قال النسائيُّ: هذا عندي حديثٌ منكرٌ (1) O.
2768- وقال سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن الزهريِّ عن سالم أنَّ أَمَةً لبني عَدِيِّ بن كعب أعتقت ولها زوجٌ، فقالت لها حفصة: إنِّي مخبرتك بشيءٍ وما أحب أن تفعليه، لك الخيار ما لم يَمَسّك زوجك، فإذا مَسَّك فلا
خيار لك. قالت: فاشهدي أنِّي قد فارقته، ثُمَّ فارقته.
*****
مسألة (647) : لا يحلُّ للرجل إتيان المرأة فى الدبر.
ويحكى عن مالك جواز ذلك، وأكثر أصحابه ينكرون أن يكون هذا مذهبًا له.
2769- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا وهيب ثنا سهيل عن الحارث بن مُخَلَّد عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا ينظر الله عزَّ وجلَّ إلى رجل جامع امرأته في دبرها " (2) .
ز: رواه النسائيُّ (3) وابن ماجة (4) من حديث سهيل، ورواه أبو داود ولفظه: " ملعون من أتكى امرأة في دبرها " (5) .
__________
(1) لم نقف عليه بهذا الإسناد في "السنن الكبرى" ولا " الصغرى "، وقد ذكره المزي في " تحفة الأشراف ": (11/193- رقم: 15651) .
وانظر: "السنن الكبرى": (3/180- رقم: 4937) و"تحفة الأشراف": (11/139- رقم: 15550) .
(2) "المسند": (2/344) .
(3) "السنن الكبرى": (5/322- رقم: 9012) .
(4) "سنن ابن ماجة": (1/619- رقم: 1923) .
(5) "سنن أبي داود": (3/54- 55- رقم: 2155) .(4/371)
وهو حديث جيِّد الإسناد، وقد روي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، والصواب: (عن الحارث) بدل: (عن أبيه) .
2770- وقد روى غير واحد عن إسماعيل بن عيَّاش عن سهيل بن أبي صالح عن محمَّد بن المنكدر عن جابر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استحيوا، إن الله لا يستحي من الحقِّ، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن ".
والصواب حديث أبي هريرة، وإسماعيل ضعيفٌ في روايته عن غير الشاميين، والله أعلم O.
قال المصنِّف: قد روى النهي عن هذا جماعة من الصحابة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم: عمر بن الخطاب، وعليُّ بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبو ذرٍّ، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عبَّاس، والبراء بن عازب، وعقبة بن عامر، وخزيمة بن ثابت، وطَلْقُ بن عليٍّ.
وقد روي النهي عن ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقد ذكرت جميع ذلك في جزء أفردت فيه هذه المسألة مستوفاة.
*****(4/372)
مسائل الصداق (1)
مسألة (648) : لا يتقدَّر أقلّ المهر.
وقال أبو حنيفة ومالك: يتقدّر بما يقطع به السارق، مع اختلافهما في ذلك.
وقد استدلَّ أصحابنا بأربعة أحاديث:
2771- الحديث الأوَّل: قال الترمذيُّ: حدَّثنا محمَّد بن بشَّار ثنا يحيى ابن سعيد وعبد الرحمن بن مهديٍّ ومحمَّد بن جعفر قالوا: ثنا شعبة عن عاصم ابن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنَّ امرأة من بني
فزارة تزوَّجت على نعلين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ ". قالت: نعم. فأجازه (2) .
2772- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يونس ثنا صالح بن مسلم بن رومان قال: أخبرني أبو (3) الزبير عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو أنَّ رجلاً أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعامًا كانت له حلالاً " (4) .
2773- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا
__________
(1) في (ب) : (الصدقات) .
(2) "الجامع": (2/405- رقم: 1113) .
(3) في "التحقيق": (ابن) خطأ.
(4) "المسند": (3/355) .(4/373)
أحمد بن منصور ثنا يزيد بن هارون أنا موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أعطى في نكاح ملء كفٍّ (1) فقد استحلَّ ". قال: " من دقيق أو طعام أو سويق " (2) .
2774- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن برد بن سنان عن أبي هارون العَبْدِيِّ عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " لا يضرُّ
أحدكم أبقليل من ماله تزوَّج أم بكثير بعد أن يشهد " (3)
2775- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا أحمد بن منصور ثنا عمرو بن خالد الحَرَّانِيُّ ثنا صالح بن عبد الجبَّار عن محمَّد بن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن أبيه عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنكحوا الأيامى، وأدُّوا العلائق ". قيل: ما العلائق بينهم، يا رسول الله؟ قال: " ما تراضى عليه الأهلون، ولو بقضيب من أراك " (4) .
قال المصنِّف: هذه الأحاديث كلُّها معلولةٌ:
__________
(1) في "سنن الدارقطني": (كفيه) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/243) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/243- 244) .
(4) "سنن الدارقطني": (3/244) .
وفي هامش الأصل: (حاشية: قال العقيلي في كتاب "الضعفاء" [1/42- رقم: 25] : أبان بن المحبر، شامي، عن نافع وغيره، منكر الحديث.
حدَّثنا أحمد بن محمَّد النصيبي ثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك ثنا عتبة بن السكن الفزاري ثنا أبان بن المحبر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة أو مثلها من تمر ".
قال العقيلي: ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله) ا. هـ والكلمة الأخيرة غير موجودة في مطبوعة "الضعفاء".(4/374)
أمَّا الأوَّل: ففيه عاصم بن عبيد الله، قال يحيى بن معين: ضعيفٌ لا يحتجُّ بحديثه (1) . وقال ابن حِبَّان: فاحش الخطأ متروكٌ (2) .
وأمَّا الثاني: فيرويه صالح بن مسلم، وقد ضعَّفه يحيى (3) والرازيُّ (4) .
وقد رواه أبو عاصم عن صالح أيضًا، وإنَّما يزيد بن هارون سمَّاه موسى ابن مسلم، ولا يعرف موسى.
وقد رواه ابن مهديٍّ عن صالح عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا.
2776- ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث عبد الله بن المؤمّل عن أبي الزبير عن جابر قال: إن كنَّا لننكح المرأة على الحفنة والحفنتين من الدقيق (5) .
وقد قال أحمد: أحاديث ابن المؤمَّل مناكير (6) . وقال يحيى: هو ضعيف الحديث (7) .
وأمَّا الحديث الثالث: ففيه إسماعيل بن عيَّاش، وقد ضعَّفوه، قال ابن حِبَّان: خرج عن حدِّ الاحتجاج به (8) .
__________
(1) انظر ما تقدم (رقم: 583) .
(2) "المجروحون": (2/127) بنحوه.
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/414- رقم: 1819) من رواية ابن أبي خيثمة.
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (4/414- رقم: 1819) .
(5) "سنن الدارقطني": (3/242) .
(6) "العلل" برواية عبد الله: (1/567- رقم: 1361) .
(7) " معرفة الرجال " برواية ابن محرز: (1/72- رقم: 180) .
(8) "المجروحون": (1/125) .(4/375)
وفيه: أبو هارون العبديُّ، واسمه: عمارة بن جوين، قال حمَّاد بن زيد: كان كذَّابًا (1) . وقال أحمد: ليس بشيءٍ (2) . وقال شعبة: لأن أُقَدَّم فيضرب عنقي أحبُّ إليَّ من أن أحدِّث عنه (3) ! وقال السَّعْدِيُّ: كذَّابٌ مفتر (4) .
وأمَّا الحديث الرابع: قفيه محمَّد بن عبد الرحمن، قال يحيى: ليس بشيءٍ (5) . وقال ابن حِبَّان: حدَّث عن أبيه بنسخةٍ شبها بمائتي حديث، كلُّها موضوعةٌ (6) . وقال أبو حاتم الرازيُّ: هو منكر الحديث (7) ، وأبوه ليِّنٌ (8) .
والحديث الصحيح الذي يحتجُّ به: حديث سهل بن سعد في الواهبة نفسها، وقد سبق في مسألة: انعقاد النكاح بلفظ الهبة (9) .
ز: حديث عامر بن ربيعة: رواه الإمام أحمد عن محمَّد بن جعفر وحجَّاج عن شعبة (10) ، ورواه ابن ماجة من رواية سفيان عن عاصم (11) .
وقال الترمذيُّ: حديث حسن صحيح (12) .
__________
(1) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/363- 364- رقم: 2005) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (1/421- رقم: 919) .
(3) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/313- رقم: 1327) .
(4) " الشجرة في أحوال الرجال ": (ص: 159- رقم: 145) .
(5) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 202- رقم: 740) .
(6) "المجروحون": (2/264) .
(7) "الجرح والتعديل" لابنه: (7/311- رقم: 1694) .
(8) "الجرح والتعديل" لابنه: (5/216- رقم: 1018) .
(9) رقم: (2728) .
(10) "المسند": (3/445) .
(11) "سنن ابن ماجة": (1/608- رقم: 1888) .
(12) "الجامع": (2/405- رقم: 1113) .(4/376)
وحديث جابر: رواه أبو داود عن إسحاق بن جيريل البغداديِّ عن يزيد ابن هارون بنحوه (1) .
وقال الآجرِّيُّ: سمعت أبا داود- وذكر صالح بن مسلم بن رومان- فقال: أخطأ يزيد بن هارون في اسمه، فقال: موسى بن رومان (2) .
وحديث أبي سعيد: لم يخرِّجوه، وقد تقدَّم (3) أنَّ الدَارَقُطْنِيَّ رواه بإسناد آخر ضعيف.
وقول المؤلف في إسماعيل: (قد ضعَّفوه) فيه نظر.
وحديث ابن عباس: لم يخرِّجوه أيضًا، وقد روي من حديث ابن عمر:
2777- قال ابن عَدِيٍّ: أنا الحسن بن سفيان ثنا بندار ثنا محمَّد بن الحارث عن محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعًا: " أنكحوا الآيامى ". قالوا: يا رسول الله، ما العلائق؟ قال: " ما تراضى عليه
أهلوهم ".
قال ابن عَدِيٍّ: محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني ضعيفٌ، ومحمَّد بن الحارث ضعيفٌ، والضعف على حديثهما بيِّنٌ (4) O.
احتجَّ الخصم:
2778- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا أحمد بن عيسى بن السكين
__________
(1) "سنن أبي داود": (3/32- رقم: 2103) .
(2) "تهذيب الكمال" للمزي: (29/150- رقم: 6301) .
(3) رقم: (2715) .
(4) "الكامل": (6/180، 181) .(4/377)
البلديُّ ثنا زكريا بن الحكم الرسعنيُّ ثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجَّاج ثنا مبمشر بن عبيد قال: حدَّثني الحجَّاج بن أرطأة عن عطاء وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوِّجهنَّ إلا الأوَّلياء، ولا مهر أقلّ من عشرة دراهم " (1) .
قال المصنِّف: قد روينا هذا الحديث من طرق، مدارها كلِّها على مبشر ابن عبيد، قال أحمد بن حنبل: مبشر ليس بشيءٍ، أحاديثه موضوعات كذبٌ، يضع الحديث (2) . وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: يكذب (3) . وقال ابن حِبَّان: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحلُّ كتب حديثه إلا على سبيل التعجُّب (4) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب "السنن".
وقال البيهقيُّ: هو حديث ضعيفٌ بمرَّة، وقد رواه بقيَّة عن مبشر عن الحجَّاج عن أبي الزبير عن جابر (5) .
وقال أبو عليٍّ الحافظ: مبشر بن عبيد متروك الحديث، وهذا منكر لم يتابع عليه (6) O.
وقد رووا مثل هذا عن عليٍّ عليه السلام (7) موقوفا:
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/244- 245) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (2/369، 380- رقمي: 2639، 2696) .
(3) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 356- رقم: 500) .
(4) "المجروحون": (3/30) .
(5) "سنن البيهقي": (3/133) .
(6) "سنن البيهقي": (7/240) .
(7) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- بالتسليم لم يكن من عادة السلف، بل في ذلك مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.(4/378)
2779- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين بن يحيى بن عيَّاش ثنا عليُّ بن إشكاب ثنا محمَّد بن ربيعة ثنا داود الأَوْدِيُّ عن الشَّعبيِّ قال: قال عليٌّ عليه السلام (1) : لا يكون مهر أقلّ من عشرة دراهم (2) .
قال يحيى بن معين: داود ليس حديثه بشيءٍ (3) . قال ابن حِبَّان: كان داود يقول بالرجعة (4) .
ثُمَّ إنَّ الشَّعبيَّ لم يسمع من عِليٍّ (5) .
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن إبراهيم الكنانيُّ قال: سمعت أبا سيَّار البغداديَّ قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لقَّن غياثُ بنُ إبراهيمَ: داودَ الأوْدِيَّ (عن الشَّعبيِّ عن عليٍّ: لا مهر أقلَّ من عشرة دراهم) فصار حديثًا (6) .
وقال أحمد (7) والبخاريُّ (8) والدَّارَقُطْنِيُّ: غياث بن إبراهيم متروك.
وقال يحيى: ليس بثقةٍ، كان كذَّابًا (9) . وقال ابن حِبَّان: يضع الحديث (10) .
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- بالتسليم لم يكن من عادة السلف، بل في ذلك مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
(2) "سنن الدارقطني": (3/245) .
(3) "التاريخ" برواية الدوري: (4/28- رقم: 2971) .
(4) "المجروحون": (1/289) .
(5) في هامش الأصل: (حـ: روى البخاري من رواية الشعبي عن علي حديثًا، والله أعلم) اهـ
وانظر: "صحيح البخاري": (8/426) ؛ (فتح- 12/117- رقم: 6812) .
(6) "سنن الدارقطني": (3/246) .
(7) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/57- رقم: 327) .
(8) "التاريخ الكبير": (7/109- رقم: 488) ؛ " التاريخ الأوسط ": (2/169) ؛
"الضعفاء الصغير": (ص: 473- رقم: 294) وفيها: (تركوه) .
وفي هامش الأصل: (حـ: البخاري قال فيه: تركوه) اهـ
(9) "التاريخ" برواية الدوري: (3/468- رقم: 2298) .
(10) "المجروحون": (2/200- 201) .(4/379)
وقد روى الخصم عن عليٍّ روايةً أخرى:
2780- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عليُّ بن الفضل بن طاهر البَلْخيُّ ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عليُّ بن محمَّد المَنْجُوريُّ ثنا الحسن بن دينار عن عبد الله الدَّانَاج عن عكرمة عن ابن عبَّاس عن عليٍّ قال: لا مهر أقلّ من خمسة
دراهم (1) .
قال أحمد: الحسن بن دينار لا يكتب حديثه (2) . وقال يحيى: ليس بشيءٍ (3) . وقال أبو حاتم الرازيُّ: متروك الحديث، كذَّابٌ (4) . وقال الفلاس: اجتمع أهل العلم على أنَّه لا يروى عنه (5) .
*****
مسألة (649) : لا يجوز أن يجعل تعليم القرآن صداقًا.
وعنه: الجواز، كقول مالكٍ والشافعيِّ.
2781- قال سعيد بن منصور: حدَّثنا أبو معاوية ثنا أبو عرفجة الفايشيُّ (6) عن أبي النعمان الأزديِّ قال: زوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً على سورة من القرآن، ثُمَّ قال: " لا يكون لأحد بعدك مهرا ".
__________
(1) " سنن للدارقطني ": (3/245- 246) .
(2) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/12- رقم: 37) من رواية أبي طالب.
(3) "التاريخ" برواية الدوري: (4/241- رقم: 4157) .
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (3/12- رقم: 37) .
(5) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/12- رقم: 37) .
وفي هامش الأصل: (حـ: ينظر في قول الفلاس) ا. هـ
(6) في "التحقيق": (القابسي) خطأ.(4/380)
2782- وقال أبو داود: حدَّثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ثنا أبي ثنا محمَّد بن راشد عن مكحول أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّج رجلاً على ما معه من القرآن، قال: وكان مكحول يقول: ليس ذلك لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
ز: هذان الحديثان غير ثابتين، وكلاهما مرسل.
وأبو عرفجة وأبو النعمان: مجهولان.
وقول مكحول ليس بحجَّة، والله أعلم O.
احتجُّوا:
بحديث سهل بن سعد، وقوله: " زوجتكها على ما معك من القرآن ".
وقد سبق بإسناده (2) .
قال المصنِّف: وهذا إنما كان لضرورة الفقر أوَّل الإسلام.
2783- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا القاسم بن هاشم السمسار ثنا عتبة بن السكن ثنا الأوزاعيُّ ثنا محمَّد بن عبد الله ابن أبي طلحة قال: أخبرني زياد بن أبي زياد قال: حدَّثني عبد الله بن سخبرة
عن ابن مسعود أنَّ امرأةً أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله، رأ فِيَّ رأيَكَ. فقال: " من ينكح هذه؟ ". فقام رجلٌ عليه بردة عاقدها في عنقه، فقال: أنا يا رسول الله. فقال: " ألك مالٌ؟ ". قال: لا. قال: " اجلس ".
ثُمَّ جاءت امرأة أخرى، فقالت: يا رسول الله، رأ فِيَّ رأيك. قال: " من ينكح هذه؟ ". فقام ذلك الرجل، فقال: أنا يا رسول الله. قال: " ألك
__________
(1) "سنن أبي داود": (3/34- رقم: 2106) .
(2) رقم: (2728) .(4/381)
مال؟ ". قال: لا. قال: " اجلس ". ثُمَّ جاءت الثالثة،.... فذكر مثل ذلك، فقال: " هل تقرأ من القرآن شيئًا؟ ". قال: نعم، سورة البقرة، وسورة المفصل. فقال: " قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله
عوِّضها ". فتزوَّجها الرجل على ذلك.
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به عتبة بن السكن، وهو متروكٌ (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وقال البيهقيُّ: عتبة بن السكن منسوبٌ إلى الوضع، وهذا [باطل] (2) لا أصل له، والله أعلم (3) O.
*****
مسألة (650) : يجب للمفوِّضة (4) مهر المثل [بالعقد] (5) ، ويستقرُّ بالموت.
وقال مالك: لا يجب لها شيءٌ.
وقال الشافعيُّ: لا يجب بالعقد شيءٌ، وفي وجوبه بالموت قولان.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/249- 250) .
(2) زيادة استدركت من (ب) و"سنن البيهقي".
(3) "سنن البيهقي": (7/243) .
(4) في " المصباح المنير ": (ص: 483- فوض) : (فَوَّضَتْ: أي أهملت حكم المهر، فهي " مُفوَّضَةٌ " اسم فاعل، وقال بعضهم: " مُفَوَّضَةٌ " اسم مفعول، لأن الشرع فوض أمر المهر إليها في إثباته وإسقاطه) ا. هـ
(5) زيادة من "التحقيق".(4/382)
لنا:
أنَّه لو لم يجب بالعقد لم يجب بالوطء.
ولنا على اسثقراره بالموت:
2784- ما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا يزيد بن هارون أنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: أُتي عبد الله في امرأةٍ تزوَّجها رجلٌ، ثُمَّ مات عنها ولم يفرض لها صداقًا، ولم يكن دخل بها، فاختلفوا إليه، فقال:
أرى لها مثل صداق نسائها، ولها الميراث، وعليها العِدَّة. فشهد معقل بن سنان الأشجعيُّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى (1) .
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2) .
ز: هذا الحديث رواه أصحاب "السنن" من حديث سفيان (3) .
وقال الشافعيُّ: وقد روي عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي وأمي أنَّه قضى في بروع بنت واشق- ونكحت بغير مهر فمات زوجها- فقضى لها بمهر نسائها، وقضى لها بالميراث، فإن كان ثبت عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو أول الأمور بنا، ولا حجَّة في قول أحدٍ دون النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا في قياسٍ، ولا في شيء، وفي قوله (4) إلا طاعة الله بالتسليم له، وإن كان لا يثبت عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم
يثبت، ولم أحفظه من وجه يثبت مثله، هو مرَّة يقال: (عن معقل بن يسار) ، ومرَّة: (عن معقل بن سنان) ، ومرَّة: (عن بعض أشجع) لا يسمَّى (5) .
__________
(1) "المسند": (3/480) .
(2) "الجامع": (2/436- 437- رقم: 1145) وفيه: (حسن صحيح) .
(3) "سنن أبي داود": (3/34- 35- رقم: 2108) ؛ "سنن النسائي": (6/121- رقم: 3355) ؛ "سنن ابن ماجة": (1/609- رقم: 1891) .
(4) كذا بالأصل و (ب) ، وفي "الأم": (فلا شيء في قوله) ، وفي " مختصر الخلافيات ": (ولا في شيء في قوله) .
(5) "الأم": (5/68) .(4/383)
وقال رضي الله عنه: إن صحَّ حديث بروع بنت واشق قلت به (1) .
قال الحاكم: لو حضرت الشافعيَّ لقمت إليه على رؤوس أصحابه، وقلت: قد صحَّ الحديث فقل به (2) .
قال البيهقيُّ: وشيخنا أبو عبد الله إنَّما حكم بصحَّة الحديث لأنَّ الثقة قد سمَّى فيه رجلاً من الصحابة، وهو معقل بن سنان الأشجعيُّ (3) .
وهذا الخلاف في تسمية من روى قصَّة بروع بنت واشق عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يوهن الحديث، فإنَّ أسانيد هذه الروايات صحيحة، وفي بعضها: أنَّ جماعةً من أشجع شهدوا بذلك، فبعضهم سمَّى هذا، وبعضهم سمَّى آخر، وكلُّهم ثقةٌ، ولولا الثقة بمن رواه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان عبد الله رضي الله عنه يفرح بروايته (4) O.
__________
(1) "المستدرك": (2/180) .
(2) كذا وقع هذا الكلام بالأصل و (ب) منسوبًا إلى الحاكم، وهو موافق لما في " مختصر الخلافيات ": (4/176) ، وكذا وقع فيه أيضًا نسبة الكلام التالي إلى البيهقي.
وهذه العبارة أوردها الحاكم في "المستدرك": (2/180) ولكنه نقلها عن شيخه أبي عبد الله محمَّد ابن يعقوب، ثم عقب عليها بقوله: (فالشافعي إنما قال: لو صح الحديث لأن هذه الرواية وإن كانت صحيحة..... وشيخنا أبو عبد الله رحمه الله إنما حكم بصحة الحديث لأن الثقة قد سمى فيه رجلاً من الصحابة وهو معقل بن سنان الأشجعي) ا. هـ وهو نص الكلام الآتي منسوبا للبيهقي، ومما يؤيد صحة ما وقع في مطبوعة "المستدرك" أنه هكذا نقل ابن التركماني عن الحاكم وشيخه في " الجوهر النقي ": (7/246) ، وأما الحافظ الذهبي في " تلحيص المستدرك ": (2/180) فاقتصر على نقل كلام محمَّد بن يعقوب دون كلام الحاكم، والله أعلم.
(3) انظر التعليق السابق.
(4) هذا الكلام بحروفه في " مختصر الخلافيات ": (4/176- 177) ، وقريب منه جدًا في "المعرفة": (5/386- 387) ، ونحوه في "سنن البيهقي": (7/246) ، ولم يقع في "المعرفة" ولا في "السنن" ذكر لكلام الحاكم ولا لكلام شيخه، والله أعلم.
(تنبيه) قال الحافظ ابن كثير في " إرشاد الفقيه "- حسبما في النسخة المطبوعة-: (2/175) : (قال أبو عبد الرحمن النسائي: لولا ثقة من روى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فرح عبد الله بن مسعود) ا. هـ فليحرر(4/384)
مسألة (651) : يثبت المسمَّى في النكاح الفاسد.
وقال الشافعيُّ: يثبت مهر المثل.
وقال أبو حنيفة: يثبت الأقل من المسمَّى أو مهر المثل.
لنا:
حديث عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيُّما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطلٌ، فان أصابها، فلها مهرها بما أصاب منها ".
وقد ذكرناه بإسناده في أول كتاب النكاح (1) .
*****
مسألة (652) : الخلوة الصحيحة تقرر المهر.
قال مالكٌ والشافعيُّ: لا يتكمل إلا بالوطء.
2785- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا محمَّد بن شاذان ثنا مُعلَّى بن منصور ثنا ابن لهيعة أنا أبو الأسود عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل ".
2786- قال مُعلَّى: وثنا ابن أبي زائدة عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيَّب عن عمر قال: من أغلق بابًا، وأرخى سترًا، فقد وجب الصداق.
__________
(1) رقم: (2665) .(4/385)
2787- قال مُعلَّى: وأنا شَريك عن ميسرة عن المنهال عن عبَّاد بن عبد الله عن عليٍّ قال: إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، أو رأى عورةً، فقد وجب عليه الصداق (1) .
فإن قيل: الحديث الأوَّل مرسلٌ، ثُمَّ فيه ابن لهيعة وهو ضعيفٌ.
قلنا: المراسيل عندنا حجَّةٌ، وابن لهيعة قد روى عنه العلماء.
ز: عباد بن عبد الله- الراوى عن عليٍّ- هو: الأسديُّ، الكوفيُّ، وقد قال البخاريُّ: فيه نظر (2) . وقد حكى المؤلِّف عن ابن المدينيِّ أنه ضعَّفه (3) .
لكنه لم يتفرَّد بهذا عن عليٍّ:
2788- فقد قال محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن الأحنف أنَّ عمر وعليًّا قالا: إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، فقد وجب الصداق كاملاً، وعليها العدَّة.
2789- وقال سعيد بن منصور: ثنا هشيم أنا عوف عن زرارة بن أوفى قال: قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أنَّه من أغلق بابًا، أو أرخى سترًا، فقد وجب الصداق والعدَّة (4) .
قال البيهقيُّ: هذا مرسل، فإن زرارة لم يدركهم، وقد رويناه عن عليٍّ
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/306- 307) بتقديم وتأخير.
(2) "التاريخ الكبير": (6/32- رقم: 1594) .
(3) "الضعفاء والمتروكون": (2/75- رقم: 1780) .
(4) " سنن سعيد بن منصور ": (3/1/202- رقم: 762) .(4/386)
وعمر موصولاً (1) .
ومرسل ابن ثوبان: لم ينفرد به ابن لهيعة:
2790- فقد رواه أبو داود في " المراسيل " عن قتيبة بن سعيد عن الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عنه، ولفظه: " من كشف امرأة فنظر إلى عورتها، فقد وجب الصداق " (2) O.
*****
__________
(1) "سنن البيهقي": (7/256) .
(2) " المراسيل ": (ص: 185- رقم: 214) .(4/387)
مسائل الوليمة والقسمة والنشوز (1)
مسألة (653) : نثار العرس مكروه.
وعنه: لا يكره، كقول أبي حنيفة.
لنا أربعة أحاديث:
2791- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت قال: سمعت عبد الله بن يزيد يحدِّث قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النهبة والمثلة (2) .
انفرد بإخراجه البخاريُّ (3) .
ز: 2792- قال الطبرانيُّ: ثنا محمَّد بن محمَّد الجذوعيُّ القاضي ثنا عقبة بن مكرم ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرميُّ ثنا شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيُّوب قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النهبة والمثلة (4) .
كذا رواه بزيادة أبي أيُّوب، ورواه البخاريُّ عن آدم وحجَّاج بن منهال كلاهما عن شعبة، ولم يذكر أبا أيُّوب، قال: وزاد حجَّاج في حديثه: وقال
__________
(1) في "التحقيق": (النثار) .
(2) "المسند": (4/307) .
(3) "صحيح البخاري": (3/621- 622) ؛ (فتح- 5/119- رقم: 2474) ؛ (7/124) ، (فتح- 9/643- رقم: 5516) .
(4) "المعجم الكبير": (4/124- رقم: 3872) .(4/388)
عَدِيٌّ عن سعيد- يعني: ابن جبير- عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) O.
2793- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم بن القاسم عن ابن أبي ذئب قال: حدَّثني مولى لجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النهبة والخلسة (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وفي إسناده من تجهل حاله O.
2794- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيُّ ثنا الحارث بن عمير عن حُميد الطويل عن الحسن عن عِمْران بن حُصَين أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من انتهب فليس منا " (3) .
ز: الحارث: وثَّقه ابن معين (4) وغير واحد، وتكلَّم فيه ابن حِبَّان (5) والحاكم (6) .
وقد رواه الترمذيُّ (7) والنسائيُّ (8) وابن ماجة (9) من غير رواية الحارث عن حُميد، وصحَّحه الترمذيُّ.
__________
(1) كلام البخاري ليس على حديث عبد الله بن يزيد، وإنما هو على حديث قبله، ولكنه وقع في بعض نسخ "صحيح البخاري" مؤخرًا عن مكانه، هذا ما حرره الحافظ ابن حجر في " النكت الظراف ": (7/185- رقم: 9674) .
(2) "المسند": (4/117) .
(3) "المسند": (4/439) .
(4) "التاريخ" برواية الدوري: (4/265- رقم: 4297) ؛ وبرواية ابن الجنيد: (ص: 440- رقم: 689) .
(5) "المجروحون": (1/223) .
(6) "الميزان" للذهبي: (1/440- رقم: 1638) .
(7) "الجامع": (2/416- 417- رقم: 1123) .
(8) "سنن النسائي": (6/111، 227- 228- رقمي: 3335، 3590) .
(9) "سنن ابن ماجة": (2/1299- رقم: 3937) .(4/389)
والحسن لم يسمع من عِمْران. قاله ابن المدينيِّ (1) وغيره O.
2795- الحديث الرابع: قال الترمذيُّ: حدَّثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزَّاق عن معمر عن ثابت عن أنسٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من انتهب فليس منَّا ".
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2) .
ز: رواه أحمد (3) وإسحاق (4) وعبدٌ (5) وغيرهم عن عبد الرزَّاق، وهو مختصرٌ من حديثٍ فيه أحكام.
ورواه ابن حِبَّان من حديث عبد الرَّزَّاق (6) .
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به معتمر (7) عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرازيُّ: هذا حديثٌ منكرٌ جدًّا (8) . والله أعلم.
2796- وقد احتجَّ الطحاويُّ بحديث ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَان عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في إملاك (9) ، فجاءت الجواري معهن
__________
(1) "العلل": (ص: 51- رقم: 50) .
(2) "الجامع": (2/250- رقم: 1601) وفيه: (حسن صحيح) .
(3) "المسند": (3/197) .
(4) عزاه إليه الضياء في "المختارة": (5/167- رقم: 1787) .
(5) " مسند عبد بن حميد ": (منتخبه- 3/125- رقم: 1251) .
(6) "الإحسان" لابن بلبان: (9/461- رقم: 4154) .
(7) كذا بالأصل و (ب) ، والصواب: (معمر) كما في "المختارة" للضياء: (5/168- رقم: 1787) .
(8) "العلل" لابنه: (1/369- 370- رقم: 1096) .
(9) في " النهاية ": (4/359- ملك) : (الملاك والإملاك: التزويج وعقد النكاح) اهـ(4/390)
الأطباق، عليها اللوز والسكر (1) ، فأمسك القوم أيديهم، فقال.: " ألا تنتهبون؟ ". قالوا: إنَّك كنت نهيت عن النهبة. قال: " تلك نهبة العساكر، فأمَّا العرسات فلا ". قال: فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجاذبهم ويجاذبونه (2) .
وقد أنكر البيهقيُّ هذا الحديث، وقال: من رواية عون بن عمارة وعصمة بن سليمان (3) - وكلاهما لا يحتجُّ به- عن لمازة بن المغيرة- وهو مجهول- عن ثور.
قال: وخالد بن مَعْدَان عن معاذ منقطعٌ (4) O.
*****
مسألة (654) : الأمة على النصف من الحُرَّة في القَسْم.
وقال داود: هما سواء.
وعن مالك كالمذهبين.
2797- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن عليِّ بن زيد ثنا سعيد بن منصور ثنا هُشيم قال: ثنا ابن أبي ليلى عن المنهال عن عبَّاد بن عبد الله الأسديِّ عن عليٍّ أنَّه كان يقول: إذا تزوَّج الحرَّة على الأمة: للأمة الثلث،
__________
(1) في هامش الأصل: (حـ: اللوز والسكر نوعان من الثمر) ا. هـ
(2) " شرح المعاني ": (1/50) وقال الطحاوي قبله: (وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث منقطع
قد فسر حكم النهبة المنهي عنها، والنهبة المباحة، وإنما أردنا بذكره ههنا تفسيره لمعنى هذا المتصل) ا. هـ وقوله: (هذا المتصل) إشارة إلى حديث " من شاء اقتطع ".
(3) في هامش الأصل: (حـ: عصمة لا بأس به) ا. هـ
(4) "المعرفة": (5/420- رقم: 4363) .(4/391)
وللحرَّة الثلثان (1) .
2798- وقال سعيدٌ: ثنا هُشيم أنا داود بن أبي هند قال: سمعت ابن المسيَّب يقول: تنكح الحرَّة على الأمة، ولا تنكح الأمة على الحرَّة، ويقسم بينهما: الثلث للأمة، والثلثان للحرَّة (2) .
*****
مسألة (655) : تفضَّل البكر بسبع، والثيِّب بثلاث.
وقال أبو حنيفة وداود: يقضي في حق الجميع.
2799- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال: حدَّثني محمَّد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن أمِّ سلمة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا تزوَّجها أقام عندها ثلاثة أيَّام، وقال: " إنَّه ليس بك على أهلك هوان، وإن شئت سبَّعت لك، وإن سبَّعت لك سبَّعت لنسائًي " (3) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (4) .
2800- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا البيعويُّ ثنا حاجب بن الوليد (5) ثنا محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق عن أيُّوب عن أبي قِلابة عن أنسٍ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " للبكر سبعة أيَّام، وللثيِّب ثلاثٌ، ثُمَّ يعود إلى نسائه " (6) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/285) .
(2) " سنن سعيد بن منصور ": (1/194- رقم: 722) .
(3) "المسند": (6/292) .
(4) "صحيح مسلم": (4/172- 173) ؛ (فؤاد- 2/1083- رقم: 1460) .
(5) في هامش الأصل: (روى عنه " م ") .
(6) "سنن الدارقطني": (3/283) .(4/392)
ز: رواه ابن ماجة عن هنَّاد بن السَّرِي عن عَبْدَة بن سليمان عن ابن إسحاق بنحوه (1) O.
2801- وقال الترمذيُّ: أنا يحيى بن خلف ثنا بشر بن المفضَّل ثنا خالد الحذَّاء عن أبي قِلابة عن أنس بن مالكٍ- قال: لو شئت أن أقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنَّه- قال: السنَّة إذا تزوَّج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعًا، وإذا تزوَّج الثيِّب على امرأته أقام عندها ثلاثًا.
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2) .
ز: أخرجاه في "الصحيحين" من حديث خالد (3) ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "سنن ابن ماجة": (1/617- رقم: 1916) .
(2) "الجامع": (2/432- رقم: 1139) وفيه: (حسن صحيح) .
(3) "صحيح البخاري": (7/45-46) ؛ (فتح 9/313، 314 رقمي: 5213، 5214) .
صحيح مسلم ": (4/173) ؛ (فؤاد- 2/1084- رقم: 1461) .(4/393)
من مسائل الخُلْع
مسألة (656) : يكره الخُلْع بأكثر من المهر، ويصحُّ.
وقال أكثرهم: لا يكره.
2802- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا يوسف بن سعيد ثنا حجَّاج عن ابن جُريج قال: أخبرني أبو الزبير أنَّ ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أُبَيِّ بن سَلُول، وكان أصدقها حديقةً،
فكرهته، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتردِّين عليه حديقته التي أعطاك؟ ". قالت: نعم، وزيادة! فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمَّا الزيادة فلا، ولكن حديقته ". قالت: نعم. فأخذها له، وخلَّى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس، قال: قد قبلت قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
إسنادٌ صحيحٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: سمعه أبو الزُّبير من غير واحدٍ.
2803- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا بشر بن موسى ثنا الحُميديُّ ثنا سفيان ثنا ابن جُريجٍ عن عطاء أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها " (2) .
ز: 2804- رواه أبو داود في " المراسيل " عن أبي بكر محمَّد بن خلاد الباهليِّ عن يحيى عن ابن جُريج عن عطاء قال: جاءت امرأة إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/255) .
(2) المصدر السابق.(4/394)
تشكو زوجها، فقال: " أتردين عليه حديقته؟ ". قالت: نعم، وزيادة! قال: أمَّا الزيادة فلا (1) .
2805- وروى أيضًا عن إسحاق بن إسماعيل الطَّالَقَانِيِّ عن سفيان عن ابن جُريج عن عطاء عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المُخْتَلِعة: لا يأخذ منها كثر مما أعطاها (2) .
2806- وروى أيضًا عن أحمد بن صالح عن أبي نُعيم عن سفيان عن ابن جُريج عن عطاء أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يأخذ من المُخْتَلِعة كثر مما أعطاها.
قال أبو داود: قال وكيع: سألت ابن جُريج عنه فأنكره، ولم يعرفه (3) O.
احتجُّوا:
2807- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: قرىء على أبي القاسم بن منيع- وأنا أسمع-: حدَّثكم أبو حفص عمر بن زرارة ثنا مسروح بن عبد الرحمن عن الحسن بن عمارة عن عطيَّة العَوْفِيِّ عن أبي سعيد الخدريِّ قال: كانت أختي
تحت رجلٍ من الأنصار، تزوَّجها على حديقة، فكان بينهما كلامٌ، فارتفعا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " تردِّين عليه حديقته، ويطلِّقك ". قالت: نعم، وأزيده! قال: " ردِّي عليه حديقته، وزيديه " (4) .
والجواب:
__________
(1) " المراسيل ": (ص: 199- رقم: 235) .
(2) " المراسيل ": (ص: 201- رقم: 237) .
(3) " المراسيل ": (ص: 201- رقم: 238) .
(4) "سنن الدارقطني": (3/254) .
وفي هامش الأصل: (من نسخة عمر، وقد وثقه الدارقطني) ا. هـ ويسنا بمتحققين من الكلمة الأولى، والله أعلم.(4/395)
أنَّ هذا إسنادٌ لا يصحُّ، أمَّا عطيَّة: فقد ضعَّفه الثوريُّ (1) وهُشيم (2) وأحمد (3) ويحيى (4) ، وقال ابن حِبَّان: لا يحلُّ كتب حديثه إلا على التعجُّب (5) .
وأمَّا الحسن بن عمارة: فقال شعبة: هو كذَّابٌ، يحدِّث بأحاديث قد وضعها (6) . وقال يحيى: يكذب (7) . وقال أحمد (8) والرازيُّ (9) والنسائيُّ (10) والفلاس (11) ومسلم بن الحجَّاج (12) والدَّارَقُطْنِيُّ (13) : هو متروكٌ. وقال زكريا السَّاجيُّ: أجمعوا على ترك حديثه (14) .
*****
__________
(1) "العلل" لأحمد- برواية عبد الله-: (3/118- رقم: 4502) .
(2) "العلل" لأحمد- برواية عبد الله-: (1/549- رقم: 1306) .
(3) "العلل" برواية عبد الله: (1/548- رقم: 1306) .
(4) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/359- رقم: 1392) من رواية ابن أبي الجارود.
(5) "المجروحون": (2/176) .
(6) انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/28- رقم: 116) ، و"الضعفاء" للعقيلي: (1/237- رقم: 286) ، و"الضعفاء" لا بن الجوزي: (1/207- رقم: 848) .
(7) "الكامل" لابن عَدِيٍ: (2/285- رقم: 445) من رواية ابن أبي يحيى.
(8) "العلل" برواية المروذي: (ص: 106- رقم: 170) .
(9) "الجرح والتعديل" لابنه: (3/28- رقم: 116) .
(10) " الضعفاء والمتروكلون ": (ص: 85- رقم: 149) .
(11) "تاريخ بغداد" للخطيب: (7/350- رقم: 3870) .
(12) "الكنى والأسماء": (ص: 173) .
(13) "سنن الدارقطني": (2/258) .
(14) "تاريخ بغداد" للخطيب: (7/350- رقم: 3870) .(4/396)
مسائل الطلاق
مسألة (657) : لا يصحُّ عقد الطلاق قبل النكاح، وفي العتاق روايتان.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ.
وقال مالكٌ: يصحُّ في خصوصهن، دون عمومهن.
لنا ستة أحاديث:
2808- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليس على رجل طلاق فيما لا يملك، ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك " (1) .
ز: رواه أبو داود من رواية غير واحدٍ عن مطر (2) ، وقد رواه عن عمرو غير مطر، والله أعلم O.
2809- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا إسحاق بن محمَّد بن الفضل الزيَّات ثنا عليُّ بن شُعيب ثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن شُعيب عن طاوس عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يجوز طلاقٌ، ولاعتاقٌ، ولا بيعٌ، ولا وفاءُ نذرٍ، فيما لا يملك " (3) .
__________
(1) "المسند": (2/189) .
(2) "سنن أبي داود": (3/69- رقم: 2184) .
(3) إسناد هذا الحديث موجود في مطبوعة "سنن الدارقطني": (4/14) ولكن لمتن مختلف، ولفظه: " لا طلاق قبل نكاح، ولا نذر فيما لا يملك ". =(4/397)
2810- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن الحسن الحرَّانِيُّ ثنا أحمد بن يحيى بن زُهير ثنا عبد الرحمن بن سعدٍ أبو أُميَّة ثنا إبراهيم أبو إسحاق الضرير ثنا يزيد بن عياض عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا طلاق إلا بعد نكاح، وإن سُمِّيت المرأة بعينها " (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحد من أصحاب "السنن" من الطريقين، وكلاهما مرسلٌ، غير أنَّ الإسناد الأوَّل لا بأس برواته، والإسناد الثاني ضعيفٌ جدًّا، والله أعلم O.
2811- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا جعفر بن محمَّد بن نصير ثنا أحمد بن يحيى الحُلْوانيُّ ثنا عليُّ بن قرين ثنا بقيَّة بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَان عن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ قال: قال عمٌّ (2) لي: اعمل لي
عملاً حتَّى أزوّجك ابنتي. فقلت: إن تزوَّجتها فهي طالقٌ ثلاثًا. ثُمَّ بدا لي أن أتزوَّجها، فأتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألته، فقال لي: " تزوَّجها، فإنَّه لا طلاق إلا بعد نكاحٍ ". فتزوجتها، فولدت لي سعدًا (3) وسعيدًا (4) .
__________
= وأما المتن الذي أورده ابن الجوزي فقد رواه الدارقطني عقب الحديث السابق بإسناد آخر فقال: (نا أبو بكر محمَّد بن إبراهيم بن نيروز نا عمرو بن علي نا عبد العزيز بن عبد الصمد نا مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال.....) فذكر الحديث.
وما وقع في مطبوعة "سنن الدارقطني" موفق لما في "إتحاف المهرة" لابن حجر: (9/491 - رقم: 11741؛ 13/242- رقم: 16656) .
فلعل النسخة التي نقل منها ابن الجوزي وقع فيها سقط، أو لعل نظره انتقل من متن الحديث الأول بل متن الحديث الثاني، والله تعالى أعلم.
(1) "سنن الدارقطني": (4/17) .
(2) في (ب) و"التحقيق": (عمر) خطأ.
(3) في (ب) و"التحقيق": (أسعدًا) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/36) .(4/398)
ز: هذا حديثٌ باطلٌ، لا أصل له.
وعليُ بن قرين: كذَّبه يحيى بن معين (1) وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ: يسرق الحديث (2) . وقال المؤلِّف في "الضعفاء": وهو الذي يروي في بعض حديثه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من كذب عَلَيَّ متعمدًا فليتبوأَ مقعده من النار "، ثم يكذب!! (3) O.
2812- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثني أحمد بن محمَّد بن جعفر الجوزي ثنا محمَّد بن غالب بن حرب ثنا خالد بن يزيد القرنيُّ ثنا عبد الرحمن بن مسهر قال: ثنا أبو خالد الواسطيُّ عن أبي هاشم الرُّمانيُّ (4) عن
سعيد ابن جبير عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق، قال: " طلَّق ما لا يملك " (5) .
ز: وهذا أيضًا باطلٌ.
وأبو خالد الواسطيُّ هو: عمرو بن خالد، وهو وضَّاعٌ، وقال أحمد (6) ويحيى (7) : هو كذَّابٌ. زاد يحيى: غير ثقة ولا مأمون (8) O.
__________
(1) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 240- رقم: 939) .
(2) "الكامل": (5/215- رقم: 1368) .
(3) "الضعفاء والمتروكون": (2/198- رقم: 2396) .
(4) في "التحقيق": (الروماني) ! خطأ.
(5) "سنن الدارقطني": (4/16) .
(6) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/269- رقم: 1274) من رواية أحمد بن محمَّد، و"الكامل" لابن عَدِيٍّ: (5/123- رقم: 1289) من رواية أحمد بن ثابت.
(7) "التاريخ" برواية الدوري: (3/315؛ 4/352- رقمي: 1502- 4733) ، ورواية الدارمي: (ص: 160- 161- رقم: 568) ، ورواية ابن طهمان: (ص: 79 - 80- رقم: 231) .
(8) "التاريخ" برواية الدوري: (3/375- رقم: 1825) .(4/399)
2813- الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن قطن ثنا الحسن بن عرفة ثنا عمر بن يونس عن سليمان بن أبي سليمان الزهريِّ عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نذر إلا فيما أطيع الله فيه، ولا يمين في قطيعة رحم، ولا عتاق ولا طلاق فيما لا يملك " (1) .
ز: وهذا أيضًا ضعيفٌ، لا أصل له.
وسليمان هو: ابن داود اليماميُّ، وقد ضعَّفوه، قال ابن معين: ليس بشيءٍ (2) . وقال البخاريُّ (3) وأبو حاتم (4) : منكر الحديث. وقال ابن عَدِيٍّ: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ (5) .
وقوله في الإسناد: (الزهريُّ) فيه نظرٌ، والله أعلم O.
2814- الحديث السادس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن مخلد قال: حدَّثني إسماعيل بن الفضل البلخيُّ قال: حدَّثني أحمد بن يعقوب ثنا الوليد بن سلمة الأردنيُّ ثنا يونس عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت:
بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا سفيان بن حرب على نجران اليمن، فكان فيما عهد إليه: أن لا يطلِّق الرجل ما لا يتزوج، ولا يعتق ما لا يملك (6) .
ز: هذا الحديث أيضًا لا أصل له.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/16) .
(2) " من كلام ابن معين في الرجال " برواية ابن طهمان: (ص: 39- رقم: 42) .
(3) "التاريخ الكبير": (4/11- رقم: 1792) .
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (4/110- 111- رقم: 487) .
(5) "الكامل": (3/278- رقم: 749) .
(6) "سنن الدارقطني": (4/15) .(4/400)
والوليد بن سلمة: متهمٌ بالكذب، وقال أبو حاتم الرازيُّ: ذاهب الحديث (1) . وقال ابن حِبَّان: يضع الحديث على الثقات (2) . وقال الأزديُّ: كذَّابٌ، يضع الحديث (3) .
وأحمد بن يعقوب هو: البلخيُّ، وهو صاحب مناكير وعجائب، يروي عن ابن عيينة وغيره O.
قال المصنِّف: وقد روي نحو هذا من حديث عليٍّ وجابر، ولكنَّها طرقٌ مجتنبة بمرَّةٍ، وإن كان في هذه الطرق ما يصلح اجتنابه، إلا أن تلك بمرَّةٍ.
ز: طريق عليٍّ وجابر في هذا الباب أصلح من بعض ما ذكره، وفي الباب أيضًا:
2815- حديث المسور بن مخرمة، رواه ابن ماجة عن أحمد بن سعيد الدارميِّ عن عليِّ بن الحسين بن واقد عن هشام بن سعد عن الزهريِّ عن عروة عنه، ولفظه: " لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك " (4) O.
*****
مسألة (658) : جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد بدعةٌ.
__________
(1) "الجرح والتعديل" لابنه: (9/7- رقم: 27) .
(2) "المجروحون": (3/80) .
(3) "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي: (3/184- رقم: 3651) .
(4) "سنن ابن ماجة": (1/660- رقم: 2048) .(4/401)
وعنه: أنَّه مباحٌ، كقول الشافعيِّ.
2816- قال البخاريُّ: حدَّثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدَّثني مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عمر أنَّه طلَّق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ بن الخطاب رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فقال: " مُرْهُ فليراجعها، ثُمَّ ليمسكها حتى
تطهر، ثُمَّ تحيض، ثُمَّ تطهر، ثُمَّ إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلَّق فبل أن يمسَّ، كملك العدَّة التي أمر الله أن تطلَّق لها النساء " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
2817- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عليُّ بن محمَّد بن عبيد الحافظ ثنا محمَّد ابن شأذان الجوهريُّ ثنا مُعَلَّى بن منصور ثنا شُعيب بن رزيق أنَّ عطاء الخرسانيَّ حدَّثهم عن الحسن ثنا عبد الله بن عمر أنَّه طلَّق امرأتَه تطليقةً وهي حائض، ثُمَّ أراد أن يتبعها بتطليقتين أخرتين عند القرءين، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " يا ابن عمر، ما هكذا أمرك الله، إنَّك قد أخطأت السُّنَّة، والسُّنَّة أن تستقبل الطهر فتطلِّق لكلِّ قرء " (3) . وقال: فأمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فراجعتها، ثُمَّ قال: " إذا هي طهرت فطلِّق عند ذلك، أو أمسك ". فقلت: يا رسول
الله، أفرأيت لو أنِّي طلقتها ثلاثًا، أكان يحلُّ لي أن أرتجعها؟ قال: " لا، كانت تبين منك، وتكون معصية " (4)
قال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ: لم يشافه الحسنَ ابنُ عمر (5) .
__________
(1) "صحيح البخاري": (7/54) ؛ (فتح- 9/345- رقم: 5251) .
(2) "صحيح مسلم": (4/179) ؛ (فؤاد- 2/1093- رقم: 1471) .
(3) في "التحقيق": (طهر) !
(4) "سنن الدارقطني": (4/31) .
(5) "المجروحون": (2/163) تحت ترجمة عباد بن راشد التميمي.(4/402)
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب "الكتب السِّتَّة"، وقد رواه الإمام أبو بكر محمَّد بن داود عن محمَّد بن شاذان.
وقال بعض من تكلَّم عليه: هذا إسنادٌ قويٌّ، وقد صرَّح الحسن هنا بمشافهة ابن عمر (1) .
وفي هذا نظرٌ، بل الحديث فيه نكارة، وبعض رواته متكلَّم فيه.
قال ابن حِبَّان في عطاء الخرسانيِّ: عطاء من خيار عباد الله، غير أنَّه كان ردىء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ ولا يعلم، فحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به (2) .
وشعيب بن رزيق هو: الشاميُّ، أبو شيبة المقدسيُّ، سكن طرسوس، ثُمَّ سكن فلسطين، قال دُحيم: لا بأس به (3) . ووثَّقه ابن حِبَّان (4)
والدَّارَقُطْنِيُّ (5) ، وقال الأَزْدِيُّ: ليِّنٌ (6) .
والحسن سمع من ابن عمر. قاله الإمام أحمد- في رواية ابنه صالح عنه- (7) ، وأبو حاتم الرازيُّ (8) ، وقيل لأبي زُرعة: الحسن لقي ابنَ عمر؟ قال:
__________
(1) كأنه يشير إلى الذهبي، فهذا كلامه في "تنقيحه": (9/139- رقم: 2061) .
(2) "المجروحون": (2/130- 131) .
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/346- رقم: 1510) .
(4) "الثقات": (8/308) .
(5) "سؤالات البرقاني": (ص: 36- رقم: 217) .
(6) "الميزان" للذهبي: (2/276- رقم: 3717) .
(7) "المسائل": (2/248- رقم: 844) .
(8) "الجرح والتعديل" لابنه: (3/41- رقم: 177) .
(تنبيه) ذكر ابن أبي حاتم كلام الإمام أحمد في إثبات سماع الحسن من ابن عمر، ثم ذكر إقرار أبيه لأحمد، ثم قال أبو حاتم: (ولم يصح له السماع من جندب ولا من..... ولا من ابن=(4/403)
نعم (1) . وقال بهز بن أسد: سمع الحسن من ابن عمر حديثًا (2) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (659) : إذا قال لزوجته: أنت خليَّةٌ، أو بريَّةٌ، أو بائنٌ، أو بتَّةٌ، أو بتلةٌ، أو طالقٌ لا رجعة لي فيها ولا مثنوية: وأراد بذلك الطلاق، وقعت ثلاث نوى أو لم ينو.
وقال الشافعيُّ: يرجع إلى نيته فيقع.
2818- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا أحمد بن يحيى الصوفيُّ ثنا إسماعيل بن أميَّة (3) القرشيُّ ثنا عثمان بن مطر عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن عليٍّ قال: سمع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً طلَّق البتَّة، فغضب، وقال: " يتخذون آيات الله هزوا، ودين الله هزوا- أو: لعبا- من طلَّق البتَّة ألزمناه ثلاثا، لا تحلُّ له حتَّى تنكح زوجًا غيره ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: إسماعيل بن أميَّة (4) كوفيٌّ، ضعيف الحديث (5) .
__________
=عمر) كذا وقع في النسخة، ونبه مصححها على أنه كذلك وقع في الأصلين الخطيين، ثم قال: (والظاهر " ابن عمرو" بل هو الصواب، فأما ابن عمر فقد تقدم قول أحمد أنه سمع منه، وأقره أبو حاتم كما مر) ا. هـ
ووقع في مطبوعة " المراسيل ": (ص: 46- رقم: 153) : (سمعت أبي يقول: يصح للحسن سماعه من أنس بن مالك و..... ابن عمرو) كذا، ولعل هذا خطأ أيضًا، وصوابه (ابن عمر) ، يؤيده أن العلائي نقل كلامه في " جامع التحصيل ": (ص: 165- رقم: 135) وفيه (ابن عمر) ، والله أعلم.
(1) " المراسيل " لابن أبي حاتم: (ص: 46- رقم: 154) .
(2) " المراسيل " لابن أبي حاتم: (ص: 45- رقم: 152) .
(3، 4) في مطبوعة " سنن الدارقطنى ": (إسماعيل بن أبي أمية) .
(5) " سنن للدلرقطني ": (4/20) .(4/404)
ز: عثمان بن مطر: ضعَّفوه، وقال ابن حِبَّان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحلُّ الاحتجاج به (1) .
وعبد الغفور هو: أبو الصبَّاح، الواسطيُّ، وهو متروكٌ، قال ابن حِبَّان: كان ممن يضع الحديث على الثقات (2) O.
2819- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا البيعويُّ ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حفص الأبَّار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن عليٍّ عليه السلام (3) قال: الخليَّة، والبريَّة، والبتَّة، والبائن، والحرام ثلاث، لا تحلُّ حتى تنكح زوجًا (4) .
قال المصنِّف: الحسن لم يسمع من عليٍّ.
احتجُّوا:
2820- بما رواه الترمذيُّ، قال: حدَّثنا هنَّاد ثنا قَبيصة عن جرير بن حازم قال: حدَّثني الزبير بن سعيد الهاشميُّ عن عبد الله بن عليِّ بن ركانة عن أبيه عن جدِّه قال: طلَّقت امرأتي البتَّة، فأتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، إنِّي طلَّقت امرأتي البتَّة، قال: " ما أردت بهذا؟ ". قلت: واحدة.
قال: " آلله؟ ". قلت: آلله. قال: " فهو ما أردت " (5) .
__________
(1) "المجروحون": (2/99) .
(2) "المجروحون": (2/148) .
(3) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم- بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
(4) "سنن الدارقطني": (4/32) .
(5) "الجامع": (2/466- 467- رقم: 1177) .(4/405)
ز: رواه أحمد (1) وأبو داود (2) وابن ماجة (3) من رواية جرير عن الزبير، وعندهم: عبد الله بن عليِّ بن يزيد بن ركانة.
ورواه ابن حِبَّان (4) .
والزبير: تكلَّم فيه يحيى (5) والنسائيُّ (6) وغيرهما.
وعبد الله: قال العُقيليُّ: لا يتابع على حديثه، إسناده مضطربٌ (7) .
وعليٌّ: قال البخاريُّ: لم يصح حديثُه (8) O.
2821- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود السجستانيُّ ثنا أحمد بن عمرو بن السرح وأبو ثور إبراهيم ابن خالد الكلبيُّ في آخرين قالوا: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعيُّ قال: حدَّثني عمِّي
محمَّد بن عليِّ بن شافع عن عبد الله بن عليِّ بن السائب عن نافع بن عجير ابن عبد يزيد عن ركانة أنَّه طلَّق امرأته سُهيمة البتَّة، فأخبر النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فقال: " والله ما أردت إلا واحدة؟ ". فقال: والله ما أردت إلا واحدة. فردَّها
__________
(1) لم نقف عليه في مطبوعة "المسند"، وهو في "أطرافه" لابن حجر: (5/459- رقم: 7548) .
(2) "سنن أبي داود": (3/78- رقم: 2201) .
(3) "سنن ابن ماجة": (1/661- رقم: 2051) .
(4) "الإحسان" لابن بلبان: (10/97- رقم: 4274) .
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (4/143، 381- رقمي: 3603، 4888) ؛ ورواية ابن الجنيد: (ص: 307- رقم: 142) ؛ ورواية ابن طهمان: (ص: 106- رقم: 335) .
(6) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 106- رقم: 215) .
(7) "الضعفاء الكبير": (2/282- رقم: 847) .
(8) "التاريخ الكبير": (6/301- رقم: 2468) .(4/406)
إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلَّقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان.
قال أبو داود: هذا الحديث صحيحٌ (1) .
قلنا: قد قال أحمد: حديث ركانة ليس بشيءٍ.
ز: قال أبو داود: سُئل أحمد عن حديث ركانة لا تثبته- أنه طلق امرأته البتَّة-؟ قال: لا، لأنَّ ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ ركانة طلَّق امرأته ثلاثًا. وأهل المدينة يسمُّون الثلاث: البتَّة (2) .
وقال أحمد بن أصرم: سئل أبو عبد الله عن حديث ركانة في البتَّة، قال: ليس بشيءٍ (3) . ذكره أبو بكر في " الشافي " O.
*****
مسألة (660) : لا يصحُّ طلاق المكره، ولا يمينه، ولا نكاحه.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ.
لنا حديثان وأثرٌ:
2822- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سعد بن إبراهيم ثنا أبي عن محمَّد بن إسحاق قال: حدَّثني ثور بن يزيد الكلاعيُّ عن محمَّد بن
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/33) .
(2) "مسائل أبي داود": (ص: 236- رقم: 1129) .
(3) انظر: " الفتاوى " لابن تيمية: (33/86) و" بدائع الفوائد " لابن القيم: (4/120)(4/407)
عبيد المكِّيِّ عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " (1) .
[قال] (2) ابن قتيبة: الإغلاق: الإكراه على الطلاق والعتاق، وهو من: غلقت الباب، كأنَّ المكره أغلق عليه حتَى يفعل.
ز: كذا فيه: (عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة) ، والصواب: بنت شيبة بن عثمان.
وقد روى هذا الحديث: أبو داود عن عبيد الله بن سعد الزهريِّ عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه (3) .
ومحمَّد بن عبيد هو: ابن أبي صالح، المكِّيُّ، سكن بيت المقدس، ضعَّفه أبو حاتم (4) ، ووثَّقه ابن حِبَّان (5) .
ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نُمَير عن محمَّد ابن إسحاق عن ثورٍ عن عبيد بن أبي صالح عن صفيَّة به (6) .
كذا عنده، وهو وهمٌ، والصواب: (عن محمَّد بن عبيد) .
ورواه الحاكم، وقال: على شرطهما (7) .
__________
(1) "المسند": (6/276) .
(2) زيادة استدركت من (ب) .
(3) "سنن أبي داود": (3/69- 70- رقم: 2187) .
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (8/10- رقم: 37) .
(5) "الثقات": (7/371) .
(6) "سنن ابن ماجة": (1/660- رقم: 2046) .
(7) كذا بالأصل، وفي (ب) : (على شرط مسلم) .
"المستدرك": (1/198) وفي مطبوعته: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) .(4/408)
وهو خطأٌ من وجوه، منها: أنَّ محمَّدًا لم يرو له إلا أبو داود هذا الحديث، وعنده: (عن محمَّد بن عبيد بن صالح) ، والصواب: ابن أبي صالح (1) .
وقد رواه أيضًا من رواية نعيم بن حمَّاد عن أبي صفوان الأمويِّ عن ثور ابن يزيد عن صفيَّة من غير ذكر محمَّد (2) ، ونعيم: له مناكير.
وقد فُسِّر الإغلاق بـ: الإكراه، كما تقدَّم.
وفُسِّر أيضًا بـ: الغضب، قال أبو داود: أظنه الغضب (3) . وقد نص الإمام أحمد على هذا التفسير في رواية حنبل (4) .
قال شيخنا: والصواب أنَّه يعمُّ الإكراه والغضب والجنون، وكلَّ أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده، مأخوذٌ من: غلق الباب؛ بخلاف من علم ما يتكلَّم به وقصده وأراده، فإنَّه انفتح له بابه، ولم يغلق عليه، والله أعلم (5) O.
2823- الحديث الثاني: قال سعيد بن منصور: ثنا خالد بن عبد الله
عن هشام عن الحسن عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله عز وجل عفا لكم عن ثلاث: عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهتم عليه " (6) .
__________
(1) في مطبوعة "المستدرك" على الصواب.
(2) "المستدرك": (1/198) .
(3) "سنن أبي داود": (3/70- رقم: 2187) .
(4) انظر: " زاد المعاد " لابن القيم: (3/566؛ 5/214) ، و" الفروع " لابن مفلح: (5/365) .
(5) انظر: " زاد المعاد " لابن القيم: (5/215) .
(6) " سنن سعيد بن منصور ": (3/1/278- رقم: 1145) .(4/409)
ز: هذا مرسلٌ، وقد رواه ابن عَدِيٍّ متصلاً، فقال:
2824- ثنا حذيفة بن الحسن التنيسيُّ ثنا أبو أميَّة محمَّد بن إبراهيم ثنا جعفر بن جسر بن فَرْقد حدَّثني أبي عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا: الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهوا (1) عليه ". قال الحسن: قولٌ باللسان، فأمَّا اليد فلا (2) .
وجعفر وجسر: ضعيفان، وقال ابن عَدِيٍّ: البلاء من جعفر لا من جسر (3) .
وقد روي نحو هذا من حديث أبي ذرٍّ وعقبة بن عامر وابن عبَّاس وابن عمر، وقد ذكرت أسانيدها والكلام عليها في موضع آخر، والله أعلم O.
وأمَّا الأثر:
2825- فرواه سعيد بن منصور، قال: ثنا إبراهيم بن قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيُّ قال: سمعت أبي- قدامة بن إبراهيم-: أنَّ رجلاً على عهد عمر بن الخطَّاب تدلَّى يشتار عسلا، فأقبلت امرأته، فجلست على الحبل،
فقالت: لتطلقنَّها ثلاثًا، وإلا قطعت الحبل! فذكَّرها الله والإسلام، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، ثُمَّ خرج إلى عمر بن الخطَّاب، فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك، فليس هذا بطلاقٍ (4) .
ز: هذا منقطعٌ، فإنَّ قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيَّ لم يدرك عمرَ رضي
__________
(1) في (ب) : و"الكامل": (يكرهون) .
(2) "الكامل": (2/150- رقم: 344) تحت ترجمة جعفر بن جسر.
(3) "الكامل": (2/170- رقم: 356) تحت ترجمة جسر بن فرقد.
(4) " سنن سعيد بن منصور ": (1/3/274- 275- رقم: 1128) .(4/410)
الله عنه، إنَّما يروى عن: ابنه عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وغيرهما من المتأخرين O.
احتجُّوا بثلاثة أحاديث:
2826- الحديث الأوَّل: قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاثٌ جدُّهنَّ جدٌ، وهزلهُنَّ جدٌّ: النكاج، والطلاق، والرجعة " (1) .
قال المصنِّف: عطاء هو: ابن عجلان، متروك الحديث.
ز: هذا الذي قاله المؤلِّف خطأٌ، بل عطاء: ابن أبي رباح، أحد الأئمة.
وقد روى أبو داود (2) وابن ماجة (3) هذا الحديث من رواية عبد الرحمن ابن حبيب، وهو: ابن أردك، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وأخرجه الحاكم، وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، وعبد الرحمن من ثقات المدنيين، ولم يخرجاه (4) .
وقال النسائيُّ: عبد الرحمن منكر الحديث (5) . وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" (6) .
__________
(1) "الجامع": (2/476- رقم: 1184) .
(2) "سنن أبي داود": (3/70- رقم: 2188) .
(3) "سنن ابن ماجة": (1/658- رقم: 2039) .
(4) "المستدرك": (2/198) .
(5) "تهذيب الكمال" للمزي: (17/53- رقم: 3792) .
(6) " الثقات ": (7/77) .(4/411)
وقد رواه الحارثيُّ في " مسند أبي حنيفة " عن صالح عن الفضل بن العبَّاس عن محرز بن محمَّد عن الوليد بن مسلم عنه عن عطاء، ولا يثبت إلى الوليد.
ورواه البغويُّ عن جدِّه عن أبي معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبادة بن الصامت بنحوه، مرفوعًا.
وإسماعيل: ضعيفٌ.
والحسن: لم يسمع من عبادة، والله أعلم O.
2827- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: وأنا محمَّد بن عبد الأعلى ثنا مروان بن معاوية الفَزَارِيُّ عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزوميِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلُّ الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله ".
قال الترمذيُّ: لا نعرفه من حديث عكرمة بن خالد إلا من رواية عطاء، وهو ضعيف، ذاهب الحديث (1) .
2828- الحديث الثالث: قال العُقيليُّ: حدَّثنا يحيى بن عثمان ثنا نُعيم ابن حمَّاد ثنا بقيَّة عن الغاز بن جبلة عن صفوان الأصم عن رجلٍ من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رجلاً كان نائمًا مع امرأته، ققامت فأخذت سكينًا، وجلست على صدره، ووضعت السكن على حلقه، وقالت له: طلِقني، أو لأذبحنَّك! فناشدها الله، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " لا قيلولة في الطلاق " (2) .
__________
(1) "الجامع": (2/481- رقم: 1191) وفيه: (لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وعطاء بن عجلان ضعبف، ذاهب الحديث) .
(2) "الضعفاء الكبير": (2/211- رقم: 745) .(4/412)
قال البخاريُّ: صفوان الأصم (1) عن بعض أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المكره حديثٌ منكرٌ، لا يتابع عليه (2)
*****
مسألة (661) : الخُلْع فسخٌ.
وعنه: أنَّه طلاقٌ، كقول أبي حنيفة.
وعن الشافعيِّ قولان.
2829- قال سعيد بن منصور: حدَّثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس قال: سمعت إبراهيم بن سعد يسأل ابن عبَّاس عن رجل طلَّق امرأته تطليقتين، ثُمَّ اختلعت منه، فقال: ينكحها إن شاء، إنما ذكر الله الطلاق في أوَّل الآية وآخرها، والخُلْع فيما بين ذلك (3) .
احتجُّوا:
2830- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا أبو الحسن عليُّ بن محمَّد المصريُّ ثنا عبد الله بن وهيب الغزيُّ ثنا محمَّد بن أبي السري ثنا روَّاد عن عبَّاد بن كثير عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل الخُلْع تطليقة بائنة (4) .
__________
(1) في هامش الأصل: (حـ: صفوان بن عمران الأصم الطائي الحمصي) اهـ
(2) "التاريخ الكبير": (4/306- 307- رقم: 2927) .
(3) " سنن سعيد بن منصور ": (3/1/340- رقم: 1455) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/45- 46) .(4/413)
2831- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان ثنا إسماعيل بن يزيد البصريُّ ثنا هشام بن يوسف ثنا مَعْمَر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ امرأة ثابت بن قيس اختلعت
منه، فأمرها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تعتدَّ بحيضة (1) .
قلنا:
أمَّا الحديث الأوَّل: ففيه: عبَّاد بن كثير، قال أحمد: روى أحاديث كذب لم يسمعها (2) . وقال يحيى: ليس بشيء في الحديث (3) . وقال البخاريُّ (4) والنسائيُّ (5) : متروكٌ.
وفي الحديث الثاني: عمرو بن مسلم، ضعَّفه أحمد (6) ويحيى (7) .
2831/أ - وقد رووا عن سعيد بن المسيَّب أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الخُلْع طلقة بائن ".
قلنا:
لا يصحُّ، ثُمَّ هو مرسلٌ، ثُمَّ نحمله على ما إذا نوى.
ز: عبَّاد بن كثير هو: الثقفيُّ، البصريُّ، وقد تركوه، وقد أخطأ بعضهم، فقال: هو الرمليُّ.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/46) .
(2) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/84- رقم: 433) من رواية أبي طالب.
(3) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 146- رقم: 496) .
(4) "الضعفاء الصغير": (ص: 460- رقم: 227) وفيه: (تركوه) .
(5) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 163- رقم: 408) .
(6) "العلل" برواية عبد الله: (1/385- رقم: 754) .
(7) "العلل" برواية عبد الله بن أحمد: (3/30- رقم: 4024) .(4/414)
وقد روى حديثه هذا: أبو يعلى الموصليُّ (1) وابن عَدِيٍّ (2) وغيرهما.
وقال البيهقيُّ: كيف يصحُّ ذلك، وقد ذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه (3) ؟!
وحديث هشام بن يوسف: رواه أبو داود (4) والترمذيُّ (5) جميعًا عن محمَّد بن عبد الرحيم البزَّاز عن عليِّ بن بحر القطَّان عنه، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
ورواه الحاكم، وقال: هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، غير أنَّ عبد الرزاق أرسله عن مَعْمَر (6) .
وعمرو بن مسلم- راويه- هو: الجنَديُّ، اليماني، وقد روى له مسلمٌ حديثا (7) ، ووثَّقه ابن حِبَّان (8) ، وقال ابن معين في رواية: لا بأس به (9) .
وقال ابن عَدِيٍّ: ليس له حديث منكر جدًّا (10) . وقال ابن حزم: ليس بشيءٍ. ورَدَّ هذا الحديث لأجله (11) .
__________
(1) "معجم أبي يعلى": (ص: 196- رقم: 230) .
(2) "الكامل": (4/335- رقم: 1165) .
(3) "سنن البيهقي": (7/316) .
(4) هذا الحديث سقط من طبعة عوامة: (3/89) ، وهو في مطبوعة "السنن" التي مع "عون المعبود": (6/311- رقم: 2212) ، وانظر: "تحفة الأشراف" للمزي: (5/159) .
(5) "الجامع": (2/477- رقم: 1185 " م ") .
(6) "المستدرك": (2/206) .
(7) "صحيح مسلم": (8/51) ؛ (فؤاد- 4/2045) .
(8) "الثقات": (7/217) .
(9) "سؤالات ابن الجنيد": (ص: 346- رقم: 303) .
(10) "الكامل": (5/119- رقم: 1284) .
(11) "المحلى": (9/516- المسألة: 1974) .(4/415)
واعلم أن هذا الحديث إن كان ثابتًا فهو حجَّة لمن قال: الخُلْع ليس بطلاق، لأنَّه لو كان طلاقًا لم يعتد فيه بحيضة، فلا وجه لذكر المؤلِّف له في حجَّة من قال: إن الخُلْع طلاق.
وقد رواه الخطيب من رواية المسنديِّ عن هشام وعَبْدَة، فجعل عدتها حيضة ونصفًا (1) ، ولفظ: (النصف) غريبٌ، والله أعلم O.
*****
مسألة (662) : المختلعة لا يلحقها الطلاق.
وقال أبو حنيفة: يلحقها صريح الطلاق ما دامت في العدَّة، ويلحقها من الكنايات: " اعتدِّي، واستبرئي، وأنت واحدة " دون بقيَّة الكنايات.
لنا:
قوله: " لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك ".
وقد ذكرناه بإسنأده (2) ، والمختلعة لا ملك له عليها.
احتجُّوا:
2832- بما روى أبو يوسف أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المختلعة يلحقها الطلاق ما دامت في العِدَّة ".
__________
(1) "تاريخ بغداد": (10/65- رقم: 5184) تحت ترجمة عبد الله بن محمَّد المسندي، والذي في المطبوع رواية هشام فحسب.
(2) انظر: (2808، 2809، 2813) .(4/416)
قلنا:
هذا حديثٌ موضوعٌ، لا أصل له.
ز: 2833- قال الشافعيُّ: أنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس وابن الزبير أنَّهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها، قالا: لا يلزمها طلاق، لأنَّه طلاق ما لا يملك (1) .
وبمعناه رواه الثوريُّ عن ابن جريج، وهو قول الحسن البصريِّ.
قال الشافعيُّ: فسألته- يعني: بعض من يخالفه في هذه المسألة-: هل يروى في قوله خبرا؟ قال: فذكر حديثًا لا تقوم بمثله حجَّة عندنا ولا عنده.
فقلت: هذا عندنا وعندك غير ثابتٍ (2) .
والظاهر أنَّ الحديث الذي ذكر له هو هذا الذي ذكره المؤلِّف ورَدَّه.
وقال البيهقيُّ: أمَّا الخبر الذي ذكر له فلم يقع إلينا إسناده بعدُ، لننظر فيه، وقد طلبته من كتب كثيرة صنِّفت في الحديث فلم أجده، ولعله أراد ما روي عن فرج بن فَضَالة بإسناده عن أبي الدرداء من قوله، وفرج بن فَضَالة
ضعيفٌ.
أو ما روي عن رجلٍ مجهولٍ عن الضحَّاك بن مزاحم عن ابن مسعودٍ من قوله، وهو منقطعٌ وضعيفٌ (3) .
وقد ذكر ابن حزمٍ من رواية عليِّ بن المبارك عن يحيى بن أبي كثيٍر قال:
__________
(1، 2) "الأم": (5/115) .
(3) "سنن البيهقي": (7/317) .(4/417)
كان عمران بن حُصين وابن مسعود يقولان في التي تفتدي من زوجها: يقع عليها الطلاق ما دامت في العِدَّة (1) .
وهو منقطع، والله أعلم O.
مسألة (663) : إصابة الزوج الثاني شرطٌ في إباحتها للأوَّل، خلافًا لابن المسيَّب وداود.
2834- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الأعلى (2) عن مَعْمَر عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: دخلَتْ امرأة رفاعة القُرظيِّ وأنا وأبو بكر عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: إنَّ رفاعة طلَّقني البتَّة، وإنَّ عبد الرحمن بن الزبير تزوَّجني، وإنَّما عنده مثل هُدْبة الثوب. وأخذت هدبة من جلبابها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"كأنَّك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟! لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك " (3) .
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
*****
__________
(1) "المحلى": (9/517- 518- المسألة: 1974) .
(2) في هامش الأصل: (حـ: كذا فيه، ينظر هل هو عبد الرزاق؟ وأحمد يروي عن عبد الأعلى السامي) اهـ
وعبد الأعلى هذا هو ابن عبد الأعلى السامي، وقد روى الإمام أحمد في " مسند عائشة ": (6/33-34) جملة من الأحاديث بهذه السلسلة (عبد الأعلى عن معمر عن الزهري) .
(3) "المسند": (6/34) .
(4) "صحيح البخاري": (8/249- 250) ؛ (فتح- 10/502- 503- رقم: 6084) .
"صحيح مسلم": (4/154- 155) ؛ (فؤاد- 2/1055- 1056- رقم: 1433) .(4/418)
مسألة (664) : إذا قال لزوجته: " أنت طالقٌ إن شاء الله "= وقعَ الطلاق، وكذا العتاق.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: لا يقع.
لنا:
2835- حديث ابن عمر: كنَّا أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نرى الاستثناء جائزا في كلِّ شيءٍ إلا في الطلاق والعتاق.
ز: لم يذكر المؤلِّف لهذا الحديث إسنادًا، ومثلُ هذا لا يجوز الاحتجاج به، والله الموفِّق O.
احتجُّوا بثلاثة أحاديث:
2836- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن حميد بن مالك اللخميِّ عن مكحول عن معاذ بن جبل قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا معاذ، ما خلق الله شيئًا على وجه الأرض أحبّ إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حرٌّ إن شاء الله، فهو حرٌّ، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه " (1) .
2837- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد ثنا حميد بن عبد الرحمن بن مالك اللخميُّ ثنا مكحولٌ عن مالك بن يَخَامر (2) عن معاذ قال:
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/35) .
(2) في هامش الأصل: (حـ: لم يسمع مكحول من مالك أيضًا) .(4/419)
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من طلَّق واستثنى فله ثنياه " (1) .
2838- الحديث الثاني: قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد بن مسلم ثنا الحسين بن أبي سعيد العَسْقَلانيُّ ثنا آدم ثنا الجارود بن يزيد عن بَهز بن حَكيم عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قال لامرأته: أنت طالق إلى سَنَة إن شاء الله، فلا حنث عليه " (2) .
2839- الحديث الثالث: قال ابن عَدِيٍّ: حدَّثنا إبراهيم بن إسماعيل ثنا عليُّ بن معبد بن نوح ثنا إسحاق بن أبي يحيى (3) عن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، أو غلامه حرٌّ إن شاء الله، أو عليه المشي إلى بيت
الله إن شاء الله، فلا شيء عليه " (4) .
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: فإنَّ مكحولاً لم يلق معاذًا.
وإسماعيل بن عيَّاش وحميد ومكحول كلُّهم ضعَافٌ.
والثاني: فيه: حميد أيضًا.
وفيه: عمر بن إبراهيم، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: كان كذَّابًا، يضع الحديث (5) .
وأمَّا حديث بَهز بن حَكيم: فالمتهم به: الجارود، كان أبو أسامة يرميه بالكذب (6) ،
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/35) .
(2) "الكامل": (2/173- رقم: 361) تحت ترجمة الجارود بن يزيد.
(3) انظر ما سيأتي في كلام المنقح والتعليق عليه.
(4) "الكامل": (1/338- رقم: 165) تحت ترجمة إسحاق بن أبي يحيى.
(5) "سنن الدارقطني": (3/5) وليس فيه: (كان كذابًا) .
(6) " التاريخ الأوسط " للبخاري: (2/226) ، و"الضعفاء الصغير" له أيضًا: (ص: 418- رقم: 53) ، وانظر: "التاريخ الكبير" له أيضًا: (2/237- رقم: 2308) و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/525- رقم: 2183) .(4/420)
وقال يحيى: ليس بشيءٍ (1) . وقال أبو داود: غير ثقةٍ. وقال أبو حاتم الرازيُّ: كذَّابٌ، لا يكتب حديثه (2) .
وأمَّا حديث ابن عبَّاس: فلا يرويه إلا إسحاق بن أبي يحيى، قال ابن عَدِيٍّ: حدَّث عن الثقات بالمناكير (3) . وقال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به (4) .
ز: هذه الأحاديث لم يخرِّج أحدٌ من أصحاب "السنن" منها شيئًا.
والحديث الأوَّل: رواه أبو يعلى عن داود بن رُشيد عن إسماعيل (5) ، وقال البيهقيُّ: هو حديثٌ ضعيفٌ، وحميد بن مالك مجهولٌ، ومكحول عن معاذ بن جبل منقطعٌ (6) .
وقد تكلَّم في حميد: ابن معين (7) وأبو زرعة (8) وأبو حاتم (9) وابن عَدِيٍّ (10) والأزديُّ (11) ، وقال النسائيُّ: لا أعلم روى عنه غير إسماعيل بن عيَّاش (12) .
__________
(1) "التاريخ" برواية الدوري: (4/356- رقم: 4761) .
(2) "الجرح والتعديل" لابنه: (2/525- رقم: 2183) .
(3) "الكامل": (1/338- رقم: 165) .
(4) "المجروحون": (1/137) .
(5) لم نقف عليه في رواية "المسند" المطبوعة، وهو في الرواية الأخرى (رواية ابن المقرئ) كما يدل عليه إيراد الحافظ ابن حجر له في " المطالب العالية ": (2/208- رقم: 2/1705) .
(6) "سنن البيهقي": (7/361) .
(7، 8، 9) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/228- رقم: 1003) .
(10) "الكامل": (2/280- رقم: 443) .
(11) "الضعفاء" لابن الجوزي: (1/240- رقم: 1034) .
(12) "الكامل" لابن عَدِيٍّ: (2/279- رقم: 443) .(4/421)
وقد روى عنه غيره كما تقدَّم في رواية الدَّارَقُطْنِيِّ (1) ، إلا أنَّه كذَّابٌ، والحمل في هذا الحديث على حميد، وأخطأ المؤلِّف في تضعيف مكحول، وكلذلك تضعيفه لإسماعيل لا وجه له هنا.
وقد سقط في حديث ابن عباس بين عليِّ بن معبد بن نوح وبين إسحاق رجلٌ، وهو: علي بن معبد بن شدَّاد الكعبيُّ (2) .
وقال ابن عَدِيٍّ فيه: وهذا الحديث بإسناده منكر، ليس يرويه إلا إسحاق الكعبيُّ (3) O.
*****
__________
(1) رقم: (2837) .
(2) في مطبوعة "الكامل": (حدَّثنا إبراهيم بن إسماعيل الغافقي حدَّثنا علي بن معبد بن نوح حدثنا علي بن معبد بن شداد العبدي- آخر، وهما جميعًا من أهل مصر- قالا: حدَّثنا إسحاق بن أبي يحيى) .
فالظاهر أن كلمة (قالا) خطأ، وصوابها: (قال) ، والله أعلم.
وانظر: "الميزان" للذهبي: (1/205- رقم: 804) و" لسانه " لابن حجر: (1/580- 581- رقم: 1198) .
(3) "الكامل": (1/338- رقم: 165) تحت ترجمة إسحاق بن أبي يحيى.(4/422)
مسائل الظهار
مسألة (665) : يصحُّ الظهار المؤقَّت، وتلزم الكفَّارة إن عزم على الوطء في المدَّة، وإن لم يعزم حتَّى مضت المدة فلا كفَّارة عليه.
وقال مالك: يبطل التوقيت، ويتأبَّد التحريم.
وعن الشافعيِّ كقولنا، وعنه لا يكون ظهارًا.
2840- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد بن هارون أنا محمَّد بن إسحاق عن محمَّد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر الأنصاريِّ قال: كنت امرأ أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان،
تظهرت (1) من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فَرَقا من أن أصيب في ليلتي شيئًا، فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينا هي تخدمني من الليل، إذ تكشف لي منها شيءٌ، فوثبت عليها، فلمَّا أصبحتُ غدوتُ على قومي، فأخبرتهم خبري، وقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره بأمري. فقالوا: لا والله، لا نفعل، نتخوَّف أن ينزل فينا قرآن، أو يقول فينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك.
قال: فخرجت حتَّى أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبرته خبري، فقال لي: " أنت بذاك؟ ". فقلت: أنا بذاك. فقال: " أنت بذاك؟ ". فقلت: أنا بذاك.
قال: " أنت بذاك؟ ". قلت: نعم، ها أنا ذا، فأمض فِيَّ حكم الله
__________
(1) في "التحقيق": (تظاهرت) .(4/423)
عزَّ وجلَّ، فإني صابرٌ له. [قال:] (1) " فأعتق رقبة ". قال: فضربت صفحة رقبتي بيدي، وقلت: لا والذي بعثك بالحقِّ، ما أصبحت أملك غيرها.
قال: " فصم شهرين ". قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟! قال: " فتصدق ". قلت: والذي بعثك بالحقِّ، لقد بتنا ليلتنا هذه وَحْشا (2) ، ما لنا عشاء. قال: " اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق، فقل له، فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقًا من تمر ستين مسكينا، ثُم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك ". قال: فرجعت إلى قومي، فقلت: وجدت عندكم التضييق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السعة والبركة، قد أمر لي بصدقتكم، فادفعوها إليَّ. فدفعوها إليَّ (3) .
ز: رواه الترمذيُّ عن غير واحد عن يزيد، وقال: قال محمَّد بن إسماعيل: سليمان لم يسمع عندي من سلمة (4) .
ورواه أبو داود (5) وابن ماجة (6) من حديث ابن إسحاق.
ورواه أبو داود أيضًا عن أبي الظاهر بن السرح عن ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث كلاهما عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار به O.
*****
__________
(1) زيادة استدركت من (ب) و"التحقيق" و"المسند".
(2) أي: جياعا.
(3) "المسند": (4/37) .
(4) "الجامع": (5/328- 329- رقم: 3299) .
(5) "سنن أبي داود": (3/81- رقم: 2208) .
(6) "سنن ابن ماجة": (1/665- رقم: 2062) .(4/424)
مسألة (666) : اذا وطىء المظاهر قبل التكفير أثم، واستقرَّت الكفَّارة في ذمته.
وقال أبو حنيفة: لاتستقرُّ، فإن عزم على الوطء ثانيا أمرته بالكفَّارة كما أمرته قبل الوطء الأوَّل.
لنا:
أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر سلمة بن صخر بالتكفير حين وطىء، على ما سبق.
*****
مسألة (667) : الإيمان شرطٌ في الكفَّارة.
وعنه: أنَّه (1) شرطٌ في كفَّارة القتل، وأمَّا كفَّارة الظهار واليمين فلا، وهو قول أبي حنيفة.
لنا حديثان:
2841- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الصمد ثنا حمَّاد ابن سلمة ثنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشَّريد أنَّ أمَّه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، وقال: عندي جارية سوداء نُوبيَّة، أفأعتقها عنها؟ قال: " ائت بها ". قال: فدعوتها، فجاءت، فقال لها: " مَنْ ربُّك؟ ". قالت: الله. قال: " من أنا؟ ". قالت: أنت رسول الله. قال: " أعتقها فإنَّها مؤمنة " (2) .
__________
(1) في (ب) : (أنها) خطأ.
(2) "المسند": (4/222) .(4/425)
ز: رواه أبو داود (1) والنسائيُّ (2) من حديث حمَّاد، وقال أبو داود: خالد بن عبد الله أرسله، لم يذكر الشَّريد.
ورواه أبو حاتم البُسْتِيُّ (3) والطبرانيُّ (4) كلاهما عن أبي خليفة عن أبي الوليد الطيالسيِّ عن حمَّاد.
وهذا الحديث لا حجَّة فيه على اشتراط الإيمان في الرقبة في كلِّ كفَّارة، فإنَّ أمَّ الشَّريد إنَّما أوصت بعتق رقبة متَّصفة بالإيمان، لا مطلقة، والله أعلم O.
2842- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرَّزَّاق ثنا مَعْمَر عن الزهريِّ عن عبيد الله (5) بن عبد الله عن رجلٍ من الأنصار أنَّه جاء بأمة سوداء، فقال: يا رسول الله، إنَّ عليَّ رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة
أعتقتها (6) . فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ ". قالت: نعم. قال: " أتشهدين أني رسول الله؟ ". قالت: نعم. قال: " أتؤمنين بالبعث بعد الوت؟ ". قالت: نعم. قال: " أعتقها " (7) .
ز: وهذا الحديث لا حجَّة فيه أيضًا، ولم أره في شيءٍ من " الكتب السِّتَّة "، ورواته أئمة، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/89- 90- رقم: 3277) .
(2) "سنن النسائي": (6/252- رقم: 3653) .
(3) "الإحسان" لابن بلبان: (1/418- 419- رقم: 189) .
(4) "المعجم الكبير": (7/320- رقم: 7257) .
(5) في مطبوعة "المسند": (عبد الله) خطأء
(6) في (ب) : (اعتقها) .
(7) "المسند": (3/451- 452) .(4/426)
مسألة (668) : الطلاق بالرجال، فإن كان الرجل حرًّا فطلاقه ثلاث، وإن كان عبدًا فاثنتان.
وقال أبو حنيفة: يعتبر بالنساء.
وقد رويت أحاديث في الطرفين كلُّها ضعاف:
2843- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا يوسف بن يعقوب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز المقوم ثنا صُغدي بن سنان عن مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمَّد عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " طلاق العبد اثنتان، وقرء الأمة حيضتان " (1) .
قال يحيى بن سعيد: مظاهر ليس بشيء (2) . مع أنه لا يعرف، وقال أبو حاتم الرازيُّ: هو منكر الحديث (3) .
ز: أخطأ المؤلِّف في قوله: (قال يحيى بن سعيد) فإنَّ قائل هذا الكلام هو: ابن معين، ورواه عنه إسحاق بن منصور (4) .
والمشهور في لفظ هذا الحديث: " طلاق الأمة ... " كما يأتي (5) .
وصُغدي بن سنان: ضعَّفه أبو حاتم (6) والنسائيُّ (7) والدَّارَقُطْنِيُّ (8) ،
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/39) .
(2) انظر تعقب المنقح له.
(3) "الجرح والتعديل" لابنه: (8/439- رقم: 2003) .
(4) المرجع السابق.
(5) رقم: (2845) .
(6) "الجرح والتعديل" لابنه: (4/453- 454- رقم: 2000) .
(7) "الضعفاء": (ص: 133- رقم: 309) .
(8) "الضعفاء": (ص: 251- رقم: 297) ، و"سؤالات البرقاني": (ص: 37- رقم: 233) .(4/427)
وقال عبَّاس عن يحيى: ليس بشيءٍ (1) . وقال ابن عَدِيٍّ: يتبيَّن على حديثه ضعفه (2) O.
2844- وقد روى بعض من نصر هذه المسألة (3) عن ابن عبَّاس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " الطلاق بالرجال، والعِدَّة بالنساء ".
وإنَّما هذا من كلام ابن عبَّاس.
أمَّا حجَّتُهم:
2845- فقال الترمذيُّ: حدَّثنا محمَّد بن يحيى النيسابوريُّ ثنا أبو عاصم عن ابن جريج ثنا مظاهر بن أسلم قال: حدَّثني القاسم عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " طلاق الأمة تطليقتان، وعِدَّتها حيضتان " (4) .
قال المصنِّف: لا يعرف (5) هذا مرفوعًا إلا من حديث مظاهر، وقد سبق الجرح فيه.
ز: روى هذا الحديث أيضًا: أبو داود (6) وابن ماجة (7) من حديث أبي عاصم عن ابن جريج.
وقال أبو داود: هذا حديث مجهولٌ.
__________
(1) "التاريخ": (4/316- رقم: 4572) .
(2) "الكامل": (4/90- رقم: 939) .
(3) في "التحقيق": (وقد رُوِيَ بَعْضٌ مِنْ نَصِّ هذه المسألة) !!
(4) "الجامع": (2/474- رقم: 1182) .
(5) في "التحقيق": (لا نعرف) .
(6) "سنن أبي داود": (3/68- رقم: 2183) .
(7) "سنن ابن ماجة": (1/672- رقم: 2080) .(4/428)
وقال الترمذيُّ: غريبٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومطاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث.
وقال ابن عَدِيٍّ: ومظاهر يعرف بحديث أبي عاصم في طلاق الأمة، وقد ذكرنا له غيره، وإنَّما أنكروا عليه طلاق الأمة (1) .
وقال أبو بكر النيسابوريُّ: ثنا محمَّد بن إسحاق [قال:] (2) سمعت أبا عاصم يقول: لبس بالبصرة حديث أنكر من حديث مطاهر هذا (3) .
وقد روى الحاكم حديث مظاهر هذا، وصحَّحه (4) ، وقد أخطأ في تصحيحه.
وقال تلميذه البيهقيُّ: مظاهر رجلٌ مجهول، يعرف بهذا الحديث (5) .
وقد ضعَّف مظاهرًا أيضًا: النسائيُّ (6) وغيره، وذكره ابن حِبان في "الثقات" (7) فلم يصب.
وقد روى أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه أنَّه كان جالسًا عند أبيه، فأتاه رسول الأمير، فأخبره أنَّه سأل القاسم بن محمَّد وسالم بن عبد الله عن ذلك، فقالا هذا، وقالا له: قل له إن هذا ليس في كتاب الله، ولا سنَّة رسول الله
__________
(1) "الكامل": (6/450- رقم: 1931) ، وقوله: (وقد ذكرنا له غيره ... إلخ) غير موجود في مطبوعة "الكامل".
(2) زيادة استدركت من (ب) و"سنن الدارقطني".
(3) "سنن الدارقطني": (4/40) .
(4) "المستدرك": (2/205) .
(5) "سنن البيهقي": (7/426- 427) .
(6) "تهذيب الكمال" للمزي: (28/97- رقم: 6016) .
(7) "الثقات": (7/528) .(4/429)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن عمل به المسلمون.
وهذا مختصرٌ مما ذكره البخاريُّ في "التاريخ" (1) ، فدلَّ على أنَّ الحديث المرفوع غير محفوظٍ، والله أعلم O.
2846- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو حامد أحمد بن الحسين القاضي ثنا أحمد بن محمَّد بن عمر المنكدريُّ ثنا محمَّد بن رباح الجوزجانيُّ ومحمَّد بن صالح ابن سهل (2) قالا: ثنا صالح بن عبد الله الترمذيُّ ثنا سلم بن سالم عن ابن
جريج عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كانت الأمة تحت الرجل، فطلَّقها تطليقتين، ثُمَّ اشتراها، لم تحلّ له حتَّى تنكح زوجًا غيره " (3) .
2847- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا عليُّ بن شعيب ثنا عمر بن شبيب المُسْلي (4) ثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن عن عطيَّة العوفيِّ عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " طلاق الأمة اثنتان، وعِدَّتها حيضتان " (5) .
قال المصنِّف: هذان حديثان (6) لا يثبتان:
أمَّا الأوَّل: ففيه: سلم (7) بن سالم، كان ابن المبارك يكذِّبه (8) ، وقال
__________
(1) انظر: " التاريخ الأوسط ": (2/80- رقم:1198) ، و"التاريخ الكبير": (8/73- رقم: 2211) ، و" تهذبب السنن " لابن القيم: (عون- 6/256- 257- رقم: 2175) .
(2) في مطبوعة "سنن الدارقطني": (سهيل) .
وفي هامش الأصل: (حـ: المحمدان يظر فيهما) ا. هـ وسيأتي نحوه في الجوف.
(3) "سنن الدارقطني": (3/311) .
(4) في (ب) : (المبتلى) .
(5) " سنن للدارقطني ": (4/38) .
(6) في "التحقيق": (الحديثان) .
(7) في "التحقيق": (سلمة) خطأ.
(8) " المدخل إلى الصحيح " للحاكم: (1/190- رقم: 75) .(4/430)
يحيى: حديثه ليس بشيءٍ (1) . وقال السعديُّ: لبس بثقةٍ (2) .
وأمَّا الثاني: فقال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به عمر بن شبيب مرفوعًا، وكان ضعيفًا، والصحيح عن ابن عمر من قوله (3) .
قال يحيى بن معين: عمر بن شييب ليس بشيءٍ (4) . وقال أبو زرعة: واهي الحديث (5) .
ز: حديث سلم عن ابن جريج: لم يخرجوه.
وأحمد بن محمَّد المنكدريُّ: له أفراد وعجائب. قاله الحاكم (6) ، وقال السليمانيُّ: فيه نظرٌ. وقال الإدريسيُّ: دخل المنكدريُّ سمرقند، وحدَّث بها، ودوَّن من العجائب والإفرادات ما الله به عليم، ويقع في حديثه المناكير،
وما أراها تقع من جهته، فإنَّ مثله لا يتعمد- إن شاء الله- الكذب. قال: وسألت محمَّد بن أبي سمعيد الحافظ السمرقنديَّ عنه، فرأيته حسن الرأي فيه.
قال (7) : وسمعته يقول: سمعت المنكدريَّ يقول: أناظر في ثلاثمائة ألف حديث. فقلت له: هل رأيت ابن عُقْدَة أحفظ من المنكدريِّ؟ قال: لا (8) .
__________
(1) "التاريخ" برواية الدوري: (4/356- رقم: 4756) .
وفي (ب) و"التحقيق": (ليس حديثه بشيء) .
(2) " الشجرة ": (ص: 352- رقم: 390) ، وفيه: (غير ثقة) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/38) .
(4) "التاريخ" برواية الدوري: (3/405- رقم: 1970) ، وفيه: (لم يكن بشيء) .
(5) "الضعفاء" برواية البرذعي: (2/435) .
(6) "الميزان" للذهبي: (1/147- رقم: 574) .
(7) في (ب) : (قال قال) .
(8) انظر: المصدر السابق.(4/431)
ومحمَّد بن صالح وابن رباح- شيخا المنكدريِّ -: ينظر فيهما.
وحديث عطيَّة عن ابن عمر: رواه ابن ماجة عن محمَّد بن طريف وإبراهيم بن سعيد الجوهريِّ عن عمر بن شبيب (1) .
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: هو منكرٌ، غير ثابتٍ من وجهين: أحدهما: أنَّ عطيَّة ضعيفٌ، وسالم ونافع أثبت منه، وأصحُّ رواية؛ والوجه الآخر: أنَّ عمر بن شبيب ضعيفٌ لا يحتجُّ بروايته، والله أعلم (2) O.
*****
مسألة (669) : الإطعام في الكفَّارة: لكلِّ مسكينٍ: مدٌّ من برٍّ، أو نصف صاعٍ من شعيرٍ أو تمرٍ.
وقال أبو حنيفة: نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعٌ من تمرٍ أو شعيرٍ.
وقال الشافعيُّ: مدٌّ من الجميع.
2848- قال سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال: أدركت الناس وهم يعطون في طعام المساكين مدًّا مدًّا، ويرون أنَّ ذلك يجزىء عنهم.
ز: هذا الأثر لا يحتجُّ بمثله في هذه المسألة، ولم يذكر المؤلِّف حجَّةً للقول الذي قدَّمه.
__________
(1) "سنن ابن ماجة": (1/672- رقم: 2079) .
(2) "سنن البيهقي": (7/369) .(4/432)
والصحيح أنَّ الإطعام في الكفَّارة غير مقدَّر بالشرع، بل يرجع (1) فيه إلى العرف، والله أعلم O.
*****
__________
(1) في (ب) : (المرجع) .(4/433)
مسائل اللعان
مسألة (670) : الأمة تصير فراشا بالوطء، فما تأتي به من الأولاد يلحق به.
وقال أبو حنيفة: لا يلحق به الولد إلا باعترافه.
2849- قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: اختصم عبد بن زَمْعة وسعد بن أبي وقاص عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ابن أَمَةِ زَمْعة، فقال: يا رسول الله، أخي ابن أَمَةِ أبي، ولد على فراش أبي.
وقال سعدٌ: أوصاني أخي إذا قدمت مكَّة فانظر ابن أَمَةِ زَمْعة فأقبضه، فإنَّه ابني. فرأى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبها "بَيِّنًا بعتبة، فقال: " هو لك يا عبد، الولد للفراش، واحتجبي منه يا سود" " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
*****
مسألة (671) : موجب قذف الزوج الحدُّ، وله إسقاطه عنه باللعان.
__________
(1) "المسند": (6/37) .
(2) "صحيح البخاري": (3/605) ؛ (فتح- 5/74- رقم: 2421) .
"صحيح مسلم": (4/171) ؛ (فؤاد- 2/1080- رقم: 1457) .(4/434)
وقال أبو حنيفة: موجبه اللعان، ولا يجب الحدُّ إلا أن يكذِّب نفسه.
2850- قال البخاريُّ: حدَّثني محمَّد بن بشَّار ثنا ابن أبي عَدِيٍّ عن هشام بن حسَّان ثنا عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ هلال بن أُمَيَّة قذف امرأته عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشريك بن سحماء، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " البيِّنة أو حدٌ في ظهرك ".
فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً، ينطلق يلتمس البيِّنة؟! فجعل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " البيِّنة وإلا حدٌّ في ظهرك ". فقال هلال: والذي بعثك بالحقِّ إنِّي لصادقٌ، ولينزلنَّ الله ما يبرئ ظهري من الحدِّ، فنزل جبريل فأنزل عليه: (والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) حتى بلغ: (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور: 6- 9] .
انفرد بإخراجه البخاريُّ (1) .
*****
مسألة (671/ب) : العبد والذميُّ والمحدود في القذف من أهل اللعان في إحدى الروايتين، وهو قول الشافعيِّ.
وفي الأخرى: ليس (2) من أهل اللعان، فإن قذفوا حُدُّوا ما لم تقم البيِّنة.
لنا:
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) [النور: 6] ، وهذا عامٌّ في كلِّ زوجٍ.
__________
(1) "صحيح البخاري": (6/608) ؛ (فتح- 8/449- رقم: 4747) .
(2) في "التحقيق": (ليسوا) .(4/435)
احتجُّوا:
2851- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن
هارون أنا محمَّد بن الحجاج بن نذير (1) ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عثمان بن
عبد الرحمن الزهريِّ عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أربعة ليس بينهم لعان: ليس بين الحرِّ والأمة لعانٌ،
وليس بين العبد والحرَّة لعانٌ، وليس بين المسلم واليهوديَّة لعانٌ، وليس بين المسلم
والنصرانيَّة لعانٌ " (2) .
2852- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أحمد بن محمَّد بن يزيد الزعفرانيُّ ثنا عليُّ
ابن سعيد بن قتيبة ثنا ضمرة بن زمعة (3) عن ابن عطاء عن أبيه عن عمرو بن
شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أربع من النساء لا ملاعنة بينهن (4) : النصرانيَّة تحت المسلم، واليهوديَّة تحت المسلم، والمملوكة تحت الحرِّ، والحرَّة تحت المملوك " (5)
2853- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا الحسن بن أحمد بن سعيد ثنا محمَّد بن أبي فروة ثنا أبي ثنا عمَّار بن مطر ثنا حمَّاد بن عمرو عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عتَّاب بن أَسيد ... ثم ذكر نحوه (6) .
كذا قال الدَّارَقُطْنِيُّ.
__________
(1) في "التحقيق": (بدير) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/162- 163) .
(3) كذا بالأصل و (ب) ، وفي "التحقيق" ومطبوعة "سنن الدارقطني": (ربيعة) ولعله الصواب، والله أعلم.
(4) في "التحقيق" ومطبوعة "سنن الدارقطني": (بينهم) .
(5، 6) "سنن الدارقطني": (3/164) .(4/436)
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: ففي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الزهريُّ، قال يحيى (1) والبخاريُّ وأبو حاتم الر ازيُّ (2) وأبو داود: لبس بشيءٍ (3) . وقال يحيى مرَّة: كان يكذب (4) . وقال ابن حِبَّان: كان يروي عن الثقات الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به (5) . وقال النَّسائيُّ (6) والدَّارَقُطْنِيُّ (7) : متروك الحديث.
والحديث الثاني: يرويه عثمان بن عطاء الخراسانيُّ، ضعَّفه يحيى (8) والدَّارَقُطْنِيُّ (9) وقال أبو حاتم الرازيُّ: لا يحتجُّ به (10) . وقال عليُّ بن الجُنيد: متروكٌ (11) . وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به (12) .
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وقد تابعه يزيد بن بزيع عن عطاء وهو ضعيفٌ أيضًا،
__________
(1) "التاريخ" برواية الدوري: (3/286- رقم: 1359) .
(2) انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(3) " سؤالات الآجري ": (2/305- رقم: 1943) .
(4) "التاريخ" برواية ابن الجنيد: (ص: 334- رقم: 245) .
(5) "المجروحون": (2/98) .
(6) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 166- رقم: 418) .
(7) "سنن الدارقطني": (2/150) .
(8) "سؤالات ابن الجنيد": (ص: 393- رقم:498) .
(9) "سنن الدارقطني": (2/164) .
(10) "الجرح والتعديل" لابنه: (6/162- رقم: 887) .
(11) ذكره ابن الجوزي في "الضعفاء" أيضًا: (2/170- رقم: 2276) .
(12) "المجروحون": (2/100) ونصه: (أكثر روايته عن أبيه، وأبوه لا يجوز الاحتجاج بروايته لما فيها من المقلوبات التي وهم فيها، فلست أدري البلية في تلك الأخبار منه أو من ناحية أبيه؟ وهذا شيء يشتبه إذا روى رجل ليس بمشهور العدالة عن شيخ ضعيف أشياء لا يرويها عن غيره لا يتهيأ إلزاق القدح بهذا المجهول دونه، بل يجب التنكب عما رويا جميعًا حتى يحتاط المرء فيه، لأن الدين لم يكلف الله عباده أخذه عن كل من ليس بعدل مرضي) ا. هـ(4/437)
وقد روى هذا الحديث الأوزاعي وابن جريج- وهما إمامان- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قوله، ولم يرفعه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
وأمَّا الحديث الثالث: ففيه عمَّار بن مطر، قال أبو حاتم الرازيُّ: كان يكذب (2) . وقال ابن عَدِيٍّ: أحاديثه بواطيل، وهو متروك الحديث (3) .
وفيه: حمَّاد بن عمرو، قال يحيى: كان يكذب ويضع الحديث (4) .
وقال الساجيُّ: أجمعوا على أنَّه متروك الحديث (5) .
وفيه: زيد بن رفيع، وقد ضعَّفه النَّسائيُّ (6) والدَّارَقُطْنِيُّ (7) .
ز: روى حديث عثمان بن عطاء الخراسانيِّ عن أبيه: ابنُ ماجة عن محمَّد بن يحيى عن حيوة بن شُريح الحضرميِّ عن ضَمرة بن ربيعة عنه (8) .
وقد وهم المؤلِّف في نقل كلام البخاريِّ وأبي حاتم في عثمان بن عبد الرحمن الوقاصيِّ كما بيَّنَّا ذلك في الكلام على حديث: " لا يحرم الحرام الحلال " (9) .
وزيد بن رفيع إنَّما قال فيه النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (1) ، كما ذكره المؤلِّف
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/164) .
(2) "الجرح والتعديل": (6/394- رقم: 2198) .
(3) "الكامل": (5/72- 73- رقم: 1251) .
(4) "الكامل" لابن عدي: (2/239- رقم: 415) من رواية أحمد بن سعد.
(5) ذكره ابن الجوزي في "الضعفاء" أيضًا: (1/234- رقم: 1000) .
(6) انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(7) "سنن الدارقطني": (3/164) .
(8) "سنن ابن ماجة": (1/670- رقم: 2071) .
(9) (3/352- 353) .
(10) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 106- رقم: 216) .(4/438)
في "الضعفاء" (1) .
2854- وقال ابن عَدِيٍّ: ثنا القاسم بن عليٍّ الجوهريُّ ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا يحيى بن بكير حدَّثني يحيى بن صالح الأيليُّ عن إسماعيل بن أميَّة عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا عتَّاب بن أَسيد إنِّي قد بعثك على أهل مكَّة، فانههم عن كذا ... فذكر الحديث، وفيه: أربعة ليس بينهم ملاعنة: اليهوديَّة تحت المسلم، والنصرانيَّة تحت المسلم، والعبد عنده الحرَّة، والحرُّ عنده الأمة " (2) .
قال البيهقي: وهذا الحديث بهذا الإسناد باطلٌ، ويحيى بن صالح الأيليُّ أحاديثه غير محفوطة (3) O.
*****
مسألة (672) : لا يصحُّ اللعان على نفي الحمل.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: يلاعن لنفي الحمل.
احتجُّوا:
2855- بما رواه الإمام أحمد قال: حدَّثنا وكيع ثنا عبَّاد بن منصور عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بالحمل (4) .
__________
(1) "الضعفاء": (1/305- رقم: 1322) .
(2) "الكامل": (7/245- رقم: 2144) تحت ترجمة يحيى بن صالح الأيلي.
(3) "سنن البيهقي": (7/397- 398) .
(4) "المسند": (1/355) .(4/439)
2856- قال أحمد: وحدَّثنا يزيد ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بين هلال بن أميَّة وامرأته، وفرَّق بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأبٍّ، ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها (1) فعليه الحدُّ. قال عكرمة: وكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يدعى لأمِّه، وما يدعى لأبٍّ (2) .
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: فقد أنكره أحمد، وقال: إنَّما وكيع أخطأ، فقال: لاعن بالحمل، وإنما لاعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما جاء فشهد بالزنا، ولم يلاعن بالحمل.
وهذا جواب الحديث الثاني.
ز: حديث يزيد بن هارون: رواه أبو داود عن الحسن بن عليٍّ عنه (3) .
وعبَّاد بن منصور: وثَّّقه يحيى القطَّان (4) ، وقال ابن معين: ليس بشيءٍ (5) . وقال ابن الجنيد: قدريٌّ متروكٌ (6) . وقال أبو حاتم الرازيُّ: كان ضعيف الحديث، يكتب حديثه، ونرى أنَّه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبي (7)
__________
(1) (ومن رماها أو رمى ولدها) سقط من (ب) .
(2) "المسند": (1/238) في حديث طويل.
(3) "سنن أبي داود": (3/99- 101- رقم: 2250) مطولاً.
(4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/86- رقم: 438) .
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (4/142- رقم: 3601؛ 182- رقم:3839) .
(6) "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي: (2/77- رقم: 1786) .
(7) (أبي) سقطت من (ب) .(4/440)
يحيى عن داود بن الحصن عن عكرمة عن ابن عبَّاس (1) .
وقال أبو الحارث: سئل أبو عبد الله عن حديث عبَّاد بن منصور عن عكرمة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بالحمل. قال: هذا باطلٌ، إنَّما قال: " إن جاءت به كذا وكذا ... ". وقال: عبَّاد عن عكرمة ليس بشيءٍ، عبَّاد ضعيفٌ وأحاديثه مناكير. وقال الميمونيُّ: قالوا لأبي عبد الله: فلاعن- يعنون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بالحمل؟ قال: لا. ثم قال: بلغني أنَّ ابن أبي شيبة أخرجه في كتابه (2) ، أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بالحمل، وهذا خطأٌ بيِّنٌ! وأقبل يتعجَّب من إخراجه، ومن خطائه في هذا، ثم قال: إنَّما الأحاديث التي جاعت عنه أنَّه قال: " لعله أن تجيء به كذا، فإن جاءت به كذا فهو كذا " وليس فيه أنَّه لاعن O.
*****
مسألة (673) : لا تقع فرقة اللعان إلا: بلعانهما، وتفريق الحاكم.
وعنه: تقع بلعانهما، وهو قول مالك.
وقال الشافعيُّ: يقع الفراق بلعان الزوج وحده.
2857- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو كامل ثنا إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن سهل بن سعد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بين عويمر وبين امرأته، فقال عويمر: إن انطلقت بها يا رسول الله لقد كذبت عليها! قال: ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصارت سُنَّة المتلاعنين (3) .
2858- قال أحمد: وحدَّثنا ابن إدريس ثنا ابن إسحاق عن الزهريِّ
__________
(1) "الجرح والتعديل" لابنه: (6/86- رقم: 438) .
(2) هو في " المصنِّف ": (7/280- رقم: 36083) .
(3) "المسند": (5/334) .(4/441)
عن سهل بن سعد قال: لما لاعن أخو بني العجلان امرأته، قال: يا رسول الله، ظلمتها إن أمسكتها! هي الطلاق، وهي الطلاق، وهي الطلاق (1) .
فوجه الدليل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّه قال: (إن انطلقت بها لقد كذبت عليها) فاعتقد أنه يجوز له إمساكها، وأقرَّه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك، فدلَّ على أن الفرقة لم تقع.
والثاني: أنَّه طلقها ثلاثا، ولو كانت الفرقة قد حصلت لم يقع الطلاق.
والثالث: قوله: (فكانت سنة المتلاعنين) فأخبر على أنَّ السُّنَّة استقرَّت على أنَّه يحتاج إلى التفرقة.
ز: حديث سهل: مخرَّجٌ في "الصحيحين" من رواية مالك (2) وغير واحد (3) عن الزهريِّ.
وحديث ابن إسحاق عن الزهريِّ: لم يخرجوه.
والأوجه الثلاثة التي ذكرها المؤلِّف فيها نظرٌ، والله أعلم O.
2859- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الملك بن أبي
__________
(1) "المسند": (5/334) .
(2) "صحيح البخاري": (7/56- 57، 71) ؛ (فتح- 9/361؛ 446- رقمي: 5259؛ 5308) .
ويأتي عزوه إلى مسلم في التعليق التالي.
(3) "صحيح البخاري": (1/115؛ 6/607- 608؛ 7/72؛ 9/525، 561) ؛ (فتح- 1/518؛ 8/448؛ 9/452؛ 13/154، 376- الأرقام: 423، 4745، 4746، 5259، 5309، 7165، 7166، 7304) .
"صحيح مسلم": (4/205- 206) ؛ (فؤاد- 2/1129- 1130- رقم: 1492) .(4/442)
سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر، فقلت: المتلاعنان أيفرق بينهما؟ فقال: لاعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، ثم فرَّق بينهما (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
فإن قيل: ففي "الصحيحين" من حديث ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " لا سبيل لك عليها ".
قلنا: إنَّما ظنَّ أنَّ له المطالبة بالمهر، ولهذا قال في تمام الحديث: أنَّه لما قال له: " لا سبيل لك عليها "، قال: يا رسول الله، مالي! قال: " لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها ".
*****
مسألة (674) : فرقة اللعان تقع مؤبدة.
وعنه: إذا لاعن امرأته وأكذب نفسه جلد، وردت إليه امرأته، وهو قول أبي حنيفة.
__________
(1) "المسند": (2/19) .
(2) "صحيح البخاري": (7/73، 82) ؛ (فتح- 9/457، 496- رقمي: 5312، 5350) من حديث عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير به، و (7/73، 81) ؛ (فتح- 9/456، 495- رقمي: 5311، 5349) من حديث أيوب عن سعيد بن جبير به.
"صحيح مسلم": (4/206- 207) ؛ (فؤاد- 2/1130- 1131- رقم: 1493) .
وفي هامش الأصل: (حـ: رواه من حديث عبد الملك مسلمٌ وحده، ورواه النسائي عن عمرو بن علي ومحمَّد بن المثنى كلاهما عن يحيى بن سعيد) ا. هـ وانظر: "سنن النسائي" (6/176- 177- رقم: 3474) .(4/443)
لنا:
حديث ابن عمر: " لا سبيل لك عليها ".
وهذا عام، كذب نفسه أو لم يكذب.
2860- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفِهْريِّ عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: حضرت المتلاعنين عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلَّقها ثلاث تطليقات عند رسول الله، فأنفذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ما صُنع عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً، فمضت السُّنَّة بعد في المتلاعنين يفرَّق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا (1) .
ز: رواه أبو داود عن ابن السرح عن ابن وهب به (2) O.
2861- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن الحسن ثنا محمَّد ابن عثمان ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا أبو معاوية عن محمَّد بن زيد عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: المتلاعنان إذا تفرَّقا لا يجتمعان أبدًا (3) .
ز: هذا إسنادٌ جيِّدٌ، ولم يخرجوه، والله أعلم O.
2862- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا الحسن ابن عتبة بن عبد الرحمن ثنا عبد الرحمن بن هانىء عن عاصم (4) عن زِرٍّ عن عليٍّ وعبد الله قالا: مضت السُّنَّة أن لا يجتمع المتلاعنان (5) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/275) .
(2) "سنن أبي داود": (3/96- رقم: 2244) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/276) .
(4) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، وفي مطبوعة "سنن الدارقطني" بين ابن هانئ وعاصم: (نا أبو مالك) فلعله سقط من "التحقيق" والله أعلم.
(5) "سنن الدارقطني": (3/276- 277) .(4/444)
ز: عبد الرحمن هو: أبو نعيم النخعيُّ، وقد جرحه أحمد ويحيى وغيرها (1) .
وشيخ ابن عقدة ينظر فيه (2) ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) انظر ما تقدم تحت الرقم: (271) .
(2) قال الشيخ مقل الوادعي- رحمه الله تعالى- في " تراجم رجال الدارقطني في سننه ": (ص: 186- رقم: 438) : (الظاهر أن صوابه: محمَّد بن عتبة بن عبد الرحمن، ويكون نسب إلى جده، فهو محمَّد بن عبيد بن عتبة بن عبد الرحمن، مترجم في "التهذيب"، وذكر من مشايخه: عبد الرحمن بن هانئ، ومن تلاميذه: ابن عقدة، والله أعلم) اهـ(4/445)
مسائل العدد
مسألة (675) : الأقراء: الحِيض.
وعنه: الأطهار، كقول مالك والشافعيِّ.
لنا:
قوله عليه السلام: " طلاق الأمة طلقتان، وعدَّتها حيضتان ".
وقد سبق بإسناده (1) .
*****
مسألة (676) : المبتوتة لا سكنى لها ولا نفقة.
وعنه: لها السكنى، كقول مالك والشافعيِّ.
وقال أبو حنيفة: لها السكنى والنفقة.
2863- قال مسلمُ بن الحجاج: حدَّثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن يزيد- مولى الأسود بن سفيان- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أنَّ أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتة وهو غائبٌ،
فأرسل إليها وكليله بشعير، فتسخطته، فقال: والله، ما لك علينا من شيء.
__________
(1) رقم: (2845) .(4/446)
فجاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له، فقال: " ليس لك عليه نفقة ".
وأمرها أن تعتدَّ في بيت أمِّ شريك، ثم قال: " تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدِّي عند ابن أمِّ مكتوم، فإنَّه رجلٌ أعمى " (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
2864- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا عبد الواحد ثنا الحجَّاج بن أرطأة ثنا عطاء عن ابن عبَّاس قال: حدَّثتني فاطمة بنت قيس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها سكنى، ولا نفقة (2) .
2865- قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن سعيد ثنا مجالد ثنا عامر قال: قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس، فحدَّثتني أنَّ زوجها طلَّقها على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعثه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية، قالت: فقال لي أخوه: أخرجي من الدار. فقلت: إن لي نفقة وسكنى حتَّى يحلَّ الأجل. قال: لا.
قالت: فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: إن فلانًا طلَّقني، وإن أخاه أخرجني، ومنعني السكنى والنفقة. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة، فلا نفقة ولا سكنى" (3) .
ز: حديث الحجاج: لم يخرجوه.
وحديث مجالد: رواه مسلم مقرونًا بجماعة بنحوه (4) .
__________
(1) "صحيح مسلم": (4/195) ؛ (فؤاد- 2/1114- رقم: 1480) .
(2) "المسند": (6/412) .
(3) "المسند": (6/416- 417) .
(4) "صحيح مسلم": (4/197) ؛ (فؤاد- 2/1117- رقم: 1480) .(4/447)
والحجَّاج ومجالد: فيهما كلام، والله أعلم O.
احتجُّوا:
2866- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا عبد الملك بن محمَّد أبو قِلابة ثنا أبي ثنا حرب بن أبي العالية عن أبي الزبيرعن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المطلَّقة ثلاثًا لها السكنى والنفقة " (1) .
2867- وقال الترمذيُّ: حدَّثنا هنَّاد ثنا جرير عن مغيرة عن الشعبيِّ قال: قالت فاطمة بنت قيس: طلَّقني زوجي ثلاثًا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا سكنى لك، ولا نفقة ". قال مغيرة: فذكرته لإبراهيم، فقال: [قال] (2) عمر: لا ندع كتاب الله (3) ، وسنَّة نبيِّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
لقول امرأةٍ، لا ندري أحفظت أو نسيت! وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة (4) .
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: ففيه: حرب بن أبي العالية، قال يحيى بن معين: هو ضعيفٌ (5) .
وأمَّا الثاني: فإنَّ إبراهيم لم يدرك عمر.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/21) .
(2) زيادة استدركت من (ب) .
(3) في "التحقيق": (ربنا) .
(4) "الجامع": (2/471- رقم: 1180) .
(5) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/251- رقم: 1118) من رواية ابن أبي خيثمة.
وفي "التحقيق": (ليس بشيء) .(4/448)
وقد رواه جماعة أنَّ عمر قال: (لا نترك كتاب الله) ولم يقل: (سنة
نبيه) ، وهو أصحُّ، ثم لا نقبل قول الصحابي إذا صحَّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضده.
ز: الحديث الأوَّل: لم يخرجوه.
وحرب: روى له مسلمٌ (1) ، ووثَّقه يحيى- في رواية الدُّوريِّ (2) -،
وضعَّفه- في رواية ابن أبي خيثمة (3) -.
والأشبه وقف الحديث على جابر.
وحديث الشعبيِّ: رواه مسلمٌ من رواية غير واحد عنه (4) .
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل- ذكر له قول عمر: لا ندع كتاب ربِّنا وسنَّة نبينا- قلت: يصح هذا عن عمر؟ قال: لا. ذكره في "المسائل" (5) .
وقال ابن أبي حاتم: سُئل أبي عن حديث عمر: لا ندع كتاب ربِّنا وسنَّة نبيِّنا ... ، فقال: الحديث ليس بمتصلٍ. فقيل له: حديث الأسود عن عمر؟ قال: رواه عمَّار بن رزيق عن أبي إسحاق وحده، ولم [يتابع] (6) عليه (7) O.
*****
__________
(1) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/173- زقم: 353) .
(2) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (1/295- رقم: 364) من رواية الدوري، ولم نقف عليه في النسخة المطبوعة من "التاريخ".
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/251- رقم: 1118) .
(4) "صحيح مسلم": (4/197- 198) ؛ (فؤاد- 2/1117- 1118- رقم: 1480) .
(5) "المسائل": (ص: 252- 253- رقم: 1213) .
(6) في الأصل: (يتابعه) ، والمثبت من (ب) و"العلل".
(7) "العلل": (1/438- رقم: 1317) .(4/449)
مسألة (677) : المبتوتة لا تلزمها العدَّة في بيت زوجها، خلافًا لأبي حنيفة والشافعيِّ.
لنا:
أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر فاطمة بنت قيس أن تعتدَّ عند ابن أمِّ مكتوم، على ماسبق (1) .
*****
مسألة (678) : البائن يجوز لها أن تخرج من بيتها في حوائجها نهارًا. وقال أبو حنيفة: لا تخرج إلا لعذر ملجىء.
وعن الشافعيِّ كالمذهبين.
2868- قال النَّسائيُّ: أخبرنا عبد الحميد بن محمَّد ثنا مخلد ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: طُلقت خالته، فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها، فجاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " اخرجي فجُدِّي نخلك، لعلَّك أن تصدَّقي، وتفعلي معروفا " (2) .
فوجه الحجَّة: أنَّ النخل كان خارج المدينة، والجداد بالنهار. ز: هذا الحديث رواه مسلمٌ من رواية غير واحد عن ابن جريج (3) ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) رقم: (2863) .
(2) "سنن النسائي": (6/209- رقم: 3550) .
(3) "صحيح مسلم": (4/200) ؛ (فؤاد- 2/1121- رقم: 1483) .(4/450)
مسائل الرضاع
مسألة (679) : لا يثبت تحريم الرضاع إلا بخمس (1) رضعات.
وعنه: بواحدة، كقول أبي حنيفة ومالك.
وعنه: بثلاث، كقول داود.
2869- قال الترمذيُّ: حدَّثنا اسحاق بن موسى الأنصاريُّ ثنا مَعْن ثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر (2) عن عَمْرة عن عائشة قالت: أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات، فنسخ من ذلك خمس، وصار إلى خمس
رضعات، فتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر على ذلك (3) .
2870- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا معتمر (4) عن أيُّوب عن ابن أبي مُلكية عن ابن الزبير عن عائشة أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تحرم المصَّة ولا المصَّتان " (5) .
انفرد بإخرجه مسلمٌ (6) .
__________
(1) في "التحقيق": (إلا لخمس) .
(2) في (ب) : (بكير) خطأ.
(3) "الجامع": (2/443- 444- وقم: 1150 " م ") .
(4) في (ب) : (معمر) خطأ.
(5) "المسند": (6/31) .
(6) "صحيح مسلم": (4/166) ؛ (فؤاد- 2/1073- 1074- رقم: 1450) .(4/451)
ز: حديث مالك: رواه مسلمٌ عن يحيى بن يحيى عنه (1) .
وحديث [ابن] (2) الزبير عن عائشة: رواه ابن حِبَّان في كتاب " الأنواع والتقاسيم " (3) ، ورواه من رواية ابن الزبير عن أبيه مرفوعًا (4) ، ومن رواية ابن الزبير عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (5) ، وقال: لست أنكر أن يكون ابن الزبير سمع هذا الخير من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمعه من أبيه وخالته عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمرة أدّى ما سمع، ومرة روى عنهما، وهذا شيء مستفيض في الصحابة (6) .
كذا قال، وهو بعيد.
قال الترمذيُّ: روى غير واحد هذا الحديث عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى محمَّد بن دينار عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير عن الزبير (7) ، وهو غير محفوظ.
والصحيح (8) حديث ابن أبي مليكة عن ابن الزبير عن عائشة (9) O.
*****
__________
(1) "صحيح مسلم": (4/167) ؛ (فؤاد- 2/1075- رقم: 1452) .
(2) زيادة استدركت من (ب) .
(3) "الإحسان" لابن بلبان: (10/40- 41- رقم: 4228) .
(4) "الإحسان" لابن بلبان: (10/39- رقم: 4226) .
(5) "الإحسان" لابن بلبان: (10/38- 39- رقم: 4225) .
(6) "الإحسان" لابن بلبان: (10/41- رقم: 4228) باختصار.
(7) (عن الزبير) سقطت من (ب) .
(8) في "الجامع": (والصحيح عند أهل الحديث) .
(9) "الجامع": (2/443- رقم: 1150) .(4/452)
مسألة (680) : مدَّة الرضاع حولان.
وقال أبو حنيفة: سنتان ونصف.
وقال مالك: سنتان وشيء. ولم يحدّه.
وقال زفر: ثلاث سنين.
2871- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو الوليد بن بُرْد الأنطاكيُّ ثنا الهيثم بن جميل ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا رضاع إلا ما كان في الحولين ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم، وهو ثقةٌ حافظٌ (1) .
2872- قال: وحدَّثنا البيعويُّ ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا طلحة بن يحيى عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عبَّاس كان يقول: لا رضاع بعد حولين كاملين (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه.
وأبو الوليد بن برد هو: محمَّد بن أحمد بن الوليد بن برد، وثَّقه الدَّارَقُطْنِيُّ (3) ، وقال النسائيُّ: صالحٌ (4) .
والهيثم بن جميل: وثَّقه الإمام أحمد (5) والعِجْلِيُّ (6) وابن حِبَّان (7)
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/174) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/173- 174) .
(3، 4) "تاريخ بغداد" للخطيب: (1/368 - رقم: 311) .
(5) "العلل": برواية عبد الله: (3/371- رقم: 5629) .
(6) "الثقات": (ترتيبه- 2/335- رقم: 1921) .
(7) "الثقات": (9/236) .(4/453)
وغير واحد، وكان من الحفَّاظ، إلا أنَّه واهمٌ في رفع هذا الحديث، فإنَّ الصحيح وَقْفُه على ابن عبَّاس، رواه سعيد بن منصور عن سفيان موقوفًا.
وقال ابن عَدِيٍّ في هذا الحديث: يعرف بالهيثم بن جميل عن ابن عيينة مسندًا، وغير الهيثم يُوقِفه على ابن عبَّاس (1) O.
*****
__________
(1) "الكامل": (7/103- رقم: 2019) تحت ترجمة الهيثم.(4/454)
مسائل النفقات
مسألة (681) : نفقة الزوجات غير مقدَّرة شرعًا، إنَّما هو بحسب الكفاية، وذلك معتبر بحال الزوجين.
وقال الشافعيُّ: هي مقدرة، وتختلف باختلاف حال الزوج، فعلى الموسر مُدَّان، وعلى المتوسط مُدٌّ ونصفٌ، وعلى الفقير مُدٌّ.
2873- قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة أنَّ هندًا قالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ، وليس لي إلا ما يدخل بيتي؟ قال: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين " (2) .
*****
مسألة (682) : الإعسار بنفقة الزوجة يٌثبت لها حقَّ الفسخ.
وقال أبو حنيفة: لا يملك حقَّ الفسخ، بل يرفع يده عنها.
2874- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عبد الباقي بن قانع (3) ثنا أحمد بن
__________
(1) "المسند": (6/39) .
(2) "صحيح البخاري": (7/87) ؛ (فتح- 9/507- وقم: 5364) .
"صحيح مسلم": (5/129) ؛ (فؤاد- 3/1338- رقم: 1714) .
(3) في "التحقيق": (قابع) !(4/455)
عليٍّ الخزَّاز ثنا إسحاق بن إبراهيم (1) ثنا إسحاق بن منصور ثنا حمَّاد بن سلمة عن عاصم بن بَهْدَلة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته- قال: " يفرِّق بينهما " (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرجه أحدٌ من أصحاب "الكتب السِّتَّة"، وهو حديثٌ منكرٌ، وإنَّما يعرف هذا من كلام سعيد بن المسيَّب، كذا رواه سعيد بن منصور، وقيل لابن المسيَّب: سُنَّة قال: يُشبه (3) O.
آخر كتاب النكاح، ولله الحمد والمنة (4) .
*****
__________
(1) في هامش الأصل: (حـ: إسحاق بن إبراهيم [] ) ا. هـ والكلمة الأخيرة لم نتمكن من قراءتها، ولعلها: (لا يعرف) .
وإسحاق بن إبراهيم لعله الباوردي، وهو مترجم في "الجرح والتعديل": (2/209- رقم: 712) و"تاريخ بغداد": (6/362- رقم: 3384) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/297) .
(3) كذا بالأصل، وفي (ب) و" سنن سعيد بن منصور ": (3/2/55- رقم: 2022) : (قال: سنة) .
(4) في (ب) : (والحمد لله وحده) .(4/456)
كتاب الجنايات
مسألة (683) : لا يقتل المسلم بالكافر.
وقال أبو حنيفة: يقتل بالذِّمِّي.
لنا ثلاثة أحاديث:
2875- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن مطرِّف عن الشعييِّ عن أبي جُحَيْفة قال: سألتُ عليًّا عليه السلام (1) : هل عندكم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيءٌ بعد القرآن؟ قال: لا والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة، إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلاً في القرآن، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر (2) .
انفرد بإخراجه البخاريُّ (3) .
2876- طريق آخر: قال أحمد: وحدَّثنا يحيى ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن الحسن عن قيس بن عبَّاد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى عليٍّ عليه السلام (4) ، فقلنا: هل عهد إليك نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم جميعًا- غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البداع، والله أعلم.
(2) "المسند": (1/79) .
(3) "صحيح البخاري": (1/38؛ 9/456) ؛ (فتح- 1/204- رقم: 111؛ 9/246 - رقم: 246) .
(4) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم جميعًا- غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.(4/459)
قال: لا، إلا ما في كتابي هذا. قال: وكتاب في قراب سيفه، فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهده (1) .
ز: رواه أبو داود (2) والنَّسائيُّ (3) من رواية يحيى عن سعيد، وإسناده صحيح O.
2877- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم بن القاسم ثنا محمَّد ابن راشد الخزاعيُّ عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ (4) .
ز: رواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن محمَّد بن راشد، ولفظه: لا يقتل مؤمن بكافر (5) .
وهو حديث حسن O.
2878- الحديث الثالث: قال النَّسائيُّ: أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدَّثني أبي قال: حدَّثني إبراهيم عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير عن عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يحلُّ قتل مسلمٍ إلا في إحدى ثلاث خصال: زانٍ محصن فيرجم؛ ورجل يقتل مسلمًا متعمِّدًا؛ ورجلٌ
__________
(1) "المسند": (1/122) .
(2) "سنن أبي داود": (5/150- رقم: 4519) .
(3) "سنن النسائي": (7/19- رقم: 4734) .
(4) "المسند": (2/178) .
(5) هذا الحديث وقع في رواية ابن الأعرابي وابن داسة من "سنن أبي داود" كما نص على ذلك المزي في "تحفة الأشراف": (6/314- رقم: 8708) .
وهو في طبعة "السنن" التي مع " عون المعبود ": (12/225- رقم: 4483) .(4/460)
يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله، فيقتل، أو يصلب (1) ، أو ينفى من الأرض " (2) .
ز: رواه أبو داود عن محمَّد بن سنان الباهليِّ عن إبراهيم بن طَهْمَان بنحوه (3) ، ورواه النَّسائيُّ أيضًا عن العبَّاس بن محمَّد الدوريِّ عن أبي عامر العقديِّ عن إبراهيم (4) .
وهو حديثٌ صحيحٌ على شرط الصحيح O.
احتجُّوا:
2879- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاويُّ أخبرني سعيد بن [محمَّد] (5) الرهاويُّ أن عمَّار بن مطر حدَّثهم قال: ثنا إبراهيم بن محمَّد الأسلميُّ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن
ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل مسلمًا بمعاهد، وقال: " أنا أكرم من وفَّى بذمته ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك الحديث، والصواب عن ربيعة عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، وابن البَيْلَمَانِيِّ ضعيفٌ، لا تقوم به حجَّة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله؟! والله أعلم (6) .
__________
(1) في "التحقيق": (أو يسلب) !!
(2) "سنن النسائي": (8/23- رقم: 4743) .
(3) "سنن أبي داود": (1/63- رقم: 4353) .
(4) "سنن النسائي": (7/101- رقم: 4048) .
(5) في الأصل: (منصور) ، والتصويب من (ب) و"التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(6) "سنن الدارقطني": (3/134- 135) .(4/461)
قال المصنِّف: أمَّا إبراهيم بن أبي يحيى: فقال مالك بن أنس ويحيى بن سعيد وابن معين: هو كذَّابٌ (1) . وقال أحمد (2) والبخاريُّ (3) : ترك الناس حديثه.
وأمَّا ابن البَيْلَمَانِيِّ: فاسمه: عبد الرحمن، وقد ضعَّفوه (4) .
قال أحمد: من حكم بحديث ابن البَيْلَمَانِيِّ فهو عندي مخطئٌ، وإن حكم به حاكمٌ، فرفع إلى حاكم آخر ردَّه (5) .
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ليس في حديث (6) ابن البَيْلَمَانِيِّ مسند، ولا يجعل مثله إمامًا يسفك به دماء المسلمين (7) .
قال: وقد قال عبد الرحمن بن زياد (8) : قلت لزفر: إنكم لتقولون (9) : إنَّا ندرأ الحدود بالشبهات، وإنَّكم جئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليها! فقال: ما هو؟ فقلت: المسلم يقتل بالكافر. قال: فاشهد أنت على رجوعي
__________
(1) انظر: ما تقدم (1/69) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (2/503- رقم: 3317) .
(3) انظر: "التاريخ الكبير": (1/323- رقم: 1013) .
(4) في هامش الأصل: (حـ: لم يضعف الكل عبد الرحمن، بل ضعفه بعضهم، وابنه محمَّد ضعفوه، وراوي هذا الحديث عبد الرحمن كما ذكره) ا.هـ وسيأتي التنبيه على هذا في الجوف أيضًا.
(5) ذكره الزركشي في " شرح مختصر الخرقي ": (6/65) ونسبه إلى رواية بكر بن محمَّد النسائي عن أبيه.
(6) في (ب) و"التحقيق": (ليس حديث) .
(7) "سنن البيهقي": (8/31) .
(8) (كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، ولعل الصواب: (وقال عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الواحد بن زياد) كما في "سنن البيهقي": (8/31) ، وانظر ما يأتي في كلام المنقح، والله أعلم.
(9) في "التحقيق": (قلت: إن قراءكم ليقولون) !!(4/462)
عن هذا.
ز: قال البيهقي: حديث عمَّار بن مطر هذا خطأٌ من وجهين: أحدهما: وصله بذكر ابن عمر فيه، وإنَّما هو عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. والآخر: روايته عن إبراهيم عن ربيعة، وإنَّما يرويه إبراهيم عن ابن المنكدر، والحمل فيه على عمَّار بن مطر الرهاويِّ، فقد كان يقلب الأسانيد، ويسرق الأحاديث، حتَّى كثر ذلك في رواياته، وسقط عن حدِّ الاحتجاج به.
2880- أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا الحسن بن عليِّ بن عفَّان ثنا يحيى بن آدم ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن محمَّد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ أنَّ رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من أهل الكتاب، فرفع إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا أحق من وفَّى بذمته ".
ثم أمر به فقتل.
هذا هو الأصل في هذا الباب، وهو منقطعٌ، وراويه غير ثقةٍ.
ئم قال: وقد روي عن ربيعة عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً ... - ثم ذكر ذلك بإسناده، ثم قال:- ويقال: إنَّ ربيعة إنَّما أخذه عن إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، والحديث يدور عليه.
قال أبو عبيد: بلغني عن ابن أبي يحيى أنَّه قال: أنا حدَّثت ربيعة بهذا الحديث.
وقال عليُّ بن المدينيِّ: حديث ابن البَيْلَمَانِيِّ (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل مسلمًا بمعاهد) هذا إنَّما يدور على ابن أبي يحيى، ليس له وجه حجاج، إنَّما أخذه عنه.
وقال صالح بن محمَّد الحافظ: عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ حديثُه منكرٌ،(4/463)
وروى عنه ربيعة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل مسلمًا بمعاهد، وهو مرسلٌ منكرٌ (1) .
2881- وقد روى أبو داود في "المراسيل " عن محمَّد بن داود بن أبي ناجية الإسكندرانِيِّ عن ابن وهبٍ عن سليمان بن بلال عن ربيعة عن عبد الرحمن ابن البَيْلَمَانِيِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتي برجلٍ من المسلمين قتل معاهدًا من أهل الذمَّة، فقدَّمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضرب عنقه، وقال: " أنا أولى من وفَّى بذمته ".
قال ابن وهب في تفسيره: أنَّه قتله غيلة (2) .
ورواه الطحاوي عن ابن مرزوق عن أبي عامر عن سليمان بن بلال، ورواه أيضًا عن سليمان بن شعيب عن يحيى بن سلام عن محمَّد بن أبي حميد المدنِيِّ عن ابن المنكدر مرسلاً (3) ، وإسناده ضعيفٌ.
وقول المؤلِّف في عبد الرحمن بن البَيْلَمَانيِّ: (ضعَّفوه) فيه نظرٌ، فإنَّ بعض الأئمة وثَّقه، وضعَّفه غير واحد منهم، وإنَّما اتفق الأئمة على تضعيف ابنه محمَّد.
وقوله: (قال عبد الرحمن بن زياد: قلت لزفر) خطأٌ، والصواب: عبد الواحد بن زياد، وراوي هذه القصَّة عنه عبد الرحمن بن مهدي، والله أعلم O.
وقد ذكروا في التعاليق أنَّ الذي قتله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالذمِّي: عمرو بن أميَّة الضمريُّ، وعمرو عاش بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنين!
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/30- 31) باختصار.
(2) " المراسيل ": (ص: 207- 208- رقم: 250) .
(3) " شرح معاني الآثار ": (3/195) .(4/464)
قالوا: فقد قَتل عليٌّ مسلمًا بكافرٍ.
قلنا: ليس كذا الحديث، إنما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ:
2882- قال: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد [نا محمَّد بن أحمد] (1) ابن الحسن ثنا محمَّد بن عديس ثنا يونس بن أرقم عن شعبة عن الحكم عن حسين بن ميمون عن أبي الجنوب قال: قال عليٌّ: من كانت له ذمتنا فدمه كدمائنا.
قال الدَّارَقُطْنِيُّ (2) والرازيُّ (3) : وأبو الجنوب ضعيفٌ.
ثم نحمله على أنَّ دمه محرمٌ كتحريم دمائنا.
ز: 2883- قال الشافعيُّ: أنا محمَّد بن الحسن أنا قيس بن الربيع الأسديُّ عن أبان بن تغلب عن الحسن بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم عن أبي الجنوب الأسديِّ قال: أُتي عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمَّة، قال: فقامت عليه البيِّنة، قأمر بقتله، فجاء أخوه، فقال: إنِّي قد عفوت. قال: فلعلهم هدَّوك وفرقوك؟ قال: لا، ولكن قَتْله لا يردُّ عَلَيَّ أخي، وعوَّضوني فرضيت. قال: أنت أعلم، من كان له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا (4) .
كذا قال: (حسن) والصواب: حسين بن ميمون- كما تقدَّم-،
__________
(1) سقط من الأصل، واستدرك من "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(2) "سنن الدارقطني": (3/147- 148) .
(3) "الجرح والتعديل" لابنه: (6/313- رقم: 1743) .
وفي هامش الأصل: (حـ: اسمه عقبة بن علقمة) ا. هـ
(4) " الرد على محمَّد بن الحسن ": (مع الأم- 7/321) ، وانظر: "سنن البيهقي": (8/34) .(4/465)
وهو: الخِنْدفيُّ، قال عليُّ بن المدينيِّ: ليس بمعروفٍ، قَلَّ من روى عنه (1) .
وقال أبو زرعة: شيخٌ (2) . وقال أبو حاتم: ليس بقويٍّ في الحديث، يكتب حديثه (3) . وذكره البخاريُّ في "الضعفاء" (4) ، وابن حِبَّان في "الثقات" وقال: ربَّما أخطأ (5) .
وقال الشافعيُّ: وفي حديث أبي جُحيفة عن عليٍّ رضي الله عنه ما دلكم أنَّ عليًّا لا يروي عن النبيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئًا ويقول بخلافه (6) O.
*****
مسألة (684) : لا يقتل حرٌّ بعبدٍ.
وقال أبو حنيفة: يقتل بعبدِ غيره.
وقال داود: يقتل بعبده.
لنا ثلاثة أحاديث:
2884- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عبد الصمد بن عليٍّ ثنا السريُّ بن سهل ثنا عبد الله بن رشيد ثنا عثمان البريُّ عن جُويبر عن الضحَّاك عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقتل حرٌّ بعبدٍ " (7) .
__________
(1، 2، 3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/65- رقم: 293) .
(4) لم نقف عليه في النسخة المطبوعة، وقد عزاه إليه أيضًا الذهبي في "الميزان": (1/549- رقم: 2062) ، وانظر: "التاريخ الكبير": (2/385- رقم: 2860) .
(5) "الثقات": (8/184) .
(6) "سنن البيهقي": (8/34) .
(7) "سنن الدارقطني": (3/133) .(4/466)
ز: هذا الحديث لم يخرجوه، ولا يجوز الاحتجاج به، لأنَّ الضحَّاك لم يسمع من ابن عبَّاس- قاله النَّسائيُّ (1) وغيره-، ولأنَّ جُويبر متروكٌ- قاله الدَّارَقُطْنِيُّ (2) وغيره-، وعثمان بن مقسم البريُّ كذَّبه يحيى (3) وغيره.
وقال البيهقيُّ في هذا الإسناد: ضعيفٌ (4) O.
2885- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا سلم بن جنادة ثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر قال: قال عليٌّ عليه السلام (5) : من السُّنَّة أن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ، ومن السُّنَّة أن لا يقتل
حرٌّ بعبدٍ (6) .
ز: جابر هو: الجعفيُّ، وهو غير محتجٍّ به.
والشعبيُّ لم يصرح بالسماع من عليٍّ في هذا، فكأنه منقطعٌ، وقد قيل: إنه لم يسمع منه شيئًا، والله أعلم.
2886- وقد قال سعيد بن منصور: ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن عليٍّ وعبد الله رضي الله عنهما في الحرِّ يقتل العبد، قالا: القود (7) .
وهذا منقطعٌ.
__________
(1) "السنن الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" للمزي: (4/474- رقم: (5690) .
(2) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 171- رقم: 147) .
(3) "الكامل" لابن عدي: (5/155- رقم: 1319) من رواية ابن أبي مريم.
(4) "سنن البيهقي": (8/35) وفيه: (في هذا الإسناد ضعف) .
(5) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم - بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
(6) "سنن الدارقطني": (3/133- 134) .
(7) ومن طريق سعيد بن منصور خرجه البيهقي في "سننه": (8/35) .(4/467)
2887- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا الحسين بن الحسن الأنطاكيُّ ثنا محمَّد بن عبد الحكم الرمليُّ ثنا محمَّد بن عبد العزيز الرمليُّ ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن الأوزاعيِّ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ
رجلاً قتل عبده متعمدًا، فجلده النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة جلدة، ونفاه سنةً، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده (1) به، وأمره أن يعتق رقبة (2) .
قال المصنِّف: جُويبر وعثمان البريُّ (3) وجابرٌ- هو الجعفيُّ- وإسماعيل ابن عيَّاش كلُّهم ضعفاء.
ز: كذا وجدت في نسختين مقابلتين بأصل المؤلِّف: (الحسين بن الحسن الأنطاكيُّ ثنا محمَّد بن عبد الحكم) وذلك خطأٌ، والصواب: الحسين ابن الحسين الأنطاكيُّ ثنا محمَّد بن الحكم الرمليُّ (4) .
وقال البيهقيُّ في هذا الحديث: إسناده ضعيفٌ، لا تقوم به حجَّةٌ (5) .
وقد رواه الطحاويُّ فقال: ثنا ابن أبي داود ثنا محمَّد بن عبد العزيز الواسطيُّ ثنا إسماعيل بن عيَّاش ثنا الأوزاعيُّ عن عمرو ... فذكره (6) .
__________
(1) في "التحقيق": (ولم يفتده) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/143- 144) .
وفي هامش الأصل: (حجة على داود) ا. هـ
(3) في "التحقيق": (البرني) .
(4) في مطبوعة "سنن الدارقطني": (نا الحسين بن الحسين بن الصابوني الأنطاكي قاضي الثغور ثنا محمَّد بن عبد الحكم الرملي) ا. هـ
وفي "إتحاف المهرة" لابن حجر: (9/508) : (ثنا الحسين بن الحسن الصابوني ثنا محمَّد بن الحكم الرملي) .
(5) انظر "سنن البيهقي": (8/36- 37) .
(6) " شرح معاني الآثار ": (3/137- 138) .(4/468)
وابن أبي داود هو: إبراهيم بن سليمان البُرُلّسيُّ.
ومحمَّد بن عبد العزيز هو: الرمليُّ، المعروف بـ " ابن الواسطيِّ "، روى عنه البخاريُّ في "صحيحه" (1) ، وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" وقال: ربَّما خالف (2) . وقال أبو زرعة: ليس بقويٍّ (3) . وقال أبو حاتم: كان عنده
غرائب، ولم يكن عندهم بالمحمود، وهو إلى الضعف ما هو (4) . وقال يعقوب بن سفيان: كان حافظًا (5) .
والمشهور في هذا الحديث ما رواه إسماعيل بن عيَّاش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو، كذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة الحافظ الثبت عن إسماعيل.
وإسحاق: متروك الحديث O.
احتجُّوا:
2888- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا يزيد بن هارون أنا هشام عن الحسن (6) عن سَمُرة بن جُندب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من كيل عبده قتلناه،
__________
(1) "التعديل والتجريح" للباجي: (2/662- رقم: 536) .
(2) "الثقات": (9/81) .
(3، 4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/8- رقم: 29) وفيه: (ليس بالقوي) .
(5) "المعرفة": (2/437) .
(6) في هامش الأصل: (حـ: كذا، ويزيد بن هارون روى عن هشام بن حسان وهشام الدستوائي، فإن كان هذا الدستوائي فقد سقط " قتادة "، وإن كان ابن حسان فهو متصل، والله تعالى أعلم) اهـ
والحافظ ابن حجر في "أطراف المسند": (2/528- رقم: 2748) جعله من رواية هشام عن قتادة عن الحسن.
والحديث رواه الحاكم في " مستدركه ": (4/367) من طريق سعيد بن مسعود عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن عن سمرة.(4/469)
ومن جدع عبده جدعناه " (1) .
والجواب من وجهين:
أحدهما: أنَّ هذا الحديث مرسلٌ، لأنَّ الحسن لم يسمع من سَمُرة، قال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ: لم يشافه الحسن سَمُرة (2) .
والثاني: أنَّ هذا على وجه الوعيد، وقد يتواعد بما لا يفعل، كما قال: " من شرب الخمر في الرابعة فاقتلوه ". هذا مذهب ابن قتيبة (3) ، وهو الصحيح.
ز: هذان الوجهان فيهما نظر، بل الثاني ضعيفٌ جدًّا.
وقد روى هذا الحديث أصحاب " السنن الأربعة " من رواية قتادة عن الحسن (4) .
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وفي رواية بعضهم: ثم إنَّ الحسن نسي هذا الحديث، فكان يقول: لا يقتل حرٌّ بعبدٍ.
قال البيهقيُّ: يشبه أن يكون الحسن لم ينس الحديث، لكن رغب عنه
__________
(1) "المسند": (5/18) .
(2) "المجروحون": (2/163) .
(3) " تأويل مختلف الحديث ": (ص: 109) .
(4) "سنن أبي داود": (5/141- رقم: 4504) ؛ "الجامع" للترمذي: (3/82- رقم: 1414) ؛ "سنن النسائي": (8/20- 21- رقم: 4736) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/888- رقم: 2663) .(4/470)
لضعفه، وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سَمُرة (1) .
وقال البيهقيُّ في حديثٍ آخر من رواية الحسن عن سَمُرة: هذا إسنادٌ صحيح، ومن أثبت سماع الحسن البصري من سمرة بن جندب عدَّه موصولاً، ومن لم يثبته فهو مرسلٌ جيِّدٌ (2) O.
*****
مسألة (685) : لا يقتل الأب بابنه.
وقال مالك: إذا أضجعه فذبحه قتل به.
وقال داود: يقتل [به] (3) بكل حال.
لنا أربعة أحاديث:
2889- الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله (4) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقاد والد من ولده " (5) .
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/35) .
(2) "سنن البيهقي": (5/296) .
(3) زيادة من (ب) و"التحقيق".
(4) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، وهو في "المسند" من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(5) "المسند": (1/22) .(4/471)
ز: كذا فيه: (عن ابن لهيعة ثنا عمرو) .
وابن لهيعة لا يحتجُّ به، ولم يخرج أحد من أهل "السنن" حديثه هذا، وقد قال أبو حاتم الرازيُّ: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئًا (1) .
وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في " الأفراد " من رواية محمَّد بن جابر اليماميِّ عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عمرو (2) .
ومحمَّد ويعقوب: لا يحتجُّ بهما، والله أعلم O.
2890- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: حدَّثنا أبو سعيد الأشجُّ ثنا أبو خالد الأحمر عن حجَّاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن عمر بن الخطَّاب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يقاد الوالد بالولد " (3) .
ز: رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر (4) .
وقال يحيى بن معين في حجَّاج: صدوقٌ، ليس بالقويِّ، يدلِّس عن محمَّد بن عبيد الله العرزميِّ عن عمرو بن شعيب (5) . وقال ابن المبارك: كان الحجَّاج يدلِّس، فكان يحدِّثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدِّثه العرزميُّ،
والعرزميُّ متروكٌ لا نقر به (6) .
__________
(1) " المراسيل " لابنه: (ص: 114- رقم: 417) .
(2) " أطراف الغرائب والأفراد " لابن طاهر: (4/26- رقم: 3519) .
(3) "الجامع": (3/72- رقم: 1400) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/888- رقم: 2662) .
(5) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/156- رقم: 673) من رواية ابن أبي خيثمة.
(6) "التاريخ الكبير" للبخاري: (2/378- رقم: 2835) .(4/472)
وقد روى البيهقيُّ نحوه من رواية ابن عجلان عن عمرو (1) ، وصحَّح إسناده (2) O.
2891- الحديث الثالث: قال الترمذيُّ: وحدَّثنا عليُّ بن حُجْر قال: ثنا إسماعيل بن عيَّاش قال: حدَّثني المثنَّى بن الصبَّاح عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه عن سُراقة بن مالك قال: حضرت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقيد الأب من ابنه، ولا يقيد الابن من أبيه (3) .
ز: كذا رواه الترمذيُّ بهذا اللفظ، ورواه البيهقيُّ بعكس هذا اللفظ من رواية حجَّاج عن عمرو عن أبيه عن جدِّه عن عمرو (4) .
قال التزمذيُّ في حديث سراقة: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، المثنَّى يضعَّف.
وقد روى هذا الحديث أبو خالد- يعني الأحمر- عن الحجَّاج عن عمرو عن أبيه عن جدِّه عن عمرو (5) عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي عن عمرو بن شُعيب مرسلٌ، وهذا الحديث فيه اضطرابٌ (6) O.
2892- الحديث الرابع: قال الترمذيُّ: حدَّثنا محمَّد بن بشار ثنا ابن أبي عَدِيٍّ عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عبَّاس
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/38) .
(2) "المعرفة": (6/160- 161- رقم: 4830) .
(3) "الجامع": (3/72- رقم: 1399) .
(4) "سنن البيهقي": (8/38- 39) معلقا.
(5) في (ب) : (عمر) .
(6) "الجامع": (3/72- رقم: 1399) .(4/473)
عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقتل الوالد بالولد " (1) .
قال المصنِّف: ابن لهيعة والحجَّاج وإسماعيل بن مسلم كلُّهم ضعفاء.
ز: رواه ابن ماجة عن سُويد بن سعيد عن عليِّ بن مُسهر عن إسماعيل ابن مسلم (2) .
وقال الترمذيُّ: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث إسماعيل بن مسلم المكيِّ، وقد تكلَّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه (3) .
وقد رواه المعمريُّ عن عقبة بن مكرم عن أبي حفص التمَّار عن عبيد الله ابن الحسن العنبريِّ عن عمرو.
ورواه أيضًا سعيد بن بشير عن قتادة عن عمرو بن دينار موصولاً O.
*****
مسألة (686) : تقتل الجماعة بالواحد.
وعنه: لا يقتلون، كقول داود.
2893- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا موسى بن إسحاق ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن سعيد (4) عن يحيى بن سعيد (5) عن سعيد
__________
(1) "الجامع": (3/73- رقم: 1401) .
(2) "سنن ابن ماجة": (2/888- رقم: 2661) .
(3) "الجامع": (3/73- رقم: 1401) .
(4) هو القطان.
(5) هو الأنصاري، وسقط من "التحقيق": (عن يحيى بن سعيد) .(4/474)
ابن المسيَّب أن إنسانًا قتل بصنعاء، وأن عمر قَتَل به سبعة نفر، وقال: لو تمالأ عليها (1) أهل صنعاء لقتلتهم به (2) .
ز: 2894- قال البخاريُّ في " الصحيح ": وقال لي ابن بشَّار: ثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنَّ غلامًا قُتِل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم.
وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه أنَّ أربعة قتلوا صبيًّا، فقال عمر: ... مثله (3) O.
*****
مسألة (687) : يجب القتل بالمثقل إذا كان مما يقصد به القتل غالبا.
وقال أبو حنيفة: لا يجب، إلا فيما له حدٌّ.
لنا حديثان:
2895- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا همَّام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك أنَّ يهوديًّا رضخ رأس امرأة بين حجرين، فقتلها، فرضخ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه بين حجرين (4) .
أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في "الصحيحين" (5) .
__________
(1) في "سنن الدارقطني" و"التحقيق": (عليه) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/202) .
(3) "صحيح البخاري": (9/450) ؛ (فتح- 12/227- رقم: 6896) .
(4) "المسند": (3/183) .
(5) "صحيح البخاري": (3/603) ؛ (فتح- 5/71- رقم: 2413) .
"صحيح مسلم": (5/104) ؛ (فؤاد- 3/1300- رقم: 1672) .(4/475)
2896- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أنا عمرو بن دينار أنَّه سمع طاوسًا يخبر عن ابن عبَّاس عن عمر أنَّه نشد قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنين، فجاء (1) حمل بن مالك بن النابغة، فقال: لكنت بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنينها بغرَّة، وأن تقتل بها (2) .
ز: رواه أبو داود (3) والنَّسائيُّ (4) وابن ماجة (5) وأبو حاتم البُسْتِيُّ (6) من حديث ابن جريج.
وقد روي عن طاوس عن عمر من غير ذكر ابن عباس O.
احتجُّوا بستَّة أحاديث:
2897- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن أيُّوب عن القاسم بن ربيعة يحدِّث عن عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن قتيل الخطأ شبه العمد: قتيل السوط والعصا، فيه مائة، منها أربعون في بطونها أولادها " (7) .
2898- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد ثنا إسحاق بن سُنين ثنا خالد بن مرداس ثنا مُعلَّى بن هلال عن أبي إسحاق عن
__________
(1) في "التحقيق": (فقام) .
(2) "المسند": (4/79- 80) .
(3) "سنن أبي داود": (5/169- 170- رقم: 4561) .
(4) "سنن النسائي": (8/21- رقم: 4739) .
(5) "سنن ابن ماجة": (2/882- رقم: 2641) .
(6) "الإحسان" لابن بلبان: (13/378- رقم: 6021) .
(7) "المسند": (2/166) .(4/476)
عاصم بن ضَمْرة عن عليٍّ عليه السلام (1) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود في النفس وغيرها إلا بحديدة " (2) .
2899- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن أسد ثنا أبو الأحوص القاضي ثنا نُعيم بن حمَّاد ثنا بقيَّة عن أبي معاذ عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بالسيف " (3) .
2900- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق قال: ثنا أيُّوب بن سليمان الصُغْدِيُّ ثنا المسيَّب بن واضح ثنا بقيَّة عن أبي معاذ عن عبد الكريم بن أبي المُخَارِق عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن
مسعود أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا قود إلا بسلاح " (4) .
2901- الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عليُّ بن إبراهيم ابن حمَّاد ثنا أحمد (5) بن يحيى الحلوانيُّ ثنا سعيد بن سليمان ثنا سليمان بن كثير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل في عمياء، أو رميا بحجر، أو بسوط، أو عصا، فعقله عقل الخطأ " (6) .
2902- الحديث السادس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول ثنا جدِّي ثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن أبي
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع.
(2) "سنن الدارقطني": (3/87- 88) .
(3، 4) "سنن الدارقطني": (3/88) .
(5) (ثنا أحمد) سقطت من (ب) .
(6) "سنن الدارقطني": (3/94) .(4/477)
عازب عن النعمان بن بشير عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ شيء خطأ، إلا السيف، وفي كلِّ خطأ أرشٌ " (1) .
2903- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا محمَّد بن عبد الله بن يزيد ثنا شَبابة ثنا ورقاء عن جابر [عن] (2) مسلم بن أراك عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلُّ شيء خطأ، إلا ما كان بحديدة، ولكل خطأ أرش " (3) .
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: فمضطرب الإسناد، يرويه القاسم بن ربيعة، فتارة يقول: عن يعقوب بن أوس؛ وتارة يقول: عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وتارة يقول: عن عبد الله بن عمرو عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وتارة يقول: عن ابن عمر بن الخطَّاب.
ثم نحمله على العصا الصغيرة، لوجهين: أحدهما: أنَّ اسم العصا لا يتناول إلا ما صغر ودقَّ. والثاني: أنَّه قرنه بالسوط.
وأمَّا حديث عليٍّ: فجوابه من وجهين:
أحدهما: أنَّه يرويه مُعلَّى بن هلال، قال يحيى بن معين: كان يضع الحديث (4) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/106) .
(2) في الأصل و (ب) : (بن) ، والتصويب من "التحقيق" و"سنن الدارقطني"، وستأتي حكاية هذا الإسناد على الصواب (تحت رقم: 2908) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/107) .
(4) "الكامل" لابن عدي: (6/371- رقم: 1854) من رواية ابن أبي مريم، وفيه: (من المعروفين بالكذب ووضع الحديث) اهـ
وهط العبارة التي نقلها ابن الجوزي عنه في "الضعفاء": (3/132- رقم: 3382) .(4/478)
والثاني: أنَّه لو صحَّ كان معناه: لا قود يستوفى إلا بحديدة، وهي رواية لنا.
وكذلك حديث أبي هريرة وابن مسعود، على أن راويهما أبو معاذ واسمه: سليمان بن أرقم، وهو متروكٌ بإجماعهم.
وقد روي مثل حديث أبي هريرة عن: أبي بكرة والنعمان بن بشير، وراويهما مبارك بن فضالة، وكان أحمد لا يعبأ به (1) .
وحديث ابن عبَّاس في الخطأ.
وأما حديث النعمان الثاني والثالث: فيرويهما جابر الجُعْفِيُّ، وقد اتَّفقوا على تكذيبه.
ز: حديث القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو: رواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن بشَّار عن عبد الرحمن عن شعبة به (2) .
وعن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن حمَّاد بن سلمة عن أيُّوب بنحوه مرسلا، ليس فيه عبد الله (3) .
ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن بشَّار عن عبد الرحمن ومحمَّد بن جعفر كلاهما عن شعبة به (4) .
وقد رواه أبو داود (5) والنَّسائيُّ (6) وابن ماجة (7) من رواية القاسم عن
__________
(1) "الكامل" لابن عدي: (6/319- رقم: 1801) .
(2) "سنن النسائي": (8/40- رقم: 4791) .
(3) "سنن النسائي": (8/40- 41- رقم: 4792) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/877- رقم: 2627) .
(5) "سنن أبي داود": (5/158- 159- رقم: 4536) ، وانظر تعليق محققه عليه.
(6) "سنن النسائي": (8/42- رقم: 4799) .
(7) "سنن ابن ماجة": (2/878- رقم: 2628) .(4/479)
ابن عمر، ورواه (1) أيضًا من رواية القاسم عن عقبة بن أوس عن ابن عمرو (2) ، وفي إسناده اختلاف كثير.
وعقبة بن أوس: وثَّقه ابن سعد (3) والعجليُّ (4) وابن حِبَّان (5) ، وقال ابن خزيمة: عقبة بن أوس رجل من أهل البصرة، قد رواه عنه محمَّد بن سيرين مع جلالته.
والقاسم: وثَّقه ابن المدينيِّ (6) وأبو داود (7) وابن حِبَّان (8) .
وحديث عليٍّ: لم يخرجوه، وقال البيهقيُّ: لم يثبت إسناده، ومعلَّى بن هلال الطحَّان متروكٌ (9) .
2904- وقال الطحاويُّ: ثنا محمَّد بن خزيمة ثنا يوسف بن عَدِيٍّ ثنا شَريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضَمرة عن عليٍّ قال: شبه العمد: بالعصا، والحجر الثقيل، وليس فيهما قود (1) .
وحديث أبي هريرة وابن مسعود: لم يخرجهما أحدٌ من أصحاب
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، ولعلها: (ورووه) فالحديث عندهم جميعًا، والله أعلم.
(2) "سنن أبي داود": (5/157- 158، 177- الأرقام: 4535، 4578، 4579) ؛ "سنن النسائي": (8/41- رقم: 4793) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/877- رقم: 2627) .
(3) "الطبقات الكبرى": (7/154) .
(4) "معرفة الثقات": (ترتيبه- 2/142- رقم: 1260) .
(5) "الثقات": (5/225) .
(6) "العلل": (ص: 69- رقم:98) .
(7) " سؤالات الآجري ": (1/409- رقم: 816) .
(8) "الثقات": (5/303) .
(9) "سنن البيهقي": (8/63) .
(10) " شرح معاني الآثار ": (3/189) .(4/480)
"السنن".
وقد روى ابن عَدِيٍّ حديث أبي هريرة عن عمر بن سنان عن ابن مصفَّى عن بقيَّة عن سليمان عن الزهريِّ عن أبي سلمة عنه (1) .
كذا قال: (عن أبي سلمة) وقال غيره: (عن ابن المسيَّب) كما تقدَّم.
وسليمان هو: ابن أرقم، وهو متروكٌ.
وحديث ابن عبَّاس: رواه أبو داود عن محمَّد بن أبي غالب (2) ، ورواه النَّسائيُّ عن هلال بن العلاء بن هلال، كلاهما عن سعيد بن سليمان به (3) .
ورواه النَّسائيُّ أيضًا عن محمَّد بن معمر عن محمَّد بن كثير عن أخيه سليمان بن كثير بنحوه، وقال: يرفعه (4) .
ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن معمر به (5) .
وإسناده جيِّدٌ، لكن قد روي مرسلاً.
وأما حديث النُّعمان بن بشير فهو في "المسند" وغيره، وقد اختلف في إسناده ولفظه.
2905- قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكلِّ شيء خطأ إلا
__________
(1) "الكامل": (3/252- رقم: 734) تحت ترجمة سليمان بن أرقم.
(2) "سنن أبي داود": (5/154- 155- رقم: 4528) .
(3) "سنن النسائي": (8/39- رقم: 4789) .
(4) "سنن النسائي": (8/40- رقم: 4790) .
(5) "سنن ابن ماجة": (2/880- رقم: 2635) .(4/481)
السيف، ولكلِّ خطأ أرش " (1) .
ورواه عن أحمد بن عبد الملك عن زهير عن جابر (2) .
2906- وقال أبو داود الطيالسيُّ: ثنا قيس عن جابر الجُعْفِيِّ عن أبي عازب عن النعمان بن بشير عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا قود إلا بحديدة " (3) .
كذا أتى به قيس بن الربيع.
2907- وقال الطحاويُّ: ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو عاصم ثنا سفيان الثوريُّ عن جابر عن أبي عازب عن النعمان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بالسيف " (4) .
رواه ابن ماجة عن إبراهيم بن المستمر العُروقي البصري عن أبي عاصم النبيل به (5) .
2908- ورواه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن جابر الجُعْفِيِّ عن أبي عازب عن أبي سعيد الخدريِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " القود بالسيف، والخطأ على العاقلة ".
وأبو شيية: غير محتجٍّ به.
وأبو عازب: ليس بمعروفٍ، واسمه: مسلم بن عمرو. قاله أبو حاتم (6) وغير واحدٍ، وقال غيرهم: اسمه مسلم بن أراك، كما تقدَّم تسميته
__________
(1) "المسند": (4/272) .
(2) "المسند": (4/275) .
(3) " مسند الطالسي ": (2/148- رقم: 839- ط: التركي) .
(4) " شرح معاني الآثار " (3/184) .
(5) "سنن ابن ماجة": (2/889- رقم: 2667) .
(6) "الجرح والتعديل" لابنه: (8/190- رقم: 830) .(4/482)
بذلك في رواية ورقاء عن جابر (1) .
2909- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن سليمان النعمانيُّ ثنا الحسين
ابن عبد الرحمن الجرجرائي ثنا موسى بن وداعة (2) عن مبارك عن الحسن قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بالسيف ". قال يونس: قلت للحسن: عمن أخذت هذا؟ قال: سمعت النعمان بن بشير يذكر ذلك (3) .
قال البيهقيُّ: وقيل: عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعًا:
أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهانيُّ أنا أبو محمَّد بن حيَّان ثنا إسحاق ابن حكيم ثنا أبو أميَّة الطرسوسيُّ ثنا الوليد بن مسلم ثنا مبارك بن فضالة ... فذكره.
قال: ومبارك بن فضالة لا يحتجُّ به (4) .
وقد روى حديث مبارك عن الحسن عن أبي بكرة أيضًا: ابن ماجة عن إبراهيم بن المستمر العروقي عن الحرِّ بن مالك العنبريِّ عنه (5) .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدَّثني أبي ثنا هُشيم أنا الأشعث- قال: قلت له: يا أبا معاوية، من أشعث؟ قال: ابن عبد الملك- عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بحديدة " (6) .
__________
(1) رقم: (2903) .
(2) كذا بالأصل و (ب) ، وفي "سنن الدارقطني": (داود) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/106) .
(4) "سنن البيهقي": (8/63) .
(5) "سنن ابن ماجة": (2/889- رقم: 2668) .
(6) "العلل": (1/438- 439- رقم: 979) .(4/483)
كذا رواه مرسلاً، وهو أشبه بالصواب.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو أميَّة الطرسوسيُّ (1) عن الوليد بن محمَّد بن صالح الأيليُّ عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بالسيف ".
قال أبي: هذا حديث منكر (2) .
وقول المؤلف: (وأما حديث النعمان الثاني والثالث: فيرويهما جابر الجُعفيُّ وقد اتَّفقوا على تكذيبه) خطأ، فإنهم لم يتفقوا على ذلك، وقد قال المؤلف في موضع- واحتج فيه بحديث جابر الجُعفِيِّ، واعترض عليه
بتضعيفه-: (والجواب: أما جابرٌ الجُعْفِيُّ: فقد وثَّقه الثوريُّ وشعبة، وناهيك بهما!) (3) فكيف يقول هذا، ثم يحكي الاتفاق؟!
ولا معنى لقوله: (الثاني والثالث) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (688) : إذا أمسك رجلاً (4) وقتله آخر، حبس الممسك، وقتل القاتل.
وعنه: يقتلان، كلقول مالك.
__________
(1) في (ب) : (الطرطوسي) .
(2) "العلل": (1/461- رقم: 1388) .
(3) (1/187) وفيه: (وكفى بهما) .
(4) (رجلا) سقطت من "التحقيق".(4/484)
2910- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسن بن أحمد بن صالح الكوفيُّ ثنا إبراهيم بن محمَّد بن إبراهيم (1) الصيرفيُّ ثنا عبدة بن عبد الله الصفَّار ثنا أبو داود الحفريُّ عن سفيان الثوريِّ عن إسماعيل بن أميَّّة عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أمسك الرجلُ الرجلَ وقتله الآخر، يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك " (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه، وقال البيهقيُّ: هذا غير محفوظ (3) .
وقال أبو الحسن بن القطَّان: هو عندي صحيح (4) .
وقول البيهقيِّ أصحُّ من قول ابن القطان، والصواب ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ قال: "
2911- ثنا أبو عبيد ثنا سلم بن جنادة ثنا وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أميَّة قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجل أمسك رجلاً وقتله الآخر، قال: " يقتل القاتل، ويحبس الممسك " (5) .
هذا هو المحفوظ، وقد قيل: عن إسماعيل بن أميَّة عن سعيد بن المسيَّب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O.
*****
__________
(1) في (ب) : (أبي إبراهيم) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/140) .
(3) "سنن البيهقي": (8/50) .
(4) " بيان الوهم والإيهام ": (5/416- رقم: 2585) .
(5) "سنن الدارقطني": (3/140) .(4/485)
مسألة (689) : لولي الدم أن يعفو عن القود إلى الدِّية من غير رضى الجاني.
وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا برضا الجاني.
2912- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدَّثني سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ عن أبي شريح الخزاعيِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم فتح مكة: " من قتل بعد مقامي هذا، فأهله بخير النظرين: إن شاؤوا فدم قاتله، وإن شاؤوا فعقله " (1) .
2913- طريقٌ آخرٌ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب ثنا محمَّد بن سلمة عن محمَّد بن إسحاق عن الحارث بن الفضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح الخزاعيِّ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أصيب بدم أو خبل - والخبل عرج- فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه: بين أن يقتص، أو يعفو، أو يأخذ العقل، فان قبل شيئًا من ذلك، ثُمَّ عدا بعد ذلك، فله النار خالدًا فيها مخلدا " (2) .
ز: رواه أبو داود عن موسى عن حمَّاد عن ابن إسحاق عن الحارث به (3) .
__________
(1) "المسند": (4/32) .
وفي هامش الأصل: (حـ: حديث ابن إسحاق عن سعيد لم يخرجوه) ا. هـ
(2) "سنن الدارقطني": (3/96) .
(3) "سنن أبي داود": (5/129- رقم: 4490) .(4/486)
ورواه ابن ماجة عن عثمان بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر، وعن عثمان عن جرير بن عبد الحميد وعبد الرحيم بن سليمان، كلهم عن ابن إسحاق بإسناده نحوه (1) .
والحارث: ثقةٌ، روى له مسلمٌ في "صحيحه" (2) .
وسفيان بن أبي العوجاء هو: أبو ليلى الحجازيُّ، لم يرو له إلا أبو داود وابن ماجة هذا الحديث الواحد، قال البخاريُّ: في حديثه نظرٌ (3) . وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور (4) . وقال الحاكم أبو أحمد: حديثه ليس بالقائم (5) .
وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (6) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (690) : الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص، أو الدِّية.
وعنه: الواجب القود فحسب، كلقول أبي حنيفة ومالك.
وعن الشافعيِّ كالروايتين.
__________
(1) "سنن ابن ماجة": (2/876- رقم: 2623) .
(2) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/169- رقم: 341) .
(3) "تهذيب الكمال" للمزي: (11/176- رقم: 2412) .
(تنبيه) أفاد المعلمي في تعليقه على "التاريخ الكبير" للبخاري: (4/88- رقم: 2063) ، أن مقتضى صنيع البخاري في "التاريخ" أن سفيان بن أبي العوجاء عنده صحابي، فليحرر.
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (4/219- رقم: 956) .
(5) "تهذيب الكمال" للمزي: (11/176- رقم: 2412) .
(6) "الثقات": (4/319) .(4/487)
وفائدة الخلاف: أنه إذا عفا مطلقا تثبت الدِّية على الرواية الأولى، ولم ثثبت على الثانية.
لنا ثلاثة أحاديث:
الحديث الأوَّل: حديث أبي شريح المتقدِّم.
2914- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا الوليد ثنا الأوزاعيُّ ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى، وإما أن يقتل " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
2915- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا أبو النضر ثنا محمَّد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا أخذوا الدية " (3) .
ز: رواه أبو داود (4) والترمذيُّ (5) وابن ماجة (6) من رواية محمَّد بن راشد، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ O.
*****
__________
(1) "المسند": (2/238) .
(2) "صحيح البخاري": (3/608- 609) ؛ (فتح- 5/87- رقم: 2434) .
(3) "المسند": (2/183) .
(4) "سنن أبي داود"- برواية ابن داسة وابن الأعرابي- (عون- 12/225- رقم: 4483) ، وانظر: حاشية طبعة عوامة (5/135- رقم: 4498) .
(5) "الجامع" (3/64- 65- رقم: 1387) .
(6) "سنن ابن ماجة": (2/877- رقم: 2626) .(4/488)
مسألة (691) : يجري القصاص في كسر السنِّ، كما يجري في قلعها، خلافا للشافعيَّة.
2916- أخبرنا محمَّد بن عبد الباقي البزَّاز أنا إبراهيم بن عمر البرمكيُّ أنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي أنا أبو مسلم الكجيُّ (1) ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ ثنا حميد عن أنس أنَّ الرُّبيِّع بنت النضر عمَّته لطمت جارية فكسرت سنّها، فعرضوا عليهم الأرش، فأبوا، فطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرهم بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر، فقال: يا رسول الله، أتكسر سنُّ الرُّبيِّع؟! والذي بعثك بالحق لا تكسر سنّها. قال: " يا أنس، كتاب الله القصاص ". فعفا القوم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه ".
انفرد بإخراجه البخاريُّ، فرواه عن محمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ (2) ، فكأن شيخنا أبا الوقت سمعه مني.
2917- وقال النَّسائيُّ: حدَّثنا اسحاق بن إبراهيم ثنا أبو خالد سليمان ابن حَيَّان (3) ثنا حميد عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالقصاص في السنِّ (4) .
ز: كذا فيه في نسختين: (فكأن شيخنا أبا الوقت سمعه مني) وهو غلطٌ، والصواب: سمعه معي، فإن المؤلِّف ساوى شيخه أبا الوقت فيه O.
*****
__________
(1) في "التحقيق": (الكشي) وكلاهما صحيح.
(2) "صحيح البخاري": (3/687) ؛ (فتح- 5/306- رقم: 2703) .
(3) في "التحقيق": (حبان) خطأ.
(4) "سنن النسائي": (8/26- رقم: 4752) .(4/489)
مسألة (692) : لا يقتصُّ من الجناية إلا بعد الاندمال.
وقال الشافعيُّ: يقتصُّ في الحال.
2918- قال الدَارَقُطْنِيُ: حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا إسماعيل بن الفضل ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد الله بن عبد الله الأمويُّ عن ابن جريج وعثمان بن الأسود ويعقوب بن عطاء عن أبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً جرح، فأراد أن
يستقيد، فنهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه، وقال بعضهم: هو من مناكير يعقوب.
وعبد لله بن عبد الله الأموي: روى له ابن ماجة حديثًا واحدًا (2) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخالف في روايته (3) . وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. ثم ذكر له حديث: " من اعتز بالعبيد أذله الله " (4) ، ولا
يعلم روى عنه غير ابن كاسب، والله أعلم.
2919- وقال الطحاويُّ: ثنا روح بن الفرح ثنا مهديُّ بن جعفر ثنا عبد الله بن المبارك عن عنبسة بن سعيد عن الشعبيِّ عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ " (5) .
هذا إسنادٌ صالحٌ.
وعنبسة: وثَّقه أحمد (6) وغيره.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/88) .
(2) انظر: "تهذيب الكمال" للمزي: (15/186- رقم: 3368) .
(3) "الثقات": (8/336) وفيه: (يخالف في حديثه) .
(4) "الضعفاء الكبير": (2/271- رقم: 830) .
(5) " شرح معاني الآثار ": (3/184) .
(6) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/399- رقم: 2230) من رواية الأثرم.(4/490)
ومهدي: زاهدٌ، قال ابن معين: لا بأس به (1) . وتكلَّم فيه ابن عَدِيٍّ (2) .
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن المبارك عن عنبسة بن سعيد عن الشعبيِّ عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يستقاد من الجرح حتَّى يبرأ".
قال أبو زرعة: هو مرسلٌ مقلوبٌ (3) O.
*****
فصلٌ (693)
فإن خالف فاقتصَّ قبل الاندمال، فسرت الجناية الى موضع آخر، فلا ضمان على الجاني، خلافًا لأكثرهم.
2920- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا القاضي أبو طاهر ثنا أبو أحمد بن عبدوس ثنا القواريريُّ ثنا محمَّد بن حمران عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رجلاً طعن رجلاً بقرنٍ في ركبته، فجاء إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أقدني. قال: " حتَّى تبرأ ". ئُمَّ جاء إليه، فقال: أقدني. فأقاده، ثم
__________
(1) "سؤالات ابن الجنيد" (ص: 396- رقم: 515) وفيه: (ثقة، لا بأس به) .
(2) "تهذيب الكمال" للمزي: (28/590- رقم: 6222) ؛ وقال الذهبي في " ميزان الاعتدال ": (4/195- رقم:8823) : (وقول ابن عدي لم أره في "الكامل"، ولكنه في " تاريخ دمشق ") ، وانظر: " تاريخ دمشق " (64/210- رقم: 7941) .
(3) "العلل": (1/456- رقم: 1371) .(4/491)
جاء إليه، فقال: يا رسول الله، عرجت! قال: " قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك ". ثُمَّ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقتصَّ من جرح حتَّى يبرأ صاحبه (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه.
ومحمَّد بن حمران هو: القيسيُّ، أبو عبد الله البصريُّ، قال أبو حاتم: صالح (2) . وقال أبو زرعة: محله الصدق (3) . وقال النسائيُّ: ليس بالقوي (4) . وقال ابن عَدِيٍّ: له أفراد وغرائب، ما أرى به بأسًا (5) . وذكره
ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ (6) .
وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجل طعن رجلا بقرنٍ في رجله ... الحديث (7) .
وليس فيه ذكر سماع ابن إسحاق من عمرو، فالظاهر أنه لم يسمعه منه، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/88) .
(2، 3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/239- رقم: 1314) .
(4) "الضعفاء": (ص: 208- رقم: 536) .
(5) "الكامل" لابن عدي: (6/248- رقم: 1726) .
(6) "الثقات": (9/40) .
(7) "المسند": (2/217) .(4/492)
مسألة (694) : لا قود إلا بالسَّيف.
وعنه: يقتل بمثل الآلة التي قتل بها، وهو قول مالك والشافعيِّ.
لنا:
ما روى ابن مسعود وأبو هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا قود إلا بالسَّيف ".
[و] (1) قد ذكرنا ذلك في مسألة القتل بالمثقل (2) .
ز: حديث أبي هريرة وابن مسعود وغيرهما في هذه المسألة قد ضعَّفها المؤلِّف فيما تقدم (3) ، فكيف يجوز له بعد هذا الاحتجاج بها؟!
وقد تكلَّم الإمام أحمد وغيره في هذا الحديث (3) .
والصحيح في هذه المسألة هو الرواية الثانية، قال أحمد: [إنَّه] (4) لأهل أن يفعل به كما فعل (5) .
لقول الله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) [النحل: 126] ، وقوله سبحانه: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [البقرة: 194] .
ولأنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضخ رأس يهودي لرضخه رأس جارية من الأنصار بين حجرين O.
__________
(1) زيادة من (ب) .
(2) المسألة رقم: (687) .
(3) (ص: 479) .
(4) في الأصل و (ب) : (لأنه) ، والمثبت من "المغني".
(5) "المغني": (11/509- المسألة: 1437) .(4/493)
احتجُّوا:
2921- بما روي أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من غرق غرقناه، ومن حرق حرقناه ".
وهذا لا يثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما قاله زياد في خطبته.
ز: 2922- قال البيهقيُّ: وروينا عن بشر بن حازم عن عمران بن يزيد بن البراء عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من عرض عرضنا له، ومن حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه ". وهو فيما أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازةً أنا أبو الوليد ثنا محمَّد بن هارون بن منصور ثنا عثمان بن سعيد عن محمَّد بن أبي بكر
المقدميِّ ثنا بشر ... فذكره (1) .
وفي هذا الإسناد من تجهل حاله، كبشر وغيره، والله أعلم O.
*****
مسألة (695) : قتل عمد الخطأ لا يوجب القود، وهو ما وجد فيه عمد في الفعل، وخطأ في القصد.
وقال مالكٌ: قتل عمد الخطأ محالٌ، وفيه القود.
2923- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو النضر ثنا محمَّد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/43) .(4/494)
" عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس، فيكون رميا في عمياء، في غير فتنة ولا سلاح " (1) .
2924- قال أحمد: وحدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن أيُّوب قال: سمعت القاسم بن ربيعة يحدِّث عن عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن قتيل الخطأ شبه العمد جعل السوط والعصا، فيه مائة، منها أربعون في بطونها أولادها " (2) .
ز: حديث محمَّد بن راشد: رواه أبو داود (3) .
ومحمَّد: يعرف بالمكحولي، وقد وثَّقه أحمد (4) وابن معين (5) والنَّسائيُّ (6) وغيرهم، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: هو ضعيفٌ عند أهل الحديث (7) .
وفي هذا القول نظرٌ، وقال مرَّةً: يعتبر به (8) . وقال ابن عَدِيٍّ: إذا حدَّث عنه ثقةٌ فحديثه مستقيمٌ (9) .
__________
(1) "المسند": (2/183) .
وفي " النهاية ": (3/305) : (العمياء: تأنيث الأعمى، يريد بها الضلالة والجهالة) .
(2) "المسند": (2/164، 166) .
(3) "سنن أبي داود": (5/167- رتم: 4554) .
(4) "العلل" برواية عبد الله: (2/409- رقم: 2829؛ 3/156- رقم: 4693) .
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (4/466- رقم: 5322) ؛ ورواية ابن طهمان: (ص: 36 - رقم: 34) ؛ ورواية ابن الجنيد: (ص: 337- رقم: 261) .
(6) "تهذيب الكمال" للمزي: (25/190- رقم: 5208) ، وقال المزي: (وقال في موضع آخر: ليس به بأس. وفي موضع آخر: ليس بالقوي) ا. هـ
(7) "سنن الدارقطني": (3/176) .
(8) "سؤالات البرقاني": (ص: 59- رقم: 431) ، وقال البرقاني: (وسمعته مرة أخرى يقول.... ليس بالقوي يعتبر به) ا. هـ
(9) "الكامل": (6/202- رقم: 1676) .(4/495)
وحديث القاسم: قد اختلف فيه، وقد تقدَّم الكلام عليه (1) ، والمؤلِّف ممن تكلَّم فيه، والله أعلم O.
*****
مسألة (696) : دية الخطأ أخماس، عشرون جذعة، ومثلها حقة، ومثلها بنت لبون، ومثلها بنت مخاض، ومثلها ابن مخاض.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: بل ابن لبون.
2925- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن زكريا ثنا حجَّاج عن زيد بن جبير عن خِشف بن مالك عن ابن مسعود قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بني مخاض ذكور، وعشرين ابنة لبون، وعشرين حقة، وعشرين جذعة (2) .
أمَّا حجَّتهم:
2926- فما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا دَعْلَج ثنا حمزة بن جعفر الشيرازيُّ ثنا أبو سلمة ثنا حمَّاد بن سلمة أنا سليمان التيميُّ عن أبي مِجْلز عن أبي عبيدة أنَّ ابن مسعود قال: دية الخطأ خمسة أخماس، عشرون حقة،
وعشرون جذعة، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنو لبون ذكور.
__________
(1) (ص: 479) .
(2) "المسند": (1/450) .(4/496)
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هذا إسنادٌ حسنٌ، ورواته ثقاتٌ (1) .
قال: وأما حديث خِشف بن مالك فضعيفٌ غير ثابتٍ عند أهل المعرفة بالحديث من وجوه: أحدها: أنَّه مخالف لما رواه أبو عبيدة عن أبيه بالسَّند الصحيح، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه ومذهبه من خِشف بن مالك، وابن
مسعود أتقى لربِّه وأشحُّ على دينه من أن يروي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قضى بقضاءٍ ويفتي هو بخلافه (2) .
قال: وخِشفٌ رجلٌ مجهولٌ، لم يرو عنه إلا زيد بن جبير، ثم إنه لا نعلم أحدا رواه عن زيد غير (3) الحجَّاج بن أرطأة، وهو رجلٌ مدلسٌ، ثُمَّ قد رواه عن الحجَّاج أقوامٌ فاختلفوا عليه (4) .
قال المصنِّف: قلت: يعارض قول الدَّارَقُطْنِيُّ هذا= أنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، فكيف جاز له أن يسكت عن ذكر هذا؟! ثم إنَّما حكى عنه فتواه، وخِشف روى عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومتى كان الإنسان ثقةً فينبغي أن يقبل قوله، وكيف يقال عن الثقة: مجهولٌ؟! واشتراط المحدثين أن يروي عنه اثنان لا وجه له.
ز: حديث خِشف عن ابن مسعود: رواه أبو داود عن مسدَّد عن عبد الواحد بن زياد (5) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/172) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/173) .
(3) في "التحقيق": (عن) خطأ.
(4) "سنن الدارقطني": (3/174- 175) .
(5) "سنن أبي داود": (5/156- 157- رقم: 4533) .(4/497)
ورواه الترمذيُّ (1) والنَّسائيُّ (2) جميعا عن عليِّ بن سعيد بن مسروق الكنديِّ عن يحيى بن أبي زائدة.
ورواه ابن ماجة عن عبد السلام بن عاصم الرازيِّ عن الصبَّاح بن محارب (3) .
ثلاثتهم عن حجَّاج بن أرطأة به، وقال الترمذيُّ: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوف.
وخِشف: وثَّقه النَّسائيُّ (4) وأبو حاتم بن حِبَّان (5) ، وقال الأزديُّ: ليس بذاك (6) . وقال البيهقيُّ: مجهولٌ (7) .
وزيد بن جبير: هو الجشميُّ، وقد وثَّقه ابن معين (8) وغيره، وروى له البخاريُّ (9) ومسلمٌ (1) في " صحيحيهما ".
وكلام الدَّارَقُطْنِيُّ والمؤلِّف على هذا الحديث لا يخلوا كلٌّ منهما من ميل،
__________
(1) "الجامع": (3/63- رقم: 1386) .
(2) "سنن النسائي": (8/43- 44- رقم: 4802) .
(3) "سنن ابن ماجة": (2/879- رقم: 2631) .
(4) "تهذيب الكمال" للمزي: (8/249- رقم: 1689) .
(5) "الثقات": (4/214) .
(6) " ميزان الاعتدال " للذهبي: (1/653- رقم: 2508) .
(7) "سنن البيهقي": (8/76) .
(8) "التاريخ" برواية الدوري: (3/275، 389- رقمي: 1312، 1887) ؛ ورواية
الدارمي (ص: 112- رقم: 336) .
(9) "التعديل والتجريح" للباجي: (2/582- رقم: 384) .
(10) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/216- رقم: 461) .(4/498)
والله أعلم O.
*****
مسألة (697) : الدَّراهم والدَّنانير أصلٌ مقدَّرٌ في الدِّية، يجوز أخذها مع القدرة على الإبل.
وقال الشافعيُّ: الأصل الإبل، فإن عدمت فعلى قولين: أحدهما: يعدل إلى ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم؛ والثاني: إل قيمة الإبل حين القبض زائدة وناقصة.
2927- قال الترمذيُّ: حدَّثنا بندار ثنا معاذ بن هانئ ثنا محمَّد بن مسلم الطائفيُّ عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عبَّاس عن النبيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه جعل الدية اثنى عشر ألفا (1) .
قالوا: قد رواه سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، ولم يذكر ابن عبَّاس غير محمَّد بن مسلم، وقد ضعَّفه أحمد (2) .
قلنا: قد قال يحيى: هو ثقةٌ (3) . والرفع زيادةٌ، ثم قد روي من غير طريقه:
2928- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو محمَّد بن صاعد ثنا محمَّد بن ميمون الخيَّاط ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عبَّاس
__________
(1) "الجامع": (3/65- رقم: 1388) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (1/189؛ 2/148- رقمي: 172، 1829) .
(3) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 197- رقم: 721) .(4/499)
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باثني عشر ألفا في الدية. قال ابن ميمون: إنما قال لنا فيه: (عن ابن عبَّاس) مرَّةً واحدةً، وأكثر ذلك كان يقول: (عن عكرمة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (1) .
ز: رواه أبو داود (2) والنَّسائيُّ (3) وابن ماجة (4) من رواية محمَّد بن مسلم الطائفيِّ، وهو من رجال مسلم.
وقال أبو داود: رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة، ولم يذكر ابن عبَّاس.
ورواه الترمذيُّ عن سعيد بن عبد الرحمن عن سعفيان عن عمرو عن عكرمة مرسلاً، قال: ولا نعلم أحدًا يذكر في هذا الإسناد (ابن عبَّاس) غير محمَّد بن مسلم (5) .
وقال النَّسائيُّ: محمَّد بن مسلم ليس بالقويِّ في الحديث، وهذا خطأٌ، والصواب: عن عكرمة مرسل (6) .
ورواه عن محمَّد بن ميمون المكيِّ عن سفيان عن عمرو عن عكرمة سمعناه مرَّة يقول: عن ابن عبَّاس أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باثني عشر ألفا في الدية.
قال: ومحمَّد بن ميمون أيضًا ليس بالقويِّ (7) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/130) .
(2) "سنن أبي داود": (5/157- رقم: 4534) .
(3) "سنن النسائي": (8/44- رقم: 4803) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/878- رقم: 2629) .
(5) "الجامع": (3/65- رقم: 1389) .
(6، 7) "السنن الكبرى": (4/235- رقم: 7007) .(4/500)
وقال عبَّاس الدوريُّ: سمعت يحيى بن معين يقول: كان محمَّد بن مسلم الطائفيُّ ثقةً لا بأس به، وكان ابن عيينة أثبت منه ومن أبيه، كان إذا حدَّث من حفظه يخطئ، وإذا حدَّث من كتابه فليس به بأسٌ (1) .
وقد روى أبو حاتم الرازيُّ عن محمَّد بن ميمون وقال: كان أميًّا مغفلاً (2) . وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" وقال: ربَّما وهم (3) .
وقول المؤلِّف: (والرفع زيادة) فيه نظرٌ، والصواب أن يقول: والوصل زيادةٌ، والله أعلم O.
*****
مسألة (698) : والبقر والغنم والحُلَل أصلٌ في الدِّية أيضًا، مقدَّرة بمائتي بقرة، وألقي شاة، ومائتي حُلَّة، كل حُلَّة إزارٌ ورداءٌ، وهو قول أبي يوسف ومحمَّد.
وقال أكثرهم: ليس شيء من ذلك أصلا ولا مقدرا.
لنا:
2929- ما رواه أبو داود، قال: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقانيِّ (4) قال: ثنا أبو تميلة ثنا محمَّد بن إسحاق قال: ذكر عطاء عن جابر ابن عبد الله قال: فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدِّية على أهل الإبل مائة من الإبل،
__________
(1) "التاريخ" برواية الدوري: (3/76- رقم: 304) دون قوله: (ثقة) .
(2) "الجرح والتعديل" لابنه: (8/81- 82- رقم: 340) .
(3) "الثقات": (9/117) .
(4) في "التحقيق": (الطائفي) .(4/501)
وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حُلَّة (1) .
ز: رواه أبو داود أيضًا عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد عن ابن إسحاق عن عطاء أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلٌ (2) O.
*****
مسألة (699) : في أشراف الأذنين الدية.
وقال مالكٌ: فيها حكومة.
2930- قال أبو داود: حدَّثنا وهب بن بيان وابن السرح وأحمد بن سعيد قالوا: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: قرأت في كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران- وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم-، فكتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: " في النفس مائة من الإبل، وفي الألف إذا أوعى (3) جدعه مائة من الإبل، وفي العين خمسون من الإبل، وفي الأذن خمسون من الإبل " (4) .
ز: هكذا رواه مرسلا، وقد رواه النَّسائيُّ عن ابن السرح (5) ، ورواه
__________
(1) "سنن أبي داود": (5/156- رقم: 4532) .
(2) "سنن أبي داود": (5/156- رقم: 4531) .
(3) في "التحقيق": (أوعبه) ، وفي " المراسيل ": (أوعب) ، وما في الأصل موافق لبعض نسخ "التحقيق" ولـ "التنقيح" للذهبي.
(4) " المراسيل ": (ص: 211- 212- رقم: 257) .
(5) "سنن النسائي": (8/59- رقم: 4855) .(4/502)
أبو داود والنَّسائيُّ وغيرهما متصلاً، وقد تقدَّم الكلام عليه بما فيه كفاية (1) O.
*****
مسألة (700) : في العين القائمة، واليد الشَّلاء، ولسان الأخرس، والذَّكر الأشلّ، والأصبع الزائدة= ثلث دية العضو.
وعنه: فيها حكومة، كقول أكثرهم.
2931- قال النَّسائيُّ: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمَّد أنا ابن عائذ ثنا الهيثم بن حميد قال: أخبرني العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في العين العوراء السَادَّة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها، وفي اليد الشَّلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السِّنِّ السوداء إذا نزعت بثلث ديتها (2) .
ز: كان فيه: (الهيثم بن جميل) [وهو خطأ] (3) ، والصواب: ابن حميد، وهو ثقة.
وقد روى أبو داود أوَّل الحديث عن محمود بن خالد عن مروان بن محمَّد عن الهيثم بن حميد بإسناده، ولفظه: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العين القائمة السادَّة لمكانها إذا طمست بثلث الدية (4) O.
__________
(1) انظر: (رقمي: 258، 1470) .
(2) "سنن النسائي": (8/55- رقم: 4840) .
(3) غير واضحة في الأصل، وأثبتت من (ب) .
(4) "سنن أبي داود": (5/168- رقم: 4556) .(4/503)
2932- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين ثنا عبد الله بن أحمد ثنا شيبان ثنا أبو هلال [عن عبد الله] (1) بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عبَّاس أنَّه قال: في اليد الشَّلاء ثلث الدِّية، وفي العين القائمة إذا خسفت ثلث الدِّية (2) .
ز: هذا إسنادٌ حسنٌ.
وأبو هلال: الراسبيُّ، واسمه: محمَّد بن سُليم، وهو صدوقٌ، وثَّقه أبو داود (3) ، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (4) .
وباقي الإسناد ثقاتٌ أثباتٌ، والله أعلم O.
*****
مسألة (701) : في موضحة الوجه خمسٌ من الإبل.
وقال مالكٌ: في موضحة الأنف واللّحي الأسفل حكومة.
2933- قال الترمذيُّ: حدَّثنا حميد بن مسعدة ثنا يزيد بن زريع ثنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في المواضح خمس خمس " (5) .
__________
(1) زيادة استدركت من "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(2) "سنن الدارقطني": (3/214) .
(3) " سؤالات الآجري ": (2/161- 162- رقم: 1473) .
(4) "الضعفاء": (ص: 202- رقم: 516) .
(5) "الجامع": (3/66- رقم: 1390) .(4/504)
ز: رواه أبو داود (1) والنَّسائيُّ (2) من رواية خالد بن الحارث عن حسين، وعند أبي داود الإخبار واسم جدِّه.
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ O.
*****
مسألة (702) : إذا ضربت حامل فماتت، ثم انفصل عنها جنين ميت، وجبت فيه الغرَّة.
وقال أبو حنيفة ومالكٌ: لا شيء في الجنين.
لنا حديثان:
2934- الحديث الأوَّل: قال البخاريُّ: حدَّثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب ثنا هشام عن أبيه عن المغيرة بن شعبة أنَّ عمر استشارهم في إملاص (3) المرأة، فقال المغيرة: قضى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغُرَّة عبد أو أمة، فشهد محمَّد بن مسلمة أنَّه شهد أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى به.
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
ز: لم يروه مسلمٌ من حديث عروة عن المغيرة، إنَّما رواه من رواية وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة عن المغيرة ومحمَّد بن
__________
(1) "سنن أبي داود": (5/167- 168- رقم: 4555) .
(2) "سنن النسائي": (8/57- رقم: 4852) .
(3) في " النهاية " (4/356) : (هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولادة) .
(4) "صحيح البخاري": (9/454) ؛ (فتح- 12/247- رقم: 6905) .(4/505)
مسلمة (1) O.
2935- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو سعيد ثنا زائدة عن منصور عن إبراهيم عن عبيد بن نُضيلة عن المغيرة أنَّ امرأةً ضربتها ضرتُها بعمود فسطاط، فقتلها، وهي حبلى، فأتي فيها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقضى فيها على عصبة القاتلة بالدِّية، وفي الجنين غرَّة، فقال عصبتها: أندي من لا أكل ولا شرب، ولا صاح فاستهل، مثل ذلك بطل (2) . فقال: " سجع كسجع الأعراب " (3) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (4) .
*****
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/111) ؛ (فؤاد- 3/1311- رقم: 1689) .
(2) في "التحقيق": (يُطَلُّ) !
(3) "المسند": (4/146) .
(4) "صحيح مسلم": (5/111) ؛ (فؤاد- 3/1311- رقم:1682) .(4/506)
مسائل القسامة
مسألة (703) : يبدأ في القسامة بأيمان المدَّعين.
وقال أبو حنيفة: بأيمان المدَّعى عليهم.
2936- قال مسلم بن الحجَّاج: حدَّثنا قتيبة ثنا ليث عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة (1) قال: خرج عبد الله بن سهل ومُحَيِّصة بن مسعود حتَّى إذا كانا بخيبر تفرَّقا في بعض ما هنالك، فإذا مُحَيِّصة
يجد عبد الله بن سهل قتيلا، فدفنه، ثم أقبل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحُوَيِّصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل- وكان أصغر القوم-، فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كبِّر ". فصمت، وتكلَّم صاحباه، وتكلَّم معهما، فذكروا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم: " أتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم- أو قاتلكم- ". قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد؟! قال: " فتبرئكم يهود بخمسين يمينا ". قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفَّار؟! فلما رأى ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى عقله (2) .
أخرجاه في "الصحيحين" (3) .
قالوا: فقد روي في " الصحيح " غير ما قلتم:
__________
(1) في (ب) : (خيثمة) .
(2) "صحيح مسلم": (5/98) ؛ (فؤاد- 3/1291- رقم: 1669) .
(3) "صحيح البخاري": (4/125) ؛ (فتح- 6/317- رقم: 3173) .(4/507)
2937- قال البخاريُّ: حدَّثنا أبو نعيم ثنا سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار زعم أنَّ رجلاً من الأنصار- يقال له: سهل بن أبي حثمة- أخبره: أنَّ نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلا، فانطلقوا، فأخبروا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لهم: " تأتون بالبيِّنة على من قتله ".
قالوا: ما لنا بيِّنة. قال: " فيحلفون ". قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) أيضًا.
قلنا: الأكثر عل ما ذكرنا، وما رويتم يرويه سعيد بن عبيد، وروايتنا أولى لكثرة من رواها، وكمال لفظها، فإنه ليس في حديثكم إلا عرض اليمين على المدَّعى عليهم، وذلك في حديثنا أيضًا، ولكن بعد عرضها على المدّعي،
فبان أن روايتنا تضمنت زيادة لم يضبطها من لم يروها.
ويدل على ما قلنا:
قوله عليه السلام: " البيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، إلا في القسامة ". وسيأتي بإسناده في الأيمان إن شاء الله تعالى (3) .
*****
مسألة (704) : إذا انتقل الذِّمِّيُّ إلى دين من أديان الكفر، لم يقبل منه سوى الإسلام.
__________
(1) "صحيح البخاري": (9/451) ؛ (فتح- 12/229- رقم: 6898) .
(2) "صحيح مسلم": (5/99- 100) ؛ (فؤاد- 3/1291- 1292- رقم: 1669) .
(3) رقم: (3258) .(4/508)
وقال أبو حنيفة: يقرُّ.
وعن الشافعيِّ قولان.
2938- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدَّل دينه فاقتلوه " (1) .
ز: رواه البخاريُّ عن أبي النعمان محمَّد بن الفضل عن حمَّاد (2) O.
*****
مسألة (705) : لا يجوز اتباع المنهزم من البغاة، ولا يجاز على جريحهم.
وقال أبو حنيفة: إن كان لهم فئة يرجعون إليها، جاز ذلك.
2939- قال سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمَّد عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن عليِّ بن حسين عن مووان بن الحكم قال: صرخ صارخ لعليٍّ عليه السلام يوم الجمل: لا يقتلن مدبر، ولا يدفف (3) على جريحٍ،
ومن أغلق باب داره فهو آمنٌ، ومن طرح السلاح فهو آمنٌ.
ز: 2940- قال البيهقيُّ: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن
__________
(1) "المسند": (1/282) .
(2) "صحيح البخاري": (9/458- 459) ؛ (فتح- 12/267- رقم: 6922) .
(3) في " النهاية ": (2/124) : (أدفأت الجريح ودافأته ودفوته ودافيته وداففته: إذا أجهزت عليه) .(4/509)
أحمد بن الحسن القاضي قالا: ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي ثنا أبو نصر التمَّار (ح) وأنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني أبو بكر محمَّد بن أحمد بن بالويه ثنا أحمد بن عليٍّ الخراز ثنا أبو نصر التمَّار ثنا كوثر ابن حكيم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن مسعود: " يا ابن مسعود، أتدري ما حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ ". قال ابن مسعود: الله ورسوله أعلم. قال: " فإن حكم الله فيهم: أن لا يتبع مدبرهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يدفف على جريحهم ". لفظ حديث الخراز، وفي رواية الخوارزمي: " لا يجاز على جريحهم، ولا يقسم فيهم " (1) .
هذا حديث ضعيفٌ، غير ثابتٍ، تفرَّد به كوثر بن حكيم، وأحاديثه بواطيل، ليس بشيء. قاله الإمام أحمد (2) ، وقال البخاريُّ: منكر الحديث (3) . وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث (4) .
وقد روى ابن عَدِيٍّ هذا الحديث في ترجمته عن الحسن بن عليٍّ بن سليمان عن أبي نصر، وقال: عامَّة ما يرويه غير محفوظٍ (5) O.
*****
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/182) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (2/156- رقم: 1857) .
(3) "التاريخ الكبير": (7/245- رقم: 1045) .
(4) "الضعفاء": (ص: 195- رقم: 503) .
(5) "الكامل": (6/76، 78- رقم: 1610) .(4/510)
مسائل الحدود
مسألة (706) : يجتمع الجلد والرجم في حقِّ الزاني المحصن، وبه قال داود.
وعنه: لا يجتمعان، كقول أكثرهم.
لنا ثلاثة أحاديث:
2941- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطَّان بن عبد الله الرقاشيِّ عن عبادة بن الصامت قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نزل عليه الوحي، أثر عليه كرب لذلك، وتربَّد وجهه (1) ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ عليه ذات يوم، فلمَّا سري عنه، قال: " خذوا عنِّي، قد جعل الله لهنَّ سبيلا، الثيّب بالثيّب، والبكر بالبكر، الثيّب جلد مائة، ورجم بالحجارة؛ والبكر جلد مائة، ثم نفي سنة " (2) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (3) .
2942- الحديث الثاني: قال أحمد: وثنا وكيع قال: ثنا الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبِّق قال: قال رسول الله
__________
(1) في " النهاية ": (2/183) : (أي تغيَّر إلى الغُبْرة، وقيل: الرُّبْدَة لون بين السواد والغُبْرة) ا. هـ
(2) "المسند": (5/318) .
(3) "صحيح مسلم": (5/115) ؛ (فؤاد- 3/1316- رقم: 1690) .(4/511)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذوا عنِّي:، خذوا عنِّي، قد جعل الله لهنَّ سبيلا، البكر بالبكر، جلد مائة، ونفي سنة، والثيِّب بالثيِّب، جلد مائة، والرجم " (1) .
ز: هكذا رواه وكيع عن الفضل، وهو وهمٌ، وإنَّما المحفوظ بهذا الإسناد: أنَّ رجلاً وقع على جارية امرأته....
وقد رواه أبو داود عن محمَّد بن عوف الطائيِّ عن الربيع بن روح عن خليد عن محمَّد بن خالد- يعني الوهبيَّّ- عن الفضل بن دَلْهَم عن الحسن عن سلمة بن المحبّق عن عبادة وطوّله (2) .
والاضطراب في ذلك من الفضل بن دلهم، قال أبو داود: والفضل بن دلهم ليس بالحافظ، كان قصابا بواسط (3) .
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الفضل بن دَلْهَم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبّق عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا.. " الحديث. قال أبي: هذا خطأ، إنما أراد الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث (4) O.
2943- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا حسين بن محمَّد ثنا شعبة عن سلمة ومجالد عن الشعبيِّ أنَّهما سمعاه يحدِّث أنَّ عليًّا حين رجم المرأة من أهل
__________
(1) "المسند": (3/476) .
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(2) هذا الحديث وقع في بعض نسخ "سنن أبي داود": (عون- 12/94- 95) ؛حاشية ط. عوامة (5/90- 91) .
قال المزي في "تحفة الأشراف": (4/249- رقم:5088) : (هذا الحديث في رواية أبي سعبد بن الأعرابي وأبي بكر بن داسة عن أبي داود) ا. هـ
(3) الموضع السابق.
(4) "العلل": (1/456- رقم: 1370) .(4/512)
الكوفة: ضربها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال: أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بسنَّة نبيِّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
ز: رواه البخاريُّ عن آدم عن شعبة عن سلمة بن كهيل- وحده- عن الشعبيِّ (2) ، ورواه النَّسائيُّ من رواية شعبة عنهما (3) .
2944- وقال الطحاويُّ: حدَّثنا عليُّ بن شيبة ثنا يحيى بن يحيى ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: جاءت امرأة من همدان - يقال لها شراحة- إلى عليٍّ رضي الله عنه فقالت: إني زنيت. فرددها حتَّى شهدت على نفسها أربع شهادات، فأمر بها فجلدت، ثم أمر بها فرجمت.
حدَّثنا روح بن الفرج ثنا يوسف بن عَدِيٍّ ثنا أبو الأحوص ... فذكر بإسناده مثله (4) .
2945- وقال أيضًا: ثنا يونس أنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدِّث عن أبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً زنى، فأمر به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلد، ثم أخبر أنَّه قد كان أحصن، فأمر به فرجم (5) .
رواه أبو داود عن قتيبة بن سعيد وأبي الطاهر بن السرح كلاهما عن ابن وهب به (6) .
ورواه عن محمَّد بن عبد الرحيم البزَّاز عن أبي عاصم عن ابن جريج عن
__________
(1) "المسند": (1/93) .
(2) "صحيح البخاري": (8/426) ؛ (فتح- 12/117- رقم: 6812) .
(3) "السنن الكبرى": (4/269- 270- رقمي: 7140- 7141) .
(4) " شرح معاني الآثار ": (3/140) .
(5) " شرح معاني الآثار ": (3/138) .
(6) "سنن أبي داود": (5/101- رقم: 4435) .(4/513)
أبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً زنى، فلم يُعلم بإحصانه، فجلد، ثم عُلم بإحصانه، فرجم (1) . ولم يذكر النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورواه النَّسائيُّ! عن قتيبة به- وقال: لا أعلم أنَّ أحدًا رفع هذا الحديث غير ابن وهب (2) -، وعن محمَّد بن بشَّار عن أبي عاصم به موقوفًا، وقال: هذا هو الصواب، والذي قبله خطأ (3) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (707) : الإسلام ليس بشرطٍ في الإحصان.
وقال أبو حنيفة ومالك: هو شرطٌ.
لنا حديثان:
2946- الحديث الأوَّل: قال عبد الله بن الإمام أحمد (4) : حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا شريك بن عبد الله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: رجم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يهوديًّا ويهوديَّة (5) .
ز: رواه الترمذيُّ عن هنَّاد بن السَّريِّ (6) ، ورواه ابن ماجة عن
__________
(1) "سنن أبي داود": (1/101- رقم: 4436) .
(2) "السنن الكبرى": (4/293- رقم: 7211) .
(3) "السنن الكبرى": (4/293- رقم: 7212) وكلام النسائي الأخير سقط من المطبوعة، وهو في "تحفة الأشراف" (2/323- رقم: 2832) .
(4) أقحم في "التحقيق" قوله: (قال: حدَّثني أبي) .
(5) "المسند": (5/96) .
(6) "الجامع": (3/107- رقم: 1437) .(4/514)
إسماعيل بن موسى (1) ، كلاهما عن شريك به.
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وقال أبو الحسن القافلاني (2) : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حضرت أبي، فسمع من محمَّد بن جعفر الوركانيِّ، فمرَّ على حديث شريك
عن سماك عن عكرمة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديًّا ويهوديَّة، فقال أبي: يا أبا
عمران، إنما هذا عن شريك عن سماك عن جابر بن سمرة، فلعل شريكًا سبقه
لسانه. فقال الوركانيُّ: قد نظر يحيى بن معين في هذا. فقال أبي: وما يدري
يحيى بن معين؟ وكل شيء يعرفه يحيى؟! اضرب عليه. فضرب عليه (3) O.
2947- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: حدَّثنا إسحاق بن موسى الأنصاريُّ ثنا معن ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديًّا ويهوديَّة (4) .
ز: هكذا رواه الترمذيُّ وصحَّحه، وهو مختصرٌ من حديث: أنَّ اليهود جاؤوا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا ... الحديث.
__________
(1) "سنن ابن ماجة": (2/855- رقم: 2557) .
(2) هو علي بن الحسن بن سليمان القافلائي- أو: القافلاني-، مترجم في "تاريخ بغداد": (11/377- رقم: 6237) .
قال ابن السمعاني في "الأنساب": (10/30) : (القَافْلاني- بفتح القاف، وسكون الفاء-: هذه النسبة إلى حرفة عجيبة، سمعت القاضي أبا بكر محمَّد بن عبد الباقي الأنصاري -ببغداد مذاكرة-يقول: القافلاني اسمٌ لمن يشتري السفن الكبار المنحدرة من الموصل، والمصعدة من البصرة، ويكسرها ويبيع خشبها وقيرها وقفلها- والقفل: الحديد الذي فيها- يقال لمن يفعل هذه الصنعة: القافلاني) ا. هـ
(3) "تاريخ بغداد" للخطيب: (2/117- رقم: 510) تحت ترجمة محمَّد بن جعفر الوركاني.
(4) "الجامع": (3/106- رقم: 1436) .(4/515)
وهو في "الصحيحين" من حديث مالك (1) ، والله أعلم O.
احتجُّوا بحديثين:
2948- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ثنا الحسن بن عرفة ثنا عيسى بن يونس عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عليِّ بن أبي طلحة عن كعب بن مالك أنَّه أراد أن يتزوَّج يهوديَّة أو
نصرانيَّة، فسأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فنهاه عنه، وقال: " إنَّها لا تحصنك " (2) .
2949- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا دَعْلَج ثنا ابن شيرويه ثنا إسحاق ثنا عبد العزيز بن محمَّد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أشرك بالله فليس بمحصن " (3) .
والجواب:
أنَّ الحديثين لا يثبتان، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: أبو بكر بن أبي مريم ضعيفٌ جدًّا، وعليُّ بن أبي طلحة لم يدرك كعبًا (4) .
وحديث ابن عمر: لم يرفعه غير إسحاق، ويقال إنَّه رجع عنه، والصواب أنَّه موقوفٌ (5) .
ز: حديث كعب: رواه سعيد بن منصور عن عيسى بن يونس (6) ،
__________
(1) "صحيح البخاري": (4/253؛ 8/436) ؛ (فتح- 6/729- رقم: 3635؛ 12/ 166- رقم: 6841) .
"صحيح مسلم": (5/122) ؛ (فؤاد- 3/1326- رقم: 1699) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/148) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/147) .
(4) "سنن الدارقطني": (3/148) .
(5) هذا أيضًا من كلام الدارقطني عقب الحديث.
(6) ومن طريقه البيهقي في "سننه" (8/216) .(4/516)
ورواه أيضًا أبو داود في " المراسيل " من رواية بقية بن الوليد عن أبي سبأ عتبة بن [تميم] (1) عن عليِّ بن أبي طلحة عن كعب (2) ، وهو منقطعٌ. قاله البيهقيُّ (3) .
وعتبة: وثَّقه ابن حِبَّان (4) .
وحديث ابن عمر: رواه الحاكم أبو أحمد عن أبي العبَّاس أحمد بن محمَّد ابن الحسين الماسرجسيِّ عن إسحاق، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عبيد الله بن عمر العدويِّ عن ناقع عن ابن عمر، لا أعلم أحدًا حدَّث به غير
إسحاق الحنظليّ عن عبد العزيز بن محمَّد بن عبيد بن أبي عبيد الجهنيِّ الدراورديِّ.
وقد سُئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ، فقال: رواه عفيف بن سالم عن الثوريِّ عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّث به أحمد بن أبي نافع الموصليُّ، واختلف عنه، فرواه التمتام عن أحمد بن أبي نافع عن المعافى عن عمران عن الثوريِّ، وغيره يرويه عن أحمد بن أبي نافع عن عفيف بن سالم، وهو الصواب.
وخالفه أبو أحمد الزبيريُّ، فرواه عن الثوريِّ عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهو أصحُّ.
وروي عن إسحاق بن راهويه عن الدراورديِّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، والصحيح موقوفٌ.
__________
(1) في الأصل و (ب) : (الوليد) ، والتصويب من " المراسيل " و"سنن البيهقي".
(2) " المراسيل ": (ص: 181- رقم: 206) .
(3) "سنن البيهقي": (8/216) .
(4) "الثقات": (8/507) .(4/517)
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في موضع آخر: وهم عفيف في رفعه، والصواب موقوفٌ من قول ابن عمر:
2950- ثنا عبد الله بن خشيش ثنا سلم بن جنادة ثنا وكيع عن سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: من أشرك بالله فليس بمحصن (1) .
2951- وقال البيهقيُّ: أنا أبو نصر بن قتادة أنا عليُّ بن الفضل بن محمَّد ابن عقيل ثنا إبراهيم بن هاشم البيعويُّ ثنا عبد الله بن محمَّد بن أسماء حدَّثني جويرية عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر كان يقول: من أشرك بالله فليس بمحصن.
هكذا رواه أصحاب نافع عن نافع (2) O.
*****
مسألة (708) : جراح المرأة تساوي جراح الرَّجل فيما دون الثلث، فإذا بلغ الثلث فعلى روايتين: إحداهما: تساويه؛ والثانية: تكون على النصف منه.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ- في الجديد-: تكون على النصف منه، في القليل والكثير.
2952- قال النَّسائيُّ: أخبرنا عيسى بن يونس ثنا ضمرة عن إسماعيل ابن عيَّاش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عقل المرأة مثل عقل الرجل، حتَّى يبلغ الثلث من ديتها " (3) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/147) .
(2) "سنن البيهقي": (8/215- 216) .
(3) "سنن النسائي": (8/44- 45- رقم: 4805) .(4/518)
ز: ابن جريج حجازيٌّ، وإسماعيل بن عيَّاش ضعيفٌ في روايته عن الحجازيين، والله أعلم O.
2953- وقال سعيد بن منصور: ثنا هشيم ثنا أشعث (1) بن عبد الملك عن الحسن وابن سيرين أنَّهما كانا يقولان: القصاص بين الرجل والمرأة فيما كان من العمد إلى ثلث الدِّية.
2954- وقال هشيم عن الشيبانيِّ وابن أبي ليلى وزكريا عن الشعبيِّ أنَّ عليًّا- عليه السلام- كان يقول: جراحات النساء على النصف من دية الرجل، فيما قلَّ أو كثر.
ز: 2955- قال أبو القاسم البيعويُّ: ثنا عليُّ بن الجعد أنا شعبة عن الحكم عن الشعبيِّ عن زيد بن ثابت أنَّه قال: جراحات الرجل (2) والنساء سواء إلى الثلث، فما زاد فعلى النصف.
وقال ابن مسعود: إلا السن والموضحة، فإنها (3) سواء، وما زاد فعلى النصف.
وقال عليُّ بن أبي طالب: على النصف في كلِّ شيءٍ.
قال: وكان قول عليٍّ رضي الله عنه أعجبها إلى الشعبيِّ (4) .
2956- وقال بحر بن نصر: ثنا عبد الله بن وهب حدَّثني مالك وأسامة بن زيد الليثيُّ وسفيان الثوريُّ عن ربيعة أنَّه سأل سعيد بن المسيّب: كم
__________
(1) في "التحقيق": (أشعب) خطأ.
(2) كذا، وفي مطبوعة " مسند ابن الجعد ": (الرجال) .
(3) في مطبوعة " مسند ابن الجعد ": (فإنهما) .
(4) " مسند ابن الجعد ": (ص: 52- رقم: 224) .(4/519)
في أصبع المرأة؟ قال: عشر. قال: كم في اثنتين؟ قال: عشرون. قال: كم في ثلاث؟ قال: ثلاثون؟ قال: كم في أربع؟ قال: عشرون. قال ربيعة: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها، نقص عقلها؟! قال: أعراقيٌّ أنت؟ قال ربيعة: عالم متثبت، أو جاهل متعلم. قال: يا ابن أخي، إنها السنَّة (1) O.
*****
مسألة (709) : دية الذِّمِّيِّ إذا قتله مسلمٌ عمدًا مثل دية المسلم، فإن قتله خطأٌ فعلى روايتين: إحداهما: نصف الدِّية؛ والثانية: ثلث الدِّية.
وأمَّا المجوسيُّ فديته ثمان مائة درهم.
وقال أبو حنيفة: دية الكافر (2) مثل دية المسلم، في العمد والخطأ.
وقال مالكٌ: نصف دية المسلم.
وقال الشافعيُّ: دية الذِّمِّيِّ ثلث الدِّية، في الخطأ والعمد.
وقال في المجوسيِّ كقولنا.
استدلَّ أصحابنا على ما إذا قتله عمدًا بثلاثة أحاديث:
__________
(1) "الموطأ" لابن وهب، تحقيق: هشام الصيني: (ص: 143- 144- رقم: 495) .
(تنبيه) ذكر ميكلوش موراني في مقدمة تحقيقه لـ " كتاب المحاربة من الموطأ " لابن وهب أن القطعة التي حققها الأستاذ هشام الصيني هي مختصر ومستخرج من "الجامع" لابن وهب باختصار أبي العباس الأصم، فليحرر.
(2) في (ب) : (الكامل) .(4/520)
2957- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم بن حمَّاد ثنا أحمد بن يحيى الحلوانيُّ ثنا عليُّ بن الجعد قال: أخبرني أبو كرز القرشيُّ عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " دية ذمِّيٌّ دية مسلم " (1) .
2958- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا يوسف بن يعقوب ابن بهلول ثنا جدِّي ثنا أبي ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهريِّ عن عليِّ بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل دية المعاهد كدية المسلم (2) .
2959- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا إسماعيل بن محمَّد الصفَّار ثنا العبَّاس بن محمَّد الدوريُّ ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن أبي سعد (3) عن عكرمة عن ابن عباس قال: جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دية العامرين دية المسلم. قال أبو بكر: كان لهما عهد (4) .
قال المصنِّف: الأحاديث الثلاثة ضعاف بمرَّة.
أمَّا الأوَّل: فقال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يروه عن نافع غير أبي كرز، واسمه: عبد الله بن عبد الملك الفهريُّ، وهو متروكٌ (5) .
قال: وهذا الحديث باطلٌ، لا أصل له (6) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/145) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/145) .
وفي "التحقيق": (ذمة المعاهد كذمة المسلم) !!
(3) في (ب) : (سعيد) .
(4) "سنن الدارقطني": (3/171) .
(5) "سنن الدارقطني": (3/145) .
(6) " التعليقات على المجروحين ": (ص: 146) .(4/521)
وكذلك قال ابن حبان: هذا باطلٌ لا أصل له من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يحلُّ الاحتجاج بأبي (1) كرز (2) .
وأمَّا الثاني: فعثمان هو: الوقَّاصيُّ، وهو متروكٌ.
وأمَّا الثالث: فأبو سعد هو: سعيد بن المَرزُبان البقَّال، قال يحيى: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه (3) . وقال الفلاس: متروكٌ (4) .
ز: هذه الأحاديث لم يخرجوا شيئًا منها، إلا حديث أبي بكر بن عيَّاش، فإنَّ الترمذيَّ رواه عن أبي كريب عن يحيى بن آدم عنه، ولفظه: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودى العامريين بدية المسلمين، وكان لهما عهد من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو سعد البقَّال هو: سعيد بن المَرْزُبان (5) .
وقد رواه البيهقيُّ من رواية الحسن بن عمارة عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عبَّاس قال: ودى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلين من المشركن- وكانا منه في عهد- دية الحرِّ من المسلمين (6) .
__________
(1) في "التحقيق": (بابن) .
(2) "المجروحين": (2/17- 18) ، وفيه: (لا أصل له من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو موضوع لا شك) .
(3) "الكامل" لابن عدي: (3/383- رقم: 811) ، من رواية ابن أبي مريم، والجملة الأولى في "التاريخ" برواية الدوري: (4/41- رقم: 3038) ؛ و" معرفة الرجال " برواية ابن محرز: (1/53- رقم: 31) أيضًا.
(4) "الكامل" لابن عدي: (3/383- رقم: 811) .
(5) "الجامع": (3/75- رقم: 1404) .
(6) كذا قرأناها، وفي "سنن البيهقي": (الحرين المسلمين) ، والله أعلم.(4/522)
وقال: والحسن بن عمارة متروكٌ، لا يحتجُّ به (1) .
وأمَّا حديث الوقَّاصيِّ عن الزهريِّ: فباطلٌ، والمعروف بإسناده: " لا يرث المسلم الكافر ".
والإمام أحمد رحمه الله: لم يستدل بشيء من هذه الأحاديث الضعيفة على إضعاف الدية في قتل المسلمِ الذِمِّيَّ عمدًا، إنَّما احتجَّ:
2960- بما رواه عن عبد الرزَّاق عن معمر عن الزهريِّ عن سالم عن أبيه أنَّ رجلاً قتل رجلاً من أهل الذِّمَّة، فرفع إلى عثمان، فلم يقتله، وغلَّظ عليه ألف دينار (2) O.
واستدلُّوا على ما إذا قتله خطأ:
2961- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا يزيد أنا محمَّد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " دية الكافر نصف دية المسلم " (3) .
2962- قال أحمد: وحدَّثنا أبو النضر ثنا محمَّد بن راشد ثنا سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أنَّ عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلم، وهم اليهود والنصارى (4) .
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/102) .
(2) " أهل الملل و ... من الجامع للخلال ": (2/389، 391) من رواية المروذي وأحمد بن هاشم الأنطاكي.
والأثر في " مصنف عبد الرزاق ": (10/96- رقم: 18492) .
(3) "المسند": (2/180) ..
(4) "المسند": (2/183) .(4/523)
وهذا يحمل على قتل الخطأ.
ز: حديث ابن إسحاق عن عمرو: رواه أبو داود، ولفظه: " دية المعاهد نصف دية الحرِّ " (1) .
وحديث سليمان عن عمرو: رواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عليٍّ عن عبد الرحمن عن محمَّد بن راشد (2) .
وقد رواه الترمذيُّ (3) والنَّسائيُّ (4) من حديث أسامة بن زيد الليثيِّ عن عمرو، وحسَّنه الترمذيُّ.
ورواه ابن ماجة (5) من رواية عبد الرحمن بن عيَّاش عن عمرو (6) .
2963- وقد روى جعفر بن عون عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو ابن شعيب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض على كلِّ مسلمٍ قتَلَ رجلاً من أهل الكتاب أربعة آلاف.
هكذا روي مرسلاً، والله أعلم O.
فأمَّا دية المجوسيِّ:
2964- فروى الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا الحسن بن سلام ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا منصور بن المعتمر عن ثابت أبي
__________
(1) "سنن أبي داود": (5/175- رقم: 4573) .
(2) "سنن النسائي": (8/45- رقم: 4806) .
(3) "الجامع": (3/81- 82- رقم: 1413) .
(4) "سنن النسائي": (8/45- رقم: 4807) .
(5) من قوله: (والنسائي) إلى هنا سقط من (ب) .
(6) "سنن ابن ماجة": (2/883- رقم: 2644) .(4/524)
المقدام عن سعيد بن المسيَّب أنَّ عمر جعل دية اليهوديِّ والنصرانيِّ أربعة آلاف، والمجوسيِّ ثمانمائة (1) .
ز: رواه الشافعيُّ عن فضيل بن عياض عن منصور (2) .
2965- وقال ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب أنَّ عليًّا وابن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان في دية المجوسيِّ: ثمانمائة درهم (3) .
وقد رواه أبو صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعًا، وهو غير محفوظٍ، والله أعلم O.
احتجُّوا:
بالأحاديث المتقدِّمة: أنَّ دية اليهوديِّ والنصرانيِّ مثل دية المسلم.
وهذا محمول على قتله عمدًا.
*****
مسألة (710) : قيمة العبد إذا قُتِل خطأ في مال الجاني، وكذا الجناية على أطرافه.
وقال أبو حنيفة: بدل نفسه على عاقلة الجاني، والأطراف في ماله.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/146) .
(2) "الأم": (4/289) .
(3) ومن طريق ابن وهب: البيهقي في "سننه": (8/101) .(4/525)
وعن الشافعيِّ كقولنا، وعنه: أن الجميع على العاقلة.
لنا:
2966- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا القاسم بن إسماعيل ثنا سلم ابن جنادة ثنا وكيع عن عبد الملك بن حسين النخعيِّ عن عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عمر قال: العمد، والعبد، والصلح، والاعتراف، لا تعقله
العاقلة (1) .
ز: الشعبيُّ عن عمر: منقطعٌ، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: الشعبيُّ عن عمر مرسلٌ (2) .
وعبد الملك بن حسين هو: أبو مالك النخعيُّ، وقد ضعَّفوه، وقال الأزديُّ: متروك الحديث (3) O.
*****
مسألة (711) : اللواط يوجب الحدَّ.
وقال أبو حنيفة: يوجب التعزير.
2967- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: أخبرني ابن أبي حبيبة وداود (4) بن الحصين عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: قال
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/177) .
(2) " المراسيل ": (ص: 160- رقم: 592) .
(3) "الضعفاء" لابن الجوزي: (2/149- رقم: 2161) .
(4) كذا، وسيأتي التنبيه عليه في كلام المنقح.(4/526)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتلوا الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط، والبهيمة والواقع على البهيمة، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه " (1) .
ز: كذا فيه: (أخبرني ابن أبي حبيبة وداود) وهو خطأ، والصواب: (عن داود) .
وقد رواه ابن ماجة عن عبد الرحمن بن إبراهيم عن ابن أبي فديك عن إبراهيم بن إسماعيل- وهو ابن أبي حبيبة- عن داود، ولم يذكر القصة (2) الأولى (3) .
وإبراهيم: يضعف في الحديث. قاله الترمذيُّ (4) ، لكن قد تابعه غيره عن داود، وقد رواه غير داود عن عكرمة O.
*****
مسألة (712) : إتيان البهيمة يوجب الحدَّ كحدِّ اللوطيِّ.
وعنه: يوجب التعزير، كقول أبي حنيفة ومالك.
لنا:
الحديث المتقدِّم.
2968- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو سعيد قال: ثنا سليمان بن بلال
__________
(1) "المسند": (1/300) .
(2) كذا بالأصل و (ب) ، ولعلها: (اللفظة) .
(3) "سنن ابن ماجة": (2/856- رقم: 2564) .
(4) "الجامع": (3/129، 588- رقمي: 1462، 2075) .(4/527)
عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة " (1) .
ز: حديث عمرو: رواه أبو داود (2) والترمذيُّ من رواية الدَّرَاوَرْدِيِّ عنه.
وقال الترمذيُّ: لا نعرفه إلا من حديث عمرو عن عكرمة.
2969- وقد روى سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عبَّاس أنَّه قال: من أتى بهيمة فلا شيء عليه. حدَّثنا بذلك ابن بشَّار عن ابن مهديٍّ عن الثوريِّ.
وهذا أصحُّ (3) .
وروى ابن إسحاق هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، فقال: " ملعون من عمل عمل قوم لوط " ولم يذكر القتل (4) .
وقال أبو داود: حديث عاصم يضعِّف حديث عمرو بن أبي عمرو (5) .
قال البيهقيُّ: وقد رويناه من أوجه عن عكرمة، ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر عن عاصم بن بهدلة في الحفظ، كيف وقد تابعه على روايته جماعة؟!
وعكرمة عند أكثر الأئمة من الثقات الأثبات (6) O.
__________
(1) "المسند": (1/269) .
(2) "سنن أبي داود": (5/113- رقم: 4459) .
(3) "الجامع": (3/123- 124- رقم: 1454) .
(4) "الجامع" للترمذي: (3/124- رقم: 1456) .
(5) "سنن أبي داود": (5/113- 114- وقم: 4460) .
(6) "سنن البيهقي": (8/234) .(4/528)
مسألة (713) : إذا تزوَّج ذات محرم، ووطئها- مع علمه بالتحريم-، فعليه الحدُّ.
وقال أبو حنيفة: التعزير.
لنا حديثان:
أحدهما: الحديث المتقدِّم: " من وقع على ذات محرم فاقتلوه " (1) .
2970- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا حسن (2) ابن صالح عن السُّدِّيِّ عن عَدِيِّ بن ثابت عن البراء قال: لقيت خالي- يعني: أبا بردة- ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجلٍ تزوَّج امرأة أبيه من بعده، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله (3) .
ز: هذا الحديث رواه أصحاب " السنن الأربعة " (4) ، وفي إسناده اختلافٌ.
ورواه النَّسائيُّ أيضًا عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن أبي نعيم عن الحسن ابن صالح به (5) O.
*****
__________
(1) رقم: (2967) .
(2) في الأصل و (ب) : (حسين) خطأ.
(3) "المسند": (4/290) .
(4) "سنن أبي داود": (5/110- رقم: 4452) ؛ "الجامع" للترمذي: (3/35- 36- رقم: 1362) ؛ "سنن النسائي": (6/109- 110- رقم: 3332) ؛ و" السنن الكبرى ": (4/295- 296- الأرقام: 7220- 7223) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/869- رقم: 2607) .
(5) "سنن النسائي": (6/109- رقم: 3331) .(4/529)
مسألة (714) : إذا أذنت المرأة لزوجها في وطء جاريتها، ففعل- مع علمه بالتحريم-، فعليه تعزير مائة.
وقال أكثرهم: حدُّه حدُّ الزَّاني.
2971- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حبيب بن سالم قال: رُفع إلى النعمان بن بشير رجلٌ أحلت له امرأته جاريتها، فقال: لأقضين فيها بقضية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن كانت أحلَّتها له: لأجلدنَّه مائة: وإن لم تكن أحلَّتها له: لأرجمنَّه. قال: فوجدها قد أحلَّتها له، فجلده مائة (1) .
ز: روى حديث النعمان هذا: أصحاب "السنن الأربعة" (2) .
وقال الترمذيُّ: في إسناده اضطرابٌ، سمعت محمَّد بن إسماعيل يقول: لم يسمع قتادة من حبيب هذا الحديث (3) .
وهذا الذي قاله البخاريُّ صحيحٌ، فإنَّ قتادة سمع هذا الحديث من خالد ابن عرفطة عن حبيب، ثم قال قتادة: فكتبت إلى حبيب بن سالم، فكتب إليَّ بهذا.
وهذا لا يطعن في الحديث، فكم من حديث في " الصحيح " قد روي بالكتابة. والله أعلم O.
*****
__________
(1) "المسند": (4/272) .
(2) "سنن أبي داود": (5/110- 111- رقمي: 4453، 4454) ؛ "الجامع" للتزمذي: (3/120- 121- رقم: 1451) ؛ "سنن النسائي": (6/124- رقم: 3362) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/853- رقم: 2551) .
(3) "الجامع": (3/121- رقم: 1452) وفيه: (لم يسمع قتادة من حبيب هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة، وأبو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم هذا أيضًا، إنما رواه عن خالد بن عرفطة) .(4/530)
مسألة (715) : إذا أقرَّ أنَّه زنا بامرأةٍ، فجحدت، لم يسقط عنه الحدُّ.
وقال أبو حنيفة: يسقط.
2972- قال الإمام أحمد: حدَّثنا حسين بن محمَّد ثنا مسلم بن خالد عن عبَّاد بن إسحاق عن أبي حازم عن سهل بن سعد أنَّ رجلاً من أسلم، جاء إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إنَّه قد زنا بامرأة سمَّاها، فأرسل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المرأة، فدعاها، فسألها عما قال، فأنكرت، فحدَّه وتركها (1) .
قال المصنِّف: مسلم بن خالد هو: الزنجيُّ، قال عليُّ بن المدينيِّ: ليس بشيءٍ (2) . وقال الرازيُّ: لا يحتجُّ به (3) . وقال البخاريُّ: هو منكر الحديث (4) .
ز: مسلم بن خالد: وثَّقه ابن معين (5) ، ولم يتفرَّد بهذا الحديث، لا هو، ولا شيخه، فقد رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن طلق بن غنَّام عن عبد السلام بن حفص عن أبي حازم (6) .
وعبد السلام: وثَّقه يحيى بن معين (7) ، وقال أبو حاتم: ليس بمعروف (8) O.
*****
__________
(1) "المسند": (5/339- 340) .
(2) "التاريخ الكبير" للبخاري: (7/260- رقم: 1097) ؛"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/183- رقم: 800) .
(3) "الجرح والتعديل" لابنه: (8/183- رقم: 800) .
(4) "التاريخ الكبير": (7/260- رقم: 1097) .
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (3/60، 81- رقمي: 227، 333) ؛ ورواية الدارمي: (ص: 118- رقم: 364) .
(6) "سنن أبي داود": (5/114- رقم: 4461) .
(7) "التاريخ" برواية الدوري: (3/182- رقم: 815) وفيه عبد السلام مولى قريش، وكذا
في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم.
(8) "الجرح والتعديل" لابنه: (6/46- رقم: 239) .(4/531)
مسألة (716) : حدُّ الزنا لا يثبت بإقرار مرَّة، خلافًا لمالك والشافعيِّ.
لنا:
حديث ماعز، وله تسعة طرق:
2973- الطريق الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بكر قال: كنت جالسًا عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء ماعز بن مالك، فاعترف عنده مرَّةً، فردَّه، ثم جاء فاعترف عنده الثانية، فردَّه، ثم جاء فاعترف الثالثة، فردَّه، فقلت له: إنَّك إن اعترفت الرابعة رجمك. قال: فاعترف الرابعة، فحبسه، ثم سأل عنه، فقالوا: ما نعلم إلا خيرا. فأمر برجمه (1) .
ز: جابر هو: الجُعفيُّ، ولا يحتجُّ به O.
2974- الطريق الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا يونس ثنا أبو عوانة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال: لقي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماعز بن مالك، فقال: " أحقٌّ ما بلغني عنك؟ ". قال: وما بلغك عنِّي؟! قال: " بلغني أنك فجرت بأمة آل فلان ". قال: نعم. فردَّه، حتَّى شهد أربع مرَّات، ثم أمر برجمه (2) .
ز: رواه مسلمٌ عن قتيبة بن سعيد وأبي كامل الجَحْدَريِّ (3) ، ورواه أبو داود عن مسدَّد (4) ، ورواه الترمذيُّ (5) والنَّسائيُّ (6) جميعًا عن قتيبة،
__________
(1) "المسند": (1/8) .
(2) "المسند": (1/245) .
(3) "صحيح مسلم": (5/116) ؛ (فؤاد- 3/1320- رقم: 1693) .
(4) "سنن أبي داود": (5/95- رقم: 4424) .
(5) "الجامع": (3/97- 98- رقم: 1427) .
(6) "السنن الكبرى": (4/279- رقم: 7171) .(4/532)
ثلاثتهم عن أبي عوانة به.
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ، وروى شعبة هذا الحديث عن سماك عن سعيد بن جبير مرسلاً، ولم يذكر فيه ابن عباس O.
2975- الطريق الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزَّاق أنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال: أتى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماعزٌ، فاعترف عنده مرتين، فقال: " اذهبوا به ". ثم قال: " ردُّوه ". فاعترف مرتين، حتَّى اعترف أربع مرَّات، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذهبوا به فارجموه " (1) .
ز: رواه أبو داود عن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد الزبيريِّ عن إسرائيل (2) ، ورواه النَّسائيُّ من رواية إسرائيل وزهير كلاهما عن سماك به (3) O.
2976- الطريق الرابع: قال أحمد: وحدَّثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة أنَّ ماعزًا جاء، فأقرَّ عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع مرَّات، فأمر برجمه (4) .
ز: رواه مسلمٌ عن أبي كامل الجَحْدَريِّ عن أبي عوانة عن سماك بنحوه أتمَّ منه، ثم قال:
2977- حدَّثنا محمَّد بن المثنَّى وابن بشَّار- واللفظ لابن مثنَّى- قالا: ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت جابر بن سمرة قال: أُتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل قصير أشعث، ذي عضلات، عليه إزار، وقد
__________
(1) "المسند": (1/314) .
(2) "سنن أبي داود": (5/95- رقم: 4425) .
(3) "السنن الكبرى": (4/279- رقمي: 7172، 7173) .
(4) "المسند": (5/91) .(4/533)
زنى، فردَّه مرَّتين، ثم أمر به فرجم ... ، قال: فحدَّثْتُه سعيد بن جبير فقال: إنه ردَّه أربع مرَّات (1) .
2978- الطريق الخامس: قال أحمد: وحدَّثنا يزيد قال: أنا حجَّاج ابن أرطأة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الله بن المقدام عن ابن شدَّاد عن أبي ذرٍّ قال: كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه رجل، فقال: إن الآخِر قد زنا، فأعرض عنه، ثم ثنَّى، ثم ثلَّث، ثم ربَّع، فأمرنا فحفرنا له، فرجم (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه بهذا الإسناد.
وحجَّاج: فيه كلامٌ.
وعبد الملك هو: الطائفيُّ، وقد وثَّقه ابن حِبَّان (3) ، وروى له الترمذيُّ حديثًا (4) .
وعبد الله بن المقدام بن الورد: طائفيٌّ أيضًا، رأى ابن عمر يطوف بين الصفا والمروة، ولم يذكر ابن أبي حاتم فيه جرحًا (5) ، والله أعلم O.
2979- الطريق السادس: قال أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا هشام بن سعد قال: أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: كان ماعز بن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية من الحيِّ، فقال له أبي: ائت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره بما صنعت، لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه،
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/117) ؛ (فؤاد- 3/1319- 1320- رقم: 1692) .
(2) "المسند": (5/179) .
(3) "الثقات": (7/99) .
(4) "الجامع": (2/271- رقم: 946) .
(5) "الجرح والتعديل": (5/175- 176- رقم: 823) .(4/534)
فقال: يا رسول الله، إنِّي زنيت، فأقم عَلَيَّ كتاب الله. فأعرض عنه، إلى أن أتاه الرابعة، فقال: " إنَّك قد قلتها أربع مرَّات، فبمن؟ ". قال: بفلانة.
قال: " هل ضاجعتها ". قال: نعم. قال: " هل باشرتها؟ ". قال: نعم.
قال: " هل جامعتها؟ ". قال: نعم. فأمر به أن يرجم، فوجد مسَّ الحجارة، فخرج يشتدُّ، فلقيه عبد الله بن أنيس، فنزع له بوظيف بعر (1) ، فقتله، وذكر ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " هلا تركتوه؟ لعله يتوب، فيتوب الله عليه ".
قال هشام: فحدَّثني ابن نعيم بن هزال عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له حين رآه: " والله يا هزال، لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا مما صنعت به! " (2) .
ز: هذا الإسناد صالحٌ.
وهشام بن سعد: روى له مسلمٌ (3) ، وقد تُكلِّم فيه من قبل حفظه.
ويزيد بن نعيم: روى له مسلمٌ أيضًا (4) ، وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (5) .
وأبوه نعيم بن هزال مختلف في صحبته، فإن لم تثبت صحبته فآخر هذا الحديث مرسلٌ، وقد ذكره ابن حِبَّان في "الثقات" أيضًا (6) .
وقد روى النَّسائيُّ حديث هزال من غير وجه عن يزيد (7) ، وفي إسناده
__________
(1) في " النهاية ": (5/205) : (وَضِيفُ البَعِير: خُفُّه، وهو له كالحافر للفرس) .
(2) "المسند": (5/216-217) .
(3) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/318- رقم: 1782) .
(4) المصدر السابق: (2/365- رقم: 1889) .
(5) "الثقات": (5/548) .
(6) "الثقات": (3/414) .
(7) "السنن الكبرى": (4/290، 305، 306- 307- الأرقام: 7205، 7274، 7278- 7280) .(4/535)
اختلاف، والله أعلم O.
2980- الطريق السابع: قال أحمد: وحدَّثنا أبو نعيم ثنا بشير بن المهاجر قال: حدَّثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ جاءه رجل يقال له ماعز بن مالك، فقال: يا نبيَّ الله، إنِّي قد
زنيت، وأنا أريد أن تطهِّرني. فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارجع ". فلمَّا كان من الغد أتاه أيضًا، فاعترف عنده بالزِّنا، فقال له: " ارجع ". ثم عاد إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثالثة، فاعترف عنده بالزِّنا، ثم رجع الرابعة، فاعترف عنده بالزِّنا، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحُفر له حفرة، فجُعل فيها إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه، قال بريدة: كنَّا نتحدث أصحاب نبيِّ الله بيننا: أنَّ ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرَّات= لم يطلبه، وإنَّما رجمه عند الرابعة (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
ز: بشير بن المهاجر: وثَّقه ابن معين (2) ، وقال أحمد: منكر (3) الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب (4) . وقال البخاريُّ: يخالف في بعض حديثه (5) O.
__________
(1) "المسند": (5/347) باختصار.
(2) " معرفة الرجال " برواية ابن محرز: (1/97- رقم: 397) ؛ "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/378- رقم: 1472) من رواية إسحاق بن منصور.
(3) (منكر) سقطت من (ب) .
(4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/378- رقم: 1472) من رواية الأثرم.
(5) "التاريخ الكبير": (2/101- 102- رقم: 1839) وفيه: (حدَّثنا خلاد قال: ثنا بشير بن المهاجر قال: سمعت عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: رأس مائة سنة يبعث الله ريحًا باردة يقبض فيها روح كل مسلم.
قال أبو عبد الله: يخالف في بعض حديثه هذا) ا. هـ(4/536)
2981- الطريق الثامن: قال البخاريُّ: حدَّثنا سعيد بن عفير قال: حدَّثني الليث قال: حدَّثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن ابن المسيَّب عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل من أسلم وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله، إن الآخر قد زنا. فأعرض عنه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتنحَّى لشقِّ وجهه
الذي أعرض قبله، فقال: يا رسول الله، إنِّي قد زنيت فأعرض عنه، فجاء لشقِّ وجه النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " أبك جنون؟ ". قال: لا، يا رسول الله. قال: " أحصنت؟ ". قال: نعم، يا رسول الله. قال: " اذهبوا به فارجموه " (1) .
أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في "الصحيحين" (2) .
2982- الطريق التاسع: قال الترمذيُّ: حدَّثنا أبو كريب ثنا عَبْدة بن سليمان عن محمَّد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال: جاء ماعز الأسلميُّ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إنَّه قد زنا. فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال: إنَّه قد زنا. فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال: يا رسول الله، إنَّه قد زنا. فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر (3) ، فقال: يا رسول الله، قد زنى. فأمر به- في الرابعة- فأخرج إلى الحرَّة، ورجم
بالحجارة، فلما وجد مسَّ الحجارة، فرّ يشتدُّ، حتَّى مرَّ برجل معه لَحْي جمل (4) ، فضربه به، وضربه الناس حتَّى مات، فذكروا ذلك لرسول الله
__________
(1) "صحيح البخاري": (8/429) ؛ (فتح- 12/136- رقم: 6825) .
(2) "صحيح مسلم": (5/116) ؛ (فؤاد- 3/1318- رقم: 1691) .
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3) ذكر المرة الرابعة سقط من (ب) .
(4) في " تحفة الأحوذي ": (4/694) : (بفتح اللام وسكون الحاء المهملة، أي: عظم ذقنه، وهو الذي ينبت عليه الأسنان) اهـ وانظر: " المصباح المنير ": (551) .(4/537)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنَّه فرَّ حين وجد مسَّ الحجارة، ومسَّ الموت، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"هلا تركتموه؟! " (1) .
ز: قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ.
قال: وروي عن أبي سلمة عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا.
ورواه النَّسائيُّ عن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون عن محمَّد بن عمرو به (2) ، ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبَّاد بن العوَّام عن محمَّد بنحوه (3) .
وقد روي حديث ماعز من طرقٍ صحيحةٍ غير الذي (4) ذكرها المؤلِّف، من حديث أبي سعيد وجابر وغيرهما، والله أعلم (5) O.
احتجُّوا:
بحديث العسيف، وقوله: " واغد يا أنيس على امرأة هذا، فان اعترفت فارجمها".
وقد ذكرناه بإسناده في المطاوعة، في كتاب الصوم (6) ووجه احتجاجهم به: أنَّه لم يشترط الأربع.
__________
(1) "الجامع": (3/98- رقم: 1428) .
(2) "السنن الكبرى": (4/290- رقم: 7204) .
(3) "سنن ابن ماجة": (2/854- رقم: 2554) .
(4) كذا بالأصل و (ب) .
(5) في هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(6) برقم: (1732) .(4/538)
وجوابه:
أنَّ المعنى: إن اعترفت الاعتراف المعلوم بالتردُّد.
*****
مسألة (717) : إذا أقرَّ بالزنا، ثم رجع عنه، سقط الحدُّ، خلافًا لداود، وإحدى الروايتين عن مالك.
لنا:
حديث أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه لما أخبر أنَّ ماعزًا فرَّ حين رجم، قال: " هلا تركتموه؟ ".
وقد سبق بإسناده (1) .
*****
مسألة (718) : للسَّيِّد إقامة الحدِّ على رقيقه، خلافًا لأبي حنيفة.
لنا ثلاثة أحاديث:
2983- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبيِّ عن أبي جميلة الطُّهَويِّ عن عليٍّ أنَّ خادمًا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدثت، فأمرني النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقيم عليها الحدَّ، فأتيتها، فوجدتها لم تجفّ من
__________
(1) رقم: (2982) .(4/539)
دمها، فأتيته، فأخبرته، فقال: " إذا جفَّت من دمها فأقم عليها الحدَّ، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " (1) .
2984- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: حدَّثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو خالد الأحمر ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثًا، فإن عادت فليبعها ولو بحبل من شعر" (2) .
قال الترمذيُّ: الحديثان صحيحان (3) .
ز: الحديث الأوَّل: رواه أبو داود عن محمَّد بن كثير عن إسرائيل عن عبد الأعلى (4) .
ورواه النَّسائيُّ من رواية سفيان وغيره عن عبد الأعلى (5) ، وهو: ابن عامر الثعلبيُّ- بالثاء المثلثة، والعين المهملة-، وقد ضعَّفه أحمد (6) وغيره، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (7) .
2985- وقال مسلمٌ في "صحيحه": ثنا محمَّد بن أبي بكر المقدميُّ ثنا
__________
(1) "المسند": (1/95) .
وفي هامش الأصل: (..... وقد وثق) لم يظهر أول العبارة، ولعلها جملة تتعلق بأبي جميلة الطهوي، واسمه: ميسرة بن يعقوب، ذكره ابن حبان في " ثقاته ": (5/427) .
(2) "الجامع": (3/110- رقم: 1440) .
(3) انظر ما يأتي في كلام المنقح.
(4) "سنن أبي داود": (5/117- رقم: 4468) .
(5) "السنن الكبرى": (4/304- الأرقام: 7267- 7269) .
(6) "العلل" برواية عبد الله: (1/394- رقم: 787) .
(7) "السنن الكبرى": (4/304- رقم: 7269) ؛ "الضعفاء": (ص: 154- رقم: 381) وفيهما: (ليس بذاك القوي) .(4/540)
سليمان أبو داود ثنا زائدة عن السُّدِّيِّ عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال: خطب عليٌّ رضي الله عنه، فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحدَّ، من أحصن منهم، ومن لم يحصن، فإنَّ أمةً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت- إن أنا جلدتها- أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " أحسنت ".
قال: وحدَّثناه إسحاق بن إبراهيم أنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن السُّدِّيِّ بهذا الإسناد، ولم يذكر: (من أحصن منهم، ومن لم يحصن) ، وزاد في الحديث: (اتركها حتَّى تماثل) (1) .
وقد روى هذا الحديث: الترمذيُّ عن الحسن بن عليٍّ الخلال عن أبي داود الطيالسيِّ، وصحَّحه (2) ، ولم يصحَّح حديث عبد الأعلى، ولا رواه، والله أعلم.
والحديث الثاني: رواه النَّسائيُّ عن أبي سعيد الأشج أيضًا (3) ، ورواه من حديث الثوريِّ، ومن حديث أبي خالد عن الأعمش، كلاهما عن حبيب ابن أبي ثابت عن أبي صالح به (4) .
ورواه سعيد بن أبي سعيد الجرحانيُّ عن سفيان عن الأعمش عن حبيب (5) O.
2986- الحديث الثالث: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان ثنا الزهريُّ
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/125) ؛ (فؤاد- 3/1330- رقم: 1705) .
(2) "الجامع": (3/111- 112- رقم: 1441) .
(3) "السنن الكبرى": (4/299- رقم: 7243) .
(4) "السنن الكبرى": (4/299- الأرقام: 7240- 7242) .
(5) "تحفة الأشراف" للمزي: (9/342- رقم: 12312) .(4/541)
عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهنيِّ وشبل قالوا: سئل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الأمة تزني قبل أن تحصن، قال: " اجلدوها، فإن عادت فاجلدوها، فان عادت فاجلدوها، فإن عادت فبيعوها ولو بضفير " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
*****
مسألة (719) : حدُّ شارب الخمر ثمانون.
وعنه: أربعون.
2987- قال الترمذيُّ: حدَّثنا محمَّد بن بشَّار ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدِّث عن أنس (3) عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه أُتي برجل قد شرب الخمر، فضربه بجريدتين نحو الأربعين، وفعله أبو بكر، فلمَّا كان عمر، استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخفُّ الحدود ثمانون.
فأمر به عمر (4) .
هذا حديثٌ صحيحٌ.
وربَّما اعترضوا فقالوا: إذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ضرب نحوا من
__________
(1) "المسند": (4/116) .
(2) "صحيح البخاري": (3/641) ؛ (فتح- 5/178- رقم: 2555) .
"صحيح مسلم": (5/124) ؛ (فؤاد- 3/1339- رقم: 1704) .
وفي هامش الأصل: (حـ: ليس في "الصحيحين" ذكر شبل) .
(3) (عن أنس) سقط من (ب) .
(4) "الجامع": (3/113- رقم: 1443) وقال: حديث حسن صحيح.(4/542)
أربعين، فكيف يجوز التجاوز؟!
قلنا: إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحدِّ في ذلك حدًّا، ولو حدَّه ما تجاوز به الصحابة، وإنَّما ضرب تأديبًا وعقوبة، فبلغ الضرب نحو أربعين (1) ، فلما فهمت الصحابة أنَّ المقصود الزجر ألحقوه بأخفِّ الحدود.
وهذا مذهب عمر وعثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير.
ز: حديث أنس هذا: مخرَّجٌ في "الصحيحين" من حديث شعبة وغيره عن قتادة (2) .
2988- وقال مسلمٌ في " الصحيح ": حدَّثني محمَّد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا سفيان الثوريُّ عن أبي حَصين عن عمير بن سعيد عن عليٍّ قال: ما كنت أقيم على أحد حدًّا، فيموت فيه، فأجد منه في نفسي، إلا
صاحب الخمر، لأنَّه إن مات وديته، لأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَسُنّه (3) .
وقد رواه البخاريُّ من حديث سفيان (4) .
2989- وقال الطحاويُّ: ثنا سليمان بن شعيب ثنا الخَصِيب بن ناصح ثنا عبد العزيز بن مسلم عن مطرِّمف عن عمير بن سعيد النخعيِّ قال: قال عليٌّ: من شرب الخمر، فجلدناه، فمات، وديناه، لأنَّه شيءٌ صنعناه (5) .
__________
(1) (نحو أربعين) سقط من (ب) .
(2) "صحيح البخاري": (8/418) ؛ (فتح- 12/63- رقم: 6773) .
"صحيح مسلم": (5/125- 126) ؛ (فؤاد- 3/1330- 1331- رقم: 1706) .
(3) "صحيح مسلم": (5/126) ؛ (فؤاد- 3/1332- رقم: 1707) .
(4) "صحيح البخاري": (8/419) ؛ (فتح- 12/66- رقم: 6778) .
(5) " شرح معاني الآثار ": (3/153) .(4/543)
وقد حكى الطحاويُّ إجماع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الثمانين.
2990- وروى- بإسناد غريب لا يثبت- عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: " من شرب بسقة خمرٍ، فاجلدوه ثمانين " (1) O.
*****
مسألة (720) : يضرب في الحدود جميع البدن، ما عدا: الرأس، والوجه، والفرج.
وقال مالكٌ: يضرب الظهر وما يقاربه حسب.
2991- قال سعيد بن منصور: ثنا هشيم أنا ابن أبي ليلى عن عَديِّ بن ثابت قال: أخبرني هنيدة بن خالد الكنديُّ أنَّه شهد عليًّا عليه السلام (2) أقام على رجل حدًّا، فقال للجلاد: اضربه، وأعط كلَّ عضو منه حقَّه، واتَّق وجهه ومذاكيره (3) .
*****
مسألة (721) : لا يستوفى الحدُّ في دار الحرب.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: يستوفى.
__________
(1) المرجع السابق: (3/158) .
(2) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- بالتسيم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع.
(3) ومن طريقه البيهقي في "سننه": (8/327) .(4/544)
2992- قال الإمام أحمد: حدَّثنا الحسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عيَّاش بن عبَّاس عن شِيَيْم بن بَيْتَان عن جنادة بن أبي أميَّة أنَّه قال على المنبر برودس- حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس- فقال: إنَّه لم يمنعني
من قطعهما إلاَّ أنَّ بُسر بن أرطأة وجد رجلاً يسرق في الغزو، فجلده، ولم يقطع دوه، وقال: نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القطع في الغزو (1) .
2993- وقال سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن أبي بكر ابن أبي مريم عن حميد بن عقبة بن رومان عن أبي الدرداء أنَّه كان ينهى أن تقام الحدود على الرجل وهو غاز في سبيل الله حتَّى يقفل، مخافة أن تلحقه الحميَّة
فيلحق بالكفَّار (2) .
قال المصنِّف: ابن لهيعة و [إسماعيل] (3) بن عيَّاش ضعيفان.
ز: أمَّا الحديث الأوَّل: فلم ينفرد به ابن لهيعة، فلا معنى لتضعيفه، فقد رواه الإمام أحمد أيضًا عن عَتَّاب بن زياد عن عبد الله- وهو ابن المبارك- عن سعيد بن يزيد عن عيَّاش (4) .
ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن عيَّاش عن شِيَيْم ويزيد بن صُبْح الأصبحيِّ، كلاهما عن جنادة بنحوه (5) .
__________
(1) "المسند": (1/181) .
(2) " سنن سعيد بن منصور ": (2/3/196- رقم: 2499) .
(3) زيادة من (ب) .
(4) "المسند": (4/181) .
(5) "سنن أبي داود": (5/87- رقم: 4408) .(4/545)
ورواه الترمذيُّ عن قتيبة عن ابن لهيعة، وقال: غريبٌ، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا (1) .
ورواه النَّسائيُّ من رواية حيوة عن عيَّاش عن جنادة، ولم يذكر بين عيَّاش وجنادة أحدًا (2) .
وبُسر هو: ابن أرطأة، ويقال: ابن أبي أرطأة، القرشيُّ، العامريُّ، الشاميُّ، وقد اختلف في سماعه من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله أعلم.
وأمَّا حديث أبي الدرداء: ففيه: أبو بكر بن أبي مريم، وهو أضعف من إسماعيل بن عيَّاش.
وفيه: حميد بن عقبة، وليس بذاك المشهور، وهو: القرشيُّ، ويقال: الفلسطينيُّ، وقد ذكره البخاريُّ (3) وابن أبي حاتم (4) ، ولم يذكرا فيه جرحًا، والله أعلم O.
احتجُّوا:
2994- بما رواه أبو داود في " المراسيل "، قال: حدَّثنا هشام بن خالد الدمشقيُّ ثنا الحسن بن يحيى الخشنيُّ عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقيموا الحدود في الحضر والسفر، على القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم " (5) .
والجواب:
__________
(1) " سنن الترمذي ": (3/120- رقم: 1450) .
(2) "سنن النسائي": (8/91- رقم: 4979) .
(3) "التاريخ الكبير": (2/349- رقم: 2709) .
(4) "الجرح والتعديل": (3/226- رقم: 995) .
(5) " المراسيل ": (ص: 203- رقم: 241) .(4/546)
أنَّ زيد بن واقد ضعيفٌ.
ويحيى الخشنيُّ: ليس بشيء، قال يحيى بن معين: ليس بشيءٍ (1) .
وقال النَّسائيُّ: ليس بثقة (2) . وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ (3) .
ثم إنَّ مكحولاً لم يلق عبادة.
ثم نحمله على غير سفر الغزو.
ز: كلام المؤلِّف على هذا الحديث فيه نظرٌ، من وجوه: أحدها: تضعيفه زيد بن واقد، فإنَّ زيد بن واقد راوي هذا الحديث هو: الدمشقيُّ، وقد روى له البخاريُّفي "صحيحه" (4) ، ووثَّقه أحمد (5) وابن معين (6) ودحيم (7) والدَّارَقُطْنِيُّ (8) وغيرهم.
وأمَّا زيد بن واقد المتكلَّم فيه، فهو أبو علي السمتيُّ البصريُّ، نزيل الريِّ، روى عن حميد الطويل، قال أبو زرعة: ليس بشيءٍ. ووثَّقه أبو حاتم، وروى عنه، وقال: كان شيخًا فانيًا كبيرًا (9) .
__________
(1) "التاريخ" برواية الدوري: (4/467- رقم: 5329) .
(2) "الكامل" لابن عدي: (4/324- رقم: 456) .
(3) "الضعفاء": (ص: 194- رقم: 190) .
(4) "التعديل والتجريح" للباجي: (2/584- رقم: 389) .
(5) "تهذيب الكمال" للمزي: (10/109- رقم: 2130) من رواية الميموني.
(6) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 113- رقم: 341) .
(7) "تهذيب الكمال" للمزي: (10/109- رقم: 2130) .
(8) "الضعفاء": (ص: 286- رقم: 358) تحت ترجمة ابنه عبد الخالق.
(9) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/574- 575- رقم: 2602) ولم نر فيه توثيقًا صريحًا من أبي حاتم لزيد بن واقد هذا، ولكن نقل توثيقه أيضًا الذهبي في "الميزان": (2/106- رقم: 3029) ، وتعقبه الحافظ ابن حجر في "اللسان": (3/204- رقم: 3602) بقوله: (لم أر توثيقه) .(4/547)
الثاني: قوله: (ويحيى الخشنيُّ ليس بشيء) ، والصواب: الحسن بن يحيى الخشنيُّ.
الثالث: حكايته عن ابن معين تضعيفه، وعدم حكايته توثيق من وثَّقه، وقد وثَّقه ابن معين- في رواية (1) -، وقال دُحيم: لا بأس به (2) .
وقال أبو حاتم: صدوقٌ، سيء الحفظ (3) . وقال الحاكم أبو أحمد: ربَما يخطئ في الشيء (4) . وقال ابن عَدِيٍّ: هو ممن تحتمل رواياته (5) .
وقد قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن يحيى الخشنيُّ عن زيد بن واقد عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقيموا (6) الحدود في الحضر والسفر، على القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ".
فقال أبي: هذا حديث حسنٌ، إن كان محفوظًا (7) .
هكذا ذكره بزيادة: (جبير بن نفير) ، والله أعلم.
وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن عبادة:
2995- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو اليمان وإسحاق بن عيسى قالا: ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام- قال إسحاق الأعرج: عن المقدام بن معدي كرب الكنديِّ- أنه جلس مع عبادة بن
__________
(1) "الكامل" لابن عدي: (2/321- رقم: 456) من رواية ابن أبي مريم.
(2، 3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/44- رقم: 186) .
(4) "تهذيب الكمال" للمزي: (6/341- رقم: 1283) .
(5) "الكامل": (2/324- رقم: 456) .
(6) (أقيموا) سقطت من (ب) .
(7) "العلل": (1/453- رقم: 1360) .(4/548)
الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكنديِّ، فتذاكروا حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو الدرداء لعبادة: يا عبادة، كلمات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة كذا، في شأن الأخماس. فقال عبأدة- قال إسحاق في حديثه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بهم في غزوهم إل بعير من المقسم، فلم سلَّم، قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتناول وبرة بين أنملتيه، فقال: " إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا
نصيبي معكم، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدُّوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلُّوا، فإنَّ الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى، القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم، ينجي الله به من الغمِّ والهمِّ " (1) .
أبو بكر بن أبي مريم: ضعيفٌ، لكنَّه لم يتفرَّد بهذا الحديث، فقد روى نحوه عبد الله بن أحمد من رواية إسماعيل عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن سلام (2) ، وقد رواه عبد الله أيضًا من رواية القاسم بن الوليد عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عبأدة، ولفظه: " وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد، في الحضر والسفر، وأقيموا حدود الله تعالى في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم " (3) .
هكذا رواه بهذا اللفظ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "المسند": (5/316) .
(2) "المسند": (5/326) ، وجاء في المطبوع على أنه من رواية عبد الله عن أبيه، وهو خطأ، وهو على الصواب في ط. موسسة الرسالة: (37/435) ، و"إتحاف المهرة" لابن حجر: (6/430) .
(3) "المسند": (5/330) .(4/549)
مسائل التعزير
مسألة (722) : لا يبالغ بالتعزير أعلى الحدود.
وقال مالكٌ: يفعل الإمام ما يؤدِّيه إليه اجتهاده، وإن زاد على الحدِّ.
2996- قال الإمام أحمد: حدَّثنا هاشم وحجَّاج قالا: ثنا ليث بن سعد قال: حدَّثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار (1) عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يجلد فوق عشر جلدات، إلا في حدٍّ من حدود الله تعالى " (2) .
أخرجاه في "الصحيحين" (3) .
2997- وقد روى أصحابنا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من بلغ حدًّا في غير حدٍّ، فهو من المتعدِّين " (4) .
ز: حديث أبي بردة: انفرد به البخاريُّ من رواية الليث عن يزيد عن بكير به (5) .
ورواه مسلمٌ من رواية عمرو بن الحارث عن بكير عن سليمان عن
__________
(1) في "التحقيق": (بشار) خطأ.
(2) "المسند": (3/466) .
(3) سيأتي في كلام المنقح.
(4) عزاه ابن قدامة في "المغني": (12/526) الى الشالنجي.
(5) "صحيح البخاري": (8/437) ؛ (فتح- 12/175- 176- رقم: 6848) .(4/550)
عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة (1) ، وكذلك رواه البخاريُّ أيضًا (2) .
والحديث الذي رواه أصحابنا: لا يثبت، ولا يعرف له إسنادٌ موصولٌ صحيحٌ، وقد رواه أبو داود الطيالسيُّ مرسلاً، فقال:
2998- حدَّثنا مسعر عن الوليد عن الضحَّاك- هو ابن مزاحم- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بلغ حدًّا في غير حدٍّ، فهو من المتعدِّين ".
كذا رواه مرسلاً، قال البيهقيُّ: وهو المحفوظ (3) .
وقد رواه ابن ناجية في "فوائده" متصلاً، فقال:
2999- ثنا محمَّد بن حصين الأصبحيُّ ثنا عمر بن عليِّ المُقَدَّمِيُّ ثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بلغ حدًّا في غير حدٍّ، فهو من المعتدين " (4) . والله أعلم O.
*****
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/126) ؛ (فؤاد- 3/1332- رقم: 1708) .
(2) "صحيح البخاري": (8/438) ؛ (فتح- 12/176- رقم:6850) .
(3) "سنن البيهقي": (8/327) .
(4) ومن طريقه البيهقي في "سننه": (8/327) .(4/551)
مسائل السرقة
مسألة (723) : النصاب في السرقة ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو قيمة ثلاثة دراهم من العروض والأثمان، أصلٌ لا يقوَّم بعضها ببعض، وهو قول مالك.
وقال أبو حنيفة: النصاب دينار، أو عشرة دراهم، أو قيمة أحدهما من العروض.
وقال الشافعيُّ: ربع دينار، أو ما قيمته ربع دينار.
لنا ثلاثة أحاديث:
3000- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسماعيل ثنا أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع في مِجَنٍّ ثمنه ثلاثة دراهم (1) .
3001- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا سفيان قال: سمعت من الزهريِّ عن عَمْرة عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقطع في ربع دينار، فصاعدًا (2) .
الحديثان في "الصحيحين".
__________
(1) "المسند": (2/6) ؛ "صحيح البخاري": (8/422) ، (فتح- 12/97- رقم: 6795) ؛ "صحيح مسلم": (5/113) ، (فؤاد- 3/1313- رقم: 1686) .
(2) "المسند": (6/36) ؛ "صحيح البخاري": (8/421) ، (فتح- 12/96- رقم: 6789) ؛ "صحيح مسلم": (5/112) ، (فؤاد- 3/1312- رقم: 1684) .(4/552)
3002- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم ثنا محمَّد بن راشد عن يحيى بن يحيى الغسَّانيِّ عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عَمْرة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقطعوا في ربع الدينار، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ". قالت: وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم (1) .
ز: لم يخرجوه من حديث محمَّد بن راشد عن يحيى.
ويحيى: ثقةٌ.
ومحمَّد: مختلفٌ في توثيقه.
وقد رواه مسلمٌ من رواية يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي بكر بن محمَّد ابن عمرو بن حزم عن عَمْرة عن عائشة رضي الله عنها، ولفظه: " لا تُقطع يد سارقٍ إلا في ربع دينار، فصاعدًا " (2) O.
احتجُّوا بثلاثة أحاديث:
3003- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا ابن إدريس ثنا ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ قيمة المِجَنِّ كان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرة دراهم (3) .
3004- الحديث الثاني: أخبرنا محمَّد بن ناصر قال: أنا محمَّد بن أحمد ابن عبد الرزَّاق أنا أبو بكر بن الأخضر ثنا عمر بن شاهين ثنا أحمد بن محمَّد بن سليمان ثنا عمر بن شبَّة ثنا سلم بن قتيية ثنا زفر بن الهذيل ثنا الحجَّاج بن أرطأة
__________
(1) "المسند": (6/80- 81) .
(2) "صحيح مسلم": (5/112) ؛ (فؤاد- 3/1313- رقم: 1684) .
(3) "المسند": (2/180) .(4/553)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقطع السارق إلا في عشرة دراهم " (1) .
3005- الحديث الثالث: قال النَّسائيُّ: حدَّثنا محمَّد بن بشَّار ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن أيمن قال: لم تكن تقطع اليد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا في ثمن المِجَنِّ، وقيمته يومئذ دينار (2) .
قال المصنِّف: ابن إسحاق وسلم وزفر والحجَّاج كلُّهم ضعفاء.
وأمَّا حديث أيمن: فقد ذكرنا في الصِّحاح عن ابن عمر وعائشة ضدَّ هذا، وهما أعرف منه، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: أيمن تابعيٌّ لم يدرك زمان النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا الخلفاء بعده (3) .
ز: حديث ابن إسحاق عن عمرو: رواه النَّسائيُّ عن خلاد بن أسلم عن ابن إدريس (4) ، ورواه أيضًا عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمِّه عن أبيه عن ابن إسحاق عن عمرو عن عطاء عن ابن عبَّاس (5) .
3006- وروى أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة ومحمَّد بن أبي السري العسقلانيُّ كلاهما عن عبد الله بن نمير [عن محمَّد بن إسحاق عن أيوب بن موسى] (6) عن عطاء عن ابن عبَّاس أنُّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطح يد رجل في مِجَن، قيمته دينار، أو عشرة دراهم (7) .
__________
(1) " ناسخ الحديث ومنسوخه " لابن شاهين: (ص: 455- رقم: 609) .
(2) "سنن النسائي": (8/82- رقم: 4944) .
(3) "سنن الدارقطني": (3/194) .
(4) "سنن النسائي": (8/84- رقم: 4956) .
(5) المصدر السابق: (8/83- رقم: 4950) .
(6) سقطٌ استدرك من "سنن أبي داود".
(7) "سنن أبي داود": (5/77- رقم: 4387) .(4/554)
وروى النَّسائيُّ عن يحيى بن موسى البلخيِّ عن ابن نمير بإسناده: وكان ثمن المجن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوَّم عشرة دراهم.
ورواه عن محمَّد بن وهب عن محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق به مرسلاً، ليس فيه: ابن عبَّاس.
وعن حُميد بن مَسعدة عن سفيان بن حبيب عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قوله (1) .
3007- قال الطحاويُّ: حدَّثنا ابن مرزوق ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: كان قول عطاء على قول عمرو بن شعيب: لا تقطع اليد في أقلّ من عشرة دراهم (2) .
وأمَّا حديث الحجَّاج عن عمرو: فرواه الإمام أحمد في "المسند" عن نصر بن باب عنه، ولفظه: " لا قطع فيما دون عشرة دراهم " (3) .
ونصر: ليس بثقة. قاله ابن معين (4) ، وقال النَّسائيُّ: متروكٌ (5) .
وقال البخاريُّ: يرمونه بالكذب (6) .
وحجَّاج: مدلِّسٌ، ولم يسمع هذا الحديث من عمرو.
وأمَّا حديث أيمن: فقد اختلف في إسناده، كما ذكر ذلك النَّسائيُّ (7) ،
__________
(1) "سنن النسائي": (8/83- الأرقام: 4951- 4953) .
(2) " شرح معاني الآثار ": (3/167) .
(3) "المسند": (2/204) .
(4، 5) "الكامل" لابن عدي: (7/36- رقم: 1971) وكلام ابن معين من رواية الدورقي.
(6) "التاريخ الكبير": (8/106- رقم: 2357) ؛ "الضعفاء الصغير": (ص: 491- رقم: 372) .
(7) "سنن النسائي": (8/82- 85- الأرقام: 4943- 4953) ، و"السنن الكبرى": (4/341- الأرقام: 7429- 7435) .(4/555)
وقال في أيمن: ما أحسب أنَّ له صحبة (1) .
وقال أبو القاسم في " الأطراف ": أيمن هو: ابن عبيد بن عمرو، وهو ابن أمِّ أيمن (2) .
وقال غيره: إنَّما هو أيمن الحبشيُّ، والد عبد الواحد بن أيمن، وأمَّا ابن أمِّ أيمن- وهو أخو أسامة بن زيد لأمِّه- فإنَّه قتل يوم حنين، في عهد النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) .
3008- وقال الطحاويُّ: ثنا ابن أبي داود ثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّانيُّ ثنا شَرِيك عن منصور عن عطاء عن أيمن بن أمِّ أيمن عن أمِّ أيمن قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقطع يد السارق إلا في جحفة ". وقوِّمت يومئذ- على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دينارًا وعشرة دراهم (4) .
كذا رواه، وفيه نظرٌ، وقد رواه النَّسائيُّ من رواية شَرِيك، وليس فيه: عن أمِّ (5) أيمن، فقال:
3009- أخبرنا علي بن حُجْر ثنا شَرِيك عن منصور عن عطاء ومجاهد عن أيمن بن أمِّ أيمن رفعه، قال: " لا تقطع إلا في ثمن المِجَنِّ " وثمنه يومئذ دينار (6) .
__________
(1) "سنن النسائي": (8/84- رقم: 4953) ، و"السنن الكبرى": (4/343- رقم: 7440) .
(2) "تحفة الأشراف" للمزي: (2/11- رقم: 1749) .
(3) نقله المزي في "تهذيب الكمال": (3/452- رقم: 601) .
(4) كذا بالأصل و (ب) وفي " شرح المعاني ": (3/163) : (دينارًا أو عشرة دراهم) .
(5) في (ب) : (ابن أم) خطأ.
(6) "سنن النسائي": (8/83- رقم: 4948) .(4/556)
كذا رواه، والله أعلم.
وأمَّا تضعيف المؤلِّف لسَلْم بن قتيبة وزفر وابن إسحاق: ففيه نظرٌ، فإنَّ سَلْمًا روى له البخاريُّ في "صحيحه" (1) ، ووثَّقه أبو داود (2) وأبو زرعة (3) .
وزفر: وثَّقه غير واحد، قال أبو نعيم (4) ويحيى بن معين (5) : هو ثقةٌ مأمونٌ. مع أنَّه غير متفرِّد بالحديث عن حجَّاج.
وابن إسحاق: صدوقٌ، والمؤلِّف يحتجُّ به في غير موضع، والله أعلم O.
*****
مسألة (724) : يجب القطع على جاحد العاريَّة، خلافًا لأكثرهم.
3010- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن الزهريِّ عن عروة (6) عن عائشة قالت: كانت امرأة مخزوميَّة تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقطع يدها، فأتى أهلُها أسامةَ بن زيد، فكلَّموه، فكلَّم أسامةُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " يا أسامة، ألا أراك تكلِّمني في حدٍّ من حدود الله ". ثم قام النبيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطيبًا، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم بأنَّه إذا سرق فيهم الشريف
__________
(1) "التعديل والتجريح" للباجي: (3/1142- رقم: 1356) .
(2) " سؤالات الآجري ": (2/44- رقم: 1065) .
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/266- رقم: 1148) .
(4، 5) "التاريخ" برواية الدوري: (3/503- رقمي: 2459، 2460) ، وكلمة أبي نعيم عنده: (ثقة) ، ورواها ابن أبي حاتم في " الجرح ": (3/609- رقم: 2757) من طريقه، وعنده: (ثقة مأمون) .
(6) (عن عروة) سقط من "التحقيق".(4/557)
تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده، لو كانت فاطمة بنت محمَّد لقطعت يدها ". فقطع يد المخزوميَّة (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (2) .
3011- قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر قال: كانت مخزوميَّة تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقطع يدها (3) .
ز: حديث معمر عن أيُّوب هذا: رواه أبو داود (4) والنَّسائيُّ (5) من رواية عبد الرزَّاق عنه.
وقال البيهقيُّ- بعد أن تكلَّم على حديث المخزوميَّة-: وتقدير الخبر أنَّ امرأة مخزوميَّة كانت تستعير المتاع وتجحده- كما رواه معمر-= سرقت- كما رواه غيره-، فقطعت. يعني بالسرقة (6)
كذا قال، وفيه نظر، والله أعلم O.
*****
مسألة (725) : إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب من حرز، قطعوا.
__________
(1) "المسند": (6/162) .
(2) "صحيح مسلم": (5/115) ؛ (فؤاد- 3/1316- رقم: 1688) .
(3) "المسند": (2/151) .
(4) "سنن أبي داود": (5/82- رقم: 4395) .
(5) "سنن النسائي": (8/70- 71- رقمي: 4887- 4888) .
(6) "سنن البيهقي": (8/281) .(4/558)
وبه قال مالكٌ، إلاَّ أنَّه اشترط أن يخرجوا النصاب معًا، ويكون مما يحتاج إلى المعاونة فيه.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: لا قطع بحال.
3012- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
ولا يصحُّ هذا إلاَّ على قولنا، وهو أن يخرج كلُّ واحد بيضة أو حبلا.
ز: هذا الذي ذكره المؤلِّف هو أحد ما قيل في هذا الحديث.
وقيل: إن هذا من باب التدريج.
وقيل: إن المراد بالبيضة: بيضة السلاح، وبالحبل: ما يساوي نصابًا.
وقيل: المعنى أنه قد يسرق البيضة والحبل، فيقطعه بعض الولاة سياسة، لا قطعا جائزا شرعا.
وقيل غير ذلك، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "المسند": (2/253) .
(2) "صحيح البخاري": (8/420، 422- 423) ؛ (فتح- 12/81، 97- رقمي: 6783، 6799) .
"صحيح مسلم": (5/113) ؛ (فؤاد- 3/1314- رقم: 1687) .
وفي هامش الأصل: (في رواية البخاري: قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم) ا. هـ(4/559)
مسألة (726) : يجتمع الغرم مع القطع.
وقال أبو حنيفة: القطع ينفي الضمان.
وقال مالكٌ: إن كان السارق موسرًا كمذهبنا، وإن كان معسرًا فكمذهبهم.
لنا:
قوله عليه السلام: " على اليد ما أخذت حتَّى تؤدِّيه ".
وقد سبق بإسناده في كتاب البيوع، في مسألة الأجير المشترك (1) .
احتجُّوا:
3013- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا محمَّد بن إسحاق الصاغانيُّ ثنا سعيد بن عفير ثنا مفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن سعيد (2) بن إبراهيم عن أخيه مسور بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا غرم على السارق بعد قطع يمينه " (3) .
والجواب:
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: سعيد بن إبراهيم مجهولٌ، والمسور لم يدرك عبد الرحمن ابن عوف (4) . قال: ويروى من وجوه كلّها لا تثبت (5) .
__________
(1) بل في مسألة غصب الساجة برقم: (2500) .
(2) في "سنن الدارقطني": (سعد) ، وسينبه عليه المنقح.
(3) "سنن الدارقطني": (3/182) .
(4) " سنن الدارقطي ": (3/183) .
(5) ينظر: "العلل" للدارقطني: (4/294- 295- رقم: 575) .(4/560)
ز: كذا فيه: (عن سعيد بن إبراهيم) والمعروف: عن سعد.
ومسور بن عبد الرحمن: منسوب إلى جدِّه، وهو: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن.
وقد روى النَّسائيُّ هذا الحديث، فقال:
3014- أخبرنا عمرو بن منصور ثنا حسَّان بن عبد الله ثنا المفضَّل بن فضالة عن يونس بن يزيد قال: سمعت سعد بن إبراهيم يحدِّث عن المسور بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يغرم صاحب السرقة إذا أقيم عليه الحدُّ ".
قال النَّسائيُّ: هذا مرسلٌ، وليس بثابتٍ (1) .
وسعد بن إبراهيم هذا: قيل: إنَّه الزهريُّ، قاضي المدينة، وهو أحد الثقات الأثبات، لكن قال البيهقيُّ: لا نعرف له أخا معروفا بالرواية يقال له: المسور (2) .
وقيل: إنه غيره، قال ابن المنذر: سعد بن إبراهيم هذا مجهولٌ (3) .
وقال ابن أبي حاتم: مسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أخو صالح وسعد ابني إبراهيم، روى عن عبد الرحمن مرسلاً (4) .
__________
(1) "سنن النسائي": (8/92- 93- رقم: 4984) .
(2) "سنن البيهقي": (8/277) .
(3) "المغني" لابن قدامة: (12/454- المسألة رقم: 1586) .
وقال ابن المنذر في " الإشراف ": (2/312) : (لا يثبت حديث عبد الرحمن بن عوف) .
(4) "الجرح والتعديل": (8/298- رقم: 1369) .(4/561)
وقال ابن عبد البرِّ في هذا الحديث: ليس بالقويِّ (1) . والله أعلم O.
*****
مسألة (727) : إذا ملك السارق العن المسروقة- بجهة من جهات الملك- لم يسقط القطع، خلافًا لأبي حنيفة.
3015- قال الإمام أحمد: حدَّثنا روح أنا محمَّد بن أبي حفصة ثنا الزهريُّ عن صفوان بن (2) عبد الله بن صفوان عن أبيه (3) أنَّ صفوان بن أميَّة قال: بينا أنا راقد، إذ جاء السارق فأخذ ثوبي من تحت رأسي، فأدركته،
فأتيت به النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: إنَّ هذا سرق ثوبي. فأمر به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع.
قال: فقلت: يا رسول الله، ليس هذا أردت هو عليه صدقة. قال: " هلا قبل أن تأتيني به؟ " (4) .
3016- وروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ فقد وجب " (5) .
__________
(1) " الاستذكار ": (6/564- كتاب الحدود- الباب: 10) ، وفيه: (ليس بالقوي عندهم) .
(2) في (ب) : (عن) .
(3) (ابن صفوان عن أبيه) سقطت من طبعة "المسند" الميمنية، وهو على الصواب في طبعة مؤسسة الرسالة.
(4) "المسند": (6/465) .
(5) "سنن أبي داود": (5/72- رقم: 4376) .(4/562)
ز: حديث صفوان: صحيحٌ، وقد رواه الإمام أحمد أيضًا (1) ، وأبو داود (2) والنَّسائيُّ (3) وابن ماجة (4) من غير وجهٍ عنه.
وحديث ابن عمرو: إسناده حسنٌ، فإنَّه من رواية ابن جريج عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدِّه، وقد رواه النَّسائيُّ (5) أيضًا O.
*****
مسألة (728) : يجب القطع على النبَّاش، إذا بلغت قيمة الكفن نصابا، خلافًا لأبي حنيفة.
3017- وقد روى أصحابنا أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع نبَاشًا.
3018- وقال أبو بكر الأثرم: حدَّثنا أبو عبد الله أحمد بن حنبل عن أسود بن عامر عن إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن معاوية بن قُرَّة قال: يقطع.
3019- قال الأثرم: حدَّثني ابن الطبَّاع قال: ثنا [هشيم] (6) عن يونس عن الحسن وابن سيرين قالا: النبَّاش يقطع.
*****
__________
(1) "المسند": (3/401؛ 6/465- 466) .
(2) "سنن أبي داود": (5/81- 82- رقم: 4394) .
(3) "سنن النسائي": (8/69- 70- الأرقام: 4881، 4883- 4884) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/865- رقم: 2595) .
(5) "سنن النسائي": (8/70- رقمي: 4885، 4886) .
(6) في الأصل: (هشام) ، والتصويب من (ب) و"التحقيق".(4/563)
مسألة (729) : إذا سرق في المرَّة الثالثة، وما بعدها، لم يقطع، بل يحبس حتَّى يتوب، في أصحِّ الروايتين، وهو قول أبي حنيفة.
وفي الأخرى: تقطع في الثالثة (1) يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وهو قول مالكٍ والشافعيِّ.
3020- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن الحسن ثنا أحمد بن العبَّاس ثنا إسماعيل بن سعيد ثنا محمَّد بن الحسن عن أبي حنيفة ثنا عمرو بن مرَّة عن عبد الله بن سلمة عن عليٍّ رضي الله عنه قال: إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى، فإن عاد، قطعت رجله اليسرى، فإن عاد، ضمن السجن حتَّى يحدث خيرا، إني لأستحيى أن أدعه يعيش (2) . يعني بلا رجل ولا يد.
ز: 3021- قال سعيد: ثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبريِّ عن أبيه قال: حضرت عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه أُتي برجل مقطوع اليد والرجل، قد سرق، فقال لأصحابه: ما ترون في هذا؟ قالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين.
قال: قتلته إذا، وما عليه القتل؟! بأيِّ شيء يكل الطعام؟! بأيِّ شيء يتوضَّأ للصلاة؟! بأيِّ شيء يغتسل من جنابته؟! بأيِّ شيء يقوم على حاجته؟! فردَّه إلى السجن أيَّامًا، ثم أخرجه، فاستشار أصحابه، فقالوا مثل قولهم الأوَّل، وقال
لهم مثل ما قال أوَّل مرَّة، فجلده جلدًا شديدًا، ثم أرسله (3) .
3022- وقال سعيد: ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال: أتي عمر برجل أقطع اليد والرجل (4) ، قد سرق،
__________
(1) في هامش الأصل: (كذا: الثالثة) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/180) .
(3) أورده بإسناد سعيد بن منصور: ابن قدامة في "المغني": (12/447- المسألة رقم: 1582
(4) في (ب) : (الرجلين) .(4/564)
فأمر به عمر أن تقطع رجله، فقال عليٌّ: إنَّما قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً) الآية [المائدة: 33] ، وقد قطعت يد هذا ورجله، فلا ينبغي أن تقطع رجله، فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إمَّا أن تعزره، أو تستودعه السجن. فاستودعه السجن (1) O.
احتجُّوا:
3023- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاويُّ ثنا العبَّاس بن عبيد الله الرهاويُّ ثنا محمَّد بن يزيد بن سنان ثنا أبي ثنا هشام بن عروة عن محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: أُتي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسارق، فقطع يده، ثم أُتي به قد سرق، فقطع رجله، ثم أُتي به قد سرق، فقطع يده، ثم أُتي به قد سرق، فقطع رجله، ثم أُتي به قد سرق، فأمر به فقتل (2) .
3024- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن الحسن المقري ثنا أحمد بن العبَّاس ثنا إسماعيل بن سعيد أنا الواقديُّ عن ابن أبي ذئب عن خالد بن سلمة - أراه عن أبي سلمة- عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله " (3) .
3025- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عثمان بن أحمد ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهَّاب أنا خالد الحذَّاء عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: شهدت عمر ابن الخطاب قطع- بعد يد ورجل- يدًا (4) .
__________
(1) ومن طريقه البيهقي في "سننه": (8/274) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/180- 181) .
(3، 4) "سنن الدارقطني": (3/181) .(4/565)
والجواب:
أمَّا حديث جابر، فقال الدَّارَقُطْنِيُّ: محمَّد بن يزيد ضعيفٌ (1) .
وأمَّا حديث أبي هريرة: فقال أحمد: الواقديُّ كذَّابٌ (2) .
ثم الحديثان محمولان على أنَّ ذلك كان قبل أن تشرع الحدود، ولهذا أمر بقتله.
وابن عمر معارضٌ بما روينا عن عليٍّ.
ز: حديث هشام عن ابن المنكدر: لم يخرجوه، وقد روي نحوه من وجه آخر عن ابن المنكدر:
3026- قال النَّسائيُّ: أنا محمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ثنا جدِّي ثنا مصعب بن ثابت عن محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: جيء بسارق إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " اقتلوه ". فقال: يا رسول الله، إنَّما سرق.
قال: " اقطعوه ". فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: " اقتلوه ". فقالوا: يا رسول الله، إنَّما سرق. قال: " اقطعوه ". فأتي به الثالثة، قال: " اقتلوه ".
قالوا: يا رسول الله، إنَّما سرق. قال: " اقطعوه ". [فأتي به الرابعة، قال: " اقتلوه ". قالوا: يا رسول الله، إنَّما سرق. قال: " اقطعوه ".] (3) فأتي به الخامسة، قال: " اقتلوه ". قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النعم، ثم حملناه
فاستلقى على ظهره، ثم كسر بيده (4) ورجله (5) ، فانصدعت الإبل، ثم حملوا
__________
(1) "سنن الدارقطني": (1/172) .
(2) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (4/108 - رقم: 1666) .
(3) سقط من الأصل، واستدرك من (ب) .
(4) في (ب) : (يده) .
(5) كذا بالأصل و (ب) ، وفي "سنن النسائي": (ثم كشَّر بيديه ورجليه) وعلق عليه السندي=(4/566)
عليه الثانية، ففعل مثل ذلك، ثم حملوا عليه الثالثة، فرميناه بالحجارة، فقتلناه، ثم ألقيناه في بئر، ثم رميناه بالحجارة (1) .
ورواه أبو داود أيضًا عن شيخ النسائيِّ (2) .
وقال النَّسائيُّ: هذا حديثٌ منكرٌ، ومصعب بن ثابت ليس بقويٍّ في الحديث.
وقد روى النَّسائيُّ أيضًا نحوه من حديث حمَّاد بن سلمة عن أبي يعقوب يوسف بن سعد عن الحارث بن حاطب الجمحيِّ، وفيه: ثم سرق على عهد أبي بكر حتَّى قطعت قواثمه كلُّها، ثم سوق الخامسة، فدفعه إلى فتية من قريش
ليقتلوه ... الحديث (3) .
وحديث خالد بن سلمة عن أبي سلمة: لم يخرجوه، والله أعلم O.
مسألة (730) : يسقط حدُّ الزنا والسرقة والشرب بالتوبة.
وعنه: لا يسقط كقول أبي حنيفة ومالكٍ.
__________
= بقوله: (قيل: هكذا في النسخ، والكشر ظهور الأسنان للضحك وليس له كثير معنى ههنا، وفي الكبرى: " كسر " بالمهملة وصحح عليه، وليس له كثير معنى، وقد جاء كشيش الأفعى- بشينين معجمتين بلا راء- بمعنى صوت جلدها إذا تحركت يقال: كشت تكش.
وهذا المعنى صحيح هنا لو ساعدته رواية. قلت: وقوع تحريف قليل من الناسخ غير بعيد والله تعالى أعلم) اهـ
وفي " جامع الأصول ": (3/572) : (ثم كش بيديه ورجليه) ولم يتكلم عليها بشيء.
(1) "سنن النسائي": (8/90- 91- رقم: 4978) .
(2) "سنن أبي داود": (5/88- 89- رقم: 4410) .
(3) "سنن النسائي": (8/89- 90- رقم: 4977) .(4/567)
وعن الشافعيِّ كالمذهبين.
3027- أنبأنا أحمد بن أحمد المتوكليُّ -وثنا عنه ابن ناصر- قال: أبنا أبو بكر أحمد بن عليِّ بن ثابت أنا أبو سعيد محمَّد بن موسى الصيرفيُّ أنا أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله الأصبهانيُّ ثنا عبد الله بن محمَّد القرشيُّ (1) ثنا أحمد
ابن بديل ثنا سلم بن سالم ثنا سعيد الحمصيُّ عن عاصم الجذاميُّ عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التائب من الذانب كمن لا ذنب له " (2) .
ز: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به.
وعاصم: ليس بالمشهور.
وقوله: (الجذامي) خطأٌ، والصواب: الحُدَّاني (3) .
وسعيد الحمصيُّ هو: ابن عبد الجبَّار، وكان جرير يكذِّبه. قاله قتيبة (4) ، وقال ابن المدينيِّ: لم يكن بشيء (5) . وقال النَّسائيُّ: ليس بثقة (6) .
وسلم بن سالم هو: أبو محمَّد البلخيُّ، وقد كذَّبه ابن المبارك. قاله الحاكم (7) ، وقال ابن معين: ليس بشيء (8) . وقال السعديُّ: غير ثقةٍ (9) .
__________
(1) هو ابن أبي الدنيا.
(2) ومن طريق الخطيب رواه ابن عساكر أيضًا في " التوبة ": (ص: 66- رقم: 9) ، وهو عند ابن أبي الدنيا في " التوبة ".
(3) وهكذا وقع في "سنن البيهقي": (10/154) .
(4) "التاريخ الكبير" للبخاري: (3/495- رقم: 1653) .
(5) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (2/111- رقم: 585) .
(6) "الضعفاء": (ص: 119- رقم: 266) .
(7) " المدخل إلى الصحيح ": (1/190- رقم: 75) .
(8) "التاريخ" برواية الدوري: (4/356- رقم: 4756) .
(9) " الشجرة في أحوال الرجال ": (ص: 352- رقم: 390) .(4/568)
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: منكر الحديث (1) .
وقد ذكر البيهقيُّ هذا الحديث بهذا الإسناد، ثم قال: هذا إسناد فيه ضعيف (2) .
قال: وقد روي من أوجه ضعيفة (3) O.
*****
مسألة (731) : المرتدة تقتل، خلافًا لأبي حنيفة.
لنا ثلاثة أحاديث:
الحديث الأوَّل: قوله عليه السلام: " من بدَّل دينه فاقتلوه ".
وقد سبق بإسناده في مسألة انتقال الذميِّ إلى غير دينه (4) .
3028- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا إبراهيم بن محمَّد بن عليِّ بن بطحا ثنا نجيح بن إبراهيم الزهريُّ ثنا معمر بن بكار السعديُّ ثنا إبراهيم ابن سعد عن الزهريِّ عن محمَّد بن المنكدر عن جابر أنَّ امرأة- يقال لها: أم
رومان (5) - ارتدَّت عن الإسلام، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعرض عليها الإسلام،
__________
(1) "الضعفاء" لابن الجوزي: (2/9- رقم: 1471) ، وقد ذكره الدارقطني في "الضعفاء": (ص: 232- رقم: 262) وليس فيه عبارة: (منكر الحديث) .
(2) في مطبوعة "سنن البيهقي": (فيه ضعف) .
(3) "سنن البيهقي": (10/154) .
(4) رقم: (2938) .
(5) في "التحقيق": (أم مروان) !(4/569)
فإن رجعت، وإلا قتلت (1) .
3029- طريق آخر: وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثني محمَّد بن عبد الله بن موسى البزَّاز ثنا أحمد بن يحيى بن زكير (2) ثنا جعفر بن أحمد بن سلم العبديُّ ثنا الخليل بن ميمون الكنديُّ ثنا [عبد الله] (3) بن أذينة عن هشام بن الغاز عن
محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: ارتدَّت امرأة عن الإسلام، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعرضوا عليها الإسلام، فان أسلمت، وإلا قتلت، فعرض عليها الإسلام، فأبت أن تسلم، ققتلت (4) .
ز: هذا الحديث لم يخرجوه من الطريقين، وهو غير ثابت.
ومعمر بن بكار- في الطريق الأوَّل-: قال العقيليُّ: في حديثه وهمٌ (5) . وذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا، وذكر أنَّ سلمة بن شبيب ونجيح بن إبراهيم القرشيَّ الكوفيَّ رويا عنه (6) .
والطريق الثاني: مظلمٌ.
وعبد الله بن أذينة: قال ابن حِبَّان: يروي عن ثور بن يزيد ما ليس من حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحالٍ (7) O.
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/118- 119) .
(2) في هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3) في الأصل و (ب) : (محمَّد) ، والتصويب من "التحقيق" و"سنن الدارقطني"، وهو عبد الله بن عطارد بن أذينة الطائي.
(4) "سنن الدارقطني": (3/119) .
(5) "الضعفاء الكبير": (4/207- رقم: 1792) .
(6) "الجرح والتعديل": (8/259- رقم: 1174) .
(7) "المجروحون": (2/18) .(4/570)
3030- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمَّد بن الحسين ابن حاتم الطويل ثنا محمَّد بن عبد الرحمن بن يونس السرَّاج ثنا محمَّد بن إسماعيل ابن عيَّاش ثنا أبي ثنا محمَّد بن عبد الملك الأنصاريُّ عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: ارتدَّت امرأة يوم أحد، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تستتاب، فإن تابت، وإلا قتلت (1) .
ز: هذا الإسناد أيضًا لا يثبت، ولم يخرجوه.
ومحمَّد بن عبد الملك هذا: أجمعوا على ضعفه، وقال البخاريُّ: منكر الحديث (2) . وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث (3) O.
احتجُّوا:
3031- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا عبد الصمد بن عليٍّ ثنا عبد الله بن عيسى الجزريُّ ثنا عفَّان ثنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عبَّاس قال: قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقتل المرأة إذا ارتدَّت ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يصحُّ هذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وعبد الله بن عيسى هذا كذَّابٌ، يضع الأحاديث على عفَّان وغيره (4) .
ز: قد روي هذا من وجه آخر عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه، وليس بثابتٍ أيضًا.
قال الإمام أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ قال: سألت
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/118) .
(2) "التاريخ الكبير": (1/164- رقم: 487) .
(3) "الضعفاء": (ص: 205- رقم: 527) .
(4) "سنن الدارقطني": (3/117- 118) .(4/571)
سفيان عن حديث عاصم في المرتدَّة، فقال: أمَّا من ثقة فلا (1) O.
*****
__________
(1) " المعرفة والتاريخ " للفسوي: (3/14) .(4/572)
مسائل الصول
مسألة (732) : ما أتلفته البهائم نهارًا، فلا ضمان على صاحبها، إذا لم يكن معها؛ وما أتلفته ليلاً، فضمانه عليه.
وقال أبو حنيفة: لا يضمن، إلا أن يكون معها قائد أو سائق أو راكب، أو يكون قد أرسلها.
3032- قال الإمام أحمد: حدَّثنا محمَّد بن مصعب ثنا الأوزاعيُّ عن الزهريِّ عن حرام بن مُحَيِّصة عن البراء بن عازب أنَّه كانت له ناقة ضارية، فدخلت حائطًا، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنَّ حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأنَّ حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأنَّ ما أصابت الماشية بالليل فهو على أهلها (1) .
ز: رواه أبو داود عن محمود بن خالد عن الفريابيِّ عن الأوزاعيِّ (2) ، ورواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عثمان عن الوليد عن الأوزاعيِّ (3) .
وقد رواه معمر وغيره عن الزهريِّ، وفي إسناده اختلافٌ.
وقد أخرجه ابن حِبَّان من حديث معمر (4) .
__________
(1) "المسند": (4/295) .
(2) "سنن أبي داود": (4/205- رقم: 3565) .
(3) "السنن الكبرى": (3/411- رقم: 5785) .
(4) "الإحسان"لابن بلبان: (13/354- رقم: 6008) ،وفيه: (عن حرام بن محيصة عن أبيه أن ناقة للبراء بن عازب) .(4/573)
وقال الطحاويُّ في هذا الحديث: وإن كان منقطعًا لا تقوم بمثله عند المحتجِّ به علينا حجَّة، لأنَّه وإن كان الأوزاعيُّ قد وصله، فإنَّ مالكًا والأثبات من أصحاب الزهريِّ قد قطعوه (1) .
وقال ابن عبد البرِّ: وإن كان هذا مرسلاً، فهو مشهورٌ، حدَّث به الأئمة الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز بالقبول (2) O.
*****
مسألة (733) : ما أتلفته البهيمة برجلها، وصاحبها راكبها، لا يضمنه.
وقال مالكٌ: لا يضمن سواء أتلفت بيدها أو رجلها، إذا لم يكن من جهة من هو معها سببٌ.
وقال الشافعيُّ: يضمن ما جنت بيدها ورجلها.
3033- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن همَّام بن منبِّه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " العجماء جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار " (3) .
__________
(1) " شرح معاني الآثار ": (3/204) .
(2) "التمهيد": (11/82) وفي مطبوعته: (وإن كان مرسلاً فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة، وحدث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقوه بالقبول) .
(3) "المسند": (2/319) ، وهو آخر حديث في صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة من رواية عبد الرزاق عن معمر.(4/574)
3034- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد بن عبد العزيز ثنا داود بن رشيد ثنا عبَّاد بن العوَّام عن سفيان بن حسين عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرِّجل جبار " (1) .
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يُتابَع سفيان بن حسين على قوله: (الرِّجل جبار) ، وهو وهمٌ، لأنَّ الثقات خالفوه، مثل أبي صالح السمَّان وعبد الرحمن الأعرج ومحمَّد بن سيرين ومحمَّد بن زياد وغيرهم، ولم يذكروا: (الرِّجل) ، وهو
المحفوظ عن أبي هريرة (2) .
وقد روى آدم عن شعبة عن محمَّد بن زياد عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرِّجل جبار ". ولم يروه عن شعبة غير آدم (3) .
قال المصنِّف: العجماء: البهيمة، والجبار: الهدر، والمراد بالرِّجل: ما جنت البهيمة برجلها.
ز: حديث همَّام عن أبي هريرة: صحيحٌ على شرط "الصحيحين".
وحديث سفيان بن حسين عن الزهريِّ: رواه أبو داود (4)
والنَّسائيُّ (5) ، وقد رواه مالكٌ والليث وابن جريج وعُقيل وابن عيينة وغيرهم عن الزهريِّ، فلم يذكر أحدٌ منهم: (الرِّجل) .
وقال يحيى بن معين: سفيان بن حسين ثقةٌ، وهو ضعيف الحديث عن الزهريِّ (6) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (3/152) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/152) بتصرف.
(3) انظر: "سنن الدارقطني": (3/154) .
(4) "سنن أبي داود": (5/178- رقم: 4580) .
(5) "السنن الكبرى": (3/412- رقم: 5788) .
(6) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 45- رقم: 19) .(4/575)
وحديث آدم عن شعبة: رواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن محمَّد بن إسماعيل الفارسيِّ عن جعفر القلانسيِّ عنه (1) ، وقال: وهو وهمٌ، ولم يتابعه عليه أحدٌ عن شعبة (2) O.
*****
مسألة (734) : إذا عضَّ يدَ إنسانٍ، فانتزعها من فيه، فسقطت أسنانه، فلا ضمان عليه.
وقال مالكٌ: يلزمه الضمان.
لنا حديثان:
3035- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا حجَّاج قال: حدَّثني شعبة قال: سمعت قتادة قال: سمعت زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: قاتل يعلى بن أميَّة رجلاً، فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فيه، فانتزع ثنيته، فاختصما إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " يعضُّ أحدكم أخاه كما يعضّ الفحل! لا دية له " (3) .
3036- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: أخبرني صفوان بن يعلى بن أميَّة عن أبيه قال:
__________
(1) " سنن الدارقطنى ": (3/154) .
(2) في مطبوعة "سنن الدارقطني": (لم يروه عن شعبة غير آدم) دون التصريح بتوهيمه، وقد نقل عنه هذه العبارة بحروفها البيهقي في "سننه": (8/343) .
(3) "المسند": (4/427) ؛ "صحيح البخاري": (9/449) ، (فتح- 12/219- رقم: 6892) ؛ "صحيح مسلم": (5/104) ، (فؤاد- 3/1300- رقم: 1673) .(4/576)
قاتل أجيري رجلاً، فعضَّ يده، فنزع يده من فيه، فأندر ثنيته، فأتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأهدره، وقال: " فيدع يده في فيك، تقضمها كما يقضمها الفحل؟! " (1) .
الحديثان في "الصحيحين".
*****
مسألة (735) : إذا اطَّلع في بيت إنسان على أهله، فله أن يرمي عينه، فإن فقأها فلا ضمان عليه.
وقال أبو حنيفة: يلزمه الضمان.
لنا ثلاثة أحاديث:
3037- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن الزهريِّ عن سهل بن سعد قال: اطَّلع رجل من جحر في حجرة النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعه مِدْرًى يحك به رأسه، فقال: " لو أعلمك تنظر لطعنت به في عينك، إنَّما جعل الاستئذان من أجل البصر " (2) .
3038- الحديث الثاني: قال البخاريُّ: حدَّثنا مسدَّد ثنا حمَّاد بن زيد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك أنَّ رجلاً اطَّلع من بعض حجر النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
__________
(1) "المسند": (4/222) ؛ "صحيح البخاري": (3/560- 561) ، (فتح- 4/443 - رقم: 2265) ؛ "صحيح مسلم": (5/105) ، (فؤاد- 3/1301- رقم: 1674) .
(2) "المسند": (5/330) ؛ "صحيح البخاري": (8/288) ، (فتح- 11/24- رقم: 6241) ؛ "صحيح مسلم": (6/181) ، (فؤاد- 3/1698- رقم: 2156) .(4/577)
فقام النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص أو بمشاقص، فكأني أنظر إليه يَخْتِل الرجل ليطعنه (1) .
الحديثان في "الصحيحين".
والمشقص: سهم عريض النصل، ويَخْتِله: يترقب الفرصة منه.
3039- الحديث الثالث: قال البخاريُّ: وحدَّثنا عليُّ بن عبد الله ثنا سفيان ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو أن أمرأ اطَّلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة، ففقأت عينه، لم يكن عليك جناحٌ " (2) .
3040- طريق آخر: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من اطَّلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم، فقد حلَّ لهم أن يفقؤوا عينه " (3) .
الطريقان في "الصحيحين".
ز: حديث سهيل عن أبيه هذا: لم يخرِّجه البخاريُّ ولا مسلمٌ (4) ، إنَّما رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد بن سلمة عنه (5) O.
3041- طريق آخر: قال أحمد: وحدَّثنا عليُّ بن عبد الله المدينيُّ ثنا
__________
(1) "صحيح البخاري": (8/288- 289) ؛ (فتح- 11/24- رقم: 6242) .
"صحيح مسلم": (6/181) ؛ (فؤاد- 3/1699- رقم: 2157) .
(2) "صحيح البخاري": (9/453) ؛ (فتح- 11/243- رقم: 6902) .
"صحيح مسلم": (6/181) ؛ (فؤاد- 3/1699- رقم: 2158) .
(3) "المسند": (2/266) ؛ "صحيح مسلم": (3/1699- رقم: 2158) .
(4) وقفنا عليه عند مسلم، كما سبق في التعليق السابق، وهو عنده من حديث زهير بن حرب عن جرير عن سهيل عن أبيه به.
(5) "سنن أبي داود": (5/421- رقم: 5129) .(4/578)
معاذ بن هشام الدستوائيُّ قال: حدَّثني أبي عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من اطَّلع في بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه، فلا دية ولا قصاص " (1) .
ز: رواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن مثنَّى عن معاذ (2) O.
*****
مسألة (736) : الختان واجب على الرجل، وفي المرأة روايتان.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب.
لنا ثلاثة أحاديث:
أحدها: أنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام اختتن، وقد قال عزَّ وجلَّ: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) [النحل: 123] .
3042- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عليُّ بن حفص أنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة " (3) .
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
3043- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزَّاق أنا ابن جريج قال أخبرت عن عُثيم بن كليب عن أبيه عن جدِّه أنَّه جاء النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
__________
(1) "المسند": (2/385) .
(2) "سنن النسائي": (8/61- رقم: 4860) .
(3) "المسند": (2/322) .
(4) "صحيح البخاري": (4/172) ؛ (فتح- 6/447- رقم: 3356- ط: الريان) .
"صحيح مسلم": (7/97) ؛ (فؤاد- 4/1839- رقم: 2370) .(4/579)
قد أسلمتُ. فقال: " ألق عنك شعر الكفر ". قال: وأخبرني آخر معه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لآخر: " ألق عنك شعر الكفر واختتن " (1) .
ز: رواه أبو داود عن مخلد بن خالد الشعيريِّ عن عبد الرزَّاق (2) .
ورواه ابن عَدِيٍّ عن أحمد بن محمَّد بن هارون (3) بن إسماعيل الغزيِّ عن محمَّد بن حمَّاد (4) الطِّهرانيِّ عن عبد الرزَّاق.
وقال: وهذا الذي قال ابن جريج في هذا الإسناد: (أُخبرت عن عُثيم ابن كليب) إنَّما حدَّثه إبراهيم بن أبي يحيى، فكنَّى عن اسمه (5) .
وعُثيم هو: ابن كثير بن كليب، نسب إلى جدِّه، وقد وثَّقه ابن حِبَّان (6) ، وروى عنه أربعة نفر، وقد ظنَّ ابن أبي حاتم أنَّ كليبًا هو والد عثيم، وأنَّ عثيمًا روى عن كليب مرسلاً (7) ، وهو وهمٌ، فإنَّ كليبًا جدُّ عثيم، وعثيم روى عن
__________
(1) "المسند": (3/415) .
(2) "سنن أبي داود": (1/324- 325- رقم: 360) .
(3) في مطبوعة "الكامل": (إبراهيم) ، وانظر التعليق التالي.
(4) في مطبوعة "الكامل": (محمَّد) ، ورواه البيهقي في "سننه": (8/323) من طريق ابن عدي وجاء الإسناد عنده كما ذكره المنقح هنا.
(5) "الكامل": (1/222- رقم: 61) تحت ترجمة إبراهيم بن أبي يحيى.
(6) "الثقات": (7/303) .
(7) ذكر ابن أبي حاتم هذا في ترجمة كليب والد عثيم: (7/167- رقم: 951) فقال: (بصري روى عن أبيه مرسلاً، روى عنه ابنه عثيم بن كليب سمعت أبي يقول ذلك) ا. هـ
وقبل ذلك ترجم لكليب الجهني: (7/166- رقم: 944) فقال: (كليب الجهني قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبايعه فقال لي: " أحلق عنك شعر الكفر " فيما رواه ابنه كثير بن كليب.
سمعت بعض ذلك من أبي وبعضه من قبلي) ا. هـ
وترجم تحت باب: (أسامي " كثير " الذين لا ينسبون) : (7/159- رقم: 889) لكثير أبي كليب الجهنى ولم يزد على هذا.
وترجم أيضًا لعثيم بن كليب: (7/37- رقم: 199) وقال: (عثيم بن كليب روى عن أبيه عن جده، قال ابن جريج: أخبرت عن عثيم بن كليب. سمعت أبي يقول ذلك) ا. هـ(4/580)
أبيه كثير عن جدِّه كليب، والله أعلم O.
3044- الحديث الثالث: قال النَّسائيُّ: أخبرنا حميد بن مسعدة عن بشر ثنا [عبد الرحمن] (1) بن إسحاق عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خمس من الفطرة.... ". فذكر منهن الختان (2) .
ز: رواه النَّسائيُّ أيضًا عن قتيبة عن مالك عن المقبريِّ موقوفًا (3) ، والله أعلم O.
احتجُّوا:
3045- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا سريج (4) ثنا عبَّاد بن العوَّام عن حجَّاج (5) عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الختان سنَّة للرجال، مكرمة للنساء " (6) .
قال المصنِّف: الحجَّاج ضعيفٌ.
ز: رواه إبراهيم بن الحجَّاج عن حفص بن غياث عن الحجَّاج هكذا.
ورواه عبد الواحد بن زياد عن الحجَّاج عن مكحول عن أبي أيُّوب مرفوعًا، وهو منقطعٌ.
وروى النعمان بن المنذر عن مكحول قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الختان
__________
(1) في الأصل و (ب) : (عبد الرزاق) ، والتصويب من "سنن النسائي".
(2) "سنن النسائي": (8/128- رقم: 5043) .
(3) "سنن النسائي": (8/129- رقم: 5044) .
(4) في "التحقق ": (شريح) خطأ.
(5) (عن الحجاج) سقط من "التحقيق".
(6) "المسند": (5/75) .(4/581)
سنَّة للرجال، مكرمة للنساء ".
وقد رواه البيهقيُّ من رواية الوليد بن الوليد عن ابن ثوبان عن ابن عجلان عن عكرمة عن ابن عبَّاس مرفوعًا.
وقال: هذا إسنادٌ ضعيفٌ، والمحفوظ موقوفٌ (1) O.
*****
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/324- 325) .(4/582)
مسائل السير
مسألة (737) : لا يستعان في الحرب بكافر.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: يستعان بهم، إلا أنَّ الشافعيَّ يشترط أن يكون بالمسلمين حاجة إليهم، وأن يكون من يستعان به منهم حسن الرأي في المسلمين.
لنا حديثان:
3046- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو المنذر إسماعيل ابن عمر ثنا مالك بن أنس عن الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلميِّ عن عروة عن عائشة أنَّ رجلاً تبع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أتبعتك لأصيب معك. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تؤمن بالله ورسوله؟ ". قال: لا.
قال: فإنَّا لا نستعين بمشركٍ. فقال له في المرَّة الثانية: " تؤمن بالله ورسوله؟ ".
قال: نعم. قال: " فانطلق ". فتبعه (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (2) .
ز: كان فيه: (إسماعيل بن عمرو) وإنَّما هو: ابن عمر الواسطيُّ، نزيل بغداد، وكان من الثقات الصالحين O.
__________
(1) "المسند": (6/67- 68) .
(2) "صحيح مسلم": (5/200- 201) ؛ (فؤاد- 3/1449- 1450- رقم: 1817)(4/583)
3047- الحديث الثاني: قال أحمد: حدَّثنا يزيد أنا مستلم بن سعيد الثقفيُّ (1) ثنا خبيب بن (2) عبد الرحمن عن أبيه عن جدِّه قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يريد غزوا- أنا ورجل من قومي، ولم نسلم، فقلنا: إنَّا نستحي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم! قال: " أو أسلمتما؟ ". قلنا: لا.
قال: " فإنا لا نستعين بالمشركين في المشركين ". فأسلمنا، وشهدنا معه (3) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وقد رواه أحمد بن منيع وأبو بكر بن أبي شيبة (4) وأخوه عثمان عن يزيد بن هارون (5) .
. ومستلم: ثقةٌ.
وخبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف: من الثقات الأثبات O.
احتجُّوا:
3048- بما رواه أبو داود في " المراسيل "، قال: حدَّثنا سعيد بن منصور ثنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر عن الزهريِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه استعان بناس من اليهود في حربه، فأسهم لهم (6) .
3049- قال أبو داود: وحدَّثنا هنَّاد ثنا القَعْنَبِيُّ ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن ابن شهاب أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسهم ليهود كانوا غزوا معه، مثل سهام المسلمين (7) .
__________
(1) أقحمت هنا في مطبوعة "المسند": (عن عباد) وهي غير موجودة في طبعة الرسالة. (2) في مطبوعة "المسند": (عن) خطأ، وفي "التحقيق": (حبيب بن) خطأ أيضًا.
(3) "المسند": (3/454) .
(4) " مصنف ابن أبي شيبة ": (6/487- رقم: 33159) .
(5) رواه الطبراني في " الكبير ": (4/223- رقم: 4194) من طريق ابني أبي شيبة.
(6) " المراسيل ": (ص: 224- رقم: 281) .
(7) " المراسيل ": (ص: 224- رقم: 282) وانظر ما يأتي في كلام المنقح.(4/584)
والجواب:
أنَّ هذا حديث مرسلٌ، فلا يقاوم أحاديثنا المتصلة الصحاح.
ز: كذا فيه: (ثنا هناد ثنا القَعْنَبِيُّ) وهو خطأٌ، وإنَّما رواه أبو داود عن هنَّاد والقَعْنَبِيِّ كلاهما عن ابن المبارك وعبدة، وزاد هنَّاد: مثل سهام المسلمين.
3050- وقال الترمذيُّ: وقد روي عن الزهريِّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه. حدَّثنا بذلك قتيبة بن سعيد ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عزرة (1) بن ثابت عن الزهريِّ بهذا (2) .
3051- وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا حفص عن ابن جريج عن الزهريِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزا بناس من اليهود، فأسهم لهم (3) .
ومراسيل الزهريِّ ضعيفةٌ، وقد كان يحيى القطَّان لا يرى إرسال الزهريِّ وقتادة شيئًا، ويقول: هو بمنزلة الريح. ويقول: هؤلاء قوم حفَّاظ، كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه (4) . وروى الدُّوريُّ عن يحيى بن معين قال: مراسيل
الزهريِّ ليس بشيء (5) .
3052- وقد روى الحسن بن عمارة- وهو متروك- عن الحكم عن مقسم عن ابن عبَّاس قال: استعان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهود قينقاع، ورضخ لهم، ولم يسهم لهم.
والله أعلم O.
*****
__________
(1) في (ب) : (عروة) خطأ.
(2) "الجامع": (3/218- رقم: 1558 م) .
(3) " المصنِّف ": (6/487- رقم: 33163) .
(4، 5) " المراسيل " لابن أبي حاتم: (ص: 3- رقمي: 1، 2) .(4/585)
مسألة (738) : لا يقتل الشيخ الفاني، ولا الرهبان، ولا العميان، ولا الزمنى، إلا أن يكون لهم رأي وتدبير، يخاف منهم النكاية في المسلمين، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ".
3053- قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا الليث عن نافع أنَّ ابن عمر أخبره أنَّ امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتولة، فأنكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، ونهى عن قتل النساء والصبيان.
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (1) .
ز: رواه مسلمٌ عن قتيبة (2) ، ورواه البخاريُّ عن أحمد بن يونس عن الليث (3) O.
*****
مسألة (739) : إذا استولى المشركون على أموال المسلمين، لم يملكوها.
وقال أبو حنيفة [ومالك] (4) : يملكونها.
لنا حديثان:
3054- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا أيُّوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال: كانت
__________
(1) "الجامع": (3/228- 229- ر قم: 1569) .
(2) "صحيح مسلم": (5/144) ؛ (فؤاد- 3/1364- رقم: 1744) .
(3) "صحيح البخاري": (4/76) ؛ (فتح- 6/172- رقم: 3014. ط: الريان) .
(4) زيادة من (ب) و"التحقيق".(4/586)
العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل، وأخذت العضباء معه، فحبسها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرحله، ثم إنَّ المشركين أغاروا على سرح المدينة، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين، فكانو إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم، فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما ناموا، فجعلت كلَّما أتت على بعير رغا، حتَّى أتت على العضباء، فأتت على ناقة ذلول! فركبتها، ثم وجهتها قبل المدينة، ونذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها! فلما قدمت المدينة، عُرفت الناقة، وقيل: ناقة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فأخبر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنذرها- أو أتته فأخبرته-، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بئس ما جزتها، إن الله أنجاها عليها لتتحرنها! ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا وفاء لنذز في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم " (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (2) .
ووجه الحجَّة: أنَّه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبطل نذرها.
3055- الحديث الثاني: قال أبو داود: حدَّثنا محمَّد بن سليمان الأنباريُّ ثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ذهبت فرس له- يعني لابن عمر- فأخذها العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرُدَّ عليه في زمن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبق عبد له، فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فردَّه عليه خالد بن الوليد بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) .
__________
(1) "المسند": (4/430) .
(2) "صحيح مسلم": (5/78- 79) ؛ (فؤاد- 3/1262- 1263- رقم: 1641) .
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3) "سنن أبي داود": (3/306- 307- رقم: 2692) .(4/587)
ز: رواه البخاريُّ تعليقًا، فقال: وقال ابن نمير ... بهذا (1) .
ورواه ابن ماجة عن عليِّ بن محمَّد عن ابن نمير (2) O.
احتجُّوا:
3056- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا أحمد بن بختان (3) ثنا يزيد بن هارون أنا الحسن بن عمارة عن عبد الملك عن طاوس عن ابن عبَّاس عن النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أحرز العدو فاستنقذه المسلمون منهم: " إن وجده صاحبه قبل أن يقسم فهو أحقُّ به، وإن وجده قد قسم فإن شاء أخذه بالثمن ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: الحسن بن عمارة متروكٌ (4) .
ز: هذا الحديث يعرف بالحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة، رواه عنه غير واحد.
ورواه أيضًا مسلمة بن عليٍّ الخشنيُّ عن عبد الملك، وهو أيضًا متروكٌ.
وروي بإسناد آخر مجهول عن عبد الملك.
ولا يصحُّ شيءٌ من ذلك، والله أعلم O.
__________
(1) "صحيح البخاري": (4/91) ؛ (فتح- 6/210- 211- رقم: 3067) .
(2) "سنن ابن ماجة": (2/949- 950- رقم: 2847) .
(3) في الأصل غير واضحة، والمثبت من (ب) و"التحقيق"، وفي "سنن الدارقطني" و"إتحاف المهرة" لابن حجر: (7/289) : (سنان) ، والله أعلم.
(4) "سنن الدارقطني": (4/114- 115) مع بعض الاختلاف.
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.(4/588)
مسألة (740) : إذا نازل الإمام حصنا، لم يجز: أن يفتح البثوق ليغرقهم؛ ولا يقطع أشجارهم، إلا بأحد شرطين: أحدهما: أن يفعلوا بنا مثل ذلك؛ أو يكون بنا حاجة إلى قطع ذلك، لنتمكن من قتالهم.
وقال الشافعيُّ: يجوز ذلك من غير شرط.
3057- وقد روى أصحابنا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا بعث جيشًا قال: " لا تغوروا عينا، ولا تعقروا شجرا، إلا شجرا يمنعكم من القتال ".
احتجُّوا بحديثين:
3058- الحديث الأوَّل: قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فأنزل الله تعالى: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإذْنِ اللهِ) [الحشر: 5] .
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (1) .
ز: هذا الحديث أخرجه البخاريُّ (2) ومسلمٌ (3) في " صحيحيهما " عن قتيبة O.
3059- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا وكيع قال: حدَّثني صالح بن أبي الأخضر عن الزهريِّ عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد قال:
__________
(1) "الجامع": (3/210- 211- رقم: 1552) وفيه: (حسن صحيح) .
(2) "صحيح البخاري": (6/666) ؛ (فتح- 8/629- رقم: 4884) .
(3) "صحيح مسلم": (5/145) ؛ (فؤاد- 3/1365- رقم: 1746) .(4/589)
بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قرية يقال لها أُبْنَى (1) ، فقال: " ائتها صباحًا، ثم حرِّق " (2) .
قال المصنِّف: الحديثان محمولان على ما ذكرنا.
ز: رواه ابن ماجة عن محمَّد بن إسماعيل بن سمرة عن وكيع (3) .
ورواه أبو داود عن هنَّاد عن ابن المبارك عن صالح بنحوه، وصالح غير قويٍّ في روايته عن الزهريِّ (4) ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) في " معجم البلدان ": (1/79) : (بوزن حُبْلَى: موضع بالشام من جهة البلقاء.... وفي كتاب نصر: أُبْنَى قرية بمؤتَةَ) ا. هـ
(2) "المسند": (5/205) .
(3) "سنن ابن ماجة": (2/948- رقم: 2843) .
(4) "سنن أبي داود": (3/263- رقم: 2609) .(4/590)
مسائل قسمة الغنائم
مسألة (741) : الإمام مخير في الأسرى بين: القتل، والاسترقاق، والمنِّ، والفداء.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز المنُّ والفداء.
لنا:
قوله تعالى: (فَإِمَّا مَنَّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء) [محمَّد: 4] .
ودلَّ على جواز المنِّ:
3060- ما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا حجَّاج ثنا ليث قال: حدَّثني سعيد أنَّه سمع أبا هريرة يقول: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة- يقال له: ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة-
فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " ما عندك يا ثمامة؟ ". قال: عندي يا محمَّد خيرٌ، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتَّى كان الغد، ثم قال له: " ما عندك يا ثمامة؟ ". قال: ما قلت
لك، إن تنعم تنعم على شكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال، فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتَّى كان بعد الغد، فقال: " ما عندك يا ثمامة؟ ". فأعاد ذلك القول، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انطلقوا بثمامة ". فانطلق به إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد،(4/591)
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمَّدا رسول الله (1) .
ز: رواه البخاريُّ (2) ومسلم (3) جميعًا عن قتيبة عن الليث O.
وقد منَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي عزَّة الجمحيِّ وفدى الأسارى يوم بدر.
3061- قال أبو داود: حدَّثنا عبد الرحمن بن المبارك العَيْشيُّ ثنا سفيان ابن حبيب ثنا شعبة عن أبي العَنْبَس عن أبي الشعثاء عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة (4) .
ز: رواه النَّسائيُّ عن عمرو بن منصور النسائيِّ عن عبد الرحمن بن المبارك (5) .
ورواه الطبرانيُّ عن الحسين بن إسحاق التستريِّ عن عبيد الله بن عمر القَوَارِيريِّ عن سفيان بن حبيب (6) .
وقد رواه أبو بحر البكراويُّ عن شعبة (7) .
وأبو العَنْبَس هذا، هو: اكبر، لا يسمَّى O.
3062- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا عليُّ بن عاصم عن حميد عن أنس
__________
(1) "المسند": (2/452) .
(2) "صحيح البخاري": (1/127) ؛ (فتح- 1/560- رقم: 469) مختصرًا من طريق قتيبة، ومطولاً: (5/470- 471) ؛ (فتح- 8/87- رقم: 4372) من حديث عبد الله بن يوسف عن الليث.
(3) "صحيح مسلم": (5/158) ؛ (فؤاد- 3/1386- رقم: 1764) .
(4) "سنن أبي داود": (3/301- رقم: 2684) .
(5) "السنن الكبرى": (5/200- رقم: 8661) .
(6) "المعجم الكبير": (12/142- رقم: 12831) .
(7) رواه من طريقه المزي في "تهذيب الكمال": (34/147- 148- رقم: 7548) تحت ترجمة أبي العنبس الكوفي الأكبر.(4/592)
قال: استشار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس في الأسارى يوم بدر، فقال أبو بكر: نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء. فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء (1) .
3063- وقال الترمذيُّ: حدَّثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان ثنا أيُّوب عن أبي قلابة عن عمِّه عن عمران بن حصين أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدى رجلاً من المشركين برجل (2) .
ز: رواه النَّسائيُّ عن قتيبة عن سفيان (3) .
وقال الترمذيُّ: حديث حسنٌ صحيحٌ O.
*****
مسألة (742) : السلب للقاتل.
وعنه: لا يستحقه إلا أن يشرط له ذلك.
وقال مالكٌ: يستحق بالشرط، ويكون محتسبًا من خمس الخمس.
3064- قال البخاريُّ: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى ابن سعيد عن ابن أفلح- وهو عمر بن كثير بن أفلح- عن أبي محمَّد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل قتيلاً له عليه بيِّنة فله سلبه " (4) .
__________
(1) "المسند": (3/243) مطولاً.
(2) "الجامع": (3/227- رقم: 1568) ولفظه: فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين.
(3) "السنن الكبرى": (5/201- رقم: 8664) .
(4) " صحيح البخارى ": (4/114) ؛ (فتح- 6/284- رقم: 3142) .(4/593)
أخرجاه في "الصحيحين" (1) .
3065- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو المغيرة ثنا صفوان بن عمرو قال: حدَّثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك وخالد ابن الوليد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخمس السلب (2) .
ز: رواه أبو داود عن سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عيَّاش عن صفوان بن عمرو، وزاد فيه: (قضى بالسَّلب للقاتل) (3) .
3066- وهذا القول قد روي في "صحيح مسلم" أن عوف بن مالك قال لخالد بن الوليد: ألم تعلم أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى (4) O.
مسألة (743) : يصحُّ أمان العبد.
وقال أبو حنيفة: لا يصحُّ، إلا أن يأذن له السيد في القتال.
3067- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم التيميِّ عن أبيه قال: خطبنا عليٌّ، فقال: من زعم أنَّ عندنا شيئًا نقرؤه إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة- صحيفة فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات-،
فقد كذب، وفيها: " ذمَّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم " (5) .
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/147- 148) ؛ (فؤاد- 3/1370- 1371- رقم: 1751) .
(2) "المسند": (4/90) .
(3) "سنن أبي داود": (3/320- رقم: 2715) .
(4) "صحيح مسلم": (5/149- 150) ؛ (فؤاد- 3/1374- رقم: 1753) .
(5) "المسند": (1/81) .(4/594)
ز: رواه مسلم عن أبي بكر وغيره عن أبي معاوية (1) ، ورواه هو أيضًا والبخاريُّ من رواية جماعة عن الأعمش (2) O.
3068- قال أحمد: وحدَّثنا منصور بن سلمة الخزاعيُّ ثنا سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يجير على أمَّتي أدناهم " (3) .
ز: هذا إسنادٌ حسنٌ.
وكثير: صدوقٌ، وقد تكلَّم فيه بعض الأئمة O.
3069- وقال مسلمٌ: حدَّثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر ثنا أبو النضر ثنا عبد الله الأشجعيُّ عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ذمَّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم ".
انفرد بإخراجه مسلمٌ (4) .
3070- وقال سعيد بن منصور: حدَّثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول عن فضيل بن زيد أنَّ عبدًا أمَّن قومًا، فأجاز عمر أمانه (5) .
ز: فضيل بن زيد الرَّقاشيُّ: وثَّقه ابن معين (6) .
__________
(1) "صحيح مسلم": (4/115) ؛ (فؤاد- 2/994- 998- رقم: 1370) .
(2) "صحيح البخاري": (3/470؛ 4/124؛ 8/414؛ 9/559- 560) ؛ (فتح- 4/81؛ 6/315؛ 12/41؛ 13/275- الأرقام: 1870، 3172، 6755، 7300) .
(3) "المسند": (2/365) .
(4) "صحيح مسلم": (4/116) ؛ (فؤاد- 2/999- رقم: 1371) .
(5) " سنن سعيد بن منصور ": (3/2/233- رقم: 2609) .
(6) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/72- رقم: 412) من رواية ابن أبي خيثمة، ولفظه: (رجل صدوق، بصري، ثقة) .(4/595)
3071- وقد روى البيهقيُّ بإسناد ضعيفٍ عن عليٍّ مرفوعًا: " ليس للعبد من الغنيمة شيء إلا خُرْثِي (1) المتاع، وأمانه جائز، وأمان المرأة جائز إذا هي أعطت القوم الأمان " (2) O.
*****
__________
(1) في " النهاية ": (2/19) : (الخُرْثي: أثاث البيت ومتاعه) .
(2) "سنن البيهقي": (9/94) .(4/596)
مسائل الخيل (1)
مسألة (744) : يستحق الفارس ثلاثة أسهم.
وقال أبو حنيفة: سهمين.
لنا أربعة أحاديث:
3072- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عتَّاب ثنا عبد الله أنا فليح بن محمَّد عن المنذر بن الزبير عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى الزبير سهمًا، وأمه سهمًا، وفرسه سهمين (2) .
ز: كذا رواه عن أحمد (3) : (عن فليح بن محمَّد عن المنذر بن الزبير) .
وفليح والمنذر: ليسا بمشهورين.
وقال البخاريُّ في "تاريخه": فليح بن محمَّد بن المنذر بن الزبير بن العوَّام، القرشيُّ، المدينيُّ، عن أبيه مرسل، روى عنه ابن المبارك (4) O.
3073- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن إسماعيل الآدميُّ ثنا محمَّد بن الحسين الحنينيُّ ثنا معلََّى بن أسد ثنا محمَّد بن حمران
__________
(1) العنوان سقط من "التحقيق".
(2) "المسند": (1/166) .
(3) في (ب) : (كذا رواه أحمد) .
(4) "التاريخ الكبير": (7/133- رقم: 603) .(4/597)
قال: حدَّثني عبد الله بن بسر (1) عن أبي كبشة الأنماريِّّ قال: لما فتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكَّة كان الزبير على المجنبة اليسرى، وكان المقداد على المجنبة اليمنى، فلما دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكَّة، وهدأ الناس، جاءا بفرسيهما، فقام رسمول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح الغبار عنهما، وقال: " إني قد جعلت للفرس سهمين، وللفارس سهمًا، فمن نقصهما نقصه الله عزَّ وجلَّ " (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وأبو كبشة: له صحبة، وقد اختلف في اسمه.
والراوي عنه: عبد الله بن بُسر السَّكْسَكيُّ، الحُبْرَانيُّ، الحمصيُّ، وقد تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة، قال يحيى بن سعيد: لا شيء (3) . وقال أبو حاتم (4) والدَّارَقُطْنِيُّ (5) وغيرهما: ضعيف الحديث. وقال النَّسائيُّ: ليس
بثقة (6) . وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" (7) .
ومحمَّد بن حمران القيسيُّ: محلُّه الصدق، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (8) . وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" وقال: يخطئ (9) . وقال ابن
__________
(1) في مطبوعة "سنن الدارقطني": (بشير) خطأ.
(2) "سنن الدارقطني": (4/101) .
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/12- رقم: 57) من طريق ابن المديني عنه.
(4) المرجع السابق.
(5) "العلل": (1/244- رقم: 44) وفه: (ضعيف) ، وقد ذكره في "الضعفاء" أيضًا: (ص: 262- رقم: 317) .
(6) "الضعفاء": (ص: 145- رقم: 345) .
(7) "الثقات": (5/15) .
(8) "الضعفاء": (ص: 208- رقم: 536) .
(9) "الثقات": (9/40) .(4/598)
عَدِيٍّ: له أفراد وغرائب، ما أرى به بأسًا (1) O.
3074- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا فضل بن سهل ثنا أحوص بن جواب ثنا قيس بن الربيع عن محمَّد بن عليٍّ عن أبي حازم عن أبي رُهْم قال: غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا وأخي، ومعنا فرسان، فأعطانا ستة أسهم: أربعة أسهم لفرسينا، وسهمين لنا (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وأبو رُهْم: مختلفٌ في صحبته.
وقيس: ضعَّفه غير واحد من الأئمة O.
3075- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عثمان بن جعفر ثنا محمَّد بن عثمان بن كرامة ثنا أبو أسامة ثنا عبيد الله بن عمر (3) عن نافع عن ابن عمر قال: أسهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا (4) .
ز: رواه البخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة (5) O.
احتجُّوا بحديثين:
3076- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسحاق بن عيسى ثنا مُجمِّع بن يعقوب قال: سمعت أبي يحدِّث عن عمِّه عبد الرحمن بن يزيد
__________
(1) "الكامل": (6/248- رقم: 1726) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/101) .
(3) في "التحقيق": (عمرو) خطأ.
(4) "سنن الدارقطني": (4/102) .
(5) "صحيح البخاري": (4/39) ؛ (فتح- 6/79- رقم: 2863) .(4/599)
الأنصاريِّ عن عمِّه مُجمِّع بن جارية (1) قال: قسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهمًا (2) .
قال أبو داود: وحديث مُجمِّع فيه وهمٌ (3) .
ز: رواه أبو داود عن محمَّد بن عيسى عن مُجَمِّع، وذكر أنَّ حديث ابن عمر أصحُّ.
ويحتمل أن يكون في هذا الحديث (أعطى الفارس سهمين) يعني بفرسه، (وأعطى الراجل سهمًا) يعني صاحبه، فتكون ثلاثة أسهم، والله أعلم O.
3077- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل للفارس سهمين، وللراجل سهمًا.
قال أبو بكر النيسابوريُّ: هذا عندي وهمٌ من أبي بكر بن أبي شيبة، أو من الرماديِّ، لأنَّ أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا. على ما تقدَّم (4) .
__________
(1) في "التحقيق": (حارثة) خطأ.
(2) "المسند": (4/420) باختصار.
(3) "سنن أبي داود": (3/326- رقم: 2730) ، ونص الكلام في مطبوعة عوَّامة: (وحديث أبي معاوية أصحُّ والعمل عليه، أي: الوهم في حديث مجمع) .
وفي الطبعة التى مع" عون المعبود " (7/409- رقم: 2719) : (حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلاث مائة فارس، وكانوا مائتي فارس) .
وكذا نقلها البيهقي عن أبي داود في " معرفة السنن ": (5/136) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/106) .(4/600)
قال النيسابوريُّ: وقد رواه نعيم بن حمَّاد عن ابن المبارك عن عبيد الله كما روى ابن أبي شيبة، ولعل الوهم من نعيم (1) ، لأنَّ ابن المبارك من أثبت الناس (2) .
وقد رواه عبد الله بن عمر عن نافع أيضًا، وعبد الله ضعيفٌ.
قال خالد الحذَّاء: لا يختلف فيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنَّ للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهمٌ (3) .
ز: روى مسلمٌ في "صحيحه" عن محمَّد بن عبد الله بن نمير عن أبيه بإسناده أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسم للفرس سهمين، وللراجل سهمًا (4) O.
*****
مسألة (745) : ويسهم لفرسين.
وقال أكثرهم: لا يسهم لأكثر من واحد.
3078- قال سعيد بن منصور: حدَّثنا ابن عيَّاش عن الأوزاعيِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسهم للخيل، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين، وإن كان معه عشرة أفراس (5) .
__________
(1) أقحم هنا في "التحقيق": (ابن المبارك عن عبيد الله كما روى ابن أبي شيبة) بسبب انتقال النظر، والله أعلم.
(2) المرجع السابق بتصرف.
(3) "سنن الدارقطني": (4/107) .
(4) "صحيح مسلم": (5/156) ؛ (فؤاد- 3/1383- رقم: 1762) .
(5) " سنن سعيد بن منصور ": (3/2/281- رقم: 2774) .(4/601)
3079- قال سعيد: وحدَّثنا فرج بن فضالة ثنا محمَّد بن الوليد الزبيديُّ عن الزهريِّ أنَّ عمر بن الخطَّاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح أن أسهم للفرس سهمين، وللفرسين أربعة أسهم، ولصاحبها سهمًا، فذلك خمسة أسهم، وما كان فوق الفرسين فهو جنائب (1) .
*****
مسألة (746) : لا يفرَّق في السبي بين كلِّ ذي رحم محرَّم.
وقال أكثرهم: يجوز، مع اختلاف قولهم في التفريق في البيع.
وقد ذكرنا في البيع أحاديث في المنع من ذلك، منها: حديث أبي موسى: " لعن الله من فرَّق بين والدة وولدها " (2) .
*****
مسألة (747) : إذا عدم أبوا الطفل أو أحدهما حكم بإسلامه، خلافًا لأكثرهم.
3080- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن همَّام بن منبِّه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما من مولود يولد إلا على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه " (3) .
__________
(1) المرجع السابق: (3/2/281- رقم: 2776) .
(2) المسألة رقم: (518) .
(3) "المسند": (2/215) .(4/602)
أخرجاه في "الصحيحين" (1) .
فوجه الحجَّة: أنَّه جعله تبعًا لهم.
مسألة (748) : إذا غلَّ من الغنيمة أحرق رحله، إلا السلاح، والمصحف، والحيوان.
وقال أكثرهم: لا يجوز.
3081- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد العزيز بن محمَّد ثنا صالح بن محمَّد بن زائدة عن سالم بن عبد الله أنَّه كان مع مسلمة بن عبد الملك في أرض الروم، فوجد في متاع رجل غلول، فسأل سالم ابن عبد الله، فقال: حدَّثني عبد الله عن (2) عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه ". قال: وأحسبه قال: واضربوه. قال: فأُخرج متاعه إلى السوق، فوُجد فيه مصحف، فسأل سالمًا، فقال: بعه، وتصدق بثمنه (3) .
قالوا: تفرَّد به صالح، وقد ضعَّفه يحيى (4) والدَّارَقُطْنِيُّ (5) .
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: أنكروا هذا الحديث على صالح بن محمَّد.
__________
(1) "صحيح البخاري": (8/375) ؛ (فتح- 11/493- رقم: 6599) .
"صحيح مسلم": (8/53) ؛ (فؤاد- 4/2048- رقم: 2658) .
(2) في "التحقيق": (بن) ، وذكر في الحاشية أنه وقع في نسخة أخرى: (عن) .
(3) "المسند": (1/22) .
(4) "التاريخ" برواية الدوري: (3/183- رقم: 821) .
(5) "الضعفاء": (ص: 247- رقم: 290) .(4/603)
قال: وهذا حديث لم يتابع عليه، ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
قلنا: قد قال أحمد بن حنبل: ما أرى بصالح بأسًا (2) .
ز: هذا الحديث رواه أبو داود (3) والترمذيُّ (4) من حديث الدَّرَاوْرَدِيِّ، وهو عندهما من مسند ابن عمر (5) .
وقال الترمذيُّ: حديث غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت
__________
(1) " تعليقات الدارقطني على المجروحين ": (ص: 131- رقم: 151) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (2/489- رقم: 3219) .
(3) "سنن أبي داود": (3/314- رقم: 2706) .
(4) "الجامع": (3/128- 129- رقم: 1461) .
(5) ذكر هذا أيضًا الضياء في "المختارة": (1/311- رقم: 201) ، وابن عساكر في " الأطراف " كما في "تحفة الأشراف": (5/355- 356- رقم: 6763) ، والحديث عند أبي داود والترمذي من " مسند عمر " حسب النسخ المطبوعة، وقد تعقب المزيُّ ابنَ عساكر فقال: (هكذا ذكره أبو القاسم ههنا ولم يذكره في " مسند عمر " وهو عند أبي داود: عن عمر ابن الخطاب في جميع الأصول، وكذلك هو عند الترمذي في بعض النسخ، والله أعلم) ا. هـ
وقال الحافظ ابن حجر في " النكت الظراف ": (5/355) : (اعترض عليه- أي المزي- ابن عبد الهادي ومغلطاي بأنه " من مسند عمر " لا " من مسند أبيه [كذا، والصواب: ابنه] "، وقرأت بخط ابن كثير بعد أن صوّب كلام ابن عبد الهادي: العجب من الحافظين ابن عساكر والمزي كيف ذكراه في " مسند ابن عمر " ولم يذكراه في " مسند عمر " فأخطأ هنا وهناك.
قلت: قد نبَّه المزي على وهم ابن عساكر في ذكره إياه في " مسند ابن عمر "، وأورده في " مسند عمر " في ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر (ح 10525) فلا اعتراض على المزي أصلاً. وزاد على ذلك أنه نبه أنه وقع في الترمذي في بعض نسخه كلما وقع عند أبي داود من زيادة " عمر " في السند، فالعجب ممن اعترض عليه من قبل أن يتأمل كلامه إلى آخره، فإنه تبع ابن عساكر أولاً فظنوا أنه اقتصر على ذلك، لكنه تعقب كلامه كما ذكرت.... إلخ) ا. هـ
والذي يبدو- والله أعلم- أن تعقب الحافظ المزي لابن عساكر ألحقه المزي في بعض النسخ دون بعض، فيكون الحفاظ الثلاثة: ابن عبد الهادي وابن كثير ومغلطاي اطلعوا على النسخة التي لم يُضف فيها التعقب.(4/604)
محمَّدا عن هذا، فقال: إنما رواه صالح بن محمَّد، وهو منكر الحديث.
وقال البخاريُّ أيضًا في صالح: تركه سليمان بن حرب، روى عن سالم عن أبيه عن عمر رفعه: " من وجدتموه قد غلَّ فاحرقوا متاعه "، لا يتابع عليه، وقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلُّوا على صاحبكم " ولم يحرِّق متاعه (1) .
وقد سئل الدَّارَقُطْنِيُّ أيضًا عنه، فقال: يرويه أبو واقد صالح بن محمَّد ابن زائدة عن سالم عن أبيه عن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو واقد هذا ضعيفٌ، والمحفوظ أنَّ سالمًا أمر بهذا، ولم يرفعه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا ذكره عن أبيه، ولا عن عمر (2) .
3082- وقال أبو داود: حدَّثنا أبو صالح الأنطاكيُّ ثنا أبو إسحاق عن صالح بن محمَّد قال: غزونا مع الوليد بن هشام، ومعنا سالم بن عبد الله بن
__________
= ويؤيد هذا أن الحديث جاء مثبتًا في النسخة المطبوعة في " مسند عمر " برقم (10525) كما سبق، ولكن الغريب أن الحافظ ابن حجر قال هناك في " النكت الظراف ": (حديث: " إذا وجدتم الرجل قد غل.... " في ترجمة صالح بن محمَّد بن زائدة عن سالم عن ابن عمر. نقلته من خط ابن كثير، وقال: ذكره الشيخ هناك والصواب ذكره هنا) ا. هـ
فالظاهر من هذا أن ابن كثير قد استدرك هذا الحديث على المزي في " مسند عمر " وهذا يبين ما في كلام الحافظ ابن حجر الأول من نظر، رحم الله الجميع وجزاهم عنا خير الجزاء.
(تنبيه) نعتذر للقارئ الكريم عن هذا الاستطراد الذي ليس له علاقة كبيرة بضبط نص "التنقيح"، وإنما سقناه للتنبيه على ما احتوى عليه كتابي "تحفة الأشراف" و" النكت الظراف " من فوائد ودقائق مهمة، ومع الأسف أنه يلاحظ زهد كثير من طلاب العلم فيهما، بل يكادان أن يهجرا مع ظهور برامج الحاسب الآلي، لذا حرصنا على ذكر شيء من
المواضع التي تكون فيها بعض الفوائد واللطائف من هذين الكتابين: تنبيها على أهميتهما، والله الموفق.
(1) " التاريخ الأوسط ": (2/81) ، وانظر: "التاريخ الكبير": (4/291- رقم: 2862) .
"العلل": (2/52- 53- رقم: 103) .(4/605)
عمر وعمر بن عبد العزيز، فغلَّ رجلٌ متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به، ولم يعطه سهمه.
قال أبو داود: وهذا أصحُّ الحديثين (1) . وقد روى إحراق متاع الغال من حديث عمرو بن شعيب، والله أعلم O.
*****
مسألة (749) : هدايا الأمراء كبقية أموال الفيء، لا يختصون بها.
وعنه: يختصون، كقول أبي حنيفة.
لنا حديثان:
3083- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن الزهريِّ عن عروة عن أبي حميد الساعديِّ قال: استعمل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يقال له: ابن اللتبية على صدقة، فجاء، فقال: هذا لكم، وهذا أهدي لي. فقام
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر، فقال: " ما بال العامل نبعثه فيقول: (هذا لكم، وهذا أهدي لي) ؟! أفلا جلس في بيت أبيه وأمِّه، فينظر أيهدى إليه أم لا؟! والذي نفسي بيده لا يأتي أحد منكم منها بشيء، إلا جاء به يوم القيامة على رقبته " (2) .
أخرجاه في "الصحيحين" (3) .
__________
(1) "سنن أبي داود": (3/314- 315- رقم: 2707) .
(2) "المسند": (5/423) .
(3) "صحيح البخاري": (9/528) ؛ (فتح- 13/164- رقم: 7174) .
"صحيح مسلم": (6/11) ؛ (فؤاد- 3/1463- رقم: 1832) .(4/606)
"308- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا إسحاق بن عيسى ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعديِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " هدايا العمال غلول " (1) .
ز: إسماعيل: ضعيفٌ في روايته عن الحجازيين، ولم يخرِّجوا حديثه هذا، والله أعلم O.
3085- طريق آخر: [أخبرنا ابن ناصر أنا المبارك] (2) بن عبد الجبار أنا عبيد الله بن عمر بن شاهين ثنا محمَّد بن الحسين بن كوثر ثنا إبراهيم الحربيُّ ثنا محمَّد بن هارون ثنا يعقوب بن كعب عن محمَّد بن حمير عن خالد بن حميد عن يحيى بن نعيم عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " هدايا الأمراء غلول ".
ز: لم يخرِّجوه بهذا الإسناد.
ويحيى: لا أعرفه.
ومحمَّد بن الحسن بن كوثر أبو بحر البَرْبَهَارِيُّ: شيخٌ تكلَّموا فيه، والله أعلم O.
*****
__________
(1) "المسند". (5/424) .
(2) في الأصل: (أخبرنا أبو ناصر المبارك) ، والمثبت من (ب) و"التحقيق".(4/607)
مسائل الأراضي (1)
مسألة (750) : مكَّة فتحت عنوة.
وعنه: أنَّها فتحت صلحا، كقول الشافعيِّ (2) .
لنا ثلاثة أحاديث:
3086- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا حجَّاج ثنا ليث قال: حدَّثني سعيد المقبريُّ عن أبي شريح عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في الغد من يوم الفتح: " إنَّ مكَّة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس، فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخَّص لقتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، فقولوا: إنَّ الله عزَّ وجلَّ أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنَّما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلِّغ الشاهد الغائب " (3) .
3087- الحديث الثاني: قال البخاريُّ: حدَّثنا يحيى بن موسى ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعيُّ قال: حدَّثني يحيى بن أبي كثير قال: حدَّثني أبو سلمة قال: حدَّثني أبو هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنَّ الله حبس عن مكَّة
__________
(1) العنوان ليس في "التحقيق".
(2) في هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3) "المسند": (4/31) ؛ "صحيح البخاري": (1/37؛ 3/461- 462؛ 5/446) ، (فتح- 1/197؛ 4/41؛ 8/30- الأرقام: 104، 1832، 4295) ؛ " صحيح مسلم ": (4/109- 110) ، (فؤاد- 2/987- 988- رقم: 1354) .(4/608)
الفيل، وسلَّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنَّها لا تحلُّ لأحد من بعدي، وإنَّما أحلَّت لي ساعة من نهار " (1) .
الحديثان في "الصحيحين".
3088- الحديث الثالث: قال الإمام أحمد: حدَّثنا بهز وهاشم قالا: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البُنانيِّ عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة أنَّه ذكر فتح مكَّة، فقال: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل مكَّة، فبعث الزبير على إحدى المُجَنِّبتين، وبعث خالدًا على المُجَنِّبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر (2) ، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتيبته. قال: وقد وبَّشَت قريش أوباشها (3) ، وقالوا: نقدِّم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا. قال أبو هريرة: ففطن (4) ، فقال لي: " يا أبا هريرة ".
قلت: لبيك يا رسول الله. قال: " اهتف لي بالأنصار، ولا يأتني إلا أنصاريّ ".
فهتفت بهم، فجاؤوا، فأطافوا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " ترون إلى أوباش قريس وأتباعهم ". ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: " احصدوهم حصدًا، حتَّى توافوني بالصفا ". قال أبو هريرة: فانطلقنا، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء، فقال أبو سفيان: أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ". فغلق الناس أبوابهم، فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحَجَر، فاستلمه، ثم
__________
(1) "صحيح البخاري": (3/608، 609) ؛ (فتح- 5/87- رقم: 2434) .
"صحيح مسلم": (2/110) ؛ (فؤاد- 2/988- رقم: 1355) .
(2) في " النهاية ": (1/383) : (جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه ولا مغفر) ا. هـ
(3) في " النهاية ": (5/145- 146) : (أي جمعت له جموعًا من قبائل شتَّى) .
(4) في "المسند": (فنظر فرآني) .(4/609)
طاف بالبيت، وفي يده قوس أخذ بسِيَةِ (1) القوس، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه، فجعل يطعن بها في عينه، ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل ". ثم أتى الصفا، فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل
يذكر الله بما شاء أن يذكره، ويدعوه (2) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (3) .
وقد استدلَّ أصحابنا بحديث لا يصلح الاستدلال به:
3089- قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ: حدَّثنا أبو يعلى ثنا زهير بن حرب ثنا محمَّد بن الحسن المدينيُّ قال: حدَّثني مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فتحت القرى بالسيف، وفتحت المدينة بالقرآن " (4) .
قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، لم يسمع من حديث مالك ولا هشام، إنما هذا قول مالك، لم يروه عن أحد، قد رأيت هذا الشيخ- يعني محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا (5) .
__________
(1) في " النهاية ": (2/435) : (سِيَةُ القوس: ما عُطِفَ من طَرَفَيها) .
(2) "المسند": (2/538) .
(3) "صحيح مسلم": (5/172) ؛ (فؤاد- 3/1405- 1406- رقم: 1780) .
(4) "الكامل": (6/171- رقم: 1655) تحت ترجمة محمَّد بن الحسن بن زبالة المخزومي.
(5) جاء في " المنتخب من العلل للخلال " لابن قدامة: (ص: 140- رقم: 68) أن مُهَنَّا سأل أحمد عن هذا الحديث، فقال: هذا منكر. قلت: لم تسمع هذا من حديث مالك، ولا من حديث هشام؟ قال: لا.
ئم قال مُهَنَّا: (وسألت يحيى بن معين عنه، فقال: ليس بصحيح، قد رأيت أنا هذا الشيخ - يعني: محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا، وكان رجلاً سخيًّا. قلت: يروى عنه الحديث؟ قال: لا، هو كذَّاب 0 وقال: إنما كان هذا قول مالكٍ، ولم يكن يرويه عن أحد) ا. هـ فالذي يبدو أن ابن الجوزي اختصر كلام أحمد وخلطه بكلام ابن معين، والله أعلم.(4/610)
قال المصنِّف: قلت: وكذا قال أبو داود (1) ويحيى بن معين (2) : كان هذا الشيخ كذَّابًا.
ز: محمَّد بن الحسن هذا، هو: ابن زَبَالة، المخزوميُّ، قال ابن عَدِيٍّ: أنكر ما روى حديث هشام بن عروة: (فتحت القرى بالسيف) (3) .
وقال معاوية بن صالح: قال لي يحيى بن معين: محمَّد بن الحسن الزَّبَاليُّ - والله- ما هو بثقة، حدَّث- عدو الله- عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فتحت المدينة بالقرآن، وفتحت سائر البلاد بالسيف " (4) . وقال أحمد بن صالح المصريُّ: كتبت عنه مائة ألف حديث، ثم تبيَّن لي أنَّه كان يضع الحديث، فتركت حديثه (5) . وقال أبو حاتم: عنده مناكير، وليس بمتروك الحديث (6) . وقال أبو داود: كذَّابًا المدينة: محمَّد بن الحسن بن زَبَالة ووهب بن وهب أبو البَختريِّ، بلغني أنَّه كان يضع الحديث بالليل على السراج (7) . وقال النَّسائيُّ في ابن زَبَالة: متروك الحديث (8) . والله أعلم O.
*****
__________
(1) انظر ما يأتي في كلام المنقح.
(2) "التاريخ" برواية الدوري: (3/227- رقم: 1060) ، وبرواية ابن الجنيد: (ص: 390- رقم: 486) ؛ وانظر ما سبق في التعليق قبل السابق.
(3) "الكامل": (6/172- رقم: 1655) .
(4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/228- رقم: 1254) .
(5) "تهذيب الكمال" للمزي: (25/65- رقم: 5148) .
(6) "الجرح والتعديل" لابنه: (7/228- رقم: 1254) .
(7) " سؤالات الآجري ": (2/310- 311- رقم: 1958) وفيه: (في السراج) .
(8) "الضعفاء": (ص: 208- رقم: 537) .(4/611)
مسألة (751) : لا يجوز بيع رباع مكَّة.
وعنه: يجوز كقول الشافعيِّ.
وهذه مبنيَّة على التي قبلها، إن قلنا: إنَّها فتحت عنوة، صارت وقفًا على المسلمين؛ وإن قلنا: صلحًا، فهي باقية على أهلها.
وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب البيع (1) .
""طيه طيه طيه
مسألة (752) : إذا ملكت الأرض عنوة، فالإمام مخيَّر بين: قسمتها بين الغانمين؛ وبين إيقافها على جماعة المسلمين.
وعنه: تجب قسمتها بين الغانمين، كقول الشافعيِّ.
وعنه: أنَّها تصير وقفًا على جماعة المسلمين بنفس الظهور، ولا يجوز قسمتها، كقول مالك.
وقال أبو حنيفة: الإمام مخيَّر بين: قسمتها؛ وبين إقرار أهلها عليها بالخراج؛ وبن صرفهم عنها، ويأتي بقوم آخرين يضرب عليهم الخراج؛ وليس له أن يقفها.
لنا على الشافعيِّ (2) :
__________
(1) المسألة رقم: (511) .
(2) في "التحقيق": (على قول الشافعي) .
وفي هامش الأصل: (على مالك) اهـ(4/612)
3090- ما رواه أبو داود، قال: حدَّثنا الربيع بن سليمان المؤذِّن ثنا أسد بن موسى ثنا يحيى بن زكريا قال: حدَّثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار عن سهل بن أبي حَثْمة قال: قسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر نصفين: نصف لنوائبه وحاجته، ونصف بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا (1) .
ز: هذا الحديث انفرد به أبو داود، وإسناده جيِّد.
ويحيى بن زكريا المؤذِّن، أبي زائدة: أحد الثقات.
ورواه الطبرانيُّ عن المقدام بن داود عن أسد (2) O.
*****
مسألة (753) : يجوز إخراج النفل من أربعة أخماس الغنيمة.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: يكون ذلك من خمس الخمس الذي للمصالح.
لنا حديثان:
3091- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سرية إلى نجد، فبلغت سهامهم اثني عشر بعيرًا، ونفلنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعيرًا بعيرًا (3) .
__________
(1) "سنن أبي داود": (3/474- رقم: 3003) .
(2) "المعجم الكبير": (6/102- رقم: 5634) .
(3) "المسند": (2/10) .(4/613)
أخرجاه (1) .
3092- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا حمَّاد بن خالد الخيَّاط عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن زياد بن جارية (2) عن حبيب بن مسلمة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفل الربع بعد الخمس في بداته، ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته (3) .
ز: رواه أبو داود عن القواريريِّ عن ابن مهديٍّ عن معاوية (4) .
وقد رواه غير واحدٍ عن مكحول، وفي إسناده اختلافٌ.
ورواه سليمان بن موسى عن زياد، ورواه أيضًا عن مكحول عنه.
وقد روي من حديث عبادة بن الصامت، والله أعلم O.
*****
مسألة (754) : ما فضل من أموال الفيء عن المصالح، فإنَّه لجميع المسلمين، غنيهم وفقيرهم.
وقال الشافعيُّ: يختص بالمصالح.
3093- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن الزهريِّ عن
__________
(1) "صحيح البخاري": (5/459) ؛ (فتح- 8/56- رقم: 4338) .
"صحيح مسلم": (5/146- 147) ؛ (فؤاد- 3/1368- رقم: 1749) .
(2) في "التحقيق": (حارثة) خطأ.
(3) "المسند": (4/160) .
(4) "سنن أبي داود": (3/331- رقم: 2743) .(4/614)
مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر: إنَّ الله عزَّ وجلَّ خصَّ نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره، فقال: (وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) [الحشر: 6] فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة، والله ما اختارها (1) دونكم، ولا استأثر بها عليكم، وكان ينفق على أهله منه
سنة، ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عزَّ وجلَّ (2) .
ووجه الحجَّة: أنَّ الآيات استوعبت كلَّ النَّاس.
ز: هذا الحديث مخرَّج في " الصحيح " من رواية معمر وغيره عن الزهريِّ (3) ، والله أعلم O.
*****
__________
(1) في "التحقيق": (احتازها) .
(2) "المسند": (1/60) .
(3) "صحيح البخاري": (4/48) ؛ (فتح- 6/110- رقم: 2904. ط: الريان)
وأخرجه في مواضع أخرى أيضًا.
"صحيح مسلم": (5/151- 153) ؛ (3/1376- 1379- رقم: 1757) .(4/615)
مسائل الجزية
مسألة (755) : المجوس لا كتاب لهم، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ.
3094- قال أبو داود: حدَّثنا أحمد بن سنان الواسطيُّ ثنا محمَّد بن بلال عن عمران القطَّان عن أبي جمرة (1) عن ابن عبَّاس قال: إنَّ أهل فارس لمَّا مات نبيُّهم، كتب لهم إبليس المجوسيَّة (2) .
ز: عمران القطَّان: مختلفٌ في توثيقه.
ومحمَّد بن بلال الكنديُّ التمَّار: وثَّقه ابن حِبَّان (3) ، وقال أبو داود: ما سمعت إلا خيرًا (4) . وقال ابن عَدِيٍّ: يُغرب عن عمران، وأرجو أنَّه لا بأس به (5) O.
3095- وقال الشافعيُّ: ثنا سفيان عن سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم قال: قال فروة بن نوفل: على ما تؤخذ الجزية من المجوس، وليسوا بأهل كتاب؟! فقام إليه المستورد، فأخذ بتلابيبه، وقال: يا عدو الله، تطعن
على أبي بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين- يعني عليًّا- وقد أخذوا منهم الجزية.
فذهب به إلى القصر، فخرج عليهم عليٌّ، فقال: ألبدا (6) أنا أعلم الناس بالمجوس، كان لهم علمٌ يعلمونه، وكتابٌ يدرسونه، وإنَّ ملكهم سَكِر فوقع
__________
(1) في "التحقيق": (حمزة) خطأ.
(2) "سنن أبي داود": (3/490- 491- رقم: 3037) .
(3) "الثقات": (9/60) .
(4) " سؤالات الآجري ": (ص: 156- رقم: 1448) .
(5) "الكامل": (6/134- رقم: 1636) .
(6) في "التحقيق": (ابتداء) .(4/616)
على ابنته أو أمِّه (1) ، فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلمَّا صحا (2) ، جاءوا يقيمون عليه الحدَّ، فامتنع منهم، فدعا أهل مملكته، فقال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم؟! قد كان يُنكح بنيه من بناته، فأنا على دين آدم، وما يرغب بكم عن دينه؟! فبايعوه (3) ، وقاتلوا الذين خالفوهم حتَّى قتلوهم، فأصبحوا وقد أسري على كتابهم فرفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر منهم الجزية (4) .
قال المصنِّف: سعيد بن المرزبان: مجروحٌ، قال يحيى بن سعيد: لا أستحل أن أروي عنه (5) . وقال يحيى: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه (6) .
وقال الفلاس: متروك الحديث (7) . وقال أبو أسامة: كان ثقة (8) . وقال أبو زرعة: صدوقٌ، مدلِّسٌ (9) .
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وفي "الأم": (أو أخته) .
وفي هامش الأصل: (أو أخته) وفوقها رمز، لعله: (ص) ، والله أعلم.
(2) في "التحقيق": (ضحى) !
(3) في "الأم": (فتابعوه) .
(4) "الأم": (4/173- 174) .
(5) ذكره ابن الجوزي أيضًا في "الضعفاء": (1/325- رقم: 1437) .
(6) "الكامل" لابن عدي: (3/383- رقم: 811) من رواية ابن أبي مريم، والجملة الأولى في "التاريخ" برواية الدوري: (4/41- رقم: 3038) ؛ و" معرفة الرجال " برواية ابن محرز: (1/53- رقم: 31) أيضًا.
(7) "الكامل" لابن عدي: (3/383- رقم: 811) .
(8) المرجع السابق. (9) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/63- رقم: 264) ، مع اختلاف في العبارة أشار
إليه المنقح في الحاشية، فجاء في هامش الأصل: ( [لم يذكر المؤلف كل] كلام أبي زرعة فإن أبا زرعة قال فيه: هو لين الحديث، مدلس. قيل: هو صدوق؟ قال: نعم، كان لا يكذب) ا. هـ وما بين المعقوفتين غير واضح في مصورتنا، وهو يشبه ما أثبتنا، والله أعلم.
وفي هامش آخر: (حـ: قال أبو عبيد: لا أحسب ما رووه عن عليٍّ في هذا محفوظًا) ا. هـ
وهو في "الأموال": (ص: 39) .(4/617)
3096- قال الشافعيُّ: وأنا مالك عن جعفر بن محمَّد عن أبيه أنَّ عمر ابن الخطَّاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري ما أصنع في أمرهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب (1) .
ز: هذا منقطعٌ، لأنَّ محمَّد بن عليٍّ: لم يلق عمر، ولا عبد الرحمن ابن عوف.
وقد رواه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفيُّ عن مالك عن جعفر عن أبيه عن جدِّه، فزاد ذكر جعفر، وهو أيضًا منقطعٌ، لأنَّ عليَّ بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن.
وقد روي في هذا عن عبد الرحمن من وجه آخر متصل، لكن في إسناده من تجهل حاله:
3097- قال ابن أبي عاصم: ثنا إبراهيم- يعني: ابن الحجَّاج- الساميُّ ثنا أبو رجاء- جار كان لحمَّاد بن سلمة- ثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال: كنت عند عمر بن الخطَّاب، فذكر من عنده علم من المجوس، فوثب عبد الرحمن بن عوف، قال: أشهد بالله على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول: "إنَّما المجوس طائفة من أهل الكتاب، فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب " (2) O.
3098- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن عمرو سمع بَجَالة يقول: لم يكن عمر قَبِل الجزية من المجوس، حتَّى شهد عبد الرحمن بن عوف
__________
(1) "الأم": (4/174) .
(2) عزاه الحافظ ابن حجر في "التلخيص": (3/199) إلى " كتاب الجنايات " لابن أبي عاصم.(4/618)
أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذها من مجوس هجر (1) انفرد بإخراجه البخاريُّ (2) .
*****
مسألة (756) : إذا مرَّ الحربيُّ بمال التجارة على عاشر المسلمين، أخذ منه العشر، وإن كان ذميًّا نصف العشر.
وقال أبو حنيفة: لا يؤخذ منهم، إلا أن يكونوا يأخذون منا.
وقال مالكٌ: يؤخذ منهم إذا باعوا امتعتهم.
وقال الشافعيُّ: إن اشترط ذلك عليهم جاز أخذه.
3099- قال الإمام أحمد: حدَّثنا جرير عن عطاء بن السائب عن حرب بن هلال عن أبي أميَّة- رجل من تغلب- أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ليس على المسلمين عشور، إنَّما العشور على اليهود والنصارى " (3) .
3100- طريق آخر: قال أبو داود: حدَّثنا محمَّد بن إبراهيم البزَّاز ثنا أبو نعيم ثنا عبد السلام عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله بن عمير الثقفيِّ عن جدِّه- رجل من بني تغلب- قال: أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمت، وعلَّمني الإسلام، وعلَّمني كيف آخذ الصدقة من قومي، فقلت: يا رسول الله، أعشرهم؟ قال: " لا، إنَّما العشور على النصارى واليهود " (4) .
__________
(1) "المسند": (1/190- 191) .
(2) "صحيح البخاري": (4/119) ؛ (فتح- 6/297- رقم: 3157) .
(3) "المسند": (5/410) .
(4) "سنن أبي داود": (3/495- 496- رقم: 3044) .(4/619)
ز: رواه أبو داود أيضًا عن مسدَّد عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله عن جدِّه- أبي أمِّه- عن أبيه بنحوه مختصر.
وعن محمَّد بن عبيد المحاربيِّ عن وكيع عن سفيان عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه.
وعن ابن بشَّار عن عبد الرحمن عن سفيان عن عطاء عن رجل من بكر ابن وائل عن خاله، قال: قلت: يا رسول الله أعشِّر قومي ... بمعناه (1) .
وحرب: روى له أبو داود هذا الحديث وحده، تفرَّد به عنه عطاء بن السائب، وكان ممن اختلط، واختلف عليه فيه على وجوه كثيرة، أشبهها ما رواه الثوريُّ عنه، فيما قيل، والله أعلم O.
*****
مسألة (757) : إذا ذكر الذميُّ الله تعالى ورسوله وكتابه بما لا ينبغي= انتقضت ذمَّته.
وقال أبو حنيفة: لا تنتقض بذلك.
3101- قال أبو داود: حدَّثنا عبَّاد بن موسى ثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدَّثني إسرائيل عن عثمان الشحَّام عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ أعمى كان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت له أمُّ ولد، وكانت تشتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقع فيه، فيزجرها فلا تنزجر، وينهاها فلا تنتهي، فلما كان ذات ليلة، ذكرت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوقعت فيه، فأخذ المعول، فوضعه في بطنها واتكأ
__________
(1) "سنن أبي داود": (3/495- الأرقام: 3041- 3043) .(4/620)
عليه، فقتلها، فذُكر ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمع الناس، وقال: " أنشد الله رجلا لي عليه حقٌّ فعل ما فعل إلا قام " (1) . فأقبل الأعمى يتزلزل، فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت تشتمك، وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فلما كان البارحة، جعلت تشتمك، فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها، حتَّى قتلتها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا اشهدوا أنَّ دمَها هدرٌ " (2) .
ز: رواه النَّسائيُّ عن عثمان بن عبد الله عن عبَّاد (3) ، وإسناده جيِّد، فإنَّ عكرمة احتجَّ به البخاريُّ (4) وكثر الأئمة.
وعثمان الشحَّام: احتجَّ به مسلمٌ (5) وغيره.
وباقي الإسناد: مخرَّج لهم في "الصحيحين".
وقد رواه أبو بكر بن أبي عاصم عن إسماعيل بن سالم عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل (6) O.
3102- وقال النَّسائيُّ: حدَّثنا (7) عمرو بن عليٍّ ثنا معاذ بن معاذ ثنا شعبة عن توبة العنبريِّ عن عبد الله بن قدامة عن أبي برزة قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصدِّيق، فقلت: أقتله؟ فانتهرني، وقال: ليس هذا لأحد بعد
__________
(1) في "التحقيق": (فعل ما فعل الإمام) !!
(2) "سنن أبي داود": (5/66- رقم: 4361) باختصار.
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3) "سنن النسائي": (7/107- رقم: 4070) .
(4) "التعديل والتجريح" للباجي: (3/1022- رقم: 1182) .
(5) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/50- رقم: 1125) .
(6) ومن طريق ابن أبي عاصم رواه الضياء في "مختارته": (12/582- رقم: 178) .
(7) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، وفي "السنن": (أخبرنا) .(4/621)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
ز: عبد الله بن قدامة: وثَّقه النَّسائيُّ (2) ، وروى هذا الحديث أيضًا من غير وجه عن أبي برزة (3) ، ورواه أحمد (4) وأبو داود (5) والنَّسائيُّ (6) من رواية عبد الله بن مطر عن أبي برزة O.
*****
مسألة (758) : إذا شرط الإمام في عقد الهدنة: من جاءه من الرجال مسلمًا رد إليهم، أو صالح الأمير أهل الحرب على أن يبعث إليهم بمال فإن لم يقدر رجع إليهم، لزم الوفاء بالشرطين.
وقال الشافعيُّ: لا يلزم الوفاء بذلك، إلا أن يكون من جاءه من الرجال مسلمًا له عشيرة تمنع منه، فإنَّه يردُّه.
3103- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق عن معمر عن الزهريِّ عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمان الحديبية، وكتبوا بينهم كتابًا، وردَّ أبا جندل، ورجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، فردَّه (7) .
__________
(1) "سنن النسائي": (7/108- 109- رقم: 4071) .
(2) "تهذيب الكمال" للمزي: (15/442- رقم: 3488) .
(3) "سنن النسائي": (7/109- 111- الأرقام: 4072- 4077) .
(4) "المسند": (1/10) .
(5) "سنن أبي داود": (5/67- رقم: 4363) .
(6) "سنن النسائي": (7/110- رقم: 4077) .
(7) "المسند": (4/328- 331) في حديث الحديبية الطويل.(4/622)
انفرد بإخراجه البخاريُّ (1) .
*****
مسألة (759) : يمنع الذمِّيُّ من استيطان الحجاز.
وقال أبو حنيفة: لا يمنع.
3104- قال الترمذيُّ: حدَّثنا الحسن بن عليٍّ الخلال ثنا عبد الرزَّاق أنا ابن جريج أنا أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطَّاب أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلمًا ".
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2) .
ز: رواه مسلمٌ عن محمَّد بن رافع عن عبد الرزَّاق، ورواه من غير وجه عن أبي الزبير (3) O.
*****
مسألة (760) : ما تشعث من البِيَع والكنائس، أو انهدم= لم يجز رمه، ولا بناؤه، في إحدى الروايات، وهي اختيار أبي سعيد الإصطخريِّ وأبي عليٍّ
__________
(1) "صحيح البخاري": (3/696- 702) ؛ (فتح- 5/329- 333- رقم: 2732) .
(2) "الجامع": (3/253- 254- رقم: 1607) وفيه: (حسن صحيح) .
(3) "صحيح مسلم": (5/160) ؛ (فؤاد- 3/1388- رقم: 1767) .(4/623)
ابن أبي هريرة من الشافعيَّة.
والثانية: يجوز، كقول أكثر الفقهاء.
والثالثة: يجوز عمارة ما تشعث، فأمَّا إن استولى الخراب على جميعها، لم يجز إنشاؤها، وهي اختيار أبي بكر الخلال.
3105- أنبأنا ابن خيرون قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أنا ابن رزقويه بإسناد له عن عمر بن الخطَّاب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تبنى كنيسة في الإسلام، ولا يجدَّد ما خرب منها " (1) .
ز: هذا الحديث لا يثبت مرفوعًا، والله أعلم O.
*****
__________
(1) إسناد هذا الحديث ساقه العلامة ابن القيم في " أحكام أهل الذمة ": (2/701) فقال: (واحتج القاضي على المنع بحديث رواه عن الخطيب- كذا ويحرر- عن ابن رزقويه ثنا محمَّد ابن عمرو ثنا محمَّد بن غالب بن حرب ثنا بكر بن محمَّد القرشي ثنا سعيد بن عبد الجبار عن سعيد بن سنان عن ابن- كذا، وصوابه: أبي- الزاهرية عن كثير بن مرة قال: سمعت عمر ابن الخطاب ... ) فذكره مرفوعًا.
ورواه أبو الشيخ في " كتاب شروط الذمة "- كما في " فتاوى السبكي ": (2/372) - من طريق إبراهيم بن محمَّد بن الحارث عن سليمان بن داود عن سعيد بن الحباب عن عبيد بن بشار عن أبي الزاهرية به.
قال السبكي: هكذا في هذه الطريق عبيد بن بشار، وأظنه تصحيفًا ا. هـ
وفي هامش الأصل: (حـ: وذكره ابن عدي في "كامله" [] ) ا. هـ والكلام الأخير لم نتمكن من قراءته، والحديث رواه ابن عدي: (3/362- رقم: 801) تحت ترجمة سعيد ابن سنان الحمصي.(4/624)
مسائل الصيد
مسألة (761) : إذا أكل الكلب من الصيد لم يبح.
وعنه: أنَّه يباح، كقول مالك.
وعن الشافعيِّ كالمذهبين.
3106- قال البخاريُّ: حدَّثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال: سألت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " إذا أرسلت كلبك المعلَّم فقتل، فكل، فإذا أكل فلا تأكل، فإنَّما أمسكه على
نفسه " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
احتجُّوا:
3107- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا أحمد بن المقدام ثنا يزيد بن زريع ثنا حسين (3) المعلِّم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقال له: أبو ثعلبة- فقال: يا رسول الله، إن لي كلابًا مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال: " إن كانت لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك ". قال: ذكيٌّ وغير ذكيٍّ؟ قال: " ذكيٌّ وغير
__________
(1) "صحيح البخاري": (1/54- 55) ؛ (فتح- 1/279- رقم: 175) .
(2) "صحيح مسلم": (6/56- 57) ؛ (فؤاد- 3/1529- 1530- رقم: 1929) .
(3) في "التحقيق": (حبيب) ، وسينبه المنقح على أنه وقع في نسخة كذلك وهو الصواب.(4/625)
ذكيٍّ ". قال: وإن أكل منه؟ قال: " وإن أكل منه ". قال: يا رسول الله، أفتني في قوسي؟ قال: " كل ما رد عليك قوسك ". قال: ذكيٌّ وغير ذكيٍّ؟ قال: " ذكيٌّ وغير ذكيٍّ ". قال: وإن تغيب عني؟ قال: " وإن تغيب عنك،
ما لم يضل أو تجد فيه أثرًا غير سهمك " (1) .
ز: كذا وجدته في نسخة: (يزيد بن حسين) (2) ، وفي نسخة أخرى: (عن حبيب المعلم) (3) وهو الصواب، فإنَّ أبا داود رواه عن محمَّد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن حبيب (4) .
3108- وقال: ثنا محمَّد بن عيسى ثنا هشيم أنا داود بن عمرو عن بُسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي ثعلية قال: قال النبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صيد الكلب: " إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردَّت يدك- أو قال: وكل ما ردَّت عليك يدك- " (5) .
هذا إسنادٌ حسنٌ.
وداود بن عمرو الدمشقيُّ، عامل واسط: ثقةٌ مشهورٌ. قاله ابن معين (6) ، وقال أحمد: حديثه مقارب (7) . وقال العجليُّ: يكتب حديثه،
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/293- 294) .
(2) كذا بالأصل و (ب) ، ولعله: (يزيد عن حسين) .
(3) كما في "سنن الدارقطني".
(4) "سنن أبي داود": (3/388- 389- رقم: 2851) .
(5) "سنن أبي داود": (3/386- رقم: 2846) .
(6) قال في رواية الدارمي: (ص: 109- رقم: 321) : (ثقة) ، وقال في رواية الدوري - كما في " الجرح " لابن أبي حاتم: (3/120- رقم: 1917) -: (مشهور) ، ولم نقف عليه في النسخة المطبوعة من "تاريخه".
(7) "العلل" برواية عبد الله: (2/495- رقم: 3270) .(4/626)
وليس بالقويِّ (1) . وقال أبو زرعة: لا بأس به (2) .
وحديث عمرو بن شعيب: إسناده صحيحٌ إليه، فمن احتجَّ بعمرو فهو عنده صحيحٌ.
وقال البيهقيُّ: إلا أنَّ حديث أبي ثعلبة مخرَّج في "الصحيحين" (3) من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقيِّ عن أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي ثعلبة، وليس فيه ذكر الأكل.
وحديث الشعبيِّ عن عديٍّ أصحُّ من حديث داود بن عمرو الدمشقيِّ، ومن حديث عمرو بن شعيب، والله أعلم.
3109- وقد روى شعبة عن عبد ربِّه بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن رجل من هذيل أنَّه سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الكلب يصطاد، فقال: " كل، أكل أو لم يأكل " فصار حديث عمرو بهذا معلولا. انتهى كلامه (4) .
وقد يقال: ليس بين حديث عمرو وداود، وبين حديث عديٍّ المخرَّج في "الصحيحين"= منافاة، لأنَّه علل الأكل في حديث عديٍّ بكونه أمسك على نفسه، وفي هذا الحديث يحتمل أنَّه أكل منه بعد أن قتله وانصرف عنه، والله
أعلم O.
*****
__________
(1) "معرفة الثقات": (ترتيبه- 1/341- رقم: 425) .
(2) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/420- رقم: 1917) .
(3) هو فيهما:
"صحيح البخاري": (7/113- 114) ؛ (فتح- 9/604- 605- رقم: 5478) .
"صحيح مسلم": (6/58- 59) ؛ (فؤاد- 3/1532- رقم: 1930) .
(4) "سنن البيهقي": (9/238) .(4/627)
مسألة (762) : إذا قتل الكلب من غير جرح- نحو: إن صدمه فمات- لم يحل، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ (1) .
3110- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى عن سفيان قال: حدَّثني أبي عن عباية بن رافع بن خديج (2) عن جدِّه رافع بن خديج قال: قلت: يا رسول الله، إنَّا لاقوا العدو غدًا وليست معنا مدى؟ قال: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السنّ والظفر، وسأحدثك، أما السنُّ: فعظمٌ، وأمَّا الظفر: فمدى الحبش " (3) .
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
*****
مسألة (763) : لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم، خلافًا لأكثرهم.
__________
(1) وفي هامش الأصل: (حـ: وعن أحمد: يحل، كأحد قولي الشافعي، وهو الصحيح إن شاء الله) ا. هـ
(2) كذا بالأصل و (ب) وبعض نسخ "التحقيق"، وفي البعض الآخر و"المسند": (عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج) ، وسيأتي هكذا برقم: (3116) .
وفي هامش الأصل: (حـ: هو عباية بن رافع بن رفاعة- كذا- بن خديج، وقد روي عنه في هذا الحديث: عن جده، وقيل: عن أيه عن جده، والله أعلم، وسيأتي هذا الحديث وفيه: عن عباية بن رفاعة بن رافع) اهـ ولعل قوله: (عباية بن رافع بن رفاعة) حصل فيه تقديم وتأخير، وصوابه: (عباية بن رفاعة بن رافع) والله أعلم.
(3) "المسند": (4/140) .
(4) "صحيح البخاري": (7/122- 123) ؛ (فتح- 9/638- رقم: 5509) .
"صحيح مسلم": (6/78) ؛ (فؤاد- 3/1558- رقم: 1968) .(4/628)
3111- قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسماعيل أنا يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفَّل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لولا أنَّ الكلاب أمَّة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم " (1) .
فوجه الحجَّة: أنَّه أمر بقتله، وذلك يقتضي النهي عن إمساكه وتعليمه والاصطياد به.
ز: روى هذا الحديث أصحاب "السنن الأربعة" من رواية يونس - وهو: ابن عبيد-، وصحَّحه الترمذيُّ (2) .
والحسن سمع من ابن مغفَّل. قاله الإمام أحمد فيما رواه ابنه صالح عنه (3) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (764) : إذا أصاب صيدًا بالرمي فغاب عنه، ثم وجده ميتًا= حلَّ.
وعنه: إن وجده في يومه حلَّ، وإن بات عنه لم يحلّ.
وعنه: إن كانت الإصابة موجبة (4) حلَّ، وإلا فلا.
__________
(1) "المسند": (4/85) .
(2) "سنن أبي داود": (3/383- رقم: 2838) ؛ "الجامع" للترمذي: (3/152- رقم: 1486) ؛ "سنن النسائي": (7/185- رقم: 4280) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/1069- رقم: 3205) .
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/41- رقم: 177) .
(4) في "التحقيق": (موحية) .(4/629)
وهكذا إذا أرسل الكلب فغاب عنه، ثم وجده قتيلاً.
وقال أبو حنيفة: إن اشتغل بطلبه حلَّ، وإلا فلا.
وقال الشافعيُّ- في أحد القولين-: لا يحلُّ بحالٍ.
لنا حديثان:
الحديث الأوَّل: حديث عمرو بن شعيب، وقد تقدَّم (1) .
3112- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا هشيم عن أبي بشر (2) عن سعيد بن جبير عن عديِّ بن حاتم قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت: يرمي أحدنا الصيد، فيغيب عنه ليلة أو ليلتين، فيجده وفيه سهمه،
قال: " إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره، وعلمت أنَّ سهمك قتله فكله " (3) .
ز: رواه النسائيُّ عن زياد بن أيُّوب عن هشيم (4) O.
3113- حديث آخر: قال الترمذيُّ: حدَّثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود أنا شعبة عن أبي بشر قال: سمعت سعيد بن جبير يحدِّث عن عديِّ بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، أرمي الصيد، فأجد فيه سهمي من الغد؟
قال: " إذا علمت أنَّ سهمك قتله، ولم تر فيه أثر سبع فكل " (5) .
ز: قال الترمذيُّ: روى شعبة هذا الحديث عن أبي بشر وعبد الملك بن
__________
(1) رقم: (3107) .
(2) في "التحقيق": (بشير) .
(3) "المسند": (4/377) .
(4) "سنن النسائي": (7/193- رقم: 4300) .
(5) "الجامع": (3/136- رقم: 1468) .(4/630)
ميسرة عن سعيد بن جبير عن عديِّ بن حاتم، وكلا الحديثين صحيحٌ (1) .
وقد رواه النسائيُّ من رواية خالد بن الحارث عن شعبة عنهما (2) ، والله أعلم O.
3114- طريق آخر: قال الترمذيُّ: حدَّثنا أحمد بن منيع ثنا عبد الله قال: أخبرني عاصم الأحول عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصيد، فقال: " إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن
وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء فلا تأكل، فإنَّك لا تدري الماء قتله أو سهمك " (3) .
قال الترمذيُّ: الحديثان صحيحان.
ز: رواه مسلمٌ في "صحيحه" عن يحيى بن أيُّوب عن عبد الله بن المبارك به (4) O.
3115- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا عبَّاد بن عبَّاد المهلبيُّ عن عاصم الأحول عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم أنَّه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أرمي بسهمي فأصيب، فلا أقدر عديه إلا بعد يوم أو يومين؟ فقال: " إذا قدرت عليه وليس فيه أثرٌ ولا خدشٌ إلا رميتك فكل، وإن وجدت فيه أثرًا غير رميتك فلا تأكله، فإنَّك لاتدري
__________
(1) كلذا نقل كلام الترمذي الحافظ المزي في "تحفة الأشراف": (7/274- رقم: 9854) .
وفي مطبوعة "الجامع": (وروى شعبة هذا الحديث عن أبي بشر وعبد الملك بن ميسرة عن سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم وعن أبي ثعلبة الخشني مثله، وكلا الحديثين صحيح) ا. هـ
(2) "سنن النسائي": (7/193- رقمي: 4301- 4302) .
(3) "الجامع": (3/137- رقم: 1469) .
(4) "صحيح مسلم": (6/58) ؛ (فؤاد- 3/1531- رقم: 1929) .(4/631)
أنت قتلته أم غيرك " (1) .
ز: هذا إسنادٌ صحيحٌ، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب "الكتب السِّتَّة" من حديث عبَّاد، والله أعلم O.
*****
مسألة (765) : إذا توحشَّ الإنسيُّ من الحيوان- كالبعير يند، والفرس يشرد- فذكاته حيث يجرح من بدنه، وهكذا إذا تردَّى في بئر فلم يقدر على ذبحه.
وقال مالكٌ: لا تجوز ذكاته إلا في الحلق واللبَّة.
3116- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى عن سفيان قال: حدَّثني أبي عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج [عن جده رافع بن خديج] (2) قال: أصابنا نهب إبل، فندّ منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيءٌ فافعلوا به هكذا" (3) .
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
احتجُّوا:
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/294) .
(2) زيادة استدركت من (ب) و"التحقيق" و"المسند".
(3) "المسند": (4/140) .
(4) "صحيح البخاري": (7/122- 123) ؛ (فتح- 9/638- رقم: 5509) .
"صحيح مسلم": (6/78) ؛ (فؤاد- 3/1558- رقم: 1968) .(4/632)
بقوله: " لا ذكاة إلا في الحلق واللبَّة ".
وسيأتي بإسناده (1) ، وذلك في المقدور عليه.
*****
مسألة (766) : متروك التسمية لا يحلُّ، سواء ترك التسمية عامدًا أو ساهيًا.
وعنه: إن تركها عامدًا لم يحل، وإن تركها ناسيًا حلَّ، وهو قول أبي حينفة ومالك.
وعنه: إن نسيها على الذبيحة حلَّت، فأمَّا على الصيد فلا (2) .
وعنه: إن نسيها على السهم حلَّت، فأمَّا على الكلب والفهد فلا.
وقال الشافعيُّ: يحلُّ، سواء تركها عامدًا أو ناسيًا.
لنا:
قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [الأنعام: 121] .
ولنا حديثان:
أحدهما: حديث رافع بن خديج: " ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل ".
__________
(1) رقم: (3125) .
(2) هذه الرواية سقطت من "التحقيق".(4/633)
وقد سبق بإسناده (1) .
3117- الحديث الثاني: قال البخاريُّ: حدَّثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، قال: " فلا تأكل، فإنَّما سمَّيت على كلبك، ولم تسمّ على كلبٍ آخر " (2) .
أخرجاه في "الصحيحين" (3) .
3118- طريق آخر: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ أرضي أرض صيد. قال: " إذا أرسلت كلبك وسمَّيت فكل ما أمسك عليك
كلبك وإن قتل، فإن أكل منه فلا تأكل، فإنَّه إنَّما أمسك على نفسه " (4) .
ز: أخرجاه في "الصحيحين" من حديث عاصم الأحول (5) .
ورواه النسائيُّ من رواية معمر (6) ، والله أعلم O.
احتجُّوا بأربعة أحاديث:
3119- الحديث الأوَّل: قال البخاريُّ: حدَّثنا محمَّد بن عبيد الله ثنا
__________
(1) رقم: (3110) .
(2) "صحيح البخاري": (1/54- 55) ؛ (فتح- 1/279- رقم: 175) .
(3) "صحيح مسلم": (6/56- 57) ؛ (فؤاد- 3/1529- 1530- رقم: 1929) .
(4) "المسند": (4/257) .
(5) "صحيح البخاري": (7/115) ؛ (فتح- 9/610- رقم: 5484) .
"صحيح مسلم": (6/58) ؛ (فؤاد- 3/1531- رقم: 1929) .
(6) "سنن النسائي": (7/183- 184- رقم: 4275) .(4/634)
أسامة بن حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ قومًا قالوا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ قومًا يأتونا باللحم لا ندري: أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: " سمُّوا عليه أنتم وكلوه ". قالت: وكانو حديثي عهد بالكفر (1) .
انفرد بإخراجه البخاريُّ.
3120- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمَّد بن نوح العسكريُّ ثنا يحيى بن يزيد الأهوازيُّ ثنا أبو همَّام محمَّد بن الزبرقان عن مروان بن سالم عن الأوزاعيِّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال: سأل رجلٌ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله عز وجل؟ فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسم الله على فم كلِّ مسلمٍ " (2) .
3121- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو حاتم الرازيُّ ثنا محمَّد بن يزيد ثنا معقل عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المسلم إن نسي أن يسمِّي حين يذبح، فليسمِّ، وليذكر اسم الله، ثم ليأكل " (3) .
3122- الحديث الرابع: قال أبو داود في " المراسيل ": حدَّثنا مسدَّد ثنا عبد الله بن داود عن ثور بن يزيد عن الصلت قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذبيحة المسلم حلالٌ، ذكر اسم الله أو لم يذكر " (4) .
والجواب:
__________
(1) "صحيح البخاري": (7/122) ؛ (فتح- 9/634- رقم: 5507) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/295) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/296) .
(4) " المراسيل " (ص: 278- رقم: 378) .(4/635)
أمَّا الحديث الأوَّل: فالظاهر تسميتهم.
وأمَّا الثاني: ففيه: مروان بن سالم، قال أحمد: ليس بثقة (1) . وقال النسائيُّ (2) والدَّارَقُطْنِيُّ (3) : متروكٌ.
وأمَّا الثالث: ففيه: معقل، وهو مجهولٌ.
وأمَّا الرابع: فمرسلٌ.
ز: حديث مروان بن سالم القَرْقَسانيُّ: رواه أبو أحمد بن عديٍّ عن عبدان عن يحيى بن يزيد والحسن بن الحارث، كلاهما عن أبي همَّام عنه، وقال: عامَّة حديث مروان بن سالم مما لا يتابعه الثقات عليه (4) .
وقال البيهقيُّ: مروان بن سالم الجزريُّ ضعيفٌ، ضعَّفه أحمد بن حنبل والبخاريُّ وغيرهما، وهذا الحديث منكرٌ بهذا الإسناد (5) .
وأمَّا حديث معقل عن عمرو: فلم يخرِّجوه.
وقول المؤلِّف في معقل: (إنَّه مجهولٌ) خطأ بيِّن، فإنَّ معقلاً مشهورٌ، وهو: ابن عبيد الله الجزريُّ، وقد روى له مسلمٌ في "صحيحه" (6) ، واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين: فمرَّة وثَّقه (7) ، ومرَّة ضعَّفه (8) ،
__________
(1) "العلل" برواية عبد الله: (3/210- رقم: 4909) .
(2) "الضعفاء": (ص: 215- رقم: 558) وفيه: (متروك الحديث) .
(3) "العلل": (5/138- رقم: 773) وفيه: (متروك الحديث) .
(4) "الكامل": (6/385- رقم: 1870) .
(5) "سنن البيهقي": (9/240) .
(6) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/267- رقم: 1661) .
(7) "سؤالات ابن الجنيد": (ص: 364- رقم: 377) ؛و" معرفة الرجال " برواية ابن محرز: (1/109- رقم: 508) .
(8) "الكامل" لابن عدي: (6/452- رقم: 1934) من رواية معاوية بن صالح.(4/636)
وقد ذكره المؤلِّف في "الضعفاء" فقال: معقل بن عبيد الله الجزريُّ، يروي عن عمرو بن دينار، قال يحيى: ضعيفٌ (1) . لم يزد على هذا.
ومحمَّد بن يزيد- الراوي عن معقل- هو: ابن سنان الجزريُّ، ابن أبي فروة، الرهاويُّ، قال أبو داود: ليس بشيءٍ (2) . وقال النسائيُّ: ليس بالقويِّ (3) . وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ضعيفٌ (4) . وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (5) .
والصحيح أنَّ هذا الحديث موقوفٌ على ابن عبَّاس، كذلك رواه سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن عين- وهو عكرمة- عن ابن عبَّاس (6) O.
*****
مسألة (767) : لا يشرع عند الاصطياد والذبح الصلاة على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الشافعيُّ: يستحب ذلك.
__________
(1) "الضعفاء": (3/130- رقم: 3374) .
(2) " سؤالات الآجري ": (2/269- رقم: 1813) .
(3) "تهذيب الكمال" للمزي: (27/21- رقم: 5700) .
(4) "سنن الدارقطني": (1/172) .
(5) "الثقات": (9/74) .
(6) قال الحافظ الزيلعي في "نصب الراية": (4/183) - بعد أن نقل كلام ابن عبد الهادي السابق-: (قلت: أخرجه كذلك عبد الرزاق في " مصنفه " في الحج: حدَّثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء حدَّثنا عين- يعني عكرمة- عن ابن عباس قال: إن في المسلم اسم الله، فإن ذبح ونسي أن يذكر اسم الله فليأكل، وإن ذبح المجوسي وذكر اسم الله فلا تأكل. انتهى) اهـ وهو في " المصنِّف ": (4/481- رقم: 8548) .(4/637)
3123- وقد روى أصحابنا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " موطنان لا حظَّ لي فيهما: عند العطاس والذبح ".
ز: 3124- قال الحاكم: حدَّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنا إسماعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى أنا سليمان بن عيسى أخبرني عبد الرحيم بن زيد العَمِّيُّ عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تذكروني عند ثلاثٍ: عند تسمية الطعام، وعند الذبح، وعند العطاس " (1) .
هذا منقطعٌ، وإسناده ساقطٌ، فإنَّ عبد الرحيم وأباه ضعيفان، وعبد الرحيم أشدُّهما ضعفًا.
وسليمان بن عيسى بن نجيح السِّجْزِيُّ: يضع الحديث. قاله ابن عَدِيٍّ (2) وغيره، وكذَّبه أبو حاتم (3) والجوزجانيُّ (4) ، ولو عرف يحيى بن يحيى حاله ما استجاز الرواية عنه، والله أعلم O.
*****
__________
(1) ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في "سننه": (9/286) .
(2) "الكامل": (3/289- رقم: 758) .
(3) "الجرح والتعديل": (4/134- رقم: 586) .
(4) " الشجرة في أحوال الرجال ": (ص: 351- رقم: 389) .(4/638)
مسائل الذبح
مسألة (768) : لا تجوز الذَّكاة بالسِّنِّ والظفر.
وقال أبو حنيفة: تجوز بهما، إذا كانا منفصلين.
وعن مالك: أنَّه يباح بالسِّنِّ والعظم.
لنا:
حديث رافع بن خديج: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه [فكل] (1) ، ليس السنّ والظفر، وسأحدثك، أمَّا السنُّ: فعظمٌ، وأمَّا الظفر: فمدى الحبش ".
وقد سبق بإسناده (2) .
*****
مسألة (769) : يجزئ في الذَّكاة قطع الحلقوم والمريء.
وعنه: لا يجزئ حتَى يقطع مع ذلك الودجين، وبه قال مالك.
فالحلقوم: مجرى النفس، والمريء: مجرى الطعام، والودجان: عرقان محيطان بالحلقوم.
وقال أبو حنيفة: يجزى قطع ثلاثة من الأربعة.
3125- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا محمَّد بن سليمان الواسطيُّ ثنا سعيد بن سلام العطَّار ثنا عبد الله بن بُديل الخزاعيُّ عن الزهريِّ عن
__________
(1) زيادة من "التحقيق".
(2) رقم: (3110) .(4/639)
سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال: بعث رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُديل بن ورقاء الخزاعيَّ على جمل أورق، يصيح في فجاج منى: ألا إنَّ الذَّكاة في الحلق واللبَّة (1) .
ز: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فإنَّ عبد الله بن بُديل: ضعَّفه أبو بكر النيسابوريُّ (2) والدَّارَقُطْنِيُّ (3) ، ووثَّقه ابن حِبَّان (4) .
وسعيد بن سلام العطَّار: أجمع الأئمة على ترك الاحتجاج بحديثه، وكذَّبه ابن نمير (5) ، وقال البخاريُّ: يذكر بوضع الحديث (6) . وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ، يحدِّث بالبواطيل (7) O.
*****
مسألة (770) : لا تحلُّ ذبائح نصارى العرب.
وقال أبو حنيفة: تحلُّ.
3126- روى أصحابنا من حديث ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ذبائح نصارى العرب.
ز: هذا الحديث لا يثبت O.
3127- وقال سعيد بن منصور: حدَّثنا هشيم عن يونس عن ابن
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/283) .
(2) "سنن الدارقطني": (2/200- 201) .
(3) المرجع السابق: (2/200) .
(4) "الثقات": (7/21) .
(5) "العلل" لعبد الله بن أحمد: (3/361- رقم: 5585) .
(6) " التاريخ الأوسط ": (2/243- من مات بين 215-220) .
(7) "سؤالات البرقاني": (ص: 32- رقم: 177) .(4/640)
سيرين عن عَبيدة السلمانيِّ عن عليٍّ عليه السلام قال: لا تأكلوا من ذبائح نصارى بني تغلب، فإنَّهم لم يتمسَّكوا من النصرانيَّة بشيءٍ، إلا بشربهم الخمر.
مسألة (771) : إذا مات الجراد بغير سببٍ= حلَّ أكله.
وقال مالكٌ: لا يحلُّ إلا إذا مات بسبب، نحو أن يقطف رأسه، أو يقع في نار فيحترق.
3128- قال الإمام أحمد: حدَّثنا سريج ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم (1) عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحلت لنا ميتتان ودمان، فأمَّا الميتتان: فالحوت والجراد، وأمَّا الدمان: فالكبد والطحال " (2) .
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وقد رواه سليمان بن بلال عن زيد بن أمسلم عن ابن عمر موقوفًا، وهو أصحُّ (3) .
ورواه المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي
__________
(1) (عن زيد بن أسلم) سقط من "التحقيق".
(2) "المسند": (2/97) .
(3) لم نقف عليه في مطبوعة "سنن الدارقطني" ولا في "إتحاف المهرة" لابن حجر: (8/325) ، فلعله في بعض نسخ "السنن" أو في كتاب آخر، والله أعلم.
وقال الدارقطني في "العلل": (11/266- 267- رقم: 2277) - وقد سئل عن هذا الحديث من رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد-: (يرويه المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد، وخالفه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فرواه عن أبيه عن ابن عمر عن النبي، وغيره يرويه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفًا، وهو الصواب) اهـ
(فائدة) قال الدارقطني في " تعليقاته على المجروحين لابن حبان ": (ص: 160) : (" أحلت لكم ميتتان " ليس له إسناد جيد البتة) ا. هـ(4/641)
سعيد الخدريِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يصحُّ، والمسور ضعيفٌ.
قال المصنِّف: قلت: المسور قد كذَّبه أحمد بن حنبل (1) ، وقال ابن حِبَّان: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به (2) .
ز: حديث عبد الرحمن بن زيد: رواه ابن ماجة عن أبي مصعب عنه (3) .
وعبد الرحمن: ضعَّفه جماعة من الأئمة.
وقد رواه الشافعيُّ عنه (4) ، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن المحامليِّ عن عليِّ بن مسلم عنه.
ورواه أيضًا عن محمَّد بن مخلد عن إبراهيم بن محمَّد العتيق عن مطرِّف عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه (5) .
وعبد الله: وثَّقه بعض الأئمة، وضعَّفه بعضهم.
وقد رواه إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمن وعبد الله وأسامة بني زيد بن أسلم عن أبيهم مرفوعًا.
وقد روى عبَّاس الدوريُّ عن يحيى بن معين أنَّه قال: بنو زيد بن أسلم ثلاثتهم حديثهم ليس بشيءٍ، ضعفاء ثلاثتهم (6) . وقال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن ولد زيد بن أسلم، أيهم أحبُّ إليك؟ قال: أسامة.
__________
(1) "المجروحين" لابن حبان: (3/31) .
(2) المرجع السابق.
(3) "سنن ابن ماجة": (12/1073- رقم: 3218) .
(4) "الأم": (2/233) .
(5) "سنن الدارقطني": (4/271- 272) .
(6) "التاريخ": (3/157- رقم: 664) مع اختلاف يسير.(4/642)
قلت: ثم من؟ قال: عبد الله (1) . وقال البخاريُّ: ضعَّف عليٌّ عبدَ الرحمن ابن زيد بن أسلم. قال: وأمَّا أخواه أسامة وعبد الله فذكر عنهما صحَّةً (2) .
والصحيح في هذا الحديث ما رواه سليمان بن بلال- الثقة الثبت- عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنَّه قال: أحلت لنا ميتتان ... وهو موقوفٌ في حكم المرفوع، والله أعلم.
3129- وقال الخطيب: أخبرنا الحسن بن عليٍّ الجوهريُّ أنا أبو الحسن عليُّ بن محمَّد بن أحمد بن لؤلؤ الورَّاق ثنا ابن الحسن (3) بن سليمان القطيعيُّ ثنا محمَّد بن مسكين ثنا يحيى بن حسَّان ثنا مسور بن الصلت- كتبت
عنه ببغداد- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو حديث قبله قال: " أحلَّ لنا من الميتة ميتتان، ومن الدم دمان: الحيتان والجراد؛ والطحال والكبد " (4) .
ومسور هو: ابن الصلت بن ثابت بن وردان، أبو الحسن مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من أهل المدينة، وقيل: بل هو كوفيٌّ، قدم بغداد. وقد ضعَّفه أيضًا البخاريُّ (5) وأبو زرعة (6) وأبو حاتم (7) وغيرهم، وقال أبو حاتم: ضعَّفه أحمد بن حنبل (8) . وقال النسائيُّ: متروك الحديث (9) . والله أعلم O.
*****
__________
(1) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/233- رقم: 1107) .
(2) " التاريخ الأوسط ": (2/164- من مات بين: 110- 190) .
(3) في "تاريخ بغداد": (علي بن الحسن) .
(4) "تاريخ بغداد": (13/245- رقم: 7206) تحت ترجمة مسور بن الصلت.
(5) "التاريخ الكبير": (7/411- رقم: 1804) .
(6، 7، 8) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/298- رقم: 1374) .
(9) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 220- رقم: 572) .(4/643)
مسألة (772) : يحلُّ أكل السمك الطافي.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّ.
3130- قال الإمام أحمد: حدَّثنا حسن بن موسى ثنا زهير ثنا أبو الزبير عن جابر قال: بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمَّر علينا أبا عبيدة، وزوَّدنا جرابًا من تمر، لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، فرفع لنا على سعاحل البحر على هيئة الكثيب الضخم، فإذا هو دابة تدعى العنبر، فأكلنا منها حتَّى سمنا، فلمَّا قدمنا أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرنا ذلك له، فقال: " هل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ ". فأرسلنا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأكله (1) .
أخرجه مسلمٌ في "صحيحه" (2) .
احتجُّوا بحديث، وله ثلاث طرق:
3131- الطريق الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلوا ما حسر عنه البحر، وما ألقى، وما وجدتموه ميِّتًا أو طافيًا فوق الماء فلا تأكلوه ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به عبد العزيز عن وهب، وعبد العزيز ضعيفٌ لا يحتجُّ به (3) .
وقال أحمد: هو ضعيفٌ، والحديث ليس بصحيحٍ.
__________
(1) "المسند": (3/311- 312) .
(2) "صحيح مسلم": (6/61) ؛ (فؤاد- 3/1535- 1536- رقم: 1935) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/267- 268) .(4/644)
وقال النسائيُّ: هو متروكٌ (1) .
3132- الطريق الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا محمَّد بن عليٍّ الكوفيُّ ثنا أبو أحمد الزبيريُّ ثنا سفيان الثوريُّ عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا طفا فلا تأكله، وإذا جهر عنه فكله، وما كان على حافتيه فكله " (2) .
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يسنده عن الثوريِّ غير أبي أحمد، ورواه وكيع وعبد الرزَّاق ومؤمَّل وغيرهم عن الثوريِّ موقوفًا (3) .
وكذلك رواه أيُّوب السَّختيانيُّ وعبيد الله بن (4) عمر وابن جريج وزهير وحمَّاد بن سلمة وغيرهم عن أبي الزبير موقوقًا.
ولا يصحُّ رفعه (5) .
ز: رواه الطبرانيُّ عن عليِّ بن إسحاق الأصبهانيِّ عن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد، وقال: لم يرفع هذا الحديث عن سفيان إلا أبو أحمد (6) .
وقال البيهقيُّ: هو واهمٌ فيه (7) O.
3133- الطريق الثالث: قال أبو داود: حدَّثنا أحمد بن عبدة (8) ثنا
__________
(1) انظر: "الضعفاء" لابن الجوزي: (2/110- رقم: 1955) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/268) .
(3) في "سنن الدارقطني": (وهو الصواب) .
(4) في (ب) : (عن) خطأ.
(5) "سنن الدارقطني": (4/268) .
(6) ومن طريق الطبراني رواه البيهقي في "سننه": (9/255) .
(7) المرجع السابق.
(8) في (ب) (عبيدة) خطأ.(4/645)
يحيى بن سليم الطائفيُّ ثنا إسماعيل بن أميَّة عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما ألقى البحر، أو جزر عنه، فكلوه: وما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه ".
وفي هذه الطريق: إسماعيل بن أميَّة، وهو متروكٌ.
قال أبو داود: وقد رواه سفيان وأيُوب وحمَّاد عن أبي الزبير، فوقفوه على جابر (1) .
ز: رواه ابن ماجة عن أحمد بن عبدة (2) .
وقال البيهقيُّ: يحيى بن سليم الطائفيُّ كثير الوهم، سيء الحفظ، وقد رواه غيره عن إسماعيل بن أميَّة موقوفًا (3) .
وقال غيره: رواه إسحاق بن عبد الواحد الموصليُّ عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أميَّة عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) .
وقول المؤلف في إسماعيل بن أميَّة: (هو متروكٌ) وهمٌ فاحشٌ، فإنَّه مجمعٌ على ثقته! وهو إسماعيل بن أميَّة القرشيُّ، الأمويُّ، المكيُّ، ابن عم أيُّوب بن موسى، وقد روى له البخاريُّ (5) ومسلمٌ (6) في "صحيحيهما".
وأمَّا المتروك: فآخر غيره، وليس هو في طبقته، والله أعلم.
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/303- 304- رقم: 3809) .
(2) "سنن ابن ماجة": (2/1081- رقم: 3247) .
وفي (ب) : (عبيدة) خطأ.
(3) "سنن البيهقي": (9/256) .
(4) انظر: "تحفة الأشراف" للمزي: (2/287- رقم: 2657) .
(5) "التعديل والتجريح" للباجي: (1/365- رقم: 64) .
(6) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/56- رقم: 67) .(4/646)
وقال أبو زكريا النوويُّ: وأما الحديث المروي عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما طفاه البحر أو جزر عنه (1) ، فكلوه؟ وما مات فيه فطفا، فلا تأكلوه " فحديثٌ ضعيفٌ باتفاق أئمة الحديث (2) .
3134- وقد روى الترمذيُّ عن الحسين بن يزيد عن حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما اصطدتموه وهو حيٌّ فكلوه، وما وجدتم (3) ميِّتًا طافيًا فلا تأكلوه ".
قال أبو عيسى: سألت محمَّدا عن هذا الحديث، فقال: ليس هذا بمحفوظ، ويروى عن جابر خلاف هذا، ولا أعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئًا (4) .
وقال أبو داود: وقد أسند هذا الحديث أيضًا من وجه آخر ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (5) .
ومراده هذا الذي ذكره الترمذيُّ.
قال البيهقيُّ: وقد رواه أيضًا يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير مرفوعًا، ويحيى متروكٌ، لا يحتجُّ به (6) .
__________
(1) في " شرح مسلم ": (ما ألقاه البحر وجزر عنه) .
(2) " شرح مسلم " (13/86- 87) .
(3) في "العلل الكبير": (وما وجدتموه) .
(4) "العلل الكبير": (ترتيبه- ص: 242- رقم: 439) .
(5) "سنن أبي داود": (4/304- رقم: 3809) .
(6) هنا جملة زائدة في مطبوعة "سنن البيهقي" يبدو- والله أعلم- أنها سقطت من الأصل بسبب انتقال النظر، وهي: (ورواه عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعًا، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به) .(4/647)
ورواه بقيَّة بن الوليد عن الأوزاعيِّ عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا، ولا يحتجُّ بما ينفرد به بقيَّة، فكيف بما يخالف فيه؟!
وقول الجماعة من الصحابة على خلاف قول جابر، مع ما روينا عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في البحر: " هو الطهور ماؤه، الحلُّ ميتته ". وبالله التوفيق (1) O.
*****
مسألة (773) : الجنين يتذَّكى بذكاة أمِّه.
وقال أبو حنيفة: لا يتذكَّى.
وقال مالكٌ كقولنا إن خرج وقد كمل خلقه ونبت شعره، وكقولهم إن لم يكن كذلك.
لنا حديثان:
3135- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو عبيدة ثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي الودَّاك جبر بن نوف عن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذكاة الجنين ذكاة أمِّه " (2)
ز: رواه ابن حِبَّان البستيُّ عن محمَّد بن إسحاق الثقفيِّ عن عليِّ بن أنس العسكريِّ عن أبي عبيدة الحدَّاد (3) O.
__________
(1) "سنن البيهقي": (9/256) .
(2) "المسند": (3/39) .
(3) "الإحسان" لابن بلبان: (13/206- 207- رقم: 5889) .(4/648)
3136- طريق آخر: قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن زكريا بن (1) أبي زائدة ثنا مجالد عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد الخدريِّ قال: سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجنين يكون في بطن الناقة، أو البقرة، أو الشاة، فقال: " كلوه إن شئتم، فإنَّ ذكاته ذكاة أمِّه " (2) .
ز: رواه أبو داود عن القَعنبيِّ عن ابن المبارك، وعن مسدَّد عن هشيم (3) .
ورواه الترمذيُّ عن بندار عن يحيى، وعن سفيان بن وكيع عن حفص ابن غياث (4) .
ورواه ابن ماجة عن أبي كريب عن ابن المبارك وأبي خالد الأحمر وعبدة ابن سليمان (5) .
كلّهم عن مجالد به.
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ O.
3137- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن حمدويه المروزيُّ ثنا معمر بن محمَّد البلخيُّ ثنا عصام بن يوسف ثنا مبارك بن مجاهد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسؤل الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الجنين: " ذكاته ذكاة أمِّه، أشعر أو لم يشعر " (6) .
__________
(1) في "التحقيق": (عن) خطأ.
(2) "المسند": (3/31) .
(3) "سنن أبي داود": (4/374- رقم: 2820) .
(4) "الجامع": (3/143- رقم: 1476) .
(5) "سنن ابن ماجة": (2/271- رقم: 3199) .
(6) "سنن الدارقطني": (4/271) .(4/649)
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: الصواب أنَّه من قول ابن عمر (1) .
ز: مبارك بن مجاهد: تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ما أرى بحديثه بأسًا، وكان قتيبة بن سعيد ضعَّفه جدًّا، وقال: كان قدريًّا (2) . وقال ابن حِبَّان: هو منكر الحديث، ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد (3) .
3138- وقال الطبرانيُّ: ثنا أحمد بن يحيى الأنطاكيُّ قُرقُرة ثنا عبد الله ابن نصر الأنطاكيُّ ثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذكاة الجنين ذكاة أمِّه "
قال الطبرانيُّ: لم يروه موفوعًا عن عبيد الله إلا أبو أسامة، تفرَّد به عبد الله بن نصر (4) .
وقد رواه أبو بكر بن أبي داود عن عبد الله بن نصر (5) .
وسُئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ، فقال: اختلف في رفعه على نافع: فرواه محمَّد بن إسحاق واختلف عنه: فرواه محمَّد بن الحسن- هو المزنيُّ الواسطيُّ- عن محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر موفوعًا (6) .
__________
(1) يأتي كلامه بتمامه في زوائد المنقح.
(2) "الجرح والتعديل": (8/340- 341- رقم: 1561) .
(3) "المجروحين" (3/23) .
(4) " المعجم الصغير ": (ص: 16- رقم: 20) .
(5) ومن طريق أبي بكر بن أبي داود رواه الضياء في "المختارة" (ق328/أمسند ابن عمر) .
(6) من قوله: (واختلف عنه) إلى هنا سقط من (ب) .(4/650)
وخالفه ابن عيينة وهشيم وعليُّ بن مسهر عن ابن إسحاق، فقالوا: عن نافع عن ابن عمر موقوفًا.
واختلف عن عبيد الله بن عمر:
فقال عبد الله بن نصر الأنطاكيُّ. عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر [مرفوعًا] (1) ، وتابعه مبارك بن مجاهد عن عبيد الله فرفعه أيضًا.
وغيرهما يرويه عن عبيد الله موقوفًا.
ورواه مالك بن أنس، واختلف عنه:
فرواه أحمد بن عصام الموصليُّ- وهو ليس بثقةٍ - عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخالفه أصحاب "الموطأ" فرووه عن مالك عن نافع عن ابن عمر قوله، وهو الصواب عن مالك.
ورواه أيُّوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّث به محمَّد بن مسلم الطائفيُّ عنه.
ورفعه يزيد بن عياض وخصيف عن نافع عن ابن عمر أيضًا.
ورواه أيُّوب السَّختيانيُّ وابن جريج ومالك بن مغول وعليُّ بن ثابت الأنصاريُّ عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهو الصحيح (2) O.
__________
(1) في الأصل و (ب) : (موقوفًا) ، والتصويب من "المختارة"، ويدل على صحة ما فيها الكلام الآتي، والله أعلم.
(2) "المختارة" (ق 238/أ - ب- مسند ابن عمر) .(4/651)
مسألة (774) : السنَّة نحر الإبل، فإن ذبحها جاز.
وقال داود: لا يجوز.
وعن مالك كالمذهبين.
لنا:
قوله: " لا ذكاة إلا في الحلق واللبَّة ".
وقد سبق مسندًا (1) .
*****
مسألة (775) : يحلُّ أكل الضبع، وفي الثعلب روايتان.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّ أكلهما.
3139- قال الترمذيُّ: حدَّثنا أحمد بن منيع ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمَّار قال: قلت لجابر: الضبع صيدٌ هي؟ قال: نعم. قلت: فنأكلها؟ قال: نعم. قلت: أقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم.
قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2) .
ز: رواه باقي أصحاب "السنن" من حديث عبد الله بن عبيد (3) ،
__________
(1) رقم: (3125) .
(2) "الجامع": (2/198- رقم: 851؛ 3/388- رقم: 1791) .
(3) "سنن أبي داود": (4/298- 299- رقم: 3795) ؛ "سنن النسائي": (5/191- رقم: 2836) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/1030- رقم: 3085) .(4/652)
وصحَّحه البخاريُّ (1) .
وقال البيهقيُّ: هو حديثٌ جيِّد، تقوم به الحجَّة (2) O.
*****
مسألة (776) : يحلُّ أكل الضبِّ، وفي اليربوع روايتان.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّ.
لنا حديثان:
3140- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عتَّاب (3) ثنا عبد الله- يعني ابن المبارك- ثنا يونس عن الزهريِّ قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنَّ ابن عبَّاس أخبره أنَّ خالد بن الوليد أخبره أنَّه دخل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ميمونة، فوجد عندها ضبًّا محنوذا، فقدمت الضبَّ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأهوى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده إلى الضبِ، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قدمتن إليه. قلن: هو الضبُّ. فرقع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده، فقال خالدٌ: أحرامٌ الضبُّ، يا رسول الله؟ قال: " لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه ". قال خالدٌ: فاجتررته، فأكلته، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إليَّ، فلم ينهني (4) .
__________
(1) "العلل الكبير": (ترتيبه- ص: 297- رقم: 551) .
(2) "سنن البيهقي": (5/183) .
(3) في "التحقيق": (غياث) خطأ.
(4) "المسند": (4/89) .(4/653)
أخرجاه (1) .
3141- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سليمان عن جابر بن عبد الله أنَّ عمر بن الخطَّاب قال: إنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرِّم الضبَّ، ولكنَّه قذره (2) .
ز: رواه ابن ماجة عن يحيى بن خلف عن عبد الأعلى عن سعيد (3) .
ورواه مسلمٌ من رواية معقل عن أبي الزبير عن جابر عن عمر (4)
بنحوه (5) O.
*****
مسألة (777) : يحلُّ أكل لحوم الخيل.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّ.
لنا حديثان:
3142- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا عمرو بن دينار عن محمَّد بن عليِّ عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأذن في لحوم الخيل (6) .
__________
(1) "صحيح البخاري": (7/94) ؛ (فتح- 9/534- رقم: 5391) .
"صحيح مسلم": (6/68) ؛ (فؤاد- 3/1543- 1544- رقم: 1946) .
(2) "المسند": (1/29) .
(3) "سنن ابن ماجة": (2/1079- رقم: 3239) .
(4) (عن عمر) غير موجود في (ب) .
(5) "صحيح مسلم": (6/70) ؛ (فؤاد- 3/1545- 1546- رقم: 1950) .
(6) "المسند": (3/361) ، "صحيح البخاري": (5/429) ، (فتح- 7/481- رقم: 4219) .
"صحيح مسلم": (6/66) ؛ (فؤاد- 3/1541- رقم: 1941) .(4/654)
3143- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت: نحرنا في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرسًا فأكلناه (1) .
الحديثان في "الصحيحين".
احتجُّوا:
3144- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمَّد ابن حرب ثنا سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جدِّه المقدام بن معد يكرب عن خالد بن الوليد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " حرام عليكم لحوم الحمر الأهليَة وخيلها " (2) .
3145- قال أحمد: وحدَّثنا يزيد بن عبد ربِّه ثنا بقيَّة بن الوليد ثنا ثور ابن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جدِّه عن خالد بن الوليد قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير (3) .
والجواب:
قال أحمد: هذا حديثٌ منكرٌ (4) .
وقال موسى بن هارون الحافظ: لا نعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجدِّه (5) .
__________
(1) "المسند": (6/345) ؛ "صحيح البخاري": (7/123) ، (فتح- 9/640- رقم: 5510) ؛ "صحيح مسلم": (6/66) ، (فؤاد- 3/1541- رقم: 1942) .
(2) "المسند": (4/89) .
(3) "المسند": (4/89) .
(4) "المغني" لابن قدامة: (13/325- المسألة: 1738) .
(5) "سنن الدارقطني": (4/287) .(4/655)
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وهذا حديثٌ ضعيفٌ (1) .
قال المصنِّف: قلت: وفي بعض ألفاظ هذا الحديث أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّمها يوم خيبر، قال الواقديُّ: إنَّما أسلم خالد بعد خيبر.
ثم نحمله على الإشفاق عليها من جهة الجهاد.
ز: حديث خالد: رواه أبو داود (2) والنسائيُّ (3) وابن ماجة (4) من رواية بقيَّة.
وقال أبو داود: هذا منسوخٌ.
وقال النسائيُّ: لا أعلمه رواه غير بقيَّة، والذي قبله- يعني: حديث جابر في أكل لحوم الخيل- أصحُّ من هذا، ويشبه- إن كان هذا الحديث صحيحًا- أن يكون منسوخًا، لأنَّ قوله: (أذن في لحوم الخيل) دليلٌ على ذلك (5) .
وقال البيهقيُّ: إسناده مضطربٌ، ومع اضطرابه مخالفٌ لحديث الثقات (6) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/287) .
(تنبيه) الدارقطني في سننه روى كلام موسى بن هارون السابق، وجاءت كلمة: (وهذا حديث ضعيف) متصلة بكلام موسى بن هارون، فلا ندري هل هي من تمام كلام موسى، أم أنها كلام مستأنف للدارقطني، كما فهم ابن الجوزي؟ الله أعلم.
انظر: "سنن البيهقي": (9/328) ، و"نصب الراية" للزيلعي: (4/196) .
(2) "سنن أبي داود": (4/294- 295- رقم: 3784) .
(3) "سنن النسائي": (7/202- رقمي: 4331- 4332) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/1066- رقم: 3198) .
(5) "تحفة الأشراف" للمزي: (3/112- رقم: 3505) .
(6) "سنن البيهقي": (9/328) .(4/656)
وقد تابع بقيَّة على رواية هذا الحديث الواقديُّ ومحمَّد بن حمير عن ثور، فقال: عن صالح سمع جدَّه. وقال الواقديُّ: عن أبيه عن جدِّه.
ورواه عمر بن هارون البلخيُّ عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد.
وقد رواه عن صالح: سليمان بن سليم، وهو ثقةٌ.
وصالح بن يحيى بن المقدام: روى عنه جماعة من الحمصيين، وقال البخاريُّ: فيه نظرٌ (1) . وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات"، وقال: يخطئ (2) O.
*****
مسألة (778) : يحرم أكل البغال والحمر الأهليَّة.
وقال مالكٌ: لا يحرم، بل يكره.
لنا ثمانية أحاديث:
الحديث الأوَّل: حديث خالد المتقدِّم (3) .
ز: العجب من المؤلِّف، كيف يحتجُّ بحديث خالد بعد فراغه من تضعيفه؟! O.
__________
(1) " التاريخ الكببر ": (4/293- رقم: 2869) .
(2) "الثقات": (6/459) .
(3) في المسألة السابقة.(4/657)
3146- الحديث الثاني: قال البخاريُّ: حدَّثنا إسحاق ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أنَّ أبا إد يس أخبره أنَّ أبا ثعلبة قال: حرَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوم الحمر الأهليَّة (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
3147- طريق آخر: قال الإمام أحمد: حدَّثنا زكريا بن عديٍّ ثنا بقيَّة عن بحير بن سعد (3) عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة قال: غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر، فأصبنا بها حمرًا من الحمر الإنسيَّة، فذبحناها، فأُخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر عبد الرحمن بن عوف فنادى في الناس: أنَّ الحمر الأهلية (4) لا تحلُّ لمن شهد أنِّي رسول الله (5) .
ز: رواه النسائيُّ عن عمرو بن عثمان عن بقيَّة بنحوه (6) .
ورواية بقيَّة عن بحير حسنةٌ أو صحيحةٌ، سواء صرَّح بالتحديث أو لم يصرِّح O.
3148- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّم يوم خيبر كلَّ ذي نابٍ من السباع، والحمار الإنسيَّ (7) .
(1) "صحيح البخاري": (7/126) ؛ (فتح- 9/653 رقم: 5527) .
(2) "صحيح مسلم": (6/63) ؛ (فؤاد- 3/1538- رقم: 1936) .
(3) في "التحقيق": (عن يحيى بن سعيد) خطأ.
(4) في "التحقيق": (إن لحوم الحمر الأنسية) .
(5) "المسند": (4/194) .
(6) "سنن النسائي": (7/204- رقم: 4341) .
(7) "المسند": (2/366) .(4/658)
ز: رواه الترمذيُّ عن أبي كريب عن سفيان (1) عن عليٍّ الجعفيِّ عن زائدة، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (2) O.
3149- الحديث الرابع: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم بن القاسم ثنا عكومة بن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: حرَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحمر الإنسيَّة، ولحوم الثعالب، وكلَّ ذي نابٍ من السباع، وكلَّ ذي مخلبٍ من الطير (3) .
ز: كذا فيه. (ولحوم الثعالب) وهو خطأ، والصواب: (ولحوم البغال) (4) .
وقد رواه الترمذيُّ عن محمود بن غيلان عن أبي النضر هاشم، وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ (5) O.
3150- الحديث الخامس: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الصمد قال: حدَّثني أبي عن أبي إسحاق قال: حدَّثني عبد الله بن عمرو بن ضمرة الفزاريُّ عن عبد الله بن أبي سليط (6) عن أبيه أبي سليط قال: أتانا نهي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كل الحمر الإنسيَّة والقدور تفور بها، فكفأناها على وجوهها (7) .
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وقوله (عن سفيان) مقحمة، والله أعلم.
(2) "الجامع" (3/391- رقم: 1795) .
(3) "المسند": (3/323) .
(4) وهو على الصواب في مطبوعة "المسند".
(5) "الجامع" (3/144- 145- رقم: 1478) .
(6) في "التحقيق": (سليت) !
(7) لم نقف عليه في مطبوعة "المسند"، وهو فيه: (3/419) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عمرو به.
والإسناد الذي ساقه ابن الجوزي لم يورده الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند": (7/8- رقم: 8675) أيضًا.(4/659)
ز: كذا فيه: (عن أبي إسحاق) وهو خطأٌ، والصواب: (عن ابن إسحاق) وهو الإمام المشهور.
وهذا الإسناد لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة "الكتب السِّتَّة"، وفيه من تجهل حاله، والله أعلم O.
3151- الحديث السادس: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم (1) ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: أصبنا يوم خيبر حمرًا، فنادى منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن اكفئوا القدور (2) .
أخرجاه في "الصحيحين".
ز: رواه مسلمٌ وحده من حديث شعبة عن أبي (3) إسحاق (4) .
وأخرجاه من حديث شعبة [عن] (5) عدي بن ثابت عن البراء وابن أبي أوفى (6) O.
3152- الحديث السابع: قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر قال: أطعمَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر (7) .
__________
(1) في (ب) : (هشام) .
(2) "المسند": (4/291) .
(3) في (ب) : (ابن) خطأ.
(4) "صحيح مسلم": (6/64) ؛ (فؤاد- 3/1539- رقم: 1938) .
(5) في الأصل: (بن) ، والتصويب من (ب) .
(6) "صحيح البخاري": (5/429) ؛ (فتح- 7/481- 482- الأرقام: 4221- 4225) .
"صحيح مسلم": (6/64) ؛ (فؤاد- 3/1539- رقم: 1938) .
(7) "الجامع": (3/389- رقم: 1793) .(4/660)
هذا حديثٌ صحيحٌ، وقد ذكرناه آنفا عن عمرو عن محمَّد بن عليٍّ عن جابرٍ (1) .
قال البخاريُّ: سفيان بن دمِنة أحفظ من حمَّاد بن زيد (2) .
ز: رواه النسائيُّ عن قتيبة (3) .
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهكذا روى غير واحد عن عمرو، وروى حمَّاد بن زيد عن عمرو عن محمَّد بن عليٍّ عن جابرٍ، ورواية ابن عيينة أصحُّ.
وسمعت محمَّدًا يقول: ابن عيينة أحفظ من حمَّاد بن زيد (4) .
كذا حكى الترمذيُّ عن البخاريِّ، ولم يروه البخاريُّ من حديث ابن عيينة، إنَّما رواه هو ومسلمٌ من حديث حمَّاد (5) .
وقال النسائيُّ: ما أعلم أحدًا وافق حمَّاد بن زيد على: (محمَّد بن عليٍّ) (6) .
وقد رواه أبو داود من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: أخبرني رجلٌ عن جابر به (7) ، ولم يسمِّه O.
__________
(1) رقم: (3142) .
(2) يأتي.
(3) "سنن النسائي": (7/201- رقم: 4328) .
(4) "الجامع": (3/390- رقم: 1793) .
(5) تقدم عزوه تحت الرقم: (3142) .
(6) "السنن الكبرى": (4/151- رقم: 6641) .
(7) "سنن أبي داود": (4/301- رقم: 3802) .(4/661)
3153- الحديث الثامن: قال النسائيُّ: أخبرنا محمَّد بن عبيد الله (1) ابن يزيد ثنا سفيان عن أيُّوب عن محمَّد عن أنس قال: أتانا منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إنَّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنَّها رجسٌ (2) .
ز: هذا الحديث مخرَّجٌ في " الصحيح " من حديث سفيان (3) ، والله أعلم O.
*****
مسألة (779) : كلُّ حيوان له ناب يعدو به على الناس ويتقوَّى به، كالأسد والذئب والنمر والفهد = فحرامٌ أكله، وكذلك ما له مخلبٌ من الطير، كالبازي والشاهين والعقاب.
وقال مالكٌ: يكره ولا يحرم.
لنا أحاديث:
منها: ما قد تقدَّم.
3154- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا محمَّد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّم يوم خيبر: كلَّ ذي نابٍ من السباع، والمجثمة، والحمار الإنسيَّ (4) .
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، والصواب: (عبد الله) .
(2) "سنن النسائي": (7/203- 204- رقم: 4340) .
(3) "صحيح البخاري": (4/70- 71؛ 5/423- 424) ؛ (فتح- 6/134- رقم: 2991؛ 7/467- رقم: 4198) .
(4) "المسند": (2/366) .(4/662)
ز: هذا الحديث رواه الترمذيُّ وصحَّحه (1) ، وقد تقدَّم أيضًا (2) O.
3155- قال أحمد: وحدَّثنا يونس ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ميمون ابن مهران عن ابن عبَّاس قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلِّ ذي نابٍ من السبع، وعن كلِّ ذي مخلبٍ من الطير (3) .
ز: رواه مسلمٌ من رواية أبي بشر وغيره عن ميمون (4) .
وقد روي عن ميمون (5) عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس.
قال الخطيب: والصحيح في هذا: عن ميمون عن ابن عبَّاس، ليس بينهما: سعيد بن جبير (6) O.
3156- وقال عبد الله بن أحمد: حدَّثني محمَّد بن يحيى ثنا عبد الصمد قال: حدَّثني أبي ثنا حسين (7) بن ذكران عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن
__________
(1) "الجامع": (3/391- رقم: 1795) .
(2) رقم: (3148) .
(3) لم نقف عليه في مطبوعة "المسند" من رواية يونس عن أبي عوانة، ولم يذكره الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند": (3/277- 278- رقم: 3916) .
وهو في "المسند": (1/302، 373) من رواية سليمان بن داود، و (1/327) عفان، و (1/244) أيوب، ثلاثتهم عن أبي عوانة به.
(4) "صحيح مسلم": (6/60- 61) ؛ (فؤاد- 3/1534- رقم: 1934) .
(5) كتب فوقه الرموز التالية: (د، س، ق) وهي تشير إلى تخريج أبي داود والنسائي وابن ماجة لهذه الرواية.
"سنن أبي داود": (4/300- رقم: 3799) ؛ "سنن النسائي": (7/206- رقم: 4348) ؛ "سنن ابن ماجة": (2/1077- رقم: 3234) .
(6) "تحفة الأشراف" للمزي: (5/253- رقم: 6506) .
(7) في "المسند": (الحسن) ، وانظر ما يأتي في كلام المنقح.(4/663)
ضمرة عن عليٍّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن: كلِّ ذي نابٍ من السبع، وذي مخلبٍ من الطير، وعن لحم الحمر الأهليَة، وعن عسب الفحل (1) .
ز: كذا فيه: (حسين بن ذكوان) وهو خطأٌ، والصواب: حسن بن ذكوان.
ولم يخرِّج هذا الحديث أحدٌ من أصحاب "الكتب السِّتَّة"، ورواه أبو يعلى الموصليُّ عن أبي خيثمة عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن الحسن ابن ذكوان عن حبيب (2) .
وقد قال يحيى بن معين: الحسن بن ذكوان لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت شيئًا، إنَّما سمع من عمرو بن خالد عنه، وعمرو بن خالد لا يسوى حديثه شيئًا، إنَّما هو كذَّابٌ (3) .
وقال العقيليُّ: حدَّثني الخضر بن داود ثنا أحمد بن محمَّد بن هانئ قال: قلت لأبي عبد الله: الحسن بن ذكوان ما تقول فيه؟ فقال: أحاديثه بواطيل، يروي عن حبيب بن أبي ثابت؟ فقلت له: نعم، عنده غير حديث عجيب عن
عاصم بن ضمرة عن عليٍّ في: المسألة، وعسب الفحل. فقال أبو عبد الله: هو لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت، إنَّما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطيِّ (4) .
وقال عليُّ بن المدينيِّ: لم يرو حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة
__________
(1) "المسند": (1/147) .
(2) " مسيد أبي يعلى ": (1/295- رقم: 357) .
(3) " المراسيل " لابن أبي حاتم: (ص: 46- رقم: 157) ،وهو في مطبوعة "التاريخ" برواية الدوري: (4/341- رقم: 4700) دون الجملة الأخيرة.
(4) "الضعفاء الكبير": (1/23- رقم: 272) .(4/664)
إلا حديثًا واحدًا (1) .
وقال أبو حاتم: لا يثبت لحبيب رواية عن عاصم (2) .
وقال ابن مهديٍّ عن سفيان الثوريِّ: حبيب لم يرو عن عاصم بن ضمرة شيئًا قط (3) .
وقد اختلف الأئمة في توثيق عاصم بن ضمرة، والله أعلم O.
3157- وقال مسلم بن الحجَّاج: حدَّثني زهير بن حرب ثنا عبد الرحمن ابن مهديٍّ عن مالك عن إسماعيل (4) بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ ذي ناب من السباع فأكله حرامٌ " (5) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
*****
مسألة (780) : المستخبث من الطير لا يحلُّ أكله، كالنسر، والرخم، والغراب الأبقع، والغراب الأسود الكبير.
__________
(1) " المراسيل " لابن أبي حاتم: (ص: 28- رقم: 82) .
(2) "العلل" لابنه: (2/271- رقم: 2308) وفي المطبوع: (ولا يثبت لحسن رواية عن عاصم) وهو خطأ، وصوابه- كما في النسخ الخطية من"العلل"-: (ولا يثبت لحبيب) .
(3) " تقدمة الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم: (ص: 79) مع اختلاف يسير.
(4) في (ب) : (سعيد) خطأ.
(5) "صحيح مسلم": (6/60) ؛ (فؤاد- 3/1534- رقم: 1933) .(4/665)
وقال مالكٌ: يحلُّ.
لنا:
قوله عليه السلام: " خمسٌ لا جناح على من قتلهن ... " فذكر منهن الغراب.
وقد ذكرناه بإسناده في كتاب الحجِّ (1) ، وما يحلُّ قتله لا يحلُّ أكله.
*****
مسألة (781) : يحرم أكل القنفذ وابن عرس.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: لا يحرم.
3158- قال سعيد بن منصور: حدَّثنا عبد العزيز بن محمَّد قال: حدَّثني عيسى بن نميلة الفزاريُّ عن أبيه قال: كنت عند ابن عمر فسأله رجلٌ عن كل القنفذ، فقال شيخٌ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذُكر عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " خبيثةٌ من الخبائث ". فقال ابن عمر: إن كان رسول الله قاله، فهو كما قاله.
ز: رواه الإمام أحمد عن سعيد (2) ، ورواه أبو داود عن أبي ثور عن سعيد (3) .
__________
(1) رقم: (2162) .
(2) "المسند": (2/381) .
(3) "سنن أبي داود": (4/298- رقم: 3793) .(4/666)
وقال البيهقيُّ: هذا حديثٌ لم يرو إلا بهذا الإسناد، وهو إسنادٌ فيه ضعفٌ (1) .
وعيسى: ذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (2) ، وهو ابن نميلة - بالنون-، وضبطه بعضهم بالتاء، وهو خطأٌ، والله أعلم O.
*****
مسألة (782) : كلُّ ما يعيش في البحر يحلُّ أكله، إلا الضفدع والتمساح والكوسج.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّّ إلا السمك.
"وقال مالكٌ: يحلُّ أكلُّه.
لنا أربعة أحاديث:
الحديث الأوَّل: قوله عليه السلام: " الحلُّ ميتته ".
وقد ذكرناه بإسناده في أوَّل كتاب الطهارة (3) .
3159- الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيَّب عن عبد الرحمن بن عثمان قال: ذكر طبيبٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دواء، وذكر الضفدع يجعل فيه، فنهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) "سنن البيهقي": (9/326) .
(2) "الثقات": (8/489) وقال: (يروي المقاطيع) .
(3) رقمي: (5،4) .(4/667)
عن قتل الضفدع (1) .
ز: رواه أبو داود (2) والنسائيُّ (3) من حديث ابن أبي ذئب.
وقال البيهقيُّ: هو أقوى ما ورد في الضفدع (4) .
وسعيد بن خالد، هو: القارظيُّ، وقد ضعَّفه النسائيُّ (5) ، ووثَّقه ابن حِبَّان (6) ، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: مدنيٌّ يحتجُّ به (7) O.
3160- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن عبدويه (8) ثنا عبد الله بن روح ثنا شبابة ثنا حمزة عن عمرو بن دينار عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما من دابة في البحر إلا قد ذكَّاها الله عز وجلَّ لبني آدم " (9) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وحمزة هو: ابن أبي حمزة الجعفيُّ، وقد أجمعوا على ترك الاحتجاج به،
__________
(1) "المسند": (3/453) .
(2) "سنن أبي داود": (4/324- رقم: 3867) .
(3) "السنن الكبرى": (3/166- رقم: 4867) .
(4) "سنن البيهقي": (9/318) .
(5) " تهذيب للكمال " للمزي: (10/405- رقم: 2258) .
وانظر" إكمال التهذيب " لمغلطاي: (5/282 رقم: 1928) ، و"تهذيب التهذيب": (4/19) .
(6) "الثقات": (6/357) .
(7) "سؤالات البرقاني": (ص: 33- رقم: 183- ط: الهند) .
(8) في "التحقيق" ومطبوعة "سنن الدارقطني": (عثمان بن عبد ربه) ، وما بالأصل موافق لما في "إتحاف المهرة" لابن حجر: (3/304- رقم: 3065) .
(9) "سنن الدارقطني": (4/267) .(4/668)
واتهمه غير واحد من الأئمة بالوضع O.
3161- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عبد الله بن أحمد بن ثابت ثنا سعدان بن نصر ثنا فهير بن زياد عن إبراهيم بن يزيد الخوزيِّ عن عمرو ابن دينار عن عبد الله بن سرجس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذبح كلِّ ذي نون في البحر لبني آدم " (1) .
ز: هذا أيضًا لم يخرِّجوه.
وإيراهيم بن يزيد الخوزيُّ: لا يحتجُّ به، قال الإمام أحمد (2) والنسائيُّ (3) وغيرهما: هو متروك الحديث. وقال ابن معين: ليس بثقة (4) .
وقال أبو زرعة وأبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث (5) .
وشيخ الدَّارَقُطْنِيُّ هو: عبد الله بن أحمد بن ثابت، أبو القاسم، البزَّار، وهو ثقةٌ، ووجدته في النسختين مصغرًا، وهو خطأٌ.
3162- وقد روى البيهقيُّ بإسناد ضعيفٍ عن حذيفة مرفوعًا: " إنَّ الله ذكَّى لكم صيد البحر " (6)
3163- وروى الدَّارَقُطْنِيُّ بإسناده عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: إنَّ الله ذبح لكم ما في البحر فكلوه كلَّه، فإنَّه ذكيٌّ (7) .
__________
(1) " سنن الدارقطي ": (4/267) .
(2) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/146- رقم: 480) من رواية ابنه صالح.
(3) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 45- رقم: 14) .
(4) "التاريخ" برواية الدوري: (3/111- رقم: 463) .
(5) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/147- رقم: 480) .
(6) "سنن البيهقي": (9/252) .
(7) "سنن الدارقطني": (4/270) .(4/669)
3164- وقد روى حمَّاد بن سلمة عن عمرو بن دينار قال: سمعت شيخًا يكنى أبا عبد الرحمن قال: سمعت أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه يقول: ما في البحر من شيءٍ إلا قد ذكَّاه الله لكم.
3165- وروي عن عمرو وأبي الزبير سمعا شريحًا- رجلاً أدرك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: كلُّ، شيءٍ في البحر مذبوحٌ (1) O.
*****
مسألة (783) : يحرم أكل الجلالة وبيضها ولبنها ما لم تحبس، فإن كان طائرًا: فثلاثة أيام؛ وإن كان من بهيمة الأنعام: فأربعين في رواية، وثلاثًا في رواية؛ والبقر: تحبس ثلاثين؛ والغنم: سبعة؛ والدجاج: ثلاثة.
وقال أكثرهم: لا يحرم.
لنا ثلاثة أحاديث:
3166- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى عن هشام قال: حدَّثني قتادة عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لبن الشاة الجلالة (2) .
ز: رواه أبو داود (3) والنسائيُّ من حديث هشام (4) ، وإسناده صحيحٌ.
__________
(1) انظر: "سنن البيهقي": (9/252- 253) .
(2) "المسند": (1/226) .
(3) "سنن أبي داود": (4/293- رقم: 3780) .
(4) "السنن الكبرى": (4/194- رقم: 6866) .(4/670)
ورواه ابن حِبَّان من رواية سعيد عن قتادة (1) O.
3167- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: حدَّثنا هنَّاد ثنا عَبْدهَ عن محمَّد ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل الجلالة وألبانها (2) .
ز: رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن عَبْدة (3) .
وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
ورواه ابن ماجة عن سويد بن سعيد عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ابن إسحاق (4) .
ورواه الثوريُّ عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلٌ.
3168- وقال الطبرانيُّ: ثنا معاذ بن المثنَّى ثنا مسدَّد ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: حدَّثني أبو الزبير عن مجاهد عن ابن عمر قال: نهي عن الجلالة (5) O.
3169- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو بكر بن زنجويه ثنا عبيد الله بن عبد المجيد عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر قال: حدَّثني أبي عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال: نهى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا تشرب ألبانها، ولا يركبها
__________
(1) "الإحسان" لابن بلبان: (12/220- رقم: 5399) .
(2) "الجامع": (3/411- رقم: 1824) .
(3) "سنن أبي داود": (4/293- رقم: 3779) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/1064- رقم: 3189) .
(5) "المعجم الكبير": (12/303- رقم: 13464) .(4/671)
الناس، حتَّى تعلف أربعين ليلة (1) .
قال المصنِّف: إسماعيل وأبوه ضعيفان.
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وإسماعيل بن إبراهيم: ضعَّفوه.
وأمَّا أبوه إبراهيم بن مهاجر: فروى له مسلمٌ (2) ، وقال الثوريُّ (3) وأحمد (4) : لا بأس به. وضعَّفه ابن معين (5) ، وقال النسائيُّ: ليس بالقويِّ في الحديث (6) .
وقال البيهقيُّ- بعد أن روى هذا الحديث من رواية محمَّد بن سنان القزَّاز عن أبي عليٍّ الحنفيِّ-: ليس هذا بالقويِّ، وقد أشار إليه الشافعيُّ وزعم أنَّه أراد تغيرها من الطباع المكروهة إلى الطباع غير المكروهة، التي هي فطرة
الدواب، حتَّى لا توجد أرواح العذرة في عرقها وجزرها (7) O.
*****
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/283) .
(2) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/46- رقم: 46) .
(3) "الجرح والتعديل": لابن أبي حاتم: (2/133- رقم: 421) .
(4) "العلل" برواية عبد الله: (2/341- رقم: 2511) وفيه: (ليس به بأس، هو كذا وكذا) .
ورواه عن عبد الله= ابنُ أبي حاتم في كتابه دون الجملة الأخيرة.
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (3/345- رقم: 1668) .
(6) "الضعفاء والمتروكون": (ص: 43- رقم: 7) .
(7) "سنن البيهقي": (9/333) .(4/672)
مسألة (784) : إذا مرَّ بالثمار المعلقة ولا حائط عليها= جاز له الأكل من غير ضمان، سواء اضطر إليها، أو لم يضطر.
وعنه: يأكل عند الضرورة.
وقال أبو حنيفة ومالكٌ والشافعيُّ: لا يجوز له الأكل من غير ضرورة، فإن اضطر أكل بشرط الضمان.
3170- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا الجُريريُّ عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أتيت على راعي إبل فناد: يا راعي الإبل، ثلاثًا، فإن أجابك، وإلا فاحلب واشرب في غير أن تفسد، لإذا أتيت على حائط فناد: يا صاحب الحائط، ثلاثًا، فإن أجابك، وإلا فكل في غير أن تفسد " (1) .
ز: رواه ابن ماجة عن محمَّد بن يحيى الذهْليِّ عن يزيد بن هارون (2) .
ورواه ابن حِبَّان عن أبي يعلى الموصليِّ عن زهير عن يزيد (3) ، ورواه البيهقيُّ من رواية الحارث بن أبي أسامة عن يزيد، وقال: تفرَّد به سعيد بن إياس الجُريريُّ، وهو من الثقات، إلا أنَّه اختلط في آخر عمره، وسماع يزيد
ابن هارون عنه بعد اختلاطه (4) .
كذا قال البيهقيُّ، ولم يتفرَّد يزيد بهذا الحديث عن الجُريريِّ، فقد رواه الإمام أحمد عن مؤمَّل بن إسماعيل عن حمَّاد بن سلمة عن الجُريريِّ (5) .
__________
(1) ". المسند ": (3/21) وليس في المطبوع الجملة الأخيرة: (في غير أن تفسد) .
(2) "سنن ابن ماجة": (2/771- رقم: 2300) .
(3) "الإحسان" لابن بلبان: (12/87- رقم: 5281) .
(4) "سنن البيهقي": (9/359- 360) .
(5) "المسند": (3/7 - 8) .(4/673)
ورواه أيضًا عن حمَّاد عن عفَّان (1) ، وعن عبد الرزَّاق عن معمر (2) ، عن الجُريريِّ، والله أعلم.
وقد روي نحو حديث أبي سعيد هذا:
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه.
ومن حديث الحسن عن سمرة.
ومن حديث نافع عن ابن عمر.
وروي عن عمر رضي الله عنه موقوفًا عليه، بإسنادٍ صحيحٍ O.
*****
مسألة (785) : يجب على المسلمِ ضيافةُ المسلمِ المسافرِ المجتازِ به ليلةً.
وقال أكثرهم: لا يجب.
3171- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة ثنا منصور عن الشعبيِّ عن المقدام أبي كريمة سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ليلة الضيف واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ، فان أصبح بفنائه محرومًا كان دَينًا له عليه إن شاء اقتضى، وإن شاء ترك " (3) .
__________
(1) "المسند": (3/64) ولفظه: "الضيافة ثلاثة أيام، فما كان بعد ذلك فهو صدقة "، وليس فيه محل الشاهد، ويبدو أنه وقع تقديم وتأخبر في حكاية الإسناد فالحديث في "المسند" من رواية عفان عن حمّاد.
(2) "المسند": (3/37) بلفظ الرواية السابقة وبدون ذكر الشاهد أيضًا.
(3) "المسند": (4/130) .(4/674)
3172- قال أحمد: وحدَّثنا حجَّاج ثنا شعبة قال: سمعت أبا الجوديِّ يحدِّث عن ابن المهاجر عن المقدام أبي كريمة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أيما مسلم أضاف (1) قومًا، فأصبح الضيف محرومًا، فإنَّ حقًّا على كلِّ مسلمٍ نصره حتَّى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله " (2) .
ز: حديث الشعبيِّ عن المقدام: رواه أبو داود من رواية أبي عوانة عن منصور (3) ، ورواه ابن ماجة من رواية سفيان عن منصور (4) .
وحديث أبي الجوديِّ: رواه أبو داود الطيالسيُّ عن شعبة (5) ، ورواه أبو داود السجستانيُّ عن مسدَّد عن يحيى بن سعيد عن شعبة (6) .
وأبو الجوديِّ: اسمه الحارث بن عمير، وهو ثقةٌ.
وابن المهاجر: اسمه سعيد، وهو شاميٌّ، حمصيٌّ، وقد ذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (7) ، ويقال فيه: ابن أبي المهاجر، والله أعلم O.
3173- قال أحمد: وحدَّثنا حجَّاج قال: أنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أنَّه قال: قلنا: يا رسول الله، إنَّك تبعثنا، فننِزل بقوم لا يقرونا، فما ترى في ذلك؟ فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقَّ
__________
(1) في هامش الأصل: (حـ: كذا فيه، والصواب: " ضاف " بلا ألف) ، والذي في "المسند" موافق لما في "التحقيق".
(2) "المسند": (4/131) .
(3) "سنن أبي داود": (4/277- 278- رقم: 3744) .
(4) "سنن ابن ماجة": (2/1212- رقم: 3677) .
(5) " مسند الطيالسي ": (2/466- رقم: 1245. ط: دار هجر) .
(6) "سنن أبي داود": (4/278- رقم: 3745) .
(7) "الثقات": (4/293) .(4/675)
الضيف الذي ينبغي لهم " (1) .
ز: أخرجاه في "الصحيحين" من حديث الليث (2) O.
3174- قال أحمد: وحدَّثنا قتيبة ثنا ليث بن [سعد] (3) عن معاوية ابن صالح عن أبي طلحة عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محرومًا، فله أن يأخذ بقدر قراه، ولا حرج عليه " (4) .
ز: لم يخرِّجوه من هذا الوجه.
وأبو طلحة هو: الأنماريُّ، الشاميُّ، واسمه: نعيم بن زياد، وقد وثَّقه النسائيُّ (5) وغيره O.
*****
__________
(1) "المسند": (4/149) .
(2) "صحيح البخاري": (3/616) ؛ (فتح- 5/107- 108- رقم: 2461) .
"صحيح مسلم": (5/138) ؛ (فؤاد- 3/1353- رقم: 1727) .
(3) في الأصل و (ب) : (سعيد) ، والتصويب من "المسند".
(4) "المسند": (2/380) .
(5) "تهذيب الكمال" للمزى: (29/486- رقم: 6455) .(4/676)
مسائل الأشربة
مسألة (786) : كلُّ شراب يسكر كثيره فقليله حرامٌ، وفيه الحدُّ، ويسمَّى خمرًا.
وقال أبو حنيفة: الخمر عصير العنب التي إذا اشتد وقذف بزبده، وقليله وكثيره حرام؛ فأمَّا ما عمل من التمر والزبيب فإن كان مطبوخًا أدنى طبخٍ فهو حلالٌ، وإن كان نيًّا فهو محرمٌ، إلا أنَّه لا يسمَّى خمرًا، وإنَّما يسمَّى
نبيذًا؛ وما عمل من الحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل ونحوها فهو حلالٌ، طبخ أو لم يطبخ، وإنما يحرم منه السكر.
والكلام في ثلاثة فصول:
أحدها: أنَّ اسم الخمر يقع على كلِّ مسكرٍ.
والثاني: في الدليل على تحريم النبيذ.
والثالث: في الدليل على أنَّ الخمر معللة، وأنَّ علَّة تحريمها: الشدَّة المطربة، وهي موجودةٌ في كلِّ شراب مسكرٍ.
وعند أبي حنيفة: أنَّ تحريم الخمر غير معلل، وإنما ثبت بالنصِّ.
* * * * *(5/7)
فصل (787) :
فأمَّا الدليل على أنَّ اسم الخمر يقع على كلِّ مسكرٍ:
3175 - فما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا روح ثنا ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ مسكر خمرٌ، وكلُّ خمر حرامٌ " (1) .
ز: رواه مسلمٌ عن إسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن إسحاق، كلاهما عن روح بن عبادة، ولفظه: " كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلُّ (2) مسكر حرامٌ ".
3176 - وقال: حدَّثنا محمد بن مثنَّى ومحمَّد بن حاتم قالا: ثنا يحيى - وهو القطَّان - عن عبيد الله أنا نافع عن ابن عمر قال: ولا أعلمه إلا عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ " (3) O.
3177 - وقال البخاريُّ: حدَّثنا أحمد بن أبي رجاء ثنا يحيى عن أبي حَيَّان التيمي عن الشعبي عن ابن عمر قال: خطب عمر على منبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إنَّه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل (4) .
أخرجه البخاري ومسلم في "الصحيحين" (5) .
__________
(1) "المسند": (2/29) .
(2) أقحمت هنا في الأصل كلمة: (خمر) وهي غير موجودة في (ب) .
(3) "صحيح مسلم": (6/100) ؛ (فؤاد - 3/1587 - رقم: 2003) .
(4) "صحيح البخاري": (7/139) ؛ (فتح - 10/45 - رقم: 5588) .
(5) "صحيح مسلم": (8/245) ؛ (فؤاد - 4/2322 - رقم: 3032) .(5/8)
3178 - قال أحمد: وحدَّثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة عن أبي النضر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " من الحنطة خمرٌ، ومن التمر خمرٌ، ومن الشعير خمرٌ، ومن الزبيب خمرٌ، ومن العسل خمرٌ " (1) .
ز: هذا الإسناد لم يخرِّجوه، والله أعلم O.
3179 - قال أحمد: وحدَّثنا يونس ثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن خالد بن كثير الهمداني أنَّه حدَّثه أنَّ السَّريَّ بن إسماعيل حدَّثه أنَّ الشعبي حدَّثه أنَّه سمع النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن التمر خمرًا، وأنا أنهى عن كلِّ مسكرٍ " (2) .
ز: رواه ابن ماجه عن محمَّد بن رمح عن الليث (3) .
والسَّريّ بن إسماعيل: ضعَّفوه، وقال أحمد بن حنبل: ترك الناس حديثه (4) . وقال أبو قدامة عن يحيى بن سعيد: استبان لي كذبه في مجلسٍ (5) .
وقال عليُّ بن المديني عن يحيى: ما كلَّمته إلا مرَّة واحدة، وسمعته يقول: ثنا عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " الخمر من خمسٍ ... ". قال يحيى: فتركته. يعني أنَّه ترك السَّريّ فلم يحمل عنه، لإنكاره ما حدَّث به عن الشعبي، لأنَّ الثقات يروون عن أبي حَيَّان التيمي عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر قوله: إن الخمر نزل تحريمها يوم نزل
__________
(1) "المسند": (2/118) .
(2) "المسند": (4/273) .
(3) "سنن ابن ماجه": (2/1121 - رقم 3379) .
(4) "العلل" برواية المروذي وغيره: (ص: 244 - رقم: 489) من رواية الميموني.
(5) " التاريخ الأوسط " للبخاري: (2/82 - رقم: 1201) .
وأبو قدامة هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، وتصحف في مطبوعة " التاريخ الأوسط " إلى (عبد الله) .(5/9)
وهي من خمسة ... (1) .
وقد روى هذا الحديث: أبو داود (2) والترمذي (3) والنسائي (4) من رواية إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن النعمان.
ورواه أبو داود أيضًا من رواية أبي حَريز عن الشعبي (5) .
وقال الترمذي في حديث أبي حَيَّان (6) : هذا أصحُّ من حديث إبراهيم ابن مهاجر (7) .
وقال [] (8) .
وقد رواه أبو حصين عن الشعبي عن ابن عمر قوله، ولم يذكر عمر.
__________
(1) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/282 - رقم: 1216) .
وقوله: (يعني أنه ترك السري فلم يحمل عنه) لا شك في أنه من كلام ابن المديني فقد رواه أيضًا عنه ابن عدي في "كامله": (3/456 - رقم: 872) والعقيلي في " ضعفائه ": (2/177 - رقم: 697) ، وأما بقية الكلام فقد ذكره ابن أبي حاتم وحده، والظاهر أنه من تمام كلام ابن المديني، ويحتمل - على بعد - أن يكون من كلام ابن أبي حاتم، والله أعلم.
(تنبيه) وقع في مطبوعة "الجرح والتعديل" قبل قوله: (يعني أنه ترك السري..) : (قال أبو محمد) .
ولكن هذا الحرف وقع في نسخة واحدة فقط، فيحتمل أن يكون مقحمًا، ويحتمل أن يكون موضعه الصحيح قبل قوله: (لإنكاره ما حدث به ... ) ، ويحتمل على بعد - كما سبق - أن يكون موضعه صحيحًا.
(تنبيه آخر) وقع في مطبوعة "الكامل": (قال يحيى بن معين: فتركته) ، وكلمة (ابن معين) مقحمة، وقد قال ابن عدي في آخر ترجمة السري - بعد أن ساق حديثه هذا -: (وهذا هو الذي أنكره يحيى القطان على السري بن إسماعيل فتركه من أجل هذا الحديث) ا. هـ
(2) "سنن أبي داود": (4/251 - رقم: 3668) .
(3) "الجامع": (3/447 - رقم: 1872) .
(4) "السنن الكبرى": (4/181 - رقم: 6787) .
(5) "سنن أبي داود": (4/251 - رقم: 3669) .
(6) تقدم برقم: (3177) .
(7) "الجامع": (3/448 - 449 - رقم: 1874) .
(8) هنا ثلاث كلمات لم نتمكن من قراءتها لسوء التصوير.(5/10)
والمحفوظ ما رواه [] (1) عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر قوله، والله أعلم O.
3180 - قال أحمد: وحدَّثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت المختار ابن فلفل قال: قال أنس بن مالك: الخمر من العنب والتمر والعسل والذرة، فما خمرت من ذلك فهو خمرٌ (2) .
3181 - قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجرَّاح وأُبيَّ بن كعب وسهيلَ بن بيضاء ونفرًا من أصحابه عند أبي طلحة حتى كاد الشراب يأخذ فيهم، فأتى آت من المسلمين،
فقال: أما شعرتم أنَّ الخمر قد حرِّمت؟! فما قالوا: حتى ننظر ونسأل! فقالوا: يا أنس، أكفىء ما في إنائك. فوالله ما عادوا فيها، وما هي إلا التمر والبسر، وهي خمرهم يومئذ (3) .
أخرجاه في "الصحيحين" (4) .
فإن قيل: فقد قال ابن عمر: حرِّمت الخمر وما بالمدينة منها شيءٌ.
قلنا: يعنى به ماء العنب، فإنَّه مشهور باسم الخمر، ولا يمنع هذا أن يسمَّى غيره خمرًا.
قال أحمد بن حنبل: هذا أشدُّ ما على الخصم! وهو: أنَّ الخمر حرِّمت وشرابهم الفضيخ.
__________
(1) هنا كلمتين لم نتمكن من قراءتهما، ولعلهما: (غير واحد) كما في "تحفة الأشراف" للمزي: (19/24 - رقم: 11626) ، والله أعلم.
(2) "المسند": (3/112) .
(3) "المسند": (3/181) .
(4) في هامش الأصل: (أخرجاه من حديث قتادة وثابت وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وغيرهم عن أنس) ا. هـ
انظر: أطرافه في "صحيح البخاري": (فتح - 5/112 - رقم: 2464) ، وانظر: "صحيح مسلم": (6/87 - 89) ؛ (فؤاد - 3/1570 - 1572 - رقم: 1980) .(5/11)
قال: وقد روي تحريم المسكر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عشرين وجهًا.
* * * * *
فصل (788) :
والدليل على تحريم النبيذ:
الحديث السابق: " كلُّ مسكر خمر، وكلُّ خمر حرام ".
3182 - وقال الإمام أحمد: حدَّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سعيد ابن أبي بردة عن أبيه عن جدِّه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ مسكر حرام " (1) .
أخر جاه (2) .
3183 - قال أحمد: حدَّثنا يحيى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كلُّ مسكر حرام " (3) .
ز: رواه النسائي عن محمد بن المثنَّى عن يحيى بن سعيد (4) .
وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن محمد بن عمرو، وقال: حديثٌ حسنٌ، وقد روي عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه، وكلاهما صحيح (5) O.
3184 - قال أحمد: وحدَّثنا هاشم بن القاسم ثنا أبو معشر عن موسى
__________
(1) "المسند": (4/417) .
(2) "صحيح البخاري": (5/460 - 461) ؛ (فتح - 8/62 - رقم: 4343) .
"صحيح مسلم": (6/99) ؛ (فؤاد - 3/1586 - رقم: 1733) .
(3) "المسند": (2/16) .
(4) "سنن النسائي": (8/297 - رقم: 5587) .
(5) "الجامع": (3/441 - 442 - رقم: 1864) .(5/12)
ابن عقبة عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلُّ مسكر خمر (1) ، وما أسكر كثيره فقليله حرام " (2) .
ز: لم يخرِّجوه من هذا الوجه.
وأبو مَعشر هو: نَجيح بن عبد الرحمن، وقد تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة O.
3185 - قال أحمد: وحدَّثنا أبو كامل ثنا عبد الله بن عمر العمري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " (3) .
ز: لم يخرِّجوه أيضًا من هذا الوجه من حديث عبد الله العمري.
والعمري: تُكلِّم فيه من قبل حفظه.
وقد رواه الطحاوي عن علي بن معبد عن يونس بن محمد عنه (4) .
وقد رواه النسائي عن أبي قدامة عن يحيى بن سعيد (5) ، ورواه ابن ماجه عن دحيم عن أنس بن عياض (6) ، كلاهما عن عبيد الله بن عمر - الثقة الثبت - عن عمرو.
__________
(1) في مطبوعة "المسند": (حرام) .
(2) "المسند": (2/91) .
(3) "المسند": (2/167) .
(4) " شرح معاني الآثار ": (4/217) وفيه: (عن عبد الله بن عمرو) خطأ، وصوابه: (عمر) .
(5) "سنن النسائي": (8/300 - رقم: 5607) .
(6) "سنن ابن ماجه": (2/1125 - رقم: 3394) .(5/13)
فصحَّ الإسناد إلى عمرو، والله أعلم O.
3186 - قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرني مهدي بن ميمون قال: حدَّثني أبو عثمان الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أسكر الفرَق منه، فملء الكف منه حرام " (1) .
قال ابن قتيبة: الفرَق - بفتح الراء -: ثلاثة آصع، ستة عشر رطلاً (2) .
قال الدَّارَقُطْنِي: رفعوه، وخالف خلف بن الوليد فوقفه على عائشة، والقول قوله (3) .
ز: رواه أبو داود (4) والترمذي (5) والطحاوي (6) من رواية مهدي.
وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ، ورواه ليث بن أبي سليم والربيع بن صَبيح عن أبي عثمان نحو رواية مهدي.
وقد رواه ابن حِبَّان في "صحيحه" من حديث أبي عثمان (7) .
وقال أبو الحسن بن القطَّان: ليس هذا الحديث بصحيحٍ، وأبو عثمان هذا لا تعرف حاله، وكان قاضيًّا بمرو، ولم أجد ذكره في مظان وجوده في
__________
(1) "المسند": (6/72) .
(2) ذكره في " غريب الحديث ": (1/12) نقلاً عن أبي عبيد، وينظر كتاب " الأشربة " له فلعله فيه، والله أعلم.
(3) لم نقف عليه.
(4) "سنن أبي داود": (4/255 - 256 - رقم: 3680) .
(5) "الجامع": (3/443 - رقم: 1866) .
(6) " شرح معاني الآثار ": (4/216) .
(7) "الإحسان" لابن بلبان: (12/203 - رقم: 5383) وهو أيضًا من رواية مهدي.(5/14)
مصنفات الرجال الرواة (1) .
كذا قال!
وأبو عثمان هذا: اسمه عمرو بن سالم، وقيل: عمر، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، قال الحاكم أبو أحمد: وهو معروفٌ بكنيتة، ولا أحقُّ في اسمه واسم أبيه شيئًا (2) . وقد أحسن مهدي بن ميمون الثناء على أبي عثمان (3) ،
ووثَّقه أبو داود في رواية أبي عبيد الآجري عنه (4) ، وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" (5) .
3187 - وقال الطحاوي: ثنا عليُّ بن معبد ثنا مُعَلَّى (6) بن منصور أنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن بكر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أسكر كثيره، فقليله حرامٌ " (7) .
رواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود الهاشمي عن إسماعيل بن جعفر (8) .
__________
(1) " بيان الوهم والإيهام ": (4/606) باختصار.
(2) "تهذيب الكمال" للمزي: (34/69 - رقم: 7503) .
وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": (12/181) : (ترجم له أبو أحمد الحاكم وذكر من روى عنه، وقال: اسمه عمر، ويقال: عمرو بن سالم، وزاد: قال محمد بن أيوب بن الضريس: هو جدي من قبل أمي. انتهى، وما حكاه المؤلف عنه - يعني: المزي - لم أره) ا. هـ
(3) "المسند" للإمام أحمد: (6/71) .
(4) "تهذيب الكمال" للمزي: (34/70 - رقم: 7503) ، ولم نقف عليه في المطبوع من " سؤالات أبي عبيد الآجري ".
(5) "الثقات": (7/176) .
(6) في " شرح المعاني ": (يعلى) خطأ، وهو على الصواب في "إتحاف المهرة" لابن حجر: (3/546 - رقم: 3708) .
(7) " شرح معاني الآثار ": (4/217) .
(8) "المسند": (3/343) .(5/15)
وأخرجه أبو داود (1) والترمذي (2) جميعًا عن قتيبة بن سعيد عن إسماعيل.
وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديث جابر.
ورواه ابن ماجه عن دحيم عن أنس بن عياض عن داود (3) .
وداود بن بكر بن أبي الفرات: وثَّقه ابن معين (4) ، وقال أبو حاتم: شيخٌ، لا بأس به، ليس بالمتين (5) .
وقد قيل: إن داود لم ينفرد به عن ابن المنكدر، فقد تابعه موسى بن عقبة:
3188 -[قال أبو بكر بن أبي عاصم: ثنا رزق الله بن موسى ثنا أنس ابن عياض عن موسى بن عقبة] (6) عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قليلُ ما أسكر كثيرُه حرامٌ ".
رواه أبو حاتم البُستيّ عن حاجب بن أرَّكين عن رزق الله بن موسى (7) .
وقال الدَّارَقُطْنِي: تفرَّد به رزق الله بن موسى عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن موسى بن (8) عقبة (9) .
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/253 - رقم: 3673) .
(2) "الجامع": (3/442 - رقم: 1865) ، ورواه أيضًا من رواية علي بن حجر عن إسماعيل.
(3) "سنن ابن ماجه": (2/1125 - رقم: 3393) .
(4) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 108 - رقم: 320) .
(5) "الجرح والتعديل" لابنه: (3/408 - رقم: 1870) .
(6) سقط من الأصل واستدرك من (ب) .
(7) "الإحسان" لابن بلبان: (12/202 - رقم: 5382) .
(8) في (ب) : (عن) خطأ.
(9) " أطراف الغرائب والأفراد " لابن طاهر: (2/391 - رقم: 1715) .(5/16)
3189 - وقال الطحاوي: حدَّثنا عليُّ بن معبد ثنا سعيد بن أبي مريم أنا محمد بن جعفر أنا الضحَّاك بن عثمان عن (1) بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد (2) عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره " (3) .
رواه سمويه عن سعيد (4) ، ورواه إسحاق بن راهويه عن المعتمر بن سليمان عن محمد بن جعفر (5) ، ورواه ابن أبي عاصم (6) وأبو يعلى الموصلي وغيرهما عن أبي سعيد الأشج عن الوليد بن كثير عن الضحَّاك (7) ، ورواه الإمام أحمد في كتاب " الأشربة " عن عبد الله بن الحارث المخزومي عن الضحَّاك (8) ، ورواه النسائي عن حميد بن مخلد عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم وعن محمد بن عبد الله بن عمَّار الموصلي عن الوليد بن كثير (9) ، ورواه أبو حاتم ابن حِبَّان عن عبد الله بن قحطبة عن أحمد بن أبان القرشي عن عبد العزيز بن محمد عن الضحَّاك (10) .
وسُئل عنه الدَّارَقُطْنِي، فقال: يرويه الضحَّاك بن عثمان عن بكير بن
__________
(1) في (ب) : (بن) خطأ.
(2) في (ب) : (سعيد) خطأ.
(3) " شرح معاني الآثار ": (4/216) .
(4) ومن طريق سمويه رواه الضياء في "المختارة": (3/183 - رقم: 975) .
(5) عزاه إليه أيضًا: الضياء في "المختارة": (3/183 - رقم: 975) .
(6) عزاه إليه أيضًا: الضياء في "مختارته": (3/184 - رقم: 977) .
(7) "مسند أبي يعلى": (2/55 - رقم: 694) .
(8) وكذا قال الضياء في "المختارة": (3/184 - رقم: 976) .
والذي وقفنا عليه في مطبوعة كتاب " الأشربة ": (ص: 6 - رقم: 9) من طريق عبد الله ابن الحارث عن الوليد بن كثير عن الضحاك به، والله أعلم.
(9) "سنن النسائي": (8/301 - رقمي: 5608، 5609) .
(10) "الإحسان" لابن بلبان: (12/192 - رقم: 5370) .(5/17)
الأشج عن عامر بن سعد عن أبيه، حدَّث به كذلك جماعة منهم: عبد العزيز ابن أبي حازم والدَّراوردي والوليد بن كثير أبو سعيد ومحمد بن جعفر بن أبي كثير.
ورواه عبد الله بن الحارث المخزومي وابن أبي فديك عن الضحَّاك بن عثمان عن بكير عن عامر بن سعد مرسلاً، لم يذكر فيه سعدًا، والصواب حديث عامر بن سعد عن أبيه (1) .
3190 - وقال حنبل بن إسحاق: حدَّثنا الحجَّاج بن المنهال ثنا محمد ابن عبد الرحمن بن المجبِّر عن نافع عن عبد الله أنَّه جاء ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جنب المنبر يكلِّم الناس، قال: فقلت: ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قال: " كلُّ مسكر خمر، وكلُّ مسكر حرام، لا يطعمها أحدٌ في الدنيا فيطعمها (2) في
الآخرة، إلا أن يتوب الله على من يشاء ". قال عبد الله: فتخطيت (3) حتى قمت بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فقلت: يا رسول الله، أرأيت ما أسكر كثيره؟ قال: " فقليله حرامٌ " (4) .
هذا لا يثبت.
وابن المجبِّر: ضعَّفوه، وقال ابن عَدِيٍّ: هو مع ضعفه يكتب حديثه (5) .
3191 - وقال الخطيب: أخبرني الأزهري ثنا الحسين بن محمد بن
__________
(1) "العلل": (4/347 - 349 - رقم: 618) باختصار.
(2) هذه الكلمة ذهبت من النسخة الخطية لـ " جزء حنبل " فلتستدرك من هنا، والحمد لله.
(3) في الأصل غير واضحة، وهي غير موجودة في مصورة (ب) ، وفي " جزء حنبل ": (فجلست) ، والله أعلم.
(4) " جزء حنبل بن إسحاق ": (ص: 210 - رقم: 8) .
(5) "الكامل": (6/190 - رقم: 1665) .(5/18)
سليمان الكاتب ثنا محمد بن مخلد ثنا عاصم بن زمزم البلخي ثنا صالح بن محمد الترمذي ثنا عمر بن صُهبان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلُّ مسكر خمر (1) ، وما أسكر كثيره فالقطرة منه حرامٌ " (2) .
وهذا أيضًا لا يثبت.
وعمر بن صُهبان: متروك الحديث. قاله النسائي (3) وغيره.
والإسناد إليه مظلمٌ، والله أعلم.
3192 - وقال الخطيب أيضًا: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي أنا محمد بن مخلد ثنا القاسم بن هاشم السمسار ثنا الصباح بن عبد الله الرملي ثنا صبيح - مولى عائشة أمِّ
المؤمنين - قال: سمعت عائشة تقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شرب نبيذًا فاقشعر منه مفرق رأسه، فالحسوة منه حرام " (4) .
وهذا الاسناد غير ثابتٍ أيضًا، والله الموفق O.
3193 - قال أحمد: وحدَّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن عليِّ بن بَذيمة قال: أخبرني قيس بن حَبْتَر عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " كلُّ مسكر حرامٌ " (5) .
ز: هذا الذي ذكره مختصرٌ من حديث ابن عبَّاس.
__________
(1) في "تاريخ بغداد": (كل مسكر حرام، وكل حرام خمر) !
(2) "تاريخ بغداد": (12/251 - رقم: 6698) تحت ترجمة عاصم بن زمزم.
(3) "الضعفاء": (ص: 181 - رقم: 469) .
(4) "تاريخ بغداد": (12/430 - رقم: 6882) تحت ترجمة القاسم بن هاشم.
(5) "المسند": (1/274) مطولاً.(5/19)
وقد رواه أبو داود عن ابن بشَّار عن أبي أحمد (1) .
وقد تابع سفيان: إسرائيل بن يونس وقيس بن الربيع عن عليِّ بن بَذيمة.
ورواه عليُّ بن معبد بن شدَّاد الرَّقِّي عن موسى بن أعين عن عليِّ بن بَذيمة عن سعيد بن جبير عن قيس بن حَبْتَر (2) عن ابن عبَّاس.
ورواه عبد السلام بن عبد الحميد الحرَّاني عن موسى بن أعين عن عليِّ ابن بَذيمة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس. ولم يذكر قيس بن حَبْتَر.
ورواه أبو صالح عبد الغفَّار بن داود الحراني عن موسى بن أعين عن عليِّ بن بَذيمة عن سعيد بن جبير عن قيس بن حَبْتَر (3) عن ابن عبَّاس، كما قال عليُّ بن معبد، رواه عنه أبو الأحوص محمد بن الهيثم قاضي عكبرا، قال
أبو الأحوص: والصحيح عن عليِّ بن بَذيمة عن قيس بن حَبْتَر. يعني: ليس فيه سعيد بن جبير.
وقال أبو بكر الخطيب: كان موسى بن أعين يخلط في هذا الحديث، والصحيح عن عليِّ بن بَذيمة ما رواه سفيان الثوري عنه عن قيس بن حَبْتَر عن ابن عبَّاس، وليس لسعيد بن جبير فيه ذكرٌ (4) O.
3194 - قال أحمد: وحدَّثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت المختار ابن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن الشرب في الأوعية، فقال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المزفتة، وقال: " كلُّ مسكر حرامٌ " (5) .
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/260 - رقم: 3689) .
(2، 3) (عن قيس بن حبتر) غير موجودة في (ب) .
(4) هذا الكلام كله منقول من "تحفة الأشراف" للمزي: (5/197 - 198 - رقم: 6333) .
(5) "المسند": (3/112، 119) .(5/20)
ز: رواه النسائي عن ابن إدريس (1) .
ورواه أبو خيثمة وأحمد بن منيع وأبو بكر بن أبي شيبة (2) وغيرهم عن ابن إدريس O.
3195 - قال أحمد: حدَّثنا مؤمَّل ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهيتكم عن الظروف، وإن الظروف لا تحلُّ شيئًا ولا تحرمه، وكلُّ مسكر حرامٌ " (3) .
ز: رواه مسلمٌ عن حجَّاج بن الشاعر عن الضحَّاك بن مخلد عن سفيان (4) O.
3196 - قال أحمد: وحدَّثنا يحيى عن شعبة قال: حدَّثني سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الحكم قال: سألت ابن عبَّاس عن نبيذ الجرِّ، فقال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نبيذ الجرِّ والدبَّاء، وقال: " من سرَّه أن يحرِّم ما حرَّم الله ورسوله، فليحرِّم النبيذ " (5) .
ز: رواه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي عامر والنضر بن شميل ووهب بن جرير، ثلاثتهم عن شعبة به (6) .
__________
(1) "سنن النسائي": (8/308 - رقم: 5642) وليس فيه محل الشاهد.
(2) " المصنف ": (5/67 - رقم: 23752) .
(3) "المسند": (5/356) .
(4) "صحيح مسلم": (6/82) ؛ (فؤاد - 3/1563 - 1564 - رقم: 1977) .
(تنبيه) وضع فؤاد عبد الباقي رقم (11977) لحديثين مختلفين، انظر: (3/1565) .
(5) "المسند": (1/27) .
(6) "سنن النسائي": (8/322 - رقم: 5688) .(5/21)
وأبو الحكم هو: السلمي (1) ، الكوفي، واسمه: عمران بن الحارث، وقد روى له مسلمٌ في "صحيحه" (2) ، والله أعلم O.
3197 - أخبرنا ابن ناصر أنا عبد الله بن محمد جحشويه أنا عليُّ بن عمر القزويني ثنا أبو عمر بن حيويه ثنا البغوي ثنا أحمد بن حنبل ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جدِّه قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بردة ومعاذ بن جبل إلى اليمن، فقال أبو موسى: يا رسول الله، إنَّا بأرض يصنع بها
شراب من العسل، يقال له: البتع، وشراب من الشعير، يقال له: المزر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلُّ مسكر حرامٌ " (3) .
ز: كذا فيه: (أبا بردة) وهو خطأٌ، والصواب: أبا موسى (4) .
وقد تقدَّم بعض هذا الحديث (5) ، وهو مخرَّج في "الصحيحين" من حديث شعبة، وبالله التوفيق O.
احتجُّوا:
3198 - بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا وكيع ثنا شعبة عن يحيى ابن عبيد عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينبذ له يوم (6) الخميس، فيشربه يوم الخميس ويوم الجمعة - قال: وأراه [قال] (7) يوم السبت - فإذا كان عند
__________
(1) في (ب) : (الأسلمي) .
(2) "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/387 - رقم: 1993) .
(3) " الأشربة " للإمام أحمد - رواية البغوي -: (ص: 5 - 6 - رقم: 8) .
(4) وهو على الصواب في مطبوعة كتاب " الأشربة ".
(5) رقم: (3182) .
(6) كذا بالأصل و (ب) ، وفي هامش الأصل: (خ: " ليلة ") ثم كتب تحتها (صح) ، وهو الموافق لما في "المسند".
(7) زيادة من (ب) .(5/22)
العصر: فإن بقي منه شيء سقاه الخدم، أو أمر به فأهريق (1) .
قالوا: ولو كان حرامًا ما سقاه الخدم.
3199 - وقال الدَّارَقُطْنِي: حدَّثنا أحمد بن عبد الله الوكيل ثنا عليُّ بن حرب ثنا يحيى بن اليمان العجلي عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود الأنصاري أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عطش وهو يطوف بالبيت، فأُتي بنبيذ من السقاية، فقطب، فقال له رجل: أحرام هو، يا رسول الله؟ قال: " لا، عَلَيَّ بذنوبٍ من ماء زمزم ". فصبَّه عليه، ثم شرب وهو يطوف بالبيت (2) .
3200 - قال الدَّارَقُطْنِي: وحدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن أحمد البزَّاز ثنا عمر بن شبة ثنا عمر بن عليٍّ المقدَّمي عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن أبي وداعة السهمي قال: طاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبيت في يوم قائظ، شديد الحرِّ، فاستسقى رهطًا من قريش، فأرسل رجل إلى امرأته، فجاءت جارية معها إناء فيه نبيذ زبيب، فلمَّا رآها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " ألا خمرتموه، ولو بعود تعرضونه عليه ". فلمَّا أدنى الإناء منه وجد له رائحة شديدة، فقطب، وردَّ الإناء، فقال الرجل: يا رسول الله، إن يكن حرامًا لم نشربه، فاستعاد
الإناء، وصنع مثل ذلك، وقال الرجل مثل ذلك، فدعا بدلوٍ من ماء زمزم، فصبَّه على الإناء، وقال: " إذا اشتدَّ عليكم شرابكم فاصنعوا هكذا " (3) .
وقد روى أبو عبد الرحمن النسائي من حديث عبد الملك بن نافع عن ابن عمر نحو هذا الحديث (4) .
__________
(1) "المسند": (1/232 - 233) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/263 - 264) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/261 - 262) .
(4) "سنن النسائي": (8/323 - 324 - رقمي: 5694، 5695) .(5/23)
3201 - قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا إسحاق بن محمد بن الفضل الزيَّات ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير عن أبي إسحاق الشيباني عن مالك بن القعقاع قال: سألت ابن عمر عن النبيذ الشديد، فقال: جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلسٍ، فوجد من رجل ريح نبيذ، فقال: " ما هذه الرياح؟ ". قال: ريح نبيذٍ. قال: " فأرسل فأتونا منه ". فأرسل، فأتي به، فوضع فيه رأسه، فشمَّه، ثم رجع فردَّه حتى إذا قطع الرجل البطحاء رجع، فقال: أحرامٌ هو، يا رسول الله أم حلالٌ؟ قال: فوضع رأسه فيه، فوجده شديدًا فصبَّ الماء عليه، ثم شرب، ثم قال: " إذا اغتلمت أسقيتكم، فاكسروها بالماء " (1) .
3202 - وقال الدَّارَقُطْنِيُّ أيضًا: حدَّثنا محمد بن أحمد بن هارون ثنا أحمد بن عمر بن بشر ثنا جدِّي إبراهيم بن فرقد ثنا القاسم بن بهرام ثنا عمرو بن دينار عن ابن عبَّاس قال: مرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قومٍ بالمدينة، فقالوا: يا رسول الله، إنَّ عندنا شرابًا لنا، أفلا نسقيك منه؟ قال: " بلى ". فأتي بقعب - أو قدح - غليظٍ فيه نبيذ، فلما أن أخذه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرَّبه إلى فيه، قطب. قال: فدعا الذي جاء به، فقال: " خذه فأهرقه ". فلمَّا أن ذهب به، قال: يا رسول الله، هذا شرابنا، إن كان حرامًا لم نشربه. فدعا به، فأخذه، ثم دعا بماء، فشنَّه عليه، ثم شرب وسقى، وقال: " إذا كان هكذا، فاصنعوا به هكذا " (2) .
3203 - قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أبو العبَّاس الأثرم ثنا محمد بن أحمد المقري ثنا الحسن بن داود بن مهران ثنا عبد العزيز بن أبان عن سفيان الثوري عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود قال: سئل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبيذ:
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/262) .
(2) لم نقف عليه.(5/24)
حلالٌ أو حرامٌ؟ قال: " حلالٌ " (1) .
3204 - قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا محمد بن القاسم بن زكريا أنا عبد الأعلى بن واصل ثنا أبو غسَّان ثنا أبو الأحوص عن سِماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة قال: سمعت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اشربوا في المزفَّت، ولا تسكروا " (2) .
3205 - قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عثمان بن أحمد الدقَّاق ثنا يحيى بن عبد الباقي ثنا لوين ثنا محمد بن جابر عن سِماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نهيتكم عن الظروف، فاشربوا فيما شئتم ولا تسكروا " (3) .
3206 - قالوا: وروى أبو سعيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " إنَّ الله حرَّم الخمر بعينها، والسكر من كلِّ شرابٍ ".
3207 - وقال العقيلي: حدَّثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو نعيم ثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي إسحاق وابن أبي السفر عن سعيد بن ذي لعوة قال: شرب أعرابيٌّ نبيذًا من إداوة عمر، فسكر، فأمر به فجلد، فقال: إنَّما شربت
[نبيذًا] (4) من إداوتك! فقال عمر: إنَّما نجلدك على السكر (5) .
والجواب:
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/264) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/259) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/259) .
وفي هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(4) زيادة من (ب) و"التحقيق" و"الضعفاء الكبير".
(5) "الضعفاء الكبير": (2/105 - رقم: 572) تحت ترجمة سعيد بن ذي لعوة.(5/25)
أمَّا الحديث الأوَّل: فإنَّما سقاه الخدم، لأنَّه لمَّا مضت حلاوته وخاف أن يصير مسكرًا أعطاه الخدم.
وأمَّا حديث أبي مسعود: فقال الدَّارَقُطْنِيّ: هو معروفٌ بيحيى بن يمان، ويقال: إنَّه انقلب عليه الإسناد، واختلط عليه بحديث الكلبي عن أبي صالح الذي ذكرناه (1) .
قال: وقد رواه اليسع بن إسماعيل عن زيد بن الحباب عن الثوري، واليسع ضعيفٌ، ولا يصحُّ عن زيد (2) .
وقال أحمد بن حنبل: كان يحيى بن يمان يغلط. وضعَّفه، قيل له: أرواه غيره؟ قال: لا، إلا من هو أضعف منه. وقال النسائي: لا يحتجُّ بحديث يحيى بن يمان لسوء حفظه، وكثرة خطئه (3) . وقال أبو حاتم الرازي:
هو مضطرب الحديث (4) .
ثم لو صحَّ الحديث فلا حجَّة فيه، لأنَّ نبيذ السقاية كان نقيع الزبيب، وليس من عادتهم طبخه فهو حرام باتفاقنا.
وأمَّا حديث الكلبي: فاسم الكلبي: محمد بن السائب، قال زائدة (5) وليث (6) وسليمان التيمي (7) : هو كذَّابٌ. وقال السعدي: كذَّابٌ
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/264) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/264) بتصرف.
(3) سيأتي بتمامه في كلام المنقح.
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (9/199 - رقم: 830) وزاد فيه أيضًا: (في حديثه بعض الصنعة، ومحله الصدق) .
(5) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (4/76 - 77 - رقم: 1632) بتصرف.
(6) "المجروحون" لابن حبان: (2/254) .
(7) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/270 - رقم: 1478) من رواية ابنه المعتمر.(5/26)
ساقطٌ (1) . وقال يحيى: ليس بشيءٍ (2) . وقال النسائي (3) والدَّارَقُطْنِيّ (4) : متروك الحديث. وقال أبو حاتم بن حِبَّان: وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه، لا يحلُّ الاحتجاج به (5) .
وأمَّا أبو صالح: فاسمه: باذام، قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ: لا أعلم أحدًا من المتقدمين رضيه (6) .
وأمَّا حديث عبد الملك بن نافع: فقال أبو حاتم الرازي: هو شيخٌ مجهولٌ، لم يرو إلا حديثًا واحدًا، منكر الحديث، لا يثبت حديثه (7) . وقال أبو عبد الرحمن النسائي: لا يحتجُّ بحديثه (8) .
وأمَّا حديث الشيباني عن مالك بن القعقاع: فقال الدَّارَقُطْنِيّ: كذا قال الشيبانيُّ، وقال غيره: عبد الملك بن نافع ابن أخي القعقاع، وهو مجهولٌ ضعيفٌ، والصحيح عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أسكر كثيره فقليله حرامٌ " (9) .
وأمَّا حديث ابن عبَّاس: فتفرَّد به القاسم بن بهرام، قال ابن حِبَّان: لا
__________
(1) " الشجرة في أحوال الرجال ": (ص: 76 - رقم: 39) .
(2) "التاريخ" برواية الدوري: (3/280 - رقم: 1344) .
(3) "الضعفاء": (ص: 201 - رقم: 514) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/262) وفيه: (متروك) .
(5) "المجروحون": (2/255) باختصار.
(6) "الكامل": (2/71 - رقم: 300) .
(7) "الجرح والتعديل" لابنه: (5/372 - رقم: 1739) .
(8) سيأتي بتمامه في كلام المنقح.
(9) "سنن الدارقطني": (4/262) .(5/27)
يجوز الاحتجاج به بحالٍ (1) .
وأمَّا حديث أبي مسعود: ففيه: عبد العزيز بن أبان، قال أحمد بن حنبل: تركته (2) . وقال محمد بن عبد الله بن نمير: هو كذَّابٌ (3) . وقال يحيى: ليس بشيءٍ، كذَّابٌ يضع الحديث (4) .
وأمَّا حديث أبي بردة: فقال الدَّارَقُطْنِيّ: وهم أبو الأحوص في إسناده ومتنه، وقال غيره: عن سِماك عن القاسم عن ابن أبي بردة (5) عن أبيه: ولا تشربوا مسكرًا (6) .
وأمَّا حديث ابن بريدة: فقال الدَّارَقُطْنِيّ: رواه محمد (7) بن يحيى النيسابوري - وهو إمامٌ - عن محمد بن جابر، فقال فيه: فاشربوا في أيِّ سقاءٍ شئتم، ولا تشربوا مسكرًا.
قال: وهذا هو الصواب، والله أعلم (8) .
وأمَّا حديث أبي سعيد: فهو موقوفٌ، وما يتصل إلى أبي سعيد.
__________
(1) "المجروحون": (2/214) .
(2) "العلل" برواية عبد الله: (2/50 - رقم: 1519، 3/298 - رقم: 5326) .
(3) "تاريخ بغداد" للخطيب: (10/446 - رقم: 5604) .
(4) الجملة الأولى في "التاريخ" برواية الدوري: (3/277 - رقم: 1324) ، والجملة الثانية في رواية ابن الجنيد: (ص: 293 - رقم: 82) .
(5) كذا بالأصل، ولم تظهر هذه الجملة في مصورتنا من (ب) ، والصواب: (ابن بريدة) كما في "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(6) "سنن الدارقطني": (4/259) .
(7) كذا بالأصل و"التحقيق"، والصواب: (يحيى) كما في "سنن الدارقطني": (4/259) و"إتحاف المهرة" لابن حجر: (2/554 - 555 - رقم: 2225) .
(8) "سنن الدارقطني": (4/259) .(5/28)
وأمَّا حديث سعيد بن ذي لعوة: فمحالٌ، قال أبو حاتم بن حِبَّان: هو شيخٌ دجالٌ (1) .
وقد روى العقيلي قال: حدَّثنا جعفر الفريابي ثنا أحمد بن خالد الخلال قال: قلت لأحمد بن حنبل: حدَّثنا محمد بن عبيد عن صالح بن حيَّان عن ابن بريدة قال: شربت مع أنس بن مالك الطلا على النصف. فغضب أحمد، وقال
: لا نرى هذا في كتاب إلا خرقته أو حككته، ما أعلم في تحليل النبيذ حديثًا صحيحًا، اتهموا حديث الشيوخ (2) .
قلت: وصالح بن حيَّان: قد قال فيه يحيى بن معين: هو ضعيفٌ (3) .
وقال النسائي: ليس بثقةٍ (4) .
ز: حديث يحيى بن عبيد [] (5) أبي عمر البهراني النخعي الكوفي عن ابن عبَّاس: رواه مسلمٌ من رواية شعبة والأعمش وزيد بن أبي أنيسة عنه (6) .
وحديث أبي مسعود: رواه النسائي عن الحسن بن إسماعيل بن سليمان عن يحيى بن يمان.
وقال: وهذا حديث ضعيفٌ، لأنَّ يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب
__________
(1) "المجروحون": (1/316) .
(2) "الضعفاء الكبير": (2/200 - رقم: 725) .
(3) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 134 - رقم: 434) .
(4) "الضعفاء": (ص: 129 - رقم: 295) .
(5) أقحمت في الأصل كلمة: (عن) .
(6) "صحيح مسلم": (6/101 - 102) ؛ (فؤاد - 3/1589 - رقم: 2004) .(5/29)
سفيان، ويحيى بن يمان لا يحتجُّ بحديثه لسوء حفظه، وكثرة خطئه (1) .
رواه (2) الأشجعي وغيره عن سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب: أتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنبيذ ... نحو هذا.
وقال يحيى بن سعيد: عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن خالد بن سعد عن أبي مسعود فعله.
قال منصور: ثم حدَّثني خالد بن سعد. يعني به.
وقال الأعمش: عن إبراهيم عن همَّام عن أبي مسعود فعله.
وقال أبو أحمد بن عَدِيٍّ: سمعت عبدان يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: ابن يمان سريع النسيان، وحديثه خطأ عن الثوري عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود، إنَّما هو الكلبي عن أبي صالح عن
المطلب بن أبي وداعة (3) .
قال ابن عديٍّ: وثنا الجنيدي قال: قال البخاري في حديث يحيى بن اليمان هذا: لم يصحَّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال الأشجعي وغيره عن سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب (4) .
__________
(1) "سنن النسائي": (8/325 - رقم: 5703) و" الكبرى ": (3/237 - رقم: 5212) .
(2) كلام النسائي في مطبوعتي كتابيه "السنن" انتهى عند الكلمة السابقة، ولا ندري عن الكلام الآتي هل هو من تتمة كلام النسائي في بعض نسخ "السنن"، أم أنه كلام مستأنف، وهذا الكلام بحروفه وبنفس السياقة في "تحفة الأشراف" للمزي: (7/328 - رقم: 9980) ، والله أعلم.
(3) "الكامل": (7/235 - رقم: 2137) .
(4) "الكامل": (3/28 - 29 - رقم: 592) تحت ترجمة خالد بن سعد مولى أبي مسعود، وانظر: "سنن البيهقي": (8/304) .(5/30)
وقال أبو موسى: ذكرت لعبد الرحمن بن مهدي حديث سفيان عن منصور في النبيذ، قال: لا تحدِّث بهذا (1) .
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يحيى بن يمان عن الثوري عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بالبيت، فاستسقى، فأُتي بنبيذٍ، فشمَّه، فقطَّب (2) وجهه، فقيل: أحرام هو، يا رسول الله؟ قال: " لا ".
فقلت لهما: ما علَّة هذا الحديث، وهل هو صحيحٌ؟
فقالا: أخطأ ابن يمان في إسناد هذا الحديث، وروي هذا الحديث عن الثوري عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن أبي وداعة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبي: والذي عندي أنَّ يحيى بن يمان دخل حديث له في حديث، رواه الثوري عن منصور عن خالد بن سعد - مولى أبي مسعود - أنَّه كان يشرب نبيذ الجرِّ، وعن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يطوف بالبيت ... الحديث، فسقط عنه إسناد الكلبي، فجعل إسناد منصور عن خالد عن أبي مسعود = لمتن حديث الكلبي.
وقال أبو زرعة: وهم فيه يحيى بن يمان، إنَّما هو الثوري عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) .
وقال أبو زرعة في موضعٍ آخر: هذا إسنادٌ باطلٌ عن الثوريِّ عن منصور، وهم فيه يحيى بن يمان، وإنَّما [ذاكرهم سفيان عن الكلبي عن أبي
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/304) .
(2) في " النهاية ": (أي قبض ما بين عينيه كما يفعله العبوس، ويخفَّف ويثقَّل) ا. هـ
(3) "العلل": (2/25 - 26 - رقم: 1552) .
وانظر: " ناسخ الحديث ومنسوخه " للاثرم: (ص 208 - 209) .(5/31)
صالح عن المطلب بن أبي وداعة مرسل، فلعل الثوري إنَّما] (1) ذكره تعجبًا من الكلبي حين حدَّث بهذا الحديث مستنكرًا على الكلبي. انتهى كلامه (2) .
وأمَّا حديث الكلبي عن أبي صالح عن المطلب: فلم يخرِّجوه.
وأمَّا حديث ابن عمر: فرواه النسائي، فقال:
3208 - أخبرنا زياد بن أيُّوب ثنا هشيم أنا العوَّام عن عبد الملك بن نافع قال: قال ابن عمر: رأيت رجلاً جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقدحٍ فيه نبيذ، وهو عند الركن، ودفع إليه القدح، فرفعه إليه، فوجده شديدًا، فردَّه على صاحبه، فقال رجلٌ من القوم: يا رسول الله، أحرامٌ هو؟ فقال: " عَلَيَّ بالرجل ". فأتي به، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماءٍ، فصبَّه فيه، ثم رفعه إلى فيه، فقطَّب، ثم دعا بماءٍ أيضًا، فصبَّه فيه، ثم قال: " إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية، فاكسروا متونها بالماء ".
قال: وأخبرني زياد بن أيُّوب عن أبي معاوية ثنا أبو إسحاق الشيباني عن عبد الملك بن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه.
قال النسائي: عبد الملك بن نافع ليس بالمشهور، ولا يحتجُّ بحديثه، والمشهور عن ابن عمر خلاف حكايته.
ثم روى تحريم المسكر عن ابن عمر من غير وجه، ثم قال: وهؤلاء أهل الثبت والعدالة مشهورون بصحَّة النقل، وعبد الملك لا يقوم مقام واحد منهم، ولو عاضده من أشكاله جماعة، وبالله التوفيق (3) .
__________
(1) سقط من الأصل، واستدرك من (ب) و"العلل".
(2) "العلل" لابن أبي حاتم: (2/25 - رقم: 1550) .
(3) "سنن النسائي": (8/323 - 325 - الأرقام: 5694 - 5701) .(5/32)
وقال البيهقيُّ: هذا حديث يعرف بعبد الملك بن نافع هذا، وهو رجلٌ مجهولٌ، اختلفوا في اسمه واسم أبيه، فقيل هكذا، وقيل: عبد الملك بن القعقاع، وقيل: ابن أبي القعقاع، وقيل: مالك بن القعقاع (1) .
وقال ابن أبي مريم: قلت ليحيى بن معين: أرأيت حديث عبد الملك ابن نافع الذي يرويه إسماعيل بن أبي خالد في النبيذ؟ قال: هم يضعِّفونه (2) .
وقال البخاريُّ: عبد الملك بن نافع بن أخي القعقاع بن شور عن ابن عمر في النبيذ، لم يتابع عليه (3) .
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أسباط بن محمد عن الشيباني عن عبد الملك بن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه أتي بشرابٍ، فدعا بماءٍ، فصبَّه فيه حتى كسره بالماء، ثم شرب، ثم قال: " إن هذه الأسقية تغتلم، فإذا فعلت ذلك، فاكسروها بالماء ".
قال أبي: هذا حديث منكرٌ، وعبد الملك بن نافع شيخٌ مجهولٌ (4) .
وأمَّا حديث ابن عبَّاس: فلم يخرِّجوه، وهو حديثٌ لا يصحُّ، لضعف بعض رواته، وجهالة بعضهم.
وكذلك لم يخرجِّوا حديث عبد العزيز بن أبان عن الثوريِّ، وهو حديثٌ باطلٌ، وعبد العزيز متروكٌ، وقد سرقه من غيره.
وأمَّا حديث أبي الأحوص عن سِماك: فرواه النسائي، قال:
__________
(1) "سنن البيهقي": (8/305) .
(2) "الكامل": (5/306 - رقم: 1454) .
(3) "التاريخ الكبير": (5/433 - 434 - رقم: 1413) باختصار.
(4) "العلل": (2/34 - رقم: 1579) .(5/33)
3209 - أخبرنا هنَّاد بن السَّريِّ عن أبي الأحوص عن سِماك عن القاسم ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اشربوا في الظروف، ولا تسكروا ".
قال أبو عبد الرحمن: وهذا حديث منكرٌ، غلط فيه أبو الأحوص سلاَّم ابن سليم، لا نعلم أحدًا تابعه عليه من أصحاب سِماك بن حرب، وسِماك ليس بالقويِّ، وكان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث.
خالفه شريك في إسناده وفي لفظه:
3210 - أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ثنا يزيد أنا شريك عن سِماك بن حرب عن ابن بريدة عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الدُّبَّاء والحَنْتَم والنَّقير والمُزفَّت.
خالفه أبو عوانة:
3211 - أخبرنا أبو بكر بن عليٍّ ثنا إبراهيم بن الحجَّاج ثنا أبو عوانة عن سِماك عن قرصافة - امرأة منهم - عن عائشة قالت: اشربوا ولا تسكروا.
وهذا أيضًا غير ثابتٍ، وقرصافة هذه لا يدرى من هي؟ والمشهور عن عائشة خلاف ما روت عنها قرصافة (1) .
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث أبي الأحوص عن سِماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بُردة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اشربوا في الظروف، ولاتسكروا ".
قال أبو زرعة: فوهم أبو الأحوص فقال: عن سِماك عن القاسم عن
__________
(1) "سنن النسائي": (8/319 - 320 - الأرقام: 5677 - 5679) .(5/34)
أبيه عن أبي بردة، قلب من الإسناد موضعًا، وصحَّف في موضعٍ، أمَّا القلب: فقوله: " عن أبي [بردة] (1) " أراد: " عن ابن بريدة "، ثم احتاج أن يقول: " ابن بريدة عن أبيه " فقلب الإسناد بأسره، وأفحش في الخطأ،
وأفحش من ذلك وأشنع تصحيفه في متنه: " اشربوا في الظروف، ولا تسكروا "، وقد روى هذا الحديث عن ابن بريدة عن أبيه: أبو سنان ضرار بن مرَّة وزبيد اليامي عن محارب بن دثار وسِماك بن حرب والمغيرة بن سُبيع وعلقمة ابن مرثد والزبير بن عَدِيٍّ وعطاء الخراساني وسلمة بن كهيل، كلُّهم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلث فأمسكوا مابدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكرًا ". وفي حديث بعضهم: قال:
" واجتنبوا كلَّ مسكرٍ ". ولم يقل أحدٌ منهم: " ولا تسكروا "، وقد بان وَهْمُ حديث أبي الأحوص من اتفاق هؤلاء المسمَّين (2) على ماذكرنا من خلافه (3) .
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: حديث أبي الأحوص عن سِماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة خطأٌ، الإسناد والكلام، فأمَّا الإسناد: فإنَّ شريكًا وأيُّوب
ومحمدًا ابني جابر رووه عن سِماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما روى الناس: " فانتبذوا في كلِّ وعاءٍ ولا تشربوا مسكرًا ".
قال أبو زرعة: كذا أقول، هذا خطأٌ، أمَّا الصحيح: حديث ابن بريدة عن أبيه (4) .
__________
(1) في الأصل: (بريدة) ، والتصويب من "العلل" لابن أبي حاتم.
(2) في مطبوعة "العلل": (المشمس) خطأ.
(3) "العلل": (2/24 - 25 - رقم: 1549) .
(4) "العلل": (2/25 - رقم: 1551)
وانظر: " ناسخ الحديث ومنسوخه " للأثرم: (ص: 207) .(5/35)
وأمَّا حديث محمد بن جابر: فلم يخرِّجوه، وكذلك حديث أبي سعيد، وحديث سعيد بن ذي لعوة.
وقد قال عليُّ بن المدينيِّ في سعيد: هو مجهولٌ (1) . وتكلَّم فيه ابن معين (2) وأبو زرعة (3) وأبو حاتم (4) والبخاري (5) وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث سعيد بن ذي لعوة أنَّ أعرابيًّا شرب من إداوة عمر، فسكر ... فقال: سعيد مجهولٌ، لا أعلم روى عنه غير الشعبي وأبي إسحاق، وقد روى الزهري عن السائب بن يزيد عن عمر أنَّه
قال على المنبر: ذكر لي أنَّ عبيد الله بن عمر وأصحابه شربوا شرابًا، وأنا سائلٌ عنه، فإن كان يُسكر حددتهم. قال السائب: فشهدت عمر حدَّهم (6) O.
* * * * *
فصل (789)
وأما الدليل على التعليل:
فقوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة: 90] الآيات.
وهذه المعاني المذمومة كلُّها موجودةٌ في كلِّ مسكرٍ.
__________
(1) "العلل": (ص: 92 - رقم: 152) .
(2) "التاريخ" برواية الدوري: (3/361 - رقم: 1750) .
(3، 4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/18 - 19 - رقم: 75) .
(5) "التاريخ الكبير" (3/471 - رقم: 1569) .
(6) "العلل": (2/34 - رقم: 1581) .(5/36)
3212 - وقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا العبَّاس بن عبد السميع ثنا محمد بن الحسين بن سعيد ثنا أبو حفص الدمشقي ثنا سعيد عن جعفر بن محمد عن بعض أهل بيته أنَّه سأل عائشة عن النبيذ، فقالت: يا بني، إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يحرِّم الخمر لاسمها، وإنَّما حرَّمها لعاقبتها، فكلُّ شرابٍ يكون عاقبته كعاقبة الخمر، فهو حرامٌ كتحريم الخمر (1) .
ز: هذا الأثر لا يصحُّ عن عائشة، لجهالة بعض رواته O.
* * * * *
مسألة (790) : لا يجوز شرب الخمر للعطش، ولا للتداوي.
وقال أبو حنيفة: يجوز.
وعن الشافعيَّة ثلاثة أقوال، قولان كالمذهبين، والثالث: يجوز للتداوي دون العطش.
لنا حديثان:
3213 - الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا بهز وأبو كامل قالا: ثنا حمَّاد بن سلمة ثنا سِماك عن علقمة بن وائل عن طارق بن سويد أنَّه قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ بأرضنا أعنابًا نعتصرها فنشربها؟ قال: " لا ".
فعاودته، فقال: " لا ". فقلت: إنا نستشفي بها للمريض؟ قال: " إن ذاك ليس بشفاء ولكنَّه داء " (2) .
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/256 - 257 - رقم: 59) .
(2) "المسند": (4/311) .(5/37)
ز: رواه ابن ماجه (1) والطبراني (2) وأبو حاتم البستي (3) من حديث حماد بن سلمة O.
3314 - الحديث الثاني: قال أحمد: وحدثنا عبد الرزاق ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه عنها، قال، إنما أصنعها للدواء. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "إنها داء وليست دواء" (4) .
انفراد بإخراجه مسلم.
ز: رواه مسلم من حديث شعبة، فقال:
3315 - حدثنا محمد بن مثني ومحمد بن بشار - واللفظ لابن مثني - قالا: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل الحضرمي أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه - أو كره - أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء؟ فقال: "ليس بدواء، ولكنه داء" (5) O.
*****
__________
(1) "سنن ابن ماجه": (3/1157- رقم: 3500) .
(2) "المعجم الكبير": (8/333- رقم: 8313) .
(3) "الإحسان" لابن بلبان: (4/331- رقم: 1389) .
(4) "المسند": (4/317) .
(5) " صحيح مسلم" (6/89) ؛ (فؤاد- 3/1573- رقم: 1984) .(5/38)
مسائل السبق
مسألة (791) : لا تجوز المسابقة على الأقدام بعوض.
وقال أبو حنيفة: تجوز.
وعن الشافعيِّ كالمذهبين.
3216 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا محمد بن عمرو عن أبي الحكم - مولى الليثيين - عن أبي هريرة قال: قال رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا سبق إلا في خفِّ أو حافرٍ " (1) .
ز: رواه النسائي (2) وابن ماجه (3) من رواية محمد بن عمرو.
وأبو الحكم: ليس بالمشهور، وقد رواه غيره عن أبي هريرة، والله أعلم O.
* * * * *
__________
(1) "المسند": (2/256) .
(2) "سنن النسائي": (6/227 - رقم: 3589) .
(3) "سنن ابن ماجه": (2/960 - رقم: 2878) .(5/39)
من مسائل الأيمان
مسألة (792) : إذا قال: إن فعلت كذا فأنا يهوديٌّ، أو نصرانيٌّ، أو بريء من الله، أو الإسلام، أو النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ = انعقدت يمينه، وإذا حنث لزمته الكفَّارة.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: لا تنعقد يمينه، ولا تلزمه الكفَّارة.
3217 - وقد روى أصحابنا من حديث زيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه سئل عن رجل يقول: هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ، فقال: " عليه كفَّارة يمين ".
ز: " هذا الحديث لا أصل له.
والصحيح في هذه المسألة أنَّه لا كفَّارة عليه. قاله بعض أصحابنا، وقد روي ذلك عن أحمد.
وقد يَستدلُّ من قال بعدم الكفَّارة بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: " من حلف على يمين بملَّة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال ".
فإنَّه لم يذكر كفَّارة، وجعل المرتَّب على ذلك قوله: " فهو كما قال ".
ولشيخنا العلامة أبي العبَّاس في هذه المسألة كلام عظيم - يضيق هذا المكان عن ذكره - يرجِّح فيه القول بلزوم الكفَّارة، فمن أحب الوقوف عليه فليسارع إليه، والله أعلم O.
* * * * *(5/40)
مسألة (793) : إذا قال: أقسمت، أو أقسم، أو أحلف، أو أشهد، لا فعلت كذا = انعقدت يمينه.
وعنه: لا تنعقد، إلا أن ينوي اليمين، وبه قال مالكٌ.
وقال الشافعيُّ: لا تنعقد يمينه.
3218 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا سفيان (1) عن الزهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبَّاس أنَّ رجلاً رأى رؤيا، فقصَّها على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو بكر: ائذن لي فلأعبرها. فأذن له، فعبَّرها، ثم قال: أصبتُ، يا رسول الله؟ قال: " أصبت وأخطأت ". قال: أقسمت يا رسول الله لتخبرني. قال: " لا تقسم هكذا " (2) .
رواه أحمد.
وقد أخرج في "الصحيحين" بلفظ آخر، وأنَّه قال: والله لتحدثني بالذي أخطأت. فقال: " لا تقسم " (3) .
ز: سفيان هذا هو: ابن حسين، وقد تكلَّموا في روايته عن الزهريِّ، والله أعلم O.
* * * * *
__________
(1) في مطبوعة "المسند": (سفيان عن ابن حسين) وصوابه: (سفيان بن حسين) .
(2) "المسند": (1/236) وفيه: (لا تقسم) حسب.
(3) "صحيح البخاري": (9/495) ؛ (فتح - 12/431 - رقم: 7046) .
"صحيح مسلم": (7/55 - 56) ؛ (فؤاد - 4/1777 - 1778 - رقم: 2269) .(5/41)
مسألة (794) : يصحُّ يمين الكافر.
وقال أبو حنيفة: لا يصحُّ.
لنا:
قوله عليه السلام: " تبرئكم يهود بخمسين يمينًا ".
وقد ذكرناه بإسناده في القسامة (1) .
* * * * *
مسألة (795) : إذا حلف: لا يأكل أُدْمًا؛ فأكل لحمًا، أو بيضًا، أو جبنًا = حنث.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا بأكل ما يصطبغ به، كالخل والشيرج.
لنا حديثان:
3219 - الحديث الأوَّل: قال البخاريُّ: حدَّثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلاً لأهل الجنة ". فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى. قال: إدامهم بالام والنون. قالوا: ما هذا؟
__________
(1) برقم: (2936) .(5/42)
قال: " ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا " (1) .
أخرجه البخاري ومسلم في "الصحيحين" (2) .
ووجه الحجَّة: أنَّه جعل اللحم أُدْمًا لأنَّ الام: اسم للثور، والنون: للحوت.
قال الخطابي: يشبه أن يكون اليهوديُّ أراد أن يعمي الاسم، وإنما هو لأى - على وزن لعا - أي: ثور، والثور الوحشيُّ: اللأى، إلا أن يكون ذلك بالعبرانيَّة (3) .
3230 - الحديث الثاني: قال أبو عمر بن حيويه: أنبأ عبد الله بن عبد الرحمن السكري ثنا أبو محمد بن قتبية قال: حدَّثني القومسي ثنا الأصمعي عن أبي هلال الراسبي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم " (4) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وأبو هلال الراسبي: اسمه محمد بن سليم، وقد اختلف في الاحتجاج به، قال ابن معين: هو صدوقٌ (5) . وقال النسائي: ليس بالقويِّ (6) . وقال ابن عَدِيٍّ: هو ممن يكتب حديثه (7) .
__________
(1) "صحيح البخاري": (8/357) ؛ (فتح - 11/372 - رقم: 6520) .
(2) "صحيح مسلم": (8/128) ؛ (فؤاد - 4/2151 - رقم: 3792) .
(3) " أعلام الحديث ": (3/2266) باختصار.
(4) " تأويل مختلف الحديث ": (ص: 294 - رقم: 34) .
(5) "سؤالات ابن الجنيد": (ص: 427 - رقم: 643) .
(6) "الضعفاء": (ص: 202 - رقم: 516) .
(7) "الكامل": (6/216 - رقم: 1685) .(5/43)
وقد روي هذا الحديث عن أبي هلال عن قتادة عن ابن بريدة عن أبيه موقوفًا، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (796) : إذا حلف: لا يهب لفلان، فتصدق عليه، لم يحنث.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: يحنث.
3221 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس يتصدَّقون على بريرة، فتهدي لنا، فذكرت ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " هو عليها صدقة، وهو لكم هديَّة " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
* * * * *
مسألة (797) : إذا حلف: أنَّه لا مال له، وله مالٌ غيرُ زكاتيٍّ - كالعقار والأثاث - = حنث.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا أن يملك شيئًا من الأموال الزكاتيَّة.
__________
(1) "المسند": (6/45 - 46) .
(2) "صحيح البخاري": (3/647 - 648) ؛ (فتح - 5/203 - رقم: 2578) .
"صحيح مسلم": (4/215) ؛ (فؤاد - 2/1144 - رقم: 1504) .(5/44)
3222 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا روح بن عبادة ثنا أبو نعامة العدوي عن مسلم بن بديل عن إياس بن زهير عن سويد بن هبيرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " خير مال امرىء له: مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة " (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
ومسلم بن بديل العدوي (2) ، وإياس بن زهير أبو طلحة (3) : ذكرهما ابن أبي حاتم في "كتابه"، ولم يذكر فيهما جرحًا.
وقد روى هذا الحديث البخاري في "تاريخه" (4) وأبو القاسم الطبراني من رواية عبد الوارث بن سعيد عن أبي نعامة العدوي (5) .
قال البخاريُّ: وقال معاذ: عن أبي نعامة بإسناده عن سويد بلغني عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O.
* * * * *
مسألة (798) : إذا قال: هذا الطعام - أو هذه الأمة - عَلَيَّ حرامٌ = كان يمينًا.
وقال الشافعيُّ: لا يلزمه في الطعام شيءٌ، وفي الأمة كفَّارة بنفس اللفظ.
__________
(1) "المسند": (3/468) .
(2) "الجرح والتعديل": (8/181 - رقم: 790) .
(3) المصدر السابق: (2/279 - رقم: 1004) .
(4) "التاريخ الكبير": (1/438 - 439 - رقم: 1407) .
(5) "المعجم الكبير": (7/91 - رقم: 6470) .(5/45)
لنا:
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّم مارية - وقيل: العسل - فنزل قوله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم:2] .
3223 - أخبرنا عبد الوهَّاب الحافظ أنا أبو المفضَّل وأبو طاهر قالا: أنا ابن شاذان أنا أحمد بن كامل قال: حدَّثني محمد بن سعد قال: حدَّثني أبي حدَّثني عمِّي عن أبيه عن جدِّه عن ابن عبَّاس قال: كانت حفصة وعائشة
متحاببتين، فذهبت حفصة إلى أبيها تتحدث عنده، فأرسل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، فرجعت حفصة فوجدتهما في بيتها، فخرجت الجارية ودخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سؤتني! فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والله لأرضينَّك، وإنِّي مسرُّ إليك سرًّا فاحفظيه " -
قالت: وما هو؟ قال: " أشهدك أنَّ سُرِّيتي عَلَيِّ حرامٌ، رضًا لك ". فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ) [التحريم:1] .
ز: محمد بن سعد هو: العوفي، وهذا الإسناد مشهورٌ، وإن كان في بعض رواته كلامٌ، وقد روى نسخة عن ابن عبَّاس يرويها ابن جرير وابن أبي حاتم وغرهما O.
3224 - وأخبرنا عليُّ بن عبد الواحد أنا عليُّ بن عمر القزويني أنا أحمد ابن إبراهيم بن شاذان أنا البغوي ثنا أحمد بن حنبل ثنا حجَّاج بن محمد ثنا ابن جريج عن عطاء أنَّه سمع عبيد بن عمير يحدِّث قال: سمعت عائشة تخبر أنَّ
النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمكث عند زينب ويشرب عندها عسلاً، قالت: فتواصيت أنا وحفصة: أيتنا ما دخل عليها فلتقل: إنِّي أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟! فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك، فقال: " بل شربت عسلاً عند(5/46)
زينب، ولن أعود إليه ". فنزل قوله تعالى: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لك) [التحريم:1] .
أخرجاه في "الصحيحين" (1) .
* * * * *
__________
(1) "صحيح البخاري": (7/58 - 59) ؛ (فتح - 9/374 - رقم: 5267) .
"صحيح مسلم": (4/184) ؛ (فؤاد - 2/1100 - 1101) .(5/47)
من مسائل الكفَّارة
مسألة (799) : مذهب أحمد أنَّه يجوز تقديم الكفَّارة قبل الحنث.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وهو اختياري.
واستدلَّ أصحابنا:
3225 - واستدلَّ أصحابنا بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا أسود بن عامر وعفَّان قالا: ثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: حدَّثني عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فكفِّر عن يمينك وائت الذي هو خير " (1) .
أخرجاه في "الصحيحين" (2) .
3226 - قال أحمد: وحدَّثنا أبو سلمة الخزاعى ثنا مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفِّر عن يمينه وليفعل الذي هو خير " (3) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ (4) .
__________
(1) "المسند": (5/63) .
(2) "صحيح البخاري": (8/381) ؛ (11/516 - رقم: 6622) .
"صحيح مسلم": (5/86) ؛ (فؤاد - 3/1273 - 1274 - رقم: 1652) .
(3) "المسند": (2/361) .
(4) "صحيح مسلم": (5/85) ؛ (فؤاد - 3/1272 - رقم: 1650) .(5/48)
قال المصنِّف: قلت: والاحتجاج بهذا إنما يصلح لو كانت الواو تقتضي الترتيب، وإنَّما هذا من الرواة، وقد روى هذا جماعة فقدَّموا الحنث على الكفَّارة (1) .
3227 - قال الإمام احمد: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر قالا: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّة قال: سمعت عبد الله بن عمرو - مولى الحسن بن عليٍّ - يحدِّث عن عَدِيِّ بن حاتم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه " (2) .
ز: رواه النسائي عن إسحاق بن منصور عن ابن مهديٍّ (3) .
ورواه مسلمٌ من رواية تميم بن طرفة عن عَديٍّ، ففي بعض ألفاظه:
__________
(1) في هامش الأصل: (رأيت بعضهم قد كتب هنا بحاشية يرد بها على المؤلف، وهي: ليس الاحتجاج بالخبر من حيث أن الواو تقتضي الترتيب، إذ لو كانت الواو للترتيب لوجب تقديم الكفارة لوجود الأمر بها مرتبًا على الحنث، وإنما الاحتجاج به من حيث أن الواو تقتضى الجمع من غير ترتيب، فمن رتب ففد خالف مقتضى الواو فيحتاج [] فإن كان اختياره كمذهب أبي حنيفة في أول المسألة [] ) ا. هـ وحصل قطع في طرف النسخة ذهب بسطر من هذه الحاشية، ولا ندري هل هذه الحاشية من المنقح أم من الناسخ؟
وقد جاء نحو هذا المعنى في "التنقيح" للذهبي: (10/361) قال: (قال المؤلف: الواو لا تقتضي الترتيب. قلت - أي الذهبي -: لو كانت للترتيب لوجب بعدم الكفارة للأمر، بل الواو لمجرد الجمع، فمن رتب فقد خالف مقتضى الواو، فعليه الدليل) ا. هـ
وهناك هامش آخر يبدو أنه للناسخ: (حاشية: لو استدل لأصحابه برواية: " [ثم ائت] الذي هو خير " لكان أولى، وقد [رواها] أبو داود والنسائي من [حديث] عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا: " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير " وإسناده [] وعند الحاكم نحوه من حديث [] وقال: على شرط الشيخين) ا. هـ
وما بين معكوفتين مقطوع في الأصل فاجتهدنا في إثبات بعضه، وتركنا ما لم يظهر لنا، والله أعلم.
(2) "المسند": (4/256، 378) .
(3) " سنن للنسائي ": (7/10 - 11 - رقم: 3785) .(5/49)
" إذا حلف أحدكم على اليمين، فرأى خيرًا منها، فليكفرها وليأت الذي هو خير ".
وفي بعضها: " فليأت الذي هو خير، وليترك يمينه " (1) O.
3228 - قال أحمد: وحدَّثنا هُشيم أنا منصور ويونس (2) عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا عبد الرحمن بن سمرة، إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فأت الذي هو خير، وكفِّر يمينك " (3) .
ز: رواه البخاريُّ عن أبي معمر عن عبد الوارث عن يونس (4) ، وقال: تابعه سِماك بن عطيَّة وسِماك بن حرب وحميد وقتادة ومنصور وهشام والربيع (5) .
ورواه مسلمٌ عن علي بن حُجْر عن هُشيم عن يونس ومنصور وحميد به (6) O.
3229 - قال أحمد: وحدَّثنا الحكم بن موسى ثنا موسى (7) بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفِّر عن
__________
(1) "صحيح مسلم": (5/85 - 86) ؛ (فؤاد - 3/1273 - رقم: 1651) .
(2) في مطبوعة "المسند": (منصور عن يونس) خطأ، وهو على الصواب في ط. مؤسسة الرسالة.
(3) "المسند": (5/61) .
(4) "صحيح البخاري": (3/519) ؛ (فتح - 13/124 - رقم: 7147) .
(5) "صحيح البخاري": (8/406) . (فتح - 11/608 - رقم: 6722) .
(تنبيه) البخاري ذكر هذه العبارة بعد أن روى الحديث من طريق عثمان بن عمر بن فارس عن ابن عون عن الحسن به.
(6) "صحيح مسلم": (5/86 - 87) ؛ (فؤاد - 3/1274 - رقم: 1652) .
(7) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، والصواب: (مسلم) كما في "المسند".(5/50)
يمينه " (1)
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه من هذا الوجه، والله أعلم O.
3230 - وقال النسائي: أخبرنا محمد بن منصور عن سفيان ثنا أبو الزعراء عن عمِّه أبي الأحوص عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت ابن عمٍّ لي، آتيه أسأله فلا يعطيني ولا يصلني، ثم يحتاج إليَّ فيأتيني ويسألني،
وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله. فأمرني أن آتي الذي هو خير، وأكفِّر عن يميني (2) .
ز: رواه ابن ماجه عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن سفيان بإسناده نحوه (3) O.
* * * * *
__________
(1) "المسند": (2/204) .
(2) "سنن النسائي": (7/11 - رقم: 3788) .
(3) "سنن ابن ماجه": (1/681 - رقم: 2109) .(5/51)
من مسائل النذور والأيمان
مسألة (800) : إذا نذر شيئًا على وجه اللجاج والغضب - مثل أن يقول: إن فعلت كذا فمالي صدقة، أو عَلَيَّ حجَّة، أو صوم سنة - فهو بالخيار: إن شاء وفَّى بنذره، وإن شاء كفَّر كفَّارة يمين.
وعنه: الواجب الكفَّارة لا غير.
وعن الشافعيِّ كالروايتين.
وقال أبو حنيفة: يلزمه الوفاء به.
وقال مالكٌ في صدقة المال: يلزمه الثلث، وفي غيره: يلزمه الوفاء.
لنا أربعة أحاديث:
3231 - الحديث الأوَّل: قال الإمام احمد: حدَّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شِماسة عن أبي الخير مَرْثَد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كفَّارة النذر كفَّارة اليمين " (1) .
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
ز: رواه مسلمٌ عن غير واحد عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن كعب (2) .
__________
(1) "المسند": (4/146) .
(2) "صحيح مسلم": (5/80) ؛ (فؤاد - 3/1265 - رقم: 1645) .(5/52)
وقد روي عن ابن شِماسة عن عقبة بن عامر.
وروي عن كعب عن أبي الخير، من غير ذكر ابن شِماسة O.
3232 - الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا إسماعيل بن أبان الورَّاق ثنا أبو بكر النهشلي عن محمد بن الزبير عن الحسن عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نذر في غضب، وكفَّارته كفَّارة يمين " (1) .
ز: رواه النسائي من رواية أبي بكر النهشلي وغيره عن محمد بن الزبير الحنظلي (2) ، وهو منكر الحديث. قاله البخاري (3) ، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه.
ولم يصحّ عن الحسن عن عمران بن حصين سماعٌ من وجهٍ صحيحٍ يثبت. قاله عليُّ بن المديني (4) ، والله أعلم O.
3233 - الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بن منصور زاج ثنا عمر بن يونس ثنا سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نذر إلا فيما أطيع الله، ولا يمين في غضب، ولا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك " (5) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وهو حديثٌ لا يصحُّ، لأنَّ سليمان بن أبي سليمان هو: سليمان بن داود اليمامي، وهو متَّفقٌ على ضعفه، قال يحيى بن
__________
(1) "المسند": (4/439) .
(2) "سنن النسائي": (7/29 - رقمي: 3847، 3848) .
(3) "الضعفاء": (ص: 482 - رقم: 318) .
(4) "العلل": (ص: 51 - رقم: 50) .
(5) "سنن الدارقطني": (4/159) .(5/53)
معين: ليس بشيءٍ (1) . وقال البخاريُّ: منكر الحديث (2) . وقال ابن عَدِيٍّ: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ (3) O.
3234 - الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَثنا أحمد بن محمد بن زياد القطَّان ثنا جعفر بن محمد بن كزال ثنا محمد بن نعيم (4) بن هارون ثنا كثير ابن مروان ثنا غالب بن عبيد الله العقيلي عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من جعل عليه نذرًا في معصية فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه
نذرًا فيما لا يطيق فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه نذرًا فيما لم يسمِّه فكفَّارة يمين، ومن جعل ماله هديًا إلى الكعبة في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل ماله في المساكين صدقة في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه المشي إلى بيت الله في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه المشي إلى بيت الله تعالى في أمر يريد به وجه الله تعالى فليركب ولا يمشي، فإذا أتى مكة قضى نذره، ومن جعل عليه نذرًا لله تعالى فيما يريد به وجه الله تعالى فليتق الله وليف به " (5) .
قال المصنف: غالب ضعيفُ الحديث.
ز: هذا الحديث لا يصحُّ، ولا يثبت، وفيه غير واحدٍ من الضعفاء.
وغالب بن عبيد الله: ليس بثقةٍ، ولا مأمون، بل هو مجمعٌ على ترك
__________
(1) "الكامل" لابن عدي: (3/276 - رقم: 748) من رواية ابن المثنى، وفي رواية ابن طهمان المطبوعة: (ص: 49 - رقم: 42) : (ليس هو بشيء) .
(2) "التاريخ الكبير": (4/11 - رقم: 1792) .
(3) "الكامل": (3/278 - رقم: 748) .
(4) في "سنن الدارقطني": (نعم) .
(5) "سنن الدارقطني": (4/159 - 160) .(5/54)
الاحتجاج به.
وليت هذا الحديث يصحُّ عن عطاء من قوله! والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (801) : إذا قال: إن شفى الله مريضي فمالي صدقة = لزمه أن يتصدق بثلث جميع ماله.
وعنه: يرجع إلى ما نواه من ماله.
وقال أبو حنيفة: يتصدق بجميع أمواله الزكاتيَّة، في إحدى روايتيه؛ وفي الأخرى: يتصدق بجميع ما يملك، وبها قال الشافعيُّ.
3235 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا روح ثنا ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبره أنَّ أبا لبابة بن عبد المنذر قال - لمَّا تاب الله تعالى عليه -: يا رسول الله، إنَّ من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يجزئ عنك الثلث " (1) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
والحسين: ذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات"، وقال: يروي عن أبيه المراسيل (2) .
__________
(1) "المسند": (3/452 - 453) .
(2) "الثقات": (4/155) .(5/55)
وله ذكرٌ في "سنن أبي داود" في النذور (1) ، وقد روى أبو داود نحوه من رواية كعب بن مالك (2) ، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (802) : يمين الغموس لا توجب الكفَّارة، خلافا للشافعيِّ.
3236 - أنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن أبي حفص بن شاهين ثنا محمد بن هارون بن حميد ثنا داود بن رشيد ثنا بقيَّة عن بحير ابن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عن أبي هريرة أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ليس لها كفَّارةٌ: يمينٌ صابرةٌ ليقتطع بها مالاً بغير حقٍّ ".
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة " الكتب الستَّة "، وإسناده جيِّدٌ.
وقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" مطولاً، فقال:
3237 - حدَّثنا زكريا بن عَدِيٍّ ثنا بقيَّة عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المتوكل - أو: أبي المتوكل - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من لقي الله عزَّ وجلَّ لا يشرك به شيئًا، وأدَّى زكاة ماله طيِّبة بها نفسه محتسبًا، وسمع وأطاع، فله الجنَّة - أو: أدخل الجنَّة -، وخمسٌ ليس لهنَّ كفارة: الشرك بالله عزَّ وجلَّ، وقتل النفس بغير حقٍّ، أو بهت مؤمن، أو الفرار من يوم الزحف، أو يمينٌ صابرةٌ يقتطع بها مالاً بغير حقٍّ " (3) .
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/106 - رقم: 3309) .
(2) "سنن أبي داود": (4/105 - 106 - رقم: 3308) .
(3) "المسند": (2/361 - 362) .(5/56)
كذا فيه: (عن المتوكل - أو: أبي المتوكل -) .
وقوله: (صابرة) : بمعنى مصبورة، كـ (عِيْشَةٍ رَاضِيَةٍ) [القارعة: 7] O.
* * * * *
مسألة (803) : لاتنعقد يمين المكره.
وقال أبوحنيفة: تنعقد.
3238 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا محمد بن الحسن المقري ثنا الحسين بن إدريس ثنا خالد بن الهيَّاج ثنا أبي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس على مقهورٍ يمينٌ " (1) .
قال المصنِّف: عنبسة ضعيفٌ.
ز: هذا حديثٌ منكرٌ جدًّا، بل موضوعٌ، وفي إسناده جماعةٌ من الضعفاء الذين لا يجوز الاحتجاج بهم O.
* * * * *
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/171) .(5/57)
مسألة (804) : ينعقد نذر المعصية وكفَّارته كفَّارة يمين.
وقال أكثرهم: لا ينعقد، ولا يلزم كفَّارة.
لنا:
حديث عمران بن حصين: أنَّ امرأة نجت على العضباء، فنذرت لتنحرنها، فقال عليه السلام: " لا وفاء لنذر في معصية الله ".
وقد سبق بإسناده (1) .
3239 - وقال الترمذي: حدَّثنا قتيبة ثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمين " (2) .
ز: هذا الإسناد رواته كلُّهم ثقات، لكن الحديث غير صحيح، لأنَّ له علة توجب ضعفه، وقد حكى بعضهم الاتفاق على ضعفه.
وقال بعضهم: احتجَّ به أحمد وإسحاق.
وقد روى هذا الحديث: أحمد (3) وأبو داود (4) وابن ماجه (5) والنسائي (6) من حديث يونس.
__________
(1) رقم: (3054) .
(2) "الجامع": (3/185 - رقم: 1524) .
(3) "المسند": (6/247) .
(4) "سنن أبي داود": (4/92 - 93 - رقمي: 3283، 3284) .
(5) "سنن ابن ماجه": (1/686 - رقم: 2125) .
(6) "سنن النسائي": (7/26 - 27 - الأرقام: 3834 - 3837) .(5/58)
وقال الترمذي بعد أن رواه: وهذا حديث لا يصحُّ، لأنَّ الزهريَّ لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة.
سمعت محمدًا يقول: روي عن غير واحد، منهم: موسى بن عقبة وابن أبي عتيق عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال محمدٌ: والحديث هو هذا.
ثم رواه من حديث سليمان بن أرقم، وقال: هذا حديث غريب، وهو أصحُّ من حديث أبي صفوان عن يونس (1) .
وكذلك رواه أبو داود (2) والنسائي (3) من حديث سليمان.
وقال النسائي: سليمان بن أرقم متروك الحديث، خالفه غير واحد من أصحاب يحيى في هذا الحديث.
وقال الإمام أحمد - في رواية حنبل -: هذا حديث منكرٌ، وزعموا أنَّ الزهري رواه عن سليمان بن أرقم.
وقال في رواية أبي داود: أفسدوا علينا حديث الزهري عن أبي سلمة، قالوا: عن سليمان بن أرقم (4) .
وقد سئل الدَّارَقُطْنِيّ عن هذا الحديث، فذكر الاختلاف فيه على الزهريِّ،
__________
(1) "الجامع": (3/186 - 187 - رقم: 1524 - 1525) .
(2) "سنن أبي داود": (4/93 - رقم: 3285) .
(3) "سنن النسائي": (7/27 - رقم: 3839) .
(4) "المسائل": (ص: 401 - رقم: 1897) ونحوه في "سنن أبي داود": (4/93) .(5/59)
ثم قال: والصحيح حديث ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن الزهريِّ (1) .
وقال الترمذي: وقال قوم من أهل العلم من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم: لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمين، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجَّا بحديث الزهريِّ عن أبي سلمة عن عائشة (2) O.
* * * * *
مسألة (805) : نذر المباح ينعقد، ويكون مخيرًا بين الوفاء والكفَّارة.
وقال أكثرهم: لا ينعقد.
3240 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا زيد بن الحباب قال: حدَّثني حسين ابن واقد قال: حدَّثني عبد الله بن بريدة قال: حدَّثني بريدة أنَّ أمةً سوداء أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد رجع عن (3) بعض مغازيه، فقالت: إني كنت نذرت إن ردَّك الله صالحًا أن أضرب عليك بالدُّفِّ، فقال: " إن كنت فعلت فافعلي ".
فضربت (4) .
ز: رواه الترمذي (5) وأبو حاتم البستي (6) من رواية الحسين بن واقد.
وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ O.
* * * * *
__________
(1) "العلل": (5/ق 74/أ) .
(2) "الجامع" (3/186 - رقم: 1525) .
(3) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، وفي "المسند": (من) .
(4) "المسند": (5/353) .
(5) "الجامع": (6/62 - رقم: 3690) .
(6) "الإحسان" لابن بلبان: (10/232 - رقم: 4386) .(5/60)
من مسائل القضاء
مسألة (806) : من شرط القاضي أن يكون من أهل الاجتهاد، خلافًا لبعض الحنفيَّة.
3241 - قال أبو داود: حدَّثنا محمد بن حسَّان السَّمتي ثنا [] (1) خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار: فأمَّا الذي في الجنة: فرجل عرف الحقَّ فقضى به؛ ورجل عرف الحقَّ فجار في الحكم فهو في النار؛ ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار " (2) .
ز: رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن توبة عن خلف (3) ، ورواه النسائي عن [إبراهيم بن] (4) يعقوب عن سعيد بن سليمان [] (5) عن خلف (6) ، ورواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن بشر عن شريك عن
__________
(1) أقحم في الأصل و (ب) هنا: (إبراهيم بن) فحذفناها، وانظر ما يأتي في التعليق الآتي بعد التعليقين التاليين.
(2) "سنن أبي داود": (4/207 - 208 - رقم: 3568) .
(3) "سنن ابن ماجه": (2/776 - رقم: 2315) .
(4) سقط من الأصل و (ب) : (إبراهيم بن) واستدرك من "السنن الكبرى"، وسبق أن هذا الحرف قد أقحم في إسناد أبي داود، والذي يبدو - والله أعلم - أنه كان لحقا فأخطأ الناسخ في تحديد موضعه.
(5) أقحم في الأصل: (و) ، وهو على الصواب في (ب) .
(6) "السنن الكبرى": (3/461 - 462 - رقم: 5922) .(5/61)
الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة (1) .
وهو حديثٌ حسنٌ أو صحيحٌ O.
* * * * *
مسألة (807) : لا يجوز أن يولَّى النساء القضاء، خلافًا لأبي حنيفة.
3242 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا هاشم ثنا المبارك عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لن يفلح قوم تملكهم امرأة " (2) .
انفرد بإخراجه البخاري.
ز: رواه البخاري من رواية عوف (3) ، والترمذي (4) والنسائي (4) من رواية حميد الطويل، كلاهما عن الحسن به O.
* * * * *
مسألة (808) : يصحُّ التحكيم، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ.
لنا:
__________
(1) "الجامع": (3/6 - رقم: 1322م) .
(2) "المسند": (5/51) وسقط من الطبعة الميمنية ذكر شيخ أحمد: (هاشم) وهو على الصواب في طبعة مؤسسة الرسالة: (34/149 - رقم: 20517) .
(3) "صحيح البخاري": (6/492) ؛ (فتح - 8/126 - رقم: 4425) .
(4) "الجامع": (4/111 - رقم: 2262) .
(5) "سنن النسائي": (8/227 - رقم: 53885) .(5/62)
3243 - ما روى أبو بكر عبد العزيز - من أصحابنا - من حديث عبد الله بن جراد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضياه، فلم يقل بينهما بالحقِّ فعليه لعنة الله ".
ز: هذا الحديث لا يصلح الاحتجاج به، لأنَّه من نسخة ابن جراد، وهي نسخةٌ باطلةٌ، وقد ذكر المؤلِّف فيما تقدَّم أنها نسخةٌ موضوعةٌ، وبالغ في الحط على الخطيب لما احتجَّ بحديثٍ منها (1) ! والله الموفق للصواب O.
* * * * *
مسألة (809) : يجوز القضاء على الغائب، وكذلك على الحاضر إذا امتنع من مجلس الحكم.
وعنه: لا يقضى عليه، كقول أبي حنيفة.
لنا:
قوله عليه السلام: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ".
وقد سبق بإسناده في النفقات (2) .
ز: قال بعضهم: في الاستدلال بهذا الحديث على القضاء على الغائب نظرٌ، لأنه يحتمل الفتوى، بل قد يقال: يتعين للفتوى، لأنَّ الحكم يحتاج إلى إثبات السبب المسلط على الأخذ من مال الغير، ولا يحتاج إلى ذلك في الفتوى.
__________
(1) (3/198 - 199) .
(2) برقم: (2873) .(5/63)
وقد يقال: إنَّ أبا سفيان كان حاضرًا في البلد، ولا يقضى على الغائب الحاضر في البلد مع إمكان إحضاره وسماعه الدعوى عليه، في المشهور من مذاهب العلماء، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (810) : حكم الحاكم لا يحيل الشيء عن صفته.
وقال أبو حنيفة: يحيله في العقود والفسوخ.
3244 - قال البخاري: حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ زينب بنت أمِّ سلمة أخبرته عن أمِّها أمِّ سلمة زوج النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرتها عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال: " إنما أنا بشرٌ، وإنَّه يأتيني
الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه قد صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحقِّ مسلمٍ فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها " (1) .
[أخرجاه في "الصحيحين"] (2) .
3245 - قال المؤلف: وأخبرناه عاليًا عليُّ بن عبيد الله أنا عبد الصمد ابن المأمون أنا حبابة ثنا ابن صاعد ثنا عبد الجبَّار بن العلاء ثنا سفيان ثنا هشام بن
__________
(1) "صحيح البخاري": (3/615 - 616) ؛ (فتح - 5/107 - رقم: 2458) .
(2) زيادة استدركت من (ب) و"التحقيق".
"صحيح مسلم": (5/128 - 129) ؛ (فؤاد - 3/1337 - 1338 - رقم: 1713) .(5/64)
عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّها أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للناس: " إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له من حقِّ أخيه المسلم شيئًا، فإنَّما أقطع له قطعة من النار ".
احتجُّوا:
3246 - بما روي: أنَّ شاهدين شهدا عند عليٍّ عليه السلام (1) على امرأة بالنكاح، فقالت المرأة: أنَّه لم يكن بيننا نكاحٌ، فإن كان ولا بد فزوجني منه، فقال عليٌّ عليه السلام: شاهداك زوَّجاك.
وجواب هذا:
أنَّ عليًّا عليه السلام لم يطلع على الباطن، أنَّما حكم بالظاهر، فأمَّا الأخذ بالظاهر مع العلم بمنافاة الباطن له فقبيحٌ.
* * * * *
مسألة (811) : إذا شهد شاهدان على قضاء الحاكم، وهو لا يذكر، قبل شهادتهما.
وقال الشافعيُّ: لا يرجع إلى قولهما.
لنا:
3247 - أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجع إلى قول غيره في قصة ذي اليدين، وقد
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد الصحابة بالتسليم غير مشروع، والله أعلم.(5/65)
ذكرناه بإسناده في الطهارة (1) .
وذكرنا في أوَّل النكاح أنَّ جماعة حدَّثوا ونسوا، وكان أحدهم يقول: حدَّثني فلان عنِّي (2) .
* * * * *
__________
(1) كذا بالأصل و (ب) ، ولعل الصواب: (الصلاة) فهو في كتاب الصلاة برقم: (902) .
(2) (4/287) .(5/66)
من مسائل القسمة
مسألة (812) : إذا طلب أحدهما القسمة وفيها ضرر على الآخر = لم يقسم، وتباع، ويقتسمان الثمن.
وقال أبو حنيفة: إذا كان لأحدهما في ذلك منفعة أجبرا على القسمة.
وقال مالك: يجبر على القسمة بكلِّ حالٍ.
وقال الشافعي: إن كان المطالب ينتفع بذلك أجبر، وإن كان يستضر فعلى وجهين.
3248 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا خلاد بن أسلم ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج قال: أخبرني صُديق بن موسى عن محمد ابن أبي بكر عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعصبة على أهل الميراث، إلا ما حمل القسم " (1) .
ز: هذا حديثٌ لا يثبتُ، وهو مرسلٌ.
وصُديقٌ: ليس بذاك المشهور، وقد ذكره ابن أبي حاتم في "كتابه"، فقال: صُديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير، تيميٌّ، كان أصله جزريًّا، ثم تحوَّل إلى مكَّة، روى عن: أبي بردة بن أبي موسى ومحمد بن أبي بكر بن محمد
ابن عمرو بن حزم، روى عنه: ابن جريج وجعفر بن ميسرة. سمعت أبي
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4 /219) .(5/67)
يقول ذلك (1) O.
3249 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا إسماعيل بن محمد الصفَّار ثنا عباس ابن محمد ثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو ابن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدريِّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا ضرر ولا ضرار " (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وعثمان بن محمد: لا أعرف حاله.
وقد رواه الحاكم وزعم أنه صحيح الإسناد (3) ، وفي قوله نظرٌ.
والمشهور فيه الإرسال، كذلك رواه مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلاً، والله أعلم O.
* * * * *
__________
(1) "الجرح والتعديل" (4/455 - رقم: 2008) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/228) .
(3) "المستدرك": (2/57 - 58) .(5/68)
من مسائل الدعاوى
مسألة (813) : إذا تداعيا شيئًا في يد ثالث، فأقر به لأحدهما لا يعينه، قرع بينهما، فمن خرجت قرعته حلف واستحقه.
وقال أكثرهم: يوقف الأمر حتى ينكشف.
لنا ثلاثة أحاديث:
3250 - الحديث الأول: قال أبو داود: حدَّثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن همَّام بن منبِّه عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها، فليستهما عليها " (1) .
ز: هذا الحديث رجاله رجال "الصحيحين".
وقد رواه البخاري (2) والنسائي (3) من حديث عبد الرزَّاق بغير هذا اللفظ، والله أعلم O.
3251 - الحديث الثاني: قال أبو داود: وحدَّثنا الربيع بن نافع ثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أمِّ سلمة عن أمِّ سلمة قالت: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم يكن لهما بيِّنة،
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/227 - رقم: 3612) .
(2) "صحيح البخاري": (3/678) ؛ (فتح - 5/285 - رقم: 2674) .
(3) "السنن الكبرى": (3/487 - رقم: 6001) .(5/69)
فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنكم لتختصمون إليَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجَّته، فمن قضيت له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يأخذ منه شيئًا، فأنما أقطع له قطعة من النار ".
فبكى الرجلان، وقال كلُّ واحدٍ منهما: حقِّي له! فقال لهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما إذ فعلتما، فاقتسما، وتوخَّيا الحقَّ، ثم استهما، ثم تحالا " (1) .
ز: هذا الحديث انفرد به أبو داود.
وأسامة بن زيد هو: الليثيُّ، [وهو حسن الحديث] (2) ، وقد تكلَّم فيه أحمد (3) وغيره، ووثَّقه ابن معين (4) وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ: ليس بحديثه بأسٌ (5) O.
3252 - الحديث الثالث: قال أبو داود: حدَّثنا محمد بن منهال أنا يزيد بن زريع ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أنَّ رجلين اختصما في متاعٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس لواحدٍ منهما بيِّنة، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استهما على اليمين ما كان أحبَّا ذلك او كرها " (6) .
ز: رواه النسائي (7) وابن ماجه (8) من رواية ابن أبي عروبة، والله أعلم O.
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/212 - رقم: 3579) .
(2) زيادة استدركت من (ب) .
(3) "العلل" برواية عبد الله: (1/302 - رقم: 503؛ 2/24 - رقم: 1428) .
(4) "الكامل" لابن عدي: (1/395 - رقم: 212) من رواية أبي يعلى.
(5) "الكامل": (1/395 - رقم: 212) .
(6) "سنن أبي داود": (4/227 - رقم: 3611) .
(7) "السنن الكبرى": (3/487 - رقمي: 5999، 6000) .
(8) "سنن ابن ماجه": (2/780 - رقم: 2329) .(5/70)
احتجُّوا:
3253 - بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة (1) عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبيه أنَّ رجلين اختصما إلى نبيِّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دابة ليس لواحد منهما بيِّنة، فجعلها بينهما نصفين (2) .
ز: رواه أبو داود (3) والنسائي (4) وابن ماجه (5) من رواية سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة.
وقال النسائي: إسناد هذا الحديث جيِّدٌ (6) O.
* * * * *
مسألة (814) : يجوز للجار أن يضع خشبه في جدار جاره عند الحاجة إلى ذلك، بشرط أن لا يضر بالحائط، فإن امتنع الجار أجبره الحاكم عليه، وبه قال الشافعيُّ إلا أنَّه قال: لا يحكم عليه الحاكم بذلك.
وقال أكثرهم: لا يجوز ذلك إلا بإذن المالك.
3254 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق أنا معمر عن الزهريِّ عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره ". ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم
__________
(1) كلمة (شعبة) غير واضحة في الأصل، والمثبت من (ب) و"التحقيق" ومطبوعة "المسند"، وجاء في طبعة مؤسسة الرسالة لـ "المسند": (سعيد) ، وفي الحاشية: (في النسخ الخطية و" م ": شعبة، وهو تحريف قديم، صوابه: سعيد، فقد رواه أحمد في "العلل" (268) و (370) وصرح فيه باسمه، سعيد بن أبي عروبة. وجاء على الصواب في "أطراف المسند" 7/113) ا. هـ.
(2) "المسند": (4/402) .
(3) "سنن أبي داود": (4/226 - رقمي: 3608 - 3609) .
(4) "سنن النسائي": (8/248 - رقم: 5424) .
(5) "سنن ابن ماجه": (2/780 - رقم: 2330) .
(6) "السنن الكبرى": (3/487 - رقم: 5998) .(5/71)
معرضين، والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم (1) .
أخرجه البخاريُّ ومسلم في "الصحيحين" (2) .
* * * * *
مسألة (815) : إذا وطئا أمة بشبهة، فأتت بولدٍ، عرض على القافة، فإن ألحقوه بأحدهما - أو بهما - لحق، وإن أشكل عليهم وقف حتى يبلغ، فينتسب إلى أيهما شاء.
وقال أبو حنيفة: لا يعرض على القافة.
3255 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا عمِّي ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: دخل قائفٌ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاهدٌ، وأسامة وزيد بن حارثة
مضطجعان، فقال: هذه الأقدام بعضها من بعض! قالت: فتبسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعجبه، وأخبر به عائشة. قال إبراهيم بن سعد: وكان زيد أشقر أبيض، وكان أسامة مثل الليل (3) .
ز: رواه البخاري عن يحيى بن قزعة (4) ، ورواه مسلمٌ عن منصور بن
__________
(1) "المسند": (2/274) .
(2) "صحيح البخاري": (3/617) ؛ (فتح - 5/110 - رقم: 2463) .
"صحيح مسلم": (5/57) ؛ (فؤاد - 3/1230 - رقم: 1609) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/240) .
(4) "صحيح البخاري": (5/285) ؛ (فتح - 7/87 - رقم: 3731) .(5/72)
أبي مزاحم (1) ، كلاهما عن إبراهيم بن سعد به O.
* * * * *
مسألة (816) : لا تردُّ اليمين في شيءٍ من الدعاوى، ويقضى بالنكول.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: تردُّ اليمين، ولا يقضى بالنكول.
لنا ثلاثة أحاديث:
3256 - الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: كتب إليَّ ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو أنَّ الناس أعطوا بدعواهم، ادَّعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، ولكن اليمين على المدَّعى عليه " (2) .
أخرجاه في "الصحيحين" (3) .
3257 - الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة ثنا محمد بن هشام المرُّوذِيُّ ثنا محمد بن الحسن ثنا حجَّاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " البيِّنة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه " (4) .
__________
(1) "صحيح مسلم": (4/172) ؛ (فؤاد - 3/1082 - رقم: 1459) .
(2) "المسند": (1/342 - 343) .
(3) "صحيح البخاري": (3/631) ؛ (فتح - 5/145 - رقم: 2514) .
"صحيح مسلم": (5/128) ؛ (فؤاد - 3/1336 - رقم: 1711) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/218 - رقم: 53) .(5/73)
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه من رواية حجَّاج عن عمرو.
وحجَّاج هو: ابن أرطأة، ولم يسمعه من عمرو، أنَّما أخذه عن العرزميِّ عنه، والعرزميُّ متروكٌ.
وقد رواه الترمذي عن علي بن حُجْر عن علي بن مُسهر وغيره عن محمد بن عبيد الله عن عمرو.
وقال: في إسناده مقالٌ، ومحمد بن عبيد الله العرزميُّ يضعَّف في الحديث من قبل حفظه، ضعَّفه ابن المبارك وغيره (1) O.
3258 - الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا ابن صاعد ثنا عباس بن محمد الدُّوري ثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة الرأي ثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " البيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، إلا في القسامة " (2) .
قال المصنِّف: مسلم بن خالد ضعيفٌ.
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وزيادة الاستثناء فيه منكرةٌ.
ومسلم بن خالد الزنجي: تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة، وقد اختلف عليه في هذا الحديث:
فقيل: عنه هكذا.
وقال بشر بن الحكم وغيره: عنه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب
__________
(1) "الجامع": (3/18 - 19 - رقم: 1341) .
(2) "سنن الدارقطني": (3/110) .(5/74)
عن أبيه عن جدِّه به.
وقد رواه ابن عَدِيٍّ من الوجهين، وقال: هذان الإسنادان يعرفان بمسلم عن ابن جريج، وفي المتن زيادة قوله: (إلا في القسامة) ، والله أعلم (1) O.
احتجُّوا:
3259 - بما رواه الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حدَّثنا أبو هريرة محمد بن علي الأنطاكي ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن مسروق عن إسحاق بن الفرات عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ردَّ اليمين على طالب الحق (2) .
والجواب:
أنَّ فيه جماعةٌ مجاهيلٌ.
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وجواب المؤلِّف غير صحيحٍ، فإنَّ رواة هذا الحديث ليس فيهم مجهولٌ، لكن الحديث فيه نكارةٌ.
وإسحاق بن الفرات: قال عبد الحقِّ: هو ضعيفٌ (3) . وفي قوله نظرٌ، وقد وثَّق إسحاق: أبو عوانة الإسفرايني (4) ، وقال أبو حاتم: هو شيخٌ ليس بالمشهور (5) ، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ما رأيت فقيهًا
__________
(1) "الكامل": (6/310 - رقم: 1797) تحت ترجمة مسلم بن خالد الزنجي.
(2) "سنن الدارقطني": (4/213) .
(3) " الأحكام الوسطى ": (3/355) .
(4) "تهذيب الكمال" للمزي: (1/466 - رقم: 376) .
(5) "الجرح والتعديل" لابنه: (2/231 - رقم: 810) .(5/75)
أفضل منه، وكان عالمًا (1) . وقال ابن يونس: كان فقيهًا، ولي القضاء بمصر، خليفة لمحمد بن مسروق الكندي، وفي أحاديثه أحاديث كأنها منقلبة (2) O.
* * * * *
__________
(1، 2) "تهذيب الكمال" للمزي: (1/467 - رقم: 376) .(5/76)
من مسائل الشهادات
مسألة (817) : لا تجب الشهادة في البيع، خلافًا لداود.
لنا:
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترى فرسًا من أعرابي ولم يشهد:
3260 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهريِّ قال: حدَّثني عمارة بن خزيمة أنَّ عمَّه حدَّثه - وهو من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتاع فرسًا من أعرابي، فاستتبعه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقبضه ثمن فرسه، فأسرع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومون بالفرس، لا يشعرون أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتاعه، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنادى الأعرابي
النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتعه، وإلا بعته. فقام النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سمع نداء الأعرابي، فقال: " أوليس قد ابتعتُه منك؟! ". قال: لا، والله ما بعتك. فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بلى، قد ابتعته منك ". فطفق الناس يلوذون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأعرابي وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أني بايعتك. فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك أنَّ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن ليقول إلا حقًّا! حتَّى جاء خزيمة، فاستمع لمراجعة النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومراجعة الأعرابي، وطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أنِّي بايعتك.
فقال خزيمة: أنا أشهد أنَّك قد بايعته. فأقبل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خزيمة فقال: " بم تشهد؟ ". فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهادة(5/77)
خزيمة بشهادة رجلين (1) .
ز: رواه أبو داود عن محمد بن يحيى بن فارس عن الحكم بن نافع (2) ، ورواه النسائي من رواية الزبيديِّ عن الزهريِّ (3) ، وهو حديث صحيح.
وعمارة بن خزيمة: ثقةٌ، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (818) : يقبل في الولادة شهادة امرأة واحدة، وكذلك في كلِّ ما لا يطََّلع عليه الرجال.
وعنه: لا يقبل إلا امرأتين، كقول مالك.
وقال الشافعيُّ: لا يقبل إلا أربع نسوة.
3261 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا أحمد بن القاسم بن مساور ثنا محمد بن إبراهيم بن معمر ثنا محمد بن عبد الملك الواسطي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجاز شهادة القابلة.
قال الدَّارَقُطْنِيّ: محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش، بينهما رجلٌ مجهولٌ، وهو أبو عبد الرحمن المدائني (4) .
3262 - وقد روى أصحابنا من حديث ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) "المسند": (5/215 -216) .
(2) "سنن أبي داود": (4/223 - رقم: 3602) .
(3) "سنن النسائي": (7/301 - رقم: 4647) .
(4) "سنن الدارقطني": (4/232 - 233) بتصرف.(5/78)
قال: يجزئ في الرضاع شهادة امرأة واحدة.
ز: حديث حذيفة لم يخرِّجوه، وهو حديثٌ باطلٌ لا أصل له.
وحديث ابن عمر: رواه الإمام أحمد، فقال:
3263 - حدَّثنا عبد الرزَّاق أنا شيخٌ من أهل نجران قال: حدَّثني محمد ابن عبد الرحمن بن البَيلماني عن أبيه عن ابن عمر أنَّه سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو: أنَّ رجلاً سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟ فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رجلٌ أو (1) امرأةٌ " (2) .
هكذا رواه.
وقال عبد الله بن أحمد: ثنا أبي ثناه ابن أبي شيبة عن معتمر عن محمد بن عُثَيم عن محمد بن عبد الرحمن. يعني هذا الحديث.
3264 - قال عبد الله: وثنا أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة ثنا معتمر عن محمد بن عُثَيم عن محمد بن عبد الرحمن بن البَيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يجوز في الرضاعة من الشهود؟ فقال: " رجلٌ وامرأةٌ " (3) .
كذا قال: (رجلٌ وامرأةٌ) .
ولم يخرِّج هذا الحديث أحدٌ من أصحاب " الكتب الستَّة "، وهو حديثٌ ضعيفٌ.
__________
(1) في مطبوعة "المسند": (و) ، ووقع في بعض النسخ: (أو) كما في التعليق على "المسند" من طبعة مؤسسة الرسالة: (8/510 - رقم: 4910) .
(2، 3) "المسند": (2/35) .(5/79)
وابن البَيلماني: ليس بشيءٍ. قاله ابن معين (1) ، وقال ابن عَدِيٍّ: الضعف على حديثه بَيِّنٌ (2) .
وروى هذا الحديث في ترجمته، ولفظه: سئل نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يجوز في الرضاع من الشهود؟ قال: " رجلٌ وامرأة " (3) .
وقد روى البخاري في "صحيحه" عن عقبة بن الحارث أنَّه تزوَّج أمَّ يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. قال: فذكرت ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعرض عنِّي، قال: فتنحَّيت، فذكرت ذلك له، فقال: " فكيف وقد زعمت أنَّها أرضعتكما؟! ". فنهاه عنها (4) .
وفي لفظ: " دعها عنك " (5) .
وللدَّارَقُطْنِيّ: " دعها عنك، لا خير لك فيها " (6) O.
* * * * *
مسألة (819) : لا تقبل شهادة العدوِّ على عدوِّه، خلافًا لأبي حنيفة.
لنا حديثان:
3265 - الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا محمد
__________
(1) "التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 202 - رقم: 740) .
(2) "الكامل": (6/181 - رقم: 1661) .
(3) "الكامل": (6/180 - رقم: 1661) .
(4) "صحيح البخاري": (3/670) ؛ (فتح - 5/267 - رقم: 2659) .
(5) "صحيح البخاري": (3/670 - 671) ؛ (فتح - 5/ 268 - رقم: 2660) .
(6) "سنن الدارقطني": (4/177) .(5/80)
ابن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غِمرْ (1) على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، وتجوز شهادته لغيرهم ".
والقانع: الذي ينفق عليه أهل البيت (2) .
قال المصنِّف: محمد بن راشد ضعيفٌ.
ز: رواه أبو داود عن حفص بن عمر عن محمد بن راشد (3) .
وقد وثَّق محمدًا: أحمدُ بن حنبل (4) ويحيى بن معين (5) وغيرهما، وتكلَّم فيه بعض الأئمة.
وقد تابعه غيره عن سليمان.
وقد روى ابن ماجه نحوه من رواية حجَّاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب (6) ، والله أعلم O.
3266 - الحديث الثاني: قال الترمذي: حدَّثنا قتيبة ثنا مروان بن معاوية الفزاري عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حدًّا،
__________
(1) في " النهاية ": (3/384) : (الغِمْر - بالكسر -: ... الحقد) .
(2) "المسند": (2/204) .
(3) "سنن أبي داود": (4/219 - 220 - رقم: 3595) وفيه: (قال أبو داود: الغِمْر: الحِنَّةُ الشحناء) .
(4) "العلل" برواية عبد الله: (2/504 - رقم: 3322) .
(5) "التاريخ" برواية الدوري: (4/466 - رقم: 5322) ؛ ورواية ابن طهمان: (ص: 36 - رقم: 34) ؛ ورواية ابن الجنيد: (ص: 337 - رقم: 261) .
(6) "سنن ابن ماجه": (2/792 - رقم: 2366) .(5/81)
ولا ذي غِمْر لأخيه، ولا القانع لأهل البيت لهم، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ".
قال الفزاري: القانع التابع (1) .
قال أبو عبيد: هو التابع للقوم، كالخادم لهم؛ والظنين: المتهم في دينه (2) .
قال المصنِّف: يزيد بن زياد ضعيفٌ لا يحتجُّ به. قاله الدَّارَقُطْنِيّ (3) .
ز: هذا الحديث انفرد به الترمذي، وقال: غريبٌ، لا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من حديثه. يعني يزيد بن زياد.
وقال النسائي: يزيد بن زياد متروك الحديث (4) .
وقد روي بإسنادٍ ضعيفٍ من حديث ابن عمر، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (820) : لا تقبل شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده.
وعنه: تجوز شهادة الابن لأبيه.
وعنه: تجوز شهادة أحدهما للآخر، فيما لا تهمة فيه، كالنكاح والطلاق والمال، وكلُّ واحد مستغن عن صاحبه.
وقال داود والمزني وأبو ثور: تجوز على الإطلاق.
__________
(1) "الجامع": (4/135 - رقم: 2298) ، وقال الترمذي: (هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، ويزيد يضعَّف في الحديث، ولا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من قبله) ا. هـ
(2) انظر: " غريب الحديث ": (2/155) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/244) وفيه: (يزيد بن أبي زياد القرشي) .
(4) "الضعفاء": (ص: 246 - رقم: 644) .(5/82)
لنا:
الحديث المتقدِّم.
* * * * *
مسألة (821) : لا تقبل شهادة بدويٍّ على قرويٍّ.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: تقبل.
وقال مالكٌ كقولنا فيما عدا الجراح، فإنه تقبل شهادته احتياطًا للدماء.
3267 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا عبد الملك بن أحمد الدَّقَّاق ثنا يونس ابن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أنا يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تقبل شهادة البدويِّ على القرويِّ " (1) .
ز: رواه أبو داود عن أحمد بن سعيد الهمداني عن ابن وهب، ولفظه: " لا تجوز شهادة بدويٍّ على صاحب قرية " (2) .
ورواه ابن ماجه عن حرملة عن ابن وهب عن نافع وحده (3) .
وإسناده جيِّدٌ.
وقال البيهقي: وهذا الحديث مما تفرَّد به محمد بن عمرو بن عطاء عن
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/219) .
(2) "سنن أبي داود": (4/220 - رقم: 3597) .
(3) "سنن ابن ماجه": (2/793 - رقم: 2367) .(5/83)
عطاء بن يسار O.
* * * * *
مسألة (822) : لا تقبل شهادة أهل الذِّمَّة بعضهم على بعض.
وقال أبو حنيفة: تقبل.
3268 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة ثنا علي بن حرب ثنا الحسن بن محمد (1) ثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا ترث ملَّة ملَّة، ولا تجوز شهادة أهل ملَّة على ملَّة، إلا أمَّتى فإنه تجوز شهادتهم على من سواهم ".
قال الدَّارَقُطْنِيّ: عمر بن راشد ليس بالقويِّ (2) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
وعمر بن راشد: ضعَّفه يحيى بن معين (3) وغيره، وقال النسائي: ليس بثقةٍ (4) . وقال ابن عَدِيٍّ: هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق. وروى هذا الحديث في ترجمته، فقال:
3269 - أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ثنا علي بن الجعد ثنا
__________
(1) كذا بالأصل و"التحقيق"، وفي "سنن الدارقطني": (الحسن بن موسى) ولعله هو الصواب.
(2) "سنن الدارقطني": (4/69) .
(3) "التاريخ" برواية الدوري: (4/124 - رقم: 3495) .
(4) "الضعفاء": (ص: 183 - رقم: 474) .(5/84)
عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - أحسبه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لايرث أهل ملَّة ملَّة، ولا تجوز شهادة ملَّة على ملَّة، إلا أمَّتي تجوز شهادتهم على من سواهم ".
حدَّثنا جعفر بن أحمد بن عاصم ثنا ابن مصفَّى ثنا بقيَّة ثنا الأسود بن عامر عن عمر بن راشد بإسناده نحوه (1) O.
احتجُّوا بحديثين:
3270 - الحديث الأول: قال ابن ماجه: حدَّثنا محمد بن طريف ثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض (2) .
3271 - الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا البغوي وأحمد بن الحسين بن الجنيد قالا: ثنا الحسن بن عرفة ثنا عبد الرحيم (3) بن سليمان عن مجالد عن الشعبيِّ عن جابر قال: أُتي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهوديٍّ ويهوديَّة قد زنيا، فقال لليهود: " ما يمنعكم أن تقيموا عليهما الحدَّ؟ ". فقالوا: كنا نفعل إذ كان الملك لنا، فلما أن ذهب ملكنا فلا نجترئ على الفعل. فقال لهم: " ائتوني بأعلم رجلين فيكم ". فأتوه بابني صوريا، فقال لهما: " أنتما أعلم من وراءكما؟ ".
قالا: يقولون. قال: " فأنشدكما بالله الذي أنزل التوراة على موسى: كيف
__________
(1) "الكامل": (5/16 - 17 - رقم: 1189) .
(2) "سنن ابن ماجه": (2/794 - رقم: 2374) .
(3) في هامش الأصل: (خ: " عبد الرحمن " وهو وهم) ا. هـ.
وما أشار إليه المنقح موافق لما في "التنقيح" للذهبي، ووقع فيه زيادة أخرى في الكلام على الحديث، وهي: (عبد الرحمن هو ابن أبي الجون، قال أبو حاتم: لا يحتج به) ا. هـ.
ولا ندري هل هذه الزيادة من الذهبي أم أنها وقعت في بعض النسخ؟ ويقوي الثاني أن الذهبي لم يصدرها بكلمة (قلت) كما هي عادته فيما يزيد، والله أعلم.(5/85)
تجدون حدَّهما في التوراة؟ ". فقالا: إذا شهد أربعة أنهم رأوه يدخله فيها كما يدخل الميل في المُكْحُلَةُ (1) ، رجم. قال: " ائتوني بالشهود ". فشهد أربعة، فرجمهما النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) .
والجواب:
هذان الحديثان تفرَّد بهما مجالد، قال أحمد: ليس بشيءٍ (3) . وقال يحيى: لا يحتجُّ بحديثه (4) . وكذلك قال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به (5) .
ز: الحديث الأول: انفرد به ابن ماجه، وهو مختصرٌ من الحديث الذي بعده.
والحديث الثاني: رواه أبو داود عن يحيى بن موسى البلخي عن أبي أسامة عن مجالد بنحوه.
وعن وهب بن بقيَّة عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم والشعبيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، ولم يذكر: فدعا بالشهود فشهدوا.
وعن وهب عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحو منه (6) .
وهذا الذي تفرَّد به مجالد من الزيادة في الحديث لم يتابع عليه، ومجالد لا
__________
(1) في " القاموس ": (1360) : (ما فيه الكحل، وهو أحد ما جاء بالضم من الأدوات) ا. هـ.
(2) "سنن الدارقطني": (4/169 - 170) .
(3) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/361 - رقم: 1653) من رواية أبي طالب.
(4) "التاريخ" برواية الدوري: (4/60 - رقم: 3142) .
(5) "المجروحون" (3/10) .
(6) "سنن أبي داود": (5/109 - الأرقام: 4448 - 4450) .(5/86)
يحتجُّ بما انفرد به، قال الفلاس: سمعت يحيى بن سعيد القطََّان يقول: لو شئت أن يقول لي مجالد فيها كلها عن الشعبيِّ عن مسروق عن عبد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقال. وقال ابن عَدِيٍّ: ومجالد له عن الشعبيِّ عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة، وجملة ما يرويه عن الشعبيِّ، وقد روى عن غير الشعبيِّ، ولكن أكثر روايته عنه، وعامَّة ما يرويه غير محفوظٍ (1) O.
* * * * *
مسألة (823) : يجوز الحكم بشاهد ويمين في المال، وما يقصد به المال، خلافًا لأبي حنيفة.
3272 - وقال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الوهَّاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد (2) .
ز: رواه الترمذي عن ابن بشَّار ومحمد بن أبان عن عبد الوهَّاب به، وعن علي بن حُجْر عن إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد الواحد. قال: وقضى بها عليٌّ عليه السلام (3) .
قال: وهذا أصحُّ.
__________
(1) "الكامل": (6/421، 423 - رقم: 1901) .
(2) "المسند": (3/305) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عقبه: (كان أبي قد ضرب على هذا الحديث، قال: ولم يوافق أحد الثقفي على جابر. فلم أزل به حتى قرأه عليَّ وكتب عليه هو: صح) ا. هـ.
(3) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.(5/87)
وهكذا روى الثوري عن جعفر عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل.
وروى عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيى بن سليم هذا الحديث عن جعفر عن أبيه عن علي عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
ورواه ابن ماجه عن بندار عن الثقفيِّ به (2) O.
3273 - وقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا ابن مخلد ثنا عبَّاس بن محمد ثنا شبابة ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام (3) أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بشهادة شاهد واحد، ويمين صاحب الحقِّ، وقضى به عليٌّ عليه السلام (4) بالعراق (5) .
ز: هذا إسناد منقطعٌ، فإنَّ محمد بن عليِّ بن الحسين لم يدرك جدَّ أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقد أطال الدَّارَقُطْنِيّ الكلام في كتاب "العلل" على حديث جعفر هذا في " مسند عليٍّ "، ثم قال: وكان جعفر بن محمد ربَّما أرسل هذا الحديث، وربَّما وصله عن جابر، لأنَّ جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر، والحكم يوجب أن يكون القول قولهم، لأنَّهم زادوا، وهم ثقات، وزيادة الثقة مقبولةٌ (6) O.
وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عمر بن الخطَّاب وابن
__________
(1) "الجامع" (3/21 - رقمي: 1344، 1345) .
(2) "سنن ابن ماجه": (2/793 - رقم: 2369) .
(3، 4) كذا بالأصل و (ب) ، وتخصيص أحد من الصحابة بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
(5) "سنن الدارقطني": (4/212) .
(6) "العلل": (3/94 - 98 - رقم: 301) .(5/88)
عبَّاس وأبو هريرة وابن عمر وابن عمرو وزيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وسعد بن عبادة وعامر بن ربيعة وسهل بن سعد وعمارة بن حزم وعمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة وبلال بن الحارث وسلمة بن قيس وأنس بن مالك وتميم
الداريُّ وزبيب بن ثعلبة وسُرَّق.
* * * * *(5/89)
من مسائل الإقرار
مسألة (824) : إذا ترك ابنًا واحدًا لا وارث له غيره، فأقرَّ بأخٍ = ثبت نسبه.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يثبت النسب حتى يقرَّ اثنان.
لنا:
حديث ابن زمعة، قال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ... فأثبت النسب بإقراره، وقد سبق هذا الحديث بإسناده في أنَّ الأمة تكون فراشًا.
* * * * *(5/90)
من مسائل العتق (1)
مسألة (825) : إذا أعتق الموسر نصيبه من العبد = عتق عليه نصيب شريكه.
وقال أبو حنيفة: يخيَّر الشريك بين أن يعتق، أو يستسعي العبد، أو يقومه على شريكه.
فإن أعتق المعسر نصيبه من العبد لم يجب عليه عتق الباقي.
وقال أبو حنيفة: يجب بالاستسعاء أو بعتق الشريك.
لنا حديثان:
3274 - الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أعتق نصيبًا له في مملوك، كلف أن يتم عتقه بقيمة عدل، فإن لم يكن له مال يعتقه به، فقد جاز ما عتق " (2) .
ز: رواه مسلم عن محمد بن المثنَّى عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ عن يحيى (3) ، ورواه البخاري تعليقًا، فقال: ورواه يحيى بن سعيد عن نافع مختصرًا (4) .
__________
(1) قدم ابن الجوزي ذكر مسائل العتق التي تتعلق بالفرائض بعد كتاب الفرائض (4/278) لمناسبة ذلك.
(2) "المسند": (2/77) مع اختلاف يسير.
(3) "صحيح مسلم": (4/212) ؛ (فؤاد - 2/1139 - رقم: 1501) .
(4) "صحيح البخاري": (3/634) ؛ (فتح - 5/151 - رقم: 2525) .(5/91)
ورواه أبو داود (1) والنسائي (2) من رواية يزيد بن هارون.
وهو مخرَّج في "الصحيحين" من رواية مالك وغيره عن نافع (3) ، والله أعلم O.
3275- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزاق ثنا عمر بن حوشب قال: حدَّثني إسماعيل بن أميَّة عن أبيه عن جدِّه قال: كان لهم غلام فأعتق جدَّه نصفه، فجاء العبد إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تعتق في عتقك، وترق في رقك ". قال: فكان يخدم سيده حتى مات (4) .
قال المصنِّف: جدُّ أميَّة هو: عمرو بن سعيد، وله صحبة.
ز: هذا الحديث مرسلٌ، وليس هو مخرَّج في شيء من " الكتب الستَّة ".
وعمرو بن سعيد هو: المعروف بـ " الأشدق "، وليست له صحبة.
وعمر بن حوشب: ليس بالمشهور، وقد ذكره ابن أبي حاتم في "كتابه"، فقال: عمر بن حوشب الصنعاني، روى عن: إسماعيل بن أميَّة، روى عنه: عبد الرزَّاق، سمعت أبي يقول ذلك (5) O.
احتجُّوا بثلاثة أحاديث:
__________
(1) "سنن أبي داود": (4/356 - رقم: 3940) .
(2) "السنن الكبرى": (3/184 - رقم: 4958) .
(3) "صحيح البخاري": (3/633 - 634) ؛ (فتح - 5/151 - رقم: 2525) .
"صحيح مسلم": (4/212) ؛ (فؤاد - 2/1139 - رقم: 1501) .
(4) "المسند": (3/412) ، وقال عقبة: (قال عبد الرزاق: وكان عمر - يعني: ابن حوشب - رجلاً صالحاً) .
(5) "الجرح والتعديل": (6/105 - رقم: 554) .(5/92)
3276 - الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد بن هارون أنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من كان له شقص في مملوك، فأعتق نصيبه، فعليه خلاصه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال، استسعى العبد في ثمن رقبته، غير مشقوق عليه " (1) .
3277 - الحديث الثاني: قال أحمد: حدَّثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه أنَّ رجلاً من هذيل أعتق شقيصًا له من مملوك، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هو حرٌ كلُّه، ليس لله تعالى شريكٌ " (2) .
3278 - الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا حجَّاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال: حفظنا من ثلاثين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: " من أعتق شقيصًا له في مملوك ضمن بقيته " (3) .
قال المصنِّف: بشير بن نََهيك: مجروحٌ، قال أبو حاتم الرازي: لا يحتجُّ به (4) .
وحجَّاج: ضعيفٌ جدًّا.
وحديث أبي المليح: محمولٌ على عتق الغني.
__________
(1) "المسند": (2/255) .
(2) "المسند": (5/74، 75) .
وفي هامش الأصل: (حـ: هذا اللفظ الذي ذكره هو لفظ همَّام عن قتادة في "المسند"، وأما لفظ سعيد فغير هذا) ا. هـ.
ولفظ سعيد: أنَّ رجلاً من قومه أعتق شقيصًا له من مملوك، فرفع ذلك إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل
خلاصه عليه في ماله، وقال: " ليس لله تبارك وتعالى شريك ".
(3) "المسند": (4/37) .
(4) "الجرح والتعديل" لابنه: (2/380 - رقم: 1477) وفيه: (لا يحتج بحديثه) .(5/93)
ز: هذا الذي أجاب به المؤلف ليس بشيءٍ، فإنَّ حديث أبي هريرة مخرَّج في "الصحيحين" من رواية بشير بن نَهيك عنه، رواه البخاري من رواية يزيد بن زريع وغيره عن سعيد بن أبي عروبة (1) ، ورواه مسلمٌ من رواية عيسى ابن يونس وغيره عن سعيد (2) .
وقد تكلَّم جماعة من الأئمة في حديث سعيد هذا، وضعَّفوا ذكر الاستسعاء، وقالوا: الصواب أنَّ ذكر الاستسعاء من رأي قتادة، كما رواه همَّام عنه فجعله من قوله.
وفي قول هؤلاء الأئمة نظرٌ، فإنَّ سعيد بن أبي عروبة من الأثبات في قتادة، وليس هو بدون همَّام، وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء ورَفْعِه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم: جرير بن حازم وأبان بن يزيد العطَّار وحجَّاج بن حجَّاج وموسى بن خلف وحجَّاج بن أرطأة ويحيى بن صبيح الخراساني، والله أعلم.
وأمَّا حديث أبي المليح عن أبيه: فرواه أبو داود (3) والنسائي (4) من رواية همَّام عن قتادة عنه.
ورواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة وهشام عن قتادة عن أبي المليح أنَّ رجلاً ... ، ولم يذكر أباه (5) .
قال النسائي: هشام وسعيد أثبت في قتادة من همَّام، وحديثهما أولى
__________
(1) "صحيح البخاري": (3/634) ؛ (فتح - 5/156 - رقم: 2527) .
(2) "صحيح مسلم": (5/96) ؛ (فؤاد - 3/1288 - رقم: 1503) .
(3) "سنن أبي داود": (4/353 - رقم: 3929) .
(4) "السنن الكبرى": (3/186 - رقم: 4970) .
(5) "السنن الكبرى": (3/186 - رقمي: 4971، 4972) .(5/94)
بالصواب (1) .
كذا قال، وقد تقدَّم أنَّ عبد الله بن بكر رواه عن سعيد، وقال فيه: عن أبيه، والله أعلم
وأمَّا حديث حجَّاج بن أرطأة: فلم يخرِّجوه، وحجَّاج مدلسٌ، لكن حديثه شاهدٌ لغيره، والله أعلم O.
* * * * *
مسألة (826) : إذا أعتق في مرض موته عبيدًا لا مال له سواهم، ولم يجز الورثة = جمع العتق في الثلث بالقرعة.
وقال أبو حنيفة: يعتق من كلِّ واحدٍ ثلثه، ويستسعي في الباقي.
لنا:
3279 - ما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلَّب عن عمران بن حصين أنَّ رجلاً أعتق ستَّة مملوكين له عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقَّ أربعة، وقال له قولاً شديدًا (2) .
انفرد بإخراجه مسلم (3) .
* * * * *
__________
(1) لم نر كلام النسائي في مطبوعة "السنن الكبرى"، وهو في "تحفة الأشراف" للمزي: (1/65 - رقم: 134) .
(2) "المسند": (4/426) .
(3) "صحيح مسلم": (5/97) ؛ (فؤاد - 3/1288 - رقم: 1668) .(5/95)
مسألة (827) : إذا ملك ذا رحم محرم عتق عليه.
وقال مالك: يعتق الوالدان والمولودون، دون الإخوة والأخوات.
وقال الشافعيُّ: يعتق عمودا النسب.
3280 - قال أحمد: حدَّثنا يزيد وأبو كامل قالا: ثنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من ملك ذا رحم فهو عتيق " (1) . وقال أبو كامل: " من ملك ذا رحم محرم فهو حرٌّ " (2) .
قالوا: قد قال يحيى بن سعيد: أحاديث الحسن عن سمرة من كتاب (3) . وقال ابن حبَّان: لم يشافه الحسن سمرة (4) .
قلنا: قد قال علي بن المديني: أحاديث سمرة صحاح، قد سمع الحسن من سمرة (5) . وقول ابن المديني مقدَّمٌ.
ز: قد تكلِّم في هذا الحديث بسبب آخر، وهو انفراد حمَّاد به، وشكِّه فيه، ومخالفة غيره ممن هو أثبت منه له.
وقد رواه أصحاب " السنن الأربعة " من حديث حمَّاد (6) .
__________
(1) "المسند": (5/18) .
(2) "المسند": (5/20) .
(3) " المعرفة والتاريخ " للفسوي: (3/11) وفيه: (سمعنا أنها من كتاب) .
(4) "المجروحون": (2/163) تحت ترجمة عباد بن راشد التميمي، وانظر: "الإحسان" لابن بلبان: (5/113 - رقم: 1807) .
(5) "العلل": (ص: 53 - رقم: 57) .
(6) "سنن أبي داود": (4/358 - رقم: 3945) ؛ "الجامع" للترمذي (3/39 - رقم: 1365) ؛ "السنن الكبرى" للنسائي: (3/173 - رقم: 4898 وما بعده) ؛ " سنن ابن ماجه ": (2/843 - رقم: 2524) .(5/96)
وفي رواية أبي داود: عن الحسن عن سمرة - فيما يحسب حمَّاد -.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مسندًا إلا من حديث حمَّاد بن سلمة.
وقال البيهقي: والحديث إذا انفرد به حمَّاد بن سلمة، ثم يشكُّ فيه، ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه، وجب التوقف فيه (1) .
وقد رواه سعيد عن قتادة عن عمر بن الخطاب من قوله.
وقتادة لم يدرك عمر.
وقد رواه الطحاوي من رواية الأسود عن عمر موقوفًا (2) .
وقد روي من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسنادٍ مختلفٍ فيه.
وروي بإسنادٍ ضعيفٍ من حديث عائشة.
وبإسنادٍ ساقطٍ من حديث علي.
وقد كتبت الكلام على جميع ذلك محررًا في مكان آخر، والله أعلم O.
* * * * *
__________
(1) "المعرفة": (7/504 - رقم: 6050) ، وقال أيضًا: (وقد أشار البخاري إلى تضعيف هذا الحديث، وقال علي بن المديني: هذا عندي منكر) ا. هـ.
(2) " شرح معاني الآثار ": (3/110) .(5/97)
من مسائل المدبَّر
مسألة (828) : بيع المدبَّر جائزٌ.
وعنه: يجوز بشرط أن يكون على السيِّد دَينٌ.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، إذا كان التدبير مطلقًا.
وقال مالكٌ: لا يجوز في حال الحياة، ويجوز بعد الموت إن كان على السيِّد دَينٌ.
3281 - قال الترمذي: حدَّثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر أنَّ رجلاً من الأنصار دبَّر غلامًا له، فمات ولم يترك مالاً غيره، فباعه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاشتراه نعيم بن النَّحَّام.
قال الترمذي: هذا حديثٌ صحيحٌ (1) .
ز: رواه البخاري عن قتيبة (2) ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم (3) ، ثلاثتهم عن سفيان به O.
3282 - وقال النسائي: أخبرنا قتيبة ثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال: أعتق رجل عبدًا له عن دبر، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " ألك
__________
(1) "الجامع": (2/505 - 506 - رقم: 1219) وفيه: (حسن صحيح) .
(2) "صحيح البخاري": (3/553) ؛ (فتح - 4/421 - رقم: 2231) باختصار.
(3) "صحيح مسلم": (5/97) ؛ (فؤاد - 3/1289 - رقم: 997) .(5/98)
مال غيره؟ ". قال: لا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يشتريه مني؟ ".
فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعها إليه، ثم قال: " ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل من أهلك شيء فلذوي قرابتك، فإن فضل من قرابتك شيء فهكذا وهكذا وهكذا ". يقول: من بين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك (1) .
ز: رواه مسلمٌ عن قتيبة ومحمد بن رُمْح، كلاهما عن الليث به (2) O.
3283 - وقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا يوسف بن يعقوب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز ثنا سلم بن قتيبة ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيع المدبَّر (3) .
ز: لم يخرِّجوه من رواية سلم بن قتيبة عن ابن أبي ذئب.
وقد رواه النسائي من حديث ابن أبي ذئب بغير هذا اللفظ، فقال:
3284 - أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم قال: ثنا أبي وعمِّي قالا: ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنَّ رجلاً أعتق عبدًا له، لم يكن له مالٌ غيره، فردَّه عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابتاعه نعيم بن النَّحَّام (4) .
كذا رواه بهذا اللفظ.
__________
(1) "سنن النسائي": (7/304 - رقم: 4652) .
(2) "صحيح مسلم": (3/78 - 79) ؛ (فؤاد - 2/692 - رقم: 997) .
(3) "سنن الدارقطني": (4/138) .
(4) "السنن الكبرى": (3/193 - رقم: 5008) .(5/99)
ورواه البخاري عن عاصم بن علي عن ابن أبي ذئب (1) ، وهذا أصحُّ من رواية سلم، والله أعلم O.
3285- قال الدُّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا أبو بكر النيسابوري قال: ثنا أحمد ابن يوسف السلمي والعبَّاس بن محمد وإبراهيم بن هانئ قالوا: ثنا أبو نعيم ثنا شَريك عن سلمة بن كُهيل عن عطاء وأبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً مات وترك
مدبَّرًا ودَينًًا، فأمرهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيعوه في دينه، فباعوه بثمانمائة درهم.
قال أبو بكر النيسابوري: قول شَريك: (مات) خطأ، لأنَّ في حديث الأعمش عن سلمة بن كُهيل: (ودفع إليه ثمنه، وقال: " اقض دينك ") ، وكذلك رواه عمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر أنَّ سيِّد المدبَّر كان حيًّا يوم بيع
المدبَّر (2) .
ز: لم يخرِّجوه من حديث شَريك.
ورواه النسائي من رواية الأعمش عن سلمة عن عطاء وحده، فقال: 3286 - أخبرنا أبو داود ثنا محاضر ثنا الأعمش عن سلمة بن كُهيل عن عطاء عن جابر قال: أعتق رجل من الأنصار غلامًا له عن دبر، وكان محتاجًا، وكان عليه دَين، فباعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثمانمائة درهم، فأعطاه، قال: " اقض دينك " (3) O.
3287 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا الحسين بن إسماعيل المَحاملي ثنا
__________
(1) "صحيح البخاري": (3/603) ؛ (فتح - 5/72 - رقم: 2415) .
(2) "سنن الدارقطني": (4/139) .
(3) "السنن الكبرى": (3/192 - رقم: 5004) .(5/100)
يوسف بن موسى ثنا جرير عن عبد الغفَّار بن القاسم عن أبي جعفر قال: ذكر عنده أنَّ عطاءً وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان أعتقه عن دبر، فأمره أن يبيعه ويقضيى دينه، فباعه بثمانمائة درهم، فقال أبو جعفر: شهدت الحديث من جابر، إنَّما أذن في بيع خدمته (1) .
قال المصنِّف: وهذا الحديث لا يصحُّ، فإنَّ عبد الغفَّار قد كذَّبه سِماك ابن حرب (2) وأبو داود (3) ، وقال أحمد: ليس بثقة، عامَّة حديثه بواطيل (4) .
وقال ابن المديني: كان يضع الحديث (5) .
ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه.
ورواه ابن عَدِيٍّ في ترجمة عبد الغفَّار عن محمد بن يوسف بن عاصم عن يوسف بن موسى (6) .
وعبد الغفَّار: من غلاة الشيعة، وقد روى عنه شعبة حديثين، قال ابن عَدِيٍّ: ويكتب حديثه مع ضعفه (7) .
وقول المؤلِّف: (كذَّبه سِماك بن حرب) وهمٌ، إنَّما الذي كذَّبه سِماك
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/137 - 138) .
(2) انظر ما يأتي في كلام المنقح.
(3) لعله يريد الطيالسي، فقد نص على تكذيبه كما في "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/101 - رقم: 1075) .
(4) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/53 - رقم: 284) من رواية محمد بن عوف الحمصي.
(5) "الكامل" لابن عدي: (5/327 - رقم: 1479) .
(6، 7) "الكامل" (5/327 - 328 - رقم: 1479) .(5/101)
الحنفيُّ، وهو سماك بن الوليد، فقال أبو داود الطيالسي: سمعت شعبة يقول: سمعت سماكًا الحنفيَّ يقول لأبي مريم - يعني عبد الغفَّار - في شيءٍ ذكره: كذبت والله (1) O.
* * * * *
__________
(1) "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/100 - رقم: 1075) .(5/102)
من مسائل المكاتب
مسألة (829) : يجوز بيع رقبة المكاتب.
وقال أكثرهم: لا يجوز.
3288 - قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسحاق بن عيسى ثنا ليث قال: حدَّثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنَّ بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق " (1) .
ز: رواه البخاري (2) ومسلم (3) وأبو داود (4) والترمذي (5) والنسائي (6) عن قتيبة عن ليث O.
* * * * *
__________
(1) "المسند": (6/81 - 82) .
(2) "صحيح البخاري": (3/642 - 643) ؛ (فتح - 5/187 - رقم: 2561) .
(3) "صحيح مسلم": (4/213) ؛ (فؤاد - 2/1141 - رقم: 1504) .
(4) "سنن أبي داود": (4/350 - رقم: 3925) .
(5) "الجامع": (3/624 - رقم: 2124) .
(6) "سنن النسائي": (7/305 - رقم: 4655) .(5/103)
من مسائل أمهات الأولاد
مسألة (830) : لا يجوز بيع أمِّ الولد.
وقال داود: يجوز.
3289 - قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا القاسم بن زكريا المقرئ ثنا محمد بن عبد الله المخرمي ثنا يونس بن محمد - من كتابه - ثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: " لا يبعن، ولا يوهبن، ولا يورثن، يستمتع منها سيدها ما دام حيًّا، فاذا مات فهي حرَّة " (1) .
ز: كذا رواه الدَّارَقُطْنِيّ مرفوعًا، وهو وهمٌ.
ورواه معتمر بن سليمان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله.
ورواه يحيى بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر نحوه غير مرفوع.
وكذلك رواه فليح بن سليمان عن عبد الله بن دينار.
وكذلك رواه البيهقي من رواية سليمان بن بلال وسفيان عن عبد الله بن دينار، وقال: هكذا رواية الجماعة عن عبد الله بن دينار، وغلط فيه بعض
__________
(1) "سنن الدارقطني": (4/134) .(5/104)
الرواة عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو وهمٌ، لا يحلُّ ذكره (1) O.
3290 - أخبرنا أبو منصور القزَّاز أنا أبو بكر بن ثابت قال: أنا القاضي أبو العلاء الواسطي وأبو القاسم الأزهري وعلي بن أبي علي المعدِّل قالوا: ثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا بندار محمد ابن بشَّار ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ أمهات الأولاد لا يبعن، ولا يوهبن، ولا يورثن، فإذا مات صاحبها فهي حرَّة.
قال ابن ثابت: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، والمحفوظ عن ابن عمر قال: قضى عمر أنَّ أمهات الأولاد ... (2) .
أمَّا حجَّتُهم:
3291 - فقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا البغوي ثنا عبيد الله بن عمر ثنا خالد ابن الحارث ثنا شعبة عن زيد العَمِّي عن أبي الصدِّيق الناجي عن أبي سعيد الخدري أنَّه قال في أمهات الأولاد: كنَّا نتبايعهن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) .
والجواب:
أنَّ زيد (4) العَمِّي ليس بشيءٍ، قال ابن حبَّان: لا يجوز الاحتجاج
__________
(1) "سنن البيهقي": (10/342 - 343) .
(2) "تاريخ بغداد": (1/267 - رقم: 101) تحت ترجمة محمد بن أحمد بن إبراهيم البصري.
(3) "سنن الدارقطني": (4/135 - 136) .
(4) كذا.(5/105)
بخبره (1) .
ثم من الجائز أن يكون هذا خفي على أبي سعيد وغيره من الصحابة، أو أن يكون النهي ورد بعد ذلك.
3292 - قال سعيد بن منصور: حدَّثنا أبو عوانة عن مغيرة عن الشعبيِّ عن عَبيدة قال: خطب عليٌّ الناس، فقال: شاورني عمر في أمهات الأولاد، فرأيت أنا وعمر أن أعتقهنَّ، فقضى بها عمر حياته، وعثمان حياته،
فلما وليت رأيت أن أرقَّهن. قال عَبيدة: فرأي عمر وعلي في الجماعة، أحبُّ إليَّ من رأي عليٍّ وحده (2) .
ز: حديث أبي سعيد: صحَّحه الحاكم (3) ، ورواه العقيلي في ترجمة زيد عن محمد بن إسماعيل عن عمرو بن مرزوق عن شعبة، ثم قال: وهذا المتن يرويه غير زيد العَمِّي بإسناد جيِّد (4) .
3293 - ورواه النسائي، فقال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ثنا خالد ثنا شعبة عن زيد العَمِّي عن أبي الصدِّيق عن أبي سعيد في أمهات الأولاد، قال: كنَّا نبيعهن في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال النسائي: زيد العَمِّي ليس بالقويِّ (5) .
__________
(1) "المجروحون": (1/309) .
وفي هامش الأصل: (حـ: روى أبو الوليد بن أبي الجارود عن يحيى بن معين أنه قال: زيد العمي وأبو الصديق يكتب حديثهما، وهما ضعيفان) ا. هـ وانظر: "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (2/74 - رقم: 520) .
(2) " سنن سعيد بن منصور ": (3/2/60 - رقم: 2047) .
(3) "المستدرك": (2/19) .
(4) "الضعفاء الكبير": (2/74 - رقم: 520) .
(5) "السنن الكبرى": (3/199 - رقم: 5041) .(5/106)
3294 - وقال أيضًا: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب ثنا المكِّي بن إبراهيم أنا ابن جريج قال: حدَّثني أبو الزبير أنَّه سمع جابرًا يقول: كنَّا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيٌّ، ما نرى بذلك بأسًا.
3295 - أخبرنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: كنَّا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا ينكر ذلك علينا (1) .
3296 - وقال أبو داود: حدَّثنا موسى بن إسماعيل ثنا حمَّاد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا، فانتهينا (2) .
قال الحاكم في هذا الحديث: على شرط مسلم (3) .
* * *
__________
(1) "السنن الكبرى": (3/199 - رقمي: 5039 - 5040) .
(2) "سنن أبي داود": (4/360 - رقم: 3950) .
(3) "المستدرك": (2/19) .(5/107)
آخر كتاب تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق
والحمد لله رب العالين والصلاة والتسليم الأتمان الأكملان على سيدنا محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين كلما ذكره
الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة دائمة إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل
علقه لنفسه بيده الفانية ومن شاء الله من بعده العبد الفقير الحقير الذليل المعترف بذنبه وعصيانه المقر لله سبحانه وتعالى بفضله وامتنانه الراجي رحمته الخائف من عذابه محمد بن عبد الله الزركشي غفر الله له ولوالديه وحشره
في زمرة من أنعم عليهم بكرمه وجوده ومنه ويمنه وكان الفراغ منه يوم الجمعة لست مضين من شهر جمادى الآخر
سنة ست وستين وسبعمائة والحمد لله وحده
علقته من نسخة معتمدة عليها حواشي المؤلف وضبطه رحمه الله(5/108)
مصادر التحقيق
- إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة لابن حجر. ط: الأولى، 1415، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية.
- الأحاديث الطوال للطبراني = المعجم الكبير.
- الأحاديث المختارة للضياء المقدسي. ط: الأولى، 1410، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة - السعودية.
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لابن بلبان. ط: الأولى، 1408، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
- الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي. 1416، مكتبة الرشد، الرياض - السعودية.
- الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي. ط: الأولى، 1418، دار العاصمة، السعودية.
- الاختيارات = الأخبار العلمية من الإختيارات الفقهية.
- آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم. ط: الثانية، 1413، مكتبة الخانجي، القاهرة. مصر.
- إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقسطلاني. مصورة عن الطبعة السابعة، 1403، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان.
- الإرشاد للخليلي. ط: الأولى، 1409، مكتبة الرشد، الرياض - السعودية.
- الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم. ط: الأولى، 1414، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة النبوية - السعودية.
- الاستغناء في المشهورين من حملة العلم بالكنى لابن عبد البر. ط: الثانية، 1412، دار ابن تيمية للنشر، الرياض - السعودية.
- الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر (بهامش كتاب الإصابة لابن حجر) . 1398، دار الفكر، بيروت - لبنان.(5/323)
- الإشراف على مذاهب أهل العلم لابن منذر. 1414، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر. 1398، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- أطراف الغرائب والأفراد من حديث الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للدارقطني لابن طاهر. ط: الأولى، 419،
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- أطراف مسند الإمام أحمد بن حنبل لابن حجر. ط: الأولى، 1414، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، دمشق - بيروت.
- الإعلام بسنته عليه السلام لمغلطاي = شرح سنن ابن ماجه.
- إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال لمغلطاي. ط: الأولى، 1422، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة - مصر.
- الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب لابن ماكولا. ط: الأولى، 1411، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض. ط: الأولى، 1419، دار الوفاء، المنصورة - مصر. - الإلزامات للدارقطني. ط: الثانية، 1405، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الأم للشافعي. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- الأنساب للسمعاني. ط: الثانية، 1400، محمد أمين دمج، بيروت - لبنان.
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي. ط: الأولى، 1414، دار هجر للطباعة والنشر، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية.
- أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور لابن رجب. دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان.
- الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر. ط: الأولى، 1405، دار طيبة، الرياض - السعودية.
- بحر الدم في من تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم لابن المبرد. ط: الأولى، 1413، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.(5/324)
- البحر الزخار = مسند البزار.
- البداية والنهاية لابن كثير. دار الفكر، بيروت - لبنان.
- البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير لابن الملقن. الأولى، 1414، دار العاصمة، السعودية.
- بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث للهيثمي. دار الطلائع، القاهرة - مصر.
- بغية الراغب المتمني في ختم النسائي للسخاوي. ط: الأولى، 1414، مكتبة العبيكان، الرياض - السعودية.
- بيان الدليل على بطلان التحليل لابن تيمية. ط: الأولى، 1418، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام لابن القطان الفاسي. ط: الأولى، 1418، دار طيبة، الرياض - السعودية.
- تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري. ط: الأولى، 1407، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- التاريخ الأوسط للبخاري. ط: الأولى، 1418، دار الصميعي، الرياض - السعودية.
- التاريخ الكبير للبخاري. دار الباز للنشر والتوزيع، مكة المكرمة - السعودية.
- تاريخ بغداد للخطيب. دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان.
- التاريخ لابن أبي خيثمة. ط: الأولى، 1418، دار الوطن، الرياض. السعودية.
- التاريخ لابن معين برواية ابن طهمان = من كلام ابن معين في الرجال.
- التاريخ لابن معين برواية الدارمي. دار المأمون للتراث، دمشق - بيروت.
- التاريخ لابن معين برواية الدوري. ط: الأولى، 1399.
- التاريخ لابن معين برواية بن الجنيد = سؤالات بن الجنيد.(5/325)
- التاريخ لابن معين برواية بن محرز = معرفة الرجال.
- التاريخ لأبي زرعة الدمشقي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق.
- تاريخ واسط لبحشل. ط: الأولى، 1406، عالم الكتب، بيروت - لبنان.
- تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة. ط: الأولى، 1409، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر. المكتبة العلمية، بيروت - لبنان.
- التتبع للدارقطني. مطبوع مع الإلزامات له.
- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي. ط: الثانية، 1403، الدار القيمة، بومباي - الهند، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- التحقيق لابن الجوزي. ط: الأولى، 1419، دار الوعي العربي، القاهرة - مصر.
- تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني للحافظ الغساني. ط: الأولى، 1411، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- تذكرة الحفاظ للذهبي. دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- تراجم رجال الدارقطني في سننه للشيخ مقبل الوادعي. ط: الأولى، 1420، دار الآثار، صنعاء - اليمن.
- ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند لابن عساكر. ط: الأولى، 1409، دار البشائر الإسلامية، بيروت - لبنان.
- ترتيب علل الترمذى لأبي طالب القاضي. ط: الأولى، 1409، عالم الكتب، بيروت - لبنان، مكتبة النهضة العربية.
- ترتيب معرفة الثقات للعجلي. ط: الأولى، 1405، مكتبة الدار، المدينة المنورة - السعودية.
- التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح للباجي. ط: الأولى، 1406، دار اللواء، الرياض - السعودية.
- تعليقات على المجروحين لابن حبان البستي للدارقطني. ط: الأولى، 1414، الفاروق الحديثة،(5/326)
القاهرة - مصر، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
- تعليقة على العلل لابن أبي حاتم لابن عبد الهادي. ط: الأولى، 1423، أضواء السلف، الرياض - السعودية.
- تغليق التعليق على صحيح البخاري لابن حجر. ط: الأولى، 1405، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان، دار عمار، عمان - الأردن.
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير. الطبعة الأولى، 1418، دار طيبة، الرياض - السعودية. - تقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم. مطبوع مع الجرح والتعديل.
- تقريب التهذيب لابن حجر. ط: الأولى، 1416، دار العاصمة، السعودية.
- تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر. مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة - مصر.
- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. لابن عبد البر. مكتبة المؤيد، مصورة عن الطبعة المغربية.
- تنقيح التحقيق للذهبي. ط: الأولى، 1419، دار الوعي العربي، القاهرة - مصر.
- تهذيب التهذيب لابن حجر. ط: الأولى، 1404، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- تهذيب السنن لابن القيم، (مع عون المعبود) . ط: الثالثة، 1399، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ المزي. ط: الرابعة، 1413، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- التوبة لابن عساكر. ط: الأولى، 1418، دار ابن الأثير، الكويت.
- توضيح المشتبه لابن ناصر الدين. ط: الثانية، 1414، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- الثقات لابن حبان. ط: الأولى، 1393، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الثقات للعجلي = ترتيب معرفة الثقات.
- جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي. ط: الثانية، 1407، عالم الكتب، بيروت - لبنان.(5/327)
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي. الطبعة الأولى، 1408، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي. ط: الثالثة، 1416، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- الجامع للترمذي. تحقيق: أحمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. وتحقيق: بشار عواد معروف، ط: الأولى، 1996، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- الجرح والتعديل لابن أبي حاتم. ط: الأولى، 1371، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم. ط: الأولى، 1409، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الخلافيات للبيهقي. ط: الأولى، 1414، دار الصميعي، الرياض - السعودية.
- خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل للبخاري، ط: الثالثة، 1411، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية. ط: الأولى، 1401، جامعة الإمام، الرياض - السعودية.
- درء اللوم والضيم لابن الجوزي. ط: الأولى، 1415، دار البشائر الإسلامية، بيروت - لبنان.
- الدعاء للطبراني. ط: الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة للبيهقي. ط: الأولى، 1405، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم. ط: الثانية، 1405، الدار العلمية، دلهي - الهند.
- الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- رجال صحيح مسلم لابن منجويه. ط: الأولى، 1407، دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام لجاسم الفهيد. ط: الأولى، 1408، دار البشائر الإسلامية، بيروت - لبنان.
- زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم. ط: الخامسة عشر، 1407، مؤسسة الرسالة، بيروت -(5/328)
لبنان، مكتبة المنار الإسلامية، حولي - الكويت.
- سؤالات أبي داود لأحمد. ط: الأولى، 1414، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة - السعودية.
- سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود. ط: الأولى، 1418، مكتبة دار الإستقامة، مكة المكرمة - السعودية، مؤسسة الريان، بيروت - لبنان.
- سؤالات البرذعي لأبي زرعة. ط: الثانية، 1409، دار الوفاء، المنصورة - مصر، مكتبة ابن القيم، المدينة المنورة - السعودية.
- سؤالات البرقاني للدارقطني. ط: الأولى، 1404، لاهور - باكستان، مكتبة القرآن، القاهرة - مصر.
- سؤالات الحاكم للدارقطني. ط: 1404، مكتبة المعارف، الرياض - السعودية.
- سؤالات حمزة السهمي للدارقطني. ط: الأولى، مكتبة المعارف، الرياض - السعودية.
- السؤالات لابن معين لابن جنيد. ط: الأولى، 1408، مكتبة الدار، المدينة المنورة - السعودية.
- سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة في الجرح والتعديل لابن المديني. ط: الأولى، 1404، مكتبة المعارف، الرياض - السعودية.
- السنة للخلال. ط: الأولى، 1410، دار الراية، الرياض - السعودية.
- سنن ابن ماجه. دار الفكر، بيروت - لبنان.
- سنن أبي داود. ط: الأولى، 1419، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة - السعودية، مؤسسة الريان، بيروت - لبنان، المكتبة المكية، مكة المكرمة - السعودية.
- سنن الدارقطني. ط: الثانية، 1403، عالم الكتب، بيروت - لبنان.
- السنن الكبرى للبيهقي. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- السنن الكبرى للنسائي. ط: الأولى، 1411، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- سنن النسائي الصغرى. ط: الرابعة، 1414، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب - سوريا.(5/329)
- سنن سعيد بن منصور. ط: الأولى، 1405، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- السنن للأثرم - مخطوط.
- سير أعلام النبلاء للذهبي. ط: السابعة، 1410، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- الشجرة في أحوال الرجال للجوزجاني. ط: الأولى، 1411، فيصل آباد - باكستان، مكتبة دار الطحاوي، الرياض - السعودية.
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي قاسم اللالكائي، دار طيبة، الرياض - السعودية.
- شرح الإلمام بأحاديث الأحكام لابن دقيق العيد. ط: الأولى، 1418، دار أطلس، الرياض - السعودية.
- شرح العمدة - كتاب الصيام لابن تيمية. ط: الأولى، 1417، دار الأنصاري، مكة المكرمة - السعودية.
- شرح العمدة - كتاب الصلاة لابن تيمية. ط: الأولى، 1418، دار العاصمة، الرياض - السعودية.
- شرح العمدة - كتاب الطهارة والحج لابن تيمية. ط: الأولى، 1413، مكتبة العبيكان، الرياض - السعودية.
- الشرح الكبير للمقدسي. ط: الأولى، 1414، هجر للطباعة والنشر، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية.
- شرح سنن ابن ماجه للمغلطاي. ط: الأولى، 1419، دار نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة - السعودية.
- شرح سنن أبي داود لمحمود العيني. ط: الأولى، 1420، مكتبة الرشد، الرياض - السعودية.
- شرح علل الترمذي لابن رجب. ط: الأولى، 1398، دار الملاح.
- شرح مختصر الخرقي للزركشي. ط: الأولى، 1413، مكتبة العبيكان، الرياض - السعودية.
- شرح مسلم للنووي. دار الفكر، بيروت - لبنان.(5/330)
- شرح معاني الآثار للطحاوي. ط: الثانية، 1407، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الصحيح لابن خزيمة. ط: الأولى، 1395، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- الصحيح للبخاري. دار الحديث، القاهرة - مصر.
- الصحيح لمسلم. دار الجيل، بيروت - لبنان.
طبعة أخرى: بتحقيق: فؤاد عبد الباقي، سنة: 1403، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الضعفاء الكبير للعقيلي. ط: الأولى، 1404، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي. ط: الأولى، 1406، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الضعفاء الصغير للبخاري = المجموع في الضعفاء والمتروكين.
ويحوي: 1. الضعفاء والمتروكون للنسائي.
2. الضعفاء الصغير للبخاري.
- الضعفاء لأبي زرعة. ط: الثانية، 1409، دار الوفاء، المنصورة - مصر، مكتبة ابن القيم، المدينة
المنورة - السعودية.
- الضعفاء والمتروكون للدارقطني. ط: الأولى، 1404، مكتبة المعارف، الرياض - السعودية.
- الضعفاء والمتروكون للنسائي = المجموع في الضعفاء والمتروكين.
- طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- الطبقات الكبرى لابن سعد. دار صادر، بيروت - لبنان، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الطبقات الكبرى لابن سعد، ط: الثانية، 1408، مكتبة العلوم والحكم، المدينة النبوية - السعودية.
- طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها لأبي الشيخ. ط: الأولى، 1407، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي. ط: الأولى، 1409، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.(5/331)
- العقود الدرية لابن عبد الهادي، دار الكاتب العربي.
- علل الحديث لابن أبي حاتم. 1405، دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- العلل الكبير للترمذي = ترتيب علل الترمذي.
- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي. ط: الأولى، 1403، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- العلل الواردة في الأحاديث النبوية للدارقطني. ط: الأولى، 1405، دار طيبة، الرياض - السعودية.
- العلل لابن المديني. ط: الثانية، 1980، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله بن أحمد. ط: الأولى، 1408، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان، دار الخاني، الرياض - السعودية.
- العلل ومعرفة الرجال عن أحمد رواية المروذي وغيره. ط: الأولى، 1408، الدار السلفية، بومباي - الهند.
- علوم الحديث لابن الصلاح. ط: الثالثة، 1404، دار الفكر، دمشق - سوريا.
- عمل اليوم والليلة للنسائي. ط: الثانية، 1406، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- غريب الحديث لابن قتيبة. الطبعة الأولى، 1408، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- غريب الحديث لأبي عبيد الهروي. طبعة مصورة عن الطبعة الأولى، 1396، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان.
- غريب الحديث للخطابي. ط: الأولى، 1405، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة - السعودية.
- الفتاوى لابن تيمية = مجموعة فتاوى ابن تيمية لابن قاسم.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب. ط: الأولى، 1417، مكتبة الغرباء الأثرية،(5/332)
المدينة المنورة - السعودية.
- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوي. ط: الثانية، 1412، دار الإمام الطبري.
- الفروع لابن مفلح. ط: الرابعة، 1404، عالم الكتب، بيروت - لبنان.
- فضائل الصحابة للإمام أحمد. ط: الثانية، 1420، دار ابن الجوزي، السعودية.
- القاموس المحيط للفيروزآبادي. ط: الثانية، 1407، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- الكافي لابن قدامة. ط: الأولى، 1417، دار هجر، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية.
- الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي. ط: الثالثة، 1409، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي، 1409، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- الكنى والأسماء للإمام مسلم. ط: الأولى، 1404، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- لسان العرب لابن منظور. ط: السادسة، 1417، دار صادر، بيروت - لبنان.
- لسان الميزان لابن حجر. ط: الأولى، 1416، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
- المؤتلف والمختلف للدارقطني. ط: الأولى، 1406، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- المجروحون من المحدثين والضعفاء والمتروكون لابن حبان. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- المجروحون من المحدثين لابن حبان. ط: الأولى، 1420، دار الصميعي، الرياض - السعودية.
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، 1406، مكتبة المعارف، بيروت - لبنان.
- المجموع شرح المهذب للنووي. دار الفكر، بيروت - لبنان.
- المجموع في الضعفاء والمتروكين. ط: الأولى، 1405، دار القلم، بيروت - لبنان.
ويحوي على:
1 - الضعفاء والمتروكون.
2 - الضعفاء الصغير للبخاري.(5/333)
- مجموعة فتاوى ابن تيمية لابن قاسم. مكتبة ابن تيمية. القاهرة - مصر.
- المحرر في الحديث لابن عبد الهادي. ط: الأولى، 1405، دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- المحلى بالآثار لابن حزم، 1408، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- مختار الصحاح للرازي، 1401، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- المختارة للضياء = الأحاديث المختارة.
- مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية للبعلي. ط: الثانية، 1406، دار ابن القيم، الدمام - السعودية.
- مختصر خلافيات البيهقي لابن فرح. ط: الأولى، 1417، مكتبة الرشد، الرياض - السعودية، شركة الرياض، الرياض - السعودية.
- المراسيل لابن أبي حاتم. ط: الأولى، 1397، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- المراسيل لأبي داود. ط: الأولى، 1408، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- مسائل أحمد رواية ابن هانئ. ط: الأولى، 1400، المكتب الإسلامي، بيروت - دمشق.
- مسائل أحمد رواية صالح. ط: الأولى، 1408، الدار العلمية، دلهي - الهند.
- مسائل أحمد للبغوي. النشرة الأولى، 1407، دار العاصمة، الرياض - السعودية.
- مسائل الإمام أحمد لأبي داود. ط: الأولى، 1420، مكتبة ابن تيمية، القاهرة - مصر.
- مسائل الإمام أحمد لعبد الله بن أحمد. ط: الأولى، 1406، مكتبة الدار، المدينة المنورة - السعودية.
- المستدرك على الصحيحين للحاكم. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- مسند الإمام أحمد بن حنبل ط: الثانية، 1420، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- مسند البزار = البحر الزخار المعروف بمسند البزار.
- مسند الروياني
- المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم لأبي نعيم الأصبهاني، ط: الأولى، 1417، دار الكتب(5/334)
العلمية، بيروت - لبنان.
- مسند بلال بن رباح رضي الله عنه للحسن الزعفراني. ط: الثانية، 1409، مكتبة السلف الصالح - مصر.
- مسند عمر بن الخطاب وأقواله على أبواب العلم للحافظ ابن كثير. ط: الأولى، 1411، دار الوفاء، المنصورة - مصر.
- المسند لأبي يعلى الموصلي. ط: الأولى، 1412، دار الثقافة العربية، دمشق - بيروت.
- المسند للإمام أحمد. ط: الثانية، 1398، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- المسند للإمام أحمد بن حنبل. ط: الثانية، دار المعارف - مصر.
- المسند للطيالسي. ط: الأولى، 1421، دار الكتاب اللبناني، دار التوفيق.
- مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض. ط: الأولى، 1418، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- مشتبه النسبة لعبد الغني بن سعيد الأزدي.
- مشكل الآثار للطحاوي. ط: الأولى، 1415، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- المصاحف لابن أبي داود. ط: الأولى، 1405، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- المصباح المنير في شرح غريب الحديث للرافعي للفيومي. دار الفكر، بيروت - لبنان.
- المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة. ط: الأولى، 1409، دار التاج، بيروت - لبنان.
- المصنف لابن أبي شيبة. ط: الأولى، 1416، تحقيق: حمد الجمعة ومحمد اللحيدان.
- المصنف لعبد الرزاق. ط: الثانية، 1403، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر. ط: الأولى، 1418، دار الوطن، الرياض - السعودية.
- معالم السنن للخطابي. مكتبة السنة المحمدية، القاهرة - مصر، مكتبة ابن تيمية، القاهرة - مصر.(5/335)
- المعجم الأوسط للطبراني، 1415، دار الحرمين، القاهرة - مصر.
- معجم البلدان لياقوت الحموي، 1404، دار صادر، بيروت - لبنان.
- المعجم الصغير للطبراني. ط: الثانية، 1401، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- المعجم الكبير للطبراني. ط: الثانية، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
- المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل لابن عساكر، 1401، دار الفكر، دمشق - سوريا.
- المعجم المفهرس لابن حجر. ط: الأولى، 1418، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- معرفة السنن والآثار عن الإمام الشافعي للبيهقي. ط: الأولى، 1412، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- معرفة الرجال عن يحيى ابن معين لابن محرز. مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق.
- معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني. ط: الأولى، 1419، دار الو طن، الرياض - السعودية.
- معرفة علوم الحديث لابن الصلاح = علوم الحديث.
- المعرفة والتاريخ للفسوي. ط: الأولى، 1410، مكتبة الدار، المدينة المنورة - السعودية.
- المغني لابن قدامة. ط: الثانية، 1412، دار هجر، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية.
- المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي للهيثمي. ط: الأولى، 1413، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- من كلام ابن معين في الرجال لابن طهمان. دار المأمون للتراث، دمشق - بيروت.
- مناقب الشافعي لابن أبي حاتم = آداب للشافعي ومناقبه.
- المنتخب من العلل للخلال لابن قدامه. ط: الأولى، 1419، دار الراية، الرياض، جدة - السعودية.
- المنتخب من مسند عبد بن حميد. ط: الأولى، 1405، دار الأرقم، حولي - الكويت.(5/336)
- المنتقى للمجد ابن تيمية = نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.
- المنفردات والوحدان للإمام مسلم. ط: الأولى، 1408، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
- منهاج السنة النبوية لابن تيمية. ط: الأولى، 1406، مؤسسة قرطبة.
- موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي، طبعة مصورة بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، 1378، دار الفكر، بيروت - لبنان.
- الموضوعات لابن الجوزي. ط: الثانية، 1407، مكتبة ابن تيمية، القاهرة - مصر.
- الموطأ لابن وهب. ط: الثانية، 1420، دار ابن الجوزي، الدمام - السعودية.
- الموطأ للإمام مالك، برواية أبي مصعب الزهري. ط: الثانية، 1418، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
- الموطأ للإمام مالك، برواية يحيى بن يحيى الليثي، 1406، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي. دار المعرفة، بيروت - لبنان.
- ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين. ط: الأولى، 1408، مكتبة المنار، الزرقاء - الأردن.
- نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار لابن حجر. مكتبة المثنى، بغداد - العراق.
- نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر. ط: الأولى، 1409، مكتبة الرشد، الرياض - السعودية.
- نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي. ط: الثانية، دار المأمون، القاهرة - مصر.
- النقض على المريسي لعثمان الدارمي. ط: الأولى، 1418، مكتبة الرشد وشركة الرياض، الرياض - السعودية.
- النكت الظراف على الأطراف لابن حجر. ط: الثانية، 1403، الدار القيمة، بومباي - الهند، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان.
- النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير. أنصار السنة المحمدية، لاهور - باكستان.(5/337)
- نيل الأوطار وشرح منتقى الأخبار من كلام سيد الأخيار للشوكاني. مكتبة دار التراث، القاهرة - مصر.
- الوحدان للإمام مسلم = المنفردات والوحدان.
* * *(5/338)
فهرس الفوائد والقواعد (1)
- ليس كل زيادة تقع في نسخة من نسخ الكتاب تكون صحيحة: 1/41ح.
- جهالة الصحابي لا تضر: 1/43، 3/245.
- مثال على ذكر كلام أحد العلماء في رجل تحت ترجمة رجل آخر خطأ: 1/47ح.
- تفسير قول ابن أبي داود: فلان كان نباذًا بالكوفة: 1/60.
- التفريق بين حنش الصنعاني وحنش بن المعتمر: 1/60 - 61ح.
- هبة الله الطبري: أحاديث الوضوء بالنبيذ وضعت على أصحاب ابن مسعود عند ظهور العصبية: 1/63.
- ابن الجوزي يروي الكتاب "المجروحين" لابن حبان من طريق الدارقطني عنه: 1/66ح.
- ابن الأصبهاني ليس من المعروفين بالكلام في الرجال فلا يعتمد على قوله مع مخالفته لكبار الأئمة: 1/69ح.
- مغلطاي أحيانًا يطلق نسبًا وأسماء لمؤلفي الكتب غير مشهورين بها: 1/73ح.
- رجل يستدرك على ابن حجر في " لسان الميزان ": 1/77ح.
- ابن حبان: الدعاة الى البدعة يجب مجانبة رواياتهم على الأحوال، فأما من انتحل بدعة فلم يدع إليها وكان متقنًا كان جائز الشهادة محتجًا بروايته: 1/78.
- الخطيب: الكرابيسي يعزُّ حديثه جدًا لأن أحمد بن حنبل يتكلم فيه بسبب مسألة اللفظ: 1/86.
- الحاكم: مالك بن أنس هو الحكم في حديث المدنيين: 1/94.
__________
(1) الرمز (ح) يشير إلى أن الفائدة في الحاشية.(5/339)
- وقوع بعض اللحن في مؤلفات ابن عدي: 1/114ح.
- تسمية أحمد للحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن روى عنه مرسلاً: 1/152.
- معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث رويفع " من عقد لحيته ": 1/166ح.
- تعريف بكتاب " المترجم " للجوزجاني: 1/179ح.
- حكم اختلاف الثقات في الإرسال والإسناد: 1/ 188.
- بعض أصحاب كتب الرجال يلفق كلام الناقد من أكثر من رواية عنه: 1/192ح.
- موقف المحدثين والفقهاء من الاختلاف في الرفع والوقف: 1/206 - 207، 248.
- ابن الجوزي: المحدثون يضعفون بما ليس بتضعيف عند الفقهاء: 1/267، 2/216.
- نقول الترمذي في " جامعه " عن أحمد وإسحاق هي من رواية الكوسج عنهما: 1/309ح.
- محمد بن يحيى: لا أعلم في " من غسل ميتًا فليتوضأ " حديثًا ثابتًا: 1/318.
- الإمام أحمد: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثًا عن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
1/324.
- إخراج النسائي للرجل مما يقوي أمره: 1/337.
- الإمام أحمد وابن المنذر: يذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 1/345 - 346.
- نموذج لطريقة التعامل مع الاختلاف الذي يقع بين نسخ الكتاب: 1/345ح.
- البيهقي: لا يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في باب المسح على الجبيرة شيء: 1/350.
- التنبيه على الرمز الذي كان يستخدمه الهيثمي في المقصد العلي للتمييز بين رواية ابن حمدان ورواية ابن المقرئ لـ "مسند أبي يعلى": 1/392ح.
- التنبيه على إشكال في " المنتخب من ضعفاء الساجي " لابن شاقلا: 2/31ح.(5/340)
- التنبيه على لفظة في مطبوعة "الضعفاء" للنسائي: 2/31ح.
- من الأمور التي يجب مراعاتها حال البحث في حال الراوي التوثق من صحة نسخة الكتاب الذي فيه الحكم على الراوي: 2/32ح.
- نص نقله البيهقي عن "العلل الكبير" للترمذي ولم نقف عليه في المطبوع: 2/51ح.
- إشارة المنقح لتقوية سماع الراوي من شيخه برواية النسائي له عن ذلك الشيخ: 2/60ح.
- نص للإمام أحمد نقله ابن أبي حاتم من رواية ابنه عبد الله ولم نقف عليه في مطبوعة " العلل ومعرفة الرجال ": 2/83ح.
- نص ليحيى بن معين يحتمل أن يكون ملفقًا من أكثر من رواية: 2/89، 214ح.
- إشارة المنقح لتقوية الحديث بإخراج البخاري لحديث آخر بنفس إسناد ذلك الحديث: 2/97ح.
- رأي ابن القطان في الاضطراب: 2/109.
- أسماء الصحابة الذين رووا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع اليدين في الصلاة: 2/131.
- لم يثبت عن أحد من الصحابة أنه لم يرفع يديه في الصلاة: 2/131.
- التنبيه على احتمال وقوع خطأ من ابن الجوزي في نسبة كلام لابن معين إلى الإمام أحمد ومتابعة من أتى بعده له في ذلك: 2/135 - 136ح.
- التفريق بين يزيد بن زياد القرشي ويزيد بن أبي زياد الكوفي: 2/136ح.
- أسماء الصحابة الذين كانوا يرفعون أيديهم في الصلاة: 2/141.
- من طرائق مسلم أنه قد يروي الحديث وإن لم يكن على شرطه لسماعه له مع غيره: 2/150.
- إشارة المنقح إلى تقوية الراوي بتصحيح الترمذي له: 2/152ح.(5/341)
- الإشارة إلى سقط محتمل في مطبوعة "المستدرك": 2/156ح.
- مثال على اختلاف الروايات المنقولة عن ابن معين: 2/167ح.
- التنبيه على خطأ محتمل لابن الجوزي في "الضعفاء" وتابعه عليه الذهبي والمنقح: 2/ 198 - 199ح.
- الدارقطني: كل ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجهر فليس بصحيح، فأما عن الصحابة فمنه
الصحيح ومنه الضعيف: 2/192.
- مسألة الجهر بالبسملة من أعلام المسائل وهي شعار المذهب من الجانبين ومبناها على النقل: 2/192.
- مثال محتمل على الحذف المتعمد من النساخ للكلام في الإمام أبي حنيفة: 2/214ح، 3/134ح.
- التنبيه على خطأ محتمل في "الضعفاء" لابن الجوزي: 2/219ح.
- التنبيه على سقط في مطبوعة "سنن أبي داود": 2/230ح.
- البيهقي: حديث يعد في أفراد شريك القاضي: 2/250.
- التنبيه على سقط في مطبوعة "المستدرك" للحاكم: 2/250.
- الدارقطني قلّ أن يضعف رجلاً ويكون فيه طبّ: 2/256.
- لا يطلب بيان السبب في التضعيف إلا إذا عارضه تعديل: 2/256، 3/511.
- البيهقي: ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السجود على كور العمامة فلا يثبت من ذلك شيء: 2/261.
- حديث يوجد في بعض نسخ "صحيح مسلم" دون بعض: 2/264ح.
- الاستفادة غير المباشرة لشراح "صحيح البخاري" من كتاب "تحفة الأشراف" للمزي: 2/275ح.(5/342)
- درجة أحاديث التسليمة الواحدة عند العقيلي: 2/283.
- حديث سقط من مطبوعة "المسند" للإمام أحمد: 2/310ح.
- مثال على إلحاق الحواشي بمتن الكتاب من قبل النساخ: 2/378ح.
- مسند خارجة بن حذافة من ضمن المسانيد الساقطة من مطبوعة "المسند" للإمام أحمد: 2/404ح.
- في المختارة أحاديث كثيرة ضعيفة: 2/480.
- فائدة نفيسة تساوي رحلة: 2/487ح.
- التنبيه على وهم نادر للمنقح في نسبة كلام للبيهقي إلى الإمام أحمد: 2/606ح.
- تنبيه الحافظ ابن حجر على سقط وقع في بعض نسخ "صحيح مسلم": 2/619ح.
- حديث رواه الإمام أحمد في مسنده وحكم عليه بالنكارة: 2/626.
- التنبيه على التلفيق بين عبارتين لابن حبان من موضعين مختلفين: 2/647ح.
- مثال على خطأ في "التحقيق" وصححه المنقح في الجوف مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية: 2/669 - 670ح.
- كلام البيهقي في رواية حماد بن سلمة عن قيس بن سعد: 3/10.
- رجل ذكره ابن حبان في كتابيه "الثقات" و"الضعفاء": 3/23.
- كثيرًا ما يدخل ابن حبان الرجل في كتابيه "الثقات" و"الضعفاء": 3/23.
- خطأ لوكيع في اسم رجل: 3/25.
- بيان رجوع ابن حبان عن تضعيف عمرو بن شعيب: 3/28ح.
- فائدة لابن القيم في احتجاج الأئمة الأربعة والفقهاء بسلسلة عمرو بن شعيب: 3/29ح.(5/343)
- الإمام أحمد: عن خمسة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهم يزكون مال اليتيم: 3/34.
- الترمذي: ليس يصح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء (زكاة الخضروات) : 3/49.
- البخاري: ليس في زكاة العسل شيء يصح: 3/59.
- ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت: 3/59.
- الترمذي: لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب كبير شيء (زكاة العسل) : 3/61.
- الإمام أحمد: في زكاة الحلي عن خمسة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون فيه زكاة: 3/67.
- الترمذي: لا يصح في هذا الباب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (زكاة الحلي) : 3/75.
- رجل ظن الدارقطني أنه مجهول بسبب نسبته الى جده: 3/78.
- التنبيه على خطأ للشيخ أحمد شاكر في إثباته لسماع الحسن البصري من ابن عباس: 3/124ح.
- زيادة أنكرت على ابن عيينة فتركها: 3/131.
- التنبيه على سقط في مطبوعة "المسند" للإمام أحمد: 3/153ح.
- التنبيه على خطأ في مطبوعة "المجروحون" لابن حبان: 3/178ح.
- التنبيه على خطأ في مطبوعة "السنن الكبرى" للنسائي: 3/180ح.
- الإشارة إلى بحث نفيس للعلامة المعلمي حول اختصار صيغة " أخبرنا ": 3/181ح.
- التنبيه على سقط في مطبوعة "العلل" لابن أبي حاتم: 3/183ح.
- التنبيه على خطأ وقع في نسخة المنقح من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: 3/191، 493ح.
- الإشارة إلى أن الحافظ النووي اختصر جزء الخطيب البغدادي في مسألة صوم يوم الغيم في(5/344)
كتابه " المجموع ": 3/197ح.
- يحيى بن سعيد القطان شرطه شديد في الرجال: 3/207.
- أبو حاتم أطلق لفظة: " لا يحتج به " على رجال كثيرين من أصحاب الصحيح من الثقات الأثبات من غير بيان السبب: 3/207.
- الضياء: قد رأيت غير حديث من حديث " الصحيح " يرويه ابن المبارك فيوقفه: 3/212.
- استدلال الحاكم على خطأ لفظة في الحديث بعدم وجودها في كتاب من روي عنه: 3/224.
- ابن تيمية: الألف واللام في الغالب إنما تسقط في ليث بن أبي سليم وتثبت في ابن سعد، وما ذاك بضربة لازب: 3/235.
- تعقب المنقح لابن عدي في تفريقه بين سعيد بن أبي سعيد وسعيد بن عبد الجبار: 3/249.
- ذكر بعض الحفاظ أن حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " متواتر: 3/255.
- التنبيه على خطأ في مطبوعة "تحفة الأشراف": 3/256ح.
- التنبيه على سقط في مطبوعة "السنن الكبرى" للنسائي: 3/259ح.
- التنبيه على أن النسائي لم يخرج من حديث ابن لهيعة شيئًا مسندًا إلا حديث واحد في غير السنن: 3/267ح.
- من عادة الضياء في "المختارة" أنه يروي الحديث من المسانيد التي رواها وغيرها من الأمهات: 3/276.
- مما يدل على شذوذ الحديث وعلته عدم تخريج أئمة الكتب الستة والمسانيد المشهورة له مع حاجتهم إليه: 3/276.
- الدارقطني إنما جمع في كتابه "السنن" غرائب الأحاديث: 3/276.
- الأحاديث المعللة والضعيفة في "سنن الدارقطني" أكثر من الأحاديث الصحيحة: 3/276.(5/345)
أصحاب الصحيح إذا رووا لمن قد تكلم فيه فإنهم ينتقون من حديثه ما لم ينفرد به، بل وافق من الثقات، وقامت شواهد صدقه: 3/277.
- أبو الخير لا يروي إلا عن ثقة: 3/284.
- تعليل البيهقي الحديث بمخالفة رأي الصحابي (راوي الحديث) لما روى: 3/308.
- زيادة في حديث زادها ابن عيينة في آخر حياته: 3/314.
- الاختلاف في ضبط اسم محمد بن سلام: 3/341ح.
- ابن عبد البر: حديث لم يبلغ مالكًا على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل له: 3/360.
- التنبيه على أن كتاب " الإيمان " للإمام أحمد مضمن في كتاب " السنة " للخلال: 3/409ح.
- زيادة " وتعتمر " في حديث جبريل فيها شذوذ: 3/423.
- التمتع في عرف أصحاب وسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدخل فيه القران والتمتع الخاص: 3/434.
- الأثر المروي عن عثمان في شم المحرم الريحان: 3/471.
- فائدة أدبية في معنى كلمة (محرم) : 3/476.
- تفرد ابن أبي الجنوب عن الزهري بإسنادين نظيفين من أقوى الأدلة على ضعفه عند أهل الشأن: 3/511.
- الحاكم: حديث عروة بن مضرس في الحج قاعدة من قواعد الإسلام: 3/529.
- سماع الحسن من سمرة: 3/575 - 576.
- التنبيه على وهم لابن الجوزي في "الضعفاء": 4/112.
- مما ينبغي مراعاته عند نقل قول أحد النقاد: النظر في السياق الذي وردت فيه عبارته: 4/126ح.(5/346)
- البيهقي: إجماع العلماء على خلاف الحديث - وهم لا يجمعون على ترك رواية ثابتة - دليلٌ على ضعفه أو نسخه إن كان ثابتًا: 4/130.
- التنبيه على تناقض الحاكم بتوثيق رجل في موضع وتضعيفه في موضع آخر: 4/183 - 184.
- أنكر حديث روي عن الحسن عن سمرة: 4/229.
- بعض الأحاديث التي صححها البخاري مع ما فيها من التفرد: 4/231.
- الضياء: غرابة الحديث والتفرد به لا يخرجه عن الصحة: 4/231.
- ابن الجوزي: الحسن بن صالح عشرة ليس فيهم مطعون فيه غير واحد: 4/258.
- النسائي: عند المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير غير حديث منكر: 4/277.
- من حدث ونسي: 4/287.
- الأحاديث الواردة في اشتراط الشهادة في النكاح لا تصح عند أحمد وابن المنذر: 4/327.
- ابن تيمية: من أصل الإمام أحمد أن العقود تنعقد بما يدل على مقصودها من قول وفعل: 4/336.
- مثال للأحاديث التي حدث بها معمر في البصرة فأخطأ فيها: 4/356.
- ابن حبان: إذا روى رجل ليس بمشهور العدالة عن شيخ ضعيف أشياء لا يرويها عن غيره لا يتهيأ إلزاق القدح براو مجهول دونه: 4/437ح.
- التنبيه على احتواء كتابي "تحفة الأشراف" و" النكت الظراف " على دقائق مهمة: 4/605ح.
- الدارقطني: " أحلت لكم ميتتان " ليس له إسناد جيد البتة: 4/641ح.
- رواية بقية عن بحير حسنة أو صحيحة سواء صرح بالتحديث أو لم يصرح: 4/658.
- الإمام أحمد: قد روي تحريم المسكر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عشرين وجهًا: 5/12.(5/347)
- التنبيه على كلمة سقطت من مطبوعة " جزء حنبل ": 5/18ح.
- نسخة عطية العوفي عن ابن عباس في التفسير إسنادها مشهور وإن كان في بعض رواتها كلام: 5/46.
* * *(5/348)