1 أخرجه أحمد [3/ 132، 141، 153، 207، 263، 263- 264] ، والبخاري [6/ 90] ، كتاب الجهاد والسير: باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة، حديث [2792] ، وطرفة في [2796، 6568] ، ومسلم [7/ 32- نووي] ، كتاب الإمارة: باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، حديث [112/ 1880] ، والترمذي [4/ 181- 182] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الغدو والرواح في سبيل الله، حديث [1651] ، وابن حبان [10/ 462] ، كتاب السير: باب فضل الجهاد، حديث [4602] .
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
2 أخرجه أحمد [3/ 433] ، [5/ 335، 337] ، والبخاري [6/ 90] ، كتاب الجهاد والسير: باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة، حديث [2794] ، وأطرافه في [2892، 3250، 6415] ، ومسلم [7/ 32- نووي] ، كتاب الإمارة: باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، حديث [113، 114/ 1881] ، والترمذي [4/ 180] ، كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الغدوة والروحة، حديث [1648] ، والنسائي [6/ 15] ، كتاب الجهاد: باب فضل غدوة في سبيل الله عز وجل، حديث [3118] ، وابن ماجة [2/ 921] ، كتاب الجهاد: باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، حديث [2756] ، والدارمي [2/ 202] ، كتاب الجهاد: باب الغدوة في سبيل الله عز وجل والروحة، والبيهقي [9/ 158] ، كتاب السير: باب في فضل الجهاد في سبيل الله.
3 أخرجه مسلم [7/ 33] ، كتاب الإمارة: باب فضل الغدوة والروحة، حديث [115/ 1883] ، والنسائي [6/ 15] ، كتاب الجهاد: باب فضل الروحة في سبيل الله عز وجل، حديث [3119] .(4/235)
1820- حَدِيثٌ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ2، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ3.
__________
1 أخرجه البخاري [6/ 45] ، في الجهاد: باب وجوب النفير [2825] ، باب لا هجرة بعد الفتح [3077] ، ومسلم [3/ 1487] ، في الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير، وبيان معنى: لا هجرة بعد الفتح [85/ 1353] ، وأبو دود [2/ 6] ، في الجهاد: باب في الهجرة، هل انقطعت؟ [2480] ، والنسائي [7/ 146] ، في البيعة: باب الاختلاف في انقطاع الهجرة، والترمذي [1590] ، وأحمد [1/ 266، 315- 316، 344] ، وعبد الرزاق [5/ 309] ، برقم [9713] ، والدارمي [2/ 239] ، في السير: باب لا هجرة بعد الفتح، وابن حبان ج [7/ 4845] ، والطبراني في "الكبير" [11/ 30- 31] ، برقم [10944] ، وابن الجارود في "المنتقى" [1030] ، والبهيقي [5/ 195] ، [9/ 16] ، وفي "دلائل النبوة" [5/ 108] ، والبغوي في "شرح السنة" بتحقيقنا [4/ 179] ، برقم [1996] ، [5/ 520] ، برقم [2630] من طريق منصور عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس مرفوعاً به.
وتابعه إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن طاووس أخرجه الطبراني [11/ 18] ، برقم [10898] .
وأخرجه الطبراني [10/ 413] ، برقم [10844] ، عن شيبان عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 وأما حديث عائشة فأخرجه البخاري [6/ 220] ، في الجهاد: باب لا هجرة بعد الفتح [3080] ، [7/ 67] ، في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه [1174] إلى المدينة [3900] ، [7/ 620] ، في المغازي: باب [53] برقم [4312] ، ومسلم [3/ 1488] ، في الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير ... [86- 1864] ، وأبو يعلى [4952] ، واللفظ لمسلم ولأبي يعلى من طريق عطاء عن عائشة قالت: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الهجرة؟ فقال: "لا هجرة بعد الفتح" ... الحديث.
وفي لفظ البخاري عن عطاء قال: زرت عائشة مع عبيد بن عمير فسألها عن الهجرة؟ فقالت: لا هجرة اليوم. كان المؤمن يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.
وهكذا أخرجه البيهقي [9/ 17] .
3 أخرجه النسائي [7/ 145] ، في البيعة: باب الاختلاف في انقطاع الهجرة، وأحمد [3/ 401] ، عن وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن صفوان بن أمية قال: قالت: يا رسول الله إنهم يقولون: إن الجنة لا يدخلها إلا مهاجر، قال: "لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن جهاد ونية فإذا استنفرتم فانفروا".
وأخرجه أحمد [3/ 401] ، [6/ 465] ، عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أبيه أن صفوان بن أمية بن خلف قيل له: هلك من لم يهاجر. قال: فقلت: لا أصل إلى إلى أهلي حتى آتى رسول الله صلى الله عيه وسلم فقلت: يا رسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر. قال: كلا أبا وهب. فارجع إلى أباطح مكة.
وفي الباب من حديث مجاشع بن سعيد ويعلى بن أمية وأبي سعيد الخدري. وقول ابن عمر وعمر رضي الله عنه. =(4/236)
1821- قَوْلُهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا بُعِثَ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ وَالْإِنْذَارِ بِلَا قِتَالٍ"، هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا أَسْلَمْنَا صِرْنَا أَذِلَّةً"، فَقَالَ: "إنِّي أُمِرْت بِالْعَفْوِ، فَلَا تُقَاتِلَنَّ الْيَوْمَ، فَلَمَّا حَوَّلَهُ إلَى الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِالْقِتَالِ"، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ1، وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
__________
= فأما حديث مجاشع بن مسعود فأخرجه البخاري [6/ 137] ، في الجهاد: باب البيعة في الحرب ألا يفروا ... [2962، 2963] ، [6/ 219] ، باب لا هجرة بعد الفتح [3078، 3079] ، و [7/ 619] ، في المغازي: باب [53] [4305- 4308] ، ومسلم [3/ 1487] ، في الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير [83- 84/ 1863] ، وأحمد [3/ 4680- 469] ، [5/ 71] ، والحاكم [3/ 316] ، والطحاوي في "مشكل الآثار" [3/ 252] ، والبيهقي [9/ 16] ، وفي "الدلائل" [5/ 109] ، من طريق أبي عثمان النهدي حدثني مجاشع قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأخي بعد الفتح، فقلت: يا رسول الله، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة، قال: "ذهب أهل الهجرة بما فيها". فقلت: على أي شيء تبايعه، قال: "أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد"، فلقيت معبداً بعد –وكان أكبرهم- فسألته فقال: صدق مجاشع.
وأما حديث يعلى بن أمية: فأخرجه النسائي [7/ 141] ، في البيعة: باب البيعة على الجهاد [7/ 145] ، في ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، وأحمد [4/ 323، 324] ، والطبراني في "الكبير" [22/ 257] ، [664، 665] ، والبيهقي [9/ 16] ، من طريق ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية أن أباه أخبره أن يعلى قال: جئت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي يوم الفتح. فقلت: يا رسول الله بايع أبي على الهجرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبايعه على الجهاد، وقد انقطعت الجهرة".
وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه أحمد [3/ 22] ، [5/ 187] ، والطيالسي [601، 967، 2205] ، والبيهقي في "دلائل النبوة" [5/ 109] ، عن أبي البختري الطائي عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه السورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ ... } [الفتح: 1- 2] قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ختمها وقال: "الناس حيز، وأنا وأصحابي حيز". وقال: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية". فقال له مروان: كذبت. وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت. وهما قاعدان معه على السرير. فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدثاك. ولكن هذا يخاف أن تنزعه من عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصداقة. فسكتا. فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالا: صدق.
أما قول ابن عمر فأخرجه البخاري [7/ 267] ، في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة [3899] ، [7/ 620] ، في المغازي: باب [53] [4309- 4311] من طريق عطاء عن ابن عمر كان يقول: "لا هجرة بعد الفتح".
وفي لفظ آخر: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: إني أريد أن أهاجر إلى الشام، قال: لا هجرة، ولكن جهاد. فانطلق فاعرض نفسك، فإن وجدت شيئاً وإلا رجعت.
وأما قول عمر فأخرجه النسائي [7/ 146] ، في البيعة: باب الاختلاف في انقطاع الهجرة. وأبو يعلى في "مسنده" [186] ، عن يحيى بن هانئ عن نعيم بن دجاجة قال: سمعت عمر يقول: لا هجرة بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1 أخرجه الحاكم [2/ 66- 67، 307] ، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(4/237)
قَوْلُهُ: "وَتَبِعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ قَوْمٍ"، ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْإِسْلَامِ سِرًّا وَجَهْرًا، فاستجاب الله من شاء مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ، وَضُعَفَاءِ النَّاسِ حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ"1.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَتْ الصلاة عليه بـ"مكة"، هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ الإسراء؛ لأنه كان بـ"مكة" بِاتِّفَاقِ الْأَحَادِيثِ.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ"، هَذَا تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ وَصَاحِبَ "الشَّامِلِ"، وَجَزَمَ فِي "زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ" أَنَّهُ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ مَعَهُ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَزَادَ: أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرَ، وَالْأَضْحَى؛ وَهَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ شَيْخِهِ الْوَاقِدِيِّ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ؛ قَالُوا: "نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ بعد ما صُرِفَتْ الْقِبْلَةُ إلَى الْكَعْبَةِ بِشَهْرٍ فِي شَعْبَانَ، عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ؛ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ فِي "الْأَمْوَالِ"، وَصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَصَلَّى الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَأُمِرَ بِالْأُضْحِيَّةِ"2.
قَوْلُهُ: "وَاخْتَلَفُوا: هَلْ فُرِضَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ".
قُلْت: تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ: فَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَ الْحَجُّ سنة ست، وقيل: سَنَةِ خَمْسٍ"، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: "وَكَانَ الْقِتَالُ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ"، تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي "الْحَجِّ".
قَوْلُهُ: "وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَجَبَتْ الْهِجْرَةُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ؛ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا؟ ... } الآية [النساء: 97] .
قَوْلُهُ: "فَلَمَّا فُتِحَتْ "مَكَّةُ" ارْتَفَعَتْ فَرِيضَةُ الْهِجْرَةِ عَنْهَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ"، هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ3، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ "مَكَّةَ" 4.
1822- قَوْلُهُ: "وَبَقِيَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ عَنْ دَارِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ"، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَفَعَهُ: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ
__________
1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" [1/ 156] .
2 أخرجه ابن سعد [1/ 191] .
3 تقدم قريباً.
4 تقدم قريباً.(4/238)
حِبَّانَ1، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" 2.
1823- قَوْلُهُ: "لَمْ يَعْبُدْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَمًا قَطُّ"، وَوَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا كَفَرَ بِاَللَّهِ نَبِيٌّ قَطُّ"، أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَرَوَاهُ [.....] 3.
1824- قَوْلُهُ: "وفي الْبَيَانِ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِشَرْعِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ".
1825- حَدِيثٌ: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ؛ فَقَدْ غَزَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ4، دُونَ قَوْلِهِ: "وَمَالِهِ"؛ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: "أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ"، وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ فَوَهِمَ5.
__________
1 أخرجه أحمد [5/ 270] ، والنسائي [7/ 146] ، كتاب البيعة: باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، حديث [4172، 4173] ، وابن حبان [11/ 207] ، كتاب السير: باب الهجرة، حديث [4866] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 216- 217] ، كتاب السير: باب انقطاع الهجرة، حديث [7807- 7809] .
2 أخرجه أبو داود [3/ 4] ، كتاب الجهاد: باب في الهجرة هل انقطعت، حديث [2479] ، والنسائي في "الكبرى" [5/ 217] ، كتاب السير: باب متى تنقطع الهجرة، حديث [8711] .
3 بياض في الأصل.
4 أخرجه البخاري [6/ 59] ، في الجهاد والسير: باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير [2843] ، ومسلم [3/ 1506- 1507] ، في الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره ... [135- 136/ 1895] ، وأبو داود [2/ 15] ، في الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو [2509] ، والترمذي [4/ 145- 146] ، في فضائل الجهاد: باب ما جاء فضل الجهاد: باب ما جاء في فضل من جهز غازياً [1628، 1631] ، والنسائي [6/ 46] ، في جهاز الجهاد: باب فضل من جهز غازياً، وأحمد [4/ 115- 117] ، عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني رفعه.
وقال الترمذي [1629- 1630] ، وابن ماجة [2/ 922] ، في الجهاد: باب من جهز غازياً [2759] ، وأحمد [4/ 116] ، عن عطاء عن زيد بن خالد به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
5 أخرجه مسلم [7/ 47- نووي] ، كتاب الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، حديث [138/ 1896] ، وأبو داود [3/ 12] ، كتاب الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو، حديث [2510] ، والحاكم [2/ 82] ، وابن حبان [10/ 488] ، كتاب السير: باب فضل الجهاد، حديث [4629] .
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي وهو وهم كما ذكر المصنف.(4/239)