هذا؟! قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقول امرأة؛ لا ندري لعلها
حفظت أو نسيت؟! لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل: (لا تخرجوهن من
بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ... وكلهم قالوا:
لعلها حفظت أو نسيت ... إلا الطحاوي فإنه قال:
لعلها كذبت!
وهي شاذة. وذكره ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/194) بلفظ:
لا ندري؛ أصدقت أم كذبت ... وقال:
" غلظ؛ ليس في الحديث، وإنما في الحديث: حفظت أم نسيت ... هذا لفظ
مسلم ".
وتابعه سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق ... بهذا الإسناد نحوه: أخرجه
مسلم.
وخالفه يحيى بن آدم فقال. نا عمار بن رزيق ... به؛ إلا أنه قال:
ويحك تحدث- أو تفتي- بمثل هذا؟! قد أتَتْ عُمَرَ فقال: إن جئت بشاهدين
يشهدان أنهم سمعاه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا؛ لم نترك كتاب الله لقول امرأة:
(لا تخرجوهن من بيوتهن) !
أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي (7/431) ، وقالا:
" لم يقل فيه: وسنة نبينا.. وهذا أصح من الذي قبله؛ لأن هذا الكلام لا
يثبت، ويحيى بن آدم أحفظ من أبي أحمد الزُّبَيْرِي وأثبت منه. وقد تابعه قبيصة
ابن عقبة ... "، ثم ساق إسناده بذلك إليه!(7/61)
وأقول: وفي التصحيح المذكور نظر عندي؛ فقد جاءت الزيادة المذكورة من
طريقين آخرين:
أحدهما: عن ميمون بن مهران قال: قال عمر:
لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة.
أخرجه ابن أبي شيبة (5/148) . وإسناده صحيح على شرط مسلم.
والآخر: من طريق عامر عن عمر: أخرجه أحمد (6/415) ؛ وهو منقطع.
1984- عن عروة قال:
لقد عابت ذلك عائشةُ رضي الله عنها أشدَّ العيبِ- يعني: حديث
فاطمة بنت قيس-، وقالت:
إن فاطمة كانت في مكان وَحْشِ، فَخِيفَ على ناحيتها، فلذلك
أرْخَصَ لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وعلقه البخاري مجزوماً، وقوّاه الحافظ) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود: ثنا ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عبد الرحمن بن أبي الزناد
كلام يسير، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (7/433) من طريق المصنف.
والحاكم (4/55) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به، وقال:(7/62)
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وعلقه البخاري (9/395) على ابن أبي الزناد، وقوّاه الحافظ، فقال
(9/396) :
" تنبيه: طعن أبو محمد بن حزم في رواية ابن أبي الزناد المعلقة، فقال:
عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف جداً. وحكم على روايته هذه بالبطلان.
وتُعُقِّبَ بأنه مختلف فيه، ومن طعن فيه لم يذكر ما يدل على تركه، فضلاً عن
بطلان روايته، وقد جزم يحيى بن معين بأنه أثبت الناس في هشام بن عروة، وهذا
من روايته عن هشام ".
1985- وفي رواية عنه:
أنه قيل لعائشة: ألم تَرَيْ إلى قول فاطمة؟
قالت: أمَا إنه لا خَيْرَ لها في ذِكْرِ ذلك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن عروة بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (7/432) من طريق أخرى عن محمد بن كثير
وغيره ... به.
ثم أخرجه البخاري (9/395) ، ومسلم (4/200) من طريق عبد الرحمن بن
مهدي عن سفيان ... به.(7/63)
1986- عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار:
أن يحيى بن سعيد بن العاص طَلَّقَ بنتَ عبد الرحمن بن الحكم
البَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عبدُ الرحمن، فأرسلت عائشةُ رضي الله عنها إلى مروان بن
الحكم- وهو أمير المدينة- فقالت له: اتقِ الله، وارْدُدِ المرأةَ إلى بيتها، فقال
مروان- في حديث سليمان-: إن عبد الرحمن غلبني.- وقال مروان في
حديث القاسم:- أوَمَا بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟
فقالت عائشة: لا يَضُرُّكَ أن لا تذكر حديث فاطمة!
فقال مروان: إن كان بِكِ الشَّرّ؛ فحسبُكِ ما كان بين هذين من الشرِّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بتمامه،
ومسلم مختصراً؛ دون قوله: فقال مروان: إن كان بك ... ) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد
وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران: أن يحيى بن سعيد بن العاص ...
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/97- 98) ... إسناداً ومتناً.
وأخرجه البخاري (9/394) ، والبيهقي (7/433) من طرق أخرى عن
مالك ... به.
وأخرجه مسلم (4/200) ، والبيهقي أيضاً من طريق هشام: حدثني أبي قال:
تروج يحيى بن سعيد بن العاص بنت عبد الرحمن بن الحكم ... به نحوه
مختصراً؛ دون قول مروان المذكور أعلاه.(7/64)
1987- عن ميمون بن مهران قال:
قدمت المدينة، فَدفِعْتُ إلى سعيد بن المسيَّب، فقلت: فاطمة بنت
قيس طُلِّقَتْ فخرجت من بيتها؟ فقال سعيد:
تلك امرأة فَتَنَتِ الناسَ! إنها كانت لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ على يَدَيِ ابن أم
مكتوم الأعمى.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا جعفر بن بُرْقان: ثنا ميمون بن
مهران.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (12038) من طريق معمر عن
جعفر بن برقان ... به.
وهو، والبيهقي (7/433) من طريقين آخرين عن ميمون ... به.
41- باب في المبتوتة تخرج بالنهار
1988- عن جابر قال:
طُلِّقت خالتي ثلاثاً، فخرجت تَجُدُّ نخلاً لها، فَلَقِيَها رَجُلٌ فنهاها،
فأتتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها:
" اخرجي فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ لعلك أن تصدَّقي منه، أو تفعلي خيراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم(7/65)
والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال:
أخبرني أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الزبير قد صرح بالتحديث
كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (12032) ، وعنه أحمد (3/321) : أخبرني ابن
جريج: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به. وهو مخرج في
"الصحيحة" (723) .
ولم أره في "المسند" عن يحيى بن سعيد! والله أعلم.
42- باب نسخ متاع المتوفَّى عنها بما فرِضَ لها من الميراث
1989- عن ابن عباس:
(والذين يتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجاً وَصِيَّةً لأزواجهم متاعاً إلى
الحَوْلِ غَيْرَ إخراج) ؛ فنُسِخَ ذلك بآية الميراث بما فُرِضَ لَهُنَ من الربع
والثّمنِ، ونُسِخَ أجَل الحول بأن جعِلَ أجَلُها أربعةَ أشهرٍ وعشراً.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن الحسين بن واقد
عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (1822) .(7/66)
والحديث أخرجه النسائي (2/115) من طريق أخرى عن علي بن الحسين بن
واقد ... به.
43- باب إحداد المُتَوفَّى عنها زَوْجُها
1990- عن زينب بنت أبي سلمة قالت:
دخلت على أم حبيبة حين تًوُفِّيَ أبوها أبو سفيان، فَدَعَتْ بِطِيب فيه
صُفْرةُ خلوقِ أو غيره، فدهنت منه جاريةً، ثم مَسَتْ بعارِضَيْها، ثم قالت:
والله! ما لي بَالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَ على مَيت فوق ثلاث
ليال؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً".
1991- قالت زينب:
ودخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب
فَمَسَّتْ منه، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول وهو على المنبر:
" لا يَحِل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَ على ميت فوق ثلاث
ليال؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ".
1992- قالت زينب:
وسمعت أمي أمَّ سلمة تقول:
جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي(7/67)
عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكْحُلها؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا "- مرتين أو ثلاثاً- كلَّ ذلك يقول: " لا ". ثم قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما هي أربعة أشهر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تَرْمي بالبَعْرَة
على رأس الحول ".
قال حُمَيْدٌ: فقلت لزينب: وما " ترمي بالبعرة على رأس الحول "؟
فقالت زينب:
كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها؛ دخلت حِفْشاً، ولَبِسَتْ شَرَ ثيابها،
ولم تَمَسَّ طيباً ولا شيئاً حتى تَمُرَّ بها سنة، ثم تؤتى بدابَّة: حمار أو شاة أو
طائر؛ فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بَعْرَةً
فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره.
قال أبو داود: " (الحِفْشُ) : بيت صغير ".
(قلت: إسناد هذه الأحاديث الثلاثة صحيح على شرط الشيخين. وقد
أخرجاها. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرج ابن الجارود الأول
والثالث منها) .
1990- 1992- إسنادها: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر
عن حُمَيْدِ بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة؛
قالت زينب ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الله بن أبي بكر: هو
ابن محمد بن عمرو بن حزم.(7/68)
والحديث في "الموطأ" (2/110- 111) ... إسناداً ومتناً.
وعنه أيضاً: الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" (2114) .
44- باب في المتوفى عنها تنتقل
1992/م (*) - عن زينب بنت كعب بن عجرة: أن الفُرَيعةَ بنتَ مالك بن
سنان- وهي أختُ أبي سعيد الخدري-؛ أخبرتها:
أنها جاءتْ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسألُه أن ترجعَ إلى أهلِها في بني
خُدْرة؛ فإن زوجَها خرجَ في طلب أعبُد له أبَقُوا، س حتى إذا كانوا بطرفِ
القُدومِ؛ لحقهم، فقتلوه، فسألتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أرجعَ إلى أهلي، فإني
لم يتركني في مسكنٍ يملِكُهُ، ولا نفقةٍ؟ قالت: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"نعم ".
قالت: فخرجتُ، حتى إذا كنت في الحجرة- أو في المسجد-؛ دعاني
- أو أمر بي فدعيتُ له-، فقال: " كيفَ قلتِ؟ "، فرددت عليه القصة
التي ذكرتُ من شأنِ زوجي. قالت: فقال:
" امكُثي في بيتكِ حتى يبلغَ الكتابُ أجلَه ".
قالت: فاعتددتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشراً.
قالت: فلما كان عثمانُ بنُ عفانَ؛ أرسلَ إلي فسألني عن ذلك؟
__________
(*) أشار الشيخ رحمه الله إلى نفل هذا الحديث من "الضعيف " قائلاً:
" ينقل إلى "الصحيح "، وراجع " الإرواء" والتعليق الجديد عليه، والتعليق على ترجمة
زينب في "ترتيب ثقات ابن حبان " ".
قلنا: وصححه الشيخ رحمه الله أيضاً في "الضعيفة، (12/208) تحت الحديث (5597) .(7/69)
فأخبرته،، فاتّبعه، وقضى به.
(قلت: إسناده ضعيف لجهالة حال زينب هذه، وبها أعله ابن حزم، وتبعه
عبد الحق الإشبيلي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق
ابن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير زينب بنت كعب، فلم يوثقها
غير ابن حبان، وقد روى عنها أيضاً سليمان بن إسحاق بن كعب، ولذلك حكم
بجهالتها من ذكرتُ أعلاه، ونحوه قول الحافظ فيها:
" مقبولة ". يعني عند المتابعة.
والحديث مخرج في "الإرواء " (2130) .
45- باب مَنْ رأى التَّحَوُّلَ
1993- عن عطاء قال: قال ابن عباس:
نَسَخَتْ هذه الآية عِدَّتَها عند أهله؛ فتعتدُ حيث شاءت، وهو قول الله
تعالى: (غَيْرَ إخراج) .
قال عطاء: إن شاءت؛ اعتدَّتْ عند أهله، وسكنت في وصيتها، وإن
شاءت؛ خرجت؛ لقول الله تعالى: (فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فَعَلْنَ) .
قال عطاء: ثم جاء الميراث فَنَسَخَ السّكنى، تَعْتَدُّ حيث شاءت.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري) .(7/70)
إسناده: حدثنا أحمد بن المروزي: ثنا موسى بن مسعود: ثنا شبْلٌ عن ابن
أبي نَجِيح قال: قال عطاء ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أحمد بن
المروزي، وهو ثقة، وقد مضى له حديث آخر قريباً (1989) ، وقد توبع كما يأتي.
وعطاء: هو ابن أبي رباح.
والحديث أخرجه البيهقي (7/435) من طريق الحسن بن مثنى العنبري: نا
موسى بن مسعود ... به.
ثم أخرجه البخاري (8/156 و 9/406- 407) من طريق رَوْح: ثنا شبل ... به.
وتابعه ورقاء عن ابن أبي نجيح ... به مختصراً: أخرجه النسائي (2/113) .
46- باب فيما تجتنبه المعتدَّة في عِدَّتها
1994- عن أم عطية: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تُحِدُ المرأة فوق ثلاث؛ إلا على زوج؛ فإنها تحد عليه أربعة أشهر
وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً؛ إلا ثوب عَصْبٍ، ولا تكتحل، ولا تمس
طيباً؛ إلا أدنى طُهْرَتِها إذا طَهُرَتْ من محيضها بِنُبْذَةٍ من قُسْط أو أظْفَارٍ ".
قال يعقوب- مكان: " عَصْبٍ "-: " إلا مغسولاً ".
وزاد يعقوب: " ولا تختضب ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
الجارود) .(7/71)
إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقِيّ: ثنا يحيى بن أبي بكير: ثنا
إبراهيم بن طَهْمانَ: حدثني هشام بن حسان. (ح) وحدثنا عبد الله بن الجراح
القهستاني عن عبد الله- يعني: ابن بكر السَّهْمِيَّ- عن هشام- وهذا لفظ ابن
الجراح - عن حفصة عن أم عطية.
حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المِسْمَعِيُّ قالا: ثنا يزيد بن
هارون عن هشام عن حفصة عن أم عطية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث، وليس
في تمام حديثهما: قال المسمعي: قال يزيد: ولا أعلمه إلا قال فيه: " ولا تختضب
"؛ وزاد فيه هارون: " ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْب ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد ساقه من طرق ثلاث عن
هشام بن حسان.
وإسناد الأولى على شرط البخاري.
والثانية: إسنادها حسن؛ لأن ابن الجراح في حفظه ضعف.
والثالثة: على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن هشام وغيره ... به، وهو
مخرج في "الإرواء" (2114) .
1995- عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال:
" المُتَوَفَّى عنها زوجها؛ لا تلبس المُعَصْفَرَ من الثياب، ولا المُمَشّقَةَ، ولا
الحُلِيَ، ولا تختضب، ولا تكتحل ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان) .(7/72)
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يحيى بن أبي بكير: ثنا إبراهيم بن
طهمان: حدثني بُديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وبديل: هو ابن ميسرة.
والحديث مخرج في " الإرواء " (2129) .
47- باب في عِدَةِ الحامل
1996- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يَدْخُلَ
على سُبيعة بنت الحارث الأسلمية؛ فيسألها عن حديثها، وعما قال لها
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استفتته؟ فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن
عتبة يخبره: أن سبيعة أخبرته:
أنها كانت تحت سَعْدِ بن خولة- وهو من بني عامر بن لؤي، وهو ممن
شهد بدراً-؛ فتوفي عنها في حَجةِ الوداع وهي حامل، فلم تَنْشَبْ أن
وضعت حملها بعد وفاته، فلما تَعَلَّتْ من نفاسها تجمَّلَتْ للخطاب، فدخل
عليها أبو السَّنَابِلِ بِنْ بَعْكَك- رجل من بني عبد الدار-، فقال لها: ما لي
أراك متجملة؟! لعلك ترتجين النكاح؟ إنك- والله- ما أنت بناكح؛ حتى
يَمُرَ عليك أربعة أشهر وعشر! قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك؛ جمعت
عليَ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عن ذلك؟ فأفتاني
بأني قد حَلَلْتُ حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.
قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في(7/73)
دمها؛ غير أنه لا يقربها زوجها حتى تَطْهرَ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري معلقاً بتمامه، وموصولاً
مختصراً، وأخرجه الشيخان من حديث أم سلمة نحوه. وصححه الترمذي
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْري: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن
ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد
توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/200- 201) ، والنسائي (2/112) ، والبيهقي
(7/428) من طرق أخرى عن عبد الله بن وهب ... به.
وعلقه البخاري، فقال (7/248- 249) : وقال الليث: حدثني يونس ... به.
وقد وصله (9/388-389) من طريق يحيى بن بكير عن الليث؛ لكنه قال:
عن يزيد: أن ابن شهاب كتب إليه: أن عبيد الله بن عبد الله أخبره ... به مختصراً.
ورواه النسائي من طريق آخر عن يزيد بن أبي حبيب ... به أتم منه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (6/432) من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ ولفظ
أحمد:
وقد اكتحلت؛ مكان: تجملت.
وإسناده على شرط الشيخين. وفي أخرى له:
وقد اختضبت وتهيأت.(7/74)
وسنده جيد.
وأخرجه البخاري (8/530) ، ومسلم والنسائي، والترمذي (1194) - وصححه
- وابن الجارود (762) وغيرهم من حديث أم سلمة ... نحوه.
ورواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان (1329- موارد) من طريق الأسود بن
يزيد عن أبي السنابل قال ... فذكره مختصراً نحوه؛ وفيه:
" وما يمنعها وقد انقضى أجلها؟! ".
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. وقد أُعِل بالانقطاع بين الأسود
وأبي السنابل!
ولا وجه له عندي؛ فإن الأسود- مع ثقته وفضله فإنه- تابعي كبير؛ ولم يذكر
بتدليس أو إرسال.
ثم رأيت الحافظ قد سبقني إلى تصحيح هذا الإسناد، ودفع الإعلال المذكور
بكلام جيد قوي، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. فانظر "الفتح "
(9/472) .
1997- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
من شاء؛ لاعَنْتُهُ! لأُنْزِلَتْ سورة النساء القُصْرَى بعد الأربعة الأشهر
وعشر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري نحوه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء- قال عثمان: حدثنا،
وقال ابن العلاء- أخبرنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن
عبد الله.(7/75)
قلت: وهذا إسناد صحيح كلى شرط الشيخين؛ ومسلم: هو ابن صَبِيح
أبو الضحى، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (4/297- 298) : ثنا أبو
معاوية ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/626) ، والبيهقي (7/430) من طرق أخرى عن أبي
معاوية ... به.
وتابعه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه قال: عن الأسود ومسروق وعَبيدَةَ عن
عبد الله:
أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة.
أخرجه النسائي (2/112- 113) .
وتابعهم مالك وعلقمة بن قيس عنه ... نحوه: أخرجهما النسائي والبيهقي،
والبخاري (8/156 و 530- 531) - معلقاً وموصولاً- عن مالك وحده؛ وهو ابن
عامر أبو عطية.
48- باب في عِدَّةِ أُمِّ الولدِ
1998- عن عمرو بن العاص قال:
لا تَلْبِسوا علينا سنَّتَهُ- قال ابن المثنى: سنة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! عِدةُ المتوفى
عنها أربعة أشهر وعشر؛ يعني: أم الولد.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي
وابن التركماني) .(7/76)
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم. (ح) وحدثنا ابن
المثنى: ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن مَطَرٍ عن رجاء بن حَيْوَةَ عن قَبِيصَةَ بن ذؤَيْب
عن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ فهو صحيح؛ لولا أنه لم يخرج لمطر- وهو
الوَرّاق- إلا في المتابعات.
لكن تابعه قتادة؛ كما بينته في "الإرواء" (2141) .
وقد أعل بالانقطاع بين قبيصة وعمرو! وهو مردود، كما شرحته هناك، ومن
قبلي ابن التركماني في "الجوهر النقي ".
49- باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجاً غيره
1999- عن عائشة قالت:
سُئِلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رجلٍ طَلَّقَ امرأته، فتزوجت زوجاً غيره،
فدخل بها، ثم طلقها قبل أن يواقعها؛ أتَحِل لزوجها الأول؟ قالت: قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَحِل للأول؛ حتى تذوق عُسَيْلَةَ الآخر، ويذوق عسَيْلَتَها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن
الجارود من طرق عنها. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط(7/77)
البخاري وحده، لكنه قد توبع.
والحديث أخرجه أحمد (6/42) ، وابن أبي شيبة (4/274) : ثنا أبو
معاوية ... به.
وأخرجه النسائي (2/96- 97) : أخبرنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو
معاوية ... به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخر عن عائشة رضي الله عنها؛ وهي
مخرجة في "الإرواء" (1887) .
50- باب في تعظيم الزِّنى
2000- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
قلت: يا رسول الله! أي الذنب أعظمُ؟ قال:
" أن تجعل لله نداً وهو خلقك ". قال: فقلت: ثم أي؟ قال:
" أن تَقْتُلَ ولدَكَ مخافةَ أن يأكل معك ". قال: قلت: ثم أي؟ قال:
" أن تُزَانِيَ حليلةَ جارِكَ ".
قال: وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (والذين لا يَدْعون مع
الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ... ) الآيةَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن
عمرو بن شُرَحْبِيلَ عن عبد الله.(7/78)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (10/356) ... بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو (8/133 و 13/424) ، ومسلم (1/63) ، والترمذي (3181)
- وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/165) ، وابن حبان (4398) ،
وأحمد (1/434) من طرق أخرى عن منصور ... به.
وتابعه الأعمش عن أبي وائل ... به: أخرجه البخاري (12/175- 158
و13/434) ، ومسلم، والترمذي- قرنه بمنصور-، وأحمد (1/434) - أيضاً قرنه
بمنصور، وقرن بهما واصلاً الأحدب-.
ورواه عنه الترمذي والنسائي، وهو رواية البخاري (8/399- 400) ، وأحمد
(1/462 و 464) ، لكن بعضهم أسقط الواسطة في روايته بين أبي وائل وابن
مسعود، وهو رواية لأحمد (1/380 و 431) من طريق الأعمش.
وفي إسناده اختلاف آخر، بينه الحافظ في "الفتح "، لا يؤثر في صحة
الحديث إن شاء الله تعالى.
2001- عن جابر بن عبد الله قال:
جاءت مُسَيْكَةُ (1) لبعض الأنصار فقالت: إن سَيدي يكْرِهُني على
البِغَاءِ؟! فنزل في ذلك: (ولا تكْرِهُوا فتياتِكُم على البِغَاءِ) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي.
وأخرجه مسلم بإسناد آخر عنه) .
__________
(1) كذا في بعض النسخ! وفي أخرى: "مسكينة "؛ والأول موافق لرواية الحاكم، ولرواية
مسلم الآتية وغيرها. انظر "ابن كثير".(7/79)
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم عن حجاج عن ابن جريج قال: وأخبرني أبو
الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأحمد بن إبراهيم: هو الدوْرَقِيُ.
والحديث أخرجه الحاكم (2/397) من طريق أخرى عن حجاج بن
محمد ... به؛ وقال:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وعزاه ابن كثير (3/288) للنسائي فقط من حديث ابن جريج!
وفاته أيضاً أنه عند مسلم (8/244) من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر ... به أتم منه.
2002- عن معتمر (يعني: ابن سليمان) عن أبيه:
(ومن يُكْرِهْهنَّ فإن الله من بعد إكْرَاهِهِنَ غفور رحيم) ؛ قال: قال
سعيد بن أبي الحسن: غفور لهن: المكرَهات.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا معتمر.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح على شرط مسلم.(7/80)
8- كِتَابُ الصَّوْمِ
1- باب مبدأ فرضِ الصيامِ
2003- عن ابن عباس:
(يا أيها الذين آمنوا كُتِبِ عليكم الصيامُ كما كُتبَ على الذين من
قبلكم) ؛ فكان الناس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صَلوُا العَتَمَةَ؛ حَرُمَ
عليهم الطعامُ والشرابُ والنساءُ، وصاموا إلى القابلة، فاخْتَانَ رجلٌ
نَفْسَهُ، فجامع امرأته؛ وقد صلى العشاء ولم يُفْطِرْ، فأراد الله أن
يجعل ذلك يُسْراً لمن بقي، ورُخْصةً ومنفعةً، فقال سبحانه: (عِلَمَ الله
أنكم كنتم تختانون أنفسكم) ، وكان هذا مما نفع الله به الناس، ورخص
لهم ويسَر.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن شبَّوَيْهِ: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه
عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه في الحديث (1822) .
والحديث أخرجه البيهقي (4/201) من طريق المصنف.
وللحديث شواهد كثيرة؛ منها: حديث البراء الذي بعده، وحديث
أصحاب عبد الرحمن بن أبي ليلى المتقدم في أول "الصلاة " (523) .(7/81)
2004- عن البراء قال:
كان الرجل إذا صام فنام؛ لم يأكل إلى مثلها، وإن صِرْمَةَ بن قَيْس
الأنصاري أتى امرأته وكان صائماً، فقال: هل عندك شيء؟ قالت: لا،
لعلِّي أذهب فأطلبَ لك، فذهبت، وغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فجاءت فقالت: خَيْبَةً
لك! فلم ينتصف النهار حتى غُشِيَ عليه، وكان يعمل يَوْمَهُ في أرضه،
فَذُكِرَ ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فنزلت: (أحِلَّ لكم ليلةَ الصيامِ الرفَثُ إلى
نسائكم ... ) قرأ إلى قوله: (من الفجر) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي بن نصر الجَهْضَمِي: أخبرنا أبو أحمد: أخبرنا
إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن أبا إسحاق- وهو
السبيعي- مدلس، وكان اختلط.
وإسرائيل حفيده، وقد توبع كما يأتي؛ وليس فيهم سفيان وشعبة.
لكن الحديث قوي بما قبله وغيره؛ مما أشرت إليه آنفاً.
والحديث أخرجه البخاري (4/103- 105) ، والترمذي (2972) ، والدارمي
(2/5) ، والبيهقي (4/201) ، وأحمد (4/295) ، وابن جرير في "التفسير"
(2938 و 2939) من طرق أخرى عن إسرائيل ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه البخاري (8/146) ، والنسائي (1/305) ، وأحمد أيضاً من(7/82)
طريقين آخرين ... به نحوه.
2- باب نسخ قوله تعالى: (وعلى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)
2005- عن سَلَمَةَ بن الأكوع قال:
لما نزلت هذه الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ؛ كان
من أراد منا أن يفطر ويفتدي؛ فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها،
فنسختها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنف
ومتنه، وزاد مسلم في رواية: (فمن شهد منكم الشهر فليصُمه) . وقال
الترمذي: " حسن صحيح غريب ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر- يعني: ابن مُضَرَ- عن عمرو بن
الحارث عن بُكَيْرٍ عن يزيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (8/146) ، ومسلم (4/154) ، والترمذي (798) ،
والنسائي (1/318) ، والبيهقي (4/200) كلهم.... بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه مسلم وابن جرير (2747) ، والحاكم (1/423) من طريق ابن
وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث ... به؛ وزاد:
(فمن شهد منكم الشهر فليصمه) .
وأخرجه الدارمي (2/15) : أخبرنا عبد الله بن صالح: حدثني بكر ...
وله شاهد هن حديث ابن عمر ... مختصراً نحوه: أخرجه البخاري.(7/83)
وله شاهد آخر عن أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: علقه البخاري، ووصله المصنف
وغيره؛ وقد تقدم فيما أشرت إليه قريباً، ووقع هناك أن الآية الناسخة هي: (فمن
شهد منكم الشهر فليصمه) ، وهو الصواب الموافق لحديث سلمة وابن عمر.
ووقع في رواية البخاري المعلقة- وغيره-: أنها (وأن تصوموا خير لكم) ! وهي
شاذة؛ فاقتضى التنبيه.
2006- عن ابن عباس:
(وعلى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعامُ مسكين) ؛ فكان من شاء منهم أن
يفتدي بطعام مسكين؛ افتدى، وتَمَّ له صومه، فقال: (فمن تطوع خيراً
فهو خير له وأن تصوموا خير لكم) ، وقال: (فمن شهد منكم الشهر
فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فَعِدَّة من أيام أُخَرَ) .
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد
النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مر الكلام عليه كما أشرت إليه قريباً (2003) .
3- باب من قال: هي مُثْبَتَةٌ للشيخ والحُبْلَى
2007- عن ابن عباس قال:
أُثبِتَتْ للحُبْلَى والمُرْضعِ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود، ولفظه أتم. وكذلك رواه
المصنف أيضاً؛ لكن وقع فيه اختصار مخِلّ بالمعنى؛ فأوردته من أجل ذلك في(7/84)
الكتاب الأخر برقم (396)) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا قتادة أن عكرمة حدثه أن
ابن عباس قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولكنه مختصر جداً كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن جرير وابن الجارود والبيهقي من طريق سعيد بن جبير
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
رُخصَ للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك- وهما يطيقان الصوم- أن يُفْطِرَا
إن شاءا، ويُطْعِمَا كل يوم مسكيناً، ولا قضاءَ عليهما، تم نُسخَ ذلك في هذه الآية:
(فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ؛ وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا
لا يطيقان الصوم، والحبلى والمرضع إذا خافتا؛ أفطرتا، وأطعمتا كل يوم مسكيناً.
وأخرجه المصنف أيضاً، ولكن وقع فيه اختصار بالغ مُخِل مُفْسِد للمعنى؛
حيث سقط منه قوله:
ثم نسخ ... إلى قوله: إذا كانا لا يطيقان الصوم!
فصار المعنى: أن للشيخ والشيخة الإفطار مع إطاقتهما الصيام! فانقلب الحكم
وصار المنسوخ محكماً، ولذلك أوردت الحديث في الكتاب الآخر (396) .
4- باب الشهرُ يكون تسعاً وعشرين
2008- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنا أُمةٌ أُمِّيَّةٌ؛ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا "؛
وَخَنَسَ سليمان أُصْبُعَهُ في الثالثة- يعني: تسعاً وعشرين، وثلاثين-.(7/85)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن سعيد
ابن عمرو- يعني: ابن سعيد بن العاص- عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/101- 102) ، ومسلم (3/123- 124) ،
والنسائي (1/303) ، والبيهقي (4/250) ، وأحمد (2/43) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
ثم أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (2/52 و 129) من طريقين آخرين عن
الأسود بن قيس ... به.
وتابعه إسحاق بن سعيد عن أبيه ... به: أخرجه أحمد (2/122) ؛ وليس
عندهم جميعاً: وخنس أصبعه في الثالثة.
وهو عند البخاري (4/99) من طريق جَبَلَةَ بن سُحَيْم قال: سمعت ابن
عمر ... مرفوعاً؛ بلفظ: "
" الشهر هكذا وهكذا "؛ وخنس الإبهام في الثالثة.
ورواه مسلم بلفظ:
وصفقَ بيديه مرتين- بكل أصابعهما- ونقص في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى
أو اليسرى.
وله شاهد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كم مضى من الشهر؟ ". قلنا: مضى اثنان وعشرون يوماً، وبقيت ثمان.
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(7/86)
" بل مَضَتِ اثنان وعشرون يوماً، وبقيت سبع؛ التمسوها الليلة ". ثم قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا "؛ (ثلاث مرات) - وأمسك واحدة-.
أخرجه ابن أبي شيبة (3/84) - ومن طريقه ابن ماجه (1656) -، وأحمد
(2/251) قالا: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عنه.
وأخرجه أحمد أيضاً وابن حبان (5/188/3441) ، والبيهقي (4/310) من
طرق أخرى عن أبي معاوية ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ثم أخرجه ابن حبان (4/110/2539) ، وابن خريمة أيضاً (3/226/2179) ،
والبيهقي من طريقين آخرين عن الأعمش ... به.
وخالفهم عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش فقال: عن الأعمش عن سهيل
ابن أبي صالح عن أبيه ... به: أخرجه البيهقي.
قلت: عبيد الله هذا ضعيف، وقد خالف بإدخاله سهيلاً بين الأعمش وأبي
صالح، فلا تقبل مخالفته للثقات.
2009- ومن طريق أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الشهر تسع وعشرون؛ فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه،
فإن غُم عليكم؛ فاقدروا له ".
قال: فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعاً وعشرين؛ نظر له، فإن رُئِيَ؛
فذاك، وإن لم يُرَ، ولم يَحُلْ دون منظره سحاب ولا قترة؛ أصبح مفطراً،
فإن حال دون منظره سحاب أو قترة؛ أصبح صائماً.(7/87)
قال: فكان ابن عمر يفطر مع الناس، ولا يأخذ بهذا الحساب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون قوله: قال:
فكان ابن عمر ... إلخ؛ وزاد البيهقي: وقال ابن عون: ذكرت فعل ابن عمر
لمحمد بن سيرين؟ فلم يعجبه) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُ: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع عن
ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وحماد: هو ابن زيد.
والحديث أخرجه البيهقي (4/204) من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا سليمان
ابن حرب ... به؛ وفيه الزيادة المذكورة أعلاه.
وتابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: أنا أيوب ... به دون الزيادة: أخرجه أحمد
(2/5) ، والدارقطني (ص 229) .
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن نافع ... به؛ دون قوله: فكان
ابن عمر ... إلخ. وهو مخرج في "الإرواء " (903) ، مع طرق أخرى للحديث.
2010- وعن أيوب قال:
كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة: بَلَغَنا عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو حديث ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ زاد:
وإن أحسن ما يُقْدَرُ له إذا رأينا هلال شعبان لكذا وكذا؛ فالصوم؛ إن
شاء الله لكذا وكذا؛ إلا أن تروا الهلال قبل ذلك.(7/88)
(قلت: حديث مقطوع صحيح الإسناد، وقال المنذري: " وهذا الذي قاله
عمر بن عبد العزيز قضت به الروايات الثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ") .
إسناده: حدثنا حُمَيْد بن مَسْعَدَةَ: ثنا عبد الوهاب: حدثني أيوب.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.
وأما حديث ابن عمر؛ فقد رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر، كما تقدم في
الحديث الذي قبله.
2011- عن ابن مسعود قال:
لَمَا صُمْنَا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسعاً وعشرين؛ أكثر ممَّا صمنا معه ثلاثين.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن مَنِيع عن ابن أبي زائدة عن عيسى بن دينار عن أبيه
عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير دينار والد عيسى، وهو كوفي مجهول، لم يرو
عنه غير ابنه عيسى، كما في "الميزان "، ومع ذلك وثقه ابن حبان! لكن
لحديثه شاهد يقويه كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (689) ... بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه أحمد (1/450) : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ... به.
ثم أخرجه (1/397 و 405 و 408 و 441) من طرق أخرى عن عيسى بن(7/89)
وشاهده من حديث عائشة ... مثله: أخرجه البيهقي وأحمد (6/90) .
وسنده صحيح على شرطهما.
ورواه ابن ماجه (1658) عن أبي هريرة ... مرفوعاً.
وسنده حسن.
2012- عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" شهرا عيدٍ لا ينقصان: رمضان وذو الحجة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجاه) .
إسناده: حدثنا مسدد أن يزيد بن زُريع حدثهم: ثنا خالد الحَذاء عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على البخاري
فقط، لكنه توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/99) ... بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنه
جعل (معتمراً) بدل: (يزيد بن زريع) .
وكذلك أخرجه البيهقي (4/250) من طريق أخرى عن مسدد.
فالظاهر أن لمسدد فيه شيخين، وبه جزم الحافظ.
وأخرجه مسلم (3/127) ، وابن ماجه (1/209) من طريقين آخرين عن يزيد
ابن زريع ... به.(7/90)
وأخرجه الترمذي (692) ، والطحاوي (1/327) ، وأحمد (5/38 و 47- 48)
من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به.
ولمعتمر بن سليمان شيخ آخر، فقال: عن إسحاق بن سُويدٍ وخالد عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة ... به: أخرجه مسلم.
وتابعهما سالم أبو عبيد الله بن سالم: عند الطحاوي وأحمد (5/47) .
وعلي بن زيد: عنده (5/50- 51) .
5- باب إذا أخطأ القومُ الهلالَ
2013- عن أبي هريرة؛ ذَكرَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه، قال:
" وفِطْرُكُم يَوْمَ تُفْطِرون، وأضحاكم يومَ تُضْحُون، وكلُّ عرفةَ موقفٌ،
وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل فِجَاجِ مكة منحرٌ، وكل جَمْع موقفٌ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن
المنكدر عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، لكنه منقطع؛ لأن محمد بن
المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، كما قال البزار وغيره.
وقد اختلف عليه وعلى أيوب في إسناده؛ إلا أن له إسناداً آخر عن أبي هريرة،
وهو حسن، كما بينته في "الإرواء" (905) .(7/91)
6- باب إذا أُغْمِيَ الشهرُ
2014- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم
يصوم لرؤية رمضان، فإن غُمَّ عليه؛ عَدَّ ثلاثين يوماً ثم صام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود وابن حبان
والدارقطني والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثني عبد الرحمن بن مهدي: حدثني
معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: سمعت عائشة رضي الله
عنها ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
والحديث في "مسند أحمد" (6/149) ... إسناداً ومتناً.
وأخرجه ابن حبان (869) ، والدارقطني (ص 227) من طريقين آخرين عن
عبد الرحمن بن مهدي ... به. وقال الدارقطني:
" إسناده حسن صحيح ". قال المنذري:
" ورجال إسناده كلهم محتج بهم في "الصحيحين " على الاتفاق
والانفراد ... "!
قلت: وفيه نظر؛ فإن معاوية بن صالح وعبد الله بن أبي قيس لم يحتج بهما
البخاري في "صحيحه "، فالأول إنما أخرج له في "جزء القراءة"، والآخر في
"الأدب المفرد".(7/92)
وأخرجه ابن الجارود (377) ، والحاكم (1/423) من طريقين آخرين عن
معاوية ... به. وقال الحاكم- وتبعه الذهبي-:
" صحيح على شرط الشيخين " إ!
2015- عن حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوا الهلال، أو تكْمِلُوا العِدة، ثم صوموا
حتى تَرَوُا الهلال، أو تُكْمِلوا العِدَّة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان
والدارقطني والبيهقي وابن القيم) .
إسناده: حدثنا محمد بن الصًبَّاح البزاز: ثنا جرير بن عبد الحميد الصبِّي عن
منصور عن رِبْعيَ بن حِرَاشٍ عن حذيفة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ومحمد بن الصباح: هو أبو
جعفر الدولابِي البغدادي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/208) من طريق المصنف، ثم قال:
" وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة فيه، وهو ثقة حجة. ورواه الثوري
وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت: وكذا قال الدارقطني في "سننه " (ص 229) .
ولا يضر جريراً أن الجماعة لم يسمُّوا الصحابي؛ لأنهم موافقون له في اتصال
الإسناد، غاية ما في الأمر أنهم لم يسمُّوا، والصحابة كلهم عدول، وبنحو هذا
أجاب ابن القيم رحمه الله تعالى، وجزم بأن الحديث وَصْلُهُ صحيح.(7/93)
والحديث أخرجه النسائي (1/301) ، وابن حبان (875) من طرق أخرى عن
جرير ... به.
وأخرجه النسائي وابن أبي شيبة (3/20- 21) ، والدارقطني وأحمد
(4/314) من طريق سفيان وغيره عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... به.
وخالفهم الحجاج فقال: عن منصور عن ربعي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
فأرسله: أخرجه النسائي والدارقطني.
والحجاج- وهو: ابن أرطاة- مدلس، وقد عنعنه؛ فلا قيمة لمخالفته.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة ... مختصراً: رواه ابن ماجه
(1646) .
وسنده ضعيف، كما قال البوصيري.
لكن قوّاه بحديث الباب.
7- باب من قال: فإن غُم عليكم؛ فصوموا ثلاثين
2016- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُقَدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين؛ إلا أن يكون شيء يصومه
أحدكم، لا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه، فإن حال دونه
غمامة؛ فأتمُوا العدة ثلاثين ثم أفطروا، والشهر تسع وعشرون ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .(7/94)
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا حسين عن زائدة عن سماك عن عكرمة
عن ابن عباس.
قال أبو داود: " رواه حاتم بن أبي صغيرة وشعبة والحسن بن صالح عن
سماك ... بمعناه لم يقولوا: " ثم أفطروا ... " ... ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن رواية سماك عن عكرمة
خاصة مضطربة، لكن من سمع منه قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه
صحيح، كما في "التهذيب ".
وقد ذكر المصنف- فيمن رواه عنه- شعبة؛ ووصله الحاكم عنه- وصححه-،
وهو مخرج في "الإرواء" (902) .
8- باب في التَّقَدُّمِ
2017- عن عمران بن حُصَيْنٍ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجل:
" هل صُمْتَ من شهر شعبان شيئاً؟ ". قال: لا. قال:
" فإذا أفطرت؛ فصم يوماً- وقال أحدهما: يومين- ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بالرواية
الأخرى، ولمسلم الرواية الأولى، والأصح عندي الرواية الأخرى) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن مُطَرف عن
عمران بن حصين. وسَعِيد الجُرَيْري عن أبي العلاء عن مُطَرف عن عمران بن
حصين.(7/95)
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو- من الوجه الأول عن مطرف- على
شرط مسلم، ومن الوجه الآخر عنه على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/443- 444) : ثنا عفان: ثنا حماد ... بإسناديه؛
أعني: عن ثابت وسعيد الجريري ... به؛ إلا أنه قال: " يومين ". قال
الجريري:
"صم يوماً".
فميز ببن الروايتين، فجعل الأولى للجريري، والأخرى لحماد.
ثم أخرجه أحمد (4/443) ، ومسلم (3/168) من طريقين آخرين عن حماد
ابن سلمة عن ثابت وحده ... بالرواية الأخرى.
وأخرجه مسلم وأحمد أيضاً (4/442) ، والدارمي (2/18) من طريق يزيد بن
هارون: أنا الجريري ... به إلا أنه قال:
" فصم يومين مكانه ".
فخالف حماداً في قوله عن الجريري: " صم يوماً "!
وتابعه غيلان بن جرير- عند البخاري (4/186- 187) ، والبيهقي
(4/210) ، وأحمد (4/439) -، وسليمان التيمي- عنده (4/442) - كلاهما عن
مطرف ... بالرواية الأخرى.
فهي أصح عندي؛ لاتفاق غيلان وسليمان عليها، وموافقتها لرواية حماد،
وإحدى الروايتين عن الجريري. والله أعلم.(7/96)
9- باب إذا رُئِيَ الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة
(2021) (*) - عن كُرَيْب:
أن أم الفضل ابنة الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فَقَدِمْتُ
الشام، فقضيتُ، حاجتها، فاستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة
الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر
الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيته ليلة الجمعة. قال: أنت
رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية.
قال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نُكْمِلَ الثلاثين أو نراه.
فقلت: أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟!
قال: لا، هكذا أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والترمذي،
وقال: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر-:
أخبرني محمد بن أبي حرملة: أخبرني كرَيْبٌ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/127) ، والترمذي (693) ، والنسائي (1/300) ،
والبيهقي (4/251) ، وأحمد (1/306) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به.
__________
(*) الأرقام (2018- 2020) وما تحتها محذوفة من هنا؛ تراها في "الضعيف " بالأرقام
(398- 401) . (الناشر) .(7/97)
10- باب كراهية صوم يوم الشك
2022- عن صِلَةَ قال:
كنَّا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه، فأُتِيَ بشاة، فتنحَّى بعض
القوم، فقال عمار:
من صام هذا اليومَ؛ فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير: ثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس
عن أبي إسحاق عن صلة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن قيس، فهو على
شرط مسلم وحده؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، وهو مدلس،
لكن صحح حديثه هذا جمعٌ، كما ترى أعلاه.
وله طريق أخرى؛ خرجتها مع الأولى في "الإرواء" (961) .
11- باب فيمن يَصِلُ شعبان برمضان
2023- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَقَدَّمُوا صوم رمضان بيوم ولا يومين؛ إلا أن يكون صوماً يصومه
رجل؛ فَلْيَصُمْ ذلك اليوم ".(7/98)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الشيخان،
وإسناده عند البخاري إسناد المصنف بعينه. وصححه الترمذي وابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي
سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/102) ... بإسناد المصنف نحوه.
وأخرجه البيهقي (4/207) من طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به.
وأخرجه مسلم (3/125) ، والدارمي (2/4) ، وأحمد (2/234 و 513
و521) من طرق أخرى عن هشام الدَّسْتَوَائِي ... به.
وأخرجه مسلم أيضاً، والترمذي (685) ، والنسائي (1/305) ، وابن ماجه
(1/506) ، وابن الجارود (378) ، والبيهقي أيضاً، وابن أبي شيبة (3/23) ،
وأحمد (2/347 و 408 و 477) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به؛
وصرح يحيى بالتحديث في بعض الطرق: عند أحمد والنسائي.
وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به.
أخرجه أحمد (2/438 و 497) ، والترمذي، وقال- عقب كل من
الطريقين-:
" حديث حسن صحيح ".(7/99)
2024- عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان؛ يصله برمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن توبة
العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (6/311) ... بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي (1/321) من طريق محمد بن الوليد: حدثنا محمد ...
به. و (1/306) من طريق أخرى عن شعبة ... به.
وتابعه سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة ... به نحوه.
أخرجه الترمذي (736) ، والنسائي أيضاً (1/305- 306) ، والدارمي
(2/17) ، وابن ماجه (1/505) ، وابن أبي شيبة (3/22- 23) ، وأحمد
(6/300) من طرق عن منصور عنه ... به نحوه.
وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه أحمد (6/188) ، والحاكم (1/434) بإسناد صحيح عنها.
والترمذي (737) بإسناد آخر حسن عنها ... نحوه.
وابن ماجه (1649) ... بسند ثالث عنها.
وهو حسن أيضاً.(7/100)
12- باب كراهية ذلك
2025- عن عبد العزيز بن محمد قال:
قَدِمَ عَبَّادُ بن كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده
فأقامه، ثم قال: اللهم! إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا "!
فقال العلاء: اللهم! إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بذلك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان،
واحتج به ابن حزم، وقوّاه ابن القيم) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز بن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وقد أُعِلّ بما لا
يقدح كما سيأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/209) من طريق الحاكم بإسناد آخر عن قتيبة
ابن سعيد ... به.
وأخرجه للترمذي (738) : حدثنا قتيبة ... به؛ دون قصة عباد بن كثير مع
العلاء.
وهكذا أخرجه الدارمي (2/17) ، وابن ماجه (1/506) ، والبيهقي من طرق
أخرى عن عبد العزيز ... به.(7/101)
وأخرجه ابن ماجه أيضاً، والدارمي وابن حبان (876 و 878) ، وعبد الرزاق
في " المصنف " (7325) ، وابن أبي شيبة (3/21) ، والدارقطني (243) ، وأحمد
(2/442) من طرق أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال البيهقي:
" قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. قال: وكان
عبد الرحمن لا يحدث به "!
قلت: وليس هذا في نسختنا من "سنن أبي داود"، ولا يكفي عندي في
تضعيف الحديث؛ لأن الإمام أحمد نفسه قال في العلاء بن عبد الرحمن:
" ثقة، لم أسمع أحداً ذكره بسوء ".
وقد وثقه جماعة آخرون، واحتج به مسلم. وقال الترمذي عقب حديثه
هذا:
" حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ. ومعناه عند
بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مفطراً، فإذا بقي من شعبان شيء؛ أخذ في
الصوم؛ لحال شهر رمضان ".
ولئن كان عبد الرحمن بن مهدي لم يحدث به؛ فقد حدث به سفيان الثوري!
قال ابن حزم بعد أن ساقه من طريق المؤلف (7/26) :
" هكذا رواه سفيان عن العلاء، وللعلاء ثقة، روى عنه شعبة وسفيان الثوري
ومالك و ... و ... و ... ، وكلهم يحتج بحديثه، فلا يضره غمز ابن معين له ".
وأيد هذا ابن القيم في "تهذيبه " (3/223- 225) .(7/102)
13- باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال
2026- عن حسين بن الحارث الجَدَلِيِّ- من جَدِيلَةِ قيس-:
أن أمير مكة خطب، ثم قال:
عَهِدَ إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَنْسُكَ للرؤية، فإن لم نَرهُ وشهد شاهدا
عَدْلِ؛ نَسَكْنا بشهادتهما.- فسألتُ الحسين بن الحارث: مَنْ أميرُ مكة؟
قال: َ لا أدري! ثم لقيني بعدُ، قال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن
حاطب- ثم قال الأمير:
إن فيكم مَنْ هو أعلم بالله ورسوله مِنِّي، وشهد هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وأومأ بيده إلى رجل-. قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: مَنْ هذا
الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدق؛ كان أعلم بالله
منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الدارقطني) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز: ثنا سعيد بن
سليمان: ثنا عَبَّاد عن أبي مالك الأشجعي: ثنا حسين بن الحارث الجَدلِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير حسين
ابن الحارث الجدلي، وهو معروف كما قال ابن المديني، وقد روى عنه جمع من
الثقات- غير الأشجعي- منهم: زكريا بن أبي زائدة، وابنه يحيى بن زكريا،
وشعبة، وأورده ابن حبان في " الثقات " (1/43) ، وقال:
" يروي عن ابن عمر والنعمان بن بشير، عداده في أهل الكوفة. روى عنه يزيد
ابن زياد بن أبي الجعد، وأبو مالك الأشجعي ". فقول ابن حزم فيه (6/238) :(7/103)
" وهو مجهول "!
مردود. ويؤيده قول الحافظ فيه:
" صدوق "، وكذا تصحيح من صحح حديثه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/247- 248) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني (232) من طرق أخرى عن سعيد بن سليمان ... به
مطولاً ومختصراً، وقال:
" هذا إسناد متصل صحيح ".
وقد أخرجه النسائي وغيره عن الحسين بن الحارث عن عبد الرحمن بن زيد
ابن الخطاب:
أنه خطب الناس في اليوم الذي يُشَك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب
رسول الله وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره دون قصة
ابن عمر.
وإسناده صحيح أيضاً.
فالظاهر أن للجدلي فيه إسنادين، وقد خرجت هذا في "الإرواء" (909) .
2027- عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فَقَدِمَ أعرابيان، فشهدا عند
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالله: لأهَلا الهلالَ أمْسِ عَشيةً، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس أن
يفطروا، وأن يَْغدوا إلى مُصَلاهم.(7/104)
(قلت: إسناده صحيح، وقال الدارقطني: " حسن ثابت ") .
إسناده: حدثنا مسدد وخلف بن هشام المقْرِي قال: ثنا أبو عوانة عن منصور
عن رِبْعِي بن حِرَاشٍ عن رجل ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسدداً
لم يخرج له مسلم.
وخلفاً لم يخرج له البخاري.
والرجل الذي لم يُسَم صحابي، والصحابة كلهم ثقات عند أهل السنة.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 233) من طريق المؤلف، وقال:
" إسناد حسن ثابت ".
وأخرجه البيهقي (4/248) عن مسدد ... به.
ومن طرق أخرى عن منصور ... به.
14- باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان
2028- عن ابن عمر قال:
تراءى الناسُ الهلالَ، فَأخْبَرْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني رأيته، فصامه،
وأمر الناس بصيامه.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرحمن السمَرقَنْدِي- وأنا
لحديثه أتقن- قال: ثنا مروان- هو ابن محمد- عن عبد الله بن وهب عن يحيى(7/105)
ابن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مروان بن
محمد؛ وهو ثقة.
ومحمود بن خالد، على أنه متابع من السمرقندي، وهو الحافظ الدارمي
صاحب "السنن "؛ المعروف بـ "مسند الدارمي "؛ وقد أخرجه فيه (2/4) .
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/239- 240) ،
والبيهقي (4/212) ، وابن حزم (6/236) ؛ ثلاثتهم عن المصنف؛ إلا أن ابن حزم
لم يذكر فيه محمود بن خالد، وقال:
" وهذا خبر صحيح ".
وصححه آخرون أيضاً كما ذكر آنفاً، وهو مخرج في "الإرواء " (908) ، فلا
أعيد تخريجه هنا.
15- باب في توكيد السحور
2029- عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن فَصْلَ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكْلَةُ السحَرِ ".
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم وابن
خزيمة في "صحيحهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عُلَي بن رباح عن
أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو(7/106)
من شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/273) من طريق
المصنف.
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1940) من طريق أخرى عن ابن
المبارك ... به.
وأخرجه هو، ومسلم (3/130- 131) ، والترمذي (709) ، والنسائي
(1/304- 305) ، والدارمي (2/6) ، والبيهقي (4/236) ، وعبد الرزاق في
"المصنف " (7602) ، وأحمد (4/197 و 202) من طرق أخرى عن موسى بن
عُلَي ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وزاد الدارمي في أوله:
كان عمرو بن العاص يأمرنا أن نصنع له الطعام يَتَسَحرُ به؛ فلا يصيب منه
كثيراً. فقلنا: تأمرنا به ولا تصيب منه كثيراً؟! قال: إني لا آمركم به أني أشتهيه؛
ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره.
وسنده صحيح على شرط مسلم.
16- باب مَنْ سمى السُحُورَ: الغَدَاءَ
2030- عن العرباض بن سارية قال:
دعاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السحور في رمضان، فقال:
" هَلُم إلى الغَدَاءِ المبارك ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) .(7/107)
إسناده: حدثنا عمرو بن محمد الناقد: ثنا حماد بن خالد الخياط: ثنا معاوية
ابن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رُهْم عن العرباض بن
سارية.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الحارث بن زياد- وهو الشامي-
مجهول، كما قال الذهبي في "المغني "؛ تبعاً لابن عبد البر، فقد نقل عنه المنذري
- ثم الحافظ- أنه قال فيه:
" مجهول، وحديثه منكر "!
كذا قال!
أما أنه مجهول فلا كلام، وإن ذكره ابن حبان في "الثقات "؛ فإنه لم يَرْوِ عنه
غير يونس هذا؛ كما في "الميزان ".
وأما أن حديثه منكر؛ فإن كان يعني سنداً؛ فَمُسَلَمٌ، وإن كان يعني متناً؛
فمردود؛ لأن له شواهد يتقوى بها كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/304) ، وابن خزيمة (1938) ، وابن حبان
(882) ، والبيهقي (4/236) ، وأحمد (4/126 و 127) كلهم من طريق عبد الرحمن
ابن مهدي عن معاوية بن صالح ... به؛ إلا أن أحمد قال:
" الغِذاء "- بالذال المعجمة في الموضعين-!
وهو عنده في الموضع الأول بإسناد المؤلف: ثنا حماد بن خالد الخياط ...
وأما شواهد الحديث؛ فهي:
أولاً: عن المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ ... مرفوعاً؛ بلفظ:(7/108)
" عليكم بغداء السُحور؛ فإنه هو الغداء البارك ".
أخرجه النسائي من طريق بقية بن الوليد قال: أخبرني بَحيِز بن سعد عن
خالد بن مَعْدَان عنه.
وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث.
لكنه قد خولف- هو أو شيخه- في وصله، فرواه النسائي وعبد الرزاق
(7600) عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل:
" هلم إلى الغداء البارك "؛ يعني: السحور.
وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ فهو شاهد قوي على كل حال، سواءٌ ثبت
وصله أو لا.
ثانياً: عن أبي الدرداء مرفوعاً ... نحوه: أخرجه ابن حبان (881) عن
إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبَيْدِي: حدثنا عمرو بن الحارث- هو ابن الضحاك-:
حدثني عبد الله بن سالم عن راشد بن سعد عنه.
وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق هذا؛ قال الحافظ:
" صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب ".
وابن الضحاك غير معروف العدالة، كما قال الذهبي، لكنه لم يتفرد به، فقد
رواه ابن عدي وغيره من طريق آخر عن راشد بن سعد عن عتبة بن عبد وأبي
الدرداء معاً، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1961) ؛ لزيادة وقعت
في أوله.
ثالثا: عن عائشة قالت: قال رسول الله:(7/109)
" قَرِّبِي إلينا الغَدَاءَ المبارك "؛ يعني: السحور، وربما لم يكن إلا تمرتين. قال
الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/151) :
" رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات "!
وكذا قال! وانظر "مسند أبي يعلى" (4679) .
رابعاً: عن ابن عباس قال:
أرسل إلي عمر بن الخطاب يدعوني إلى السحور، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سمّاه الغداءَ المبارك.
رواه الطبراني في "الأوسط "، ومن طريقه الخطيب في "التاريخ " (1/387) .
وقال الطبراني:
" لا نعلم رواه عن ابن عيينة إلا محمد بن إبراهيم أخو أبي معمر ".
قلت: وهو صدوق لا بأس به، كما قال الحافظ موسى بن هارون الحمال.
وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطبراني أحمد بن القاسم بن
مُسَاوِر الجوهري، وهو ثقة كما قال الخطيب (4/349) .
17- باب وقت السُحُورِ
2031- عن سَمُرَةَ بن جُنْدُب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَمْنَعَنكُمْ من سُحورِكم أذانُ بلال، ولا بياضُ الأُفُقِ الذي هكذا،
حتى يَسْتَطِيرَ".
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم وأبو عوانة(7/110)
وابن خزيمة في "صحاحهم ". وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن سَوَادة، القُشَيْرِيِّ عن
أبيه: سمعت سمرة بن جندب يخطب وهو يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو
على شرط البخاري، وقد توبع.
والحديث أخرجه مسلم (3/130) : حدثني أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد
- يعني: ابن زيد- ... به؛ إلا أنه قال:
" لا يغرنكم ... ".
وكذلك أخرجه البيهقي (4/215) من هذا الوجه.
وآخرون من طرق أخرى عن سوادة بن حنظلة ... به. وقد خرجته في
" الإرواء " (915) .
2032- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَمْنَعَن أحدَكم أذانُ بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن- أو قال:
ينادي- لِيَرْجعَ قَائِمُكُمْ، ويُنَبهَ نائِمَكم، وليس الفجر أن يقول هكذا- قال
مسدد: وجمع يحيى كَفيْهِ-؛ حتى يقول هكذا- ومدَّ يحيى بإصبعيه
السبابتين- ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة
في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") .(7/111)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن التيمي. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا
زهير: ثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله بن مسعود.
قلت: إسناده الأول صحيح على شرط البخاري، والأخر على شرط
الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/386) : حدثنا يحيى ... به.
وأخرجه النسائي (1/305) ، وابن ماجه (1/518) من طريق أخرى عن
يحيى ... به.
وأخرجه البخاري (621- الخطيب) : حدثنا أحمد بن يونس ... به.
وأخرجه مسلم (3/129) ، وابن ماجه أيضاً، وابن خزيمة (1928) ، وابن
الجارود (382) ، وأحمد أيضاً (1/392 و 435) ، والبيهقي (4/318) من طرق
أخرى عن سليمان التيمي ... به.
2033- عن قيس بن طَلْقٍ عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كُلُوا واشربوا، ولا يَهِيدَنكُمُ الساطع المُصْعِدُ، فكلوا واشربوا حتى
يعترض لكم الأحمرُ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا مُلازِمُ بن عمرو عن عبد الله بن
النعمان: حدثني قيس بن طلق.
قلت: وهذا إسناد حسن صحيح، رجاله ثقات؛ على خلاف في قيس بن
طلق، سبق ذكره في "الطهارة".(7/112)
والحديث أخرجه الترمذي (705) ، وابن خزيمة (1930) من طريقين آخرين
عن ملازم بن عمرو ... به.
وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن النعمان ... به نحوه: أخرجه أحمد
(4/23) . وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ". وقال ابن خزيمة:
" إن صح الخبر؛ فإني لا أعرف عبد الله بن النعمان هذا بعدالة ولا جرح، ولا
أعرف له عنه راوياً غير ملازم بن عمرو "!
قلت: قد روى عنه أيضاً عمر بن يونس، كما قال ابن أبي حاتم (2/2/186)
عن أبيه.
قلت: ومحمد بن جابر أيضاً، كما تقدم في رواية أحمد إن كانت محفوظة،
وقد ذكروه في شيوخ ملازم بن عمرو، وتكلموا في حفظه، وقال ابن حبان:
" كان أعمى، يلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذُوكِرَ به فيحدث
به".
فلعل هذا سرقه من ملازم بن عمرو! والله أعلم.
ثم إن عبد الله بن النعمان قد وثقه ابن معين وابن حبان والعجلي، فلا يضره
- بعد هذا كله- أن لم يعرفه ابن خزيمة، فمن علم حجة على من لم يعلم! على
أنَّه يشهد له الحديثان قبله.
ثم وجدت له متابعاً قوياً، أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/325)
من طريقين عن عبد الله بن بَدْرٍ السُّحَيْمِيِّ قال: حدثني جدي قيس بن طلق ...
به.(7/113)
2034- عن عدي بن حاتم قال:
لما نزلت هذه الآية: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط
الأسود) ؛ قال: أخذتُ عِقالاً أبيضَ، وعقالاً أسودَ؛ فوضعتهما تحت
وِسادتي، فنظرتُ فلمَ أتَبَيَّنْ! فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فضحك
فقال:
" إن وسادتك- إذن- لعريضٌ طويلٌ! وإنما هو الليل والنهار ".
قال عثمان (هو ابن أبي شيبة) : إنما هو سَوادُ الليلِ، وبياض النهارِ.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حصَيْنُ بن نُمَيْرٍ. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة:
ثنا ابن إدريس- المعنى- عن حُصَيْنٍ عن الشعبي عن عَدِي بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من الوجه الأول، وصحيح على
شرط الشيخين من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/268) من طريق
المصنف.
وأخرجه مسلم (3/128) ... بإسناد المصنف الآخر.
وأخرجه البخاري (4/106 و 8/147) ، والترمذي (2974) ، وابن خزيمة
(1925) ، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/324) ، والبيهقي (4/215) ، وأحمد
(4/377) ، وابن حبان (3454) من طرق أخرى عن حُصَيْن- وهو ابن عبد الرحمن
السلمي ... به. وقال الترمذي:(7/114)
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه مُطَرف عن الشعبي ... به: أخرجه البخاري وابن خزيمة (1926) ،
والنسائي (1/305) أيضاً.
وتابعه مجالد عن الشعبي ... به: أخرجه الطحاوي وأحمد.
وله شاهد من حديث سهل بن سعد ... نحوه: أخرجه الشيخان وغيرهما.
18- باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده
2035- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي
حاجته منه ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وعبد الحق
الإشبيلي، واحتج به ابن حزم) .
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج
لمحمد بن عمرو متابعة، وهو حسن الحديث.
وحماد: هو ابن سلمة.
وقد صححه جمع كما يأتي، ومنهم الحافظ عبد الحق الإشبيلي في
"أحكامه " بسكوته عليه، وقد نص في مقدمته: أن ما سكت عنه فهو صحيح
عنده.(7/115)
وأعله ابن القطان بأنه مشكوك في اتصاله! وزعم أنه وقع في إسناد المصنف:
أنبأنا عبد الأعلى بن حماد أظنه عن حماد ... إلخ؛ حكاه عنه ابن القيم في
" التهذيب " (3/223) !
وهو خطأ ظاهر؛ فإنه ليس عند المصنف كلمة: (أظنه) ، ولا عند غيره ممن
أخرج الحديث، حتى عند الدارقطني الذي أخرجه من طريقه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني في "سننه " (ص 231) : حدثنا محمد بن يحيى
ابن مرداس: ثنا أبو داود: ثنا عبد الأعلى: ثنا حماد ... به. وقال:
" قال أبو داود: وأسنده روح بن عبادة كما قال عبد الأعلى ".
قلت: وفي قول المصنف هذا أكبر دليل على خطأ التشكيك الذي نسبه ابن
القطان للمصنف؛ فإنه لو كان ذلك ثابتاً عنده؛ لم يصح منه هذا القول؛ إذ إنَّه لا
يلتقي الشك مع الجزم بأن عبد الأعلى أسنده كما أسنده روح بن عبادة، وهذا بَينٌ
لا يخفى على أحد إن شاء الله.
ولو فرض ثبوت شك عبد الأعلى فيه؛ فلا يضر ذلك في وصله؛ لأنه قد رواه
جماعة آخرون من الثقات عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه الحاكم (1/203
و205) ، والبيهقي (4/218) ، وأحمد (2/423 و 510) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه الحاكم (1/426) من طريق الحسن بن سفيان: ثنا عبد الأعلى بن
حماد ... به.
وهذه متابعة قوية للمؤلف رحمه الله تعالى.
ولحماد فيه شيخ آخر، فقال أحمد: ثنا روح: ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار(7/116)
عن أبي هريرة ... به.
وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم.
وأخرجه البيهقي من طريق أخرى عن روح بن عبادة ... به، وقال:
" وكذلك رواه غيره عن حماد "، وزاد في حديث عمار:
وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر.
وكذا أخرجه الطبري في "تفسيره " (3015 و 3016) .
وله شيخ ثالث: عن يونس عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
أخرجه أحمد مع رواية شيخه الأول.
وإسناده مرسل صحيح.
وقد توبع عليه؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف " (7369) : عن ابن عيينة عن
إسرائيل أبي موسى عن الحسن قال:
قال رجل: يا رسول الله! أذَّن المؤذن والإناء على يدي؛ وأنا أريد الصوم؟ قال:
"اشرب ".
وإسناده صحيح أيضاً مرسلاً.
وله شيخ رابع: ثنا حميد عن أبي رافع أو غيره عن أبي هريرة:
أنه سمع النداء والإناء على يده، فقال: أحرزتها وربَّ الكعبة.
ذكره ابن حزم (60/233) .(7/117)
وهذا إسناد صحيح موقوف، ولا اختلاف بينه وبين المرفوع، كما لا اختلاف
بين المسند والمرسل؛ فإنها أحاديث عدة عن شيوخ ثقات، حدث عنهم حماد بما
سمع منهم؛ فإنه كان موصوفاً بالحفظ، فليس كثيراً عليه أن يروي عن جمع من
شيوخه حديثاً واحداً، أو عدة أحاديث في المسألة الواحدة! ولذلك فإني أرى أن
الصواب لم يكن حليف أبي حاتم حين قال في حديث روح عن حماد عن شيخيه
الأولين:
" هذان الحديثان ليسا بصحيحين: أما حديث عمار؛ فعن أبي هريرة موقوف،
وعمار ثقة. والحديث الآخر؛ ليس بصحيح ". ذكره ابنه في "العلل " (1/123-
124) !
ومن الغريب أنه لم يذكر الحجة في جزمه بأن حديث عمار الثقة موقوف! وقد
رواه حماد الثقة عنه مرفوعاً، والمفروض أن يذكر المخالف له في ذلك.
ثم كيف يجزم بعدم صحة الحديث؛ وله شاهد صحيح كما تقدم، وشواهد
موصولة أخرى يقطع الواقف عليها بأن الحديث صحيح بلا ريب؟! وقد خرجتها في
"الصحيحة " (1394) من حديث أبي أمامة وجابر وغيرهما؛ فلتراجع.
19- باب وقت فِطْرِ الصائم
2036- عن عمر قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا جاء الليل من ههنا، وذهب النهار من ههنا،- زاد مسدد: وغابت
الشمس-؛ فقد أفطر الصائم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في(7/118)
"صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى" بزيادة مسدد. وقال الترمذي: " حديث
حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا هشام. (ح) وثنا مسدد: ثنا
عبد الله بن داود عن هشام- المعنى- قال هشام بن عروة: عن أبيه عن عاصم بن
عمر عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط
البخاري وحده من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "الأحكام " (1/284) من طريق
المصنف من الوجه الآخر.
وهو في "مسند أحمد" (1/28 و 54) من الوجه الأول، وزاد في الموضع الأول
منهما:
يعني: المشرق والمغرب.
ثم أخرجه هو (1/35 و 48) ، والحميدي في "مسنده " (20) ، وعنه البخاري
(4/159) ، ومسلم (3/132) ، والترمذي (698) ، وابن خزيمة (2058) ، وابن
الجارود (393) ، والبيهقي (4/216) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وزيادة مسدد عندهم جميعاً من رواية الطرق كلها، وهو مخرج في "الإرواء "
(916) بزيادة في العزو.(7/119)
2037- عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
سِرْنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال:
" يا بلال! انزِلْ فاجْدَحْ لنا ". قال: يا رسول الله! لو أمسيت! قال:
" انزِلْ فاجْدح لنا ". قال: يا رسول الله! إن عليك نهاراً! قال: " انزِلْ
فاجْدَحْ لنا "، فنزل فجدح، فشرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال:
" إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا؛ فقد أفطر الصائم "؛ وأشار بإصبعه
قِبَلِ المشرق.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف
ومتنه؛ دون قوله: " يا بلال! "، وكذلك أخرجه مسلم من طريق أخرى
بلفظ: " يا فلان! "، وهو رواية للبخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد: ثنا سليمان الشيباني قال: سمعت
عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما
يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "الأحكام " (1/284) عن المؤلف ...
المرفوع منه فقط دون القصة.
وأخرجه البخاري (4/160- 161) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه لم يذكر بلالاً.
وقال الحافظ:
" وأخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طرق عن عبد الواحد- وهو ابن زياد-(7/120)
شيخ مسدد؛ فيه فاتفقت رواياتهم على قوله: " يا فلان! "، فلعها تصحفت.
ولعل هذا هو السر في حذف البخاري لها. وقد سبق الحديث في الباب الذي قبله
من رواية خالد عن الشيباني بلفظ: " يا فلان! " ... ".
قلت: وكذا رواه أحمد (4/380) ، ومسلم (3/132) ، والبيهقي (4/216)
من رواية هشيم: أنا الشيباني ... به.
ثم أخرجه البخاري (4/145 و 160 و 161- 162 و 9/360) ، ومسلم
وأحمد من طرق أخرى عن الشيباني، وفي بعضها: رجل.. بدل: فلان.
وبالجملة؛ فقد اتفقت الروايات على عدم تسميته.
20- باب ما يُستحبُ من تعجيل الفطر
2538- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يزال الدينُ ظاهراً ما عَجلَ الناسُ الفِطْرَ؛ لأن اليهود والنصارى
يؤخرون ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي
والبوصيري) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد- يعني: ابن عمروٍ - عن
أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج
لمحمد بن عمرو متابعة.
وخالد: هو ابن عبد الله الطحان.(7/121)
والحديث أخرجه الحاكم (1/431) من طريق مسدد: ثنا خالد بن عبد الله ...
به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد (2/450) ، وابن أبي شيبة (3/12) ، وعنه ابن ماجه
(1/519) ، وابن خزيمة (2060) ، وابن حبان (889) ، والبيهقي (4/237) من
طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به. وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه "
(108/1) :
" هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات "!
2039- عن أبي عطية قال:
دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا ومسروق، فقلنا:
يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحدهما يعجِّل
الإفطار ويعجَّل الصلاة، والآخر يؤخِّر الإفطار ويؤخِّر الصلاة؟
قالت: أيَّهما يعجل الإفطار ويعجِّل الصلاة؟
قلنا: عبد الله.
قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم والترمذي
- وصححه-، وزادا في آخره: والآخر أبو موسى) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عُمَارَةَ بن عُمَيْر عن
أبي عطية.(7/122)
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري؛ وقد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي.
وأبو عطية: اسمه مالك بن أبي عامر- ويقال ابن عامر- الهَمْدَاني، وابن عامر
أصح كما قال الترمذي.
والحديث أخرجه أحمد (6/48) : ثنا أبو معاوية ... به؛ وزاد في آخره:
والأخر أبو موسى.
وكذا رواه مسلم (3/131) ، والترمذي (702) - وقال: " حديث حسن
صحيح "-، والنسائي (1/304) ، والبيهقي (4/237) من طرق أخرى عن أبي
معاوية ... به.
وتابعه ابن أبي زائدة عن الأعمش ... به: أخرجه مسلم والنسائي.
21- باب ما يفطر عليه
2040- عن أنس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفطر على رُطَبَاتٍ قبل أن يصليَ، فإن لم تكن
رطباتٌ؛ فعلى تَمَراتٍ، فإن لم تَكُنْ؛ حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه
الدارقطني والحاكم والذهبي. ورواه الضياء في "المختارة" بتمامه، وابن خزيمة
في "صحيحه من طريق أخرى عن أنس دون الحسوات) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: ثنا جعفر بن سليمان: ثنا
ثابت البُنَاني: أنه سمع أنس بن مالك يقول ...(7/123)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن
سليمان، فهو على شرط مسلم، ولذلك قال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا؛ لولا أن في جعفر هذا كلاماً يسيراً، وهو صدوق كما قال
الذهبي والعسقلاني.
وصححه الدارقطني كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 240) من طريق المصنف، وقال:
" هذا إسناد صحيح "!
وهو في "مسند أحمد" (3/164) ، ومن طريقه أخرجه آخرون. وقد خرجته
في "الإرواء" (922) ، وذكرت له هناك طرقاً أخرى عن أنس تزيده قوة.
ولم أره في "مصنف عبد الرزاق "!
وقد رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2065) - من طريقين يقوي أحدهما الأخر-
عن حميد للطويل عن أنس ... به؛ دون الحَسَوَاتِ.
22- باب القول عند الإفطار
2041- عن مروان بن سالم المُقَفعِ قال:
رأيت ابن عمر يقْبِض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكف، وقال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أفطر قال:
" ذهب الظَّمأ، وابتلتِ العرُوقُ، وثبَتَ الأجر إن شاء الله ".(7/124)
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الدارقطني، وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى: ثنا علي بن الحسن: أخبرني
الحسين بن واقد: ثنا مروان- يعني: ابن سالم المقفع-.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في الحسين بن واقد
وشيخه، تراه مع تخريجه في "الإرواء" (920) .
23- باب الفطر قبل غروب الشمس
2042- عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
أفطرنا يوماً في رمضان في غيم في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم طلعت
الشمس.
قال أبو أسامة: قلت لهشام: أُمِرُوا بالقضاء؟ قال: وَبُد من ذلك؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة
في "صحيحيهما". وقال الدارقطني: " هذا إسناد صحيح ثابت ") .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء- المعنى- قالا: ثنا أبو
أسامة: ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم عن الشيخ الأول، وعلى شرط
الشيخين عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وهارون بن عبد الله: هو الحَمال الحافظ الثقة.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/24) : حدثنا أبو أسامة ... به.(7/125)
ومن طريق ابن أبي شيبة: أخرجه البخاري (4/162) ، وابن ماجه
(1/514) .
وأخرجه ابن خزيمة (1991) ... بإسناد المصنف الآخر.
ثم أخرجه هو، والدارقطني (ص 249) ، والبيهقي (4/217) من طرق أخرى
عن أبي أسامة ... به.
(تنبيه) : قول هشام: وَبُد من ذلك؟! قاله اجتهاداً؛ بدليل ما قال معمر:
سمعت هشاماً يقول: لا أدري أقَضَوْا أم لا؟!
علقه البخاري بصيغة الجزم، ووصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه.
وقد اختلفوا في هذه المسألة، والأرجح أنه لا يجب القضاء. وهو مذهب
إسحاق وأحمد في رواية عنه، واختاره ابن خزيمة وابن تيمية وابن القيم، فراجع
كتابه " التهذيب " (237- 239) ، و" الفتح ".
24- باب في الوصال
2043- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الوصال. قالوا: فإنك تواصل يا رسول
الله؟! قال:
" إني لست كهيئتكم؛ إني أُطْعَمُ وَأُسْقَى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
الجارود في "منتقاه ") .(7/126)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/280) ... بإسناده ومتنه.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (4/164- 165) ، ومسلم (3/133) ، والبيهقي
(4/282) ، وأحمد (2/128) كلهم من طرق عن مالك ... به.
ثم أخرجه أحمد (2/21 و 102 و 143 و 153) ، والبخاري (4/111) ،
ومسلم وابن الجارود (394) من طرق أخرى عن نافع ... به.
2044- عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا تواصلوا، فأيُّكم أراد أن يواصل؛ فليواصل حتى السَّحَرِ ".
قالوا: فإنك تواصل؟! قال:
" إني لست كهيئتكم؛ إن لي مُطْعِماً يُطْعِمُني، وساقياً يَسْقِيني ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن بكر بن مضَرَ حدثهم عن ابن الهاد عن
عبد الله بن خَباب عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة.
والحديث أخرجه أحمد (3/8) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البخاري (4/169) ، والدارمي (2/8) ، وابن خزيمة في "صحيحه "(7/127)
(2073) من طرق أخرى عن يزيد بن الهاد ... به.
وتابعه بشر بن حرب عن أبي سعيد ... به: أخرجه عبد الرزاق (7755) ،
وابن أبي شيبة (3/82) ؛ ولفظه: عن أبي سعيد قال: سمعته يقول:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوصال. وهذه أختي تواصل؛ وأنا أنهاها.
وبشر بن حرب صدوق فيه لين.
ثم أخرج له شاهداً من حديث أبي قلابة ... مرسلاً مثل لفظ الكتاب.
وهو صحيح الإسناد؛ لولا أنه مرسل.
وله شاهد آخر عن أنس: عند ابن حبان (6380) .
والحديث عزاه المنذري في "مختصره " (3/239) لمسلم! أيضاً وهو وهم.
25- باب الغيبة للصائم
2045- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ لم يَدع قول الزورِ والعملَ به [والجهلَ] ؛ فليس لله حاجة أن يَدعَ
طعامَهُ وشرابَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد
المصنف ومتنه. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا ابن أبي ذئب عن المَقْبُرِي عن أبيه عن
أبي هريرة.
قال أحمد:(7/128)
" فهمت إسناده من ابن أبي ذئب، وأفهمني رجل إلى جنبه؛ أراه ابنَ أخيه ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (4/270) من طريق المصنف.
والبخاري (10/389) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه اختصر جداً قول أحمد
- وهو ابن عبد الله بن يونس- فقال: قال أحمد: أفهمني رجل إسناده!
انظر "فتح الباري ".
ثم أخرجه البخاري (4/93) ، والترمذي (707) ، وابن ماجه (1/517) ، وابن
خزيمة في "صحيحه " (1995) ، وأحمد (2/452 و 505) من طرق أخرى عن ابن
أبي ذئب ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وليس عنده زيادة: " والجهل ". وهو رواية لابن خزيمة، ورواية البخاري هذه.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1307) ... بالزيادة.
(تنبيه) : سقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من رواية البيهقي عن
المصنف، ومن رواية البخاري بإسناده.
2046- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الصيام جنَّةٌ، فإذا كان أحدكم صائماً؛ فلا يَرْفثْ، ولا يَجْهَلْ، فإن
امْرُؤٌ قاتله أو شاتمه؛ فليقل: إني صائم، إني صائم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وهو عند
البخاري بإسناد المصنف) .(7/129)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/287) ... إسناداً ومتناً.
وأخرجه البخاري (4/83) ... بإسناد المؤلف عنه.
والبيهقي (4/269) - من طريقين آخرين-، وأحمد (2/465) - من طريق
ثالث- كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه مسلم (3/157) مفرقاً من طريقين آخرين عن أبي الزناد ... به.
وله عن أبي هريرة طرق أخرى، خرجتها في "الإرواء" (918) .
وروى له النسائي (1/311- 312) شاهداً من حديث عائشة ... نحوه بسند
صحيح.
26- باب السواك للصائم
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
27- باب الصائم يُصَبُّ عليه الماء من العطش
ويبالغ في الاستنشاق
2047- عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ الناسَ في سَفَرِهِ عامَ الفتحِ بالفِطْرِ، وقال:(7/130)
" تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكم "؛ وصام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو بكر: قال الذي حدثني:
لقد رأيت رسول الله صلع بـ (العَرْجِ) يَصُبُ على رأسه الماءَ وهو صائم؛
من العطش- أو من الحَرَّ-.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي
بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الصحابي
الذي لم يُسَمّ؛ فإني لم أعرفه، لكن جهالة الصحابة لا تضر عند أهل السنة.
والحديث في " الموطأ" (1/275) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد:
ثم قيل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله! إن طائفة من الناس قد صاموا حين
صمت؟ قال: فلما كان رسول الله بـ (الكديد) ؛ دعا بِقَدَحٍ فشرب، فأفطر الناس.
وأخرجه الحاكم (1/432) ، وعنه البيهقي (4/263) من طريق أخرى عن
القعنبي ... به دون الزيادة.
وأخرجه أحمد (3/475 و 4/63 و 5/376 و 380 و 408 و 430) من طرق
أخرى عن مالك ... به مطولاً ومختصراً.
ولابن أبي شيبة (3/41) منه: صَب الماء.
وهو رواية لأحمد.
وشذ محمد بن نُعَيْم السَعْدِيُّ عن مالك؛ فسمى الصحابي: أبا هريرة!(7/131)
أخرجه الحاكم، وقال:
" إن كان حفظه؛ فإنه صحيح على شرط الشيخين ".
قلت: السعدي روى عنه أبو حاتم، ولم يذكر فيه ابنه (4/1/109) جرحاً ولا
تعديلاً.
2048- عن لَقِيطِ بن صَبِرَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بَالغ في الاستنشاق؛ إلا أن تكون صائماً ".
(قلت: حديث صحيح، وقد مضى في "الطهارة " (رقم 130) مطولاً) .
إسناده: قلت: تقدم بإسناده ومتنه مطولاً في "الطهارة " (130) .
28- باب في الصائم يحتجم
2049- عن ثَوْبَانَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ":
" أفطر الحاجم والمحجوم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " على شرط
الشيخين "! ووافقه الذهبي!! وصححه ابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان،
وقال أحمد وابن المديني والبخاري: " هو أصح ما روي في هذا الباب ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام. (ح) وثنا أحمد بن حنبل: ثنا
حسن بن موسى: ثنا شيبان- جميعاً- عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي أسماء
- يعني: الرَّحْبِيَّ- عن ثوبان.
قال شيبان: أخبرني أبو قلابة: أن أبا أسماء الرحبي حدثه: أن ثوبان مولى(7/132)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبره: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم، وقد صرح أبو قلابة
بالسماع من أبي أسماء الرحبي؛ فزالت شبهه تدليسه.
وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ثوبان، خرجتها مع الأولى، وذكرت أقوال
العلماء في تصحيحها وتعليلها في "الإرواء" (931) ؛ فأغنى عن الإعادة.
2050- عن أبي قلابَةَ الجَرْمِيِّ:
أن شَدّادَ بن أوْسٍ بينما هو يمشي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر نحوه.
(قلت: حديث صحيح، وصححه أحمد وابن المديني والبخاري) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان عن يحيى
قال: حدثني أبو قلابة الجَرْمِي أنه أخبره أن ...
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه منقطع بين أبي
قلابة وشداد بن أوس، وقد خالف يحيى- وهو ابن أبي كثير- أيوبُ؛ فوصله بذكر
أبي الأشعث بينهما، وهو الآتي بعده.
والحديث في "المسند" (5/283) : حدثني حسن بن موسى وحسن بن محمد
قالا: ثنا شيبان ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/515) من طريق عبيد الله: أنبأنا شيبان ... به؛ إلا
أنه قال: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أنه أخبره ...
وهذا أصح من قول حسن: عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة أنه أخبره ...
فإن الجمع بين قوله: حدثني.. و: أنه أخبره.. تكرار مُخِل! كما هو ظاهر.(7/133)
2051- وفي رواية عنه عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم- وهو آخِذ بيدي-
لثمانِ عَشْرَةَ خَلَتْ من رمضان، فقال:
" أفطر الحاجم والمحجوم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه من ذكرنا آنفاً، وابن
حبان أيضاً) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا أيوب عن أبي قلابة.
قال أبو داود: " وروى خالد الحَذاء عن أبي قلابة ... بإسناد أيوب مثله ".
قلت: يشير المصنف بهذا إلى ترجيح رواية أيوب هذه الموصولة على رواية
يحيى المرسلة؛ لمتابعة خالد الحذاء عليها.
وقد وصلها عنه: أحمد والسَرَاجُ وابن حبان؛ كما بينته في "الإرواء" (931) .
لكن قد اختلف على أبي قلابة على وجوه، خرجتها هناك، أولاها بالصواب
رواية من قال: عنه عن أبي الأشعث عن أبي أسماء عن شداد ... فراجعها هناك.
2052- ومن طريق أخرى عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أفطر الحاجم والمحجوم ".
(قلت: حديث صحيح بما قبله) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق. (ح) وثنا(7/134)
عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن ابن جريج: أخبرني
مكحول أن شيخاً من الحي- قال عثمان في حديثه: صدوق- أخبره أن ثوبان مولى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبره ...
قلت: وهذا إسناد قوي، رجاله كلهم ثقات؛ غير الشيخ الذي لم يسَم، فقد
وُصفَ في المسند بأنه صدوق، وهو أبو أسماء الرحبي المتقدم في الطريق الأولى
(2049) ؛ كما يأتي في الرواية التي بعده.
والحديث في "المسند" (5/282) ... بإسناديه عن ابن جريج، وعقبهما
بإسناد ثالث فقال:
وروح: ثنا ابن جريج ...
وهو في "مصنف عبد الرزاق " (7525) عن ابن جريج.
و"مصنف ابن أبي شيبة" (3/50) : حدثنا ابن علَيَةَ عن ابن جريج.
وابن عُلَيَّةَ: هو إسماعيل بن إبراهيم.
2053- وفي رواية عنه ... مثله.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان: ثنا الهيثم بن حُمَيْد: أخبرنا
العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.
قال أبو داود: " ورواه ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول ... بإسناده مثله ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ فإن العلاء وإن كان اختلط؛ فقد
تابعه ابن ثوبان- وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- عن أبيه عن مكحول؛ كما
علقه المصنف.(7/135)
29- باب في الرخصة في ذلك
2054- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد
المصنف ومتنه. وصححه ابن الجارود،، وقال الحافظ: " صحيح لا مرية فيه ") .
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن
عكرمة عنه ابن عباس.
قال أبو داود: " رواه وهيب بن خالد عن أيوب ... بإسناده مثله. وجعفر بن
ربيعة وهشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس ... مثله ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/144) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/350) ، والبيهقي (4/263) من
طرق أخرى عن أبي معمر ... به.
وتابعه وهَيْبٌ عن أيوب ... به، وزاد في أوله:
احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم.
أخرجه البخاري (4/143- 144) .
وتابعه بشر بن هلال البصري: حدثنا عبد الوارث بن سعيد ... به؛ إلا أنه
جمع القضيتين، فجعلهما قضية واحدة بلفظ:(7/136)
احتجم وهو محرم صائم!
أخرجه الترمذي (775) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما، خرجتها في
" الإرواء " (932) .
ورواه معمر- عند عبد الرزاق (7536) -، وابن علَيَّةَ- عند ابن أبي شيبة
(3/51) - كلاهما عن أيوب عن عكرمة ... مرسلاً.
والوصل أصح؛ لأن عبد الوارث ووهيباً ثقتان، ومعهما زيادة الوصل، فيجب
قبولها، لا سيما وبجانبهما الطرق الأخرى الموصولة، كما سبقت الإشارة إليها.
2055- عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحجامة، والمواصلة- ولم يحرمهما-؛
إبقاءً على أصحابه.
فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر؟! فقال:
" إني أواصل إلى السحر، وربِّي يُطْعِمني ويَسْقِيني ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن
عبد الرحمن بن عابسِ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثني رجل عن أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة(7/137)
الصحابي لا تضر كما هو معلوم.
والحديث في "المسند " (4/314) ... بإسناده ومتنه.
ثم أخرجه هو (4/315 و 5/363 و 364) ، وعبد الرزاق (7535) ، وابن أبي
شيبة (3/52) ، والبيهقي (4/263) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال
الحافظ في "الفتح " (4/144 و 164) :
" إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر ".
2056- عن أنس قال:
ما كنَّا نَدعُ الحجامةَ للصائم؛ إلا كراهية الجَهْدِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بنحوه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن
ثابت قال: قال أنس ...
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري نحوه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (1/350) من طريق هُدْبَةَ بن خالد قال: ثنا
سليمان بن المغيرة ... به.
وأخرجه هو، والبيهقي (4/263) من طريقين عن شعبة عن حميد قال:
سمعت ثابتاً البناني وهو يسأل أنس بن مالك:
أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟
قال: لا؛ إلا من أجل الضعف.(7/138)
وأخرجه البخاري (4/144) من الطريق التي عند البيهقي؛ لكن سقط من
إسناده حمَيْد! فصار إسناده عنده هكذا ... شعبة قال: سمعت ثابتاً البناني قال:
سئل أنس ...
راجع "فتح الباري ".
ثم رواه الطحاوي عن يزيد بن هارون قال: أنا حميد الطويل قال:
سئل أنس بن مالك عن الحجامة للصائم؟ فقال: ما كنت أرى الحجامة تكره
للصائم؛ إلا من الجَهْدِ.
وحميد مدلس؛ فأسقط في هذه الرواية ثابتاً.
30- باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
31- باب في الكحل عند النوم للصائم
2057- عن أنس:
أنه كان يكتحل وهو صائم.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا وَهْب بن بقية: أخبرنا أبو معاوية عن عتبة أبي معاذ عن
عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عتبة- وهو: ابن
حميد الضبيُ- أبي معاذ؛ قال الحافظ:(7/139)
" صدوق له أوهام ".
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (3/47) : حدثنا أبو معاوية ... به.
2058- عن الأعمش قال:
ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحْلَ للصائم، وكان إبراهيم
يرخصُ أن يكتحل الصائم بالصَّبِرِ.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله المخَرّمِيُّ ويحيى بن موسى البَلْخِيّ قالا: ثنا
يحيى بن عيسى عن الأعمش.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عيسى
- وهو الرملي-، صدوق يخطئ.
وقد تابعه حفص عن الأعمش عن إبراهيم قال:
لا بأس بالكحل للصائم.
رواه ابن أبي شيبة (3/46) .
32- باب الصائم يستقيء عامداً
2059- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وهو صائم؛ فليس عليه قضاء، وإنِ استقاء؛ فَلْيَقْضِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم على شرط(7/140)
الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وحسنه الترمذي، وصححه ابن
الجارود وابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن حسان عن محمد
ابن سيرين عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني من طريق المصنف.
وأخرجه ابن الجارود والحاكم والطحاوي والبيهقي من طرق أخرى عن
مسدد ... به.
وأخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم من طرق أخرى عن عيسى
ابن يونس ... به.
وتابعه حفص بن غياث عن هشام بن حسان ... به: أخرجه ابن ماجه وابن
خزيمة وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (923) ، وقد رددت فيه ما أعله بعض
الحفاظ به، وكذلك في تعليقي على رسالة "الصيام " لابن تيمية (ص 14) ،
فراجعها إن شئت.
2060- عن مَعْدَانَ بن طلحة: أن أبا الدرداء حدثه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأفْطَرَ. فلقيت ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدثني: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاءَ
فأفطر؟
قال: صدق، وأنا صَبَبْتُ له وَضُوءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(7/141)
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن منده، وصححه ابن الجارود وابن
خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسين عن
يحيى: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يَعِيشَ بن الوليد بن هشام أن
أباه حدثه: حدثني معدان بن طلحة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يعيش بن الوليد،
وهو ثقة.
والحسين: هو ابن ذَكْوَانَ المعلِّم، وقد اختلف عليه في إسناده كما يأتي.
ويحبي: هو ابن أبي كثير.
والحديث أخرجه البيهقي (4/220) من طريق أخرى عن أبي معمر ... به.
وكذا الدارقطني (ص 58) ، والطحاوي.
وتابعه عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثني أبي ... به: أخرجه الترمذي
(87) ، والدارمي (2/14) ، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/347- 348) ، وابن
الجارود (8) ، والدارقطني أيضاً، وأحمد (6/443) من طرق عن عبد الصمد ...
به.
وأخرجه ابن خزيمة (1956) ، وعنه ابن حبان (908) ، والحاكم (1/426) من
طرق أخرى، منها: محمد بن المثنى أبو موسى عن عبد الصمد ... به؛ إلا أنه لم
يقل: عن أبيه، بل قال: أن يعيش بن الوليد حدثه أن معدان بن أبي طلحة
حدثه ... به. وقال الحاكم:(7/142)
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ لخلاف بين
أصحاب عبد الصمد فيه، قال بعضهم: عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان.
وهذا وهم من قائله؛ فقد رواه حرب بن شداد وهشام الدَّسْتَوَائِي عن يحيى بن أبي
كثير ... على الاستقامة "!
ثم أخرج هو، وابن خزيمة (1958) ، والدارقطني من طريقين عن حرب بن
شداد عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن عمرو عن يعيش بن الوليد عن
معدان بن أبي طلحة ... به؛ إلا أن الدارقطني وقع عنده زيادة: عن أبيه..
فلا أدري أهي في روايته، أم خطأ من الناسخ أو الطابع؟
ثم أخرجه ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الرحمن بن عثمان أبي بَحْرٍ
البَكْرَاوِي: ثنا هشام الدَّسْتَوائِي عن يحيى بن أبي كثير ... به. دون الزيادة. وقال
ابن خزيمة:
" فبرواية هشام وحرب عُلِمَ أن الصواب ما رواه أبو موسى- يعني: عن
عبد الصمد-، وأن يعيش بن الوليد سمع من معدان، وليس بينهما أبوه "!
قلت: لكن البكراوي ضعيف؛ إلا أنه يقويه رواية حرب بن شداد من
الطريقين عنه.
ويزداد قوة برواية عبد الرزاق في "المصنف " (525) ، وعنه أحمد (6/449)
عن معمر عن يحيى بن أبي كثير ... به؛ إلا أنه لم يذكر الأوزاعي في إسناده!
والصواب إثباته، كما في الطرق المتقدمة، وبها يزول الاضطراب، ويصح
الحديث. والحمد لله.
وروى هذه القصةَ: عتبةُ بن السَّكَنِ الحمصي: ثنا الأوزاعي: حدثني عبادة
ابن نُسَي وهُبَيْرَةُ بن عبد الرحمن سَمِعَا أبا أسماء يقول: ثنا ثوبان ... فذكرها(7/143)
بنحوه؛ وزاد:
فلما كان من الغد؛ سمعته يقول:
" هذا اليوم مكان إفطاري أمْسِ ".
قلت: وهذا منكر جداً! عتبة هذا؛ قال الدارقطني:
" متروك الحديث ". وقال البيهقي (7/243) - عقبه، وقد ساق له حديثاً
آخر-:
" عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع. وهذا باطل لا أصل له ".
33- باب القُبلة للصائم
2061- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبلُ وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان
أملكَ لإربهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود
وعلقمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/59) ، وأحمد في "المسند"(7/144)
(6/42) قالا: حدثنا أبو معاوية ... به.
وأخرجه مسلم (3/135) ، والترمذي (729) - وصححه- من طرق أخرى عن
أبي معاوية ... به.
وأخرجه البخاري (4/120) ، وأحمد (6/128) من طرق أخرى عن إبراهيم
عن الأسود وحده.
وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/517) ، وابن خزيمة (1998) ، والطحاوي
(1/346) .
وأخرجه مسلم وابن الجارود (391) ، والدارقطني (ص 238) ، وأحمد
(6/40 و 126 و 174) من طرق أخرى عن إبراهيم عن علقمة وحده.
وللحديث طرق أخرى عن عائشة رضي الله عنها، في بعضها التقبيل، وفي
بعضها المباشرة، يزيد بعضهم على بعض، وقد كنت جمعتها في "الإرواء"
(934) ؛ فزادت على العشر، ويأتي طريقان منها بعد هذا.
2062- ومن طريق ثانية عنها قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّل في شهر الصوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا أبو الأحوص عن زياد بن عِلآقَةَ
عن عمرو بن ميمون عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
وأبو الأحوص: هو سَلاَّم بن سُلَيْم الحنفي الكوفي.(7/145)
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (3/59) : حدثنا أبو الأحوص ... به.
وأخرجه مسلم (3/136) ، وابن ماجه (1/516) من طرق أخرى عن أبي
الأحوص ... به.
وأحمد وغيره من طرق أخرى عن زياد ... به.
2063- وفي طريق ثالثة عنها رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبَلُنِي؛ وهو صائم وأنا صائمة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة
ابن عبد الله- يعني: ابن عثمان القرشي- عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة
القرشي، فهو على شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه أحمد (6/179) : حدثنا عبد الرحمن عن سفيان ... به.
ثم أخرجه هو (6/134 و 162 و 176 و 269- 270 و 270) من طرق أخرى
عن سعد بن إبراهيم ... به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2004) ... بنحوه؛ ولفظه:
أهوى إلي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَبلَنِي، فقلت: إني صائمة! قال:
" وأنا صائم! "؛ فقبَّلني.(7/146)
2064- عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب:
هشَشْت فقبَلتُ وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله! صنعت اليوم أمراً
عظيماً؛ قبلتُ وأنا صائم؟! قال:
" أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟! ". قلت: لا بأس! قال:
"فمه؟! ".
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان
والحاكم وعبد الحق والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا الليث. وثنا عيسى بن حماد: أخبرنا
الليث بن سعد عن بُكَيْرِ بن عبد الله عن عبد الملك بن سعيد عن جابر بن
عبد الله.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الملك
ابن سعيد، فهو على شرط مسلم وحده.
ومثله عيسى بن حماد، لكن هذا متابع من أحمد بن يونس.
وقد أخرج للأول منهما: مسلم حديثه عن أبي حميد أو عن أبي أسيد في
القول عند دخول المسجد والخروج منه، وقد مضى في أول "الصلاة " برقم (484) .
والحديث أخرجه الدارمي (2/13) ، وابن خزيمة (1999) ، وابن حبان
(905) ، والبيهقي (4/261) ، وابن أبي شيبة (3/60- 61) ، وأحمد (1/21
و52) من طرق أخرى عن الليث- وهو ابن سعد- ... به.
وصححه عبد الحق بإيراده إياه في "مختصر الأحكام " (87/2) ، والحاكم
(1/431) على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!(7/147)
34- باب الصائم يبلع الريق
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
35- باب كراهيته للشابِّ
2065- عن أبي هريرة:
أن رجلاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المباشرة للصائم؟ فَرَخصَ له. وأتاه آخر
فسأله؟ فنهاه. فإذا الذي رَخَّصَ له شيخ، والذي نهاه شاب.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا أبو أحمد- يعني: الزبَيْرِي-: أخبرنا
إسرائيل عن أبي العَنْبَسِ عن الأغَرِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن عندي؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير
أبي العنبس- وهو العدوي الكوفي-، روى عنه جماعة من الثقات غير إسرائيل،
منهم شعبة ومسعر وأبو عوانة، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقد قال عبد الحميد
ابن صالح البرْجمِيّ- وهو صدوق-: سألت يونس بن بكير- وهو صدوق أيضاً-
عن اسم أبي العنبس؟ فقال: هو جَدي لأمي، واسمه: الحارث بن عبيد بن كعب
من بني عدي.
وكأنَّ الحافظ عبد الحق الإشبيلي لم يقف على هذا، فقال:
" لم أجد أحداً ذكره ولا سمّاه "!
والحديث أخرجه البيهقي (4/231) من طريق المؤلف.
ومن طريق يحيى بن زكريا عن إسرائيل ... به مثله.(7/148)
ثم أخرج له شاهداً من طريق أبان البَجَلِيِّ عن أبي بكر بن حفص عن
عائشة ... مرفوعاً به؛ وزاد: وقال:
" الشيخ يملك إِرْبَهُ، والشابُّ يُفْسِدُ صَوْمَهُ ".
قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ على
خلاف في أبان هذا- وهو ابن عبد الله بن أبي حازم-، وثقه جماعة، وضعفه
آخرون. وقال الحافظ:
" صدوق في حفظه لين ".
وله شاهد آخر، يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قَيْصَرٍ التُجيِبِيِّ
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ... فذكره نحوه؛ وزاد:
فنظر بعضنا إلى بعض، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"قد علمتُ لِمَ نَظَرَ بعضكم إلى بعض! إن الشيخ يملك نفسه ".
أخرجه أحمد (2/185 و 220- 221) .
وهذا إسناد جيد؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكنه شاهد جيد.
فالحديث بهذه الطرق الثلاثة صحيح عندي.
36- باب فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان
2066- عن عائشة وأم سلمة زَوْجَيِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنهما قالتا:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبح جنباً- قال عبد الله الأذْرَمِي في حديثه:
في رمضان-؛ من جماع غَيْرَ احتلام؛ ثم يصوم.(7/149)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين دون زيادة الأذرمي. وقد
أخرجاه بدونها. وكذلك ابن خزيمة وابن الجارود، لكنها عند الشيخين من غير
طريق الأذرمي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق
الأذرمي: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن عبد رَبهِ بن سعيد عن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة.
قال أبو داود- في بعض نسخ الكتاب؛ كما في "عون المعبود"-: " ما أقَل من
يقول هذه الكلمة- يعني: " يصبح جنباً في رمضان "-، وإنما الحديث: أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبح جنباً وهو صائم "!
قلت: كأنه يثير إلى أن ذكر رمضان فيه شاذ غير محفوظ؛ لتفرد الأقل به من
الرواة، وكأنه يشير إلى راوية الأذرمي!
وهذا غير مقبول منه في نقدي؛ لأنه رواه جمع آخر من الثقات كما يأتي،
ويكفي أنه في "الصحيحين "! وقد أشار المنذري إلى هذا- حين تعقبه بقوله-:
" وقد وقعت هذه الكلمة في "صحيح مسلم "، وفي "كتاب النسائي " ... "!
وفاته أنه في "صحيح البخاري "؛ كما تقدم، ويأتي مبيناً!
والحديث في "الموطأ" (1/273) ... دون الكلمة.
وكذلك أخرجه البخاري (4/124) عن مالك؛ لكنه قال: عن سُمَي.. بدل:
عبد ربه.
وجمع بينهما أحمد (6/290) عن مالك، وصرح أن الزيادة في حديث
عبد ربه، فقال أحمد: ثنا عبد الرحمن- يعني: ابن مهدي- عن مالك ...(7/150)
فهذه متابعة قوية للأذرمي.
وتابعه أيضاً يحيى بن يحيى بن بكر عن مالك عن عبد ربه ... به.
أخرجه مسلم والبيهقي.
وتابعه سفيان عن سُمَي ... به دون الزيادة.
أخرجه ابن الجارود (392) ، وابن خزيمة (2009) ، وأحمد (6/38) .
والزيادة متابعة أخرى وطريق أخرى، فقال ابن وهب: حدثنا يونس عن ابن شهاب
عن عروة وأبي بكر ... به.
أخرجه البخاري (4/124) ، ومسلم (3/137- 138) .
2067- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن رجلاً قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو واقف على الباب: يا رسول الله!
إني أصبح جنباً وأنا أريد الصيام؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" وأنا أصبح جنباً وأنا أريد الصيام؛ فأغتسل وأصوم ". فقال الرجل:
يا رسول الله! إنك لست مثلنا، قد غَفَرَ الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر؟! فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وقال:
" والله! إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمَكم بما أتبع ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة، لكن
بلفظ: " بما أتقي "، وهو المحفوظ عندي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ- يعني: القعنبي- عن مالك عن عبد الله
ابن عبد الرحمن بن مَعْمَر الأنصاري عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة.(7/151)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/271- 272) ... سنداً ومتناً؛ إلا أنه قال:
" بما أتقي ".
وهو المحفوظ عندي؛ فقد أخرجه كذلك: البيهقي (4/213) ، وأحمد (6/67 و 156) .
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ابن معمر ... به.
أخرجه مسلم (3/138) ، وابن خزيمة (2014) .
وزيد بن أبي أنيسة عنه: رواه ابن حبان (3483) .
37- باب كَفَّارة من أتى أهله في رمضان
2068- عن أبي هريرة قال:
أتى رجلٌ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هَلَكْت! فقال:
" ما شأنك؟! ". قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان! قال:
" فهل تجد ما تعتق رقبة؟ ". قال: لا. قال:
" فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ". قال: لا. قال:
" فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ ". قال: لا. قال:
" اجلس "؛ فَأُتيَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فيه تمر، فقال:
" تَصَدَّقْ به ". فقال: يا رسول الله! ما بين لابَتَيْها أهل بيت أفقر منا!!
فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت ثناياه، قال:
" فأطعمه إياهم ".(7/152)
وقال مسدد في موضع آخر: أنيابه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن
الجارود وابن خزيمة. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد ومحمد بن عيسى- المعنى- قالا: ثنا سفيان- قال
مسدد-: ثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه على شرط
البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
ومحمد بن عيسى- وهو الطباع البغدادي- ثقة فقيه، وقد توبعا كما سترى.
والحديث أخرجه أحمد (2/241) ، وابن أبي شيبة (3/106) ، والحميدي
(1008) فقالوا: حدثنا ابن عيينة ... به.
وأخرجه البخاري (11/504 و 505) ، ومسلم (3/138- 139) ، والترمذي
(724) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/513) ، وابن الجارود
(384) ، وابن خزيمة (رقم 1944) ، والبيهقي (4/221) كلهم من طرق عن سفيان
ابن عيينة ... به.
وتابعه معمر وغيره عن الزهري؛ على اختلاف في ترتيب الكفارة، أو التخيير
فيها؛ كما يأتي بعده.
2069- وفي رواية ... بهذا الحديث بمعناه؛ زاد الزهري:
وإنما كان هذا رُخْصَةً له خاصَّةً، فلو أن رجلاً فعل ذلك اليوم؛ لم يكن
له بُد من التكفير (1) .
__________
(1) قال الحافظ: " وَرُدّ هذا بأن الأصل عدم الخصوصية ". راجع "الفتح " (4/139) .(7/153)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ ولكنه لم
يَسُقْ لفظه) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري ...
بهذا الحديث.
قال أبو داود: " رواه الليث بن سعد والأوزاعي ومنصور بن المعتمر وعِرَاكُ بن
مالك ... على معنى ابن عيينة (يعني: الحديث الذي قبله) . زاد فيه الأوزاعي:
" واستغفر الله " ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه دون الزيادة كما
يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7457) : أخبرنا معمر ... به.
وأخرجه أحمد (2/281) ، ومن طريقه البيهقي (4/222) عن عبد الرزاق.
وعنه أيضاً: أخرجه مسلم (3/139) ؛ لكنه لم يسق لفظه، وإنما قال: نحو
حديث ابن عيينة؛ يعني: الرواية الأولى (2068) .
وتابعه عبد الواحد عن معمر ... به؛ دون قول الزهري: وإنما كان هذا ...
إلخ: أخرجه البخاري (5/170 و 11/504) .
وعلق المصنف متابعين آخرين.
أما الليث؛ فوصله البخاري (12/110) ، ومسلم والبيهقي عنه.
وأما الأوزاعي؛ فوصله البخاري (10/455) ، والبيهقي (7/393) .
وأما منصور بن المعتمر؛ فوصله البخاري (4/140) ، ومسلم، والطحاوي(7/154)
(1/329) ، وابن خزيمة (1945 و 1950) ، والبيهقي (4/222) .
وأما عراك بن مالك؛ فوصله النسائي- كما في "الفتح " (4/131) -؛ والظاهر
أنه يعني في "سننه الكبرى"؛ وإلا فـ "السنن الصغرى" ليس فيها هذا الحديث
مطلقاً!
وأما زيادة الأوزاعي؛ فيأتي الكلام عليها بعده.
2070- قال أبو داود: " زاد فيه الأوزاعي: " واستغفر الله " ... ".
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه، وابن حبان) .
قلت: وصله البيهقي (7/393) من طريق مسروق بن صَدَقَةَ عن الأوزاعي
عن الزهري: حدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... بالحديث؛ وفي
آخره الزيادة، وقال:
" وكذلك رواه دُحَيْمٌ عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. وكذلك رواه الهِقْلُ
ابن زياد عن الأوزاعي ".
قلت: وكأنه يعني أصل الحديث دون الزيادة.
وتابعه عليها عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرجه ابن خزيمة (1949) بإسناد
فيه ضعف؛ كما بينته في تعليقي عليه.
وتقويها: متابعة هشام بن سعد الآتية بعد حديث.
ورجال البيهقي ثقات؛ غير مسروق (كذا! والصواب: مسرور) بن صدقة
الدمشقي، ترجمه ابن عساكر (16/207/1) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه
جرحاً ولا تعديلاً.(7/155)
ورواية دحيم؛ وصلها ابن حبان (3517) .
2071- وفي رواية أخرى عن أبي هريرة:
أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعتق رقبة، أو
يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً. قال: لا أجد! فقال له
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجلس "؛ فَأُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقِ فيه تَمْز، فقال:
" خذ هذا فتصدَّقْ به ". فقال:
يا رسول الله! ما أجد أحوجَ مني!! فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى
بدت أنيابه، وقال له:
"كُلْهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن حُمَيْدِ بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/277- 278) ... بهذا الإسناد والمتن.
ومن طريقه: أخرجه مسلم والدارمي والطحاوي وابن خزيمة (1943) ،
والدارقطني كلهم عن مالك ... به.
وتابعه ابن جريج عن الزهري، كما يأتي معلقاً بعده عند المصنف مع التخريج.(7/156)
2072- قال أبو داود: " رواه ابن جريح عن الزهري ... على لفظ
مالك: أن رجلاً أفطر ... وقال فيه: " أو تعتق رقبة، أو تصوم شهرين، أو
تطعم ستين مسكيناً".".
(قلت: وصله مسلم، وهذه الرواية كالتي قبلها مُجْمَلَةٌ، بخلاف الرواية
الأولى والتي بعدها؛ فإنهما مفصَّلتان، بيَّنتا أن الإفطار كان بالجماع، وأن
الكفارة على الترتيب لا التخيير) .
قلت: وصله مسلم والطحاوي وأحمد (2/273) .
وإن الرواة اختلفوا في هذه القصة في أمرين اثنين:
الأول: في تحديد ما أفطر به الرجل:
فذكر سفيان بن عيينة ومعمر وغيرهما أنه أفطر بالجماع.
وخالفهما مالك وابن جريج فأطلقا ولم يذكرا الجماع.
والآخر: في الكفارة بالخصال الثلاث: فرتَّبَ بينها الأولان. وخَيَّرَ بينها
الآخران ولكل من الفريقين متابعون.
لكن الفريق الأول متابعوه أكثر، وقد ساق أسماءَهم الإمام الدارقطني في
"سننه "؛ فبلغ عددهم قرابة ثلاثين شخصاً، فروايتهم أرجح، لا سيما ومعهم زيادة
علم، ومن عَلِمَ حُجَّةٌ على من لم يعلم.
وثَمَّةَ مُرَجحاتٌ أخرى، ذكرها العلامة ابن قيم الجوزية في "التهذيب "
(3/272) ، ثم الحافظ ابن حجر في "الفتح " (4/135) ، فليرجع إليهما من شاء
التفصيل.(7/157)
2073- وفي طريق أخرى عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفطر في رمضان ... بهذا الحديث، قال:
فأُتِيَ بِعَرَق فيه تمر قَدْرَ خمسة عشر صاعاً.. وقال فيه:
" كُلْهُ أنت وأهلُ بيتك، وصم يوماً، واستغفر الله ".
(قلت: حديث صحيح، وقوّاه الحافظ) .
إسناده: حدثنا جعفر بن مُسَافِر: ثنا ابن أبي فُدَيْكٍ: ثنا هشام بن سعد عن
ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في هشام بن سعد من قبل
حفظه، وقد خالفَ أصحابَ الزهري في هذا الحديث- وقد بلغ عددهم عند الحافظ
أكثر من أربعين-؛ خالفهم في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله في إسناده: عن الزهري عن أبي سلمة ...
وهم قالوا: عنه عن حميد بن عبد الرحمن ...
وهذا هو الصحيح، كما قال ابن خزيمة على ما يأتي. وقال الحافظ (4/131) :
" قلت: وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن أبي حفصة؛ فرواه عن
الزهري. أخرجه الدارقطني في "العلل ". والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة.
كذلك أخرجه أحمد (2/516) وغيره من طريق رَوْحِ بن عبادة عنه. ويحتمل
أن يكون الحديث عند الزهري عنهما، فقد جمعهما ابن أبي الأخضر. أخرجه
الدارقطني في "العلل " من طريقه ".
الثاني: قوله: قدر خمسة عشر صاعاً.(7/158)
فإن هذا التقدير لم يرد في رواية الجماعة؛ لكنه قد توبع عليه، فقد ثبت في رواية
ابن أبي حفصة المذكورة: عند أحمد والطحاوي والدارقطني أيضاً (ص 252) .
وتابعه أيضاً مؤَمَّلُ بن إسماعيل: ثنا سفيان عن منصور عن الزهري عن
حميد: عند الطحاوي وابن خزيمة (1950) ، والدارقطني.
ومهران بن أبي عمر الرازي: عند ابن خزيمة (1951) .
وله شاهد من حديث سعيد بن المسيب ... مرسلاً في هذه القصة: عند
عبد الرزاق (7458) .
وله شواهد أخرى في قصة المظاهر، تقدمت في "الظّهار" رقم (1919- 1921) .
الثالث: قوله: " وصم يوماً ... ".
لكن هذا قد تابعه جمع، وله شواهد، قوّاه من أجل ذلك الحافظ في "الفتح "،
وقد بينت ذلك في "الإرواء" (939) ؛ فأغنى عن الإعادة.
2074- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
أتى رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد في رمضان، فقال: يا رسول الله!
احترقت! فسأله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما شأنه؟ قال: أصَبْت أهلي! قال:
" تَصَدقْ ". قال: والله! ما لي شيء، ولا أقْدِرُ عليه! قال:
" اجلس "، فجلس. فبينما هو على ذلك؛ أقبل رجل يسوق حماراً
عليه طعام، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أين المحترق آنفاً؟ "، فقام الرجل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تصدق بهذا ". فقال: أعَلَى غَيْرِنا؟! فوالله! إنا لَجِيَاعٌ ما لنا شيء! قال:(7/159)
"كُلوه ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري مختصراً) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْري: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن
الحارث: أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه: أن محمد بن جعفر بن الزبير
حدثه: أن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير حدثه: أنه سمع عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن داود المَهْرِيِّ،
وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/140) : حدثني أبو الطاهر: أخبرنا ابن وهب ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (4/131) ، والدارمي (2/11) ، وأحمد (6/140) من
طريق يحيى بن سعيد الأنصاري أن عبد الرحمن بن القاسم أخبره ... به
مختصراً.
وكذا رواه أبو جعفر الطحاوي (1/328) ، والبيهقي (4/223) .
وتابعه محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به مثل
رواية عمرو بن الحارث: أخرجه أحمد (6/276) .
38- التغليظ في من أفطر عمداً
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ](7/160)
39- باب من أكل ناسياً
2075- عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! إني أكلت وشربت
ناسياً وأنا صائم؟ فقال:
" اللهُ أطعمك وسقاك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب وحبيب وهشام عن
محمد بن سيرين عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وحماد: هو ابن سلمة، كما صرح بذلك البيهقي (4/229) ، وقد علقه عليه.
ثم رواه من طريق أخرى عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين ... به.
وقال عبد الرزاق (7372) : أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين ... به
نحوه؛ إلا أنه أوقفه.
وأخرجه البخاري (4/125- 126) ، ومسلم (3/160) ، والدارمي (2/13) ،
والبيهقي وأحمد (2/425 و 491 و 513) من طرق أخرى عن هشام القُرْدوسِي
عن ابن سيرين ... به مرفوعاً.
وأخرجه ابن ماجه (1/514) ، وابن الجارود (389) ، والبيهقي عن عوف بن
خِلاسٍ ومحمد بن سيرين ... به.(7/161)
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد عن غيره من الصحابة، وهي مخرجة
في " الإرواء " (938) .
40- باب تأخير قضاء رمضان
2076- عن عائشة قالت:
إن كان لَيَكون عليَّ الصوم من رمضان؛ فما أستطيع أن أقضيَهُ حتى
يأتي شعبانُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في
"صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن: أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/286) .
وأخرجه البخاري (4/154) ، ومسلم (3/154- 155) ، وابن ماجه
(1/512) ، والبيهقي (4/252) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة، خرجتها في "الإرواء" (944) .
والحديث أخرجه عبد الرزاق أيضاً في "مصنفه " (7676) ، وكذا ابن أبي
شيبة في "مصنفه " (3/98) .
وله عندهما طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها.(7/162)
41- باب فيمن مات وعليه صيام
2077- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من مات وعليه صيام؛ صامَ عنه وَلِيُّه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن
عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو
على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/155) ، والبيهقي (4/255) من طرق أخرى عن
ابن وهب ... به.
وأخرجه البخاري (4/156) من طريق موسى بن أعْيَنَ عن عمرو بن
الحارث ... به.
والبيهقي أيضاً، وأحمد (6/69) من طريقين آخرين عن عبيد الله بن أبي
جعفر ... به.
2078- عن ابن عباس قال:
إذا مَرِضَ الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم؛ أُطْعِمَ عنه، ولم يكن
عليه قضاء. وإن كان عليه نَذْرٌ؛ قضى عنه وَلِيُّه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .(7/163)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي حَصِين عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث له طريق أخرى من رواية علي بن الحكم- وهو: البناني- عن ميمون
ابن مهران عن ابن عباس ... به: أخرجه البيهقي (4/255) .
وإسناده صحيح على شرط البخاري. ثم قال:
" وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ".
42- باب الصوم في السفر
2079- عن عائشة:
أن حَمْزَةَ الأسْلَمِيَّ سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! إني رجل
أسْرُدُ الصوْمَ؛ أفأصوم في السفر؟ قال:
" صُمْ إن شئتَ، وأفْطِرْ إن شئت ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
خزيمة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وحماد: هو ابن زيد الأزْدِيُّ؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(7/164)
والحديث أخرجه مسلم (3/144) ، والبيهقي (4/243) من طريق أبي الربيع
الزهراني: حدثنا حماد- يعني: ابن زيد- ... به. وقد خرجته في "الإرواء"
(927) .
2080- عن ابن عباس قال:
خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة إلى مكة، حتى بلغ (عُسْفَان) ، ثم دعا
بإناء، فرفعه إلى فيه لِيُرِيَهُ الناسَ، وذلك في رمضان. فكان ابن عباس
يقول:
قد صام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأفطر؛ فمن شاء؛ صام، ومن شاء؛ أفطر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن
خزيمة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن
ابن عباس.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/151) : حدثنا موسى بن إسماعيل. وقال
أحمد (1/291) : ثنا عفان قالا: حدثنا أبو عوانة ... به.
وأخرجه مسلم (3/141) ، والنسائي (1/317) ، وابن ماجه (1/510) ، وابن
خزيمة (2036) ، وأحمد (1/259 و 325 و 340) من طرق أخرى عن منصور ...
به.(7/165)
2080/م- عن أنس قال:
سافَرْنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان، فصام بعضنا، وأفطر بعضنا؛
فلم يَعِبِ الصائمُ على المفطِر، ولا المفطرُ على الصائمِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة وابن
حبان في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة عن حميد الطويل عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1947- السلفية) ، ومسلم (3/143) ، وابن خزيمة
(2039) ، وابن حبان (3553) ، والبيهقي (4/244) وغيرهم من طرق عن
حميد ... به؛ وصرح حميد بالتحديث في رواية لمسلم.
وتابعه مُوَرِّق العِجْلِي عن أنس ... بالشطر الأول منه؛ وفيه قصة، وفيه:
" ذهب المفطرون اليوم بالأجر ".
أخرجه البخاري (2890) ، ومسلم، وابن خزيمة (2032- 2033) ، وابن حبان
(3551) ، والبيهقي، وكذا النسائي (2283) .
2081- عن قَزَعَةَ قال:
أتيت أبا سعيد الخدري وهو يُفْتِي الناسَ، وهم مُكبُّون عليه، فانتظرت
خَلْوَتَهُ. فلما خلا؛ سألته عن صيام رمضان في السفر؟ فقال:
خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان عام الفتح، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(7/166)
يصوم ونصوم، حتى بلغ منزلاً من المنازل فقال:
" إنكم قد دَنَوْتمْ من عَدوكُمْ، والفطر أقوى لكم".
فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر.
قال: ثم سِرْنا، فنزلنا منزلاً، فقال:
" إنكم تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكم، والفطر أقوى لكم؛ فأفطروا ". فكانت عزيمة
من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو سعيد: ثم لقد رأيتُنِي أصوم مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل ذلك، وبعد
ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان- المعنى- قالا: ثنا ابن وهب:
حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد أنه حدثه عن قزعة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد من وجه آخر عن معاوية- وهو ابن صالح-،
فقال (3/35) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثني معاوية- يعني: ابن
صالح- ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (3/144) ، وابن خزيمة (2023) ، والبيهقي
(4/242) .(7/167)
43- باب اختيار الفطر
2082- عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يُظَلّلُ عليه، والزِّحَامُ عليه، فقال:
" ليس من البِرِّ الصيامُ في السفر ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن
- يعني: ابن سعد بن زُرَارَةَ- عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (2/9) : أخبرنا هاشم بن القاسم وأبو الوليد: ثنا
شعبة ... به.
والطيالسي في "مسنده " (1721) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى"
وغيرهم من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وله ولشيخه ابن زرارة متابعون. وللحديث شواهد، خرجت ذلك كله في
"الإرواء " (925) . وفي بعض طرقه بلفظ:
" ليس من امبر امصيام في امسفر "! على لغة من يجعل لام التعريف ميماً،
وهو بهذا اللفظ شاذ لا يصح، كما بينته هناك.(7/168)
2083- عن أنس بن مالك- رجل من بني عبد الله بن كعب إخوة بني
قُشَيْرٍ - قال:
أغارت علينا خَيْل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتهيت- أو فانطلقت- إلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يأكل، فقال:
" اجلس فأصب من طعامنا هذا ". فقلت: إني صائم!. قال: " اجلس
أُحَدثكَ عن الصلاة وعن الصيام: إن الله تعالى وضع شَطْرَ الصلاةِ- أو
نصفَ الصلاة- والصومَ عن المسافر وعن المرضع والحُبْلَى "؛ والله! لقد
قالهما جميعاً أو أحدهما.
قال: فتَلَهفَتْ نَفْسِي أن لا أكونَ أكلتُ من طعام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن، ولا نعرف
لأنس بن مالك غير هذا الحديث "، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا شَيْبَانُ بن فَروخ: ثنا أبو هلال الرَّاسِبِي: ثنا ابن سَوَادَةَ
القُشَيْرِيّ عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي هلال الراسبي
- واسمه محمد بن هلال-، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه الحافظ:
" صدوق فيه لين ". وقد خولف في إسناده كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (715) ، وابن ماجه (1/511) ، وابن خزيمة في
" صحيحه " (3/268/2044) ، وأحمد (4/347 و 5/29) ، والبيهقي (4/231)
من طرق عن أبي هلال ... به. وقال الترمذي:(7/169)
" حديث حسن، ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا
الحديث الواحد ".
قلت: وقد خالفه في إسناده وهيب فقال: ثنا عبد الله بن سوادة القشيري عن
أبيه أن أنس بن مالك- رجل منهم- قال ... فذكره.
رواه البيهقي.
وهذا إسناد صحيح؛ فإن سوادة القشيري ثقة من رجال مسلم.
ووهيب- وهو ابن خالد- ثقة من رجال الشيخين.
وله فيه إسناد آخر، فرواه عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر
- قال أيوب: فلقيته فسألته، فحدثنيه عن رجل منهم-:
أنه أتى المدينة ... الحديث نحوه.
أخرجه البيهقي، وقال:
" ورواه معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر أن رجلاً- يقال
له: أنس- حدثه ... ".
قلت: وصله عبد الرزاق في "المصنف " (7560) عن معمر ... به؛ إلا أنه لم
يقل: يقال له: أنس.
وقد تابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: حدثنا أيوب ... به مثل رواية وهيب.
أخرجه أحمد (5/29) ، وابن خزيمة (2042) .
وسفيان الثوري؛ إلا أنه قال: عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ... به.
أخرجه ابن خزيمة أيضاً (2043) ، والنسائي (1/316) .(7/170)
وقد اختلف فيه على أبي قلابة على وجوه أخرى، ذكرها البيهقي، وأطال
النسائي النفس في تخريجها، منها: ما أخرجه هو، والدارمي (2/10) من طريق
الأوزاعي قال: أخبرني يحيى قال: حدثني أبو قلابة قال: حدثني أبو المهاجر قال:
حدثني أبو أمية- يعني: الضَّمْري-:
أنه قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره نحوه.
وهذا إسناد صحيح متصل، لكن قوله: أبو المهاجر! وهم من الأوزاعي؛ كما
قال ابن حبان وغيره، والصواب: أبو المهلب؛ وهو ثقة من رجال مسلم.
44- باب فيمن اختار الصيام
2084- عن أبي الدرداء قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض غزواته في حَر شديد، حتى إن
أحدنا لَيَضَعُ يده على رأسه، أوكَفَّهُ على رأسه من شِدَةِ الحَر، ما فينا صائمٌ
إلا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبدُ اللهِ بنُ رَوَاحةَ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا مؤمل بن الفَضْل: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز:
حدثني إسماعيل بن عبيد الله: حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة.
لكن سعيد بن عبد العزيز- وهو التنُوخِي، مع فضله؛- كان اختلط، لكنه قد
توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/145) : حدثنا داود بن رشَيْد: حدثنا الوليد بن(7/171)
مسلم عن سعيد بن عبد العزيز ... به.
وتابعه عمرو بن أبي سلمة عن سعيد ... به: أخرجه الشافعي في "السنن "
(رقم 712- ترتيبه) .
وتابعه هشام بن سعد عن عثمان بن حَيَّان وإسماعيل بن عبيد الله ... به:
أخرجه أحمد (6/144) .
وأخرجه هو (5/94) ، ومسلم، والبيهقي (4/245) من طريقين آخرين عن
هشام بن سعد عن عثمان بن حيان وحده ... به.
والبخاري (4/147) عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر عن إسماعيل.
(تنبيه) : زاد داود بن رُشَيْدٍ في روايته فقال: في شهر رمضان! قال الحافظ في
"الفتح " (4/148) :
" وبهذه الزيادة يتم الاستدلال، ويتوجه الرد بها على أبي محمد بن حزم في
زعمه أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون ذلك الصوم
تطوعاً"!
وأقول: لكن هذه الزيادة شاذة عندي؛ لتفرد ابن رشيد بها دون مؤمل بن
الفضل عن الوليد من جهة.
فإن كانت محفوظة عنه؛ فقد تفرد بها الوليد دون عمرو بن أبي سلمة عن
سعيد من جهة أخرى.
فإن كانت محفوظة عنه؛ فهي شاذة؛ لمخالفتها لرواية ابن جابر وهشام بن سعد
عن إسماعيل، فاثنان أحفظ من واحد، وهو سعيد بن عبد العزيز؛ لا سيما وقد
كان اختلط كما سبق.(7/172)
45- باب متى يُفْطِرُ المُسافِرُ إذا خَرَجَ؟
2085- عن عُبَيْدِ بن جَبْرٍ قال: كنت مع أبي بُصْرَةَ الغِفَارِي- صاحب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفينة من الفسطاط في رمضان، فرفع، ثم قَرَّبَ غَدَاءَهُ
- قال جعفر في حديثه: فلم يجاوز البيوت، حتى دعا بالسُفْرةِ-، قال:
اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟! قال أبو بُصْرَةَ: أترغب عن سنة رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! - قال جعفر في حديثه: فأكل-.
(قلت: حديث صحيح، وفي الباب عن أنس، وصححه ابن العربي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: حدثني عبد الله بن يزيد. (ح) وثنا جعفر
ابن مسافر: ثنا عبد الله بن يحيى- المعنى- قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب
- وزاد جعفر: والليث-: حدثني يزيد بن أبي حبيب. أن كليب بن ذُهْل الحضرمي
أخبره عن عبيد- قال جعفر: ابن جبر- قال ...
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير كليب بن ذهل الحضرمي وشيخه
عبيد بن جبر؛ فإنهما مجهولان، قال الذهبي:
"عبيد بن جبر، تفرد عنه كليب بن ذهل ".
و"كليب بن ذهل ... وعنه يزيد بن أبي حبيب فقط ".
وذكره ابن حبان في "الثقات "!
والأول خير من كليب؛ فقد ذكره يعقوب بن سفيان في "الثقات ". وقال
العجلي:
" مصري تابعي ثقة "، كما في "ترتيب ثقات العجلي " للهيثمي (33/2) .(7/173)
وتساهل الشوكاني حين قال في "نيل الأوطار" (4/194) :
" والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص ". ورجال
إسناده ثقات "! وأقره في "عون المعبود" (3/293) !
ولا يخفى ما في هذا التوثيق، بعد أن علمت ما في بعضهم من توثيق
ضعيف؛ وبخاصة كلَيْبَ بْنَ ذُهلِ.
نعم؛ الحديث صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث أنس بسند صحيح.
وآخر من حديث دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ-، في الكتاب الآخر (416) ، وقد خرجت
هذه الأحاديث الثلاثة، وتكلمت عليها من الناحية الحديثية والفقهية في رسالة
خاصة بعنوان: "تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر، والرد على
من ضعفه "، وهي مطبوعة؛ فليراجعها من شاء التفصيل.
46- باب قدر مسيرة ما يفطر فيه
2086- عن نافع:
أن ابن عمر كان يخرج إلى الغَابَةِ؛ فلا يُفْطِرُ ولا يَقْصرُ.
(قلت إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر عن عبيد الله عن نافع.
والحديث أخرجه البيهقي (4/241) من طريق المصنف.
47- باب من يقول: صمت رمضان كله
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](7/174)
48- باب في صوم العيدين
2087- عن أبي عُبَيْدٍ قال:
شهدْتُ العيد مع عمر؛ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الأضحى؛
فتأكلون من نُسُكِكُمْ. وأما يوم الفطر؛ ففطركم من صيامكم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب- وهذا حديثه- قالا: ثنا
سفيان عن الزهري عن أبي عبيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الشافعي في "سننه " (رقم 723- ترتيبه) ، وأحمد (1/24) ،
والحميدي (8) ، وابن أبي شيبة (3/103- 104) قالوا: ثنا سفيان بن عيينة ... به.
وأخرجه ابن ماجه والطحاوي وابن الجارود من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه مالك وأحمد والشيخان والترمذي وغيرهم من طرق أخرى عن
الزهري ... به.
وله طريق أخرى عن أبي عبيد ... به، أخرجته وما قبله في "إرواء الغليل "
برقم (962) .(7/175)
2088- عن أبي سعيد الخدري قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى.
وعن لِبْسَتَيْنِ: الصَّمَّاءِ، وأن يَحْتَبِيَ الرجل في الثوب الواحد.
وعن الصلاة في ساعتين: بعد الصبح، وبعد العصر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده
عند البخاري إسناد المصنف. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا عمرو بن يحيى عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/194) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه أحمد (3/96) : ثنا عفان: ثنا وهيب.
وأخرجه مسلم (3/153) ، والترمذي (774) من طرق أخرى عن عمرو بن
يحيى ... به مقتصراً على النهي عن الصيام.
وأخرجه الشيخان وأحمد وغيرهما من طريق قَزَعَةَ عن أبي سعيد.
وله عنه طرق أخرى مختصراً ومطولاً، وقد أشرت إليها، وخرجت ما قبلها في
"إرواء الغليل " (962) .(7/176)
49- باب صيام أيام التشريق
2089- عن أبي مرَّةَ مولى أم هانئ:
أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فَقَرَّبَ
إليهما طعاماً، فقال: كُلْ. فقال: إني صائم. فقال عمرو: كُلْ؛ فهذه الأيام
التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها.
قال مالك: وهي أيام التشريق.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة والحاكم
والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن
أبي مرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ"، وعنه جمع آخر، خرجتهم في "الإرواء"
(963) .
وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ... به: أخرجه ابن
خزيمة (2149) .
وله طريق أخرى، يرويه معمر عن عاصم بن سليمان عن جعفر بن المطلب
- وكان رجلاً من رهط عمرو بن العاص- عنه ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه أحمد (4/199) ، وابن خزيمة أيضاً (2148) ؛ لكن وقع في إسناده
سقط وخطأ- تبعاً لأصله المخطوط-، لم يتنبه له محققه.(7/177)
2090- عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق: عيدُنا أهل الإسلام، وهي
أيام أكلٍ وشربٍ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا وهيب: ثنا موسى بن عُلَي. (ح) وثنا
عثمان بن أبا شيبة: ثنا وكيع عن موسى بن عُلَي- والإخبار في حديث وهيب-
قال: سمعت أبي أنه سمع عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه
آخرون ذكرتهم آنفاً، وقد خرجت الحديث عنهم وعن غيرهم في المصدر السابق.
50-[باب] النهي أن يَخُصَّ يوم الجمعةِ بصوم
2091- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَصُومُ أحدُكم يومَ الجمعة؛ إلا أن يصوم قبله بيوم، أو بعده ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن
خزيمة وابن حبان في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.(7/178)
والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف " (3/43) : حدثنا أبو
معاوية ... به.
ومن طريقه: أخرجه مسلم وابن ماجه.
وأخرجاه، وكذا البخاري وغيرهم من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وهو
مخرج في "الإرواء" (959) ، و "الصحيحة " (2945) .
51-[باب] النهي أن يَخُصَّ يومَ السبتِ بِصَوْم
2092- عن عبد الله بن بُسْرٍ السُلَمِيِّ عن أخته- وقال يزيد: الصَّماء-
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَصُوموا يومَ السبتِ إلا فيما افْتُرِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدكم
إلا لِحَاءَ عِنَبَة، أوعُودَ شَجَرَةٍ؛ فليمضغهُ".
قال أبو داود: " وهذا حديث منسوخ "!
(قلت: فيه إشعار بأن الحديث صحيح عنده، وإلا؛ لم يكن بحاجة إلى
ادعاء نسخه كما هو ظاهر! وإسناده صحيح على شرط البخاري، وكذلك قال
الحاكم والذهبي، وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن والضياء
المقدسي، وقال الترمذي: " حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يَخُص
الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تُعَظِّم يوم السبت ") .
إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا سفيان بن حبيب. (ح) وثنا يزيد بن
قُبَيْس- من أهل جَبَلَةَ-: ثنا الوليد- جميعاً- عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَانَ
عن عبد الله بن بُسْرٍ السَلَمِي.(7/179)
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين عن ثور بن يزيد، وقد جاء من وجهين
آخرين عنه، فهو مستفيض عنه، وهو ثقة من رجال البخاري.
وخالد بن معدان ثقة من رجال الشيخين.
وكذلك السلمي، وهو صحابي معروف.
ولذلك صحح الحديثَ جمعٌ من الأئمة، كابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ممن
ذكرنا آنفاً.
وقد أعلّه بعضهمِ بالاضطراب! وليس بشيء؛ لأنه اضطراب غير قادح؛ كما
فصَلت ذلك تفصيلاً- لا تراه في مكان آخر- في كتابي "إرواء الغليل " (960) ،
وانظر " الصحيحة " (3101) .
وأما دعوى نسخه الذي ذهب إليه المصنف رحمه الله تعالى؛ فهي مردودة بأنه
من الممكن حمله على صوم السبت مفرداً، كما أفاده الترمذي. وحينئذ فلا
تعارض بينه وبين حديث الباب الآتي، وأحاديث صيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه؛ لأنه ليس في
شيء منها إفراده بالصيام.
وقد بسط القولَ في هذا بسطاً شافياً: العلامةُ ابن القيم رحمه الله في
"تهذيب السنن " (3/297- 301) ، وذكر خلاصته في "زاد المعاد" (1/237-
238) ؛ فليراجعهما من شاء.
52-[باب] الرخصة في ذلك
2093- عن جُويرِيَةَ بنت الحارث:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها يومَ الجمعة وهي صائمة، فقال:
" أصُمْتِ أمْسِ؟ ". قالت: لا. قال:(7/180)
" تريدين أن تصومي غداً؟ " قالت: لا. قال:
" فَأفْطِرِي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن قتادة. (ح) وثنا حفص بن
عمر: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي أيوب- قال حفص- العَتَكي عن جويرية بنت
الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
وأبو أيوب: هو المَرَاغِيُ الأزْدِيُّ العَتَكِيّ؛ اسمه: يحيى- ويقال: حبيب- بن
مالك.
والحديث أخرجه أحمد (6/324 و 430) من طريق شعبة وهمام كلاهما عن
قتادة ... به.
والبخاري (4/189) ، والبيهقي (4/302) عن شعبة وحده.
ثم علقه البخاري عن حماد بن الجعد (وفيه لين) سمع قتادة ... به.
وأخرجه أحمد (2/189) ، وابن خزيمة (2164) ، وابن أبي شيبة (3/43) ،
وعنه ابن حبان (957) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب
عن عبد الله بن عمرو:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة ... الحديث.
وإسناده صحيح؛ لكن أعلّه الحافظ بالشذوذ؛ لمخالفة سعيد بن أبي عروبة(7/181)
لشعبة ومن معه في إسناده؛ إلا أنه قال (4/190) :
" ويحتمل أن تكون طريق سعيد محفوظة أيضاً؛ فإن معمراً رواه عن قتادة عن
سعيد بن المسيب أيضاً، لكن أرسله ".
قلت: ويقويه أن الإمام أحمد زاد في آخر الحديث:
قال سعيد: ووافقني عليه مَطَرٌ عن سعيد بن المسيب.
وهذا يحتمل أنه وافقه عليه عن سعيد به مسنداً. ويحتمل أنه وافقه عليه عنه
مرسلاً، وهذا أظهر.
ورواية معمر: عند عبد الرزاق في "المصنف " (7804) .
2094- عن ابن شهاب:
أنه كان إذا ذكر له أنَّهُ نُهِي عن صيام يوم السبت؛ يقول ابن شهاب:
هذا حديث حمصي!
(قلت: هذا نقد غريب لحديث الثقة الصحيح من مثل الإمام ابن شهاب
الزهري! ويكفي في ردِّهِ عليه: أن جماعة من الأئمة قد صححوه من بعده كما
سبق آنفاً) .
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثنا ابن وهب قال: سمعت الليث
يحدث عن ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح مقطوع، ولكن بمثله لا يردُّ حديث الثقة الصحيح؛
فإن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر، وكل واحد
منهم حمصي؛ فـ (ابن بُسْرٍ) صحابي معروف؛ أفيُرَدّ حديثه لمجرد كونه حمصياً؟!(7/182)
ومثله يقال في خالد وثور؛ فإنهما ثقتان مشهوران. أفيرد حديثهما لكونهما
حمصيين؟!
تالله! إنه لنقد محْدَثٌ! فمتى كان الحديث يرد بالنظر إلى بلد الراوي؟! ورحم
الله الإمام الشافعي حين قال للإمام أحمد:
" أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به
أيَ شيء يكون: كوفياً، أو بصرياً، أو شامياً، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً ".
(صفة الصلاة ص 32- الطبعة التاسعة) .
وشرح صاحب "عون المعبود" قول ابن شهاب المذكور بقوله (2/297) :
" يريد تضعيفه؛ لأن فيه راويان حمصيان (كذا الأصل!) ، أحدهما: ثور بن
يزيد. وثانيهما: خالد بن معدان، تكلم فيهما بعض، ووثقهما بعض "!
قلت: وهذا تعليل مردود؛ فإن ابن معدان لم يتكلم فيه أحد إلا بالتوثيق،
وحسبك فيه احتجاج الأئمة الستة وغيرهم به، وقول الحافظ ابن حجر في
"التقريب "فيه:
"ثقة عابد".
وأما ثور بن يزيد؛ فهو متفق على توثيقه أيضاً والاحتجاج بحديثه، ولم يتكلم
فيه أحد بتضعيف؛ وإنما تكلم فيه بعضهم لقوله بالقدر، ولذلك قال الحافظ في
"مقدمة الفتح " (2/120) :
" اتفقوا على تثبته في الحديث، مع قوله بالقدر ... ". ونحوه قوله في
" التقريب ":
" ثقة ثبت، إلا أنه يرى القدر ".(7/183)
قلت: ولا يخفى على العارفين بعلم المصطلح: أن مثل هذا الرأي لا يعتبر
جرحاً يُرَدّ به حديث الرجل؛ لأن العبرة في الرواية إنما هو الصدق والضبط، وليس
السلامة من البدعة؛ على تفصيل معروف. ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله:
" لو تركنا الرواية عن القدرية؛ لتركنا أكثر أهل البصرة ". قال شيخ الإسلام
في " الفتاوى " (7/386) :
" وذلك لأن مسألة خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات مسألة مشكلة، وكما أن
القدرية من المعتزلة وغيرهم أخطأُوا فيها، فقد أخطأ فيها كثير ممن رد عليهم أو أكثرهم؛
فإنهم سلكوا في الرد عليهم مسلك جهم بن صفوان وأتباعه، فنفوا حكمة الله في
خلقه وأمره، ونفوا رحمته بعباده، ونفوا ما جعله من الأسباب خلقاً وأمراً ... ".
ولذلك فلا يجوز رَدُّ حديث ثور هذا لأنه يرى القدر، لا سيما وقد قيل إنه رجع
عنه؛ فكيف وقد تابعه لقمان بن عامر، كما ذكرت في "الإرواء"، وهو صدوق لم
يتكلم فيه أحد إلا أنه حمصي أيضاً؟ ا
2095- عن الأوزاعي قال:
ما زِلْتُ له كاتماً حتى رأيته انتشر. يعني: حديث عبد الله بن بسر هذا
في صوم يوم السبت.
(قلت: كتمانه إياه ليس جرحاً مفسراً يُعَل الحديث بمثله، ولعله كان لأنه
لم يظهر له معناه) .
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّباح بن سفيان: ثنا الوليد عن الأوزاعي.
قلت: ورجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان الوليد سمعه من الأوزاعي.
وأخرجه البيهقي (4/302) عن المؤلف.(7/184)
53- باب في صوم الدهر تطوعاً
2096- عن أبي قتادة:
أن رجلاً أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! كيف تصوم؟ فغضب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله. فلما رأى ذلك عمر؛ قال: رضينا بالله رباً،
وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً! نعوذ بالله من غضب الله، ومن غضب رسوله!
فلم يزل عمر يردِّدُها؛ حتى سكن غضبُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: يا رسول
الله! كيف بمن يصوم الدهر كلّه؟ قال:
" لا صام ولا أفطر.- قال مسدد: لم يصم ولم يفطر. أو: ما صام ولا
أفطر (شك غَيْلان) .- ".
قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال:
" أويُطِيقُ ذلك أحدٌ؟! ".
قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال:
" ذلك صوم داود".
قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال:
" وَدِدْتُ أني طُوِّقْتُ ذلك ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدَّهر كله.
وصيام عرفة؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي
بعده. وصوم يوم عاشوراء؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة.(7/185)
وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد بن زيد عن غَيْلانَ
ابن جرير عن عبد الله بن مَعْبَد الزماني عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/167) ، وابن خزيمة في "صحيحه "- مفرقاً (2087
و2110 و 2126) - من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به.
وروى منه الترمذي (767) صوم الدهر، وقال:
" حديث حسن ".
وأخرج هذا القدر: النسائيّ (1/324) عن شعبة عن غيلان ... به.
وهو رواية لمسلم وأحمد (5/297 و 303) .
وروى الطبراني في "الأوسط " (5/4875 و 6/5646) جملة صيام عرفة
وعاشوراء من طريقين آخرين عن أبي قتادة.
ورواه (2/308/2065) منه صوم عرفة من طريق الحجاج بن أرطاة عن عطية
عن أبي سعيد الخدري ... رفعه.
2097- زاد في رواية:
قال: يا رسول الله! أرأيت صوم يوم الاثنين والخميس؟ قال:
" فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِلَ علي القرآنُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة) .(7/186)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا مَهْدِي: ثنا غَيْلان عن عبد الله بن
مَعْبَد الزِّمَّانِيِّ عن أبي قتادة ... بهذا الحديث؛ زاد: قال: يا رسول الله! ...
قلت: وهذا صحيح أيضاً.
وقد أخرجه هو، والبيهقي (4/293) ، وأحمد (5/310- 311) عن مهدي
ابن ميمون ... به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة (2117) .
2098- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
لَقِيَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
" ألم أُحَدَّثْ أنك تقول: لأقومَنَ الليل، ولأصومن النهار؟! ". قال-
أحسبه قال-: نعم يا رسول الله! قد قلت ذاك. قال:
" فمْ ونَمْ، وصم وأفطر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مِثْلُ صيام
الدهر ".
قال: قلت: يا رسول الله! إني أُطِيقُ أفضل من ذلك. قال:
" فَصُمْ يوماً، وأفطر يومين ".
قال: فقلت: إني أُطِيق أفضلَ من ذلك! قال:
" فصم يوماً، وأفطر يوماً، وهو أَعْدَلُ الصيام، وهو صيام داود ".
قلت: إني أطيق أفضل من ذلك! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا أفضل من ذلك ".(7/187)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري عن
ابن المسيب وأبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (4/294/7862) ... بإسناده ومتنه.
وعنه: أخرجه أحمد أيضاً (2/187- 188) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه البخاري (4/178- 179) ، ومسلم (3/162) ، والنسائي (1/325)
من طرق أخرى عن الزهري ... به.
وكذلك أخرجه الطحاوي (1/342) .
وأخرجه هو، ومسلم والنسائي، وابن خزيمة (2110) ، والبيهقي (4/299) ،
وأحمد (2/200) من طرق أخرى عن أبي سلمة وحده ... نحوه، يزيد بعضهم
على بعض.
54- باب في صوم أشهر الحرم
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
55- باب في صوم المُحَرَّمِ
2099- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شَهْرُ اللهِ المُحَرمُ، وإن أفضل الصلاة
بعد المفروضة: صلاةٌ من الليل ". ولم يقل قتيبة: " شهر "، قال: " رمضان ".(7/188)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بأسانيد
أحدها أحد إسنادَيِ المصنف. وصححه ابن خزيمة، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا أبو عوانة عن أبي بِشْرٍ عن
حمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني؛ وقد أخرجه
مسلم كما يأتي.
وأبو بشر: هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وَحْشِيَةَ.
والحديث أخرجه مسلم والترمذي بإسناد المؤلف الثاني: حدثنا قتيبة بن
سعيد ... به؛ وليس عند الترمذي الشطر الثاني منه، ولا عند مسلم: " من "؛
وإنما قال: " صلاة الليل ".
وأخرجه أحمد (2/344 و 535) من طريقين آخرين عن أبي عوانة ... به.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن حميد ... به. وهو مخرج
في " الإرواء " (951) .
2100- عن عثمان بن حَكِيم قال:
سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: أخبرني ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصومُ حتى نقولَ: لا يُفْطِر، ويفطر حتى
نقولَ: لا يصوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بأسانيد أحدها
إسناد المصنف، والبخاري مختصراً دون السؤال) .(7/189)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا عيسى: ثنا عثمان- يعني: ابن
حكيم-.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن
حكيم، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيَ.
والحديث أخرجه مسلم (3/161) بإسنادين عن عثمان بن حكيم؛ أحدهما
إسناد المصنف هذا.
وأخرجه هو، والبخاري (4/174- 175) ، والنسائي (1/321) ، وابن ماجه
(1/523) ، وأحمد (1/227 و 231 و 241 و 271 و 301 و 321 و 326) من
طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد ... به.
56- باب في صوم شعبان
2101- عن عائشة قالت:
كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله أن يصومه: شعبانُ، ثم يَصِلُهُ
برمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة والحاكم
والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن
صالح عن عبد الله بن أبي قيس سمع عائشة تقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.(7/190)
والحديث في "مسند أحمد" (6/188) ... بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2077) : وحدثنا عبد الله بن هاشم:
حدثنا عبد الرحمن ... به.
ثم أخرجه هو، والنسائي (1/321) ، والحاكم (1/434) ، وعنه البيهقي
(4/292) من طريق ابن وهب: أخبرني معاوية بن صالح ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
قلت: وهذا من أوهامهما، وبخاصة الذهبي منهما؛ فإنه قال في ترجمة
معاوية هذا من "الميزان ":
" وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري، وترى الحاكم يروي في "مستدركه "
أحاديثه ويقول: " على شرط البخاري "؛ فيَهِمُ في ذلك ويكرِّره "!
57- باب في صوم شوال
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
58- باب في صَوْمِ سِتَّةِ أيامٍ مِنْ شَوال
2102- عن أبي أيوب- صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من صام رمضان، ثم أتْبَعَه بِسِت من شَوَّالٍ؛ فكأنما صام الدهرَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن القيم) .
إسناده: حدثنا النفَيْلي: ثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد(7/191)
ابن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصاري عن أبي أيوب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (2115) ، وكذا الدارمي من طريق أخرى عن
عبد العزيز بن محمد ... به.
وأخرجه مسلم (3/169- 170) وغيره من طرق أخرى عن سعد بن سعيد
وحده عن عمر بن ثابت ... به.
وسعد هذا فيه ضعف من قبل حفظه. ولذلك ضعف بعضهم الحديث من
أجله، لكن متابعة صفوان بن سُلَيْمٍ وغيره إيَّاه يقوِّيه.
وقد خرجت الحديث في "الإرواء " (950) . وأطال النفسَ فيه ابنُ القيم في
"تهذيب السنن " (3/308- 314) - وصححه؛ فراجعه فإنه نفيس.
59- باب كيف كان يصوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
2103- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم، حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول:
لا يصوم، وما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استكمل صيام شَهْرٍ قط إلا رمضانْ،
وما رأيته في شهرٍ أكثرَ صياماً منه في شعبان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وروى بعضه
ابن الجارود في "المنتقى"، وابن خزيمة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن
عبَيْد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.(7/192)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه
كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/287) .
وأخرجه البخاري (4/173) ، ومسلم (3/160- 161) ، والنسائي (1/321) ،
والبيهقي (4/292) ، وأحمد (6/107 و 153 و 242) كلهم من طرق أخرى عن
مالك ... به؛ إلا أن النسائي قرن معه آخرين من رواية ابن وهب قال: أخبرني
مالك وعمرو بن الحارث- وذكر آخر قبلهما- أن أبا النضر حدثهم ... به.
ثم أخرجه هو (1/306) ، والشيخان، والترمذي (736) ، وابن خزيمة (2079
و2133) ، وابن ماجه (1/522) ، وابن الجارود (400) ، والبيهقي، وأحمد (6/39
و84 و 128 و 143 و 165 و 189 و 233 و 249 و 268) من طرق أخرى عن أبي
سلمة به ... نحوه، يزيد بعضهم على بعض. وعند البخاري- بعد قوله: شعبان-:
فإنه كان يصوم شعبان كله.
وكذا في رواية ابن خزيمة. وعند ابن الجارود مثل حديث أبي هريرة الآتي
بعده. ولفظ مسلم:
.. كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
2104- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه، زاد:
كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كلَّهُ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، لكن ذكر أبي هريرة فيه وهم! وَالصواب أنه
من (مسند عائشة) كما في الطريق التي قبلها، أو من (مسند أم سلمة) كما رواه
النسائي وغيره) .(7/193)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه روى لمحمد بن عمرو
متابعة.
لكن قد خولف حماد- وهو ابن سلمة- في إسناده عنه، فقال الإمام أحمد
(6/143) ، وابن أبي شيبة في "المصنف " (3/103) : حدثنا يزيد بن هارون قال:
حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال:
سألت عائشة: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم؟ قالت ... فذكره مثل
حديثها المذكور في الباب؛ وفي آخره:
كان يصوم شعبان كلّه إلا قليلاً، بل كان يصوم شعبان كله.
فجعله من (مسند عائشة) .
وتابعه ابن نمير قال: ثنا محمد- يعني: ابن عمرو- ... به: أخرجه أحمد
(6/165) .
وتابعه محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة ... به: أخرجه النسائي (1/306) .
وفي رواية له (1/321) عنه ... به؛ إلا أنه قال: أم سلمة.. بدل: عائشة.
وهو رواية لأحمد (6/311) .
وتابعه- عنده (6/293- 294 و 300) - سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة
عن أم سلمة ... به.
وهو رواية للنسائي، وحسنها الترمذي (736) . وإسنادها صحيح.(7/194)
ومال الحافظ في "الفتح " (4/173) إلى أن كلاً من روايتي أبي سلمة عن
عائشة، وأبي سلمة عن أم سلمة محفوظ؛ لكثرة الطرق بذلك عنه، لا سيما عن
عائشة؛ وقد سبقت الإشارة إليها في حديثها المتقدم، ولم يتعرض لرواية حماد
هذه عن أبي سلمة عن أبي هريرة بذكر!
ويبدو لي أن ذكر أبي هريرة فيه وهم من حماد! والله أعلم.
60- باب في صوم يوم الاثنين والخميس
2105- عن مولى أسامة بن زيد:
أنه انطلق مع أسامة إلى (وادي القُرَى) في طلب مال له، فكان يصوم
يوم الاثنين والخميس، فقال له مولاه: لمَ تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس
وأنت شيخ كبير؟! فقال: إن نبيَّ اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم يوم الاثنين ويوم
الخميس، وسُئِلَ عن ذلك؟ فقال:
" إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه المنذري من رواية
النسائي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن عمر بن أبي
الحكم بن ثوبان عن مولى قُدَامة بن مَظْعُونٍ عن مولى أسامة بن زيد.
قال أبو داود: " كذا قال هشام الدَّسْتَوَائِيُّ عن يحيى عن عمر بن أبي الحكم ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة.
لكن له طرق أخرى عن أسامة، وشاهد من حديث أبي هريرة، وقد خرجتها(7/195)
في " الإرواء " (948) .
61- باب في صوم العشر
2106- عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم تِسْعَ ذي الحِجةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثة أيام
من كل شهر: أول اثنين من الشهر، والخمِيْسَيْن (1) .
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الحُرِّ بن الصَّبَّاح عن هنَيْدَةَ بن خالد
عن امرأته عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات معروفون؛ غير هنيدة بن خالد، وقد
روى عنه جمع آخر من الثقات، وأورده ابن حبان في الطبقة الأولى من "ثقات
التابعين " (3/284) . قال الحافظ:
" قلت: وذكره أيضاً في الصحابة، وقال: وله صحبة. وكذا ذكره ابن عبد البر
في "الاستيعاب " ... ". وقال في " الإصابة ":
" وقال ابن منده: عداده في صحابة الكوفة. وقال أبو إسحاق: كانت أمه
تحت عمر بن الخطاب ".
وأما امرأته؛ فلم أجد لها ترجمة! غير أن الحافظ رحمه الله ذكر في فصل
"المبهمات من النسوة"- من "التقريب "-: أنها صحابية. والله أعلم.
__________
(1) الأصل: والخميس.. وكذا وقع في جميع النسخ، ومنها "عون المعبود"! وهو خطأ
ظاهر، يباين السياق! والتصحيح من "سنن النسائي" و"المسند".(7/196)
لكن قد اختلفوا على الحُرِّ بن الصباح في إسناده ومتنه:
1- أما الإسناد فعلى وجوه أربعة:
الأول: رواية أبي عوانة هذه عنه عن هنيدة عن امرأته ... وأخرجها النسائي
أيضاً (1/328) ، وأحمد (6/288) ، والطحاوي (1/337) .
الثاني: رواه زهير- وهو ابن معاوية- عن الحر قال: سمعت هنيدة الخزاعي
قال: دخلت على أم المؤمنين سمعتها تقول ...
أخرجه النسائي؛ فأسقط من الإسناد امرأة هُنَيْدَةَ.
الثالث: قال أبو إسحاق الأشجعي: عن عمرو بن قيس المُلائِي عنه عن
هنيدة عن حفصة قالت ... فذكره نحوه: أخرجه النسائي.
وهذا الوجه كالذي قبله؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين: حفصة.
الرابع: قال شريك: عنه عن ابن عمر ... نحوه: أخرجه النسائي وابن أبي
حاتم في "العلل " (1/231) كما يأتي.
قلت: وأصح هذه الوجوه عندي: الأول والثاني؛ لثقة رجالهما، والتوفيق
بينهما سهل بإذن الله تعالى، وذلك بحمل الأول على أنه من (المزيد فيما اتصل
من الأسانيد) ؛ فإن الثاني إسناده صحيح متصل بالسماع من هنيدة لأم المؤمنين،
فالظاهر أنه سمعه أولاً من امرأته، ثم دخل بنفسه على أم المؤمنين، فسمعه منها
مباشرة. وهذا بَينٌ إن شاء الله تعالى.
وأما الوجه الثالث؛ ففيه أبو إسحاق الأشجعي؛ قال الذهبي:
" ما علمت أحداً روى عنه غير أبي النضر هاشم ". يعني: أنه مجهول. وقال
الحافظ:(7/197)
" هو مقبول ".
قلت: على أنه مطابق للوجه الثاني كما هو ظاهر؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين:
حفصة، والخطب في هذا سهل.
وأما الوجه الرابع؛ فهو ظاهر الضعف؛ لسوء حفظ شريك- وهو ابن عبد الله
القاضي-، وقد شذ في إسناده عن الوجوه الثلاثة، فهو منكر.
وإلى ذلك يشير أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في
"العلل "- قال:
" سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شريك عن الحُر بن الصباح عن ابن
عمر..؟ فقال: هذا خطأ؛ إنما هو: الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد عن امرأته
عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"!
قلت: لم أر في شيء من الوجوه المذكورة ذِكْرَ أم سلمة! وإنما هو أم المؤمنين،
وأما أم سلمة فهو في طريق أخرى عن هنيدة عن أمه (وليس عن امرأته) عن أم
سلمة: أخرجه المصنف، كما سيأتي ذكره في آخر الكلام على هذا الحديث.
وأما الاختلاف في المتن؛ فهو على وجوه أربعة أيضاً:
الأول: رواية أبي عوانة: أول اثنين من الشهر والخميسين.
وهي في الكتاب كما تقدم.
الثاني: رواية زهير بن معاوية مثله؛ لكنه قال: ثم الخميس، ثم الخميس
الذي يليه.
الثالث: رواية الأشجعي عن عمرو بن قيس بلفظ: ثلاثة أيام من كل
شهر ... ولم يزد.(7/198)
الرابع: قول شريك ... مثل رواية زهير تماماً.
قلت: والعمدة من هذه الوجوه إنما هو الوجه الثاني، لأنه- مع صحة سنده-
فيه زيادة بيان على الوجه الأول؛ فضلاً عن الوجه الثالث.
والوجه الرابع شاهد له لا بأس به.
وقد وجدت للحُرِّ بن الصباح متابعاً، يرويه الحسن بن عبيد الله عن هُنَيْدَةَ
الخُزَاعي عن أمِّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين والخميس
والخميس.
أخرجه البيهقي (4/295) .
وهذه متابعة لا بأس بها؛ لكن الحسن هذا فيه ضعف؛ وقد اختلف عليه في
متنه. فقيل عنه هكذا. وقيل: عنه بلفظ:
الاثنين، والجمعة، والخميس.
أخرجه المصنف وغيره.
وقيل غير ذلك، مما سأبينه إن شاء الله تعالى في الكتاب الآخر برقم
(422/2) .
2107- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما مِنْ أيام العملُ الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام "- يعني:
أيامَ العَشْرِ-. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال:
" ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا رَجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من(7/199)
ذلك بشيء ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا الأعمش عن أبي صالح
ومجاهد ومسلم البَطِينِ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري والترمذي والدارمي وابن ماجه والبيهقي
والطيالسي وأحمد من طرق أخرى عن الأعمش عن مسلم البطين وحده. وقال
الترمذي:
" حسن صحيح غريب "، وصرح الدارمي بسماع سليمان- وهو الأعمش-
من البطين.
وقد تابعه أيضاً القاسم بن أبي أيوب عن سعيد ... به نحوه.
أخرجه الدارمي.
والقاسم هذا ثقة، وليس هو ابن بهرام، كما جزم الحافظ في "التقريب ".
وقد ذكر في "الفتح ": أن في رواية للحديث عن الأعمش عن أبي صالح
ومجاهد اختلافاً، فراجعه.
والحديث قد خرجته في "إرواء الغليل " (890 و 953) .(7/200)
62- باب في فطر العشر
2108- عن عائشة قالت:
ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صائماً العَشْرَ قَطُّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم وابن خزيمة
في "صحيحيهما ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه من أفراد
البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي عند مسلم وغيره.
والحديث أخرجه أحمد (6/124) : ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة ... به.
وأخرجه هو (6/42 و 192) ، ومسلم (3/176) ، والترمذي (756) ، والبيهقي
(4/285) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2103) .
وتابعه منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ... به: أخرجه ابن ماجه
(1/527) : حدثنا هَنَّاد بن السرِيِّ: ثنا أبو الأحوص عن منصور ... به.
وقد علقه الترمذي، لكنه لم يذكر في إسناده: عن الأسود.. وقال:
" وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث. ورواية الأعمش أصح وأوصل
إسناداً ".
قلت: رواية ابن ماجه عن منصور متصلة صحيحة الإسناد، فهي تؤكد(7/201)
أصَحيةَ رواية الأعمش. والله أعلم.
63- باب في صوم عرفة بعرفة
2109- عن أم الفضل بنت الحارث:
أن ناساً تمارَوْا عندها يَوْمَ عرفة في صوم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال بعضهم:
هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بِقَدَحِ لَبَن وهو واقف
على بعيره بعرفة، فَشَرِبَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبى النضر عن عمير مولى عبد الله بن
عباس عن أم الفضل بنت الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "الموطأ" (1/340) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (4/192) ، ومسلم (3/145- 146) ، والبيهقي
(4/283) ، وأحمد (6/340) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه البخاري أيضاً (3/403) ... بإسناد المصنف عنه.
وتابعه سفيان الثوري عن سالم أبي النضر ... به: أخرجه البخاري (10/58
و80) ، ومسلم وأحمد.
ثم أخرجه هذا، والترمذي (750) ، وابن خزيمة (2102) ، والبيهقي من طريق(7/202)
أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن أمه أم الفضل ... به مختصراً، ولم يذكر
الترمذي أم الفضل في إسناده، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
64- باب في صوم يوم عاشوراء
2110- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصومه في الجاهلية. فلمَّا قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ؛ صامه وأمر
بصيامه. فلما فُرِضَ رمضان؛ كان هو الفريضة، وَتَركَ عاشوراءَ؛ فمن شاء؛
صامه، ومن شاء؛ تركه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي
البخاري هو إسناد المؤلف. وصححه الترمذي وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/279) ... بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي (4/288) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (4/198) ... بإسناد المصنف نفسه.
ومسلم (3/146) ، والترمذي (753) ، والدارمي (2/23) ، وابن خزيمة(7/203)
(2080) ، وابن أبي شيبة (3/55) ، وأحمد (6/29 و 50 و 162) من طرق أخرى
عن هشام بن عروة ... به. وقال الترمذي:
" حديث صحيح ".
وتابعه الزهري: أخبرني عروة بن الزبير ... به: أخرجه الشيخان وابن ماجه
(1/528) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (6/243 و 248) .
2111- عن ابن عمر قال:
كان عاشوراء يوماً نصومه في الجاهلية، فلما نزل رمضان؛ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن هذا يَوْمٌ من أيام الله؛ فمن شاء؛ صامه، ومن شاء؛ تركه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناده، وأخرجه
مسلم وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه " (8/143) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه أحمد (2/57) : ثنا يحيى ... به.
ثم أخرجه هو (2/143) ، وابن أبي شيبة (3/55) ، ومسلم (3/147) ، وابن
خزيمة (2082) ، والبيهقي (4/289) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
ثم أخرجه البخاري (4/82) ، ومسلم والدارمي (2/22) ، وابن ماجه(7/204)
(1/538) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (2/4) من طرق أخرى عن نافع ... به.
وتابعه سالم بن عبد الله: حدثني عبد الله ... به: أخرجه مسلم وابن خزيمة
(2094) .
2112- عن ابن عباس قال:
لَمَّا قَدِمَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ؛ وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسُئِلُوا
عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون، ونحن
نصومه تعظيماً له. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" نحن أولى بموسى منكم "، وأمر بصيامه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في
"صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (2084) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه مسلم (3/149) من طريق يحيى بن يحيى: أخبرنا هُشَيْم ... به.
وأخرجه هو، والدارمي (2/22) ، والبيهقي (4/289) ، وابن أبي شيبة
(3/56) عن شعبة: ثنا أبو بشر ... به.
وتابعه عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه ... به (*) .
__________
(*) لم يكمل الشيخ رحمه الله تخريجه. (الناشر) .(7/205)
65-[باب] ما روي أن عاشوراءَ اليومُ التاسعُ
2113- عن أبي غَطَفَانَ قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول:
حين صام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عاشوراء، وأمرنا بصيامه؛ قالوا: يا رسول
الله! إنه يوم تُعَظمهُ اليهود والنصارى؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" فإذا كان العامُ المُقْبِل؛ صُمْنَا يوم التاسع ". فلم يَأْتِ العامُ المُقْبِلُ
حتى تُوُفْيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى
ابن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول:
سمعت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو
ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/151) ، والبيهقي (4/287) من طريق سعيد بن
أبي مريم: ثنا يحيى بن أيوب ... به.
ثم أخرجاه من طريق عبد الله بن عمير عن ابن عباس ... مرفوعاً؛ بلفظ:
" لئن بقيت إلى قابل؛ لأصومن التاسع ".
وكذا أخرجه ابن ماجه (1/529) ، وابن أبي شيبة (3/58) ، وأحمد
(1/345) .(7/206)
2114- عن الحكم بن الأعرج قال:
أتيت ابن عباس وهو مُتَوَسِّدٌ رِداءَهُ في المسجد الحرام، فسألته عن
صوم يوم عاشوراء؟ فقال:
إذا رأيت هلال المحرم؛ فاعْدُدْ، فإذا كان يومُ التاسع؛ فأصبح صائماً.
فقلت: كذا كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم؟
فقال: كذلك كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم (1) .
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى- يعني: ابن سعيد- عن معاوية بن غلاّب.
(ح) وحدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرني حاجب بن عمر- جميعاً المعنى- عن
الحكم بن الأعرج.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وإسماعيل: هو ابن عُلَيةَ.
والحديث أخرجه أحمد (1/246) من طريق أخرى عن ابن غلاّب ... به.
ثم قال (1/360) : ثنا إسماعيل: أنا يونس عن الحكم بن الأعرج ... به.
ويونس: هو ابن عبيد.
__________
(1) معناه: كان يصوم لو عاش، جمعاً بينه وبين قوله المتقدم: (فإذا كان العام المقبل؛
صمنا يم التاسع ". قاله الخطابي تبعاً للبيهقي. واستدل بما رواه عن ابن عباس قال: صوموا
التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود. وإسناده صحيح. وراجع له "تهذيب السنن " لابن القيم.(7/207)
فالظاهر أنه شيخ آخر لابن عُلَيَةَ في هذا الحديث. والله أعلم.
وأخرجه ابن خزيمة (2096) : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن
سعيد ... به.
وأخرجه مسلم (3/151) ، والترمذي (754) ، وابن أبي شيبة (3/58) ،
وأحمد (1/344) عن وكيع بن الجَرَّاح: ثنا حاجب بن عمر ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وقال أحمد (1/280) : ثنا عفان: ثنا حاجب بن عمر أبو خُشَيْنَةَ أخو عيسى
النحوي ... به.
و (1/239) : ثنا معاذ بن معاذ: ثنا حاجب بن عمر ... به.
66- باب في فضل صومه
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
67- باب في صوم يوم وفطر يوم
2115/1- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أحبُّ الصيام إلى الله تعالى: صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله
تعالى: صلاة داود؛ كان ينام نِصْفَهُ، ويقوم ثُلُثَهُ، وينام سُدُسَهُ. وكان يفطر
يوماً ويصوم يوماً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(7/208)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد- والإخبار في
حديث أحمد- قالوا: ثنا سفيان قال: سمعت عَمْراً قال: أخبرني عمرو بن أوس
سمعه من عبد الله بن عمرو يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث في "مسند أحمد" (2/160) ... بإسناده ومتنه.
وكذلك أخرجه الحميدي في "مسنده " (589) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وهو
مخرج في "إرواء الغليل " (945) .
68- باب في صوم الثلاث من كل شهر
2115/2- عن ابنِ مِلْحَانَ القَيْسِيِّ عن أبيه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاثَ عَشْرَةَ، وأربعَ
عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ، قال: وقال:
" هُن كهيئةِ الدهرِ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن
مِلْحَانَ القيسي عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن ملحان- واسمه
عبد الملك، وقيل في اسم أبيه أقوال، منها: المنهال-؛ وهكذا أورده ابن حبان في
" الثقات " (5/118) ، وقال:(7/209)
" يروي عن أبيه- وله صحبة-. روى عنه أنس بن سيرين ".
قلت: ولم يرو عنه غيره- كما قال ابن المديني-، فهو في عداد المجهولين.
ولذلك قال الحافظ في "التقريب ":
" مقبول ". يعني: عند المتابعة.
قلت: وقد توبع في رواية أخرى كما يأتي، ومن أجلها أوردته هنا، وإلا؛
فمثله حقه الكتاب الآخر. فإذا كنت ضعفته في بعض ما كتبت؛ فقد عرف
وجهه، كما أن وجه تقويته ما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه النسائي (1/329) ، وابن ماجه (1707) ، والبيهقي
(4/294) ، وأحمد (5/28) من طرق عن همام ... به؛ إلا أنهم قالوا: عبد الملك
ابن قُدَامَةَ بن ملحان.
ثم أخرجوه، وكذا ابن حبان (3643) ، والطيالسي (1225) من طريق
شعبة ... به؛ إلا أنه قال: عبد الملك بن المنهال. وقال ابن ماجه:
" أخطأ شعبة، وأصاب همام ".
يعني: في اسم والد عبد الملك. وسبقه إلى ذلك ابن معين، فقال:
" هذا خطأ؛ إنما هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي ". نقله البيهقي.
وغالط ابن التركماني في ذلك بما لا فائدة من ذكوه!
وأما الشاهد؛ فهو من حديث أبي ذر، وقد صححه ابن خزيمة (2128) ، وابن
حبان (3647) ، وسنده حسن، وهو مخرج في "التعليق الرغيب " (2/84) ، وانظر
" الإرواء " (4/100- 101) .(7/210)
2116- عن عبد الله (يعني: ابن مسعود) قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم- يعني- من غُرَةِ كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيام.
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو داود: ثنا شيبان: عن عاصم عن زر عن
عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج
لعاصم- وهو ابن أبي النٌجُودِ- متابعة، وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً.
وأبو كامل: اسمه الفُضَيْلُ بن حسين.
وشَيْبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوِيُ.
والحديث في "مسند الطيالسي " (رقم 934- ترتيبه) ،
ومن طريقه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2129) ، والبيهقي أيضاً
(4/294) .
وأخرجه أحمد (1/306) ، والترمذي (742) من طرق أخرى عن شيبان ... به.
وأخرجه النسائي (1/323) من طريق أخرى عن عاصم ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن غريب ". وزاد:
وقلما كان يفطر يوم الجمعة.
وهي عند ابن ماجه (1725) .(7/211)
69- باب من قال: الاثنين والخميس
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
70- باب من قال: لا يبالي من أي الشهر
2117- عن مُعَاذَةَ قالت: قلت لعائشة:
أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟
قالت: نعم.
قلت: من أي شهر كان يصوم؟
قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وابن خزيمة في
"صحيحيهما". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن يزيد الرشْكِ عن معاذة قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/166) ، والبيهقي (4/295) من طريقين آخرين
عن عبد الوارث ... به.
وقد توبع العبد، فقال الطيالسي في "مسنده " (939- ترتيبه) : حدثنا شعبة
عن يزيد ... به نحوه.(7/212)
ومن طريق الطيالسي: أخرجه الترمذي (763) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن ماجه (1/522) ، وأحمد (6/145) من طريق محمد بن جعفر:
ثنا شعبة ... به.
وابن خزيمة (2130) من طريق خالد بن الحارث: حدثنا شعبة ... به.
71- باب النية في الصيام
2118- عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" مَنْ لم يُجْمعِ الصِّيامَ قبل الفجر؛ فلا صيام له ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني ابن لهيعة
ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن
عبد الله عن أبيه عن حفصة.
قال أبو داود: " رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضاً جميعاً عن عبد الله بن أبي
بكر ... مثله. ووقفه على حفصة: معمر والزُّبَيْدِيّ وابن عيينة ويونس الأيْلِيُ عن
الزهري ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو
على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
وغير ابن لهيعة؛ ولكنه مقرون؛ مع أنه صحيح الحديث من رواية العبادلة
عنه، وعبد الله بن وهب أحدهم.(7/213)
والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1933) : حدثنا يونس بن
عبد الأعلى: أخبرنا ابن وهب ... به.
وأخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ... يمثله سواء.
وزاد: وقال لي مالك والليث ... بمثله.
وقد أخرجه جمع آخر عن ابن وهب وغيره.
وأشار المؤلف رحمه الله إلى اختلاف الرواة في رفعه ووقفه بما علقه عن الليث
وغيره. وقد وصلت ذلك، وخرجت الحديث، وتكلمت على طرقه، مبيناً أن
الأرجح أنه مرفوع في كتابي "إرواء الغليل " (914) ؛ فأغنى عن الإعادة.
72- باب في الرخصة في ذلك
2119- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل عليَّ؛ قال: " هل عندكم طعام؟ ". فإذا
قلنا: لا، قال. " إني صائم ".
زاد وكيع: فدخل علينا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله! أُهْدي لنا
حَيْسٌ؛ فحبسناه لك! فقال: " أدنِيهِ ". قال طلحة: فأصبح صائماً فأفَطر.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في
"صحيحه". وصححه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة:
ثنا وكيع- جميعاً- عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي
الله عنها.(7/214)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة بن
يحيى، فهو على شرط مسلم وحده، وفيه كلام يسير، ينبئك عنه قول الحافظ فيه.
" صدوق يخطئ ".
ويتقوى حديثه هذا بأن له طريقاً أخرى عن عائشة، قد أخرجتها مع الطريق
الأولى في "الإرواء" (965) .
2120- عن أم هانئ قالت:
لَما كان يومُ الفتح- فتحِ مَكَّةَ-؛ جاءت فاطمة، فجلست على يسار
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمُ هانئ عن يمينه، قالت: فجاءتِ الوليدةُ بإناء فيه
شراب، فناولَتْهُ، فشرب منه، ثم ناوله أمَّ هانئ، فشربت منه، فقالت: يا
رسول الله! لقد أفطرتُ وكنت صائمةً؟ فقال لها:
" أكُنْتِ تقضينَ شيئاً؟ ". قالت: لا. قال:
" فلا يَضُرُك إن كان تطوعاً ".
(قلت: حديث صحيح، وقال العراقي: " إسناده حسن ". لكن ذكر
(الفتح) فيه منكر؛ لأن (الفتح) كان في رمضان، فكيف يُتَصَورُ قضاء رمضان
في رمضان؟! قاله ابن التركماني والعسقلاني) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن
أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد بن أبي زياد
- وهو الهاشمي مولاهم-؛ أخرج له مسلم مقروناُ بغيره، وفيه ضعف، قال الحافظ:(7/215)
" ضعيف، كبر فتغيَّر، صار يتلقن ". وقال الذهبي:
"أحد علماء الكوفة المشاهير على سوء حفظه ".
فمثله حسن الحديث في الشواهد والمتابعات، بل قد يحسن إسناده بعضهم،
فهذا هو الحافظ العراقي يقول في "تخريج الإحياء" (2/331) :
" وإسناده حسن ".
نعم؛ هو حسن- بل صحيح- بما له من طرق، يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه " (4/277) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارمي (2/16) ... بإسناده ومتنه.
وله طريق ثانٍ، مداره على سِمَاك بن حرب، وقد اختلف عليه في إسناده:
فقال إسرائيل: عنه عن رجل عن أم هانئ ... به.
أخرجه أحمد (6/342) .
وقال حماد بن سلمة: ثنا سماك عن هارون ابن بنت أم هانئ- أو ابن ابن أم
هانئ- عن أم هانئ.
أخرجه أحمد والدارمي والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/107- مصر".
وقال أبو الأحوص: عن سماك عن ابن أم هانئ ... به.
أخرجه ابن أبي شيبة (3/30) ، والترمذي (731) ، والطحاوي (2/108) ،
والبغوي في "شرح السنة" (1813) .
وقال أبو عوانة: عن سماك عن ابن ابن أم هانئ عن جدته أنه سمعه منها.(7/216)
أخرجه الطحاوي والبيهقي من طريقين عنه، وفي إحداهما: هارون ابن ابن أم هانئ.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/354) ، والدارقطني في "سننه "
(ص 235) من طرق أخرى عنه ... به؛ إلا أنه قال: عن ابن أم هانئ؛ لم يذكر
لفظة: (ابن) الثانية.
وقال حاتم بن أبي صَغيرَةَ: عن سماك عن أبي صالح عن أم هانئ: أخرجه
الدارقطني، والحاكم (1/439) ، والبيهقي. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وأقول: كلا؛ فإن أبا صالح- واسمه: باذام- ضعفه الجمهور. وأورده الذهبي
نفسه في "المغني "، وقال:
" ضعفه البخاري. وقال يحيى القطان: لم أر أحداً من أصحابنا تركه ". وقال
الحافظ:
" ضعيف مدلس ".
وسماك بن حرب- وإن كان من رجال مسلم-؛ فقد تكلموا فيه. وفي
"التقريب ":
" صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما
يلقن ".
فهذا كله يمنع تصحيح هذا الإسناد لذاته.
إلا أن سماكاً قد توبع عليه، فهو صحيح لغيره، أو على الأقل: حسن، فقال
شعبة: أنبأنا جَعْدَة- رجل من قريش، وهو ابن أم هانئ، وكان سماك يحدثه
فيقول: أخبرني ابنا أم هانئ. قال شعبة: فلقيت أنا أفضلهما: جعدة، فحدثني-
عن أم هانئ:(7/217)
أن رسولا الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فناولتْه شراباً، ثم ناولها، فشربت، فقالت: يا
رسول الله! كنت صائمة؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الصائم المتطوع أمين- أو أمير- نفسه: إن شاء؛ صام، وإن شاء؛ أفطر".
قال شعبة: فقلت لجعدة: أسمعته أنت من أم هانئ؟ قال: [لا] ، أخبرني
أهلنا وأبو صالح مولى أم هانئ عن أم هانئ.
أخرجه أبو داود الطيالسي (رقم 917- ترتيبه) ، وعنه الترمذي (732) ،
والدارقطني (ص 235) ، والبيهقي وأحمد (6/341) . وقال الترمذي:
" وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك بن حرب فقال: عن هارون
ابن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن ".
قلت: ولعل سبب ذلك: أن شعبة سمع من سماك قديماً؛ فحديثه عنه
صحيح، كما قال يعقوب الفسوي. ومع ذلك؛ فقد قال الترمذي عقب ما نقلته
عنه آنفاً:
" وحديث أم هانئ في إسناده مقال ".
قلت: ولعله لجهالة ابنَيْ أم هانئ، وأحدهما جعدة، ولجهالة أهل هذا،
وضعف أبي صالح كما عرفت!
ولكن من الممكن أن يقال: إن مجموع ذلك مما يتقوى به الحديث، لا سيما إذا
ضُم إليه حديث الباب.
لكن ذكر يوم الفتح فيه منكر؛ فقد قال ابن التركماني- وتبعه الحافظ في
"التلخيص " (2/211) -:
"ويوم الفتح كان في رمضان، فكيف يُتَصَوَرُ قضاء رمضان في رمضان؟! ".(7/218)
قلت: وزيادة: (يوم الفتح) لم يتفق الرواد عن سماك عليها؛ وإنما ذكرها
إسرائيل وأبو عوانة عنه، ولم يذكرها شعبة وغيره عنه، ولا هي في رواية شعبة عن
جعدة. فهي زيادة منكرة. والله أعلم.
والحديث في "معجم الطبراني الكبير" (24/407- 410) .
73- باب من رأى عليه القضاء
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
74- باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها
2121- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَصُومُ المرأة وبَعْلُها شاهدٌ إلا بإذنه؛ غير رمضان، ولا تأذن في بيته
وهو شاهد إلا بإذنه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون ذكر
رمضان، وليس عند البخاري الشطر الثاني منه إلا من طريق أخرى، ومن هذا
الوجه: أخرجه الترمذي بذكر رمضان. وصححه هو وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن هَمام بن مُنَبِّه
أنه سمع أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (4/305/7886) ... بإسناده ومتنه؛ إلا
أنه لم يذكر رمضان.(7/219)
وكذلك أخرجه أحمد (2/316) ، ومسلم (3/91) ، والبيهقي (4/303) ،
وابن حبان (955) عن عبد الرزاق.
وتابعه عبد الله- وهو ابن المبارك-: أخبرنا معمر ... دون الشطر الآخر:
أخرجه البخاري (9/241) .
ثم أخرجه من طريق الأعرج عن أبي هريرة ... بتمامه.
وأخرجه الترمذي (782) ، والنسائي في " الكبرى " (ق 63/2) ، وابن خزيمة
(2168) من هذا الوجه ... دون الشطر الآخر. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "؛ وذكروا فيه رمضان.
وقد جاء ذكره في أحاديث أخرى، أظن أني خرجتها في "الإرواء " (2004) ،
وراجع " الترغيب "، والحديث الآتي.
2122- عن أبي سعيد قال:
جاءتِ امرأةٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله! إن
زوجي صَفْوانَ بن المُعَطَّلِ يضربني إذا صَلَّيْتُ، وُيفَطِّرني إذا صُمْتُ، ولا
يصلَّي صلاةَ الفجر حتى تَطْلُعَ الشمس؟! قال: وصفوان عنده. قال: فسأله
عَمَّا قالت؟ فقال: يا رسول الله! أمَّا قولها: يضربني إذا صليت؛ فإنها تقرأ
بسورتين وقد نهيتها! قال: فقال:
" لو كانت سورةً واحدةً؛ لَكَفَتِ الناسَ ".
وأما قولها: يُفَطِّرُني؛ فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شابٌ فلا أصبر!
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(7/220)
" لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها ".
وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس؛ فإنا أهل بيت قد عُرِفَ
لنا ذاك؛ لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس! قال:
" فإذا استيقظت؛ فَصَل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم
والذهبي، وصححه ابن حبان والعسقلاني) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي سعيد.
قال أبو داود: " رواه حماد- يعني: ابن سلمة- عن حميد وثابت عن أبي
المتوكل ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الإمام أحمد وابنه (3/80) ... بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/424) ، والحاكم (1/436) ، وعنه
البيهقي (4/303) عن عثمان ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وتابعه أبو خيثمة: حدثنا جرير ... به. أخرجه ابن حبان (956) .
وتابعه أبو بكر بن عياش عن الأعمش ... به: أخرجه أحمد (3/84- 85) .
وشريك عن الأعمش ... مختصراً جداً؛ بلفظ:(7/221)
" لا تصومي إلا بإذنه ".
أخرجه الدارمي (2/12) .
وقد أُعِل بما لا يقدح، فقال الحافظ في "الفتح " (8/272) :
" قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة،
فدلّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي أصل. انتهى. وما أعله
به ليس بقادح؛ لأن ابن سعد صرح في روايته بالتحديث ببن الأعمش وأبي
صالح، ورجاله رجال "الصحيح ". ولما أخرجه أبو داود بعده عن أبي المتوكل عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذه متابعة جيدة تؤْذِنُ بأن للحديث أصلاً ... " إلخ.
وصرح في "الإصابة " بأن إسناده صحيح، وأجاب عما استنكره البزار وغيره
بكلام جيد، سبقه إليه ابن القيم في "تهذيب السن " (3/336) ؛ فليرجع إليه من
شاء.
(تنبيه) : الحديث عزاه في "المشكاة " (3269) لابن ماجه أيضاً! خلافاً لـ
"تحفة المزي " (4012) .
75- باب في الصائم يدعى إلى الوليمة
2123- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إ إذا دُعِيَ أحدكم؛ فليجب، فإن كان مفطراً؛ فَلْيَطْعَمْ، وإن كان
صائماً؛ فَلْيُصَلِّ ". قال هشام: والصلاة: الدعاء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي) .(7/222)
إسناده: حدثنا عبد الله بن سعيد: ثنا الوليد عن هشام عن ابن سيرين عن
أبي هريرة.
قال أبو داود: " رواه حفص بن غياث أيضاً "،
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وهشام: هو ابن حسان.
والوليد: هو ابن مسلم، وقد توبع كما أشار إليه المؤلف ويأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/279 و 507) ، والبيهقي (4/263) من طرق
أخرى عن هشام ... به.
وقال مسلم (4/153) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث
عن هشام ... به.
وتابعه أيوب عن محمد بن سيرين ... به نحوه.
أخرجه الترمذي (780) - وقال:
" حسن صحيح "-، وأحمد (2/489) .
76- باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام
2124- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام وهو صائم؛ فليقل: إني صائم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي) .(7/223)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/64) ، وأحمد (2/242) ،
والحميدي في "مسنده " (1012) قالوا: حدثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (3/157) ، وابن ماجه (1/532) من طريق ابن أبي شيبة.
وهما، والترمذي (781) ، والدارمي (2/16) من طرق أخرى عن سفيان ...
به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
وتابعه المَقْبرِيُّ عن أبي هريرة ... مثله: أخرجه الحميدي (1013) .
وسنده جيد.
77- باب الاعتكاف
2125- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان؛ حتى قبضه
الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وإسناد مسلم
إسناد المؤلف) .(7/224)
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن عُقَيْل عن الزهري عن عروة
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/175) ، والنسائي في " الكبرى" (ق 68/2) ،
وأحمد (6/92) : حدثنا قتيبة بن سعيد ... به.
وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق أخرى عن الليث ... به. وهو مخرج في
" الإرواء " (966) .
وتابعه معمر وابن جريج عن الزهري ... به؛ دون اعتكاف الأزواج: أخرجه
ابن الجارود (407) ، وابن حبان في "صحيحه " (916) .
وأخرجاه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة (2223) ؛ لكنه لم يذكر معمراً.
وحديث أبي هريرة: عند البخاري من طريق أخرى عنه.
وأخرجه أحمد (2/281) ... مثل رواية ابن الجارود وابن حبان.
2126- عن أُبَي بن كعب:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلم يعتكف
عاماً، فلما كان العام المقبل؛ اعتكف عشرين ليلة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان
والحاكم والذهبي. ورواه البخاري وابن خزيمة عن أبي هريرة. وصححه الترمذي
وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أنس) .(7/225)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أبي رافع
عن أُبي بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/537- 538) ، وابن خزيمة (2225) ، وابن
حبان (917) ، والطيالسي (953- ترتيبه) ، والنسائي في " الكبرى " (ق 71/2) ،
والبيهقي (4/314) ، وأحمد (5/141) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه الحاكم (1/439) ، وقال:
" صحيح "، ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (4/229) ، والدارمي
(2/27) ، وابن ماجه (1/537) ، وابن خزيمة (2221) ، والبيهقي. وسيأتي برقم
(2130) .
ومن حديث أنس: عند الترمذي (803) ، وصححه ابن خزيمة (2226
و2227) ، وابن حبان (918) ، والحاكم- وقال: " صحيح على شرط الشيخين "-،
والبيهقي، وأحمد (3/104) .
وسنده ثلاثي.
2127- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يعتكف؛ صلى الفجر ثم دخل
مُعْتَكَفَهُ. قالت: وإنه أراد مَرةً أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان،
قالت: فأمَرَ ببنائه فضُرِبَ، فلما رأيتُ ذلك؛ أمَرتُ ببنائي فضرِبَ، قالت:
وأمر غيري من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببنائه فضُرِب. فلما صلى الفجر؛ نظر(7/226)
إلى الأبنية فقال:
" ما هذه؟ آلبِر تُرِدْنَ؟! ". فأمر ببنائه فَقُوضَ، وأمَرَ أزواجه بأبنيتهن
فَقُوَّضَتْ، ثم أخَّر الاعتكاف إلى العشر الأول، يعني: من شوال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
خزيمة وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية ويعلى بن عبيد عن يحيى
ابن سعيد عن عمرة عن عائشة.
قال أبو داود: " رواه ابن إسحاق والأوزاعي عن يحيى بن سعيد ... نحوه.
ورواه مالك عن يحيى بن سعيد قال: اعتكف عشرين من شوال ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/175) ، والبيهقي (4/315) من طريق يحيى بن
يحيى: أبَنَا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد ... به.
وقال أحمد (6/226) : ثنا يعلى بن عُبَيْدٍ قال: ثنا يحيى ... به.
وأخرجه النسائي (1/116) ، وابن ماجه (1/538) ، وابن الجارود (408) ،
وابن خزيمة (2217) من طرق أخرى عن يعلى بن عبيد ... به.
وأما مُعَلقُ ابن إسحاق والأوزاعي؛ فوصلهما مسلم.
ووصله البخاري (4/229) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (ق 69/1) ،
وأحمد (6/84) عن الأوزاعي وحده.
والبخاري (4/423) عن مالك، وهو في " الموطأ" (1/295) .(7/227)
ثم أخرجه البخاري ومسلم والنسائي في "الكبرى"، وابن خزيمة (2224) من
طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وكذا عبد الرزاق (8031) .
(تنبيه) : قوله في رواية مالك المعلقة: عشرين! كذا وقع في كل نسخ الكتاب
التي وقفت عليها- ومنها نسخة "عون المعبود" (1/308) -!
وهو عندي خطأ؛ لمخالفته ما في "الموطأ" و "البخاري ". والصواب: عشراً..
ويظهر أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في "مختصر السنن " للمنذري (2355) !
2128- وفي رواية معلقة:
اعتكف عشراً من شوال.
(قلت: وصلها مالك، وعنه البخاري) .
78- باب أين يكون الاعتكاف؟
2129- عن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. قال نافع: وقد
أراني عبدُ الله المكانَ الذي كان يعتكف فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المسجد.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم بتمامه، والبخاري دون قول نافع) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب عن يونس أن نافعاً
أخبره عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد
توبع كما يأتي.(7/228)
والحديث أخرجه مسلم (3/174) ، وابن ماجه (1/539) ، والبيهقي
(4/315) من طريقين آخرين عن ابن وهب ... به.
وأخرجه البخاري (4/219) من طريق ثالث عن ابن وهب؛ دون قول نافع:
وقد أراني عبد الله ...
وكذا رواه موسى بن عقبة عن نافع ... به. أخرجه أحمد (2/133) .
وكذا عيسى بن عمر بن موسى عن نافع ... به: أخرجه ابن ماجه وابن
خزيمة (2236) .
وله عنده (2237) ، وكذا أحمد (2/67) طريق أخرى عن ابن عمر ... به.
2130- عن أبي هريرة قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف كُل رمضان عَشَرَةَ أيام. فلما كان العامُ الذي
قُبِضَ فيه؛ اعتكف عشرين يوماً.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) .
إسناده: حدثا هَنَّادٌ عن أبي بكر عن أبي حَصِينٍ عن أبي صالح عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في أبي بكر- هو ابن عياش-.
والحديث صحيح، له شواهد تقدم أحدها برقم (2126) .
والحديث أخرجه ابن ماجه ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن أبي بكر بن عياش ... به. وقد
مضى تخريجه تحت الشاهد المشار إليه آنفاً.(7/229)
79- باب المعتكف يدخل البيت لحاجته
2131- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اعتكف؛ يُدْنِي إليّ رأسَهُ فأرجلُهُ، وكان لا
يَدْخُلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد
أسانيدهما كأحد إسنادي المصنف، والترمذي. وصححه هو وابن الجارود وابن
خزيمة) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن
الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
حدثنا قتيبة بن سعيد وعبد الله بن مسلمة: قالا: ثنا الليث عن ابن شهاب
عن عروه وعمرة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه.
قال أبو داود: " وكذلك رواه يونس عن الزهري. ولم يتابع أحد مالكاً على:
عروة عن عمرة. ورواه معمر وزياد بن سعد وغيرهما عن الزهري عن عروة عن
عائشة".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على خلاف ببن مالك
والليث كما يأتي بيانه في إسناده، لا يضر في صحته؛ وقد أخرجاه كما سأبينه.
والحديث في "موطأ مالك " (1/290- 291) ... بإسناده ومتنه.
وقد أخرجه مسلم (1/167) - والبيهقي (4/315) - من طريق يحيى بن
يحيى-، وأحمد (6/262) - من طريق إسحاق بن عيسى- كلاهما عن مالك ... به.(7/230)
وأخرجه ابن خزيمة (2231) ، والبيهقي من طريق عبد الله بن وهب: أخبرني
يونس ومالك والليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة.
فقال ابن وهب: عن مالك ... عن عروة وعمرة؛ فجمع بينهما! وإنما هذا من
رواية الليث ويونس. قال البيهقي- عقبه-:
" وكأنه حمل رواية مالك على رواية الليث ويونس. وأما مالك؛ فإنه يقول
فيه: عن عروة عن عمرة ".
وأقول: الأقرب: أنه رواية عن مالك؛ فقد رواه بعضهم: عن مالك ... فوافق
الليث: أخرجه النسائي- كما قال الحافظ في "الفتح " (4/220) -، وهو في
"الصيام " من "كبرى النسائي " (ق 70/2) .
بل قال الترمذي في "سننه " (رقم 804) : حدثنا أبو مصعب المدني- قراءة-
عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروه وعمرة ... به، وقال:
" حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن مالك عن ابن شهاب عن
عروة وعمرة عن عائشة. ورواه بعضهم عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن
عمرة عن عائشة. والصحيح: عن عروة وعمرة عن عائشة. حدثنا بذلك قتيبة:
حدثنا الليث بن سعد ... " فذكره مثل رواية المؤلف.
وكذلك أخرجه البخاري (4/220) ، ومسلم والنسائي في "الكبرى" عن
قتيبة ... به.
ومسلم وابن ماجه (1/540) عن محمد بن رُمْح: أخبرنا الليث ... به.
وأما مُعَلقُ يونس؛ فوصله النسائي وابن الجارود (409) ، وابن خزيمة
(2230) .(7/231)
وأما معَلق معمر؛ فوصله عبد الرزاق في "المصنف " (1/324/1247) ،
والنسائي أيضاً.. ليس فيه: عمرة.
وكذلك وصله النسائي عن زياد بن سعد.
وخلاصة القول: أن الصواب رواية الليث، وأن الباقين اختصروا منه ذكر
عمرة. وأن مالكاً اختلف عليه فيه؛ والصحيح عنه كرواية الليث.
2132- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكون معتكفاً في المسجد، فيناولني رأسه من
خَلَلِ الُحجْرةِ؛ فأغْسِلُ رأسه- وقال مسدد: فأرجِّله وأنا حائض-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين- أو مسلم-. وقد أخرجاه وابن
خزيمة وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد، صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان حماد هو ابنَ زيد،
وعلى شرط مسلم إن كان ابنَ سلمة، وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/318 و 4/220) ، ومسلم (1/168) ، وابن
خزيمة (2232) ، وابن ماجه (1/218) ، وابن الجارود (104) ، وأحمد (6/50
و100 و 204) من طرق عن هشام بن عروة ... به.
ثم أخرجه مسلم والنسائي (1/68) ، وعبد الرزاق (1247) ، وأحمد (6/32
و230 و 234 و 272) من طرق أخرى عن عروة ... به.(7/232)
وتابعه الأسود عن عائشة ... به.
أخرجه البخاري (4/221) ، ومسلم والنسائي والبيهقي (4/316) ، وعبد
الرزاق (1248) ، وأحمد (6/55 و 170 و 189 و 261) .
2133- عن صَفِيةَ قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته؛ ثم قمت
فانقلبت، فقام معي لِيَقْلِبَنِي- وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد-، فَمَرَّ
رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أسرعا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" على رِسْلِكمَا؛ إنها صفية بنت حيَيَّ ". قالا: سبحان الله! يا رسول
الله! قال:
" إن الشيطان يَجْرِي من الإنسان مَجْرَى الدم، فخشيتُ أن يَقْذِفَ في
قلوبكما شيئاً- أو قال: شراً- ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن شَبوَيْهِ المَرْوَزِيّ: حدثني عبد الرزاق:
أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن شبويه، وهو ثقة،
وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (8065) ... بإسناده ومتنه.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (6/261) ، ومسلم (7/8) ، والنسائي في
"الكبرى" (ق 63/2) ، وابن خزيمة (2233) ، وأحمد (6/337) كلهم عن(7/233)
عبد الرزاق ... به.
وخالفه هشام بن يوسف، فرواه عن معمر عن الزهري عن علي بن
الحسين ... مرسلاً: أخرجه البخاري (4/227) .
لكن تابعه جمع عن الزهري ... به موصولاً:
منهم: شعيب بن أبي حمزة: في رواية المصنف الآتية.
ومنهم: عبد الرحمن بن خالد بن مُسافر: عند البخاري (4/227 و 6/159) ،
والبيهقي (4/221) .
ومحمد بن أبي عَتِيق: عند البخاري (4/227 و 10/493) .
وعثمان بن عمر بن يونس بن عبيد الله بن معمر: عند ابن ماجه (1/541) .
2134- وفي رواية عنها ... بهذا؛ قالت:
حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة؛ مَر بهما
رجلان ... وساق معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في
"صحيحه " بإسناد المؤلف، وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن
الزهري ... بإسناده بهذا قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على
شرط البخاري، ولكنه قد تابعه البخاري نفسه وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2234) ... بإسناد المصنف(7/234)
ومتنه أتم منه.
وقال البخاري (4/224 و 10/493) : حدثنا أبو اليمان ... به؛ وساقه بتمامه
نحوه.
وكذلك قال الدارمي (2/27) : حدثنا أبو اليمان ... به؛ إلا أنه لم يسقه بتمامه.
بخلاف مسلم؛ فإنه رواه (7/8- 9) عن الدارمي ... بتمامه.
ورواه البيهقي (4/224) من طريقين آخرين عن أبي اليمان ... به.
وتابعه بشر بن شعيب عن أبيه ... به: أخرجه النسائي في "الكبرى"
(69/2) .
(تنبيه) : وقع في "سنن الدارمي " وصف المسجد بـ: (الحرام) !
وهو خطأ فاحش، والظاهر أنه من الناسخ أو الطابع.
وكذلك وقع فيه: أبو النعمان.. بدل: أبو اليمان! وهو خطأ أيضاً. ووقع في
"مسلم " على الصواب، وهو رواه عن الدارمي كما تقدم.
80- باب المعتكف يعود المريض
2135- عن عائشة: أنها قالت:
السنةُ على المعتكف: أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يَمَس
امرأة، ولا يُباشِرَها، ولا يَخْرُجَ لحاجة؛ إلا لما لا بُدَّ منه. ولا اعتكاف إلا
بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .(7/235)
إسناده: حدثنا وَهْبُ بن بَقِيَّةَ: أخبرنا خالد عن عبد الرحمن- يعني: ابن
إسحاق- عن الزهري عن عروة عن عائشة ...
قال أبو داود: " غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السنة ".
قال أبو داود: " جعله قول عائشة ".
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف
يسير في عبد الرحمن بن إسحاق، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
وإعلال المصنف لحديثه- بمخالفته لغيره- يرده أنه تابعه ابن جريج: عند
الدارقطني، والليث: عند البيهقي، كما خرجته في " الإرواء" (966) .
ويؤيد هذا: أنه ذكره (4/317) معلقاً من رواية الزهري عن عروة عن
عائشة ... وقال عقبه:
" كذا رواه غير واحد عن الزهري ". فقول الدارقطني:
" يقال: إن قوله: والسنة للمعتكف ... مدرج في الحديث من كلام الزهري "!
غير مقبول؛ كيف لا وقد اتفق الليث وابن جريج مع عبد الرحمن بن
إسحاق في جعله من قول عائشة؟! فاتفاقهم يبعد شبهة خطأ عبد الرحمن في
ذلك.
وهذا الجواب أولى مما أجاب به ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/348-
349) ؛ فراجعه إن شئت.
وحينئذ؛ فهو في حكم المرفوع، كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث.
والحديث رواه البيهقي (4/321) من طريق المؤلف.(7/236)
2136- عن ابن عمر:
أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلةً ... عند الكعبة، فسأل
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:
" اعتكف ... ".
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا أبو داود: ثنا عبد الله عن عمرو بن دينار
عن ابن عمر.
2137- زاد في رواية:
فبينما هو معتكف؛ إذ كَبَّرَ الناس، فقال: ما هذا يا عبد الله؟! قال:
سَبْيُ هَوَازِنَ، أعتقهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وتلكَ الجاريةُ فأرْسِلْها معهم.
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح القرشي: ثنا
عمرو بن محمد عن عبد الله بن بُدَيْلِ ... بإسناده نحوه قال ...
قلت: مدار الإسنادين على عبد الله بن بديل، وفيه ضعف، ولكن لما كان
الحديث قد صح من غير طريقه؛ أوردته هنا، بعد أن حذفت منه زيادتين، تفرد
بهما دون كل الثقات:
الأولى: قوله- بعد: ليلة-: أو يوماً.
والأخرى: قوله- بعد: " اعتكف "-: " وصم ".
وقد أشرت إلى الحذف بوضع النقط مكان الحذف. وقد أنكر زيادة: " وصم ":(7/237)
الحافظُ أبو بكر النيسابوري وغيره، كما بينته في الكتاب الآخر " ضعيف أبي داود "
(425) .
أما زيادة: أو يوماً.. فلم تقع في شيء من الروايات الصحيحة مجموعة إلى ما
قبلها: ليلة أو يوماً..
وإنما اختلفوا، فبعضهم قال: ليلة.. وبعضهم قال: يوماً.. كما بينه العلامة
ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/346) .
وأكثر الروايات على الأول.
ولذلك شك ابن خزيمة في ثبوت اللفظ الآخر (3/347) . وجزم الحافظ في
"الفتح " (4/221) بأنه شاذ.
وأما سائر الحديث؛ فهو صحيح ثابت من رواية أيوب عن نافع عن ابن
عمر ... به.
أخرجه البخاري (6/191- 192) ، ومسلم (5/89) ، وابن خزيمة (2229) ،
وأحمد (2/35 و 153) من طرق عنه.
وتابعه عبيد الله عن نافع ... به. وسيأتي في الكتاب آخر "الأيمان والنذور".
81- باب في المستحاضة تعتكف
2138- عن عائشة رضي الله عنها:
اعتكفتْ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةٌ من أزواجه؛ فكانت ترى الصفْرَةَ
والحُمْرَةَ، فَرُبَّما وضعنا تحتها الطسْتَ وهي تصلِّي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد(7/238)
المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يزيد عن خالد
عن عكرمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
وعكرمة: هو البربري أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس.
وخالد: هو الحذاء.
ويزيد: هو ابن زريع.
والحديث أخرجه البخاري (1/327 و 4/226) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (4/223) من طريقه.
ثم أخرجه هو، وابن ماجه (1/542) ، وأحمد (6/131) من طرق أخرى عن
يزيد بن زُريع ... به.
وتابعه يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة أو عكرمة قال:
كانت زينب تعتكف مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تُرِيقُ الدم، فأمرها أن تغتسل عند
كل صلاة.
أخرجه الدارمي (1/220) ؛ وإسناده صحيح مرسل.
انتهى (كتاب الصيام)
وبه ينتهي النصف الأول من "صحيح سنن أبي داود"(7/239)
ويليه
النصف الثاني وأوله:
(كتاب الجهاد)
وكان الفراغ من كتابته منتصف ليلة الثلاثاء27 ذي القعدة سنة 1397 هـ
وأنا أستعد للسفر إلى الحج بالسيارة
صُبْحَ الخميسِ الآتي، يسَّره الله لي وتقبَّله مني وصالحَ عملي
إنه سميع مجيب
وصلى الله على محمد النبي الأمَيِّ وآله وصحبه وسلم(7/240)
بسم الله الرحمن الرحيم
9- أول كتاب الجهاد
1- باب ما جاء في الهجرة وسكْنى البَدْوِ
2139- عن أبي سعيد الخدري:
أن أعرابيّاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الهجرة؟ فقال: " ويحَكَ! إن شأن
الهجرة شديد، فهل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: " فهل تؤدي
صدقتها؟ ".. قال: نعم. قال: " فاعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يَتِرَكَ
من عملك شيئاً".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان، وابن حبان (3238)) .
إسناده: حدثنا مؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن
الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مؤمل بن
الفضل، وهو ثقة، وقد توبع عند الشيخين وغيرهما كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/245 و 5/187 و 7/207 و 10/456) ، ومسلم
(6/28- 29) ، والنسائي (2/182) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به.
وإسناده مسلسل بالتحديث عند مسلم ورواية البخاري.
وتابعه أبو إسحاق الفَزَارِي عن الأوزاعي ... به: أخرجه أحمد (3/14) .
وإسناده صحيح أيضاً على شرطهما؛ والفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن
الحارث.(7/241)
(2240) (*) - عن المِقْدَامِ بن شُرَيْح عن أبيه قال:
سألتُ عائشة رضي الله عنها عن البَداوة؟ فقالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو إلى هذه التِّلاعِ، وإنه أراد البَدَاوة مَرةً،
فأرسل إليَّ ناقةً محرَّمةً من إبل الصدقة، فقال لي:
" يا عائشة! ارْفُقِي؛ فإن الرفْقَ لم يكن في شيء قطّ إلا زانَهُ، ولا نُزِعَ
من شيء إلا شانَهُ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان. وأخرجه مسلم دون ذكر
البداوة إلى التلاع) .
إسناده: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا شَرِيك عن المقدام بن
شريح.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج
لشريك- وهو ابن عبد الله القاضي- متابعة؛ لضعف في حفظه، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (1995) من طريق أخرى عن عثمان بن أبي
شيبة ... به.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (580) : حدثنا محمد بن الصباح قال:
حدثنا شريك ... به؛ دون قوله: " يا عائشة! ... ".
وقد تابعه على هذا.. شعبة عن المقدام ... به: أخرجه البخاري أيضاً (469
و475) ، ومسلم (8/22- 23) ، وأحمد (6/125 و 171) ؛ وزاد مسلم وأحمد في
رواية:
__________
(*) كذا أصل الشيخ رحمه الله، قفز الترقيم مئة رقم. (الناشر) .(7/242)
ركبتْ عائشةُ بعيراً، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردَّده، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" عليك بالرفق ... " الحديث.
وتابعه إسرائيل عن المقدام؛ بلفظ:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى البادية إلى إبل الصدقة، فأعطى نساءه بعيراً بعيراً
غيري، فقلت: يا رسول الله! أعطيتهن بعيراً بعيراً غيري؟! فأعطاني بعيراً آدَدَ
صعباً، لم يُرْكَبْ عليه، فقال:
" يا عائشة! ... " الحديث.
أخرجه أحمد (6/112) ؛ وسنده صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه (6/58 و 222) من طرق أخرى عن شريك ... بتمامه.
2- باب في الهجرة؛ هل انقطعت؟
2241- عن معاوية قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التَوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تطلعَ
الشمسُ من مغربها ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن حَرِيز عن
عبد الرحمن بن أبي عوف عن أبي هند عن معاوية.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي هند؛ فإنه مجهول، لكنه قد توبع
كما بينته في "إرواء الغليل " (1208) ، فأغنى عن الإعادة.(7/243)
وقد أخرجه النسائي في "الكبرى"، والدارمي وأحمد- وله عنده طرق-،
وبعضها في "صحيح ابن حبان "، كما بينته هناك. فلا يضره قول الخطابي- وتبعه
المنذري-:
" في إسناده مقال "!
2242- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح فتح مكة-:
" لا هجرة، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا اسْتُنْفِرْتم، فانفِروا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن
طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/28) من طرق أخرى عن جرير ... به.
وأخرجه هو، والبخاري وابن الجارود وغيرهم من طرق أخرى عن منصور ... به.
وهو مخرج في "الإرواء" (1187) ، مع شواهد له من حديث عائشة وصفوان
ابن أمية وغيرهما.
2243- عن عامر قال: أتى رجلٌ عبدَ الله بن عَمرو- وعنده القوم-
حتى جلس عنده، فقال: أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده،
والمهاجرُ مَنْ هَجَرَ ما نهى الله عنه ".(7/244)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه) .
إسناده: حدثا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد: ثنا عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال
البخاري وحده، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/163 و 192) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه النسائي (2/267) من طريق أخرى عن يحيى ... به.
وأخرجه البخاري (1/267) ، وأحمد (2/193 و 212 و 224) من طريق
زكريا- وهو ابن أبي زائدة- عن عامر: سمعت عبد الله بن عمرو ... به مرفوعاً.
وتابعه شعبة عن إسماعيل وعبد الله بن أبي السَّفَرِ عن الشعبي ... به:
أخرجه أحمد (2/205 و 212) .
وله عنده (2/206 و 215) طريق أخرى عن موسى بن علَيّ قال: سمعت
أبي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص قال. سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" تدرون من المسلم؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال ... (فذكر الشطر الأول
منه) . قال:
" تدرون من المؤمن؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال:
" مَنْ أمِنَه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر مَنْ هَجَرَ السوء واجتنبه ".
وسنده صحيح على شرط مسلم.(7/245)
3- باب في سُكْنَى الشام
2244- عن ابن حَوالة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" سيصير الأمرُ إلى أن تكونوا جُنوداً مُجَندَةً: جندٌ بالشام، وجندٌ
باليمن، وجندٌ بالعراق ".
قال ابن حَوَالة: خِرْ لي يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ فقال:
" عليك بالشام؛ فإنها خيرةُ الله مِنْ أرضه، يَجْتَبِي إليها خِيرتَهُ من
عباده. فأما إن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُركم؛ فإن الله توكل
لي بالشام وأهله ".
(قلت: إسناده صحيح، وله طرق صحَّح أحدَها الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا حَيْوَةُ بن شُريح الحَضْرَمِيُّ: ثنا بقية: حدثني بَحِيرٌ عن خالد
- يعني: ابن مَعْدَانَ- عن أبي قُتَيْلَة عن ابن حوالة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية- وهو ابن الوليد
الحمصي- إنما يُخْشَى منه التدليس، فقد صرح بالتحديث.
وبَحِيرٌ: هو ابن سَعْد السحُوليُ الحمصي.
وأبو قتيلة- مصغراً-: اسمه مَرْثَدُ بْنُ وَداعَةَ الجعْفِيُ، صحابي مُقِل.
والحديث أخرجه أحمد (4/110) : ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد رَبهِ
قالا: ثنا بقية ... به.
وله طرق أخرى، أشرت إليها وخرجتها في "فضائل الشام "، رقم الحديث
(2) ، صحح أحدَها الحاكمُ والذهبيُ.(7/246)
4- باب في دوام الجهاد
2245- عن عِمْران بن حُصَيْنٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوَأهُمْ،
حتى يُقاتِلَ آخرهم المسيحَ الدَّجَّالَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قتادة عن مُطَرف عن
عمران.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم (2/71
و4/450) ، ووافقه الذهبي؛ وقد خرجته في "الصحيحة " (1959) .
5- باب في ثواب الجهاد
2246- عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه سُئِلَ: أي المؤمنين أكملُ إيماناً؟ قال:
" رجل يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، ورجل يعبد الله في شِعْب
من الشعَاب، قد كُفِىَ الناسُ شَرَّهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا سليمان بن كَثِيرٍ: ثنا الزهري عن(7/247)
عطاء بن يزيد عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن كثير، فهو
على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
وعلقه البخاري (11/278) عنه وعن غيره.
ووصله هو، ومسلم (6/39) وغيرهما من طرق أخرى عن الزهري ... به.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقد خرجته في "الإرواء" (1193) .
6- باب النهي عن السِّيَاحَةِ
2247- عن أبي أمامة:
أن رجلاً قال: يا رسول الله! ائذن لي في السياحة؟ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن سياحةَ أمتي: الجهاد في سبيل الله تعالى ".
(قلت: حديث حسن- أو صحيح-، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "،
ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عثمان التَّنُوخِيُ: ثنا الهيثم بن حُمَيْدِ: أخبرني
العلاء بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن سلم من اختلاط العلاء بن الحارث؛ فإنه ثقة.
وكذلك سائر رجاله؛ على ضعف يسير في القاسم أبي عبد الرحمن؛ وبه
أعله المنذري، فقال في "مختصره ":(7/248)
" القاسم هذا تكلم فيه غير واحد "!
فلم يصنع شيئاً؛ فإن كل من كان حسن الحديث؛ فهو متكلم فيه، بل وقد
يكون صحيح الحديث أيضاً، وإنما يضر في الراوي من الكلام ما كان جرحاً مفسراً
مسقطاً لحديثه! وليس القاسم كذلك، وإنما هو وسط. وقد أشار إلى ذلك الحافظ
بقوله في "التقريب ":
" صدوق ".
وتناقض الحافظ العراقي في هذا الحديث، فقال مرة في "تخريج الإحياء"
(1/396) :
" ضعيف ". وقال في موضع آخر (3/36) :
" إسناده جيد "!
قلت: وكان يكون كذلك، لولا اختلاط العلاء كما ذكرناه.
لكن للحديث شاهد من رواية سعد بن مسعود الكندي ... مرفوعاً، وفيه
قصة ابن مظعون في الترهُب وغيره.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، وعنه البغوي في "شرح السنة" (رقم 484-
طبع المكتب الإسلامي) .
وفي سنده ضعيفان، وكنت ذكرت في تخريجي الأول "للمشكاة" (724) أني
لم أقف على سنده، ولذلك فاتني أن أنبه على خطأ وقع لمؤلفه، وهو أنه جعله من
(مسند عثمان بن مظعون) ! وإنما هو من (مسند سعد بن مسعود) كما ذكرنا.
والحديث أخرجه الحاكم (2/73) من طريق التنوخي ... به، وصححه هو
والذهبي!(7/249)
7- باب في فضل القَفْل في سبيل الله تعالى
2248- عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"قَفْلَةٌ كَغَزْوَة".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا محمد بنِ المُصَفَّى: ثنا علي بن عَيَاش عن الليث بن سعد:
ثنا حَيْوة عن ابن شُفَي عن شُفيَ بن مَاتِع عن عبد الله- هو ابن عمرو-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن شفَي: اسمه حسين.
والحديث أخرجه أحمد (2/174) : ثنا إسحاق- يعني: ابن عيسى-:
حدثني ليث بن سعد ... به.
ورواه الحاكم (2/73) من طريق محمد بن المصفى ... به؛ إلا أنه سقط من
إسناده قوله: عن شفي بن ماتع ... وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
ورواه ابن الجارود (1039) عن الليث.
8- باب فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم
9- باب في ركوب البحر في الغزو
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف "](7/250)
10- باب في فضل الغزو في البحر
2249- عن أنس بن مالك قال:
حدثتني أمّ حَرامٍ بنتُ مِلْحَانَ أُخْتُ أمِّ سُلَيْمٍ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عندهم، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت:
يا رسول الله! ما أضْحَكَكَ؟! قال:
" رأيت قوماً ممن يركب ظَهْرَ هذا البحرِ كالملوك على الأسِرّةِ ".
قالت: قلت: يا رسول الله! ادْعُ الله أن يجعلَني منهم! قال:
" فإنَّكِ منهم ".
قالت: ثم نام، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما
أضحكك؟! فقال مِثْلَ مقالته. قلت: يا رسول الله! ادْع الله أن يجعلَني
منهم! قال:
" أنتِ من الأولين ".
قال: فتزوََّجها عُبادة بن الصامت فغزا في البحر، فحملها معه، فلمَّا
رجع؛ قربَتْ لها بغلة لتركبها، فصرعتها، فاندقَّتْ عنُقُهَا، فماتت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيّ: ثنا حَمَّاد بن زيد عن يحيى بن
سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(7/251)
والحديث أخرجه البخاري (6/67) ، ومسلم (6/50) ، والنسائي (2/64) ،
والدارمي (2/210) ، وابن ماجه (2/177) ، والبيهقي (9/166) من طرق أخرى
عن حماد بن زيد ... به.
وكذا رواه أحمد (6/423) .
ثم أخرجه هو (6/361 و 423) ، والبخاري (6/14) ، والبيهقي من طرق
أخرى عن يحيى بن سعيد ... به.
وله طريق أخرى عن أنس، وهي الآتية بعده:
2250- ومن طريق ثانية عنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذهب إلى قُبَاءَ؛ يدخل على أُمِّ حرام بنتِ
مِلْحَانَ- وكانت تحت عبادة بن الصامت-، فدخل عليها يوماً، فأطعمته،
وجلست تَفْلِي رأسه ... وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس بن مالك أنه سمعه يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في " الموطأ" (2/20) .
ومن طريقه: البخاري (6/8 و 11/60 و 12/330) ، ومسلم (6/49) ،
والترمذي (1645) ، والنسائي (2/63- 64) ، وأحمد (3/240) ، والبيهقي أيضاً
(9/165) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي:(7/252)
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق ثالث عن أنس ... به نحوه: أخرجه البخاري (6/58) ، ومسلم
وأحمد (3/264- 265) .
وله طريق ثانٍ عن أم حرام، وهو:
2251- عن أخت أمِّ سُلَيم الرُّمَيْصَاءِ قالت:
نام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاستيقظَ، وكانت تَغْسِلُ رأسها، فاستيقظ وهو
يضحك، فقالت: يا رسول الله! أتضحك من رأسي؟! قال:
"لا ... "، وساق هذا الخبر، يزيد وينقص.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن أخت أم سُليم الرُمَيْصاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛
والرميصاء- مصغراً-: هي أم حرام نفسها، وهي أخت أم سليم، كما هو مصرَّح
به في هذا الإسناد.
والحديث أخرجه أحمد (6/435) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر ... به نحوه؛
إلا أنه قال: عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت ... فذكره؛ ولم يسم المرأة.
ووقع في "مصنف عبد الرزاق " (9629) ... بهذا الإسناد:
أن امرأة حذيفة قالت ...
ولم يَدْرِ محققه الأعظمي وجه هذا الاختلاف بين رواية المؤلف ورواية(7/253)
"المصنف "، ولم يقف على رواية أحمد هذه! وإلا لتبين له- إن شاء الله- أن (حذيفة)
محرف من (حدثته) ! وبالله التوفيق.
2252- عن أم حرام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال:
" المائد في البحرِ: الذي يُصِيبُه القَيْءُ؛ له أجر شهيد، والغَرِق له أجر
شهيد".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّارٍ العَيْشي: ثنا مروان. (ح) وثنا عبد الوهاب بن
عبد الرحيم الجَوْبَرِيُ الدمشقي- المعنى- قال: ثنا مروان: أخبرنا هلال بن ميمون
الرملي عن يعلى بن شداد عن أم حرام.
قلت: إسناده حسن أو صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ على كلام يسير في
الرملي هذا، ذكرته في "الإرواء"، وخرجت الحديث هناك (1194) .
2253- عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ثلاثةٌ كلُهم ضامن على الله عز وجل:
رجلٌ خرج غازياً في سبيل الله؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفاه،
فيدخلَهُ الجنة، أو يَرُدهُ بما نال من أجر وغنيمة.
ورجلٌ راح إلى المسجد؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفاه، فيدخلَهُ
الجنة، أو يَرُدّهُ بما نال من أجر وغنيمة.
ورجل دخل بيته بسلام؛ فهو ضامن على الله عز وجل ".(7/254)
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي والعسقلاني، وصححه
ابن حبان (499)) .
إسناده: حدثنا عبد السلام بن عَتِيقٍ: ثنا أبو مُسْهِر: ثنا إسماعيل بن
عبد الله: ثنا الأوزاعي: حدثني سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الحاكم (2/73) ، وعنه البيهقي (9/166) من طريق أخرى
عن أبي مُسْهِرٍ عبد الأعلى بن مُسْهِرٍ الغَسانيِّ ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1094) من طريق عثمان بن أبي
العاتكة قال: حدثني سليمان بن حبيب المحاربي ... به. والحديث قال الحافظ في
"الفتح " (6/6) :
" أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة بلفظ ... ".
وأما قول المنذري في "مختصره " (3/361) - وإن تبعه صاحب "عون المعبود"
(2/316) ؟! -:
" وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي "!
فوهم لا أدري وجهه؟!
ولعله التبس عليه بحديث أبي هريرة:
" تضمن الله لمن خرج في سبيله- لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي،
وتصديق برسلي-: فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي
خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة ".(7/255)
أخرجه مسلم (6/33) .
وأخرجه البخاري (6/167) ، والنسائي (2/56) ، ومالك (2/2- 3) ثلاثتهم
بلفظ:
"تكفل الله ... ".
11- باب في فضل من قَتَلَ كافراً
2254- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَجْتَمعُ في النار كافرٌ وقاتله أبداً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاحِ البَزَّازُ: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر-
عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/41) من طرق أخرى عن إسماعيل بن جعفر ... به.
وأحمد (2/397) من طريق أخرى عنه.
ثم أخرجه (2/368 و 378 و 412) من طرق أخرى عن العلاء بن
عبد الرحمن ... به.
وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ... نحوه؛ ولفظه:
" لا يجتمعان في النار اجتماعاً يضرُّ أحدهما الآخر ". قيل: من هم يا رسول
الله؟! قال:(7/256)
" مؤمن قتل كافراً، ثم سدد ".
أخرجه مسلم والنسائي (2/55) ، والحاكم (2/72) ، وأحمد (2/263 و 340
و399) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وقد وهما في استدراكه عليه.
12- باب في حرمة نساء المجاهدين على القاعدين
2255- عن بُرَيْدَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" حُرْمَةُ نساء المجاهدين على القاعدين: كحرمة أمَّهاتهم. وما من رجل
من القاعدين يَخْلُفُ رجلاً من المجاهدين في أهله؛ إلا نُصِبَ له يوم
القيامة، فقيل له: هذا قد خَلَفَكَ في أهلك؛ فخذ من حسناته ما شئت ".
فالتفت إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
"ماظنكم؟! ".
قال أبو داود: " كان قَعْنَبٌ رجلاً صالحاً. وكان ابن أبي ليلى أراد قعنباً
على القضاء فأبى عليه. وقال قعنبٌ: أنا أريدُ الحاجة بدرهم، فأستعينُ
عليها برَجُلٍ، قال: وأيُّنا لا يستعين في حاجته؟! قال: أخرجوني حتى أنظر؛
فأُخْرِجَ، فتوارى. قال سفيان: بينما هو متوارٍ؛ إذ وقع عليه البيتُ؛ فمات ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن
حبان) .(7/257)
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن قَعْنَب عن علقمة بن مَرْثَد
عن ابن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وابن بريدة: هو سليمان.
وقعنب: هو التميمي الكوفي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه مسلم (6/43) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (9/173) عن المصنف.
وأخرجه الحميدي في "مسنده " (907) ، وعنه البيهقي أيضاً: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه النسائي (2/67) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن:
حدثنا سفيان ... به؛ وزاد في آخره:
" ترون يدع من حسناته شيئاً؟! ".
ثم أخرجه هو، ومسلم وأحمد (5/352 و 355) ، وابن حبان (4615
و4616) ، وأبو عوانة (5/69- 73) - وبعضهم جعله من رواية عبد الله بن بريدة-
من طرق أخرى عن علقمة بن مرثد ... به. وزاد مسلم- بعد قوله: " في أهله "-:
"فيخونه فيهم ".
ولأحمد معناها.(7/258)
13- باب في السَّرِيَّةِ تُخْفِقُ
2256- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما مِنْ غازيةٍ تغزو في سبيل الله، فيصيبون غنيمة؛ إلا تعجّلوا ثُلُثَيْ
أجرِهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث. فإن لم يصيبوا غنيمة؛ تَمَّ لهم أجرهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم
والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن مَيْسَرَةَ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة
وابن لهيعة قالا: ثنا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحُبُلِي يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة؛
ولكنه مقرون؛ وقد أخرجه مسلم غير مقرون به كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/169) : حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا حيوة وابن
لهيعة ... به.
وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
وحيوة: هو ابن شُرَيْحٍ التُجِيبِيُّ المصري.
وأبو هانئ: اسمه حُمَيْدُ بن هانئ.
وأبو عبد الرحمن الحُبُلِي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافِرِيُّ.
وأخرجه النسائي (2/57) ، والبيهقي (9/169) من طرق أخرى عن المقرئ ...
به؛ إلا أن النسائي لم يُسَمِّ: ابن لهيعة! وإنما أشار إليه بقوله: وآخر ...(7/259)
وهي طريقته المتبعة في (ابن لهيعة) إذا روى له مقروناً بـ (حيوة) ، يشير إليه
ولا يسمَّيه.
وأخرجه مسلم (6/47) ، وابن ماجه (2/181) عن القرى أيضاً ... به؛ إلا
أنهما لم يذكرا: ابن لهيعة مطللقاً.
واستدركه الحاكم (2/78) ؛ فوهم هو والذهبي!
14- باب في تضعيف الذكر في سبيل الله تعالى
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
15- باب فيمن مات غازياً
2257- عن أبي مالك الأشعري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من فصل في سبيل الله فمات ... ". (*)
16- باب في فضل الرِّباطِ
2258- عن فَضَالَةَ بن عُبَيْدِ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" كل مَيِّتٍ (1) يُخْتَمُ على عمله؛ إلا المرابط؛ فإنه يَنْمُو له عَمَلُهُ إلى يوم
القيامة، وُيؤَمنُ من فَتَانِ القَبْرِ ".
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره ثمة (برقم
431) . (الناشر) .
(1) الأصل: " الميت "، وهو رواية المصنف! والصواب ما أثبتنا، وهي رواية أحمد
والترمذي وغيرهما.(7/260)
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني أبو هانئ عن
عمرو بن مالك عن فَضَالة بن عُبَيْدٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن مالك
- وهو الجَنْبِيَ أبو علي-، وهو ثقة.
وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ، المتقدم قبل حديث.
والحديث أخرجه الحاكم (2/79) من طريق أخرى عن سعيد بن منصور ...
باللفظ الذي أثبتنا.
وكذلك أخرجه الترمذي (1621) ، واحمد (6/20) من طريق عبد الله بن
المبارك: أخبرنا حيوة بن شريح ... به.
وتابعه- عنده- رِشْدِين: حدثني ابن هانئ الخولاني ... به.
وتابعه أيضاً حيوة بن شريح: عند ابن حبان (4605) .
وله شاهد عن عقبة بن عامر ... به: أخرجه الدارمي (2/211) ، وأحمد
(5/146 و 150) .
وإسناده صحيح.
17- باب في فضل الحَرْسِ في سبيل الله تعالى
2259- عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ:
أنهم ساروا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم (حُنين) ، فأطْنَبوُا السيْرَ، حتى كانت
عشيةً، فحضرتُ صلاةً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجلٌ فارس، فقال:(7/261)
يا رسول الله! إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا؛
فإذا أنا بِهَوَازِن على بَكْرَة آبائهم- بِظُعنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وشائهم- اجتمعوا إلى
(حنين) . فتبسم رسول الَله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال:
"تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله ". ثم قال:
" من يَحْرُسُنا الليلة؟ ". قال أنس بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَويُ: أنا يا رسول
الله! قال:
" فاركب ". فركب فرساً له، فجاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" استقبل هذا الشِّعْبَ، حتى تكون في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ من قبلك
الليلة ". فلما أصبحنا؛ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مصلاه، فركع ركعتين،
ثم قال:
" هل أحْسَسْتمْ فارسكم؟ ". قالوا: يا رسول الله! ما أحسسناه! فَثُوبَ
بالصلاة، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلي- يلتفت إلى الشعْبِ، حتى
إذا قضى صلاته وسلَّم؛ قال:
" أبْشروا فقد جاء فارسكم! ". فجعلنا ننظر خِلالَ الشجَرِ في
الشِّعْبِ؛ فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلّم، فقال:
إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعْبِ، حيث أمرني رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أصبحت؛ طلعتُ الشعْبَيْنِ كليهما، فنظرت فلم أر أحداً! فقال
له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هل نزلت الليلة؟ ". قال: لا؛ إلاّ مصلياً أو قاضياً حاجة. فقال له(7/262)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قد أوْجَبْتَ؛ فلا عليك أن لا تَعْمَلَ بعدها ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا معاوية- يعني: ابن سَلام- عن زيد- يعني: ابن
سَلام- أنه سمع أبا سلام قال: حدثني السَّلُولِي أبو كبشة أنه حدثه سهل ابن
الحنظلية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كما تقدم برقم (850) .
والحديث أخرجه النسائي في "الكبرى "- كما في "تحفة الأشراف " (4/95) -
والبيهقي (9/149) من طريقين آخرين عن أبي توبة ... به.
وتابعه مروان بن محمد: ثنا معاوية بن سلام ... به.
18- باب كراهية ترك الغزو
2260- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدثْ نفسه بالغزو؛ مات على شُعْبَة من
النفاق ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما "، وابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا عَبْدَةُ بن سليمان المَرْوَزِي: أخبرنا ابن المبارك: أخبرنا وهيب
- يعني: ابن الورد-: أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر عن سُمَي عن أبي صالح(7/263)
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبدة بن سليمان
المروزي، وهو ثقة، وقد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/49) ، والنسائي (2/54) ، وأبو عوانة (5/84) ،
وأحمد (2/374) ، والحاكم (2/79) من طرق عن ابن المبارك ... به؛ ومن شيوخ
أبي عوانة فيه المصنف رحمه الله تعالى.
وتابعه عبد الله بن رجاء عن عمر بن محمد بن المنكدر ... به: أخرجه ابن
الجارود (ص 345/رقم 1036) ، والحاكم.
2261- عن أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" مَنْ لم يَغْزُ، أو يُجَهزْ غازياً، أو يَخْلُفْ غازياً في أهله بخير؛ أصابه الله
بِقَارِعَةٍ قبل يوم القيامة ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان- وقرأته على يزيد بن عبد رَبهِ الجُرْجُسِي-
قالا: ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن
أبي أمامة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في
القاسم.
والحديث أخرجه الدارمي (2/209) ، وابن ماجه (2/173) من طريقين
آخرين عن الوليد بن مسلم: ثنا يحيى بن الحارث الذمَاري ... به.(7/264)
2262- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" جاهدوا المشركين: بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ورافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه الحاكم (2/81) من طريق أخرى عن موسى بن
إسماعيل ... به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وتابعه جمع عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه النسائي (2/53) ، والدارمي
(2/213) ، وابن حبان (1618) ، وأحمد (3/124 و 152 و 251) ؛ وزاد في
رواية:
" وأيديكم ".
وسنده صحيح أيضاً.
19- باب في نسخ نفير العامة بالخاصة
2263- عن ابن عباس قال:
(إلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكم عذاباً أليماً) ، و: (ما كان لأهل المدينة) إلى(7/265)
قوله: (يعملون) (1) ؛ نسختها الآية التي تليها: (وما كان المؤمنون لِيَنْفِرُوا
كافةً) .
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن الحسين عن أبيه
عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على خلاف في بعضهم، وقد
مضى الكلام عليه في أول "النكاح " رقم (1822) .
والحديث أخرجه البيهقي (9/47) من طريق المؤلف رحمه الله تعالى.
20- باب في الرخصة في القعود من العذر
2264- عن زيد بن ثابت قال:
كنت إلى جَنْبِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغشيتهُ السََّكِينَةُ، فوقعتْ فَخِذُ
رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فَخِذِي، فما وجدتُ ثِقَلَ شيء أثْقَلَ من فَخِذِ رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم سُرَّي عنه، فقال:
" اكتب ". فكتبْتُ في كَتِف: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين ...
والمجاهدون في سبيل الله ... ) إلى آخر الآية، فقام ابن أم مكتوم- وكان
__________
(1) قلت: ونص الآيتين بتمامهما: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن
يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نَصَب ولا
مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يَغيظُ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به
عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين. وَلا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً
إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) [التوبة: 120- 121] .(7/266)
رجلاً أعمى- لما سمع فضيلة المجاهدين، فقال: يا رسول الله! فكيف بمن لا
يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه؛ غَشِيَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
السكِينةُ، فوقعت فَخِذُهُ على فَخِذي، ووجدتُ من ثِقَلِها في المرة الثانية
كما وجدت في المرة الأولى، ثم سُرَي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
" اقرأ يا زيد! "؛ فقرأ: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... ) ، فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (غَيْرُ أولي الضرر ... ) الآيةَ كلَّها.
قال زيد: فأنزلها الله وحدها، فألحقْتُها. والذي نفسي بيده! لكأني
انظر إلى مُلْحَقِها عند صَدعْ في كَتِف.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وكذلك قال الترمذي. وأخرجه البخاري
وابن الجارود في "المنتقى"، ورواه الشيخان عن البراء مختصراً. وصححه
الترمذي أيضاً) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن
أبي الزناد، فهو من رجال مسلم وحده، وفي حفظه ضعف؛ لكنه قد توبع،
فحديثه صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (5/190- 191 و 191) ، والبيهقي من طرق أخرى
عن ابن أبي الزناد ... به.
وللحديث طرق أخرى، وشاهد:
الأولى: عن سهل بن سعد الساعدي عن مروان بن الحكم أن زيد بن ثابت(7/267)
أخبره به ... نحوه: أخرجه البخاري في (الجهاد- 31) ، وفي "التفسير"،
والترمذي (3036) ، والنسائي (2/54) ، وابن الجارود (1034) ، والبيهقي وأحمد
(5/184) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن الزهري عن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ عن زيد بن ثابت ... به نحوه:
أخرجه أحمد (5/184) ، وعلقه الترمذي.
الثالثة: علَقه مسلم (6/43) عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن رجل عن زيد
ابن ثابت.
وأما الشاهد؛ فأخرجه الشيخان والنسائي وأبو عوانة (5/73- 74) ، والبيهقي
وأحمد (4/282 و 284) ، وصححه الترمذي (3034) .
2265- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لقد تركتم في المدينة أقواماً، ما سِرْتُم مسيراً، ولا أنفقتم من نفقة،
ولا قطعتم من واد؛ إلا وهم معكم فيه ".
قالوا: يا رسول الله! وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟! قال:
" حَبَسَهُمُ العُذْرُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري وابن حبان) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن موسى بن أنس
ابن مالك عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.(7/268)
والحديث أخرجه البيهقي (9/24) من طريق المؤلف.
وعلقه البخاري (الجهاد/35) من هذا الوجه.
ووصله أحمد (3/160 و 214) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه هو (3/103 و 182) ، والبخاري وابن ماجه (2/174) من طرق
أخرى عن حميد عن أنس ... به.
وصححه ابن حبان (1623) .
وله شاهد عن جابر: رواه مسلم (6/49) ، وابن ماجه (2765) .
21- باب ما يجزي من الغزو
2266- عن زيد بن خالد الجُهَنِيَ: أن رسول الله قال:
" مَنْ جَهَّزَ غازياً في سبيل الله؛ فقد غزا، ومن خَلَفَهُ في أهله بخير؛
فقد غزا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر: ثنا عبد الوارث:
ثنا الحسين: حدثني يحيى: حدثني أبو سلمة: حدثني بُسْرُ بن سعيد: حدثني
زيد بن خالد الجُهَنِيّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة (5/66) ، والبيهقي (9/28) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (الجهاد/38) ... بإسناده.(7/269)
وأخرجه مسلم (6/42) ، وأبو عوانة من طريق أخرى عن حسين المعلم ... به.
وأحمد (5/193) ، والترمذي (1628 و 1631) ، والنسائي (2/65) ، وأبو
عوانة من طرق أخرى عن يحيى ... به.
ومسلم وأبو عوانة والنسائي عن بُكَيْرِ بن الأشَجَ عن بُسْر بن سعيد ... به.
وتابعه عطاء عن زيد بن خالد ... مرفوعاً؛ بلفظ:
" من جهز غازياً في سبيل الله، وخلفه في أهله؛ كتب الله له مثل أجره؛ إلا
أنه لا ينقص من أجر الغازي شيئاً ".
أخرجه الدارمي (2/209) ، والترمذي (1629) - وحسنه-، وابن حبان
(1619- موارد) ، وأحمد (5/192) .
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
2267- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى بَنِي (لِحْيَانَ) ، وقال:
" لِيَخْرُجْ مِنْ كُل رجلين رَجُلٌ "، ثم قال للقاعد:
" أيكم خَلَفَ الخارجَ في أهله وماله بخير؛ كان له مثلُ نصفِ أجْرِ
الخارجِ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة
وابن حبان وابن الجارود. وصححه الحاكم والذهبي) .(7/270)
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث
عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن أبي سعيد- مولى المَهْرِي- عن أبيه عن أبي
سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم، ورجاله كلهم ثقات؛
غير يزيد بن أبي سعيد؛ فإنه غير مشهور، لم يذكروا له راوياً- مع ابن أبي حبيب
هذا- غير رباح بن بشير بن مُحْرِزٍ، ولم يوثقه غير ابن حبان؛ لكنه قد توبع كما
يأتي.
وأما والده أبو سعيد المَهْرِيُ مولاهم؛ فقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه
العجلي وابن حبان.
والحديث أخرجه أبو عوانة (5/69) ، والبيهقي (9/48) من طريق المصنف
وغيره.
وأخرجه مسلم (6/42) ... بإسناده.
ثم أخرجه أبو عوانة وابن حبان (4610) ، والحاكم (2/82) ، وأحمد (3/15)
من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!
وتابعه ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب ... به: أخرجه أحمد
(3/55) .
وتابعه يحيى بن كثير: حدثني أبو سعيد مولى المهري ... به: أخرجه مسلم
وأبو عوانة وابن الجارود (1038) .(7/271)
22- باب في الجُرْأةِ والجُبْنِ
2268- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" شَرَّ ما في رَجُل: شُح هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالعٌ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن الجَرَاح عنّ عبد الله بن يزيد عن موسى بن عُلَيِّ
ابن رباح عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان قال: سمعت أبا هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كما بينته في "الصحيحة" (560) ،
وخرجت الحديث هناك؛ فلا داعي للإعادة؛ إلا أنني أزيد هنا فأقول:
إن الإمام أحمد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا موسى بن عُلَي ... به.
وأبو عبد الرحمن هذا: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي أيضاً (9/170) .
23- باب في قوله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التهْلُكَةِ)
2269- عن أسْلَمَ أبي عِمْرَانَ قال:
غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن
خالد بن الوليد، والروم ملْصِقُو ظهورِهم بحائط المدينة، فحمل رجل على
العدوَّ، فقال الناس: مَهْ!! مَهْ!! لا إله إلا الله! يلقي بِيَدَيْهِ إلى التهْلُكَةِ!
فقال أبو أيوب:(7/272)
إنما نزلت هذه الآية فينا مَعْشَرَ الأنصار: لمَّا نصر الله نبيهُ، وأظهر
الإسلام؛ قلنا: هَلُمَّ نُقمْ في أموالنا ونُصْلِحْها، فأنزل الله تعالى: (وأنفقوا
في سبيل الله ولا تُلْقَوا بأيديكم إلى التَّهْلكَةِ) ، فالإلقاء بالأيدي إلى
التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصْلِحَها، ونَدعَ الجهادَ.
قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله؛ حتى دُفِنَ
بالقسطنطينية.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح
وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران.
قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق حيوة، ورجاله على شرط مسلم؛ غير
أسلم أبي عمران- واسم أبيه: يزيد المصري التُّجِيبي-، وهو ثقة.
ووهم الحاكم، فصححه على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! كما بينته
وخرجته في "الصحيحة " أيضاً (13) .
24- باب في الرمي
2270- عن عقبة بن عامر الجهَنِيِّ قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو على المنبر يقول:
" (وأعِدوا لهم ما استطعتم من قوة) ؛ ألا إن القوةَ الرّمْيُ، ألا إن القوةَ(7/273)
الرمْي، ألا إن القوةَ الرمْيُ " (1) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن
الحارث عن أبي علي ثُمَامَةَ بن شُفَي الهَمْداني أنه سمع عقبة بن عامر الجُهَنِي
يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ثمامة هذا، فهو
على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرج الحديث هذا كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد وغيرهم من طرق عن ابن
وهب ... به.
وهو مخرج في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "
(5/325/1500) . وهو مطبوع- والحمد لله- في ثمان مجلدات. وفي لفظ لمسلم
(6/52) من طريق آخر عن ابن وهب:
" ستفتح عليكم أرَضُون، ويكفيكم الله؛ فلا يَعْجِزْ أحدكم أن يَلْهُوَ
بسهمه ".
ورواه الترمذي من طريق أخرى ... نحوه.
__________
(1) ابتداءً من هذا الحديث؛ اعتمدت على نسخة "سنن أبي داود"- طبعة حمص،
تعليق الأستاذ الدعاس؛ وذلك لأنني لم أستطع استجلاب نسختي التازية من "السنن " بعد
هجرتي أول رمضان سنة (1400) من دمشق إلى عمان، (ولله عاقبة الأمور) !!(7/274)
25- باب في من يغزو ويلتمس الدنيا
2271- عن معاذ بن جبل عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال:
" الغَزْوُ غزوان:
فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسَرَ
الشريك (1) ، واجتنب الفساد؛ فإن نومه ونُبْهَهُ أجْرٌ كُلُهُ.
وأما من غزا فخراً ورياءً وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض؛
فإنه لم يرجع بالكفاف ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي: أخبرنا بقية: حدثني بَحيِر عن
خالد بن مَعْدانَ عن أبي بَحْرِيةَ عن معاذ بن جبل.
قلت: وهذا إسناد حسن أو صحيح؛ فإن رجاله كلهم ثقات، والمقال الذي في
بقية- وهو ابن الوليد- لا يعلُه؛ لأنه بسبب تدليسه إذا عنعن، وهنا قد صرح
بالتحديث كما ترى؛ فزالت شبهة تدليسه.
وبَحِيرٌ- بكسر المهملة-: هو ابن سَعْد الحمصي، وهو ثقة ثبت.
وأبو بَحْرِيةَ- بفتح الموحدة وسكون المهملة وتشديد المثناة-: اسمه عبد الله بن
قيس الكِنْدِي الحمصي.
والحديث أخرجه النسائي في "سننه الصغرى" في "الجهاد" وفي "البيعة"،
وفي " الكبرى " أيضاً، وفي " السير " (2/52/1) ، والدارمي (2/208) ، وأحمد
__________
(1) أي: عامله باليُسْرِ والسماحة.(7/275)
(5/234) من طرق عن بقية ... به.
وكذلك أخرجه البيهقي (9/168) .
2272- عن أبي هريرة:
أن رجلاً قال: يا رسول الله! رجل يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو
يبتغي عَرَضاً من عَرَضِ الدنيا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا أجْرَ له ". فأعظم ذلك الناسُ، وقالوا للرجل: عُدْ لرسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلعلك لم تفهمْهُ! فقال:
يا رسول الله! رجلٌ يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو يبتغي عَرَضاً من
الدنيا؟ فقال:
" لا أجْرَ له ". فقالوا للرجل: عُدْ لرسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له الثالثة؟
فقال:
" لا أجْرَ له ".
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بنِ نافع عن ابن المبارك عن ابن أبي ذئب عن
القاسم عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأشجِّ عن ابن مِكْرَزٍ - رجل من أهل الشام- عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن مكرز، قال
الذهبي:(7/276)
" لا يُعْرَفُ، وما هو بأيوب بن عبد الله بن مكرز؛ فإن ذا رجل آخر من
أصحاب ابن مسعود، قديم ".
قلت: لكن للحديث شاهد- من حديث أبي أمامة- عند النسائي؛ جوَّد
إسنادَهُ المنذريُ في "الترغيب "، تراه في كتابي "صحيح الترغيب " برقم (8) .
والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (9/169) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (2/290 و 366) ، والحاكم (2/85 و 371) ، وصححه،
ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان أيضاً.
26- باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
2273- عن أبي موسى:
أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن الرجل يقاتل
للذكْرِ، ويقاتل ليُحْمَدَ، وبقاتل لِيَغْنَمَ، وبقاتل ليُرَى مكانُهُ؟ فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من قاتل حتى تكون كلمة الله هي أعلى؛ فهو في سبيل الله عز
وجل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرةَ عن أبي وائل
عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لغيره؛ فإن رجاله كلهم ثقات(7/277)
رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر- وهو الحَوْضِي- فمن رجال البخاري. وقد
توبع كما في الذي بعده.
2274- وفي رواية: عن عمرو بن مُرَّة قال:
سمعت من أبي وائل حديثاً أعجبني ... فذكر معناه.
إسناده: حدثنا علي بن مسلم: حدثنا أبو داود عن شعبة عن عمرو قال:
سمعت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي داود- وهو
الطيالسي صاحب "المسند" المعروف به-؛ وهو ثقة من رجال مسلم.
وقد تابعه حفص بن عمر، كما في الإسناد الذي قبله.
والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (2035- ترتيبه) ... بسنده المذكور
في الكتاب.
وأخرجه البخاري في "العلم "، وفي "الجهاد"، ومسلم فيه، والنسائي وأحمد
(4/402) ، والبيهقي (9/167) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
والشيخان أيضاً، والترمذي (1646) ، وابن ماجه (2783) ، وأحمد (4/392
و397 و 405 و 417) من طرق أخرى عن أبي وائل ... به نحوه. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وهو في "مختصري لصحيح البخاري " رقم
(81) .(7/278)
27- باب في فضل الشهادة
2275- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَما أُصِيبَ إخوانكم بأُحُد؛ جعل الله أرواحهم في جَوْفِ طَيْرٍ
خُضْرٍ، تَرِد أنهار الجنة؛ تأكل من ثمارها، وتَأْوي إلى قناديل من ذهب
معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طِيبَ مَأْكَلِهم ومَشْرَبهِم ومقيلهم؛
قالوا: مَنْ يُبْلغُ إخواننا عنا أنَّا أحياء نُرْزَقُ؛ لئلا يَزْهَدُوا في الجهاد، ولا
يَنْكُلوا في الحرب؟ فقال الله سبحانه: أنا أُبْلِغُهُم عنكم ".
قال: فأنزل الله: (ولا تَحْسَبَن الذين قُتِلُوا في سبيل الله ... ) إلى
آخر الآية.
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، وأقره المنذري) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد
ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أنه إنما أخرج لابن
إسحاق مقروناً، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث في رواية
لأحمد تأتي.
وكذلك أبو الزبير مدلس أيضاً.
لكن للحديث شاهد من حديث عبد الله بن مسعود، رواه مسلم وغيره؛ وقد
خرجته في تعليقي على "الآيات البينات " (ص 39) .(7/279)
والحديث أخرجه البيهقي (9/163) من طريق المؤلف.
وأحمد (1/266) ... بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الحاكم (2/88) من طريق أخرى عن عثمان ... به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وخالفه إبراهيم بن سعد الزهري فقال: عن ابن إسحاق: حدثني إسماعيل
ابن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير عن ابن عباس ... به؛ فلم يذكر في
إسناده: سعيد بن جبير: أخرجه أحمد.
2276- عن حسناءَ بنتِ معاويةَ الصَّرِيمِيَّةِ قالت: حدثني عَمِّي قال:
قلت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من في الجنة؟ قال:
" النبي في الجنة، والمولودُ في الجنة، والوَئِيدُ في الجنة ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زُريع: حدثنا عوف: حدثتنا حسناء
بنت معاوية الصرِيمية.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات؛ لولا جهالة حسناء هذه، ولذلك قال
الحافظ عنها:
" مقبولة "؛ أي: عند المتابعة.
والحديث أخرجه البيهقي (9/663) من طريق أخرى عن مُسدد.
وأخرجه أحمد (5/58) من طرق أخرى عن عوف ... به.(7/280)
وله شواهد كثيرة معروفة، لا ضرورة لبيانها.
28- باب الشهيد يشفع
2277- عن نِمْرانَ بن عتبة الذمَاري قال:
دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا؛ فإني سمعت أبا
الدرداء يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، وصححه الترمذي من
حديث المقدام) .
إسناده: أحمد بن صالح: حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا الوليد بن رباح
الذمَاري: حدثني عمي نِمْرَان بن عتبة الذمَاري.
قال أبو داود: " صوابه: رباح بن الوليد ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير نمران هذا؛ قال الذهبي:
" لا يدرى من هو؟ ".
قلت: لكن للحديث شواهد يتقوى به؛ منها: حديث المقدام المشار إليه في
الأعلى: أخرجه الترمذي (1663) ، وقال:
" حديث حسن صحيح غريب ".
ومنها: عن عبادة بن الصامت وقيس الجُذَامي، وأسانيدها صحيحة، وهي
مخرجة في كتابي "الجنائز" (ص 50- 51) .(7/281)
والحديث أخرجه البيهقي (9/164) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1612- موارد) من طريق جعفر بن مسافر
التّنيِّسِيِّ: حدثنا يحيى بن حسان ... به؛ إلا أنه قال: الوليد بن رباح
الذمَاري ... على الصواب.
وهو رواية عن أحمد بن صالح، كما بينه الحافظ في "التهذيب ". ولفظ
جعفر: قال:
دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام صغار، فمسحت رؤوسنا، وقالت: أبشروا يا
بَنِي! فإني أرجو أن تكونوا في شفاعة أبيكم، فإني سمعت ... إلخ.
29- باب في النور يُرى عند قبر الشهيد
2278- عن عبيد بن خالد السُّلَمِيِّ قال:
آخى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين رجلين، فَقُتِلَ أحدهما، ومات الأخر بعده
بجمعة أو نحوها، فصلَّيْنا عليه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما قلتم؟ ". فقلنا: دعَوْنا له وقلنا: اللهم! اغفر له، وألحقه بصاحبه!
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" فأين صلاته بعد صلاته، وصومه بعد صومه " شك شعبة في:
صومه " وعمله بعد عمله؟! إن بينهما كما بين السماء والأرض ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت
عمرو بن ميمون عن عبد الله بن رُبَيعَةَ عن عبيد بن خالد السلمي.(7/282)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله
ابن رُبَيعَةَ- بضم أوله وفتح ثانيه-، مختلف في صحبته، وقد ذكره ابن حبان في
"الصحابة"، ثم ذكره في "الثقات "، وقد روى عنه جمع من ثقات التابعين مثل
عبد الرحمن بن أبي ليلى.
والحديث أخرجه أحمد (4/219) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وأخرجه الطيالسي (732) ، وعنه البيهقي (3/371) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه النسائي في "الجنائز".
30- باب في الجعائل في الغزو
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
31- باب الرخصة في أخذ الجعائل
2279- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" للغازي أجْرُهُ، وللجاعل أجْرُهُ وأجْر الغازي ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه أبو عوانة) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي: حدثنا حجاج- يعني: ابن
محمد-. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد
عن حيوة بن شُرَيْح عن ابن شُفَي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير ابن شُفَي- واسمه:
حسين-؛ وهو ثقة كما في "التقريب ".(7/283)
والحديث أخرجه البيهقي (9/28) من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " وغيره، كما تراه في "الصحيحة " (2153) .
32- باب في الرجل يغزو بأجر الخدمة
2280- عن يعلى ابن مُنْيَةَ قال:
أذنَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغزو وأنا شيخ كبير، ليس لي خادم، فالتمست
أجيراً يكفيني؛ وأُجْرِي له سَهْمَهُ، فوجدت رجلاً، فلما دنا الرحيل؛
أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهْمَانُ، وما يبلغ سهمي؟ فَسَم لي شيئاً- كان
السهم أو لم يكن-، فسميت له ثلاثة دنانير، فلمَّا حضرت غنيمته؛ أردت
أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت له
أمره؟ فقال:
" ما أجد له في غزوته هذه- في الدنيا والآخرة- إلا دنانيره التي
سَمَّى ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "!
ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عاصم بن
حَكيم عن يحيى بن أبي عمرو السيْبَانِيّ عن عبد الله بن الدَّيلَمِي أن يعلى ابن
منية قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير عاصم بن حكيم؛ قال
أبو حاتم:(7/284)
" ما أرى بحديثه بأساً ".
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جمع؛ وقد توبع كما سأذكره.
والحديث أخرجه الحاكم (2/112) ، وقال:
" صحيح على شرطهما "! ووافقه الذهبي!
والبيهقي (6/331) من طريق أخرى عن أحمد بن صالح ... به.
وأخرجه هو (9/29) ، وأحمد (4/223) من طريق أخرى عن بشير بن طلحة
أبي نَصْر الحضرمي عن خالد بن دُرَيْك عن يعلى بن أمية ... به نحوه.
قلت: وهذا إسناد جيد، إن كان خالد سمعه من يعلى؛ فقد تكلموا في
سماعه منه، لكن قد جاء تصريحه بالسماع في هذا الحديث في بعض الروايات،
فراجع ترجمة خالد في "التهذيب ".
33- باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان
2281- عن عبد الله بن عمرو قال:
جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: جئتُ أبايِعُك على الهجرة،
وتركت أبَوَي يبكيان؟ فقال:
" ارجع عليهما؛ فَأضْحِكْهُمَا كما أبكيتهما ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثنا عطاء بن السائب عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو.(7/285)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ غير السائب والد عطاء، وهو
ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (9/26) من طريق أخرى عن ابن كثير. وهو مخرج
في " الإرواء " (1199) .
2282- وفي طريق أخرى عنه قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! أُجَاهِدُ؟ قال:
" ألك أبوان؟ ". قال: نعم. قال:
" ففيهما فجاهد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد
البخاري إسناد المؤلف) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن
أبي العباس عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود: " أبو العباس هذا: الشاعر؛ اسمه: السائب بن فَرُّوخ ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق عن
حبيب ... به؛ وقد صرح حبيب بالسماع في أحد طرقه عند الشيخين. وغيرهما،
كما تراه مخرجاً في "الإرواء" (1199) .
وأحد أسانيده عند البخاري هو عين إسناد المصنف هذا.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمرو، تقدم آنفاً أحدها، وشواهد ذكرت
بعضها هناك؛ ويأتي أحدها عقب هذا.(7/286)
2283- عن أبي سعيد الخدري:
أن رجلاً هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن فقال:
" هل لك أحد باليمن؟ ". قال: أبوايَ. قال:
" أذِنَا لك؟ ". قال: لا. قال:
" ارجع إليهما فاستأذنهما؛ فإن أذِنا لك؛ فجاهدْ وإلا؛ فَبِرَّهُمَا ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن
الحارث أن دراجاً أبا السَمْحِ حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ للكلام المعروف في درَّاج هذا، ومع ذلك صحح
الحديث من ذكرنا أعلاه! وهو تساهل ظاهر.
لكنه صحيح بشواهده التي خرجتها في الموضع المشار إليه آنفاً؛ لا سيما
حديث ابن عمرو المتقدم، وفيه عند مسلم:
" فارجع إلى والديك؛ فأحسن صحبتهما ".
34- باب في النساء يغزون
2284- عن أنس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغزو بأمِّ سُليم ونسوة من الأنصار؛ لِيَسْقِينَ الماءَ،
ويُدَاوِينَ الجَرْحَى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي(7/287)
وابن حبان) .
إسناده: حدثنا عبد السلام بن مُطَهَّر: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن
أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير جعفر بن
سليمان، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (رقم 1810) ، والترمذي (رقم 1575) ، وابن حبان
(1662) من طرق أخَرَ عن جعفر ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
35- باب في الغزو مع أئمة الجور
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
36- باب الرجل يَتَحَمَّل بمال غيره يغزو
2285- عن جابر بن عبد الله حدث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه أراد أن يغزو، فقال:
" يا مَعْشَرَ المهاجرين والأنصار! إن من إخوانكم قوماً ليس لهم مالٌ ولا
عَشِيرةٌ، فَلْيَضمَّ أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثةَ ". فما لأحدنا من ظَهْرٍ
يَحْمِلهُ إلا عقبةٌ كعقبةِ- يعني- أحدهم.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) .(7/288)
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: حدثنا عَبِيدَةُ بن حُمَيْد عن
الأسود بن قيس عن نبَيْحٍ العَنَزِيِّ عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/358) : حدثنا عَبِيدة ... به.
وأخرجه الحاكم (2/90) من طريق أخرى عن عبيدة ... به، وقال:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
37- باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة
2286- عن ابن زُغْب الإِيَادِيِّ قال:
نَزَلَ عليٌ عبد الله بن حَوَالَةَ الأزْديُّ، فقال لي:
بَعَثَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَغْنَمَ على أقدامنا، فرجعْنا فلم نَغْنَمْ شيئاً،
وعَرَفَ الجَهْدَ في وجوهنا، فقام فينا فقال:
" اللهم! لا تكِلْهم إليَّ فأضْعفَ عنهم، ولا تَكِلْهمْ إلى أنفسهم
فَيَعْجِزُوا عنها، ولا تَكِلْهم إلى الناس فيستأثروا عليهم "، ثم وضع يده على
رأسي- أو قال: على هامتي-، ثم قال:
" يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدس؛ فقد دنت
الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعةُ يومئذٍ أقرب من الناس من يَدِي
هذه من رأسك ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي) .(7/289)
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا أسَدُ بن موسى: حدثنا معاوية بن
صالح: حدثني ضَمْرَةُ أن ابن زُغْبٍ الإيادي حدثه قال ...
قال أبو داود: " عبد الله بن حوالة حمصي ".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير ابن زغب الإيادي
- واسمه: عبد الله-، مختلف في صحبته، وقد كنت ملت في تعليقي على
"المشكاة" (5449) إلى نفيها! والآن أجد نفسي تميل إلى إثباتها؛ لأنه صرح
بسماعه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحديث:
" من كذب عليّ ... ": عند الطبراني، وإسناده لا بأس به، كما قال الحافظ
في " التهذيب ".
وأسد بن موسى صدوق، وفيه كلام لا يضر، لا سيما وقد تابعه عبد الرحمن
ابن مهدي: ثنا معاوية ... به.
أخرجه أحمد (5/288) ، والحاكم (4/425) ، وقال:
" صحيح الإسناد، وعبد الرحمن (!) بن زُغْبٍ الإيادي معروف في تابعي أهل
مصر"!
كذا قال! ووافقه الذهبي!
المذكور في "التهذيب " أنه شامي؛ وأن اسمه عبد الله، كما تقدم.
وتابعه أيضاً أبو صالح- يعني: عبد الله بن صالح-: عند البيهقي (9/169) ،
وابن عساكر في "تاريخ دمشق " (1/376) عنه وعن غيره.(7/290)
38- باب في الرجل يَشْرِي نفسه
2287- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" عَجِبَ رَبُنا من رجل غزا في سبيل الله، فانهزم- يعني- أصحابُهُ،
فعَلِمَ ما عليه، فرجع حتى أُهْرِيقَ دَمُهُ، فيقولُ الله لملائكته: انظروا إلى
عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقةً مما عندي؛ حتى أُهريق دَمُهُ ".
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا عطاء بن السائب
عن مُرةَ الهَمْدَانِي عن عبد الله بن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن ابن السائب
كان اختلط، وحماد- وهو ابن سلمة- وإن كان سمع منه قبل الاختلاط؛ فقد
سمع منه بعد الاختلاط أيضاً، كما حققه الحافظ في "التهذيب ". فمن صححه
من القُدَامى والمعاصرين؛ فما أصاب!
نعم، الحديث حسن أو صحيح؛ فإن له شاهداً بنحوه من حديث أبي الدرداء،
حَسنَ إسناده المنذري، وهو في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب " (1384) ، وقد
طبع المجلد الأول منه، يسر الله تمام طبعه (*) .
الحديث أخرجه الحاكم (2/112) من طريق آخر عن موسى بن إسماعيل ...
به، وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه ابن حبان (643) ، وأحمد (1/416) ، والطبراني في "الكبير"
__________
(*) وقد طبع بحمد الله بقسميه "الصحيح " و "الضعيف " في خمسة مجلدات. (الناشر) .(7/291)
(3/75/2 و 80/1) من طرق أخرى عن حماد ... به أتم منه.
ورواه البيهقي (9/164) ؛ وأشار إلى حديث أبي الدرداء.
39- باب فيمن يُسْلِم وُيقْتَلُ مكانَهُ في سبيل الله عز وجل
2288- عن أبي هريرة:
أن عَمْرَو بن أُقَيْشٍ كان له رِباً في الجاهلية، فَكَرِهَ أن يُسْلِمَ حتى
يأخذَهُ، فجاء يَوْمَ أُحد، فقال: أين بَنُو عَمِّي؟ قالوا: بِأُحُد. قال: أين
فلان؟ قالوا: بِأُحُد. قال: فأين فلان؟ قالوا: بِأُحُدٍ. فَلَبِسَ لأْمتَهُ، ورَكِبَ
فَرَسَهُ، ثم توجَّه قِبَلَهُمْ، فلما رآه المسلمون؛ قالوا: إليك عنا يا عَمْرُو! قال:
إني قد آمنت! فقاتل حتى جُرِحَ، فحُمِلَ إلى أهله جريحاً، فجاء سعد بن
معاذ فقال لأخته: سَلِيهِ: حَمِيَّةً لقومِكَ أو غضباً لهم، أم غضباً لله؟ فقال:
غضباً لله ولرسوله! فمات، فدخل الجَنةَ وما صَلَى لله صلاة.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد
ابن عمرو مقروناً.
والحديث أخرجه الحاكم (2/113 و 3/28) ، وعنه البيهقي (9/167) من
طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به. وقال الحاكم:(7/292)
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
40- باب في الرجل يموت بسلاحِهِ
2289- عن سَلَمَةَ بن الأكْوَعِ قال:
لمَّا كان يَوْمُ خيبر؛ قاتل أخي قتالاً شديداً، فارتدَّ عليه سيفُهُ فقتله،
فقال أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك- وشَكُوا فيه-: رجل مات بسلاحه!
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مات جاهداً مجاهداً ".
قال ابن شهاب: ثم سألت ابناً لسلمة بن الأكوع؟ فحدَّثني عن أبيه
بمثل ذلك؛ غير أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كَذَبُوا! مات جاهداً مجاهداً؛ فله أجره مرتين ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس
عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله بن كعب بن مالك- قال أبو
داود: قال أحمد: كذا قال هو- يعني: ابن وهب- وعنبسة- يعني: ابن خالد-
جميعاً عن يونس. قال أحمد: والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله- أن سلمة بن
الأكوع قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والاختلاف الذي حكاه عن
أحمد بن صالح لا يضره؛ لأنه إذا كان الصواب ما ذهب إليه؛ فعبد الرحمن- وهو
ابن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، كما يأتي في رواية أحمد- ثقة سمع(7/293)
منه الزهري، كما تراه مصرحاً به في الإسناد.
وإن صحت رواية ابن وهب وعنبسة؛ فهي متابعة قوية لعبد الرحمن من أبيه
عبد الله بن كعب. والله أعلم.
والحديث أخرجه مسلم في "الجهاد" (رقم 1802) : وحدثني أبو الطاهر: أخبرنا
ابن وهب ... به مثل إسناد ابن صالح؛ إلا أنه لم يذكر في إسناده: عبد الله ابن كعب.
وخالفهم عمرو بن سَوَاد قال: أنبأنا ابن وهب ... به؛ إلا أنه قال: عبد الرحمن
وعبد الله ابنا كعب بن مالك ... أخرجه النسائي.
فجعل عبد الرحمن أخاً لعبد الله بن كعب!
وخالف ابن جريج فقال: عن ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله
ابن كعب بن مالك الأنصاري أن سلمة بن الأكوع قال ... فذكره: أخرجه أحمد
(4/46-47) .
وقد تابعه يزيد بن أبي عُبَيْدِ مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع ...
به وأتم منه: أخرجه البخاري (4196) ، ومسلم، وأحمد (4/47- 48) .
41- باب الدعاء عند اللقاء
2290- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ- أو: قَلَّما تُرَدّان-: الدعاءُ عند النداءِ، وعند البأس؛
حين يُلْحِمُ بعضهم بعضاً- زاد في رواية: وَوَقْتَ المطر- ".
(قلت: حديث صحيح دون الزيادة، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان
والحاكم والذهبي، وكذا ابن الجارود. وأما الزيادة فهي حسنة) .(7/294)
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا موسى بن
يعقوب الزمْعِيُ عن أبي حازم عن سهل بن سعد.
قال موسى: وحدثني رِزْقُ بن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن
سهل بن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" وقت المطر ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الزمعي، وهو صدوق
سيئ الحفظ؛ لكنه توبع.
والحديث أخرجه الدارمي (1/272) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (419) ،
وابن الجارود في "المنتقى " (1065) ، والحاكم (1/198 و 2/113) ، والبيهقي
(1/410) من طرق عن سعيد بن أبي مريم ... به.
وأخرجه ابن حبان (297 و 298) من طريق أخرى عن أبي حازم ... به.
وهو مخرج- مع شواهد للزيادة- في "الصحيحة" (1469) .
42- باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة
2291- عن معاذ بن جبل حدثهم: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من قاتل في سبيل الله- فُوَاقَ ناقةِ-؛ فقد وجبت له الجنة، ومن سأل
الله القتل من نفسه صادقاً، ثم مات أو قُتِلَ؛ فإن له أجر شهيد- زاد ابن
المُصَفى من هنا: ومن جُرِحَ جرحاً في سبيل الله، أو نُكِبَ نَكْبَةً؛ فإنها
تجيءُ يومَ القيامة كَأغْزَرِ ما كانت: لونها لون الزعفرانِ، وريحُها ريح
المِسْكِ، ومن خَرَجَ به خُرَاجٌ في سبيل الله؛ فإن عليه طَابَعَ الشُّهَداء- ".(7/295)
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والترمذي والحاكم) .
إسناده: حدثنا هشام بن خالد أبو مروان وابن المصفى قالا: حدثنا بقية عن
ابن ثوبان عن أبيه يَردُّ إلى مكحول إلى مالك بن يَخَامِر أن معاذ بن جبل حدثهم.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ لولا أن بقية- وهو ابن الوليد- مدلس؛ وقد
عنعنه؛ إلا أنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (5/243) : ثنا زيد بن يحيى الدمشقي: ثنا
ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كَثِيرِ بن مرَّةَ عن مالك بن يخامر ... به.
وزيد هذا ثقة؛ وقد زاد في السند: كثير بن مرة- وهو ثقة أيضاً-؛ فالإسناد
جيد.
وأخرجه ابن حبان (1596 و 1615) .
وقد تابعه سليمان بن موسى قال: حدثنا مالك بن يخامر ... به: أخرجه
عبد الرزاق في " المصنف " (9534) ، والترمذي (1654 و 1657) ، والنسائي " باب
من قاتل في سبيل الله فواق ناقة"، وابن ماجه (2792) ، والحاكم (2/77) ،
والبيهقي (9/170) ، وأحمد (5/230 و 244) من طرق عنه ... به، أكثرهم
مطولاً، ومنهم الترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح "! وبعضهم مختصراً؛ ومنهم الحاكم، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "!
وتابعه بحَيِرٌ بن سَعْد عن خالد بن مَعْدَانَ عن مالك بن يخامر ... به
مختصراً: أخرجه الدارمي (2/201) ، وأحمد (5/235) .(7/296)
43- باب في كراهية جَزِّ نواصي الحيل وأذنابها
2292- عن رجل- وفي رواية عن عُتَبْةَ بن عَبْدٍ السُلَمِي-: أنه سمع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا تَقُصُوا نَواصِيَ الخيلِ، ولا معارِفَها، ولا أذنابَها؛ فإن أذنابَها
مَدَابُها، ومعارفَها دِفاؤُها، ونواصيَها معقودٌ فيها الخيرٌ ".
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أبو توبة عن الهيثم بن حميد. (ح) وحدثنا خُشَيْشُ بن
أصْرَمَ: حدثنا أبو عاصم- جميعاً- عن ثور بن يزيد عن نصْرِ الكِنَانِي عن رجل.
وقال أبو توبة: عن ثور بن يزيد عن شيخ من بني سُلَيْم عن عُتْبَة بن عَبْد السَلَمِي
- وهذا لفظه- أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة نصر الكناني- وهو نصر بن عبد الرحمن
الكناني-، قال الذهبي:
" لا يُعْرَفُ، عداده في الشاميين ". ولهذا قال الحافظ ابن حجر:
" شامي مجهول ".
قلت: وهو الشيخ من بني سليم في رواية أبي توبة.
وأما الرجل الذي لم يُسَم في رواية خشيش؛ فهو عتبة بن عبد السلمي.
المسمى في رواية أبي توبة.
ويبين ذلك بعض الروايات الأخرى عن ثور بن يزيد، فقال الإمام أحمد
(4/183) : ثنا عبد الرزاق: أنبأنا سفيان عن ثور بن يزيد عن نصر عن رجل- يقال
له: عتبة بن عبد السلمي- ثنا عبد الله بن الحارث: حدثني ثور بن يزيد عن نصر(7/297)
عن رجل من بني سليم عن عتبة.
قلت: كذا وقع في "المسند": عن نصر عن رجل ... !
ولعل الصواب: عن نصر: رجل ... على البدل من نصر! والله أعلم.
وقد وجدت الحديث من طريق خير من هذه، فقال أحمد (4/184) : ثنا عَلِي
ابن بَحْرٍ: ثنا بقية بن الوليد: حدثني نصر بن علقمة قال: حدثني رجال من بني
سليم عن عتبة بن عبد السلمي ... به.
قلت: وهذا إسناد حسن، صرح فيه بقية بالتحديث.
ونصر بن علقمة- وهو الحضرمي الحمصي- وثقه دحيم وابن حبان، وروى عنه
جمع هن الثقات. فقول الحافظ فيه:
"مقبول "!
غير مقبول كما هو ظاهر؛ لأنه في معنى: مجهول، وهل يستقيم هذا وقد وثقه
دحيم؟!
وقد أخرجه عنه: أبو عوانة أيضاً في "صحيحه " (5/19) .
والحديث أخرجه البيهقي (6/331) من طريق المؤلف.
44- باب فيما يُستحبُ من ألوان الخيل
2293- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يُمْنُ الخَيْلِ في شُقْرِها ".
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي) .(7/298)
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: حدثنا حسين بن محمد عن شَيْبَانَ عن
عيسى بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عيسى بن
علي- وهو ابن عبد الله بن عباس-، وهو صدوق مُقِل كما في "التقريب ".
والحديث أخرجه أحمد (1/272) : ثنا حسين ... به.
وأخرجه البيهقي (6/330) ، والخطيب في "التاريخ " (11/148) من طريق
أخرى عن الحسين ... به.
وتابعه أبو داود الطيالسي، فقال في "مسنده " (1188) : حدثنا شيبان بن
عبد الرحمن التميمي ... به.
ويزيد بن هارون: أخبرنا شيبان ... به: أخرجه الترمذي (1695) ، وقال:
" حديث حسن غريب ".
وله طريقان آخران عن ابن عباس، خرجتهما في "التعليق الرغيب "
(2/163) .
45- هل تُسَمَّى الأنثى من الخيل فَرَساً؟
2294- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُسَمي الأنثى من الخيل: فرساً.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) .
إسناده: حدثنا موسى بن مروان الرقِّي: حدثنا مروان بن معاوية عن أبي حَيانَ(7/299)
التيْمِي: حدثنا أبو زرعة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرقي هذا، وقد
وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (6/330) من طريق الحاكم، وهو مخرج في
"الصحيحة" (2131) عن الرقي.
وتابعه عمرو بن عثمان بن سعيد: حدثنا مروان بن معاوية ... به.
أخرجه ابن حبان (1634) .
46- باب ما يُكْرَهُ من الخيل
2295- عن أبي هريرة قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشَكَالَ من الخيل. والشَكَالُ: أن يكون الفرسُ
في رجله اليمنى بياضٌ وفي يده اليسرى بياضٌ، أو في يده اليمنى وفي
رجله اليسرى.
قال أبو داود: " أي مخالف ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سَلْم- هو ابن عبد الرحمن-
عن أبي زرعة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (6/330) من طريق أخرى عن محمد بن كثير ... به.(7/300)
وأخرجه مسلم (1875) ، والترمذي (1698) ، والنسائي في " الخيل "، وابن
ماجه (2790) ، وأحمد (2/250 و 436 و 476) من طرق أخرى عن سفيان ...
به؛ وليس عند ابن ماجه والترمذي تفسير (الشكال) ، وقال:
" حديث حسن صحيح. وقد رواه شعبه عن عبد الله بن يزيد الخَثْعَمِي عن
أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ".
قلت: وصله الطيالسي في "مسنده " (1190) : حدثنا شعبة ... به.
وكذلك أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (2/457) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
وأعلّه أحمد بقوله عقبه:
" شعبة يخطئ في هذا القول: (عبد الله بن يزيد) ! وإنما هو (سلم بن عبد
الرحمن النخعي) ".
قلت: شعبة حافظ إمام، فتوهيمه لا بُدَّ له من دليل، وهذا غير معروف،
وإخراج مسلم إياه تقوية له. وكذلك قول الترمذي المتقدم: " وقد رواه شعبة ... ".
47- باب ما يُؤْمَرُ به من القيام على الدوابِّ والبهائم
2296- عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ قال:
مَرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهره ببطنه، فقال:
" اتقوا الله في هذه البهائمِ المُعْجَمَةِ؛ فاركبوها صالحة، وكِلُوها صالحةً ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووي) .(7/301)
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: حدثا مِسْكِينٌ - يعني: ابنَ بُكَيْرٍ -:
حدثنا محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كَبْشَةَ السلُولي عن سهل ابن
الحنظلية.
قلت: وإسناده صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير محمد بن مهاجر، فهو من
رجال مسلم، وقد صححه النووي وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة" (23) .
وقد رواه ابن خزيمة أيضاً (2545) .
2297- عن عبد الله بن جعفر قال:
أرْدَفَني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذاتَ يومٍ؛ فأسَر إلي حديثاً لا أحدث به
أحداً من الناس، وكان أحبُ ما استتر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هَدَفاً أو
حائشَ نَخْل. قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار؛ فإذا جَمَل، فلما رأى
النبيّ؛ حَن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح ذِفْرَاهُ، فسكت، فقال:
" مَنْ ربُ هذا الجمل؟! لمن هذا الجمل؟! ". فجاء فتىً من الأنصار
فقال: لي يا رسول الله! فقال:
" أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟! فانه اشتكى
إلي أنك تُجِيعُهْ وتُدْئبُهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي
والضياء. وأخرج مسلم أوله) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا مهدي: حدثنا ابن أبي يعقوب
عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر.(7/302)
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرج بعضه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (342) ، والبيهقي في "السنن " (1/94) ، وأحمد
(1/204) من طرق أخرى عن مهدي بن ميمون ... به؛ وليس عند مسلم
والبيهقي قصة الجمل.
وروراه الحاكم بتمامه، وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وفاتهما أنه على شرط مسلم، وأنه أخرج طرفه الأول، كما نبهت على ذلك
في "الصحيحة" (20) ؛ فراجعه ففيه زيادة تخريج.
وتابعه جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن أبي يعقوب ... به بتمامه:
أخرجه أحمد (1/205) : ثناُ هب بن جرير: ثنا أبي.
2298- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" بينما رجل يمشي بطريق؛ فاشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل
فيها؛ فشرب ثم خرج، فإذا كَلْبَ يَلْهَث؛ يأكل الثرَى من العطش، فقال
الرجل: لقد بلغ هذا الكَلْبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغني! فنزل
البئر، فملأ خُفهُ، فأمسكه بِفِيهِ، حتى رقِيَ، فسقى الكلب، فشكر الله
له، فَغَفَرَ له ".
فقالوا: يا رسول الله! وإنا لنا في البهائم لأجراً؟! فقال:
" في كُلَّ ذاتِ كَبِد رَطْبَةٍ أجْر ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(7/303)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي
بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما عن
مالك ... به. انظر " الصحيحة " (29) .
48- باب في نزول المنازل
2299- عن أنس بن مالك قال:
كنا إذا نزلنا منزلاً؛ لا نُسَبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحَالَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن
حمزة الضبي قال: سمعت أنس بن مالك قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حمزة الضبِّيِّ
- واسم أبيه: عمرو العائذي-، وهو من رجال مسلم وحده.
49- باب في تقليد الخيل بالأوتار
2300- عن أبي بَشِيرٍ الأنصاري:
أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رسولاً- قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال- والناس في مَبِيتهم:
" لا يَبْقَيَن في رَقَبَةِ بعير قلادةٌ مِنْ وَتَرٍ، ولا قلادةٌ إلا قُطِعَتْ ".
قال مالك: أُرى أن ذلك من أجل العَيْنِ.(7/304)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عَباد بن تميم أن أبا يشير الأنصاري أخبره ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في آخر "موطأ مالك " ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه قال: مقيلهم..
مكان: مبيتهم.
وأخرجه البخاري في "الجهاد "، ومسلم في "اللباس " (6/163) ، وأحمد
(5/216) من طرق أخرى عن مالك ... به؛ إلا أنهم قالوا: مبيتهم.. كما في
الكتاب.
50- باب إكرام الخيل وارتباطها والمسح على أكفالها
2301- عن أبي وَهْب الحشَمِي- وكانت له صحية- قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ارْتَبِطُوا الخَيْلَ، وامسحوا بنواصيها وأعجازها- أو قال: أكفالها-،
وقَلدُوها، ولا تقلِّدُوها الأوتارَ ".
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: حدثنا هشام بن سعيد الطالْقَانِي: أخبرنا
محمد بن المهاجر: حدثني عَقِيل بن شَبِيبٍ عن أبي وهب الجُشَمِيّ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عقيل بن شبيب، فلم يوثقه غير ابن
حبان، فهو مجهول.(7/305)
لكن لحديثه هذا شاهد يتقوى به، يأتي ذكره.
والحديث أخرجه أحمد (4/345) ، ومن طريقه البيهقي (6/330) : ثنا هشام
ابن سعيد ... به.
وأخرجه النسائي في "الخيل " من طريق أخرى عن هشام ... به.
ويشهد له ما رواه عُتْبَة بن أبي حَكِيم: حدثني حصَيْنُ بن حرملة عن أبي
مُصَبحِ المَقْرَائِيِّ عن جابر ... مرفوعاً بلفظ: ً
"الخيل معقود في نواصيها الخير والنيْلُ إلى يوم القيامة، وأهلها مُعَانونَ عليها،
فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها؛ ولا تقلدوها بالأوتار ".
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/132) ، وأحمد (3/352) ، والطبراني
في "الأوسط ".
وإسناده حسن في الشواهد، رجاله ثقات؛ غير عتبة، وهو صدوق كثير الخطأ،
كما قال الحافظ.
وحصين بن حرملة؛ وثقه ابن حبان.
51- باب في تعليق الأجراس
2302- عن أم حَبِيبَةَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةَّ فيها جَرَسٌ ".
(قلت: حديث صحيح بما بعده، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن سالم عن أبي(7/306)
الجَراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي الجراح، وهو مجهول
الحال، وقد وثقه ابن حبان! وقال في " التقريب ":
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة، وقد توبع من مقبول مثله كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/426) : ثنا يحيى ... به.
وأخرجه ابن حبان (1492) من طريق أخرى عن يحيى القطان.
وله في "المسند" طرق أخرى عن عبيد الله. وهي مخرجة- مع شواهد
للحديث- في " الصحيحة " (1873) .
وأخرجه النسائي من طريق سليمان بن بَابِيهْ مولى آل نوفل أن أم سلمة زوج
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره
ومما يشهد له: الحديث الآتي بعده.
2303- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها كلبٌ أو جَرَسٌ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا سهيل بن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه "،
وصححه الترمذي كما تراه مخرجاً في المصدر السابق.(7/307)
وأخرجه الدارمي (2/288) ... بإسناد المؤلف عينه.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2553) .
2304- وعنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الجَرَسِ: " مِزْمَارُ الشيطان ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه"،
وكذا ابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: حدثنا أبو بكر بن أبي أويس: حدثني
سليمان بن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2114) ، والبيهقي (5/253) ، وأحمد (2/366
و372) من طرق أخرى عن العلاء ... به.
52- باب في رُكُوبِ الجَلالَةِ
2305- عن ابن عمر قال:
نُهِي عن ركوب الجلالة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا عبد الوراث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال ...(7/308)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
مسدد، فهو على شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه البيهقي (5/254 و 9/333) من طريق المؤلف.
وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر، وهي الآتية بعده.
2306- وعنه قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجَلالَةِ- في الإبل- أن يُرْكَبَ عليها.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سُريجِ الرازي: أخبرني عبد الله بن الجَهْمِ:
حدثنا عمرو- يعني: ابن أبي قيس- عنَ أيوب السَّخْتِيَانِي عن نافع عن ابن
عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي بعضهم كلام لا يضر.
وله طريق أخرى، خرجتها في "إرواء الغليل " (8/150) .
وطريق ثالثة ستأتي في الكتاب في "الأطعمة/25- باب "
والحديث سيعيده المؤلف هناك بإسناده ومتنه؛ إلا أنه زاد فيه:
أو يشرب من ألبانها.
وهكذا أخرجه البيهقي (9/333) من طريق المؤلف وغيره.(7/309)
53- باب في الرجل يُسَمِّي دَابَّتَهُ
2307- عن معاذ قال:
كُنْتُ رِدْفَ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حمار يقال له: عُفَيْرٌ.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، لكن ذِكْرَ الحمار فيه
شاذ عندي، وقد أخرجاه من طريق أخرى عنه بلفظ: ليس بينه وبينه إلا مُؤْخِرَةُ
الرحل.. وهو المحفوظ عندي) .
إسناده: حدثنا هنّاد بن السرِي عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو
ابن ميمون عن معاذ.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير هناد بن السري، فهو على شرط
مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي.
إلا أن في النفس شيئاً من أبي إسحاق- وهو السبيعي عمرو بن عبد الله-؛
فإنه كان اختلط، والقاعدة في مثله أن ما حدَّث به قبل الاختلاط فهو حجة،
وإلا؛ فلا.
وأبو الأحوص الراوي له عنه- واسمه سلام ابن سليم- لم يذكروه في جملة
من سمع منه قبل الاختلاط. وكذلك من تابعه ممن سأذكره.
أضف إلى ذلك أنه موصوف بالتدليس أيضاً، وقد عنعنه كما ترى، وأنه
اضطرب في متنه، فكان تارة يذكر الحمَار فيه- كما في هذه الرواية- وتارة لا يذكره
- كما في رواية حفيده إسرائيل-.
وكذا سفيان ومعمر بن راشد عنه: أخرجه أحمد (5/228) .(7/310)
وتابعه شعبة وسلام عنه: رواه الطيالسي (565) ، وعنه أبو عوانة (1/16) .
وسفيان- وهو الثوري- وشعبة كلاهما سمع من السبيعي قبل الاختلاط.
وتؤيده رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ: عنده أيضاً (5/230) .
نعم؛ قد جاء ذكر الحمار دون اسمه: (عفير) في بعض الطرق عن معاذ،
يرويه الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال:
أتينا معاذ بن جبل، فقلنا: حدثنا من غرائب حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال:
نعم، كنت رِدْفَهُ على حمار، قال: فقال:
(يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد؟ " ...
أخرجه أحمد (5/228 و 236) .
وسنده حسن على شرط مسلم؛ وأبو سفيان- واسمه: طلحة بن نافع- فيه
كلام، والراجح أنه حسن الحديث إذا لم يخالف.
ثم روى (5/238) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم أن
معاذ بن جبل حدثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... به نحوه؛ وفيه تسمية الحمار بـ (يعفور) .
لكن شهر ضعيف.
بَيْدَ أنه قد صح من طريق أخرى عن معاذ خلاف كل ما سبق، فقال همام:
حدثنا قتادة: حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال:
كنت رِدفَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس بيني وبينه إلا مُؤْخِرَةُ الرحل- فقال:
" يا معاذ! ... " الحديث.(7/311)
أخرجه البخاري في " العلم "، وفي " اللباس "، ومسلم (30) ، وأحمد
(5/242) . وقال هو، والبخاري، وكذا أبو عوانة (1/17) :
آخرة الرحل.
والمعنى واحد، وهي- بالمد- الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير،
كما في "النهاية" لابن الأثير.
ويشهد له: ما روى علي بن زيد عن أبي المَلِيحِ الهذَلِي عن رَوْحِ بن عابد عن
أبي العَوَّام عن معاذ بن جبل قال:
كنت رِدْفَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جمل أحمرَ، فقال: "يا معاذ!.. " الحديث.
أخرجه أحمد (5/234) .
وعلي بن زيد- وهو ابن جدعان- لا بأس به فيما نحن فيه من الاستشهاد.
وأما ما أخرجه أحمد- عَقِبَه- من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن أبي
رَزِين عن معاذ بن جبل ... مثله؛ غير أنه قال:
أُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحمار قد شد عليه بَرْدَعَةٌ ...
فإنه منكر أيضا لا يصح؛ لأن عطاء بن السائب كان اختلط؛ وحماد- وهو ابن
سلمة- سمع منه بعد الاختلاط أيضا، هذا مع مخالفته لحديث الرحْل وشاهده.
ولا يقويه ما روى يزيد بن عطاء البزاز: أخبرنا أبو اسحاق عن أبى عُبَيْدَةَ بن
عبد الله بن مسعود عن أبيه قال:
كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمار يقال له: عفير.
أخرجه الطيالسي (2500- ترتيبه) ، وابن سعد في "الطبقات " (1/492) .(7/312)
وذلك لأمور:
1- أنه منقطع بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه باعترافه.
2- أن يزيد بن عطاء هذا في الحديث؛ كما في "التقريب ".
3- أنه لو سَلِمَ من العلتين المذكورتين؛ فلا يصح الاستشهاد به وتقوية حديث
الباب به؛ لأنه من باب تقوية الضعيف بنفسه؛ لأن أبا إسحاق الذي بينهما: هو
السبيعي نفسه، وقد عرفت حاله من حيث الاختلاط والتدليس من جهة،
ومخالفة حديثه لحديث أنس عن معاذ في "الصحيحين " المذكور آنفاً، وكذلك
لحديث شهر، حيث سمَى الحِمار بـ: (يعفور) لا (عفير) .
وكذلك جاءت تسميته بـ (يعفور) في حديثين آخرين مرسلين مختصرين:
عند ابن سعد:
أحدهما: عن علقمة بن أبي علقمة ... بلاغاً.
والأخر: عن جعفر بن محمد عن أبيه ... مرسلاً.
وجملة القول: أن ذكر الحمار في هذا الحديث خطأ من السبيعي، ومن الظاهر
أن ذلك كان في اختلاطه. وقد وجدت ما يؤيد ذلك، وهو ما أخرجه الترمذي
(2645) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أتدرون ما حق الله على العباد؟ ... " الحديث.
فهذا سفيان- وهو الثوري- وقد روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فلم
يذكر فيه ركوبه على الحمار؛ فهذا أصح، وحينئذ فلا تعارض؛ فتأمل.
وإذا عرفت ما سبق من التحقيق؛ فلا حاجة بنا إلى تكلُف تأويل الرحْل بأنه(7/313)
قد يستعمل لغير البعير، كما قال الحافظ في "الفتح "، معتمداً على حديث الباب!
دون أن يشير أقل إشارة إلى حال السبيعي؛ خلافاً لصنيعه في "التقريب " و "مقدمة
الفتح "؛ وأفاد في هذا أنه أحد الأعلام قبل اختلاطه! ولكنه وهم في قوله:
" ولم أر في "البخاري " من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه، كالثوري
وشعبة، لا عن المتأخرين كابن عيينة وغيره "!
قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله تعالى؛ فإن له في "البخاري " من رواية زهير
ابن معاوية وغيره- ممن سمع منه بعد الاختلاط-، وقد خرجت بعض أحاديثهم
في "الأحاديث الضعيفة " () .
والحديث أخرجه مسلم (رقم/30) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو
الأحوص سَلام بن سُليم ... به؛ وتمامه: قال: فقال:
" يا معاذ! تدري ما حقّ الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ". قال:
قلت: الله ورسوله أعلم! قال:
" فإن حق الله على العباد: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً. وحق العباد
على الله عز وجل: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ". قال: قلت: يا رسول الله!
أفلا أُبَشِّرُ الناس؟ قال:
" لا تبشرْهم؛ فيتكلوا ".
وأخرجه البخاري في "الجهاد" من طريق يحيى بن آدم: حدثنا أبو
الأحوص ... به.
لكن ذكر الحافظ أن أبا الأحوص هذا- الذي روى عنه يحيى- ليس هو سلام
ابن سليم، وإنما هو عمار بن رُزيق! فالله تعالى أعلم.(7/314)
وعلى التسليم بأنه هو؛ فلا يدرى أسمع من السبيعي قبل اختلاطه أم بعده،
وإن كان قديم الوفاة (159) ؟ وعلى افتراض الأول؛ فهو قد عنعنه أيضاً في روايته
عنه.
54- باب في النداء عند النفير: يا خيل الله! اركبي!
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
55- بابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ
2308- عن عمران بن حُصَين:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر، فسمع لَعْنَةً، فقال: " ما هذه؟ ".
قالوا: هذه فُلانةُ لعنتْ راحِلَتَها. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ضَعُوا عنها؛ فإنها ملعونة "؛ فوضعوا عنها.
قال عمران: فكأني أنظر إليها ناقةً وَرْقَاءَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وكذا ابن حبان) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قِلابة عن
أبي المُهَلبِ عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وحماد: هو ابن
زيد؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (2/288) ... بإسناد المصنف ومتنه.(7/315)
وأخرجه مسلم (2595) من طريقين آخرين عن حماد بن زيد ... به.
ثم أخرجه هو، والبيهقي (5/254) ، وأحمد (4/429 و 431) من طرق
أخرى عن أيوب ... به؛ وفيه: أن المرأة من الأنصار.
وله شاهد من حديث أبي بَرْزَةَ الأسلمي ... نحوه؛ وفيه: أنها جارية.
أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (4/423) .
ثم أخرجه (6/72 و 138 و 257) من طريقين عن عائشة ... نحوه؛ وفيه:
أنها هي نفسها صاحبة القصة.
فالظاهر أنها متعددة! ويؤيده: أن في رواية أنه رجل. انظر "الإرواء" ((2184) .
56- باب في التحريش بين البهائم
[تحته حديث واحد. انظره في " الضعيف "]
57- باب في وَسْمِ الدوابِّ
2309- عن أنس بن مالك قال:
أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأخِ لي حين وُلِدَ ليُحَنِّكَهُ؛ فإذا هو في مربد يَسِمُ
غنماً- أحسبه قال: في آذانها-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن
مالك.(7/316)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في " الذبائح "، ومسلم (2119) ، وأحمد (3/171
و254) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
ومن طريقه: ابن ماجه (3565) ؛ وزاد:
ورأيته متزراً بكساء.
وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف.
58- باب النهي عن الوَسْمِ في الوجه،
والضرب في الوجه
2310- عن جابر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عليه بِحِمارٍ قد وُسِمَ في وجهه، فقال:
" أمَا بلغكم أني قد لَعَنْتُ من وَسَمَ البهيمة في وَجْهِهَا، أو ضربها في
وجهها؟! "، فنهى عن ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بنحوه) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صرح عنده أبو الزبير بالسماع
في رواية كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2116) وغيره من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو(7/317)
الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به نحوه وهو مخرج في "الإرواء" (2185) .
59- باب في كراهية الحُمُرِ تُنْزَى على الخَيْلِ
2311- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
أُهْدِيَتْ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَة فرَكِبَها. فقال علي: لو حَمَلْنَا الحمير
على الخَيْلِ، فكانت لنا مثل هذه! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما يفعلُ ذلك الذين لا يَعْلَمُونَ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير عن ابن زُرير عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن زُريرٍ
- واسمه عبد الله المصري- وهو ثقة.
والحديث أخرجه النسائي في "الخيل " ... بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه أحمد (1/100) ، وابن سعد في "الطبقات " (1/491) ، وابن حبان
(1639) ، والبيهقي (10/22- 23) من طرق أخرى عن الليث ... به.
ثم أخرجه أحمد (1/158) ، والبيهقي من طرق أخرى عن يزيد بن أبي
حبيب؛ وذكر فيه خلافاً على يزيد لا يضر.
لا سيما وله طريق أخرى، يرويه شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن
أبي الجعد عن علي بن علقمة عن علي رضي الله عنه ... به نحوه: أخرجه
الطيالسي (1191) ، وأحمد (1/98) ، والبيهقي.(7/318)
وهذا إسناد حسن في الشواهد.
وله طريق ثالث عن محمد بن علي عن أبيه عن علي ... مختصراً: أخرجه
أحمد (1/78) .
ثم رواه (4/311) عن دِحْيَةَ الكَلْبِي.
وله شاهد مختصراً عن ابن عباس، تقدم في "الصلاة" (رقم 769) .
60- باب في ركوب ثلاثة على دَابَّةٍ
2312- عن عبد الله بن جعفر قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَدِمَ من سفرِ؛ استُقْبِلَ بنا، فأينا استقبل أولاً؛
جعله أمَامَه، فاستُقْبِلَ بي، فحملني أمَامه، ثم استْقُبِلَ بحسن أو حسين،
فجعله خلفه؛ فدخلنا المدينة وإنا لَكَذَلِكَ.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن
عاصم بن سليمان عن مُوَرَقٍ - يعني: العِجْلِيَّ-: حدثني عبد الله بن جعفر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محبوب بن موسى، وهو
ثقة، وقد توبع كما يأتي.
وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد، وقد توبع.
قال أحمد (1/203) : حدثنا أبو معاوية: حدثنا عاصم ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (2427) .(7/319)
ثم أخرجه هو، وابن ماجه (3773) عن عبد الرحيم بن سليمان عن
عاصم ... به نحوه.
ورواه مسلم وأحمد من طريق ثانية عن عبد الله بن جعفر ... مختصراً.
وأحمد (1/205) من طريق ثالثة ... عنه أتم منه.
وإسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي (5/260) عن أبي معاوية.
وله عنده شاهد مختصر من حديث ابن عباس.
وآخر من حديث عائشة.
61- باب في الوقوف على الدابة
2313- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إياكم أن تتخذوا ظهورَ دوابَّكم منابِرَ؛ فإن الله إنما سخرها لكم
لِتبَلِّغَكم إلى بَلَد لَمْ تكونوا بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الأنْفُس، وجعل لكم الأرض؛
فَعَلَيْهَا فاقْضوا حاجاتِكم ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: حدثنا ابن عَيَّاش عن يحيى بن أبي
عُمَرَ السيْبَانِي عن أبي مريم عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش- وهو إسماعيل-
إنما يُخْشى من روايته عن غير الشاميين، وهذه عن الشاميين.(7/320)
بل رجاله كلهم شاميون، ومنهم أبو مريم هذا، وهو مولى أبي هريرة، وقد وثقه
العجلي والحافظ، وروى عنه جماعة؛ وإن لم يعرفه ابن القطان، كما بينته في
"الصحيحة" (22) .
والحديث أخرجه البيهقي (5/255) من طريق المؤلف، وصححت منه اسم
أبي مريم؛ فإنه وقع في الأصل: (ابن أبي مريم) ! وكذلك وقع في طبعة الشيخ
محمد محيي الدين- منه-، كما كنت نبهت عليه هناك.
62- باب في الجنائب
2314- عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تكون إبلٌ للشياطين، وبيوت للشياطين ... " (*) .
63- باب في سرعة السير،
والنهي عن التعريس في الطريق
2315- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا سافرتم في الخِصْب؛ فأعطوا الإبل حَقَّها، وإذا سافرتم في
الجَدْبِ؛ فأسرعوا السَيْرَ، فإذا أردتم التعريسَ؛ فتنكَّبوا عن الطريق ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان
وابن خزيمة) .
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره ثمة برقم
(443/2) . (الناشر) .(7/321)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/337) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه هو، ومسلم (1926) ، والترمذي (2862) من طرق أخرى عن
سهيل ... به؛ وزادوا:
" فإنها طرق الدواب، ومأوى الهوامِّ بالليل ".
وقد رواه غيرهم كابن خزيمة (2556) ، وابن حبان، وقد خرجته في
"الصحيحة" (1357) من المجلد الثالث، وهو تحت الطبع، يسر الله تمامه (*) ؛ فإنه
يطبع تحت ظروف حرجة، نسأل الله أن يعاملنا بفضله؛ إنه سميع مجيب!
2316- عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو هذا؛ قال- بعد
قوله: "حقَّها"-:
" ولا تَعْدُوا المنازلَ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا هشام عن
الحسن عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن الحسن- وهو البصري-
__________
(*) قد تم طبع "السلسلة الصحيحة" كاملة؛ حتى المجلد السابع. والحمد لله.(7/322)
مدلس، وقد عنعنه.
وهكذا أخرجه أحمد وغيره؛ وساقوا لفظه بتمامه.
ومنه يتبين أن فيه ألفاظاً ومعانيَ لم تَرِدْ في الحديث الذي قبله، ولا شاهد
لها، ولذلك سقته وخرجته في "الأحاديث الضعيفة" (1140) . وإنما أوردته هنا
في هذا "الصحيح "؛ باعتباره أن فيه شاهداً لما قبله، ولو أن المؤلف ساقه بتمامه؛ لما
استسغت إيراده إلا في الكتاب الآخر: "ضعيف أبي داود"؛ فَلْيُعلَمْ هذا؛ لكي لا
يَظُن ظانٌ أن في الأمر تناقضاً!
وقوله فيه: " ولا تعدوا المنازل "؛ هو مفهوم قوله في الحديث الذي قبله:
"فتنكبوا الطريق ". والله أعلم.
64- باب في الدُّلْجَةِ
2317- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" عليكم بالدُلْجَةِ، فإن الأرض تُطْوَى بالليلِ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وكذا ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا عمرو بن علي: حدثنا خالد بن يزيد: حدثنا أبو جعفر الرازي
عن الربيع بن أنس عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثوقون؛ غير أبي جعفر الرازي، فهو سيئ الحفظ.
لكن الحديث صحيح؛ فقد جاء من طريق أخرى عن أنس مرفوعاً ... به.
وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (2555) ، والحاكم على شرط الشيخين!
ووافقه الذهبي!!(7/323)
وأعله بعضهم بالإرسال! وكل ذلك غير مقبول، كما هو مبين في "الصحيحة"
(681) .
وقد أخرجه البزار أيضاً في "مسنده " (1696- كشف الأستار) ، وهو مخرج في
المصدر المذكور برقم (682) ، مع بعض الشواهد من حديث جابر وغيره.
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: أخرجه البزار (1695) .
65- باب: رَبَّ الدابةِ أحقُّ بِصَدْرِها
2318/1- عن بُريدَةَ قال:
بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي؛ جاء رجلٌ ومعه حمارٌ، فقال: يا رسول
الله! اركب، وتأخر الرَّجُل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا! أنت أحقَّ بصدر دابَّتك مني؛ إلا أن تجعله لي ".
قال: فإني قد جعلته لك! فركب.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِي: حدثني علي بن حسين:
حدثني أبي: حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدةَ يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المروزي، وهو
ثقة.
وفي علي بن الحسين- وهو ابن واقد- كلام يسير من قبل حفظه.(7/324)
وكذا القول في أبيه؛ لا سيما وقد خولف في وصله كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (2774) ، والحاكم (2/64) ، والبيهقي (5/258)
من طرق أخرى عن علي بن الحسين بن واقد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
والأقرب ما قاله الترمذي: " حديث حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب
عن قيس بن سعد بن عبادة ".
وتابعه زيد بن الحُبَابِ: حدثني حسين بن واقد ... به.
أخرجه أحمد (5/353) ، وابن حبان (2001) .
وخالفه حَبِيبُ بن الشَّهيد، فقال: عن عبد الله بن بريدة:
أن معاذ بن جبل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدابة ليركبها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رَبَ الدابة أحق بصدرها ". قال معاذ: هي لك يا رسول الله! قال: فركب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأردف معاذاً.
أخرجه البيهقي.
قلت: ولا شك أن هذا المرسل أقوى من الموصول الذي قبله؛ لكنه يتقوى بما له
من الشواهد الكثيرة عن جمع من الصحابة:
منهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رواه أحمد (1/19) . وحبيب بن
مسلمة وقيس بن سعد بن عبادة: عنده أيضاً (3/422) . وإسناده حسن.
وغيرهم ممن خرَّجهم الحافظ الهيثمي (8/107) ، وخرجته عن بعضهم في
"الإرواء " تحت الحديث (494) .(7/325)
66- باب في الدابة تُعَرْقَبُ في الحرب
2318/2- عن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير: حدثني أبي- الذي
أرضعني، وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغَزَاةِ؛ غزاة مؤتَةَ-
قال:
والله! لكأنِّي أنظر إلى جعفر، حين اقتحم عن فَرَس له شَقْرَاءَ،
فَعَقَرَها، ثم قاتل القوم حتى قُتِلَ.
قال أبو داود: " هذا الحديث ليس بالقوي ".
(قلت: إسناده حسن، وتضعيف المؤلف إياه غير ظاهر؛ إلا أن تكون جهالة
اسم والد عَباد في الرضاعة! وهذا غير ضائر؛ لأنه صحابي كما هو الظاهر.
والله أعلم) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفَيْلِي: حدثنا محمد بن سلمة عن
محمد بن إسحاق: حدثني ابن عَباد عن أبيه عَبَّادِ بن عبد الله بن الزبير- قال أبو
داود: هو يحيى بن عَباد-: حدثني أبي- الذي أرضعني، وهو ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون ليس فيهم مغمز؛ إلا ما
يخشى من تدليس ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث.
فلا أدري وجه تضعيف المؤلف لإسناده؛ إلا أن يكون جهالة اسم أبي عباد في
الرضاعة! وذلك مما لا يضر في اصطلاح العلماء؛ لأن الظاهر أنه صحابي،
والصحابة عدول كلهم. والله أعلم.
ثم رأيت الحافظ قد سبقني في "الفتح " (7/511) إلى تحسين إسناده، فالحمد
لله على توفيقه.(7/326)
67- باب في السَّبَقِ
2319- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا سَبَقَ إلا في خُفٍّ، أو حَافِرٍ، أونَصْلٍ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير نافع
ابن أبي نافع، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (10/16) وغيره من أصحاب "السنن " وغيرهم من
طرق عن ابن أبي ذئب.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد، خرجتها في "إرواء الغليل "
(1506) .
2320- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل التي قَدْ ضُمِّرَتْ من (الحَفْيَاءِ) ،
وكان أمَدُهَا (ثَنِيَّةَ الوداع) . وسابق بين الخيل التي لم تُضَمرْ مِنَ (الثنِيةِ)
إلى (مسجد بني زريقِ) ؛ وإن عبد الله كان ممن سابق بها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .(7/327)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله
ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرجاه من طريق مالك وغيره، وهو في "الموطأ" آخر "كتاب الجهاد"، وقد
خرجته في المصدر السابق (1501) .
2321- وفي رواية عنه:
أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُضَمِّرُ الخيلَ، يسابِقُ بها.
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا مُعْتَمِرٌ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو مختصر للذي قبله.
وقد أخرجه أحمد (2/86) من طريق ابن أبي ليلى عن نافع ... به مختصراً؛
دون قوله: يسابق بها.
2322- وفي أخرى عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّق بين الخيل، وفَضَّل القُرَّح في الغاية.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا عُقْبَةُ بن خالد عن عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث في "مسند الإمام أحمد" (2/157) ... بإسناده ومتنه.(7/328)
وتابعه أبو خيثمة: حدثنا عقبة بن خالد ... به: أخرجه ابن حبان (4669) .
68- باب في السَّبَقِ على الرِّجْلِ
2323- عن عائشة رضي الله عنها:
أنها كانت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، قالت: فسابقته، فسبقتُهُ على
رِجْلَيَّ. فلما حملت اللَحْمَ؛ سابقته فسبقني، فقال:
" هذه بتلك السبْقَةِ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو
إسحاق- يعني: الفَزَارِي- عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة
رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير
الأنطاكي، وهو ثقة. وهما إسنادان عن عائشة:
أحدهما: عن هشام عن أبيه عنها ... وقد جاء عنه من طرق.
والآخر: عن هشام عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها.
أخرجهما أحمد وغيره مفصولاً أحدهما عن الآخر، وقد خرجته في "الإرواء "
(1502) ، و "آداب الزفاف ".
ورواه النسائي في " الكبرى" (5/303- 305) ... بالإسنادين.(7/329)
69- باب في المحلَّل
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
70- باب في الجَلَبِ على الخيل في السباق
2324- عن عمران بن حصين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ- زاد يحيى في حديثه- في الرَّهان ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد: حدثنا
عنبسة. (ح) وحدثنا مسدد: حدثنا بشر بن المُفَضَّل عن حمَيْدٍ الطويل جميعاً عن
الحسن عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم رجال "الصحيح "؛ لولا أن الحسن لم
يصرح بالسماع من عمران.
لكنه ينجبر بمجيءِ الحديث عن جمع من الصحابة؛ منهم: عبد الله بن عمرو
ابن العاص. وقد مضى حديثه في أول "الزكاة" (رقم 1419) .
ومنهم: أنس بن مالك: في "المسند" (3/197) . وسنده صحيح.
ومنهم: ابن عباس: في "التلخيص " (4/165) .
والحديث أخرجه البيهقي (10/21) عن المؤلف من الوجه الأول.
والترمذي (1123) من طريق آخر عن بشر بن المفضل.(7/330)
والنسائي في " الخيل "، والبيهقي أيضاً، وأحمد (4/429 و 439 و 443) من
طرق أخرى عن الحسن ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
4325- عن قتادة قال:
الجلب والجنب في الرَّهانِ.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح) .
71- باب في السيف يُحَلَّى
2326- عن قتادة عن أنس قال:
كانت قَبِيعَةُ سيفِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا جرير بن حازم: حدثنا قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وجرير- وإن كان ضعفه
بعضهم في روايته عن قتادة-؛ فإنما ذلك فيما تفرد به، كما يشير إلى ذلك قول ابن
عدي فيه:
" له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه؛ إلا روايته
عن قتادة؛ فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره ".
قلت: فإذا شاركه غيره؛ فذلك دليل على حفظه لما روى، وقد توبع على هذا(7/331)
الحديث كما سترى.
والحديث أخرجه الترمذي (1691) ، والدارمي (2/221) ، وابن سعد في
"الطبقات " (1/487) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 140-
السعادة) ، والبيهقي من طرق عن جرير بن حازم ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب. وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس. وقد روى
بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن ... "؛ فذكر الرواية الآتية بعده.
ورواية همام؛ وصلها ابن سعد في "الطبقات "، فقال: أخبرنا عمرو بن
عاصم: أخبرنا همام وجرير بن حازم ... به.
والنسائي آخر "الزينة "، فقال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا عمرو بن
عاصم ... به؛ ولفظه:
كان نعل سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فِضَّةً، وقبيعة سيفه فضة، وما بين ذلك
حِلَق فضة.
قلت: فهذه متابعة قوية من همام- وهو ابن يحيى البصري-، وهو ثقة من
رجال الشيخين.
وكذلك الراوي عنه عمرو بن عاصم؛ وفيه كلام يسير لا يضر، كما يأتي
بيانه.
2327- وفي رواية عنه عن سعيد بن أبي الحسن قال:
كانت قَبِيعة سيفِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضةً.
قال قتادة: وما علمت أحداً تابعه على ذلك.(7/332)
(قلت: إسناده مرسل صحيح يُقَوَّي ما قبله) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن
قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وسعيد
هذا: هو أخو الحسن البصري.
وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيُّ، وهو ثقة ثبت. ولذلك رَجحَ روايتَهُ
هذه المرسلةَ النسائي على رواية جريرٍ الموصولة، فقال في "الكبرى"- له كما في
"تحفة الأشراف " للمزي (1/301) -:
" وهذا حديث منكر. والصواب: قتادة عن سعيد بن أبي الحسن. وما رواه
عن همام غير عمرو بن عاصم ".
قلت: عمرو هذا من رجال الشيخين كما تقدم، بل هو حافظ ثبت كما قال
الذهبي في "تذكرة الحفاظ"، فتفرده محتمل مقبول كسائر الحفاظ، فاستنكار
النسائي للحديث غير مقبول؛ بعد ثبوت متابعة همام بن يحيى لجرير برواية هذا
الحافظ الثبت عنهما معاً!
وبهذا تعرف الجواب عن تضعيف المؤلف لأحاديث الباب الآتي في آخره،
وتقويته لحديث سعيد بن أبي الحسن! مع أن ظاهر قول قتادة عقب حديث سعيد:
وما علمت أحداً تابعه على ذلك.. فيه استنكار لحديثه، كما ذكره بعض
العلماء المتأخرين احتمالاً، ومال إلى أن صواب العبارة: قال أبو داود.. لا قتادة،
وإلى أن ضمير قوله: (تابعه) يرجع إلى جرير بن حازم، لا إلى سعيد بن أبي
الحسن (1) .
__________
(1) انظر "عون المعبود" (7/248- 250) ، و" بذل المجهود" (12/85- 86) .(7/333)
فإن صح هذا؛ فكأن المؤلف لم يقف على متابعة همام المذكورة، وإلا؛ لما عدل
عنها إلى ذكر رواية عثمان بن سعد الآتية!
وجملة القول: إن الحديث- برواية همام وجرير عن قتادة عن أنس- صحيح لا
شك فيه.
ويزيده قوة: أن له شواهد بالإضافة إلى طريق عثمان الآتية، منها: ما عند
النسائي عن أبي أمامة بن سهل قال:
كانت قبيعة سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فضة.
وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وأبو أمامة معدود في الصحابة، كما
في " التقريب ".
ومنها: ما رواه أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما من طريق أبي الحكم: حدثني
مرزوق الصيْقَلُ قال:
صَقَلْتُ سيفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذا الفقار، فكان فيه قبيعة من فضة، وبَكَرَة في
وسطه من فضة، وحِلَق في قيده من فضة.
ورجاله ثقات؛ غير أبي الحكم، فهو غير معروف، كما يستفاد من "نصب
الراية " (4/233) .
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
كانت نعل سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحِلَقُهُ وقُبَاعَتُهُ من فضة.
أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ. وإسناده صحيح مرسل.(7/334)
2328- وعن عثمان بن سعد عن أنس بن مالك قال: كانت ... فذكر
مثله.
(قلت: حديث صحيح بما قبله) .
قال أبو داود: " أقوى هذه الأحاديث: حديث سعيد بن أبي الحسن.
والباقية ضعاف "!
(قلت: بل الأول صحيح، وما بعده يتقوى به ولا يُعِلُّهُ) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار، حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العَنْبَرِي
عن عثمان بن سعد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن سعد- وهو
الكاتب أبو بكر البصري-، وهو ضعيف.
لكن حديثه هذا صحيح بمجيئه من طريق صحيح عن قتادة عن أنس، كما
تقدم تحقيقه قريباً، وبما له من شواهد، ذكرت بعضها آنفاً.
والحديث أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 140) ، والبيهقي
(4/143) من طريقين آخرين عن يحيى بن كثير ... به.
وللحديث شاهد آخر من حديث مَزِيدَةَ: أخرجه الترمذي وغيره.
لكن فيه زيادة منكرة، أودعته من أجلها في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم
(5406) .(7/335)
72- باب في النبْلِ يُدْخَلُ بهِ المسجدُ
2329- عن جابر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه أمر رجلاً- كان يتصدق بالنبْلِ في المسجد- أن لا يَمُر بها إلا وهو
آخذ بنصُولها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد
المؤلف، وهو والبخاري مختصراً) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وأبو الزبير- وإن كان
معروفاً بالتدليس-؛ فإن الليث- وهو ابن سعد- إنما روى عنه ما صَرحَ فيه
بالتحديث، كما هو معروف في ترجمته.
والحديث أخرجه مسلم (2614) ... بإسناد المؤلف ومتنه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (3/350) من طرق أخرى عن الليث ... به.
وتابعه عمرو بن دينار عن جابر ... به نحوه: أخرجه البخاري (رقم 239-
مختصري للبخاري) ، ومسلم والنسائي في " المساجد "، والدارمي (1/152 و 326) ،
وابن ماجه (3777) ، والبيهقي (8/23) ، وأحمد (8/303) من طرق عنه.
2330- عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا مَر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا، ومعه نَبْلٌ؛ فليُمسك على
نصالها- أو قال: فَلْيَقْبِضْ كَفَّهُ، أو قال: فليقبض بِكَفِّه-؛ أن تصيب أحداً
من المسلمين ".(7/336)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المؤلف
ومتنه) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة عن بُريد عن أبي بردة عن
أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في أول " الفتن "، ومسلم (2615) ... بإسناد
المصنف ومتنه.
وأخرجه ابن ماجه (3778) : حدثنا محمود بن غَيْلان: ثنا أبو أسامة ... به.
وأحمد (4/410) : ثنا وكيع: حدثني بُرَيْدُ بن أبي بردة، ... به.
ثم أخرجه هو (4/400 و 413 و 418) ، والبخاري في "الصلاة" (رقم 240-
المختصر) ، ومسلم من طرق أخرى عن أبي بردة، ... به.
ورواه البيهقي (8/23) .
73- باب في النهي أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلولاً
2331- عن جابر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولاً.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم، وقد صححه الحاكم
على شرطه، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر.(7/337)
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن
سلمة-، فهو من رجال مسلم وحده.
ولولا أن أبا الزبير مدلس- وقد عنعنه- لصححته، ولكنه صحيح على كل
حال؛ فقد صرح بالتحديث في رواية أخرى سأذكرها.
والحديث أخرجه الترمذي (2164) ، والحاكم (4/290) ، وأحمد (3/300
و361) من طرق أخرى عن حماد بن سلمه ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:
" وهذا حديث حسن غريب من حديث حماد بن سلمة. وروى ابن لهيعة
هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر. وعن بَنَّةَ الجهَنِي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث
حماد بن سلمة عندي أصح ".
قلت: ولا شك في ذلك؛ لما عُرِفَ من سوء حفظ ابن لهيعة. وقد وصل
حديثه هذا: الإمام أحمد (3/347) ؛ إلا أنه وقع فيه: عن جابر أن بَنةَ الجهني
أخبره ...
ولعله الصواب، ولفظ حديثه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَر على قوم في المسجد- أو في المجلس- يَسُلون سيفاً بينهم،
يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال:
" لعن الله من يفعل ذلك، أولمْ أزجُرْكم عن هذا؟! فإذا سللتم السيف فَلْيَغْمِدْهُ
الرجل، ثم لْيُعْطِهِ كذلك ".
ويشهد لغالبه: ما روى أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن ابن جريج عن سليمان بن
موسى عن جابر:(7/338)
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَر بقوم في مجلس ... الحديث مثله دونْ اللعْن.
أخرجه أحمد (3/370) . ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن جريج.
لكن أخرجه- عقبه- بالإسناد ذاته عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع
جابراً يحدث ... ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وبه صح الحديث والحمد لله.
وذكر له الحاكم شاهداً من حديث أبي بكرة، وصححه هو والذهبي، وهو
حسن صحيح، قد صرَّح المبارك بن فَضَالة والحسن البصري بالتحديث فيه. فانظر
"المشكاة" (3527) .
ثم رأيت ابن حبان رواه (1854) من طريق أبي عاصم عن ابن جريج قال:
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً ... به مثل رواية أحمد.
وهذا إسناد متصل صحيح.
74- باب في النهي أن يقَدَّ السَّيْر بين إصبعين
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
75- باب في لُبْسِ الدُرُوعِ
2332- عن السائب بن يزيد عن رجل قد سَمَّاه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظاهر يومَ أُحُد بين درعين، أو لَبِسَ درعين.
(قلت: حديث صحيح، وقد حسن الترمذي شاهده من حديث الزبير بن
العوام، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي) .(7/339)
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا سفيان قال: حسبت أني سمعت يزيد بن
خُصَيْفَةَ يذكر عن السائب بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ إلا الرجل الذي نسي اسمه
سفيان- وهو ابن عيينة-، لكن الظاهر أنه صحابي؛ فإن السائب صحابي صغير،
حجَّ به في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين.
لكنهم اختلفوا في إسناده على سفيان على وجوه، لا بد من بيانها:
الأول: رواية مسدد هذه: عن السائب عن رجل قد سماه.
الثاني: قال بشر بن السَّرِي عن سفيان بن عيينة ... به؛ إلا أنه قال: عن
السائب عَمنْ حدثه عن طلحة بن عبيد الله ... به! فزاد في إسناده: عن طلحة.
أخرجه البيهقي (9/47) .
الثالث: قال إبراهيم بن بشار الرَّمَادِيُّ أبو إسحاق: ثنا سفيان ... به عن
السائب.
قال إبراهيم: وجدت في كتابي: عن رجل من بني تَيْم عن طلحة بن
عبيد الله: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
أخرجه البيهقي أيضاً: فزاد على الذي قبله نسبة الرجل الذي لم يُسَم: إلى
(تَيْم) .
الرابع: خالفهم جميعاً هشام بن عمار: عند ابنِ ماجه (2806) ، وأحمدُ
(3/449) - فقال هذا وهشام-: ثنا سفيان ... به عن السائب مرفوعاً؛ فحذفا
الرجل وطلحة؛ إلا أنهما قالا: عن السائب بن يزيد إن شاء الله تعالى.
وهذا شبيه بقول مسدد عن سفيان: حسبت أني ... من حيثُ عدمُ الجزمِ(7/340)
بسماعه له عن يزيد عن السائب.
ولكن قال أحمد عقبه: وحدثنيه مَرةً أحرى فلم يَسْتَثْنِ.
وقد تابعه على ترك الاستثناء: محمد بن أبي عمر العَدَنِيُ- في "شمائل
الترمذي " (104) -، وعلي بن المديني- عند ابن حَيَّان في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(ص 142- طبعة السعادة) -، ويحيي بن الربيع المَكَيُّ- عند البيهقي-، وعبد الله
ابن المبارك، عند ابن سعد (2/46) -؛ إلا أن هذا خالفهم جميعاً فقال: عن
السائب بن يزيد أو غيره!
وهذا اختلاف شديد، قلما نجد مثله فيما اضطرب فيه من الحديث. ومع ذلك
يمكن ترجيح الوجه الثاني والثالث منها على غيرها؛ بقاعدة: (زيادة الثقة مقبولة) ،
وهي فيهما: الرجل عن طلحة.
وعليه يقال: إن كان الرجل صحابياً؛ فالسند صحيح، وإلا؛ فهو بحاجة إلى
ما يشهد له.
وقد وُجِدَ؛ وهو ما رواه محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله
ابن الزبير عن جده عن الزبير رضي الله عنه قال:
فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ذهب لينهض إلى الصخرة، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قد ظاهر بين درعين؛ فلم يستطع أن ينهض إليها، فجلس طلحة بن عبيد الله تحته،
فنهض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى استوى عليها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أوجب طلحة ".
أخرجه الترمذي في " السنن " (1692) ، وفي " الشمائل " (رقم 103- سورية) ،
والحاكم (3/25) ، وعنه البيهقي (9/46) . وقال الحاكم:(7/341)
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وإنما هو حسن فقط؛ للخلاف المعروف في ابن إسحاق. ولذا قال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
76- باب في الرايات والألوية
2333- عن يونس بن عُبَيْد مولى محمد بن القاسم قال:
بعثني محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب يسأله عن راية رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كانت؟ فقال:
كانت سَوْدَاءَ مُرَبعَةً مِنْ نَمِرَة.
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: مربعة ... ، وحسنه الترمذي
والذهبي) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازيً: أخبرنا ابن أبي زائدة: أخبرنا أبو
يعقوب الثقفي: حدثني يونس بن عُبَيْد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة يونس هذا؛ فإنه لا يدرى من هو؟ كما قال
الذهبي في "الميزان ". وذكره ابن حبان على قاعدته في "الثقات "! ووقع في
المطبوعة منه (3/297) : أن الراوي عنه أبو إسحاق السبيعي!
وهو تحريف عجيب، وإنما هو أبو يعقوب الثقفي، كما في الإسناد، وكتب
التراجم- واسمه: إسحاق بن إبراهيم-، وثقه ابن حبان؛ وفيه ضعف كما في
"التقريب ".
لكن للحديث شواهد في الجملة، يتقوى بها:(7/342)
منها: عن ابن عباس قال:
كانت راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوداءَ، ولواؤُه أبيضَ.
أخرجه الترمذي (1681) ، وابن ماجه (2818) ، والحاكم (2/105) ،
والبيهقي (6/362) . وقال الترمذي:
" حسن غريب ".
وله في "كبير الطبراني " (1161) طريق آخر.
وفي "طبقات ابن سعد" (1/455) شاهد آخر مرسل.
وكأنه لذلك قال الذهبي- عقب ترجمة يونس-:
" حديث حسن ".
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف.
والترمذي (1680) ، وأحمد (4/297) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة ... به. وقال الترمذي:
" حسن غريب ".
وعزاه المنذري لابن ماجه! فوهم.
2334- عن جابر ... يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه كان لواؤه يَوْمَ دَخَلَ مكةَ أبيضَ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) .(7/343)
إسناده: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المَرْوَزِي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا شَرِيكٌ عن
عمار الدُهنِيِّ عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لشريك- وهو
ابن عبد الله القاضي- إلا متابعة؛ لضعف في حفظه.
وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه.
والمروزي: هو الإمام ابن راهويه.
والحديث أخرجه النسائي في "الحج " ... بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الترمذي (1679) ، وابن ماجه (2817) ، وابن حبان (1701) ،
والحاكم (2/104- 105) ، وعنه البيهقي (6/362) كلهم من طرق أخرى عن
يحيى بن آدم ... به. وقال الترمذي:
" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك. وسألت
محمداً- يعني: الإمام البخاري- عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه إلا من حديث
يحيى بن آدم عن شريك ".
قلت: قد وجدت له متابعاً قوياً: أخرجه الطبراني في "الكبير" (1758) ،
و"الصغير " (رقم 230- الروض) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا
معاوية بن عمار الدُهْنِيُّ عن أبيه ... به مختصراً؛ بلفظ:
أن راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت سوداء.
هكذا سنده في "الصغير".
وأما في "الكبير" فقال: شريك.. بدل: معاوية بن عمار!(7/344)
ولعل الأول هو الصواب؛ فإنهم لم يذكروا شريكاً في شيوخ ابن عمران، والله
أعلم.
وفي الروايتين- والشيخ فيهما واحد-: سوداء!
وللحديث شواهد؛ منها: حديث ابن عباس الذي أوردته تحت الحديث
السابق.
77- باب في الانتصار بِرُذُلِ الخَيْلِ والضَّعَفَةِ
2335- عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" أبغُوني الضعَفَاءَ؛ فإنما تُنْصَرُونَ بضعفائكم ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفَضْلِ الحَرانِيُّ: ثنا الوليد: ثنا ابن جابر عن زيد بن
أرطاة الفَزَارِيُ عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ الحَضْرَمِي أنه سمع أبا الدرداء يقول ...
قال أبو داود: " زيد بن أرطاة: أخو عَدِيِّ بن أرطاة ".
قلت. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، لا علة فيه سوى ما يخشى
من تدليس الوليد- وهو ابن مسلم- تدليسَ التسويةِ.
وقد تابعه عبد الله بن المبارك وغيره: عند الحاكم (2/106 و 145) وغيره،
وصححه هو والذهبي والترمذي وابن حبان، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة"
(779) ؛ فلا داعي للإعادة.(7/345)
78- باب في الرجل ينادي بالشعار
2336- عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال:
غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه زَمَنَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان شعارنا: أمِتْ
أمتْ!
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا هَنَادٌ عن [ابن] المبارك عن عكرمة بن عَمار عن إياس بن
سَلَمَةَ.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ فهو على شرطه؛
وفي عكرمة بن عمار كلام لا يضر، وقد توبع كما يأتي؛ فهو صحيح.
والحديث أخرجه الحاكم (2/107) ، وعنه البيهقي (6/361) من طريق
عَبْدان: أنا عبد الله ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!!
وعكرمة بن عمار إنما روى له البخاري تعليقاً.
ورواه النسائي في "السير" من "سننه الكبرى"- كما في "تحفة المزي " (4/38) -
من طريقين آخرين عنه ... نحوه.
والمصنف ... أتم منه، كما سيأتي في "البيات " رقم (2371) .
وقد تابعه أبو عُمَيْس عن إياس بن سلمة عن أبيه قال:(7/346)
بارزت رجلاً فقتلته، فَنَفلَنِي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَه، فكان شعارنا مع خالد بن
الوليد: أمِتْ! يعني: اقْتُلْ.
أخرجه الدارمي (2/219) . وسنده صحيح على شرط الشيخين.
والحاكم (2/108) ... مختصراً، وصححه على شرط مسلم، ووافقه
الذهبي.
وشطره الأول: عند البخاري كما يأتي (2383) .
2337- عن المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرَةَ: أخبرني من سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[يقول] :
" إن بُيِّتمْ؛ فليكن شعاركم: حم لا يُنْصَرُون ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن المُهَلبِ بن
أبي صُفْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير المهلب بن. أبي صفرة،
وهو من ثقات الأمراء، كما في "التقريب ".
وسفيان: هو الثوري، سمع من أبي إسحاق قبل اختلاطه.
والحديث أخرجه الحاكم (2/107) ، والبيهقي (6/361) من طرق أخرى عن
محمد بن كثير ... به.(7/347)
والترمذي (1682) ، والحاكم أيضاً من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!!
والمهلب ليس من رجال الشيخين؛ كما أشار إلى ذلك الذهبي نفسه في
"الكاشف "، وقال فيه:
" صدوق دَيَّن شجاع ".
وتابعه شَرِيك عن أبي إسحاق عن المهلب ... به: أخرجه أحمد (4/65
و5/377) من طريق أسود بن عامر عنه.
وخالفه علي بن حَكِيمِ، فقال: ثنا شريك ... به؛ إلا أنه قال: عن البراء بن
عازب.. فسمى الصحابي.
أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي.
وأسود بن عامر ثقة.
وكذا علي بن حكيم.
وقد تابعه الأجلح من جهة.
وخالفه وغيره من جهة أخرى فقال: عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب..
فأسقط من الإسناد: المهلب: أخرجه الحاكم وأحمد (4/289) .
والأجلح- وهو ابن عبد الله- صدوق في نفسه، ولكن قد ضعفه غير واحد؛
فلا يحتج به عند المخالفة، وكون صحابي الحديث البراء أو غيره الذي لم يسم؛ فلا
يضر في صحة الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول، كما هو معلوم عند أهل
السنة.(7/348)
79- باب ما يقول الرجل إذا سافر
2338- عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سافر؛ قال:
" اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل.
اللهم! إني أعوذ بك من وَعْثَاءِ السَّفر، وكآبة المُنْقَلَبِ، وسُوء المَنْظَرِ في
الأهل والمال.
اللهم! اطوِ لنا الأرضَ، وهَوِّنْ علينا السَّفَرَ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. ورواه الترمذي بإسناد آخر عنه- وحسنه-،
وابن حبان عن ابن عباس، ولمسلم بعضه عن عبد الله بن سرجس وعبد الله بن
عمر، ويأتي حديثه عَقِبَهُ) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى: ثنا محمد بن عَجْلان: حدثني سعيد
المَقْبُرِي عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن عجلان،
فأخرج له مسلم مقروناً، وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً.
والحديث أخرجه أحمد (2/433) : ثنا يحيى ... به.
وله طريق أخرى، يرويها شعبة عن عبد الله بن بشر الخَثْعَمِي عن أبي زرعة
عن أبي هريرة ... به؛ وزاد في رواية:
" اللهم! اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ، واقْلِبْنا بذمَّتِكَ ".(7/349)
أخرجه الترمذي (3434) ، والنسائي في " الاستعاذة"، وأحمد (2/401) .
وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
وهو كما قال أو أعلى؛ فإن رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخثعمي، وقد
وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم:
"شيخ ".
وروى عنه جمع من الثقات- غير شعبة- منهم سفيان الثوري.
وله متابع: عند الحاكم (2/99) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ... أتم منه: أخرجه ابن حبان (969) ،
وأحمد (1/256 و 299- 300) ، وابنه أيضاً من طريق أبي الأحوص عن سِمَاك
ابن حرب عنه.
وسنده جيد.
ومن حديث عبد الله بن سرجس: أخرجه مسلم (4/105) ، والترمذي
(3435) ، والنسائي في " الاستعاذة"، وابن ماجه (3888) ، والدارمي (2/287) ،
والطيالسي (1180) ، وأحمد (5/82) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "؛ وليس عندهم الفقرة الأخيرة في طَيِّ الأرض ...
وزادوا:
" ومِنَ الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، ومن دعوة المظلوم ". وزاد مسلم وابن ماجه وأحمد:
وإذا رجع؛ قال مثلها.(7/350)
ورواه- والذي قبله- البيهقي (5/250) .
ومن حديث عبد الله بن عمر، وهو الآتي بعده.
2339- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استوى على بعيره
خارجاً إلى سفر؛ كَبَّرَ ثلاثاً، ثم قال:
" (سبحان الذي سَخَّرَ لنا هذا وما كنا له مقْرِنينَ. وإنا إلى ربّنا
لمُنْقَلِبوُنَ) .
اللهم! إني أسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى.
اللهم! هَوَّنْ علينا سَفَرَنا هذا.
اللهم! اطْوِ لنا البُعْدَ.
اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفة في الأهل والمال ".
وإذا رجع؛ قالَهُنَّ، وزاد فيهن:
" آيِبُونَ تائبونَ عابدونَ، لربِّنا حامدونَ ".
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشُهُ إذا عَلَوُا الثنايا كبَّروا، وإذا هَبَطوا سَبحوا؛
فَوُضِعَتِ الصلاةُ على ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وكذا ابن خزيمة دون قوله: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... وحسنه الترمذي،
لكن قوله: فوضعت الصلاة ... شاذ) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني
أبو الزبير أن علياً الأزْدِي أخبره أن ابن عمر أعلمه ...(7/351)
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وعلي: هو ابن عبد الله البَارِقِي.
والحديث أخرجه مسلم (4/104) ، والنسائي في "التفسير"، و "اليوم والليلة "
من "الكبرى"- كما في " التحفة " (6/16) -، وابن خزيمة (2542) ، وأحمد
(2/150) من طرق عن عبد الرزاق ... به؛ دون قوله: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وجيوشه ... إلخ.
وهكذا هو في "مصنف عبد الرزاق " (9232) .
وقد توبع؛ فرواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2542) من طريقين آخرين عن ابن
جريج ... به.
وقد توبع ابن جريج، فقال الطيالسي في "مسنده " (1931) : حدثنا حماد بن
سلمة عن أبي الزبير ... به دون الزيادة.
ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي (3444) ، والدارمي (2/287) ، وأحمد
(2/144) من طرق أخرى عن حماد ... به. وقال الترمذي:
" حسن غريب من هذا الوجه ".
قلت: ولابن عمر حديث آخر من رواية نافع عنه فيما كان يقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَفَلَ
من حج أو عمرة، فيه التكبير على كل شَرَفٍ ثلاثاً، وقوله: " آيبون ... " دون
قوله: وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... إلخ.
فانقدح في النفس أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث، ليست من قول ابن
عمر؛ لتفرد المؤلف بها عن شيخه الحسن بن علي- وهو الحُلْواني-، وهو ثقة حافظ؛
فهي شاذة، لا سيما قوله فيها: "فوضعت الصلاة على ذلك "! فإني لا أعرف لها
شاهداً؛ بخلاف التكبير والتسبيح، فيشهد له حديث جابر رضي الله عنه قال:(7/352)
كنا إذا صَعدْنا؛ كَبَّرْنا، وإذا نَزَلْنا؛ سَبحْنا.
أخرجه البخاري (2693- فتح) ، والدارمي (2/288) ، وابن خزيمة (2562) ،
وأحمد (3/333) .
وفي رواية نافع المشار إليها التكبير فقط ثلاثاً. وستأتي عند المؤلف في آخر هذا
الكتاب؛ "الجهاد"- إن شاء الله تعالى-.
ثم تأكدت من الإدراج المذكور، حين رأيت عبد الرزاق روى هذه الجملة
المدرجة منفصلة عن الحديث (برقم 9245) عن ابن جريج قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... إلخ.
فهي عنده معضلة، أدرجها بعضهم في الحديث؛ فصارت متصلة! ولا تصح.
وجملة: " آيبون ... " إلخ؛ لها شاهد من حديث البراء بن عازب رضي
الله عنه: عند ابن حبان (970 و 971) ، و "مصنف عبد الرزاق " (9240) ،
وكذا الترمذي (3536) - وصححه-، والطيالسي (716) ، وأحمد (4/281 و 289
و300) .
80- بابٌ في الدّعاءِ عند الوَدَاع
2340- عن قَزَعَةَ قال:
قال لي ابن عمر: هَلُمَ أُوَدَعْكَ كما وَدَّعَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أسْتَوْدعُ اللهَ دِينَكَ، وأمَانَتَكَ، وخَواتِيمَ عَمَلِكَ ".
(قلت: حديث صحيح لطرقه، صحح بعضها الترمذي وابن حبان والحاكم
والذهبي) .(7/353)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن
إسماعيل بن جرير عن قَزَعَةَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في عبد العزيز بن
عمر- وهو الأُمَوِي ابن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز-.
وإسماعيل بن جرير لَينُ الحديث.
وفي الإسناد عِلة أخرى؛ وهي الاختلاف على عبد العزيز في إسناده: فرواه
عنه بعضهم هكذا. وبعضهم أسقط منه إسماعيل بن جرير.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له طرقاً أخرى، قد خرجتها مع هذه الطريق في
"الأحاديث الصحيحة" (رقم 14) ؛ فأغنى عن الإعادة.
2341- عن عبد الله الخَطْمِي قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يَسْتَوْدع الجيشَ؛ قال:
" أسْتَوْدع اللهَ دِينَكُم، وأمَانَتَكُمْ، وخَواتِيمَ أعمالِكُمْ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
خُرِّج في "الصحيحة" (15) .
81- باب ما يقول الرجل إذا ركب
2342- عن علي بن رَبِيعَةَ قال:
شَهِدْتُ علياً رضي الله عنه أُتِي بِدَابةٍ لِيَرْكَبَها، فلما وضع رِجْلَهُ في
الركاب؛ قال:(7/354)
بسم الله.
فلما استوى على ظهرها؛ قال:
الحمد لله. ثم قال:
(سبحان الذي سَخرَ لنا هذا وما كُنا له مُقرِنين. وإنا إلى رَبِّنا
لَمُنْقَلِبُونَ) . ثم قال:
الحمد لله (ثلاث مرات) . ثم قال:
الله أكبر (ثلاث مرات) . ثم قال:
سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا
أنت. ثم ضحك. فقيل: يا أمير المؤمنين! مِنْ أيِّ شيء ضَحِكْتَ؟ قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل كما فعلت، ثم ضَحِكَ، فقلت: يا رسول الله!
مِنْ أيِّ شَيْء ضَحِكْتَ؟ قال:
" إن رَبَّك يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إذا قال: اغفر لي ذنوبي؛ يَعْلَمُ أنه لا يغفرُ
الذنوبَ غيري ".
(قلت: حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أبو إسحاق الهَمْدَاني عن علي
ابن ربيعة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وأبو الأحوص: اسمه
سَلام بن سُلَيْم الحَنَفِي- مولاهم-.(7/355)
وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيّ، وهو مدلس؛ وكان قد اختلط، وقد جاء ما يدل
على أنه أسقط واسطتين بينه وبين علي بن ربيعة: فذكر الحافظ المِزِّي في "التحفة"
(7/436) : أن عبد الرحمن بن مهدي قال:
عن شعبة: قلت لأبي إسحاق: ممن سمعته؟ قال: من يونس بن خَبّاب.
فلقيت يونس بن خباب؛ قلت: ممن سمعته؟ قال: من رجل سمعه من علي بن
ربيعة. رواه شعيب بن صفوان عن يونس بن خَبَّاب عن شَقِيقِ بن عُقْبَةَ الأسَدِيِّ
عن علي بن ربيعة ". انتهى ما في "التحفة".
وأقول: ويعكر على قول أبي إسحاق- المذكور- ما رواه عبد الرزاق عن معمر
عنه قال: أخبرني علي بن ربيعة:
أنه شهد علياً حين ركب ... الحديث.
أخرجه البيهقي (5/252) ؛ وسنده صحيح إلى أبي إسحاق.
فالظاهر أن هذا من تخاليطه؛ لأن معمراً ممن روى عنه بعد الاختلاط.
ثم وجدت الحديث في "مسند أحمد" (1/115) ؛ رواه عن عبد الرزاق: ثنا
معمر عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، قاله مرة. قال عبد الرزاق: وأكثر ذاك
يقول: أخبرني من شهد عليّاً حين ركب ...
فهذا يؤكد أن أبا إسحاق لم يحفظ الحديث يقول: أخبرني، فكان يضطرب
في إسناده، فتارة يقول: عن علي بن ربيعة- وهي رواية الجماعة-، وتارة يقول:
أخبرني علي بن ربيعة- وهي رواية البيهقي-. ونحوها رواية أحمد؛ إلا أنه لم يُسَمِّ
علي بن ربيعة.(7/356)
وكل ذلك من اختلاطه، وتأيد ذلك بتصريحه قبل اختلاطه بأنه سمعه من
يونس بن خباب؛ كما تقدم في سؤال شعبة إياه، وهو قد سمع منه قبل
الاختلاط.
ويونس هذا فيه ضعف؛ فهو علة هذه الطريق!
لكنه قد جاء من طريق أخرى كما يأتي؛ فالحديث بها صحيح إن شاء الله
تعالى.
والحديث أخرجه الترمذي (3443) ، وفي " الشمائل " (233- حمص)
و (مختصري له) ، والنسائي في "سير الكبرى"، وابن حبان (2381) كلهم بسند
واحد عن قتيبة بن سعيد: حدثنا أبو الأحوص ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "!
ثم رواه النسائي وابن حبان (2380) ، والحاكم (2/99) ، وأحمد (1/97
و128) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به.
وأخرجه الحاكم من الطريق الأخرى عن المِنْهَال بن عمروٍ عن علي بن
ربيعة ... به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
والمنهال إنما روى له البخاري فقط.
82- باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](7/357)
83- باب في كراهِيَةِ السَّيْرِ في أوَّلَ الليلِ
2343- عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ إذا غَابَتِ الشمسُ؛ حتى تَذْهَبَ فَحْمَة العِشَاءِ؛
فإن الشياطينَ تَعِيثُ إذا غابتِ الشمسُ؛ حتى تذهب فَحْمَة العشاء ".
قال أبو داود: " الفواشي: ما يفشو من كل شيء ".
(قلت: حديث صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة
وابن خزيمة في "صحاحهم "، وأخرجوه هم والبخاري من طريق أخرى تأتي في
آخر "الأشربة") .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شُعَيْبٍ الحَراني: ثنا زهير: ثنا أبو الزبير عن
جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أن أبا الزبير مدلس،
وقد عنعنه.
وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة.
وأحمد بن أبي شعيب نسب إلى جده، واسم أبيه: عبد الله، وقد توبع كما
يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/106) ، وأبو عوانة (5/333) ، وأحمد (3/312
و386 و 395) من طرق عن زهير ... به؛ وزادوا:
"وصبيانكم ".
وتابعه سفيان وحماد وفِطْرُ بن خليفة عن أبي الزبير ... به: أخرجه مسلم(7/358)
وأحمد (3/362) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (2560) .
وتابعه عطاء بن يسار عن جابر ... به نحوه: أخرجه الشيخان وأبو عوانة
وغيرهم، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (39) ، وسيأتي عند المصنف في آخر
" الأشربة "، وليس فيه عندهم ذكر: الفواشي.
84- باب في أيِّ يوم يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ؟
2344- عن كعب بن مالك قال:
قَلمَا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُج في سَفَرٍ إلا يَوْمَ الخميس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وابن
خزيمة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد
عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/250) من طريق أخرى عن سعيد بن
منصور ... به.
وأخرجه البخاري (2949) من طريق أخرى عن ابن المبارك ... به.
وابن خزيمة (2517) ، والبيهقي من طريق ابن وهب: أخبرني يونس ... به.
وأحمد (3/456 و 6/387) .(7/359)
وعزاه البيهقي لمسلم أيضاً! وما وجدته فيه!
والمنذري للنسائي فقط؛ وقلَّده الدَّعَّاس! فقصَّرا!
وهو عند النسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة" (8/320) - عن ابن
وهب.
85- باب في الابتكار في السفر
2345- عن صَخْرٍ الغَامِدِيِّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اللهمَّ! بارك لأُمتي في بُكُورها ".
وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشاً؛ بعثهم من أول النهار.
وكان صخر رجلاً تاجراً، فكان يبعث تجارته من أول النهار، فَأثرَى
وكَثُرَ ماله.
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وقوّاه ابن
عبد البر والمنذري والحافظ ابن حجر والسخاوي) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا هُشَيْمٌ: ثنا يعلى بن عطاء: ثنا عُمَارَةُ
ابن حَدِيدٍ عن صخر الغامدي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمارة بن حديد، وهو
مجهول كما قال غير واحد.
وذكره ابن حبان في "الثقات " (3/200) ! وقال العجلي:
" حجازي تابعي ثقة "!(7/360)
ولعل هذا القول منه كان السببَ الذي حملني على أن جَوَّدتُ إسناد الحديث
في تعليقي على "المشكاة" (3908) ، وكان ذلك قبل أن يتبين لي أن العجلي
متساهل في التوثيق مثل تساهل ابن حبان أو نحوه، فالحمد لله على هدايته،
وأسأله المزيد من فضله وتوفيقه! لكن الحديث صحيح كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (1246) : حدثنا شعبة قال:
أخبرني يعلى بن عطاء ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه الدارمي (2/214) ، وكذا النسائي في "سير
الكبرى"- كما في "التحفة " (4/161) -، وأحمد (3/416) .
وأخرجه الترمذي (1212) ، وابن ماجه (2236) - من طريق هشيم-،
والطبراني في "الكبير" (7275 و 7276) - من الوجهين-، ومن وجه ثالث
- (7277) - عن يعلى بن عطاء ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ".
يعني: لطرقه، وهو كما قال أو أعلى؛ فقد جاءت له شواهد كثيرة عن جمع
كثير من الصحابة، خرجت أحاديث عشرة منهم في "الروض النضير"، تحت
حديث ابن عمر (490) ؛ وهو أحدهم، وذكرت هناك أقوال من قوّاه من العلماء
الذين سبق ذكرهم، فلا ضرورة للإطالة بذكرها.
86- باب في الرجل يسافر وحده
2346- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة رَكْبٌ ".
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي وابن(7/361)
خزيمة، وحسن الحافظ إسناده) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن
حرملة عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب
وأبيه، وهو إسناد حسن، كما تقدم تقريره مفصلاً برقم (124) ؛ ولذلك قال
الحافظ ابن حجر:
" وهو حديث حسن الإسناد ".
والحديث أخرجه الترمذي وغيره من طريق مالك وغيره، وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وهو مخرج في "الصحيحة" (62) ، فأغنى عن الإعادة؛
غير أني أزيد هنا فأقول:
إنه رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2570) عن يحيى بن سعيد عن ابن
عجلان عن عمرو ... به.
وخالفه المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي فقال: ثنا ابن عجلان عن أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة ... به مرفوعاً؛ ذكره الحاكم (2/102) شاهداً لحديث
الباب، وتبعه الحافظ في "الفتح " (6/53) . ثم قال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأقره العسقلاني! وفي ذلك
نظر من وجهين:
الأول: أن ابن عجلان ليس على شرط مسلم؛ وإنما روى له تبعاً.
والمخزومي لم يرو له مسلم أصلاً، وإنما البخاري، ثم هو إلى ذلك صدوق يهم،
كما في "التقريب ".(7/362)
والآخر: أنه- مع وهمه- قد خالف يحيى بن سعيد- الجبل ثقة وحفظاً- في
إسناده كما ترى؛ فمثله لا تطمئن النفس للاستشهاد بما خالف فيه! فتأمل.
وقد خالف مالكاً: ابن أبي الزناد، فرواه عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة ... مرفوعاً نحوه.
وابن أبي الزناد فيه ضعف؛ لا سيما عند المخالفة، لكن الراوي عنه فيه
جهالة، ولذلك خرجته في "الضعيفة " (3767) .
87- باب في القوم يسافرون؛ يؤمِّرون أحدهم
2347- عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا خرج ثلاثة في سَفَرٍ؛ فليؤمِّروا أحدهم ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والضياء
المقدسي في "المختارة") .
إسناده: حدثنا علي بن بحر بن بَري: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن
عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في ابن عجلان.
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة وأبو يعلى، كما كنت خرجته في "الصحيحة"
(1322) . وأزيد هنا فأقول:
ورواه البيهقي (5/257) من طريق المصنف.
وقد وجدت له شاهداً من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(7/363)
" إذا خرج ثلاثة مسلمين في سفر؛ فليؤمَّهم أقْرَؤهم لكتاب الله؛ وإن كان
أصغرهم، فإذا أمهم؛ فهو أميرهم ".
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (1/344- هند) : حدثنا وكيع عن ثور
الشامي عن مهاجِر بن حبيب عنه.
وهذا سند مرسل صحيح.
وقد خالفه محمد بن الزبرِقان: ثنا ثور بن يزيد عن مهاصر عن أبي سلمة عن
أبي هريرة ... مرفوعاً به؛ دون لفظ: " ثلاثة مسلمين".
أخرجه البزار (1671) من طريق عبد الله بن رُشَيْدٍ عن ابن الزبرقان.
وهذا ثقة.
لكن ابن رشيد لم أعرفه.
ومهاصر ثقة عند ابن حبان، وقال أبو حاتم:
" لا بأس به ".
وتابعه نافع في الرواية الآتية.
2348- وفي رواية: عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا كان ثلاثة في سفر؛ فليؤمِّروا أحدهم ".
قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: فأنت أميرنا.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .(7/364)
إسناده: حدثنا علي بن بَحْرٍ: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان
عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو عين إسناد الرواية الأولى؛ إلا أنه فيها جعله
من (مسند أبي سعيد) ، وفي هذه جعله من (مسند أبي هريرة) ، ومدارهما على
ابن عجلان، وقد عرفت ما فيه من الضعف اليسير، والظاهر أن هذا
الاختلاف منه، فقد تكلموا في روايته عن سعيد المقبري وعن نافع، وهذه عن
نافع كما ترى.
وقد كنت نقلت في " الإرواء" (8/106) عن يحيى أنه وصفه بأنه مضطرب
الحديث عن نافع.
ومما يؤكد ذلك: أنني رأيته قد رواه على وجه ثالث، فقال البزار (1673) :
حدثنا إبراهيم بن المستمر: ثنا عُبَيْسُ بن مرحوم: ثنا حاتم بن إسماعيل ... به إلا
أنه جعله من (مسند ابن عمر) !
وقد كنت جعلته هناك شاهداً لحديث الباب؛ اغتراراً بقول الهيثمي:
" ورجاله رجال "الصحيح "؛ خلا عُبَيْسِ بن مرحوم، وهو ثقة "!
والآن تبين لي أنه لا يصلح شاهداً؛ لأن مداره على ابن عجلان! وهذا من
فوائد الرجوع إلى الأصول، فبها تتجلى الحقائق لكل ذي بصيرة في هذا العلم
الشريف، ولكني أقول كما قلت هناك: أن هذا الاضطراب لا يؤثر في صحة
الحديث؛ لأنه تردد بين صحابي وآخر، وكلهم عدول؛ والله أعلم.
ولا سيما وله شاهد من حديث عمر، وسنده صحيح. وبالله التوفيق.(7/365)
88- باب في المصحف يُسَافَرُ [به] إلى أرض العدو
2349- عن عبد الله بن عمر قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُسَافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو- قال مالك:
أراه- مَخَافَةَ أن ينالَهُ العَدُوُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عندهما
قول مالك: أراه ... وهو عند مسلم من تمام الحديث مرفوعاً، وهو الصواب) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله
ابن عمر قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه عن مالك؛
دون قوله في آخره: قال مالك ... إلخ.
وهو في "جهاد الموطأ" بتمامه.
والصواب: أن هذا مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما رواه بعضهم عن مالك.
وتابعه على رفعه جمع من الثقات، رووه عن نافع.
وتابعه عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وقد خرجتها في "إرواء الغليل "
(8/185- 186) ؛ فمن شاء؛ رجع إليه.
89- باب فيمن يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا
2350- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمئة ... " (*) .
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ إلى نقله إلى "الضعيف " فانظره ثمة برقم (449/2) . (الناشر) .(7/366)
90- باب في دعاء المشركين
2351- عن سليمان بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث أميراً على سَرِيَّةٍ أو جيشٍ؛ أوصاه بتقوى
الله في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال:
" إذا لقيت عَدُوَّكَ من المشركين؛ فادْعهُمْ إلى إحدى ثلاث خصال- أو
خلال-، فأيتُها أجابوك إليها؛ فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم:
ادْعُهُمْ إلى الإسلام؛ فإن أجابوك؛ فاقبل منهم، وكُف عنهم. ثم
ادْعُهُمْ إلى التحَوّلِ من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلِمْهم أنهم إن فعلوا
ذلك؛ أن لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبَوْا،
واختاروا دارهم؛ فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم
حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفَيْءِ والغنيمة،
نصيبٌ؛ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
فإن هم أبَوْا؛ فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا؛ فاقبل منهم وكُف
عنهم.
فإن أبَوْا؛ فاستعن بالله تعالى عليهم وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حِصْن، فأرادوك أن تُنْزِلَهم على حكم الله تعالى؛
فلا تنزلهم؛ فإنكم لا تدرون ما يَحْكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على
حكمكم، ثم اقضوا فيهم بَعْدُ ما شئتم ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال(7/367)
الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان عن علقمة
ابن مَرْثَد عن سليمان بن بريدَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري شيخ
المؤلف، وهو ثقة.
وقد توبع من جمع، منهم الإمام أحمد (5/352) : ثنا وكيع ... به.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه البيهقي (9/184) من طريق المؤلف.
ورواه هو، ومسلم وأبو عوانة وغيرهم من طرق أخرى عن سفيان ... به. وهو
مخرج في "إرواء الغليل " (1247) من مصادر عديدة من دواوين السنة؛ فليراجعه
من شاء الوقوف عليها.
2352- وعن النعمان بن مُقَرَّن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثل حديث
سليمان بن بريدة.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم أيضاً، وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: قال المؤلف عقب الحديث السابق: "قال سفيان: قال علقمة:
فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حَيّان، فقال: حدثني مسلم- هو ابن هَيْصَم- عن
النعمان بن مُقَرَّن ... ".(7/368)
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً؛ فإنه موصول بإسناد المؤلف المتقدم عن
سفيان، وليس معلقاً كما قد يتبادر لبعض الأذهان!
وكذلك أخرجه مسلم وأبو عوانة وغيرهما. وهو مخرج في "الإرواء" كما
تقدم.
وهيصم: بفتح الهاء، وسكون الياء المثناة من تحت، ثم صاد مهملة، كما في
"مختصر المنذري "، و"شرح مسلم " للنووي. ووقع في " التهذيب " و" التقريب "
وغيرهما بالضاد المعجمة! وهو تصحيف.
2353- وفي رواية عن سليمان بن بريدة عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا
تغدِروا، ولا تَغُلُّوا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود والترمذي،
وقال: "حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق
الفَزَارِيّ عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة.
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله بحديث، رجاله ثقات رجال مسلم؛
غير أبي صالح الأنطاكي، وهو ثقة.
وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وقد توبع عليه عند مسلم وغيره، وهو عندهم طرف من الحديث المشار إليه
آنفاً.(7/369)
91- باب في الحَرْقِ في بلاد العَدُو
2354- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ النضِيرِ، وقطع؛ وهي البُوَيْرة، فأنزل الله
عز وجل: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
وابن الجارود في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (9/83) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري في "تفسير الحشر" (6/58- إستانبول) ، ومسلم (5/145) ،
والترمذي (1552) - وقال: " حديث حسن صحيح "- كلهم عن شيخ المؤلف ...
بإسناده ومتنه.
وكذلك رواه النسائي في "السير"، و "التفسير" من "الكبرى"- كما في
"التحفة" (6/195) -.
ثم أخرجه مسلم وابن ماجه (2844) ، وأحمد (2/123 و 140) ، والبيهقي
من طرق أخرى عن الليث ... به.
وكذا رواه أبو عوانة في "مستخرجه " (4/99) .
والبخاري (3/67 و 4/23) ، ومسلم وأبو عوانة والدارمي (2/222) ، وابن
ماجه (2845) ، وابن الجارود (1054) ، والطيالسي (1833) ، وأحمد (2/7 و 52(7/370)
و 80 و 86) ، والبيهقي من طرق أخرى عن نافع ... به؛ وزاد الشيخان وغيرهما:
ولها يقول حسان:
وَهَانَ على سَرَاةِ بني لُؤَي ... حَرِيق بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ.
92- باب في بعث العيون
2355- عن أنس قال:
بَعَثَ- يعني- النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُسيسة) عيناً ينظر ما صنعتْ عِيرُ أبي
سفيان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" عن
شيخ المؤلف، وأبو عوانة) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا سليمان- يعني:
ابن المغيرة- عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/44) عن شيخ المؤلف هذا وإسناده، وبلفظه ولكنه
أتم.
وأخرجه أحمد (3/136) : ثنا هاشم ... به.
ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة (5/35- 37) ، والبيهقي (9/43 و 148) من
طرق أخرى عن هاشم ... به.(7/371)
93- باب في ابن السبيل يأكل من التمر
ويشرب من اللبن إذا مَرَّ به
2356- عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا أتى أحدُكم على ماشية؛ فإن كان فيها صاحبها؛ فليستأذنه، فإن
أذن له؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليَشْرَبْ، فإن لم يكن فيها؛ فليُصَوِّتْ ثلاثاً، فإن أجابه
فليستأذنه، وإلا؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليشربْ، ولا يحملْ ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه ابن
حبان من حديث أبي سعيد الخدري نحوه) .
إسناده: حدثنا عَياش بن الوليد الرقَام: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن قتادة
عن [الحسن عن] سمرة بن جندب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا الرقام؛ فهو من شيوخ
البخاري، فالسند صحيح؛ لولا عنعنة الحسن البصري، ومع ذلك حسنه الترمذي!
لكن له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، رواه جمع وصححه ابن حبان،
وقد خرجته مع حديث الباب في "الإرواء" (2521) ؛ فليراجعه من شاء.
والحديث أخرجه البيهقي (9/359) من طريق المؤلف.
2357- عن عَبّاد بن شُرَحْبِيلَ قال:
أصابتني سَنَةٌ، فدخلت حائطاً من حِيطَانِ المدينة، فَفَرَكْتُ سُنْبُلاً،
فأكلتُ وحَمَلْتُ في ثوبي، فجاء صاحبه، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له:(7/372)
" ما علَّمتَ إذ كان جاهلاً، ولا أطعمت إذ كان جائعاً- أو قال:
ساغباً-؟! ".
وأمره فردَّ علي ثوبي، وأعطاني وَسْقاً أو نصف وَسْقٍ من طعام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم والذهبي
وابن القيم) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أبي بشر
عن عَبَّاد بن شرحبيل.
حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر قال:
سمعت عَبَادَ بن شرحبيل رجلاً من بني غُبَرَ ... بمعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عَبَّاد، ولا يضر؛ فإنه
صحابي معروف.
والحديث أخرجه أحمد وغيره من طرق عن شعبة ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة"
(453) ، وأزيد هنا فأقول.
إن ابن القيم قد حكى في "تهذيب السنن " (3/425) عن بعض الناس أنه
تكلف في إعلال الحديث تكلفاً بارداً! وجزم ابن القيم بأنه صحيح الإسناد؛ فمن
شاء؛ رجع إليه.
94- باب من قال: إنه يأكل مما سقط
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](7/373)
95- باب فيمن قال: لا يَحْلُبُ
2358- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يحلُبَنَ أحدٌ ماشِيةَ أحد بغير إذنه، أيُحِبُّ أحدُكم أن تؤتى
مَشْرُبَتُهُ، فتُكْسَرَ خِزانَتُهُ، فَيُنْتَشَلَ طعامُه؟! فإنما تخزُنُ ضروع مواشيهم
أطعمتهم؛ فلا يحلُبَنّ أحد ماشية أحد إلا بإذنه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وعبد الله بن مسلمة: هو القَعْنَبِي؛ وقد توبع.
والحديث أخرجه البيهقي (9/358) من طريق أخرى عن القعنبي.
وهو في "الموطأ "- " باب الاستئذان "، ومن طريقه الشيخان.
وقد توبع؛ وهو مخرج في "إرواء الغليل " (8/161) .
96- باب في الطاعة
2359- قال ابن عباس:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) :
في عبد الله بن فيس بن عَدِي، بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سَرِية.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في(7/374)
"صحاحهم ". وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا حجاج: قال ابن جريج: (يا أيها الذين
آمنوا ... ) الحديث: أخبرنيه يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وقلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
ويعلى: هو ابن مسلم بن هُرْمُزٍ المَكيَ.
والحديث أخرجه مسلم (6/13) ... بإسناد المؤلف وغيره عن حجاج.
وأخرجه أحمد (1/337) : ثنا حجاج عن ابن جريج ... به.
وأخرجه البخاري (5/180) ، وأبو عوانة (4/442) ، والترمذي (1672)
- وقال: " حسن صحيح غريب "-، والنسائي في "البيعة"، وابن الجارود
(1040) .
2360- عن علي رضي الله عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث جيشاً، وأمَّرَ عليهم رجلاً، وأمرهم أن يسمعوا
له ويُطيعوا، فأجَّج ناراً، وأمرهم أن يقتحموا فيها! فأبى قوم أن يدخلوها
وقالوا: إنما فررنا من النار، وأراد قوم أن يدخلوها. فبلغ ذلك النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فقال:
" لو دخلوها- أو دخلوا فيها- لم يزالوا فيها "! وقال:
" لا طاعة في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .(7/375)
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن زُبَيْد عن سعد بن عُبَيْدة،
عن أبي عبد الرحمن السُلَمِيِّ عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (89 و 109) : حدثنا شعبة ... به.
والبخاري (8/134) ، ومسلم (6/15) ، وأبو عوانة (4/451- 452) ،
والنسائي في "البيعة"، وأحمد (1/94) من طرق عن شعبة.
وتابعه الأعمش عن سعد بن عبيدة ... به: أخرجه البخاري (5/107
و7/106) ، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (1/82 و 124) .
2361- عن عبد الله (يعني: ابن عمر) عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال:
" السمع والطاعة على المرء المسلم: فيما أَحَبَّ وكَرِهَ؛ ما لم يؤمر
بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصية؛ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المؤلف ومتنه، ومسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال الترمذي: " حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن عبد الله عن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/7 و 8/105) ... بإسناد المؤلف ومتنه.(7/376)
وأبو عوانة (4/451) من طريق المؤلف وغيره عن مسدد.
وتابعه أحمد (2/17) : ثنا يحيى ... به.
وأخرجه هو (2/142) ، ومسلم (6/15) ، وأبو عوانة والترمذي (1707) ،
والنسائي في "البيعة "، وابن الجارود (1041) من طرق أخرى عن عبيد الله- وهو
ابن عمر؛ كما صرحت رواية الترمذي.
أو ابن أبي جعفر المصري، كما في رواية النسائي.
وكلاهما روى عن نافع، وروى عن كل منهما الليث بن سعد، وسندهما عنه
واحد! فالله أعلم.
2362- عن بِشْرِ بن عاصم عن عقبة بن مالك- من رَهْطِهِ- قال:
بَعَثَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فسلَّحتُ رجلاً منهم سَيْفاً، فلما رجع؛ قال:
لو رأيتَ ما لامنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قال:
" أعَجَزْتُمْ إذ بعثت رجلاً- فلم يَمْضِ لأمري- أن تجعلوا مكانه مَنْ
يَمْضِي لأمري؟! ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِينٍ: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: ثنا سليمان
ابن المغيرة: ثنا حُمَيْدُ بن هلال عن بشر بن عاصم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عاصم
- وهو الليثي- وثقه النسائي وابن حبان (4/68) ، وروى عنه جمع، وصحح له من
يأتي.(7/377)
والحديث أخرجه أحمد (4/110) : ثنا عبد الصمد ... به.
وأخرجه الحاكم (2/115) من طريق أخرى عن ابن معين.
وابن حبان (1553) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي- وهو ابن راهويه-:
ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
97- باب ما يُؤْمَرُ مِنِ انضمامِ العَسْكَرِ، وسعته
2363- عن أبي ثعلبة الخُشَنِي قال:
كان الناس إذا نزلوا منزلاً (وفي رواية: كان الناس إذا نزل رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلاً) ؛ تَفَرقُوا في الشَعَابِ والأودية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن تفرَقَكُمْ في هذه الشعَابِ والأوديةِ إنما ذلكم من الشيطان ". فلم
ينزل بَعْدَ ذلك منزلاً؛ إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بُسِطَ
عليهم ثَوْبٌ لَعَمهُمْ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ويزيد بن قبَيْس- من أهل جَبَلَةَ:
ساحلِ حِمْص، وهذا لفظ يزيد- قالا: ثنا الوليد عن عبد [الله بن] العلاء أنه سمع
مسلم بن مِشْكَم أبا عبيد الله يقول: ثنا أبو ثعلبة الخشني قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه النسائي في "السير- الكبرى"- كما في "التحفة"(7/378)
(9/133) - ... بإسناد المؤلف الأول: عمرو بن عثمان ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم (2/115) ، وقال:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان (1664) ، وأحمد (4/193) من طرق أخرى عن الوليد بن
مسلم ... به.
وإسنادهما كله مسلسل بالسماع.
وتابعه عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير عن عبد الله بن
العلاء بن زَبْرٍ ... به: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " (14/9/2) .
لكن عيسى هذا ضعيف، من رجال "الميزان ".
2364- عن سهل بن معاذ بن أنس الجهَنِيِّ عن أبيه قال:
غزوت مع نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوةَ كذا وكذا، فضيَّق الناسُ المنازلَ، وقطعوا
الطريق، فبعث نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منادياً ينادي في الناس: أن
" مَنْ ضيق منزلاً، أو قطع طريقاً؛ فلا جهاد له ".
(قلت: حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عياش عن أسِيدِ بن
عبد الرحمن الخثعمي عن فَرْوَةَ بن مجاهد اللَّخْمِيِّ عن سهل بن معاذ.
حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية عن الأوزاعي عن أسِيدِ بن عبد الرحمن عن
فروة بن مجاهد عن سهل بن معاذ عن أبيه قال:(7/379)
غزونا مع نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في بعضهم. وأما
قول المنذري (3/430) :
" سهل بن معاذ ضعيف. وإسماعيل بن عياش فيه سقال "!!
قلت: المقال الذي فيه خاص بروايته عن غير الشاميين، وهذه عنهم، وهو
فيهم ثقة.
على أنه قد توبع عند المؤلف في الإسناد الثاني؛ فكأن المنذري لم يتنبه له.
وأما سهل؛ فهو وسط، ضعفه ابن معين، ووثقه العجلي وابن حبان، وروى
عنه جماعة. ولذا قال في "التقريب ":
" لا بأس به؛ إلا في روايات زَبَّانَ عنه ".
قلت: وهذه من رواية فروة بن مجاهد، وقد وثقه ابن حبان وروى عنه
جماعة. وقال البخاري:
" وكانوا لا يشكُّون أنه من الأبدال ".
والحديث أخرجه البيهقي (9/152) عن المصنف ... بإسناديه.
وأخرجه أحمد (3/440) من طريق أخرى عن إسماعيل ... به.
والبيهقي من طريق أبي المغيرة: ثنا الأوزاعي ... به؛ إلا أنه أسقط من
الإسناد: فروة.
وله شاهد في "تاريخ ابن عساكر" (17/276/1) عن علي بسند ضعيف.(7/380)
98- باب في كراهية تَمَنِّي لقاء العَدُوِّ
2365- عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله- وكان كاتباً له-
قال:
كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية: أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال:
" يا أيها الناس! لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسَلُوا الله تعالى العافية، فإذا
لقيتموهم، فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ". ثم قال:
" اللهُمَّ مُنْزِلَ الكتاب! ومُجريَ السَّحَاب! وهازمَ الأحزاب! اهْزِمْهُمْ
وانصُرْنا عليهم ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، وكذا أبو
عوانة في "مستخرجه"، وأحد أسانيده من طريق المؤلف) .
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن
موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي صالح هذا،
وهو ثقة، كما تقدم قبل ستة أبواب؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/78) من طريق أخرى عن محبوب بن موسى ...
وقال:
" صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!(7/381)
ورواه أبو عوانة (4/90) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو، والبخاري (3/208 و 4/223- 224) ، والبيهقي (9/152)
من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة ... به: أخرجه مسلم (5/143) ،
وأبو عوانة.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول:
دعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الأحزاب على المشركين فقال:
" اللهم منزل الكتاب! ... " فذكره نحوه.
أخرجه البخاري (3/234) ، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (4/353 و 355) .
(تنبيهان) :
الأول: استدركه الحاكم على الشيخين، وقد أخرجاه كما عرفت!
ومن العجيب متابعة الذهبي له على ذلك؛ مع أن محبوباً ليس على
شرطهما.
والآخر: عزاه الأستاذ الدعاس في تعليقه على "أبي داود" (3/66)
للترمذي!
وهو وهم؛ وإنما له منه قوله. " أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف "
من حديث أبي موسى الأشعري، وهو مخرج في "الإرواء " تحت حديث الباب
(5/6-7)(7/382)
99- باب ما يُدْعَى عند اللقاء
2366- عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا غزا قال:
" اللهم! أنت عَضُدِي ونَصِيري، بك أحُولُ، وبك أصُولُ، وبك أقاتلُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان وأبو
عوانة، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن
أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ والمثنى بن سعيد: هو
الضبَعِي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (4/86) عن المصنف.
والترمذي (3578) ... بإسناده.
وابن حبان (1661) : أخبرنا الحسن بن سفيان: حدثنا نصر ...
وأحمد (3/184) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا المثنى بن سعيد ... به.
وقال الترمذي:
"حسن غريب ".
وتابعه أبو قتيبة: ثنا المثنى القَصِيرُ ... به: رواه أبو عوانة.
وأبو قتيبة: اسمه سَلْمُ بن قتيبة الشّعِيرِي.(7/383)
100- باب في دعاء المشركين
2367- عن ابن عون قال:
كَتَبْت إلى نافع أسأله عن دعاء المشركين عند القتال؟ فكتب إلي:
أن ذلك كان في أول الإسلام، وقد أغار نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بني
المصْطَلِقِ وهم غارون، وأنعامهم تسْقَى على الماء، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهم، وسَبَى
سَبْيَهمْ، وأصاب يومئذ جُويرِيَةَ بنت الحارث. حدثني بذلك عبد الله وكان
في ذلك الجيش.
قال أبو داود: " هذا حديث نبيل، رواه ابن عون عن نافع، ولم يَشْرَكْهُ
فيه أحد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن إبراهيم: أخبرنا ابن عون.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وإسماعيل: هو المعروف بـ (ابن علَيَّة) .
والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/51) : ثنا إسماعيل ... به.
ثم أخرجه هو (2/31 و 32) ، والبخاري (3/122) ، ومسلم (5/136) ،
والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة " (6/111) -، وابن الجارود
(1047) ، وأبو عوانة (4/76) ، والبيهقي (9/79 و 107) من طرق أخرى عن ابن
عون ... به.(7/384)
(تنبيه) : من الواضح لكل نبيه أن في الحديث خبراً عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأياً لنافع
- وهو مولى ابن عمر-.
أما الخبر؛ فهو ما رواه نافع عن ابن عمر: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق ... إلخ.
وأما الرأي؛ فهو قول نافع- أن دعاء المشركين قبل القتال كان في أول الإسلام.
فهذا لو رفعه نافع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لم يكن حجة؛ لأنه يكون مرسلاً، فكيف
وهو موقوف؟!
أقول هذا؛ لأن الأمر اختلط على الأستاذ الفاضل محمد الغزالي في مقدمة
الطبعة الرابعة لكتابه "فقه السيرة"؛ فادَّعى أن الحديث ضعيف وإن كان في
"الصحيحين "؛ لتوهمه " أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باغت القوم وهم غارُّونْ ما عُرِضتْ عليهم
دعوة الإسلام "! كذا قال (ص 10) !
ومن البين لكل ذي عين: أنه خلط بين المرفوع من الحديث والموقوف، ولم
يتنبه أن قوله: " ما عرضت عليهم دعوة الإسلام "، إنما هو رأي لنافع، ما يجوز
لأجله رد الحديث من أصله، وادعاء أنه مخالف لقواعد الإسلام المتيقنة، وقبول
الحديث الضعيف لموافقته لتلك القواعد!
وما هو إلا مجرد دعوى، يقول مثلها أهل الأهواء قديماً وحديثاً، ويردُّون من
أجلها مئات الأحاديث الصحيحة بسوء فهمهم لها! والله المستعان.
ولو أن الأستاذ الغزالي تنبه لهذا؛ لم يبادر- إن شاء الله- إلى رد الحديث الصحيح
المجمع على صحته عند العلماء، ولسلك مسلكهم في فهمه على ضوء الأحاديث
الصحيحة الأخرى، التي منها حديث ابن عباس: ما قاتل قوماً إلا بعد أن دعاهم.
وهو مخرج في "الصحيحة" (2641) . ولم يكن به حاجة حينئذ أن تسكن نفسه
إلى الرواية الضعيفة المخالفة له، كما كنت بينته في "تخريج فقه السيرة" له (ص 308) ،(7/385)
متبعاً فيه ابن القيم وغيره من العلماء المحققين الجامعين بين علمي الرواية والدراية.
ولقد كنت راجعته في ذلك في بعض لقاءاتي معه في المجلس الأعلى للجامعة
الإسلامية، وبينت له وهمه المذكور، فوعد بأن يعيد النظر في ذلك، ولكنه لم
يفعل شيئاً؛ فإنه أعاد طبع الكتاب دون أي تعديل أو إشارة إلى وعده المذكور! بل
وعلق على بعض تخريجاتي بما يدل القارئ اللبيب على أنه كان خيراً له أن لا
يفعل؛ لأنه ليس من رجال هذا العلم!! والله المستعان.
2368- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُغِيْرُ عند صلاة الصبح، وكان يستمع، فإذا سمع
أذاناً؛ أمسك، وإلا؛ أغار.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حسن صحيح ". ورواه البخاري من طريق
أخرى عنه) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمهَ؛ ولم يتفرد به كما سأذكره.
والحديث أخرجه أبو عوانة (4/97) من طريق المؤلف (*) .
وقال الطيالسي (2034) : حدثنا حماد بن سلمة ... به نحوه.
__________
(*) أملى الشيخ رحمه الله على الحاشية يسار الأسطر الثلاثة التالية عزواً مختصراً لمجموعة
من المصادر:
"تمهيد (2/221) ، معالم (3/208) ، عدي (2/682) ، هق (1/405) ، فتح (2/90) ،
موسوعة (6/317) ، (6/89) ". (الناشر) .(7/386)
وأخرجه مسلم (2/3- 4) ، وأبو عوانة أيضاً (2/335- 336) ، والترمذي
(1618) ، والدارمي (2/217) ، والبيهقي (9/107- 108) ، وأحمد (3/132
و229 و 253) من طرق أخرى عن حماد ... به. وزاد مسلم وغيره كالترمذي
- وقال: "حسن صحيح "-:
فسمع رجلاً يقول: (الله أكبر الله أكبر) ؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" على الفطرة ". ثم قال: (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله) ؛
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خرجتَ من النار ". فنظروا؛ فإذا راعي مِعْزَى.
وتابعه حُمَيْد قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول:
كان إذا غزا قوماً؛ لم يُغِرْ حتى يُصْبحَ، فإن سمع أذاناً؛ أمسك، وإن لمَ يسمع
أذاناً؛ أغار بعدما يصبح. فنزلنا خيبر ليلاً.
أخرجه البخاري (1/151 و 4/5) ، وكذا الشافعي (2/101- ترتيبه) ،
والبيهقي (9/80 و 108) ، وأحمد (3/159 و 206 و 236 و 237) من طرق عنه.
(تنبيه) : لم يعزه المنذري (3/432) للبخاري! فقصَّر.
101- بابُ المَكْرِ في الحَرْبِ
2369- عن جابر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الحَرْبُ خَدْعَة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم "، وأحد أسانيده صحيح من طريق المؤلف- وقال الترمذي:(7/387)
" حسن صحيح ". ورواه وابن الجارود في "المنتقى") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن عمرو أنه سمع جابراً.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث رواه أبو عوانة (4/77) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (3/308) ، والحميدي (1237) قالا: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (4/24) ، ومسلم (5/143) ، وأبو عوانة (4/77) ، وابن
الجارود (1051) ، وكذا الترمذي (1675) - وقال: " حديث حسن صحيح "-،
والبيهقي (9/150) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به.
وعَمْروٌ: هو ابن دينار.
وتابعه أبو الزبير عن جابر ... به: أخرجه أحمد (3/297) .
وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ لولا عنعنة أبي الزبير.
وأخرجه أبو عوانة.
وللحديث شواهد كثيرة في "الصحيحين " وغيرهما.
وقد أخرجه أبو عوانة من حديث جمع آخر من الصحابة هذه أسماؤهم:
أبو هريرة، علي بن أبي طالب، عائشة، عبد الله بن عباس، الحسن بن علي،
زيد بن ثابت، أبو أيوب الأنصاري، كعب بن مالك، أنس بن مالك، النواس بن
سمعان، عوف بن مالك، نعيم بن مسعود.
وقد خَرَّجَ أحاديثَهم السيوطيُّ في "الجامع الصغير" (رقم 3171- صحيح(7/388)
الجامع) ؛ إلا حديث علي فلم يذكره، وكأنه لأنه موقوف، كما سيأتي في آخر
"السنة" من هذا "الصحيح "، وذكر بديله: خالد بن الوليد. وزاد عليهم: عبد الله
ابن سلام، ووقع فيه: الحسين بن علي.. من رواية (طب) ! والصواب: الحسن بن
علي؛ فإنه كذلك في "الطبراني الكبير، (2728) . وكذلك هو عند أبي عوانة
(4/79) ، وقد خرجت بعضها في "الروض النضير" (770) .
2370- عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد غزوة؛ ورّى غيرها، وكان يقول:
" الحَرْبُ خَدْعَةٌ ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه بتمامه: ابن حبان وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، والشيخان دون شطره الثاني) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدِ: ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري عن
عبد الرحمن بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عبيد- وهو ابن حِسَابٍ-، فهو من رجال مسلم.
وابن ثور- واسمه محمد-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (9/150) من طريق المؤلف.
وأبو عوانة (4/81) من طريق زيد بن المبارك قال: أبَنا ابن ثور ... به.
وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه عبد الرزاق (9744) ، وعنه أحمد
(6/387) ، وابن حبان (3359) ... في حديث غزوة تبوك وتوبة كعب.(7/389)
وهي عند الشيخين؛ دون قوله: " الحرب خدعة ".
وهذا القدر منه: لأبي عوانة من هذا الوجه.
وتابعه عنده: يونس عن الزهري ... بحديث الترجمة.
102- باب في البيات
2371- عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال:
أَمَّر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر رضي الله عنه، فغزونا ناساً من المشركين،
فبيَّتْنَاهم نَقْتُلُهم، وكان شعارنا تلك الليلة: أمِتْ أمتْ!
قال سلمة: فقتلتُ بيدي تلك الليلةَ سبعة أهل أبيات من المشركين.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الصمد وأبو عامر عن عكرمة بن
عمار: ثنا إياس بن سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ على كلام في عكرمة لا
يضر، كما تقدم تحت هذا الحديث، وقد أخرجه المؤلف (2336) مختصراً.
والحديث أخرجه البيهقي (9/79) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (4/46) ، وابن ماجه (2840) ، وابن حبان (4724) من
طريقين آخرين عن عكرمة ... به.(7/390)
103- باب في لزوم السَّاقَةِ
2372- عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتخلَّفُ في السير فَيُزْجِي الضعيف، ويُردِفُ،
ويدعو لهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا الحسن بن شَوْكَر: ثنا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: ثنا الحجَّاج بن أبي
عثمان عن أبي الزبير أن جابر بن عبد الله حدثهم قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحسن بن شوكر،
وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/115) ، وعنه البيهقي (5/257) من طريق الإمام
أحمد: ثنا إسماعيل- هو ابن عُلَيَّةَ- ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
ولم أره في " مسند أحمد "!
104- باب على ما يُقاتَل المشركون؟
2373- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فإذا قالوها؛ منعوا
مِني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقِّها، وحسابهم على الله تعالى ".(7/391)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم والترمذي
- وصححه-، وأخرجه الشيخان من طريق أخرى، وقد مضى في أول "الزكاة "،
ورواه مسلم وابن الجارود من طريق ثالثة عن أبي هريرة، وهو عنه متواتر،
وكذلك هو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين؛ غير مسدد، فهو من ثقات شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (2609) ، وابن ماجه ((3927) من طرق أخرى
عن أبي معاوية ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (1/39) من طريق أخرى عن الأعمش ... به.
وتابعه عاصم- وهو ابن أبي النَّجُودِ- عن أبي صالح ... به: أخرجه أحمد
(2/377) .
وله في "الصحيحين " وغيرهما طرق أخرى عن أبي هريرة وغيره؛ وقد مضى
أحدها في أول " الزكاة "، وهي مخرجة في "الصحيحة " (303 و 407- 410) .
2374- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أُمِرْتُ أن أقاتل الناس (وفي رواية: المشركين) ، حتى يشهدوا أن لا
إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قِبْلَتَنَا، وأن يأكُلُوا
ذبيحتنا، وأن يصَلُوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك؛ حَرُمَتْ علينا دماؤهم
وأموالهم؛ إلا بحقِّها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين ".(7/392)
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي بإسناد المؤلف. والبخاري
بنحوه) .
إسناده: حدثنا سعيد بن يعقوب الطَّالْقاني: ثنا عبد الله بن المبارك عن حُمَيْدٍ
عن أنس.
حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب
عن حُمَيْد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أمرت أن أقاتل المشركين ... " بمعناه.
قلت: إسناده صحيح من الوجهين عن حميد، ورجالهما ثقات رجال
الشيخين؛ غير شيخي المؤلف، وكلاهما ثقة، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (2611) عن الشيخ الأول، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
ومن طريق الترمذي: أخرجه ابن منده في "الإيمان " (رقم 192) .
ثم أخرجه هو (رقم 31) ، والبخاري (1/102- 103) ، والنسائي في أول
" تحريم الدم "، و "الإيمان "، وأحمد (3/199) من طرق أخرى عن عبد الله بن
المبارك ... به.
ولم يذكر البخاري قوله: " لهم ما للمسلمين ... " من هذا الوجه، ولكنه
ذكره من الوجه الآخر معلقاً، فقال: وقال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى قال: حدثنا
حميد قال: حدثنا أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وقد وصله محمد بن نصر في "الإيمان "، وكذا ابن منده من طريق ابن أبي مريم(7/393)
المذكور- كما في "فتح الباري " (1/497) -.
وهو في "إيمان ابن منده " برقم (191) ، ومنه تأكدت من كون الزيادة المذكورة
عند الجماعة هي في هذه الطريق أيضاً، لكن سقط منه (ولعله سهو من الطابع)
رجلان؛ هما في نقدي: الربيع بن سليمان عن ابن أبي مريم- واسمه: سعيد بن
الحكم بن أبي مريم!
ثم علقه البخاري من طريق أخرى عن حميد قال:
سأل ميمونُ بن سِيَاه أنسَ بن مالك قال: يا أبا حمزة! ما يَحُرمُ دمَ العبد
ومالَه؟ فقال ... فذكره مختصراً موقوفاً، لا مرفوعاً كما وقع في "مطبوعة إيمان ابن
منده" (2/357) .
ووصله هو، والبخاري من طريق أخرى عن ميمون بن سياه عن أنس ...
مرفوعاً مختصراً؛ وفي آخره:
" فذلك المسلم الذي له ذِمةُ الله وذمة رسوله، فلا تُخفِروا الله في ذمته ".
والموقوف وصله النسائي أيضاً في أول "تحريم الدم "، وابن منده (195) من
طريق محمد بن عبد الله الأنصاري قال: أنبأنا حميد قال:
سأل ميمون بن سياه ... إلخ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ولا منافاة بينه وبين المرفوع، والكل صحيح.
على أن المرفوع أصح، ورواته أكثر، كما كنت قلت في "الصحيحة" (رقم
303) ، فراجعه؛ ففيه فائدة هامة، نادراً ما تراها في كتاب.(7/394)
2375- عن أسامة بن زيد قال:
بَعَثَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إلى (الحُرَقات) ، فَنَذِروا بنا، فهربوا،
فأدركنا رجلاً، فلما غشيناه؛ قال: لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه،
فذكرته للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
" مَنْ لك بـ (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟! ".
فقلت: يا رسول الله! إنما قالها مَخَافَةَ السلاح! قال:
" أفلا شَقَقْتَ عن قلبه، حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟! مَنْ لك
بـ (لا إله إلا الله؟!) ".
فما زال يقولها، حتى وددت أني لم أسلم إلا يومئذ!!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال ابن منده: " صحيح مجمع على صحته ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- قالا: ثنا يعلى
ابن عبيد عن الأعمش عن أبي ظَبْيَانَ: ثنا أسامة بن زيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأبو ظبيان: اسمه حُصَيْنُ بن جُنْدُبٍ.
والحديث أخرجه أحمد (5/207) : ثنا يعلى ... به.
وأخرجه أبو عوانة (1/67) ، وابن منده (61) من طرق أخرى عن يعلى ... به.
وتابعه أبو معاوية عن الأعمش ... به: أخرجه مسلم (1/67) ، وأبو عوانة
أيضاً.(7/395)
وله عندهم متابعون آخرون، منها الحصين: حدثنا أبو ظبيان ... به.
وأخرجه البخاري أيضاً، وابن حبان (7/121/4731) من هذا الوجه (5/88
و8/36) ، وقال ابن منده:
" هذا حديث مجمع على صحته ".
ورواه الطيالسي (626) من طريق أخرى عن أسامة مختصراً.
2376- عن المقداد بن الأسود: أنه قال:
يا رسول الله! أرأيتَ إن لقيتُ رجلاً من الكفار فقاتلني، فضرب
إحدى يديَّ بالسيف، ثم لاذَ مِنِّي بشجرة فقال: أسلمت لله؛ أفأقتله يا
رسول الله! بعد أن قالها؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا تقتله ".
فقلت: يا رسول الله! إنه قطع يَدِي؟! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تقتله، فإن قتلته؛ فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن
يقول كلمته التي قال ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم "، وهو عين إسناد مسلم في رواية له. وقال ابن منده: " حديث
مجمع على صحته ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد
الليثي عن عبيد الله بن عَدِيِّ بن الخِيَارِ عن المقداد بن الأسود: أنه أخبره: أنه
قال ...(7/396)
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (1/66) ... بإسناد المؤلف.
وأخرجه أبو عوانة (1/66) ، والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة "
(8/503) -، والبيهقي (8/19) من طرق عن قتيبة ... به.
وكذلك رواه ابن منده (57) ، وقال:
" هذا حديث مجمع على صحته ".
ثم أخرجه هو، والبخاري (15/19 و 8/35) ، ومسلم وأبو عوانة، وأحمد
(6/4 و 5) من طرق أخرى عن الزهري ... به.
105- باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود
2377- عن جرير بن عبد الله قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِّيَةً إلى خَثْعَم، فاعتصم ناسٌ بالسجود، فأسرع
فيهم القَتْلَ. قال: فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ً فأمر لهم بنصف العقل، وقال:
" أنا بَرِيءٌ من كلّ مسلم يُقِيمُ بين أظْهُرِ المشركين ".
قالوا: يا رسول الله! لِمَ؟ قال:
" لا تراءى ناراهما ".
(قلت: حديث صحيح، دون العقل) .
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَري: ثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن قيس عن
جرير بن عبد الله.(7/397)
قال أبو داود: " رواه هُشَيْمٌ ومَعْمَرٌ وخالد الواسطي وجماعة ... لم يذكروا
جريراً".
قلت: ورجاله ثقات كلهم رجال الشيخين؛ غير هَنادِ بن السرِي؛ فمن رجال
مسلم.
وقد توبع: عند البيهقي (8/131) وغيره ممن خرجتهم في "الإرواء" (1207) ،
وذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، أحدها صحيح الإسناد، لكن ليس في
شيء منها ذكر العقل؛ أي: الدية. وقد ذكر البيهقي عن الشافعي أنه قال:
" إن كان هذا ثبت؛ فأحسب النبي- والله أعلم- أعطى من أعطى منهم
متطوعاً ". والله أعلم.
106- بابٌ في التوَلّي يَوْمَ الزحْفِ
2378- عن ابن عباس قال:
نزلت (إن يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مائتَيْنِ) ؛ فَشَق ذلك
على المسلمين، حين فرض الله عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشرة، ثم إنه
جاء تخفيفٌ، فقال: (الآنَ خَففَ الله عنكم) - قرأ أبو توبة إلى قوله:
(يغلبوا مائتين) -، قال: فلما خفف الله عنهم من العِدة؛ نقص من الصبر
بقدر ما خَفَّفَ عنهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا ابن المبارك عن جرير بن حازم عن
الزبير بن خِرَّيت عن عكرمة عن ابن عباس.(7/398)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/201) ، والبيهقي (9/76) من طرق أخرى عن
عبد الله بن المبارك ... به.
ثم أخرجه البيهقي وابن جرير الطبري في "التفسير" (10/29) من طريقين
آخرين عن جرير بن حازم ... به.
والبخاري أيضاً، وابن جرير والبيهقي من طريق عمرو بن دينار عن ابن
عباس ... نحوه.
2379- عن أبي سعيد قال:
نزلت في يوم بدر: (وَمَنْ يُوَلهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) (1) .
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ورافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن هشام المصري: ثنا بشر بن المُفَضلِ: ثنا داود عن
أبي نضرة عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن
هشام المصري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي في "تفسير الكبرى" من طريق أخرى عن بشر بن
المُفَضل- كما في "التحفة" (3/455) -، وكذا ابن جرير في "للتفسير" (9/134) .
__________
(1) هنا في الأصل زيادة: (هي عارضة به) ! وقد حذفتها لَمَّا لم أجد لها ذكراً في النسخ
والروايات الأخرى.(7/399)
ثم أخرجاه، وكذا الحاكم (2/327) من طرق أخرى عن داود بن أبي هند ...
به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
107- باب في الأسير يكْرَهُ على الكفر
2380- عن خَبَّاب قال:
أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو متوسَّد بُرْدةً، في ظِلِّ الكعبة، فشكونا إليه،
فقلنا: ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟! فجلس مُحْمَرّاً وَجْهُهُ، فقال:
" قد كان مَنْ قبلكم يُؤْخَذُ الرجلُ، فيُحْفَرُ له في الأرض، ثم يُؤْتى
بالمنشار، فيُجْعَلُ على رأسه؛ فيجْعَلُ فِرْقتين، ما يصرفه ذلك عن دينه،
ويُمْشَطُ بأمشاط الحديد ما دون عظمه مِنْ لَحْمٍ وعَصَب، ما يصرفه ذلك
عن دينه! والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ ما بين صنعاء
وحَضْرَ مَوْتَ؛ ما يخاف إلا اللهَ تعالى، والذئبَ على غنمه، ولكنكم
تَعْجَلُونَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا هشيم وخالد عن إسماعيل عن قيس
ابن أبي حازم عن خباب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم؛ وقد أخرجه الأول
منهما كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (5/111 و 6/395) : ثنا يحيى بن سعيد عن(7/400)
إسماعيل ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري (4/179 و 8/56) .
وروى منه النسائي في "الزينة " طرفه الأول.
والطبراني في "الكبير" (3638) ... بتمامه.
والحميدي (157) ، وعنه البخاري (4/238) ، والبيهقي (5/9) ، وأحمد
(5/109 و 110) من طرق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد.
وتابعه بيان بن بشر عند الحميدي والبخاري.
108- باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً
2381- عن علي عليه السلام قال:
بعثني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا والزبيرَ والمقدادَ، قال:
" انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَةَ (خَاخ) ؛ فإن بها ظَعِينةً معها كتابٌ؛ فخذوه
منها".
فانطلقنا تتعادى بنا خَيْلُنا، حتى أتينا الروضة، فإذا بنا بالظعينة،
فقلنا: هلُمِّي الكتابَ. فقالت: ما عندي من كتاب! فقلت: لتُخرِجِن
الكتابَ، أو لَنُلقِيَنَّ الثيابَ! فأخرجَتْهُ من عِقَاصِهَا.
فأتينا به النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا هو من حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ إلى ناس من
المشركين، يخبرهم ببعض أمرِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
" ما هذا يا حاطب؟! ".(7/401)
فقال: يا رسول الله! لا تَعْجَلْ عليَّ؛ فإني كنت امْرَءاً ملْصَقاً في
قريش، ولم أكن من أنفُسها، وإن قريشاً لهم بها قرابات يَحْمون بها أهليهم
بمكة، فأحببت- إذ فاتني ذلك- أن أتخِذَ فيهم يداً يَحْمُون قرابتي بها،
والله! ما كان بي كفرٌ ولا ارتداد! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"صَدَقَكم ".
فقال عمر: دعني أضربْ عُنُقَ هذا المنافق! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قد شهد بدراً، وما يدريك؛ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم؟! ".
وفي رواية عنه بهذه القصة قال:
انطلق حاطب، فكتب إلى أهل مكة: إن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سار
إليكم ... ، وقال فيه:
قالت: ما معي كتاب! فانتحيناها، فما وجدنا معها كتاباً. فقال علي:
والذي يُحْلَفُ به! لأقتلنَّك؛ أو لَتُخْرِجِنَّ الكتاب ... ، وساق الحديث.
(قلت: إسناد الأولى صحيح على شرط البخاري، والأخرى على شرط
مسلم. وقد أخرجاهما. وقال الترمذي في الأولى: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن عمرو حدثه حسن بن محمد بن علي
أخبره عبيد الله بن أبي رافع- وكان كاتباً لعلي بن أبي طالب- قال: سمعت علياً
عليه السلام يقول ...(7/402)
حدثنا وهب بن بَقِيةَ عن خالد عن حُصَيْنِ عن سعد بن عُبَيْدَةَ عن أبي
عبد الرحمن السُلَمِي عن علي ... بهذه القصة.
قلت: والإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على
شرط البخاري.
والإسناد الآخر كذلك؛ غير وهب بن بقية، فهو على شرط مسلم؛ وقد
أخرجاهما كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/79) ، والحميدي (49) ، وعنه البخاري (6/60)
قالا: ثنا سفيان ... به، وهو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (5/89) ، ومسلم (7/168) ، والترمذي (3302) ، وأبو
يعلى (1/111) ، والبيهقي (9/146) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عن خالد- يعني: ابن عبد الله- عن
حُصَيْنٍ ... بالرواية الأخرى.
ثم أخرجه هو، والبخاري (5/8010/54) ، والبيهقي وأبو يعلى (1/318-
319) من طرق أخرى عن حصين ... به.
وجملة الاطلاع؛ لها شواهد من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في
"الصحيحة" (2732) .(7/403)
109- في الجاسوس الذِّمّيِّ
2382- عن فُرَات بن حَيَّانَ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتله، وكان عيناً لأبي سفيان، وحليفاً
لرجل من الأنصار، فَمَرَّ بِحَلْقَةِ من الأنصار، فقال: إني مسلم. فقال
رجل من الأنصار: يا رسول الله! إنه يقول: إني مسلم. فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن منكم رجالاً نكلهم إلى إيمانهم، منهم فُرَاتُ بن حَيانَ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: حدثني محمد بن مُحَبَّب أبو هَمام الدلالُ:
ثنا سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَربٍ عن فُراتِ بن حيان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حارثة، وهو
ثقة.
ومثله ابن مُحَبَّب- على وزن محمد- ثقة بلا خلاف.
ووهم المنذري، فقال في "مختصره ":
" لا يحتج بحديثه "!
ولكنه أفاد أنه تابعه بشر بن السري وعباد بن موسى الأزرق العباداني،
وكلاهما ثقة.
والمتابعة الأولى: عند أحمد (4/336) .(7/404)
والحديث مخرج في "الصحيحة" (1701) ، فأغنى عن الإعادة.
110- في الجاسوس المستأمن
2383- عن ابن سَلَمَةَ بن الأكوع عن أبيه قال:
أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ من المشركين وهو في سفر، فجلس عند
أصحابه، ثم انْسَل، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اطلبوه فاقتلوه ".
قال: فسبقتهم إليه فقتلته، وأخذت سَلَبَهُ، فَنَفَّلني إياه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو
عوانة في "صحيحيهما" هكذا، ومسلم مطولاً، وهو الآتي بعده) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو نعيم: ثنا أبو عُمَيْس عن ابن سلمة
ابن الأكوع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/31) : حدثنا أبو نعيم ... به.
وأخرجه أبو عوانة (4/122) ، والبيهقي (9/147) من طرق أخرى عن أبي
نعيم.
وأخرجه غير هؤلاء، كما في "الإرواء" (5/55) .(7/405)
2384- وفي رواية: عن إياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال:
غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هوازِنَ، قال: فبينما نحن نتضحى- وعامتنا
مشاة، وفينا ضَعْفَةٌ -؛ إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طَلَقاً من حَقوِ
البعير، فقيدَ به جمله، ثم جاء يَتَغَدى مع القوم، فلما رأى ضعفتهُم ورقَّة
ظَهْرِهم؛ خرج يعدو إلى جمله، فأطلقه ثم أناخه فقعد عليه، ثم خرج
يُرْكِضُه؛ واتَّبعه رجل من أسلم على ناقة وَرْقَاءَ- هي أمثل ظهر القوم-.
قال: فخرجت أعدو، فأدركته، ورأس الناقة عند وَرِكِ الجمل، وكنت عند
وَرِكِ الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند وَرِكِ الجمل، ثم تقدمت حتى
أخذت بِخِطَامِ الجمل، فأنخته، فلما وضع رُكْبَتَهُ بالأرض؛ اخترطت
سيفي، فَأضْرِبُ رأسَهُ، فندر، فجئت براحلته وما عليها أقودها، فاستقبلني
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس مقبلاً، فقال:
" مَنْ قتل الرجل؟ ". فقالوا: ابن الأكوع. قال:
" لَهَ سَلَبُهُ أجْمَعَ ".
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله أن هاشم بن القاسم وهشاماً حدثاهم قالا:
ثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة.
قال هارون: هذا لفظ هاشم.
قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.(7/406)
والحديث أخرجه أحمد (4/49) : ثنا هاشم بن القاسم ... به.
ثم أخرجه هو (4/51) ، ومسلم (5/150) ، وأبو عوانة (4/119- 122)
وغيرهم من طرق أخرى عن عكرمهَ بن عمار ... به. وهو مخرج في "الإرواء"
(1222) .
111- باب في أيِّ وقت يسْتَحَبُّ اللقاء؟
2385- عن النُّعمان بن مُقَرن قال:
شهدت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لم يقاتل من أول النهار؛ أخرَ القتال حتى
تزول الشمس، وتَهبَّ الرياح، ويَنْزِلَ النصْرُ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي. والبخاري
بنحوه وابن حبان) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا أبو عِمْرَانَ الجَوْنِيُ عن
علقمة بن عبد الله المُزَنِي عن مَعْقِلِ بن يسار أن النعمان بن مقَرنٍ قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات [رجال مسلم] ؛ غير علقمة بن
عبد الله المزني، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (9/153) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي (1613) ، والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة "
(9/32) -، والحاكم (2/116) ، وأحمد (5/444- 445) من طرق أخرى عن
حماد بن سلمة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:(7/407)
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وهو من أوهمامهما؛ لما عرفت من حال علقمة المزني! ثم قال الترمذي:
" وعلقمة بن عبد الله: هو أخو بكر بن عبد الله المزني ".
وكذا قال البخاري وأبو حاتم وغيرهم.
ونفى ذلك المؤلف- في رواية الآجري عنه-، وتبناه الحافظ في "التقريب ".
والله أعلم.
وللحديث طريق آخر عن النعمان ... نحوه: أخرجه البخاري (3160) ، وابن
حبان. وهو مخرج في "الصحيحة " (2826) .
112- باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء
2386- عن قَيْسِ بن عُبَادٍ قال:
كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عند القِتَالِ.
(قلت: إسناده موقوف صحيح، وهو المحفوظ كما قال الحاكم. وقد رواه
مرفوعاً، وهو في الكتاب الآخر برقم (456)) .
إسناده: حدثنا مسلم بن " إبراهيم: ثنا هشام: ثنا قتادة عن الحسن عن قيس
ابن عباد.
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح إن شاء الله، رجاله ثقات رجال الشيخين؛
والحسن: هو البصري، وهو وإن كان مدلساً وقد عنعنه؛ فالذي ظهر لي- بالتتبع-
أن عنعنته التي يعلُون بها حديثه؛ إنما هي ما كان عن الصحابة؛ بخلاف ما يرويه
عن أمثاله من التابعين. والله أعلم.(7/408)
ولعلّ هذا هو السر في تصحيح من صحح أثره هذا ممن ذكرنا آنفاً، ويأتي
بيانه. والله أعلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة (4/88) ، والبيهقي (9/153) من طريق المؤلف.
وابن أبي شيبة في "المصنف " (12/462/15267) ، والحاكم (2/116) من
طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به.
وتابعه أبو أسامة عن هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيِّ ... به؛ ولفظه:
... عند ثلاث: عند القتال، وفي الجنائز، وفي الذكر.
رواه البيهقي.
وخالفه مَطَر الوَرَّاق؛ فرواه عن أبي بُرْدة، عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
ومطر ضعيف، وقد خالف، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (456) .
113- باب في الرجل يَتَرَجَّلُ عند اللقاءِ
2387- عن البراء قال:
لَمَّا لَقِيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشركين يَوْمَ حنَيْنٍ؛ نزل عن بغلته فترجل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق
عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على كلام معروف في أبي
إسحاق- وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي-.(7/409)
والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/471) ... بإسناد المؤلف ومتنه.
ورواه الحاكم (2/116) من طريق أخرى عن عثمان ... به، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولم يصح أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَجَّلَ
وحارب راجلاً إلا من هذا الوجه "! ووافقه الذهبي!
قلت: كذا قالا! وقد وهما في استدراكهما على الشيخين؛ فقد أخرجاه
بلفظ:
فنزل.
فأخرجه البخاري (4/28) : حدثنا عبيد الله عن إسرائيل ... به نحوه أتم
منه.
ثم أخرجه هو (3/233) ، ومسلم (5/167- 168) ، وأبو عوانة (4/211) ،
والبيهقي (9/155) من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة الجُعْفِيِّ عن أبي
إسحاق ... به.
وتابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق ... به: أخرجه مسلم وأبو عوانة.
وتابعهم سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق، ولكنهما لم يذكرا النزول،
وروايتهما أصح، لأنهما سمعا منه قبل الاختلاط، بخلاف الذين ذكرنا؛ فإنهم
سمعوا منه بعد الاختلاط.
لكن يشهد لهم حديث سلمة بن الأكوع في غزوة حنين، وفيه:
فلما غَشُوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ نزل عن البغلة ... الحديث.
رواه مسلم.(7/410)
وله شواهد أخرى، ذكر بعضها الحافظ في "الفتح " (8/32) ، عزا أحدها
للمؤلف والترمذي، وسيأتي بيان ما فيه في "الضعيف " برقم () .
114- بابٌ في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ
2388- عن جابر بن عَتِيكٍ: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:
" مِنَ الغَيْرَةِ ما يُحِبُ الله، ومنها ما يُبْغِض الله: فأما التي يُحِبها الله؛
فالغيرة في الريبَةِ.
وأما الغَيْرَة التي يُبْغِضُها الله؛ فالغيرة في غَيْرِ رِيبةٍ.
وإن من الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ الله، ومنها مايُحِبُ الله:
فأما الخُيَلاءُ التي يُحِبُ الله؛ فاختيال الرجل نَفْسَهُ عند القتال،
واختياله عند الصدقة.
وأما التي يبْغِضُ الله؛ فاختياله في البَغْيِ- قال موسى- والفَخْرِ ".
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل- المعنى واحد- قالا:
ثنا أبان: ثنا يحيى عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عَتِيك عن جابر بن
عتيك.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن جابر؛ لكن للحديث شاهد من حديث
عقبة بن عامر، حسنته من أجله في "الإرواء" (1999) ، وخرجتهما هناك؛
فليراجع.(7/411)
115- باب في الرجل يسْتَأْسَر
2389- عن أبي هريرة قال:
بَعَثَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً عَيْناً، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت، فَنَفَروا
لهم- هذَيْلٌ - بقريب من مئة رجل رام، فلما أحسَّ بهم عاصم؛ لجأوا إلى
قَرْدَد (1) ، فقالوا لهم: انزلوا فأعْطُوا بأيديكم؛ ولكم العهد والميثاق أن لا
نقتل منكم أحداً. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذِمةِ كافر، فَرَمَوْهُم
بالنبْلٍ، فقتلوا عاصماً في سبعة، ونزل إليهم ثلاثةُ نَفَرٍ على العهد
والميثاق؛ منهم خُبَيْبٌ وزيدُ بن الدَّثِنَةِ ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم؛
أطلقوا أوتار قِسِيِّهم، فربَطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغَدْرِ!
والله! لا أصْحَبُكم، إنَّ لي بهؤلاء لأُسوةً! فجرُّوه، فأبى أن يصحبهم،
فقتلَوه! فَلَبِثَ خُبَيْبٌ أسيراً، حتى أجمعوا قتله، فاستعار موسى يستحدُّ
بها، فلمَّا خرجوا به ليقتلوه؛ قال لهم خُبَيْبٌ: دعوني أرْكَعْ ركعتينِ! ثم
قال: والله! لولا أن يَحْسَبوُا ما بي جزعاً؛ لَزِدْتُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأسانيد
أحدها إسناد المؤلف، ومتنه أتم مما هنا) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إبراهيم- يعني: ابن سعد-: أخبرنا
- ابن شهاب: أخبرني عمرو بن جارية الثقَفِيُ حليف بني زُهْرَةَ عن أبي هريرة.
حدثنا ابن عوف: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري: أخبرني عمرو
ابن أبي سفيان بن أسِيدٍ بن جارية الثقفي- وهو حليف لبني زهرة، وكان من
__________
(1) هو الموضع المرتفع من الأرض، كأنهُمْ تحصَنوا به.(7/412)
أصحاب أبي هريرة- ... فذكر الحديث.
قلت، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجهين عن الزهري؛ وقد
أخرجه البخاري كذلك كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/11) من الوجه الأول.
و (4/28- 30) من الوجه الآخر ... أتم منه.
وتابعه على الوجه الأول: الطيالسي، فقال في "مسنده " (2597) : حدثنا
إبراهيم بن سعد ... به.
ومن طريقه وطريق المؤلف: أخرجه البيهقي (9/145- 146) .
وأخرجه أحمد (2/294) من طريق أخرى عن إبراهيم ... به.
وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (5/40- 41) ، وأحمد
(2/310) عن عبد الرزاق، وهذا في "المصنف " (9730) .
116- باب في الكُمَنَاءِ
2390- عن البراء قال:
جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرَّمَاةِ يومَ أُحُدٍ- وكانوا خمسين رجلاً-
عبد الله بن جبير، وقال:
" إن رأيتمونا تَخْطَفُنا الطَّيْرُ؛ فلا تَبْرَحوا من مَكَانِكُمْ هذا، حتى أُرْسِلَ
إليكم، وإن رأيتمونا هَزَمْنا القومَ وأوطأناهم؛ فلا تبرحوا حتى أُرْسِلَ إليكم ".
قال: فهزمهم الله. قال: فأنا- واللهِ! - رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ على الجبل.(7/413)
فقال أصحاب عبد الله بن جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أيْ قَوْمُ! ظَهَرَ أصحابُكم. فقال
عبد الله بن جبير: أنَسيتُمْ ما قال لكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقالوا: والله!
لنأتين الناسَ، فَلَنُصيبَنَ مِنَ الغنيمةِ، فَأتَوْهُمُ، فَصُرِفَتْ وُجوهُم، وأقبلوا
مهزومين.
(قلت: إسناده صحيح؛ عند الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة
وابن حبان في "صحاحهم "، مع كونه من رواية السبيعي، وكان اختلط!) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق قال:
سمعت البراء يحدث قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي، مع أن أئمة الجرح قد ذكروا في ترجمة أبي إسحاق- وهو السبِيعي- أنه كان
اختلط، وأن زهيراً روى عنه بعد الاختلاط كما تقدم قريباً! فلعل البخاري وقف له
على طريق أخرى من رواية مثل شعبة الذي روى عنه قبل الاختلاط، أو على
شاهد يقويه؛ كالذي سأذكره. والله أعلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة (4/303- 306) من طرق أخرى عن النفيلي ...
به أتم منه.
ثم أخرجه هو، والبخاري (4/26- 27 و 5/171) ، والبيهقي في "الدلائل "
(3/269) وسعيد بن منصور (2/3/332-333) من طرق أخرى عن زهير ... به.
وقال الطيالسي (725) : حدثنا زهير ... به.
وكذلك رواه أحمد (4/294) ، وابن سعد (2/47) من طرق عن زهير.
وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق ... به: أخرجه البخاري (5/29) ، وأبو عوانة،(7/414)
وأحمد (4/293) ، والبيهقي (3/267) ، وابن حبان (4718) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ... نحوه.
أخرجه أحمد (1/287) بإسناد حسن، وصححه الحاكم (2/296- 297) ،
ووافقه الذهبي.
وآخر من حديث ابن مسعود.
أخرجه أحمد (1/463) ، ورجاله ثقات.
117- باب في الصفوف
2391- عن حمزة بن أبي أُسَيْد عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حين إصْطَفَفْنا يَوْمَ بدر:
" إذا أكْثَبوُكم- يعني: إذا غَشُوكم-؛ فارموهم بالنبْل، واسْتَبْقُوا نَبْلَكُم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو وأبو عوانة
والحاكم، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو عنده عن سهل
ابن سعد أيضاً) .
إسناده: حدثنا أحمد بن سنان: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا عبد الرحمن بن
سليمان بن الغَسِيلِ عن حمزة بن أبي أُسَيْدٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم يرو
لحمزة بن أبي أُسيد، فهو على شرط البخاري وحده؛ لكنه قد توبع عنده كما
يأتي.(7/415)
وأحمد بن سنان: هو أبو جعفر القطان الواسطي الحافظ.
لكن في نسخة: أحمد بن حنبل- كما في "التحفة" (8/342) -، وليس
يبعد عن الصحة؛ لأن ابن حنبل من شيوخ المؤلف المشهورين، ولأنه قد أخرجه
في "مسنده " مع زيادة في سنده كما سأذكره.
وأبو أحمد الزبيريُ: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الأسَدِيُّ.
والحديث أخرجه أحمد (3/498) : ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال: أنا
عبد الرحمن بن الغسيل عن عباس بن سهل أو حمزة بن أبي أسيد عن أبيه ... به.
كذا وقع فيه: (أو) ! ولعل الصواب: (و) ؛ فإنه كذلك وقع عند البخاري
(5/10) من طريقين عن أبي أحمد الزبيري؛ إلا أنه قال: عن حمزة بن أبي أُسَيْد
والزبير بن المنذر بن أبي أسَيْدٍ.
وفي الطريق الأخرى: والنذر بن أبي أسَيْدِ ... وانظر "الفتح " (7/306) .
وتابعه أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن الغَسِيل عن حمزة بن أبي أُسَيْد عن
أبيه: أخرجه البخاري (4/227) ، وأبو عوانة (4/350) .
واستدركه الحاكم (3/21) على البخاري؛ فوهم!
وهذه المتابعة تقوي رواية المؤلف رحمه الله.
لكن يقوي رواية "المسند" أن الحاكم أخرجه (2/96) ، وعنه البيهقي في
"الدلائل " (2/347) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا عبد الرحمن بن
الغَسيل عن العباس بن سهل بن سعد عن أبيه وعن حمزة بن أبي أسيد الساعدي
عن أبيه ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري "! ووافقه الذهبي!(7/416)
وفيه ما لا يخفى على اللبيب.
118- باب في سلّ السيوف عند اللقاء
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
119- باب في المبارزة
2392- عن علي قال:
تقدم- يعني: عُتْبَة بن رَبيعة-، وتبعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟
فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة
لنا فيكم؛ إنما أردنا بني عَمِّنا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قم يا حمزةُ! قم يا علي! قم يا عُبَيْدَةُ بْنَ الحارثِ! ".
فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلتُ إلى شيبة، واخْتُلِفَ بين عبيدة والوليد
ضربتان، فَأثْخَنَ كلُّ واحد منهما صاحبه، ثم مِلْنا على الوليد فقتلناه،
واحتملنا عُبَيْدَةَ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا عثمان بن عمر: أخبرنا إسرائيل عن
أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَرِّبٍ عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير حارثة بن مُضَرّب، وهو
ثقة.
ولولا اختلاط أبي إسحاق وعنعنته؛ لقلت: إنه صحيح الإسناد! لكن(7/417)
الحديث صحيح؛ لشواهده الآتي بعضها.
والحديث أخرجه البزار (1161) : حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عثمان بن
عمر ... به أتم منه، وقال:
" لا نعلمه يُرْوَى عن علي إلا بهذا الإسناد ".
ورواه أحمد (1/117) : ثنا حجاج: ثنا إسرائيل ... به وأتم منه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/349) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه فيه (2/341 و 348) ، وفي "السنن " (9/131) من طرق أخرى
عن إسرائيل ... به.
وأخرجه الحاكم (3/194) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! وردَّه الذهبي بقوله:
" قلت: لم يخرجا لحارثة، وقد وهَّاه ابن المديني "!
قلت: الرجل ثقة- كما تقدم- لم يضعفه أحد، وما نقله عن ابن المديني لم
يثبت، وقد أشار إلى ذلك الذهبي نفسه؛ فإنه بعد أن حكى عن ابن معين وأحمد
توثيقه، وعن ابن المديني قوله:
"متروك "! عقب عليه بقوله:
" كذا نقل ابن الجوزي "! وكأنه لذلك لم يعتمده في "الكاشف " فقال:
" وثقه ابن معين ".
وجزم الحافظ في "التقريب " أن النقل المذكور غلط.
وللحديث شاهد من مرسل عكرمة: أخرجه عبد الرزاق (9727) ... مطولاً.(7/418)
وسنده صحيح.
وآخر مختصر من رواية أبي ذر رَضي الله عنه: أخرجه الشيخان والبيهقي في
كتابيه (9/130) و (2/350) وغيرهما.
120- باب في النهي عن المُثْلَةِ
2393- عن الهَيَّاجِ بن عمران:
أن عمران أبَقَ له غُلامٌ، فجعل لله عليه: لئِن قَدَرَ عليه؛ لَيَقْطَعَن يَدَهُ!
فأرسلني لأسألَ، فأتيت سَمرَةَ بن جُنْدُبٍ فسألته؟ فقال:
كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحثَنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ.
فأتيت عمران بن حصين فسألته؟ فقال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان، وقوى إسناده
الحافظ ابن حجر) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة
عن الحسن عن الهياج بن عمران.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الهياج بن عمران
- وهو ابن فُضيْل التميمي-، وثقه ابن سعد وابن حبان (3/283) ، لكن لم يذكروا
راوياً عنه غير الحسن هذا- وهو البصري-؛ فهو مجهول على قواعدهم. وقد أشار
إلى تضعيف هذا التوثيقِ الذهبيَ بقوله في "الكاشف ":
"وُثقَ ".(7/419)
وصرح بذلك في "الميزان "، فقال:
" وثقه ابن سعد، وقال [علي] بن المديني: مجهول. فصدق علي ".
وأشار إلى هذا الحافظ بقوله في "التقريب ":
"مقبول ".
قلت: وعليه؛ فالإسناد ضعيف، وإن قوّاه الحافظ في "الفتح "، كما كنت
ذكرت في " الإرواء " (7/291) !
لكن ذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، مما يجعل الحديث صحيحاً
لغيره، من ذلك أن الإمام أحمد أخرجه في رواية (4/440) من طريق المبارك عن
الحسن: أخبرني عمران بن حصين قال ... فذكره مرفوعاً.
فأسقط (هياجاً) من المسند، وصرح بسماع الحسن من عمران، فاتصل
السند.
لكن المبارك- وهو ابن فَضَالَةَ- مدلس، وقد عنعنه كما قلت ثمة. فأزيد هنا:
أنه قد تابعه هُشَيْم عن حمَيْدٍ عن الحسن قال: ثنا سَمُرَةُ بن جُنْدُبٍ قال ...
فذكره أيضاً: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/326) .
فصرح بسماعه أيضاً من سمرة، ورجاله ثقات؛ لكنَّ هشيماً مدلس.
وأن له شاهداً آخر عن جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ قال:
خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على منبر صغير، فحثَّنا على الصدقة، ونهانا عن المثلة.
رواه الطيالسي (665) ، وسنده صحيح على شرط مسلم.
فصح الحديث يقيناً، والحمد لله.(7/420)
(تنبيه) : ذكر المنذري أن عمران الذي أبق له الغلام: هو ابن حصين!
وهذا خلاف ظاهر سياق المؤلف، بل هو باطل؛ لما في رواية لأحمد
(4/428) :
أن هياج بن عمران أتى عمران بن حصين فقال: إن أبي قد نذر- وفي أخرى:
أن غلاماً لأبيه أبق- فبعثتي إلى عمران بن حصين، قال: فقال: أقرئ أباك
السلام، وأخبره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ... الحديث.
ورواه ابن الجارود أيضاً (1056) .
فهذا صريح أن الذي أبق له الغلام: هو والد الهياج، وليس عمران بن
حصين، كما هو واضح لا يحتاج إلى بيان، فلعل ذلك سبق قلم من المنذري! والله
أعلم.
*
انتهى بحمد الله وفضله المجلد السابع من
" صحيح سنن أبي داود "،
ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثامن، وأوله:
121- باب في قتل النساء
و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت،
أستغفرك وأتوب إليك ".(7/421)