الكتاب: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير
المؤلف: أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)
الناشر: دار الكتب العلمية
الطبعة: الطبعة الأولى 1419هـ. 1989م.
عدد الأجزاء: 4
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي](/)
المجلد الأول
مقدمة التحقيق
تقديم
...
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
حمداً للَّه على نعمه، حمداً يكافئ مزيد فضله، حمداً كثيراً عظيماً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلاّ اللَّه، أوّل بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلاّ ما يريد وأشهد أن محمداً عبده ورسوله [من الكامل] :
كل القلوب إلى الحبيب تميل ... ومعي بذلك شاهد ودليل
أما الدليل إذا ذكرت محمداً ... صارت دموع العارفين تسيل
فإن خير الهمم العالية ما جانفت الرمم البالية وإنما تعلو الهمة بعلوّ ما تهتم به، ولا أجل من علوم الشريعة عقلاً ونقلاً ولا غرو فكتاب الله وسنّة رسوله هما قطبا رحى الإسلام وطنباً فسطاطه، فحبذا الاشتغال بهما وبئس التشاغل عنهما. قال ابن القيم في نونيته [من الكامل] :
والعلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولو العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأي فلان(1/3)
شرف علم الحديث وأهله
وعلم الحديث هو العلم الأصيل الذاخر، وهو تاج العلوم الفاخر حسبك أنه كلام النبي بوحي من ربه العلي: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] وقد ابتعث اللَّه محمداً فأنقذ به الورى، وأنفذهم به إلى الإمام من الورا وأهل الحديث هم عصابة الرحمن، فبهم تصان الشريعة، وتعلم الأوامر والنواهي وهم أعلام الهدى ومنارات الدّجى، وهم الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ستفترق أمتي من بعدي إلى ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ... " الحديث.
قال الإمام أحمد: هم أهل الحديث.
وقد صدق فيما نطق وباء بالحق وما اختلق، إذ أهل الحديث هم نقلة الشريعة وحفظتها والقائمون عليها وسدنتها، فبهم يستبين الصحيح من الفاسد والرابح من الكاسد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة بعدما التبس الحق بالباطل ورتع في وضع الحديث كل عاطل.
وهيهات فإن حفظ الله قائم لشرعه ويدُ اللَّه تحمل في الخفاء لحفظه {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: 31] .
وصدق الله إذ يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] والسنّة شقيقة(1/3)
كتاب الله وصنوه، وبنت قوله وهي محفوظة باللَّه على يد أجناد الله، جهابذ النقدة السفرة البررة من أهل الحديث رضي الله عنهم ورحمهم وتوجهم بكل فضل وذخر. [من الطويل] :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وهاك نبذاً نيرة ومسائل متآزرة خيرة هي ثمار علمائنا الأكابر من أهل الحديث، تكشف لك جهدهم وتنير دربك لتلحق بهم وتستقي من غيثهم. [من الرجز] :
خذها إليك مسلمة ... موسومة ومعلمة
من جازها نال العلى ... حاز الفخار على الملا
- جولة بين الرواية والرواة.
- تعريفات وتقريرات.
-حكم قبول الحديث الضعيف في الفضائل.
- العناية بالرواية والحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- الرحلة في طلب الحديث.
- من فوائد الترحال والتنقل إلى البلدان والأقطار.
- مرتبة السنّة من الكتاب.
- حجية السنة.
- آراء بعض المستشرقين في السنّة ونقدها.
- مكانة السنّة في القرن الثالث.
- جهود العلماًء في تدوين الحديث.
- السنّة في القرن الرابع الهجري.
- علم الجرح والتعديل.
- نبذة عن المؤرخين.
- المتكلمون في الرجال ومن يعتد بقوله منهم.
- جهود الصحابة والتابعين في مقاومة الوضاعين.
- ألفاظ تدل على الصحة أو الحسن.
- مبحث في ألفاظ خاصة عند أهل الجرح والتعديل.
- ألفاظ الأداء.
- تعريف التخريج.(1/4)
- الكتب المصنفة في التخريج.
- ترجمة الرافعي.
- ترجمة ابن حجر.
- تلخيص الحبير.
- وصف النسخ.(1/5)
جولة بين الرواية والرواة
لا سبيل إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ورسوله إلا من جهة النقل بعد الحفظ فإنهما الطريقاًن الأمثلاًن للحفاظ على التراث وهو ما يسمى "بالصدور والسطور"، ولذا وجب أن نميز بين عدول النقلة والرواة وثقاتهم، وأهل الحفظ والتثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة؛ ليعرف أهل الصدق من أهل النفاق، وليميز الله الخبيث من الطيب، فينكشف حال أهل الكذب والغفلة والنسيان والغلط ورداءة الحفظ، وهؤلاء هم أهل الجرح فيسقط حديث من وجب أن يسقط حديثه ولا يعبأ به، ولا يعول عليه، ويكتب حديث من وجب كتابة حديثه منه.
وطبقات الرواة يمرون بمراحل ثلاث:
الصحابة1: أولئك الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وفقهوا دين الله وعرفوا أوامره ونواهيه فنصروه، وأقاموا مبانيه، وحافظوا على مراميه ومعانيه، سماهم اللَّه عدولاً كما قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [سورة البقرة: 143] .
التابعون2: خلفوا بعد الصحابة، وحفظوا عنهم، ونهلوا من دقيق أفهامهم، ونشروا ما تلقوه منهم من الأحكام والسنّة والآثار، وذكرهم الله في محكم التنزيل فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [سورة التوبة:100] .
أتباع التابعين: وهم الخلف الأخيار، وأعلام الأقطار والأمصار، وأعلم الناس بالحلال والحرام: سكت الصحابة عن تأويل المتشابه فسلموا، وتأوله هؤلاء لحمايته من زيغ
__________
1 المحققون من أهل الحديث، كالبخاري وأحمد بن حنبل على أن الصحابي هو "من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مميز مؤمن به، ومات على الإسلام، طالت مجالسته له أو قصرت، روى عنه أو لم يرو، غزا معه أو لم يغز". وانظر بحثنا في مقدمة "الإصابة" للحافظ ابن حجر العسقلاني.
2 قال الخطيب: التابعي من صحب صحابياً، ولا يكتفي فيه بمجرد اللقى، بخلاف الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ... ولذلك ذكر مسلم وابن حبان "الأعمش" في طبقة التابعين لأن له لقيا وحفظاً، رأي أنس بن مالك، وإن لم يصح له سماع "المسند" عنه ... وانظر بحثنا في مقدمة "الإصابة".(1/5)
الزائغين، وانتحال المبطلين، بيد أن الأولى ما سلكه السلف1، ولقد أنجبت المدرسة المحمدية على مر الأزمان والعصور تلاميذ ذكرهم الله بعد تلاميذه المقربين وأتباعهم المخلصين فقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة الحشر: 10] .
أما المصنفون في علم الحديث فقد رتبوا الرواة من حيث القبول والرد إلى طبقات خمس:
الطبقة الأولى: الثبت الحافظ الورع المتقن والجهبذ الناقد للحديث. فهذا لا يختلف فيه أو عليه. يعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بأحاديثه وكلامه في الرجال.
الطبقة الثانية: العدل في نفسه، الثبت فى روايته، الصدوق في نقله، والورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه؛ فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه.
الطبقة الثالثة: الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً، وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا بحديثه2.
الطبقة الرابعة: الصدوق الورع المغفل "كثير النسيان" الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحرام والحلال.
الطبقة الخامسة: والخامس بعد هؤلاء من ألصق نفسه بهم وليس منهم وليس من أهل الصدق والأمانة ظهر للنقاد والعلماء بالرجال أولي المعرفة متهم بالكذب سماه الله بالزنيم "والزنمة قطعة بارزة في الجسم وليست منه" فهو مناع للخير "معتد أثيم "، فإن الروايات التي يذكرها هؤلاء المندسون من الزنادقة والملاحدة لم يذكروا سندها ولا أسندوها إلى أحد من المخرجين، وقبول الحديث الذي لا سند له ليس من شأن أولي الألباب وأرباب العقول وذوي الحجا، لذلك كان لا بد من تحقيق أحوال الوسائط وتشخيصهم وكشف عدالتهم ليكتسب الحديث صفة القبول أو الرد وبدون ذلك فالإستناد به والتعويل عليه لا يليق بمن له أدنى خبرة بهذا الفن.
وخلاصة المرام في تحقيق المقام: أن الأمور الدينية بأسرها محتاجة إلى بروز سندها،
__________
1 نقول: وباللَّه التوفيق: "وإنما يجب أن يسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك والأوزاعى، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه وغيرهم، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل ... ". انظر تعليقنا على "تفسير الوسيط" الواحدي النيسابوري تفسير سورة الأعراف آية 55 جـ2/375.
2 "الأجوبة الفاضلة"/64 بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة.(1/6)
واتصالها إلى منبعها أو تصريح من يعتمد عليه بها، ولا يستثنى من ذلك شيء منها. غاية الأمر أن منها ما يشدد ويحتاط في طريق ثبوتها، ومنها ما يتساهل أدنى تساهل في طريقها.(1/7)
تعريفات وتقريرات
علم الحديث علم جليل وفريد اختص اللَّه سبحانه به الأمة الإسلامية من أجل تثبيت دينها وصيانتها من الانحراف والضياع.
فالحديث: أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريراته، والسنة: أفعال الرسول وصفاته زيادة على أقواله وتقريراته.
والمتواتر من الحديث من بلغ رواته كثرة يستحيل تواطؤهم على الكذب، والآحاد خبر الواحد لا ينطبق عليه حد التواتر، فإن رواه اثنان عن اثنين فهو مشهور، وإن ثلاثة أو أربعة عن مثلهم إلى آخرين فهو مستفيض.
والجمهور على أن المتواتر يفيد العلم ضرورة، وخالف في إفادته العلم مطلقاً السمتيَّة والبراهمة.
وخالف في إفادته العلم الضروري- الكعبي، وأبو الحسين من المعتزلة، وإمام الحرمين من الشافعية؛ وقالوا: إنه يفيد العلم نظراً.
وذهب المرتضى من الرافضة، والآمدي من الشافعية إلى التوقف في إفادته العلم، هل هو نظري، أم ضروري؟.
وقال الغزالي: إنه من قبيل القضايا التى قياساتها معها، فليس أولياً وليس كسبياً.
وحجة الجمهور: أنه ثابت بالضرورة، وإنكاره بهت ومكابرة، وتشكيك في أمر ضروري، فإنا نجد من أنفسنا العلم الضروري بالبلدان النائية والأمم الخالية، كما نجد العلم بالمحسوسات، لا فرق بينها فيما يعود إلى الجزم، وما ذاك إلا بالإخبار قطعاً.
ولو كان نظرياً، لافتقر إلى توسط المقدمتين في إثباته، واللازم باطل؛ لأننا نعلم قطعاً علمنا بالمتواترات، من غير أن نفتقر إلى المقدمات وترتيبها، ولو كان نظرياً، لساغ الخلاف فيه؛ ككل النظرياًت، واللازم باطل؛ فثبت أن المتواتر يفيد العلم، وأن العلم به ضروري كسائر الضروريات.
وخبر الواحد الصحيح يفيد الظن الغالب فإن تلقاه المسلمون وأهل الحديث بالقبول فهو العلم اليقيني، ويجزم بأنه صدق، ويجب العمل به كالمتواتر سواء في العقائد أو العبادات أو المعاملات، وإنكاره إثم لقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة(1/7)
النساء: 65] . ولقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .
والحديث القدسي: ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسنده إلى ربه سبحانه.
والفرق بين القرآن والحديث القدسي أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، والحديث القدسي ما كان لفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله بالإلهام أو المنام1.
والحديث النبوي: إما مرفوع أو موقوف، وكلاهما إما صحيح أو حسن أو ضعيف أو موضوع.
فالصحيح2: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذاً ولا معللاً.
والحسن 3: كالصحيح، إلا أن بعض رواته حفظه أقل من حفظ راوي الحديث الصحيح. والحسن ينقسم إلى قسمين:
حسن لذاته، وحسن لغيره.
فالحسن لذاته ما انطبق عليه التعريف المتقدم.
والحسن لغيره: ما ورد من طريقين فأكثر، لا يخلو واحد منها من ضعف إلا أنها بمجموعها ترقى بالحديث إلى درجة الحسن لغيره بشرط أن يكون الضعف غير شديد.
أما الضعيف4: فهو ما قصر عن درجة الحسن، وتتفاوت درجاته ضعفاً بحسب بعده من شروط الصحة.
وليس للضعيف مرتبة واحدة، بل هو قسمان.
قسم يجبر بتعدد الطرق، وقسم لا يجبر بهذا التعدد، فالذي يجبر بتعدد الطرق يكون ناشئاً عن سوء حفظ رواته لا من تهمة فيهم.
أما الضعيف الذي لا يجبر ضعفه فهو ما كان بعض رواته متهماً بالكذب أو الفسق وقد يرتقي بمجموعه عن كونه منكراً أو لا أصل له.
__________
1 وهناك فروق أخرى كثيرة، وليس هذا موضعها.
2 انظر: "قواعد التحديث" /79.
3 ينظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 103، واختصار علوم الحديث ص 37، و"شرح التبصرة والتذكرة" 1/84، و"تقريب النواوي" 1/153- 154، و"توجيه النظر" ص 145.
4 "مقدمة ابن الصلاح" ص117، و "اختصار علوم الحديث" ص 44، "تدريب الراوي" 1/179،. و "فتح المغيث" 1/93.(1/8)
والضعيف أقسام:
مرسل، ومقطوع، ومنقطع، ومعضل، ومعلق، ومدلس، وغريب، وشاذ، ومضطرب، وموضوع، ومعلل، ومدرج، وغير ذلك.
فالمرسل1: ما رفعه التابعي إلى النبي مسقطاً الصحابي.
والمقطوع2: ما جاء عن تابعي من قوله، أو فعله موقوفاً.
والمنقطع3: ما سقط من رواته واحد قبل الصحابي، وكذا بعده من مكان، بحيث لا يزيد الساقط عن راوٍ واحد.
المعضل 4: ما سقط من رواته قبل الصحابي اثنان فأكثر بشرط التوالي.
المعلق: ما حذف من أول إسناده لا وسطه.
المدلس ثلاثة أقسام:
الأول: أن يسقط شيخه، ويرتقى إلى شيخ شيخه أو من فوقه فيسند عنه ذلك بلفظ لا يقتضي الاتصال بل بلفظ موهم؛ كأن يقول عن فلان أو قال فلان.
الثاني: تدليس التسوية: بأن يسقط ضعيفاً بين ثقتين فيستوي الإسناد ويصير كله ثقات؛ وذلك شر التدليس وكان بقية بن الوليد من أفعل الناس له.
والثالث: تدليس الشيوخ بأن يسمى شيخه الذي سمع منه بغير اسمه المعروف أو ينسبه، أو يصفه بما لم يشتهر به، وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلاً ألا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث5.
__________
1 "مقدمة ابن الصلاح" ص130، و"شرح التبصرة والتذكرة" 1/144، و "تقريب النواوي" 1/295، و"فتح المغيث" 1/128، و"الخلاصة" ص65، و"تنقيح الأنظار"، وشرحه "توضيح الأفكار" 1/283.
2 "تقريب النواوي"، ومعه "التدريب" 1/194، و "فتح المغيث للسخاوي" 1/100، و"اختصار علوم الحديث" ص47، و "تنقيح الأنظار" معه "توضيح الأفكار" 1/265.
3 "الكفاية" ص258، و "مقدمة ابن الصلاح" ص 144، و "فتح المغيث للسخاوي" 1/149، و"معرفة علوم الحديث" ص 27، و"توضيح الأفكار" 1/323.
4 "فتح المغيث للسخاوي" 1/151، و"تدريب الراوي" 1/211، و"الاقتراح" لابن دقيق العيد ص192.
5 انظر: الحديث عن "المدلس" في: "محاسن الاصطلاح" ص167، و"التقييد والإيضاح" ص95، و"الخلاصة" ص74، و"فتح الباقي" 1/179، و"تدريب الراوي" 1/223، و"فتح المغيث للسخاوي" 1/169.(1/9)
الغريب1: ما انفرد راوٍ بروايته أو برواية زيادة فيه عمن يجمع حديثه، وينقسم إلى:
غريب صحيح كالأفراد المخرجة في "الصحيحين".
وغريب ضعيف: وهو الغالب على الغرائب.
وغريب حسن وفي "جامع الترمذي" منه الكثير.
الشاذ2: ما خالف الراوي الثقة فيه من هو أوثق منه بزيادة أو نقص، والشدوذ يكون في السند، ويكون في المتن.
المنكر3: الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه، فلا تابع له ولا شاهد.
المضطرب4: ما روي من أوجه مختلفة متدافعة على التساوي في الاختلاف من راوٍ واحد.
الموضوع5: هو الذي في إسناده راوٍ واحد أو أكثر ثبت عليه أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمى المختلق، وتحرم روايته مع العلم به إلا مبيناً.
والمعلل: هو حديث ظاهره الصحة، ولكن تدخله علة، وهي عبارة عن سبب غامض خفي قادح مع أن الظاهر السلامة منه.
والمدرج: وهو ما يدخله الراوي على الأصل المروي متصلاً به، سواء كان الاتصال بآخر المروي، أو بأوله، أو في أثنائه دون فصل بذكر قائله، بحيث يلتبس على من لم يعرف الحال، فيتوهم أن الجميع من ذلك الأصل المروي.
وها هنا مسألة هامة تحرض لها أصحاب هذا الفن، فطال فيها نزاعهم، ألا وهي: "قبول الحديث الضعيف في فضائل الأعمال".
قال الحافظ العراقي في "شرح ألفية الحديث"6.
__________
1 "التقييد والإيضاح" ص273، و"تدريب الراوي" 2/180، و "اختصار علوم الحديث" ص166، و"الخلاصة" ص51، و"نزهة النظر" ص27.
2 "معرفة علوم الحديث" ص 119، و"التقييد والإيضاح" ص 100، و "فتح المغيث للسخاوي" 1/185، و"تدريب الراوي" 1/232، و"توضيح الأفكار" 1/377.
3 "اختصار علوم الحدث، ص58، و"شرح التبصرة والتذكرة" 1/197، و"فتح المغيث للسخاوي" 1/190، و"تدريب الراوي" 1/238، و"توضيح الأفكار"، 2/3.
4 "شرح التبصرة والتذكرة" 1/240، و"اختصار علوم الحديث والباعث الحثيث" ص72، و "فتح المغيث للسخاوي" 1/221، وتوضيح الأفكار 2/34.
5 "التقييد والإيضاح" ص130، و"فتح المغيث للسخاوي" 1/234، و"تدريب الراوي" 1/274، و"مقدمة ابن الصلاح" ص212.
6 2/291 ط فارس.(1/10)
أما غير الموضوع فجوزوا التساهل في إسناده، وروايته من غير بيان ضعفه إذا كان في غير الأحكام والعقائد، بل في الترغيب والترهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوها، أما إذا كان في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وغيرهما أو في العقائد؛ كصفات الله تعالى وما يجوز في حقه وما يستحيل عليه ونحو ذلك فلم يروا التساهل في ذلك، وممن نص على ذلك من الأئمة، عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وعبد اللَّه بن المبارك وغيرهم، انتهى.
وقال النووي في "التقريب" قريباً من ذلك.
وذكر له شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون الضعيف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
والثاني: أن يندرج تحت أصل معمول به.
والثالث: ألا يعتقد قبل العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط، وقيل: لا يجوز العمل به مطلقاً1، وقيل: يعمل به مطلقاً2 اهـ.
قال ابن حجر الهيثمي3: قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير.
وقد احتج بعضهم بالحديث الضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره كأحمد بن حنبل، وتبعه أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عند أبي حنيفة أيضاً ذلك، وإن الشافعي يحتج بالحديث المرسل إذا لم يجد غيره، وكذلك إذا تلقت الأمة الحديث الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح وجوباً حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به، ولهذا قال الشافعي في حديث: "لا وصية لوارث" 4: إنه لا يثبته أهل الحديث، ولكن
__________
1 وممن ذهب إلى هذا المذهب القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي.
2 نقله السخاوي في "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" ص195.
3 "الفتح المبين في شرح الأربعين" ص 32.
4 أخرجه: من حديث أبي إمامة أخرجه أبو داود في "السنن" 3/290، 291، وكتاب الوصايا: باب ما جاء في الوصية للوارث "2870" وأخرجه الترمذي في "السنن" 4/432، كتاب الوصايا: باب ما جاء "لا وصية لوارث" 2120" وأخرجه ابن ماجة في "السنن" 2/905 كتاب الوصايا: باب لا وصية لوارث "2713"، وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 8/159، 160 "7615"، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/264 كتاب الوصايا: باب نسخ الوصية للوالدين، وأخرجه أبو داود الطيالسي في "المسند" ص154، وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 9/48، 49، كتاب الولاء: باب تولي غير مواليه "16306"، وأخرجه أحمد في "المسند" 5/267. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 428، وذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" "2908".(1/11)
العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية1.
__________
1 قال الإمام اللكنوي بعد حكاية الخلاف المذكور: "هذه العبارات ونحوها الواقعة في كتاب "الثقات" تشهد بتفرقهم في ذلك، فمنهم من منع الحمل بالضعيف مطلقاً، وهو مذهب ضعيف، ومنهم من جوزه مطلقاً، وهو توسع سخيف. ومنهم من فصل وقيد، وهو المسلك المسدد". من "الأجوبة الفاضلة" ص 53.(1/12)
قول الصحابي: أمرنا، أو نهينا، أو من السُّنة
الصحابة: هم الذين تلقوا السنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فإذا أخبر أحدهم بأنهم أُمروا، أو نُهوا، أو من السنة كذا، فإما أن يصرح بالآمر، والناهي، وصاحب السنة، وحينئذٍ فلا إشكال ولا خفاء.
ومثاله في الأمر: ما أخرجه الترمذي "عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عام "الفتح" "مر الظهران" فآذننا بلقاء العدو، فأمرنا بالفطر، فأفطرنا أجمعون ... ".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومثاله في النهي: ما أخرجه الترمذي، عن علي بن أبي طالب قال: نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لبس المعصفر ... " قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومثاله في السنة: قول ابن عباس في متعة الحج: سنّة أبي القاسم.
وقول عمرو بن العاص في عدة أم الولد: لا تلبسوا علينا سنّة نبينا ... . رواه أبو داود.
وقول عمر في المَسْحِ: أصبت السُّنة ... صححه الدَّارقطني في "سننه".
وهذه مراتب متفاوتة في قربها من الرفع- بعضها من بعض- فأقربها: سنة أبي القاسم: ويليها سنة نبينا، ويليها: أصبت السنة.
غاية الأمر: أنه اختلف في الأمر والنهي، إذا صرح بأنه أمر الرسول ونهيه، هل يكون حجة أَوْ لا؟
فقال الجمهور: نعم.
وحكي عن أبي داود، وبعض المتكلمين: إنه لا يكون حجة؛ حتى ينقل لفظه.
وحجة الجمهور: أن الصحابي عدل عارف باللسان؛ فلا يطلق الأمر والنهي إلا بعد التحقق منه.(1/12)
وقال المانعون: إنه يتطرق إليه احتمالات ثلاثة:
الأول: في سماعه؛ كما في قوله قال: والرد عليه أنه مرسل الصحابي حجة كسماعه.
الثاني: في الأمر والنهي: إذ ربما يرى ما ليس بأمر أمراً، وما ليس بنهي نهياً.
والجواب: أنه لا يظن بالصحابي إطلاق ذلك، إلا إذا علم تحقيقاً أنه أمر بذلك، أو نهى عنه، وينضم إليه من القرائن ما يعرف كونه أمراً أو نهياً، ويدرك ضرورة قصده إلى الأمر والنهي.
أما احتمال بنائه على الغلط والوهم، فلا يصح أن يتطرق إنى الصحابة بغير ضرورة، بل يحمل قولهم وفعلهم على السَّلامة ما أمكن.
الثالث: في المأمور والمنهي؛ هل هو فرد بعينه، أو طائفة بعينها، أو سائر الأمة؟
والجواب: أن ذلك لا يخفى على الصَّحابي، وذكره في مقام الاحتجاج يرفع الاحتمال.
أما إذا لم يصرح الصحابي بالآمر، والناهي، ولا بصاحب السنة- فهناك يأتي الاحتمال الرابع، وهو: هل الآمر، أو الناهي، أو صاحب السنة- هو رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً، أو غيره؛ فلا يكون مرفوعاً؟.
فقال الجمهور: هو مرفوع.
وقال فريق منهم أبو بكر الإسماعيلي: ليس بمرفوع.
وقيل: محل الخلاف إذا لم يكن القائل هو الخليفة الأول: أبو بكر رضي الله عنه.
قول الصحابي: كنا نفعل كذا، أو نقول كذا، أو نرى كذا.
قول الصحابي ذلك: إما أن يضيفه لعهد رسول صلى الله عليه وسلم أو لا؟.
فإن أضافه لعهد الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يخلو: إما أن يكون هناك تصريح بإطلاعه أولاً:
فإن كان هناك تصريح بإطلاعه؛ كما رواه الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عمر: كما نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ: "أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان"، ويسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، فمرفوع إجماعاً، والحديث في "الصحيح" بدون التصريح المذكور.
وإن لم يكن هناك تصريح بإطلاعه؛ كحديث جابر: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- أخرجه الشيخان.
وكقوله: كُنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول صلى الله عليه وسلم رواه النسائي وابن ماجة -فثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنه مرفوع؛ وهو مذهب الجمهور.
المذهب الثاني: أنه موقوف؛ وهو مذهب الإمام أبي بكر الإسماعيلي.
المذهب الثالث: فإن كان ذلك الفعل مما لا يخفى غالباً- كان مرفوعاً، وإلا كان موقوفاً؛ وبهذا قطع أبو إسحاق الشيرازي.(1/13)
العناية بالرواية والحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول خالد بن يزيد فيما رواه البيهقي: حرمة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كحرمة كتاب الله وكان أبو سعيد الخدري يقول: مذاكرة الحديث أفضل من قراءة القرآن.
تال السيوطي في "مفتاح الجنة": وهذا كما قال الشافعي: "طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، لأن قراءة القرآن نافلة، وحفظ الحديث فرض كفاية.
وقال ابن المبارك في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي على أمر اللَّه ... " الحديث1: "هم عندي أصحاب الحديث".
وقد صدق هؤلاء فيما قالوه: إن أصحاب الحديث خير الناس وكيف لا يكونون كذلك، وقد نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم، وجعلوا غذاءهم الكتابة وسحرهم المعارضة، واسترواحهم المذاكرة، وخلوقهم "أي طيبهم الذي يتطيبون به" المداد، ونومهم السهاد يصطلون الضياء، ويتوسدون الحصى، الشدة عندهم مع علو الإسناد رخاء، أولئك هم العلماء الحكماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء.
__________
1 أخرجه: البخاري 1/197 كتاب العلم: باب "من يرد به الله خيراً" "71"، وفى 6/250 كتاب الخمس باب قول الله {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] 3116، وفي 13/306، كتاب الاعتصام باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال من أمتي ظاهرين على الحق.."، "7312"، ومسلم 2/718-719، كتاب الزكاة: باب النهي عن المسألة "98/1037".(1/14)
الرحلة في طلب الحديث
يعتبر الحديث النبوي الشريف المصدر الثاني للإسلام، لذلك أعطاه العلماء غاية اهتمامهم، وبذلوا من أجل الحديث وأسانيده كل ما في وسعهم حتى رحلوا المسافات البعيدة على بعد الشقة وعظم المشقة، طلباً للحديث، وبحثاً عن أسانيده؛ بل عن إسناد الحديث الواحد. امتثالاً لأمر الله تعالى، وتحقيقاً لما حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة نبيه.
فمن الكتاب قوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] ومن الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "من سلك(1/14)
طريقاً يلتمس فيه علماً سهل له به طريقاً إلى الجنة" 1 وقبل أن أبين أهداف الرحلة عند المحدثين يجدر بي أن أقف عند قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" ووجه الاستدلال أن هذه المساجد الثلاثة مساوية لسائر المساجد في المسجدية، فما ميزها عن سائر المساجد بشد الرحال إليها، وطلب زيارتها للعبادة فيها إلا أنها مباني النبيين ومعاهدهم، وأمكنة غالب عبادتهم وإرشاداتهم عليهم الصلاة والسلام، فإذا طلبت زيارتها بهذا الحديث كانت زيارة أصحابها أولى2 بالطلب وأحق بشد الرحال إليها، وهذا الاستدلال من قبيل الاستدلال بمفهوم الموافقة الذي هو أولى كما يقول الأصوليون، وذلك أمر واضح لمن نور الله بصيرته، ومن فهم من هذا الحديث منع شد الرحال لزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم أو زيارة القبور فقد وهم وما فهم. ويدخل تحت "شد الرحال" طلب العلم والرحلة لطلب الحديث للتأكد من صحة متنه أو لعلو إسناده أو لمثانته، ويدخل تحت هذا المعنى الهجرة لهذه الأسباب لقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] كما أن الاستثناء المفرغ كما في هذا الحديث يجب أن يكون فيه المستثنى من جنس المستثني منه القريب أو البعيد والقريب أولى بالتقدير؛ فالمعنى لا تشد الرحال إلى مسجد أو إلى أي مكان، والزيارة أو الرحلة في طلب العلم لا تدخل في واحد منهما حتى يتوجه النفي إليها.
وقال الحافظ العراقي: من أحسن محامل هذا الحديث أن المراد منه حكم إلى مساجد فقط، وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة أي لكونها أبنية الأنبياء. وأما قصد غير المساجد من الرحلة في طلب العلم وزيارة الصالحين والإخوان والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلاً فيه، وقد ورد ذلك مصرحاً به في رواية أحمد ولفظه: "لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" 3.
وقال الشيخ تقي الدين السبكي: ليس في الأرض بقعة لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة، وأما غيرها من البلاد؛ فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو
__________
1 من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم 4/2074 في كتاب الذكر والدعاء: باب "فضل الاجتماع على تلاوة القرآن"، حديث "38/2699"، وابن ماجة باب "فضائل العلماء والحث على طلب العلم" حديث "225".
2 الزيارة الشرعية المنصوص عليها في الكتب الصحيحة- معاذ الله! - أن نبيح الطواف بالقبور والتبرك بها وشد الرحال إليها تعبداً.
3 من حدث أبي سعيد الخدري أخرجه أحمد في "المسند" 1/64، وانظر كلام الشيخ الألباني على الحديث في "إرواء الغليل" 3/230.(1/15)
جهاد أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات. إذا فهمت ذلك، تجلت لك أهداف الرحلة عند المحدثين، واتضحت لك فيما يلي:
1- تحصيل الحديث: وذلك من أهم أسباب الرحلة خصوصاً في العهود الأولى للإسلام، ومنه جاءت رحلات الصحابة والتابعين وتفرقهم في الأمصار.
وقد كان الخلفاء رضي الله عنهم يرسلونهم إلى البلاد دعاة ومعلمين كابن مسعود في العراق وأبى الدرداء في الشام.
وانتشر علم الصحابة في التابعين، وتفرق بينهم فاحتاج العلماء إلى تحصيله من صدور حملته مباشرة استكمالاً لعلم السنّة النبوية فضربوا المثل العليا حتى رحلوا في طلب الحديث الواحد.
2- التثبت من الحديث: وهو مقصد الصحابة رضي اللَّه عنهم في رحلاتهم والتابعين، وقد يكون عند المحدث أحاديث يرويها فإذا رحل سمع أحاديثه بأسانيد تلتقي مع إسناده وتتفق مع رواياته أو معناها فيطمئن المحدث، ويتقوى الحديث عنده إن كان فيه ضعف بتعدد الطرق أو يزداد صحة إن كان من قبل صحيحاً أو يسقط حديثاً كان يظن قبل رحلته صحيحاً.
3- طلب العلو في السند: ومعنى العلو قلة الوسائط في سند الحديث مع اتصال السند، وكيفية حصول العلو بأن يسمع المحدث حديثاً من راوٍ عن شيخ موجود فيذهب المحدث إلى الشيخ ويسمعه منه مشافهة فيقل بذلك عدد وسائط النقل في السند1.
4- البحث عن أحوال الرواة: معرفة أداء الراوي للحديث هو المقصد الأسمى الذي عليه مدار هذا العلم، ومن أجله بذلت كل الجهود، ووضعت قواعد النقد فكان لا بد من تقصي أحوال الرواة وأخبارهم حتى يتميز المقبول من المردود.
5- مذاكرة العلماء في نقد الأحاديث وعللها: وهو فن جليل يحتاج إلى عمق النظر، وتقصي الأسانيد والروايات وذلك لا يتم إلا بالمجالسة والمدارسة، ولقاء أساتذة هذا الفن وأساطينه.
قال الخطيب البغدادي: ولو كان المتصل والمرسل واحداً لما ارتحل كتبة الحديث، ولما تكلفوا مشقة الأسفار، وشد الرحال إلى ما بَعُدَ من الأمصار والأقطار للقاء العلماء والسماع منهم.
__________
1 انظر: "الرحلة في طلب الحديث" بتحقيق نور الدين عز 12 وما بعدها.(1/16)
من فوائد الترحال التنقل إلى البلدان والأقطار
يقول العلامة ابن خلدون في مقدمته: "الرحلة في طلب العلم، ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم"1.
ولعل في هذه العبارة الموجزة ما يفيد أن الرحلة تزيد في المعارف، ومنها تكتسب الأخلاق، وتنتحل المذاهب والآراء إما علماً وتعليماً، وإما محاكاة وتلقيناً، ولعل أقوى مثال في ذلك ما وافانا به الإمام الشافعي في رحلته من العراق إلى مصر من مذهب جديد يختلف في مسائل جوهرية كثيرة عن مذهبه القديم؛ فالرحلة لا بد منها في طلب العلم لاكتساب الفوائد، والكمال بلقاء المشايخ، وتكوين الشخصية العلمية المستقلة التي يمكن أن تتجدد وتبتكر في إطار الهدف المنشود، والغرض المقصود.
كما أن من أسمى غايات الرحلة نشر العلم فليس الغرض منها الاستفادة من الغير فحسب، وإنما إفادة الغير أيضاً فيعلم من يلقاهم مما أفاض الله عليهم من الفن الذي تخصص فيه فتعظم مكانته بينهم، ويكثر الانتفاع بحكمته، بل إن أحدهم ليستصغر البلد الذي ينزل فيه على علمه فيرحل إلى بلد يسعه علمه الغزير؛ كما فعل العز بن عبد السلام فرحل من الشام إلى مصر.
وقد تكون الرحلة للالتقاء بأحد الصالحين الذين ذاع صيتهم وانتشر في الآفاق كرحيل موسى إلى الخضر، ولا يفوتنا في هذا المقام مالك بن أنس إمام دار الهجرة التي كانت تضرب إليه أكباد الإبل بالمدينة المنورة للتلمذة على يديه وعلى رأسهم الشافعي بن إدريس المطلبي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن من فوائد الرحلة كسب صداقات جديدة قائمة على تبادل الخبرات والثقافات؛ كالتقاء الشافعي بابن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة بالعراق.
ومن آداب الترحال تزود المترحل من علماء بلده قبل أن يخرج إلى بلد غير بلده، فإذا فرغ من التلقي من علماء بلده سلك السبيل إلى غيرهم في الآفاق.
كما أن من آدابها اختيار الأماكن، واستشارة علماء بلده في هذه الأماكن قبل الرحيل إليها والتعرف على الفضلاء من علمائها.
وألا يكون عاصياً بالسفر2 إلى هذه البلاد فإن البلاد فإن ذلك مما يحرم عليه الرخص، التي أباح الله له من قصر الصلاة وجمعها والفطر بدلاً من الصوم وغير ذلك.
__________
1 "مقدمة ابن خلدون" ص 632.
2 لأن الرخص لا تناط بالمعاصي، هذا عند الشافعي، بل يرى الأحناف ومن وافقهم إباحة الترخص له، ولكن عند الشافعي نقول للعاصي: تب وارجع إلى ربك ثم ترخص.(1/17)
مرتبة السنة من الكتاب
الذي لا يختلف عليه اثنان أن الكتاب يتميز عن السنة لفظاً وإعجازاً وتعبداً بالتلاوة، لكنها تساويه من حيث الحجية والاستدلال بأنها تبيان الكتاب؛ فلا تتأخر عنه في هذا المقام. وكيف لا، وهي وحي مثله لأنها قد نزلت على من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وهي المعنية بقوله صلى الله عليه وسلم: "أوتيت القرآن ومثله معه" يعدد ومثله معه مرات عديدة.
إن إهدار حجية السنة إهدار للآيات التي نصبت على حجيتها: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر: الآية 7] .
وخلاصة القول في ذلك: أن كلاًّ منهما معضد للآخر، مساوٍ له في أنه وحي من عند الله، وفي قوة الاحتجاج به قال صلى الله عليه وسلم: "نزلت فيكم ما إن تمستكم به لن تضلوا بعده كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض" 1 والله أعلم.
__________
1 انظر بحثنا عن هذا الموضوع في كلامنا على "فتح العلام " للشيخ زكريا الأنصاري. والحديث أخرجه: ابن ماجة مقدمة باب 16، والحاكم في "المستدرك" 1/91، من حديث العرباض بن سارية.(1/18)
حجية السنة
لا نزاع في أن صحة الاستدلال بحديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقيدة دينية أو حكم شرعي يتوقف على أمرين أساسيين:
أولهما: ثبوت أن السنة حجة وأصل من أصول التشريع.
ثانيهما: ثبوت ورود هذا الحديث بطريق من طرق الرواية المعتمدة.
ثم إن العلماء اختلفوا بالنسبة للأمر الثاني في الطريق التي تعتمد في إثبات صدور الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلافاً كبيراً.
فمن الناس من أنكر العمل بكل ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من حيث صدورها عنه، وأن ما صدر ليس بحجة، ولكن من حيث عدم ثبوت هذا الصدور من طريق يصح الاعتماد عليه والاطمئنان إليها.
وهذا الفريق من الناس ذكره السيوطي في كتابه "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة"1. ومنهم من قال: إنما يثبت بالتواتر فقط ورد جميع أخبار الآحاد.
__________
1 ص 3 من الكتاب المذكور، وانظر بحثنا عن "حجية السنة" في "فتح العلام" للشيخ زكريا الأنصاري.(1/18)
وفريق ثالث: أثبته بكل منهما "التواتر والآحاد" وهذا الفريق اختلف في شروط خبر الواحد اختلافاً كثيراً.
وأما الأمر الأول: وهو حجية السنة بعد التثبت من صدورها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل وقع فيه خلاف.
الذي لا شك فيه أن موجبات الخلاف اختلاف الملل والنحل وتفاوت العقول؛ فهذا قد قصر عقله عن إدراك ما يقال وما يفعل، وهذا قد اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم، وثالث قد مرق من الدين مروق السهم من الرمية، وبين هؤلاء وهؤلاء الغارقين في ظلمات الجهل وعماية الفهم يشق النور طريقه مخترقاً ذلك الظلام الدامس، فسرعان ما يبدده بتفنيد هذه الآراء والتمييز بين المتعالمين والعلماء بحجج قاطعة وبراهين ساطعة يرتاح إليها المصنفون، وينزعج لتبيانها المبطلون.
فحجية السنة ليس المراد منها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته لذاتها، بل من حيث صدورها ممن ثبتت رسالته وعصمته.
فإذا قلنا: إنها ضرورة دينية أي إنها أصبحت معلومة للخاص والعام: العالم والجاهل، ولكل أفراد الأمة الإسلامية: لا ينكرها منكر، ولا يشك فيها شاك حتى يطالبنا ببيان دليلها وأصلها، فلما لم نحتج إلى بيان دليل لمنكر لها كصلاة الظهر مثلاً وأنها أربع ركعات صارت بمنزلة القضايا الضرورية حقيقة؛ ولذلك كان الحكم على منكرها أو الشاك فيها بالردة لما تقرر من أن الإيمان هو التصديق القلبي في جميع ما علم مجيئه على يد النبي صلى الله عليه وسلم بالضرورة.
وخلاصة القول أن الأئمة قاطبة مجمعون على اتّخاذ الحديث الصّحيح قاعدةً أساسيّة بعد كتاب الله تعالى، وأنّه يجب العمل به في القضاء والإفتاء، ولو خالف مذاهبهم.
كان بعضهم يعتصم بالحديث حتى كاد يُقصر اجتهاده عليه، وبعضهم أسّس مذهبه على ظاهره، وأنكر ما عداه، ولا غرابة، فإنّه المعين الذي لا ينضب بعد كتاب الله، فيه يجد المجتهد مجالاً واسعاً لاستنباط الأحكام، وهو مفتاح القرآن، ومرقاة الوصول إلى فهمه على وجهه، فقد فضّل ما أجمل وأحكم ما تشابه، وكمّل ما سكت عنه، وإذا كان الحديث بهذه المثابة فلا بأس أن نسرد أقوال الأئمّة فيه، ونبيّن مقدار تمسّكهم به في تشريعهم فها هو الإمام الشافعي- رضي الله عنه- يقول: إذا صح الحديث، فهو مذهبي، وإذا وجدتم في كتابي خلاف سنّة رسول الله، فدعوا قولي، وقولوا بسنّة رسول الله، وقد سلك أصحابه هذا المَسلك، فكانوا يُفتون بالحديث، بل كان بعضهم إذا رأى مسألة تعارض فيها الحديث ومذهب الشافعيّ، أخذ بالحديث وأفتى به قائلاً: "هكذا مذهب الشافعي".(1/19)
وجاء في "شرح الهداية" لابن الشحنة: "إذا صحّ الحديث، وكان مخالفاً للمذهب عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهب من صحّ عنده". ثم قال: ولا يخرج مقلّده عن كونه حنفيّاً بالعمل به؛ لما رُوي عن أبي حنيفة أنه قال: "إذا صحّ الحديث، فهو مذهبي"، وقد حكى ذلك ابن عبد البَرِّ عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة.(1/20)
آراء بعض المستشرقين في السنّة ونقدها
يرى جولد تسهير أن أكثر الأحاديث النبوية موضوعة؛ لأنها نتيجة للتطور الإسلامي السياسي والاجتماعي، وأن الصحابة والتابعين لهم يد في وضع هذه الأحاديث.
كما يرى أن أصحاب المذاهب ينتحلون أحاديث لدعم مذهبهم، بل إن بعضهم عزز آراءه الفقهية حتى في العبادات بأحاديث باطلة.
وأخيراً يصور الكتب الستة الصحاح بأنها ضم لأنواع من الأحاديث التي كانت مبعثرة رأى جامعوها أنها صحيحة.
كما يظن اختلاف وجهات نظر النقاد المسلمين والأجانب في التسليم بصحة الأحاديث من عدمها.
تلك هي النقاط الخمسة التي خرجت رجيعاً من الأمعاء السبعة التي يأكل فيها هذا الكافر الحاقد، وهي أتفه من أن أفندها أو أناقشها، فإن مثل هذا الحاقد ومن على شاكلته خير من إجابته السكوت؛ لأن أصل فريتهم يتناول جانبين أساسيين:
أحدهما: أن النبي محمداً أحد المصلحين الذين كانوا لهم تأثير في مجتمعهم، وما زالت يده الإصلاحية ممتدة على مر السنين والأيام، فكل ما أتى به من اختراعه وابتكاره ليس وحياً إليه من ربه.
والأمر الثاني: أن أصحابه كانوا من خيرة معاونيه على تدعيم وجهات نظره واستكمال منهجه حتى مكن الله لهم في الأرض، وأن السيف كان أداتهم في تدعيم آرائهم ومعتقداتهم.. تلك هي خلاصة ما يروونه في الإسلام ونبي الإسلام فيما يبدونه من آراء، ولكن الحق أن هؤلاء إن لم يكونوا من اليهود فهم على كل حال من سلالة القردة والخنازير {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 146] وهذا هو باطنهم الذي لم يستطيعوا أن يجهروا به حتى لا يفلت زمام السيطرة والجاه الزائف والسلطان الكاذب من بين أيديهم.
ولعلك توافقني أيها القارىء الكريم بعد أن عرفت هذه الحقيقة الدامغة أن نسكت معاً عن الخوض في قضية تقوم المناقشة فيها على المصادرة على آرائنا والكبر والمعاندة والمجادلة(1/20)
والجواب الجدلي السفسطائي من جهتهم.
وقد تبع هؤلاء بعض المسلمين من أمثال أحمد أمين صاحب "فجر الإسلام" الذي إن صح التعبير قلت: هو "غروب شمس الإسلام" على يد هذا المؤلف البالغ الجرأة على الله ورسوله، وغيره ممن يظن أنهم لهم قدم وباع في التجديد والتطوير والتنوير، وأقل ما يقال في مثل هؤلاء [من البسيط] :
إن التطور في شيئين منحصر ... الفسق أوله والكفر آخره(1/21)
مكانة السنّة في القرن الثالث 1
كان لظهور الاعتزال في القرن الثالث الهجري على يد واصل بن عطاء أثر كبير في نشأة الخلاف بين هذه الفرقة وأهل السنّة تناول كثيراً من الجوانب العقدية التي قررت أصولاً هي أبعد ما تكون عن مذهب الحسن البصري وغيره من السلف، وكانت أشهر قضايا هذه الفرقة القول بنسبة خلق أفعال العباد لأنفسهم لا لله، فوجب على الله إثابتهم أو عقابهم خلافاً لما قاله أهل السنّة من أن الله خالق الأفعال وليس للخلق منها إلا الكسب أو الاكتساب بناء على اختيارهم.
والثانية: تنزيه الله عن ثبوت صفات قائمة لذاته- في نظرهم- كالسمع والبصر والحياة والقدرة والكلام؛ خوفاً من تعدد القدماء ولم يعلموا أنها صفات قائمة بذاته تعالى ليست هي عين ذاته ولا غيرها.. مما أدى إلى قولهم بخلق القرآن.
ولقد كان سلطان المقل هو القوة المسيطرة عليهم في كثير من العقائد والأحكام حتى تجرأوا على الأحاديث النبوية بردها إذ لم يجدوا لها تأويلاً تستسيغه عقولهم.
والحق أن ظهورهم على الساحة الإسلامية كان في وقت ظهرت فيه موجات من الإلحاد، وبدا فيه اللسان الأعجمي بعد كثرة الفتوحات في الدولتين الأموية والعباسية وظهور الشعوبية وثورة الموالي إلى غير ذلك مما جعل الفكر الإسلامي يأخذ طريقاً يكاد يحيد عن الجادة في ظل هذه الظروف الجديدة.
وجاء القرن الثالث ليتيح فرصة لهؤلاء المتكلمين على يد الخليفة المأمون "198-218" للدخول في معركة وحشية بينهم وبين المحدثين.
كما أن حب المأمون للعلم وذكاؤه الخارق كان سبباً في جمع العلماء على مائدة العلم وإن
__________
1 ونخص هذا القرن والذي يليه بالحديث نظراً لانقراض عصر الصحابة والتابعين، وظهور البدع وانتشار الكذب في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيام علماء الحديث بالذب عن المصدر الثاني للتشريع.(1/21)
تنافرت أفكارهم وتعددت آراؤهم حتى صار عصره أزهى عصور العلم في خلافة بني العباس.
كان يعقد مجالس المناظرة بين الطرفين المتخاصمين تجلت فيها المصادرة والمكابرة لا لإظهار الصواب وإلزام الخصم ولكن لبيان الفضل، كما ظهرت المعاندة والمجادلة والأجوبة الجدلية، وكان المأمون ينحاز إلى المعتزلة في بعض آرائهم كالقول بخلق القرآن ... تلك الفتنة التي أثارها مثلث الاعتزال وهم الجعد بن درهم وجهم بن صفوان وبشر المريسي.
وظن المأمون بذلك أن رأيه سيكون موضع استجابة من العلماء والفقهاء وكان جاء الأمر على غير ما توقع من رميه بالخداع حتى وصل الأمر في بعض المغالين بتكفير من يرى أن القرآن مخلوق، وتأول آيات "الجعل" في القرآن أنها تفيد الخلق، وما على تعدد معاني هذا اللفظ الذي قد يرد بمعنى التسمية كذباً كقوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] أي سموه كذباً. وقوله: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} [الزخرف: 19] وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} [النجم: 27] وقد تأتي بمعنى "أوجد" وتتعدى إلى مفعول واحد، والفرق بينها وبين الخلق أن الخلق فيه معنى التقدير، ويكون ذلك عن عدم سابق حيث لا يتقدم سبب محسوس ولا مادة؛ كخلاف الجعل بمعنى الإيجاد. قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام:1] وإنما الظلمات والنور توجد بوجودها وتعدم بعدمها.
وقد ترد بمعنى النقل من حال إلى حال والتصيير، فتعدى إلى مفعولين إما حساً؛ كقوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً} [البقرة: 22] وإما عقلاً، كقوله تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [ص: 5] .
وقد تؤدى معنى الاعتقاد؛ كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} [لأنعام: 100] .
وقد تفيد الحكم بالشيء على الشيء حقاً كان أو باطلاً فالحق كقوله: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7] والباطل؛ كقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً} [الأنعام: 136] 1.
تبنى المأمون محنة القول بخلق القرآن وجند لها أخاه المعتصم الذي كان يطلب إلى المعلمين أن يعلموا الصبيان أن القرآن مخلوق وقتل فيها من العلماًء من قتل، وأهين من أهل الحديث من أهين لا سيما الإمام أحمد بن حنبل، وروج لسوق الفتنة الواثق بعد المعتصم الذي كان يختبر الأئمة والمؤذنين في القول بخلق القرآن، ويظهر الغلظة لمن قال
__________
1 انظر: "مناع القطان/مباحث في علوم القرآن" 213 مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية 1981.(1/22)
بغير هذا بل وقتل في ذلك بعض رجال الحديث، وإذا أراد الله بالأمير شراً جعل له وزير سوء فكان عامل الواثق أحمد بن أبي دؤاد أحد رءوس الاعتزال الذي خذله أحد رجال الحديث في مناظرة ألجمته عن التمادي في الباطل وأرجعت الواثق عن رأيه بعد اقتناعه بوجهة نظر شيخ المحدثين وقتذاك.
وكان نصر الله للمحدثين على يد المتوكل بن المعتصم الذي استقدم المحدثين، وأجزل عطاياهم وأطلق ألسنتهم، فتحدثوا بأحاديث الصفات والرؤيا، فاستراح الناس لهذا الخليفة الذي أحيا السنّة وأمات البدعة1.
ولكن أقطاب الاعتزال لم تهدأ نفوسهم فما زالوا يطلقون ألسنتهم بالسوء ويرمونهم بالنقائص والعيوب، وظهرت الفرق على الساحة الإسلامية فأطل الخوارج برءوسهم يتأولون الأحاديث التي ينتصرون بها لمذهبهم، ومن عجب أن زعماء الاستشراق ينقلون هذه الخلافات المذهبية دون أن يمحوها لأنهم يحققون بذلك غرضاً أدناً في نفوسهم وهو الطعن على الإسلام ورجاله.
والحق أن رجال الحديث- رضي الله عنهم- كانوا على طريقة السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم يحتاطون لأمر دينهم ويتشددون في رواية السنة، ويقفون مع ظواهر النصوص بمعنى إقرار المحكم والوقوف عند المتشابه حتى لا يجرهم ذلك إلى تأويلات ربما تسرب إليها الفساد فيدخلون تحت قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] .
وقد وجد منهم في هذا العصر أئمة كبار وحفاظ عظام عرفوا الأحاديث وميزوا بين الصحيح والسقيم ونقدوا الرواة ووقفوا على أحوالهم، ووضعوهم في أماكنهم ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وإسحاق بن راهُويه وعليّ بن المديني وغيرهم.
والذي لا نستطع أن ننكره أنه قد يجتمع على مائدة الكرام قول لئام لم يدعوا إليها ولكنهم يجلسون متطفلين عليها فيزاحمون أصحاب الدعوة، وقد يدعون أنهم أقارب أصحاب الوليمة وقد يبالغون في دعواهم فيقولون بأنهم أصحابها. ومن هؤلاء من تطفلوا على مائدة المحدثين فجلسوا عليها دون رواية أو دراية، فكانوا وصمة عار في جبين المحدثين كالقصاص الملفقين والمرتزقين المتكسبين، والجهلة بأحكام الشرع والدين فيبثون الغرائب والمناكير فكان مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً.
وإنما سقت لك أيها القارىء الكريم هذا المثل من أدعياء الحديث الذين ضاق بهم ذرعاً
__________
1 انظر: "البداية والنهاية" 10/272 وما بعدها- "تاريخ الخلفاء" للسيوطي/204- "تاريخ الأمم الإسلامية" للخضري/279.(1/23)
أرباب هذا الفن النادر حتى قال شعبة: كنت أفرح بهذه النخبة من الرجال فصرت اليوم ليس شيء أبغض إليّ من أن أرى واحداً منهم، يقول ابن عتبة موجهاً كلامه لهؤلاء: "لو رآنا عمر وإياكم لأوجعنا ضرباً".
وقد ضربت لك مثلاً من المبطلين لتعرف المحقين وليتميز الخبيث من الطيب والغث من السمين، ولتعلم أن أعداء الإسلام يريدون أن يقبحوا وجه الإسلام ويشوهوا صورته من خلال هذه الفئة الدخيلة على كل فن من فنون العلم، وكل شعبة من شعب هذا الدين الذي اختاره اللَّه لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة.
هذه عجالة فيما يقال عن أهل الحديث، أما المتكلمون الذين قدموا العقل على الشرع حتى تطرفوا في تأويل النصوص متبعين ما تشابه منها، فقد أعرضوا عن كتب السنّة والتهموا كتب الفلسفة اليونانية يعتبرون أرسطو وأفلاطون وسقراط مثلاً عالياً لفكرهم حتى جرهم ذلك إلى طعن بعض الصحابة منتهزين فرصة قربهم من الخلفاء، وأخذهم بزمام الوزارة والقضاء، فانتقموا من جمهور الأمة عامة ومن أهل الحديث خاصة، ولا يغرنك ما ترى من اجتماعهم في ظاهر صورتهم، فإن الباطل ظلمات متعددة والحق نور واحد لا يتعدد كذلك تراهم مختلفين فيما بينهم فيكفر بعضهم بعضاً، ويفسق أو يبدع كل منهم من خالفه {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: 14] وهكذا تراهم قد اكتالوا بالكيل الذي كالوا به لغيرهم فرد الله كيدهم في نحورهم ولم تقم لهم قائمة من ذلك الوقت إلى يومنا هذا ففي مثل هؤلاء وهؤلاء من الفرق المارقة قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر عشرين مرة: "كلما خرج منهم قرن قطع" 1 يكررها على مسمع من هذا الصحابي الجليل.
وخلاصة القول في قضية خلق القرآن أن ما بين دفتي المصحف مخلوق حيث الطاعة والكتابة والقراءة بألسنة الخلق، والألفاظ التي تتلى بأصواتهم، أما القرآن فهو كلام الله وكلام اللَّه صفة وصفته قديمة بقدمه سبحانه- فكيف يخلق صفة من صفاته وقد اتصف بها ليست عين ذاته ولا هي غيره تعالى الله عن ذلك كله علواً كبيراً، ولعلك أيها القارىء وقفت على رأي أهل السنّة والجماعة فيما أوضحته لك بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة حتى لا يلتبس عليك الأمر أو يغرنك قول خصم غرّ أرشدني اللَّه وإياك.
__________
1 أخرجه: ابن ماجة مقدمة 12/حدث 174، وأحمد في "المسند" 2/84.(1/24)
ردة مقنعة
لا يفوتنك أيها القارىء المنصف أن الدولة العباسية قامت على أكتاف الفرس موطن التشيع وظهور الملحدة وبروز الشعوبية وثورة الموالي، وكان من هؤلاء من تطاول على(1/24)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدث عنه ما لم يقل ولم يبال بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ معتمداً فليتبوأ مقعده من النار" 1 ومما ساعد على فشو الزندقة في القرن الثالث شيوع الأبحاث الفلسفية، وكثرة الجدل في المسائل الأساسية في الدين، وإسناد السلطة إلى الموالي من الفرس الذين أظهروا مذاهبهم القديمة ومساندة من يتظاهر بها، وبدت تعاليم المجوسية تطل برأسها، والمانوية والقول بالتجسيم على يد الكرامية الذين زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المجسم المبتدع الراحل من خراسان إلى الشام محمد بن كرام: "يجيء في آخر الزمان رجل يقال له: محمد بن كرام يحيي السنّة والجماعة هجرته من خراسان إلى بيت المقدس كهجرتي من مكة إلى المدينة"2.
تلك هي آثار التعصب للجنس في وضع الحديث، وأظن أنه لا يخفى عليك ما تلمحه من خلالها من معاني الإلحاد في الدين والدعوة إلى التحلل من قيود الشريعة الإسلامية الغراء والتمرد على أحكامها تلك الملة الحنيفية السمحاء.
والحق أن الخلفاء العباسيين قد قاوموا هذه الحركة المتمردة أو الردة المقنعة فأخرسوا ألسنّة دعاتها ومنعوا تداول كتب الفلسفة، على يد المعتضد الخليفة العباسي الذي بويع له سنّة 279 هـ فأصدر أوامره بمنع القصاص والمنجمين من الجلوس في المساجد والطرقات.
بقول ابن قتيبة رحمه الله: الحديث النبوي الشريف تدخله الشوائب ويعتريه الفساد من وجوه ثلاثة:
الزنادقة، والقصاص أرباب المناكير والغرائب والأكاذيب، والأخبار الجاهلية القديمة. اهـ ملخّصاً3.
__________
1 أخرجه: البخاري 3/191، كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت 291، ومسلم 1/10، المقدمة: باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم4/4.
2 ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/50، وابن عراق 2/30، وعزاه للجوزقاني وابن النجار والشوكاني في "الفوائد" 420.
3 انظر: "الحديث والمحدثون" ص342.(1/25)
جهود العلماء في تدوين الحديث قبل محنة القول بخلق القرآن
1- أحاديث ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
2- إفراد الأحاديث النبوية عن أقوال الصحابة وفتاوى التابعين بحد المحنة.
1- جمع الطعون التي وجهها علماء الكلام إلى أهل الحديث سواء في الأشخاص أو ألفاظ الحديث، والرد عليها بالإبطال وتنزيه أئمة الأحاديث، عن هذه الطعون الزائفة وكان من(1/25)
هؤلاء ابن قتيبة الدينوري.
2- جمع الحديث على المسانيد:
يجمع المحدث في ترجمة كل صحابي ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث صحيحة وسقيمة وإن اختلفت موضوعاتها، ولهم في ترتيب أسماء الصحابة طرق مختلفة فمنهم من يرتبها على القبائل فيقدم بني هاشم ثم الأقرب فالأقرب نسباً من النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يرتبها على السابقة في الإسلام فيقدم العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم الحديبية ثم من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح ثم من أسلم يوم الفتح ثم أصغر الصحابة سناً ثم النساء ومنهم من لم يراع شيئاً من ذلك.
وهذه الطريقة توقع المطلع على هذه المسانيد في حيرة حيث لا يستطع الوقوف على درجة الحديث فيستوي عنده الصحيح والضعيف.
وهذا الأمر وإن كان أغلبياً إلا أنه لا يمنع من أن بعضهم جمع ترتيب الأحاديث إلى جانب أسماء الصحابة الترتيب على أبواب الفقه كما في المسند الكبير لبقي بن مخلد والمسند الكبير ليعقوب بن شيبة، فالأول رتب حديث كل صحابي على أبواب الفقه والثاني ألف مسند معللاً فجمع في كل حديث طرقه وائتلاف الرواية فيه.
الطريقة الثالثة: التصنيف على الأبواب: وهو التخريج على أحكام الفقه وتنويعه، وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب بحيث يسهل التمييز بين ما يتعلق بالصلاة عما يتعلق بالصيام. ومنهم من اقتصر في الأحاديث على "الصحيح" كالبخاري ومسلم وهما أصح الكتب بعد كتاب الله، ومنهم من لم يقتصر على ذلك كأبي داود والترمذي والنسائي.
وكان رائد هذه الطريقة المثلى شيخ المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري "ت 256هـ".
ويعتبر القرن الثالث الهجري من أجل عصور الحديث وأسعدها بتدوين الحديث وتقريبه على طالبيه.
وما كاد ينتهي هذا القرن حتى وجدنا أن عمل العلماء أصبح قاصراً على الجمع والترتيب أو التهذيب لكتب السابقين كالجمع بين "الصحيحين" أو بين الكتب الستة أو الجمع بين أحاديث من كتب مختلفة كـ"مصابيح السنّة" للبغوي "ت 516 هـ"، و"جامع المسانيد والألقاب" لأبي الفرج بن الجوزي "ت 957 هـ"، و"منتقى الأخيار" لابن تيمية "ت 458هـ".
ومن علماء هذا القرن من اهتم بأطراف الحديث كأطراف "الصحيحين" للحافظ الدمشقي "400 هـ" وأطراف السنّة الأربعة لابن عساكر "ت 430هـ" وأطراف الكتب الستة لمحمد ابن طاهر المقدسي "ت 507 هـ" الذي لخصه الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن الحسين الحسيني الدمشقي "ت 765 هـ" ورتبه أحسن ترتيب.(1/26)
السنة في القرن الرابع الهجري
كان للتدهور السياسي في مبدأ هذا القرن عامل كبير في جعل الخلافة الإسلامية دويلات متناثرة فعبد الرحمن الناصر يلقب نفسه أمير المؤمنين بالأندلس "325هـ" والفاطميون يستقلون بشمال إفريقية، والدولة الإخشيدية بمصر، ودولة بني حمدان في الموصل وحلب والشام، والشيعة الزيدية باليمن والدولة السامانية تسيطر على المشرق وعلى بلاد ما وراء النهر والدولة البويهية تسيطر على بغداد، ولم يكن لبني العباس نصيب من هؤلاء إلا مجرد الاسم.
كانت الحياة السياسية مضطربة مائجة لكن هذه الأحداث التي غيرت خريطة الدولة الإسلامية كانت خيراً وبركة على الحركة العلمية التي انتشرت في كل مكان على يد العلماء الذين أخذوا يرحلون من قطر إلى قطر ومن مصر إلى مصر ويتلقى بعضهم عن بعض، ويعرضون الكتب والمسموعات على الشيوخ، وكان لهم نشاط علمي في نقد الرجال وتمحيص الأحاديث، ومصنفات جياد في علل الحديث وتاريخ الرواة وعلوم الحديث عامة، وبلغ التدوين في هذا الحصر أشده فظهر الحاكم أبو عبد الله النيسابوري صاحب "المستدرك"، والدارقطني إمام عصره في "الجرح والتعديل" وحسن التأليف واتساع الرواية، وابن حبان "وصحيح" ابن خزيمة الذي قرظه العلماء بقولهم: "صحيح ابن خزيمة يكتب بماء الذهب" فإنه أصح ما صنف في الصحيح المجرد بعد الشيخين: البخاري ومسلم.(1/27)
علم الجرح والتعديل
هذا هو ميزان الرجال، وهو ميزان توزن به معادنهم فيتميز الذهب من النحاس والفضة من الرصاص، وهذا الفن هو عماد السنة إذ به يتميز الصحيح من السقيم وبه ينكشف حال الضعفاء والكذابين من الرواة وإقامة النكير عليهم صيانة للدين وهو أمر واجب على المسلمين، والحفاظ على الشريعة فرض كفاية لقوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة 122] وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وقد دخل على النبي ثلاثة أحدهم أقبل عليه والآخر استحيا منه، والثالث أعرض عنه صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله: "ألا أخبركم عن الثلاثة؟ أما الأول فقد أقبل فأقبل اللَّه عليه، أما الثاني فاستحيا فاستحيا اللَّه منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" ومن هنا يتبين لنا من أين أتى وجوب الجرح والتعديل، ولقد تكلم في هذا الفن خلائق لا يحصون منهم صاحبنا في كتابه "الكامل"(1/27)
ابن عدي الجرجاني المتوفى سنّة "365".
وقل من جرح في القرن الأول لأن الصحابة كلهم عدول، ولا يكاد يوجد في هذا القرن من الضعفاء إلا القليل.
أما القرن الثاني ففي أوساط التابعين وخيارهم وضعف جماعة منهم من قبل تحملهم وضبطهم للحديث وكانوا يرسلون كثيراً ويرفعون الموقوف مما أوقعهم في أغلاط، وقد انتدب في ذلك الزمان لنقد الرجال الحافظان: يحيى بن سعيد القطان "189 هـ" وعبد الرحمن بن مهدي، وكانا محل ثقة من الناس فمن وثقاه صار موثوقاً عندهم ومن جرحاه صار مجروحاً. ومن اختلفا فيه- وهو قليل- رجع الناس فيه إلى ما ترجح عندهم ثم ظهرت طبقة أخرى يرجع إليهم من هذا الفن منهم يزيد بن هارون "206 هـ" وأبو داود الطيالسي "204 هـ" وعبد الرزاق بن همام "211 هـ" وأبو عاصم النبيل بن مخلد "212هـ".
ثم صنفت الكتب في "الجرح والتعديل" و"العلل"، وبينت فيها أحوال الرجال وكان أقطاب الجرح والتعديل آنئذ جماعة منهم: يحيى بن معين "233 هـ" من طبقة أحمد بن حنبل "241 هـ"، وكاتب الواقدي محمد بن سعد وأبو خيثمة زهير بن حرب "234 هـ" وأبو جعفر النبيل وعلي بن المديني "234 هـ" وابن نمير "234 هـ" وأبو بكر بن أبي شيبة صاحب المصنف والمعروف "235 هـ" وكل هؤلاء من أئمة الجرح والتعديل وقد وضعوا في ذلك المؤلفات، فمنهم من تكلم عن الضعفاء من الرواة وآخرون اقتصروا على الثقات وبعضهم جمع بين النوعين.
وممن تفرد بالكتابة عن الثقات أبو حاتم بن حبان الذي قال في صفة العدل من الرجال: "العدل من لم يعرف منه الجرح إذ الجرح ضد العدالة فمن لم يعرف بجرح فهو عدل" اهـ.
أما عن كتب الضعفاء فقد صنف فيها كثير من الحفاظ ككتاب الضعفاء لإمام المحدثين أبي عبد اللَّه البخاري، وكتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي، وكتاب الضعفاء لصاحب كتاب الثقات أبي حاتم البستي، وكتاب الضعفاء للدار قطني.
ومن الكتب المهمة في ذلك الكتاب المسمى بـ"الكامل" لأبي أحمد عبد الله بن محمد ابن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ الكبير أحد الجهابذة المرجوع إليهم في العلل والرجال ومعرفة الضعفاء المتوفي سنّة "365 هـ" وهو كتاب جامع، وسفر وافٍ حيث ذكر فيه المصنف كل من تكلم فيه وإن كان من رجال "الصحيحين"، وتفرد عن كتب الضعفاء بذكر حديث أو أكثر من الغرائب والمناكير عند ترجمة كل راوٍ مسته يد الجرح أو أشهر في وجهه سيف الذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذب أو افتراء أو وضع أو نسيان من(1/28)
أحد المغفلين أو ممن اختلط بآخره.
ومن عجيب أنك ترى هذا السفر الجليل قد ألف في مقدار ستين جزءاً في اثني عشر مجلداً، ويعتبر هذا الكتاب أكمل كتب الجرح وعليه اعتماد العلماء فرحمه الله تعالى وجزاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ما جازى عالماً من خواص علماء أمته.(1/29)
جرح الضعفاء من النصيحة
قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة". قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "للَّه ولكتابه ولعامة المؤمنين وخاصتهم" 1.
قلت: ومن الخاصة رواة الحديث، فجرحهم جائز بل واجب بالاتفاق للضرورة الداعية إليه صيانة للشريعة المكرمة وليس هو من الغيبة المحرمة كما ثبت ذلك في حديث الثلاثة الذين دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعرض الذي لم يكن حاضراً بين القديم ولم يكن ذلك غيبة منه صلى الله عليه وسلم بل هو تحذير من فعله للسامعين حتى لا يقعوا فيما وقع فيه من الإعراض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد يؤدي إلى الكفر والعياذ باللَّه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من جرح وعدل على الإطلاق، ألا ترى إليه وهو يقول في رجل استأذن عليه يوماً: "ائذنوا له بئس أخو العشيرة".
وتسأله فاطمة بنت قيس عن رأيه في خطبها معاوية وأبي جهم، فيقول لها: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأبو جهم لا يضع عصاه عن عاتقه" 2.
وأما تعديله صلى الله عليه وسلم فكقوله في عبد الله بن عمر: "نعم الرجل لو كان يقيم الليل".
وقوله: "نعم الرجل خريم الأسدي" ... الحديث3.
ثم هب أنك إمام بئر مغطى، ومن مشى على غطائه وقع فيه فأرديَ قتيلاً، ثم أراد مسلم أن يمشي على غطاء هذا البئر فهل تسكت فتكون آثماً أم تجذب فتكون ناصحاً أميناً؟ وقد تركت لك الإجابة لتختر أيهما شئت أيها الناصح للَّه ورسوله.
__________
1 أخرجه: مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أن الدين النصيحة 95- 55 والنسائي في "السنن" 7/157، وأحمد في "المسند" 2/297، والدارمي في "السنن" 2/311، وأبو عوانة 1/37، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/188، والحميدي 837، والخطيب في "تاريخه" 14/207، وابن حجر في "المطالب العالية" "1979" "3284" وذكر السيوطي في "الدر المنثور" 3/267.
2 أخرجه: مسلم 2/1114 في كتاب الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها 36/1480.
3 أخرجه: أبو داود 4/348- 349، في كتاب اللباس: باب ما جاء في إسبال الإزار "4089" وأحمد4/180.(1/29)
وجمهور الأئمة على أن الجرح المفسر مقدم على التعديل ولو كان عدد الجارح أقل من المعدل. وهذا النوع من السلوك يأخذ به مجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية حين يقدم لأعضائه كتاباً من الكتب لطبعه ونشره فتكتب عنه اللجنة تقريراً كل على حدة فإذا عدله الجميع وجرحه واحد رفض الكتاب وما أجمل أن تعيش سنّة نبينا هكذا.
وقال البعض: إذا زاد عدد المعدلين على المجروحين قدم التعديل، وهذا القول وإن ضعف لكنه المتجه حتى الآن. وقال السبكي في قاعدته في الجرح والتعديل: لا يفهم هذه القاعدة على إطلاقها فإننا لو أطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون، اهـ1.
قلت: والأصل العدالة والجرح طارىء والعصمة محالة إلا في نبي أو أمة مجتمعة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" 2 وحتى لا يذهب غالب أحاديث الشريعة، وإحسانك الظن بالراوي المستور أولى من تجريحه، والحكمة من تضعيف بعض الأحاديث نوع من الرحمة بالأمة إذ لو صحت كلها لوجب العمل بها وهو تكليف بما لا يطاق، واللَّه لم يكلفنا ذلك، ثم إن الحديث الضعيف قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن بسند ضعيف، فالحديث يقوى نوره بصحة سنده، ويضعف نوره بضعف سنده، والله أعلم.
__________
1 قاعدة في الجرح والتعديل 13، 14.
2 أخرجه: الترمذي في أبواب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة 4/466 "2167"، قلت: وفي إسناده سليمان بن سفيان، وقد ضعفه الأكثرون، وقد رواه أيضا الحاكم من حديث خالد بن يزيد، وقال: ولو حفظه خالد لحكمنا بصحته انظر "مستدرك" الحاكم 1/115، ورواه ابن ماجة 2/1303 "3950" من حديث الوليد بن مسلم وفيه معان بن رفاعة. وانظر: تخرجنا للحديث في تحقيقنا على كتاب "نفائس الأصول في شرح المحصول".(1/30)
قواعد في الجرح والتعديل
كثير من عامة العلماء، والذين لا يستنبطون الأمور منهم إذا رأوا الجرح والتعديل ظنوا أن العمل على جرحه، والصواب أن من ثبتت عدالته وإمامته، وكثر مادحوه، وقل قادحوه، وكان هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لا يلتفت إلى تجريحه وعمل فيه بالعدالة، ولو فتح هذا الباب على مصراعيه لما سلم أحد من الأئمة؛ فكم من إمام طعن عليه طاعنون، وهلك فيه هالكون1 من إفك الحديث عنه.
وانظرا إلى ابن عبد البر في كتاب العلم تراه يعقد باباً في حكم قول العلماء بعضهم في بعض، وذكر فيه أحاديث مسندة مرفوعة وموقوفة ثم ينقل من أقوال العلماء ما يفيد أنه لا تجوز
__________
1 ابن السبكي: قاعدة في الجرح والتعديل ص13، وما بعدها مكتبة الرشد، الرياض ط 5/1984.(1/30)
شهادة القارىء على القارىء- يعني العلماء- لأنهم أشد الناس تحاسداً وتباغضاً.
ومن القائلين بذلك سفيان الثوري ومالك بن دينار وعبد الله بن وهب في "مبسوطته".
واستدل ابن عبد البر بأن السلف تكلم بعضهم في بعض بكلام منه ما حمل عليه الغضب أو الحسد، ومنه ما دعا إليه التأويل واختلاف الاجتهاد، وانتهى إلى كلام أبو معين في الشافعي حتى قال الإمام أحمد: من أين يعرف يحيى بن معين الشافعي؟ هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقوله الشافعي ومن جهل شيئاً عاداه.
كما ذكر ابن عبد السلام بن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد بن مالك بن أنس، كما تكلم فيه عبد العزيز أبي سلمة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ومحمد بن إسحاق، وابن أبى يحيى وابن أبي الزناد، وعابوا أشياء من مذهبه فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً.
ولا ابن معين في الشافعي، ولا النسائي في أحمد بن صالح "248 هـ" لأن هؤلاء أئمة مشهورون فصار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب لو صح لتوفرت الدواعي على نقله.
ولكي يصح تطبيق القاعدة لا بد من تفقد حال الجارح والمجروح من اختلاف عقدي أو تعصب مذهبي حتى لا يحيل الجارح ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق. وكم من أئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب.
يقول ابن دقيق العيد: أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام1.
وما يتفقد عند الجرح أيضاً: حال الجارح في الخبرة بمدلولات الألفاظ ولا سيما الألفاظ العرفية التي تختلف باختلاف أعراف الناس، وتكون في بعض الأزمنة مدحاً وفي بعضها ذماً.
كما ينبغي أن يتفقد حاله في العلم بالأحكام الشرعية، فرب جاهل ظن الحلال حراماً فجرح به.
كما يجب أن يتفقد الخلاف الواقع بين كثير من الصوفية وأهل الحديث.
والجرح مقدم إن كان عدد الجارح أكثر من المعدل إجماعاً، وكذا إن تساوياً أما إن كان الجارح أقل يطلب الترجيح2.
إذا ما عرفت هذا علمت أنه ليس كل جرح مقدماً.
ولنختم هذه القاعدة بفائدتين عظيمتين:
إحداهما: أن قولهم: لا يقبل الجرح إلا مفسراً إنما هو أيضاً في جرح من ثبتت عدالته
__________
1 "الاقتراح في بيان الاصطلاح" ص 344 تحقيق قحطان الدوري- مطبعة الإرشاد- بغداد 1982م.
2 ينظر: "جمع الجوامع" 2/172 بشرح الجلال المحلي وحاشية البناني.(1/31)
واستقرت، فإذا أراد رافع رفعها بالجرح قيل له: ائت ببرهان على هذا أو فيمن لم يعرف حاله، ولكن ابتدره جارحان ومزكيان؛ فيقال إذ ذاك للجارحين: فسرا ما رميتماه به، أما من ثبت أنه مجروح فيقبل قول من أطلق جرحه لجريانه على الأصل المقرر عندنا، ولا نطالبه بالتفسير إذ لا حاجة إلى طلبه.
والفائدة الثانية: أنا لا نطلب التفسير من كل أحد، بل إنما نطلبه حيث يحتمل الحال شكاً إما لاختلاف في الاجتهاد أو لتهمة يسيرة في الجارح أو نحو ذلك مما لا يوجب سقوط قول الجارح، ولا ينتهي إلى الاعتبار به على الإطلاق، بل يكون بين بين، أما إذا انتفت الظنون، واندفعت التهم، وكان الجارح حبراً من أحبار الأمة مبرءاً عن مظان التهمة، أو كان المجروح مشهوراً بالضعف، متروكاً بين النقاد، فلا نتلعثم عند جرحه، ولا نحوج الجارح إلى تفسير، بل طلب التفسير منه- والحالة هذه- طلب لغيبة لا حاجة إليها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نحن نقبل قول ابن معين في إبراهيم بن شعيب المدني: إنه ليس بشيء، وفي إبراهيم بن يزيد المدني: إنه ضعيف، وفى الحسين بن الفرج الخياط: إنه كذاب يسرق الحديث، وعلى هذا- وإن لم يبين الجرح- لأنه إمام مقدم في هذه الصناعة1 جرح طائفة غير ثابتي العدالة والثبت، ولا نقبل قوله في الشافعي ولو فسر وأتى بألف إيضاح لقيام الدليل القاطع والبرهان الساطع على أنه غير محق بالنسبة إليه.
ولا يفوتني قبل إنهاء هذه القاعدة أن أنبهك أيها القارىء الواعي والخبير بهذه الصناعة أن تسلك سبيل الأدب مع الأئمة الماضين، وأن لا تنظر إلى كلامهم بعضهم في بعض فإن قدرت على التأويل القائم على حسن الظن فدونك وإلا فغض الطرف، واضرب صفحاً عما شجر بينهم، فإنك إذا اشتغلت بذلك خشيت عليك الهلاك فالقوم أئمة أعلام، ولأقوالهم محامل وليس لي ولك إلا الترضي عنهم، والسكوت عما جرى بينهم كما يفعل فيما جرى بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
__________
1 تاج الدين السبكي: قاعدة في الجرح والتعديل ص52.(1/32)
نبذة عن المؤرخين
المؤرخون لهم كبير سلطان في تطويع أقلامهم حيثما شاؤوا وكيفما أرادوا يضعون بها أناساً ويرفعون آخرين؛ إما لتعصب أو جهل أو لمجرد اعتماد على نقل من لا يوثق به أو لغير ذلك من الأسباب.
والجهل والتعصب في المؤرخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل، ولذلك وضع للمؤرخ شروط حتى يقبل مدحه وذمه.(1/32)
أولها: الصدق.
ثانيها: النقل الذي يعتمد على اللفظ دون المعنى؛ لأن الناقل إذا اعتمد اللفظ فقد بريء من العهدة، وأدى الأمانة كما تلقاها ورآها، أما إذا اعتمد المعنى وأداه بلفظ من عنده؛ فقد يبعد تعبيره عن الواقع الذي عبر عنه القائل الأول فيختلف الحكم بين عبارة القائل وعبارة الناقل.
ثالثها: ألا يكون ذلك الذي نقله أخذه في المذاكرة، وكتبه بعد ذلك.
رابعها: أن يسمى المنقول عنه.
خامسها: التحري منه فيما يراه من الكلام الذي يتضمن غمزاً أو لمزاً أو جرحاً أو حطّاً على أحد المعتبرين من السلف الصالح لما أمرنا من الإمساك عما كان بينهم، والتأويل بما لا يحط من أقدارهم.
كما يشترط فيه أيضاً عند ترجمته للأعلام ما يلي:
أولاً: معرفته بحال صاحب الترجمة علماً وديناً وغيرهما من الصفات.
ثانياً: أن يكون حسن العبارة عارفاً بمدلولات الألفاظ.
ثالثاً: أن يكون حسن التصور حتى يتصور جميع حال ذلك الشخص ثم يعبر عنه بعبارة لا تزيد عليه ولا تنقص عنه.
رابعاً: ألا يغلبه الهوى.
خامساً: حضور التصور زائداً على حسن التصور والعلم؛ فهذه عشرة شروط في المؤرخ، وأصعبها الإطلاع على حال الشخص في العلم فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه، والقرب منه حتى تعرف مرتبته اهـ.
وبالجملة فلا بد أن يكون المؤرخ عالماً عادلاً عارفاً بحال من يترجم له ليس بينه وبين الصداقة ما قد يحمله على التعصب له، ولا من العداوة ما قد يحمله على الغض منه. والله أعلم.(1/33)
المتكلمون في الرجال ومن يعتبر بقوله منهم
قال الحافظ السخاوي: وأما المتكلمون في الرجال فخلق من نجوم الهدى ومصابيح الظلم، المستضاء بهم في دفع الرديء لا يتهيأ حصرهم في زمن الصحابة رضي الله عنهم وهلم جراً1.
__________
1 ينظر: "المتكلمون في الرجال" ص84 للحافظ السخاوي بتحقيق أبي غدة. و"فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" ص479- 481.(1/33)
سرد ابن عدي في مقدمة "كامله" منهم خلقاً إلى زمنه1 وفي عنوان هذا الفصل قال: "ذكر من استجاز تكذيب من تبين كذبه من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين إلى يومنا هذا رجلاً عن رجل".
قال العلامة الشيخ أبو غدة: وقول ابن عدي من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين متعلق بمن استجاز لا بمن تبين كذبه؛ إذ الصحابة كلهم عدول والتابعون أكثرهم ثقات.
وذكر ابن عدي رهطاً من الصحابة، وسرد من التابعين عدداً لم يظهر ضعف فيهم إلا الواحد بعد الواحد كالحارث الأعور والمختار الثقفي الكذاب.
فلما مضى القرن الأول ودخل الثاني كان في أوائله من أوساط التابعين جماعة من الضعفاء الذين ضعفوا غالباً من قبلهم وضبطهم للحديث، فتراهم يرفعون الموقوف ويرسلون كثيراً، ولهم غلط كأبي هارون العبدي2.
فلما كان عند آخر عصر التابعين تكلم في التوثيق والتجريح طائفة من الأئمة هم: أبو حنيفة الأعمش، وشعبة وغيرهم تكلم بعضهم في تكذيب البعض، وتحدث بعضهم في التضعيف والتوثيق، ونظر بعضهم في الرجال، وكان هؤلاء متثبتين لا يكادون يروون إلا عن ثقات.
وقد قسم الحافظ الذهبي من تكلم في الرجال أقساماً:
قسم تكلم في الرواة جميعهم كابن معين وأبي حاتم.
وآخر تكلم في كثير من الرواة كمالك وشعبة.
وثالث تكلم في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي. وهذا الكل على ثلاثة أقسام أيضاً:
متعنت في الجرح متثبت في التعديل يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث.
فهذا الصنف إذا وثق شخصاً فعض عليه بنواجذك وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلاً فانظر ها هناك من شاركه في تضعيفه، فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فارجع إلى قولهم: لا يقال فيه الجرح إلا مفسراً "يعني مبيناً سبب تضعيفه" حيث لا يكفي قول ابن معين مثلاً هو ضعيف من غير بيان السبب ثم يجيء البخاري وغيره فيوثقونه.
قال الحافظ الذهبي: لم يجتمع اثنان "أي من طبقة واحدة" من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة، اهـ3.
__________
1 "مقدمة الكامل في الضعفاء" من ص 83- 227.
2 انظر: "تهذيب التهذيب" 7/412- 414.
3 "المتكلمون في الرجال" 123.(1/34)
وقسم ثان متسمع كالترمذي والحاكم.
وثالث معتدل كأحمد والدارقطني وابن عدي.
فجزى اللَّه، الكل عن الإسلام والمسلمين خيراً فهم مأجورون إن شاء اللَّه تعالى.(1/35)
جهود الصحابة والتابعين في مقاومة الوضاعين
سئل عبد اللَّه بن المبارك رضي اللَّه عنه عن الأحاديث الموضوعة فقال: تعيش لها الجهابذة ثم تلا قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .
وإليك ما بذله هؤلاء الجهابذة في سبيل حفظ الحديث الشريف أوجزها لك على النحو التالي:
أولاً:- التزام الإسناد:
لم يكن المسلمون في صدر الإسلام إلى خلافة عثمان يكذب بعضهم بعضاً، فالثقة تملأ صدورهم، والإيمان يعمر قلوبهم حتى إذا ما وقعت الفتنة العمياء التي تبناها عبد الله بن سبأ اليهودي، وتكونت على أثرها الفرق والأحزاب وبدأ الكذب على رسول الله من ذوي الأغراض والأهواء وقف الصحابة والتابعون لها وقفة قوية للحفاظ على الحديث الذي كان محفوظاً في الصدور، ومكتوباً من بعض الصحابة في السطور وأصبحوا يشددون في طلب الإسناد من الرواة، والتزموه في الحديث لأن السند للخبر كالنسب للمرء.
يقول محمد بن سيرين: "لم يكونوا -رضي الله عنهم- يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ عنهم"1. كان الصدق والإخلاص والأمانة رائد هؤلاء فكان السند عندهم قائماً يرويه صحابي عن آخر إذا لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فكان البراء بن عازب يحدث عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو أيوب الأنصاري عن أبي هريرة، وقد حدث الصحابة بعضهم عن بعض.
ولقد عرفوا الإسناد قبل الإسلام ولعل خير دليل ما كانوا يسندونه من القصص والأشعار في الجاهلية، وإنما التزموا التثبت من الإسناد بعد وقوع الفتنة، وهكذا كان ابن عباس لا يأذن للبعض أثناء الحديث أي لا يعطي المحدث أذنه ولا يصغي إليه حتى إذا ما سئل في ذلك أجاب: كنا إذا سمعنا الرجل يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابتدرناه بأبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا؛ فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف2.
__________
1 "صحيح مسلم" بشرح النووي 1/84، سنن الدارمي 1/112.
2 "صحيح مسلم" 1/81.(1/35)
والتزم الإسناد من بعدهم التابعون فكان الشعبي يتنقل من راوٍ إلى راو حتى قال يحيى بن سعيد: "وهذا أول من فتش في الإسناد".
وقال أبو العالية: كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رضينا حتى رحلنا إليهم فسمعناها من أفواههم1.
ويقول عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء2.
وقد أتقن التابعون الإسناد وبرزوا فيه كما برزوا في غيره فها هو أبو داود الطيالسي يقول: وجدنا الحديث عن أربعة: الزهري وقتادة وأبي إسحاق والأعمش فكان قتادة أعلمهم بالاختلاف والزهري أعلمهم بالإسناد وأبو إسحاق أعلمهم بحديث علي وابن مسعود، وكان عند الأعمش من كل هذا3.
ولا يطعن في التزام التابعين بالإسناد المتصل ما روي عن بعض التابعين من المراسيل؛ لأن هناك روايات تؤكد أن هذا المرسل كان يذكر من حدثه عندما يسأل عن الإسناد.
وهذا يؤكد أنهم كانوا على جانب كبير من العلم ومعرفة السند وإنما كانوا يتركونه اختصاراً، وكان الجالسون يثقون فيهم، وكيف لا وهم أنفسهم سند؟.
ثانياً:- مضاعفة النشاط العلمي والتثبت من الحديث:
من نعم الله على المسلمين أن الصحابة قد تفرقت في الأمصار والأقطار، وزاد الله لهم في الأعمار ليسهموا في حفظ السنّة عقب الفتنة وظهور البدعة.
وكان التابعون وأتباع التابعين على نطاق واسع من التنقل والترحال في سبيل تحمل الحديث عن الثقات ومذاكرة الأحاديث، يقول سعيد بن المسيب: "إن كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد" وعن الزهري عن ابن المسيب مثله4.
وكان أئمة الحديث في هذا العصر على جانب عظيم من الوعي والإطلاع، فقد كانوا يحفظون الحديث الصحيح والضعيف والموضوع حتى لا يختلط عليهم الحديث وليميزوا الخبيث من الطيب.
ثالثاً- تتبع الكذبة: وذلك بمحاربتهم على رؤوس الأشهاد ومنعهم من التحديث ويستعدون عليهم الحكام فكان من نتيجة ذلك أن توارى كثير من الكذابين وكفوا عن
__________
1 "مقدمة التمهيد" لابن عبد البر 15.
2 رواه مسلم في مقدمة صحيحه: 1/87.
3 "تذكرة الحفاظ" 1/108.
4 "جامع بيان العلم" 1/94، المحدث الفاضل 28: ب.(1/36)
كذبهم بعد افتضاح أمرهم وكشف عوارهم.
رابعاً- بيان أحوال الرواة: كان لا بد للصحابة والتابعين ومن بعدهم من معرفة الرواة معرفة تمكنهم من الحكم بصدقهم أو كذبهم فدرسوا حياتهم وتواريخهم وأحوالهم. يقول ابن عدي في "كامله": قال الثوري: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ.
كانوا يبينون أحوالهم وينقدونهم حسبة للَّه، لا تأخذهم خشية، ولا توجههم عاطفة فلا يحابون أباً ولا أخاً، ولا ولداً فهذا ابن أنيسة يقول: لا تأخذوا عن أخي، وهذا علي بن المديني يقول عن أبيه: سلوا عنه غيري.
بل إنهم كانوا يعينون أياماً للناس يحدثونهم فيها عن الكذابين. قال أبو زيد الأنصاري النحوي: "أتينا شعبة يوم مطر فطلب الحديث فقال: ليس هذا يوم الحديث، واليوم يوم غيبة، تعالوا نغتاب الكذابين"1.
قلت: وحاشاه- رضي الله عنه- أن يكون مغتاباً إذ لا غيبة لفاسق2 وأفسق الفساق الكذابون. سئل صلى الله عليه وسلم: أيكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم تلا قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116] .
وهكذا تكون علم الجرح والتعديل الذي وضع أصوله كبار الصحابة والتابعين على ضوء الشريعة الغراء وسنّة خير الأنبياء فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ... } [الحجرات: 6] الآية.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الجرح: "بئس أخو العشيرة" وفي التعديل: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقيم الليل".
وقد بين هؤلاء من تقبل روايته ومن لا تقبل، وتكلموا في العدالة وموجباتها، وفي الجرح وأسبابه، وقد نص الخليفة عمر على العدالة ووضع أول الأسس لذلك في كتاب له إلى أبي موسى الأشعري فقال: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجرياً عليه شهادة زور أو مجلوداً في حد". وقال الإمام مالك: لا يؤخذ العلم عن أربعة، ويؤخذ ممن سوى ذلك:
لا يؤمن من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من سفيه معلن بالسفه وإن كان من أروى الناس ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث.
__________
1 وينبغي التنبيه على ضعف هذا الحدث.
2 "الكفاية" 45، وانظر السنّة قبل التدوين: 233 مكتبة وهبة.(1/37)
خامساً- وضع قواعد لمعرفة الموضوع من الحديث:
ومن هذه القواعد ما يدل على الوضع في السند، وما يدل عليه في المتن، وذلك بعلامات هي:
1 - علامات الوضع في السند:
أ- أن يعترف الراوي بأنه كذاب والاعتراف سيد الأدلة وأن يقر باختلافه فيما روى وفي مثل هذا يقول أبو جزي للجالسين حوله وهو مريض: "أشهدكم أني وضعت من الحديث كذا وكذا وإني أستغفر الله منها وأتوب إليه" وهذا أقوى دليل على كون الحديث موضوعاً.
ب- وجود قرينة تقوم مقام الاعتراف بالوضع كالرواية عن شيخ لم يلقه أو يروي عن شيخ في بلد لم يرحل إليه، أو يروي عن شيخ ولد الراوي بعد وفاته أو توفي هذا الشيخ والراوي صغير لا يدرك.
ب- أن ينفرد راوٍ معروف بالكذب برواية حديث ولا يرويه ثقة غيره فيحكم على روايته بالوضع.
د- حال الراوي نفسه.
2- علامات الوضع في المتن:
أ- ركاكة اللفظ في المروي، ويعرف ذلك أهل اللغة والفصاحة من المحدثين.
ب.- فساد المعنى: كقولهم: ربيع أمتي العنب والبطيخ أو قولهم: الباذنجان لما أكل له، أو الباذنجان شفاء من كل داء، أو كل حديث يشتمل على سخافات لا تصدر عن العقلاء فضلاً عن سيد العلماء وخير الأنبياء الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً.
جـ- ومنها ما يناقض نص الكتاب أو السنّة المتواترة أو الإجماع القطعي.
د- ومنها ما يدعيه البعض من أن الصحابة عرفوا بعض الأحاديث ولكنهم تواطئوا على كتمانها وللشيعة باع طويل في مثل هذه الدعاوى الكاذبة.
هـ- وكل حديث يخالف الحقائق التاريخية كحديث وضع الجزية عن أهل خيبر وهو كاذب من عدة وجوه ذكرها ابن القيم في عشرة أدلة قوية منها:
أن فيه شهادة سعد بن معاذ وسعد توفي في غزوة الخندق فكيف شهد في خيبر؟.
ومنها أن الجزية لم تكن نزلت حتى ذلك الحين ولا يعرفها الصحابة ولا العرب، وإنما فرضت بعد عام تبوك فأين خيبر منها؟
و موافقة الحديث لمذهب الراوي المتعصب المغالي في تعصبه كالروافض والمرجئة هؤلاء في أهل البيت، وهؤلاء في الإرجاء.(1/38)
ز- ومنها اشتمال الحديث على مجازفات وإفراط في الثواب العظيم مقابل عمل صغير.(1/39)
ألفاظ تدل على الصحة أو الحسن
من هذه الألفاظ:
جيد- قوي- صالح- محفوظ- معروف- مجود- ثابت- مشبه.
الجيد:
جاء في عبارة المحدثين: جيد وأجود، وجوّده، فمثلاً: أخرج الترمذي في باب "ما جاء في الصدق والكذب" قال: حدثنا يحيى بن موسى قال: قلت لعبد الرحيم بن هارون الغساني: حدثكم عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كذب العبد تباعد منه الملك ميلاً من نتن ما جاء به" قال يحيى: وأقر به عبد الرحيم بن هارون، فقال: نعم.
قال أبو عيسى: هذا حديث.- حسن جيد غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، تفرد به عبد الرحيم بن هارون.
ولما حكى ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل أن أصح الأسانيد الزهري، عن سالم، عن أبيه. قال شيخ الإسلام: عبارة أحمد أجود الأسانيد، وهذا يدل على أن ابن الصلاح يرى التسوية بين الجيد والصحيح.
وعن علي- رضي الله عنه- قال: "جعت مرة جوعاً شديداً، فخرجت لطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدراً، فظننتها تريد بله، فقاطعتها: كل ذنوب على تمرة، فعددت ستة عشر ذنوباً، حتى مجلت يداي، ثم أتيتها، فعدت لي ست عشرة تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأكل معي منها" رواه أحمد.
قال الشوكاني: حديث علي عليه السلام جود الحافظ إسناده اهـ.
قال البلقيني: من ذلك يعلم أن الجودة يعبر بها عن الصحة.
وقال بعضهم: لا مغايرة بين جيد وصحيح عندهم إلا أن الجهبذ منهم لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا لنكتة، كأن يرتقي الحديث عنده عن الحسن لذاته، ويتردد في بلوغه الصحيح، فالوصف به أنزل رتبة من الوصف بصحيح.
القوي: وهو عندهم مثل الجيد.
الصالح: قال أبو داود في شأن كتابه: "ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، وما كان فيه من حديث وَهَنٌ شديد، فقد بينته. ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض".(1/39)
فقد فهم من قوله: "وهن شديد بينته" أن الحديث الذي فيه وهن لكنه ليس بشديد لا يبينه، ويكون عنده صالحاً للاحتجاج به بقوله بعد ذلك: "ما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح".
قال النووي: فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مطلقاً، ولم يصححه غيره من المعتمدين ولا ضعفه فهو حسن عن أبي داود، وعلله السيوطي بأن الصالح للاحتجاج لا يخرج عنهما، ولا يرتقي إلى الصحة إلا بنص، فالأحوط الاقتصار على الحسن، وأحوط منه التعبير عنه بصالح.
وإذا كان أبو داود يخرِّج عن كل من لم يُجْمَع على تركه، ويخرِّج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره- إلا أنه أقوى عنده من رأي الرجال- ولا ينبه على الضعيف إلا إذا اشتد وهنه، فيحتمل أن يريد بقوله: "صالح" الصالح للاعتبار دون الاحتجاج، فيشمل الضعيف أيضاً.
وقال ابن كثير: إنه روى عنه: "وما سكت عليه فهو حسن" فإن صح ذلك فلا إشكال.
وبناء على ما تقدم يمكن أن نقول: إن التعبير بكلمة "صالح" صالحة لأن تكون بمعنى صالح للاحتجاج، فتشمل الصحيح والحسن لذاتهما ولغيرهما، وأن يكون بمعنى صالح للاعتبار، فتستعمل في الضعيف الذي يصلح أن تكون تابعاً أو شاهداً.
وقال الشوكاني في مقدمة "نيل الأوطار": وقد اعتنى المنذري- رحمه الله- في نقد الأحاديث المذكورة في "سنن أبي داود"، وبين ضعيف كثير مما سكت عنه، فيكون ذلك خارجاً عما يجوز العمل به، وما سكتا عليه جميعاً فلا شك أنه صالح للاحتجاج إلا في مواضع يسيرة قد نبهت على بعضها في هذا الشرح – يريد "نيل الأوطار"- ولذلك كثيراً ما يقول فيه: سكت عنه أبو داود والمنذري.
المحفوظ: قال ابن حجر: إن خولف راوي الصحيح والحسن بأرجح منه لمزيد ضبطه أو كثرة عدده أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالرجح يقال له: المحفوظ، ومقابله، وهو المرجوح يقال له: الشاذ.
فالمحفوظ: هو حديث الثقة الذي رجحت روايته على حديث الثقة الذي كانت روايته مرجوحة بأحد وجوه الترجيحات المعتبرة في الترجيح، ويقال لمقابله: الشاذ.
المعروف: قال ابن حجر. فان وقعت المخالفة مع الضعف، فإن كان الراوي المخالف ضعيفاً لسوء الحفظ أو الجهالة فالراجح من الحديثين يقال له: المعروف، ومقابله يقال له: المنكر.
فالمعروف: هو حديث الثقة المخالف لحديث غير الثقة.
وهذا باعتبار الأغلب، وإلا فقد يطلق كل من المحفوظ والمعروف أحدهما على الآخر.
والمجود والثابت: وهما يشملان عند المحدثين الصحيح والحسن.(1/40)
المشبه:
قال السيوطي: من ألفاظهم المشبه، وهو يطلق على الحسن، وما يقاربه، فهو بالنسبة إليه كنسبة الجيد إلى الصحيح.
قال أبو حاتم: أخرج عمرو بن حصين أول شيء أحاديث مشبهة حساناً، ثم أخرج بعد أحاديث موضوعة، فأفسد علينا ما كتبنا، اهـ.(1/41)
مبحث في ألفاظ خاصة عند أهل الجرح والتعديل
لقد اعتنى علماء الحديث عناية خاصة بمصادر الأخبار التي تتوارد عليهم وفتشوا في إسنادها، فالإسناد من الدين، ولولاه لقال من شاء ما شاء.
ومن لوازم معرفة الإسناد السؤال عن رجاله من حيث أمانتهم ومعتقداتهم وعباداتهم وسلوكهم يقول شعبة بن الحجاج: ما كانوا يأخذون عن الرجل حتى ينظروا إلى صلاته وهيئته وسمته.
قال الشعبي في الربيع بن خيثم: كان من معادن الصدق، وقال: حدثني الأعور وكان كذاباً.
وفي ثوير بن أبي فاختة قال الثوري: كان من أركان الكذب وكان الأعمش يروي عنه.
قلت: وكان الأعمش سليمان بن مهران من أمراء المؤمنين في الحديث وقال في حجاج بن أرطأة: عليكم به فإنه ما لقي أحد أعرف بما خرج من رأسه منه.
وقال الأوزاعي في إسماعيل بن مهاجر الدمشقي: كان مأموناً على ما حدث.
تلك ألفاظ قد عرضناها لك أيها القارىء أطلقت في تجريح لعض الرواة وتوثيقهم، ولكنها لم تكن منظمة ولا محددة حتى جاء القرن الثالث والرابع الهجريين حيث التدوين لسائر المعارف والعلوم التي تخدم الكتاب والسنة، ومنها وضع قواعد علم الجرح والتعديل حتى توثقت عراه واستقامت دعائمه، ورسخت قواعده فبين المحدثون مرادهم في كثير من الألفاظ، وألفوا العديد من المصنفات الخاصة بالثقات وأخرى خاصة كالضعفاء والمتروكين والكذابين وثالثة جمعت بين الثقات والضعفاء إلى غير ذلك من كتب التواريخ المعنية برجال الحديث بصفة رئيسية، وكذلك كتب الطبقات والأنساب، ورغم هذه الجهود الطيبة الواعية والدقيقة إلا أنه ما من كمال إلا وهناك ما هو أكمل منه، وما من قانون بشري إلا وتتفاوت فيه العقليات وتعتريه المعضلات والمشكلات هي أشبه بالثغرات تخترق هذا الصرح الشامخ التليد.
ومن هذه المعضلات:(1/41)
اختلاف مراد بعض الأئمة في اللفظة الواحدة كقولهم:"فلان ليس بشيء" فأكثر النقاد يستعملونها ويقصدون بها غالباً الجرح الشديد الذي نزل عن درجة الاعتبار إلى درجة الترك، بينما يذكر لنا ابن القطان أن مراد يحيى بن معين من هذه اللفظة أن أحاديث هذا الراوي قليلة، أو اختلافهم في الراوي الواحد كقول أبي زرعة في خطاب ابن القاسم الحراني: ثقة بينما نقل سعيد اليرذعي عنه أنه قال عنه: منكر الحديث يقال: إنه اختلط قبل موته.
كذلك تتجسم المشكلة حين تسمع بعض الألفاظ النادرة الاستعمال، وقد وردت على لسان أحد النقاد وهو يستعملها في تجريح أحد الضعفاء أو تعديل أحد الثقات فيصعب عليه معرفة مراده في بعض الأحيان هل أراد التوثيق أو قصد التجريح؟ حتى إن الحافظ العراقي وهو إمام هذا الفن في وقته التبس عليه مراد أبي حاتم في قوله: "هو على يدي عدل" حيث عدها في ألفاظ التوثيق وهي في الحقيقة من ألفاظ التجريح.
قال ابن حجر العسقلاني: كنت أظن أنها من ألفاظ التوثيق حتى ظهر لي أنها عند ابن أبي حاتم من ألفاظ التجريح، ومن وقف على عبارات القوم ومصطلحاتهم فيها فهم مقاصدهم ومراميهم، ولكي أسهل لك مهمة التعرف على بعض هذه العبارات التي استعملت في تجريح الرجال وتوثيقهم سأقوم بشرح بعض ألفاظها مبسطاً لعلك بها تهتدي وبسلوك أهلها تقتدي1.
سِدَاد من عيسى
استعمل هذه العبارة أبو بكر الأعين في وصف حال سويد بن سعيد الهروي حيث قال: "هو سداد من عيسى هو شيخ".
معنى اللفظ [بكسر السين] كل شيء سددت به خللاً هذا قول أبي عبيدة في معناها.
وقال النضر بن شميل: أي ما يكفي حاجته.
كان فسلاً
هذا التعبير استعمله شعبة بن الحجاج في اثنين من الرواة ميمون البصري الكندي، وسيف بن وهب التيمي.
قال أهل اللغة: الفسل: الرّذل النّذْل لا مروءة له ولا جلد.
وأخذوا من المعنى اللغوي المعنى الاصطلاحي الذي أراده، وهو أنه ضعيف وأحاديثه ضعيفة ومعلة.
__________
1 وقد استفدنا هدا المبحث القيم من كتاب د. سعد الهاشمي.(1/42)
جمال المحامل
استعملها المحدثون على معناها المجازي في تجريح الرواة وتعديلهم، فقالوا: جمال المحامل أو جمازات المحامل، أو ليس من أهل القباب يعنون به كمال الرجل في عقله وتجربته فتستعمل بالمعنى الاصطلاحي في التوثيق كما تستعمل في التجريح إذا سبقت بـ "ليس" أي ليس هو من جمال المحامل، وكذلك من أهل القباب أو ليس من أهل القباب.
وأول من استعمل هذا التعبير هو الإمام مالك حيث جرح به عطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص أبا صفوان المدني فقال عنه: ليس هو من جمال المحامل. ونقل المزني عنه أنه قال: ليس من أهل القباب ومعنى القباب الهوادج وهي مركب من مراكب النساء. قال صاحب المحكم: هو من العصي يجعل فوقه الخشب ثم يقبب، وقال ابن الأثير: القبة من الخباء وبيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب.
وخلاصة القول فيه: أنه لا يقوى على تحمل الحديث.
ما أشبه حديثه بثياب نيسابور
هذا التشبيه استعمله الحافظ إبراهيم الجوزجاني لتضعيف رواية إسماعيل بن عياش، وتجريحه مأخوذ من طريقة أهل نيسابور في بيعهم الثياب حيث يضعون عليها الأثمان العالية في يغروا بها المشتري، ولعلهم اشتروها بأبخس الأثمان.
قال الجوزجاني: قلت لأبي اليمان "ما أشبه إسماعيل بثياب نيسابور يرقم بائعه على الثوب مائة، ولعله اشتراه بعشرة أو بدونها"، وكان إسماعيل من أروى الناس عن الكذابين، وهو في حديث الثقات من الشاميين أحمدُ منه في حديث غيرهم.
قال ابن عدي: إذا روى إسماعيل عن قوم من أهل الحجاز فلا يخلو من غلط فيغلط؛ إما أن يكون حديثاً برأسه أو مرسلاً يوصله أو موقوفاً يرفعه.
في دار فلان شجر يحمل الحديث
هذا التعبير من مفردات علي بن المديني، وقد استعمله في تجريح اثنين من الرواة: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة الذي روى عن سلام بن مطيع الخزاعي، وخليفة بن خياط بن خليفة بن خياط العصفري أبو عمرو البصري.
أما الأول فقد اتفق الأئمة على تضعيفه، بل اتهمه بعضهم بالوضع.
وأما الآخر فقد غمزه ابن المديني ووثقه الكثير. قال ابن عدي: "وهو مستقيم الحديث صدوق".(1/43)
هو على يدي عدل
هذه العبارة من ألفاظ التجريح وأول من استعملها أبو حاتم الرازي، وكان البعض يظنها من ألفاظ التعديل منهم الحافظ العراقي وقد نقل ذلك عنه تلميذه الحافظ ابن حجر العسقلاني، والعبارة كما فرعها تلاميذ الحافظ العراقي أنها كناية عن الهالك وهو تضعيف شديد.
وذكرها أبو حاتم الرازي في جبارة بن المغلس وشبهه بالقاسم بن أبي شيبة وكلاهما ضعيف متروك الحديث.
وكانت طريقة أبي حاتم في تجريحه لبعض الرواة ينعتهم بأكثر من لفظ أو يجمع ألفاظاً مترادفة، ويعقبها بلفظة شديدة قاسية.
فيذكر أحدهم مجرحاً له بقوله: ضعيف الحديث ليس بقوي هو على يدي عدل.
فقوله: ضعيف الحديث يعني من المنزلة الثالثة: أي لا يطرح حديثه بل يعتبر به.
وقوله: ليس بقوي أي دون من قال فيه "لين الحديث" وهو الذي يكتب حديثه وينظر فيه اعتباراً، وقد يراد بها الذي لم ي! لغ درجة القوي الثبت.
وقوله: هو على يدي عدل أي أنه متروك الحديث أراد بهذا المنهج في عباراته التدرج في وصفه وبيان حاله حتى انتهى به إلى ترك حديثه والله أعلم.
لا يكتب عنه إلا زحفاً
من مفردات أبي حاتم الرازي أيضاً، ولم يشاركه واحد من رجال الجرح والتعديل فيه. وقد استعملها أبو حاتم في خمسة من الرواة:
خالد بن إلياس أو إياس بن صخر بن أبي الجهم بن حذيفة لم يوثقه أحد من النقاد.
عبد الحكيم بن عبد الله القسملي، لم يوثقه أحد واتهمه البعض بالوضع. قال البخاري: منكر الحديث.
عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي، ضعفه النقاد، ولم يعدله أحد منهم.
داود بن عطاء المزني: لم يوثقه أحد.
حمزة بن نجيح أبو عمارة: يكتب حديثاً زحفاً كسابقيه.
كان ممن أخرجت له الأرض أفلاذ أكبادها
تعبير استعمله ابن حبان البستي في تجريح الرواة، حيث قاله في محمد بن عبد الرحمن البيلماني الذي كان ضعيفاً منكر الحديث مضطربه.(1/44)
قال ابن عدي: وكل ما يرويه ابن البيلماني فالبلاء فيه منه وإذا روى عنه محمد بن الحارث فهما ضعيفان.
قد عرفته
هذه اللفظة تفرد بها الإمام المجاهد عبد الله بن المبارك وإذا قال في الراوي: قد عرفته فقد أهلكه.
وقد سئل عن عبد السلام بن حرب فقال: قد عرفته وقد عد الحافظ الذهبي هذه العبارة في المرتبة الثالثة من مراتب التجريح، وعدها الحافظ العراقي في المنزلة الثانية، ولعل ابن المبارك لا يقصد هلاكه لدرجة تركه فإن من النقاد من وثقه، وأنه قصد بها مجرد التضعيف والله أعلم.
اتق حيات سلم لا تلسعك
لفظ تجريح استعمله ابن المبارك أيضاً في سلم بن سالم البلخي.
سئل عنه ابن المبارك فقال: اتق حيات سلم لا تلسعك.
وقال في موضع آخر: هذا من عقارب سلم، وكان ابن المبارك يكذبه.
قال الخطب البغدادي: كان رأساً من رءوس الإرجاء ومن دعاة هذا المذهب، والذي أوقف ابن المبارك منه هذا الموقف أنه كان يروي الأحاديث الموضوعة ويسندها له.
قال ابن الجوزي: اتفق المحدثون على تضعيف رواياته.
دجال من الدجاجلة
هذا التعبير استعمله اثنان من النقاد:
الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة.
وأبو حاتم محمد بن حبان البستي.
قال الأزهري في "تهذيب اللغة": كل كذاب فهو دجال.
وقد أطلق مالك هذه العبارة على محمد بن إسحاق صاحب المغازي والسير.
واحتاط الأئمة والحفاظ من المحدثين في قبول هذا التجريح من مالك لمحمد بن إسحاق لأنهما من الأقران واستعمله ابن حبان "دجال من الدجاجلة" في محمد بن أبي الزعيزعة وكان يروي الموضوعات.(1/45)
يفتعل الحديث
هذا التعبير من استعمال أبي حاتم وأبي زرعة في تجريح: محمد بن أبان بن عائشة القصراني.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: هو كذاب كان يفتعل الحديث وكان لا يحسن أن يفتعل، قال أبو زرعة: أول ما قدم ابن أبان مدينة "الرّيّ" قال للناس: أي شيء يشتهي أهل "الري" من الحديث؟ فقيل له: أحاديث في الإرجاء، فافتعل لهم جزءاً في الإرجاء.
كما استعمل هذه العبارة أبو حاتم في تجريح سهل بن عامر البجلي قال عنه البخاري: منكر الحديث وكل ما قلت فيه: إنه منكر الحدث فلا تحل الرواية عنه.
ولعلك ترى من خلق ابن أبان لأحاديث الإرجاء أنه كان كذاباً وضاعاً يختلق الأسانيد والمتون كترويج بدعة الإرجاء وذلك من أقوى الأدلة على أن عبارة "يفتعل الحديث" تعد من الألفاظ الصريحة الدالة على الوضع.
فلان يزرف الحديث
هذا التعبير نقله قرة بن خالد السدوسي البصري الثقة في تجريح محمد بن السائب بن بشر الكلبي وكان يقول: كانوا يرون أن الكلبي يزرف أي كذب. وفي قوله: يزرف أي أنه كان يزيد في الحديث مثل في يزلف. قال عنه ابن حبان: كان شيئاً من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وإن رأوا سحابة قالوا: أمير المؤمنين فيها.
كان يثبج الحديث
هذا القول استعمله معمر بن راشد الأزدي في تجريح إسماعيل بن شروس.
والثبج اضطراب الكلام وتفننه، يعني لم يؤت به على الوجه الصحيح، لكن استعمال معمر بن راشد لهذا التعبير في إسماعيل بن شروس يفيد أنه كان يضع الحديث لأن هذا التعبير كناية عن الوضع.
كان مجالدٌ يجلد في الحديث
هذا من قول الشافعي في تجريح الرواة وهو نوع من تخفيف الجرح وتجنب الألفاظ الشديدة التي يستعملها بعض الأئمة النقاد.
قال إبراهيم المزني: سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول فلان كذا، فقال: يا إبراهيم اكسُ(1/46)
ألفاظك أحسنها فلا تقل فلان كاذب ولكن قل: حديثه ليس بشيء. وقال عن حرام: الرواية عنه حرام ولم يقل: كذاب وكان رضي الله عنه يدعو على بعض الرواة ولم يصرح بتكذيبهم. ذكر له أبو جابر البياضي فقال: بيض الله عيني من يروي عنه.
هو عصا موسى تلقف ما يأفكون
انفرد بهذا القول "مطين" حيث جرح به الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وقد أوضح "مطين" هذا التعبير فقال عن ابن أبي شيبة المذكور: "كذاب ما زلنا نعرفه بالكذب مذ هو صبي".
وهذا القول من مطين من المنافسة التي تقع بين الأقران. قال أبو: نعيم: وقع بين ابن أبي شيبة ومطين كلام حتى خرج كل واحد منهما إلى الخشونة والوقيعة في صاحبه.
حمالة الحطب، حاطب ليل
هذا من استعمالات الناقد يحيى بن معين في تجريح النضر بن منصور الباهلي ويقال: العنزي، ويقال: الغنوي. قال عنه ابن معين: ليس بثقة، كذاب.
وحمالة الحطب أم جميل زوجة أبي لهب في سورة "المسد"يضرب بها المثل في الخسران، فيقال: أخسر من حمالة الحطب.
كما استعمل تعبير "حاطب ليل" سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى الدمشقي الثقة الثبت في سعيد بن بشير الأزدي مولاهم أبو عبد الرحمن البصري، حيث قال عنه: كان حاطب ليل، وإنما شبهه بحاطب الليل؛ لأنه ربما نهشته الحية أو العقرب أثناء احتطابه ليلاً؛ فكذلك المكثر من الكلام ربما يتكلم بما فيه هلاكه.
قال ابن عدي: له عند أهل دمشق تصانيف ولا أرى بما يرويه بأساً، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق.
قد فرغ منه منذ دهر
هذا التعبير استعمله الجوزجاني في تجريح حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر البزار الكوفي القارىء "ت 180 هـ" وهذا الحديث كناية عن تجريحه وترك حديثه، ولم ينفرد الجوزجاني في تضعيفه لحفص بن ضعفه أيضاً معظم النقاد.
هذه بعض ألفاظ الجرح والتعديل وطولت في بعضها تطويلاً غير ممل، واختصرت البعض الآخر اختصاراً غير مخل، لعلها تكون مناراً هادياً للمشتغلين بعلوم الحديث راجياً الله أن يتقبلها بقبول حسن إنه على ما يشاء قدير.(1/47)
ألفاظ الأداء
لقد تَعَرّضَتْ نسخ مخطوطات الكتاب لتبديل لفظ: "أخبرنا" للفظ "حدثنا"، وبالعكس، وكذا لبعض ألفاظ الأداء عند المحدثين من أجل ذلك آثرنا ذكر هذا الباب تعميماً للفائدة فللأداء ألفاظ يؤدي بها مثل: سمعت، وسمعنا، حدثنا وحدثني، أخبرنا وخبرنا، وأخبرني، أنبأنا وأنبأني، قال لنا فلان، وذكر لنا، عن وإن وقال، قرأت على فلان أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به، حدثنا فلان قراءة عليه، وأخبرنا قراءة عليه، حدثنا فلان إجازة، أو أخبرنا مناولة، أو حدثنا مناولة أو أخبرنا إذناً أو في إذنه، أو فيما أطلق لي روايته عنه، أو أنبأنا إجازة، أجاز لي فلان أو أجازني كذا وكذا، أو ناولني، وما أشبه ذلك من العبارات، أخبرنا مشافهة، أو أخبرنا مكاتبة، أو أخبرنا فيما كتب إليّ أو في كتابه، أو كتب إليّ، أخبرنا فلان بأن فلاناً حدثه، أو أخبره، أخبرني مكاتبة أو كتابة، وجدت بخط، فلان أو قرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه، أخبرنا فلان بن فلان، ويذكر شيخه، ويسوق سائر الإسناد والمتن، أو وجدت أو قرأت بخط فلان، بلغني عن فلان أو وجدت عن فلان أو نحو ذلك من العبارات، أو قرأت في كتاب فلان بخطه، أو أخبرني فلان أنه بخطه، أو وجدت في كتاب ظننته أنه بخط فلان، أو في كتاب ذكر كاتبه أنه فلان ابن فلان، أو في كتاب قيل: إنه بخط فلان.
أما "سمعت وسمعنا": فمقتضى ما تفيده السماع من لفظ الشيخ، فلم يختلف أحد في جوازها في أدائه، ولكن اختلف هل هي خاصة به أو تجوز في غيره؟ فجوزها بعضهم في القراءة على الشيخ، والصحيح: لا يجوز.
ووقع في عبارة السلفي في كتاب "التسميع": سمعت بقراءتي، وهو تسامح خاص بالكتابة أو رأي يفصل بين التقييد والإطلاق.
وأما "حدثني وحدثنا": فلا خلاف أيضاً في جوازه في السماع من لفظ الشيخ، وهل يستعمل في غيره؟.
مذهب يمنع، ومذهب يجيز، وهؤلاء هم الذين جعلوا القراءة على الشيخ كالسماع من لفظه، ومنهم من أجازها في الرواية بالمناولة، وحكي عن قوم جوازها في الرواية بالإجازة، كما ذهب غير واحد إلى جواز إطلاقها في الرواية بالمكاتبة، بل أجازها بعضهم، فأطلق "حدثنا" في الوجادة، بل أطلق بعضهم "حدثنا" في غير ما تحمله عن الشيخ.
والذي صححه ابن الصلاح، وحكى الاختيار عليه، وهو الذي عليه عمل الجمهور، المنع من إطلاق استعمال "حدثنا" في الرواية بالمناولة فما بعدها.
والفرق بين "سمعت" و"سمعنا"، و"حدثنا" أن السماع لا يقتضي قصد الشيخ له(1/48)
بالتحديث، والتحديث يقتضيه، و"سمعت" و"حدثني" تقتضي أنه لم يكن معه غيره، و"سمعنا" و"حدثنا" تقتضي أن يكون معه غيره.
وأما "أخبرنا" و"خبرنا" و"أخبرني" فكانت في الاستعمال الأول مثل: "حدثنا" قبل أن يشيع تخصيص "أخبرنا" بما قرئ على الشيخ.
ومنع منها ومن "حدثنا" في القراءة على الشيخ- ابن المبارك في آخرين، ومنهم من أجاز "أخبرنا"، ومنع "حدثنا" وفرق بينهما في ذلك.
وقال صاحب كتاب الإنصاف: إن ذلك مذهب الأكثرين من أصحاب الحديث الذين لا يحصيهم أحد، وإنهم جعلوا "أخبرنا" علماً يقوم مقام قائله: "أنا قرأته عليه" إلا إنه لفظ به لي.
قال ابن الصلاح: والفرق بينهما صار هو الغالب على أهل الحديث.
أما إطلاق "أخبرنا" والمناولة والمكاتبة والوجادة- فمن أجاز إطلاق "حدثنا" أجازها، ومن منع منعها، غير أن بعضهم كان يخصص "حدثنا" في السماع، و"أخبرنا" في الإجازة، وممن فعل ذلك أبو نعيم.
قال ابن الصلاح: والصحيح المختار الذي عليه عمل الجمهور، وإياه اختار أهل التحري والورع، المنع في ذلك من إطلاق "حدثنا" و"أخبرنا" ونحوهما من العبارات، وتخصيص ذلك بعبارة تشعر به، بأن يقيد هذه العبارات فيقول: "أخبرنا" أو "حدثنا" فلان مناولة، أو إجازة، أو "أخبرنا" إجازة، أو "أخبرنا" مناولة أو "أخبرنا" إذناً، أو في إذنه، أو فيما أذن لي فيه، أو فيما أطلق لي روايته عنه، أو يقول: أجاز لي فلان، أو أجازني فلان، كذا وكذا، أو ناولني فلان، وما أشبه ذلك من العبارات.
وأما الفرق بين "أخبرنا" و "أخبرني"، فما قرىء على المحدث وهو حاضر، فإنه يقول: "أخبرنا" وأما ما قرأ على المحدث بنفسه، فيقول: "أخبرني" فلان.
وخصص الأوزاعي الإجازة بقوله: "خبّرنا" بالتشديد، والقراءة عليه بقول: "أخبرنا".
وأما "أنبأني" و"أنبأنا" فقد كان استعمالها مثل "أخبرني"، و"أخبرنا" غير أن المتأخرين أطلقوا "أنبأنا" في الإجازة، وسار عليه عمل الناس.
وقال الحاكم: الذي أختاره وعَهِدْتُ عليه أكثر مشايخي، وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث، فأجاز له روايته شفاها: "أنبأني" فلان، وفيما كتب إليه المحدث ولم يشافهه بالإجازة: كتب إليّ فلان.
وأما "قال لنا" و"ذكر لنا" فلان، فهو من قبيل "حدثنا" فلان؛ غير أنه لائق بما سمعه في المذاكرة، وهو به أشبه من "حدثنا".(1/49)
وقال بعضهم: متى قال البخاري: "قال لي" و"قال لنا"، فاعلم أنه إسناد لم يذكره للاحتجاج به، وإن ذكر للاستشهاد به، وقال أبو جعفر النيسابوري: كل ما قال البخاري: "قال لي" فلان فهو عرض ومناولة.
وقال ابن الصلاح: وكثيراً ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات، وأحاديث المذاكرة قَلَّمَا يحتجون بها.
وأما "عدا" و"أن"، و"قال" و"ذكر"، فإنها محمولة على السماع إذا عرف اللقاء، وبرىء الراوي من وصمة التدليس عند البخاري.
فإذا ورد عمن عرف من حاله أنه لا يقول: "قال فلان"، إلا فيما سمعه منه حمل عليه.
أما عند مسلم: فهي محمولة على السماع متى ثبتت المعاصرة، وأمكن اللقاء، ولم يكن مدلساً.
واشترط أبو مظفر السمعاني طول الصحبة بينهما.
واشترط أبو عمرو الداني معرفته بالرواية عنه.
واشترط أبو الحسن القابسي أن يدركه إدراكاً بيناً.
قال شيخ الإسلام: "من حكم بالانقطاع مطلقاً شدد، ويليه من شرط طول الصحبة، ومن اكتفى بالمعاصرة سهل، والوسط الذي ليس بعده إلا التعنت مذهب البخاري، ومن وافقه". وكثر في الأعصار المتأخرة استعمال "عن" في الإجازة، فإذا قال أحدهم: "قرأت على فلان" عن فلان فمراده أنه رواه عنه بالإجازة، وكذلك "أن"، فيقولون في الإجازة: "أخبرنا فلان أن فلاناً"، و"أنَّ" مثل "عن" عند الجمهور، وقال بعضهم: إنها محمولة على الانقطاع حتى يتبين السماع.
وحقق الخطيب أن "قال" ليست مثل "عن" فإن الاصْطِلاَحَ فيها مختلفٌ، فبعضهم يستعملها في السماع دائماً؛ كحجاج بن موسى المصيصي الأعور، وبعضهم بالعكس، لا يستعملها إلا فيما لم يسمعه دائماً، وبعضهم تارة كذا وتارة كذا كالبخاري، فلا يحكم عليها بحكم مطرد، ومثل "قال" "ذكر"، واستعملها أبو قرة في "سننه" في السماع.
قال ابن الصَّلاح: وربما دلس بعضهم، فذكر الذي وجد خطه، وقال فيه: عن فلان أو قال فلان، وذلك تدليس قبيح إذا كان بحيث يوهم سماعه منه.
وإذا وجدنا حديثاً في تأليف شيخ، فله أن يقول: "ذكر" فلان أو "قال" فلان: "أخبرنا" فلان، أو "ذكر" فلان "عن" فلان، وهذا منقطع لم يأخذ شطراً من الاتصال، وهذا إذا وثق بأنه كتابه.(1/50)
وأما "قرأت" على فلان، أو "قرىء"على فلان، وأنا أسمع، فأقرّ به فهما الأصل في أداء ما تحمله المحدث بالقراءة على الشيخ، الأولى فيما قرأه بنفسه، والثانية فيما قرأ غيره وهو يسمع، ويليهما "أخبرنا" قراءة، و"حدثنا" قراءة.
وأما "حدثنا" فلان إجازة، و"أخبرنا" إجازة، أو "أخبرنا" إذناً، أو في إذنه، أو فيما أطلق لي روايته عنه، أو "أنبأنا" إجازة، فكل هذا خاص بالإجازة؛ كأجازني، وأجاز لي.
وأما "حدثنا" مناولة، أو "أخبرنا" أو "ناولني" فهو خاص بالمناولة.
وأما "أخبرنا" مشافهة أو "أخبرنا" مكاتبة، أو فيما كتب إليّ، أو في كتابته، فقد خصه قوم بالإجازة إذا كان قد أجاز بخطه، فهذا وإن تعارفه في ذلك طائفة من المحدثين المتأخرين، فلا يخلو عن طرف من التدليس؛ لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما إذا كتب إليه ذلك الحديث بعينه، ومنع منه -لذلك- أبو المظفر الهمداني.
ولكن بعد أن صار اصطلاحاً عرى من ذلك، فلا منع.
وأما "كتب إليّ فلان" فهذا خاص بالمكاتبة، وعليه "أخبرني" به مكاتبة، أو في كتابه، أو نحو ذلك من العبارات.
وأما "وجدت" بخط فلان، أو "قرأت" بخط فلان، أو في كتاب فلان -فهذا وما أشبهه هو الذي استمر عليه العمل قديماً وحديثاً فيما تحمل بطريق الوجادة فيما إذا وثق بأنه خطه.
وأما "بلغني عن فلان" أو "وجدت عن فلان" وما أشبهه -فهو فيما إذا يثق بأنه خطه أو كتابه.
هذه هي ألفاظ الأداء، ويمكنك أن تعلم مما تقدم أنها على مراتب في كل نوع من أنواع التحمل الذي يجوز استعمالها فيه.
ما ينبغي أن يفعله الراوي عند الأداء:
جرت العادة أن يحذف كتاب الحديث لفظة "قال" أو "قيل له: أخبرك فلان"، ولفظة "أنه" أو "أنه قال"، ينبغي في كل هذا أن يأتي بها المؤدي لفظاً، وإن حذفت خطأ.
واختلفوا فيما إذا لم يأت بها، هل يبطل السماع؟
قال النووي: تركها خطأ، والظاهر صحة السماع.
وتأتي "قال" تفسيراً لكلمة "حدثنا" و"أخبرنا"، فإذا قال: "حدثنا فلان حدثنا فلان" تقول أنت بعد حدثنا الأولى: "قال: حدثنا"، وكذلك "خبرنا"، وكذلك "أنبأنا".
وتأتي "قيل له: أخبرك فلان" فيما إذا كان في أثناء الإسناد: "قرىء على فلان: أخبرك فلان" فالمؤدي يقول: قرىء على فلان: قيل له: أخبرك فلان".(1/51)
إما إذا كان "قرىء على فلان: حدثنا فلان"، فيقول المؤدي: قرىء على فلان: قال: "حدثنا فلان".
وإذا تكررت "قال" حذفوا إحداهما في الكتابة، فينبغي للمؤدي الإتيان بها مثل: "حدثنا صالح بن حيان قال الشعبي، فتقول: حدثنا فلان قال: قال".
وتحذف لفظة "أنه" بعد "عن" مثل: "عن عطاء بن ميمون سمع أنساً" فيقول المؤدي: أنه سمع، أو أنه قال، مثل: حدثني مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول المؤدي: حدثني مالك قال: عن ابن شهاب أنه قال: عن حميد بن عبد الرحمن أنه قال عن أبي هريرة.
وتارة يقتصر على الرمز، فيؤديه المؤدي كاملاً، فحدثنا يرمز إليها "ثنا" فيقرؤها "حدثنا"، ومنهم من يحذف الثاء، ويكتبها "نا" فيقرؤها المؤدي: "حدثنا" وبعضهم يزيد أول الرمز "دثنا" فيقرؤها: "حدثنا"، ومثلها "ثني"، و"دثني".
و"أخبرنا" يكتبها "أنا" فيقرؤها "أخبرنا"، وقد يزيدون راء بعد الألف: "أرنا"، فتقرأ:"أخبرنا".
أما "أخبرني" و "أنبأنا" و"أنبأني" فلم يرمزوا إليها بشيء.(1/52)
تعريف التخريج
معنى مادة "خ رج" في اللغة تدور حول معنى الظهور والبروز وإليك نقل أهل اللغة في هذه المادة:
قال ابن منظور في "اللسان": خرجت خوارج فلان إذا ظَهَرَتْ نجابته.
وفيه أيضاً: خرجت السماء خروجاً إذا أصحت بعد إغامتها.
ومنه: خروج الأديب ونحوه: يقال: خرج فلان في العلم والصناعة.
خروجاً: نبغ، وخرّجه في الأدب تخريجاً: أي أدَّبه، كما يخرج المعَلِّم تلميذَه كذا في "تاج العروس".
في "المعجم الوسيط": خَرَجَ يخرُجُ خروجاً: برز من مقره أو حاله وانفصل.
وقال المناوي في "فيض القدير"1: التخريج من خرج العمل تخريجاً، واخترعه بمعنى استخرجه.
__________
1 "فيض القدير" 1/20.(1/52)
قال الزمخشري: ومن المجاز خرج فلان في العلم والصناعة خروجاً إذا نبغ وخرجه واخترعه بمعنى استخرجه.
واصطلاحاً:
تطلق الكلمة على معنيين هما:
الأول: ذكر مؤلف الكتاب الحديث بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون في هذا: "هذا الحديث خرّجه- أو: أخرجه- فلان".
قال القاسمي: كثيراً ما يقولون بعد سوق الحديث: خرّجه فلان، أو أخرجه بمعنى ذكره. فيقولون: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا المعنى هو المنطبق على الكتب الستة وأصحاب المعاجم والمسانيد ونحوهم، وهي الكتب الأصلية المعتمدة في الحديث.
الثاني: يطلق على عزو الحديث إلى مصادره الأصلية مع الحكم عليه، وهو ما عَرَّف به المناوي التخريج فقال: عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث من الجوامع والسنن والمسانيد.
وهذا المعنى الأخير لم يعرف بين أهل العلم في هذا الفن إلا في مرحلة متأخرة ولعل ذلك يرجع إلى أن السنّة أولاً قد دفنت واستقرت في بطون الكتب ثم أصبح الناس بعد ذلك في حاجة إلى عزو الحديث إلى هذه الكتب والمصادر الأساسية لعزو الحديث.
وأمر آخر وهو أن الكتب الشرعية كثرت وتنوعت وأصبح المؤلف يذكر الحديث بدون عزوٍ ولا حكم على الحديث فتطلع الناس إلى معرفة المصدر الأساسي للحديث والحكم عليه.(1/53)
علم التخريج
لقد تنوعت وتعددت فوائد علم التخريج، ولقد أحسن جمعها الأستاذ الدكتور الشيخ عبد المهدي في كتابه طرق تخريج حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: فوائد التخريج كثيرة وكيف لا وبه يمكن الوصول إلى كنوز السنة، وبدونه يحرم المرء من ذلك؟.
وسأذكر هنا- بمشيئة الله تعالى- أشهرها. وهي:
1- معرفة مصدر أو مصادر الحديث: فبالتخريج يستطيع الباحث أن يعرف مَنْ أخرج الحديث من الأئمة، ومكان هذا الحديث في كتب السنّة الأصلية.
2- جمع أكبر عدد من أسانيد الحديث: فبالتخريج يتوصل الباحث إلى موضع أو مواضع الحديث من الكتاب الواحد أو الكتب المتعددة، فيعرف مثلاً أماكن وروده في "صحيح(1/53)
البخاري"، وقد تكون متعددة، ويعرف أيضاً أماكن وروده عند غير البخاري، وفي كل موضع يعرف الإسناد فيكون قد حصل على أسانيد متعددة للحديث.
3- معرفة حال الإسناد بتتبع الطرق: فبالوصول إلى طرف الحديث يمكن مقابلتها ببعضها فيظهر ما فيها من انقطاع أو إعضال ... إلخ.
4- معرفة حال الحديث بناء على كثير من الطرق: فقد نقف على الحديث من طريق ما ضعيفاً، وبالتخريج نجد له طرقاً أخرى صحيحة. وقد نقف له على إسناد منقطع فيأتي -بالتخريج- ما يزيل هذا الانقطاع.
5- ارتقاء الحديث بكثرة طرقه: فقد يكون معنا حديث ضعيف، وبالتخريج نجد له متابعات وشواهد تقويه، فتحكم له بالحسن بدل الضعف.
6- معرفة حكم أو أحكام الأئمة على الحديث: وأقوالهم فيه، من حيث الصحة وغير ها.
7- تمييز المهمل من رواة الإسناد: فإذا كان في أحد الأسانيد راوٍ مهمل، مثل "عن محمد" أو "حدثنا خالد" فبتخريج الحديث والوقوف على عدد من طرقه، قد يتميز هذا المهمل، وذلك بأن يذكر في بعضها مميزاً.
8- تعيين المبهم في الحديث: فقد يكون معنا راوٍ مبهم أو رجل في المتن مبهم مثل "عن رجل" أو "عن فلان" أو "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم" فبتخريج الحديث نقف على عدد من طرقه، وقد يكون في بعضها تعيين هذا المبهم.
9- زوال عنعنة المدلس: وذلك بأن يكون عندنا حديث بإسناد فيه مدلس يروي عن شيخه بالعنعنة -مما يجعل الإسناد منقطعاً- وبالتخريج يمكن أن نقف عن طريق آخر، يروي فيه هذا المدلس عن شيخه بما يفيد الاتصال، كـ "سمعت" و"حدثنا" و"أخبرنا". مما يزيل سمة الانقطاع عن الإسناد.
10- زوال ما نخشاه من الرواية عمن اختلط: فإذا كان معنا حديث في إسناده من اختلط، ولا ندري هل الراوي عنه في إسنادنا هذا روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، فبالتخريج قد يتضح ذلك كأن يصرح في بعض الطرق بأن هذا الراوي روى عنه قبل الاختلاط، أو أن يرويه عنه راوٍ لم يسمع منه إلا قبل الاختلاط، مما يؤيد الحديث الذي معنا، ويفيد أنه ليس مما اختلط فيه.
11- تحديد من لم يحدد من الرواة: فقد يذكر الراوي في إسناد معنا بكنيته أو لقبه أو نسبته، ويشاركه في هذه- الكنية أو اللقب أو النسبة- كثيرون مما يجعل تحديده متعذراً، فبالتخريج قد نعرف اسمه، بأن يذكر في إسناد أو أكثر باسمه صريحاً.(1/54)
12- معرفة زيادة الروايات: فقد تكون الرواية التي معنا غير مشتملة على ما يفيد الحكم صراحة، فبالتخريج نقف على بقية الروايات، وفي زياداتها ما يفيد في الحكم أو يفيد الحكم صراحة، أو به يتضح المعنى.
13- بيان معنى الغريب: فقد يكون في حديث لفظة غريبة، وبتخريجه من الروايات الأخرى تتضح هذه، بأن يأتي مكانها لفظة ليست غريبة، أو يشتمل على بيانها.
14- زوال الحكم بالشذوذ: فقد يحكم على حديث أو لفظة بالشذوذ، وبالتخريج- الذي يوقفنا على كثير من الروايات -يتضح لنا ورود هذا من غير هذا الطريق الذي يظن تفرد راوٍ به، مما يدفع القول بالشذوذ.
15- بيان المدرج: فقد يدرج الراوي كلاماً في المتن، وبالتخريج يمكن مقارنة الروايات، بما يبين الإدراج.
16- بيان النقص: فقد ينسى الراوي جزءاً من الحديث، أو يختصره، وبالتخريج يمكننا الوقوف على ما نسيه، أو اختصره.
17- كشف أوهام وأخطاء الرواة: فقد يخطىء الراوي أو يهم، وبالتخريج -الذي يوقفنا على عدد من الروايات- يتضح هذا.
18- معرفة الرواية باللفظ: فقد يروي راو الحديث بالمعنى، وبالتخريج نقف على رواية من رواه باللفظ.
19- بيان أزمنة وأمكنة الأحداث: فبجمع روايات الحديث قد يمكننا معرفة زمانه ومكانه إذ قد يذكر في بعضها ذلك.
20- بيان أعلام الحديث: فقد يردُ الحديث بسبب شخص أو أشخاص، وبالتخريج يمكننا جمع روايات هذا الحديث، والتي قد يتضح منها الشخص- أو الأشخاص- الذين ورد الحديث بسببهم.
21- معرفة أخطاء النساخ: فقد يخطىء الناسخ في الإسناد، أو في المتن، وبالتخريج يمكننا الوقوف على الروايات، وبها يتضح هذا الخطأ. وهذه الفائدة عظم شأنها في هذه الأيام لكثرة أخطاء النشر.
وبالجملة: فبالتخريج يمكن:
أ- جمع الطرق التي جاء الحديث منها.
ب- جمع ألفاظ متن الحديث.
وفي هذين من الفوائد الكثير والكثير. ولعله بعد ذكر هذا العدد من الفوائد يكون قد(1/55)
أتضح لك قدر التخريج وظهرت عظمة منزلته، وكبير فائدته، مما يجعلك تحرص عليه فهو مفتاح كنوز السنّة بلا ريب، ودليل بحارها بلا شك. نسأل الله الكريم من فضله أن يفتح لنا كنوز الكتاب والسنة، وأن يهدينا في بحارهما. انتهى كامله بنصه.(1/56)
الكتب المصنفة في تخريج الحديث:
خلّف لنا علماًء الإسلام تراثاً علميّاً ضخماً تزدان به المحافل العلمية ودور الكتب في شتى أنحاء العالم، ويتنوع هذا التراث ليشمل شتى الدراسات الإسلامية والعربية، من دراسات فقهية، وأحكام أصولية، وتفسيرات متعددة للقرآن الكريم، ومؤلفات تهتم بالسيرة النبوية، إلى غير ذلك من مجالات العلوم المختلفة، ومن هذه الدراسات تلك الكتب التي خطها قدماؤنا، والتي تدور حول تخريج الأحاديث النبوية، وتتنوع كتب تخريج الحديث لتشمل المؤلفات الفقهية، ومؤلفات أصول الفقه، والسيرة النبوية، وتفسير كتاب الله عز وجل، وكتب الحديث النبوي نفسه وعلومه، وفي السطور التالية نقدم عرضاً موجزاً للكتب التي قامت بتخريج الأحاديث:
1- تخريج أحاديث "الأم" للبيهقي المتوفى سنّة "458" وهو أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، الإمام الحافظ الكبير، أبو بكر البيهقي سمع الكثير ورحل وجمع وصنف، مولده سنة "384"، تفقه على ناصر العمري، وأخذ علم الحديث عن أبي عبد اللَّه الحاكم، وكان كثير التحقيق والإنصاف، قال إمام الحرمين: ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا البيهقي، فإن له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرة مذهبه، ومن تصانيفه أيضاً "السنن الكبير"، و"السنن الصغير"، و"دلائل النبوة" وغيرها.
2- التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي المتوفى سنّة "744" هو: عبد الرحمن بن على بن محمد الجوزي القرشي، البغدادي أبو الفرج: علامة عصره في التاريخ والحديث، كثير التصانيف مولده ووفاته ببغداد.
قال عنه الذهبي: "وكان ذا حظ عظيم وصيت بعيد في الوعظ، يحضر مجالسه الملوك والوزراء وبعض الخلفاء والأئمة والكبراء، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة". ومن تصانيفه الكتاب المذكور.
3- "نصب الراية" في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي المتوفى سنّة 762 هـ.
هو الإمام- الفاضل البارع، المحدث المفيد، الحافظ المتقن، جمال الدين أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الزيلعي رحمه الله.
قال تقي الدين بن فهد المكي في ذيل "تذكرة الحفاظ"- للذهبي: تفقه، وبرع، وأدام النظر والاشتغال، وطلب الحديث، واعتنى به، فانتقى، وخرّج، وألف، وجمع.(1/56)
قال في "الدرر" يعني به الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة": ذكر لي- شيخنا العراقي- أنه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية، لتخريج الكتب التي كنا قد اعتنيا بتخريجها، فالعراقي لتخريج أحاديث الإحياء، والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في الأبواب، والزيلعي لتخريج أحاديث الهداية. والكشاف، فكان كل منهما يعين الآخر؛ ومن كتاب الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية استمد "الزركشي" في كثير مما كتبه من تخريج أحاديث الرافعي. وهو مطوع متداول بين أهل العلم.
4- تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في "الكشاف" للزيلعي المتوفى سنّة "762هـ" وقد تقدم.
5- تخريج أحاديث المنهاج للبيضاوي لتاج الدين السبكي المتوفى سنّة "771هـ".
وهو: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام، العلاَّمة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر بن الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن الأنصاري الخزرجي السبكي. مولده بالقاهرة "727" واشتغل على والده وعلى غيره وقرأ على الحافظ المزي ولازم الذهبي. قال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض قبله وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله. من تصانيفه أيضاً "رفع الحاجب عن مختصر أبي الحاجب" "شرح المنهاج البيضاوي" و"الطبقات الصغرى" و"الترشيح".
6- إرشاد الفقيه إلى أدلة "التنبيه" لابن كثير المتوفى سنّة "774".
وهو: إسماعيل بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن ذرع، القرشي، البصري، الدمشقي.
مولده سنة "701" وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبي الحجاج المزي ولازمه وأخذ عنه وقرأ الأصول على الأصفهاني وصنف في صغره كتاب "الأحكام على أبواب التنبيه" ومن تصانيفه أيضاً التأريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير. ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية.
7- تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب لابن كثير المتوفى سنّة "774" وقد تقدم، وهو كتاب مطوع متداول بين أهل العلم.
8- الذهب الإبريز في تخريج أحاديث "فتح العزيز" للزركشي المتوفى سنة "794 هـ".
وهو: محمد بن بهادر بن عبد الله، العالم العلاّمة، المصنف المحرر، بدر الدين أبو عبد الله المصري، الزركشي. مولده سنّة "45"، أخذ عنه، لشيخين جمال الدين الإسنوي وسراج الدين البلقيني ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين الأذرعي وتخرج بمغلطاي في الحديث. كان فقيهاً أصولياً، أديباً، فاضلاً في جميع ذلك.(1/57)
ومن تصانيفه أيضاً تكملة "شرح المنهاج" للإسنوي.
9- المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر للزركشي المتوفى سنّة "794 هـ". وقد تقدم، وهو كتاب مطبوع.
10- "كشف المناهيج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح" للمناوي المتوفى سنة "803هـ".
وهو: محمد بن إبراهيم بن إسحاق السلمي المناوي ثم القاهري، الشافعي، صدر الدين، أبو المعالي: قاض، عالم بالحديث. من أهل القاهرة، ناب في الحكم، وولي إفتاء دار العدل، ثم قضاء الديار المصرية استقلالاً سنّة "791" وحمدت سيرته. وصرف بعد شهرين، وأعيد. ومن تصانيفه الكتاب المذكور.
11- "البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير" للرافعي لابن الملقن وهو أصل "تلخيص الحبير" وقد طبع من هذا الكتاب عدة أجزاء ولم يكمل بعد.
وهو: عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، عمدة المصنفين، سراج الدين أبو حفص الأنصاري، المعروف بابن الملقن، كان أبوه نحوياً معروفاً، ولد سنّة "723"، أخذ عن الإسنوي ولازمه، وعن غيره من شيوخ العصر، وسمع الحديث الكثير، ومهر في الفنون. من تصانيفه أيضاً "شرح زوائد مسلم" و"زوائد أبي داود" وغيرها، و"شرح منهاج البيضاوي"، وعمل "الأشباه والنظائر".
12- "خلاصة البدر المنير" لابن الملقن المتوفى سنّة "854 هـ".
وقد تقدم ترجمته، وهو كتاب مطبوع متناول بين أهل العلم.
13- "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج" لابن الملقن المتوفى سنّة "804 هـ" وهو كتاب مطبوع متداول بين أهل العلم.
14- تذكرة الأخيار بما في "الوسيط من الأخبار" لابن الملقن المتوفى سنّة "804 هـ" وقد تقدم ترجمته.
15- "المحرر المذهب في تخريج أحاديث المهذب" لابن الملقن سنّة "804 هـ" وقد تقدم ترجمته.
16- "تخريج تقريب الأسانيد" للعراقي المتوفى سنّة "826".
وهو: أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، ولي الدين أبو زرعة بن الحافظ زين الدين العراقي، ولد سنّة "762"، سمع من القلانسي، واستجاز من أبي الحسن الفرضي وأسمعه أبوه من كثير من المسندين، ثم طلب بنفسه وهو شاب، وقرأ(1/58)
الكثير، وصاهر نور الدين الهيثمي، وهو مع ذلك ملازم للاشتغال بالفقه، والعربية، والفنون، حتى مهر واشتهر، وصنف أيضاً: تحرير الفتاوى، وشرح "جمع الجوامع" للسبكي، وله ذيل مطبوع على الكاشف للذهبي.
17- المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للعراقي المتوفي سنة "826هـ" وقد تقدم.
18- الكاف الشاف في تخريج أحاديث "الكشاف" لابن حجر المتوفي سنة "852هـ"، وقد أفردنا له ترجمة خاصة.
19- الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر المتوفى سنة "852هـ" وقد أفردنا له ترجمة خاصة.
20- "هداية الرواة في تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة" لابن حجر المتوفى سنة "852هـ" وقد أفردنا له ترجمة خاصة.
21- "تخريج أحاديث الأذكار" لابن حجر المتوفى سنة "852هـ" وقد أفردنا له ترجمة خاصة.
22- "التعريف والأخبار بتخريج أحاديث الاختيار" لابن قطلوبغا المتوفى سنة "879".
هو: قاسم بن قطلوبغا، زين الدين أبو العدل السودوني الجمالي عالم بفقه الحنفية، مؤرخ، باحث، مولده ووفاته بالقاهرة. قال السخاوي في وصفه: "إمام علاّمة، طلق اللسان، قادر على المناظرة مغرم بالانتقاد".
ومن تصانيفه الكتاب المذكور.
23- "تخريج أحاديث أصول البزدوي" لابن قطلوبغا المتوفى "879هـ".
24- "تخريج أحاديث الشفا" لابن قطلوبغا المتوفى سنة "879" وقد تقدم.
25- "تخريج أحاديث تفسير السمر قندي" لابن قطلوبغا المتوفى سنة "879" ذكره في الرسالة المستطرقة، وقد تقدم.
26- "نشر لاعبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير" للسيوطي المتوفى سنة "911".
وهو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي جلال الدين: إمام حافظ مؤرخ أديب. له نحو "600" مصنف. منها: "الكتاب الكبير" و "الرسالة الصغيرة" ومن مؤلفاته "نشر العبير" وهو الكتاب المشار إليه.(1/59)
29- "مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا" للسيوطي المتوفى سنة "911" وهو كتاب مطبوع في مصر.
30- "فلق الإصباح في تخريج أحاديث الصحاح" للسيوطي المتوفى سنة "911" وقد تقدم.
31- "تخريج شرح العقائد النسفية" للسيوطي المتوفى سنة "911 هـ" وقد تقدم.
32- "تخريج أحاديث شرح المواقف" للسيوطي المتوفى سنة "911 هـ" وقد تقدم.
33- "تخريج أحاديث الكفاية" في فقه الشافعية للسيوطي المتوفى سنة "911هـ" وقد تقدم.
34- "فرائد القلائد في تخريج أحاديث شرح العقائد" لملا علي القاري المتوفى سنة "1014هـ".
هو: علي بن سلطان محمد، نور الدين الملاّ الهروي القاري: فقيه حنفي، من صدور العلم في عصره. ولد في هراة وسكن مكة وتوفي بها. قيل: كان يكتب في كل عام مصحفاً وعليه طرر من القراآت والتفسير فيبيعه فيكفيه قوته من العام إلى العام. وصنف كتباً كثيرة منها الكتاب المذكور.
35- "تخريج الأحاديث والآثار" التي وردت في "شرح الكافية" لعبد القادر البغدادي المتوفى سنة 1093 هـ.
وهو: عبد القادر بن عمر البغدادي: علامة بالأدب والتاريخ والأخبار. ولد وتأدب ببغداد. وأولع بالأسفار، فرحل إلى دمشق ومصر وأدرنة. وجمع مكتبة نفيسة. وتوفى في القاهرة. كان يتقن آداب التركية والفارسية.
36- "تخريج الأحاديث الواقعة في التحفة الوردية" لعبد القادر البغدادي المتوفى سنة "1093 هـ" وقد تقدم.
37- "تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي" لابن همات المتوفى "1175".
وهو: محمد بن حسن المعروف بابن همات أو محمد همات زادة، الدمشقي: من علماء الحديث، تركماني الأصل، قسطنطيني، ولد في دمشق، ورحل إلى مكة، فجاور بها، ثم سافر إلى القسطنطينية.
38- "إدراك الحقيقة في تخريج أحاديث الطريقة" "للبركوي" لعلي بن حسن المصري.(1/60)
ترجمة الإمام الرافعي 1 صاحب "الشرح الكبير"
اسمه ونسبه ومولده:
عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل بن الحسين بن الحسن الإمام العلامة إمام الدين وشيخ الشافعية عالم العجم والعرب أبو القاسم القزويني الرافعي.
القزويني2: نسبة إلى قزوين، وهي إحدى المدائن بأصبهان يقال: بها باب الجنة.
والرافعي: هذه النسبة لرافعان: بلدة من بلاد قزوين، قال النووي.
قال الإسنوي: سمعت قاضي القضاة جلال الدين القزويني يقول: إن "رافعان" بالعجمي مثل "الرافعي" بالعربي، فإن الألف والنون في آخر الاسم عند العجم كياء النسبة في آخره عند العرب، فرافعان نسبة إلى رافع قال: ثم إنه ليس بنواحي قزوين بلدة يقال لها: رافعان، ولا رافع، بل هو منسوب إلى جد له يقال له: رافع.
قال الإسنوى: حكى بعض الفضلاء عن شيخه، قال سألت القاضي مظفر الدين قاضي قزوين، إلى ماذا نسبه الرافعي؟ فقال: كتب بخطه، وهو عندي في كتاب "التدوين في أخبار قزوين" إنه منسوب إلى رافع بن خديج رضي الله عنه.
وحكى ابن كثير قولاً إنه منسوب إلى أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا، رقد ولد الإمام الرافعي رحمه الله سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وللإمام الرافعي- رحمه الله- من الأولاًد ولد ذكر، اسمه: محمد. ولقبه: عزيز الدين وبنت، ذكر أبو سعد المنسي، النسوي في "تاريخ خوارزم شاه": أن الإمام أبا القاسم الرافعي كانت له بنت، تزوجها رجل من مشايخ "قزوين" وأولدوها أولاداً كثيرة.
وقرأت على الشيخ صلاح الدين- أبقاه الله- قال: رأيت بدمشق سنة أربعين وسبعمائة امرأة حضرت عند قاضي القضاة، تقي الدين السبكي، عجمية، فصيحة اللسان، ذكرت أنها من نسل الإمام الرافعي، وكانت تحفظ "عقيدته" التي صنفها، فقرأت منها قطعة، وهي عقيدة بديعة على
__________
1 تنظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" 22/252 "139" و"طبقات السبكي" 8/281 و"طبقات ابن هداية" ص 218 و"طبقات ابن قاضي شهبة" 2/75 و "شذرات الذهب" 5/108 و"تهذيب الأسماء واللغات" 2/264 و"العبر" 5/94 و"فوات الوفيات" 2/7 و"مرآة الجنان" 4/56، و "النجوم الزاهرة" 6/266 و "تاريخ ابن الوردي" 2/148 و"مفتاح السعادة" 1/443، 2/213، "طبقات الإسنوي" 1/281، "الأعلام" 4/55.
2 ينظر: "الأنساب" 4/493 "معجم البلدان" 5/389.(1/61)
طريقة أهل السنة، بعبارة فصيحة على عادته- رحمة الله عليه-.
أما والده فهو1: أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن الفضل، الرافعي، القزويني، يقال له: "بابويه".
سمع ببلده من: أبي علي، الحسن بن أحمد الهمذاني، قدم عليهم. ومن ملكداذ بن علي بن أبي عمرو، وببغداد من: أبي منصور بن خيرون، وأبى الفضل الأوموي، وأبي عبد الله بن الطرائفي، وسعد الخير الأنصاري. وبنيسابور من: أبي الأسعد القشيري، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي في آخرين.
وقال ولده: الإمام الرافعي في "أماليه": "والدي أبو الفضل، ممن خُصّ بعفة الذيل، وحُسن السيرة، والجدِّ في العلم والعبادة، وذلاقة اللسان، وقوة الجنان، والصلابة في الدين، والمهابة عند الناس، والبراعة في العلوم: حفظاً، وضبطاً. ثم: إتقاناً، وبياناً، وفهماً ودراية. ثم: أداء ورواية.
سمع الحديث، وتفقه بـ "قزوين" في صِباه، ثم سافر إلى الري، فسمع وتفقه، ثم ارتحل إلى بغداد، فسمع، وتففه، وحج منها، ثم انتقل إلى نيسابور، فضل على الإمام محمد بن يحيى، وسمع الحديث الكثير.
وكان مشايخه يوقرونه، لحسن سيره، وشمائله، ووفور فضله، وفضائله.
ولما عاد إلى "قزوين" أقبلت عليه المتفقهة، فدرّس، وأفاد، وذاكر وذكر، وقسر، وروى، وصنف: في التفسير، والحديث، والفقه، وانتفع به الخواص والعوام.
ثم استأثر الله- تعالى- به في شهر رمضان، سنّة ثمانين وخمسمائة. ولعل الله يوفق لما في عزمي من جمع مختصر في مناقبه، أسميه بـ "القول الفصل في فضل ابن الفضل" اهـ.
وقال في المجلس الخامس من هذه "الأمالي": "والذي- رحمه الله- كان جيد الحفظ، سمعته صبيحة بعض الأيام يقول: سهرت البارحة فأجلت الفكر فيما أحفظه من الأبيات المفردة، والمقطعات فبلغت آلافاً".
وقال في المجلس العاشر منها: "سمعت عبد الرحيم بن الحسين المؤذن- وكان رجلاً صالحاً يؤذن في مسجده- يحكي: أن والدي- رحمه الله- خرج في ليلة مظلمة لصلاة العشاء، قال: وأنا على باب المسجد أنتظره، فحسبت أن في يده سراجاً، وتعجبت منه، لأنه لم يكن من عادته استصحابُ السراج، فلما بلغ المسجد لم أجد السراج، ودهشت وذكرت له ذلك من الغد فلم يعجبه وقوفي على الحال، وقال: أقبل على شأنك".
وقال في المجلس العاشر منها: "كتب سعد بن الحسن الكرماني لوالدي، رحمهما الله-
__________
1 "البدر المنير" 1/482.(1/62)
وكان سعد من أهل العلم، والفضل، والبيوتات الشريفة-:
يا أبا الفضل قد تأخرت عنا ... قأسأنا بحسن عهدك ظنا
كم تمنت تفسي صديقاً صدوقاً ... فإذا أنت ذلك المتمني
قبغصن الشباب لما تثنى ... وبعهد الصبا وإن بان عنا
كن جوابي إذا قرأت كتابي ... ولا تفل للرسول: كان وكنا
فبلغت أنه كان جوابه".
وقال في المجلس الخامس عشر: "كتب إلى والدي أبو سليمان الزبيري- حين عزم على السفر للتفقه-:
أبا الفضل هجرك لا يحمل ... ولست ملوماً بما تفعل
وإنك من حسنات الزمان ... وقدماً علينا بها يبخل
وقال الرافعي عن والدته في "أماليه"1:
"والدتي صفية بنت الإمام أسعد الركابي- رحمهما الله- كانت تروي الحديث عن إجازة جماعة من مشايخ "أصبهان"، و"بغداد" و"نيسابور" عني بتحصيل أكثرها: خالها أحمد بن إسماعيل".
قال: "لا أعرف امرأة في البلد كريمة الأطرافِ في العلم مثلها، فأبوها كان حافظاً للمذهب، والأقوال، والوجوه فيه، المستقرب منها، والمستبعد، ماهراً في الفتوى، مرجوعاً إليه.
وأما: زليخا بنت القاضي إسماعيل بن يوسف، كانت فقيهة يراجعها النساء، فتفتي لهن لفظاً وخطاً، سيّما فيما ينوبهن، ويستحين منه، كالعدة والحيض.
وأخواها: من معتبري الأئمة المشهورين في البلد: درج أكبرهما وأنساً في أجل الآخر. وزوجها: الإمام، والدي: قد أشرت إلى جمل من أحواله فيما تقدم.
وجدّها: القاضي إسماعيل بن يوسف: من أهل العلم، والحديث، والجدّ في العبادة، وكان قد تفقه على القاضي، الشهيد: أبي المحاسن الروياني، وسمع منه الحديث.
خالها: الإمام أحمد بن إسماعيل: مشهور في الآفاق.
قال في أثناء "أماليه"- بعد أن روى عنه حديثاً-: "هو أحمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس، الطالقاني، ثم القزويني، أبو الخير، إمام كثير الخير، موقر الحظ من علوم الشرع: حفظاً، وجمعاً، ونشراً بالتعليم، والتذكير، والتصنيف. وكان لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى، ومن تلاوة القرآن، وربما قرئ عليه الحديث وهو يصلي ويصغي إلى القارىء، وينبهه
__________
1 "البدر المنير" 1/487.(1/63)
إذا زل، واجتمع له من ذلك القبول التام، عند الخواص والعوام، والصيت المنتشر، والجاه والرفعة.
وتولّى تدريس النظامية ببغداد مدة، محترماً في حريم الخلافة، مرجوعاً إليه ثم آثر العودة إلى الوطن، واغتنم الناس رجوعه إليهم، واستفادتهم من علمه، وتبركوا بأيامه.
وسمع الكثير من الفراوي، وفهرست مسموعاته متداول، وكان يعقد المجلس للعامة في الأسبوع ثلاث مرات، إحداها: صبيحة يوم الجمعة، فتكلم على عادته يوم الجمعة، الثاني عشر من المحرم سنة تسعين وخمسمائة في قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [التوبة:129] .
وذكر أنها من أواخر ما نزل من القرآن، وعدد الآيات المنزلة آخراً منها:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... } [المائدة:3] . ومنها: سورة النصر. وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] .
وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عاش بعد نزول هذه الآية إلا سبعة أيام، ولما نزل من المنبر
حُم، وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى في الجمعة الأخرى، ولم يعش بعد ذلك المجلس إلاَّ سبعة أيام، وهذا من عجيب الاتفاقات.
وكأنه أُعْلِمَ بالحال، وبأنه حان وقت الارتحال، ودُفن يوم السبت ولقد خرجت من الدار بكرة ذلك اليوم، وأنا في شأنه متفكر، ومما أصابه منكسر، إذ وقع في خلدي من غير نية، وفكر وروية:
بكت العلوم بويلها وعويلها ... لوفاة أحمدها بن إسماعيلها
كأن احداً يكلمني بذلك.
وكانت ولادته سنة: ائنتي عشرة وخمسمائة، وهو مع كونه خال والدتى، أبوها من الرضاع أيضاً".
قال: "وابنها" المملي لهذه "الأمالي"- يعني الرافعي نفسه-: لا يخرج عن زمرة أهل العلم، ويحشر فيهم إن شاء الله تعالى، وكذا سائر بنيها".
قال: "ثم هي- يعني والدته- في نفسها متدينة خائفة، وبما لا بد منه من الفروض عارفة، قارئة لكتاب الله، كثيرة الخير، رقيقة القلب، سليمة الجانب، تحمل الكل، وترغب في المعروف، وتحسن إلى اليتامى، تلي خيراً، وتولي جميلاً ما استطاعت إليهما سبيلاً.
وكانت قد ابتليت بعدة بنات، أنفقت واسطة العمر عليهن، حتى استكملن من أدبهن، مضين لسبيلهن فتركنها ثكلى بهن، وللَّه ما أخذ، وله ما أعطى، ولا راد لما حكم وقضى".(1/64)
ثم ذكر أحاديث وشعراً تسلية لوالدته- رضي الله عنها-.
وللإمام الرافعي أخ، اسمه: محمد، تفقه على أبي القاسم بن فضلان. وسمع الحديث من أبيه. وأجاز له: ابن البَطي. ورحل إلى "أصبهان" و"الري" و"أذربيجان" و"العراق". وسمع الحديث من: نصر الله القزاز، وابن الجوزي.
واستوطن بغداد، وولي مشارفة أوقاف "النظامية".
وكان فيه ديانة، وأمانة، وتوضع، وتودد وحسن خلق. كتب الكثير- مع ضعف خطه-من التفسير، والحديث، والفقه. ومعرفته في الحديث تامة.
قال ابن النجار: "وكان يذاكرني بأشياء، وله فهم حسن، ومعرفة. مات في ثامن عشرين جمادى الأولى، من سنة ثمان وعشرين وستمائة، وقد قارب السبعين"1.
الكلام في صفاته وشيمه وأخلاقه وثناء العلماء عليه
لقد كان لهذا العالم الجليل الحظ الأكبر من ثناء العلماء عليه بذكر صفاته وشيمه وأخلاقه، فلقد كان رحمه الله إماماً جامعاً بين العلم والعمل، فحسنت من أجل ذلك سيرته. ودونك بعض ما يقوله عنه بعض المترجمين له والمؤرخين لحياته. قال الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء"2 هو شيخ الشافعية عالم العجم والعرب إمام الدين أبو القاسم عبد الكريم.... الخ ثم قال: وكان من العلماء العاملين، يذكر عنه تعبد ونسك وأحوال وتواضع، انتهت إليه معرفة المذهب.
قال النووي في "تهذيبه"3: الرافعي من الطالحين المتمكنين، كانت له كرامات كثيرة ظاهرة.
قال أبو عمرو بن الصلاح: أظن أني لم أرَ في بلاد العجم مثله كان ذا فنون حسن السيرة، جميل الأمر.
قال ابن السبكي في "طبقاته"4: كان الإمام الرافعي متضلعاً من علوم الشريعة، تفسيراً، وحديثاً وأصولاً، مترفعاً على أبناء جنسه في زمانه، نقلاً وبحثاً وإرشاداً وتحصيلاً، وأمَّا الفقه فهو
__________
1 ينظر: "البدر المنير" 1/489 وما بعدها.
2 22/252-253.
3 "التهذب" 2/264.
4 8/283.(1/65)
فيه عُمدة المحققين وأُستاذ المصنفين، كأنما كان الفقه ميتاً فأحياه وأنشره، وأقام عماده بعد ما أماته الجهل فأقبره، كان فيه بدراً يتوارى عنه البدر إذا دارت به دائرته والشمس إذا ضمها أوجها، وجواداً لا يلحقه الجواد إذا سلك طرقاً ينقل فيها أقوالاً ويخرخ أوجها فكأنما عناه البحتري بقوله:
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدجا في كتبه
باللفظ يقرب فهمه في بعده ... منا ويبعد نيله في قربه
حكم سحابتها خلال بيانه ... هطالة وقلبها في قلبه
كالروض مؤتلقا بحمرة نوره ... وبياض زهرته وخضرة عشبه
وكأنها والشمع معقود بها ... شخص الحبيب بدا لعين محبه
وكان رحمه الله ورعاً زاهداً تقياً نقياً طاهر الذيل مراقباً لله، له السيرة الرضية المرضية والطريقة الزكية، والكرامات الباهرة.
قال أبو عبد الله محمد بن محمد الاشفرايني: هو شيخنا، إمام الدين، وناصر السنة. كان أوحد عصره في العلوم الدينية، أصولاً وفروعاً، مجتهد زمانه في المذهب، فريد وقته في التفسير، كان له مجلس بقزوين للتفسير ولتسميع الحديث.
قال الإسنوي في "طبقاته"1: صاحب شرح "الوجيز" الذي لم يصنف في المذهب مثله، تفقه على والده وعلى غيره، وكان إماماً في الفقه والتفسير، والحديث والأصول، وغيرها. طاهر اللسان في تصنيفه، كثير الأدب، شديد الاحتراز في المنقولات، ولا يطلق نقلاً عن أحد غالباً إلا إذا رآه في كلامه، فإن لم يقف عليه فيه عبر بقوله: وعن فلان كذا، شديد الاحتراز أيضاً في مراتب الترجيح.
قال الذهبي: يظهر عليه اعتناء قوي بالحديث وفنونه في شرح "المسند".
قال ابن قاضي شهبة2: صاحب الشرح المشهور كالعلم المنشور وإليه يرجع عامة الفقهاء من أصحابنا في هذه الأعصار في غالب الأقاليم والأمصار، ولقد برز فيه على كثير ممن تقدمه، وحاز قصب السبق، فلا يدرك شأوه الا من وضع يديه حيث وضع قدمه.
قال ابن العماد ... الإمام العلاّمة إمام الدين الشافعي صاحب الشرح المشهور الكبير على المحرر..، انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وكان مع براعته في العلم صالحاً زاهداً ذا أحوال وكرامات ونسك وتواضع.
__________
1 1/281.
2 "طبقاته" 2/75.(1/66)
وبعد هذا يظهر ما كان عليه هذا العالم الجليل من علم وتبحر في شتى العلوم وما كان عليه من زهد وتقى وصلاح وكرامات يحكى منها ما نقل السبكي فقال: سمعت شيخنا شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب، يحكي أن الرافعي فقد في بعض الليالي ما يسرجه عليه وقت التصنيف فأضاءت له شجرة في بيته، فجلس يطالع ويكتب.
مصنفاته
فهي مصنفات شريفة عرف فضلها الأكابر، وكفر نورها المكابر، ورغم أنفه فميسم العلاء يطوقها، ويد الأكابر تقرظها، وثناؤهم يلهج بفضلها وعلمها.
فقد بذل فيها مؤلفها جهده، ونمقها بعقله قبل يده فاقتصد ولم يسرف، وأبدع فيها وأطرف، وأبان المبهم وعرف وهي:
1- "العزيز في شرح الوجيز" وقد قمنا بتحقيقه وإخراجه كاملاً لأول مرة.
2- "الشرح الصغير" وهي في الفقه دون "الشرح الكبير".
3- "شرح المسند" للشافعي: قال في أوله: ابتدأت في إملائه في رجب سنة ثنتي عشرة وستمائة، وهو عقب فراغ "الشرح الكبير".
قال عنه الذهبي: يظهر عليه اعتناء قوي بالحديث وفنونه في شرح "المسند" ونحن بصدد تحقيقه.
4- "المحمود في الفقه". لم يتمه، قال السبكي: ذُكر لي أنه في غاية البسط، وأنه وصل فيه إلى أثناء الصلاة في ثمان مجلدات.
وقال: وقد أشار إليه الرافعي في "الشرح الكبير" في باب الحيض أظنه عند الكلام في المتحيرة.
5- "الإيجاز في أخطار الحجاز": ذكر أنه أوراق يسيرة، ذكر فيها مباحث وفوائد خطرت له في سفره إلى الحج.
قال السبكي: وكان الصواب أن يقول: خطرات، أو خواطر الحجاز. ولعله قال ذلك، والخطأ من الناقل.
6- التذنيب: وهو مجلد يتعلق بالتعليق على "الوجيز" للغزالي.
7- "الأمالي الشارحة على مفردات الفاتحة": وهو ثلاثون مجلساً، أملاها أحاديث بأسانيدها عن أشياخه على سورة الفاتحة وتكلّم عليها، ذكره صاحب "كشف الظنون" وغيره.(1/67)
8- "المحرر في فروع الشافعية": قال حاجي خليفة1: وهو كتاب معتبر مشهور بينهم.
9- "التدوين في أخبار قزوين": وهو كتاب مطبوع متداول بين أهل العلم في أربع مجلدات.
10- سواد العينين في مناقب الغوث أبي العلمين: أعني الرافعي2.
فوائد من "أمالي" الرافعي
نقل السبكي في "طبقاته" بعض ما تضمنه "أمالي" الرافعي من الفوائد، فوجدنا من تمام الفائدة ذكرها فقال:
قال في قوله صلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائةً إلا واحداً. من أحصاها دخل الجنة" إنما قال: "مائة إلا واحداً" لئلا يتوهم أنه على التقريب، وفيه فائدة رفع الاشتباه، فقد يشتبه في الخط تسعة وتسعون بسبعة وسبعين.
روى بسنده إلى أبي عبد الله المغربي: "من ادعى العبودية وله مراد باق فهو كاذب في دعواه" إنما تصح العبودية لمن أفنى مراداته وقام بمراد سيده، ليكون اسمه ما سمي به إذا دعي باسم أجاب عن العبودية، ولا يجيب إلا من يدعوه بالعبودية، ثم أنشأ يقول:
يا عمرو ثاري عند أسماء ... يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدها ... لأنه أشرف أسمائي
ثم أنشد الرافعي لنفسه:
سمني بما شئت وسم جبهتي ... باسمك ثم أسم بأسمائي
فسمني عبدك أفخر به ... ويستوي عرشي على الماء
وأنشد لنفسه أيضاً:
إن كنت في اليسر فاحمد من حباك به ... فليس حقا قضى لكنه الجود
أو كنت في العسر فاحمده كذلك إذ ... ما فوق ذلك مصروف ومردود
وكيفما دارت الأيام مقبلة ... وغير مقبلة فالحمد محمود
وقال: اعلم أن الناس في الرضا ثلاثة أقسام: يحسون بالبلاء، ويكرهونه، ولكن يصبرون على حكمه، ويتركون تدبيرهم ونظرهم حبا لله تعالى؛ لأن تدبير العقل لا ينطبق على رسوم المحبة والهوى، قال قائلهم:
__________
1 2/1611.
2 ينظر: "هدية العارفين" 5/609.(1/68)
لن يضبط العقل إلا ما يدبره ... ولا ترى في الهوى للعقل تدبيرا
كن محسناً أو مسيئاً وابق لي أبداً ... وكن لديّ على الحالين مشكوراً
وقوم يضمون إلى سكون الظاهر سكون القلب، بالاجتهاد والرياضة، وإن أتى البلاء على أنفسهم، بل:
يستعذبون بلاياهم كلهم ... لا ييأسون من الدنيا إذا قتلوا
ولذلك قال ذو النون الصمري: الرجاء سرور القلب بمرور القضاء، وقالت رابعةُ: إنما يكون العبدُ راضياً إذا سرته البلية كما سرته النعمة.
وقوم يتركون الاختيار، ويوافقون الأقدار، فلا يبقى لهم تلذذ ولا استعذاب، ولا راحة ولا عذاب، قال أبو الشيص، وأحسن:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ كان حظي منك حظي منهم
وأهنتني فأهنت نفسي عامداً ... ما من يهون عليك ممن يكرم
قال في "الإملاء"، على حديث عائشة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين: حمل الشافعي ذلك فيما نقله أبو عيسى الترمذي وغيره، على التعبير على السورة، يذكر أولها بعد آية التسمية المشتركة، كما يقال قرأت طه ويس، قال: ثم هذا استدلال الخصوم، على أنها ليست من القرآن بهذا الحديث، لا يتضح على قول من يذهب إلى أن التسمية في أوائل السور ليست من القرآن؛ لأن المراد من قوله: "يستفتح القراءة" قراءة القرآن، لا مطلق القراءة، وحينئذ فالافتتاح بالحمد للَّه رب العالمين لا ينافي قراءة البسملة أولاً، كما لا ينافي قراءة التعوذ ودعاء الاستفتاح.
قال الرافعي: سبيل من أشرف قلبه ونور بصيرته على الضياع أن يستغيث بالرحمن، رجاء أن يتدارك أمره بالرحمة والاصطناع، ويتضرّع بما أنشد عبد الله بن الحسن الفقير:
لو شئت داويت قلبا أنت مسقمه ... وفي يديك من البلوى سلامته
إن كان يجهل ما في القلب من حرق ... فدمع عيني على خدي علامته
ثم روى بسنده أن سمنون كان جالساً على الشط، وبيده قضيب يضرب به فخذه وساقه حتى تبدد لحمه، وهو يقول:
كان لي قلب أعيش به ... ضاع مني في تقلبه
رب فاردده علي فقد ... ضاق صدري في تطلبه
وأغث ما دام بي رمق ... يا غياث المستغيث به(1/69)
وروى عن مسرور الخادم، قال: لما احتضر هارون أمير المؤمنين، أمرني أن آتيه بأكفانه، فأتيته بها، ثم أمرني فحفرت له قبره، ثم أمر فحمل إليه، وجعل يتأمله ويقول: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28-29] . ثم أنشد الرافعي لنفسه:
الملك لله الذي عنت الوجو ... هـ له وذلت عنده الأرباب
متفرد بالملك والسلطان قد ... خسر الذين تجاذبوه وخابوا
دعهم وزعم الملك يوم غرورهم ... فسيعلمون غداً من الكذاب
وقال في قوله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في كل يوم مائة مرة": مم كان يتوب النبي صلى الله عليه وسلم؟ وعلى مَ يحمل الغين في قلبه؟ افترق الناس فيه فرقتين: فرقة أنكرت الحديث، واستعظمت أن يغان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر مما أصابه، وعلى ذلك جرى أبو نصر السراج، صاحب كتاب "اللمع" في التصوف، فروى الحديث، وقال عقيبه: هذا حديث منكر.
وأنكر علماء الحديث استنكار السراج، وقالوا: الحديث صحيح، وكان من حقه أن لا يتكلم فيما لا يتعلم. والمصححون له تحزبوا، فتحرج من تفسيره متحرجون.
عن شعبة: سأل الأصمعي: ما معنى "ليغان على قلبي"؟ فقال: عمن يروى ذلك؟ قلت: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كان من غير قلب النبي صلى الله عليه وسلم فسرته لك، وأما قلب النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدري، فكان شعبة يتعجب منه.
وعن الجنيد: لولا أنه حال النبي صلى الله عليه وسلم لتكلمت فيه، ولا يتكلم على حال إلا من كان مشرفاً عليها، وجلت حاله أن يشرف على نهايتها أحد من الخلق وتمنى الصديق رضي الله عنه، مع علو مرتبته أن يشرف عليها، فعنه: ليتني شهدت ما استغفر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذه طريقة المصححين، وتكلم فيه آخرون على حسب ما انتهى إليه فهمهم، ولهم منهاجان: حمل الغين على حالة جميلة ومرتبة عالية، اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد من استغفاره خضوعه وإظهار حاجته إلى ربه، أو ملازمته للعبودية، ومن هؤلاء من نزل الغين على السكينة والاطمئنان. وعن أبي سعيد الخزاز: الغين: شيء لا يجده إلا الأنبياء وأكابر الأولياء، لصفاء الأسرار، وهو كالغين الرقيق الذي لا يدوم.
والثاني: حمل الغين على عارض يطرأ، غيره أكمل منه، فيبادر إلى الاستغفار إعراضاً، وعلى هذا كثُرت التنزيلات والتأويلات، فقد كان سبب الغين النظر في حال الأمة واطلاعه على ما يكون منهم، فكان يستغفر لهم. وقيل: سببه ما يحتاج إليه من التبليغ ومشاهدة الخلق، فيستغفر منه ليصل إلى صفاء وقته مع الله. وقيل: ما كان يشغله من تمادي قريش وطغيانهم. وقيل: ما كان يجد في نفسه من محبة إسلام أبي طالب. وقيل: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مترقياً من رتبة إلى رتبة، فكلما رقي درجة والتفت إلى ما خلفها وجد منها(1/70)
وحشة لقصورها بالإضافة إلى التي انتهى إليها، وذلك هو الغين فيستغفر اللَّه منها، وهذا ما كان يستحسنه والدي رحمه الله ويقرره. انتهى كلام الرافعي، ثم أنشد لغيره هذا [البسيط] :
والله، ما سهري إلا لبعدهم ... ولو أقاموا لما عذبت بالسهر
عهدي بهم ورداء الوصل يشملنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
والآن ليلي إذ ضنوا بزورتهم ... ليل الضرير فنومي غير منتظر
فوائد من شرح المسند للرافعي
ذكر فيه أن الأفضل لمن يشيع الجنازة أن يكون خلفها بالاتفاق، والذي أوقعه في ذلك الخطابي، فإنه كذلك قال، وقد ذكر الرافعي نفسُه في شرحيه أنه يكون أمامها، وحكى ما سبق ورواية عن أحمد.
ومن شعر الرافعي مما ليس في "الأمالي"، أنشدنا قاضي القضاة جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني، في كتابه عن والده، عن أبي القاسم الرافعي، رحمه الله، أنه أنشده لنفسه [الطويل] :
تنبه فحق أن يطول بحسرة ... تلهف من يستغرق العمر نومه
وقد نمت في عصر الشبيبة غافلا ... فهب نصيح الشيب قد جاء يومه
ومن شعر الرافعي أيضاً [الطويل] :
أقيما على باب الرحيم أقيما ... ولا تنيا في ذكره فتهيما
هو الرب من يقرع على الصدق بابه ... يجده رؤوفاً بالعباد رحيما
وذكر صاحب البدر المنير من شعره:
إلى رضى الربّ نسوق الرضا ... بالله ربا فارض فيما قضى
ولا تكن عن شأنه غافلاً ... فالوقت سيف صارم منتضى
ومنه أيضاً:
العالمون ضعيفهم وقويهم ... لجلال عزته سجود ركع
لو كلفوا أن يعبدوه عمرهم ... حق العبادة لحظة لتكعكعوا
ومنه:
سواد الشباب كليل مضى ... وقد نمت فيه لقى غافلاً
وصبح المشيب بدا فانتبه ... فعما قليل ترى آفلا
ومنه:
من يستعن بالله سبحانه ... ويطلب العوذة مما يعين(1/71)
يعنه بالفضل على ما به ... يقر عينا ويفر اللعين
فحسبنا الله لما نابنا ... إياه ترجو وبه نستعين
ومنه:
ليس للدنيا استقامه ... ولمن فيها أقامه
هي إلمامة طيف ... وانتشاء من مدامه
هي مثل البرق يبدو ... من تجاويف غمامه
نائل ما أنت فيه ... من هوان وكرامه
حاصل المأمول منها ... تبعات وغرامه
تعب في الحال صعب ... ثم في العقبى ندامه
جاف عنها الجنب صفحا ... تنج منها بسلامه
ومنه:
أفدي الذين سقوني كأس حبهم ... وإن جفوني وإن جاروا وإن غدروا
أليس قد جعلوني أهل ودهم ... ففي فؤادي منه الورد والصدر
أليس لم يسلبوني ما ألذ به ... ذكرا وحبا، وإضمارا وقد قدروا
ومنه:
صافيتك لا تشب بمطل، وبلي ... ميعادك، واحتكم بما شئت علي
أتمم نعما أنت تطولت بها ... منك اليد، والقصور مني وإلي
ومنه:
تيممت بابك لا غيره ... فما الخير عندي سوى خيركم
لئن لم أصب منكم وابلا ... فما أرتجي الطل من غيركم
ومنه:
نفسي فدا لهم خيبوا أم تولوا ... تحولوا عن حالهم أو ثبتوا فخولوا
إن حرموا فطالما بفضلهم تطولوا ... فتحت عيني بهم، فما عنهم محول
إعراضهم إن أعرضوا وشددوا وهولوا ... وعرضوني للنوى بما علي طولوا
ليس بشان عنهم، إن الحبيب الأول ... عليهم في كل ما أقصده المعول
ومنه:
قولوا لهم ثم قولوا ... ما عنهم لي عدول
أحملوني أموراً ... تنهد منها العقول
أو تولوني بخير ... يطول فيه الفضول(1/72)
لا أجعل القلب رهنا ... فالرهن مما يزول
وقف عليهم فؤادي ... والوقف ما لا يحول
ومنه:
قد ذل من منه ملا ... وبعد ذلك ضلا
وفاز من فيه يسعى ... وخاب من عنه ولى
من استقل سواه ... ففي هداه استقلا
والمعرض المتواني ... نوله ما تولى
وإن خضعت تراه ... بفضله يتجلى
يا رب عبدك يرجو ... من ظل فضلك ظلا
وأنت رب رحيم ... تسدي الجميل فهلا
ومنه:
عبد الكريم المرتجي رحمة ... تكنفه من كل أرجائه
أملى ثلاثين حديثا على ... ما وفق الله بنعمائه
ليس يزكيها ولكنه يقول ... قول الحائر التائه:
فاز أبو القاسم يا رب لو ... قبلت حرفين من إملائه
شيوخ الإمام الرافعي
أما شيوخه فإنهم خير سلف للخلف، فهم أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، ومنجاة من الروى، فبهم اشتهر الدين، وبه اشتهروا، وأقاموا بفضل الله السنة، وهدموا البدعة، فسعت بذكرهم الركبان، وغشت مناقبهم البلدان، فتهافت الناس عليهم، من كل صقع شاسع ومكان.. ولا غرو فالعالم الغزير، والألمعي الكبير تمين أن تقوم له الدنيا فلا تقعد، ويرحم الله الألبيري لما ذكر العلماء فقال:
إن أولي العلم بهذه الفتن ... تهيبوها من قديم الزمن
فاستعصموا الله وكان التقى ... أوفى لهم فيها من أوفى الخبن
فهم رعاة الله في أرضه ... حقا بهم تدفع عنا الفتن
فهنيئاً لعالمنا أن ينتسب إلى هالة النور من كوكبة العلماء هذه، وهي الزاخرة الفاخرة ذات الشهرة السائرة.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ودونك سرداً لبعض من كوكبة العلماء الأخيار.(1/73)
1- والد الرافعي 1
أبو الفضل، محمد بن عبد الكريم بن الفضل، والد الإمام الرافعي، تفقه ببلده قزوين على ملكداد بن علي وغيره، ثم قدم بغداد فتفقه بالنظامية إلى أبي منصور بن الرزاز، ثم رحل إلى نيسابور فتفقه بنظاميتها على: والدي رحمه الله تعالى ممن خصّ بعفة الذيل، وحسن السيرة، والجد في العلم والعبادة، وذلاقة اللسان، وقوّة الجنان والصلابة في الدين، والمهابة عند الناس، والبراعة في العلم حفظاً وضبطاً.
توفي في شهر رمضان سنّة ثمانين وخمسمائة، وهو في عشر السبعين، انتهى كلامه.
2- أبو الفتح بن البطي 2
أبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنّة أجاز له أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي بن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق وكان ديناً عفيفاً محباً للرواية صحيح الأصول.
قال ابن النجار: كان حريصاً على نشر العلم، صدوقاً حصل أكثر مسموعاته شراء ونسخاً، ووقفها.
توفي يوم الخميس سابع وعشرين جمادى الأولى سنّة أربع وستين وخمسمائة.
3- أبو سليمان الزبيري 3
أحمد بن حسنوية بن حاجي أبو سليمان الزبيري، وهو على ما رأيت بخطه أحمد بن حسنوية بن حاجي بن الحسن، ويقال له: حسنوية بن القاسم بن عبد الرحمن بن سهل بن السري بن سليمان بن عباد بن عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه، إمام نسيب متفنن، فقيه مناظر عارف بالعربية شاعر، سمع القاضي أبا الفتح إسماعيل بن عبد الجبار، وإسماعيل بن محمد المخلدي والأستاذ الشافعي بن داؤد
__________
1 تنظر ترجمته في: "طبقات الإسنوي" 1/280 "2523" "طبقات الشافعية لابن السبكي" 8/283، "الوافي بالوفيات" 3/280.
2 تنظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" 20/481- 484، و"شذرات الذهب" 4/213- 214، و "المنتظم" 10/229، "العبر" 4/188، و"الوافي بالوفيات" 3/29.
3 تنظر ترجمته في: "التدوين في أخبار قزوين" 2/160- 163، و"طبقات الشافعية لابن السبكي" 8/283.(1/74)
وغيرهم.
روى سنن أبى عبد اللَّه بن ماجة عن أبي منصور المقومي بالإجازة، وقد أجاز له رواية جميع مسموعاته، سنة ثلاث وثمانين، وأربعمائة، وعن جده لأمه الواقد بن الخليل، وقد أجاز له إجازة مطلقة وهو يروي السنن عن أبى الحسن علي بن الحسن بن إدريس عن أبي الحسن القطان، وروى كتاب يوم وليلة لأبي بكر السني عن أبيه عن الأستاذ الشافعي بن داؤد المقرىء وعن إسماعيل بن محمد المخلدي بروايتهم عن أبى حفص هبة الله بن زاذان، عن عمه عنه.
توفي الإمام أبو سليمان الزبيري سنة أربع وستين وخمسمائة، وهو ابن ست وثمانين، وكانت ولادته على ما حكى الحافظ علي بن عبيد الله بن بابويه عنه في المحرم، سنة ثمانين وأربعمائة.
4- أبو العلاء الهمذاني 1
الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن سهل العطار: شيخ همذان، وإمام العراقيين في القراآت، وله باع في التفسير والحديث والأنساب والتواريخ، كان لا يغشى السلاطين ولا يقبل منهم شيئاً. ولا مدرسة ولا رباطاً، ولا تأخذه في الله لومة لائم، مع التقشف في الملبس. له تصانيف، منها: "زاد المسير" في التفسير، خمسون جزءاً، و "الوقف والابتداء" في القراآت، و"معرفة القراءة"، و"الهادي في معرفة المقاطع والمبادي".
وقد ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وتوفي سنة تسمع وستين وخمسمائة.
5- عبد الله بن أبي الفتوح 2
عبد الله بن أبي الفتوح بن عمران أبو حامد من الأئمة المذكورين من أقرانه، وكان من شركاء والدي رحمه الله ببغداد وبنيسابور، تفقه عليه جماعة، في أول عوده من خراسان، وفي آخر أمره وعمره حين تولى التدريس في مدرسة القاضي عمر بن عبد الحميد الماكي، وسمع الكثير، بقزوين وبغداد ونيسابور، وغيرهما.
قال الرافعي: وقرأتُ عليه جامع أبي عيسى الترمذي بتمامه، بروايته عن أبي القاسم الكرخي
__________
1 تنظر ترجمته في: "الأعلام" 2/181، و"طبقات الشافعية لابن السبكي" 8/283، و"غاية النهاية" 1/204.
2 تنظر ترجمته في: "التدوين في أخبار قزوين" 3/233- 234، و"طبقات الشافعية لابن السبكي" 8/283.(1/75)
بإسناده، وسمع سنن عبد الرحمن النسائي من سعد الخير بن محمد الأنصاري، وأبي الحسين علي بن أحمد بن محمويه اليزدي، بروايتهما عن الدوري وتوفي سنّة خمس وثمانين وخمسمائة، في ذي القعدة.
تلاميذ الإمام الرافعي أحمد بن الخليل
أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى المهلبي، قاضي القضاة شمس الدين، أبو العباس، الخوبي، ولد بخوي في شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ودخل خراسان وقرأ بها الأصول على القطب المصري صاحب الإمام فخر الدين، وقيل: بل على الإمام نفسه.
قال السبكي في "الطبقات الكبرى": وقرأ الفقه على الرافعي، وقرأ علم الجدل على علاء الدين الطوسي، وسمع الحديث من جماعة. وولي قضاء القضاة بالشام. وله كتاب في الأصول، وكتاب فيه رموز حكمية، وكتاب في النحو، وكتاب في العروض. وفيه يقول الشيخ شهاب الدين أبو شامة:
أحمد بن الخليل أرشده اللَّـ ... ـه كما أرشد الخليل بن أحمد
ذاك مستخرج العروض وهذا ... مظهر السر منه والعود أحمد
قال الذهبي: كان فقيهاً، وإماماً، مناظراً، خبيراً بعلم الكلام، أستاذاً في الطلب والحكمة، ديناً، كثير الصلاة والصيام.
توفي في شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة.
المنذري
عبد العظيم بن عبد القويّ بن عبد الله، أبو محمد، زكيّ الدين المنذري: عالم بالحديث والعربية، من الحفاظ المؤرخين له "الترغيب والترهيب" و"التكملة لوفيات النقلة" أجزاء منه، و"أربعون حديثاً رسالة، و"شرح التنبيه" و"مختصر صحيح مسلم" في الهند مع شرحه لصديق حسن خان، و"مختصر سنن أبي داود" أصله من الشام، تولى مشيخة دار الحديث الكاملية "بالقاهرة" وانقطع بها نحو عشرين سنة، عاكفاً على التصنيف والتخريج والإفادة والتحديث.
مولده سنة 581 هـ، وتوفي سنة 656 هـ بمصر.(1/76)
العزيز في شرح الوجيز المسمى بـ "الشرح الكبير" وثناء العلماء عليه
لقد اشتهر الرافعي بأنه صاحب الشرح، والمقصود منه الشرح الكبير، ولقد سماه "العزيز" وتوزع بعضهم عن إطلاق لفظ "العزيز" مجرداً على غير كتاب الله، فقال: "الفتح العزيز في شرح الوجيز" قاله الإمام السبكي في "طبقاته" ولعله أشار بذلك لتسمية الذهبي له في "سير أعلام النبلاء" الفتح العزيز في شرح الوجيز، وقد رأينا أن الأفضل تسمية الكتاب بما سماه المصنف بـ "العزيز في شرح الوجيز".
قال النووي في كتابه "روضة الطالبين". وكانت مصنفات أصحابنا رحمهم الله في نهاية من الكثرة فصارت منتشرات، مع ما هي عليه من الاختلاف في الاختبارات، فصار لا يحقق المذهب من أجل ذلك إلا أفراد من الموفقين الغواصين المطلعين أصحاب الهمم العاليات، فوفق الله سبحانه وتعالى- وله الحمد- من متأخري أصحابنا من جمع هذه الطرق المختلفات، ونقّح المذهبَ أحسن تنقيح، وجمع منتشره بعبارات وجيزات، وحوى جميع ما وقع له من الكتب المشهورات، وهو الإمام الجليل المبرّز المتضلع من علم المذهب أبو القاسم الرافعي ذو التحقيقات، فأتى في كتابه "شرح الوجيز" بما لا كبير مزيد عليه من الاستيعاب مع الإيجاز والإتقان وإيضاح العبارات، فشكر الله الكريم له سعيه، وأعظم له المثوبات، وجمع بيننا وبينه مع أحبابنا في دار كرامته مع أولي الدرجات.
قال ابن قاضي شهبة: من تصانيفه: "العزيز في شرح الوجيز" الذي يقول فيه النووي بعد وصفه: واعلم أنه لم يصنف في مذهب الشافعي رضي الله عنه ما يحصل لك مجموع ما ذكرته أكمل من كتاب الرافعي ذي التحقيقات، بل اعتقادي واعتقاد كل مصنف أنه لم يوجد مثله في الكتب السابقات ولا المتأخرات فيما ذكرته من المقاصد المهمات.
قال ابن هداية الله: صاحب "العزيز" الذي لم يصنف مثله في المذهب.
هذا، وهو الكتاب الذي قام الحافظ بن حجر بتخريج أحاديثه في كتابه الذي بين أيدينا "تلخيص الحبير".
وفاته
قال ابن خلكان: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان عمره حينئذ ست وستين سنة.(1/77)
حياة ابن حجر العسقلاني رحمه الله
...
حياة ابن حجر 1
نسبه ومولده: هو شهاب الدين، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي
__________
1 استفدنا أكثر هذه الترجمة من الدراسة التي قدمها الدكتور شاكر محمود عبد المنعم عن الحافظ ابن حجر فلتنظر وجزاه الله خيراً، وانظر "رفع الإصر عن قضاة مصر" "73"، و"معجم المؤلفين" 2/20،"الرسالة المستطرفة "121"، طبقات الحفاظ 547، حسن المحاضرة، 1/363 "ذيل تذكرة الحفاظ" 326، "شذرات الذهب" 7/270، "الضوء اللامع" 2/36، "ذيل طبقات الحفاظ" 380، "نظم العقيان" "45"، "التاريخ المكلل" 362، "طبقات الحفاظ" 547، "مقدمة كتاب أبناء الغمر" "7"، "معجم طبقات الحفاظ" 55، 321، "فهرس الفهارس" 11/120، "الجامع في الرجال" 136، "الكنى والألقاب" 1/261، "البدر الطالع" 1/87، "القلائد الجوهرية" 331، "مفتاح السعادة" 1/209، "المؤرخين في مصر" 17، "عقود الجوهر" 188، "كشف الظنون" 7، 8، 12،.... "إيضاح المكنون" 1/13، "الأعلام" 1/179، "هدية العارفين" 1/128.(1/77)
ابن محمود بن أحمد بن حجر الكناني، العسقلاني، الشافعي، المصري المولد والمنشأ والدار، والوفاة، القاهري.
اختلفت المصادر في اسم جدّه الرابع، فتارة ذكر محمود، وتارة أحمد، والراجح أحمد كما في الترجمة التي كتبها هو لنفسه، كما أن السخاوي أثبت النسب المذكور وقال: هذا هو المعتمد في نسبه، ثم إن السّخاوي أشار إلى الاختلاف في نسبه فقال: "لا أذكر أدناه ... إلا ما قرأته بخط أصحابنا بل وبخط المقريزي، وكان عمدته بعد أحمد أحمديل فإنني لا أعلمه، ثم رأيته بخط صاحب الترجمة نفسه في أجزاء من نسخة من صفة النبي صلى الله عليه وسلم كما وجد نسبه بخط قريبه الزين شعبان بإثبات أحمديل وإسقاط محمود.
وينسب إليه القول: "إن نسبه يقرأ طرداً وعكساً ولا يتهيأ إلا بتأخير محمود عن أحمد وبإسقاطه".
فإن كان قال ذلك فهو على سبيل التندر لما هو معلوم بأن مفهوم النسب لا يعني سبعة أسماء أو ثمانية لكي يقال: إنه يقرأ طرداً وعكساً.
وفي "الدررِ الكامنة" ذكر عم والده، فقال: عثمان بن محمد بن علي بن أحمد بن محمود، وكذلك في كتابه "رفع الإصر" وفى أول كتابه "إنباء الغمر" بزيادة أحمد بعد محمود بحيث صار محمود بين أحمدين، لكنه خالف ذلك في كتابه "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" وكذلك في ترجمة والده في القسم الثاني من معجم شيوخه، فإنه قال: علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حجر العسقلاني.
كما ورد اسم أبيه عبيد الله في موضع واحد وهذا وهم وأوضح البقاعي وابن خليل أن الحافظ بن حجر ذكر طرفاً من نسبه في استدعاء فقال [من الكامل] :
من أحمد بن عليٍّ1 بن محمد بـ ... ـن محمد بن علي الكناني المحتد
ولجد جد أبيه أحمد لقبوا ... حجرا وقيل: بل اسم والد أحمد2
وبمصر مولده وأصل جدوده ... من عسقلان المقدسية قد بدي
__________
1 التنوين لضرورة الشعر.
2 الكسر لضرورة الشعر.(1/78)
وكان يلقب "شهاب الدين" ويكنى "أبا الفضل" وكناه شيخه العراقي والعلاء بن المحلّى "أبا العباس"، كما كني أبا جعفر، غير أن كنيته الأولى "أبو الفضل"- وهي التي كناه بها والده- هي التي ثبتت وصار معروفاً بها.
نسبتاه:
1- الكناني: نقل السخاوي عن خط ابن حجر أنه كناني الأصل، نسبه إلى قبيلة "كِنَانة".
وقال الحافظ ابن حجر عن والده: "رأيت بخطه أنه كِنَاني النسب وكان أصلهم من عسقلان".
2- العسقلاني: نسبة إلى "عسقلان" وهي مدينة بساحل الشام من فلسطين، والظاهر أن القبيلة التي ينتمي إليها الحافظ ابن حجر كانت قد استقرت في عسقلان، وما جاورها إلى أن نقلهم "صلاح الدين الأيوبي" عندما خربها ما بين "580- 583 هـ" على أثر الحروب الصّليبية.
وقال ابن حجر [من الكامل] :
وبمصر مولده وأصل جدوده ... من عسقلان المقدسية قد بدي
اشتهاره بابن حجر:
لقد اشتهر بـ "ابن حجر" واختلفت المصادر في اعتباره اسماً أو لقباً، وإذا كان لقباً هل هو لقب أحد أجداده فطغى على الحائلة كلها؟ أم أنه لقب أو مهنة أو صناعة؟.
قال السخاوي: هو لقب لبعض آبائه، وفي موضع آخر قال: هو لقب لأحمد الأعلى في نسبه، وقيل: بل هو اسم لوالد أحمد المشار إليه. إن هذا الرأي يستند إلى الاستدعاء الذي كتبه الحافظ ابن حجر بهيئة شعره السابق، وعلى الرغم من الغموض الذي يكتنفه فهو الراجح. وذهب بعضهم إلى القول بأنه نسبة إلى آل حجر وهم قوم يسكنون الجنوب الآخر على بلاد الجريد وأرضهم قابس وفي شرح ابن سلطان القاري على "توضيح النّخبة" أن ابن حجر هو لقب وإن كان بصيغة الكنية1.
مولده:
كان مولده في شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة على شاطىء النيل بمصر القديمة وقال [من الكامل] :
شعبان عام ثلاثة من بعد سبع ... مائة وسبعين اتفاق المولد
__________
1 ابن حجر دراسة ص 63 وما بعدها.(1/79)
وكان المنزل الذي ولد فيه يقع بالقرب من دار النحاس ولبث فيه إلى أن تزوج بأم أولاده، فسكن بقاعة جدها منكوتمر المجاورة لمدرسته "المنكوتمرية" داخل باب القنطرة بالقرب من حارة بهاء الدين واستمر بها حتى مات.
وبينا نجده لا يشير إلى تاريخ يوم ولادته، نلاحظ اختلافاً بين مترجميه في تحديدهم لتاريخ ذلك اليوم فذكره البقاعي والسيوطي في الثاني عشر من شعبان، وذكر ابن فهد وابن طولون: في الثالث عشر من شعبان كما ذكره ابن تغري بردي والسخاوي في الثاني والعشرين من شعبان على أن الشوكاني اعتبر مولده في الثاني من شعبان وهذا بعيد الاحتمال بسبب كونه متأخراً أخذ عن الذين سبقوه وفي هذه الحالة لا يؤمن التحريف.
ويظهر مما فات أن يوم مولد ابن حجر ينحصر ما بين الثاني عشر والثاني والعشرين من شعبان سنّة 773هـ أي بين الثامن عشر من شباطو الثامن والعشرين منه من سنّة 1372م.
نشأته وأسرته:
نشأ الحافظ ابن حجر يتيماً- كما عبر هو عن نفسه- إذ مات أبوه في رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل.
وقال: "تركني ولم أكمل أربع سنين، وأنا الآن أعقله كالذي يتخيل الشيء ولا يتحققه، وأحفظ عنه أنه قال: كنية ولدي أحمد أبو الفضل"، ولم يكن من يكفله، وكان والده قد أوصى قبل وفاته بولده اثنين من الّذين كانت بينه وبينهم مودّة ويبدو أن علياً كان حفيّاً بولده أحمد، فهو الذي كناه واصطحبه عندما حج وزار بيت المقدس وجاور، ويظن الحافظ ابن حجر أن أباه أحضره في مجاورته مجالس الحديث وسمع شيئاً ما، غير أن المنية اخترمته ولم يسعد بولده الذي صار له فيما بعد شأن عظيم.
وأصبح اليتيم في وصاية زكي الدين أبي بكر بن نور الدين علي الخروبي، ّ وكان تاجراً كبيراً بمصر، وورث مالاً كثيراً وأصبح رئيساً للتجار، كما أوصى به والده العلامة شمس الدين بن القطان الذي كان له بوالده اختصاصاً لكنه لم ينصح له في تحفيظه الكتب وإرشاده إلى المشايخ والاشتغال حتى أنه كان يرسل بعض أولاده إلى كبار الشيوخ ... ولا يعلمه بشيء من ذلك.
وقال عن ابن حجر: وكان له اختصاص بأبي فأسند إليه وصيته فلم يحمد تصرفه.
وتشير المصادر إلى أن نشأة الحافظ ابن حجر كانت برغم ذلك- في غاية العفة والصيانة والرياسة، وأن الخروبيّ المذكور لم يأل جهداً في رعايته والعناية بتعليمه فكان يستصحبه معه عند مجاورته في مكة، وظل يرعاه إلى أن مات سنّة 787هـ وكان الحافظ ابن حجر قد راهق ولم تعرف له صبوة ولم تضبط له زلّة.(1/80)
ولم يدخل الكُتّاب حتى أكمل خمس سنين فأكمل حفظ القرآن الكريم وله تسع سنين ومن الذين قرأ عليهم في المكتب شمس الدين بن العلاف الذي ولي حسبة مصر وقتاً وغيره.
وأكمل حفظه للقرآن على صدر الدين محمد بن محمد بن عبد الرزاق السفطي، وكان الاتجاه الثقافي السائد آنذاك يقتضي من الذي يستظهر القرآن أن يصلي بالناس إماماً في صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان، غير أن هذه الفرصة لم تتهيأ لابن حجر الصّبي النّابه الذي حفظ القرآن ولم يزل في التاسعة من عمره، وهذه في الحقيقة مسألة شرعية حيث لا تجزىء صلاة المؤتمين إن لم يكن إمامهم بالغاً، ومع الاختلاف النسبي في تحديد سن البلوغ، فإن السنّة الثانية عشرة من عمر الصبي كانت تتيح له على ما يظهر أن يصلي إماماً بالمسلمين إن هو حفظ القرآن الكريم، فكان عليه أن ينتظر بلوغ هذه السن.
وفي أوّل سنة 783 اشتغل بالإعادة، وفي سنّة 785 أكمل الحافظ ابن حجر اثنتي عشرة سنة من عمره، ومن حسن حظه أن يكون متواجداً حينئذ مع وصية الزكي الخرّوبي في مكة في تلك السنة فصلى التراويح هناك.
ويمكن تصور بوادر نبوغه وشجاعته، فبقدر ما كانت مفخرة له كصبي يتقدّم إماماً بالمسلمين في بيت الله الحرام فإنها كانت لحظة حاسمة وحرجة اجتازها بثبات وحسن أداء، فكانت الخيرة له في ذلك كما قال، وكان الحج يومئذ يوم الجمعة فحج وجاور في الحرم الشريف ثم صلّى بعد ذلك بالقدس.
ويظهر من استقراء تراجم الذين عاشوا في عصر الحافظ ابن حجر أن تقليداً ثقافياً كان يسود بين أوساط التلاميذ الذين يدخلون بالكتّاب وذلك بإلزام التلاميذ بالتدرج في حفظ بعض مختصرات العلوم والكتب وسماع بعضها الآخر، وهي التي اتفق العلماء آنذاك اعتبارها أساساً في بناء ثقافة طلاب العلم، وكان حفظها أو سماعها يتم بإشراف أساتذة كفاة بارزين في حقول اختصاصهم أو ما يقرب منها.
وإذا كانت ثقافة الحافظ ابن حجر تقليدية في أسلوبها فهي ليست كذلك في مكوّناتها، نظراً لقائمة الكتب المهمة التي كوّنت ثقافته بادىء ذي بدء.
وبعد أن حفظ القرآن الكريم ظهرت مخايل الذكاء الفطري جلية عليه ما لبث أن استكملها بالتتبع والتحصيل حتى صار حافظ عصره وشيخ الإسلام.
وحفظ بعد رجوعه مع الخروبي إلى مصر سنّة 786 "عمدة الأحكام" للمقدسي، و"الحاوي الصّغير" للقزويني و"مختصر ابن الحاجب" الأصلي في الأصول، و"ملحة الإعراب" للهروي، و"منهج الأصول" للبيضاوي وألفيّة العراقي وألفيّة ابن مالك، والتنبيه في فروع الشافعية للشيرازي وتميز بين أقرانه بسرعة الحفظ فأشار مترجموه إلى أنه حفظ سورة(1/81)
مريم في يوم واحد، وكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير في ثلاث مرات يصححها ويقرؤها على نفسه ثم يقرؤها أخرى ثم يعرضها حفظاً، وكانت له طريقته الخاصة في الحفظ، حدث عنها تلامذته فهو لم يكن يحفظ بالدرس، وإنما بالتأمّل، وصرف همته نحو ما يروم حفظه، وقد وصف السّخاوي هذه الطريقة بأنها طريقة الأذكياء.
وسمع "صحيح البخاري" سنة 785 على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النشاوري، وكأنه نسي تفاصيل سماعه منه، لكنه كان يتذكر أنه لم يسمع جميع الصحيح، وإنما له فيه إجازة شاملة وقد بين ذلك ابن حجر بقوله: "والاعتماد في ذلك على الشيخ نجم الدين المرجاني فإنه أعلمني بعد دهرٍ طويل بصورة الحال فاعتمدت عليه وثوقاً به".
وقرأ بحثاً في عمدة الأحكام على الحافظ الجمال بين ظهيرة عالم الحجاز سنة 785هـ، وكان عمره اثنتي عشرة سنة.
واجتهد في طلب العلم فاهتم بالأدب والتاريخ وهو ما يزال في المكتب فنظر في التواريخ وأيام الناس، واستقر في ذهنه شيء من أحوال الرواة، وكان ذلك بتوجيه رجل من أهل الخير سماه ابن حجر للسخاوي إلا أن السخاوي نسيه.
وسمع في فتوته من المُسنِد نجم الدين أبي محمد عبد الرحيم بن رزين بن غالب "صحيح البخاري" بقراءة الجمال بن ظهيرة سنة ست وثمانين وسبعمائة بمصر، وفاته شيء يسير، كما سمع الصحيح أيضاً من أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك الغزي وغيرهما.
وبلغ به الحرص على تحصيل العلم مبلغاً جعله يستأجر أحياناً بعض الكتب، ويطلب إعارتها له، يبرز في هذا المجال من بين شيوخه بدر الدين البشتكي الشاعر المشهور الذي أعاره جملة من الكتب منها كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصبهاني وغيره.
ويبدو من خلال الاستقراء أن فتوراً حصل في نشاطه الثقافي استمر إلى أول سنة تسعين وسبعمائة، اشتغل في هذه المدة بالتجارة فنشأ في وسط تجاري لأن جده وأعمامه كانوا تجاراً، وكان وصيه الخروبيّ رئيساً للتجار في مصر.
ولعل لموت الخرّوبي سنة 787هـ أثراً في فتور ابن حجر واشتغاله بالتجارة حيث فقد من كان يحثه على الاشتغال بالعلم، وهو في مرحلة يحتاج فيها إلى ذلك، كما ترتب عليه أن يكفل نفسه وينهض بأعباء الحياة، وقد يتضح ذلك من قول السخاوي، ولو وجد من يعتني به في صغره لأدرك خلقاً ممن أخذ عن أصحابهم.
في سنة 790 هـ أكمل السّابعة عشرة من عمره، وحفظ فيها القرآن الكريم وكتباً من مختصرات العلوم، وقرأ القراءات تجويداً على الشهاب أحمد الخيوطي، وسمع صحيح(1/82)
البخاري على بعض المشايخ كما سمع من علماء عصره البارزين واهتم بالأدب والتاريخ.
وقد لازم حينئذ أحد أوصيائه العلامة شمس الدين محمد بن القطان المصري، وحضر دروسه في الفقه والعربية والحساب وغيرها، وقرأ عليه شيئاً من الحاوي الصغير فأجاز له ثم درس ما جرت العادة على دراسته من أصل وفرع ولغة ونحوها وطاف على شيوخ الدراية.
ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون الأدب، ففاق أقرانه فيها حتى لا يكاد يسمع شعراً إلا ويستحضر من أين أخذ ناظمه، وطارح الأدباء.
وقال الشعر الرّائق والنثر الفائق، ونظم المدائح النبوية والمقاطيع.
وتمثل سنة 793 منعطفاً ثقافياً في حياة ابن حجر، فمن هذه الثقافة العامة والسعة، واجتهاده في الفنون التي بلغ فيها الغاية القصوى أحس بميل إلى التخصص فحبّب الله إليه علم الحديث النبوي فأقبل عليه بكليته.
وأوضحت المصادر أن بداية طلبه الحديث كان في سنة 793 هـ وغير أنه لم يكثر إلا في سنة 796هـ وكتب بخطه: ".... رفع الحجاب، وفتح الباب، وأقبل العزم المصمم على التحصيل، ووفق للهداية إلى سواء السبيل" فكان أن تتلمذ على خيرة علماء عصره.
وكان شيخه في الحديث زين الدين العراقي الذي لازمه عشر سنوات، وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سنداً ومتناً وعللاً واصطلاحاً، فقرأ عليه ألفيته وشرحها فنون الحديث وانتهى منهما في رمضان سنة 798هـ بمنزل شيخه المذكور بجزيرة الفيل على شاطىء النيل، كما قرأ عليه نكته على ابن الصلاح في مجالس آخرها سنة 799هـ، وبعض الكتب الكبار والأجزاء القصار، وحمل جملة مستكثرة من "أماليه" واستملى عليه بعضها وهو أول من أذن له بالتدريس في علوم الحديث عام 797هـ.
وقرأ على مُسْنِدي القاهرة ومصر الكثير في مدة قصيرة فوقع له سماع متصل عال لبعض الأحاديث.
أسرته:
كانت أسرة الحافظ ابن حجر تجمع بين الاشتغال بالتجارة والاهتمام بالعلم، فكان عم والده فخر الدين عثمان بن محمد بن علي الذي عرف بابن البزاز وبـ "ابن حجر" قد سكن ثغر الإسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإفتاء هناك على مذهب الإمام الشافعي وتفقه به جماعة منهم الدّمنهوري، وابن الكويك، وكان له ولدان هما ناصر الدين أحمد، وزين الدين محمد، وكانا من الفقهاء.
أما جده قطب الدين محمد بن محمد بن علي فلقد كان بارعاً رئيساً تاجراً، حصل على إجازات من العلماء، وأنجب أولاداً منهم كمال الدين، ومجد الدين، وتقيّ الدين وأصغرهم(1/83)
وليّ الدين ثم نور الدين علي، وهو والد ابن حجر الذي انصرف من بينهم لطلب العلم أما إخوته فكانوا تُجاراً.
ويبدو من خلال سيرة نور الدين على أنه مع اشتغاله بالتجارة عكف على الدرس وتحصيل العلوم فتفقه على مذهب الإمام الشافعيّ وحفظ الحاوي الصغير، وأخذ الفقه عن محمد بن عقيل وأجازه، وسمع من أبي الفتح بن سيد الناس وطبقته وله استدراك على الأذكار للنووي فيه مباحث حسنة، وعدّة دواوين شعر منها ديوان الحرم فيها مدائح نبوية، وكان معنياً بالنظم ذا حظ جيّد في الأدب.
وقال ابن حجر عن أبيه: "لم يكن له بالحديث إلمام ونظمه كثير سائر" ووصفته المصادر بالعقل والدّيانة والأمانة ومكارم الأخلاق، وصحبة الصّالحين، ونوّهت بثناء ابن القطان وابن عقيل والوليّ العراقي عليه، وناب في القضاء، وأكثر من الحج والمجاورة وصنف، وأجيز بالإفتاء والتدريس والقراءات السبع وتطارح مع ابن نباتة المصري والقيراطي، وتبادل معهما المدائح.
كان مولده في حدود سنة 820 هـ في رجب سنة 777 هـ.
أما والدته فهي تجار ابنة الفخر أبى بكر بن شمس محمد بن إبراهيم الزفتاوي، أخت صلاح الدّين أحمد الزفتاوي الكارمي صاحب القاعة الكائنة بمصر تجاه المقياس.
وكانت له أخت، ترجم لها في "إنباء الغمر" و"المجمع المؤسس" وهي ست الركب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، أثنى عليها وقال: "كانت أمي بعد أمي، أصبت بها في جمادى الآخرة من هذه السنّة" أي سنة 798هـ.
وذكر السّخاوي تحصيلها الثقافي وإجازتها، وزواجها، وأولادها كما ذكر الحافظ ابن حجر شيوخها وإجازتها من مكة ودمشق وبعلبك ومصر وقال: "وتعلّمت الخط وحفظت الكثير من القرآن، وأكثرت من مطالعة الكتب فمهرت في ذلك جدّاً ... وكانت بي برة رفيقة محسنة، وقد رثاها أخوها الحافظ ابن حجر في قصيدة، وكان له أخ من أمه اسمه عبد الرحمن بن الشهاب أحمد بن محمد البكري، ترجم له في إنبائه وقال: إنه مهر وحصّل مالاً أصله من قبل أمه- وهي والدتي- فقدر اللَّه موته فورثه أبوه.
تزوّج الحافظ ابن حجر عند ما بلغ عمره خمساً وعشرين سنة، وذلك في سنّة 798 من أنس ابنة القاضي كريم الدين عبد الكريم بن عبد العزيز ناظر الجيش، وتنتمي أنس إلى أسرة معروفة بالرئاسة والحشمة والعلم.
وكان ابن حجر حريصاً على نشر الثقافة والعلم بين أهل بيته وأقاربه كحرصه على نشر العلم بين الناس، وسيتضح ذلك في دراسة جهوده في التدريس وعقده لمجالس الإملاء.(1/84)
فأسمع زوجته من شيخه حافظ العصر عبد الرحيم العراقي الحديث المسلسل بالأولية، وكذا أسمعها إياه من لفظ العلامة الشرف ابن الكويك، وأجاز لها باستدعاء عدد من الحفاظ فيهم أبو الخير بن الحافظ العلائي، وأبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبي، ولم تكن الاستدعاءات بالإجازة لها لتقتصر على المصريين بل من الشاميين والمكيين واليمنيين، وكان الحافظ ابن حجر في حالة الاستدعاء لها بدون أسماء من ولدن من بناتها اللاتي ولدن تباعاً.
وحجت صحبة زوجها في سنة 815 هـ كما حجت وجاورت بعد ذلك وحدثت بحضور زوجها، وقرأ عليها الفضلاء، وكانت تحتفل بذلك وتكرم الحاضرين، وقد خرج لها السخاوي أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً، وقرأها عليها بحضور زوجها، وكان الحافظ ابن حجر قد أسلف لها بالإعلام بذلك على سبيل المداعبة بقوله: قد صرت شيخة إلى غير ذلك، وكانت كثيرة الإمداد للعلامة إبراهيم بن خضر بن أحمد العثماني العلامة المنفس الذي كان يقرأ لها "صحيح البخاري" في رجب وشعبان من كل سنة، وتحتفل يوم الختم بأنواع من الحلوى والفاكهة، ويهرع الكبار والصغار لحضور ذلك اليوم قبيل رمضان بين يدي زوجها الحافظ، ولما مات الحافظ ابن خضر قرأ لها سبطها يوسف بن شاهين، ولم تضبط لها هفوة ولا زلّة.. وكان زوجها يكن لها الاحترام الكبير كما كانت هي عظيمة الرعاية له. فولدت له عدة بنات زين خاتون وفرحة، وعالية، ورابعة، وفاطمة، ولم تأت منه بذكر، وكانت كلّما حملت ذكراً ولد قبل أوانه ميتاً.
وتمر السنوات ثقيلة متباطئة، وتتدافع في نفسه أمور متنافرة يحترم أم أولاده ويرعاها، غير أنه شاء الله لها أن لا تلد إلا إناثاً، أما الذكور فيموتون، بيد أنه أحب أن يكون له ولد، فاختار التسري، وكانت لزوجته جارية يقال إن اسمها خاص نزل، فأظهر غيظاً بسبب تقصيرها، وأقسم بأن لا تقيم بمنزله فبادرت أنس لبيعها، فأرسل شمس الدين بن الضياء الحنبلي فاشتراها له بطريق الوكالة وتزوّجها في مكان بعيد عن منزله، فحملت بولده الوحيد بدر الدين بن المعالي محمد المولود في الثامن عشر من صفر سنة 815 هـ وكانت العقيقة في منزل أنس، ولم تشعر بذلك إلى قبل انفصال الولد عن الرضاع، فلما علمت أنس ذهبت هي وأمها إلى مكان وجود الولد وأمه وأحضرتها معها إلى منزلها وأخفت أمرهما. ولما حضر الحافظ ابن حجر استجوبته زوجته أنس فما اعترف ولا أنكر بل روى بما يفهم منه الإنكار، ثم قامت فأخرجت الولد وأمه فأسقط في يده.
وعاتبته عتاباً مرّاً، فاعتذر بميله للأولاد الذكور، ودعت عليه أن لا يرزق ولداً عالماً، فتألم لذلك وخشي من دعائها، وقال لها: أحرقت قلبي أو شيئاً من هذا القبيل؛ لأنها كانت مجابة الدّعاء.
وبعد وفاة الحافظ ابن حجر أرسل لها علم الدين البلقيني على يد ولده أبي البقاء يطلب(1/85)
الزواج منها، وقيل: إنها لم تكن تأبى ذلك لكن عصم الله- كما قال السخاوي: ببركة شيخنا- فلم تتزوّجه.
كما تزوج الحافظ ابن حجر أرملة الزين أبي بكر الأمثساطي بعد وفاته، وذلك عند مجاورة أم أولاده سنة 834هـ ورزق منها في رجب سنة 835 ابنة سماها آمنة، لم تعش طويلاً حيث ماتت في شوال 836هـ، وبموتها طلقت أمها لأنه علّق طلاقها عند سفره إلى آمد على موتها. ك
ما تزوج الحافظ ابن حجر من ليلى ابنة محمود بن طوعان الحلبية عندما سافر مع الأشرف سنة 836هـ إلى آمد. وكان زواجه منها في حلب، واستمرت معه إلى أن سافر من حلب ففارقها دون أن يعلمها بالطلاق، لكن أسرّه إلى بعض خواصه، والتمس منه ألا يعلمها بذلك، وكان يريد أن يختبر ولاءها، ولأنها قد لا تطيق أن تترك حلب وتسافر معه إلى مصر، ثم راسل بعض أصدقائه الحلبيين في تجهيزها إن اختارت ويعلمها بأن الذي يحمله على الطلاق هو الرفق بها لئلا تختار الإقامة بحلب أو يحصل لها نصيبها فلا تتضرّر، وجاء في الكتاب الذي قرأه السخاوي بخطه وصفه لها بأنها نعم المرأة عقلاً وحسن خلق وخُلق ويعدها بكل جميل وأنها إن قدمت ينزلها أحسن المنازل ... فامتثلت إشارته وتجهزت حتى قدمت عليه إلى مصر ... واستمرت معه حتى مات، وكان قد أسكنها في بيت خاص.. ويأتي إليها في يومي الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع، ولم يرزق منها أولاداً، وكان شديد الميل إليها حتى قال فيها شعراً.
أما أولاده فهم خمس بنات وولد واحد، وهم: زين خاتون، وفرحة، وعالية، ورابعة وفاطمة وبدر الدين محمد.
فكانت "زين خاتون" هي البكر، ومولدها في ربيع الآخر سنة 802، فاعتنى بها واستجاز لها في سنة ولادتها وما بعدها خلقاً وأسمعها على شيوخه كالعراقي والهيثمي وأحضرها على ابن خطيب داريا، ثم تزوّجها الأمير شاهي العلائي الكركي الذي صار داوداراً عند المؤيد مدة، فولدت له عدة أولاد ماتوا كلهم في حياة أمهم، ولم يتأخر من أولادها إلاَّ أبو المحاسن يوسف بن شاهين المعروف كسبط ابن حجر، وكانت قد تعلمت القراءة والكتابة وماتت- وهي حامل- بالطاعون سنة 833 هـ.
وأما "فرحة" فكان مولدها في رجب سنة 804، واستجيز لها مع أمها، وتزوجها شيخ الشيوخ محب الدين بن الأشقر الذي ولي نظر الجيش وكتابة السّر، وكان أحد الأعيان في الديار المصرية فولدت له ولداً مات صغيراً في حياة أمه التي كانت وفاتها سنّة 828 هـ بعد أن رجعت من الحج مع زوجها موعوكة.
وأما "عالية" فكان مولدها سنة 807هـ واستجيز لها جماعة وماتت هي وأختها فاطمة في الطّاعون سنة 819 مع من مات من أفراد أسرة أبويهما.(1/86)
وأما "رابعة" فكان مولدها سنة 811 وأسمعها والدها علي المراغي بمكة سنة 815هـ وأجاز لها جمع من الشاميين والمصريين وتزوجها الشهاب أحمد بن محمد بن مكنون، واستولدها بنتاً سماها "عالية" ماتت في حياتيهما، ومات عنها زوجها سنّة 830 هـ فتزوجها المحب بن الأشقر حتى ماتت عنه في سنة 832هـ، وعمل صداقها في أرجوزة.
أما ولده الوحيد بدر الدين أبو المعالي محمد فكان والده حريصاً على تعليمه وتهذيبه، فحفظ القرآن وصلّى بالناس كما كانت العادة جارية في سنة 826، وأسمعه الحديث على الواسطي وجماعة وأجاز له باستدعاء والده منذ مولده سنة 815هـ فما بعد عدد من كبار المسندين ذكرهم والده في معجم شيوخه.
وبلغ من حرصه واهتمامه به بعد أن صنف كتابه:
"بلوغ المرام من أدلة الأحكام" لأجله، لكنه لم يحفظ إلا اليسير منه وكتب عن والده كثيراً من مجالس الإملاء وسمع عليه شيئاً كثيراً واشتغل بأمر القضاء والأوقاف مساعداً لوالده، حتى صارت له خبرة بالمباشرة والحساب ... واشتدت محبة والده له.
وولي في حياة أبيه عدة وظائف أجلها مشيخة البيبرسية وتدريس الحديث بالحسنية ناب عنه فيهما والده، والإمامة بجامع طولون وغير ذلك.
وفد وصفه ابن تغري بردي بالجهل، وسوء السيرة، ولم يرض ذلك السخاوي فرد عليه مُفيداً بأنه كان حسن الشكالة متكرّماً على عياله قل أن يكون في معناه، لكن السخاوي أشار في موضوع آخر إلى محنة الحافظ ابن حجر بسبب ولده وما نسب إليه من التصرف في أموال الجامع الطولوني بالاشتراك مع آخرين، واحتجز رهن التحقيق، وكان والده في ضيق صدر زائد وألم شديد بسببه وتأوّه كثيراً وكل يوم يسمع من الأخبار ما لم يسمعه بالأمس، وكان يتوجه إليه في يوم الجمعة يوماً أو أكثر إلى المكان الذي يكون فيه فيرجع.. وهو مسرور لما يرى من ثبات ولده وقوة قلبه وشجاعته وانتظام كلامه ومهارته، إلى أن تبين أن ما أشيع عنه مجرد اتهام، ولذلك عمل الحافظ ابن حجر جزءاً سماه "ردع المجرم عن سب المسلم" ويبدو أن القاضي ولي الدين السفطي كان له دور مهم في محنة الحافظ ابن حجر بسبب ما كان بينهما من المنافسة على القضاء فكانت هذه الحادثة سبباً في زهد الحافظ ابن حجر في القضاء1.
ابن حجر المحدث وخطيب الأزهر
تولى ابن حجر الخطابة في عدة مساجد من أكبر المساجد بالقاهرة مثل الجامع الأزهر وجامع عمرو وغيرهما من المساجد الكبرى بالقاهرة فقد كان متبحراً في العديد من العلوم،
__________
1 ابن حجر دراسة ص 74 وما بعدها.(1/87)
وكان يفد إليه طلاب العلم وأهل الفضل من سائر الأنحاء، وكان يتسم بالحلم والتواضع والصبر كثير الصيام والقيام.
وكان مرجعاً في الحديث النبوي، حتى لقب بلقب "أمير المؤمنين" في الحديث وهذا اللقب لا يظفر به إلا أكبر المحدثين الأفذاذ وقد حبب إلى ابن حجر الحديث وأقبل عليه بكليته وطلبه من سنة ثلاث وتسعين ولكنه لم يلزم الطلب إلا من سنة ست وتسعين فعكف على الزين العراقي وتخرج به وانتفع بملازمته، وتحول إلى القاهرة فسكنها قبيل القرن وارتحل إلى البلاد الشامية والمصرية والحجازية وأخذ عن الشيوخ والأقران وأذن له جل هؤلاء في الإفتاء والتدريس.
وتصدر لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعة وقراءة وإقراء وتصنيفاً وإفتاء وزادت تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفيها من فنون الأدب والفقه -على مائة وخمسين تصنيفاً وقد عرف ابن حجر بالحفظ وكثرة الاطلاع والسماع وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه وأثنى عليه شيوخه في هذا الشأن وقد سبق أنه ولي تدريس الفقه بالمدرسة الشيخونية وتدريس الحديث بالمدرسة الجمالية الجديدة ثم تدريس الشافعية بالمؤيدة الجديدة ومشيخة البيبرسية في دولة المؤيد وتدريس الفقه بالمدرسة الصلاحية المجاورة للإمام الشافعي، كما تولى الخطابة بالجامع الأزهر وبين التدريس والإفتاء ولي منصب القضاء، وكانت أول ولايته القضاء في السابع والعشرين من المحرم سنة سبع وعشرين وثمانمائة بعد أن امتنع أولاً لأنه كان لا يؤثر على الاشتغال بالتأليف والتصنيف شيئاً غير أن ابن حجر كما يقول السخاوي قد ندم على قبوله وظيفة القضاء ويقول ابن حجر: إن من آفة التلبس بالقضاء أن بعضهم ارتحل إلى لقائي وأنه بلغه تلبسي بوظيفة القضاء فرجع، وعزل عن القضاء وأعيد إليه مرات وكان آخر ولايته القضاء إذ عزل نفسه في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
شيوخه:
بلغ عدد شيوخه بالسّماع وبالإجازة وبالإفادة على ما بين بخطه نحو أربعمائة وخمسين نفساً، وإذا استثنينا الشيوخ الذين أجازوا عموماً فقد ترجم في "المجمع المؤسس" لأكثر من ستمائة شيخ، وذكر بعضهم أن عدد شيوخه بلغ ستمائة نفس سوى من سمع منه من الأقران.
واجتمع له من الشيوخ الذين يشار إليهم ويعول في حل المشكلات عليهم ما لم يجتمع لأحد من أهل عصره؛ لأن كل واحد منهم كان متبحراً ورأساً في فنه الذي اشتهر به "فالبلقيني في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع وابن الملقن في كثرة التصانيف والعراقي في معرفة علوم الحديث، ومتعلقاته، والهيثمي في حفظ المتون، واستحضارها والمجد الشيرازي في حفظ(1/88)
اللغة وإطلاعه عليها، والغماري في معرفة العربية ومتعلقاتها، وكذا المحب ابن هشام كان حسن التصرف فيها لوفور ذكائه، وكان الغماري فائقاً في حفظها، والإيناس في حسن تعليمه وجودة تفهيمه، والعز بن جماعة في تفننه في علوم كثيرة بحيث كان يقول: أنا أقرأ في خمسة عشر علماً لا يعرف علماء عصري أسماءها والتنوخي في معرفة القراءات وعلو سنده فيها1.
شيوخ القراءات:
1- إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن التنوخي الشيخ برهان الدين الشامي "709هـ- 800هـ" بلغ عدد شيوخه ستمائة شيخ بالسماع وبالإجازة يجمعهم معجمه الذي خرّجه له الحافظ ابن حجر ونزل أهل مصر بموته درجة، قرأ عليه الحافظ ابن حجر من أول القرآن "الفاتحة" إلى قوله "المفلحون" من سورة البقرة جامعاً للقراءات السبع ثم قرأ عليه الشاطبية تامة بسماعه لها على القاضي بدر الدين بن جماعة كما قرأ عليه الخلاصة للألفية من العربية نظم ابن عبد الله، فضلاً عن قراءته عليه "صحيح البخاري"، وبعض المسانيد، والكتب والأجزاء، وخرج له المائة العشرية، ثم الأربعين التالية لها، وأذن له بالإقراء سنة 796هـ.
2- محمد بن محمد بن محمد الدمشقي الجزري "751- 833" شيخ القراءات وأجاز له ولوالده محمد وحثه على الرّحلة إلى دمشق، حدث بكتابه "الحصن الحصين" في البلاد اليمنية، ومهر الجزري في الفقه إلا أن فنّه القراءات.
شيوخ الحديث:
1- عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري المعروف بالنشاوري "705- 790هـ" وهو أول شيخ سمع عليه الحديث المسند فيما اتصل بعلمه، سمع عليه "صحيح البخاري" مع فوت بقراءة شمس الدين السلاّوي سنّة 785هـ بالمسجد الحرام بسماعه على الرضي الطبري على أنه شك في إجازته منه، وترك التخريج والرواية بتلك الإجازة وقال: "وفي المصرح به غني عن المظنون والله المستعان".
2- محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزوميّ المكيّ جمال الدين "751- 817 هـ" وهو أول من بحث عليه في فقه الحديث وذلك في مجاورته مع الخرّوبي بمكة سنة 785 وهو ابن اثنتي عشرة سنة، حيث قرأ عليه بحثاً في عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي، ثم كان أول من سمع بقراءته الحديث بمصر سنة 786، وسمع عليه كتباً أخرى.
__________
1 ابن حجر دراسة ص 145، 146.(1/89)
3- عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي أبو الفضل زين الدين الحافظ الكبير "725-806هـ" وأول ما اجتمع به سنة 786 فقرأ عليه ثم فتر عزمه، كما وضح فيما فات، ثم لازمه عشر سنوات وتخرج به وهو أوّل من أذن له بالتدريس في علوم الحديث في سنّة 797هـ، وحضر مجالس إملائه، وقرأ عليه كتابه "الأربعين العشارية "من جمعه واستملى عليه الحافظ ابن حجر في غياب ولده أبي زرعة، وحمل عنه جملة مستكثرة من أماليه، وأذن له في تدريس ألفيته من الحديث، وشرحها، والنكت على ابن الصلاح، وسائر كتب الحديث وعلومه، ولقبه بالحافظ وعظمه ونوّه بذكره.
وللحافظ ابن حجر مع شيخه مراجعات كثيرة.
4- علي بن أبي بكر بن سليمان أبو الحسن الهيثمي "735- 807" لازم العراقي أشد ملازمة وهو صهره، خرج زوائد مسند البزار ثم مسند أبي يعلى الموصلي، ثم الطبرانيات، وجمع الجميع في كتاب واحد محذوف الأسانيد، ورتب الثقات لابن حبان على حروف المعجم، و"حلية الأولياء" على الأبواب، اقتصر منها على الأحاديث المسندة، ومات وهو مسودة فكمل ابن حجر ربعه، وصار الهيثمي لشدة ممارسته أكثر استحضاراً للمتون من شيخه العراقي حتى يظن من لا خبرة له أنه أحفظ منه، وليس كذلك؛ لأن الحفظ المعرفة. قال ابن حجر: كان يودني كثيراً وبلغه أنني تتبعت أوهامه في "مجمع الزوائد" فعاتبني فتركت ذلك "قرأ عليه قريناً لشيخه العراقي ومنفرداً.
شيوخ الفقه:
1- إبراهيم بن موسى بن أيوب برهان الدين الأنباسي الورع الزاهد "725- 802 هـ" سمع من الوادي آشي وأبي الفتح الميدومي ومسند عصره ابن أميلة وطبقتهم، قال عنه ابن حجر: "سمعت منه كثيراً وقرأت عليه الفقه" وقال: "اجتمعت به قديماً وكان صديق أبي ولازمته بعد التسعين، وبحثت عليه في المنهاج وقرأت عليه قطعة كبيرة من أول الجامع للترمذي بسماعه على ... ابن أميلة" وله مصنفات، يألفه الصّالحون ويحبه الأكابر وفضله معروف.
2- عمر بن عليّ بن أحمد بن الملقن "723- 804هـ" كان أكثر أهل عصره تصنيفاً فشرح المنهاج عدة شروح، وخرّج أحاديث الرافعي في ست مجلّدات، وشرح "صحيح البخاري" في عشرين مجلدة انتقده ابن حجر عليه وعلى أشياء أخرى. قرأ عليه قطعة من شرحه الكبير على المنهاج.
3- عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقيني نزيل القاهرة أبو حفص، شيخ الإسلام علم الأعلام مفتي الأنام "724- 805 هـ" أقدمه أبوه القاهرة وله اثنتا عشرة سنة فبهرهم(1/90)
بذكائه وكثرة محفوظه وسرعة إدراكه وعرض عليه محافظيه ورجع، غير أنه لم يرزق ملكة في التصنيف قد لازمه الحافظ ابن حجر مدة، وقرأ عليه الكثير من الروضة، ومن كلامه على حواشيها، وسمع عليه بقراءة البرماوي مختصر المزني، وكتب له خطه بالإذن بالإعادة وهو أول من أذن له في التدريس والإفتاء، وتبعه غيره.
4- محمد بن علي بن عبد الله القطان الفقيه "737- 813هـ" مهر في فنون كثيرة، وتفقه عليه الحافظ ابن حجر، وقال عنه:
قرأت عليه وأجاز لي وذكر لي أنه قرأ الأصول على الشيخ نور الدين الأسنائي وكان ماهراً في القراءات والعربية والحساب ولازمه في الفقه، وقرأ عليه قسماً كبيراً من "الحاوي" وغيره.
5- عليّ بن أحمد بن أبي الآدمي الشيخ نور الدين، قال ابن حجر: قرأت عليه في الفقه والعربية، وكان على طريقة مثلى من الدين والعبادة والخير والانجماع ولازمه كثيراً.
شيوخ العربية:
1- محمد بن محمد بن علي بن عبد الرزاق الغماري المصري المالكي "720- 802هـ" وكان كثير الاستحضار واللغة مع مشاركة في الأصول والفروع، ودرس القراءات في الشيخونية وهو خاتمة من كان يشار إليه في القراءات العربية، سمع عليه الحافظ ابن حجر القصيدة المعروفة بالبردة بسماعه لها على أبي حيان بسماعه من ناظمها، وأجاز له غير مرّة كما أجازه مروياته عن غيره، وكان عارفاً بالعربيّة كثير الحفظ للشعر لا سيما الشواهد قوي المشاركة في فنون الأدب.
2- محمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي الأصل بدر الدين البشتكي الأديب الفاضل المشهور "748- 830 هـ".
حفظ كتاباً في فقه الحنفية ثم تحوّل شافعيّاً، ثم نظر في كتب ابن حزم، واشتغل في فنون كثيرة، وعني الأدبيات فمهر فيها، لازمه ابن حجر بضع سنين، وانتفع بفوائده وكتبه وأدبياته وطارحه بأبيات وسمع منه الكثير من نظمه وأجاز له ولأولاده، وسبقت الإشارة إلى أنه كان يعيره بعض الكتب الأدبية، وقرأ عليه مجلساً واحداً من مقدمة لطيفة في علم العروض استفاد منه لمعرفة الفن بكماله، كما قرأ عليه البشتكى بعد ذلك في الحديث فهو شيخه، وتلميذه في آن واحد.
3- محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي الشيخ العلامة مجد الدين أبو طاهر الفيروزأبادي "729- 817 هـ" نظر في اللغة فكانت جل قصده في التحصيل فمهر فيها إلى أن فاق أقرانه، اجتمع به في زبيد، وفي وادي الخصيب وناوله جل "القاموس المحيط" وأذن له مع المناولة بروايته عنه وقرأ عليه من حديثه عدة أجزاء، وسمع منه المسلسل بالأولية(1/91)
بسماعه عن السبكي، وكتب له تقريضاً على بعض تخريجاته أبلغ فيه شيخه في أغلب العلوم.
هو محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة الحموي الأصل ثم المصري الشيخ عز الدين بن المسند شرف الدين "759- 819".
أتقن فنون المعقول إلى أن صار هو المشار إليه في الدّيار المصرية في هذا الفن.. ولم يقرأ عليه كتاب من الكتب المشهورة إلا ويكتب عليه نكتاً وتعقيبات واعتراضات بحسب ما يفتح له أخذ عنه في "شرح منهاج الأصول"، و"جمع الجوامع"، و"مختصر ابن الحاجب" وفي "المطول" لسعد الدين وأجاز له غير مرة ولأولاده، وقال البقاعي: وأجل من أخذ عنه المعقول والأدبيات علامة الدنيا الشيخ عز الدين بن جماعة، ولازمه طويلاً، وأخذ عنه علماً جزيلاً.
وقال السخاوي: إن ابن جماعة كان يقول: "أنا أقرأ في خمسة عشر علماً لا يحرف علماء عصري أسماءها".
ولازمه الحافظ ابن حجر في غالب العلوم التي كان يقرؤها من سنة 790 هـ إلى أن مات سنة 819هـ ولم يخلف بعده مثله كما قال في "إنباء الغمر".
مصنفاته:
قال الشمس السخاوي تلميذ الحافظ ابن حجر:
"وزادت تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفيها من فنون الأدب والفقه، والأصلين وغير ذلك على مائة وخمسين تصنيفاً رزق فيها من السعد والقبول خصوصاً "فتح الباري بشرح البخاري" الذي لم يسبق نطره أمراً عجباً"1.
بلغت مصنفاته أكثر من اثنين وثلاثين ومائة تصنيف، وها هي مرتبة على حروف المعجم.
1- الآيات النيرات للخوارق المعجزات.
2- اتباع الأثر في رحلة ابن حجر.
3- إتحاف المهرة بأطراف العشرة.
4- الإتقان في فضائل القرآن.
5- الأجوبة المشرقة على الأسئلة المفرقة.
6- الأحكام لبيان ما في القرآن من إبهام.
7- أربعون حديثاً متباينة الأسانيد بشرط السّماع.
8- أسباب النزول.
__________
1 "الضوء اللامع" 2/38.(1/92)
9- الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللائقة.
10- الاستبصار على الطّاعن المُعثار.
11- الاستدراك على الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء.
12- الاستدراك على الكاف الشاف.
93- الإصابة على تمييز الصحابة.
14- أطراف المختارة.
95- أطراف الصحيحين.
16- أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي.
17- الإعجاب ببيان الأسباب.
18- الإعلام بمن ذكر في البخاري من الأعلام.
19- الإعلام لمن ولي مصر في الإسلام.
20- الإفصاح بتكميل النكت على آبن الصلاح.
21- الإفنان في رواية القرآن.
22- إقامة الدلائل على معرفة الأوائل.
23- الألقاب.
24- أمالي ابن حجر.
25- الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع.
26- الإنارة في الزيارة.
27- إنباء الغمر بأنباء العمر.
28- الانتفاع بترتيب الدارقطني.
29- انتقاض الاعتراض.
30- الأنوار بخصائص المختار.
31- الإيناس بمناقب العبّاس.
32- البداية والنهاية.
33- بذل الماعون بفضل الطّاعون.
34- البَسْط المبثوث في خبر البرغوث.(1/93)
35- بلوغ المرام بأدلّة الأحكام.
36- بيان الفصل بما رجح فيه الإرسال على الوصل.
37- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه.
38- تبيين العجب بما ورد في فضل رجب.
39- تجريد التفسير.
40- تحرير الميزان.
41- تحفة أهل التحديث عن شيوخ الحديث.
42- تحفة الظراف بأوهام الأطراف.
43- تخريج أحاديث الأذكار للنووي.
44- تخرج أحاديث الأربعين للنووي.
45- تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
46- تخريج الأربعين النووية بالأسانيد العليّة.
47- التعريج على التدريج.
48- ترجمة النووي.
49- تسديد القوس في مختصر مسند الفردوس.
50- التشويق إلى وصل المهم من التعليق.
51- تصحيح الروضة.
52- تعجيل المنفعة برواية رجال الأئمة الأربعة.
53- التعريف الأوحد بأوهام من جمع رجال المسند.
54- تعريف أولي التقدير بمراتب الموصوفين بالتدليس.
55- تعريف الفئة بمن عاش مئة.
56- تعقبات على الموضوعات.
57- تعليق التعليق.
58- تقريب التقريب.
59- تقريب التهذيب.
60- تقريب المنهج بترتيب المدرج.(1/94)
61- تقويم السّناد بمدرج الإسناد.
62- التمييز في تخريج أحاديث الوجيز.
63- تهذيب التهذيب
64- تهذيب المدرج.
65- توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس.
66- توضيح المشتبه للأزدي في الأنساب.
67- التوفيق بتعليق التعليق.
68- الجواب الجليل عن حكم بلد الخليل.
69- الجواب الشافي عن السؤال الخافي.
70- الخصال المكفرة للذنوب المقدّمة والمؤخرة.
71- الخصال الواردة بحسن الاتصال.
72- الدراية في منتخب تخريج أحاديث الهداية.
73- الدرر.
74- الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة.
75- ديوان شعر.
76- ديوان منظور الدرر.
77- ذيل الدرر الكامنة.
78- رد المحرم عن المسلم.
79- الرسالة العزية في الحساب.
80- رفع الإصر عن قضاة مصر.
81 – الزهر المطلول في بيان الحديث المعلول.
82- الزهر النضر في أنباء الخضر.
83- السبعة النيرات في سبعة أسئلة عن السيد الشريف في مباحث الموضوع.
84- سلوت ثبت كلوت: التقطها من ثبت أبي الفتح القاهري.
85- شرح الأربعين النووية.
86- شرح سنن الترمذي.(1/95)
87- شرح مناسك المنهاج.
88- شرح منهاج النووي.
89- شفاء الغلل في بيان العلل.
90- الشمس المثيرة في معرفة الكبيرة.
91- طبقات الحفاظ.
92- عرائس الأساس في مختصر الأساس للزمخشري.
93- عشاريات الأشياخ.
94- عشرة أحاديث عشارية الإسناد.
95- عشرة العاشر.
96- فتح الباري بشرح البخاري.
97- فضائل شهر رجب.
98- فهرست مروياته.
99- فوائد الاحتفال في بيان أحوال الرجال، لرجال البخاري.
100- الفوائد الجمة فيمن يجدد الدين لهذه الأمة.
101- قذى العين من نظم غريب البين.
102- القصارى في الحديث.
103- القول المسدد في الذب عن المسند.
104- الكاف الشاف في تحرير أحاديث الكشاف.
105- كشف السحر عن حكم الصلاة بعد الوتر.
106- لذة العيش بجمع طرق الحديث "لأئمة من قريش".
107-لسان الميزان.
108- المجمع المؤسس في المعجم المفهرس.
109- مختصر البداية والنهاية لابن كثير.
110- مختصر تهذيب الكمال.
111- المرجمة الغيثية عن الترجمة الليثية.
112- مزيد النفع بما رجح فيه الوقف على الرفع.(1/96)
113- المسلسل بالأولية بطرق علية.
114- المسند المعتلى بأطراف الحنبلي.
115- المشتبه.
116- المطالب العالية من رواية المسانيد الثمانية.
117- المطالب العالية في زوائد الثمانية.
118- المقترب في بيان المضطرب.
119- المقصد الأحمد فيمن كنيته أبو الفضل واسمه أحمد.
120- الممتع في منسك المتمتع.
121- المنحة فيما علق به الشافعي القول على الصحة.
122- منسك الحج.
123- النبأ الأنبه في بناء الكعبة.
124- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر.
125- نزهة الألباب في الأنساب.
126- نزهة القلوب في معرفة المبدل عن المقلوب.
127- نزهة النظر بتوضيح نخبة الفكر.
128- النكت الحديثية على كتاب ابن الصلاح.
129- نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب.
130- النيرات السبعة، ديوان ابن حجر.
131- هداية الرواة إلى تخريج المصابيح والمشكاة.
132- هدي السّاري لمقدمة فتح الباري.
مرضه ووفاته:
بدأ المرض بحافظ الدنيا ابن جر طيب الله مثواه في ذي الحجة سنة 852هـ، وفي الحادي عشر منه حضر مجلس الإملاء كما أملى في يوم الثلاثاء الخامس عشر من الشهر المذكور مجلساً وهو متوعّك، ثم تغير مزاجه وأصبح ضعيف الحركة.
وخشي الأطباء أن يناولوه مسهلاً لأجل سنّه فأشير "بلبن الحليب" فتناوله فلانت الطبيعة قليلاً وأدى ذلك إلى نشاط.. وصار مسروراً بذلك، ولكنه لم يشف من مرضه تماماً ... ثم عاد إلى الكتمان وتزايد الألم بالمعدة وكان يقول هذا بقايا الغبن من سنة تسع وأربعين وتوابعها، ولم(1/97)
يستطع أن يؤدي صلاة الأضحى الذي صادف يوم الثلاثاء، وهو الذي لم يترك صلاة جمعة ولا جماعة، وصلى الجمعة التي تلي العيد، ثم توجه إلى زوجته الحلبية، وكأنه أحس بدنو أجله، فاعتذر عن انقطاعه عنها واسترضاها وكان ينشد [البسيط] :
ثاء الثلاثين قد أوهت قوى بدني ... فكيف حالي وثاء الثمانينا1
وتردد إليه الأطباء، وهرع الناس من الأمراء والقضاة والمباشرين لعيادته، وقبل منتصف شهر ذي الحجة من سنّة 852 هـ أشيع أن شيخ الإسلام قد توعك فأنشأ يقول [من المجتث] :
اشكو إلى الله ما بي ... وما حوته ضلوعي
قد طال السقم2 جسمي ... بنزلة وضلوعي
وكان مرضه قد دام أكثر من شهر، حيث أصيب بإسهال ورمي دم "ديسانتري"، غير أن السخاوي يقول: "ولا أستبعد أنه أكرم بالشهادة فقد كان طاعون قد ظهر".
ثم أسلم الروح إلى بارئها في أواخر شهر ذي الحجة من سنّة اثنتين وخمسين وثمانمائة. واختلف مترجموه في تحديد تاريخ يوم وفاته، كما اختلفوا في تحديد يوم ولادته، على أنهم يتفقون جميعاً تقريباً على أنها- وفاته- كانت في ليلة السبت من ذي الحجة، والاختلاف ينحصر في تحديدهم لأي سبت منه، وهذا يرجع إلى أن الأرقام عرضة للتحريف أكثر من غيرها فجلعها بعضهم في الثامن والعشرين من ذي الحجة، وجعلها آخرون في التاسع عشر منه، على حين ذكرها فريق ثالث في ثامن عشر من ذي الحجة سنّة 852 هـ.
وترك وصيته التي نقل السخاوي نصها، مستقاة من سبطه يوسف بن شاهين، ومما ورد فيها أنه أوصى لطلبة الحديث النبوي والمواظبين على حضور مجالس الإملاء بجزء من تركته.
وفي أواخر أيامه عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله فأنشده أربعة أبيات من قصيدة لأبي القاسم الزمخشري هي [من الكامل] :
قرب الرحيل إلى ديار الآخرة ... فاجعل إلهي خير عصري آخره
وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخرة
فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواترة
فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخرة
وصلي عليه بمصلاة بكتمر المؤمن، حيث أمر السلطان جقمق بأن يحضر إلى هناك ليصلي عليه، وتقدم في الصلاة عليه الخليفة بإذن من السلطان.
__________
1 تقطع الهمزة للضرورة.
2 تقطع الهمزة للضرورة.(1/98)
وحضر الشيوخ وأرباب الدولة وجمع غفير من الناس، وازدحموا في الصلاة عليه حتى حزر أحد الأذكياء من مشى في جنازته بأنهم نحو الخمسين ألف إنسان.
ومن شدة حب الناس، وإكرامهم له تصور البعض أن الخضر صلى عليه كما ذكر ذلك صاحب مفتاح السعادة، فقال: ومن جملة من صلّى عليه "الخضر عليه السلام رآه عصابة من الأولياًء".
وكان يوم موته عظيماً على المسلمين وحتى على أهل الذمة، وشيعته القاهرة إلى مدفنه في القرافة الصغرى، وتزاحم الأمراء الأكابر على حمل نعشه، ومشى إلى تربته من لم يمش نصف مسافتها قط، فدفن تجاه تربة الديلمي بتربة بني الخروبي بين مقام الشافعي ومقام سيدي مسلم السّلمي، وكانت وصيته خلاف ذلك.
وقيل: إن السماء أمطرت على نعشه مطراً خفيفاً فعد ذلك من النوادر.
ذكر من رثاه
وما أحقه بقول ابن دريد في قصيدة طويلة [من البسيط] :
إن المنية لم تتلف بها رجلا ... بل أبلغت علما للدين منصوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه ... والآن أصبح بالتكدير مقطوبا
كلا وأيامه الغر التي جعلت ... للعلم نورا وللتقوى محاريبا
وبقول غيره [من الكامل] :
ذهب العليم بعيب كل محدث ... وبكل مختلف من الإسناد
وبكل وهم في الحديث ومشكل ... يعنى به علماء كل بلاد
وبقول غيره [من الوافر] :
بكيت على فراقك كل يوم ... وأمليت الجوار من الجفون
ولو كان البكاء بقدر شوقي ... لملته العيون من العيون
وبقول غيره [من البسيط] :
رزءٌ ألم فقلب الدهر في وهج ... وأغفل الناس منسوب إلى الهوج
وللقلوب وجيب في مراكزها ... مهول فهو بتشقيق الصدور حجي
وللعيون انهمال كالغمام بكا ... فكل فج به عال من اللجج
يا واحد العصر يا من لا نظير له ... إذ كل شخص من الأمثال في لجج
يا شيخ الاسلام1 يا مولى لقد خضعت ... غلب الرجال لما تبدي من الحجج
__________
1 تسهل الهمزة للضرورة.(1/99)
يا بر حلم بحور العلم قد تركت ... قلما سمعنا بداع، مقبل سمج
أصم أسماعنا لما تلا سحرا ... قد مات من تهزم الأهوال حين نجي
قاضي القضاة المفدى من بني حجر ... من خلقه ليس في شيء من الحرج
فلو رضي الدهر منا فدية عظمت ... وحقك، جدنا فيك بالمهج
ولو حميت بضرب السيف ما وجدت ... لها المنايا إليك الدهر من ولج
في حق عهدك ما زلنا ذوي شغف ... بعهد ود لكم بالروح ممتزوج
خفت سجاياك والألباب قد رجحت ... بها نهاك من الإحصاء بالثبج
ألفت يا حلو مر الصبر ترشفه ... فأنت للصبر صب بالغرام شجي
من للقيام بجنح الليل مجتهدا ... تبيت ترفعه آيات ذي الدرج
تعلي النحيب خضوعا والأسى قلقا ... كأنه في الدياجي بالحراب وجي
قد كان مصرك ليلا كالنهار به ... شهاب فضلك يغنيه عن السرج
واليوم بعدك مثل الليل في سدف ... يا لهف قلبي فما صبح بمنبلج
فقدك فقد الناس كلهم ... وفقد غيرك قد يلفى من الفرج
من للأحاديث يحييها ويحفظها ... فوقته ليس حمال إليه يجي
قد كنت للسنة الغرا شهاب علا ... حميت آفاقها عن ماردٍ علج
وأنت أزكى الورى قلبا وارئحة ... كأنما كنت مشكا طيب الأرج
لهفي عليك شهاب الدين من رجل ... لما ترحلت صار الناس في مرج
قد كنت حافظهم في كل معضلة ... فبعدك اليوم لا تسأل عن الهمج
كانوا إذا أوهموا معنى وأخرسهم ... فتحت كل عم منهم ومرتتج1
لما ركبت على الحدباء ما أحد ... إلا انحنى منه ظهر غير ذي عوج
روحي فداء لبال قد ظفرت بها ... لديك يا حبر بالآمال بالحجج
أروق سمعي بدر النطق منك وما ... طرفي بممتنع من وحيك البهج
كأنه لم يكن يوماً فيا ... ما كنت من بعد ما مرت بمنتهج
كلا لعمري وإني فالق كبدي ... حزني عليك وقلبي جد ملتعج
ولا أحب ديارا قد قبضت بها ... فنحوها بعد بعدٍ منك لم أعج
نعم وأبغضت والله الحياة بلا ... وجود أنسك فاعلم ذاك وابتهج
لهفي على مجلس الإملاء وحاضره ... من كل حبر لسبل الخير منتهج
__________
1 مرتتج: المرتتج: الذي استغلق عليه الكلام.(1/100)
كم فيه من رأس رأس هز من عجب ... والجمع من شدة الإضعاء لم يمج
كأننا لم نكن يوماً لديك ولا ... بقولك العذب منا قط سر نجي
فيا دوام افتكاري للسرور بكم ... ويا بكائي طوال الدهر والأبج1
لأملاءن بسيط الأرض من أدب ... ركبت فيك معانيه من البرج
جمعت قلبا بحب فيك ممتلئاً ... إلى لسان بأنواع الرثا لهج2
عليك مني تحيات أرددها ... ما هيج الورق قلبا فيك ذا وهج
وجاد مهدك في صوب الرضا مزن ... يا بحر يحيي بقاع الأرض بالثبج
ومنهم العلامة الشهاب أبو الطيب أحمد بن محمد الحجازي، فأنشدني لفظه لنفسه قوله [من الكامل] :
كل البرية للمنية صابرة ... وقفولها شيئا فشيئا سائره
والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن ... لم ترض كانت عند ذلك خاسره
وأنا الذي راض بأحكام مضت ... عن ربنا البر المهيمن صارده
لكن سئمت العيش من بعد الذي ... قد خلف الأفكار منا حائره
هو شيخ إسلام المعظم قدره ... من كان أوحد عصره والنادره
قاضي القضاة العسقلاني الذي ... لم ترفع الدنيا خصيما ناظره
وشهاب دين الله ذو الفضل الذي ... أربى على عدد النجوم مكاثره
لا تعجبوا لعلوه فأبوه من ... قبل علي في الدنا والآخره
هو كيميا العلم وكم من طالب ... بالكسر جاء له فأضحى جابره
لا بدع أن عادت علوم الكيميا ... من بعد ذا الحجر المكرم بائرة
لهفي على من أورثتني حسرة ... درس3 الدروس عليه إذ هي حاسره
لهفي على المدح استحالت للرثا ... وقصور آيات غدت متقاصره
لهفي عليه عالماً بوفاته ... درست دروس والمدارس بائره
لهفي على الإلماء عطل بعده ... ومعاهد الأسماع إذ هي شاغره
لهفي عليه حافظ العصر الذي ... قد كان معدوداً لكل مناظره
لهفي على الفقه المهذب والمحر ... ر حاوي القصود عند محاوره
لهفي على النحو الذي تسهيله ... مغني اللبيب مساعد لمذاكره
__________
1 الآبج محركة الأبد: "القاموس المحيط" 1/100.
2 الرثا مقصورة ضرورة، والرثاء تعداد محاسن الميت.
3 انقطاع الدروس(1/101)
لهفي على اللغة العربية كم أرا ... نا معربا بصحاحها المتظاهره
لهفي على علم العروض تقطعت ... أسبابه بفواصل متغايره
لهفي على خزانة العلم التي ... كانت بها كل الأفاضل ماهره
لهفي على شيخي الذي سعدت به ... صحب وأوجه ناظريه ناضره
لهفي على التقصير مني حيث كم ... أملا النواحي بالنواح مبادره
لهفي على عذري عن استيفاء ما ... تحوي وعجزي أن أعد مآثره
لهفي على لهفي وهل ذا مسعدي ... أو كان ينفعني شديد محاذره
لهفي على من كل عام للهنا ... تأتي الوفود إلى حماه مبادره1
والآن في ذا العام جاءوا للعزا ... فيه وعادوا بالدموع لهامره2
قد خلف الدنيا خرابا بعده ... لكنما الأخرى لديه عامره
وبموته شقى الفؤاد وأعلم الـ ... ـعين انثنت في حالتيها شاغره
ولي المحاجر طابقت إذ للرثا ... أنا ناظم وهي المدامع ناشره
فكأنه في قبره سر غدا ... في الصدر والأفهام عنه قاصره
وكأنه في اللحد من ذخيرة ... أعظم بها درر العلوم الفاخره
وكأنه في رمسه سيف ثوى ... في الغمد مخبوء ليوم الثائره
وكأنه كشف الغطاء له فإن ... قربت منيته أفاض محاجره
وغدا بأبيات الرثا متمثلا ... وحبا بها بعض الصحاب وسارره3
ونعى بها من قبل ذلك نفسه ... أكرم بها يا صاح نفسا طاهره
ولصاحب الكشاف يعزى نظمها ... والعد منها أربع متفاخره
وأنا الذي ضمنتها مرثيتي ... جهرا وأولها بغير مناكره
قرب الرحيل إلى الآخرة ... فاجعل إلهي خير عمري آخره
وارحم مبيتي فهي القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخره
فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواتره
فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخره
هذا لعمري آخر الأبيات إذ ... هي أربع كملت تراها باهره
وأنا أعود إلى رثائي عودة ... تجلو لسامعها بغير منافره
__________
1 الهنا بمعنى التهنئة.
2 والعزا بمعنى التعزية.
3 من السرّ الذي أسر به إليه.(1/102)
قهرتني الأيام فيه فليتني ... في مصر مت وما رأت القاهره
هجرتني الأحلام بعدك سيدي ... واحر قلب قد رمي بالقاهره
من شاء بعدك فليمت أنت الذي ... كانت عليك النفس قدما حاذره
وسهرت مذ صرخ النعي بزجرة ... فإذا هم من مقلتي بالساهره
ورزئت فيه فليت أني لم أكن ... أو ليت أني قد سكنت مقابره
رزء جميع الناس فيه واحد ... طوبى لنفس عند ذلك صابره
يا نوم، عيني لا تلم بمقلتي ... فالنوم لا يأوي لعين ساهره
يا دمع، واسقي تربه ولو أنها ... بعلومه جرت البحار الزاخرة
يا حبر، فارحل ليس قلبي فارغا ... سكنته أحزان غدت متكاثره
يا نار شوقي بالفراق ناججي ... يا أدمعي بالمزن كوني ساجره1
يا قبر، طب قد صرت بيت العلم أو ... عينا به إنسان قطب الدائره
يا موت، إنك قد نزلت بذي الندى ... ومذ استضفت حباك نفسا خاطره
يا رب، فارحمه وسق ضريحه ... بسحائب من فيض فضلك غامره
يا نفس صبرا فالتأسي كائن ... بوفاة أعظم شافع في الآخره
المصطفى زين النبيين الذي ... حاز العلا والمعجزات الباهره
صلى عليه الله ما صال الردى ... فينا وجرد للبرية باتره
وعلى عشيرته الكرام وآله ... وعلى صاحبته النجوم الزاهره
ومنه الشّهاب أحمد بن محمد بن علي المنصوري صاحب القصيدة الماضية ذكرها في المدائح، فقال يوم وفاة صاحب الترجمة [من الزجر] :
قد بكت السحب على ... قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذي ... كان مشيداً من حجر
ومنهم الفاضل أبو هريرة عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عثمان بن النقاش الأصم [من البسيط] :
قفا نبك بالقاموس2 الغامض الزجر ... والمرسلات بماء الغيث والمطر
مذكراً لك بالأذكار ذا أسف ... على المعاهد والروضات والأثر
على ديار إذا صح الحديث ولي ... في الحسن معتقد والضعف للغير
على رباع خلا درس الحديث بها ... والربع عاف ومحتاج إلى الحجر
__________
1 وإذا البحار سجرت "فهي بالجيم وليست بالخاء".
2 تهمز الألف للضرورة.(1/103)
وقل لذي عذل في عبيرة سمحت ... دعها سماوية تجري على قدر
وقل لعيني التي بالدمع قد نزحت ... يا عين، جودي ولا تبقي ولا تذري
وابكي بموج وما المقياس يحصره ... قاضي القضاة أمير المؤمنين في الأثر
قاضي القضاة أمير المؤمنين سمي ... بأحمد بن علي ذي الرحلة الحجر
أكرم بها مدحة ما حازها أحد ... في عصرنا غير نزر قل في العصر
وع الكتابة واحفظها وسق سندا ... وخل عنك سواد الطرس بالحبر
ياموت، ذكرتني موت النبي به ... الهاشمي المصطفى المبعوث من مضر
ذكرتني العمرين1 الصاحبين أبا ... بكر الصديق مع الفاروق من عمر!
يا خنس، لو نظرت عيناك لمته ... وما حوت من فخار العلم والخفر
يا خنس، لو سمعت أذناك منطقه ... من ثغر مبسمه المنظوم بالدرر
يا خنس، قد قلت في صخر مراثيه ... فحول الحزن بالإسناد للحجر
مصيبة عمت الدنيا بأجمعها ... رمي بها زحل بالقوس والوتر
بالبحر والنهر والبحرين إذ جمعا ... أبكيه من عبرة تجري بلا ضجر
إن ذكرتني بوقت صخرها غسقا ... أو نكرتني بوقت الصيف في السحر
فكل أوقاتي الغرا مسبلة ... جاها وعلماً وما يزرى من البدر
شبهته جالساً في الدرس في فئة ... هم النجوم ووجه الشيخ بالقمر
وهم طباق وهم يهدى السبيل بهم ... من حوله أنجم كالأنجم الزهر
هم الرجال ولكن شيخهم رجل ... رجاله سند في مسند الحبر
ساد الرجال وكم قد ساد من رجل ... يشوقه بعد تحويل من السطر
يملي الحديث ببيبرس حوى سندا ... عال إلى سيد الكونين والبشر
تالله، لو سمعت حذاق شرعتنا ... شوق الأسانيد في إملائه الجهر
ولو رأوا يده في فرع روضته ... أو فسرت آية في محكم السور
أو ما يوصله في الدين معتقدا ... أو رتبت سنداً من نخبة الفكر
أو أظهرت حكمة للشافعي خفت ... يستخرج الكل من خرم من الإبر
أثنوا عليه ومن أضحى يخالفه ... بمنزل دحض كقشعم الحجر
أبكى عليه وقد شالوا جنازته ... وقنطت مرنة من نسمة السحر
أنقى من الثلج إشراقا وريحتها ... أذكى من المسك والندا الذي العطر
وبشرت برضا الرحمن خالقه ... والحور قد زينت بالحلى في السرر
__________
1 يقال العمرين يعني أبا بكر وعمر. و(1/104)
وعدته قائلاً للقلب منه عسى ... وهل يفيد "عسى" مع سابق القدر
ياقلب قد كنت تخشى الموت ذا حذر ... وليس ذو حذر ينجو من القدر
وأنت للعالم النقاش منتسب ... وكم معان خفت تأتيك في الصور
خفت المنون وما قد كنت تحسبه ... قد جاء منتقشا كالنقش في الحجر
إن غاب شخصك يا مولاي عن نظري ... وغيبوا وجهك المحبوب في القبر
وفي أساريرك الحسناء مشرقة ... سبط من الحسنيين الخلق والبشر
يا من مراحمه للخلق واسعة ... عمت نجيا ومن في دينه الخطر
إجعل على متن هذا القبر سابغة ... من لؤلؤ رطب عذب ذكي عطر
والسامعين ومن يعزى لمذهبهم ... تحدوا على سنة الهادي النبي المصري
وقل لمن سمع الأبيات يسترها ... فالله يستره في الورد والصدر
قدمتها سلعة مزجا وناظمها ... يعدها خجلا من أعظم الكبر
وأذن بسحب صلاة منك ثم رضا ... على نبي الهدى والبشر والبشر
وآله وجميع الصحب قاطبة ... بهم هديت أمم في البدو والحضر
ما غردت ورقه في الأيك آصرة ... بزورة المصطفى والبيت والحجر
موت الإمام شهاب الدين قد جزعت ... له العلوم وما يروى من الأثر
وقال ربع علوم الشرع مكتئبا ... به درست فما تلقون من أثر
[من الكامل] :
إن الحياة ذميمة من بعد ما ... قبض الإمام العسقلاني الشافعي
يا نفس، طيبي بالممات وحافظي ... أن تلحقي هذا الإمام وتابعي
[من المجتث] :
بكت سماء وأرض ... عليك يا عسقلاني
لكننا نتسلى ... إذ ما سوى الله فاني
[من الكامل] :
ألجفن قد حاكى السحاب وناظره ... فاعذر إذا فقد المتيم ناظره
لو أن عاذله رأى ما قد رأى ... لغدا له بعد الملامة عاذره
يا عاذلي، دعني فلي حزن على ... طول المدى لم يلق يوما آخره
ذاب الفؤاد وقد تقطع حسرة ... أسفا على قاضي القضاة النادرة
أعني شهاب الدين ذا الفضل الذي ... عن وصفه أفهام مثلي قاصره
ألعسقلاني الذي كانت إلى ... أبوابه تأتي الوفود مهاجره
يا عين، إني ناظم مرثيه ... فيه فكوني للمدامع ناثره(1/105)
لله أياما به ولياليا ... سلفت وكانت بالتواصل زاهره
تالله، لم يأت الزمان بمثله ... أبدا ولم ير مثله من عاصره
شهدت له كل العقول بأنه ... ما مثله هو درة هي فاخره
دانت لفطنته العلوم فلم تزل ... أبدا إليه كل وقت سائره
يا أيها الشعراء، هذا سوقكم ... كانت له تأتي التجار مبادرة
واليوم أغلق بابه فلأجل ذا ... أضحت تجارتكم لديكم بائره
كم من حديث قد رواه مسلسلا ... ومدبجا وله معان ظاهره
وكذا غريبا مسندا ومصححا ... جملا وأخبارا غدت متواتره
إني لأعجز أن أعد فضائلا ... فيه وأعجز أن أعد مآثره
كم طالب أقلامه من بعده ... جفت ولم تمسك يداه محابره
أسفا عليه نقول يا نفس اصبري ... فتقول: ما أنا عند هذا صابره
درست دروس العلم بعد وفاته ... ومعاهد الإملاء أضحت دائره
أسفي على قاضي القضاة مؤبد ... زفرات قلبي كل وقت ثابره
أسفي على شيخ العلوم ومن غدت ... أفكار كل الخلق فيه حائره
أسفي على من كان بين صحابه ... كالبدر في وسط النجوم الزاهره
ولقد نعى قبل المنية نفسه ... إذ كل نفس للمنية صائره
لما رأى أجل الحياة قد انقضى ... أضحى يشير إلى الصحاب مبادره
ويقول أبياتا وليست نظمه ... لكن بلفظ منه أضحت فاخره
وزمخشري ناظم أبياتها ... هي أربع معدودة متواتره
كل الورى من بعده اشتلغوا بها ... فاسمع فأولها أقول مذاكره
قرب الرحيل إلى ديار الآخره ... فاجعل إلهي خير عمري آخره
وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخره
فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت يا إلهي زاخره
ها آخر الأبيات قد أوردتها ... فيما نظمت تبركا ومكاثره
وأعود أذكر بعد ذلك حالتي ... وأبث أحزانا يقلبي حاضره
وأقول: مات أبو المكارم والندى ... ملقي الدروس وذو العلوم الباهره
ما كان أحسن لفظه وحديثه ... ما كان قط يمله من عاشره
ولو أنه يفدى لكنت له الفدا ... وأود لو أني سددت مقاصره
لهب بقلبي بعده لا ينطفي ... ودموع عيني لم تزل متقاطره
فالله يسقي قبره ماء الحيا ... أبدا ويورده سحابا ماطره(1/106)
ثم الصلاة على النبي وصحبه ... وعلى جميع التابعين أوامره
يا درة فقدت وكانت فاخره ... في بدء خير حولت للآخره
من كل علم حاز أكبر فره ... عز الفخار تصل بحارا زاخره
شطن الرجا كانت لطالب بره ... من بعد أشجان بفضل ماخره
تعنو الرءُوس إلى وجوه بديعه ... وإذا عصته أتت إليه ذاخره
وهو المكرم والكريم بناته ... مع علمه لو أم كعبا فاخره
ليلى بعاذرها فشاغل قلبها ... ولمن سواه بذي الدعاوى شاجره
تجري عليه مودعا روحي ولن ... تشغل ولو صارت عظاما ناخره
قد كان أول شاغل قلبي هوى ... وبهونه فالصبر عدى آخره
[من الطويل] :
شهاب المعالي بينما هو طالع ... فعاجلنا فيه القضا والقوارع
إلى الله إنا راجعون وحسبنا ... ونعم الوكيل الله فيما نواقع
فقد أورت الآفاق حزنا وذلة ... وأظلمت الأكوان ثم المطالع
وأطلق دمع العين تجري سحائبا ... وأجرى عيون السحب فهي هوامع
وصير طرفي لا يمل من البكا ... وأحرق قلبا بالجوانح هالع
وفرق جمع الشمل من بعد إلفه ... وألف در الجمع في الخد لامع
فوجدي وصبري في الرثاء بيانيا ... فوجدي موجود وصبري ضائع
فصبرا لما قد كان في سابق القضا ... فليس لمقدور المنية دافع
وطلقت نومي والتلذذ والهنا ... وألزمت نفسي أنني لا أراجع
وصاحب سهدي والتأسف والأسى ... فواصلتها لما جفتني المضاجع
وإني غريب لو أقمت بمنزلي ... وإني وحيد لا معين أراجع
فلهفي على شيخ الحديث وعصره ... فمجلسه للعلم والفضل جامع
فلهفي على تلك المجالس بعده ... لفقد أولي التحقيق قفر بلاقع
فلهفي على جدي وشيخي وقدوتي ... وشيخ شيوخ العصر إذ لا منازع
فأوقاته مقسومة في عبادة ... وفضل لمحتاج ببر يتابع
فقد كان ظني أن تكون معاوني ... على كل خير مثل ما قيل مانع
فعند إلهي قد جعلت وديعتي ... كريم لديه لا يخيب الودائع
فرحب الفضا قد ضاق من بعد بعده ... علي وفيه بحر فكري واسع
فيا موت، زر إن الحياة ذميمة ... فمن بعد هذا الحبر إني راجع
إمام الهدى والعلم والحلم والتقى ... وحافظ هذا الوقت للحق خاضع(1/107)
ففي النظم حسان وفي الجود حاتم ... وفي العلم ليث وهو في الثبت نافع
عفيف السجايا باسط اليد بالندا ... جزيل العطايا ناسك متواضع
بزهد له قد كان يحكي ابن آدم ... له ورع بالصبر للنفس قانع
فأيامه صوم وفي الليل هاجد ... مقيل خشوع ساجد الرأس راكع
فمنهاجه حاو لتنبيه غافل ... وبهجته زانت كما الروض نافع
وفتح لباريه حواه فوائدا ... يزيل التباسا فهو للشكل رافع
وتقريبه الأسما لتهذيب طالب ... وفي الجرح والتعديل كالسيف ساطع
فإن رمت إتقان الحديث فجمعه ... فعن حافظ الإسلام تروى الشرائع
[من الطويل] :
كأن لم يمت من سواه ولم تقم ... على أحد إلا عليه النوائح
[من البسيط] :
إني معزيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
[من الطويل] :
تعز بحسن الصبر عن كل فائت ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم
وليس يذود النفس عن شهواتها ... لعمرك إلا كل ماضي العزائم
[من الوافر] :
لعمرك ما الرزية هدم دار ... ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية موت شخص ... يموت بموته علم كبير(1/108)
تلخيص الحبير لابن حجر
من الكتب التي قامت بتخريج كتاب "العزيز في شرح الوجيز" كتاب "تلخيص الحبير" لابن حجر العسقلاني؛ حيث أن كتاب "الوجيز" للغزالي قام بشرحه الرافعي في شرحين، سمى أحدهما "الشرح الكبير" وهو المسمى بـ "العزيز" وسمى الثاني "الشرح الصغير". أما بالنسبة لكتاب "العزيز" فقد قمنا بتحقيقه وأما "الشرح الصغير" فنحن بصدد تحقيقه.
ولقد نال "العزيز" عناية العلماء من حيث تخريج حديثه وتعددت هذه التخريجات؛ لذا يجدر بنا أن نشير إليها:
1- "تخريج أحاديث الرافعي".
لشهاب الدين أبي الحسين أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي، الدمياطي، الحافظ "ت 749 هـ".(1/108)
2- "تخريج أحاديث الرافعي".
لمحمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم الدكالي، ثم المصري، الشافعي أبو إمامة، المعروف بـ "ابن النقاش"، خطيب جامع ابن طولون، "ت763 هـ".
3- "تخريج أحاديث الرافعي".
للقاضي أبي عمر عز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد اللَّه بن جماعة الكناني، الحموي الأصل، الدمشقي المولد، ثم المصري، الشافعي، المتوفي بمكة سنة "767هـ".
4- "تخريج أحاديث الرافعي".
لبدر الدين محمد بن بهادر، الزركشى، المنهاجي، الشافعي، "ت 794 هـ".
5- "البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير".
للإمام أبي حفص عمر بن علي بن أحمد، المعروف بابن المُلَقن "804 هـ" وهذا الكتاب هو الذي اختصر منه الحافظ كتابه "تلخيص الحبير".
6- "شافي العي في تخريج أحاديث الرافعي".
لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العال، الدمشقي، الشافعي، المعروف بـ "ابن الحسباني" "ت 815 هـ".
7- "نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير".
للحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي "ت 911 هـ".
هذا، ولقد وجد الحافظ ابن حجر أن الكتب التي صنفت في تخريج الأحاديث عند كل مؤلف ما ليس عند الآخر من الفوائد، لذا قام بضم تلك الفوائد إلى بعض وأودعها كتابه "تلخيص الحبير" فضلاً عما وجده في الأصل "البدر المنير" من إطالة وتكرار يمكن الاستغناء عنها حتى إن مؤلفه نفسه لخصه في كتاب سماه "خلاصة البدر المنير" وقد قام الحافظ في كتابه بالآتي:
أولاً: اختصار كتاب شيخه ابن الملقن "البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير".
ثانياً: جمع في اختصاره بين الاختصار وعدم الإخلال بما اشتمل عليه الأصل من الفوائد والمقاصد؛ فخرج كتابه اختصاراً ليس بمخل.
ثالثاً: يضيف على اختصاره بعضاً من تقريرات أئمة الحديث مثل الزيلعي في "نصب الراية".(1/109)
رابعاً: حذف الحافظ مقدمة كتابه "البدر المنير" ولعل ذلك يرجع لطولها ولما اشتمل عليه كتابه من تخريج للرافعي فقط.(1/110)
منهج ابن حجر في "تلخيص الحبير"
لقد سار الحافظ في كتابه "تلخيص الحبير" على خطوات أساسية التزمها من أول كتابه إلى آخره وتتلخص هذه الخطوات فيما يلي:
1- كان يبدأ الحافظ أولاً بذكر الحديث بنصه في كتاب "العزيز" للرافعي دون زيادة عليه ولا نقص، وبنفس لفظه.
2- ثم يعزو الحديث إلى المصادر الأصلية لتخريج الحديث مكتفياً بأسماء أصحابها دون اسم المصدر نفسه غالباً وعلى سبيل المثال نجده قال في حديث "الذهب والحرير: هذان حرامان على ذكور أمتي":
قال الترمذي والنسائي وأحمد والطبراني".
غير أنه في بعض المواضع يذكر المصدر، نحو قوله في حديث: "لا تلبسوا الحرير" ... الخ قال: "رواه الحاكم في المستدرك".
3- كان يذكر الحكم على الحديث غالباً، وإذا كان فيه ضعيف بينه، ونقل أقوال أهل الجرح والتعديل فيه.
4- يعزو الحديث بداية للصحابي ثم بعد ذلك يذكر عزو الحديث لأصحاب أخر بقوله: "وفي الباب أيضاً عن.... ".
5- كان في بعض المواضع يذكر اختلاف الألفاظ والروايات في الحديث.
6- كان الحافظ يقول: "قلت" ولا يعني أن الكلام المذكور بعدها له، وإنما هو لصاحب الأصل ابن الملقن غالباً، وكان في بعض المذكور بعد "قلت" من كلامه كما قال في حديث "كانت حلقة قصعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة"، الحديث في باب الأواني فراجعه.
7- يذكر في نهاية الحديث تنبيهاً مشتملاً على فوائد وتقريرات مهمة.
وصف النسخة الخطية
اعتمدنا في تحقيق الكتاب على النسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم "1449" حديث يشتمل على جزءين، الأول: ميكروفيلم "18086" "467" ق، والجزء الثاني ميكروفيلم "48574" "378" ق، مكتوبة بخط نسخ.
هذا، وآخر دعوانا الحمد للَّه رب العالمين.(1/110)
مقدمة المؤلف
...
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ1 مُخْرِجِ الْحَيِّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ الْعَلِيمِ بِمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَتُبْدِيه مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَأَعُوذُ بِهِ فِي أَدَاءِ شُكْرِهَا مِنْ الْمَطْلِ وَاللَّيِّ2 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّذِي هَدَانَا إلَى الرُّشْدِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَهْلِ الْغَيِّ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ الْفَيْءَ وَأَظَلَّ أُمَّتَهُ مِنْ ظِلِّ هَدْيِهِ بِأَوْسَعِ فَيْءٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَحَيٍّ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ شَرْحِ الْوَجِيزِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِم الرَّافِعِيِّ3 شكر لله سَعْيَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةٍ4 وَالْإِمَامُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ النَّقَّاشِ5 وَالْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ6 وَالْمُفْتِي بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
__________
1 الحَمْدُ: بالفتح وسكون الميم في اللغة هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري على قصد التعظيم، ونقيضه الذم.
وينقسم الحمد إلى أقسام، منها:
الحمد القولي: هو حمد اللسان وثناؤه على الحقِّ بما أثنى به على نفسه على لسان أنبيائه.
الحمد الفعلي: هو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاءً لوجه الله تعالى.
الحمد الحالي: هو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية، والتخلّق بالأخلاق الآلهية.
الحمد العرقي: فعل يشعر لتعظيم المنعم بسبب كونه منعماً، أعمّ من أن يكون فعل اللسان أو الأركان. ينظر: كشاف الاصطلاحات: 2/26، التعريفات ص55.
2 المطل: التسويف بالعِدَةِ والدَّيْن. ترتيب القاموس 4/258 واللي: المطل مختار الصحاح ص 609.
3 ينظر ترجمته في مقدمة هذا الكتاب.
وقال ابن قاضي شهبة "1/102" ومن تصانيفه، تخريج أحاديث الرافعي مجلدين وهو كتاب نفيس جليل.
4 عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة، قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله الكناني الحموي. أخذ الأصلين عن الشيخ علاء الدين الباجي والنحو عن الشيخ أبي حيان. وقال الإسنوى: نشأ في العلم والدين ومحبة أهل الخير، ودرس وأفتى، وصنف تصانيف كثيرة حسنة ووّلي القضاء فسار فيه سيرة حسنة. من تصانيفه كتاب كبير في المناسك والمناسك الصغرى والسيرة الكبرى. توفي بمكة في جمادى الآخرة سنة 0767 انظر: ابن قاضي شهبة 3/ 101، شذرات الذهب 6/208، البدر الطالع 1/359.
5 محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم، المغربي الأصل، المصري، الإمام شمس الدين أبو أمامة، المعروف بابن النقاش. مولده في رجب سنة 720. كان من الفقهاء المبرزين، والفصحاء المشهورين وله نظم ونثر حسن. له مصنفات: شرح العمدة في نحو ثمان مجلدات، وشرح ألفية بن مالك وكتاب النظائر والفروق وشرح التسهيل. توفي في ربيع الأول سنة 0763 انظر ابن قاضي شهبة 3/131، بغية الوعاة 78، الدرر الكامنة 4/71.
6 عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، عمدة المصنفين، سراج الدين أبو حفص الأنصاري، المعروف بابن الملقن، كان أبوه نحويا معروفاً، ولد سنة 723، أخد عن الإسنوي ولازمه، وعن غيره من شيوخ العصر، وسمع الحديث الكثير، ومهر في الفنون، وشرح زوائد مسلم وزوائد أبي داود وغيرهما وشرح منهاج البيضاوي، وعمل الأشباه والنظائر، وله تخريج أحاديث الرافعي "البدر المنير" وهو مطبوع، وكذلك "تحفة المحتاج" وهو مطبوع. توفي سنّة 804 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 4/43، إنباء الغمر 5/41، البدر الطالع 1/508.(1/115)
اللَّهِ الزَّرْكَشِيُّ1 وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ مِنْ الْفَوَائِدِ وَالزَّوَائِدِ وَأَوْسَعُهَا عِبَارَةً وَأَخْلَصُهَا إشَارَةً كِتَابُ شَيْخِنَا سِرَاجِ الدِّينِ إلَّا أَنَّهُ أَطَالَهُ بِالتَّكْرَارِ فَجَاءَ فِي سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ ثُمَّ رَأَيْته لَخَصَّهُ فِي مُجَلَّدَةٍ لَطِيفَةٍ أَخَلَّ فِيهَا بِكَثِيرٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْمُطَوَّلِ وَتَنْبِيهَاته فَرَأَيْتُ تَلْخِيصَهُ فِي قَدْرِ ثُلُثِ حَجْمِهِ مَعَ الِالْتِزَامِ بِتَحْصِيلِ مَقَاصِدِهِ فَمَنَّ اللَّهُ بِذَلِكَ ثُمَّ تَتَبَّعْتُ عَلَيْهِ الْفَوَائِدَ الزَّوَائِدَ مِنْ تَخَارِيجِ الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ وَمِنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ2 فِي فِقْهِ الْحَنَفِيَّةِ لِلْإِمَامِ جَمَالِ الدِّينِ الزَّيْلَعِيِّ3 لِأَنَّهُ يُنَبِّهُ فِيهِ عَلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ مُخَالِفُوهُ وَأَرْجُو اللَّهَ إنْ تَمَّ هَذَا التَّتَبُّعَ أَنْ يَكُونَ حَاوِيًا لِجُلِّ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْفُقَهَاءُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ وَهَذَا مَقْصَدٌ جَلِيلٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمَسْئُولُ أَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا وَيُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا وأن يزيدنا علما و [أن] 4 يُعِيذَنَا مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
__________
1 محمد بن بهادر بن عبد الله، العالم العلامة، المصنف المحرر، بدر الدين أبو عبد الله المصري، الزركشي. مولده سنّة 45، أخد عن الشيخين جمال الدين الإسنوي وسراج الدين البلقيني ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين الأذرعي وتخرج بمغلطاي في الحديث. كان فقيهاً أصولياً، أديبا فاضلاً في جميع ذلك. من تصانيفه تكملة شرح المنهاج للإسنوي. نوفي في رجب سنّة 0794 انظر: ابن قاضي شهبة 3/167، شذرات الذهب 6/335، معجم المؤلفين 9/121.
2 الهداية في الفروع لشيخ الإسلام برهان الدين علي ابن أبي بكر المزغيناني الحنفي المتوفى سنة 593 ثلاث وتسعين وخمسمائة وهو شرح على متن له سماه بداية المبتدى ولكنه في الحقيقة كالشرح لمختصر القدوري وللجامع الصغير لمحمد وعادته أن يحرر كلام الإمامين من المدعي والدليل ثم يحرر مدعي الإمام الأعظم ويبسط دليله بحيث يخرج الجواب من أدلتهما فإذا كان تحريره مخالفاً لهذه العادة يفهم منه الميل إلى ما ادعى الإمامان ووظيفته أن يشرح مسائل الجامع الصغير والقدوري وإذا قال قال في الكتاب أراد القدوري. قال الشيخ أكمل الدين روى أن صاحب الهداية بقي في تصنيف الكتاب ثلاث عشرة سنّة وكان صائماً في تلك المدة لا يفطر أصلاً وكان يجتهد أن لا يطلع على صومه أحد فكان ببركة زهده وورعه كتابه مقبولاً بين العلماء. ينظر كشف الظنون 2/2031- 2032.
3 عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، أبو محمد جمال الدين فقيه عالم بالحديث، أصله من الزيلع "في الصومال" ووفاته في القاهرة سنّة 762هـ. من كتبه: "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" في مذهب الحنفية، "وتخريج أحاديث الكشاف"، وهو غير الزيلعي "عثمان " شارح الكنز. ينظر: الأعلام "4/147"، البدر الطالع "1/402"، وحسن المحاضرة "1/203".
4 سقط في الأصل.(1/116)
كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1
1-بَابُ الْمَاءِ الطَّاهِرِ 2
1 - حَدِيثُ البحر "هو الطهور ماءه" مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ
__________
1 "الطهارة": هي في اللغة: النزاهة والنظافة عن الأقذار، يقال: طهرت المرأة من الحيض، والرجل من الذنوب، بفتح الهاء وضمها وكسرها.
والطهر نقيض الحيض، والطهر نقيض النجاسة، ويقال: المرأة طاهر من الحيض، وطاهرة من النجاسة. والطهور بالضم التطهُّر، وبالفتح: الماء الذي يُتَطَهّر به، هذا رأي جمهور أهل اللغة، كما قال في السُّحور والسَّحور، والوُضوء والوَضوء، بالضم يطلق على الفعل، وبالفتح يطلق على ما يُتَسَحَّرُ به، وعلى الماء الذي يُتَوَضَّأُ به.
وقال سيبويه: الطهور بالفتح يقع على الماء والمصدر معاً.
والمِطْهرة: الإناء الذي يُتطهرُ منه، والمِطْهَرَةُ: البيت الذي يتطهر فيه. ينظر لسان الحرب 4/2712، ترتيب القاموس 3/103، 104 المعجم الوسيط: 2/574.
واصطلاحاً:
عرفها الحنفية بأنها: النظافة المخصوصة المتنوعة إلى وضوء وغسل وتيمّم، وغسل البدن والثوب ونحوه.
وعند الشافعية: إزالة حدثٍ، أو نجسٍ، أو ما في معناهما، وعلى صورتهما، وقيل أيضاً: فعل ما يترتب عليه إباحة الصلاة، ولو من بعض الوجوه، أو ما فيه ثواب مجرد.
عند المالكية: صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه، أو له.
عند الحنابلة: رفع ما يمنع الصلاة، وما في معناها من حدثٍ، أو نجاسة بالماء، أو رفع حكمه بالتراب.
ينظر: الدرر1/6، فتح الوهاب: 1/3، شرح المهذب: 1/123، الإقناع بحاشية البيجرمي: 1/58- 59، حاشية الباجوري 1/25، حاشية الدسوقي: 1/30- 31 الكليات لأبي البقاء ص234.
وشرعت الطهارة حثاً للمؤمن على النظافة، حتى يكون حَسَنَ البدنِ والملْبَسِ والمكان، كما هو طاهر القلب، نظيف اللسان بالإيمان والإخلاص، ولذا نجد الشارعَ الحكيم قد أوجب الوضوء والغسل، وإزالة النجاسة لطهارة البدن والثوب والمكان.
واعلم أن الفقهاء قدَّموا العبادات على المعاملات اهتماماً بالأمور الدَّينية دون الدنيوية، وقدموا منها الطهارة؛ لأنها مفتاح الصلاة التي هي أهم العبادات، ولذلك ورد "مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الطهور" الباجوري 1/23.
2 هو ضد المقيِّد؛ لأن المطلَقَ: هو ما لم يقيَّد بصفة تمنعه أن يتعدَّاها إلى غيرها. وأصله: البعير يطلق من القيد، والأسير يطلق من الحبس والوثاق. قال أصحابنا: الماء المطلق: هو ما لم يُضَفْ إلى ما استخرج منه، ولا خالطه ما يستغنى عنه، ولا اسْتُعْمِل في رفع حدث ولا نجس.
والمقيد: هو الذي فيه إحدى هذه الصفات كماء الورد، والماء الذي اعتصر من الشجر، وماء الباقلّي هذا مضاف إلى ما استخرج منه، والذي خالطه ما يستغنى عنه كالطُّحْلُبِ والزعفران، والملح الجبليَّ، والماء المستعمل، فكأن هذه الصفات قيّدته على معناه فلم تتجاوزها إلى غيرها. والمطلق يقال فيه: ماء لا غير، فيطق عن الصفات والإضافات. ينظر: النظم المستعذب "1/10ب".(1/117)
حِبَّانَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ1 2، وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَا3 حَكَاهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ4 وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ5 بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا عِنْدَهُ لَأَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ6 وَهَذَا مَرْدُودٌ7 لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الِاسْتِيعَابَ ثُمَّ حَكَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعَ ذَلِكَ بِصِحَّتِهِ لِتَلَقِّي الْعُلَمَاءِ
__________
1 أخرجه مالك "1/22": كتاب الطهارة: باب الطهور للوضوء، الحديث "12"، والشافعي في "1/16": كتاب الطهارة، ومحمد بن الحسن في الموطأ "43": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر، الحديث "46"، وابن أبي شيبة "1/131": كتاب الطهارات: باب من رخص في الوضوء بماء البحر، وأحمد "2/361"، والدارمي "1/186": كتاب الطهارة: باب الوضوء من باب البحر، والبخاري في التاريخ الكبير "3/478"، وأبو داود "1/64": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر، الحديث "83"، والترمذي "1/100- 101": كتاب الطهارة: باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، الحديث "69"، والنسائي "1/176": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر، وابن ماجة "1/136": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر، الحديث "386"، وابن خزيمة "1/59": كتاب الطهارة: باب الرخصة في الغسل والوضوء من ماء البحر، الحديث "111"، وابن حبان في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان": كتاب الطهارة: باب ما جاء في الماء، الحديث "119"، وابن الجارود ص: "25" باب في طهارة الماء والقدر الذي ينجس الماء والذي لا ينجس، والدارقطني "1/36": كتاب الطهارة: باب في ماء البحر، الحديث "13"، والحاكم "1/140- 141": كتاب الطهارة والبيهقي في "1/3": كتاب الطهارة: باب التطهير بماء البحر.
وفي "معرفة السنن والآثار" "1/150- 151" والخطيب في "تاريخ بغداد" " 7/139 " وابن بشكوال في "الغوامض" "ص 555" والجوزقاني في "الأباطيل" رقم "331"، من رواية مالك عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق، عن المغيرة بن أبي بردة، أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا. أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وقد توبع مالك على هذا الحديث فتابعه أبو أويس وعبد الرحمن بن إسحاق وإسحاق بن إبراهيم.
2 سقط من ط.
3 في الأصل: عما.
4 قال الترمذي في "العلل" ص 41 رقم "33": سألت محمداً عن حديث مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ... الحديث فقال: "هو ... ", حديث صحيح.
5 يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر: من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ أديب، بحّاثة، يقال له: حافظ المغرب؛ ولد بقرطبة سنّة 368هـ، وتوفي بشاطبة سنّة 463هـ. من تصانيفه: "الدرر في اختصار المغازي والسير" و"الاستيعاب" و"جامع بيان العلم وفضله" و"المدخل" من القراءات، و"بهجة المجالس وأنس المجالس" و"الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار" و"الإنباه على قابل الرواة" و"الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف". ينظر: الأعلام 8/240، وفيات الأعيان 2/348، بغية الملتمس: 474 1/157.
6 قال في "التمهيد" "16/218- 219": لا أدري ما هذا من البخاري- رحمه الله؟ ولو كان عنده صحيحاً لأخرجه في مصنفه الصحيح عنده ولم يفعل لأنه لا يعول في الصحيح إلا على الإسناد وهذا الحديث لا يحتج أهل الحديث بمثل إسناده وهو عندي صحيح لأن العلماًء تلقوه بالقبول له والعمل به" اهـ. وينظر أيضاً الاستذكار له "2/94- 97".
7 وقد تعقبه الشيخ تقي الدين في "شرح الإلمام" كما في "البدر المنير" "2/6" فقال: قوله: قوله لو كان صحيحاً لأخرجه في كتابه غير لازم لأنه لم يلتزم إخراج كل حديث صحيح.(1/118)
لَهُ بِالْقَبُولِ فَرَدَّهُ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ وَقَبِلَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ جُمْلَةٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ لَا تَبْلُغُ دَرَجَةَ هَذَا وَلَا تُقَارِبُهُ وَرَجَّحَ ابْنُ مَنْدَهْ1 صِحَّتَهُ2 وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ الْمُنْذِرِ3 وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيّ4 وَمَدَارُهُ عَلَى صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ [مَعَنَا] 5 الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا أَعْرِفُهُ6.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ سَعِيدَ بْنَ سَلَمَةَ أَوْ الْمُغِيرَةَ أَوْ كِلَيْهِمَا7.
__________
1 هو الإمام الحافظ الجوال محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني العبدي، قال أبو علي الحافظ: بنو مندة أعلام الحفاظ في الدنيا قديماً وحديثاً. ت "395 هـ". ينظر "شذرات الذهب" "3/146" و"تذكرة الحفاظ" "4/1031" و"سير أعلام النبلاء" "17/28".
2 نقله عنه الشيخ تقي الدين في "الإلمام" ص 4 ونقله أيضاً ابن الملقن في "البدر المنير" "2/5" و"خلاصة البدر المنير" "1/7" رقم "1".
3 ينظر الأوسط لابن المنذر "1/247".
4 قال في "شرح السنة" "1/368- بتحقيقنا": هذا حديث حسن صحيح.
تنبيه: نقل ابن الملقن في "البدر المنير" "2/4" عن البغوي قوله: هذا الحديث صحيح متفق على صحته. قلت: وهذا الكلام فيه نظر فإن الحديث المتفق عليه اصطلاحاً هو ما رواه البخاري ومسلم معاً. وأيضاً لم أر هذا الكلام للبغوي في كتابه "شرح السنّة".
وهذا الحديث قد صححه أيضاً جماعة غير ما تقدم فصححه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وقال الأخير في "المجروحين" "2: 299": حديث أبي هريرة صحيح وصححه أيضاً الحاكم.
والبيهقي في "كتاب معرفة السنن والآثار" فقال: هو حديث صحيح كما قال البخاري.
وقال الجوزقاني: هو حديث حسن.
وقال ابن الأثير في "شرح المسند" كما في "البدر المنير""2/5" و"نيل الأوطار" "1/14":: هذا حديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات اهـ. وابن الملقن فقال في "البدر المنير" "2/2": هذا الحديث صحيح جليل، وتبعه تلميذه المصنف في "الدراية" "1/53" وصححه غير هؤلاء الكثير.
5 سقط في الأصل.
6 قال الشافعي رحمه الله في "الأم" "1/3": ظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طهارة ماء بحر وغيره وقد روي من حديث يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لم أعرفه.
وقد نقل هذا الكلام عن الشافعي البيهقي في "السنن الكبرى" "1/3" كتاب الطهارة: باب التطهير بماء البحر وأسنده عنه في "معرفة السنن والآثار" "1/131- 132" كتاب الطهارة: باب ما تكون به الطهارة من الماء.
7 قال البيهقي في "المعرفة" "1/132": وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم بن الحجاج في "الصحيحين" لاختلاف وقع في اسم سعيد ابن سلمة والمغيرة ابن أبي بردة ولذلك قال الشافعي: في إسناده من لم أعرفه.(1/119)
قُلْتُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ سَعِيدٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَالِاضْطِرَابُ مِنْهُ فَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ1.
وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ2 وَقِيلَ عَنْ يَحْيَى عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ3.
وَقِيلَ عَنْ يَحْيَى عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ4.
وَقِيلَ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَرْفُوعًا.
وَقِيلَ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ5 الْمُغِيرَةِ عَنْ6 أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا.
وَقِيلَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُدْلِجِي ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ أَشْبَهَهَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ فقدوهم وَالصَّوَابُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَمَّا حَالُ الْمُغِيرَةِ فَقَدْ رَوَى الْآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ مَعْرُوفٌ7.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَدْتُ اسْمَهُ فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ نصير8 [بن عقبة] 9 وَقَالَ ابْنُ
__________
1 أخرجه من هذا الوجه ابن عبد البر في "التمهيد" "16/219".
وأخرجه ابن أبي شيبة "1/121" رقم "1378" من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن يحيى بن سعيد به.
2 أخرجه من هذا الوجه الحاكم "1/114" والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/136" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "234".
3 أخرجه الحاكم "1/141- 142" والبيهقي في "المعرفة" "1/137".
4 أخرجه عبد الرزاق "321" وابن عبد البر في "التمهيد" "16/219".
5 ينظر العلل للدار قطني "9/7- 13".
وقد أشار إلى الاختلاف في طرق هذا الحديث الزيلعي في "نصب الراية" "1/97".
6 سقط في الأصل.
7 ذكره المزي في "تهذيب الكمال" "28/353" وقال: قال النسائي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات "5/410" وقال الحافظ في "التقريب" "2/268": وثقه النسائي.
8 ينظر التمهيد "16/218".
وقال في "الاستذكار" "2/98": المغيرة بن أبي بردة كان مع موسى بن نصير في مغازيه بالمغرب وكان موسى يؤمره على الجيوش هنالك وفتح في المغرب فتوحات.
9 سقط من ط.(1/120)
عَبْدِ الْحَكَمِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ إفْرِيقِيَةَ أَنْ يُؤَمِّرُوهُ بَعْدَ قَتْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ فَأَبَى انْتَهَى.
وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ فَعُلِمَ بِهَذَا غَلَطُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ فَقَدْ تَابَعَ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ عَلَى رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْهُ الْجُلَاحُ أَبُو كَثِيرٍ رَوَاهُ عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمَا وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَجَاءَهُ صَيَّادٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَنْطَلِقُ فِي الْبَحْرِ نُرِيدُ الصَّيْدَ فَيَحْمِلُ أَحَدُنَا مَعَهُ الْإِدَاوَةَ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَأْخُذَ الصَّيْدَ قَرِيبًا فَرُبَّمَا وَجَدَهُ كَذَلِكَ وَرُبَّمَا لَمْ يَجِدْ الصَّيْدَ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ الْبَحْرِ مَكَانًا لَمْ يَظُنَّ أَنْ يَبْلُغَهُ فَلَعَلَّهُ يَحْتَلِمُ أَوْ يَتَوَضَّأُ فَإِنْ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ بِهَذَا الْمَاءِ فَلَعَلَّ أَحَدَنَا يُهْلِكُهُ الْعَطَشُ فَهَلْ تَرَى فِي مَاءِ الْبَحْرِ أَنْ نَغْتَسِلَ بِهِ أَوْ نَتَوَضَّأَ بِهِ إذَا خِفْنَا ذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اغتسلوا منه وتوضؤا بِهِ فَإِنَّهُ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" قُلْت: وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مُخْتَصَرًا لِلْقِصَّةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَالِكٍ1 بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 2 وَهَذَا أَشْبَهُ بِسِيَاقِ صَاحِبِ الْكِتَابِ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ3 اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْهُ4.
قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ حَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ5 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي
__________
1 أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "3/478" والحاكم "1/141" والبيهقي "1/3" كتاب الطهارة: باب التطهير بماء البحر، وفي "المعرفة" "1/137" كتاب الطهارة: باب ما تكون به الطهارة من الماء.
وقد وهم المصنف في عزو هذه الرواية للإمام أحمد فإن الإمام أحمد قد رواه من طريق الجلاح عن المغيرة بن أبي بردة لا عن سعيد بن المغيرة.
2 تقدم تخريج هذه الرواية.
3 في الأصل: عبد.
4 رواه أحمد "3/373"، وابن ماجة "1/137": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر، الحديث "388"، والدارقطني "1/34": كتاب الطهارة: باب في ماء البحر، الحديث "3"، وابن خزيمة "1/59"، وابن حبان "120- موارد"، وابن الجارود "879"، والدارقطني "1/34"، والبيهقي "1/253- 254"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/229" من طريق إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن ماء البحر فقال: "الحل ميتته، الطهور ماؤه".
5 وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان.
وقد خالفهم ابن مندة في ذلك كما في "البدر المنير" "2/20" فقال: وقد روى هذا الحديث عبيد اللَّه بن مقسم عن جابر والأعرج عن أبي هريرة ولا يثبت اهـ.
وقد مال ابن الملقن في تقوية حديث جابر فقال: قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": عندي أن قول أبي علي بن السكن في تقوية حديث جابر أقوى من قول ابن مندة وذلك أن عبيد الله بن مقسم المذكور متفق عليه بين الشيخين وإسحاق المدني وثقه أحمد ويحيى وقال أبو حاتم: صالح.(1/121)
الْكَبِيرِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا يُخْشَى مِنْ التَّدْلِيسِ1.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: "مَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ" وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ2 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ بِكِيرٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ عَنْ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ قَالَ كُنْت أَصِيدُ وَكَانَتْ لِي قِرْبَةٌ أَجْعَلُ فِيهَا مَاءً وَإِنِّي تَوَضَّأْت بِمَاءِ الْبَحْرِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 3 قَالَ
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "2/203" رقم "1759" والدارقطني "1/34" والحاكم "1/143" وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/23": وهذا سند على شرط الصحيح إلا أنه يخشى أن يكون ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير فإنه مدلس وأبو الزبير مدلس أيضاً وقد عنعنا في هذا الحديث ا. هـ.
قلت: قد توبع ابن جريج تابعه مبارك بن فضالة عن أبي الزبير عن جابر به.
أخرجه الدارقطني "1/34" ومبارك صدوق يدلس أيضاً ينظر "التقريب" "2/227".
2 أخرجه الدارقطني "1/35": كتاب الطهارة: باب في ماء البحر، الحديث "10"، والحاكم "1/140": كتاب الطهارة، كلاهما من رواية سريج بن النعمان، عن حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن ماء البحر فقال: "ماء البحر طهور". قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي، لكن الدارقطني قال: الصواب أنه موقوف. قلت: والموقوف الذي رجحه الدارقطني أخرجه أحمد "1/279" من طريق عفان عن حماد ابن سلمة عن أبي التياح عن موسى بن سلمة، وفيه وسألته يعني ابن عباس عن ماء البحر فقال: ماء البحر طهور.
تنبيه: نقل هذا الحديث- حديث ابن عباس- الزيلعي في "نصب الراية" "1/98" وقال: سكت عنه الحاكم وهو وهم فقد صححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وابن الملقن في "البدر المنير" "2/24".
3 أخرجه ابن ماجة "1/136-137": كتاب الطهارة: باب الوضوء بماء البحر: الحديث "387" عن سهل بن أبي سهل عن يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشى عن ابن الفراسي قال: كنت أصيد وكانت لي قربة الحديث. هكذا قال ابن ماجة: عن ابن الفراسي.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" "16/220" من طريق أبي الزنباع روح بن الفرج القطان عن يحيى بن بكير وفيه عن مسلم بن مخشي أنه حدثه أن الفراسي قال: كنت أصيد في البحر الأخضر على أرماث وكنت أحمل قربة لي فيها ماء ... الحديث.
وقال ابن عبد البر: إسناده ليس بالقائم وأن الفراسي مجهول في الصحابة غير معروف.
وقد تعقبه الشيخ تقي الدين في "الإمام" فقال: إن كان مراد أبي عمر مجهول الحال مع إثبات كونه من الصحابة فقد اشتهر بين أرباب الأصول والحديث أن ذلك لا يضر لعدالة جميع الصحابة وإن أراد مجهول الصحبة فقد أثبت البخاري صحبته. ينظر "البدر المنير" "2/26" وقد أعل عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى" "1/157" بعلة أخرى فقال: ومسلم بن مخشي لم يرو عنه فيما أعلم إلا بكر بن سوادة اهـ. وقد تعقبه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" كما ذكر ذلك الزيلعي في "نصب الراية" "1/99" فقال: وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع فإن ابن المخشى لم يسمع من الفراسي وإنما يرويه عن ابن الفراسي عن أبيه اهـ.(1/122)
التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ لَمْ يُدْرِكْ ابْنُ الْفِرَاسِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفِرَاسِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ1.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ابْنُ زِيَادَةَ فَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ مُسْلِمُ بْنُ مَخْشِيٍّ لَمْ يُدْرِكْ الْفِرَاسِيَّ نَفْسَهُ وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنْ ابْنِهِ وَأَنَّ الِابْنَ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ2 وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ3 طَرِيقِ شَيْخِ شَيْخِ ابْنِ مَاجَهْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مُخَشَّى أنه حدثه أن الْفِرَاسِيِّ قَالَ كُنْت أَصِيدُ فَهَذَا السِّيَاقُ مُجَوَّدٌ وَهُوَ عَلَى رَأْيِ الْبُخَارِيِّ مُرْسَلٌ4.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَيْتَةُ الْبَحْرِ حَلَالٌ وَمَاؤُهُ طَهُورٌ" وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرٍو وَالْمُثَنَّى ضَعِيفٌ5 وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ الْأَوْزَاعِيُّ بَدَلَ الْمُثَنَّى وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ6.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ
__________
1 ينظر: "علل الترمذي" "ص: 41" رقم "34".
2 وقد أوضح ذلك البوصيري في "الزوائد" "1/161" عند الكلام على إسناد الترمذي فقال: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن مسلماً لم يسمع من الفراسي إنما سمع من ابن الفراسي عن أبيه وابن الفراسي لا صحبة له وإنما روي هذا الحديث عن أبيه فالظاهر أنه سقط من هذا السند ا. هـ. قلت: ومما سبق يتبين أن الحديث يدور بين الانقطاع والإرسال قد ذكر ذلك ابن الملقن في "البدر المنير" "2/28" فقال: إن الحديث إما منقطع بين مسلم بن مخشى والفراسي أو مرسل بين ابن الفراسي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 في الأصل: عن.
4 تقدم تخريج هذه الرواية.
5 أخرجه الحاكم "1/143" كتاب الطهارة، من طريق الحكم بن موسى. ثنا معقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ميتة البحر حلال وماؤه طهور"، وقد رواه الدارقطني "1/35" كتاب الطهارة: باب في ماء البحر، الحديث "7"، من هذا الوجه أيضاً، من رواية الحكم بن موسى، عن معقل فقال عن المثنى، عن عمرو بن شعيب ومن طريق المثنى أيضاً أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/2418" والمثنى بن الصباح ضعفه ابن معين وغيره وقال النسائي: متروك. ينظر المغني "2/541" رقم "5175".
6 أما حديث علي: رواه الدارقطني "1/35": كتاب الطهارة: باب في ماء البحر، الحديث "6"، والحاكم "1/142- 143": كتاب الطهارة، كلاهما من رواية بن عقدة الحافظ، ثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك، ثنا معاذ بن موسى، ثنا محمد بن الحسين، حدثني أبي عن أبيه، عن جده، عن علي قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ماء البحر ... الحديث. وسكت عنه الحاكم.
وقال ابن المقلن في "البدر المنير""2/32" هذا إسناد عجيب قال الشيخ تقي الدين في "لإمام": فيه من يحتاج إلى معرفة حاله.(1/123)
عُمَرَ: آكُلُ مَا طَفَا عَلَى الْمَاءِ؟ قَالَ: إنَّ طَافِيَهُ مَيْتَتُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ مَاءَهُ طَهُورٌ وَمَيْتَتُهُ حِلٌّ" 1 وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَفَهُ2 وَكَذَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ3.
__________
1 أخرجه الدارقطني "4/267" كتاب الصيد والذبائح حديث "2" من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عمرو بن دينار به.
وإبراهيم بن يزيد تركه النسائي والدارقطني وقال الحافظ متروك. ينظر "الضعفاء والمتروكين" للنسائي رقم "14" والدارقطني رقم "13" وينظر أيضاً "التقريب" "1/46".
2 أخرجه الدارقطني "1/35" كتاب الطهارة: باب في ماء البحر حديث "4" من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت عن إسحاق بن حازم عن وهب بن كيسان عن جابر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه به وقال الدارقطني: عبد العزيز ليس بالقوي.
وقال في "العلل" "1/22": هو حديث تفرد به عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري وهو عبد العزيز بن عمران بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف مديني ضعيف الحديث رواه عن إسحاق بن حازم الزيات عن وهب بن كيسان عن جابر عن أبي بكر الصديق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإسحاق بن حازم هذا شيخ مديني ليس بالقوي ... وقال: وقد روي هذا الحديث عن أبي بكر الصديق موقوفاً من قوله غير مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رواية صحيحة عنه حدث به عبيد الله بن عمر عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل قوله ا. هـ.
قلت: من هذا الطريق أخرجه أبو عبيد في "الطهور" "ص 298" وابن أبي شيبة "1/130" وابن المنذر في "الأوسط" "1/248" والدارقطني "1/35" وفي "العلل، "1/240" والبيهقي "41".
وقد رجح الوقف ابن المقلن في إ البدر المنير! "2/35" فقال: ثم رواه الدارقطني موقوفاً على أبي بكر بإسناد صحيح.
3 أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "1/355" من طريق السري بن عاصم عن محمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن أبي بكر الصديق مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف السري بن عاصم قال ابن حبان: كان ببغداد يسرق الحديث ويرفع الموقوفات لا يحل الاحتجاج به ا. هـ.
"إكمال": لم يذكر المصنف رحمه الله بعض الأحاديث الشواهد لحديث الباب كحديث أنس وعبد الله المدلجي وعقبة بن عامر موقوفاً وسليمان بن موسى ويحيى بن أبي كثير مرسلاً.
- فحديث أنس؛ أخرجه عبد الرزاق "320" والدارقطني "1/35" من طريق أبان بن أبي عياش عن أنس مرفوعاً.- قال الدارقطني: أبان بن أبي عياش متروك.- حديث عبد الله المدلجي؛ أخرجه الطبراني في "الكبير"كما في "المجمع" "1/218" وقال الهيثمي: وفيه عبد الجبار بن عمر ضعفه البخاري والنسائي ووثقه محمد بن سعد.
-موقوف عقبة بن عامر؛ أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 299" وابن المنذر في "الأوسط" "1/248".
- مرسل سليمان بن موسى ويحيى؛ أخرجه عبد الرزاق "1/93" رقم "319".
تنبيه: هذا الحديث عده بعض الحفاظ متواتراً كالحافظ السيوطي في "الأزهار المتناثرة" "ص 23" رقم "11" والشيخ مرتضى الزبيدي في "لفظ اللآلىء" "ص 38- 39" رقم "9".(1/124)
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ اسْمَ السَّائِلِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُدْلِجِيُّ وَكَذَا سَاقَهُ ابْنُ بَشْكُوَال1 بِإِسْنَادِهِ وَأَوْرَدَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِيمَنْ اسْمُهُ عَبْدُ وَتَبِعَهُ أَبُو مُوسَى فَقَالَ عَبْدُ أَبُو زمعة البلوي الذي سأل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ.
قَالَ ابْنُ مَنِيعٍ بَلَغَنِي أَنَّ اسْمَهُ عَبْدٌ وَقِيلَ اسمع عُبَيْدٌ بِالتَّصْغِيرِ
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي الْأَنْسَابِ2 اسْمُهُ الْعَرَكِيُّ وَغَلَطَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْعَرَكِيُّ وَصْفٌ لَهُ وَهُوَ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ3.
قَالَ أَبُو مُوسَى وَأَوْرَدَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِيمَنْ اسْمُهُ عَرَكِيُّ وَالْعَرَكِيُّ هُوَ الْمَلَّاحُ وَلَيْسَ هُوَ اسْمًا وَاَللَّه أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ نِصْفُ عِلْمِ الطَّهَارَةِ4.
2 - حَدِيثُ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ" الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قِيلَ يا رسول الله أتتوضأ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ ولحوم الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لا ينجسه شيء" لفظ الترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ جَوَّدَهُ أَبُو أُسَامَةَ5 وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ
__________
1 خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الخزرجي الأنصاري الأندلسي، أبو القاسم: مؤرخ بحاثة، من أهل قرطبة ولادة ووفاة. حيث بها ولد سنّة 494 هـ وبها توفي سنّة 578 هـ. ولي القضاء في بعض جهات إشبيلية. له نحو خمسين مؤلفاً، أشهرها "الصلة"؛ في تاريخ رجال الأندلس جعله ذيلاً لتاريخ ابن الفرضي، وكتاب "المستغيثين باللَّه تعالى"، و"القربة إلى رب العالمين بالصلاة على محمد سيد المرسلين"، و"المحاسن والفضائل" في التراجم.
2 ينظر "الأنساب" "9/279".
3 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/48": وغلطوه- أعنى السمعاني- في قوله: اسمه "العركي وإنما العركي وصف له وهو ملاح السفينة".
4 وقد أفرد ابن الملقن هذا الحديث بجزء تكلم فيه على طرقه بإسهاب. ينظر البدر المنير "2/50".
5 أخرجه أبو داود "1/55" كتاب الطهارة: باب ما جاء في بئر بضاعة، الحديث "67"، والشافعي في المسند "1/21": كتاب الطهارة: باب في المياه، الحديث "35"، وأبو داود الطيالسي "292"، وأحمد "3/31" في مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والترمذي "1/95": كتاب الطهارة: باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، الحديث "66"، والنسائي "1/174": كتاب المياه: باب ذكر بئر بضاعة، وابن الجارود ص: "27": باب في طهارة الماء، الحديث "47"، والطحاوي في شرح معاني الآثار "1/11" كتاب الطهارة، والدارقطني "1/29- 30": كتاب الطهارة: باب الماء المتغير، الحديث "10"، والبيهقي "1/257": كتاب الطهارة: باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم يتغير، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن وقد جوده أبو أسامة، ولم يرو حديث أبي سعيد في بئر بضاعة، أحسن مما روى أبو أسامة".(1/125)
حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ1 وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ2 وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي "الْعِلَلِ" لَهُ وَلَا فِي "السُّنَنِ" وَقَدْ ذَكَرَ فِي "الْعِلَلِ" الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَأَحْسَنُهَا إسْنَادًا رِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ يَعْنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ3 وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهَالَةِ رَاوِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَهُ طَرِيقٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ.
قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ4 فِي مُصَنَّفِهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي سَكِينَةَ الْحَلَبِيُّ بِحَلَبِ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ5 قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك تَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَفِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ وَالْمَحَائِضُ وَالْخَبَثُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 6.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَن7 فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
__________
1 قال المزي في "تحفة الأشراف أ "19/84" وقال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل: حديث بئر بضاعة صحيح ونقل ابن الملقن في إ البدر المنير" "2/20" تصحيح ابن حزم للحديث فقال: هذا حديث صحيح جميع رواته معروفون عدول.
وقال النووي في "المجموع أ "1/82": حديث صحيح.
2 ينظر: "التحقيق" لابن الجوزي "1/16".
3 ينظر: " البدر المنير" "2/53".
4 هو الإمام الحافظ محدث الأندلس قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح مولى بني أمية سمع بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح وأصبغ بن خليل ومحمد بن عبد السلام الخشني وطائفة بالأندلس وغيرهم له مستخرج على أبي داود وكذلك على صحيح مسلم وصنف أيضاً كتاب "بر الوالدين" و"سند مالك "و "المنتقى من الآثار" و"كتاب الأنساب " وانتهى إليه علو الإسناد بالأندلس مع الحفظ والإتقان. أثنى عليه غير واحد وتواليف ابن حزم وابن عبد البر وأبي الوليد الباجي طافحة بروايات قاسم بن أصبغ ت "340هـ".
ينظر "تاريخ علماًء الأندلس" "1/364- 367" و"تذكرة الحفاظ " "3/855" و" العبر" "2/254-255" و"سير أعلام النبلاء" "15/472- 474".
5 في الأصل: سعيد.
6 أخرجه ابن عبد البر في" الاستذكار""1/206" من طريق قاسم بن أصبغ به.
وقال: هذا اللفظ غريب من حديث سهل ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري ولم يأت به في حديث سهل غير ابن أبي حازم.
وقال ابن أصبغ: هذا من أحسن شيء في "بئر بضاعة".
7 الإمام الحافظ شيخ الأندلس ومسندها أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي رفيق قاسم بن أصبغ.
روى عنه عباس بن أصبغ الحجازي وولده أحمد بن محمد وطلبة الأندلس.
وكان بصيراً بالفقه مفتياً بارعاً عارفاً بالحديث وطرقه عالماً به صنف كتاباً في السنن خرجه على سن أبي داود. ينظر تاريخ علماًء الأندلس "2/0 5"، و"تذكرة الحفاظ" "3/836- 837"، و"العبر" "2/223"، و"الوافي بالوفيات " "4/37"، و"سير أعلام النبلاء" "15/241- 242".(1/126)
بْنُ وَضَّاحٍ [بِهِ] 1 قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ لَقِيتُ ابْنَ أَبِي سَكِينَةَ بِحَلَبِ فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ شَيْءٍ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ2 عَبْدُ الصَّمَدِ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ3.
قَالَ قَاسِمٌ وَيُرْوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ مِنْ طُرُقٍ هَذَا خَيْرُهَا
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا إسْنَادٌ مَشْهُورٌ4.
قُلْتُ ابْنُ أَبِي سَكِينَةَ الَّذِي زَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مَشْهُورٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إنَّهُ مَجْهُولٌ وَلَمْ نَجِدْ عَنْهُ رَاوِيًا إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ5.
تَنْبِيه: قوله: أتتوضأ بتائين مُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقَ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَتْ بِئْرُ بُضَاعَةَ كَبِيرَةً وَاسِعَةً وَكَانَ يُطْرَحُ فِيهَا مِنْ الأنجاس مالا يُغَيِّرُ لَهَا لَوْنًا وَلَا طَعْمًا وَلَا يَظْهَرُ لَهُ رِيحٌ فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَتَوَضَّأ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ يُطْرَحُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ مُجِيبًا "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ".
قُلْتُ: وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ مَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ فَقُلْتُ أَتَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَهِيَ يُطْرَحُ فِيهَا مَا يُكْرَهُ مِنْ النَّتْنِ فَقَالَ: "إنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبُغ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا وَهَذَا أَشْبَهُ بِسِيَاقِ صَاحِبِ الْكِتَابِ6.
__________
1 سقط في الأصل.
2 علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، عالم الأندلس في عصره، أحد أئمة الإسلام ولد 384هـ كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، كان من صدور الباحثين، فقيهاً حافظاً يستنبط الأحكام من الكتاب والسنّة له مؤلفاًت منها، الملل والنحل، المحلى، جمهرة الأنساب، الناسخ والمنسوخ وغيرها توفي 456 هـ. ينظر نفخ الطيب "1/364"، آداب اللغة "3/96"، أخبار الحكماء "156"، لسان الميزان "4/198"، ابن خلكان "1/34"، الأعلام "4/254".
3 ذكره ابن حزم في "كتاب الإيصال" كما في "البدر المنير" "2/57".
وقال في "المحلى" "1/203": وهو ثقة.
4 سقط من الأصل.
5 ذهب الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على المسند" "1/203- 204" إلى صحة حديث سهل بن سعد وأن عبد الصمد ثقة خلافاً لابن عبد البر ومن تابعه فقال رحمه الله: فدلت هذه الأسانيد على
أن للحديث عن سهل أصلاً صحيحاً ولئن جهل ابن عبد البر حال عبد الصمد فلقد عرفه غيره قاسم
بن أصبغ وابن حزم ومن عرف حجة على من لم يعرف ا. هـ.
6 أي: الإمام الرافعي عليهما رحمة الله تعالى.(1/127)
قَوْلُهُ وَكَانَ مَاءُ هَذِهِ الْبِئْرِ كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ هَذَا الْوَصْفُ لِهَذِهِ الْبِئْرِ لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا1.
قُلْت: ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ وَيُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرٍ كَأَنَّ مَاءَهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ فَلَعَلَّ هَذَا مُعْتَمَدُ الرَّافِعِيِّ فَيُنْظَرُ إسْنَادُهُ مِنْ كِتَابِهِ الْكَبِيرِ انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرَهُ2 ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَلْقِينِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْ غَدِيرٍ مَاؤُهُ كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ3 وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ4 فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى فُرُوعِ ابْنِ الْحَاجِبِ5 وَفِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ فِي بِئْر بُضَاعَةَ وَقَدْ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ بِئْرَ بُضَاعَةَ كَانَتْ لَا تَتَغَيَّرُ بِإِلْقَاءِ مَا يُلْقَى فِيهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ لِكَثْرَةِ مَائِهَا6 وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ قَيِّمِهَا مَا يُرَاجِعُ مِنْهُ7 وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ سَيْحًا تَجْرِي ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ8 وَقَدْ خَالَفَهُ الْبَلَاذِرِيُّ فِي تَارِيخِهِ فَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ الْوَاقِدِيِّ قَالَ تَكُونُ بِئْرُ بُضَاعَةَ سَبْعًا فِي سَبْعٍ وَعُيُونُهَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ لَا تُنْزَحُ.
3 - حَدِيثُ9 رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا
__________
1 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/64": وهذا غريب جداً ولم أره بعد البحث وسؤال بعض الحفاظ عنه.
2 في الأصل: ذكر.
3 ذكره ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" "ص 152".
4 محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري، تقي الدين ابن دقيق العيد، ولد سنّة 625، تفقه على والده، ثم على ابن عبد السلام، وسمع الحديث من جماعة، قال ابن عبد السلام: ديار مصر تفتخر برجلين في طرفيها: ابن منير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوصل. قال السبكي: ولم ندرك أحداً من مشايخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس السبعمائة، وأنه استاد زمانه علماً وديناً..!! صنف الإلمام في الحديث وله "شرح العمدة" أملاه إملاء، وله الاقتراح في اختصار علوم ابن الصلاح وهو مطبوع. مات سنّة 702 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/229، ط. الإسنوي ص 36، ط. السبكي6/2.
5 هو: أبو عمر عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الأسنائي الفقيه المالكي المعروف بابن الحاجب، الملقب ب "جمال الدين"ولد سنّة 570 هـ وحفظ القرآن صغيراً، ثم اشتغل بالفقه على مذهب الإمام مالك، ثم بالحربية والقراءات، وقد برع في علومه وأتقنها غاية الإتقان، وأكب الفضلاء على الأخذ عنه وكان الأغلب عليه النحو.
من مصنفاته: "مختصر المنتهى" الذي أشار إليه المصنف وقد طبع منفرداً وبشرح العضد، وله أيضاً "الكافية وشرحها في النحو" و"الشافية في التصريف" و"شرح المفصل" و"الأمالي في النحو" توفى سنّة 646 هـ.
انظر: ترجمته في: "وفيات الأعيان" "3/248"، مرآة الجنان "4/114"، البداية والنهاية "3/176"، الطالع السعيد ص "352"، النجوم الزاهرة "6/360"، غاية النهاية "1/508"، بغية الوعاة "2/134"، وشذرات الذهب "5/234".
6 ينظر "اختلاف الحديث" للشافعي "ص 72" ونقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/265".
7 ينظر سنن أبي داود "1/65" كتاب الطهارة: باب ما جاء في بئر بضاعة.
8 ينظر "شرح معاني الآثار" "1/12" كتاب الطهارة.
9 في الأصل: قوله.(1/128)
غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ" لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ "إنَّ 1 الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" وَلَيْسَ فِيهِ "خَلَقَ اللَّهُ" وَلَا الِاسْتِثْنَاءُ.
وَفِي الْبَابِ كَذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "إنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" وَفِيهِ قِصَّةٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو سفيان طريف بْنُ شِهَابٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى شَرِيكٌ الرَّاوِي عَنْهُ2 وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" رَوَاهُ أَحْمَدْ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ3 وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِلَفْظِ "إنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ" وَفِيهِ قِصَّةٌ4.
وَقَالَ الْحَازِمِي5 لَا يُعْرَفُ مُجَوَّدًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَسِمَاكٌ
__________
1 سقط في الأصل.
2 أخرجه ابن ماجة "1/173" كتاب الطهارة: باب الحياض حديث "520" من طريق شريك عن طريف بن شهاب قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن جابر قال: انتهينا إلى غدير فإذا فيه حيفة حمار قال: فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الماء لا ينجسه شيء".
قال الحافظ البوصيري في "الزوائد" "1/208": هذا إسناد فيه طريف بن شهاب وقد أجمعوا على ضعفه.
وقال ابن المقلن في "البدر المنير" "2/71": رواه ابن ماجة في سننه بإسناد على شرط الصحيح لولا طريف بن شهاب السعدي فإنه واه متروك عندهم حتى قال فيه ابن حبان: إنه كان مغفلاً يهم ير الأخبار حتى يقلبها ويروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات".
3 أخرجه أحمد "1/235"، "1/284، 308، 337" والبزار "1/132- كشف" رقم "250" وابن خزيمة "1/48" رقم "91" وابن حبان "1229" والطبراني في "الكبير" "11/274" رقم "11714،11715، 11716" كلهم من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة مر أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسلت من الجنابة فتوضأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفضلها فذكرت ذلك له فقال: "الماء لا ينجسه شيء". صححه ابن خزيمة وابن حبان.
ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب قال الحافظ في "التقريب" "1/332" في ترجمة سماك صدوق وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة وقد تغير بآخره فكان ربما يلقن.
4 أخرجه أبو داود "1/65" كتاب الطهارة: باب الماء لا يجنب حديث "68" والترمذي "1/94" كتاب الطهارة: باب ما جاء في الرخصة في ذلك، والنسائي "1/173" كتاب المياه: باب الرخصة في الوضوء بفضل طهور المرأة، وابن ماجة "1/132" كتاب الطهارة باب الرخصة بفضل وضوء المرأة حديث "370". كلهم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد تقدم الكلام على رواية سماك عن عكرمة.
5 محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم، الحافظ أبو بكر الحازمي، ولد سنة 548، سمع الكثير، ورحل إلى بلدات كثيرة، وتخرج بالحافظ أبي موسى المديني، وكان أبو موسى يقول: هو أحفظ من عبد الغنى المقدسي، وما رأيت شاباً أحفظ منه، وقال ابن النجار: كان من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله، ألف كتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاس عجالة المبتدى في الأنساب ... توفى سنّة 0584 انظر: ط. ابن قاضى شهبة 2/46، الأعلام 7/339، وفيات الأعيان 4/421.(1/129)
مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ1 وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 وَعَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: "إنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ3 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ4 وَفِي الْمُصَنَّفِ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: "أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسهُ شَيْء"5 وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ بِلَفْظِ: "الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ" 6 وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ7.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَا شَكَّ8 فِي فَضْلِهِ أَدْرَكَتْهُ غَفْلَةُ الصَّالِحِينَ فَخَلَطَ فِي الْحَدِيثِ9.
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ رِشْدِينُ أَيْضًا10 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
__________
1 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/74": قال البيهقي في "خلاقياته": قال الحاكم: قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب وهذا حديث صحيح في الطهارة ولا تحفظ له علة ا. هـ. وقال ابن حزم في"المحلى" "1/287": هذا حديث لا يصح لأنه برواية سماك بن حرب وهو يقبل التلقين شهد عليه بذلك شعبة وغيره وهذه جرحة ظاهرة.
2 أخرجه الدارقطني "1/29" كتاب الطهارة: باب الماء المتغير حديث "4" من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الماء لا ينجسه شيء".
وقد تقدم حديث آخر لسهل بن سعد أثناء الكلام على حديث أبي سعيد الخدري في بئر بضاعة.
3 أخرجه أبو يعلى "8/203" رقم "4765" والبزار "1/132- كشف" رقم "249" من طريق شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الماء لا ينجسه شيء".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/217" وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني ير الأوسط ورجاله ثقات ا. هـ.
وذكره الحافظ في "المطالب العالية" "1/6" رقم "...." وعزاه لأبى يعلى وقال: وإسناده حسن.
4 أخرجه أحمد "6/129".
5 أخرجه ابن أبي شيبة "1/132" رقم "1518" والدارقطني "1/29" عن ابن المسيب مقطوعاً قال داود: وذلك أننا سألناه عن الغدران والحياض تلغ فيها الكلاب
6 أخرجه الدارقطني "1/28" كتاب الطهارة: باب الماء المتغير حديث "1" من طريق رشدين بن سعد ثنا معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره.
قال الدارقطني: لم يرفعه غير رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح وليس بالقوي.
7 في الأصل: لا يشك.
8 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/77": ورشدين هذا هو ابن سعد ويقال ابن أبي رشدين وهو ضعيف قال يحيى: ليس بشيء، وقال عمرو بن علي وأبو زرعة والدارقطني ضعيف، وقال أبو حاتم الراوي: منكر الحديث فيه غفلة يحدث بالمناكير عن الثقات، وقال النسائي: متروك الحديث وضعفه أحمد.
9 ينظر التهذيب "3/278".
10 أخرجه ابن ماجة "1/174" كتاب الطهارة: باب الحياض حديث "521" والدارقطني "1/28" كتاب الطهارة: باب الماء المتغير حديث "3" والطبراني في "الكبير" "8/123" رقم "7503" من طريق رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي إمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه.
قال المناوي في "فيض القدير" "2/373": جزم بضعفه جمع منهم الحافظ العراقي ومغلطاي في "شرح ابن ماجة " فقال: ضعيف؛ بضعف رواته الذين منهم رشدين بن سعد الذي قال فيه أحمد: لا يبالي عمن روى، وأبو حاتم: منكر الحديث وقال النسائي: متروك، ويحيى: واه. وأشار الشافعي إلى ضعفه واستغنى عنه بالإجماع ا. هـ.(1/130)
بِلَفْظِ: "إنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فيه" أو رده مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ1 وَفِيهِ تَعَقَّبَ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ.
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا بِلَفْظِ: "الْمَاءُ 2 لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ" زَادَ الطَّحَاوِيُّ "أَوْ لَوْنِهِ" 3 وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إرْسَالَهُ4.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيه رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَخَالَفَهُ الْأَحْوَصُ بْنُ حكيم فرواه عن راشد بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَحْوَصِ عَنْ رَاشِدٍ قَوْلُهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ5 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا قُلْت مِنْ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ وَرِيحُهُ وَلَوْنُهُ كَانَ نَجِسًا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا6.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى تَضْعِيفِهِ7 وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ8 أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى
__________
1 أخرجه البيهقي "1/260" كتاب الطهارة.
2 في الأصل: إن الماء.
3 أخرجه الدارقطني "1/29" كتاب الطهارة: حديث "5" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/16" كلاهما من طريق الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد به مرسلاً.
4 قال ابن أبي حاتم في "العلل"! "1/44" رقم "97": سألت أبي عن حديث رواه عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينجس الماء إلا ما غلب على طعمه ولونه" فقال أبي: يوصله رشدين بن سعد يقول: عن أبي إمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورشدين ليس بقوي والصحيح مرسل.
5 ذكر قول الدارقطني في "العلل" ابن الملقن في "البدر المنير" "2/82".
6 ينظر "اختلاف الحديث" للإمام الشافعي "ص 74".
7 ينظر "المجموع شرح المهذب""1/110".
وممن ضعف الاستثناء أيضاً البيهقي "1/260" فقال: هذا حديث غير قوي.
وقال ابن الجوزي في" التحقيق" "1/14": هذا حديث لا يصح.
8 محمد بن إبراهيم بن المنذر، أبوبكر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة أحد الأئمة الأعلام وممن يقتدى بنقله في الحلال والحرام، صنف كتباً معتبرة عند أئمة الإسلام، منها "الإشراف في معرفة الخلاف" و"الأوسط" وهو أصل الإشراف، والإجماع والإقناع، والتفسير وغير ذلك وكان مجتهداً لا يقلد أحداً.
ينظر طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة1/98، طبقات الشافعية للسبكي 2/126، وفيات الأعيان 3/344، شذرات الذهب 2/280.(1/131)
أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتْ لَهُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا فَهُوَ نَجِسٌ1، قَوْلُهُ نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى الطَّعْمِ وَالرِّيحِ وَقَاسَ2 3 الشَّافِعِيُّ اللَّوْنَ عَلَيْهِمَا
__________
1 ينظر: الإجماع لـ "ابن المنذر" 33.
2 قال البيضاوي في " المنهاج": القياس: إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر، لاشتراكهما في علّة الحكم عند المثبت.
وقال ابن الشبكي في "جمع الجوامع،: القياس حمل معلوم على معلوم لمساواته في علَّة حكمه عند الحامل.
وقال صدر الشريعة في "التوضيح": القياس تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع لعلّة متَّحدة لا تدرك بمجرد فهم اللغة.
قال الآمديّ في" الأحكام ": المختار في حد القياس: أن يقال: إنه عبارة عن الاستواء بين الفرع، والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل.
وقال الكمال في "التحرير": وفى الاصطلاح: مساواة محل لآخر في علّة حكم له شرعي لا تدرك من نصه بمجرد فهم اللغة.
ينظر مباحثه البرهان لإمام الحرمين: 2/743، والبحر المحيط للزركشي: 5/5، والأحكام في أصول الأحكام للآمدي: 3/167، وسلاسل الذهب للزركشي "ص 364"، والتمهيد للإسنوي "ص 463"، ونهاية السول له: 4/2، وزوائد الأصول له "ص 374"، ومنهاج العقول للبدخشي: 3 /3، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري "ص 211"، والتحصيل من المحصول للأرموي:2/155، والمنخول للغزالي "ص 323"، والمستصفى له: 2/228، وحاشية البناني: 2/202، والإبهاج لابن السبكي: 3/3، والآيات البينات لابن قاسم العبادي: 4/2، وحاشية المطار على جمع الجوامع 2/239، والمعتمد لأبي الحسين: 2/195، وإحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي "ص 528"، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم: 7/367، 8/487، وإعلام الموقعين لابن القيم: 1/101، والتحرير لابن الهمام "ص 415"، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: 3/263، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج3/117: وميزان الأصول للسمرقندي: 2/9، 7، وكشف الأسرار للنسفي: 2/196، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى: 2/247، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني:2/52، وحاشية نسمات الأسحار لابن عابدين "ص 212"، وشرح المنار لابن ملك "ص 103"، والوجيز للكراماستي "ص 64"، وتقريب الوصول لابن جزيّ "ص 134"، وإرشاد الفحول للشوكاني "ص 98ا"، وشرح مختصر المنار للكوراني "ص 103" شرح الكواكب المنير للفتوحي "ص 479".
3 محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن الشافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف جد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وشافع بن السائب هو الذي ينسب إليه الشافعي لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صغره وأسلم أبوه السائب يوم بدر فإنه كان صاحب راية بني هاشم وكانت ولادة الشافعي بقرية من الشام يقال لها غزة قاله ابن خلكان وابن عبد البر وقال صاحب التنقيب "بمنى" من مكة وقال ابن بكار "بعسقلان" وقال الزوزني "باليمن" والأول أشهر وكان ذلك في سنّة خمسين ومائة وهي السنّة التي مات فيها الإمام أبو حنيفة رحمه الله حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ثم سلمه أبوه للتفقه إلى مسلم بن خالد مفتي مكة فأذن له في الإفتاء وهو ابن خمسة عشر سنّة فرحل إلى الإمام مالك بن أنس بالمدينة فلازمه حتى توفي مالك.....=(1/132)
هَذَا الْكَلَامُ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ1 وَكَذَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ2 فِي الْبَحْرِ3 وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّوْنِ4 وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُمَا تَرَكَاهَا لِضَعْفِهَا لِأَنَّهُمَا لَوْ رَاعَيَا الضَّعْفَ لَتَرَكَا الْحَدِيثَ جُمْلَةً فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَنَصَّ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى اللَّوْنِ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ.
قَوْلُهُ: وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ عَلَى الْكَثِيرِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ وَكَانَ مَاؤُهَا كَثِيرًا وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ صَدْرُ الْحَدِيثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ دُونَ قَوْلِهِ: "خَلَقَ اللَّهُ" هُوَ فِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْحُجَّةِ [مِنْهُ] 5 فَلَا وَالرَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ تَبِعَ الْغَزَالِيُّ6 فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى7 لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا سُئِلَ عَنْ
__________
= رحمه الله ثم قدم بغداد سنّة خمسة وتسعين ومائة وأقام بها سنتين فاجتمع عليه علماًؤها وأخذوا عنه العلم ثم خرج إلى مكة حاجاً ثم عاد إلى بغداد سنّة ثمان وتسعين ومائة فأقام بها شهرين أو أقل فلما قتل الإمام موسى الكاظم خرج إلى مصر فلم يزل بها ناشراً للعلم وصنف بها الكتب الجديدة وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى يوم الجمعة صبيحة رجب سنّة أربع ومائتين ودفن بالقرافة بعد العصر في يومه.
ينظر ابن هداية الله ص 11 "سير أعلام النبلاء" "10/1"، التاريخ الكبير 1/42، طبقات الحفاظ ص 152 تذكرة الحفاظ 1/361.
1 إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد الله، أبو إسحاق الشيرازي، ولد سنة 393، أخذ الفقه على أبي عبد الله البيضاوي، وابن رامين، وقرأ على الجزري، وقرأ الأصول على أبي حاتم القزويني، وشيوخ كثيرين، كان عالماً عاملاً ورعاً اشتهر وارتفع ذكره. قال أبو بكر الشاش: الشيخ أبو إسحاق حجة الله تعالى على أئمة العصر. وقال عن نفسه: لم أدخل بلداً ولا قرية إلا وجدت قاضيها أو خطيبها أو مفتيها من تلاميذي: له تصانيف منها: " التنبيه" واللمع وغيرهما. مات سنّة 476.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/237، ط. السبكي 3/7، وفيات الأعيان ا/9. والأعلام 1/44، مرآة الجنان 3/110، كتاب العبر 3/283، تهذيب الأسماء واللغات2/172.
2 عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو المحاسبة، الروياني، الطبري صاحب البحر وغيره، قال ابن خلكان: وأخذ الفقه عند ناصر العمري، وعلق عنه، وبرع في المذهب حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له: شافعي زمانه. ولد سنّة 415، ومن تصانيفه: "البحر" وهو بحر كاسمه، و"الكافي" وغيرهما، قتله الباطنية سنّة 502.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/287، وفيات الأعيان 2/369، الأعلام 4/324. والنجوم الزاهرة 5/197، شذرات الذهب 4/4، مفتاح السعادة 2/210، معجم البلدان 3/104.
3 قال ابن قاضي شهبة: هو بحر كاسمه.
4 وهي رواية ابن ماجة والبيهقي وقد تقدم تخريجها.
5 سقط في الأصل.
6 محمد بن محمد، حجة الإسلام، أبو حامد الغزالي، ولد سنّة 450، أخد عن الإمام، ولازمه، حتى صار أنظر أهل زمامه وجلس للإقراء في حياة إمامه وصنف "الإحياء" المشهور، و"البسيط"، وهو كالمختصر للنهاية، وله "الوجيز" و"المستصفى" وغيرها. توفي سنّة 505.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/293، وفيات الأعيان 3/353، الأعلام 7/247 واللباب 2/170، وشذرات الذهب 4/10، والنجوم الزاهرة 5/203، العبر 4/10.
7 ينظر: المستصفى "2/58". في الباب الثاني، في تمييز ما يمكن دعوى العموم فيه عما لا يمكن.(1/133)
بِئْرِ بُضَاعَةَ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ" وَكَلَامُهُ مُتَعَقَّبٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ1 وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمُخْتَصَرِ2 فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَامِّ3 وَهُوَ خَطَأٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ لِابْنِ4 الرِّفْعَةِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْوَهْمِ فَإِنَّهُ عَزَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إلَى رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد
__________
1 في الأصل: ذكر.
2 ينظر: العضد على ابن الحاجب "1/109".
3 عرفه أبو الحسين البصري في "المعتمد" بقوله "هو اللفظ المستغرق لما يصلح له".
وزاد الإمام الرازي على هذا التعريف في "المحصول ": " ... بوضع واحد" وعليه جرى البيضاوي في "منهاجه".
وعزفه إمام الحرمين الجويني في "الورقات" بقوله: العائم: ما عمَّ شيئين فصاعداً".
والى ذلك أيضاً ذهب الإمام الغزالي؛ حيث عرفه بأنَّه: "اللفظ الواحد الذال من جهة واحدة على شينين فصاعداً".
ويرى سيف الدين الآمدي أن العائم هو: "اللفظ الواحد الدال على قسمين فصاعداً مطلقاً معاً".
واختار ابن الحاجب أن العائم: أما دلً على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقاً ضربة ".
وير ى أبو بكر الجصاص من الحنفية أن العام: "ما ينتظم جمعاً من الأسماء أو المعاني".
وعرفه الإمام فخر الدين البزدوي بأنه: "كل لفني ينتظم جمعاً من الأسماء لفظاً أو معنى".
وير ى الإمام النسفي أنه: "ما يتناول أفراداً متفقة الحدود؛ على سبيل الشمول".
البرهان لإمام الحرمين 1/318، البحر المحيط للزركشي 5/3، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/185، سلاسل الذهب للزركشي ص 219، التمهيد للإسنوي ص 297، نهاية السول له 2/312، زوائد الأصول له ص 248، منهاج العقول لبدخشي 2/75، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص 69، التحصيل من المحصول للأرموي 1/343، المنخول للغزالي ص 138، المستصفى له 2/32، حاشية البناني 1/392، الإبهاج لابن السبكي 2/82، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 2/254، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 326، حاشية العطار على جمع الجوامع 1/505، المعتمد لأبي الحسين 1/189، إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي ص 230، الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم 3/379، التحرير لابن الهمام ص 64، تيسير التحرير لأمير بادشاه 1/191، ميزان الأصول للسمرقندي 1/385، كشف الأسرار للنسفي 1/159، حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/101، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني 1/37، حاشية نسمات الأسحار لابن عابدين ص 68، شرح المنار لابن ملك ص 45، الوجيز للكراماستي ص 11، الموافقات للشاطبي 3/260، تقريب الوصول لابن جزي ص 75، إرشاد الفحول للشوكاني ص 112، شرح مختصر المنار للكوراني ص 45، نشر البنود للشنقيطي 1/222، فواتح الرحموت لابن نظام الدين الأنصاري 1/255، شرح الكوكب المنير للفتوحي ص343، وينظر العدة 1/140 الحدود "44" الوصول إلى الأصول لابن برهان 1/22 الروضة "115" المسودة "574" المغنى للخيازي "99" شرح تنقيح الفصول "38" كشف الأسرار 1/32 المدخل "237".
4 أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع بن حازم بن إبراهيم بن العباس الأنصاري، البخاري، حامل لواء الشافعية في عصره، أبو العباس بن الرفعة، المصري، ولد سنّة 645، وسمع الحديث من ابن الصواف، وابن الدميري، وتفقه على السديد والظهير والترمنتيين وغيرهما، ولي، وناب، وصنف كتابيه: "الكفاية" في شرح التنبيه، و"المطلب" في شرح الوسيط، في نحو أربعين مجلداً، وله تصنيف آخر سماه "النفائس في هدم الكنائس" أخذ عنه تقي الدين السبكي وجماعة. قال الإسنوي: كان شافعي زمانه..!! مات سنّة 710.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/211، ط. الإسنوي ص 220، الدرر الكامنة 1/284.(1/134)
فَقَالَ: وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَصْلًا.
فَائِدَةٌ: أَهْمَلَ الرَّافِعِيُّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا تُسْلَبُ طَهُورِيَّتُهُ بِالتَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ بِنَحْوِ الزَّعْفَرَانِ وَالدَّقِيقِ وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ1.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ فِي غَسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَهُ مِنْ الدَّمِ الَّذِي أَصَابَهُ بِأُحُدٍ بِمَاءِ آجِنٍ أَيْ مُتَغَيِّرٍ رواه البيهقي [وغيره] 2.
4 - حَدِيثُ "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا" الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ
__________
1 أخرجه ابن خزيمة "1/119" رقم "237" والنسائي "1/131" كتاب الطهارة: باب ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيها.
2 سقط في ط.
3 أخرجه أبو داود "1/51": كتاب الطهارة: باب ما ينجس الماء، الحديث "63"، والترمذي "1/97": كتاب الطهارة: باب "50"، الحديث "67"، والشافعي في الأم "1/18": كتاب الطهارة: باب الماء الراكد، وأحمد "2/27"، والنسائي "1/175": كتاب المياه: باب التوقيت في الماء، وابن ماجة "1/172": كتاب الطهارة: باب مقدار الماء الذي لا ينجس، الحديث "517"، وابن خزيمة "1/49": كتاب الطهارة: باب ذكر الخبر المفسر، الحديث "92"، وابن حبان في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان": كتاب الطهارة: باب ما جاء في الماء، الحديث "117"، والحاكم "1/132": كتاب الطهارة: باب إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، والدارقطني "1/13- 23": كتاب الطهارة: باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة، الأحاديث "1- 25"، والبيهقي "260- 262": كتاب الطهارة: باب الفرق بين القليل الذي ينجس، والكثير الذي لا ينجس ما لم يتغير، وابن أبي شيبة "1/144" وعبد ابن حميد في "المنتخب من المسند" "817"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "3/266" والشرح "1/15"، وابن الجارود "46"، والبغوي في "شرح السنة" "1/369- 370" من طرق كثيرة عن عبد الله بن عمر.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وقال يحيى بن معين في "تاريخه""1/217- رواية الدوري" جيد الإسناد.
وقال ابن حزم في "المحلى" "1/151": صحيح ثابت لا مغمز فيه.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/87": هذا الحديث صحيح ثابت.(1/135)
وَالدَّوَابِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ" وَلَفْظُ الْحَاكِمِ فَقَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ "فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ" قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَقَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَمَدَارُهُ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ1 وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ2 وَتَارَةً عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَتَارَةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ اضْطِرَابًا قَادِحًا فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مَحْفُوظًا انْتِقَالٌ مِنْ ثِقَةٍ إلَى ثِقَةٍ وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ الصَّوَابُ3 أَنَّهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُكَبِّرِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جعفر بن الزبير عن عبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُصَغَّرِ وَمَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَهَمَ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ رَوَاهَا الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ سَلَمَةَ4 عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذِهِ الطريق فقال إسنادها جَيِّدٌ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ ابْنَ عُلَيَّةَ لَمْ يَرْفَعْهُ فَقَالَ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُلَيَّةَ فَالْحَدِيثُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ لأنه حديث تكليم فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ مَبْلَغِهِمَا فِي أَثَرٍ ثَابِت وَلَا إجْمَاعٍ5.
وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ رَدَّهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَتَكَلَّمَ فِيهِ6.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ7.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ؛
__________
1 وهذه رواية أبي داود وعبد بن حميد وابن حبان والطحاوي في "المشكل" والدارقطني والحاكم والبيهقي.
2 وهي رواية لأبي داود أيضاً وابن الجارود وابن حسبان والدارقطني والحاكم والبيهقي.
3 سقط في الأصل.
4 في الأصل: ابن سلمة.
5 ينظر "التمهيد" "1/327- 329".
6 قال في "الاستذكار" "2/102": وقد تكلم إسماعيل في هذا الحديث ورده بكثير من القول في كتاب أحكام القرآن.
وقال: وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث والعلة فيه في "التمهيد".
7 ينظر "شرح معاني الآثار" "1/16" كتاب الطهارة وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/102": وقد حكم الإمام الحافظ أبو جعفر الطحاوي الحنفي بصحة هذا الحديث لكنه اعتل بجهالة قدر القلتين.(1/136)
لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرِبَ الْإِسْنَادِ مُخْتَلِفًا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ عَنْهَا بِجَوَابٍ صَحِيحٍ بِأَنْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَلَكِنِّي تَرَكَتْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا بِطَرِيقٍ اسْتِقْلَالِيٍّ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ شَرْعًا تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ1.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 2 وَفِي إسناده المغيرة بن صقلاب وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَ النُّفَيْلِيُّ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ3.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ4 وَأُمًّا مَا اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الأم و [المختصر] 5 بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرْنَا مُسْلِمُ [بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ] 6 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل نَجَسًا" وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ "بِقِلَالِ هَجَرَ" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَرَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ فَالْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا7. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَكُونَ الْقِلَّةُ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفًا فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ خَمْسَ قِرَبٍ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسَا فِي جريان8 كَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَقِرَبُ الْحِجَازِ كِبَارٌ فَلَا يَكُونُ الماء الذي لم9 يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ إلَّا بِقِرَبٍ كِبَارٍ انْتَهَى كَلَامُهُ10.
وَفِيهِ مَبَاحِثُ: الْأَوَّلُ: فِي تَبْيِينِ الْإِسْنَادِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَهُ.
وَالثَّانِي: فِي كَوْنِهِ مُتَّصِلًا أَمْ لَا.
__________
1 ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" "2/103".
2 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/2358".
3 ينظر: الميزان "4/163".
4 المغيرة صقلاب.
قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: جزري لا بأس به، وقال ابن عدي: منكر الحديث ينظر "الجرح والتعديل" "4/1/224" والميزان "4/163".
5 سقط في الأصل.
6 سقط في الأصل.
7 أخرجه الشافعي في "الأم" "1/4" كتاب الطهارة: باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس، وفي "المختصر" "1/45" كتاب الطهارة: باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس، والبيهقي "1/263" كتاب الطهارة: باب قدر القلتين.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/104": ومسلم بن خالد وان تكلم فيه فقد وثقه يحيى بن معين وابن حبان والحاكم وأخرجا له في صحيحيهما أعني ابن حبان والحاكم وقال ابن عدي: حسن الحديث ومن ضعفه لم يبين سبب ضعفه والقاعدة المقررة أن الضعف لا يقبل إلا مبيناً.
8 في الأصل: جر.
9 في الأصل: لا.
10 ينظر "الأم" للإمام الشافعي "1/4".(1/137)
وَالثَّالِثُ: فِي كَوْنِ التَّقْيِيدِ بِقِلَالِ هَجَرَ فِي الْمَرْفُوعِ.
وَالرَّابِعُ: فِي [ثُبُوتِ] 1 كَوْنِ الْقِرْبَةِ كبيرة لا صغيرة.
والخامس: فِي ثُبُوتِ التَّقْدِيرِ لِلْقُلَّةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِرْبَتَيْنِ.
فَالْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْإِسْنَادِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عُقَيْلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا وَلَا بَأْسًا" قَالَ: فَقُلْت لِيَحْيَى بْن عُقَيْلٍ: أَيُّ قِلَالٍ؟ قَالَ: قِلَالُ هَجَرَ, قَالَ مُحَمَّد: رَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ فَأَظُنُّ كُلَّ قُلَّةٍ2 تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ3.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ: قِلَالُ هَجَرَ؟ قَالَ: قِلَالُ هَجَرَ قَالَ: فَأَظُنُّ أَنَّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ4 قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدٌ شَيْخُ بْنِ جُرَيْجٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَيْضًا قُلْت وَكَيْفَ مَا كَانَ فَهُوَ مَجْهُولٌ [الحال] 5.
الثَّانِي: فِي بَيَانِ كَوْنِ الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا أَمْ لَا وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ تَابِعِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ لَكِنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ مَعْرُوفٌ بِالْحَمْلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ6 وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ قَالَ حَدَّثْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسَا وَلَا بَأْسًا" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ: الَّذِي أَخْبَرَنِي عَنْ الْقِلَالِ فَرَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ بَعْدُ فَأَظُنُّ [أَنَّ] 7 كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ8.
__________
1 سقط في الأصل.
2 ينظر: تهذيب اللغة "8/288"، والزاهر "ص60"، ينظر: الصحاح "قلل"، اللسان "3727 قلل"، النهاية "4/104"، الفائق "3/184".
3 أخرجه البيهقي "1/263" كتاب الطهارة، وعنده: فأظن أن كل قلة تأخذ الفرقين. قال البيهقي: زاد أحمد بن على: والفرق ستة عشر رطلاً.
4 أخرجه الدارقطني "1/14"، كتاب: الطهارة حديث "28".
5 سقط في ط.
6 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/106": وهذا الحديث مرسل فإن يحي بن يعمر تابعي مشهور روى عن ابن عباس وابن عمر فيحتمل أن يكون هذا الحدث الذي رواه من الحديث المشهور ويكون ابن يعمر رواه عن ابن عمر ويجوز أن يكون غيره لأنه يكون قد رواه عن غير ابن عمر.
7 سقط في الأصل.
8 أخرجه عبد الرزاق "1/79" رقم "258".(1/138)
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي كَوَّنَ التَّقْيِيدِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ قَبْلُ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ صقلاب وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ1 لَكِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ قووا كون الْمُرَادَ قِلَالُ هَجَرَ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ لَهَا فِي أَشْعَارِهِمْ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ2 وَكَذَلِكَ وَرَدَ التَّقْيِيدُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَهُمْ وَلِهَذَا شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ نَبْقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى "فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيلَةِ وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ" انْتَهَى3.
فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ مُلَازَمَةٍ بَيْنَ هَذَا التَّشْبِيهِ وَبَيْنَ ذِكْرِ الْقُلَّةِ فِي حَدِّ الْمَاءِ فَالْجَوَاب أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَا فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ دَالُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهُمْ بِحَيْثُ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْكِبَرِ كَمَا أَنَّ التَّقْيِيدَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى التَّقْيِيدِ الْمَعْهُودِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْقِلَالُ مُخْتَلِفَةٌ فِي قُرَى الْعَرَبِ وَقِلَالُ هَجَرَ أَكْبَرُهَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ4 قِلَالُ هَجَرَ مَشْهُورَةُ الصَّنْعَةِ مَعْلُومَةُ الْمِقْدَارِ وَالْقُلَّةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ وَبَعْدَ صَرْفِهَا إلَى أَحَدِ مَعْلُومَاتهَا وَهِيَ الْأَوَانِي تَبْقَى مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكِبَارِ جَعَلَ الشَّارِعُ الْحَدَّ مقدارا بِعَدَدٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَكْبَرِهَا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِهِ بِقُلَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَقْدِيرِهِ بِوَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا مُحَصَّلُ الْبَحْثِ الرَّابِعِ.
والبحث الْخَامِسُ: فِي ثُبُوتِ كَوْنِ الْقُلَّةِ5 تَزِيدُ عَلَى قِرْبَتَيْنِ وَقَدْ طَعَنَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مِنْ الْمَالِكِيَّةِ بِمَا مُحَصَّلُهُ أَنَّهُ أَمْرٌ بمني عَلَى ظَنِّ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالظَّنُّ لَيْسَ بِوَاجِبِ قَبُولُهُ وَلَا سِيَّمَا مِنْ مِثْلِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمَجْهُولِ ولهذا لَمْ يَتَّفِقْ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى الْأَخْذِ بِذَلِكَ التَّحْدِيدِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقُلَّةُ يَقَعُ6 عَلَى الْكُوزِ وَالْجَرَّةِ كَبُرَتْ أَوْ صَغُرَتْ وَقِيلَ الْقُلَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ اسْتَقَلَّ فُلَانٌ بِحَمْلِهِ،
__________
1 تقدم تخريجه وقد مال ابن الملقن إلى تقوية حال المغيرة بن صقلاب وتقديم قول أبي حاتم وأبي زرعة في توثيقه على قول ابن عدي في تجريحه.
2 قال أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 238": وقد تكلم الناس في القلال فقال بعض أهل العلم: هي الجرار وقال آخرون: هي الحباب وهذا القول الذي أختاره وأذهب إليه إنها الحباب وهي قلال هجر معروفة عندهم وعند العرب مستفيضة وقد سمعنا ذكرها في أشعارهم وقال ابن المنذر في "الأوسط" "1/262": إنها الحباب وهى قلال هجر معروفة مستفيضة وسمعنا ذلك في أشعارهم ولم يجعل لذلك حداً.
3 أخرجه البخاري "3207، 3887" ومسلم "1/145" كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "259".
والحديث عند البخاري من رواية أنس عن مالك بن صعصعة وعند مسلم عن أنس بن مالك.
4 ينظر: معالم السنن "1/35".
5 في الأصل: القربة.
6 في الأصل: تقع.(1/139)
وَأَقَلَّهُ إذَا أَطَاقَهُ وَحَمَلَهُ وَإِنَّمَا سُمِّيت الْكِيزَانُ قِلَالًا لِأَنَّهَا تُقَلْ بِالْأَيْدِي وَقِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قُلَّةِ الْجَبَلِ وَهِيَ أَعْلَاهُ فَإِنْ قِيلَ الْأَوْلَى الْأَخْذُ بِمَا ذَكَرَهُ رَاوِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا رَوَى قُلْنَا لَمْ تَتَّفِقْ الرُّوَاةُ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَحَدِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قال القلال هي الجوابي الْعِظَامُ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ راهويه: الجابية تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ1 قَالَ: الْقُلَّتَانِ الْجَرَّتَانِ الكبيرتان وعن الوزاعي قَالَ الْقُلَّةُ مَا تَقُلُّهُ الْيَدُ أَيِّ تَرْفَعهُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ الْقُلَّةُ الْجَرَّةُ التي يُسْتَسْقَى2 فِيهَا الْمَاءُ وَالدَّوْرَقُ وَمَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ3 إلَى تَفْسِيرِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَوْلَى وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْقُلَّتَانِ الْجَرَّتَانِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُمَا بِالْكِبَرِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمَهْدِيِّ وَوَكِيعٍ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ4.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: يَنُوبُهُ5 هُوَ بِالنُّونِ أَيْ يُرَدُّ عَلَيْهِ نَوْبَةً بَعْدَ أُخْرَى وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ صَحَّفَهُ فَقَالَ يَثُوبُهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ.
تَنْبِيهٌ: آخَرُ قَوْلُهُ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ مَعْنَاهُ لَمْ يُنَجَّسْ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَمَا فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجَّسْ" وَالتَّقْدِيرُ لَا يَقْبَلُ النَّجَاسَةَ بَلْ يَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ مَعْنَى فَإِنَّ مَا دُونَهُمَا أَوْلَى بِذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَقْبَلُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة: 5] أَيْ لَمْ يَقْبَلُوا حُكْمَهَا.
5 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاها عَنْ التَّشْمِيسِ وَقَالَ: "إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ6 طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَخَّنْتُ مَاءً فِي الشَّمْسِ فَقَالَ: "لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ" 7.
__________
1 في الأصل: عن هشيم.
2 في الأصل: يستقى.
3 في الأصل: الطهارة.
4 أخرجه ابن المنذر في " لأوسط" "1/113".
5 في الأصل: تنويه.
6 في الأصل: في.
7 أخرجه الدارقطني "1/37" كتاب الطهارة: باب الماء المسخن حديث "2" وابن عدي في "الكامل" "3/912" والبيهقي "1/6" كتاب الطهارة.
وقال الدارقطني: غريب جداً خالد بن إسماعيل متروك، قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/116": وهو كما قال فقد ضعفه الأئمة. وقال البيهقي: هذا لا يصح.(1/140)
وَخَالِدٌ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ1 وَتَابَعَهُ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ أبو البختري عَنْ هِشَامٍ قَالَ وَوَهْبٌ أَشَرُ مِنْ خَالِدٍ2 وَتَابَعَهُمَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 وَالْهَيْثَمُ كَذَّبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ4 وَتَابَعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السُّدِّيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ أَخْرُجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِهِ5 وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ هِشَامٍ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ كَذَا قَالَ فَوَهَمَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَمِنْ دُونَ ابْنِ وَهْبٍ ضُعَفَاءُ6 وَاشْتَدَّ إنْكَارُ الْبَيْهَقِيّ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ7، فِي عَزْوِهِ هَذَا
__________
1 وقال أيضاً في "الكامل" "3/912" بعد أن أورد له عدة أحاديث: هذه الأحاديث بهذه الأسانيد مناكير وعامة حديثه هكذا كما ذكرت وتبينت أنها موضوعات كلها ا. هـ.
وقال ابن حبان في " المجروحين" "1/281": لا يجوز الاحتجاج به بحال ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار وقال الأزدي: كذاب يحدث عن الثقات بالكذب.
2 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "3/912" وابن حبان في "المجروحين" "3/75".
وقال ابن عدي: وهب أشر من خالد بن إسماعيل.
وقال ابن حبان: وهب بن وهب كان ممن يضع الحديث على ثقات المسلمين.
وقد عقب ابن الملقن في "البدر المنير" "2/118" على قول ابن عدي المتقدم فقال: بلا شك وهب بن وهب بن كبير قاضي بغداد وهو من رؤساء الكذابين، قال أحمد: كان كذاباً يضع الحديث، وقال أبو بكر بن عياش وابن المديني والرازي: كان كذاباً وقال يحيى: كذاب خبيث كان عامة الليل يضع الحديث وقال عثمان بن أبي شيبة: كان دجالاً، وقال السعدي: كان يكذب ويجسر، وقال عمرو بن علي: كان يكذب ويحدث بما ليس له أصل، وقال مسلم والنسائي: متروك الحديث زاد الدارقطني وكذاب، وقال العقيلي: لا أعلم له حديثاً مستقيماً كلها بواطيل.
3 في "الأفراد" كما في "اللآلىء المصنوعة" "2/5" ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" "2/79" وقال ابن الجوزي الهيثم كذاب.
4 قال ابن الملقن "2/118- 119": أحد الهلكى قال يحيى كان يكذب ليس بثقة، وقال علي: لا أرضاه في شيء. وقال السعدي ساقط، وقد كشف قناعه، وقال أبو داود: كذاب، وقال النسائي والرازي والأزدي متروك الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار ولا يجوز الاحتجاج به.
5 أخرجه الطبراني في "الأوسط" "6/347" رقم "5743".
وقال: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا محمد بن مروان يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد قلت: وهم وهماً فاحشاً ففد توبع محمد بن مروان كما تقدم والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/217" وقال: ومحمد بن مروان السدي أجمعوا على ضعفه وقال السيوطى في "اللآلىء المصنوعة" "2/5": هو كذاب وقاله أيضاً في"النكت البديعات" رقم "41".
6 أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "نصب الراية" "1/102" من طريق إسماعيل بن عمرو الكوفي عن ابن رب عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به وقال الدارقطني: هذا باطل عن مالك وابن وهب ومن دون ابن وهب ضعفاء. وقد أشار البيهقي في "سننه " "1/7" لهذا الطريق فقال روي بإسناد منكر عن ابن وهب عن مالك عن هشام ولا يصح.
7 عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية، الشيخ أبو محمد الجويني، وكان يلقب بركن الإسلام، قرأ الأدب على والده والفقه على أبي أيوب الأبيوردي، ولازم القفال ثم صار إماماً في التفسير والفقه والأدب، مجتهداً في العبادة، قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنقلت إلينا أوصافه وافتخروا به. صنف التفسير وغيره مات سنّة 0438 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/209، وفيات الأعيان 2/250.(1/141)
الْحَدِيثَ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ1 كَيْف أَوْرَدَهُ فِي الشَّامِلِ2 جَازِمًا بِهِ فَقَالَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْسَمِ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ أَوْ نَغْتَسِلَ بِهِ وَقَالَ: "إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ" 3.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ4.
تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ الدمشقي في كلامه5 على المهذب عَزْوُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ إلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَهُوَ غَلَطٌ قَبِيحٌ6.
6 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "مَنْ اغْتَسَلَ بِالْمُشَمَّسِ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ" رَوَيْنَاهُ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ مَشْيَخَةِ قَاضِي الْمَرِسَتَانِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بن صبح عن مُقَاتِلٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْهُ بِهَذَا7.
__________
1 عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو نصرا بن الصباغ البغدادي، فقيه العراق، ولد سنّة 400، أخذ عن القاضي أبي الطيب الطبري، ورجح في المذهب على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان خيراً ديناً، فقيهاً، أصولياً، محققاً، قال ابن عقيل كملت له شرائط الاجتهاد المطلق، مات سنّة 477. انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/251، ط. السبكي 3/230، البداية والنهاية 12/226 والنجوم الزاهرة 5/119، شذرات الذهب 3/355، مفتاح السعادة 2/185، وفيّات الأعيان 2/385.
2 قال ابن قاضي شهبة: قال ابن خلكان: هو من أصح كتب أصحابنا وأثبتها أدلة.
3 أخرجه الدارقطني "1/38" كتاب الطهارة: باب الماء المسخن حديث "3" والبيهقي "1/6" كتاب الطهارة كلاهما من طريق عمرو بن محمد الأعسم به.
4 ينظر "المجروحين" لابن حبان "2/74".
5 محمد بن معن بن سلطان، شمس الدين، أبو عبد الله الشيباني الدمشقي، تفقه على ابن شداد، وحفظ كتاب الوسيط للغزالي، وسمع وحدث، وكان فقيهاً، إماماً، مناظراً، أديباً، قارئاً بالسبع.
له التنقيب على المهذب في جزءين، وفيه غرائب.
مات سنّة 0640 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/79، هدية العارفين 2/191.
6 قال ابن الملقن في " البدر المنير" "2/115": هذا الحديث واه جداً.
وقال النووي في "المجموع" "1/133": هذا الحديث ضعيف باتفاق المحدثين وقد رواه البيهقي من طرق وبين ضعفها كلها ومنهم من يجعله موضوعاً.
7 قال ابن الملقن في" البدر المنير" "2/121": هذا الحديث غريب جداً ليس في السنن الأربعة قطعاً....=(1/142)
وَزَادَ "وَمَنْ احْتَجَمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ السَّبْتِ فَأَصَابَهُ دَاءٌ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ بَاتَ فِي مُسْتَنْقَعِ مَوْضِعِ وَضُوئِهِ فَأَصَابَهُ وَسْوَاسٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ تَعَرَّى فِي غَيْرِ كِنٍّ فَخُسِفَ بِهِ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرُ الطَّعَامِ فَأَصَابَهُ لَمَمٌ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَأَصَابَهُ زَحِيرٌ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ".
وَعُمَرُ بْنُ صُبْحٍ كَذَّابٌ1 وَالضَّحَّاكُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ بِلَفْظِ "لَا تَغْتَسِلُوا بِالْمَاءِ الَّذِي يُسَخَّنُ فِي الشَّمْسِ فَإِنَّهُ يُعْدِي مِنْ الْبَرَصِ" وَفِيهِ سِوَادَةُ الْكُوفِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ3.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ حَكِيمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ.
__________
= حاشا الصحيحين منه وليس هو في السنن الكبير والمعرفة للبيهقي ولا في عن الدارقطني وعلله ولا في المسانيد فيما فحصت عنه عدة سنين فوق العشرة وسؤالي لبعض الحفاظ بمصر والقدس ودمشق عنه فلم يعرفوه إلا أنى ظفرت به في مشيخة قاضى المدستان ثم ساقه بسنده عن عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن الضحاك عن ابن عباس به.
وقال: حديث واه عمر بن صبح كذاب اعترف بالوضع والضحاك لم يلق ابن عباس.
وقال في "خلاصة البدر المنير" "1/9": غريب جداً ليس في الكتب المشهورة وهو في مشيخة قاضي المدستان بسند منقطع واه.
وممن عزاه إلى قاضي المدستان أيضاً الحافظ السيوطى فقال في "اللآلىء المصنوعة" "2/6": وفي مشيخة قاضي المدستان من طريق عمر بن صبح وهو كذاب عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً من اغتسل ... الحديث وذكره السيوطى في "النكت البديعات" "ص 65" وقال: وسنده واه.
1 عمر بن صبح الخراساني أبو نعيم.
قال ابن حبان في "المجروحين" "2/88": كان ممن يضع الحديث على ثقات المسلمين لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب لأهل الصنعة فقط وذكره الذهبي في " المعنى" "2/469" وقال: مالك اعترف بوضع الحديث.
وقال برهان الدين الحلبي في "الكشف الحثيث" "549" من المجاهيل ليس بثقة ولا مأمون، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث، وقال أحمد بن علي السليماني: عمر بن الصبح الذي وضع آخر خطبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 وهو قول شعبة وأبي حاتم وأبى زرعة وينظر ما كتبه الحافظ العلاني في كتابه "جامع التحصيل" ص "199- 200" رقم "304" وينظر أيضاً "المراسيل" لابن أبي حاتم "ص 94- 97".
3 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "2/176" من طريق علي بن هاشم الكوفي ثنا سوادة عن أنس به ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" "2/78- 79".
وقال العقيلي: سوادة مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ وليس في الماء المشمس شيء يصح مسند إنما يروى فيه شىء عن عمر رضي الله عنه.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما حديث أنس ففيه سوادة وهو مجهول.
والحديث ذكره السيوطى في " اللآلىء المصنوعة" "2/5" ونقل كلام العقيلي وابن الجوزي وأقره. وذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة" "ص 8" ونقل كلام العقيلي.(1/143)
وَزَكَرِيَّا ضَعِيفٌ وَالرَّاوِي عَنْهُ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ1 وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ2.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ لَا يَثْبُتُ أَلْبَتَّةَ3.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ4.
7 - حَدِيثُ أَنَّ الصَّحَابَةَ تَطَهَّرُوا بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ هَذَا الْخَبَرُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ:5 لَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِ الرَّافِعِيِّ انْتَهَى.
وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ فِيمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْلَعِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ كُنْت أُرَحِّلُ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ وَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّحْلَةَ فَكَرِهْت أَنْ أُرَحِّلَ نَاقَتَهُ وَأَنَا جُنُبٌ وَخَشِيت أَنْ أَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَأَمُوتَ أَوْ أَمْرَضَ فَأَمَرْتُ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُرَحِّلُهَا وَوَضَعْتُ أَحْجَارًا فَأَسْخَنْتُ بِهَا مَاءً فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ لَحِقْت بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ
__________
1 أخرجه الدارقطني في "الأفراد" كما في "اللآلىء المصنوعة" "2/6" حدثنا الفضل بن العباس الصواف ثنا عبد الوهاب بن إبراهيم ثنا أبو اليسع أيوب بن سليمان ثنا زكريا بن حكيم عن الشعبي عن أنس مرفوعاً لا تغسلوا صبيانكم بالماء الذي يسخن بالشمس فإنه يورث البرص.
قال الدارقطني: تفرد به زكريا عن الشعبي ولم يروه عنه غير أبي اليسع ا. هـ.
قال السيوطي: وزكريا ضعيف وأيوب مجهول وقد سبقه إلى هذا النقد ابن الملقن في "البدر المنير" "2/126" فقال: زكريا هذا ضعيف بمرة قال فيه أحمد ويحيى: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة وكذلك قال النسائي وقال علي: هالك، وقال الدارقطني: ضعيف.
وأما أيوب بن سليمان فهو المكفوف، قال الأزدي غير حجة.
قلت: وقد حكم ابن القطان بجهالته كما في" اللسان" "1- بتحقيقنا".
2 هذا الطريق لم يورده ابن الجوزي في " الموضوعات " كما يوهم كلام المصنف إنما أورد الطريق الأول طريق سوادة عن أنس.
3 قال البيهقي في "المعرفة" "1/140": وأما ما روي عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: يا حميراء لا تفعلي فإنه يورث البرص لا يثبت البتة اهـ.
وضعف أحاديث الماء المشمس في"السنن" "1/6".
4 ينظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي "2/176" والصحيح أنه من قول عمر دن الخطاب رضي الله عنه كما سيأتي بعد حديث.
5 أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، شيخ الحرم، محب الدين، أبو العباس الطبري المكي، ولد سنّة 615، وسمع من جماعة، وتفقه ودرس وصنف كتاباً كبيراً في الأحكام، وروى عنه الدمياطي وابن العطار وابن الخباز، وغيرهم قال ابن كثير: مصنف الأحكام المبسوطة، أجاد فيها وأفاد ... قال: وله كتاب ترتيب جامع المسانيد. توفي سنّة 694.
انظر: ط. ابن قاضى شهبة 2/162، ط. الشافعي للسبكي 5/7، ط. الإسنوي ص 312.(1/144)
ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} إلى {غَفُوراً} [النساء: 43] والهيثم بن زريق الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَسْلَعِ هُوَ وَأَبُوهُ مَجْهُولَانِ وَالْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ الْمُنْقِرِيُّ رَاوِيهِ عَنْ الْهَيْثَمِ فِيهِ ضَعْفٌ1.
وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِعْلُ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الدراوردي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ قُمْقُمَةٌ يُسَخَّنُ فِيهَا الْمَاءُ2.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالْحَمِيمِ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ3 وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ4.
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1/299" رقم "877" والحسن بن سفيان في "مسنده" ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/5- 6" كتاب الطهارة باب التطهير بالماء المسخن، من طريق العلاء بن الفضل عن الهيثم بن رزيق عن أبيه عن الأسلع بن شريك به.
وهذا إسناد ضعيف.
العلاء بن الفضل قال ابن حبان في "المجروحين" "2/183" كان ممن ينفرد بأشياء مناكير عن أقوام مشاهير لا يعجبني الاحتجاج بأخباره التي انفرد بها ... اهـ. والهيثم بن رزيق ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "9/83". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً وذكره العقيلي في "الضعفاء" "4/354" وقال: لا يتابع على حديثه.
وأبو رزيق ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "3/504" ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/265" وقال: وفيه الهيثم بن رزيق قال بعضهم: لا يتابع على حديثه والحديث ضعفه أيضا ابن الملقن في "البدر المنير" "2/128- 131" وزاد نسبته إلى أبي نعيم في "معرفة الصحابة".
2 أخرجه ابن أبي شيبة "1/25" من طريق الداروردي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر وأخرجه الدارقطني "1/37" كتاب الطهارة: باب الماء المسخن حديث "1" والبيهقي "1/6" كتاب الطهارة: باب التطهير بالماء المسخن، من طريق علي بن غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به.
وقال الدارقطني: هذا إسناد صحيح.
وتعقبه ابن الملقن في "البدر المنير" "2/133" وقال: فيه وقفه ففي إسناده علي بن غراب وهشام بن سعد وقد ضعفا فلعل الدارقطني اختار تعديلهما اهـ.
وقال أبو الطيب آبادي في "التعليق المغنى" "1/37- 38": فيه رجلان تكلم فيهما أحدهما علي بن غراب فممن وثقه الدارقطني وابن معين وممن ضعفه أبو داود وغيره وقال الخطيب: تكلموا فيه لمذهبه فإنه كان غاليا في التشيع والآخر هشام بن سعد فهو وان أخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي. أهـ.
تنبيه: صحح ابن الملقن طريق الداروردي على شرط الشيخين.
3 أخرجه البخاري "1/357" كتاب الوضوء: باب وضوء الرجل مع امرأته معلقاً ووصله عبد الرزاق "1/174" رقم "675" وسعيد بن منصور كما في "الفتح" "1/358" وصحح سنده الحافظ.
4 تقدم تخريج هذه الرواية وذكر تعقب ابن الملقن له في تصحيحها وذكر كلام أبي الطيب آبادي في الكلام على هذه الرواية.(1/145)
وَعَنْ بن عمر روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ1.
و [عن] 2 ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّا نَتَوَضَّأُ بِالْحَمِيمِ وَقَدْ أُغْلِيَ عَلَى النَّارِ3.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُغْتَسَلَ بِالْحَمِيمِ وَيُتَوَضَّأَ مِنْهُ4.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ يُسَخِّنُ الْمَاءَ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ5.
8 - حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ وَقَالَ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بِهِ.
وَصَدَقَةُ ضَعِيفٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى تَضْعِيفِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَقُولُ إنَّهُ صَدُوقٌ وَإِنْ كَانَ مُبْتَدِعًا وَأَطْلَقَ النَّسَائِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كُنَّا نُسَمِّيه وَنَحْنُ نَطْلُب الْحَدِيثَ خُرَافَةَ
وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ قَدَرِيًّا مُعْتَزِلِيًّا6 رَافِضِيًّا كُلُّ بِدْعَةٍ فِيهِ وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق "1/175" رقم "676" ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط ""1/251".
وأخرجه ابن أبي شيبة "1/25" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "256" من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع أنه سأله عن الماء المسخن قال نافع: كان ابن عمر يتوضأ بالحميم.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/137":. وهذا الإسناد والذي قبله رجالهما رجال الصحيح.
وقال الألباني في "الإرواء" "1/50": هذا سند صحيح على شرط الشيخين.
2 سقط في الأصل.
3 أخرجه ابن أبي شيبة "1/25" عنه بالفظ: إنا ندهن بالدهن وقد طبع على النار ونتوضأ بالحميم وقد أغلي على النار.
وقال ابن الملقن "2/137": وهذا إسناد صحيح.
4 أخرجه عبد الرزاق "1/157" رقم "677" ومن طريقه ابن المنذر في " الأوسط " "1/251" وصححه أيضاً ابن الملقن في " البدر المنير" "2/137".
5 أخرجه ابن أبي شيبة "1/25" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "257" وابن المنذر في "الأوسط" "1/251" وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/137": وهذا إسناد على شرط الشيخين.
6 كان للحسن البصري تلميذ يتلقى عليه فلما سمعه يقرر أن مرتكب الكبيرة مذنب عاص إن لم يتب فأمره لربه إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه عقاباً لا خلود معه في النار وأن أفعال العباد الاختيارية مخلوقة للَّه تعالى. عند ذلك خالف أستاذه في هاتين المسألتين واعتزل مجلس أستاذه إلى مجلس آخر يقرر في المسألة الأولى أنه ليس بمؤمن ولا بكافر بل هو واسطة بينهما فلا هو بمؤمن لأن الإيمان عقيدة وعمل ولا بكافر ويقرر في الثانية أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية بأقدار من اللَّه تعالى عند ذلك قال الحسن: اعتزلنا واصل فسموا معتزلة لذلك ثم كثر أتباع واصل وصار لهم مذهب معروف في مسائل كثيرة منها وجوب ثواب المطيع وعقاب العاصي ومنها نفي الصفات القديمة ومنها مسألة الحسن والقبح العقليين ومسألة الصلاح والأصلح.(1/146)
النَّاسِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثِقَةٍ
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: نَظَرْت فِي حَدِيثِهِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مُنْكَرًا1 وَلَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ
وَقَالَ السَّاجِيُّ: لَمْ يُخْرِجْ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ حَدِيثًا فِي فَرْضٍ إنَّمَا جَعَلَهُ شَاهِدًا.
قُلْت: وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا وَكَمْ مِنْ أَصْلٍ أَصَّلَهُ الشَّافِعِيُّ لَا يُوجَدُ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ اخْتِلَافًا فِي إبْطَالِ الْحُجَّةِ بِهِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَثْبُت عِنْدَهُ الْجَرْحُ فِيهِ فَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ2 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِحَدِيثِ عُمَرَ الْمَوْقُوفِ هَذَا طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ
__________
1 ينظر الكامل لابن عدي "1/222".
2 الأثر أخرجه الشافعي في " الأم" "1/3" ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/6" كتاب الطهارة باب كراهة التطهير بالماء المشمس، وفي "المعرفة" "1/139" كتاب الطهارة: باب الوضوء بالماء المسخن والماء المشمس حديث "23".
وهذا إسناد ضعيف جداً وفيه علل كثيرة إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدني الأسلمي شيخ الشافعي أورد فيه المصنف كلام المجروحين وقد قيل فيه أكثر من هذا.
أما قول المصنف: وفي الجملة فإن الشافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده فيه نظر فإن الجمهور على ترك هذا الرجل وبعضهم رماه بالوضع وآخرون بالزندقة وأنه يذهب إلى كلام جهم وقد قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" "ص 12" هو متروك عند الجمهور.
وقال في "المغني" "1/23": تركه جماعة وضعفه آخرون للرفض والقدر.
وقال المصنف في "التقريب" "1/42": متروك وقد حاول البيهقي في "المعرفة": تقوية حال إبراهيم وسكت على الأثر في "السنن " وتعقبه ابن التركماني بما يفيد ضعف إبراهيم بن محمد.
العلة الثانية:
وهي ضعف صدقة بن عبد الله السمين قال أحمد: ضعيف، وقال يحيى والنسائي والدارقطني: ضعيف، وقال البخاري ضعيف جداً، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
ينظر "العلل" للإمام أحمد "1/199، 213، 214"، و"تاريخ يحيى" برواية الدوري "2/268" "ضعفاء النسائي" "ص 58" وضعفاًء الدارقطني "251"، وضعفاًء البخاري "ص 61" و"المجروحين لابن حبان" "1/374".
قال ابن الملقن في " البدر المنير" "2/149": فتلخص أن هذا الأثر ضعيف للعلتين المذكورتين وقال الحافظ أبو محمد المنذري في " كلامه على أحاديث المهذب ": هذا الأثر حسن وفي ذلك ما لا يخفى ا. هـ.
ولهذا الأثر علة ثالثة لم ينبه عليها ابن الملقن والمصنف وهي عنعنة أبي الزبير فقد كان مدلساً.
والأثر ذكره المصنف في "الدراية" "1/55" وقال: وأخرجه الشافعي موقوفاً على عمر بإسناد ضعيف وذكره أيضاً الحافظ السيوطي في "النكت البديعات" "ص 65" وقال: أخرجه الشافعي في "الأم " بسند رجاله ثقات إلا إبراهيم بن أبي يحيى فإنه مختلف فيه وشيخه صدقة بن عبد الله ضعيف. ا. هـ. قلت: هكذا تكون شهوة التعقب والتعصب فجعل السيوطى إبراهيم هذا مختلف فيه مع أن الذهبي حكى في المغني أن الجمهور على تركه.(1/147)
عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَزْهَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: "لَا تَغْتَسِلُوا بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ".
وَإِسْمَاعِيلُ صَدُوقٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْ الشَّامِيِّينَ1 وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو الْمُغِيرَةِ عَنْ صَفْوَانَ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ حَسَّانَ2.
قَوْلُهُ: إنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِالتَّعْفِيرِ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ قَلِيلٍ.
9 - قَوْلُهُ وَسُؤْرُهُ نَجِسٌ يَعْنِي الكلب لورد الْأَمْرِ بِالْإِرَاقَةِ فِي خَبَرِ الْوُلُوغِ.
قُلْت: وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ من حديث3 الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ" قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَذْكُرْ "فَلْيُرِقْهُ" غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْإِرَاقَةِ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظُهُ "فَلْيُهْرِقْهُ" 4 وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/39" كتاب الطهارة: باب الماء المسخن ح "4".
قال ابن الملقن في "البدر" "2/150": وهذا إسناد جيد وأشار الزيلعي إلى صحته فقال: وصفوان بن عمرو حمصي ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيحة.
2 قال ابن حبان في ثقاته كما في " البدر المنير" "2/150" ثنا محمد بن إبراهيم بن خالد ثنا عبد الأعلى بن سالم الكتاني ثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج ثنا صفوان بن عمرو ثنا حسان بن أزهر عن عمر بن الخطاب قال: "لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه ينزع إلى البرص".
3 في الأصل: من طريق.
4 أخرجه مسلم "1/234": كتاب الطهارة: باب حكم ولوغ الكلب، الحديث "89/279"، والنسائي "1/176- 177": كتاب المياه: باب سؤر الكلب، وابن الجارود ص "28": باب في طهارة الماء، الحديث "51"، والدارقطني "1/64": كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء، الحديث "2"، واللفظ عنده "فليهرقه". والبيهقي "1/18": كتاب الطهارة: باب المنع من الانتفاع بجلد الكلب، وأحمد "2/253" وابن خزيمة "1/98" وابن حبان "1296"، والطبراني في "الأوسط " "1/93"، كلهم من رواية علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين، وأبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، وقال النسائي: لا أعلم أحداً تابع علي بن مسهر على قوله: "فليرقه"، قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/325": ولا يضر تفرده بها فإن علي بن مسهر إمام حافظ متفق على عدالته والاحتجاج به ولهذا قال- بعد تخريجه لها- الدارقطني "إسنادها حسن ورواتها ثقات " هـ.
قلت: وقد صحح لفظ الإراقة أيضاً ابن خزيمة وابن حبان فقد أخرجه في صحيحه "1296".
وقال المصنف في " الفتح" "1/275": وقد ورد الأمر بالإراقة أيضاً من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً أخرجه ابن عدي لكن في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف اهـ. وأخرجه الدارقطني "1/64" من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة في الكلب يلغ في الإناء قال: "يهراق ويغسل سبع مرات! " وقال الدارقطني: صحيح موقوف.(1/148)
عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِك وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا وَلَغَ وَهَذَا هُوَ لَفْظُ أَصْحَابِ أَبِي الزِّنَادِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ1 إلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجَوْزَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ "إذَا شَرِبَ" وَكَذَا وَقَعَ فِي عَوَالِي أَبِي الشَّيْخِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ رِوَايَةِ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ "إذَا وَلَغَ" وَكَذَا رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ بن سيرين عَنْهُ بِلَفْظِ "إذَا شَرِبَ" 2 وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ
__________
1 والحديث بدون ذكر الإراقة من طريق مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً، "إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات".
أخرجه مالك "1/34": كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء "35".
ومن طريق مالك رواه الشافعي في المسند بترتيب السندي "1/23": كتاب الطهارة: "الباب الثاني في الأنجاس وتطهيرها، الحديث "43"، وفي الأم "1/6"، وأحمد "2/460"، والبخاري "1/274": كتاب الوضوء: باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، الحديث "172"، ومسلم "1/234": كتاب الطهارة: باب حكم ولوغ الكلب، الحديث "90/279"، والنسائي "63"، وأبو عوانة "1/207"، وابن الجارود رقم "50" والحميدي "2/428" والبيهقي "1/240" والبغوي في "شرح السنة" "1/378- بتحقيقنا".
2 الذي قال: إذا شرب: الإمام مالك رحمه الله في "الموطأ ".
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" "1/208": كذلك قال مالك: "إذا شرب الكلب" وسائر رواة هذا الحديث عن أبي الزناد وغيره على كثرة طرقه عن أبي هريرة كلهم يقول: "إذا ولغ" لا أعلم أحد يقول: "إذا شرب" غير مالك.
قلت: وكلام ابن عبد البر متعقب كما سيأتي. وممن استغرب لفظه إذا شرب أيضاً الحافظ أبو بكر الإسماعيلي فقال كما في " نصب الراية " "1/132": أن مالكاً انفرد عن الكل بهذه اللفظة.
واستغر بها أيضاً ابن مندة كما في "نصب الراية" فقال: رواه هشام بن عروة وموسى بن عقبة وأبن عيينة وشعيب ابن أبي حمزة وغيرهم عن أبي الزناد وقالوا: إذا ولغ وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبد الرحمن الأعرج ورواه عبيد بن حسين وثابت الأعرج وعبد الرحمن بن أبي عمرة وأبو يونس سليم بن جبير ومحمد بن سيرين وأبو صالح وأبو رزين كلهم عن أبي هريرة واتفقوا على قوله: إذا ولغ. اهـ.
قلت: أما ادعاء ابن عبد البر بأن مالكاً تفرد بهذه اللفظة فهر أمر متعقب فقد تابعه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد به.
أخرجه أبو الشيخ في "الجزء الثالث من العوالي" كما في "نصب الراية" "1/133" و"البدر المنير""2/323" والمغيرة بن عبد الرحمن.
قال الحافظ في "التقريب " "2/269": ثقة له غرائب وتابعه أيضاً ورقاء بن عمر أخرجه الجوزقي في كتابه كما في " البدر" "2/323".
وورقاء قال الحافظ في "التقريب" "2/330": صدوق في حديثه عن منصور لين. أما رواية هشام عن ابن سيرين عن أبي مريرة والتي أشار إليها المصنف أخرجها ابن خزيمة "1/51" رقم "97" وابن المنذر في "الأوسط" "1/304" رقم "228" وإليها عزاه الحافظ في "الفتح" "1/330" بعد أن تعقب ابن عبد البر.(1/149)
عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ غُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ1 رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ بن سيرين فَقَالَ: "أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ عَنْ قتادة عن بن سيرين "السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ" وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذِكْرُ التُّرَابِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ بن سيرين.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ أَبُو رَافِعٍ عَنْهُ أَيْضًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنْ كَانَ مُعَاذٌ حَفِظَهُ فَهُوَ حَسَنٌ فَأَشَارَ إلَى تَعْلِيلِهِ2 وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ3.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ" ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَكَلْبِ الْغَنَمِ وَقَالَ: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ" لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ4 وَعَكَسَ ابْنُ
__________
1 أخرجه أحمد "2/427"، ومسلم "1/234": كتاب الطهارة: باب حكم ولوغ الكلب، الحديث "91/279"، وأبو داود "1/57": كتاب الطهارة: باب الوضوء بسؤر الكلب، الحديث "71"، والترمذي "1/151": كتاب الطهارة: باب ما جاء في سؤر الكلب، الحديث "91"، والنسائي "1/177- 178": كتاب المياه: باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه، والطحاوي في شرح معاني الآثار "1/21": كتاب الطهارة: باب سؤر الكلب، والدارقطني "1/64": كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء، الحديث "5"، والبيهقي "1/240": كتاب الطهارة: باب إدخال التراب في إحدى غسلاته، وأبو عوانة "1/207- 8 0 2" وعبد الرزاق "0 33"، وابن أبي شيبة "1/173" وابن خزيمة "1/50" رقم "95" وابن حبان رقم "1297"، وابن حزم في "المحلى" "1/110"، والجوزقاني في "الأباطيل" "356"، من طرق عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب، أن يغسله سبع مرات أولاًهن بالتراب".
2 أخرجه النسائي "1/177": كتاب المياه: باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه، والدارقطني "1/65": كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء، الحديث "10"، والبيهقي "1/241": كتاب الطهارة: باب إدخال التراب في إحدى غسلاته، والدارقطني "1/64": كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء، الحديث "4"، كلهم من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة مثله، وقال الدارقطني: هذا صحيح.
3 أخرجه الدارقطني "1/64" كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء حديث "4".
أما مسألة سماع الحسن من أبي هريرة فنفاها يونس بن عبيد وأبو حاتم وابن المديني وأيوب وعلي بن زيد وأبو زرعة.
ينظر المراسيل لابن أبي حاتم و"جامع التحصيل" للعلائي "ص 163- 166".
4 أخرجه أحمد "4/86"، والدارمي "1/188": كتاب الطهارة: باب في ولوغ الكلب، ومسلم "1/235": كتاب الطهارة: باب حكم ولوغ الكلب، الحديث "93/280"، وأبو داود "1/59": كتاب....=(1/150)
الْجَوْزِيِّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّحْقِيقِ فَوَهَمَ1.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَفْتَى بِأَنَّ غَسْلَة التُّرَابِ غَيْرُ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ بِالْمَاءِ غَيْرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ انْتَهَى.
وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَأَجَابَ عَنْهُ أَصْحَابُنَا بِأَجْوِبَةٍ2.
أَحَدُهَا: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ3: بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى وَهَذَا الْجَوَابُ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ صَحِيحٌ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ إسْنَادُهُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَهِيَ زِيَادَةُ ثِقَةٍ4 فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ
__________
=الطهارة: باب الوضوء بسؤر الكلب، الحديث "74"، والنسائي "1/177": كتاب الطهارة: باب تعفير الإناء بالتراب مع ولوغ الكلب فيه، وابن ماجة "1/130": كتاب الطهارة: باب غسل الإناء من ولوغ الكلب، الحديث "365"، وابن أبي شيبة "1/174" وأبو عوانة "1/208" وابن حبان "4/1298"، وابن الجارود "53"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/23"، والدارقطني، والبيهقي، وابن حزم فى "المحلى" "1/110"، وابن عبد البر في "التمهيد" "8/404"، وابن عدي في "الكامل" "3/261 1"، والبغوي في "شرح السنّة" "1/378"، من طرق عن شعبة، عن أبي التياح عن مطرف عن عبد الله بن مغفل به.
1 ينظر التحقيق "1/38- 39" وقد تابعه على هذا الوهم الحافظ ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" فلم ينبه على هذا الوهم.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/328": قال ابن الجوزي في "التحقيق ": انفرد به البخاري وهو سبق قلم منه قطعاً فلعله أراد أن يكتب: انفرد به مسلم فسبق القلم إلى البخاري فليصلح.
2 ينظر "التمهيد" "18/266".
3 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي "1/241".
وقال في "معرفة السنن والآثار" "1/310": يحتمل أن يكون التعفير في التراب في إحدى الغسلات السبع عدّه ثامنة وإذا صرنا إلى الترجيح بزيادة الحفظ فقد قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. اهـ.
قلت: وهذا الكلام متعقب كما سيأتي بيانه.
4 قال ابن الصلاح: مذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب أبو بكر أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا تفرد بها، سواء كان ذلك من شخص واحد، بأن رواه ناقصاً مرة، رواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة، أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصاً خلافاً لمن رد من أهل الحديث مطلقاً وخلافاً لمن رد الزيادة منه وقبلها من غيره.
فذكر ثلاثة مذاهب كما ترى ثم ذكر تحقيقاً من عند نفسه فقال: وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقع مخالفاً منافياً لما رواه سائر الثقات فهذا حكمه الرد.
الثاني: ألا يكون فيه منافاة ومخالفة أصلاً لما رواه غيره، كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلاً، فهذا مقبول، وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء عليه.(1/151)
إلَيْهَا1، وَقَدْ أَلْزَمَ الطَّحَاوِيُّ الشَّافِعِيَّةَ بِذَلِكَ2.
ثَانِيهَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّتِهِ وَهَذَا الْعُذْرُ لَا يَنْفَعُ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ وَقَفُوا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ لَا سِيَّمَا مَعَ وَصِيَّتِهِ.
ثَالِثُهَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا ثَامِنَةً لِأَنَّ التُّرَابَ جِنْسٌ غَيْرُ جِنْسِ الْمَاءِ فَجَعَلَ اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودًا بِاثْنَيْنِ وَهَذَا جَوَابٌ الْمَاوَرْدِيِّ3 وَغَيْرِهِ.
رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ نَسِيَ اسْتِعْمَالَ التُّرَابِ فَيَكُونَ التَّقْدِيرُ اغْسِلُوا سَبْعَ
__________
= الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين، مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث، ثم مثل بحديث مالك في زكاة الفطر بزيادة "من المسلمين" على قوله: "على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى" وزيادة "ترتبها" في حديث "جعلت الأرض مسجداً وطهوراً" ثم قال:
فهذا وما يشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما ما رواه الجماعة عام وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة، ونوع من المخالفة، يختلف بها الحكم.
ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث انه لا منافاة بينهما، قال النووي: والصحيح قبول هذا الأخير.
وما قاله ابن الصلاح في هذا التفصيل يصح أن يكون قولاً رابعاً.
وحرر ابن الحاجب الخلاف على نحو آخر فقال: إذا انفرد العدل بزيادة لا تخالف، مثل أن يزيد على: "دخل البيت" قوله: "وصلى" فإن كان المجلس مختلفاً. قبلت باتفاق. وإن كان واحداً، فإن انتهى غيره إلى حد لا يتصور غفلتهم عن مثلها لم يقبل.
لهان لم ينته. فالجمهور يقبل. وقال بعض المحدثين وأحمد في أحد قوليه: لا يقبل.
فحرر الخلاف في محل عدم المخالفة. وكان المجلس متحداً، وكان من في المجلس لا يبلغون حداً لا يتصور معه غفلتهم عن مثلها.
أما في حمل المخالفة فقال: فان كانت الزيادة مخالفة بحيث يتعذر بها الجمع فالظاهر التعارض.
أما مع اختلاف المجلس فقال: قبلت باتفاق.
أما إذا بلغوا حداً لا يتصور معه غفلتهم عن الزيادة فقال: لم تقبل ولا يسع أحداً مخالفته.
ينظر البحر المحيط للزركشي 4/329 حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/71.
1 ومن المتعقبين أيضاً ابن التركماني فقال فبم "الجوهر النقي" "1/241": بل رواية ابن مغفل أولى لأنه زاد الغسلة الثامنة والزيادة مقبولة خصوصاً من مثله.
2 قال الطحاوي في " شرح معاني الآثار" "1/23": فهذا عبد الله بن المغفل قد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه يغسل سبحاً ويعفر الثامنة بالتراب وزاد على أبي هريرة والزائد أولى من الناقص فكان ينبغي لهذا المخالف لنا أن يقول: لا يطهر الإناء حتى يغسل ثماني مرات السابعة بالتراب والثامنة كذلك ليأخذ بالحديثين جميعاً.
3 علي بن محمد بن حبيب، القاضي أبو الحسن الماوردي، البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، تفقه على أبي القاسم الصيمري، وسمع من أبي حامد الإسفرايني، قال الخطيب: كان ثقة، من وجوه الفقهاء الشافعيين وقال الشيرازي: وله مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الفقه والأدب، وكان حافظاً للمذهب.
ومن تصانيفه: الحاوي. قال الأسنوي: ولم يصنف مثله، والأحكام السلطانية والتفسير المعروف بالنكت والعيون وغيرها. مات سنّة 450. انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/230، تاريخ بغداد 12/102، ط. لسبكي 3/303.(1/152)
مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ "فَإِنْ لَمْ تُعَفِّرُوهُ فِي إحْدَاهُنَّ فَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ" وَيُغْتَفَرُ مِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ بَيْنَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ بَعْضِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ1.
فَائِدَةٌ قَالَ الْقَرَافِيُّ2: سَمِعْت قَاضِيَ الْقُضَاةِ صَدْرَ الدِّينِ3 الْحَنَفِيَّ يَقُولُ إنَّ الشَّافِعِيَّةَ تَرَكُوا أَصْلَهُمْ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ4 عَلَى الْمُقَيَّدِ5 فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْت لَهُ هَذَا لَا
__________
1 ينظر: فتح الباري "1/333".
2 هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن أبو العباس شهاب الدين الصنهاجي القرافي: من علماًء المالكية نسبته إلى قبيلة صنهاجة "من برابرة العرب" والى القرافة "المحلة المجاورة لقبر الإمام الشافعي" بالقاهرة وهو مصري المولد والمنشأ والوفاة له مصنفات جليلة في الفقه والأصول ينظر الأعلام "1/94-95".
3 سليمان بن وهيب، أبو الربيع بن أبي العز، قاضي القضاة صدر الدين. تفقه على الحصيري، وتولى القضاء ب "مصر" والشام، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة.
توفي سنّة سبع وسبعين وستمائة في شعبان.
ينظر: الجواهر الحصينة 2/237، العبر 5/315، الفوائد البهية 8128
4 تنوعت آراء الأصوليين في تحريف المطلق على مذهبين رئيسين:
المذهب الأول: ويمثله جمهور الشافعية ومن وافقهم من الفقهاء الذين سووا بين المطلق والنكرة، وقد دهب سيف الدين الآمدي إلى أن المطلق: النكرة في سياق الإثبات، أي الوحدة الشائعة؟ لأن النكرة في الإثبات إنما تنصرف إلى الفرد المنتشر.
وعرفه ابن الحاجب: بما دل على شائع في جنسه، وقد اختار هذا التعريف صاحب التلويح، و"صاحب المرآة" من الحنفية، وعبر عنه في "المرآة" فقال: المطلق: وهو الشائع في جنسه.
وعرفه ابن قدامة: بأنه التناول لواحد بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه، وهي النكرة في سياق الأمر. المذهب الثاني: وهو مذهب الجمهور من الأحناف، ومنهم البزدوي، وكذلك القرافي في أالتنقيح "، وابن السبكي في "جمع الجوامع"، و" الابهاج في شرح المنهاج".
قال البزدوي: المطلق هو المتعرض للذات دون الصفات لا بالنفي ولا بالإثبات، أي أنه الدال على الماهية من حيث هي هي، ومثله لفناري في "فصول البدائع ".
وقيل: المطلق هو ما لم كن موصوفاً بصفة على حدة.
وقال القرافي: المطلق هو كل حقيقة اعتبرت من حيث هي هي، أي أنه الدال على الماهية بلا قيد، إلا أن الإطلاق عنده أمر نسبي اعتباري، فقد يكون المطلق مقيداً- كرقبة- مطلقاً بالنظر لقيد الإيمان في المؤمنة، فاللفظ لا يكون مطلقاً بالوضع، وانما نسبته إلى أمر آخر هي التي تصيره مطلقاً، وهو يشير إلى ضابط الإطلاق بما اقتصر اللفظ فيه على مسمى اللفظة المفردة كرقبة، وإنسان.
وقال ابن السبكي في "الإبهاج": المطلق على الإطلاق هو المجرد عن جميع القيود، الدال على ماهية الشيء من غير أن يدل على شيء من أحوالها وعوارضها.
ينظر: البحر المحيط للزركشي 3/415، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/3، سلاسل الذهب للزركشي ص 280، نهاية السول للأسنوي 2/319، زوائد الأصول له 298، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص 82، التحصيل من المحصول للأرموي 1/407، المستصفى للغزالي 2/185، حاشية البناني 2/44، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 3/76، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 262، حاشية العطار على جمع الجوامع 2/79، المعتمد لأبي الحسين 1/288, تيسير التحرير لأمير بادشاه 1/328، ميزان الأصول للسمرقندي 1/561، كشف الأسرار للنسفي ا/ 422، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني 2/155، الوجيز للكراماستي
ص 14، تقريب الوصول لابن جزيّ ص 83، إرشاد الفحول للشوكاني ص 164، شرح الكواكب المنير للفتوح ص 420.
وينظر الروضة لابن قدامة "136" الحدود للباجي "47".(1/153)
..........................................................................................
__________
5 أما المقيد فقد تنوعت آراء علماًء الأصول في تعريفه تبعاً لتنازعهم في تعريف المطلق على مذهبين هما:
الأول: وإليه ذهبت الشافعية ومن لف لفهم من العلماًء، ومنهم سيف الدين الآمدي، والعلامة ابن الحاجب.
وذكر الآمدي أن المقيد يطلق باعتبارين:
أحدهما: ما دل من الألفاظ على مدلول معين كزيد وهذا الرجل.
وثانيهما: ما دل من الألفاظ على وصف مدلوله المطلق بصفة زائدة، وذلك مثل قولنا: دينار أردني، فهو وان كان مطلقاً في جنسه من حيث إنه دينار أردني، إلا أنه في الواقع مقيد بالنسبة إلى مطلق الدينار، فهر مطلق من وجه، مقيد من وجه آخر.
وقد عرفه ابن الحاجب بما دل لا على شائع في جنسه، أي أنه يخالف حد المطلق عنده. وقيل: المقيد ما دل على معنى غير شائع في نفسه، وهذا يخالف ما جرى عليه ابن الحاجب، لأنه يعني دلالة المقيد على المعينات، إذ يتناول جميع المعارف، وما دل على شائع في نوعه كالعام، في حين يخرج منه ما دل على شائع في نفسه- كرجل مؤمن- فإنه شائع للمؤمنين من الرجال، ونحو- رقبة مؤمنة- فإن فيه شيوعاً للمؤمنات من الرقبات.
وعرف ابن قدامة المقيد في "روضة الناظر": بأنه المتناول لمعين أو لغير معين موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه، كقوله عز وجل في كفارة القتل خطأ: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] حيث قيد الدية بالتسليم والرقبة بالإيمان والصيام بالتتابع.
ينظر البحر المحيط للزركشي 3/434، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/3، سلاسل الذهب للزركشي ص 280، زوائد الأصول للأسنوي ص 298، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص82، التحصيل من المحصول للأرموي 1/407، المستصفى للغزالي 2/185، حاشية البناني 2/44، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 3/76، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 262، المعتمد لأبي الحسين 1/288، تيسير التحرير لأمير بادشاه 1/330، ميزان الأصول للسمرقندي 1/561, حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/155، الوجيز للكراماستي ص 14، تقريب الوصول لابن جزي ص 83، إرشاد الفحول للشوكاني ص 164، نشر البنود للشنقيطي1/258.
وينظر كشف الأسرار 2/286 المدخل "0 26" الروضة "136" الحدود للباجي "48".
وتنوعت آراء العلماء في موجب حمل المطلق على المقيد على مذاهب عدة:
الأول: مذهب يرى أن موجب العمل هو اللغة مطلقاً.
الثاني: وذهب بعض علماء الشافعية إلى أن موجب الحمل هو اللغة فيما أوجبوا الحمل فيه، وهو صورة تعدد الحكم دون الحادثة.
الثالث: وذهب المحققون منهم إلى أن موجب الحمل هو القياس الصحيح.
الرابع: وذهب بعض الفقهاء إلى أن موجب الحمل هو العقل.(1/154)
................................................................................
__________
= أما الذين ذهبوا إلى أن موجب الحمل هو اللغة مطلقاً، فقد استدلوا على مذهبهم بأن حمل المطلق على المقيد أسلوب من أساليب أهل اللغة؛ لأن العرب تحذف وتثبت في كلامها اعتماداً على ما هو مثبت في الكلام، وذلك نحو ما جاء من قول قيس بن الخطيم [المنسرح] :
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك رأض والرأي مختلف
فنرى أن الشاعر هنا قد حذف كلمة "راضون" في صدر البيت؛ لدلالة قوله في العجز "راض" على المحذوف، فالشاعر يريد أن يقول: نحن بما عندنا راضون، فحذف خبر المبتدأ "نحن" واكتفى بذكر خبر المبتدأ "أنت "؛ ليدل على خبر المبتدأ "نحن".
ومن أمثلة ذلك قول عمرو بن أحمد الباهلي [الطويل] :
رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئاً ومن أجل الطوي رماني
حيث حذف الشاعر هنا كلمة "بأمر" في عجز البيت؟ لدلالة الصدر عليه، فهو يريد أن يقول: من أجل الطوي رماني بأمر.
قالمستقرىء لأساليب العرب، يلمح بوضوح أن الحذف إنما تستعمله العرب إذا دل دليل لفظي، أو غير لفظي على مراد المتكلم، والقرآن الكريم ذاخر بالشواهد والنماذج على ذلك، جرياً على أساليب العرب.
مثال ذلك قول الله عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] أي: من عمل صالحاً فعمله لنفسه، ومن أساء فإساءته على نفسه، ومن ذلك أيضاً قوله عز وجل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أي: واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر.
وأما علماء الشافعية الذين ذهبوا إلى وجوب حمل المطلق على المقيد في صورة تعدد الحكم دون الحادثة، تنازعوا في موجب الحمل، فقد ذهبت طائفة منهم إلى أن موجب الحمل هو اللغة، من غير نظر إلى قياس أو دليل، وجعلوه من باب المحذوف، فإن أهل اللسان العربي يحذفون القيد في موضع, استناداً على دلالة ذكره في موضع آخر من الكلام، مثال ذلك في قوله عز وجل: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: 35] أي: والحافظات لها، ومثله أيضاً قوله عز وجل: {والذَّاكرينَ اللَّه كثيراً والذَّاكراتِ} [لأحزاب: 35] أي: والذاكرات الله كثيراً، فقد دل عليه ما سبق.
وقد رد هنا بأن المراد بالآية الكريمة: "والذاكرات الله " حيث انصرف الكلام إلى ذكر الله مطلقاً، فلا يتأتى تقييده بصرفه إلى جميع أنواع الذكر؛ لأن الخطاب إنما ورد في سياق المدح لهن وإرشادهن إلى ذكر الله مطلقاً بغير قيد.
ومما ينبغي أن نذكره هنا أن طائفة من الفقهاء ينكرون حصل المطلق على المقيد من جهة اللغة، ودللوا على ذلك بأن إطلاق المطلق يستلزم الأمر به وإيقاعه دون غيره، فلو قلنا بتقييده باللفظ المقيد، لكان من الواجب أن يكون بين المطلق والمقيد صلة، وإلا فإن تقييده ليس بأولى من إطلاقه، وترجع الصلة بين المطلق والمقيد إلى اللفظ أو الحكم، أما صلة اللفظ فإنما تكون بالعطف أو الإضمار، وان صلة كهذه غير موجودة بين المطلق والمقيد، بينما الصلة التى مرجعها الحكم فهي قسمان:
الأول: أن يتفق المطلق والمقيد في علة تقييد الحكم فيهما بالصفة، ولا علاقة لهذا بالتقييد باللفظ؛ لأنه من باب التقييد بالقياس.
الثاني: أن يكون الحكم فيهما مقيداً في كفارة، غير مقيد في كفارة أخرى مانعاً من التعبد، فإن المصلحة قد تكون بإيجاب التقييد فيهما، وقد تكون المصلحة في اختلافهما بذلك التقييد، فلو........=(1/155)
...............................................................................
__________
=جاز لنا حمل المطلق على المقيد مع عدم وجود الصلة بينهما، لجاز لنا إثبات البدل لأحدهما؛ لأن الآخر قد تحقق له البدل.
وأما أهل التحقيق من الشافعية، فقد قالوا بأن موجب الحمل هو القياس الصحيح الذي يقتضى التقييد، كما في تقييد الرقبة بالمؤمنة في آيتي الظهار والقتل.
قال الشيرازي: "وان لم يعارض المقيد مقيدّ آخر كالرقبة في كفارة القتل" والرقبة في الظهار، قيدت بالأيمان في القتل بقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] ، وأطلقت في الظهار بقول تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [القصص: 3] حمل المطلق على المقيد، فمن أصحابنا من قال: يحمل من جهة اللغة، أي: بمجرد ورود اللفظ من غير حاجة إلى جامع؛ لأن القرآن من فاتحته إلى خاتمته كالكلمة الواحدة، أي: أن بعضه يفسّر بعضاً، فإذا قيدت الرقبة في كفارة القتل بالإيمان قيدت في كفارة الظهار به.
وقال بعضهم: يحمل من جهة القياس- أي: قياس المطلق على المقيد بجامع بينهما وهو اتحاد الحكم- وهو الأصح.
وقال أصحاب الإمام أبي حنيفة: لا يجوز حمل المطلق على المقيد، لأن ذلك زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ، وربما قالوا: لأنه حمل منصوص، والدليل على أنه لا يحمل من جهة اللغة أن اللفظ الوارد فيه التقييد وهو القتل، لا يتناول المطلق وهو الظهار، فلا يجوز أن يحكم فيه بحكمه من غير علة كلفظ البُرَّ؛ لما لم يتناول الأرز، لم يجز أن يحكم فيه بحكمه من غير علة، فكذلك هنا، والدليل على أنه يحمل عليه بالقياس هو أن حمل المطلق على المقيد تخصيص عموم بالقياس، فصار كتخصيص سائر العمومات.
وذهب بعض العلماًء إلى عدم جواز الحمل بالقياس، واستدلوا على فساد ذلك الحمل بحجج تثبت ما ذهبوا إليه، بينما رأى البعض أن موجب الحمل هو العقل، فالعقل عندهم هو الأصل في جواز الحمل، غير أنهم لم يسوقوا حجة تؤكد ما ذهبوا إليه، ولعل هذا الرأي هو أضعف الآراء في هذه القضية.
ولقد اشترط من قال بحمل المطلق على المقيد عدة شروط يجدر بنا أن نذكرها كالآتي:
1- اشترطوا أن تكون الذوات ثابتة في كل من المطلق والمقيد، وأن يختص المقيد بكونه من باب الصفات حتى يحمل المطلق عليه، أما إذا كان في أحدهما زيادة أو عدد في أصل الحكم، فلا يجوز حمل أحدهما على الآخر، على سبيل المثال إذا أوجب الشارع غسل أربعة أعضاء عند الوضوء مع إيجابه المسح على عضوين عند التيمم، فقد انعقد الإجماع على عدم جواز حمل مطلق التيمم على مقيد الوضوء، فلا يلزم المكلف مسح أربعة أعضاء بدلاً من عضوين؟ حيث إن ذلك يعني إثبات حكم جديد، وإثبات حكم جديد يختص بالذوات دون الصفات، وجواز الحمل إنما يختص بالصفات دون الذوات، ومن الذين قالوا بهذا الشرط القتال الشاشي وأبو حامد الإسفراييني، والماوردي، والروياني، والأبهري من المالكية.
2- اشترطوا أيضاً أن يكون للمطلق أصل واحد فقط، وعلى سبيل المثال: اشتراط عدالة الشهود في الوصية والرجعة، مع إطلاقها في البيوع وغيرها، فالشهادة شرط في الجميع، أما إذا وقع المطلق ببن قيدين متنافيين، فإن اختلف السبب لم يحمل المطلق على أحد القيدين إلا بدليل، فيحمل على ما دل عليه القياس من باب أولى، أو يحمل على ما قوي دليل حكمه، وممن ذهب إلى هذا الشرط أبو إسحاق الشيرازي، ونقل القاضي عبد الوهاب الاتفاق عليه، ونقضه الزركشي في "البحر".
3- واشترطوا أن يكون حمل المطلق على المقيد في باب الأمر، أما في باب النهي والنفي فلا يصح الحمل؟ إذ يلزم في النهي والنفي الإخلال باللفظ المطلق، فلو قال الشارع مثلاً: لا تعتق رقبة،......=(1/156)
يَلْزَمُهُمْ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا دَارَ بَيْنَ مُقَيَّدِينَ مُتَضَادَّيْنِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ فَإِنَّ اقتضى القياس تقييده بِأَحَدِهِمَا قُيِّدَ وَإِلَّا سَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا مَعًا وَبَقِيَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ1 انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ صَحِيحٌ ولكنه لا يتوجه ههنا بَلْ يُمْكِنُ هُنَا حَمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَذَلِكَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُطْلَقَةَ فِيهَا "إحْدَاهُنَّ" وَالْمُقَيَّدَةُ فِي بَعْضِهَا "أُولَاهُنَّ" وَفِي بَعْضِهَا "أُخْرَاهُنَّ" وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ "أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ" فَإِنْ حَمَلْنَا أَوْ هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ اسْتَقَامَ أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيَتَعَيَّنُ التُّرَابُ فِي أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ لَا فِي مَا بَيْنَ ذَلِكَ وَإِنْ حَمَلْنَا أَوْ هُنَا عَلَى الشَّكِّ امْتَنَعَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّكِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأُمِّ لِلشَّافِعِي وَفِي الْبُوَيْطِيِّ مَا يُعْطِي أَنَّهَا عَلَى التَّعْيِينِ فِيهِمَا وَلَفْظُهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ "وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ
__________
=ثم قال: لعتق رقبة كافرة ولا مؤمنة، لم يجزئه إعتاق واحدة منهما، وقد ذهب إلى هذا الشرط كل من الآمدي وابن الحاجب وهو الأصح، كما اعتبر ابن دقيق العيد هذا الشرط، وجعله شرطاً في بناء العام على الخاص، وذهب صاحب" المحصول " وصاحب" المنهاج" إلى التسوية بين الأمر والنهي، فإذا قال: لا تعتق مكاتباً، ثم قال: لا تعتق مكاتباً كافراً- حمل الأول على الثاني، ويكون المنهي عنه هو إعتاق المكاتب الكافر، وأما الحمل عند الأصفهاني فإنه لا يقتصر على قسم من الكلام دون سائر الأقسام، بل هو جائز لإطلاق، ولعل الأصح في هذا الباب عدم جواز الحمل في النهي والنفي.
4- واشترطوا ألا يكون الحمل في باب الإباحة، وقد قال بهذا الشرط ابن دقيق العيد؟ لأنه ليس ثمة تعارض بين الدليلين حينئذ.
5- أن حمل المطلق على المقيد يكون إذا تعذر الجمع بين الدليلين المطلق والمقيد، أو عندما يتعذر العمل بكل منهما في موضعه الذي جاء فيه، أما إذا أمكن الجمع بين الدليلين: المطلق والمقيد، أو العمل بكل منهما في موضعه، فإن عدم الحمل أولى من الحمل؛ لأن الحمل يقتضي إلغاء العمل بأحد النصين، وإعمال النصين أولى من إهمال أحدهما، وقد قال بهذا الشرط ابن الرفعة.
6- ألا يرد مع المقيد أمر زائد يبينه الشارع على ما ذكره في المطلق؟ بحيث يقصد بالقيد ذلك الأمر الزائد، ويذكر من أجله، فإذا ذكر المقيد ومعه زيادة مقصودة، فإن الحمل لا يصح؟ لأن ذكر القيد حينئذ إنما هو لأجل ذلك الأمر الخاص.
7- ألا يرد دليل على عدم التقييد، فإن ورد دليل على ذلك فإن الحمل لا يصح، بل يعمل بكل واحد من الدليلين في موضحه الذي ورد فيه، أي يعمل بالمطلق حيثما ورد مطلقاً، ويعمل بالمقيد حيثما ورد مقيداً.
1 وعبارته فيه فائدة: قال صدر الدين قاضي قضاة الحنفية يوما نقض الشافعية أصلهم فإنهم يقولون يحمل المطلق على المقيد وقد ورد قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً" وهذا مطلق وروي "أولاًهن بالتراب وإحداهن بالتراب" فإحداهن مطلق ولم يحملوه على المقيد الذي هو أولاهن، قال وناظرت جماعة منهم من جملتهم شمس الدين الأرموي قاضي العسكر ولم يجدوا له جواباً قلت له: جوابه إن هذا الحديث تعارض فيه قيدان "أولاهن وأخراهن " فليس حمل المطلق الذي هو "إحداهن" على أحدهما بأولى من الآخر، وقاعدة القائلين بالحمل أنه إذا تعارض قيدان بقي المطلق على إطلاقه، فلم يتركوا أصلهم، بل اعتبروا أصلهم. ينظر: تنقيح الفصول ص "269".(1/157)
غُسِلَ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ لَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُ ذَلِكَ1 وَبِهَذَا جَزَمَ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ قُلْت وَهَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَهُ2 السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ3 بَحْثًا لَكِنْ أَفَادَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ4 عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إحْدَاهُنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 وهذه الرواية قد أخرجها الشافعي في "مسنده" "1/23- 24" كتاب الطهارة: باب الأنجاس وتطهيرها حديث "43" عن ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن ابن سيرين عن أبي هريرة به.
وأخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 267" رقم "204" من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة به موقوفاً وقال أبو عبيد: ولم يرفعه أيوب.
2 علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري الخزرجي، الشيخ الإمام الفقيه، المحدث الحافظ، المفسر، المقرىء، الأصولي، المتكلم، النحوي، اللغوي، الأديب الحكيم، المنطفي، الجدلي، الخلافي، النظار، شيخ الإسلام، قاضي القضاة تقي الدين السبكي، ولد بسبك من أعمال الشرقية في صفر سنّة ثلاث وثمانين وستمائة، قال ابن الرفعة: إمام الفقهاء ومصنفاته تزيد على المائة والخمسين. توفي في جمادى الآخرة سنّة ست وخمسين وسبعمائة ابن قاضى شهبة 3/37، الدرر الكامنة 3/58؛ شذرات الذهب 6/187.
3 المسمى بـ "الابتهاج في شرح المنهاج " وصل فيه إلى الطلاق.
4 عيون المسائل في نصوص الشافعي في "أحمد بن الحسين بن سهل أبو بكر الفارسي،، قال ابن قاضي شهبة "1/123": وهو كتاب جليل على ما شهد به الأئمة الذين وقفوا عليه.(1/158)
2- بَابُ بَيَانِ النَّجَاسَاتِ 1 وَالْمَاءِ النَّجِسِ
قَوْلُهُ مَشْهُورٌ أَنَّ الْهِرَّةَ لَيْسَتْ بِنَجِسَةِ قَالَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا طَاهِرَةٌ وَيُسْتَثْنَى الْكَلْبُ وَلِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ في المذهب سَاقَهُ بِلَفْظِ:
10 - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعِيَ إلَى دَارٍ فَأَجَابَ وَدُعِيَ إلَى دَارٍ أُخْرَى فَلَمْ يُجِبْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ "إنَّ فِي دَارِ فُلَانٍ كَلْبًا" فَقِيلَ وَفِي دَارِ فُلَانٍ هِرَّةٌ فَقَالَ "الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ" وَلَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا السِّيَاقِ وَلِهَذَا بَيَّضَ لَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ وَلَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ
__________
1 النجاسة في اللغة: النَّجْسُ، والنِّجْسُ، والنَّجَسُ: القَذِرُ من الناس، ومن كل شيء قذرته.
وتجس الشيء، بالكسر، ينجس نجساً، فهو نجس، ونَجَس، ورجل نجس، ونَجَسّ، والجمع: أنجاس.
وقيل: النجس يكون للواحد والاثنين والجمع، والمؤنث بلفظ واحد، رجل نجس، ورجلاًن نجس، وقوم نجس، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس} [التوبة: 28] ، فإذا كسروا ثنوا وجمعوا وأنثوا، فقالوا: أنجاس ونجسة.
وقال الفراء: نجس لا يجمع، ولا يؤنث. وعليه فالنجاسة: كل مستقذر. ينظر لسان العرب 6/4352.
واصطلاحاً: عرفه الشافعية: بأنه كل مستقذر يمنع من صحة الصلاة، حيث لا مرخص.(1/158)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي دَارَ قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَدُونَهُمْ دَارٌ لَا يَأْتِيهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي دَارَ فُلَانٍ وَلَا تَأْتِي دَارَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ فِي دَارِكُمْ كَلْبًا" فَقَالُوا فَإِنَّ فِي دَارِهِمْ سِنَّوْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السِّنَّوْرُ سَبُعٌ" 1.
وَقَالَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فَقَالَ لَمْ يَرْفَعْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَهُوَ أَصَحُّ وَعِيسَى لَيْسَ بِالْقَوِيِّ2.
قَالَ الْعُقَيْلِيُّ3: لَا يُتَابِعُهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ4:خَرَجَ عَنْ حَدِّ الِاحْتِجَاجِ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ5: هَذَا لَا يَرْوِيه غَيْرُ عِيسَى وَهُوَ صَالِحٌ فِيمَا يَرْوِيه وَلَمَّا ذَكَرَهُ6 الْحَاكِمُ قَالَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَهُوَ صَدُوقٌ لَمْ يُجْرَحْ قَطُّ كَذَا قَالَ.
وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا7.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَا يَصِحُّ8.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسٌ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْهِرَّ سَبُعٌ فَيُنْتَفَعُ بِهِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ فَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ9.
قُلْت وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ هِيَ كَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ" يَعْنِي الْهِرَّةَ،
__________
1 أخرجه أحمد "2/327" والدارقطني. "1/63" كتاب الطهارة: باب الآثار حديث "5" والحاكم "1/83" والبيهقي "1/249" كتاب الطهارة باب سؤر الهرة، وابن أبي شيبة "1/32" وقال الدارقطني: تفرد به عيسى بن المسيب عن أبي زرعة وهو صالح الحديث.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "4/47" وقال: رواه أحمد وفيه عيسى بن المسيب وثقه أبو حاتم وضعفه غيره.
2 ينظر " العلل" لابن أبي حاتم "1/44".
3 ينظر " الضعفاء الكبير" "3/386- 387".
4 ينظر " المجروحين " لابن حبان "2/119".
5 ينظر "الكامل" لابن عدي "5/1892".
6 وقد نعقبه الذهبي في "تلخيص المستدرك " "1/183" فقال: قلت قال أبو داود ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
7 وضعفه أيضاً يحيى بن معين والنسائي وابن الجوزي ينظر " تاريخ الدوري " "2/464" " والضعفاء والمتروكين" للنسائي "ص 77".
8 ينظر "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" "1/335".
9 ينظر عارضة الأحوذي "1/137".(1/159)
لَفْظُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ1.
11 - حَدِيثُ "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ" الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ والدارقطني والبيهقي [في سننهما] 2 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْجَرَادُ وَالْحُوتُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالطِّحَالُ وَالْكَبِدُ" 3.
__________
1 أخرجه ابن خزيمة "1/54" رقم "102" والدارقطني "1/69" كتاب الطهارة والحاكم "1/160" من طريق سليمان بن مسافع عن منصور بن صفية به.
وصححه الحاكم وقال: وقد صح على شرط الشيخين ضد هذا ولم يخرجاه أيضاً.
وقد سقط تعقب الذهبي للحاكم في المستدرك لكن قال الذهبي في "الميزان" "3/314- بتحقيقنا" سليمان بن مسافع الحجبي عن منصور بن صفية لا يعرف وأتى بخبر منكر.
وقال العقيلي في "الضعفاء" "2/141": سليمان بن مسافع عن منصور بن صفية ولا يتابع عليه ثم أخرج له هذا الحديث.
2 سقط في ط.
3 أخرجه الشافعي في مسند "2/173": كتاب الصيد، والذبائح، الحديث "607"، وأحمد "2/98"، وابن ماجة "2/1102" كتاب الأطعمة: باب الكبد والطحال، الحديث "3314"، والدارقطني "4/272": باب الصيد والذبائح والأطعمة. الحديث "25" والبيهقي "1/254": كتاب الطهارة: باب الحوت يموت في الماء والجراد، وعبد بن حميد في "المنتخب" "ص 260" برقم "820" والبغوي في "شرح السنّة " "6/39- بتحقيقنا"، كلهم من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره.
قال البوصيري في " الزوائد": هذا إسناد فيه عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم وهو ضعيف اهـ.
وأخرجه ابن حبان في " المجروحين" "2/58" وأعله بعبد الرحمن، وقال كان ممن يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في رواية من رفع المراسيل وإسناده الموقوف فاستحق الترك.
وقال: حدثنا أحمد بن المثنى- أبو يعلى- قال سمعت يحيى بن معين يقول عبد الرحمن، وأسامة وعبد الله بنو يزيد بن أسلم ليسوا بشيء.
وهذا فيه نظر فإن عبد الله وثقه أحمد بن حنبل.
وقد أسند ابن حبان في المجروحين "2/58"، عن أحمد بن حنبل قال: عبد الله لا بأس به.
وأسند ابن عدي في " الكامل ""4/185" عن أحمد أنه قال: ثقة وقد أخرجه الدارقطني "4/272" من طريق مطرف عن عبد الله بن يزيد به، وأخرجه البيهقي "1/254" من طريق ابن أبي أويس قال: ثنا عبد الرحمن، وأسامة، وعبد الله، بنو زيد بن أسلم، عن أبيهم به وقال: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعفاء جرحهم يحيى بن معين وكان أحمد بن حنبل وعلي بن المديني يوثقان عبد الله بن زيد إلى أن الصحيح من هذا الحديث الأول- يعني الموقوف- الذي خرجه من طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفاً. وقال هو في معنى المسند.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" "1/254": بل رواه يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال مرفوعاً كذا قال ابن عدي في الكامل ا. هـ. قلت: وهو ثقة.
وثقه أحمد، والنسائي، والعجلي، وابن حبان، والبزار، وابن يونس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث ينظر التهذيب "11/197".(1/160)
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَوْقُوفًا قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ1 وَكَذَا صَحَّحَ الْمَوْقُوفَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ2.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ3 وَقَالَ أَحْمَدُ حَدِيثُهُ هَذَا مُنْكَرٌ4.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ أَوْلَادُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأُسَامَةُ وَقَدْ ضَعَّفَهُمْ ابْنُ مَعِينٍ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُوَثِّقُ عَبْدَ اللَّهِ5.
قُلْت: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ الْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ.
قُلْت: تَابَعَهُمْ شَخْصٌ أَضْعَفُ مِنْهُمْ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُبُلِّيُّ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهِ بِلَفْظِ: "يحل من الميتتة اثْنَانِ وَمِنْ الدَّمِ اثْنَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَةُ فَالسَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمُ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ".
وَرَوَاهُ6 الْمِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي إسْنَادِهِ قَالَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ
وَالْمِسْوَرُ كَذَّابٌ7 نَعَمْ الرِّوَايَةُ الْمَوْقُوفَةُ الَّتِي صَحَّحَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ هِيَ فِي حُكْمِ
__________
1 أخرجه الدارقطني ومن طريقه البيهقي "1/254" من طريق سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم موقوفاً وقالا: وهو الأصح.
2 إلا أن أبا زرعة رجح الموقوف فقال إن أبي حاتم في "العلل" "2/18" رقم "1524": سئل أبو زرعة عن حديث رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحلت لنا ميتتان ودمان". ورواه عبد الله بن نافع، عن أسامة بن زيد عن أبيهما، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه القعنبي، عن أسامة وعبد الله بن زيد، عن أبيهما، عن ابن عمر موقوف. قال أبو زرعة الموقوف أصح.
3 قال الذهبي في الكاشف "2/164": ضعفوه وقال في المغني "2/380": ضعفه أحمد والدارقطني وقال الحافعل في "التقريب" "1/480": ضعيف.
4 قال العقيلي في " الضعفاء" "2/331": قال أحمد بن حنبل روى لنا حديثاً منكراً.
5 ينظر "السنن الكبرى " للبيهقي "1/254".
6 أخرجه ابن مردويه في "تفسيره "كما في "نصب الراية " "4/202" ثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمد ابن بشر بن مطر ثنا داود بن راشد ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا أبو هشام الأيلي، عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعاً.
وسكت عنه الزيلعي فلم ييين علته.
وأبو هشام هو كثير بن عبد الله.
قال البخاري ومسلم: منكر الحديث، وقال النسائي والدارقطني: متروك.
ينظر "التاريخ الكبير" "7/950" و"الكنى" للإمام مسلم "2/875" و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي "531" وأ الضعفاء والمتروكين، للدار قطني "445".
7 أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "13/245" من طريق المسور به. قال الدارقطني: وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/164" لا يصح لأن المسور كان ضعيفاً.
قال ابن الملقن: وهر كما قال فقد كذبه أحمد وقال ابن حبان يروي عن الثقات الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به.(1/161)
الْمَرْفُوعِ لِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ أُحِلَّ لَنَا وَحُرِّمَ عَلَيْنَا كَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ أُمِرْنَا بِكَذَا وَنُهِينَا عَنْ كَذَا فَيَحْصُلُ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَرْفُوعِ1 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا الْوَارِدُ الْحُوتُ وَالْجَرَادُ مَرْدُودٌ فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ2.
12 - حَدِيثُ: "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً وَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الدَّاءَ".
الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْآخَرِ شِفَاءً".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِهِ بِزِيَادَةِ "وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَنْزِعْهُ".
وَرَوَاهُ بن ماجة والدرامي أَيْضًا وَرَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ بِلَفْظِ: "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إناء أحدكم فليمقله فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَوَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً" أَوْ قَالَ "سُمًّا" 3.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ: "فِي أَحَدِ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ".
__________
1 قول الصحابي: "أمرنا بكذا" و"نهينا عن كذا" و"أحل كذا" و"حرم كذا" مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المختار عند جمهور الفقهاء والأصوليين والمحدثين. ينظر تدريب الراوي "1/188- 190".
2 وقد تقدم أن هذه الرواية ضعيفة لضعف كثبر بن عبد الله الأيلى.
3 أخرجه أحمد "2/229- 230"، والدارمي "2/98- 99": كتاب الأطعمة: باب الذباب يقع في الطعام، والبخاري "10/250": كتاب الطب: باب إذا وقع الذباب في الإناء، الحديث "5782"، وأبو داود "4/182- 183": كتاب الأطعمة: باب في الذباب يقع في الطعام، الحديث "4 384"، وابن ماجة "2/1159" خ كتاب الطب: باب يقع الذباب في الإناء، الحديث "3504"، وابن خزيمة "1/56": كتاب جماع أبواب: باب ذكر الدليل على أن سقوط الذباب، الحديث "105"، والطحاوي في مشكل الآثار "4/283": باب مشكل ما روي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: إذا سقط الذباب، من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إذا وقع الذباب في اناء أحدكم فامقلوه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاءً وإنه يتّقى بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله".
وأخرجه أيضاً ابن حبان برقم "1246" والبيهقي "1/252".(1/162)
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا بِنَحْوِهِ1 وَرُوِيَ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَالصَّحِيحُ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ2 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَوْلَانِ مُحْتَمَلَانِ3.
قُلْت: وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ مَنْ حَدَّثَ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ التَّابِعِينَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ ثُمَامَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ الصَّوَابُ طَرِيقُ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْت وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ "اُمْقُلُوهُ" أَيْ اغْمِسُوهُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ احْتَجُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لَا يُنَجَّسُ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً.
تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّ مَا يُسَمَّى شَرَابًا.
وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ4: وَرِوَايَةُ "إنَاءِ أَحَدِكُمْ" أَعَمُّ وَأَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْ لَفْظِ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ.
13 - حَدِيثُ سَلْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَا سَلْمَانُ كُلُّ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَقَعَتْ فِيهِ دَابَّةٌ لَيْسَ لَهَا دَمٌ فَمَاتَتْ فَهُوَ حَلَالٌ أَكْلُهُ وشربه ووضوءه" 5.
والدارقطني، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَلْمَانَ بِهِ وَفِيهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ وَحَالُهُ مَعْرُوفٌ6 وَشَيْخُهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ
__________
1 أخرجه أحمد "3/24" وابن ماجة "2/1159" كتاب الطب: باب يقع الذباب في الإناء حديث "3504" والنسائي "7/178- 179" وابن حبان "1355- موارد" والبيهقي "1/253" كلهم من طريق سعيد بن خالد به.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/167": كل رجاله مخرج بهم في الصحيح خلا سعيد بن خالد القارظي المدني فإن النسائي ضعفه، وقال الدارقطني: يحتج به وذكره ابن حبان في ثقاته.
2 قال ابن أبي حاتم في "العلل" "1/27- 28" رقم "46" سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سهل بن حماد أبو عتاب عن عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا وقع الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه فيه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء". فقال أبي وأبو زرعة جميعاً: رواه حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله عن أبي هريرة قال أبو زرعة: وهذا الصحيح، وقال أبي: هذا أشبه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولزم أبو عتاب الطريق فقال عن عبد الله عن ثمامة عن أنس، وقال أبو زرعة: هذا حديث عبد الله بن المثنى أخطأ فيه عبد الله والصحيح ثمامة عن أبي هريرة.
3 هذا قول الإمام الدارقطني في علله وقد ذكره عنه الإمام ابن الملقن في "البدر المنير" "2/170".
4 تقدم ترجمته.
5 في الأصل: ذبابة.
6 أخرجه الدارقطني "1/37" كتاب الطهارة: باب كل طعام وقعت فيه دابة ليس لها دم حديث "1" والبيهقي "1/253" كتاب الطهارة: باب ما لا نفس له سائلة، وابن الجوزي في "التحقيق " "1/33 - 34" "46" من طريق بقية بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر بن منصور عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان به.
وقال الدارقطني: لم يروه غير بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي وهو ضعيف.
وضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" "2/172" فقال وهو معلول من أوجه أولها: أن بقية ضعيف من وجهين أحدها التدليس والثاني الضعف مطلقاً.. ا. هـ.(1/163)
الزُّبَيْدِيُّ مَجْهُولٌ وَقَدْ ضُعِّفَ أَيْضًا1 وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ بَقِيَّةَ عَنْ الْمَجْهُولِينَ وَاهِيَةٌ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ أَيْضًا2.
وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ3 وَفِي الطَّهُورِ لأبي عبيد عن أبي عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْبُوذٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمُرُّ بِالْغَدِيرِ فِيهِ الْجُعَلَانِ4 وَفِيهِ وَفِيهِ فَيَسْتَقِي لَهَا فَتَشْرَبُ وَتَتَوَضَّأُ5.
14 - حَدِيثُ "مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ" الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ جِبَابِ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ: "مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ" 6 ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ عِلَّتَهُ ثُمَّ
__________
1 سعيد بن أبي سعيد الزبيدي.
قال ابن عدي في "الكامل" "3/1241": مجهول وقد نقله عنه ابن الجوزي في "التحقيق" "1/34" وأقره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/176": ولا تنافي بينه وبين الأول لأن المجهول ضعيف أيضاً. وقال الذهبي في "الميزان""2/140": لا يعرف وأحاديثه ساقطة.
2 علي بن زيد بن جدعان ضعفه ابن عيينة، وقال حماد بن زيد: كان يقلب الأحاديث، وذكر شعبة أنه اختلط ينظر الميزان "3/127".
وقال أحمد ويحي: ليس بشيء. ينظر التهذيب "7/322".
3 ينظر"البدر المنير""2/179".
4 جمع جعل وهو حيوان كالخنفساء يكثر في المواضع الندية، ينظر المعجم الوسيط 1/126.
5 أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 251" رقم "187" وعبد الرزاق "1/88- 89" رقم "297" عن ابن عيينة به.
وأخرجه أيضاً البيهقي "1/259" وذكره الحافظ في "المطالب العالية" "1/8" رقم "9" وعزاه لإسحاق بن راهويه في مسنده.
6 أخرجه الحاكم "4/124، 239" والبزار "2/67- كشف" رقم "0 122" كلاهما من طريق مسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعاً.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي.
وقال البزار: هكذا رواه المسور وخالفه سليمان بن بلال فلم يوصله.
قلت: في كلام البزار نظر فان سليمان بن بلال قد رواه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعاً كما عند الحاكم "4/239".
ثم أخرجه البزار من طريق سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عطاء مرسلاً. وقال: لا نعلم أحداً أسنده إلا المسور وليس هو بالحافظ وقد رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد متصلاً.(1/164)
قَالَ وَالْمُرْسَلُ1 أَصَحُّ2.
وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَبِهَا نَاسٌ يَعْمِدُونَ إلَى أَلْيَاتِ الْغَنَمِ وَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: "مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ" لَفْظُ أَحْمَدَ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد مِثْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِصَّةَ3.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ4 فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
__________
1 في الأصل: المراسيل.
2 قال الدارقطني في "العلل" "6/297- 298" بحد ذكر الحديث: يرويه زيد بن أسلم واختلف عنه فرواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وعبد الله بن جعفر المديني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد وخالفهما المسور بن الصلت فرواه عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد الخدري، وقال سليمان بن بلال عن زبد عن عطاء مرسلاً، وقال هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر والمرسل أشبه.
3 أخرجه أحمد "5/218"، والدارمي "2/93": كتاب الصيد: باب في الصيد تبين منه العضو، وأبو داود "3/277": صيد قطع منه قطعة، الحديث "2858"، والترمذي "4/74" كتاب الأطعمة ة باب ما قطع من الحي فهو ميت، الحديث "1480"، وابن الجارود "ص 295": كتاب الأطعمة، الحديث "876"، والدارقطني "4/292": كتاب الأطعمة، الحديث "83"، الحاكم "4/239" كتاب الذبائح، والبيهقي "9/245": كتاب الصيد والذبائح: باب ما قطع من الحي فهو ميتة، والطحاوي في "مشكل الآثار" "1/496" والطبراني في "الكبير" "3304" وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" "1/205" كلهم من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار به وتابعه عبد الله بن جعفر عن زيد بن أسلم به.
أخرجه الحاكم "4/123- 124".
وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حدث زيد بن أسلم.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
وخالفهما أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم "3/2" رقم "1479" حيث قال: إن هذا الحديث وهم وأن الصحيح حديث زيد بن أسلم عن ابن عمر.
وتد تعقبه ابن الملقن في"البدر المنير" "2/184" فقال: وفي ذلك نظر.
4 أخرجه ابن ماجة "2/1072" كتاب الصيد: باب ما قطع من البهيمة وهي حية حديث "3216" والدارقطني "4/292" والحاكم "4/124" والبزار كما في "البدر المنير" "2/184".
وهذا الطريق قد رجحه أبو زرعة كما تقدم وتقدم أيضاً بيان تعقب ابن الملقن له ولحديث ابن عمر طريق آخر أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "البدر المنير" "2/186" من طريق عبد الله بن نافع الصائغ عن عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً: "ما قطع من البهيمة وهي حية فالذي قطع من لحمها فلا يأكله أحد".
وقال الطبراني: لم يروه عن عاصم بن عمر إلا عبد الله بن نافع وهذا الحديث ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" "2/18" رقم "1526" وقال: سألت أبي عن حدث رواه ...
قال أبي: هذا حديث منكر.(1/165)
قَالَ الْبَزَّارُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ تَفَرَّدَ به الصَّلْتِ وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ فَقَالَ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا كَذَا قَالَ1 وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ2 وَقَدْ وَصَلَهُ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ عَطَاءً وَلَا غَيْرَهُ3 وَتَابَعَ الْمِسْوَرَ وَغَيْرَهُ عَلَيْهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ أَخْرُجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَأَبُو نعيم في الحلية4 وقال الدَّارَقُطْنِيُّ الْمُرْسَلُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ5.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ عَاصِمُ بْن عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ6 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ نَاسًا يَجُبُّونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ وَهِيَ أَحْيَاءٌ فَقَالَ: "مَا أُخِذَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ" 7.
15 - حَدِيثُ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتْ الْحُمُرُ؟ قَالَ: "نَعَمْ وَبِمَا أَفْضَلَتْ السِّبَاعُ" الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عن إبراهيم بن يَحْيَى عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ "كُلُّهَا" 8 وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ جَابِرٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ9 وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمِ
__________
1 ينظر "كشف الأستار" "2/67".
تنبيه: وقع في الكشف سليم بن بلال وهو خطاً صوابه سليمان بن بلال كما أثبتنا.
2 ينظر "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدار قطني "2/297- 298".
3 أخرجه عبد الرزاق "4/494".
4 أخرجه ابن عدي في "الكامل " "4/299".
5 ينظر "العلل " للدار قطني "6/297".
6 تقدم تخريج هذا الطريق.
7 أخرجه ابن ماجة "2/1073" كتاب الصيد: حديث "3217" والطبراني في "الكبير" "2/46" رقم "1276" من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن تميم الداري مرفوعاً قال البوصيري في "الزوائد" "3/63": هذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر الهذلي السلمي ا. هـ.
وشهر بن حوشب فيه ضعف.
وقد ضعف هذا الطريق أيضاً ابن الملقن في "البدر المنبر" "2/188" فقال: وفي إسناده واه ومختلف فيه.
8 أخرجه الشافعي في الأم "6/1" وعبد الرزاق "1/77" رقم "252".
9 أخرجه الشافعي ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/249" كتاب الطهارة: باب سؤر الحيوانات سوى الكلب والخنزير.(1/166)
عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ2.
وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي ابْنِ مَاجَهْ3 وَحَدِيثُ ابْنِ عمر رواه مالك مقوفا عَنْ ابْنِ عُمَرَ4.
16 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا مُعْرَوْرِيًا5 لِأَبِي طَلْحَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٌ6،
__________
1 أخرجه الشافعي في "مسنده" "1/22" كتاب الطهارة باب المياه حديث "40" والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/313" رقم "368" وابن الجوزي في التحقيق "1/36" وقال ابن الجوزي في "التحقيق": قال ابن حبان: داود بن الحصين حدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الإثبات تجب مجانبة روايته وقد روى هذا الحديث عنه رجلان إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، قال البخاري:
عنده مناكير وقال النسائي: ضعيف، وقال يحيى: ليس بشيء، والثاني إبراهيم ابن أبي يحيى وقد كذبه مالك ويحيى بن معين وقال الدارقطني: هو متروك ا. هـ.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/195": وحاصل ما يعلل به هذا الحديث وجهان أحدهما: الاختلاف في إسناده حيث روي عن داود بن الحصين عن جابر وعن داود عن أبيه عن جابر ... الوجه الثاني: أن في إسناده جماعة تكلم فيهم أولهم إبراهيم بن أبي يحيى والجمهور على تضعيفه ... وثانيهم سعيد بن سالم القداح أدخله البخاري في كتاب "الضعفاء" وقال: "إنه يرمى بالإرجاء"، وقال عثمان بن سعيد: "ليس هو بذاك "، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: ليس به بأس وقال أبو حاتم محله الصدق، وقال ابن عدي: هو عندي صدوق.
وثالثهم: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشعلي المدني، قال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ضعيف، وقال أحمد: ثقة، وقال يحيى بن معين: صالح الحديث ومرة قال: ليس به بأس ومرة قال: ليس بشيء، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ... وقد تعقب ابن الملقن ابن الجوزي في إعلاله الحديث بداود بن الحصين واحتجاج البخاري ومسلم به.
2 أخرجه الدارقطني "1/30، 31" كتاب الطهارة.
3 أخرجه ابن ماجة "1/173" كتاب الطهارة: باب الحياض حديث "519" وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف.
4 أخرجه مالك في الموطأ "1/23- 24".
5 أي ليس عليه سرج ولا أداه ينظر "المصباح المنير" "6/1- 4".
6 أخرجه البخاري "5/284- 285" كتاب الهبة: باب من استعار من الناس الفرس حديث "2627"، "6/42" كتاب الجهاد والسير: باب الشجاعة في الحرب والجبن حديث "282"، "6/69" كتاب الجهاد والسير: باب اسم الفرس والحمار حديث "2857"، "6/78" باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل حديث "2862"، "6/83" باب الفرس القطوف حديث "2867"، "6/143" كتاب الجهاد والسير: باب مبادرة الإمام عند الفزع حديث "2968"، باب السرعة والركض
في الفزع حديث "2969"، "10/609- 610" كتاب الأدب: باب المعاريض مندوحة على الكذب حديث "6212" ومسلم "4/1802" كتاب الفضائل: باب في شجاعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقدمه للحرب حديث "49/2307" وأبو داود "2/715" كتاب الأدب: باب ما روي في الرخصة في ذلك حديث "4988" والترمذي "4/171- 172" كتاب الجهاد: باب ما جاء في الخروج عند الفزع حديث "1685، 1686، 1687" وابن ماجة "2/926" كتاب الجهاد: باب الخروج في النفير حديث "2772" وأحمد "3/147، 180، 185، 271، 274، 291" وأبو داود الطيالسي "2/121- منحة" رقم "2438" وأبو يعلى "5/336" رقم "2962" والبيهقي "10/25" كتاب السبق والرمي: باب ما جاء في تسمية البهائم والدواب، "10/200" كتاب الشهادات: باب من سمى المرأة قارورة، من حديث أنس بن مالك. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(1/167)
وَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ مَعْرُورًا وَلَا مُعْرَوْرِيًا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عُرْيًا أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَدَاةٌ وَلَا سَرْجٌ وَقَدْ وَقَعَتْ لَفْظَةُ مَعْرُورًا فِي حَدِيثٍ غَيْرِ هَذَا فِي قِصَّةِ رُجُوعِهِ مِنْ جِنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ1.
تَنْبِيهٌ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْعَرَقِ وَاللُّعَابِ وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى كَتِفِي2.
17 - حَدِيثُ أَنَّ أَبَا طَيْبَةَ الْحَجَّامَ شَرِبَ دَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ3.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ بَعْدَ مَا شَرِبَ الدَّمَ "لَا تَعُدْ الدَّمُ حَرَامٌ كُلُّهُ" أَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَلَمْ أَرَ فِيهَا ذِكْرًا لِأَبِي طَيْبَةَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ مَوْلَى بن بَيَاضَةَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَاَلَّذِي وَقَعَ لِي فِيهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ مَوْلًى لِبَعْضِ قُرَيْشٍ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا فَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيث نَافِعٍ أَبِي هُرْمُزَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حِجَامَتِهِ أَخَذَ الدَّمَ فَذَهَبَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِطِ فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمَّا لَمْ يَرَ أَحَدًا تَحَسَّى دَمَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: "وَيْحَك مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ؟ " قُلْت: غَيَّبْته مِنْ وَرَاءِ الْحَائِطِ قَالَ "أَيْنَ غَيَّبْته؟ " قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفِسْت عَلَى دَمِك أَنْ أُهْرِيقَهُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ فِي بَطْنِي, قَالَ: "اذْهَبْ فَقَدْ أُحْرِزَتْ نَفْسُك مِنْ النَّارِ" 4 وَنَافِعٌ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى عَنْ عَطَاءٍ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً وَذَكَرَ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثَ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَذَّابٌ5 وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ أَرَ فِيهَا ذِكْرًا لِأَبِي طَيْبَةَ أَيْضًا بَلْ وَرَدَ فِي حَقِّ أَبِي هِنْدٍ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ أَبِي هِنْدٍ الْحَجَّامِ قَالَ:
__________
1 أخرجه مسلم "2/664- 665" كتاب الجنائز: باب ركوب المصلى على إلى جنازة إذا الصرف حديث "965".
2 سيأتي تخريجه في بابه.
3 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/206": وهذا الحديث غريب من هذا الوجه لا أعلم من خرجه بعد شدة البحث عنه. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح في "كلامه على الوسيط " هذا الحديث غريب عند أهل الحديث لم أجد له ما يثبت به وقال النووي في "شرح المهذب": هذا الحديث معروف لكنه ضعيف.
4 أخرجه ابن حبان في " المجروحين" "3/59" ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية" "1/186" رقم "286" وقال ابن الجوزي: لا يصح فقال يحيى: نافع كذاب وقال الدارقطني متروك.
5 ينظر "ميزان الاعتدال" "4/243".(1/168)
حَجَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغْت شَرِبْته فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ شَرِبْته فَقَالَ: "وَيْحَك يَا سَالِمُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الدَّمَ حَرَامٌ لَا تَعُدْ" وفي إسناده أبو الحجاف وَفِيهِ مَقَالٌ1 وَرَوَى الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَالسُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ بَرِّيَّةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَفِينَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ ثُمَّ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا الدَّمَ فَادْفِنْهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالنَّاسِ قَالَ فَتَغَيَّبْت بِهِ فَشَرِبْته ثُمَّ سَأَلَنِي أَوْ قَالَ فَأَخْبَرْته فَضَحِكَ2.
18 - قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الله بن الزبير أَنَّهُ شَرِبَ دَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي الدَّمَ فَقَالَ: "اذْهَبْ فَغَيِّبْهُ" فَذَهَبْت فَشَرِبْته فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا صَنَعْت؟ ", قُلْت: غَيَّبْته, قَالَ: "لَعَلَّك شَرِبْته؟ " قُلْت: شَرِبْته زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فَقَالَ: "مَنْ أَمَرَك أَنْ تَشْرَبَ الدَّمَ وَيْلٌ لَك مِنْ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْك" وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخَصَائِصِ مِنْ السُّنَنِ وَفِي إسْنَادِهِ الْهُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْعِلْمِ3.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ لَا تَمَسُّك النَّارُ وَفِيهِ عَلَى بْنُ مُجَاهِد وَهُوَ ضَعِيفٌ4.
__________
1 ذكره الهندي في "كنز العمال " "40960، 40961" وعزاه لابن مندة وأبي نعيم في "معرفة الصحابة".
وأبو الجحاف هو داود بن أبي عوف قال ابن الملقن "2/210" فيه خلاف وثقه يحيى، وقال أحمد: حديثه مقارب، وقال الأزدي: زائغ ضعيف.
2 أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "1/111" والبيهقي "7/67" كتاب النكاح: باب تركه الإنكار على من شرب بوله ودمه، والطبراني في " الكبير" "7/94" رقم "6434" وابن الجوزي في " العلل المتناهية" "1/175- 186" رقم "285" كلهم من طريق إبراهيم بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده به.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج إبراهيم بن عمر.
وقال البخاري في " التاريخ الكبير" "1/2/149": إسناده مجهول.
وقال ابن الملقن في " البدر المنير" "2/217": حديث ضعيف.
3 أخرجه الحاكم "3/554" والبيهقي "7/67" كتاب النكاح: باب تركه الإنكار على من شرب بوله ودمه وأبو نعيم في "الحلية" "1/330" والبزار والطبراني في " الكبير" كما في " مجمع الزوائد""8/273" كلهم من طريق هنيد بن القاسم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.
قال الشيخ تقي الدين في "الإمام ": ليس في إسناده من يحتاج إلى الكشف عن حاله إلا هو- أي هنيد-.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/212": هنيد لا يعلم له حال.
4 أخرجه الدارقطني "1/228" كتاب الطهارة: باب بيان الموضع الذي يجوز فيه الصلاة حديث "3" من طريق علي بن مجاهدنا رباح النوبي أبو محمد مولى آل الزبير عن أسماء ابنة أبي بكر به. وذكره عبد الحق في "الأحكام الوسطى" "1/232" وقال ولا يصح علي ضعيف جداً.
ورباح ذكره الذهبي في " الميزان " "2/38" وقال: لينه غير واحد ولا يدري من هو.(1/169)
وَرَوَيْنَا فِي جُزْءِ الْغِطْرِيف ثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا سَعْدٌ أَبُو عَاصِمٍ مَوْلَى سُلَيْمَان بْنِ عَلِيٍّ عَنْ كَيْسَانَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ طَشْتٌ يَشْرَبُ مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا شَأْنُك يَا ابْنَ أَخِي؟ " قَالَ: إنِّي أَحْبَبْت أَنْ يَكُونَ مِنْ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِي فَقَالَ: "وَيْلٌ لَك مِنْ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْك لَا تَمَسُّك النَّارُ إلَّا قَسَمَ الْيَمِينِ" وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ أَبِي عَاصِمٍ بِهِ1.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ2 فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ لَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا بِالْكُلِّيَّةِ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ3.
19 - قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ شَرِبَ دَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَجِدْهُ4.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَالِكًا وَالِدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَا جُرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصَّ جُرْحَهُ حَتَّى أَنْقَاهُ وَلَاحَ أَبْيَضَ فَقِيلَ لَهُ: مُجَّهُ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ لَا أَمُجُّهُ أَبَدًا ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَاتَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إلَى هَذَا" فَاسْتُشْهِدَ5.
__________
1 أخرجه أبو نعيم في "الحلية " "1/330".
2 هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر، الإمام العلامة مفتي الإسلام، تقي الدين، أبو عمرو بن الإمام البارع صلاح الدين أبي القاسم، النصري- بالنون والصاد المهملة، نسبة إلى جده أبي نصر- الكردي، الشهرزوري الأصل، الموصلي المربا، الدمشقي الدار والوفاة. ولد سنة سبع وسبعين- بتقديم السين فيهما- وخمسمائة بشهرزور، وتفقه على والده، ثم نقله إلى الموصل فاشتغل بها مدة وبرع في المذهب.
انظر ترجمته في الأعلام 4/369 وطبقات الشافعية للسبكي 5/137 ووفيات الأعيان 2/408 والبداية والنهاية 13/168 وطبقات الشافعية لابن هداية ص 84 والنجوم الزاهرة 6/354 وشذرات الذهب 5/221 ومفتاح السعادة 1/397، 2/214 ومرآة الزمان 8/502 ومرآة الجنان 4/108.
3 وقد تعقبه ابن الملقن في "البدر المنير" "2/215" بطرق الحديث عن عبد الله بن الزبير.
4 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/216": هذا غريب منه لا أعلم من خرجه بعد البحث عنه.
وقال في "خلاصة البدر المنير" "1/14": غريب.
5 رواية سعيد بن منصور أشار إليها المصنف في كتابه الإصابة "3/345- 346".
وله لفظ آخر قريب من هذا ذكره الهيثمي في "المجمع" "8/273" وقال: رواه الطبراني في الأوسط ولم أر في إسناده من أجمع على ضعفه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "6/34" رقم "5430" حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني الصلت بن مسعود الجحدري ثنا موسى بن محمد بن علي حدثتني أمي أم سعيد بنت مسعود بن حمزة بن أبي سعيد الخدري وهو سعد بن مالك بن سنان أنها سمعت أم عبد الرحمن بنت أبي سعيد تحدث عن أبيها أنه قال: "أصيب وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد فاستقبله مالك بن سنان فمص-(1/170)
20 - حَدِيثُ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ شَرِبَتْ بَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِذا لَا تَلِجُ النَّارُ بَطْنَك" وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا.
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَان فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِك النَّخَعِيِّ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْل إلَى فَخَّارَةٍ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَبَالَ فِيهَا فَقُمْت مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا عَطْشَانَةُ فَشَرِبْت مَا فِيهَا وَأَنَا لَا أَشْعُرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَا أُمَّ أَيْمَنَ قُومِي فأهريقي ما تِلْكَ الْفَخَّارَةِ", قُلْت: قَدْ وَاَللَّهِ شَرِبْت [مَا فِيهَا] 1 قَالَتْ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ "أَمَّا وَاَللَّهِ إنَّهُ لَا تَبْجَعَنَّ بَطْنُك أَبَدًا" وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ بِلَفْظِ "لَنْ تَشْتَكِي بَطْنَك" وَأَبُو مَالِكٍ ضَعِيفٌ وَنُبَيْحٌ لَمْ يَلْحَقْ أُمَّ أَيْمَنَ2.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُولُ فِي قَدَحٍ مِنْ عِيدَانٍ ثُمَّ يُوضَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَجَاءَ فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَقَالَ لِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةُ كَانَتْ تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ مَعَهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ: "أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي الْقَدَحِ؟ " قَالَتْ: شَرِبْته قَالَ "صِحَّةً يَا أُمَّ يُوسُفَ" وَكَانَتْ تُكَنَّى أُمَّ يُوسُفَ فَمَا مَرِضَتْ قَطُّ حَتَّى كَانَ مَرَضُهَا الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كِلَاهُمَا عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ حَكِيمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عِيدَانٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي مُسْتَدْرَكِهِ الَّذِي خَرَّجَهُ عَلَى إلْزَامَاتِ الدَّارَقُطْنِيُّ لِلشَّيْخَيْنِ3 وَصَحَّحَ ابْنُ دِحْيَةَ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ وَقَعَتَا لِامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ وَاضِحُ مِنْ اخْتِلَافِ السِّيَاقِ وَوَضَّحَ أَنَّ بَرَكَةَ أُمَّ
__________
1 سقط في الأصل.
2 أخرجه الحاكم "4/63- 64" والطبراني في " الكبير" "25/89- 90" رقم "230" وأبو نعيم في "الحلية" "2/67" وأبو مالك النخعي ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال يحيى: ليس بشيء.
ينظر "الجرح والتعديل" "2/2/347".
وفي "البدر المنير" "2/224": قال الشيخ تقي الدين في "الإمام" وينبغي أن ينظر في اتصال هذا الإسناد فيما لين نبيح وأم أيمن فإنهم اختلفوا في وقت وفاتها فروى الطبراني عن الزهري: أنها توفيت بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخمسة أشهر.
3 أخرجه أبو داود "1/7" كتاب الطهارة: باب في الرجل ببول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده حديث "24" والنسائي "1/31" كتاب الطهارة: باب البول في الإناء وابن حبان "141- موارد" والحاكم "1/167" والبيهقي "1/99" كلهم من طريق حجاج بن محمد به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه أيضاً ابن حبان.(1/171)
يُوسُفَ غَيْرُ بَرَكَةَ أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَائِدَةٌ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَلْمَى: امْرَأَةِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهَا شَرِبَتْ بَعْضَ مَاءِ غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: "حَرَّمَ اللَّهُ بَدَنَك عَلَى النَّارِ" أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِهَا وَفِي السَّنَدِ ضَعْفٌ1.
تَنْبِيهٌ: تَبْجَعُ بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ2.
وَعِيدَانٍ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ نَوْعٌ مِنْ الْخَشَبِ3.
حَدِيثُ أَبِي طَيْبَةَ الدَّمُ كُلُّهُ حَرَامٌ تَقَدَّمَ.
21 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: كُنْت أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْكًا فَيُصَلِّي فِيهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجْ الْبُخَارِيُّ مَقْصُودَ الْبَابِ.
وَلِأَبِي دَاوُد ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ رُبَّمَا فَرَكْته مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ وَإِنِّي لَأَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَابِسًا بِظُفُرِي4.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تَفْرُكُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رُبَّمَا حَتَتُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي لَفْظُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَلَفْظُ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحُتُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي5 وَلِابْنِ حِبَّانَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ
__________
1 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "8/273" وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه معمر بن محمد وهو كذاب.
2 ينظر "لسان العرب" ص "4772".
3 ينعل النهاية "3/317".
4 أخرجه مسلم "1/238": كتاب الطهارة: باب حكم المنى، الحديث "105/288"، وأحمد "6/132"، وأبو داود "1/259": كتاب الطهارة: باب المني يصيب الثوب، الحديث "371"، والنسائي "1/156": كتاب الطهارة: باب فرك المني من الثوب، والترمذي "1/200": كتاب الطهارة: باب ما جاء في المني يصيب الثوب 116، وابن ماجة "1/179" كتاب الطهارة: باب في فرك المني من الثوب "537" والطحاوي "1/29"، وابن الجارود رقم "137"، وأبو عوانة "1/204- 205" كلهم من رواية الأسود عنها.
وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه "1/146" والبغوي في " شرح السنة" "1/387- بتحقيقنا".
وقوله: ولم يخرج البخاري مقصود الباب أي أن البخاري لم يخرج لفظ الحديث إنما أخرج أصله وهو في البخاري "1/332" كتاب الطهارة: باب غسل المني وفركه حديث "229".
5 أخرجه ابن خزيمة "1/174" رقم "290" والدارقطني "1/125" والبيهقي "2/416" وابن الجوزي في "التحقيق" كما في "البدر المنير" "2/237".
وقال ابن الملقن: هذا إسناد على شرط الصحيح كل رجاله ثقات.(1/172)
رَأَيْتنِي أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي1.
تَنْبِيهٌ: اسْتَغْرَبَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَلَمْ يَعْزُهَا لِأَحَدِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ2
فَائِدَةٌ: مِنْ صَرِيحِ الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي.
22 - حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ".
الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِعَمَّارٍ فَذَكَرَ قِصَّةً وَفِيهَا "إنَّمَا تَغْسِلُ ثَوْبَك مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالدَّمِ وَالْقَيْءِ يَا عَمَّارُ مَا نُخَامَتُك وَدُمُوعُ عَيْنَيْك وَالْمَاءُ الَّذِي فِي رَكْوَتِك إلَّا سَوَاءٌ" وَفِيهِ ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَضَعَّفَهُ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ كُلُّهُمْ إلَّا أَبَا يَعْلَى بِثَابِتِ بْنِ حَمَّادٍ وَاتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ3 بِالْوَضْعِ.
وَقَالَ اللَّالَكَائِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ لِثَابِتِ إلَّا هَذَا الْحَدِيثَ4.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ ولا نروي عَنْ عَمَّار إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ إنَّمَا رَوَاهُ ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ5.
__________
1 أخرجه ابن حبان "1380".
2 ينظر "المجموع شرح المهذب" "2/553".
3 أخرجه البزار "4/234- البحر الزخار" رقم "1397" وأبو يعلى "3/185- 186" رقم "1611" وابن عدي في " الكامل" "2/98" والدارقطني "1/127" كتاب الطهارة: باب نجاسة الأبوال حديث "1" والبيهقي في " السنن الكبرى" "1/14" كتاب الطهارة: باب إزالة النجاسات بالماء، والعقيلي في "الضعفاء" "1/176" وابن الجوزي في "التحقيق " "1/63- 64" رقم "101" وفي "العلل المتناهية " "1/331" رقم "542" كلهم من طريق ثابت بن حماد نا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار بن ياسر به.
وقال الدارقطني: لم يروه غبر ثابت بن حماد وهو ضعيف جداً وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/239": هذا الحدث باطل وقال في "الخلاصة" "1/15": باطل لا أصل له.
وقال ابن عدي: لا أعلم يرويه عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد وله أحاديث مناكير يخالف فيها الثقات وهي مناكير ومقلوبات.
وقال ابن الجوزي في "العلل ": وأما علي بن زيد فقال أحمد ويحيى: ليس بشيء، وقال حماد بن زيد: كان يقلب الأحاديث.
وضعف الحديث أيضاً في التحقيق "1/64".
وقال العقيلي عن ثابت: أن حديثه غير محفوظ مجهول بالنقل.
4 ينظر نصب الراية "1/211".
5 ينظر السنن الكبرى "1/14". وقال في "الخلافيات" مسألة رقم "1": أما حديث عمار فهذا باطل لا أصل له إنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار وعلي بن زيد غير محتج به وثابت بن حماد متهم كالوضع.(1/173)
قُلْت: رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْعِجْلِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ لكن إبْرَاهِيمَ ضَعِيفٌ وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ إنَّمَا يَرْوِيه ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ1.
فَائِدَةٌ: رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَ: "إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ" وَقَالَ: "إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَمْسَحَهُ بِخِرْقَةِ أَوْ إذْخِرَةٍ" 2.
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا3.
وَرَوَاهُ هُوَ والبيهقي عن طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَوْقُوفُ هُوَ الصَّحِيحُ4.
23 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ فِي الْمَنِيِّ "اغْسِلِيهِ رَطْبًا وَافْرُكِيهِ يَابِسًا" قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ5 هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ بِهَذَا السِّيَاقِ وَإِنَّمَا نُقِلَ أَنَّهَا هِيَ كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمْرَة عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْت أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ إذَا كَانَ يَابِسًا وَأَغْسِلُهُ إذَا كَانَ رَطْبًا وَأَعَلَّهُ الْبَزَّارُ بِالْإِرْسَالِ عَنْ عَمْرَةَ6.
__________
1 أخرجه البزار "248- كشف".
2 أخرجه الدارقطني "1/124" والبيهقي "2/418" والطبراني في "الكبير" "11/148" رقم "11321" وابن الجوزي في "التحقيق" "1/61" رقم "96".
وقال الدارقطني: لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك قال ابن الجوزي: إسحاق إمام مخرج عنه في الصحيحين ورفعه زيادة والزيادة من الثقة مقبولة ومن وقفه لم يحفظ وكلام ابن الجوزي متعقب لأن الإسناد فيه شريك بن عبد الله النخعي وابن أبي ليلى وكلاهما شيء الحفظ.
3 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/53".
4 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/53" والبيهقي في "السنن الكبرى" "2/418".
5 ينظر التحقيق لابن الجوزي "1/62" رقم "97" ووافقه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" وقال الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" "2/243": هذا الحديث غريب على هذه الصورة.
وقال في "الخلاصة" "1/15" غريب. ونقل كلام ابن الجوزي وأقره.
6 أخرجه الدارقطني "1/125" كتاب الطهارة: باب ما ورد في طهارة المني حديث "3" وأبو عوانة "1/204" والبزار كما في " البدر المنير" "2/244" وابن الجوزي في "التحقيق" "1/62" رقم "98". وقال البزار: هذا الحديث لا يعلم أحد أسنده عن بشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى عن عمرة عن عائشة إلا عبد اللَّه بن الزبير وهو الحميدي ورواه غيره عن عمرة مرسلاً. وضعفه النووي في "المجموع" "2/554".(1/174)
قُلْت: وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِفَرْكِهِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ رَوَاهُ ابْنُ الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ كَانَ عِنْدَ عَائِشَةَ ضَيْفٌ فَأَجْنَبَ فَجَعَلَ يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِحَتِّهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ لَقَدْ رَأَيْتنِي أَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَابِسًا بِظُفُرِي2 وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ وَأَمَّا الْأَمْرُ بِغَسْلِهِ فَلَا أَصْلَ لَهُ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ3 لَكِنْ قَالَ الْبَزَّارُ إنَّمَا رُوِيَ غَسْلُ الْمَنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْهَا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ كَذَا قَالَ وَفِي الْبُخَارِيِّ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْهَا.
فائدة: لم يذكر الرفعي الدَّلِيلَ عَلَى طَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَتَّخِذُ الْمَرْأَةُ الْخِرْقَةَ فَإِذَا فَرَغَ زَوْجُهَا نَاوَلَتْهُ فَمَسَحَ عَنْهُ الْأَذَى وَمَسَحَتْ عَنْهَا ثُمَّ صَلَّيَا فِي ثَوْبَيْهِمَا مَوْقُوفٌ4.
وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي أَهْلَهُ ثُمَّ يَلْبَسُ الثَّوْبَ فَيَعْرَقُ فِيهِ فَقَالَتْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُعِدُّ خِرْقَةً فَإِذَا كَانَ مَسَحَ بِهَا الرَّجُلُ الْأَذَى عَنْهُ وَلَمْ يَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُنَجِّسُهُ5.
24 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْمِسْكَ وَكَانَ أَحَبَّ الطِّيبِ إليه هو ملفق مِنْ حَدِيثَيْنِ أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ الْمِسْكِ وَلَهُ طُرُقٌ وَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ6 وَأَمَّا كَوْنُهُ كَانَ أَحَبَّ الطِّيبِ إلَيْهِ فَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا بَلْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ،
__________
1 أخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم "135".
2 تقدم تخريج هذه الرواية.
3 أخرجه البخاري "1/332": كتاب الوضوء: باب غسل المني وفركه، الحديث "229"، ومسلم "1/239": كتاب الطهارة: باب حكم المني، الحديث "108/289"، وأبو عوانة "1/205"، وأبو داود "1/155": كتاب الطهارة: باب المني يصيب الثوب "373" والترمذي "1/201" كتاب الطهارة: باب غسل المني من الثوب "117" والنسائي "1/156": كتاب الطهارة: باب غسل المني من الثوب "295"، وابن ماجة "1/178": كتاب الطهارة: باب المني يصيب الثوب رقم "536"، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
4 أخرجه ابن خزيمة "1/142" رقم "280".
5 أخرجه ابن خزيمة "1/142" رقم "279".
6 سيأتي تخريجه في كتاب الحج.(1/175)
وَابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ1.
25 - حَدِيثُ "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ".
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَهُ طُرُقٌ2 مِنْهَا لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي
__________
1 أخرجه مسلم "4/1765" كتاب الأدب: باب استعمال المسك حديث "18، 19/2252" والترمذي "3/308" كتاب الجنائز: باب ما جاء في المسك للميت حديث "991، 992" وأبو داود "3/510" كتاب الجنائز: باب المسك للميت حديث "3158" والنسائي "4/39- 40" باب المسك، وأحمد "31/3، 47، 87" وابن حبان "1375" من طرق عن أبي سعيد الخدري.
2 هذا الحديث مشهور من حديث أبي هريرة وقد رواه عن أبي هريرة جماعة كثيرة من أصحابه.
الطريق الأول: أخرجه مالك "1/21" كتاب الطهارة: باب وضوء النائم إذا قام من نومه حديث "9" والبخاري "1/263" كتاب الوضوء: باب الاستجمار وتراً حديث "162" ومسلم "1/233" كتاب الطهارة باب كراهة غسل المتوضىء وغيره يده حديث "88/278" والشافعي "1/39- الأم" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين قبل الوضوء، وفي المسند "1/29- 30" كتاب الطهارة: باب في صفة الوضوء حديث "68، 69، 70" وأحمد "2/465" والحميدي "2/423" رقم "952" وابن حبان "1060- الإحسان" ابن المنذر في " الأوسط" "1/143" حديث "35" وأبو عوانة "1/263" كتاب الطهارة: باب إيجاب غسل اليدين، والبيهقي "1/45" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، والبغوي في "شرح السنة" "1/302- بتحقيقنا" كلهم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فذكره.
الطريق الثاني: أخرجه مسلم "1/234" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده حديث "88/278" وأبو عوانة "1/263" كتاب الطهارة: باب إيجاب غسل اليدين ثلاثاً على المستيقظ، والنسائي "1/6" كتاب الطهارة: باب تأويل قوله عز وجلّ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاة} [المائدة:6] ، والدارمي "1/196" كتاب الطهارة: باب إذا استيقظ أحدكم من نومه، وابن أبي شيبة "1/98" والشافعي "1/29" كتاب الطهارة: باب في صفة الوضوء حديث "67" وأحمد "2/241" والحميدي "2/422- 423" رقم "951" وابن خزيمة "1/52" رقم "99" وأبو يعلى "10/372" رقم "5961" وابن حبان "1059- الإحسان" وابن الجارود في "المنتقى" رقم "9" وابن عدي في "الكامل" "1/194" والبيهقي "1/45" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، والبغوي في "شرح السنة" "1/302- بتحقيقنا" كلهم من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس بيده في وضوئه
حتى يغسلها ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده " وقد توبع الزهري تابعه محمد بن عمرو.
أخرجه أحمد "2/382" وابن أبي شيبة "1/98" وأبو يملى "10/377- 378" رقم "973 5" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 326" رقم "279" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/22" كتاب الطهارة: باب سؤر الكلب، من طريق محمد بن عمرو عن ابن سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا قام أحدكم من النوم فليفرغ على يده من وضوئه فانه لا يدري أين باتت يداه".
وتد رواه الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة معاً عن أبي هريرة.
أخرجه الترمذي "1/36" كتاب الطهارة: باب "إذا استيقظ أحدكم من منامه.." حديث "24" وابن ماجة "1/138" كتاب الطهارة باب الرجل يستيقظ من منامه حديث "393" وابن جميع في "معجم شيوخه " "ص- 341، 342" رقم "323" والخطب في "تاريخ بغداد" "11/300" كلهم من طريق ... =(1/176)
.......................................................................................
__________
= الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
الطريق الثالث: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده حديث "87/278" وأبو عوانة "1/264" والنسائي "1/215" كتاب الغسل: باب الأمر بالوضوء من النوم، وأحمد "2/265" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" رقم "281" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/22" كتاب الطهارة: باب سؤر الكلب، من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
الطريق الرابع: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده حديث "88/278" وأحمد "2/395، 507" من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به.
الطريق الخامس: أخرجه أبو داود "1/76" كتاب الطهارة: باب في الرجل يدخل يده في الإناء حديث "14" وأحمد "2/253" وأبو عوانة "1/264" وأبو داود الطيالسي "1/51، 52- منحة" رقم "170" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/22" كتاب الطهارة: باب سؤر الكلب، وابن عدي في "الكامل" "2/294" والسهمي في "تاريخ جرجان " "ص- 138" وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" "2/232- 233" والبيهقي "1/47" كتاب الطهارة: باب صفة غسل اليدين، من طريق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا تغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده".
وأخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده حديث "87/278" وأبو عوانة "1/264" وأحمد "2/471" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/22" والبيهقي "1/45" كتاب الطهارة: باب التكرار في غسل اليدين، وأبو داود "1/76" كتاب الطهارة: باب في الرجل يدخل يده في الإناء حديث "103" من طريق الأعمش عن أبي صالح وأبي رزين عن أبي هريرة بمثل حديث أبي صالح وحده.
الطريق السادس: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغير يده، وأبو عوانة "1/263" وأحمد "2/455" وابن خزيمة "1/75" رقم "45 1" وابن حبان "061 1، 1062- الإحسان" والدارقطني "1/49" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين لمن استيقظ من نومه حديث "1" والبيهقي "1/46" كتاب الطهارة: باب التكرار في غسل اليدين، كلهم من طريق خالد الحذاء عن عبد الله بن شفيق عن أبي هريرة به. وفيه زيادة فإنه لا يدري أين باتت يده منه.
الطريق السابع: أخرجه أبو داود "1/78" كتاب الطهارة: باب في الرجل يدخل يده في الإناء حديث "105" والدارقطني "1/5" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين لمن استيقظ من نومه حديث "4" وابن حبان "1058- الإحسان" والبيهقي "1/46" كتاب الطهارة: باب التكرار في غسل اليدين، كلهم من طريق معاوية بن صالح عن أبي مريم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده أو أين باتت تطوف يده" لفظ الدارقطني وقال: وهذا إسناد حسن.
الطريق الثامن: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء يده حديث "78/278" وأحمد "2/316" وأبو عوانة "1/264" من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبسة عن أبي هريرة به....=(1/177)
الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْهُ بِلَفْظِ: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" كَذَا أَوْرَدَهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ" وَالتَّقْيِيدُ بِاللَّيْلِ يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِنَوْمِ اللَّيْلِ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْكَرَاهَةُ فِي الْغَمْسِ إذَا نَامَ لَيْلًا أَشَدُّ لِأَنَّ احْتِمَالَ التَّلْوِيثِ فِيهِ أَظْهَرُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عَدِيٍّ فَلْيُرِقْهُ وَقَالَ إنَّهَا زِيَادَةٌ مُنْكَرَةٌ1 وَرَوَاهُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ بِزِيَادَةِ أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ وَلَا أَرَاهَا مَحْفُوظَةً2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ3 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ،
__________
الطريق التاسع: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء يده حديث "87/278" وأبو عوانة "1/264" وأحمد "2/403" وأبو يعلى "10/256/257" رقم "5863" والبيهقي "1/47" كتاب الطهارة: باب صفة غسل اليدين، من طريق أبي الزبير عن جابر أن أبا هريرة أخبره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليفرغ على يديه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما فإنه لا يدري فيم باتت يده".
الطريق العاشر: أخرجه مسلم "1/233- 234" كتاب الطهارة: باب كراهة غسل المتوضىء وغيره يده حديث "88/278" وأحمد "2/271" وأبو عوانة "1/264" كلهم من طريق ابن جريج عن زياد عن ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد عن أبي هريرة به.
الطريق الحادي عثر: أخرجه أحمد "2/500" من طريق محمد بن إسحاق عن موسى بن يسار عن أبي هريرة به.
الطريق الثاني عشر: أخرجه مسلم "1/233" كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده حديث "88/278" وأبو عوانة "1/264" والبيهقي "1/45" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، من طريق عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة به.
وللحديث طرق أخرى عند مسلم "1/233" من طريق ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد عن أبي هريرة.
1 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/2371- 2372" من طريق معلى بن الفضل ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أبي هريرة.
قال ابن عدى: وقوله في هذا المتن فليرق ذلك الماء منكر لا حفظ.
وقال الحافظ في الفتح "1/263": حدث ضعيف.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/261": وهي من رواية معلى بن الفضل وفى بعض ما يرويه نكرة وهي أيضاً من رواية الحسن عن أبي هريرة وقد قال غير واحد أنه لم يسمع منه.
2 تقدم تخريج هذا الطريق.
3 أخرجه ابن ماجة "1/139" كتاب الطهارة: باب الرجل يستيقظ من منامه حديث "395" والدارقطني "1/149" كتاب الطهارة. باب غسل اليد! ن لمن استيقظ من نومه، والخطيب في" تاريخ بغداد" "10/450" من طريق زياد بن عبد الله البكائي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا قام أحدكم من الليل فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده ولا على من وضمها".
قال البوصيري في "الزوائد" "1/164": هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وقال الدارقطني: إسناده حسن.(1/178)
وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَزَادَ فَقَالَ رَجُلٌ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ حَوْضًا؟ فَحَصَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ أُخْبِرُك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ الْإِنَاءَ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" 1 وَعَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَحَكَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ وَهَمَ2 وَالصَّوَابُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدِيثُ: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا" وَرُوِيَ "نَجَسًا" تَقَدَّمَ بِاللَّفْظَيْنِ.
قَوْلُهُ: رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ تَقَدَّمَ أَيْضًا.
وَهَجَرَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هِيَ مَحَلَّةٌ بِالْمَدِينَةِ يُعْمَلُ فِيهَا الْقِلَالُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الَّتِي بِالْبَحْرَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَزْهَرِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ3.
حَدِيثُ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا" تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّ اللَّوْنَ لَمْ يَرِدْ وَإِنَّمَا قَاسَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ مَرْدُودٌ فَقَدْ وَرَدَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ4.
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/139" كتاب الطهارة: باب الأمر بغسل اليدين ثلاثاً حديث "394" وابن خزيمة "1/75" رقم "146" والدارقطني "1/50" كتاب الطهارة: باب غسل اليدين لمن استيقظ من نومه حديث "1" والبيهقي "1/46" كتاب الطهارة: باب التكرار في غسل اليدين كلهم من طريق ابن وهب أخبرني ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده".
قال الدارقطني: هذا إسناد حسن.
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/164": هذا إسناد صحيح على شرط مسلم رواه الدارقطني في سننه وقال: إسناد حسن اهـ.
والدارقطني رحمه الله لم ينفرد بالزيادة بل رواه بالزيادة أيضاً ابن خزيمة في صحيحه.
2 أخرجه أبو داود الطيالسي "1/51- منحة" رقم "169" حدثنا ابن أبي ذئب حدثني من سمع أبا سلمة يحدث عن عائشة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من استيقظ من منامه فلا يغمس يده في طهور حتى يفرخ على يده ثلاث غرفات" ولم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك حتى يفرخ على يده ثلاثاً.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" "1/62" رقم "162": سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن أبي ذئب
عن من سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا استيقظ أحدكم من النوم فليغرف على يده ثلاث غرفات قبل أن بدخلها في وضوئه فانه لا يدرى حيث باتت يده". ورواه الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحديث فقال أبو زرعة هذا عندي وهم يعني حديث ابن أبي ذئب.
لنبيه: وقع للمصنف هنا وهم حيث قال وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه والصواب كما في "العلل" و"البدر المنير" "2/265" أنه حكى عن أبي زرعة.
3 تقدم تخريجه.
4 تقدم تخرجه.(1/179)
3- بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ
26 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَسْمَاءِ: "حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ".
الشَّافِعِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ: "حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ وَرُشِّيهِ وَصَلِّي فِيهِ" 1 وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ2.
وَأَمَّا بِلَفْظِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ فَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين في الإمام مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ ثَوْبَهَا فَقَالَ: "اغْسِلِيهِ" 3.
قُلْت: وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: "اُقْرُصِيهِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ" وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ "اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ".
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ: "حُكِّيهِ بِصَلْعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ" 4.
__________
1 أخرجه الشافعي في "الأم" "1/142".
2 أخرجه مالك "1/60- 61": كتاب الطهارة: باب جامع الحيضة، الحديث "103"، والشافعي في "الأم" "1/84- 85" كتاب الطهارة: باب دم الحيض، وابن أبي شيبة "9511": كتاب الطهارات: باب في المرأة يصيب ثيابها من دم حيضها، وأحمد "6/345"، والبخاري "1/410": كتاب الحيض: باب غسل دم المحيض، الحديث "307"، ومسلم "1/240": كتاب الطهارة باب نجاسة الدم وكيفية غسله، الحديث "110/291"، وأبو داود "1/255": كتاب الطهارة: باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، الحديث "360" و"361" و"362"، والترمذي "1/254- 255": كتاب الطهارة: باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب، الحديث "138"، والنسائي "1/155": كتاب الطهارة: باب دم الحيض يصيب الثوب "184"، وابن ماجة "1/206" كتاب الطهارة: باب ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب، الحديث "629"، والحميدي "1/153" رقم "320" والدارمي "1/239" كتاب الطهارة: باب المرأة الحائض تصلي في ثوبها إذا طهرت، وابن خزيمة "1/139-140" رقم "275" والبيهقي "1/13" وابن حبان "1383- الإحسان" وابن الجارود في "المنتقى" "120" وأبو عوانة "1/206" من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء به.
وقال الترمذي: حديث أسماء في غسل الدم حديث حسن صحيح.
3 ذكر هذه الرواية ابن الملقن في "البدر المنير" "2/273" وعزاها إلى أحمد بن منيع في "مسنده " عن يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء به.
4 أخرجه أحمد "6/355"، وأبو داود "1/256": كتاب الطهارة: باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، الحديث "363"، والنسائي "1/154- 155": كتاب الطهارة: باب دم الحيض يصيب الثوب، وابن ماجة "1/206" كتاب الطهارة: باب ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب، الحديث "628"، وابن خزيمة "1/141": كتاب الطهارة: في جماع أبواب الخير تطهير الثياب بالعسل من الأنجاس، باب استحباب غسل دم الحيض من الثوب، الحديث "277"، وابن حبان في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان "ص: 82" كتاب الطهارة: باب ما جاء في دم الحيض، الحديث "235"، وابن أبي شيبة "1/95"، وعبد الرزاق "1/320": رقم "1226" والبيهقي "2/207"، والدولابي في "الكنى".(1/180)
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً1.
تَنْبِيهٌ: زَعَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَوَى فِي الْأُمِّ أَنَّ أَسْمَاءَ هِيَ السَّائِلَةُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَهَذَا خَطَأٌ بَلْ إسْنَادُهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَكَأَنَّ النَّوَوِيَّ قَلَّدَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الصَّلَاحِ2 وَزَعَمَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ غَلَطَ فِي قَوْلِهِ أَسْمَاءُ3 هِيَ السَّائِلَةُ وَهُمْ الْغَالِطُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ4.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: قَوْلُهُ: بِصَلْعٍ: ضَبَطَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَان اللَّامِ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ الْحَجَرُ5 وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى يَقْضِي6 تَخْصِيصَ الضِّلَعِ بِذَلِكَ كَذَا7 قَالَ لكن قال الصغاني فِي الْعُبَابِ فِي مَادَّةِ ضِلَعَ بِالْمُعْجَمَةِ وَفِي الْحَدِيثِ "حُتِّيهِ بِضِلَعٍ".
قَالَ ابْنُ الأعرابي: الضلع ههنا الْعُودُ الَّذِي فِيهِ اعْوِجَاجٌ8 وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ9 فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَزَادَ عَنْ اللَّيْث قَالَ الْأَصْلَ فِيهِ ضِلَعُ الْحَيَوَانِ فَسُمِّيَ بِهِ الْعُودُ الَّذِي يُشْبِهُهُ.
قَوْله: "ثُمَّ اُقْرُصِيهِ": وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ "فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحهُ بِالْمَاءِ".
وَقَوْلُهُ: "فَلْتَقْرُصْهُ": بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا.
وَرُوِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ فَلْتُقَطِّعْهُ بِالْمَاءِ وَمِنْهُ تَقْرِيصُ الْعَجِينِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ10 وَسُئِلَ الْأَخْفَشُ11 عَنْهُ فَضَمَّ بِإِصْبَعَيْهِ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ ثَوْبِهِ
__________
1 ينظر "البدر المنير" "2/275".
2 وقد اعتذر عنه ابن الملقن في " البدر المنير" "2/271" بأن ابن الصلاح قد سبقه إلى ذلك.
3 في الأصل: أن أسماء.
4 قال ابن الملقن: ومما يتعجب أيضاً إنكار جماعات على صاحب "المهذب" حيث روى أن أسماء هي السائلة وغلطوه في ذلك وقد بان غلطهم: بفضل الله وقوته ينظر "البدر المنير" "2/271".
5 ينظر معجم مقاييس اللغة "3/304" مادة صلع.
6 في الأصل: يقتضي.
7 هذا كلام الشيخ تقي الدين في "الإمام" ذكره عنه ابن الملقن في " البدر المنير" "2/277".
8 ينظر لسان العرب "ص 2599".
9 ينظر تهذيب اللغة "3/96".
10 ينظر "النهاية" "4/40".
11 ينظر المصدر السابق.(1/181)
بِهِمَا وَقَالَ هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ فِي مَوْضِعِ الدَّمِ.
27 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّ نِسْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْنَهُ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَذَكَرْنَ لَهُ أَنَّ لَوْنَ الدَّمِ يَبْقَى فَقَالَ: "الْطَخْنَهُ بِزَعْفَرَانٍ".
هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُ مَنْ أَخْرَجَهُ هَكَذَا1 لَكِنْ رُوِيَ مَوْقُوفًا فَرَوَى الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا غَسَلَتْ الدم فلم يذهب فلتغيره بِصُفْرَةٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ2.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ قُلْتُ لِعَائِشَةَ فِي دَمِ الْحَائِضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَتْ تَغْسِلُهُ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ فَلْتُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ مِنْ صُفْرَةٍ مَوْقُوفٌ3.
28 - حَدِيثُ خَوْلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ فَقَالَ: "اغْسِلِيهِ" فقلت أَغْسِلُهُ فَيَبْقَى أَثَرُهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَاءُ يَكْفِيكِ وَلَا يَضُرُّكِ" أَثَرُهُ أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ4 وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ خَوْلَةَ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ5.
قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ لَمْ يُسْمَعْ بِخَوْلَةِ بِنْتِ يَسَارٍ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ6 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ7.
__________
1 قال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" "1/17": غريب وقال في " البدر المنير" "2/280": هذا الحديث غريب لا أعلم من خرجه بعد البحث عنه.
2 أخرجه الدارمي "1/191" كتاب الطهارة: باب المرأة الحائض تصلي في ثوبها.
3 أخرجه أبو داود "1/253" كتاب الطهارة: باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها حديث "357" من طريق أم حسن جدة أبي بكر العدوي عن معاذة عن عائشة به وأم حسن مجهولة.
قال الذهبي في "الميزان" "4/612": لا تعرف.
وقال الحافظ في "التقريب" "2/620": لا يعرف حالها.
4 أخرجه أحمد "2/360"، وأبي داود "1/256- 257": كتاب الطهارة باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، الحديث "365"، والبيهقي "2/408"، من حديث أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال:.00" الحديث.
5 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "2/208" وقال: هذان الإسنادان ضعيفاًن تفرد بهما ابن لهيعة.
6 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي "2/209" والذي في السنن: إلا في هذين الحديثين.
7 أخرجه الطبراني في "الكبير" "24/241" رقم "615" والبيهقي في " السنن الكبرى" "2/208" وابن الملقن في "البدر المنير" "2/285" من طريق الوازع بن نافع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن خولة بنت حكيم به وهذا إسناد ضعيف جداً.
الوازع بن نافع:
قال أحمد ويحيى: ليس بثقة، وقال أحمد مرة: ليس بثقة وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ذاهب الحدث، وقال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال النسائي متروك وقال الدارقطني ضعيف.
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/285" وقال: وفيه الوازع ابن نافع وهو ضعيف.
ينظر "تاريخ ابن معين رواية الدوري" "2/627" والجرح والتعديل "4/2/39" و"الضعفاء للبخاري "ص 117" و" الضعفاء والمتروكين للنسائي" "ص 103" وسق الدارقطني "1/109".(1/182)
فَائِدَةٌ: عَزَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى أَبِي دَاوُد فَوَهِمَ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَ رِوَايَةَ خَوْلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ1.
29 - حَدِيثُ: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ" تَقَدَّمَ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ2.
30 - حَدِيثُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ3.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ4.
31 - فَائِدَةٌ: حَدِيثُ "ذَكَاةُ الْأَرْضِ يُبْسُهَا" احْتَجَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الْمَرْفُوعِ5 نَعَمْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَوْقُوفًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَفْظِ "جُفُوفُ الْأَرْضِ طَهُورُهَا" 6
32 - قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْمَرْ بِنَقْلِ التُّرَابِ يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ أَمَرَ بِنَقْلِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
__________
1 ووهم المصنف أيضاً في هذا الحديث حيث عزا حديث خولة بنت كسار في "بلوغ المرام " "ص 20" رقم "28" إلى الترمذي وليس فيه.
2 تقدم تخرجه.
3 أخرجه أحمد "3/110- 111"، والدارمي "1/189": كتاب الطهارة: باب البول في المسجد، والبخاري "1/324" كتاب الوضوء: باب صب الماء على البول في المسجد، الحديث "221"، ومسلم "1/236": كتاب الطهارة: كاب وجوب غسل البول وغيره، الحديث "99/284" والترمذي "1/276": كتاب الطهارة: باب ما جاء في البول يصيب الأرض، الحديث "148"، والنسائي "1/175": كتاب المياه: باب التوقيت في الماء، وابن ماجة "1/176": كتاب الطهارة: باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل، الحديث "528"، والطحاوي في شرح معاني الآثار "1/13" كتاب الطهارة، وأبو عوانة "1/213- 214" وعبد الرزاق "1660" والحميدى "2/504" رقم "1196" وأبو يملى "6/328" رقم "3652" والخرائطي في "مكارم الأخلاق" رقم "73" والبيهقي "2/427" من طرق عن أنس.
4 أخرجه البخاري "1/323": كتاب الوضوء: باب. صب الماء على البول في المسجد، الحديث، وأبو داود "1/263- 264": كتاب الطهارة: باب الأرض يصيبها البول، الحديث "380"، والترمذي "1/275- 276": كتاب الطهارة: باب ما جاء في البول يصيب الأرض، الحديث "147"، والنسائي "1/175" كتاب المياه: باب التوقيت في الماء، وابن ماجة "1/176": كتاب الطهارة: باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل، الحديث "529"، وأحمد "2/282" والشافعي في "مسنده" ص "27، 28" وفي "الأم" "1/52"، والحميدي "2/419" رقم "938" وأبو يعلى "10/278" رقم"5876" وابن خزيمة "298"، وابن حبان "1396- 1397"، وابن الجارود في "المنتقى " رقم "141" والبيهقي "2/428" والبغوي في "شرح السنة" "1/381- بتحقيقنا" من طرق عن أبي هريرة.
5 قاله أيضاً الزركشي والبخاري وابن الربيع الشيباني ينظر الأسرار المرفوعة "ص 124".
6 تقدم هذا الحديث على الذي سبقه "30" وذلك في الأصل.(1/183)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ العلا ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْفِرُوا مَكَانَهُ ثُمَّ صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ" 1 وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ تَفَرَّدَ بِهِ دُونَ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الْحُفَّاظِ وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ في حديث وأن عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا وَفِيهِ "احْفِرُوا مَكَانَهُ" 2.
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ مَوْصُولًا وَلَيْسَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَهَذَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ الْمُرْسَلَةَ مَعَ صِحَّةِ إسْنَادِهَا إذَا ضُمَّتْ إلَى أَحَادِيثِ الْبَابِ أَخَذَتْ قُوَّةً وَقَدْ أَخَرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ مُفْرَدَةً مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ3 وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ4.
فَمِنْ شَوَاهِدِ هَذَا الْمُرْسَلِ مُرْسَلٌ آخَرُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معقل بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ وَهُوَ تَابِعِيٌّ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌ إلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فَبَالَ فِيهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ فَأَلْقُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً" قَالَ أَبُو دَاوُد رُوِيَ مَرْفُوعًا يَعْنِي مَوْصُولًا وَلَا يَصِحُّ5.
قُلْتُ: وَلَهُ إسْنَادَانِ مَوْصُولَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلَفْظُهُ فَأَمَرَ بِمَكَانِهِ فَاحْتُفِرَ وَصُبَّ عَلَيْهِ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ وَفِيهِ سَمْعَانُ بْنُ مَالِكٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا أَصْلَ لَهُ6.
__________
1 أخرجه الدارقطني كما في "نصب الراية" "1/212" والحديث ليس في السنن فلعله في كتاب العلل.
2 أما طريق طاوس المرسل فأخرجه عبد الرزاق "1659" عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلاً.
3 في الأصل: عن طاوس مرسلاً وفيه "احفروا مكانه".
4 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/14".
5 أخرجه أبو داود "1/265" كتاب الطهارة: باب الأرض يصيبها البول حديث "381" وفي المراسيل رقم "11" والدارقطني "1/132" كتاب الطهارة: باب طهارة الأرض من البول حديث "4" والبيهقي في "السنن الكبرى" "2/428" وابن الجوزي في "التحقيق" "1/42" رقم "60" كلهم من طريق جرير بن حازم عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن معقل له.
قال ابن الجوزي: قال الدارقطني: عبد الله بن معقل تابعي وهر مرسل، وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وقال أبو داود السجستاني: وقد روي مرفوعاً ولا يصح ا. هـ.
6 أخرجه أبو يعلى "6/310- 311" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/14" والدارقطني "1/131- 132" من طريق سمعان بن مالك عن أبي وائل عنه به. ... =(1/184)
ثَانِيهِمَا: عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ1 قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ2.
33 - حَدِيثُ "إنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ" وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَلَمْ يَقَعْ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْحَدِيثِ فَقَدْ رواه أبو داود والبزار وَالنَّسَائِيُّ وَاِبْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي السَّمْحِ قَالَ كُنْتُ أَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ: "يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ" 3 قَالَ الْبَزَّارُ وَأَبُو زُرْعَةَ لَيْسَ لِأَبِي السَّمْحِ غَيْرُهُ4 وَلَا أَعْرِفُ اسْمَهُ.
__________
= قال الدارقطني: سمعان مجهول: والحديث ذكره ابن أبي حاتم في "علل الحديث" "1/24" رقم "36" وقال: سمعت أبا زرعة يقول: حديث سمعان في بول الأعرابي في المسجد عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "احفروا موضعه": هذا حديث ليس بالقوي.
وأخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" "1/43" رقم "61" وقال: قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: لا أصل لهذا الحديث، وذكر الحديث الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/286"، وقال: رواه أبو يعلى وفيه سمعان بن مالك قال أبو زرعة: ليس بالقوي وقال ابن حراش مجهول وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأورده أيضاً في "المجمع ""2/11" وقال: رواه أبو يعلى وفيه سمعان بن مالك وهو ضعيف.
والحديث ذكره الحافظ بن حجر في المطالب العالية "1/10" رقم "16" وعزاه إلى أبي يعلى.
تنبيه: وقع في "مجمع الزوائد": سفيان بن مالك وهو خطأ صوابه سمعان بن مالك كما أثبتنا والتصحيح من كتب الرجال.
1 أخرجه ابن ماجة "1/176" كتاب الطهارة: باب الأرض يصيبها البول، كيف تغسل "540"، والطبراني في " الكبير" "22/رقم 192" من طريق عبيد الله بن أبي حميد ثنا أبو المليح عن واثلة بن الأسقع به وفيه قوله صلي الله عليه وسلم: "دعوه" ثم دعا بسجل من ماء فصب عليه: قال البوصيري في " الزوائد" "1/212" فيه عبيد الله الهذلي قال الحاكم: يروى عن أبي المليح عجائب وقال البخاري: منكر الحديث ا. هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "1/532" رقم "1438": متروك ا. هـ.
تنبيه: فات المصنف أن الحديث في سن ابن ماجة.
2 ينظر "الضعفاء الصغير"للبخاري "ص 73" و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم "2/2/313".
3 أخرجه أبو داود "1/262": كتاب الطهارة: باب بول الصبي يصيب الثوب، الحديث "376"، والنسائي "1/158": كتاب الطهارة: باب بول الجارية "189"، وابن ماجة "1/175": كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، الحديث "526"، والدولاب "1/37"، والدارقطني "1/130": كتاب الطهارة: باب الحكم في بول الصبي والصبية، الحديث "4"، والحاكم "1/166": كتاب الطهارة، وأبو نعيم "9/62"، والبيهقي "2/415": كتاب الصلاة: باب ما روي في الفرق بين بول الصبي والصبية، وابن خزيمة "1/143" رقم "283" قال: كنت خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجيء بالحسن والحسين فبال على صدره فأرادوا أن يغسلوه فقال: "رشوه رشا فإنه يغسل بول الجارية ويرش بول الغلام " لفظ الحاكم وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة.
4 وأخرج هذا الحديث أيضاً البزار كما في " البدر المنير" "2/302". وقال البزار: أبو السمح لا يعلم حدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الحديث ولا لهذا الحديث إسناد إلا هذا ولا يحفظ هذا الحديث إلا من حديث عبد الرحمن بن مهدي. أما قول أبي زرعة فينظر له " الجرح والتعديل" "4/2/386" أما قول البزار وأبي زرعة أنه ليس له إلا هذا الحديث فمتعقب.
فله حدث آخر ذكره المزي في "تهذيب الكمال" "6/1612".
وكذا قال بقي بن مخلد كما في "البدر المنير" "2/303" وذكره ابن حزم في" أسماء الصحابة الرواة "رقم "460" فيمن روى حديثين.(1/185)
وَقَالَ غَيْرُهُ يُقَالُ اسْمُهُ إيَادٌ1.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَالَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْبَسْ ثَوْبًا جَدِيدًا وَأَعْطِنِي إزَارَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ فَقَالَ: "إنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذكر" 2.
ورواه الطَّبَرَانِيُّ3 مِنْ حَدِيثِهَا مُطَوَّلًا4 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَوْلِ الرَّضِيعِ: "يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ" قَالَ قَتَادَةُ هَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا5.
__________
1 قال عبد البر في "الاستيعاب" "4/99": يقال أن اسمه إياد.
2 أخرجه أحمد "6/339"، وأبو داود "1/261": كتاب الطهارة: باب بول الصبي يصيب الثوب، الحديث "375"، وابن ماجة "1/174": كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، الحديث "522"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/92": كتاب الطهارة: باب حكم بول الغلام والجارية قبل أن يأكلا الطعام، والحاكم "1/66" كتاب الطهارة، والبيهقي "2/414" كتاب الصلاة: باب ما روي في الفرق يين بول الصبي والصبية، وابن خزيمة "1/143" رقم "282" والبغوي في "شرح السنة" "1/385- بتحقيقنا" وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ووافقه الذهبي وصححه أيضاً ابن خزيمة.
3 في الأصل: الطبراني والحاكم.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير""25/25- 26" رقم "38، 41".
5 أخرجه الترمذي "2/509" كتاب الصلاة: باب ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع حديث "610" وأحمد "1/76"، وأبو داود "1/263": كتاب الطهارة: باب بول الصبي يصيب الثوب، الحديث "377"، وابن ماجة "1/174- 175": كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، الحديث "525"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/92": كتاب الطهارة: باب حكم بول الغلام والجارية قبل أن يأكلا الطعام، والدارقطني "1/129" كتاب الطهارة: باب الحكم في بول الصبي والصبية، الحديث "2" و"3"، والحاكم "1/165- 166"، والبيهقي "2/415": كتاب الصلاة: باب ما روي في الفرق بين بول الصبي والصبية، وابن خزيمة "1/43- 144" رقم "284"، وابن حبان "247" موارد، والبغوي في شرح السنّة "1/386" وقال الحاكم: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة وابن حبان.(1/186)
لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ رَفَعَهُ هِشَامٌ وَوَقَفَهُ سَعِيدٌ1.
قُلْتُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَفِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ صِحَّتَهُ وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ2.
وَقَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَحْسَنُهَا إسْنَادًا حَدِيثُ عَلِيٍّ وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِهِ فَنُضِحَ وَأُتِيَ بِجَارِيَةٍ فَبَالَتْ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِهِ فَغُسِلَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ3.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَالْجَادَّةِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ4 لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا أَبْصَرَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَصُبُّ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ فَإِذَا طَعِمَ غَسَلَتْهُ وَكَانَتْ تَغْسِلُ بَوْلَ الْجَارِيَةِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ5 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا مَوْقُوفًا أَيْضًا وَصَحَّحَهُ6.
وَعَنْ أَنَسٍ وَفِي إسْنَادِهِ نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ7 وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَوَاهُ عَبْدُ
__________
1 قال الترمذي في "العلل الكبير" "ص43": سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: شعبة لا يرفعه وهشام الدستوائي حافظ ا. هـ.
أي أن البخاري يرجح صحته مرفوعاً.
وذكر هذا الحديث أيضاً الدارقطني في "العلل" "4/185" ولكنه لم يرجح بين الموقوف والمرفوع.
2 ينظر التعليق السابق.
3 أخرجه أحمد "6/422" وابن ماجة "1/174" رقم "527" والطبراني في "الكبير" "25/168" رقم "408" من طريق عمرو بن شعيب عن أم كرز به.
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/211": هذا إسناد منقطع عمرو بن شعيب لم يسمع من أم كرز.
وقال المزي في "تحفة الأشراف" "13/100": عمرو بن شعيب عن أم كرز لم يدركها.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "23/366" رقم "866" من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أمه عن أم سلمة به وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/290" وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف ا. هـ.
وإسماعيل بن مسلم قال البخاري: تركه ابن المبارك، وقال أبو داود: ضعيف وقال النسائي: متروك، وكذا الدارقطني، وقال البزار: لين الحديث.
وذكره الحافظ في "التقريب" وقال: ضعيف الحديث.
ينظر التاريخ الكبير "1/179" والتاريخ الصغير "2/84" وسؤالات الآجري "4/8" وسؤالات البرقاني "6" والضعفاء والمتروكين "36" وكشف الأستار "2600".
5 أخرجه أبو داود "1/156- 157" كتاب الطهارة باب بول الصبي يصيب الثوب حديث "379".
6 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "2/415- 416".
7 ينظر مجمع الزوائد "1/284" وقال الهيثمي: وفيه نافع وقد أجمعوا على ضعفه.(1/187)
الرَّزَّاقِ وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ1 وَهُوَ ضَعِيفٌ2.
وَعَنْ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَوْ ابْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَتْنَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِنَا3 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُ ذَلِكَ وَفِي أَحَادِيثِ أَكْثَرِ هَؤُلَاءِ أَنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ حَسَنٌ أَوْ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ4.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: بَالَ ابْنُ الزَّبِيرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُهُ أَخْذًا عَنِيفًا فَقَالَ: "إنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ فَلَا يَضُرُّ بَوْلُهُ" وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ5 وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ6 وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ الْحَسَنَ أَوْ الْحُسَيْنَ بَالَ عَلَى بَطْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبُوا لِيَأْخُذُوهُ فَقَالَ: "لَا تَزْرِمُوا ابْنِي ... " 7 الْحَدِيث
وَفِي الْمُصَنَّفِ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ يُرَشُّ عَلَى بَوْلِ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ مِنْ الصِّبْيَانِ8.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ9: الْأَحَادِيثُ الْمُسْنَدَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَتْ وَكَأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَتَّى قَالَ وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالْجَارِيَةِ فَرْقٌ مِنْ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ.
قُلْتُ: قَدْ نَقَلَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَرْقًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَأَشَارَ فِي الْأُمِّ إلَى نَحْوِهِ10.
__________
1 في الأصل: عن جده.
2 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/285" وقال: رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وفيه ضعف.
3 أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "البدر المنير" "2/312".
وذكره المصنف في "المطالب العالية""1/9" رقم "14" وعزاه لابن منيع.
4 حديث ابن عباس أخرجه الدارقطني "1/13" كتاب الطهارة باب الحكم في بول الصبي حديث "5" وضعفه.
قال ابن الجوزي في "التحقيق" "1/60": وروى حديث بول الغلام أيضاً ابن عمرو بن عباس وعائشة وزينب رضي الله عنهم.
5 أخرجه الدارقطني "1/129".
6 سيأتي تخريجه قريباً.
7 ينظر "البدر المنير" "2/309".
8 أخرجه عبد الرزاق "1/380" وابن حبان "1371".
9 ينظر "السنن الكبرى" "2/416".
10 قال الحسن بن القطان "1/175- ابن ماجة": كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول الصبي لم يطعم "77"، الحدث "525"، ثنا أحمد بن موسى بن معقل، ثنا أبو اليمان المصري، قال: سألت الشافعي رضي الله عنه، عن حدث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يرش من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية والماآن جميعاً واحد"، قال: لأن بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم ثم قال لي: فهمت؟ أو قال: لقنت؟ قلت: لا! قال: إن الله تعالى لما خلق آدم خلقت حواء من ضلعه القصير، فصار بول الغلام من الماء الجارية من اللحم والدم، قال لي فهمت قلت: نعم، قال لي: نفعك الله به ا. هـ.
وهذا معنى جليل والظاهر أن الله تعالى فتح بابه على الإمام الشافعي رضي الله عنه بعد قوله: إنه لم يتبين له فرق بين بول الصبي والجارية.
وقد أسنده البيهقي "2/416" عن الإمام رضي الله عنه.(1/188)
فَائِدَةٌ: رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَصَابَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جِلْدَهُ بَوْلُ صَبِيٍّ وَهُوَ صَغِيرٌ فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا كَانَ الْبَوْلُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ1.
34 - حَدِيثُ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ وَفِي رِوَايَةٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَالَ فِي حَجْرِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَى بَوْلِهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ غَسْلًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ2.
تَنْبِيهٌ: أُمُّ قَيْسٍ اسْمُهَا آمِنَةُ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ3 وَقِيلَ: جُذَامَةُ وَابْنُهَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُهُ.
فَائِدَةٌ: ادَّعَى الْأَصِيلِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ4.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه أحمد "6/355"، والبخاري "1/326": كتاب الوضوء باب لبول الصبيان، الحديث "223"، ومسلم "1/238": كتاب الطهارة: باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، الحديث "103/287"، وأبو داود "1/261": كتاب الطهارة: باب بول الصبي يصيب الثوب، الحديث "374"، والترمذي "1/105": كتاب الطهارة: باب ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن طعم، الحديث "71"، والنسائي "1/157": كتاب الطهارة: باب بول الصبي الذي لم يأكل الطعام "188"، وابن ماجة كتاب الطهارة باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، الحديث "524"، والحميدي "1/165" رقم "343" وابن الجارود في"المنتقى" رقم "139" وأبو عوانة "1/202- 203" وأبو داود الطيالسي رقم "1636" وابن خزيمة "1/144" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/92" والبيهقي "2/414" والبغوي في "شرح السنة" "1/384- بتحقيقنا" من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود عن أم قيس بنت محصن به.
3 ينظر "البدر المنير" "2/317".
4 أخرجه أحمد "6/52"، والبخاري "1/325": كتاب الوضوء: باب بول الصبيان، الحديث "222"، ومسلم "1/237" كتاب الطهارة: باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، الحديث "101/286"، وابن ماجة "1/174": كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، الحديث "523" عنها.(1/189)
35 - حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ وَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ" تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ إلَى قَوْلِهِ: "سَبْعَ مَرَّاتٍ" وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ لَيْسَ هو عنده ورواه النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَجَزَمَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِتَفَرُّدِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِزِيَادَةِ "فَلْيُرِقْهُ" وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: "أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ" وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلشَّافِعِيِّ "أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عُبَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ1 فِي كِتَابِ الطَّهُورِ لَهُ بِلَفْظِ: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ أَوْ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ" وَهَذَا يُطَابِقُ لَفْظَ الْكِتَابِ فِي آخِرِهِ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ إلا أبو هلال الراسي وَهُوَ صَدُوقٌ2.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ بِلَفْظِ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ الْجَارُودُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ3.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ بِلَفْظِ: "فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ" وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ "إحْدَاهُنَّ" مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ4.
وَإِذَا تَحَرَّرَتْ هَذِهِ الطُّرُقُ عَرَفْتَ أَنَّ السِّيَاقَ الَّذِي سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يُوجَدُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ رَاوِيَ "فَلْيُرِقْهُ" لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهَا لِذِكْرِ التُّرَابِ وَالرِّوَايَاتُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ التُّرَابِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ.
فَائِدَةٌ: اللَّفْظُ بأو يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الرَّاوِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْإِبَاحَةِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَعْيِينِ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ بَلْ إمَّا بتعيين الْأُولَى أَوْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَمِيعِ انْتَهَى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ في البويطي "وإذا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ لَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُ ذَلِكَ" وَكَذَا قَالَ
__________
1 في الأصل: لأبي عبيد بن القاسم بن سلام.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه الدارقطني "1/65" كتاب الطهارة: باب ولوغ الكلب في الإناء حديث "12" من طريق الخضر بن أصرم نا الجارود عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة بن بريم عن علي به مرفوعاً.
وقال الدارقطني: الجارود هو ابن يزيد متروك.
قال النووي في "المجموع " "2/580": هذه الرواية ليست في الصحيح ولا في الكتب المعتمدة رواها الدارقطني وهي غريبة قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/331": ومع غرابتها ففي إسنادها جماعة يجب معرفة حالهم الخضر بن أصرم لا أعرفه ولم أره في كتاب ابن أبي حاتم ولا غيره، الثاني: الجارود وهو ابن يزيد أبو علي النيسابوري متروك الحديث بإجماعهم، الثالث هبيرة بن بريم، قال أبو حاتم الرازي: هبيرة هذا شبيه بالمجهولين وقال ابن حزم في محلاه كتاس الحضانة مجهول.
4 تقدم تخريج حديث عبد الله بن مغفل.(1/190)
فِي الْأُمِّ كَمَا تَقَدَّمَ1 فِي باب أول إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَكِنْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أُخْرَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُولَاهُنَّ وهنا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَكَذَا قَرَّرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ أَنَّهَا لِلشَّكِّ.
فَائِدَةٌ أُخْرَى: الْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَ الْخِنْزِيرِ كَالْكَلْبِ2 وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نُزُولِ عِيسَى أَنَّهُ يَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ3 وَدَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا.
فَإِنْ قِيلَ: إطْلَاقُ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ دال عَلَى أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَا يُقْتَلُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ قُلْنَا هَذَا خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ عَلَى قَتْلِهَا مُطْلَقًا وَكَذَا قَالَ فِي بَابِ الْخِلَافِ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ "اُقْتُلْهَا حَيْثُ وَجَدْتَهَا" 4 وَيُتَعَجَّبُ مِنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ5 فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مِنْهَا إلَّا الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْكَلِبُ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَلَيْسَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ أَيْضًا حُجَّةٌ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ فَائِدَتَهُ الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ يَأْكُلُونَهُ وَلِهَذَا يُكْسَرُ الصَّلِيبُ الَّذِي يتعبدون لِأَجْلِهِ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ حُكْمَ الْخِنْزِيرِ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَبِي دَاوُد "إنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ"6 الْحَدِيثَ فَأَمَرَ بِغَسْلِهَا وَلَمْ يُقَيِّدْ بعدد واختار النووي أن يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِهِ مَرَّةً.
36 - حَدِيثُ "الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ".
مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ حَمِيدَةَ بِنْتِ عُبَيْدَةَ عَنْ خَالَتِهَا كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ لِتَشْرَبَ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي قَالَتْ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ" 7 وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ8.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 بل هو أغلظ حالاً من الكلب.
3 سيأتي تخريجه.
4 تقدم تخريجه.
5 ينظر المجموع شرح المهذب "2/583".
6 أخرجه الحاكم "1/143- 144" وأبو داود "3/363" كتاب الأطعمة: باب الأكل في آنية أهل الكتاب حديث "3839".
7 في الأصل: والطوافات.
8 أخرجه مالك "1/23": كتاب الطهارة: باب الطهور للوضوء، الحديث "13"، والشافعي في المسند "1/22": كتاب الطهارة: الباب الأول في المياه، الحديث "39" وفي "الأم " "1/8"، وأحمد "5/.......=(1/191)
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ1 وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أُمِّ يَحْيَى امْرَأَتِهِ عَنْ خَالَتِهَا ابْنَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَهَ.
تَابَعَهَ هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ أَخَرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ2 قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فَقَالَا هِيَ حَمِيدَةُ تُكْنَى أُمَّ يَحْيَى3 وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَسَاقَ لَهُ فِي الْأَفْرَادِ طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ إِسْحَاقَ فَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ أَسِيد بْنِ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ كَانَ يُصْغِي الْإِنَاءَ لِلْهِرَّةِ فَتَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا فَقِيلَ لَهُ أنتوضأ بِفَضْلِهَا فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ" 4 وَأَعَلَّهُ ابْنُ مَنْدَهْ بِأَنَّ حَمِيدَةَ وَخَالَتَهَا كَبْشَةَ مَحَلُّهُمَا مَحَلُّ الْجَهَالَةِ وَلَا يُعْرِفُ لَهُمَا إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ انْتَهَى.
فَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُمَا لَا يُعْرَفُ لَهُمَا إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَمُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ لِحَمِيدَةَ حَدِيثًا آخَرَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5.
وَلَهَا ثَالِثٌ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ6.
__________
= 303"، وأبو داود "1/60": كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة، الحديث "75"، والترمذي "1/153-154": كتاب الطهارة: باب ما جاء في سؤر الهرة، الحديث "92"، والنسائي "1/55": كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة، وابن ماجة "1/131" كتاب الطهارة: باب الوضوء بسؤر الهرة، الحديث "367"، وابن خزيمة "1/55": كتاب الطهارة: باب الرخصة في الوضوء بسؤر الهرة، الحديث "104"، وابن حبان في موارد الظمآن إلى زوائد بن حبان: كتاب الطهارة: باب في سؤر الهرة، الحديث "121"، والدارقطني "1/70": كتاب الطهارة: باب في سؤر الهرة، الحديث "22"، والحاكم "1/160": كتاب الطهارة، والبيهقي "1/245": كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة، وأخرجه أيضاً عبد الرازق "353"، وابن أبي شيبة "1/31"، وابن سعد في "الطبقات " "4/478"، وابن عبد البر "1/319"، وابن حزم في "المحلى" "1/117"، والبغوي في "شرح السنّة " "1/376"، وابن الجارود في " المنتقى" رقم "60" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/18- 19" وفي "المشكل" "3/270" كلهم من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيدة، عن كبشة لنهت كحب بن مالك عن أبي قتادة.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال العقيلي "2/142": هذا إسناد ثابت صحيح وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
1 أخرجه الشافع في "الأم" "1/8".
2 أخرجه البيهقي في" السنن الكبرى" "1/245" كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة.
3 ينظر العلل لابن أبي حاتم "1/52" رقم "126".
4 ذكر رواية الدارقطني في " الأفراد" ابن الملقن في "البدر المنير" "2/346".
وقال فهذه متابعة لكبشة وهذا سند لا أعلم به بأساً.
5 أخرجه أبو داود "5/291" كتاب الأدب: باب كم مرة يشمت العاطس حدث"5036".
6 وهو حديث رهان الخيل طلق. ذكره الهندي في "كنز العمال " "10815" وعزاه لأبي نعيم في المعرفة.(1/192)
وَأَمَّا حَالُهُمَا فَحَمِيدَةُ رَوَى عَنْهَا مَعَ إِسْحَاقَ ابْنُهُ يَحْيَى وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ1 وَأَمَّا كَبْشَةُ فَقِيلَ إنَّهَا صَحَابِيَّةٌ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِحَالِهَا2 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَعَلَّ مَنْ صَحَّحَهُ اعْتَمَدَ عَلَى تَخْرِيجِ مَالِكٍ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ خَرَّجَ لَهُ فَهُوَ ثِقَةٌ عِنْد ابْن مَعِينٍ وَإِمَّا كَمَا صَحَّ عَنْهُ فَإِنْ سَلَكْتَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي تَصْحِيحِهِ أَعْنِي تَخْرِيجَ مَالِكٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ3.
فَائِدَةٌ: اُخْتُلِفَ فِي حَمِيدَةَ هَلْ هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ أَوْ فَتْحِهَا؟
تَنْبِيهٌ: جَعَلَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي4 الذي أصغى الإناء للمرة هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ قَالَ لَمَّا تَعَجَّبُوا مِنْ إصْغَاءِ الرسول الإناء لِلْهِرَّةِ قَالَ: "إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ" انْتَهَى وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ مَا تَقَدَّمَ.
نَعَمْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو قَتَادَةَ يُصْغِي الْإِنَاءَ لِلْهِرَّةِ فَتَشْرَبُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَا صَنَعْتُ إلَّا مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ5.
وَرَوَى ابْنُ شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن صالح عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ الْإِنَاءَ لِلسِّنَّوْرِ فَيَلَغُ فِيهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْ فَضْلِهِ6.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمُرُّ بِهِ الهرة فتصغى لَهَا الْإِنَاءَ فَتَشْرَبُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا وَعَبْدُ رَبِّهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ7.
__________
1 وذكرها ابن حبان في الثقات "6/250".
2 وممن ذكر أنها صاحبية ابن حبان في الثقات "3/357".
3 ينظر البدر المنير "2/342- 343".
4 عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم النيسابوري، الشيخ أبو سعد المتولي. تفقه على الفوراني والقاضي حسين وأبي سهل الأبيوردي. وبرع في الفقه والأصول، والخلاف. قال الذهبي: كان فقيهاً محققاً، وصبراً مدققا. قال ابن كثير: أحد أصحاب الوجوه من المذهب. صنف كتاباً من "أصول الفقه" وكتاباً في "الخلاف" ومختصراً في "الفرائض". توفي في شوال سنّة 478 هـ بـ "بغداد" عن 71 عاماً.
ينظر: البداية والنهاية 12/128، طبقات الشافعية للسبكي 3/223، شذرات الذب 3/358، الأعلام 4/98، ابن قاضي شهبة 1/247.
5 أخرجه أحمد "5/309"، والبيهقي "1/246"، وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/217"، وقال: رجاله ثقات غير أن فيه الحجاج بن أرطأة وهو ثقة مدلس.
6 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 110- تحقيقنا" ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
7 أخرجه البزار "1/144- كشف" رقم "275" والدارقطني "1/65- 66" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 109- تحقيقنا" من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمر به الهرة فيصغي لها الإناء ثم يتوضأ بفضلها. وعبد الله بن سعيد ضعيف وهو عبد ربه بن سعيد.
قال الذهبي في "المغني" "1/304": تركوه.
وقال الحافظ في " التقريب" "1/419": متروك.(1/193)
وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ1.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ دَاوُد بْنِ صَالِحٍ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ مَوْلَاتَهَا أَرْسَلْتهَا بِهَرِيسَةٍ إلَى عَائِشَةَ قَالَتْ: فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ وَقَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّمَا هِيَ من الطوافين عليكم" وراه الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ دَاوُد بْنُ صَالِحٍ2 وَكَذَا قال الطبراني والبزار وَقَالَ لَا يَثْبُتُ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَان بْنِ مُسَافِعٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ3.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ4.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِيهَا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ5.
__________
1 أخرجه البزار "1/145- كشف" رقم "276" والدارقطني "1/70" من طريق الواقدي محمد بن عمر عن عبد الحميد به، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد" "1/219" وعزاه للبزار وضعفه بمحمد بن عمر الواقدي.
2 أخرجه أبو داود "1/60" كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة، رقم "76"، والطبراني في الأوسط "1/36"، والدارقطني "1/70"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "3/270" والبيهقي "1/246-247" وأم داود بن صالح مجهولة.
وقال الطحاوي: ليست من أهل الروايات التي يؤخذ عنها ولا هي معروفة عند أهل العلم.
3 أخرجه ابن خزيمة "102"، والدارقطني "1/69"، والحاكم "1/160"، والبيهقي "1/246" من طريق سليمان بن مسافع عن منصور بن صفية عن أمه عن عائشة به.
وقال الحاكم: إسناده صحيح ووافقه الذهبي.
4 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 109- بتحقيقنا" من طريق أبي يوسف القاضي عن أبي حنيفة به.
وهو منقطع بين عامر الشعبي وعائشة كما قال أبو حاتم وابن معين، وينظر "جامع التحصيل" "ص204"
5 أخرجه ابن ماجة "1/131" كتاب الطهارة: باب الوضوء بسؤر الهرة حديث "368" والدارقطني "1/69" كتاب الطهارة: باب سؤر الهرة حدث "18" من طريق حارثة عن عمرة عن عائشة به.
وقال البوصيري في الزوائد "1/155": هذا إسناد ضعيف لضعف حارثة بن أبي الرجال.(1/194)
وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ سَلْمُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ1، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مَاهَانَ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَارِثَةَ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ2: قَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: "لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ" مِنْ قَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَرْضٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا بَطْحَانُ فَقَالَ: "يَا أَنَسُ اُسْكُبْ لِي وَضُوءًا" فَسَكَبْت لَهُ فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ أَقْبَلَ إلَى الْإِنَاءِ وَقَدْ أَتَى هِرٌّ فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ فَوَقَفَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَرِبَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "يَا أَنَسُ إنَّ الْهِرَّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لَنْ يُقَذِّرَ شَيْئًا وَلَنْ يُنَجِّسَهُ" قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ3.
قَوْلُهُ: إنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِنَجَاسَةِ الْكِلَاب لَمَّا نَهَى عَنْ مُخَالَطَتِهَا مُبَالَغَةً فِي الْمَنْعِ أَمَّا حُكْمُهُ بِنَجَاسَتِهَا فَتَقَدَّمَ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ مُخَالَطَتِهَا فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كلب صيد أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ" 4 وَقَدْ صَحَّ الْأَمْرُ بِقَتْلِهَا5.
__________
1 أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "9/146" من طريق سلم بن المغيرة ثنا مصعب بن ماهان ثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة به.
قال الخطيب: تفرد برواية هذا الحديث عن سفيان الثوري مصعب بن ماهان ولم أره إلا من حديث سلم بن المغيرة عنه ورواه عبد الله بن وهب عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ورواه مؤمل بن إسماعيل وعمر بن محمد بن أبي رزين عن الثوري عن ابن أبي الرجال عن أمه عمرة عن عائشة أخبرنا البرقاني قال: قال لنا أبو الحسن الدارقطني: سلم بن المغيرة يكنى أبا حنيفة وهو بغدادي ليس بالقوي.
2 ينظر التمهيد "1/321".
3 أخرجه الطبراني في "الصغير" "1/227- 228"، وأبو نعيم في "أخبار أصفهان " "2/71" من طريق جعفر بن عنبسة الكوفي، ثنا عمر بن حفص المكي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أنس بن مالك، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولفظه: "يا أنس! إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئاً ولا ينجسه".
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/219" وقال: وفيه حفص بن عمر المكي، وثقه بن حبان، وقال الذهبي: لا يدري من هو.
4 أخرجه مالك "2/969" كتاب الاستئذان: باب ما جاء في أمر الكلاب حديث "13" والبخاري "9/608" كتاب الذبائح والصيد باب من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد أو ماشية حديث "5480" ومسلم "3/1201" كتاب المساقاة: باب الأمر بقتل الكباب حديث "51/1574" والنسائي "7/188" كتاب الصيد والذبائح: باب الرخصة في إمساك الكلب للصيد، وأحمد "2/8" والدارمي "2/90" كتاب الصيد: باب في اقتناء كلب الصيد والدارمي "2/90" كتاب الصيد: باب في اقتناء كلب الصيد أو الماشية والحميدي "2/283" رقم "632، 633" وعبد الرزاق "10/432" رقم "19611" وأبو يعلى "9/291- 292" رقم "5418" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "55/4" والبيهقي "6/9" كتاب البيوع: باب ما جاء فيما يحل اقتناؤه من الكلاب من طرق عن ابن عمر.
5 تقدم من حديث عبد الله بن مغفل.(1/195)
37 - قَوْلُهُ: وَفِي بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَجْهٌ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَأَحَادِيثُهُ مَشْهُورَةٌ فِي الْبَابِ مع تأويلها ومعارضتها أَمَّا الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى طَهَارَتِهَا فَرَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ 1 بِلَفْظِ "مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ" 1 وَمِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ 2 "لَا بَأْسَ بِبَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ" 2 وَإِسْنَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ 3 عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا3 وَفِي صَحِيحِ 4 ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ عَطَشِهِمْ فِي بَعْضِ الْمَغَازِي قَالَ: حَتَّى إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَلْتَمِسُ الْمَاءَ حَتَّى إنَّهُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَلَى طَهَارَةِ الْفَرْثِ4 وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَحَدِيثُ 5 أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّدَاوِي وَقِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ5 وَحَدِيثُ عُمَرَ 6 دَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَأَمَّا الضَّعِيفَانِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفِ التَّأْوِيلِ فِيهِمَا وَأَمَّا الْمُعَارَضُ فَإِطْلَاقُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ فِي تَعْذِيبِ 7 مَنْ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ6 وَسَتَأْتِي وَبِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَخْبِثُ الْأَبْوَالَ فَهِيَ حَرَامٌ.
38 - حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ يَؤُمُّ النَّاسَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/182" كتاب الطهارة: باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" "1/57" رقم "89" من طريق عمرو بن الحصين ثنا يحيى بن العلاء عن مطرف عن محارب بن دثار عن جابر به وقال ابن الجوزي: فيه عمرو بن الحصين، قال أبو حاتم الرازي: ليس بشيء، وقال الدارقطني: متروك، وأما يحيى بن العلاء، فقال أحمد: كذاب يضع الحديث، وقال الفلاس: متروك الحديث.
2 أخرجه الدارقطني "1/182" كتاب الطهارة: باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه حديث "3" ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق " "1/56- 57" رقم "88" من طريق سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي الجهم عن البراء به.
وقال الدارقطني: سوار ضعيف.
وقال ابن الجوزي: قال أحمد وحى بن معين والنسائي: سوار متروك الحديث.
3 أخرجه البخاري "1/335" كتاب الوضوء: باب أبوال الإبل والدواب حديث "233" ومسلم "3/1296" كتاب القسامة: باب حكم المحاربين والمرتدين حديث "9، 10، 11" وأبو داود "4/531" كتاب الحدود: باب ما جاء في المعاركة حديث "4364- 4371" والترمذي "1/106" كتاب الطهارة: باب بول ما يؤكل لحمه حديث "72" والنسائي "1/158" كتاب الطهارة: باب بول ما يؤكل لحمه، وابن ماجة "2/861" كتاب الحدود: باب من حارب وسعى في الأرض فساداً حديث "2578" وأحمد "3/107، 161، 198، 287".
4 أخرجه ابن خزيمة "2/51- 53" رقم "101" وابن حبان "1380".
5 ينظر الاعتبار في "الناسخ والمنسوخ" "ص 196- 199".
6 سيأتي تخريجه.(1/196)
دَاوُد أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ1 وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي الصُّبْحِ2
تَنْبِيهٌ: ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ3 وَرُدَّ لِلْجَهْلِ بِالنَّاسِخِ،
__________
1 أخرجه البخاري "1/703" كتاب الصلاة: باب إذا حمل جارية صغيرة على عتقه في الصلاة حديث "516" ومسلم "3/35- نووي" كتاب المساجد: باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حديث "41/543" ومالك في. "الموطأ " "1/170" كتاب قصر الصلاة في السفر حديث "81" وأبو داود "1/304" كتاب الصلاة: باب العمل في الصلاة حديث "917" والنسائي "2/45- 46" كتاب المساجد باب إدخال الصبيان المساجد حديث "711"، "2/95-96" كتاب الإمامة: باب ما يجوز للإمام من العمل في الصلاة حديث "827" والدارمي "1/316" كتاب الصلاة: باب العمل في الصلاة والحميدي في "مسنده" "1/203" رقم "422" وأبو عوانة "2/145" وأحمد "5/295، 296، 303، 304، 310، 311" وابن خزيمة "2/41" رقم "868" والبيهقي "2/162- 163" والبغوي في "شرح السنة" "2/322- بتحقيقنا" كلهم من طريق عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة.
2 ينظر البدر المنير "2/376".
3 النسخ يطلق في اللغة كما في الصحاح والقاموس، واللسان بمعنى: الإزالة.
يقال: نسخت الشمس الظل، أي أزالته- و"نسخت الريح الآثار" أي أزالتها، ومنه تناسخ القرون والأزمنة، والإزالة هي الإعدام.
وقد يطلق النسخ بمعنى نقل الشيء " وتحويله من حالة إلى أخرى مع بقائه في نفسه وفي الاصطلاح: عزقة إمام الحرمين الجوينيّ بأنه: اللفظ الدال على انتفاء شرط دوام الحكم الأول.
وعرفه حجة الإسلام الغزالي ب "الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتاً به مع تراخيه عنه".
وعرفه ابن الحاجب بأنه "رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر".
والنسخ في نظر الفقهاء هو النص الدال على انتهاء أمد الحكم الشرعي مع التأخير عن مورده.
البرهان لإمام الحرمين 2/1293، البحر المحيط للزركشي 4/63، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/95، سلاسل الذهب للزركشي، ص 290، التمهيد للأسنوي ص 435، نهاية السؤال له 2/548، زوائد الأصول له ص 308، منهاج الحقول للبدخشي 2/224، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص 87، التحصيل من المحصول للأرموي 2/7، المنخول للغزالي ص 288، المستصفى له 1/107، حاشية البناني 2/74، الابهاج لابن السبكي 2/226، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 3/129، حاشية العطار على جمع الجوامع 2/106، المعتمد لأيي الحسين 1/363، إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي ص 389، الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم 4/463، أعلام الموقعين لابن القيم 1/29، التقرير والتحبير لابن أمير الحاج 3/49، ميزان الأصول للسمرقندى 2/621، 981، حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/185، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني 2/34، شرح المنار لابن ملك ص 91، الموافقات للشاطبي 3/102، تقريب الوصول لابن جزي ص 125، شرح مختصر المنار للكوراني ص 91، نشر البنود للشنقيطي 2/280، شرح الكوكب المنير للفتوحي ص 462.
ينظر تهذيب اللغة 7/181 لسان الحرب 6/4407 تاج العروس 2/282 معيار العقول في علم الأصول لابن المرتضى 1/172 كشف الأسرار 4/3 5 1 حواشي المنار "708" العدة 3/778 الحدود للباجي ص "49" اللمع ص "30" الوصول لابن برهان 2/7 روضة الناظر "36" الرسالة للشافعي "128" 139 المغني للخبازي "250" المسودة "195" شرح تنقيح الفصول "301" تقريب الوصول "125" المنتهى لابن الحاجب "113".(1/197)
وَتَارِيخِهِمَا1، بَلْ جَزَمَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ: "إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا" وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي النَّافِلَةِ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ تَرُدُّ عَلَيْهِ.
وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ إذْ خَرَجَ إلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عُنُقِهِ فَقَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَقُمْنَا خَلْفَهُ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا ثُمَّ قَامَ فَمَا زَالَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْخَطَّابِيِّ مَعَ هَذَا السِّيَاقِ كَيْفَ يَقُولُ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ حَمَلَهَا وَوَضَعَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عَمْدًا لِأَنَّهُ عَمَلٌ يَشْغَلُ الْقَلْبَ2 وَإِذَا كَانَ عِلْمُ الْخَمِيصَةِ يَشْغَلُهُ فَكَيْفَ لَا يَشْغَلُهُ هَذَا وَقَدْ أَشْبَعَ النَّوَوِيُّ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَادَّعَى آخَرُونَ خُصُوصِيَّةَ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ لَا يُؤْمَنُ مِنْ الطِّفْلِ الْبَوْلُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَالْحَسَنُ عَلَى ظَهْرِهِ فَإِذَا سَجَدَ نَحَّاهُ إسْنَادُهُ حَسَنٌ3.
__________
1 قال الحافظ في الفتح "1/592": وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلي الله عليه وسلم"إن في الصلاة لشغلاً" لأن ذلك كان قبل الهجرة وهذه القصة كانت بمد الهجرة قطعاً بمدة مديدة.
2 ينظر معالم السنن "1/217".
3 أخرجه ابن عدي "1/350" في ترجمة أشعث.(1/198)
4-بَابُ الْأَوَانِي 1
39 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ: "هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ " فَقِيلَ: إنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: "أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ".
هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السِّيَاقِ لَا يُوجَدُ بَلْ هُوَ مُلَفَّقٌ مِنْ حَدِيثَيْنِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا هُنَا إلَى قَوْلِهِ: مَيْتَةً فَقَالَ: "إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا" لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَقُلْ الْبُخَارِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ "فَدَبَغْتُمُوهُ" وَلِأَجْلِ هَذَا عَزَاهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ كَالْبَيْهَقِيِّ وَالضِّيَاءِ وَعَبْدِ الْحَقِّ إلَى انْفِرَادِ مُسْلِمٍ بِهِ2 نَعَمْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عن وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَوْدَةَ،
__________
1 قال الحافظ في الفتح "1/592": وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلي الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلاً" لأن ذلك كان قبل الهجرة وهذه القصة كانت بمد الهجرة قطعاً بمدة مديدة.
2 ينظر معالم السنن "1/217".
3 أخرجه ابن عدي "1/350" في ترجمة أشعث.
4 الأواني: جمع آنية، والآنية: جمع إناء، علي أفعلة؟ مثل كساء وأكسية، وأصله: أأنية، بهمزتين، فلينَت الثانية فجعلت ألفاً، ومدً قبلها مدة. ينظر النظم المستعذب "1/17".
5 أخرجه مالك "2/498": كتاب الصيد، باب ما جاء في جلود الميتة، الحديث "16"، والشافعي "1/27": كتاب الطهارة: الباب الثالث في الآنية والدباغ، الحديث "59"، وأحمد "1/329"، والدارمي "2/86": كتاب الأضاحي: باب الاستمتاع بجلود الميتة، والبخاري "3/355": كتاب الزكاة: باب الصدقة على موالي أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث "1492"، ومسلم "1/176": كتاب الحيض: باب طهارة جلود الميتة بالدباغ. الحديث "101/363"، وأبو داود "4/366": كتاب اللباس: باب في أهب الميتة، الحديث "4121"، والنسائي "7/172": كتاب الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة، وابن ماجة "2/1193": كتاب اللباس: باب لبس جلود الميتة إذا دبغت، الحديث "0 361"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/469" كتاب الصلاة: باب دباغ الميتة، وفي "مشكل الآثار" "1/497"، والدارقطني "1/41": كتاب الطهارة: باب الدباغ، الحديث "1"، والبيهقي "1/15" كتاب الطهارة: باب طهارة جلد الميتة بالدبغ، وأبو عوانة "1/211"، وابن عبد البر في "التمهيد" "4/154"، من حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: "مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاة ميتة كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أفلا انتفعتم بجلدها؟ " فقالوا: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنها ميتة فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما حرم أكلها".(1/198)
قَالَتْ: مَاتَتْ شَاةٌ لَنَا فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ... الْحَدِيثَ1، وَأَنْكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَفِي إنْكَارِهِ نَظَرٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ بِلَفْظِ: مَرَّ بِشَاةٍ لِمَيْمُونَةَ2.
ورواه البزار بلفظ مَاتَتْ شَاةٌ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا فَإِنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طَهُورُهُ" وَسَيَأْتِي.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَفِي إسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ3 وَفِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ لِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَوْ لِسَوْدَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: "أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ" فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ وَعْلَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِهَذَا وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: "إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ" وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ قُتَيْبَةَ وَفِي سِيَاقِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَمِعْتُ ابْنَ وَعْلَةَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ4،
__________
1 أخرجه البخاري "11/569" كتاب الأيمان والنذور باب من حلف لا يشرب نبيذاً حديث "6686" وأحمد "6/429".
2 ينظر التعليق قبل السابق.
3 أخرجه الدارقطني "1/49" كتاب الطهارة: باب الدباغ حديث "28".
وقال تفرد به فرج بن فضالة وهو ضعيف.
4 أخرجه مالك "2/498": كتاب الصيد: باب ما جاء في جلود الميتة، الحديث "17"، والشافعي في "المسند" "1/26": كتاب الطهارة الباب الثالث في الآنية والدباغ، الحديث "58"، وأحمد "1/219"، والدارمي "2/86": كتاب الإيضاحي: باب الاستمتاع لجلود الميتة، ومسلم "1/288": كتاب الحيض: باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، الحدث "105/366"، وأبو داود "4/367": كتاب اللباس: باب في أهب الميتة، الحديث "4123"، والترمذي "4/221": كتاب اللباس: باب ما.....=(1/199)
وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْط الصِّحَّةِ وَقَالَ إنَّهُ حَسَنٌ1 وَآخَرُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ2.
41 - حَدِيثُ: "لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ" الشافعي في حَرْمَلَةَ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْأَرْبَعَةُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ الله بن عكيم أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ "أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ" وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد قَبْلَ موته بشهر وفي رواية لِأَحْمَدَ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَكَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَقُولُ هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ حَيْثُ رَوَى بَعْضُهُمْ فَقَالَ عَنْ ابْنِ عُكَيْمٍ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ
وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَزَلْزُلَ الرُّوَاةِ فِيهِ تَوَقَّفَ فِيهِ3.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ بَعْد أَنْ أَخَرَجَهَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنْ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ شهد كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قُرِئَ عَلَيْهِمْ فِي جهينة وسمع مشائخ جُهَيْنَةَ يَقُولُونَ ذَلِكَ4.
__________
= جاء في جلود الميتة، إذا دبغت، الحديث "1728"، والنسائي "7/173": كتاب الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة، وابن ماجة "2/1193": كتاب اللباس: باب لبس جلود الميتة، إذا دبغت، الحديث "3609"، وابن الجارود "ص: 295": باب ما جاء في الأطعمة، الحدث "874"، والطحاوي "1/469": كتاب الصلاة: باب دباغ الميتة وعنده لفظاًن: "أيما إهاب دبغ فقد طهر"، والطبراني في "الصغير" "1/239"، والدارقطني "1/46": كتاب الطهارة: باب الدباغ، الحديث "17"، والبيهقي "1/20": كتاب الطهارة: باب اشتراط الدباغ في طهارة جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ " "ص- 117" والبغوي في شرح السنّة "1/392" من طرق عن ابن وعلة عن ابن عباس به، وله ألفاظ مختلفة.
وقال الترمذي: هذا حدث حسن صحيح.
1 أخرجه الدارقطني "1/48" كتاب الطهارة: باب الدباغ حديث "24" من طريق محمد بن عقيل عن حفص بن عبد الله عن إبراهيم بن طهمان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
ومحمد بن عقيل قال الذهبي في "الميزان " "3/649": معروف لا بأس به إلا أنه تفرد بهذا الحديث.
2 أخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" "1/114" لكن من حديث ابن عمر.
3 أخرجه أحمد "4/310- 311"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "7/167"، وأبو داود "4/370- 371": كتاب اللباس: باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة، الحديث "4127" و"4128"، والترمذي "4/222": كتاب اللباس: باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، الحديث "1729"، والنسائي "7/175": كتاب الفرغ والعتيرة: باب ما يذبح به جلود الميتة، وابن ماجة "2/1194": كتاب اللباس: باب من قال لا ينتفع من الميتة لا باهاب ولا عصب، الحديث "3613"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/468": كتاب الصلاة: باب دباغ الميتة، والبيهقي "1/14": كتاب الطهارة: باب في جلد الميتة. وابن حبان "1276، 1277" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 113- بتحقيقنا".
4 ينظر الإحسان "2/411- 412" حديث "1269" باب ذكر لفظة أوهمت عالماً من الناس أن الخبر مرسل ليس بمتصل.(1/200)
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ هَذَا الْخَبَرُ مُرْسَلٌ1.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ لَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ صُحْبَةٌ وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ كِتَابَةٌ2 وَأَغْرَبَ الْمَاوَرْدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ3.
وَقَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ تَضْعِيفُ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الضَّعْفُ عَلَى الِاضْطِرَابِ كما نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَمِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُبَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَلَفْظُهُ جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ "إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ" إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ4 وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ5 وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ فَخَرَجُوا إلَيَّ وَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ6 فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ابْن عُكَيْمِ لَكِنْ إنْ وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَن مِنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ في الناسخ والمسنوخ وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ7.
وَعَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عن جابر وزمعة ضعيفة8.
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ9 على هذا الْحَدِيثِ فَشَفَى.
وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ
__________
1 ينظر "معرفة السنن والآثار" "1/176" و"معالم السنن" "4/203".
2 ينظر "العلل " لابن أبي حاتم "1/52" رقم "77".
3 ينظر " البدر المنير" "2/399".
4 أخرجه ابن عدي "4/31" ترجمة شبيب بن سعيد.
5 أخرجه الطبراني في "لأوسط" "1/105" رقم "104" وقال: لم يروه عن أبي سعيد إلا يحيى تفرد به فضالة عن أبيه قال أبو حاتم: لم يكن فضالة بأهل أن يكتب عنه العلم ينظر الجرح والتعديل "3/2/79".
6 في الأصل: أخبرهم الحديث وتقدم تخريج هذه الرواية.
7 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" رقم "152- بتحقيقنا".
8 أخرجه ابن شاهين "153- بتحقيقنا".
9 ينظر "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" "ص 56- 59".(1/201)
لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِانْقِطَاعُ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ وَالِاضْطِرَابُ فِي سَنَدِهِ فَإِنَّهُ تَارَةً قَالَ عَنْ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَارَةً عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَتَارَةً عَنْ مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ وَالِاضْطِرَابُ فِي الْمَتْنِ فَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَمِنْهُمْ مِنْ رَوَاهُ بِقَيْدِ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالتَّرْجِيحُ بِالْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى الدِّبَاغِ أَصَحُّ وَالْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ بِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمُ الْجِلْدِ قَبْل الدِّبَاغِ وَأَمَّا بعد الدباغ فيمسى شَنًّا وَقِرْبَةً حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَالْجَوْهَرِيِّ قد جَزَمَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاهِينَ1: لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ وَجَاءَ قَوْلُهُ: "أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ" فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالتَّخْصِيصِ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُمَا لَا يُدْبَغَانِ.
وَقِيلَ: مَحْمُولٌ عَلَى بَاطِنِ الْجِلْدِ فِي النَّهْيِ وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْإِبَاحَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
42 - حَدِيثُ: "إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا" تَقَدَّمَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بن مسسلم عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ لَحْمَهَا فَأَمَّا الْجِلْدُ وَالشَّعَرُ وَالصُّوفُ فَلَا بَأْسَ بِهِ2 قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَابَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ3.
43 - حَدِيثٌ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَيْسَ في الشت وَالْقَرَظِ وَالْمَاءِ مَا يُطَهِّرُهُ" 4.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: هَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ.
__________
1 ينظر الناسخ والمنسوخ لابن شاهين "ص- 115".
2 أخرجه الدارقطني "1/47- 48" كتاب الطهارة باب الدباغ حديث "21".
وقال الدارقطني: عبد الجبار ضعيف.
وقال الذهبي في "الميزان" "4/240- بتحقيقنا": عبد الجبار بن مسلم عن الزهري: ضعيف ولا أعرفه.
وقد تعقبه الحافظ في "اللسان" فقال: وعجيب من قول المؤلف لا أعرفه وله ترجمة في "تاريخ ابن عساكر" وساق حديثه المذكور من طرق، وفي بعضها قال تمام: لم يسند عبد الجبار بن مسلم إلا هذا الحدث قلت: ولم يرو عنه غير الوليد، وقال يعقوب بن سفيان في "تاريخه": سألت هشام بن عمار عنه فقال: كان يركب الخيل ويتنزه ويتصيد وهذا الوصف مع رواية أخيه عنه يرفع جهالة عينه.
3 أخرجه الدارقطني "1/46- 47" كتاب الطهارة باب الدباغ حديث "18".
وقال: أبو بكر الهذلي ضعيف.
4 قال ابن الملقن في" البدر المنير" "2/413": هذا الحديث غريب بذكر الشب فيه لا أعلم من خرجه به ولعل الإمام الرافعي قلد فيه الإمام فإنه قال في "نهايته": انه جاء في رواية "أليس في الشب والقرظ ما يطهره"؟(1/202)
وَقَالَ في شرح المذهب1: ليس الشت ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَهَلْ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ جَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْأَزْهَرِيُّ قَالَ وَهُوَ مِنْ الْجَوَاهِرِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْأَرْضِ تُشْبِهُ الزَّاجَ2 وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إنَّهُ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مُرُّ الطَّعْمِ يُدْبَغُ بِهِ3 وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقَةِ4 جَاءَ فِي الْحَدِيثِ "أَلَيْسَ فِي الْمَاءِ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُهَا؟ " وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَعْرِفُهُ مَرْوِيًّا قَالَ وَأَصْحَابُنَا يَرْوُونَهُ: "الشَّتُّ وَالْقَرَظُ" وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَهَذَا شَيْخُ الْأَصْحَابِ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الشَّتِّ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ الْجُوَيْنِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا أَنْ يُقَلِّدُوهُ فِي ذَلِكَ وَأَغْرَبَ ابْنُ الْأَثِيرِ5 فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ6 فِي مَادَّةِ الشِّينِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَرَّ بِشَاةٍ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ: "أَلَيْسَ فِي الشَّتِّ وَالْقَرَظِ مَا يطهره؟ " والحديث الذي ذكر لَيْسَ فِيهِ الشَّتُّ فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: "إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا أو ليس فِي الْمَاءِ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُهَا؟ " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ7 وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ سُبَيْعٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا" فَقَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ, فَقَالَ: "يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ
__________
1 ينظر"المجموع" "1/223".
2 ينظر كلام الأزهري في "المصباح المنير" "1/302".
3 ينظر "الصحاح " للجوهري "1/285"، مادة: شثث.
4 أحمد بن محمد بن أحمد الشيخ أبو حامد ثن أبي طاهر الإسفراييني، شيخ الشافعية بالعراق، ولد سنّة 344، اشتغل بالعلم، وتفقه على ابن المرزبان والداركي، وروى الحديث عن الدارقطني وأبي بكر الإسماعيلي وأبي أحمد بن عدى وجماعة، وكان يقال له: الشافعي الثامن، وشرح المختصر، وله كتاب في أصول الفقه. مات سنّة 406.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/172، الأعلام 1/203، تاريخ بغداد 4/368.
5 المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد، الشيباني، العلامة مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزري، ثم الموصلي، ولد سنّة 544، قرأ الفقه والحديث والأدب والنحو، قال ابن خلقان: " كان فقيهاً" محدثاً، أديباً، نحوياً، عالماً بصيغة الحساب والإنشاء، ورعاً، عاقلاً، مهيباً، ذا بر وإحسان".
ومن تصانيفه كتاب النهاية في غريب الحديث، وكتاب جامع الأصول وغيرهما. توفي سنّة 606. انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/60، الأعلام 6/152، وفيات الأعيان 3/289.
6 ينظر " النهاية في غريب الحديث""2/444".
7 أخرجه الدارقطني "1/41" كتاب الطهارة. والبيهقي "1/20" كتاب الطهارة: باب وقوع الدباغ بالقرظ، من طريق الدارقطني قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/416": وإسنادهما حسن قال الشيخ زكي الدين في "كلامه على أحادث المهذب": هذا حديث حسن ورجاله ثقات.(1/203)
وَالْقَرَظُ" وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ1.
44 - حَدِيثُ: "دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْجَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ بِهِ وَفِيهِ قِصَّةٌ2 وَفِي لَفْظٍ "دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا".
وَفِي لَفْظٍ "دِبَاغُهَا طَهُورُهَا".
وَفِي لَفْظٍ "ذَكَاتُهَا دِبَاغُهَا".
وَفِي لَفْظٍ "ذَكَاةُ الْأَدِيمِ دِبَاغُهُ" وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ3 وَقَالَ أَحْمَدُ الْجَوْنُ لَا أَعْرِفُهُ4 وَقَدْ عَرَفَهُ غَيْرُهُ عَرَفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَرَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَصَحَّحَ ابْنُ سَعْدِ وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً وَتَعَقَّبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُفَوِّزٍ ذَلِكَ عَلَى بْنِ حَزْمٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ5.
__________
1 أخرجه أبو داود "4/369" كتاب اللباس: باب في أهب الميتة حديث "4126" والنسائي "7/175" كتاب الفرع والعتيرة: باب ما يدبغ به جلود الميتة، وأحمد "6/334" والدارقطني "1/45" كتاب الطهارة: باب الدباغ حديث "11" وابن حبان "1291- الإحسان" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/470" والبيهقي "1/19" من طريق عبد الله بن مالك بن حذافة عن المالية بنت سبيع به وصححه ابن حبان وكذلك ابن السكن كما في "البدر المنير" "2/471".
ونقل ابن الملقن عن المنذري تحسينه.
وتابعه في "خلاصة البدر المنير" "1/23".
وفيه نظر فإن العالية بنت سبيع ذكرها الذهبي في "الميزان " "4/608" وقال: تفرد عنها ولدها عبد الله عن مالك لكن وثقها العجلي. ا. هـ.
قلت وولدها عبد الله بن مالك بن حذافة لم يوثقه غير ابن حبان.
2 أخرجه أحمد "5/6، 7" وأبو داود "4/368" كتاب اللباس: باب في أهب الميتة حديث "5 2 1 4" والنسائي "7/173" كتاب الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة والحاكم "4/1 4 1" والبيهقي "1/1 2" كتاب الطهارة: باب جلود الميتة، وابن حبان "124- موارد" وابن أبي شيبة "8/38" كتاب العقيقه: باب في الفراء من جلود. الميتة والطيالسي "1/43- منحة" رقم "124" والحافظ في "تخريج المختصر" "2/127".
3 قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان.
ومال ابن الملقن إلى تصحيحه في " البدر المنير" "2/423" وصححه السيوطي في "الحاوي للفتاوى" "1/13".
4 ذكر هذا القول ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/1/542" وفي "البدر المنير" "2/423- 424": أعله أبو بكر الأثرم فقال في "ناسخه ومنسوخه" سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: لا أدرى من هو الجون بن قتادة.
وقال الترمذي في "العلل الكبير" "ص 824" رقم "519" ولا أعرف لجون بن قتادة غير هذا الحدث ولا أدرى من هو.
5 ينظر الإصابة "1/651- 653".(1/204)
وَفِي الْبَابِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ وَعْلَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ "دِبَاغُ كُلِّ إهَابٍ طُهُورُهُ" 1 وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ ابْنِ وَعْلَةَ بِلَفْظِ: "دِبَاغُهُ طَهُورُهُ" وَفِيهِ قِصَّةٌ لِابْنِ وَعْلَةَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سُؤَالِهِ عَنْ الْأَسْقِيَةِ الَّتِي تَأْتِيهِمْ بِهَا الْمَجُوسُ2 وَرَوَاهُ الدُّولَابِيُّ فِي الْكُنَى مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قُلْتُ لابن عباس: الفرا تُصْنَعُ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ" 3 وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَاتَتْ شَاةٌ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا فَإِنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طَهُورُهُ" 4 وَابْنُ عَطَاءٍ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ5.
وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَخِيهِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ سِقَاءٍ فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ مَيِّتَةٌ فَقَالَ: "دِبَاغُهُ يُزِيلُ خَبَثَهُ أَوْ نَجَسَهُ أَوْ رِجْسَهُ" وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ6 وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَلَفْظُ النَّسَائِيُّ "دِبَاغُهَا طَهُورُهَا" وَفِي لَفْظِ ابْنِ حِبَّانَ "دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُهَا" 7.
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/46" كتاب الطهارة: باب الدباغ حديث "16" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 117- بتحقيقنا" من طريق فليح به.
وفليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ ينظر "التقريب" "2/1114".
2 أخرجه مسلم "1/278" كتاب الحيض: باب طهارة جلود الميتة بالدباغ حديث "106".
3 أخرجه الدولابي في "الكنى" "1/105" والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق " "2/409" من طريق أبو أسامة عن حماد بن السائب ثنا إسحاق بن عبد الله بن الحارث به وقال الخطيب: قال عبد الغني: قال لنا حمزة بن محمد لما أملى علينا هذا الحديث: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن حماد بن السائب غير أبي أسامة وحماد هذا ثقة كوفي.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "11/176" رقم "11411" والبيهقي "1/16" كتاب الطهارة: باب جلود الميتة والبزار كما في "البدر المنير" "2/429".
وقال البزار: لا نعلم رواه عن يعقوب عن أبيه عن ابن عباس إلا شعبة.
5 يعقوب بن عطاء.
قال أحمد: منكر الحديث. وقال ابن معين وأبو زرعة: ضعيف. وذكره ابن حبان في الثقات.
ينظر الجرح والتعديل "4/2/211" والثقات "7/639".
6 أخرجه أحمد "1/314" وابن خزيمة "114" والحاكم "1/161" والبيهقي "1/24".
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولا أعرف له علة ووافقه الذهبي.
وصححه ابن خزيمة والبيهقي.
7 أخرجه النسائي "7/174" كتاب الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة وابن حبان "123- موارد" والدارقطني "1/49" والبيهقي "1/21".
قال الدارقطني: إسناده حسن رجاله كلهم ثقات.(1/205)
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ1 وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي أُمَامَةَ2 وَابْنِ عُمَرَ3 وَهِيَ فِي الطَّبَرَانِيِّ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ شَاهِينَ بِلَفْظِ: "جُلُودُ الْمَيْتَةِ دِبَاغُهَا طُهُورُهَا" 4 وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ وَفِي الْكُنَى لِلْحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي سَهْلٍ5.
وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِّ سَلَمَةَ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ6 وَلِأُمِّ سَلَمَةَ حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ7 بِلَفْظِ: "إنَّ دِبَاغَهَا يَحِلُّ كَمَا يَحِلُّ خَلُّ الْخَمْرِ" وَفِيهِ الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ فِي مُسْتَخْرَجِهِ8.
45 - حَدِيثُ لَمَّا حَلَقَ 1 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعْرَهُ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: نَاوَلَ الْحَالِقُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ ثُمَّ نَاوَلَهُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ فَقَالَ: "اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ" 9.
46 - حَدِيثُ حُذَيْفَةَ "لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا" 10
__________
1 أخرجه الطبراني في " الكبير""20/368" رقم "859" من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي إمامة عن المغيرة مرفوعاً بلفظ: دباغه طهوره.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/433": علي والقاسم ضعيفان.
وذكره الهيثمي في " المجمع " "1/220" وقال: وفيه علي بن يزيد عن القاسم فيهما كلام وقد وثقا.
2 قال ابن الملقن: رواه الطبراني من طريق الواقدي وهو مكشوف الحال ينظر "البدر المنير" "2/433".
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "8/169" رقم "7711".
4 أخرجه الطبراني من طريق القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
والقاسم ضعيف. ينظر "البدر المنير" "2/434".
5 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "160- بتحقيقنا" من طريق القاسم.
وأخرجه برقم "159" من طريق ابن سهل حفص الخراساني عن نافع عن ابن عمر.
وقال: أبو سهل الخراساني روى عنه أبو نعيم ولا أعلم رواه عنه غيره.
ومن طريق أبي سهل رواه الحاكم أبو أحمد في الكنى كما في "البدر المنير""2/434".
6 ينظر "البدر المنير، "2/434".
7 أخرجه البيهقي "1/24".
8 أخرجه الدارقطني "1/49".
9 ينظر "البدر المنير" "2/434".
10 بهذا اللفظ أخرجه مسلم ولم يخرجه البخاري إنما أخرج أصل الحديث كما سيأتي.(1/206)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِزِيَادَةِ "فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ".
قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ1.
47 - حَدِيثُ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ بِلَفْظِ "فِي بَطْنِهِ" وَلَيْسَ فِيهِ الذَّهَبُ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: "إنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ فِيمَا قِيلَ3 زَادَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ "إلَّا أَنْ يَتُوبَ" 4.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ
__________
= والحديث أخرجه مسلم "2/948" كتاب الحج باب بيان أن السنّة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر حديث "1305" والحميدي "2/512" والحاكم "1/474" وابن المنذر في "الأوسط" "2/274" والبيهقي في "الكبرى" "1/25".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقد وهما في ذلك فقد أخرجه مسلم.
وأخرجه البخاري "1/273" كتاب الوضوء: باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان حديث "171" بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما حلق شعره يوم النحر تفرق الناس فأخذوا شعره وأخذ أبو طلحة منه طائفة.
قال ابن سيرين: لأن يكون عندي منه شعرة أحب إليّ من الدنيا وما فيها.
1 أخرجه البخاري "1/980" كتاب الأشربة: باب آنية الفضة حديث "5633" ومسلم "3/1638" كتاب اللباس والزينة حديث "5/2067" وأبو داود "2/323" كتاب الأشربة: باب في الشراب في
آنية الذهب والفضة حديث "3123" والنسائي "8/198" كتاب اللباس والزينة: باب ذكر النهي عن لبس الديباج، والترمذي "4/299" كتاب الأشربة: باب ما جاء في كراهية الشرب في آنية الذهب والفضة حديث "1878" وابن ماجة "2/1187" كتاب اللباس: باب كراهية لبس الحرير حديث "3590" وأحمد "2/385، 390، 400" والحميدي "440" عن حذيفة به.
2 أخرجه مالك "2/924" كتاب صفة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باب النهي عن الشراب في آنية الفضة حديث "11" والبخاري "10/98" كتاب الأشربة: باب آنية الفضة حديث "5634" ومسلم "3/1635" كتاب اللباس والزينة: ثاب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة حديث "1"، وابن ماجة "2/1130" كتاب الأشربة: باب الشرب في آنية الفضة حديث "3413" والدارمي "2/121" كتاب الأشربة: باب الشرب في المفضض، وأحمد "6/301، 304، 306" والطيالسي "1601" كلهم من طريق نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فذكره.
3 أخرجه مسلم "3/1634" كتاب اللباس: باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة.
وقال البيهقي في "السنن الكبرى""1/27": وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة والوليد بن شجاع عن علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع زاد: "إن الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة ... ".
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "23/215" رقم "392".(1/207)
إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ سَمَّاهَا الثَّوْرِيُّ صَفِيَّةَ عَنْهُ1 وَحَدِيثُ شُعْبَةَ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ بِلَفْظِ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارًا" 2 وَفِيهِ اخْتِلَافٌ عَلَى نَافِعٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخَرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ3 وَأَعَلَّهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ4 وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَخَطَّأَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ.
48 - حَدِيثُ أَبِي وَائِلٍ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ عُمَرَ الشَّامَ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَجَاءَ دِهْقَانُ5 فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي نَهْيِهِ عَنْ السُّجُودِ لَهُ وَفِي امْتِنَاعِهِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ لِأَجْلِ التَّصَاوِيرِ وَفِي أَكْلِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَفِي شُرْبِهِ مِنْ إدَاوَةِ الْغُلَامِ نَبِيذًا صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ إذَا رَابَكُمْ شَيْءٌ مِنْ شَرَابِكُمْ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَمُسْلِمٌ
__________
1 رواية سفيان الثوري عند النسائي في "السنن الكبرى" "4/197" كتاب الأشربة باب آداب الشرب حديث "6877" عن نافع عن صفية عن عائشة.
2 أخرجه ابن ماجة "2/1130" كتاب الأشربة: باب الشرب في آنية الفضة حديث "3415" وأحمد "6/98" من طريق نافع عن امرأة ابن عمر عن عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من شرب في إناء فضة فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم".
قال البوصيرى في "الزوائد""3/110": هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وأخرجه أيضاً النسائي في" الكبرى" "4/197" رقم "6876" والبغوي في الجعديات "567 1" وابن عبد البر في "التمهيد" "16/103".
3 أخرجه الطبراني في "الصغير" "1/204" من طريق برد بن سنان عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "من شرب في إناء من ذهب أو إناء من فضة فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم".
وقال الطبراني: لم يروه عن برد إلا ابنه العلاء ا. هـ.
والعلاء ضعفه أحمد بن حنبل ينظر الحيزان "3/97".
4 قال ابن أبي حاتم في"العلل" "1/26" رقم "43" سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه حماد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أو غيره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" قالا: هذا خطأ إنما هو عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد
الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. قلت لأبى وأبي زرعة الوهم ممن هو فقالا من حماد.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" "16/103": وهذا عندي خطأ لا شك فيه ولم يرو ابن عمر هذا الحديث فقط والله أعلم ولا رواه نافع عن ابن عمر ولو رواه عن ابن عصر ما احتاج أن يحدث به عن ثلاثة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وأما إسناد شعبة في هذا الحديث، فيحتمل أن يكون إسناداً آخر ويحتمل أن يكون خطأ وهو الأغلب ا. هـ.
5 في الأصل: لأبي دهقان.(1/208)
ضَعِيفٌ1 وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَقَالَ خَالَفَهُ الْأَعْمَشُ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ يَعْنِي الْمَرْفُوعَ مِنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.2
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَفِي السَّنَدِ النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ وَلَفْظُهُ: "إنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ... " الْحَدِيثَ3 وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ4 وَعَنْ عَلِيٍّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ5 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ "وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ وَعَنْ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ أَوْ آنِيَةِ الْفِضَّة".6
49 - حَدِيثُ كَانَتْ حَلْقَةُ قَصْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ رَأَيْتُ قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "وَكَانَ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ" وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ "فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ"7 وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ الَّذِي جَعَلَ السِّلْسِلَةَ هُوَ أَنَسٌ لِأَنَّ لَفْظَهُ "فَجَعَلْتُ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً"8، وَجَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ.
__________
1 أخرجه الحاكم "3/82" كتاب معرفة الصحابة من طريق مسدد عن أبي الأحوص عن مسلم الأعور عن أبي وائل به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بقوله: مسلم تركوه.
2 ينظر " العلل الواردة في الأحاديث النبوية" "2/161- 162" رقم "189".
3 أخرجه أبو يحلى "5/101- 102" رقم "2711" من طريق محمد بن يحيى ثنا سليم بن مسلم المكي ثنا نصر بن عربي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه ناراً".
وقال الهيثمي في "المجمع" "5/80": رواه أبو يعلى والطبراني في الثلاثة وفيه محمد بن يحيى بن أبي سمينة وثقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما وفيه كلام لا يضر وبقية رجاله ثقات.
قلت: ومحمد بن يحيى ليس في إسناد الطبراني.
فقد أخرجه في "الصغير" "1/15" من طريق محمد بن بحر ثنا سليم بن مسلم به وقال: تفرد به محمد بن بحر.
قلت وفيه نظر فقد رواه محمد بن يحيى أيضاً كما تقدم.
4 أخرجه البيهقي "1/28" كتاب الطهارة: باب المنع من الأكل في صحاف الذهب والفضة.
5 أخرجه الدارقطني "1/41" كتاب الطهارة: باب أواني الذهب والفضة، ومن طريقه البيهقي "1/28" كتاب الطهارة: باب المنع من الأكل في صحاف الذهب والفضة.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/450": رواه الدارقطني بإسناد جيد.
6 أخرجه البخاري "3/112": كتاب الجنائز: باب الأمر بإتباع الجنائز، الحديث "1239"، ومسلم "3/1635": كتاب اللباس: باب تحريم استعمال أواني الذهب، الحديث "3/306"، من حديث البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع، ونهانا عن سبع: بعيادة المريض، وإتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ورد السلام ... الحديث.
7 أخرجه البخاري "10/99" كتاب الأشربة باب الشرب من قدح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآنيته حديث "5638".
8 ينظر سنن البيهقي "1/29- 30".(1/209)
قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ: لِأَنَّ فِي الْخَبَرِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لا تغيرن شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ1.
50 - حَدِيثُ "كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ". أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ2 وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ مُرْسَلٌ3.
وَرَجَّحَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ4 وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ.
قُلْتُ: لَكِنْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ5 وَلَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ هَذِهِ رَوَاهَا النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَلَهُ رِوَايَةٌ قَالَ: "كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ". وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ6 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ بْنِ
__________
1 ينظر "فتح الباري" "10/100".
2 أخرجه أبو داود "3/69" باب السيف يحلى حديث "2583" والترمذي "4/201" كتاب الجهاد: باب ما جاء في السيوف وحليتها حدث "1691" وفي " الشمائل" رقم "99" والنسائي "8/219" كتاب الزينة: باب حلية السيف كلهم من طريق جرير بن حازم به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس وقد روى بعضهم عن سعيد بن أبي الحسن قال: "كانت قبيعة سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فضة".
3 أخرجه أبو داود "3/69" كناب الجهاد: باب السيف يحلى حديث "2584" والنسائي "8/219" كتاب الزينة: باب حلية السيف.
4 رجح المرسل الإمام أحمد رحمه الله كما في "العلل" رواية ابنه "1/53".
وقال أبو داود: إن أقوى الأحاديث حديث سعيد بن أبي الحسن البصري والباقية ضعاف ينظر السنن "3/69".
ورجح النسائي الرواية الموصلة فقال عقب المرفوع: هذا حديث منكر والصواب عن سعيد مرسلاً.
ولم أجد هذا الكلام في الكبرى وينظر "البدر المنير" "2/464".
وقال أبو حاتم كما في "العلل" لولده "1/313": إنما هو سعيد بن أبي الحسن قال: كانت قبيعة ... مرسل وفي "البدر المنير" "2/464": وكذا قال البزار: إنما يروى عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً وهو الصواب ورجحه أيضاً الدارمي "2/140".
وقال البيهقي عقب المرفوع: تفرد به جرير عن قتادة عن أنسى ورواه قتادة عن سعيد عن أبي الحسن مرسلاً وهو المحفوظ.
ورجح المرسل أيضاً المنذري كما في "البدر المنير" "2/465".
5 أخرجه النسائي "8/219" كتاب الزينة باب حلية السيف وينظر سنن الترمذي "4/201".
6 أخرجه النسائي "8/219" كتاب الزينة باب حلية السيف.
وقال ابن الملقن "2/468": هذا إسناد لا ريب في صحته.(1/210)
حِمْيَرٍ حَدَّثَنَا أبو الحكم الصيقل حدثنا حَدَّثَنِي مَرْزُوقٌ الصَّيْقَلُ "أَنَّهُ صَقَلَ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا الْفَقَارِ وَكَانَتْ لَهُ قَبِيعَةٌ, مِنْ فِضَّةٍ الْحَدِيثَ1 وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ طالب بن حجيز ثَنَا هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَدِّهِ مَزِيدَةَ قَالَ: "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ قَالَ طَالِبٌ فَسَأَلْتُ عَنْ الْفِضَّةِ فَقَالَ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِهِ فِضَّةً" قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ2.
تَنْبِيهٌ الْقَبِيعَةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رَأْسِ قَائِمِ السَّيْفِ وَطَرَفُ مِقْبَضِهِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ وَقِيلَ مَا تَحْتَ شَارِبَيْ السَّيْفِ مِمَّا يَكُونُ فَوْقَ الْغِمْدِ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي فَوْقَ الْمِقْبَضِ3 وَاَللَّه أَعْلَمُ.
51 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ: "هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي" التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ "حُرِّمَ لِبَاسُ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ" لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ4 وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ5 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى6 وَيَرْوِيهِ نَافِعٌ عَنْ سَعِيدِ بْن أَبِي هِنْدٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى نَافِعٍ فَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ،
__________
1 أخرجه الطبراني في" الكبير" "20/360" رقم "844" وقال ابن الملقن "2/469": ولا أعلم بهذا السند بأساً.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد" "5/274" وقال: وفيه أبو الحكم الصيقل ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
2 أخرجه الترمذي "4/200" كتاب الجهاد: باب ما جاء في السيوف وحليتها حديث "1690".
وقال: حسن غريب.
وذكر هذا الحديث الحافظ الذهبي في "الميزان" "3/456- بتحقيقنا".
وقال: قال أبو الحسن القطان هو عندي ضعيف لا حسن وصدق أبو الحسن تفرد به طالب وهو صالح الأمر إن شاء الله وهذا منكر فما علمنا في حلية سفيه صلي الله عليه وسلم ذهباً.
3 ينظر لسان العرب "3515" والنهاية في "غريب الحديث" "4/7".
4 أخرجه ابن أبي شيبة "8/346" رقم "4697" والترمذي "4/189" كتاب اللباس: باب ما جاء في الحرير والذهب حديث "0 172" وأبو داود الطيالسي "1/355- منحة" رقم "0 182" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/251" والبيهقي "2/425" والبغوي في "شرح السنة" "6/164- بتحقيقنا" كلهم من طريق سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري به وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
5 قال ابن أبي حاتم في المراسيل "ص-75": سمعت أبي قول: لم يلق سعيد بن أبي هند أبا موسى الأشعري.
6 في الأصل: أبي موسى الأشعري.(1/211)
رَوَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى حَدِيثًا فِي النَّهْي عَنْ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ قَالَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي مُوسَى1.
قُلْتُ رِوَايَةُ أَيُّوبَ عِنْد عَبْدِ الرَّزَّاقِ2 عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ وَقَالَ ابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثُ سَعِيدِ3 بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى مَعْلُولٌ لَا يَصِحُّ4 قُلْتُ وَمَشَى ابْنُ حَزْمٍ عَلَى ظَاهِرِ الْإِسْنَادِ فَصَحَّحَهُ وَهُوَ مَعْلُولٌ بِالِانْقِطَاعِ5 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ6 عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَتَابَعَهُ بَقِيَّةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالصَّحِيحُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى.
وَقَدْ رَوَى طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرِيرِ شَيْئًا قَالَ: لَا, قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وَهْمِ بَقِيَّةَ وَيَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ فِي إسْنَادِهِ7.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: "إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي" زَادَ ابْنُ مَاجَهْ "وَهِيَ حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ" 8 وَبَيَّنَ النَّسَائِيُّ الِاخْتِلَافَاتِ فِيهِ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَا يَضُرُّ.
وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ9 عَنْ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرِجَالُهُ مَعْرُوفُونَ10 وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ11 وَرَجَّحَ النَّسَائِيُّ12 رِوَايَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
__________
1 ينظر كلام الدارقطني في "البدر المنير""2/472".
2 أخرجه عبد الرزاق "11/68" رقم "19930".
3 في الأصل: سعد.
4 ينظر الإحسان "7/396".
5 تقدم الكلام على الانقطاع في رواية سعيد بن أبي هند عن أبي موسى.
6 في الأصل: عبد.
7 ينظر كلام الدارقطني في " البدر المنير" "2/479" ويحيى بن سليم الطائفي صدوق سيء الحفظ ينظر "التقريب""2/349".
8 أخرجه أبو داود "2/448" كتاب اللباس: باب في الحرير للنساء حديث "4057" وابن ماجة "2/1189" كتاب اللباس باب لبس الحرير والذهب للنساء حديث "3595" والنسائي "8/160" كتاب الزينة: باب تحريم الذهب على الرجال، وأحمد "1/96" وأبو يعلى "1/235" رقم "272" وابن حبان "1465- موارد" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/250" باب لبس الحرير والبيهقي "2/450" كتاب الصلاة: باب الرخصة في الحرير والذهب للنساء، كلهم من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عبد العزيز بن أبي الصعبة عن أبي الأفلح الهمداني عن عبد الله بن زيد عن علي به.
9 في الأصل: ابن عبد الحق.
10 ينظر الأحكام الوسطى "4/184" كتاب اللباس.
11 ينظر "العلل" للدارقطني "3/260- 262".
12 أخرجه النسائي "8/160" كتاب الزينة باب تحريم الذهب على الرجال.(1/212)
عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ أَفْلَحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ بِهِ1 قَالَ: لَكِنَّ قَوْلَهُ أَفْلَحُ الصَّوَابُ فِيهِ أَبُو أَفْلَحَ.
قُلْت: وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ وُهَيْبٍ وَاَللَّه أَعْلَمُ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهَالَةِ حَالِ رُوَاتِهِ مَا بَيْنَ عَلِيٍّ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ2 بْنُ زُرَيْرٍ فَقَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَابْنُ سَعْدٍ وَأَمَّا أَبُو أَفْلَحَ فَيُنْظَرُ فِيهِ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي الصَّعْبَةِ فَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي الصَّعْبَةِ3 وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَحْوَهُ وَيُنْظَرُ فِي إسْنَادِهِ فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقَيَّةَ سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ يَقُولُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قُمْ فَأَخْبِرْ النَّاسَ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي" 4 إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَهِشَامٌ لَمْ يُخْرِجُوا لَهُ5 وَأَخْرَجَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ مِنْ طَرِيقِهِ وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عُمَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَلِيٍّ6 وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ الْبَزَّارُ لَيِّنُ الْحَدِيثِ7 وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى8 وَفِي إسْنَادِهِ الْإِفْرِيقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ9 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ
__________
1 في الأصل: به عن علي.
2 في الأصل: عبيد.
3 ينظر كلام ابن القطان في "البدر المنير""2/477- 478".
4 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى""3/257" كتاب صلاة الخوف: باب الرخصة للنساء في لبس الحرير والديباج.
5 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/480": رواه البيهقي ولا أعلم بسنده بأساً ا. هـ.
هشام بن أبي رقية ذكره ابن حبان في "الثقات" "5/501".
6 أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" "1/167" والبزار "3/382" رقم "3005" كلاهما من طريق عمرو بن جرير عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عمر به.
وقال الطبراني: لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد إلا عمرو بن جرير البجلي.
وقال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن إسماعيل عن قيس عن عمر إلا عمرو بن جرير وعمرو لين الحديث.
7 وذكره الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" "397".
8 أخرجه ابن ماجة "2/1190" كتاب اللباس: باب لبس الحرير والذهب للنساء حديث "3597" وغيره.
9 وفي إسناده أيضاً عبد الرحمن بن رافع التنوخي ضعيف ينظر "التقريب" "1/479" وحكم على هذا الحديث بأنه منكر.
قال الذهبي في"الميزان" "2/560": لعل تلك النكارة جاءت من قبل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.(1/213)
فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ1 وَفِيهِ ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَحْمَدُ لَهُ مَنَاكِيرُ2 وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَبَّادٌ ثَنَا سَعِيدُ ثَنَا ابْنُ زَيْدٍ بْنِ أَرْقَمَ أَخْبَرَتْنِي أُنَيْسَةُ بِنْتُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهَا رَفَعَتْهُ "الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ حِلٌّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِهَا" ابْنُ زَيْد هُوَ ثَابِتٌ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ نَحْوَهُ وَإِسْنَادُهُ مُقَارِبٌ3 وَرَوَاهُ أَيْضًا هُوَ وَالْبَزَّارُ عَنْ ابْنِ عباس بسند رواه وَبِسَنَدٍ آخَرَ أَوْهَى مِنْهُ4.
52 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ شَرِبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ الْجَارِي عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا5 وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ جَدِّهِ وَقَالَ إنَّهَا وَهْمٌ6 وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ7 لَمْ تُكْتَبْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "5/240" رقم "5125" والعقيلي في "الضعفاء" "1/174" وابن حبان في "المجروحين" "1/206" من طريق زيد بن ثابت حدثتني عمتي أنيسة بنت زيد بن أرقم عن أبيها زيد بن أرقم.
2 وقال ابن حبان: الغالب على حديثه الوهم لا يحتج به إذا انفرد، وقال العقيلي: هذا يروى بغير هذا الإسناد بأسانيد صالحة.
وينظر " الجرح والتعديل" "1/1/452".
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "22/97" رقم "234".
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "2/484" هذا سند لا أعلم به بأساً.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "11/15" رقم "10899" وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف وتقدمت ترجمته.
وأخرجه أيضاً "11/152" رقم "11333" من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس به.
ومحمد بن الفضل: كذبوه، التقريب "2/200".
5 أخرجه الدارقطني "1/40" كتاب الطهارة باب أواني الذهب والفضة حديث "1" والحاكم في "علوم الحديث""ص131" والسهمي في "تاريخ جرجان" "149" والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/29" كتاب الطهارة باب النهي عن الإناء المفضض، وفي "الخلاقيات""مسألة 5- بتحقيقنا" كلهم من طريق يحيى بن محمد الجاري به. وقد ضعف هذا الحديث بجهالة ذكريا وأبيه.
قال الذهبي في "الميزان" "217/7- بتحقيقنا": هذا حديث منكر وزكريا ليس بالمشهور.
وقال الحافظ في "الفتح" "10/101": معلول بجهالة حال إبراهيم بن عبد الله وولده.
وأعله بهذا ابن القطان كما في "تنقيح التحقيق" "1/321" لابن عبد الهادي.
وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" "1/29": حديث ابن عمر لا يصح وزكريا هو وأبوه لا يعرف لهما حال.
وقال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" "1/26": وهو حديث ضعيف لا يصح.
6 ينظر "السنن الكبرى" "1/29- 30".
7 ينظر "علوم الحديث" للحاكم "ص 131".(1/214)
الْبَيْهَقِيُّ: الْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُضَبَّبِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ1 ثُمَّ أَخَرَجَهُ بِسَنَدٍ لَهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ "أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ وَلَا ضَبَّةُ فِضَّةٍ"2 ثُمَّ رَوَى النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عائشة3 وأنس4 وفي الْبَاءِ5 الْمُوَحَّدَةِ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ "نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ وَتَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ وَكَلَّمَهُ النِّسَاءُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ فَأَبَى عَلَيْنَا وَرَخَّصَ لَنَا فِي تَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ" قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْحَكِيمِ6.
__________
1 ينظر" السنن الكبرى" "1/29".
2 أخرجه البيهقي "1/29" كتاب الطهارة: باب النهي عن الإناء المفضض.
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/29" كتاب الطهارة: باب النهي عن الإناء المفضض وفي "شعب الإيمان " "5/208- 209" رقم "6383" وأخرجه أيضاً عبد الرزاق "11/69" رقم "19933".
4 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/29" كتاب الطهارة: باب النهى عن الإناء المفضض.
5 في الأصل: حرف الباء.
6 ينظر "مجمع البحرين" "4270".(1/215)
5-بَابُ 1 الْوُضُوءِ
53 - حَدِيثُ "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" وَفِي رِوَايَةٍ "وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَمَدَارُهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ
__________
1 في الأصل: كتاب.
2 أخرجه البخاري "1/9" كتاب بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي حديث "1"، "5/190" كتاب العتق: باب الخطأ والنسيان حديث "2529"، "7/267" كتاب مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة حديث "3898"، "9/17" كتاب النكاح: باب "من هاجر أو عمل خيراً لتزوج امرأة فله ما نوى" حديث "5070"، "11/570" كتاب الأيمان والنذور: باب النية في الأيمان حديث "6689"، "12/342- 343" كتاب الحيل: باب من ترك الحيل حديث "6953" ومسلم "3/1515" كتاب الإمارة؟ باب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما الأعمال بالنيات" حديث "155/1907" وأبو داود "2/651" كتاب الطلاق: باب فيما عنى به الطلاق والنيات حديث "2201" والنسائي "1/58- 59" كتاب الطهارة: باب النية في الوضوء، والترمذي "4/179" كتاب فضائل الجهاد: باب ما جاء فيمن يقاتل رياء حديث 16471" وابن ماجة "2/1413" كتاب الزهد باب النية حديث "4227" وأحمد "1/25، 43" والحميدي "1/16- 17" رقم "28" وأبو داود الطيالسي "2/27- منحة" رقم "1997" وابن خزيمة "1/73- 74" رقم "142" وابن حبان "388، 389- الإحسان" وابن الجارود في " المنتقى" رقم "64" وابن المبارك في الزهد "ص- 62، 63" وابن أبي عاصم في "الزهد" "ص- 01 1" رقم "206" وهناد بن السري في "الزهد" "2/440" رقم "871" ووكيع في "الزهد" رقم "351" وابن المنذر في "الأوسط " "1/369" وابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل " "ص- 213" والدارقطني "1/50- 51" كتاب الطهارة: باب النية حديث "1" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "3/96" كتاب الطلاق: باب طلاق المكره، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" "8/42" وفي "تاريخ أصبهان" "2/115، 227" وابن عساكر في "تاريخ دمشق " "1/403"-.....=(1/215)
.....................................................................................
__________
= تهذيب" والقضاعي في "مسند الشهاب" "1، 2، 1172، 1173" وابن حزم في " المحلى" "1/73" والبيهقي "1/41" كتاب الطهارة: باب النية في الطهارة، وفي "معرفة السنن والآثار" "1/152"، و"شعب الإيمان" "5/336" رقم "6837" و"الاعتقاد" رقم "254" وفي "الزهد الكبير" "ص - 132" رقم "241" وفي "الآداب" رقم "1138" والخطيب في "تاريخ بغداد" "4/244، 6/153، 9/345- 346" والقاضي عياض في الإلماع "ص- 54- 55" باب ما يلزم من إخلاص النية في طلب الحديث وانتقاد ما يؤخذ عنه، وابن جميع في "معجم شيوخه" "ص- 117" رقم "66" والبغوي في "شرح السنة" "1/54- بتحقيقنا" والرافعي في "تاريخ قزوين" "4/77" والنووي في "الأذكار" "ص- 33" والذهبي في "تذكرة الحفاظ " "2/774" والحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" "2/242، 243" كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما الأعمال بالنيات إن لكل إمرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ا. هـ. وقال أبو نعيم: هذا الحديث من صحاح الأحاديث وعيونها ا. هـ.
وقال ابن عساكر: هذا حديث صحيح من حديث أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب وثابت من حديث علقمة بن وقاص الليثي لم يروه عنه غير أبي عبد الله محمد بن إبراهيم التيمي واشتهر عنه برواية أبي سعد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني القاضي وهو ممن انفرد به كل واحد من هؤلاء عن صاحبه ورواه عن يحيى العدد الكثير والجم الغفير ا. هـ.
قلت: وقد روى هذا الحديث غير يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم أخرجه ابن عدي في " الكامل" "3/136" من طريق الربيع بن زياد أبو عمرو الضبي عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
قال ابن عدي: وهذا الأصل فيه يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم وقد رواه عن يحيى أئمة الناس وأما عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم لم يروه عنه غير الربيع بن زياد وقد روى الربيع بن زياد عن غير محمد بن عمرو من أهل المدينة بأحاديث لا يتابع عليها ا. هـ.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة رهم أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة وهزال بن يزيد الأسلمي.
1- حديث أبي سعيد الخدري.
أخرجه الخليلي في "الإرشاد" "1/233" والدارقطني في "غرائب مالك " والحاكم في "تاريخ نيسابور" كما في "تخريج أحاديث المختصر" لابن حجر "2/247- 248" وأبو نعيم في "الحلية" "6/342" والقضاعي في "مسند الشهاب" "1773" كلهم من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
قال الخليلي: وعبد المجيد قد أخطأ في هذا الحديث الذي يرويه عن مالك في الحديث الذي يرويه مالك والخلق عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهو غير محفوظ من حديث زيد بن أسلم بوجه ا. هـ.
وقال الدارقطني: تفرد به عبد المجيد عن مالك ا. هـ. ......=(1/216)
........................................................................................
__________
= وقال أبو نعيم: غريب من حديث مالك عن زيد تفرد به عبد المجيد ومشهوره وصحيحه ما في الموطأ مالك عن يحيى بن سعيد ا. هـ.
وقد حكم ببطلان هذا الطريق أبو حاتم الرازي فقال ولده في "العلل" "1/131" رقم "362": سئل أبي عن حديث رواه نوح بن حبيب عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما الأعمال بالنيات" قال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له إنما هو مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ.
وقد أخرجه الحافظ بن حجر في "تخريج المختصر" "2/247" من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز عن مالك عن زيد.... به.
وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وقال أيضاً: "وعبد المجيد وثقه أحمد وابن معين والنسائي وتكلم فيه أبو حاتم والدارقطني وقيل إن هذا مما أخطأ فيه على مالك والمحفوظ عن مالك عن يحيى بن سعيد بالسند المعروف المتقدم" ا. هـ.
قلت: وقد حاول بعضهم إلصاق الخطأ بنوح بن حبيب الراوي عن عبد المجيد كالبزار مثلاً.
فقال الزيلعي في "نصب الراية" "1/302": وقال- يعني البزار- في مسند الخدري حديث روي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأعمال بالنية" أخطأ فيه نوح بن حبيب ولم يتابع عليه وليس له أصل عن أبي سعيد ا. هـ.
قلت: وفي كلام البزار نظر أما إن الحديث ليس له أصل عن أبي سعيد فهذا صواب أما إلصاق الخطأ بنوح بن حبيب ودعواه أنه تفرد به ولم يتابع عليه فهنا الخطأ.
فقد توبع نوح بن حبيب على هذا الحديث تابعه اثنان وهما إبراهيم بن محمد بن مروان بن هشام عند الدارقطني في " غريب مالك " وعلي بن الحسن الذهلي عند الحاكم في "تاريخ نيسابور" ينظر "تخريج المختصر" لابن حجر "2/247- 248".
ومنه نعلم أن نوحاً لم يتفرد به بل تابعه اثنان وأن الذي تفرد به هو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود وهو الذي أخطأ في الحديث.
2- حديث أنس بن مالك أخرجه ابن عساكر في أماليه كما في "تخريج المختصر" لابن حجر "2/246" وقال الحافظ: وفي سنده ضعف.
وقال الحافظ العراقي في "طرح التشريب" "2/4": رواه ابن عساكر من رواية يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن أنس بن مالك، وقال: هذا حديث غريب جداً والمحفوظ حديث عمر.
3- حديث أبي هريرة.
قال العراقي في "طرح التشريب" "2/4": رواه الرشيد العطار في بعض تخاريجه وهو وهم أيضاً.
وقال ابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" "2/246": أخرجه الرشيد العطار في فرائده بسند ضعيف 4- حديث علي بن أبي طالب.
قال الحافظ العراقي في "طرح التشريب" "2/4": رواه محمد بن ياسر الجياني في نسخة من طريق أهل البيت إسنادها ضعيف.
وقال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحادث المختصر" "2/246": أخرجه أبو علي بن الأشعث وهو واه جداً...........=(1/217)
الْأَنْصَارِيِّ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ مَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ سِوَى مَالِكٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ دِحْيَةَ وَهِمَ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى أَنَّهُ فِي الْمُوَطَّأِ نَعَمْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الشِّهَابِ2 "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" بِجَمْعِهِمَا مَعَ حَذْفِ "إنَّمَا" لَا يَصِحُّ لَهَا إسْنَادٌ وَهُوَ وَهْمٌ فَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي الْأَرْبَعِينَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي مَوَاضِعَ3 مِنْ صَحِيحِهِ مِنْهَا فِي الْحَادِي عَشَرَ مِنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ وَالسَّادِسِ وَالسِّتِّينَ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ4 بِحَذْفِ إنَّمَا وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَلْ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ" بِحَذْفِ إنَّمَا لَكِنْ بِإِفْرَادِ النِّيَّةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَشَّابُ5: رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إنْسَانًا وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ عَبْدَ الْجَلِيلِ بْنَ أَحْمَدَ فِي الْمُذَاكَرَةِ يَقُولُ قَالَ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ كَتَبْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَبْعِمِائَةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.
قُلْتُ: تَتَبَّعْتُهُ مِنْ الْكُتُبِ وَالْأَجْزَاءِ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ جُزْءٍ فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُكْمِلَ لَهُ سَبْعِينَ طَرِيقًا [هذا ما كنت وقعت عليه ثم رأيت في المستخرج لابن مندة عدة طرق فضممتها إلى ما عندي فزادت على ثلاث مائة] 6.
__________
= 5- حديث هزال بن يزيد الأسلمي أخرجه الحاكم في "تاريخ نيسابور" كما في "تخريج أحاديث المختصر" "2/248" في ترجمة أبي بكر محمد بن أحمد بن بالويه، من طريق محمد بن يونس عن روح بن عبادة عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن ابن هزال عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال الحاكم: ذكرته لأبي علي الحافظ فأنكره جداً وقال لي: قل لأبي بكر لا يحدث به بعد هذا ا. هـ.
قال الحافظ: محمد بن يونس شيخه هو الكديمي وهو معروف بالضعف والمحفوظ بالسند المذكور قصة ماعز فلعله دخل عليه حديث في حديث وهزال هو ابن يزيد الأسلمي وهو صحابي معروف واسم ابنه نعيم وهو مختلف في صحبته ا. هـ.
قلت: مما سبق تبين أن حديث "إنما الأعمال بالنيات" لم يصح إلا من حديث عمر.
1 في الأصل: قيس الأنصاري.
2 ينظر "مسند الشهاب" رقم "1".
3 في الأصل: مواضع تسعة.
4 في الأصل: هذا الموضع.
5 نقله عنه "البدر العيني" في "عمدة القاري " "1/20".
6 سقط في ط.(1/218)
وَقَالَ الْبَزَّارُ وَالْخَطَّابِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ إنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ حَمْزَةَ النَّيْسَابُورِيِّ بِسَنَدِهِ إلَيْهِ قَالَ ثَنَا أَبُو هُبَيْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ ثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ السَّمْطِ ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ غَرِيبٌ جِدًّا1 وَالْمَحْفُوظُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي مُسْتَخْرَجِهِ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ نَفْسًا وَسَاقَهَا وَقَدْ تَتَبَّعَهَا شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ فِي النُّكَتِ الَّتِي جَمَعَهَا عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَأَظْهَرَ أَنَّهَا فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ نَعَمْ وَزَادَ عَلَيْهَا عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ مَفِيدٌ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.
54 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا غَطَّى لِحْيَتَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: "اكْشِفْ لِحْيَتَكَ فَإِنَّهَا مِنْ الْوَجْهِ" لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا2 نَعَمْ ذَكَرَهُ الْحَازِمِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَلَهُ إسْنَادٌ مُظْلِمٌ وَلَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ3 وَالنَّوَوِيُّ4 وَزَادَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يَعْنِي قَوْلَهُ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى إسْنَادٍ لَا مُظْلِمٌ وَلَا مُضِيءٌ انْتَهَى وَقَدْ أَخَرَجَهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ5 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "لَا يُغَطِّيَنَّ أَحَدُكُمْ لِحْيَتَهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللِّحْيَةَ مِنْ الْوَجْهِ" وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ كَمَا قَالَ الْحَازِمِيُّ.
55 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غَرْفَةً غَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ وكان كث اللحية أما وُضُوءُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُجْمَلًا وَمُفَسَّرًا6 وَأَمَّا كَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَثَّ اللِّحْيَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وُرُودَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَذَا قَالَ7 وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ8 وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِلِ9 مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ
__________
1 ينظر حديث أنس ضمن شواهد حديث عمر.
2 قال الحافظ ابن الملقن في "الخلاصة" "1/29": غريب ضعيف من رواية ابن عمر.
وقال في "البدر المنير" "3/28": هذا الحديث غريب جداً لا أعلم من خرجه.
3 ينظر "البدر المنير" "3/28".
4 ينظر "المجموع" "1/379".
5 ينظر"تسديد القوس" "2/236".
6 أخرجه البخاري "1/230" كتاب الوضوء: باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة حديث "1401" وأبو داود "1/95" كتاب الطهارة: باب الوضوء مرتين حديث "137" والنسائي "1/84" كتاب الطهارة: باب مسح الأذنين مع الرأس.
7 ينظر "الشفا" للقاضي عياض "1/58".
8 أخرجه مسلم "4/1823" كتاب الفضائل: باب شيبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "109" وأحمد "5/104".
9 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "1/164".(1/219)
اللِّحْيَةِ" وَفِي رِوَايَةٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ وَفِيهَا مِنْ حَدِيثِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ مِثْلُهُ1 وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلُهُ2 وَفِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ الْمَشْهُورِ: "وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ"3.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي غَسْلِ مَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ اللِّحْيَةِ قَوْلَانِ.
أحدهما: يَجِبُ بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْخَبَرِ يَعْنِي حَدِيثَ اللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْفِرْدَوْسِ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَإِسْنَادُهُ لَا يَصِحُّ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ4 مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ5 عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا أَدْرِي كَمْ حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ذَقَنِهِ" –الْحَدِيثَ-.
56 - قَوْلُهُ: رُوِيَ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذا يتوضأ أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ" وَقَدْ رُوِيَ "أَنَّهُ أَدَار الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ" ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ يُدِيرُ الْمَاءَ عَلَى الْمِرْفَقِ6 وَالْقَاسِمُ مَتْرُوكٌ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَكَذَا ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ
__________
1 ينظر المصدر السابق "1/212".
2 ينظر المصدر السابق "1/227".
3 ينظر المصدر السابق "1/205".
4 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/37".
5 في الأصل: عبادة.
6 أخرجه الدارقطني "1/83" كتاب الطهارة: باب وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "15" والبيهقي "1/56" كتاب الطهارة، كلاهما من طريق عباد بن يعقوب عن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل عن جده عن جابر به.
قال الدارقطني: ابن عقيل ليس بقوي.
وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" "1/383".
وهو حديث ضعيف، فعباد بن يعقوب: الرواجني، متكلم فيه، روى عنه البخاري مقروناً بآخر، وقال ابن حبان فيه: رافضي داعية، يروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك. انتهى.
وعبد الله بن محمد بن عقيل أيضاً فيه مقال، وكذلك ابن ابنه القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه قال: كان متروك الحديث، وذكر عن أبي زرعة أنه قال: أحاديثه منكرة، وهو ضعيف الحديث أيضاً، وذكره ابن حبان مي الثقات وقال: يروي عن جده عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر. وروى عنه إسحاق بن محمد العزرمي. انتهى. ذكره في أتباع التابعين من كتابه.
ورواه البيهقي أيضاً من حديث سويد بن سعيد، عن القاسم بن محمد العقيلي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، أما القاسم وجده فتقدما، وأما سويد بن سعيد فهو، وإن أحرج له مسلم، فقد قال ابن معين: هو حلال الدم، وقال ابن المديني: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: صدق إلا أنه كثير التدليس، وقيل: إنه عمي في آخر عمره، فربما لقن ما ليس في حديثه، فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن، وسكت عنه البيهقي ههنا، وقال في باب: من قال لا يقرأ: تغير بآخره، فكثر الخطأ في روايته. انتهى.
والعجب من البيهقي كيف سكت عن القاسم هنا، وقد قال في باب: لا يطهر بالمستعمل: لم يكن بالحافظ، وأهل العلم مختلفون في الاحتجاج برواياته.(1/220)
وَابْنُ مَعِينٍ وَانْفَرَدَ ابْنُ حِبَّانَ بِذِكْرِهِ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ1 وَقَدْ صَرَّحَ بِضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ2 وَيُغْنِي عَنْهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ,1 ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ3 وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي فَلَمْ تَرِدْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ4 بَلْ هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ يَأْتِي فِي آخِرَ سُنَنِ الْوُضُوءِ.
57 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتُهُ فَلْيَفْعَلْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ "إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ" وَلِمُسْلِمٍ: "فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ أَوْ تَحْجِيلَهُ" وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمٍ وَعِنْدَهُ قَالَ نُعَيْمٌ لَا أَدْرِي قَوْلَهُ: "مَنْ اسْتَطَاعَ" إلَى آخره من قوله أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ5.
58 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح في وضوءه6 نَاصِيَتَهُ وَعَلَى عِمَامَتِهِ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ
__________
1 القاسم بن محمد.
قال أبو حاتم: متروك الحديث.
وقال أبو زرعة: أحاديثه منكرة وهو ضعيف الحديث.
وقال أحمد: ليس بشيء.
وقال ابن معين ليس بشيء.
وخالفهم ابن حبان فوثقه.
ينظر "الجرح والتعديل" "7/119" و"الضعفاء الكبير" "3/473" و"الكامل" "6/2059" و"الثقات " لابن حبان "7/338".
2 وقد ضعف هذا الحديث ابن الجوزي في " التحقيق" "1/87" والنووي في " المجموع " "1/385" وابن عبد الهادي في " تنقيح التحقيق" "1/87" وابن دقيق العيد وابن الصلاح كما في "البدر المنير" "3/35- 36" وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" "1/27".
3 سيأتي تخريجه.
4 قال ابن الملقن في " الخلاصة" "1/27": هذه غريبة.
5 أخرجه مسلم "1/216": كتاب الطهارة: باب استحباب إطالة الغرّة، الحديث "34/246"، وأخرجه أيضاً أبو عوانة "1/243": كناب الطهارة: باب الدليل على إباحة الوضوء مرّة مرة، والبيهقي "1/57": كتاب الطهاة: باب استحباب إمرار الماء على العضد، وأخرجه النسائي في المجتبى من السنن "1/93": كتاب الطهارة: باب حلية الوضوء، وأخرجه أحمد "2/371"، وهو عند البخاري "1/234": كتاب الوضوء: باب فضل الوضوء، الحديث "136"، ومن رواية نعيم أيضاً، إلا أنه اقتصر على ذكر المرفوع ولم يذكر عل أبي هريرة. فذكر حديث: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين ...
6 في الأصل: وضوء.(1/221)
حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ مُطَوَّلَةٍ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ1 وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ2 وَوَهَمَ الْمُنْذِرِيُّ [فِيهِ] 3 فَعَزَاهُ إلَى الْمُتَّفَقِ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْجَوْزِيِّ4 وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي وَصَرَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّهُ مِنْ أَفَرَادِ مُسْلِمٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْقِلٍ عَنْ أَنَسٍ 1 مَا يَدُلُّ عَلَى الِاجْتِزَاءِ بِالْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَلَفْظُهُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْعِمَامَةَ.5 وَفِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ6.
59 - حَدِيثُ "إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْت لِعُمَرَ: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقَالَ عَجِبْتُ بِمَا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:
__________
1 أخرجه أبو داود الطيالسي "95"، الحديث "699"، وأحمد"4/244"، ومسلم "1/230": كتاب الطهارة: باب المسح على الناصية والعمامة، الحديث "81/274"، وأبو داود "4/101- 105": كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين، الحديث "150"، والترمذي "1/170- 171": كتاب الطهارة: باب ما جاء في المسح على العمامة مع الناصية، والنسائي "1/76": كتاب الطهارة: باب المسح على العمامة مع الناصية، الحديث "17"، وابن ماجة "1/181": كتاب الطهارة: باب ما جاء في المسح على الخفين، الحديث "545"، وأبو عوانة "1/259- 260": كتاب الطهارة: باب إباحة المسح على العمامة، وابن الجارود في المنتقى "ص: 37": باب المسح على الخفين، الحديث "83"، والطحاوي في شرح معاني الآثار "1/30": باب فرض مسمع الرأس في الوضوء، والدارقطني "1/192": كتاب الطهارة: باب في جواز المسح على بعض الرأس، والبيهقي "1/58": كتاب الطهارة: باب مسح بعض الرأس.
2 لم يخرجه البخاري بهذا اللفظ إنما أخرج أصله "1/306- 307" كتاب الوضوء باب المسح على الخفين حديث "203".
3 سقط في الأصل.
4 ينظر التحقيق لابن الجوزي "1/88".
وقد وافقه على هذا العزو ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق " "88/1".
5 أخرجه أبو داود "1/102- 103" كتاب الطهارة باب المسح على العمامة حديث "147" وابن ماجة "1/187" كتاب الطهارة: باب ما جاء في المسح على العمامة حديث "564" كلاهما من طريق عبد العزيز بن مسلم عن أبي معقل به وسنده ضعيف وينظر التعليق الآتي.
6 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "3/45" كل رجاله في الصحيح إلا عبد العزيز وأبا معقل وهما مستوران لا أعلم من جرحهما ولا من وثقهما لان وثق الأول ابن حبان وحده "7/116".
وقال ابن القطان: إنه حديث لا يصح.
وقال ابن السكن: لم يثبت إسناده.
وفي "الميزان" "7/430- بتحقيقنا": أبو معقل عن أنس في المسح على العمامة لا يعرف.(1/222)
"صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صدقته" ورواه أَصْحَابُ السُّنَنِ1.
60 - حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَةِ الصُّفُوفِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ أَخِيهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَدَلِيِّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ",- ثَلَاثًا "وَاَللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لِيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ" قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ وَمَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِهِ لَفْظُ أَبِي دَاوُد2 وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ3 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَلَفْظُهُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يَلْمِسُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ أَخِيهِ وَرُكْبَتهُ بِرُكْبَتِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ,4 وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: كَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ5.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة "2/203": باب من كان يقصر الصلاة، وأحمد "1/36"، والدارمي "1/354": كتاب الصلاة: باب قصر الصلاة في السفر، ومسلم "478/1": كتاب صلاة المسافرين: باب صلاة المسافرين، وقصرها، الحديث "4/686"، وأبو داود "2/7": كتاب الصلاة: باب صلاة المسافر، الحديث "1199"، والترمذي "4/309": كتاب التفسير، الحديث "5025"، والنسائي "3/116": كتاب تقصير الصلاة في السفر، الحديث "1"، وابق ماجة "1/339": كتاب إقامة الصلاة: باب تقصير الصلاة في السفر، الحديث "1065"، وابن جرير "5/154"، والبيهقي "3/134" كتاب الصلاة: باب رخصة القصر في كل سفر، وأبو جعفر النحاس، في " الناسخ والمنسوخ " "ص-161"، وابن الجارود "ص- 46"، رقم "146"، وابن خزيمة "1/71"، رقم "945"، وأبو يعلى "1/163"، رقم "181".
والحديث ذكره السيوطي في" الدر المنثور" "2/371"، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والطحاوي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2 أخرجه أبو داود "1/431- 432" كتاب الصلاة باب تسوية الصفوف حديث "662" وابن خزيمة "1/82- 83" رقم "0 6 1" وابن حبان "3/464" رقم "67 1 2" وأحمد "4/276" والبيهقي "3/100- 101" كتاب الصلاة: باب إقامة الصفوف كلهم من طريق أبي القاسم الجدلي به.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن.
3 علقه البخاري في صحيحه "2/211" كتاب الأذان: باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف عن النعمان قال: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه.
قال الحافظ في " الفتح": وإسناده حسن.
قال ابن الملقن في " البدر المنير" "3/51": وتعليقات البخاري إذا كانت بصيغة الحزم تكون صحيحة نحتج بها.
قلت: ليس هذا على إطلاقه فقد علق البخاري في كتاب الزكاة عن طاوس عن ابن عباس وطاوس عن ابن عباس منقطع وهذا مشهور بين أهل العلم وقد أوضحنا ذلك في تعليقنا على بداية المجتهد.
وينظر " العلل" لابن المدني "ص 8" وسن الدارقطني "2/100".
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "البدر المنير" "3/53" ومسند النعمان في المعجم الكبير مفقود ضمن ما فقد من المعجم.
5 سيأتي تخريجه.(1/223)
61 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَمَّا أَنَا فَأَحْثِي عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ أُفِيضُ فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ1 دُونَ قَوْلِهِ: "فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" وَهُوَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِاخْتِصَارٍ عَنْ هَذَا2 وَقَوْلُهُ: "فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ نَعَمْ وَقَعَ هَذَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي سُؤَالِهَا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نفض الرَّأْسِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ لَهَا: "إنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ طَهُرْتِ" وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ3.
62 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ" لَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ4 وَقَدْ سَبَقَ الرَّافِعِيَّ إلَى ذِكْرِهِ هَكَذَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الِاصْطِلَامِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ5 وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ وَلَا يَصِحُّ نَعَمْ لِأَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِيهِ "إذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ "لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ" 6 وَعَلَى هذا فالسياق بثم لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى7 بِلَفْظِ: "ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ" وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ مُفَوِّزٍ8 بِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي الرِّوَايَاتِ.
__________
1 أخرجه أحمد في "مسنده" "4/81" وصحح إسناد هذه الرواية ابن الملقن في " البدر المنير" "3/57"
2 أخرجه البخاري "1/367" كتاب الغسل: باب من أفاض على رأسه ثلاثاً حديث "254" ومسلم "1/257" كتاب الحيض: باب استحباب إفاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثاً حديث "327" وأبو داود "1/123" كتاب الطهارة: باب الطهارة باب في الغسل من الجنابة حديث "239" والنسائي "1/135" كتاب الطهارة: باب ذكر ما يكفي الجنب من إفاضة الماء على رأسه.
3 أخرجه مسلم "1/259" كتاب الحيض: باب حكم ضفائر المغتسلة حديث "58".
4 قال ابن الملقن في " البدر المنير" "3/59": هذا الحديث غريب لهذا اللفظ لا أعلم من خرجه بهذا اللفظ.
5 ينظر "المجموع " "1/446".
6 أخرجه أبو داود "1/537" كتاب الصلاة: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود حديث "858" والترمذي "2/100" كتاب الصلاة: باب ما جاء في وصف الصلاة حديث "302" والنسائي "2/225" كتاب الصلاة: باب الرخصة في ترك الذكر في السجود، وابن ماجة "1/156" كتاب الطهارة باب ما جاء في الوضوء على أمر الله حديث "460" والدارمي "1/248" كتاب الصلاة: باب في الذي لا يتم الركوع والسجود.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
7 ينظر المحلى "2/56".
8 ابن مفوذ هو محمد بن حيدة بن مفوز المعافري كان حافظاً عارفاً متقناً ضابطاً وله رد على ابن حزم. ينظر تذكرة الحفاظ "4/1255".(1/224)
6- بَابُ السِّوَاكِ
63 - حَدِيثُ "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ" هَذَا الْحَدِيثُ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا إسْنَادٍ1 وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ سَمِعْتُ أَبِي سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِهَذَا2 قَالَ ابْنُ حِبَّانَ أَبُو عَتِيقٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
قُلْتُ: هُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْحَدِيثِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نُسِبَ فِي السِّيَاقِ إلَى جَدِّهِ وَكَلَامُ ابْنِ حِبَّانَ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَتِيقٍ نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَوْضَحَهُ الْمَعْمَرِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعَتْ عَائِشَةُ بِهِ3 وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ4 وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ5 عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقِيلَ إنَّهُ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ بِوَاسِطَةِ مِسْعَرٍ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنَّ الَّذِي فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ مِسْعَرٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الصَّحِيحُ أَنَّ ابْنَ أَبِي عَتِيقٍ سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ6 وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ7 وَجَزَمَ الشَّيْخُ تقي الدين في الإمام أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْرَدَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَمُرَادُهُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى لَا بِهَذِهِ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ قَدْ يُوهِمُ
__________
1 أخرجه البخاري "4/158" كناب الصيام: باب سواك الرطب واليابس للصائم بدون إسناد مجزوماً قال المنذري في "الترغيب" "1/101": رواه البخاري معلقاً مجزوماً وتعليقاته المجزومة صحيحة وقال النووي في "المجموع " "1/268": وهذا التعليق صحيح لأنه مجزوم به.
2 أخرجه النسائي "1/10" كتاب الطهارة: باب الترغيب في السواك حديث "5" وأحمد "6/124" وأبو يعلى "8/315" رقم "4916" وابن حبان "143- موارد"، والبيهقي "1/34" والحافظ في "تغليق التعليق" "3/164" من طريق عبد الرحمن بن أبي عتيق به.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
3 أخرجه أحمد "6/62".
4 أخرجه الشافعي "71- المسند".
5 أخرجه الحميدي "162".
وأخرجه أحمد "6/47، 62، 238" وأبو يعلى "4598" وابن المنذر في "الأوسط " "3381" والبيهقي "1/34" وأبو نعيم في "الحلية " "7/159" من طريق محمد بن إسحاق به.
6 ينظر كلام الدارقطني في "البدر المنير" "3/62".
7 أخرجه ابن خزيمة "1/70" رقم "135".(1/225)
خِلَافَ ذَلِكَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ1 وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ2 وَالدَّارَقُطْنِيّ3 هُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَنْ عَائِشَةَ.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ: "عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ" أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ4 وَالْمَحْفُوظُ عَنْ حَمَّادٍ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ" رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي سَنَدِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ5 وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَفِيهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا6 وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ7 وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ8 وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ
__________
1 أخرجه أحمد "1/23" وأبو يعلى "109، 110" والمروزي في "مسند أبي بكر" "108، 110" والسراج في مسنده كما في " الفتح " "4/159" من طريق حماد بن سلمة عن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكر الصديق به.
قال أبو يحلى: سألت عبد الأعلى بن حماد عنه فقال: هذا خطأ.
2 ينظر العلل لابن أبي حاتم "1/12" رقم "6".
3 ينظر " العلل " للدار قطني "1/277- 278".
4 أخرجه ابن حبان "144- موارد" وهو ظاهر الصحة لكنه خطأ والمحفوظ حديث آخر لأبي هريرة وهو "لولا أن أشق على أمتي" وسيأتي.
5 أخرجه أحمد "2/108" بلفظ: "عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم ومرضاة للرب".
وابن لهيعة ضعيف.
6 لعل أبو نعيم أخرجه في "كتاب السواك " ولم أقف عليه.
وقد عزاه ابن الملقن في "البدر المنير" "3/71" لأبى نعيم وقال: ويزيد هذا قال النسائي وغيره متروك.
7 أخرجه ابن ماجة "1/106" كتاب الطهارة باب السواك حديث "289" والطبراني في" الكبير" "8/262" رقم "7876" كلاهما من طريق عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي إمامة مرفوعاً بلفظ: "تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".
قال البوصيري في" الزوائد" "1/26": هذا إسناد ضعيف. وضعفه أيضاً الحافظ العراقي في "طرح التثريب" "2/70" وعثمان بن أبي عاتكة ضعفه النسائي وأبو مسهر ويعقوب بن سفيان وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي ينظر التهذيب "7/125".
8 أخرجه الطبراني في "الكبير" "8/248" رقم "7846" من طريق سعيد بن أبي مريم عن عبيد اللَّه بن زحر عن على بن يزيد عن أبي إمامة مرفوعاً.
قال ابن الملقن: هذا سند واه.
وأخرجه الطبراني أيضاً "8/210" رقم "7744" من طريق بقية بن الوليد عن إسحاق بن مالك الحضرمي عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي إمامة به. قلت: بقية بن الوليد مدلس وقد عنعنه وإسحاق بن مالك الحضرمي.
قال ابن القطان لا يعرف ينعل "الميزان" "1/196" واللسان "1/370".(1/226)
ضَعِيفَةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِزِيَادَةٍ "مَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ" 1.
64 - حَدِيثُ "لَخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ.
وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ2 وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ3 وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ4.
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "11/427" رقم "12214" من طريق يعقوب بن إبراهيم بن حنين مولى ابن عباس عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعاً.
وأخرجه أيضاً في "معجم شيوخه" كما في "البدر المنير" "3/75" من طريق بحر بن كنيز السقاء عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/223": وقال: فيه بحر بن كنيز السقاء وقد أجمعوا على ضعفه ا. هـ.
وجويبر ضعيف ينظر" التقريب" "1/136".
2 أخرجه البخاري "4/125" كتاب الصوم: باب فضل الصوم حديث "1894" ومسلم "2/806" كتاب الصيام: باب فضل الصيام حديث "162/1151" ومالك "1/310" كتاب الصيام: باب جامع الصيام حديث "58" وأبو داود "1/0 72" كتاب الصيام: باب الغيبة للصائم حديث "2363" وأحمد "2/465" والبيهقي "4/269" كتاب الصيام: باب الصائم ينزه صيامه عن اللفظة والمشاتمة، والبغوي في "شرح السنة" "3/453- بتحقيقنا" كلهم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل دان امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم"- مرتين- "والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزى لي والحسنّة بعشر أمثالها".
لفظ البخاري.
وأخرجه البخاري "4/141" كتاب الصيام: باب هل يقول الصائم إني صائم إذا شتم حديث "4 0 9 1" ومسلم "6/802" كتاب الصيام باب فضل الصيام حدث "163/1151" والنسائي "4/163" كتاب الصوم: باب فضل الصوم، وأحمد "2/273" والبيهقي "4/270" كلهم من طريق ابن جريج حدثني عطاء عن أبي صالح عن أبي هريرة به.
وأخرجه البخاري "10/371" كتاب اللباس: باب ما كذكر في المسك حدث "5927" ومسلم "2/806" كتاب الصيام: باب فضل الصيام حديث "161/151 1" والترمذي "3/136" كتاب الصوم: باب ما جاء في فضل الصوم حديث "764" والنسائي "4/164" كتاب الصوم: باب فضل الصوم وأحمد "2/281" وعبد الرزاق "6/4 30" رقم "7891" والبغوي في "شرح السنة" "3/1 45- بتحقيقنا" كلهم من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حسن غريب من هذا الوجه.
وأخرجه البخاري "13/472" كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] حديث "7492" ومسلم "2/806" كتاب الصيام: باب فضل الصيام حديث "164/1151" وأحمد "2/393، 443، 477، 480".
وابن ماجة "1/525" كتاب الصيام: باب ما جاء في فضل الصيام حديث "638 1"، "2/1256" كتاب الأدب: باب فضل العمل حديث "3823" والبغوي في "شرح السنة" "3/45- بتحقيقنا" من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري "13/521" كتاب التوحيد: باب ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروايته عن ربه حديث "7538" وأحمد "2/457، 467، 504" والطيالسي "1/181- منحة" رقم "863" من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد "2/503" والدارمي "2/25" كتاب الصيام: باب فضل الصيام وأبو يعلى "10/353" رقم "5947" من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
3 أخرجه مسلم "2/807" كتاب الصيام: باب فضل الصيام حديث "165" والنسائي "4/162" كتاب الصيام: باب ذكر الاختلاف على أبي صالح في هذا الحديث وأحمد "2/232".
4 أخرجه النسائي "4/159- 160" كتاب الصيام: باب الاختلاف على أبي إسحاق في حديث علي بن أبي طالب والبزار كما في "البدر المنير" "3/79". وقال البزار: لا نعلم يروى عن علي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.(1/227)
وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ1 وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ2 وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ3.
تَنْبِيهٌ: الخلوف بضم الخاء المعجمة هُوَ التَّغَيُّرُ فِي الْفَمِ4 قَالَ عِيَاضٌ قَيَّدْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالضَّمِّ وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يَفْتَحُونَ خَاءَهُ وَهُوَ خَطَأٌ وَعَدَّهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَلَطَاتِ الْمُحَدِّثِينَ5 وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي: "إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ" عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ بَلَغَ بِهَا أَبُو الْخَيْرِ الطَّالَقَانِيُّ إلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ قَوْلًا وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْخُذُ خُصَمَاؤُهُ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْن عُيَيْنَةَ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يُعْبَدْ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ تَقَرَّبُوا بِهِ إلَى آلِهَتِهِمْ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الصَّوْمَ صَبْرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَوَقَعَ نِزَاعٌ بَيْن الْإِمَامَيْنِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ،
__________
1 أخرجه أحمد "4/130، 202" والطبراني في " الكبير" "3/325" رقم "3427" وابن حبان في صحيحه كما في" البدر المنير" "3/79".
2 أخرجه أحمد "1/446" والنسائي "4/161" كتاب الصيام: باب فضل الصيام وللحديث شاهد آخر من حديث عائشة.
أخرجه النسائي "4/167" كتاب الصيام: باب فضل الصيام وأحمد "6/240".
3 لم أقف على مسند الحسن بن سفيان وإنما ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" "3/83" وقال: قال السمعاني في أماليه: هذا حديث حسن ا. هـ.
قلت: وقال المنذري في " الترغيب" "2/92": إسناده مقارب.
4 ينظر: ترتيب القاموس "2/97".
5 ينظر "إصلاح خطأ المحدثين" "ص- 44".(1/228)
فِي أَنَّ هَذَا الطِّيبَ هَلْ هُوَ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السِّلَامِ فِي الْآخِرَةِ خَاصَّةً لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ: "مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ وَنَقَلَهُ عَنْ خَلْقٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَوْضَحُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَا رَوَاهُ ابْن حِبَّانَ بِلَفْظِ: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ مِنْ الطَّعَامِ" وَرِوَايَةُ جَابِرٍ عَنْ مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّهُمْ يَمْشُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ1 اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ أَمْلَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَمَّا ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ فَلِأَنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ وَفِيهِ يَظْهَرُ رُجْحَانُ الْخُلُوفِ فِي الْمِيزَانِ عَلَى الْمِسْكِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الدُّنْيَا فَخُصَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِذَلِكَ وَأُطْلِقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَصْلَ أَفْضَلِيَّتِهِ ثَابِتَةٌ فِي الدَّارَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات:11] 2.
تنبيه: استدل الْأَصْحَابُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَنْ يَكُونُ صَائِمًا وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَك السِّوَاكُ إلَى الْعَصْرِ فَإِذَا صَلَّيْت فَأَلْقِهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" 3، وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أَعُدُّ, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 وَغَيْرِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ5 وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي شَامَةَ وَابْنِ عَبْدِ السِّلَامِ وَالنَّوَوِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ الْمُزَنِيّ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَلِيٍّ: "إذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَائِمٍ تَيْبَسُ شَفَتَاهُ بِالْعَشِيِّ إلَّا كَانَتَا نُورًا بَيْن عَيْنَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَخَرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ6.
__________
1 في الأصل: عند.
2 ينظر "البدر المنير" "3/80-84".
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه أبو داود "2/307" كتاب الصوم: باب السواك للصائم حديث "2364".
5 أخرجه البخاري "4/187" كتاب الصوم باب سواك الرطب واليابس للصائم معلقاً.
6 أخرجه البيهقي "4/274" كتاب الصوم والدارقطني "2/204" والطبراني في "الكبير" "4/90" والخطيب في "تاريخ بغداد" "5/89" من طريق كيسان أبي عمر القصار عن يزيد بن بلال عن علي به.
وقال الدارقطني: كيسان أبو عمر ليس بالقوي وقال ابن الملقن في "الخلاصة" "1/326": رواه الدارقطني والبيهقي وضعفاه.
والحدث ذكره الهيثمي في "المجمع" "3/167" وقال: رواه الطبراني في الكبير ورفعه عن خباب ولم يرفعه عن علي وفيه كيسان أبو عمر وثقه ابن حبان وضعفه غيره ا. هـ. وضعفه أيضاً الزيلعي في "نصب الراية" "2/460".(1/229)
فَصْلٌ
نَازَعَ جَمَاعَةٌ فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ فَمُهُ مِنْهُمْ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ الْخُلُوفُ يَقَعُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ وَالسِّوَاكُ لَا يُزِيلُهُ وَإِنَّمَا يُزِيلُ وَسَخَ الْأَسْنَانِ وَقَالَ أَيْضًا الْحَدِيثُ لَمْ يُسَقْ لِكَرَاهِيَةِ السِّوَاكِ وَإِنَّمَا سِيقَ لِتَرْكِ كَرَاهَةِ مُخَالَطَةِ الصَّائِمِ1 كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَالسِّوَاكُ لَا يُزِيلُهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمُتَصَعِّدِ إلَى الْأَسْنَان النَّاشِئِ عَنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ.
65 - حَدِيثُ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَهَذَا لَفْظُهُ كِلَاهُمَا عَنْهُ2 قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ وَإِسْنَادُهُ مُجْمَعٌ عَلَى
__________
1 ينظر "عارضة الأحوذي".
2 أخرجه مالك "1/166" رقم "114" والبخاري "2/374" كتاب الجمعة: باب السواك يوم الجمعة حديث "887" ومسلم "1/252" كتاب الطهارة: باب السواك حديث "42".
وأبو داود "1/40" كتاب الطهارة: باب السواك حديث "46" وأبو عوانة "1/91" والشافعي في "المسند" رقم "72" وفي "الأم" "1/23" والدارمي "1/139- 140" وأحمد "2/245، 531" والحميدي "965" وابن خزيمة "139" وأبو يعلى "6270" وابن حبان "1068" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/44" والبيهقي "1/35" كتاب الطهارة، والبغوي في "شرح السنة" "1/293- بتحقيقنا" كلهم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة.
فأخرجه الترمذي "1/34" كتاب الطهارة باب ما جاء في السواك حديث "22" وأحمد "2/259،287، 399، 429" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/44" وأبو نعيم في "الحلية" "8/386" والخطيب في "تاريخه" "9/346" كلهم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به.
وأخرجه أحمد "2/460، 517" وابن خزيمة "1/71" رقم "140" وابن الجارود في "المنتقى" رقم "63" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/43" وابن المنذر في "الأوسط " "335" والبيهقي "1/35" وفي "خطأ من أخطأ على الشافعي"رقم "107، 111، 112" كلهم من طريق مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه مالك في "الموطأ" "1/66" رقم "15" موقوفاً.
وأخرجه عبد الرزاق "10/431" رقم "19605" عن معمر عن الزهري عن جل عن أبي هريرة موقوفاً.
وأخرجه ابن ماجة "287" وأحمد "2/0 25" وعبد الرزاق "1/555" رقم "2106" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/44" والبيهقي "1/36" من طريق عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به مرفوعاً.(1/230)
صِحَّتِهِ1 وَقَالَ النَّوَوِيُّ2: غَلِطَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخْرِجْهُ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَلْ هُوَ فِيهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا3.
وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ 1 بْنِ خَالِدٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد4 وَعَنْ علي 2 ورواه أَحْمَدُ5 وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ 3 رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا6 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو7 وَسَهْلِ بْنِ
__________
1 ينظر "البدر المنير" "3/88".
2 ينظر " المجموع" "1/268".
3 تقدم تخريجه وينظر طرق حديث أبي هريرة.
4 أخرجه أبو داود "1/40" كتاب الطهارة باب السواك حديث "47" والترمذي "1/35" كتاب الطهارة: باب ما جاء في السواك حديث "23" والنسائي في "الكبرى" "2/197" كتاب الصوم حديث "3041" وأحمد "4/114، 116" وابن أبي شيبة "1/168" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/43" والسهمي في "تاريخ جرجان" "455" والطبراني في "الكبير" رقم "5223، 5224" والبيهقي "1/37" كلهم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زيد بن خالد به.
وقال الترمذي: وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة وزيد بن خالد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! كلاهما عندي صحيح.
ونقل عن البخاري ترجيحه لحديث زيد بن خالد. وقد وقع للحافظ رحمه الله وهم حول هذا الحديث في "تخريجه لأحاديث مختصر ابن الحاجب" "1/37" فقال: هذا حديث حسن أخرجه أحمد وأصحاب السنن ا. هـ.
والحديث لم يروه من أصحاب السنن سوى الترمذي وأبى داود والنسائي في "الكبرى".
5 أخرجه أحمد "1/80" والبزار "1/240- كشف" رقم "491" والطبراني في "الأوسط " "2/138" رقم "1660" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/43" والخطيب في "تاريخ بعداد" "4/255" كلهم من طريق محمد بن إسحاق حدثني عمي عبد الرحمن بن يسار عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن علي مرفوعاً.
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد تفرد به محمد بن إسحاق.
وقال البزار: لا نعلمه مرفوعاً عن علي إلا بهذا الإسناد وقد روي عن غيره من وجوه ا. هـ.
وابن إسحاق قد صرح بالتحديث فزالت شبهة عنعنته.
وذكر الحديث الهيثمي في "المجمع ""1/224" وقال: وسنده حسن.
وحسنه قبله المنذري في "الترغيب والترهيب " "2/97".
6 أخرجه أحمد "6/325" من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبي الجراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة مرفوعاً.
7 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "2/856" من طريق الوليد بن مسلم ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار" ومسنده ضعيف.
وعزاه المباركفوري في "تحفة الأحوذي" "1/106" إلى أبي نعيم في كتاب السواك وقال: وفيه ابن لهيعة.(1/231)
سَعْدٍ1 وَجَابِرٍ2 وَأَنَسٍ3 رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ وَإِسْنَادُ بَعْضِهَا حَسَنٌ وَعَنْ ابْنِ 4 الزُّبَيْرِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ4 وَعَنْ ابْنِ 5 عُمَرَ5 وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ6
__________
1 أخرجه أبو نعيم في "كتاب السواك" كما في "البدر المنير" "3/91" من طريق عمرو بن خليف ثنا يعقوب بن داود بن مطرف حدثني أبو غسان محمد بن مطرف عن أبي حازم عن سهل بن سعد به وعمر بن خليف: حدث عن الثقات بالمناكير ينظر الميزان "3/258".
2 أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" "1/35" رقم "7" وابن عدي في " الكامل" "4/1616- 1617" من طريق عبد الرحمن بن أبي الموال عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر مرفوعاً.
قال أبو حاتم: ليس بمحفوظ حدثنا به حرملة عن ابن وهب عن ابن أبي الموال عن ابن عقيل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل والمرسل أشبه ويبدو أن للحديث سند آخر.
فقد ذكر ابن الملقن حديث جابر وعزاه لأبي نعيم وقال: وفيه إسحاق بن محمد الفروي وقد أخرجه له البخاري ووثقه ابن حبان وتكلم فيه غيرهما.
3 أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان "2/148، 317" من طريق العلاء بن أبي العلاء قال: حدثني جدي مرداس الأصبهاني عن أنس بلفظ: مالكم تدخولن علي قلحاً لولا أن أشق ... وهذا إسناد ضعيف.
العلاء وجده لم أجد من ذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً غير ذكر أبي نعيم لها في "تاريخه".
4 أخرجه ابن أبي شيبة "1/169" حدثنا معاوية بن هشام قال: ثنا سليمان بن قرم عن أبي حبيب عن رجل من أهل الحجاز عن عبد الله بن الزبير مرفوعاً به.
وقال ابن الملقن في " البدر المنير" "3/94": رواه أبو نعيم والطبراني وفي إسناده مجهول.
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" "2/100" وقال: وفيه راو لم يسم.
5 أخرجه الطبراني في "الكبير" "12/375" رقم "13389" وابن عدي في "الكامل" "1/421" كلاهما من طريق أرطأة بن المنذر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.
وقال ابن عدى: والحديث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر خطأ إنما يرويه عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة على أنه روى هشام بن حسان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر وهذا خطأ أيضاً ... ولأرطأة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته وفي بعضها خطأ وغلط ا. هـ.
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" "2/98" وقال: وفيه أرطأة بن المنذر ولم أجد من ذكره وللحديث طريق آخر عن ابن عمر.
أخرجه الطبراني "12/435" رقم "13592" من طريق سعيد بن راشد عن عطار عن ابن عمر به وسعيد بن راشد.
قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث متروك الحديث وقال النسائي: متروك.
ينظر "التاريخ الكبير" "3/471"، و" تاريخ ابن معين" "2/199"، و"الجرح والتعديل" "4/19"
و"الضعفاء والمتروكين" "ص 54".
أما طريق هشام بن حسان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الذي ذكره ابن عدي في كلامه على الطريق السابق وحكم بخطئه فقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/43" والعقيلي في "الضعفاء" "2/246" من طريق عبد الله بن خلف الطفاوي عن هشام بن حسان به قال الطحاوي: حديث غريب.
والطفاوي قال العقيلي: في حديثه وهم ونكارة.
6 وذكره الدارقطني في "العلل " كما في "البدر المنير" "3/96" وذكره اختلافاً في إسناده.(1/232)
رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا.
66 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ اسْتَاكَ, وَفِي رِوَايَةٍ: إذَا قَامَ مِنْ النَّوْمِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ النَّوْمِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ,1 وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: كَانَ إذَا قَامَ لِيَتَهَجَّدَ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ, وَاسْتَغْرَبَ ابْنُ مَنْدَهْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ2 وَقَدْ رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: كُنَّا نُؤْمَرُ 1 بِالسِّوَاكِ إذَا قُمْنَا مِنْ اللَّيْلِ3
وَأَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ نَوْمِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَتَى طَهُورُهُ فَأَخَذَ سِوَاكَهُ فَاسْتَاكَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد التَّصْرِيحُ بِتَكْرَارِ ذَلِكَ4 وَفِي رِوَايَةِ لِلطَّبَرَانِيِّ: كَانَ يَسْتَاكُ مِنْ اللَّيْلِ مرتين أو ثلاثا5 مختصر وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ إلَّا اسْتَنَّ6 وَرَوَى أَبُو دَاوُد 2 مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوضَعُ لَهُ سِوَاكُهُ وَوَضُوءُهُ فَإِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ تَخَلَّى ثُمَّ اسْتَاكَ وَصَحَّحَهُ ابْن مَنْدَهْ7 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْهَا،
__________
1 أخرجه البخاري "1/424" كتاب الوضوء: باب السواك حديث "245" ومسلم "2/58- شرح الأبي" كتاب الطهارة: باب السواك حديث "46/255" وأبو عوانة "1/192" وأبو داود "1/62" كتاب الطهارة: باب السواك لمن قام من الليل حديث "55" وابن ماجة "1/105" كتاب الطهارة: باب السواك حديث "286" وابن أبي شيبة "1/68" وأحمد "5/382، 390، 402، 407" والدارمي "1/140" والحميدي "441" وابن خزيمة رقم "136" وابن حبان "069 1- الإحسان" والطبراني في "الأوسط" رقم "2948" وفي "الصغير" "2/97- 98" وأبو نعيم في "الحلية" "7/180- 181" والبيهقي "1/38" كتاب الطهارة: باب تأكيد السواك عند الاستيقاظ من النوم، والخطيب "3/147، 98/11" والبغوي في "شرح السنة" "1/295- بتحقيقنا" من طريق عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان به.
2 الزيادة التي استغر بها ابن مندة قد رواها الإمام مسلم وصححها ابن خزيمة وينظر تخريج الحديث السابق.
3 أخرج هذا اللفظ أيضاً النسائي "3/212" كتاب الصلاة: باب ذكر الاختلاف عن أبي حصين عثمان بن عاصم.
4 أخرجه مسلم "3/85- نووي" كتاب الطهارة باب السواك حديث "256 "وأبو داود "1/15" كتاب الطهارة: باب السواك لمن قام من الليل حديث "58" وابن ماجة "1/106" كتاب الطهارة: باب السواك رقم "288" والحاكم "3/535- 536".
5 ينظر " المعجم الكبير" "12/141" رقم "12707" وهذه الرواية ضعيفة ففي الإسناد موسى بن مطير قال ابن معين: كذاب، وقال أبو حاتم: متروك ينظر" الميزان" "3/223" و"اللسان" "6/130".
6 أخرجه الطبراني في "الكبير" "18/297" رقم "763" وفي سنده ابن لهيعة وهو ضعيف.
7 أخرجه أبو داود "1/47" كتاب الطهارة: باب السواك لمن قام من الليل حديث "56".
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" "3/102": قال ابن مندة وإسناده مجمع على صحته ا. هـ. وجود هذا الإسناد ابن الملقن.(1/233)
وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ السَّكَنِ1 وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ فَيَسْتَيْقِظُ إلَّا تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ, وَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ2 وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقُدُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ تَسَوَّكَ ثُمَّ تَوَضَّأَ3.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ 3 رَوَاهُ أَحْمَدَ4 وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: أَمَرَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا آتِي أَهْلِي فِي غُرَّةِ الْهِلَالِ5 وَأَنْ أَسْتَنَّ كُلَّمَا قُمْت مِنْ سِنَتِي, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ6 وَرُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ7 وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ طَرِيقَانِ آخَرَانِ عِنْد أَبِي نُعَيْمٍ فِي السِّوَاكِ8 وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/129" كتاب الطهارة: باب تغطية الإناء حديث "361" والحاكم "4/141" والطبراني في "الأوسط" وابن السكن كما في "البدر المنير" "3/103" من طريق حريش بن الخريت عن ابن أبي مليكة عن عائشة به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصححه ابن السكن.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن أبي مليكة إلا الحريش تفرد به حرمي بن عمارة.
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/153": هذا إسناد ضعيف حريش بن خريت متفق على ضعفه ا. هـ. ومدار الحديث على الحريش.
قال البخاري: فيه نظر.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
ينظر "التاريخ الكبير" "3/114" و"الضعفاء" لأبي زرعة "2/393".
2 أخرجه أبو داود "1/47" كتاب الطهارة: باب السواك لمن قام من الليل حديث "57" وسنده ضعيف لضعف علي بن زيد وأم محمد امرأة علي بن زيد مجهولة ينظر الميزان "7/466- بتحقيقنا".
3 وتمام الحديث: وصلى ثماني ركعات وذكره ابن الملقن في " البدر المنير" "3/105" وعزاه لأبى نعيم- في كتاب السواك-.
4 أخرجه أحمد "2/117" وقال الشيخ العلامة أحمد شاكر: إسناده صحيح.
ولفظ الحديث: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينام إلا والسواك عنده فإذا استيقظ بدأ به.
5 في الأصل: ألا آتي أهلي في غرة الهلال وألا أتوضأ في النجاس.
6 أخرجه الطبراني في "الكبير" "19/349" رقم "811" من طريق عبيدة بن حسان عن عطاء عن معاوية به.
وقال الهيثمي في "المجمع" "1/218": وفيه عبيدة بن حسان وهو منكر الحديث.
7 أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" "5/312".
8 حديث أنس في هذا الباب له طرق فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى " "1/26" كتاب الطهارة: باب المنع من الإدهان من عظام الفيلة وفي "الخلاقيات" "مسألة 5- بتحقيقنا" وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " "148" من طريق بقية بن الوليد عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أخذ مضجعه من الليل وضع طهوره وسواكه ومشطه ...
وقيد حكم البيهقي على هذا الحديث بأنه منكر وقال: رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة.
وقال في "الخلاقيات" إسناده ضعيف عمرو بن خالد الواسطي ضعيف.
وقد تعقبه التركماني كعادته بما لا طائل تحته. وعمرو بن خالد متروك ورماه وكيع بالكذب ينظر "التقرب" "2/69".
وللحديث عن أنس طريق آخر أخرجه أبو نعيم في كتاب السواك كما في " البدر المنير" "3/109" من طريق عبد الحكم القسملي عن أنس.
وعبد الحكم، قال في "التقريب" "1/466" ضعيف وله طريق ثالث عند أبي نعيم أيضاً وينظر "البدر المنبر" "3/110- 111".(1/234)
أَبِي نُعَيْمِ أَيْضًا1 وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
67 - حَدِيثُ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ" الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ وَلَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" 2 وَرَوَى النَّسَائِيُّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدٍ بِهِ3 وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاء وَبِالسِّوَاكِ عند كل صلاة" 4 ورواه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَلَفْظُهُ: "وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ" 5 وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوُهُ6 وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: "إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ" وَلَفْظُ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ: "إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ" وَلَمْ يَشُكَّ وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ رَوَاهَا النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ7 وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ عِنْد كُلِّ صَلَاةٍ" 8 وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمْةَ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أُمّ حَبِيبَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ،
__________
1 أخرجه أبو نعيم كما في "البدر المنير" "3/108- 109" من طريق عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن عبيد عن واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن أبي أيوب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستاك في الليل مراراً.
قال ابن الملقن: وواصل متروك كما قال النسائي وغيره وأبو سورة مجهول.
2 أخرجه الحاكم "1/146" والبيهقي "1/36" وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
قلت: وهو وهم لأن عبد الرحمن السراج من رجال مسلم وحده ولم يرو له البخاري شيئاً.
3 تقدم تخريجه عند حديث أبي هريرة: " لولا أن أشق على أمتي..".
4 تقدم.
5 تقدم.
6 تقدم.
7 تقدم.
8 أخرجه ابن حبان "142- موارد" من طريق ابن عجلان عن المقبري عن أبي سلمة عن عائشة به.(1/235)
كَمَا يَتَوَضَّئُونَ" 1.
تَنْبِيهٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ2: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" فَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا يُعْرَفُ وَقَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ إنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمَقْبُولٍ مِنْهُ فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوَسِيطِ لَمْ أَجِدْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ: "إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ مَعَ شِدَّةِ الْبَحْثِ فَلْيُحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" انْتَهَى وَهَذَا يُتَعَجَّبُ فِيهِ مِنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَكْثَرُ مِنْ النَّوَوِيِّ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي قِلَّةِ النَّقْلِ مِنْ مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ كَثِيرُ النَّقْلِ مِنْ سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ أَخْرَجَهُ عَنْ الْحَاكِمِ وَفِيهِ "إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" بِالْجَزْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَاهُ بِالتَّرَدُّدِ3.
فَائِدَةٌ: فِي كَوْنِ السِّوَاكِ مِنْ الْأَرَاكِ.
68 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ كنت أختبي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَيْرَةَ الصُّبَاحِيِّ كُنْتُ فِي الْوَفْدِ فَزَوَّدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَرَاكِ وَقَالَ "اسْتَاكُوا بِهَذَا" 4 وفي كون السواك يحزىء بِالْأَصَابِعِ.
69 - حَدِيثُ أَنَسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ5 وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي
__________
1 تقدم تخريج حديث أم حبيبة.
2 ينظر"المجموع" "3/56".
3 وقد نبه على وهم النووي وابن الصلاح الإمام ابن الملقن في "البدر المنير" "3/120- 122" وينظر أيضاً " الخلاصة" "1/30".
4 ينظر الكنى للإمام البخاري "ص 28".
وأخرجه أيضاً خليفة بن خياط والدولابي والطبراني وأبو أحمد الحاكم والخطيب في المؤتلف كما في "الإصابة" "7/94".
5 أخرجه البيهقي "1/40" كتاب الطهارة: باب الوضوء بفضل السواك، من طريق عيسى بن شعيب عن عبد الله بن المثنى عن النضر بن أنس عن أبيه مرفوعاً بلفظ: "يجزيء من السواك الأصابع".
وأخرجه ابن عدي "5/1971" من طريق عيسى عن عبد الرحمن القسملي عن أنس به.
وقال البيهقي: تفرد عيسى بالإسنادين جميعاً والمحفوظ من حديث ابن المثنى قال: حدثني بعض أهل بيتي عن أنس بن مالك أن رجلاً من الأنصار من بني عمرو بن عوف قال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إني رغبت في السواك فهل دون ذلك من شيء؟ قال: "أصبعك سواك عند وضوئك تمر بها على أسنانك". هـ.
ثم أخرج من طريق عبد الله بن المثنى عن أنس مرفوعاً: "الأصبع يجزىء من السواك".
وللحديث طريق آخر- ضعيف- عن أنس ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" "3/210".(1/236)
الْمَعْنَى1.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اسْتَاكُوا عَرْضًا" أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ2 مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ بِلَفْظِ: "إذَا شَرِبْتُمْ فَاشْرَبُوا مَصًّا وَإِذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا" وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُعْرَفُ.
قُلْت: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ3 وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ قَانِعٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَهْزٍ بِلَفْظِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ عَرْضًا4 الْحَدِيثَ وَفِي إسْنَادِهِ ثَبِيتُ بْنُ كَثِيرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ5 وَالْيَمَانُ بْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ6 وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ منقطع فهو مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنْ الْأَصَاغِرِ وَحَكَى ابْنُ مَنْدَهْ مِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُخَيِّسَ بْنَ تَمِيمٍ رَوَاهُ عَنْ
__________
1 أخرجه ابن عدي في " الكامل" "5/1893" والطبراني في "الأوسط" كما في "البدر المنير" "3/211" كلاهما من طريق عيسى بن عبد الله الأنصاري عن عطاء عن عائشة قالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل لمذهب فوه يستاك؟ قال: "نعم" قلت: كيف يصنع؟ قال: "يدخل أصبعه في فبه فيدلكه".
قال الطبراني: لم كروه عن عطاء إلا عيسى بن عبد الله تفرد به الوليد ولا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه عيسى لا يتابع عليه وللحديث طريق آخر عن عائشة.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "3/210": روى أبو نعيم بإسناده عن عائشة أنها سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل ينقص فاه فلا يستطع أن يمر السواك على أسنانه؟ قال: "يجزيه الأصابع".
في إسناده المثنى بن الصباح وهو ضعيف.
2 أخرجه أبو داود في "المراسيل" رقم "5".
3 محمد بن خالد القرشي قد حكم عليه الحافظ في "التقرب" "2/158" أنه مجهول وينظر "الثقات" لابن حبان "7/377" والتهذيب "9/146".
4 أخرجه ابن على في "الكامل" "7/1639" والطبراني في " الكبير" "2/35" رقم "1242" والبغوي في "معجم الصحابة" "1/51" والبيهقي "1/40" كتاب الطهارة: باب في الاستياك عرضاً، وابن عبد البر في "التمهيد" "ابر 394" وفي "الاستيعاب" "1/189".
وقال البغوي: لا أعلم روى بهز غير هذا وهو منكر وقال البيهقي: لا أحتج بمثله. وقال ابن عبد البر: لم يرو عن بهز غير سعيد ولم ينسبه وإسناد حديثه ليس بالقائم.
5 ثبيت بن كثير.
قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وقال ابن طاهر: منكر الحدث على فلته.
ينظر "المجروحين" "1/208" و"تذكرة الموضوعات " "ص 93".
6 اليمان بن عدي.
قال أحمد: ضعيف، وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: شيخ ضعيف الحدث ينظر " الضعفاء والمتروكين " "ص 407" و" سنن الدارقطني" "4/230" و"التهذيب" "11/406" و" العلل" "1/383".(1/237)
بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ1 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ بْنِ أكتم وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا2 وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَرَوَاهُ ثَبِيتُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْهُ فَقَالَ بَهْزٌ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ عَنْهُ فَقَالَ ربيعة بن أكتم قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ3 رَبِيعَةُ قُتِلَ بِخَيْبَرَ فَلَمْ يُدْرِكْهُ سَعِيدٌ وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ4 لَا يَصِحَّانِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ عَرْضًا وَلَا يَسْتَاكُ طُولًا وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ5.
تَنْبِيهٌ: هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْأَسْنَانِ أَمَّا فِي اللِّسَانِ فَيُسْتَاكُ طُولًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظُ أَحْمَدَ "وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ يَسْتَنُّ إلَى فَوْقُ" قَالَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ يَسْتَنُّ طُولًا6 قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اسْتَاكُوا عَرْضًا لَا طولا" تقدم من طرقه وَلَيْسَ فِيهِ لَا طُولًا إلَّا أَنَّهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ لَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ7 قَوْلُهُ وَالْأَخْبَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ "أَرْبَعٌ
__________
1 أشار إلى هذه الرواية ابن الأثير في "أسد الغابة" "1/247" فقال: رواه مخيس بن تميم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
2 أخرجه البيهقي "1/40" كتاب الطهارة: باب في الاستياك عرضاً، والعقيلي في "الضعفاء" "3/229" وابن عبد البر في "التمهيد" "1/395" وفي "الاستيعاب" "2/490".
قال العقيلي: في إسناده علي بن ربيعة القرشي وهو مجهول وحديثه غير محفوظ وهذا حديث لا يصح وقال عبد البر في " التمهيد": هذان حديثان ليس لإسناديهما عن سعيد أصل وليسا بصحيحين من جهة الإسناد عندهم.
وفي "البدر المنير" "3/130": قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي- الضياء-: إسناده ضعيف.
3 ينظر الاستيعاب "2/490".
4 ينظر التمهيد "1/1/395".
5 قال ابن الملقن في "البدر المنير" "3/130": رواه أبو نعيم من حديث عبد الله بن حكيم عن هشام بن عروة عن أبيه عنها أ. هـ.
وعبد المحه بن حكيم قال أحمد: وروي أحاديث منكرة ليس بشيء.
وقال يحيى: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة.
وقال النسائي: ليس بثقة، وقال علي: ليس بشيء.
وقال السعدي ضعيف، وقال الدارقطني ضعيف.
وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات.
ينظر " أحوال الرجال " "218"، و"المجروحين" "2/21" "تاريخ ابن معين " "2/302"، سؤالات ابن أبى شيبة لابن المديني "ص 150" و"الضعفاء والمتروكين " للدارقطني "1/157" و" الميزان " "3/411".
6 سيأتي تخريجه.
7 ينظر "فتح العزيز" "2/372" وصاحب التتمة وهو عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري المتولي توفي سنّة "478 هـ". ينظر "طبقات الشافعية الكبرى" "5/106".(1/238)
مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْخِتَانُ وَالسِّوَاكُ وَالتَّعَطُّرُ وَالنِّكَاحُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي خيثمة وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مَلِيحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ2 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ: "عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ" فَذَكَرَ فِيهَا السِّوَاكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ4،
__________
1 أخرجه الترمذي "3/382" كتاب النكاح: باب ما جاء في فضل التزويج والحث، عليه حديث "1080" والطبراني في "الكبير" "4085" كلاهما من طريق حفص بن غياث وعباد بن العوام عن الحجاج بن أرطأة عن مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب مرفوعاً.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقد تعقبه النووي في "المجموع " "1/274" فقال: في إسناده الحجاج بن أرطأة وأبو الشمال والحجاج ضعيف عند الجمهور وأبو الشمال مجهول فلحله اعتضد بطريق آخر فصار حسناً ا. هـ.
وقد اعترض على هذا التحسين أيضاً ابن الملقن في "البدر المنير""3/133- 134".
ثم قال الترمذي: روى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطي وأبو معاوية وغير واحد عن الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب ولم يذكروا فيه أبو الشمال وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح ا. هـ.
قلت: والطريق الذي أشار إليه الترمذي، وهو دون ذكر أبي الشمال فيه.
فأخرجه أحمد "5/421" وابن أبي شيبة "1/170" وعبد بن حميد في "المنتخب " "220".
2 أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "4/2/10" والبزار "500- كشف" والدولابي في "الكنى" "1/44" والدارقطني في "المؤتلف والمختلف""4/2046" وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"كما في "تخريج الإحياء""3/177" كلهم من طريق محمد
بن إسماعيل بن أبي فديك ثنا عمر بن محمد الأسلمي عن مليح بن عبد الله عن أبيه عن جده بلفظ: "خمس من سنن المرسلين الحياء والحلم والحجامة والسواك والتعطر".
وقال البزار: لا نعلم روى الخطمي إلا هذا ولا نعلم به إلا هذا الإسناد.
وقال البيهقي: عمر ينفرد به.
وقد وقع للحافظ الهيثمي وهم فقال من "المجمع " "2/102" مليح وأبوه وجده لم أحد من ترجمهم.
وقوله متعقب بذكر البخاري وابن أبي حاتم لمليح بن عبد الله في "التاريخ " "2/4/10" و"الجرح والتعديل " "4/1/367".
وذكره ابن حبان في "الثقات" "7/526" والحديث ضعفه العراقي فقال: سنده ضعيف.
3 أخرجه الطبراني في " الكبير" "11/186" رقم "11445" وإسناده ضعيف وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن شيبة الطائفي منكر الحديث.
ينظر "الميزان" "1/214" و"اللسان" "1/391".
4 أخرجه مسلم "1/223" كتاب الطهارة: باب خصال الفطرة حديث "156" وأبو داود "1/95" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تقليم الأظفار حديث "53" والنسائي "8/126" كتاب الزينة: باب من سنن الفطرة، والترمذي "2757" وابن ماجة "1/107" كتاب الطهارة: باب الفطرة، حديث "293" وأحمد "6/137" وأبو عوانة "1/0 9 1- 91 1" وابن خزيمة "1/47" رقم "88" وأبو يحلى "4517" وابن المنذر في "1لأوسط" "339" والطحاوي في "شرح الآثار" "4/229" وفي "مشكل الآثار" "1/297" والدارقطني "1/94- 95" والبيهقي "1/36، 52، 300" من طريق مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة مرفوعاً به ورواه عن مصعب زكريا بن أبي....=(1/239)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد: مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ1 وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "الطَّهَارَاتُ أَرْبَعٌ قَصُّ الشَّارِبِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَالسِّوَاكُ" رَوَاهُ الْبَزَّارُ2 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ3 وَمِنْهَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مرفوعا: "ما زال جبرائيل يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أن يدردرني" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ4 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
__________
= زائدة وقال: نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال الدارقطني: تفرد به مصعب بن شيبة وخالفه أبو كشر وسليمان التيمي فروياه عن طلق من قوله غير مرفوع.
قلت: وقد أخرج هذا الطريق النسائي "8/128" قال الزيلعي في "نصب الراية" "1/76".
وهذا الحديث وان كان مسلم أخرجه في "صحيحه" ففيه علتان، ذكر هما الشيخ نقي الدين في "الإمام" وعزاهما لابن مندة: إحداهما: الكلام في مصعب بن شيبة، قال النسائي في "سننه": منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوى، ولا يحمدونه. الثانية: أن سليمان التيمي رواه عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير مرسلاً، هكذا روا. النسائي في "سننه" وروا. أيضاً عن أبي بشر عن طلق بق حبيب عن ابن الزبير مرسلاً، قال النسائي: وحديث التيمي. وأبي بشر أولى، وأبو مصعب منكر الحديث، انتهى. ولأجل هاتين العلتين لم يخرجه البخاري، ولم يلتفت مسلم إليهما، لأن مصعباً كده ثقة، والثقة إذا وصل حديثاً يقدم وصله على الإرسال ا. هـ.
وقد تكلم الأئمة في مصعب بن شيبة ولخص الحافظ هذه الأقوال فقال: لين الحديث ورأيت كلاماً للحافظ في "الفتح " "10/237" مفاده أن مصعب حسن الحديث.
وأخيراً فهذا الحديث من الأحاديث التي انتقد على الإمام مسلم إخراجها في صحيحه.
1 أخرجه أبو داود "1/14" كتاب الطهارة: باب السواك من الفطرة حديث "54" وابن ماجة "1/107" كتاب الطهارة باب الفطرة حديث "294" وأحمد "4/264" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص-331" وأبو يعلى "3/197" رقم "1627" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/229" وفي "مشكل الآثار" "1/296- 297" والبيهقي "1/53" كتاب الطهارة، كلهم من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد عن عمار بن ياسر به.
والحديث ضعفه النووى في " المجموع " "1/337" وأعله بالانقطاع يين سلمة بن محمد وعمار بن ياسر. وسيأتي تصحيح ابن السكن له ورد الحافظ عليه.
2 عزاه ابن الملقن في "البدر المنير" "3/139" للبزار في "سننه".
3 أخرجه البزار "2967- كشف" من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ: "الطهارات أربع قص الشارب وحلق العانة وتقليم الأظفار والسواك" وقال الهيثمي في " المجمع" "5/171": فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف.
4 أخرجه البيهقي "7/49" من طريق خالد بن عبيد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن أم سلمة مرفوعاً وخالد بن عبيد.
قال البخاري: فيه نظر ينظر "التاريخ الكبير" "2/162" وقال ابن حبان في "المجروحين" "2/279":
لا تحل كتابة حديثه.
قلت: وقد تابعه عبد المؤمن بن خالد عن ابن بريدة به.
أخرجه الطبراني في "الكبير" "23/251" رقم "510" من طريق محمد بن حميد عن أبي تميلة عن عبد المؤمن به قال المنذري في "الترغيب" "1/102": رواه الطبراني بإسناد لين.
وقال الهيثمي في "المجمع" "2/102": رجاله موثقون وفي بعضهم خلاف.
قلت: ومحمد بن حميد الرازي ضعيف.
ينظر"التقرب" "2/156".(1/240)
أُمَامَةَ1 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ2 وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَأَنَسٍ وَالْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ4 وَرَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ5 وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ: كَانَ إذَا سَافَرَ حَمَلَ السِّوَاكَ وَالْمُشْطَ وَالْمُكْحُلَةَ وَالْقَارُورَةَ وَالْمِرْآةَ رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طُرُقٍ6 وَعَنْ عَائِشَةَ: كُنْتُ أَضَعُ لَهُ ثَلَاثَةَ آنِيَةٍ مُخَمَّرَةٍ إنَاءً لِطَهُورِهِ وَإِنَاءً لِسِوَاكِهِ وَإِنَاءً لِشَرَابِهِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ7 وَرَوَى ابْنُ طَاهِرٍ فِي صفة التَّصَوُّفِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْأَوَّلِ8 وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ: "فَضْلُ الصَّلَاةِ الَّتِي يُسْتَاكُ لَهَا عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يُسْتَاكُ لَهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا".
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَمَدَارُهُ عِنْدَهُمْ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ9 لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّ إسْنَادَهُ إلَى ابْنِ
__________
1 تقدم تخريجه عند حديث السواك مطهرة للفم.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "6/252" رقم "6018" قال ابن الملقن: وفي سنده عبيد بن واقد ضعفه أبو حاتم، وقال ابن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
3 ينظر " البدر المنير" "3/143- 144".
4 أخرجه أحمد "1/337".
5 ينظر "البدر المنير" "3/144".
6 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "1/116" وقال لا يحفظ هذا المتن بإسناد جيد.
وأخرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية" "2/688" رقم "1146".
وقال: لا يصح وأعله بأيوب بن خالد وسليمان الشاذكوني.
7 تقدم تخريجه.
8 ينظر "البدر المنير" "3/148".
9 أخرجه ابن خزيمة "1/71" رقم "137" والحاكم "1/146" وأحمد "6/146" والبزار "1/244" رقم "501" من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.
وقال ابن خزيمة: أنا استثنيت صحة هذا الخبر لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم وإنما دلسه عنه. أما الحاكم فقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وضعفه النووي في "المجموع" "1/325" وقال: ذكره الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم وأنكروا ذلك على الحاكم وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح وسبب ضعفه أن مداره
على محمد بن إسحاق وهو مدلس ولم يذكر سماعه والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل هذا الفن وقوله: إنه على شرط مسلم ليس كذلك فإن محمد بن إسحاق لم يرو له مسلم شيئاً محتجاً به وإنما روى له متابعة وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون من المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول وذلك شهور عندهم. وأخرجه البزار "1/245- كشف" رقم "502" وابن حبان في "ألمجروحين ""3/5" وابن عدي في " الكامل" "6/2395" وابن الجوزي في "الواهيات" "1/336" من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن عروة عن عائشة.
قال البزار: لا نقلم رواه إلا معاوية.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح ومعاوية بن يحيى ضعيف قاله الدارقطني.(1/241)
عُيَيْنَةَ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَالَ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ ثَنَا سَهْلُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ عَنْ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ الْفَارِسِيِّ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَيُنْظَرُ فِي إسْنَادِهِ.
وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ عَنْ ابْن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ1 وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ إلَّا أن في الْوَاقِدِيَّ2 وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ عَنْ عَائِشَةَ وَفَرَجٌ ضَعِيفٌ3.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ طَرِيقِ مَسْلَمَةَ بن علي عن الوزاعي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَمَسْلَمَةُ ضَعِيفٌ وَقَالَ وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ مُرْسَلًا.
قُلْتُ: بَلْ مُعْضَلًا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ لَهُ إسْنَادٌ وَهُوَ بَاطِلٌ4.
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَسَانِيدُهُ مَعْلُولَةٌ5 وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ "إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَلْيَسْتَاكَ فَإِنَّهُ إذَا قَامَ يُصَلِّي أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ فِيهِ إلَّا وَقَعَ فِي فِي الْمَلَكِ" 6 رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ رَوَاهُ الْبَزَّارُ7.
__________
1 ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" "3/153- 154" وعزاه لأبي نعيم قال. وهذا الطريق أجود الطرق فمن الحميدي إلى عائشة ثقات.
2 ينظر "البدر المنير" "3/154".
وقد أيضاًر البيهقي في "سننه الكبرى" "1/38" إلى هذا الطريق وضعفه.
3 محمد بن عمر الواقدي حاله معروف وقد تكلم فيه كثيراً فمنهم من ضعفه وكذبه ووثقه.
وكلامهم تجده مبسوطاً في "التهذيب " "9/366- 367".
4 أخرجه البيهقي "1/38" وقال: هذا الإسناد غير قوي.
5 قال ابن طاهر في "تذكرة الموضوعات" "ص 8": إنما هو عن الأوزاعي عن حسان بن عطية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مرسل ووصله هذا وهو ليس بشيء في الحديث ا. هـ.
6 ينظر "البدر المنير" "3/157- 159".
7 أخرجه البزار "496- كشف" من طريق فضيل بن سليمان عن الحسن بن عبيد الله عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي به.
وقال البزار: لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد وقد رواه بعضهم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفاً.
وقال العراقي في "طرح التثريب " "2/66" ورجاله رجال الصحيح إلا أن فيه فضيل بن سليمان وهو وان أخرج له البخاري ووثقه ابن حبان فقد ضعفه الجمهور ا. هـ.
وقال المنذري "1/102": رواه البزار بإسناد جيد لا بأس به.
وقال الهيثمي "2/102": رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي "1/38" عن علي بلفظ: أمرنا بالسواك ... وهو في حكم المرفوع.(1/242)
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ: "هُنَّ لَكُمْ سُنَّةٌ وَعَلَيَّ فَرِيضَةٌ السِّوَاكُ وَالْوِتْرُ وَقِيَامُ اللَّيْلِ" رَوَاهُ البيهقي وفي إسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يَثْبُتْ فِي هَذَا شَيْءٌ1 وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَوُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إلَّا مِنْ حَدَثٍ2.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ3.
وَمِنْهَا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خديج وغيره "السواك وَاجِبٌ" الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو نعيم وإسناده واهي وَرَوَى ابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ" وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ4.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: رَأَيْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مالا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَنَا أَبْرَأُ مِنْ عُهْدَتِهِ لَكِنْ حَسَّنَ الْحَدِيثَ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ5.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ "مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ السِّوَاكُ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ ضَعِيفٌ6،
__________
1 سيأتي تخريجه في الوتر.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه أحمد "3/490" والطبراني في "الكبير" "22/76" رقم "190" وضعفه المنذري في "الترغيب" "1/102".
4 تقدم.
5 تقدم.
6 أخرجه ابن ماجة "1/536" كتاب الصيام: باب ما جاء في السواك والكحل للصائم حديث "1677" وفي إسناده مجالد بن سعيد ليس بالقوي ينظر "التقريب " "2/229".(1/243)
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْهَا وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي الْكُنَى وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ "يَسْتَاكُ الصَّائِمُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ بِرَطْبِ السِّوَاكِ وَيَابِسِهِ" وَرَفَعَهُ وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ بَيْطَارٍ الْخُوَارِزْمِيُّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: انْفَرَدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ بَيْطَارٍ وَيُقَالُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي خُوَارِزْمَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَصِحُّ وَلَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ1.
قُلْت: لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ2.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَوَّكَ وَهُوَ صَائِمٌ3 وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَك السِّوَاكُ إلَى الْعَصْرِ فَإِذَا صَلَّيْت الْعَصْرَ فَأَلْقِهِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" وَقَدْ تَقَدَّمَ وَفِي إسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ سَنْدَلٌ وَهُوَ مَتْرُوكٌ4.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ5.
__________
1 أخرجه العقيلي "1/56" والنسائي في "الكنى" كما في " البدر المنير" "3/180" وأبو الجوزي في "الموضوعات، ""2/194" من طريق إبراهيم بن بيطار الخوارزمي عن عاصم به.
وقال النسائي: إبراهيم هذا منكر الحديث.
وقال العقيلي: هذا حديث غير محفوظ وإبراهيم هذا ليس مشهور بالنقل.
ونال ابن عدي في "الكامل" "1/259": عامة أحاديثه غير محفوظة.
وقال ابن الجوزي: لا أصل لهذا الحديث.
وقال في التحقيق: هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي في "الميزان " "1/35": لا أصل له من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "20/71" رقم "33 1" وسنده ضعيف لضعف بكر بن خنيس قال ابن معين ليحيى بشيء وقال الدارقطني: متروك ينظر سؤالات البرقاني "58" و"تاريخ ابن معين" "2/62".
3 عزاه ابن الملقن في "البدر المنير" "3/182" لابن مندة في بعض أماليه من طريق أحمد بن منيع.
4 أخرجه البيهقي "4/274" كتاب الصوم وعمر بن قيس المعروف بسنده واه.
ينظر "الجرح والتعديل" "6/129" و"الضعفاء والمتروكين ""ص 82"، و"الضعفاء الصغير" "ص 81"، و"أحوال الرجال" "ص 149".
5 أخرجه ابن أبي شيبة "3/36".
قال ابن الملقن "3/183": هذا سند حسن إلا أنه مرسل.(1/244)
وَمِنْهَا حَدِيثُ مُحْرِزٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَامَ لَيْلَةً حَتَّى اسْتَنَّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ1 وَرُوِيَ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَاكُ إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَإِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ وَإِذَا خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ فَقُلْت لَهُ قَدْ شَقَقْت عَلَى نَفْسِك فَقَالَ إنَّ أُسَامَةَ أَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَاكُ هَذَا السِّوَاكَ وَفِيهِ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ2.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ أَنْ يَسْتَاكُوا بِالْأَسْحَارِ" رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ3.
وَمِنْهَا حَدِيثُ الْعَبَّاسِ: كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قُلْحًا اسْتَاكُوا" الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ4 قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِيهِ اضْطِرَابٌ5 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ تَمَّامِ بْنِ الْعَبَّاسِ6 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ تَمِيمٍ أَوْ تَمَّامٍ عَنْ أَبِيهِ وَقِيلَ عَنْ تَمَّامِ بن قثم أو قثم ابْنِ تَمَّامٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَى رَجُلَانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتُهُمَا وَاحِدَةٌ فَوَجَدَ مِنْ فِيهِ إخْلَافًا فَقَالَ: "أَمَا تَسْتَاكُ؟ " قَالَ: بَلَى الْحَدِيثَ7.
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي السِّوَاكِ عَلَى طَرَفِ اللِّسَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ8.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ فَيُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ ثُمَّ أَغْسِلُهُ فَأَدْفَعُهُ إلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد9 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا فِي قِصَّةِ سِوَاكِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
__________
1 ينظر "البدر المنير" "3/186".
2 أخرجه ابن أبي شيبة "1/69" عن أبي خالد الأحمر عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر به. وحرام تقدمت ترجمته.
3 تقدم.
4 أخرجه البزار "1/243- كشف" والطبراني كما في "مجمع الزوائد" "1/224" والبغوي في "معجم الصحابة" وابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "البدر المنير" "3/188".
قال البزار: لا نعلم يروى هذا اللفظ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عن العباس بهذا الإسناد.
وقال البيهقي في "سننه" "1/36": مختلف في إسناده.
5 ينظر "البدر المنير" "3/188".
6 أخرجه أحمد "1/214" والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق " "2/256".
7 أخرجه البيهقي "1/36" كتاب الطهارة، والخطب في "الموضح" "2/256".
8 أخرجه البخاري "12/268" كتاب استتابة المرتدين باب حكم المرتد والمرتدة حديث "6923" ومسلم "3/1457" كتاب الإمارة: باب! النهي عن طلب الإمارة حديث "15" وأبو داود "4/524" كتاب الحدود باب الحكم فيمن ارتد حديث "4354" والنسائي "1/10" كتاب الطهارة: باب هل يستاك بحضرة رعيته وأحمد "4/409" وابن حبان "2/289".
9 أخرجه أبو داود "1/44" كتاب الطهارة: باب غسل السواك حديث "52". وسنده جيد كما قال ابن الملقن في " البدر المنير" "3/194".(1/245)
أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَأَخَذْته فَقَضَمْته ثُمَّ أَعْطَيْته لَهُ1.
وَمِنْهَا حَدِيثُ: ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَاءَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْت السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ", مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ3.
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ5.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ "إنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ فَطَهِّرُوهَا بِالسِّوَاكِ" رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَوَقَفَهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ فِي السُّنَنِ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْوَضِينِ وَفِي إسْنَادِهِ مِنْدَلٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ6.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ يَبْدَأُ بِالسِّوَاكِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ7 وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ8 وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ "أَكْثَرْت عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ9 وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ بِلَفْظِ: "عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ"،
__________
1 أخرجه البخاري "2/377" كتاب الجمعة: باب من تسوك بسواك غيره حديث "980" واستدركه الحاكم "1/145" عليهما فوهم.
2 علقه البخاري "1/356" كتاب الوضوء: باب دفع السواك إلى الأكبر حديث "246" وأخرجه مسلم "4/1779" كتاب الرؤيا: باب رؤيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "19".
3 أخرجه أبو داود "1/43" كتاب الطهارة: باب في الرجل يتسوك بسواك غيره حديث "50".
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" "2/342": سئل أبي عن حديث عبد الله بن محمد بن راذان المديني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... فقال أبي: هذا خطأ إنما هو عن عروة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل وعبد الله ضعيف الحديث.
4 سيأتي تخرجه في كتاب الجمعة.
5 سيأتي في كتاب الجمعة.
6 تقدم.
7 أخرجه ابن حبان "2/391" رقم "1060".
8 ينظر صحيح مسلم "1/220" كتاب الطهارة: باب السواك حديث "44".
9 أخرجه البخاري "2/374" كتاب الجمعة: باب السواك يوم الجمعة حديث "888" والنسائي "1/11" كتاب الطهارة: باب الإكثار من السواك والدارمي "1/139" وأحمد "3/143، 249" وابن أبي شيبة "1/171" وأبو يعلى "4171" وابن حبان "1063" وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "1/125" والبيهقي "1/35" من طريق شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعاً.(1/246)
وَأَعَلَّهُ أَبُو زُرْعَةَ بِالْإِرْسَالِ1 وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ مُرْسَلًا2 وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَاكُ بِفَضْلِ وَضُوئِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ3.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ4.
وَفِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا أَنَّ جَرِيرًا أَمَرَ أَهْلَهُ بِذَلِكَ وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْهَا حَدِيثُ "يَجْزِي مِنْ السِّوَاكِ الْأَصَابِعُ" رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ وَفِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ لَا أَرَى بِسَنَدِهِ بَأْسًا.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ الْمَحْفُوظُ عَنْ ابْنِ الْمُثَنَّى عَنْ بَعْضِ أَهْلِ بَيْتِهِ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِيهِ الْمُثَنَّى بْنُ الصُّبَاحِ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَكَثِيرٌ ضَعَّفُوهُ5.
وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ دَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَتَمَضْمَضَ فَأَدْخَلَ بَعْضَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ7 عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ يُسَوِّكُ فَاهُ بِإِصْبَعِهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَذْهَبُ فُوهُ أَيَسْتَاكُ؟ قَالَ: "نَعَمْ", قُلْت: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: "يُدْخِلُ أُصْبُعَهُ فِي فِيهِ" رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهَا وَقَالَ لَا يُرْوَى إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
__________
1 ينظر "العلل" لابن أبي حاتم. "1/55".
2 أخرجه مالك "1/65" كتاب الطهارة: باب ما جاء في السواك حديث "113".
3 أخرجه الدارقطني "1/40" كناب الطهارة: باب الوضوء بفضل السواك حدث "4".
ويوسف بن خالد السمتني قال الحافظ في "التقريب" "2/380": تركوه.
4 أخرجه الدارقطني "1/40" كتاب الطهارة: باب الوضوء بفضل السواك حديث "3" وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "2/21".
وتكلم عليه في علله كما في " البدر المنير" "3/208" والأعمش رأى أنسأ ولم يسمع منه.
ينظر: " المراسيل" لابن أبي حاتم "ص 82" وجامع التحصيل "ص 228- 229".
5 تقدم حديث عائشة وأنس وعمرو بن عوف.
6 أخرجه أحمد "1/158".
7 أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 340".(1/247)
قُلْت: عِيسَى ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَذَكَرَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مَنَاكِيرِهِ1.
وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ كَانَ السِّوَاكُ مِنْ أُذُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْهُ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ2.
وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْهُ فِي الْعِلَلِ فَقَالَ وَهِمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ فِعْلِهِ3.
قُلْت: كَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي تَرْجَمَةِ يَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ عَنْهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوِكَتُهُمْ خَلْفَ آذَانِهِمْ يَسْتَنُّونَ بِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ4.
وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "السِّوَاكُ يُذْهِبُ البلغم ويفرخ الْمَلَائِكَةَ وَيُوَافِقُ السُّنَّةَ" رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ5.
فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ بِلَا إسْنَادٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَلَا تَغْفُلُوهُ فَإِنَّ فِي السِّوَاكِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ خَصْلَةً أَفْضَلُهَا أَنْ يُرْضِيَ الرَّحْمَنَ وَيُصِيبَ السُّنَّةَ وَيُضَاعِفَ صَلَاتَهُ سَبْعًا وَسَبْعِينَ ضِعْفًا وَيُوَرِّثُهُ السَّعَةَ وَالْغِنَى وَيُطَيِّبَ النَّكْهَةَ وَيَشُدَّ اللِّثَةَ وَيُسَكِّنَ الصُّدَاعَ وَيُذْهِبَ وَجَعَ الضِّرْسِ وَتُصَافِحَهُ الْمَلَائِكَةُ لِنُورِ وَجْهِهِ وَبَرْقِ أَسْنَانِهِ" وَذَكَرَ بَقِيَّتَهَا وَلَا أَصْلَ لَهُ لَا مِنْ طَرِيقِ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ6.
فَصْلٌ فِيمَا يُسْتَاكُ به ومالا يُسْتَاكُ بِهِ
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَجَدْت بِخَطِّ أَبِي مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيِّ الْحَافِظِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَذَكَرَ حَدِيثًا يَعْنِي مِنْ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ بِإِسْنَادِهِ إلَى أَبِي خَيْرَةَ الصُّبَاحِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَفْدِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَنَا بِأَرَاكٍ وَقَالَ:
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه البيهقي "1/37" كتاب الطهارة: باب تأكيد السواك عند القيام إلى الصلاة.
وقال: هذا الحدث رفعه محمد بن إسحاق، ويحيى بن اليمان ليس بالقوي عندهم.
3 ينظر "العلل" لابن أبي حاتم "1/55".
4 تقدم.
5 أخرجه أبو نعيم في كتاب السواك بسند ضعيف ينظر " البدر المنير" "3/164- 165". وأخرجه الدارقطني "1/58" عن ابن عباس موقوفاً.
6 بل له أصل لكن ضعيف فأخرجه أبو نعيم بسنده إلى أبي الدرداء.
وقال الشيخ تقي الدين: في متنه نكارة وهو موقوف غير مرفوع ينظر "البدر المنير" "3/169".(1/248)
اسْتَاكُوا بِهَذَا1.
قَالَ ابْنُ مَاكُولَا يَعْنِي فِي الْإِكْمَالِ2 لَيْسَ يُرْوَى لِأَبِي خَيْرَةَ هَذَا غَيْرُهُ وَلَا رَوَى مِنْ قَبِيلَةِ صُبَاحٍ3 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُسْتَنَدُ قَوْلِ صَاحِبِ الْإِيضَاحِ4 وَالْحَاوِي5 وَالتَّنْبِيهِ6 حَيْثُ اسْتَحَبُّوهُ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ فِيهِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.
قُلْت قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَيْرَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ بِالْأَرَاكِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتَاكَ بِعَرَاجِينِ النَّخْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَاكَ بِمَا وَجَدَ وَهَذَا بِهَذَا السِّيَاقِ لَمْ أَرَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرُهُمْ فَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: كُنَّا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَتَزَوَّدْنَا الْأَرَاكَ نَسْتَاكُ بِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَنَا الجريد ونحن نجتزي بِهِ وَلَكِنْ نَقْبَلُ كَرَامَتَك وَعَطِيَّتَك ثُمَّ دَعَا لَهُمْ, وَفِي لَفْظٍ: ثُمَّ أَمَرَ لَنَا بِأَرَاكٍ فَقَالَ: "اسْتَاكُوا" بِهَذَا وَفِيهَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا لَهُمْ7.
تَنْبِيهٌ: أَبُو خَيْرَةَ: بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ8.
وَالصُّبَاحِيُّ: بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ9.
وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ لابن مسعود ذكر الِاسْتِيَاكَ بِالْأَرَاكِ وَذَلِكَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ: كُنْت أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ فِي أَحْكَامِهِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ
__________
1 تقدم.
2 ينظر الإكمال لابن ماكولا "2/31، 5/161".
3 كلام ابن الصلاح في كلامه على أحاديث المهذب وينظر "البدر المنير" "3/217".
4 لعله عبد الواحد بن الحسين، أبو القاسم الصيمري البصري، أحد الأئمة حضر مجلس القاضي أبي حامد المروزى، وتفقه لصاحبه أبي الفياض البصري، وأخذ عنه الماوردي، قال الشرازي: ارتحل إليه الناس من البلاد، وكان حافظاً للمذهب، حسن التصانيف، ومن تصانيفه، "الإيضاح" والكفاية والإرشاد، شرح الكفاية، مات سنّة 386.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/184، تهذيب الأسماء واللغات 2/265، ط. الإسنوي 287 والعقد المذهب لابن الملقن ص 37، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 104.
5 وهو للماوردي، وهو بتحقيقنا بحمد الله تعالى.
6 وهو للشيرازي، وقد تقدم ترجمته والتنبيه عليه.
ينظر: الكلام عليه في تحقيقنا عليه.
7 تقدم تخريج هذا الحديث.
8 ينظر: "التاريخ الكبير" "9/8"، وتجريد أسماء الصحابة "2/163" الكنى والأسماء "1/27"، والجرح والتعديل "9/367".
9 نسبه إلى صياح ينظر الإصابة "7/94".(1/249)
مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ إنَّهُ كَانَ يجتنيه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
ورى أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي زَيْدٍ الْغَافِقِيِّ رَفَعَهُ: "الْأَسْوِكَةُ ثَلَاثَةٌ أَرَاكٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَاكٌ فَعَنَمٌ أَوْ بُطْمٌ" قَالَ رَاوِيهِ الْعَنَمُ الزَّيْتُونُ2.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا فِي كِتَابِ السِّوَاكِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَفَعَهُ: "نَعَمْ السِّوَاكِ الزَّيْتُونُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ يُطَيِّبُ الْفَمَ وَيُذْهِبُ الْجَفْرَ وَهُوَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي" وَفِي إسْنَادِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ محيض تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ3.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سِوَاكِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ جَرِيدَةً رَطْبَةً وَوَقَعَ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَرَاكٍ رَطْبٍ4 فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا لَا يُسْتَاكُ بِهِ فَقَالَ الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ ثَنَا الْحَاكِمُ بْنُ مُوسَى ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السِّوَاكِ بِعُودِ الرَّيْحَانِ وَقَالَ: "إنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ" وَهَذَا مُرْسَلٌ وَضَعِيفٌ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الِاسْتِيَاكِ بِالْإِصْبَعِ5.
__________
1 تقدم حديث ابن مسعود.
2 ينظر "البدر المنير" "3/218".
3 أخرجه الطبراني في " الأوسط " "1/390" رقم "682" وقال: لم يروه عن إبراهيم بن أبي عبلة إلا ابن محصن.
4 تقدم.
5 ينظر "البدر المنير" "3/219-220".(1/250)
7-بَابُ سُنَنِ الْوُضُوءِ
70 - حَدِيثُ "لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَخْزُومِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَاجِشُونُ وَصَحَّحَهُ لِذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ اللَّيْثِيُّ1.
__________
1 أخرجه أحمد "2/418" وأبو داود "1/75" كتاب الطهارة: باب التسمية في الوضوء حديث "101" وابن ماجة "1/140" كتاب الطهارة باب ما جاء في التسمية في الوضوء حديث "399" والترمذي في "العلل" "ص- 32" وأبو يعلى "11/293" رقم "6409" والدارقطني "1/79" كتاب الطهارة رقم "2" والحاكم "1/146" والبيهقي "1/43" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء، والبغوي في " شرح السنة" "1/303- بتحقيقنا" كلهم من طريق يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه"
قال الحاكم: صحيح الإسناد فقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار.
وتعقبه الذهبي بأنه يعقوب بن سلمة الليثي وقال: إسناده فيه لين.(1/250)
قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَبِيهِ وَلَا لِأَبِيهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1 وَأَبُوهُ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ رُبَّمَا أَخْطَأَ وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَعْفِهِ فَإِنَّهُ قَلِيلُ الْحَدِيثِ جِدًّا وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَلَدِهِ فَإِذَا كَانَ يُخْطِئُ مَعَ قِلَّةِ مَا رَوَى فَكَيْفَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ثِقَةً2.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: انْقَلَبَ إسْنَادُهُ عَلَى الْحَاكِمِ فَلَا يُحْتَجُّ لِثُبُوتِهِ بِتَخْرِيجِهِ له وتبعه النَّوَوِيَّ3.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ4: لَوْ سَلَّمَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ وَاسْمُ أَبِي سَلَمَةَ دِينَارٌ فَيُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ أَبِي سَلَمَةَ وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ فَلَا يَكُونُ أَيْضًا صَحِيحًا5.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ الظَّفَرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ النَّجَّارِ عَنْ يَحْيَى6 عَنْ أَبِي سملة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "مَا تَوَضَّأَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا صَلَّى مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ" 7 وَمَحْمُودٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ8 وَأَيُّوبُ قَدْ سَمِعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ إلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا "الْتَقَى آدَم وَمُوسَى" 9 وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي الْأَوْسَطِ
__________
1 نقله عنه الترمذي في " العلل" "ص 32".
2 ينظر الثقات لابن حبان "4/317".
3 ينظر "المجموع" "1/344" و" البدر المنير" "3/228".
4 ينظر كلام ابن دقيق العيد في "نصب الراية" "1/3".
5 حديث أبي هريرة ضعيف ومع هذا فقد أغرب ابن الجوزي عندما قال في "التحقيق ": هذا حديث جيد وقال المنذري في "مختصر السنن " "1/88": هو أمثل الأحاديث الواردة إسناداً.
وفيما قاله المنذري نظر كما سيأتي.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" "3/229- 230" قال شيخنا أبو الفتح اليعمري: وفيما قاله المنذري نظر لانقطاع حديث أبي هريرة من وجهين.
قلت:- أي ابن المقلن:- لا شك فيه بل هو ضعيف لوجهين كما قررته وأما ابن السكن فإنه ذكره
فى صحاحه وهر تساهل منه كما يعرف ذلك من نظر في كتابه هذا ا. هـ.
6 في الأصل: يحيى بن أبي كثير.
7 أخرجه الدارقطني "1/71" والبيهقي والمصنف في "نتائج الأفكار" "1/226".
8 قال الحافظ في "النتائج" "1/226" هذا حديث غريب ورواته من أيوب فصاعداً مخرج لهم في الصحيح لكن قال الدارقطني في الظفري ليس بقوي.
9 ينظر التهذيب "1/414".(1/251)
لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إذَا تَوَضَّأْت فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّ حَفَظَتَك لَا تَزَالُ تَكْتُبُ لَك الْحَسَنَاتِ حَتَّى تُحْدِثَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ" قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ1.
وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا وَيُسَمِّيَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا" تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ2.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَعَائِشَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي سَبْرَةَ وَأُمِّ سَبْرَةَ وَعَلِيٍّ وَأَنَسٍ.
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ السَّكَنِ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَبِيحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَعَمَ ابْنُ عَدِيٍّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ كَثِيرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ3.
وَأَمَّا حَالُ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
__________
1 أخرجه الطبراني في "الصغير" "1/73" من طريق عمرو بن أبي سلمة ثنا إبراهيم بن محمد البصري عن علي بن ثابت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به.
وقال: لم يروه عن علي بن ثابت إلا إبراهيم بن محمد البصري تفرد به عمرو بن أبي سلمة.
وذكره الهيثمي في " المجمع " "1/223" وقال: إسناده حسن.
قلت: وفيما ذكره الهيثمي نظر فقد قال الحافظ في "النتائج" "1/228" علي بن ثابت مجهول والراوي عنه ضعيف.
وقال في "اللسان" هذا حديث منكر.
2 تقدم تخريج هذا الطريق عند حديث: "إذا استيقظ أحدكم من نومه ... ".
3 أخرجه ابن ماجة "1/139" كتاب الطهارة: باب ما جاء في التسمية في الوضوء حديث "397" والترمذي في "العلل الكبير" "ص- 33" وابن أبي شيبة "1/2- 3" وأحمد "3/41" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 143، 144" وأبو يعلى "2/324" رقم "1060" والدارمي "1/141" كتاب الطهارة وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" "ص- 285" رقم "910" والدارقطني "1/71" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء حديث "3" وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم "26" والطبراني في "الدعاء" "2/972" رقم "380" والحاكم "1/147" كتاب الطهارة، والبيهقي "1/43" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء، كلهم من طريق كثير بن زيد ثنا ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".(1/252)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ يُكْتَبُ حَدِيثَهُ1.
وَرَبِيحٌ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ2.
وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: لَمْ يُصَحِّحْهُ أَحْمَدُ وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَثْبُتُ وَقَالَ الْبَزَّارُ رَوَى عَنْهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ وَكَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وكلما رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَيْسَ بِقَوِيٍّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الْأَسَانِيدُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا لِينٌ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إنَّهُ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ3.
وَقَالَ السَّعْدِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا صَحِيحًا أَقْوَى شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَبِيحٍ4.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: هُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ5.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْن زَيْدٍ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي تفال عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ رَبَاحٍ وَلِابْنِ مَاجَهْ بِزِيَادَةِ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ" وَصَرَّحَ الْعُقَيْلِيُّ وَالْحَاكِمُ بِسَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَزَادَ: "وَلَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ" وَزَادَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَتِهِ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَسْمَاءُ بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْقَطَ مِنْهُ ذِكْرَ أَبِيهَا6.
__________
1 ينظر: "الجرح والتعديل" "7/151" والتهذيب "8/414".
2 ينظر " الجرح والتعديل" "3/519" و"التهذيب" "8/414" و"علل الترمذي الكبير" "ص 33".
3 ينظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي "1/177".
4 ينظر الكامل لابن عدي "6/2087" و"السنن الكبرى" للبيهقي "1/43".
5 ذكره ذلك عنه المجد ابن تيمية في "منتقى الأخبار" "ص 39".
6 أخرجه ابن أبي شيبة "1/3" والترمذي "1/37- 38" كتاب الطهارة باب في التسمية عند الوضوء حديث "25" وفي "العلل الكبير" "ص- 31" رقم "16" وابن ماجة "1/140" كتاب الطهارة: باب
ما جاء في التسمية عند الوضوء حديث "398" وأبو داود الطيالسي "1/51- منحة" رقم "67 1" وأحمد "4/70" والدارقطني "1/72- 73" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء حديث "5" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/26- 27" وابن المنذر في "الأوسط ""1/367" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 141" والعقيلي "1/177" والحاكم "4/60" والبيهقي "1/43" كتاب ... =(1/253)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ وُهَيْبٌ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ هَكَذَا وَقَالَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ ابْنِ حرملة عن أبي تفال عَنْ رَبَاحٍ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهَا سَمِعَتْ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَاهَا وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ أبي تفال عَنْ رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ صَدَقَةُ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ أبي تفال عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حُوَيْطِبٍ مُرْسَلًا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حُوَيْطِبٍ هُوَ رَبَاحٌ الْمَذْكُورُ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ:
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ وُهَيْبٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا1.
وَفِي الْمُخْتَارَةِ لِلضِّيَاءِ مِنْ مُسْنَدِ الْهَيْثَمِ بْنِ كُلَيْبٍ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ سَمِعَ أَبَا غَالِبٍ سَمِعْت رَبَاحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا كَذَا قَالَ قَالَ الضِّيَاءُ الْمَعْرُوفُ أَبُو تفال بَدَلَ أَبِي غَالِبٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي الْعِلَلِ2 رِوَايَتَهُمَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ خَالَفَهُمَا لَكِنْ قَالَا إنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ بصحيح أبو تفال وَرَبَاحٌ مَجْهُولَانِ وَزَادَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَنَّ جَدَّةَ رَبَاحٍ أَيْضًا لَا يُعْرَفُ اسْمُهَا وَلَا حَالُهَا كَذَا قَالَ فَأَمَّا هِيَ فَقَدْ عُرِفَ اسْمُهَا مِنْ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مُصَرِّحًا بِاسْمِهَا.
وَأَمَّا حَالُهَا فَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الصَّحَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا صُحْبَةٌ فَمِثْلُهَا لَا يُسْأَلُ عَنْ حالها.
وأما أبو تفال فَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ.
__________
= الطهارة: باب التسمية على الوضوء وابن الجوزي في " العلل المتناهية" "1/236- 237" رقم "551" كلهم من طريق أبي تفال عن رباح بن عبد الرحمن حدثتني جدتي أنها سمعت أباها يقول: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: ليس في هذا الباب حديث أحسن عندي من هذا ... ا. هـ.
وصححه الضياء المقدسي في المختارة.
وصححه الحاكم كما في "نصب الراية " "1/4" وليس في النسخة التي بين أيدينا قال الزيلعي: أعله ابن القطان في "كتاب الوهم والإيهام" وقال: فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال ولا تعرف بغير هذا ورباح أيضاً مجهول الحال وأبو تفال مجهول الحال أيضاً ا. هـ.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل " "1/52": سمعت أبي وأبا زرعة وذكرت لهما حديثاً رواه عبد الرحمن بن حرملة عن أبي تفال: قال سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب قال: أخبرتني جدتي عن أبيها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه". فقالا: ليس عندنا بذاك الصحيح أبو تفال ورباح مجهول ا. هـ.
وأبو تقال وقع اسمه في "نتائج الأفكار" "1/230": ثمامة بن وائل بن حصين قال الحافظ: وهو موثق.
1 ينظر "البدر المنير" "3/240".
2 ينظر " العلل" "1/52".(1/254)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ وَهَذِهِ عَادَتُهُ فِيمَنْ يُضَعِّفُهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَسْت بِالْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا تَفَرَّدَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوَثِّقْهُ.
وَأَمَّا رَبَاحٌ فَمَجْهُولٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَالَ الْبَزَّارُ أبو تفال مَشْهُورٌ وَرَبَاحٌ وَجَدَّتُهُ لَا نَعْلَمهُمَا رَوَيَا إلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا حَدَّثَ عَنْ رباح إلا أبو تفال فَالْخَبَرُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَابْنُ عَدِيٍّ وَفِي إسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَضُعِّفَ بِهِ2.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ نَظَرَ فِي جَامِعِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فَإِذَا أَوَّلُ حَدِيثٍ قَدْ أَخْرَجَهُ هَذَا الْحَدِيثُ فَأَنْكَرَهُ جِدًّا وَقَالَ أَوَّلُ حَدِيثٍ يَكُونُ فِي الْجَامِعِ عَنْ حَارِثَةَ3.
وَرَوَى الْحَرْبِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَصَحَّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ وَهَذَا أَضْعَفُ حَدِيثٍ فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ تَابَعَهُ أَخُوهُ أُبَيّ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ4.
__________
1 وفيه رد على من صحح هذا الطريق كالعلامة الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على الترمذي" "1/37" فقال رحمه الله: إسناده جيد حسن.
فالإسناد ضعيف كما ظهر من كلام الحافظ.
2 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "2/616" والبزار "1/137- كشف" رقم "261" وابن أبي شيبة "1/3" والدارقطني "1/72" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء، من طريق حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بدأ بالوضوء سمى, والحديث ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد""1/223" وقال: رواه أبو يعلى والبزار ومداره على حارثة بن محمد وقد أجمعوا على ضعفه.
3 ينظر " الكامل" لابن عدي "2/616".
4 أخرجه ابن ماجة "1/140" كتاب الطهارة: باب ما جاء في التسمية في الوضوء حديث "400" والحاكم "1/269" والبيهقي "2/379" والطبراني في "الكبير" "6/121" رقم "5698" من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار".
ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني "1/355" مقتصراً على قوله: "ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وقال: عبد المهيمن ليس بالقوى.
وقال الحاكم: لم يخرج هذا الحدث على شرطهما لأنهما لم يخرجا عبد المهيمن.
وقال الذهبي: عبد المهيمن واه.
وقال البرصيرى في "الزوائد" "1/167": هذا إسناد ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد المهيمن....=(1/255)
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَبْرَةَ وَأُمِّ سَبْرَةَ فَرَوَى الدُّولَابِيُّ فِي الْكُنَى والبغوي في الصَّحَابَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى فِي الْمَعْرِفَةِ فَقَالَ عَنْ أُمِّ سَبْرَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ2.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْأَنْدَلُسِيُّ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ "لَا إيمَانَ لِمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَا صَلَاةَ إلَّا بِوُضُوءٍ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهِ" وَعَبْدُ الْمَلِكِ شَدِيدُ الضَّعْفِ3.
__________
= وقال الحافظ في "نتائج الأفكار" "1/235" وعبد المهيمن ضعيف ا. هـ.
قلت: لكنه لم ينفرد به فقد تابعه عليه أخوه أبي بن عباس.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" "6/12" من طريق أبي بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا صلاة لمن لم حب الأنصار".
ومن طريق الطبراني أخرجه الحافظ في "نتائج الأفكار" "1/234" وقال: هذا حديث غريب أخرجه
ابن ماجة من رواية عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد.
وعبد المهيمن ضعيف وأخوه أبي الذي سقته من روايته أقوى منه ا. هـ.
قلت: وأبي بن العباس أخرج له البخاري حديثاً واحداً "2855" أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان له فرس بقال له اللحيف.
وقد ذكر الحافظ أبي بن العباس في "هدي الساري" "ص- 408" وقال: ضعفه أحمد وابن معين وقال النسائي: ليس بالقوى ا. هـ.
1 أخرجه الدولابي في " الكنى والأسماء" "1/36" والطبراني في "الكبير" "22/296" وفي "الأوسط" رقم "1119" من طريق يحيى بن عبد الله ثنا عيسى بن سبرة عن أبيه عن جده قال: "لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا يؤمن باللَّه من لم يؤمن بي ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار".
وأخرجه الطبراني في "الدعاء" كما في "نتائج الأفكار" "1/236" ومن طريقه أخرجه الحافظ وقال:
هذا حديث غريب أخرجه أبو القاسم البغوي في "كتاب الصحابة" عن الصلت بن مسعود عن يحيى
بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس به وقال: عيسى منكر الحديث.
والحديث ذكره الحافظ في "الإصابة" "2/146" وعزاه إلى ابن مندة في "معرفة الصحابة" وابن السكن وسمويه في "فوائده" وأبي نعيم في "المعرفة".
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع " "1/233" وقال: يحيى بن أبي يزيد بن عبد الله لم أر من ترجمه ا. هـ.
قلت: وفيه نظر فهو من رجال التهذيب.
وقال الحافظ في " التقريب" "2/352": صدوق.
2 أخرجه ابن على "5/1883".
3 أخرجه أبو موسى المديني في "معرفة الصحابة" كما في " الأزهار المتناثرة" "ص- 25" عن عبد الملك بن حبيب به.(1/256)
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجْمُوعَ الْأَحَادِيثِ يَحْدُثُ مِنْهَا قُوَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا1.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَبَتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ: وَقَالَ الْبَزَّارُ لَكِنَّهُ مُؤَوَّلٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا فَضْلَ لِوُضُوءِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ لَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُسَمِّ وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رافع "لا يتم صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ".
وَاسْتَدَلَّ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا فَقَالَ: "هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ " فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَقَالَ: "توضؤوا بِسْمِ اللَّهِ" 2 وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ3 بِدُونِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا صَرِيحَةٌ لِمَقْصُودِهِمْ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ جَابِرٍ4.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ" 5 قَوْلُهُ وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: "لَا وُضُوءَ كَامِلًا لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" لَمْ أَرَهُ هَكَذَا لَكِنَّ مَعْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.
71 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يذكر اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ".
احْتَجَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ وَسَبَقَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَاب الطَّهُورِ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ6.
__________
1 وقال الحافظ المنذري في " الترغيب" "1/225": وفي الباب أحاديث كثيرة لا يسلم شيء منها من مقال وقد ذهب الحسن وإسحاق بن راهوية وأهل الظاهر إلى وجوب التسمية في الوضوء حتى أنه إذا تحمد تركها أعاد الوضوء وهو رواية عن الإمام أحمد ولا شك أن الأحاديث التي وردت ليها وإن كان لا يسلم شيء منها عن مقال فإنها تتعاضد بكثرة طرقها وتكتب قوة ا. هـ.
2 أخرجه النسائي "1/61" كتاب الطهارة: باب التسمية عند الوضوء، وابن خزيمة "1/74" رقم "144" والدارقطني "1/71" حديث "1" والبيهقي "1/43" كتاب الطهارة باب التسمية على الوضوء.
3 أخرجه البخاري "1/271" كتاب الوضوء: باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة حديث "169" ومسلم "4/1783" كتاب الفضائل: باب معجزات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "4".
4 أخرجه أحمد "3/292" والدارمي "1/21".
5 ينظر "المجموع " للنووي "1/344".
6 أخرجه الدارقطني "1/74- 75" والبيهقي "1/44" كلاهما من طريق أبي بكر الداهري عن عاصم ابن محمد عن ابن عمر مرفوعاً.
وقال البيهقي: وهذا أيضاً ضعيف أبو بكر الداهري غير ثقة عند أهل العلم بالحديث.
قال ابن الملقن في " البدر المنير" "3/260": بل هو ضعيف جداً منسوب إلى الوضع. وقال المصنف في نتائج الأفكار "1/237": تفرد به أبو بكر الداهري واسمه عبد الله لن حكيم وهو متروك الحديث.(1/257)
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "لَمْ يَطْهُرْ إلَّا مَوْضِعُ الْوُضُوءِ مِنْهُ" وَفِيهِ مِرْدَاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ2,3.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ "فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَهُورِهِ فَلْيَشْهَدْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ" وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ هاشم السمسار وَهُوَ مَتْرُوكٌ4.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبَانَ وَهُوَ مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا5.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ سَمِعْت مِنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ حَدِيثًا يُحَدِّثُهُ بِإِسْنَادِهِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ فَلَا أَجِدُنِي أَحْفَظُهُ وَهَذَا مَعَ إعْضَالِهِ مَوْقُوفٌ6.
72 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ قَبْلَ الْوُضُوءِ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ الْمَشْهُورِ7 وَفِيهِ عِنْدَهُ أَفْرَغَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَهُمَا إلَى الْكُوعَيْنِ8 وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا9 وَمَعْنَاهُ فِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ
__________
1 في الأصل: الدارقطني والبيهقي.
2 في الأصل: وهما ضعيفان.
3 أخرجه الدارقطني "1/74" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء.
وضعفه المنذري في " كلامه على أحاديث المهذب" كما في " البدر المنير" "3/261".
وقال الذهبي في " الميزان" "4/88" في ترجمة محمد بن أبان: لا أعرفه وخبره منكر في التسمية على الوضوء.
4 أخرجه الدارقطني "1/73" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء حديث "11" والبيهقي "1/44" كتاب الطهارة: باب التسمية على الوضوء.
وقال البيهقي: هذا حديث ضعيف لا أعلم رواه عن الأعمش إلا يحيى بن هاشم ويحيى متروك الحديث ا. هـ.
وكذبه يحيى بن معين ونسبه ابن حبان وابن عدي إلى الوضع.
ينظر " الكامل " "7/2706"، و" المجروحين " "3/125" و" اللسان " "6/280".
5 تقدم الكلام على عبد الملك بن حبيب.
6 ينظر الطهور لأبى عبيد "ص 151".
7 في الأصل: من حديث عمر المشهور.
8 أخرجه أبو داود "1/81" كتاب الطهارة باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث "109".
9 أخرجه البخاري "1/259" كتاب الوضوء: باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً حديث "159" وفي "1/266" كتاب الوضوء: باب المضمضة في الوضوء حديث "164" ومسلم "1/205" كتاب الطهارة: باب صفة الوضوء وكماله حديث "4" وأبو داود "1/78" كتاب الطهارة باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "106" والنسائي "1/64" كتاب الطهارة: باب المضمضة والاستنشاق وأحمد "1/59".(1/258)
بْنِ زَيْدٍ1 وَفِي أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ2.
73 - حَدِيثُ "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ" الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ3.
74 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يمضمض وَيَسْتَنْشِقُ فِي وُضُوئِهِ يَأْتِي فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا4.
75 - حَدِيثُ "عَشْرٌ مِنْ السُّنَّةِ" وَعَدَّ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ5 وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ بِلَفْظِ: "عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ" وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَهُوَ مَعْلُولٌ6 وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: 124] قَالَ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَذَكَرِهَا7.
تَنْبِيهٌ: اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَهُ مِنْ الْفِطْرَةِ بَلْ وَلَوْ وَرَدَ بِلَفْظِ مِنْ السُّنَّةِ لَمْ يَنْهَضْ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ1 لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ لَا السُّنَّةُ الِاصْطِلَاحِيُّ الْأُصُولِيُّ8.
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ "1/18": كتاب الطهارة: باب العمل في الوضوء، الحديث "1"، وعبد الرازق في المصنف "1/6": كتاب الطهارة: باب المسح بالرأس، الحديث "5" وأحمد "4/38"، والبخاري "1/289": كتاب الوضوء: باب مسح الرأس، الحديث "185"، ومسلم "1/210-211" كتاب الطهارة: باب في وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث "18"، وأبو داود "1/86- 87": كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث "18"، والترمذي "1/47"، كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الرأس، الحديث "32"، والنسائي "1/72": كتاب الطهارة: باب صفة مسح الرأس، وابن ماجة "1/149- 150": كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الرأس، الحديث "434"، وابن الجارود في المنتقى "ص: 35": باب صفة وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحميدي "1/202" وابن خزيمة"1/80، 87، 88" وابن حبان "2/296، 297- الإحسان" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/30" والبيهقي "1/59" كتاب الطهارة: باب الاختيار في استيعاب الرأس بالمسح والبغوي في "شرح السنة " "1/316- بتحقيقنا" عن عبد الله بن زيد.
2 تقدم.
3 تقدم.
4 تقدم حديث عثمان وعبد الله بن زيد.
5 تقدم.
6 تقدم.
7 أخرجه الطبري في "تفسيره" "1910" وفي "تاريخه " "1/144" والحاكم "2/266" والبيهقي "1/149" وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
8 السنّة في اللغة السيرة والطريقة حسنّة كانت أو قبيحة. أنشد خالد بن زهير فقال:
فلا تجزعن عن سيرة أنت سرتها ... فأول راض من يسيرُها
وسننتها سنا واستننتها سرتها، وسننت لكم سنّة فاتبعوها وقال ابن فارس في معجمه السين والنون أصل
واحد مطرد وهو جريان الشيء واطراده في سهول.
والأصل قولهم سننت الماء على وجهي أسنه سناً إذا أرسلته إرسالاً. قال ابن الأعرابي السنّ مصدر سنَّ الحديد سنا وسن للقوم سنة وسنناً وسن عليه الدرع يسنها سناً إذا صبها وسن الإبل يسنها سناً ... =(1/259)
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ1.
76 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَيُقَالُ: إنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا روياه كذلك.
77 - روي عَنْ عَلِيٍّ فِي وَصْفِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ تَمَضْمَضَ مَعَ الِاسْتِنْشَاقِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ وَصْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ وَعَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فِي أَبْوَابٍ مُخْتَلِفَةٍ.
78 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ أَخَذَ غَرْفَةً فَتَمَضْمَضَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَغَرْفَةً أُخْرَى اسْتَنْشَقَ مِنْهَا ثَلَاثًا.
79 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ أَخَذَ غَرْفَةً فَتَمَضْمَضَ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَنْشَقَ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى فَتَمَضْمَضَ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَنْشَقَ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً ثَالِثَةً فَتَمَضْمَضَ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَنْشَقَ أَمَّا حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثٍ فِيهِ: وَرَأَيْته يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ2 وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
__________
= إذا أحسن رعيتها وسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحمل هذه المعاني لما فيها من جريان الأحكام الشرعية واطرادها اصطلاحاً.
تختلف السنة عند أهل العلم حسب اختلاف الأغراض التي اتجهوا إليها من أبحائهم فمثلاً عند علماًء الأصول عنوا بالبحث عن الأدلة الشرعية وعند علماء الحديث عنوا بنقل ما نسب إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعند علماء الفقه عنوا بالبحث عن الأحكام الشرعية من فرض ومندوب وحرام ومكرره فالسنة عند علماء الأصول.
تطق على ما أثر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قول أو فعل أو تقرير والسنة عند الفقهاء.
تطلق السنة عند أكثر علماء الشافعية وجمهور الأصوليين بالنسبة إلى معناها الفقهي ترادف المندوب والمستحب والتطوع والنافلة والمرغب فيه.
قالوا هو الفعل الذي طلبه الشارع طلباً غير جازم أو ما يثاب الإنسان على فعلها ولا يعاقب على تركها.
وعند علماء الحديث.
تطلق على أقوال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأفعاله وتقريراته وصفاته الخلقية والخلقية وسيره ومغازيه. وأخباره قبل البعثة- فالسنّة بهذا المعنى ترادف الحديث بنظر الصحاح 5/139م لسان العرب 3/2124 ترتيب القاموس 2/656 المصباح المنير 1/396- 397 معجم مقياس اللغة 7/0 6 لسان العرب 3/2123 نهاية الوصول 3/3 البدخشي 2/269 البناني على جمع الجوامع 2/99 تيسير التحرير 3/19 الأحكام في أصول الأحكام 1/156 البيجرمي على المنهج 1/246 حجية السنة "51" الحديث والمحدثون لأبي زهوة "8" وما بعدها.
1 أخرجه الدارقطني.
2 أخرجه أبو داود "1/82" كتاب الطهارة: باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق حديث "139" من طريق ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: "دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق" وسكت عنه أبو داود.
وضعفه النووي في "المجموع" "1/393" فقال: رواه أبو داود بإسناد ليس بقوي فلا يحتج به.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير " "3/278": وهو حديث ضعيف.(1/260)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ وَيَأْتِي عَنْ الثِّقَاتِ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ1.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ2: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ضَعْفِهِ وَلِلْحَدِيثِ عِلَّةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: أَيْشٌ هَذَا؟ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ3 وَكَذَلِكَ حَكَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَزَادَ وَسَأَلْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ اسْمِ جَدِّهِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ كَعْبٍ أَوْ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ4.
وَقَالَ الدَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ: الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ إنَّ جَدَّ طَلْحَةَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَقُولُونَ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ5.
وَقَالَ الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي دَاوُد: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ يَقُولُ إنَّ لِجَدِّهِ صُحْبَةً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ إنَّ لِجَدِّهِ صُحْبَةً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْت أَبِي عَنْهُ فَلَمْ يُثْبِتْهُ وَقَالَ طَلْحَةُ هَذَا يُقَالُ إنَّهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ وَلَوْ كَانَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ6.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ7: عِلَّةُ الْخَبَرِ عِنْدِي الْجَهْلُ بِحَالِ مُصَرِّفِ بْنِ عَمْرٍو وَالِدِ طَلْحَةَ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي كِتَابِ أَوْلَادِ الْمُحَدِّثِينَ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَيْضًا وَخَلْقٌ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ لِلْفَصْلِ8 فَتَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ9 الْإِمَامَ فِي النِّهَايَةِ10 وَأَنْكَرَهُ ابْنُ
__________
1 ينظر المجروحين "2/231" والجرح والتعديل "7/178" والتهذيب "8/468".
2 ينظر تهذيب الأسماء واللغات "2/75".
3 ينظر سنن أبي داود "1/92" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث"132".
4 ينظر "الاستيعاب " "3/1199" والإصابة "5/607" و" البدر المنير" "3/283".
5 ينظر "تاريخ ابن معين" رواية الدوري "2/278- 279".
6 ينظر " العلل لابن أبي حاتم" "1/52".
7 ينظر " البدر المنير" "3/283- 284".
8 في الأصل: للفضل.
9 ينظر "فتح العزيز" "1/397".
10 نهاية المطلب: جمعها إمام الحرمين بمكة وحررها بنيسابور.(1/261)
الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوَسِيطِ فَقَالَ لَا يُعْرَفُ وَلَا يَثْبُتُ بَلْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ ضِدَّهُ1.
قُلْت: رَوَى أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ مِنْ طَرِيق أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ شَهِدْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّآ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَفْرَدَا الْمَضْمَضَةَ مِنْ الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ قَالَا هَكَذَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ2 فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْفَصْلِ فَبَطَلَ إنْكَارُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا الْجَمْعُ فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَتَمَضْمَضَ وَأَدْخَلَ بَعْضَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا3 بَلْ فِي ابْنِ مَاجَهْ مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا بِلَفْظِ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ4.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ رَآهُ دَعَا بِمَاءٍ فَأَتَى بِمِيضَأَةٍ فَأَصْغَاهَا عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ... الْحَدِيثَ5.
وَفِيهِ رَفَعَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفَصْلِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ فَلَهُ عَنْهُ طُرُقٌ.
أَحَدُهَا: عَنْ أَبِي حَيَّةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ الْمُثَقَّلَةِ قَالَ رَأَيْت عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ وَأَبُو دَاوُد مُخْتَصَرًا6.
وَالْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ: ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَلَأَ فَمَهُ فَمَضْمَضَ ثُمَّ اسْتَنْشَقَ وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ7.
ثَانِيهَا: عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ8 وَأَعَلَّهُ أَبُو
__________
1 أخرجه أبو داود "1/83" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "113" وأحمد "1/139" وفيه: ومضمض ثلاثاً مع الاستنشاق بماء واحد.
2 ينظر "البدر المنير" "3/288".
3 أخرجه أحمد "1/158".
4 أخرجه ابن ماجة "1/142" كتاب الطهارة: باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد حديث "404".
5 "أخرجه" أبو داود "1/80" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "108".
6 أخرجه الترمذي "1/67" كتاب الطهارة: باب ما جاء في وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "49" والنسائي "1/70" كتاب الطهارة: باب عدد غسل اليدين، وأحمد "1/127".
وأخرجه أبو داود مختصراً "1/84" كتاب الطهاة باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "116".
7 أخرجه البزار كما في "البدر المنير" "3/291".
8 أخرجه أبو داود "1/83" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "114".(1/262)
زُرْعَةَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُرْوَى عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ1.
ثَالِثُهَا: عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ: أَتَى بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَشْتٍ فَأَفْرَغَ مِنْ الْإِنَاءِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَنَثَرَ مِنْ الْكَفِّ الَّذِي يَأْخُذُ فِيهِ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَغَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ وَرَوَاهُ ابْنِ حِبَّانَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ, وَالْبَزَّارُ فِي آخِرِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى2.
رَابِعُهَا: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ رَأَيْت عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً وَرَفَعَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ3.
خَامِسُهَا: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُطَوَّلًا4 وَالْبَزَّارُ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا هَكَذَا إلَّا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْهُ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ5 وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالسَّمَاعِ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ مُخْتَصَرًا وضعفه الْبُخَارِيُّ فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ6.
سَادِسُهَا: عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ7 وَفِيهِ فَأَخَذَ كَفًّا فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَةً وَهُوَ قَائِمٌ, وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ مُخْتَصَرًا8.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ فِي صِفَة الْوُضُوءِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَطُرُقٌ عِنْدَهُمَا.
مِنْهَا: ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَلِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا9.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَهُ طُرُقٌ مِنْهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ
__________
1 الذي أعل الحديث هو أبو حاتم كما في " العلل" لابنه "1/21".
2 أخرجه أبو داود "1/82" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "111" والنسائي "1/67" كتاب الطهارة: باب بأي اليدين يستنثر، وابن ماجة "1/142" كتاب الطهارة: باب المضمضة والاستنشاق بكف واحد حديث "404" وابن حبان "1/293" وابن خزيمة "147".
3 أخرجه أبو داود "1/83" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "115".
4 أخرجه أبو داود "1/84" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "117".
5 ينظر البدر المنير "3/300".
6 نقل هذا التضعيف الإمام المنذري في "مختصر السنن " "1/95".
7 أخرجه ابن حبان "2/281" رقم "1043".
8 أخرجه البخاري "10/81" كتاب الأشربة: باب الشرب قائماً حديث "5616".
9 أخرجه البخاري "4/185" كتاب الصيام: باب سواك الرطب واليابس للصائم حديث "1934" ومسلم "1/204" كتاب الطهارة: باب صفة الوضوء وكماله حديث "3".(1/263)
مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا, وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ, وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ, وَفِي رِوَايَةٍ لابن حبان: فمضمض وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ ثَلَاثِ حَفَنَاتٍ, وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ تَبَيَّنَ الِاخْتِلَافُ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ2 وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: فَأَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَضْمَضَ مِنْهَا وَاسْتَنْشَقَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ فَيُمَضْمِضُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ أُخْرَى ثَلَاثًا لِأَنَّ عَلِيًّا رَوَاهُ كَذَلِكَ هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ حَدِيثِ أبي دحية عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ وَلَفْظُهُ: ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَكَذَا حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ جَدِّهِ فَفِيهَا فَمَضْمَضَ ثلاثا واستنشق ثلاث3اوقوله: فأخذ غَرْفَةً فَيُمَضْمِضُ بِهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثُمَّ يُمَضْمِضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثُمَّ يُمَضْمِضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ4 هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ حَدِيثِهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ قَوْلُهُ: يَأْخُذُ غَرْفَةً يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا رُوِيَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْبُخَارِيِّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ5.
وَلِلْحَاكِمِ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَأَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الصَّرَاحَةِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ: ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ يُمَضْمِضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ الْكَفِّ الَّذِي أَخَذَ فِيهِ وَلِأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا مَعَ الِاسْتِنْشَاقِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ6.
80 - حَدِيثُ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا" الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلِ بْنِ كَثِيرٍ الْمَكِّيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ بِهِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا.
قَالَ الْخَلَّالُ: عَنْ أَبِي دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ عَاصِمٍ لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُ بِكَثِيرِ رِوَايَةٍ انْتَهَى وَيُقَالُ:
__________
1 تقدم تخريجه.
2 سيأتي تخريجه.
3 تقدم.
4 تقدم.
5 تقدم.
6 تقدم تخريج كل هذه الروايات.(1/264)
لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ إسْمَاعِيلَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَهُمْ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَى الدُّولَابِيُّ فِي حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ مَنْ جَمَعَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَلَفْظُهُ: "وَبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا" وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ بِلَفْظِ "إذَا تَوَضَّأْت فَمَضْمِضْ" 1.
تَنْبِيهٌ: احْتَجَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِيهِمَا وَلَيْسَ فِيمَا أَوْرَدَهُ إلَّا لَفْظُ الِاسْتِنْشَاقِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَضْمَضَةَ قِيَاسًا.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا اسْتِحْبَابَ فِي الْمَضْمَضَةِ2 لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا الْخَبَرُ وَرِوَايَةُ الدُّولَابِيِّ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "اسْتَنْثِرُوا [مَرَّتَيْنِ] 3 بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا", صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ،
__________
1 أخرجه أبو داود "82/1- 83" كتاب الطهارة: باب في الاستنثار حديث "142" والترمذي "1/56" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل الأصابع حديث "38" والنسائي "1/66" كتاب الطهارة: باب المبالغة في الاستنشاق حديث "87" وابن ماجة "1/142" كتاب الطهارة: باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار حديث "407" والدارمي "1/179" كتاب الطهارة؟ باب في تخليل الأصابع وأحمد "4/32- 33" والشافعي في "الأم""1/27" والطيالسي "1/51- منحة" رقم "171" وابن الجارود في "المنتقى" رقم "80" وابن أبي شيبة "1/11" كتاب الطهارة: باب تخليل الأصابع وعبد الرزاق "1/26" رقم "80" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" رقم "284" وابن خزيمة "1/78" رقم "150" وابن حبان "159- موارد" والحاكم "1/147- 48 1" والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/51- 52" كتاب الطهارة: باب تأكيد المضمضة والاستنشاق، وفي "الصغرى" "1/36" رقم "92" والطبراني في "الكبير" "19/216" والبغوي في "شرح السنة" "3/490- بتحقيقنا" كلهم من طريق إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حدث صحيح ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وصححه أيضاً ابن السكن كما في "تحفة المنهاج" "1/184" والحديث صححه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" "3/329" فقال: هذا حديث صحيح.
وهذا الحديث قد جاء بزيادة: وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً.
أخرجه أبو بشر الدولابي كما في "تحفة المنهاج" "1/184" و"البدر المنير" "3/313" قال أبو بشر الدولابي فيما خرج من حديث الثوري: ثنا محمد بن بشار ثنا ابن مهدى عن سفيان عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به وقال ابن القطان: إسنادها صحيح.
2 ينظر: الحاوي "1/103".
3 سقط في الأصل.(1/265)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ1.
81 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَوُضُوءُ خَلِيلِي إبْرَاهِيمَ" ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَتَمَّ مِنْهُ وَقَالَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ "أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" -الْحَدِيثَ2-.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَذَا قَالَ وَمَدَارُهُ عَلَى عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدِ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَأَبُوهُ ضَعِيفٌ3.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رَوَاهُ أَبُو إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَوَهِمَ وَالصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ قَالَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عمير عن أبي كَعْبٍ وَهَذِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَرَادَةَ الشَّيْبَانِيِّ وَهِيَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا4.
وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ لَمْ يُدْرِكْ ابْنَ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ رِوَايَتُهُ مُتَّصِلَةً فَهُوَ مَتْرُوكٌ5.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6.
__________
1 أخرجه أبو داود "1/35" كتاب الطهارة باب في الاستنثار حديث "141" وابن ماجة "1/143" كتاب الطهارة: باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار حديث "408" وأحمد "1/352" وابن الجارود في "المنتقى" رقم "177" والحاكم "1/148" والبيهقي "1/49" كلهم من طريق أبي غطفان عن ابن عباس به وسكت عنه الحاكم والذهبي وسنده حسن.
2 أخرجه ابن ماجة "1/145" كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثاً حديث "419" من طريق مرحوم بن عبد العزيز حدثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر به قال البوصيري في "الزوائد" "1/61": هذا إسناد فيه زيد العمي وهو ضعيف وابنه عبد الرحيم متروك بل كذاب ومعاوية لم يلق ابن عمر.
3 ينظر "البدر المنير" "3/317".
4 أخرجه ابن ماجة "1/145" كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثاً حديث "420" والدارقطني "1/81" كتاب الطهارة: باب وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طريق عبد الله بن عرادة
عن زيد الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب به وإسناده ضعيف.
عبد الله بن عرادة.
قال يحيى: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار لا يجوز الاحتجاج به.
وقال العقيلي: يخالف في حديثه ويهم كثيراً ينظر "تاريخ ابن معين " "2/319" و"التاريخ الكبير" "5/166" و"الضعفاء والمتروكين" "327" و"الكامل" "4/1515" و" المجروحين" "2/9" و"الضعفاء" "2/288".
5 تقدمت ترجمته.
6 ينظر "العلل" لابن أبي حاتم "1/45".(1/266)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قُلْت لِأَبِي زُرْعَةَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ هُوَ سَلَّامٌ الطَّوِيلُ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَزَيْدٌ هُوَ الْعَمِّيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ أَيْضًا1.
وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُسَيِّبِ بْنِ وَاضِحٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ وَلَيْسَ فِي آخِرِهِ "وُضُوءُ خَلِيلِ اللَّهِ إبْرَاهِيمَ" وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ السميب وَهُوَ ضَعِيفٌ2.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا أَحْسَنُ طُرُقِ الْحَدِيثِ3.
قُلْت: هُوَ كَمَا قَالَ لَوْ كَانَ الْمُسَيِّبُ حَفِظَهُ وَلَكِنْ انْقَلَبَ عَلَيْهِ إسْنَادُهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: الْمُسَيِّبُ صَدُوقٌ إلَّا أنه يخطىء كَثِيرًا.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ4.
وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ وَتَفَرَّدَ بِهَا عَنْهُ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ قَالَ سَأَلْت أبا رزعة عَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَلَفْظُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ "هَذَا الَّذِي افْتَرَضَ اللَّه عَلَيْكُمْ" ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ "مَنْ ضَعَّفَ ضَعَّفَ اللَّهُ لَهُ" ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ "هَذَا وُضُوءُنَا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ" فَقَالَ هَذَا ضَعِيفٌ وَاهٍ مُنْكَرٌ وَقَالَ مَرَّةً لَا أَصْلَ لَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ قِرَاءَتِهِ5.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الشَّامِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مَقْلُوبٌ وَلَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ قَطُّ6 وَرَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَلَفْظُهُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُضُوءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ مَرَّةً وَرِجْلَيْهِ مَرَّةً وَقَالَ: "هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ غَيْرَهُ" ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً وَدَعَا بِوُضُوءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوءُ
__________
1 ينظر المصدر السابق.
2 أخرجه الدارقطني "1/80" كتاب الطهارة: باب وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "4".
3 ينظر الأحكام الوسطى "1/30".
4 ينظر "الجرح والتعديل" "8/294" و" الكامل" "6/2383" و"سن البيهقي" "1/80".
5 ينظر "العلل " لابن أبي حاتم "1/57".
6 علي بن الحسن السامي.
قال الدارقطني: مصري يكذب يروي عن الثقات بواطيل مالك والثوري وابن أبي ذئب.
وقال ابن عدي: أحاديثه بواطيل.
ينظر سؤالات البرقاني "368" والكامل "5/1852" و"اللسان" "4/212".
وأخرج الحديث أيضاً الخطيب في " أسماء الرواة عن مالك" كما في "البدر المنير" "3/329".(1/267)
مَنْ يُضَاعِفُ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ" ثم مكث ساعة ودعا بِوُضُوءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوءُ نَبِيِّكُمْ وَوُضُوءُ النَّبِيِّينَ قَبْلَهُ" أَوْ قَالَ: "قبلي" وفي رواية للدارقطني نَحْوَ هَذَا السِّيَاقِ1 وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَقَدْ حَكَى فِيهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ2 خِلَافًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ رِوَايَةٍ بَلْ قَالُوهُ بِالِاجْتِهَادِ3 وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ قَالَ وَهَذَا كَالْمُتَعَيِّنِ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ لَا يَكَاد يُحَصَّلُ إلَّا فِي مَجْلِسٍ.
82 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ: "مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ" أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطَّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إنَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَدْخَلَ إصبعيه في أُذُنَيْهِ وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظاهر أذنيه وبالسباحتين بَاطِنَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ رَجُلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: "هَكَذَا الْوُضُوءُ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ". وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ "فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ" 4.
تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِسَاءَةُ وَالظُّلْمُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ مَجْمُوعًا لِمَنْ نَقَصَ وَلِمَنْ زَادَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّوْزِيعِ فَالْإِسَاءَةُ فِي النَّقْصِ وَالظُّلْمُ فِي الزِّيَادَةِ وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْقَوَاعِدِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ السِّيَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمَ.
83 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَلِيلٍ: عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ انْتَهَى.
__________
1 ينظر:"البدر المنير" "3/329".
2 الحسين بن محمد بن أحمد القاضي، أبو علي المروذي، أخذ عن القفال، وهو والشيخ أبو علي أنجب تلامذة القفال، وأوسعهم في الفقه دائرة، وأشهرهم فيه اسماً، وأكثرهم له تحقيقاً، كان فقيه خراسان، وكان عصره تاريخاً به. قال الرافعي: وكان يلقب كبير الأمة. قال النووي في تهذيبه: وله التعليق الكبير وما أجزل فوائده. مات سنّة 462.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/244، ط. السبكي 3/155، مرآة الجنان 3/85 والأعلام 2/278، ووفيات الأعيان 1/400، وشذرات الذهب 3/310.
3 ينظر: شرح المهذب "1/430".
4 أخرجه أبو داود "1/94" كتاب الطهارة: باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً حديث "135" والنسائي "1/88" كتاب الطهارة: باب الاعتداد في الوضوء، وابن ماجة "1/146" كتاب الطهارة: باب ما جاء في القصد في الوضوء حديث "422" وأحمد "2/180" وابن خزيمة "1/89" رقم "174" من طرف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.(1/268)
أَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ: فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُطَوَّلًا وَفِيهِ الْوُضُوءُ ثَلَاثًا وَفِيهِ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً, وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ1 وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ نَحْوُهُ2 أَخْرَجَهُ فِي تَرْجَمَةِ عُمَرَ بْنِ سِنَانٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً3.
وَرُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِثْلُهُ4.
وَعَنْ ابْنِ أَوْفَى مِثْلُهُ5 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ ثلاثا ثلاثا وفيه مسح بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ6 وَرَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ مَعًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ مِثْلُهُ7.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ الْمِقْدَامِ بن معديكرب فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِيهِ: ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد8 وَكَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ ذَكَرَ الْأَعْضَاءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إلَّا مَسْحَ الرَّأْسِ فَأَطْلَقَهُ وَفِي رِوَايَةٍ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً9 وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ عَنْهُ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً10.
84 - حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ: مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ أَبُو دَاوُد بِهَذَا،
__________
1 تقدم وهو حديث عثمان في صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 أخرجها الدارقطني "1/91": كتاب الطهارة: باب دليل تثليث المسح، الحديث "1"، والبيهقي "1/63": كتاب الطهارة: باب التكرار في مسح الرأس، كلاهما من رواية إسحاق بن يحيى عن معاوية
بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه، عن عثمان.
وقال الدارقطني: إسحاق بن يحيى ضعيف.
وقال البخاري: يتكلمون في حفظه، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال النسائي متروك. ينظر التاريخ الكبير "1/1299" وعلل الحديث "1627" والضعفاء والمتروكين للنسائي "47".
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه ابن ماجة "1/51" كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الرأس حديث "436".
5 أخرجه ابن ماجة "1/144" كتاب الطهارة: باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً حديث "416".
وفي إسناده فائد بن عبد الرحمن وهو متروك ينظر " التقريب " "2/107".
6 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/231" وقال: رواه الطبراني في "الأوسط " وإسناده حسن.
7 ينظر " البدر المنير" "3/361".
8 أخرجه أبو داود "1/88" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "121" وأحمد "1/132" وأخرجه ابن ماجة "1/151" كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الأذنين حديث "442" مختصراً.
9 تقدم حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
10 تقدم.(1/269)
وَفِيهِ صِفَةُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَلَهُ عَنْهَا طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ مَدَارُهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَفِيهِ مَقَالٌ1.
85 - حَدِيثُ عُثْمَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ: مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمْرَانَ عَنْهُ بِهِ وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَرْدَانَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَا بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ صَالِحٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ2 وَتَابَعَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ حُمْرَانَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ3.
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عثمان وفيه ضعف4.
رواه أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْت عُثْمَانَ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثلاثا ومسح برأسه ثلاثا ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا وَعَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ5.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ دَارَةَ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنُ دَارَةَ
__________
1 أخرجه أبو داود "1/89- 90" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "126" والترمذي "1/48" كتاب الطهارة: باب ما جاء أن يبدأ بمؤخر الرأس حديث "33" وابن ماجة "1/150" كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الرأس حديث "438" وأحم "6/358".
وقال الترمذي: حديث حسن.
ومدار الحديث على عبد الله بن محمد بن عقيل.
قال النووي في "المجموع": اختلف العلماء في الاحتجاج بعبد الله بن محمد بن عقيل واحتج به الأكثرون وينظر "البدر المنير" "3/0 37- 373".
2 أخرجه أبو داود "1/79- 80": كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث "07 1"، والدارقطني "1/91": كتاب الطهارة: باب دليل تثليث المسح، الحديث "3"، والبيهقي "1/62": كتاب الطهارة: باب التكرار في مسح الرأس، كلهم من رواية عبد الرحمن بن وردان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن حمدان، عن عثمان.
وعبد الرحمن بن وردان قال الحافظ في "التقريب" "1/502": مقبول.
وينظر "الجرح والتعديل " "5/295" والتهذيب "6/293".
3 ينظر "البدر المنير" "3/382-383".
4 ينظر المصدر السابق "3/385- 386".
5 أخرجه أبو داود "1/81": كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث "110"، والدارقطني "1/91": كتاب الطهارة: باب دليل تثليث المسح، الحديث "2" والبيهقي "1/63": كتاب الطهارة: باب التكرار في مسح الرأس، وابن خزيمة "1/78": كتاب الطهارة: باب تخليل اللحية، الحديث "151"، من حديث عامر بن شقيق بن جمرة عن أبي وائل.(1/270)
مَجْهُولُ الْحَالِ1.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ2.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ جِدًّا وَأَبُوهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا3.
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ4 وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا, وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ5 وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ هَكَذَا دُونَ التَّعَرُّضِ لِلْمَسْحِ6 وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد7 أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّهُ مَرَّةٌ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا وَقَالُوا فِيهَا: وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا عددا كما ذكروا فِي غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ8: رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ غَرِيبَةٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهَا: مَسَحَ الرَّأْسَ ثَلَاثًا, إلَّا أَنَّهَا مَعَ خِلَافِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّ بِهَا وَمَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ إلَى تَصْحِيحِ التَّكْرِيرِ وَقَدْ وَرَدَ تَكْرَارُ الْمَسْحِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ خَيْرٍ9.
وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ وَقَالَ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ الْحُفَّاظَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ
__________
1 أخرجه أحمد "1/61"، والدارقطني "1/91- 92": كتاب الطهارة: باب دليل تثليث المسح، الحديث "4"، والبيهقي "1/62- 63": كتاب الطهارة: باب التكرار في مسح الرأس كلهم من طريق محمد بن عبد الله بن أبي مريم عن ابن دارة، عن عثمان.
2 أشار إليه البيهقي في "السنن" "1/62" فقال: وروى في ذلك عن عطاء بن أبي رباح عن عثمان وهو مرسل.
3 أخرجه الدارقطني "1/92": كتاب الطهارة: باب دليل تثليث المسح، الحديث "5" من رواية صالح بن عبد الجبار عن ابن البيلماني عن أبيه، عن عثمان وابن البيلماني ضعيف جداً وأبوه ضعيف أيضاً اهـ. وقال الزيلعي في "نصب الراية" "1/32" قال ابن القطان في "كتابه ": صالح ابن عبد الجبار لا أعرفه إلا في هذا الحديث وهو مجهول الحال ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني قال الترمذي: قال البخاري منكر الحديث.
4 أخرجه الدارقطني "1/92".
5 ينظر "البدر المنير" "3/384".
6 تقدم.
7 ينظر سنن أبي داود "1/81".
8 ينظر "السنن الكبرى" "1/62".
9 تقدم تخريج هذه الرواية.(1/271)
الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ أَيْضًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثًا.
وَمِنْهَا: عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ1 مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَيَّةُ عَنْ عَلِيٍّ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا.
وَمِنْهَا: عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا قال بن وهب في صفة الوضوء2 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَمِنْهَا: عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طريق عثمان بْن سَعِيدِ الْخُزَاعِيِّ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
فَائِدَة: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ3 الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ4 لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ جَاءَ عَنْهُ اسْتِكْمَالُ الثَّلَاثِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَزَاذَانَ وَمَيْسَرَةَ وَأَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أبي العلا5 عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَغْرَبُ مَا يُذْكَرُ هُنَا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ الإسفرائيني حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ الثَّلَاثَ وَحَكَاهُ صَاحِبُ6 الْإِبَانَةِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
86 - حَدِيثُ عُثْمَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ, التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ،
__________
1 ينظر: الخلافيات "1/316".
2 سقط في ط.
3 القاسم بن سلام أبو عبيد البغدادي، أحد أئمة الإسلام فقهاً، ولغة وأدباً، أخذ العلم عن الشافعي، والقراءات عن الكسائي وغيره. قال ابن الأنباري: كان أبو عبيد يقسم الليل ثلاثاً، فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويصنف ثلثه. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: عرضت كتاب "الغريب " لأبي عبيد على أبي فاستحسنه، وقال: جزاه الله خيراً. توفى سنّة 224.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/67، ط. ابن سعد 7/355، وإنباه الرواة 3/12 وطبقات الشافعية للأسنوي ص 11، تهذيب الأسماء واللغات 2/30، طبقات الفقهاء للعبادي ص 25.
4 ينظر: كتاب الطهور لأبي عبيد "ص 361".
5 في الأصل: أبي يعلى.
6 عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد فوران، الفوراني، أبو القاسم، المروزي أحد الأعيان من أصحاب القفال. قال الذهبي: له المصنفات الكثيرة في المذهب والأصول، والجدل، والملل والنحل، وطبق الأرض بالتلامذة، وله وجوه جيدة في المذهب، وكان مقدم الشافعية بمرو. أخذ عنه جماعة، منهم المتولي، وأثنى عليه. صنف "الإبانة" و"العمد". مات سنّة 461.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة "248، ط. السبكي 3/225، لسان الميزان 3/433، الأعلام 4/152 والبداية والنهاية 12/18، وشذرات الذهب 3/309.(1/272)
عَنْ عُثْمَانَ وَعَامِرٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ حَسَنٌ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ طَعْنًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه1 وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَوْرَدَ لَهُ الْحَاكِمُ شَوَاهِدَ عَنْ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَعَمَّارٍ.
قُلْت: قتل وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَجَرِيرٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكبرة وَأَبِي الدَّرْدَاءِ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ بِلَفْظِ: تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ مَرَّتَيْنِ, وَقَالَ "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي" وَفِي إسْنَادِهِ تَمَّامُ بن
__________
1 أخرجه الترمذي "1/46" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "31" وابن ماجة "1/148" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "430" وابن أبي شيبة "1/13" وعبد الرزاق "1/14" رقم "125" والدارمي "1/178- 179" كتاب الطهارة: باب في تخليل اللحية وابن خزيمة "1/78- 79" رقم "151، 152" وابن حبان "154- موارد" والدارقطني "1/86" كتاب الطهارة حديث "12" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/32" كتاب الطهارة: باب حكم الأذنين في وضوء الصلاة، والحاكم "1/49" كتاب الطهارة، البيهقي "1/54" كتاب الطهارة: باب تخليل اللحية، كلهم من طريق عامر بن شقيق الأسدي عن أبي وائل عن عثمان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخلل لحيته".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال محمد بن إسماعيل: أصح شيء في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان ا. هـ.
وقال البخاري: هو حسن كما في "علل الترمذي الكبير" "ص- 33" وصححه ابن خزيمة وابن حبان. وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح قد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق ولا أعلم فيه طغناً بوجه من الوجوه.
وحسنه ابن الملقن في " البدر المنير" "3/394".
وقال البيهقي في " الخلافيات " "1/309": وهو إسناد حسن.
وقد مال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "تعليقه على الترمذي" "1/46" إلى تصحيحه.
وكما صحح هذا الحديث جماعة فقد ضعفه جماعة أخرى.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" "1/54": في سنده عامر بن شقيق.
قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق ولا ذكر في التخليل لشيء منها ا. هـ.
وتعقب الذهبي الحاكم في تصحيحه فقال: ضعفه ابن معين- أي عامر بن شقيق والخلاف في صحة الحديث وضعفه سببه الخلاف في توثيق وتضعيف عامر وقد تقدم أن ابن معين ضعفه وكذلك أبو حاتم.
وفى " التهذيب" "5/69": قال النسائي: ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات ا. هـ.
وقال الذهبي في "المغنى" "1/323": ضعفه ابن معين وقواه غيره ا. هـ.
وعامر قد صحح له ابن حبان وابن خزيمة والحاكم والترمذي فهو ثقة عندهم.
وحسن له البخاري والبيهقي.(1/273)
نَجِيحٍ وهو لين الْحَدِيثِ1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكبرة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَلَفْظُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكبرة وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: التَّخْلِيلُ سُنَّةٌ, وَفِيهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ2.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ مَعْلُولٌ3 أَحْسَنُ طُرُقِهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْهُ وَحَسَّانُ ثِقَةٌ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ سَعِيدٍ وَلَا قَتَادَةُ مِنْ حَسَّانَ4.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي إسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ زَرْوَانَ وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ وَلَفْظُهُ: كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي" 5.
__________
1 ذكره الهيثمي في "المجمع" "1/240" وقال: رواه الطبراني في " الكبير" وفيه تمام بن نجيح وقد ضعفه البخاري ووثقه يحيى بن معين ا. هـ.
وقال الحافظ في " التقريب " "1/113" ضعيف.
2 ينظر "مجمع الزوائد" "1/239".
3 أخرجه الترمذي "1/44" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث 291" وابن ماجة "1/148" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "429" وأبو داود الطيالسي "1/52- منحة" رقم "173" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 343" والحاكم "1/149" كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الكريم بن أمية عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر أنه توضأ فخلل لحيته فقيل له: أتفعل هذا؟ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله.
والحديث أعله ابن حزم في المحلى "2/36" بجهاله حسان بن بلال وعدم لقياه لعمار بن ياسر.
قال الحافظ في " التهذيب" "2/216": وقال ابن حزم: مجهول لا يعرف له لقاء عمار قلت- أي الحافظ- وقوله مجهول قول مردود فقد روى عنه جماعة كما ترى ووثقه ابن المديني وكفى به ا. هـ.
وعلة الحديث هو عبد الكريم بن أبي المخارق قال الحافظ في "التقريب" "1/156": ضعيف.
4 أخرجه الترمذي "1/44" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "30" وابن ماجة "1/148" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "429" وابن أبي شيبة "1/13" والحاكم "1/149" كتاب الطهارة من طريق سفيان بن عيينة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار به.
قال ابن أبي حاتم في "العلل " "1/32" رقم "60": سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تخليل اللحية، قال أبي: لم يحدث بهذا أحد سوى ابن عيينة عن ابن أبي عروبة قلت: صحيح؛ قال: لو كان صحيحاً لكان فى مصنفات ابن أبي عروبة ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث وهذا أيضاً مما يوهنه ا. هـ.
5 فأخرجه أبو داود "1/101" كتاب الطهارة: باب تخليل اللحية حديث "145" والبيهقي "1/45" كتاب الطهارة: باب تخليل اللحية وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 346" والبغوي في "شرح السنة " "1/309- بتحقيقنا" من طريق أبي المليح عن الوليد بن زوران عن أنس بن مالك قال: وضأت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلم فلما غسل وجهه أخذ كفاً من ماء فأدخله من تحت لحيته فخلل لحيته ثم قال: "هكذا أمرني ربي".
قال ابن حزم في " المحلى " "2/35": الوليد مجهول.
وهو وهم فقد روى عنه أربعة كما في " التهذيب" "11/133- 134" وقال الآجري عن أبي داود: لا ندري سمع من أنس أم لا وذكره ابن حبان في الثقات فجهالته جهالة حال لأنه ذكر في الثقات عن ابن حبان وحده لا مجهول العين كما قصد ابن حزم.(1/274)
وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ ضَعِيفَةٌ.
مِنْهَا: مَا رَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أبي جعفر بن البختري وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ أَنَسٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ1 فَإِنَّمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ أَبِي الْأَشْهَبِ2 وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مِنْ طريق أخرى.
قال الذهلي فِي الزَّهْرِيَّاتِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الصَّفَّارُ مِنْ أَصْلِهِ وَكَانَ صَدُوقًا ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ تَحْتَ لِحْيَتِهِ وَخَلَّلَ بِأَصَابِعِهِ وَقَالَ: "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي" رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ مَعْلُول3.
__________
1 أخرجه الحاكم "1/86".
2 وأخرجه ابن ماجة "1/149" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "431" من طريق يحيى بن كثير أبو النضر عن يزيد الرقاشى عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل لحيته وفرج أصابعه مرتين.
قال البوصيري في "الزوائد""1/176": هذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن كثير وشيخه ا. هـ.
ويحيى بن كثير أبو النضر ضعفه ابن معين والفلاس وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني، وقال النسائي: ليس بثقة وقال العقيلي: منكر الحديث وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، وقال الباجي: ضعيف الحديث جداً متروك الحديث. ينظر التهذيب "11/267".
ويزيد الرقاشي قال الذهبي في "المغني" "2/747": قال النسائي وغيره متروك وقد توبع يحيى بن كثير.
تابعه الهيثم بن جماز عند ابن أبي شيبة "1/13".
والهيثم ضعفه يحيى بن معين وقال أحمد: ترك حديثه وقال النسائي: متروك الحديث ينظر اللسان "6/204"
وتابعه الرحيل ابن معاوية.
أخرجه ابن منيع في "مسنده " كما في "مصباح الزجاجة" "1/176".
وتابعه زيد العمي.
أخرجه الطبري في "تفسيره" "6/120- 121" وأخرجه ابن عدي في "الكامل " "3/199" من طريق سلام بن سليم الطويل عن زيد عن يزيد أو معاوية بن قرة به هكذا رواه بالشك في رواية الطبري أما رواية ابن عدي فهي عن معاوية بن قرة دون شك قال ابن عدي: وهذا الحديث ليس البلاء فيه من زيد العمي البلاء من الراوي عنه سلام الطويل ولعله أضعف منه.
3 أخرجه الحاكم "1/149".(1/275)
قَالَ الذُّهْلِيُّ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَنَسٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ ابْنِ الْقَطَّانِ أَيْضًا وَلَمْ تَقْدَحْ هَذِهِ الْعِلَّةُ عِنْدَهُمَا فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ عَنْهَا وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ1.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَفِي إسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إلْيَاسَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ2.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَفِيهِ أَبُو سَوْرَةَ3 لَا يُعْرَفُ4 وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ5.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُؤَمَّلِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ
__________
1 أخرجه أحمد "6/234" والحاكم "1/149" وأبو عبيد في "كتاب الطهور" حديث "314" من طريق عمر بن أبي وهب الخزاعي عن موسى بن ثروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل لحيته".
قال الهيثمي في " المجمع " "1/238": رواه أحمد ورجاله موثقون.
2 أخرجه الطبراني في " الكبير" "23/298" رقم "664" والعقيلي في " الضعفاء""312" من طريق خالد بن إلياس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا توضأ خلل لحيته, قال الهيثمي في "المجمع" "1/240": رواه الطبراني في الكبير وفيه خالد بن الياس ولم أر من ترجمه.
وفيه نظر.
فقد ذكره العقيلي في " الضعفاء" وأسند عن يحيى قوله في خالد بن الياس: ليس بشيء.
وأسند عن البخاري قوله في خالد: منكر الحديث.
وقال ابن حبان في "المجروحين" "1/279": يروى عن الثقات الموضوعات حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ا. هـ.
3 في الأصل: أبو سودة.
4 أخرجه أحمد "5/417" وابن ماجة "1/149" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "433" والترمذي في "العلل الكبير" "ص- 33" رقم "0 2" وأبو عبيد في " كتاب الطهور" "ص-
345" رقم "312" والعقيلي في "الضعفاء" "4/327" وابن عدي في "الكامل" "7/86" من طريق واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سودة عن أبي أيوب قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فخلل لحبته.
قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء فقلت أبو سورة ما اسمه؟ فقال لا أدري ما يصنع به؟ عنده مناكير ولا يعرف له سماع من أبي أيوب.
وقال الزيلعي في "نصب الراية" "1/24": وواصل بن السائب قال فيه البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث وقال البوصيري في "الزوائد" "1/177": هذا إسناد ضعيف لضعف أبي سورة وواصل الرقاشي ا. هـ.
5 أخرجه ابن أبي شيبة "1/13" والطبراني في " الكبير" "8/333- 334" رقم "8070".(1/276)
الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ1 وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ لَفْظٌ آخَرُ سَيَأْتِي.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ طَرِيقِ أَصْرَمَ بْنِ غِيَاثٍ ثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ فَرَأَيْته يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ مُشْطٍ, وَأَصْرَمُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ قَالَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي الْإِسْنَادِ انْقِطَاعٌ أَيْضًا2.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِيمَا انْتَقَاهُ عَلَيْهِ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ وَأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَفِيهِ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ وَهُوَ مَتْرُوكٌ3.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى فَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو الْوَرْقَاءِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهُوَ فِي الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا4.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ نَافِعٍ أَبِي هُرْمُزَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهُوَ فِي الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا5.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ الْوَلِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الظَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ أَصَابِعَهُ وَلِحْيَتَهُ وَكَانَ أَصْحَابُهُ إذَا توضؤوا خَلَّلُوا لِحَاهُمْ.
87 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ وَيُدَلِّكُ, عَارِضَيْهِ بَعْضَ الدَّلْكِ ابْنُ مَاجَهْ،
__________
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" "1/235".
2 أخرجه ابن على "1/394".
وأسند عن البخاري قوله: أصرم منكر الحديث.
وعن النسائي قوله متروك الحديث ا. هـ.
والحسن لم يدرك جابر.
3 لم أجد لجرير حديث في تخليل اللحية عند ابن عدي.
4 أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 344، 345" رقم "311" ومن طريقه الطبراني في "الكبير" كما في "نصب الراية" "1/25" من طريق أبي الورقاء العبدي عن عبد الله بن أبي أوفى أنه توضأ فخلل لحيته في غسل وجهه ثم قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل هكذا.
5 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "نصب الراية" "1/25" حدثنا أحمد بن إسماعيل البصري ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز عن عطاء عن ابن عباس قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فغسل يدكه ومضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً وخلل لحيته وغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين وغسل رجليه حتى أنقاهما فقلت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هكذا الطهور؟ قال: "هكذا أمرني ربي".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/237": رواه الطبراني في الأوسط وفيه نافع أبو هرمز وهو ضعيف جداً.(1/277)
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ بَعْضَ الْعَرْكِ ثُمَّ شَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ تَحْتِهَا1.
وَعَبْدُ الْوَاحِدِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْعِشْرِينَ هَكَذَا وَخَالَفَهُ أَبُو الْمُغِيرَةِ فَرَوَاهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ مَوْقُوفًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَخَالَفَهُمَا الْوَلِيدُ فَقَالَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَقَتَادَةَ مُرْسَلًا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ2.
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ وَيُدَلِّكُ عَارِضَهُ وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ مُفْرَدًا وَبَعْدَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ ذِكْرُ الدَّلْكِ وَلَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَ التَّخْلِيلَ صَرِيحًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَائِدَة: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ لَيْسَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ3 صَحِيحٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ4.
88 - حَدِيثُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي وُضُوئِهِ وَانْتِعَالِهِ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَنْدَهْ وَلَهُ أَلْفَاظٌ.
وَلَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ: كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي التَّرَجُّلِ وَالِانْتِعَال.
وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَنْدَهْ: كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي الْوُضُوءِ وَالِانْتِعَالِ, وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ5.
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/146" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية حديث "432" من طريق عبد الواحد بن قيس حدثني نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها.
قال البوصيري في "الزوائد" "1/177": وهذا إسناد فيه عبد الواحد وهو مختلف فيه ا. هـ.
قال الحافظ في " التقريب" "1/526": صدوق له أوهام ومراسيل.
2 ينظر "العلل" لابن أبي حاتم "1/31".
3 ينظر السابق.
4 ينظر "العلل" "1/45".
5 أخرجه البخاري "1/323" كتاب الوضوء: باب التيمن في الوضوء والغسل حديث "67 1" وفي "1/623" كتاب الصلاة: ثاب التيمن في دخول المسجد وغيره حديث "426" وكتاب الأطعمة: باب التيمن في الأكل وغيره حديث "5380" وكتاب اللباس: باب يبدأ بالنعل اليمنى حديث "5854" وباب الترجيل والتيمن فيه حديث "5926" ومسلم "1/226" كتاب الطهارة: باب التيمن في الطهور وغيره حديث "68/268" وأبو داود "2/468" كتاب اللباس: باب في الانتعال حديث.....=(1/278)
89 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ زَادَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ: "إذَا لَبِسْتُمْ" قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ هُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُصَحَّحَ1 وَلِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ2.
90 - قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: مَا أُبَالِي بَدَأْت بِيَمِينِي أَوْ بِشِمَالِي إذَا أَكْمَلْت الْوُضُوءَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زِيَادٍ مَوْلَى [بَنِي] 3 مَخْزُومٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَلِيٍّ فَسَأَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَقَالَ: ابْدَأْ بِالْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ فَأَضْرَطَ بِهِ عَلِيٌّ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَبَدَأَ بِالشِّمَالِ قَبْلَ الْيَمِينِ وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ عَلِيٌّ: مَا أُبَالِي بَدَأْت بِالشِّمَالِ قَبْلَ الْيَمِينِ إذَا تَوَضَّأَتْ, وَهَذَا اللَّفْظُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ4.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الطَّهُورُ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَبَدَأَ بِمَيَاسِرِهِ5.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ هِنْدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.
__________
= "4140" والترمذي "2/505- 506" كتاب الصلاة: باب ما يستحب من التيمن في الطهور حديث "608" وفي "الشمائل المحمدية" رقم "34" والنسائي "1/78" كتاب الطهارة: باب بأي الرجلين يبدأ بالغسل حديث "112" وفي "1/205" كتاب الغسل والتيمم: باب التيمن في الطهور حديث "421" وفي "8/185" كتاب الزينة: باب التيامن في الترجل حديث "5240" وابن ماجة "1/141" كتأب الطهارة: باب التيمن في الوضوء حديث "401" وأحمد "6، 94، 130، 147، 178، 188، 202، 210" وأبو عوانة "1/222" والطيالسي "1410" وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ص 261" وابن حبان "5456" والبغوي في "شرح السنة" "1/0 31- بتحقيقنا" كلهم من طريق الأشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 أخرجه أبو داود "4/70" كتاب اللباس: باب في الانتعال حديث "4141" وابن ماجة "1/141" كتاب الطهارة: باب التيمن في الوضوء حدث "402" وأحمد "2/304" وابن خزيمة "178" وابن حبان "1076" والطبراني في "الأوسط" والحاكم وأبو أحمد في "الأسماء والكنى" كما في " البدر المنير" "3/418" وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وقال النووي في " المجموع" "1/417": حديث حسن.
وحسنه المنذري كما في البدر المنير.
2 أخرجه الترمذي "4/238- 239" كتاب اللباس: باب ما جاء في القميص حديث "1766" والنسائي كما في تحفة الأشراف "9/358" وابن حبان "1453- موارد".
3 سقط في الأصل.
4 أخرجه ابن أبي شيبة "1/39" والدارقطني "1/77- 78" والبيهقي "1/87".
5 أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص 352" رقم "322".(1/279)
91 - حَدِيثُ: "إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَكُنَّا نَغْسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْدِينَا إلَى الْآبَاطِ, لَمْ أَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إبْطَيْهِ فَقُلْت: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ1.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُنْت خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ يُمِرُّ يَدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إبْطَيْهِ فَقُلْت: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الْوُضُوءُ؟ فَقَالَ: يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَا هُنَا لَوْ عَلِمْت أَنَّكُمْ هَا هُنَا مَا تَوَضَّأْت هَذَا الْوُضُوءَ فَقَالَ: سَمِعْت خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ" 2.
تَنْبِيهٌ: ادَّعَى ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ3 وَتَبِعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ4 تَفَرَّدَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ رُبَّمَا بَلَغَ بِالْوُضُوءِ إبْطَيْهِ فِي الصَّيْفِ وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ أَصَحَّ مِنْ هَذَا فَقَالَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ5 وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ6 وَصَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ.
92 - حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ: أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ7.
__________
1 أخرجه البخاري "10/385" كتاب اللباس: باب نقض الصور حديث "5953".
2 أخرجه مسلم "1/219" كتاب الطهارة: باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء حديث "250" والنسائي "1/93" كتاب الطهارة: باب حلية الوضوء، وأحمد "2/371".
3 علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، أبو الحسن: عالم بالحديث، من أهل قرطبة. له "شرح البخاري" الجزء الأول منه والثالث والرابع في الأزهرية، والثاني "كتب سنّة 776 هـ" في خزانة القرويين "فاس" والخامس "الأخير منه" في شستربتي "4785" ومنه قطعة مخطوطة في استانبول، أولها: باب زيادة الإيمان ونقصانه.
4 عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي البستي، أبو الفضل، عالم المغرب ولد 476 هـ إمام الحديث في وقته، كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم ولي قضاء سبته ثم قضاء غرناطة، من تصانيفه الشفا، الغنية، التاريخ وغيرها توفي في 544 هـ.
ينظر وفيات الأعيان 1/392، قضاة الأندلس 1 0 1، مفتاح السعادة 2/19 أجلى المساند 31، الفكر السامي 4/58، الأعلام 5/99.
5 أخرجه أبو عبيد في كتاب الطهور "ص 116" وقال الحافظ في " الفتح " "1/236": أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن.
6 تقدم تخريجه.
7 تقدم.(1/280)
93 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ, تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ1 وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ: أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ2: "الْعَصَائِبُ": الْعَمَائِمُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ثَوْبَانَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ3.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَوْبَانَ بِلَفْظِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ يَعْنِي الْعِمَامَةَ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ4 وَحَدِيثُ "الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ" عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا5.
وَفِي الْبُخَارِيِّ: مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ6.
94 - حَدِيثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا وَأَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ أَبُو دَاوُد وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ المقدام بن معديكرب وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ7 وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ8 تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَهُوَ وَهْمٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ فِي السُّنَنِ سِوَى النَّسَائِيّ9 وَأَنَسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ،
__________
1 تقدم.
2 ينظر النهاية "3/244".
3 أخرجه أحمد "5/281"، وأبو داود "1/101، 102": كتاب الطهارة: باب المسح على العمامة، الحدث "146"، والحاكم "1/169": كتاب الطهارة، والبيهقي "1/62": كتاب الطهارة: باب إيجاب المسح بالرأس، من رواية ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن ثوبان قال: "بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم أن يمسحوا على المصائب والتساخين" وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
قلت: وفيه انقطاع يين راشد بن سعد، وثوبان. قال العلائي: في جامع التحصيل "174": قال أحمد بن حنبل لم يسمع من ثوبان.
4 سيأتي تخريجه.
5 أخرجه أبو داود "1/186" كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين حديث "561".
6 أخرجه البخاري "1/308" كتاب الوضوء: باب المسح على الخفين حديث "205" وأحمد "4/179" وابن ماجة "1/186" كتاب الطهارة: باب ما جاء في المسح على العمامة حديث "562".
7 أخرجه أبو داود "1/89" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "123".
8 ينظر "المجموع" "1/411".
9 أخرجه أبو داود "1/92" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "131" والترمذي "1/49" كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الأذنين والحاكم "1/152" والبيهقي "1/65".
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(1/281)
وَالْحَاكِمِ1 وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ2 وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ3 وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَيَأْتِي.
95 - حَدِيثُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ الرَّأْسَ, الْحَاكِمُ4 بِإِسْنَادٍ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ عن أبيه عنه أخرجه الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ بِلَفْظِ: فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ, وَقَالَ هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ5 انْتَهَى لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دقيق العيد في الإمام أَنَّهُ رَأَى فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُقْرِي6 عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَرْمَلَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ الْأُذُنَيْنِ.
قُلْتُ: وَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ7.
عَنْ ابْنِ سَلْمٍ عَنْ حَرْمَلَةَ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ8: وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ مِنْ حَدِيثِ نَمِرَانِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ جَارِيَةَ بِلَفْظِ: "خُذْ لِلرَّأْسِ مَاءً جَدِيدًا" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ 2 وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِإِصْبَعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ9.
96 - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ سَبَّابَتَيْهِ وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى الرَّأْسِ فَمَسَحَ الْأُذُنَيْنِ فَمَسَحَ بِسَبَّابَتَيْهِ بَاطِنَهُمَا وَبِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ10 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ دَاخِلَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ وَخَالَفَ
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/106" كتاب الطهارة: باب ما روي من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأذنان من الرأس حديث "51" والحاكم "1/150".
2 تقدم.
3 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/33".
4 أخرجه الحاكم "1/151- 152" وصححه.
5 ينظر سنن البيهقي "1/65".
6 في الأصل: المقبري.
7 ينظر صحيح ابن حبان "1071".
8 ينظر الأحكام الوسطى "1/27".
9 ينظر " البدر المنير" "3/444- 445".
10 أخرجه ابن حبان "1086".(1/282)
بِإِبْهَامَيْهِ إلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ1 وَابْنُ مندة ووراه أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ2.
وَلَفْظُ النَّسَائِيّ: ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ باطنهما بالسباحتين وَظَاهِرَهُمَا بِإِبْهَامَيْهِ.
وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ: مَسَحَ أُذُنَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا السَّبَّابَتَيْنِ وَخَالَفَ إبْهَامَيْهِ إلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا, وَلَفْظُ الْبَيْهَقِيّ: ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ وَقَالَ بِالْوُسْطَيَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ فِي بَاطِنِ أُذُنَيْهِ وَالْإِبْهَامَيْنِ مِنْ وَرَاءِ أُذُنَيْهِ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: [كَأَنَّهُ] 3 كَانَ يَعْزِلُ مِنْ كُلِّ يَدٍ إصْبَعَيْنِ يَمْسَحُ بِهِمَا الْأُذُنَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: لَا يُعْرَفُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ كَذَا قَالَ4 وَكَأَنَّهُ عَنَى بِهَذَا التَّفْصِيلَ وَالْوَصْفَ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ5 مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْ رَأْسِهِ وَمَا أَدْبَرَ وَمَسَحَ صُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ بَاطِنَهُمَا وَظَاهِرَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا6 وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ
الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَدْ بَيَّنْتُ أَنَّهُ مُدْرَجٌ فِي كِتَابِي فِي ذَلِكَ7.
__________
1 ينظر صحيح ابن خزيمة رقم "171".
2 أخرجه ابن ماجة "1/151" كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الأذنين حديث "439" والنسائي "1/74" كتاب الطهارة: باب مسح الأذنين مع الرأس، والحاكم "1/147" والبيهقي "1/67".
3 سقط في الأصل.
4 ينظر "خلاصة البدر المنير" "1/38".
5 أخرجه الحاكم "1/152".
6 أخرجه الحاكم "1/150".
7 أخرجه أبو داود "1/33" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "34" والترمذي "1/53" كتاب الطهارة: باب ما جاء أن الأذنين من الرأس حديث "37" وابن ماجة "1/152" كتاب الطهارة: باب الأذنان من الرأس حديث "443" والدارقطني "1/104" وأحمد "5/285" والبيهقي في "الكبرى" "1/67- 68" كلهم من طريق حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي إمامة به.
قال الزيلعي في "نصب الراية" "1/18": الحديث عندنا حسن.
قلت: وشهر بن حوشب وسنان فيهما ضعف يسير.
وينظر "نصب الراية" "1/18". .....=(1/283)
الثَّانِي: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ2 قَوَّاهُ الْمُنْذِرِيُّ1 وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَدْ بَيَّنْتُ أَيْضًا أَنَّهُ مُدْرَجٌ2.
الثَّالِثُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ 3 وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِاضْطِرَابِ وَقَالَ إنَّهُ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى مُرْسَلًا3.
__________
= وقد تكلم البيهقي في "الخلاقيات" "1/189- 190" عن هذا الإسناد ورجاله كلاماً شافياً فليراجع. وللحديث طريق آخر.
أخرجه الدارقطني "1/104" وابن عدي في " الكامل " "7/2695" والبيهقي في "الخلاقيات" "1/191- بتحقيقنا" من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي إمامة مرفوعاً.
وقال الدارقطني: جعفر بن الزبير متروك وله طريق ثالث أيضاً.
أخرجه الدارقطني "1/104" وابن عدي "1/195" والبيهقي في "الخلاقيات" "1/192" من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن أبي إمامة به.
وقال الدارقطني: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف.
1 عبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله بن سلامة بن سعد بن سعيد، زكي الدين، أبو محمد، المنذري، الشامي الأصل، ثم المصري المولد والوفاة، ولد سنّة 581 وقى"القراءات، ورع في العربية والفقه، وسمع الحديث، وروى عنه الدمياطي، وابن دقيق العيد، قال الذهبي: كان صالحاً زاهداً، متنسكاً، ولم يكن في زمانه أحفظ منه، ومن تصانيفه: مختصر صحيح مسلم ومختصر سنن أبي داود، والترغيب والترهيب كتاب نفيس توفي سنّة 656.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/111، ط. السبكي 5/108، فوات الوفيات 1/610.
2 أخرجه ابن ماجة "1/152" كتاب الطهارة: باب الأذنان من الرأس حديث "443".
قال الزيلعي في "نصب الراية " "1/19": هذا أمثل إسناد من الباب لاتصاله وثقه رواته وأعله في " الدراية " "7" باختلاط سويد. بن سعيد.
3 أخرجه الدارقطني "1/98- 99" من طريق أبي كامل الجحدري ثنا غندر محمد بن جعفر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به.
وقال الدارقطني: تفرد به أبو كامل عن غندر ووهم عليه فيه تابعه الربيع بن بدر وهو متروك عن ابن جريج والصواب ابن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
وصححه ابن القطان "نصب الراية" "1/19" فقال: إسناده صحيح لاتصاله وثقه رواته ا. هـ.
وقد أعل هذا الإسناد الدارقطني وتبعه البيهقي في "خلاقياته" "1/174- 175" ورجحاه مرسلاً.
ثم أخرجه الدارقطني من الطريق المرسل "1/99" وللحديث طريق آخر عن ابن عباس.
أخرجه الدارقطني "1/100" وابن على في "الكامل" "1/191" والبيهقي في " الخلافيات" "1/176- بتحقيقنا" من طريق جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً.
وقال الدارقطني: جابر ضعيف وقد اختلف عنه فأرسله الحكم بن عبد الله أبو مطيع عن إبراهيم بن طهمان عن جابر عن عطاء هو أشبه بالصواب ا. هـ.
وقد توبع جابر على هذا.
أخرجه الدارقطني "1/85، 101" والبيهقي في "الخلاقيات" "1/177" من طريق القاسم بن غصن عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: المضمضة والاستنشاق سنّة والأذنان من الرأس.
وقال الدارقطني: وإسماعيل بن مسلم المكي ضعيف والقاسم بن غصن مثله.(1/284)
الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ1.
الْخَامِسُ: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ وَصُوِّبَ الْوَقْفَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا2.
السَّادِسُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَعَلَّهُ أَيْضًا3.
__________
= وقال "1/105" خالفه علي بن هاشم فرواه عن إسماعيل بن مسلم المكي عن عطاء عن أبي هريرة ولا يصح. أخرجه أبو يعلى "11/253" رقم "6370" والدارقطني "1/101" وابن حبان في "المجروحين " "2/110" من طرق عن علي بن هاشم به، وهو سند ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم وعلي بن هاشم وللحديث طريق ثالث عن ابن عباس. أخرجه الدارقطني "1/101" والعقيلي "4/67" وابن عدي في "الكامل" "6/2141" والبيهقي في "الخلاقيات" "1/179" من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً.
قال البيهقي: محمد بن زياد الطحان كذاب خبيث ا- هـ.
وقد ورد هذا الحديث عن ابن عباس موقوفاً.
أخرجه الدارقطني "1/102" وابن أبي شيبة "1/28" وابن المنذر في "الأوسط" "1/401" رقم "294" من طريق عبد الله بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس موقوفاً.
وعبد الله بن زيد بن جدعان ضعيف.
وأخرجه الدارقطني "1/101" من طريق عمر بن قيس عن عطاء عن ابن عباس موقوفاً.
وقال الدارقطني: عمر بن قيس ضعيف.
1 أخرجه ابن ماجة "1/152" كتاب الطهارة: باب الأذنان من الرأس حديث "445" والدارقطني "1/102" من طريق عمرو بن الحصين عن ابن علاشة عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً.
وقال الدارقطني: عمرو بن الحصين وابن علاشة ضعيفان.
وأخرجه الدارقطني "1/102" وابن عدي "2/490" والبيهقي في "الخلافيات" "1/185" من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً.
وقال الدارقطني: البختري بن عبيد ضعيف وأبوه مجهول.
2 أخرجه الدارقطني "1/102" والعقيلي "1/32" وابن عدي في "الكامل " "1/364" والبيهقي في "الخلافيات" "1/182- 183" من طريق على بن جعفر ثنا عبد الرحيم بن سليمان ثنا أشعث عن الحسن عن أبي موسى مرفوعاً.
وقال الدارقطني: رفعه علي بن جعفر عن عبد الرحيم والصواب موقوف والحسن لم يسمع من أبي موسى.
ثم أخرجه عن أبي موسى موقوفاً.
3 أخرجه الدارقطني "1/97" كتاب الطهارة والخطيب في "الموضح" "1/111" وفي "تاريخ بغداد"، "14/161" والبيهقي في "الخلافيات" "1/167- بتحقيقنا" كلهم من طريق أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً به.
قال الدارقطني: وهذا وهم والصواب عن أسامة بن زيد عن هلال بن أسامة الفهري عن ابن عمر موقوفاً.
وقد تعقبه ابن الجوزي في "التحقيق " "1/384" فقال: والذي يرفعه يذكر زيادة والزيادة من الثقة مقبولة والصحابي قد يروي الشيء مرفوعاً وقد يقوله على سبيل الفتوى ا. هـ.(1/285)
السَّابِعُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ وَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ1.
الثَّامِنُ: حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ من طريق عبد الحكيم عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ2.
97 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ" هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ
__________
= قلت: كان من الممكن أن نحكم لكلام ابن الجوزي بالصحة لو صح الإسناد فإن فيه أسامة بن زيد الليثي وقد وصفه الحافظ في "التقريب" "1/53" بأنه صدوق يهم وقد اختلف عليه في هذا الحديث فمرة يرويه مرفوعاً ومرة أخرى موقوفاً.
أما الموقوف فأخرجه الدارقطني "1/98" والبيهقي في "الخلافيات" "1/167، 168- بتحقيقنا". وللحديث طريق آخر مرفوع عن ابن عمر.
أخرجه الدارقطني "1/97" والبيهقي في "الخلافيات" "1/168" من طريق القاسم بن يحيى عن إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر به.
قال الدارقطني: رفعه وهم والصواب عن ابن عمر من قوله والقاسم بن يحيى هذا ضعيف.
وللحديث طريق ثالث عن ابن عمر.
أخرجه الدارقطني "1/97" ومن طريقه البيهقي في الخلافيات" "1/170، 171- بتحقيقنا" من طريق ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.
قال الدارقطني: كذا قال عن عبد الرزاق عن عبيد الله ورفعه وهم.
ورواه إسحاق بن إبراهيم فاضي غزة عن ابن أبي السري عن عبد الرزاق عن الثوري عن عبيد الله ورفعه أيضاً وهم ووهم في ذكر الثوري وإنما رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر أخي عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً.
ثم أخرجه موقوفاً "1/98" من طريق عبد الرزاق في "المصنف" "1/11" رقم "24" ومن طريق الدارقطني أخرجه البيهقي في "الخلاقيات" "1/171- بتحقيقنا".
وللحديث طريق رابع.
أخرجه الدارقطني "1/98" ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" "1/171- بتحقيقنا" من طريق محمد بن الفضل عن زيد العمي عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً.
وقال الدارقطني: محمد بن الفضل هو ابن عطية متروك الحديث وأخرجه ابن عدي في "الكامل " "3/1057" ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" "1/172" من طريق محمد بن الفضل عن زيد العمي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.
وقد تكلم البيهقي ياسهاب في تضعيف هذا الإسناد والكلام على محمد بن الفضل وزيد العمي.
والذي يبدو من حديث ابن عمر أنه ثبت عنه موقوفاً من طرق كثيرة عنه أخرجها الدارقطني "1/98" والبيهقي "1/173".
1 أخرجه الدارقطني "1/100" والبيهقي في "الخلافيات" "1/195" من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة وقد تقدم ترجيح المرسل.
2 أخرجه الدارقطني "1/104" وابن عدي في "الكامل" "2/450" من طريق عبد الحكم عن أنس به مرفوعاً وقال الدارقطني: عبد الحكم لا يحتج به.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" "3/925" والبيهقي في "الخلافيات" "1/187- بتحقيقنا" من طريق الهيثم بن جماز عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً.
وسند. ضعيف ضعفه ابن عدي والبيهقي.(1/286)
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ: لَمْ يَرْتَضِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ إسْنَادَهُ فَحَصَلَ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ أَدَبٌ وَتَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْأَصْحَابِ تَرَدُّدٌ فِي حُكْمٍ مَعَ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ1: لَمْ تَرِدْ فِيهِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَمْ تَرِدْ فِيهِ سُنَّةٌ وَقَالَ الْفُورَانِيُّ لَمْ يَرِدْ فِيهِ خَبَرٌ وَأَوْرَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ2 هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ هُوَ سُنَّةٌ بَلْ بِدْعَةٌ3 وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَلَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَإِنَّمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ4 وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْبَغَوِيَّ5 مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ وَلَا مَأْخَذَ لِاسْتِحْبَابِهِ إلَّا خَبَرٌ أَوْ أَثَرٌ لِأَنَّ هَذَا لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْبَغَوِيِّ فِي اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْقَفَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ:
__________
1 طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر، القاضي العلامة، أبو الطيب الطبري، أحد أئمة الشافعية، ولد سنة 348، سمع من أبي أحمد الغطريفي، والدارقطني، وابن عرفة وأخذ الفقه على أبي علي الزجاجي وأبي القاسم بن كج، وقرأ على أبي سعد الإسماعيلي، والماسرجسي والبافي وغيرهم، قال الشيرازي: ولم أر ممن رأيت أكمل اجتهاداً وأشد تحقيقاً وأجود نظراً منه، شرح مختصر المزني وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل. مات سنّة 450. انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/226، الأعلام 3/321، ط. السبكي 3/176، وفيات الأعيان 2/195، وشذرات الذهب 3/325، ومرآة الجنان 3/70، والبداية والنهاية 12/79.
2 ينظر: "المجموع" "1/465".
3 قال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" "1/38" غريب. ونقل كلام ابن الصلاح والنووي وذكره السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" "ص 203" ونقل كلام النووي وأقره.
4 أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري ابن القاضي، أخذ الفقه عن ابن سريج، وتفقه عليه أهل طبرستان، قال الشيرازي: كان من أئمة أصحابنا، وقال ابن باطيش: كان إمام طبرستان في وقته، ومن لا تقع العين على مثله في علمه وزهده، له التلخيص وأدب القضاء، مات سنّة 335.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/106، ط. السبكي 2/103، البداية والنهاية 11/219، ووفيات الأعيان 1/51، وشذرات الذهب 2/339، وتهذيب الأسماء واللغات 2/252، طبقات الفقهاء للشيرازي ص91.
5 الحسين بن مسعود بن محمد، العلامة محيي السنة، أبو محمد البغوي، يعرف بالفراء أحد الأئمة، تفقه على القاضي الحسين، وكان ديناً، عالماً، عاملاً على طريفة السلف، قال الذهبي: كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه. بورك له في تصانيفه ورزق القبول لحسن قصده وصدق نيته. ومن تصانيفه التهذيب، وشرح المختصر، وتفسيره معالم التنزيل وغيرها. مات سنة 516.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/281، وفيات الأعيان 1/402، تذكرة الحفاظ 4/1258، والأعلام 2/284، شذرات الذهب 4/48، النجوم الزاهرة 5/224.(1/287)
أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ1 وَكَلَامُ بَعْضِ السَّلَفِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطُّهُورِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: "مَنْ مَسَحَ قَفَاهُ مَعَ رَأْسِهِ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2.
قُلْتُ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهُوَ عَلَى هَذَا مُرْسَلٌ.
98 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَاوُد ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خِرْزَادَ ثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ عُنُقَهُ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ لَمْ يُغَلَّ بِالْأَغْلَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3.
وَفِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ لَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ مَسْحَ الْعُنُقِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ سُنَّةٌ وَأَنَا قَرَأْتُ جُزْءًا رَوَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِيَدَيْهِ عَلَى عُنُقِهِ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَقَالَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قُلْتُ: بَيْنَ ابْنِ فَارِسٍ وَفُلَيْحٍ مَفَازَةٌ فَيُنْظَرُ فِيهَا.
99 - حَدِيثُ لَقِيطٍ 1 إذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ الْأَصَابِعَ تَقَدَّمَ.
100 - قَوْلُهُ: الْأَحَبُّ فِي كَيْفِيَّةِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنْ يَجْعَلَ خِنْصَرَ الْيَدِ الْيُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ الْأَصَابِعِ مُبْتَدِيًا بِخِنْصَرِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى مُخْتَتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا أَصْلَ لَهَا وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ صَحَّ فِي السُّنَّةِ مِنْ كَيْفِيَّةِ التَّخْلِيلِ مَا سَنَصِفُهُ فَلْيَقَعْ التَّخْلِيلُ مِنْ أَسْفَلِ الْأَصَابِعِ والبداية بالخنصر من
__________
1 تقدم تخرجه.
2 أخرجه أبو عبيد في "كتاب الطهور" ص "373" رقم "368".
وحديث مسح العنق قد أبطله غير ما تقدم ابن تيمية في "الفتاوى " "1/56" وابن القيم في "الزاد" "1/49" و"المنار المنيف " "ص 120".
3 أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" "2/115" قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" "2/75" وفيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم قال الحافظ العراقي: وهو آفته.
وذكره العراقي في "تخريج الأحياء" "1/134" وقال: أخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث عمر وهو ضعيف.(1/288)
الْيَدِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ فِي تَعْيِينِ إحْدَى الْيَدَيْنِ شَيْءٌ، انْتَهَى.
فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْخِنْصَرِ صَحِيحٌ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: {رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَوَضَّأَ يُدَلِّكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ} .
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ " يُخَلِّلُ " بَدَلَ " يُدَلِّكُ " وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.
لَكِنْ تَابَعَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ.
أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَفِي الْبَسِيطِ لِلْغَزَالِيِّ، أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِي تَعْيِينِ الْيُسْرَى الِاسْتِنْجَاءُ وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ {عُثْمَانَ: أَنَّهُ خَلَّلَ أَصَابِعَ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا.
وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ} .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ هَكَذَا.
وَحَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ.
101 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ} قَالَ الرَّافِعِيُّ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
قُلْتُ: وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَفِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنْ حَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَالِحٍ، وَسَمَاعِ مُوسَى مِنْهُ(1/289)
قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ1.
فَائِدَةٌ: رَوَى زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ وَاسْمُهُ حَسَنُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "لِيَنْهَكَنَّ أَحَدُكُمْ أَصَابِعَهُ قَبْلَ أَنْ تُنْهِكَهُ النَّارُ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَفْعُهُ مُنْكَرٌ2 انْتَهَى وَهُوَ فِي جَامِعِ الثَّوْرِيِّ مَوْقُوفٌ وَكَذَا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ3 وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ مَوْقُوفًا4 وَجَاءَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا5.
102 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَالَاةِ وَقَالَ: "هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ" تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ 1 وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ 2 وَغَيْرِهِمَا6.
103 - حَدِيثُ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ وَتَرَكَ لُمْعَةً فِي عَقِبِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالِاسْتِئْنَافِ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَا جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَبَقِيَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ مِثْلُ ظُفْرِ إبْهَامِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ فَأَتِمَّ وُضُوءَكَ" فَفَعَلَ7 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلَابٍ عَنْ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: هَذَا بَاطِلٌ وَالْوَازِعُ ضَعِيفٌ8.
وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ فِي تَرْجَمَةِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ لَا يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُهُ9.
__________
1 أخرجه الترمذي "1/57" كتاب الطهارة: باب ما جاء في تخليل الأصابع حديث "39! وابن ماجة "1/153" كتاب الطهارة: باب تخليل الأصابع حديث "447" وأحمد "1/259" والحاكم "1/182" من طريق صالح مولى التوأمة عن ابن عباس به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال في " العلل الكبير" "ص 34": سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن وموسى بن عقبة سمع من صالح مولى التوأمة قديماً وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديماً فسماعه حسن ومن سمع منه أخيراً فكان يضعف سماعه.
2 ينظر " العلل" لابن أبي حاتم "1/70" رقم "186".
3 أخرجه عبد الرزاق "1/22- 23" رقم "68".
4 أخرجه ابن أبي شيبة "1/11".
5 أخرجه عبد الرزاق "1/24- 25" رقم "73، 74" عن ابن عمر موقوفاً.
6 تقدم تخريجه.
7 أخرجه الدارقطني "1/109" من طريق المغيرة بن سقلاب عن الوازع بن نافع عن سالم به.
وقال الدارقطني: الوازع بن نافع ضعيف الحديث.
8 ينظر "العلل " "1/67" رقم "176".
9 ينظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي "4/182" وقال: لا يتابعه إلا من هو نحوه.(1/290)
وَقَوْلُهُ: "أَتِمَّ وُضُوءَكَ" دَالٌّ عَلَى عَدَمِ أَمْرِهِ بِالِاسْتِئْنَافِ1 لَكِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَصْرَحُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَفِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيُخْطِئُ بَعْضَ جَسَدِهِ الْمَاءُ قَالَ: "لِيَغْسِلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ ثُمَّ لِيُصَلِّ" وَفِي إسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ2.
فَائِدَةٌ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: حَدَّثَنَا أَبِي ثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ ثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ قَالَ تَوَضَّأَ عُمَرُ وَبَقِيَ عَلَى ظَهْرِ رِجْلِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ أَعَلَّهُ بِالْإِرْسَالِ3 وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ وَأُبْهِمَ الْمُتَوَضِّئُ وَلَفْظُهُ فَقَالَ: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ" وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ عُمَرَ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الْهَرَوِيُّ: إنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرَفْعُهُ خَطَأٌ فَقَدْ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَكَذَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ نَحْوُهُ فِي قِصَّةٍ مَوْقُوفَةٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ 1 أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمَيْهِ مِثْلَ الظُّفْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ4.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ 2 بْنِ مَعْدَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ مُرْسَلٌ5 وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ
__________
1 في ط: روى.
2 ينظر "مجمع البحرين" "493".
3 ينظر "العلل " لابن أبي حاتم "1/54" رقم "134" وقال: أبو المتوكل لم يسمع من عمر وإسماعيل هذا: ليس به بأس.
4 أخرجه أحمد "3/146" وأبو داود "44/1" كتاب الطهارة: باب تفريق الوضوء حديث "173" وابن ماجة "1/118" كتاب الطهارة: باب من توضأ وترك موضعاً حديث "665" وابن خزيمة "164" وأبو يعلى "5/322" رقم "2944" والدارقطني "1/108" رقم "5" والبيهقي "1/83" كتاب الطهارة: باب تفريق الوضوء، كلهم من طريق جرير بن حازم عن قتادة عن أنس به.
وقال أبو داود: هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم ولم يروه عنه إلا ابن وهب وحده وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، قال: "ارجع فأحسن وضوءك".
5 أخرجه أبو داود "1/44" كتاب الطهارة: باب تفريق الوضوء حديث "175" من طريق بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(1/291)
لِأَحْمَدَ: هَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ قَالَ: نَعَمْ, قال: فقلت: إذَا قَالَ رَجُلٌ مِنْ التَّابِعِينَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسَمِّهِ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَأَعَلَّهُ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ فِيهِ بَقِيَّةَ وَقَالَ عَنْ بَحِيرٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ لَكِنْ فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُسْتَدْرَكِ تَصْرِيحُ بَقِيَّةَ بِالتَّحْدِيثِ1 وَفِيهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَلَ النَّوَوِيُّ الْقَوْلَ فِي هَذَا فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ2 وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ لِهَذِهِ الطُّرُقِ.
104 - قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ فَرَّقَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ3 عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كما بينته في تعليق التَّعْلِيقِ4.
105 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَنَا لَا أَسْتَعِينُ فِي وُضُوئِي بِأَحَدٍ" قَالَهُ لِعُمَرَ وَقَدْ بَادَرَ لِيَصُبَّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ5 هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِسِيَاقٍ آخَرَ فَقَالَ رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ هَمَّ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَا أُحِبُّ أَنْ يُشَارِكَنِي فِي وُضُوئِي أَحَدٌ" وَلَمْ أَجِدْهُمَا6.
قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَكِنَّ تَعْيِينَ أَبِي بَكْرٍ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ عُمَرُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا يَسْتَقِي الْمَاءَ الطَّهُورَ فَبَادَرْتُ أَسْتَقِي لَهُ فَقَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْجَنُوبِ فَإِنِّي رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْتَقِي الْمَاءَ لِوُضُوئِهِ فَبَادَرْتُ أَسْتَقِي لَهُ فَقَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ, فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَقِي الْمَاءَ لِوُضُوئِهِ فَبَادَرْتُ أَسْتَقِي لَهُ فَقَالَ: "مَهْ يَا عُمَرُ فَإِنِّي لَا أُرِيدُ أَنْ يُعِينَنِي عَلَى وُضُوئِي أَحَدٌ" 7 قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِابْنِ مَعِينٍ: النَّضْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي مَعْشَرٍ تَعْرِفُهُ قَالَ: هَؤُلَاءِ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ8.
__________
1 ينظر " الجوهر النقي" "1/83".
2 ينظر "شرح المهذب " "1/481".
3 أخرجه الشافعي في " الأم" "1/31".
4 كتاب للمصنف عليه رحمه الله تعالى ينظر ترجمته في مقدمة هذا الكتاب.
5 ينظر المجموع "1/382".
6 قال النووى في "المجموع " "1/382": أما حديث "إنا لا نستعين على الوضوء بأحد" فباطل لا أصل له ويغني عنه الأحاديث الصحيحة المشهورة "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضأ بغير استعانة".
وتعقبه ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" "1/29" وفي ذلك نظر- أي الحكم ببطلانه- وضعف سنده فقط وعزا. للرافعي في أماليه والبزار في مسنده.
7 أخرجه البزار "1/136- كشف" رقم "260" وأبو يعلى "1/200" رقم "231".
وقال البزار: لا نعلمه يروى. عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عن عمر بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في "المجمع " "1/240" وقال: رواه أبو يعلى والبزار وأبو الجنوب ضعيف.
8 ينظر تاريخ الدارمي رقم "828".(1/292)
تَنْبِيهٌ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكِلُ طَهُورَهُ إلَى أَحَدٍ الْحَدِيثُ وَفِيهِ مُطَهَّرُ بْنُ الْهَيْثَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ1.
106 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِأُسَامَةَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 فِي قِصَّةٍ فِيهَا دَفْعُهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ذِكْرُ الصَّبِّ.
107 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ مِنْ حَدِيثِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لِتَخْرِيجِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد إلَّا أَنَّهَا أَحْضَرَتْ لَهُ الْمَاءَ حسب وأما الترمذي فلم يتعرض فيه للماء بِالْكُلِّيَّةِ نَعَمْ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَفِي سُنَنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْهَا صَبَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ وَقَالَ لِي "اُسْكُبِي عَلَيَّ" فَسَكَبْتُ3.
108 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لِمَكَانِ جُبَّةٍ ضَيِّقَةِ الْكُمَّيْنِ قَدْ لَبِسَهَا فَعَسُرَ عَلَيْهِ الْإِسْبَاغُ مُنْفَرِدًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ "يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ" فَأَخَذْتُهَا ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ سِيَاقُ مُسْلِمٍ4.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ مِنْ أَجْلِ ضِيقِ الْكُمِّ قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَعَانَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ أَيْضًا وَهُوَ يَصُبَّ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ كَانَتْ بِالسَّفَرِ فأراد أن لا يَتَأَخَّرَ عَنْ الرُّفْقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/129" كتاب الطهارة باب تغطية الإناء حديث "362".
وفي إسناده مظهر بن الهيثم قال المصنف في "التقريب" "2/254": متروك.
2 أخرجه البخاري "3/606- 607" كتاب الحج: باب النزول بين عرفة وجمع حديث "1669" ومسلم "2/931" كتاب الحج: باب استحباب إدامة الحاج التلبية حديث "266/1280" من حديث أسامة قال: ردفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عرفات فلحا بلغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال ثم جاء فصببت عليه الوضوء.
3 أخرجه أبو داود "1/79" كتاب الطهارة: باب صفة وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث "126" وابن ماجة "1/138" كتاب الطهارة: كاب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه حديث "390" والبيهقي "1/64" كتاب الطهارة، عنها قالت: "أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بميضأة فقال: "اسكبي" فسكبت فغسل وجهه وذراعه وأخذ ماء جديداً فمسح به رأسه وغسل رجليه ثلاثاً".
4 أخرجه البخاري "1/367" كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين حديث "03 2" ومسلم "2/84 - شرح الأبي" كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين حديث "75/274".(1/293)
109 - قَوْلُهُ: رُوِيَ: أَنَّهُ اسْتَعَانَ أَحْيَانًا تَقَدَّمَ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَوَرَدَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأُمَيْمَةَ مَوْلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلٍ مِنْ قَيْسٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ في الإمام وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: صَبَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فِي الْوُضُوءِ, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ وَفِيهِ ضَعْفٌ1.
وَعَنْ أُمِّ عَيَّاشٍ قَالَتْ: كُنْتُ أُوَضِّئُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَائِمَةٌ وَهُوَ قَاعِدٌ, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ2.
110 - حَدِيثُ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُنَشِّفُ أَعْضَاءَهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي "النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ" ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ هُوَ النَّجَّادُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ مُطَيَّنٌ ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرِمٍ ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ [وَلَا عَلِيٌّ] 3 وَلَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ4 وَفِي التِّرْمِذِيِّ مَا يُعَارِضُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَسَيَأْتِي.
111 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا فَيَغْتَسِلُ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً, قُلْتُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الصَّوْمِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْهَا5.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ6.
112 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ فَأُتِيَ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ فَالْتَحَفَ بِهَا حَتَّى رُئِيَ أَثَرُ الْوَرْسِ7.
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/138" كتاب الطهارة باب الرجل يستحين على وضوئه حديث "391" والبخاري في "التاريخ الكبير" "2/1/96".
2 أخرجه ابن ماجة "1/138" كتاب الطهارة: باب الرجل يستعين على وضوئه حديث "392" من طريق عبد الكريم بن روح حدثني أبي روح بن عنبسة بن سعيد بن أبي عياش مولى عثمان بن عفان عن عنبسة بن سعيد عن جدته.
قال البوصيري في "الزوائد" "1/163": هذا إسناد مجهول وعبد الكريم مختلف فيه.
3 سقط في الأصل.
4 أخرجه ابن شاهين "145- بتحقيقنا".
وقال: وذكر ذلك من الصحابة ابن عباس وجابر ومن التابعين إبراهيم ومحمد بن سيرين وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وابن ألي ليلى وأبو العالية ومحمد بن علي وعطاء ومسلم بن يسار والحكم وقتادة وحسن بن صالح.
5 أخرجه النسائي في " الكبرى" "2/189" كتاب الصوم: باب صيام من أصبح جنباً رقم "2990".
6 أخرجه البخاري "4/169- 170" كتاب الصوم باب الصائم يصبح جنباً حديث "1925، 1926" ومسلم "2/779- 780" كتاب الصيام: باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب حديث "75/1109".
7 الورس نبات أصفر يصبغ به ينظر النهاية "5/173".(1/294)
عَلَى عُكَنِهِ1
ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْنَا لَهُ مَاءً فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أَثَرِ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِهِ مُطَوَّلًا وَكَذَا النسائي في عمل يوم وليلة وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَرِجَالُ إسْنَادِ أَبِي دَاوُد رِجَالُ الصَّحِيحِ وَصَرَّحَ فِيهِ الْوَلِيدُ بِالسَّمَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعَ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ2.
113 - قَوْلُهُ: روي مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّنْشِيفُ وَتَرَكَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَفِيهِ أَبُو مُعَاذٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْحَاكِمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ لَيْسَ بِالْقَائِمِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ3.
وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ4.
__________
1 العكنة: ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا، المعجم الوسيط "2/620".
2 أخرجه أحمد "6/6- 7" وأبو داود "2/768" كتاب الأدب: باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان حديث "5185" وابن ماجة "1/158" كتاب الطهارة: باب المنديل بعد الوضوء وبحد الغسل حديث "466" والنسائي في"عمل اليوم والليلة" "324، 325، 326" من حديث قيس بن سعد.
قال النووي في " المجموع" "1/484": وإسناد مختلف فهو ضعيف وصحح ابن الملقن سنده في " الخلاصة" "1/41".
3 أخرجه الترمذي "1/74" كتاب الطهارة: باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء حديث "53" والحاكم "1/154" والبيهقي "1/185" من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرقة ينشف بها بعد الوضوء.
قال الترمذي: حديث عائشة ليس بالقائم ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء.
وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهر ضعيف عند أهل الحديث.
قال الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على الترمذي" "1/75" وأما الحاكم فقال: أبو معاذ هذا هو الفضيل بن ميسرة بصري روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه وأقره الذهبي على ذلك فلم يتعقبه فيه. وبذلك يكون إسناد الحديث صحيحاً.
4 أخرجه الترمذي "1/75" كتاب الطهارة: باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء حديث "54" والبيهقي "1/236" كتاب الطهارة، وابن الجوزي في "العلل المتناهية " "1/353" رقم "582" كلهم
من طريق رشيدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي
عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب وإسناده ضعيف ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يضعفان في الحديث.
وقال ابن الجوزي: وأما رشدين فقد ضعفه أحمد وأبو زرعة والقلاس والدارقطني وأما عبد الرحمن فقال أحمد: لا نروي عنه شيئاً وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ويدلس ا. هـ.(1/295)
وَفِي الْبَابِ: عَنْ سَلْمَانَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ1
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَ هَذَا فَقَالَ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَشْبَهُ وَلَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْنَدًا2.
قُلْتُ: وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3 مِنْ طَرِيقِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ الْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَنْ إيَاسِ بْنِ جَعْفَرٍ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ حَدِيثَ أَنَسٍ أَيْضًا وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ4 مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ زُرَيْقٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ مَرْفُوعًا.
114 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ" ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ مِنْ حديث البختري بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ "إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَأَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمْ مِنْ الْمَاءِ" وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضعفاء في ترجمة البختري بْنِ عُبَيْدٍ وَضَعَّفَهُ بِهِ وَقَالَ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ5.
وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ البختري فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي صِفَّةِ التَّصَوُّفِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به وهذا إسناد مَجْهُولٌ وَلَعَلَّ ابْنَ أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَ بِهِ مِنْ حِفْظِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ فَوَهِمَ في اسم البختري بْنِ عُبَيْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوَسِيطِ لَمْ أَجِدْ لَهُ أَنَا فِي جَمَاعَةٍ اعْتَنُوا بِالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ أَصْلًا وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ6.
115 - حَدِيثُ عَلِيٍّ: مَا أُبَالِي بِيَمِينِي بَدَأْتُ أَمْ بِشِمَالِي إذَا أَكْمَلْتُ الْوُضُوءَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ بِهَذَا وَرَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ7 وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كَالْأَوَّلِ8.
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/158" كتاب الطهارة: باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل "468".
2 ينظر "العلل" لابن أبي حاتم "1/29" رقم "51".
3 أخرجه البيهقي "1/85" كتاب الطهارة.
4 أخرجه ابن أبي شيبة "1/149".
5 أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" "1/36" رقم "73" وابن حبان في "المجروحين" "1/203" من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إذا توضأتم فاشربوا أعينكم الماء ولا تنفضوا أيديكم من الماء فإنها مراوح الشيطان"، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث منكر وقال ابن حبان: البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب كان يسرق الحديث وربما قلبه.
6 ينظر "خلاصة البدر المنبر" "1/41".
7 أخرجه الدارقطني "1/87- 89".
8 أخرجه الدارقطني "1/89".(1/296)
116 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ فَدُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ وَقَدْ بقي من وضوءه فَرْضُ الرِّجْلَيْنِ فَذَهَبَ مَعَهَا إلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَكَانَ لَابِسًا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوهُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَيْضًا وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظٍ آخَرَ1 وَوَقَعَ فِي الْبَيَانِ لِلْعِمْرَانِيِّ2 أَنَّهُ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
117 - قَوْلُهُ: مِنْ السُّنَنِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الدَّعَوَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْوُضُوءِ فَيَقُولُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا وَعِنْدَ غَسْلِ الْيُسْرَى اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَرُوِيَ اللَّهُمَّ احْفَظْ رَأْسِي وما حوى وبطني وما وعى وَرُوِيَ اللَّهُمَّ أَغِثْنِي بِرَحْمَتِكَ وَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ بَرَكَتِكَ وَأَظِلَّنِي تَحْتَ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّكَ وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمَيَّ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَدَ بِهَا الْأَثَرُ عَنْ الصَّالِحِينَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الدُّعَاءُ لَا أَصْلَ3 لَهُ4 وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ.
وَقَالَ فِي شرح المذهب لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَقَدِّمُونَ5.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ.
قُلْتُ: رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ جِدًّا أَوْرَدَهَا الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَمَالِيهِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ مُصْعَبٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَلِيٍّ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ6 وَرَوَاهُ صَاحِبُ
__________
1 تقدم.
2 يحيى بن أبي الخير بن سالم بن أسعد بن يحيى، أبو الخير العمراني، اليماني، صاحب البيان، ولد سنّة 489، تفقه على جماعات. منهم: زيد اليفاعي، كان شيخ الشافعية ببلاد اليمن، وكان إماماً، زاهداً، ورعاً؛ عالماً، خيراً مشهور الاسم، بعيد الصيت، عارفاً بالفقه وأصوله والكلام والنحو..، ومن تصانيفه: البيان في نحو عشر مجلدات، وكتاب الزوائد، وغيرهما.. مات سنّة 558.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/327، الأعلام 9/180، ط. السبكي 4/324.
3 لم ورد مسنداً من وجه من الوجوه.
4 وذكره النووي في "الأذكار" ص 54 ولم يعزه لأحد.
5 ينظر المجموع "1/501".
6 ذكر الحافظ في "تخريج الأذكار" "1/263" من طريق المستغفري في "الدعوات" عن سليمان بن محمد بن الفضل عن أحمد بن مصعب به.
وقال: وسليمان ضعيف وشيخه تبين لي من كلام الخطيب في "المتفق والمفترق" أنه نسب إلى جد أبيه وهو أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب يكنى أبا بشر وكان من الحفاظ لكنه متهم بوضع الحديث. وعزاه أيضاً للحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن الحنفية عن أبيه وقال: وفي سنده أصرم بن حوشب وقد وصف بأنه كان بضع الحديث.(1/297)
"مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ" مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا الْمُغِيثُ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ1.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نحو هذا وفيه عباس بْنُ صُهَيْبٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ2.
وَرَوَى الْمُسْتَغْفِرِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَلَيْسَ بطوله وإسناده واهي.
118 - قَوْلُهُ عَدَّ مِنْ السُّنَنِ تَعَهُّدَ الْمَأْقَيْنِ بِالسَّبَّابَتَيْنِ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ" وَكَانَ يَمْسَحُ الْمَأْقَيْنِ رواه أَحْمَدُ بِلَفْظِ: وَكَانَ يَتَعَهَّدُ الْمَأْقَيْنِ3.
119 - قَوْلُهُ: عَدَّ مِنْ السُّنَنِ تَعَهُّدَ مَا تَحْتَ الْخَاتَمِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ4.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَرِّكُ الْخَاتَمَ فِي الْوُضُوءِ5.
120 - قَوْلُهُ عَدَّ مِنْ السُّنَنِ عَدَمَ الْإِسْرَافِ فِي صَبِّ الْمَاءِ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:6 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: "مَا هَذَا السَّرَفُ؟ " فَقَالَ:
__________
1 قال المصنف في "تخريج الأذكار" "1/263": ورواته معروفون لكن الحسن عن علي منقطع وخارجة بن مصعب تركه الجمهور وكذبه ابن معين.
2 أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/164- 165" ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية" "1/338" رقم "4 55" والمصنف في "تخريج الأذكار" "1/265" كلهم من طريق عباد بن صهيب عن حميد عن أنس.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد اتهم أبو حاتم بن حبان به عباد بن صهيب واتهم به الدارقطني أحمد بن هاشم فأما عباد فقال ابن المديني: ذهب حديثه، وقال البخاري والنسائي: متروك، وقال ابن حبان: يروى المناكير التي يشهد لها بالوضع وأما أحمد بن هاشم فيكفيه اتهام الدارقطني ا. هـ.
وضعفه الحافظ في "تخريج الأذكار" "1/266": بهما.
3 ينظر النهاية "4/289".
4 تقدم وينظر حديث "الأذنان من الرأس".
5 أخرجه البخاري تعليقاً "1/321" كتاب الوضوء: كاب غسل الأعقاب عن ابن سيرين ووصله ابن أبي شيبة "1/39".
أخرجه ابن ماجة "1/153" كتاب الطهارة: باب تخليل الأصابع حديث "449".
6 في الأصل: ابن عمر.(1/298)
أَفِي الْوُضُوءِ إسْرَافٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ" 1.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: "إنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ الْوَلْهَانُ فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ" فِي إسناده ضعيف2.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ نَحْوَهُ3.
121 - قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الوضوء مستقبل الْقِبْلَةَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُمَرَ بِبَعْضِهِ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شاء" 4.
رواه التِّرْمِذِيُّ5 مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ وَزَادَ فِيهِ "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ" وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ كَبِيرٌ6.
قُلْتُ: لَكِنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي عِنْدَهُ رَوَاهَا الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ وَلَفْظُهُ: "مَنْ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فساعة فرغ من وضوءه يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ" الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ7 وَأَمَّا قَوْلُهُ:
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/147" كتاب الطهارة: باب ما جاء في القصد في الوضوء حديث "425".
2 أخرجه الترمذي "1/84- 85" كتاب الطهارة: باب ما جاء في كراهية الإسراف حدث "57" وابن ماجة "1/147" كتاب الطهارة: باب ما جاء في القصد في الوضوء حديث "421" وأحمد "5/125" والطيالسي "47 5" والحاكم "1/62 1" والخطيب في "الموضح" "2/383" وابن الجوزي في "العلل" "1/345" رقم "567" من طريق خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي بن ضمرة عن أبي به.
وقال الترمذي: غريب وليس إسناد. بالقوى وخارجة ليس بالقوي.
قلت- أي ابن الجوزي-: خارجة ضعفه الدارقطني واثن المبارك، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة وقال أحمد لابنه لا تكتب عنه، وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج بخبره.
3 أخرجه البيهقي "1/197".
4 أخرجه مسلم "1/324" محاب الطهارة: باب الذكر المستحب عقب الوضوء حديث "234" وأحمد "1/19، 4/145- 146، 153" وأبو داود "1/92" كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا توضأ حديث "169، 170" والنسائي "1/92- 93" كتاب الطهارة: باب القول بعد الفراغ من الوضوء والدارمي "1/182" كتاب الطهارة: باب القول بعد الوضوء، وأبو يعلى "1/162" رقم "180".
5 أخرجه الترمذي "1/77- 78" كتاب الطهارة باب فيما يقال بعد الوضوء حديث "55".
6 في الأصل: كثير.
7 ينظر " مجمع البحرين في زوائد المعجمين" "426".(1/299)
"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ" إلَى آخِرِهِ فَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ1 وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ كُتِبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" وَاخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ وَصَحَّحَ النَّسَائِيُّ الْمَوْقُوفَ وَضَعَّفَ الْحَازِمِيُّ الرِّوَايَةَ الْمَرْفُوعَةَ لِأَنَّ الطَّبَرَانِيَّ قَالَ فِي الْأَوْسَطِ: لَمْ يَرْفَعْهُ عَنْ شُعْبَةَ إلَّا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ.
قلت: ورواه أَبُو إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي فِي الْجُزْءِ الثَّانِي تَخْرِيجُ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الرِّوَايَةَ الْمَوْقُوفَةَ أَيْضًا3.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُ الرَّافِعِيِّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا لَكِنْ يُسْتَأْنَسُ لَهَا بِمَا فِي لَفْظِ رِوَايَةِ الْبَزَّارِ عَنْ ثَوْبَانَ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ" الْحَدِيثَ4.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الإمام5: رَفْعُ الطَّرْفِ إلَى السَّمَاءِ لِلتَّوَجُّهِ إلَى قِبْلَةِ الدُّعَاءِ وَمَهَابِطِ الْوَحْيِ وَمَصَادِرِ تَصَرُّفِ الْمَلَائِكَةِ.
الثَّانِي: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَالْخُلَاصَةِ6 إنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا ضَعِيفٌ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ7 رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ هَذَا لَفْظُهُ فَأَمَّا الْمَرْفُوعُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُضَعَّفَ بِالِاخْتِلَافِ وَالشُّذُوذِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّ
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/159" كتاب الطهارة باب ما يقال بعد الوضوء حديث "469".
أخرجه النسائي "6/25- الكبرى" كتاب "عمل اليوم والليلة": باب ما يقول إذا فرغ من وضوئه حديث "9909، 9910".
2 لم أجده عن الحاكم ولم يعزه إليه المنذري كما سيأتي.
3 قال المنذري في "الترغيب والترهيب" "1/238": رواه الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح واللفظ له ورواه النسائي وصوب وقفه على أبي سعيد.
وقال الهيثمي في " المجمع " "1/244": رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في "اليوم والليلة" هذا خطأ والصواب موقوفاً ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفاً.
4 تقدم.
5 في الأصل: الإلمام.
6 ينظر الأذكار "ص 57- 58".
7 ينظر المجموع "1/244".(1/300)
النَّسَائِيَّ قَالَ فِيهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ ثَنَا شُعْبَةُ ثَنَا أَبُو هَاشِمٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ:1 ثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا2 سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْهُ وَهَؤُلَاءِ مِنْ رُوَاةِ الصَّحِيحَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِحُكْمِهِ عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة "1/3".
2 في الأصل: سقط في ط.(1/301)
8- بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ
122 - حديث أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وليستنجي أَحَدُكُمْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ" الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: "إنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ" 3 وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ.
123 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَفْعَلْ" 4 أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وابن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي حَدِيثٍ وَفِي آخِرِهِ "مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ" وَمَدَارُهُ عَلَى أَبِي سَعْدٍ الْحُبْرَانِيِّ الْحِمْصِيِّ5 وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَقِيلَ إنَّهُ صَحَابِيٌّ وَلَا يَصِحُّ وَالرَّاوِي عَنْهُ حُصَيْنٌ الْحُبْرَانِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة "1/3".
2 في الأصل: سقط في ط.
3 أخرجه الشافعي في "المسند" "1/28": كتاب الطهارة: باب آداب الخلاء، "64".
وأخرجه أبو داود "1/49" كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، الحديث "8"، وابن ماجة "1/114": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة الحديث "313"، والنسائي كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستطابة بالروث الحديث "40"، وأحمد "2/247، 250" وأبو عوانة "1/200"، والحميدي "2/434- 435"، وابن خزيمة "1/43- 44" حديث "80"، وابن حبان "431 1" الإحسان. والطحاوي في "شرح محاني الآثار" "4/233" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ " "ص- 83- بتحقيقنا"، والبيهقي "1/91، 102" والبغوي في "شرح السنة" "1/272- بتحقيقنا" من طرق عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والبغوي.
وله طرق أخرى منها: حديث سهل بن حنيف، وأبي أيوب ومعقل بن أبي الهيثم، وعبد الله بن الحارث، وأسامة بن زيد، ورجل من الأنصار، وستأتي هذه الطرق قريباً في الباب إن شاء الله تعالى.
4 أخرجه أحمد في المسند "2/371"، وأبو داود "1/56": كتاب الطهارة: باب الاستتار في الخلاء، حديث "35"، وابن ماجة "1/121،2 12": كتاب الطهارة وسننها: باب الارتياد للغائط والبول، حديث "337"، وابن حبان في "صحيحه " "4/257، 58 2": كتاب الطهارة: باب الاستطابة، حديث "1410"، والحاكم في المستدرك "1/158" من طريق أبي عامر الخراز عن عطاء عن أبي هريرة بنحوه، وصححه، وأخرجه البيهقي في "السنن" "1/104": كتاب الطهارة: باب الإيتار في الاستجمار، كلهم إلا الحاكم من طريق أبي سعد الخير عن أبي هريرة فذكره.
5 ينظر: التقريب "2/428".(1/301)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ1: شَيْخٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ2.
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ3 الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي الْعِلَلِ.
124 - قَوْلُهُ: وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَرْجِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ4 هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا يُعْرَفُ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يُعْرَفُ وهو ضعيف روي فِي كِتَابِ الْمَنَاهِي مَرْفُوعًا: نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ وَفَرْجُهُ بَادٍ لِلشَّمْسِ وَنَهَى أن يبول وَفَرْجُهُ بَادٍ لِلْقَمَرِ, قُلْتُ: وَكِتَابُ الْمَنَاهِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ وَمَدَارُهُ عَلَى عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عُثْمَانَ الْأَعْرَجِ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنِي سَبْعَةُ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمُغْتَسَلِ وَنَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَنَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَشَارِعِ وَنَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ وَفَرْجُهُ بَادٍ إلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي نَحْوِ خَمْسَةِ أَوْرَاقٍ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ5 جل هُوَ مِنْ اخْتِلَاقِ عَبَّادٍ.
قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ.
قُلْتُ: هُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ بَحْثٌ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ6 فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.
__________
1 ينظر الجرح والتعديل "9/378".
2 ينظر الثقات لابن حبان "5/279".
3 الحديث صححه ابن حبان والحاكم.
4 ينظر المجموع "2/110".
5 ذكره ابن عراق في "تنزيه الشريعة" "2/397- 401"، حديث "25"، وعزاه للترمذي الحكيم في كتاب " المناهي"، وقال: وفيه عباد بن كثير: وذكر كلام الحافظ ابن حجر، والنووي في المجموع.
6 قال في شرح العمدة عند حديث عبد الله بن عمر " رقيت يوماً على بيت حفصة ... الحديث ".
هذا الحديث يعارض حديث أبي أيوب المتقدم من وجه، وكذلك ما في معنى حديث أبي أيوب. واختلف الناس في كيفية العمل به، وبالأول، على أقوال: فمنهم من رأى انه ناسخ لحديث المنع، واعتقد الإباحة مطلقاً. وكأنه رأى أن تخصيص حكمه بالبنيان مطرح، وأخذ دلالته على الجواز مجردة عن اعتبار خصوص كونه في البنيان لاعتقاده أنه وصف ملغي، لا اعتبار له.
ومنهم من رأى العمل بالحديث الأول وما في معناه، واعتقد هذا خاصاً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومنهم من جمع لين الحديثين، فرأى حديث ابن عمر مخصوصاً بالبنيان فيخص به حديث أبي أيوب العام في البنيان وغيره، جمعاً بين الدليلين.
ومنهم من توقف في المسألة.
ونحن ننبه ههنا على أمرين: =(1/302)
125 - حَدِيثُ: "لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" الْحَدِيثُ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ1 مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ
__________
= أحدهما: أن من قال بتخصيص هذا الفعل بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له أن يقول: إن رؤية هذا الفعل كما أمراً اتفاقياً، لم يقصده ابن عمر، ولا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هذه الحالة يتعرض لرؤية أحد. فلو كان يترتب على هذا الفعل حكم عام للأمة لبينه لهم بإظهاره بالقول، أو الدلالة على وجود الفعل. فإن الأحكام العامة للأمة لا بد من بيانها. فلما لم يقع ذلك- وكانت هذه الرؤية من ابن عمر على طريق الاتفاق، وعدم قصد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دل ذلك على الخصوص به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعدم العموم في حق الأمة. وفيه بعد ذلك بحث.
التنبيه الثاني: أن الحديث إذا كان عام الدلالة، وعارضه غيره في بعض الصور، وأردنا التخصيص- فالواجب أن نقتصر في مخالفة مقتضى العموم على مقدار الضرورة، ويبقى الحديث العام على مقتضى عمومه فيما يبقى من الصور، إذ لا معارض له فيما عدا تلك الصورة المخصوصة التي ورد فيها الدليل الخاص. وحديث ابن عمر لم يدل على جواز الاستقبال والاستدبار معاً فى البنيان. وإنما ورد في الاستدبار فقط.
فالمعارضة بينه وبين حديث أبي أيوب إنما هي في الاستدبار، فيبقى الاستقبال لا معارض له فيه. فينبغي أن يحمل بمقتضى حديث أبي أيوب في المنع من الاستقبال مطلقاً، لكنهم أجازوا الاستقبال والاستدبار معاً في البنيان، وعليه هذا السؤال.
هذا لو كان في حديث أبو أيوب لفظ واحد يعم الاستقبال والاستدبار فيخرج منه الاستدبار، ويبقى الاستقبال على ما قررناه آنفاً. ولكن ليس الأمر كذلك. بل هما جملتان، دلت إحداهما على الاستقبال، والأخرى على الاستدبار. تناول حديث ابن عمر إحداهما، وهي عامة في محلها. وحديثه خاص ببعض صور عمومها. والجملة الأخرى لم يتناولها حديث ابن عمر، فهي باقية على حالها.
ولعل قائلاً يقول: أقيس الاستقبال في البنيان- وان كان مسكوتاً عنه- على الاستدبار الذي ورد فيه الحديث.
1 أخرجه البخاري "1/498" كتاب الطهارة: باب قبلة أهل المدينة، الحديث "394"، ومسلم "1/224": كتاب الطهارة: باب الاستطابة، الحديث "59/264"، وأبو داود "1/19": كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، الحديث "9"، والترمذي "1/13": كتاب الطهارة: باب النهي عن استقبال القبلة بغائظ أو بول، الحديث "8" والنسائي "1/23": كتاب الطهارة: باب الأمر باستقبال المشرق أو المغرب عند الحاجة، وابن ماجة "1/115" كتاب الطهارة: باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول، الحديث "318".
وأبو عوانة "1/199"، وابن خزيمة "57" واثن حبان "1414"، والشافعي في "المسند" "1/رقم 63" والحميدي "378"، والبن أبي شيبة "1/150"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/232"، وابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ" "ص- 82- بتحقيقنا"، والطبراني في "الكبير" "ج 4/3938، 3938، 3939، 0 394، 3941، 3942"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "1/168"، وابن عبد البر في " التمهيد" "1/304"، والبيهقي "1/91"، والبغوي في "شرح السنة" "1/273- بتحقيقنا" من طريق الزهري عن خطاء بن يزيد، عن أبي أيوب به.
وللحديث طريق آخر عن أبي أيوب: أخرجه الدارقطني "1/60"، والطبراني في "الكبير" "4/رقم 3917"، والخطيب "2/363" من طريق عمر بن ثابت عنه بلفظ: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا".
قال الألباني في " الإرواء" "1/99": وسنده صحيح وله طريق ثالث عن أبي أيوب:
أخرجه الطبراني في " الكبير" "4/رقم 3921"، والطحاوي "4/232"، من طريق عبد الرحمن بن يزيد
بن جارية عنه. بلفظ: "نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلة لغائط أو بول".(1/303)
مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى1 عَنْ أَبِي أَيُّوبَ وَفِيهِ مِصْرُ بَدَلَ الشَّامِ.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ سَلْمَانَ2 فِي مُسْلِمٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ3 بْنِ جُزْءٍ فِي ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ وَمَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ4 فِي أَبِي دَاوُد وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ5 عِنْدَ الدَّارِمِيِّ.
__________
1 أخرجه مالك في "الموطأ" "1/193": كتاب القبلة: باب النهي عن استقبال القبلة، والإنسان على حاجته، حديث "1"، وأحمد "5/414"، والنسائي "1/21": كتاب الطهارة: باب النهي عن استقبال القبلة عند الحاجة، حديث "10"، من طر! ق رافع بن إسحاق عن أبي أيوب الأنصاري فذكره.
2 أخرجه أحمد "5/437، 438، 439"، ومسلم "2/154- نووي": كتاب الطهارة: باب الاستطابة، حديث "57- 262"، وأبو داود "1/49": كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، حديث "7"، والترمذي "1/24": كتاب أبواب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، حديث "16"، والنسائي "1/38، 39": كتاب الطهارة: باب النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاثة أحجار، حديث "41"، وابن ماجة "1/115": كتاب "الطهارة وسنتها ": باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة، حديث "316".
3 أخرجه ابن ماجة "1/115" كتاب الطهارة: باب النهي عن استقبال القبلة بغائط وبول، حديث رقم "317" وابن أبي شيبة "1/151"، وأحمد "4/190- 191"، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص- 83- بتحقيقنا"، الحازمي في "الاعتبار" "ص- 73" من طرق عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحارث قال: أنا أول من يسمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أولى من حدث الناس بذلك".
وذكره البوصيرى في "الزوائد" "1/134" وقال: هذا إسناد صحيح وقد حكم بصحته ابن حبان، والحاكم، وأبو ذر الهروي وغيرهم ولا أعرف له علة.
4 أخرجه ابن أبي شيبة "1/151"، وأبو داود "1/91": كتاب الطهارة باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، حديث "10"، وابن ماجة "1/115": كتاب الطهارة: باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط، والبول، حديث "319"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/233"، وابن عبد البر في "التمهيد" "1/304"، والبيهقي "1/91" من طريق عمرو بن يحيى المازني، ثنا أبو زيد مولى الثعلبيين عنه بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلتين بغائط أو بول وسنده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى الثعلبيين.
قال الحافظ في " التقريب" "2/425": أبو زيد مولى في ثعلبية قيل اسمه الوليد مجهول.
5 أخرجه أحمد "3/487"، والدارمي "1/135"، والحاكم "3/412" من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، أن الوليد بن مالك أخبره، أن محمد بن قيس، مولى سهل بن حنيف أخبره، أن سهلاًَ أخبره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه قال: "أنت رسولي إلى أهل مكة، قل: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلني يقرأ عليكم السلام، ويأمركم بثلاث: لا تحلفوا بغير الله، وإذا تخليتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولا يستنجوا بعظم ولا ببعرة".
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/208" فقال: رواه أحمد، وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف ا. هـ.(1/304)
126 - حَدِيثُ "إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ ... " 1 الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
127 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَقَيْتُ السَّطْحَ مَرَّةً فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 وَلَهُ طُرُقٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ3 مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُسْتَدْبِرَ الشَّامِ وَهِيَ خَطَأٌ تُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْمَقْلُوبِ فِي الْمَتْنِ4.
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه أحمد "2/12"، والبخاري "1/246- 247": كتاب الوضوء: باب من تبرز على لبنتين، الحديث "145"، ومسلم "1/224- 225": كتاب الطهارة: باب الاستطابة "117"، الحديث "61/266"، وأبو داود "1/21": كتاب الطهارة: باب الرخصة في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، الحديث "12"، والترمذي "16/1": كتاب الطهارة: باب الرخصة في ذلك الحديث "11"، والنسائي "1/23- 24": كتاب الطهارة: باب الرخصة في ذلك في البيوت، وابن ماجة "1/116": كتاب الطهارة: باب الرخصة في ذلك في الكنيف، الحديث "322"، والشافعي في "مسنده" "65"، وأحمد "2/41"، وابن خزيمة "59"، والطحاوي "4/234"، والبغوي في "شرح السنة" "1/274" حديث "175، 1176، والبيهقي "1/61"، وابن أبي شيبة "1/151"، وابن الجارود "30"، والطبراني "12/رقم 13312"، وابن عبد البر في التمهيد "6/301" من طرق عن ابن عمر.
3 أخرجه ابن حبان في "صحيحه " "4/66، 267- الإحسان" حديث "1418" من طريق محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن ابن عمر، وبنفس اللفظ أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/234"، من هذا الطريق أيضاً.
4 المقلوب: هو في اللغة اسم مفعول من قلب الشيء.
وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي أبدل فيه راويه شيئاً بآخر.
أقسامه: "1" قلب في الإسناد "2" فلب في المتن "3" قلب في الإسناد والمتن جميعاً.
"1" قلب الإسناد نوعان:
"1" أن يكون الحديث مشهوراً براو فيجعل مكانه آخر في طبقته ليرغب فيه لغرابته.
قال ابن دقيق العيد: وهذا هو الذي يطلق على راويه أنه يسرق الحديث.
"2" أن يكون القلب بالتقديم والتأخير في رجال السنن، كأن يكون الراوي منسوباً لأبيه مثلاً، فيجعل اسمه مكان اسم أبيه وبالعكس.
"ب" قلب المتن: وهو أن يقع الإبدال في متن الحديث كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله جاء فيه "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " قلبه الراوي فقال: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله".
"ح" قلب الإسناد والمتن جميعاً: وهو أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر وبالعكس.
وهذا قد يقصد به الإغراب فيكون كالوضع، وقد يفعل اختباراً كما حصل للبخاري حين اختبره علماء بغداد.
المضطرب: هو في اللغة اسم فاعل من اضطرب.
وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي تختلف الروايات فيه، المتساوية شروط قبولها في القوة: بحيث نتعارض من كل الوجوه، فلا جمع ولا نسخ ولا ترجيح.(1/305)
128 - حَدِيثُ جَابِرٍ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِفُرُوجِنَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ1 أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ2 وَالدَّارَقُطْنِيّ وَاللَّفْظُ لِابْنِ حِبَّانَ وَزَادَ وَنَسْتَدْبِرُهَا وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ هُوَ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ السَّكَنِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ لِعَنْعَنَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ بِاتِّفَاقٍ3 وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ4 أَنَّهُ مَجْهُولٌ فَغَلِطَ.
تَنْبِيهٌ: فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا حِكَايَةُ فِعْلٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي بُنْيَانٍ وَنَحْوِهِ.
129 - قَوْلُهُ ذُكِرَ أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ أَنَّهَا لَا يخلو مِنْ مُصَلٍّ مَلَكٍ أَوْ إنْسِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ فَرُبَّمَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى عَوْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيِّ انْتَهَى.
أَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَرَوَى أَبُو دَاوُد5 مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَقْصُودُ التَّعْلِيلِ.
وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ فَرَوَى الْبَيْهَقِيّ من طريق عيسى الخياط قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: إنِّي لَأَعْجَبُ لِاخْتِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ دَخَلْتُ بَيْتَ حَفْصَةَ فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فَرَأَيْتُ كَنِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ
__________
1 أخرجه أحمد "3/360"، وأبو داود "1/4": كتاب الطهارة: باب الرخصة في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، حديث "13"، والترمذي "1/15": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء من الرخصة في ذلك، حديث "9"، وابن ماجة "1/117": كتاب الطهارة وسننها: باب الرخصة في ذلك في الكنيف، حديث "325"، وابن الجارود "1/38"، حديث "31"، وابن خزيمة "1/34"، حديث "58"، وابن حبان في " صحيحه" "4/269"، حديث "1420"، والحاكم في المستدرك "1/154"، وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي "1/92"، والدارقطني "1/58، 59"، حديث "2" من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر بن عبد الله فذكره.
2 قال الترمذي في " العلل الكبير" ص "23"، حديث "5": سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق.
3 قال الحافظ في "التقريب" "1/30": أبان بن صالح وثقه الأئمة ووهم أبي حزم في جهله وابن عبد البر فضعفه.
4 ينظر: المجلى لابن حزم "1/198".
5 أخرجه أبو داود "1/4,3": كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، حديث "1"، من طريق الحسن بن ذكوان عن مروان الأصغر عن ابن عمر فذكره.(1/306)
الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا" قَالَ الشَّعْبِيُّ: صَدَقَا جَمِيعًا أَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا مَلَائِكَةً وَجِنًّا يُصَلُّونَ فَلَا يَسْتَقْبِلْهُمْ أَحَدٌ بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَا يَسْتَدْبِرْهُمْ وَأَمَّا كُنُفُكُمْ هَذِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بُيُوتٌ بُنِيَتْ لَا قِبْلَةَ فِيهَا1 وَأَخْرَجَهُ ابْنُ ماجة مختصرا2.
130 - قوله: وَأَمَّا فِي الْأَبْنِيَةِ فَالْحُشُوشُ لَا يَحْضُرُهَا إلَّا الشَّيَاطِينُ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا: "إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ 3 مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ" 4 أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا:
131 - قَوْلُهُ: وَلَيْسَ السَّبَبُ مُجَرَّدَ احْتِرَامِ الْكَعْبَةِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ سُرَاقَةَ مَرْفُوعًا: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلْيُكْرِمْ قِبْلَةَ اللَّهِ وَلَا يَسْتَقْبِلْهَا" 5 أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
132 - حَدِيثُ "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ" 6 أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/93": كتاب الطهارة: باب الرخصة في ذلك في الأبنية، من طريق يعقوب بن كعب الحلبي عن حاتم عن عيسى الخياط قال: قلت للشعبي ... فذكره.
2 أخرجه ابن ماجة "1/117": كناب الطهارة وسننها: باب الرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحاري، حديث "323"، من طريق عيسى الحناط عن نافع عن ابن عمر فذكره.
3 ينظر النهاية في غريب الحديث "1/395".
4 أخرجه أبو داود "1/49" كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء حديث "6" وأحمد "4/369" والطيالسي "1/45، 46- منحة" رقم 1381" وابن خزيمة "1/38" رقم "69" وابن حبان "1405" والحاكم "1/187" والبيهقي "1/96"، وأخرجه النسائي في "الكبرى" "6/23، 24": كتاب عمل اليوم والليلة، باب ما قول إذا دخل الخلاء، حديث "9903"، من طريق النضر بن أنس عن زيد بن أرقم به.
قال الترمذي في "سننه" "1/11": وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة فقال سعيد عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن أرقم وقال هشام الدستوائي عن قتادة عن زيد بن أرقم ورواه شعبة ومعر عن قتادة عن النضر بن أنس فقال شعبة عن زيد بن أرقم وقال معر عن الضر بن أنس عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الترمذي: وسألت محمداً عن هذا فقال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهما جميعاً ا. هـ.
وفي "علل الترمذي" "ص- 23": قال الترمذي: قلت لمحمد: أي الروايات عندك أصح قال: لعل قتادة سمع منهما جميعاً عن زيد بن أرقم ولم يقض في هذا بشيء ا. هـ.
وقال ابن أبي حاتم في " العلل" "1/17" رقم "13": سمعت أبا زرعة يقول: حديث زيد بن أرقم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دخول الخلاء قد اختلفوا فيه فأما سعيد بن أبي عروبة فإنه يقول عن قتادة عن القاسم بن عوف عن زيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحديث عبد العزيز في بن صهيب عن أنس أشبه عندي.
5 ذكره الزيلعي في نصب الراية "2/103"، وعزاه للطبري في "تهذيب الآثار"، وأخرجه الدارقطني "1/57، 58"، حديث "22، 14,13" عن طاووس مرسلاً.
6 هي جمع ملعنة وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحل له.
ينظر النهاية "4/255".(1/307)
الْحِمْيَرِيِّ عَنْ مُعَاذٍ بِلَفْظِ: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ: البزار فِي الْمَوَارِدِ وَالظِّلِّ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ" 1 وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2 نَحْوُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَجْلِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَالرَّاوِي عَنْ ابْنِ عباس منهم وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ3 فِي عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ: "اتقوا اللاعنين" قالوا: وما اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ" 4 وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ5 "وَأَفْنِيَتِهِمْ".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْجَارُودِ6 "أَوْ مَجَالِسِهِمْ".
وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ "مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَهُ عَلَى طَرِيقِ عَامِرٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 7 وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
__________
1 أخرجه أبو داود."1/7": كتاب الطهارة: باب المواضع التي نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البول فيها، حديث "26"، وابن ماجة "1/119": كتاب الطهارة وسننها: باب النهي عن الخلاء في قارعة الطريق، حديث "328"، والحاكم "1/167"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه إنما تفرد مسلم بحديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، أخرجوه من طريق نافع بن يزيد عن حيوة بن شريح عن أبي سعيد الحميري عن محاذ بن جبل به.
2 أخرجه أحمد "1/299" من طريق ابن لهيعة قال: حدثني ابن هبيرة، قال: أخبرني من سمع ابن عباس فذكره.
3 أورده الدارقطني في "العلل" "4/278" ص "1 64"، وقال: يرويه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد، فرواه شعبة عن بيان واختلف عنه، فرفعه ابن حميد الرازي عن أبي داود عن شعبة, ورواه أبو عباد يحيى بن عباد عن شعبة عن بيان فقال: أظنه رفعه، ورواه غيرهما عن شعبة موقوفاً، ثم قال في نهاية كلامه: والموقوف هو المحفوظ وذكر الحديث بسنده.
4 أخرجه أحمد "2/372"، ومسلم "2/164- نووي": كتاب الطهارة: باب النهي عن التخلي في الطرق، حديث "68- 269"، وأبو داود "1/7": كتاب الطهارة: باب المواضع التي نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن البول فيها، حديث "5 2"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/37"، حديث "67"، وأخرجه البيهقي "1/97": كناب الطهارة: باب النهي عن التخلي في طريق الناس وظلهم، والبغوي في "شرح السنة" "1/287": كتاب الطهارة: باب المواضع التي نهي عن قضاء الحاجة فيها، حديث "191" من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره.
5 أخرجه ابن حبان في "صحيحه " "4/262، 263"، حديث "415 1"، من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به.
6 أخرجه ابن الجارود في المنتقى "1/41- غوث المكدود"، حديث "33" من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة فذكره.
7 أخرجه الحاكم في المستدرك "1/186"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه عن قتيبة، من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره، وأخرجه من طريق محمد
بن عمرو الأنصاري عن محمد بن سيرين قال: قال رجل لألي هريرة: أفتيتنا في كل شيء حتى يوشك أن تفتينا في الخراء، فقال أبو هريرة: كل شيء سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من سل سخيمته، ... الحديث فذكره، وقال: ومحمد بن عمرو الأنصاري ممن يجمع حديثه في البصريين، وهو عزيز الحديث جداً.(1/308)
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا: "إيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ 1 عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنَ" 2 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: نَهَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ يُضْرَبَ عَلَيْهَا الْخَلَاءُ أَوْ يُبَالَ فِيهَا3 وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَفْعُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ سُرَاقَةَ.
قَوْلُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَنْعِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَفِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
133 - حَدِيثُ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ... " 4 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
__________
1 ينظر المعجم الوسيط "2/592- 593".
2 أخرجه ابن ماجة "1/119": كتاب الطهارة وسننها: باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق، حديث "329"، وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده ضعيف.
3 أخرجه ابن ماجة "1/120": كتاب الطهارة وسننها: باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق، حديث "330"، من طريق ابن لهيعة عن قرة عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه فذكره.
وقال البوصيري في الزوائد: إسناده ضعيف، ولكن المتن له شواهد صحيحه.
4 أخرجه البخاري "1/412": كتاب الوضوء: باب البول في الماء الدائم حديث "239"، والنسائي "1/197": كتاب الغسل والتيمم: باب ذكر نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 222، 223" من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم "1/235": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "95/282"، وأحمد "2/362، 492" وأبو داود "1/56": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "69"، والنسائي "1/175": كتاب الطهارة: باب النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، والدارمي "1/52 1": كتاب الطهارة، وأبو عوانة "1/276" وعبد الرزاق "1/189" رقم "300"، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 223"، والحميدي "2/429" رقم "969"، وابن الجارود في "المنتقى" رقم "54"، وأبو يعلى "10/461- 462" رقم "6076"، وابن خزيمة "1/37" رقم "66"، وابن حبان "1248- الإحسان"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/14": كتاب الطهارة، الخطيب في "تاريخ بغداد" "10/105"، والبيهقي "1/97": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، وابن حزم في "المحلى" "1/139"، كلهم من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة به.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة: فأخرجه مسلم "1/235": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "96/282"، وأبو عوانة "1/276"، وعبد الرزاق "1/89" رقم "299"، وأحمد "2/316"، والترمذي "1/100": كتاب الطهارة: باب كراهية البول في الماء الراكد حديث "68"، وابن الجارود في "المنتقى" رقم "54"، والبيهقي "1/97": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، والبغوي في "شرح السنة" 1/374- بتحقيقنا" من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يبال في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه". ..=(1/309)
هُرَيْرَةَ بِزِيَادَةِ: "الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ" وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: "ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ" وَلَهُ "ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ" وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ "ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ أَوْ يَشْرَبُ".
قَوْلُهُ: وَيُرْوَى "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ" ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ أَصَحَّ مِنْهُ وَزَادَ "ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ" وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا1.
134 - حَدِيثُ قَتَادَةَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يَكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: يُقَالُ: إنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ2, أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقِيلَ إنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ حَكَاهُ حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ وَأَثْبَتَ سَمَاعَهُ مِنْهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ السَّكَنِ.
__________
= وأخرجه مسلم "1/236": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "283"، وأبو عوانة "1/276"، والنسائي "1/124- 125": كتاب الطهارة: باب النهى عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، وابن ماجة "1/198": كتاب الطهارة، حديث "605"، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 225"، وابن الجارود في "المنتقى" رقم "56"، وابن خزيمة "1/49- 50"، وابن حبان "1249- الإحسان"، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/14": كتاب الطهارة، والدارقطني"1/51- 52": كتاب الطهارة: باب الاغتسال في الماء الدائم، حديث "1"، والبيهقي "1/237": كتاب الطهارة. كلهم من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الاشج عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولاً.
وأخرجه أحمد "2/433"، وأبو داود "1/66": كتاب الطهارة: باب البول في الماء الراكد، حديث "70"، وابن ماجة "1/124": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "344"، وابن أبي شيبة "1/141"، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "ص- 222"، وابن حبان "1254- الإحسان"، والبيهقي "1/238" من طريق عجلان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه من جنابة" وأخرجه ابن خزيمة "7/ ... " رقم "94" وابن حبان "256- الإحسان" من طريق عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: "لا ييولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب".
وأخرجه العقيلي في " الضعفاء" "242/1" من طريق الحسن بن محمد ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبال في الماء الراكد.
وقال العقيلي: الحسن بن محمد منكر الحديث ... والحديث غير محفوظ لا يتابع عليه وقد روي عن أبي هريرة بإسناد صحيح.
1 أخرجه مسلم "2/190- نووي": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، حديث "94-281"، من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
2 أخرجه أحمد "5/82"، وأبو داود "1/8": كتاب الطهارة: باب النهي عن البول في الجحر، حديث "29"، والنسائي "1/33، 34": كتاب الطهارة: باب كراهية البول في الجحر، حديث "34"، والحاكم في المستدرك "1/186"، وقال: حديث على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته، وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى" "1/99": كتاب الطهارة: باب النهى عن البول في الثقب، من طريق قتادة عن عبد الله بن سرجس فذكره.(1/310)
135 - قَوْلُهُ: ومنها: أن لا يَبُولَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ خَبَرٌ وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ.
قُلْتُ: أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَلَّى الرَّجُلُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ جَارٍ1 وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَيْمُونٍ إلَّا فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ تَفَرَّدَ بِهِ الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ انْتَهَى وَفُرَاتٌ مَتْرُوكٌ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ2.
136 - حَدِيثُ: "اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ" الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي لَفْظٍ لَهُ وَلِلْحَاكِمِ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ "أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ" 3 وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ إنَّ رَفْعَهُ بَاطِلٌ.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4 رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ وَفِيهِ لِينٌ وَلَفْظُهُ إنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ بِالْبَوْلِ فَتَنَزَّهُوا مِنْهُ وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ صَاحِبَيْ الْقَبْرَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ5 وَعَنْ
__________
1 أخرجه الطبراني في " الأوسط" "3/199، 200"، حديث "2413"، من طريق فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر فذكره، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "1/209"، وعزاه للطبراني في "الأوسط"، وفي "الكبير" الشطر الأخير، قال: وفيه فرات بن السائب وهو متروك الحديث.
2 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/128": كتاب الطهارة: باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه والحكم في بول ما يؤكل لحمه، حديث "7"، من طريق ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة فذكره.
3 أخرجه أحمد "2/326، 388، 389" وابن ماجة "1/125": كتاب الطهارة وسننها: باب التشديد في البول، حديث "348"، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، وله شواهد، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" "1/183"، والدارقطني في "سننه" "1/128"، حديث "8"، وصححه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه، من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة فذكره.
4 أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" ص "215"، حديث "642"، والحاكم في "مستدركه " "1/18، 184"، والطبراني في الكبير "11/84"، حدث "11120"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "1/212"، وعزاه للبزار وللطبراني في الكبير، وقال: وفيه أبو يحيى القتات، وثقه يحيى بن معين في رواية، وضعفه الباقون، وأخرجه الدارقطني في "سننه" "1/128" حديث "9" من طريق أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس فذكره.
5 أخرجه أبو داود الطيالسي "ص- 344"، الحديث "2646" وابن أبي شيبة "1/122": كتاب الطهارات: باب في التوقي من البول، والحمد "1/225"، والدارمي "1/188": كتاب الطهارة: باب الاتقاء من البول، والبخاري "1/317": كتاب الوضوء: باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، الحديث "216"، ومسلم "1/241" كتاب الطهارة: باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، الحديث "111/292"، وأبو داود "1/25- 26": كتاب الطهارة: باب الاستبراء من ... =(1/311)
أَنَسٍ1 رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ وَصَحَّحَ إرْسَالَهُ وَنَقَلَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ الْمَحْفُوظُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَالصَّحِيحُ إرْسَالُهُ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَلَفْظُهُ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَوْلِ فَقَالَ: "إذَا مَسَّكُمْ شَيْءٌ فَاغْسِلُوهُ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ مِنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ" 2 وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ" رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إرْسَالِهِ.
137 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَمَخَّرُ الرِّيحَ أَيْ يَنْظُرُ أَيْنَ مَجْرَاهَا لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ الْبَوْلَ لَمْ أَجِدْهُ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا أَتَى أحدكم الغائط فلا يستقبلوا القبلة واتقوا مَجَالِسَ
__________
= البول، الحديث "20"، والترمذي "1/102"، الحديث "70"، والنسائي "1/28-30": كتاب الطهارة: باب التنزه عن البول، وابن ماجة "1/125" كتاب الطهارة: باب التشديد في البول، الحديث "347"، والبيهقي "1/104": كتاب الطهارة: باب التوقي عن البول، وابن خزيمة "56" وابن حبان "5/رقم 3118"، وابن الجارود "130" ووكيع "444" وهناد، "360" كلاهما في "الزهد" وعبد بن حميد في "المنتخب" "620"، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" "3/149" والآجري في "الشريعة" "362" والبيهقي في "عذاب القبر" رقم "130، 131، 132" والجوزقاني في "الأباطيل" "347"، والبغوي في "شرح السنة" "1/280- بتحقيقنا" من طرق عن الأعمش عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس فذكره. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
1 أخرجه الدارقطني "1/127": كتاب الطهارة: باب نجاسة البول، حديث "2"، أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم "1058"، وابن عدي في " الكامل" "3/918"، والبيهقي في "عذاب القبر" "142" من طريق خليد بن دعلج، عن قتادة عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر على رجل يعذب في قبره من النميمة ومر يرجل يعذب في قبره من البول.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/210" وقال: رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه خليد بن دعلج ضعفوه إلا أبا حاتم قال صالح وليس بالمتين وقال ابن عدي: عامة ما رواه تابعه عليه غيره. وللحديث طريق آخر عن أنس: أخرجه البيهقي في "عذاب القبر" "141" من طريق أبي أسامة الكلبي، ثنا عبيد بن الصباح، ئنا عيسى بن طهمان، عن أنس قال: مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبرين لبني النجار وهما يعذبان بالنميمة والبول فأخذ سعفة فشقا باثنين ...
والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" "1/211" وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" وفيه عبيد بن عبد الرحمن، وهو ضعيف.
2 أخرجه البزار "246- كشف"، ثنا خالد بن يوسف بن خالد، ثنا أبي، عن عمر بن إسحاق، عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبيه، عن جده قال: سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البول فقال: "إذا مسكتم شيء فاغسلوه فإني أظن أن منه عذاب القبر". وقال البزار: لا نعلمه عن قتادة إلا من هذا الوجه.
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/208" وقال: وفيه خالد بن يوسف اليمني ونسب إلى الكذب.(1/312)
اللَّعْنِ الظِّلَّ وَالْمَاءَ وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ وَاسْتَمْخِرُوا الرِّيحَ واستتبوا عَلَى سُوقِكُمْ وَأَعِدُّوا النَّبْلَ" 1 وَحَكَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأصح وقفه وكذا هو عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِهِ2: عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ كَانَ يُقَالُ: "إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ الْبَوْلَ فَلْيَتَمَخَّر الرِّيحَ" قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي أَنْ يَنْظُرَ مِنْ أَيْنَ مَجْرَاهَا فَلَا يَسْتَقْبِلْهَا وَلَكِنْ يَسْتَدْبِرْهَا لِكَيْلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ الرِّيحُ الْبَوْلَ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَائِشَةَ شَاهِدَهُ وَسَيَأْتِي.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ الْحَضْرَمِيِّ رَفَعَهُ: "إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الرِّيحَ بِبَوْلِهِ فَتَرُدُّهُ عَلَيْهِ" رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الْبَوْلَ فِي الْهَوَاءِ3 رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَفِي إسْنَادِهِ يُوسُفُ بْنُ السَّفَرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَفِي الْبَابِ: حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَرَّ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ التَّغَوُّطِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَنَكَّبَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَقْبِلَهَا وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا وَلَا يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ4 الْحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَرَوَى الدُّولَابِيُّ فِي الْكُنَى وَالْإِسْمَاعِيلِيّ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
138 - حَدِيثُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَيْنَا الْخَلَاءَ أَنْ نَتَوَكَّأَ عَلَى الْيُسْرَى5 الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ بِنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ.
قَالَ الْحَازِمِيُّ: لَا نَعْلَمُ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَادَّعَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ6 إنَّ فِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ فلينظر [فيه] 7.
__________
1 ذكره ابن أبي حاتم في العلل "1/36، 37"، حديث "75"، وقال: قال أبي: إن ما يروونه موقوف وأسنده عبد الرزاق بأخرة.
2 ينظر النهاية "4/305".
3 أخرجه ابن عدى في "الكامل " "7/163"، ترجمة: يوسف بن السفر.
4 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/56، 57": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء، حديث "11"، من طريق مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطأة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وقال الدارقطني: لم يروه غير مبشر بن عبيد، وهو متروك الحديث.
5 أخرجه البيهقي "1/96": كتاب الطهارة: باب تغطية الرأس عند دخول الخلاء والاعتماد على الرجل اليسرى إذا قعد إن صح الخبر، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/211"، وعزاه للطبراني في "الكبير"، وقال: وفيه رجل لم يسم.
6 المطلب الغالي شرح وسيعل الغزالي، في نحو من أربعين مجلداً وهو أعجوبة من كثرة النصوص والمباحث، ومات ولم يكمله، وقد تقدمت ترجمته.
7 سقط في ط.(1/313)
139 - 1 حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ وَأَعِدُّوا النَّبْلَ" 2 عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَ أَبُوهُ وَقْفَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالنُّبْلُ3: بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَرْوُونَهَا بِالْفَتْحِ وَالضَّمُّ أَجْوَدُ وَهِيَ الْأَحْجَارُ الصِّغَارُ الَّتِي يُسْتَنْجَى بِهَا.
140 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ,4 أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: مُنْكَرٌ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَأَشَارَ إلَى شُذُوذِهِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ5: الصَّوَابُ عِنْدِي تَصْحِيحُهُ فَإِنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ وَتَبِعَهُ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ فِي آخِرِ الِاقْتِرَاحِ6 وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ لَمْ يُخَرِّجْ الشَّيْخَانِ رِوَايَةَ هَمَّامٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ قِيلَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظٍ آخَرَ وَقَدْ رَوَاهُ مَعَ هَمَّامٍ مَعَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا يَحْيَى بْنُ الضَّرِيسِ الْبَجَلِيُّ وَيَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَأَخْرَجَهُمَا
__________
1 في الأصل: قوله حديث.
2 تقدم تخرجه قريباً.
3 ينظر المعجم الوسيط "2/898".
4 أخرجه أبو داود "1/25" كتاب الطهارة: باب الخاتم ككون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء حديث "19" والترمذي "4/229" كتاب اللباس: باب ما جاء في ليس الخاتم حديث "1746" والنسائي "8/178" كتاب الزينة: باب نزع الخاتم عند دخول الخلاء وابن ماجة "1/11" كتاب الطهارة: باب ذكر الله عز وجل على الخلاء حديث "303" والحاكم "1/187" كتاب الطهارة.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" "4/260"، حدث "1413" من طريق ابن جريج عن الزهري عن أنس فذكرة.
وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وقال أبو داود: هو منكر.
وقال النسائي: حديث غير محفوظ.
5 وصححه أيضاً الترمذي وابن حبان والحاكم.
6 ينظر الاقتراح لابن دقيق العيد "ص 433".(1/314)
الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ1 وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ عَنْ هَمَّامٍ مَوْقُوفًا عَلَى أَنَسٍ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَاهِدًا وَأَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمًا نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَكَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَهُ2 وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الجوزقاني3 فِي الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ وَيَنْظُرُ فِي سَنَدِهِ فَإِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ الرَّازِيَّ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ.
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَزَعَ خَاتَمَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا وَوَهِمَ النَّوَوِيُّ وَالْمُنْذِرِيُّ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى الْمُهَذَّبِ فَقَالَا هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِي أَنَّ نَقْشَ الْخَاتَمِ كَانَ كَذَلِكَ.
قُلْتُ: كَلَامُهُمَا مُسْتَقِيمٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّيَاقِ الْجَزْمُ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ حِكَايَةُ النَّقْشِ.
فَائِدَةٌ: قِيلَ: كَانَتْ الْأَسْطُرُ مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقُ لِيَكُونَ اسْمُ الله أعلا.
وَقِيلَ: كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا إذَا خَتَمَ بِهِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ لَمْ يرد في خبر صَحِيحٍ.
141 - حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَلْيَنْثُرْ ذَكَرَهُ" 4 أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ قَانِعٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يَزْدَادَ وَيُقَالُ أَزْدَادُ بْنُ فَسَاءَةَ الْيَمَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْثُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا".
__________
1 أخرجه الحاكم في "المستدرك" "1/187"، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إنما خرجا حديث نقش الخاتم فقط، وأخرجه الدارقطني "2/114": كتاب الزكاة: باب زكاة الإبل والغنم، حديث "2"، بلفظ: "وكان نقش خاتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر" دون ذكر الشاهد من حديث أنس بن مالك.
2 تقدم تخريجه في السابق.
3 أخرجه الجوزقاني في "الأباطيل والمناكير" "1/358": كتاب الطهارة: باب ذكر كراهية الخاتم إذا كان فيه ذكر الله أن يدخل الخلاء.
4 أخرجه أحمد في " المسند" "4/347"، وابن ماجة "1/118": كتاب الطهارة وسننها: باب الاستبراء بعد البول، حديث "326"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/113": كتاب الطهارة: باب الاستبراء عن البول، وأبو داود في المراسيل ص "73"، حديث "4"، والعقيلي في "الضعفاء" "3/1 38، 382"، ترجمة "1419": ترجمة عيسى بن يزداد واليماني عن أبيه، ولا يعرف إلا به، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/212"، وعزاه لابن ماجة، ولأحمد، وقال: وفيه عيسى بن يزداد تكلم فيه أنه مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال البوصيري في الزوائد: يزداد، ويقال له: ازداد، لا يصح له صحبة، وزمعة ضعيف.(1/315)
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا بَالَ نَثَرَ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا وَيَزْدَادُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ حَدِيثُهُ مُرْسَلٌ.
وَقَالَ فِي الْعِلَلِ1 لَا صُحْبَةَ لَهُ وَبَعْضُ النَّاسِ يُدْخِلُهُ فِي الْمُسْنَدِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ2 فِي الثِّقَاتِ يَزْدَادُ يُقَالُ إنَّ لَهُ صُحْبَةً.
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ3 وَقَالَ لَا يَصِحُّ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي التَّابِعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَا يُعْرَفُ عِيسَى وَلَا أَبُوهُ.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ4 لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ.
وقال النووي5 فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الِانْتِثَارِ فِي الْبَوْلِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ الْقَبْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يُعَذَّبَانِ6.
142 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: "إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ" 7 أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ فِي الْعِلَلِ.
قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ فِيمَا إذَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَوْقَ الْعَادَةِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنْ قَالَ لَمْ تَزَلْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِقَّةُ الْبُطُونِ وَكَانَ أَكْثَرُ أَقْوَاتِهِمْ التَّمْرُ وَهُوَ مِمَّا يُرَقِّقُ الْبُطُونَ انْتَهَى وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعْدٍ: لَقَدْ كُنَّا نغزوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لَنَا طَعَامٌ إلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ حَتَّى إنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ,8 فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
__________
1 ينظر "العلل " لابن أبي حاتم "1/41، 42"، حديث "89".
2 ينظر " الثقات " لابن حبان "3/449".
3 ينظر: " التاريخ الكبير" للبخاري "6/392"، رقم "2744".
4 ينظر: "الضعفاء" للعقيلي "3/381"، رقم "1419".
5 ينظر: "المجمع "للنووي "2/106".
6 تقدم تخريجه قريباً في الباب.
7 أخرجه أحمد "6/108"، وأبو داود "1/37": كتاب الطهارة، الحديث "40"، والنسائي "1/41- 42": كتاب الطهارة: باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها حديث "44"، والدارقطني "1/54- 55": كتاب الطهارة باب الاستنجاء، الحديث "4"، والدارمي "1/170"، والبيهقي "1/103" وقال الدارقطني: إسناده حسن.
وله شاهد من حديث أبي أيوب مرفوعاً: "إذا توضأ أحدكم فليمسح بثلاثة أحجار فإن ذلك كافيه" أخرجه الطبراني في "الأوسط " كما في مجمع الزوائد "1/214"، والكبير "4/208" الحديث "5 405".
وقال الهيثمي: ورجاله موثقون إلا أن أبا شعيب صاحب أبي أيوب ولم أر فيه تعديلاً ولا جرحاً.
8 أخرجه البخاري "11/286، 287": كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، وتخليهم عن الدنيا، حديث "6453"، ومسلم "4/2277، 2278": كتاب الزهد والرقائق: حديث "12- 2966"، والترمذي "4/582، 583": كتاب الزهد: باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث "2366"، وابن ماجة "1/47": المقدمة: فضل سعد بن أبي رقاص "رضي الله عنه"، حديث "131"، وليس فيه موضع الشاهد، والنسائي فى"الكبرى" "5/61": كتاس المناقب: باب سعد بن مالك رضي الله عنه، حديث "8218 /4"، وأخرجه أحمد "1/174، 181"، والحميدي "1/42"، حديث "78"، والدارمي "2/208": كتاب الجهاد: باب ما أصاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مغازيهم، من حديث سعد بن أبي وقاص.(1/316)
ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: شَبِعْنَا يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْ التَّمْرِ1 وَعَنْهَا قَالَتْ: كَانَ طَعَامُنَا الْأَسْوَدَيْنِ التَّمْرَ وَالْمَاءَ2.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثَةِ وَالرِّمَّةِ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ.
143 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ: "إنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ" 3 الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَاقَهُ فِي بَابِ ذِكْرِ الْجِنِّ أَتَمَّ مِمَّا سَاقَهُ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ عِنْدَهُ مُخْتَصَرٌ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ مُطَوَّلًا وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ4 وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ،
__________
1 أخرجه البخاري "7/567": كتاب المغازي: باب غزوة خيبر، حديث "4242"، من طريق عمارة عن عكرمة عن عائشة فذكره.
2 أخرجه البخاري "11/287": كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، حديث "6459"، ومسلم "2/2283": كتاب الزهد والرقائق، حديث "30- 2975"، وأخرجه أحمد "6/158، 199، 215"، بلفظ: "توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين شبع الناس من الأسودين: التمر والماء"، من طريق منصور بن عبد الرحمن الحجين عن صفية بنت شيبة عن عائشة به.
3 أخرجه أحمد "2/250"، والبخاري "1/255": كتاب الوضوء: باب الاستنجاء بالحجارة، الحديث "155"، والنسائي "1/38": كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستطابة بالروث، وابن ماجة "1/114" كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، الحديث "313"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/123": كتاب الطهارة: باب الاستجمار بالعظام، والدارقطني "1/56": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء، الحديث "9"، والبيهقي "1/102": كتاب الطهارة: باب وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار. وفى "صحيح البخاري" في الطهارة عنه قال: اتبعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخرج لحاجته، وكان لا يلتفت فدنوت منه فقال: "أبغنى أحجاراً أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا روثة"، قلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: "هما من طعام الجن".
وعند أحمد والنسائي، وابن ماجة، والطحاوي والبيهقي عنه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم فإن أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها".
ونهى عن الروث والرمة، "ولا يستطب الرجل بيمينه".
واختصره الطحاوي فقال: "نهى أن يستنجي بروثة أو رمة"، والرمة: العظام.
وأما الدارقطني فروى من طريق الحسن بن فران القزاز، عن أبيه عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة قال: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال: "إنهما لا يطهران"، ثم قال: إسناده صحيح.
4 أخرجه مسلم "2/404- النووي"، حديث "150- 450"، وأخرجه الطيالسي "ص: 37"، الحديث "287"، وأحمد "1/457"، وأبو داود "1/36"، الحديث "39"، والترمذي "1/29": كتاب....=(1/317)
مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ بجميع طُرُقِهِ.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ الزُّبَيْرِ1 بْنِ الْعَوَّامِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَعَنْ سَلْمَانَ2 رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي وَعَنْ جَابِرٍ3 رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ4 رَوَاهُ أَبُو 1 دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ5 رَوَاهُ أَحْمَدُ،
__________
= الطهارة: باب كراهية ما يستنجى به، الحديث "18"، والنسائي "1/37- 38": كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستطابة بالعظم، وابن ماجة "1/114": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، الحديث "314"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/134": كتاب الطهارة: باب الاستجمار بالعظام، والدارقطني "1/55- 56": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء، الحديث "6"، والبيهقي "1/108- 109": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة، وأخرجه الحاكم في" المستدرك" "2/503، 504"، من حديث ابن مسعود فذكره.
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1/125" الحديث "251": "حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا أبي، ثنا بقية بن الوليد، ثنا نمير بن يزيد القيني، ثنا أبى، ثنا قحافة بن ربيعة قال: حدثنا الزبير ابن العوام قال: "صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح فذكر حديث وفد الجن وفي آخر أولئك وقد نصيبين سألوني الزاد فجعلت لهم كل عظم وروثة، قال الزبير: فلا يحل لأحد أن يستنجي بعظم ولا روثة"
وذكره الهيثمي في " المجمع" "1/214- 215"، وقال: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن ليس فيه غير بقية وقد صرح بالتحديث.
2 أخرجه الطيالسي "ص: 91"، الحديث "654"، وأحمد "5/437 و439"، ومسلم "1/223": كتاب الطهارة: باب الاستطابة، الحديث "57/262"، وأبو داود "1/17": كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، الحديث "7"، والترمذي "1/24": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، الحديث "16" وابن ماجة "1/115": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة والنهى عن الروث والرمة الحديث "316"، وابن الجارود "ص: 20": كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة للغائط والبول والاستنجاء، الحديث "29"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/123": كتاب الطهارة: باب الاستجمار بالعظام: والدارقطني "1/54": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء، الحديث "1"، والبيهقي "1/102": كتاب الطهارة: باب وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار.
3 أخرجه أحمد "3/336"، ومسلم "1/224": كتاب الطهارة: باب الاستطابة، الحديث "58/263"، وأبو داود "1/36": كتاب الطهارة: باب ما ينهى عنه أن يستنجى به! الحديث "38"، والبيهقي "1/110": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة.
4 أخرجه أحمد "4/108"، وأبو داود "1/34- 35" كتاب الطهارة: باب ما ينهى عنه أن يستنجى به، الحديث "36"، والنسائي "1/123" كتاب الطهارة: باب الاستجمار بالعظام، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/123": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة في الإنقاء، والبيهقي: "1/110": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة في الإنقاء، عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "يا رويفع بن ثابت لعل الحياة ستطوي بك فأخبر الناس أن من استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً منه بريء".
5 أخرجه أحمد في المسند "3/487"، وأخرجه الدارمي "1/172" كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستنجاء بعظم أو روث، من طريق عبد الكريم بن أبي المخارق، عن الوليد بن مالك، عن محمد بن قيس، مولى سهل بن حنيف، عن سهل بن حنيف، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "أنت رسولي إلى أهل مكة، فقل إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقراً عليكم السلام ويأمركم أن لا تستنجوا بعظم ولا ببعرة".(1/318)
وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ1 الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَزَادَ فِيهِ أَوْ جِلْدٍ قَالَ وَلَا يَصِحُّ ذِكْرُ الْجِلْدِ فِيهِ وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ وَقَالَ: "إنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ" 2.
قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ يَحْتَمِلُ أَنْ يريد بِالْقِيَاسِ.
144 - حَدِيثُ "إذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ لِحَاجَتِهِ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ" أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: "إذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ" وَنَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِبَعْرَةٍ أَوْ عَظْمٍ3 وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي شُيُوخِ الزُّهْرِيِّ وَابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْكِنَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عن بن أخي شِهَابٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي خَلَّادُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ" 4 وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ الْبَغَوِيِّ عَنْ هُدْبَةَ وَأَعَلَّ ابْنُ حَزْمٍ الطَّرِيقَ الْأُولَى بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى5 مَجْهُولٌ وَأَخْطَأَ بَلْ هُوَ مَعْرُوفٌ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
145 - حَدِيثُ سَلْمَانَ: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نَجْتَزِئَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قِيلَ لِسَلْمَانَ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟ فَقَالَ: أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ6.
__________
1 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/123" كتاب الطهارة: باب الاستجمار بالعظام، والدارقطني "1/56": الطهارة: باب الاستنجاء، الحديث "8"، والبيهقي "1/110- 111"، من رواية عبد الله بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الدارقطني: "هذا إسناد غير ثابت، وعبد الله بن عبد الرحمن مجهول".
2 تقدم تخريجه قريباً.
3 تقدم تخريجه قريباً.
4 وأخرجه الطبراني في الكبير "7/167"، حديث "6623"، وأورده الزيلعي في نصب الراية "1/215" بلفظ: "إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار فإن ذلك كافيه"، من طريق عثمان بن أبي سورة عن أبي شعيب الحضرمي عن أبي أيوب الأنصاري فذكره.
5 محمد بن يحيى بن منصور، محيي الدين، أبو سعد النيسابوري 2/395، مولده 476 تفقه على أبي حامد الغزالي، وأبي المظفر الخوافي، وبرع في الفقه، وصنف في المذهب والخلاف، ورحل الفقهاء من النواحي للأخذ عنه واشتهر اسه، قال ابن خلكان: هو أستاذ المتأخرين، وأوحدهم علماً وزهداً.
ومن تصانيفه: المحيط في شرح الوسيط، ثمان مجلدات، وكتاب في الخلاف سماه: "الانتصاف في مسائل الخلاف".
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/325، الأعلام 8/7، وفيات الأعيان "3/359".
6 تقدم تخريج حديث سلمان.(1/319)
تَنْبِيهٌ: عَارَضَ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ وَفِيهِ: فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ1: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَدَدَ الْأَحْجَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ قَعَدَ لِلْغَائِطِ فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ أَحْجَارٌ لِقَوْلِهِ نَاوِلْنِي فَلَمَّا أَلْقَى الرَّوْثَةَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرَيْنِ مُجْزِئٌ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَقَالَ ابْغِنِي ثَالِثًا انْتَهَى.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ2 فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: "إنَّهَا رِكْسٌ 3 ائْتِنِي بِحَجَرٍ " مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَا ذُكِرَ اسْتِدْلَالٌ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ وَحَدِيثُ سَلْمَانَ نَصٌّ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا دُونَهَا ثُمَّ حَدِيثُ سَلْمَانَ قَوْلٌ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِعْلٌ وَإِذَا تَعَارَضَا قُدِّمَ الْقَوْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ: "مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ" تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ.
146 - حَدِيثُ: "فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ نَحْوَهُ4 وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ5 ثَابِتٍ وَلَمْ يَقُلْ: "وَلَا عَظْمٌ".
147 - حَدِيثُ: "إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا" أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ6 وَمُسْلِمٌ وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ: "مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ" وَعَنْ أَبِي7 سَعِيدٍ مِثْلُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ8 وَأَبِي سَعِيدٍ جَمِيعًا وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ عَنْ سَلَمَةَ
__________
1 ينظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي "1/122": كتاب الطهارة: باب الاستجمار.
2 أخرجه أحمد في المسند "1/450".
3 ركس: هو شبيه المعنى بالرجيع، يقال: رَكَسْتُ وأركسْتُه: إذا رددته ورجعته، وهو الرجس وكل مستعذر. ينظر: النهاية لابن الأثير "2/259"، والمعجم الوسيط "1/369".
4 تقدم حديث سلمان.
5 أخرجه أبو داود "1/11": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، حديث "41"، وأخرجه أحمد "5/213", وابن ماجة "1/114": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة، الحديث "315"، والبيهقي "1/103": كتاب الطهارة: باب وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار، وليس فيه إلا ذكر الرجيع.
6 أخرجه أحمد "3/294، 336"، ومسلم "2/128- نووي": كتاب الطهارة: باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار، حديث "24- 239"، والبيهقي في " السنن الكبرى" "1/104"، وابن خزيمة "1/42"، حديث "76"، من طريق "أبي سفيان، وأبي الزبير" عن جابر بن عبد الله فذكره.
7 أخرجه أحمد "2/401، 518"، ومسلم "2/127- نووي": كتاب الطهارة: باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار، حديث "22- 237"، من طريق أبي إدريس الخولاني عن أبي سعيد الخدري.
8 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" "4/286- الإحسان"، حديث "1437"، وأخرجه مالك في الموطأ "1/19": كتاب الطهارة: باب العمل في الوضوء، الحديث "2"، وتتمته: "ومن استجمر فليوتر"، والبخاري "1/315": كتاب الوضوء: باب الاستنثار في الوضوء، حديث "161"، وطرفه "162"،....=(1/320)
بْنِ1 قَيْسٍ مِثْلُهُ فِي حَدِيثٍ وَلَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يُقْبِلُ بِوَاحِدٍ وَيُدْبِرُ بِوَاحِدٍ وَيَحْلِقُ بِالثَّالِثِ" وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ كَذَا قَالَ وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ2 فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ هَذَا غَلَطٌ وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ الْغَزَالِيَّ فِي الْوَسِيطِ وَالْغَزَالِيُّ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي النِّهَايَةِ وَالْإِمَامُ قَالَ إنَّ الصَّيْدَلَانِيَّ3 ذَكَرَهُ وَقَدْ بَيَّضَ لَهُ الْحَازِمِيُّ وَالْمُنْذِرِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَسِيطِ لَا يُعْرَفُ وَلَا يَثْبُتُ فِي كِتَابِ حَدِيثٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: لَا يُعْرَفُ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ.
148 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَجَرًا لِلصَّفْحَةِ الْيُسْرَى وَحَجَرًا لِلصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَحَجَرًا لِلْوَسَطِ" قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ من رواية أبي بن عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ فَقَالَ: "أولا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَةِ،
__________
= وأخرجه مسلم "1/212": كتاب الطهارة: باب الإيتار في الاستنثار، الحديث "20/237" ولفظه: "إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتراً، وإذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر"، وأحمد "2/242"، وأبو داود "1/96": كتاب الطهارة: باب في الاستنثار، الحديث "140"، والنسائي "1/66- 67": كتاب الطهارة: باب الأمر بالاستنثار، حديث "88"، والبيهقي في "1/49": كتاب الطهارة: باب كيفية المضمضة والاستنشاق، وأبو عوانة في مسنده "1/247": كتاب الطهارة: باب إيجاب الاستنشاق في الوضوء. وابن الجارود في "المنتقى" رقم "39" والحميدي "2/425" رقم "957" وأبو يعلى والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/120" والبغوي في "شرح السنة" "1/305- بتحقيقنا"؛ كتاب الطهارة: باب المضمضة والاستنشاق والمبالغة فيهما، حديث "211"، من طريق ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة فأبي سعيد الخدري به.
1 أخرجه أحمد "4/313، 339"، والترمذي "1/40، 41": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق، حديث "27"، والنسائي "1/41": كتاب الطهارة: باب الرخصة في الاستطابة بحجر واحد، حديث "43"، وابن ماجة "1/142": كتاب الطهارة وسننها: باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، حديث "6 0 4"، وأخرجه الحميدي "2/378"، حديث "856"، وابن حبان في "صحيحه" "4/284- الإحسان"، حديث "1436"، من طريق هلال بن يساف عن سلمة ابن قيس الأشجعي فذكره.
2 ينظر "المجموع" للنووي "2/123".
3 محمد بن داود بن محمد، أبو بكر المروزي، المعروف بالصيدلاني الداودي، ذكره السمعان في الأنساب، استطراداً في ترجمة حفيده أبي المظفر سليمان بن داود الصيدلاني الداودي، قال: وهو نافلة الإمام أبي بكر الصيدلاني صاحب أبي بكر القفال من أهل مرو.
له شرح على المختصر في جزأين ضخمين.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/214، ط. الإسنوي ص 287، ط. السبكي 3/62.(1/321)
وَحَجَرًا لِلْمَسْرُبَةِ" 1 قال الحازي لَا يُرْوَى إلَّا مِنْ هَذَا2 الْوَجْهِ.
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ3 لَا يُتَابَعُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِهِ يَعْنِي أُبَيًّا وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا.
وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي غَيْرِ حُكْمٍ.
تَنْبِيهٌ: الْمَسْرُبَةُ: هُنَا مَجْرَى الْغَائِطِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَرُبَ الْمَاءُ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ4 قَالَ وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ الْمَسْرُبَةُ الْمَخْرَجُ.
149 - حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَكَانَتْ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى5 أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ6 رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
150 - حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ "إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ" 7 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَفْظُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ "إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ" الْحَدِيثَ.
151 - حَدِيثُ "إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَثْنَى عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَكَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/56"، حديث "10"، والبيهقي، في " السنن الكبرى" "1/114": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء، والعقيلي في "الضعفاء" "1/16"، ترجمة أبي بن عباس بن سهلي بن سعد الساعدي الأنصاري.
2 في الأصل: هذا.
3 ينظر: "الضعفاء" للعقيلي "1/17".
4 ينظر: " النهاية " لابن الأثير "2/357".
5 أخرجه أحمد "6/265"، وأبو داود "1/9": كتاب الطهارة: باب كراهية مس الذكر بيمينه، حديث "33"، "34"، من طريق إبراهيم، والأسود عن عائشة به.
6 أخرجه أبو داود "1/55": كتاب الطهارة: باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء، حديث "32"، وأحمد "6/287، 288"، وابن حبان في "صحيحه" "12/31- الإحسان"، حديث "5227"، والحاكم في "المستدرك" "4/109": كتاب الأطعمة، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "5/29"، وعزاه لأحمد، وقال: ورجاله ثقات.
7 أخرجه البخاري "1/306": كتاب الوضوء: باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال، حديث "154"، ومسلم "1/225": كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستنجاء باليمين، حديث "63/267"، وأبو عوانة "1/220"، وأبو داود "31"، والترمذي "15"، وابن ماجة "310"، والنسائي "24"، والدارمي "1/137"، وأحمد "4/383"، والحميدي "428"، وابن خزيمة رقم "78، 179، وابن حبان "1431- الإحسان"، والبيهقي "1/112": كتاب الطهارة والبغوي في "شرح السنة" "1/279- بتحقيقنا"، عن أبي قتادة مرفوعاً.(1/322)
وَالْأَحْجَارِ فَقَالَ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] " الْبَزَّارُ 1 فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] فَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ الْمَاءَ1 قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَا عَنْهُ إلَّا ابْنُهُ انْتَهَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ وَلَا لِأَخَوَيْهِ عِمْرَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ حَدِيثٌ مُسْتَقِيمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ2 وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ حَسْبُ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ3 فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَعْرُوفُ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: لَا يُوجَدُ هَذَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَكَذَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ نَحْوَهُ وَرِوَايَةُ الْبَزَّارِ وَارِدَةٌ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ4 رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ إتْبَاعُ الْأَحْجَارِ الْمَاءَ بَلْ لَفْظُهُ وَكَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عُوَيْمِ بْنِ5 سَاعِدَةَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ6 لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ فَقَالَ: "مَا هَذَا الطُّهُورُ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِهِ؟ " قَالَ: مَا خَرَجَ مِنَّا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ مِنْ الْغَائِطِ إلَّا غَسَلَ دُبُرَهُ, فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
__________
1 أخرجه البزار "1/130، 131- كشف"، حديث "247"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "1/217"، وعزاه للطبراني في "الكبير" وقال: وإسناده حسن إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
2 أخرجه الحاكم في "المستدرك" "1/187" وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد حدث به سلمة بن الفضل هكذا عن محمد بن إسحاق، وحديث أبي أيوب شاهده ثم ذكر حديث أبي أيوب بعد "1/188".
3 ينظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي "2/116".
4 أخرجه أبو داود "1/11": كتاب الطهارة: باب في الاستنجاء بالماء، حديث "44"، والترمذي "5/280، 281": كتاب تفسير القرآن: باب من سورة التوبة، حديث "3100"، وابن ماجة "1/128": كتاب الطهارة وسننها: باب الاستنجاء بالماء، حديث "357"، من طريق إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة فذكره، وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
5 أخرجه أحمد "3/422"، وابن خزيمة "1/45"، حديث "83"، والطبراني في "الكبير" "17/140"، حديث "348"، والحاكم "1/155"، وصححه، وابن أبي شيبة في " المصنف " "1/141"، حديث "1629".
6 تقدم تخريجه قريباً.(1/323)
"هُوَ هَذَا" وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ1 أَبِي سُفْيَان طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نَافِعٍ من حديث محمد ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ2 وَحَكَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ3 وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَلَفْظُهُ وَيُقَالُ إنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ4 فَنَزَلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108] الْآيَةَ.
تَنْبِيهٌ: أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَهُوَ مستوفى في السنن الكبير لِلْبَيْهَقِيِّ فَلْيُرَاجِعْ مِنْهُ مَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ وَأَشْهَرُ مَا فِي الْقَوْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ حَدِيثُ أَنَسٍ5 وَهُوَ
__________
1 أخرجه ابن ماجة "1/127": كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالماء، حديث "ء35"، والحاكم "1/155"، وقال: هذا حديث كبير صحيح في كتاب الطهارة، فإن محمد بن شعيب بن شابور وعتبة بن أبي حكيم من أئمة أهل الشام، والشيخان إنما أخذا في الروايات، ومثل هذا الحديث لا يترك له، قال إبراهيم بن يعقوب: محمد بن شعيب أعرف الناس بحديث الشاميين.
2 أخرجه أحمد في المسند "6/6"، وابن أبي شعبة في "المصنف" "1/141، 142"، حديث "1630" من طريق محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "1/218"، وعزاه لأحمد، وقال: وفيه شهر أيضاً.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "8/143"، حديث "7555"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "1/218"، وعزاه للطبراني في "الكبير"، و" الأوسط"، وقال رفيه شهر أيضاً.
4 ذكره الشافعي في "الأم" "1/74": كتاب الطهارة: باب في الاستنجاء.
5 أخرجه البخاري "1/292": كتاب الوضوء: باب ما يقول عند الخلاء، حديث "142"، "11/134": كتاب الدعوات: باب الدعاء عند الخلاء، حديث "6322" وفي الأدب المفرد، رقم "652"، ومسلم "1/183": كتاب الحيض: باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء، حديث "122/375" وأبو عوانة "1/216"، وأبو داود "1/48": كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، حديث "4"، والترمذي "1/10- 12": كتاب الطهارة: باب ما يقول إذا دخل الخلاء، حديث "5، 6"، والنسائي "1/20": كتاب الطهارة باب القول عند دخول الخلاء، حديث "19"، وابن ماجة "1/109": كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، حديث "298"، والدارمي "1/171": كتاب الطهارة: باب القول عند دخول الخلاء وأحمد "3/99، 101، 282"، وابن أبي شيبة "1/1"، وأبو يعلى "7/10" رقم "3902"، وابن حبان "1404"، وابن المنذر في "الأوسط" رقم "258"، وابن السني في عمل اليوم والليلة "17"، والبيهقي "1/95": كتاب الطهارة، والبغوي في "شرح السنة" "1/284- بتحقيقنا"، والحافظ في "نتائج الأفكار" "1/191- 192" كلهم من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وللحديث طرق أخرى عن أنس.
فأخرجه الطبراني في الصغير "2/44" من طريق محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي ثنا إبراهيم بن حميد الطويل ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أنس مرفوعاً بلفظ: "إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخلها أحدكم فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".(1/324)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ1 وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَأَشْهَرُ مَا فِي الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ حَدِيثُ عَائِشَةَ2 وَهُوَ فِي السُّنَنِ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ3 وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
__________
= قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا صالح بن أبي الأخضر ولا عنه إلا إبراهيم بن حميد تفرد به محمد بن الحسن بن كيسان قلت وهذا سند ضعيف.
صالح بن أبي الأخضر قال الحافظ في التقريب "1/358": ضعيف يعتبر به.
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" "20" والعقيلي "3/371" من طريق تطن بن نسير ثنا عدي بن أبي عمارة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".
وعدي بن عمارة، قال العقيلي: في حديثه اضطراب.
وقال الحافظ في "نتائج الأفكار" "1/195": هذا حديث غريب من هذا الوجه أخرجه ابن السني عن عبدان وأبو يعلى كلاهما عن قطن وأخرجه الدارقطني في الأفراد من هذا الوجه وقال: تفرد به عدي عن قتادة ا. هـ.
وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود. حديث ابن مسعود.
أخرجه الخطيب "4/262" من طريق أحمد بن عبد الجبار السكوني ثنا أبو يوسف القاضي عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الأحوص عن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل الغائط قال: "أعوذ باللَّه من الخبث والخبائث".
قال الحافظ في اللسان "1/288- 289":
أحمد بن محمد بن عيسى السكوني عن أبي يوسف القاضي ضعفه الدارقطني وقال متروك الحديث بغدادي انتهى وذكره ابن حبان في الثقات وكناه أبا جعفر ولم يسم جده وقال أنه كوفي روى عنه محمد بن إسحاق الصنعاني وهذا الشيخ اختلفوا في نسبه فقال محمد بن مخلد ومحمد بن خلف القاضي المعروف بوكيع وحمزة بن الحسن السمسار وعلي بن محمد بن يحيى السواق في نسبه مثل ما هنا وروى عنه عبد الله بن محمد بن سعيد الحمال ومحمد بن سليمان بن محبوب فقالا ثنا أحمد بن عيسى السكوني فإنهما نسباه إلى جده وروى عنه عبد الله بن محمد بن ياسين فقال ثنا أحمد بن عبد الجبار السكوني كذا قال وهو هو فإن الحديث الذي رواه عنه هؤلاء كلهم حديث واحد من روايته عن أبي يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الأحوض عن ابن مسعود في القول عند دخول الخلاء وهو حديث غريب بهذا الإسناد وقد ذكر الدارقطني في الإفراد أن السكوني تفرد به.
1 حديث زيد بن أرقم تقدم تخريجه.
2 أخرجه أبو داود "1/8": كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء، حديث "30"، والترمذي "1/12": كتاب أبواب الطهارة: باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، حديث "7"، والنسائي في "الكبرى" "6/24": كتاب عمل اليوم والليلة: باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، حديث "9907"، وابن ماجة "1/110": كتاب الطهارة وسننها: باب ما يقول إذا خرج من الخلاء "1/110"، حديث "300"، من طريق يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة، وأبو بردة بن أبي موسى اسمه: عامر بن عبد الله بن قيس الأشعري، ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا. هـ.
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" في عمل اليوم والليلة كما في تحفة الأشراف "9/12003" عن حسين بن منصور عن يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن منصور عن أبي الفيض الأزدي عن أبي ذر بلفظ: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد للَّه الذي أذهب عني الأذى وعافاني".(1/325)
9- بَابُ الْأَحْدَاثِ
152 - حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى غَسْلِ مَحَاجِمِهِ1 الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ فَصَلَّى رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَادَّعَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ صَحَّحَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ عُقْبَةُ فِي السُّنَنِ صَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لَيْسَ فِي الْقَطْرَةِ وَلَا في الْقَطْرَتَيْنِ مِنْ الدَّمِ وُضُوءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَمًا سَائِلًا" 2 فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ3 فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً فِي وَجْهِهِ فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ دَمِهِ فَحَكَّهُ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ4 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا احْتَجَمَ غَسَلَ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابن عباس
__________
1 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/157": كتاب الطهارة: باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والجحامة ونحوه، حديث "26"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/141": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث، من طريق أبي أيوب القرشي بالرقة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك فذكره.
2 أخرجه الدارقطني "1/157"، حديث "28"، من طريق ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكره.
3 أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/236"، حديث "212"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/141": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "1/47"، حديث "468".
4 علقه البخاري "1/336": كتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر.
5 أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/237"، حديث "213"، والبيهقي في "السنن " "1/140": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث، من حديث ابن عباس.(1/326)
وَقَالَ: اغْسِلْ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ عَنْكَ وَحَسْبُكَ. وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى1 ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ2 عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ حَرَسَا فِي لَيْلَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ ثُمَّ رَمَاهُ بِآخَرَ فَنَزَعَهُ ثُمَّ رَمَاهُ بِثَالِثٍ فَرَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ انْتَبَهَ صَاحِبُهُ فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِ مِنْ الدِّمَاءِ قَالَ: أَلَا أَنْبَهْتَنِي؟ قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ فأحببت أن لا أَقْطَعَهَا, وَحَدِيثُ عَائِشَةَ3 لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ.
153 - حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الضَّحِكُ يَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ"4 الدَّارَقُطْنِيُّ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ منكر وخطأ الدارقطني رَفْعِهِ وَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ5: قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي الضَّحِكِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَكَذَا قَالَ الذُّهْلِيُّ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ خَبَرٌ وَأَبُو شَيْبَةَ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ جَابِرٍ هُوَ الْوَاسِطِيُّ جَدُّ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ لَيْسَ فِي الضَّحِكِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَحَدِيثُ الْأَعْمَى الَّذِي وَقَعَ فِي الْبِئْرِ مَدَارُهُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَقَدْ اضطرب عليه فيه وَقَدْ اسْتَوْفَى الْبَيْهَقِيّ الْكَلَامَ عليه فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَجَمَعَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.
__________
1 أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/237"، قال الشافعي: وابن عمر، وأبو هريرة، وابن أبي أوفى، لا يرون من الدم وضوءاً، ويروى عن ابن عباس.
2 أخرجه البخاري "1/336": كتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر تعليقاً، وأخرجه أحمد "3/343، 359"، وأبو داود "1/50، 51": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الدم، حديث "198"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/24"، حديث "36"، من طريق محمد بن إسحاق عن صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبد الله فذكره، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/140": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث.
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/142": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من خروج الدم من غبر مخرج الحدث، وفي "معرفة السنن والآثار" "1/239"، حديث "215" من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة.
4 أخرجه الدارقطني في "سننه " "1/173"، حديث "58"، من طريق يزيد بن أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر فذكره.
5 ينظر: " التحقيق في اختلاف الحديث" لابن الجوزي ص "148"، رقم "241".(1/327)
154 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "توضؤوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ" 1 أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الجارود وابن خزمية مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ لَمْ أَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى هَلْ هُوَ عَنْ الْبَرَاءِ أَوْ عَنْ ذِي الْغُرَّةِ2 أَوْ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ3 وَصَحَّحَ أَنَّهُ عَنْ الْبَرَاءِ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ4 عَنْ أَبِيهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَا الْغُرَّةِ لَقَبُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَأَنَّ اسْمَهُ يَعِيشُ وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ5 رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ6 وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ7 عَنْ أبيه أنه منكر وأن لَهُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ قُلْتُ بِهِ.
__________
1 أخرجه أحمد "4/303"، وأبو داود "1/128": كتاب الطهارة: باب الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "184"، وهو في ترك الوضوء، من لحم الغنم، والترمذي "1/122- 123" أبواب الطهارة: باب الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "81"، وهو في ترك الوضوء من لحم الغنم، ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهوايه قوله: "قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة"، وابن ماجة "1/166" كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "494"، وابن الجارود ص "19": باب الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "26"، والبيهقي "1/159": باب التوضؤ من لحوم الإبل، ومعرفة السنن والآثار "1/405": باب لا وضوء مما يطعم أحد، وابن حبان "3/410- إحسان" حديث "128 1"، وابن خزيمة "1/22"، حديث "32"، من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب فذكره.
2 أخرجه أحمد في المسند "4/67".
3 أخرجه أحمد في المسند "4/352".
4 ينظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم "1/25"، رقم "38".
5 أخرجه أحمد "5/100"، ومسلم "1/275": كتاب الحيض: باب الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "360"، وابن ماجة "1/166": كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "495"، وابن الجارود ص "19": باب الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "25" والبيهقي "1/158": باب التوضؤ من لحوم الإبل، ومعرفة السنن والآثار "1/402" باب لا وضوء مما يطعم أحد.
6 أخرجه ابن ماجة "1/166": كتاب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، الحديث "497"، قال البوصيري في "الزوائد" "1/197": هذا إسناد فيه بقية بن الوليد وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وشيخه خالد مجهول الحال ا. هـ.
وقال الحافظ في "التقريب" "1/220": مجهول الحال.
7 ينظر: "العلل " لابن أبي حاتم "1/28"، حدث "48".(1/328)
قَالَ الْبَيْهَقِيّ1: قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ قَالَهُ 1 أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.
155 - حَدِيثُ جَابِرٍ: كان آخر الأمرين مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ2, الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا اخْتِصَارٌ مِنْ حَدِيثِ: قَرَّبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلَ ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ3 عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شُعَيْبٌ حَدَّثَ بِهِ مَنْ حَفِظَهُ فَوَهِمَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ نَحْوًا مِمَّا قَالَهُ أَبُو دَاوُد وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَابِرٍ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيَّ رَوَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ لَحْمًا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقَالَ أَحْسِبُنِي سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا وَيُشَيِّدُ أَصْلَ حَدِيثِ جَابِرٍ مَا أَخَرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قُلْتُ لِجَابِرٍ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ قَالَ لَا4 وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ5 أَخَرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي
__________
1 ينظر: "السنن الكبرى" للبيهقي "1/159".
2 أخرجه الطيالسي "233"، الحديث "0 67 1"، وأحمد "3/375"، وأبو داود "1/133": كتاب الطهارة: باب في ترك الوضوء مما مست النار، الحديث "191"، والترمذي "1/116- 117": أبواب الطهارة: باب في ترك الوضوء مما غيرت النار، الحديث "80"، والنسائي "1/108": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء مما غيرت النار، وابن ماجة "1/164": كتاب الطهارة: باب الرخصة في ترك الوضوء مما غيرت النار، الحديث "489"، وابن الجارود "ص 18- 9 1": باب ما جاء في ترك الوضوء مما مست النار، الحديث "24"، والطحاوي "1/65": باب أكل ما غيرت النار، والدولابي في "الكنى" "2/145"، والبيهقي "1/155- 156" باب ترك الوضوء مما مست النار، ومعرفة السنن "1/395": باب لا وضوء مما يطعم أحد، وابن خزيمة "1/28"، حديث "43"، وابن حبان في صحيحه "3/416، 417- الإحسان"،حديث "1134".
3 ينظر: "العلل" لابن أبي حاتم "1/64"، حديث "168".
4 أخرجه البخاري "9/492": كتاب الأطعمة: باب المنديل، حديث "5457" من طريق محمد بن فليح عن أبيه عن سعيد بن الحارث عن جابر فذكره.
5 أخرجه الطبراني في " الكبير" كما في "المجمع" "1/257" ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ص "51": ذكر ما يدل على نسخ الوضوء مما مست النار، والبيهقي "1/156": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء مما مست النار، من رواية قريس، عن يونس، عن أبي خالد، عن محمد بن مسلمة، "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل آخر أمره لحماً ثم صلى ولم يتوضأ"، وقال الهيثمي: وفيه يونس عن أبي خالد ولم يذكر من ذكره.(1/329)
الْأَوْسَطِ وَلَفْظُهُ أَكَلَ آخِرَ أَمْرِهِ لَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَقَالَ الْجُوزَجَانِيّ: حَدِيثُ عَائِشَةَ: مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ حَتَّى قُبِضَ1 حَدِيثٌ بَاطِلٌ.
156 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُهُ الْمَذْيُ: "يَنْضَحُ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ" الشَّيْخَانِ عَنْ عَلِيٍّ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: "يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ" 2 وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ "تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: "تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ3 عَنْ الْمِقْدَادِ أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ أَمَرَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ4 أَنْ يَسْأَلَ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَ بِنَفْسِهِ5 وَجَمَعَ بَيْنَهَا ابْنُ حِبَّانَ بِتَعَدُّدِ الْأَسْئِلَةِ.
__________
1 ينظر: " الأباطيل والمناكير" للجوزقاني "1/349، 350"، حديث "336"، ولعائشة حديث صحيح في الوضوء مما غيرت النار: أخرجه أحمد "6/89"، ومسلم "1/273" كناب الحيض: باب الوضوء مما مست النار، الحديث "90/353"، وابن ماجة "1/164": كتاب الطهارة وسننها: باب الوضوء مما غيرت النار، حديث "486".
2 رواه مالك "1/40" كتاب الطهارة: باب الوضوء من المذي، الحديث "53"، والبخاري "1/283": كتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، الحديث "178"، ومسلم "1/247": كتاب الحيض: باب المذي، الحديث "17/303"، وأبو داود "1/142": كتاب الطهارة: باب في المذي، الحديث "206"، والنسائي "1/111": كتاب الطهارة: باب الغسل من المنى حديث "193" وابن ماجة "1/168": كتاب الطهارة: باب الوضوء من المذي، الحديث "504"، وأحمد "1/129" وعبد الرزاق رقم "601"، والبيهقي "1/115"، وابن خزيمة رقم "18، 19، 20، 21،22"، وأبو يعلى "1/266" رقم "4 31"، وابن حبان في صحيحه "1087، 1088، 1090" من طرق عن علي.
3 أخرجه أحمد "6/4، 5"، وأبو داود "1/53، 54": كتاب الطهارة: باب في المذي، حديث "207"، والنسائي "1/97": كتاب الطهارة: باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي، حديث "156"، وابن ماجة "1/169": كتاب الطهارة وسنتها: باب الوضوء من المذي، حديث "505"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/15"، حديث "21"، من طريق سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود فذكره.
4 أخرجه أحمد "4/0 32"، والنسائي "1/96، 97": كتاب الطهارة: باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي، حديث "154"، والحميدي "1/23"، حديث "39"، وابن حبان في "صحيحه " "3/389- الإحسان"، حديث "1105"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/45": كتاب الطهارة: باب الرجل يخرج من ذكره المذي كيف يفعل؟ من طريق رافع بن خريج أن علياً أمر عماراً ... فذكره.
5 أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " "1/15"، حديث "20".(1/330)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَلِيٍّ1 وَفِيهِ: "يَغْسِلُ أُنْثَيَيْهِ وَذَكَرَهُ" وَعُرْوَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ2 فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ بِالزِّيَادَةِ وَإِسْنَادُهُ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حديث حرام بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ قَالَ: "ذَلِكَ الْمَذْيُ وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي فَتَغْسِلْ من ذلك فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءُك لِلصَّلَاةِ" 3 وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
157 - حَدِيثُ: "لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ" 4 أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إخْرَاجِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ5 وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ6 سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثَ شُعْبَةَ عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ" فَقَالَ أَبِي: هَذَا وَهْمٌ اخْتَصَرَ شُعْبَةُ متن
__________
1 أخرجه أحمد "1/124"، وأبو داود "1/54": كتاب الطهارة: باب في المذي، حديث "208، 209"، والنسائي "1/96": كتاب الطهارة: باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي، حديث "153"، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن علي فذكره.
2 أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" "1/273".
3 أخرجه أحمد "4/342"، وأبو داود "1/54. 55" كتاب الطهارة: باب في المذي، حديث "211"، والترمذي "1/240، 241": كتاب الطهارة: باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها، حديث "133"، وابن ماجة "1/213": كتاب الطهارة وسننها: باب في مؤاكلة الحائض، حديث "651"، "1/439"، حديث "1378"، والدارمي "1/248": كتاب الصلاة: باب الحائض تمشط زوجها، وابن خزيمة "2/210"، حديث "1202"، من طريق معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وصححه أحمد شاكر، وقال: بل هو حديث صحيح.
وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
4 أخرجه أحمد "2/471"، والترمذي "1/109": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الريح، الحديث "74" وابن ماجة "1/172": كتاب الطهارة باب لا وضوء إلا من حدث، الحديث "515"، وابن خزيمة "1/81" رقم "27"، والبيهقي "1/117" كتاب الطهارة: باب الوضوء من الريح يخرج من أحد السبيلين، وقال الترمذي "أحسن صحيح".
5 أخرجه البخاري "1/237- 283" و"4/294": كتاب الوضوء: باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن. الحديث "137"، وباب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، الحديث "177"، وفي كتاب البيوع: باب من لم ير الوساوس، الحديث "2056"، ومسلم "1/276": كتاب الحيض: باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، الحديث "98/361"، والنسائي "1/98- 99": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الريح.
وابن ماجة "1/171": كتاب الطهارة: باب لا وضوء إلا من حدث، الحديث "513"، وأبو عوانة "1/238" وعبد الرزاق "534" وابن خزيمة "1/17" رقم "25"، والبيهقي "2/254,54"، وابن عبد البر في "التمهيد" "5/28".
6 ينظر "العلل " لابن أبي حاتم "1/47"، حديث "107".(1/331)
الْحَدِيثِ فَقَالَ: "لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ" وَرَوَاهُ أَصْحَابُ سُهَيْلٍ بِلَفْظِ: "إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ رِيحًا مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَخْرُجْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ ريحا" ورواه أحمد وللطبراني مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ خَبَّابٍ بِلَفْظِ "لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ" 1.
158 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ" 2 وَفِي إسْنَادِهِ الْفُضَيْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَفِيهِ شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَا يَثْبُتُ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْهُ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ3 وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ4 مَوْقُوفًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ سَوَادَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
__________
1 أخرجه أحمد في المسند "3/426"، رواه ابن ماجة، "1/172": كتاب الطهارة: باب لا وضوء إلا من حدث، الحديث "516"، من طريق عبد العزيز بن عبيد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: رأيت السائب بن في يزيد يشم ثوبه قلت: مم ذاك قال: إني سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا وضوء إلا من ريح أو سماع".
وأخرجه ابن أبي شيبة "2/429" والطبراني في "الكبير" "7/166"، حديث "6622" من طريق عبد العزيز بهذا الإسناد.
قال البوصيري في "الزوائد" "1/204- 205": عبد العزيز ضعيف ولكنه توبع تابعه محمد بن عبد الله بن مالك عن محمد عند أحمد "2/471".
2 أخرجه الدارقطني في "سننه " "1/151"، كتاب الطهارة: باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة ونحوه، حديث "1"، والبيهقي في " السنن " "1/116، 117": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الدم خرج من أحد السبيلين وغير ذلك.
وأخرجه البزار "1/147- كشف" رقم "281" من طريق ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً: "يأتي أحدكم الشيطان في صلاته حتى ينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه قد أحدث فإذا وجد ذلك أحدكم فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً لأذنه أو يجد ريحاً بأنفه".
وقال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من طريق ابن عباس وروي معناه من طريق غيره وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/245" وقال: رواه الطبراني في "الكبير" والبزار بنحوه ورجاله رجال الصحيح.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "8/249"، حديث "7848" من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي إمامة فذكره.
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "9/287، 288"، حديث "9237" من طريق وائل بن داود عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود فذكره.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/248": رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون.(1/332)
عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
159 - حَدِيثُ: "الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ" 1 أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْ الْوَضِينِ بْنِ عطاء.
قال الجوزجاني: واهي وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ عَنْ عَلِيٍّ لَكِنْ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَفِي هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ ورواه أحمد والدارقطني من حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ2 أَيْضًا وَفِي إسْنَادِهِ بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ3: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ لَيْسَا بِقَوِيَّيْنِ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدِيثُ عَلِيٍّ أَثَبَتُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَسَّنَ الْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ حَدِيثَ عَلِيٍّ وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لَمْ يَقُلْ فِيهِ "وَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ" غَيْرُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى الرَّازِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ كَذَا قَالَ وَقَدْ تَابَعَهُ غَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: السَّهِ4ِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمُخَفَّفَةِ: الدُّبُرُ.
وَالْوِكَاءُ5: بِكَسْرِ الْوَاوِ الْخَيْطُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ الْخَرِيطَةُ وَالْمَعْنَى الْيَقَظَةُ وِكَاءُ الدُّبُرِ أَيْ:
__________
1 أخرجه أحمد في المسند "1/111"، وأبو داود "1/102" كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم حديث "03 2" وابن ماجة "1/161" كتاب الطهارة باب الوضوء من النوم حديث "477" والدارقطني "1/160" كتاب الطهارة: باب في ما روي فيمن نام قاعداً حديث "5" والبيهقي "1/118" كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم من طريق بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب مرفوعاً.
قال النووي في " المجموع" "2/14" حديث حسن.
قلت: أنى له الحسن وبقية بن الوليد مدلس وقد عنعنه وعبد الرحمن بن عائذ لم يدرك علياً كما قال أبو زرعة كما في " المراسيل" "ص 124".
2 أخرجه أحمد في المسند "4/96"، والدارمي "1/184" كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم، وأبو يعلى "13/362" رقم "7372" والدارقطني "1/160" والبيهقي "1/118" من طريق بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن معاوية به.
وقال الهيثمي في " المجمع " "1/250": رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف لاختلاطه.
3 ينظر "علل الحديث" لابن أبي حاتم "1/47"، حديث "106".
4 السَّه: حلقة الدّبر، وهو من الاست، وأصلها: "ستة" بوزن: فرس، وجمعها: أستاه، كأفراس، فحذفت الهاء، وعوض عنها الهمزة فقيل: آست. ينظر "النهاية" لابن الأثير "2/429".
5 الوكاء: الخيط الذي تشد له الصرة والكيس، وغيرهما، فكما أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج، كذلك اليقظة تمنع الاست أن تحدث إلا باختيار. ينظر النهاية لابن الأثير "5/222".(1/333)
حَافِظَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَيْقِظًا أَحَسَّ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
160 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اسْتَجْمَعَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ" الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "مَنْ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ" 1 وَقَالَ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَعَلَّهُ بِالرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ2 إنَّ وَقْفَهُ أَصَحُّ.
161 - حَدِيثُ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ فَيَنَامُونَ قُعُودًا ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ3.
الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَا الثِّقَةُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ وَقَالَ أَحْسِبُهُ قُعُودًا قَالَ الْحَاكِمُ: أَرَادَ بِالثِّقَةِ ابْنَ عُلَيَّةَ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ4 قَالَ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ زَادَ فِيهِ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقَظُونَ لِلصَّلَاةِ حَتَّى إنِّي لَأَسْمَعُ لِأَحَدِهِمْ غَطِيطًا ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ, قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هَذَا عِنْدَنَا وَهُمْ جُلُوسٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ:5 وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هَذَا الْحَدِيثُ سِيَاقُهُ فِي مُسْلِمٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى نَوْمِ الْجَالِسِ وَعَلَى ذَلِكَ نَزَّلَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ لَكِنْ فِيهِ زِيَادَةٌ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَوَاهَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/119": كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم.
2 ينظر"علل الدارقطني" "8/328"، رقم "1600".
3 أخرجه الشافعي في الأم "1/61": كتاب الطهارة: باب ما يوجب الوضوء، وما لا يوجبه، وفي المسند "1/34": كتاب الطهارة: باب نواقض الوضوء، رقم "84"، من طريق الثقة عن حميد عن أنس فذكره.
4 أخرجه الشافعي كما في "معرفة السنن والآثار" للبيهقي "1/207": كتاب الطهارة: باب إذا نام قاعداً، رقم "158"، قال: قال الشافعي في "كتاب القديم "، فذكره، وأخرجه أحمد في "المسند" "3/268"، ومسلم "2/307، 308- نووي": كتاب الحيض: باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، حديث "125- 376"، وأبو داود "1/137": كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم، حديث "200"، والترمذي "1/113": كتاب أبواب الطهارة: باب الوضوء من النوم، حديث "78"، من طريق شعبة عن قتادة عن أنس.
5 ينظر: "السنن الكبرى" للبيهقي "1/120".(1/334)
قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ رَوَاهَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ عَنْ بُنْدَارٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يُحْمَلُ هَذَا عَلَى النَّوْمِ الْخَفِيفِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْغَطِيطِ, قَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِسَنَدِهِ وَلَيْسَ فِيهِ: يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ, وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ بِدُونِهَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ تَمَّامٍ عَنْ بِنْدَارٍ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَفِيهِ فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ قَطُّ كَانُوا يَضْطَجِعُونَ.
قَالَ وَقَالَ هِشَامٌ: كَانُوا يَنْعَسُونَ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثُ شُعْبَةَ: كَانُوا يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ؟ فَتَبَسَّمَ, وَقَالَ هَذَا بِمَرَّةٍ يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إلَّا مَنْ خَفَقَ خَفْقَةً بِرَأْسِهِ1 رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا.
162 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَاعِدًا إنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا فَإِنَّ مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ" وَفِي لَفْظٍ: "لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا" 2 أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِهِ بِلَفْظِ: "لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ" 3 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: "لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ ... " 4 الْحَدِيثَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن" "1/119"، وقال: هكذا رواه جماعة عن يزيد بن أبي زياد موقوفاً وروي ذلك مرفوعاً، ولا يثبت رفعه.
2 أخرجه أحمد "1/256"، وأبو داود "1/52": كتاب الطهارة: باب الوضوء من النوم، حديث "202" والترمذي "1/111": كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من النوم، حديث "77"، والدارقطني "1/159، 160"، حديث "1": كتاب الطهارة: باب في ما روي فيمن نام قاعداً وقائماً ومضطجعاً، وما يلزم من الطهارة في ذلك، وأخرجه عبد بن حميد ص "220، 221"، حديث "659" من طريق قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس فذكره.
3 أخرجه أحمد في المسند "1/256".
4 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى" "1/121": كتاب الطهارة: باب ما ورد في نوم الساجد، من طريق إسحاق بن منصور السلولي عن عبد السلام بن حرب عن يزيد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس فذكره.(1/335)
قُلْتُ: مَخْرَجُ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَمَدَارُهُ عَلَى يَزِيدَ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ وَعَلَيْهِ اخْتَلَفَ فِي أَلْفَاظِهِ وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْلِهِ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي عِلَلِهِ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الخلافات تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَالَ فِي السُّنَنِ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْحُفَّاظِ وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ قَتَادَةَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا الْعَالِيَةِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
163 - حَدِيثُ: "لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا" 1 رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ "سَاجِدًا" وَفِيهِ مَهْدِيُّ بْنُ هِلَالٍ وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَمِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ الْبَلْخِيّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَمِنْ رِوَايَةِ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مُتَّهَمٌ أَيْضًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ2 قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ المدينة جالسا أخفق فاحتضني رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: هَلْ وَجَبَ عَلَيَّ الْوُضُوءُ؟ قَالَ: "لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ" قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ بَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ3 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَبِي النَّائِمِ وَلَا عَلَى الْقَائِمِ النَّائِمِ وَلَا عَلَى السَّاجِدِ النَّائِمِ وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ فَإِذَا اضْطَجَعَ تَوَضَّأَ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ.
قَوْلُهُ4 رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا نَامَ الْعَبْدُ فِي صَلَاتِهِ 5 بَاهَى اللَّهُ بِهِ مَلَائِكَتَهُ يَقُولُ: اُنْظُرُوا لِعَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَجَسَدُهُ سَاجِدٌ بَيْنَ يَدَيَّ" 6 أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي ابْنُ
__________
1 أخرجه ابن عدي في الكامل "6/468"، في ترجمة: مهدي بن هلال.
2 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى" "1/120": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من النوم قاعد"، من طريق ميمون الخياط عن أبي عياض عن حذيفة فذكره.
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "1/122، 123": كتاب الطهارة: باب ما ورد من نوم الساجد من طريق أبي صخر عن يزيد بن قسيط عن أبي هريرة فذكره.
4 في الأصل: حديث قوله.
5 في الأصل: صلواته.
6 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" ص "132، 133"، حديث "195"، وذكره الدارقطني في "العلل" "8/248، 249"، رقم "1552"، وذكره الألباني في السلسلة الضعيفة "2/399"، حديث "953"، وقال: ضعيف رواه تمام في "الفرائد"، وعنه ابن عساكر "11/444/1" عن داود بن الزبرقان عن سليمان التيمي عن أنس مرفوعاً، ثم ذكر الكلام حول داود بن الزبرقان، وقال: وروي من حديث أبي هريرة مرفوعاً أخرج ابن سمعون في " الأمالي" "1/172".(1/336)
الْعَرَبِيِّ1 وجوده وقد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ دَاوُد بْنُ الزِّبْرِقَانِ2 وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبَانَ عَنْ أَنَسٍ وَأَبَانُ مَتْرُوك وَرَوَاهُ ابْن شَاهِينَ فِي النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ مِنْ حَدِيثِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ كِلَاهُمَا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: "إذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ اللَّهُ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي" قَالَ وَقِيلَ عَنْ الْحَسَنِ بَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اقْتَصَرَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَعَلَّهَا بِالِانْقِطَاعِ وَمُرْسَلُ الْحَسَنِ3 أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَلَفْظُهُ: "إذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ يُبَاهِي اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَهُوَ سَاجِدٌ لِي" وَرَوَى ابْنُ شَاهِينَ عَنْ أبي سعيد4 معناه وإسناد ضَعِيفٌ.
164 - حَدِيثُ عَائِشَةَ أَصَابَتْ يَدِي أَخْمَصَ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ: "أَتَاكِ شَيْطَانُكِ" هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السِّيَاقِ لَمْ أَرَهُ بِلَفْظِهِ نَعَمْ أَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذَ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ" 5 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ كَذَلِكَ وَزَادَ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَأَعَلَّ الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ عَائِشَةَ بِدُونِ ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَجَّحَ الْبَرْقَانِيُّ الرِّوَايَةَ الزَّائِدَةَ أَعْنِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ
__________
1 ينظر ابن العربي "6/230".
2 داود بن الزبرقان الرقاشي: أبو عمرو، وقيل: أبو عمر، البصري، نزل بغداد، روى عن إسماعيل بن أبي خالد، وأيوب وإسماعيل بن مسلم، وغيرهم، وعنه سعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج وهما من شيوخه، وبقية بن الوليد وغيرهم، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجاني: كذاب، وقال البخاري: مقارب الحديث، وقال أبو داود: ضعيف، وقال مرة: ليس بشيء، وقال أيضاً: ترك حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة.
ينظر: تهذيب التهذيب "3/185" والضعفاء للعقيلي "2/34"، ترجمة "456"، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم "201/412"، والمجروحين لابن حبان "1/292".
3 أخرجه أحمد في " الزهد" ص "280"، أخبار الحسن بن أبي الحسن البصري.
4 أخرجه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ" ص "133"، حديث "96 1" من طريق محمد بن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد الخدري بلفظ: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله عز وجل ليضحك من ثلاثة نفر ... " الحديث.
5 أخرجه مسلم "1/352": كتاب الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث "222/486"، والترمذي "5/524": كتاب الدعوات: باب "76"، حديث "3493"، والبيهقي "1/127" كتاب الطهارة: باب ما جاء في "الملموس"، من طريق أبي هريرة عن عائشة.(1/337)
الْكِتَابِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى ما أصنع فقال: "مالك يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ " فَقُلْتُ: ومالي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ: "لَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله أو معي شَيْطَانٌ, الْحَدِيثُ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا افْتَقَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا أَدْرِي عِيسَى أَدْرَكَ عَائِشَةَ أَمْ لَا؟
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ عُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُلْتُ: إنَّهُ قَامَ إلَى جَارِيَتِهِ مَارِيَةَ, فَقُمْتُ أَلْتَمِسُ الْجِدَارَ فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ لِأَنْظُرَ اغْتَسَلَ أَمْ لَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَةُ ... " 1 الْحَدِيثُ.
قُلْتُ: وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْقِصَّتَيْنِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْإِسْنَادِ عَلَى رَاوِيهِ عَنْ عَمْرَةَ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَوَى مَعْبَدُ بْنُ نَبَاتَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَلَا يَتَوَضَّأُ2 وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ حَالَ مَعْبَدٍ فَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَالْحُجَّةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: رُوِيَ مِنْ عَشْرَةِ أَوَجُهً3 عَنْ عَائِشَةَ أَوْرَدَهَا الْبَيْهَقِيُّ
__________
1 أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" "1/171" من طريق فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة وقال الطبراني: لم يروه عن يحيى بن سعيد إلا فرج بن فضالة.
2 أخرجه البزار كما في "نصب الراية" "1/74"، والدارقطني "1/137": كتاب الطهارة: باب صفة ما ينقض الوضوء، حديث "13" من طريق عطاء عن عائشة فذكره.
3 ومن هذه الطرق ما أخرجه أبو داود "1/94": كتاب الطهارة: باب الوضوء من القبلة "179"، والترمذي "1/133" أبواب الطهارة: باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة "86"، وابن ماجة "1/168": كتاب الطهارة: باب الوضوء من القبلة "502"، والنسائي معلقاً "1/124"، وأحمد "6/210" والدارقطني "1/139": كتاب الطهارة: باب صفة ما ينقض الوضوء "18"، والبيهقي "1/126" من طرق عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة به.
قال أبو داود: "قال يحيى بن سعيد القطان لرجل "أرو" عني: أن هذا الحديث شبه لا شيء- قال أبو داود- وروي عن الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة ابن الزبير بشيء ... =(1/338)
فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَضَعَّفَهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ النَّسَائِيّ فِي آخِرِ الْبَابِ.
__________
وقال الترمذي: "إنما تركه أصحابنا لأنه لم يصح عندهم، لحال الإسناد- قال- سمعت أبا بكر العطار البصري، يذكر عن علي بن المديني قال: ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث، وقال هو شبه لا شيء، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- يضعف هذا الحديث وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة.. قال: وليس يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء".
وأسند الدارقطني عن عبد الرحمن بن بشر قال: "سمعت يحيى بن سعيد يقول: وذكر له حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، فقال: أما سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيباً لم يسمع عن عروة شيئاً".
وتبعه في كل ذلك، البيهقي وزاد فأسند عن الثوري، أنه قال: "ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني - ثم قال البيهقي- فعاد الحديث إلى عروة المزني وهو مجهول".
وسبب العلة الاختلاف في اسم عروة هل هو ابن الزبير أم المزني المجهول قال الزيلعي في "نصب الراية " "1/72": قلنا: بل هو عروة بن الزبير كما أخرجه ابن ماجة بسند صحيح، أما أبي داود الذي قال فيه: عو عروة المزني، فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء، وعبد الرحمن بن مغراء متكلم فيه، قال ابن المديني: ليس بشيء كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث تركناه لم يكن بذاك، قال ابن عدي: والذي قاله ابن المديني هو كما قال، فانه روى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات ا. هـ.
والحديث قد أخرجه الدارقطني "1/136"، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به وللحديث طرق كثيرة عن عائشة.
- ومنها طريق أبي روق الهمداني، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ.
أخرجه أحمد "6/210"، وأبو داود "1/123": كتاب الطهارة: باب الوضوء من القبلة، الحديث "178" وقال إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة، والنسائي "1/104": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من القبلة، والدارقطني "1/140- 141": كتاب الطهارة: باب صفة ما ينقض الوضوء، الحديث "20" وأبو نعيم في "حلية الأولياء" "4/219"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، "1/127": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الملامسة، وقال النسائي: "ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث وان كان مرسلاً"، وقال الدارقطني: "وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة"، وقال البيهقي: "فهذا مرسل، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة"، و"أبو روق ليس بقوي، ضعفه يحيى بن معين وغيره".
قال العلائي في "جامع التحصيل" "ص: 141"، قال الدارقطني: لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما وقال الترمذي: لا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة.
- ومنها طريق عمرو بن شعيب، عن زينب السهمية، عن عائشة أخرجه ابن ماجة "1/168": كتاب الطهارة: باب الوضوء من القبلة، الحديث "503"، والدارقطني "1/142": كتاب الطهارة: باب صفة ما ينقض الوضوء، الحديث "25"، وقال الدارقطني: "زينب مجهولة، ولا تقوم بها حجة".
وقال البوصيري في " الزوائد" "1/200": هذا إسناد ضعيف، حجاج هو ابن أرطأة، كان يدلس، وقد واه بالعنعنة.
وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" "1/48" رقم "9- 1" وقال أبو حاتم وأبو زرعة: الحجاج يدلس في حديثه عن الضعفاء ولا يحتج بحديثه، أما الزيلعي فقال في "نصب الراية" "1/73": وهذا سند جيد. وفيه نظر فحال الحجاج بن أرطأة معروف والخلاف في حاله معروف أيضاً وله ترجمة واسعة في التهذيب لخصها الحافظ ابن حجر في " التقرب" "1/152" فقال: صدوق كثير الخطأ والتدليس....=(1/339)
165 - حَدِيثُ: بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَأَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ الْجَارُودِ مِنْ حَدِيثِهَا1 وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَنُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَقُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ بُسْرَةَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَبُو حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَازِمِيُّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي سَمَاعِ عُرْوَةَ مِنْهَا أَوْ مِنْ مَرْوَانَ فَقَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيث
__________
= وقد رواه هذا بالعنعنة وهو معروف بالتدليس عن الضعفاء والمتروكين وزينب قال الدارقطني: أنها مجهولة.
وقال الحافظ في "التقريب" "2/600": لا يعرف حالها.
- وللحديث طرق أخرى عن عائشة وكلها ضعيفة وهي في "العلل" "1/63- 64" والدارقطني "1/143" وذكرها الزيلعي في " نصب الراية" "1/73- 74".
- وفي الباب عن أم سلمة:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" "1/252" بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءاً.
وقال الهيثمي: وفيه يزيد بن سنان الرهاوي ضعفه أحمد ويحيى، وابن المديني ووثقه البخاري وأبو حاتم وثبته مروان بن معاوية وبقية رجاله موثقون.
1 أخرجه مالك "1/42" كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الفرج، الحديث "58"، والشافعي في الأم "1/33- 34"، وأحمد في المسند "6/406، 07 4"، وأبو داود الطيالسي ص: "230"، الحديث "1657"، وعبد الرزاق "1/113": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، الحديث "412"، والدارمي "1/185": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، وأبو داود "1/125-126": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، الحديث "181"، والترمذي "1/126": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، الحديث "82"، والنسائي "1/100": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، وابن ماجة "1/161": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، الحديث "479"، وابن خزيمة "1/22": كتاب الطهارة: باب استحباب الوضوء من مس الذكر، الحديث "33"، وابن حبان "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" ص: "78": كتاب الطهارة: باب ما جاء في مس الفرج، الحديث "211- 214"، وابن الجارود ص "17" في " المنتقى" حديث "17"، والحاكم "1/136": كتاب الطهارة، والطحاوي "1/71": كتاب الطهارة: باب مس الفرج، والدارقطني "1/146- 147": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل والدبر، والذكر، الأحاديث "1- 4"، وابن حزم في " المحلى" "1/239"، والبيهقي "1/128- 130": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر والطبراني في المعجم الصغير "2/123"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" "9/332" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" ص: "98- بتحقيقنا".
وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح قال محمد- يعني البخاري- أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة، وقال الدارقطني: صحيح ثابت.(1/340)
فَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ بِكُلِّ حَالٍ.
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي أَوَاخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إنَّهُ يَلْزَمُ الْبُخَارِيَّ إخْرَاجُهُ فَقَدْ أَخَرَجَ نَظِيرَهُ وَغَايَةُ مَا يُعَلَّلُ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَأَنَّ رِوَايَةَ مِنْ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ مُنْقَطِعَةٌ فَإِنَّ مَرْوَانَ حَدَّثَ بِهِ عُرْوَةَ فَاسْتَرَابَ عُرْوَةُ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ رَجُلًا مِنْ حَرَسِهِ إلَى بُسْرَةَ فَعَادَ إلَيْهِ بِأَنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ مُنْقَطِعَةٌ وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إمَّا مَرْوَانُ وَهُوَ مَطْعُونٌ فِي عدالته أو حرسيه وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَهُ مِنْ بُسْرَةَ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ قَالَ عُرْوَةُ فَذَهَبْتُ إلَى بُسْرَةَ فَسَأَلْتُهَا فَصَدَّقَتْهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَرْوَانَ عن بُسْرَةَ قَالَ عُرْوَةُ ثُمَّ لَقِيتُ بُسْرَةَ فَصَدَّقَتْهُ وَبِمَعْنَى هَذَا أَجَابَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَدْ أَكْثَرَ ابْنَ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ سِيَاقِ طُرُقِهِ بِمَا اجْتَمَعَ لِي فِي الْأَطْرَافِ الَّتِي جَمَعْتُهَا لَكُتُبِهِمْ وَبَسَطَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي نَحْوٍ مِنْ كُرَّاسَيْنِ وَأَمَّا الطَّعْنُ فِي مَرْوَانَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا نَعْلَمُ لِمَرْوَانَ شَيْئًا يُجْرَحُ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُرْوَةُ لَمْ يَلْقَهُ إلَّا قَبْلَ خُرُوجِهِ عَلَى أَخِيهِ.
تَنْبِيهٌ: نَقَلَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ1 عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ لَا تَصِحُّ حَدِيثُ "مَسُّ الذَّكَرِ" وَ"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" وَ"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" وَلَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَعِينٍ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2 إنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ ابْنِ مُعِينٍ وَقَدْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ انْتِقَاضُ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ.
وَقَدْ رَوَى الْمَيْمُونِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا يَطْعَنُ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ مَنْ لَا يَذْهَبُ إلَيْهِ.
وَفِي سُؤَالَاتِ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ لَهُ قُلْت لِيَحْيَى أَيُّ شَيْءٍ صَحَّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِيهِ سَمِعْت وَلَوْلَا هَذَا لَقُلْت لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ فَهَذَا يَدُلُّ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْحِكَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ صِحَّتَهُ بِهَذِهِ الطريق خَاصَّةً.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: طَعَنَ الطَّحَاوِيُّ3 فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ هِشَامًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ إنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ إنَّ هِشَامًا لم يمسع هَذَا مِنْ أَبِيهِ.
__________
1 في الأصل: المحققين.
2 ينظر: "التحقيق" لابن الجوزي ص "122"، رقم "203".
3 ينظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي "1/73".(1/341)
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ1 فِي الْكَبِيرِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُرْوَةَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِشَامًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ بَلْ فِيهَا أَنَّهُ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةً.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ2 أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ هِشَامٌ حَدِيثَ أَبِيهِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ يَحْيَى فَسَأَلْت هِشَامًا فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ3 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ4 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي وَرَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَنْهُ عَنْ أبيه بلا واسطة فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ هِشَامٌ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً هَكَذَا وَتَارَةً هَكَذَا أَوْ يَكُونُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَثَبَتَهُ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ تَارَةً يَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ وَتَارَةً لَا يَذْكُرُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِقَادِحَةٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ وَقَبِيصَةَ وَأَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ.
أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ5 فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إسْنَادُهُ صَالِحٌ وَقَالَ الضِّيَاءُ لَا أَعْلَمُ بِإِسْنَادِهِ بَأْسًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ الْحُفَّاظِ غَيْرَ ابْنِ نَافِعٍ يُرْسِلُونَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ6 فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي.
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "24/198"، حديث "504".
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "24/202"، حديث "519".
3 أخرجه الحاكم في " المستدرك" "1/137".
4 أخرجه أحمد في "المسند" "6/407".
5 ذكره الترمذي "1/128": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، بعد حديث "82"، وأخرجه ابن ماجة "1/162": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر "480"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/74"، والبيهقي "1/134" وابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " "ص- 94- بتحقيقنا"، من طريق ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر مرفوعاً بلفظ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ".
قال ابن شاهين: وهذا حديث غريب لا أعلم جوده إلا دجيم وأحمد بن صالح.
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/190": هذا إسناد فيه مقال عقبة بن عبد الرحمن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن المديني: شيخ مجهول، وباقي رجال الإسناد ثقات.
6 ذكره الترمذي في الموضع السابق، وأخرجه الشافعي في الأم "1/34" كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر وفي المسند "1/34- 35"، وأحمد "2/333"، والطحاوي "1/74": كتاب الطهارة: ... =(1/342)
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو1: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ "أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ" قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ2 فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ
__________
= باب مس الفرج، وابن حبان "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" ص "77": كتاب الطهارة: باب ما جاء في مس الفرج "29"، الحديث "0 21"، والدارقطني "1/147": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل، الحديث "6"، والحاكم "1/138": كتاب الطهارة، والطبراني في " المعجم الصغير" "1/42"، والبيهقي "1/131": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص- 96- بتحقيقنا" والبغوي في "شرح السنة" "1/263- بتحقيقنا" والحازمي في الاعتبار في " الناسخ والمنسوخ " "ص- 87- 88"، كلهم من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي، إلا ابن حبان فمن طريقه وطريق نافع بن أبي نعيم، والحاكم فمن طريق الثاني فقط، كلاهما عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ وضوءه للصلاة".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، وشاهده الحديث المشهور، عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي: "يزيد بن عبد الملك تكلموا فيه ثم أسند عن الفضل بن زياد- قال: سألت أحمد بن حنبل، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي فقال: شيخ من أهل المدينة لا بأس به، ولأبي هريرة فيه أصل، يقصد أصل موقوف فقد: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "2/216"، ومن طريقه البيهقي "1/134" عنه موقوفاً، وقال البيهقي: هكذا موقوف، وله طريق آخر موقوفاً، أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" "9/44".
1 ذكره الترمذي في " الجامع الصحيح " "1/128"، تحت رقم "82"، وأخرجه أحمد "2/223" وإسحاق بن راهويه في مسنده كما في "المطالب المالية" "1/1/42" رقم "142"، وابن الجارود "19"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/75" والدارقطني "1/147" والبيهقي "1/132" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص- 95- بتحقيقنا" والحازمي في " الاعتبار" "ص- 44" من طريق بقية بن الوليد، ثنى محمد بن الوليد الزبيدي، ثنى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً بلفظ: "أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ ".
وذكره الترمذي في "العلل الكبير" "ص- 49" وقال: قال محمد: وحديث عبد الله بن عمرو هو عندي صحيح.
وقال ابن شاهين: لا أعلم ذكر هذه الزيادة في مس المرأة فرجها غير حديث عبد الله بن عمرو.
وقال الحازمي: هذا إسناد صحيح.
2 ذكره الترمذي "1/128"، بعد حديث "82"، وأخرجه ابن أبي شيبة "1/163"، وأحمد "5/194" والبزار "1/148" رقم "283- كشف"، والطبراني في "الكبير" "5/279" رقم "1 522- 5222"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/73"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/334- 335" وابن شاهين في: "الناسخ والمنسوخ " "ص- 95- بتحقيقنا"، من طريق محمد بن إسحاق، عن الزهري عن عروة، عن زيد بن خالد الجهني مرفوعاً بلفظ: "من مس فرجه فليتوضأ".
وذكره الهيثمي في "المجمع " "1/250"، وقال: رواه أحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد قال حدثني. والحديث ذكره المصنف في "المطالب العالية" "1/41" رقم "139"، وعزاه إلى إسحاق بن راهويه في "مسنده".(1/343)
عُرْوَةَ عَنْهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ انْتَهَى وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ1 فَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ2 فَصَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالْحَاكِمُ وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَخَالَفَهُمْ دُحَيْمٌ وَهُوَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ الشَّامِيِّينَ فَأَثْبَتَ سَمَاعَ مَكْحُولٍ مِنْ عَنْبَسَةَ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ: صَحَّحَ أَحْمَدُ حَدِيثَ أُمِّ حَبِيبَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 أخرجه الحاكم "1/137": كتاب الطهارة، في أسماء من روى الحديث مرفوعاً من الصحابة ولم يخرجه، وهو في " الموطأ" "1/42": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الفرج، الحديث "59"، عن سعد موقوفاً عليه، ومن طريق مالك أخرجه البيهقي "1/131": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر من حديث سعد بن أبي وقاص.
2 أشار الحاكم في المستدرك لهذا "1/138"، وأخرجه ابن ماجة "1/162": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، الحديث "481"، والطحاوي في: "شرح معاني الآثار" "1/75" كتاب الطهارة: باب مس الفرج، والبيهقي "1/130": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، والخطيب في "تاريخ بغداد" "11/73" وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ ""ص- 98- بتحقيقنا"، كلهم من طريق مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مس فرجه فليتوضأ".
وقال الترمذي في "سننه" "1/129- 130": قال محمد- أي البخاري- أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة، وقال أبو زرعة: حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح ... وقال محمد: لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان، وروى مكحول عن رجل، عن عنبسة غير هذا الحديث، وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحاً.
وفي " العلل الكبير" للترمذي "ص- 49" قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال مكحول لم يسمع من عنبسة ...
وسألت أبا زرعة عن حديث أم حبيبة فاستحسنه ورأيته كأنه يعده محفوظاً.
قال البوصيري في " الزوائد" "1/191": هذا إسناد فيه مقال، مكحول الدمشقي مدلس، وقد رواه بالعنعنة فوجب ترك حديثه لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم
إنه لم يسمع عنبسة بن أبي سفيان فالإسناد منقطع.(1/344)
الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مَكْحُولٍ.
وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ لَا أَعْلَمُ بِهِ عِلَّةً.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ1 فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ2 فَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ3 فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَفِي إسناده الضحاك بن حمزة4 وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ5 فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْفَرْوِيِّ عَنْ عَبْدِ
__________
1 أخرجه الدارقطني "1/147- 148"، وذكره الزيلعي في "نصب الراية " "1/60" وقال وهو معلول بعبد الرحمن هذا قال أحمد: كان كذاباً وقال النسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة: متروك زاد أبو حاتم، وكان يكذب، وذكره الترمذي "1/128"، بعد حديث "82".
وقد ورد موقوفاً على عائشة.
أخرجه الحاكم "1/138" والبيهقي "1/133"، وقال الحاكم: وقد صحت الرواية عن عائشة فذكره.
2 أخرجه الحاكم "1/38": كتاب الطهارة.
3 أخرجه الخطيب "13/426"، من طريق الضحاك بن حمزة عن حميل عن أبي هلال الراسبي عن أبي بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس فذكره.
4 وقال النسائي وغيره: ليس بثقة.
وقال الحافظ في "التقريب" "1/372": ضعيف.
وينظر المغني للذهبي "1/311".
5 حديث ابن عمر:
له طرق كثيرة عنه.
الأول: من رواية العلاء بن سليمان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مس فرجه فليتوضأ ". رواه الطبراني في "الكبير"، كما في "المجمع " "1/249" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/74": كتاب الطهارة: باب مس الفرج، وقال الطحاوي العلاء هذا ضعيف، وقال الهيثمي: وفي سنده العلاء بن سليمان وهو ضعيف جداً ا. هـ.
والعلاء بن سليمان عن الزهري.
قال ابن عدي: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف.
ينظر المغني "2/440" للحافظ الذهبي.
الطريق الثاني: من رواية صدقة بن عبد الله عن هشام بن زيد عن نافع عن ابن عمر.
أخرجه البزار "1/148- كشف" رقم "285" والطحاوي "1/74" وقال الطحاوي: صدقة بن عبد الله هذا ضعيف وهشام بن زيد ليس من أهل العلم الذين يثبت بروايتهم مثل هذا وقال الهيثمي "1/249": وفي سنده هشام بن زيد وهو ضعيف جداً.
الثالث: من رواية إسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أخرجه الدارقطني "1/147": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل، الحديث "5" بلفظ: "من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة". =(1/345)
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَالْعُمَرِيُّ ضَعِيفٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ وَفِيهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ وهو ضعيف وطريقة أُخْرَى أَخْرَجَهَا ابْنُ عَدِيٍّ وَفِيهَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَفِيهِ مَقَالٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ1 فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ وَقَبِيصَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ2 فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ وَسَأَلَ التِّرْمِذِيُّ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَقَالَ مَا تَصْنَعُ بِهَذَا لا تشغل بِهِ.
فَصْلٌ
حَدِيثُ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: "هَلْ هُوَ إلَّا بَضْعَةٌ مِنْك" 3 رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السنن والدارقطني وصححه عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ،
__________
= وعبد الله العمري قال ابن حبان في "المجروحين" "2/6-7" كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن ضبط الأخبار وجودة الحفظ للآثار فوقع المناكير في روايته.
الرابع: من طريق عبد العزيز بن أبان، أخرجه الحاكم في "المستدرك" "1/138" قال الذهبي في "المغني" "2/396" عبد العزيز بن أبان متروك متهم.
الخامس: من طريق أبوب عن عتبة:
أخرجه ابن عدي في "الكامل" من طريق آخر "4/142" وأيوب بن عتبة:
قال البخاري: عندهم لين، وقال النسائي: مضطرب الحديث، وقال الذهبي ضعفوه لكثرة مناكيره وقال الحافظ: ضعيف.
ينظر: الضعفاء للبخاري "25"، والضعفاء للنسائي "24"، والمغني للذهبي "1/97"، وتقريب التهذيب "1/90".
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "8/401، 402" حديث "8252"، وصححه، وقال: لم يروه عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد، وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد وهما عندي صحيحان، أخرجه من طريق حماد بن محمد الحنفي عن أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن عليه فذكره.
2 ذكره الترمذي في "العلل الكبير" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "48، 49"، ولم يخرجه البيهقي في "السنن" فلم أجده من طريق أروى بنت أنيس، فهو كما قال الحافظ: خطأ.
3 أخرجه أحمد "4/22، 23"، وأبو داود "1/46، 47": كتاب الطهارة: باب الرخصة في مس الذكر، حديث "182"، والترمذي "1/131": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر، حديث "85"، والنسائي "1/101": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من ذلك، حديث "165"، وابن ماجة "1/163": كتاب الطهارة وسننها: باب الرخصة في ذلك، حديث "483"، وأخرجه الدارقطني في "سننه" "1/149": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر والحكم في ذلك، حديث "15، 17"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/134/ 135": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" ص"18"، حديث "21"، من طريق ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي فذكره.(1/346)
وَقَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ هُوَ عِنْدَنَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ وَالطَّحَاوِيِّ1 وَقَالَ إسْنَادُهُ مُسْتَقِيمٌ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ بِخِلَافِ حَدِيثِ بُسْرَةَ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ وَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَادَّعَى فِيهِ النَّسْخَ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْحَازِمِيُّ وَآخَرُونَ وَأَوْضَحَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: يَكْفِي فِي تَرْجِيحِ حَدِيثِ بُسْرَةَ عَلَى حَدِيثِ طَلْقٍ أَنَّ حَدِيثَ طَلْقٍ لَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ وَلَمْ يَحْتَجَّا بِأَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ وَحَدِيثُ بُسْرَةَ قَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَاهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ عَلَى عُرْوَةَ وَعَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ أَلْزَمَ الْبُخَارِيَّ إخْرَاجَهُ لِإِخْرَاجِهِ نَظِيرَهُ فِي الصَّحِيحِ.
166 - حَدِيثُ: "إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ وَلَا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ" 2 ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَمِيعًا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا وَقَالَ احْتِجَاجُنَا فِي هَذَا بِنَافِعٍ دُونَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ سَنَدُهُ عُدُولٌ نَقَلَتُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ إلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ تَفَرَّدَ بِهِ أَصْبَغُ.
وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ هُوَ أَجْوَدُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ حَتَّى رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَزِيدَ جَمِيعًا عَنْ الْمَقْبُرِيِّ فَصَحَّ الْحَدِيثُ إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ لَا يَرْضَى نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحَدِيثِ وَيَرْضَاهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَخَالَفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَوَثَّقَهُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ
__________
1 ينظر "شرح معاني الآثار" للطحاوي "1/76".
2 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" "3/401- إحسان"، حديث "1118"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/133": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، والطبراني في "الصغير" "1/42" من طريق نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك النوفلي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكره، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " "1/138"، وصححه.(1/347)
الْمَلِكِ1 خَاصَّةً.
وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ2 وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ.
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَدْخَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيِّ وَبَيْنَ الْمَقْبُرِيِّ رَجُلًا فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ النَّوْفَلِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْحَنَّاطِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ وَقَالَ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ أَبُو مُوسَى هَذَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ.
تَنْبِيهٌ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي أَنَّ النَّقْضَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا مَسَّ الذَّكَرَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ لِمَا يُعْطِيهِ لَفْظُ الْإِفْضَاءِ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ3 يَدُلُّ على أن عين الْإِفْضَاءِ لَا يَنْقُضُ فَيَكُونُ
__________
1 أخرجه الشافعي في "الأم" "1/67": كتاب الطهارة: باب الوضوء من مس الذكر، وأحمد "2/333"، والبزار "1/149- كشف الأستار" حديث "286"، والدارقطني "1/147": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر والحكم في ذلك، حديث "6"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/74"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" "1/220"، حديث "187"، والحازمي في " الاعتبار" ص "144": كتاب الطهارة: باب ما جاء في مس الذكر، من طريق يزيد بن عبد الملك، الهاشمي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكره.
2 ينظر: "الضعفاء" للنسائي رقم "677".
3 مفهوم الشرط هو ما يفهم من تعليق الحكم على شيء بأداة شرط كـ "إن "، و"إذا"؛ ومما يدل على سببية الأول، ومسببية الثاني، كما في قوله عز وجل: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق: 6] ، فإنه يسهم منه عند القائلين بمفهوم المخالفة أن غير أولات الأحمال من المطلقات طلاقاً بائناً- لا يجب الإنفاق عليهن؛ لأن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، وإنما قيدنا الطلاق بـ " البائن"؛ لأن المطلقة طلاقاً رجعياً يجب الإنفاق عليها في العدة، حاملاً كانت أو لا؛ بالإجماع؛ والخلاف إنما هو في المبانة.
والشرط في اللغة: هو العلامة، وجاء منه أشراط الساعة، أي: علاماتها، وفي العرف العام: ما يتوقف عليه وجود الشيء، وفي اصطلاح المتكلمين: ما يتوقف عليه تحقق الشيء، ولا يكون في ذلك الشيء، ولا مؤثراً فيه.
وفي اصطلاح النحاة: ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالة على سببية الأول ومسببية الثاني ذهناً أو خارجاً، سواء كان علة للجزاء؛ مثل "إن كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود"- أو معلولاً؛ مثل: "إن كان النهار موجوداً، فالشمس طالعة" أو غير ذلك؛ مثل: "إن دخلت الدار، فأنت طالق".
ويسمى شرطاً لغوياً أيضاً؛ لأن المركب من "إن" وأخواتها، ومن مدخولها- لفظ مركب وضع لمعنى يعرف من اللغة، وان كان النحوي يبحث عنه من وجه آخر، وهر المقصود بالذات هنا، لا الشرعي كالطهارة للصلاة، ولا العقلي كالحياة للعلم، ولا العادي كنصب السلم لصعود السطح، وإنما كان المقصود هو النحوي؛ لأن الكلام هنا فيما يفهم من تعليق الحكم على شيء بأداة مخصوصة، كما هو مقتضى تعريف مفهوم الشرط، وهذا إنما يتأتى في خصوص الشرط النحوي على ما لا يخفى. هذا حاصل القول في تعريف مفهوم الشرط.....=(1/348)
تَخْصِيصًا لِعُمُومِ الْمَنْطُوقِ1 لَكِنْ نَازَعَ فِي دَعْوَى أَنَّ الْإِفْضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَطْنِ الْكَفِّ غَيْرُ وَاحِدٍ
__________
= واعلم أنه لا نزاع بين العلماًء في انتفاء الحكم عند انتفاء شرطه، وإنما النزاع في الدال على هذا الانتفاء هل هو التعليق بالشرط، أو البراءة الأصلية؟ - وبيان ذلك أن في تعليق الحكم بالشرط؛ مثل: "إن دخلت الدار، فأنت طالق"- أموراً أربعة:
الأمر الأول: ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط.
الأمر الثاني: عدم الجزاء عند عدم الشرط.
الأمر الثالث: دلالة التعليق على الأول.
الأمر الرابع: دلالته على الثاني.
واتفق العلماء على الثلاثة الأول، وإنما النزاع في الأمر الرابع بعد الاتفاق على أن عدم الجزاء ثابت عند عدم الشرط.
فعند القائلين بالمفهوم: ثبوته لدلالة التعليق عليه، وعند النفاة ثابت بمقتضى البراءة الأصلية، فالنزاع إنما هو في دلالة حرف الشرط على العدم عند العدم، لا على أصل العدم عند العدم؛ فإن ذلك ثابت قبل أن ينطق الناطق بكلام، وهذا الكلام في سائر المفاهيم.
قال أبو زيد الدبوسي، وهو من المنكرين له: " انتفاء المعلق حال عدم الشرط، لا يفهم من التعليق، بل يبقى على ما كان قبل ورود النص".
هذا هو تحرير محل النزاع، وإذا تحقق هذا، قنقول: اختلف العلماء والأصوليون في حجية مفهوم الشرط على مذهبين
المذهب الأول: أنه حجة، أي أن تعليق الحكم بالشرط يدل على انتفاء ذلك الحكم عند انتفاء الشرط؛ وإلى هذا ذهب جميع القائلين بمفهوم الصفة، وبعض من لم يقل به؛ كالإمام فخر الدين الرازي، وابن سريج، وأبى الحسين البصري، وأبي الحسن الكرخي، ونقله أبو الحسين السهيلي في "آداب الجدل" عن أكثر الحنفية، وابن القشيري عن معظم أهل "العراق"، وإمام الحرمين عن أكثر العلماء.
المذهب الثاني: أنه ليس بحجة، أي: أن تعليق الحكم بالشرط لا يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط؛ بل يبقى الحكم عند انتفاء الشرط على العدم الأصلي، وهذا مذهب أبي حنيفة والمحققين من أصحاب مذهبه، وأكثر المعتزلة؛ كما نقله عنهم صاحب "المحصول "، ونقله ابن التلمساني عن الإمام مالك- رضي الله عنه- كما اختاره القاضي أبو بكر الباقلاني، وحجة الإسلام الغزالي، وسيف الدين الآمدي، والقفال الشاشي، وأبو حامد المروزي في من الشافعية.
ينظر: حاشية البناني: 1/251، والإبهاج لابن السبكي: 1/380، والآيات البينات لابن قاسم العبادي: 2/30، وحاشية العطار على جمع الجوامع: 1/329، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: 1/100، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى: 2/180، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني: 1/155، وميزان الأصول للسمرقندي: 1/580، ونشر البنود للشنقيطي: 1/98.
1 أما في اللغة: فالمنطوق هو الملفوظ به اسم مفعول من النطق بمعنى التلفظ والتكلم يقال: نطق ينطن نطقاً، ومنطقاً، ونطوقاً تكلم بصوت، وحروف تعرف بها المعاني، وناطقة كلمه وقاوله المنطوق والمفهوم: لقبان لمعنيين متقابلين تقابل الأصل والفرع والإثبات والنفي متعلقين بدلالة الألفاظ على المعاني لأن الألفاظ قوالب للمعاني المستفادة منها، فهذه المعاني تارة تستفاد منها من جهة النطق تصريحاً وتارة تستفاد منها من جهة النطق تلويحاً فاصطلحوا على تسمية ما يرجع إلى النوع الأول بالمنطوق وما يرجع إلى النوع الثاني بالمفهوم.
قال ابن الحاجب: المنطوق: هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، والمراد: أي المنطوق في اصطلاح الأصوليين عبارة عن دلالة اللفظ، على معنى حالة كون ذلك المعنى ثابتاً في محل النطق،....=(1/349)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ1 فِي الْمُحْكَمِ2 أَفْضَى فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ وَصَلَ إلَيْهِ وَالْوُصُولُ أَعَمُّ مِنْ
__________
= بأن يكون ذلك المعنى حكماً للمذكور في الكلام، وحالاً من أحواله سواء ذكر ذلك الحكم، ونطق به بأن دل عليه اللفظ مطابقة أو تضمناً، وهو ما يسمى بالمنطوق الصريح، أو لم يذكر بان دل عليه التزاماً، وهو ما يسمى بالمنطوق غير الصريح. وبهذا يعرف، أن المنطوق تارة يكون صريحاً، وتارة يكون غير صريح، وعرف الصريح بأنه ما وضع اللفظ له أي: دلالة اللفظ على ما وضع له بالاستقلال، أو بمشاركة الغير، فيشمل المطابقة والتضمن، كما قال السعد.
وخلاصة القول: أن الصريح هو دلالة اللفظ على ما وضع له مطابقة، أو تضمناً حقيقة كان أو مجازاً، وعليه فإن المنطوق الصريح ينحصر في المطابقية والتضمنية، وخرجت الالتزامية مثال الصريح دلالة قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] على تحريم التأفيف.
ذهب إلى أن الصريح هو ما لم يوضع اللفظ له، بل يلزم ما وضع له، فيدل عليه بالالتزام.
يعني أن غير الصريح هو دلالة اللفظ على لازم الموضوع له، وبعبارة أخرى: دلالة اللفظ على المعنى بالالتزام، فينحصر غير الصريح في الالتزامية لدلالة قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي" على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً، وأقل الطهر كذلك، فإن هذا المدلول لم يوضع اللفظ المذكور له، ولكنه لازم لما وضع له.
فاعلم أن المدلول في غير الصريح لازم للمدلول في الصريح، وأن اللفظ الدال عليهما واحد إلا أنه يدل على الأول التزاماً، وعلى الثاني مطابقة أو تضمناً، وأن المدلول أي في الصريح لا يكون مذكوراً، وأن قوله في شرح تعريف المنطوق سواء ذكر الحكم الأول يكون حالاً للمذكور.
وفي الثاني: يكون حالاً لغير المذكور.
طريقة تاج الدين السبكي في تعريف المنطوق والمفهوم
وعرف التاج السبكي المنطوق بأنه: "ما دل عليه اللفظ في محل النطق ".
والمراد علماً أن المنطوق هو معنى دل عليه اللفظ في محل النطق، بأن يكون اللفظ مستعملاً في ذلك المعنى حقيقة، أو مجازاً سواء كان ذلك المعنى مثل تحريم التأفيف الدال عليه قوله عز وجل: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] أو غير حكم كالذات المشخصة الدال عليها لفظ زيد في مثل جاء زيد، وسواء كانت الدلالة عليه مطابقة أو تضمناً، فما في قوله ما دل واقفة على معنى حملاً لها على الظاهر، إذ لا موجب للعدول عنه بحملها على المصدرية بخلافها في تعريف ابن الحاجب السابق.
وبهذا يعلم أن المنطوق كالمفهوم عند التاج السبكي من أقسام المدلول لا من أقسام الدلالة والمراد بالمعنى: ما يعنى ويقصد من اللفظ، فيعم الحكم وهو نص.
ينظر نهاية السول 2/198 شرح الكواكب 3/473 الأحكام للآمدي 3/62 شرح العضد 2/2/171 جمع الجوامع 1/235- 236 إرشاد الفحول 178 تيسير التحرير 1/91 فواتح الرحموت 1/413 المدخل 271 الآيات البينات 2/2 نشر البنود 1/89.
1 هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي المرسي الضرير المعروف بابن سيده "م 458 هـ" كان عالماً بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بعلومها. من تصانيفه المشهورة: المحكم والمحيط الأعظم في لغة العرب.
له ترجمة في الوفيات 3/17 ومعجم الأدباء12/231 وإنباة الرواة 2/255 ولسان الميزان 4/205 وبغية الوعاة ص 327 والبداية 12/95 ومرآة الجنان 3/82 وشذرات الذهب 3/305 ومعجم المؤلفين 7/36.
2 ينظر "المحكم" لابن سيده مادة "فضى".(1/350)
أَنْ يَكُونَ بِظَاهِرِ الْكَفِّ أَوْ بَاطِنِهَا.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: الْإِفْضَاءُ يَكُونُ بِظُهْرِ الْيَدِ كَمَا يَكُونُ بِبَطْنِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسِّ فَلَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ.
167 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: "وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ ... " الْحَدِيثُ وَفِيهِ "إذَا مَسَّتْ إحْدَاكُنَّ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ "1 الدَّارَقُطْنِيُّ وَضَعَّفَهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ وَكَذَا ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِهِ.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذَلِكَ2 قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نِمْرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:3 فِيهِ وَهْمٌ في موضعين.
إحداهما فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْهُ.
وَالثَّانِي فِي ذِكْرِ الْمَرْأَةِ.
وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ4 مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ حَدِيثِ بُسْرَةَ رِجَالُ5 إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إلَّا هَذَا الْمُبْهَمَ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ6 وَقْفَهُ عَلَى عَائِشَةَ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ.
وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ7 مَا يُخَالِفُهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ ثواب حدثني بن أوزع عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَرِجَالٌ مَعِي عَلَى
__________
1 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/147، 148": كتاب الطهارة: باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر، حديث "9".
2 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "4/292"، ترجمة: عبد الرحمن بن نمر.
3 ينظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم "1/38، 39"، حديث "81".
4 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/71": كتاب الطهارة: باب مس الفرج هل يجب فيه الوضوء أم لا؟.
5 في الأصل: وقال.
6 أخرجه الحاكم في المستدرك "1/138".
7 أخرجه أبو يعلى في "مسنده " "8/286، 287"، حديث "519"، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/244"، وذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" "1/42، 43"، حديث "146" وعزاه لأبي يعلى، من طريق سيف بن عبد الله الحميدي عن عائشة به.(1/351)
عَائِشَةَ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا أُبَالِي مَسِسْتُ فَرْجِي أَوْ أَنْفِي" إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ.
168 - حَدِيثُ "مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ الْوُضُوءُ" تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ وَهَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ فَكَأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يَرْجِعْ لِحَدِيثِهِ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا شُرْطِيًّا فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُمْ أنه سَمِعَتْ ذَلِكَ.
169 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ زُبَيْبَةَ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ1 الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حديث أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ عَنْ قَمِيصِهِ وَقَبَّلَ زُبَيْبَتَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ فيه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يَتَوَضَّأْ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْ الْحُسَيْنِ وَقَبَّلَ زُبَيْبَتَهُ2 وَقَابُوسٌ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى عَقِبَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْغَزَالِيِّ هَذَا السِّيَاقَ وَالْغَزَالِيُّ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الحسن بفتح الحاء مكبر وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَقِبَ ذَلِكَ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ نَعَمْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ مَسِّ فَرْجِ الصَّغِيرِ وَرُؤْيَتِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَرَى مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ قُلْت وَسِيَاقُ الْبَيْهَقِيّ يَأْبَى هَذَا التَّأْوِيلَ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ رَفَعَ قَمِيصَهُ.
170 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" 3 مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى " "1/137": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، من طريق ابن أبي ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "3/45"، حديث "2658"، "12/108"، حديث "12615"، من طريق جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس فذكره.
3 أخرجه أحمد "2/414"، ومسلم "2/285- نووي": كتاب الحيض: باب الدليل على من تيقن الطهارة ثم شك في الحديث، فله أن يصلي بطهارته تلك، حديث "99- 362"، وأبو داود "1/94": كتاب الطهارة: باب إذا شك في الحدث، حديث "177"، والدارمي "1/183، 184" كتاب الصلاة والطهارة: باب لا وضوء إلا من حدث، وابن خزيمة في "صحيحه " "1/16، 17" حديث "24"، وأخرجه الترمذي "1/109": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء في الوضوء من الريح، حديث "75"، عن سهيل بن أي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.(1/352)
وَفِي الْبَابِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ1 الْمَازِنِيِّ بِمَعْنَاهُ.2
171 - حَدِيثُ: "إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَيَقُولُ أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ فَلَا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" هَذَا الْحَدِيثُ تَبِعَ فِي إيرَادِهِ الْغَزَالِيَّ وَهُوَ تَبِعَ الْإِمَامَ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ3 وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ أَظْفَرَ بِهِ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ انْتَهَى وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ بِغَيْرِ إسْنَادٍ دُونَ قَوْلِهِ: "فَيَقُولُ: أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ" وَذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ4 فِي الْمُخْتَصَرِ5 عَنْ الشَّافِعِيِّ نَحْوَهُ بِغَيْرِ إسْنَادٍ أَيْضًا ثُمَّ سَاقَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المازني وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ6.
وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ7: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
__________
1 أخرجه البخاري "1/285": كتاب الوضوء: باب لا يتوضأ من الشك، حديث "37 1"، "1/339": باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، حديث "177"، ومسلم "2- 285- نووي": كتاب الحيض: باب الدليل على من تيقن الطهارة، حديث "98- 361"، وأبو داود "1/94": كتاب الطهارة: باب إذا شك في الحدث، حديث "176"، والنسائي "1/99,98": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الريح، حديث "160"، وابن ماجة "1/171": كتاب الطهارة وسننها: باب لا وضوء إلا من حدث، حديث "513"، وأخرجه الحميدي "1/201"، حديث "413"، من طريق سعيد بن المسيب وعباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد فذكره.
وأخرجه أبو عوانة "1/238"، وعبد الرزاق في "مصنفه " "1/140، 141"، حديث "534"، وابن خزيمة في صحيحه "1/17"، حديث "25"، والبيهقي "2/254": كتاب الصلاة: باب من أحدث في صلاته قبل الإحلال منها بالتسليم، وابن عبد البر في "التمهيد" "5/28".
2 في الأصل: وهو في الصحيحين
3 ينظر الحاوي "1/207".
4 إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق أبو إبراهيم المزني المصري، ولد سنّة 175، أخذ عن الشافعي، وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي، صنف في مذهب الشافعي: المبسوط، والمختصر، والمنثور، وغير ذلك، قال الشافعي: لو ناظر الشيطان لغلبه ينظر: ط. ابن قاضي شهبة 1/58، وفيات الأعيان 1/196، والأنساب 527/ب وشذرات الذهب 2/148، والنجوم الزاهرة 3/39، والعبر 2/28، تهذيب الأسماء واللغات 2/285.
5 ذكره المزني في " المختصر" كما فى"الحاوي" للماوردي "1/207".
6 أخرجه البخاري "1/285، 286": كتاب الوضوء: باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، حديث "137"، ومسلم "2/285- نووي": كتاب الحيض: باب الدليل على أن من تيقن الطهارة، حديث "98- 361"، وأخرجه أبو داود "1/45"، حديث "176"، والنسائي "1/98، 99"، حديث "160"، وابن ماجة "1/171"، حديث "513"، وأخرجه أحمد "4/40"، وابن خزيمة "1/17"، حديث "25"، والبيهقي في السنن "1/161".
7 أخرجه الحاكم في المستدرك "1/134": كتاب الطهارة، ورواه أحمد "3/12، 37، 51، 53، 54"، وابن ماجة "1/171": كتاب الطهارة: باب لا وضوء إلا من حدث، الحديث "514" واللفظ له، وابن حبان في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان "ص: 73": كتاب الطهارة: باب فيمن كان على طهارة وشك في الحدث، الحديث "187" و"188"، والحاكم "1/134": كتاب الطهارة.(1/353)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إنَّك أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ إلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ سَمِعَ صَوْتًا بِأُذُنِهِ" وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ "فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ كَذَبْتَ" وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: "إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَيَأْخُذُ بِشَعْرَةٍ مِنْ دُبُرِهِ فَيَمُدُّهَا فَيَرَى أَنَّهُ أَحْدَثَ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا" وَفِي إسْنَادِ أَحْمَدَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ1: فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ:"يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَنْفُخَ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا بِأُذُنِهِ أَوْ يَجِدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ" وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو أُوَيْسٍ لَكِنْ تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ انْتَهَى.
وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد لِهَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بِلَفْظِ: "إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ رِيحًا أَوْ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ" 2 الْحَدِيثُ.
172 - حَدِيثُ:ابْنِ عَبَّاسٍ "فِي الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَالِ وَمَا لِلنِّسَاءِ يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ"3 ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ؟ قَالَ: "مِنْ حَيْثُ يَبُولُ" أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي الْفَرَائِضِ وَالْكَلْبِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ بَلْ كَذَّابٌ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ4 وَيُغْنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ الِاحْتِجَاجُ فِي هَذِهِ
__________
1 أخرجه البزار "1/147- كشف" رقم "281" من طريق ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً: يأتي أحدكم الشيطان في صلاته حتى ينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه قد أحدث ولم يحدث فإذا وجد ذلك أحدكم فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً بأذنه أو يجد ريحاً بأنفه.
وقال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من طريق ابن عباس وروي معناه من طريق غيره وذكره الهيثمي فى "مجمع الزوائد" "1/145" وقال رواه الطبراني في "الكبير" والبزار بنحوه ورجاله رحال الصحيح.
2 تقدم قريباً.
3 أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/119"، ترجمة: محمد بن السائب الكلبي، والبيهقي في "سننه " "6/261": كتاب الفرائض: باب ميراث الخنثى، وفي "معرفة السنن والآثار" "5/77"، حديث "3894"، من طريق محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس.
4 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "3/230": كتاب الميراث: باب ميراث الخنثى، وقال: هذا حديث لا يصح، وقد اجتمع فيه كذابون: أبو صالح الكلبي وسليمان، قال ابن عدي: والبلاء فيه من الكلبي.(1/354)
الْمَسْأَلَةِ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَرَّثَ خُنْثَى مِنْ حَيْثُ يَبُولُ1 إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
173 - حَدِيثُ: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهَارَةٍ" قُلْتُ: لَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ نَعَمْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابن عمر: "لا يقبل صَلَاةٌ إلَّا بِطَهُورٍ" وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: "لا يقبل صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ" 2 وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا طَهُورَ لَهُ".
وَفِي الْبَابِ عَنْ وَالِدِ أَبِي الْمَلِيحِ3 وأبي هُرَيْرَةَ4 وَأَنَسٍ5 وَأَبِي بَكْرَةَ6 وَأَبِي بَكْرٍ
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" "6/277": كتاب الفرائض: باب في الخنثى يموت كيف يورث؟ حديث "31364"، وعبد الرزاق في " المصنف " "10/307": كتاب الفرائض: باب خنثى ذكر، حديث "19204"، عن مغيرة عن الشعبي عن علي.
2 أخرجه مسلم "1/204": كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة، حديث "1/224"، والترمذي "1/5": كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة، حديث "1"، وابن ماجة "1/100": كتاب الطهارة: باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور حديث "262"، وأحمد "2/20، 39، 51" وأبو داود الطيالسي "1/49- منحة" رقم "155"، وابن أبي شيبة "1/4-5"، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "54"، وأبو عوانة "1/234"، وأبو يعلى "9/467" رقم "4 561"، وفي " المعجم" رقم "296"، وابن خزيمة "1/8" رقم "8"، وابن الجارود في " المنتقى" رقم "65"، وابن المنذر في "الأوسط " "1/108"، والسهمي في "تاريخ جرجان " "ص- 296"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "4/286-287" والحاكم في "معرفة علوم الحديث " "ص- 139"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" "7/176"، والبيهقي "1/42": كتاب الطهارة: باب فرض الطهور للصلاة، كلهم من طريق سماك بن حرب عن مصعب بن سعد قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال: ألا تدعو لي يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ".
قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن ا. هـ.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر.
قال ابن أبي حاتم في " العلل" "1/24- 25" رقم "37": سألت أبي عن حديث رواه عيسى بن جعفر عن مندل عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عمر الزهري سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب يذكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول" قال أبي: ليس ذا بشيء قلت: فتعرف أبا عمر الزهري قال: لا. ا. هـ.
3 أخرجه أبو داود "1/48- 49": كتاب الطهارة: باب فرض الوضوء، حديث "59"، والنسائي "1/88": كتاب الطهارة: باب فرض الوضوء، وابن ماجة "1/100": كتاب الطهارة: باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور، حديث "271"، وابن أبي شيبة "1/5": كتاب الطهارات: باب لا تقبل صلاة إلا بطهور، وأحمد "5/74" وأبو عوانة "1/235"، وأبو داود الطيالسي "1/49- منحة" رقم "153"، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" "56"، والدارمي "1/175": كتاب الطهارة: باب لا تقبل الصلاة بغير طهور وابن حبان "145- موارد"، والطبراني في " الصغير" "1/39" وفي "الكبير" "1/191" رقم "505، 506"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" "7/176- 177"، والبيهقي "1/42": كتاب ... =(1/355)
...........................................................................................
__________
= الطهارة: باب فرض الطهور للصلاة، والبغوي في "شرح السنة" "1/257- بتحقيقنا" كلهم من طريق قتادة عن أبي المليح عن أبيه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
وهذا الحديث صحيح صححه ابن حبان.
وقال البغوي: هذا حديث صحيح.
4 أخرجه أبو عوانة "1/236" وابن خزيمة في صحيحه "1/8" رقم "0 1" والبزار "1/133"- كشف" رقم "252" من طريق كثير بن زبد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
قال البزار: لا نعلمه يروي عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد وقد رواه عن كثير غير سليمان ا. هـ.
ولم يعلله ابن خزيمة فهو صحيح عنده.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/232" وقال: رواه الزار وفيه كثير بن زيد الأسلمي وثقه ابن حبان وابن معين في رواية وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين وضعفه النسائي وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ثقة ا. هـ.
قلت: وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال أحمد: ما أرى به بأساً، وقال ابن عدي: أرجو أن لا بأس به، وذكره ابن حبان في " الثقات" ينظر التهذيب "8/14".
وقال الحافظ في " التقريب" "2/132": صدوق يخطىء.
فمثله حسن الحديث كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث.
أما قول الزار المتقدم فمتعقب فقد جاء الحديث عن أبي هريرة من ثلاث طرق أخرى.
الطريق الأول:
أخرجه أبو يعلى "11/103" رقم "6230" من طريق عباد بن كثير عن أبي أمية قال: حدث الحسن بن أبي الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقبل الله صلاة إلا بطهور ولا صدقة من غلول".
وهذا إسناد ضعيف فيه علل كثيرة.
أبو أمية هو عبد الكريم بن أبي المخارق قال الذهبي في "المغني " ضعيف تركه بعضهم.
وعباد بن كثير ضعيف أيضاً، والحسن لم يسمع من أبي هريرة.
الطريق الثاني:
أخرجه أبو عوانة "1/236" وابن خزيمة "1/8" رقم "8" كلاهما من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعاً.
ورواية عكرمة عن يحيى مضطربة.
قال عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه عن عكرمة مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وقال أيضاً: مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة وكان حديثه عن إياس صالحاً.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير وقال عكرمة أوثق الرجلين.
وقال ابن المديني: أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها.
وقال البخاري: مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير.
وقال أبو داود: ثقة وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب. ينظر التهذيب "7/261، 262".
الطريق الثالث:.....=(1/356)
الصِّدِّيقِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ1 وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ2 وَغَيْرِهِمْ3 وَقَدْ أَوْضَحْتُ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ
__________
= أخرجه أبو عوانة "1/236" من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به مرفوعاً.
5 أخرجه ابن ماجة "1/100" كتاب الطهارة: باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور حديث "273" وأبو عوانة في "مسنده" "1/235" باب الدليل على إيجاب الوضوء لكل صلاة، وأبو يعلى "7/245" رقم "4252" من طرق عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن سنان عن أنس بن مالك عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
قال البوصيري في "الزوائد" "1/120": هذا إسناد ضعيف ليضعف التابعي وقد تفرد يزيد بالرواية عنه واختلف عليه في اسمه فقال الليث: سعد بن سنان، وقال ابن إسحاق وابن لهيعة: سنان بن سعد وقال أحمد بن حنبل: لم أكتب حديثه لاضطرابهم في اسمه.
6 أخرجه ابن ماجة "1/100" كتاب الطهارة: باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور حديث "274" وابن عدي في "الكامل" "6/332" كلاهما من طريق الخليل بن زكريا ثنا هشام بن حسان عن الحسن
عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
وهذا إسناد ضعيف جداً.
الخليل بن زكريا: متروك ينظر التقريب "1/228".
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/121": هذا إسناد ضعيف لضعف الخليل بن زكريا. ا. هـ.
قلت: وقد توبع الخليل على هذا الحديث تابعه منهال بن بحر.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/331" من طريق منهال بن بحر عن هشام بن حسان عن الحسن عن أبي بكرة به.
ومنهال بن بحر قال أبو حاتم الرازي: ثقة الجرح والتعديل "8/357" وقال العقيلي "4/238": في حديثه نظر.
وقال ابن عدي "6/332": وليس للمنهال بن بحر كثير رواية.
1 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" "1/232" بلفظ: لا تقبل صلاة إلا بطهور ولا صدقة من غلول.
قال الهيثمي في "المجمع " "1/232": رواه الطبراني في الأوسط وفيه وهب بن حفص الحراني قيل فيه كذاب. ا. هـ.
قال برهان الدين الحلبي في " الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث " "ص- 453": وهب بن حفص البجلي الحراني عن أبي قتادة الحراني كذبه الحافظ أبو عروبة وقال الدارقطني: كان يضع الحديث ونقل ابن الجوزي في " الموضوعات" عن أبي زرعة أنه كذاب يضع الحديث وذكر في مكان آخر ذلك عن أبي عروبة فلعل قوله ذلك عن أبي زرعة من غلط الناس.
2 أخرجه البزار "1/132، 33 1- كشف" حدثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد حدثني أبي ثنا سليمان بن أبي داود الجزري عن مكحول عن رجاء بن حيوة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
وذكره الهيثمي في "المجمع" "1/232" وقال: رواه الطبراني في الأوسط والبزار وفيه عبيد الله بن يزيد القردواني لم يرو عنه غير ابنه محمد.
3 وقد ورد الحديث من طرق أخرى منها:
- حديث عبد الله بن مسعود.
أخرجه الطبراني في "الكبير" "10/160- 161" من طريق عباد بن أحمد العرزمي ثنا عمي عن أبيه عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي السفر عن الأسود عن عبد الله قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا ... =(1/357)
فِي الْكَلَامِ عَلَى أَوَائِلِ التِّرْمِذِيِّ
174 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ" 1 التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ
__________
يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وابدأ بمن تعول".
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/232" وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه عباد بن أحمد العرزمي وهو متروك.
- حديث عمران بن حصين.
أخرجه الطبراني في "الكبير" "18/206- 207" رقم "509" من طريق زيد بن الحباب ثنا شعبة عن قتادة عن أبي السوار العدوي عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
قال الهيثمي في "المجمع" "1/233": ورجاله رجال الصحيح.
- موقوف ابن مسعود وابن عمر.
أخرجه ابن أبي شيبة "1/4-5" كتاب الطهارات: باب من قال لا تقبل صلاة إلا بطهور.
- مرسل الحسن.
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده "65- بغية الباحث" عن داود بن المحبر ثنا حماد عن حميد وغيره عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
وهذا الحديث مع إرساله فيه داود بن المحبر.
قال ابن حبان في "المجروحين" "1/287": وكان يضع الحديث على الثقات ويروي عن المجاهيل المقلوبات وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: هو كذاب.
وقال الحافظ في " التقريب" "1/234": متروك وأكثر كتاب العقل الذي صنفه موضوعات.
والحديث ذكره الحافظ في "المطالب العالية " "1/21" رقم "63" وعزاه للحارث.
- مرسل أبي قلابة
أخرجه الحارث في "مسنده" "64- بغية الباحث" عن داود بن المحبر ثنا حماد بن سلمة عن أيوب وحميد أو أحدهما عن أبي قلابة فذكره مرفوعاً.
وفيه داود بن المحبر وقد تقدم شيء من ترجمته.
وهذا الحديث قد عده الحافظ السيوطي متواتراً فذكره في "الأزهار المتناثرة" رقم "12" وعزاه لمسلم عن ابن عمر وأبي داود والنسائي عن أسامة بن عمير وابن ماجة عن أنس وأبي بكرة والطبراني عن الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين وأبي سعيد الخدري والبزار عن أبي هريرة والخطب في "المتفق والمفترق" عن الحسن بن علي والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" من مرسل الحسن وأبي قلابة وابن أبي شيبة في "المصنف "موقوفاً على ابن عمر وابن مسعود.
1 أخرجه الدارمي "2/44": كتاب المناسك: باب الكلام في الطواف، والترمذي "3/293": كتاب الحج: باب ما جاء في الكلام في الطواف، الحديث "960"، والطبراني في "المعجم الكبير" "11/34"، الحديث "10955"، والحاكم "1/459": كتاب المناسك، والبيهقي "5/85": كتاب الحج: باب إقلال الكلام بغير ذكر اللَّه في الطواف، وأبو نعيم في الحلية "8/128"، في ترجمة الفضيل بن عياض رقم "369"، وابن الجارود ص: "161": باب المناسك، الحديث "461" وابن خزيمة "4/222"، حديث "2739"، من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن طاووس عن ابن عباس فذكره.
وابن حبان "998"، وأبو يعلى "4/467" رقم "2599" من حديث طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير" قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".(1/358)
وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ وَمَدَارُهُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَرَجَّحَ الْمَوْقُوفَ النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُنْذِرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَزَادَ إنَّ رِوَايَةَ الرَّفْعِ ضَعِيفَةٌ وَفِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ صَدُوقٌ وَإِذَا رُوِيَ عَنْهُ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا تَارَةً وَمَوْقُوفًا أُخْرَى فَالْحُكْمُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلرَّفْعِ وَالنَّوَوِيُّ مِمَّنْ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ وَيُكْثِرُ مِنْهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ بِهِ إذَا كَانَ الرَّافِعُ ثِقَةً فَيَجِيءُ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ صَحِيحٌ فَإِنْ اعْتَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ اخْتَلَطَ وَلَا تُقْبَلُ إلَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ
أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ1 أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ وَالثَّوْرِيُّ مِمَّنْ سَمِعَ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ قَدْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ فَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الرَّفْعِ أَيْضًا وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ مَوْقُوفٌ وَوَهَمَ عَلَيْهِ مَنْ رَفَعَهُ
قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا نَعْلَمُ أَسْنَدَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ غَيْرَ هَذَا وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءٍ مَوْقُوفًا وَأَسْنَدَهُ جَرِيرٌ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ
قُلْت وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ أَبُو حُذَيْفَةَ فَرَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْغَلَطَ مِنْ الْجَحْدَرِيِّ وَإِلَّا فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَقَالَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى لَيْسَ فِيهَا عَطَاءٌ وَهِيَ عِنْدَ النَّسَائِيّ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَرَفَعَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ3
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَلَيْثٌ يُسْتَشْهَدُ بِهِ
__________
1 أخرجه الحاكم في " المستدرك" "1/459": كتاب المناسك: باب أن الطواف مثل الصلاة.
2 أخرجه النسائي في " الكبرى" "2/406"، حديث "3944" عن أبي عوانة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس فذكره.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "11/34"، حديث "10955"، والبيهقي في " الكبرى" "5/87": كتاب الحج: باب الطواف على الطهارة، من طريق موسى بن أعين عن ليث عن طاوس عن ابن عباس.(1/359)
قُلْتُ: لَكِنْ اخْتَلَفَ عَلَى مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ فِيهِ فَرَوَى الدَّارِمِيُّ1 عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَرَجَعَ إلَى رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ2 مِنْ طَرِيقِ الْبَاغَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ مَرْفُوعًا وَأَنْكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى الْبَاغَنْدِيِّ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مَرْفُوعَةٌ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ الله لنبيه: {طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} فَالطَّوَافُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ 3 إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فيه المنطق فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ", وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُمْ ثِقَاتٌ
وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوَّلَهُ الْمَوْقُوفَ وَمِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ آخِرَهُ الْمَرْفُوعَ4 وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الطَّوَافُ صَلَاةٌ فَإِذَا طُفْتُمْ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ" 5 وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ وَهِيَ تُعَضِّدُ رِوَايَةَ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَتُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ الْمَرْفُوعَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبْهَمَ فِيهَا هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ فَلَا يَضُرُّ إبْهَامَ الصَّحَابَةِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ6 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الطُّرُقَ عَرَفْتَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَى طَاوُسٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ فَأَوْضَحُ الطُّرُقِ وَأَسْلَمُهَا رِوَايَةُ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْ الِاضْطِرَابِ إلَّا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِيهَا إدْرَاجًا وَاَللَّهُ أَعْلَمْ
__________
1 أخرجه الدارمي "2/44": كتاب الحج: باب الكلام في الطواف، من طريق علي بن سعيد عن موسى بن أعين عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس فذكره نحوه- ووقع عند الدارمي "علي بن سعيد" هكذا- والصحيح هو "علي بن معبد"، ينظر "تهذيب الكمال" "29/28".
2 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" "5/87": كتاب الحج: باب الطواف على الطهارة.
3 أخرجه الحاكم في " المستدرك" "2/266، 267"، وقال: هذا حديث على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وإنما يعرف هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير.
4 أخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/267": كتاب التفسير: باب الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة.
5 أخرجه أحمد "3/414"، والنسائي "5/222": كتاب الحج: باب إباحة الكلام في الطواف حديث "2922"، من حديث طاوس عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيأتي هذا الحديث في كتاب الحج.
6 أخرجه النسائي "5/222": كتاب الحج: باب إباحة الكلام في الطواف، حديث 29231"، من طريق حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس عن ابن عمر موقوفاً.(1/360)
175 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: "لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إلَّا طَاهِرٌ" 1 الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْيَمَنِ قَالَ: "لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ",
وَفِي إسْنَادِهِ سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَحَسَّنَ الْحَازِمِيُّ إسْنَادَهُ وَاعْتَرَضَ النَّوَوِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ فِي إيرَادِهِ لَهُ عَنْ حَكِيمِ بن حزام بما حصله أَنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قُلْتُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَشْهَرُ وَهُوَ فِي الْكِتَابِ الطَّوِيلِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثم أن الشيخ محي الدِّينِ فِي الْخُلَاصَةِ ضَعَّفَ حَدِيثَ حَكِيمِ1 بْنِ حِزَامٍ وَحَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ جَمِيعًا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَدِيثِ حَكِيمٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2 رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ احْتَجَّ بِهِ
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ3 رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي دَاوُد فِي الْمَصَاحِفِ وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ
وَعَنْ ثَوْبَانَ أَوْرَدَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مُنْتَخَبِ مُسْنَدِهِ وَفِي إسْنَادِهِ خُصَيْبُ بْنُ جُحْدُرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي قِصَّةِ إسْلَامِ عُمَرَ أَنَّ أُخْتَهُ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ إنَّكَ رِجْسٌ وَلَا
__________
1 أخرجه الدارقطني في " السنن " "1/122": كتاب الطهارة: باب في نهي المحدث عن مس القرآن، حديث "6"، والحاكم في المستدرك "3/485": كتاب معرفة الصحابة: مناقب حكيم بن حزام، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي في الخلاقيات "1/510، 511"، حديث "302"، والطبراني في "الكبير" "3/229، 230"، حديث "3135"، وفي " الأوسط " "4/181، 182"، حديث "3325"، وقال: لم يرو هذا الحديث عن مطر الوراق إلا سويد أبو حاتم، ولا يروى عن حكيم بن حزام إلا بهذا الإسناد، وقال الدارقطني: قال لنا ابن مخلد: سمعت جعفراً يقول: سمع حسان بن بلال من عائشة، وعمار قيل له: سمع مطر من حسان؟ فقال: نعم.
2 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/121": كتاب الطهارة: باب في نهي المحدث عن مس القرآن، حديث "3"، والطبراني في "الكبير" "12/313، 4 31"، حديث "13217" عن ابن عمر.
3 أخرجه ابن أبي داود السجستاني في كتاب المصاحف ص "185"، والطبراني في "الكبير" "9/33"، حديث "8336" من طريق المغيرة بن شعبة عن عثمان بن أبي العاص فذكره.(1/361)
يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ1 وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَفِيهِ عَنْ سَلْمَانَ2 مَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ الدارقطني والحاكم [والله أعلم] .
176 - قَوْلُهُ وَيُرْوَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ وَلَا يَمَسُّهُ إلَّا طَاهِرٌ" هَذَا اللَّفْظُ لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلَا يُوجَدُ ذِكْرُ حَمْلِ الْمُصْحَفِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ وَأَمَّا الْمَسُّ فَفِيهِ الْأَحَادِيثُ الْمَاضِيَةُ
177 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا إلَى هِرَقْلَ وَكَانَ فِيهِ: {تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الْآيَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 عَنْ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ
178 - قَوْلُهُ: اللَّمْسُ الْمُرَادُ بِهِ الجس باليد روى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ انْتَهَى أَمَّا ابْنُ عُمَرَ4 فَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ: مَنْ قَبَّلَ امْرَأَةً أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ بن مسعود5 وبلفظ: الْقُبْلَةُ مِنْ اللَّمْسِ وَفِيهَا الْوُضُوءُ وَاللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ} مَعْنَاهُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ
وَاسْتَدَلَّ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّمْسِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ:6 مَا كَانَ أَوْ قَلَّ يَوْمٌ إلَّا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينَا فَيَقِيلُ عِنْدَنَا وَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ الْحَدِيثُ
__________
1 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/123": كتاب الطهارة: باب في نهي المحدث عن مس القرآن، حديث "7"، من طريق القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلداً السيف فقيل له ... فذكره.
2 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/123، 124"، حديث "8"، "9"، "10"، "11"، "12"، عن سليمان وأخرجه الحاكم في " المستدرك " "1/183"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه لتوقيفه، وقد رواه أيضاً جماعة من الثقات عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان.
3 أخرجه البخاري "1/42": كتاب بدء الوحي، حديث "7"، وأطرافه في: "51، 2681، 4 280، 2941 2978، 3174، 4553، 5980. 6290، 7196، 7541"، ومسلم "6/346، 347،
348- نووي": كتاب الجهاد والسير: باب كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل يدعوه للإسلام، حديث "74- 773 1"، وأبو داود "4/335": كتاب الأدب: باب كيف يكتب إلى الذمي، حديث "5136"، والترمذي "5/69": كتاب الاستئذان: باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك، حديث "2717" من طريق عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.
4 أخرجه مالك في "الموطأ" "1/43": كتاب الطهارة: باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته، حديث "64"، والشافعي في "الأم" "1/62، 63": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الملامسة والغائط، عن ابن عمر.
5 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى " "1/124": كتاب الطهارة: باب الوضوء من الملامسة، وأشار إليه الشافعي في الأم "1/63" فقال بعد أن أورد حديث ابن عمر: وبلغنا عن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر.
6 أخرجه الحاكم في " المستدرك" "1/135": كتاب الطهارة: باب الدليل على أن اللمس ما دون الجماع والوضوء منه من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى " "1/123، 124" هذه الطرق: كتاب الطهارة: باب الوضوء من الملامسة، وأخرجها أيضاً الحاكم في "المستدرك " "1/135".(1/362)
وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ1 بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "الْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ" وَفِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: "لَعَلَّك قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ؟ " وَبِحَدِيثِ عُمَرَ: القبلة من اللمس فتوضؤوا مِنْهَا وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَحَمَلَهُ عَلَى الْجِمَاعِ
فَائِدَةٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ2 إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ فِي الْآيَةِ الْجِمَاعُ لِأَنَّهُ مَسَّهَا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَمَرَّ وَأَمَّا حَدِيثُ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ3 فَمَعْلُولٌ ذَكَرَ عِلَّتَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ وَقَالَ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ قَبْلَ نُزُولِ الْوُضُوءِ مِنْ اللَّمْسِ
__________
1 أخرج البيهقي في " السنن الكبرى" "1/123، 124" هذه الطرق: كتاب الطهارة: باب الوضوء من الملامسة، وأخرجها أيضاً الحاكم في " المستدرك " "1/135".
2 أخرجه النسائي "1/102": كتاب الطهارة: باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة، حدث "167"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/128": كتاب الطهارة: باب ما جاء في غمز الرجل امرأته من غير شهوة أو من وراء حائل، من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة فذكره.
3 أخرجه أحمد "6/210"، وأبو داود "1/46": كتاب الطهارة: باب الوضوء من القبلة، حديث "179"، والترمذي "1/133": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة، حديث "86"، وابن ماجة "1/168" كتاب الطهارة وسننها: باب الوضوء من القبلة، حديث "2 0 5"، وقال البوصيري في "الزوائد": هذا الحديث قد رواه أبو داود النسائي لإسناد فيه إرسال، والإرسال لا يضر، عند الجمهور في الاحتجاج، وقد جاء بذلك الإسناد موصولاً، ذكره الدارقطني، وقد رواه البزار بإسناد حسن، ورواه ابن ماجة بإسنادين فالحديث حجة بالاتفاق، وقد تقدم تخريجه.(1/363)
10- بَابُ الْغُسْلِ 1
179 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: "إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ
__________
1 قال الجوهري: غسلت الشيء غسلاً بالفتح، والاسم الغسل بالضم: ويقال: غسل: كعسر وعسر. قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في "مثلثه": والغسل، يعني بالضم: الاغتسال، والماء الذي يغتسل به.
وقال القاضي عياض: الغسل بالفتح: الماء، والغسل: الإسالة، الغسالة: ما غسلت به الشيء، والغسول: الماء الذي يغتسل به، وكذلك المغتسل، والمغتسل أيضاً: الذي يغتسل فيه. والغسل بالكسر: ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره، ومنه الغسلين، وهو ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم.
وفي "المغرب": غسل الشيء: إزالة الوسخ ونحوه عنه، بإجراء الماء عليه. والغسل بالضم: اسم من الاغتسال، وهو غسل تمام الجسد، واسم للماء الذي يغتسل به أيضاً.
ينظر الصحاح 5/1781، تهذيب اللغة 8/35، 36، لسان العرب: 5/3256، 3257.(1/363)
وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1 بِلَفْظِ: "فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي".
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي"
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَنْدَهْ: "فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ" 2
وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُمَيِّزَةً3 بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: "دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا" ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حَالَتَانِ حَالَةٌ تُمَيِّزُ وَحَالَةٌ لَا تُمَيِّزُ فَأَمَرَهَا بِالرُّجُوعِ إلَى الْعَادَةِ
حَدِيثُ: "إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" كَرَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
__________
= واصطلاحاً:
عرفه الحنفية بأنه: غسل البدن.
وعند الشافعية: سيلان الماء على جميع البدن.
وعند المالكية: إيصال الماء لجميع الجسد بنية استباحة الصلاة مع الدَّلك.
وعند الحنابلة: استعمال ماء طهور في جميع بدنه، على وجه مخصوص.
ينظر: الدرر: 1/17، الخرشي 1/161 كشف القناع 1/139 حكمته: إن الشخص بعد الجماع، والمرأة الحائض، النفساء يحصل لهم هبوط في الجسم، وفتور في الأعضاء، فإذا اغتسل كل منهما بالماء، عاد إليه نشاطه، واسترد ما لحقه وأصابه، كما أن الشخص حالة الجماع كثيراً ما يغفل عن ذكر الله، ومن بها حيض أو نفاس لا تصح صلاتها، من أجل ذلك أوجب الله الغسل على كل منهما عقب انتهاء سببه ليسترد نشاطه وقوته، ويكفر عما اقترف، وهو واجب على التراخي، ويتضيق عند القيام إلى الصلاة. وقد وجب غسل جميع البدن من خروج المني، ولم يجب إلا غسل بعض أجزائه من خروج البول، مع أن كلا منهما قد نزل من مخرج واحد؛ لأن المني يتجمع من كل البدن، فوجب تطهر جميعه، ولا كذلك البول، فإنه لم يتجمع من الجسم كله. ولذا لم يوجب الشارع الحكيم الغسل من البول، على أن البول كثير النزول يوميا، بخلاف المني الذي لا يخرج إلا في كل مدة تزيد وتنقص حسب استعداد الطبائع واختلافها، وعلى أي حال، فإن نزول البول متعدد يوميا، فلو وجب الغسل منه لأدى إلى الحرج والمشقة، والدين الإسلامي بعيد كل البعد عن مثل ذلك.
1 أخرجه البخاري "1/409": كتاب الحيض: باب الاستحاضة رقم "306"، ومسلم "1/262": كتاب الحيض: باب المستحاضة وغسلها وصلاتها "62/333"، وأبو داود "1/128": كتاب الطهارة: باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، حديث "282".
والنسائي "1/124": كتاب الطهارة: باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، والترمذي "1/217" أبواب الطهارة: باب ما جاء في "المستحاضة " "125"، وابن ماجة "1/203" كتاب الطهارة: باب ما جاء في المستحاضة.. "621"، وابن أبي شيبة "1/125- 126" وعبد الرزاق "1165" وأبو عوانة "1/319".
2 في الأصل: فليغتسل وليصل.
3 المميزة: هي التي تفرق بين الحيض والاستحاضة، من ميزت بين الشيئين: إذا فرقت بينهما، قال الجوهري: يقال: مزت الشيء أميزه، إذا عزلته، ينظر: النظم المستعذب "1/46".(1/364)
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ1 مُطَوَّلًا وَفِيهِ قِصَّةُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ2 عَلَى الْقِصَّةِ دُونَ قَوْلِهِ: "الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ الْبَابِ3 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ4 وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ5 وَمِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ6 وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ7 وَابْنُ شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ8 وَقَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ الْحَازِمِيُّ9 وَقَبْلَهُ ابْنُ شَاهِينَ10
180 - حَدِيثُ عَائِشَةَ: "إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلْنَا11
__________
1 أخرجه مسلم "2/271- نووي": كتاب الحيض: باب إنما الماء من الماء، حديث "80- 343" من طريق شريك عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه فذكره.
2 أخرجه البخاري "1/340": كتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، حديث "180"، من طريق الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري فذكره.
3 أخرجه أبو داود "1/56": كتاب الطهارة: باب في الإكسال، حديث "217"، وابن خزيمة "1/117"، حديث "233"، وابن حبان في "صحيحه " "3/445، 446"، حديث "171 1"، والبيهقي في "السنن " "1/165"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/54"، من طريق أبي صالح عن أبي سعيد فذكره.
4 أخرجه أحمد "5/421"، والنسائي "1/115": كتاب الطهارة: باب الذي يحتلم ولا يرى الماء، وابن ماجة "1/199": كتاب الطهارة وسننها: باب الماء من الماء، حديث "607"، والطبراني في " الكبير" "4/131"، حدث "3894"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/54"، من طريق عمرو
بن دينار عن ابن السائب عن عبد الرحمن بن سعاد عن أبي أيوب فذكره.
5 أخرجه أحمد "4/143" عن موسى بن أبوب الغافقي عن بعض ولد رافع بن خديج عن رافع بن خديج فذكره.
6 أخرجه أحمد "4/342" عن كثير بن زبد عن المطلب بن عبد الله عن عتبان أو ابن عتبان الأنصاري فذكره.
7 أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/54. 55": كتاب الطهارة: باب الذي يجامع ولا ينزل عن أبي هريرة.
8 أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" ص "46"، حديث "11" عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أنس فذكره.
9 ينظر: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" للحازمي ص "117- 129".
10 ينظر: " الناسخ والمنسوخ من الحديث " لابن شاهين ص "41- 53".
11 أخرجه الشافعي في "الأم" "1/96": كتاب الطهارة: باب ما يوجب الغسل ولا يوجبه، وأخرجه أحمد "6/47"، ومسلم "1/271- 272": كتاب الحيض: باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين، الحديث "88/349"، والترمذي "1/182": كتاب الطهارة: باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل، الحديث "108" و"109" وقال: حديث عائشة حسن صحيح، والطحاوي: كتاب الطهارة: باب الذي يجامع ولا ينزل، وأبو عوانة "1/289"، والبيهقي "1/164": كتاب الطهارة: باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين، من طريق عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة فذكرته.(1/365)
الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَا الثِّقَةُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْهَا وفي مختصر المزني ذكره عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِلَا شَكٍّ وَفِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ رَوَاهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القاسم به
وقال النَّسَائِيُّ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا الْوَلِيدُ بِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا الْوَلِيدُ ثُمَّ قَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا فَقَالَ لَا وَأَجَابَ مَنْ صَحَّحَهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ كَانَ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَحَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ أَوْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ ثُمَّ نَسِيَ وَلَا يَخْلُو الْجَوَابُ عَنْ نَظَرٍ
تَنْبِيهٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ هُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَأَمَّا بِهَذَا اللَّفْظِ فَغَيْرُ مَذْكُورٍ انْتَهَى وَقَدْ عُرِفَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ مَذْكُورٌ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ بلفظ غذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ
حَدِيثُ عَائِشَةَ: "إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ" تَقَدَّمَ قَبْلَهُ
فَائِدَةٌ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى نَسْخِ حَدِيثِ: "إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" 1 وَأَوَّلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ2 فَقَالَ إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" فِي الِاحْتِلَامِ, أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ وَلَمْ يذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إسْنَادِهِ لِينٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ3 عَنْ أَبِي الْجِحَافِ4 وَفِي السُّنَنِ
__________
1 تقدم تخريجه قريباً.
2 أخرجه الطبراني في " الكبير" "11/304"، حديث "1812 1"، والترمذي "1/186": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء: أن الماء من الماء، حديث "112" من طريق شريك عن أبي الحجاف عن عكرمة عن ابن عباس.
3 هو شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي أبو عبد اللَّه الكوفي القاضي، قال البخاري: كثير الغلط، وقال العجلي: كوفي ثقة، وكان حسن الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: ساء حفظه بأخرة، وقال الدارقطني: ليس بالقوي فيما يتفرد به.
ينظر: تهذيب التهذيب "4/333"، رقم "577"، وعلل الحديث لابن أبي حاتم "1/230"، رقم "668"، وسق الدارقطني "1/345"، والثقات للعجلي، رقم "570"، وميزان الاعتدال "2/270".
4 اسمه داود بن أبي عوف الكوفي، وكان مرجئاً، قال ابن عيينة: كان من الشيعة مما يشيعه، وقال أحمد وابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن عدي: له أحاديث وهو من غالية التشيع، وعامة حديثه في أهل البيت، وهو عندي ليس بالقوي، ولا ممن يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، ينظر: تهذيب التهذيب "3/197"، والمعرفة ليعقوب 2/670"، وميزان الاعتدال "2/18".(1/366)
بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ1 قَالَ إنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَا يَقْتَضِي انْقِطَاعَهُ فَقَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ سَهْلٌ وَجَزَمَ مُوسَى بْنُ هَارُونُ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَهْلٍ
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ الزُّهْرِيُّ هُوَ أَبُو حَازِمٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ أُبَيِّ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لَابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَهْلٌ فَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ حَزْمٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَهَابُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ غَلَطًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مَعْمَرٍ
قُلْت: أَحَادِيثُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ مَعْمَرٍ يَقَعُ فِيهَا الْوَهْمُ لَكِنْ فِي كِتَابِ ابْنِ شَاهِينَ2 مِنْ طَرِيقِ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَهْلٌ وَكَذَا أَخْرَجَهُ بَقِيَ بْنُ مَخْلَدٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ سَمِعَهُ مِنْ رَجُلٍ عَنْ سَهْلٍ ثُمَّ لَقِيَ سَهْلًا فَحَدَّثَهُ أَوْ سَمِعَهُ مِنْ سَهْلٍ ثُمَّ ثَبَتَهُ فِيهِ أَبُو حَازِمٍ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سَيْفِ بْنِ
__________
1 أخرجه أبو داود "1/147": كتاب الطهارة: باب في الإكسال الحديث "215"، وابن أبي شيبة "1/89": كتاب الطهارة: باب من قال: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل"، وأحمد "5/115" والدارمي "1/194": كتاب الطهارة باب الماء من الماء، والترمذي "1/183- 184": كتاب الطهارة: باب ما جاء أن الماء من الماء، الحديث "110"، وابن ماجة "1/200": كتاب الطهارة: باب الماء من الماء، الحديث "609"، وابن الجارود ص "33": كتاب الطهارة: باب في الجنابة والتطهر لها حديث "91"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/57": كتاب الطهارة: باب الذي يجامع ولا ينزل، والدارقطني "1/126": كتاب الطهارة: باب نسخ قول الماء من الماء، الحديث "1"، والبيهقي "1/165": كتاب الطهارة: باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين، وابن خزيمة "1/112": كتاب الطهارة: باب ذكر نسخ إسقاط الغسل في الجماع من غير إمناء "177"، الحديث "225"، وابن حبان "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" ص "80": كتاب الطهارة: باب ما يوجب الغسل، الحديث "228"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان لكنه وقع عندهم عن الزهري عن سهل.
تنبيه: قال المصنف- رحمه اللَّه-: رواه أصحاب السنن، ولم أجده عند النسائي.
2 أخرجه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ من الحديث " ص "48"، رقم: "17".(1/367)
وَهْبٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَمِيرَةَ بْنِ يَثْرِبِيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَهُ
وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ كَانُوا يَقُولُونَ: إذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ1 وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي عَدَمِ الْإِيجَابِ لَكِنْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ أَخِيرًا عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ قَالَهُ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ وغيره
181 - حَدِيثُ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: "نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ" فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ2 الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ فِي الطَّهَارَةِ وَلَهُ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُمَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ3 عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ4 أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ5 أَنَّ بُسْرَةَ سَأَلَتْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي
__________
1 أخرجه مالك في "الموطأ" "1/45، 46": كتاب الطهارة: باب واجب الغسل إذا التقى الختانان، حديث "71".
2 أخرجه مالك "1/51": كتاب الطهارة: باب غسل المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل، حديث "85"، والبخاري "1/388" كتاب الغسل: باب إذا احتلمت المرأة، حديث "282"، ومسلم "1/251": كتاب الحيض: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، حديث "32/313"، والترمذي "1/209": كتاب الطهارة: باب ما جاء في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، حديث "122"، والنسائي "1/114- 115": كتاب الطهارة: باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، وابن ماجة "1/197": كتاب الطهارة باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل حديث "6" وأحمد "6/302" والشافعي في " الأم " "1/87": باب ما يوجب الغسل وما لا يوجبه وأبو عوانة "1/291"، وعبد الرزاق "1/283" رقم "1049"، والحميدي "1/143" رقم "298"، وابن خزيمة رقم "235"، وأبو يعلى "12/321" رقم "6895"، وابن حبان "1151، 1152- الإحسان"، والبيهقي "1/168": كتاب الطهارة، والبغوي في "شرح السنة" "1/339- بتحقيقنا" كلهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 أخرجه مسلم "1/25": كتاب الحيض: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، حديث "30/311"، والنسائي "1/112": كتاب الطهارة: باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، حديث " ... " وابن ماجة "1/197": كتاب الطهارة: باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، حديث "61"، وأحمد "3/121، 199"، وأبو يعلى "5/299"، حديث "2920" من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس فذكره.
4 أخرجه مسلم "2/225، 226- نووي": كتاب الحيض: باب وجوب الغسل على المرأة، حديث "32- 314"، "33- 314" من طريق "ابن شهاب، ومسافع بن عبد الله" عن عروة بن الزبير عن عائشة فذكره.
5 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" "1/80": كتاب الطهارة: باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، رقم "881".(1/368)
شَيْبَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1 أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حكيم2 رواه النَّسَائِيُّ
تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَتَبِعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ثُمَّ الْغَزَالِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى3 أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَدَّةُ أَنَسٍ وَغَلَّطَهُمْ ابْنُ الصَّلَاحِ ثُمَّ النَّوَوِيُّ فِي ذَلِكَ
تَنْبِيهٌ آخَرُ: فِي الْوَسِيطِ أَنَّ الْقَائِلَةَ فَضَحْتِ النِّسَاءَ عَائِشَةُ وَغَلَّطَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَلَمْ يُصِبْ فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ
182 - حَدِيثُ "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ" 4 أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ
__________
1 أخرجه الطبراني في " الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" "1/273" عن أبي هريرة قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة تحتلم هل عليها غسل فقال: "نعم إذا وجدت الماء فلتغتسل" وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري قال أبو حاتم: كان يكذب.
2 أخرجه النسائي "1/115" كتاب الطهارة: باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، حديث "198"، من طريق عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم وأخرجه ابن ماجة "1/197" كتاب الطهارة: باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل رقم "602" من طريق علي ابن زيد عن سعيد بن المسيت عن خولة بنت حكيم أنها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال: "ليس عليها غسل حتى تنزل كما أنه ليس على الرجل غسل حتى ينزل".
وذكره البوصيري في "الزوائد""1/223" وقال: علي بن زيد بن جدعان ضعيف ا. هـ.
- وفى الباب عن ابن عمر:
أخرجه أحمد "2/0 9"، وأبو يعلى "10/132"، حديث "5759" من طريق عبد الجبار الأيلي عن يزيد بن أبي سمية عن ابن عمر فذكره.
3 "هو محمد بن يحيى بن منصور، العلامة محيي الدين، أبو سعد- بسكون العين- النيسابوري. تفقه على أبي حامد الغزالي وأبي المظفر الخوافي وبرع في الفقه، وصنف في المذهب والخلاف، وانتهت إليه رئاسة الفقهاء بنيسابور. رحل الفقهاء من النواحي للأخذ عنه واشتهر اسمه، ودرس بنظامية نيسابور. وقال ابن خلكان: هو أستاذ المتأخرين، وأوحدهم علماً وزهداً. مولده سنّة ست وسبعين- بتقديم السين- وأربعمائة، وقتله الغز في شهر رمضان سنّة ثمان وأربعين وخمسمائة حين دخلوا نيسابور، دسوا في فيه التراب حتى مات".
انظر ترجمته في الأعلام 8/7 وطبقات الشافعية 4/197 ووفيات الأعيان 3/359 والنجوم الزاهرة 5/305 وشذرات الذهب 4/151 ومرآة الجنان 3/290.
4 وأخرجه ابن أبي شيبة "3/269"، وأحمد "2/433"، والطيالسي "4 231"، والبيهقي "1/303" من طريق أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعاً، قال البيهقي: هذا هو المشهور من حديث ابن آبي ذئب وصالح مولى التوأمة ليس بالقوي.
وتعقبه ابن التركماني فقال: بأنه من رواية ابن أبي ذئب وقد قال ابن معين صالح ثقة حجة، ومالك، والثوري أدركاه بعدما تغير وابن أبي ذئب سمع منه قبل ذلك وقال السعدي: حديث ابن أبي ذئب عنه مقبول لتثبته وسماعه القديم منه وقال ابن عدي: لا أعرف لصالح حديثاً منكراً قبل الاختلاط. وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة:
فأخرجه الترمذي "3/318": كتاب الجنائز: باب ما جاء في " الغسل" من غسل الميت "993"، وابن ماجة "1/470": كتاب الجنائز: باب ما جاء في غسل الميت "1463"، وعبد الرازق "3/4007"....=(1/369)
صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا وَزَادَ "وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" وَصَالِحٌ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانِ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ وَأَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ لَهُ طُرُقًا وَضَعَّفَهَا ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ الْأَشْبَهُ مَوْقُوفٌ وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَحْمَدُ لَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ شَيْءٌ نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ عَنْهُمَا وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ وَهَذَا فِي الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ الذُّهْلِيُّ لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ لَلَزِمَنَا اسْتِعْمَالُهُ
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ1 لَيْسَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ2 عَنْ أَبِيهِ لَا يَرْفَعُهُ الثِّقَاتُ إنَّمَا هُوَ معروف
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْخِلَافَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هَلْ هُوَ عَنْ صَالِحٍ أَوْ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ أَوْ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُهُ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ أَصَحُّ
__________
= رقم "6111"، وابن حبان "751- موارد" من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن، وصححه ابن حبان.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "1/397"، وابن حزم في "المحلى" "2/23"، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص 172- بتحقيقنا" من طريق محمد بن عمر وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، وأخرجه أبو داود "3162"، والبيهقي "1/301" من طريق حامد بن يحيى، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه أبو داود "3161"، والبيهقي "1/303" من طريق القاسم بن عباس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة به، وقال البيهقي: وعمرو بن عمير إنما يعرف بهذا الحديث وليس بالمشهور.
وأخرجه البيهقي "1/302" من طريق زهير عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة به، وقال: زهير بن محمد: قال البخاري: روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، وزهير بن محمد قال الحافظ في "التقريب" "1/264" رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها قال البخاري عن أحمد: كان زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه.
وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير" "1/397"، والبيهقي "1/301" من طريق أبي واقد، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وإسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة به بلفظ: "من غسله".
1 ينظر: "الأوسط" لابن المنذر "1/181"، حديث "76".
2 ينظر: " علل الحديث " لابن أبي حاتم "1/351"، حديث "1035".(1/370)
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ يُصَحِّحْ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا مَرْفُوعًا
قُلْت قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حبان وله طريق أُخْرَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ" ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ قُلْت رُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ وَقَالَ ابْنُ دقيق العيد في الإمام حَاصِلُ مَا يَعْتَلُّ بِهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ وَلَا يَخْلُو إسْنَادٌ مِنْهَا مِنْ مُتَكَلَّمٍ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا مَعْنَاهُ أن أحسنها روياة سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِيَ مَعْلُولَةٌ وَإِنْ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ حَزْمٍ فَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْت إِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَحَّحَ الْحَدِيثُ قَالَ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هريرة فإسناد حَسَنٌ إلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو ورووه عَنْهُ مَوْقُوفًا وَفِي الْجُمْلَةِ هُوَ بِكَثْرَةِ طُرُقِهِ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا فَإِنْكَارُ النَّوَوِيِّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ مُعْتَرَضٌ وَقَدْ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبَيْهَقِيّ طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ احْتَجَّ بِهَا الْفُقَهَاءُ وَلَمْ يُعِلُّوهَا بِالْوَقْفِ بَلْ قَدَّمُوا رِوَايَةَ الرَّفْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ1 رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ2 وَفِيهِ مَقَالٌ وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ
وَعَنْ حُذَيْفَةَ3 ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ وَقَالَا إنَّهُ لَا يَثْبُتُ
قُلْتُ وَنَفْيِهِمَا الثُّبُوتَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ قَوِيٌّ لِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَعَلَّهُ بِأَنَّ أَبَا
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة "3/269"، وأحمد "6/152"، وأبو داود "3160" كتاب الجنائز: باب في الغسل من غسل الميت، والبيهقي "1/299"، والدارقطني "1/113"، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "ص- 64- بتحقيقنا" من طريق مصعب بن أبي شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "الغسل من أربع الجنابة والجمعة والحجامة وغسل الميت".
2 قال الحافظ في "التقريب" "2/251": لين الحديث.
وذكره الذهبي في "المغنى" "2/660" وقال: وثق، وقال الدارقطني: ليس بالقوي وقال أحمد: روى مناكير.
3 أخرجه البيهقي "1/304": كتاب الطهارة: باب الغسل من غسل الميت، وابن أبي حاتم في علل الحديث "1/354"، حديث "1046"، والدارقطني في " العلل" "4/146"، رقم "476"، كلهم من طريق معمر بن أبي إسحاق عن أبيه عن حذيفة، وقال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث غلط، ولم يبين غلطه.(1/371)
بَكْرِ بن إسحاق الصبغي قَالَ هُوَ سَاقِطٌ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَدِيثٌ انْتَهَى
وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَيْسَ بِقَادِحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ وَعَنْ الْمُغِيرَةِ1 رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ خَرَّجَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا قُلْت وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ وَقَدْ أَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَكَذَا جَزَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد
وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ2 عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيِّ الْحَافِظِ ثَنَا أَبُو شَيْبَةَ ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهِرًا وَلَيْسَ بِنَجِسٍ فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ" قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا ضَعِيفٌ وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى أَبِي شَيْبَةَ قُلْتُ أَبُو شَيْبَةَ هُوَ إبْرَاهِيمُ3 بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ احْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ النَّاسُ وَمِنْ فَوْقِهِ احْتَجَّ بِهِمْ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ4 هُوَ ابْنُ عُقْدَةَ حَافِظٌ كَبِيرٌ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِ بِسَبَبِ الْمَذْهَبِ وَلِأُمُورٍ أُخْرَى وَلَمْ يُضَعِّفْهُ بِسَبَبِ الْمُتُونِ أَصْلًا فَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ الْمُرَادَ بِالْغُسْلِ غُسْلِ الْأَيْدِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي هذا قلت ويؤيد أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ5 مَا رَوَى
__________
1 أخرجه أحمد "4/246"، وذكره الهيثمي في " المجمع " "3/25"، وقال: وفى إسناده راو لم يسم.
2 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى " "1/306": كتاب الطهارة: باب الغسل من غسل الميت، من طريق سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.
3 هو أبو شيبة الواسطي وقد تقدم ترجمته.
4 هو الحافظ أبو العباس بن عقدة محدث الكوفة شيعي متوسط ضعفه غير واحد وقواه آخرون، قال ابن عدي: صاحب معرفة وحفظ وتقدم في الصنعة رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه ثم قوى ابن عدي أمره.
ينظر المغني "1/55" واللسان "1/369- 370".
5 وهو في اللغة: " المدعو لمهم" مأخوذ من "الندب" وهو الدعاء لذلك، ومنه قول الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في الغائبات على ما قال برهانا
وفي الاصطلاح: المطلوب فعله شرعاً من غير ذم على تركه مطلقاً، فالمطلوب فعله شرعاً احترز به عن الحرام، والمكروه والمباح، وغيره من الأحكام الثابتة بخطاب الوضع والإخبار "ونفي الذم على الترك" احتراز عن الواجب المضيق، و"مطلقاً" احتراز عن الخير والموسع والكفاية.
وقولهم: "هو ما فعله خير من تركه " مردود بالأكل قبل ورود الشرع، فإنه خير من تركه لما فيه من اللذة واستبقاء المهجة وليس مندوباً، وما قيل "هو ما يمدح على فعله، ولا يذم على تركه" منقوض بأفعاله تعالى، فإنها كذلك وليست مندوبة، ومن أسمائه المرغب فيه أي بالطاعة و"المستحب" أي من الله، و"النفل" أي الطاعة الغير واجبة، و"التطوع" أي الانقياد في قربة بلا حتم، و"السنة" أي الطاعة الغير الواجبة؛ لأنها تذكر في مقابلة الواجب شرح المختصر 1/129 أ........=(1/372)
الْخَطِيبُ1 فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي كَتَبْتُ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ؟ قَالَ: قُلْت: لَا قَالَ: فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ شَابٌّ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِي هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ وُهَيْبٍ فَاكْتُبْهُ عَنْهُ قُلْت وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
183 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ" 2 التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا مِنْهَا وَذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَتَبِعَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ لَكِنْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِيهِ مُبْهَمٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ مُوسَى وَصَحَّحَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ4
__________
= ينظر: البحر المحيط للزركشي 1/284، البرهان لإمام الحرمين 1/310، سلاسل الذهب للزركشي ص "111"، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/111، نهاية السول للأسنوي 1/77، زوائد الأصول له ص "168"، منهاج العقول للبدخشي 1/62، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص "10"، التحصيل من المحصول للأرموي 1/174، المستصفى للغزالي 1/75، حاشية الباني 1/580، الإبهاج لابن السبكي 1/56، الآيات البينات لابن قاسم المبادي 1/135، حاشية العطار على جمع الجوامع 1/112، المعتمد لأبي الحسين 1/4، تيسير التحرير لأمير بادشاه 2/222، حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 1/225، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني 2/123، الموافقات للشاطبي 1/109، 1/132، ميزان الأصول للسمرقندي 1/135، الكوكب المنير للفتوحي ص "125".
1 أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" "5/424"، ترجمة "2935": محمد بن عبد الله أبو جعفر المخرمي.
2 أخرجه الترمذي "1/236": كتاب أبواب الطهارة: باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، حديث "131"، وابن ماجة "1/195، 196": كتاب الطهارة، وسننها: باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، حديث "595، 596"، من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر وأخرجه الدارقطني "1/117"، حديث "1، 2، 3، 4"، وقال الترمذي: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
3 أخرجه الدارقطني في "سننه" "1/117": كتاب الطهارة: باب في النهي للجنب والحائض عن قراءة القرآن، حديث "5".
4 محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس، فتح الدين، أبو الفتح بن الحافظ أبي عمرو بن الحافظ أبي بكر، الربعي اليعمري الأندلسي الإشبيلى، المعروف بابن سيد الناس، ولد سنة 671.
وسمع الكثير من الجم الغفير، أخد علم الحديث عن والده وابن دقيق العيد، ولازمه سنين كثيرة، وقرأ النحو على ابن النحاس، وغيره، وصنف كتباً نقية منها السيرة "عيون الأثر"، واختصره، وقد أثنى عليه الذهبي في معجمه. مات سنّة 0734 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/295، ط. السبكي 6/29، الأعلام 7/263.(1/373)
طَرِيقَ الْمُغِيرَةِ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهَا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَسْلَمَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَلَوْ سَلِمَ مِنْهُ لَصَحَّ إسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ضَعَّفَهُ بِمُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مُغِيرَةَ ثِقَةٌ وَكَأَنَّ ابْنَ سَيِّدِ النَّاسِ تَبِعَ ابْنَ عَسَاكِرَ فِي قَوْلِهِ فِي الْأَطْرَافِ إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَسْلَمَةَ هَذَا هُوَ الْقَعْنَبِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ آخَرُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ حَدِيثُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ هَذَا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عُمَرَ قَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ هَذَا بَاطِلٌ أَنْكَرَ عَلَى إسْمَاعِيلَ
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ1 رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعًا وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَمَوْقُوفًا وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَهُوَ كَذَّابٌ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ2 هَذَا الْأَثَرُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ وَسَاقَهُ عَنْهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
184 - حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَمْ يَكُنْ يَحْجُبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ سِوَى الْجَنَابَةِ,3 وَفِي رِوَايَةٍ يَحْجِزُهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ4 عَنْ الْأَعْمَشَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ نَحْوِهِ وَأَلْفَاظُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ وَصَحَّحَهُ
__________
1 أخرجه الدارقطني في "سننه " "1/121": كتاب الطهارة: باب في النهي للجنب والحائض عن قراءة القرآن، حديث "15"، عن يحيى عن ابن الزبير عن جابر موقوفاً، ورواه مرفوعاً في "2/87": كتاب الصلاة: باب تخفيف القراءة لحاجة حديث "7" من طريق محمد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر فذكره.
2 ينظر: "السنن الكبرى " للبيهقي "1/89": كتاب الطهارة: باب ذكر الحديث الوارد في نهى الحائض عن قراءة قرآن وفيه نظر.
3 أخرجه أحمد "1/106- 124"، وأبو داود "1/155": كتاب الطهارة: باب في الجنب يقرأ القرآن "91"، الحديث "229"، والترمذي "1/273- 274": كتاب الطهارة باب في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن، الحديث "146"، والنسائي "1/144": كتاب الطهارة: باب حجب الجنب من قراءة القرآن، حديث "265"، وابن ماجة "1/195": كتاب الطهارة: باب ما جاء لي قراءة القرآن على غير طهارة، الحديث "594"، والدارقطني "1/119": كتاب الطهارة: باب في النهي للجنب والحائض عن قراءة القرآن، الحديث "10"، والحاكم "4/107": كتاب الأطعمة، والبيهقي "1/88- 89": كتاب الطهارة: باب نهي الجنب عن قراءة القرآن، وأبو يعلى الموصلي "1/247"، الحديث "27/287"، والطيالسي "101- منحة"، والطحاوي "1/52"، وابن الجارود "34"، حديث "94"، وابن خزيمة "1/104"، حديث "208"، وابن حبان "92- موارد"، والبزار "2/284، 285"، حديث "706، 707" في البحر الزخار مسند البزار من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي فذكره.
4 أخرجه النسائي "1/144": كتاب الطهارة: باب حجب الجنب من قراءة القرآن، حديث "266"، من طريق الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي فذكره.(1/374)