التوفيق الرباني في الذب عن العلامة الألباني
تصنيف عبدالله بن فهد الخليفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذا الجزء الأول من كتابي (( التوفيق الرباني في الذب عن العلامة الألباني )) أكتبه ذباً عن إمام من أئمة أهل السنة والجماعة في هذا العصر ، حاولت سهام أهل البدع أن تناله والتي سيظهر لك بعد قراءة هذا الكتاب أنها طائشة بحمد الله عز وجل
وهذا الجزء يتناول نقد الجزء الأول من كتاب (( تناقضات الألباني الواضحات )) للمبتدع المعروف حسن بن علي السقاف
وقد بدا لي أن أكتب ترجمةً مختصرةً للشيخ الألباني _ رحمه الله _ غير أنني استصغرت نفسي أمام هذه المهمة الصعبة
نعم إنها مهمةٌ صعبة أن تكتب ترجمةً مختصرةً لإمام أهل السنة في هذا العصر وتوفيه حقه في هذه الترجمة
وعليه فإني أكتفي بإحالة القاريء إلى ما كتب في ترجمة الشيخ وهو كثير ومطبوعٌ ومتداول
و قد قدمت بعدة مقدمات تمكن القاريء من أن يستفيد من هذا الكتاب تمام الإستفادة
وكتبه عبدالله بن فهد المنتفجي
16شوال 1429
الكويت _ الجهراء
المقدمة الأولى في بيان حقيقة التناقض
السؤال هنا متى يقال أن فلاناً تناقض أو كلام فلان متناقض ؟
الجواب أن هذا يقال إذا كان كلام الشخص ينقض بعضه بعضاً فلا يجوز أن يعتقد شخصٌ القولين معاً
إذا انتهينا من هذه فإننا سننتقل إلى نقطة أخرى
وهي أن يقال هل الحكم على السند يقتضي حكماً على المتن ؟
بمعنى أن المحدث إذا قال في خبر (( رواه أبو داود بسندٍ ضعيف )) فهل يعني هذا تضعيف الحديث ؟
الجواب : لا لاحتمال أن يكون للخبر إسنادٌ آخر صحيح
وعليه لو قال العالم في خبر (( رواه أبو داود بسندٍ ضعيف )) ثم قال في مكان آخر (( رواه أحمد بسندٍ صحيح )) لم يكن في كلامه تناقض إذا كان إسناد أحمد غير إسناد أبي داود
لأن الكلام المتناقض هو ما ينقض بعضه بعضاً وهذا غير متحقق هنا(1/1)
وسيمر بك في هذا الكتاب الكثير من الأمثلة التي اعتبرها السقاف تناقضاً من الشيخ الألباني والصواب أنها من هذا الباب وأن السقاف أتي من جهله أو سوء قصده
فإن قيل : لماذا لم يوضح الشيخ الألباني هذا في كتبه ؟
قيل : ما زال المحدثون يصنفون كتباً يذكرون فيها ألفاظاً لا يفهمها إلا أهل التخصص كقولهم (( خبر متواتر )) و(( إسناده حسن )) ولم يتم إلزام أحدهم بأن يضع مقدمةً تعليميةً في بداية كتابه
المقدمة الثانية في فضيلة الرجوع للحق
إذا أخطأ العالم ثم تبين له خطؤه فهو أمام أحد أمرين
الأول : لأن يصر على الخطأ وهذه مثلبة في حق الشخص
الثاني : أن يرجع إلى الحق وهذه فضيلة
وما زال أهل تتعدد أقوالهم في المسألة الواحدة ولم ينبه أحدهم إلى قوله السابق إما لأنه يرى أن تقرير الصواب ينقض ذلك الخطأ أو أنه نسي تقريره السابق
وإليك بعض الأمثلة لاختلاف مواقف الأئمة من المسألة الواحدة
المثال الأول : أخرج ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل ص : 31 _ 32 قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب ، قال : سمعت عمي ( يعني عبد الله بن وهب ) يقول : سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس ، قال : فتركته حتى خف الناس ، فقلت له : عندنا في ذلك سنة ، فقال : وما هي ؟ قلت : حدثنا الليث بن سعد ، وابن لهيعة ، وعمرو بن الحارث ، عن يزيد بن عمرو المعافري ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن المستورد بن شداد القرشي ، قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه " .
فقال : " إن هذا الحديث حسن ، وما سمعت به قط إلا الساعة " ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع
قلت : فانظر كيف تراجع الإمام مالك عن فتياه ولم يأبه بقوله السابق بعد ما تبين له الصواب(1/2)
المثال الثاني : معلوم عند الشافعية وغيرهم _ والسقاف شافعي المذهب _ أن للشافعي مذهبان قديمٌ وجديد وأن في الجديد الكثير مما يخالف القديم ولم يكن الإمام الشافعي ينبه على مذهبه القديم إذا ترجح عنده خلافه في المذهب الجديد فتأمل
المثال الثالث : معلومٌ عند الحنابلة أن الإمام أحمد له الكثير من المسائل التي تعددت فيها الروايات عنه حتى جمعوا في ذلك المصنفات ولم يكن أحمد في الغالب يقول : (( كنت أقول كذا فصرت أقول كذا )) بل كان يرى أن تقريره للمذهب الصواب ينقض تقريره القديم أو أنه كان ينسى فتاويه القديمة _ وهذا فيه بعد _
المثال الرابع : الإمام يحيى بن معين كثيراً ما تتعدد أقواله في الراوي الواحد فتارة يوثقه وأخرى يضعفه وهذا يعد من تغير الإجتهاد
المثال الخامس : أبو حاتم الرازي أثبت سماع عكرمة من عائشة في مكان ونفاه في مكان آخر ( انظر ترجمة عكرمة في تهذيب التهذيب )
والأمثلة في ذلك كثيرة لا يحصيها إلا الله
فإن قيل : هؤلاء لا يقاس عليهم الألباني
قلنا : بل يقاس عليهم فإذا كان الأكابر تختلف أقوالهم فما بالك بمن هو دونهم _ والألباني من الأكابر _ بل إن الألباني أعذر عندي منهم لأن كتبه مؤرخة بإمكانك أن تعرف المتقدم من أقواله من المتأخر بالنظر في التاريخ الموجود في مقدمة الكتاب
وقد يقال : (( تناقض فلان )) من باب الإخبار لا من باب الثلب والحط عليه فالرجوع إلى الحق فضيلة لا ينازع في ذلك عاقل(1/3)
وقد حاول السقاف في ص14 أن ينكر هذه الحقائق حيث قال : ((وليس له أو لاي أحد ممن سيتعصب له - أعاذنا الله من التعصب الممقوت - أن يقول إن هذه التناقضات المجموعة يمكن أن نجد له عذرا في بعضها وذلك أنه حسن الحديث الذي ضعفه في موضع آخر لشواهده أو متابعاته أو نحو ذلك ، لان هذا القول مردود لاسباب كثيرة أذكر بعضها الان ، وأرجئ بعضها لوقته المناسب . منها : أن المحقق الفذ الذي يدعي أنه فاق المتقدمين بوجوه عديدة منها الوقوف على أطراف الحديث والذي تيسرت بين يديه الفهارس المتنوعة للحديث لا يقع في مثل هذا الخبط والتناقض العجيب . ومنها : كان عليه أن ينبه حين تضعيفه لحديث ما أن لهذا الحديث شواهدا أو ألفاظا رويت بأسانيد صحيحة أو حسنة أو متابعات ، فالحديث يحسن بذلك ، كما فعل هو أحيانا في التنبيه على ذلك . قي حاشية (ضعيف الجامع وزيادته) وغيره فلينظره من شاء ، وخصوصا أن المفتونين بتخريجاته والواثقين بكلامه لا ينظرون إلى كامل تخريجه وإنما ينظرون إلى أول كلمة ))
قلت والجواب على هذا من وجوه
أولها أننا قد قدمنا أنه لا تناقض بين الحكم على السند بالضعف وعلى المتن بالحسن أو الصحة كما في المقدمة الثانية فالكلام المتناقض هو الكلام الذي لا يجتمع وهذا يجتمع فيقال : (( إسناده ضعيف وهو صحيح بشواهده ))
ثانيها أنه لا يلزم الشيخ ذكر الشواهد لأنه قد يكون لم يقف عليها عند التخريج ووجود الفهارس وغيرها لا يعصم من ذلك فقد تكون الشواهد في الكتب التي لم تفهرس فهرسةً جيدةً أو من الكتب غير الحاضرة عند الشيخ أثناء التخريج
ثالثها أن يقال أن قول الشيخ : (( إسناده ضعيف )) لا يعني تضعيف الخبر حتى عند من ينظر لأول كلمة من تخريج الشيخ إذ لا يلزم من تضعيف السند تضعيف المتن
وكون بعض الناس لم يحسن فهم عبارات الشيخ فهذه ليست مشكلة الشيخ إذ أنه يخاطب بهذه الألفاظ من يفهمها ممن درس علم الحديث(1/4)
وأما الجاهل فلا حيلة لنا فيه ، علماً بأن الشيخ من أن أكثر العلماء تنبيهاً على شواهد الأخبار وجمعاً لها
وقد نبه الشيخ الألباني على هذا المعنى حيث قال في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث (401) : " و الحديث و إن كان إسناده ضعيفا فإنه لا يدل على ضعفه و عدم ثبوته في
نفسه لاحتمال أن له إسنادا حسنا أو صحيحا أو أن له شواهد يدل مجموعها على ثبوته "
فتأمل والشيخ إنما يحاكم إلى مصطلحه _ والحق أن هذا محل اتفاق بين العلماء ولا ينكره إلا جاهل _
ثم لنفرض أن الشيخ قد تغير اجتهاده فإن له أسوة بأولئك الأكابر الذين قدمنا ذكرهم
وهذا الكوثري الذي جعله السقاف مجدد هذا القرن في مقدمته لكتاب دفع شبه التشبيه
صنف الشيخ أحمد الغماري _ الذي يصفه السقاف بالحافظ _ كتاباً أسماه (( بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري أو رد الكوثري على الكوثري )) أورد فيه أقوال الكوثري المتناقضة وعليه فإن السقاف أمام أمرين
إما أن يقر بأن الكوثري متناقض ومع ذلك هو مجدد القرن !!
أو يعذر الشيخ الألباني بتغير اجتهاده
وأختم هنا بكلمة ذهبية للإمام الذهبي حيث قال في الموقظة ص8 (( فكم من حديث تردد فيه الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح ؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد ، فيوماً يصفه بالصحة ، ويوماً يصفه بالحسن ، ولربما استضعفه ))
قلت : فتأمل !(1/5)
وقد حاول السقاف أن ينكر هذه الحقيقة في كتابه الصواعق الناسفة حيث قال في ص125 : " وقول ناصر الالباني في " الانوار الزائفة " ص (26) مقعدا قاعدة اخترعها ليسوغ بها تناقضاته : القاعدة الثانية : ان قول العالم في سند حديث : إسناده ضعيف لا يتنافى مع قوله في الحديث نفسه في موضع آخر حديث صحيح أو حديث حسن . . " الخ هرائه . جوابه : ينسف هذا الهراء ويبطله أنه من عادتك ال . . . . عندما ترى ضعف إسناد حديث وتقول عنه : " ضعيف " وهو صحيح عندك ، تذكر أنه صحيح من طرق أخرى في تعليقك على المشكاة وعلى " ابن خزيمة " وإليك مثالا على ذلك ليتم نسف ما ادعيت ذكرت في تعليقك على " صحيح ابن خزيمة " (1 / 150) أن ذلك الحديث : " إسناده ضعيف . محمد بن عزيز فيه ضعف ، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة ، وعمر صدرق له أوهامه ، وقيل لم بسمع من عمه عقيل بن خالد شيخه في هذا الحديث . لكن الحديث صحيح فقد أخرجه النسائي 7 / 286 من وجه آخر عن الزهري : قال أخبرني ابن السباق عن ابن عباس به . وسنده صحيح . وابن السباق اسمه عبيد . وللحديث شواهد فراجع لها كتابي آداب الزفاف - ناصر " اه . وبه ينتسف اعتذاره ويبطل ! ! فتأملوا ! ! أنه ينبه على أن الحديث صحيح ولو كان سنده ضعيفا ))
قلت : وهذا المثال الذي ذكره السقاف ينقض بنيانه فإن الشيخ هنا ضعف أحد أسانيد الحديث ثم ذكر إسناداً آخراً للحديث صححه به ولم يكن كلامه متناقضاً وهذا ما أريد تقريره وهو أن العالم إذا ضعف أحد أسانيد الحديث لم يكن ذلك تضعيفاً للمتن حتى نتأكد من عدم وجود شواهد للخبر ، وزعم السقاف أن هذه القاعدة من اختراع الشيخ الألباني من جهله الفاضح بعلم الحديث
فإن قال السقاف لماذا لم يذكر الشيخ الألباني الشواهد للأحاديث التي اكتفى بتضعيف إسنادها في المشكاة وصحيح ابن خزيمة
الجواب من وجوه(1/6)
أولها أن السقاف بكلمته هذه قد خرج من كونه متهماً للشيخ الألباني بالتناقض إلى متهمٍ إياه بقصور التخريج وهذا خارجٌ عن محل نزاعنا ، فالنزاع في صحة دعوى تناقض أقوال الشيخ
الذي نقوله أن تضعيف العالم لأحد أسانيد الحديث لا يتناقض مع تصحيحه لمتن الخبر بشواهد أخرى وهذه حقيقة لا يختلف فيها اثنان أغفلها السقاف تمام الإغفال في كتابه التناقضات بل إنه افترى على الشيخ أنه يضعف كل حديثٍ قال فيه : "إسناده ضعيف "
ثانيها : أن العالم قد لا يقف على شواهد الخبر ساعة تخريجه له وخصوصاً إذا كانت تلك الشواهد تختلف ألفاظها عن المتن الأصل لهذا يحتاط العلماء ولا يضعفون الخبر بمجرد وقوفهم على أحد أسانيده بل يكتفون بالحكم على ذلك الإسناد كما فعل الشيخ في المشكاة
ثالثها أن كتاب المشكاة الذي اعتمده السقاف في معظم كتابه كتابٌ منسوخ وقد خرج الشيخ الألباني قد خرج كتاب المشكاة تخريجاً ثانياً _ كما ذكر في مقدمة صحيح ابن ماجة _ وعليه فإن التحقيق الأول غير معتمد وبهذا يكون معظم كتاب السقاف لا معنى له ولا فائدة منه لأن الكتاب الذي اعتمده في التشنيع على الشيخ غير معتمد
رابعها أن سبب ذكر الشيخ الألباني للشواهد في مواطن وعدم ذكره لها في مواطن أخرى هو أن الشيخ قد يستحضر هذه الشواهد لأنه يكون قد خرج هذا الخبر في بعض كتبه وقد لا يستحضرها لأنه لم يقف عليها أو وقف عليها ولم يجمعها فيحكم على السند الذي أمامه فقط أداءً للأمانة العلمية
خامسها أن الشيخ قد يكون شرطه في الكتاب الكلام التي تكلم أوردها المصنف فقط والشرط يعرف من نص العالم ومن تصرفه ففي تخريج المشكاة مثلاً يرى القاريء أن الشيخ الألباني يكتفي بالحكم على الأسانيد التي يشير إلى التبريزي في الغالب فدل على أن الشيخ إنما هذا هو شرطه في الكتاب الكلام على أسانيد التبريزي فقط وما خرج عن الشرط فهو لمناسبةٍ عرضت
وبهذا التقرير يتم نسف بنيان السقاف من القواعد(1/7)
المقدمة الثالثة في سبب تصنيف السقاف لهذا الكتاب
من المعلوم عند القاصي والداني ما للشيخ الألباني _ رحمه الله _ من مكانةٍ عند أهل السنة لما له من الأيادي البيضاء في الذب عن العقيدة السلفية
وبقدر ما أوجب هذا الأمر له من موالاة أهل السنة أوجب له أيضاً معاداةً من أهل البدع فكلما كان المبتدع أبعد عن السنة كان أشد بغضاً لعلماء أهل السنة
ولما كان السقاف جهمياً قبورياً متشيعاً متعصباً لمذهبه الفقهي كان بغضه للشيخ الألباني مضاعفاً
فالشيخ الألباني له جهوده في الرد القبوريين فقد صنف (( تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد )) وصنف كتاب التوسل وحقق كتاب (( الآيات البينات في عدم سماع الأموات )) للشريف نعمان بن محمود الآلوسي _ رحمه الله _ كما أن للشيخ الألباني جهوداً أخرى في نقض بدع القبورية تجدها مبثوثةً في كتبه الكبيرة مثل " سلسة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها فوائدها " وكتاب " سلسة الأحاديث الضعيفة أثرها السيء على الأمة "
وأما الجهمية والمعطلة فقد أعطاهم الشيخ نصيبهم فقد قام باختصار كتاب العلو للعلي العظيم للحافظ الذهبي _ رحمه الله _ وللشيخ ردودٌ كثيرة على المعطلة في السلسلتين
وأما المقلدون المتعصبون فقد أغاضهم مصنفات الشيخ الفقهية التي تسير على الترجيح للقول الصحيح دون التقيد بمذهب معين وللشيخ مقدمةٌ رائقة لكتابه " صفة صلاة النبي الله عليه وسلم " في النقض على دعاة التقليد
فإذا أضفنا إلى هذه الأسباب ما وضع للشيخ الألباني من قبول في الأرض فقد سارت بتحقيقاته وكتبه الركبان ، الأمر الذي لم يكتب لأحدٍ من الصوفية القبورية والجهمية المعطلة مما أوجب الحسد من السقاف وشيوخه للشيخ الألباني
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه *** فالناس أعداءٌ له وخصوم
إذا علمنا هذا تبين لنا سبب انفاق السقاف كل هذا الوقت في تصنيف هذه الكتب التي ملأها كذباً وافتراءً على الشيخ الألباني ، ويأبى إلا أن يتم نوره(1/8)
فمن دلائل حسد السقاف للشيخ الألباني أنه زعم _ في ص6_ أن الألباني يدعي لنفسه العصمة محتجاً بثناء الشيخ على بعض كتبه وإحالته عليها
وهذا من جهله أو تجاهله فما زال العلماء يحيلون على كتبهم ويذكرون فوائدها في مقدماتها ترغيباً للقاريء بقراءتها
والسقاف نفسه يقع منه هذا فإنك تجده كثيراً ما يحيل على كتاب التناقضات في كتبه الأخرى
بل صنف كتاباً أسماه (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) وهذه تزكية ظاهره للكتاب فهل هو يدعي لنفسه العصمة ؟!!
المقدمة الرابعة في بيان أهمية الذب عن علماء أهل السنة
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه)) رواه البخاري
ولا شك أن كتاب السقاف المذكور فيه من الظلم الشيء الكثير _ كما سيظهر لك _ فمن الأخذ على يده ويد من يقلده بيان ما في هذا الكتاب من كذب وافتراء
وقد بينا لك سابقاً أن المقصود بالكتاب ليس شخص الألباني بل العقيدة التي يعتقدها الشيخ الألباني
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((من رَدَّ عن عرضِ أخيهِ ردَّ اللهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ)) رواه الترمذي (1996 ) وحسنه وله شواهد ليس هذا مقام بسطها
وهذا الكتاب هو ذبٌ عن عرض عالم من كبار علماء أهل السنة في هذا العصر نسأل الله عز وجل أن يأجرنا على ما قدمنا
المقدمة السادسة في بيان سعة اطلاع الشيخ الألباني ووقوفه على ما لم يقف عليه الحفاظ الكبار ودقة نظره وشيء من جهالات السقاف
سبب ذكر الأمثلة على سعة اطلاع الشيخ الألباني هو أن السقاف حاول أن يطعن في سعة اطلاع الشيخ مورداً على الشيخ بعض الإستدراكات التي استفادها السقاف من هنا وهناك
وهذا لا يطعن في الشيخ فليس أحدٌ من بني آدم معصوماً من الخطأ والعبرة بعامة عمل الشيخ لا الأخطاء النادرة التي لا يسلم منها بشر(1/9)
فهذا الحافظ الزيلعي صاحب نصب الراية صنف ابن قطلوبغا كتاباً أسماه " منية الألمعي فيما الزيلعي " استدرك عليه تخريج عدداً من الأخبار التي لم يخرجها وتعقبه في مسائل وأول حديثٍ استدركه كان في مسند الإمام أحمد !!
والسقاف نفسه يقع في عمله القصور وإليك هذا المثال
حاول السقاف في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص200 إعلال حديث (( إِنَّ اللَّه لاَ ينام، ولا ينبغي لَهُ أَن ينام، يخفض القسط ويرفعه. حجابه النور. لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره ))
حيث قال : ((وقد أشار مسلم إلى عنعنة الاعمش عن عمرو بن مرة وكان مدلسا كما هو معلوم ، فهذه رواية شاذة لا سيما وقد أشار مسلم بعدها إلى علة فيها ثم روى الحديث بعد ذلك بلفظ معقول شرعا من طريق شعبة عن عمرو بن مرة بلفظ : " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام . يرفع القسط ويخفضه ، يرفع إليه عمل النهار بالليل . وعمل الليل بالنهار " . فلفظ السبحات : لا يثبت ولا يجوز أن يجزم به صفة لله تعالى ))
قلت وقد فاته أن الأعمش قد توبع على هذه الزيادة من قبل المسعودي عند ابن ماجة في سننه والمسعودي مختلط إلى أن الراوي عنه وكيع بن الجراح وهو كوفي ورواية أهل الكوفة عن المسعودي مستقيمة
قال الحافظ في تهذيب التهذيب (( وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه سماع وكيع من المسعودي قديم وأبو نعيم أيضا وإنما اختلط المسعودي ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد ))
قلت وعليه فالمتابعة ثابتة وبها يثبت الحديث
ولم ينفرد وكيع عن المسعودي بل تابعه من قبل أبي نعيم ومحمد بن عبيد عند ابن خزيمة في التوحيد (31 )
ولم ينفرد الأعمش والمسعودي بهذه الرواية عن عمرو بن مرة بل تابعهما العلاء بن مسيب عند ابن خزيمة في التوحيد (28)
وبهذه الطرق تثبت زيادة (( حجابه النور لو كشفه عنه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ))(1/10)
فأيهما أعذر يا أولي الألباب الألباني في عدم وقوفه على سند روايةٍ قد وجده السقاف في الفتاوى المصرية لشيخ الإسلام!!! _ انظر مقدمة التناقضات _ أم السقاف في عدم وقوفه على هذه الطرق كلها !!! _
ثم إني وجدت السقاف يصحح سنداً آخراً على شرط الشيخين مع أن الأعمش قد عنعن فيه
حيث قال في 252 : ((والدليل على ذلك ما رواه أبو داود (4 / 235 برقم 4738) عن عبد الله بن مسعود مرفوعا : " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا ، فيصعقون . . . " الحديث وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، فالصوت كما هو صريح في هذا الحديث للسماء لا لله تعالى . والله الموفق ))
وسند أبي داود فيه عنعنة الأعمش فتدبر !! فلو فعل الألباني ذلك في كتابين مختلفين لكان متناقضاً عند السقاف ولكنه هو يصنع ذلك في كتابٍ واحدٍ ولا يكون متناقضاً
وهذا الكوثري الذي يعظمه السقاف ويجعله إماماً مجدداً يعل حديث الجارية في تعليقه على السيف الصقيل ص94 بعنعنة يحيى بن أبي كثير
وفاته أنه قد صرح بالتحديث في عدد من كتب الحديث منها السنة لابن أبي عاصم (1/215) و السنن الكبرى للنسائي ( 7359) و مشكل الآثار للطحاوي ( 4368) وغيرها!!
فأيهما أعذر الشيخ الألباني في عدم وقوفه على تصريح ابن إسحاق بالتحديث في رواية واحدة عند أحمد أم الكوثري في عدم وقوفه على هذه الروايات
بل إن السقاف نفسه قد وقع له ذلك وهو يتكلم على حديث (( رأيت ربي في أحسن صورة )) حيث قال في ص 281 (( كما أن الحافظ ابن خزيمة أطال في رد أحاديث الصورة في كتابه الصفات ))
قلت : ولو رجعنا إلى كتاب التوحيد لابن خزيمة لوجدناه أعل هذا الخبر (( رأيت ربي في أحسن صورة )) بعنعنة يحيى بن أبي كثير حيث قال : (( يحيى بن أبي كثير رحمه الله أحد المدلسين ، لم يخبر أنه سمع هذا من زيد بن سلام ))
قلت : وقد صرح يحيى بالتحديث عند أحمد في المسند (5/243) فتأمل !(1/11)
فهل يجوز لنا أن نشنع على السقاف كما شنع على الشيخ الألباني ؟!!
ومن خيانات السقاف ومكابرته ما علقه على دفع شبه التشبيه ص201 عند كلامه على حديث ((دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ))
حيث قال : ((حديث موضوع رواه ابن أبي عاصم في سنته (ص 353) وأبو يعلى والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (1 / 79) وابن الجوزي في الموضوعات (1 / 116) والعقيلي في الضعفاء الكبير (3 / 152) وهو في " اللآلي المصنوعة في الاحاديث الموضوعة " (1 / 14) ))
قلت : لو رجعت إلى اللآليء المصنوعة لوجدت تعقب السيوطي على من حكم على الحديث بالوضع
حيث قال : ((أما قوله في الحديث الأول تفرد به حبيب بن أبي حبيب وكان يضع فوهم منه، فإن الحديث أخرجه الدارقطني في الأفراد كما أورده المصنف من طريقه قوله وقد تفرد به حبيب بن أبي حبيب هذا غير حبيب بن أبي حبيب ذاك بصيغة التكبير وأبوه بصيغة الكنية وهو الخرططي المروزي كان يضع الحديث والذي في الإسناد حبيب بالتصغير ابن حبيب بالتكبير وهو أخو حمزة الزيات.
قال في الميزان وهاه أبو زرعة وتركه ابن المبارك ولم يتهم بوضع وأما عامر بن الحكم بن ثوبان فإنه تابعي من رجال مسلم، قال الذهبي روى عن أسامة بن زيد والكبار صدوق لم يخرج له البخاري، قال وذكر ابن الجوزي أن البخاري قال ذاهب الحديث وكذا رواه العقيلي عن آدم بن موسى عن البخاري، ثم ساق له العقيلي حديث دون اللّه تعالى سبعون ألف حجاب والعهدة فيه على موسى بن عبيدة الزبدي فإنه واه، انتهى.(1/12)
وأما موسى بن عبيدة فإنه وإن كان ضعيفاً فلم يتهم بكذب ولا وصل حاله إلى أن يحكم على حديثه بالوضع بل قال فيه ابن سعد ثقة ينسى وقال يعقوب بن شيبة صدوق ضعيف الحديث، وقد أخرج له الترمذي وابن ماجه وقال زيد بن الحباب أتينا قبر موسى بن عبيدة فجعل ريح المسك يفوح من قبره وليس بالربذة يومئذ مسك ولا عنبر ثم أن الحديث أخرجه أبو يعلى والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وله شواهد كثيرة تقتضي أن له أصلاً.
قال أبو الشيخ في العظمة ذكر حجب ربنا تبارك وتعالى فبدأ بهذا الحديث ثم بعده حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبداللّه بن داود بسندين حدثنا الحسين هو ابن حفص عن أبي مسلم (ح) وحدثنا الوليد حدثنا الحسين الحناط حدثنا إبراهيم بن أيوب عن أبي مسلم عن الأعمش عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لجبريل هل ترى ربك عز وجل قال إن بيني وبينه لسبعين حجاباً من نار أو نور لو رأيت أدناها لاحترقت أخرجه سمويه(1/13)
في فوائده والطبراني في الأوسط وقال لم يروه عن الأعمش إلا أبو مسلم وهو قائد الأعمش قال أبو داود عنده أحاديث موضوعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال بهم حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو حفص عمرو بن علي حدثنا الفضل بن سليمان حدثنا أبو حازم عن عمرو بن الحكم عن عبداللّه بن عمرو قال والذي نفسي بيده إن دون اللّه عز وجل يوم القيامة سبعين ألف حجاب منها من ماء وحجاب من نور وحجاب من ظلمة حدثنا الوليد حدثنا إسماعيل بن عيد اللّه حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا ابن أبي حازم حدثنا أبو حازم عن عمرو بن الحكم بن ثوبان عن عبداللّه بن عمرو بن العاص قال والذي نفسي بيده إن دون اللّه تعالى يوم القيامة سبعين ألف حجاب إن منها لحجباً من ظلمة ما ينفذها شيء وإن منها لحجباً من نور ما يستطيعها شيء وإن منها لحجباً من ماء لا يسمع حس ذلك الماء أحد إلا يربط اللّه على قلبه هذه متابعة لموسى بن عبيدة في حديث ابن عمرو ثم قال حدثنا الوليد حدثنا محمد ابن إدريس حدثنا أبو صالح حدثني يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبداللّه بن عمرو قال احتجب ربنا تبارك وتعالى عن جميع خلقه بأربع نار وظلمة ثم بنور فظلمة من فوق السموات السبع والبحر الأعلى فوق ذلك كله تحت العرش فهذه متابعة ابن الحكم في حديث ابن عمرو والمثنى بن الصباح أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال فيه أبو حاتم لين الحديث ثم قال حدثنا محمد بن العباس بن أيوب حدثنا علي بن الحسين الدرهمي حدثنا معتمر بن سليمان عن عبدالجليل عن أبي حازم عن عبداللّه بن عمرو في قول اللّه عز وجل هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظلل من الغمام والملائكة قال يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والماء والظلمة فيصوت ذلك الماء والظلمة صوتاً تنخلع منه القلوب عبدالجليل بن عطية القيسي وثقه ابن معين وغيره، وروى له أبو داود والنسائي وقال(1/14)
حدثنا محمد بن يحيى حدثنا بندار حدثنا عبدالرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عبيد يعني المكتب عن مجاهد عن ابن عمر قال احتجب اللّه عن خلقه بنار وظلمة ونور وظلمة، فهذه متابعة من ابن عمر لابن عمرو وهذا الإسناد صحيح رجاله أخرج لهم الشيخان سوى عبيد فأخرج له مسلم والنسائي فقط وقال حدثنا أحمد الوليد حدثنا أبو حازم حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سأل جبريل أي بقاع الأرض شر قال اللّه أعلم قال ألا تسأل ربك ثم عاد فقال دنوت من ربي عز وجل حتى كنت منه بمكان لم أكن قط أقرب منه كنت بمكان بيني وبينه سبعون حجاباً من نور فأوحى إلي تبارك وتعالى أن شر بقاع الأرض الأسواق علي بن أبي سارة روى له النسائي، وقال أبو داود تركوا حديثه وقال البخاري في حديثه نظر، وقال أبو حاتم ضعيف وموسى هو التبوذكي الحافظ الثقة من رجال الشيخين وقال حدثنا الوليد إبراهيم بن أحمد بنالمنخل حدثنا عثمان بن عبداللّه حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لجبريل سل ربك أي البقاع خير وأي البقاع شر فغاب عنه جبريل ثم أتاه فقال لقد وقفت اليوم موقفاً لم يقفه ملك قبلي كان بيني وبين الجبار تبارك وتعالى سبعون ألف حجاب من نور الحجاب يعدل العرش والكرسي والسموات والأرض بكذا وكذا ألف عام فقال أخبر محمداً أن خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق مبشر من رجال الشيخين وجعفر وميمون من رجال مسلم وعثمان بن عبداللّه إن كان هو الأموي الشامي فمنهم ممن يروي الموضوعات عن الثقات.(1/15)
وقال حدثنا الوليد حدثنا أبو حاتم حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو عمران الجوني عن زرارة بن أبي أوفى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سأل جبريل هل رأيت ربك فانتفض جبريل وقال يا محمد أن بيني وبينه سبعين حجاباً من نور لو دنوت من أدناها لاحترقت هذا مسند صحيح الإسناد ورواه أبو زكريا البخاري في فوائده من طريق عبدالرحمن بن مهدي عن حماد به، وقال حدثني أبو سعيد الثقفي عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي عن أبيه عن الأخوص بن حكيم عن أبيه عن عبدالرحمن بن عابد عن جابر بن عبداللّه قال قال النبي صلى اللّه عليه وسلم إن أقرب الخلق من اللّه تبارك وتعالى جبريل وميكائيل وإسرافيل وإنهم من اللّه تعالى لمسيرة خمسة آلاف سنة عبدالرحمن بن عابد روى له الأربعة ووثقه النسائي وحكيم بن عمير والد الأخوص صدوق، روى له أبو داود وابن ماجه وابنه الأخوص، روى له ابن ماجه وضعف ويحيى بن سعيد الأموي حافظ من رجال الشيخين وابنه ثقة روى عنه الأئمة الخمسة وأبو سعيد الثقفي كأنه عبدالغني بن سعيد ضعفه ابن يونس، وذكره ابن حبان في الثقات وقال حدثنا الوليد بن أبان حدثنا أبو حاتم حدثنا أبو صالح حدثنا الليث حدثنا خالد عن سعيد عن عبداللّه بن زياد أن القرظي كان يقول بلغنا أن بين الجبار تبارك وتعالى وبين أدنى خلقه أربعة حجب ما بين كل حجابين كما بين السماء الأرض حجاب من ظلمة وحجاب من نور وحجاب من ماء وحجاب من نار بيضاء مقدسة وكل حجاب ربنا تبارك وتعالى مقدس وقال حدثنا عبداللّه بن محمد بن زكريا حدثنا سعيد بن يحيى حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن أبي بكر الهذلي قال ليس شيء من الخلق أقرب إلى اللّه عز وجل من إسرافيل وبينه وبين اللّه تعالى سبعة حجب حجاب من نور وحجاب من غمام حتى عد سبعة لا أحفظها وقال حدثنا الوليد حدثنا محمد بن عمار حدثنا يحيى حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف(1/16)
حجاب حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة حدثنا الولهد حدثنا أبو حاتم حدثنا سعيد الطالقاني حدثنا هشيم عن أبي بشر عن مجاهد قال بين العرش وبين الملائكة سبعون حجاباً حجاب من نار وحجاب من ظلمة وحجاب من نور وحجاب من ظلمة قال جدي أخبرني أبو يعقوب المروري حدثنا روح حدثنا العوام بن حوشب عن مجاهد قال بين الملائكة وبين العرش سبعون ألف حجاب من نور فهذه الطرق تقوي الحديث ويتعذر معها الحكم عليه بالوضع وقال أبو قاسم عبدالرحمن بن الإمام أبي عبداللّه محمد بن منده في كتاب محك الإيمان أخبرنا ابن عبيد اللّه الأنصاري أنبأنا أحمد بن محمد أبو بكر القطان أنبأنا موسى بن إبراهيم بن عبداللّه بن الجنيد حدثنا أبو ظفر حدثنا جعفر بن سليمان عن أبان عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا جبريل هل ترى ربك قال إن بيني وبينه سبعون ألف حجاب من نور لو دنوت إلى حجاب لاحترقت، أبان روى له أبو داود وهو متروك وإذا انضم هذا الطريق إلى الطرق السابقة أفاد قوة واللّه أعلم))
قلت : وإن كنا لا نوافق على طريقة السيوطي في تقوية الأخبار إلى أن المقصود بيان خيانة السقاف وإلا فإن موسى بن عبيدة قد ضعفه جمعٌ من الأئمة جداً
غير أن المتابعات والشواهد المذكورة إذا صحت فإنها تفيد الخبر قوةً
ومن جهل السقاف وعيه في الخطاب قوله في ص 203 من تعليقه على دفع الشبه ((حدثنا عمي محمد بن الاشعث (مجهول كما في ثقات ابن حبان 9 / 149) ))
قلت : لو رجعت إلى الثقات لابن حبان لما وجدت وصف الراوي بأنه مجهول وإنما قصد السقاف أن ابن حبان انفرد بذكره في الثقات لذا كان مجهولاً فلم يحسن التعبير _ ومع ذلك ينتقد لغة الشيخ الألباني _
ومن جهله باللغة وبطريقة العلماء في الجمع بين النصوص
محاولته إعلال متن حديث (( رأيت ربي في أحسن صورة )) بقوله في ص 284
(((1/17)
قوله فيه " فعلمت ما بين السموات والارض " تنقضه نصوص صحيحة صريحة )) ثم أخذ يورد الآيات التي فيها أنه لا يعلم الغيب إلا الله ولا تعارض لو كان يعقل فإن الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك في تلك الساعة وأما الآيات ففيها أن الله عز وجل يعلم ذلك على الدوام
ومن تخاليطه وكذبه قوله في ص292 في أبي المعز بن كادش (( وهو حنبلي مجسم ضال كذا قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ))
أقول : قبحك الله يا كذاب فإني قد رجعت إلى لسان الميزان فلم أجد وصفه بالحنبلي المجسم الضال
بل إنه ليس حنبلياً أصلاً فإنه غير مترجم في كتب طبقات الحنابلة وإنما ذاك أخوه أبو ياسر بن كادش
ومن أوابده تعليقه على حديث آخر الناس خروجاً من النار والذي فيه ((فضحك ابن مسعود فقال ألا تسألونى مم أضحك فقالوا مم تضحك قال هكذا ضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال « من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزئ منى وأنت رب العالمين فيقول إنى لا أستهزئ منك ولكنى على ما أشاء قادر )) رواه مسلم (310)
فعلق السقاف بقوله : (( وهي عندنا لا تثبت _ يعني اللفظة التي تحتها خط _ لأن روايها حماد بن سلمة ضعفه مشهور وإن كان من رجال مسلم ))
قلت : الله أكبر !! حماد بن سلمة هنا يروي عن ثابت وهو بإجماع النقاد أثبت الناس في ثابت _انظر ترجمته في التهذيب _
والراوي عنه عفان بن مسلم وهو من أثبت الناس في حماد فهل يجرؤ عاقل على رد مثل هذا الحديث
بل من بلايا السقاف قوله : (( ولا سيما وإن الرواة قد اختلفوا في هذا اللفظ أو شكوا هل قال أتسخر بي أو أتضحك بي ))
قلت : هذا الإختلاف يعالج بالترجيح _ وأكثر الروايات على لفظ أتهزأ بي أو تسخر بي _ ثم إنهم لم يختلفوا في موطن الشاهد وهو قوله : (( من ضحك رب العالمين )) فلم التدليس !!
ثم إن الإختلاف لم يقع في رواية أنس عن ابن مسعود وهي التي فيها زيادة (( من ضحك رب العالمين ))(1/18)
وإنما وقع في رواية عبيدة عن ابن مسعود
ومن تدليساته القبيحة قوله : (( وقد صح حديثه هذا في مسلم دون الزيادة لمتابعة غيره له في الحديثين الذين قبله ))
قلت يعني السقاف رواية عبيدة عن ابن مسعود وهي من رواية إبراهيم عنه قد أورد له مسلم طريقين فجعلهما السقاف حديثين
والرواية التي فيها موطن الشاهد هي من رواية عفان عن حماد عن ثابت عن أنس عن ابن مسعود
والزيادة والحال هذه تقبل ولا شك لقوة السند الثاني
ثم وجدت السقاف قد تناقض لما وجد أن شيخه الغماري في كتابه تنبيه الغبي قد احتج برواية حماد بن سلمة علق بقوله في ص 17((في التقريب (1498) ثقة عابد . من رجال مسلم والاربعة ))
قلت : سبحان الله كان حماد ضعفه مشهوراً عندما روى عن أخص شيوخه حديثاً في الصفات والحديث في صحيح مسلم ثم أصبح ثقةً عابداً عندما روى حديثاً في التوسل عن أبي جعفر الخطمي بزيادة انفرد بها من دون شعبة وهشام وروح بن القاسم _ انظر كتاب التوسل للشيخ الألباني ص70 _
فما هذا التناقض يا صاحب تناقضات الألباني الواضحات ؟!!
ثم إن الغماري نفسه وقع فيما وقع فيه تلميذه فضعف خبراً انفرد به حماد عن ثابت في كتابه فتح المعين بنقد الأربعين وهو مطبوع بتعليق السقاف
حيث قال في ص20 : ((وأقول : حماد بن سلمة وإن كان ثقة ، فله أوهام ، كما قال الذهبي ، ولم يخرج له البخاري ))
قلت : فإذا كان يهم فيما انفرد فيه عن أخص شيوخه _ ثابت بن أسلم البناني _ أفلا يجوز عليه أن يهم في زيادة انفرد بها من دون شعبة ؟!!
ولا يخفى على الغماري وتلميذه أن باب القبول في الإنفرادات أوسع منه في الزيادات
ولا يخفى عليهما أيضاً أن العلماء لم يستنكروا شيئاً من أخبار حماد عن ثابت بل اتفقوا على أنه أثبت الناس في ثابت وإنما استنكروا عليه أخباراً أخرى
فتأمل !
وقد شنع السقاف على الألباني لأنه عزا خبراً لسنن أبي داود ولم يجده السقاف هناك(1/19)
وقد حصل الأمر نفسه مع شيخ السقاف عبدالله الغماري ولم يشنع عليه السقاف
حيث قال الغماري في فتح المعين ص 20 : ((حديث المنام ، رواه الترمذي بلفظ : رأيت ربي في صورة حسنة وهذا اللفظ لا نكارة فيه ))
فعلق السقاف قائلاً : لم أجده في في الترمذي
قلت : والأمر كما قال السقاف فتأمل !!
ومن تناقضات السقاف قوله في ص334 من الجزء الثالث من كتاب تناقضات الألباني الواضحات : ((فأما ادعاؤه (بأن الذهبي يقول في الزهري : (كان يدلس في النادر) وزعمه بأن النادر لا حكم له هنا) فغير مسلم ! ! بل هو غلط محض مخالف لما صرح به الحفاظ الذين يتخذ المتناقض ! ! أقوالهم نصوصا شرعية ما عليها من مزيد دون تبصر ! ! بل كلام الذهبي هنا لا حكم له إلا الاعراض عنه ! ! وعدم التعويل عليه ! ! قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (9 / 398) : (وقال أحمد بن سنان كان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح) . وقال الحافظ قبل ذلك بأربعة أسطر : (وعن أحمد قال : لم يسمع الزهري من عبد الله بن عمر ، وقال أبو حاتم : لا يصح سماعه من ابن عمر ولا رآه ورأى عبد الله بن جعفر ولم يسمع منه ، وعن ابن معين قال : ليس للزهري عن ابن عمر رواية ، وقال الذهبي : لم يسمع من مسعود بن الحكم ، وقال أبو حاتم : لم يسمع من حصين بن محمد السالمى ، وقال الدارقطني : لم يصح سماعه من أم عبد الله الدوسية ، وقال ابن المديني : حديثه عن أبي رهم عندي غير متصل) . وقال الحافظ أيضا هناك ص (396) : وقال الاجرى عن أبى داود : جميع حديث الزهري كله ألفا حديث ومائتا حديث ، النصف منها مسند (198) وقدر مائتين عن غير الثقات . . .) .(1/20)
فهل بعد هذا كله يقال (في النادر) والنادر لا حكم له هنا ؟ ! ! ! ! ! ولذلك عد الحافظ ابن حجر الزهري في المرتبة الثالثة من المدلسين في كتابه (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس) ص (109) برقم (102 / 36) حيث قال في تعريف هذه المرتبة ص (23) : (الثالثة : من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، ومنهم من رد حديثهم مطلقا . . . .) ))
قلت : هنا تجد السقاف يرد حديث الزهري بالعنعنة بل لو قرأت بقية كلامه لتبين لك أنه يضعف الزهري مطلقاً !!!!
واعلم ورحمك الله أنه بتر كلام الحافظ ابن حجر في أهل الطبقة الثالثة من المدلسين
وإليك كلام الحافظ ابن حجر كاملاً
قال الحافظ : " من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم الا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي ))
قلت : فبتر السقاف ما تحته خط لئلا ينتقض غزله فإن الزهري من الذين قبل الأئمة حديثهم بالعنعنة ولهذا فإن أحاديثه بالعنعنة مخرجةٌ في الصحيحين
وسأتجاوز عن كل ما في كلام السقاف من جهالات _ إذ أنه لا يفرق بين التدليس والإرسال والرواية عن الضعفاء والتدليس _ وأنتقل إلى ما يناقض هذا الكلام من كلام السقاف
قال السقاف في تعليقه على دفع الشبه (ص203 _204) (( والذي يؤكد ذلك رواية الحاكم في المستدرك (4/88) بإسناد صحيح بلفظ : " إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ ____)) وذكر الحديث ))
قلت : وهذا السند الذي صححه السقاف من رواية معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن عبدالله بن عمرو ، فتأمل! فهل يعد هذا تغير اجتهاد يعذر فيه السقاف وعليه فإنه ينبغي على السقاف أن يعذر الشيخ الألباني في كل اجتهادٍ له تغير، أم أنه تناقض يستحق التشنيع كما فعل السقاف مع الشيخ الألباني ؟!! ، خياران أحلاهما مر(1/21)
ومن عجائب السقاف قوله في ص214 ((وقوله عن ابن ثعلبة هذا : (روى عنه جمع من الحفاظ والثقات) في سبيل توثيقه غلط فاحش وخطأ فاضح ! ! وكأنه نسي أنه قال في " ضعيفته " (2 / 283) : " من أجل ذلك قالوا في علم المصطلح : وإذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الاكثرين ، وهو الصحيح . . . " اه كلام حاطب الليل بحروفه ))
قلت : وهذا من جهله فإنه لا يفرق بين من روى عنه واحد ومن روى عنه أكثر من واحد فكلام الشيخ الألباني في الموضع الأول متجه إلى من روى عنه جمع من الثقات
وفي الموضع الثاني متجه إلى من روى عنه واحدٌ فقط
فإن رواية الجمع عن الراوي الواحد تقوي أمره إذ أنها تدل على أنه كان معروفاً بالطلب فإذا لم يوجد من يضعفه ولا في حديثه ما ينكر قبل خبره عند جماعة من النقاد
قال ابن رشيد كما فتح المغيث (2/51) (( نعم كثرة رواية الثقات عن الشخص تقوي حسن الظن به ))
قلت : فتأمل قوله ( كثرة ) يخرج منه من روى عنه واحدٌ فقط وعليه فلا تناقض في كلام الشيخ فإنه في كلامه عن ابن ثعلبة وافق منطوق كلام ابن رشيد وفي كلامه الذي نقله السقاف وافق مفهوم كلامه بل ومقتضاه ولكن السقاف لما كان ذا صلعٍ وذا جلحٍ من العلم والإنصاف اتهم الشيخ الألباني بالتناقض(1/22)
ثم قال السقاف بعد قال ذلك : ((وقوله بعد ذلك (ومنهم أبو زرعة الرازي وهو لا يروي الا عن ثقة) فجوابه : هذا باطل من القول ! ! فقد روى أبو زرعة عن رجال ضعفهم هذا الحاطب ! ! المتناقض ! ! فممن روى عنهم أبو زرعة عبد العزيز بن عبد الله الاويسي كما في ترجمته في " سير أعلام النبلاء " (13 / 66) وقد قال عنه هذا المتناقض ! ! في " ضعيفته " (2 / 87) بعدما أقر البيهقي على تضعيفه : " قلت : وشيخ الاويسي ابن لهيعة ضعيف أيضا " اه وكذلك ممن روى عنهم أبو زرعة الرازي صفوان بن صالح ، وقد وصفه هذا المتناقض ! ! في " صحيحته " (4 / 502) بأنه : مدلس ! ! وإنني أترك ههنا غير ما ذكرت من تناقضات المتناقض ! ! المشار إليه خوف الاطالة ولعلي أن أذكرها في موضع آخر وبالله تعالى التوفيق ))
قلت : وهذا من جهله فإن أهل العلم إذا قالوا في العالم : لا يروي إلا عن ثقة
فهذا يعني أنه لا يروي إلا عن ثقةٍ عنده وإن خالفوه في ذلك ثم إن التدليس لا ينفي عن الراوي العدالة والضبط فالكثير من الثقات قد وصفوا بالتدليس فانظر إلى جهل السقاف حيث أورد راوياً مدلساً مستدركاً على الشيخ الألباني توثيقه لشيوخ أبي زرعة !!
ثم ماذا لو حملنا عبارة على أنها أخذت مأخذ الغالب ؟
وقد حصل هذا مع يحيى بن معين
حيث قال عن الشعبي : " إذا روى عن رجل فسماه فهو ثقة " ( انظر ترجمة الشعبي في التهذيب )
ومع ذلك ضعف الحارث الأعور مع رواية الشعبي عنه
وحصل هذا مع الإمام أحمد أيضاً
حيث قال : ((لا تبالِ أن لا تسأل عن رجل روى عنه مالك، ولا سيما مدني))
نقله ابن رجب في شرح العلل (2/876)
ثم وجدنا الإمام أحمد عبدالكريم بن أبي العوجاء مع رواية مالك عنه ( انظر ترجمة عبدالكريم من ميزان الإعتدال )
وقد قال السقاف قبلها : ((محمد ابن ثعلبة : جرحه أبو حاتم فقال عنه : " أدركته ولم أكتب عنه " انظر " الجرح والتعديل " (7 / 218) و " التهذيب " (9 / 75) ))(1/23)
قلت : وليس هذا اللفظ جرحاً على اطلاقه
فقد قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل في ترجمته أحمد بن حرب الموصلي (( أدركته ولك أكتب وكان صدوقاً ))
وقال أبو زرعة الرازي في أحمد بن إشكاب : ((صاحب حديث أدركته ولم اكتب عنه ))
قلت : وهو ثقة مجمع عليه روى عنه ابن معين وأبو حاتم
وقال أبو حاتم الرازي في أحمد بن سعيد الرباطي : (( الرازي أدركته ولم اكتب عنه وكتب إلي بأحاديث وكان يتولى على الرباطات ))
قلت : وهو ثقة متقن مجمع عليه
وقال أبو حاتم في أحمد بن عبدالرحمن بن بكار : ((رأيته يحدث ولم اكتب عنه وكان صدوقا ))
قلت : فانظر كيف حكم عليه بأنه صدوق مع عدم كتابته عنه
وقال ابن معين في الحسين بن الوليد القرشي : ((كان ثقة لم أكتب عنه شيئا ))
قلت : وأما السقاف الجهول فيتعبر هذا القول جرحاً مطلقاً !!!
وقال السقاف في ص240 :(( وفي سنده : الحارث بن زياد وهو شامي ناصبي لا تقبل روايته لمثل هذا الحديث الذي يؤيد بدعته ولم يرو عنه إلا يونس بن سيف الكلاعي قال الحافظ في ترجمته في " التهذيب " (2 / 123) : " قال الذهبي في الميزان (1 / 433) : مجهول ، وشرطه أن لا يطلق هذه اللفظة إلا إذا كان أبو حاتم الرازي قالها " ثم قال : " نعم قال أبو عمرو بن عبد البر فيه مجهول : وحديثه منكر " ))
قلت : في كلامه هذا بلايا وطوام
أولها أنه اتهم الحارث بن زياد بأنه ناصبي ولا يوجد هذا في شيء من تراجمه وإنما هو من افتراء السقاف
ثانيها أنه بتر بقية كلام بقية ابن حجر الذي يتعقب فيه الذهبي حيث قال الحافظ : ((وقرأت بخط الذهبي في الميزان مجهول وشرطه أن لا يطلق هذه اللفظة إلا إذا كان أبو حاتم الرازي قالها والذي قال أبو حاتم أنه مجهول آخر غيره فيما يظهر لي نعم قال أبو عمر بن عبد البر في صاحب هذه الترجمة مجهول الحديث منكر ))
قلت فبتر السقاف ما تحته خط(1/24)
ومن بتر السقاف للنصوص ما وقع له في ص206 حيث قال : ((وأما ما زاده بعض الرواة من قوله (تعجبا وتصديقا له) فهو وهم باطل بصريح الآية التي ذكرها صلى الله عليه وسلم . وقد أسهب الحافظ ابن حجر في الفتح (13 / 397 - 398) في سرد أقوال من أول الاصابع ولا حاجة لذلك مع إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك اليهودي وتلاوة الآية وإن كان صلى الله عليه وسلم قد ضحك مع ذلك ، لان ضحكه كان بسبب استسخاف عقل اليهودي بدليل ذكره للآية . وانظر لزاما كتاب " فتح المعين " للامام المحدث أبي الفضل الغماري وتعليقنا عليه ص (43 - 45) . (145) هذا اللفظ ثابت في البخاري (13 / 393 فتح) وهو من قول أحد الرواة مع كونه مردودا قال ابن حجر في الفتح (13 / 398) نقلا عن القرطبي : " وأما من زاد " وتصديقا له " فليست بشئ فإنها من قول الراوي وهي باطلة لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال ، وهذه الاوصاف في حق الله محال . . . " اه
قلت : وقد رد الحافظ ابن حجر على القرطبي فبتر السقاف رد الحافظ ابن حجر(1/25)
قال الحافظ بعدما انتهى من نقل كلام القرطبي : ((وهذا الذي نحا إليه أخيراً _ يعني من التأويل _ أولى مما ابتدأ به لما فيه من الطعن على ثقات الرواة ورد الأخبار الثابتة، ولو كان الأمر على خلاف ما فهمه الراوي بالظن للزم منه تقرير النبي صلى الله عليه وسلم على الباطل وسكوته عن الإنكار وحاشا لله من ذلك، وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور كان على سبيل الإنكار، فقال بعد أن أورد هذا الحديث في " كتاب التوحيد " من صحيحه بطريقه، قد أجل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الإنكار والغضب على الواصف ضحكا، بل لا يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف من يؤمن بنبوته، وقد وقع الحديث الماضي في الرقاق عن أبي سعيد - رفعه " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفؤ أحدكم خبزته " الحديث، وفيه أن يهوديا دخل فأخبر بمثل ذلك فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ثم ضحك))
قلت : فانظر كيف أقر الحافظُ ابن حجر ابنَ خزيمة على قوله وتأمل قول ابن خزيمة وما فيه من إبطال لكلام الجهمية
ومن المضحكات المبكيات زعم السقاف في ص95 من كتابه تنقيح الفهوم العالية أن عثمان بن سعيد الدارمي من طبقة شيوخ الستة!!
وهذا هذيان
فالدارمي ولد عام مائتين(200) ومات في ذي الحجة سنة ثمانين ومائتين(280) كما ذكر ذلك الذهبي في تاريخ الإسلام
أي أنه ولد بعد البخاري بست سنوات فالبخاري ولد عام أربع وتسعون(194) ومائة وتوفي بعد البخاري بأربع وعشرين عاماً فالبخاري توفي عام ست وخمسون ومائة (256)
وأما الإمام مسلم فقد ولد بعد الدرامي بأربع سنوات عام (204) وليس هذا بالفرق الزمني الشاسع الذي يجعل الدرامي من طبقة شيوخ مسلم وقد توفي مسلم قبل الدارمي بتسعة عشر عاماً عام ( 261)(1/26)
وأما أبو داود السجستاني فقد ولد بعد الدارمي بعامين فقط عام (202) وتوفي قبله بخمس سنوات عام (275)
فكيف يكون من طبقة شيوخهم !!
وقريب من هذا الهذيان
قول السقاف في صفحة 42 من مقدمته لدفع الشبه (( أحاديث الصحيحين لا تفيد إلا الظن عند أحمد ويمكن الضرب على بعضها إذا تبين فيها خلل كما فعل هو في مسنده المتواتر عنه ))
قلت المسند الموجود بين أيدينا لم يتواتر عن أحمد بل تفرد بروايته ابنه عبد الله عنه وتفرد عن عبدالله أبوبكر القطيعي فتأمل
ومن تناقضات السقاف المضحكة المبكية ثناؤه في تعليقه على إرغام المبتدع على كتاب " تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم " حيث قال في ص21 : ((ويتضح ذلك لمن طالع كتاب : " تنبيه المسلم إلى تعدى الالباني على صحيح مسلم " وكتاب " وصول التهاني " للمحقق البحاثة محمود سعيد ))
قلت : وكتاب تنبيه المسلم بناه صاحبه على التشنيع على من ينتقد أحاديث الصحيحين وأنها تفيد القطع والسقاف يخالف هذا كله كما اتضح لك من الأمثلة السابقة _ وسيأتي غيرها _ ولكن حقده على الشيخ الألباني يحمله على الثناء على كل من يرد على الشيخ _ إن لم يكن سلفياً طبعاً _
ولكي لا يكون كلامي مجرد دعوى سأوقفك على هذا النص لصاحب تنبيه المسلم
قال محمود سعيد في ص 8 من كتاب تنبيه المسلم (( مقدمة في بيان إفادة أحاديث الصحيحين العلم وخطأ من نظر في أسانيدهما ومخالفته للإجماع ))
قلت : فانظر كيف يثني السقاف على كتاب يحكم عليه بمخالفة الإجماع ؟!!
ومن عجائبه أن ينكر على من وصفه بالخساف بحجة أن هذا من التنابز بالألقاب المنهي عنه في القرآن الكريم(1/27)
صرح بذلك في كتابه الصواعق الناسفة حيث قال في ص 108 : " الالباني يعرض عن أمر الله تعالى في القرآن الكريم " ولا تنابزوا بالالقاب * فيتنابز بألقاب العلماء إني أتعجب منك يا من تدعي معرفة الحديث واتباع القرآن ! ! والسنة ! ! كيف تعرض عن أدب كتاب الله تعالى الكريم وأمره الذي فيه : " ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان " فتقول عني وأنا شريف حسيني سقاف : (خساف) و (سخاف) ؟ ! ! "
قلت : ثم نجده هو يصف الشيخ الألباني بالخساف المتهور المتغافل في تعليقه على إرغام الغبي في ص 24 فتأمل !!
ومن خيانات السقاف في كتابه الذي أسماه "تنقيح الفهوم العالية" ما وقع منه وهو يخرج رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد لحديث الجارية وهي بلفظ " أتشهدين ألا إله إلا الله "
حيث قال : " روى هذا اللفظ من طريق حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد : النسائي في الصغرى (6 / 252) وفي الكبرى (4 / 110) وأحمد (4 / 222 و 388 و 389) والطبراني (7 / 320 برقم 7257) ، والبيهقي (7 / 388) ورواه من طريق زياد بن الربيع عن ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد : ابن خزيمة في التوحيد (ص 122) "
قلت : قاتل الله كل كذاب مدلس ، فإنك إذا رجعت إلى رواية الزياد بن ربيع عن محمد بن عمرو عند ابن خزيمة ستجدها بلفظٍ يختلف عن لفظ حماد فقد رواه زياد بن الربيع بلفظ " أين الله " وسبب تغطية السقاف لهذه الحقيقة واضحٌ جداً
وقال الغماري في كتابه إرغام الغبي ص21 وهو يتكلم عن شيخ الإسلام ابن تيمية : ((ثم اعتنق هو بدعتين لا يوجد اقبح منهما : احداهما قوله بقدم العالم ، وهي بدعة كفرية ))
فعلق السقاف مؤيداً شيخه : ((قال ذلك في عدة من كتبه كمنهاج السنة (1 / 109) والموافقة (2 / 75) من الطبعة الواقعة في هامش منهاج السنة في مجلدين ))
قلت: الله أكبر ما أكذبهما(1/28)
فإنك إذا رجعت المواضع التي عزا إليها السقاف فإنك لن تجد شيئاً مما ادعى
وإنما ستجد قول شيخ الإسلام : ((ولهذا كان كل من جوز حدوث الحوادث بدون سبب حادث يقول بحدوثه ومن قال بقدمه لم يقل أحد منهم بجواز حدوث الحوادث بدون سبب حادث وإن كان هذا القول مما يخطر بالبال تقديره بأن يقال يمكن حدوث الحوادث بلا سبب حادث لأن الفاعل القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ويمكن مع ذلك قدم العالم بأن يكون المختار رجح قدمه بلا مرجح فإن هذا القول لظهور بطلانه لم يقله أحد من العقلاء فيما نعلم لأنه مبني على مقدمتين كل منهما باطلة في نظر العقول وإن كان من العقلاء من التزم بعضهما فلا يعرف من التزمهما معا
إحداهما كون الفاعل المختار يرجح بلا سبب فإن أكثر العقلاء يقولون إن فساد هذا معلوم بالضرورة أو هو قطعي غير ضروري ))
قلت : وقول شيخ الإسلام هنا واضح بين فشيخ الإسلام ينقد قول من يقول بجواز حدوث الحوادث بلا سبب حادث
ثم يذكر ما يتفرع على هذا القول من إمكانية قدم العالم
ثم يقول أن هذا القول لم يقل أحدٌ من العقلاء وإنه مبني على مقدمتين باطلتين
فلا أدري كيف فهم السقاف من هذا النص ما زعمه من البهتان ؟
غير أني سأذكر لك طرفاً من أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ودرء التعارض في إبطال القول بقدم العالم(1/29)
قال شيخ الإسلام في المنهاج (1/148) : ((فالحوادث مشهودة في العالم فلو كان الصانع موجبا بذاته علة تامة مستلزمة لمعلولها لم يحدث شيء من الحوادث في الوجود إذ الحادث يمتنع أن يكون صادرا عن علة تامة أزلية فلو كان العالم قديما لكان مبدعة علة تامة والعلة التامة لا يتخلف عنها شيء من معلولها فيلزم من ذلك أن لا يحدث في العالم شيء فحدوث الحوادث دليل على أن فاعلها ليس بعلة تامة في الأزل وإذا انتفت العلة التامة في الأزل بطل القول بقدم شيء من العالم لكن هذا لا ينفى أن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولم يزل حيا فعالا لما يشاء
وعمدة الفلاسفة على قدم العالم هو قولهم يمتنع حدوث الحوادث بلا سبب حادث فيمتنع تقدير ذات معطلة عن الفعل لم تفعل ثم فعلت من غير حدوث سبب
وهذا القول لا يدل على قدم شيء بعينه من العالم لا الأفلاك ولا غيرها إنما يدل على أنه لم يزل فعالا وإذا قدر أنه فعال لأفعال تقوم بنفسه أو مفعولات حادثة شيئا بعد شيء كان ذلك وفاء بموجب هذه الحجة مع القول بأن كل ما سوى الله محدث مخلوق بعد أن لم يكن كما أخبرت الرسل أن الله خالق كل شيء وإن كان النوع لم يزل متجددا كما في الحوادث المستقبلة كل منها حادث مخلوق وهي لا تزال تحدث شيئا بعد شيء
قال هؤلاء والله قد أخبر أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش وأخبر أنه خالق كل شيء ولا يكون المخلوق إلا مسبوقا بالعدم فالقرآن يدل على أن كل ما سوى الله مخلوق مفعول محدث ))
وقال شيخ الإسلام ( 1/204_ 205) : ((ومتى كان ذلك ممكنا بطل كل ما يحتج به على قدم شيء من العالم فبطل القول بقدم العالم وعلم أيضا امتناع قدمه لأنه لا يكون قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه أو كان الفاعل مستلزما بنفسه له فإذا لم يكن هناك فاعل مستلزم له امتنع أن يكون قديما وكان كل من حجج القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم مبطلة لهذا القول ))(1/30)
وقال في (3/451) : ((وحدثني الثقات أن فيهم من يرون الحج إليها أعظم من الحج إلى البيت العتيق فيرون الإشراك بالله أعظم من عبادة الله وهذا من أعظم الإيمان بالطاغوت
وهم يقولون لمن يقرون بكفره من القائلين بقدم العالم ودعوة الكواكب والمسوغين للشرك هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ))
قلت : فتأمل وتعوذ بالله من الفسق الذي وقع فيه السقاف وشيخه
والآن إلى كلام شيخ الإسلام في در التعارض
قال شيخ الإسلام (3/167) : ((وقد نقل غير واحد أن أول من قال بقدم العالم من الفلاسفة هو أرسطو وأما أساطين الفلاسفة قبله فلم يكونوا يقولون بقدم سورة الفلك وان كان لهم في المادة أقوال أخر وقد بسط الكلام على هذا الأصل في مسألة العلم وغيره لما رد على من زعم أنه لا يعلم الجزيئات حذرا من التغير والتكثر في ذاته وذكر حجة أرسطو وأبن سينا ونقضها ))
وقال أيضاً في ( 10/135) : ((قلت ما ذكره الغزالي من الاستدلال بالإحداث على العلم طريق صحيح يوصل إلى تقرير أنه بكل شيء عليم لكن الطرق إلى ذلك كثيرة متعددة لم تنحصر في هذه الطريق لا سيما إذا أريد تقرير حدوث العالم بحدوث الأجسام وامتناع حوادث لا أول لها كما سلكه
فإن هذه الطريق مبتدعة في الإسلام باتفاق علماء الإسلام وهي باطلة عند أئمة الإسلام وجمهور العقلاء والعلم بكون الرب مريدا لا يقف على هذه الطريق بل ولا على العلم بحدوث الأجسام بل يكفي في ذلك مجرد العلم بأنه فاعل حتى أن كثيرا من الفلاسفة القائلين بقدم العالم يقول إنه مريد وإنه عالم بالجزئيات كما ذهب إلى ذلك من ذهب إليه من الفلاسفة وهو الذي نصره أبو البركات فهؤلاء يثبتون العلم بطريق الإرادة
وأما المسلمون الذين يقولون إن كل ما سوى الله مخلوق فأئمتهم وجمهورهم لا يثبتون ذلك بامتناع حوادث لا أول لها كما سلكه الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم بل هذا من الكلام المذموم عند السلف والأئمة ))(1/31)
قلت ونصوص شيخ الإسلام في ذلك كثيرة لا تدخل في الحصر ولكن السقاف وشيخه الغماري يعاندان ويكابران والله المستعان
ومن أكاذيب السقاف على شيخ الإسلام في مسألة قدم العالم نقله عنه في تهنئة الرفيق المحبوب في ص28 قوله في در التعارض (1/388) : ((هذا من نمط الذي قبله فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث )) ذكر السقاف هذا على أنه يرى أن شيخ الإسلام يرى أن العالم قديم بالنوع
قلت : وهذا من الكذب والتدليس فقد تقدمت نصوص شيخ الإسلام في أن المخلوقات كلها حادثة وجدت بعد إن لم توجد
فما معنى كلام شيخ الإسلام إذن ؟
نقول : شيخ الإسلام هنا سماها "حوادث " فكيف يعتقد قدم شيءٍ منها ، إنما يتكلم شيخ الإسلام هنا عن الصفات الفعلية _ كما يعرف من يقرأ درء التعارض _ والصفات الفعلية تسمى حوادث باعتبار أنها ليست قديمة لا أنها مخلوقة
فمن أدلة المتكلمين على نفي الصفات الفعلية قولهم : " ما لا تخلو منه الحوادث فهو حادث " لأنه يلزم من هذا أن تكون الحوادث أزلية _ والمقصود بها هنا أفعال الله عز وجل _
فأجاب شيخ الإسلام بأن نوع الحوادث _ الأفعال _ أزلي وليس الأفعال نفسها بمعنى أن كل فعل يسبقه فعل وهكذا إلى ما لا أول وعليه فإنه لا يوجد فعل قديم
وهذا القول يعضده قول الله تعالى : (( فعالٌ لما يريد )) فهذا يشمل الماضي والمستقبل فتأمل!
فهل في هذا القول ادعاء قدم شيء من أفعال الله عزوجل _ فضلاً عن مخلوقاته _ يا مسلمين
وشيخ الإسلام في هذا النص لم يكن يتلكم عن رب العالمين وإنما كان ينتقد دليل المتكلمين على حدوث الأجسام فقد احتجوا على حدوثها بحلول الحركة فيها وأن ما حلت به الحوادث كان حادثاً فبين شيخ الإسلام بطلان هذه المقدمة _ وإن كان يوافق القول بحدوث الأجسام _(1/32)
حيث قال ناقلاً عن الأبهري قوله : (( قلنا لا نسلم وإنما يلزم ذلك لو كان شيء من الحركات بعينها لازما للجسم وليس كذلك بل قبل كل حركة حركة لا إلى أول إلى ما لا نهاية
قلت _ القائل شيخ الإسلام شارحاً _ هذا من نمط الذي قبله فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث ))
قلت : فتأمل كيف أن الشيخ إنما يشرح كلام غيره وقد عرفت من نصوصه الأخرى أنه يذهب إلى أفعال الله لا بداية الله _ وهل يقول مسلم بخلاف هذا ويقول بأن الله كان معطلاً عن الفعل ثم فعل ؟!! _
ومن أكاذيب السقاف قوله في التعليق المذكور في ص22 وهو يتكلم عن بغض شيخ الإسلام لعلي !!!! ((وقال ابن تيمية في منهاج السنة (2 / 203) ما نصه : (وليس علينا ان نبايع عاجزا عن العدل علينا ولا تاركا له . . .) ))
لو رجعت إلى منهاج السنة لوجدت أن شيخ الإسلام ينقل هذا الكلام عن غيره مقابلاً به كلام الروافض وملزماً إياهم ثم يجوز على هذا القول أن يكون باطلاً
قال شيخ الإسلام : ((وشبهة الخوارج الذين ذموا عليا وعثمان وكفروهما أقرب من شبهة الرافضة الذين ذموا أبا بكر وعمر وعثمان وكفروهم فكيف بحال الصحابة والتابعين الذين تخلفوا عن بيعته أو قاتلوه فشبهتهم أقوى من شبهة من قدح في أبي بكر وعمر وعثمان فإن أولئك قالوا ما يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا ويمنعنا ممن يظلمنا ويأخذ حقنا ممن ظلمنا فإذا لم يفعل هذا كان عاجزا أو ظالما وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما وهذا الكلام إذا كان باطلا فبطلان قول من يقول إن أبا بكر وعمر كانا ظالمين طالبين للمال والرياسة أبطل وأبطل وهذا الأمر لا يستريب فيه من له بصر))
قلت : فتأمل كيف أن كلام شيخ الإسلام ساقه سياقاً إلزامياً وفي السياق الإلزامي يأتي العالم إلى القول المراد إبطاله فيجعله مقدمةً لقول باطلٍ باتفاق الفريقين القائلين وغير القائلين
وهذا كمثل قوله تعالى : (( لو كانت فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ))(1/33)
وقول شيخ الإسلام هنا من هذا الباب إذ جاء إلى قول الروافض في أبي بكر وعمر وجعله مقدمةً إلى القول بأن من عادى علياً فقد كان مصيباً لأن شبهتهم في حق علي أقوى من شبهة الروافض في حق أبي وعمر وهذه النتيجة _ أعني اصابة مبغض علي_ باطلةٌ باتفاق الفريقين
فكيف يكون شيخ الإسلام قائلاً بمقدمتها ؟!!! فما بالك وقد جوز بطلانها ونقلها عن أقوام صرح بخطئهم مراراً وتكراراً في المنهاج وغيره من كتبه
وقد استخدم شيخ الإسلام هذه الطريقة البارعة في الإلزام في مواطن كثيرة من منهاج السنة ، فلم يفهم تصرفه هذا جماعةٌ من الجهلة ، واتهموه بالنصب وقد طووا كشحاً عن كل نصوصه المتكاثرة المتوافرة في بيان وجوب حب علي بن أبي طالب والشهادة له بالجنة وأن خلافته جزءٌ من الخلافة الراشدة وأنه كان مصيباً في جميع حروبه والله المستعان
ومن أكاذيب السقاف على شيخ الإسلام أيضاً قوله على شيخ الإسلام في كتابه تهنئة الرفيق المحبوب ص2 أن شيخ الإسلام يقول ((أن الله تعالى جسم ))
ثم قال موثقاً : (( (انظر أيضا التأسيس (1 / 101) ومنهاج سنته (1 / 180) ))
قلت : الله أكبر ما أكذبك
فإنك إذا رجعت إلى كلام شيخ الإسلام وجدته ينقل هذا القول عن الكرامية
حيث قال _ في المرجع الذي يعزو إليه السقاف !!_ : ((الوجه السابع والسبعون أن لفظ الجسم والعرض والمتحيز ونحو ذلك ألفاظ اصطلاحية وقد قدمنا غير مرة أن السلف والأئمة لم يتكلموا في ذلك حق الله لا بنفي ولا بإثبات بل بدعوا أهل الكلام بذلك وذموهم غاية الذم والمتكلمون بذلك من النفاة أشهر ولم يذم أحد من السلف أحدا بأنه مجسم ولا ذم المجسمة وإنما ذموا الجهمية النفاة لذلك وغيره وذموا أيضا المشبهة الذين يقولون صفاته كصفات المخلوقين ومن أسباب ذمهم للفظ الجسم والعرض ونحو ذلك ما في هذه الألفاظ من الاشتباه ولبس الحق كما قال الإمام أحمد يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويلبسون على جهال الناس بما يشبهون عليهم(1/34)
وإنما النزاع المحقق أن السلف والأئمة آمنوا بأن الله موصوف بما وصف به نفسه وصفه به رسوله من أن له علما وقدرة وسمعا وبصرا ويدين ووجها وغير ذلك والجهمية أنكرت ذلك من المعتزلة وغيرهم
ثم المتكلمون من أهل الإثبات لما ناظروا المعتزلة تنازعوا في الألفاظ الاصطلاحية فقال قوم العلم والقدرة ونحوهما لا تكون إلا عرضا وصفة حيث كان فعلم الله وقدرته عرض وقالوا أيضا إن اليد والوجه لا تكون إلا جسما فيد الله ووجهه كذلك والموصوف بهذه الصفاة لا يكون إلا جسما فالله تعالى جسم لا كالأجسام ))
قلت : فهو ينقل عن الكرامية ما قد قرر أنه خلاف قول السلف
بل إن شيخ الإسلام بعدها بصحيفةٍ واحدة نقل قولاً يتناقض مع قول الكرامية حيث قال : ((وقال قوم بل نقول ما وصف الله به من العلم والقدرة تسمى صفة ومعنى ولا نسميه عرضا لأن العرض هو ما يعرض ويزول وصفات الله لازمة بخلاف صفة المخلوق فإنها عارضة والتزموا لذلك وغيره أن صفة المخلوقات وهي الأعراض لا يبقى شيء منها زمانين ثم أئمة هؤلاء قالوا وكذلك ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد نقول إنه من جنس العلم والقدرة والإكرام بل ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد هو مما يوصف من الله ويوصف الله به ولا نسميه جسما لأنها تسمية مبتدعة وموهمة معنى باطلا ))
قلت : فلماذا لم ينقل السقاف هذا على أنه قول شيخ الإسلام فإن : ((قال قوم )) مثل (( قال المتكلمون من أهل الإثبات )) أم إنه الحقد على شيخ الإسلام والله المستعان
وأما كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة عن الجسم فإليك مقتطفات منه(1/35)
قال شيخ الإسلام في (3/105) : ((وأما من لا يطلق على الله اسم الجسم كأئمة أهل الحديث والتفسير والتصوف والفقه مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم وشيوخ المسلمين المشهورين في الأمة ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهؤلاء ليس فيهم من يقول إن الله جسم وإن كان أيضا ليس من السلف والأئمة من قال إن الله ليس بجسم ولكن من نسب التجسيم إلى بعضهم فهو بحسب ما اعتقده من معنى الجسم ورآه لازما لغيره))
وقال في (3/230) : ((وقالت ليس هو فوق العالم لأن ذلك مقام مكان والمكان لا يكون به إلا جسم أو ما يقوم بجسم
وهذا هو المذهب الذي ذكره هذا الإمامي وهو لم يبسط الكلام فيه فلذا اقتصرنا على هذا القدر إذا الكلام على ذلك مبسوط في موضع آخر
فقالت مثبتة الصفات للمعتزلة أنتم تقولون إن الله حي عليم قدير وهذا لا يكون إلا جسما فإن طردتم قولكم لزم أن يكون الله جسما وإن قلتم بل يسمى بهذه الأسماء من ليس بجسم قيل لكم وتثبت هذه الصفات لمن ليس بجسم ))
قلت : وهذا على وجه الإلزام كما ترى وإلا فأهل السنة والأشاعرة ممن خالف المعتزلة لا يثبتون الجسمية وإنما المراد أن يقال للمعتزلة نلزمكم كما تلزموننا فإن لم تلتزموا فنحن أيضاً لا نلتزم
ومن أكاذيب السقاف على الشيخ الألباني قوله في ص53 من تعليقه على بيان نكث الناكث وهو يعدد أخطاء الألباني : ((وكاقراره لشارح الطحاوية في ما ذكره في الشرح من أغلاط كقدم نوع العالم واثبات الحد لله دون ان يعلق على تلك العبارات بالانكار وغير ذلك وقد بينا ذلك في رسائل عديدة ))
قلت : وهذا كذبٌ مزدوج فلو نفضت شرح الطحاوية نفضاً فلن تجد للحد ذكراً !! ، وشارح الطحاوية والألباني لا يقولان بقدم شيء من العالم
كيف ذاك ؟ ! وقد بحث شارح الطحاوية في ص 256 مسألة أول المخلوقات وعلق الشيخ الألباني بترجيح أولوية خلق القلم على غيره من المخلوقات !!(1/36)
ومن جهالات السقاف قوله في كتابه القول العطر في نبوة سيدنا الخضر ص11 : ((أدلة نبوة سيدنا الخضر من الحديث الشريف قال الامام الحافظ الطحاوي في (مشكل الاثار) (2 / 357): (حدثنا أبو أميه، حدثنا سليمان بن عبيد الله الانصاري الرقي حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا محمد بن زياد الالهاني، عن أبي امامة الباهلي، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ذات يوم لاصحابه: (ألا أحدثكم عن الخضر ؟) )) وذكر السقاف الحديث
ثم قال : ((قلت: ورواه الطبراني (8 / 132) باسنادين عن بقية وقد عنعن فيه بقية. لكنه صرح بالتحديث عند الطحاوي. وقال الحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد) (3 / 103): (رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس ولكنه ثقة) وكذا قال في (المجمع) (8 / 213). قلت: فالحديث حسن أو صحيح ))
قلت : كيف يكون السند صحيحاً والرواية الوحيدة التي صرح فيه بقية بالتحديث في سندها سليمان بن عبيدالله الرقي
ضعفه النسائي وذكره العقيلي في الضعفاء وقال ابن معين فيه " ليس بشيء " وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم "صدوق " _ هذا كله في تهذيب التهذيب _
وقال أبو زرعة : منكر الحديث _ كما في سؤالات البرذعي (2/376)
فهل يصحح حديث مثل هذا يا قوم ؟!!
بل إن القول بتحسين حديثه لا يخلو من نظر بعد الوقوف على قول أبي زرعة
فإن قيل : إنه قد توبع
قلنا : الروايات الأخرى كلها فيها عنعنة بقية فاستيقظوا !! ، واعلمً بأن الشيخ الألباني قد أورد هذا الحديث في سلسلة الأحاديث الضعيفة حديث رقم 5353
وللسقاف جهالات وتدليسات وأكاذيب أخرى تجد في كتب من رد عليه
وقبل أن أنتقل إلى الأمثلة على سعة اطلاع الشيخ الألباني أذكر طرفاً من جهالات عبدالله بن الصديق الغماري شيخ حسن السقاف الذي يلقبه السقاف بالألقاب الفخمة مثل " المحدث " و " العلامة " وغيرها ، أنقلها ملزماً السقاف بالتشنيع على شيخه كما شنع على الشيخ الألباني(1/37)
قال الغماري في رسالته " إتحاف النبيل بجواز التقبيل " ص4 : ((ورواه الحاكم عن ابن عمر قال ، وجه رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة . فلما قدم منها اعتنقه النبي صلى الله عليه و على آله و سلم وقبل بين عينيه ، وذكر بقية الحديث في تعليمه صلاة التسابيح "
ثم قال الحاكم : إسناده صحيح لا غبار عليه ، ووافقه الذهبي ، وهذا مما يرد على من زعم وضع حديث صلاة التسابيح أو ضعفه "
قلت : فتأمل كيف أنه وافق الحاكم على تصحيحه لسند الحديث ، بل إنه جعل كلام الحاكم حجةً على من يضعف حديث صلاة التسابيح
وهذا من جهله فإن هذا السند موضوع !!!!!
فإن فيه أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري له ترجمةٌ حافلةٌ في ميزان الإعتدال للذهبي فيها أن الدارقطني وغيره قد كذبوه فتأمل !
ولو نفضت كتب الشيخ الألباني نفضاً لما وجدته أقر تصحيح سندٍ فيه وضاع
وقال الغماري في ص5 :" وروى الطبراني بإسناد جيد كما قال الدميري في حياة الحيوان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت أذناي هاتان وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم وهو آخذ بكفيه جميعاً حسناً أو حسيناً وقدماه على قدمي رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم وهو يقول " حزقة حزقة ، ترق عين بقة " فيرقي الغلام فيضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم ، ثم قال صلى الله عليه و على آله و سلم " افتح فاك " ثم قبله ، ثم قال " اللهم من أحبه فإني أحبه " أي فأني أحب من أحبه ، وهذه بشارة عظيمة لمحب الحسن والحسين عليهما السلام ، بأن النبي صلى الله عليه و على آله و سلم يحبه "
قلت وفي تخريجه هذا قصور فإن الخبر عند البخاري في الأدب المفرد (249) وابن أبي شيبة في المصنف (32193)وفي لفظه عند ابن أبي شيبة اختصار
ولا أدري ما وجه تجويد السند وفيه أبو مزرد المدني قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/104) : " لم أجد من وثقه " !(1/38)
قلت : وقد انفرد عنه ابنه معاوية فمثله مجهول وهو على شرط ابن حبان في الثقات غير أني لم أجده في ثقاته مع أنه قد ذكر أخاه سعيد بن يسار وابنه معاوية وقد ضعف الشيخ الألباني هذا الخبر في ضعيف الأدب المفرد
وقال الغماري في ص 4 : " وأخرج الترمذي من طريق محمد بن اسحق عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم عرياناً يجر ثوبه ، والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله .
قال الترمذي حديث حسن "
قلت : إنما قال الترمذي : " حسن غريب " ولعل هذا من اختلاف النسخ ولا أدري ما وجه متابعة الترمذي ولا أدري ما وجه موافقة الترمذي على تحسين الخبر وفي سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن وقد ضعف الشيخ الألباني هذا الخبر في ضعيف سنن الترمذي
وفي رسالة الغماري المذكورة أمور كثيرة تصلح للتعقب وكذا عامة ما وقفت عليه من رسائله فلا أكاد أرى له رسالة أو كتاباً إلا والضعف العلمي ظاهرٌ عليه
فعلى سبيل المثال لا الحصر قوله في أربعينه في شكر النعم ص11 : " حدثنا يعلى بن عبدالله بن يعلى الهذلي ثنا بشر بن عمر ثنا ابن لهيعة ثنا عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم فذلك استراج منه " قلت : إسناده حسن إن شاء الله "
قلت : وكيف يكون حسناً وفي سنده ابن لهيعة وهو مختلط ولم يذكر بشر بن عمر في الرواة عنه قبل الإختلاط
ومن عجائب الغماري إيراده للأحاديث الساقطة في كتبه دون التنبيه عليها فمن ذلك قوله في كتاب النقد المبرم ص9 : " جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماء الخلائق ليبلغني سلام من سلم علي أمتي " "(1/39)
كذا قال فقط ولم يخرجه وهو عند البزار في مسنده 1425 وفي سنده ابن الحميري واسمه عمران قال البخاري فيه " لا يتابع على حديثه " وقال الذهبي في الميزان : " لا يعرف "
والراوي عنه نعيم بن ضمضم ذكر الذهبي في الميزان أنه قد ضعفه بعضهم ولا أعرف له موثقاً ولعل ابن حبان وثقه فهل يصلح هذا الحديث للإحتجاج ؟!!
فإذا كان الغماري محدثاً كبيراً عند السقاف مع كل هذه السقطات فينبغي أن يكون الألباني عنده محدثاً كبيراً أيضاً ولا يضره ما وقع فيه من الأوهام التي لا يسلم منها بشر
والآن مع الأمثلة التي تدل على سعة اطلاع الشيخ الألباني
المثال الأول
قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث رقم 1087 ((أما حديث جابر فيرويه عنه محمد بن المنكدر , و له عنه طريقان :
الأولى : عن سفيان الثوري عنه به , و قد اختلفوا عليه , فرواه عنه هكذا مسندا
جماعة , و رواه آخرون عنه مرسلا . أ - أما المسند فرواته خمسة :
الأول : عبد الله بن محمد بن المغيرة حدثنا سفيان به . أخرجه تمام الرازي في "
الفوائد " ( 4 / 79 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 221 ) و ابن عدي في
" الكامل " ( ق 221 / 2 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 90 ) و " صفة الجنة "
( ق 128 / 2 ) و كذا الضياء المقدسي في " صفة الجنة " ( 3 / 84 / 1 ) من طريق
المقدام بن داود عنه به . و قال العقيلي : " ابن المغيرة هذا يخالف في بعض
حديثه و يحدث بما لا أصل له , و هذا مما خولف فيه " . ثم ساقه من طريق جماعة عن
سفيان به مرسلا , كما يأتي بيانه .
قلت : و المقدام بن داود ضعيف أيضا بل هو شديد الضعف لكن شيخه ليس خيرا منه ,
فقد اتهمه الذهبي بالوضع , و قال أبو نعيم عقب الحديث : " تفرد به عبد الله " :
و قد فاتته المتابعات الآتية .
الثاني : الحسين بن حفص قال : حدثنا سفيان به . أخرجه أبو الحسن الحربي في(1/40)
" الحربيات " ( 2 / 47 / 1 - 2 ) و أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " ( ص 157 و
192 ) من طريق النضر بن هشام قال حدثنا الحسين بن حفص به . و قال أبو الشيخ :
" لم يرو هذا الحديث عن الحسين بن حفص غير النضر " .
قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم غير النضر هذا , فقد
ترجمه أبو الشيخ و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , لكن قال ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 481 ) : " النضر بن هشام الأصبهاني , روى عن
الحسين بن حفص و عامر بن إبراهيم و بكر بن بكار كتبت عنه بأصبهان و هو صدوق " .
الثالث : معاذ بن معاذ العنبري عن سفيان به . أخرجه أبو عثمان النجيرمي في
" الفوائد " ( 2 / 2 / 2 ) من طريق عبد الله ابن هاشم حدثنا معاذ بن معاذ
العنبري به . و قال : " قال عبد الله بن حامد ( يعني شيخه ) : قلت لعبد الله
الشرقي ( يعني شيخ بن حامد , و الراوي عن ابن هاشم ) : كيف وقع هذا الحديث ?
فقال : إن عبد الله بن هاشم كف بصره , فلقن هذا الحديث , فتلقن " ..
قلت : عبد الله بن هاشم هو الطوسي النيسابوري , و هو ثقة من رجال مسلم و شيوخه
و قد اتفقوا على توثيقه و لم أر أحدا من الأئمة رماه بالتلقن أو غيره , فلا
يقبل من الشرقي رمية إياه به , لاسيما و هو نفسه متكلم فيه و إن وصفه السمعاني
بأنه محدث نيسابور , فقد أورده الذهبي في " الميزان " و قال : " و سماعاته
صحيحة من مثل الذهلي و طبقته و لكن تكلموا فيه لإدمانه شرب المسكر " . و قد نقل
ابن العماد في " الشذرات " ( 2 / 313 ) عن الحاكم أنه قال : " رأيته , و كان
أوحد وقته في معرفة الطب لم يدع الشراب إلى أن مات , فضعف بذلك " . و ذكر
الحافظ في " اللسان " عنه حكاية تدل على جهله بقوله صلى الله عليه وسلم في
الخمر : " إنها داء و ليست بدواء " أو تجاهله إياه , و إلا فكيف يجوز أن يأمر
المريض بأن يشرب الخمر المعتق ! فالله المستعان . و لذلك فإني أقول : لولا أن(1/41)
في سند الحديث ابن الشرقي هذا - و اسمه عبد الله بن محمد بن الحسن - و الراوي
عنه ابن حامد و لم أجد له ترجمة , لحكمت على هذا الإسناد بالصحة . ثم رأيت
البيهقي أخرجه في " شعب الإيمان " ( 2 / 36 / 2 ) من طريق أخرى , فقال : حدثنا
أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أنبأنا عبد بن محمد ابن الحسن بن الشرقي حدثنا
عبد الله بن هاشم به , فبرئت عهدة ابن حامد منه .
الرابع : عبد الله بن حيان عن سفيان به . أخرجه النجيرمي في " الفوائد " قبيل
الطريق السابق من طريق عبد الله ابن عبد الوهاب الخوارزمي حدثنا عبد الله بن
حيان به . و ابن حيان هذا قال ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 41 ) : " روى عن سهل بن
معاذ , روى عنه الليث بن سعيد " . فهو مجهول الحال , لكن الحافظ أورده في
" اللسان " و قال : " قال أبو نعيم في " تاريخه " : قدم أصبهان و حدث بها في
حديثه نكارة " .
الخامس : الفريابي عن سفيان به أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 318 من زوائده )
: حدثنا الفضل بن يعقوب حدثنا محمد بن يوسف الفريابي به . و قال : " لا نعلم
أسنده من هذا الطريق إلا سفيان و لا عنه إلا الفريابي " .
قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين و كذا من فوقه , و لهذا قال الهيثمي في "
المجمع " ( 60 / 415 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و البزار و رجال البزار
رجال الصحيح " .
قلت : الفضل بن يعقوب هذا هو أبو العباس الرخامي , و هو ثقة من شيوخ البخاري ,
و قد ترجم له الخطيب ( 12 / 316 ) و ذكر في شيوخه الفريابي هذا , فصح الإسناد ,
و الحمد لله على توفيقه .
قلت : فهذه طرق خمس عن سفيان الثوري ليس فيها متهم باستثناء الأولى منها يدل
مجموعها على أن للحديث أصلا أصيلا , لاسيما و الطريق الثانية و الخامسة ))(1/42)
قلت : تنبه إلى ما تحته خط وكيف أن الشيخ قد استدرك خمس متابعاتٍ فاتت الحافظ أبو نعيم الأصبهاني ولو لم يكن في عمل الشيخ أية استدراك لكان برهاناً على سعة اطلاعه فمن يستطيع أن يجمع هذه الطرق بهذه الطريقه جامعاً بين المخطوط والمطبوع ولبحث الشيخ بقية راجعه هناك
المثال الثاني
قال الشيخ الألباني _ رحمه الله _ في سلسلة الأحاديث الصحيحة _ تحت حديث رقم 1335 وهو حديث ((من علم آية من كتاب الله عز وجل , كان له ثوابها ما تليت )) ((أخرجه أبو سهل القطان في " حديثه عن شيوخه " ( 4 / 243 / 2 ) حدثنا محمد بن
الجهم حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا # أبو مالك الأشجعي عن أبيه # قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
هذا إسناد جيد عزيز , رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن الجهم و هو ابن
هارون الكاتب السمري ترجمه الخطيب ( 2 / 161 ) برواية جماعة من الثقات عنه ,
و قال : " و قال الدارقطني : ثقة صدوق " . و قال الحافظ في " اللسان " : " ما
علمت فيه جرحا " .
قلت : قد فاته توثيق الدارقطني إياه ))
قلت : فانظر كيف وقف على هذه الطريق العزيزة من هذا المصدر المخطوط وكيف استدرك على الحافظ قول الإمام الدارقطني
المثال الثالث
قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث 1429 ((و ذكر الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 4 / 270 ) أن البيهقي روى ( و لعله
يعني في " الدلائل " ) من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن # أبي بكرة #
. " أن رجلا من أهل فارس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " إن ربي قد قتل الليلة ربك " . قال البيهقي : و روى في حديث #
دحية بن خليفة # أنه لما رجع من عند قيصر وجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
رسل كسرى , و ذلك أن كسرى بعث يتوعد صاحب صنعاء و يقول له ألا تكفيني أمر رجل
قد ظهر بأرضك يدعوني إلى دينه , لتكفنيه أو لأفعلن بك . فبعث إليه قال لرسله :(1/43)
أخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة . فوجدوه كما قال . قال : و روى داود بن أبي
هند عن عامر الشعبي نحو هذا . و هذا كله ذكره الحافظ ابن كثير , و قد فاته مع
حفظه أن حديث أبي بكرة أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 43 ) حدثنا أسود بن عامر حدثنا
حماد بن سلمة به . و إسناده على شرط مسلم و لا علة فيه سوى ما يخشى من عنعنة
الحسن البصري من التدليس و لكنه قد صرح بالتحديث في رواية أخرى عند أحمد ( 5 /
51 ) فصح الحديث و الحمد لله تعالى ))
قلت : فانظر كيف استدرك على الحافظ ابن كثير الطريق عند الإمام أحمد مع اختصاص ابن كثير بمسند الإمام أحمد _ وكل من ينظر في تفسيره يعرف هذا _ وفي هذا المثال فائدة وهي أن الحفاظ الأكابر يقع منهم القصور في التخريج أحياناً
المثال الرابع
قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث 504 (( ( تنبيه ) أورد المنذري هذا الحديث في " الترغيب " من رواية أبي داود و الترمذي
فقط عن ابن عمر و هذا قصور فاحش إذ فاته أنه في . صحيح البخاري " . و أفحش منه
أن السيوطي أود الجملة الأولى منه من رواية أبي داود عن سويد بن حنظلة ! ففاته
أنه عند الشيخين و غيرهما ممن ذكرنا عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم فاقتضى التنبيه ))
قلت : فانظر كيف أن القصور في التخريج وقع من حافظين كبيرين وهما المنذري والسيوطي وقد تنبه لذلك الشيخ الألباني
المثال الخامس
قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث رقم 520 ((في كلام ابن حجر
ما يشعر بذلك , فإنه قال بعد أن صوب رواية معمر المتقدمة : " و للمتن متابع
رواه أبو يعلى بسند صحيح من طريق عبد الله ابن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف من
غير ذكر أبي الرداد فيه " . و فاته أن هذه الطريق في مسند أحمد أيضا ))
قلت : مثال آخر على أن الحافظ قد يقع منه القصور في التخريج وأن الشيخ الألباني دقيق الملاحظة واسع الإطلاع
ويا ليت شعري على ماذا أستدل أنا ؟!(1/44)
وليس يصح في الأذهان شييءٌ *** إذا احتاج النهار إلى دليل
المثال السادس
قال الشيخ الألباني تحت حديث رقم 526 ((و الوليد بن أبي الوليد هو أبو عثمان
المدني مولى ابن عمر و يقال : مولى لآل عثمان قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 20 )
: " جعله البخاري اسمين , قال أبي : هو واحد . سئل أبو زرعة عنه ? فقال ثقة "
قلت : و هذا التوثيق مما فات الحافظ ابن حجر , فلم يذكره في ترجمة الوليد هذا
من " التهذيب " و لم يحك فيه توثيقا سوى ابن حبان الذي أورده في " الثقات "
( 1 / 246 ) و هو متساهل في التوثيق معروف بذلك و لذلك لا يعتمده المحققون من
العلماء و على هذا جرى الحافظ في " التقريب " فقال فيه : " لين الحديث " .
و ظني أنه لو وقف على توثيق أبي زرعة إياه لوثقه و لم يلينه . و الله أعلم ))
قلت : فضيلة الشيخ الألباني في هذا المثال واضحة بينة
المثال السابع
قال الشيخ الألباني تحت حديث 586 ((الحديث ذكره الحافظ في " نتائج الأفكار " من طريق
الطبراني هذه و أعله بالجهالة ثم قال : " و للحديث شواهد مرسلة " ! ثم ساق
شاهدين اثنين مقطوعين ! ! ففاتته هذه الشواهد الكثيرة الموصولة ))
قلت وهذه هي الشواهد الموصولة كما ذكرها الشيخ الألباني
قال الشيخ : ((*( قل يا أيها الكافرون )* تعدل ربع القرآن " .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 55 / 1 ) و الحاكم ( 1 / 566 - تلخيص )
من طريق غسان بن الربيع حدثنا جعفر بن ميسرة الأشجعي عن أبيه عن نافع عن
# ابن عمر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : بل جعفر بن ميسرة منكر
الحديث جدا . قاله أبو حاتم , و غسان ضعفه الدارقطني " .
قلت : هذا قد وثق , فالعلة من جعفر , فقد ضعفه البخاري جدا بقوله : " منكر
الحديث " لكنه لم يتفرد به , فقد جاء من طريق أخرى عن ابن عمر , أخرجه الطبراني(1/45)
في " المعجم الكبير " ( 3 / 203 / 2 ) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم أنبأنا
يحيى ابن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عنه مرفوعا
به . و رجاله ثقات غير ابن زحر و ابن أبي سليم , فإنهما ضعيفان من قبل حفظهما .
فيتقوى حديثهما بما روى سلمة بن وردان قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و زاد : " و إذا زلزت ربع القرآن و إذا جاء
نصر الله ربع القرآن " . أخرجه أحمد ( 3 / 146 - 147 ) و الخطيب في " تاريخ
بغداد " ( 11 / 380 ) و الترمذي ( 2 / 147 ) و قال : " حديث حسن " . و رجاله
ثقات غير سلمة فإنه ضعيف لسوء حفظه أيضا , فالحديث حسن بمجموع الطرق , لاسيما
و له طريق أخرى عن أنس , و شاهد آخر عن ابن عباس و هما مخرجان في " السلسلة
الأخرى " ( 1342 ) و له شاهد ثالث من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا أخرجه
الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 32 ) و عنه أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 1 / 105 ) و قال الطبراني : " تفرد به زكريا بن عطية " .
قلت : و هو مجهول ))
قلت فانظر كيف أن الحافظ ابن حجر مع سعة علمه واطلاعه قصر في تخريج الخبر وسلم الشيخ من ذلك
وكما أن البحث في وقت الشيخ الألباني كان أيسر من البحث في وقت الحافظ ابن حجر فالبحث في وقتنا أيسر من البحث في وقت الشيخ الألباني
والسقاف وأشياعه لا يعدون الشيخ الألباني محدثاً فضلاً عن حافظ فإذا كان لم يصل إلى هذه الرتبة ومع ذلك فهو يستدرك على الحفاظ فكيف إذا وصل إليها ؟!
المثال الثامن
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة تحت رقم 860((و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 209 ) و قال : " رواه البزار و قال
: لا يروى إلا بهذا الإسناد , و رجاله رجال الصحيح غير يوسف بن أبي بردة وثقه
ابن حبان " .
و قد فاته أنه في " المسند " فاقتصر على عزوه للبزار و هو قصور ))
قلت : تقدم التعليق على أمثال هذا المثال !(1/46)
المثال التاسع
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة تحت حديث رقم 2009 ((و قد فات الهيثمي ثم المناوي أن راشدا هذا ليس من صنعاء اليمن , و إنما
هو من صنعاء دمشق , و لذلك ذكروا أنه دمشقي , فإعلال الحديث بما ذكروا وهم محض فتنبه ))
قلت : انظر رحمني الله وإياك إلى الدقة
المثال العاشر
قال الشيخ الألباني تحت حديث 2292 ((و في " مجمع الزوائد "
(3 / 146 ) : " رواه الطبراني في " الصغير " , و فيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطاكي , و لم أجد من ترجمه " . قلت : و فاته في " الأوسط " أيضا))
قلت هذا ما استدركه الشيخ مع اختصاص الهيثمي بمعاجم الطبراني فهو الذين صنف " مجمع البحرين في زوائد المعجمين "
هذا ما وقفت عليه من دلائل سعة اطلاع ودقة نظر الشيخ الألباني من خلال النظر السريع في ثلاثة مجلدات من سلسلة الأحاديث الصحيحة ولو ذهبنا نستقصي هذا في كتبه لخرجنا بمجلدٍ كبير أو أكثر !
واعلم أنه لا تحفظ عندنا على نقد الشيخ الألباني ولكن بعلم وأدب لا كما يفعل السقاف
وقفة مع انتقاد السقاف اللغوي !!
قال السقاف في ص33 ((ضعف الالباني في اللغة العربية وهذا الباب أيضا له فيه أغلاط كثيرة لا بأس بضرب بعض الامثلة : 1 - قال في (صحيحته) (4 / 88) : (وجوب الاخذ بيد الظالم) اه وهذا لحن وخطأ ، والصواب أن يقول : (وجوب الاخذ على يد الظالم) لان الاخذ بيد الظالم لغة هو مساعدته في ظلمه ، وقد اغتر الشيخ ! بورود هذه الكلمة في بعض طرق الحديث الذي غلط فيه أحد رواته ! ))
قلت : الأخذ باليد لا يعني الإعانة بالضرورة بل قد يعني الأخذ باليد للنصح كما ورد في الحديث ((من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه )) رواه ابن أبي عاصم في السنة وصححه الشيخ الألباني
فلو كان معنى الأخذ باليد الإعانة على الظلم لكان في الحديث الحث على الظلم(1/47)
وحتى لو كان معناها _ أي عبارة الأخذ باليد _ الإعانة فهي الإعانة على ترك المنكر كمثل حديث (( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) فجعل رده عن الظلم نصرةً له فكذلك الإعانة هنا إنما هي رده عن الظلم
ولنفرض جدلاً أن الشيخ الألباني قد أخطأ ، فهل يوجد معصوم من الخطأ واللحن ، وقد صنفت كتب في الأخطاء الشائعة مثل كتاب " تقويم اللسانين " للعلامة السلفي محمد تقي الدين الهلالي _ رحمه الله _
وقد وقع السقاف في خطأ نحوي لا يقع فيه المبتدئون حيث قال في ص185 من من مقدمته على دفع شبه التشبيه : ((خصوصاً أن في سنده أعني الكتاب لابن أحمد مجهول ))
كذا قال !! وصوابه (( مجهولاً )) لأنه اسم أن
وقريبٌ منه قوله في ص105 من تعليقه على دفع شبه التشبيه " أن سيدنا علي كان " كذا وصوابه " أن سيدنا علياً "
ومن أخطائه اللغوية قوله في الصواعق الناسفة في حاشية رقم 5 " كلا ! بل مناظرات ثلاثة"
كذا وصوابه " مناظرات ثلاث "
ويبدو أن هذا الباب من أبواب اللغة لم يفهمه السقاف جيداً حيث أنه يقول في تعليقه على فتح المعين ص77 " أكثر من عشر أولاد"
كذا وصوابه " عشرة أولاد "
ومن أخطائه اللغوية المضحكة قوله في ص 81 " لا شك أن الإمام أبي حنيفة من التابعين" كذا _ ولا أستطيع منع نفسي من الضحك _ وصوابه " أن الإمام أبا حنيفة "
وقال السقاف في تناقضات الألباني (3/302) " و قد بيّنا أن للحفاظ و المحدثين كلام في حماد " قلت كذا قال و الصواب : كلاما
والذي يظهر أن السقاف بحاجة إلى إعادة دراسة الآجرومية _ هذا إن كان قد درسها أصلاً _ وخصوصاً الباب المختص ب( البدل )
وقفة مع اتهام السقاف للشيخ الألباني بالبتر(1/48)
قال السقاف في ص24 : ((أراد الالباني أن يضعف حديثا خالف رأيه ، فلم يدر كيف السبيل إلى ذلك ، فاحتال لذلك أن نقل جزءا من ترجمة رجل في سنده من الثقات من (كامل) ابن عدي وحرفها ، والرجل هو (عائذ بن حبيب) ، فقال عنه في (إروائه) (2 / 243) : (الثالث : لو كان صريحا في الرفع فهو شاذ أو منكر ، لان (عائذ بن حبيب) وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن عدي : (روى أحاديث أنكرت عليه) . . قلت : ولعل هذا منها . . .) اه أقول : كلا ، هذا ليس منها ، وابن عدي لم يقل ما ذكرته عنه ، بل إن نقلك عنه كان محرفا ، فابن عدي قال في الكامل (5 / 1993) : (روى عن هشام بن عروة أحاديث أنكرت عليه وسائر أحاديثه مستقيمة) اه فأين هذا مما نقلت ، وخصوصا أن هذا الحديث لم يروه حبيب عن هشام بن عروة ! فليتأمل المنصفون ، وليرجع المعاندون ! ! إن كانوا يتقون الله تعالى ! !))
قلت : سبحان الله ! السقاف يتكلم عن التقوى !
أما ما ذكره فجوابه أن الشيخ الألباني لم يتعمد نقل نص ابن عدي على غير لفظه الموجود في الكامل فإن الشيخ لم ينقل عن الكامل مباشرةً وإنما نقل عن ميزان الإعتدال ولفظ عبارة ابن عدي في الميزان كالتي نقلها الشيخ الألباني تماماً فتأمل ! والشيخ هنا يعل حديثه بالمخالفة فحتى لو كان ثقةً مطلقاً فروايته معلولة وعليه فإن الشيخ لا يحتاج إلى البتر والتدليس _ الذي يتخصص فيه السقاف _
وقد حاول في كتابه الصواعق الناسفة أن يبرر تشنيعه على الشيخ الألباني حتى بعد بيان هذه الحقيقة(1/49)
حيث قال في ص 133 : " وأما قول صاحب الكتاب ! ! ص (47 - 48) معتذرا عن بتره وتحريفه لعبارة الحافظ ابن عدي في عائذ بن حبيب ليصل بذلك إلى تحقيق رأيه الفاسد ! ! فهو عذر أقبح من ذنب ! ! وذلك لاسباب : أ) منها أنه لم يقل في " إرواء غليله " (2 / 243) أنه نقل كلام الذهبي وقلده في خطئه ، وخصوصا أنه يدعي أنه لا يقلد أحدا ولا ينغر بقول إمام إلا بعد تحقيقه ، ثم هو يعيب على الذهبي ويطعن فيه فيقول عنه كما في " بلوغ مرامه " ص (35) : " قليل نظر وتحقيق " ! ! فجوابه : على رده علي واعتذاره لنفسه : يقال أخطأ الذهبي أو أسقط النساخ شيئا من كلامه فوافق ذلك هوى الالباني ! ! فنقله ولم يذكر أنه أخذه من " الميزان " ولم يرجع فضيلة ! ! المحقق ! ! إلى كامل ابن عدي فهو خطأ على خطأ ، والمعصوم من عصمه الله ! "
قلت : ما زال أهل العلم ينقل بعضهم عن بعض وربما كان ذلك بإشارة أو بغير إشارة وليس هذا تقليداً فإن باب قبول خبر الثقة ليس له علاقة بالتقليد لو كان السقاف يعقل وإلا لكان كل علماء الأمة من المقلدين ولجاز تقليد غير المجتهد وهذا لم يقل به عاقل
والشيخ الألباني _ رحمه الله _ إنما وثق بنقل الذهبي فلم يجد حاجةً للرجوع إلى الكامل ثم إنه تراجع كما نقل الشيخ الحلبي في الأنوار الكاشفة فكان ماذا ؟!
وقفات مع انتقادات السقاف على الألباني في علم الرجال
الإنتقاد الأول والجواب عليه
قال السقاف في ص195 : "عبيد الله بن أبي بردة . قال الالباني (1 / 87) : لم يوثقه أحد حتى ولا ابن حبان ، فلا تغتر بقول المنذري : ورجاله ثقات . اه . قلت : قال الحافظ في التهذيب (7 / 49) : أخرجه الضياء في المختارة ، ومقتضاه أن يكون عبيد الله عنده ثقة . اه . فالرجل ثقة ، والحافظ المنذري أصاب في قوله : (رجاله ثقات) ، والله أعلم ."(1/50)
قلت : الشيخ الألباني لا يعتد بتوثيق الضياء في المختارة لأن فيه تساهلاً والسقاف نفسه لا يعتد بتوثيق الضياء فقد حكم على عبدالله بن خليفة راوي حديث جلوس الرب بالجهالة مع احتجاج الضياء بحديثه في المختارة _ انظر تعليق السقاف على دفع شبه التشبيه ص 247_
الإنتقاد الثاني والجواب عليه
قال السقاف في ص195 : " جري بن كليب النهدي الكوفي . قال الالباني (1 / 97) : لم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي . اه . قلت : بل روى عنه غيره ؟ قال الحافظ في التهذيب (2 / 78) : روي عنه أيضا يونس بن أبي إسحاق ، وعاصم بن أبي النجود وحديثهما عنه في مسند أحمد . اه . والذي أوقع الالباني فيما تراه هو اعتماده على كتاب واحد هو الميزان فانظره (1 / 397) "
قلت : بل الحق فيما قاله الألباني فإن جري بن كليب رجلان أحدهما بصري يروي عنه قتادة والآخر كوفي يروي عنه أبو إسحاق السبيعي كما قال ذلك أبو داود _ انظر ترجمته في التهذيب _
والذي روى عنه يونس بن أبي إسحاق هو البصري لا الكوفي بدليل أنه جاء وصفه في السند بأنه النهدي _ انظر مسند أحمد 23099_
والنهدي هو البصري الذي يروي عنه قتادة كما ذكر ذلك ابن حبان في ثقاته ونقله ابن حجر في التهذيب
بل فعل ذلك قبله الإمام البخاري حيث ترجم لجري بن كليب النهدي برواية قتادة عنه مما يدل على أنه يرى أن النهدي هو البصري _ انظر التاريخ الكبير ترجمة رقم 5456_
وجري الذي يروي عنه عاصم بن بهدلة هو عينه الذي يروي عنه ابن أبي إسحاق لأن حديثهما عنه واحد _ انظر المسند 23139و 23160_
الإنتقاد الثالث والجواب عليه(1/51)
قال السقاف في ص196 : " عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي . قال الالباني (1 / 214) ، عمرو هذا في عداد المجهولين لان صحح له الترمذي . اه . قلت : هذا تطاول غير مقبول على أحد أئمة الحديث الذي قال له البخاري : استفدنا منك أكثر مما استفدت منا .و مقتضى تصحيح الترمذي لحديث عمرو بن علقمة أن يكون ثقة ، وأي فرق بين أن يقول الترمذي وغيره هو ثقة أو يصحح له حديثه ؟ وكثيرا ما يتكرر هذا الصنيع من الالباني ويرد تصحيح الترمذي رحمه الله تعالى بدعوى وجود فلان في السند الذي يرى الالباني - خطأ - أنه غير معروف أو لم يوثقه غير (إبن حبان) المتساهل عنده وغير ذلك . وهذا الصنيع بعيد عن الصواب بعيد عن عمل المحدثين . وقد شنع الحافظ العلامة ابن دقيق العيد على مثل هذا الصنيع في كتابه العظيم (الامام) - كما في (نصب الراية) 1 / 149 - فانظره فإنه مفيد . ثم إن الترمذي لم ينفرد بتصحيح حديث علقمة ، بل صححه أيضا ابن حبان وابن خزيمة كما في التهذيب (8 / 80) ، والاخير يتوقف في التصحيح لادنى مناسبة . ومع تصحيح الترمذي ثم ابن خزيمة فابن حبان لحديث عمرو بن علقمة لا تجد أحدا من المصنفين في الرجال المتقدمين أو المتأخرين جعل عمرو بن علقمة في عداد المجهولين "
قلت : هنا يشنع السقاف على الألباني لعدم اعتداده بتوثيق الترمذي وابن خزيمة والسقاف نفسه لا يعتد بهما إذا خالف توثيقهما هواه ، فقد حكم على وكيع بن حدس بالجهالة مع تصحيح الترمذي وابن خزيمة وابن حبان لحديثه _ انظر دفع الشبه ص 139 وترجمة وكيع من التذييل للشيخ طارق الناجي _
من هذا تعلم أن السقاف هو المتناقض حقاً وأنه لا يعتمد منهجاً علمياً مطرداً وإنما دأبه معاكسة الشيخ الألباني فقط !!!
الإنتقاد الرابع والجواب عليه(1/52)
قال السقاف في ص196 : " عيسى بن عمر . ذكر الالباني (1 / 213) : أنه لا يعرف . قلت : اعتمد الالباني على ميزان الذهبي فقط فهو الذي قال عن عيسى بن عمر لا يعرف (الميزان 3 / 319) والذهبي مع إمامته لا يعتمد الحذاق عليه في هذا النوع من الرجال ؟ قال الحافظ في التهذيب (10 / 439) في ترجمة نضر بن عبد الله السلمي : قرأت بخط الذهبي : لا يعرف . وهذا كلام مستروح إذا لم يجد المزي قد ذكر للرجل إلا راويا واحدا جعله مجهولا ، وليس هذا بمطرد . اه . وعيسى بن عمر قال عنه الدارقطني : مدني معروف يعتبر به . فاعتماد الالباني على الميزان فقط في ترجمة هذا الراوي أوقعه فيما تراه "
قلت : قول الدارقطني : " يعتبر به " لا يناقض كونه مجهول الحال فإن مجهول ممن يعتبر بحديثه في الشواهد والمتابعات والدارقطني يستخدم لفظة " يعتبر به " في الذين يضعفهم ضعفاً محتملاً
قال البَرْقانِيّ (422) : سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن محمد بن إسحاق بن يسار ، عن أبيه ، فقال : لا يحتح بهما ، وإنما يعتبر بهما
وعليه فإن انتقاد السقاف لا يؤثر شيئاً في الحكم على الحديث
الإنتقاد الخامس والجواب عليه
قال السقاف في ص 198 : " قدامة بن وبرة . قال الالباني (1 / 434) : وهو مجهول . قلت : بل ثقة ، فبعضهم لم يعرفه ، لكن عرفه ابن معين ووثقه ، ومن علم حجة على من لم يعلم "
قلت : لقد أصاب السقاف هنا ولكن تعقبه هذا لا طائل تحته فإن قدامة هذا لم يرو عنه غير قتادة وقد طعن ابن خزيمة في سماع قتادة منه ولا يروي إلا عن سمرة وقد طعن البخاري في سماعه من سمرة فهذا التعقب لا فائدة منه فرواية هذا الراوي ضعيفة على كل حال
الإنتقاد السادس والجواب عليه(1/53)
قال السقاف في ص 198 : " يحيى بن مالك الازدي العتكي المصري . قال الالباني (1 / 438) تعقيبا على أحد أحاديث أبي داود : رجاله ثقات غير يحيى بن مالك وهو الازدي العتكي ، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 90) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . اه . قلت : بل الرجل من ثقات التابعين وقصر الالباني الكلام على سكوت ابن أبي حاتم فيه قصور وتعمية . أما القصور - وهو جلي واضح - فإن يحيى بن مالك وثقه النسائي وابن حبان والعجلي وابن سعد وهو من رجال الصحيحين . والذهبي وثقه في الكاشف (3 / 272) وفي الميزان (4 / 272) ، ووثقه الحافظ في التقريب (ص 621) . فكبف بخرج الالباني هذا التابعي من الثقات ؟ وما ذلك إلا بسبب قصوره حيث اعتمد على (الجرح والتعديل) فقط ، ولا يكون ذلك للبزل من الرجال أما التعمية فإن الالباني يرى - وهو خطأ - أن ما سكت عنه إبن أبي حاتم من المجهولين ، فعندما ينظر القارئ في عبارة الالباني : (أورده إبن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا) يظن أن هذا الراوي من المجهولين وهو خطأ قطعا . وقول الالباني : (رجاله ثقات) لا يشفي الغليل بل لا يفيد شيئا ، فإن أبا داود قال في سننه (1 / 396) : حدثنا علي بن عبد الله ثنا معاذ بن هشام قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه : قال قتادة عن يحيى بن مالك عن سمرة بن جندب . قلت : قصر الالباني الكلام على يحيى بن مالك خطأ - وهو شائع ، في كتبه - فإن السند لم يصح ليحيى بن مالك حتى يعلل به السند وهو ثقة . وهنا علتان : الاولى : الانقطاع الذي تراه بين معاذ بن هشام وأبيه وهو ما صرح به الحافظ المنذري في اختصار السنن (2 / 20) . الثانية : قتادة مدلس وقد عنعن . - فترك الالباني هاتين العلتين والكلام على التابعي الثقة يحيى بن مالك ينبهك إلى ضعف هذه الطريقة في الكلام على الاسانيد "(1/54)
قلت : بل إن السند قد صح إلى يحيى بن مالك والعلتين اللتين أعل بهما السقاف السند تبعاً لمحمود سعيد علتان واهيتان
فأما العلة الأولى فليست بعلة قادحة لأن رواية معاذ عن كتاب أبيه وهذه وجادة صحيحة يقبلها عامة أهل العلم
وأما عنعنة قتادة فالشيخ الألباني يذهب إلى أنها ليست علةً قادحةً أيضاً وقد شرح هذا في بحث نفيس في كتابه القيم " النصيحة " أنقله هنا بتمامه للفائدة
قال الشيخ الألباني في ص 109 _ 110من كتابه النفيس النصيحة : " هذا الإعلال عليلٌ كصاحبه فإن عنعنة قتادة مغتفرة لقلتها بالنسبة لحفظه وكثرة حديثه ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في ترجمته من " مقدمة الفتح " بقوله : " ربما دلس " وكأنه لذلك لم يذكره هو في التقريب بتدليس وكذلك الذهبي في الكاشف ونجد في (( الصحيحين )) _ وغيرها _ أحاديث كثيرة جداً لقتادة بالعنعنة ، حتى ابن حبان الذي وصفه بالتدليس ، قد أكثر عنه بها ، ويحتمل أن ذلك كان منهم لأنه كان _ كما قال الحاكم _ لا يدلس إلا عن ثقة كما نقله العلائي في كتابه القيم (( جامع التحصيل )) (ص112 ) " انتهى النقل
والجدير بالذكر هنا أن السقاف قد تناقض _ كعادته ونحن نحاكمه بأسلوبه _ فاحتج بخبرٍ فيه عنعنة قتادة وذلك في ص 37 من مقدمته لكتاب دفع شبه التشبيه
وأما الكلام على يحيى بن مالك فسبب عدم وقوف الشيخ الألباني على ترجمته في المصادر المذكورة هو أنه مذكورٌ في الكنى بكنية " أبي أيوب " ولم يترجم له المزي ولا الذهبي ولا الحافظ في الرواة الذين اسمهم يحيى وهذا وقع منهم على غير عادتهم فإن عادة الذهبي وابن حجر أنهما يترجمان للراوي باسمه لا بكنيته حتى وإن اشتهر بكنيته مثل أبي معاوية الضرير وأبي إسحاق السبيعي ، من هذا تعرف سبب عدم وقوف الشيخ الألباني على ترجمة هذا الراوي إلا في الجرح والتعديل
الإنتقاد السابع والجواب عليه(1/55)
قال السقاف في ص 200 : " عبد الله بن زغب الايادي . قال الالباني (3 / 1500) : إبن زغب الايادي واسمه عبد الله أورده في الخلاصة ، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا ، وفي الميزان : ما روى عنه سوى ضمرة بن حبيب ، قلت : ففي تحسين الحديث نظر عندي لان الرجل مجهول . اه . قلت : ابن زغب الايادي ليس بمجهول ، بل هو صحابي ، نص على ذلك جماعة منهم ابن عبد البر وابن ماكولا وابن منده ، وصرح بسماعه من رسول الله صلى الله عليه وآله بسند قال عنه الحافظ في التهذيب (5 / 218) : لا بأس به "
قلت : هذا الراوي مختلف في صحبته فممن ذكره في التابعين الإمام ابن حبان في ثقاته غير أنه قلب اسمه إلى " زغب بن عبدالله " ! غير أنه لما ذكر أن الراوي ضمرة بن حبيب عرفنا أنه يقصد صاحبنا وأما تقوية ابن حجر للسند الذي يصرح فيه ابن زغب بالسماع من النبي صلى الله عليه وسلم فليس هذا حجةً على محقق مثل الشيخ الألباني فقد يكون الشيخ قد اطلع على السند المذكور فرأى فيه علةً توجب تضعيفه فبقي على قوله بعدم صحة صحبته
وللشيخ الألباني أسوة بابن مندة الذي زعم السقاف كذباً أنه يصحح صحبة فقد نقل الحافظ عنه خلاف ذلك في الإصابة
قال الحافظ في ترجمة ابن زغب في الإصابة : " عبدالله بن زغب الإيادي قال أبو زرعة الدمشقي وابن ماكولا له صحبة وقال العسكري خرجه بعضهم في المسند وقال أبو نعيم مختلف فيه وقال بن منده لا يصح ثم أخرج من طريق محفوظ بن علقمة عن عبدالرحمن بن عائذ عن عبدالله بن زغب الإيادي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وأخرجه الطبراني من هذا الوجه وجاء عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة قس بن ساعدة وله رواية عن عبدالله بن حوالة في سنن أبي داود"(1/56)
قلت : فهذا ابن مندة الذي أخرج الرواية التي فيها تصريحه بالتحديث يصرح بأن صحبته لا تصح وهذا تضعيف ضمني منه للرواية ، وقد رجح الذهبي في الميزان جهالة ابن زغب ولم يتعقبه العراقي في الذيل فدل على إقراره له
ولم أستطع الوقوف على سند الرواية كاملاً
واعلم أن السقاف متناقضٌ في منهجه في تثبيت الصحبة فقد نفى في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص 239 صحبة عبد الرحمن بن أبي عميرة مع كون الذين أثبتوا صحبته أكثر من الذين أثبتوا صحبة ابت زغب
فقد ذكَره في الصحابة: ربيعة بن يزيد، وابنُ سعد، ودُحيم، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، وأحمد، والبخاري، وبقي بن مخلد (مقدمة مُسنده رقم 355)، والترمذي (تسمية الصحابة رقم 388)، وأبوحاتم، وابن السكن (الإصابة)، وابن أبي عاصم، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1/287 وانظر 1/238)، وأبوالقاسم البغوي في معجم الصحابة (4/489)، وابن أبي حاتم (الجرح 5/273)، وابن حبان في الثقات (3/252)، وأبوبكر بن البرقي في كتاب الصحابة، وأبوالحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة، وأبوبكر عبد الصمد بن سعيد الحمصي في تسمية من نزل حمص من الصحابة، وابن منده، وأبونعيم، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/539)، وابن عساكر، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات (2/407)، والمِزّي، والذهبي في تاريخ الإسلام (4/309)، وفي التجريد (1/353) )) _ هذا مستفاد من الشيخ محمد زياد تكلة _
ولا ذنب لعبد الرحمن بن أبي عميرة سوى أنه روى حديثاً في فضل معاوية بن أبي سفيان
وبهذا نكون قد انتهينا من الجواب على انتقادات السقاف على الشيخ الألباني في علم الرجال ، والسقاف هنا إنما كان ينتقد تخريج الشيخ الألباني لمشكاة المصابيح ، وقد ذكر السقاف أمثلةً تعد على الأصابع يريد بها إسقاط عمل الشيخ كاملاً ، وهذا من ظلمه وإجحافه(1/57)
فإن الشيخ الألباني قد تكلم في تخريج المشكاة على أسانيد أكثر من 6200 حديثاً ، ولك أن تتصور كم رجلاً بحث عنه الشيخ الألباني في بحثه في هذه الأسانيد ، فإذا فرضنا أن جميع انتقادات السقاف صحيحة فهي لا تشكل أدنى طعن في علم الشيخ الألباني لما يقابل هذا الخطأ اليسير من الصواب الكثير الذي بلغ أضعاف أضعاف _ وإن شئت فزد _ أضعافه
ولو حاكمنا شيوخ السقاف الذي يعظمهم إلى هذا المنهج الظالم الذي يتبعه السقاف لسقطوا ولما نظر ناظرٌ يطلب الإستفادة في كتبهم
ومثل هذا يقال في كتابه الجائر التناقضات فإنه أورد 300 تناقضاً مزعوماً ولو فرضنا أصاب فيها جميعاً فما تشكل هذه ال 300 من عموم عمل الشيخ الألباني الذي قد بلغت الأحاديث التي خرجها في السلسلتين قرابة 10000حديثاً ، فما تشكل هذه ال300 من عمل 10000 ؟!
إنها تساوي 3% فقط ! ، هذه حجمها أمام أحاديث السلسلتين فقط فما بالك ببقية كتب الشيخ فتأمل وتفكر !
فالسقاف هنا كمن يأتي بقطرة نجاسة يريد أن ينجس بها ماءً بلغ القلال !!
والوهم في التخريج والحكم على الرجال لا يكاد يسلم منه أحد ، فهذا الإمام البخاري صنف ابن أبي حاتم كتاباً في بيان أخطائه في التاريخ الكبير ، وتعقبه كذلك الخطيب البغدادي في كتابه " موضح أوهام الجمع والتفريق " ومع ذلك لم يحط ذلك من قدره ، فالخطأ في علم الرجال ليس كمثل الخطأ في العقيدة وإنما على المخطيء في هذا الباب إذا كان خطؤه ناتجاً عن الهوى والتصدر قبل الأوان كما هو الحال مع السقاف ، ومعرفة ذلك تحصل بالنظر إلى القرائن المحيطة بالخطأ ، وأفضل مثالٍ على كثرة الخطأ الناتجة عن الهوى والتعالم أخطاء السقاف التي تقدم ذكرها والتي سيأتي منها أيضاً الكثير
وقفة مع تقسيم السنن إلى صحيح وضعيف(1/58)
قد انتقد السقاف الشيخ الألباني على حذفه لأسانيد السنن وتقسيمه لها إلى صحيح وضعيف وهذا من جهله بتصرفات أهل في تصانيفهم فهذا الإمام المنذري قد اختصر صحيح مسلم وسنن أبي داود وحذف الأسانيد ولم يبق إلا أحكامه هو، ومثله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد إذ حذف الأسانيد وأبقى أحكامه هو فقط وهذا الزبيدي اختصر صحيح البخاري فحذف أسانيده وتبويباته ولا أعرف أحداً انتقدهم على هذا الصنيع ، وصنيع الشيخ الألباني أبعد عن الإنتقاد من صنيعهم إذ أنه يحيلك إلى كتبه المطولة التي يذكر فيها الأسانيد مثل السلسلتين والإرواء ، فإذا كنت طالب علم رجعت إليها وعرفت حجة الشيخ في حكمه ، وإذا كنت عامياً اكتفيت بتقليد الشيخ في حكمه ولن ينفعك ذكر الإسناد
وأما التقسيم إلى صحيح وضعيف فهذا من باب الترتيب والتهذيب وقد قدمنا أن التصرف في كتب العلماء بما يتناسب مع العصر أمرٌ درج عليه العلماء ، وفائدة التقسيم إلى صحيح وضعيف هي أن ذلك أحرى ألا تختلط الأحكام ببعضها عند الطباعة ، وتسهيل البحث على العامي الذي يريد الوقوف على الصحيح فقط للعمل به
والآن مع جواب التناقضات المزعومة وسأبدأ أولاً بجواب ستين تناقضاً ثم سأعرج على رسالة الصواعق الناسفة للسقاف وأنسفها نسفاً ثم سأعود إلى الجواب على بقية التناقضات المزعومة _ وسأولها إلى ثمانين جواباً ثم سأتوقف _
وقد القاريء تشابهاً في العديد من الأجوبة على التناقضات غير أنه لن يعدم الفائدة في قراءة الكتاب كاملاً ، من الوقوف على درجات بعض الأخبار ، ومعرفة بعض الدقائق العلمية في كتب الشيخ الألباني _ رحمه الله _ غير أنك إذا كنت مستعجلاً فسألخص لك أهم الفوائد التي ستقف عليها في هذا الكتاب
فإذا أردت الوقوف على بعض تناقضات السقاف فانظر الأجوبة على التناقضات رقم 2
وإذا أردت الوقوف على بعض أدلة جهل السقاف باللغة فانظر الجواب على التناقض رقم 2 والتناقض رقم 21 والتناقض رقم 28(1/59)
وإذا أردت الوقوف على بعض سقطات السقاف العلمية فانظر الجواب على التناقض رقم 4 والتناقض رقم 6 والتناقض رقم 8 والتناقض رقم 9 والتناقض رقم 26 والتناقض رقم 28 والتناقض رقم 35والتناقض رقم 49 و التناقض رقم 53 والتناقض رقم 69 والتناقض رقم 78
وإذا أردت الوقوف على متون مختلفة أوهم السقاف القراء أنها متفقة لكي يتهم الشيخ الألباني كذباً بالتناقض ( فانظر التناقض رقم18 والتناقض رقم 22 والتناقض رقم 24و التناقض 28 و التناقض رقم 34 والتناقض رقم 36 التناقض رقم 51 والتناقض رقم 61 التناقض رقم 73 والتناقض رقم 75 )
وللوقوف على بعض أمثلة بتر السقاف للنصوص انظر الجواب على التناقض رقم 21 والتناقض رقم 49 والتناقض رقم 53
وهناك أمثلة أخرى على كذبه وتدليسه وتناقضه تجدها في الكتاب غير أنني ذكرت هذه لتميزها فإنه لا يكاد يوجد تناقض مزعوم إلا وتحته كذبة للسقاف
التناقض الأول والجواب عليه(1/60)
قال السقاف في ص 7_ 8 ((وهو يعيب على العلماء أشياء ثم يقع فيها وإذا وصلنا بالكلام إلى هذا المقام وجب التمثيل لغالب ما حكيناه فنقول : عاب على قوم أمورا وقع فيها من حيث لا يدري (مثاله) : عاب على الامام المحدث أبي الفضل عبد الله بن الصديق الغماري إيراده في كتابه (الكنز الثمين) حديث أبي هريرة المرفوع الذي فيه : (أفش السلام وأطعم الطعام وصل الارحام وقم بالليل والناس نيام ، ثم ادخل الجنة بسلام) . فقال في (سلسلته الضعيفة) (3 / 492) بعدما عزاه لاحمد (2 / 295) وغيره : (قلت : وهذا إسناد ضعيف ، قال الدارقطني : أبو ميمونة عن أبي هريرة ، وعنه قتادة : مجهول يترك) . اه ثم قال - الالباني - في نفس الصحيفة : (تنبيه : قد وقع للسيوطي ثم للمناوي خبط في لفظ هذا الحديث وسياقه ، بينته في المصدر الانف الذكر برقم (571) وكذا أخطأ الغماري بي يراده في (كنزه ) ومعزواً لابن ماجة )) . اه أقول : بل أنت وقعت في الخبط والخطأ الاعظم ، بل والتناقض الاكبر ، والدليل على ذلك أنك صححت هذا الحديث بعينه وبنفس سنده في موضع آخر وأنت لا تدري ، حيث قلت في (إرواء غليلك) (3 / 238) ما نصه : أخرجه أحمد (2 / 295 . . .) والحاكم . . . من طريق قتادة عن أبي ميمونة . قلت : وإسناده صحيح ، رجاله رجال الشيخين غير أبي ميمونة وهو ثقة كما في ((التقريب) وقال الحاكم . صحيح الاسناد ووافقه الذهبي) اه . فتأملوا بالله عليكم في هذا التناقض ، ومن الذي أخطأ ؟ ! المحدث الغماري أم هو ؟ ! ))
قلت الذي كذب ودلس هو أنت يا حسن فإن الشيخ الألباني لم ينتقد على الغماري تصحيحه لمتن بل انتقد عليه عزوه الخطأ للحديث
وهذا ظاهر في كلامه إذ أنه يقول ((تنبيه : قد وقع للسيوطي ثم للمناوي خبط في لفظ هذا الحديث وسياقه ، بينته في المصدر الانف الذكر برقم (571) وكذا أخطأ الغماري بي يراده في (كنزه ) ومعزواً لابن ماجة ))(1/61)
قلت وما تحته خط حذفه السقاف ليتم له التدليس على القراء وحقيقة الخطأ في العزو بينها الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (571) _ كما أشار الشيخ آنفاً _
وإليك كلام الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/116) (( عزا السيوطي هذا الحديث في الجامع الصغير للترمذي من حديث ابي هريرة ! وقلده الشيخ الغماري فيما سماه الكنز الثمين (406) وزعم في مقدمته أنه جرد الأحاديث الثانبة وإنما هو عنده وعند غيره من حديث عبدالله بن عمرو وأما حديث أبي هريرة عنده فهو بغير هذا السياق وفيه زيادة (( واضربوا الهام )) وهي زيادة منكرة ))
قلت : فالشيخ ينتقد على الغماري ذكره لمتن حديث عبدالله بن عمرو عند الترمذي وتخريجه للخبر على أنه مسند أبي هريرة وخبر أبي هريرة في السياق عن خبر عبدالله بن عمرو فهذا هو محل الإنتقاد
وإلا فالشيخ الألباني يصحح هذا الحديث وإنما أورده في الضعيفة لزيادة (( واضربوا الهام )) وهي زيادة منكرة _ وهي غير رواية أبي ميمونة _
وأما اختلاف اجتهاد الشيخ في أبي ميمونة فقد قدمنا في المقدمة الثانية أن هذا لا يعيب العالم فالشيخ تابع الحافظ ابن حجر على التسوية بين أبي ميمونة الفارسي وأبي ميمونة الأبار ثم تبين له أن البخاري يوافق الدارقطني على التفريق بينهما فاختار قولهما وحكم على الفارسي بأنه ثقة وعلى الآخر بالجهالة متابعاً بذلك الإمام الدارقطني
فإن قيل من أين علمت المتقدم من أقوال من المتأخر ؟
قلت : هذا هين يعرف من التواريخ المثبتة في أواخر المقدمات التي يكتبها الشيخ لكتبه ، ومن المعلوم عند المهتمين بكتب الشيخ الألباني أن ما طبعته دار المعارف _ مثل السلسلتين _ متأخر عما طبعه المكتب الإسلامي _ مثل الإرواء _
التناقض الثاني والجواب عليه(1/62)
قال السقاف في ص9 ((وبتضعيفه لبعض الاحاديث المخرجة في صحيح البخاري ي وصحيح مسلم يكون قد ناقض نفسه ، لانه ذكر في مقدمة (شرح الطحاوية) لابن أبي العز رادا على بعض العلماء ، أنه لا يصدر كلامه في تخريج أحاديث الصحيحين بلفظة (صحيح) حكما منه على ما فيهما من الاحاديث ، وإنما يصدر كلامه بلفظة (صحيح) إخبارا بالواقع أنظر ص (27 - 28) من مقدمة الطحاوية الطبعة الثامنة (المكتب الاسلامي) ، فإذا علمت ذلك أخي القارئ المنصف فنقول ساعتئذ : لقد ناقض الرجل نفسه ولم يصدق في مقدمة ذلك الكتاب فقد ضعف أحاديث في البخاري وكذا في مسلم ولا بد من التمثيل عليها لاثبات البرهان والدليل على ما نقول ))
قلت في هذا الكلام جهلٌ عريض
فإن أحاديث الصحيحين على قسمين قسمٌ اتفاق الحفاظ على صحته
وآخر اختلف فيه الحفاظ
وكلام الشيخ الألباني رحمه الله في مقدمة شرح الطحاوية إنما يقصد به الأحاديث المتفق عليها
ولو قال شخص أن الإطلاق في كلام الشيخ في مقدمة شرح الطحاوية إنما يقصد به الأحاديث المخرجه في شرح
الطحاوية لأن الحديث كان حولها لكان مصيباً
ثم إن الأحاديث المنتقدة في الصحيحين نادرة والنادر لا حكم له لهذا يهمله العلماء عند التقعيد ويقال : (( لكل قاعدة شواذ ))
مثال ذلك قول بعض النحويين أن الفعل لا يخفض فلا يعترض عليهم بالأفعال التي خفضت لالتقاء ساكنين وذلك أنهم عندما قعدوا إنما أخذوا مأخذ الغالب وتركوا النادر وعلى هذا قد يحمل كلام الشيخ الألباني
بل إن الشيخ الألباني أشار في المقدمة التي ينقل عنها السقاف إلى أن هناك أخبار معلولة في الصحيحين حيث قال الشيخ في ص23 (( وليس معنى ذلك أن كل حرف أو لفظة أو كلمة في الصحيحين هو بمنزلة ما في القرآن لا يمكن أن يكون فيه أو خطأ في شيء من ذلك من بعض الرواة ))
واعلم أن السقاف نفسه له موقفٌ متناقض من أحاديث الصحيحين(1/63)
فقد قال في ص24 من كتابه الإغاثة بأدلة الإستغاثة : ((عارم : واسمه محمد بن الفضل السدوسي : من رجال البخاري ومسلم والأربعة أيضا . وهو ثقة ثبت . تغير في آخر عمره . وما ظهر له بعد تغيره حديث منكر كما نص على ذلك أكابر الحفاظ كالدارقطني وأقره الحافظ الذهبي في الميزان (4 / 8) . فمن حاول أن يطعن فيه بالاختلاط فقد حاول الطعن في البخاري ومسلم ))
قلت ههنا يجعل السقاف الطعن في أحد رواة الصحيحين بالإختلاط طعناً في الصحيحين
ثم نجده هو نفسه يعل حديثين باختلاط رواة الصحيحين
فقد أعل حديثاً في تعليقه على دفع شبه التشبيه في ص238 باختلاط سعيد بن عبدالعزيز وهو من رجال الصحيح
وأعل خبراً آخراً باختلاط ثابت بن أسلم البناني في ص110
فإما أن يكون متناقضاً أو قال كلامه السابق لإلزامنا فيكون الشيخ الألباني قد قال كلامه السابق أيضاً للإلزام علماً بأن إلزام السقاف سخيفٌ وساقط لأن المختلط روايته على قسمين
قسم قبل الإختلاط وهي صحيحة
وقسم بعد الإختلاط وهي ضعيفة
وما خرج للمختلطين في الصحيحين فهو من القسم الأول وما ضعفه العلماء فهو من القسم الثاني ولا تناقض والحمد لله
والآن لنقف مع الأحاديث أوردها السقاف مدللاً على تضعيف الشيخ الألباني لأحاديث الصحيحين
الحديث الأول
حديث : (قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) . قال الالباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (4 / 111 برقم 4054) : رواه أحمد والبخاري عن أبي هريرة (ضعيف)
قلت : قبل الكلام على هذه الأحاديث اعلم رحمك أن السقاف لا تحفظ عنده على نقد أخبار الصحيحين فقد صنف كتاباً في تضعيف حديث الجارية أسماه " تنقيح الفهوم العالية " وله كتابٌ مستقل في تضعيف الرؤية وطعنه في أحاديث الصحيحين كثير وإنما ذكرنا هذا للتمثيل(1/64)
وأما الحديث المذكور فقد ضعفه الشيخ الألباني من أجل يحيى بن سليم الطائفي
ضعفه جمع من الحفاظ حتى قال فيه الحافظ ابن حجر : (( صدوق سيء الحفظ ))
وإليك أقوالهم ليستبين لك فأما الذين وثقوه فهم
1_ يحيى بن معين
2_ ابن سعد
3_ ابن حبان ذكره في الثقات وقال : يخطيء
4_ العجلي
وأما الذين ضعفوه فهم
1_ أحمد بن حنبل وأقوى ما جاء عنه في حقه ما رواه العقيلي عنه أنه قال أتيته فكتبت عنه شيئا فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته وفيه شيء قال أبو جعفر ولين أمره
2_ أبو حاتم الرازي حيث قال شيخ صالح محله الصدق ولم يكن بالحافظ يكتب حديثه ولا يحتج به
3_ النسائي حيث قال في الكنى : (( ليس بالقوي ))
4_ الساجي حيث قال : (( صدوق يهم في الحديث وأخطأ في أحاديث رواها عبيد الله بن عمر لم يحمده أحمد))
5_ وقال الدارقطني : ((سيء الحفظ))
6_ وقال الفسوي : (( سني رجل صالح وكتابه لا بأس به وإذا حدث من كتابه فحديثه حسن وإذا حدث حفظا فيعرف وينكر ))
7_ وقال الدولابي : (( ليس بالقوي ))
8_ الحاكم أبو أحمد حيث قال : (( ليس بالحافظ عندهم ))
9_ الإمام البخاري نفسه حيث قال في تاريخه في ترجمة عبد الرحمن بن ناقع ما حدث الحميدي عن يحيى بن سليم فهو صحيح
قلت مفهوم هذا أن حديث الآخرين عنه ضعيف وحديثنا المذكور ليس من حديث الحميدي عنه
وانظر الأقوال السابقة كلها في تهذيب التهذيب
ونقل الترمذي عن الإمام البخاري في العلل الكبير قوله في ص 395 (( يحيى بن سليم رجل صالح صاحب عبادة يهم الكثير في أحاديثه إلا في أحاديث كان يسأل عنها ))
والذي يظهر أن الإمام البخاري قد انتقى حديثه هذا
وقد استنكر عليه ابن عدي في الكامل حديثاً عن إسماعيل بن أمية _ وحديثه المذكور عن إسماعيل _(1/65)
وقال في آخر ترجمته (( وليحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية وعبيدالله بن عمر وابن خثيم وسائر مشايخه أحاديث صالحة وافرادات وغرائب يتفرد بها عنهم وأحاديثه متقاربة وهو صدوق لا بأس به ))
قلت : إنما يعني بالغرائب المناكير لأنه جعلها مقابلة للأخبار الحسان ومعلومٌ أن أهل العلم استنكروا له أخباراً عن عبيدالله بن عمر فتأمل
والخلاصة أن تضعيف الشيخ الألباني له وجه
الحديث الثاني
حديث : (لا تذبحوا إلا بقرة مسنة ، إلا أن تتعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) . قال الالباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (6 / 64 برقم 6222) : رواه الامام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن جابر (ضعيف)
قلت إنما ضعفه الشيخ الألباني من أجل تدليس أبي الزبير
وهذا هو الكوثري المعظم عند السقاف _ فقد جعله السقاف مجدداً في مقدمة دفع الشبه _ يضعف حديثاً في صحيح مسلم من أجل عنعنة أبي الزبير وذلك في مقالاته (ص159)
وقال الحافظ في الفتح (12/92) (( لكن أبو الزبير مدلس أيضاً وقد عنعنه عن جابر ))
وقال الذهبي في ترجمة أبي الزبير من ميزان الإعتدال : (( وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر ، وهى من غير طريق الليث عنه ، ففى القلب منها شئ ))
قلت : وهذا الخبر منها فتبين أن تضعيف الشيخ الألباني له وجه
الحديث الثالث
حديث : (إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته ، وتفضي إليه ثم ينشر سرها) (3) . قال الالباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (2 / 197 برقم 2005) : رواه مسلم عن أبي سعيد " (ضعيف)
قلت إنما ضعفه الشيخ الألباني من أجل عمر بن حمزة(1/66)
قال الإمام الذهبي في ترجمته من ميزان الإعتدال : ((عمر بن حمزة [ م ، د ، ت ، ق ] بن عبدالله بن عمر العدوى العمرى عن عمه سالم . ضعفه يحيى بن معين ، والنسائي . وقال أحمد : أحاديثه مناكير . قلت : له عن عبدالرحمن بن سعد ، عن أبي سعيد - مرفوعا : من شرار الناس منزلة يوم القيامة رجل يفضى إلى المرأة . . . الحديث . فهذا مما استنكر لعمر ))
قلت : فانظر كيف ينقل الذهبي استنكار العلماء لحديثه المذكور مع كونه في صحيح مسلم وعليه فإن الشيخ الألباني _ رحمه الله _ له سلف
الحديث الرابع
حديث : (إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين) .
قال الألباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (1 / 213 برقم 718) : رواه الامام أحمد ومسلم عن أبي هريرة (ضعيف)
قلت هذا الخبر أعله الشيخ الألباني بأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله لا من قوله وذلك في تحقيقه لرياض الصالحين حديث رقم 1187
وعليه فإن الرفع عند الشيخ شاذ
وقد أشار لهذه العلة الإمام أبو داود في سننه حيث قال بعد أن روى الحديث 1323 (( روى هذا الحديث حماد بن سلمة وزهير بن معاوية وجماعة عن هشام عن محمد أوقفوه على أبي هريرة))
وعليه فلا يصح إلا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت الصحيح من حديث عائشة فانظر رحمني الله وإياك إلى دقة نظر الشيخ الألباني واستفادته من كلام الأئمة النقاد
الحديث الخامس
حديث : (أنتم الغر المحجلون يوم القيامة ، من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله) . قال الالباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (14 / 2 برقم 1425) : رواه مسلم عن أبي هريرة (ضعيف بهذا التمام)
قلت : الجملة الأخيرة من الحديث (( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله )) حكم عليها جماعة من الحفاظ بأنها من مدرجة من قول أبي هريرة _ وهذا سبب تضعيف الشيخ الألباني(1/67)
قال المنذري كما في صحيح الترغيب والترهيب (1/74_75) (( وقد قيل أن قوله : (( فمن استطاع ....)) إلى آخره إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوفٌ عليه ذكر ذلك غير واحد من الحفاظ ))
قلت : وعليه فإن الشيخ الألباني له سلف
الحديث السادس
حديث : (من قرأ العشر الاواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) قال الالباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (5 / 233 برقم 5772) : رواه أحمد ومسلم والنسائي عن أبي الدرداء (ضعيف)
وهذا الحديث أعله الإمام مسلم بنفسه
فقد روى قال في صحيحه (809) حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا معاذ بن هشام. حدثني أبي عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، عن أبي الدرداء؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال".
(809) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. ح وحدثني زهير بن حرب. حدثنا عبدالرحمن بن مهدي. حدثنا همام. جميعا عن قتادة، بهذا الإسناد. قال شعبة: من آخر الكهف. وقال همام: من أول الكهف كما قال هشام
قلت فها أنت ترى أن همام بن يحيى وهشام الدستوائي رووا الحديث عن قتادة بلفظ (( من أول سورة الكهف )) وخالفهما شعبة فرواه بلفظ (( من آخر الكهف ))
والقول قول الأكثر كما ترى
وفي هذا الحديث بحثٌ طويل ليس هذا محل بسطه
وقد زعم السقاف في ص10 أن عزو الحديث لصحيح مسلم بلفظ (( من قرأ )) وهمٌ فاحش لأنه عنده بلفظ (( من حفظ ))
وهذا من جهله باللغة فلا خلاف بين اللفظتين فإن لفظة (( قرأ )) من معانيها في اللغة (( حفظ )) ولهذا كان الحفاظ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يسمون القراء
قال المناوي في فيض القدير (( (سيأتي زمان على أمتي يكثر فيه القراء) الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب ولا يفهمون معانيه))(1/68)
وقد تقدم معنا وهم شيخ السقاف الغماري في العزو الذي نبه عليه الشيخ الألباني والذي لم يعتبره السقاف وهماً بل أوهم القراء أن الشيخ الألباني ينتقد أمراً آخراً غير العزو
الحديث السابع
حديث (كان له صلى الله عليه وسلم فرس يقال له اللحيف) . قال الألباني في (ضعيف الجامع وزيادته) (4 / 208 برقم 4489) : رواه البخاري عن سهل بن سعد (ضعيف)
هذا الحديث ضعفه الشيخ الألباني من أجل أبي بن العباس بن سهل الساعدي
ضعفه ابن معين
وقال أحمد : (( منكر الحديث ))
وقال البخاري _ نفسه _ والنسائي : (( ليس بالقوي ))
و قال العقيلي : (( له أحاديث لا يتابع على شيء منها ))
وليس له في صحيح البخاري إلا حديث واحد
وقال ابن حجر في التقريب : (( فيه ضعف ))
وعليه فقول الشيخ الألباني له وجه قوي
وقفة مهمة
ليعلم القاريء أن للشيخ الألباني _ رحمه الله _ أيادي بيضاء في الذب عن الصحيحين والرد على المبطلين الذين يضعفون الأحاديث الثابتة فيهما
وقد بسط الشيخ طارق عوض الله ذلك في كتابه القيم (( ردع الجاني المتعدي على الألباني )) (ص52_ 65 )
والذي يعنيني تنبيه القاريء إلى أن حسن السقاف فد ضعف عدداً من الأحاديث الصحيحة التي صححها الشيخ الألباني وربما رد على الطاعنين فيها ومنهم السقاف
وإليك خمسة أمثلة
الحديث الأول
حديث الجارية المشهور في صحيح مسلم والذين فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية (( أين الله )) صنف السقاف رسالةً مستقلةً في تضعيفه أسماها (( تنقيح الفهوم العالية فيما صح وما لم يصح من حديث الجارية ))
والشيخ الألباني _ رحمه الله _ يصحح هذا الحديث بل دافع عنه دفاعاً قوياً في سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/458_464) وقد رد هناك على طائفة من شبهات الطاعنين في هذا الحديث ومنهم السقاف
وقد أنعم الله عز وجل علي بتصنيف رسالةٍ أسميتها (( الدفاع عن حديث الجارية )) رددت على رسالة السقاف في تضعيف حديث الجارية(1/69)
الحديث الثاني
حديث (( من عادى لي ولياً ...)) الحديث رواه البخاري وضعفه السقاف في تعليقه على كتاب دفع شبه التشبيه ص264
وقد دافع الشيخ الألباني عن هذا الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 1640
الحديث الثالث
أحاديث الدجال المتواترة في الصحيحين وغيرها من مصادر الإسلام ضعفها السقاف في كتابه (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية ))
وللشيخ الألباني رسالة مستقلة في جمع ما صح من أحاديث المسيح الدجال أسماها (( قصة المسيح الدجال ))
الحديث الرابع
حديث(( يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل، فيستشهد))
رواه مالك في الموطأ ومن طريقه البخاري 2671 ومسلم 1890وضعفه السقاف في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص178
وقد صحح هذا الخبر الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم 8100
الحديث الخامس
حديث (( يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ، وتبقى هذه الامة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عزوجل في غير الصورة التي كانوا يعرفون فيقول : أنا ربكم . فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا . فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . . ؟ ))
رواه البخاري ومسلم وضعفه السقاف في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص157
والشيخ الألباني يصحح هذا الخبر كما في تعليقه على كتاب السنة لابن أبي عاصم ص475
التناقض الثالث والجواب عليه(1/70)
قال السقاف في ص13 ((ولا بد من ذكر مثال على التناقض في التحسين والتصحيح فنقول : (حديث) : أبي الدرداء رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه وآله أن : (لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب - الخمر - فإنها مفتاح كل - شر) رواه ابن ماجه . حكم عليه الالباني بالصحة في (صحيح الترغيب والترهيب) صفحة (227) حديث رقم (566) . ثم - أورده في (صحيح ابن ماجه) (2 / 374 برقم 3259) قائلا : (حسن) ))
قلت لقد رجعت إلى تعليق الشيخ على الترغيب والترهيب ط دار المعارف (2/300) فوجدته حكم على الحديث بأنه حسن لغيره
ثم وجدته برقم (576) في صحيح الترغيب والترهيب وقد حكم عليه بأنه حسن لغيره
وعليه فإن الشيخ قد اختلف اجتهاده وغير الحكم في الطبعة الجديدة من الترغيب
وكذا حكم عليه الشيخ بالحسن في تعليقه على المشكاة (580)
وعليه فلا تثريب على الشيخ فيما ذهب إليه وقد قدمنا الكلام على تغير اجتهادات العلماء
وإن كان الذي يبدو لي أن الشيخ الألباني لم يتغير اجتهاده فقد قال في طبعة المكتب الإسلامي من صحيح الترغيب والترهيب والتي ينقل منها السقاف في الحاشية (( ولكنه له شواهد من حديث معاذ وغيره خرجتها في إرواء ( 2026)
وإذا رجعت إلى الإرواء فستجد أن الشيخ ذكر طرقاً للحديث ليس فيها واحدٌ يقوم بذاته ثم حكم على الحديث بأنه صحيح بجموع الطرق
وهذا اصطلاح عند الشيخ يعبر به عن كل حديثٍ ثابت باعتبار الحسن لغيره عند من أقسام الخبر الصحيح أو المقبول
غير أن الشيخ زاد اللفظ وضوحاً في تعليقه الجديد
التناقض الرابع والجواب عليه
قال السقاف ص14 ((مثال آخر) : (حديث) : (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر) . صححه في تخريج (المشكاة) (2 / 1270 برقم 4477) ، وحسنه في (غاية المرام) ص (134 برقم 190) ))(1/71)
قلت : إنما حسنه الشيخ الألباني في غاية المرام باعتبار صاحبيه فهو حسن من حديث جابر فهو عند أحمد والنسائي من حديث أبي الزبير عن جابر
وقد تقدم الكلام على عنعنة أبي الزبير عن جابر
وهو عند الترمذي (2953) من حديث ليث عن طاوس عن جابر وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث ولكنه يقوي السند السابق عند الشيخ
وأما تصحيحه له في المشكاة باعتبار شواهده من أحاديث الصحابة الآخرين والتي أوردها الهيثمي في مجمع الزوائد (1515 _ 1528)
فلا تناقض في كلام الشيخ والحمد لله
والذي يبدو أن الشيخ _ رحمه الله _ عندما يكتب غاية المرام جمع الطرق عن جابر أولاً _ كما هي عادة المخرجين _ فلما وجده يرتقي إلى درجة الإحتجاج عدل عن تخريجه من أحاديث الصحابة الآخرين مفضلاً أن يخرج حديثاً آخراً لأن ذلك أنفع
ثم وقف بعد ذلك في قراءاته في كتب الحديث على الشواهد المذكورة فاستحضرها عند تخريجه لكتاب المشكاة فحكم على الخبر بالصحة أو بأنه أراد بقوله (( صحيح )) أنه داخل في قسم المقبول وإن كان حسناً لغيره كما قدمنا
واعلم رحمك الله أن إطلاق لفظة (( الصحيح )) على الخبر الحسن لغيره قد أثر عن بعض المتقدمين
فهذا حديث بئر بضاعة لا تخلو طريق من طرقه من مقال ومع ذلك نقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير عن الإمام أحمد وابن معين أنهما صححاه (1/13)
وللكلام على طرق الخبر انظر الإرواء رقم (14)
فيبدو أن الشيخ أخذ هذا من كلام المتقدمين
فإن قيل : إن الشيخ لم ينص على هذا
قلنا : كثير من مصطلحات العالم تفهم من تصرفاته فلو رجع القاريء إلى كتب الشيخ المطولة التي يعزو إليها دائماً مثل الإرواء والسلستين لفهم تصرفات الشيخ وأسباب أحكامه كما حصل معي في هذا المثال(1/72)
وكثيرٌ من العلماء لم يوضحوا اصطلاحاتهم فالترمذي مثلاً لم يوضح المقصود من قوله (( حسن غريب )) وابن عدي لم يوضح المقصود من قوله (( أرجو أنه لا بأس به )) غير أن الباحث الحاذق يعرف من معاني هذه الألفاظ من تصرفات الأئمة
فإن قيل : إن هذا اصطلاح خلاف المتأخرين
قلنا : قد وضحنا سابقاً أن من رجع لكتب الشيخ المطولة استبان له معنى اصطلاحه فلا ضير إذا اصطلاح المتأخرين
ثم إن التفريق بين الصحيح والحسن لغيره عند من يحتج بهما إنما فائدته يكون عند الترجيح وهذه الأخبار لا معارض لهذا
غير أن الشيخ اختار في كتبه المتأخرة استخدام مصطلح المتأخرين لكي لا يفتح للسقاف وأمثاله باباً يلجون منه عليه
وهذا السقاف نفسه يحكم على حديثٍ حسنٍ لغيره بأنه صحيح
حيث قال في ملحق دفع شبه التشبيه ص 286 ((وفي الحديث الصحيح سئل النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي البقاع خير ؟ فقال لا أدري ....)) ثم ذكر الحديث
وهذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك (1/90) وفي سنده عطاء بن السائب يروي عنه جرير بن عبدالحميد وقد روى جرير عن عطاء بعد الإختلاط كما نص على ذلك الإمام أحمد وابن معين _ انظر ترجمة عطاء في التهذيب _
وللحديث طريقٌ آخر عند الطبراني في المعجم الأوسط (7140 )وسنده ضعيفٌ أيضاً فيه عبيد بن واقد
فإما يكون السقاف مخطئاً في تصحيحه للخبر وإما أن يكون أطلق الصحيح على الحسن لغيره
التناقض الخامس والجواب(1/73)
قال السقاف في ص28 نبذة من تناقض الالباني في تصحيحه الحديث في موضع وحكمه عليه بأنه منكر جدا في موضع آخر أورد الالباني في (مختصر العلو) ص (98) برقم (38) حديث قتادة بن النعمان سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول : (لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه) فقال : (رواته ثقات ، رواه أبو بكر الخلال في كتاب السنة له) اه . أقول : لا أدري كيف يصفك المفتونون بك بانك (محدث الديار الشامية) و (حافظ العصر والوقت) و (أنك ما رأيت مثل نفسك) وأنه لو حلف بين الركن والمقام على ذلك لم يحنث ، ونحن نقول له : بل حنثت وعليك أن تكفر عن يمينك إن كنت حلفت لان هذا المحدث المزعوم يستطيع أن يرد عليه الطلبة المبتدئون في هذا العلم فكيف بمن أمضوا فيه عشرات السنين ؟ !(1/74)
وتصحيحه لهذا الحديث في هذا الموضع يدل على أشياء : 1 - استعجاله طبع الكتاب ، بالمراجعة السطحية دون تمحيص في أسانيدها والنظر في نكارة متونها ، وهذا لا يليق بطالب علم فضلا عن محدث ! وكان بإمكانه أن يتريث في تخريج تلك الاحاديث ، لكن تريثه حصل في مقدمة الكتاب المذكور التي شحنها بالانتقاص من العلماء والنيل منهم بعبارات ركيكة تهدمها قواعد الشريعة الغراء التي دعت إلى التنزيه وهدم التشبيه . 2 - تساهله في تخريج الحديث في الكتب المختصة بالعقيدة ، وهذا من غلطه فإن الكتب المختصة بالعقيدة ينبغي أن تكون فيها الاحاديث الصحيحة الخالية عن المعارض ، أما الضعيفة والمنكرة والموضوعة والمعارضة بالقطعي فمما ينبغي أن تصان عنه . 3 - لو ساق الالباني سند الحديث الذي صححه هنا من كتاب (الخلال) لتبين له أنه موضوع منكر ولما صححه ، وهاك اسناده أخي القارئ لتتحقق نكارته ووهاءه : قال الخلال : حدثنا أحمد بن الحسين الرقي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن فليح حدثني أبي عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين ، قال : بينما أنا جالس في المسجد إذ جاءني قتادة بن النعمان يحدث وثاب إليه الناس ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (إن الله لما فرغ من خلقه استوى على عرشه واستلقى ووضع إحدى رجليه على الاخرى ، وقال : إنها لا تصلح لبشر(1/75)
أقول ولا يشك عاقل أن هذا كذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله ، تعالى الله عن ذلك . وانظر الحديث في الاسماء والصفات للامام الحافظ البيهقي ص (355 - 356) والتعليق عليه ، وقد حكم عليه الحافظ البيهقي هناك بالنكارة ، وعده الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (3 / 365) من منكرات فليح ، وفليح ضعف الالباني حديثه في مواضع لا تحصى من كتبه (1) ، فكيف يقول عن حديثه في (مختصر العلو) هنا رجاله ثقات ، وصحيح على شرط البخاري ؟ ! ! . 4 - ويدل تصحيحه للحديث هنا في (مختصر العلو) على شدة غفلته وتناقضه ، لانه قد حكم على الحديث بأنه منكر جدا في موضع آخر من كتبه وذلك في (سلسلته الضعيفة) (2 / 177 حديث 775) ونحن نتركه في الموضع الثاني - الضعيفة - يرد على الموضع الاول ! )) . اه
قلت : هذا الكلام فيه من البهت والكذب الشيء الكثير
فخبر قتادة بن النعمان له لفظان
اللفظ الأول (( إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى , و وضع إحدى رجليه على الأخرى و قال :
لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل هذا ))
وهذا اللفظ حكم عليه الشيخ الألباني بالنكارة وقال رواه أبو نصر الغازي في جزء من " الأمالي " ( 77 / 1 )
انظر ذلك في سلسلة الأحاديث الضعيفة حديث رقم 755
اللفظ الثاني (( لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه ))
ذكر الذهبي في العلو وقال (( رواته ثقات رواه أبو بكر الخلال في كتاب السنة له )) وكذا ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية
انظر ذلك في صفحة 98 من مختصر العلو ونقل الألباني حكم ابن القيم على سند الخلال أنه على شرط البخاري
والشيخ الألباني لم يقف على سند الخلال وله العذر في ذلك
لأنه لا يوجد في النسخة المطبوعة من السنة للخلال ولم يذكر الذهبي في العلو سند الخلال وكذلك ابن القيم(1/76)
فاكتفى الشيخ الألباني بنقل حكم الذهبي وابن القيم لاحتمال أن يكون سند الخلال غير سند الرواية الأولى فالإختلاف في المتن من مظان الإختلاف في السند _ والواقع أن السند هو هو _
ولما كان السقاف جاهلاً حقوداً لم يتفهم هذا التصرف الدقيق من الشيخ الألباني فأخذ يتهمه بالتناقض لأنه حكم على اللفظ الأول بالضعف وسكت على حكم الذهبي وابن القيم على اللفظ الثاني بل أوهم أن اللفظين واحد
وقد ارتكب السقاف عدة خيانات علمية
الأولى : إيهامه أن الخبر موجود في النسخة المطبوعة من السنة للخلال وأن سنده بمتناول يد الشيخ وليس الأمر كذلك
الثانية : إيهامه أن لفظ الخبر عند الذهبي في العلو فيه زيادة الإستلقاء المنكرة وليس كذلك وليس في اللفظ الذي أورده الذهبي أي نكارة بل ظاهر القرآن يعضده فلا وجه لقول السقاف : ((استعجاله طبع الكتاب ، بالمراجعة السطحية دون تمحيص في أسانيدها والنظر في نكارة متونها ))
الثالثة : إيهامه أن الشيخ الألباني هو من قال في مختصر العلو (( رجاله ثقات )) وإنما القائل الذهبي وقد سكت الألباني على قوله لأنه لم يقف على سنده
وبما أن الشيخ لم يقف على إسناد الخلال فلا وجه لاتهامه بالتناقض في شأن فليح
التناقض السادس
قال السقاف في ص37 ((حديث عن محمود بن لبيد قال : (أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضبان ، ثم قال : (أيلعب بكتاب الله عزوجل وأنا بين أظهركم ؟ !) حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله ؟ !) رواه النسائي . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) الطبعة الثالثة ، بيروت - سنة 1405 ه المكتب الاسلامي (2 / 981) فقال : ورجاله ثقات لكنه من رواية مخرمة عن أبيه ولم يسمع منه . اه ثم تناقض فصححه في كتاب (غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام) طبعة المكتب الاسلامي ، الطبعة الثالثة 1405 ه صفحة (164) حديث رقم (261) ))(1/77)
قلت قول العالم في سند الحديث (( لم يسمع فلان من فلان )) ليس تضعيفاً للسند ولا بد بل هو بيان علة والعلة قد تكون قادحةً وقد تكون غير قادحة
ففي مثل هذه الصورة قد لا تكون قادحةً إذا كان الراوي الساقط غير معروف كما هو الحال في عامة المنقطعات
وقد تكون غير قادحة إذا كان الساقط ثقة قد عرفه المحدثون كما هو الحال في رواية حميد الطويل عن أنس فقد أسقط ثابتاً البناني وهو ثقة ثبت
وقد تكون وجادة صحيحة
إذا فهمت هذا علمت أنه لا تناقض في موقف الشيخ فقد بين الشيخ في تخريج المشكاة علة السند ثم بين في غاية المرام أنها علة غير قادحة لأن رواية مخرمة عن أبيه وجادة صحيحة
والكلام المتناقض هو الكلام الذي لا يجتمع وكلام الشيخ في الموضعين يجتمع بإمكانك أن تقول (( مخرمة لم يسمع من أبيه ولكن روايته عنه وجادة صحيحة ))
وبهذا يسقط اتهام الشيخ بالتناقض
التناقض السابع والجواب عليه
قال السقاف في ص 38 ((حديث : (إذا كان أحدكم في الشمس فقلص عنه الظل وصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس فليقم) أقول : صححه الالباني فقال في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1 / 266 / 761) صحيح الاحاديث الصحيحة : 835 . اه
ثم تناقض فضعفه في : تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1337 / برقم 4725 الطبعة الثالثة) وقد عزاه في كل من الموضعين إلى سنن أبي داود))
قلت : إنما ضعف الشيخ في تخريج المشكاة سند أبي داود حيث قال معلقاً على قول التبريزي (( رواه أبو داود )) قال الشيخ (( وإسناده ضعيف ))
ثم إن الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة قد ضعف سند أبي داود أيضاً فقال : ((أخرجه أبو داود ( 4822 ) و الحميدي في " المسند " ( 1138 ) من طريق سفيان قال :
حدثنا محمد بن المنكدر ـ و هو متكئ على يدي في الطواف ـ قال : أخبرني من سمع
# أبا هريرة # يقول : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح لولا الرجل الذي لم يسم ))(1/78)
قلت : وهذا تضعيف لسند أبي داود ثم أورد الشيخ طريقاً صحيحاً للحديث صححه به فلا تناقض هنا إذ أن تضعيف أحد أسانيد الخبر لا يقتضي تضعيف متنه لاحتمال وجود الشواهد والمتابعات
وعليه فإن فقول السقاف : (( ضعفه في المشكاة )) كذب على الشيخ فهو إنما ضعف أحد طرق الحديث
ولما صنف الشيخ صحيح الجامع كان قد خرج الحديث في الصحيحة ولهذا عزا إليها
فإن قيل : لماذا لم يورد الشيخ السند الصحيح للخبر في تخريجه للمشكاة ؟
قلنا : سواءً أورده أو لم يورده فهو غير متناقض _ لما قدمنا في تعريف الكلام المتناقض _ والمخرج إنما يلزمه تخريج الأسانيد التي يذكرها المؤلف وأما ذكر الشواهد فهو أمرٌ زائد على الواجب عليه
والشيخ الألباني إنما يحاول الإستقصاء في كتبه المطولة
والإتهام بقصور التخريج شيء والإتهام بالتناقض شيءٌ آخر ، وقد قدمنا الكلام على القصور في التخريج في المقدمة الأخيرة
بل إن الشيخ _ رحمه الله _ قد خرج كتاب المشكاة تخريجاً ثانياً أوسع من هذا التخريج كما نبه على ذلك في مقدمة صحيح ابن ماجة
وعليه فإن الكتاب الذي اعتمده السقاف في الكثير من أمثلته منسوخ وغير معتمد و بناءً عليه ينهدم بنيان السقاف من القواعد
التناقض الثامن
قال السقاف في ص38 ((حديث : (الجمعة حق واجب على كل مسلم . . .) ضعفه الالباني في : تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 434) : فقال : رجاله ثقات وهو منقطع كما أشار أبو داود اه بمعناه ومن التناقضات أنه : أورد الحديث في إرواء الغليل (3 / 54 / برقم 592) وقال : صحيح . اه فتدبروا يا أولي الالباب))
قلت : قد تدبرنا فوجدناك كذاباً فإن الشيخ لم يضعف الحديث في مشكاة المصابيح
فقد قال: (( رجاله ثقات من رجال مسلم إلى غير أن أبا داود أشار إلى أنه منقطع فقال : طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً ))(1/79)
قلت : هذا الإنقطاع لا يناقض تصحيح الحديث فإن طارق بن شهاب صحابي ومراسيل الصحابة مع كونها منقطعة إلى أنها صحيحة عند جمهور العلماء لأن الساقط صحابي ولا بد والصحابة كلهم عدول
وقد بين الشيخ الألباني هذا في الإرواء حيث نقل عن الزيلعي ( 2 / 199 ) : " قال النووي في الخلاصة : وهذا غير قادح في صحته ، فإنه يكون مرسل صحابي ، وهو حجة والحديث على شرط الشيخين "
وعليه فإن تصحيح الشيخ للحديث في الإرواء لا يناقض ما نقله عن أبي داود في المشكاة وقد تنبه السقاف لهذا فلم ينقل ما نقله الشيخ الألباني عن أبي داود بنصه وإنما نقله بمعناه إمعاناً منه بالمكر والتلبيس
ثم إن الشيخ قد أورد للحديث عدداً من الشواهد التي قوى بها هذا الخبر فلو فرضنا جدلاً أنه ضعف سند أبي داود في المشكاة فإن هذا لا يعارض تصحيح متن الحديث بالشواهد
التناقض التاسع والجواب
قال السقاف في ص38 وص39 ((ومن تناقضات الاستاذ الالباني أنه : وثق المحرر بن أبي هريرة في حديث فصحح ذلك الحديث ، ثم في موضع آخر جعله علة في السند فضعف الحديث . أما توثيقه وتصحيح حديثه : ففي (إرواء الغليل) (4 / 301) قال عن المحرر ما نصه : فهو ثقة إن شاء الله ، فقول الحافظ فيه : (مقبول) غير مقبول ، وعليه فالاسناد صحيح . اه وأما جعله المحرر علة في السند وتضعيفه : ففي الصحيحة (4 / 156) قال مانصه : هذا إسناد رجاله كلهم رجال البخاري ، غير المحرر بن أبي هريرة ، فإنه من رجال النسائي وابن ماجه فقط ، ولم يوثقه غير ابن حبان ، ولذلك لم يوثقه الحافظ ابن حجر ، بل اكتفى بقوله : مقبول ، يعني عند المتابعة ))
قلت : لا تناقض في موقف فإن الراوي الثقة قد يكون علةً في السند إذا خالفه من هو أوثق منه
فقد تكلم الشيخ الألباني رحمه الله على حديث " ما أهل مهل قط إلا بشر , و لا كبر مكبر قط إلا بشر , قيل : بالجنة ? قال : نعم "(1/80)
فقال الشيخ : ((رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 7943 - نسختي ) و أبو الحسن الحربي في
" الأمالي " ( 245 / 2 ) عن عبد الأعلى بن حماد النرسي حدثنا معتمر بن سليمان
حدثنا زيد بن عمر بن عاصم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن # أبي هريرة # مرفوعا
, و قال الطبراني : " لم يروه عن زيد إلا معتمر " .
قلت : قال في " الميزان " : " حدث عن سهيل بن أبي صالح بخبر منكر " .
قلت : لعله يعني هذا , لكن مجيئه من طريق آخر يرفع عنه النكارة , و هو ما أخرجه
الطبراني أيضا قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن علي
الحلواني حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبيد الله بن عمر
عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة نحوه .
قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان بن أبي
شيبة و فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إن شاء الله كما بينته في مقدمة
" مسائل ابن أبي شيبة شيوخه " تأليف محمد بن عثمان هذا . و الحديث قال الهيثمي
( 3 / 224 ) تبعا للمنذري ( 2 / 119 ) : " رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين
رجال أحدهما رجال الصحيح " . كذا قال و ابن شيبة هذا ليس من رجال الصحيح))
قلت أنا عبدالله الخليفي : ولكن المحرر بن أبي هريرة قد رواه بلفظ آخر مخالفاً اللفظ الثابت
قال الشيخ الألباني مبيناً ذلك ((لكن قد رواه الخطيب في " تاريخه " ( 2 / 79 ) من طريق محمد بن أبان البلخي قال : نبأ
عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن محرر بن أبي هريرة عن أبيه
مرفوعا بلفظ : " ما أهل مهل قط إلا آبت الشمس بذنوبه " ))
قلت فهذا اللفظ يخالف اللفظ الأصل لهذا أعله الشيخ بالمحرر وعلة أخرى من باب الإعلال بالمخالفة ولا تناقض بين توثيق الراوي وإعلال روايته بالمخالفة(1/81)
ومعلومٌ أن من اكتسب ثقته بثناء الأئمة عليه أفضل ممن اكتسبها برواية الثقات عنه _ مثل المحرر _ لهذا أشار الشيخ إلى أنه لم يوثقه معتبر مع أنه يوثقه لا بثناء الأئمة عليه وإنما برواية الثقات عنه
ولو فرضنا جدلاً أن الشيخ تغير اجتهاده في هذا الراوي فهذا له فيه سلف علماً هذا الإختلاف الذي فهمه السقاف لم يؤثر في صحة أحكام الشيخ
التناقض العاشر وجوابه
قال السقاف في 39 ((حديث : عبد الله بن عمرو مرفوعا : (الجمعة على من سمع النداء) رواه أبو داود . صححه الالباني في : (إرواء الغليل) (3 / 58) فقال : حسن . اه وناقض نفسه فضعفه في : تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 434 / برقم 1375) حيث قال : سنده ضعيف))
قلت لا تناقض في موقف الشيخ فإن قد ضعف في الشكاة سند أبي داود خاصة ، وكذا ضعفه في الإرواء ولكنه أورد للخبر شاهداً قوى به الحديث حسناً لغيره وقد قدمنا لأنه لا تناقض بين تضعيف أحد أسانيد الخبر وتصحيح أو تحسين المتن بالشواهد وأن الكلام المتناقض هو الذي ينقض بعضه بعضاً وهذا غير متحقق هنا بإمكانك أن تقول : (( إسناده ضعيف ولكن له شواهد يتقوى بها )) وهذا ما صنعه الشيخ الألباني _ رحمه الله _
التناقض الحادي عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص39_ 40 ((حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول : (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم . . .) رواه أبو داود . ضعفه الالباني في : (تخريج المشكاة) (1 / 64) فقال : بسند ضعيف اه ثم تناقض فحسنه في آخر تخريجه في (غاية المرام) ص (141) بعد أن حكم عليه هناك أيضا بالضعف فقال : فلعل حديثه هذا حسن بشاهده المرسل عن أبي قلابة ))
قلت : قد أجبت على نفسك بنفسك أيها الجهول ، فإن الشيخ إنما حسنه بشاهده وقد قدمنا لا تناقض بين تضعيف أسانيد الحديث وتحسين متنه بالشواهد(1/82)
واعلم أن قوله السقاف (( ضعفه في المشكاة )) كذب فإن تضعيف أحد أسانيد الحديث لا يعني تضعيف المتن
ولهذا يحتاط العلماء الأكابر مثل الشيخ الألباني فيقولون (( إسناده ضعيف )) لاحتمال وجود شواهد لم يقفوا عليها
علماً بأن الشيخ لم يحسن الحديث جزماً وإنما قال (( فلعله حديثه هذا حسن بشاهد المرسل )) فلم يجزم بشيء
التناقض الثاني عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص 40 ((حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : (من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا) رواه أحمد والترمذي والنسائي . ضعفه الالباني في : تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 117) فقال : اسناده ضعيف اه ثم من تناقضاته أنه صححه في : سلسلة الاحاديث الصحيحة (1 / 345 برقم 201) فتأمل أخي القارئ))
قلت : قد تأملنا فوجدناك واهماً فإن الشيخ إنما ضعف سنده في المشكاة من أجل شريك بن عبدالله ثم صححه عندما وجد له متابعاً
وهو سفيان الثوري عند أبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 198 ) و الحاكم ( 1 / 181 ) و البيهقي
( 1 / 101 ) و أحمد ( 1 / 136 , 192 , 213 ) من طرق عن سفيان به
وقد بين الشيخ الألباني أن هذه المتابعة قد خفيت على غير واحد من الحفاظ
حيث قال : ((و لكن الغريب أن يخفى ذلك على غير واحد من الحفاظ
المتأخرين , أمثال العراقي و السيوطي و غيرهما , فأعلا الحديث بشريك , و ردا
على الحاكم تصحيحه إياه متوهمين أنه عنده من طريقه , و ليس كذلك كما عرفت ,
و كنت اغتررت بكلامهم هذا لما وضعت التعليق على " مشكاة المصابيح " , و كان
تعليقا سريعا اقتضته ظروف خاصة , لم تساعدنا على استقصاء طرق الحديث كما هي
عادتنا , فقلت في التعليق على هذا الحديث من " المشكاة " ( 365 ) .
" و إسناده ضعيف فيه شريك , و هو ابن عبد الله القاضي و هو سيء الحفظ " .
و الآن أجزم بصحة الحديث للمتابعة المذكورة . و نسأل الله تعالى أن لا يؤاخذنا
بتقصيرنا .(1/83)
قلت آنفا : اغتررنا بكلام العراقي و السيوطي , و ذلك أن الأخير قال في " حاشيته
على النسائي " ( 1 / 12 ) .
" قال الشيخ ولي الدين ( هو العراقي ) : هذا الحديث فيه لين , لأن فيه شريكا
القاضي و هو متكلم فيه بسوء الحفظ , و ما قال الترمذي : إنه أصح شيء في هذا
الباب لا يدل على صحته , و لذلك قال ابن القطان : إنه لا يقال فيه : صحيح ,
و تساهل الحاكم في التصحيح معروف , و كيف يكون على شرط الشيخين مع أن البخاري
لم يخرج لشريك بالكلية , و مسلم خرج له استشهادا , لا احتجاجا " .
نقله السيوطي و أقره ! ثم تتابع العلماء على تقليدهما كالسندي في حاشيته على
النسائي , ثم الشيخ عبد الله الرحماني المباركفوري في " مرقاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح " ( 1 / 253 ) , و غيرهم , و لم أجد حتى الآن من نبه على أوهام
هؤلاء العلماء , و لا على هذه المتابعة , إلا أن الحافظ رحمه الله كأنه أشار ))
فانظر كيف أن الشيخ قد وقف على ما لم يقف عليه أولئك الأكابر مما يدلك على أنه لا يوجد حافظ قد عصم من القصور
ثم تأمل كيف أن الشيخ قد صرح بتراجعه عن قوله _ وإن كان في الحقيقة لا يناقض الجديد _ ومع ذلك يثرب عليه السقاف المأفون
التناقض الثالث عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص40 ((حديث : ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ) رواه أبو داود . صححه الالباني في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (3 / 71 برقم 3056) فقال : حسن تخريج الترغيب (1 / 91) . اه ومن تناقضاته أنه ضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 144 برقم 464) فقال : ورجاله ثقات لكنه منقطع بين الحسن البصري وعمار فإنه لم يسمع منه كما قال المنذري في الترغيب (1 / 91) ))(1/84)
قلت لا تناقض في موقف الشيخ فإنه إنما ضعف سند أبي داود ويبدو وجد له شواهد أو متابعات حسن بها الخبر في التعليق الرغيب وقد قدمنا مراراً أنه لا تلازم بين الحكم على السند بالضعف وتضعيف الحديث فقول السقاف ((ضعفه في المشكاة )) من جملة أكاذيبه في رسالته المذكورة
التناقض الرابع عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص 41 (( حديث من قال قبل أن ينصرف ويثني رجليه من صلاة المغرب والصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير عشر مرات كتب له بكل واحدة عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكانت له حرزا من كل مكروه وحرزا من الشيطان الرجيم . . .) الحديث رواه أحمد ورواه الترمذي بنحو هذه الالفاظ وقال : حديث حسن صحيح غريب . ضعفه الالباني في : تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 309) حيث قال : فهو اسناد ضعيف لتفرد شهر به ، وإنما صح هذا الورد في الصباح والمساء مطلقا غير مقيد بالصلاة ولا بثني الرجل كما حققته في (التعليق الرغيب) اه ثم تناقض فقواه أثناء كلامه على الحديث بدون قيد المغرب والصبح في صحيحته (1 / 179 السطر 7 من اسفل) فتأمل . مع أنه قال في الصحيحة أيضا (1 / 181) فهذا القيد لا يصح . ثم رجع فحسنه في صحيح الترغيب (1 / 190 ، 191) ))
قلت في كلامه أكاذيب فإنك إذا رجعت إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة فلن تجد ما يخالف في المشكاة فالشيخ صحح الحديث على أنه من أذكار الصباح والمساء مطلقاً وضعف زيادة ذكر الصلاة وثني الرجل
وإنما الشيخ وهو يذكر شواهد الحديث
((و له شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري بلفظ : " من قال : إذا صلى الصبح ... " فذكره بتمامه إلا أنه قال : " أربع رقاب " و قال : " و إذا قالها بعد المغرب مثل ذلك " ))
قلت فمن أين للسقاف أن الشيخ الألباني قواه إنما ذكره على أنه شاهد فقط بل أشار إلى ما فيه من شذوذ حيث ذكر ما في لفظه من مخالفة للفظ الأصل(1/85)
والسقاف ذكر أن الشيخ الألباني ضعف هذا القيد بعدها بصحيفتين فلو كان قواه كما زعم السقاف كاذباً فقد استدرك وضعفه وليس في هذا ما يشين
وأما تحسين الشيخ للخبر في صحيح الترغيب فقد تغير اجتهاد الشيخ لأنه وقف على متابع لشهر
قال الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم 2664 ((و في الحديث
شهادة قوية لحديث شهر بن حوشب الذي فيه هذه الجملة : " و هو ثان رجليه " , و
كنت لا أعمل بها لضعف ( شهر ) حتى وقفت على هذا الشاهد , و فيه التهليل ( مائة
) مكان ( عشر ) و الكل جائز لثبوتهما . فالحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد
من فضله))
قلت : فهنا يصرح الشيخ بتراجعه فهل يعد التراجع عن الخطأ تناقضاً يا عباد الله !!
التناقض الخامس عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص42 ((عن مالك رحمه الله بلغه أن ابن عباس : (كان يقصر في الصلاة في مثل ما يكون بين مكة والطائف وفي مثل ما بين مكة وعسفان وفي مثل ما بين مكة وجدة . . .) ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 426 برقم 1351) فقال : بلاغا بدون اسناد ، فلا يصح عن ابن عباس . ومن تناقضاته أنه قال في (إرواء الغليل) (3 / 14) : قال ابن أبي شيبة (2 / 109 / 1) : ابن عيينة عن عمرو قال : أخبرني عطاء عن ابن عباس قال : (لا تقصروا إلى عرفة وبطن نخلة ، واقصروا إلى عسفان والطائف وجدة فإذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم) واسناده صحيح . اه فتدبروا ! فكان عليه أن ينبه على ذلك في تخريج (مشكاة المصابيح) ! ))
قلت : لا تناقض في موقف فإن الأثر الذي ضعفه في تخريج المشكاة غير الذي صححه في الإرواء فإن الأثر في المشكاة من فعل ابن عباس والأثر في الإرواء من قوله
ثم لنفرض جدلاً أن الأثر هو هو فليس من تثريب على الشيخ ألا يجد الأثر مع الإختلاف عند غير مالك ، ثم يجده في المصنف لابن أبي شيبة
واعلم أن كلام في تخريج المشكاة كان منصباً على سند مالك
التناقض السادس عشر والجواب عليه(1/86)
قال السقاف في ص42 ((حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (أن النبي صلى الله عليه وآله أمره أن يجهز جيشا فنفذت الابل فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة) رواه أبو داود والحاكم والبيهقي وغيرهم . حكم الالباني بحسنه في (إرواء الغليل) (5 / 205 برقم ) فقال : حسن . اه وذكر طريق أبي داود وغيره . وتناقض فحكم بضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (2 / 858) برقم 2823) فقال : وإسناده ضعيف اه . فتأملوا ))
قلت لم يضعف الشيخ الخبر في تخريج المشكاة كما ادعى السقاف كاذباً بل ضعف إسناد أبي داود فقط
فقد قال التبريزي (( رواه أبو داود )) فقال الشيخ " وإسناده ضعيف " ولا يلزم من تضعيف السند تضعيف المتن كما هو معلوم عند صغار الطلبة _ ويجهله السقاف _
وقد أعاد الشيخ الألباني تضعيف الحديث سند أبي داود في الإرواء غير أنه أورد طريقاً حسن من أجلها الحديث
التناقض السادس عشر
قال السقاف في ص43 ((حديث : (اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة) ضعفه الالباني في : تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1495 برقم 5429) فقال : بسند ضعيف . اه ثم وجدنا أنه متناقض حيث صححه في صحيحته (2 / 415 حديث رقم 772) فتدبروا يا أولي الالباب ! ))
قلت لم يضعف الشيخ الألباني هذا الحديث في المشكاة وإنما ضعف أحد أسانيده فقد علق على قول التبريزي : " رواه أبو داود " بقوله " إسناده ضعيف "
وقد أعاد تضعيف سند أبي داود في سلسلة الأحاديث الصحيحة _ فأين التناقض _
ثم أورد للخبر شواهد قوى بها الحديث
التناقض السابع عشر(1/87)
قال السقاف في ص43 ( (13) حديث : جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : أينام أهل الجنة فقال : (النوم أخو الموت ولا يموت أهل الجنة) رواه البيهقي في شعب الايمان . ضعفه إلالباني في : تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1573 برقم 5654) فقال : واسناده ضعيف . اه قلت : وهو متناقض ، فقد صححه في الصحيحة (3 / 74 برقم 1087) فتدبروا ))
قلت : لم يضعفه الشيخ في المشكاة وإنما ضعف سند البيهقي في شعب الإيمان خاصة حيث علق على قول التبريزي " رواه البيهقي في الشعب " بقوله " إسناده ضعيف "
وقد علمنا من الأمثلة السابقة أن شرط الشيخ في تعليقه على المشكاة الكلام التي يشير إليها التبريزي فقط
وقد أعاد الشيخ تضعيف سند البيهقي في الشعب ثم صححه في الصحيحة من طرقٍ أخرى
التناقض الثامن عشر والكلام عليه
قال السقاف في ص44 ((حديث : عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد ، فعرض له حبر من اليهود فقال له : إنا هكذا نصنع يا محمد قال فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وقال خالفوهم) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، وبشر بن رافع الراوي ليس بالقوي . قلت : ضعف الالباني الحديث في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 529 رقم 1681) حيث زاد على ما ذكرناه من قول التبريزي فقال : (قلت : لكنه عند أبي داود من طريق أخرى وفيها عبد الله بن سليمان بن جنادة ابن أمية عن أبيه وهما ضعيفان) اه فضعفه بإقراره كلام الترمذي على طريق من طرقه ، وبنصه على ضعف الطريق الاخرى . ثم تناقض فوجدته حسن الحديث في صحيح ابن ماجه (1 / 258 برقم 1256) وعزاه إلى تخريج (مشكاة المصابيح) (وإرواء الغليل) فعجبا له ! ! ))
قلت : ألا تعرف أيها الجهول أن الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه وكان ضعفها محتملاً ارتقت إلى درجة الحسن لغيره(1/88)
فالشيخ إنما حكم على أحد أسانيد الحديث وأقر الترمذي على حكمه على الإسناد الأول ولكنه لم يحكم على المتن بشيء
ثم حسنه في كتبه الأخرى بمجموع الطريقين واعلم عبارة الشيخ في المشكاة هي إشارة إلى تحسين الخبر
بل تعقيبه على قول التبريزي بقوله (( ولكن له .... )) يفيد الإستدراك كما هو معلوم في اللغة
فالحكم على إسنادين من أسانيد الخبر بالضعف المحتمل لا يتناقض مع تحسينه وكيف يتناقض وأحد القولين نتيجة للآخر نعوذ بالله بالجهل
التناقض التاسع عشر والجواب عليه
قال السقاف في ص44 (( عن عروة بن الزبير قال : (كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والاخر لا يلحد ، فقالوا أيهما جاء أولا عمل عمله ، فجاء الذي يلحد لرسول الله صلى الله عليه وآله) رواه البغوي في (شرح السنة) (5 / 388 / برقم 1510) وهو صحيح ، وحسنه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2 / 128) . قلت : ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 533 برقم 1700) فقال : وإسناده ضعيف لارساله وقد رواه ابن ماجه (1558) من طريق أخرى عن عائشة نحوه ، واسناده ضعيف أيضا فيه عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي ، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر ابن عبيد الله القرشي ، وهو ضعيف كما في (التقريب) . اه قلت : فضعفه مطلقا . ثم وجدناه متناقضا جدا حيث صحح الحديث في صحيح ابن ماجه (1 / 259 - 260 برقم 1264 و 1265) فسبحان الله ! ))
قلت : قول السقاف : (( فضعفه مطلقاً )) كذب فالشيخ ما زاد على أن تكلم على بعض أسانيد وضعفها
ولا يلزم من تضعيف الأسانيد تضعيف المتن لاحتمال وجود إسناد قوي للخبر أو تقوية هذه الطرق لبعضها البعض
ثم إن الشيخ لم يصحح الخبر عند ابن ماجة كما ادعى السقاف كاذباً وإنما حسنه لغيره ( والسقاف يحكم على الألباني بالتناقض إذا حسن خبراً في مكان وصححه في آخر فهو دقيق في هذا الباب !! )(1/89)
فعليه يكون كلامه في المشكاة متعلقاً بالكلام على الأسانيد وكلامه في سنن ابن ماجة على المتن وقد قدمنا أنه لا تناقض بين تضعيف أسانيد الخبر وتحسين متنه
ولكن السقاف لا يعقل فقد أعمى الحقد بصيرته
التناقض العشرون والجواب عليه
قال السقاف في ص45 ((حديث أبي هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فسأله فنهاه فاإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذى نهاه شاب . رواه أبو داود كما في مشكاة المصابيح . ضعفه الالباني في : (تخريج المشكاة) (1 / 624 برقم 2006) إذ قال : في اسناده ضعف . اه وهو متناقض لانه صححه من طرق أخرى في صحيح ابن ماجه (1 / 282 برقم 1369) فقال : صحيح - صحيح أبي داود 2065 . اه فسبحان الله ! ))
قلت تأمل ما تحته خط تجد أن السقاف قد أجاب على نفسه بنفسه فهو يقر ويعترف أن الطرق التي صححها الشيخ غير الطريق التي ضعفها
ولا تناقض في هذا ولو كان السقاف يفهم العربية لعرف أن معنى النقض عندهم " إِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ أَو بِناء " _ كما في لسان العرب
وعليه يكون الكلام المتناقض هو الكلام الذي يفسد بعضه بعضاً وهذا غير متحقق فضعف أحد أسانيد الحديث يمكن أن يجتمع مع صحة المتن ولا يفسد هذا المعنى
التناقض الحادي والعشرون والجواب عليه(1/90)
قال السقاف في ص 47 : ((حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مطعمين عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح على وجهه) رواه أبو داود (3774) وابن ماجه (3370) . قلت ضعفه الالباني في : (إرواء الغليل) (7 / 40 برقم 1982) فقال : منكر ، أخرجه أبو داود (3774) وابن ماجة (3370) الشطر الثاني منه من طريق كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن الزهري عن سالم عن أبيه به ، وقال أبو داود : (هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري ، وهو منكر) . . . اه كلام الالباني قلت : وبنفس هذا السند الذي نقل الطعن فيه ونقده عند ابن ماجه وبنفس الرقم أدخله في صحيح ابن ماجه (2 / 240 برقم 2716) وعزاه لبعض كتبه متناقضا منها صحيحته (2394) فسبحان الله ! ! وما أشد تناقضه ! ))
قلت : موقف الشيخ يحسب له لا عليه
فقد قال في الإرواء في الجزء بتره السقاف : ((وللشطر الثاني منه شاهد من حديث علي رضى الله عنه قال : ( نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتين و . . . أن آكل وأنا منبطح على بطني . . . . ) . أخرجه الحاكم ( 4 / 19 ا ) من طريق عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن علي بن أبى طالب قال : فذكره . وقال : ( صحيح الأسناد ) . وتعقبه الذهبي بقوله : ( قلت : عمر واه ) . قلت : ولم يتبين لي من هو ؟ وأما الشطر الاول من الحديث فيغنى عنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر ))
قلت : فأنت ترى أن الشيخ أورد شاهداً صحيحاً للشطر الأول وأورد شاهداً للشطر الثاني توقف فيه
غير أنه في الصحيحة وجد ما يقوي به الخبر حيث قال بعد أن ضعف رواية جعفر عن الزهري : ((و الشطر الثاني ، له شاهد من حديث علي ، قال : " نهاني رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتين و قراءتين و أكلتين و لبستين ، نهاني أن(1/91)
أصلي بعد الصبح حتى ترتفع الشمس و بعد العصر حتى تغرب الشمس ، و أن آكل و أنا
منبطح على بطني ، و نهاني أن ألبس الصماء و أحتبي في ثوب واحد ليس بين فرجي و
بين السماء ساتر " . أخرجه الحاكم ( 4 / 119 ) عن أبي أحمد الزبيري حدثنا عمر
بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم عن أبيه عنه . و قال : " صحيح الإسناد " ، و
تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : عمر واه " . قلت : لم ينكشف لي من هو ؟ بعد مزيد
البحث عنه ، على أنه وقع في " تلخيص الذهبي " : " عمرو " بالواو . فالله أعلم .
و وجدت له شاهدا آخر بلفظ : " لا تأكل منكبا و لا تخطى رقاب الناس يوم الجمعة "
. رواه الطبراني في " الأوسط " ( 52 / 1 - زوائده ) و عنه ابن عساكر ( 13 / 196
/ 2 ) عن أبي اليمان الحكم بن نافع قال : أخبرنا أرطأة بن المنذر عن عبيد الله
بن رريق عن عمرو بن الأسود عن أبي الدرداء مرفوعا . و قال : " لا يروى عن أبي
الدرداء إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أرطأة " . قلت : و هو ثقة ، و كذلك سائر
رواته غير عبيد الله بن رريق . ( كذا بالإهمال ) ، و وقع في " ابن عساكر "
بإعجام الحرف الثاني بنسبته : ( الألهاني ) و لم أعرفه ، و قد قال الهيثمي في "
المجمع " ( 5 / 24 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و رجاله ثقات " .
( تنبيه ) : " منكبا " هكذا وقع مقيدا في " الزوائد " من الانكباب ، و وقع في
" المجمع " و " ابن عساكر " : " متكئا " من الاتكاء ، و بوب له الهيثمي : "
باب الأكل متكئا " . و الله أعلم . ثم تكشفت لي أمور : الأول : أن " عبد الله
بن رريق " وقع فيه خطآن : أحدهما : من الناسخ ، و الصواب رواية : " عبد الله بن
رزيق " ، كذا في نسخة جيدة من " المعجم الأوسط " ( 1 / 3 / 33 - بترقيمي ) .
و الآخر : من أحد الرواة ، انقلب اسمه عليه ، و الصواب فيه : " رزيق أبو عبد
الله " ، نبه على ذلك الأمير ابن ماكولا في " الإكمال " ( 4 / 54 ) ، و كذلك(1/92)
أوردوه في كتب التراجم ، مثل : " التاريخ " و " الجرح " و " ثقات ابن حبان " (
4 / 239 ) و غيرها .
الثاني : أن الرجل معروف ، و لكنه مختلف فيه ، فقال أبو زرعة : " لا بأس به " .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " كما تقدم ، و لكنه تناقض فأورده في " الضعفاء "
أيضا ( 1 / 301 ) ، فقال : " ينفرد بأشياء لا تشبه حديث الأثبات ، لا يجوز
الاحتجاج به إلا عند الوفاق " . و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق له
أوهام " .
الثالث : أن الهيثمي تناقض فيه أيضا ، فقد رأيت آنفا أنه وثق رجاله دون استثناء
، ثم رأيته قال في موضع آخر ( 2 / 178 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه
عبد الله بن زريق - كذا - قال الأزدي : لا يصح حديثه " . و قلده المعلق على "
المعجم الأوسط " ( 1 / 50 و 52 ) كعادته ، فإن الرجل لا علم عنده بهذا الفن ، و
كل ما أثقل به كاهل الحواشي و التعليقات إنما هو مجرد النقل الذي لا يعجز عنه
أي طالب علم ! و يبدو لي أن الهيثمي بعد أن ذكر هذا عن الأزدي ، تبين له ما سبق
تحقيقه أن عبد الله بن رزيق هو رزيق أبو عبد الله ، و بناء عليه وثق رجاله
لتوثيق أبي زرعة و ابن حبان إياه ، و لعله لم يتنبه لتناقض ابن حبان فيه . و
الله أعلم .
الرابع : أن الصواب في متن الحديث : " متكئا " لأمرين : أحدهما : أنه كذلك في
النسخة التي سبقت الإشارة إليها من " الأوسط " . و الآخر : أنه وقع كذلك في "
ضعفاء ابن حبان " ، و في " الجامع الكبير " للسيوطي معزوا للطبراني و ابن عساكر
. و عليه فلا يصلح الاستشهاد به لحديث الترجمة كما هو ظاهر . و الله أعلم ))
قلت : بقي أن نقول أن الشيخ الألباني لم يصحح الخبر في سنن ابن ماجة وإنما حسنه فقط _ لغيره _ ويظهر من الكلام أعلاه في الصحيحة لماذا حسنه غير أن الشيخ تبين له لاحقاً أن الشاهد لا يصلح للباب فنبه على ذلك على عادته _ رحمه الله _ في الرجوع إلى الحق(1/93)
ومن هذا يتبين لك عظيم تدليس السقاف بقوله " وبنفس هذا السند الذي نقل الطعن فيه ونقده عند ابن ماجه وبنفس الرقم أدخله في صحيح ابن ماجه (2 / 240 برقم 2716) وعزاه لبعض كتبه متناقضا منها صحيحته (2394) فسبحان الله "
فالسقاف أراد إيهام القراء أن الشيخ الألباني حكمه على السند وليس كذلك فأنت ترى أنه في جميع كتبه ضعف سند ابن ماجة وإنما حسنه لغيره للشواهد
ومن ركاكة ألفاظ السقاف قوله :" فسبحان الله ! ! وما أشد تناقضه ! "
قوله : " وما أشد " معطوفة على " فسبحان الله " كقولك " سبحان الله وبحمده " فانظر كيف وصف رب العالمين بالتناقض من حيث لا يقصد ثم ينتقد لغة الشيخ الألباني والله المستعان
التناقض الثاني والعشرون والجواب عليه
قال السقاف في ص46 : ((حديث : (التائب من الذنب ، كمن لا ذنب له) ذكره الالباني في الضعيفة (2 / 82 برقم 615 و 616) وضعفه ، وقال : أما حديث ابن مسعود فرواه ابن ماجه (4250) . . . ورجال اسناده ثقات لكنه منقطع اه ثم تناقض فأورده في صحيح ابن ماجه (2 / 418 برقم 3427) مشيرا لنفس رقم الحديث في ابن ماجه (4250) . فسبحان الله !))
قلت : هنا دلس السقاف تدليساً قبيحاً
فإن الشيخ الألباني لم يذكر حديث (التائب من الذنب ، كمن لا ذنب له) في سلسلة الأحاديث الضعيفة بهذا اللفظ المختصر
وإنما ذكره في الضعيفة بهذا اللفظ ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له , و إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ))
فالشيخ الألباني إنما ضعفه في الضعيفة بهذا التمام ، وحسن الطرف الأول منه في سنن ابن ماجة لشواهده
بل إن الشيخ حسن الطرف الأول منه في سلسلة الأحاديث الضعيفة التي ينقل عنها السقاف الأفاك حيث قال الشيخ وهو يخرج الحديث المذكور أعلاه : ((و النصف الأول من الحديث له شواهد من حديث عبد الله
بن مسعود و أبي سعيد الأنصاري . أما حديث ابن مسعود , فأخرجه ابن ماجه ( 4250 )(1/94)
و أبو عروبة الحراني في " حديثه " ( ق 100 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير
" ( 3 / 71 / 1 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 210 ) و القضاعي في "
مسند الشهاب " ( 1 / 2 / 1 ) و السهمي في " تاريخ جرجان " ( 358 ) من طريق عبد
الكريم الجزري عن أبي عبيدة عنه . و رجال إسناده ثقات , لكنه منقطع بين أبي
عبيدة - و هو ابن عبد الله بن مسعود - و أبيه . و أما حديث أبي سعيد الأنصاري ,
فأخرجه ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 245 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 10
/ 398 ) من طريق يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد الأنصاري عن أبيه مرفوعا به
. و زاد في أوله : " الندم توبة " . و هذه الزيادة لها طريق أخرى صحيحة عن ابن
مسعود , و هي مخرجة في " الروض النضير " رقم ( 642 ) . و انظر رقم ( 1150 )
فإنه فيه من حديث أبي هريرة . و أما هذا الإسناد فهو ضعيف كما قال السخاوي في "
المقاصد " ( 313 ) , و علته يحيى بن أبي خالد , قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 140
) : " مجهول " . و كذا قال الذهبي . و نقل الحافظ في " اللسان " عن أبي حاتم
أنه قال : " و هذا حديث ضعيف , رواه مجهول عن مجهول " . يعني يحيى هذا , و ابن
أبي سعيد . ( تنبيه ) : هكذا وقع في " الحلية " ( أبي سعيد ) , و كذا وقع في "
المقاصد " و " الجامع الصغير " و غيرهما . و وقع في " المعرفة " ( أبي سعد ) و
في ترجمته أورد ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 378 ) هذا الحديث , فيبدو أنه الصواب .
و جملة القول : أن الحديث المذكور أعلاه ضعيف بهذا التمام . و طرفه الأول منه
حسن بمجموع طرقه , و قد قال السخاوي : " حسنه شيخنا - يعني ابن حجر - لشواهده ))
قلت: ألا لعنة الله على الكاذبين
التناقض الثالث والعشرون والجواب عليه(1/95)
قال السقاف في ص47 : ((حديث : (التجار يحشرون يوم القيامة فجارا الا من اتقى وبر وصدق) رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي عن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله ورواه البيهقي في شعب الايمان عن البراء وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . قال الالباني مضعفا للحديث في خريج (مشكاة المصابيح) (2 / 852 برقم 2799 و 2800) : قلت : واسناده ضعيف . اه كلامه قلت : الرجل متناقض على عادته ، فقد أورده في صحيحته (2 / 729 برقم 994) ! ))
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فحكمه في تحقيق المشكاة مختصٌ بسند الترمذي
ثم جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة وأعاد تضعيف سند الترمذي غير أنه أورد للخبر شاهداً قواه به
التناقض الرابع والعشرون والجواب عليه
قال السقاف في ص47 ((حديث (الدواوين ثلاثة : ديوان لا يغفره الله : الاشراك بالله يقول الله عزوجل : (إن الله لا يغفر أن يشرك به) ، وديوان لا يتركه الله : ظلم العباد فيما بينهم حتى يقتص بعضهم من بعض ، وديوان لا يعبأ الله به ظلم العباد فيما بينهم وبين الله ، فذاك إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء تجاوز عنه) قال صاحب (مشكاة المصابيح) رواه البيهقي في (شعب الايمان) . قلت : ضعفه الالباني في (تخريج المشكاة) (3 / 1419 برقم 5133) فقال : ورواه أحمد أيضا ، وسنده ضعيف اه
ثم من العجيب الغريب أنا وجدناه قد ذكره في صحيحته (4 / 560 برقم 1927) ! والحديث في (شعب الايمان) للامام الحافظ البيهقي (6 / 52 برقم 7473 و 7474) . فتأمل ))
قلت : قد تأملت فوجدتك إما جاهل أو تتجاهل
فإن الحديث الموجود في المشكاة غير الحديث الموجود في الصحيحة
فالحديث الموجود في الصحيحة هذا لفظه ((الظلم ثلاثة , فظلم لا يتركه الله و ظلم يغفر و ظلم لا يغفر , فأما الظلم الذي لا يغفر , فالشرك لا يغفره الله , و أما الظلم الذي يغفر , فظلم العبد(1/96)
فيما بينه و بين ربه , و أما الظلم الذي لا يترك , فظلم العباد , فيقتص الله
بعضهم من بعض))
قلت : فليس فيه زيادة الدواوين ثلاثة
وقد الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة : ((لكن الحديث
عندي حسن , فإن له شاهدا من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعا به نحوه ,
و فيه زيادة بلفظ : " الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة .. " الحديث نحوه و قد
خرجته في " الأحاديث الضعيفة " و " المشكاة " ( 5133 ) ))
قلت : فتأمل أشار الشيخ إلى ما كان قد خرجه قديماً وعليه لو أصر السقاف على أن حكم الشيخ متناقض فالشيخ قد تراجع بدليل ما تقدم
والصواب أن الشيخ يضعف الحديث بلفظ " الدواوين " لعدم وجود شاهد لهذه اللفظة ويحسن بقية الخبر لأن له شاهداً كما صرح بذلك
وقولك أيها " ضعفه الألباني " كذب على الشيخ فإن قول المحدث " إسناده ضعيف " لا يعني تضعيف متن الحديث
والسقاف يقر بهذه الحقيقة في بعض كتبه فقد قرر في تعليقه على دفع شبه التشبيه أن السند قد يكون صحيحاً ويكون المتن فيه ما بنكر
قال السقاف في ص 217: ((ونحن في شك من هذه الزيادة التي فيها ذكر الموسى والساعد ونعتقد أن من لم يوردها من الحفاظ الذين في ذكرناهم قد أصابوا وإن كان سندها صحيحا فقد يصح السند وفي المتن ما ينكر ))
قلت : فلا يستبعد إذن أن يكون السند ضعيفاً ويكون المتن صحيحاً بالشواهد ولا يكون القول متناقضاً
وقد ذكرت هذا لأبين أن السقاف لم يؤتى من جهله وإنما أتي من سوء طويته
التناقض الخامس والعشرون والجواب عليه
قال السقاف في ص48 ((حديث : (من هجر أخاه سنة ، فهو كسفك دمه) رواه أبو داود ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1401 / رقم 5036) فقال : إسناده لين . ثم ذكره مصححا إياه في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (5 / 365 برقم 6457) وفى (سلسلته الصحيحة) (2 / 635 برقم 928) واعتذر هنالك حيث لم ينفعه الاعتذار ))(1/97)
قلت : هذا المثال من أدل الأمثلة على حقد على الشيخ الألباني فإن الشيخ صرح بتراجعه ومع ذلك فالسقاف ينصب نفسه قاضياً على الشيخ الألباني بأن الإعتذار لا ينفعه
وياليت شعري ماذا تريد من الألباني ؟ أتريد منه أن يستمر على الخطأ ؟ أم تريد منه ألا يخطيء أصلاً ؟ فكيف يكون بشراً إذن ؟
وقد قدمنا في المقدمات أن العلماء تتغير أقوالهم دون التصريح بالإعتذار ومع ذلك لا يطعن فيهم بذلك ، فما بالك بمن اعتذر !!
والسقاف نفسه وقع له عددٌ من التناقضات ولا نجده يصرح باعتذار !!
التناقض السادس والعشرون
قال السقاف في ص48 : ((حديث : (إن أنسابكم هذه ليست بسبة على أحدكم كلكم بنو آدم ليس لاحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى . . .) رواه الامام أحمد . صححه الالباني في (سلسلته الصحيحة) (3 / 32 برقم 1038) وأخطا في ضبط لفظة (أنسابكم) فذكرها (مسابكم) غلطا ، وزاد غلطا قبل لفظة (ليست) واوا . وقال في تخريجه هنالك : قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم إلا ابن لهيعة وهو صحيح الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة وهذا من رواية عبد الله بن وهب عنه فهو صحيح . اه كلامه . قلت : وقد خالف كلامه هذا فضعف نفس الحديث وأعله بابن لهيعة في كتاب (غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) ص (189) حديث (310) حيث قال : قلت : وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة ، قال الهيثمي في المجمع (8 / 84) رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه لين . . . اه فتأملوا يا أولي الابصار حيث لم يدر الرجل أنه أورده في صحيحته ، فسبحان الموفق ))
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه في غاية المرام إنما ضعف سند أحمد وحق له ذلك فإنه من رواية يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة _ وهي بعد اختلاط ابن لهيعة _ ، ولكنه في الصحيحة وجد الحديث من رواية عبدالله بن وهب عن ابن لهيعة _ وهي صحيحة(1/98)
وكلام الشيخ في الصحيحة متأخر عن كلامه في غاية المرام لا كما دلس السقاف فإن غاية المرام من كتب الشيخ القديمة التي طبعها المكتب الإسلامي _ وإن كان تاريخ الطبعة الثالثة منه متأخر فإنه طبع طبعته الثالثة دون مراجعة بدليل أنه لم يكتب لها مقدمةً خاصة على عادته في كتبه _
وأما جواب ما تحذلق به السقاف على الشيخ الألباني في ضبط المتن
فأقول فيه : إن الشيخ الألباني أخذ لفظة " مسابكم " من مسند الروياني ( 49 / 2 ) ولعلها في بعض المخطوطات التي نقل عنها الشيخ ولم نرها غير أن الشيخ نبه على أن رواية أحمد بلفظ " أنسابكم "
التناقض السابع والعشرون والجواب عليه
قال السقاف في ص49 : (( حديث : (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها) رواه الدارقطني وحسنه النووي . هذا الحديث ضعفه الالباني في (غاية المرام) ص (17) برقم (4) فقال : ضعيف . ثم تناقض فحسنه في تخريج كتاب (الايمان) لابن تيمية ص (43) فقال : رواه الدارقطني وغيره وهو حديث حسن بشاهده القوي قبله . اه فما هذا التناقض ؟ ! ))
قلت : لقد أجاد الألباني في تتبع طرق الخبر في غاية المرام أيما إجادة غير أنه مع كل ما بذل من جهد لم يقف على شاهدٍ يقوي به الخبر
ثم إنه وقف على ذلك الشاهد في تعليقه على كتاب الإيمان فحسن الخبر
فكان ماذا ؟!!
التناقض الثامن والعشرون والجواب عليه(1/99)
قال السقاف في ص 50 : ((حديث : (أحب الاسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) . رواه الامام أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم . صححه الالباني فذكره في السلسلة الصحيحة (3 / 33 / برقم 1040) ثم وجدناه أنه متناقض حيث ضعفه في الارواء (4 / 408 حديث رقم 1178) حيث قال : (ضعيف) . اه وقال بعد ذلك في الارواء (4 / 408 السطر الثاني من أسفل) : قلت : وهذا اسناد ضعيف من أجل عقيل بن شبيب ، قال الذهبي : (لايعرف هو ولا الصحابي إلا بهذا الحديث) . وقال الحافظ : مجهول . اه أقول يا أستاذ ألباني : الذهبي قال عن هذا الرجل في الكاشف (2 / 274 برقم 3909 / 1395) وثق . اه وذكره ابن حبان في الثقات كما في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر (7 / 226 طبعة دار الفكر) وذكره البخاري في تاريخه (7 / 53) فاستيقظ والحديث رواه مسلم في صحيحه (3 / 1682 حديث رقم 2 في الادب طبعة محمد فؤاد عبد الباقي : بلفظ : إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن)
قلت : والحديث الذي أورده الالباني في الارواء (4 / 408 / 1178) بلفظ : (تسموا بأسماء الانبياء وأحب الاسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) وحكم عليه بالضعف مطلقا ، وهو صحيح بلا ريب لقول الحافظ الذهبي في عقيل بن شبيب : (وثق) كما قدمناه ولرواية مسلم له ولقول الحافظ في الفتح (10 / 578) : أخرج مسلم من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : (إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم) ))
قلت : هنا كذب السقاف ودلس فإن الحديث الذي ضعفه الشيخ الألباني غير الحديث صححه في الصحيحة
فالحديث في الإرواء لفظه ((تسموا بأسماء الانبياء وأحب الاسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ))(1/100)
فضعفه الشيخ الألباني بهذا التمام من أجل تلك الزيادة التي تحتها خط ونبه على صحة بقية الحديث بقوله : ((ولتمام الحديث شاهد مرسل صحيح ، خرجته في ( الصحيحة ) ( 1040 ) ))
قلت : فالشيخ صحح الخبر أيضاً في الإرواء وعزا إلى الصحيحة فكيف يتناقض الحكمان والله المستعان
وأما ما ذكره السقاف في حق عقيل بن شبيب فمن جهالاته فإن الذهبي في حقه " وثق " إنما قصد به توثيق ابن حبان الذي لا يعتد به السقاف
ولهذا لم يعتد الذهبي بهذا التوثيق _ إذ ليس كل توثيق معتداً به _ فحكم على الراوي بأنه لا يعرف وذكره في الميزان وكذا فعل ابن حجر في التقريب فحكم عليه بالجهالة
وأما جعل السقاف ذكر البخاري للراوي في التاريخ تعديلاً فليس هذا محل اتفاق بل إن السقاف نفسه حكم بالجهالة على وكيع بن حدس _ وذلك في تعليقه على دفع الشبه ص139 _
هذا مع ذكر ابن حبان له ثقات وذكر البخاري له في التاريخ الكبير وتصحيح الترمذي لحديثه بل وقال فيه الذهبي في الكاشف " وثق "
فما هذا التناقض يا صاحب تناقضات الألباني الواضحات ؟
وأما جعل السقاف لرواية مسلم شاهداً لحديث (( تسموا بأسماء الأنبياء )) فمن جهله بقواعد التقوية فإن حديث مسلم ليس فيه لفظة " تسموا بأسماء الأنبياء " بل وليس فيها لفظة " وأصدق الأسماء .... " وقد نبه على هذا الشيخ الألباني في الإرواء واطلع عليه السقاف ولكن !!!
وأما حديث المغيرة بن شعبة فهو حكاية لفعل بني إسرائيل ولا يقوم فعل من قبلنا في التشريع مقام أمر النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصلح حكاية فعل الأولين أن يكون شاهداً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم
التناقض التاسع والعشرون والجواب عليه(1/101)
قال السقاف في ص 51: ((حديث : (اخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا) رواه الخطيب عن البراء بن عازب . ضعف الحديث الالباني في (ضعيف الجامع الصغير وزياداته) 1 / 114 برقم 245) فقال : ضعيف ، الاحاديث الضعيفة 2076 ثم وجدته أنه متناقض حيث صححه فذكره في (السلسلة الصحيحة) (4 / 344 حديث رقم 1751) ))
قلت : لو رجعت إلى رقم الحديث في الضعيفة كما عزا إلى الشيخ الألباني في ضعيف لما وجدته وهذا يدل على تراجع الشيخ _ رحمه _ تضعيفه إلى تصحيحة وتحويله له من الضعيفة إلى الصحيحة
علماً بأن الشيخ لم يصححه وإنما حسنه _ ولكن السقاف يتلاعب بالألفاظ _
التناقض الثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص52 (( حديث : (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) رواه أبو داود والنسائي والحاكم . قال الالباني مضعفا للحديث في (غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) ص (153) برقم (245) : ضعيف بهذا اللفظ . . . اه قلت : وجدته متناقضا حيث حسنه في (إرواء الغليل) (3 / 407) بهذا اللفظ حيث قال في آخر سطر : (فالحديث حسن) اه . فتأملوا يا قوم ! ! ))
قلت : كل ما في الأمر أن الشيخ كان قد ضعف الحديث في غاية المرام وفي الإرواء حيث قال : " صحيح بغير هذا اللفظ "
ثم صرح بالتراجع في الإرواء حيث قال : " ثم وجدت له شاهداً .... )) وحسن الخبر بهذا الشاهد
والرجوع إلى الحق فضيلة لا يعدها رذيلةً إلا الأراذل
التناقض الحادي والثلاثون والجواب عليه(1/102)
قال السقاف في ص53 : ((حديث أن معاذا رضي الله عنه قال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال صلى الله عليه وآله : (وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ !) قلت : ضعف الالباني الحديث في تخريج (شرح الطحاوية) ص 185 من الطبعة الثامنة فقال : (رواه الترمذي وغيره - بسند فيه انقطاع وقد بين ذلك الحفاظ ابن رجب الحنبلي في شرح الاربعين بيانا شافيا فيراجعه من شاء) اه . قلت : ومن عجيب وغريب تناقضاته أنه صححه في (صحيح الجامع وزياداته) وهو قطعة من حديث طويل . انظر (5 / 30 حديث 5012) السطر الخامس وقال : (صحيح ، تخريج ايمان ابن أبي شيبة 1 و 2 ، الارواء 412) ))
قلت : الشيخ الألباني في تعليقه على شرح الطحاوية إنما تكلم على سند الترمذي فقط !!
وفي بقية المواضع تكلم المتن وجمع الشواهد
وقد قدمنا مراراً وتكراراً أن تضعيف السند لا يلزم منه تضعيف المتن فقول السقاف : (( ضعفه في تعليقه على شرح الطحاوية )) كذبٌ صريحٌ
التناقض الثاني والثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص54 : ((حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : (إذا زوج - وفي لفظ أنكح - أحدكم جاريته - وفي لفظ عبده - فلا ينظرن إلى ما دون السرة والركبة فإنه عوره) رواه أبو داود . صححه الاستاذ الالباني فقال في (إرواء الغليل) (6 / 207 برقم 1803) : حسن . اه وقد حكم على الحديث بالصحة أيضا في (الارواء) (1 / 266 برقم 247 إقرأ كامل الصفحة) علما بأنه قال في الموضع الاول في الارواء هو برقم (244) . ثم رأيته قد حكم بضعفه في (السلسلة الضعيفة) (2 / 372 برقم 956) فقال : ضعيف مضطرب . اه فسبحان الله ! ! وضعفه أيضا في (ضيف الجامع الصغير وزيادته) (1 / 190 برقم 632) ))
قلت : إنما حسنه الشيخ الألباني في الإرواء بالنظر إلى ظاهر ثم لما اطلع على المزيد من طرقه تبين له أن الراوي عن عمرو بن شعيب قد اضطرب فيه _ كما شرحه في الضعيفه _(1/103)
وعليه فإن هذه فضيلة تحسب للشيخ الألباني في رجوعه إلى الحق وتنبهه للعلل الخفية وقد شرحت هذا في المقدمات غير أني سأضيف مثالاً جديداً على تراجعات الأئمة عن أخطائهم
قال ابن رجب في شرح البخاري (443_444) : (( المعروف عن الإمام أحمد أنه ضعفه ولم يأخذ به _ يعني حديث حمنة في الحيضة الشديدة _ ))
ثم قال : (( ولكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة والأخذ به والله أعلم ))
قلت : فللألباني أسوة في هذا الإمام
التناقض الثالث والثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص55 : ((حديث : (إن رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر ما كان يصوم من الايام السبت والاحد ، وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين ، وأنا أريد أن أخالفهم) . صححه الالباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمه (3 / 318 في الحاشية برقم 2168) فقال : اسناده حسن ، وصححه ابن حبان (941) من طريق المصنف وانظر كتابي (حجاب المرأة المسلمة) (ص 61 - 62) . ناصر اه قلت : أشتهي أن يحيل الشيخ الالباني إلى كتاب من كتبه ولا يخطئ في رقم الصفحة أو المجلد ، فإنني لم أتتبعه في مسألة إلا وجدته لم يصب في الاحالة على رقم الصفحة ، وأعتقد أنه يفعل ذلك كثيرا للتمويه وإضاعة الباحث عن أن يصل إلى الهدف ! ونعود فنقول : لم نجد كلامه على حديث (صوم يوم السبت والاحد) صحيفة 61 - 62 من حجاب المرأة المسلمة ، وإنما وجدناه ص (90) وقد حسنه بل صححه هناك . قلت : ثم تناقض الشيخ فضعفه في (السلسلة الضعيفة) (3 / 219 برقم 1099) فتدبروا ! ))
قلت : لقد صرح الشيخ الألباني بتراجعه في سلسلة الأحاديث الضعيفة حيث قال : (( ولم أكن قد تنبهت لهذه العلة في تعليقي على صحيح ابن خزيمة فحسنت ثمة إسناده والصواب ما اعتمدته ))
قلت : الله أكبر الرجوع إلى الحق فضيلة ولكنها عند السقاف مما يشنع به على المرء وكأنه يريد لمن أخطأ أن يستمر على خطئه
والسقاف لخبثه وفساد طويته كتم تراجع الشيخ(1/104)
وأما زعمه أن الألباني لا يحيل بالصورة الصحيحة فهذا باطل يعرفه كل من له خبرة بكتب الشيخ ثم إن عامة كتب الشيخ مفهرسة بطريقة جيدة جيداً تعين القاريء على الوقوف على ما أراد بسهولة
التناقض الرابع والثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص56 : ((قال صاحب منار السبيل كما في (إرواء الغليل) (4 / 41 برقم 921) : وفي الخبر (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد) . قلت : قال الالباني في (الارواء) في الموضع المذكور : ضعيف . ثم صحح ذلك في (السلسلة الصحيحة) (4 / 406 برقم 1797) بلفظ : (ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر) فتأملوا !))
قلت : تأملنا فوجدناك كذاباً
فإن الحديث المذكور في الإرواء هو حديث عبدالله بن عمر : (( إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ))
وأما الحديث في الصحيحة فهو حديث أنس : (( ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر ))
قلت : فالصحابي غير الصحابي والمتن غير المتن بل إن حديث ابن عمر مخصص لحديث أنس فإن فيه أفضلية هذه الدعة عند الفطر فهذه فائدة لم يرد بها حديث أنس وإنما جاء بفضل دعاء الصائم مطلقاً _ والظاهر أنه في حال صيامه لا فطره فتأمل !!! _
وعليه فإن هذا المخصص لحديث أنس لا يثبت ، فأين التناقض في موقف الشيخ يا أولي الأبصار؟!!
التناقض الخامس والثلاثون(1/105)
قال السقاف في ص56 : ((حديث سيدنا جابر قال : (ذبح النبي صلى الله عليه وآله يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين فلما وجههما قال : إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك ، عن محمد وأمته ، بسم الله والله أكبر ، ثم ذبح) رواه الامام أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجه والدارمي . قلت : ضعف الالباني هذا الحديث في (تخريج المشكاة) (1 / 459 برقم 1461) فقال : من طريق أبي عياش عن جابر . وأبو عياش هذا هو المعافري المصري ولم يوثقه أحد ، وأشار الحافظ في التقريب إلى تليين حديثه . ووقع في طريق ابن ماجه وحده أنه الزرقي وهذا آخر ، لكن السند بذلك ضعيف : فيه اسماعيل بن عياش وهو ضعيف غير روايته عن الشاميين وهذه منها . ثم قوله في الحديث : على ملة ابراهيم . لم يرد إلا في رواية أبي داود وهي شاذة عندي وكأنها مدرجة ، والله أعلم . اه قلت : تناقض فحسن الحديث في (إرواء الغليل) (4 / 351) حيث قال : قلت : واسناده حسن ، رجاله ثقات رجال مسلم غير ابن عقيل وفيه كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن . . اه كلام الالباني قلت : يا شيخ ناصر كيف تقول : (لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن) وقد قال الحافظ الذهبي في ترجمته في (سير أعلام النبلاء) (6 / 205) : قلت - الذهبي - : لا يرتقي خبره إلى درجة الصحة والاحتجاج اه أي الحسن . وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمته في تهذيب التهذيب (6 / 13 دار الفكر) : أ) ذكره ابن سعد وقال : كان منكر الحديث لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم . ب) وقال بشر بن عمر : كان مالك لا يروي عنه . ج) وقال علي بن المديني : وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه . د) وقال يعقوب بن شيبة : عن ابن المديني : لم يدخله مالك في كتبه . ه) وقال يعقوب بن أبي شيبة : صدوق في حديثه ضعف شديد جدا .(1/106)
و) وقال سفيان بن عيينة : متروك الحديث . ز) وقال الامام أحمد : منكر الحديث . ح) وقال ابن معين : لا يحتج بحديثه . ط) وقال أبو زرعة : مختلف عنه في الاسانيد . ي) وقال أبو حاتم : لين الحديث ليس بالقوي ، ولا ممن يحتج بحديثه . ك) وقال النسائي : ضعيف . ل) وقال ابن خزيمة : لا احتج به لسؤ حفظه . م) وقال ابن المدينى : كان ضعيفا . ن) وقال الخطيب : كان سئ الحفظ . ص) وقال ابن حبان : كان ردئ الحفظ يحدث على التوهم فيجئ بالخبر على غير سننه ، فوجب مجانبة أخباره . اه من تهذيب التهذيب باختصار . فأقول : فهل يقال لهذا أن حديثه لا ينزل عن الحسن ؟ ! ! ! ))
قلت : الكلام هنا على مقامين
المقام الأول في دفع دعوى التناقض وهذا سهلٌ هين فإن الأسانيد التي ضعفها الشيخ الألباني في المشكاة غير الإسناد الذي حسنه في الإرواء _ فإنه ليس فيه ابن عياش ولا ذاك المجهول _ وقول السقاف أن الشيخ ضعف الحديث في المشكاة كذبٌ على الشيخ رحمه الله فهو إنما ضعف بعض أسانيده
المقام الثاني في نقض تشنيعه على الشيخ الألباني بسبب تحسين الشيخ لحديث عبدالله بن محمد بن عقيل ، وقبل أن نناقش السقاف في وجاهة قول الشيخ نحب إعلامه بأن مذهب الشيخ الألباني هو مذهب شيخه عبدالله الغماري فقد حسن حديث عبدالله بن محمد بن عقيل في كتابه الرد المحكم المتين (ص : 180) _ استفدته من كتاب دفاعا عن السلفية _
وقد نقل السقاف الجرح في عبدالله بن محمد بن عقيل دون التعديل ليتم له التشنيع على الشيخ الألباني
وإلا فإنه تحايد قول الترمذي : ((: صدوق ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل ، قال محمد بن إسماعيل ، وهو مقارب الحديث ))
وتحايد قول عمرو بن علي : (( كان يحيى وعبدالرحمن يحدثان عنه )) واكتفى بقول ابن المديني النافي مع أن المثبت مقدمٌ على النافي(1/107)
وتحايد قول الذهبي في ميزان الإعتدال : (( حديثه في رتبة الحسن ))
وبهذا يتم نقض ما شنع به السقاف على الشيخ الألباني
التناقض السادس والثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص59 : ((حديث : (إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره ، فاستخرج منه ذرية ، قال : هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون ، فقال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ فقال صلى الله عليه وآله : (إن الله تعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار) . رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه وغيرهم . أقول : ضعفه الالباني في تخريج أحاديث (مشكاة المصابيح) (1 / 35 حديث رقم 95) حيث قال : ورجال إسناده ثقات ، رجال االشيخين غير أنه منقطع بين مسلم بن يسار وعمر . لكن له شواهد كثيرة سيأتي بعضها . اه ثم صححه في تخريج أحاديث (شرح الطحاوية) ص (240) رقم (220) حيث قال : صحيح لغيره ، إلا مسح الظهر فلم أجد له شاهدا . . اه قلت : سبحان الله ذكر بعده مباشرة في شرح الطحاوية حديث أبي هريرة وفيه (مسح الظهر) وهو شاهد للاول وقال في تخريجه : (صحيح وجدت له أربعة طرق . . .) ))
قلت : الله أكبر !! هل يفهم عاقلٌ من قول العالم في خبر : (( له شواهد كثيرة )) أنه يضعفه ؟!!
تقوية الخبر بهذه اللفظة واضحةٌ جداً وقد قدمنا أنه لا يلزم من تضعيف السند تضعيف المتن فما بالك وقد أشار العالم إلى شواهد كثيرة !!(1/108)
هذا ما يتعلق بالتناقض الذي ادعاه بين حكم الشيخ في تخريج المشكاة وحكمه في تخريج الطحاوية وأما استغرابه من حكم الشيخ على لفظة (( مسح الظهر )) بالشذوذ ثم حكمه على شاهدٍ لها بالصحة فهذا تصرفٌ دقيق لا أظن شخصاً لا يفرق بين تسلسل الحوداث في القدم وقدم العالم يمكنه أن يفهمه !!
ولتوضيح الصورة للقاريء أذكر المتنين الذين فيهما ذكر مسح الظهر معاً ليتضح للقاريء الفرق بين اللفظة التي ضعفها الشيخ واللفظة التي صححها
أما حديث عمر بن الخطاب والذي فيه اللفظة الشاذة فلفظه ((أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ) قال قرأ القعنبي الآية فقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار ))
قلت : تأمل المسح لظهر آدم في هذا الحديث مذكورٌ مرتين مرةٌ خرج فيها أهل الجنة ومرة خرج فيها أهل النار
وإليك لفظ حديث أبي هريرة الذي يزعم السقاف أنه شاهد لحديث عمر فهذا لفظه(1/109)
روى الترمذي في سننه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لما خلق اللّه آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيضا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص مابين عينيه، فقال: أي رب، من هذا؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال: أولم يبقى من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها لابنك داود؟ قال: فجحد آدم فجحدت ذريته ونسى آدم فنسيت ذريته، وخطى آدم فخطت ذريته ))
قلت : فتأمل هنا ذكر المسح أيضاً ولكن أين ذكر المسح الثاني ؟ وأين ذكر أهل الجنة والنار في المسح الأول والثاني ؟
لعدم وجود هذه الألفاظ في حديث لم يعتبرها الشيخ الألباني شاهداً للمسح الثنائي الوارد في حديث عمر وهذا من دقيق تصرفاته
ورحم الله من قال :
وإذا أراد نشر فضيلةٍ طويت *** أتاح لها لسان حسود
التناقض السابع والثلاثون والجواب عليه
قال السقاف في ص60 : ((حديث سيدنا أبي سعيد الخدري مرفوعا : (إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الارض يتفقهون فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا) رواه الترمذي برقم (2650) طبعة شاكر . قلت : صحح الالباني الحديث في (السلسلة الصحيحة) (1 / 503 برقم 280 من حديث أبي سعيد الخدري) ثم وجدته قد ضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 75 برقم 215) من حديث أبي سعيد حيث قال ما نصه : وصفه الترمذي - بأن فيه أبا هارون العبدي كان شعبة يضعفه ، قلت : واسمه عمارة بن جوين وهو ضعيف جدا ، وقد كذبه بعض الائمة . اه ! ! فيا للتناقض ! ))
قلت : بل يال الكذب فإن الشيخ إنما نقل كلام الترمذي على إسناده ولم يضعف متن الحديث _ كما تدعي كذباً _(1/110)
ثم إنه في سلسلة الأحاديث أورد طرقاً أخرى للحديث صححه بها _ وأشار إلى طريق أبي هارون العبدي الكذاب _ فأين التناقض ؟ والله المستعان
التناقض الثامن والثلاون والجواب عليه
قال السقاف في ص60 : ((حديث : علي بن طلق مرفوعا : (إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليعد الصلاة ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن فإن الله لا يستحي من الحق) رواه ابن حبان في صحيحه والامام أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم . قلت : حسن الالباني حديث علي بن طلق هذا بإقراره الترمذي في تحسينه في تخريج (المشكاة) (1 / 103 برقم 314) . وزعم أن له شواهد أيضا . ثم رأيته قد حكم عليه بالضعف في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته) (1 / 209 برقم 706) من حديث علي بن طلق فقال : ضعيف ، ضعيف ابي داود 26 ))
قلت :
أولاً قول السقاف (وزعم أن له شواهد هناك ) كذب على الشيخ فإن الشيخ إنما أورد له شاهداً واحداً حيث قال : (( ويشهد له حديث رقم 306 )) ولو رجعت إلى حديث 306 لوجدته حديث أبي هريرة (( إذا وأحدكم فيبطنه شيئاً ....)) الحديث وهذا الحديث إنما يشهد لبعض معنى حديث علي بن طلق والشيخ الألباني يعلم غير أن التبريزي غنما أورده من أجل المتفق عليه مع حديث أبي هريرة لهذا أشار الشيخ إلى أن له شاهداً _ أي في موطن الشاهد الذي أشار إليه المؤلف _(1/111)
ثانياً السقاف يتلاعب بالألفاظ فيجعل حكم الشيخ المتقدم متأخراً والعكس والحق أن الشيخ قد ضعف الحديث قديماً ثم وجد له شواهد يقويها به لذا حسنه في بعض كتبه المتأخرة والتي من آخرها صحيح موارد الظمآن (168) وعليه فهذه من فضائل الشيخ _ رحمه الله _ إذ أن اجتهاده إذ أنه لم جامداً _ رحمه الله _ بل كان يراجع أحكامه القديمة بين الفينة والأخرى فإذا تبين له خطأ تراجع عنه وسبب ذلك أن الساحة الحديثية كل يومٍ يطرأ عليها جديد فتطبع كتبٌ كثيرة كانت في عداد المخطوط أو المفقود وقد لا تصل يد الباحث إلى بعض الكتب النادرة ثم يحصل عليها بعد طول اجتهاد فإذا نظر الباحث في تلك الكتب وجد أمراً جديداً يوجب عليه تغيير اجتهاده فتغير اجتهاد العالم يدلك على أنه متابعٌ جيد لما يحصل في الساحة الحديثية وما يستجد فيها ويدل على إنصافه وفضله إذ يتراجع عن الخطأ _ تديناً _ ولا يأبه بتشنيع المشنعين فلله در الألباني ما أعلمه وما أعمله
التناقض التاسع والثلاثون
قال السقاف في ص61 : ((حديث عبد الله بن عكيم رضي الله عنه قال أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليخ وآله وفيه : (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) رواه الترمذي وغيره قلت : ضعف الالباني الحديث في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 157 برقم 508) فقال في آخر كلامه عليه : والقول في هذا الحديث طويل الذيل ، وقد أطنب فيه الحازمي في (الاعتبار) وخلاصة القول فيه أنه مضطرب في اسناده ومتنه ، فمن شاء البسط والتفصيل فليرجع إليه أو إلى : (تلخيص الحبير) . اه قلت : والكل يعرف أن المضطرب من أقسام الضعيف بشكل عام . ثم رأيت أنه - الالباني - متناقض حيث صحح نفس الحديث من رواية عبد الله بن عكيم في الارواء (1 / 76 برقم 38) ورد على من قال باضطراب الحديث ثم قال ص 79 : (فثبت الحديث ثبوتا لا شك فيه ، وقد حسنه الترمذي والحازمي . .) اه ! فسبحان الله(1/112)
قلت : لا تناقض في كلام الشيخ فإنه في المشكاة كان ينقل كلام بعض العلماء لا كلامه هو حيث قال : (( فمن شاء البسط فليرجع إليه _ أي الإعتبار _ أو إلى التلخيص الحبير ))
ثم اجتهد الشيخ في الإرواء وخرج الحديث بنفسه ورد على إعلال من أعله فأين التناقض يا أولي الأبصار
التناقض الأربعون والجواب عليه
قال السقاف في ص 62 : ((حديث : أن النبي صلى الله عليه وآله أتى مسجد بني عبد الاشهل فصلى فيه المغرب ، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها فقال : (هذه صلاة البيوت ، رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . قلت : ضعف الحديث الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 370 برقم 1182) فقال : قلت : وفيه عندهم جميعا أسحاق بن كعب بن عجرة ، وهو مجهول الحال كما في التقريب . اه ثم رأيته صححه إذ أورده في (صحيح ابن ماجه) (1 / 192 برقم 956) فقال : (حسن) . اه ! ! ! ))
قلت : لم يضعف الشيخ متن الحديث في المشكاة وإنما ضعف سند كعب بن عجرة فقط وحسنه عند ابن ماجة من حديث رافع بن خديج عند ابن ماجة فأين التناقض يا عباد الله !!!
التناقض الحادي والأربعون(1/113)
قال السقاف في ص62 : ((عن ابن جريح عن عطاء قال : (كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلى الجمعة بمكة تقدم فصلى ركعتين ، ثم يتقدم فيصلي أربعا . وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ، ولم يصل في المسجد . فقيل له . فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله) . رواه الترمذي (2 / 402) وغيره . ضعف رواية الترمذي هذه الالباني بعنعنة ابن جريح عن عطاء في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 372 آخر سطر في الحاشية) فقال : ورجاله ثقات ، فهو صحيح لولا أن فيه عنعنة ابن جريح . اه ! قلت : الالباني متناقض لانه صحح عنعنة ابن جريح عن عطاء واعتبرها محمولة على السماع حتى يتبين تدليسه فيها إذ قال في (إرواء الغليل) (3 / 97 / السطر السادس من تحت) : وعلى هذا فكل روايات ابن جريح عن عطاء محمولة على السماع إلا ما تبين تدليسه فيه . اه قلت : وهذا الحديث لم يتبين أن ابن جريج قد دلس فيه ، والالباني أعله في تخريج (المشكاة) بعنعنته ، ثم ثم تناقض فصححه بنفس السند في صحيح الترمذي (1 / 162 برقم 433) وفي صحيح أبي داود برقم (1000) فيا للعجب ! ! ! ))
قلت : الكلام على هنا مقامين
المقام الأول في نقض دعوى تناقض ... الشيخ الألباني في هذا الحديث والحق أنه لم يتناقض فإنه إنما ضعف سند الترمذي فقط بعنعنة ابن جريج عن عطاء ثم إنه وقف على تصريح ابن جريج بالتحديث عند أبي داود فصحح الخبر عند الترمذي وأشار هناك إلى أبي داود ولا تناقض تضعيف سند بعنعنة مدلس وتصحيح نفس السند لأن المدلس صرح بالتحديث فالعة قد زالت
المقام الثاني في دعوى تناقض موقف الشيخ من رواية ابن جريج عن عطاء والصواب أن هذا من تغير الإجتهاد
وقد صرح بتغير موقف من عنعنة ابن جريج عن عطاء بعد وقوفه على بعض نص مهم في التهذيب حيث قال في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1/50) : ((ثم رأيت في ترجمة ابن جريج من " التهذيب " أنه قال : " إذا قلت : قال عطاء :(1/114)
فأنا سمعته منه , و إن لم أقل : سمعت " , فهذه فائدة هامة , و لكن ابن جريج لم
يقل هنا : " قال عطاء " , و إنما قال : " عن عطاء " . فهل حكمهما واحد , أم
يختلف ? الظاهر عندي الأول . و الله أعلم))
التناقض الثاني والأربعون
قال السقاف في 39 : ((حديث سيدنا علي رضي الله عنه وكرم وجهه مرفوعا : (إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن) رواه أبو داود وابن ماجة والنسائي والترمذي . ضعف حديث سيدنا علي هذا الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 397 برقم 1266) حيث قال : ورجالهم ثقات غير أن أبا اسحق وهو السبيعي كان قد اختلط ومع ذلك قال الترمذي حديث حسن . اه قلت : وقد صحح الحديث - حديث علي - متناقضا في صحيح ابن ماجه (1 / 193 برقم 959 - 1169) فتأملوا ))
قلت : أولاً السقاف يعيد الكذبة نفسها كل مرة فيجعل تضعيف الشيخ الألباني لإسناد الحديث تضعيفاً له ولا يخفى على صغار الطلبة ممن درسوا البيقونية والنخبة أن تضعيف السند لا يقتضي تضعيف المتن لاحتمال وجود الشواهد والمتابعات
وهذا ما وقع هنا فللحديث شواهد من أجلها الشيخ الخبر كما صرح في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (1067)
وقد قال الشيخ الألباني في مقدمة سنن ابن ماجة : ((لقد قويت أحاديث كثيرة أسانيدها ضعيفة في هذا الكتاب ، وذلك لطرق أخرى وشواهد ))
قلت : وحديثنا المذكور من هذا الباب
التناقض الثالث والأربعون(1/115)
قال السقاف في ص64 : ((حديث : (إن الله أمدكم بصلاة ، لهي خير لكم من حمر النعم ، الوتر جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر) رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما . قلت : صحح الحديث في (إرواء الغليل) (2 / 156 برقم 423) فقال : (صحيح) . اه وتناقض على عاداته فضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 397 برقم 1267) فقال في التعليق رقم (2) في الحاشية : وضعفه الترمذي بقوله حديث غريب . قلت : وعلته : عبد الله بن راشد الزوفي قال الذهبي : (ليس بالمعروف ، وذكره ابن حبان في الثقات) . قلت : وقال (يروي عن عبد الله ابن أبي مرة إن كان سمع منه ، ومن اعتمده فقد اعتمد إسنادا مشوشا) . قلت : وعن ابن أبي مرة يروى هذا الحديث الزوفي . اه كلام الالباني قلت : فتأمل ! ))
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه ضعفه من حديث خارجة بن حذافة _ إذ أن حديثه الموجود في المشكاة وهو حديث الترمذي _ ثم عاد وضعف حديث خارجة بن حذافة مرةً أخرى في الإرواء مرةً غير أنه أورد له شواهد يتقوى بها
وقد قدمنا أن هذا ليس من التناقض في شيء فالحكم المتناقض هو الذي ينقض بعضه بعضاً لا الذي يجتمع ويأتلف
التناقض الرابع والأربعون والجواب عليه(1/116)
قال السقاف في ص 64 : ((حديث جابر قال : (ولما استوى رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الجمعة على المنبر قال اجلسوا فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد فرآه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : (تعال يا عبد الله بن مسعود)) رواه أبو داود . قال الالباني مضعفا للحديث في تخريج (المشكاة) (1 / 445) ورجاله ثقات غير أن ابن جريح مدلس كما قال الدارقطني وغيره ، وقد عنعنه . اه قلت : تناقض حيث صحح عنعنة ابن جريح عن عطاء في (الارواء) (3 / 97) . ! ! وصححه في صحيح أبي داود (966) . قلت : تأملوا بالله تعالى عليكم كيف حكم على طرق الدارقطني وحديثه في تخريج (المشكاة) (1 / 445) بالضف وفصل ثم قال في (الارواء) : حسن ))
قلت : قد قدمنا سابقاً أن اجتهاد الشيخ في رواية ابن جريج عن عطاء قد تغير ولا يعني هذا أن كلام يخلو من مؤاخذة بل مؤاخذٌ في جعل تضعيف الشيخ الألباني لسند الضعيف تضعيفاً لمتنه وهذا جهلٌ أو تجاهلٌ منه قد بينا ما فيه مراراً وتكراراً
واعلم أننا لا ننكر أن العالم قد يقول في حديث : (( ضعفه فلان )) ويعني أنه قد ضعف أحد أسانيده التي ذكرها ولكن السقاف لا يعني هذا فهو لا يعني بقوله : (( ضعفه الألباني )) إلا تضعيف المتن بدليل أنه يجعله مناقضاً لتصحيح المتن في مكانٍ آخر فتنبه
التناقض الخامس والأربعون والجواب عليه(1/117)
قال السقاف في ص65 : ((حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى . . .) الحديث . رواه الحاكم (1 / 291 وقال صحيح الاسناد ووافقه الذهبي ، ورواه الدارقطني . ضعف الحديث الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) 1 / 445 برقم 1419) فقال في الحاشية : رواه الدارقطني في سننه ص 167 بإسناد ضعيف فيه ياسين الزيات وهو ضعيف جدا ، إتهمه ابن حبان بالوضع ، وقد تابعه جماعة من الضعفاء عند الدارقطني وغيره ، وله طرق وشواهد كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض ، انظر (تلخيص الحبير) ص 126 - 127 . اه قلت : وتناقض فصحح الحديث في (الارواء) (3 / 84 برقم 622) وذكر رواية الحاكم فقال : وأخرجه الحاكم (1 / 291) من طريق الوليد بن مسلم عن الاوزاعي به ، ولفظه كلفظ الاثرم سواء . ثم روى الحاكم ومن طريقه البيهقي (3 / 203) والدارقطني (167) عن أسامه الليثي عن ابن شهاب به بلفظ : (فليصل إليها أخرى) وقال الحاكم في الاسنادين : (صحيح) ووافقه الذهبي . قلت : الاول كما قال لولا أن الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعنه . والثاني : حسن ))
أقول : لو تحليت يا حسن بشيء من الأمانة العلمية ونقلت كلام الشيخ الإرواء كاملاً لوجدته عاد وأعل ذلك الطريق الذي حسنه بعدما وقف على علةٍ له في طريقٍ أخرى
وإليك نص كلام الشيخ الألباني كاملاً
قال الشيخ في ( 2/86) _ أي بعد ما نقله السقاف بصحيفتين _ ((وهو الذي تطمئن إليه نفس الباحث في طرقه فإن جميعها ضعيفة بينة الضعف ، كما تقدم ، غير ثلاث : الأولى : طريق ابن عيينه . والثانية : طريق الأوزاعي . والثالثة : طريق أسامة بن زيد . فهذه ظاهرة الصحة ، غير الثانية فقد أعلها الحافظ بالتدليس كما تقدم ، والثالثة فيها مجال لإعلالها بأسامة هذا فإنه متكلم فيه من قبل حفظه ولذلك اقتصرنا على تحسين إسناده ، فمثله عند الاختلاف لا يحتج به ))(1/118)
قلت : فانظر كيف صرح بالتراجع عن التحسين بعدما ثبت له أن أسامة بن زيد قد خولف
وقد أعطى الشيخ الحكم النهائي في (3/90) حيث قال : ((وجملة القول أن الحديث بذكر الجمعة صحيح من حديث ابن عمر مرفوعا وموقوفا ، لا من حديث أبي هريرة ))
قلت : وحديث أبي هريرة هو الذي زعم السقاف كذباً أن الشيخ قد صححه في الإرواء ولو أكمل قراءة كلام الشيخ _ وأظنه قد فعل _ لظهر له أن الشيخ قد ضعفه فاسأل الله العافية واستعذ بالله من الحقد والحسد اللذين يوقعان صاحبهما بمثل هذه المآزق
التناقض السادس والأربعون والجواب عليه
قال السقاف في 66 : ((عن عطاء مرسلا : (أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا خطب يعتمد على عنزته اعتمادا) رواه الشافعي في مسنده برقم (44) . قال الالباني مضعفا له في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 453 برقم 1445) : (رواه الشافعي في مسنده (44) وهو مع إرساله واه جدا ، فيه ابراهيم المذكور قريبا عن ليث وهو ابن أبي سليم ، وهو ضعيف) . اه ثم تناقض فقال في (الارواء) (3 / 78 السطر الثاني من تحت) . أخرجه الشافعي (1 / 162) والبيهقي ، وهو مرسل صحيح . اه فتدبروا ! ! ))
قلت : لا تناقض فالإسناد الذي ضعفه الشيخ الألباني غير الإسناد الذي صححه الشيخ فالشيخ في المشكاة إنما حكم على إسناد الشافعي وهو كما قال الشيخ ضعيفٌ جداً
ثم وقف الشيخ على إسناد صحيح إلى عطاء عند البيهقي وهو من طريق محمد بن عبدالوهاب عن جعفر بن عون عن ابن جريج قال قلت لعطاء فذكر الخبر
وهذا إسناد صحيح غير إسناد الشافعي الذي ضعفه الشيخ في المشكاة فتأمل !وتدبر!
التناقض السابع والأربعون(1/119)
قال السقاف في ص 67 : (( حديث أبي هريرة مرفوعا : (من عاد مريضا نادى مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا) . ضعف الحديث الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 495 برقم 1575) حيث ذكر أنه رواه ابن ماجه فتال : واسناده ضعيف فيه أبو سنان القسملي واسمه عيسى بن سنان . . . اه قلت : تناقض حيث صحح الحديث فأورده في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (5 / 322 برقم 6263 - 2632) بل قد أورده في صحيح ابن ماجه (1 / 244) ! (45) ومن العجيب الغريب أنه عزا الحديث السابق في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (5 / 322 رقم 6263) إلى تخريج المشكاة (5015) وهو هنالك لم يحكم على الحديث بالحسن ، إنما حكم عليه في المشكاة برقم (1575) بالضعف ، فتأملوا يا ذوي القلوب والابصار ! ))
قلت : الجواب على هذا سهلٌ هين فإن الشيخ لم يضعف الحديث في تخريج المشكاة كما ادعى السقاف كذباً
وإنما ضعف أحد أسانيده ثم إنه في التعليق الرغيب _ وهو غير مطبوع _ جمع للخبر شواهد قواه بها وأما عزو الشيخ لتخريج المشكاة فهو يعزو للتخريج الثاني الذي نبه عليه في مقدمة سنن ابن ماجة وهو الناسخ للتخريج الأول والسقاف اطلع على هذا ومع ذلك فهو يصر على أن يملأ التناقضات بالنقل عن كتابٍ غير معتمد عند الشيخ وقرائه لأنه منسوخ بتخريجٍ أوسع وفيه استدراك على الأوهام التي وقعت للشيخ في تخريجه الأول
التناقض الثامن والأربعون والجواب عليه(1/120)
قال السقاف في ص 68 : (( حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه آله : (كان إذا قرأ سبح اسم ربك الاعلى قال : سبحان ربي الاعلى) رواه الامام أحمد وأبو داود والحاكم وصححه (1 / 264) وأقره الذهبي . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 272 برقم 859) فقال : " رواه أبو داود في سننه (883) وأعله بالوقف على إبن عباس ، وفيه موقوفا ومرفوعا أبو إسحق وهو السبيعي وكان اختلط . وأما الحاكم فقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي) . اه . قلت : من عجائبه التي لا أستطيع إحصاءها أنه جزم بصحة الحديث في كتاب آخر له ، فأورده في (صحيح الجامع وزيادته) (4 / 228 برقم 4642) عن نفس الصحابي عند أبي داود وغيره . فيا للعجب ! ))
قلت : يجاب على هذا بعدة أجوبة
أولها أن الشيخ في المشكاة إنما نقل كلام أبي داود ولم يقره أو يرده ثم تبين له خلافه فيما بعد _ والساكت لا ينسب له قول _
ثانيها : أن الشيخ في المشكاة إنما تكلم على أحد أسانيد الحديث ثم وجد له شواهد صححه بها ولا تناقض في هذا كما شرحناه سابقاً
التناقض التاسع والأربعون والجواب عليه
قال السقاف في ص68 : ((حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا : (ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهما) فقالوا يا رسول الله أو إثنان ؟ قال : (أو إثنان) قالوا : أو واحد ؟ قال : (أو واحد) ثم قال: والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته) رواه الامام أحمد وإبن ماجه . قال الالباني مضعفا للحديث في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 549 رقم 1754) : رواه أحمد في المسند وإبن ماجه وإسنادهما ضعيف . . اه ثم تناقض فرأيته قد أورده في صحيح ابن ماجه (1 / 268 برقم 1304) ))
قلت : قد بتر السقاف كلام الشيخ الألباني في تخريج المشكاة ليتسنى له اتهامه بالتناقض(1/121)
فقد قال الشيخ : ((رواه أحمد في المسند وإبن ماجه وإسنادهما ضعيف ولرواية ابن ماجة شاهدٌ في المسند عن عبادة بن الصامت ))
قلت : قد بتر السقاف ما تحته لئلا يتبين للقاريء لماذا صحح الشيخ خبر ابن ماجة ودعوى تضعيف الشيخ للحديث في المشكاة كذبٌ صريح وخصوصاً بعد تكملة النص المبتور !!
وقد قدمنا أن تخريج كتاب المشكاة منسوخ فلا يجوز الإعتماد عليه في محاكمة الشيخ _ والسقاف اعترف في مقدمة تناقضاته بأنه يعلم بأن للشيخ تحقيقاً ثانياً لكتاب المشكاة استدرك فيه ما فاته في التخريج الأول _
التناقض الخمسون والجواب عليه
قال السقاف في ص69 : ((حديث : ابن عمر رضي الله عنهما قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله في أن تتبع جنازة معها رانة) رواه الامام أحمد وابن ماجه ، والرانة : النائحة . حسن الالباني الحديث في كتابه (أحكام الجنائز وبدعها) ص (70) وهو متناقض لانه ضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 549 برقم 1752) ))
قلت : الشيخ لم الحديث في المشكاة إنما ضعف سند أبي داود فقط حيث قال : (( في سننه _ يعني أبي داود _ بسندٍ ضعيف فيه أبو يحيى القتات ))
ثم أعاد تضعيف هذا السند مرةً في أحكام الجنائز ولكنه أورد له شاهداً حسناً لغيره عند ابن ماجة (1/479_480) وأحمد (5668) وقواه به
ولا تناقض في هذا والحمد لله فالحكم المؤتلف لا يسمى تناقضاً وإنما الكلام المتناقض الذي ينقض بعضه بعضاً فلو صحح الشيخ سند أبي داود لذاته لكان متناقضاً فتأمل !
التناقض الحادي والخمسون والجواب عليه(1/122)
قال السقاف في ص 69 : ((حديث شقيق بن سلمة أبي وائل قال : (رأيت عثإن بن عفان رضي الله عنه يتوضأ ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه وإذنية ظاهرهما وباطنهما ، وغسل قدميه ثلاثا ثلاثا ، وغسل أنامله ، وخلل لحيته ، وغسل وجهه . وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل كالذي رأيتموني فعلت) . رواه ابن خزيمة في صحيحه (1 / 86) . ضعفه الالباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (1 / 86 برقم 167) إذ قال : (اسناده ضعيف راجع الحديث (151) ناصر) . اه قلت : خالف ذلك فصحح حديث عثمان هذا في (إرواء الغليل ((1 / 128 برقم 89) وأورده في صحيح ابن ماجه (1 / 71 برقم 333) . قلت : والحديث أصله في الصحيحين أنظر فتح الباري (1 / 259) ))
قلت : هذا الحديث إنما ضعفه الشيخ الألباني من رواية عامر بن شقيق عن أبي وائل وفيه زيادة تخليل اللحية
وصححه في الإرواء من روايةٍ أخرى عن عثمان وسياقها مختلف وليس فيها ذكرٌ لتخليل اللحية فأين التناقض يا أولي الأبصار
علماً بأن الشيخ في تعليقه على صحيح ابن خزيمة لم يضعف الحديث كما ادعى السقاف كذباً وإنما ضعف سند ابن خزيمة فقط كما يدل عليه لفظه الذي نقله السقاف نفسه !!!
التناقض الثاني والخمسون والجواب عليه(1/123)
قال السقاف في ص 70 : ((حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : (قلت : يا رسول الله ! إني إذا رأيتك طابت نفسي ، وقرت عيني ، فأنبئني عن كل ثئ ، فقال : كل شئ خلق من ماء ، قال : قلت : يا رسول الله أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة ، قال : إفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الارحام ، وقم بالليل والناس نيام ، ثم أدخل الجنة بسلام) رواه الامام أحمد والحاكم وغيرهما . قال الالباني - مصححا له - في (إرواء الغليل) (3 / 237 - 238) : قلت : وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبى ميمونة وهو ثقة كما في (التقريب) وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) ووافقه الذهبي . آه قلت : متناقض ، فقد أورد الحديث مضعفا إياه في (سلسلته الضعيفة) (3 / 492 السطر 9) قائلا : (قلت : وهذا إسناد ضعيف) اه وذكر هناك أيضا أن الحاكم صححه ووافقه الذهبي ثم رد عليهما ))
قلت : إنما صحح الشيخ الألباني السند المذكور اغتراراً بقول الحافظ في أبي ميمونة " ثقة " فلما وقف على قول الدارقطني فيه " مجهول يترك " عدل إلى قول الدارقطني وضعف السند وقراء الشيخ الألباني يعرفون أن كتب التي طبعتها دار المعارف متأخرة عن كتبه التي طبعها المكتب الإسلامي وأن كتب المكتب لم يتسنى للشيخ إضافة تعليقاته الجديدة وتراجعاته عليها كما صرح بذلك الأستاذ زهير الشاويش _ صاحب المكتب الإسلامي _ في مقدمة مختصر العلو وهو وإن تكلم من مختصر العلو فقط فهذا أيضاً ينبيك عن حال كتبه الأخرى
التناقض الثالث والخمسون(1/124)
قال السقاف في ص71 : ((حديث عبد الله بن مسعود قال : (كان النبي صلى الله عليه وآله إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا) رواه الترمذي (509) وقال : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل وهو ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا . قال الالباني مضيفا على تضعيف الترمذي له في (تخريج (المشكاة) (1 / 443 برقم 1414) : (لانه متهم بالكذب ، رماه به الامام أحمد وإبن معين وغيرهما . .) اه قلت : صحح الحديث في موضع آخر حيث أورده في (صحيح الجامع وزيادته) : (4 / 227 برقم 4638) فتدبروا ))
قلت : قد تدبرنا فوجدناك قد بترت كلام الشيخ الألباني _ رحمه في المشكاة _
وإليك نص كلام الشيخ كاملاً
قال الشيخ معلقاً على كلام : (لانه متهم بالكذب ، رماه به الامام أحمد وإبن معين وغيرهما ولكن يبدو أن معنى الحديث صحيح فراجع فتح الباري (332_333 )
قلت : فبتر السقاف ما تحته خط والسبب في ذلك واضح فإن الشيخ ما صحح معناه إلا وقد وجد له شواهد وعليه فإن هذا الحكم لا يتناقض مع تصحيحه للخبر في صحيح الجامع _ فقد صححه في المشكاة أيضا_ وقد أورد الشيخ هذه الشواهد في السلسلة الصحيحة (2080)
والشيخ في المشكاة إنما تكلم على سند الترمذي فقط وهو من حديث ابن مسعود
والخبر الذي صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع هو خبر ثابت : كان إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم وهو عند ابن ماجة فهو مجرد شاهد لحديث ابن مسعود _ الذي صحح الألباني معناه بالشواهد _ فأوهم السقاف أنه هو عينه حديث ابن مسعود ليتسنى له التشنيع على الشيخ الألباني
فتأمل !
التناقض الرابع والخمسون والجواب عليه(1/125)
قال السقاف في ص72 : (( حديث أم كرز قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (أقروا الطير على مكناتها) وسمعته يقول : (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة ، ولا يضركم ذكرانا كن أو إناثا) قال صاحب (مشكاة المصابيح) رواه أبو داود ، وللترمذي والنسائي من قوله : يقول : (عن الغلام) اه أي أن الشطر الاول من الحديث وهو : (أقروا الطير على مكناتها) انفرد به أبو داود . فقال الالباني - مضعفا - معلقا على رواية أبي داود في تخريج (المشكاة) (2 / 1208 برقم 4152) : (وإسناده فيه جهالة ، لكن الشطر الثاني منه له عنده طريق أخرى يتقوى بها . . .) اه ما يتعلق بالشطر الاول فاطلق ضعفه ! . ثم رأينا أن من تناقض الرجل أنه حكم بصحته - أعني الشطر الاول - في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (1 / 380 برقم 1188) إذ قال : (صحيح) ))
قلت : لم يطلق الشيخ الألباني القول بتضعيف الشطر الأول مطلقاً وإنما أطلق القول بضعف رواية أبي داود لهذا الشطر
ولا تناقض بين هذا القول وتصحيح هذا الخبر من طرقٍ أخرى والذي يظهر أن الجهالة ارتآها الشيخ في هذا السند قد زالت فإن الشيخ إنما قصد بالجهالة وجود سباع بن ثابت في السند ويبدو أنه وقف على ما أزال به جهالة هذا الراوي إذ أنه من الرواة المختلف في صحبتهم فلعل الشيخ وقف على ما يؤيد صحبته لذا صحح الحديث بعد أن ضعفه وهذا يحصل كثيراً للأئمة والباحثين ولا يثرب فيه إلا جاهل _ والشيء من معدنه لا يستغرب _
التناقض الخامس والخمسون والجواب عليه(1/126)
قال السقاف في ص 72_73 : ((حديث : (اطلبوا الخير دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته ، يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله تعالى أن يستر عوراتكم ، وأن يؤمن روعاتكم) . رواه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة وعن أنس رضي الله عنهما ضعفه الالباني في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته) (1 / 389 برقم 1001) وذكر أنه أورده أيضا في (سلسلته الضعيفة) برقم (2798) . وهو متناقض حيث صححه في موضع آخر ، فقد أورده في (سلسلة الاحاديث الصحيحة) (4 / 511 رقم 1890) ! ! فتأمل ))
قلت : تصرف الشيخ هنا فيه دقة فإن الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة لفظه " افعلوا الخير " والحديث في ضعيف الجامع لفظه " اطلبوا الخير " ومعلومٌ أن طلب الشيء وتتبعه أعلى من مجرد فعله ألا ترى إلى من يعمل ببعض العلم أعلى منه من يحرص على طلبه وتتبعه أينما وجد _ مع العمل به _ والخير يشمل العلم فالحديثان مختلفان وعليه فلا تناقض
التناقض السادس والخمسون والجواب عليه
قال السقاف في ص73 : ((. حديث أبي رزين العقيلي قال : قلت : يا رسول الله ! كيف يعيد الله الخلق ؟ وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : (أما مررت بوادي قومك جدبا ثم مررت به يهتز أخضر ؟) قلت : نعم . قال : (فتلك آية الله في خلقه (كذلك يحي الله الموتى) رواه أحمد (4 / 11) ورواه البيهقي في آخر الاسماء والصفات ص (507) في باب إعادة الخلق . ضعفه الالباني في تخريج المشكاة (3 / 1532 برقم 5531) حيث قال : (وفي سنده ضعف ، ويحسنه بعضهم) اه ثم تناقض الرجل فأورد الحديث في (صحيح الجامع الضعيف وزيادته) (1 / 420 برقم 1346) ! فسبحان الله ))(1/127)
قلت : لم يتناقض الشيخ فإنه لم يضعف الخبر أصلاً وإنما ضعف إسناده فقط وكما قدمنا مراراً لا يلزم من تضعيف السند تضعيف المتن وذكر أن بعض العلماء يحسنونه واعلم الخيط بين الحسن لذاته والضعيف المحتمل خيطٌ رفيع لهذا تختلف اجتهادات أهل العلم في كثير من الأحاديث بين التحسين والتضعيف
وقد يكون الشيخ حسن الخبر في صحيح الجامع لأنه وجد له شاهداً
التناقض السابع والخمسون والجواب عليه
قال السقاف في ص 74 : ((حديث أبي موسى الاشعري مرفوعا : (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته أقبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي ؟ قال : حمدك واسترجع . فيقول : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد) . رواه الترمذي . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 544 رقم 1736) فقال : قلت : وإسناده ضعيف فيه أبو سنان واسمه عيسى بن سنان القسملي قال الحافظ لين الحديث . اه هكذا أطلق تضعيفه . ثم صحح الحديث فأورده في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (1 / 279 رقم 807) ))
قلت : السقاف من جهله بعلم الحديث لا يفرق بين التضعيف المطلق والتضعيف المقيد فالتضعيف المطلق أن يقول العالم : " حديثٌ ضعيف " وأما المقيد أن يقول : " إسناده ضعيف " وبرهان تقييده أنك قد تصحح المتن بالشواهد مع ضعف السند الذي تتكلم عليه والحديث يتكون من السند والمتن فلا يكون التضعيف مطلقاً حتى يشملهما الكلام
وعليه فإن السقاف كاذب في دعواه أن الألباني ضعف الخبر مطلقاً في تخريج المشكاة وقد يكون تحسين الشيخ في صحيح الجامع تغير اجتهاد أو لأنه وجد شاهداً للخبر
التناقض الثامن والخمسون والجواب عليه(1/128)
قال السقاف في ص 74 : ((حديث يعلى بن مرة مرفوعا : (حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الاسباط) رواه الترمذي وهو حسن الاسناد . قلت : صححه الالباني فأورده في (سلسلته الصحيحة) (3 / 229 برقم 1227) . وهو متناقض حيث ضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1738 برقم 6160) قائلا : (وإسناده ضعيف) . اه ! ))
قلت : قول السقاف أن الألباني ضعف الحديث في تخريج المشكاة كذب على الشيخ إذ أنه إنما ضعف سند الترمذي
وأعاد تضعيفه في سلسلة الأحاديث الصحيحة وأورد له إسناداً آخراً قوياً فأين التناقض يا أولي الأبصار
ومن جهالات السقاف تحسينه لسند الترمذي وفيه سعيد بن أبي راشد أو ابن راشد وهو مجهول انفرد ابن خثيم بالرواية عنه وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات
ولا أدري كيف السقاف روايته ثم يرد رواية وكيع بن حدس مع أن وكيعاً أحسن حالاً منه _ انظر ما كتبته عن وكيع سابقاً _
التناقض التاسع والخمسون والجواب عليه
قال السقاف في ص 75 : " حديث أم حبيبة رضي الله عنها مرفوعا : (من حافظ على أربع ركعات - وفي لفظ من صلى ، أربع ركعات - قبل الظهر وأربعا بعدها حرمه الله على النار) . رواه الامام أحمد والترمذي والنسائي وابن خزيمة عن أم حبيبة . ضعفه في تعليقه على ابن خزيمة (2 / 205 رقم 1190) فقال : (اسناده ضعيف ، محمد بن أبي سفيان لا يعرف) اه وتناقض فصححه وأورده وفي (صحيح الجامع وزيادته) (5 / 317 برقم 6240) ! . فتأملوا ! "
قلت لا تناقض في موقف الشيخ فإنه إنما ضعف سند ابن خزيمة فقط وصحح المتن من أسانيد أخرى ولا تناقض في هذا ولو رجعت إلى بقية الأسانيد لما وجدت العلة التي أعل بها الشيخ الألباني سند ابن خزيمة فتأمل !
التناقض الستون والجواب عليه(1/129)
قال السقاف في ص 75 : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (علي مني وأنا من علي ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وهو صحيح . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1720 برقم 6083) وأعله باختلاط أبي اسحاق السبيعي . وهو متناقض حيث أورد الحديث في صحيح ابن ماجه (1 / 26 برقم 97) فتأملوا !"
قلت لا تناقض في موقف الشيخ فإنه في تعليقه على المشكاة إنما ضعف سند الترمذي وأحمد وفي تحسينه للخبر في ابن ماجة ستجد أنه قد عزى إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1980) وإذا رجعت إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة فستجد أنه أعاد تضعيف السند المذكور ثم أورد للخبر شاهداً عند النسائي في خصائص علي والبزار في المسند به حسن الخبر فأين التناقض وكلامه يرفد بعضه بعضاً
بل إن الشيخ عزى إلى تخريج المشكاة الثاني مما يدل على أنه استدرك هذا الشاهد في التخريج الثاني
فلو سلمنا للسقاف أنه تناقض فهو من باب التراجع عن الخطأ الذي أصلحه في التحقيق الثاني الذي نص على أنه ينسخ التحقيق الأول
وهذه فضيلة للشيخ والسقاف لا يغفل عن شيء من هذا ولكنه يكابر والله المستعان
وتأمل جهل السقاف في تصحيحه لهذا الحديث وليس له إسنادٌ قائم وإنما هو حسنٌ لغيره وهو يشنع على الشيخ الألباني إذا اختلف حكمه بين التصحيح والتحسين فهو بين أحد أمرين
الأول : أن يقر أن لفظة " صحيح " تطلق أحياناً على الحسن لغيره وبالتالي لا تناقض في موقف الشيخ _ انظر التناقضات الأولى _
الثاني : أن يقر على لفظة بأنه وقع في خطأٍ علمي قبيح وليس هذا مستغرباً منه
وقفات مع ما نقله السقاف عن الشيخ الألباني في الصواعق الناسفة(1/130)
نقل السقاف في كتابه الصواعق الناسفة ( ص113_ 116) عن الشيخ الألباني اتهامه عدداً من العلماء بالتناقض ليبرر اتهامه هو للشيخ الألباني بالتناقض ولو نظرت ودققت النظر في الأمثلة التي أوردها السقاف لما وجدت واحداً منها يصلح أن يقاس على هذيان السقاف في كتابه تناقضات الألباني الواضحات
وإليك الأمثلة التي ذكرها السقاف مع التعليق
المثال الأول
قال السقاف : " أما الحافظ الذهبي فقد قال عنه الالباني في " ضعيفته " (4 / 442) : " فتأمل مبلغ تناقض الذهبي ! لتحرص على العلم الصحيح وتنجو من تقليد الرجال " اه
الجواب على هذا من وجوه ولكن قبل أن نجيب يحسن أن ننقل كلام الشيخ الألباني كاملاً
قال الشيخ الألباني : " و أما الحاكم فقال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و هو وهم منهما سببه أنه وقع في إسناده " عبد الرحمن بن إسحاق القرشي " . و القرشي هذا ثقة من رجال مسلم , لكن وصفه بذلك في الإسناد وهم من الناسخ أو بعض الرواة , لأن الذي يروي عن النعمان بن سعد إنما هو الأول أبو شيبة الواسطي , و هو أنصاري . ثم إن النعمان بن سعد مجهول لم
يرو له مسلم أصلا , و لا أحد من الستة سوى الترمذي , و قال الذهبي : " ما روى عنه سوى عبد الرحمن بن إسحاق أحد الضعفاء " . قلت : فتأمل مبلغ تناقض الذهبي "
قلت : فالألباني هنا وصف الذهبي بالتناقض من أجل أنه حكم على أحد الرواة بالجهالة ثم سكت على تصحيح الحاكم لحديثه على شرط مسلم
وهذا لا يقاس على تصرف السقاف مع الشيخ الألباني من وجوه
الأول : أن تصحيح السند على شرط مسلم يناقض حقاً وصف أحد رواته بالجهالة لا كما يصنع السقاف مع الشيخ الألباني حيث يأتي بخبرٍ قال الألباني في أحد أسانيده : إسناد ضعيف ، ثم يجعل تصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث من أجل أسانيده الأخرى تناقضاً وليس في هذا تناقض كما شرحناه سابقاً فالكلام المتناقض هو الذي ينقض بعضه بعضاً(1/131)
بل إن السقاف يتهم الشيخ الألباني بالتناقض حتى لو كرر تضعيفه لذلك السند إذا أورد له شواهد صححه بها !!
الثاني : أن الشيخ الألباني لم يسقط الذهبي بمثل هذه السقطات ولم يلبسه وصف " المتناقض " كما فعل السقاف مع الشيخ الألباني بل ما زال الشيخ موقراً للحافظ الذهبي مستفيداً من كتبه مشيداً بعلمه كثيراً ما يلقبه ب " الحافظ "
الثالث : أن السقاف ادعى على الشيخ كذباً أنه تناقض في بعض الأخبار فلما رجعنا إليها وجدناها مختلفةً في المتون اختلافاً يقتضي الإختلاف في الحكم عليها ( انظر التناقض رقم18 والتناقض رقم 22 والتناقض رقم 24و التناقض 28 و التناقض رقم 34 والتناقض رقم 36 التناقض رقم 51 من هذا الكتاب وفيما سيأتي التناقض رقم 73 والتناقض رقم 75 ) والشيخ الألباني كان صادقاً في نقله عن الذهبي
الرابع : أن الشيخ الألباني صرح بتراجعه في عددٍ من الأمثلة التي أوردها السقاف ومع ذلك لم يشفع له تصريحه هذا عند السقاف فاتهمه بالتناقض بل إن السقاف نفسه ينقل تراجع الشيخ الألباني ومع ذلك يشنع عليه كما في التناقض رقم 25 والتناقض رقم 21 والتناقض رقم 14 والتناقض رقم 22 من هذا الكتاب والذهبي لم يصرح بالتراجع
المثال الثاني
قال السقاف : " وأما الحافظ ابن الجوزي فقد قال عنه في " صحيحته " (1 / 193) : " ولذلك فقد أساء ابن الجوزي بإيراده لحديثه في الموضوعات على أنه تناقض . . . " اه
قلت : يحسن بنا أن ننقل كلام الشيخ كاملاً
قال الشيخ : " و لذلك فقد أساء ابن الجوزي بإيراده لحديثه في " الموضوعات " ! على أنه قد
تناقض , فقد أورده أيضا في " الواهيات " يعني الأحاديث الواهية غير الموضوعة ,
و كل ذلك سهو منه عن حديث أبي هريرة هذا الصحيح "(1/132)
قلت : فانظر كيف اعتذر لابن الجوزي واصفاً إياه بأنه قد سها عن حديث أبي هريرة الصحيح والسهو من صفات بني آدم اللازمة التي لا يسلم منها حتى الأنبياء فتأمل هذا الأدب الجم وقارنه مع جهل السقاف وطول لسانه
وأما الجواب عليه فهو كمثل الجواب على كلام الذهبي السابق بأن قول الشيخ لا يقاس على قول السقاف لأربعة وجوه
أولها أن ابن الجوزي صنف كتابه الموضوعات في المتون الموضوعة وكذا صنف العلل المتناهية في المتون الواهية _ الضعيفة جداً _ فإيراده للخبر نفسه في الكتابين مشكل إذ أنه إما أن يكون واهياً أو يكون موضوعاً بخلاف صنيع الشيخ الألباني الذي يعتبره السقاف تناقضاً فإن الشيخ إذا في خبرٍ من الأخبار : "رواه أبو داود بسندٍ ضعيف" ثم جاء في مكانٍ لآخر من كتبه وضعف سند أبي داود مرةً أخرى ثم أورد للخبر إسناداً صحيحاً عند أحمد لم يكن ذلك متناقضاً أو مشكلاً إذ أنه لا يستحيل أن يكون إسناد الخبر عند أبي داود ضعيفاً وإسناده _ المختلف _ عند أحمد صحيحاً
الوجه الثاني أن الشيخ الألباني لم يصف ابن الجوزي بالمتناقض ويجعله وصفاً لازماً له بل ما زال موقراً له واصفاً له بالعلم والحفظ
واعلم أن قول قولنا " تناقض فلان " ليس كمثل قولنا " فلان المتناقض " كما أن قولنا " علم فلان كذا " ليس كقولنا " فلان العالم " وقولنا " جهل فلان كذا " ليس كقولنا " فلان الجاهل " قتأمل
الوجه الثالث ان السقاف في كتبه التناقضات جاء بمتون مختلفة أوهم أنها متماثلة ليتهم الشيخ بالتناقض لاختلاف أحكامه عليها ( انظر الأمثلة في المثال السابق )
الوجه الرابع أن الشيخ الألباني صرح بتراجعه في بعض الأمثلة التي أوردها السقاف فلا يقاس على من لم يصرح بالتراجع مثل ابن الجوزي وغيره _ وإن كان هذا لا يعيب ابن الجوزي _
علماً بأن الشيخ الألباني يصحح هذا الخبر الذي جعله ابن الجوزي موضوعاً تارة وواهياً تارةً أخرى وهذا هو محل البحث الأصل
المثال الثالث(1/133)
قال السقاف : " وأما ابن حبان فقد رماه الالباني بالتناقض في مواضع لا تحصى منها في : " ضعيفته " (3 / 367) حيث قال : " قلت : وهذا تناقض ظاهر من ابن حبان يشبه تناقض الحافظ السابق " اه وقال في " صحيحته " (4 / 377) : " وثقه ابن معين ، كذا ابن حبان ثم تناقض فأورده في الضعفاء " اه ! !"
قلت : الجواب عليه كمثل الجواب على المثال الأول
المثال الرابع
قال السقاف : " وأما الحافظ ابن حجر فقد رماه الالباني أيضا بالتناقض حيث قال عنه في مواضع منها في " ضعيفته " (3 / 266) : " وتناقض رأي ابن حجر فيه "
قلت : راجع الجواب على المثال الأول والثاني فإنه يصلح جواباً على هذا المثال أيضاً
المثال الخامس
قال السقاف : " وكذا وصم الحافظ السيوطي بالتناقض ! ! حيث قال عنه أيضا في مواضع منها في " ضعيفته " (4 / 386) : " ثم إن السيوطي تناقض . . . "
قلت : وصف الشيخ الألباني السيوطي بالتناقض لأنه زعم في مقدمة الجامع الصغير أنه صان كتابه عما تفرد به كذاب أو وضاع ثم أورد فيه خبراً ذكره هو نفسه في ذيل الموضوعات
وعليه فإن الجواب على هذا المثال كالجواب على المثال الثاني
المثال السادس
قال السقاف : " وكذا رمى المناوي رحمه الله بالتناقض ! ! في مواضع منها في ضعيفته " (4 / 34) حيث قال عنه : " وإن من عجائب المناوي التي لا أعرف لها وجها ، أنه في كثير من الاحيان يناقض نفسه "
قلت : إليك كلام الشيخ الألباني كاملاً
قال الشيخ : " و إن من عجائب المناوي التي لا أعرف لها وجها , أنه في كثير من الأحيان يناقض نفسه ,
فقد قال في " التيسير " : " و إسناده صحيح " ! فهذا خلاف ما في " الفيض " "(1/134)
قلت : وصف الشيخ الألباني للمناوي بالتناقض لأن حكمه على إسنادٍ واحد اختلف بين التصحيح والتضعيف بل إن المناوي نقل حكم ابن الجوزي بالوضع ولم يتعقبه في الفيض ثم صحح الإسناد في التيسير مع وجود أحد المتروكين فيه !! ( راجع الضعيفة الموطن المذكور ) وعليه فإن الجواب على هذا المثال كمثل الجواب على المثالين الأول والثاني
وإنك لو نفضت كتب الشيخ الألباني نفضاً لما وجدته في موطنٍ من المواطن حكم على سندٍ في ضعيف جداً بأنه صحيح ولا أنه صحح خبراً في مكان وحكم عليه بالوضع في آخر
المثال السابع
قال السقاف : " وكذلك رمى الحافظ ابن القطان الفاسي بالتناقض ! ! وذلك في " ضعيفته " (3 / 219) حيث قال : " قلت : فأنت ترى أن ابن القطان تناقض في ابن عمر هذا فمرة يحسن حديثه ومرة يضعفه "
قلت : ابن القطان في كتابٍ واحد يختلف حكمه على الراوي الواحد فتارةً يحسن حديثه وأخرى يضعفه
وعليه فإن فهذا سبب حكم الشيخ عليه بالتناقض والجواب على هذا المثال كمثل الجواب على الأمثلة السابقة
وبهذا ينتقض غزل السقاف ويتبين أن كتابه التناقضات إنما هو محض افتراءات وأكاذيب وتشنيعات في غير محل التشنيع وقد قدمنا سابقاً أنه هو نفسه وقع في تناقضاتٍ عديدة وهو وجماعةٌ ممن يعظمهم كمثل الكوثري والغماري والحمد لله معز الإسلام بنصره
وتأمل قوله " رماه الألباني " كذا وكأنه لا يوافق الشيخ الألباني والذي ينبغي عليه أن يوافق الشيخ الألباني لأن اتهم الشيخ الألباني بالتناقض لأحكام لم يتناقض فيها الشيخ الألباني أصلاً فمن باب أولى هذه التناقضات الواضحة
ويوجه للسقاف بعد هذه الأمثلة هذا السؤال
هل هؤلاء العلماء مع سعة علومهم وحفظهم ينفر من كتبهم ويشنع عليهم لاختلاف أحكامهم في بعض المواطن ؟
إن قال : نعم ، خالف أهل العلم قاطبة(1/135)
وإن قال : لا ، قلنا وكذلك الشيخ الألباني الذي هو أعذر منهم لأنك بإمكانك أن تعرف المتقدم من أقواله من المتأخر بالتواريخ المثبتة في مقدمات كتبه
التناقض رقم 61 والجواب عليه
قال السقاف في ص 76 : " حديث ثمامة بن حزن القشيري ، قال : شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال : أنشدكم اللة والاسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : (من يشتري بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ؟ . .) الحديث بطوله ضعفه الالباني في تخريج المشكاة (3 / 1714 برقم 6066) بعد أن ذكر تحسين الترمذي للحديث فقال : (وإسناده ضعيف) اه ثم وجدته قد حسن الحديث في موضع آخر (!) فقد قال في (إرواء غليله) (6 / 40) بعد أن ذكر الحديث ص (39) : فالحديث حسن كما قال الترمذي وقد علقه البخاري بصيغة الجزم . اه فتأملوا يا طلاب الحديث !"
قلت : قد تأملنا فوجدناك كاذباً فإن الشيخ في تخريج المشكاة قد ضعف الخبر بتمامه غير أن الشيخ وجد شاهداً في زوائد عبدالله بن أحمد على المسند لا يشهد لخبر الترمذي بتمامه وإنما يشهد لبعضه فحسن المحل المتفق عليه من الحديث _ وهو الذي أورده صاحب منار السبيل مستشهداً به _
وإليك كلام الشيخ في الإرواء(1/136)
قال الشيخ : " وقال الترمذي : " هذا حديث حسن ، وقد روي من غير وجه عن عثمان " . قلت : ورجاله ثقات رجال مسلم غير يحيى بن أبي الحجاج وهو أبو أيوب الأهتمي البصري وهو لين الحديث كما في " التقريب " ، لكنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في " زوائد المسند " ( 1 / 74 - 75 ) من طريق هلال بن حق عن الجريري به دون قصة ثبير . وهذه متابعة لا بأس بها ، فإن هلال بن حق بكسر المهملة روى عنه جماعة من الثقات ، ووثقه ابن حبان ، وفي " التقريب " : " مقبول " . فالحديث حسن كما قال الترمذي وقد علقه البخاري ( 2 / 75 ) بصيغة الجزم والله أعلم "
قلت : فانظر كيف ضعف سند الترمذي مرةً أخرى فأين التناقض !!!
وتأمل قوله " دون قصة ثبير " فيه إشارة إلى أنه ما زال يضعفها لأنه لا شاهد لها وعليه فإن تضعيفه لها في تخريج المشكاة لا يناقض تحسينه للخبر دونها في الإرواء
ثم إن الشيخ في المشكاة إنما ضعف السند وقد قلنا سابقاً لأن تضعيف السند لا يلزم منه تضعيف المتن
وعليه فإن تضعيف السند لا يناقض تحسين المتن لغيره
التناقض رقم 62 والجواب عليه
قال السقاف في ص76 : " حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال : (من لم يغز ولم يجهز غازيا ، أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) . رواه أبو داود . قلت : قال الالباني مضعفا له بعد أن ذكر أن أبا داود رواه في تخريج (مشكاة المصابيح) (2 / 1123 برقم 3820) : (وإسناده ضعيف) . اه قلت : تناقض فصححه حيث أورده في صحيح أبي داود برقم (2261) ! وأررده في صحيح ابن ماجه برقم (2231 - 2762) ! "
قلت : هذا كمثل عامة أمثلة السقاف يعتمد على كتابٍ منسوخ _ يعلم هو بنسخه _ وهذا مأخذ
ثم يجعل تضعيف السند مقتضياً لتضعيف المتن _ وهذا مأخذ آخر بل كذبٌ صريح على الشيخ _(1/137)
وهذا الحديث أورده الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2651) وبين وجه تحسينه هناك
التناقض رقم 63 والجواب عليه
قال السقاف في ص77 : " حديث سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : (ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية وما كان من ميراث أدركه الاسلام فهو على قسمة الاسلام) . رواه إبن ماجه . ضعفه - الالباني في تخريج (مشكاة المصاببح) (2 / 923 رقم 3067) فقال : وفيه عبد الله بن لهيعة ، وهو ضعيف . اه قلت : تناقض فصححه في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (5 / 152 رقم 5533) "
قلت : الشيخ الألباني في تخريج المشكاة إنما ضعف سند ابن عمر عند ابن ماجة غير أنه وجد شاهداً للخبر من حديث عبدالله بن عباس بسندٍ صحيح ذكره في الإرواء برقم1717وأعاد هناك تضعيف سند ابن عمر فأين التناقض في هذا وقد قدمنا أن تضعيف أحد أسانيد الحديث لا يقتضي تضعيف متنه فتأمل !
التناقض رقم 64 والجواب عليه(1/138)
قال السقاف في ص77 : " حديث أبي مسعود الانصاري مرفوعا : (نزل جبريل عليه السلام فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ، ثم صليت معه فحسب بأصابعه خمس صلوات . .) الحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه (1 / 181برقم 152) وأقره الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (2 / 5 سلفية) . ضعف الالباني الحديث في تعليقه وتخريجه لصحيح ابن خزيمة ورذ على الحافظ ابن حجر بزعمه (1 / 181) فقال : (قلت : وأسامة بن زيد وهو الليثي فيه ضعف . ناصر) . اه وتناقض المسكين فصحح الحديث بنفس سنده ووجود نفس أسامة بن زيد الليثي فيه _ تأمل ركاكة ألفاظ السقاف _ في (الارواء) (1 / 269 - 270) حيث قال ص (269) : (وأما حديث أبي مسعود الانصاري فهو من طريق أسامة بن زيد اللبثي أن ابن شهاب . . . . .) اه وذكر الحديث بتمامه كما أررده ابن خزيمة ثم قال بعد ذلك ص (270) : (وقال الحاكم : صحيح ، ووافقه الذهبي وصححه أيضا الخطابي وحسنه النووي وهو الصواب كما بينته في صحيح أبي داود 417) اه فتأملوا أيها العلماء والعقلاء ! ))
قلت : أسامة بن زيد الليثي من الرواة المختلف فيهم اختلافاً شديداً فتغير اجتهاد العالم فيه من التحسين إلى التضعيف أو العكس واردٌ جداً
ولا عيب فيه على العالم فهذا الكوثري الذي يجعله السقاف مجدداً أورد له أحمد الغماري في كتابه " رد الكوثري على الكوثري " الكثير من الرواة الذين وثقهم عندما رووا أحاديث توافق مذهب الحنفية وضعفهم عندما رووا أحاديث تخالف مذهب الحنفية
والشيخ الألباني ليس محتاجاً لأن يتلاعب فمتن الخبر ليس فيه ما يخالف مذهبه الفقهي بل إنه أورد للخبر عدداً من الشواهد في كتبه التي طبقت الآفاق والحمد لله معز الإسلام بنصره
علماً بأن الشيخ قد يكون حسن الخبر بما له من الشواهد التي أوردها الشيخ هناك
التناقض رقم 65 والجواب عليه(1/139)
قال السقاف في ص79 : " عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله محرمات فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) . رواه أبو داود . قلت : صححه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (2 / 823 برقم 2690) فقال : إسناده جيد ، وقد خرجته في (حجاب المرأة المسلمة) . ثم وجدته متناقضا حيث ضعفه في (إرواء الغليل) (4 / 212 برقم 1024) فتدبروا ! "
قلت : قد تدبرنا فوجدناك مدلساً فإن الشيخ الألباني قد تراجع عما كتبه في المشكاة بدليل أورد هذا الحديث ضعيف سنن أبي داود عازياً إلى تخريج المشكاة الثاني مما يدل على أنه تراجع هناك وهذه من فضائل الشيخ _ كما قدمنا سابقاً _
وفي الطبعة الجديدة من حجاب المرأة المسلمة المسمى جلباب المرأة المسلمة ضعف سنده ولكنه اعتبره في شواهد الباب وهذا لا يناقض تضعيف السند كما لا يخفى
التناقض رقم 66 والجواب عليه
قال السقاف في ص78 : " حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال : ذكرت الحمى عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسبها رجل ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : لا تسبها فإنها تنفي الذنوب ، كما تنفي النار خبث الحديد) . قلت : ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 498 برقم 1583) فقال : في الطب (3469) بسند ضعيف ، فيه موسى بن عبيد ، وهو ضعيف . اه ثم تناقض فأورده في صحيح ابن ماجه (2 / 258 برقم 2793) "
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه في تخريج المشكاة الأول إنما ضعف سند ابن ماجة فقط وصحح الخبر بالشواهد في صحيح سنن ابن ماجة وقد بين الشيخ في مقدمة سنن ابن ماجة أنه قد يصحح الخبر باعتبار ما له من الشواهد وإن كان سنده عند ابن ماجة ضعيفاً فتأمل !
وقد عزا الشيخ في صحيح سنن ابن ماجة إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة 715 _ وكتم السقاف هذه الحقيقة _(1/140)
ولو رجعت إلى الموضع المذكور من سلسلة الأحاديث الصحيحة لوجدت أن الشيخ الألباني قد أعاد تضعيف سند ابن ماجة ولكنه أورد له شاهداً في صحيح مسلم من غير حديث أبي هريرة بمثل معناه
وعليه فلا تناقض
التناقض رقم 67 والجواب عليه
قال السقاف في ص 80 : " حديث أبي ذر قال : (كنت رديفا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله يوما على حمار فلما جاوزنا بيوت المدينة قال : كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة جوع تقوم عن فراشك ولا تبلغ مسجدك . . . .) الحديث رواه أبو داود . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1485 برقم 5397) فقال : " رجاله ثقات غير مشعث بن طريف ، قال الذهبي لا يعرف) . اه . قلت : صحح الحديث في (إرواء الغليل) (8 / 102) بعد أن أورده بتمامه ص (101) فقال : (وعليه فالسند صحيح) "
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه في تخريج المشكاة لم يضعف الحديث كما ادعى السقاف كذباً بل ضعف سند أبي داود فقط
وصحح السند عندما ترجح عنده أن الصواب عدم وجود ذلك الراوي الذي به الخبر في السند _ وهو مشعث بن طريف _ وإن ذكره في السند من أوهام حماد بن زيد
وحماد بن زيد من الثقات الأثبات الذين لا يوقف على وهمهم بسهولة فالشيخ الألباني له كل العذر عندما أحسن الظن برواية حماد وظن أن ذكر مشعث بن طريف في السند محفوظ
وإليك كلام الشيخ الألباني لتتبين صدق كلامي(1/141)
قال الشيخ الألباني في الإرواء : " الاول : عن أبى ذر قال : قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا أبا ذر ، قلت لبيك يا رسول الله وسعديك ، فذكر الحديث ، قال فيه : كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، أو قال : ما خار الله لي ورسوله ، قال : عليك بالصبر أو قال : تصبر ثم قال لي : يا أبا ذر ! قلت لبيك وسعديك ، قال : كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم ، قلت : ما خار الله لي ورسوله ، قال عليك بمن أنت منه ، قلت : يا رسول الله أفلا آخذ سيفي وأضعه علما عاتقي قال : شاركت القوم إذن ، قلت : فما تأمرني ؟ [ قال ] : تلزم بيتك ، قلت : فإن دخل على بيتي ، قال : فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف ، فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه " . أخرجه أبو داود ( 4261 ) وابن ماجه ( 3958 ) والحاكم ( 4 / 424 ) والبيهقي ( 8 / 191 ) عن حماد بن زيد عن أبى عمران الجونى عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر . وقال أبو داود : " لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد " . قال الحافظ في " التهذيب " : " وقد رواه جعفر بن سليمان وغير واحد عن أبى عمران عن عبد الله بن الصامت نفسه . فالله تعالى أعلم " . قلت : أخرجه ابن حبان ( 1862 ) عن مرحوم بن عبد العزيز ، والحاكم ( 4 / 423 ) وابن حبان أيضا ( 1863 ) عن حماد بن سلمة ، وأحمد ( 5 / 163 ) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى ، ثلاثتهم قالوا : ثنا عبد الله ابن الصامت به . قلت : فهؤلاء ثلاثة ثقات ورابعهم جعفر بن سليمان كلهم لم يذكروا * ثم وجدت له متابعا ، وهو شعبة ، أخرجه البيهقى في الاسناد المشعث بن طريف ، فهم أحفظ من حماد بن زيد ، وعليه فالسند صحيح ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي ! قلت : وحماد بن سلمة إنما احتج به مسلم وحده ، ومثله عبد الله بن الصامت "(1/142)
قلت : تأمل سعة الإطلاع وقوة النظر ، وعليه فإن الشيخ لم يغفل عن تلك العلة التي أعل بها الخبر في تخريج المشكاة فأين التناقض ؟! إنما هي سعة الإطلاع والمثابرة على البحث حتى يصل الباحث إلى نتائج دقيقة لا يقف عليها بمجرد البحث الأولي
التناقض رقم 68 والجواب عليه
قال السقاف في ص80 " حديث إبن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : (لا يبغض الانصار أحد يؤمن بالله واليوم الاخر) رواه مسلم (1 / 86) ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح . قلت : ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1759 رقم 6241) حيث لم يدر هناك أن مسلما رواه في صحيحه لان مصنف (المشكاة) اقتصر على عزوه للترمذي فقال : (قلت : ورجاله ثقات ، إلا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس ، وقد عنعنه) اه ثم هو متناقض لانه أورده في (صحيحته) (3 / 236 برقم 1234) فتأملوا يا قوم تخريجاته) "
قلت : قد تأملنا تخريجات الشيخ الألباني فوجدناها تحمل علماً غزيراً لا تستطيعه أنت ولا كل رقاصٍ مبتدع
وأما تعقب السقاف على الشيخ الألباني بأن الحديث عند مسلم في الصحيح فهذا من جهله بأصول التخريج وقد أحسن صاحب المشكاة عندما عز الخبر إلى الترمذي فقط
فإن صاحب المشكاة إنما ذكره من حديث ابن عباس وهذا الخبر غير موجودٍ في صحيح مسلم من حديث ابن عباس إنما هو في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة
لهذا كان الشيخ الألباني دقيقاً عندما لم يعزو الحديث إلى صحيح مسلم وأما السقاف فجاهلٌ بقواعد التخريج إذ عزا الخبر إلى صحيح مسلم من حديث ابن عباس وهذا إما كذبٌ قاده إليه سوء قصده أو خطأٌ قاده إليه جهله
وأما عن جواب التناقض فلا تناقض فإن الشيخ إنما ضعف سند ابن عباس عند الترمذي وأعاد تضعيفه في سلسلة الأحاديث الصحيحة غير أنه قواه بشواهده في صحيح مسلم فأين التناقض يا عباد الله ؟!
التناقض رقم 69 والجواب عليه(1/143)
قال السقاف في ص81 : " حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه مرفوعا : (إني عند الله مكتوب : خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري ، دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج لها نور أضاء لها منه قصور الشام) رواه الامام أجمد والطبراني والحاكم وغيرهم . صححه في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1604 برقم 5759) فقال : (حديث صحيح) اه ثم ضعفه في مكان آخر ، فأورده في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته) (2 / 223 برقم 2090) فسبحان الله ! . والحديث في كل من الموضعين من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ! "
قلت : لقد رجعت إلى الطبعة الأخيرة _ وهو متقدمة على الكثير من الطبعات التي ينقل السقاف _ فلم أجد الحديث المذكور
فإذا السقاف في نقله فقد تراجع الشيخ الألباني قبل تصنيف السقاف لكتاب التناقضات بدليل أنه حذف الحديث من الطبعة الجديدة من ضعيف الجامع وهي بتاريخ 1408فتأمل !
التناقض رقم 70 والجواب عليه
قال السقاف في ص81 : " (كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى ، ربنا وربك الله) . رواه الطبراني عن ابن عمر . قلت : ضعفه في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته) (5 / 190 برقم 4411) ورأيته قد صححه في (صحيح الكلم الطيب) صحيفة (70) ! . فتأملوا يا قوم ! ! "
قلت : لقد صرح الشيخ الألباني في صحيح الكلم الطيب أنه إنما صحح الخبر بشواهده وهذا يعني أن حديث ابن عمر بمفرده ضعيف غير أنه يتقوى بشواهده ولا تناقض في هذا
التناقض رقم 71 والجواب عليه(1/144)
قال السقاف في ص82 : " حديث سيدنا جابر رضي الله عنه مرفوعا : (لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام) رواه البيهقي في (شعب الايمان) (6 / 441 برقم 8816) . صححه الالباني فأورده في (سلسلته الصحيحة) (2 / 480 برقم 817) . ثم ضعفه في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1325 برقم 4676) (2 / 1325 / برقم 4676) فقال : (إسناده ضعيف) اه ! قلت : وأنا متأكد أنه هنا - أي في تخريج المشكاة - أعطى الحكم ارتجالا دون أن يرجع إلى مصدر ، فلما رآه في شعب الايمان ، للبيهقي حكم بضعفه استعجالا لطبع الكتاب ، فالله المستعان ! "
قلت : لا تناقض فإن الشيخ قد صحح الخبر في الصحيحة بشواهده وقد أعاد إعلال سند جابر هناك فبطلت دعوى السقاف أن الألباني لم ينظر في السند
التناقض رقم 72 والجواب عليه
قال السقاف في ص85 : " حديث سيدنا حذيفة رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وآله إذا حزبه أمر صلى) رواه أبو داود ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 416 برقم 1325) فقال : - بعد أن ذكر أن أبا داود رواه : (وكذا أحمد (5 / 388) وإسناده ضعيف . فيه محمد بن عبد الله الدؤلي عن عبد العزيز أخي حذيفة وهما مجهولان) . اه ثم وجدته قد أورد الحديث في (صحيح الجامع وزيادته) (4 / 215 برقم 4579) وعزاه لاحمد وأبي داود عن سيدنا حذيفة رضى الله عنه ! فيا للعجب ! "
قلت : ما ضعف الألباني الخبر في المشكاة وإنما ضعف سنده عند أبي داود فقط ثم حسنه في صحيح الجامع الصغير باعتبار ما له من الشواهد ولا تناقض في هذا
التناقض رقم 73 والجواب عليه(1/145)
قال السقاف في ص85 : " حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رجلا من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : (هل لك أحد باليمن ؟) قال : أبواي قال : (أ أذنا لك ؟) قال : لا . فقال : (فارجع إليهما فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما) رواه الامام أحمد (3 / 75 - 76) وأبو داود (3 / 17 - 18) والحاكم (2 / 103 - 104) وصححه ورده الذهبي . قلت : ضعفه الالباني في (غاية المرام تخريج الحلال والحرام) ص (172) برقم (282) فقال ضعيف بهذا السياق . والعجيب أنه صححه في (صحيح الجامع وزيادته) (1 / 307 برقم 905) فسبحان الله ! "
قلت : الحديث في غاية المرام بنفس اللفظ الذي أورده السقاف بخلاف اللفظ الذي في صحيح الجامع الصغير إذ ليس فيه أن هذا الرجل من أهل اليمن وليس فيه أن النبي سأله " هل لك أحدٌ باليمن " فالشيخ الألباني إنما ضعف الحديث بهذه الزيادة وهذا السياق وهذا ظاهر من قوله : " ضعيف بهذا السياق " فمعناه أنه صح بسياقٍ آخر وقد صحح الشيخ الخبر بدون تلك الزيادة لأن له شاهداً في الصحيح بلفظ " ففيهما فجاهد " ولا تناقض في هذا كما لا يخفى
التناقض رقم 74 والجواب عليه(1/146)
قال السقاف في ص86 : " حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا : (ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية ، لكان في أمتي من صنع ، ذلك . وإن بني إسرائيل تفرقت ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا ملة واحدة ، قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : (ما أنا عليه وأصحابي) رواه الترمذي وقال غريب . قلت : ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 61 رقم 171) فقال : بعد أن عزاه للترمذي : (قلت : علته عبد الرحمن بن زياد الافريقي وهو ضعيف) اه ومن عجيب تناقضاته أنه أورده في (صحيح الجامع وزيادته) (5 / 79 - 80 برقم 5219) وعزاه للترمذي عن عبد الله بن عمرو ! فيا للعجب ! "
قلت : إنما ضعف الشيخ سند الترمذي فقط بدليل أنه صحح حديث الإفتراق في نفس الصحيفة وبقية الخبر صححه بما له من الشواهد ولا تناقض في هذا وقد قدمنا مراراً وتكراراً الكلام على تخريج الشيخ الألباني للمشكاة
التناقض رقم 75 والجواب عليه
قال السقاف في ص 86 : " حديث سيدنا علي رضي الله عنه وكرم وجهه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن المذي فقال : (من المذي الوضوء ، ومن المني الغسل) رواه الترمذي وقال : حسن صحيح . أنظر الترمذي (1 / 193 - 194) . ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (1 / 102 برقم 311) فقال : قلت : وفيه يزيد بن أبي زياد وهو سئ الحفظ وقد أخطأ فيه حيث ذكر أن عليا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله . والصحيح أنه أمر المقداد أن يسأله صلى الله عليه وآله كما تقدم في الحديث 302) اه قلت ثم وجدته متناقضا حيث صححه في موضع آخر ، فأورده في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (5 / 216 رقم 5786) . وعزاه للترمذي عن سيدنا علي وقال (صحيح) تخريج المشكاة (311) كأنه لا يدري ما يقول ! ! "(1/147)
قلت : الذي لا يدري ما يقول هو أنت أيها الجهول فإن الشيخ الألباني لم يضعف متن الحديث وإنما ضعف سؤال علي للنبي صلى الله عليه وسلم وفي صحيح الجامع لا ذكر لسؤال علي وإنما الذكر للمتن فقط الذي الشيخ قام بتصحيحه في الموطن الذي ذكره السقاف ولكن مع ترجيح أن السائل كان المقداد كما في رواية الشيخين والتي بها صحح الشيخ رواية الترمذي
التناقض رقم 76 والجواب عليه
قال السقاف في ص87 : " حديث سمرة بن جندب مرفوعا : (من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ، رواه أبو داود وغيره . صححه الالباني في موضع فأورده في (صحيح الجامع وزيادته) (5 / 278 برقم 6062) . ثم وجدته قد ضعفه في موضع آخر في (إرواء الغليل) (5 / 32 السطر 7 من أسفل) فقال : (أخرجه أبو داود ، قلت : وسنده ضعيف) "
قلت : لم يضعف الألباني الخبر في إرواء الغليل إنما ضعف سند أبي داود فقط ولو كان السقاف يقرأ بإنصاف لوجد أن الشيخ إنما أورد خبر أبي داود على أنه شاهدٌ لخبرٍ ثابت وهذا يعني أن متن الخبر عنده صحيحٌ بشاهده
قال الشيخ في الإرواء : " وشاهد آخر من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " كل مسلم على مسلم محرم ، أخوان نصيران ، لا يقبل الله عزوجل من مشرك بعد ما أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمين " . أخرجه النسائي ( 1 / 358 ) وابن ماجه ( 2536 ) شطره الثاني . قلت : وإسناده حسن . وفي الباب عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ : " من جامع المشرك وسكن معه ، فإنه مثله " . أخرجه أبو داود ( 2787 ) قلت : وسنده ضعيف "
قلت : فلا عجب من تحسينه للخبر في صحيح الجامع الصغير
التناقض رقم 77 والجواب عليه(1/148)
قال السقاف في ص87 : " حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : طرقت النبي صلى الله عليه وآله ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي صلى الله عليه وآله وهو مشتمل على شئ لا أدري ما هو ، فلا فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشفه فإذا الحسن والحسين على وركيه فقال : (هذان ابناي وإبنا بنتي ، اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما) رواه الترمذي 5 / 657 رقم 3769) وقال : حسن غريب . قلت : ضعفه الالباني في تخريج (مشكاة المصابيح) (3 / 1737 برقم 6156) : فقال : (إسناده لين) اه أي ضعيف . ومن عجيب تناقضه أنه أورده في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (6 / 75 برقم 6880) . فتدبروا ! "
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه إنما ضعف سند الخبر عند الترمذي فقط وحسن متن الحديث في صحيح الجامع بما له من الشواهد ولكن قصة ورود الحديث لا شواهد لها ومن أجلها ضعف الشيخ الخبر على التسليم بدعوى تضعيفه للخبر _ وهي غير موجودة في صحيح الجامع _ فتأمل !
التناقض رقم 78 والجواب عليه(1/149)
قال السقاف في ص87 : " حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تسافر بريدا إلا ومعها ذو محرم) رواه البيهقي في سننه (3 / 139) وأبو داود في سننه أيضا (1725) وإبن خزيمة في صحيحه (4 / 135 - 136) . ضعفه الالباني في (إرواء الغليل) (3 / 17) - بالشذوذ فقال : وأخرجه أبو داود أيضا (1724) وفي رواية له بلفظ : (بريدا) بدل (يوما وليلة) ورجالها ثقات ، ولكن اللفظ شاذ وقد أشار الحافظ في (الفتح) (2 / 467) إلى أنه غير محفوظ ، ولعل الخطأ من جرير وهو ابن عبد الحميد فقد قال الحافظ في ترجمته من التقريب : ثقة ، صحيح الكتاب ، قيل كان في آخر عمره يهم من حفظه . اه كلامه . قلت : وعلى كلام الالباني مؤاخذات : (الاولى) : أنه تناقض فصحح الحديث ، بإثبات لفظ (بريد) فيه في (صحيح الجامع وزيادته) (6 / 149 برقم 7179) . لا (الثانية) : أن جرير بن عبد الحميد لم ينفرد بهذه اللفظة ، بل تابعه عليها خالد الواسطي كما في صحيح ابن خزيمة (4 / 135 برقم 2526) فبطل إدعاء الالباني بأن لفظة (بريد) شاذة ! _ تأمل الركاكة في ألفاظ السقاف _ "
قلت : إنما صحح الشيخ الخبر قبل أن يقف على علته ثم لما وقف على العلة من جمع الروايات ضعفه
وأما دفاع السقاف عن لفظة البريد فهو مردود حتى مع متابعة خالد الواسطي فإن لفظة البريد مدارها على سهيل بن أبي صالح وقد انفرد بهذه اللفظة عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة وقد خالفه الأكثر والأوثق فزادوا في السند ذكر أبي سعيد بين سعيد وأبي هريرة ولم يذكروا لفظة البريد بل قالوا : " يوم وليلة " وهؤلاء الأكثر والأوثق هم
1_ ابن أبي ذئب وخبره عند البخاري (1038)
2_ الليث بن سعد وحديثه عند أبي داود (1723)
3_ مالك بن أنس وحديثه عند أبي داود (1724)
وهناك غيرهم وفي هؤلاء الكفاية لإبطال تعقب السقاف الواهن
التناقض رقم 79 والجواب عليه(1/150)
قال السقاف في ص90 : " حديث عبد الرحمن إبن أبي ليلى عن أبي ذر رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن كل شئ ، حتى سألته عن مسح الحصى في الصلاة فقال : واحدة أو دع) . رواه إبن خزيمة في صحيحه (2 / 60) والامام أحمد في مسنده (5 / 163) . قلت : ضعفه الالباني في تعليقه عليه في صحيح إبن خزيمة (2 / 60) فقال ما نصه : (إسناده ضعيف محمد بن عبد الرحمن هو إبن أبي ليلى ، قال الحافظ صدوق ، سئ الحفظ جدا - ناصر) اه قلت : ثم تناقض فصحح الحديث في (الارواء) (2 / 98 - 99) على حديث رقم (377) "
قلت : لا تناقض في موقف الشيخ فإنه قد ضعف سند ابن خزيمة فقط وقد أعاد تضعيفه _ أعني طريق محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى _ في الإرواء ولكنه أورد له متابعةً صححه بها فكان ماذا ؟!
التناقض رقم 80 والجواب عليه
قال السقاف في ص 90 : " حديث وائل بن حجر إن النبي صلى الله عليه وآله : (كان إذا سجد ضم أصابعه) . رواه ابن خزيمة في صحيحه (1 / 324) ضعفه الالباني في تعليقه على ابن خزيمة (1 / 324 برقم 642) فقال : (إسناده صحيح لولا عنعنة هشيم) اه قلت : تناقض فصححه في (صحيح الجامع وزيادته) (4 / 221 برقم 4609) فقال : (صحيح) ! فتدبروا ! "
قلت : إنما ضعف الشيخ سند ابن خزيمة فقط بتدليس هشيم وهذا لا يناقض تصحيح الحديث إذا وجد تصريح هذا المدلس بالتحديث في مكانٍ آخر أو وجد متابعاً له أو شاهداً للخبر
وأكتفي بهذا القدر من الأجوبة على التناقضات المزعومة فإن عامة التناقضات القادمة من باب التناقضات السابقة ولعلي سأقرأها قراءةً سريعة فأضيف ما أرى أن في الجواب عليه فائدةً زائدةً على ما سبق ، وهذا في النسخ القادمة من هذا الرد إن شاء الله تعالى
الخاتمة(1/151)
تبين مما تقدم أن كتاب " تناقضات الألباني الواضحات " كتابٌ مبني على الكذب والتدليس والكيل بمكيالين ، فلا ينبغي الإعتماد عليه ، ولا يجوز نشره أو توزيعه ، ويجب على مؤلفه أن يتوب إلى الله عز وجل مما وقع منه فقد أزف الرحيل وكل نفسٍ فانية(1/152)