وهذا سند ضعيف؛ والقاسم. هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة.
ومن دونه ضعيف.
وأخرج محمد بن الحسز في "الموطأ" (ص 159) : أحْبرنا بُكَيْر بن عامر
البَجَلِيّ عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري ... وفيه الزيادة:
وبكير هذا ضعيف.
وله شاهد من حديث عبد الذ بن السائب ... نحوه.
أخرجه الترمذي (2/342) ، وأحمد (3/411) بسند صحيح؛ لكن ليس
فيه: "ليس فيهن تسليم ".
فالحديث بمجموع طرقه حسن إن شاء الله دون الزيادة؛ لا سيما والمنذري يقول
في الطريق الأول: محتمل للتحسين.
وقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " رقم (1214) ، وقال:
"لا يحتج بمثله ".
297- باب الصلاة قبل العصر
1154- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رَحِمَ الله امرأً صلى قبل العصر أربعا ".
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " غريب حسن "، وصححه عبد الحق
وابن حبان) .
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا داود: ثنا محمد بن مهران القرَشِيُّ:(5/13)
حدثني جدي أبو المثنى عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي محمد بن مهران القرشي كلام
يسير؛ قال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق يخطئ ". وقال في "التلخيص " (2/12) :
" فيه مقال، لكن وثقه ابن حبان وابن عدي "!
قلت: وفي هذا العزو نظر؛ فإن ابن حبان وإن أورده في "الثقات "؛ فقد قال:
" كان يخطئ ". وابن عدي قال:
" ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ما له، لا يتبين صدقه من كذبه "!
فهل هذا توتْيق؟! لكن قد قاك فيه ابن معين:
" ليس به بأس ". وروى عنه شعبة، والأصل فيه أنه لا يروي إلا عن ثقة؛
فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وقد صحح الحديث من يأتي ذكره، ومنهم عبد الحق الإشبيلي بإيراده إياه في
"أحكامه " (رقم 1574- بتحقيقي) .
وأعله ابن القطان، كما ذكر العراقي (1/175) ، ولكنه لم يبين ما هي؟!
وقد بينها ابن القيم في "زاد المعاد" (1/113) ، وأجاب عنها بما يدل على أنها
لا تقدح في ثبوت الحديث.
والحديث أخرجه البيهقي (2/473) من طريق المصنف.
وهو، والترمذي (2/295) ، وابن حبان (616) ، وأحمد (2/117) كلهم من
طريق أبي داود- وهو الطيالسي- صاحب " المسند ".(5/14)
وقد أخرجه فيه (1/ 114/526) ؛ إلا أنه وقع فيه: (عن أبيه عن جده) ! فزاد
فيه: (عن أبيه) !
وهو خطأ قديم، يبدو أنه من بعض رواه "السنا- لما؛ فقد ساقه البيهقي من
طريقه؛ ثم قال:
" كذا وجدته في كتابي ". ثم ساقه من طريق المصنف، ثم قال:
" هذا هو الصحيح، وهو أبو إبراهيم محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران
القرشي؛ سمع جده مسلم بن مهران القرشي، ويقال: محمد بن المثنى، وهو ابن
أبي المثنى؛ لأن كنية مسلم: أبو المثنى؛ ذكره البخاري في "التاريخ ". وقول القائل
في الإسناد الأول: (عن أبيه) أراه خطأ ".
298- باب الصلاة بعد العصر
1155- عن كُرَيْب مولى ابن عباس:
أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ أرسلوه
إلى عائشة زوح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: اقْرَأْ عليها السلام منا جميعاً، وسَلْها
عن الركعتين بعد العصر؟ وقل: إنا اخبِرْنا أنك تصلينها وقد بلغنا أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عنهما؟! فدخلْتُ عليها، فبلغها ما أرسلوني به.
فقالت: سَلْ أم سلمة. فخرجتُ إليهم، فأخبرتهم بقولها. فرذوني إلى أم
سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة. فقالت أم سلمة:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما: أما حين
صلاهما؛ فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندى نسوة من بني حَرام من(5/15)
الأنصار، فصلاهما، فأرستُ إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له:
تقول أم سلمة: يا رسول الله! أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك
تصليها؟! فإن أشار بيده فاستأخري عنه. قالت: ففعلتِ الجارية، فأشار
بيده، فاستأخرتْ عنه. فلما انصرف قال:
" يا بنت أبي أمية! سألصت عن الركعتين بعد العصر؟ إنه أتى ناس من
عبد القيس بالاسلام من قومهم، فشَغَفوني عن الركعتين اللتين بعد
الظهر، فهما هاتان ".
(قلت: إسناده صحيح على، شرط البخاري، وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن
الحارث عن بُكَيْرٍ الأشَجِّ عن كُرَيْبٍ مولى ابى. عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن
صالح، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/62 و5/138- 139) ، ومسلم (2/210) ، وأبو
عوانة (2/384) ، والدارمي (1/334) ، والبيهقي (2/457) من طرق عن عبد الله
ابن وهب ... به.
وتابعه بكر بن مُضَرَ عن عمرر بن الحارث ... به.
أخرجه الطحاوي (1/178) .
وللحديث طرق أخرى: فروى طلحة بن يحيى قال: زعم لي عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة:(5/16)
أن معاوية أرسل إلى عائشة يسألها: هل صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد العصر شيئاً؟
قالت: أما عندي فلا، ولكن أم سلمة أخبرتني أنه فعل فلك، فآرْسِلْ إليها
فاسألها. فأرسل إلى أم سلمة؟ فقالت: نعم، دخل علي بعد العصر ... الحديث
نحوه.
أخرجه أحمد (6/306 و 309) ، وإسناده جيد على شرط مسلم.
وروى يحيى بن أبي كثير عن أبي سله ط بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت:
لم أر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بعد العصر قط؛ إلا مرة واحدة، جاء ناس بعد
الظهر ... الحديث نحوه؛ وفيه.
فلما صلى العصر؛ دخل بيتي فصلى ركعتين.
أخرجه أحمد (6/304 و 310) ، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه عنده (6/293) : هـ-صمد بن عمرو عَن أبي سلمة ... به نحوه، وسنده
جيد.
وتابعه محمد بن أبي حرمله قال: أخبرني أبو سلمة:
أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها بعد
العصر؟ فقالت:
كان يصليهما قبل العصر، ثم إنه شُغِلَ عنهما أو نسيهما، فصلاهما بعد
العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة اثبتها.
أخرجه مسلم (2/211) ، وأبو عوانة (2/383) .
وله طرق أخرى في "المسند" (6/183- 184 و 188 و 299 و 303 و 315
و333) ؛ وفي بعضها أن عائشة قالت:(5/17)
صلى العصر، فلما فرغ ركعهما في بيتي.
وهو شاذ؛ لخالفته الروايات المتقدمة الصحريحة في أنه إنما صلاهما في بيت أم
سلمة. وفي أخرى:
فقالت عائشة: ذاك ما أخبرَتْة أم سلمة؛ زاد بعده: قال:
فدخلنا على أم سلمة، فأخبرناها ما قالت عائشة؟ فقالت:
يرحمها الله! آوَلَمْ أخبرها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهى عنهما؟!
وفيه يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم الكوفي- قال الحافظ:
" ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن، وكان شيعياً ".
فهذه الزيادة منكرة أيضا؛ لأنها لم ترد في طريق أخرى من طرق الحديث
الصحيحة.
ومثلها قول أم سلمة في رواية،:
فقلت: يا رسول الله! أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال:
"لا".
وظاهر إسناده الجودة، واغتر به بعض المعلقين الأفاضل على "فتح الباري "
(2/64- 65- طبع الخطيب) ! ولم يعتد بقول البيهقي:
" هي رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة "، وقد أقره الحافظ.
وهو معلول بالاختلاف في متنه على حماد بن سلمة، والأكثر لم يذكر عنه
قولها المذكور، وبالانقطاع بين ذكوان وأم سلمه، وغير ذلك. وبيانه في "الأحاديث
الضعيفة" (946) .(5/18)
299- باب من رَخَّص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعةً
1156- عن علي:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصلاة بعد العصر؛ إلا والشمسُ مرتفعةٌ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحافظان العراقي والعسقلاني،
وصححه ابن حبان أيضا وابن حزم) .
إسئاده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن منصور عن هلال بن يِساف
عن وَهْبِ بن الأجْدَعِ عن علي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير وهب بن الأجدع،
وهو ثقة اتفاقاً. ولذلك صحح الحديث: ابن حبان والعراقي والعسقلاني. وأعله
البيهقي بما ليس بعلة قادحة.
وترى تفصيل ذلك في "سلسلة الأحاديث الصحيحة " (200) . وذكرت
له ثمة طريقاً أخرى عن علي، وشاهداً حسناً من حديث أنس؛ فراجعه فإنه
مهم.
1157- عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيون- فمهم عمر
ابن الخطاب، وأرضاهم عندي عمر- أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا صلاة بكد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد
العصر حتى تغرب الشسس ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وصححه الترمذي) .(5/19)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان: ثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (1/179) من طريق أخرى عن مسلم بن
إبراهيم ... به.
وأخرجه أحمد (1/18 و 39) من طرق أخرى عن أبان ... به.
وأخرجه هو (1/20- 21 و 39 و 50) والبخاري (1/100) ، ومسلم
(2/207) ، وأبو عوانة (1/380) ، والنسائي (1/95) ، والترمذي (1/343) ،
والدارمي (1/333) ، وابن ماجه (1/377) ، والطحاوي (1/179) أيضا، والبيهقي
من طرق أخرى عن قتادة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله شاهد عن أبي سعيد الخدري: عند أحمد (3/60 و 71) ، والشيخين
وغيرهما.
وعن سعد: عند ابن حبان (620) .
1158- عن عمرو بن عَبَسَةَ السّلَمِيّ: أنه قال: قلت:
يا رسول الله! أيُّ الليلِ اسمع؟ قال،
" جَوْفُ الليل الآخر، فَصلِّ ما شئت؛ فإن الصلاة مشهودة مكتوبة
حتى تصلي الصبح، ثم أقصر حتى تطلع الشمس، فترتفع قِيسَ رُمْحٍ أو
رُمحين؛ فإنها تطلع بين قَرْنيْ شيطان، وتصلَي لها الكفارُ، ثم صلِّ ما(5/20)
شئت؛ فإنَ الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يَعْدِلَ الرمحَ ظِلهُ، ثم آقْصِرْ؛ فإن
جهنم تُسْجَز وتفتَح ابوابها، فإذا زاغت الشمس؛ فصلِّ ما شئت؛ فإن
الصلاة مشهودة حتى تصلِّيَ العصر، ثم أقصِر حتى تغرب الشمس؛ فإنها
تغرب بين قَرْنَيْ شيطان، ويصلي لها الكفار ... "، ومضى حديثاً طويلاً.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرج طرفه الأول في جوف الليل: الترمذي
والحاكم وصححاه، وأخرج مسلم وأبو عوانة، وأخرجه الحاكم بإسناد
المصنف) .
إسناده: حدثنا الربيع بن نافع. ثنا محمد بن الهاجر عن العباس بن سالم عن
أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسه.
قال العباس: هكذا حدثني ابو سلام عن أبي أمامة؛ إلا أن أخطئ شيئاً لا
أريده، فأستغفر الله وأتوب إليه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير العباس بن
سالم وهو ثقة.
وظاهر كلام ابن أبي حاتم يدل على أن أبا سلام- واسمه ممطور- سمع من أبي
أمامة؛ فإنه قال (4/1/431) :
" روى عن ثوبان والنعمان بن بشير وأبي أمامة وسلمى مولى رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى عن عمرو بن عَبَسَةَ مرسل ".
ونقل الحافظ في " التهذيب " عنه ما قد يخالفه؛ فقال:
" وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: روى ممطور عن ثوبان وعمرو بن(5/21)
عبسة والنعمان وأبي أمامة مرسل. فسألت أبي: هل سمع من ثوبان؟ فقال: لا
أدري "!
قلت: وأنا أظن أن لفظ: " مرسل " مقحم من بعض النساخ؛ لأنه لو كان من
قول أبي حاتم؛ لكان معناه أن جميع من روى عنهم ممطور لم يسمع منهم، وفيهم
ثوبان، فما معنى سؤاله إياه بعد ذلك: هل سمع من ثوبان؟! فتأمل.
ثم وجدت تصريحه بالسماع من أبي أمامة.
والحديث أخرجه البيهقي (2/455) من طريق المصنف.
والحاكم (1/163- 165) ... بإسناده.
وأخرجه أحمد (4/111) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيْبَانِي عن أبي
سلام الدمشقي وعمرو بن عبد الله أنهما سمعا أبا أمامة الباهلي يحدث عن
حديث عمرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ.
قلت: فذكر القصة من أولها؛ ولم يستمها بكاملها، ومنه هذا القدر الذي ساقه
المصنف.
وهذا إسناد صحيح؛ وفيه تصريح أبي سلام بسماعه من أبي أمامة.
وقد تابعه جماعة عن أبي أمامة ... به مقتصراً على طرفه الأول؛ وزاد:
" فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فَكنْ ".
أخرجه الحاكم (1/309) عنهم، والترمذي (2/277- بولاق) عن واحد
منهم، وقال:
" حسن صحيح ". والحاكم،(5/22)
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
وأخرج سائر الحديث مع القصة: مسلم (8/202) ، وأبو عوانة (1/386- 387)
- ولم يسقها- والبيهقي من طرق أخرى عن أبي أمامة ... به.
1159- عن يسار- مولى ابن عمر- قال:
رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار! إن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة، فقال:
" ليبفَغْ شاهدكم غائِبَكم؛ لا تصلَوا بعد الفجر إلا سجدتين ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا وهيب: ثنا قُدَامة بن موسى عن أيوب
ابن حصَيْنٍ عن أبي علقمة عن يسارمولى ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير يسار مولى
ابن عمر، وهو ثقة.
وإنما علته أيوب بن حصين- ويقال: محمد بن الحصين-؛ قال الذهبي:
" لا يعرف ". وقال الدارقطني:
" مجهول ". وكذا قال الحافظ في "التقريب ":
"مجهول"
وإنما أوردت حديثه هنا؛ لأن له شواهد يتقوى بها، خرجتها في "إرواء الغليل "
(478) ؛ فلتطلب ثَمَ.(5/23)
والحديث أخرجه الدارقطني (161) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (2/153) : ثنا عفان: حدثنا وهيب ... به.
وأخرجه البيهقي (2/465) سن طرق أخرى عن وهيب ... به.
وأخرجه هو، والترمذي (2/278- 279) ، وابن نصر في "قيام الليل " (ص
79) ، والدارقطني من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن قدامة بن
موسى ... به؛ إلا أنه قال: محمد بن الحصين. واختلف العلماء؛ فرجح بعضهم
هذا، ورجح بعضهم الأول- أعني: أيوب بن الحصين.
وأيّاً ما كان؛ فالرجل مجهول كما عرفت. وقال الترمذي:
" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن سوسى ".
قلت: فإنْ أراد الغرابة النسبية- أي: لا يعرفه في هذا الوجه إلا من حديث
قدامة- فمسلَّم.
وإن أراد الغرابة المطلقة فمردود؛ فقد ذكر له الزيلعي في "نصب الراية "
(1/256) طريقين آخرين عن ابن عمر، ثم قال:
" وكل ذلك يعكر على الترمذي قوله: لا نعرفه إلا من حديث قدامة ".
1160- عن الأسود ومسروق قالا: نشهد على عائشة رضي الله عنها
أنها قالت:
ما من يوم يأتي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا صلى بعد العصر ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .(5/24)
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود
ومسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد صرح أبو إسحاق- وهو
السبيعي- بالتحديث في بعض الروايات كما سأذكره.
والحديث أخرجه البخاري (1/102) ، ومسلم (2/211) ، وأبو عوانة
(2/263) ، والنسائي (1/67) ، والدارمي (1/334) ، والطحاوي (1/177) ،
والبيهقي (2/458) ، وأحمد (6/134 و 6َ11) من طرق عن شعبة ... به؛ وصرح
أبو إسحاق بالسماع: عند البخاري والنسائي والدارمي وأحمد في رواية.
وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق ... به.
وتابعه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عنها قالت:
صلاتان ما تركهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي قط- سرّاً، ولا علانية-: ركعتين
قبل الفجر، وركعتين بعد العصر.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والطحاويَ وأحمد (6/159) .
وتابعه عنده (6/241) : أبو الضحى عن مسروق قال: حدثتني الصديقة بنت
الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي ركعتين بعد العصر؛ فلم أكذبها.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه محمد بن المنتشر عن مسروق ... به مختصراً: أخرجه الطحاوي.
وله عنده، وكذا أحمد (6/50 و 84 و 109 و 199 و 169 و 200 و 253) طرق
أخرى، أحدها عند مسلم والدارمي وكذا أبي عوانة.(5/25)
وتفرد هذا بطريق عبد العزيز بن رُفَغْ قال:
رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بعد العصر، ويصلي ركعتين، قال عبد العزيز:
ورأيت عبد الله بن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر، ويخبر أن عائشة:
حدثته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدخل بيخها إلا صلاهما.
وله شاهد، يرويه ابن جريج عن أبي سعد الأعمى عن رجل- يقال له:
السائب مولى القارئين- عن زيد بن خالد الجًهَنِي:
أنه رأه ركع بعد العصر ركعتين، وقال: لا أدعهما بعد ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصليهما.
وأبو سعد الأعمى مجهول.
أخرجه الطحاوي (1/178) .
300- باب الصلاة قبل المغرب
1161- عن عبد الله المًزَنِيِّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" صلُوا قبل المغرب ركعتين "، ثم تال:
لا صَلّوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء "؛ خشية أن يتخذها الناسُ
سُنة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في
"صحيحه بلفظ: قال في الثالثة: "لمن شاء "؛ كراهية أن يتخذها الناس
سُنة) .(5/26)
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: ثنا عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم
عن عبد الله بن بُرَيْدة عن عبد الله المُزَني.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرج الدارقطني (99) من طريق أخرى عن عبيد الله بن عمر
القواريري ... به.
وأخرجه البيهقي (2/474) من طريق المصنف.
والبخاري (2/52) ، وأحمد (5/55) - ولفظهما كما في الأعلى-، وابن نصر
(ص 26 و 28) من طرق أخرى عن عبد الوارث ... به.
وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 26) : حدثنا محمد بن عبيد: ثنا
عبد الوارث بن سعيد ... بلفظ الكتاب؛ إلا أنه أعاد قوله: " صَلُّوا قبل المغرب
ركعتبن " ثلاث مرات.
وقد خولف الحسين المعلم في لفظه، كما يأتي بعد حديث.
1162- عن أنس بن مالك قال:
صلَّيْت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،.
قال (المختار بن فُلْفلٍ) : قلت لأنس: أرآكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ا؟ قال:
نعم، رآنا؛ فلم يأمرنا ولم يَنْهَنا.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: أخبرنا سعيد بن سليمان: ثنا
منصور بن أبي الأسود عن المختار بن فُلْفُل عن أنس بن مالك.(5/27)
قلت: وهذا إسناد صحيح، إجاله كلهم ثقات؛ وسعيد بن سليمان: هو
الضُّبَعِيُّ.
ومحمد بن عبد الرحيم: هر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المصري ابن
البَرْقِي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/265) : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني
قال: ثنا سعيد بن سليمان ... به.
وتابعه محمد بن فُضَيْلٍ عن المختار بن فلْفُلٍ ... به.
أخرجه مسلم (2/211-313) ، وأبو عوانة والبيهقي.
وتابعه عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك بلفظ:
كنا بالمدينة؛ فإذا أذَّن المؤذن لصلاة المغرب؛ ابتدروا السواري، فيركعون ركعتبن
ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيَتْ؛
مِنْ كثرة مَنْ يصليهما!
أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي.
وتابعه عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس قال.
كان المؤذن إذا أذن، قام أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبتدرون السواري، حتى
يخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كذلك- يعني: الركعتين قبل المغرب-، ولم يكن بين
الأذان والإقامة إلا قريب.
أخرجه البخاري (625) ، والنسائي (1/111) ، والدارمي (1/336) ، وأحمد
(3/280) .(5/28)
وله عنده (3/129 و 199 و 282) ، وابن هاجه (1163) طرق أخرى عن
وله شاهد من حديث عقبة بن عامر ... نحوه.
أخرجه البخاري وأحمد (4/155) .
1163- عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة؛ لمن شاء ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الئفَبلي: ثنا ابن عُليةَ عن الجرَيْرِيِّ عن
عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغَفلٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (5/57) : ثنا يزيد: أنا الجرَيْرِيُ وكَهْمس عن عبد الله
ابن بريدة ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/265) عن يزيد.
وأخرجه البخاري (1/106) ، ومسلم (2/212) ، والدارمي (1/336) ، وابن
نصر (26) ، والبيهقي (2/274) من طرق عر، الجريري.
والبخاري (1/107) ، ومسلم، وأبو عوانة أيضا، والنسائي (1/111) ،
والترمذي، وابن ماجه (1/355) ، والبيهقي، وأحمد (5/54) من طرق أخرى عن
كهمس بن الحسن ... به.(5/29)
وقد خالفهما حسين بن المعلم، فرواه عن عبد الله بن بريدة ... به؛ بلفظ:
" صلوا قبل المغرب ركعتين ... " الحديث. وقد مضى برقم (1161) .
301- باب صلاة الضحى
1164- عن أبي ذَرً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يُصْبِحُ على كل سلامَى من ابن آدم صدقةٌ: تسليمه على من لَقِيَ
صدقةٌ، وأمرُهُ بالمعروف صدقةٌ، ونهيهُ عن المنكر صدقةٌ، وإماطتُهُ الأذى
عن الطريق صدقةٌ، وبضْعُة أهلَة صدقةٌ. وبجزئ من ذلك كفهِ ركعتانِ من
الضحى ". (زاد في رواية: قالوا: يا رسول الله! أحدنا يقضي شهوته؛
وتكون له صدقة؟! قال:
" أرأيتَ لو وضعها في غير حلِّها؛ ألم يكن يأثم؟!) ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما"نحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن مَنيع عن عَبَّادِ بن عَئادٍ. (ح) وثنا مسدد: ثنا حماد
ابن زيد- المعنى- عن واصل عن. يحيي بن عُقيْلٍ عن يحيى بن يَعْمَر عن أبي ذر.
قال أبو داود: " وحديث عباد أتم، ولم يذكر مسدد الأمر والنهي ... زاد في
حديثه: وقال كذا وكذا. وزاد ابن صنيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الطريق الأولى رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين؛ غير واصل- وهو مولى أبي عيينة-؛ فهو من رجال مسلم، فهو على
شرطه.(5/30)
وهو من الطريق الأخرى رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير واصل كما عرفت،
وغير مسدد؛ فهو من رجال البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (5/178) من طريق هشام عن واصل ... به؛ إلا أنه
قال:
أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟! قال:
" نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه؛ ئلم يكن عليه وِزْر؟! ".
قلنا: بلى. قال:
" فإنه إذا جعلها فيما أحل الله عز وجل؛ فهي صدقة ".
قال: وذكر أشياء: صدقة، صدقة. قال: ثم قال:
" ويجزي من هذا كله ركعتا الضحى"
قلت: وأخرجه مسلم (2/158) ، وأبو عوانة (2/266) ، وأحمد (5/167)
من طريق مهدي بن ميمون: ثنا واصل مولى أبي عيينة ... به؛ إلا أنه قال: عن
يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدِّيليِّ عن أبي ذر ... به نحوه، فأدخل بينهما:
أبا الأسود الديلي.
وهو الجادة؛ فإنهم وان ذكروا له رواية عن بعض الصحابة منهم أبو ذر؛ فقد
قالوا: وأكثر روايته عن التابعين.
ويحتمل أن تكون هذه الرواية من المزيد فيما اتصل من المسانيد. والله
أعلم.
وقد توبع ابن ميمون على هذه الزيادة عند المصنف في الرواية الأتية.(5/31)
1165- وفي رواية عن أبي الأسود الدؤَلي قال: بينما نحن عند أبي
ذَرَ قال:
يُصْبِحُ على كُلِّ سلامى من أحدكم في كلِّ يوم صدقةٌ: فلَهُ بكلِّ
صلاةِ صدقةٌ، وصيام صدقة، وحجَ صدقة، وتسميح صدقةٌ، وتكبيرٍ
صدقةٌ، وتحميدٍ صدقةٌ، فعدَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذه الًأعمال الصالحة،
ثم قال:
" يجزئُ أحدَكُم من ذلك ركعتا الضحى."
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة
بنحوه) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أحْبرنا خالد عن واصل عن يحيى بن يعمر
عن أبي الأسود الدؤليَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط سسلم؛ وقد أخرجه من طريق مهدي بن
ميمون عن واصل ... به، كما سبق آنفاً، مع بيان الخلاف في إسناده على
واصل.
1166- عن أبي أمامة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" صلاة في إثْرِ صلاة- لا لَغْوَ بينهما- كتابٌ في عِليين ".
(قلت: إسناده حسن، وقد مضى بأتم منه رقم (567)) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: تنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن
الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة.(5/32)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وفي القاسم- وهو صاحب أبي أمامة-
كلام لا يضر، وقد مضى الكلام عليه مفصلاً عند هذا الحديث، وقد أخرجه
المصنف بأتم منه (567) .
1167- عن نُعَيْمِ بن هَمَّارِ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" يقول الله عز وجل: يا ابن آدم! لا تُعْجِزْني من أربع ركعات في أول
النهار؛ أكفِكَ آخرَهُ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا داود بن رُشيدٍ: ثنا الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن
مكحول عن كثير بن مُرَّة عن نُعَيْمِ بن هَمَار.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان مكحول سمعه من كثير؛ فإنه مدلس
ورجاله ثقات علر شرط مسلم؛ غير كثير، وهو ثقة.
والوليد: هو ابن مسلم، وهو مدلس ايضاً تدليسَ التسوية.
والحديث أخرجه أحمد (5/286- 287) : ثنا الوليد بن مسلم: ثنا سعيد
- يعني: ابن عبد العزيز-: ثنا مكحول عن نعيم بن همار الغَطَفَاني ... به!
كذا، ليس فيه كثير بن مرة؛ فلا أدري أكذلك الرواية، أم سقط ذكره من
الناسخ أو الطابع؟!
وأياً ما كان؛ فذكره في السند ثابت، فقد قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق:
أخبرني سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن ابن مرة الغطفاني ... به.
ثم أخرجه من طريقين آخرين عن مكحول ... به؛ إلا أنْ أحدهما- وهو من(5/33)
رواية بُرْدٍ - أدخل بين كثير ونعيم: قيساً الجُذَامي.
إلا أن برداً فيه ضعف، فلا يعتد بمخالفته؛ لا سيما وقد رواه أبو الزاهرية عن
كثير بن مرة عن نعيم ... به.
أخرجه أحمد بسند صحيح.
وللحديث شواهد عن غير واحد من الصحابة، تراجع في "الترغيب ".
1168- عن ابن أبي ليلى قال:
ما أخبرنا أحذ أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضحى غيرُ أم هانئ؛ فإنها
ذكرت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، وصلى ثماتيَ
ركعات. فلم يره أحدٌ صلاهُن بعدُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي
ليلى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/51- 52) ، ومسلم (2/157) ، وأبو عوانة
(2/269) ، والترمذي (2/338) ، والبيهقي (3/48) ، والطيالسي (1/1/56721) ،
وأحمد (6/342 و 343) من طرق عن شعمة ... به؛ دون قوله:
فلم يره أحد صلاهن بعد. وزادوا مكانها:(5/34)
فلم آرَ صلاةً قط أخفَّ منها؛ غير أنه يتم الركوع والسجود. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح، كأن أحمد رأى اصح شيء في هذا الباب حديثَ
أم هانئ ".
قلت: ولا يشك حديثي بذلك؛ فإن له عنها طرقاً أخرى كثيرة: عند مسلم
وأبي عوانة و "المسند" (6/341- 343 و 424 و 425) .
ومن ذلك كله يتبين أن قوله: فلم يره أحد صلاهن بعد! يلْقَى في
النفس- لأول وهلة- أنها زيادة شاذة؛ لتفرد حفص بن عمر دون كل أصحاب
شعبة، ودون هذه الطرق كلها.
ولكن قد جاء لها شاهد من طريق عبد الله بن الحارث بن نوفل عنها ...
نحوه؛ بلفظ:
فركع ثماتي ركعات، لا أدري أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده؟! كل
ذلك منه متقارب. قالت: فلم أره سَبَّحها لمحبلُ ولا بعدُ.
أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد.
فهذا يدل على أن هذه الزيادة محفوظة عن أم هانئ من هذه الطريق، ولكنها
غير محفوظة عن شعبة. والله أعلم.
وفي بعض الطرق الأخرى زيادة أخرى بلفظ:
يسلم من كل ركعتين.
وهي زيادة منكرة؛ ولذلك أوردت حديثها في الكتاب الآخر (237) .(5/35)
1169- عن عبد الله بن شَقِيق [قال] : سألت عائشة:
هل كان رسول الله يصلِّي الضحى.؟ فقالت:
لا؛ إلا أن يجيء من مَغِيبِهِ. قلت:
هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقرن بين السّورتين؟ قالت:
من المُفَضلِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرج مسلم منه الشطر الأول) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَبْعٍ: ثنا الجرَيْرِيَ عن عبد الله بن شقيق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال
البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والجريري: هو سعيد بن إياس، وكان اختلط، لكن روى عنه ابن زريع قبل
الاختلاط، فقد ذكروا أن رواية شعبة وابن عُلَيًة وغيرهما من الكبار صحيحة عنه؛
لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط، وابن زريع أقدم وفاة من ابن عُلَيةَ؛ فإنه مات
سنة (182) ، وتوفي ابن علية سنة (193) .
على أن الجريري قد توبع، كما سأذكره بإذن الله تعالى.
والحديث أخرجه مسلم (2/156) ، والبيهقي (3/50) من طريق أخرى عن
يزيد بن زريع ... به؛ دون الشطر الثاني منه.
وأخرجه أحمد بتمامه؛ فقال (6/218) . ثنا إسماعيل ويزيد- المعنى- قال:
أنا الجريري ... به.
وهذا إسناد على شرط مسلم؛ ويزيد: هو ابن هارون.(5/36)
وإسماعيل هو ابن علَيًة.
ثم أخرجه أحمد (6/204) من طريق كَهْمَسِ بن الحسن عن عبد الله بن
شقيق ... به مفرقاً في موضعين.
وإسناده صحيح أيضا على شرط مسلم.
وأخرجه الطيالسي (1/121/570) ، وابن خزيمة (1230) ، وأحمد (6/31)
من طريقين آخرين عن عبد الله بن شقيق ... به؛ دون الشطر الثاني.
وإسناد أحمد صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة (1229) عن ابن عمر.
1170- وفي رواية عنها؛ أنها قالت:
ما سبح رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضحى قط، وإني لأسبِّحها، وإنْ كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدعُ العملَ- وهو يحبُ أن يعمل به-؛ خشية أن يَعملَ به
الناس فَيُفْرَضَ عليهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أحْرجه مالك (1/166- 168) في " الموطأً".
وعنه: البخاري (2/44) ، ومسلم (2/156- 157) ، وأبو عوانة (2/266-(5/37)
267) ، والبيهقي (3/50) ، وأحمد (6/178) من طرق عنه ... به.
وأخرجه أبو عوانة وأحمد (6/168 و 169 و 177 و 209 و 215 و 223
و238) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به.
1171- عن سِمَاكٍ: قلت لجابر بن سمرة:
أكنتَ تجالس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: نعم كثيراً؛ فكان لا يقوم منْ مُصَلاه الذي صلى فيه الغداة
حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت قام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا ابن نُفَيْلٍ وأحمد بن يونس قالا: ثنا زهير: ثنا سماك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/132) عن أحمد بن يونس ... به.
وأخرجه النسائي (1/199- 200) ، وأحمد (5/91) من طرق أخرى عن
زهير ... به.
ومسلم أيضا، وأبو عوانة (2/23) ، والنسائي، والترمذي (2/480) ، وأحمد
(5/88) من طرق أخرى عن سماك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وسيأتي في " الأدب " باب (25) بنحوه.(5/38)
302- باب في صلاة النهار (1)
1172- عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" صلاة الليل والنهار: مثنع مثنى ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه البخاري وأحمد وابن خزيمة وابن حبان
والبيهقي والخطَابي) .
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي
ابن عبد الله البارقي عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم نقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن
مرزوق- وهو الباهلي-، فمن رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وبهذا الإسناد: أخرجه البخاري في "التاريخ " (1/1/285) .
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/1/45) : ثنا وكيع وغُنْدر
عن شعبة ... به.
وقال أحمد (2/26) : ثنا وكيع ... به.
وأخرجه ابن حبان (636) من طريق أخرى عن غندر.
ورواه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه " (1/130/2) ، وكذا أصحاب "السنن "
وعغيرهم من طرق عن شعبة ... به.
وقد أعله بعضهم بما لا يقدح، لا سيما وله طرق أخرى عن ابن عمر، وشواهد
خرجتها في "الروض النضير" تحت الحديث (522) ، ونقلت هناك التصحيح
المذكور آنفاً تحت الحديث.
__________
(1) استأنفت العمل بتاريخ (1/12/1388) ، يسر الله تمامه بخير.(5/39)
303- باب صلاة التسبيح
1173- عن ابن عباس: أن رسول الله قال للعباس بن عبد المطلب:
" يا عباسُ! يا عَمَّاهْ! ألا أُعْطِيكَ؟! ألا آمْنَحُكَ؟! ألا أحْبُوكَ؟! ألا
آفْعَلُ بك عَشْرَ خصال؟! إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر الله لك ذنبك: أولَهُ
واخرَهُ، قديمَهُ وحديثَهُ، خَطَأهُ وعَمْدَهُ، صغيرَهُ وكبيرَهُ، سِرهُ وعلانِيَتَهُ؟!
عشر خصال:
أن تصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة فاتحةَ الكتاب وسورةً، فإذا
فَرَغْتَ من القراءة في أول ركعة وأنت قائم؛ قلت: سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر: خمسَ عَشْرَةَ مرةً. ثم تركع فتقولها وأنت
راكع عَشْرَ مَرَّاتِ. ثم ترفع راسك من الركوع، فتقولها عَشْراً. ثم تَهْوِي
ساجداً، فتقولها وَأنت ساجد عَشْراً. ثم ترفع رأسك من السجود، فتقولها
عَشْراً. ثم تسجد فتقولها عَشْراً. ثم ترفع رأسك فتقولها عَشْراً. فذلك
خمسٌ وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات.
إن استطعت أن تُصَلِّيَها في كل يوم مرةً فافعل. فإن لم تفعل؛ ففي كل
جمعةِ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل شهًرٍ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل سنة
مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي عمرِك مرةً ".
(قلت: حديث صحيح، وقد قوَّاه جماعة من الأئمة، منهم أبو بكر
الأجُرِّي وابن منده وأبو محمد عبد الرحيم المصري وأبو الحسن المقدسي
والمنذري وابن الصلاح) .
إسناده: حدثنا عبد الرحشن بن بشر بن الحكم النيسابوري: ثنا موسى بن(5/40)
عبد العزيز: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثننهات رجال البخاري؛ غير موسى بن عبد العزيز
- وهو العدني-؛ فإنه صدوق سيئ الحفظ؟
والحكم بن أبان صدوق عابد له أوهام، كما قال الحافظ.
والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/51- 52) ، وكذا الخطيب في
جزئه الفرد في "صلاة التسبيح " (ف 197/1- 2) كلاهما عن المصنف ...
بإسناده.
ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (1387) ، وابن خزيمة في "صحيحه "
(1/132/1) ، والحاكم (1/318) من طرق أخص ى عن عبد الرحمن بن بشر ...
به. وقال ابن خزيمة:
" إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً ".
وأما الحاكم؛ فأورده شاهداً-
ثم أخرجه هو والبيهقي والخطيب من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان:
حدثني أبي: حدثني عكرمة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمه العباس ... فذكره هكذا مرسلاً. وقال الحاكم:
" هذا الإرسال لا يوهن وصل الحديث فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال.
على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قد أقام هذا الإسناد
عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ورصله ".
ثم ساقه من طريق الحنظلي: آبَنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن
عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثل حديث موسى بن عبد العزيز عن(5/41)
الحكم.
قلت: إبراهيم بن الحكم ضعيف.
وموسى بن عبد العزيز خير منه، فإن تابعه فهو قوة له، وإن خالفه فلا يضره،
ولكن الإسناد بحاجة إلى ما يعضده.
وقد ذكر له الخطيب طريقاً أخرى من رواية أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربَعِي
من طرق أربعة عنه عن ابن عباس، ومن طريق مجاهد بن جبر عنه، وساق
الأسانيد إليها، ولكنها واهية كلَها! وإنما يعضد الحديثَ بعضُ الشواهد التي ساقها
الخطيب، التي منها ما ذكره المصنف فيما يأتي.
1174- عن رجل كانت له صحبة- يرون أنه عبد الله بن عمرو- قال:
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ائتني غداً أحبوك وأثيبك وأعطيك "؛ حتى ظننت أنه يعطيني
عَطِيَّةً. قال:
" إذا زال النهار؛ فقُمْ فصلِّ أربع ركعات ... " فذكر نحوه؛ قال:
" ترفع رأسك- يعني: من السجدة الثانية-، فاسْتَوِ جالساً، ولا تَقُمْ
حتى تُسِّبح عشراً، وتحمد عشراً، وتكبر عشراً، وتهلِّل عشراً، ثم تصنع
ذلك في الأربع ركعات ". قال:
" فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنباً؛ غُفِرَ لك بذلك ".
قلت: فان لم استطع أن أصلِّيَها تلك الساعة؟ قال:
" صَلِّ من الليل والنهار ".(5/42)
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن سفليان الأُبْلَي: ثنا حبان بن هلال أبو حبيب: ثنا
مهدي بن ميمون: ثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كانت له
صحبة.
قال أبو داود: "حبان بن هلال: خال هلال الرأي ".
قال أبو داود: " رواه المستمرّ بن الرَّيَّان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن
عمرو ... موقوفاً. ورواه رَوْحُ بن المسيَّب وجعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك
النكْرِيِّ عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ... قوله. وقال في حديث روح: فقال:
حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير
عمرو بن مالك- وهو النكْرِيُ-، ذكره ابن حبان في " الثقات"، وقال:
" يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه، يخطئ ويغرب ". وقال الذهبي:
" ثقة " وقال الحافظ:
" صدوف له أوهام ".
ولم يتفرد به، كما يشير إلى ذلك قول المصنف المتقدم:
" رواه المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ... موقوفاً ".
قلت: وهذه متابعة قوية؛ فإن المستمر هذا ثقة من رجال مسلم، وهو وإن كان
أوقفه؛ فلا يضر؛ لأنه في حكم الرفوع؛ لان مثله لا يقال من قبل الرأي، لا سيما
وقد تابعه أيضا أبو جناب عن أبي الجوزاء ... به مرفوعاً، كما في "البيهقي "
(3/52) .(5/43)
لكن أبو جَنَاب- واسمه يحيى بن أبي حَيَّة- ضعفوه لكثرة تدليسه.
وقد وصله الخطيب (ق 199/1- 2) من طريق القاسم بن الحكم عنه ... به؛
لكنه أوقفه على ابن عباس، وأدخل بينه وبين أبي الجوزاء: محمد بن جُحَادة.
وتابعه يحيى بن عقبة بن أبي العَيْزَارِ عن محمد بن جُحَادة عن أبي الجوزاء
قال: قال لي ابن عباس ... به؛ لكنه رفعه.
أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/64/1) ، وعنه الخطيب.
لكن ابن أبي العيزار هذا متهم بالكذب.
والحديث أخرجه الخطيب (2/202) ، والبيهقي كلاهما من طريق
المصنف ... به؛ لكنهما لم يذكرا فيه قوله: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لكن كلام
المصنف عقب الحديث يشعر بأنه مرفوع عنده؛ لأنه أخذ يبين أن المستمر خالف
عمرو بن مالك فأوقفه. والله أعلم.
1175- عن عروة بن رُويم: حدثني الأنصاري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجعفر ... بهذا الحديث، فذكر نحوه؛ قال:
في السجدة الثانية من الركعة الأولى كما في حديث مهدي بن ميمون.-
يعني: الحديث (1182) -) .
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن
رُويمً.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير الأنصاري: فإن كان صحابيّاً(5/44)
فالسند صحيح؛ لأن جهالة الصحابة لا تضر؛ وإلا فهو تابعي مجهول، فيصلح
شاهداً لما قبله. وقد ذكر السيوطي في "اللآلي المصنوعة" (2/23) عن الحافظ ابن
حجر قال:
" وقد وجدت في ترجمة عروة بن رويم من "الشاميين " للطبراني حديثين
أخرجهما من طريق أبي توبة- وهو الربيع بن نافع- شيخ أبي داود فيه بهذا السند
بعينه، فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري. فلعل الميم كُبرَتْ قليلاً، فأشبهت
الصاد! فإن يكن كذلك؛ فصحابي هذا الحديث أبو كبشة. وعلى التقديرين؛
فسند هذا الحديث لا ينحظ عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي
الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري. وممن
صحح هذا الحديث أو حسنه غير من تقدم: ابن منده ... ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/52) ، والخطيب (203/1-2) من طريق
المصنف.
وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح، لا يشك في ذلك من
كان عنده معرفة بطريقة نقد الأسانيد، والجرح والتعدبل، ووقف عليها؛ فضلأ
عن غيرها مما لم يخرجه المصنف رحمه الله تعالى؛ فإنه يقطع بما ذكرنا من
صحَّته.
ولذلك نقم العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في "الموضوعات "، كما تراه
مبسوطاً في "اللالىي" (2/20- 24) للسيوطي و "الآثار المرفوعة في الأخبار
الموضوعة" لأبي الحسنات اللكنوي، وقد أطال فيه النفس جداً في تتبع طرق
الحديث وكلام العلماء فيها؛ بما لا تراه في غيره (353- 374) . وفي القدر الذي
ذكرنا مَقْنع للمصنف!(5/45)
304- باب ركعتي المغرب؛ أين تُصَلَّيَانِ؟
1176- عن كعب بن عجرَةَ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى مسجد بني عبد الآشْهَلِ، فصلى فيه المغرب. فلما
قضوا صلاتهم؛ رأهم يسبِّحون بعد ها، فقال:
" هذه صلاة البيوت ".
(قلت: حديث حسن، واستحسنه أحمد، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود. حدثني أبو مطرِّف محمد بن أبي
الوزير: ثنا محمد بن موسى الفطْرِيُّ عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن
أبيه عن جده. َ
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات. غير إسحاق بن كعب، فهو مجهول.
وقال ابن القطان- وتبعه الحافظ العسقلاني-:
" مجهول الحال ".
والحديث أخرجه النسائي (1/237) ؟ والتَرمذي (2/500) ، وابن خزيمة في
"صحيحه " (1/1/130) ، والبيهقي (2/189) من طرق أخرى عن ابن أبي
الوزير ... به. وقال الترمذي.
" حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
قلت: وهو ضعيف كما عرفت. لكن له شاهد من حديث رافع بن خديج قال:
أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال:
" اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم ".(5/46)
أخرجه ابن ماجه (1165) ، وابن نصر في "قيام الليل " (30) ، وابن خزيمة في
"صحيحه " (2/1/129) من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة
عن محمود بن لَبِيدٍ عنه؛ ولم يذكر ابن نصر رافعاً في إسناده!
ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
لكن قد صرح بالتحديث عند أحمد (5/427) : ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن
إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد أخي بني
عبد الأشهل قال:
أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث؛ وزاد:
للسبحة بعد المغرب.
ثم أخرجه- بعد صفحة-. حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق:
حدثني عاصم ... به.
وقال أبو عبد الرحمن- وهو ابن أحمد-. قلت لأبي: إن رجلاً قال: من صلى
ركعتين بعد الغرب في السجد، لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
قال: " هذه من صلوات البيوت "؟!، قال: من قال هذا؟ قلت: محمد بن
عبد الرحمن (يعني: ابن أبي ليلى) . قال: ما أحسن ما قال- أو ما أحسن ما
انتزع"!
(تنبيه) : عزاه المنذري (2/90) لابن ماجه! وهو وهم؛ وإنما له عن رافع كما
تقدم.
305- باب الصلاة بعد العشاء
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](5/47)
أبواب قيام الليل
306- باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه
1177- عن ابن عباس؛ قال في (المًزَّمِّل) :
(قُمِ اللَيْلَ إلا قليلاً. نصفه) : نسختها الآية التي فيها: (عَلِمَ أنْ لَنْ
تُحصُوهُ فتاب عليكم فاقرأُوا ما تيسَرَ من القران) .
و (ناشئة الليل) : أولُهُ. وكانت صلاتهم لأول الليل: يقول، هو أجدرُ
أن تُحْصُوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك أن الانسان إذا نام؛
لم يَدْرِ متى يستيقظ؟!
وقوله: (أقوم قِيلاً) : هو أجدر أن يَفْقَهَ في القرآن.
وقوله: (إن لك في النهار سبحاً طويلآ) ؛ يقول: فراغاً طويلاً.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ- ابنُ شَبوَيْهِ-: حدثني علي بن
حسين عن أبيه عن يزيد النَّحْوِي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي علي بن حسين- وهو ابن واقد-
كلام من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في
" التقريب ":
" صدوق يهم ". وقال المنذري:
"فيه مقال ".(5/48)
1178- عن ابن عباس قال:
لما نزلت أول (المزمل) ؛ كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر
رمضان؛ حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة.
(قلت: إسناده صحيح، وكَذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي)
إسناده: حدثنا أحمد بن سحمد- يعي. المروزي-: ثنا وكيع عن مِسْعَرٍ عن
سِمَاكٍ الحنفي عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن محمد
وهو ابن شَبَّويهِ الذي في الحديث قبله-، و 5نر تقذ.
والحديث أخرجه الحاكم (2/505) ، وكذا ابن جرير، وابن أبي حاتم من طرق
أخرى عن مسعر ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
307- باب قيام الليل
1179- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يَعْقِدُ الشيطانُ على قافية رأس أحدكم- إذا هو نام- ثلاثَ عُقَد،
يضربُ مكانَ كلِّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد؛ فإن استيقظ فذكر الله
انحلَّتْ عقدة، فإن توضئًأ انحلّت عقدة؟ فإن صلى انحلَّتْ عقدة، فأصبح
نشيطاً طَيِّبَ النفس؛ وإلا أصبح خبيث النفس كسلانَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم!)(5/49)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة كن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح كل شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه على ما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (95/1/176) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (1/288) ، وأبو عو انة (2/295) ، والطحاوي في "مشكل
الآثار" (1/145) كلهم عن مالك ... به.
وتابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد ... به.
أخرجه أحمد (2/243) ، ومسلم (2/187) ، وأبو عوانة أيضا.
وتابعه ابن أبي الزناد عنه: أخرجه الطحاويَ.
وتابعه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أخرجه البخاري (2/320)
وأبو صالح عنه: عند ابن ماجه (1329) ، والطحاوي، وابن نصر (40) .
1180- عن عبد الله بن أبي قيس قال: قالت عائشة رضي الله عنها:
لا تَدع قيام الليل؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يدعُهُ، وكان إذا مَرِض
أو كسِلَ؛ صلى قاعدا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا أبو داود قال: ثنا شعبة عن يزيد بن
خُمَيْرٍ: سصعت عبد الله بن أبي قيس يقول..
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم.(5/50)
والحديث أخرجه البخاري في "الأدب الفرد" (800) ، وأحمد (6/249) ،
والبيهقي (3/15) من طريق أبا داود- وهو الطيالسي-؛ ولم أره في " مسنده "
المطبوع! والله أعلم.
1181- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته؛ فإن أبَتْ نضح
في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها؛
فإن أبى نضحت في وجهه الماء! ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم
والذهبي والحافظ العرافي والنووي) .
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا ابن عجلان عن القعقاع عن أبي
صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إكا أخرج
لابن عجلان في الشواهد، فهو حسن الحديث، وقد صحح له جماعة كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/250 و 436) : ثنا يحيى ... به.
وأخرجه هو (2/247) ، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه "
(1/1/125) ، وعنه ابن حبان (646) ، وابن نصر في "القيام " (39) ، والحاكم من
طرق عن يحيى وغيره عن ابن عجلان ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وفيه نظر؛ وإكا هو حسن فقط؛ لما ذكرنا من حال ابن عجلان.(5/51)
نعم؛ هو صحيح لغيره؛ فقد أخرجه ابن حبان (647) من طريق محمد بن
القاسم- سُحَيْم؛ حَراني ثبت-: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي
صالح ... فذكر- نحوه (*) .
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن القاسم هذا، وهو
صدوق، وروى عنه أبو زرعة، كما في "الجرح والتعديل " (4/1/66) .
والحديث صححه النووي أيضا في "الرياض " (434) ، والعراق! في "تخريح
الإحياء " (1/322 و 4/348- الطبعة الحلبية) .
1182- عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أيقظ الرجلُ أهلَهُ من الليل فصليا- أو صلى- ركعتين جميعاً؛
كُتِبا في الذاكرين والذاكرات ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان والحاكم
والذهبي والنووي والعرا قي) .
إسناده: حدثنا ابن كثير: صنا سفيان عن مسعر عن علي بن الأقمر. (ح)
وحدثنا محمد بن حاتم بن بَزِبع: ثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش
عن علي بن الأقمر- المعنى- عنً الآغَرَ عن أبي سعيد وأبي هريرة.
قال المؤلف: " ولم يرفعه ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة؛ جعله كلام أبي سعيد ".
قال أبو داود: " رواه ابن مهدي عن سفيان قال: وأراه ذكر أبا هريرة ".
__________
(*) هذه المتابعة لحديث أخر لم يذكر متنه الهيثمي في "الوارد"، وهو موجودٌ في أصله
"صحيح ابن حبان ": لمتن آخرً.
والحديث حسن؛ كما في "صحيح الترغيب " (627) . (الناشر)(5/52)
قال أبو داود: " وحديث سفيان موقوف ".
قلت: كل من الموقوف والرفوع صحيح الإسناد على شرط مسلم، ومَنْ رَفَعَ
معه زياده؛ فيجب قبولها منه؛ لأنه ثقة، ألا وهو الأعمش، وقد توبع كما خرجته
في "الروض النضير" (962) .
والحديث أخرجه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى ... به.
وابن ماجه (1335) عن الوليد بن مسلم: ثنا شيبان أبو معاوية ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وفيه أن الأغر- وهو أبو مسلم االمدني إنما أخرج له البخاري في "الأدب الفرد".
وقد صحح الحديث أيضا من ذكرناه آنفاً تحت نص الحديث، وخرجته عنهم
في "التعليق الرغيب " (1/217) .
وعزاه المنذري لابن حبان أيضاً في "صحيحه "! ولم أره في "الموارد"!
ثم وجدته فيه (رقم 645) من طريق أحرى أيضا عن عبيد الله بن موسى.
308- باب النعاس في الصلاة
1183- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا نَعَس أحدُكم في الصلاة؛ فَلْيَرْقُدْ حتى يذهب عنه النوم؛ فإن
أحدكم إذا صلى وهو ناعس؛ لعلَّه يذهمت يستغفرُ فيَسُبَّ نفسَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .(5/53)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/118/3) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البخاري (1/65) ، ومسلم (2/190) ، وأبو عوانة (2/297)
كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي (1/37) ، والترمذي (2/186) ، وابن
ماجه (1370) ، وأحمد (6/56 و 202 و 259) ، وابن نصر (77) من طرق أخرى
عن هشام بن عروة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ورواه النسائي (1/75) من حديث أنس، دون قوله: " حتى يذهب عنه ... ".
وكذا أخرجه البخاري (1/65) ، وابن نصر (78) .
1184- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا قام احدكم من الليلَ، فاسْتَعْجَم القرآنُ على لسانِهِ. فلم يَدْر ما
يقول؛ فَلْيَضْطجعْ ".
(قلت إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن
منَبِّه عن أبي هريرة قال ت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...(5/54)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد " (2/318) ... بهذا السند.
وأخرجه مسلم (2/190) ، وأبو عوانذ (2/297) ، وابن نصر (78) من طرق
أخرى عن عبد الرزاق ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1372) من طريق أخركما عن أبي بكر بن يحيى بن النضر
عن أبيه عن أبي هريرة ... به.
قلت: ورجاله ثقات؛ غير أبي بكر هذا، فقال الحافظ:
"مستور".
(تنبيه) : عزاه المنذري في " مختصره " (2/92) ، وفي " الترغيب " (1/223)
للترمذي أيضا، ولم أره عنده. والله أعلم.
1185- عن أنس قال:
دخل رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال:
" ما هذا الحبل؟! ". فقيل: يارسول الله! هذه حَمْنَة بنت جَحْشٍ
تصلي؛ فإذا أعيت تعلَّقَتْ به. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لِتُصَل ما أطاقت؛ فإذا أعْيَتْ فلتجلس ".
(وفي رواية: " فقال: ما هذ ا؟! "، فقالوا: لزينب تصلي؛ فإذا كسلت
أو فتوت أمسكت به. فقال: " حُلُوة ". فقال:
" ليصل أحدُكم نشاطَهُ، فإذا كسل أو فَتَرَ؛ فَلْيَقْعدْ ") .(5/55)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين بالرواية الأخرى. وقد أخرجها
البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وأما الرواية الأولى التي فيها
تسمية المرأة بـ (حمنة) ؛ فهي منكرة؛ لأنه تفرد بها من لا يُعْرَف؛ مع مخالفته
لجمع من الثقات) .
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب وهارون بن عَبَّاد الآزْدِيّ: أن إسماعيل بن
إبراهيم حدثهم: ثنا عبد العزيز عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق زياد.
وأما متابعه هارون؛ فمقبول عند الحافظ، ولم يخرج له أحد من الستة غير
المصنف، ويبدو لي أنه ضعيف الحفظ؛ فقد خالف زياد بن أيوب في تسميته
صاحبة القصة بـ (حمنة) ، وسماها زياد بـ (زينب) وهو الصواب؛ لما عرفت من ثقة
لا سيما وقد تابعه جمع عن ابن عُلَيةَ: عند مسلم.
وتابع ابنَ علَيَّةَ عبد الوارث بن سعيد: عند الشيخين وغيرهما كما يأتي.
نعم؛ قد روي في حديث مرسل: أنها حمنة بنت جحش، فقال أحمد
(3/184) : ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد بن سلمهَ عن ثابت عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى قال:
رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبلاً ممدوداً بين ساريتين، فقال:
" لمن هذا؟! ". قالوا: لحمنة بنت جحش ...
ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد عن حمَيْدٍ عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
ثم قال (3/256) : ثنا عفان. ثنا حماد قال: أنا ثابت عن عبد الرحمن بن(5/56)
أبي ليلى ... به ثنا عفان: ثنا حماد عن حميد عن أنس بن مالك عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله.
قلت: والإسنادان رجالهما ثقات رجال مسحلم، لكن الأول مرسل، والآخر
مسند على شرط مسلم.
وقوله فيه: (مثله) قد يشعر بأن فيه تسمية المرأة بـ (حَمْنَةَ) كما في المرسل!
وهو الذي فهمه الحافظ، فقال في "الفتح " (3/30) :
" وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس: أنها حمنة بنت جحش "!
وفي هذا العزو نظر عندي؛ لأنه لا يلزم من قوله: (مثله) المماثلة من كل
جهة، كما هو معلوم لدى العارفين بهذا العلم.
ويؤيده أن أحمد ساق في مكان آخر (6/204) من الحديث- من طريقين-،
وابن نصر (78) - من طريق ثالث- وكذا في "ابن حبان " (2484) عن حميد ...
به وفيه:
فقالوا: لفلانة ... لم تسَمَّ. والله أعلم.
والحديث؛ أخرجه أحمد في "المسند" (3/101) : ثنا إسماعيل ... به.
وأخرجه مسلم (2/189) من طرق أخرى عن إسماعيل ابن عُليةَ ... به.
وتابعه عبد الوارث عن عبد العزيز ... به.
أخرجه البخاري (1/290) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/297) ، والنسائي
(1/243) ، وابن ماجه (1371) من طرق عنه؛ وفيها تسمية المرأة بـ (زينب)(5/57)
309- باب من نام عن حزبه
1186- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!:
" من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة
الظهر؛ كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ")
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن
عبد الملك بن مروان. (ح) وثنا سليمان بن داود ومحمد بن سَلَمَةَ المُرَادي قالا: ثنا
ابن وهب- المعنى- عن يونس عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد وعبيد الله
أخبراه: أن عبد الرحمن بن عبد- قالا عن ابن وهب: ابن عبدِ القاري- قال:
سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قلت: هو صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، رجاله كلهم ثقات من
رجالهما، وعلى شرط مسلم وحده من الوجه الآخر؛ فإن المرادي لم يخرج له
البخاري.
ومتابعه سليمان بن داود: هو ابن أخي رِشْدِينَ المصري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه النسائي (1/255) ، والترمذيمما (2/474) من الوجه الأول.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (2/171) ، وأبو عوانة (2/271) ، والطحاوي في "المشكل "
(2/185) ، وابن ماجه (1343) من طرق عن ابن وهب ... به.(5/58)
وأبو عوانة، والدارمي (1/346) ، وابن نصر (78) من طرق أخرى عن
يونس ... به.
وأبو عوانة، والطحاوي (2/186) من طريق عقَيْلِ بن خالد عن ابن
شهاب ... به.
والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 200) عن زياد بن سعد عن الزهري ...
به
وقد رواه بعضهم عن ابن شهاب ... به؛ ولكنه أوقفه!
وهو مرجوح كما حققه الطحاوي، فلا نطيل القول ببيانه.
310- باب من نوى القيام فنام
1187- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما من امرئ تكون له صلاة بليل، يغلبه عليها نوم؛ إلا كتب له أجر
صلاته، وكان نومُهُ عليه صدقةً ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير
عن رجل- عنده رَضِي-: أن عائشة زوجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذي لم يُسَم،
فهو مجهول، وإن كان ابن جبير قد رَضِيَهُ.
وقد ادعى المنذري في "مختصره " (2/93) : أنه الأسود بن يزيد النخعي، قاله
أبو عبد الرحمن النسائي!(5/59)
قلت: لو ثبت هذا؛ لكان الإسناد متصلاً صحيحاً؛ لكن فيه من لا يحتج به.
على أنه اضطرب في إسناده، كما يأتي بيانه.
والحديث في للموطأ مالك " (1/117/1) .
وعنه: أخرجه النسائي (1/255) ، وابن نصر (78) ، وأحمد (6/180) عن
مالك ... به.
ثم أخرجه النسائي من طريق محمد بن سليمان قال: حدثنا أبو جعفر الرازي
عن محمد بن المنكدرعن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة.
وأخرجه- من طريقه يحيى بن أبي بكير-، وأحمد (6/63) - من طريق وكيع
- كلاهما عن أبي جعفر ... به؛ إلا أنهما لم يذكرا: الأسود في إسناده. وقال
النسائي عقبه:
" أبو جعفر ليس بالقوي في الحديث ".
قلت: وتابعه أبو أُوَيْس قال: ثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن
عائشة.
أخرجه أحمد (6/72) ، ورجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنْ أبو أويس هذا
- واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الآصْبَحِيُ- قد تُكلمَ في حفظه. وقال
الحافظ:
" صدوق يهم ".
فمخالفته لمالك، وإسقاطه الرجل من الإسناد مما لا يلتفت إليه.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهداً من حديث أبي الدرداء ... مرفوعاً
نحوه، وقد صححه جماعة، ذكرتهم مع تخريج الحديث في "التعليق الرغيب "(5/60)
(1/208) .
وله طريق أخرى عن أبي ذر أو أبي الدرداء- شك شعبة- مرفوعاً ... به
نحوه.
أخرجه ابن حبان (640) بسند حسن.
311- باب أيُّ الليل أفضلُ؟
1188- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا؛ حين يبقى ثلث
الليل الأخر، فيقول: مَنْ يدعوني؛ فأستجيبَ له؟! مَنْ يسألُنِي؛ فأُعطِيَهُ؟!
من يستغفِرُنِي؛ فآغْفِرَ له؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد
المؤلف، وأخرجه هو أيضا ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرطهما من الطريقين؛ وأبو عبد الله: اسمه سلمان
الأغر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في " الموطأ" (1/214/30) .
وأخرجه البخاري (1/289) ... بإسناد الؤلف عنه.(5/61)
ثم أخرجه هو (4/190 و 479) ، ومسلم (2/175) ، وابن نصر (35) ،
وأحمد (2/487) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1366) ، وأحمد (2/264 و 267) من طرق أخرى عن
ابن شهاب ... به.
وتابعه أبو إسحاق قال: حدثني الأغر أبو مسلم قال: أشهد على أبي سعيد
وأبي هريرة يشهدان له على رسول الله أنه قال ... فذكره نحوه.
أخرجه أبو عوانة (2/288- 289) ، والطيالسي (2232 و 2385) ، وأحمد
(2/383) .،
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والترمذي (2/307) والدارمي (1/346- 347) ،
والطيالسي (2516) ، وأحمد (2/258 و 282 و 419 و 433 و 504 و 509
و521) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به نحوه. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، قد خرجت طائفة منها في
"إرواء الغليل في تخريج منار السبيل " (450) .
312- باب وقت قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل
1189- عن عائشة قالت:
إنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُوقِظُهُ اللهُ عز وجل بالليل، فما يجيءً السحَرُ
حتى يَفْرُغَ من حِزْبِهِ.
(قلت: إسناده حسن) .(5/62)
إسناده: حدثنا حسين بن يزيد الكوفي: ثنا حفص عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حسين بن
يزيد الكوفي؛ قال ابن أبي حاتم (1/2/67) عن أبيه:
" لين الحديث "!
وذكره ابن حبان في "الثقات ".
قلت: وروى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، منهم أبو زرعة، وهو لا يروي إلا
عن ثقة كما تقدم.
والحديث سكت عنه المنذري (2/94) .
1190- عن مسروق قال:
سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلتُ لها: أيَّ
حين كان يصلي؟ قالت:
كان إذا سمع الصُّرَاخَ، قام فصلى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم "، وأحد إسنادي المصنف إسناد مسلم، ولفظهم: الصارخ) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا أبو الأحوص. (ح) وثنا هَناد عن أبي
الأحوص- وهذا حديث إبراهيم- عن أشعث عق أبيه عن مسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الوجه الأول على شرط الشيخين، ومن
الوجه الآخر على شرط مسلم؛ وبه أخرجه كما يأتي.(5/63)
وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء المحَاربي الكوفي.
وأبو الأحوص: هو سلام بن سلَيْم الحنفي مولاهم الكوفي.
والحديث أخرجه البخاري (1/286) : حدننا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو
الأحوص ... به.
وأخرجه مسلم (2/167) : حدثني هَناد بن السَّرِيِّ ... به.
ثم أخرجه البخاري (1/286 و 4/222) ، وأبو عوانة (2/306) ، والنسائي
(1/245) ، وأحمد (6/94 و 110 و 147) - من طريق شعبة-، وأحمد أيضا
(6/203 و 279) - من طريقين آخرين- كلهم عن الأشعث ... به؛ وكلهم قالوا:
الصارخ؛ بدل: الصراخ.
1191- عن عائشة قالت:
ما ألفاهُ السحَرُ عندي إلا نائماً. تعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أبو توبة عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأبو توبة: هو الربيع بن نافع الحَلَبِي.
والحديث أخرجه البخاري (1/286- 287) : حدثنا موسى بن إسماعيل
قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ... به.(5/64)
وأخرجه مسلم (2/167- 168) ، وأبو عوانة (2/306) ، وابن ماجه (1197)
من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم ... به.
وكذلك أخرجه أحمد (6/161 و 270) .
1192- عن حذيفة قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حَزَبَهُ أمْز صلَى.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار
عن محمد بن عبد الله الدولِيِّ عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة.
قلت: وهذا إسناد رجاله؛ ثقات غير الدؤلي وشيخه: أما الأول؛ فهو مجهول؛
قال الذهبي:
" ما أعلم روى عنه غير عكرمة بن عمار ". وقال الحافظ:
"مقبول ".
وأما الشيخ؛ فقد روى عنه اثنان آخران، وذكره ابن حبان في "الثفات "،
وقيل: إن له صحبة.
لكن للحديث شاهد يتقوى به، يأتي ذكره.
والحديث أخرجه أحمد (5/388) ، وابن نصرفي "الصلاة" (ق 36/2) ،
والبيهقي في "الشعب " (3/154) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (6/274) من
طرف أخرى عن عكرمة ... به.
والشاهد المشار إليه؛ خرجته في "تخريج المشكاة" (1325) ، وذكرت ثَمَّ أن(5/65)
الحديث به حسن. وسكت عنه المنذري، وقال (2/94) :
" وذكر بعضهم أنه روي مرسلاً ".
1193- عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال:
كنت أبِيتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آتيهِ بوَضوئه وبحاجته. فقال:
" سَلْني ". فقلت: مرافقتَكَ في الجنة! قال:
" أو غيرَ ذلك! ". قلت: هو ذاك! قال:
" فآعِنِّي على نفسك بكثرة السُجود ".
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما) .
إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الهِقْلُ بن زياد السكْسَكِي: ثنا الأوزاعي
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي
يقول ...
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو
من شيوخ البخاري، وفي حفظه ضعف كما تقدم غير مرة، لكنه لم يتفرد به كما
يأًتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/52) ، وأبو عوانة (2/181- 182) ، والنسائي
(1/171) من طريق الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة ...
به
وله في "المسند" (4/59) طريق أخرى عن ربيعة ... به أتم منه.
وإسناده جيد.(5/66)
وبعضه عند الترمذي (3412) ، وابن ماجه، وكذا أحمد (4/57- 58) من
الطريق الأولى. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ورواه الدَّولابي في "الكنى والأسماء " (1/48) من طريق أخرى عن أبي فراس
الأسلمي- وهو ربيعة بن كعب- ... به نحوه.
1194- عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية: (تتجافى جُنوبُهم
عن المضاجع يَدْعون رَبَّهم خوفاً وطمعاً وممَّا رزقناهم ينفقون) ؛ قال:
كانوا يتيقَّظون ما بين المغرب والعشاء يصلُون.
[قال:] (1) وكان الحسن يقول: قيام الليل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه الترمذي نحوه- وصححه-
من طريق أخرى) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَجْ: ثنا سعيد عن قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي كامل
- واسمه فُضَيْل بن حُسَيْنٍ-، وهو ثقة حافظ من شيوخ مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/19) من طريق المصنف.
وأخرجه من طريق عبد الوهاب: آبَنَا سعيد ... به.
__________
(1) يعني: قتادة. وسقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من نسخة "عون
المعبود "، و" مختصر المنذري "، و"سنن البيهقي ".(5/67)
وله طريق أخرى، أخرجه الترمذي (2/257) عن يحيى بن سعيد عن
أنس:
أن هذه الآية: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) نزلت في انتظار الصلاة التي
تُدْعى العَتَمَةَ. وقال:
" حديث حسن صحيح غريب ".
قلت: وإسناده صحيح.
ورواه ابن جرير بإسناد جيد؛ كما قال ابن كثير في "تفسيره " (3/459) .
1195- عن أنس في قوله عز وجل: (كانوا قليلاً من الليل ما
يَهْجَعُون) ، قال:
كانوا يصلّون فيما بين المغرب والعشاء- زاد في حديث يحيى:
وكذلك (تتجافى جنوبهم)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين)
إسناده. حدثنا محمد بن المثنى: ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن
سعيد عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين
والحديث أخرجه البيهقي (3/19) من طريق المؤلف.
وسكت عنه المنذري (2/94 و 95) ، وكذا عن الذي قبله.(5/68)
313- من باب افتتاح صلاة الليل بركعتين
1196- عن عبد الله بن حُبْشِي الخَثعَمِيِّ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أيُ الأعمال أفضل؟ قال:
" طولُ القيام ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن الصواب في لفظه: أي
الصلاة) .
إسناده: حدثنا ابن حنبل- يعني: أحمكد-: ثنا حجاج قال: قال ابن جريج:
أخبرني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزْديِّ عن عُبَيْد بن عُمَيْر عن عبد الله
ابن حبْشِيً الخَثْعَمِيً. ً
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تتات على شرط مسلم.
والحديث في "مسند أحمد " (3/411- 412) ... بهذا السند أتم منه؛ ولفظه:
سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال:
" إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غُلولَ فيه، وحَجَّة مبرورة ". قيل: فأي الصلاة
أفضل؟ قال:
" طول القنوت ". قيل: فأيًّ الصدقة افضل؟ قال:
"جهْد المُقِلِّ ". قيل: فأيُّ الهجرة أفضل.؟ قال:
" من هجر ما حرم الله عليه ". قيل: فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال:
" من جاهد المشركين بماله وننمسه ". قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال:(5/69)
" من أهْريق دمه، وعُقِرَ جواده ". وسيعيده المصنف (1303) بهذا التمام، مع
اختصار مخِل.
وهكذا أخرجه النسائي (1/349) ، والدارمي (1/331) ، والبيهقي (3/9) من
طرق عن حجاج ... به.
ومنه يتبين أن المصنف رحمه الله تعالى اختصره اختصاراً مُخِلاً! فإن نصه عند
أحمد وغيره: أي الصلاة أفضل ... وليس: أي الأعمال أفضل. وإنما هذا في
أول الحديث، وجوابه: قال: " إيمان لا شك فيه ".
وكذلك أخرجه ابن نصر (51) مختصراً على الصواب، وبلفظ:
"القيام ". وقال الآخرون:
" القنوت ".
والمعنى واحد.
ولابن جريج فيه إسناد آخر، فقال: أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ:
" أفضل الصلاة طول القنوت ".
أخرجه مسلم (2/175) ، وابن ماجه (1421) ، والبيهقي (3/8) .
وتابعه ابن عيينة عن أبي الزبير ... به.
أخرجه الترمذي (2/229) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وابن أبي ليلى عنه: رواه أحمد (3/391) -(5/70)
وتابعه أبو سفيانْ عن جابر ... به.
أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (3/302) ، وعنده زيادة السؤال عن: أي
الجهاد أفضل؟ وجوابه.
وللحديث شاهد من حديث أنس قال:
قال رجل: يا رسول الله! أي الصلاة أفضل؟ قال:
" طول القنوت ".
أخرجه البزار (1/177/351) بسند صحيح.
314- باب صلاة الليل: مثنى مثنى
1197- عن عبد الله بن عمر:
أن رجلاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الليل؟ فقال:
" صلاة الليل: مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ صلى ركعة
واحدة؛ تُوتِرُ له ما قد صلى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذ اأبو عوانة
في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن
عمر.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وفد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/123/1) ... بهذا الإسناد.(5/71)
وعنه: أخرجه أيضا البخاري (1/252) ، ومسلم (2/171- 172) ، وأبو عوانة
(2/334) ، والدارمي (2/340) ، والبيهقي (3/21) كلهم عن مالك ... به؛ إلا
أن الدارمي لم يذكر في إسناده: عبد الله بن دينار.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر: عند الشيخين، والنسائي (1/246) ،
والترمذي (2/300) ، وابن ماجه (1175) ، والبيهقي، وأحمد (2/5 و 9 و 10) .
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". ويأتي أحدها برقم (1277) .
وزاد مسلم في رواية (2/174) :
فقيل لابن عمر: ما " مثنى مثنى "؟ قال:
أن تسلم في كل ركعتين.
315- باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل
1198- عن ابن عباس قال:
كانت قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قدرما يسْمَعُهُ مَنْ في الحُجْرَةِ وهو في
البيت.
(قلت: إسناده حسن صحيح)
إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكَانِى: ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن
أبي عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عكرمة، فمن
رجال البخاري.(5/72)
إلا أن مسلماً إنما أخرح لابن أبي الزناد- واسمه عبد الرحمن- في (المقدمة) ،
وقد تكلم بعضهم في حفظه، ولكن ذلك لا يجعل حديثه ينزل عن رتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (3/10-11) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو، وابن خزيمة (1157) ، وعنه ابن حبان (2572) من طريق
سعيد بن أبي هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كرَيباً أخبره قال:
سألت ابن عباس، فقلت: كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل؟
فقال ... فذكره نحوه.
ورجاله ثقات. فالحديث صحيح بمجموع الطريقين. وإعلال المنذري- ثم
المناوي- بـ (ابن أبي الزناد) ! خطأ يُعْرَفُ مما سبق.
1199- عن أبي هريرة؛ أنه قال:
كانت قراءةُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل: يَرْفَغ طَوراً، ويخفِضُ طَوْراً.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان (2594) ، والحاكم)
إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّار بن الرَيان: ثنا عبد الله بن المبارك عن عمران
ابن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوَالِبيِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إالا أن زائدة هذا- وهو ابن نَشيط- لم
يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابنه هذا وفِطْرِ بن خليفة. وقال الحَافظ في
"التقريب ":
"مقبول ".
والحديث أخرجه ابن حبان (657) ، والحاكم (1/310) من طريق أخرى عن(5/73)
عمران ... به. وسكت عليه المنذري (2/96) !
وإنما أوردته هنا؛ لأن له شاهداً من حديث عائشة ... أنها سئلت: كيف
كانت قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل؟ أيجهر أم يًسِرّ؟ قالت:
كلَّ ذلك قد كان يفعل: ربما جهر، وربما أسرَّ.
أخرجه أحمد (6/149) وغيره بسند صحيح.
وقد مضى في "الطهارة" من هذا الكتاب رقم (223) .
1200- عن أبي قتادة:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ خرج ليلةً؛ فإذا هو بأبي بكررضي الله عنه يصلي
يخفض من صوته. قال: ومرَّ بعمر بن اغطاب وهو يصلي رافعاً صوته.
قال: فلما اجتمعا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أبا بكر! مَرَرْتُ بك وأنت تصلي تخفِضً صوتَكَ؟! ".
قال: قد أسْمَعْتً من ناجيتُ يا رسول الله! قال: وقال لعمر:
" مَرَرْتُ بك وأنت تصلي رافعاً صوتك؟! ".
قال: فقال: يا رسول الله! أُوقِظً الوَسْنَانَ، وأطرُدُ الشيطانَ! فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً ". وقال لعمر:
" اخفض من صوتك شيئاً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه(5/74)
الذهبي، وصححه ابن حبان أيضا)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تا حماد عن ثابت البُنَاني عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (ح) . وثنا الحسن بن الصَّبَّاح: ثنا يحيى بن إسحاق: أخبرنا حماد بن
سلمة عن ثابت البُنَاني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين: والوجه الأول
مرسل، والآخر مسند، وسوف يعيده المصنف عن شيخ آخر برقم (1288) نحوه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/11) من طريق المصنف من الوجه المرسل.
ثم أخرجه من طريق الحاكم، وهذا في " المستدرك " (1/310) ، والترمذي
(2/309- 310) ، وابن حبان (656) من طرق أخرى عن يحيى بن إسحاق
السَّالَحِيني ... به مسنداً، وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وأما الترمذي؛ فأعله بالإرسال، فقال.
" حديث غريب. وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة. وأكثر
الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلا ". وتعقبه
العلامة أحمد شاكر بقوله:
" هذا التعليل لا يؤثر في صحة الحديث؛ فإن يحيى بن إسحاق ثقة ... "!
قلت: بلى هو مؤثر؛ إن ثبت أن جماعة من الرواة رووه مرسلاً؛ لأن الجماعة
أحفظ من الفرد، وهذا إذا كانوا ثقات. ولم أقف على أحد منهم؛ سوى موسى بن
إسماعيل شيخ المصنف؛ فقد رواه عن ثابت مرسلاً كما رأيت، فإن توبع على
إرساله فالقول قول الترمذي.(5/75)
ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ للمثاهد الآتي بعده، وشاهد آخر من
مرسل زيد بن يُثَيْعً أخرجه ابن نصر (53) .
1201- عن أبي هريرة ... بهذه القصة؛ لمِ يذكر: فقال لأبي بكر:
" ارفع من صوتك شيئاً "، ولعمر: " احفض شيئآ "، وزاد: " وقد سمعتك
يا بلال! وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة؟! ".
قال: كلام طَيِّب، يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كلكم قد أصاب ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أبو حَصِين بن يحيى الرازي: ثنا أسباط بن محمد عن محمد
ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبًي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي محمد بن عمرو كلام لا يضر.
والحديث أخرجه البيهقي (3/11) من طريق المؤلف.
1202- عن عائشة رضي الله عنها:
أن رجلاً قام من الليل، فقرأ فرفع صوته بالقرآن. فلما أصبح قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يرحمُ الله فلاناً! كأي من آية أذْكَرَنِيها الليلةَ، كنتً قد آسْقَطْتُها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في
" صحيحيهما") .(5/76)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه البيهقي (3/12) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد بن
سلمة ... به.
وأخرجه البخاري (3/304- 315) ، ومسلم (2/190) ، من طريق أبي أسامة
عن هشام ... به نحوه.
ثم أخرجه البخاري (12/52) ، ومسلم، وابن نصر (53) ، وأحمد (6/62) ،
من طرق أخرى عن هشام ... به.
1203- عن أبي سعيد قال:
اعتكف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة،
فكشف السِّتْرَ وقال:
" ألا إنَّ كُلَّكم مُناج رَبَّهُ، فلا يُؤْذيَنَّ بعضُكم بعضاً، ولا يَرَفَعْ بعضُكم
على بعضٍ في القِراءةِ- أًو قال: في الصلاة- ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن خزيمة)
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا كبد الرزاق: أخبرنا معمر عن إسماعيل
ابن أمية عن أبي سلمة عن أبي سعيد.(5/77)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (3/94) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (فضائل القرآن) ، وابن خزيمة في "صحيحه "
(1/126/2) ، والحاكم (1/310- 311) ، وعنه البيهقي (3/11) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
قلت: وللحديث شاهد من حديث البَيَاضِيِّ: عند مالك (1/80/29) ، وعنه
أحمد (4/344) ، وكذا النسائي.
وعن ابن عمر: عند أحمد (2/36 و 67 و 169) ، وصححه ابن خزيمة
(1/227/1) .
والطبراني عن أبي هريرة وعائشة؛ كما في "الفتح الكبير".
1204- عن عُقْبَةَ بن عامر الجُهَنِي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الجاهر بالقرأن كالجاهر بالصدقة، والمُسِر بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (731) ، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل بن عَياش عن بَحيِرِ بن
سَعْد عن خالد بن مَعْدان عن كَثِيرِ بن مرَةَ الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهَنِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش إنما يضعف في
غير روايته عن الشاميين، وهذا من روايته عنهم، على أنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (2/151- بولاق) ، والبيهقي (3/13) من طرق
أخرى عن ابن عياش ... به. وقال الترمذي:(5/78)
" حسن غريب ".
وتابعه معاوية بن صالح عن بَحِيرِ بن سعد ... به.
أخرجه النسائي (1/357) ، وابن حبان (658) ، وابن نصر (53) ، وأحمد
(4/151 و 158) .
ورواه النسائي (1/245) عن محمد بن سُمَيْع: حدثنا زيد بن واقد عن كثير
ابن مُرَةَ ... به.
وهذا سند حسن.
316- باب في صلاة الليل
1205- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل عَشْرَ رَكَعات، ويوتر بسجدة،
ويسجد سجدتي الفجر، فذلك ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عَدِيً عن حنظلة عن القاسم بن
محمد عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد
أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/288) ، ومسلم (12/67) ، وأبو عوانة(5/79)
(2/327) ، والبيهقي (3/6 و 7) ، وأحمد (5/1656) من طرق عن حنظلة ... به.
1206- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي من الليل إحدى عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر منها
بواحدةٍ، فإذا فرغ منها اضطجع على شِقِهِ الأيمن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
في "صحيحيهما". وصححه الترمذي، إلا أن ذكر الاضطجاع بعد الوتر شاذ!
والمحفوظ أنه بعد الفجر؛ كذلك أخرجه البخاري، ورجحه البيهقي والحافظ) .
إسناده: حدثنا القعنبي ص مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/8/120) ... بهذا الإسناد.
وقد أخرجه مسلم (2/165) ، وأبو صوا نة (2/326) ، والنسائي (1/248
و251) ، والترمذي (2/303) - وقال: " حسن صحيح "-، والبيهقي (3/44) ،
وأحمد (6/35 و 182) كلهم عن مالك ... به؛ وزاد مسلم وغيره:
حتى يأتيه الؤذن، فيصلي ركعتين خفيفتين.
وتابعه معمر بن راشد عن الزهري ... بك؛ إلا أنه خالفه في الاضطجاع،
فقال:
... فإذا طلع الفجر؛ صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن
حتى يجيء المؤذن فيُؤْذِنه.(5/80)
أخرجه البخاري (4/187) ، وأحمد (6/34) ، والبيهقي، وقال:
" وكذلك رواه الأوزاعي وعمر بن الحارث ويونس بن يزيد وابن أبي ذئب
وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري. وكذلك قاله أبو الأسود عن عروة عن عائشة.
وخالفهم مالك بن أنس؛ وذكر الاضطجاع بعد الوتر ... "، ثم ساق رواية مالك
التي أخرجها المصنف، ثم قال:
" كذا قاله مالك! والعدد أولى بالحفظ من الواحد. وقد يحتمل أن يكونا
محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر "!
قلت: وهذا احتمال بعيد! وقد أشار إلى ردِّه الحافظ؛ فقد قال في "الفتح "
(3/36-37) - بعد أن ذكره من طريق مسلم عن مالك-:
" وخالفه أصحاب الزهري عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو
المحفوظ. ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع ".
ومن هذا التحقيق؛ تعلم أن قول المنذري في "مختصره" (2/98) :
" وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه "!
فهو وهم؛ لأن البخاري لم يخرجه بهذا السياق الشاذ، وإنما بالسياق المحفوظ.
1207- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي- فيما بين أن يَفْرغَ من صلاة العشاء إلى أن
يَنْصَدعَ الفجرُ- إحدى عَشْرَةَ ركعةً، يسلِّم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة،
ويمكث في سجوده قَدْرَ ما يقرأ أحدكم خمسين آيةً قبل أن يرفع رأسه. فإذا
سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر؛ قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم
اضطجع على شِقِّهِ الأيمن حتى يأتِيَهُ المؤذِّن.(5/81)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ونصر بن عاصم- وهذا لفطه- قالا:
ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي- وقال نصر: عن ابن أبي ذئب والأوزاعي- عن الزهري
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط- الشيخين؛ غير
عبد الرحمن بن إبراهيم- وهو أبو سعيد الدمشقي الملقب ب (دحَيْم) -، وهو ثقة
حافظ من شيوخ البخاري.
وأما نصر بن عاصم- وهو الأنطاكي-، فهو لين الحديث كما في "التقريب "،
لكن روايته هنا متابعة؛ فالاعتماد فيها على دُحَيْمٍ.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1358) : وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
الدمشقي ... به.
وأخرجه هو، وأحمد (6/74 و 143 و 215) من طرق أخرى عن ابن أبي
ذئب عن الزهري ... به.
ثم قال أحمد (6/83) : ثنا أبو الغيرة: ثنا الأوزاعي ... به.
وتابعه شعيب عن الزهري ... به.
أخرجه البخاري (1/253 و385) ، وأحمد (6/88) ، والنسائي
(1/253) .
وتابعه آخرون: عند مسلم وأبي عوانة وغيرهما كما يأتي.(5/82)
1208- وفي رواية ... بإسنا ده: ومعناه؛ قال:
وبوتر بواحدة، ويسجد سجدةً قَدْرَ ما يقرأُ أحدُكم خمسين آية قبل أن
يرفعَ رأسَهُ. فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبيَّن له الفجر ... وساق
معناه.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن أبي ذئب
وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد أن ابن شهاب أخبرهم ... بإسناده ومعناه؛
قال: وبعضهم يزيد على بعض.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
المهري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (2/165- 166) ، وأبو عوانة (2/326) ، والبيهقي
(3/23) من طرق عن ابن وهب ... به؛ إلا أن مسلماً لم يذكر ابن أبي ذئب في
سنده.
وأخرجه أحمد (6/248) من طريق أخرى عن يونس وحده.
1209- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعة، يوتر منها
بخمس، لا يجلس في شيء من الخمس حتى يجلس في الأحرة، فيسلِّم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
في "صحيحيهما") .(5/83)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهَيْب: ثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة.
ورواه ابن نمير عن هشام ... نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (2/166) ، وأبو عوانة (2/325) ، والنسائي
(1/250) ، وابن نصر في "قيام الليل " (120- 121) ، وأحمد (6/50 و 64 و 123
و161 و 205) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به؛ وفي رواية لأحمد:
كان يرقد، فإذا استيقظ تسوَّك، ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات، يجلس في
كل ركعتين، فيسلِّم، ثم يوتر بخمس ركعات، لا يجلس إلا في الخامسة، ولا
يسلم إلا في الخامسة.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث عزاه المنذري البخاري أيضا! ولم أره في "صحيحه "!
ويأتي له شاهد (1227) .
1210- عن عائشة قالت:
ى ن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بالليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، ثم يصلي- إذا
سمع النداء بالصبح- ركعتين خفيفتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الثسِخين.(5/84)
والحديث أخرجه أحمد (6/178) : قرأت على عبد الرحمن: مالك عن هشام
ابن عروة ... به.
1211- عن عائشة:
أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ كان يصلي
ثماني ركعات، ويوتر بركعة، ثم يصلي بعد الوتر ركعتين، وهو قاعد، فإذا
أراد أن يركع؛ قام فركع، ويصلي بين أذان الفجر والإقامة ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وسسلم بن إبراهيم قالا: ثنا أبان عن
يحيى عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (12/66) ، والنسائي (1/253) ، وأحمد (6/189)
من طرق عن يحيى بن أبي كثير ... به.
1212- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: انه سأل عائشة زوج النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان؟ فقالت:
ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيد في رمضانَ ولا في غيره على إحدى عَشْرَةَ
ركعةً؛ يصلِّي أربعاً فلا تَسْألْ عن حُسْنِهنَّ وطولِهِنَّ، ثم يصلي أربعاً فلا
تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا.(5/85)
قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟!
قال:
" يا عائشة! إن عَيْنَيَّ تنامان ولا ينائم قلبي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد
البخاري إسناد المصنف ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره: أنه سأل ...
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطا" (1/120/1) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (2/395) عنه ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه أيضا (1/500) ، ومسلم (2/166) ، والنسائي (1/248) ، والطحاوي
في " المشكل " (4/353) ، والبيهقي (3/6) ، وأحمد (6/36 و 73 و 104) من
طرق عن مالك ... به. وقال الترمذي (رقم 439) :
" حديث حسن صحيح ".
ولجملة النوم منه شاهد من حديث الحسن ... مرسلاً.
عزاه السيوطي في " الجامع " لابن سعد! ولم أجده فيه!
1213- عن سعد بن هشام قال:
طَلَّقْتُ امرأتي، فأتيت المدينة لآبِيع عَقَاراً كان لي بها، فأشتريَ به
السلاحَ وأغزوَ، فلَقِيتُ نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: قد أراد منا(5/86)
سِتةٌ أن يفعلوا ذلك، فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: (لكم في رسول الله أُسوةٌ
حسنةٌ) . فأتيت ابن عباس، فسألته عن وتر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: آدُلك على
أعلم الناس بوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأْتِ عائشة رضي الله عنها. فأتيتُها،
فاستتبعت. "، حَكِيمَ بن أفْلَحَ، فأبى، فناشدته، فانطلق معي. فاستأذن على
عائشة، فقالت: من هذا؟ قال: حَكِيمُ بن أفْلَحَ. قالت: ومن معك؟ قال:
سعد بن هشام. قالت: هشام بن عامرٍ الذي قُتِلَ يومَ أُحُد؟ قال: قلت:
نعم. قالت: نعْمَ المرءُ كان عامرٌ! قال: قلت: يا أم المؤمنين! حدِثيني عن
خُلُقِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت:
ألستَ تقرأ القرآن؟! فإن خُلُقَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ القرانَ.
قال: قلت: حدِّثيني عن قيام الليل؟ قالت:
ألست تقرأ: (يا أيها المزمل) ؟! قال: قلت: بلى. قالت:
فإن أول هذه السورة نزلت، فقام أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى
انتفخت أقدامهم، وحُبِسَ خاتمتُها في السماء اثْنَيْ عَشَرَ شهراً، ثم نزل
أخرها، فصار قيامُ الليل تطوُعاً بعد فريضة.
قال: قلت: حدِّثيني عن وتر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت:
كان يوتر بثمان ركعات، لا يجلس إلا في الثامنة، ثم يقوم فيصلي
ركعة أخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يسلم إلا في
التاسعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عَشْرَةَ ركعةً يا بُنَيَّ!
فلما أسنَّ وأخذَ اللحمَ؛ أوتر بسبع ركعات، لم يجلس إلا في السادسة
والسابعة، ولم يسلِّم إلا في السابعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك(5/87)
تسعُ ركعاتٍ يا بُنَيَّ! ولم يقم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة يُتِمُّها إلى الصباح، ولم
يقرأ القرآن في ليلة قطّ. ولم يَصئمْ شهراً يتِمُّه غير رمضان، وكان إذا صلى
صلاة داوم عليها، وكان إذا غلبته عيناه من الليل بنوم؛ صلى من النهار
ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً.
قال: فأتيتُ ابن عباس فحدَّثته. فقال: هذ ا- والله- هو الحديث، ولو
كنت أكلِّمها؛ لأتيتها حتى أُشافِهَهَا به مشافهةً! قال: قلَت: لو علمت أنك
لا تكلِّمها ما حدَّثتك!
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه"، وكذ اأبو عوانة؛ دون قوله: قال: قلت: لو علمت ... ) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا همام: تنا قتادة عن زُرَارة بن أوفى عن
سعد بن هشام.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم
يخرج لحفص بن عمر- وهو أبو عمرو الحَوْضِى-، وهو ثقة ثبت.
والحديث أخرجه مسلم (2/168- 170) ، وأبو عوانة (2/321- 325) ،
والنسائي (1/237) ، وأبن نصر في "قيام الليل " (ص 48) ، وأحمد (6/53) من
طرق عن قتادة ... به؛ وعند مسلم زيادة إعداد السواك له.
وتابعه الحسن البصري عن سعد بن هشام ... به نحوه.
أخرجه أحمد (6/235) ؛ وصرح الحسن بالتحديث في رواية عنده
(6/168) . وسيأتي في الكتاب (1223) .(5/88)
1214- وفي رواية ... بإسناده نحوه؛ قال:
يصلِّي ثماني ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس؛ فيذكر
الله عز وجل، ثم يدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو
جالس بعدما يسلِّم، ثم يصلي ركعة؛ فتلك إحدى عشرة ركعة يابُنَيَّ!
فلما أسنَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذَ اللَّحْم؛ أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو
جالس بعدما يسلّم ... بمعناه، إلى مشافهة ...
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما"كما تقدم) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن قتادة ...
بإسناده نحوه قال ...
قال المصنف: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر: ثنا سعيد ...
بهذا الحديث؛ قال:
يسلِّم تسليماً يسْمِغنا ... كما قال يحيى بن سعيد.
قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
من طرق عن قتادة ... به كما تقدم.
والحديث أخرجه أحمد (6/53) : ثنا يحيى: ثنا سعيد بن أبي عروبة ... به.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/323) : حدثا الحسن بن علي بن عفان
قال: ثنا محمد بن بشر ... به؛ وزاد- بعد قوله: ثم يدعو-:
... رَبَّهُ، ويصلي على نبئه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة،
فيقعد، ثم يحمد ربه ويصلي على نبئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدعو، ثم يسلم ...(5/89)
وإسناده صحيح.
وفيه فائدة عزيزة، وهي مشروعية الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأول.
1215- وفي أخرى ... بنحو التي قبلها؛ إلا أنه قال:
ويسلم تسليمةً يُسْمِعُنا.
(قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد ... بهذا
الحديث. قال ابن يشار: بنحو حديث يحيى بن سعيد؛ إلا أنه قال ...
والحديث أخرجه مسلم من طريق أخرى عن محمد بن أبي عدي ... به.
وابن حبان (669) ، والبيهقي عن معاذ بن هشام: حدئنا أبي عن قتادة ...
بلفظ الكتاب.
1216- عن زُرَارة بن أوفى:
ان عائشة رضي الله عنها سُئِلَتْ عن صلاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوف
الليل؟ فقالت:
كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، فيركع أربع
ركعات، ثم يأوي إلى فراشه، وينامُ وطَهورُهُ مُغَطّىً عند رأسه، وسِواكُهُ
موضوعٌِ؛ حتى يبعثه الله ساعتَهُ التي يَبعَث من الليلِ، فيتسوكُ، وُيسبغ
الوُضوء، ثم يقوم إلى مصلاّه، فيصلي ثمان ركعات؛ يقرأ فيهن بأمِّ
الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقفُ في شيء منها، حتى
يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء(5/90)
الله أن يدعو، ويسأله ويرغَبُ إليه، ويسلم تسليمة واحدةً شديدة، يكاد
يُوقِظُ أهلَ البيت مِنْ شدَّةِ تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع
وهو قاعد، ثم يركع الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله
أن يدعو، ثم يسلِّم وينصرف. فلم تزل تلك صلاةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى
بَدَّنَ، فنقصَ من التسع ثنتين، فجعلهمما إلى الستِّ والسبع؛ وركعتيه وهو
قاعدٌ، حتى قُبِضَ علىَ ذلك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع ركعات! والمحفوظ: ركعتان) .
إسناده: حدثنا علي بن حسين الدَرْهَمِيّ: ثنا ابن أبي عدي عن بَهْزِ بن
حَكِيم: ثنا زُرَارة بن أوفى.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا انه منقطع بين زرارة وعائشة؛ قال
في "تهذيب التهذيب ":
" والمحفوظ أن بينهما سعد بن هشام ".
قلت: كذلك رواه حماد بن سلمة عن بَهْزٍ؛ كما يأتي عند المصنف. فالحديث
بذلك صحيح. والله أعلم.
والحديث أخرجه أحمد أيضا كما يأتي.
1217- وفي رواية ... بإسناده؛ قال:
يصلِّي العشاء، ثم يَأْوِي إلى فراشه ... لم يذكر: الأربع ركعات،
وساق الحديث قال فيه:
فيصلي ثمان ركعات، يُسَوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولا(5/91)
يجلس في شيء فيهن إلا في الثامنة؛ فإنه كلان يجلس، ثم يقوم ولا
يسلم، فيصلي ركعة يوتربها، ثم يسلم تسليمة،؛ يرفع بها صوته حتى
يُوقِظَنا ... ثم ساق معناه.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله. ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا بهز بن
حكيم ... فذكر هذا الحديث بإسناده قال ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ ولكنه منقطع كما سبق بيانه في الذي قبله.
والحديث أخرجه أحمد (6/236) : ثنا يزيد قال: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم ... به؛
إلا أنه قال: ركعتين مكان: أربع ركعات.
وهو المحفوظ عن عائشة في "مسلم " وغيره، كما يأتي تحقيقه بعد حديث.
1218- وفي أخرى عن المؤمنين:
أنها سُئِلَتْ عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: كان يصلي بالناس
العشاء، ثم يرجع إلى أهله، فيصلي أربعاً، ثم يَأْوي إلى فراشه ... ثم
ساق الحديث بطوله؛ لم يذكر: يُسوِّي بجنهن في القراءة والركوع
والسجود، ولم يذكر- في التسليم-: حتى يوقظنا.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع، والمحفوظ ركعتان) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: صسا مروان- يعني: ابن معاوية- عن بهز: ثنا
زرارة بن أوفى عن عائشة أم المؤمنين
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات أيضا؛ ولكنه منقطع كما عرفت.(5/92)
1219- وفي رواية رابعة عنها ... بهذ االحديث، وليس في تمام
حديثهم.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة- عن بهز
ابن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشهَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير بهز بن حكمِم، وهو
ثقة.
ويلاحظ أن حماداً قد زاد في السند: سعد بن هشام بين زرارة وعائشة،
وبذلك اتصل الإسناد، وزال الانقطاع الذي وقع في الروايات المتقدمة.
وقد توبع حماد على وصله. وكأنه لذلك جزم الحافظ في "التهذيب " بأنه
المحفوظ، فقال الإمام أحمد (6/236) : ثنا يونس قال: ثنا عمران بن يزيد العَطَّار
عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام قال:
قلت لأم المؤمنين عائشة: كيف كات صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل؟
قالت: كان يصلي العشاء ... فذكر الحديث (يعني: من رواية يزيد بن هارون) ،
ويصلي ركعتين قائماً، يرفع صوته كأنه يوقظنا- بل يوقظنا-، ثم يدعو بدعاء
يُسْمِعُنا، ثم يسلم تسليمةً، ثم يرفع بها صوته.
ورجاله ثقات معروفون؛ غير عمران بن يزيد العطار، فوثقه ابن حبان.
وقد تقدم أن في رواية يزيد بن هارون: ركعتين مكان: أربع ركعات.
فكأن في قوله: " فذكر الحديث " إشارةً إلى أن ذلك في حديث العطار أيضا؛
وإلا لذكر الخلاف بينهما.(5/93)
وهذا هو المحفوظ: ركعتان بعد العشاء؛ ففي حديث عبد الله بن شقيق عن
عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ...
الحديث.
أخرجه مسلم (2/162) ، وابن خزيمة (1199) .
ونحوه حديث أبي حُرَة عن الحسن عن سعد بن هشام عنها قالت:
كان إذا صلى العشاء؛ تجوَّز بركعتين ثم ينام ... الحديث.
أخرجه ابن خزيمة (1104) ، وعنه ابن حبان (2626 و 2631) ، وقال:
" أبو حرةَ: اسمه واصل بن عبد الرحمن ".
قلت: وهو ثقة من رجال مسلم؛ الا أنهم ضعفوه في روايته عن الحسن؛
يقولون: لم يسمعها من الحسن.
فالعمدة على ما تقدم، وهو بذلك حسن صحيح.
نعم؛ قد صحت الأربع من حديث ابن عباس قال:
كنت في بيت ميمونة؛ فلما صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَتَمَةَ؛ جاء فصلى أربع ركعات.
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ع 35) بسند صحيح عنه.
1220- عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلَي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر بسبع- أو
كما قالت-، ويصلي ركعتين وهو جالس، وركعتي الفجر بين الأذان والاقامة.
(قلت: إسناد حسن صحيح) .(5/94)
إسناده: حدثنا موسى- يعني: ابن إسماعيل-: ثنا حماد يعني: ابن سلمة-
عن محمد بن عمروعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج
لمحمد بن عمرو إلا متابعة، وهو حسن الحدحث كما سبق مراراً.
والحديث أخرجه أحمد (6/55 و 182) من طريقين آخرين عن محمد ... به
نحوه.
1221- عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع ركعات،
وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر، يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع؛ قام
فركع ثم سجد.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن
محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد حسن أيضآ، والقول فيه كالقول في الذي قبله.
1222- وفي رواية عنها ... مثله؛ قال فيه: قال علقمة بن وقاص:
يا أُمَّتَاهْ! كيف كان يصلي الركعتين؟ ... فذكلر معناه.
(قلت: حديث صحيح) .
لم يسق المصنف إسناده، وإنما علقه تعليقاً، فقال: " قال أبو داود: روى(5/95)
الحديثين: خالدُ بن عبد الله الواسطي ... مثله قال فيه ... ". زاد في نسخة
بعد "الواسطي ": "عن محمد بن عمرو".
ويعني: أن حماد بن سلمة لم يتفرد برواية الحديث عن محمد بن عمرو
بإسناديه عن عائشة؛ بل تابعه الواسطي، فرواه عن محمد بن عمرو بالإسنادين.
1223- عن سعد بن هشام قال:
قَدِمْتُ المدينة، فدخلت على عائشة، فقلت: أخبريني عن صلاة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالناس صلاة العشاء، ثم يأوي إلى
فراشه فينام، فإذا كان جوفُ الليل قامَ إلى حاجته وإلى طَهُوره فتوضأَ، ثم
دخل المسجد فصلى ثمان ركعات؛ يُخَيَّلُ إليَّ أنه يُسَؤي بينهن في القراءة
والركوع والسجود! ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع
جنبه، فربَّما جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم يُغْفِي، وربٌما شَكَكْتُ: آغْفَى أو
لا! حتى يُؤْذِنَهُ بالصلاة، فكانت تلك صلاتَه حتى أسن وَلَحُمَ؛ فذكرت
من لحمه ما شاء الله ... وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد. (ح) وثنا ابن المثنى: ثنا عبد الأعلى:
ثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط
مسلم وحده من الوجه الأول؛ لأن وَهْبَ بن بقية لم يخرج له البخاري.(5/96)
والحسن: هو البصري، وقد سمعه س سعد بن هشام، كما تقدم تحت
الحديث (1213) ، ويأتي قريباً.
والحديث أخرجه النسائي (1/244) : أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الأعلى ...
به
وتابعه يزيد- وهو ابن هارون- قال: أنا هشام ... به.
أخرجه أحمد (6/235) : ثنا يزيد ... به.
وتابعه قتادة عن الحسن قال: أخبرني سعد بن هشام ... به مختصراً.
أخرجه أحمد (16/68) ، والنسائي (1/250) .
وتابعه أبو حُرَّةَ عن الحسن عن سعد بن هشام الآنصاري ... به نحوه؛ وفيه:
أنه قرأ في الركعتين وهو جالس: {قل يا أيها الكافرون} و {إذا زلزلت} .
أخرجه ابن حبان (668) . لكن أبو حرة- واسممه واصل بن عبد الرحمن-
كان يدلس عن الحسن.
وقراءة السورتين؛ لها شاهد من حديث أبي أمامة بسند حسن، انظر "صفة
الصلاة".
1224- عن ابن عباس:
أنه رَقَدَ عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرآه استيقظ فتسوَّك، وهو يقول: (إن في
خلق السماوات والأرض ... ) حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين،
أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ئم انصرف فنام حتى نَفَخَ، ثم فعل
ذلك ثلاث مرات بستِّ ركعات، كل ذلك يستاك، ثم يتوضأ، ويقرأ هؤلاء(5/97)
الأيات، ثم أوتر (قال عثمان: بثلاث ركعات) ، فأتاه المؤذن، فخرج إلى
الصلاة (وقال ابن عيسى: ثم أوتر فأتاه بلال، فآذنه بالصلاة حين طلع
الفجر، فصلى رَكْعَتَيِ الفجر، ثم خرج إلى الصلاة. ثم اتفقا) وهو يقول:
" اللهم! اجعل في قلبي نوراً، واجعل في لساني نوراً، واجعل في
سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل خَلْفي نوراً، وأمامي نوراً،
واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم! وآعْظِمْ لي نوراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن حَبِيبِ بن
أبي ثابت. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن فُضَيْل عن حُصَيْن عن
حَبِيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وفد أخرجه
في "صحيحه " كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/182) من طريق أخرى عن محمد بن فُضَيْل ...
به
وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/320- 321)
وأخرجه هو، والنسائي (1/249) عن زائدة-، وأحمد (1/373) - عن أبي
عوانة- كلاهما عن حُصَيْنِ بن عبد الرحمن ... به؛ وصرح حبيب ابن أبي ثابت
بالتحديث في رواية أبي عوانة، وكذا ابن خزيمة (449) .(5/98)
وتابعه سفيان الثوري عن حبجب ... به مختصراً.
أخرجه أحمد (1/350) ، والنسائي.
وتابعه منصور بن العتمر قال: حدثني [محمد بن] علي بن عبد الله بن عباس
قال: حدثني أبي ... به.
أخرجه أبو عوانة (2/321) .
1235- وفي رواية عنه ... نحوه؛ قال: " وأعظم لي نوراً ".
(قلت: يعني: ليس فيه: " اللهم ". وإسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حُصَيْنٍ ... نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بهذا اللفظ من طريق
أبي رشدين عن ابن عباس، وعلقه المصنف كما يأتي بعده.
1226- قال أبو داود: " كذلك قال أبو خالد الدالاني عن حبيب في
هذا الحديث. وقال سلمة بن كُهَيْلٍ عن أبي رِشْدِينَ عن ابن عباس ".
(قلت: وصله الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم! عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل ...
به باللفظ المذكور: " وأعْظِمْ لي نوراً ") .
قلت: هذا معلق؛ وقد وصله البخاري (4/188) ، ومسلم (2/180- 182) ،
وأبو عوانة (2/311) ، وابن حبان (2627) ، وأحمد (1/283 و 284 و 343) من
طرق عن سَلَمَةَ بن كُهَيْلِ ... به مطولاً؛ وفيه ما أشار إليه المصنف:
" وأعظم لي نورا ".
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة؟ وأحمد (1/330) من طرق أخرى عن كُريب أبي(5/99)
رشدين ... بنحوه.
وهما، وأحمد (1/341) من طرق أخرلى عن ابن عباس ... به. وسيأتي
(1237) .
1227- عن ابن عباس قال:
بِمت عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما أمسى، فقال:
" أصلَّى الغلام؟ لما. قالوا: نعم. فاضطجع، حتى إذا مضى من الليل
ما شاء الله؛ قام فتوضأ، ثم صلى سبعاً- أو خمساً- أوتر بهن، لم يسلِّم إلا
في آخرهنَّ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: تنا وكيع: ثنا محمد بن قيس الآسَدِي
عن الحكم بن عُتَيْبَةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
الأسدي هذا؛ فإن البخاري إنما أخرج له في "الأدب الفرد"، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (1/354) : حدثنا وكيع ... به.
1228- وفي رواية عنه قال:
بِتّ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء،
ثم جاء فصلى أربعاً، ثم نام، ثم قام يصلي، فقمت عن يساره، فأدارني
فأقامني عن يمينه، فصلى خمسا؛ ثم نام حتىسمعت غَطِيطَهُ، ثم قام
فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة.(5/100)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا ابن الثنى: ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن الحكم عن سعيد
ابن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (1/189- فتح) ، والدارمي (1/286) ، وأحمد
(1/341) من طرق أخرى عن شعبة ... به نحوه.
1229- وفي أخرى عنه في هذه القصة:
فقام فصلى ركعتين ركعتين؛ حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر
بخمس لم يجلس بينهن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد المجيد عن يحيى بن
عَبَّاد عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه ... في هذه القصة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وعبد المجيد:
هو ابن سهل الزُهْرِيُ.
وخالفه حُرَيْأ بن أبي مَطَر عن يحيى بن عباد ... به مختصراً بلفظ: قال:
كان نومه ذلك وهو جالس؛ يعني: النجي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه ابن ماجه (476) .
قلت: وحريْثٌ هذا ضعيف كما في" والتقريب "، وإيادته هذه منكرة؛ لتفرده
بها ومخالفته لكل الدين رووا القصة، وصرحوا أنّه اضطجع.(5/101)
1230- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، بركعتيه قبل الصبح،
يصلي ستاً: مثنى مثنى، وبوتر بخمس لا يقعد بينهن إلا في آخرهن.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَراني: حدثني محمد بن سلمة عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: رجال إسناده مُوَثَّقون؛ لولا عنعنة ابن إسحاق! لكنه قد سمعه من
محمد بن جعفر كما يأتي. فالحديث حسن، وهو بما بعده صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (6/275- 276) من طريق أخرى عن ابن إسحاق
قال: حدثني هشام بن عروه بن الزبير ومحمد بن جعفر بن الزبير- كلاهما حدثني-
عن عروة بن الزبير ... به.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو صحيح بما بعده.
1231- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالليل ثلاثَ عَشْرَة ركعةً، بركعتيِ الفجر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه "
بإسناد المصنف، والبخاري وأبو عوانة بإسناد آخر عنها) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عِرَاكِ بن مالك
عن عروة عن عائشة أنها أخبرته.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم كما يأتي.(5/102)
والحديث أخرجه مسلم (2/166) بإسناد المؤلف فقال: حدثنا قتيبة بن
سعيد ... به.
وأخرجه أحمد (6/222) : ثنا حجاج قال. ثنا ليث ... به.
وتابعه عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب ... به؛ إلا أنه سقط من
روايته قوله: بركعتي الفجر.
أخرجه أبو عوانة (2/327) .
وتابعه القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة تقول ... فذكره بتمامه.
أخرجه أبو عوانة قال: حدثنا ابن أبي الحُنَيْنِ قال: ثنا عبيد الله بن موسى
قال: أبَنا حنظلة عن القاسم بن محمد.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي الحنين، فلم أعرفه!
لكن تابعه البخاري، فقال (1/288) : حدثنا عبيد الله بن موسى ... به.
1232- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العشاء، ئم صلى ثماني ركعات قائماً،
وركعتين بين الأذانين، ولم يكن يدعهما (قال جعفر بن مسافر في حديثه:
وركعتين جالساً بين الأذانين. زاد: جالساً) .
(قلت: هذه الزيادة منكرة! والصواب فيها أنها في الركعتين اللتين بعد
الوتر. كذلك أخرجه أحمد والبخاري. وإسناد المصنف صحيح على شرط
الشيخين من غيرطريق جعفر) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي وجعفر بن مسافر أنً عبد الله بن يزيد القرئ(5/103)
أخبرهما عن سعيد بن أبي أيوب عن جعفر بن ربيعة عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي
سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق نصر.
وأما جعفر بن مسافر؛ فهو مع كونه لم يخرج له في "الصحيحبن "؛ فإن فيه
ضعفاً من قبل حفظه. ولذلك قال الحافظ ذئي "التقريب":
" صدوق، ربما أخطأ ".
قلت: وقد أخطأ في قوله: وركعتين جالساً بين الأذانين.
والصواب: أن الجلوس صفة الركعتين بعد الوتر. كذلك أخرجه البخاري
(1/292) : حدثنا عبد الله بن يزيد ... به؛ ولفظه:
ثم صلى ثماني ركعات، وركعتين جالساً، وركعتين بين النداءَيْن، ولم يكن
يدعهما أبداً.
ومن الغريب أنه لم يقع في هذه الرواية ذكر لركعة الوتر! فكأن سعيد بن أبي
أيوب لم يحفظها. وقد حفظها يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة ... به؛ بلفظ:
كان يصلي كل ليلة ثلاث عشرة ركعة: تسعاً قائماً، وركعتين وهو جالس ...
الحديث.
أخرجه أحمد (6/222) ؛ وسنده صحيح على شرطهما.
1233- عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة رضي الله عنها:
بكم كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر؟ قالت:
كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر(5/104)
بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة (زاد أحمد [بن صالح] : ولم
يكن يوتر بركعتين قبل الفجر! قلت: ما يوتر؟ قالت:
لم يكن يدع ذلك.
ولم يذكر أحمد: وست وثلاث) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثا أحمد بن صالح ومححمد بن سَلَمَةَ المرَادي قال: ثنا ابن وهب
عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس-
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (6/149) من طريةِ، أخرى عن معاوية ... به.
1234- عن كُريبٍ لولى ابن عباس، أنه قال:
سألت ابن عباس: كليف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل؟ قال:
بِتُّ عنده ليلة وهو عند ميمونة، فقام حتى ذهب ثلث الليل أو نصفه؛
استيقظ، فقام إلى شَنَ فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام، فقمت إلى
جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي؛ كأنه
يَمَس أذني، كأنه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين، قد قرأ فيهما بأم
القرأن في كل ركعة، ثم سلم، ثم صلى، حتى صلى إحدى عشرةَ ركعةً
بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله افقام فركع ركعتين؛
ثم صلى للناس.(5/105)
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة في
"صحيحه " عن المؤلف) .
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني أبي عن جدي عن
خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كرَيباً مولى ابن
عباس أخبره.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولولا أن سعيداً هذا عَلِمَ فيه
أحمذ الاختلاطَ؛ لكان صحيح الإسناد! ولكَنه لم يتفرد به؛ فقد تابعه مالك
وغيره كما يأتي.
والحديث أحرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/318) : حدثنا أبو داود
السجِسْتَاني ... به.
1235- عن ابن عباس قال:
بِمت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فصلى
ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، حَزَرْت قيامه في كل ركعة بقدر:
(يا أيها المزمل) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا نوح بن حبيب ويحيى بن موسى قا الا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا
معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس؛ لم يقل نوح: منها
ركعتا الفجر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ غير نوح بن
حبيب، وهو ثقة، ومقرون.(5/106)
والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/8) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (1/365- 366) : ثنا عبد الرزاق ... به.
1236- عن زيد بن خالد الجهَنِيِّ؛ أنه قال:
لآرْمُقَن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فتوسَّدْت عَتَبَتَهُ أو فسطاطه،
فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين
طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين؛ وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى
ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى
ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر؛ فذلك ثلاث عَشْرَةَ ركعة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه وكذا أبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن
عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجُهَنِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن
مخرمة، فهو من رجال مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في " الموطأ" (1/122/12) .
وعنه: أخرجه مسلم (2/183) ، وأبو عوانة (2/319) ، وابن نصر في "قيام
الليل " (ص 48) .
ورواه البيهقي (3/8) من طريق المصنف.(5/107)
316- صلاة الليل
أنه بات عند ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي خالته-، قال: فاضطجعت
في عَرْض الوِسادة، واضطجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهُلُه في طُولِها، فنام رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى إذا انتصف الليل- أو قبله بقليل، أو بعده بقليل- استيقظ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلس يَمْسَحُ النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشرَ الأياتِ
الخواتمَِ من سورة آل عمران، ثم قام إلى شَنً مُعَلَّقَةِ، فتوضأ منها فأحسن
وضوءه، ثم قام يصلي. قال عبد الله: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم
ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده اليمنى على رأسي،
فأخذ بأذني يَفْتِلُها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين،
ثم ركعتين، ثم ركعتين- قال القعنبي: ست مرات-، ثم أوتر، ثم اضطجع
حتى جاعه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن مَخْرَمَةَ بن سليمان عن كُريب مولى
ابن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في " الموطأ" (1/121/11) .
وعنه: أخرجه البخاري (3/221) ، وكذا مسلم (2/179) ، وأبو عوانة
(2/315- 316) ، والنسائي (1/241) ، وأحمد (1/2 ث 2) كلهم عن مالك ...
به(5/108)
وللحديث طرق أخرى عن كريب وعن ابن عباس، وقد مضى بعضها في
الكتاب رقم (1124- 1229 و 1234) .
317- باب ما يؤمَرُ به من القصد في الصلاة
1238- عن عائشة رضي الله عنها: ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اكْلَفُوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَل حتى تَمَلوا، وإنَّ أحبَّ
العمل إلى الله أدْوَمُهُ وإن قلَّ "؛ وكان إذا عمل عملاً آثْبَتَهُ.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة بأسانيد أخرى
عنها نحوه) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي
عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، (رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عجلان، فأخرج له مسلم في الشواهد، وقد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه النسائي (1/124) ... بإسناد المصنف هذا؛ وفيه بيان
سبب الحديث؛ فكأن المصنف اختصره.
وكذلك أخرجه أحمد (6/40) : ثنا لى صيان عن ابن عجلان ... به.
ثم أخرجه (6/61 و 176 و 180- 181 و 241 و 267) من طرق أخرى عن
أبي سلمة ... به مطولاً ومختصرآ. وإسناد بعضها صحيح على شرطهما.
وقد أخرجه البخاري (4/223) مختصرا ومسلم (2/188- 189) ، وأبو عوانة
(2/298) ، وابن ماجه (4237) - مطولاً--(5/109)
وله عند البخاري (1/18- 19 و 4/299- 291) طريق أخرى عنها.
وللجملة الوسطى منه طريق أخرى: عند مسلم (2/189) .
وللجملة الأولى منه شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً ... به.
أخرجه البخاري (2/490) ، ومسلم (3/133- 134) ، وابن ماجه (4240) ،
وأحمد (2/231 و 257 و 316 و 350 و 418 و 495-496) .
وعنده الجملة الثالثة في رواية، وهي رواية ابن ماجه؛ وسندها جيد في
الشواهد.
(تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في "الجامع " بلفظ:
" ليتكلَّفْ أحدُكم من العمل ما يُطيق؛ فإن الله تعالى لا يَمَل حتى تَمَلّوا،
وقاربوا وسددوا "! وقال:
" رواه أبو نعيم في "الحلية" عن عائشة "!
وأقول: لم أره في فهرس "الحلية "، ولا وجدت هذه الزيادة: " وقاربوا وسددوا "
في شيء من طرق الحديث المذكورة! وإنما ير في حديث آخر لعائشة بلفظ:
" سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يُدْخِلَ أحدَكُم عملُهُ الجنةَ، وإن أحبَّ
الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإن قلَّ ".
أخرجه البخاري في "الرقاق " ومسلم قًبَيْلَ " الجنة ".
وقد ثبت من حديث ابن عمرو أيضأ، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة"
(115) (*) .
__________
(*) هذا حديث ثوبان، أما حديث ابن عمرو فقد خرجه رحمه الله في "الإرواء" تحت
الرقم (412) . (الناشر) .(5/110)
وروى ابن ماجه (4241) عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال:
مَر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رجل يصلَي على صخرة، فأتى ناحية مكة، فمكث
مَلِياً، ثم انصرف فوجد الرجل يصلي على حاله، فقام فجمع يديه، ثم قال:
" يا أيها الناس! عليكم القصدَ (ثلاثاً) ؛ فإن الله لا يَمَل حتى تَمَلوا ".
قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد.
وأخرجه أبو يعلى أيضا في "مسنده " (ق 98/2) من هذا الوجه.
ويأتي الحديث مختصراً من طريق أخرى عن علقمة عن عائشة ... به (رقم
1240) .
ورواه الترمذي (2/139) من طريق أبي هاشم الرفاعي: حدثنا ابن فُضَيْل عن
الأعمش عن أبي صالح قال:
سُئِلَتْ عائشة وأم سلمة: أيُّ العمل كان أحبَّ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالتا:
ما دِيمَ عليه وإن قل. وقال:
"حسن غريب "!
وأبو هاشم هذا ضعيف، وذِكْرُ أم سلمة فيه غريب.
لكن أخرجه أحمد (6/319) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن أم
سلمة ... به نحوه.
وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (637) .
وللشطر الأول من الحديث شاهد من حديث عمران بن حصين: عند الطبراني
في "المعجم الكبير" (18/228/568) بسند جيد.(5/111)
1239- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال:
" يا عثمان! آرَغِبْتَ عن سُنَّتِي؟! ".
قال: لا والله يا رسول الله! ولكِنْ سُنَّتَكَ أطْلُبُ! قال:
" فإنِّي أنام وأصلي، وأصوم وأُفْطِرُ، وأنكِحُ النساء، فائقِ الله يا عثمان!
فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً؛
فصُمْ وأفطِرْ، وصَلِّ ونَمْ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي عن ابن إسحاق عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عأئشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا أن ابن إلسحاق مدلس، وقد عنعنه؛
لكنه قد صرح بالتحديث عند أحمد كما يأتي؛ فثبت الحديث.
وعم عبيد الله بن سعد اسمه يعقوب بن إبِ اهيم بن سعد الزهري المدني
والحديث أخرجه أحمد (6/268) : ثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن
إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة ... به.
قلت: وهذا إسناد حسن، صرَّح فيه ابى إسحاق بالتحديث.
ورواه عنه: يونس بن بُكَيْرٍ: حدثني الن إسحاق: حدثني الزهري عن سعيد
ابن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال:
لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان مِن تَرْكِ النساء؛ بعث إليه(5/112)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث نحوه.
أخرجه الدارمي (2/133) .
ويونس بن بكير صدوق يخطئ؛ فلعله وهم في إسناده.
ويرجح الأول: أن ابن حبان أخرجه (1288) من طريق معمر عن الزهري عن
عروة عن عائشة ... به.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، نجر ابن أبي السًرِي- وهو محمد بن
المتوكل العسقلاني؛ فيه ضعف من قبل حفظه.
لكن تابعه إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاث الاثَ بَرِيُّ، فقد رواه عن عبد الرزاق عن
معمر ... به في "المصنف " (67/1/10375) .
فالإسناد بهما حسن.
وله شاهد من حديث أبي موسى ... لحهِ حديث الرجمة وأتم منه.
أخرجه ابن حبان (1287) من طريق أبمب يعلى: حدثنا محمد بن الخَطَّاب
البَلَدِيُ الزاهد ... بسنده عنه.
والبلدي هذا لم أعرفه!
ومن فوقه موثقون؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مدلس مختلط. لكن
قال الهيثمي (4/302) :
" رواه أبو يعلى والطبراني بأسانيد، وبعض اسانيد الطبراني رجالها ثقات ".
وهو في للمسند أبي يعلى" (13/ 216/7242) .
ثم وجدت لابن أبي السَّرِي متابعاً قوياً، فقال البزار في "مسنده "(5/113)
(2/ 174/1458) : حدثا أحمد بن منصرر بن سَيَّار: ثنا عبد للرزاق ... بسنده
المتقدم.
فصح الإسناد والحمد لله؛ لأن ابن منصور هذا ثقة حافظ، مترجم في
" التهذيب " وغيره.
1240- عن علقمة قال: سألت عائشة:
كيف كان عملُ رسرل الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! هل كان يخص شيئاً من الأيام؟
قالت:
لا؛ كانْ كل عمله دِيمةً، وأيُّكم يستطيع ما كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يستطيع؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين في "صحيحيهما". وقد
أخرجاه وابن حبان في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الِيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/189) ، وابن حبان (5/ 262/3639) من طريق
أخرى عن جرير ... به.
وأخرجه البخاري (1/495) ، وأحمد (6/55 و 189 و 278) من طرق عن
منصور ... به.(5/114)
باب تفربع أبواب شهر رمضان
318- باب في قيام شهر رمضان
1241- عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغبُ في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة،
ثم يقول:
" من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذَنْبِهِ ".
فَتُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمرُ على ذلك. ثم كان الأمرُ على ذلك في
خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في
"صحيحه". وصححه الترمذي. وأخرجه البخاري؛ لكنه جعل قوله: فتوفي
... من قول الزهري. وبه جزم الحافظ) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المتوكِّل قالا: ثنا عبد الرزاق:
أخبرنا معمر- قال الحسن في حديثه- ومالك بن أنس- عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " وكذا رواه عُقيْل ويونس وأبو أويس: " من قام رمضان ". وروى
عقيل: " من صام رمضان وقامه " ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الحسن بن علي- وهو
الحُلْواني-.
وأما قرينه محمد بن التوكل- وهو العسقلاني العروف بابن أبي السري-؛ فضعيف.(5/115)
والحديث أخرجه مسلم (2/177) ، والنسائي (7/351) ، والترمذي
(1/154) ، وأحمد (2/281) من طرق عن عبد الرزاق ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 113 / 2) عن ابن شهاب ... به؛ إلا أنه قال:
قال ابن شهاب: فتوفَي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
فجعله من قول الزهري، وليس من قول أبي هريرة كما هو ظاهر رواية
عبد الرزاق.
وهكذا أخرجه البخاري (1/499) عن مالك.
وكأنه لذلك روى مسلم والنسائي وأحمد (2/486) منه المرفوع فقط! وقال
الحافظ في "الفتح " (4/218) :
" وقد أدرج بعضهم قول ابن شهاب في نفس الخبر. أخرجه الترمذي من
طريق معمر عن ابن شهاب "!
قلت: وفاته أن مسلماً أخرجه كذلك كما تقدم.
وأما رواية عقَيْلٍ التي علقها المصنف بلفظ. " من صام رمضان وقامه "؛ فلم
أقف عليها هكذا! وإنما أخرجها البخاري من طريق الليث عنه عن ابن شهاب بلفظ
الجماعة عنه؛ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لرمضان:
" من قامه إيماناً ... ".
وإنما رواه باللفظ المذكور: محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به، فقال أحمد
(2/503) : ثنا يزيد: أنا محمد عن أبي سلمة ... بلفظ:(5/116)
" من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة
القدر إيماناً ... " الحديث. وسيشير إليه المصنف في الحديث الآتي بعده.
وقد أخرجه الترمذي (1/132) من طريق آحر عن ابن عمرو.
1242- عن أبي هريرة يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ، ومن قام
ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد وابن أبي خلف قالا: ثنا سفيان عن الزهري
عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " وكذا رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة. ومحمد بن
عمرو عن أبي سلمة ".
قلت: رواية محمد بن عمرو؛ وصلها أحمد كما خرجته آنفاً.
وروى منه ابن ماجه (1326) الشطر الأول فقظ؛ دون قوله: " وقامه ".
وأما رواية يحيى بن أبي كثير؛ فوصلها مسلم (2/177) ، والنسائي
(1/308) ، والدارمي (2/26) ، وأحمد (2/408و 423) ؛ وصرح بتحديث يحيى
عن أبي سلمة.
والحديث أخرجه البخاري (1/500- 501) ، والنسائي (1/308) ، وأحمد
(2/241) من طرق عن سفيان ... به.(5/117)
1243- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من
القابلة؛ فكَثُرَ الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما أصبح قال:
" قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم؛ إلا أني
خَشِيتُ أن يُفْرَضَ عليكم ". وذلك في رمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/113/1) .
وعنه: البخاري (1/286 و 499- 500) ، ومسلم (2/177) ، والنسائي
(2/238) ، وأحمد (16/77) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه البخاري (1/235) ، ومسلم، وأحمد (16/69 و 222) من طرق
أخرى عن الزهري ... به؛ وليس فيه أن ذلك في رمضان.
1244- عن عائشة قالت:
كان الناس يصلُّون في المسجد في رمضان أوزاعاً، فأمرني رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضربتُ له حصيراً، فصلى عليه ... بهذه القصة؛ قال فيه: قال
- تعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/118)
" أيها الناس! أما والله ما بت ليلتي هذه- بحمد الله- غافلا! ولا
خفي عليَّ مكانكم ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد: ثنا عَبْدَةُ عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رحال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد
ابن عمرو متابعة. وقد توبع كما يأتي.
وهناد: هو ابن السرِيِّ.
وعبدة: هو ابن سليمان.
والحديث أخرجه أحمد (6/267) : ثنا يعقوب قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق
قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَيْمِيُّ ... به؛ وزاد:
" ولكني تخوفْتُ أن يُفْتَرَضَ عليكم، فاكْلَفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله
لا يَمَل حتى تَمَلّوا ".
قال: وكانت عائشة تقول: إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَل.
قلت: وإسناده حسن؛ فالحديث بهذه المتابعة صحيح.
والزيادة طرق أخرى عن أبي سلمة في "الصحيحن " وغيرهما، وقد مضى في
الكتاب أحدها (1238) .
1245- عن أبي ذَرً قال:
صُمْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمضانَ، فلم يَقُمْ بنا شيئاً من الشهر، حتى(5/119)
بَقِيَ سبعٌ، فقام بنا حتى ذهب ثلُثُ الليل. فلما كانت السادسةُ لم يَقُمْ بنا.
فلما كانت الخامسةُ؛ قام بنا حتى ذهب شَطْز الليل. فقلت: يا رسول الله!
لو نَفَّلْتَنا قيامَ هذه الليلة! قال: فقال:
" إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ ".
فلما كانت الرابعة لم يقم. فلما كانت الثالثة؛ جمع أهلَهُ ونساءَهُ والناسَ،
فقام بنا حتى خَشِينا أن يفوتنا الفلاح. قال: قلت: ما الفلاحُ؟ قال:
السُحُورُ. ثم لم يَقُمْ بنا بقيةَ الشهرِ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (2538)) .
إسناده: حدثنا مسدد. ثنا يزِيد بن زرَيْع: أخبرنا داود بن أبي هند عن
الوليد بن عبد الرحمن عن جبَيْرٍ بن نفيْرٍ عن أبي ذًرً.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو
من رجال البخاري وحده.
والحديث أخرجه بقية أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق أخرى عن داود بن
أبي هند ... به، وهو مخرج في رسالتي "صلاد التراويح " (ص 17) .
ورواه ابن حبان أيضا (919) من ما هذا الوجه.
وله طريق آخر في "المسند" (5/172) من طريق شرَيْحِ بن عُبَيْد الحضرمي يردُّه
إلى أبي ذر ... به نحوه؛ وفي آخره:
" يا أبا ذر! إنك إذا صليت مع إمامك، وانصرفت إذا انصرف؛ كُتِبَ لك
قنوث ليلتك ".
ورجاله ثقات؛ لكنْ شريح لم يَلْقَ أبا ذر.(5/120)
وله شاهد في "المستدرك " (1/440) عن النعمان بن بشير ... نحوه.
1246- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل العشر؛ أحيا الليل، وشد المِئْزَرَ، وأيقظ
أهله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي وداود بن أمية أن سفيان أخبرهم عن أبي يَعْفورٍ
وقال داود: عن ابن عبيد بن نِسْطاسٍ- عن أبي الضحَى عن مسروق عن عائشة.
قال أبو داود: " وأبو يعفور: اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس ".
قلت: وهذا إسناد صحيح. كللى شرط الشيخيهما من طريق علي بن نصر- وهو
الجَهْضَمِيّ-.
وأما داود بن أمية؛ فهو ثقة، ولكنهما لم يخرجا له.
والحديث أخرجه البخاري (1/503) ومسلم (3/176) ، والنسائي
(1/243) ، وابن ماجه (1768) ، وابن نصر في "قيام الليل " (103) ، وأحمد
(6/40- 41) كلهم عن سفيان- وهو ابن عيينة- ... به.
319- باب فى ليلة القدر
1247- عن عاصم عن زِرٍّ قال: قلت لأُبَيِّ بن كعب:
أخبرني عن ليلة القدريا أبا المنذر؟! فإن صاحبنا سُئِلَ عنها؟ فقال:
مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يصِهْا! فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن! واللهِ لقد علم أنها(5/121)
في رمضان- زاد مسدد: ولكن كره أن يَتكلوا، وأحمث أن لا يتكلوا، ثم
اتفقا-! والله إنها لفي رمضان، ليلةَ سبع وعشرينَ؛ لا يستثني.
قلت: يا أبا المنذر! أنَّى عَلِمْتَ ذلك؟!
قال: بالآية التي أخْبَرَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت لِزِز: ما الأية؟ قال:
"تُصْبِحً الشمسُ صبيحةَ تلك الليلة مثلَ الطَّسْتِ، ليس لها شُعَاعٌ
حتى ترتفع ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ". وقال
الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد- المعنى- قالا: ثنا حماد عن
عاصم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج
لعاصم- وهو ابن بَهْدَلَةَ- مقروناً.
وأما مسدد؛ فهو من رجال البخاري فقط.
وحماد: هو ابن زيد.
والحديث أخرجه أحمد (5/131) ، وابنه (5/130) من طرق أخرى عن
حماد بن زيد ... به.
وأخرجه أحمد (5/130) ، ومسلم (3/173- 174) عن سفيان بن عيينة عن
عبدة وعاصم عن زر ... به.(5/122)
وهما من طريق شعبة عن عبدة بن أبي لًبَابةَ وحده عن زر ... به.
وأحمد أيضا (5/132) ، وابنه (5/131) ، والترمذي (1/152) من طرق
أخرى عن عاصم وحده. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
وله عند الطيالسي (542) ، وأحمد (5/130) ، وابنه (5/131) طرق أخرى
عن زِر ... به.
وللحديث شاهد من حديث عبادة بن الصامت في علامة الليلة بلفظ:
" ... وإن أمارتها: أن الشمس صَبِيحَتَها تَخْرُجُ مْسْتَوِيةً ليس لها شعاع، مثلَ
القمر ليلة البدر ".
أخرجه أحمد (5/324) ، وابن نصر (ص 108) بإسناد جيده؛ لولا أن فيه
انقطاعاً بين عبادة وخالد بن معدان.
وله شاهد آخر عن ابن مسعود ... مرفوعاً به نحوه.
أخرجه الطيالسي (394) عن أبي يعفور عن ابن أبي عضرب عنه.
ورجاله ثقات؛ غير ابن أبي عضرب هذا؛ فلم أعرفه!
1248- عن عبد الله بن أُنَيْس قال:
كنت في مجلس بني سَلِمَةَ وأنا أصغرهم، فقالوا: من يسألُ لنا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ليلة القدر؟! وذلك صبيحة إحدى وعشرين من رمضان،
فخرجت فوافَيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة المغرب، ثم قمْتُ بباب بيته،
فمرّ بي، فقال: " ادخل "؛ فدخلتُ، فأُنِيَ بعَشائِهِ، فرآني أكف عنه من(5/123)
قِلَتِهِ. فلما فرغ قال: " ناولني نعلي "، فقام وقمت معه، فقال:
" كأنَ لك حاجة! ". قلت: أجل أرسلني إليك رَهْطٌ من بني سَلِمَةَ،
. يسألونك عن ليلة القدر؟ فقال:
" كم الليلة؟ ". فقلت: اثنتان وعشرون. قال:
" هي الليلة "، ثم رجع فقال:
" أو القابلة "؛ يريد ليلة ثلاث وعشرين.
(قلت: إسناد حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حفص: ثنا أبي: ثنا إبراهيم بن طَهْمان عن عَباد
ابن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن ضَمْرَةَ بن عبد الله بن أئيْس عن
أبيه
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير ضمره بن
عبد الله؛ وثقه ابن حبان فقط، لكن روى عنه جماعة من، الثقات، منهم الزهري،
فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف. وقال الحافظ:
" مقبول "؛ يعني عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/495) ، وابن نصر (ص 106) من طريق ابن
إسحاق قال: حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهَنِي عن أخيه عبد الله بن
عبد الله بن خُبَيْبٍ قال:
جلس معنا عبد الله بن أُنَيسْ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلسه- في
مجلس جهَيْنَةَ-، قال: في رمضان، قال: فقلنا له: يا أبا يحيى! سمعت من
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الليلة الباركة من شيء؟ فقال: نعم، جلسنا مع رسول الله(5/124)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر هذا الشهر، فقلنا له: يا رسول الله امتى نلتمس هذه الليلة الباركة؟
قال:
" التمسوها هذه الليلة ". قال: وذلك مساءَ ليلة ثلاث وعشرين. فقال له رجل
من القوم: وهي إذأ يا رسول الله! أول ثمان؟! قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنها ليست بأول ثمان! ولكنها أول السبع، إن الشهر لا يتم ".
قلت: وإسناده حسن بما قبله؛ عبد الله بن عبد الله بن حبيب لم يذكر فيه ابن
حاتم (2/2/90) جرحاً ولا تعديلاً.
وتابعه أبو بكر بن حزم عن عبد الله بن أنيس ... به مختصراً:
أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم- وسألوه عن ليلة يتراءوْنها في رمضان؟ - قال:
" ليلة ثلاث وعشرين ".
أخرجه أحمد (3/495) ؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم.
1249- عن ابن عبد الله بن أنيس الجُهَني عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله! إن لي باديةً أكون فيها، وأنا أصلي فيها بحمد
الله؛ فَمُرْني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد؟ فقال:
" انزِلْ ليلة ثلاث وعشرين ".
-- فقلت لابنه: كيف كان أبوك يصنع؟ قال:
كان يدخل المسجد إذا صلى العصر، فلا يخرج منه لحاجة حتى
يصلي الصبح. فإذا صلى الصبح؛ وجد دابتَة على باب المسجد، فجلس
عليها، فلَحِقَ بباديته.(5/125)
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: تنا زهير: أخبرنا محمد بن إسحاق: ثنا
محمد بن إبراهيم عن ابن عبد الله بن أنيس، الجهني.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وابن عبد الله بن أنيس: اسمه
ضمرة، كما في الإسناد السابق.
وزهير: هو ابن معاوية.
والحديث أخرجه ابن نصر (ص 106) من طريق أحمد بن خالد: ثنا محمد
ابن إسحاق ... به.
ورواه البيهقي (4/359) عن المصنف.
ومن طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عبد الله بن أنيس ... به
مختصرأ؛ دون قوله: فقلت لابنه ...
وإسناده صحيح.
1250- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" التمسوها في العشر الأواخر من رمضان: في تاسعة تبقى، وفي
سابعة تبقى، وفي خامسة تبقى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخارعب. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْبٌ: أخبرنا أيوب عن عكرمة عن
ابن عباس.(5/126)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخاري (1/502) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (4/308) ، وأحمد (1/279) من طريقين آخربن عن
وهيب ... به.
وأحمد أيضا (1/231 و 360 و 365) من طرق أخرى عن أيوب ... به.
ثم أخرجه (1/281) ، وكذا البخاري من طريق أبي مجلَزٍ وعكرمة قالا: قال
ابن عباس ... فذكره.
وخالفه خالد الحَذَّاء؛ فرواه عن عكرمة مختصراً؛ بلفظ:
" التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين ".
ورجاله ثقات؛ لكن الحذاء كان تغير حفظه لما قدم الشام، فلا تطمئن النفس
لخالفته؛ بل حديثه هذا شاذ لخالفته من هو أحفظ منه.
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 107) .
ثم رواه هو، وأحمد (6/12) من حديث بلال ... به؛ وفيه ابن لهيعة.
والطيالسي (2167) من حديث أبي سعيد؛ وهو منكر أو شاذ مخالف لحديثه
الآتي.
وللحديث شاهد من حديث أبي بكرة ... مرفوعاً به نحوه.
أخرجه الترمذي (1/152) - وصححه-، وابن حبان (924) ، والحاكم
(1/438) ، ووافقه الذهبي.
ومن حديث أبي سعيد: عند أحمد (3/71) بسند صحيح على شرط مسلم.(5/127)
320- باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين
1251- عن أبي سعيد الخدري قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف العَشرَ الآوْسَط من رمضان، فاعتكف
عاماً؛ حتى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرين- وهي الليلة التي يخرج فيها
من اعتكافه- قال:
" من كان اعتكف معي؛ فليعتكفِ العَشْرَ الأواخرَ، وقد رأيتُ هذه
الليلة، ثم انْسِيتُها، وقد رأيتُنِي أسجدُ صبيحتَها في ماءٍ وطينٍ؛ فالتمِسُوها
في العشر الأواخر، والتمِسُوها في كل وتر "
قال أبو سعيد: فمَطَرَتِ السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجد على
عَرِيش، فوَكَفَ المسجدُ، فقال أبو سعيد:
بَصَرَتْ عينايَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى جبهته وأنفه آثَر الماء والطين من
صبيحةِ إحدى وعشرين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد
ابن إبراهيم بن الحارث التيمي عن اي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح علر، شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/103 و 3/309) من طريق أخرى عن
القعنبي ... به.
وهو في " الموطأ" (1/319/9) .(5/128)
وعنه: البخاري (1/503- 504) ، والنسا في (1/165) ، وابن نصر (ص
107) من طرق أخرى عنه.
والبخاري أيضا (1/501- 502) ، ومسلم (3/171) من طرق أخرى عن ابن
الهاد ... به.
ومسلم أيضا، وابن خزيمة في "صحيحه " (2171) ، وكذا البخاري (2018)
من طرق أخرى عن محمد بن إبراهيم ... به؛ وعند الأولَيْنِ:
أنه اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تُرْكية
على سُدئها حصير.
والبخاري (1/209) ، ومسلم (3/172) ، وابن ماجه (1766) ، وأحمد
(3/60 و 74) عن يحيى بن أبي كثير: حدثني أبوسلمة ... به.
وأحمد (3/24) ، وابن حبان (3669) عن محمد بن عمرو: حدثني أبو
سلمة ... به نحوه.
وله طريق ثانٍ عن أبي سعيد، يأتي بعده.
1252- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة،
والسابعة، والخامسة ".
قال: قلت: يا أبا سعيد! إنكم أعلم بالعدد منا. قال: إجل. قلت: ما
التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال:
إذا مضت واحدة وعشرون؛ فالتي تليها التاسعة. وإذا مضت ثلاث(5/129)
وعشرون؛ فالتي تليها السابعة. وإذا مضى خمس وعشرون؛ فالتي تليها
الخامسة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسنادين، احدهما
إسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: أخبرنا سعيد عن أبي
نضرة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/172) : حدثنا محمد بن المثنى وأبو بكر بن خَلاد
قالا: حدثنا عبد الأعلى ... به؛ وفي أوله زيالة عنده نحو التي في الطريق السابقة.
وكذلك أخرجه أحمد (3/10) : ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد
الجريرِي ... به.
والبيهقي (4/308) من طريق ثالثة عن الجريري.
321- باب من روى أنها ليلة سبع عشرة
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
322- باب من روى: في السبع الأواخر
1253- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تَحَزوْا ليلةَ القدرِ في السبع الأواخر ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وأخرجه(5/130)
البخاري بسند آخر عن ابن عمر.
إسناده: حدتنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وفد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/320/11) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه مسلم (3/170) ، وأبو نعيم في "الحلية" (6/347)
ورواه الطيالسي (1888) ، وأحمد (2/27 و 62 و 74 و 157- 158) من طرق
أخرى عن عبد الله بن دينار ... به نحوه.
تْم أخرجه مالك (14) عن نافع عن ابن عمر ... نحوه.
وأخرجه البخاري (1/501) ، وكذا مسلم، وابن حبان (رقم 3667) عن
مالك.
وله عند مسلم طرق أخرى عن ابن عمر: أحدها عند الدارمي (2/28) .
وثانية: عند ابن حبان (3668) .
وأخرى: عند ابن خزيمة (2182) .
323- باب من قال: سبع وعشرون
1254- عن معاوبة بن أبي سفيان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ليلة القدر قال:
" ليلة سبع وعشرين ".
(قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال "الصحيح "، وصححه ابن حبان) .(5/131)
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي. أخبرنا شعبة عن قتادة: أنه سمع
مطَرفاً عن معاوية بن أبي سفيان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ إلا
عبيد الله بن معاذ، فعلى شرط مسلم وحده.
والحديث أخرجه البيهقي (4/312) عن المصنف.
وأخرجه بإسناده: ابنُ نصر في "قيام الليل " (116) ، وابن حبان (925) من
طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ ... به.
وخالفه أبو داود الطيالسي فقال: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه أوقفه على معاوية:
أخرجه البيهقي، وقال:
" وقفه أبو داود، ورفعه معاذ بن معاذ ".
قلت: وهو ثقة متقن، احتج به الشيخا أط.
وأما أبو داود؛ فهو ثقة حافظ، غلط فىِ أحاديث، احتج به مسلم وحده.
فالأول أتقن؛ لا سيما ومعه زيادة الرفع، وهي مقبولة.
ولا يعارضه ما رواه ابن نصر من طريق علي بن عاصم عن الجريري عن بُريدَةَ
عن معاوية ... مرفوعاً:
" التمسوا ليلة القدر أخر ليلة من رمضان ".
فلا يصح؛ لأن علي بن عاصم هذا- وهو الواسطي- قال الحافظ:
" صدوق، يخطئ وئصِزُ ".
فمثله لا يحتج بحديثه إذا تفرد، فكيف إذا خالف؟!(5/132)
ثم وجدت له شاهداً؛ انظر "الصحيحة" (1471) .
324- باب من قال: هي في كل رمضان
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله
325- باب في كم يقرأ القرآن؟
1255- عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:
" اقرأ القرآن في شهر ". قال: إني أجد قوة! قال:
" اقرأ في عَشْرٍ ". قال: إني أجد قوة! قال:
" اقرأ في سبع، ولا تَزِيدَنَّ على ذلك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: "أخبرنا أبان عن
يحيى عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود: " حديث مسلم أتم ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/408) ، ومسلم (3/163- 164) ، وأحمد
(2/ 188) من طرق أخرى عن يحيى.-- به؛ ولم يذكر أحمد في إسناده: محمد
ابن إبراهيم.(5/133)
وتابعه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم ... به: أخرجه أحمد
(2/200) .
وتابعه عنده: محمد بن عمرو أيضا.
1256- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر ". فناقصني
وناقصته فقال:
" صم يوماً وأفطر يوماً ".
قال عطاء: واختلفنا عن أبي فقال بعضنا: سبعة أيام. وقال بعضنا:
خمساً.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط،
ولا يُدْرى أتلقَّاه حماد عنه قبل الاختلاط أم بعده؟ لأن حماداً سمع منه في
الصحيح والاختلاط جميعاً، وهو حماد بن سلمة. ويحتمل أن يكون هو حماد بن
زيد؛ وهذا سمع منه قبل الاختلاط.
ولم يترجح لدي الآن أيهما المراد هنا؛ لأنهما قد رويا جميعاً عن عطاء، وروى
عنهما أيضا سليمان بن حرب!
لكن الحديث صحيح على كل حال بما تقدم ويأتي.(5/134)
والحديث أخرجه أحمد (2/162 و 216) من طريقين آخرين عن عطاء ... به
مختصراً ومطولاً؛ دون قول عطاء: واختلفنا ... وفيه:
ثم ناقصني وناقصته؛ حتى صار إلى سبع.
1257- عن عبد الله بن عمرو: أنه قال:
يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن؟ قال:
" في شهر "، قال: إني أقوى من ذلك- رَفدَ الكلام أبو موسى-!
وتناقصه حتى قال:
" لقراه فط سبع ". قال إني أقوى من ذلك! قال:
" لا يفقه من قراه في اقلً من ذلك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط السجين، وصححه ابن حبان (755)) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: أخبرنا همام: أخبرنا قتادة عن
يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ويزيد: هو ابن عبد الله بن
الشخير.
وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العَوذِي.
وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري.
وابن المثنى: اسمه محمد أبو موسى.
والحديث اخرجه الطيالسي (2275) ، وأحمد (2/164 و 165 و 189 و 193)(5/135)
من طرق أخرى عن همام ... به.
وتابعه شعبة عن قتادة ... به مختصراً بلفظ:
" من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لم يفقهه ".
أخرجه أحمد (2/195) ، والترهذي (2/156) ؛ ولفظه: " لم يفقه ... "،
وقال:
"حسن صحيح ".
وكتلك رواه سعيد- وهو ابن أبي عَرُوبة عن قتادة ... به، كما يأتي في
الكتاب (1260) -
1258- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقرأ القرآن في شهر ". قال: إن بي قوة! قال:
" اقراه في ثلاث ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطان خال عيسى بن
شاذان: ئخيرنا أبو داود: أخبرنا الحَرِيشُ بن سُلَيْمٍ عن طلحة بن مُصَرفٍ عن
خيثمة عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو علي: سمعت أبا داود يقول: " سمعت أحمد- معنه: ابن حنبل-
يقول: عيسه بن شاذان كَيس ".
قلت: وهذا إسناد حسن؛ طلحة وخيثمة- وهو ابن عبد الرحمن الجُعْفِي-
ثقتان من رجال الشيخين.(5/136)
والحريش بن سليم؛ قال أبو داود الطيالسي.
"ثقة".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن معين:
" ليس بشيء ". وقال الحافظ:
"مقبول ".
وأبو داود: هو الطيالسي، ثقة من رجال، مسلم.
ومحمد بن حفص القطان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جماعة.
وقال الحافظ:
"مقبول ".
وبالجملة؛ فالإسناد عندي حسن، وهو صحيح بما قبله، وما سنذكره تحت
الحديث (1261) .
326- باب تحزيب القرآن
1259- عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مُطْعِم، فقال لي:
في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحَزَبه. فقال لي نافع: لا تقل: ما
أحزبه؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" قرأت خزءاً من القرآن "!
قال: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة.
(قلت: إسناده صحيح) .(5/137)
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أخبرنا ابن أبي مريم: أخبرنا
يحيى بن أيوب عن ابن الهاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري، وظاهره الإرسال؛
لكن قوله- أعني: ابن الهاد-: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة ... يدل
على أنه مسند. والله أعلم.
1260- عن عبد الله- يعني: ابن عمرو- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يفقه من قرأ القرآن في أقلَّ من ثلاث ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا محمد بن المنهال: أخبرنا يزيد بن زُربع: أخبرنا سعيد عن
قتادة عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّيِر عن عبد الله- يعني: ابن عمرو-
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين.
والحديث رواه شعبة وهمام عن قتادة ... به نحوه، كما تقدم (1257) .
1261- عن عبد الله بن عمرو:
أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: في كم يُقْرأ القرآن؟ قال:
" في أربعيين يوماً "، ثم قال: " في شهر "، ئم قال: " فط عشرين "،
ئم قال: " في خَمْسَ عَشْرَةَ "، ثم قال: " في عشر "، ثم قال: " في سبع "؛
لم ينزل من سبع.
(قلت: إسناده صحيح، إلا ان قوله: لم ينزل من سبع! شاذ؛ فقد صح
فيما تقدم (1258) أنه قال له: " اقرأه في ثلاث ") .(5/138)
إسناده: حدثنا نوح بن حبيب: أخبرقا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن سِمَاكِ
ابن الفضل عن وهب بن منَبِّهٍ عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تنات؛ إلا أن قوله: لم ينرْل من سبع!
شاذ؛ لخالفته لما رواه جمع من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأه في ثلاث " كما تقدم (1258)
من رواية خيثمة عن ابن عمرو.
وتابعه مجاهد عنه بلفظ:
" اقرْأه في كل ثلاث ".
أخرجه أحمد (2/158 و188) بسند صحيح.
ويؤكد شذوذه: رواية أبي العباس عن ابن عمرو بلفظ:
" اقرأ القرآن في خمسة أيام ".
رواه أحمد (2/195) بسند صحيح على شرط مسلم.
ففيه أنه نزل من سبع؛ خلافاً لما فال وهب بن منبه أو بعض من دونه.
لكنه لم يتفرد به؛ فقد روى يحيى بن حَكِيم بن صفوان عن عبد الله بن عمرو
بلفظ:
" اقرأه في كل سبع ". قلت. يا رسول الله! دَعْني أستمتع من قوتي وشبابي!
فأبى.
رواه أحمد (2/163 و 199) ؛ لكن يجى هذا مجهول، لم يرو عنه غير ابن
أبي مليكة.
والحديث أخرجه ابن نصر (62) ، والترمذي (2/156) مختصراً.(5/139)
1262- عن علقمة والأسود قالا:
أتى ابنَ مسعودٍ رجل، فقال: أني أقْرأ المُفَصَّلَ في ركعة. فقال:
آهذّاً كَهَذِّ الشِّعْرِ، ونَثْراً كَنَثْرِ الدقلِ؟! لكنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ
النظائر:- السورتين في ركعة:
(الرحمن) و (النجم) في ركعة.
و (اقتربت) و (الحاقة) في ركعة.
و (الطور) و (الذ اريات) في ركعة.
و (إذا وقعت) و (الذاريات) في ركعة.
و (سأل سائل) و (النازعات) في ركعة.
و (هل أتى) و (لا أقسم بيوم القيامة) في ركعة.
و (عم يتساءلون) ، و (المرسلات) : في ركعة.
و (الدخان) و (إذا الشمس كورت) في ركعة.
قال أبو داود:! هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله ".
(قلت: حديث صحيح، وقد صححه ابن خزيمة، وأحرجه الشيخان في
"صحيحيهما" من طريق أخرى عن ابن مسعود- دون سَردِ السور-) .
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن
أبي إسحاق عن علقمة والأسود.
قلت: وهنا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو
السبِيعي- كان اختلط وإسرائيل طن سمع سنه بهعد الاختلاط؛ وهو ابن يونس بن(5/140)
أبي إسحاق السبيعي.
لكن الحديث في الجملة صحيح؛ فقد توِبع عليه.
والحديث أخرجه أحمد (1/418) من طريق زهير عن أبي إسحاق ... به؛
دون قوله: و (اقتربت) ... إلخ، وقال مكانه. قال:
فذكر أبو إسحاق عشر ركعات بعشرين سورة؛ على تأليف عبد الله، آخرهن:
(إذا الشمس كورت) و (الدخان) .
وللحديث حلرق أخرى عن ابن مسعود.
1- عن نَهِيكِ بن سنَان السُّلَمى: أنه أس عبد الله بن مسعود فقال: قرأت
المفصَّل الليلة في ركعة. فَقال: هَذّاً ... فذكره نحوه.
أخرجه أحمد (1/417) ، والطبراني (3/52/2) .
ورجاله ثقات معروفون؛ غير نهيك بن سنان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "
(5/480) ، وروى عنه ثقتان، وصححه ابن خزيمة (1/269) .
2- عن أبي وائل: أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: إني قرأت المفصَّل
الليلةَ كلَه في ركعة. فقال عبد الله: هَذّاً كَهذ الشعر؟! فقال عبد الله:
لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرُنُ بينهنَّ.
قال: فذكر عشرين سورة من المفصل: سورتين سحورتين في كل ركعة.
أخرجه البخاري (1/200 و 3/396) .ومسلم (2/205) ، وأحمد (1/380
و427) ، والبيهقي (2/60) ، والطحاوي في " شرح المعاني " (1/346) ، والطبراني
في "العجم الكبير" (3/52/2) . وله عنده حلرق أخرى، أتمها: عن محمد بن
سَلَمَةَ بن كهَيْل عن أبيه عن شَقِيق بن سَلَمةَ قال، قال عبد الله:(5/141)
لقد علمت النظائر التي كان يصلي ببن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذاريات) ،
و (الطور) .
و (النجم) و (اقتربت) .
و (الرحمن) و (الواقعة) .
و (ن) ، و (الحاقة) .
و (المزَمِّل) و (لا أقسم بيوم القيامة) .
و (هل أتى على الإنسان) و (المرسلات)
و (عم يتساءلون) و (النازعات) .
و (عبس) و (ويل للمطففين) .
و (إذا الشمس كورَتْ) و (حم) الدخان.
وجملة القول: أن الحديث صحيح؛ " دون سرد السور (*) ؛ فإنه لم يرد فيما
علمت إلا من طريق أبي إسحاق، وقد علمت ما فيه، مع مخالفة محمد بن سلمة
إياه في بعضها تقديماً وتأخيراً. على أن ابن سلمة هذا ضعيف أيضا، كما في
"الفتح " (2/215) .
1263- عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سأًلت أبا مسعود وهو يطوف
بالبيت؟ فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من فرأ الأيتين من آخر سورة (البقرة) في ليلة كَفَتَاه ".
__________
(*) وفي "صفة للصلاة " (ص 104- 155) - لشيخنا المؤلف رحمه الله- "تصحيحه"
تاماً. (الناشر)(5/142)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حَسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: أخبرنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن
عبد الرحمن بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/398) ، ومسلم (2/198) ، والدارمي (1/349
و2/450) ، وأحمد (4/121) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
ثم أخرجه البخاري (3/398 و 407) ، وأحمد (4/122) عن سفيان عن
منصور ... به.
ومسلم، وابن ماجه (1369) ، والترمذى (2/145) - وصححه- عن جرير بن
عبد الحميد عنه ... به.
وتابعه الأعمش: حدثني إبراهيم ... به: أخرجه البخاري (3/405) ،
ومسلم.
وتابعه علقمة عن أبي مسعود ... به. اخرجه أحمد (4/118) ، وسنده
حسن في المتابعات.
1264- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من قام بعشر آيات لم يُكْتَبْ من الغافلين. ومن قام بمئة آية كُتِبَ من
القانتين. ومن قام بألف آية كُتِبَ من المُقنْطِرِينَ،.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن جان وابن خزيمة) .(5/143)
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا ابن وهب: أخبرنا عمرو أن أبا سَوِية
حدثه أنه سمع ابن حُجَيْرَةَ يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
قال أبو داود: " ابن حجيرة الأصغر: عبد- الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ".
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي سوية
- واسمه عُبَيْدُ بن سَوِيَّةَ-، وهو صدوق، كما اعتمدته فما "سلسلة الأحاديث
الصحيحة" (642) ، وذكرت هاك من أخرجه غير أبي داود، مع شاهد له من
حديث ابن عمر، وآخر من حديث أبي هريرة.
327- باب في عدد الآي
1265- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" سورة من القرأن ثلاثون اية؛ تَشْفَعُ لصاحبها حتى يُغْفَرَ له: (تبارك
الذي بيده الملك) ".
(قلت: حديث حسن، كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان (784) ،
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا قتاده عن عباس الجُشَمِي عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عباس الجشمي،
فلم يوثقه غير ابن حبان؛ لكن حسن وصحح لى من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه الترمذي (12/46) ، وابن ماجه (3786) ، وابن نصر (66) ،
وابن السني في "عمل اليوم والليلة " (677) ، والحاكم (1/565) ، وأحمد (2/321) ،(5/144)
وأبو بكر الشافعا في "حديثه " (3/2) من طرق عن شعبة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وصححه ابن حبان أيضا، كما في "الموارد" للهيثمي (رقم 1766 و 1767) .
قلت: وهو حسن كما قال الترمذي؛ فإن لد شاهداً من حديث أنس بن
مالك ... نحوه.
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (حص 99) ، وعنه الضياء المقدسي في
"المختارة" (ق 1/46) ، ورجاله ثقات رجال " الصحيح "؛ غير شيخ الطبراني سليمان
ابن داود بن يحيى الطبيب البصري؛ فلم أعرفه!
غير أن في كلام الطبراني- عقبه- ما يشير إلى أنه لم يتفرد به. والله أعلم.
328- باب لفربع أبواب السجود،
وكم سجدة في القرآن؟
1265/م- عن مِشْرَح بن هاعان أبي الصعب: أن عقبة بن عامر حدثه قال:
قلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفي سورة (الجج) سجدتان؟ قال:
" نعم، ومن لم يَسْجدْهما؛ فلا يقرأهما ".
(قلت: إسناده حسن. وهو صحيح دون قوله: " ومن لم يسجد هما ... ")
إسناده: حدثنا أحمد بن لخمرو بن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني ابن
لهيعة: أن مشرح بن هاعان أبا الصعب حدثه.(5/145)
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير مشرح بن هاعان؛ فهو مختلف
فيه، فقال عثمان الدارمي عن ابن معين:
" ثقة ". وقال عثمان:
" صدوق ". ولم يزد أحمد على قوله:
" معروف ". وقال ابن عدي (ق 403/1) .
" وأرجو انه لا بأس به ". وقال ابن حبان في "الثقات ":
" يخطئ ويخالف ". ثم قال في "الضعفاء":
" يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها؛ فالصواب ترك ما انفرد به ".
وقول ابن حبان هذا هو الذي اعتمدوه فيه؛ لنأورده الذهبي في "الضعفاء " وقال:
" تكلم فيه ابن حبان ".
ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب " فقال:
" مقبول ". يعني: عند المتابعة- كما هي قاعدته-.
ولذلك ضعف إسناده الترمذقي كما يأتي. رفي "عون المعبود" (1/530) :
" قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال: حديث إسناده ليس بالقوي. هذا
آخر كلامه. وفي إساده عبد الله بن لهيعة ومشرح بن هاعان، ولا يحتج
بحديثهما. انتهى. وفي " المرقاة ": قال ميرك: لكن الحديث صحيح. أخرجه
الحاكم في "مستدركه " من غير طريقهما، واقره الذهبي على تصحيحه. ".
قلت: ولنا على هذا الكلام ملاحظتان:(5/146)
الأولى: أن الراجح المستفاد من كلام الأئمة في ابن لهيعة أنه لا يحتج
بحديثه إذا كان من غير رواية العبادلة عنه، وهم: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن
المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ؛ وأما رواية هؤلاء عنه فهي صحيحة، وأنت ترى
أن المصنف قد رواه عنه من هذا الوجه، فإعلاله بابن لهيعة ليس بجيد كما فعل
المنذري، وتبعه عليه جماعة كابن حجر والماوي وغيرهما- مثل ابن للوزير اليماني
في "الروض الباسم " (1/121) -، وإنما علة الحديث مشرح هذا.
والأخرى: أن قول ميرك ومن تابعه؛ أن الحاكم أخرجه من غير طريقهما؛
خطأ، فهو إنما أخرجه من طريقين عن ابن لهيعة بإسناده في الكتاب، ولم
يصححه؛ بل إنه أشار إلى إعلاله بابن لهيعة، فقال عقبه: (2/390) :
" هذا حديث لم نكتبه مسنداً إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن
عقبة الحضرمي أحد الأئمة، إنما نُقم عليه اختلاطه في آخر عمره ".
والحديث أخرجه الحاكم (2/390) ، والبيهقي (2/317) من طريق ابن
وهب ... به. وقال أحمد (4/155) : ثنا أبو عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة ... به.
وأبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرئ الآنف الذكر.
ثم أخرجه الحاكم من طريق إسحاق بن عيسى، والترمذي (1/114) من
طريق قتيبة؛ كلاهما عن ابن لهيعة ... به؛ إلا أنهما قالا:
" أفضلت سورة (الحج) بسجدتين؟ ".
وضعفه الترمذي بقوله المذكور آنفاً.
وقد روي هدْا مرسلاً عن خالد بن معدان: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:(5/147)
" فضلت سورة (الحج) على القرآن بسجدتين "
أخرجه أبو داود في " المراسيل "، وعنه البيهقي. وقال أبو داود:
" قد أسند هذا، ولا يصح ". وكأنه يعني حديث مشرح التقدم.
ثم تبين أن كلام ابن حبان لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن؛ لأنه لما أورده في
"الثقات " وقال: "يخطئ ويخالف "؛ وقد وثقه جمع كابن معين وغيره. وقول
الحافظ: " مقبول "- بالمعنى الذي نص عليه في المقدمة-؛ مرفوض كما بينته في،
كتابي "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان "، يسر الله إتمامه.
ويشهد للحديث مرسل خالد بن معدان، وإسناده جيد؛ فالحديث به صحيح
دون قوله: " ومن لم يسجدهما؛ فلا يقرأهما "؛ فإنه حسن.
ومثله في الشهادة حديث عمرو بن العاص (248-ضعيف أبي داود)
ويزداد قوة بأنه روي ذلك عن جمع من الصحابة، صحح بعضها البيهقي؛
فراجعه.
329- باب مَنْ لم يَرَ السجودَ في المُفَصَّلِ
1266- عن زيد بن ثابت قال:
قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (النجم) ؛ فلم يسجد فيها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ")
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي: ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن
عبد الله بن قُسَيْط عن عطاء بن يسارعن زيد بن ثابت.(5/148)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسا3؛ وقد أخرجه هو والبخاري على ما
يأتي بيانه.
والحديث أخرجه الترمذي (1/113) ، وأحمد (5/186) من طرق أخرى عن
وكيع ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (1/274) ، والدارمي (1/343) ، وأحمد (5/183 و 186)
من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به.
وتابعه يزيد بن خُصَيْفَةَ عن ابن قُسَيْطِ ... به: أخرجه البخاري، ومسلم
(2/88) ، والنسائي (1/152) .
وتابعه إسماعيل بن أبي كثير عن يزيد بن قُسَيْطٍ ... به: أخرجه الطحاوي
(1/207) .
ثم قال المصنف: حدثنا ابن السَّرْح: أخبرنا ابن وهب: ثنا أبو صخر عن ابن
قُسَيْط عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قال أبو داود: " كان زيدٌ الإمامَ؛ فلم يسجد ".
قلت: يشير المؤلف بهذا إلى أن أبا صخر قد خالف الجماعة في إسناده؛ فجعل
خارجة بن زيد مكان: عطاء بن يسار الذي عند الجماعة!
والصواب روايتهم؛ لأنهم جمع، ولأن أبا صخر- واسمه حُمَيْدُ بن زياد- مع
مخالفته إياهم؛ فإن فيه ضعفاً، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ فيه:
" صدوق يهم ".(5/149)
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي أيضا، وكذا الطبراني، كما في "الفتح "،
(2/459) ، وأشار إلى أنه غير محفوظ من هذا الوجه.
330- باب من رأى فيها السجود
1267- عن عبد الله:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ سورة (النجم) ، فسجد فيها، وما بقي أحد من
القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفّاً من حصىً- أو تراب- فرفعه
إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا!
قال عبد الله: فلقد رأيته بعد ذلك قتلَ كافراً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن
عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/173) ، ومسلم (2/88) ، والنسائي (1/152) ،
والدارمي (1/342) ، وأحمد (1/401 و 437 و 443 و 462) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
وتابعه سفيان- وهو الثوري- عن أبي اسحاق ... به: أخرجه أحمد
(1/388) .(5/150)
331- باب السجود في (إذا السماء انشقت) و (اقرأ)
1268- عن أبي هريرة قال:
سجدنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (إذا السماء انشقت) ، و (أقرا باسم
ربك الذي خلق) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم في
"صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن ايوب بن موسى عن عطاء بن مِيناء عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على
شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه مسلم (2/89) ، والترمذي (1/113) ، والنسائي (1/152) ،
والدارمي (1/343) ، وابن ماجه (1058) ، والطحاوي (1/210) ، وأحمد
(2/249 و 461) من طرق عن سفيان بن عيينة ... به.
ولابن عيينة إسناد آخر، فقال أحمد (2/247) : ثنا سفيان عن يحيى بن
سعيد عن أبي بكر الأنصاري عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر المخزومي عن
أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في ... الحديث.
ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي أيضا، والترمذي، وابن ماجه (1059) ،
وللدارمي (1/343) ؛ وليس عندهما: و (أقرا باسم ربك) ... وهو رواية
للنسائي. وإسنادهم صحيح على شرط الشيخين.(5/151)
وله طريق أخرى عن قُرةَ بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال:
سجد أبو بكر- وعمر رضي الله عنهما- ومن هو خير منهما صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ...
فذكره.
أخرجه النسائي بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
1269- عن أبي رافع قال:
صليت مع أبي هريرة العَتَمَةَ، فقرأ: (إذا السماء انشقت) ؛ فسجد.
فقلت: ما هذه السجدة؟! قال:
سجدت بها خَلْفَ أبي القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا أزال أسجد بها حتى القاه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم أيضا) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر: سمعت أبي: ثنا بكر عن أبي رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛
فهو على شرط البخاري.
وقد أخرجه في "صحيحه " (1/275) ... بهذا الإسناد.
والحديث أخرجه مسلم (2/89) ، والنسائي (1/159) ، وأحمد (2/229) من
طرق أخرى عن المعتمر ... به.
وتابعه عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع ... به نحوه: أخرجه مسلم، وأحمد
(2/459) .(5/152)
وتابعه مروان الأصفر قال: سمعت أبا رافع ... به نحوه: أخرجه أحمد
(2/456) .
332- باب السجود في (ص)
1270- عن ابن عباس قال:
ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد
فيها.
(قلت: اسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وصححه الترمذي)
اسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهيب: ثنا أيوب عن عكرمة عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه
البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخا ري (1/273) ، والترمذي (1/114) ، والدارمي
(1/342) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/34) ، وأحمد (1/279 و 360) من
طرق عن أيوب ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وروى أحمد (1/364) من طريق ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في (ص) .(5/153)
وليث- وهو ابن أبي شلَيم- ضعيف.
ورواه النسائي (1/152) من طريق سعيد بن جبير عنه ... به نحوه؛ وزاد:
سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً.
وإسناده صحيح.
1271- عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال:
قرا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو على المنبر-: (ص) ، فلما بلغ السجدة؛ نزل
فسجد، فسجد الناس معه. فلما كان يومٌ أخرُ قرأها، فلما بلغ السجدة؛
تشزن الناس للسجود، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما هي توبة نبي؛ ولكني رأيتكم تَشَزنتُمْ للسجود "؛ فنزل فسجد
وسجدوا.
(قلت: حديث صحيح، رجاله رجال "الصحيح "، وصححه ابن خزيمة
وابن حبان (2754) ، والحاكم والبيهقي وابن حزم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو- يعني: ابن
الحارث- عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْحٍ عن أبي
سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح،
فعلى شرط البخاري وحده.
إلا أن ابن أبي هلال- واسمه سعيد- مع ثقته واحتجاج الشيخين به؛ فقد
رماه أحمد بن حنبل بالاختلاط. وقال ابن حزم:(5/154)
" ليس بالقوي ". قال الحافظ:
" ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد فيه".
قلت: وكأن ابن حزم نسي قوله هذا! فصحح الحديث كما يأتي، فلعل ذلك
منه لشواهده، كما هو قولنا.
والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (5/61) من طريق المصنف، ثم
صححه (5/107) .
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآ ثار"، (4/31) ، وابن حبان (690) ،
والحاكم (2/431) ، وعنه البيهقي (2/318) من طرق أخرى عن ابن وهب ...
به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
" حديث حسن الإسناد صحيح ".
وتابعه الليث بن سعد: حدثني خالد بن يزيد ... به: أخرجه الدارمي
(1/342) ، وابن حبان (689) من طريق ابن حزيمة، وقد أخرجه هذا أيضا في
"صحيحه " (1/188/1) .
ولأبي سعيد الخدري حديث آخر في الباب، يرويه بكر بن عبد الله المزني عنه
قال:
" رأيت- فيما يرى النائم- كأني افتتحت سورة (ص) ، حتى انتهيت إلى
السجدة، فَسَجَدتِ الدواةً والقلمً وما حول، فأخبرت بذلك النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فسجد
فيها. وفي رواية: فلم يزل يسجد فيها.
أخرجه أحمد (3/78 و 84) ، والحاكم (2/432) - وسكت عليه-. وقال الذهبي:(5/155)
" صحيح على شرط مسلم ".
وهو كما قال؛ إن كان سمعه منه المزني؛ فإنه قال في رواية البيهقي
(2/320) : أخبرني مُخْبِز ...
ويشهد للحديث أيضا: حديث ابن عباس الذي قبله، مع طريق سعيد بن
جبير عنه التي ذكرتها.
333- باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب
أو في غير الصملاة
1272- عن ابن عمر قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ علينا السورة (قال ابن نمير: في غير الصلاة،
ثم اتفقا) ، فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ننا يحيى بن سعيد. (ح) وثنا أحمد بن
أبي شعيب: ثنا ابن نمير- المعنى- عن عبيد الفه عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيحين من الوجه الأول، وعلى شرط
البخاري من الوجه الآخر؛ فإن أحمد بن أيهب شعيب لم يخرج له مسلم، واسم
أبي شعيب: مسلم- وهو جده-، واسم أبيه: عبد القه.
وقد تابعه ابن حنبل كما يأتي.(5/156)
والحديث في "المسند" (2/17) ... بهدا الإسناد.
ورواه بالإسناد الآخر أيضا فقال (2/142) : ثنا ابن نمير ... به.
وأخرجه البخاري (1/275) ، ومسلم (2/88) من طرق أخرى عن يحيى بن
سعيد القطان ... به.
ورواه الحاكم (1/222) من طريهت عيسى بن يونس: ثنا عبيد الله بن عمر ...
به نحوه.
334- باب ما يقول إذا سجد
1273- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة
مراراً:
" سجد وَجْهِي للذي خَلَقَهُ، وشَقَ سمعه وبصره بحَوْلِهِ وقُوَّتِهِ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا خالد الحَذاء عن رجل عن أبي
العالية عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الرجل الذي لم يُسَم، فهو
مجهول. غير أن ذكره في السند شاذ؛ تفرد به إسماعيل- وهو ابن عُلَيةَ- دون سائر
أصحاب الحذاء كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/325) من طريق المصنف.(5/157)
وابن أبي شيبة في "المصنف " (2/25) : حدثنا ابن عُلَيةَ ... به.
وأخرجه أحمد (6/30) ، وابن أبي شيبة (2/20) : ثنا هًشَيْم: ثنا خالد عن
أبي العالية ... به؛ لم يذكر الرجل في إسنادد.
وتابعه عبد الوهاب الثقفي: حدننا حالا- الحذاء ... به.
أخرجه النسائي (1/169) ، والترمذي (1/114) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ". والحاكم (1/220) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وزاد الحاكم:
" فتبارك الله أحسن الخالقين ".
وهي زيادة شاذة عندي؛ لتفرد الحاكم بها في هذه الطريق دون الأخرين،
ولعدم ورودها في شيء من الطرق الأخرى عن الحذاء، وإنما وردت في سجود
الصلاة، كما تقدم في حديث علي (738) .
وتابعه أيضا وً هَيْبً بن خالد عن الحذاء ... به: أخرجه الحاكم.
فهؤلاء ثلاثة من الثقات- هشيم، وعبد الوهاب الثقفي، ووهيب بن خالد-
اتفقوا على أنه ليس في السند: (عن رجل) كما قال ابن عُلَيةَ؛ فروايتهم أرجح.
والله أعلم.
وله شاهد مرسل عن قيس بن سَكَن وشيخ آخر: عند ابن أبي شيبة.
335- باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](5/158)
باب تفربع أبواب الوتر
336- استَحباب الوتر
1274- عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن الله وتر يُحِبُ الوتر ".
(قلت: حديث صحح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى عن زكريا عن أبي إسحاق
عن عاصم عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ وفي عاصم- وهو ابن ضمرة- كلام لا
يضر.
لكن أبو إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه.
لكن يشهد لحديثه ما بعده؛ فهو به حسن إن شاء الله تعالى؛ بل هوصحيح لما
يأتي بيانه.
والحديث أخرجه النسائي (1/246) والترمذي (1/91) ، وابن ماجه
(1169) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/117/1) ، وابن نصر في "الوتر"
(111) ، والحاكم (1/300) - شاهداً-، والبيهقي (2/عا 4) ، وأحمد
(1/110) ، وابنه (1/143 و 148) من طرق عن أبي إسحاق ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن ".(5/159)
1275- عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ زاد:
فقال أعرابي: ما تقول؟ افقال:
" ليس لك، ولا لأصحابك! ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو حفص الآبار عن الأعمش عن
عمرو بن مُرةَ عن أبي عبيدة عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفم الأبار- واسمه
عمر بن عبد الرحمن بن قيس-، وهو صدوق.
لكن أبو عبيدة- وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه على الراجح
من الأقوال.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1175) ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه للبيهقي (2/468) عنه وعن غيره عن أبي حفص.
وأخرجه ابن نصر (111) عن إبراهيم بن طهمان عن الأعمش ... به.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/70/2) ، وأبو نعيم في "الحلية"
(7/313) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق لما (15/197/1) من طرق أخرى عن
عمرو بن مرة ... به.
وللحديث طريقان آخران عن ابن مسعود:
الأول: عن أبي وائل عنه ... به؛ دود قوله: " فإن الله وتر يحب الوتر ".
أخرجه أبو نعيم، وقال:(5/160)
" غريب من حديث أبي وائل عن ابن مسعود. تفرد به ابن أبي عمر ".
قلت: وهو صدوق من رجال مسلم، وكذلك من فوقه؛ فالسند صحيح.
والأخر: عن علقمة بن قيس عنه ... مرفوعاً بلفظ:
" الوتر على أهل القرآن ".
رواه الطبراني، وفيه مجهول، كما بينته في "الروض النضير " (645) .
337- باب فيمن لم يوتر
1276- عن ابن محَيْرِيزٍ:
أن رجلاً من بني كِنَانة- يدعى المخدَجِيَّ- سمع رجلاً بالشام- يدعى
أبا محمد- يقول: إن الوتر واجب. قال المُخْدَ جِيُّ: فَرُحْتُ إلى عبادة بن
الصامت فأخبرته؟ فقال عبادة: كذب أبو محمد! سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
"خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العباد، فمن جاء بهنَّ، لم يُضَيِّع
منهُنَّ شيئا استخفافاً بحقِّهن؛ كان له عند الله عَهْذ أن يدخله الجنة- ومن
لم يأتِ بهن؛ فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدخله
الجنة".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان وغيره؛ كما مضى (452)) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى
ابن حَبَّان عن ابن محَيْرِيز.(5/161)
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المُخْدَجِي؛ قال
الطحاوي في "المشكل ":
" اسمه: رُفَيْعٌ فيما ذكر يحيى بن معين. وأبو محمد المذكور: اسمه سعد بن
أوس ".
وجاء في بعض طرق الحديث عنده: أن أبا محمد هذا من أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما المُخْدَجيّ فلا يعرف، كما قال الذهبي وغيره؛ ولكنه قد توبع كما يأتي؛
فالحديث صحيح.
وابن محيريز: اسمه عبد الله الجُمَحِيُّ.
والحديث في "الموطأ" (1/123/14) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه النسائي (1/80) ، والطحاوي (4/223) ، وابن نصر (113) ،
والبيهقي (2/467) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه الدارمي (1/370) ، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد (5/315) من
طرق أخرى عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... به.
وكذا رواه ابن حبان (253) .
وأخرجه هو (252) ، وابن ماجه (1401) ، والطحاوي، وأحمد (5/322) من
طريقين آخرين عن محمد بن يحيى بن حَبَّان ... به.
وللحديث طريق أخرى عن عبادة، تقدمت في الكتاب برقم (452) ، وذكرت
له هناك طريقاً ثالثاً.(5/162)
338- باب كم الوتر؟
1277- عن ابن عمر:
أن رجلاً من أهل البادية سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الليل؟ فقال
بأصبعيه هكذا:
" مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ من آخر الليل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما"؛ وقد مضى بنحوه (1197)) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن عبد الله بن
شقيق عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الله بن
شقيق، فعلى شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/246) ، وأحمد (2/100) من طرق أخرى عن
همام ... به.
وأخرجه مسلم (12/72) ، وأبو عوانة (2/332) ، وأحمد أيضا " (2/58 و 71
و76 و 81) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به.
وفي بعضها عنه مختصراً بلفظ:
" بادروا الصبح بالوتر ".
وهذا؛ أخرجه أبو عوانة أيضا، والترمذي (1/93) ، وابن حبان (672) ، وابن
نصر (138) من طريق نافع عن ابن عمر ... به. وقال الترمذي:(5/163)
" حديث حسن صحيح ".
وصححه الحاكم أيضا (1/391) ، ووافاته الذهبي.
وللحديث طرق أخرى كثيرة عن ابن عمر ... نحوه، وقد مضى أحدها
(1197) .
1278- عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الوتر حَقٌّ على كل مسلم؛ فمن احب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن
أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2403) ، والحاكم والنووي
والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: حدثني قُرَيش بن حَيانَ العِجْلِيُ:
ثنا بَكْرُ بن وائل عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير بَكْرِ بن وائل،
فهو من رجال مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (3/23) من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (1/303) من طريق أخرى عن ابن المبارك ... به.
والنسائي (1/249) ، والدارقطني- عن دُوَيْدِ بن نافع-، وهما أيضا، وابن
ماجه (1190) ، وابن نصر (122) ، والحاكم أيضا، والبيهقي (3/26) - عن
الأوزاعي-، والدارمي (1/371) ، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي- عن سفيان
ابن حسين-، وابن حبان (670) - عن يونس-، والدارقطني، والحاكم، والخطيب(5/164)
في "التاريخ " (8/307 و 14/333) - عن محمد بن الوليد الزبَيْدِي-، وهؤلاء؛ غير
الخطيب- عن سفيان بن عيينة-، وهما- عن معمر بن راشد-، وهذا- عن محمد
ابن أبي حَفْصة-؛ كل هؤلاء التسعة رووه عن الزهري ... به مرفوعاً. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
قلت: وخالف هؤلاء جماعة فأوقفوه. فأخرجه النسائي- عن أبي مَعْبَد
وسفيان بن عيينة-، والحاكم- عن محمد بن إسحاق-، والبيهقي- عن معمر بن
راشد-؛ أربعتهم عن الزهري ... به موقوفاً على أبي أيوب!
وقد رجح بعض المتقدمين رواية الوقف! ولا أراه صواباً؛ لأن الذين أوقفوه قلة.
على أن بعضهم قد رفعه أيضا كما رأيت، فالركع أصح. والله أعلم.
والحديث صححه النووي أيضا في "المجموع "، (4/17 و 22) .
(تنبيه) : زاد النسائي وابن حبان والحاكم من طرق عن الزهري ... به:
" ومن غَلَبَهُ ذلك؛ فليومِئْ إيماءً ".
339- باب ما يُقرَا في الوتر
1279- عن أُبَيَ بن كعب قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوترب: (سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى) و: (قل للذين
كفروا و: الله الواحد الصمد) .
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال العراقي، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثتا أبو حفص الآئار. (ح) وثا إبراهيم(5/165)
ابن موسى: أخبرنا محمد بن أنس- وهذا لفظه- عن الأعمش عن طلحة وزُبَيْد
عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفص
الآبَّار- واسمه عمر بن عبد الرحمن-، ومحمد بن أنس، وهما ثقتان، وقد توبعا
كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (676) من طريق أخرى عن أبي حفص الآئار ...
به؛ إلا أنه قال: و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد) .
وتابعه أبو جعفر للرازي عن الأعمش ... به: أخرجه الدارقطني (ص 175) ،
والبيهقي (3/38) .
وتابعه فِطْر عن زُبَيْد ... به: أخرجه الدارقطني.
وتابعه أيضا سفيان عن زبيد ... به؛ وزاد:
ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه:
" سبحان الملك القدوس "؛ ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
أخرجه النسائي (1/248) . ولابن ماجه (1182) منه: القنوت قبل الركوع.
ثم أخرجه النسائي، وابن نصر (126) ، والدارقطني، والبيهقي من طرق
أخرى عن سعيد بن عبد الرحمن ... به.
والحديث قال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/310- 311) :
" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح "!
ولم أره عند ابن ماجه بهذا التمام!(5/166)
وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً: أخرجه النسائي، والترمذي
(1/92) ، والدارمي (1/372- 373) ؛ ورجاله ثقات.
وأخر عن عائشة، وهو الآتي:
1280- عن عبد العزيز بن جريج قال:
سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شئ كان يوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ...
فذكر معناه؛ قال:
وفي الثالثة ب: (قل هو الله أحد) و (المعوذتين)
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا محمد بن سلمة: ثنا خُصَيْف عن
عبد العزيز بن جُريج.
قلت: وهذا إسناد ضعيف عبد العزيز بن جريج مجهول، كما قال
الدارقطني.
وخصيف ضعيف؛ وهو ابن عبد الرحمن الجَزَرِي. لكنه لم يتفرد به كما
يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (1/93) ، والبيهقي (3/38) من طريق أخرى عن
محمد بن سلمة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
وأخرجه ابن حبان (675 و6682) ، والدارقطني (172) ، والبيهقي (3/37)
من طرق عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ... به.(5/167)
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
340- باب القنوت في الوتر
1281- عن أبي الحَوْرَاءِ قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما:
عَلَمَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقوئهن في الوتر- قال ابن جَوس: في
قنوت الوتر-:
" اللهم! اهْدِني فيمن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولني فيمن
توئيتَ، وبارك لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيت؛ إنك تقضي ولا
يُقْضَى عليك، وإنه لا يَذِلُ من وَالَيْتَ [ولا يعزًّ من عاديت] (*) ، تبارَكْتَ ربنا!
وتعاليتَ ".
(قلت، حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا قتيبهَ بن سعيد وأحمد بن جَوَّاس الحنفي قالا: ثنا أبو
الأحوص عن أبي إسحاق عن ئرَيْدِ بن أبي مريم عن أبي الحوراء ...
حدثنا عبد الله بن محمد الئفَيْلِي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق ... بإسناده
ومعناه؛ قال في آخره: قال: هذا يقول في الوتر في القنوت؛ ولم يذكر: أقولهن في
الوتر. أبو الحوراء: ربيعة بن شيبان.
__________
(*) زيادة، استدركت من طبعة الدعاس وغيرها، وفي أصل الشيخ رحمه الله دونها؛ تبعاً
للطبعة التازية. (الناشر) .(5/168)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مختلط
ومدلس، وقد عنعنه؛ لكنه قد توبع؛ فالحديث صحيح، وقد صححه وحسنه من
ذكر أنفاً، وقد خرجته في "الإرواء " رقم (429) ؛ فأغنى عن الإعادة.
1282- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في اخر وتره:
" اللهم! إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك،
وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما آثْنَيْتَ على نفسك ".
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عمرو الفَزَارِي
عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب.
قال أبو داود: " هشام أقدم شيخ لحماد، وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال:
لم يَرْوِ عنه غيرحماد بن سلمة ".
قلت: ومع ذلك؛ فقد قال ابن معين في تمام كلامه المذكور:
" وهو ثقة ". وقال أبو حاتم:
" ثقة شيخ قديم ".
ووثقه أحمد أيضا، وابن حبان.
والحديث أخرجه بقية أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق عن حماد بن
سلمة ... به. وقال الترمذىِ:
" حديث حسن غريب ". وفد خرجته في " الإرواء" (430) .(5/169)
1283- عن أبي بن كعب:
ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت- يعني: في الوتر- قبل الركوع.
(قلت: علقه المصنف؛ وأعله بالخالفة' والراجح عندي أنه محفوظ، وقد
وصله النسائي وغيره بإسناد صحيح) .
إسناده معلق؛ قال أبو داود: " روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي
عَرُوبةَ عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي بن كَعْب ".
قلت: وصله النسائي، فقال (1/248) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا
عيسى بن يونس ... به.
وبهذا الأسناد: اخرجه ابن نصر (126 و 131) ؛ ولفظ الحديث عندهما نحو
ما تقدم في الكتاب (1279) ؛ وليس عند ابن نصر في روايته ذكر للقنوت. وهو
رواية النسائي.
وأخرجه الدارقطني (ص 174) ، وعنه البيهقي (3/39) من طريق المسيب بن
واضح: ثنا عيسى بن يونس ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كلهم؛ وعيسى بن يونس: هو
ابن أبي إسحاق السبيعى، ثقة مأمون كما قال الحافظ؛ فزيادته مقبولة، لا سيما
وقد توبع عليها كما يَأتي.
قال أبو داود: " روى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضا عن فِطْرِ بن خليفة عن
زُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله ".
قلت: وصله الدارقطني (145) ، وعنه البيهقي (3/40) من طريق علي بن
خَشْرَم: ثنا عيسى بن يونس ... به.(5/170)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ثم قال المصنف:
" وروى عن حفص بن غياث عن مِسْعَرٍ عن زُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن
ابن أبزى عن أبيه عن أُبيّ بن كعب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت قبل الركوع ".ـ
قلت: وهذه متابعة قوية من مسعر لفِطْرٍ عن زُبَيْد- وهو ثقة ثبت- وكذا
الراويان عنه ثقتان: مسعر من رجال الشيخن، وفطر من رجال البخاري. ولكني
لم أجد الان من وصله من هذا الوجه!
ثم رأيت البيهقي (3/40- 41) قد وصله من طريق محمد بن يونس عن عمر
ابن حفص بن غياث: ثنا أبي عن مسعر ... به.
ومحمد بن يونس: هو الكُديمِي، متهم.
لكني وجدت متابعة أخرى، فقال للنسائي (1/248) : أخبرنا علي بن ميمون
قال: حدثنا مَخْلَدُ بن يزيد عن سفيان عن زبيد ... به بتمامه.
وبهذا الأسناد: أخرجه ابن ماجه مقتصراً على ذكر القنوت فقط، كما تقدم
هناك (1279) .
وأزيد هنا فأقول: أخرجه أيضا الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة "
(1/400- 401) من طريق النسائي وغيره عن علي بن ميمون ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير علي بن
ميمون، وهو ثقة كما في "التقريب ". وقد صححه الحافظ العراقي كما تقدم.
قال أبو داود: " حديث سعيد عن قتادة، رواه يزيد بن زُربع عن سعيد عن
قتادة عن عَزْرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
لم يذكر للقنوت، ولا ذكر أُبياً. وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بِشرِ العَبْدِي؛
وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس ... ولم يذكروا القنوت ".(5/171)
قلت: وصله النسائي (1/248- 249 و 253) ، وأحمد (3/406) من طريقين
آخرين عن سعيد ... به.
قال المصنف: وقد رواه أيضا هشام الدَّستَوَائي وشعبة عن قتادة ... ولم يذكرا
القَنوت ".
قلت: وصله عن هشام: النسائي (1/253) . وعن شعبة: هو (1/252) ،
وأحمد (3/406) .
قال: " وحديث زبَيْد؛ رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي
سليمان وجَرير بن حازم كلهم عن زبيد ... لم يذكر أحد منهم القنوت؛ إلا ما
روي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد؛ فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل
الركوع ".
قال أبو داود: " وليس هو بالمشهور من خديث حفص؛ نخاف أن يكون عن
حفص غير مسعر"!
قال أبو داود: " وروي أن أبَيّاً كان يقنت في النصف الآخر من رمضان "!
قلت: فاتته رواية سفيان عن زبيد المتمدمة من طريق النسائي؛ ففيها القنوت
أيضا.
وجملة القول: أن أكثر الرواة عن سعيد عن قتادة وعن زبيد لم يذكروا
القنوت، ولكن الذين ذكروه ثقات؛ وهم: سفيان وفِطْرٌ ومِسْعَرٌ وعيسى بن يونس؛
فتوهيم هؤلاء جميعاً مما لا يطمئن القلب إليه. فالأقرب أن يؤخذ بزيادتهم، وأن
الآخرين لم يذكروها اختصاراً، كما فعل بعضهم في الزيادة الأتية (1284) :
كان إذا سلَّم في الوتر قال: " سبحان الملك القدوس "؛ فإنه من تمام الحديث
عند آخرين عما يأتي بيانه.(5/172)
فكما لم يَضرَّ في ثبوته عدم ذكر البعخس لها؛ فكذلك لم يضر- إن شاء الله
تعالى- عدم ذكر بعضهم لهذه الزيادة. فالواجب الأخذ بكل منهما؛ من باب:
" زيادة الثقة مقبولة ".
وأما قول المصنف: " ويروى أن أُبَيّاً كان يقنت في النصف من رمضان ".
فهو يعني الإشارة إلى تضعيف هذه الزيادة من طريق المتن؛ فإنه لو كانت ثابتة
عن أبي؛ لم يكن ليدع القنوت في النصف الأول من رمضان!
وهذا في نظري ليس بشيء؛ لأن السند فرب الرواية المذكورة عن أبي لا يصح،
ولعل المصنف أشار إلى ذلك بقوله: " روي ". ولو صح فليس نصّاً فيما ذهب إليه
المصنف، كما بينت في الكتاب الآخر (257- 258) .
341- باب في الدعاء بعد الوتر
1284- عن أبَيِّ بن كعب قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلَّم في الوتر قال: " سبحان الملك القدوس ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبيِ شيبة: ثنا محمد بن أبي عبيدة: ثنا أبي عن
الأعمش عن طلحة الآيَامِي عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه
عن أبيّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وأبو عبيدة:
اسمه عبد اللك بن مَعْنٍ المَسْعودي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/41) من طريق المصنف.(5/173)
وأخرجه النسائي (1/251) ، وابن حبإن (677) ، وعبد الله بن أحمد في
"زوائد المسند" (5/123) من طرق أخرى عن محمد بن أبي عبيدة ... به؛
وزادوا:
ثلاثاً.
وزادوا قبلها ما كان يقرأه في ثلاث ركعات الوتر؛ كما تقدم برقم (1279) .
وتابعه زُبَيْذ عن ذَر ... به: أخرجه النسائىِ (1/251 و 253) ، وعبد الله بن
أحمد؛ وزاد النسائي:
يَمُد صوته في الثالثة، ثم يرفع.
ورواه سفيان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن ... به؛ بلفظ:
ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
أخرجه النسائي وغيره من طريق مخلد بن يزيد عنه.
وتابعه قاسم ومحمد بن عُبَيْد عن سفيان الثوري ... به: أخرجه النسائي
(1/252) ، وقال:
" وخالفهما أبو نعيم؛ فرواه عن سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد ".
ثم ساقه من طريق محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي نعيم ... به،
وقال:
" أبو نعيم أثبت عندنا من محمد بن عبيد ومن قاسم بن يزيد "!
قلت: اتفاقهما مع مخلد بن يزيد- على إسقاط ذر- من الصعب توهيمه؛
فلعل سفيان سمعه أولاً من يزيد عن ذر، ثم سمعه من ذر مباشرة؛ فحدث به تاره(5/174)
هكذا؛ وتارة هكذا، وحدث كل بما سمع منه! والله أعلم.
1285- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من نام عن وتره أو نَسِيَهُ؛ فَلْيُصَلِّهِ إذا ذكره ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا عثمان بن سعيد عن أبي غسان محمد
ابن مُطَرف المدني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عوف، وشيخه عثمان بن سعيد- وهو ابن دينار-؛ وهما ثقتان.
والحديث أخرجه جماعة آخرون، منهم الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي،
وهو مخرج في "الأرواء " (422) ، وذكرت له هناك طيقاً أخرى عن عطاء.
342- باب في الوتر قبل النوم
1286- عن أبي هريرة قال:
أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث، لا أدَعُهُن في سفر ولا حضر: ركعتي
الضحى، وصوم ثلاثة ايام من الشهر، ولا أنام إلا على وِترٍ.
(قلت: حديث صحيح وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في
"صحاحهم "؛ دون قوله: في سفر ولا حضر) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا أبو داود: ثنا أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي
سعيد- من آزْدِ شَنُوءَةَ- عن أبي هريرة.(5/175)
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي سعيد هذا؛
فإنه لا يعرف، ووثقه ابن حبان!
وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي صاحب "المسند"؛ وليس الحديث
فيه
والحديث أخرجه أحمد (2/271 و 489) من طريقين آخرين عن قتادة عن
الحسن عن أبي هريرة ... به.
ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن الحسن- وهو البصري- مدلس، ولم
يصرح بسماعه من أبي هريره، وفي ثبوت سماعه منه في الجملة اختلاف، ولا
أستبعد أن يكون هو أبا سعيد الأزدي الذي في طريق المصنف؛ فإنه يكنى بأبي
سعيد مولى الأنصار، كما في " التهذيب " وغيره، والأنصار كلهم من أولاد آزْد
- وهو ابن الغوث-، ويقال: أزد شنوءة، وأزد عُمَان، وأزْدُ السرَاةِ؛ كما فما
" القاموس " وغيره.
ورواه أحمد (2/505) ، وابن خزيمة (1223) من طريق أخرى عن سليمان بن
أبي سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول ... فذَ كره؛ وزاد بعد ركعتي الضحى:
" فإنها صلاة الأوابين ".
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير سليمان هذا؛ قال الذهبي:
" لا يكاد يعرف ".
ولهذه الزيادة شاهد في "صحيح مسلم "، فانظر "سلسلة الأحاديث الصحيحة"
(1164) .
ولها طريق أخرى عن أبي هريرة: عند الديلمي (2/244) ؛ وسنده ضعيف.(5/176)
والحديث أخرجه البخاري (3/47 و 4/197) ، ومسلم (2/158) ، وأبو عوانة
(2/266) ، والنسائي (1/247) ، والدارمي (1/339) ، وابن نصر (117) ،
والبيهقي (3/36) ، والطيالسي (2392) ، وأحمد (2/459) ؛ وزاد البخاري
والدارمي:
لا أدعهن حتى أموت.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند الطيالسي (2396 و 2447 و 2593) ،
وأحمد (2/229 و 233 و 254 و 258 و 260 و 265 و 277 و 311 و 329 و 347
و392 و 452 و 459 و 472 و 497 و 499) . وفي طريق واحدة فقط بلفظ:
أمرتي؛ بدل: أوصاني ... وفيها ضعيفان!
لكن له طريق أخرى: عند الترمذي (455) بسند صحيح.
1287- عن أبي الدرداء قال:
أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث، لا أدعهن لشيء؛ أوصاني بصيام ثلاثة
أيام من كل شهر، ولا أنامُ إلا على وتر، وبسُبْحَةِ الضحى في السفر
والحضر.
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: " في السفر والحضر ". أخرجه مسلم
في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا أبو اليمان عن صفوان بن عمرو عن
أبي إدريس السَّكُوني عن جُبَيْرِ بن نُفيْرٍ عن أبي الدرداء.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي إدريس السكوتي، فهو مجهول كما
قال ابن القطان.(5/177)
وما تعقبه به الذهبي في "الميزان "؛ رَفَهُ عليه الحافظ في "التهذيب ". ولذلك
قال في "التقريب ":
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة.
وقد توبع متابعة قاصرة كما يأتي، فالحديث صحيح.
وأبو اليمان: اسمه الحكم بن نافع الحمصي.
والحديث أخرجه أحمد (6/451) : ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ... به.
وخالفه أبو المغيرة فقال: ثنا صفوان قال: حدثني بعض المشيخة عن أبي
إدريس للسكوني ... به.
وأخرجه مسلم (2/159) ، وابن نصر (117) من طريق أخرى عن أبي
الدرداء ... به؛ دون قوله: في السفر والحضر.
1288- عن أبي قتادة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي بكر:
" متى توتر؟ ". قال: أوتر من أول الليل.
وقال لعمر:
(متى توتر؟) . قال: آخِرَ الليل. فقال لأبي بكر:
" آخَذَ هذا بالحَزْمِ ". وقال لعمر:
" أخذ هذا بالقوة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي)(5/178)
إسناده: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف: ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق
السِّيلَحِينِيُ: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن كبد الله بن رباح عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (1/301) عن بشر بن موسى: ثنا يحيى بن إسحاق
السِّيلَحِينِيُ ... به، وقال:
" حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن خزيمة (1079) من طريق آخر عن السيلَحينِيِّ ... به.
ثم ذكر له شاهداً- قال: " بإسناد صحيح "- من طريق يحيى بن سُلَيْم عن
عُبَيْدِ الله عن نافع عن ابن عمر ... مرفوعاً نحوه.
وأخرجه ابن نصر أيضا (116) ، وابن خزيمة (1080) ، وابن حبان (673) .
ويحيى بن سُلَيم: هو الطائفي، وهو صدوق سيئ الحفظ كما قال الحافظ.
وله شاهد آخر من حديث عقبة بن عامر ... نحوه.
أخرجه الرُوياني (35/1) ؛ وفيه ابن لهيعة.
343- باب في وقت الوتر
1289- عن مسروق قال: قلت لعاثشة:
متى كانْ يوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت
كل ذلك قد فعل؛ أوترَ أولَ الليلِ، ووسَطَهُ، وآخِرَهُ، ولكن إنتهى وتره
حين مات إلى السحَرِ.(5/179)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في
"صحيحبهما". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا أبو بكر بن عَيَّاش عن الأعمش عن
مسلم عن مسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/129) : ثنا أسود بن عامر قال: أنا أبو بكر بن
عياش عن عاصم عن مسلم عن مسروق. (ح) وأبي حصين عن يحيى بن وَئاب
عن مسروق ... به.
وبهذا يتبين أن لابن عياش فيه ثلاثة أسانيد:
الأول: عن الأعمش عن مسلم- وهو أبو الضحى-.
وقد تابعه عليه جماعة عن الأعمش ... به.
أخرجه البخاري (2/406) ، ومسلم (2/168) ، وأحمد (6/46 و 107) .
الثاني: عن عاصم- وهو ابن أبي النَّجُود- عن مسلم.
تابعه سفيان- وهو الثوري- عن عاصم بن أبي النَجُود ... به: أخرجه أحمد
(6/204) .
الثالث: عن أبي حَصِينً عن ابن وَثاب.
وقد أخرجه الترمذي (1/91) - وصححه-، وابن ماجه (1185) عن ابن
عياش من هذا الوجه.(5/180)
وتابعه سفيان الثوري عن أبي حصين: أخرجه مسلم، والدارمي (1/372) ،
وأحمد (6/205) .
1290- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" بادروا الصُّبْحَ بالوِتْرِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان
(2436)) .
إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا ابن أبي زائدة: حدثني عبيد الله بن
عمرعن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه
مسلم بإسناد آخر كما تقدم ويأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة ... به.
وأخرجه مسلم (2/172- 173) وغيره من هذا الوجه عن ابن أبي زائدة:
أخبرني عاصم الأحول عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر ... به. وقد مضى
تخريجه تحت الحديث (1277) .
1291- عن عبد الله بن أبي قيس [قال] :
سألت عائشة عن وِتْرِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت:
ربما اوتر أول الليل، وربما أوتر من اخره
قلت: كيف كانت قراءته؛ أكان يُسِرُّ بالقراءة أم يجهر؟ قالت:(5/181)
كل ذلك كان يفعل؛ ربما أسر، وربما جهر. وربَّما اغتسل فنام، وربما
توضأ فنام.
قال أبو داود: " قال غير قتيبة: تعني: في الجنابة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه أبو عوانة من طريقه وطريق غيره. وصححه الحاكم،
والذهبي، والترمذي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن
عبد الله بن أبي قيس ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه
كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (1/171) ... بإسناد المصنف هذا؛ ولكنه لم يسق
منه إلا ما يتعلق بالجنابة؛ ولفظه:
سألت عائشة عن وتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث. قلت: كيف كان
يصنع في الجنابة؛ أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل
ذلك قد كان يفعل؛ ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت: الحمد لله الذي جعل
في الأمر سَعَةً!
ومن هذا للسياق؛ يتبين أن في سياق المصنف اختصاراً كثيراً.
وقد أخرجه أبو عوانة (2/308) من طريقه؛ ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال
فيه على لفظ حديث ابن وهب قال: أخبرني معاوية بن صالح ... به نحوه.
وقد أخرجه أحمد (6/73- 74 و 149) مزا طريقين آخرين عن معاوية ... به.(5/182)
وللحديث طريق أخرى عن عائشة، مضى في "الطهارة" (223) .
1292- عن ابن عمرعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكلذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ئنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن
ابن عمر.
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما
يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (2/20) ... بإسناده هذا.
وأبو عوانة (2/310) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (2/406- فتح) ، ومسلم (2/173) ، وابن نصر (127) ،
والبيهقي (3/34) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان ... به.
وقال أحمد (2/143) : ثنا ابن نمير ومحمد بن عبيد قالا: ثنا عبيد الله ...
به
وأخرجه مسلم عن ابن نمير.
وأبو عوانة عن ابن عبيد.
ومسلم من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.(5/183)
344- باب في نقض الوتر
1293- عن قيس بن طَلْقٍ قال:
زارنا طَلْقُ بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا
تلك الليلة، وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا
بقي الوتر قدَّم رجلاً، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" لا وترانِ في ليلة ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا ملازم بن عمرو: ثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن
طلق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ وقيس بن طلق فيه كلام لا يضر،
كما تقدم (176) .
والحديث أخرجه البيهقي (3/36) عن المصنف.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/49/2) : ملازم بن عمرو ... به.
والنسائي (1/247) ، والترمذي (1 / 94) ، وابن حبان (671) ، وأحمد
(4/23) من طرق عن ملازم ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
وتابعه أيوب بن عُتْبَةَ عن قيس بن طلق ... به مرفوعاً دون القصة.(5/184)
أخرجه الطيالس (1095) وعنه ابن نضر (128)
وتابعه سراج بن عقبة عن قيس به أخرجه أحمد في رواية ملازمة مقرونا
مع عبد الله بن بدر
وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر أخرجه أحمد
345 - باب القنوت في الصلاة
1294 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: ثنا أبو هريرة قال:
والله لأقربن لكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخرة من صلاة الظهر، وصلاة
العشاء الآخرة وصلاة الصبح، فيدعوا للممؤمنين ويلعن الكافرين
(قلت: اسناده صحيح وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما)
إسناده حدثنا داود بن أمية ثنا معاذ يعني: ابن هاشم:حدثني
يحيى بن كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن
قلت: وهذا إسناد صحيح رجال ثقات شرط الشيخين غير داود بن
أمية وهو ثقة وقد توبع كما يأتي
والحديث أخرجه البيهقي (2/198) من طرق المصنف
وأخرجه (2/ 135) من طرق محمد بن المثنى ثنا معاذ بن هاشم
والبخاري (2/ 236 - 237 - فتح) والنسائي (1/ 164) والبيهقي واحمد
(2/255 و 337 و 470) من طرق اخرى عن هشام به(5/185)
1295 - عن البراء:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقنت في صلاة الصبح- زاد ابن معاذ: وصلاة
المغرب-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد ومسلم بن إبراهيم وحفص بن عمر. (ح) وثنا ابن
معاذ: حدثني أبي: قالوا كلهم: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَةَ عن ابن أبي ليلى عن للبراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وابن معاذ: اسمه عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن نصر العنبري.
والحديث أخرجه مسلم (2/137) ، وأبو عوانة (2/287) ، والنسائي
(1/164) ، والترمذي (1/81) ، والبيهقي (2/198) ، وأحمد (4/285) من طرق
عن شعبة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
1296- عن أبي هريرة قال:
قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة العَتَمَةِ شهراً، يقول في قنوته:
" اللهم! نَج الوليد بن الوليد، اللهم! نَج سلمة بن هشام، اللهم! نَج
المستضفين من المؤمنين، اللهم! اشْدُدْ وَطْآتَكَ على مُضَرَ، اللهم! اجعلها
عليهم سنين كَسِنِي يوسف ".
وأصح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم؛ فلم يَدْعُ لهم، فذكرتُ ذلك له؟ فقال:(5/186)
" وما تراهم قد قدموا؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني
يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عَبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه كما يأتي.
وعبد الرحمن هذا: هو الدمشقي اللقب ب (دُحَيْم) ، وهو حافط متقن.
والحديث أخرجه البيهقي (2/200) مرع طريق المؤلف.
ومسلم (2/135) ، وأبو عوانة (2/؟ 28) من طرق أخرى عن الوليد بن
مسلم ... به.
وعزاه المنذري للبخارىِ أيضا!
وما أظنه إلا وهما أو تساهلا،؛ فقد فتشت عنه، فلم أره عنده إلا مختصراً،
دون قول أبي هريرة: وأصبح ...
ولذلك لم يعزه البيهقي إلا لمسلم وحده، وهو عنده في "التفسير" عن ابن
شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عنه.
1297- عن ابن عباس قال:
قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً متتابعاً: في الظهر، والعصر، والمغرب،
والعشاء، وصلاة الصبح، في دُبُرِ كل صلاة إذا قال: " سمع الله لمن حمده "
من الركعة الآخرة؛ يدعو على أحياء من بني سُلَيْمٍ: على رِعْل وذَكْوانَ(5/187)
وعُصَيَّةَ، ويؤمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن معاوية الجُمَحِيُّ: ثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن
خَبَّاب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير هلال بن خباب، وهو صدوق
تغيَّر بآخره، كما قال الحافظ.
والحديث أخرجه الحاكم (1/225- 226) ، وعنه البيهقي (2/200) ، وأحمد
(1/301) من طرق أخرى عن ثابت ... به! وزادوا:
قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت. وقال الحاكم.
" صحيح على شرط البخاري "! ووافقد الذهبي!
وهلال بن خباب لم يخرج له البخاري شيئاً.
1298- عن محمد عن أنس بن مالك: أنه سئل:
هل قنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الصبح؟ فقال: نعم.
فقيل له: قبل الركوع أوبعد الركوع؟ قال:
بعد الركوع- قال مسدد: يسيراً (1) -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
__________
(1) الأصل: (بيسير) وكذا في "الهندية ". وعلى هامشها: " نسخة: يسيراً".
وهو الموافق لروا ية " الصحيحين "؛ فأثبتناه.(5/188)
في "صحاحهم ")
إسناده: حدثا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن أيوب عن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه
كما يأتي.
الحديث أخرجه البخاري (2/407- 408) ، والبيهقي 21/206) عن مسدد.
والبيهقي عن سليمان بن حرب.
وأبو عوانة (2/281) ، والنسائي (11/63) من طريتهين آخرين عن حماد بن
زيد ... به.
وتابعه أيوب عن محمد- وهو ابن سيرين: - أخرجه أحمد (3/113) ، ومسلم
(2/136) .
وتابعه خالد الحَذَّاء عنه؛ ولفظه:
سألت أنس بن مالك: هل قنت عمر؟ قال: نعم، ومن هو خير من عمر
- رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد الركوع.
أخرجه أحمد (3/166 و209) عن هلال بن أبي زينب عنه.
وهلال هذا مجهول. وقوله: نعم، ومن هو خير من عمر ...
منكر؛ لأنه مخالف لرواية قتادة عن أنس قال:
قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً يدعو ... فقلت لأنس: قنت عمر؟ قال: عمر! لا.
وإسناده صحيح.
وتابعه أنس بن سيرين عن أنس؛ وهو الاتي بعده.(5/189)
انَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت شهراً، ثم تركه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "ممجحه "،
وكذا أبو عوانة) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين
عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/136) ، وأبو عوانة (2/286) ، وأحمد (3/184)
من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
وكان اضطرب فيه حماد؛ فقد قال في رواية أخرى عنده (3/249) : ثنا أنس
ابن سيرين عن قتادة عن أنس.
وفي أخرى: ثنا قتادة: ثنا أنس بن سيرين.
وتابعهم هشام عن قتادة عن أنس بن مالك: أخرجه مسلم (2/137) ، وأحمد
(3/217 و 261) .
وهمام: أخبرني قتادة قال: حدثني أنس ... به: أخرجه أحمد (3/191
و252) .
1300- عن محمد بن سيرين قال:
حَدثني مَنْ صلى بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةَ الغداة؛ فلمارفع رأسه من
الركعة الثانية؛ قام هُنَيَّة.(5/190)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن مُفَضَّل: ثنا يونس بن عبيد عن محمد بن
سيرين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثفات على شرط البخاري؛ وجهالة
الصحابي لا تضر.
والحديث أخرجه النسائي (1/163) من طريق أخرى عن بشر ... به.
346- باب في فضل التطوّعِ في البيت
1301- عن زيد بن ثابت أنه قال:
احْتَجَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد حجْرَةً، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يخرح من الليل فيصلي فيها. قال: فصلوا معه بصلاته- يعني: رجالاً-،
وكانوا يأتونه كلَّ ليلة؛ حتى إذا كان ليلة من الليالي؛ لم يخرج إليهم
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتنحنحوا، ورفعوا أصواتهم، وحَصَبوُا بابه. قال: فخرج
إليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغْضَباً، فقال:
" أيها الناس! ما زال بكم صنيعُكم، حتى ظننت أنْ سَتكْتَبُ عليكم!
فعليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المَرْءِ في بيته؛ إلا الصلاة
المكتوية".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجيه هو والبخاري وأبو عوانة
في "صحاحهم ". وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله البزاز: ثنا مَكيُ بن إبراهيم: ثنا عبد الله(5/191)
- يعني: ابن سعيد بن أبي هند- عن أبي النَّضْرِ عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن
ثابت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير هارون، فهو
على شرط مسلم فقط.
والحديث أخرجه أحمد (5/187) : ثنا مَكِّيّ ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/294) من طريقين اخرين عن مكي ... به.
ومسلم (2/188) ، والترمذي (1/90) - مختصراً، وقال: " حديث حسن "-
من طريق محمد بن جعفر: حدثنا عبد الله بن سعيد ... به.
وتابعه موسى بن عقبة قال: سمعت أبا النضر ... به. أخرجه البخاري
(2/179) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/279 و 293) ، والنسائي (1/237) ، والبيهقي
(2/494) .
وتابعه إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه ... له مختصراً، وقد مضى في الكتاب
(959) .
1302- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، ومضى (958) بإسناد على
شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرنا نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في(5/192)
"صحيحه " ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه المصنف وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم
(958) ، وقد خرجته هناك؛ فلا داعي للإعادة.
347- باب طول القيام
1303- عن عبد الله بن حُبْشِي الخَثْعَمي:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أقيُ الأعمالِ أفضل؟ قال:
" طول القيام ". قيل: فأيُ الصدقةِ أفضل؟ قال:
" جُهْدُ المُقِل ". قيل: فأيُ الهجرةِ أفضل؟ قال:
" مَنْ هَجَرَ ما حَرمَ اللهُ عليه ". قيل: فأيُ الجهادِ أفضلُ؟ قال:
" من جاهد المشركين بماله ونفسه ". قال: فأيٌ القتلِ أشرفُ؟ قال:
" من أُهْرِيقَ دَمُهُ، وعُقِرَ جوادة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن الصواب: الصلاة؛ بدل:
الأعمال؛ كما تقدم (1196)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حَجَّاج قال: قال ابن جريج: حدثني
عثمان بن أبي سليمان عن علي الآزْديِّ عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن
حُبْشِي الخثعمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد مضما (1196) مختصراً،
وبَينا هناك ما وقع للمصنف رحمه الله تعالى من الخلل في اختصاره.(5/193)
348- باب الحَث على قيام الليل
1304- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" رَحِمَ الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصفتْ؛ فإن أبت
نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت
زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء! ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقد مضى سنداً ومتناً (1181)) .
إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا يحيى عن ابن عجلان: ثنا القعقاع بن
حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى بهذا السند والمتن رقم (1181) .
1305- عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من استيقظ من الليل وأيقظ امراته، فصلَّيا ركعتين جميعاً؛ كُتِبا من
الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى نحوه (1182)) .
إسناده: حدثنا محمد بن حاتم بن بَزِبع: ننا عبيد الله بن موسى عن شيبان
عن الأعمش عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري
وأبي هريرة قالا ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى الحديث بهذا
الإسناد، وآخر غيره في الموضع المشار إليه في الأعلى، مع ذكر من خرجه غير
المصنف؛ فأغنى عن الإعادة.(5/194)
349- باب في ثواب قراءة القرآن
1306- عن عثمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ".
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن علقمة بن مَرْثَدٍ عن سعد بن
عُبَيْدَةَ عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
حفص بن عمر- وهو الحوضي-، فهو على شرط البخاري وحده.
وقد أخرجه في "صحيحه "، وآخرون، منهم الترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح "، كما خرجته في "الصحيحة" (1173) .
1307- عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به: مع السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، والذي يقرأُهُ
وهو يشتدَ عليه؛ فله أجران ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه في "صحيحيهما".
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام وهمام عن قتادة عن زُرَارة بن
أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة.(5/195)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (2/444) ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه مسلم (2/195) ، وأحمد (6/48و 192 و 289) عن هشام
الدَّسْتَوَائي.
وأخرجه الطيالسي (1499) - وعنه الترمذي (2/148) -: حدثنا شعبة وهشام
عن قتادة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (8/532) ؛ وأحمد (6/110 و 170) - عن شعبة-، وأحمد
أيضا (6/94) - عن همام- كلاهما عن قتادة ... به.
1308- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله،
ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السَّكِينة، وغَشِيَتْهُمُ الرحمةُ، وحَفَّتهم
الملائكةُ، وذكَرهم الله فيمن عنده ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (8/71) ، وابن ماجه (225) ... بهذا الإسناد وغيره(5/196)
عن أبي معاوية.
وأخرجه أحمد (2/252) : ثنا أبو معاوية ... به. ومسلم، والترمذي
(2/155) ، وأحمد (2/407) من طرق أخرى عن الأ عمش ... به؛ وصرح
الأعمش بالتحديث في رواية لمسلم.
وأخرجه مسلم، وأحمد (2/447 و 3/33 و 49 و 92 و 94) من طرق عن أبي
إسحاق عن الأعرابي مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري
أنهما شهدا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال ... فذكره نحوه.
1309- عن عُقْبَةَ بن عامرٍ الجُهَنِيِّ قال:
خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في الصُفَّةِ، فقال:
" أيكُمْ يحب أن يغدوَ إلى بُطْحَانَ أو العقيقِ، فيأخذَ ناقتين كَوْمَاوينِ
زَهْرَاوبنِ بغير إثم بالله عز وجل، ولا قَطْع رَحِم؟ "
قالوا: كلنا يا رسول الله اقال:
" فَلانْ يغدوَ أحدُكلم كل يوم إلى المسجدِ، فيتعلَّمَ آيتين من كتاب الله
عز وجل: خيرٌ له من ناقتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ، مثلَ أعدادهن من الابل ".
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: ثنا ابن وهب: ثنا موسى بن عُلَي بن
رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو
ثقة، وتوبع.(5/197)
والحديث أخرجه مسلم (2/197) ، وأحمد (4/154) من طرق أخرى عن
موسى بن علَي ... به.
350- باب فاتحة الكتاب
1310- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" (الحمد لله رب العالمين) : أمُ القرآن، وأمُّ الكتاب، والسبْع المثاني ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا عيسى بن يونس: ثنا ابن
أبي ذئب عن المَقْبُرِي عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وعزاه المنذري- كما في "عون العبود مما (1/544) - للبخاري والترمذي! وما
أظنه إلا من أوهامه!
ثم رأيته في "البخاري " (رقم 4704) : حدثنا آدم: حدثنا ابن أبي ذئب ...
به
والحديث أخرجه أحمد (2/448) ، والطحاوي في "المشكل " (2/78) من
طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به.
وله طريق اْخرى عن أبي هريرة مرفوعاً ... به مختصراً؛ بلفظ:
".. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته "؛ وفيه قصة خروجه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي بن كعب وهو يصلي، ومناداته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه ... لْحو قصة أبي سعيد
الأتية.(5/198)
أخرجه الترمذي (2/143) ، وأحمد (2/413) ، والحاكم (1/557) ، وقال:
" صحيح على شرط مسلم ". وقال الترمذي:
" حسن صحيح ". وهو كما قالوا.
1311- عن أبي سعيد بن المُعَلى:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وهو يصلي، فدعاه. قال: " فصليت ثم أتيتُه.
قال: فقال:
" ما منعك أن تجيبني؟! ". قال: كنت أصلي. قال:
" ألم يقل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا استعجيوا لله وللرسول إذا
دعاكم لما يُحْيِيكُم} ؟! لأعلمنَّك أعظم سورة من- أو في- القرآن- شك
خالد- قبل أن أخرج من المسجد ".
قال: قلت: يا رسول الله! قولَك؟ قال:
" {الحمد لله رب العالمين} : هي السبع المثاني الذي أوتيت، والقران
العظيم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحهما)
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا خالد: ثنا شعبة عن خبَيْب بن
عبد الرحمن قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المُعَلى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه
البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/145) من طريق أخرى عن خالد- وهو ابن(5/199)
مَهْران الحَذأء- عن شعبة-.- به
وأخرجه الطيالسي (1266) : حدثنا شعبة.-. به.
البخاري (8/119 و 9/49) ، والطحاوي (2/77) ، وأحمد (4/211) من
طرق أخرى عن شعبة ... به.
351- باب من قال: هي من الطُوَلِ
1312- عن ابن عباس قال:
أوتيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعاً من المثاني الطوَلِ، وأُوتِيَ موسى عليه
السلام سِتّا، فلما آلقَى الألواح؛ رُفِعَتْ ثنتان وبقي آرْبَعٌ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن مسلم البَطِينِ
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه النسائي (1/146) ، وعند الطحاوي في "المشكل " (2/79)
من طريق أخرى عن جرير بن عبد الحميد ... به الشطر الأول فقط.
وصححه الحاكم (2/354) على شرطهما، والذهبي.
ورواه هو، والنسائي وغيرهما- كما في "الدُرَ المنثور" (4/105) - من طريق أبي
إسحاق عن مسلم البَطين ... به موقوفاً. وقال الحاكم أيضا.
" صحيح اعلى شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!(5/200)
قلت: أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، كان قد اختلط، إلى كونه
مدلساً، فالمرفوع أصح.
وللتوفيق بينه وبين حديث أبي سعيد بن المعلى الذي قبله؛ راجع "تفسير ابن
كثير" (سوره الحِجْرِ) .
352- باب ماجاء في آية الكُرْسِي
1313- عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أبا المنذر! أيُّ أيةِ مَعَكَ من كتاب الله أعظمُ؟ ". قال: قلت: الله
ورسوله اعلم! قال:
" أبا المنذر! أيً آية معك من كتابِ الله أعظمُ؟ ". قال: قلت: الله لا
إله إلا هو الحي القيوم) . قال: فضرب في صدري، وقال:
" ليَهْنِ لك أبا انتذر! العلمُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد بن إياس عن
أبي السّلِيلِ عن عبد الله بن رَبَاح الأنصاري عن أُبيّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وأبو السليل:
اسمه ضُرَيْبُ بن نُفَيْرٍ.
وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى، وقد سمع من سعيد بن إياس قبل
اختلاطه أو تغيره بثمان سنين.(5/201)
والحديث أخرجه مسلم (2/199) من طريق ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى
ابن عبد الأعلى ... به.
وتابعه سفيان عن سعيد الجريري.
أخرجه أحمد (5/141) ؛ وسفيان: هو الثوري، وسمع أيضا من سعيد قبل
الاختلاط.
وتابعه ايضاً عنده: جعفر بن سليمان؛ إلا أنه قال: ثنا الجريري عن بعض
أصحابه عن عبد الله بن رباح! وانظر "الصحيحة" (3410) .
353- باب في سورة (الصمد)
1314- عن أبي سعيد الخدري:
أن رجلأ سمع رجلاً يقرأ: (قل هو الله أحد) يرددها. فلما اصبح؛
جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر ذلك له؟! وكان الرجل يتقائُها! فقال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" والذي نفسي بيده! إنها لتَعْدِلُ ثُلْثَ القرآن ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن
عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما
يأًتي.(5/202)
والحديث في " موطأ مالك " (1/208- 17) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البخاري (9/53) ، والنسائي (1/155) ، وأحمد (3/35)
كلهم عن مالك ... به.
354- باب في المعوِّذتين
1315- عن عقبة بن عامر قال:
كنت آقُودُ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقَتَهُ في السفر، فقال لي:
" يا عقبة! ألا أعلمكَ خيرَ سورتينِ قُرِئتَا؟! ". فعفمَنِي: (قل أعوذ
برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) . قال: فلم يَرَنِي سُرِرْت بهما جداً!
فلما نزل لِصَلاةِ الصبح؛ صلى بهما صلاة الصبح للناس. فلما فرغ رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصلاة التفت إليَّ فقال:
" يا عقبةُ! كيف رأيت؟! ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة والحاكم) .
اسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَرْح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني معاوية
عن للعلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير القاسم- وهو أبو عبد الرحمن
صاحب أبي أمامة-، وهو صدوق، فالإسناد حسن؛ لولا أن العلاء بن الحارث كان
اختلط، لكنه قد توبع.
والحديث أخرجه النسائي (2/313) ... بإسناد المصنف.(5/203)
وأخرجه أحمد (4/149- 150 و 153) ، وعنه الحاكم (1/240) ، وابن خزيمة
(535) من طرق أخرى عن معاوية بن صالح ... به.
وتابعه ابن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن ... به: أخرجه الطحاوي في
" المشكل " (1/35) ، وأحمد (4/144) .
وتابعه أيضا علي بن يزيد عن القاسم ... به نحوه؛ وزاد فيه: (قل هو الله
أحد) .
أخرجه أحمد (4/148) ؛ وعلي بن يزيد: هو الألهاني، ضعيف؛ لكنه لم
يتفرد بها، فقد أخرجه النسائي (2/312) من طريق عبد الله بن سليمان الأسلمي
عن معاذ بن عبد الله بن خبَثبٍ عن عقبة ... به نحوه؛ وفيه: قال:
" (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب
الناس) ... لم يتعوذ الناس بمثلهن- أو لا يتَعوَذ بمثلهن، وفي رواية: ما تعوذ
بمثلهن أحد- ".
وهو حسن بما قبله؛ بل هو صحيح، فقد وجدت له طريقاً عن عقبة بن
عامر ... نحوه: أخرجه أحمد (4/158- 159) .
1316- عن عقبة بن عامر قال:
بينا أنا أسير مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين (الجحْفَةِ) و (الآبْوَاءِ) ؛ إذْ غشيتنا
ريحٌ وظلمةٌ شديدةٌ، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوَذ بـ: (أعوذ بربِّ الفلق)
و (أعوذ برب الناس) ، ويقول:
" يا عُقْبَة! تعؤذْ بهما؛ فما تعوّذ متعوِّذٌ بمثلهما! ". قال: وسمعته يَؤُمُنَا
بهما في الصلاة.(5/204)
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي: ثنا محمد بن سلمة عن
محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيِّ عن أبيه عن عقبة بن
عامر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.
والحديث أخرجه الخرائطي في "المكارم " (ص 83) من طريق أخرى عن
محمد بن سَلَمة الحَرَّاني ... به.
والطحاوي في " المشكل " (1/36) أيضا.
وتابعه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري ... به؛ دون الصلاة: رواه
النسائي.
وللجملة الأخيرة منه طريق أخرى عنه، سبقت الإشارة إليها آنفاً.
355- باب استحباب الترتيل في القراءة
1317- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْتَقِ، ورَتَلْ كما كنت تُرَتِّلُ في الدنيا؛
فإن منزلك عند آخر آية تقرأُها ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني عاصم بن بَهْدلةَ عن زِر
عن عبد الله بن عمرو.(5/205)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن الشيخين إنما
أخرجا لعاصم- وهو ابن أبي النجُودِ- مقروناً بغيره، وهو حسن الحديث.
والحديث أخرجه الترمذي (2/150) ، وابن حبان (1790) ، وابن نصر
(70) ، والحاكم (1/552- 553) ، وأحمد (2/192) من طرق أخرى عن سفيان
الثوري ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وله شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً وموقوفاً نحوه.
أخرجه الترمذي، وصححه، ورجح الموقوف.
وهو كما قال؛ فقد أخرجه أحمد (2/471) من طريق الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة- أو عن أبي سعيد؛ شك الأعمش- قال:
يقال لصاحب القرآن ... الحديث.
وإسناده صحيح موقوف، ولكنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل
الرأي، ولذلك أخرجه أحمد في "المسند".
وله شاهد ثان من حديث بريدة ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه الدارمي (2/450) بسند حسن في الشواهد.
وشاهد ثالث من حديث أبي سعيد الخدري: أخرجه أحمد (3/40) ، وابن
ماجه (3780) .(5/206)
1318- عن قتادة قال:
سألت أنساً عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:
كان يَمُدُّ مَدّاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه"
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا جرير عن قتادة قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/79) ... بإسناد المصنف.
وللنسائي (1/157) ، وابن ماجه (1353) ، وأحمد (3/119 و 131 و 1892
و289) من طرق عن جرير ... به؛ بلفظ:
يَمد صوته بها مَداً.
وتابعه همام عن قتادة بلفظ:
كانت مَداً. ثم قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) ؛ يمد ب (بسم الله) ، ويمد
ب (الرحمن) ، ويمدب (الرحيم) .
أخرجه البخاري.
1319- عن عبد الله بن مُغَفًل قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومَ فَتْحِ مَكَةَ وهو على ناقة- يقرأسورة
(الفتح) ؛ وهو يُرَجعُ.(5/207)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن معاوية بن قُرةَ عن عبد الله بن
مُغَفلٍ.
قلت: وهذا إصناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/80) ، ومسلم (12/93) ، وأحمد (4/85- 86
و5/54- 56) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
1320- عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" زَينُوا القرآنَ بأصواتِكم ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي وابن كثير) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن طلحة عن
عبد الرحمن بن عَوْسَجَهَ عن البراء بن عازب.
قلت: وهذا إصناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن
عوسجة، وهوثقة.
وطلحة: هو ابن مُصَرف. وقال ابن كثير في "فضائل القرآن " (ص 56) :
" إسناده جيد ".
والحديث أخرجه النسائي (11/57) ، والحاكم (1/572) ، وأحمد (4/283
و296 و 304) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.(5/208)
وأخرجه النسائي أيضا، والحاكم، وابن ماجه (1342) ، وابن حبان (660) ،
وأحمد (4/285 و 296) من طرق أخرى عن طلحة ... به.
وكذا رواه الدارمي (2/274) .
وأخرجه أيضا- ومن طريقه- الحاكم (1/575) عن راذان أبي عمر عن البراء
بن عازب ... به مرفوعاً؛ بلفط:
" حسِّنوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوتَ الحسنَ يزيد القرآن حُسْناً ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. وسكت عليه الحاكم! وذكر له
متابعين آخرين عن البراء.
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (5/27) من طريق أخرى عن طلحة بن
مُصِّرفً ... به، وقال:
" رواه الجم الغفير عن طلحة بن مصرف ... "، ثم سماهم؛ فبلغ عددهم
ثلاثين شخصاً ونَيفاً.
ثم روى له (7/139) شاهداً من حديث عائشة.
وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً.
أخرجه ابن حبان (661) ؛ وإسناده صحيح.
ورواه البخاري أيضا عنه؛ ولكنه خطأ من بعض رواته، كما كنت بينته في
"صفة الصلاة"، ولذلك لم أستجز عزو الحديث فيما سبق البخاري، خلاقاً لبعض
الناقدين الحاقدين، أو الغافلين الذين لا تحقيق عندهم سوى تسويد السطور،
وحشوها ببيان اسم الكتاب والباب والجزء والصفحة؛ مما صار في استطاعة كل
مثقف، بعد طبع الفهارس الكثيرة لكتب السنة المطهرة. ولو كان من أبعد الناس(5/209)
فهماً لهذا العلم الشريف! ولئن صحح أو ضعف فجُلُهُ- إن لم أقل: كله- تقليد،
نقله عن غيره، ولم يعزه إليه، متَشيعاً به! والله المستعان.
وثالث من حديث ابن مسعود: عند ابن سعد، وقد ذكرت إسناده في
"الصحيحة" (771) .
1321- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليس منا من لم يَتَغَن بالقرآن ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان
(120- إحسان))
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوْهَب
الرمْلِي- بمعناه- أن للليث حدثهم عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي.
نَهِيك عن سَعْدِ بن أبي وقاص.
وقال يزيد: [عن] ابن أبي مليكة عن سعيد بن أبما سعيد.
وقال قتيبة: هو في كتابي: عن سعيد بن أبي سعيد قال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن ابن أبي
مُلَيْكة عن عبيد الله بن أبي نَهِيك عن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد
الرملي، وهو ثقة، مع كونه مقروناً.
وإلا عبيد الله بن أبي نهيك؛ وقد وثقه النسائي والعجلي وابن حبان، ولم(5/210)
يذكروا له راوياً غير ابن أبي مليكة.
ولا يضرُ في صحة الحديث الاختلاف الذي حكاه المصنف على ابن أبي
مليكة؛ لأنه اختلاف في تسمية تابعي الحديث؛ فالطيالسي سماه: عبد الله بن
أبي نهيك، وخالفه قتيبة ويزيد فسميَاهُ: سعيد بن أبي سعيد.
قلت: إن هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن سعيداً- وهو المَقْبُرِيُ- ثقة أيضا، ومن
رجال الشيخين، فالاختلاف يتردد بين الثقتين، فأيهما كان؛ فالحديث صحيح.
على أنه لامانع من أن يكون ابن أبي مليكة قد رواه عنهما كليهما، فتارة
حدث به عن هذا، وتارة عن هذا.
ويؤيد ذلك: ما أخرجه الحاكم (1/570) من طريق عمرو بن الحارث عن ابن
أبي مليكة:
أنه حدثه عن ناس دخلوا علا سعد بن أبي وقاص، فسألوه عن القرآن؟ فقال
سعد ... فذكره. وقال الحاكم:
" فهذه الرواية تدل علا أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من راوٍ واحد؛ إنما سمعه
من رواةٍ لسعد ".
والحديث أخرجه الدارمي (2/471) - عن أبي الوليد الطيالسي-، والحاكم،
وأحمد (1/175) - عن الليث بن سعد-، والطيالسي (201) ، وأحمد (1/172) -
عن سعيد بن حسان المخزومي-، وأحمد (1/179) ، والدارمي (1/349) ، وابن
نصر (55) ، والحاكم- عن سفيان عن عمرو- كلهم عن ابن أبي مليكة ... به؛
إلا أن بعضهم قال: عبد الله- مكبراً- ابن أبي نهيك ... وهو اختلاف لا يضر
أيضا.
على أن الحاكم ذهب إلى أنهما أخوان تابعيان، واستدل برواية عمرو بن(5/211)
الحارت المتقدمة. والله أعلم.
والحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبى.
ثم أخرج له شاهدين من حديث ابن عباس وعائشة، لكنه أعلهما
بالشذوذ.
1322- عن عبيد الله بن أبي يزيد قال:
مَزَ بنا أبو لُبَابَةَ، فاتَّبَعْنَاهُ حتى دخل بيته، فدخلْنا عليه؛ فإذا رجلٌ رَث
البيتِ، رث الهَيْئَةِ، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنّ بالقرآن ".
قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أرأيت إذا لم يَكُنْ حَسَنَ
الصوت؟ قال:
يُحَسنُهَ ما استطاع.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا عبد الجبار بن الوَرْدِ قال: سمعت
ابن أبي مليكة يقول: قال عبد الله بن أبي يزيد ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الجبار بن
الورد، وهو صدوق يهم، كما في " التقريب ".
ومن طريقه: أخرجه الطبراني (5/24- 25) ؛ لكنه قال: (عبيد الله بن أبي
نهيك) ! وهو خطأ، كما بينته في "الضعيفة" (6511) .(5/212)
1323- حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: قال وكيع وابن عيينة:
"يعني: يستغني ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") .
إسناده: قد ذكر أعلاه، وهو صحيح؛ الأ نباري روى عن وكيع وغيره ممن في
طبقته، ووثقه الخطيب ومسلمة. ولم يتفرد به؛ فقد رواه الدارمي (2/471) معلقاً:
قال ابن عيينة: يستغني.
وابن نصر أيضا (55) بلفظ: يعني: يستغتي به عما سواه من الكلام.
ووصله البخاري كما يأتي.
1324- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:
" ما آذِنَ اللهُ لشيء ما آذِنَ لنبي حَسَن الصَّوتِ، يَتغنَّى بالقرآن يجهرُ
به
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِئ: أخبرنا ابن وهب: حدثني عمر بن
مالك وحيوة عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما
يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/192) من كلريق أخرى عن ابن وهب ... به.(5/213)
وأخرجه البخاري (13/433) ، ومسلم، والنسائي (1/ 157) من طرق أخرى
عن يزيد بن الهاد ... به.
وتابعه سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة ... به: أخرجه البخاري
(9/61) ، ومسلم، والنسائي، وابن نصر (55) . وزاد هو والبخاري:
قال سفيان: تفسيره: يستغني به.
وتابعه عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرجه البخاري (9/60) ، وللدارمي
(2/472) .
وتابعه يونس وعمرو كلاهما عنه: أخرجه مسلم والدارمي عن الأول منهما.
وتابعه معمر عنه: أخرجه أحمد (2/271) .
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به: أخرجه أحمد (2/285) : ثنا
محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا: أنا ابن جريج.
وخالفهما في متنه أبو عاصم فقال: أخبرنا ابن جريج ... بلفظ:
" ليس منا من لم يتغن بالقرآن ".
أخرجه البخاري (13/418) .
قلت: وهذا شاذ عن ابن جريج عن ابن شهاب! والمحفوظ عنه لللفط الأول؛
لاتفاق كل هن ذكرنا من أصحاب الزهري عليه؛ لا سيما وقد تابعه عليه محمد
ابن إبراهيم بن الحارث كما تقدم.
وتابعه أيضا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ... به: عند مسلم.
ومحمد بن عمرو: عنده، وكذا أحمد (2/450) .(5/214)
وقد أشار الحافظ في "الفتح " (13/419) إلى شذوذ رواية البخاري هذه، ولم
يفصح! وإنما صح الحديث بلفظه من روايهَ سعد بن أبي وقاص، كما تقدم
(1321) .
356- باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيَه
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
357- باب " أنزل القرآن على سبعة أحرف "
1325- عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريِّ قال: سمعت عمر بن
الخطاب يقول:
سمعت هشام بن حَكِيم بن حِزَام يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما
أقرأُها، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرأنيهاً، فكِدْتُ أن أعْجَلَ عليه، ثم أمهلته
حتى انصرف، ثم لَببْتهُ بردائه، فجئت به رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت:
يا رسول الله! إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان (على غير ما
أقرأتنبها! فقال لى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقرأ "؛ فقرأ القراءة التي سمعتة يقرا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هكذا أُنزلَتْ ". ثم قال لي:
" اقرأ "؛ فقرأت. فقال:
" هكذا أنزلت ". ثم قال:
" إن هذا القران أنْزِلَ على سبعة أحرف؛ فاقرأُوا ما تيسر منه ".(5/215)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عبد الرحمن بن عبد القاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/201/5) .
وعنه: البخاري (13/434) ، ومسلم (2/202) ، والنسائي (1/149) ،
والطحاوي في " المشكل " (4/187) ، وأحمد (1/40) .
وتابعه عًقَيْلٌ عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (9/21) .
ومعمر: عند مسلم والنسائي، وأحمد (1/24 و 40 و 42) ، والترمذي
(2/155) ، وقال: " حديث حسن صحيح ".
1326- عن الزهري قال:
إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، ليس تختلف في حلال ولا حرام.
(قلت: صحيح الاسناد عنه. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن فارس: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: قال
الزهري ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (1/313) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه مسلم (2/202) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به؛ أخرجاه(5/216)
عقب حديث لابن عباس في السبعة أحرف؛ من رواية الزهري ... بإسناده عنه.
وهو عند البخاري (9/20) من طريق أخرى عن الزهري ... به؛ دون قوله
هذا.
1327- عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.:
" يا أُبَي! إني أُقْرِئْتُ القرآنَ، فقيل لي: على حرف أو حرفين؟ فقال
الملك الذي معي: قلْ: على حرفين. قلت: على حرفين. فقيل لي: على
حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل: على ثلاثة. قلت: على
ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف، إن
قلت: (سميعاً) ، (عليماً) ، (عزيزاً) ، (حكيماً) ؛ ما لم تختم آية
عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن يحيى
ابن يَعْمَر عن سليمان بن صُرَدَ الخُزَاعي عن أُبيِّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين. وسكت عنه
في "الفتح " (9/24) !
والحديث أخرجه الطحاوي في "الشكل " (4/189) ، وأحمد (5/124) من
طرق عن همام ... به؛ وزادا في أوله: قال:
قرأت آية، وقرأ ابن مسعود خلافها، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: ألم تُقْرِئْمْي آية
كذا وكذا؟! قال:(5/217)
" بلى ". فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟! فقال:
" بلى! كلاكما محْسِنٌ مُجْمِلٌ ". قال: فقلت له! فضرب في صدري،
وقال:
" يا أبيُ بن كعب ... " الحديث؛ إلا أنه قال:
" إن قلت: (غفوراً رحيماً) ، أو قلت: (سميعاً عليماً) ، أو (عليماً
سميعاً) ، قالله كذلك؛ ما لم تختم ... ".
ثم أخرجاه من طرق أخرى عن سليمان بن صرد ... به نحوه.
والنسائى، والترمذي (2/155) - وصححه-، وأحمد (5/114 و 122
و127- 128 و 132) من طرق أخرى عن أبي بن كعب ... به مطولاً ومختصراً.
وأحدها عند مسلم، وهو الآتي.
ورواه الطبراني في "الكبير" (20/150/312) عن معأذ ... مختصراً بسند لا
بأس به في الشواهد.
1328- عن أُبَي بن كعب:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عند آضَاةِ يني غِفَار، فأتاه جبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن
الله يأمرك أن تُقْرِئَ أُمَّتَكَ على حرف. قال:
" أسأل الله مُعَافاتَهُ ومغفرتَهُ! إن أمتي لا تطيق ذلك ".
ثم أتاه ثانية، فذكر نحو هذا، حتى بلغ سبعة أحرف، قال:
إن الله يأمرك أن ئقْرِئَ أُمتَكَ على سبعة أحرف؛ فأيَّما حرف قرأُوا عليه
فقد أصابوا.(5/218)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن الحكم عن
مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبيً بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الطيالسي (558) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه مسلم (2/203) - بإسناد المصنف وغيره- عن محمد بن جعفر ... به.
وأخرجه أحمد (5/127) : ثنا محمد بن جعفر ... به.
وتابعه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جده عبد الرحمن
ابن أبي ليلى ... به نحوه: أخرجه مسلم وأحمد.
وأخرجه النسائي (1/150) ، والطحاوي (4/191) من طريق شعبة.
وله طريق أخرى عن أُبيّ ... نحوه: أخرجه الترمذي (2945) ، وقال:
"حسن صحيح ".
358- باب الدعاء
1329- عن النعمان بن بَشِيرٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الدعاء هو العبادةُ: (قال ربّكم ادعُوني آسْتَجِبْ لكم) ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (887) ، والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن منصورعن ذَر عن يُسَيْع
الحَضْرَمِي عن أُبَي بن كعب.(5/219)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يسَيْعٍ، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أصحاب "السنن " وغيرهم، وصححه ابن حبان والحاكم
والذهبي، وقد خرجته في "الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني
الصغير" (رقم 888) .
1330- عن ابنً لِسَعْد قال:
سمعني أبي وأنا أقول: اللهم! إني أسألك الجنة، ونعيمها وبهجتها
وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا! فقال:
يا بنَيَّ! إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء ". فإيَّاك أن تكون منهم! إنك إن
اعْطِيتَ الجنةَ؛ اعْطِيتَها وما فيها من الخير، وإن أعِذْتَ من النار؛ اعِذْتَ
منها وما فبها من الشَّرِّ!
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن زياد بن مِخْرَاقٍ عن أبي نَعَامَةَ
عن ابن لسعدً.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير ابن لسعد؛ لكن أولاد سعد
الذين يروون عنه كلهم ثقات- وهم إبراهيم وعامر وعمر ومحمد ومصعب "؛ إلا أنه
قد اضطربوا في إسناده كما يأتي-
والحديث أخرجه أحمد (1/172) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا
شعبة ... به؛ إلا أنه قال: مولى لسعد ... مكان: ابن لسعد.(5/220)
ثم قال أحمد (1/183) : ثنا أبو النضر: ثنا شعبة ... عن مولى لسعد. وثنا
محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... عن مولى لسعد بن أبي وقاص عن ابن سعد ...
وهذا اختلاف شديد؛ ولعله من زياد بن مخراق؛ فقد خالفه سعيد الجرَيْرِيُّ
فقال: عن أبي نعامة:
أن عبد الله بن مُغَفَّلِ سمع ابنه يقول ... فذكره بنحوه، وبزيادة: "الطُّهور" في
متنه، وقد مضى في "الطهَارة" (86) .
1331- عن فَضَالَةَ بن عبَيْدٍ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يدعو في صلاته، لم يمَجِّدِ الله تعالى،
ولم يُصَلِّ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" عَجِلَ هذا ". ثم دعاه، فقال له- أو لغيره-:
" إذا صلَّى أحدُكم؛ فلبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه، ثم
يصلِّي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يدعو بَعْدُ بما شّاء ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1957) ، والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة: أخبرني أبو
هانئ حمَيْدُ بن هانئ أن أبا علي عمرو بن مالك حدثه أنه سمع فَضَالة بن عُبَيْدٍ
صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي علي عمرو بن
مالك، وهو ثقة.
والحديث في "مسند أحمد" (6/18) ... بهذا السند.(5/221)
وأخرجه الترمذي (2/260) ، وابن حبان (510) ، والحاكم (1/230) ،
والبيهقي (2/147) من طرق أخرى عن عبد الله بن يزيد المُقْرِئ ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم،! ووافقه الذهبي!
وذلك من أوهامهما؛ فإن أبا علي هذا لم يخرج له مسلم شيئاً.
وتابعه ابن وهب عن أبي هانئ ... به: أخرجه النسائي (1/189) .
ورِشْدِين بن سعد عنه: أخرجه الترمذي، وقال:
"حديث حسن ".
1332- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحبُ الجوامعَ من الدعاء، ويَدعُ ها سوى
ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (864) ،
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا يزيد بن هارون عن الأسود بن شيبان
عن أبي نَوْفَلً عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه ابن حبان (2412) ، والحاكم (1/539) ، والطيالسي(5/222)
(1491) ، وأحمد (6/148 و 188- 189) من طرق أخرى عن الأسود ... به.
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
فقصرا؛ لأنه على شرط مسلم كما سبق.
1333- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يقولَن أحدكم: اللهم! اغْفِرْ لي إن شئت. اللهم! ارحمْنِي إن
شئت! لِيَعْزِمِ المسألة؛ فإنه لا مكْرِهَ له ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن حبان (973)) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (28/1/213) . و "صحيح البخاري " (11/118) ...
بإسناد المصنف عنه.
والترمذي (2/263) ، و "المسند" (2/486) من طريق أخرى عنه، وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه سفيان وورقاء عن أبي الزناد ... به نحوه: أخرجه أحمد (2/243
و463 و 464 و 500 و 530) .(5/223)
وأخرجه مسلم (8/64) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (607) ، وفي
"الصحيح " (7477) ، وابن حبان (2401) ، وأحمد (2/318) من طرق أخرى عن
أبي هريرة ... نحوه.
وله شاهد من حديث أنس: عند مسلم، وكذا البخاري (6338) ، و "الأدب
المفرد " (608 و 659) .
1334- عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يُسْتَجابُ لأحدكم ما لم يَعْجَلْ؛ فيقولَ: قد دعوتُ فلَمْ يُسْتَجَبْ لي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد اخرجاه. وصححه
الترمذي وابن حبان (971)) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/213/29) .
وعنه البخا ري (11/119) ، ومسلم (8/87) ، والترمذي (2/244) - وقال:
" حسن صحيح "-، والطحاوي في "الشكل " (1/384) ، وابن حبان (971) ،
وأحمد (2/487) ، والطبراني في "الدعاء" (2/89) كلهم عن مالك ... به.
وله طريق ثانية عن أبي هريرة: عند مسلم، و "أدب البخاري " (655) ، وابن
حبان (972) ، والطبراني في " الدعاْ" (2/818/82) .
وثالثة: عند الطحاوي.
ورابعة: عند البخاري في "الأدب " (711) .(5/224)
1335- عن مالك بن يسار السًكُوني ثم العَوْفِي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا سألتم الله؛ فَسَلوه ببطون إكُفكم، ولا تسألوه بظهورها ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البَهْرَانِي قال: قرأته في أصل
إسماعيل- يعني: ابن عَيَّاش-: حدثني صَمْضَم عن شُرَيْحٍ: ثنا أبو ظَبْيَةَ أن أبا
بَحْرِيةَ السكُوني حدثه عن مالك بن يسار السكَوني ثم العوفي.
قال أبو داود: " قال سليمان بن عبد الحميد: له عندنا صحبة- يعني: مالك
ابن يسار- ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي ضمضم وهو ابن زرعَةَ
الحمصي- كلام يسير. لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن.
وقول الحافظ في أبي ظبية:
"مقبول "!
غير مقبول منه، كما حققته فما " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (595) .
والحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحة، وقد ذكر بعضها في المصدر
المذكور؛ فلا داعي للإعادة.
1336- عن أنس بن مالك قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو هكذا؛ بباطن كَفيْهِ وظاهرهما.
(قلت: حديث صحيح بلفظ: جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما
يلي الأرض) .(5/225)
إسناده: حدثنا عقبة بن مكَرم: ثنا سَلْم بن قتيبة عن عمر بن نَيْهَانَ عن قتادة
عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عمر بن نيهان،
وهو ضعيف.
لكن الحديث صحيح باللفظ الذي ذكرته آنفاً؛ أخرجه أحمد (3/123) : ثنا
يزيد: أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت البنَاني عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دعا جعل ... الحديث.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " (3/24)
من طريق الحسن بن موسى: حدثنا حماد بن سلمة ... به؛ بلفظ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى، فأشار بظهر كَفَّيْهِ إلى السماء.
وهو رواية لأحمد (3/153) .
1337- عن سلمان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن ربكم تبارك وتعالى حَيِي كربم، يَسْتَحِي من عبده إذا رفع يديه
إليه أن يَرُدَّهما صِفراً ".
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (877) ،
والحاكلم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مُؤَمل بن الفضل الحَرَاني: ثنا عيسى- يعني: ابن يونس-:
ثنا جعفر- يعني: ابن ميمون صاحب الأنماط-: حدثني أبو عثمان عن سلمان.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير جعفر بن ميمون، وهو سيئ(5/226)
الحفظ، كما تقدم تحت الحديث (778) ، ولكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث
صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (2/273) ، وابن ماجه (2/229- العلمية) ، وابن
حبان (2400) ، والحاكم (1/497) ، وأحمد (5/438) ، والطبراني في " الكبير"
(6/ 314/6148) من طرق عن جعفر بن ميمون ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب، وروى بعضهم ولم يرفعه "!
قلت: يشير إلى ما أخرجه أحمد. ثتا يزيد. أنا سليمان التيمي عن أبي
عثمان عن سلمان ... به موقوفاً عليه.
ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وخالفه محمد بن الزبرِقَانِ الأ هوازي فقال: ثنا سليمان التيمي ... به مرفوعاً:
أخرجه الطبراني (6130) ، وابن حبان (2399) ، والحاكم (1/535) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخن "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
1338- عن ابن عباس قال:
المسألةُ: أن ترفع يديك حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ أو نحوهما.
والاستغفار: أن تُشِيرَ بأُصْبُع واحدة.
والابتهال: أن تَمدَّ يديك جميعاً.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء في "المختارة" من طريق المصنف) .(5/227)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْث- يعني: ابن خالد-: حدثني
العباس بن عبد الله بن مَعْبَدِ بن العباس بن عبد المطلب عن عكرمة عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح موقوف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير العباس
ابن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، وهو ثقة.
والحديث أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (58/184/2) عن
المصنف؛ من هذا الوجه ومن الوجهين الآتيين.
1339- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ وقال فيه:
والابتهال هكذا؛ ورفع يديه، وجعل فلهورهما مما يلي وجهه.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء ايضاً عن المؤلف) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا سفيان: حدثني عباس بن عبد الله بن
معبد بن عباس ... بهذا الحديث.
قلت: وإسناده صحيح أيضا موقوفاً؛ وقد ورد مرفوعاً، وهو الآتي بعده.
1340- وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
فذكرنحوه.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء عن المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا إبراهيم بن حمزة: ثنا
عبد العزيز بن محمد عن العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أخيه إبراهيم
ابن عبد الله عن ابن عباس.(5/228)
قلت: وهذا إسناد صحيح مرفوع، رجاله ثقات كلُّهم؛ وللعباسى بن عبد الله بن
معبد فيه شيخان:
الأول: عكرمة، وهذا رواه عن ابن عباس موقوفاً.
والآخر: أخوه إبراهيم بن عبد الله، وقد رواه عن ابن عباس مرفوعاً.
والرفع زيادة، وهي من ثقة فيجب قبولها لا سيما ومثله لا يقال بمجرد الرأي -
وقد أخرجه الحاكم (4/320) من طريق سليمان بن بلال عن عباس بن
عبد الله بن معبد ... به، وقال:
" صحيح الإسناد "!
واستنكره الذهبي.
1341- عن بُرَيْدَةَ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: اللهم! إني أسألك أني أشهد
أنك أنت الله، لا إله إلا أنت؛ الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد،
ولم يكن له كفواً أحد! فقال:
" لقد سألت الله بالاسم (وفي رواية: باسمه الأعظم) ؛ الذي إذا سُئِلَ
به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (888) ، والحاكم والذهبي،
وحسنه الترمذي) .
إسناده، حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن مالك بن مِغْوَل: ثنا عبد الله بن بريدة
عن أبيه.(5/229)
حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرَّقِّيّ: ثنا زيد بن حُبَاب: ثنا مالك بن
مغول ... بهذا الحديث؛ قال فيه: " لقد سألت الله باسمه الأعظمً ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ ولكن لا
أدري إذا كان قوله: ثنا مالك بن مِغْوَل محفوظاً؛ فقد رواه ابن الحباب عن مالك
بالواسطة كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (5/350) : ثنا يحيى بن سعيد ... به؛ إلا أنه
قال: " باسم الله الأعظم ".
وأخرجه ابن حبان (2383) من طريق أخرى عن مسدد بن مسرهد ... به
مثل رواية المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (2/227- العلمية) ، وأحمد (5/360) ، وابن أبي شيبة
في " المصنف " (10/271/9409) من طريق وكيع عن مالك بن مغول ... به مثل
رواية أحمد عن يحيى.
وكذلك أخرجه (5/349) من طريق عثمان بن عمر: أنا مالك ... به.
وأخرجه الحاكم (1/504) عن وكيع، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (2/260) : حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي
الكوفي: حدثنا زيد بن اطبَابِ عن زهير بن معاوية عن مالك بن مغول ... به
مثل رواية أحمد عن يحيى.
قال زيد: فذكرته لزهير بن معاوية بعد ذلك بسنين؟ فقال: حدثني أبو إسحاق
الهَمْدَاني عن مالك بن مغول ... قال زيد: ثم ذكرته لسفيان الثوري؟ فحدثني(5/230)
عن مالك. وقال الترمذي:
" هذا حديث حسن غريب. وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحاق عن
بريدة عن أبيه. وإنما أخذه أبو إسحاق الهمداني عن مالك بن مغول، وإنما دلسه ".
قلت: وصله الطحاوي في "مشكل الحديث " (1/61) عن شَرِيك بن عبد الله
عن أبي إسحاق ومالك بن مغول عن ابن بريدة ... به.
وأخرجه الحاكم (1/504) ؛ ولم يذكر فيه مالكاً، وصححه على شرط مسلم!
ثم وجدت لعبد الرحمن بن خالد الرقي- شيخ المؤلف في إسناده الثاني-
متابعاً قوياً، فقال ابن حبان فما "صحيحه " (889- الإحسان) : أخبرنا أبو العباس
أحمد بن عيسى بن السكَيْنِ البَلَدي- بواسط- قال: حدثنا أبو الحسبن أحمد بن
سليمان بن أبي شيبة الرَهَاوي قال: حدثنا زيد بن الحُبَاب قال: حدثنا مالك بن
مغول ... به؛ وزاد فما آخره:
وإذا رجل يقرأ في جانب السجد، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد أُعْطِيَ مزمارأ من مزامير آل داود "؛ وهو عبد الله بن قيس.
قال: فقلت له: يا رسول الله! أُخْبِرُهُ؟ فقال:
" أخْبِرْهُ ". فأخبرت أبا موسى، فقال: لن تزال لي صديقاً.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى زيد بن الحباب؛ الرهاوي ثقة حافظ من شيوخ
النسائي.
وأبو العباس البلدي ثقة أيضا، مات سنة (323) ، كما في " تاريخ بغداد"
(4/280- 281) .(5/231)
قلت: فتحديث زيد بن الحباب عن مالك ثابت برواية هذين الثقتين عنه؛
فالظاهر أنه سمعه منه بعد أن سمعه بالواسطة عنه. والله أعلم.
بل تابعهما أحمد؛ فقال في " المسند" (5/359) : ثنا زيد بن الحباب: أخبرني
مالك بن مغول ... به دون قضية الدعاء.
ثم أخرجه (5/349) : ثنا عثمان بن عمر: أنا مالك عن ابن بريدة ...
بتمامه.
وروى الدارمي (2/473) جملة المزامير.
وأخرجها مسلم (2/192- 193) ، وابن أبي شيبة (10/463/9987) ،
وأحمد أيضآ (5/351) ، وابن سعد في "الطبقات " (2/344) ، وعبد الرزاق في
"المصنف " (2/ 485/4178) ، وعنه الروياني (ق 1/3) ، والطحاوي في "مشكل
الأثار" (2/59) من طرق أخرى عن مالك ... به.
وتابعه الحسن بن واقد: حدثنا عبد الله بن بريدة ... به: أخرجه البخاري في
" الأب المفرد " (805) ، والحاكم (4/282) - وصححه- ووافقه الذهبي. وزاد
عبد للرزاق: قال أبو موسى:
لو علمت أن رسول الله يستمع، لقراءني؛ لحبرْتها تحبيراً.
وهي عند البيهقي في "سننه " (10/230- 231) من حديث أبي موسى
نفسه، وسنده جيد على شرط مسلم.
وقد أخرجه في "صحيحه " (2/193) دون الزيادة.
وكذلك البخاري (5048) ؛ لكن من طريق أخرى عنه مختصراً.
وابن أي شيبة، وابن سعد (2/344- 345) من طريق أنس عنه بالزيادة.(5/232)
وسنده صحيح على شرط مسلم.
وأبو يعلى (7279) ، والحاكم (3/466) عن أبي موسى- وصححه- ووافقه
الذهبي! وسنده ضعيف.
1342- عن أنس:
أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً، ورجلٌ يصلي، ثم دعا: اللهم!
إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا انت، المنَّان، بديع السماوات
والأرض، يا ذا الجلال والاكرام! يا حي يا قيوم! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد دعا الله باسمه العظيم؛ الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئلَ به
أعطى".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي: ثنا خلف بن خليفة عن
حفص- يعني: ابن أخي أنس- عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله صدوقون؛ غير أن خلف بن خليفة كان اختلط في
الآخر، لكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه النسائي (1/191) ، والطحاوي في "المشكل " (1/62) ،
وابن حبان (2382) ، والحاكم (1/503- 504) ، وأحمد (3/158 و 245) من
طرق عن خلف بن خليفة ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وحفص ابن أخي أنس ليس من رجال مسلم!(5/233)
ثم أخرجه هو، والطحاوي، وأحمد (3/265) - من طريق إبراهيم بن عُبَيْد بن
رفاعة-، وهذا أيضا (3/120) ، وابن ماجه (2/227) - عن أبي خزيمة عن آنس
ابن سيرين-، والترمذي (3538) ،- عن سعيد بن زرْبِي عن عاصم الأحول وثابت
- كلهم قالوا: عن أنس ... به نحوه. وقال الترمذي:
" غريب من حديث ثابت عن أنس ".
1343- عن أسماء بنت يزيد: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اسم الله الأعظم في هاتين الأيتين: {وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو
الرحمنُ الرحيمُ} ، وفاتحة سورة (ال عمران) : {الم. الله لا إله إلا هو
الحي القيومُ} .
(قلت: حديث حسن، وصححه الترمذي)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا عبيد الله بن أبي زياد عن
شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر بن حوشب ضعيف.
وعبيد الله بن أبي زياد- وهو القَداح- فيه ضعف.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (10/272/9412) قال:
حدثنا عيسى بن يونس ... به.
وأخرجه الترمذي (2/260) ، وللدارمي (2/450) ، وابن ماجه (2/227) ،
والطحاوي (1/64) ، وللبيهقي في "الأسماء والصفات " (ص 102) ، وأحمد
(6/461) من طرق عن عبيد الله ... به. وقال الترمذي:(5/234)
" حديث حسن صحيح "!
كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به. وقد أشار المنذري في "الترغيب "
(2/274-275) بلى رده.
نعم؛ للحديث شاهد من حديث أبي أمامة ... مرفوعاً نحوه. فهو به حسن،
وقد خرجته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (746) .
1343/م- عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت:
" سُرقت ملحفة لها، فجعلت تدعو على من سرقها ... " (*) .
1344- عن سعد بن أبي وقاص قال:
مر علي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أدعو بأُصْبُعَيً، فقال:
" آحدْ، آحدْ "؛ واشار بالسبابة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن أبي صالح
عن سعد بن أبي وقاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه النسائي (1/187) ، والحاكم (1/536) من طرق أخرى عن
أبي معاوية ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرطهما؛ إن كان أبو صالح السمان سمع من سعد ".
__________
(*) هذا الحديث اشار الِشيخ رحمه الله إلى نمقله من "الضعيف" إلى هنا، ولكن فاتنا
نقله- والله المستعان-؛ فانظر هناك تخريجه وللتحقيق (برقم 263) .(5/235)
قلت: في "التهذيب " أنه سأل سعد بن أبي وقاص مسألة في الزكاة.
وللحديث شاهد قوي من حديث أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبصر رجلاً يدعو بإصبعيه جميعاً، فنهاه وقال:
" بإحداهما وباليمنى ".
أخرجه ابن حبان في "صحيحه " (881- الإحسان) بسند صحيح عنه، رجاله
كلهم ثقات من رجال "التهذيب "؛ غير شيخه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار
الصوفي؛ وهو ثقة مترجم في "تاريخ بغداد" وغيره.
على أنه لم يتفرد به، فقد أخرجه أبو يعلى في " مسنده" (10/421/6033)
من طريق أخرى، ومدار الطريقين على حفص بن غياث عن هشام عن ابن سيرين
عن أبي هريرة.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
359- باب التسبيح بالحصى
1345- عن يُسَيْرَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهُنَّ أن يُرَاعِينَ بالتكبير والتقديس
والتهليل، وآن يَعْقِدْنَ بالأنامل؛ فإتهن مسؤولات مستنطقات.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان (839) ، والذهبي) .
إسناده: حدئنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن هانئ بن عثمان عن حُمَيْضَةَ
بنت ياسر عن يُسَيْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير حميضة بنت ياسر؛ قال الذهبي:
" تفرد عنها ابنها هانئ ".(5/236)
قلت: ولم يوثقها غير ابن حبان، لكن صحح لها من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه الترمذي (2/278) ، وابن حبان (2333) ، والحاكم
(1/547) ، وأحمد (6/370- 371) ، وعبد بن حميد في "المنتخب " (1568)
من طرق أخرى عن هانئ ... به. وعلقه عنه البخاري في "التاريخ " (4/2/232) .
وقال الترمذي:
" حديث غريب ".
وأما الحاكم فليس في النسخة المطبوعة من كتابه تصريحه بالتصحيح! ولكن
وقع في "تلخيصه " للذهبي قوله:
" صحيح ". فلم يتبين لي هل هو من قول الحاكم؟! أم الذهبي؟! أم هو متابع
له فيه، كما هو الغالب عليه؟!
وإنما حسنت الحديث؛ لأن له شاهدا موقوفاً على عائشة، خرجته في غير هذا
الموضع- وأظنه في ردي على "التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي (1) -؛ مع تصحيح
من ذكرنا إياه. والله أعلم.
1346- عن عبد الله بن عمر وقال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التسبيح- قال ابن قدامة: بيمينه-.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ومحمد بن قدامة- في آخرين-
قالوا: ثنا عَثَّامٌ عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
__________
(1) ثم وجدته فيه (ص 63) .(5/237)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وعطاء بن السائب- وإن كان
قد اختلط-؛ فقد ذهب الحافظ في كتابه "نتائج الأفكار" إلى أن الأعمش سمع
منه قبل الاختلاط؛ وليس يحضرني الأن كلامه في هذا لأنقله! ومع ذلك؛ فقد
تابعه شعبة كما يأتي، وهو ممن نصّوا على أنه سمع منه قبل الاختلاط. فالحديث
صحيح على كل حال.
والحديث أخرجه الترمذي (2/248 و 262) ، والنسائي (1/199) ، والحاكم
(1/547) من طرق أخرى عن عَثَّام بن علي ... به؛ دون زيادة محمد بن قدامة.
وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
وتابعه شعبة عن عطاء بن السائب ... به.
أخرجه الحاكم- هكذا- مختصراً، والمصنف وغيره مطولاً. وسيأتي في أواسط
"الأدب " إن شاء الله تعالى، ونذكر له هناك متابعين آخرين؛ منهم حماد بن زيد:
عند ابن حبان (539) وغيره.
1347- عن ابن عباس قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عند جويرية- وكان اسمها بَرةَ، فحَولَ
اسمها-، فخرج وهي في مصلاها، فقال:
" لم تَزَالِي في مصلاك هذا؟! ". قالت: نعم. فال:
" قد قلتُ بعدك اربع كلمات- ثلاث مرات-، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ
لَوَزَنَتْهُن: سبحان الله وبحمده: عَدَدَ خَلْقِهِ، يرِضا نفسِهِ، وزِنَةَ عرشِهِ،
ومدادَ كلماتِهِ ".(5/238)
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ". وصححه الترمذي
وابن حبان (829)) .
إسناده: حدثنا داود بن أمية: ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن
مولى آل طلحه عن كُريب عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير داود بن أمية،
وهو ثقة، وقد توبع.
والحديث أخرجه مسلم (8/83) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وتابعه سفيان الثوري عن محمد بن عبد الرحمن ... به؛ إلا أنه جعله من
(مسند جويرية) ، وهو أصح: أخرجه أحمد (1/258) .
وأخرجه هو (1/353) ، ومسلم، والترمذي (2/273) ، والنسائي (1/198
-199) من طرق أخرى عن محمد بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
1348- عن أبي هريرة قال: قال أبو ذر:
يا رسول الله! ذهب أصحاب الدثورِ بالأجور، يصلُون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم، ولهم فُضُولُ أموال يتصدقون بها، وليس لنا مال
نتصدق به! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أبا ذر! الا أعلمك كلمات، تُذرِك بهن من سبقك، ولا يلحقك
من خلفك؛ إلا من أخذ بمثل عملك؟ ا ".
قال: بلى يا رسول الله! قال:(5/239)
" تكبرُ الله عز وجل دُبُرَ كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدُهُ ثلاثاً
وثلاثين، وتسبحه ثلاثاً وثلاثين، ووتختمها بـ: لا إله إلا الله، وحده لا
شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غُفِرَتْ له
ذنوبُهُ، ولو كانت مثلَ زبَدِ البحر ".
(قلت: إسناده صحيح؛ لكن قوله: " غفرت له ذنوبه ... " ليس في هذا
الحديث! وقد أخرجه ابن حبان وأحمد والدارمي من هذا الوجه بدون هذه
الزيادة، وإنما هي في حديث آخر من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
" من سبح [الله] دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبًر ثلاثاً وثلاثين، وحمد
ثلاثاً وثلاثين، وختم المئة بـ: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله
الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت ... ". رواه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، وأحمد) .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: تنا الوليد لن مسلم: ثنا الأوزاعي:
حدثني حَسان بن عَطِيةَ قال: حدثني محمد بن أبي عائشة قال: حدثني أبو
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن أبي
عائشة، فمن رجال مسلم وحده.
وعبد الرحمن بن إبراهيم- وهو الملقب ب (دحَيْم) ؛ فهو من رجال البخاري
فقط، وهو ثقة متقن اتفاقاً؛ إلا أن قوله في آخر الحديثً: " غفرت له ذنوبه ... "
- مع عدم انسجامه بما قبله- فهو شاذ، لم يذكره أحد من الثقات في هذا السياق
فيما علمت، فقال الإمام أحمد (2/238) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي ... فذكره
بدون هذه للزيادة.(5/240)
وكذلك رواه هِقْل عن الأ وزاعي ... به: أخرجه الدارمي (1/312) .
فيبدو لي- والله أعلم- أنه اختلط على دحَيْم حديث بحديث؛ فإن لأبي هريرة
حديثا ًآخر من طريق عطاء بن يزيد عنه ... مرفوعًاً باللفظ المذكور أعلاه.
أخرجه مسلم (2/98) ، وأبو عوانة (22/47) ، وأحمد (2/371 و 483) .
ثم رأيت الحديث في "صحيح ابن حبان " (2012- الإحسان) من طريق
عبد الرحمن بن إبراهيم ... به دون الزيادة.
360- باب ما يقول الرجل إذا سلَم
1349- عن المغيرة بن شعبة:
كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أيَّ شيء كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول
إذا سلم من الصلاة؟! فأملاها المغيرة عليه، وكتب إلى معاوبة:
كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على
كل شيء قدير، اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا مُعْطِيَ لما منعت، ولا ينفعُ
ذا الجَد منك الجد ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد قال. ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المسيب بن رافع
عن وَزاد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيره بن شعبة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من(5/241)
رجال البخاري وحده؛ وقد أخرجه من طريق اخرى عن وَزَاد كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/95) ، وأبو عوانة (2/244) من طرق أخرى عن
أبي معاوية ... به.
وتابعه منصور قال: سمعت المسيب بن رافع ... به: أخرجه مسلم، والنسائي
(1/197) ، وأحمد (4/250) .
وأخرجه هو (4/245 و 250 و 251 و 254 و 255!، والبخاري (2/275-
246) ، ومسلم وأبو عوانة والنسائي من طرق أخرى عن وراد ... به. وفد
استوعبتها في "الضعيفة" (5598) .
1350- عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير على المنبر يقول:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انصرف من الصلاة يقول:
" لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على
كل شيء قدير، لا إله إلا الله، مخلصين له الدَينَ ولو كره الكافرون، أهلَ
النعمة والفضل والثناء الحسن، لا اله إلا الله، مخلصين له الذينَ ولو كره
الكافرون ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"،
وكذا ابن حبان (2005))
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى قال: ثنا ابن عُلَيةَ عن الحَجاج بن أبي
عثمان عن أبي الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عيسى- وهو الطباع- ثقة، وقد توبع كما يأتي.(5/242)
والحديث أخرجه أحمد (4/5) : ثنا إلمماعيل ... به- وهو إسماعيل بن
إبراهيم ابن علية-.
وأخرجه مسلم (2/96) ، وأبو عوانة (2/245) ، والنسائي (1/196) من طرق
أخرى عنه.
ورواه أبو عوانة من طريق المصنف أيضا.
وأخرجه هو، ومسلم، وأحمد (4/4) من طرق عن هشام بن عروة بن الزبير
عن أبي الزبير؛ وهو رواية للمصنف كما يأتي.
1351- وفي رواية عنه قال:
كان عبد الله بن الزبير يُهَللُ في دُبُرِ كلً صلاة ... فذكر نحو هذا
الدعاء؛ زاد فيه:
" ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، له
النعمة ... " وساق بقية الحديث.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عَبْدَةُ عن هشام بن عروة عن
أبي الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري، وهو
ثقة، وقد توبع.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/245) من طريق المصنف.
ومسلم، والنسائي (1/197) من طرق أخرى عن عبدة بن سليمان ... به.(5/243)
1352- عن علي بن أبي طالب قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلَّم من الصلاة قال:
" اللهم! اغفر لي ما قذَمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما
أسرفتُ، وما أنت أعنم به مني، أنت المقدمُ، وأنت المؤخِّرُ، لا إله إلا أنت ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو قطعة من حديث مضى بهذا
الإسناد رقم (738)) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ قال: ثنا أبي: ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عَمهِ
الماجِشُون بن أبي سلمة عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن
علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى في المكان المشار إليه
أعلاه.
1353- عن ابن عباس قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو:
" رب! آعِنِّي ولا تُعِنْ عليَّ، وانصُرْني ولا تنصرْ عليً، وامكُرْ لي ولا
تمكُرْ عليَ، واهْدني ويسِر هُدَايَ (وفي رواية: الهُدَى) إليَ، وانصرني على
من بغى عليَ. اللهم! اجعلني شاكراً لك، راهباً لك، ذاكراً لك، مطواعاً
إليك، مُخْبِتاً أو منيباً-. ربِّ! تَقَئلْ توبتي، واغسِلْ حَوْيتي، وَأجِبْ
دعوتي، وثَئتْ حُجَّتِي، واهْدِ قلبي، وسَذَدْ لساني، واسلُلْ سَخِيمةَ قلبي ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (943) ، والحاكم(5/244)
والذهبي)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عمرو بن مُرَةَ عن عبد الله
ابن الحارث عن طَلِيقِ بن قيس عن ابن عباس ...
حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان فال: سمعت عمرو بن مرة ... بإسناده
ومعناه قال: " ويَسِّرِ الهُدَى إليً "، ولم يقل: " هدَايَ ".
قلتَ: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله
ابن الحارث، فمن رجال مسلم- وهو النجْرَاني-.
وغير طليق بن قيس، وهو ثقة.
والحديث أخرجه ابن حبان (2414) ، والحاكم (1/599) من طريقين آخرين
عن محمد بن كثير ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه التم مذي (2/272) ، وابن ماجه (2/224) ، وأحمد (1/227) من
طرق أخرى عن سفيان الثوري ... به.وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح " 0
1354- عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سلَّم قال: " اللهم! أنت السلام، ومنك
السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وصححه الترمذي وابن حبان (1997))(5/245)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن عاصم الأحول وخالد الحَذاء
عن عبد الله بن الحارث عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وعبد الله بن الحارث: هو أبو الوليد الأنصاري.
قال أبو داود: " سمع سفيان من عمرو بن مرة- قالوا- ثمانية عشر حديثاً ".
والحديث أخرجه مسلم (2/95) ، وأبو عوانة (2/241) ، والنسائي (1/196)
من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ غير أن أبا عوانة والنسائي لم يذكرا الحذاء في
إسناده.
ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والترمذي (1/60) ، والدارمي (1/311) ، وابن
ماجه (924) ، وأحمد (6/62 و 235) من طرق أخرى عن عاصم وحده. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وقال أحمد (6/184) : ثنا علي بن عاصم عن الحذاء وحده.
1355- عن ثوبن مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته؛ استغفر ثلاث
مرات، ثم قال: " اللهم! ... " فذكر معنى حديث عائشة رضي الله
عنها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وصححه الترمذي وابن حبان (2000)) .(5/246)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى عن الأوزاعي عن أبي عمار
عن أبي أسماء عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وإبراهيم بن موسى: هو أبو
إسحاق الفَراء.
وعيسى: هو ابن يونس.
والحديث أخرجه مسلم (2/94) ، وأبو عوانة (2/242) ، والترمذي (1/61) ،
والنسائي (1/196) ، وأحمد (5/275 و 279- 280) من طرق أخرى عن
الأوزاعي ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
361- باب في الاستغفار
1356- عن الآغَر المُزَنِي- وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفرُ اللهَ في كل يوم مِئةَ مره ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن ثابت عن أبي
بُردة عن الأغر المزني- قال مسدد في حديثه: وكانت له صحبة-.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ فإن حماداً هنا: هو ابن زيد؛
فإنه الذي يروي عنه مسدد. وأما سليمان بن حرب؛ فروى عنه وعن حماد بن
سلمة أيضا، وكل من الحمادين يروي عن ثابت.
وقد رواه عنه ابن سلمة أيضأ كما يأتي.(5/247)
والحديث أخرجه مسلم (8/72) ، وأحمد (4/211 و 260) من طرق أخرى
عن حماد بن زيد ... به.
وقال أحمد: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة- قال: أنا ثابت ... به.
1357- عن ابن عمر قال:
إنْ كُنا لَنَعُد لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المجلس الواحد مئةَ مرة:
" رب! اغفر لي وتُبْ عليَّ؛ إنك انت التواب الرحيم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصحه ابن حبان والترمذي) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو أسامة عن مالك بن مِغْوَل عن محمد
ابن سُوقَةَ عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الترمذي (2/254) ، وابن ماجه (2/222) من طريق
المُحَارِبي عن مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه سفيان عن محمد بن سوقة ... به: أخرجه ابن حبان (2459) .
1358- عن زيد مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ، وأتوبُ إليه؛
غُفِرَ له وإن كان فَزَ من الزحْفِ "
(قلت: حديث صحيح، وجَوَدَ المنذري إسناده!) .(5/248)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حفص بن عمر الشني: حدثني أبي
عمر بن مُرة قال: سمعت هلال بن يسار بن زيد مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سمعت
أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ...
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ هلال- ويقال: بلال- بن يسار وأبوه مجهولان،
كما قال الحافظ؛ لأنه لم يرو عن الأب غير ابنه، ولا عن هذا غير عمر بن مرة.
وحفص بن عمر الشني وأبوه نحوهما؛ وإن كانا قد وثقا.
والحديث أخرجه الترمذي (3572) ... بهذا الإسناد، وقال:
" حديث غريب من هذا الوجه ".
وأما المنذري؛ فقال في "الترغيب " (2/269) - بعد قول الترمذي الذكور-:
" وإسناده جيد متصل؛ فقد ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" أن بلالاً سمع
من أبيه يسار، وأن يساراً سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "!
قلت: وهذا لا يقتضي جودة إسناده لمجرد اتصاله كما لا يخفى! فلا بد إلى
ذلك من ثقة رجاله، وهذا مفقود كما عرفت مما سبق. والبخاري نفسه- حينما
ترجم لبلال وأبيه وحفص بن عمر وأبيه- لم يوثقهم!
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد من حديث اين مسعود: عند الحاكم
(1/511) .
وأبي هريرة: عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان " (1/303) .
وأبي بكر الصديق: عند ابن عدي في "الكامل " (ق 260/1) .
وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك: عند ابن عساكر في "التاريخ "(5/249)
(14/353/1- 2 و 358/2) .
وقد تكلمت على إسناد ابن مسعود في "تخريج الترغيب " (2/269) ،
وصححه الحاكم والذهبي، وفي هذه الأحاديث كلها زيادة: " ثلاث مرات ".
1359- عن عبد العزيز بن صهيب قال:
سأل قتادة أنساً: أفيَ دعوةٍ كان يدعو بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثرَ؟ قال:
كان أكثرَ دعوة يدعو بها:
" اللهم ربنا! آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وَقِنَا عذاب
النار ".
(زاد في رواية:
وكان أنس إذا أراد أن يدعوَ بدَعوةٍ دعا بها، وإذا أراد أن يد عُوَ بدعاء
دعا بها فيها) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث: وثنا زياد بن أيوب: ثنا
إسماعيل- المعنى- عن عبد العزيز بن صهيب.
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخاري (11/159- فتح) ، وفي " الأدب المفرد" (682) ...
بإسناد المصنف الأول دون الزياده.
وأخرجه مسلم (8/68- 69) ، وأحمد (3/101) عن إسماعيل- وهو ابن
عُلَيةَ ... به.(5/250)
وهو، وأحمد أيضا (3/208 و 259) ، والبخاري في " الأدب " (677) ، وابن
حبان (533- الإحسان) من طريق شعبة عن ثابت عن أنس ... به؛ ولم يذكر
مسلم الزيادة.
وتابعه حماد بن سلمة عن ثابت ... به أتم منه: رواه ابن حبان (934) .
1360- عن سهل بن حُنَيْفَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سأل الشهادة صادقاً. بَلَّغَة الله منازلَ الشهداءِ؛ وإن مات على
فراشه ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم. وحسنه الترمذي، وصححه ابن
حبان (3182) ، والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرملي: ثنا ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن
شُريح عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيْف عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ الرملي ثقة، ومن فوقه كذلك، وهم من رجال
مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (6/48) ، وابن ماجه (2/184) ، والحاكم (2/77)
من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم.
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي، مع إخراج
مسلم إياه!
وتابعه القاسم بن كثير: سمعت عبد الرحمن بن شريح ... به: أخرجه
الدارمي (2/205) ، والترمذي (1653) ، وقال:
" حديث حسن غريب ".(5/251)
1361- عن علي رضي الله عنه قال:
كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً؛ نفعني الله منه بما
شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحد من أصحابه استحْلَفْته، فإذا حلف لي
صَدَّقته. قال: وحدثني أبو بكر- وصدق أبو بكر رضي الله عنه- أنه قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" ما من عبد يُذْنِبُ ذنباً، فيُحْسِن الطُّهور، ثم يقومُ فيصلي ركعتين، ثمٍ
يستغفرُ الله؛ إلا غفر الله له "؛ ثم قرأ هذه الآية: (والذين إذا فعلوا فاحشة
أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ... ) إلى آخر الآية.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسَّنه الترمذي)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة
الآسَدِي عن أسماء بن الحكم الفَزَارِيَ قال: سمعت علياً.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أسماء بن الحكم
الفزاري، وهو ثقة؛ على خلاف فيه لا يضر.
والحديث أخرجه ابن حبان (2454) من طريق مسدد ... به.
ورواه الترمذي (406 و 3009) ، وأحمد ح (1/10) من طريقين آخرين عن أبي
عوانة ... به، وقال الترمذي:
" حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عثمان بن المغيرة
ورواه عنه شعبة وغير واحد، فرفعوه مثل حديث أبى عوانة. ورواه سفيان الثوري
ومسعر؛ فأوقفاه ولم يرفعاه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد روي عن مسعر موفوعاً أيضا ".
قلت: وكذلك رواه الثوري مرفوعاً أيضا؟ فقال الإلمام أحمد (1/2) : حدثنا(5/252)
وكيع قال: حدثنا مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة ... به.
وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/424) من محلريقين آخرين عن وكيع ... به.
وأما حديث شعبة؛ فوصله أحمد (1/8- 9 و 9) من وجهين عنه.
وجملة القول: أن الحديث قد رواه جمع من الثقات عن الثقفي مرفوعاً، ولم
أره عنه موقوفاً، فإن ثبت ذلك عنه؛ فالمرفوع أرجح؛ لاتفاق الجماعة عليه. والله
أعلم.
1362- عن معاذ بن جبل:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده، وقال:
" يا معاذُ! والله! إني لأُحِبّكَ، والله! إني لأُ حِبُّكَ ". فقال:
" أوصيك يا معاذ! لا تدعَنَّ في دُبُرِ كل صلاة تقول: اللهم! آعِني
على ذِكرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك ".
وأوصى به الصُّنَابحي أبا عبد الرحمن.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2017)) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ: ثنا
حيوة بن شُريقال: سمعت عقبة بن سسلم يقول: حدثني أبو عبد الرحمن
الحبُلِيُ عن الصُنَابِحِي عن معاذ بن جبل.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخبن؛ غير عقبة بن
مسلم التُجِيبي، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (5/244- 245) ، وابن خزيمة في "صحيحه "(5/253)
(751) ، وكذا ابن حبان (2345) ، وأبو نعيم في "الحلية " (1/241 و 5/130) من
طرق أخرى عن عبد الله بن يزيد المقرئ ... به؛ وزادوا:
وأوصى أبو عبد الرحمن عُقْبَةَ بن مسلم. وزاد أبو نعيم:
وأوصى عقبةُ حيوةَ، وأوصى حيوةُ أبا عبد الرحمن المقرئَ، وأوصى أبو
عبد الرحمن المقرئ بِشْرَ بنَ موسى، وأوصى بشر بن موسى محمدَ بن أحمد بن
الحسن، وأوصاني محمد بن أحمد بن الحسن.
قال أبو نعيم رحمه الله: وأنا أوصيكم به.
قلت: وهذا الحديث من المسلسلات المشهورة المروية بالمحبة، وقد أجازني
بروايته الشيخ الفاضل راغب الطباخ رحمه الله، وحدثني به ... وساق إسناده
هكذا مسلسلاً بالمحبة.
ثم الحديث أخرجه أحمد (5/247) : تنا أبو عاصم: ثنا حيوة ... به.
1363- عن عقبة بن عامر قال:
أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقرأ بالمعوِذات دُبرَ كلِّ صلاة.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمَةَ المرادي: ثنا ابن وهب عن الليث بن سعد أن
حُنَيْنَ بن أبي حَكِيم حدثه عن علَيِّ بن رَبَاحٍ اللَّخْمِي عن عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حنين، وهو ثقة،
وقد توبع كما يأتي.(5/254)
والحديث أخرجه النسائي (3/68- القلم) ... بإلممناد المؤلف.
وأحمد (4/201) من طريق أخرى عن ابن وهب.
وابن خزيمة (755) ، وعنه ابن حبان (2347) من طرق أخرى عن الليث.
وأحمد أيضا (5/155) ، والترمذي (2905) من طريق أخرى عن عُلَيِّ بن
رباح ... به. وقال الترمذي
" حسن غريب ".
وقد مضى الحديث من طريق أخرى أتم منه رقم (1315) .
1364- عن أسماء بنت عُمَيْس قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ألا أعلمُكِ كلماتٍ تقولينهنّ عند الكرب- أو في الكرب-: اللهُ، الله
ربي، لا أشرك به شيئاً ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن هلال
عن عمر بن عبد العزيزعن ابن جعفرعن أسماء بنت عُمَيْس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هلال- وهو
مولى عمر بن عبد العزيز، يكنى بأبي طُعْمَةَ، وهو بها أشهر-؛ وثقه ابن عمار
الموصلي، وروى عنه جمع. وأما الحافظ فقال.
" مقبول ... ولم يثبت أن مكحولاً رماه بالكذب "!
والحديث أخرجه أحمد وابن ماجه، وهو مخرج في "تخريج الترغيب "
(3/43) ، و " الصحيحة " (2755) مطولاً.(5/255)
1365- عن أبي موسى الأشعري قال:
كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فلما دنونا من المدينة؛ كَبرَ الناسُ
ورفعوا أصواتهم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أيها الناس! إنكم لا تَدْعُون اصمَّ، ولا غائباً؛ إن الذي تَدْعُونَهُ
بينكم وبين أعناق ركابكم ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أبا موسى! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟! "، فقلت: وما
هو؟ قال:
" لا حول ولا قوة إلا بالله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري؛ دون
قوله: " إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم "؛ وهذا منكر) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت وعلي بن زيد
وسعيد الجُريرِي عن أبي عثمان النهدي: أن أبا موسى الأشعري ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لكن قوله:
" إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم "! منكر بهذا اللفظ؛ لروايات
الثقات الأتية وغيرهم، وقد تفرد به علي بن زيد- وهو ابن جدعان-، وهو سيئ
الحفظ، كما حققت ذلك في "تخريج السنة " رقم (618) ، فلا داعي للإعادة.
والحديث أخرجه البخاري في " الدعوات " (11/156 و 178) وغيره، ومسلم
(8/73- 74) ، وأحمد (4/394 و 402 و 407 و 417- 418- 419) ، والمصنف
- فيما يأتي- من طرق أحرى عن أبي عثمان ... به؛ دون الزيادة المذكورة.(5/256)
1366- وفي رواية عنه:
أنهم كانوا بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يتصعَّدون في ثَنِيَّةِ، فجعل رَجُلٌ كلَّما
علا الثنية، نادى: لا إله إلا الله، والله أكبر! فقال النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنكم لا تنادون أصمَّ ولا غائباً ". ثم قال:
"ياعبد الله بن قيس! ... "، فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان
عن أبي موسى الأشعري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات وهم من رجال الشيخين؛ غير
مسدد، فهو من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (8/73) : حدثنا أبو كامل فُضَيْلُ بن حسين: حدثنا
يزيد بن زُرَيعً ... به.
وأخرجه البخاري من طريق أخرى عن التيمي ... به.
1367- وفي أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ وقال فيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أيّها الناسُ! ارْبَعُوا على أنفسكم "
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيّ عن
عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى.(5/257)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين؛ غير
محبوب بن موسى، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البخاري في "الجهاد" (6/101) ، ومسلم (8/73) من طرق
أخرى عن عاصم ... به؛ وفيه الزيادة.
وتابعه عليها خالد الحذاء عن أبي عثمان ... به؛ وزاد:
" إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عُنُقِ راحلته ".
أخرجه أحمد (4/402) ، ومسلم.
وهذه الزيادة- فيما يبدو- أخطأ في روايتها علي بن زيد بن جدعان، فرواها
بلفظ آخر منكر كما تقدم. والله أعلم.
1368- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من قال: رَضِيتُ بالله رباً، وبالاسلام ديناً، وبمحمد رسولاً؛ وجبت له
الجنة".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: ثنا أبو الحسين زيد بن الحُبَابِ: ثنا عبد الرحمن
ابن شُريح الإسكندراني: حدثني أبو هانئٍ الخولاني أنه سمع أبا علي الجَنْبِي: أنه
سمع أبا سًعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير أبي علي
الجَنْبِي- واسمه عمرو بن مالك-، وهو ثقة، ورمز له في "التقريب " بأنه من رجال
مسلم أيضا! وأظنه خطأً.(5/258)
والحديث أخرجه ابن حبان (2368) ، والحاكم (1/518) من طرق أخرى عن
زيد بن الحباب ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
1369- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من صلى عليً واحدةً؛ صلى الله عليه عشراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وصححه الترمذي وابن حبان (903)) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء
ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/17) ، والنسائي (1/191) ، والترمذي (485)
- وصححه-، والدارمي (7/312) ، وأحمد (2/372 و 335) من طرق عن
إسماعبل ... به.
وأحمد (2/485) من طريق زهير عن العلاء ... به.
وله شاهد: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (165/16) من طريق المغيرة
ابن مسلم الخراساني عن أبي إسحاق عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
فذكره؛ وزاد في أوله:
" من ذُكِرْتُ عنده؛ فليصلً عليَ ... "
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن السنَي في "عمله " (123/374) .(5/259)
وأبو إسحاق: هو السبيعي، مدلسى مختلط. فقول النووي في "الأذكار":
" إسناده جيد "!
غير جيد. نعم؛ هو جيد بشواهده.
1370- عن أوس بن أوس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ... ".
(قلت: فذكر الحديث المتقدم برقم (962) ؛ فلا داعي للإعادة) .
362- باب النهي عن أن يَدْعُوَ الانسانُ على أهله وماله
1371- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَدْعُوا على أنفسكم، ولا تَدْعُوا على أولادكم، ولا تَدْعُوا على
خَدَمكم، ولا تَدْعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة
يُسْألُ فيها عطاءٌ؛ فيستجيبَ لكم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان
(5712)) .
إسناده: حدثنا هشام بن عمار ويحيى بن الفضل وسليمان بن عبد الرحمن
قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل. ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد
ابن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.(5/260)
والحديث أخرجه مسلم (8/231- 233) وابن حبان (2411) من طرق عن
حاتم بن إسماعيل ... به؛ وعندهما زيادة في أوله.
وللجملة الأولى شاهد: في "أخبار أصبهان " (2/303)
363- باب الصلاة على غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1372- عن جابر بن عبد الله:
ان امرأة قالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صلِّ عليَّ وعلى زوجي! فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" صَلَّى الله عليك وعلى زوجك ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (912))
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو كوانة عن الأسود بن قيس عن نبَيْح
العَنَزِيِّ عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رقم
(77- بتحقيقي) : حدثنا حجاج قال: ثنا أبو عوانة.
وتابعه سفيان عن الأسود بن قيس ... به: أخرجه ابن حبان دي "صحيحه "
(1950- الموارد)
ثم رواه من طريق أخرى عن سفيان ... به أتم منه.(5/261)
364- باب الدعاء بظهر الغيب
1373- عن أم الدرداء قالت: حدثني سَيِّدِي: أنه سمع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيقول:
" إذا دعا الرَجُلُ لأخيه بظهر الغيب؛ قالت الملائكة: آمين. ولك بِمِثْل ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان) .
إسناده: حدثنا رجاء بن المُرَجي: ثنا نَضْرُ بن شُمَيْل: أخبرنا موسى بن
ثَرْوَانَ: حدثني طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز: حدثتني أم الدرداء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير رجاء بن
المُرَجَّى، وهو ثقة حافظ، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (8/86) ، وابن حبان (989- إحسان المؤسسة) من
طرق أخرى عن النضر ... به.
وله طريق أخرى عن أبي الدرداء: عند مسلم، والبخاري في "الأدب المفرد"
(625) وغيرهما، وهو مخرج في "الصحيحة" (1339) .
1374- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ثلاثُ دَعَواتٍ مستجاباتٌ لا شكَّ فيهن: دعوة الوالد، ودعوة
المسافر، ودعوة المظلوم ".
(قلت: حديث حسن، وكذا قال الترمذي والحافظ ابن حجر، وصححه
ابن حبان (2688)) .(5/262)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام الدَسْتَوَائِي عن يحيى عن أبي
جعفر عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي جعفر، وقد اختلف
في تحديد شخصيته على أقوال معروفة، ذكرتها في "الصحيحة" تحت هذا الحديث
(596) ، يستخلص منها أنه إما مجهول، أو ضعيف، أو ثقة؛ وكلاهما لم يسمع
من أبي هريرة، فالإسناد على كل الاحتمالات ضعيف.
لكن الحديث له شاهد من حديث عقبة بن عامر؛ خرَّجته هناك، ولذلك
حسنته تبعاً للترمذي والعسقلاني.
365- باب ما يقول الرجل إذا خاف قوماً
1375- عن أبي بُرْدَةَ بن عبد الله: أن أباه حدثه (وهو أبو موسى
عبد الله بن قيس الأشعري) :
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خاف قوماً قال:
" اللهم! إنا نجعلك في نُحُورِهِمْ، ونعوذ بك من شُرُورِهِمْ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي،
وصححه ابن حبان والنووي والعراقي) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هشام: حدثنا أبي عن قتادة
عن أبي بردة بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (4/414- 415) ، وابن حبان (2373) ، وابن السَّنِّي(5/263)
(328) ، والحاكم (2/142) من طرق أخرى عن معاذ بن هشام ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرطهما "، ووافمه الذهبي. وصححه العراقي (1/295) ، ومن
قبله النووي في "الرياض " (رقم 993- بتحقيقي) .
366- باب في الاستخارة
1376- عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا الاستخارة؛ كما يعلمنا السورة من القرآن،
ويقول لنا:
" إذا همَّ أحدكم بالأمر؛ فليركع ركعتين من غير الفريضة، وليقل:
اللهم! إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك
العظيم؛ فإنك تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم!
فإن كنت تعلم أن هذا الأمر- يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ الذي يريد- خيرٌ لي في ديني
ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري؛ فاقدُره لي، ويسِّرْهُ لي، وباركْ لي فيه.
اللهم! وإن كنت تعلمه شَرّاً لي- مثل الأول-؛ فاصرفْني عنه، واصرفْهُ عني،
واقدرْ لي الخير حيثُ كان، ثم رَضِّنِي به.- أو قال: عاجل أمري وآجله- ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه " وكذا
ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الرحمن بن مقاتل خال
القعنبي ومحمد بن عيسى- المعنى واحد- قالوا: ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي:
حدثني محمد بن المنكدر: أنه سمع جابر بن عبد الله.(5/264)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما
يأتي.
وفي ابن أبي الموالي كلام يسير، لا يصره إن شاء الله تعالى؛ ولذلك قال
الحافظ في " التقريب ":
" صدوق ربما أخطأ ".
والحديث أخرجه البخاري (3/37 و 11/531 و 13/" 32) ، والنسائي
(2/76) ، وعنه ابن السني في "عمل اليوم والليلة " (589) ، والترمذي (480) ،
وابن ماجه (1/417) ، وابن حبان (884) ، وأحمد (3/344) من طرق عن
عبد الرحمن بن أبي الموالي ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي
الموالي، وهو شيخ ثقة ".
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً به نحوه.
وآخر من حديث أبي سعيد الخدري؛ بزيادة في آخره، أوردته من أجلها في
"سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2305) .
367- باب في الاستعاذة
1376/م- عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر
ابن الخطاب قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوذ من خمس: من الجبن، والبخل، وسوء العمر،
وفتنة الصدر، وعذاب القمر.(5/265)
(قلت: إسناده ضعيف لما سبق في الذي قبله (*)) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا إسرائيل.
قلت: وهذا إسناد ضعيف لما ذكرنا في الذي قبله (*) .
والحديث مخرج في "تخريج المشكاة" (2466) - التحقيق الثاني-.
ثم وجدت للحديث علة أخرى، وهي الإرسال، فقد أخرجه النسائي
(2/317) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوذ. مرسل.
قلت: وسفيان- وهو الثوري- روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فهذا هو
المحفوظ عن أبي إسحاق؛ مرسل. والله أعلم.
ثم قررت نقله إلى "الصحيح "؛ لشواهد ذكرتها فيما علقته على "الموارد"
(ص 606) .
1377- عن أنس بن مالك قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجين، والبخل،
والهَرَمِ، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: أخبرنا المعتمر قال: سمعت أبي قال: سمعت أنس
ابن مالك.
__________
(*) يعني: الحديث (269) من " الضعيف ". (الناشر)(5/266)
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (6/28 و 11/147) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم (8/75) ، والنسائي (2/314) ، وأحمد (3/113 و 117) ،
وكذا ابن حبان (2/ 176/1005) من طرق أخرى عن سليمان التيمي ... به.
وله عند البخاري (11/145 و 149 و 150) ، ومسلم، والنسائي (3/318) ،
وأحمد (3/205 و 258 و 214 و 231 و 235 و 240) طرق أخرى عن أنس ...
به. وهو التالي:
1378- وفي طريق أخرى عنه قال:
كنت أخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت أسمعه كثيراً يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من الهَمِّ والحزن، وضَلَع الدينِ، وغَلَبَةِ
الرجال ... "؛ وذكر بعض ما ذكره النبي (يعني: في الطَريق الأولى) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يعقوب بن
عبد الرحمن- قال سعيد- الزهري عن عمرو بن أبي عمروٍ عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (11/145 و 149) ، والنسائي (2/214 و 219) ،
وأحمد (3/240) من طرق أخرى عن عمرو بن أبي عمرو ... به.(5/267)
1379- عن عبد الله بن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعلِّمهم هذا الدعاء- كلما يعلمهم السورة من
القرآن- يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،
وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجَّال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المَكي عن طاوس عن
عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/216- 217) ... بهذا الإسناد.
وعنه أيضا: أخرجه مسلم (2/90) ، والنسائي (2/320) ، والترمذي
(3488) ، وأحمد (1/258 و 298 و 311) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال مسلم عقبه:
" بلغتي أن طاوساً قال لابنه: آدَعَوْتَ بها في صلاتك؟ فقال: لا. قال: آعِدْ
صلاتك ".
قلت: وصله عبد الرزاق في "مصمفه " (3087) بسند صحيح عن طاوس ...
به
وتابعه كُرَيْبٌ عن ابن عباس ... به: أخرجه ابن ماجه (2/432- 433) .(5/268)
1380- عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَكان يدعو بهؤلاء الكلمات:
" اللهم! إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، ومن شَرِّ الغنى
والفقر ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا هشام عن أبيه
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
وعيسى: هو ابن يونس السَّبِيعي.
والحديث أخرجه البخاري (11/147- 148 و 152) ، ومسلم (6/75) ،
والترمذي (3489) - وصححه-، والنسائي (2/315- 316 و 316) ، وابن ماجه
(2/432) ، وأحمد (6/57 و 207) من طرق عن هشام بن عروة ... به أتم منه.
واستدركه الحاكم (1/541) ! فوهم!
1381- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من الفقر والقِلّةِ والذِّلَّةِ، وأعوذ بك من أن أظْلِمَ
أو أُظْلَمَ ".
(قلت: إسناده جيد، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) .(5/269)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا إسحاق بن عبد الله
عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو
ابن سلمة- فهو من رجال مسلم.
وإسحاق بن عبد الله: هو ابن أبي طلحة.
والحديث أخرجه النسائي، وابن حبان (2443) ، والحاكم (1/540) ،
وقال:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي وغيرهما، وهو مخرج في مصادر
عدة لي، تراجع في "صحيح الجامع الصغير" (1298) .
1382- عن ابن عمر قال:
كان من دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اللهم! إني أعوذ بك من زوال نعمتك،، وتحوّلِ عافيتك، وفَجْآةِ
نِقْمَتِكَ، وجميع سَخَطِكَ ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم والحاكم، وصححه على شرط
الشيخين) .
إسناده: حدثنا ابن عوف: ثنا عبد الغفار بن داود: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن
عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينارعن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن عوف
- واسمه محمد-، وهو ثقة حافظ.(5/270)
والحديث أخرجه مسلم (8/88- 89) من حلريق أخرى عن يعقوب.
واستدركه الحاكم (1/531) ! فوهم!
1383- عن أبي هريرة قال:
كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بِئْسَ الضَّحِيعُ، وأعوذ بك من
الخيانة؛ فإنها بِئْسَتِ البِطانَةُ ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء عن ابن إدريس عن ابن عَجْلان عن المَقْبُرِي
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخبن؛ غير ابن
عجلان- محمد المدني-، فأخرج له مسلم متابعة.
والحديث أخرجه النسائي (2/316) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه ابن حبان (2444) من طريق أخرى عن عبد الله بن إدريس ...
به
وللحديث طريق أخرى، أخرجه ابن ماجه (2/322) عن ليث عن كعب عن
أبي هريرة.
وهذا سند ضعيف؛ كعب: هو المدني، مجهول.
وليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف.(5/271)
1384- وعنه قال:
كانْ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من الأربع: مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَع، ومِنْ قَلْبٍ لا
يَخْشَعُ، ومِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، ومِنْ دُعاءٍ لا يسْمَعُ ".
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم من حديث زيد بن الأرقم) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن سعيد بن أبى سعيد المَقْبرِيِّ
عن أخيه عَبَّاد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عَبَّاد بن أبي سعيد، وهو
في عداد المجهولين
لكن الحديث له شواهد تقويه، وترقى به إلى درجة الصحة، أحدها في
"صحيح مسلم "؛ وقد خرجتها مع الحديث في "التعليق الرغيب " (1/75) ، ومنها
الحديث الآتي
وخالف الليثَ بنَ سعدِ: محمدُ بن عَجْلان، فأسقط (عَبَّادَ بن أبي سعيد)
من بين أخيه (سعيد بن أبيَ سعيد) و (أبي هريرة) .
أخرجه ابن ماجه (1/92/250) عن شيخه ابن أبي شيبة، وهذا في
"المصنف " (10/ 187/9175) : حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان ...
به
ومخالفة ابن عجلان لليث بن سعد إ، تُحْتَمَل؛ لا سيما في روايته عن
سعيد بن أبي سعيد؛ فقد تكلموا فيها.(5/272)
1385- عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانْ يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع.. " (*)
1386- عن فَرْوَةَ بن نَوْفَلً الآشْجَعِي قال:
سألت عائشةَ أُمَّ المؤمنين عَمَّا كان رسول الله عيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو به؟ قالت:
كان يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من شَرِّ ما عملت، ومن شَرِّ ما لم أعملْ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن هلال بن
يِسَافٍ عن فَرْوَةَ بن نَوْفَلٍ الأشجعي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما
يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (8/80) ، والنسائي (1/192 و 2/321) من طرق
أخرى عن جرير ... به.
ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (2/432) من طرق أخرى عن هلال ... به.
وتابعه أبو إسحاق عن فروة ... به: أض جه أحمد (6/139) .
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره هناك برقم (272) . (الناشر)(5/273)
1387- عن شَكَلَ بن حُميدِ قال:
قلت: يا رسول الله! عَلِّمْنِي دُعاء؟ قال:
" قل: اللهِم! إني أعوذ بك من شَرِّ سمعي، ومن شَرِّ بصري، ومن شَرِّ
لساني، ومن شرِّ قلبي، ومن شَرِّ مَنِبِّي ".
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنأ أحمد بن محمد بن حنبل: ثنأ محمد بن عبد الله بن الزبير.
(ح) وثنأ أحمد: ثنا وكيع- المعنى- عن سعد بن أوس عن بلال العَبْسِيِّ عن شُتَيْرِ
ابن شَكَل عن أبيه- وفي حديث أبي أحمد- شَكَل بن حُمَيْد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير سعد بن أوس،
وبلال- وهو ابن يحيى-، وهما ثقتان.
والحديث أخرجه أحمد (3/429) ... بإسناديه المذكورين عن سعد بن أوس.
والنسائي (2/315) من طريق أخرى عن وكيع.
والترمذي (3487) - وحسنه-، والحاكم (1/532) - وصححه- من طريق
أخرى عن ابن الزبير.
والنسائي أيضا (2/313 و 315) من طريق ثالث عن سعد ... به.
1388- عن أبي اليَسَرِ:
أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانْ يدعو:
" اللهم! إني أعوذ بك من الهَدْمِ، وأعوذ بك من التَّرَدي، وأعوذ بك
من الغَرَقِ والحَرَقِ والهَرَمِ، وأعوذ بك أن يتخبَّطَني الشيطان عند الموت،(5/274)
وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبِراً، وأعوذ بك أن أموت لَدِيغاً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: حدثنا مَكِّيّ بن إبراهيم: حدثني عبد الله
ابن سعيد عن صَيْفِيَ مولى أفلح مولى أبي أيوب عن أبي اليَسَر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وعبد الله بن
سعيد: هو ابن أبي هند.
وعبيد الله بن عمر: هو القواريري.
وأبو اليسر- بفتحتين-: اسمه كعب بن عمرو.
والحديث أخرجه أحمد (3/427) : ثنا مكي بن إبراهيم ... به؛ وفيه الزيادة
المذكورة في الرواية الآتية.
وخالف الحاكم فرواه (1/531) من طريق أخرى عن مكي بن إبراهيم ... به؛
إلا أنه قال: عن جده أبي هند!
وأشار الذهبي في "تلخيصه " إلى شذود هذه الزيادة، وهو الصواب.
ولو ثبتت هذه الزيادة لضعف الحديث بها؛ لأن أبا هند هذا مجهول لا يعرف.
ومع ذلك؛ فقد قال الحاكم:
" صحيح الإسناد "!
وأخرجه النسائي (2/321- 322) من طرق أخرى عن عبد الله بن سعيد.. به.
وللحديث شاهد مختصر من حديث أبي هريرة، يرويه إبراهيم بن إسحاق عن
سعمِد المقبري عنه ... مرفوعاً بلفظ:(5/275)
" اللهم! إني أعوذ بك أن أموت غضاً وهَمّاً، أو أموت غرقاً، أو أن يتخبطني
الشيطان عند الموت، أو أن أموت لديغاً ".
أخرجه أحمد (2/356) .
وإبراهيم هذا: هو ابن الفضل بن إسحاق، كما حققه الحافط في "التعجيل "،
وهو متروك.
1389- وفي رواية عنه؛ زاد فيه: " والغَمً ".
(قلت: إسناده صحيح كالذي قبله) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن عبد الله بن
سعيد: حدثني مولى لأبي أيوب عن أبي اليَسَرِ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضا؛ لأن المولى الذي لم يُسَم:
هو صَيْفِي كما في الرواية الأولى.
وعيسى: هو ابن يونس السَّبِيعي.
وقد تابعه على هذه الزيادة: أنس بن عيَاض عن عبد الله بن سعيد عن
صيفي ... به: أخرجه النسائي (2/322) .
وهي ثابتة من الطريق الأولى أيضا: عند أحمد كما تقدم ذكره.
1390- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:
" اللهم! إني أعوذ بك من البَرَصِ والجنون والجُذَامِ، ومن سَيًئ
الأسقام ".(5/276)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1390)) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وحماد: وهو
ابن سلمة.
والحديث أخرجه الطيالسي (1/258) : حدثنا حماد ... به.
ومن طريق الطيالسي: أخرجه النسائي (2/318) ، لكن وقع عنده همام بدل:
حماد!
وأظنه خطأً مطبعياً.
وأخرجه أحمد (3/192) من طريقين احرين عن حماد ... به.
انتهى "كتاب الصلاة" من "صحيح أبي داود" قبيل عصر يوم الاثنين
27 جُمَادى الأولى سنة 1394 هـ. ويليه بإذن الله:
" كتاب الزكاة "، أسأل الله تيسير إتمامه(5/277)
3- كتاب الزكاة
1391- عن أبي هريرة قال:
لما تُوُفِّيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كَفَرَ من
العرب؛ قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِل الناسَ وقد قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " امرْتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال:
لا إله إلا الله؛ عَصَمَ مني مالَهُ ونفسَة إلا بحقِّهِ؛ وحسابه على الله عز
وجل "؟! فقال أبو بكر:
والله لأقاتلنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاةَ حق المال! واللهِ لو
منعوني عقالاً كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقاقلتهم على منعه. فقال
عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ اللهَ عز وجل قد شرح صدر أبي
بكر للقتال- قال-؛ فعرفت أنه الحقُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بسند المصنف
ومتنه، لكن قوله: "عقالاً" شاذ، والمحفوظ: " عَنَاقاً "؛ كما يأتي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي: ثنا الليث عن عقَيْل عن الزهري:
أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة.
قال أبو داود، " رواه رَبَاح بن زيد عن معمر عن الزهري ... بإسناده، قال
بعضهم: عقالأ. ورواه ابن وهب عن يونس ... قال: عناقاً ".
قال أبو داود: " قال شعيب بن أبي حمزة ومعمر والزُّبيدي عن الزهري ... في
هذا الحديث: لو منعوني عناقاً. وروى عنبسة عن يونس عن الزهري ... في هذا
الحديث قال: عناقاً ".(5/278)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد
أخرجاه بإسناده ومتنه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (13/218) ، ومسلم (1/38) ، والترمذي
(2610) ، والنسائي (1/335 و 2/161) كلهم لمحالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد ...
به
وأخرجه البيهقي (4/104) من طريق المصنف. وقال البخاري عقبه:
" قال ابن بُكَيْرٍ وعبد الله عن الليث: (عناقاً) ، وهو أصح ".
قلت: يعني: من رواية قتيبة المذكورة عن الليث بلفظ: (عقالاً) .
وكان المصنف أشار إلى ترجيح ما رجحه البخاري بتسمية الرواة الذين تابعوا
عُقَيْلاً على اللفظ الراجح. ومن المفيد أن آصِلَ رواياتهم، ثم أُتْبِعَها بذكر متابعين
آخرين ممن وقفت عليهم.
وابن بكير: اسمه يحيى بن عبد الله، وقد وصل روايته: البخاري (12/232-
234) . فلنبدأ الآن بوصل الروايات المشار إليها:
1- ابن وهب عن يونس: وصلها مسلم (1/39) ؛ ولكنه لم يَسُقِ القصة، وإنما
الحديث المرفوع فقط.
2- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري: وصلها البخاري (2/206) ، والنسائي
(2/53 و 162) ، والبيهقي، وأحمد (1/19) .
3- معمر عن الزهري: وصلها أحمد (1/35- 36 و 47- 48) .
4- الزبَيْدِيَ عن الزهري: وصلها النسائي (2/52) .(5/279)
فهؤلاء أربعة من الثقات، وزدت عليهم:
5- سفيان بن عيينة عن الزهري: رواه النسائي (2/53 و 161- 162) .
6- محمد بن أبي حفصة: ثنا الزهري: أخرجه أحمد (2/528- 529) .
وثمة راوٍ آخر، قرنه النسائي مع شعيب وابن عيينة، فيحتمل أن يكون سابعاً،
ويحتمل أن يكون أحد هؤلاء الستة!
وأيضا هناك سفيان بن حسين؛ رواه عن الزهري أيضآ؛ لكنه قال: كذا وكذا؛
لم يحدد موضع النزل.
أخرجه أححد (1/11) ، والنسائي (2/162) ، وقال.
" سفيان بن حسين في الزهري ليس بالقوي ".
أقول: يتبين لنا من هذا التخريج أن الذين اتفقوا في هذه اللفظة: (عناقاً) على
الزهري هم أربعة: شعيب، والزبيدي، وابن عيينة، ومحمد بن أبي حفصة،
والآخرون اختلف عليهم.
ولا شك أن الاعتماد على اتفاق هؤلاء- وكلهم ثقات- أولى من العكس، فلا
جَرَمَ أن الإمام البخاري قال فيها: " إنها أصعح ". وإليه جنح الحافظ، وأيده بروايه
أخرى لأبي عبيدة؛ فراجعه إن شئت (12/234) .
1392- وفي رواية معلقة في هذا الحديث:
لو منعوني عَناقاً.
(قلت: وصلها البخاري، وقال: إنها أصح من الرواية السابقة والآتية.
وأشار المصنف إلى تقويتها، وجنح الحافظ إليها) .(5/280)
1393- وفي أخرى موصولة قال:
قال أبو بكر: إن حقَّهُ أداءُ الزكاة ... وقال: عقالاً.
(قلت: إسنادها صحيح، ولكنها شاذه) .
1- باب ما تجب فيه الزكاة
1394- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليس فيما دونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صدقةٌ، وليس فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ
صدقة، وليس فيما دُونَ خمسةِ أوْسقٍ صدقةٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس عن عمرو
ابن يحيى المازني عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول ...
قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" ... بإسناده هنا ومتنه.
وأخرجه عنه: البخاري وغيره.
ورواه سائر الستة وغيرهم من طرق أخرى عن المازني ... به؛ وهو مخرج
عندي في "إرواء الغليل " (800) ؛ فلا داعي للإعادة.
لكن لا بد هنا مما التنبيه على فائدة لم نتمكن من ذكرها هناك، وهي أن ابن
حبان أخرج الحديث في "صحيحه " (3264 و 3265 و 3270 و 3271) من طرق(5/281)
عن عمرو بن يحيى ... به؛ وفي بعض الطرق بلفظ:
" لا يَحِل في البُر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسةَ أوسق، ولا يَحِل في الوَرِقِ
زكاة حتى يبلغ خَمْسَ أواقٍ، ولا يَحِلُ في الإبل زكاة حتى يبلغً خَمْسَ ذوْد ".
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ ابن
حبان: محمد بن المسيب بن إسحاق، وهو من شيوخ ابن خزيمة أيضا، وهو حافظ
بارع؛ كما في "تذكرة الحفاظ ".
1395- عن إبراهيم قال:
الوَسْقُ: ستون صاعاً مختوماً بالحَجَّاجِيِّ.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع)
إسناده: حدثنا محمد بن قُدَامة بن أعْيَنَ: ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن
أعين، وهو ثقة.
وإبراهيم: هو ابن يزيد النخَعِي.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/138) : حدثنا هُشَيْمٌ عن
مغيرة ... به.
ثم أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري ... موقوفاً عليه.
وإسناده منقطع، وفيه ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ.
وقد رواه بعض الثقات مرفوعاً، ولكنه منقطع كما ذكرنا، وهو في الكتاب
الآخر برقم (273) .(5/282)
2- باب العُروض إذا كانت للتجارة؛ هل فيها زكاة؟
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
3- باب الكنز؛ ما هو؟ وزكاة الحلي
1396- عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده:
أن امرأة أتَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتها مَسَكتانِ
غليظتان من ذهب، فقال لها:
" أتعطين زكاة هذا؟ ". قالت: لا. قال:
" آيَسُرّكِ أن يسَوِّركِ اللة بهما يومَ القيامةِ سِوارينِ من نار؟! ".
قال: فخلعتها، فألقَتْهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالت: هما لله عز وجل
ولرسوله!!
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن القَطَّان) .
إسناده: حدثنا أبو كامل وحميْد بن مسْعَدَةَ- المعنى- أن خالد بن الحارث
حدثهم: ثنا حُسَيْنٌ عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7065) ، وابن أبي شيبة (3/153) ،
وغيرهما من أصحاب "السنن " من طرق أخرى عن عمرو ... به نحوه، وهو مخرج
في "الإرواء" (817) ؛ فاكتفيت به عن تخريجه هنا.(5/283)
1397- عن أم سلمة قالت:
كنت ألْبسُ أوضاحاً (1) من ذهب، فقلت: يا رسول الله! أكَنْزٌ هو؟ فقال:
" ما بلغ أن تُؤَدى زكاتُهُ فَزُكِّيَ؛ فليس بكنزٍ ".
(قلت: المرفوع منه حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عَتابُ- يعني: ابن يَشِيرٍ - عن ثابت بن
عَجْلان عن عطاء عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف من وجوه، بينتها في "الأحاديث الصحيحة"
(559) ، وإنما حسنته لأن له شاهداً، خرجته هناك مع الحديث؛ فليرجع إليه من شاء.
1398- عن عبد الله بن شداد: أنه قال:
دخلنا على عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت:
دخل عليَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأى في يَدِي فَتَخَات من وَرِق، فقال:
" ما هذا يا عائشة؟! ". فقلت: صنعتهن أتزيَّنُ لك يا رسول الله! قال:
" أتؤدين زكاتهن؟ ". قلت: لا؛ أو ما شاء الله. قال:
" هو حَسْبُكِ من النار ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي
والعسقلاني) -
__________
(1) هي نوع من الحلي يعمل من الفضة، كما في "النهاية".
وهنا وصفها الراوي بأنها من ذهب! فلعله من وهمه.(5/284)
إسناده: حدثنا محمد بن إدريس الرازي: ثنا عمرو بن الربيع بن طارق: ثنا
يحيى بن أيوب عن [عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره
عن] (*) عبد الله بن شَدَّاد بن الهاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، وكذلك
قال الحاكم ووافقه الذهبي وتبعهم العسقلاني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث
في "آداب الزفاف " (ص 263- 264) ، ودا الإرواء" (817) ، فأغى عن الإعادة".
(تنبيه) : حديث: " ليس في الحلي زكاة "- مع مخالفته الصريحة لهذا
الحديث والذي قبله-؛ فهو ضعيف الإسناد لا يصح، كصا حققته في "الإرواء"،
فلا يجوز الاعتماد عليه في مخالفته الحديثين المذكورين؛ فتنبه.
4- باب في زكاه السائمة
1399- عن حماد قال:
أخذت من ثُمَامَةَ بن عبد الله بن أنس كتاباً، زعم أن أبا بكر كتبه
لأنس، وعليه خاتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بعثه مُصَدِّقاً، وكتبه له، فإذا فيه:
هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المسلمين، التي
أمر الله عزوجل بها نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها
فليعطها، ومن سُئِلَ فوقها فلا يُعْطِهِ:
" فيما دون خمس وعشرين من الابل الغنم؛ في كل خمسِ ذَوْدِ شاة
فإذا بلغت خمساً وعشرين؛ ففيها ابنةُ مَخَاضٍ، إلى أن تبلغ خَمساً
وثلاثين، فإن لم يكن فيها بنتُ مخاضٍ؛ فابن لَبُونٍ ذكرٌ، فإذا بلغت ستاً
__________
(*) ما بين المعقوفتين سقط من أصل الشيخ رحمه الله. (الناشر) .(5/285)
وثلاثين؛ ففيها بنت لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستا وأربعين؛
ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل، إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين؛ ففيها
جَذَعَةٌ، إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستاً وسبعين؛ ففيها ابنتا لبَوُن،
إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين؛ ففيها حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الفَحْلِ، إلى
عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومئَة؛ ففي كل أربعين بنتُ لَوُن،
وفي كل خمسين حِقةٌ، فإذا تباين أسنان الابل في فرائض الصدقات؛
فمن بلغت عنده صدقة الجَذَعَةِ، وليست عنده جَذَعَةٌ، وعنده حِفةٌ؛ فإنها
تقبل منه، وأن يجعل معها شاتين إن تَيَسَّرَتا له، أو عشرين درهماً، ومن
بلغت عنده صدقة الحِقَّةِ، وليست عنده حِقَّةٌ، وعنده جَذَعَةٌ؛ فإنها تُقْبَلُ
منه، ويعطيه المُصَدِّق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة
الحِقَّة، وليس عنده حِقةٌ وعنده ابنة لَبوُنٍ؛ فإنها تُقْبَلُ منه- قال أبو داود:
من هنا لم أضبطه عن موسى كما أُحِبُّ -، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا
له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وليس عنده إلا
حقة؛ فإنها تُقْبَلُ منه- قال أبو داود: إلى ههنا، ثم أتقنته-، ويعطيه المصدق
عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليس عنده إلا
بنت مخاض؛ فإنها تُقْبَلُ منه، وشاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده
صدقة ابنة مخاض ولمس عنده إلا ابن لبون ذكر؛ فإنه يقبل منه وليس
معه شيء، ومن لم يكن عنده إلا أربع؛ فليس فيها شيء إلا أن يشاء رَبها.
وفي سائمة الغنم: إذا كانت أربعين؛ ففيها شاة، إلى عشرين ومئة،
فإذا زادت على عشرين ومئةِ؛ ففيها شاتان، إلى أن تبلغ مئتين، فإذا زادت
على المئتين؛ ففيها ثلاث شَياه، إلى أن تبلغ ثلاث مئة، فإذا زادت على(5/286)
ثلاث مئة؛ ففي كل مئةِ شاةٍ شاةٌ.
ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَار من الغنم، ولا تَيْسُ
الغنم؛ إلا أن يشاء الصَدق.
ولا يجْمَع بين مُفْتَرِقٍ، ولا يفَرَقُ بين مُجْتَمعِ خَشْيَةَ الصدقة.
وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بينهمَا بالسَّوِيةِ.
فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين؛ فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء رَبّها.
وفي الرِّقَةِ زبُعُ الغشرِ، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومئةً؛ فليس فيها شيء؛
إلا أن يشاء رَبهَا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي،
وصححه الإمام الدارقطني. ورواه البخاري مختصراً) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي،
وصححه الدارقطني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث في " الإرواء " (792) .
1400- عن سالم عن أبيه قال:
كتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتاب الصدقة، فلم يخرجه إلى عُماله حتى
فبِضَ، فَقَرَنهُ بسيفه، فعمل به أبوبكر حتى فبِض، ثم عَمِلَ به عمرُحتى
قُبِضَ فكان فيه:
" في خمس من الابل شاةٌ، وفي عشرٍ شاتان، وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثلاثُ(5/287)
شِياهٍ، وفي عشرينَ أربعُ شياهٍ، وفي خمس وعشرين ابنةُ مخاضِ؛ إلى
خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ لَبُونٍ؛ إلى خمس وأربعين،
فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنتا لبون؛ إلى تسعين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها
حِقَّتَانِ؛ إلى عشرين ومئةٍ، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك؛ ففي كل
خمسين حِقَّةٌ، وفي كلِّ أربعين ابنةُ لَبوُنِ. وفي الغنم في كل أربعين شاة
شاة؛ إلى عشرين ومئةِ، فإن زادت واحدةَ فشاتان؛ إلى مئتين، فإن زادت
على المئتين ففيها ثلاثَ؛ إلى ثلاث مائة، فإن كانت الغنم أكثر من ذلك؛
ففي كل مئة شاةٍ شاةٌ؛ ليس فيها شيء حتى تبلغ المئة. ولا يُفَرقُ بين
مجتمع، ولا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ مَخافةَ الصدقة. وما كان من خليطين؛
فإنهما يتراجعان بالسَّوِيَّةِ.
ولا يُؤْخَذُ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عيب ".
قال: وقال الزهري: إذا جاء المُصَدِّقُ قُسِّمَتِ الشاء أثلاثاً: ثلثاً شراراً،
وثلثاً خياراً، وثلثاً وسطاً، فأخذ المصدق من الوسط ... ولم يذكر الزهري:
البقر.
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عَبَّاد بن العَوَّام عن سفيان بن
حسين عن الزهري.
قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ على ضعف في سفيان
في روايته عن الزهري خاصةً، لكنه قد توبع، وأشار البخاري إلى تقويته كما
ذكرت في "الإرواء " (792) .
وتشهد له رواية الزهري الآتية بعد الرواية الثانية عن نسخة كتاب رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التي عند آل عمر.(5/288)
1401- زاد في رواية:
" فإن لم تكن ابنةُ مخاضٍ؛ فابنُ لَبُونٍ"
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن يزيد الواسطي: أخبرنا
سفيان بن حسين ... بإسناده ومعناه.
قلت: الكلام فيه كالكلام في الذي قبله.
والزيادة التي فيه شاهد من حديث الشعبي ... مرسلاً.
أخرجه ابن أبي شيبة (3/123) بسند جيد.
1402- وعن ابن شهاب قال:
هذه نسخة كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كتبه في الصدقة، وهي عند
آل عمر بن الخطاب.
قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتها على
وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن
عمر وسالم بن عبد الله بن عمر ... فذكر الحديث؛ قال:
" فإذا كانت إحدى وعشرين ومئةً؛ ففيها ثلاثُ بناتِ لبون؛ حتى تبلغ
تسعاً وعشرين ومئةً، فإذا كانت ثلاثين ومئةً؛ ففيها بنتا لبون وحِقَةٌ؛ حتى
تبلغ تسعاً وثلاثين ومئةً، فإذا كانت أربعين ومئةً؛ ففيها حِقَتان وبنت لبون؛
حتى تبلغ تسعاً وأربعين ومئةً، فإذا كانت خمسين ومئةً؛ ففيها ثلاث
حِقاق؛ حتى تبلغ تسعاً وخمسين ومئةً؛ فإذا كانت ستين ومئةً؛ ففيها أربع
بنات لًبون؛ حتى تملغ تسعاً وستين ومئةً، فإذا كانت سبعين ومئةً ففيها(5/289)
ثلاث بنات لبون وحِقَّةٌ؛ حتى تبلغ تسعاً وسبعين ومئةً، فإذا كانت ثمانين
ومئةً؛ ففيها حقتان وابنتا لبون؛ حتى تبلغ تسعاً وثمانين ومئةً، فإذا كانت
تسعين ومئة، ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعاً وتسعين ومئةً،
فإذا كانت مئتين؛ ففيها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، أي السنينَ
وُجِدَتْ أُخِذَتْ. وفي سائمة الغنم ... "؛ فذكر نحو حديث سفيان بن
حسين (يعني: الذي قبله) ؛ وفيه:
" ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عَوَارٍ من الغنم، ولا تيس
الغنم؛ إلا أن يشاء المُصَدِّقُ ".
(قلت: حديث صحيح برواياته الثلاث، وإسناد الأخيرة صحيح وجِادةً) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن
ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح عندي؛ لأن ابن شهاب قرأ الكتاب من نسخة
سالم بن عبد الله بن عمر، وهذه رواية بالوجادة، وهي حجة؛ فلا يضرها من أعلها
بالإرسال.
والحديث أخرجه الدارقطني، والحاكم، كما خرجته في "الإرواء" (792) .
1403- عن مالك قال:
وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لا يُجْمَعُ بين متفرق، ولا يُفَرَّقُ بين مجتمع) : هو أن يكون لكل رجل
أربعون شاة، فإذا أظلَّهم المصدق؛ جمعوها لئلا يكون فيها إلا شاةٌ.(5/290)
و (لا يُفَرَّق بين مجتمع) : أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مئةُ شاه
وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا أظلَّهما المصدق فرّقا غَنَمَهما؛
فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة، فهذا الذي سمعت في ذلك.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع) (*) .
1404- عن علي رضي الله عنه- قال زهير: أحْسَبُه- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه قال:
" هاتوا رُبُعَ العُشُرِ؛ من كل أربعين درهماً دِرْهَم، وليس عليكم شيء
حتى يتم مئة درهم، فإذا كانت مئتي درهم؛ ففيها خمسة دراهم، فما زاد
فبحساب ذلك.
وفي الغنم؛ في كل أربعين شاةً شاةِّ، فإن لم يَكُنَّ إلا تسعاً وثلاثين؛
فليس عليك فيها شيء ... - وساق صدقة الغنم مثل الزهري (يعني:
الحديث 1408) -.
وفي البقر؛ في كل ثلاثين تَبِيع، وفي الأربعين مسنةٌ، وليس على
العوامل شيء. وفي الابل ... - فذكر صد قتها كما ذكر الزهري؛ قال:- وفي
خمس وعشرين خمسة من الغنم، فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ مخاضٍ،
فإن لم تكن بنتَ مخاض؛ فابنُ لبون ذكر. إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت
واحدة؛ ففيها بنت لبون؛ إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدةً؛ ففيها
حقة طروقة الجمل؛ إلى ستين ... - ثم ساق مثل حديث الزهري؛ قال:
__________
(*) لم يورد الشيخ رحمه الله إسناده وتخريجه. (الناشر) .(5/291)
- فإذا زادت واحدة- يعني: واحدة وتسعين-؛ ففيها حقتان طروقتا
الجمل؛ إلى عشرين ومئة، فإن كانت الابل أكثر من ذلك؛ ففي كل
خمسين حِفةٌ. ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق؛ خشية
الصدقة.
ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَارٍ، ولا تيسٌ؛ إلا أن يشاء
المصدق.
وفي النبات ما سقته الأنهارأو سقت السماء: العُشُرُ، وما سقى
الغَرْبُ؛ ففيه نصف العشر.
وفي حديث عاصم والحارث:
" الصدقة في كل عام ".
قال زهير: أحسبه قال: مرة.
وفي حديث عاصم:
" إذا لم يكن في الإبل ابنة مخاض ولا ابن لبون؛ فعشرة دراهم أو
شاتان ".
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن
عاصم بن ضمرة. وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن من طريق عاصم بن ضمرة عن علي؛ إن كان أبو
إسحاق- وهو السبيعي- سمعه منه، وحدث به أبو إسحاق قبل اختلاطه؛ فإن
زهيراً سمع منه بعد الاختلاط.(5/292)
وقد خالفه جماعة من الثقات، فرووه عنه عن عاصم عن علي ... موقوفاً؛
منهم من ساقه بتمامه، ومنهم من اقتصر على بعض فقراته.
أخرجه كذلك: عبد الرزاق في "المصنف " برقم (6794 و 6796 و 6829 و 6842
و6881 و 6901 و 6902 و 7023 و 7074و 7076 و 7233 و 7234) ، وابن أبي
شيبة أيضا (3/117 و 118 و 119 و 122 و 123 و 124 و 125 و 127 و 129
و130 و 132 و 133 و 136 و 145 و 158 و 159 و 219) .
ومن هؤلاء: سفيان الثوري، ومنهم شعبة، كما يأتي في كلام المصنف بعد
الرواية الثانية، وهما قد سمعا من أبي إسحاق قبل الاض ضلاط، كما أن شعبة لا
يروي عنه ما دلسه. فالمحفوظ عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي موقوف، وهو
الذي رجحه جمع، ذكرتهم في "الإرواء " (787) ، وأشار إليه المصنف فيما يأتي،
وذلك ما كنت جنحت إليه في "الإرواء ".
لكني لما تأملت في قول الحافظ:
" ... والأثار تعضده "؛ وجدته كذلك، لا سيما وقد طبع بعد ذلك كتاب
"المصنف " لعبد الرزاق بن همام الإمام الحافظ، فرأيته ساق للحديث طريقاً أخرى؛
فإنه- بعد أن ساقه (6794) من طريق معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن
علي ... موقوفاً بطوله- قال عقبه (6795) . عن ابن عيينهْ قال: أخبرني محمد
ابن سُوقَةَ قال: أخبرني أبو يعلى منذر الثوري عن محمد ابن الحنفية قال:
جاء ناس من الناس إلى أبي، فشكوا سُعَاةَ عثمان! فقال أبي: خذ هذا
الكتاب، فاذهب إلى عثمان بن عفان، فقل له: قال أبي: إن ناساً من الناس قد
جاءوا شكوا سعاتك، وهذا أمر رسمول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شي الفرائض، فليأًخذوا به.
فانطلقت بالكتاب حتى دخلت على عثمان، فقلت له: إن أبي أرسلني إليك،
وذكر أن ناساً من الناس شكوا سعاتك، وهذا أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الفرائض،(5/293)
فَأْمرْهمْ فليأخذوا به. فقال: لا حاجة لنا في كتابك. قال: فرجعت إلى أبي
فأخبرته. فقال أبي: لا عليك! اردد الكتاب من حيث أخَذْتَه. قال: فلو كان
ذاكراً عثمان بشيء لذكره- يعني: بسوء-. قال: وإنما كان في الكتاب ما في
حديث علي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في
"الخًمسِ " من "صحيحه " من طريق الحميدي وغيره عن ابن عيينة ... به؛ لكنه
لم يذكر الجملة الأخيرة التي هي موضع الشاهد منه.
وعزاه الحافظ لابن أبي شيبة أيضا. وقول العلق الفاضل على" "المصنف ":
" وقد تغافل الحافظ عما كان في الكتاب "!
ليس بجيد، ولو قال: " وقد غفل ... " لكان آدَبَ!
قلت: فيهذه الطريق المرفوعة صح الحديث، والحمد لله.
ولم يتعرض لذكرها القرضاوي في "فقه الزكاة "!
1405- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ببعض أول الحديث؛ قال:
" فإذا كانت لك مئتا درهم، وحال عليها الحول؛ ففيها خمسة دراهمِ،
وليس عليك شيء- يعني: في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارآ،
فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول؛ ففيها نصف دينار، فما
زاد فبحساب ذلك- قال: فلا أدري أعَلِي يقول: " فبحساب ذلك "، أو
رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! -، وليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحول ".
إلا أن جريراً قال: ابن وهب يزيد في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(5/294)
" ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول ".
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني جرير بن
حازم- وسمى آخر- عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن
علي.
قلت: ورجاله ثقات؛ على التفصيل المذكور قبله؛ غير الحارث، فهو ضعيف.
والأخر؛ لعله أبو عوانة الآني بَعْد.
1406- وفي أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقَّةِ؛ من كل أربعين
درهماً، وليس في تسعين ومئةٍ شيء، فإذا بلغت مئتين، ففبها خمسة دراهم ".
(قلت: حديث صحيح. رواه عبد الرزاق بسند صحيح. وقال النووي:
" حديث صحيح أو حسن ". وقال الزيلعي: " حديث حسن ". وقال
العسقلاني: " لا بأس بإسناده، والأثار تعضده، فيصلح للحجة ". ونحوه قال
الشوكاني) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم
ابن ضمرة عن علي عليه السلام.
قال أبو داود: " روى هذا الحديث: الأعمشُ عن أبي إسحاق، كما قال أبو
عوانة. ورواه شيبان وأبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث
عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. وروى حديث النفيلي (يعني: المتقدم برقم
1403) : شعبةُ وسفيانُ وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ... لم
يرفعوه ".(5/295)
قلت: وشعبة وسفيان- وهو الثوري- مع فقتهما وجالألتهما؛ قد رويا عن أبي
إسحاق قبل الاختلاط، فروايتهما عنه عن عاصم عن علي ... موقوفاً أرجح من
رواية من رواه عنه ... به مرفوعاً، كما سبقا بيانه تحت حديث النفيلي المشار إليه
آنفاً.
لكن الحديث في حكم الرفوع؛ لا سيما وقد جاء من طريق أخرى صحيحة،
كما سبق بيانه هناك، فراجعه.
وحديث الأعمش الذي علقه المصنف قد وصله ابن أبي شيبة (3/117) :
حدثنا ابن نمير عن الأعمش ... به مختصرآ.
1407- عن بَهْزِ بن حَكِيمٍ عن أبيه عن جده: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
" في كل سائمة إبلٍ في أربعين بنتُ لبونٍ، ولا يُفَرَق إبلٌ عن
حسابها، مَنْ أعطاها مُؤْتَجِراً بها؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا أخذوها
وشَطْرَ مالِهِ، عَزَمَةً من عَزَماتِ ربنا عز وجل، ليس لآل محمد منها
شيئ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا بهز بن حكيم. (ح)
وحدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن بهز بن حكيم.
قلت: وهذا إسناد حسن، كما بينته في "الإرواء" (791) ، مع تخريج
الحديث؛ فلا داعي للإعادة.(5/296)
1408- عن معاذ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا وجَّهه إلى اليمن، أمره ان يأخذ من البقر من كل
ثلاثين: تبيعاً أو تبيعةً، ومن كل أربعين: مُسِنَّةً، وعن كل حالم- يعني:
محتلماً-: ديناراً، أو عد له من المَعَافِرِ- ثياب تكون باليمن-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيحين، وكذلك قال الحاكم والذهبي،
وقال الترمذي: " حديث حسن "، وابن عبد البر: " ثنا متصل "، وصححه
ابن حبان أيضا وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن معاذ.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة والنفيلي رابن المثنى قالوا: ثنا أبو معاوية: ثنا
الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن أبي
وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال:
بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن ... مثله؛ ايذكر. ثياباً تكون باليمن، ولا ذكر:
يعني: محتلماً.
قال أبو داود: " ورواه جرير ويعلى ومعتمر وشعبة وأبو عوانة ويحبي بن سعيد
عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق. قال يعلى ومعمر: عن معاذ ... مثله ".
قلت: يعني المصنف رحمه الله: أن الجماعة رووه عن الأعمش عن أبي وائل
عن مسروق ... مرسلاً؛ لم يذكروا معاذاً. وخالفهم يعلى ومعمر فأسنداه عن
معاذ.
ورواية معمر وصلها عبد الرزاق (6841) ، اخبرنا معمر والثوري عن الأعمش(5/297)
عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ ... به.
وأخرجه الدارقطني (ص 203) عن عبد الرزاق.
ورواية يعلى وصلها الدارمي، فقال (1/382) : حدثنا يعلى بن عبيد: ثنا
الأعمش عن شقيق عن مسروق. والأعمش عن إبراهيم قالا: قال معاذ ...
وهذا ظاهره أن إبراهيم يرويه عن معاذ مباشرة؛ وليس كذلك، بدليل رواية أبي
معاوية الثانية عند المصنف، فقد أدخل بينهما مسروقاً أيضا، فالأعمش له
شيخان: شقيق أبو وائل، وإبراهيم- وهو النَّخَعِي-، وكلاهما يرويه عن مسروق
عن معاذ؛ إلا أن بعضهم قد يسقط مسروقاً من بين أبي وائل ومعاذ، كما في رواية
أبي معاوية الأولى عند المصنف.
وكذلك رواه عنه البيهقي (9/193) .
ورواه الحاكم (1/398) من طريق أخرى عن أبي معاوية ... فأثبت مسروقاً
بينهما، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. وراجع تمام التخريج في "الإرواء"
(795) .
1409- عن سُويدِ بن غَفَلَةَ قال:
سِرْتُ- أو قال: أخبرني من سار- مع مُصَذَقِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا في
عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أن لا تأخذْ من راضع لَبَنٍ، ولا تجمعْ بين مفترق، ولا تفرق بين
مجتمع ".
وكان إنما يأتي المياه حين ترد الغنم، فيقول:(5/298)
" أدًّوا صدقاتِ أموالكم "- قال: فَعَمَدَ رجل منهم إلى ناقة كَوْمَاءَ
- قال: قلت: يا أبا صالح! ما الكَوْمَاءُ؟ قال: عَظِيمةُ السَّنَامِ، قال: ً- فأبى
أن يقبلها. قال: إني أحب أن تأخذ خَيْرَ إبلي. قال: فأبى أن يَقْبَلها. قال:
فَخَطَمَ له أخرى دونها، فأبى أن يقبلها. ثم خَطَمَ له أخرى دونها، فَقَبِلَها
وقال: إني آخذها وأخاف أن يجد عَلَيَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يقول لي:
" عَمَدْتَ إلى رجلٍ فتخيَّرْتَ عليه إبله؟! ".
وفي رواية عنه قال:
أتانا مُصَدِّقُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذت بيده وقرأت في عهده:
" لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ... "؛
ولم يذكر: " راضع لبن ".
(قلت: إسناده حسن من الطريق الأولى) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن هلال بن خَبَّاب عن ميسرة أبي
صالح عن سويد بن غفلة.
قال أبو داود: " ورواه هشيم عن هلال بن خباب ... نحوه؛ إلا أنه قال: " لا
يُفَرَّقُ ". حدثنا محمد بن الصباح البزاز: ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عنه
عن أبي ليلى الكندي عن سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ قال:
" أتانا مصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ".
قلت: والإسناد الأول حسن، رجاله ثقات؛ غيرها، بن خباب، وهو حسن
الحديث.(5/299)
وميسرة أبو صالح لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع، وقد تابعه أبو
ليلى الكندي، وهو ثقة، لكن في الطريق إليه شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-،
وهو سيئ الحفظ، فيحتجُّ بحديثه ما تابعه عليه الثقات.
والحديث أخرجه النسائي (1/340) ، وأحمد (4/315) ، والفَسَويُ في
"التاريخ " (1/227) من طريق هشيم ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/552) من طريق شريك. وكذا الدارمي (1/383) .
1410- عن عبد الله بن معاوية الغَاضِرِيَ- من غَاضِرَةِ قَيْس- قال: قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" ثلاث من فعلهن؛ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: مَنْ عَبَدَ اللهَ وحدَة، وأنه لا
إله إلا الله، وأعطى زكاة مالِهِ طَيِّبَةً بها نَفْمئة، رافدةً عليها كل عام، ولا
يعطي الهَرِمَةَ، ولا الدَّرِنَةَ، ولا المريضةَ، ولا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، ولكق من
وَسَطِ أموالكم؛ فإن الله لم يسألكم خَيْرَة، ولم يأمركم بِشَرهِ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: قال أبو داود: قرأت في كتاب عبد الله بن سالم- بحمص عند آل
عمرو بن الحارث الحمصي-: عن الزّبَيْدِيِّ قال: وأخبرني يحيى بن جابر عن خبَيْرِ
ابن نفَيْرٍ عن عبد الله بن معاوية.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ والزبيدي: هو محمد بن الوليد، ولا يضره أن
المصنف لم يسمعه؛ فإنه وجادة.
وقد وصله البيهقي، فانظر "الصحيحة" (1046) .(5/300)
1411- عن أبي بن كعب قال:
بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصَدِّقاً، فمررت برجل، فلما جمع لي مَالَة؛ لم
أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض؛ فقلت: له: أدِّ ابنة مخاض؛ فإنها
صدقتك. فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقةٌ فَتِيَّة عظيمة
سمينة فخذها. فقلت له: ما أنا بآخذٍ ما لم أُومَرْ به، وهذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
منك قريب، فإن أحببت أن تأتِيَة فتعرض عليه ما عَرَضتَ عليَّ؛ فافعل،
فإن قَبِلَه منك قَبِلْتة، وإن رَدَّه عليك رددته. قال: فإني فاعل، فخرج معي،
وخرج بالناقة التي عرض عليَّ، حتى قَدِمْنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال
له:
يا نبيَّ الله! أتاني رسولك لِيأخذَ منِّي صدقة مالي- وايْم اللهِ ما قام في
مالي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا رسولُه قَط قبله-، فجمعت له مالي، فزعم أن ما
عليَّ فيه ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة
فَتيَّةً عظيمة ليأخذها؛ فأبى عليَّ! وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله!
خذْها. فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخعر؛ آجرك الله فيه، وقبلناه منك ".
قال: فها هي ذه يا رسول الله! قد جئتك بها فخذها. قال: فأمر رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْضِها، ودعا له في ماله بالبركة
(قلت: إسناده حسن، وحمححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا محمد بن منصور: ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن ابن(5/301)
إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن
ابن سعد بن زُرَارة عن عُمَارة بن عمرو بن حزم عن أبيِّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المعروف في
محمد بن إسحاق.
ومحمد بن منصور: هو أبو جعفر الطَوسِيُّ.
والحديث أخرجه أحمد (5/142) ، ومن طريقه الحاكم (1/399) ، وعنه
البيهقي (4/96) ؛ وصححه الحاكم كما ذكرنا ووافقه الذهبي.
1412- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معاذاً إلى اليمن، فقال:
" إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأتي
رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس
صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك؛ فأعلمهم ان الله افترض
عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتُرَدّ على فقرائهم، فإن هم
أطاعوك لذلك؛ فإياك وكرائمَ أموالهم، واتَقِ دعوةَ الظلومِ؛ فإنها ليس بينها
وبين الله حجابٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وك!: ثنا زكريا بن إسحاق المَكَي عن
يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي عن أبي مَعْبَدٍ عن ابن عباس.(5/302)
قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه،
وهو مخرج في "إرواء الغليل " (855) ، فلا داعي لإعادة التخريج.
والحديث في المسند أحمد" (1/233) : ثنا وكيع. 0. به.
وبه: أخرجه ابن أبي شيبة أيضا في "المصنف " (3/144) .
ورواه الدارمي (1/379 و 384) : حدثنا أبو عاصم عن زكريا ... به.
1413- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" المُعْتَدِي في الصدقة كمانعها ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سِنَان
عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سعد بن
سنان- ويقال: سنان بن سعد كما يأتي-؛ فال الحافظ:
" صدوق له أفراد ".
والحديث أخرجه الترمذي (646) ... بإسناد المصنف.
والبيهقي (4/97) من طريق أخرى عن قتيبة بن سعيد ... به.
وأخرجه هو، وابن ماجه (1/554) من طريقين آخرين عن الليث بن
سعد ... به. وقال الترمذي:
" حديث غريب من هذا الوجه، وقد نكلم أحمد بن حنبل في سعد بن(5/303)
سنان، وهكذا يقول الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان.
ويقول عمرو بن الحارث وابن لهيعة: عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد.
وسمعت محمداً يقول: والصحيح: سنان بن سعد ".
وكذا قال البيهقي.
5- باب رضا المصَدّق
1414- عن جرير بن عبد الله قال:
جاء ناس- يعني- من الأعراب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إن ناساً
من المصَدقين يأتونا فيظلمونا؟ قال:
فقال: " أرْضُوا مُصَدّقيكم ". قالوا: يا رسول الله وإن ظلمونا؟ قال:
" أرْضُوا مُصَدقيكم- زاد عثمان: وإن ظُلِمْتُمْ-،.
قال أبو كامل في حديثه: قال جرير: ما صدر عنى مُصَدق بعد ما
سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا وهو عني راضٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد اخر) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا عبد الواحد - يعني: ابن زياد-. (ح) وثنا
عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبد الرحيم بن سليمان- وهذا حديث أبي كامل- عن
محمد بن أبي إسماعيل: ثنا عبد الرحمن بن هلال العَبْسِيَّ عن جرير بن
عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما
يأتي.(5/304)
والحديث أخرجه مسلم (3/74) ... بإسناد المصنف الأول.
وبإسناد آخر عن عبد الرحيم بن سليمان ... به.
وأخرجه البيهقي (4/137) عن المصنف ... بإسناديد.
ومسلم أيضا، والنسائي (1/341) ، وأحمد (4/362) من طرق أخرى عن
محمد بن أبي إسماعيل ... به.
ثم أخرجه مسلم (3/121) ، وابن أبي شحبة (3/115) ، والنسائي، والترمذي
(647 و 648) ، والدارمي، (1/394) ، والبيهقي، وأحمد (4/360 و 364 و 365)
من طريق الشعبي عن جرير بن عبد الله ... به نحوه؛ وزاد ابن أبي شيبة:
وقال الشعبي: المعتدي في الصدقة كمانعها.
وسنده صحيح على شرط مسلم.
6- باب دعاء المُصَدق لأهل الصدقة
1415- عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
كان أبي من أصحاب الشجرة، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه قوم بصدقتهم
قال:
" اللهم! صلِّ على آل فلان ". قال: فأتاه أبي بصدقته، فقال:
" اللهم! صَلِّ على آل أبي أوفى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيمأُ وأبو الوليد الطيالسي- المعنى- قالا:(5/305)
ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
النمري؛ فإن مسلماً لم يخرج له، ولكنه مقرون مع أبي الوليد الطيالسي- وهو هشام
ابن عبد الملك الباهلي مولاهم-، وقد أخرجا له.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن شعبة ... به. وهو مخرج
في "الإرواء" (853) ، وقد نَئهْتُ فيه إلى أن عزو البوصيري إياه للترمذي وهم!
7- باب تفسير أسنان الابل
1416- قال أبو داود:
" سمعته من الرِّيَاشي وأبي حاتم وغيرهما، ومن "كتاب النَّضْرِ بن
شُمَيْل "، ومن "كتاب أبي عبيد "، وربما ذكر أحد هم الكلمة. قالوا:
يسمى: الحوار، ثم الفَصِيل- إذا فصل-، ثم تكون بنت مخاض- لسنة
إلى تمام سنتين-، فإذا دخلت في الثالثة؛ فهي ابنة لَبُون. فإذا تَمتْ له
ثلاث سنين؛ فهو حِق وحِقَّةٌ، إلى تمام أربع سنين؛ لأنها استحقَّت أن
تُرْكَبَ ويُحْمَلَ عليها الفحل، وهي تَلْقَحُ، ولا يُلْقَحُ الذكر حتى يُثَنِّيَ.
ويقال لِلْحِقَّةِ: طَرُوقةُ الفَحْلِ؛ لأن الفَحْلَ يَطْرُقُها إلى تمام أربع سنين. فإذا
طَعَنَتْ في الخامسة؛ فهي جَذَعَةٌ، حتى يَتمَّ لها خمسُ سنينَ. فإذا دخلت
في السادسة وألقى ثَنِيَّتَهُ؛ فهو حينئذ ثَنِيَّ، حتى يستكمل ستّاً. فإذا طعن
في السابعة رَبَاعِياً سُمَيَ الذكر رَبَاعِياً والأنثى رباعِيَةً، إلى تمام السابعة.
فإذا دخل في الثامنة وألقى السِّنَّ السَّدِيسَ الذي بعد الرباعية؛ فهو
سَدِيسٌ وسَدَسٌ إلى تمام الثامنة. فإذا دخل في التسع، وطلع نابه فهو(5/306)
بازل؛ أي: بَزَلَ نابُه، يعني: طلع، حتى يد خل في العاشرة، فهو حينئذ
مُخْلِفٌ. ثم ليس له اسم، ولكن يقال: بازلُ عام، وبازلُ عامينِ، ومُخْلِفُ
عام، ومُخْلِفُ عامينِ، ومُخْلِفُ ثلاثةِ أعوام؛ إلىً خمس سنين. والخَلِفَةُ:
الحًامل. قال أبو حاتم: والجَذُوعة: وقتٌ من الزمن ليس بِسِن. وفصول
الأسنان عند طلوع سهيل ".
قال أبو داود: " وأنشدنا الرياشي:
إذا سُهَيْلٌ آخِرَاللَّيْل طَلَعْ ... فابن اللبونِ الحِق والحِقُّ جَذع
لَمْ يَبْقَ مِنْ أسْنَانِها غَيْرُ الهُبَعْ.
و (الهبع) : الذي يولد في غير حينه ".
أخرجه البيهقي (4/95) من طريق المصنف؛ دون قوله: " قال أبو حاتم ... "،
ثم قال:
" وقد ذكر الشافعي رحمه الله تفسير أسنان الإبل في رواية حرملة نحو هذا،
وزاد فقال: وإنما سمِّيَ ابن مخاض- يعني. الذكر منها-؛ لأنه فصل عن أمه،
ولحقت أمه بالخاض، وهي الحوامل، فهو ابن مخاض، وإن لم تكن حاملاً. قال:
وإنما سمي ابن لبون؛ لأن أمَّه وضعت غيره، فصار لها لبن!.
8- باب أين تُصَدَّقُ الأموال؟
1417- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا تؤخذ صَدَقاتُهمْ إلا في دُورِهِمْ "
(قلت: إسناده حسن صحيح) .(5/307)
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو
ابن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن ابن إسحاق إنما يخشى من تدليسه؛ وقد صرَّح
بالتحديث كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن الجارود فى "المنتقى" (345) ، وأحمد (2/180) من
طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به.
وأحمد أيضا (2/216) ، والبيهقي (4/110) من طريق إبراهيم بن سعد:
حدثني عمرو بن شعيب ... به.
وتابعه عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو
ابن شعيب ... به: أخرجه أحمد (2/215) .
وله شاهد من حديث عائشة ... مرفوعاً بلفظ:
" تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وأفنيتهم "
أخرجه ابن الجارود (346) ، والبيهقي من طريق عبد الملك بن محمد بن أبي
بكر عن عبد الله بن أبي بكرعن عمرة عنها.
ورجاله ثقات؛ غير عبد الملك بن محمد بن أبي بكر- وهو ابن عمرو بن حزم-،
روى عنه ثلاثة من الثقات، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم (2/2/369) جرحاً ولا
تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان "!
وللشطر الأول منه شواهد؛ من حديث عمران وغيره، وسيأتي ذكرها إن شاء
الله تعالى عند حديث عمران الذي رواه المصنف في "الجهاد" (62- باب) .(5/308)
1418- عن محمد بن إسحاق في قوله: " لا جلب ولا جنب "؛ قال:
أن تُصَدَّقَ الماشيةُ في مواضعها، ولا تُجْلَبَ إلى المُصَدِّقِ.
والجَنَبُ عن غير هذه الفريضةِ أيضا: لا يُجْنَبُ أصحابُها، يقول: ولا
يكون الرجل بأقصى مواضع الصد قة، فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يعقوب بن إبراهيم قال: سمعت أبي
يقول: عن محمد بن إسحاق.
قلت: إسناده صحيح مقطوع.
9- باب الرجل يبتاع صدقته
1419- عن عبد الله بن عمر:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله،
فوجده يُبَاعُ، فأراد أن يبتاعَهُ، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فتهال:
" لاتَبْتَعْهُ، ولا تَعُدْ في صدقتك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد القه بن مسلمة عن سالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخبن؛ وقد أخرجاه كما تراه
في " الإرواء " (849) .(5/309)
10- باب صدقة الرقيق
1420- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ليس في الخيل والرقيق زكاة؛ إلا زكاة الفطر في الرقيق ".
(حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق أخرى. وصححه ابن
حبان (3261)) .
وفي رواية: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن يحيى بن فَياضِ قالا: ثنا
عبد الوهاب: ثنا عبيد الله عن رجل عن مكحول عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي هريرة.
قلت: رجال إسناده ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل الذي لم يُسَمَّ، وقد سَماهُ
سفيان بن عيينة فقال: حدثنا أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار
عن عراك بن مالك ... به؛ إلا أنه لم يذكر الاستثناء.
أخرجه مسلم (3/67) ، وابن الجارود (355) وغيرهما، وفيه بيان أن مكحولاً
لم يسمعه من عراك. وبه جزم البيهقي (4/117) ، وقال:
" إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك ... "، ثم ساقه عن سفيان ... به.
وللحديث طريق أخرى عن عراك بن مالك ... به؛ وفيه الزيادة: رواه مسلم
وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة " (2189) ، و "الضعيفة " (4014) .
وأما الرواية الأخرى؛ فإسنادها هكذا: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك(5/310)
عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وصححه
الترمذي وابن الجارود، وهو مخرج في المصدر الأخير منهما.
11- باب صدقة الزرع
1421- عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بعلاً: العُشْرُ، وفيما
سقي بالسواني أو النَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ ".
(قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .
إسناده: حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيْلِيّ: ثنا عبد الوهاب بن وهب:
أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأيلي، فهو من
رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه عنه وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/67) : حدثنا هارون بن معروف وهارون بن سعيد
الأيلي قالا: ثنا ابن وهب ... به.
وأخرجه البخاري، وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن ابن وهب ...
به، وهو مخرج في "الإرواء" (799) .
وقد ذكرت له فيه طريقاً أخرى عن ابن عمر.
وله طريق ثالثة من رواية عبد الله بن دينار عنه.
رواه ابن حبان (3275) ؛ وسنده حسن.(5/311)
1422- عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" فيما سقت الأنهارُ والعيونُ: العُشْرُ، وما سُقِيَ بالسَّواني: ففيه نِصْفُ
العُشْرِ".
(قلت: حديث صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ". وقد صححه ابن الجارود والبيهقي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن
صالح- وهو المصري-؛ فإنه من رجال البخاري، وقد توبع.
لكن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه؛ إلا أنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛
فصح الحديث، والحمد لله.
والحديث أخرجه مسلم (3/67) ، وابن الجارود (347) ، وأحمد وغيرهم من
طرق كثيرة عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث: أن أبا الزبير حدثه: أنه سمع جابر ابن عبد الله ... به؛ وهو مخرج في "الإرواء" (799) .
1423- قال وكيع:
البعل: الكَبوُسُ الذي ينبت من ماء السماء.
قال ابن الأسود: وقال يحيى- يعني: ابن آدم-: سألت أبا إياس
الأسَدِيَّ؟ فقال:
الذي يُسْقَى بماء السماء.(5/312)
(قلت: صحيح الإسناد عن وكيع. وصحيح عن يحيى بن آدم) .
إسناده: حدثنا الهيثم بن خالد الجُهَنِيُّ وابن الأسود العجلي قالا: قال وكيع ...
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى وكيع؛ فإن الهيثم بن خالد الجهني ثقة.
وأما ابن الأسود- وهو الحسين بن علي بن الأسود-؛ فقال الحافظ:
" صدوق يخطئ كثيراً، لم يثبت أن أبا داود روى عنه "!
قلت: وهذه الرواية تَرُدُ عليه نفيه المذكور؛ فالصواب أن يقال. روى عنه مقروناً
بغيره.
وعليه؛ فقول يحيى بن آدم لا يثبت عنه؛ لتفرد ابن الأسود عنه به.
ثم استدركت فقلت: بل تابعه الحسن- وهو ابن علي بن عفان- عن
يحيى ... به: أخرجه البيهقي (4/131) .
12- باب زكاة العسل
1424- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
جاء هلال- أحد بني مُتْعَانَ- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعُشُورِ نَحْلِ له،
وكان سأله أن يَحْمِيَ له وادياً- يقال له: (سَلَبَةُ) -، فحمى له رسولَ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الواديَ. فلما وَلِيَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه؛ كتب سفيان
ابن وهب إلى عمر بن الخطاب، يسأله عن ذلك؟ فكتب عمر رضي الله عنه:
إنْ أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عُشُورِ نَحْلِهِ؛ فاحْمِ
له (سَلَبَةَ) ؛ وإلا فإنما هو ذُبَابُ غَيْثٍ، يأكله من يشاء.(5/313)
وفي رواية عنه عن أبيه عن جده: أن شَبَابَةَ- بطن من فهم- ... فذكر
نحوه قال: مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبِ قِرْبَةٌ. وقال: سفيان بن عبد الله الثقفي.
قال: وكان يحمي لهم واديين، زاد: فأدَّوْا إليه ما كانوا يُؤَذُون إلى رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَمى لهم وادِيَيْهِمْ.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا موسى بن أعْيَنَ عن عمرو
ابن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب.
حدثنا أحمد بن عَبْدَةَ الضَّبيُّ: ثنا المغيرة- ونسبه إلى عبد الرحمن بن
الحارث المخزومي- قال: حدثني أبي عن عمرو بن شعيب ... به بالرواية الأخرى.
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذِّن: ثنا ابن وهب: أخبرني أسامة بن زيد عن
عمرو بن شعيب ... بمعنى الغيرة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على عمرو بن شعيب.
وقد روي مرسلاً، ولا تعارض بينه وبين الموصول، كما بينته في "الإرواء"
(810) ، وقد خرجت الحديث هناك، فلا داعي للإعادة.
13- باب في خرص العنب
14- باب في الخرص
15- باب متى يخرص التمر؟
[ليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ](5/314)
16- باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
1425- عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجعْرورِ، ولون الحبَيْقِ أن يؤخذ في الصدقة.
قال الزهري: لَوْنَيْنِ من في المدينة.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا سعيد بن سليمان: ثنا عَبّادٌ
عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل.
قال أبو داود: " وأسنده أيضا أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، فهو صحيح؛ لولا أن سفيان
ابن حسين قد ضُعِّفَ في روايته عن الزهري خاصة، لكنه لم يتفرد به، كما يشير
إلى ذلك قول المصنف المذكور: " وأسنده أيضا ... ".
وهذا المعلَق قد وصله ابن أبي حاتم في "التفسير"، فقال: حدثنا أبي: حدثنا
أبو الوليد ... به.
قلت: وسليمان بن كثير- وهو العبدي- حاله في الزهري كحال ابن حسين؛
قال الحافظ:
" لا بأس به في غير الزهري ".
ومما يدل على ضعفهما فيه: أنهما قد خولفا في إسناده ممن هو أوثق منهما،
فقال ابن أبي شيبة (3/226) : حدثنا أبو أسامة عن محمد بن أبي حفصة قال:
حدثني الزهري عن أبي أمامة بن سهل قال ... فذكره؛ ولم يقل: عن أبيه..
جعله من (مسند أبي أمامة) نفسه.(5/315)
وقد تابعه عبد الجليل بن حُمَيْد اليَحْصُبِي أن ابن شهاب حدثه ... به:
أخرجه النسائي (1/345) .
قلت: وعبد الجليل هذا ثقة، ومثله محمد بن أبي حفصة؛ فإنه من رجال
الشيخين؛ لكن قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".
فاتفاقهما على خلاف رواية سفيان وسليمان: ممَّا قد يدل على وهم الأخيرين
في ذكر سهل في إسناد الحديث.
فإن قيل: فهل يضر ذلك في صحة الحديث؟
فالجواب: لا؛ لأن أبا أمامة بن سهل بن حنيف صحابي صغير؛ فإن لم يكن
قد تلقاه عن أبيه؛ فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة.
1426- عن عوف بن مالك قال:
دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وبيده عصاً، وقد علَّقَ رجلٌ قِناً حَشَفاً،
فطعن بالعصا في ذلك القِنْوِ، وقال:
" لو شاء رب هذه الصدقة؛ تَصَدق بأطيب منها ". وقال:
" إن رب هذه الصدقة يأكل الحَشَفَ يوم القيامة ".
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي: ثنا يحيى- يعني: القطان- عن
عبد الحميد بن جعفر: حدثني صالح بن أبي عَرِيبٍ عن كثِيرِ بن مُرةَ عن عوف بن مالك.(5/316)
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير صالح بن أبي عريب، ونصر
الأنطاكي؛ فذكرهما ابن حبان في "الثقات "، والأول روى عنه جماعة، ولم
يضعف.
والآخر ذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال الحافظ:
" لين الحديث "، ولكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/345) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: أنبأنا
يحيى ... به.
قلت: ورواه ابن ماجه (1821) من طريق أخرى عن يحيى ... به.
ورواه ابن حبان في "صحيحه " (6736) من طريق عمرو بن أبي عاصم
النبِيل قال: ثنا أبي قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر ... به أتم منه.
والحاكم (4/425- 426) من طريق أخرى عن أبي عاصم ... به، وقال:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
17- باب زكاة الفطر
1427- عن ابن عباس قال:
فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاةَ الفِطْرِ: طُهْرةً للصائم من اللَغْوِ والرَفَثِ،
وطُعْمَةً للمساكينِ، مَنْ أدَاها قبل الصلاة؛ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها
بعد الصلاة؛ فهي صَدَقَةٌ من الصدقات.
(قلت: إسناده حسن، وحسنه ابن قد امة والنووي) .(5/317)
إسناده: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي وعبد الله بن عبد الرحمن
السَّمَرْقَنْدِيُ قالا: ثنا مروان- قال عبد الله-: ثنا أبو يزيد الخَوْلاني- وكان شَيْخَ
صِدْق، وكان ابن وهب يروي عَنه-: ثنا سَيَّارُ بن عبد الرحمن- قال محمود:
الصّدَفِيّ عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي يزيد الخَوْلاني، ففيه
قول مروان فقط- وهو ابن محمد الطَّاطَرِيّ-:
" شيخ صدق ". ولكنهم قد اعتمدوه، فقال الحافظ فيه:
" صدوق ".
وصحح حديثه هذا: الحاكم، وأقره جمع، وحسَّنه من ذكرناه آنفاً، وبيانه في
" الإرواء " (843) .
والحديث أخرجه البيهقي (4/163) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه وغيره ممَن ذكرته هناك، فلا داعي للإعادة، وفيه التنبيه
على وهم وقع للحاكم فيه.
18- باب متى تؤدى؟
1428- عن ابن عمر قال:
أمَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزكاة الفطر أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
قال: فكان ابن عمر يؤَدَيها قبل ذلك باليوم واليومين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم دون
فعل ابن عمر. وللبخاري معناه) .(5/318)
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِي. ثنا زهير: ثنا موسى بن عقبة عن
نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير النفيلي،
فهو من رجال البخاري.
وزهير: هو ابن معاوية الجُعْفِيُ، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/154- 155) من طريقين آخرين عن زهير ...
به؛ دون فعل ابن عمر.
وكذلك أخرجه هو (2/151) ، والبخاري (3/292) ، ومسلم (3/70) من
طرق أخرى عن موسى بن عقبة ... به.
وقد تابعه عمر بن نافع عن أبيه ... به: أخرجه البخاري وغيره، كما في
"الإرواء" (832) ، وزاد البخاري (3/293- 294) من طريق أخرى عن نافع بلفظ:
وكان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يُعْطَوْنَ قبل الفطر بيوم أو يومين.
19- باب كم يؤدِّي في صدقة الفطر؟
1429- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر- قال فيه فيما قرأ على مالك:
زكاةُ الفطر من رمضان- صاع [ـاً] من تمر، أو صاع [ـاً] من شعير: على كل
حُر أو عبد، ذكرٍ أو أنثى من المسلمين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .(5/319)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك- وقرأه على مالك أيضا- عن
نافع عن ابن عمر ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/68) ... بإسناد المصنف هذا. وهو، والبخاري
(3/288) وغيرهما من طرق أخرى عن مالك ... به، وهو مخرج في "الإرواء"
(832) .
وقوله: " من المسلمين " قد قيل: إنها شاذة لتفرد مالك بها!
ورد ذلك الحافظ وغيره بأنه قد تابعه عليها جمع، منهم عبيد الله بن عمر، كما
في رواية المصنف الآتية، وعدد آخر ذكرتهم وخرجت أحاديثهم في المصدر المذكور.
1430- وزاد في رواية:
والصغير والكبير؛ وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا يحيى بن محمد بن السَكَنِ: ثنا محمد بن جَهْضَم: ثنا
إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال:
فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاة الفطر صاعاً ... فذكر بمعنى مالك؛ وزاد ... فذكره.
قال أبو داود: " رواه عبد الله العمري عن نافع قال: على كل مسلم. ورواه
سعيد الجُمَحِيّ عن عبيد الله عن نافع؛ قال فيه: من المسلمين. والمشهور عن
عبيد الله؛ ليس فيه من المسلمين "!(5/320)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
يحيى بن محمد بن السكن، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/162) من طريق المصنف.
والبخاري (3/287) ، والنسائي (1/346) ... بسند المصنف.
والدارقطني، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن شيخ المصنف ... به.
قلت: فهذه متابعة قويّة من عمر بن نافع لمالك على تلك الزيادة.
وتابعه أيضا عبد الله بن عمر المكبر- كما علقه المصنف-، وقد وصله أحمد
(2/114) : ثنا سُرَيج: ثنا عبد الله ... به.
ووصله الدارقطني أيضا، والبيهقي (4/163) مقروناً برواية مالك المتقدمة.
وكذلك وصله ابن الجارود (356) ، لكن وقع فيه: (عبيد الله) - مصغراً-! وهو
خطأ مطبعي.
وتابعه أخوه عبيد الله المصغر- كما علقه المصنف أيضا-، وقد وصله أحمد
أيضا (2/66 و 137) ، والحاكم (1/410- 411) عن سعيد بن عبد الرحمن
الجُمَحِيَ عنه ... به. وصححه الحاكم والذهبي.
لكن الجُمَحِيَ قد خولف كما في الرواية المشهورة الآتية.
1431- وفي أخرى:
على الصغير والكبير، والحر والمملوك،- زاد موسى: والذكر والأنثى-.
(قلت: إسناده صحيح) .(5/321)
إسناده: حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المُفَضَّل حدثاه عن عبيد الله.
(ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه فرض صدقة الفطر: صاعاً من شعير أو تمر، على الصغير ...
قال أبو داود: قال فيه أيوب وعبد الله- يعني: العمري- في حديثهما عن
نافع: ذكر أو أنثى أيضا ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو أصح من رواية الجُمَحِي
المتقدمة آنفاً؛ لأن اتفاق هؤلاء الحفاظ الثقات- يحيى بن سعيد وبشر بن المفَضّل
وأبان، وهو ابن يزيد العطار- على رواية الحديث عن عبيد الله دون زيادة: " من
المسلمين "؛ يدل على أنها زيادة غير محفوظة؛ لشذوذ الجمَحِي بها عنهم، ولكن
ذلك لا يمنع صحتها من طريق مالك وغيره عن نافع، كما تقدم.
ورواية أيوب التي علقها المصنف- وفيها زيادة: ذكر أو أنثى- وصلها المصنف
في الرواية الآتية.
وأما رواية عبد الله العمري؛ فقد وصلها أحمد والدارقطني، كما تقدم قريباً.
1432- وفي رواية رابعة عنه قال:
فعدل الناس- بعد- نصف صاع من برٍّ. قال:
وكان عبد الله يعطي التمر، فأعْوَزَ أهل المدينة التمر عاماً، فأعطى الشعير.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري مختصراً
نحوه) .
إسناده: حدثنا مسدد وسليمان بن داود العَتَكِيُّ قالا: ثنا حماد عن أيوب عن(5/322)
نافع قال: قال عبد الله بن عمر ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري مختصراً
كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/346) ، والطحاوي (1/319) من طرق أخرى
عن حماد بن زيد ... به؛ دون إعطاء ابن عمر التمر.
وأخرجه بتمامه: أحمد (2/5) : ثنا إسماعيل: أنا أيوب ... به؛ وفي أوله
عندهم جميعاً:
فرض رسول الله (*)
1433- عن أبي سعيد الخدري قال:
كنا نُخْرِجُ- إذ كان فينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زكاةَ الفطرِ عن كلِّ صغير
وكبير، حُرًّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو أقِطٍ، أو صاعاً من شعير، أو
صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب. فلم نزل نخرجه، حتى قدم معاوية حاجاً
أو معتمراً، فكلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كلم الناس به أنْ قال: إني
أرى أن مدينِ مِنْ سَمْرَاءِ الشام تعدل صاعاً من تمر! فأخذ الناس بذلك.
فقال أبو سعيد: فأما أنا؛ فلا أزال أخرجه أبداً ما عِشْتُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف ومتنه، وأخرجه البخاري دون قصة معاوية) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا داود- يعني: ابن قيس- عن عِيَاضِ
ابن عبد الله عن أبي سعيد الخدري.
__________
(*) في أصل الشيخ ما يدل على أن التخريج لم ينته بعد. والله أعلم. (الناشر) .(5/323)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن
قيس، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه آخرون من طرق أخرى عن داود ... به.
وله طرق أخرى عن عياض ... به نحوه: أخرجه البخاري من بعضها
(3/290 و 292 و 293) ، دون قصة قدوم معاوية. وفي بعض الطرق عند المصنف وغيره زيادة:
أو صاعاً من دقيق.
ولكنها غير محفوظة؛ ولذلك أوردتها في الكتاب الأخر (284- 286) .
والطرق الأخرى عن عياض قد سقتها مخرجة في "الإرواء" (847) ؛ فأغنى عن
ذكرها هنا.
20- باب من روى: نصف صاع من قمح
1434- عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال: عبد الله بن ثعلبة- (وفي
رواية: عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ؛ لم يَشُك) عن أبيه قال:
قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطيباً، فأمر بصدقةِ الفطرِ: صاع تمرٍ، أو صاع
شعير: على كل رأس- زاد عَلِي في حديثه: أو صاع بُر، أو قمح بين
اثنين. ثم اتفقا-: عن الصغير والكبير، والحر والعبد.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا علي بن الحَسَن الدرَابِجِرْدِيُ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا همام:(5/324)
ثنا بكر- هو ابن وائل- عن الزهري عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال: عبد الله بن
ثعلبة- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدثنا محمد بن يحيى النَّيْسَابوري: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا همام عن
بكر الكوفي- قال ابن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود- أن الزهري حدثهم عن
عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ عن أبيه.
حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: وقال ابن
شهاب: قال عبد الله بن ثعلبة- قال ابن صالح: قال: العدوي، وإنما هو العذري-:
خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناسَ قبل الفطر بيومين ... بمعنى حديث المقرئ.
قلت: وهذا حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ مداره على الزهري، وقد
اختلف الرواة عليه في إسناده، كما بينه المصنف رحمه الله تعالى، فمنهم من
سمى شيخه: ثعلبة بن عبد الله، ومنهم من قلبه فقال: عبد الله بن ثعلبة. ثم إن
منهم من أرسله؛ فلم يجاوز به ثعلبة أو عبد الله. ومنهم من وصله فقال: عن أبيه.
وقال البيهقي:
" قال محمد بن يحيى الذهْلِي في "كتاب العلل": إنما هو عبد الله بن ثعلبة.
هكذا رواية بكر بن وائل، لم يقم هذا الحديث غيره، قد أصاب الإسناد والمتن "!
كذا قال! وفيه نظر؛ فإنه قد اختلف في إسناده على بكر بن وائل، فقد قال
عبد الله بن يزيد المقرئ عن همام عنه عن الزهري: عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال:
عبد الله بن ثعلبة- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كما تقدم في الرواية الأولى عند المصنف
رحمه الله! فلم يجزم فيها بأنه عبد الله بن ثعلبة. وقد أشار إلى هذه الرواية
البيهقي. وقال الدارقطني:
" الصواب فيه: عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْرٍ، لثعلبةَ صحبةٌ، ولعبد الله رؤية".(5/325)
فأشار إلى أن الصواب أنه مرسل.
ولكن للحديث شواهد كثيرة تشهد لصحته، وقد ذكرت طائفة منها في
"الأحاديث الصحيحة" (1177) ، مع بيان مُخَرجيها.
وللحديث عند المصنف طريق أخرى بزيادة في المتن، تفرد بها النعمان بن
راشد عن الزهري، ولذلك أوردته بها في الكتاب الآخر برقم (287) .
21- باب في تعجيل الزكاة
1435- عن أبي هريرة قال:
بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرَ بنَ الخطابِ على الصدقة، فمنع ابنُ جميلٍ
وخالدُ بن الوليدِ والعباسُ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما ينقم ابنُ جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله! وأما خالد بن
الوليد؛ فإنكم تظلمون خالداً؛ فقد احتبس أدراعه وأعْتُدَهُ في سبيل الله!
وأما العباس عمّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فهي عليَّ ومثلُها ". ثم قال:
" أما شعرتَ أن عمَّ الرجلِ صِنْو الأبِ- أو صِنْوُ أبيه-؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بتمامه.
وصحح الترمذي الجملةَ الأخيرةَ منه. وأخرجه البخاري بنحوه- دون الجملة
المذكورة- بلفظ: " فهي عليه "، وهو الأرجح) .
إسناده: حدثنا الحسن بن الصبَّاح: ثنا شَبَابَةُ عن وَرْقَاءَ عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة.(5/326)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه
مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما من طرق أخرى عن ورقاء ... به.
والبخاري وغيره من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد ... به نحوه؛
دون قوله: " أما شعرت ... "؛ وقال:
" فهي عليه صدقة، ومثلها معها "؛ مكان قوله: " فهي علي ومثلها ".
وهو الأرجح عندي؛ لأن لشعيب فيه متابِعَيْنِ عليه، ذكرتهما في " الإرواء"
(858) ، وخرجت أحاديثهم، وما رجحه البيهقي هناك.
1436- عن علي:
أن العباس سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل صدقته قبل أن تَحِل؟ فرخَّص
له في ذلك.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار
عن الحكم عن حُجَيةَ عن علي.
قال أبو داود: " روى هذا الحديث: هُشَيْمٌ عن منصور بن زاذان عن الحكم عن
الحسن بن مسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث هشيم أصح ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حجَيةَ- وهو ابن عَدِي-،
والحجاج بن دينار؛ وقد وثِّقَا على اختلاف فيهما.(5/327)
وقد اختلف في إسناده على الحكم على وجوه ستة: أحدها هذا الذي علقه
المصنف عن هشيم، وهو الأصح كما قال المصنف وغيره.
لكن الحديث له شواهد ثلاثة، ذكرتها مع سائر الوجوه المشار إليها في
"الإرواء " (857) ، وذكرت فيه أن الحديث يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل
الأحوال.
22- باب في الزكاة، هل تُحَمْلُ من بَلَد إلى بَلَد؟
1437- عن إبراهيم بن عطاء- مولى عمران بن حصين- عن أبيه:
أن زياداً- أو بعض الأمراء- بعث عمران بن حُصَيْن على الصدقة.
فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال:
وللمال أرسلتني؟! أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووضعناها حيث كنا نضعها عدى عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: أخبرنا إبراهيم بن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن
عطاء، وهو ثقة.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/555) من طريق أخرى عن إبراهيم ... به.(5/328)
23- باب من يُعْطَى الصَّدَقَةَ؟ وحَدِّ الغنى
1438- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سأل وله ما يغنيه؛ جاءت يوم القيامة خمُوشٌ أو خُدُوشٌ أو
كُدُوحٌ في وجهه ".
فقيل: يا رسول الله! وما الغنى؟ قال:
" خمسون درهماً، أو قيمتها من الذهب ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن حَكِيمِ بن
جُبَيْرٍ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله. قال يحيى: فقال
عبد الله بن عثمان لسفيان: حِفْظِي أن شعبة لا يروي عن حكيم بن جبير؟ فقال
سفيان: فقد حَدَّثناه زُبَيْدٌ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق زُبَيْدٍ- وهو ابن الحارث اليَامِيّ-؛ فإنه ثقة
من رجال الشيخين، لا من طريق حَكِيمِ بن حُبَيْرٍ؛ فإنه ضعيف.
والحديث أخرجه الترمذي- وحسنه-، والنسائي وغيره، وقد خرجته في
"الصحيحة" (499) .
1439- عن رجل من بني أسَدٍ؛ أنه قال:
نزلت أنا وأهلي ببقيع الغَرْقَدِ، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَلْهُ لنا شيئاً نأكله، فجعلوا يذكرون من حاجتهم! فَذَهَبْتُ إلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجدت عنده رجلاً يسأله، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا(5/329)
أجد ما أعطيك "؛ فتولى الرجل عنه وهو مُغْضَبٌ، وهو يقول: لَعَمْرِي إنك
لَتُعْطِي مَنْ شئت! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يغضَبُ عليّ أنْ لا أجِدَ ما أعطيه! من سأل منكم وله أُوقِيةٌ أو
عِدْلُهَا؛ فقد سأل إلحافاً".
قال الأسدي: فقلت: اللِّقْحَةُ لنا خيرٌ من أُوقِيَّةِ، والأوقية أربعون
درهماً. قال: فرجعت ولم أسأله! فَقَدِمَ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك
شعيرٌ أو زبيبٌ، فَقَسَمَ لنا منه- أو كما قال-، حتى أغنانا الله.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار عن رجل من بني أسَد.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الأسَدِي،
فهو صحابي، ولا تضر جهالة اسمه؛ فإنهم عدول كلهم.
والحديث أخرجه مالك في آخر "الموطأ" (3/159- 160) ... بهذا الإسناد والمتن.
وأخرجه النسائي (1/363) ، وابن الجارود (366) من طريق أخرى عن
مالك ... به.
وتابعه سفيان عن زيد بن أسلم ... به مقتصراً على قوله: " من سأل وله
أوقية أو عِدْلُها؛ فقد سأل إلحافاً ".
1440- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سأل وله قيمة أوقية؛ فقد ألحف ".
فقلت: ناقتي الياقوتةُ هِيَ خَيْر من أوقية- قال هشام: خير من أربعين(5/330)
درهماً-، فرجعت فلم أسأله.
زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين
درهماً.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا: ثنا عبد الرحمن بن أبي
الرجَالِ عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ والحديث مخرج في "الصحيحة"
(1719) ، مع الذي قبله.
1441- عن سهل ابن الحنظليَّة قال:
قَدِمَ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيَيْنَةُ بن حِصْن والأقْرَعُ بن حَابِسِ، فسألاه،
فأمر لهما بما سألا، وأمر معاويةَ فكتب لهما بما سألا. فأما الأقرع؛ فأخَذ كتابه،
فَلَفَّهُ في عِمَامَتِه وانطلق. وأما عُيَيْنَةُ؛ فأخذ كتابه وأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكانه،
فقال: يا محمد! أتراني حاملاً إلى قومي كتاباً، لا أدري ما فيه كصحيفة
المُتَلَمِّسِ؟! فأخبر معاويةُ بقوله رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سأل وعنده ما يُغْنِيه؛ فإنما يستكثر من النار ".
- وقال النُّفَيْلِيُّ في موضع آخر: " من جمر جهنم "-.
فقالوا: يا رسول الله! وما يغنيه؟ - وقال النفيلي في موضع أخر: وما
الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ - قال:
" قَدْرُ ما يُغَدِّيهِ أو يُعَشِّيهِ "- وقال النفيلي في موضع آخر:(5/331)
" أن يكون له شِبعُ يوم وليلةِ، أو ليلة وبوم "-.
وكان حدثنا به مختصراً علىَ هذه الألفاظ التي ذكرت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلى: ثنا مِسْكِينٌ: ثنا محمد بن
المُهَاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كَبْشَةَ السَّلولِي: ثنا سَهْلُ ابن الحنظلية.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
المهاجر، فهو من رجال مسلم، وقد توبع كما يأتي.
ومسكين: هو ابن بكر الحَرَّاني؛ وفيه ضعف من قبل حفظه، لكنه لم يتفرد
كما سترى.
والحديث أخرجه أحمد (4/180- 181) : ثنا علي بن عبد الله: حدثني
الوليد بن مسلم: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني ربيعة بن
يزيد ... به أتم منه؛ وفيه قصة البعير والأمر بالرفق به، وقد ساقها المصنف في
أوائل الجهاد بإسناده هنا رقم (2206) .
وكذلك أخرجه ابن حبان (844 و 845) من طريقين آخرين عن علي بن
عبد الله ... به.
1442- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليس المسكين الذي تَرُدُّهُ التمرة والتمرتان، والأُكْلةُ والأُكْلتان؛ ولكِنِ
المسكينُ الذي لا يَسْألُ الناس شيئاً، ولا يَفْطُنون به فَيُعْطُونَهُ ".
ومن طريق أخرى عنه مثله قال:(5/332)
" لكن المسكين المتعفِّف- زاد مسدد في حديثه: ليس له ما يستغني
به، الذي لا يسأل، ولا يُعْلَمُ بحاجتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عليه، فذاك المحرومُ- ".
قال أبو داود: " (المحروم) : من كلام الزهري أصح ".
(قلت: وهو كما قال، والحديث بدون هذه الزيادة صحيح من الطريقين،
وهما على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طرق أخرى بدونها، فهي زيادة
شاذة، والصحيح أنها مقطوعة من كلام الزهري) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا: ثنا جرير عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
حدثنا مسدد وعبيد الله بن عمر وأبو كامل- المعنى- قالوا: ثنا عبد الواحد بن
زياد: ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- مثله- قال ...
قال أبو داود: " روى هذا: محمد بن ثور وعبد الرزاق عن معمر ... جعلا:
" المحروم " من كلام الزهري، وهو أصح ".
قلت: وهذان إسنادان صحيحان كلاهما على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه
بأسانيد أخرى كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/393) : ثنا أبو نعيم قال: ثنا الأعمش ... به.
ثم أخرجه هو (2/260) ، والنسائي (1/359) من طريق عبد الأعلى: حدثنا
معمر ... به مثل رواية ابن ثور وعبد الرزاق المعلقة عند المصنف، لكن النسائي لم
يذكر زيادة: " فذاك المحروم" مطلقاً.
فقد اتفق ثلاثة من الثقات على رواية هذه الزيادة موقوفاً على الزهري. فرفعها(5/333)
شاذ ووهم!
والظاهر: أنه من عبد الواحد بن زياد؛ فإنه مع ثقته واحتجاج الشيخين
بحديثه-؛ فقد تكلموا في روايته عن الأعمش خاصة. ولذلك قال الحافظ:
" ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال ".
ومما يؤيد شذوذها: أن الحديث أخرجه البخاري (3/265 و 267 و 8/163) ،
ومسلم (3/95- 96) ، والنسائي (1/358) ، والدارمي (1/379) ، والبيهقي
(4/195- 196) ، وأحمد أيضا (2/260 و 316 و 395 و 445 و 449 و 457
و469 و 506) من طرق عديدة عن أبي هريرة ... به نحوه دون الزيادة.
فثبت شذوذها يقيناً.
قلت: ومثلها في الشذوذ: رواية شَرِيكِ بن أبي نَمِر عن عطاء بن يسار عن
أبي هريرة ... مرفوعاً به نحوه، وزاد في آخره:
" اقْرَأُوا إن شئتم: (لا يسألون الناس إلحافاً) ".
وابن أبي نَمِر؛ وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد تُكُلِّمَ فيه من قبل حفظه،
ومخالفته للثقاتً أحياناً، كمثل ذكره في قصة الإسراء والمعراج أنه كان مناماً! مما
هو مبين في مكان آخر. ولذلك قال الحافظ عنه في "التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
وهكذا شذ بهذه الزيادة عن كل الطرق المشار إليها آنفاً عند الشيخين وغيرهما،
فلم يذكرها أحد منهم في الحديث، حتى الإمام مسلم لم يذكرها في هذه الطريق؛
وقد أخرج الحديث من هذا الوجه دونها، مشيراً بذلك إلى شذوذها! والظاهر أنها
مدرجة من بعض الرواة.(5/334)
1443- عن رجلين:
أنهما أتيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجّةِ الوداع وهو يَقْسِمُ الصدقة، فسألاه
منها، فَرَفَعَ فينا البَصَرَ وخَفَضَهُ، فرآنا جَلْدَينِ، فقال:
" إن شئتما أعطيتكما؛ ولا حَظَّ فيها لغني، ولا لِقَوِي مكتسب ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن عبد الهادي،
وجَودَهُ أحمد) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن
عبيد الله بن عَدِي بن الخِيَارِ قال: أخبرني رجلان ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد،
فهو من رجال البخاري وحده.
والرجلان صحابيان، لا يضر جهالتنا باسميهما؛ لأن الصحابة كلهم عدول،
كما ذكرنا ذلك مراراً. وأما قول الشيخ الأعظمي في تعليقه على "مصنف عبد الرزاق "
(4/110) - بعد أن عزاه للمصنف،وذكر أنه متصل-:
" وفيه ما فيه "!
فمما لا معنى له!
والحديث مخرج في "الإرواء" (876) ؛ وأزيد هنا فأقول:
قد رواه عبد الرزاق (7154) عن معمر عن هشام بن عروة ... به؛ إلا أنه
أرسله عن عبيد الله بن عدي؛ لم يقل: أخبرني رجلان!
والوصل أصح؛ لأنه زيادة ثقة؛ لا سيما ومعمر في روايته عن هشام بن عروة
شيء.(5/335)
ثم وجدت سفيان- وهو ابن عيينة- رواه عن هشام ... مثل رواية عيسى:
أخرجه الشافعي (1/242) .
1444- عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَحِلُّ الصدقة لِغَنِي، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِي ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود، وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الأنباري الخُتُّلِيُّ: ثنا إبراهيم- يعني: ابن
سعد- قال: أخبرني أبي عن ريحَانَ بن يزيد عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود: " رواه سفيان عن سعد بن إبراهيم ... كما قال إبراهيم. ورواه
شعبة عن سعد قال: " لذي مِرَّةٍ قَوِي ". والأحاديث الأُخَر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
بعضها: " لذي مرة قوي "، وبعضها: " لذي مرة سوي ". وقال عطاء بن زهير:
إنه لقي عبد الله بن عمرو فقال: إن الصدقة لا تَحِلُّ لقوي، ولا لذي مرة سوي ".
قلت: رجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير ريحان بن يزيد، فقال ابن
حبان:
" كان أعرابياً صدوقاً ".
ووثقه ابن معين، مع أنهم لم يذكروا له راوياً غير سعد بن إبراهيم.
وحسن له الترمذي هذا الحديث. وقال الحافظ:
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة؛ وقد توبع؛ فإن للحديث طريقاً أخرى يتقوى
بها، وشواهد من حديث أبي هريرة وغيره، خرجتها كلها في "الإرواء " (877) .
ورواية سفيان المعلقة وصلها عبد الرزاق (7155) وغيره، كالترمذي، وقال:(5/336)
ورواية شعبة وصلها الطحاوي والحاكم.
ورواية عطاء بن زهير وصلها البيهقي.
وعطاء هذا لم أره في "التهذيب "! وإنما في "الجرح والتعديل ".
24- باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني
1445- عن عطاء بن يسار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تحل الصدقة لِغَنِي إلا لخمسة،: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ
عليها، أو لغارم، أو لرجلِ اشتراها بماله (1) ، أو لرجلٍ كان له جارٌ مسكينٌ
فتصدق على المسكين، فأهدَاها المسكينُ للغنيِّ ".
(وفي رواية عنه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
بمعناه) .
(قلت: إسناده صحيح مرسلاً ومسنداً، ورجح طائفة من الأئمة المسند،
وصححه جماعة؛ منهم ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار.
حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري.
__________
(1) يراجع "عون المعبود" (2/38- طبع الهند) .(5/337)
قال أبو داود: " ورواه ابن عيينة عن زيد ... كما قال مالك. ورواه الثوري عن
زيد قال: حدثني الثبْتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت: إسناده صحيح مرسلاً وموصولاً، وقد أشار المصنف إلى ترجيح المرسل
على المسند! وعكس ذلك البيهقي، وجزم بذلك شيخه الحاكم، ووافقه الذهبي،
وهو الراجح عندي؛ لعدم تفرد معمر بإسناده، كما ذكرته في "الإرواء" (870) عن
جمع من الأئمة الذين جزموا بصحة المسند؛ ممن ذكرنا آنفاً. وأزيد هنا فأقول:
أن ممن أسنده: الثوري، لكنه لم يُسَمَ الصحابي، فقال عبد الرزاق في
"المصنف " (7152) : عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من
أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
وهذا إسناد صحيح.
وما علقه المصنف عن الثوري ... حدثني الثبت ... لعله رواية عنه.
25- باب كم يُعْطَى الرجلُ الواحدُ من الزكاة؟
1446- عن رجل من الأنصار- يقال له: سهل بن أبي حَثْمَةَ-:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وداه بمئةٍ من الإبل. يعني: دِيَةَ الأنصاري الذي قُتِلَ
بخيبر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم مطولاً،
وسيأتي كذلك في "الديات ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن محمد بن الصَّبَّاحِ: ثنا أبو نُعَيْم: حدثني سعيد بن
عبَيْد الطائي عن بُشَيْرِ بن يسار زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له ...(5/338)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن الصباح؛
فهو من رجال البخاري، وقد تابعه البخاري نفسه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (12/194- 196) : حدثنا أبو نعيم ... به أتم منه.
وكذلك أخرجه النسائي (2/238) من طريق أخرى عن أبي نعيم.
ومسلم (5/100) من طريق ابن نمير: حدثنا سعيد بن عبيد ... به مختصراً
وأتم من رواية المصنف.
وسيأتي بتمامه في "الديات " [8- باب القتل بالقسامة] من طريق يحيى بن
سعيد عن بُشَيْرٍ. ومن طريق أبي ليلى عن سهل.
26- باب ما تجوز فيه المسألة
1447- عن سَمُرَةَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" المسائلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بها الرجلُ وَجْهَهُ؛ فمن شاء أبقى على وجهه،
ومن شاء ترك؛ إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بُدّاً ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُّ: ثنا شعبة عن عبد الملك بن عُمَيْر
عن زيد بن عقبة الفزاري عن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير زيد بن عقبة
الفزاري، وهو ثقة.
والحديث مخرج في "التعليق الرغيب " (2/2) ، فلا داعي للإعادة. ولكني
أزيد هنا فأقول:(5/339)
إن النسائي والطحاوي قد أخرجاه من طريقين آخرين عن عبد الملك بن
عمير ... به.
وابن حبان (842) من طريق ثالثة. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
1448- عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِق الهلالي قال:
تحملْتُ حَمَالَةً، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
" أقِمْ يا قبيصة! حتى تأتِيَنَا الصدقةُ، فنأمُرَ لك بها ". ثم قال:
" إن المسألة لا تَحِل إلا لأحدِ ثلاثةِ: رَجَلٌ تحمَّلَ حَمَالةً، فحلَّتْ له
المسألةُ، فسأل حتى يصِيبَها، ثم يمْسِك. ورجلٌ أصابته جائحة فاجْتَاحَتْ
ماله، فحَلَتْ له المسألة، فسأل حتى يُصِيبَ قواماً من عيش- أو قال:
سِدَاداً من عَيْش-. ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجَى
من قومه: قد أصابت فلاناً الفاقةُ، فحَلَّتْ له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب
قواماً من عيش- أو سِداداً من عَيْش-، ثم يمسك. وما سواهن من المسألة يا
قبيصة! سُحْتٌ، يأكلها صاحبها سُحْتاً ".
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم.
وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن هارود بن رئاب قال: حدثني
كِنَانَةُ بن نُعَيْم العَدَوِيُّ عن قَبِيصَةَ بن مخَارِقٍ الهلالي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ وقد أخرجه مسلم
وغيره، كما في "الإرواء" (868) .(5/340)
27- باب كراهية المسألة
1449- عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين- أما هو
إلي فَحَبيبٌ، وأما هو عندي فأمين- عوف بن مالك قال:
كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعةً أوثمانيةً أوتسعةً، فقال:
" ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! ". وكنا حَدِيثَ عَهْد ببيعة. قلنا: قد
بايعناك! حتى قالها ثلاثاً، فبسطنا أيدينا، فبايعناه. فقال قائل: يا رسول
الله! إنا قد بايعناك؛ فَعَلامَ نبايِعُكَ؟! قال:
" أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتُصَلُّوا الصلواتِ الخمسَ،
وتَسْمَعُوا وتُطِيعُوا- وأسر كلمةً خَفِيَّةً، قال:- ولا تسألوا الناس شيئاً ".
قال: فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فما يسأل أحداً أن
يناوله إياه.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان (3376)) .
إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة
- يعني: ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني.
قال أبو داود: " حديث هشام لم يروه إلا سعيد ".
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو على شرط
البخاري؛ على ضعف فيه، ولكنه قد توبع كما يأتي.
وكذلك سعيد بن عبد العزيز؛ فيه ضعف لاختلاطه، لكنه لم يتفرد به كما
سأبينه.(5/341)
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/253) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم (3/97) ، والنسائي (1/80) من طرق أخرى عن سعيد بن
عبد العزيز ... به؛ وليس عند النسائي: فلقد كان بعض أولئك ...
وأخرجه البيهقي (4/197) ... مثل رواية مسلم.
وللحديث طريق أخرى يتقوى بها؛ يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب
عن ربيعة بن لَقِيط عن عوف بن مالك الأشجعي ... به؛ دون قوله: " أن
تعبدوا ... وتطيعوا ".
أخرجه أحمد (6/27) ، ورجاله ثقات؛ غير ابن لهيعة، فهو سيئ الحفظ.
ثم إنني أخشى أن يكون منقطعاً؛ فقد روى أحمد أيضا (6/24) من طريق
سعيد بن أبي أيوب قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لَقِيط عن مالك بن
هِدْمٍ عن عوف بن مالك الأشجعي قال ... فذكر حديثاً آخر.
وسعيد بن أبي أيوب ثقة.
وقد ذكر الحافظ في "التعجيل " لربيعة بن لقيط رواية عن مالك بن هِدْم، ولم
يذكر له رواية عن عوف! والله أعلم.
1450- عن ثوبان- وكان مَوْلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من يَكْفُل لي أن لا يسألَ الناسَ شيئاً؛ وأتَكَفَّلُ له بالجنةِ؟! ".
فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحداً شيئاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم على شرط(5/342)
مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه المنذري) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن عاصم عن أبي
العالية عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعاصم: هو ابن سليمان
الأحول.
والحديث أخرجه الحاكم (1/417) من طريق آخر عن عبيد الله بن معاذ ...
به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وهذا تقصير، والصواب ما ذكرنا.
وأخرجه أحمد (5/276) : حدثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به.
وتابعه عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن ثوبان ... به: أخرجه النسائي
(1/363) ، وابن ماجه (1/563) ، والبيهقي (14/97) ، والطيالسي (1/178) ،
وأحمد أيضا (5/277 و 281) عن ابن أبي ذئب عن محمد بن قيس عنه.
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن يزيد بن
معاوية، وهو ثقة.
ومحمد بن قيس: هو المَدَنِي قاص عمر بن عبد العزيز.
وتابعه العباس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن يزيد ... به: أخرجه
أحمد (5/279) .(5/343)
28- باب في الاستعفاف
1451- عن أبي سعيد الخُدْري:
أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعطاهم، ثم سألوه،
فأعطاهم، حتى إذا نَفِدَ ما عنده قال:
" ما يكون عندي من خير؛ فَلَنْ أدّخِرَهُ عنكم. ومن يسْتِعففْ؛ يُعِفهُ
الله، ومن يَسْتَغْنِ؛ يغْنِهِ اللهُ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله. وما أعطى اللهُ أحداً
مِنْ عطاءٍ أوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمه عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن
يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/261) ، ومسلم (3/102) ، والترمذي (2025)
- وقال: " حسن صحيح "-، والنسائي (1/362) ، والدارمي (1/378) ، وأحمد
(3/94) من طرق عن مالك ... به.
وهو في آخر "الموطأ! (3/158) ... سنداً ومتناً.
ورواه عنه البيهقي أيضا (4/195) .
ثم أخرجه البخاري (11/254) ، ومسلم، وأحمد (3/93) من طرق أخرى
عن الزهري ... به نحوه.(5/344)
وتابعه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ... مختصراً:
أخرجه أحمد (3/12 و 47) .
وله طريق ثالثة، يرويه شعبة قال: أخبرني أبو جَمْرَةَ قال: سمعت هلال بن
حِصْن يقول:
قدمت المدينة، فنزلت على أبي سعيد في داره ... الحديث نحوه؛ وفيه
قصة.
أخرجه الطيالسي (1/178) ، وابن أبي شيبة (3/211) ، ورجاله ثقات رجال
الشيخين؛ غير هلال هذا، وثقه ابن حبان فقط.
وطريق رابعة، يرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي
سعيد ... به نحوه؛ وزاد في آخره:
قال: فرجعت ولم أسأله، فأنا اليوم أكثرُ الأنصارِ مالاً.
أخرجه ابن حبان (3389) بسند حسن.
ثم أخرجه (3390) من طريق ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي عن أبي
سعيد ... مثل حديث الباب؛ وإسناده حسن أيضا.
1452- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من أصابته فَاقَةٌ، فأنزلها بالناس؛ لم تُسَدَّ فَاقتُهُ. ومن أنزلها بالله؛
أوشك الله له بالغنى: إما بِمَوْتٍ عاجلٍ، أو غِنىً عاجل ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .(5/345)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود. (ح) وثنا عبد الملك بن حبيب
أبو مروان: ثنا ابن المبارك- وهذا حديثه- عن بَشِيرِ بن سلمان عن سَيارٍ أبي حمزة
عن طارق عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير سيار أبي
حمزة، فقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع. وغير أبي مروان؛ فإنه متابع.
والحديث أخرجه جمع، منهم الترمذي والحاكم- وصححاه- وتبعهما الذهبي،
وقد خرجته في "التعليق الرغيب " (2/14) ، وبسط القول فيه في "الصحيحة"
(2787) سنداً ومتناً.
1453- عن ابن الساعدي قال:
استعملني عمر رضي الله عنه على الصدقة. فلما فرغت منها وأديتُها
إليه؛ أمر لي بِعُمَالَةٍ. فقلت: إنما عَمِلْتُ لله، وأجْري على الله! قال: خُذْ
ما أُعْطِيتَ، فإني قد عَمِلْتً على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَملني، فقلت مِثْلَ
قولك، فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أُعْطِيتَ شيئاً من غير أن تسأله؛ فَكُلْ وتصدق ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
حبان من طريق أخرى؛ وزاد: أن عُمَالة السَّعْدِيِّ كانت ألفَ دينارٍ) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن
الأشَجِّ عن بُسْرِ بن سَعِيد عن ابن الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما يأتي.(5/346)
وابن الساعدي- ويقال: السعدي: اسمه عبد الله، صحابي.
والحديث أخرجه مسلم (3/98) من طريق أخرى عن الليث ... به.
وأخرجه البخاري (13/128- 130) ، وأحمد (1/17 و 40) من طريق
السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حُوَيْطِبَ بن عبد العُزَّى أخبره أن عبد الله بن
السعدي ... به نحوه أتم منه؛ ولم يقع في "المسند" ذكر لحويطب. وهو رواية مسلم
من هذه الطريق.
والحديث أخرجه غير هؤلاء، ممن ذكرتهم في "الإرواء" (862) ، ومنهم ابن
حبان. والزيادة التي ذكرناها له فيما سبق؛ إسنادها صحيح.
1454- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- وهو على المنبر، وهو يذكر الصدقة، والتعفُّفَ
منها، والمسألة-:
" اليد العليا خير من اليد السفلى، واليدُ العُلْيا: المنفقةُ. والسُّفلى:
السائلةُ ".
(قلت:
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قال أبو داود: " اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث؛ قال عبد الوارث:
" اليد العليا: المتعففة ". وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب: " العليا:
المنفقة ". وقال واحد عن حماد: " المتعففة " ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(5/347)
والحديث أخرجه البخاري (3/230) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم (3/94) ، والنسائي (1/350) عن قتيبة بن سعيد عن مالك.
وأخرجه البيهقي (4/197) من الطريقين عن مالك، وهذا في "الموطأ"
(3/158) .
ووصله البخاري، والدارمي (1/389) ، والبيهقي، وأحمد (2/98) من رواية
جماعة عن حماد بن زيد عن أيوب ... به.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع ... به: أخرجه أحمد (2/67) والبيهقي.
وفي رواية له: " المتعففة "-
وأما رواية عبد الوارث؛ فلم أر من وصلها!
وأما الواحد الذي يشير إليه المصنف؛ فهو مسدد، رواه في "مسنده "- كما في
"الفتح "-، وأيد قول ابن عبد البر:
" رواية مالك أولى وأشبه بالأصول ".
1455- عن مالك بن نَضْلَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الأيدي ثلاثة: فَيَدُ اللهِ العليا، وبدُ المعطي التي تليها، ويدُ السائلِ
السُفلى؛ فأعط الفَضْلَ، ولا تَعْجِزْ عن نفسك ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم، يوافقه الذهبي، وصححه
أيضا ابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عَبِيدَة بن حُمَيْد التيمي: حدثني أبو
الزعْرَاءِ عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نَضْلَةَ.(5/348)
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي الزعراء
- واسمه عمرو بن عمرو الكوفي-، وهو ثقة، كما قال ابن معين وغيره.
وأبو الأحوص: عمه، واسمه عوف بن مالك.
والحديث في "مسند أحمد" (4/137) .
وعنه: أخرجه الحاكم أيضا (1/408) ، وقال:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان (809) ، والبيهقي (4/198) ، وفي "الأسماء والصفات "
(322) من طريق آخر عن عَبِيدَةَ بن حُمَيْدٍ ... به.
وكذا رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/247/1) ، وعنه تلقاه ابن حبان.
وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود ... مرفوعاً نحوه، وهو مخرج في
"التعليق الرغيب " (2/10) .
29- باب الصدقة على بني هاشم
1456- عن أبي رافع:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي
رافع: اصحبني؛ فإنك تصيب منها. قال: حتى آتِيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسألَهُ!
فأتاه فسأله؟ فقال:
" مولى القوم من أنفسهم، وإنَّا لا تَحِلُ لنا الصدقة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي) .(5/349)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع
عن أبي رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن أبي رافع: اسمه
عبيد الله.
والحكم: هو ابن عتَيْبَة.
والحديث أخرجه جماعة، منهم الترمذي، وقال:
"حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في "الإرواء" (862) .
1457- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَمُر بالتمرة العائرة، فما يمنعه من أخذها؛ إلا
مخافةَ أن تكونَ صدقةً.
(وفي رواية عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد تمرة، فقال:
" لولا أني أخاف أن تكون صدقة؛ لأكلتها ") .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" بلفظ
الرواية الأخرى) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا
حماد عن قتادة عن أنس.
حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي عن خالد بن قيس عن قتادة عن أنس:(5/350)
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد تمر ...
قال أبو داود: " رواه هشام عن قتادة هكذا ".
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين؛ وقد أخرجه
كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة؛ وفيه كلام يسير في روايته عن غير ثابت، وهنا قد
تابعه خالد بن قيس، وهو ثقة.
على أنه قد روي عنه عن ثابت؛ لكِنْ في إسناده إليه ضعف كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/193 و 258) من طريقين آخرين عن حماد بن
سلمة ... بالرواية الأولى.
وخالفهم مؤَمَّلٌ فقال: ثنا حماد: ثنا ثابت عن أنس ... به: أخرجه أحمد
(3/241) .
ومؤمل: هو ابن إسماعيل، فيه ضعف، فلا يحتج به؛ لا سيما إذا خالف.
وروأية هشام المعلقة وصلها مسلم (13/18) ، وأحمد (3/291- 292) ...
بلفظ الرواية الثانية.
وتابعه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه أحمد
(3/184) .
ولها طريق أخرى، يرويه منصور عن طلحة بن مصَرِّف: حدثنا أنس بن
مالك ... به.(5/351)
أخرجه مسلم، وأحمد (3/119 و 132) ، والبخاري أيضا (2431) .
1458- عن ابن عباس قال:
بعثني أبي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إبل، أعطاها إياه من الصدقة.
(وفي رواية عنه ... نحوه؛ زاد: أبي يُبْدِ لُها له) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد المحارِبِيُ: ثنا محمد بن فُضَيْل عن الأعمش
عن حبيب بن أبي ثابت عن كُرَيْب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال:
بعثني ...
حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا محمد- هو ابن أبي
عبيدة- عن أبيه عن الأعمش عن سالم عن كريب.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم من الوجه الثاني، وكذلك من الوجه
الأول؛ إلا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه.
30- باب الفقير يُهْدِي للغنيِّ من الصدقة
1459- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتِيَ بلَحْمٍ. قال:
"ماهذا؟ ".
قالوا: شيء تُصُدِّقَ بها على بريرة. فقال:(5/352)
" هو لها صدقة، ولنا هدية ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقلت على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن
مرزوق، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/278 و 5/155) ، ومسلم (3/120) ، والنسائي
(2/138) ، وأحمد (13/17 و 130 و 180 و 276) من طرق عن شعبة ... به.
31- باب من تَصَدَّقَ بصدقة، ثم وَرِثَها
1460- عن بُريدَةَ:
أن امرأة أتَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: كنتُ تصدّقْتُ على أمِّي
بِوَلِيدَة، وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ؟ قال:
" قد وَجَبَ أجْرُكِ، ورجعتْ إليكِ في الميراث ".
(قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بزيادة قضيتين أُخريين، وسيأتي كذلك في "الوصايا") .
إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير: ثنا عبد الله بن عطاء
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عطاء،
فهو على شرط مسلم وحده، وقد وثقه ابن معين وابن حبان. وقال النسائي:(5/353)
" ليس بالقوي "! وقال الذهبي في "الميزان ":
" صدوق إن شاء الله ". ثم ساق له قصة يؤخذ منها أنه دلس في حديث:
" كنا نتناوب رِعْيَةَ الإبل ". وكأنه من هنا قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ويدلس "!
ولعل تدليسه كان نادراً، وخطأه يسيراً؛ ومن هنا احتج به مسلم، وصدقه
الذهبي. والله أعلم.
والحديث أخرجه مسلم وغيره من طرق عن عبد الله بن عطاء ... أتم منه،
وسيأتي كذلك في "الوصايا".
32- باب في حقوق المال
1461- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
كنا نَعُدُ الماعونَ على عَهْدِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عارِيَّةَ الدلْوِ والقِدْرِ.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النجُودِ عن
شقيق عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنهما أخرجا
لعاصم متابعةً.
والحديث أخرجه البيهقي (4/183) من طريق المصنف، ومن طريق شيبان
عن عاصم ... به.(5/354)
وأخرجه ابن جرير (30/204- 206) من هذا الوجه، ومن وجوه أخرى
صحيحة عن ابن مسعود ... أتم منه.
1462- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما من صاحب كنز لا يؤدِّي حقَّهُ إلا جعله الله يوم القيامة يُحْمَى
عليها في نار جهنم، فتُكْوَى بها جَبهتُهُ وجَنْبُهُ وظَهْرُهُ، حتى يقضيَ اللهُ بين
عبادِهِ في يوم كان مقداره خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما
إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب غنم لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت
يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فَيُبْطَحُ لها بقاع قَرْقرٍ، فَتَنْطَحُهُ بقرونها، وتَطَأُهُ
بأظلافها، ليس فيها عَقْصَاءُ، ولا جلحاءُ، كلما مضت أخراها رُدَّتْ عليه
أولاها، حتى يَحْكُمَ الله بين عباده؛ في يوم كان مقدارُهُ خمسينَ ألفَ سنةٍ
مما تَعُدُون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب
إبل لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فيُبْطَحُ لها بقاعٍ
قَرْقَرٍ، فَتَطَأُهُ بأخفافها، كلَّما مضتْ عليه أُخراها؛ رُدَّتْ عليه أولاها، حتى
يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةِ مما تعدُّون، ثم
يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار ".
(وفي رواية في قصة الإبل- بعد قوله: " لا يؤدي حقها "- قال:
" ومِنْ حَقها حَلَبهُا يوم وِرْدِها ") .
(قلت: إسناده صحيحِ على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وأخرجه البخاري مختصراً بنحو الرواية الأولى؛ وفيه الزيادة) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن(5/355)
أبيه عن أبي هريرة.
حدثنا جعفر بن مسَافِرٍ: ثنا ابن أبي فُدَيْك عن هشام بن سعد عن زيد بن
أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، قال في قصة الإبل
بعد قوله ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، وصحيح فقط
من الوجه الآخر؛ لأن جعفر بن مسافر ليمس من رجال مسلم، لكنه لم يتفرد به
كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/71- 72) ، وعبد الرزاق (6858) ، وأحمد
(2/262 و 383) من طرق عن حماد بن سلمة ... به؛ وزاد مسلم ما في الرواية
الأخرى من قوله: " ومن حقها ... ".
ثم أخرجه هو، والبيهقي (4/183) من طريق ابن وهب: حدثني هشام بن
سعد ... به؛ وفيه الزيادة.
وأخرجها البخاري (3/208- 209) ، والنسائي (1/338- 339) مختصراً من
طريق الأعرج عن أبي هريرة ... مرفوعاً.
والبخاري أيضا (5/38) ، وأحمد (2/360 و 482) من طريق عبد الرحمن بن
أبي عَمْرَةَ عن أبي هريرة ... بالزيادة فقط.
وابن ماجه (1786) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه ...
مختصراً.
ولها شاهد من حديث جابر مرفوعاً بلفظ:
" ما من صاحب إبل ... " الحديث؛ دون قوله: " كلما مضت عليه(5/356)
أخراها ... ". وزاد:
قلنا: يا رسول الله! وما حقها؟ قال:
" إطراق فحلها، وإعارة دلْوها، ومَنِيحَتُها، وحَلَبُها على الماء، وحَمْلٌ عليها في
سبيل الله ".
أخرجه مسلم (3/74) ، والنسائي (1/339) ، وابن أبي شيبة (3/213) ،
والبيهقي (4/182- 183) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير
عنه؛ وقد صرح أبو الزبير بالسماع من جابر في رواية ابن جريج: أخبرني أبو
الزبير ... به؛ وزاد:
قال أبو الزبير: وسمعت عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ يقول:
قال رجل: يا رسول الله! ما حق الإبل؟ قال ... فذكره.
أخرجه عبد الرزاق (6866) ، وعنه مسلم، وابن الجارود (335) ، والبيهقي،
وأحمد (3/321) كلهم عن عبد الرزاق ... به.
وأعله البيهقي بالانقطاع، ويعني: الإرسال؛ لأن عبيد بن عمير ولد على عهد
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال مسلم، وعده غيره في كبار التابعين، وهو مجمع على ثقته
كما قال الحافظ.
1463- ومن طريق أبي عمر الغُدَاني عنه قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو هذه القصة. فقال له- يعني: لأبي هريرة-: فما حق
الإبل؟ قال:
" تُعْطِي الكريمةَ، وتمنح الغَزِيرَةَ، وتُفْقِرُ الظَّهْرَ، وتُطْرِقُ الفَحْلَ، وتَسْقِي
اللَّبَنَ ".(5/357)
(قلت: ليس من شرط الكتاب؛ لأن الغُدَاني هذا لم يوثقه غير ابن حبان!
وإنما أوردته؛ لأنه شاهد للقصة، ولأن الزيادة موقوفة على أبي هريرة، فلا تنافي
المرفوع، وقد صححه الحاكم والذهبي، ولها شاهد يأتي بعده) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا شعبة عن قتادة
عن أبي عمر الغُدَاني.
والحديث أخرجه البيهقي (4/183) ، وأحمد (2/490) عن يزيد ... به.
ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الغْدَاني؛ فإنه مجهول لم يوثقه غير ابن
حبان.
لكن الحديث صحيح بما قبله وما بعده.
1464- عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ قال:
قال رجل: يا "رسول الله! ما حق الإبل؟ ... فذكر نحوه؛ زاد:
" وإعارة دلوها ".
(قلت: إسناده مرسل صحيح. وقد وصله مسلم. وابن الجارود من حديث
جابر) .
إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال أبو
الزبير سمعت عبيد بن عمير.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد
أخرجه في "صحيحه " في آخر حديث جابر المشار إليه في تخريج الحديث المتقدم
(1462) ، وتقدم تخريجه هناك.(5/358)
1465- عن جابر بن عبد الله:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ مِنْ كُل جادِّ عَشَرَةِ أوْسُقٍ من التمر بِقِنْو يُعَلقُ في
المسجد للمساكين.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) .
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرَاني: حدثني محمد بن سَلَمَةَ عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حَبانَ عن عمه واسع بن حَبَّانَ عن
جابر بن عبد الله ...
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون رجال مسلم؛ غير الحراني، فهو صدوق ربما
وهم، لكنه قد توبع كما يأتي.
إلا أن محمد بن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة، ثم هو إلى ذلك مدلس،
ولكنه قد صرح بالتحديث في رواية عنه تأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (801) ، وأحمد (3/359- 360) من طرق أخرى
عن محمد بن سلمة ... به.
وأخرجه أحمد أيضا (3/359) ، والحاكم (1/417) من طريقين آخرين عن
ابن إسحاق. وقال أحمد في روايته عنه: حدثني محمد بن يحيى بن حَبان ...
به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ".
ثم أخرج له هو، وابن حبان (802) شاهداً مختصراً من حديث ابن عمر ...
به، وصححه على شرط مسلم أيضا.(5/359)
1466- عن أبي سعيد الخدري قال:
بينما نحن معِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر؛ إذ جاء رجل على ناقة له،
فجعل يَصْرِفُها يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ؛ فليَعدْ به على مَنْ لا ظهر له. ومن كان
عنده فَضْلُ زادٍ؛ فَلْيَعدْ به على مَنْ لا زادَ له "، حتى ظننا أنه لا حَقَّ لأحد
منَّا في الفَضْلِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان
(7/392)) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخُزَاعي وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبو
الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير
الخزَاعي؛ فإنه متابع، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (5/138) ، وأحمد (3/34) ، والبيهقي (4/182) من
طرق أخرى عن أبي الأشهب ... به.
33- باب حقَ السائل
1467- عن أم بُجَيْدٍ- وكانت ممن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنها قالت له:
يا رسول الله! صلى الله عليك؛ إن المسكين لَيَقُومُ على بابي، فما أجد
له شيئاً أُعْطِيهِ إياه؟ فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن لم تَجِدِي له شيئاً تُعْطيهِ إيَّاهُ إلا ظِلْفاً محْرَقاً؛ فادفَعِيهِ إليهِ في يَدِهِ ".(5/360)
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن
عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ عن جدته أم بجَيْدٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير
عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ، فهو ثقة، وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات،
وقيل: أن له صحبة، وقد صحح حديثه من يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (665) ... بإسناد المصنف ومتنه، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن حبان (824) من طريق قتيبة.
وأحمد (6/382) ، والحاكم (1/417) من طرق أخرى عن الليث ... به،
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.
والحديث مخرج في "المشكاة" (1879 و 1942- التحقيق الثاني) .
34- بابُ الصَّدَقةِ على أهل الذمَّةِ
1468- عن أسماء قالت:
قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي راغبةً في عهد قريش، وهي راغمَةٌ مشركةٌ، فقلت:
يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! إن أمي قدمتْ عليَّ وهي راغمة مشركة، أفأصلها؟ قال:
" نعم، فَصِلي أُمَّكِ ".(5/361)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَراني: ثنا عيسى بن يونس: ثنا
هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد- وهو ابن
عبد الله بن أبي شعيب-، وهو ثقة من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/178 و 6/216 و 10/339) ، ومسلم (3/81) ،
وابن حبان (453- إحسان) ، وأحمد (6/344 و 347 و 355) من طرق عن
هشام ... به. وزاد أحمد في رواية:
قال: وأظنها ظِئْرَها.
وسنده جيد على شرط مسلم.
وخالف مصعب بن ماهان فقال: عن سفيان عن هشام عن أبيه عن
عائشة ... به مختصراً.
رواه ابن حبان (454) ؛ ومصعب كثير الخطأ، فلا يعتد بمخالفته.
35- باب ما لا يجوز منعه
36- باب المسألة في المساجد
37- باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى
أليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ](5/362)
38- باب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله
1469- عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من استعاذ بالله؛ فأعيذوهُ، ومن سأل بالله؛ فأعطُوهُ، ومن دعاكم؛
فأجيبوُهُ، ومن صنع إليكم معروفاً؛ فكافِئُوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه؛
فادعوا له حتى تَرَوْا أنكم قد كافأتموه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حرير عن الأعمش عن مجاهد عن
عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في "الأدب
المفرد" وغيره من طرق عن الأعمش ... به، وهو مخرج في "الصحيحة" (254) .
ولبعض فقراته شاهد من حديث ابن عباس: أخرجه المصنف في "الأدب "،
وسيأتي هناك أن شاء الله تعالى في (باب الرجل يستعيذ من الرجل) ، وهو في
" الصحيحة " أيضا (253) .
39- باب الرجل يُخْرِجُ من ماله
1470- عن أبي سعيد الخدري قال:
دخل رجل المسجد، فأمر النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناسَ أن يَطْرَحُوا ثياباً،
فطرحوا، فأمر لَهُ منها بثوبين، ثم حَثَّ على الصدقة، فجاء فَطَرَحَ أحدَ
الثوبين، فصاح به وقال:(5/363)
"خذ ثوبك ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن ابن عَجْلان عن عياضِ
ابن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدري يقول.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في محمد
ابن عجلان، وقد أخرج له مسلم مقروناً.
وسفيان: هو ابن عيينة.
وإسحاق: هو الطالْقَانِي.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (741) ، وعنه الحاكم (1/413) : ثنا
سفيان ... به مطولاً.
وأخرجه النسائي (1/351) ، وابن حبان (840) من طريق أخرى عن ابن
عجلان ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
1471- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن خيرَ الصدقةِ ما تَرَكَ غِنىً، أو تُصُدِّقَ به عن ظَهْرِ غِنىً، وابدأ بمن
تَعُولُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة.(5/364)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري وغيره
من هذا الوجه، كما بينته في "الإرواء" (834) ، وقد سقت له فيه أكثر من عشرة
طرق عن أبي هريرة ... بنحوه.
40- باب في الرخصة في ذلك
1472- وعنه؛ أنه قال:
يا رسول الله! أيُ الصدقةِ أفضلُ؟ قال:
" جُهْدُ المُقِل، وابدأْ بِمَنْ تَعُولً ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوهَب الرملي قالا: حدثنا
الليث عن أبي الزبير عن يحيى بن جَعْدَةَ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير يحيى بن
جعدة، وهو ثقة.
والرملي مثله، لكنه مقرون بقتيبة؛ وهو من رجالهما.
والحديث مخرج في " الإرواء " (834) أيضا.
1473- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليومَ
أسْبِقُ أبا بكر! إن سَبَقْتُهُ يوماً! فجئتُ بِنِصْفِ مالي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(5/365)
" ما أبقيت لأهلك؟ ". قلت: مِثْلَهُ.
قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بِكُلِّ ما عنده، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما أبقيت لأهلك؟ ". قال: أبقيت لهم اللهَ ورسولَهُ.
قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً!
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه الترمذي، وقال
الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! ".
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح وعثمان بن أبي شَيْبَة- وهذا حديثه- قالا:
ثنا الفَضْلُ بن دكَيْن: ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت
عمر بن الخطاب يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الترمذي (3676) - وقال: " حسن صحيح "-، والدارمي
(1/391- 392) ، والحاكم (1/414) ، وعنه البيهقي (4/180- 181) من طرق
أخرى عن الفضل بن دكينٍ ... به. وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
41- باب في فضل سقي الماء
1474- عن سعيد:
أن سعداً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أيُّ الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال:
"الماء".(5/366)
(قلت: إسناده مرسل صحيح؛ سَعِيدٌ: هو ابن المسيَّبِ، وسَعْدٌ هو ابن
عبادة. وقد روي مسنداً عنه، وهو الآتي بعده) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن ظاهره
الإرسال؛ لأن الإسناد انتهى إلى سعيد- وهو ابن المسيَّبِ-، ولم يسنده، ولو
أسنده عن سعد- وهو ابن عبادة- كما في الرواية الآتية؛ فهو منقطع؛ لأن سعيداً
لم يدرك سعد بن عبادة، كما قال المنذري.
والحديث أخرجه الحاكم (1/414) من طريقين آخرين عن محمد بن
كثير ... به، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! وردَّهُ الذهبي بقوله:
" قلت: لا؛ فإنه غير متصل ".
1475- وفي رواية عن سعيد بن المسيّبِ والحسن عن سَعْدِ بن عُبَادة
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم: ثنا محمد بن عَرْعَرَةَ عن شعبة عن
قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن عبد الرحيم
- وهو ابن عبد الله بن عبد الرحيم بن سَعْيَةَ المصري ابْنِ البَرْقِي-، وهو ثقة، وقد
توبع كما يأتي.(5/367)
فالإسناد صحيح؛ لولا الانقطاع بين سعيد وسعد كما تقدم، وكذلك بينه
وبين الحسن- وهو البصري-؛ فإنه لم يدركه أيضا.
والحديث أخرجه الحاكم (1/414) ، وعنه البيهقي (4/185) من طريق أخرى
عن ابن عرعرة ... به.
وتابعه عفان: ثنا شعبة ... به: أخرجه البيهقي.
وتابعه هشام صاحب الدَّسْتَوَائِيُّ عن قتادة عن سعيد وحده.
أخرجه ابن ماجه (2/394) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (ق 252/1) ، وعنه
ابن حبان (858) .
وأخرجه أحمد (5/284) عن المبارك عن الحسن وحده.
وهو رواية له من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت الحسن ... به.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، مخرج في "التعليق الرغيب " (2/52
-53) ؛ فهو به حسن.
1476- ومن طريق رجل عن سعد بن عبادة: أنه قال:
يا رسول الله! إن أم سعد ماتت؛ فأيًّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال:
"الماء".
قال: فحفر بئراً وقال: هذه لأم سعد.
(قلت: حديث حسن، وقد صححه من ذكرنا آنفاً) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل.(5/368)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لم يسم،
ويحتمل أنه الحسن البصري، أو سعيد بن المسيب اللذين في الطريق التي قبلها،
وقد سبق الكلام عليها.
42- بابٌ في المَنِيحَةِ
1477- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أربعون خَصْلَةً- أعلاهن مَنِيحَةُ العَنْزِ-، ما يعمل رجل بخَصْلَة منها
رجاءَ ثوابها، وتصديقَ مَوْعُودِها؛ إلا أدخله الله بها الجنة ".
وفي حديث مُسَدَّد: قال حَسَّان: فعدَدْنا ما دون مَنِيحَة العَنْزِ: مِنْ رَدِّ
السلام، وتشميت، العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه؛ فما
استطعنا أن نبلغ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأحد
إسنادي المصنف ومتنه) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل. (ح) وثنا مسدد: ثنا
عيسى- وهذا حديث مسدد: وهو أتم- عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي
كَبْشَةَ السَّلُولي قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط
البخاري من الوجه الآخر؛ فإن مسَدَّداً لم يخرج له مسلم.
وبه: أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/186) : حدثنا مسدد ... به.(5/369)
وأخرجه أحمد (2/160) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني حسان بن
عطية: ثنا أبو كبشة السلولي.
وأخرجه البيهقي (4/184) .
43- باب أجر الخازن
1478- عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الخازن الأمين، الذي يُعْطِي ما أُمِرَ به كاملاً مُوَفراً، طَيِّبةً به
نَفْسُهُ؛ حتى يَدْفَعَهُ إلى الذي أُمِرَ له به: أحَدُ المتَصَدِّقَيْنِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء- المعنى- قالا: ثنا أبو
أسامة عن بُريدِ بن عبد الله بن أبي برْدَةَ عن أبي بُرْدَةَ عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/388) ... بإسناد المصنف الثاني.
وأخرجه مسلم (3/90) - به وبغيره- عن أبي أسامة ... به.
وأخرجه أحمد (4/394) : ثنا حماد بن أسامة ... به.
وتابعه سفيان عن بُرَيْدِ بن أبي بردة ... به: أخرجه البخاري (4/348) ،
والنسائي (1/357) .
وأخرجه البيهقي (4/192) عن أبي أسامة- وهو حماد بن أسامة-.(5/370)
44- باب المرأة تتصدق من بيت زوجها
1479- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غَيْرَ مُفْسِدَةٍ؛ كان لها أجْرُ ما أنْفَقَتْ،
ولزوجِها أجْرُ ما اكتسب، ولخازنه مِثْلُ ذلك، لا يَنْقُصُ بعضُهم أجْرَ بعضٍ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وقال
الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن شَقِيقٍ عن مسروق عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/228 و 4/240) ، ومسلم (3/90) ، والبيهقي
(4/192) ، وأحمد (6/278) من طرق عن منصور ... به.
وأخرجه الترمذي (672) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه الأعمش عن شقيق ... به: أخرجه عبد الرزاق (7275) ، والبخاري
(3/235) ، ومسلم (3/90) ، وابن ماجه (2/44) ، وأحمد (6/44) .
وخالفهما عمرو بن مُرَّةَ فقال: سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة ... به؛
فلم يذكر مسروقاً في إسناده: أخرجه النسائي (1/351- 352) ، والترمذي
(671) ، وقال:
" حديث حسن ". وقال:(5/371)
" حديث منصور أصح، وعمرو بن مرة لا يذكر في حديثه: عن مسروق ".
1480- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره؛ فلها نِصْفُ أجْرِهِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن
مُنَبه قال: سمعت أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7272) كما رواه المصنف عنه؛
إلا أنه قال: " فله نصف أجره ".
وكذلك أخرجه البخاري (4/240) ، ومسلم (3/91) ، وأحمد (2/316) ،
والبيهقي (4/192) ؛ ولفظ البخاري مثل لفظ المؤلف والمعنى واحد.
1481- وعنه؛ في المرأة تَصَدَّقُ من بيت زوجها؟ قال:
لا؛ إلا من قوتها، والأجر بينهما، ولا يَحِلُّ لها أن تَصَدقَ من مال
زوجها إلا بإذنه.
(قلت: إسناده صحيح موقوف، وهو تفسير للمرفوع الذي قبله) .
إسناده: حدثنا محمد بن سَوَارٍ المصري: ثنا عَبْدَة عن عبد الملك عن عطاء
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن سَوَّار،(5/372)
وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/193) من طريق المصنف.
وأخرجه عبد الرزاق (7273) عن عبد الملك بن أبي سليمان ... به.
وأورده البيهقي تحت باب (من حمل هذه الأخبار [يعني: حديث عائشة وأبي
هريرة المتقدمين] على أنها تعطيه من الطعام الذي أعطاها زوجها، وجعله بحكمها
دون سائر أمواله، استدلالاً بأصل تحريم مال الغير إلا بإذنه) .
45- باب في صلة الرحم
1482- عن أنس قال:
لما نزلت: "لن تنالوا البِر حتى تنفقوا مِمَا تحبون) ؛ قال أبو طلحة: يا
رسول الله! أرَى رَبَّنا يسألنا من أموالنا؛ فإني أشهدك أني قد جعلت
أرضي (بَأرِيحَاء) له. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجعلها في قرابتك "؛ فَقَسَمها بين حسان بن ثابت وأُبَي بن كعب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وأخرجه هو والبخاري من طريق أخرى بنحوه وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن
سلمة-، وهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/79) ، وأحمد (3/285) من طرق أخرى عن(5/373)
حماد ... به.
وأخرجه مالك (3/156- 157) ، وعنه البخاري (3/253 و 8/179) ، ومسلم
أيضا، والدارمي (1/395) ، وأحمد (3/141) كلهم عن مالك عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة عن أنس ... به نحوه أتم منه.
وتابعه همام: أُنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ... به مختصراً نحو رواية
ثابت: أخرجه أحمد (3/256) .
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه حميد عن أنس ... به. أخرجه أحمد (3/115 و 174 و 262) ،
والترمذي (300) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
1483- عن ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
كانت لي جارية فأعتقتها، فدخل عليَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبرته، فقال:
" آجَرَكِ الله! أما إنك لو كنت أعطيتِها أخوالك؛ كان أعظمَ لأجرك ".
(قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيَ عن عَبْدَةَ عن محمد بن إسحاق عن بُكَيْرِ بن
الله بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسارعن ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد توبع، مع المخالفة في
الإسناد كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/414) من طريق أخرى عن هَناد بن السَّرِي ... به.(5/374)
ثم أخرجه هو، وأحمد (6/332) من طريقين آخرين عن محمد بن
إسحاق ... به.
وقد خالفه يزيد بن أبي حبيب- عند البخاري (5/166) -، وعمرو بن الحارث
- عند مسلم (3/79- 80) ، والبيهقي (4/189) -، وابن لهيعة- عند أحمد أيضا-
ثلاثتهم قالوا: عن بُكَيْرٍ عن كُرَيْبٍ عن ميمونة ... به نحوه.
وهذا أصح؛ كما قال الدارقطني، وأقره الحافظ.
1484- عن أبي هريرة قال:
أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله! عندي دينار؟!
فقال:
" تَصَدق به على نفسك ". قال: عندي آخر؟! قال:
" تَصَدقْ به على ولدك ". قال: عندي آخر؟! قال:
" تَصَدَّقْ به على زوجتك- أو قال: زوجك- ". قال: عندي آخر؟!
قال:
" تَصَدَّقْ به على خادمك ". قال: عندي آخر؟! قال:
" أنت به أبْصَرُ ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن
المقبري عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن(5/375)
عجلان؛ فإنه حسن الحديث كما تقدم مراراً.
والحديث أخرجه النسائي (1/351) ، وأحمد (2/471) من طريق يحيى بن
سعيد عن ابن عجلان ... به.
وأخرجه ابن حبان (828) عن الليث عنه.
والحاكم (1/415) من طريق أخرى عن محمد بن كثير، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (197) ... بإسناد المؤلف.
وله عنده شاهد من حديث جابر (750) .
وفيه أبو رافع إسماعيل بن رافع، وهو ضعيف، وفي متنه نقص، وزيادة
منكرة.
1485- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كفى بالمرء إثماً أن يُضَيعَ مَنْ يَقُوت ".
(حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم بنحوه من
طريق أخرى) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا أبو إسحاق عن وَهْبِ بن
جابر الخَيْوَاني عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخَيْواني- بفتح المعجمة
وسكون التحتية- وهو مجهول؛ وإنما حَسَنت الحديث، لأن له طريقاً أخرى،
خرجتها مع الأولى في "الإرواء" (894) .(5/376)
1486- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وُينْسَأ في أثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب- وهذا حديثه- قالا: ثنا
ابن وهب قال: أخبرني يونس عن الزهري عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن
صالح- وهو المصري-، فهو على شرط البخاري.
وقد تابعه يعقوب بن كعب، وهو ثقة، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (8/8) ، والنسائي في "الكبرى" (6/438) من
طريقين آخرين عن ابن وهب ... به.
وأخرجه مسلم أيضا؛ والبخاري (10/341) من طريق عُقَيْلِ بن خالد عن ابن
شهاب.
وأخرجه البخاري (4/241) عن حسان: حدثنا يونس ... به.
وأخرجه أحمد (3/247) من طريق قُرَةَ عن ابن شهاب ... به.
وله عنده (3/156 و 266) طريقان آخران عن أنس ... به.
وله شاهدان:
أحدهما: من حديث أبي هريرة: عند البخاري.
والآخر: من حديث ثوبان: عند أحمد (5/279) .(5/377)
وثالث: عن علي: عند البزار (1879- كشف) .
1487- عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" قال الله: أنا الرحمنُ، وهي الرَّحِمُ؛ شَقَقْتُ لها اسماً مِنِ اسْمِي، مَنْ
وَصَلَها؛ وَصَلْتُهُ، ومَنْ قَطَعها؛ بَتَتهُ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبى شيبة قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن
أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف.
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن
الزهري: حدثني أبو سلمة أن الرَّدادَ الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه
سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قلت: والإسناد الأول رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين من طريق أبي بكر،
ومسدد من رجال البخاري، ولكنه منقطع؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه
عبد الرحمن.
وقد وصله معمر في السند الثاني، فذكر بينهما أبا الرداد.
ومع أن هذا لا يعرف؛ فقد خَطَّأ الترمذيُّ معمراً في ذكره إياه فيه، ورجح عليه
رواية سفيان!
وهو خطأ منه؛ لأن معمراً قد توبع، كما حققته في "الصحيحة" (520) ،
وذكرت له فيه شاهداً قوياً.(5/378)
1488.- عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يَبْلُغُ به النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يدخل الجنةَ قاطعُ رَحِمٍ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جُبَيْرِ بن مُطْعِم
عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد،
فهو من رجال البخاري، وقد توبع.
والحديث أخرجه أحمد (4/80) : ثنا سفيان ... به، دون قوله: " رحم ".
وكذلك أخرجه مسلم (8/7- 8) ، والترمذي (1910) من طرق عديدة قالوا:
حدثنا سفيان ... به؛ وزاد ابن أبي عمر: قال سفيان:
يعني: قاطع رحم. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه مسلم، وكذا البخاري (10/340) ، وفي " الأدب المفرد" (64) ،
وأحمد أيضا (4/83 و 84) من طرق أخرى عن الزهري ... به، وزاد في
"الأدب ": " رحم ".
1489/1- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليس الواصلُ بالمُكَافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ هو الذي إذا قَطَعَتْ رَحِمُهُ
وَصَلَها".(5/379)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف
ومتنه. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفِطْرِ
عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو- قال سفيان: ولم يرفعه سليمان إلى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورفعه فطر والحسن- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين موقوفاً، وعلى
شرط البخاري مرفوعاً؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (10/347) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وكذلك أخرجه في "الأدب المفرد" (68) .
وأخرجه أحمد (2/190) من طريق سفيان عن الحسن بن عمرو وحده.
ثم رواه هو (2/163 و 193) من طرق أخرى عن فطر وحده.
والترمذي (1909) عنه مقروناً مع بشير أبي إسماعيل عن مجاهد ... به، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
46- باب في الشُحِّ
1489/2- عن عبد الله بن عمرو قال: خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
" إياكم والشُح؛ فإنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بالشُح؛ أمَرَهُمْ بالبُخْلِ
فَبَخِلُوا، وأمَرَهُمْ بالقَطِيعة فَقَطَعُوا، وأمَرَهُمْ بالفُجور فَفَجَروا ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) .(5/380)
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرةَ عن عبد الله بن
الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي كثير
- وهو الزبَيْدِي الكوفي، اختلفوا في اسمه-، وثقه النسائي وغيره.
والحديث أخرجه أحمد والحاكم- وصححه-، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في
"الصحيحة" (858) .
1490- عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
قلت: يا رسول الله! ما ليَ شيء، إلا ما أدْخَلَ عَلَي الزبَيْرُ بَيْتَهُ،
أفَأُعْطِي منه؟ قال:
" أعْطِي ولا تُوكي؛ فيوكى عليك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم
بأسانيد أخر. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: ثنا عبد الله بن أبي
مُلَيْكَة: حدثتني أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه بإسناد آخر كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/344) : ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب ... به.
وأخرجه الترمذي (1961) من طريق أخرى عن أيوب ... به، وقال:
" حديث حسن صحيح ".(5/381)
وخالفه ابن جريج؛ فقال: أخبرني ابن أبي مليكة أن عَبَّاد بن عبد الله بن
الزبير أخبره عن أسماء ... به نحوه: أخرجه مسلم (3/92- 93) ، والنسائي
(355) .
ثم أخرجه مسلم من طريقين آخرين عن أسماء:
أحدهما: عند النسائي والبخاري (3/233 و 5/166) .
وهما: عند أحمد (6/354) .
1491- عن عائشة:
أنها ذكرت عِدَّةً من مساكين- قال أبو داود: وقال غيره: أو عِدة من
صدقة-، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أعطي ولا تحصي؛ فيُحْصَى عليك".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: عن عبد الله بن أبي
مليكة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو الذي قبله، لكن هنا
جعله من (مسند عائشة رضي الله عنها) .
وقد وجدت له متابعاً قوياً، وهو عروة بن الزبير عنها:
أن سائلاً سأل. قالت: فأمرت الخادِمَ فأخرج له شيئاً. قالت: فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها:
" يا عائشة! لا تحصي ... ".(5/382)
أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في "زوائده " (6/70- 71) ، وابن حبان (822)
من طريق الحكم عنه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ثم أخرجه أحمد (6/108) عن هشام بن عروة عن أبيه عنها: أنها قالت:
يا ابن أختي! قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
وسنده جيد.
وقد جاءت هذه العبارة في حديث أسماء المتقدم آنفاً في بعض طرقه: عند
الشيخين وغيرهما.
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف
عنها ... أتم منه.
أخرجه النسائي (2549) بسند حسن في المتابعات والشواهد.(5/383)
4- كتاب اللُّقَطَةِ
1- باب التعريف باللقطة
1492- عن سُويدِ بن غَفَلَةَ قال:
غزوتُ مع زيد بن صُوحانَ وسلمان بن ربيعة، فوجدت سَوْطاً، فقالا
لي: اطْرَحْهُ. فقلت: لا، ولكن إن وجدتُ صاحبه؛ وإلا استمتعتُ به!
فحَجَجْتُ، فمررت على المدينة، فسألت أُبيّ بن كعب؟ فقال:
وجَدْتُ صُرَّةً فيها مئة دينار، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
" عَرفْها حولاً "؛ فعَرَّفتها حولاً، ثم أتيته، فقلت: لم أجد من يَعْرِفها؟!
فقال:
" احفظ عَدَدَها ووِكَاءَها ووِعَاءَها؛ فإن جاء صاحبها؛ وإلا فاستمتع بها ".
وقال: لا أدري أثلاثاً قال: " عَرِّفها " أو مرة واحد؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بنحوه) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن سَلَمَةَ بن كهَيْل عن سوَيْدِ
ابن غَفَلَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/59 و 70) ، ومسلم (5/135- 136) ،
والبيهقي (6/186 و 193) ، وأحمد (5/126) من طرق أخرى عن شعبة ... به.(5/384)
وتابعه سفيان الثوري عن سلمة ... به نحوه؛ وفي حديثه: ثلاثة أحْوَال.
أخرجه مسلم، والترمذي (1374) ، وابن ماجه (2/102) ، وابن الجارود (668) ،
وأحمد، والبيهقي (6/192) .
1493- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ قال:
" عَرِّفْهَا حولاً "، وقال: ثلاث مِرَارٍ؛ قال: فلا أدري؛ قال له ذلك في
سنة أوفي ثلاث سنين؟!
(قلت: إسناده على شرط البخاري. وقد أخرجه بهذا اللفظ، وكذا
مسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة ... بمعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الشيخان من طرق عن شعبة ... به كما تقدم، واللفظ
المذكور هو رواية لهما.
وقد أتبعها مسلم برواية بَهْزٍ عن شعبة ... نحوه؛ وفيها: قال شعبة: فسمعته
بعد عشر سنين يقول:
" عرِّفها عاماً واحداً ". ورواها البيهقي، وقال:
" وكأن سلمة كان يشك فيه، ثم تذكر، فثبت على عام واحد ".
وبهذا جزم ابن حزم وابن الجوزي. وإليه مال الحافظ في "الفتح " (5/60) .
ويؤيده حديث زيد بن خالد الآتي بعده. والله أعلم.(5/385)
1494- وفي أخرى عنه ... بمعناه؛ قال في التعريف: قال: عامين أو
ثلاثة، وقال:
" اعْرِفْ عَدَدَها ووِعَاءَها ووِكَاءَها- زاد: فإنْ جاء صاحبها، فَعَرَفَ
عددها ووكاءها؛ فادفعها إليه- ".
(قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه. والمعتمد:
التعريف سنة واحدة) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا سلمة بن كُهَيْل ...
بإسناده ومعناه قال ...
قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (6/196) من طريق المصنف.
وهو، ومسلم (5/139) ، وأحمد (5/127) من طرق أخرى عن حماد ... به.
لكن الراجح: ذكر الحول مرة واحدة؛ لأن الراوي شك في الزيادة، كما تقدم آنفاً.
1495- عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ:
أن رجلاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اللُقَطَةِ؟ فقال:
" عَرفْها سنةً، ثم اعرف وكاءَها وعِفاصها، ثم استَنْفِقْ بها، فإنْ جاء
ربها؛ فأدِّها إليه ". فقال: يا رسول الله! فَضَالةُ الغنم؟ فقال:
" خُذْها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ".
قال: يا رسول الله! فَضَالَّةُ الإبل؟ فغضِب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى
احْمَرتْ وَجْنَتاه- أو احْمَرَّ وَجْهُه-، وقال:(5/386)
" ما لك ولها؟! معها حِذَاؤها وسِقاؤُها، حتى يأتِيَها رَبها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناده ومتنه.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (6/192) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (5/69) ، ومسلم (5/134) ، والترمذي (1372)
ثلاثتهم ... بإسناده ومتنه، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه مسلم، والبيهقي (6/189) من طرق أخرى عن إسماعيل بن
جعفر ... به.
1496- وفى رواية عنه ... بمعناه؛ زاد:
" ... سقاؤها، تَرِدُ الماءَ، وتأكل الشجر"، ولم يقل: " خُذْها " في
ضالَّةِ الشاة، وقال في اللقطة:
" عَرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها؛ وإلا فَشَأْنُكَ بها "، ولم يذكر: " استنفق ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني مالك ... بإسناده ومعناه.(5/387)
قال أبو داود: " رواه الثوري وسليمان بن بلال وحماد بن سلمة عن ربيعة ...
مثله؛ لم يقولوا: " خذها " ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على
شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (5/134) ... بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنه قرن مع
مالك: سفيان الثوري وعمرو بن الحارث وغيرهم.
وهكذا أخرجه ابن الجارود (666) ، والبيهقي (6/189) من طريق أخرى عن
ابن وهب.
وحديث مالك في "الموطأ" (2/226) .
وعنه: أخرجه البخاري (5/64) ، ومسلم أيضا، والبيهقي (6/185 و 192) .
وحديث الثوري: وصله أحمد (4/117) ، والشيخان، وابن الجارود (667) .
وحديث سليمان بن بلال: وصله مسلم.
وحديث حماد: وصله المصنف.
1497- ومن طريق أخرى عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن اللقَطَةِ؟ فقال:
" عَرِّفْها سنة، فإن جاء باغِيها؛ فأدها إليه؛ وإلا فاعْرِفْ عِفَاصَها
ووِكَاءَها، ثم كُلْهَا، فإن جاء باغيها؛ فأدِّها إليه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن رافع وهارون بن عبد الله- المعنى- قالا: ثنا ابن أبي(5/388)
فُديك عن الضحَّاك- يعني: ابن عثمان- عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن خالد
الجهني: أن ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لكنه سقط من الإسناد شيخ
الضحاك بن عثمان؛ وهو سالم أبو النضر؛ فقد ثبت في كل الروايات التي وقفت
عليها، كما يأتي في تخريج الحديث.
ويؤيده: أن الحافظ المزي في "التهذيب " لم يذكر في شيوخ الضحاك بن
عثمان: بُسْراً هذا؛ وإنما ذكر فيهم سالماً أبا النضر، وهو المعروف باستقصائه لأسماء
شيوخ المترجم والرواة عنه، مرتباً إياهم على الحروف الهجائية ترتيباً دقيقاً، وكذلك
لم يذكره الحافظ في "تهذيبه ".
والحديث أخرجه أحمد (5/193) : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديكٍ:
حدثني الضحاك بن عثمان عن أبي النضْرِ مولى عمر بن عبيد الله عن بُسْرِ بن سعيد.
ومن هذا الوجه: أخرجه الطحاوي (2/276) .
وتابعه أبو بكر الحنفي قال: حدثنا الضحاك بن عثمان ... بهذا الإسناد: أخرجه
أحمد (4/116) ، ومسلم (5/135) ، وابن ماجه (2/102) ، والبيهقي (5/192) .
وتابعه ابن وهب: حدثني الضحاك بن عثمان ... به: أخرجه مسلم، وابن
ماجه، وابن الجارود (669) ، والبيهقي (5/186) .
1498- وفي رواية أخرى من الطريق الأولى عنه: أنه قال:
سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... فذكر نحوها، قال: وسئل عن اللقطة؟ فقال:
" تُعَرَّفها حولاً، فإن جاء صاحبها؛ دفعتها إليه؛ وإلا عَرَفْتَ وِكاءَها
وعِفَاصَها، ثم أفِضْها في مالك، فإن جاء صاحبها؛ فادفعها إليه ".(5/389)
(قلت: إسناده جيد) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حفص: حدثني أبي: حدثني إبراهيم بن طَهْمان
عن عَباد بن إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن أبيه يزيد مولى المنبعث عن زيد بن
خالد الجُهَنِي أنه قال ...
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير عبد الله بن يزيد، وهو
صدوق.
والحديث أخرجه البيهقي (6/186) من طريق أخرى عن أحمد بن حفص بن
عبد الله ... به.
1499- وفي رواية ثالثة عنه ... بمعناه؛ وزاد فيه:
" فإن جاء باغيها، فَعَرَف عِفاصَها وعَدَدها؛ فادفعها إليه ".
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم، ومَنْ أعَلَّهُ فقد وَهِمَ! والزيادة
صححها الحافظ. وأخرجها البخاري من حديث زيد، ومسلم عن أُبَي
وصححها الترمذي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد
وربيعة ... بإسناد قتيبة ومعناه؛ وزاد فيه ...
قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم، وإسناد قتيبة ومعناه؛ يريد به
الحديث (1495) .
وقد أعله المصنف بالشذوذ والمخالفة، كما يأتي في الحديث التالي! مع بيان ما
عليه إن شاء الله تعالى.(5/390)
1500- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
مثله.
(قلت: إسناده معلق حسن. وقد وصله البيهقي) .
إسناده: علقه المصنف بقوله: " وقال حماد أيضا: عن عبيد الله بن عمر عن
عمرو بن شعيب عن أبيه ... ".
قال أبو داود: " وهذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة في حديث سلمة بن
كُهَيْل ويحيى بن سعيد وعبيد الله وربيعة: " إن جاء صاحبها، فعرف عفاصها
ووكاءها؛ فادفعها إليه "؛ ليست محفوظة: " فعرف عفاصها ووكاءها " ... "!!
كذا قال! ورده الحافظ في "التلخيص "، فقال (3/76) :
" وأشار إلى أن حماد بن سلمة تفرد بها، وليس كذلك؛ بل في رواية مسلم:
أن الثوري وزيد بن أبي أنيسة وافقا حماداً. ورواها البخاري أيضا في حديث زيد
ابن خالد ".
ونحوه قال البيهقي (6/197) .
والحديث وصله البيهقي (6/197) من طريق علي بن عثمان: ثنا حماد ...
به في حديث يأتي عند المصنف قريباً نحوه؛ وفيه:
ثم سأله عن اللقطة؟ فقال:
" اعْرِفْ عددها ووعاءها وعفاصها، وعَرِّفْها عاماً، فإن جاء صاحبها، فعرف
عددها وعفاصها؛ فادفعها إليه؛ وإلا فهي لك".
وإسناده حسن.(5/391)
ويشهد له حديث أُبَي المتقدم (1494) ، فقد توبع حماد فيه على هذه الزيادة،
فقال مسلم (5/139) :
" وفي حديث سفيان وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة:
" فإن جاء أحد يخبرك بعددها ... " " فذكرها.
وأخرجه عبد الرزاق أيضا (18615) ، ومن طريقه ابن الجارود (667) ،
وصححها الترمذي (1374) عن سفيان.
ورواها سفيان أيضا في حديث زيد بن خالد المتقدم (1495) ... بنحوها:
أخرجه البخاري (5/71) .
وصرح الحافظ (5/59) بتصحيح هذه الزيادة، وَرَدَّ على من ضعفها بنحو ما
سبق عنه في "التلخيص ".
1501- وحديث عُقْبَةَ بن سُويد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا قال:
" عَرِّفْها سَنَةً ".
(قلت: حديث صحيح. وصله الطبراني) .
إسناده: وصله الطبراني في "الكبير"، كما في "المجمع " (4/168) ، وقال:
"عقبة: مستور".
1502- وحديث عمر بن الخطاب أيضا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"عَرِّفْها سَنَةً".
(قلت: وصله الدارمي والطحاوي والبيهقي بإسناد صحيح عنه) .(5/392)
إسناده: وصله الدارمي (2/265) ، والطحاوي (2/276) ، والبيهقي (6/187)
من طريق عمرو بن شعيب عن عمرو وعاصم ابني سفيان بن عبد الله بن ربيعة
الثقفي:
أن سفيان بن عبد الله وجد عَيْبَةً، فأتى بها عُمَرَ بنَ الخطاب، فقال: عَرَّفْها
سنة؛ فإن عُرِفَتْ فذاك؛ وإلا فهي لك. فلم تُعْرَفْ، فلقيه بها في العام المُقْبِلِ في
الموسم، فذكرها له، فقال عمر: هي لك؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا بذلك. قال:
لا حاجة لي بها! فقبضها عمر، فجعلها في بيت المال.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. غير عمرو بن سفيان، فقد وثقه ابن
حبان، ولم يرو عنه غير عمرو بن شعيب.
بخلاف أخيه عاصم، فقد روى عنه جمع آخر من الثقات، وهما من رجال
"التهذيب ".
وكذلك أبوهما سفيان، وهو صحابي، وكان عامل عمر على الطائف. فالعجب
من ابن التركماني؛ كيف قال فيهم ثلاثتهم:
" لم أقف على حالهم "؟!
1503- عن عِيَاضِ بن حِمَارٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً؛ فليُشهد ذا عَدْلِ- أو ذَوَيْ عَدْل-، ولا يَكْتُمْ ولا
يُغَيِّبْ، فإن وجد صاحبها؛ فلْيَرُدَّها عليه؛ َ وإلا فهو مالُ الله عز وجل يؤتيهِ
مَنْ يشاءُ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن الجارود وابن
حبان (4874)) .(5/393)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد- يعني: الطَّحَان-. (ح) وثنا موسى بن
إسماعيل: ثنا وُهَيْب- المعنى- عن خالد الحَذَّاء عن أبي العلاء عن مُطَرف- يعني:
ابن عبد الله- عن عياض بن حمار.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه.
والحديث أخرجه البيهقي (6/192) من طريق أخرى عن مسدد ... به.
وأخرجه هو (6/187) ، وأحمد (4/161 و 266) ، وابن ماجه (2/102) ،
والطحاوي (2/275) ، وابن الجارود (671) ، وابن حبان (1169) من طرق عن
خالد الحذاء ... به.
وتابعه أيوب عن أبي العلاء ... به مختصراً: أخرجه الطحاوي.
وخالفهما سعيد الجرَيْرِيَ فقال: عن أبي العلاء عن مُطَرف عن أبي هريرة ...
به: أخرجه الحاكم (2/64) من طريق حماد عنه، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأظنه وهماً من حماد- وهو ابن سلمة-؛ جعله من (مسند أبي هريرة) . والله
أعلم.
1504- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه سئِلَ عن الثمَرِ الُمعَلَّقِ؟ فقال:
"من أصاب بِفِيهِ من ذي حاجة، غَيْرَ متَّخِذِ خبْنَةً؛ فلاشيء عليه.
ومن خرج بشيء منه؛ فعليه غَرَامَة مِثْلَيْهِ والعقوَبة. ومَنْ سرق منه شيئاً
بعد أن يُؤْوَيهُ الجَرِين، فبلغ ثَمَنَ المِجَن؛ فعليه القطع ". وذكر في ضالةِ
الإبل والغنم كما ذكر غيره. قال: وسئِلَ عن اللُّقَطَةِ؟ فقال:(5/394)
" ما كان منها في الطرِيقِ المِيتَاءِ، أو القرية الجامعة؛ فَعَرَّفْها سَنَةً، فإن
جاء طالبُها؛ فادفعها إليه، وإن لم يأت؛ فهي لك، وما كان في الخَرَابِ-
يعني-؛ ففيها وفي الرِّكازِ الخُمُسُ ".
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم
والذهبي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد حسن مشهور، وفيه فائدة هامة؛ وهي أن جده: هو عبد الله
ابن عمرو بن العاص، وليس هو محمداً؛ فإنه عمرو بن شعيب بن محمد بن
عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا يبيِّن أنه هو المراد إذا قال: عن جده ولم
يسفه، وقد سبق تحقيق ذلك.
والحديث أخرجه النسائي (2/260) و (1/34) - مختصراً-، والترمذي
(1289) - أخصر منه، وقال: " حديث حسن "- كلاهما عن قتيبة ... به.
ثم أخرجه النسائي، وابن ماجه (2/127) ، وابن الجارود (670 و 827) ،
والحاكم (2/65) ، وأحمد (2/180 و 203 و 207) ، وعبد الرزاق (18597) من
طرق عن عمرو ... به مختصراً ومطولاً.
وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وسيذكر المصنف بعض طرقه.
1505- وفي رواية عنه ... بهذا؛ قال في ضالة الشاءِ؛ قال:
"فاجمعها".
(قلت: إسناده حسن، وصححه من ذكرنا آنفاً) .(5/395)
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو أسامة عن الوليد- يعني: ابن كثير-:
حدثني عمرو بن شعيب.
قلت: إسناده حسن، وهو مكرر الذي قبله.
1506- وفي أخرى عنه، قال في ضالة الغنم:
" لك أو لأخيك أو للذئب، خُذْهَا قَطّ ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه من أشرنا إليه آنفاً) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن
شعيب ... به.
وكذا قال فيه أيوب ويعقوب بن عطاء: عن عمرو بن شعيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " فخذها ".
قلت: إسناده حسن أيضا، وهو مكرر الذي قبله.
والحديث أخرجه النسائي (2/260) من طريق قتيبة: ثنا أبو عوانة ... به
مختصراً عن الرواية الأولى، ولكنه لم يذكر موضع الشاهد منه.
وأخرجه أحمد وغيره من طرق أخرى عن عمرو بن شعيب ... بلفظ الرواية
الآتية.
ورواية أيوب المعلقة؛ لم أر من وصلها!
وأما رواية يعقوب بن عطاء؛ فوصلها الشافعي (629) ، وعنه البيهقي
(4/155) : أخبرنا سفيان عن داود بن شَابُورِ ويعقوب بن عطاء عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده ... بقصة اللقطة إلى الَركاز؛ لم يذكر ضالة الغنم.(5/396)
1507- وفي رابعة عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا؛ قال في ضَالةِ
الشاء:
" فاجمعها؛ حتى يأتِيَهَا باغِيها ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد. (ح) وحدثنا ابن العلاء: ثنا
ابن إدريس عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو مكرر الذي قبله.
والحديث أخرجه أحمد (2/180 و 203 و 207) من طرق أخرى عن ابن
إسحاق ... به.
وتابعه الوليد بن كثير: حدثني عمرو ... به: أخرجه البيهقي (6/190) .
وتابعه عمرو بن الحارث وهشام بن سعد عنه ... بلفظ: قال:
" طعام مأكول: لك أو لأخيك أو للذئب، احبس على أخيك ضَالتَهُ ".
أخرجه البيهقي (4/152- 153) .
1508- عن أبي سعيد:
أن علي بن أبي طالب وجد ديناراً، فأتى به فاطمةَ، فسألت عنه رسولَ
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:
" هو رِزْقُ اللهِ عز وجل ".
فأكل منه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكل عليَ وفاطمةُ. فلما كان بَعْدَ ذلك؛(5/397)
أتته امرأة تَنْشُدُ الدينارَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا علي! أد الدينارَ ".
(قلت: حديث حسن بالحديثين بعده) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث
عن بُكَيْرِ بن الأشَجَ عن عبيد الله بن مِقْسَمٍ حدثه عن رجل عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل، فهو مجهول لم
يُسَم! ويحتمل عندي أنه عطاء بن يسار- وهو ثقة-، أو أبو هارون العبدي- وهو
متروك-، الآتي ذِكْرهما في رواية عبد الرزاق.
والحديث أخرجه البيهقي (6/194) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به.
وإنما حسنت الحديث- مع جهالة الراوي-؛ لأنه يشهد له حديثا علي وسهل
ابن سعد الآتيان بعده.
1509- عن علي رضي الله عنه:
أنه التقط ديناراً، فاشترى به دقيقاً، فعرفه صاحب الدقيق، فَرَد عليه
الدينار، فأخذه علي، فقطع منه قيراطين، فاشترى به لحماً.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا الهيثم بن خالد الجهَنِيُّ: ثنا وكيع عن سعد بن أوس عن بلال
ابن يحيى العَبْسِي عن علي.
قلت: وهذا إسناد صحيح عندي؛ لأن رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير بلال
ابن يحيى العبسي؛ وقد قال ابن معين:(5/398)
" ليس به بأس ".
وصحح له الترمذي. وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأعله المنذري بما لا
يقدح، فقال في "مختصره " (2/271) :
" بلال بن يحيى العبسي، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسل-، وعن عمر بن
الخطاب، وهو مشهور بالرواية عن حذيفة، وقيل فيه: عنه: بلغني عن حذيفة،
وفي سماعه من علي نظر "!
قلت: إن صح أنه لم يسمع من حذيفة؛ فليس يلزم منه أنه لم يسمع من
علي؛ لأنه متأخر الوفاة عنه، فقد توفي حذيفة في أول خلافة علي، وتوفي علي
سنة أربعين، فبين وفاتيهما نحو خمس سنين.
على أن الترمذي قد صحح حديثه عن حذيفة، فمعتقده أنه سمع منه. والله
أعلم.
وقد غمز البيهقي من صحة الحديث، كما يأتي مع الجواب عنه أن شاء الله
تعالى.
1510- عن سهل بن سعد:
أن عليَ بن أبي طالب دخل على فاطمة؛ وحسنٌ وحسينٌ يبكيان.
فقال: ما يُبكيكما؟! قالت: الجوع. فخرج علي، فوجد ديناراً في السوق،
فجاء إلى فاطمة فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي، فَخُذْ لنا
دقيقاً. فجاء اليهوديَّ، فاشترى به دقيقاً. فقال اليهودي: أنت خَتَنُ هذا
الذي يزعم أنه رسول الله؟ قال: نعم. قال: فَخُذْ دينارك، ولك الدقيقُ.
فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان الجَرارِ،(5/399)
فخُذْ لنا بدرهمٍ لحماً. فذهب فَرَهَنَ الدينار بدِرْهمِ لحم، فجاء به، فعجنت،
ونصبت، وخبزت، وأرسلت إلى أبيها، فجاءهم، فقالت: يا رسول الله!
أذكر لك- فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت معنا- مِنْ شأنه كذا وكذا؟!
فقال: " كلوا باسم الله ". فأكلوا، فبينما هم مكانهم؛ إذا غلام يَنْشُدُ اللهَ
والإسلامَ: الدينارَ. فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فدُعِيَ له، فسأله؟ فقال: سقط
مِنِّي في السوق. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا عليُّ! اذهب إلى الجَزَّار فقل له: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لك:
أرسل إليَّ بالدينار، ودرهمك عَلَيَّ "؛ فأرسل به، فد فعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إليه.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا جعفر بن مُسَافِرٍ التنَيسِيّ: ثنا ابن أبي فُدَيْك: ثنا موسى بن
يعقوب الزمْعِيُ عن أبي حازم عن سهل بن سعد أخبره أن علي بن أبي طالب ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير موسى بن يعقوب الزمْعِي، فهو صدوق
سيئ الحفظ، كما قال الحافظ، ولكنه يتقوى في الجملة بما قبله.
ولعله يتقوى بما روى أبو بكر بن عبد الله بن محمد أن شريك بن عبد الله بن
نَمِرٍ حدثه عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن علياً أتاه بدينار وجده في السوق، فقال: " عَرَّفْهُ "؛ فلم يجد من يعرفه.
فرجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره. فقال له:
" كُلْهُ، أو شأنُكَ بهِ ". فابتاع منه بثلاثة دراهم شعيراً، وبثلاثة دراهم تمراً،
وابتاع بدرهم لحماً، وبدرهم زيتاً، وفضل عندهم درهم، وكان الصرف أحد عشر(5/400)
بدينار. حتى إذا كان بعد ذلك؛ جاء صاحبه فعرفه، فقال له علي: أمرني رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأكله. فانطلق صاحبه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر ذلك له كله؟! فقال
لعلي:
" رُدهُ على الرجل ". فقال: قد أكلته! قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن جاءنا شيء أدَّينْاه إليك ".
أخرجه عبد الرزاق (18637) ، وأبو يعلى (ق 63/1) .
وأبو بكر هذا: هو ابن أبي سَبْرَةَ، وهو متروك.
وروى عبد الرزاق (18636) عن أبي هارون العبْدِيِّ عن أبي سعيد الخدري ...
به نحوه؛ وفيه أن علياً قال: من يعترف الدينار؟
لكن أبو هارون متروك أيضا. وقال البيهقي- بعد أن روى أكثر هذه الطرق-:
" في متن هذا الحديث اختلاف، وفي أسانيده ضعف، والله أعلم ".
قلت: نعم؛ إلا طريق العبسي عن علي (1509) ؛ فهو صحيح كما سبق،
والأخرى يؤخذ منها ما لا ينافي تلك. والله أعلم.
1511- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ضالَّةُ الإبل المكتومةُ؛ غرامتها ومِثْلُها معها ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مخلد بن خالد: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن عمرو بن
مسلم عن عكرمة- أحسبه- عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في عمرو بن(5/401)
مسلم- وهو الجَنَدِيُ-، فهو إسناد لا بأس به؛ لولا أن عكرمة- وهو من رجال
البخاري- لم يَقْطَعْ بذكر أبي هريرة فيه. ولذلك قال المنذري في "مختصره ":
" ولم يجزم عكرمة بسماعه من أبي هريره، فهو مرسل ".
قلت: لكنه يتقوى بالشاهد الذي سأذكره.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه " (18599) ، والعقيلي (3/259-
260) ، والبيهقي (6/191) من طريق المؤلف.
ويشهد له حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في ضالة الغنم:
" لك أو لأخيك أو للذئب ". قال:
" فمن أخذها من مرتعها؛ عوقب وغُرِّمَ مثلَ ثمنها ". وفي رواية:
" فيها ثمنها مرتن، وضَرْبُ نَكَال ".
أخرجه أحمد (2/180 و 186) بسندٍ حسن، وأصله تقدم عند المصنف
(1504) ؛ ولكنه لم يسق هذه القطعة منه.
1512- عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمِيِّ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لُقَطَةِ الحَاجِّ.
قال ابن وهب: يعني: في لقطة الحاج: يتركها حتى يجدَها صاحبها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وصححه ابن حبان والحاكم أيضا، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ وأحمد بن صالح قالا: ثنا ابن(5/402)
وهب: أخبرني عمرو عن بُكَيْرٍ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن
عبد الرحمن بن عثمان التيمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (5/137) ، والبيهقي (6/199) ، وأحمد (3/499)
من طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ دون قوله: قال ابن وهب ...
وكذلك أخرجه ابن حبان (1172) ، والحاكم (2/64- 65) " وقال:
" صحيح الإسناد ".
1513- عن المنذر بن جرير قال:
كنت مع جرير بـ (البوازيج) ، فجاء الراعي بالبقر، وفيها بقرة ليست منها.
فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لَحِقَتْ بالبقر، لا ندري لمن هي؟! فقال
جرير: أخرجوه؛ سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا يؤْوِي الضَّالَّةَ إلا الضَّالُّ ".
(قلت: حديث صحيح، أعني: المرفوع منه) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا خالد عن أبي حَيَّان التيمي عن النذر
ابن جرير.
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أن
له عِلةً خفية، وهي أن جماعة من الثقات خالفوا خالداً- وهو ابن عبد الله
الطحان-، فقالوا: عن أبي حيان التيمي: ثنا الضحاك- خال ابن المنذر بن جرير-(5/403)
عن المنذر بن جرير ... به.
فأدخلوا بينهما الضحاك- وهو ابن المنذر بن جرير البَجَلِي-، وهو علة الإسناد؛
فإنه مجهول لا يعرف.
وقد خرجت الحديث من طرق الجماعة المشار إليهم في "الإرواء" (1563) ،
فأغنى عن الإعادة.
لكن للحديث شاهد من حديث زبد بن خالد الجهني ... مرفوعاً بلفظ:
" من آوى ضالَّةً؛ فهو ضال؛ ما لم يُعَرِّفها ".
أخرجه مسلم (5/137) ، والحاكم (2/64) ، والبيهقي (6/191) ، وأحمد
(4/117) ، وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!(5/404)
5- أول كتاب المناسك
1- باب فرض الحج
1514- عن ابن عباس:
أن الأقرع بن حابس سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
يا رسول الله! الحجُ في كلِّ سنة أو مرةً واحدةً؟ قال:
" بل مَرةً واحدة؛ فمن زاد فهو تطوع ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه
الذهبي! ورواه ابن الجارود مختصراً) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- قالا: ثنا يزيد
ابن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان عن ابن عباس.
قال أبو داود: " هو أبو سنان الدُؤَلِي، كذا قال عبد الجليل بن حميد وسليمان
ابن كثير جميعاً عن الزهري. وقال عقيل: سنان ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي سنان الدّؤَلي- واسمه
يزيد بن أمية-، وهو ثقة.
لكن سفيان بن حسين قد تكلموا في روايته عن الزهري خاصة، ولولا ذلك
لكان الإسناد صحيحاً؛ إلا أنه قد تابعه من ذكر المصنف رحمه الله تعالى وغيرهم،
كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/352) : ثنا يزيد ... به.(5/405)
وأخرجه ابن ماجه (2/208) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به.
وصححه الحاكم (1/441) ! ووافقه الذهبي!
وأما متابعة عبد الجليل بن حميد؛ فأخرجها النسائي (2/2) .
وأما متابعة سليمان بن كثير؛ فوصلها الدارمي (2/29) ، والبيهقي (4/326) ،
وأحمد (1/255 و 290) .
وتابعه أيضا: محمد بن أبي حفصة وزَمْعَة: عند أحمد (1/370 و 371) .
وتابعه عكرمة عن ابنِ عباس ... به مختصراً: أخرجه أبو داود الطيالسي
(1/202/978) : حدثنا شرِيكٌ وسَلام عن عكرمة ... به.
وأخرجه الدارمي وأحمد (1/301 و 323 و 325) عن شريك وحده.
وتابعهما سِمَاكٌ عن عكرمة ... به: رواه ابن الجارود (410) .
1515- عن أبي واقِد اللَيْثِي قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لأزواجه في حَجَّةِ الوداع:
" هذه؛ ثُم ظُهُورَ الحُصُرِ ".
(قلت: حديث صحيح، وصحح الحافظ ابن حجر إسناده) .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن ابن
لأبي واقد الليثي عن أبيه قال ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن أبي واقد- واسمه واقد-؛
قال ابن القطان:(5/406)
" لا يعرف حاله ". وقال المنذري:
"شبيه بالمجهول "!
وكأنه اعتمد قول ابن القطان المذكور! وقد تعقبه الحافظ في "التهذيب "، فقال
عقبه:
" كذا قال، وذكره ابن منده في "الصحابة "، وكناه أبا مُرَاوِح، وقال: قال أبو
داود: له صحبة ".
قلت: فكأن الحافظ يميل إلى تصحيح ثبوت صحبته، ولعله لذلك قال في
"الفتح " (4/58) :
" وإسناد حديث أبي واقد صحيح. وأغرب المُهَلَب؛ فزعم أنه من وضع
الرافضة لقصد ذَمَ أم المؤمنين عائشة في خروجها إلى العراق للإصلاح بين الناس
في قصة واقعة الجمل! وهو إقدام منه على رَدَ الأحاديث الصحيحة بغير
دليل ... ".
قلت: وسواءٌ صَحتْ صحبة واقد بن أبي واقد أم لا؛ فلا شك أن الحديث في
نفسه صحيح؛ لأن له شواهد عديدة، خرجتها في "الأحاديث الصحيحة"
(2401) .
والحديث أخرجه أحمد (5/218) ، والبيهقي (4/327) من طريق سعيد بن
منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد الدرَاوَرْدِيّ عن زيد بن أسلم عن واقد بن أبي
واقد الليثي ... به.
ثم أخرجاه من طريقين آخرين عن الدراوردي ... به.
وخالفه معمر فقال: عن زيد بن أسلم:(5/407)
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج بنسائه ... الحديث.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (8812) عنه هكذا ... مرسلاً.
2- باب في المرأة تَحُجَ بغير مَحْرَم
1516- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَحِل لامرأة مُسْلمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرةَ ليلةٍ؛ إلا ومعها رَجُلٌ ذو حُرْمَة
منها".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه؛ إلا أن البخاري
قال: " يوم وليلة"، وهو رواية لمسلم) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي: ثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي
سعيد عن أبيه أن أبا هريرة قال ...
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وهو مخرج في
" الإرواء " (567) .
1517- وفي رواية عنه ... مرفوعاً بلفظ:
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تسافر يوماً وليلة ... "
فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة والنفيلي عن مالك. (ح) وثنا الحسن بن
علي: ثنا بِشْرُ بن عمر: حدثني مالك عن سعيد بن أبي سعيد- قال الحسن في(5/408)
حديثه: عن أبيه. ثم اتفقوا- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
قال أبو داود: " ولم يذكر القعنبي والنفيلي: عن أبيه. رواه ابن وهب وعثمان
ابن عمر عن مالك كما قال القعنبي ".
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا كالذي قبله؛ إلا أن الرواة اختلفوا فيه
على مالك، فقال أكثرهم: عنه عن سعيد عن أبي هريرة. وقال الحسن بن علي-
وهو الحُلْواني-: عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، فزاد في الإسناد: عن
أبيه.
وهي زيادة من ثقة؛ وقد تابعه عليها الليث بن سعد في الرواية الأولى.
وتابعه ابن أبي ذئب أيضا: عند البخاري (2/566- خطيب) ، ومسلم
(4/103) ، وابن ماجه (2/212) ، وأحمد (2/250 و 437 و 445) .
وتابعه أيضا يحيى بن أبي كثير، كما علقه البخاري، ووصله أحمد
(2/423) .
وقد رجح الحافظ روايتهم، لأنها زيادة، وهي مقبولة من الثقة، فكيف وهم
جمع؟
والحديث عند مالك في "الموطأ" (3/144- 145) ... مثل رواية الأكثر عنه.
وكذلك رواه مسلم.
ورواه الترمذي (1170) - بإسناد المصنف الثاني-: الحسن بن علي: ثنا بشر
ابن عمر ... به، وقال:
"حسن صحيح ".(5/409)
1518- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاثة أيام
فصاعداً؛ إلا ومعها أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو مَحْرَم
منها".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بتمامه،
وهو والبخاري مختصراً نحوه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهَنَّادٌ أن أبا معاوية ووكيعاً حدثاهم عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/103- 104) ، والترمذي (1169) - من طرق عن
أبي معاوية-، ومسلم، والدارمي (2/288) ، وابن ماجه (2/211) - من طرق أخرى
عن وكيع-، وأحمد (3/54) - عنهما- عن الأعمش ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم أيضا، والبخاري (3/54) ، وأحمد (3/7 و 34 و 45 و 51
و62) من طريق قَزَعَةَ عن أبي سعيد ... مرفوعاً نحوه مختصراً.
ورواه أحمد (3/53 و 64 و 71) من طرق أخرى عنه.
1519- عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو مَحْرَمٍ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) .(5/410)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال:
حدثني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/13 و 19) . ثنا يحيى ... به.
وأخرجه البخاري (2/566) ، ومسلم (2/104) من طرق أخرى عن
يحيى ... به.
ثم أخرجاه، وأحمد (2/142) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
وأخرجه البيهقي (5/227) .
1520/1- عن نافع:
أن ابن عمر كان يُرْدِفُ مَولاةً له- يقال لها: صفية-، تُسَافِرُ مَعَهُ إلى
مكة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا أبو أحمد: ثنا سفيان عن عبيد الله عن
نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو أحمد: اسمه محمد بن
عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسَدِيُّ.
3- باب " لا صرورة في الإسلام "
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](5/411)
4- باب التزود في الحج
1520/2- عن ابن عباس قال:
كانوا يَحُجُونَ ولا يتزودُونَ- قال أبو مسعود: كان أهل اليمن- أو ناسٌ
من أهل اليمن- يحجون ولا يتزوَّدون-، ويقولون: نحن المتوكِّلون! فأنزل
الله سبحانه: (وتزوَّدوا فإن خير الزاد التقوى ... ) الآية.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن الفُرَاتِ- يعني: أبا مسعود الرازي-، ومحمد بن
عبد الله المُخَرمي- وهذا لفظه- قالا: ثنا شَبَابَةُ عن وَرْقَاءَ عن عمرو بن دينار عن
عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/299) : حدثنا يحيى بن بشر: حدثنا
شبابة ... به؛ وزاد:
فإذا قدموا المدينة سألوا الناس. قال الحافظ:
" في رواية الكُشميهنِي: (مكة) ، وهو أصوب. وكذا أخرجه أبو نعيم من
طريق محمد بن عبد الله المخرمي عن شبابة ".
5- باب التجارة في الحج
1521- وعنه [يعني: ابن عباس] قال:
قرأ هذه الآية: (ليس عليكم جنَاحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) ، قال:
كانوا لا يتجرون بمنىً، فأُمِروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات.(5/412)
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري وابن حبان نحوه) .
إسناده: حدثنا يوسف بن موسى: ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد
عن عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن أبي زياد- وهو
الهاشمي مولاهم-، وفيه ضعف؛ ولكنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن جرير في "التفسير" (4/3771 و 3784) من طرق أخرى
عن يزيد بن أبي زياد ... به.
وللحديث طريق أخرى: يرويه عمرو بن دينار عن ابن عباس قال:
كانت عُكَاظٌ ومِجَنَّةُ وذُو المجازِ أسواقاً في الجاهلية، فتأثموا أن يَتجِرُوا في
المواسم. فنزلت: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) في مواسم
الحج.
أخرجه البخاري (8/150) ، وابن جرير (3779 و 3791) ، وابن حبان
(3883) ، والبيهقي (4/333) .
وله عنه طريق ثالث، يأتي في الكتاب بعد باب، مع شاهد له من حديث ابن
عمر.
6- باب
1522- وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من أراد الحج؛ فَلْيَتَعَجلْ ".
(قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!(5/413)
وصححه أيضا عبد الحق الإشبيلي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن الأعمش (*) عن
الحسن بن عمرو عن مهران أبي صفوان عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، غير مهران أبي صفوان، فهو مجهول، وإن
صحح إسنادَ حديثه هذا الحاكمُ ووافقه الذهبي! فقد قال الذهبي نفسه في "الميزان ":
" لا يدرى من هو؟ ".
لكن للحديث طريق أخرى عن ابن عباس، يمكن أن يرتقي بها إلى مرتبة
الحسن، وقد خرجتها مع التي قبلها في "الإرواء" (990) ، فأغنى عن الإعادة.
7- باب الكَرِيّ
1523- عن أبي أمامة التَّيْمِيِّ قال:
كنت رجلاً أكْرِي في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس
لك حج! فلقيت ابن عمر، فقلت:
يا أبا عبد الرحمن! إني رجل أكْرِي في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون
لي: إنه ليس لك حَج؟! فقال ابن عمر:
أليس تُحْرِمُ وتُلَبِّي، وتطوفُ بالبيت، وتُفِيضُ من عرفات، وترمي
الجمار؟!
قال: قلت: بلى.
__________
(*) كذا في أصل الشيخ بإثبات الأعمش في السند؛ تبعاً للطبعة "التازية"، وكذلك هو
في بعض النسخ، ودونها في أخرى، ولعله الصواب؛ فالأعمش ليس من تلاميذ الحسن بن
عمرو؛ بل إن أبا معاوية الضرير من تلاميذه. (الناشر) .(5/414)
قال: فإن لك حجّاً؛ جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله عن مثل ما
سألتني عنه؟ فسكت عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يُجِبْه، حتى نزلت هذه
الآية: (ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) ، فأرسل إليه رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرأ عليه هذه الآية، وقال:
"لك حَج ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا العلاء بن المُسَيبِ: ثنا أبو
أمامة التيمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي أمامة
التيمي، وهو ثقة، وثقه ابن معين وغيره، ولم يتكلم فيه أحد؛ فقول الحافظ فيه:
" مقبول "! غير مقبول؛ فتنبه.
والحديث أخرجه الحاكم (1/449) ، وعنه البيهقي (4/333) من طريق أخرى
عن مسدد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
ورواه ابن خزيمة (3052) ، وأحمد (2/155) ، وابن جرير (3765) من طريق
أسباط: حدثنا الحسن بن عمرو الفُقَيْمِي عن أبي أمامة التيمي ... به.
ثم أخرجه أحمد، وابن جرير (3789) من طريق سفيان الثوري عن العلاء بن
المسيب ... به؛ إلا أنه قال: عن رجل من بني تَيْم الله.
وهو أبو أمامة التيمي المذكور في الطرق الأخرى.(5/415)
وتابعه مروان بن معاوية ويحيى بن أبي زائدة كلاهما عن العلاء عن أبي أمامة
التيمي ... به: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (3051) .
1524- عن عبيد بن عمير عن ابن عباس:
أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنىً وعرفةَ وسوق ذي المجاز،
ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حُرُمٌ، فأنزل الله سبحانه: (ليس عليكم
جُناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) في مواسم الحج.
قال: فحدثني عبيد بن عمير: أنه كان يَقْرَأُها في المصحف.
) قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا حماد بن مَسْعَدَةَ: ثنا ابن أبي ذئب عن
عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير.
حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن أبي فديك: أخبرني ابن أبي ذئب عن عبيد
ابن عمير- قال أحمد بن صالح كلاماً معناه: أنه- مولى ابن عباس عن عبد الله
ابن عباس:
أن الناس أول ما كان الحج كانوا يبيعون ... فذكر معناه إلى قوله: مواسم
الحج.
قلت: إسناده من الوجه الأول صحيح على شرط الشيخين؛ وعبيد بن عمير:
هو المكي.
ومن الوجه الآخر؛ فيه عبيد بن عمير مولى ابن عباس، وهو مجهول كما في
"التقريب ". على أن قوله: مولى ابن عباس.. يحتمل أنه وهم من بعض الرواة،(5/416)
كما يفيده قول الحافظ أبي القاسم الدمشقي (وهو ابن عساكر) :
" المحفوظ: رواية عطاء عن عُبَيْد اللَيْثِي المكِّيِّ. فأما عبيد بن عمير مولى ابن
عباس؛ فغير مشهور، ولم يدرك ابن أبي ذئب عبيد بن عمير الليثي، فلعلهما اثنان
رويا الحديث؛ إن صح قول ابن صالح ". ذكره المنذري في "مختصره ".
وأما ما نقله الحافظ في "التهذيب " عن ابن أبي داود في التدليل على أنهما
اثنان من قوله:
" ويدل عليه قول ابن أبي ذئب: حدثني عبيد؛ فإن ابن أبي ذئب لم يدرك
الليثي ".
فهو استدلال قوي؛ لولا أنه ليس في الإسناد أن القائل: فحدثني ... هو ابن
أبي ذئب، بل هو عطاء بن أبي رباح، كما يدل عليه السياق؛ فإن (عبيد بن عمير)
الأول فيه هو نفس (عبيد بن عمير) ثانيةً.
وقد اغتر بقول ابن أبي داود هذا بعض شراح الكتاب؛ ففسر قول: (قال) بابن
أبي ذئب! فاقتضى التنبيه. والله أعلم.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (3054) ... بإسناد المصنف ومتنه.
والحاكم (2/276- 277) من طرق أخرى عن حماد بن مسعدة ... به، دون
قول عطاء: فحدثني عبيد بن عمير ... وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي (4/333- 334) من طريقين آخرين عن ابن أبي ذئب ...
به؛ وفيه الزيادة.
ولها طريق أخرى عن عكرمة ... بنحوه: رواه ابن جرير (3766) بسند(5/417)
صحيح عنه.
ورواه (3778) بإسناد آخر صحيح عن ابن الزبير ... نحوه.
وتقدم منا طريق أخرى عن ابن عباس، تحت الحديث (1521) .
8- باب في الصبيِّ يَحُجُّ
1525- عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرَّوْحَاءِ، فَلَقِيَ رَكْباً، فسلَّم عليهم، فقال:
" من القوم؟ ". فقالوا: المسلمون. فقالوا: فمن أنتم؟! فقالوا: رسولُ
الله. فَفَزِعَتِ امرأةٌ، فأخذت بِعَضُدِ صَبِي فأحرجته من مِحَفتِهَا؛ فقالت: يا
رسول الله! هل لهذا حج؟ قال:
" نعم، ولكِ أجرٌ ".
(قلت: صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة
عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم
ابن عقبة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث عند أحمد في "مسنده (1/219) ... بهذا الإسناد.
ثم أخرجه مسلم (4/101) ، والنسائي (2/5) من طرق أخرى عن سفيان
- وهو ابن عُيَيْنَةَ- ... به.(5/418)
ثم أخرجاه، وكذا مالك (2/368) ، وأحمد (1/244 و288 و 343 و 344)
من طرق أخرى عن إبراهيم بن عقبة ... به.
وله شاهد من حديث جابر ... نحوه:
أخرجه الترمذي (924) ، وابن ماجه (2/214) بإسناد صحيح على شرط
الشيخين.
9- باب في المواقيت
1526- عن ابن عمر قال:
وَقَّتَ رسولُ الله لأهل المدينة: ذا الحُلَيْفَةِ، ولأهل الشام: الجُحْفَةَ،
ولأهل نَجْدٍ: قَرْنَ؛ وبلغني أنه وقَّت لأهل اليمن: يَلَمْلَمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا مالك عن
نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/306- 307) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3/302) ، ومسلم (4/6) ، والنسائي (2/6) ، والدارمي
(2/29) ، وابن ماجه (2/214) ، والبيهقي (5/26) من طرق عن مالك ... به.
وتابعه أيوب عن نافع ... به:
أخرجه أحمد (2/48 و 82) ، والترمذي (831) ، وقال:(5/419)
" حديث حسن صحيح ".
وله عند الشيخين وأحمد (2/3 و 9 و 11 و 46 و 47 و 50 و 55 و 78 و 81
و107 و 130 و 135 و 140 و 151 و 181) طرق أخرى عن ابن عمر ... به.
وأخرجه ابن الجارود (412) .
1527- عن ابن عباس وطاوس قالا:
وَقَّتَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قال أحدهما: ولأهل اليمن: يَلَمْلَمَ.
وقال أحدهما: ألَمْلَمَ. قال:
" فَهُن لَهُمْ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ، ممن كان يريد الحج
والعمرةَ، ومن كان دون ذلك- قال ابن طاوس من حيث أنشأ قال-
وكذلك، حتى أهل مكة يُهِلُّون منها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن طاوس
عن ابن عباس. وعن ابن طاوس عن أبيه قالا ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عمرو بن دينار ... به.
وهو صحيح أيضاً من طريق ابن طاوس عن أبيه، ولكنه مرسل؛ وقد جاء
مسنداً بذكر ابن عباس فيه، كما سأبينه إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه ابن الجارود (413) من طريق أخرى عن سليمان بن حرب
قال: ثنا حماد بن زيد ... به.(5/420)
وتابعه خلف بن هشام: نا حماد بن زيد ... به.
أخرجه الدارقطني (ص 263) ، وقال:
" وخالفهم يحيى بن حسان، فأسنده عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن
عباس ... ".
ثم ساقه هو، والنسائي (2/6) ، والطحاوي (1/359) عن يحيى بن حسان:
نا وُهَيْبٌ وحماد بن زيد عن ابن طاوس ... به.
وأخرجه البخاري (3/300 و 303) ، ومسلم (4/5- 6) ، والدارمي (2/30) ،
والبيهقي (5/29) ، وأحمد (1/252) من طرق أخرى عن وهيب وحده.
وأخرجه البخاري (3/302 و 303) ، ومسلم، والبيهقي، وأحمد (1/238)
من طرق أخرى عن حماد وحده ... من الوجه الأول.
وتابعه على الوجه الآخر معمر قال: أخبرني عبد الله بن طاوس عن أبيه عن
ابن عباس ... به.
أخرجه النسائي، وأحمد (1/249 و 332 و 339) .
1528- عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقتَ لأهل العراق: ذاتَ عِرْقٍ.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا هشام بن بَهْرَام المدائني: ثنا المُعَافى بن عمران عن أفلح
- يعني: ابن حُمَيْدٍ- عن القاسم بن محمد عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ كما بينته في "الإرواء" (999) ، وقد خرجته هناك.(5/421)
1529- عن الحارث بن عمرو السَّهْمِيِّ قال:
أتيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بمنىً أو بعرفات، وقد أطاف به الناسُ. قال:
فتجيء الأعراب، فإذا رَأوْا وجهه؛ قالوا: هذا وجه مبارك! قال: ووقَّتَ
ذاتَ عِرْق لأهل العراق.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج: ثنا عبد الوارث:
ثنا عتبة بن عبد الملك السَّهْمِيُ: حدثني زُرَارَةُ بن كريم أن الحارث بن عمرو
السهْمِي حدثه قال ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عتبة وزرارة، وقد
وثقهما ابن حبان، وروى عنهما جمع من الثقات.
والحديث أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1148) ... بإسناد المصنف
وأتم منه.
وأخرجه الدارقطني (ص 262) ، والبيهقي (5/28) من طرق أخرى عن أبي
معمر ... به.
10- باب الحائض تهِل بالحج
1530- عن عائشة قالت:
نُفسَتْ أسماءُ بنتُ عمَيْس بمحمدِ بن أبي بكَر بالشَّجَرَةِ، فأمر رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن تَغْتَسِلَ فَتُهلَّ
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .(5/422)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبدة عن عبيد الله عن عبد الرحمن
ابن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/27) ، والدارمي (2/33) ، وابن ماجه
(2/214) ... بإسناد المصنف.
والبيهقي (5/32) عنه.
ثم أخرجه هو، ومسلم، والدارمي (2/33) من طرق أخرى عن عبدة بن
سليمان ... به.
وله شاهد من حديث جابر في حديثه الطويل في حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآتي
برقم (1663) .
1531- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الحائضُ والنفَسَاء إذا أتتا على الوقت؛ تغتسلان وتحْرِمَانِ، وتقضيانِ
المناسكَ كُلَّها؛ غير الطوافِ بالبيت، حتى تطهر ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى وإسماعيل بن إبراهيم أبو معمر قالا: ثنا
مروان بن شجَاعٍ عن خصَيْفٍ عن عكرمة ومجاهد وعطاء عن ابن عباس.
قال أبو معمر في حديثه: " حتى تطهر "، ولم يذكر ابن عيسى: عكرمة
ومجاهداً؛ قال: عن عطاء عن ابن عباس ... ولم يقل ابن عيسى: " كلَها "،
قال: " المناسك إلا الطواف بالبيت ".(5/423)
قلت: إسناده رجاله ثقات؛ غير خُصَيْفٍ، ففيه ضعف من قبل حفظه.
لكن يشهد لحديثه حديثُ عائشة الذي قبله، وحديثها الآتي في "باب إفراد
الحج " من طرق، وقد خرجت الحديث في "الصحيحة " (1818) ، وحديث أبي
بكر نحوه؛ وزاد:
" وتصنع ما يصنع الناس؛ إلا أنها لا تطوف بالبيت ".
رواه النسائي، وابن ماجه (2912) بسند صحيح.
11- بابُ الطَيبِ عند الإحرام
1532- عن عائشة قالت:
كنتُ أُطَيِّبُ رسولَ الله؛ لإحرامه قبلَ أن يُحْرِمَ، ولإحلالِهِ قبل أن
يَطُوفَ بالبيتِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا مالك عن
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/305) ... بهذا الإسناد.
وعنه أيضا: أخرجه البخاري (3/311) ، ومسلم (4/10) ، والنسائي
(2/10) ، والبيهقي (5/34) ، وأحمد (6/186) كلهم عن مالك ... به.(5/424)
وأخرجه البخاري أيضا (3/461) ، والنسائي، والترمذي (917) ، والدارمي
(2/33) ، وابن ماجه (2/217) ، وابن الجارود (414) ، وأحمد (6/39 و 181
و186 و 214 و 238) من طرق أخر عن عبد الرحمن ... به.
وأخرجه مسلم، وأحمد (6/98 و 192 و 200 و 207 و 216 و 244) من
طرق أخرى عن القاسم ... به.
وتابعه جمع عن عائشة ... نحوه. عند الشيخين، والنسائي، وأحمد
(6/130 و 161- 162 و 258) ، والدارمي.
ومنهم الأسود؛ وهو الذي بعده، وقد سقتها وخرجتها في "الإرواء " (1047) .
1533- ومن طريق آخر عنها قالت:
كأنِّي أنظر إلى وَبِيصِ المسك في مَفْرِقِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُحْرِمٌ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وكذا البخاري وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا محمد بن الصباح البَزازُ: ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحسن
ابن عبيد الله عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الحسن بن عبيد الله- وهو
النَخَعِي الكوفي-، فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/12) ، والنسائي (2/11) من طريق سفيان عن
الحسن بن عبيد الله ... به.
وأخرجاه هما، والبخاري (1/303) ، والبيهقي، وأحمد (6/109 و 124(5/425)
و 128 و 173 و 175 و 186 و 191 و 212 و 224 و 230 و 245 و 254 و 264 و 267
و280) من طرق أخرى عن إبراهيم ... به.
وتابعه جماعة عن الأسود ... به: عند أحمد (6/209 و 236 و 250) .
وله طرق أخرى كثيرة عن عائشة، تقدم في الكتاب أحدها، مع إشارتي تحته
إلى سائرها.
12- باب التلْبِيدِ
1534- عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال:
سمعتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلّ مُلَبداً.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْريُّ: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن
ابن شهاب عن سالم- يعني: ابن عبد الله-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن داود
المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/312) ، ومسلم (4/8) ، وابن ماجه (2/246)
من طرق أخرى عن ابن وهب ... به.
وأخرجه البيهقي (5/36) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (2/131) من طريق ابن أخي شهاب عن عمه ... به.(5/426)
13- باب في الهدي
1535- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهْدَى عامَ الحديبِيّةِ- في هدايا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جملاً
كان لأبي جهل، في رأسه برَة فِضَّة.- قال ابن مِنْهَال: برَةٌ منْ ذَهَب. زاد
النّفَيْلِيّ: يَغِيظ بذلك المشركين-.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا النفيلي. ثنا محمد بن إسحاق. وثنا محمد بن المنهال: ثنا
يزيد بن زُرَيْع عن ابن إسحاق- المعنى-؛ قال: قال عبد الله- يعني: ابن أبي نَجِيحٍ-:
حدثني مجاهد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن إسحاق- وهو
صاحب "السيرة"-، وقد أخرج له مسلم متابعة، ثم هو مدلس وقد عنعنه، لكنه
قد صرح بالتحديث في رواية عنه، وهو إلى ذلك لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/229) من طريق أخرى عن محمد بن
المنهال ... به، وفي روايته:
من ذهب.
وهذه الرواية عندي شاذة؛ لمخالفتها لسائر الروايات الآتية.
ثم أخرجه البيهقي، وكذا الحاكم (1/461) من طريق عبد الأعلى بن
عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح ... به، وقال:
" حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!(5/427)
وأخرجه أحمد (1/261) : حدثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق:
حدثني عبد الله بن أبي نجيح ... به.
فقد صح عن ابن إسحاق تصريحه بالتحديث، فثبت الحديث؛ والحمد لله.
وأما ما أخرجه البيهقي من طريق أبي جعفر المسْتَعِينِي: ثنا عبد الله بن علي بن
المديني: حدثني أبي قال: كنت أرى أن هذا من صحيح حديث ابن إسحاق، فإذا
هو قد دلسه! حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحاق
قال: حدثني مَنْ لا أتهِم عن ابن أبي نجيح ... قال علي: فإذا الحديث مضطرب!!
قلت: وهذا- مع معارضته لرواية الإمام أحمد- فإن عبد الله بن علي بن
المديني ليس بالمشهور، بل قد غمزه الدارقطني؛ فقد روى الخطيب (10/9) عنه أنه
قال في عبد الله هذا:
" روى عن أبيه "كتاب العلل "؛ إنما أخذ كتبه وروى أخباره مناولةً، وما سمع
كثيراً من أبيه؛ لأنه ما كان يُمَكِّنُة من كتبه ".
قلت: فمثله لا يحتج به مع التفرد؛ فكيف مع المخالفة؛ فكيف إذا كان المخالف
الإمام أحمد؟!
وقد تابعه جرير بن حازم عن ابن أبي نجيح ... به مختصراً: أخرجه أحمد
(1/273) ، والبيهقي، وقال:
" وهذا إسناد صحيح؛ إلا أنهم يرون أن جريراً أخذه من ابن إسحاق، ثم
دلسه، فإن بيَّن فيه سماع جرير من ابن أبي نجيح؛ صار الحديث صحيحاً "!
قلت: جرير ثقة حافظ؛ احتج به الشيخان، ولا عيب فيه سوى أنه اختلط في
آخر عمره، ولكنه لم يحدث في اختلاطه، ولم يتهمه أحد بالتدليس؛ سوى
يحيى الحماني، وهو متهم بسرقة الحديث، فلا قيمة لجرحه! وكم من حديث(5/428)
لجرير هذا في "الصحيحين " معنعناً محتجاً به!
ولذلك فإني لا أرى وجهاً لتعليق صحة الإسناد بتبيين سماعه فيه. والله
أعلم.
وتابعه ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ... به مختصراً:
أخرجه أحمد (1/234 و 269) ، وابن ماجه (2/264) ، والبيهقي (5/234
و9/269) .
وفي رواية له عنه: عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وعن الحكم ... به. وقال:
" رواه مالك بن أنس في "الموطأ" ... مرسلاً، وفيه قوة لما مضى ".
وهو في "الموطأ" (1/341) ؛ وهو مرسل صحيح الإسناد.
14- باب في هَدْيِ البقر
1536- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن رسول الله نَحَرَ عن آل محمد في حجة الوداع بَقَرَةً واحدةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا ابن السَّرْح: ثنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب عن
عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح
- واسمه: أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح-، وهو ثقة من شيوخ(5/429)
مسلم. وقد أعِلَّ الحديث بما لا يقدح، كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/274) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأعله
إسماعيل القاضي بقوله:
" تفرد يونس بذلك، وقد خالفه غيره "! وتعقبه الحافظ بقوله (3/434) :
" ويونس ثقة حافظ، وقد تابعه معمر: عند النسائي أيضا، ولفظه أصرح من
لفظ يونس قال: ما ذُبعَ عن آلِ محمد في حَجةِ الوداع إلا بقرةٌ ".
ثم ذكر حديث أبي هريرة الآتي في الكتاب بعده، وقال:
" وهو شاهد قوي لرواية الزهري ".
قلت: وقد تابعه يحيى بن سعيد عن عمرة ... به نحوه قالت:
فدخل علينا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ. فقلت: ما هذا؟! قال:
نحْر رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أزواجِهِ.
أخرجه البخاري (3/434) ، ومسلم (4/32) ، وابن الجارود (480) ، وابن
ماجه (2/230) .
وله طريق أخرى عن عائشة، يأتي في "باب إفراد الحج ".
ويشهد له حديث جابر قال:
نَحَرَ رسول الله عن نسائه- وفي رواية عن عائشة- بقرة في حجَته.
رواه مسلم (4/88- 89) .(5/430)
1537- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ عَمَّنِ اعتمر من نسائِهِ بَقَرَةً بينهنَّ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقَواه الحافظ) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان ومحمد بن مهران الرازي قالا: ثنا الوليد عن
الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما؛ لكن
الوليد- وهو ابن مسلم الدمشقي- يدلس تدليس التسوية؛ إلا أنه قد توبع كما سأذكر.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/274) ، والحاكم (1/467) - من طريق
النسائي- كلاهما من طريق أخرى عن الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي ... به.
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وفيه ما أشرت إليه من التدليس؛ فإنه لم يذكر تحديث الأوزاعي عن شيخه،
فيخشى أن يكون بينهما من أسقطه الوليد؛ فإنه من صنيعه، كما هو مذكور في
ترجمته.
لكن تابعه هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن سَمَاعة عن الأوزاعي ... به.
أخرجه ابن حبان (977) . وإسماعيل هذا ثقة.
لكن هشام فيه ضعف، وقد احتج به البخاري، فلا بأس به في المتابعات والشواهد.
وبالجملة؛ فالحديث صحيح بما قبله، وقد قواه الحافظ كما نقلته عن هناك.(5/431)
الجزء السادس
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيّة
محفوظة لدار غراس- الكويت وشريكهما
ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد
الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة
كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على
اسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطيّة من الناشر.
الطبعة الأولى
1423 هـ
2002م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868
الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 1030.
Website: www.gheras.com
E-Mail:info@gheras.com(6/2)
15- باب في الإشعار
1538- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر بذي الحُلَفَةِ، ثم دعا بِبَدَنَة، فأشْعَرَها
من صَفْحَةِ سَنامِها الأيمن، ثم سَلَتَ الدم عنها، وقلَدها بنعلين، ثم أُتِيَ
براحلته، فلما قعد عليها واستوت به على البيداء؛ أهل بالحج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي
وابن الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحفص بن عمر- المعنى- قالا: ثنا شعبة
عن قتادة- قال أبو الوليد: قال-: سمعت أبا حسان عن ابن عباس.
حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة ... بهذا الحديث بمعنى أبي الوليد؛ قال:
ثم سلت الدم بيده.
قال أبو داود: " رواه همام قال: سَلَتَ الدٌمَ عنها بإصبعه ".
قال أبو داود: " هذا من سنن أهل البصرة الذي تَفَرَدوا به ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حسان- وهو
مسلم بن عبد الله الأعرج، ويقال: الأجرد-؛ فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه
كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/232) من طريق المؤلف عن مسدد.
ثم أخرجه هو، ومسلم (4/57) ، والنسائي (2/21) ، وابن الجارود (424) ،
وأحمد (1/216 و 254 و 280 و 339 و 347) من طرق أخرى عن شعبة ... به.(6/3)
ثم أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي (906) - وقال: " حديث حسن
صحيح "-، وابن ماجه (2/264) ، وأحمد (1/344 و 372) عن هشام
الدَّسْتَوَائي عن قتادة ... به.
وفي رواية النسائي من طريق شعبة:
أمر ببدنته فأشعرها.
وهي لابن خزيمة (2575) .
1539- عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ ومروان بن الحكم: أنهما قالا:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية، فلما كان بذي الحليفة؛ قلَّد
الهدي وأشعره، وأحرم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن
عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/231 و 235) ، والبخاري (7/358) ، وأحمد
(4/328) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (3/427) ، والنسائي
(2/21) ، وأحمد (4/327 و 328) ، والصنف في آخر "الجهاد" رقم (2470)
مطولاً.(6/4)
1540- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدى غنماً مقلَّدة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري ومسلم.
وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا هنَّاد: ثنا وكيع عن سفيان عن منصور والأعمش عن إبراهيم
عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هنَّاد- وهو ابن السَّرِيِّ
التميمي الكوفي-؛ فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه من طريق أخرى كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/208) : ثنا وكيع: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه النسائي (2/22) من طريق أخرى عن سفيان عن منصور وحده.
وكذلك رواه ابن الجارود (426) .
ورواه الترمذي (909) وصححه، وهو رواية للبخاري (3/431) نحوه.
ثم أخرجه هو، ومسلم (4/90) ، والدارمي (2/65) ، وابن ماجه (2/264) ،
والبيهقي (5/232) ، وأحمد (2/41 و 42) من طرق أخرى عن الأعمش
وحده ... به.
وخالفهم شريك فقال: عن الأعمش سليمان عن مسلم عن مسروق عن
عائشة ... به: أخرجه أحمد (6/110) .
وشريك: هو ابن عبد الله القاضي، وهو سيئ الحفظ، فلا يحتج به، لا سيما
عند المخالفة.(6/5)
وتابعه الحكم عن إبراهيم ... به نحوه: أخرجه مسلم والنسائي، والبيهقي
(5/533) .
وخالف هذه الطرق: عَبْثَرُ بن القاسم أبو زبَيْدٍ فقال: عن الأعمش عن أبي
سفيان عن جابر ... به.
أخرجه أحمد (3/361) ، والبزار (2/20/1106) ، وقال البزار:
" لا نعلمه عن جابر إلا من هذا الوجه؛ إنما يرويه أصحاب الأعمش عنه عن
إبراهيم عن الأسود عن عائشة. ولم يتابع عبثر على قوله: (عن جابر) ".
قلت: وعبثر ثقة من رجال الشيخين؛ فإسناده صحيح لولا المخالفة، مع
احتمال أن يكون للأعمش إسنادان في هذا الحديث. والله تعالى أعلم.
16- باب تبديل الهدي
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
17- باب من بعث بهديه وأقام
1541- عن عائشة قالت:
فَتَلْتُ قلائدَ بُدْن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَدَيَّ، ثم أشعرها وقَلدها، ثم بعث
بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حَرُمَ عليه شيء كان له حلاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: ثنا أفلح بن حُمَيْد عن القاسم(6/6)
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/428) ، ومسلم (4/89) ... بإسناد المصنف
ومتنه.
وأخرجه البيهقي (5/233) من طرق أخرى عن القعنبي ... به.
وأخرجه النسائي (2/22) ، وأحمد (6/78) من طرق أخرى عن أفلح ...
به، وهو رواية البخاري (3/427) .
ثم أخرجه هو (3/431) ، ومسلم، والمصنف- بعد حديث- والنسائي،
والترمذي (908) ، وابن الجارود (423) ، وأحمد (6/85 و 129 و 181) من طرق
أخرى عن القاسم ... به نحوه. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طرق أخرى عن عائشة يأتي بعضها عند المصنف في الحديثين الآتيين.
1542- ومن طريق أخرى عنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْدِي من المدينة، فأفْتِلُ قلائدَ هَدْيِهِ، ثم لا
يَجْتَنِبُ شيئاً مما يَجْتَنِبُ المُحْرِمُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرملِيُ وقتيبة بن سعيد أن الليث بن سعد
حدثهم عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة رضي الله
عنها قالت ...(6/7)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة، وقد
توبع كما ترى ويأتي.
والحديث أخرجه مسلم والنسائي ... بإسناد المصنف الثاني: قتيبة بن
سعيد.
وأخرجه البخاري (3/428) ، ومسلم أيضا، وأحمد (6/82) من طرق أخرى
عن ابن شهاب ... به.
وله عنه طرق أخرى بعضهم عن عروة، وبعضهم عن عمرة: عند أحمد
(6/36 و 185 و 191 و 200 و 225) ، ومسلم والنسائي.
وتابعه عندهما: عبد الله بن أبي بكر عن عمرة ... به.
وكذا البخاري (3/429) .
1543- وفي أخرى عنها؛ قالت أم المؤمنين:
بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالهدي، فأنا فَتَلْتُ قلائدها بِيَدَيَّ من عِهْن كان
عندنا، ثم أصبح فينا حلالاً؛ يأتي ما يأتي الرجل من أهله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم كما
تقدم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن المُفَضَّل: ثنا ابن عون عن القاسم بن
محمد وعن إبراهيم- زعم أنه سمعه منهما جميعاً، ولم يحفظ حديث هذا من
حديث هذا، ولا حديث هذا من حديث هذا- قالا: قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد- وهو ابن مسرهد-،(6/8)
فإنه على شرط البخاري؛ وهذا بالنسبة لطريق القاسم بن محمد، وقد تقدمت قبل
حديث من طريق أخرى عنه.
وأما طريق إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي-؛ فهو منقطع؛ لأنه لم يَلْقَ عائشة
رضي الله عنها، وقد ثبت أنه تلقاه عن الأسود عنها، كما تقدم في الحديث
(1540) ، فلا نعيد تخريجه، وإن كان هناك مختصراً، وهنا مطول، لكن ليس فيه
ذكر الغنم كما هناك، وهو متفق عليه كما عرفت مما سبق.
وقد أخرجه أحمد (6/91 و 171 و 191 و 212 و 218 و 224 و 250 و 262)
من طرق أخرى عن إبراهيم عن يزيد ابن الأسود ... به.
18- باب في ركوب البُدْن
1544- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فقال:
" اركبا ". قال: إنها بَدَنةٌ! فقال:
" اركبها ويلك! " في الثانية أو الثالثة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/341) ... بهذا الإسناد والمتن.(6/9)
وأخرجه البخاري (3/422) ، ومسلم (4/91) ، والنسائي (2/22- 23) ،
وابن الجارود (428) ، والبيهقي (5/236) ، وأحمد (2/487) كلهم عن مالك ... به.
وتابعه جمع عن أبي الزناد ... به.
أخرجه مسلم، وابن ماجه (2/265) ، وأحمد (2/254 و 481) .
وله عنده (2/245 و 278 و 312 و 464 و 473 و 478 و 505) طرق أخرى
عن أبي هريرة، بعضها عند مسلم، وابن الجارود (427) .
وله شاهد من حديث أنس ... مثله.
أخرجه الشيخان وابن خزيمة (2662) ، والطيالسي (1981) ، وأحمد (3/99
و107 و 170 و 173 و 183 و 202 و 231 و 234 و 251 و 261 و 275 و 276
و291) من طرق عنه. وزاد أحمد في رواية:
قد جَهَدَهُ المَشْي.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
1545- عن أبي الزبير:
سألت جابر بن عبد الله عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" ارْكَبها بالمعروف إذا ألْجِئتَ إليها، حتى تجد ظهراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني
أبو الزبير: سألت ...(6/10)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (3/317) ... بهذا السند والمتن.
ثم أخرجه هو (3/324 و 325) ، ومسلم (4/92) ، والنسائي (2/23) ، وابن
الجارود (429) ، والبيهقي (5/236) من طرق أخرى عن يحيى ... به.
وتابعه مَعْقِل عن أبي الزبير ... به.
أخرجه مسلم والبيهقي.
وتابعه ابن لهيعة عنه: أخرجه أحمد (3/348) .
وفي حديثهما عنه أنه هو السائل.
19- باب في الهدي إذا عَطبَ قبل أن يبلغ
1546- عن ناجية الأسلمي:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معه بِهَدْي، فقال:
" إن عَطِبَ منها شيء فانْحَرْهُ، ثم اصْبُغْ نَعْلَهُ في دَمِهِ، ثم خَل بينَهُ
وبين الناسِ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن هشام عن أبيه عن ناجية
الأسلمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إلى ناجية- وهو ابن كعب بن
جُنْدُبٍ الأسلمي الخُزَاعي-.(6/11)
والحديث أخرجه البيهقي (5/243) من طريق المصنف.
وأخرجه الترمذي (910) ، والدارمي (2/65) ، وابن ماجه (2/265) ، والبيهقي
أيضا، وأحمد (4/334) من طرق كثيرة عن هشام ... به. وزاد الترمذي وغيره:
" فليأكلوها ". وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وخالفهم الإمام مالك، فقال في "الموطأ" (1/343) . عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن صاحب هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يا رسول الله! ... الحديث.
وهذا ظاهره الإرسال، والعمدة على من وصله؛ لا سيما وهم جماعة.
وقد أخرجه الحاكم (1/447) بتحديث عروة عن ناجية. وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
1547- عن ابن عباس قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلاناً الأسلمي، وبعث معه بثمانِ عَشْرَةَ بَدَنَةً،
فقال: أرأيت إن أُزْحِفَ عليّ منها شيء؟ قال:
" تنحرها، ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضربها على صفحتها، ولا
تأكل منها أنت ولا أحدٌ من أصحابك- أو قال: من أهل رُفْقَتِك- ". وقال
في حديث عبد الوارث:
" ثم اجعله على صفحتها حينئذ " مكان: " اضربها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الحارود وابن
حبان) .(6/12)
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد. (ح) وثنا مسدد:
ثنا عبد الوارث- وهذا حديث مسدد- عن أبي التَّيَّاح عن موسى بن سلمة عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/279) : ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه مسلم (4/92) ، والبيهقي (5/242- 243) من طريق يحيى بن
يحيى: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد ... به.
ثم أخرجاه هما، وابن الجارود (425) ، وأحمد (1/217) من طريق إسماعيل
ابن عُلَيَّةَ عن أبي التياح ... به.
وخالفه في إسناده قتادة فقال. عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذُؤَيباً أبا
قبيصة حدثه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ... الحديث.
أخرجه مسلم، وابن ماجه (2/265) ، والبيهقي، وأحمد (4/225) ،
والطبراني في "المعجم الكبير" (1/213/1) .
قلت: فجعله قتادة من (مسند قبيصة) ، ولعله أصح من رواية أبي التياح الذي
جعله من (مسند ابن عباس) لم يتجاوزه إلى قبيصة؛ فإن من المعلوم أن زيادة الثقة
مقبولة. والله أعلم.
وله شاهد من حديث عمرو بن خارجة، يرويه شهر بن حوشب عنه ...
نحوه: أخرجه أحمد (4/64 و 187 و 238 و 5/377) .
وشاهد آخر من حديث سَلَمَةَ بن الُمحبقِ ... مرفوعاً نحو: أخرجه أحمد
(5/6) .(6/13)
1548- قال أبو داود: " سمعت أبا سلمة يقول: إذا أقمتَ الإسناد
والمعنى؛ كفاك ".
قلت: أبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل التَبُوذَكِيّ، وهو ثقة من رجال الشيخين.
ووقع في بعض نسخ الكتاب قبيل قول المصنف هذا الزيادة الآتية:
قال أبو داود: " الذي تفرد به من هذا الحديث قوله: " ولا تأكل منها أنت ولا
أحد من رفقتك " ... ".
وبهذه الزيادة يظهر غرض المصنف من روايته المذكورة عن شيخه أبي سلمة،
وهو الجواب عن التفرد المذكور، ويعني: أن إسناد الحديث مستقيم، ومعناه
صحيح، فلا ضير في هذا التفرد.
وهذا كلام سليم، لكننا لا نسلم بالتفرد المذكور، فقد جاءت هذه الزيادة في
حديثي عمرو بن خارجة وسلمة بن المحَبِّقِ المخرَّجَيْنِ آنفاً.
1549- عن عبد الله بن قرْطٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحْر، ثم يوم القَر "؛ وهو
اليوم الثاني.
قال: وقربَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَناتٌ خمسٌ أو ست، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ
إليه بأيتِهِن يَبْدَأ، فلما وَجَبَتْ جُنوبُها قال: فَتَكَلَّمَ بكلمة خَفِية لم أفهمها،
فقلت: ما قال؟ قال:
"من شاء اقتطع ".
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه ابن حبان والحاكم) .(6/14)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي. وأخبرنا مسدد: أخبرنا عيسى
- وهذا لفظ إبراهيم- عن ثور عن راشد بن سعد عن عبد الله بن عامر بن لُحَي
عن عبد الله بن قرْطٍ ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه ابن حبان
والحاكم، كما ذكرته في تخريج الحديث في "إرواء الغليل " (1958) ؛ فلا داعي
للإعادة.
20- باب كيف تنْحَرُ البُدْنُ؟
1550- عن جابر وعبد الرحمن بن سابط:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يَنْحَرُون البَدَنَةَ معقولةَ اليسرى، قائمةً
على ما بَقِيَ من قوائمها.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر. وأخبرني عبد الرحمن بن سابط: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قلت: إسناده عن جابر موصول على شرط مسلم؛ إلا أن ابن جريج وأبا الزبير
كلاهما مدلس، وقد عنعناه.
والآخر: مرسل؛ لأن ابن سابط تابعي ثقه، والقائل: (وأخبرني) إنما هو ابن
جريج، فهو مرسل صحيح، شاهد للمسند الموصول.
والحديث رواه البيهقي (5/237) من طريق المصنف.
ويشهد له حديث ابن عمر الآتي بعده.(6/15)
وما أخرجه البيهقي أيضا عن سعيد بن جبير قال:
رأيت ابن عمر ينحر بَدَنَتَهُ وهي قائمة معقولة إحدى يديها صافنة.
وسنده صحيح.
1551- عن زياد بن جُبَيْر. قال:
كنت مع ابن عمر بِمِنىً، فمرَّ برجل وهو ينحر بدنته وهي باركة،
فقال:
ابعثها قياماً مقيدةً، سنةَ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا هُشَيْمٌ: أخبرنا يونس: أخبرني زياد بن
جبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد في " المسند" (2/3) ... إسناداً ومتناً.
ثم أخرجه هو (2/86 و 139) ، والبخاري (3/435- 436) ، ومسلم
(4/89) ، والدارمي (2/66) ، والبيهقي (5/237) من طرق أخرى عن يونس بن
عبيد ... به.
1552- عن علي رضي الله عنه قال:
أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقوم على بُدْنِهِ، وأقسم جلودها وجِلالها،
وأمرني أن لا أُعْطِيَ الجَزَّارَ منها شيئاً، وقال:(6/16)
"نحن نُعْطِيهِ من عندنا".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود.
وليس عند البخاري آخره) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا سفيان- يعني: ابن عيينة- عن
عبد الكريم الجَزَرِيِّ عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله
عنه قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (41) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه الشيخان أيضا وغيرهما، كما بينا في "الإرواء" (1161) ؛ فلا نعيد
تخريجه.
21- باب في وقت الإحرام
1553- عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه قال:
بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، ما أهل
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من عند المسجد. يعني: مسجد ذي الحليفة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق مالك،(6/17)
وهذا في "الموطأ" ... به، وهو مخرج في "الإرواء" (1097) .
1554- عن عُبَيْدِ بن جُرَيجٍ: أنه قال لعبد الله بن عمر:
يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعاً لم أرَ أحداً من أصحابك
يصنعها؟!
قال: ما هُنَ يا ابن جريج؟! قال:
رأيتك لا تمسّ من الأركان إلا اليَمَانِيَيْنِ، ورأيتك تَلْبَسُ النِّعالَ
السِّبْتِيَّةَ، ورأيتك تَصْبُغُ الصفْرَةَ، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رَأوا
الهلال، ولم تُهِلَّ أنت حتى كان يوم التروية؟ فقال عبد الله بن عمر:
أما الأركان؛ فإني لم أر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمس إلا اليَمَانِيَيْن.
وأما النِّعالُ السَّبتيَّةُ؛ فإني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النعال التي
ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألْبَسَهَا.
وأما الصفْرَةُ؛ فإني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبغ بها؛ فأنا أحب أن
أصبغ بها.
وأما الإهلال؛ فإني لم أرَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِل حتى تنبعث به راحِلَته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأحد إسنادي البخاري إسناد
المصنف) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبَيْد
ابن جريج.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(6/18)
والحديث أخرجه البيهقي (5/37) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي.
وعنه: أخرجه البخاري (10/253) .
وأخرجه هو (1/215) ، ومسلم (4/9) ، وأحمد (2/66 و 110) من طرق
أخرى عن مالك، وهذا في "الموطأ" (1/308) .
1555- عن أنس قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالمدينة أربعاً، وصلى العصر بذي الحليفة
ركعتين، ثم بات بذي الحليفة حتى أصبح، فلمَّا ركب راحلته واستوت به
أهل.
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكر: ثنا ابن جريج عن
محمد بن المنكدر عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد في (مسند جابر) (3/378) : ثنا محمد بن بكر ...
به سنداً ومتناً.
وأخرجه البخاري (3/318) من طريق هشام بن يوسف: أخبرنا ابن جريج:
حدثنا ابن المنكدر ... به.
وأخرجه البيهقي (3/38) من طريق ثالثة عن ابن جريج ... به مثل رواية
الكتاب.(6/19)
وتابعه أبو قلابة عن أنس ... به؛ وزاد. على البيداء.
أخرجه البخاري (3/321) .
وله متابعة ثانية، تأتي في الكتاب بعده.
1556- ومن طريق أخرى عنه:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر، ثم ركب راحلته، فلما علا على جبل
البيداء أهل.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا رَوْح: ثنا أشعث عن الحسن عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أشعث- وهو ابن
عبد الملك الحمْرَاني-، فإنه من رجال البخاري وحده.
لكن الحسن- وهو البصري- مدلس، وقد عنعنه.
والحديث في "مسند أحمد" (3/207) ... بإسناده ومتنه. وهو مختصر الذي
قبله.
وأخرجه النسائي (2/19 و 37) من طريق أخرى عن أشعث ... به وزاد:
بالحج والعمرة.
ولابن حبان (992) نحوه.(6/20)
22- باب الاشتراط في الحج
1557- عن ابن عباس:
أن ضبَاعَةَ بنت الزبَيْرِ بن عبد المطلب أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت:
يا رسول الله! إني أريد الحج؛ أشترط؟ قال:
" نعم ". قالت: فكيف أقول؟ قال:
" قولي: لبيك اللهم! لبيك، ومَحِلِّي من الأرض حَيْث حَبَسْتَنِي".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم بنحوه عنه، والشيخان وابن
الجارود وابن حبان عن عائشة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عَبَّاد بن العَوَام عن هلال بن خبّابٍ عن
عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير هلال، وهو حسن
الحديث.
وقد تابعه جمع من الثقات. عند مسلم.
وله شواهد خرجتها في "الإرواء" (1009- 1010) .
23- باب في إفراد الحج
1558- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفْرَدَ الحِج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وابن
حبان (3923)) .(6/21)
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/310) ... سنداً ومتناً.
وعنه: أخرجه مسلم أيضا (4/31) ، والنسائي (2/13) ، والترمذي (820) -
وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (2/35) ، وابن ماجه (20/226) ،
والبيهقي (5/3) ، وأحمد (6/104) من طرق عن مالك ... به.
وتابعه ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد ... به.
أخرجه أحمد (6/107) .
وتابعه عروة عن عائشة ... به.
أخرجه مسلم (4/28) ، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد (6/107 و 243) .
وله عنده طريق ثالثة عنها.
1559- ومن طريق ثانية عنها قالت:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هلالَ ذي الحجة، فلما كان بذي
الحليفة قال:
"من شاء أن يُهِلَّ بحجَ؛ فَلْيُهِلَّ، ومن شاء أن يهِل بعمرة؛ فَلْيُهِل
بعمرة،- قال موسى في حديث وهيب: فإني لولا أني أهديت؛ لأهللت
بعمرة. وقال في حديث حماد بن سلمة: وأما أنا فأهل بالحج؛ فإن معي
الهدي-،- ثم اتفقوا-؛ فكنت فيمن أهل بعمرة، فلما كان في بعض(6/22)
الطريق؛ حِضْت، فدخل علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبكي، فقال:
" ما يبكيك؟ ". قلت: وَدِدْت أني لم أكن خرجت العامَ. قال:
" ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي- قال موسى: وأهلِّي
بالحج. وقال سليمان: واصنعي ما يصنع المسلمون في حَجهِمْ- ".
فلما كان ليلة الصَدَرِ؛ أمر- يعني: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرحمنِ،
فذهب بها إلى التنعيم- زاد موسى: فأهلَّتْ بعمرة مكان عمرتها، وطافت
بالبيت، فقضى الله عمْرَتَها وحَجَّها. قال هشام: ولم يكن في شيء من
ذلك هديٌ. زاد موسى في حديث حماد بن سلمة: فلما كانت ليلة
البَطْحَاءِ؛ طَهرَتْ عائشة رضي الله عنها-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا حديث ابن سلمة فهو
على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه هو والبخاري من
حديث غيره) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد. (ح) وثنا موسى بن
إسماعيل: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة-. (ح) وثنا موسى: ثنا وهيب عن هشام
ابن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين من الوجوه الثلاثة عن هشام بن
عروة؛ غير حماد بن سلمة، فهو على شرط مسلم وحده، وقد أفرد المصنف لفظه
قريباً بعد ثلاث روايات عنها، وفيه جملة مستنكرة عندي، كما سأبينه هناك إن
شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البخاري (1/331- 332 و 3/480- 481) ، ومسلم (4/28(6/23)
- 29) ، وأحمد (6/191) من طرق عن هشام بن عروة ... به.
وكذلك أخرجه ابن ماجه (2/234) - بتمامه-، والنسائي- بعضه- (2/13) .
1560- وفي رواية عنها قالت:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حَجَّةِ الوداع، فمنَّا من أهل بعمرة، ومنا من
أهل بحجً وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهلَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فأما
من أهل بالحج، أو جمع الحجَّ والعمرة؛ فلم يَحِلوا حتى كان يومُ النحْرِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الأسود عن محمد بن عبد الرحمن
ابن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة ... به.
قلت: وهذا صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/35) ... بإسناده ومتنه.
وعنه: أخرجه الشيخان وغيرهما، كما هو مخرج في "إرواء الغليل " (1003) .
1561- وفي رواية؛ زاد:
فأما من أهل بعمرة؛ فَحَلَّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ. أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن أبي
الأسود ... بإسناده مثله؛ زاد ...(6/24)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح- واسمه:
أحمد بن عمرو-، فهو على شرط مسلم وحده.
والحديث مكرر الذي قبله، وإنما أعاده المصنف لهذه الزيادة التي فيه، وهي عند
مسلم وأحمد.
وهي عند الشيخين من طريق ابن شهاب عن عروة، وهي في الرواية الآتية في
الكتاب.
1562- وفي أخرى عنها قالت:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من كان معه هدي؛ فَلْيُهِلَّ بالحج مع العمرة، ثم لا يَحِلَّ حتى يَحِلَّ
منهما جميعاً "، فقَدِمْتُ مكة وأنا حائض، ولم أطُفْ بالبيت، ولا بين
الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقال:
" انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلَي بالحج، ودعي العمرة".
قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج؛ أرسلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عبد
الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرتُ، فقال:
" هذه مكان عمرتك ".
قالت: فطاف الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حَلُوا،
ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منىً لِحَجِّهِمْ. وأما الذين كانوا
جمعوا الحج والعمرة؛ فإنما طافوا طوافاً واحداً.(6/25)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت ...
قال أبو داود: " رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن ابن شهاب ... نحوه؛ لم
يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة، وطواف الذين جمعوا بين الحج والعمرة ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق مالك
أيضا، وهذا في "الموطأ"، وهو مخرج في "الإرواء " (1159) .
1563- وفي رواية من الطريق الأولى عنها قالت:
لَبَّينا بالحجِّ، حتى إذا كنَّا بِسَرِفَ؛ حضْت، فدخل علي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبكي، فقال:
" ما يبكيك يا عائشة؟! ".
فقلت: حِضت، ليتني لم أكنْ حججت! فقال:
" سبحان الله! إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم "؛ فقال:
" انْسكِي المناسكَ كلَّها؛ غَيْرَ أن لا تطوفي بالبيت ".
فلما دخلنا مكة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من شاء أن يجعلها عمرة؛ فليجعلها عمرة؛ إلا من كان معه الهَدْيُ ".
قالت: وذبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نسائه البقر يوم النحر. فلما كانت
ليلة البطحاء وطهرت عائشة؛ قالت: يا رسول الله! أتَرْجعُ صَوَاحِبِي بحج
وعمرة، وأرجع أنا بالحجِّ؟! فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن بن أبي بكر،(6/26)
فذهب بها إلى التنعيم، فَلَبَّتْ بالعمرة.
(قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه، ولكنه لم يَسُقْ منه إلا طرفه
الأول، وأحال في سائر لفظه على رواية أخرى بنحوه؛ وفيه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اجعلوها عمرة ". وهذا هو الصواب كما في الرواية الآتية؛ دون قوله: " من
شاء أن يجعلها عمرة "؛ فإنه منكر، تفرد به حماد بن سلمة دون كل الثقات
الذين رووا هذه القصة من جميع الطرق عن عائشة، فليس في شيء منها هذا
التخيير بعد دخول مكة، وإنما هو في بعضها عند ذي الحليفة، كما في الطريق
الثانية المتقدمة (1559) ، وهو المحفوظ) .
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت ...
قلت: إسناده جيد، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري ومسلم؛ غير حماد
- وهو ابن سلمة-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
قلت: والحديث أخرجه أحمد (6/219) : ثنا بهز: ثنا حماد بن سلمة ... به.
ومسلم (4/31) من طريق بهز ... به، ولكنه لم يسق من لفظه إلا طرفه
الأول، وأحال في سائره على لفظ حديث عبد العزيز الماجشون عن عبد الرحمن
ابن القاسم؛ ولكنه قال: " نحوه ".
فكأنه يشير إلى اختلاف لفظ حديث حماد عن حديث الماجشون.
وهو ظاهر؛ فإنه ليس في حديث الماجشون: " من شاء أن يجعلها عمرة "،
المفيد التخيير فيما أمرهم به من فسخ الحج إلى العمرة؛ وإنما فيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجعلوها عمرة "؛ جزماً دون التخيير.(6/27)
وكذلك أخرجه أحمد (6/273) من طريقه- أعني: الماجشون-، وهو أوثق
من حماد بن سلمة بكثير؛ فإنه ثقة فقيه محتج به في "الصحيحين ".
وأما حماد؛ فثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغيَّرَ حفظه بأخرة، ولم يحتجٌ
به البخاري، وإنما مسلم وحده، كما في "التقريب ". وقال فيه الذهبي في
"المغني ":
" إمام ثقة، له أوهام وغرائب، وغيره أثبت منه ". على أن الحاكم قال في
"المدخل ":
" ما خرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في
الشواهد عن طائفة ".
قلت: وهذا الحديث إنما أخرجه له مسلم في الشواهد؛ ولذلك لم يسق لفظه
كما سبق ذكره.
ولذلك؛ فإني أجزم بأنه وهم في هذا الحرف من الحديث؛ لمخالفته فيه
للماجشون، وهو أوثق منه، ولذلك اعتمد عليه مسلم في لفظ الحديث دون لفظ
حماد. ويؤيد ذلك أمور:
الأول: أن ابن إسحاق قد خالفه أيضاً في لفظه، موافقاً للفظ الماشجون،
فقال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم ... به.
أخرجه أحمد أيضا (6/273) .
واثنان أحفظ من واحد؛ ولا سيما إذا كان أحدهما أحفظ منه!
الثاني: أن الزيادة التي تفرد بها حماد دون الثقتين المذكورين- وهي قوله:
" من شاء أن يجعلها عمرة "- إنما محلها في أول حجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذي الحليفة، كما(6/28)
في الحديث المتقدم (1559) من رواية تجمع عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة، وأحدهم حماد بن سلمة نفسه.
وهذه الرواية الصحيحة، الأخذ بها أولى من حديث حماد الذي خالف الثقتين
المذكورين، والتي تؤكد خطأه في جعله التخيير بالفسخ بعد دخول الصحابة مكة.
لا سيما ولها شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر: عند أحمد (6/350) .
نعم، قد استمر هذا التخيير إلى ما بعد (سرف) فيما يبدو من رواية أفلح بن
حميد عن القاسم عن عائشة قالت ...
حتى نزلنا بسرف، فخرج إلى أصحابه فقال:
" من لم يكن معه منكم هدي، فأحب أن يجعلها عمرة؛ فليفعل ".
وأكد أن الأمر المذكور للتخيير قولُها- في تمام هذه الرواية-: فمنهم الآخذ بها
والتارك لها ممن لم يكن معه هدي.
أخرجه البخاري (3/328) ، ومسلم (4/31) .
وفي رواية لهما- وهي المتقدمة برقم (1560) - بلفظ: قالت ...
فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج.
الثالث: أن في رواية الأسود عن عائشة الآتية في الكتاب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أمرهم بعد قدومهم مكةَ بفسخ الحج إلى العمرة أمراً لا تخيير فيه. بل في رواية
عَمْرَةَ عنها: أنه أمرهم بذلك أيضا قبل دخول مكة فقالت:
... حتى إذا دنونا من مكة؛ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لم يكن معه هدي- إذا
طاف بالبيت- أن يَحِلَّ.(6/29)
أخرجه الشيخان وغيرهما، كما في "الإرواء" (1159) .
فهذا كله يدل على خطأ حماد في قوله: إن التخيير بالفسخ كان بعد دخول مكة.
ومما يؤكد ذلك: أن سائر الصحابة الذين رووا الأمر بالفسخ بعد الدخول لمكة
رووه بصيغة الأمر الجازم الذي لا تخيير فيه، مثل جابر في حديثه الآتي بجميع
رواياته الآتية (1566- 1570) ، وحديث ابن عباس الذي بعده، وحديث أنس
رقم (1576) ، وحديث البراء الذي بعده، وحديث سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَد رقم (1580) ،
وحديث ابن عمر رقم (1584) .
ويزيد ذلك تأكيداً: أن في رواية ذكوان مولى عائشة عنها قالت:..
فدخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليَّ وهو غضبان، فقلت. من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله
النار! قال:
" أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإذا هم يترددون؟! ".
رواه مسلم (4/34) وغيره كما يأتي مني بعد حديث.
فهذا الغضب منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تردد أصحابه في تنفيذ أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفسخ أكبر
دليل على أنه لم يكن على سبيل التخيير؛ ولذلك بادر أصحابه بعد ذلك إلى
إطاعته؛ كما قال جابر.
فحللنا وسمعنا وأطعنا.
فثبت- يقيناً- خطأ حماد في روايته التخيير هنا.
ومما ينبغي أن يذكَرَ بهذه المناسبة: أن حماداً رحمه الله قد وقع له مثل هذا
الوهم في حديث آخر له؛ فقد روى عن حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر
أنه قال:(6/30)
قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة وأصحابه مُلَبِّينَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من شاء أن يجعلها عمرة. إلا من كان معه الهدي ".
فخالفه يزيد بن هارون وسهل بن يوسف ومحمد بن أبي عدي ... فقالوا:
" ومن لم يكن معه هدي؛ فليجعلها عمرة ". لم يذكروا التخيير.
أخرج هذه الروايات الأربع: الإمام أحمد (2/28 و 41 و 53 و 80) .
وهؤلاء الثلاثة كلهم ثقات حفاظ، وكل واحد منهم أحفظ من حماد على
حدة، فكيف بهم مجتمعين؟
واعلم أن الباعث على تحرير هذا التحقيق: أنني فوجئت في موسم السنة
الماضية (1393) بخبر مفاده: أن أحد الأساتذة من إخواننا- أهل الحديث- قد
رجع عن القول بوجوب فسخ الحج إلى العمرة، الذي تدل عليه أحاديث الفسخ
المشار إليها وغيرها، محتجاً بما في حديث ابن عمر هذا من التخيير المنافي للوجوب
! فأجبت يومئذٍ بأنه حديث شاذ، أخطأ فيه حماد، وذكرت ما حضرني من
الأدلة، فها نحن الآن قد بعث الله لنا المناسبة التي قضت بضرورة البحث في ذلك
مبسطاً محققاً، بما لا تراه محرراً في مكان آخر فيما أعلم. والله ولي التوفيق.
1564- وفي طريق ثالث عنها قالت:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا نَرَى إلا أنه الحج، فلما قدمنا؛ تَطَوَّفْنَا
بالبيت، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لم يكن ساق الهدي أن يَحِل. فأحلَّ مَنْ
لم يكن ساق الهدي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(6/31)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن
الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم من طرق أخرى عن جرير.
والبخاري (3/464) ، وأحمد (6/122 و 191 و 253 و 266) من طرق أخرى
عن منصور بن المعتمر ... به.
1565- وفي رواية من الطريق الثانية عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لو استقبلت، من أمري ما استدبرت؛ لما سقت الهدي- قال محمد:
أحسبه قال: ولحلَلْتُ مع الذين أحلُوا من العمرة- ".
قال: أراد أن يكون أمر الناس واحداً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه، وأخرجه مسلم
من طريق أخرى، كلاهما بتمامه دون الشك، وليس عندهما: أراد أن
يكون ... ) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عثمان بن عمر: أخبرنا يونس
عن الزهري عن عروة عنها.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط
البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/247) : ثنا عثمان بن عمر ... به؛ دون الشك،
وقوله: قال: أراد ... إلخ.(6/32)
وتابعه عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرَجه البخاري (13/185) .
وتابعه ذكوان مولى عائشة عنها قالت:
قدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأربع مَضَيْنَ من ذي الحجة- أو خمس-، فدخل علي
وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار؟! قال:
" أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإذا هم يترددون؟! ولو أني
استقبلت ... الحديث مثله، وزاد:
حتى أشتريه.
أخرجه مسلم (4/33- 34) ، وأحمد (6/175) .
1566- عن جابر قال:
أقبلنا مُهِلينَ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج مُفْرَداً، وأقبلت عائشة مُهِلَّةً
بعمرةٍ، حتى إذا كانت بـ (سَرِفَ) ؛ عَرَكَتْ، حتى إذا قدمنا؛ فطفنا
بالكعبة وبالصفا والمروة، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَحِلَّ منَّا مَنْ لم يكن معه
هدي. قال: فقلنا: حِلَّ ماذا؟ فقال:
" الحِل كُلَهُ ". فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس
بيننا وبين عرفة إلا أرْبَعُ ليالٍ، ثم أهللنا يَوْمَ التروية.
ثم دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة، فوجدها تبكي، فقال:
" ما شأنك؟! ".
فالت: شأني أني قد حضت، وقد حَلَّ الناس ولم أحْلِلْ، ولم أطُفْ
بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن! فقال:(6/33)
" أن هذا أمر كتبه الله على بنات أدم؛ فاغتسلي، ثم أهلِّي بالحج ".
ففعلت، ووَقَفَتِ المواقف كلها، حتى إذا طهرتْ؛ طافت بالبيت وبالصفا
والمروة، ثم قال:
" قد حللت من حَجِّكِ وعمرتك جميعاً ".
قالت: يا رسول الله! إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين
حججت! قال:
" فاذهب بها يا عبد الرحمن! فأعْمِرْها من التنعيم "، وذلك ليلة الحَصْبَة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/35) ، والنسائي (2/19) ... بسند المصنف.
ومسلم، وأحمد (3/394) من طرق أخرى عن الليث ... به.
1567- وفي رواية عنه قال:
دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة ... ببعض هذه القصة؛ قال- عند قوله:
" وأهلي بالحج "-:
" ثم حُجي، واصنعي ما يصنع الحاج؛ غير أن لا تطوفي بالبيت ولا
تُصَلي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري من(6/34)
طريق أخرى عنه ... نحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن
جريج قال: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابراً قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق أحمد، وعلى شرط
البخاري من طريق مسدد؛ على أنه لم يقع لمسدد ذكر في بعض النسخ، وهو رواية
البيهقي عن المصنف كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/95) عن المصنف: ثنا أحمد بن حنبل: ثنا
يحيى بن سعيد ... به.
ولم أره في "المسند" بهذا السند إلا طرفاً منه؛ أخرجه (3/318) مختصراً؛
نحو البعض الذي أشار إليه؛ دون قوله: " واصنعي ما يصنع الحاج ... " إلخ.
وهذه الزيادة: عند البخاري (13/185- 186) من طريق حَبيب المُعَلم عن
عطاء، الآتية بعد حديث بمعناها.
وحديث مسدد: عند البيهقي (5/18- 19) .
1568- ومن طريق ثانية عنه قال:
أهللنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج خالصاً لا يخالطه شيء، فقدمنا مكة
لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجة، فطفنها وسعينا، ثم أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن نَحِلَّ، وقال:
" لولا هديي لحللت ". ثم قام سُرَاقَةُ بن مالك فقال: يا رسول الله!
أرأيت مُتْعَتَنَا هذه؛ لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بل هي للأبد ".(6/35)
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان بنحوه) .
إسناده: حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد: أخبرني أبي: حدثني الأوزاعي:
حدثني من سمع عطاء بن أبي رباح: حدثني جَابر بن عبد الله قال ...
قال الأوزاعي: سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا؛ فلم أحفظه، حتى
لقيت ابن جريج فأثبته لي.
قلت: وهذا إسناد صحيح،رجاله كلهم ثقات؛ فإن الرجل الذي لم يُسَمَّ: هو
ابن جريج كما في آخر الحديث.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/230) : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
الدمشقي: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي عن عطاء ... به؛ فأسقط الوليد
الواسطة بين الأوزاعي وعطاء، وهذا من تدليسه تدليس التسوية، ولكن ذلك لا
يضر هنا؛ لأن الواسطة هي ابن جريج كما في رواية المصنف.
وابن جريج مدلس أيضاً، ولكنه قد صرح بالتحديث كما سأذكره.
وقال الإمام أحمد (3/317) : ثنا إسماعيل: أنا ابن جريج عن عطاء ... به
نحوه؛ دون ذكر قصة سراقة.
لكن أخرجها النسائي (2/23) من هذا الوجه، وصرح فيه ابن جريج
بالتحديث.
وكذلك أخرجه مسلم (4/36- 37) من طريق أخرى عن ابن جريج.
وأخرجه البخاري أيضاً (5/103) .
وتابعه عبد الوهاب بن عبد المجيد عن عطاء ... به؛ وزاد فقال:(6/36)
وأن سراقة بن مالك بن جعْشُم لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال:
ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟! قال:
" لا، بل للأبد ".
أخرجه البخاري (3/478- 480) ، وأحمد كما يأتي.
وللحديث طريق أخرى عن جابر في حديثه الطويل في الحج: أخرجه مسلم
وغيره، وهو الآتي برقم (1663) .
1569- وفي رواية عنه قال:
قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لأربع خَلَوْنَ من ذي الحِجَّةِ، فلما طافوا
بالبيت وبالصفا والمروة؛ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجعلوها عمرة؛ إلا من كان معه الهدى ". فلما كان يوم التروية
أهَلَوا بالحج، فلما كان يوم النحر؛ قَدِمُوا فطافوا بالبيت، ولم يطوفوا بين
الصفا والمروة.
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري من طريق
أخرى دون ذكر الطواف بعد النحر، وهذا. عند مسلم من طريق أخرى تأني
برقم ( ... )) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس بن سعد عن عطاء
عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة، وهو من
رجال مسلم.(6/37)
وكذا قيس بن سعد، وقد توبع كما تقدم قبله، ويأتي بعده.
ورواية حماد هذه تؤكد خطأ روايته المتقدمة من حديث عائشة (1563) ؛
فراجعه.
1570- وفي أخرى عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل هو وأصحابه بالحج، وليس مع أحد منهم
يومئذ هَدْي؛ إلا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلحةَ، وكان علي رضي الله عنه قَدِمَ من
اليمن ومعه الهَدْي، فقال: أهللتُ بما أهل به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة- يطوفون-، ثم يقصروا وَيحِلَّوا؛ إلا
من كان معه الهدي. فقالوا: أننطلق إلى منى وذكورنا تَقْطُرُ؟! فبلغ ذلك
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
" إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ ما أهديت، ولولا أن معي
الهَدْي لأحللت " (1) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري) .
__________
(1) زاد في " المسند " و"البخاري " كما تقدم:
وأن سراقة لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟!
قال:
" لا، بل للأبد ".
وهذا بظاهره مخالف لما سيأتي من طريق أخرى عن جابر في حديثه الطويل (1663) : أن
سراقة قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك وهو عليه الصلاة والسلام في آخر الطواف على المروة.
فجمع الحافظ بينهما باحتمال التعدد، وراجع لهذا تعليقي على "حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 83) .(6/38)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الوهاب الثقفي: ثنا حبيب- يعني:
المعلم- عن عطاء: حدثني جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث في "المسند" (3/305) ... بهذا الإسناد والمتن؛ إلا أنه زاد في آخره
قصة سراقة التي ذكرتها آنفاً من رواية البخاري.
وكذلك أخرجه البيهقي (5/4) من غير طريق المصنف عن أحمد.
وأخرجه أيضاً من طريق المصنف دونها.
وتابعه عليها: يزيد بن زُرَيْع: ثنا حبيب المعلم ... به: أخرجه البخاري
(13/185) ، والبيهقي (5/95) .ً
1571- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال:
" هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده هدي؛ فَلْيَحِل الحِل
كلَّهُ، وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم. وأعلهُ
المصنف رحمه الله بما لا يقدح! ولذا صححه المنذري وابن القيم) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن محمد بن جعفر حدثهم عن شعبة
عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس.
قال أبو داود: " هذا منكر؛ وإنما هو قول ابن عباس "!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.(6/39)
وأعله المصنف بالوقف كما رأيت! ولا وجه له البتة، فقد رواه جمع آخر من
الثقات عن شعبة ... به مرفوعاً، فممن الوهم، وما الدليل عليه؟!
ولذلك لم يقبل العلماء ذلك منه، فقال المنذري في "مختصره ":
" وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه قد رواه الإمام أحمد ومحمد بن المثنى
ومحمد بن بشار وعثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة ...
مرفوعاً. ورواه أيضاً يزيد بن هارون ومعاذ بن معاذ العنبري وأبو داود الطيالسي
وعمرو بن مرزوق عن شعبة ... مرفوعاً، وتقصير من قصر به من الرواة لا يؤثر فيما
أثبته الحفاظ ". وقال ابن القيم في "التهذيب ":
" وقوله: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " لا ريب في أنه من كلام
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل أحد: إنه من قول ابن عباس. وكذلك قوله: " هذه
عمرة تمتعنا بها ". وهذا لا يشك فيه من له أدنى خبرة بالحديث ".
قلت: ولقد صدق رحمه الله.
أما الجملة الأولى: " دخلت العمرة ... "؛ فلها طريق أخرى عن مجاهد،
سأخرجها بعد حديث.
ولها شاهد صحيح من حديث جابر الطويل، الآتي برقم (1663) .
وله طريق أخرى: أخرجه الدارقطني (ص 282) من طريق أبي الزبير عن جابر
عن سراقة بن مالك ... مرفوعاً به. وقال:
"كلهم ثقات ".
وصححه النووي في "المجموع "؛ وأبو الزبير مدلس.
وقد رواه أحمد (4/175) من طريق طاوس والنزال بن يزيد بن سبرة عن(6/40)
سراقة ... به.
والطريق الأولى رجالها ثقات؛ لكن طاوس لم يسمع من سراقة.
والأخرى موصولة، ولكن فيها داود بن يزيد- وهو الأوْدِي- ضعيف.
وعنه: الطحاوي (1/379) .
وأما الجملة الأخرى- وهي قوله: " هذه عمرة تمتعنا بها "-؛ فلها شواهد
كثيرة؛ فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً، كما هو القول الصحيح المؤيد بأحاديث كثيرة،
في بعضها التصريح بذلك، كحديث البراء الآتي قريباً، ومثله بعض أصحابه من
الذين كانوا ساقوا الهدي فلم يَحِلّوا، وسائرهم أحَلوا؛ لأنهم ما ساقوا الهدي، فهو
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة جميعاً كانوا قد تمتعوا بالعمرة إلى الحج على التفصيل المذكور.
ولذلك قال ابن عمر- كما يأتي (1584) -:
تمتع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وتمتع الناس معه ...
ولذلك فَهمْ جميعاً يشملهم قوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما
استيسر من الهدي) . فقول البيهقي (5/18) : إنه " أراد أصحابه الذين حَلُوا
واستمتعوا "! غير قوي؛ لما ذكرنا، وتجد تفصيله في "زاد المعاد" لابن القيم رحمه
الله تعالى.
ثم أن ابن القيم جزم بعد كلامه السابق بأن قول المصنف المذكور في إعلال
الحديث؛ إنما محله بعد الحديث الآتي، أخطأ بعض النساخ، فنقله إلى هنا، وهو
أمر محتمل، وسأنقل كلامه في ذلك قريباً، وأبين ما يَرِدُ عليه أيضاً.
والحديث أخرجه مسلم (4/57) ، والنسائي (2/24) ، والدارمي (2/50) ،
والبيهقي (5/18) ، وأحمد (1/236 و 341) من طريق أخرى عن شعبة ... به.(6/41)
وعزاه العراقي في "طرح التثريب " (5/19) لـ " الصحيحين "، وهو وهم.
ورواه للترمذي عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ... به، وقال (932) :
" حديث حسن ".
1572- وعنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا أهل الرجلُ بالحج، ثم قَدِمَ مكة، فطاف بالبيت وبالصفا والمروة؛
فقد حَل، وهي عمرة".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: حدثني أبي: ثنا النهاسُ عن عطاء عن
ابن عباس.
قال أبو داود: " رواه ابن جريج عن عطاء:
دخل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بالحج خالصاً، فجعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير النهاس- وهو ابن قَهْمٍ - ضعيف.
وأما إعلال المصنف إياه بمخالفة ابن جريج، فرواه عن عطاء مرسلاً! فليس
بشيء عندي؛ لأنه قد رواه جمع من الثقات عن ابن جريج عن عطاء عن
جابر ... مسنداً نحو رواية النهاس هذه، كما تقدم عند المؤلف برقم (1568) من
طريق الأوزاعي عن ابن جريج، وذكرت له هناك متابعاً عنه؛ فراجعه إن شئت.
فإذن قد توبع النهاس على إسناده، ولو أنه خولف في اسم الصحابي،
فالصحابة كلهم عدول، بل إنه قد توبع عليه؛ فأخرجه مسلم (4/58) من طريق
محمد بن بكر: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء قال:(6/42)
كان ابن عباس يقول:
لا يطوف بالبيت حاجٌّ ولا غير حاج إلا حَلَّ. قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟
قال: من قول الله تعالى: (ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق) . قال: قلت: فإن ذلك
بعد المُعَرفِ. فقال: كان ابن عباس يقول:
هو بعد المُعَرفِ وقبله، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمرهم أن
يَحِلوا في حجة الوداع.
قلت: فقد وصله محمد بن بكر، فذكر ابن عباس في إسناده؛ فهي متابعة
قوية للنهاس، لكنه قد خالفه في متنه؛ فأوقفه على ابن عباس. وأشار ابن القيم
إلى ترجيحه، فقال تعليقاً على حديث الباب:
" والتعليل الذي تقدم لأبي داود في قوله: " هذا حديث منكر "؛ إنما هو
لحديث عطاء هذا عن ابن عباس يرفعه: " إذا أهل الرجل بالحج "؛ فإن هذا قول
ابن عباس الثابت عنه بلا ريب، رواه عنه أبو الشعثاء وعطاء وأنس بن سُلَيم
وغيرهم من كلامه، فانقلب على الناسخ، فنقله إلى حديث مجاهد عن ابن
عباس، وهو إلى جانبه، وهو حديث صحيح لا مطعن فيه ... ".
قلت: لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى عن ابن عباس ... مرفوعاً
نحوه، فقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم الزهري عن كُريب مولى ابن
عبد الله بن عباس عن ابن عباس، قال:
قلت له: يا أبا العباس! أرأيت قولك: ما حج رجل لم يسق الهدي معه، ثم
طاف بالبيت؛ إلا حل بعمرة، وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدي؛ إِلا
اجتمعت له عمرة وحجة، والناس لا يقولون هذا؟! فقال: ويحك! إن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وَمَنْ معه من أصحابه، لا يذكرون إلا الحج، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من(6/43)
لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت، ويَحِل بعمرة، فجعل الرجل منهم يقول:
يا رسول الله! إنما هو الحج؟! فيقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه ليس بالحج؛ ولكنها عمرة ".
وإسناده حسن.
وتابعه يونس بن يزيد عن ابن شهاب ... به.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/150- 151) .
ويقويه ما رواه قتادة قال: سمعت أبا حسان الأعرج قال:
قال رجل من بني الهُجيم لابن عباس: ما هذه الفتيا التي قد تشغفت أو
تَشَعَبَتْ بالناس: أن من طاف بالبيت فقد حَل؟ فقال: سُنةُ نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإن
رغمتم! زاد في رواية: يعني: من لم يكن معه هدي.
أخرجه أحمد 1 (/278 و 280 و 342) - والزيادة له في رواية-، ومسلم
(4/58) .
ثم إن للحديث شاهداً قوياً من رواية سَبْرَةَ بن مَعْبَدٍ ... مرفوعاً بلفظ:
" إن الله قد أدخل عليكم في حجكم هذا عُمْرَةً، فإذا قدمتم؛ فمن تطوف
بالبيت وبين الصفا والمروة؛ فقد حَلَّ؛ إلا من كان معه هدي ".
أخرجه المصنف وغيره بسند جيد، كما سيأتي بيانه برقم (1580) .
قلت: فهذا الشاهد وما قبله من المتابعات، وقول ابن عباس: " سنة
نبيكم "؛ أقوى دليل على أن النهاس قد حفظ الحديث ولم يخطئ فيه. والله
أعلم.(6/44)
1573- ومن طريق أخرى عنه قال:
أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فلما قَدِمَ؛ طاف بالبيت وبين الصفا والمروة- قال
ابن شَوْكَر: ولم يقصر، ثم اتفقا-، ولم يَحِلَّ من أجل الهدي، وأمر من لم
يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى، ويقصر، ثم يَحِلَّ. قال ابن مَنِيع
في حديثه: أويَحْلِقَ، ثم يَحِلَّ.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا الحسن بن شَوْكَرٍ وأحمد بن مَنِيعِ قالا: ثنا هُشَيْمٌ عن يزيد بن
أبي زياد- المعنى- عن مجاهد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم-،
وهو ضعيف من قبل حفظه، لكنه لم يتفرد به، كما يتبين لك من الطريقين
السابقين عن ابن عباس، ومن الأحاديث المتقدمة في الباب.
والحديث أخرجه أحمد (1/241 و 253 و 259) من طرق أخرى عن
يزيد ... به؛ وزاد: ثم قال:
" لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لفعلت كما فعلوا، ولكن دخلت العمرة
في الحج إلى يوم القيامة "؛ ثم أنشب أصابعه بعضها في بعض.
وروى منه الترمذي قوله: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة "؛ وقال:
" حديث حسن "! وحقه أن يقول:
" صحيح "؛ فإن له طريقاً وشواهد، كما تقدم قبل حديثين.(6/45)
1574- عن أبي شَيْخ الهُنَائِي خَيْوَانَ بْنِ خَلْدَةَ- ممن قرأ على أبي
موسى الأشعري؛ من أهل البصرة-:
أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل تعلمون أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن كذا وكذا، وركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم.
قال: فتعلمون أنه نهى أن يُقْرنَ بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا!
فقال: أما إنها معهن؛ ولكنكم نسيتم.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا النهي عن القَرْنِ بين الحج والعمرة؛ فهو منكر؛
لمخالفته الأحاديث المتقدمة، وفيها إقراره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين جمعوا بين الحج والعمرة
وساقوا الهدي، وأمرُه من لم يَسقِ الهدي أن يفسخ الحج إلى العمرة، ثم يلبيَ
بالحج يوم التروية، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ") .
إسناده: حدثنا موسى أبو سلمة: ثنا حماد عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي شيخ هذا، وقد وثقه ابن
سعد وابن حبان والعجلي، وروى عنه جمع من الثقات، ولذلك جزم الحافظ في
" التقريب " بأنه:
"ثقة".
وأما قول ابن القيم في "الزاد" (1/264) ، وفي "مختصر السنن ":
" لا يُحْتَجُ به، وهو مجهول "!
فليس له سلف من أئمة الجرح والتعديل؛ وإنما قال ذلك اجتهاداً من عنده،
بناءً على ما في الحديث من النهي عن القَرْنِ؛ وإنما العلة عنعنة قتادة؛ فإنه
موصوف بالتدليس، وقد رواه عنه جمع كما يأتي.(6/46)
والحديث أخرجه أحمد (4/99) : ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا سعيد عن
قتادة ... به.
وأخرجه النسائي (2/95) من طريق ابن أبي عدي عن سعيد ... به
مختصراً؛ بلفظ:
أتعلمون أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لُبْسِ الذهب إلا مقطعاً؟ قالوا: اللهم!
نعم.
وأخرجه أحمد أيضاً (4/92) : ثنا عفان قال: ثنا همام قال: ثنا قتادة ... به.
وأخرج طرفاً منه: الطحاوي في "المشكل " (4/263- 264) من طريق حجاج
ابن منهال عن قتادة ... به.
ثم أخرجه أحمد (4/95) من طريق معمر عن قتادة ... به.
كلهم رووه عنه بالعنعنة؛ فهي العلة.
وثمة علة أخرى، وهي أن يحيى بن أبي كثير قد خالف قتادة، فأدخل بين
أبي شيخ ومعاوية: أخاه حِمَّانَ، وهو مجهول، كما هو مبين ومخرج في
"الأحاديث الضعيفة" (4722) .
نعم؛ تابعه مطر- وهو الوراق- عن أبي شيخ ... به مختصراً مثل رواية ابن
أبي عدي: أخرجه النسائي.
لكن مطراً سَيئ الحفظ، وهو من أصحاب قتادة، فيحتمل أن يكون قتادة
سمعه منه؛ فدلسه. والله أعلم.
(تنبيه) : وهذا الحديث المنكر لم أجد له شاهداً معتبراً.(6/47)
وقد روى المصنف في الباب حديثاً آخر بمعناه عن عمر. ولكنه حديث باطل،
كما قال ابن القيم؛ ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (314) .
ووهم الأمير الصنعاني وهماً فاحشاً، حين قال في "الروض الباسم " (ص
116) .
" وله شاهد عن ابن عمر، رواه مالك في "الموطأ" ... مرفوعاً. وعن عمر
وعثمان، رواه مسلم ... موقوفاً عليهما "!
وحديث ابن عمر المشار إليه شاهد عليه لا له!
فإنه قال حينما خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة: إن صدِدْت عن البيت؛
صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأهل بعمرةٍ ... ثم قال: ما أمرهما إلا
واحد، أشهدكم أني قد أوجَبْتُ الحج مع العمرة ... الحديث.
أخرجه مالك (1/329) ، وكذلك أخرجه البخاري (4/4- 5) .
وأما الموقوف على عمر وعثمان؛ فلا حجة فيه؛ لأنهما إنما نهيا عن الجمع بين
الحج والعمرة متأوليْنِ، وقد ثبت يقيناً أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً بينهما، وأنه قال:
" دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".
فلا يُقْبَل قولهما المخالف للسنة.
ولذلك أنكر علي رضي الله عنه على عثمان قولَه المذكور. وكذلك أنكر ذلك
على عمر عمران بن حصين وابنه عبد الله بن عمر، وغيرهما، كما هو مبسوط في
" زاد المعاد" وغيره.
ولو أن النهي عن القران ثبت إسناده لوجب حمله على القِرَانِ الذي لم يسَقْ
معه الهَدْي؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أهله بفسخه، وغضب على الذين لم يبادروا إليه(6/48)
كما تقدم، وذلك في معنى النهي عن القران المذكور كما هو ظاهر.
أَمَّا وهو لم يثبت؛ فلا داعي لتأويله.
وأما ما قبله من الحديث فصحيح؛ لأنه جاء من طرق أخرى، كما بينته في
الموضع المشار إليه من "الضعيفة ". وقد أخرج المصنف بعضها في أول "كتاب
اللباس- باب جلود النمور"، وفي آخر "الترجُّل- باب في الذهب للنساء " وسيأتي
إن شاء الله تعالى الكلام عليها هناك.
24- باب في الإقران
1575- عن أنس بن مالك: أنهم سمعوه يقول:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبي بالحج والعمرة جميعاً يقول:
" لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن
الجارود وابن حبان والحاكم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا هشيم: أخبرنا يحيى بن أبي
إسحاق وعبد العزيز بن صهيب وحميد الطويل عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (3/99) ... بهذا الإسناد والمتن.
وأخرجه مسلم (4/59) ، والنسائي (2/15) من طرق أخرى عن هشيم ... به.(6/49)
وأخرجه ابن ماجه (2/227) من طريقين آخرين عن يحيى بن أبي إسحاق
وحميد ... به نحوه.
وابن الجارود (430) ، وابن حبان (991) ، والبيهقي أيضاً (5/40) ، والحاكم
(6/472) عن حميد وحده.
وهو رواية لأحمد (3/111 و 182) ، وإسناده ثلاثي صحيح.
وله طرق أخرى عن أنس ... مطولاً ومختصراً: عند مسلم (4/52) ،
والنسائي، وابن الجارود (431) ، وابن حبان (989 و 992) ، وأحمد (3/183 و 207) .
وله طريق أخرى عند البخاري، ويأتي بعده.
1576- ومن طريق أخرى عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بات بها- يعني: بذي الحليفة- حتى أصبح، ثم ركب،
حتى استوت به البيداء؛ حمد الله وسبَّح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة،
وأهلَّ الناس بهما، فلما قدمنا أمَرَ الناسَ فحَلوا، حتى إذا كان يوم
التروية؛ أهل بالحج، ونَحَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ بَدَنَات بيده قِياماً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناده
ومتنه، وابن حبان قدومَ مكة) .
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا أيوب عن أبي
قلابة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/9) من طريق المصنف.(6/50)
وأخرجه البخاري (3/321- 322) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد:
وذبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة كبشين أملحين.
وهذه الزيادة رواها المصنف أيضاً من هذا الوجه في أول "الأضاحي"، وستأتي
إن شاء الله هناك برقم (2490) .
ثم أخرجه البخاري (3/436) : حدثنا سهل بن بَكَّارٍ: حدثنا وهيب ... به
نحوه؛ وقال:
فلما علا على البيداء؛ لبى بهما جميعاً.
وفي رواية له (3/318) من طريق حماد، بن زيد عن أيوب ... بلفظ:
وسمعتهم يصرخون بهما جميعاً.
وقال معمر عن أيوب ... بلفظ:
كنت رديف أبي طلحة وهو يساير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقال:
إن رجلي لَتََمسُ غَرْزَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمعته يلبِّي بالحج والعمرة معاً.
رواه أحمد (3/164) .
وروى ابن حبان (997) قدوم مكة.
1577- عن البراء بن عازب قال:
كنت مع علي حين أمَّرَهُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على اليمن؛ قال: فأصبت
معه أواقِي، فلما قَدِمَ عليٌّ من اليمن عَلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وجد فاطمة
رضي الله عنها قد لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً، وقد نَضَحَتِ البيت بِنَضُوح،(6/51)
فقالت: ما لك؟ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر أصحابه فأحَلُوا. قال: قلت
لها: إني أهللت بإهلال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"كيف صنعت؟ ".
قال: قلت: أهللتُ بإهلال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:
" فإني قد سقت الهدي وقرنت ". قال، فقال لي:
" انحر من البُدْنِ سبعاً وستين- أو ستاً وستين-، وأمسك لنفسك ثلاثاً
وثلاثين- أو أربعاً وثلاثين-، وأمسك لي من كل بدنة منها بَضْعةً ".
(قلت: حديث صحيح، وكذلك قال ابن القيم، وصححه أيضاً ابن
حجر) .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين قال: ثنا حجاج: ثنا يونس عن أبي إسحاق
عن البراء.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يونس- وهو ابن
أبي إسحاق السبيعي-، وهو ثقة من رجال مسلم، على ضعف يسير فيه، أشار
إليه الحافظ بقوله:
" صدوق يهم قليلاً ".
وبه أعله المنذري في "مختصره "!
وإعلاله بأبيه أولى عندي؛ لأنه كان مدلساً ومختلطاً، ولا ندري أسمعه ابنه
منه قبل الاختلاط أم بعده؟(6/52)
لكن الحديث صحيح؛ لأن له شواهد في أحاديث متفرقة، فعامته قد صح في
حديث جابر الطويل في الحج، وسيأتي في الكتاب إن شاء الله تعالى (1663) .
وقوله: " وقرنت " يشهد له حديث أنس بن مالك ... مرفوعاً؛ بلفظ:
" ... ولو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لجعلتها عمرة، ولكن سقت
الهدي، وقرنت بين الحج والعمرة ".
أخرجه أحمد (3/148 و 266) ، والطحاوي (1/378- 379) من طريقين عن
أبي إسحاق عن أبي أسماء الصَّيقَلِ عنه.
لكنْ أبو أسماء هذا مجهول، لم يرو عنه غير أبي إسحاق، وهو السبيعي.
وحديث سراقة ... مرفوعاً:
" دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".
قال: وقرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع.
أخرجه أحمد (4/175) ، والطحاوي (1/379) من طريق داود بن يزيد
الأوْدِيِّ؛ وهو ضعيف كما قال الهيثمي (3/235) . ووهم ابن القيم في "الزاد"
(1/250) ، فقال:
" إسناده ثقات "!
نعم أخرجه ابن ماجه (2977) بسند صحيح عن سُرَاقَةَ ... به؛ دون
قوله: وقرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وعن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ، فقرن بين الحج والعمرة. قال الهيثمي:
" رواه البزار، ورجاله رجال (الصحيح) ".(6/53)
وكأنه لهذه الشواهد؛ قال ابن القيم في "تهذيب السنَنِ ":
" حديث صحيح ".
وصححه الحافظ في "الفتح " (3/335) .
وعزاه ابن القيم في "الزاد" (1/262) للمتفق عليه! فوهم.
والحديث أخرجه البيهقي (5/15) من طريق المصنف.
وأخرجه النسائي (2/14 و 17) من طريقين آخرين عن يحيى بن
معين ... به؛ دون ما بعد قوله: " وقرنت ".
وأعله البيهقي بأن قوله هذا: " وقرنت " لم يرد في. حديث جابر الطويل حين
وصف قدوم علي وإهلاله، وهو أصح سنداً وأحسن سياقة، ومعه حديث أنس.
قال المنذري:
" يريد: أن حديث أنس ذكر فيه قدوم علي وذكر إهلاله، وليس فيه: " قرنت "،
وهو في "الصحيحين " ... ".
وأقول: لعل في تلك الشواهد المتقدمة ما يقوي هذه الزيادة، ويخلصها من
النكارة التي يشير إليها كلام البيهقي المذكور. والله أعلم.
(تنبيه) : قال العراقي في "طرح التثريب " (5/20) ، والحافظ في "الفتح "
(3/334) :
" ولأبي داود والنسائي من حديث البراء ... مرفوعاً: " إني سقت الهدي
وقرنت ". وللنسائي من حديث علي مثله "!
قلت: حديث البراء وحديث علي واحد، ي. هو هذا أغاية ما في الأمر أن البراء
رواه عنه؛ لقوله فيه:(6/54)
قال (يعنيي: علياً) : فأتيت النجي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ....
ومثله عند النسائي في الموضعين.
وكذلك أورده الهيثمي (3/237) من رواية الطبراني في " الأوسط"، وقال:
" ورجاله رجال (الصحيح) ".
1578- عن أبي وائل قال: قال الصّبَيّ بن مَعْبَدٍ:
كنت رجلاً أعرابياً نصرانياً، فأسلمت، فأتيت رجلاً من عشيرتي
- يقال له: هُذيْمُ بن ثَرْمَلَةَ-، فقلت: يا هَنَاهْ! إني حريص على الجهاد،
وإني وَجَدْتُ الحج والعمرة مكتوبين عَليَّ، فكيف لي بأن أجمعهما؟ قال:
اجمعهما، واذبح ما استيسر من الهدي. فأهللتُ بهما معاً. فلما أتيت
(العُذَيْبَ) لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صُوحان وأنا أهل بهما جميعاً،
فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفْقَهَ من بعيره! قال: فكأنما أُلقِيَ عليَّ جَبَل!
حتى أتيت عمر بن الخطاب، فقلت له: يا أمير المؤمنين! إني كنت رجلاً
أعرابياً نصرانياً، وإني أسلمت، وأنا حريص على الجهاد، وإني وجدت
الحج والعمرة مكتوبين عليّ، فأتيت رجلاً من قومي، فقال: اجمعهما،
واذبح ما استيسر من الهدي، وإني أهللت بهما معاً؟! فقال عمر رضي الله
عنه: هُدِيتَ لِسُنةِ نبيك.
(قلت: إسناده صحيح. ورواه ابن حبان في "صحيحه". وصححه
الدارقطني) .
إسناده: حدثنا محمد بن قدَامَةَ بن أعْيَنَ وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا
جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل.(6/55)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه النسائي (2/13) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا
جرير ... به.
ثم أخرجه هو، والطحاوي (1/374) من طرق أخرى عن منصور ... به.
ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (2/227) ، وابن حبان (985) ، والبيهقي
(5/16) ، وأحمد (1/14و 25 و 34 و 37) من طرق أخرى عن أبي وائل شقيق
ابن سلمة ... به.
وقال الدارقطني في "العلل " (2/166) - بعد أن ذكر الاختلاف على أبي وائل
في إسناده-:
" وهو حديث صحيح. وأحسنها إسناداً: حديث منصور والأعمش عن أبي
وائل عن الصبَيِّ بن مَعْبَدٍ عن عمر ".
1579- عن عمر بن الخطاب: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" أتاني الليلةَ آتٍ من عند ربي عز وجل- قال: وهو بالعقيق-؛ وقال:
صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقال: عمرة في حجة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان. وقد
أخرجه البخاري بلفظ: " وقل: عمرة في حجة "، وعلقه المصنف من طرق؛
وهو الأولى) .
إسناده: حدثنا النفيلي: حدثا مسكين عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
عن عكرمة قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب.(6/56)
قال أبو داود: " رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد في هذا الحديث
عن الأوزاعي: " وقل: عمرة في حجة " ... ".
قال أبو داود: " كذا رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير في هذا
الحديث؛ وقال: " وقل: عمرة في حجة " ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/16) عن شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي ...
به؛ إلا أنه قال: " وقل " بدل: " وقال ".
وكذا أخرجه (3/306) من طريق الوليد وبِشْرِ بن بَكْرٍ التنيسِي قالا: ثنا
الأوزاعي ... به.
وأخرجه البيهقي (5/14) عنهما؛ إلا أنه قال: " وقال: عمرة في حجة " مثل
رواية الكتاب الموصولة عن مسكين- وهو ابن بُكَيْرٍ الحَرَّاني-. ثم قال البيهقي:
" رواه البخاري في "الصحيح ". وكذلك قاله شعيب بن إسحاق ومسكين بن
بكير عن الأوزاعي "!
قلت: الذي في البخاري بلفظ: " وقل: عمرة في حجة " كما تقدم.
ويؤيده أن ابن ماجه أخرجه (2/229) من طريق محمد بن مصعب والوليد
ابن مسلم قالا: ثنا الأوزاعي ... به.
وكذلك أخرجه الطحاوي (1/374) من طريق أخرى كن الوليد ... به.
وتابعهم الإمام أحمد، فقال في "المسند" (1/23) : حدثنا الوليد بن
مسلم ... به.(6/57)
فهذه الطرق عن الأوزاعي تدل على أن رواية مسكين بلفظ: " وقال: عمرة ... "
شاذة، وأن المحفوظ بلفظ الأمر: " وقل "؛ خلافاً للبيهقي.
وتؤيده متابعة علي بن المبارك للأوزاعي، وقد علقها المصنف كما رأيت،
ووصلها البخاري (13/265) ، والطحاوي أيضاً من طريقين عنه.
وكذلك أخرجه البيهقي (5/13) من الطريق التي أخرجها البخاري.
فمن الغريب أن يرجح البيهقي- على رواية علي هذه- روايةَ الأوزاعي التي
اختلف عليه فيها، مع أن رواية الأكثر عنه مطابقة لرواية علي هذه، ولم يختلف
عليه فيها! ولذلك قال ابن التركماني في "الرد عليه ":
" وهذا أولى من رواية من قال: " وقال: عمرة "؛ لأن الملك لا يلبي، وإنما
يعلم التلبية. ولو صحت تلك الرواية نوَفق بينهما ونقول: المراد: " قال: قل "؛
فاختصره الراوي ".
(فائدة) : زاد أحمد في آخر الحديث:
قال الوليد: يعني: ذا الحليفة.
قلت: ويشهد لما قال؛ حديث ابن عمر رضي الله عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريَ وهو في مُعرَّسِه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل له:
إنك ببطحاءَ مباركة ".
أخرجه البخاري (5/16) .
ففي الحديث فضيلة الصلاة في ذي الحليفة، وذلك أعم من أن تكون فريضة
أو نافلة، وليس فيه دليل لركعتي الإحرام التي يفعلها الحجاج، إذ لم تثبتا عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فمن صلى فريضة أو نافلة مطلقة؛ فقد أصاب الفضيلة إن شاء الله تعالى.(6/58)
1580- عن الربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كنا بِعُسْفَانَ؛ قال له سُرَاقَةُ بن
مالك المُدْلِجِيُ: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِ لنا قضاء قوم كأنما وُلِدُوا اليومَ؟!
فقال:
" إن الله قد أدخل عليكم في حَجِّكُمْ هذا عُمْرَةً، فإذا قدمتم؛
فمن تَطَوَّفَ بالبيت وبين الصفا والمروة؛ فقد حَلَّ؛ إلا من كان معه
هدي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا هَنَاد بن السَّرِيِّ: ثنا ابن أبي زائدة: أخبرنا عبد العزيز بن عمر
ابن عبد العزيز: حدثني الربيع بن سَبْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرج
لعمر هذا بإسناده الذكور حديثاً آخر في تحريم المتعة إلى يوم القيامة، وهو تمام هذا
الحديث في رواية معمر الآتية عنه.
ورواه المصنف مختصراً من طريق الزهري كن الربيع بن سبرة، كما سيأتي في
"النكاح- باب في نكاح المتعة".
والحديث أخرجه الدارمي (2/51) : أخبرنا جعفر بن عون: ثنا عبد العزيز بن
عمر بن عبد العزيز ... به.
وأخرجه أحمد (3/404- 405) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر: أخبرني
عبد العزيز بن عمر ... به؛ وفيه قصة تحريم المتعة، كما أشرت إليه آنفاً.(6/59)
1581- عن معاوية بن أبي سفيان قال:
قَصَّرْتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص على المَرْوَةِ- أو رأيته يقصر عنه على
المروة بِمِشْقَصٍ-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وليس عند البخاري قوله:
أو رأيته يقصر عنه. وهو الأصح) .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا شعيب بن إسحاق عن ابن جريج.
وحدثنا أبو بكر بن خلاد: ثنا يحيى- المعنى- عن ابن جريج: أخبرني الحسن بن
مسلم عن طاوس عن ابن عباس أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال ...
قال ابن خلاد: أن معاوية ... لم يذكر: أخبره.
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجه الأول، وعلى شرط الشيخين من الوجه
الآخر؛ غير أبي بكر بن خلاد- واسمه محمد-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد
أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/98) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه مسلم (4/58- 59) ، والنسائي (2/42- 43) من طريقين آخرين
عن يحيى ... به.
ثم أخرجه أحمد (4/96) ، والبخاري (3/443- 446) ، والبيهقي (5/102)
من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وليس عند البخاري قوله: أو رأيته ...
وكذا للبيهقي؛ وزاد: في عمرته.
وإسنادها صحيح، وهي عمرة الجِعْرَانَةِ، كما جزم بذلك ابن القيم في
"التهذيب "، ومال إليه الحافظ في "الفتح " (3/446) . وقال ابن القيم:(6/60)
" هذا إن كان المحفوظ أنه هو الذي قصر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان المحفوظ
هو الرواية الأخرى- وهو قوله: رأيته يُقَصَرُ عنه على المروة-؛ فيجوز أن يكون في
عمرة القَضِيَّةِ أو الجعرانة حَسْب، ولا يجوز في غيرهما ".
وراجع تمامه فيه.
قلت: والحقيقة أن هذا الحديث اضطرب فيه الرواة على معاوية اضطراباً
كثيراً؛ على ما يأتي:
أولاً: هل هو الذي قَصَّرَ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمشقص أم غيره؟
ففي رواية الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس عنه: تردده في ذلك،
كما هو صريح قوله: أو رأيته يقصر عنه.
رواه المصنف من طريقين عن ابن جريج عنه؛ إحداهما: عن يحيى بن سعيد
عنه.
وهي عند مسلم وأحمد، وكذا النسائي؛ بيد أنه لم يذكر عنه هذا التردد.
وقد تابعهما محمد بن بكر ورَوْحٌ عن ابن جريج ... به: رواه أحمد.
ورواه البيهقي عن روح؛ لكنه لم يذكر التردد المشار إليه.
وهي رواية أبي عاصم عن ابن جريج: عند البخاري.
وتابع الحسنَ بنَ مسلم: عبد الله بنُ طاوس عن أبيه ... به؛ دون التردد
المذكور: رواه مسلم وغيره، كمًا يأتي في الرواية الثانية في الكتاب.
وتابعه هشام بن حُجَيْرِ عن طاوس ... به؛ دون التردد: أخرجه أحمد وابنه
عبد الله (4/97) ، ومسلم (4/58) ... بلفظ: قال ابن عباس: قال لي معاوية:(6/61)
أعلمت أني قَصَّرْت من رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند المروة بمشقص؟ فقلت له: لا
أعلم هذا إلا حُجة عليك.
ورواه النسائي (2/16) بلفظ:
قال (ابن عباس) : لا.
يقول ابن عباس: هذا معاوية ينهى للناس عن المتعة، وقد تمتع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وسنده صحيح على شرط مسلم.
وتابعه ليث عن طاوس عن ابن عباس قال:
تمتع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات،
وعثمان حتى مات، رصي الله عنهم، وكان أول من نهى عنها معاوية. قال ابن
عباس: فعجبت منه؛ وقد حدثني أنه قَصَّرَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص.
أخرجه أحمد (1/292) ؛ وليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف؛ لسوء حفظه.
قلت: فتأمل كيف اضطرب الرواة على طاوس في الذي قصر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
لكن يظهر من هذا التخريج أن أكثرهم على أنه معاوية بدون أي تردد.
هذا حال الطريق الأولى.
الطريق الثانية: عن أبي أحمد الزبيري: ثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن
أبيه عن ابن عباس عن معاوية قال:
قصرت عن رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند المروة.
أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (4/97) : ثنا عمرو بن محمد
الناقد قال: ثنا أبو أحمد الزبيري.(6/62)
وخالفه محمد بن عبد الله الأسَدِيُّ عن سفيان فقال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقصر بمشقص.
أخرجه أحمد (4/97) .
وهذا ظاهر في أن الذي قصر عنه هو غير معاوية.
وهكذا أخرجه ابنه عبد الله (4/102) : ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار
(الأصل: يسار) الواسطي: ثنا مُؤَملٌ وأبو أحمد- أحدهما- عن سفيان ... به.
لكن إبراهيم هذا مجهول الحال.
الطريق الثالثة: عن خُصَيْفٍ عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس أن معاوية
أخبره: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصر من شعره بمشقص. فقلت لابن عباس: ما
بلغنا هذا إلا عن معاوية؟ فقال: ما كان معاوية على رسول الله متَّهَما.
أخرجه أحمد (4/95 و 102) ؛ لكن خُصَيْفٌ ضعيف.
الطريق الرابعة: عن حماد بن سلمة: أنا قيس عن عطاء عن معاوية قال:
أخذت من أطراف شعر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص كان معي بعدما طاف بالبيت
وبالصفا والمروة في أيام العشر. قال قيس: والناس ينكرون هذا على معاوية.
أخرجه النسائي (2/43) ، وأحمد (4/92) .
ورجاله ثقات؛ لكن أعله الحافظ (3/446) بالشذوذ. وأشار إلى ذلك ابن
القيم في "الزاد" (1/263) ؛ فقال:
" وهي معلولة، أو وهم من معاوية ".
قلت: ويتبين للناظر أن أكثر هذه الطرق تلتقي مع ما أفاده أكثر رواة الطريق(6/63)
الأولى أن معاوية هو الذي قصر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون هذا هو المحفوظ عنه.
ثانياً: هل كان التقصير المذكور في عمرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم في حجته؟
اضطرب الرواة في ذلك أيضاً، ففي رواية روح المتقدمة عن ابن جريج قوله:
في عمرته.
رواه البيهقي.
وتابعه عليها يحيى بن سعيد: عند النسائي.
ولم يذكرها المصنف وأحمد ومسلم عنه، كما سبق.
وخالفه الحسن بن علي- وهو الحُلْوَاني، أحد شيوخ المصنف- في الرواية
الآتية، فزاد في آخر الحديث: لحجته.
ويشهد لها رواية ابن حُجَيْرِ عن طاوس المتقدمة، لا سيما التي بلفظ النسائي؛
فإنها ظاهرة في الحج.
وأصرح من ذلك رواية الليث بن أبي سليم، على ضعفها.
ولعل الأرجح من ذلك رواية من قال: في عمرته؛ لاتفاق ثقتين عليها،
ولإمكان صحة ذلك من معاوية، بخلاف الرواية الأخرى؛ فإنها غلط.
ولا يبعد أن يكون من معاوية نفسه، وبه جزم ابن القيم رحمه الله في "زاد
المعاد" (1/263) ، فقال:
" وهذا مما أنكره الناس على معاوية وغلّطوه فيه، أصابه ما أصاب ابن عمر في
قوله: إنه اعتمر في رجب؛ فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة من الوجوه
المتعددة كلها تدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَحِلَّ من إحرامه إلى يوم النحر، ولذلك أخبر(6/64)
عن نفسه بقوله: " لولا أن معي الهدي لأحللت "، وقوله: " إني سقت الهدي
وقرنت، فلا أحل حتى أنحر ". وهذا خبره عن نفسه، فلا يدخله الوهم، بخلاف
خبر غيره، لا سيما خَبَرٌ يخالف ما أخبر به عن نفسه، وأخبر عنه به الجَم الغَفِير
أنه لم يأخذ من شعره شيئاً، لا بتقصير، ولا حلق، وأنه بقى على إحرامه حتى
حلق يوم النحر. ولعل معاوية قصر عن رأسه في عمرة الجعرانة؛ فإنه كان حينئذ
قد أسلم، ثم نسي، فظن أن ذلك كان في العشر، والوهم جائز على مَنْ سوى
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا قام الدليل عليه؛ صار واجباً ".
ولذلك ذهب غير واحد من العلماء إلى أن ذلك كان في بعض عمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
منهم الخطابي فما "المعالم "، والنووي في "شرح مسلم "، والحافظ في "الفتح "؛
ولذلك تأول المنذري رواية المصنف: لحجته؛ بقوله:
" يعني: لعمرته. وقد أخرجه النسائي وفيه: في عمرة على المروة، وتُسَمَّى
العمرة حجاً؛ لأن معناها القصد ".
ومن الغرائب: أن العلامة الأمير الصنعاني أورد حديث معاوية هذا بلفظ
البخاري في "الروض الباسم " (ص 116) ، وبدل أن ينبَّه على ما فيه من
الاضطراب الذي شرحته؛ أخذ يقويه بقوله:
" وله شواهد عن علي وعثمان ... و ... و ... ". يعني: في تمتعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
فكأنه يشير إلى أن حديث معاوية يثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً، كما في تلك
الشواهد!
والواقع: أن حديث معاوية فيه أنه تحلل على المروة؛ فهو يعني: أنه كان متمتعاً
تمتعاً حَل فيه! وإليه ذهب القاضي أبو يعلى وغيره؛ وهو خطأ ظاهر، كما سبق
بيانه.(6/65)
1582- وفي رواية عن ابن عباس:
أن معاوية قال له: أما علمت أني قَصَّرْتُ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمشْقَصِ
أعرابي على المروة- زاد الحسن: لحجته-؟
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، لكن قوله: لحجته.. شاذ؛
إلا أن يتَأوَلَ بمعنى: لعمرته؛ فإنه ثابت في بعض الروايات الصحيحة) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي ومَخْلَد بن خالد ومحمد بن يحيى- المعنى-
قالوا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه من هذا للوجه،
وبزيادة: لحجته.
وهي زيادة شاذة عندي؛ لتفرد الحسن بن علي- وهو الحلْوَاني- بها دون
الشيخين الآخرين، لا سيما وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (2/43) : أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله قال:
حدثنا عبد الرزاق ... به دون الزيادة.
1583- عن ابن عباس قال:
أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعمرة، وأهَلَّ أصحابه بحج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: أخبرنا أبي: ثنا شعبة عن مسلم القُرِّيِّ سمع ابن
عباس يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسلم القري- وهو ابن(6/66)
مِخْرَاق أبو الأسود-؛ فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/56) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وكذلك أخرجه البيهقي (5/18) من طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ ... به.
ثم أخرجه مسلم، وأحمد (1/240) من طريق محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به.
وخالفهما روح- عند أحمد، والبيهقي (5/18) -، والطيالسي- عند البيهقي-،
فقالا:
أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه بالحج.
ويؤيد هذه الرواية: أن المعروف عن ابن عباس: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بالحج.
ثبت ذلك عنه من طرق؛ فرواه أبو حسان عنه في آخر حديث الإشعار؛ وقد
مضى (1538) . ومجاهد في أول الحديث المتقدم (1573) . وطاوس في طريق
هشام بن حُجَيْرِ عنه: عند النسائي، كما ذكرته تحت الحديث (1582) . وكذلك
رواه البراء أبو العالية عنه: عند مسلم (4/56) ، وأحمد (3509) وغيرهم.
ولا منافاة عندي بين الروايتين، فكل منهما أثبتت شيئاً لم تَنْفِهِ الأخرى، فهو
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بعمرة وحج. ويؤيده حديثه المتقدم (1571) :
" هذه عمرة استمتعنا بها ... " وغيره.
1584- عن عبد الله بن عمر قال:
تَمَتّع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، فأهدى،
وساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأهل بالعمرة، ثم
أهل بالحج، وتمتعَ الناس بع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعمرة إلى الحج، فكان من(6/67)
الناس من أهدى وساق الهدي، ومنهم من لم يُهْدِ. فلما قدم رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة؛ قال للناس:
" من كان منكم أهدى؛ فإنه لا يَحِلّ منه شيء حَرُمَ منه حَتى يَقْضِيَ
حَجَّهُ، ومن لم يكن منكم أهدى؛ فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليُقَصِّرْ
أو لِيَحْلِلْ، ثم لِيُهِلَّ بالحج، وليُهْد، فمن لم يجد هدياً؛ فليصم ثلاثة أيام
في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهَله ". وطاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم
مكة، فاستلم الركن أول شيء، ثم خَبَّ ثلاثة أطواف من السبع، ومشى
أربعة أطواف، ثم ركع- حين قضى طوافه بالبيت عند المقام- ركعتين، ثم
سَلَّمَ فانصرف.
فأتى الصفا، فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف، ثم لم يَحْلِلْ من
شيء حَرُمَ منه، حتى قضى حَجَهُ، ونحر هديه يوم النحر وأفاض، فطاف
بالبيت، ثم حَلً من كل شيء حرم منه. وفعل مثلَ ما فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْ أهدى وساق الهدي من الناس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه البخاري عن شيخ آخر، لكن قوله: وبدأ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج.. شاذ، كما أفاده ابن القيم وابن حجر) .
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني أبي عن [جَدي:
حدثني] عُقَيْلٌ عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عبد الملك بن شعيب
وأبيه؛ فإنهما على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.(6/68)
والحديث أخرجه مسلم (4/48) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (5/17) من طريقين آخرين عن عبد الملك بن شعيب بن
الليث بن سعد ... به.
وأخرجه البخاري (3/424- 426) ، والنسائي (2/15) ، والبيهقي أيضاً،
وأحمد (2/139) من طرق أخرى عن الليث ... به.
(فائدة) : قال الحافظ في "الفتح " (3/336) :
" جزمه بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ بالعمرة؛ مخالف لما عليه أكثر الأحاديث؛ فهو مرجوح ".
وسبقه إلى نحو ذلك العلامة ابن القيم في "زاد المعاد" (1/270- 272) ،
ولكنه أفاد أن الأحاديث التي أشار إليها الحافظ- وهي التي فيها أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل
بالحج، وقد تقدم بعضها في "باب إفراد الحج "- ليست صريحة في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ
بالحج وحده، فلا تنافي الأحاديث الصريحة بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّي بالحج والعمرة معاً؛
لحديث أنس وعمر المتقدمين في "باب الإقران "، فارجع إليه إن شئت التفصيل؛
فإنه نفيس.
(تنبيه) : سقط من الأصل وغيره من نسخ عدة قوله في السند: (عن جدي:
حدثني) ! ولذلك جعلته بين معكوفتين، وهي زيادة ضرورية لا يستقيم الإسناد
إلا بها؛ فإن شعيباً ليس له رواية عن عُقَيْلٍ، وقد استدركتها من "مسلم "
و"البيهقي ".
1585- عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنها قالت:
يا رسول الله! ما شأن الناس قد حَلُّوا ولم تَحْلِلْ أنت من عمرتك؟! فقال:
" إني لَبدْتُ رأسي، وقَلَّدْتُ هَدْيِي ث فلا أحِلُّ حتى أنْحَرَ ".(6/69)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن
حفصة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/358) .
وعنه: أخرجه البخاري أيضاً (3/333 و 441 و 10/297) ، ومسلم (4/50) ،
والنسائي (2/21) ، وأحمد (6/284) كلهم عن مالك ... به.
وكذلك أخرجه البيهقي (5/12) .
ثم أخرجه هو، والبخاري (3/428 و 8/85) ، ومسلم أيضاً، والنسائي
(2/10) ، وابن ماجه (2/245- 246) ، وأحمد (6/283 و 285) من طرق أخرى
عن نافع ... به.
(فائدة) : ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى ما قيل في تفسير قولها: ولم
تحلل أنت من عمرتك ... ثم ردَّ الأقوال كلها إلا الأخير منها؛ وهو أنه ليس
فيه إلا الإخبار عن كونه في عمرة، وهذا لا ينفي أن يكون في حجة.
وقال:
" وهذا أقربها إلى الصواب. وأجود منه أن يقال: المراد بالعمرة: المتعة، وقد
تقدم أن التمتع يراد به القِران، والعمرة تطلق على التمتع، فيكون المراد:
لم تَحل من قرانك، وسَمَتْهُ عمرة كما يسمى تمتعاً. وهذه لغة الصحابة كما
تقدم. والله أعلم ".(6/70)
25- باب الرجل يُهِلُّ بالحج، ثم يجعلُها عمرة
1586- عن سُلَيْمِ بن الأسود:
أن أبا ذرّ كان يقول- فيمن حَج، ثم فسخها بعمرة-: لم يكن ذلك إلا
للركب الذين كانوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث موقوف صحيح، ولكن لا حجة فيه؛ لأنه رأي منه مخالف
لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتقدم (1568) ، وقد سأله سراقة عن هذه العمرة التي أمرهم
بفسخها: " بل هي للأبد "، وقوله في الحديث الآخر (1571) : " قد دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". ونحوه في حديث جابر الطويل الآتي
برقم (1663)) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد- يعني: ابن السرِيِّ- عن ابن أبي زائدة: أخبرنا محمد
ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن سُلَيْمِ بن الأسود.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه لم يخرج لابن
إسحاق إلا متابعة؛ لأن في حفظه ضعفاً يسيراً، فهو حسن الحديث إذا صرح
بالتحديث، ولكنه هنا قد عنعن؛ إلا أن للحديث طريقاً أخرى كما سأبين.
والحديث أخرجه البيهقي (5/22) من طريق المصنف.
ثم أخرجه (4/345 و 5/41) من طريقين عن يحيى بن سعيد عن مُرَقِّع
الأُسَيِّدِيِّ [وكان مَرْضِياً] عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
لمٍ يكن لأحد أن يَفْسَخَ حجه إلى عمرة؛ إلا للركب من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خاصة.(6/71)
وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مرَقِّع الأُسَيدِيِّ، وهو ثقة
كما قال ابن حبان، وقد روى عنه جماعة من الثقات غيرً يحيى بن سعيد،
ولذلك لما حكى الحافظ في "التهذيب " قول ابن حزم فيه:
" مجهول "! قال:
" وهو من إطلاقاته المردودة ". وبناء على ذلك قال في "التقريب ":
"صدوق ".
ومنه تعلم قول ابن القيم في "الزاد" (1/288) :
" ليس ممن يقوم بروايته حجة "!
وكأنه تبع في ذلك ابن حزم. ولكنه نقل عن الإمام أحمد أنه قال- وقد
عُورِضَ بحديثه-:
" ومن المرقع الأسيدي؟! ".
وقد تابعه يزيد بن شَريك التَيْمي قال: قال أبو ذر:
كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصَّةً.
أخرجه مسلم (4/46) ، والنسائي (2/23- 24) ، وابن ماجه (2/231) ،
والبيهقي (5/22) من طريق إبراهيم التيمي عن أبيه.
قلت: فهذا شاهد قوي لحديث المرقع الأسيدي، فلا فائدة من الحط عليه
لروايته إياه عن أبي ذر. وقد رواه عنه يزيد هذا، وهو ثقة اتفاقاً! وتابعه سليم بن
الأسود وهو مثله في الثقة.
فلا شك في ثبوت هذا القول عن أبي ذر، ولكنه رأي له، مخالف لأحاديث(6/72)
الفسخ- وما أكثرها-، وقد أشرت في الأعلى إلى بعضها. قال ابن القيم في
"تهذيب السنن ":
" وهذا الحديث قد تضمن أمرين:
أحدهما: فعل الصحابة لها، وهو بلا ريب بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو رواية.
والثاني: اختصاصهم بها دون غيرهم، وهذا رأي، فروايته حجة، ورأيه غير
حجة. وقد خالفه فيه عبد الله بن عباس وأبو موسى الأشعري.
وقد حمله طائفة على أن الذي اختصوا به هو وجوب الفسخ عليهم حتماً.
وأما غيرهم فيستحب له ذلك، هذا إذا كان مراده متعة الفسخ. وإن كان المراد
مطلق المتعة؛ فهو خلاف الإجماع والسنة المتواترة. والله أعلم ".
قلت: الحمل المذكور بعيد جداً عن بعض ألفاظ الحديث! ففي رواية
عبد الوارث بن أبي حنيفة قال: سمعت إبراهيم التيمي يحدث عن أبيه عن أبي
ذر قال في متعة الحج:
ليست لكم، ولستم منها في شيء؛ إنما كانت ... الحديث.
أخرجه النسائي بإسناد صحيح، كما قال ابن القيم.
فهذا منه صريح في أنه ينفي مطلق المشروعية، وكذلك- هو يعني- مطلق
المتعة، وليس متعة الفسخ؛ بدليل رواية عبد الرحمن بن أبي الشعثاء قال:
قلت: لإبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي: إني أهِمُ أن أجمع العمرة والحج؟!
فقال إبراهيم النخعي: لكنَ أباك لم يكن يهم بذلك! وقال إبراهيم التيمي عن
أبيه: أنه مرَّ بأبي ذر رضي الله عنه بالربَذَة، فذكر له ذلك؟! فقال: إنما كانت لنا
خاصةً دونكم.(6/73)
رواه مسلم والنسائي والبيهقي.
(تنبيه) : في "زاد المعاد": " وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح عن إبراهيم
التيمي عن أبيه قال: سئل عثمان عن متعة الحج؟ فقال: كانت لنا، ليست
لكم "!
فهذا وهم؛ فليس هذا عند المؤلف ولا سواه من الستة.
26- باب الرجل يحج عن غيره
1587- عن عبد الله بن عباس قال:
كان الفضل بن عباس رَدِيفَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاءته امرأة من خثعم
تستفتِيهِ، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصرف وجه الفضل إلى الشَقِّ الآخر. فقالت:
يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً
كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة؛ أفأحُج عنه؟ قال:
" نعم "، وذلك في حجة الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن
عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وبقية أصحاب
"السنن "، وصححه الترمذي وابن الجارود، وهو مخرج في "الإرواء" (992) .(6/74)
1588- عن أبي رَزِينٍ- رجل من بني عامر-: أنه قال:
يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعَنَ؟
قال:
" احْجُجْ عن أبيك واعتمرْ ".
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان
وابن الجارود والحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم- بمعناه- قالا: ثنا شعبة عن النعمان
ابن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين- قال حفص في حديثه: رجل من بني
عامر-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي رزين
العامري- واسمه لَقِيطُ بن صَبِرَةَ، وقيل: بأنه غيره-، وهو صحابي معروف.
ومسلم: هو ابن إبراهيم الفراهيدي.
والحديث أخرجه البيهقي (4/350) صت طريق المصنف.
ثم روى بإسناده الصحيح عن الإمام أحمد أنه قال:
" لا أعلم في إيجاب العمرة حديثاً أجود من هذا، ولا أصح منه، ولم يُجَودْهُ
أحد كما جَوَدَهُ شعبة ".
قلت: ولذلك صححه جمع من الأئمة المخرجين للحديث؛ منهم الترمذي
وابن حبان وابن الجارود، والحاكم، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "المشكاة " (2528-
التحقيق الثاني) .(6/75)
1589- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: لَبَّيْكَ عن شبْرمَةَ! قال:
" من شُبْرُمَةُ؟ ". قال: أخ لي- أو قريب لي-. قال:
" حججت عن نفسك؟ ". قال: لا. قال:
" حُجَّ عن نفسِكَ، ثُمَّ عن شبْرُمَةَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال ابن الملقِّنِ،
وصححه ابن الجارود وابن حبان والبيهقي والضياء المقدسي والعسقلاني) .
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل وهَنَّاد بن السَّرِيِّ- المعنى واحد-؛ قال
إسحاق: ثنا عَبْدَة بن سليمان عن ابن أبي عَروبة عن قتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هناد بن السري؛ فإنه
على شرط مسلم.
وقرينه إسحاق بن إسماعيل- وهو الطالْقَانِيُ- ثقة، وقد توبعا.
والحديث أخرجه ابن ماجه وابن الجارود وابن حبان وغيرهم من طرق أخرى
عن عبدة بن سليمان ... به.
وقد صححه من ذكرنا في الأعلى من الأئمة، وقد خرجت الحديث في
"الإرواء " (994) ، وذكرت فيه أقوال المصححين، وأشرت إلى ما أُعِل به مما لا
يقدح في صحته، والشاهد المرسل الذي قوّاه الحافظ به.
واستدركت عليه أنه ثبت موصولاً من طريق عطاء عن ابن عباس مرفوعاً؛ وسنده
صحيح. وهو مما أغفلته كتب التخريج التي وقفت عليها. والحمد لله على توفيقه.(6/76)
27- باب كيف التلبية؟
1590- عن نافع عن ابن عمر:
أن تلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَبَّيْكَ اللهم! لَبَّيْكَ، لبيك لا شريك لك لَبَّيْكَ، إن الحمدَ والنعمةَ
لكَ والملك، لا شريكَ لك".
قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته:
لبَّيْك لَبَّيْكَ، لبيّك وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ بيدَيْكَ، والرَّغْبَاءُ إليك والعَمَلُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/307) ... بهذا الإسناد والمتن.
وأخرجه البخاري (3/320) ، ومسلم (4/7) ، والنسائي (2/18) ، والبيهقي
(5/44) كلهم من طرق عن مالك ... به.
وتابعه جمع عن نافع ... به.
أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي (825 و 826) - وصححه-، والدارمي
(2/34) ، وابن ماجه (2/315) ، وابن الجارود (433) ، وأحمد (2/28 و 41
و43 و 47 و 48 و 53 و 77) .
وتابعه جمع عن ابن عمر ... به.(6/77)
أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي وأحمد (2/3 و 34 و 43 و 79 و 120
و131) . وزاد هو ومسلم من طريق سالم ... مرفوعاً:
لا يزيد على هؤلاء الكلمات.
1591- عن جابر بن عبد الله قال:
أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر التلبية؛ مثل حديث ابن عمر، قال:
والناس يزيدون: ذا المعارج! ونحوه من الكلام، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع، فلا
يقول لهم شيئاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا جعفر: ثنا أبي عن
جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر-
وهو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله،
المعروف بالصادق-، فهو من رجال مسلم وحده.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (3/320- 321) ... بهذا الإسناد عن
جابر ... به.
وهو عنده قطعة من حديثه الطويل في الحج، وسيأتي عند المصنف برقم (1663)
من طريق حاتم بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد ... به مطولاً، وفيه هذه القطعة نحوه.
وكذلك أخرجه مسلم وغيره، ويأتي تخريجه هناك.
والحديث أخرجه ابن الجارود (465) ، والبيهقي (5/45) من طريقين آخرين
عن يحيى بن سعيد ... به.(6/78)
وعزاه المنذري في "مختصره" لابن ماجه!
وهو وهم؛ فإنه إنما أخرجه (2/252) بنحو الرواية الآتية:
1592- عن السائب الأنصاري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أتاني جبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا
أصواتهم بالإهلال- أو قال: بالتلبية- "؛ يريد أحدهما.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن
خَلادِ بن السائب الأنصاري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير خلاد بن
السائب؛ وهو ثقة.
والحديث في "الموطأ" (1/309- 310) ... بهذا الإسناد والمتن.
وأخرجه أحمد (4/56) ، والبيهقي (5/42) عن مالك ... به.
وكذا رواه الدارمي (2/34) .
وتابعه سفيان بن عيينة. ثنا عبد الله بن أبي بكر ... به: أخرجه أحمد
والحميدي (853) ، وعنه الحاكم (1/450) - وصححه، ووافقه الذهبي-،
والنسائي (2/18) ، والترمذي (829) ، وابن ماجه (2/216) ، والدارمي أيضاً،
وابن الجارود (434) ، والبيهقي كلهم عن سفيان ... به. وقال البيهقي:
" ورواه ابن جريج قال: كتب إلي عبد الله بن أبي بكر ... فذكره، ولم يذكر
أبا خلاد في إسناده. والصحيح رواية مالك وابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن(6/79)
عبد الملك عن خلاد بن السائب عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذلك قال البخاري
وغيره "!
كذا قال! ورواية ابن جريج عند أحمد مثل رواية مالك وسفيان، فقال: ثنا
محمد بن بكر قال: أنا ابن جريج. وروح قال: ثنا ابن جريج قال: كتب إلي
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقول: حدثني عبد الملك بن أبي
بكر بن الحارث أنه حدثه خلاد بن السائب بن سوَيْد الأنصاري عن أبيه السائب
ابن خلاد أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ...
فلعل ما ذكره البيهقي رواية عن ابن جريج! لكن هذه الرواية المسندة عنه
أصح؛ لاتفاق ثقتين عليها عنه، ولموافقتها لرواية مالك وسفيان.
وخالفه المطلب بن عبد الله بن حَنْطَبِ فقال: عن خلاد بن السائب عن زيد
ابن خالد الجُهنِيَ ... مرفوعاً نحوه: أخرجهَ أحمد (5/192) ، وابن ماجه والحاكم
والبيهقي وابن حبان أيضاً (974) وصححه الحاكم أيضاً، وقال:
" لا يعلل واحد منها الآخر "! وخالفه الترمذي فقال:
" ولا يصح، والصحيح عن خلاد عن أبيه ".
قلت: وهذا هو الأرجح؛ لأن المطلب هذا مدلس، وقد عنعنه.
28- باب متى يقطع التلبية؟
1593- عن الفضل بن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حتى رمى جمرة العقبة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
حبان) .(6/80)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا ابن جريج عن عطاء عن
الفضل بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه، وسائر أصحاب
"السنن"؛ كما تراه في "الإرواء" (1098) .
1594- عن عبد الله بن عمر قال:
غَدَوْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنىً إلى عرفات؛ منا المُلَبِّي، ومنا
المكَبِّرُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن نمير: ثنا يحيى بن سعيد عن
عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله
ابن أبي سلمة- وهو الماجشون-، وهو ثقة من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/72) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وهو في "المسند" (2/22) ... بهذا الإسناد والمتن.
ثم أخرجه هو (2/3) ، ومسلم، والنسائي (2/44) ، والدارمي (2/56) ،
والبيهقي (5/112) .
وتابعه عمر بن حسين عن عبد الله بن أبي سلمة ... به نحوه؛ وزاد: قال:
قلت: والله؛ لَعَجَباً منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصنع؟(6/81)
أخرجه مسلم.
واعلم أن هذه الرواية هي التي أشار إليها المنذري في قوله في "مختصره ":
" وأخرجه مسلم بنحوه "!
وفاته أنه عنده باللفظ الأول أيضاً، كما رأيت.
29- باب متى يقطع المعتمر التلبية؟
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
30- باب المُحْرِمِ يؤدِّب غلامه
1595- عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجاً، حتى إذا كُنا بالعَرْجِ؛ نزل رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلنا، فجلست عائشة رضي الله عنها إلى جَنْبِ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجلستُ إلى جَنْبِ أبي، وكانت زِمَالَةُ أبي بكر وزِمَالَةُ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدةً مع غلامٍ لأبي بكر، فجلس أبو بكر ينتظر أن يَطْلُعَ عليه، فطَلَعَ
وليس معه بعيرُهُ. قال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة. قال: فقال أبو
بكر: بعيرٌ واحدٌ تُضِلهُ؟! قال: فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ؛ ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ
ويقول:
" انظروا إلى هذا المُحْرِمِ ما يصنع؟! ".
قال ابن أبي رِزْمَةَ: فما يزيد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يقول:
" انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع؟! "؛ ويبتسم.(6/82)
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي. ورواه ابن خزيمة في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا. (ح) وحدثنا محمد بن
عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ: أخبرنا عبد الله بن إدريس: أخبرنا ابن إسحاق عن
يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن إسحاق، فهو مدلس،
ولم أقف على تحديثه فيه حتى الآن!
والحديث في "مسند أحمد" (6/344) : ثنا عبد الله بن إدريس ... به.
وأخرجه ابن ماجه (2/218- 219) من طريق ابن أبي شيبة: ثنا عبد الله بن
إدريس ... به.
وابن خزيمة (2679) ، والحاكم (1/453- 454) ، وعنه البيهقي (5/67- 68)
من طريق أخرى عن عبد الله بن إدريس ... به. وقال الحاكم:
" حديث غريب صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وفيه نظر؛ فإن ابن إسحاق لم يحتج به مسلم، ثم هو مدلس، وقد عنعنه.
لكنه لم يتفرد به؛ فقد قال ابن سعد في "الطبقات " (8/206) : أخبرنا
محمد بن عمر: حدثني يعقوب بن يحيى بن عَباد عن عيسى بن معمر عن عَباد
ابن عبد الله ... به.
لكن عيسى بن معمر لين الحديث.
ومحمد بن عمر- وهو الواقدي- متروك. والله أعلم.(6/83)
31- باب الرجل يُحْرِمُ في ثيابه
1596- عن يعلى بن أميَّة:
أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالجِعْرَانَةِ، وعليه أثَرُ خَلُوق- أو قال:
صُفْرَةٍ-، وعليه جُبَّة، فقال:
يا رسول الله! كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فأنزل الله تبارك
وتعالى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي، فلما سُرِّيَ عنه قال:
" أين السائل عن العمرة؟ ". قال:
" اغسل عنك أثر الخلوق- أو قال: أثر الصَفرة-، واخلع الجُبّةَ، واصنع
في عمرتك ما صنعت في حجتك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام قال: سمعت عطاء: أخبرنا
صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/485 و 4/51) ، ومسلم (4/3) ، والبيهقي
(5/56) من طرق أخرى عن همام بن يحيى ... به؛ وفيه عندهم قصة.
وأخرجه الطحاوي (1/364) .
ثم أخرجه البخاري (3/307) - معلقاً- و (8/38) - موصولاً-، وكذا مسلم،
والترمذي (836) ، والنسائي (2/12) ، وابن الجارود (447- 449) ، والبيهقي
أيضاً، وأحمد (4/222 و 224) من طرق أخرى عن عطاء ... به؛ وأسقط(6/84)
بعضهم: صفوان بن يعلى من الإسناد! وهي رواية الترمذي، وأعلها وقال:
" الرواية الأولى أصح ".
1597- وفي رواية عنه ... بهذه القصة؛ قال فيه: فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اخلع جبتك "؛ فخلعها من رأسه ... وساق الحديث.
(حديث صحيح؛ إلا قوله: فخلعها من رأسه؛ فإنه منكر) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن عطاء عن
يعلى بن أمية. وهشيم عن الحجاج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه.
قلت: حديث صحيح، ورجال إسناده من الوجهين ثقات، وهو من الوجه
الآخر موصول، لكن فيه عنعنة الحجاج- وهو ابن أرطاة-، وهو مدلس.
ومن الوجه الأول منقطع بين عطاء ويعلى؛ فإن بينهما صفوان بن يعلى، كما
رواه جمع من الثقات، منهم همام عن عطاء، كما سبق في الرواية الأولى. ولذلك
قال الترمذي- عقب الرواية المشار إليها آنفاً-:
" هكذا رواه قتادة والحجاج بن أرطاة وغير واحد عن عطاء. والصحيح: ما روى
عمرو بن دينار وابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ثم إن المصنف إنما ساق هذه الرواية؛ لما فيها من زيادة: فخلعها من رأسه؛ وهي
زيادة منكرة عندي؛ لعدم ورودها في كل طرق الحديث التي وقفت عليها، وإن كان
الحافظ سكت عليها في "الفتح" (3/309) ، وهو لا يسكت إلا عما كان حسناً
على الأقل عنده، كما نص عليه في "القدمة"، ولكني لاحظت عليه شيئاً من
التساهل في غير ما حديث واحد. والله أعلم.
على أنه قد روي من حديث جابر ما ينافي صراحة هذه الزيادة، كما ينافي(6/85)
ظاهر الحديث، لكن في إسناده ضعف؛ كما بينته في "الضعيفة" (4844) .
ومثل هذه الزيادة: ما في رواية النسائي في آخر الحديث: ثم أحدث إحرامه!
وقد أنكرها النسائي؛ فقال عقبها:
" ما أعلم أحداً قاله غير نوح بن حبيب، ولا أحسبه محفوظاً ".
1598- وفي رواية ثالثة عنه ... بهذا الخبر؛ قال فيه:
فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يَنْزِعَها نزعاً، ويغتسل مرتين أو ثلاثاً ... وساق
الحديث.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن الجارود بنحوه) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوْهَب الهَمْدَانِي الرمْلِي قال:
حدثني الليث عن عطاء بن أبي رباح عن يعلى ابن مُنْيَة عن أبيه ... بهذا الخبر؛
قال فيه ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة.
وإنما ساقه المصنف؛ لما فيه من زيادة الاغتسال مرتين أو ثلاثاً، وهي زيادة
صحيحة ثابتة في "الصحيحين " وغيرهما فما بعض طرق الحديث المشار إليها تحت
الرواية الأولى، وهو طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء ... به نحوه.
وهو عند ابن الجارود أيضاً (447) .
1599- وفي رابعة عنه:
أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجِعْرَانَةِ وقد أحْرَمَ بعمرة؛ وعليه جُبة، وهو
مَصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ ورأسَهُ ... وساق هذا الحديث.(6/86)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف
وغيره) .
إسناده: حدثنا عقبة بن مُكْرَم: ثنا وهب بن جرير: ثنا أبي قال: سمعت
قيس بن سعد يحدث عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه: أن
رجلاً ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه (4/5) ... بسند المصنف وغيره.
وأخرجه النسائي (2/12) .
32- باب ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ
1600- عن سالم عن أبيه قال:
سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يترك المحرمُ من الثياب؟ فقال:
" لا يلبس القميص، ولا البُرْنُسَ، ولا السَراويلَ، ولا العِمَامةَ، ولا
ثوباً مَسه وَرْسٌ ولا زَعْفَرانٌ، ولا الخُفيْنِ؛ إلا لمن لم يجد النعلين، فمن لم
يجد نعلين؛ فليلبس الخفين، وليقطعهما، حتى يكونا أسفلَ من الكعبين ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن حنبل قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن
سالم.(6/87)
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قلت: وهذان إسنادان صحيحان على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من
الوجهين، وكذا ابن الجارود، وصححه الترمذي من الوجه الثاني، وهما مخرجان
في " الإرواء " (1012) .
1601- ومن طريق نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ زاد:
" ولا تَنْتَقِبُ المرأةُ الحَرَامُ، ولا تَلْبَسُ القُفَّازينِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع.
قال أبو داود: " وقد روى هذا الحديث: حاتمُ بن إسماعيل ويحيى بن أيوب
عن موسى بن عقبة عن نافع ... على ما قال الليث. ورواه موسى بن طارق عن
موسى بن عقبة ... موقوفاً على ابن عمر. وكذلك رواه عبيد الله بن عمر ومالك
وأيوب موقوفاً. وإبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين " ... ".
قال أبو داود: " إبراهيم بن سعيد المديني شيخ من أهل المدينة، ليس له كبير
حديث ".
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (833) ، والنسائي (2/9) ... بإسناد المصنف
ومتنه؛ إلا أنهما ساقاه بتمامه، وقال الترمذي،
" حديث حسن صحيح ".(6/88)
وأخرجه البخاري (4/42) ، والبيهقي (5/46) ، وأحمد (2/119) من طرق
أخرى عن الليث ... به. وقال البخاري:
" تابعه موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن
إسحاق ... في النقاب والقفازين ".
ثم أشار إلى رواية عبيد الله ومالك اللتين علقهما المصنف موقوفاً.
وكأن البخاري والمصنف رحمهما الله أشارا برواية الجماعة المذكورين عن
نافع ... به مرفوعاً بأن الصواب رفع الزيادة، وإن أوقفها مالك ومن معه؛ لأن زيادة
الثقة مقبولة.
وقد وصل البيهقي أكثر هذه المعلقات عند البخاري والمصنف. ووصل هذا
مُعَلَقَ ابنِ إسحاق وإبراهيم بن سعيد المديني كما يأتي.
1602- وفي رواية ثانية عنه عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن
ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم هذا، وقد
أشار المصنف بقوله فيما تقدم قريباً: " شيخ من أهل المدينة، ليس له كبير
حديث ": إلى أنه مجهول لا يعرف. وقد روى عنه زكريا بن يحيى بن حَموَيهِ
أيضاً. ولذلك قال الحافظ في "التقريب ":
" مجهول الحال ".(6/89)
قلت: وقد تابعه الليث بن سعد، كما في الرواية التي قبلها، وابن إسحاق
كما في الرواية الآتية، ولذلك قلنا: حديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (5/47) من طريق المصنف.
1603- وفي ثالثة عنه عن عبد الله بن عمر:
أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب،
وما مَس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحَبَّت من
ألوان الثياب معَصْفراً أو خَزّاً، أو حلْياً، أو سراويلَ، أو قميصاً أو خفّاً.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
ووافقه الحافظ الذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال:
فإن نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر.
قال أبو داود: " روى هذا الحديثَ عن ابن إسحاق: عبدة بن سليمان ومحمد
ابن سلمة إلى قوله: وما مس الورسُ والزعفرانُ مع الثياب ... ولم يذكرا ما بعده ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو
حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، وقد فعل هنا كما ترى.
والحديث أخرجه الحاكم (1/486) ، وعنه البيهقي (5/47) : أخبرنا أحمد بن
جعفر القَطِيعِي: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وقد ذكرنا مراراً أن مسلماً لم يحتج بابن إسحاق.(6/90)
واعلم أنني لم أرَ الحديث من هذا الوجه في "المسند"! وإنما أخرجه فيه
(2/32) من طريق يزيد: أنا محمد- يعني. ابن إسحاق- عن نافع ... به.
1604- عن نافع عن ابن عمر:
أنه وَجَدَ القرَّ، فقال: ألقِ عليَّ ثوباً يا نافع! فألقيت عليه برْنُساً، فقال:
تلْقِي علي هذا وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَلْبَسَه المُحْرم؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (2/31) : حدثنا يزيد: أخبرنا جرير بن حازم: حدثنا
نافع ... به.
ثم أخرجه (2/57) ، والبيهقي (5/52) عن يحيى بن سعيد عن ابن
عجلان: حدثني نافع ... به نحوه. وقال المنذري في "مختصره ":
" وأخرجه البخاري والنسائي: المسند منه بنحوه أتم منه "!
قلت: وكأنه يعني: الحديث الأول (1600) ! فإذا كان كذلك؛ فلماذا لم يعزه
لمسلم أيضاً؛ وقد أخرجه أيضاً كما تقدم؟!
وإن كان يعني غيره؛ فما أراه إلا وهماً؛ فإني لم أره عند البخاري والنسائي،
ولم يعزه النابلسي في "الذخائر" (2/119) إلا للمصنف! ولو كان عند البخاري
لعزاه إليه البيهقي إن شاء الله، كما هي عادته.
ثم وجدت لحماد- وهو ابن سلمة- متابعاً، فقال أحمد (2/141) : ثنا محمد(6/91)
ابن عبد الرحمن الطفَاوِيّ: ثنا أيوب عن نافع:
أن ابن عمر خرج حاجاً، فأحرم فوضع رأسه في برد شديد، فألقيت عليه
برنساً، فانتبه فقال: ما ألقَيتَ عليَّ؟ قلت: برنساً. قال: تلقيه عليَ وقد حدثتك
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهانا عن لبسه؟!
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
1605- عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
"السراويل لمن لا يجد الإزار، والخُفُّ لمن لا يجد النعلين ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود وأبو نعيم في "مستخرجه ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن
جابر بن زيد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه مع بقية الستة
وغيرهم، كما تراه في "الإرواء" (1013) ؛ وفيه تحقيق شذوذ زيادة النسائي:
" وليقطعهما أسفل من الكعبين " بما لا تراه في مكان آخر.
1606- عن عائشة قالت:
كنا نخرج بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة، فنُضمد جباهنا بالسكِّ المُطَيَّبِ
عند الإحرام، فإذا عَرِقت إحدانا؛ سال على وجهها، فيراه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
فلا ينهانا.
(قلت: إسناده صحيح) .(6/92)
إسناده: حدثنا الحسين بن الجُنَيْدِ الدَّامَغَانِيُّ: ثنا أبو أسامة قال: أخبرني عمر
ابن سويد الثقفي قال: حدثتني عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها حدثتها قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (5/48) من طريق المصنف.
وأحمد (6/79) من طريق آخر عن عمر بن سويد ... به.
1607- عن سالم بن عبد الله:
أن عبد الله- يعني: ابن عمر- كان يصنع ذلك؛ يعني يقطع الخفين
للمرأة المحرمة.
ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد؛ أن عائشة حدثتْها:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان رَخَّصَ للنساء في الخفين، فترك ذلك.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق
قال: ذكرتُ لابن شهاب، فقال: حدثني سالم بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق.
والحديث أخرجه البيهقي (5/52) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (2/29) : حدثني ابن أبي عدي ... به.
وأخرجه الشافعي (2/20- 21) ، وعنه البيهقي: أخبرنا ابن عيينة عن(6/93)
الزهري ... به؛ إلا أنه لم يرفعه.
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
33- باب المحرم يحمل السلاح
1608- عن البراء قال:
لمَّا صالح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الحُدَيْبِيَة؛ صالحهم على أن لا يدخلوها
إلا بِجُلُبَّانِ السلاحِ.
فسألته: ما جُلُبَّانُ السلاح؟ قال: القِرَابُ بما فيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن أبي
إسحاق قال: سمعت للبراء يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "المسند" (4/291) ... بهذا الإسناد والمتن؛ ولكنه أتم منه.
وكذلك أخرجه البخاري (5/332) ، ومسلم (5/174) من طرق أخرى عن
محمد بن جعفر ... به.
وأحمد (4/289 و 302) ، ومسلم، والبيهقي (5/69) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
34- باب في المحرمة، تغطي وجهها
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](6/94)
35- باب في المحرم يظَلَّل
16،9- عن أم الحُصَيْنِ قالت:
حَجَجْنَا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما
آخِذ بخِطَامِ ناقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والآخر رافعٌ ثَوْبَه لِيَسْترَه من الحَر، حتى رمى
جمرة العقبة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف
ومتنه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم
زيد بن أبي أنَيْسَةَ عن يحيى بن حُصَيْنٍ عن أم الحصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو عبد الرحيم: اسمه خالد بن أبي
يزيد الحَرَّاني، وهو خال محمد بن سلمة.
والحديث أخرجه مسلم (4/80) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وهو في " المسند" (6/402) .
وعنه: أخرجه البيهقي أيضاً (5/69) .
ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عن زيد بن أبي أنيسة.
وأخرجه النسائي (2/49- 50) من طريق أخرى عن محمد بن سلمة ... به.
وانظر " الإرواء " (1018) .(6/95)
36- باب المحرم يحتجم
1610- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء وطاوس عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (1/221) ... بهذا السند والمتن.
وكذلك رواه الحميدي في "مسنده " (500) .
ورواه البخاري (4/40- 41) ، ومسلم (4/22) ، والترمذي (839) - وقال:
" حسن صحيح "-، والنسائي (2/28) ، وابن الجارود (442) ، والبيهقي
(5/64) من طرق عن سفيان- وهو ابن عيينة- ... به.
وله عند أحمد طرق أخرى: عن ابن عباس (1/215 و 283 و 286 و 292
و305 و 315 و 351 و 374) ، ويأتي أحدها في الكَتاب بعده.
1611- ومن طريق آخر عنه ... به؛ وزاد:
في رأسه من داءٍ كان به.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا هشام عن(6/96)
عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/236) : ثنا يزيد: أنا هشام. وابن جعفر قال:
حدثنا هشام ... به؛ إلا أنه قال: أذى مكان: داء.
ثم أخرجه (1/249 و 259 و 346) ، والبخاري (10/125) من طرق أخرى
عن هشام بن حسان ... به، ولفظ البخاري:
من وجع كان به بماء يقال له: لَحْيُ جمل.
وهو رواية لأحمد؛ إلا أنه قال:
من صُدَاع كان به.
وهو رواية البخاري معلقة؛ لكنه قال: شقيقة بدل: صداع.
ووصلها الإسماعيلي.
وفي رواية لأحمد (1/374) من طريق هلال عن عكرمة بلفظ: احتجم وهو
محرم من أكْلَة أكَلَها؛ من شاة مسمومة، سَمَّتْها امرأة من أهل خيبر.
وسنده حسن.
وفي رواية (1/305) من هذا الوجه:
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا وجد من ذلك شيئاً احتجم، قال: فسافر مرة، فلما
أحرم وجد من ذلك شيئاً، فاحتجم.
وللحديث؛ شاهد من حديث عبد الله ابن بُحَيْنَة: أخرجه البخاري والنسائي
وأحمد (5/345) .(6/97)
وله شاهد آخر من حديث أنس: أخرجه المصنف وغيره؛ لكن فيه نكارة، من
أجل ذلك أخرجته في الكتاب الآخر (318) (*) .
1611/م- عن معمر عن قتادة عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم على ظهر القدمِ من وجع كان به.
قال أبو داود: " سمعت أحمد قال: ابن أبي عروبة أرسله. يعني عن
قتادة ".
(قلت: يشير إلى إعلاله بالإرسال؛ لأن ابن أبي عروبة أحفظ من معمر،
ولم يجاوز به قتادة، وله علة أخرى، وهي المخالفة؛ فقد رواه الضياء المقدسي
في "المختارة" من طريق أخرى عن أنس بلفظ: " من وجع كان برأسه "، وإسناده
صحيح، وهو الموافق لحديث ابن عباس وابن بحينة في "صحيح البخاري "،
وهو في الكتاب الآخر (1611)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر ...
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين. لكن أعله
المصنف تبعاً لشيخه الإمام أحمد بمخالفة سعيد بن أبي عروبة؛ فإنه أرسله، قال
الحافظ:
" وسعيد أحفظ من معمر، وليست هذه بعلة قادحة، والجمع بين حديثي ابن
عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد ".
__________
(*) انظر الحديث التالي، فهو المقصود، وقد أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من
"الضعيف " إلى هنا، وكن من هذا على ذكر؛ فإن بعض مفرداته متفقة مع كونه في
"الضعيف". (الناشر) .(6/98)
قلت: حديث ابن عباس الذي يشير إليه أخرجه المصنف في الباب قبل
حديث أنس هذا ولفظه: " في رأسه "، وهو في الكتاب الآخر (1611) (*) برواية
البخاري وغيره، وذكر له هناك شاهداً من حديث ابن بُحَيْنَةَ، فهو أقوى من حديث
أنس، وقد جمع الحافظ بينهما بما سمعت، وهو جمع حسن معهود في مثل هذا
المقام، لولا أني رأيت الضياء المقدسي قد أخرج الحديث في "المختارة" (3/102)
من طرق عن المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميداً يحدث عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم من وجع كان برأسه.
وهذا إسناد صحيح، وأصله في "المسند" (3/164) سنداً ومتناً.
وأخرجه ابن حبان (1400) ، والحاكم (1/453) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! مشياً على ظاهر الإسناد.
ثم وجدت له شاهداً من حديث جابر من طريقين عنه، فلينقل إلى
"الصحيح "، وقد ذكرته فيه تحت الحديث (615) .
37- باب يكتحل المحرم
1612- عن نُبَيْهِ بن وَهْبٍ قال:
اشتكى عمر بن عبيد الله بن معمر عَيْنَيْهِ، فأرسل إلى أبان بن عثمان
- قال سفيان: وهو أمير-: ما يصنع بهما؟ قال: اضمِدْهما بالصَّبِرِ؛ فإني
سمعت عثمان رضي الله عنه يحدث ذلك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي
__________
(*) الحديث السابق. (الناشر) .(6/99)
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نبيه بن
وهب.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن عُلَيَّةَ عن أيوب عن نافع عن نبيه بن
وهب ... بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير نبيه بن وهب، فهو على
شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (1/68) ... بهذا السند والمتن.
وكذلك أخرجه الحميدي في "مسنده " (33) .
ورواه مسلم (4/22) ، والترمذي (952) ، والنسائي (2/12) ، وابن
الجارود (443) ، والبيهقي (5/62) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به.
ثم أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (1/65 و 69) من طرق أخرى عن
أيوب ... به.
وقد تابعه في إسناد المصنف الثاني: نافع، وهو مولى ابن عمر.
وأيوب الراوي عنه: هو السَّخْتِيَانِيّ:
وابن علَيَّةَ: هو إسماعيل بن إبراهيم.
وتابعه معمر: عند أحمد (1/59) كلاهما عن أيوب ... به.(6/100)
38- باب المحرم يغتسل
1613- عن عبد الله بن حنَيْن:
أن عبد الله بن عباس والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ اختلفا بالأبْوَاءِ، فقال ابن
عباس: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسله
عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجده يغتسل بين القرتين،
وهو يسْتَر بثوب. قال: فسلَمْتُ عليه. فقال: من هذا؟ قلت: أنا عبد الله
ابن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك:
كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغسل رأسه وهو محرم؟ قال:
فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه حتى بد الي رأسه، ثم قال
لإنسان يصب عليه: اصْببْ. قال: فَصَبَّ على رأسه، ثم حَركَ أبو أيوب
رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته يفعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن
عبد الله بن حنين عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأً" (1/302) ... سنداً ومتناً.
ومن طريقه أيضاً، أخرجه البخاري (4/45) ، ومسلم (4/23) ، والنسائي
(2/8) ، وابن ماجه (2/219) ، والبيهقي (5/63) ، وأحمد (5/418) كلهم عن
مالك ... به.(6/101)
وتابعه سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم ... به: أخرجه أحمد (5/416) ،
والحميدي (379) ، والدارمي (2/30) ، وابن الجارود (441) . وزاد الحميدي:
فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقال المسور لا بن، عباس: لا أماريك أبداً.
وهذه الزيادة: عند أحمد (5/421) ، ومسلم أيضاً من طريق ابن جريج:
أخبرني زيد بن أسلم ... به.
39- باب المحرم يتزوج
1614- عن نُبَيْه بن وهب أخي بني عبد الدار:
أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفان يسأله- وأبان
يومئذ أمير الحاج- وهما محرمان: إني أردت أن أنكح طلحة بن عمر: ابنةَ
شيبةَ بنِ جُبَيْرٍ، فأردت أن تحضر ذلك؟ فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: إني
سمعت أبي عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَنكِحُ المحرم، ولا يُنكِح ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير نبيه بن وهب، فهو على
شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/321) ... بهذا الإسناد والمتن؛ ولكنه زاد:(6/102)
" ولا يَخْطُبُ ".
وكذلك أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن مالك ... به.
وتابعه أيوب السَّخْتِيَانِيُ عن نافع ... به: أخرجه مسلم والترمذي (840) ،
والدارمي (2/37) ، وأحمد (1/68) ؛ دون الزيادة.
والحديث مخرج في "الإرواء " (1037) .
1615- زاد في رواية:
" ولا يَخْطُبُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. أخرجه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم: ثنا سعيد عن
مطر ويعلى بن حكيم عن نافع عن نُبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... ذكر مثله؛ زاد:
" ولا يخطب ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/64) : ثنا عبد الله بن بكر ومحمد بن جعفر قالا:
ثنا سعيد ... به.
وأخرجه مسلم (4/137) من طريقين آخرين عن سعيد ... به، وهو سعيد
ابن أبي عروبة.
(تنبيه) : عزا المنذري في "مختصره" هذه الزيادة للترمذي أيضاً!(6/103)
وهو وهم؛ وقد سبق بيان من رواها من الطريق الأولى. وزاد ابن حبان
(1274) من طريق فُلَيْحِ بن سليمان عن عبد الجبار بن نبيه بن وهب عن أبيه ...
به؛ زاد:
" ولا يَخْطُبُ، ولا يخْطَبُ عليه "!
فأقول:
هذه الزيادة الثانية: " ولا يخطب عليه " منكرة؛ لتفرد هذه الطريق بها، وهي
إما من عبد الجبار بن نبيه، وإما من فليح بن سليمان؛ فإن الأول غير مشهور، ولم
يوثقه غير ابن حبان، وقال (7/135) :
" يروي عن أبيه، عداده في أهل المدينة، روى عنه فليح بن سليمان وأهلها ".
والآخر: فليح بن سليمان؛ فهو- مع كونه من رجال الشيخين- فإنه صدوق
كثير الخطأ.
وأنا أرجح أن الخطأ منه؛ فقد خالفه أبو عامر- واسمه عبد الملك بن عمرو
العَقَدي، وهو ثقة- فرواه عن عبد الجبار بن نبيه ... به دون الزيادة الثانية.
أخرجه الطحاوي (1/441) .
1616- عن ميمونة قالت:
تَزَوَّجَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن حلالان بِسَرِفَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود. وأخرجه
مسلم بإسناد آخر. واستدركه الحاكم عليه؛ لكن بزيادة في متنه) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حبيب بن الشهيد عن(6/104)
ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم ابن أخي ميمونة عن ميمونة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ على ضعف في حماد- وهو ابن
سلمة-؛ ولكنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (2/38) ، والبيهقي (7/210- 211) ، وابن الجارود
(445) ، وأحمد (6/335) من طرق أخرى عن حماد ... به.
وأخرجه مسلم (4/137) ، وابن ماجه (1/606) ، والحاكم (4/31) ،
والبيهقي (5/66) ، وابن الجارود أيضاً (446) ، وأحمد (6/333) من طرق أخرى
عن يزيد بن الأصم ... به.
وعزاه المنذري للترمذي أيضاً!
وهو إنما رواه (3/192) معلقاً، ثم وصله بَعْدُ برقم (845) ، وأعله بقوله:
" وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم ... مرسلاً "!
قلت: لا وجه لهذا الإعلال؛ فقد رواه- مع ميمون بن مهران- عمرو بن
ميمون وأبو فَزَارَةَ- واسمه راشد بن كَيْسَانَ العَبْسِى- وكلهم ثقات عن يزيد بن
الأصم ... به موصولاً.
1617- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ ميمونة وهو مُحرِم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وأخرجه هو ومسلم وابن الجارود والحاكم من طرق أخرى عنه) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.(6/105)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (843) ، وابن سعد (8/136) من طرق أخرى عن
حماد بن زيد ... به.
والبخاري (7/411) ، وأحمد (1/359 و 360) من طرق أخرى عن أيوب ...
به؛ وزاد البخاري- وهو رواية لأحمد-:
وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف.
وتابعه هشام: ثنا عكرمة ... به. أخرجه أحمد (1/346 و 354) ، والترمذي
(842) ، وصححه.
وتابعه خالد عن عكرمة ... به دون الزيادة: أخرجه أحمد (1/351) .
ثم أخرجه هو (1/221 و 228 و 275 و 285 و 286 و 324 و 328 و 330
و332- 333 و 336 و 337 و 362) ، والبخاري (4/42 و 9/135) ، ومسلم
(4/137) ، والترمذي (844) ، والنسائي (2/27) ، والدارمي (2/37) ، والطحاوي
(1/442) ، وكذا ابن ماجه (1/606) ، وابن الجارود (446) ، والحاكم (4/31-
32) ، والبيهقي (5/66) ، والحميدي في "مسنده " (503) ، وابن سعد (8/235-
236) من طرق كثيرة عن ابن عباس ... مختصراً ومطولاً. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ومن طريقه- عند ابن حبان (4121) - عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو محرم في عمرة القضاء.
وسنده حسن.(6/106)
وللحديث شاهدان من حديث عائشة وأبي هريرة: أخرجهما الطحاوي،
وصححهما الحافظ في "الفتح " (4/42) .
والأول منهما أخرجه ابن حبان أيضاً (1271) .
وشواهد أخرى مرسلة: أخرجها ابن سعد.
وقد عارض هذه الأحاديثَ: حديثُ ميمونة الذي قبله. وله شاهدان أيضاً:
الأول: عن أبي رافع قال:
تزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا
الرسول فيما بينهما.
أخرجه الترمذي (841) ، والدارمي (2/38) ، وابن حبان (1272) ، والبيهقي
وابن سعد (8/134) ، وأحمد (6/392- 393) من طريق مَطَرٍ الوَراقِ عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عنه. وقال الترمذي:
"حديث حسن "!
قلت: مطر في حفظه ضعف، ولذلك لم يحتج به مسلم.
وقد خالفه مالك في "الموطأً" (1/320- 321) ؛ فرواه عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن سليمان بن يسار ... مرسلاً، لم يذكر فيه أبا رافع.
وكذلك خالفه أنس بن عياض أبو ضَمْرَةَ فقال: حدثني ربيعة بن أبي
عبد الرحمن ... به مرسلاً:
أخرجه ابن سعد.
فالصحيح مرسل.(6/107)
ومع ذلك؛ صحح ابن القيم- في "الزاد" (2/214) - الموصولَ.
الثاني: عن صفية بنت شيبه- ولها رؤية، وفي "البخاري " التصريح بسماعها
من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال ميمون بن مهران:
دخلت على صفية بنت شيبة- عجوز كبيرة- فسألتها: أتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ميمونة وهو محرم؟ فقالت: لا والله؛ لقد تزوجها وإنهما لحلالان!
أخرجه ابن سعد (8/133) - عن عبيد الله بن عمرو-، والبيهقي (7/211)
- عن معمر-، كلاهما عن عبد الكريم عنه-
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الكريم: هو ابن مالك الجَزَرِيّ
الحَرَانِيُ.
وللحديث شواهد أخرى مرسلة أيضاً؛ فلا مجال لترجيح أحد الحديثين على
الآخر من حيث الإسناد.
ولذلك؛ فالتعارض بينهما شديد، ولا سبيل إلى التوفيق بينهما؛ إلا إن ثبت
ما ذكره الحافظ في "الفتح " (9/136) :
أن ابن عباس كان يرى أن من قلد الهدي يصير محرماً، كما تقدم تقرير ذلك
عنه في (كتاب الحج) ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قَلَّدَ الهدي في عمرته تلك التي تزوج
فيها ميمونة، فيكون إطلاقه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها وهو محرم؛ أي: عقد عليها بعد أن
قَلَّدَ الهدي؛ وإن لم يكن تلبَس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع
يخطبها، فجعلت أمرها إلى العباس.
قلت: فإن صح أن هذا هو مراد ابن عباس؛ زال التعارض وثبت الحديثان؛ وإلا
فلا مناص من القول بتوهيم ابن عباس، ومن قال بقوله. وقد صرح بتوهيمه سعيد
ابن المسيب، كما يأتي في الكتاب بعده، وهو قول جمهور أهل النقل، كما قال(6/108)
ابن القيم؛ وذلك لأن ميمونة صاحبة القصة أعلم بشأنها من غيرها، وقد أخبرت
بحالها وبكيفية الأمر في ذلك العقد. قال الخطابي:
" وهو من أدل الدليلِ على وهم ابن عباس. وقال الأثرم: قلت لأحمد: إن أبا
ثور يقول: بأي شيء يُدْفع حديث ابن عباس؛ أي: مع صحته؟ قال: فقال: الله
المستعان! ابن المسيب يقول: وَهِمَ ابنُ عباس. وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال ".
وعلى هذا؛ فلا يصح أن يعارض به حديث عثمان التقدم (1614- 1615) ؛
لا سيما والقول مقدم على الفعل عند التعارض.
1618- عن سعيد بن المُسَيَّبِ قال:
وَهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو مُحْرِمٌ.
(قلت: حديث مقطوع صحيح، واستدل به أحمد) .
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان عن
إسماعيل بن أمية عن رجل عن سعيد بن المسيب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل، فإنه مجهول لم
يُسَمَّ، لكن الظاهر من رواية البيهقي الآتية: أنه عطاء بن أبي رباح، وهو تابعي جليل.
والحديث أخرجه البيهقي (7/212) من طريق المصنف.
ثم أتبعه برواية عبد القدوس: ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو محرم. قال (يعني: عطاء بن أبي رباح) :
فقال سعيد: وَهِلَ ابن عباس؛ وإن كانت خالته! ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا
بعد ما أحَلَّ. وقال البيهقي:(6/109)
" رواه البخاري في "الصحيح " عن عبد القدوس بن الحجاج "! وتعقبه ابن
التركماني بقوله:
" قلت: ليس في "صحيح البخاري ": قال سعيد: وَهِلَ ابن عباس! والمفهوم
من كلام البيهقي أنه في "صحيحه " ... ".
قلت: وفد اغتر بهذا المفهوم ابنُ القيم رحمه الله؛ فعزاه في "الزاد" (2/214)
للبخاري!
وإنما يعني البيهقي بقوله المذكور أصل الحديث، كما هي عادته.
وروى ابن سعد (8/135) بسند حسن عن عطاء الخراساني قال:
قلت لابن المسيب: أن عكرمة يزعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو
محرم؟ فقال: كَذبَ مَخْبَثَانٌ! اذهب إليه فسُبَّهُ، سأحدثك: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو مُحْرِمٌ، فلما حَل تزوجها.
قلت: لا يد لعكرمة في هذا الوهم؛ فقد تابعه جماعة عن ابن عباس كما
تقدم؛ وإنما هو من ابن عباس كما في رواية عطاء.
وعطاء الخراساني له أوهام.
40- باب ما يَقْتُلُ المحْرِمُ من الدواب
1619- عن سالم عن أبيه (عمد الله بن عمر) :
سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يقتل المحرم من الدواب؟ فقال:
" خمس لا جُنَاحَ في قَتْلِهِن على منْ قَتَلَهُن في الحِلِّ والحَرَمِ:
العقرب، والفأرة، والحدَأة، والغراب، والكلب العَقور ".(6/110)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وأخرجه
الشيخان من طرق أخرى عنه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث في "المسند" (2/8) ... بهذا الإسناد والمتن.
وكذلك رواه الحميدي في "مسنده " (619) .
ورواه مسلم وابن الجارود من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وله طرق أخرى عن ابن عمر في "الصحيحين " وغيرهما؛ تراها في "الإرواء"
(1036) .
1620- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" خَمْس قَتْلهُنَّ حلال في الحَرَمِ: الحية، والعقرب، والحِدَأةُ، والفأرة،
والكلب العقور ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا علي بن بَحْرٍ: ثنا حاتم بن إسماعيل: حدثني محمد بن
عَجْلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف ومن طريق أخرى عن ابن عجلان ...
به، وهو مخرج في المصدر السابق.(6/111)
ويشهد له الحديث الذي قبله؛ إلا قوله: " الحية "؛ ففي ذاك بدلها: " الغراب ".
لكن لها شواهد من حديث عائشة وابن عمر: عند مسلم وغيره، تراها مخرجة
هناك.
41- باب لحم الصيد للمحرم
1621- عن عبد الله بن الحارث- وكان الحارث خليفة عثمان على
الطائف-، فصنعَ لعثمان طَعَام فيه من الحَجَلِ واليَعَاقِيبِ (1) ولَحْم الوحش،
قال: فبعث إلى علي بن أبي طالب، فجاءه الرسول، وهو يخبط لأباعِرَ له،
فجاء وهو ينفض الخَبَطَ عن يده، فقالوا له: كُلْ. فقال علي رضي الله
عنه: أنْشد الله مَنْ كان ههنا مِنْ أشْجَعَ؛ أتعلمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ
إليه رِجْلُ حِمارِ وَحْشٍ وهو محْرِمٌ، فأبى أن يأكله؟! قالوا: نعم.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سليمان بن كثير عن حمَيْد عن إسحاق
ابن عبد الله بن الحارث عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير إسحاق بن عبد الله بن
الحارث- وهو ابن نوفل الهاشمي-، وهو ثقة كما قال الحافظ؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/194) من طريق المصنف.
وتابعه علي بن زيد: حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ... به
نحوه.
__________
(1) ذَكَر الحجل؛ كما في "النهاية".(6/112)
وابن زيد: هو ابن جدعان، ضعيف.
أخرجه أحمد (1/100 و 104) ، والطحاوي (1/386) .
ثم رواه من طريق ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله بن الحارث.
1622- عن ابن عباس؛ أنه قال:
يا زيدَ بْنَ أرْقَمَ! هل علمت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إليه عَضُد صَيْدٍ
فلم يقبله، وقال: " إنا حرم "؟!
قال: نعم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه مسلم من طريق أخرى عنه نحوه) .
إسناده: حدثنا أبو سَلَمَة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس عن عطاء
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ على ضعف في حماد بن
سلمة، ولكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (2/25) ، والطحاوي (2/387) ، وابن حبان
(981) ، والحاكم (1/452) ، وأحمد (4/369 و 371) من طرق أخرى عن
حماد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.
وتابعه ابن جريج: أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس عن
زيد بن أرقم ... نحوه؛ وفيه: قال:(6/113)
أُهدىِ له عَضْوٌ من لحم صيد، فَرَدَّهُ، فقال:
" إنا لا نأكله؛ إنّا حُرُمٌ ".
أخرجه مسلم (4/14) ، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي (5/194) ، وأحمد
(4/367 و 374) .
1623- عن أبي قتادة:
أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كان ببعض طريق مكة؛ تخلَّفَ
مع أصحاب له مُحْرِمينَ وهو غير محرم، فرأى حماراً وحشياً، فاستوى على
فرسه، قال: فسأل أصحابَهُ أن يناولوه سَوْطَهُ فأبَوْا، فسألهم رُمْحَهُ فأبَوْا،
فأخذه، ثم شَدَ على الحمار فقتله، فأكل منه بعضُ أصحاب رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبى بعضُهم، فلما أدركوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ سألوه عن ذلك؟ فقال:
" إنما هي طعمة أطعمكموها الله تعالى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عنَ أبي النضر مولى عمر بن
عبيد الله التيمي عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناده صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (6/75 و 10/503) ، ومسلم (4/15) ، والترمذي
(953) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/24) ، والطحاوي
(1/389) ، والبيهقي (5/187) ، وأحمد (5/301) كلهم عن مالك ... به.(6/114)
وهو في " الموطأ" (1/322) .
وله شاهد صحيح في "ابن حبان " (984) .
42- باب في الجراد للمحرم
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
43- باب في الفِديَةِ
1624- عن كَعْبِ بن عُجْرَةَ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَ بِهِ زمَنَ الحُدَيبِيّةِ، فقال:
" قد آذاك هَوَامّ رأسك؟ ". قال: نعم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" احلِقْ، ثم اذبح شاةً نسكاً، أو صمْ ثلاثة أيام، أو أطْعِمْ ثلاثةَ آصُع
من تمر: على ستة مساكينَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، وأخرجه الشيخان
والترمذي- وصححه- نحوه) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد الطَّحَان عن خالد الحَذاء عن أبي
قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير وهب بن بقية، فهو على
شرط مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/21) ، والبيهقي (5/55) من طرق أخرى عن(6/115)
خالد بن عبد الله- وهو الطحان- ... به.
وتابعه وُهَيْبٌ: ثنا خالد عن أبي قلابة ... به: أخرجه أحمد (4/242) .
وتابعه عنده أيضاً (4/241) : هشيم: أنا خالد عن أبي قلابة عن كعب بن
عجرة ... به نحوه؛ لم يذكر في سنده: عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وزاد:
ونزلت الآية.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ...
به نحوه.
وتابعه جماعة عن كعب، وقد خرجت أحاديثهم في "الإرواء" (1040) .
1625- وفي طريق أخرى عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:
" إن شئت فانْسُكْ نَسِيكَةً، وإن شئت فصُمْ ثلاثةَ أيام، وإن شئت
فأطْعِمْ ثلاثةَ آصُعٍ من تَمْرٍ: لسِتَّةِ مساكينَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن داود عن الشعبي عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.
قلت: وهذا إسناد جيد، وهو على شرط مسلم؛ وداود: هو ابن أبي هند.
والحديث أخرجه البيهقي (5/185) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
وقال أحمد (4/243) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به.(6/116)
وقال أيضاً: ثنا ابن أبي عدي (الأصل. ثنا إسماعيل بن أبي عدي! وهو
خطأ) عن داود ... به.
وابن أبي عدي: اسمه محمد.
1626- وفي رواية عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ زمنَ الحُدَيْبِيَّةِ ... فذكر القصة؛ فقال:
" أمعك دم؟ ". قال: لا. قال:
" فصم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين، بين
كل مسكينين صاع".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم أيضاً) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الوهاب. (ح) وثنا نصر بن علي: ثنا يزيد
ابن زُرَيْعٍ- وهذا لفظ ابن المثنى- عن داود عن عامر عن كعب بن عجرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين؛ غير داود- وهو ابن أبي
هند -، فهو على شرط مسلم وحده.
44- باب الإحصار
1627- عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من كُسِرَ أو عَرِجَ؛ فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ من قابلٍ ".
قال عكرمة: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك؟ فقالا: صدق.
(قلت. إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) .(6/117)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن حَجَّاج الصَّوَّافُ: حدثني يحيى بن أبي
كثير عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير الحجاج بن
عمرو الأنصاري، وله صحبة، وقد صرح بسماعه لهذا الحديث من رسول الله في
بعض طرقه، كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (940) ، والنسائي (2/29) ، والدارمي (2/61) ،
وابن ماجه (2/259) ، والطحاوي (1/431) ، والحاكم (1/482- 483) ،
والبيهقي (5/220) ، وأحمد (3/450) من طرق أخرى عن الصواف ... به.
وهو عند ابن ماجه والحاكم والبيهقي وأحمد؛ مسلسل بالتحديث من الصواف
إلى الحجاج، وصرح هذا بالسماع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا التصريح: عند النسائي
أيضاً، والطحاوي وأحمد. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي.
وخالفه معمر- عند الترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي-، ومعاوية بن
سلام- عند الطحاوي- فقالا: عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن
رافع عن الحجاج بن عمرو ... به، زاد في إسناده: عبد الله بن رافع. وقال
الترمذي:
" وسمعت محمداً يقول: رواية معمر ومعاوية بن سلام أصح ". قال
الترمذي:
" وحجاج الصواف ثقة حافظ عند أهل الحديث ".(6/118)
وأقول: كأن الترمذي يشير إلى صحة الروايتين. وهو كذلك عندي؛ لأن رواية
الصواف متصلة، ورواية الآخرين كأنها من المزيد فيما اتصل من الأسانيد. والله
أعلم.
1628- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من عَرِجَ أو كسِرَ أو مَرِضَ ... " فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن المتوكَل العسقلاني وسلمة قالا: ثنا عبد الرزاق عن
معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن
عمرو.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وعبد الله بن رافع: هو مولى أم
سلمة.
والحديث سبق تخريجه والكلام على إسناده هذا في الذي قبله.
45- باب دخول مكة
1629- عن نافع:
أن ابن عمر كان إذا قَدِمَ مكة؛ بات بذي طُوىً؛ حتى يصبح ويغتسل،
ثم يدخل مكة نهاراً، وَيذْكُرُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدٍ: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع.(6/119)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن
حِسَاب الغُبَرِيُ-؛ فإنه على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/62) : حدثنا أبو الربيع الزهراني: حدثنا
حماد ... به.
ومن طريق أبي الربيع: أخرجه البيهقي (5/71) .
وأخرجه البخاري (3/341) من طريق ابن علَيَةَ: أخبرنا أيوب ... به.
وأخرجه البيهقي أيضاً.
وأخرجه أحمد (2/16) ، والبخاري، والدارمي (2/70) من طريق عبيد الله:
أخبرني نافع ... به؛ دون الاغتسال.
وكذلك رواه موسى بن عقبة: حدثني نافع ... به.
أخرجه مسلم، والنسائي (2/29) .
1630- وعن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدخل مكة من الثَّنِيَّةِ العُلْيَا. [قالا عن يحيى: إن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدخل مكة من كَدَاء من ثَنِية البطحاءِ] ، ويَخْرُجُ من
الثنية السفلى- زاد البرمكي: يعني: ثَنيَّتَيْ مكة-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن جعفر البَرمكَيّ: ثنا مَعْنٌ عن مالك. [وحدثنا
مُسَدَّدٌ وابن حنبل عن يحيى] . وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر-.. [وحديث مسدد أتم] .(6/120)
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي؛ إلا الزيادة
فهي على شرط مسلم وحده.
والحديث أخرجه البيهقي (5/71) عن المصنف من الوجه الثاني: مسدد وابن
حنبل.
وهو في "السند" (2/21) : ثنا يحيى عن عبيد الله ... به.
وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) ، والنسائي (2/30) من طرق
أخرى عن يحيى ... به.
وقال أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير: ثنا عبيد الله وحماد- يعني: أبا أسامة-
قال (كذا! ولعل الصواب: قالا) : أخبرني عبيد الله ... به.
وأخرجه مسلم أيضاً عن ابن نمير.
ثم أخرجه أحمد (2/14 و 29) ، والدارمي (2/71) ، وابن ماجه (2/221)
من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق أخرى عن معن ... به.
1631- وعنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق
المُعَرَّسِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نانع عن
ابن عمر.(6/121)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير: ثنا عبيد الله وحماد- يعنى:
أبا أسامة- قال (كذا الأصل! ولعل الصواب: قالا) : أخبرني عبيد الله ... به.
وأخرجه مسلم (4/62) من طريق ابن نمير. والبخاري (3/305) من طريق
أنس بن عياض عن عبيد الله ... به.
وخالف عبد الله بن الحارث الجُمَحِيُّ فقال: عن عبيد الله بن عمر عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... به.
أخرجه ابن حبان (968) .
فإن لم يتابع الجُمَحِي؛ فروايته شاذة.
ومن هذا الوجه: أخرجه البزار (1697) .
وللشطر الثاني منه شاهد مرسل عن سعيد بن المسيب قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قدم من سفر؛ نزل المُعَرَسَ.
أخرجه الدارمي (1/118) ، وسنده صحيح مرسلاً.
1632- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامَ الفتح من كداء من أعلى مكة، ودخل في
العمرة من كُدىً. قال: وكان عروة يدخل منها جميعاً، وكان أكثر ما
يدخل من كُدىً، وكان أقربهما إلى منزله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .(6/122)
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا أبو أسامة: ثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هارون بن عبد الله- وهو
أبو موسى الحَمَال-، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/71) من طرق أخرى عن هارون بن عبد الله.
وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) من طرق أخرى عن أبي
أسامة ... به.
1633- وفي رواية عنها:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل مكة دخل من أعلاها، وخرج من أسفلها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنف.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (6/40) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) ، والترمذي (853) ، وقال:
" حسن صحيح " ... بإسناد المصنف وغيره عَن سفيان.
والبيهقي (5/71) من طريقين آخرين عن ابن المثنى ... به.(6/123)
46- باب في رفع اليدين إذا رأى البيت
1634- عن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دخل مكة؛ طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف
المقام. يعني: يوم الفتح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه دون الركعتين، وهو
طرف من الرواية الآتية) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا سلام بن مسكين: ثنا ثابت البُناني عن
عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عبد الله بن رباح
الأنصاري، فهو على شرط مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث طرف من الحديث الذي بعده، وهو طرف من حديث فتح مكة
الطويل.
وقد أخرجه بتمامه: الطيالسي في "مسنده " (2367- ترتيبه) : حدثنا سليمان
ابن المغيرة: ثنا ثابت البناني ... به بطوله؛ وفيه موضع الشاهد منه.
وهذا القدر أخرجه البيهقي (5/93) من طريق الطيالسي.
وقد أخرجه مسلم؛ لكن ليس عنده: وصلى ركعتين خلف المقام.
وهو رواية للمصنف، وهي التي بعده.(6/124)
1635- وفي رواية عنه قال:
أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدخل مكة، فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحَجَرِ
فاستلمه، ثم طاف بالبيت، ثم أتى الصفا فعلاه، حيث ينظر إلى البيت،
فرفع يديه، فجعل يذكر الله ما شاء أن يذكُرَهُ ويَدْعُوَهُ، قال: والأنصار
تحته. قال هاشم: فدعا وحَمِدَ الله، ودعا بما شاء أن يَدْعُوَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه مطولاً في قصة فتح
مكة، وهذا طرف منه، لكن ليس عنده قوله: " والأنصار تحته ") .
إسناده: حدثنا ابن حنبل: ثنا بهز بن أسد وهاشم- يعني: ابن القاسم-
قالا: ثنا سليمان بن الغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة.
قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (2/538) عن الشيخين المذكورين عن سليمان ... به
مطولاً.
وكذلك أخرجه مسلم (5/170- 172) . حدثنا شيبان بن فَرُّوخ: حدثنا
سليمان بن المغيرة.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي ... موضع الشاهد منه.
47- باب في تقبيل الحَجَرِ
1636- عن عمر:
أنه جاء إلى الحَجَرِ فقبَّله، فقال: إني أعلم أنك حَجَرٌ لا تنفع ولا
تضرٌ، ولولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبِّلك؛ ما قبَلتك.(6/125)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد
المصنف، وهو ومسلم من طرق أخرى. وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن
عابس بن ربيعة عن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/362) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (5/74) من طريق أخرى عن شيخهما.
وأخرجه مسلم (4/67) ، والترمذي (860) - وقال: " حديث حسن صحيح "-،
والنسائي (2/37- 38) ، وأحمد (1/16 و 26 و 46) من طرق أخرى عن
الأعمش ... به.
ثم أخرجه البخاري (3/370 و 373) ، ومسلم والنسائي والدارمي (2/52- 53) ،
وابن ماجه (2/221) ، وابن الجارود (451- 452) ، وأحمد (1/21 و 34 و 39 و 50
و53 و 54) ، والحميدي (9) من طرق أخرى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
48- باب استلام الأركان
1637- عن ابن عمر قال:
لم أرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسِحُ من البيت إلا الركنين اليمَانِيّيْنِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن حبان) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم عن
ابن عمر.(6/126)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (5/76) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (3/372) ... بإسناده.
وأخرجه مسلم (4/65) ، والنسائي (2/39) ، وأحمد (2/120) من طرق
أخرى عن الليث بن سعد ... به.
وتابعه يونس عن ابن شهاب ... به مثله.
أخرجه مسلم والنسائي، وابن ماجه (2/222) .
وتابعه نافع عن ابن عمر ... به.
أخرجه مسلم والنسائي، وأحمد (2/114 و 141) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً مثله.
أخرجه مسلم، وأحمد (1/246 و 332 و 372) من طرق عنه.
1638- ومن طريق أخرى عنه:
أنه أُخْبِرَ بقول عائشة رضي الله عنها: أن الحِجْرَ بَعْضُهُ من البيت. فقال
ابن عمر:
والله! إني لأظن عائشة أن كانت سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
إني لأظن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَتْرُكِ استلامهما؛ إلا أنهما ليسا على قواعد
البيت، ولا طاف الناص وراءَ الحِجْرِ إلا لذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري بإسناد(6/127)
آخر نحوه؛ دون قوله: ولا طاف الناس ... ) .
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن
سالم عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مخلد بن خالد- وهو
الشعِيرِيَ-، فهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مالك (1/332) ، وعنه البخاري (6/317) ، ومسلم
(4/97) ، والنسائي (2/34) ، والبيهقي (5/77) ، وأحمد (6/176 و 247) كلهم
عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر
الصديق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة ... به نحوه؛ دون قوله: ولا طاف
الناس وراء الحِجْرِ إلا لذلك.
لكن تابعه أبو أويسٍ عن الزهري ... به؛ وفيه الزيادة بلفظ:
إلا أن البيت لم يُتَمَّمْ على قواعد إبراهيم عليه السلام؛ إرادةَ أن تَسْتَوْعِبَ
الناسُ الطوافَ بالبيت كله من وراء قواعد إبراهيم.
أخرجه أحمد (6/113) .
وأبو أويس هذا: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، قريب مالك
وصهره، وهو صدوق يهم من رجال مسلم.
1639- وعنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدعُ أن يستلم الرُكنَ اليمانِيَ في كل طَوْفَة.
قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله.(6/128)
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبد العزيز بن أبي رَوَاد عن نافع عن ابن
عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح ": على ضعف يسير
في ابن أبي رواد، وهو من رجال مسلم.
والحديث رواه الحاكم والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (1110) .
49- باب الطواف الواجب
1640- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف في حَجَّةِ الوداع على بعير، يستلم الركن
بِمِحْجَنَ.
(قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف،
وأخرجه هو ومسلم وابن الجارود من طرق أخرى) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن
شهاب عن عبيد الله- يعني: ابن عبد الله بن عتبة- عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو
على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه عنه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/371) : حدثنا أحمد بن صالح ويحيى
سليمان قالا: حدثنا ابن وهب ... به.(6/129)
وأخرجه مسلم (4/67) ، والنسائي (2/39) ، وابن الجارود (463) من طرق
أخرى عن ابن وهب ... به.
ثم أخرجه البخاري (3/373 و 374) ، وأحمد (1/237 و 264) من طرق
أخرى عن ابن عباس.
وأخرجه البيهقي من طريق المصنف ومن الطرق الأخرى؛ وزاد في رواية:
يُقَبَلُ ذلك الشيء الذي في يده.
وإسناده صحيح.
ويشهد له حديث أبي الطفيل الآتي بعد حديث.
1641- عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت:
لما اطمَأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة عامَ الفتح؛ طاف على بعير، يستلم
الركن بِمِحْجَن في يَدِهِ. قالت: وأنا أنظر إليه.
(قلت: إسناده حسن، وكذلك قال المِزِّيُّ والعسقلاني) .
إسناده: حدثنا مُصَرفُ بن عمرو اليَامي: ثنا يونس: ثنا ابن إسحاق: حدثني
محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت
شيبة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف في صحبة صفية بنت شيبة، وفي
هذا الحديث قولها: وأنا أنظر إليه ... وصرحت بالسماع في حديث آخر لها: عند
ابن ماجه (2/266- 267) ، وسنده حسن أيضاً، وعلقه البخاري. وأخرج لها
(9/196) حديثاً آخر موصولاً.(6/130)
وهذا معناه أنها عنده صحابية.
ولعله يشهد لذلك قول ميمون بن مهران التابعي: دخلت على صفية بنت
شيبة عجوز كبيرة ...
رواه ابن سعد (8/133) ؛ وسنده صحيح.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/222) ، والبيهقي (5/101) من طريقين
آخرين عن يونس بن بُكَيْر ... به. وقال الحافظ في "الفتح " (9/196) :
" قال المزي: هذا يُضَعَف قول من أنكر أن يكون لها رؤية؛ فإن إسناده
حسن ". وأقره الحافظ عليه.
1642- عن أبي الطفَيْلِ قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطوفُ بالبيت على راحلته، يستلم الركن بمحجنه،
ثم يقبَّله- زاد محمد بن رافع: ثم خرج إلى الصفا والمروة؛ فطاف سبعاً
على راحلته-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم
في "مستخرجه" عليه. وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع- المعنى- قالا: ثنا أبو
عاصم عن معروف- يعني: ابن خَرَّبُوذ المكي-. ثنا أبو الطفيل.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/101) عن المصنف ... بإسناده الثاني.
وأخرجه هو، ومسلم وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن معروف ...(6/131)
به، وهو مخرج في "الإرواء" (1114) .
1643- عن جابر بن عبد الله قال:
طاف النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجةِ الوداع على راحلته بالبيت، وبالصفا
والمروة؛ ليراه الناس، وَلِيَشْرُفَ، وليسألوه؛ فإن الناس غَشُوهُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه "، وأبو نعيم في "مستخرجه " عليه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير
أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (3/17) ... بهذا الإسناد.
ثم أخرجه هو (3/333- 334) ، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن
جريج ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1118) .
1644- عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنها قالت:
شَكَوْتُ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني أشتكي؟! فقال:
" طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ".
قالت: فطفت؛ ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ يصلِّي إلى جنب البيت، وهو
يقرأ بـ: (الطور. وكتاب مسطور) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن(6/132)
الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَلِ عن
عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/385) .-. بإسناد المصنف.
وأخرجه هو (3/377- 378) ، ومسلم (4/68) ، والنسائي (2/37) ، وابن
ماجه (2/225) ، وابن الجارود (462) ، وأحمد (6/290 و 319) من طرق أخرى
عن مالك ... به.
وهو في "الموطأ" (1/336) .
50- باب الاضطباع في الطواف
1645- عن يعلى قال:
طاف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَبعاً بِبُرْدٍ أحْمرَ.
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى
عن يعلى.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير ابن يعلى، فهو غير معروف
عندي.
وأبوه يعلى- وهو ابن أمية- له من الأولاد: صفوان ومحمد وعثمان(6/133)
وعبد الرحمن، وكلهم روى عنه، ولذلك قال الحافظ:
" يحتمل أن يكون هو صفوان ".
وأما الجزم بأنه صفوان- كما فعل بعض الشراح-؛ فمما لا دليل عليه!
على أن ابن جريح مدلس، وقد عنعنه، وقد أدخل بعض الرواة بينه وبن ابن
يعلى: عبد الحميد بن جبير كما يأتي.
لكن الحديث يشهد له الحديث الآتي بعده؛ فهو به حسن.
والحديث أخرجه أحمد (4/223 و 224) : ثنا وكيع قال: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه الترمذي (859) ، وابن ماجه (2/223) من طرق أخرى عن سفيان
عن عبد الحميد عن ابن يعلى ... به.
وهو رواية لأحمد (4/222) ؛ ولكنه قال. عن رجل.. لم يقل: عبد الحميد.
وقال الترمذي:
" لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن ابن جريج، وهو حديث حسن صحيح،
وعبد الحميد: هو ابن جبير بن شيبة عن ابن يعلى عن أبيه؛ وهو يعلى بن أمية ".
1646- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانَةِ، فرَمَلُوا بالبيت،
وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى.
(قلت: إسناده جيد، ورجاله رجال مسلم، وقال المنذري: " حديث حسن ".
وأخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة") .(6/134)
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى: ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم، وقد حسنه وقوّاه من ذكرنا
آنفاً؛ وتفصيل ذلك مع تخريج الحديث في "الإرواء" (1094) .
51- باب في الرَّمَلِ
1647- عن أبي الطُّفَيْل قال:
قلت لابن عباس: يزعم قومك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رَمَلَ بالبيت، وأن
ذلك سنةٌ؟!
قال: صدقوا وكذبوا.
قلت: وما صدقوا وكذبوا؟!
قال: صدقوا؛ قد رَمَلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذبوا؛ ليس بسنة؛ إن قريشاً
قالت زمن الحديبية: دَعُوا محمداً وأصحابه حتى يموتوا موت النَّغَفِ، فلما
صالحوه على أن يجيئوا من العام المُقْبِلِ، فيقيموا بمكة ثلاثة أيام؛ فقدم
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمشركون من قبل قعَيْقِعانَ- فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لأصحابه:
" ارمُلُوا بالبيت ثلاثاً "، وليس بسنة.
قلت: يزعم قومك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بين الصفا والمروة على
بعير، وأن ذلك سنة؟!
فقال: صدقوا وكذبوا.(6/135)
قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟!
قال: صدقوا؛ قد طاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الصفا والمروة على بعيره.
وكذبوا؛ ليس بسنة؛ كان الناس لا يُدْفَعونَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يُصْرَفُونَ
عنه، فطاف على بعير؛ ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تنالَهُ أيديهم.
(قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو نعيم في "مستخرجه" عليه نحوه) .
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا أبو عاصم
الغَنَوِيَ عن أبي الطفيل.
قلت: وهذا إسناد رجاله على شرط مسلم؛ غير أبي عاصم، لم يرو عنه غير
حماد- وهو ابن سلمة- ولم يوثقه أحد غير ابن معين.
ولكنه قد تابعه الجريري عن أبي الطفيل ... نحوه، وهو مخرج في "الإرواء"
(1118) .
وتابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس ... بالرمل نحوه، وهو الآتي بعده.
1648- وفي طريق أخرى عنه قال:
قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة؛ وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركون:
إنه يَقْدَمُ عليكم قوم وقد وَهَنَتْهُمُ الحمى، ولَقُوا منها شَرّاً، فأطلع الله نبيه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما قالوه، فأمرهم أن يَرْمُلُوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشُوا بين
الركنين، فلما رأوهم رَمَلُوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم؟!
هؤلاء أجلد منا!
قال ابن عباس: ولم يأمرهم أن يَرْمُلوا الأشواط كلها؛ إلا إبقاءً عليهم.(6/136)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد فهو على شرط
البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/368 و 7/410) ، ومسلم (4/65) ، والنسائي
(2/39) ، والبيهقي (5/82) ، وأحمد (1/290 و 295) من طرق أخرى عن حماد
ابن زيد ... به.
وتابعه حماد بن سلمة عن أيوب ... به نحوه؛ بلفظ:
فلما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعامه الذي اعتمر فيه؛ قال لأصحابه:
" ارملوا بالبيت ثلاثاً؛ ليرى المشركون قوتكم ". فلما رملوا قالت قريش: ما
وهنتهم!
أخرجه أحمد (1/306 و 373) بسند جيد، وعلقه البخاري، ووصله الإسماعيلي.
1649- عن عمر بن الخطاب قال:
فِيمَ الرَّمَلانُ والكشفُ عن المناكب. وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر
وأهله؟! مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم، وصححه الحاكم
والذهبي على شرطه. وأخرجه البخاري بنحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا هشام بن سعد(6/137)
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن
سعد، فهو من رجال مسلم، وفيه كلام يسير من قبل حفظه.
والحديث في "مسند أحمد" (1/45) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (2/223) ، والحاكم (1/454) ، وعنه البيهقي (5/79)
من طريقين آخرين عن هشام بن سعد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا؛ على ما عرفت من حال هشام بن سعد.
وقد خالفه محمد بن جعفر فقال: أخبرني زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب
قال ... فذكره نحوه.
أخرجه البخاري (3/370) .
وزيد بن أسلم لم يسمع من عمر، فاستغربت إخراج البخاري إياه! وزادني
استغراباً أن الحافظ لم يتكلم عليه بشيء، فرجعت إلى نسخة أخرى من
"البخاري "؛ وإذا فيها زيادة: عن أبيه.
فاتصل الإسناد من طريق محمد بن جعفر، وتبين أنه متابع لهشام، وليس
بمخالف. والحمد لله على توفيقه.
1650- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطبع، فاستلم وكبَّر، ثم رمل ثلاثة أطواف، وكانوا
إذا بلغوا الركن اليماني، وتغيَّبوا من قريش؛ مَشَوْا، ثم يَطْلُعون عليهم
يَرْمُلُون، تقول قريش: كأنهم الغزلان!(6/138)
قال ابن عباس: فكانت سنة.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا يحيى بن سُلَيْم عن ابن
خُثَيْم عن أبي الطفيل عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في يحيى بن سليم الطائفي،
ولكنه قد توبع كما يأتي بعده.
والحديث أخرجه ابن حبان (3801) ، والبيهقي (5/79) من طريق أخرى عن
الطائفي ... به.
1651- وفي رواية عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانة، فرملوا بالبيت
ثلاثاً، ومشوا أربعاً.
(قلت: إسناده جيد، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن
خُثَيْم عن أبي الطفيل عنه.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات رجال مسلم. ولابن خثيم فيه إسناد
آخر تقدم في الكتاب برقم (1646) .
وتابع حماداً معمرٌ: عند ابن حبان (3803) .
والحديث أخرجه أحمد (1/306) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.(6/139)
وتابعه إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان ... به أتم منه؛ ولفظه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل الظهران في عمرته؛ بلغ أصحابَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن
قريشاً تقول: ما يتباعثون من العَجَفِ! فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا
من لحمه، وحسونا من مرقه؛ أصبحنا غداً حين ندخل على القوم؛ وبنا جَمَامَة!
قال:
" لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لي من أزوادكم ". فجمعوا له وبسطوا الأنطاع؛
فأكلوا حتى تولوا، وحثى كل واحد منهم في جرابه، ثم أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى
دخل المسجد، وقعدتْ قريش نحو الحِجْرِ، فاضطبع بردائه، ثم قال: " لا يرى
القوم فيكم غَمِيزَةً، فاستلم الركن، ثم دخل، حتى إذا تغيب بالرُكْن اليماني؛
مشى إلى الركن الأسود. فقالت قريش: ما يرضون بالمشي؛ إنهم لَيَنْقُزونَ نقز
الظِّباء! ففعل ذلك ثلاثة أطواف، فكانت سنة. قال أبو الطفيل: وأخبرني ابن
عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك في حجة الوداع
أخرجه أحمد (1/305) ؛ وسنده جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
1652- عن نافع:
أن ابن عمر رمل من الحَجَرِ إلى الحَجَرِ، وذكر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل
ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا سُلَيم بن أخضر: ثنا عبيد الله عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.(6/140)
والحديث أخرجه البيهقي (5/83) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (4/64) ... بإسناده.
وأخرجه أحمد (2/100) : ثنا عفان: ثنا سُلَيْمُ بن أخضر ... به.
وهو (1/123) ، والدارمي (2/43) ، وابن ماجه (2/223) من طريقين آخرين
عن عبيد الله ... به نحوه؛ زاد عفان: قال عبيد الله:
فذكروا لنافع أنه كان يمشي ما بين الركنين؟ قال:
ما كان يمشي إلا حين يريد أن يستلم.
52- باب الدعاء في الطواف
1653- عن عبد الله بن السائب قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ما بين الركنين: (ربَّنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار) .
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا ابن جريج عن يحيى بن
عُبَيْدٍ عن أبيه عن عبد الله بن السائب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عبيد- وهو
المكي مولى السائب المخزومي-، وقد روى عنه أيضاً واصل مولى ابن عيينة، ووثقه
النسائي وابن حبان.(6/141)
وأبوه لم يذكروا له راوياً غير ابنه يحيى، وذكره ابن حبان في "الثقات". لكن
ذكره في "الصحابة": ابنُ قانع وابن منده وأبو نعيم، فإن ثبت ذلك؛ فالإسناد
حسن؛ وإلا فالحديث حسن لما له من الشواهد كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (8963) ، وعنه ابن الجارود (456) ، وأحمد
(3/411) ، وابن حبان (1001) ، والحاكم (1/455) ، والبيهقي (5/84) من طرق أخرى
عن ابن جريج ... به، وصرح ابن جريج بالتحديث في رواية عبد الرزاق وأحمد.
والحديث عزاه المنذري في "مختصره" للنسائي! ولعله يعني: في "سننه الكبرى"!
وإن مما يقوي الحديثَ عمل السلف به؛ فقد روى عبد الرزاق (8966) عن
معمر قال: أخبرني من أثق به عن رجل قال:
سمعت لعمر بن الخطاب هَجِيراً حول البيت يقول ... فذكر الآية.
والرجل الذي لم يسم: هو حبيب بن صُهْبان؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق
أبي بكر بن عياش عن عاصم عن حَبِيبِ بن صُهْبان ... به.
وهذا إسناد حسن.
ثم أخرجه عبد الرزاق (8964 و 8965) من طريق أخرى عن ابن عمر ... مثله.
ورجاله ثقات؛ غير تابعيه- وهو أبو شعبة البكري- لا يعرف.
1654- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا طاف في الحج والعمرة؛ أول ما يَقْدَمُ؛ فإنه
يسعى ثلاثة أطواف، ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(6/142)
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن
ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (2/38) ... بسند المصنف.
والبخاري (3/373) ، ومسلم (4/63) من طرق أخرى عن موسى ... به.
53- باب الطواف بعد العصر
1655- عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تمنعوا أحداً يطوف بهذا البيت، ويصلي أيَّ ساعة شاء من ليل أو
نهار".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي،
وصححه الترمذي وابن حبان) .
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن بَابَاهْ عن
جبير بن مطعم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وابن السرح:
اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله.
وقد صرح أبو الزبير بسماعه من عبد الله بن باباه، كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/80) ، والحميدي (561) قالا: ثنا سفيان ... به؛
إلا أنه قال: ثنا أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن باباه ... به في رواية الحميدي.
ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/448) ، وقال:(6/143)
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (868) ، والنسائي (2/36) ، والدارمي (2/70) ، والطحاوي
(1/395) ، وابن حبان (626) والبيهقي (5/92) من طرق أخرى عن
سفيان ... به، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (4/81 و 84) من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه
سمع عبد الله بن بابِيهْ ... به.
وتابعه عمرو بن الحارث أن الزبير حدثه ... به.
أخرجه ابن حبان.
وتابعه عبد الله بن أبي نَجِيحٍ عن عبد الله بن بابيه ... به.
أخرجه أحمد (4/82 و 83) ، والبيهقي (5/110) .
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه الطحاوي.
54- باب طواف القارن
1656- عن جابر بن عبد الله قال:
لم يَطُفِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابُهُ بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً:
طوافه الأول.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن الجارود) .(6/144)
إسناده: حدثنا ابن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير
قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/317) ... بإسناده المذكور.
وأخرجه مسلم (4/36) ، وابن الجارود (459) ، والطحاوي (1/406) ،
والبيهقي (5/106) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به.
1657- عن عائشة:
أن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رَمَوُا
الجمرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من حديثها المتقدم
برقم (1562)) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من الحديث المتقدم
برقم (1562) ؛ فلا داعي للإعادة.
1658- وعنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال لها:
" طوافك بالبيت، وبالصفا والمروة يكفيكِ لحجِّكِ وعمرتك ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) .(6/145)
إسناده: حدثنا الربيع بن سليمان المُؤَذِّنُ: أخبرني الشافعي عن ابن عيينة عن
ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة.
قال الشافعي: كان سفيان ربما قال: عن عطاء عن عائشة، وربما قال: عن
عطاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة رضي الله عنها ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
ومراد الشافعي: أن سفيان- وهو ابن عيينة- كان يتردد في روايته، فتارة
يسنده فيقول: عن عطاء عن عائشة، وتارة يرسله فيقول عن عطاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال لعائشة ...
ولا يضر هذا التردد في صحة الحديث؛ لأنه قد جاء من طريق أخرى عنها
كما يأتي.
والحديث أخرجه الشافعي في "مسنده " (ص 39) ... هكذا.
وتابعه عنده: ابن جريج عن عطاء ... مرسلاً.
وخالفهما إبراهيم بن نافع فقال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن
عائشة رضي الله عنها:
أنها حاضت بِسَرِفَ؛ فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يُجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك ".
أخرجه مسلم (4/34) ، والبيهقي (5/106) .
وتابعه عبد الله بن طاوس عم ن أبيه عن عائشة ... به نحوه؛ وزاد:
فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج.(6/146)
أخرجاه: مسلم والبيهقي، وأحمد أيضاً (6/124) .
55- باب الملتزم
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
56- باب أمر الصفا والمروة
1659- عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه قال:
قلت لعائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا يومئذ حديث السن-: أرأيتِ قول
الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ؛ فما أرى على أحد شيئاً أن
لا يَطوَفَ بهما؟ قالت عائشة: كلا! لو كان كما تقول؛ كانت: (فلا جناح
عليه أن لا يَطَّوٌف بهما) ! إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يُهِلون
لمناةَ، وكانت مناةُ حَذْوَ قُدَيْدِ، وكانوا يَتَحَرَّجُونَ أن يَطوفُوا بين الصفا
والمروة. فلما جاء الإسلام؛ سَألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فأنزل الله
تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة. (ح) وثنا ابن السرح:
ثنا ابن وهب عن مالك عن هشام عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/96) من طريق أخرى عن القعنبي.
وهو في "الموطأ" (1/338) .(6/147)
ومن طريقه: رواه البخاري أيضاً (8/142) .
وأخرجه مسلم (4/68) ، وابن ماجه (2/231) ، والبيهقي أيضاً من طرق
أخرى عن هشام بن عروة ... به.
وتابعه الزهري عن عروة بن الزبير ... به أتم منه: أخرجه البخاري (3/391) ،
ومسلم، والترمذي (2969) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي
(2/41) ، والبيهقي، وأحمد (6/144 و 227) من طرق عنه.
ورواه الحميدي أيضاً (219) .
1660- عن عبد الله بن أبي أوفى:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين،
ومعه مَنْ يَسْتُرُهُ من الناس. فقيل لعبد الله: أدَخَل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكعبة؟
قال: لا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بسنده ومتنه،
ولمسلم منه جملة الدخول. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد بن عبد الله: ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن
عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/367) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وهو (3/486 و 7/410) ، وابن ماجه (2/232) ، وأحمد (4/381) ،(6/148)
والحميدي (721) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به.
وأخرج مسلم (4/97) منه الجملة المتعلقة بالدخول.
والدارمي (2/69) ما قبلها.
1661- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ زاد:
ثم أتى الصفا والمروة، فسعى بينهما سبعاً، ثم حَلَقَ رأسه.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: ثم حلق رأسه ... ، فقد تفرد به شريك
القاضي، وهو سيئ الحفظ) .
إسناده: حدثنا تَمِيم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق بن يوسف: أخبرنا شريك
عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا سوء حفظ شريك- وهو ابن
عبد الله القاضي-؛ فإني أخشى أن يكون تفرد بقوله. ثم حلق رأسه.
فإني لم أر هذه الزيادة في شيء من الطرق المتقدمة عن إسماعيل، والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (5/102) من طريق المصنف.
1662- عن كثير بن جُمْهان:
أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر- بين الصفا والمروة-: يا أبا عبد الرحمن!
إني أراك تمشي والناس يَسْعَوْنَ؟! قال:
إن أمشِ؛ فقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي، وإن أسْعَ؛ فقد رأيت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسعى، وأنا شيخ كبير.(6/149)
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: "حسن صحيح "، وصححه ابن
خزيمة) .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جُمْهان.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير كثير بن جمهان، وثقه
ابن حبان فقط، وروى عنه ليث بن أبي سليم أيضاً. وقال الحافظ:
"مقبول ".
فمثله يمكن تحسين حديثه؛ لا سيما إذا توبع، وقد توبع كما يأتي.
لكن عطاء كان اختلط.
وبه أعله المنذري! وليس بشيء؛ فقد رواه عنه سفيان الثوري أيضاً كما يأتي؛
وهو سمع منه قبل الاختلاط.
والحديث أخرجه الترمذي (864) - وقال: " حسن صحيح "- وابن ماجه
(2/232) ، والبيهقي (5/99) ، وأحمد (2/61 و 120) من طرق أخرى عن
عطاء ... به.
وتابعهم سفيان الثوري عنه: أخرجه النسائي (2/42) ، وأحمد (2/53) .
ثم رواه النسائي من طريق عبد الرزاق قال: أنبأنا الثوري عن عبد الكريم
الجزري عن سعيد بن جبير قال:
رأيت ابن عمر ... وذكر نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2772) من طريق أخرى عن الثوري ... به.(6/150)
57- بابُ صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1663- عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
دخلنا على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه؛ سأل عن القوم؟ حتى
انتهى إليَّ؛ فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي،
فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زِرَي الأسفلَ، ثم وضع كَفَّه بين ثَدْيَيَّ- وأنا
يومئذ غلام شابٌ - فقال: مرحباً بك، وأهلاً يا ابن أخي! سَلْ عَمَّا شئت،
فسألته- وهو أعمى-؟ وجاء وقت الصلاة، فقام في نِسَاجَةِ مُلْتَحِفاً
بها- يعني: ثوباً مُلَفَّقاً-، كلما وضعها على منكبه؛ رجع طرَفاها من
صِغَرِها، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المِشْجَبِ. فقلت: أخْبِرْنِي عن
حَجَّةِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال بيده، فَعَقَدَ تسعاً، ثم قال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكث تسع سنين لم يَحُجَّ، ثم أذَّنَ في الناس في
العاشرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌ، فقدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثيرٌ، كُلُهم يلتمس
أن يَأْتم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويعملَ بمثلِ عملِه. فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فَوَلَدَتْ أسماءُ بنتُ عُمَيْس محَمَّدُ بنَ
أبي بكر، فأرسلَتْ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف أصنع؟ قال:
" اغتسلي واسْتَذْفِرِي بثوب، وأحْرِمي ". فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
المسجد، ثم ركب القَصْوَاء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء- قال
جابر:- نظرت إلى مَدِّ بصري من بين يديه؛ من راكب وماش، وعن يمينه
مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بين أظْهُرِنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فما عَمِلَ به من شيء؛(6/151)
عَمِلْنَا به- فأهَلَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتوحيد:
" لَبَّيْكَ اللهمَّ! لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة
لك والملك، لا شريك لك ".
وأهل الناس بهذا الذي يُهِلُون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً
منه، ولَزِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيتَهُ.
قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا
البيت معه؛ استلم الرُكْنَ، فَرَمَلَ ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم تقدَّم إلى مقام
إبراهيم فقرأ: (واتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبراهيم مُصَلّىً) ، فجعل المقام بينه وبين
البيت. قال: فكان أبي يقول- قال ابن نُفَيْلِ وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال-: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقرأ في الركعتين ب: (قل هو الله أحد) ، و: (قل يا أيها الكافرون) ، ثم
رجع إلى البيت، فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا
من الصفا؛ قرأ:
" (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ، نبدأ بما بدأ الله به "؛ فبدأ
بالصفا، فَرَقِيَ عليه حتى رأى البيت، فكبَّرَ الله ووحَّده، وقال:
" لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي
ويميت، وهو كل على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده،
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ". ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا
ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبَّتْ قدماه؛ رَمَلَ في بطن
الوادي، حتى إذا صَعِدَ؛ مشى، حتى أتى المروة، فصنع على المروة مثل ما
صنع على الصفا، حتى إذا كان آخرُ الطوافِ على المروة؛ قال:(6/152)
" إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتها
عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هدي؛ فَلْيُحْلِلْ وليجعلْها عمرة "؛ فَحَلَّ
الناسُ كلُّهم وقَصَّروا؛ إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن كان معه هدي، فقام سُراقَةُ بن
جُعْشُمٍ، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فَشَبَّكَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أصابعه في الأخرى، ثم قال:
" دخلت العمرة في الحج هكذا (مرتين) ؛ لا، بل لأبدِ أبدٍ، لا، بل
لأبدِ أبدٍ ". قال:
وقَدمَ علي رضي الله عنه من اليمنِ ببُدْنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فاطمة
رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، ولبست ثياباً صَبِيغاً، واكتحلت، فأنكر عَلِيٌّ
ذلك عليها، وقال: مَنْ أمَرَك بهذا؟! فقالت: أبي. فكان علي يقول
بالعراق: ذَهَبْتُ إلى رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشاً على فاطمة في الأمر الذي
صَنَعَتْهُ؛ مستفتياً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي ذكرتْ عنه، فأخبرته أني
أنكرت ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا؟ فقال:
" صدقت صدقت! ماذا قلتَ حين فرضْتَ الحج؟ ".
قال: قلت: اللهم! إني أُهل بما أَهل به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:
" فإن معيَ الهَدْيَ، فلا تَحْلِلْ ". قال:
وكان جماعةُ الهَدْيِ الذي قَدِمَ به عليٌّ من اليمن- والذي أتى به
النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة- مئةً. فحلَّ الناس كلُّهم وقصَّروا؛ إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ومن كان معه هدي. قال:
فلما كان يَوْمُ التروية، ووجَّهوا إلى منى؛ أهلُّوا بالحج، فركِبَ رسول(6/153)
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بِمِنىً: الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ، والصبحَ، ثم
مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بِقُبَّةٍ له مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ
بـ: (نَمِرَةَ) ، فسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تَشُك قريش أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
واقفٌ عند المشعر الحرام بالمزدلفة، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية،
فأجاز رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى عرفة، فوجد القُبَّةَ قد ضُرِبَتْ له بـ (نَمِرَةَ) ،
فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس؛ أمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ له، فركب حتى
أتى بطن الوادي، فخطب الناس فقال:
" إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم
هذا، في بلدكم هذا! ألا إن كُلَّ شيء من أمر الجاهلية تحت قَدَمَي
موضوعٌ، ودماءَ الجاهلية موضوعة، وأولُ دم أضعُهُ دماؤُنا-: دم.. قال
عثمان: دم ابن ربيعة، وقال سليمان: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب،
وقال بعض هؤلاء: كان مسترضعاً في بني سعد، فقتلته هذيل-. وربا
الجاهلية موضوع، وأول رباً أضعه ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب؛ فإنهُ
موضوع كلُهُ! اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم
فروجهنَّ بكلمة الله، وإنَّ لكمِ عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرهونه؛
فإن فَعَلْنَ؛ فاضربوهنَّ ضرباً غَيْرَ مُبَرِّح، ولهنَّ عليكم رِزْقُهُن وكِسْوَتُهُن
بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لن تَضَلُوا بعده إن اعتَصمتم به: كتاب
الله. وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟ ".
قالوا: نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وأديْتَ ونصحت. ثم قال بأصبعه السبابَةِ؛
يَرْفَعُها إلى السماء، وَينْكُبُها إلى الناس:(6/154)
" اللهم! اشهد، اللهم! اشهد، اللهم! اشهد ".
ثم أذَّنَ بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يُصَلِّ
بينهما شيئاً. ثم ركب القصواء، حتى أتى الموقف، فجعل بَطْنَ ناقته
القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وجعل حَبْلَ المشاة بين يديه، فاستقبل القبلة،
فلم يَزَلْ واقفاً؛ حتى غَرَبَتِ الشمسُ؛ وذهبت الصُفْرَةُ قليلاً حين غاب
القرص، وأردف أسامة خلفه، فدفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقد شَنَقَ للقصواء
الزِّمَامَ، حتى إن رَأْسَها لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وهو يقول بيده اليمنى:
" السَّكِينَةَ أيها الناس! السكينةَ أيها الناس! "؛ كلما أتى حَبْلاً من
الحبال؛ أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فجمع بين
المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين- قال عثمان: ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئاً.
ثم اتفقوا-، ثم اضطجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى طلع الفجر، فصلى الفجر
حين تَبَيَّنَ له الصبح- قال سليمان: بنداء وإقامة. ثم اتفقوا-، ثم ركب
القصواء، حتى أتى المَشْعَرَ الحرام، فَرَقِيَ عليه- قال عثمان وسليمان:
فاستقبل القبلة؛ فحَمِدَ الله وكبَّرَهُ وهَلَّلَهُ- زاد عثمان: ووحَّده-. فلم يزل
واقفاً؛ حتى أسْفَرَ جداً، ثم دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن تطلع الشمس،
وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حَسَنَ الشَعَرِ، أبيضَ وسيماً، فلما
دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظعُنُ يَجْرِينَ؛ فطَفِقَ الفَضْلُ ينظر إليهن، فوضع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل، وصَرَفَ الفضلُ وجهَهُ إلى الشقِّ
الآخر، وحَوَّلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إلى الشَق الآخر، وصرف الفضلُ وجهه
إلى الشِّقِّ الآخر يَنْظُرُ، حتى أتى مُحَسَّراً، فَحَرَّكَ قليلاً، ثم سلك الطريق
الوسطى الذي يخرجك إلى الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند(6/155)
الشجرة، فرماها بسبع حَصَيَاتٍ- يُكَبِّرُ مع كل حصاه منها- بمثل حصى
الخَذْفِ، فرمى من بطن الوادي، ثم انصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المنحر،
فنحر بيده ثلاثاً وستين، وأمر علياً فنحر ما غَبَرَ- يقول: ما بقي-، وأشْرَكَهُ
في هَدْيِهِ، ثم أمر مِنْ كُلِّ بَدَنَة بِبَضْعَة؛ فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكلا
من لحمها، وشربا من مرقها- قال سليمانْ: ثم ركب-، ثم أفاض رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى البيت، فصلى بمكة الظهر؛ ثم أتى بني عبد المطلب وهم يَسْقُونَ
على زَمْزَمَ، فقال:
" انْزِعُوا بني عبد المطلب! فلولا أن يَغْلِبَكُمُ الناس على سِقَايَتكُم؛
لنزعتُ معكم ". فناولوه دَلْواً فَشَرِبَ منه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود
بطوله) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وهشام بن
عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان- وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة
والشيء- قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بطوله كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/7- 9) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن الجارود (469) من طريق النفيلي وحده.
وابن ماجه (2/252- 258) من حديث هشام بن عمار وحده.
ومسلم (4/38- 43) ، والدارمي (2/44- 49) من طرق أخرى عن حاتم بن
إسماعيل ... بطوله.(6/156)
وأخرج النسائي وأحمد وغيرهما ... أطرافاً منه. وقد خرجته بتوسع في الجزء
الذي كنت جمعته في حديث جابر هذا، مستوعباً طرقه وزياداته، وهو مطبوع.
1664- وفي رواية عنه عن أبيه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة- ولم يُسَبِّحْ
بينهما- وإقامتين، وصلى المغرب والعشاء بِجَمْع بأذان واحد وإقامتين، ولم
يُسَبِّحْ بينهما.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل، والصواب أنه من مسند جابر
كما في الرواية الأولى وما بعدها. وهذا القدر في "صحيح مسلم "، وابن
الجارود وابن حبان عن جابر كما تقدم) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن بلال-. (ح)
وثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الوهاب الثقفي- المعنى واحد- عن جعفر بن محمد
عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قال أبو داود: " هذا الحديث أسنده حاتم بن إسماعيل في الحديث الطويل.
ووافق حاتم بن إسماعيل على إسناده: محمدُ بن علي الجعفي عن جعفر عن أبيه
عن جابر، إلا أنه قال: فصلى المغرب والعَتَمَةَ بأذان وإقامة.
قلت: وهذا إسناد مرسل، وقد أشار المصنف إلى ترجيح رواية حاتم المسندة عن
جابر، وهي المتقدمة برواية محمد بن علي الجُعْفِيَّ المعلقة، ولم أجد من وصلها!
ومحمد بن علي هذا: هو أخو الحسين بن علي الجُعْفي، كما في "تاريخ
البخاري " (1/1/184) ، و "الجرح والتعديل " (4/1/27) ، ولم يذكرا فيه جرحاً
ولا تعديلاً، فقوله: وإقامة ... شاذ بل منكر، والمحفوظ: وإقامتين ... كما في(6/157)
الرواية المسندة والمرسلة.
وقد أسند الحديث: حفصُ بن غياث أيضاً عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جابر ... به نحو حديث حاتم بن إسماعيل: أخرجه مسلم.
وكذلك أسنده جماعة من الثقات، بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً، ومنهم
سليمان بن بلال نفسه: عند أحمد (3/340 و 394) .
فلا يُعِلُّهُ تقصير من قصر فيه فأرسله.
1665- وفي أخرى عن جابر قال: ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قَدْ نَحَرْت ههنا، ومنِىً كلَها مَنْحَرٌ ". ووقف بعرفة فقال:
" قد وقفت ههنا، وعرفة كلُّها مَوْقِفٌ "، ووقف بالمزدلفة فقال:
" قد وقفت ههنا، ومزدلفة كلُّها مَوْقِفٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا جعفر:
ثنا أبي عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (3/320- 321) ... بهذا الإسناد مطولاً.
وكذلك رواه ابن الجارود (465) .
وأخرج منه النسائي (2/45 و 48) : " عرفة كلها موقف "، و" المزدلفة
كلها موقف " كلاهما من طريق يحيى بن سعيد ... به.(6/158)
وتابعه على هذه الرواية- بجميع فقراتها- حفص بن غياث: عند مسلم، وقد
تقدم آنفاً.
وكذلك رواه البيهقي؛ وعنده الزيادة الآتية.
1666- زاد في رواية:
" فانْحَرُوا في رحالكم ".
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر ... بإسناده؛ زاد ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال
البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/115 و 170) من طريقين آخرين عن مسدد ... به.
وأخرجه مسلم (4/43) : حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي ... به.
1667- وفي أخرى عن جابر ... فذكر الحديث؛ وأدرج في الحديث
- عند قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) -: قال: فقرأ فيهما
بالتوحيد و (قل يا أيها الكافرون) . وقال فيه: قال علي رضي الله عنه
بالكوفة- قال أبي: هذا الحرف لم يذكره جابر-: فذهبت محرَّشاً ...
وذكر قصة فاطمة رضي الله عنها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بنحوه، وليس فيه(6/159)
الإدارج المذكور إلا في قصة فاطمة، وهو الأرجح، وقد مضى في الكتاب برقم
(1663)) .
إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا يحيى بن سعيد القطان عن جعفر:
حدثني أبي عن جابر ... فذكر هذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه أحمد وابن الجارود
عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم برقم (1665) ، وفيه عندهما معنى الإدارج الذي
صرح به المؤلف رحمه الله، والإدراج في قصة التحريش تقدم أيضاً في حديث حاتم
ابن إسماعيل (1663) .
وأما القراءة في الركعتين؛ فلم يدرجها، بل قال جعفر بن محمد بن علي:
فكانْ أبي يقول: ولا أعلم ذكره إلا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا أقرب إلى الجزم برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشك فيه؛ لأن العلم ينافي
الشك كما قال النووي.
ويؤيده أن مالكاً جزم به فقال: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ...
بلفظ:
قرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) ، فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة
الكتاب و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد) .
أخرجه النسائي (2/40) ، والبيهقي (5/91) .
ورواه الترمذي (869) من طريق آخر عن جعفر ... به.(6/160)
58- باب الوقوف بعرفة
1668- عن عائشة قالت:
كانت قريش ومَنْ دَانَ لِينَهَا يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسَمَّوْنَ
(الحُمْسَ) ، وكان سائرُ العربِ يقفون بعرفة. قالت: فلما جاء الإسلام؛ أمر
الله تعالى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأتي عرفاتِ، فيقف بها، ثم يُفِيضَ منها، فذلك
قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيثُ أفاض الناسُ) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هَنَّاد- وهو ابن السَّرِيِّ
التميمي الكوفي-، فهو على شرط مسلم، وقد أخرجه هو والبخاري على ما
يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/43) ، والمسائي (2/45) ، والبيهقي (5/113)
من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به.
ومسلم أيضاً، والبخاري (8/150) ، والترمذي (884) - وقال: " حديث
حسن صحيح "-، وابن حبان (1720- موارد) ، والبيهقي أيضاً من طرق
أخرى عن هشام بن عروة ... به؛ ولفظ ابن حبان: منى.. مكان: المزدلفة! وهو
شاذ.(6/161)
59- باب الخروج إلى منى
1669- عن ابن عباس قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر يوم التروية، والفجر يوم عرفة بمنى.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "،
ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا الأحوص بن جَوَاب الضبيُّ: ثنا عمار بن
رُزَيْقٍ عن سليمان الأعمش عن الحكم عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وقد أعل بما لا
يقدح عندي كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (880) ، والدارمي (2/54) ، والحاكم (1/461) ،
وأحمد (1/297 و 303) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
وأما الترمذي؛ فأعله بقوله:
" قال علي بن المديني: قال يحيى: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا
خمسة أشياء. وعَدَّها، وليس هذا الحديث فيما عَدَّ شعبة "!
قلت: قد قال أحمد:
" وأما غير ذلك؛ فأخذها من كتاب ".
قلت: وما أظن الكتاب في ذلك الزمان إلا موثوقاً. على أن للحديث طريقاً
أخرى من رواية إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس ... نحوه.(6/162)
رواه الترمذي وابن ماجه (2/235) ؛ وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
وله شاهد عن ابن عمر: رواه أحمد (2/129) - مفرقاً- بسند حسن، ويأتي
في الكتاب بعد حديث؛ دون ذكر صلاة الظهر في منى.
وهذا القدر: في حديث جابر الطويل المتقدم (1663) .
وآخر من حديث عبد الله بن الزبير، صححه الحاكم على شرط الشيخين،
ووافقه الذهبي.
1670- عن عبد العزيز بن رفَيْع قال: سألت أنس بن مالك قلت:
أخْبِرْنِي بشيء عَقَلْتَه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أين صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الظهر يوم التروية؟ فقال: بمنى.
قلت: فأين صلى العصر يوم النفْرِ؟ قال: بالأبطح. ثم قال: افعل كما
يفعل أُمراؤك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا إسحاق الأزرق عن سفيان عن
عبد العزيز بن رفيع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن إبراهيم- وهو
الدَّوْرَقِي-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/100) : ثنا إسحاق ... به.
ومن طريقه: أخرجه الدارمي (2/55) .(6/163)
ثم أخرجه هو، والبخاري (3/399 و 466) ، ومسلم (4/84- 85) ، والترمذي
(964) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/44) ، والبيهقي
(5/112) ، وابن الجارود (494) ، وأبو يعلى (7/106- 107) من طريق أخرى عن
إسحاق بن يوسف الأزرق ... به.
60- باب الخروج إلى عرفة
1671- عن ابن عمر قال:
غدا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من منى حين صلى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يومِ عرفة،
حتى أتى عرفة، فنزل بِنَمِرَةَ، وهي مَنْزِلُ الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى
إذا كان عند صلاة الظهر؛ راح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَجِّراً، فجمع بين الظهر
والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق:
حدثني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن
إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، كما في هذا الحديث.
والحديث أخرجه أحمد (2/129) ... بهذا السند والمتن.
ثم ساق به بعده إلى ابن عمر:
أنه كان يحب- إذا استطاع- أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية، وذلك أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر بمنى.(6/164)
61- باب الرَّوَاح إلى عرفة
1672- عن ابن عمر قال:
لما قَتَلَ الحَجَّاج ابنَ الزُبَيْرِ؛ أرسل إلى ابن عمر: أيةَ ساعةٍ كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يروح في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنَا. فلما أراد ابن عمر
أن يروح؛ قالوا: لم تَزِغِ الشمس! قال: أزاغت؟ قالوا: لم تَزِغ! قال: فلما
قالوا: قد زاغت؛ ارتحل.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا نافع بن عمر عن سعيد بن
حسان عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن حسان؛ فلم
يوثقه غير ابن حبان، وقد روى عنه أيضاً إبراهيم بن نافع الصائغ. فمثله قد يحسن
حديثه؛ لا سيما في الشواهد والمتابعات، والحديث الذي قبله مما يشهد له.
وكذلك حديث ابن الزبير قال: مِنْ سُنةِ الحج: أن يصلىَ الإمام الظهرَ والعصرَ
والمغربَ والعشاءَ الآخرةَ والصبحَ بمنىً، ثم يغدوَ إلى عرفة فيقيلَ حيث قُضِيَ له،
حتى إذا زالت الشمس؛ خطب الناس: ثم صلى الظهر والعصر جميعاً، ثم وقف
بعرفات ... الحديث.
أخرجه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وقد تقدم قريباً.
والحديث في "المسند" (2/25) ... سنداً ومتناً؛ إلا أنه سقط من السند ذكر
وكيع، ومن المتن بعض الأحرف.
وأخرجه ابن ماجه (2/236) من طريق أخرى عن وكيع ... به.(6/165)
62- باب الخطبة على المنبر بعرفة
1673- عن نُبَيْطٍ:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقفاً بعرفة على بعير أحمر يخطب.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن سلمة بن نُبَيْط عن رجل من
الحي عن أبيه نُبَيْط.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سلمة بن نُبَيْط،
وهو ثقة.
لكن شيخه لم يُسَم؛ فهو مجهول؛ إلا أن جماعة من الثقات قد رووه عن
سلمة عن أبيه؛ لم يدخلوا بينهما أحداً، وهو المحفوظ.
والحديث أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/137) ، والنسائي (2/45) - عن
سفيان؛ وهو الثوري-، والنسائي- عن ابن المبارك-، وأحمد (4/305) - عن وكيع
وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحِمَّاني وسالم بن أبي الجعد- خمستهم
قالوا: عن سلمة بن نُبَيْط عن أبيه ... به.
فهو إسناد صحيح.
1674- عن خالد بن العَداء بن هَوْذَةَ قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب الناس يوم عرفة على بعير؛ قائمٌ في
الرَكابَيْنِ.
(قلت: إسناده صحيح) .(6/166)
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّري وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا وكيع عن
عبد المجيد قال: حدثني العَدَاء بن خالد بن هَوْذَةَ- قال هناد: عن عبد المجيد أبي
عمرو قال: حدثني خالد بن العداء بن هوذة-.
قال أبو داود: " رواه ابن العلاء عن وكيع كما قال هناد. حدثنا عباس بن
عبد العظيم: ثنا عثمان بن عمر: ثنا عبد المجيد أبو عمرو عن العداء بن خالد ...
بمعناه".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
وقد أخرجه أحمد (5/30) عن وكيع ... به مثل رواية هناد.
63- باب موضع الوقوف بعرفة
1675- عن يزيد بن شيبان قال:
أتانا ابن مِرْبَع الأنصاري ونحن بعرفة- في مكان يباعده عمرو عن
الإمام،- فقال: إني رسولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليكم، يقول لكم:
" قِفُوا على مشاعركم؛ فإنكم على إِرْثٍ من إِرْثِ أبيكم إبراهيم ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا ابن نُفَيْل: ثنا سفيان عن عمرو- يعني: ابن دينار- عن عمرو
ابن عبد الله بن صفوان عن يزيد بن شيبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن
عبد الله بن صفوان، وهو ثقة.(6/167)
ويزيد بن شيبان صحابي معروف.
وابن نفيل: اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيْلٍ الحَراني.
والحديث أخرجه أحمد (4/137) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه الترمذي (883) ، والنسائي (2/45) ، وابن ماجه (2/237) ،
والحاكم (1/462) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم.
" صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي.
64- بابُ الدفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ
1676- عن ابن عباس قال:
أفاض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة؛ وعليه السَّكِينةُ، ورديفُه أسامةُ،
وقال:
" أيها الناس! عليكم بالسكينة؛ فإن البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل ".
قال: فما رأيتها رافعةً يديها عادِيَة حتى أتى جمعاً- زاد وهب: ثم أرْدف
الفضل بن العباس، وقال:
" أيها الناس! إن البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة ".
قال: فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى-.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "،
ووافقه الذهبي. ورواه البخاري مختصراً) .(6/168)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن الأعمش. (ح) وحدثنا وهب
ابن بَيَان: ثنا عَبِيدَةُ: ثنا سليمان الأعمش- المعنى- عن الحكم عن مِقْسَم عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من الوجهين؛ ورجال الوجه
الأول رجال البخاري.
والحديث أخرجه البيهقي (5/119) من طريق آخر عن محمد بن كثير ... به.
وأخرجه الحاكم (1/465) ، وأحمد (1/269) ، والحميدي (577) من طرق
أخرى عن سفيان.
وأحمد (1/235 و 251 و 277 و 353) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
وأخرجه البخاري (3/411) - من طريق سعيد بن جبير-، والنسائي
(2/46) ، وأحمد (1/211) - عن عطاء- كلاهما عن ابن عباس ... مختصراً.
ورواه النسائي (2/46) من طريق قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس أن
أسامة بن زيد قال ... فذكره نحوه مختصراً؛ وفيه: وهو يقول:
" يا أيها الناس! عليكم بالسكينة وللوقار؛ فإن البر ليس في إيضاع الإبل ".
وإسناده جيد.
وأخرجه أحمد (5/202) من طريق ابن إسحاق: حدثني هشام بن عروة عن
أبيه عن أسامة بن زيد ... به.
وإسناده حسن. وقد أخرجه المصنف من طريق أحمد، ولكنه لم يسق لفظه
بتمامه، وهو الآتي برقم (1680) .(6/169)
1677- عن كُرَيْب: أنه سأل أسامة بن زيد:
قلت: أخْبِرْنِي كيف فعلتم- أو صنعتم- عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قال: جئنا الشعْبَ الذي ينِيخُ فيه الناس للمُعَرَّسِ، فأناخ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقته، ثم بال وما- قال زهير- أهراق الماء، ثم دعا بالوَضُوءِ، فتوضأ
وُضُوءاً ليس بالبالغ جداً. قلت: يا رسول الله! الصلاةَ؟! قال:
" الصلاةُ أمامك ". قال: فركب حتى قدمنا المزدلفة، فأقام المغرب،
ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يَحِلوا حتى أقام العشاء وصلى، ثم حَل
الناس- زاد محمد في حديثه: قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم؟
قال: رَدِفَهُ الفضل، وانطلقت أنا في سُباقِ قريش على رِجْلَي-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بتمامه، والبخاري
مختصراً) .
إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير. (ح) وثنا محمد بن
كثير: أخبرنا سفيان- وهذا لفظ حديث زهير-: ثنا إبراهيم بن عقبة: أخبرني
كُريبٌ: أنه ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير إبراهيم بن عقبة، فهو
على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/122) من طريق المصنف.
ومسلم (4/73) ، والدارمي (2/57) ، وأحمد (5/199- 200) من طرق
أخرى عن زهير أبي خيثمة ... به.
وأخرجه النسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ،(6/170)
وأخرجه النسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ،
وأحمد (5/210) من طرق أخرى عن سفيان- وهو الثوري- ... به مختصراً.
ثم أخرجه مسلم والدارمي والنسائي (2/47) ، وأحمد أيضاً (5/200 و 210) ،
والبيهقي من طرق أخرى عن إبراهيم بن عقبة ... به.
وقد رواه عنه ابن إسحاق أيضاً. وتابعه أخوه موسى بن عقبة، ويأتيان في
الكتاب قريباً.
وتابعهما محمد بن أبي حرملة عن كريب ... ببعض اختصار.
أخرجه البخاري (3/409) ، والبيهقي، ومسلم (4/70) ، والحميدي (548) -
وقرن معه إبراهيم بن عقبة-.
1678- عن علي قال:
ثم أردف أسامة، فجعل يُعْنِقُ على ناقته، والناس يَضْرِبُونَ الإبل يميناً
وشمالاً، لا يلتفت إليهم، ويقول:
" السكينةَ أيها الناس! "، ودفع حين غابت الشمس.
(قلت: إسناده حسن، لكن قوله: لا يلتفت ... شاذ، والمحفوظ: يلتفت ...
وهو رواية الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه الضياء
المقدسي في "المختارة") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن
ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف في حفظ ابن عياش
- وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي المدني-؛ قال الحافظ:(6/171)
" صدوق له أوهام ".
وزيد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، وهو
الذي ينسب إليه الزيدية.
والحديث في "مسند أحمد" (1/157) ... بهذا الإسناد مطولاً، كما يشير
إليه المصنف بقوله: ثم قال ... وسيأتي في الباب بعده طرف آخر منه.
ثم أخرجه أحمد (1/75- 76) ، والترمذي (885) ، والبيهقي (5/122) من
طريق أبي أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير: حدثنا سفيان ... بطوله؛
إلا أنه قال: يلتفت إليهم.. دون (لا) النافية؛ إلا في نسخة من "البيهقي "!
والصواب النسخة الأخرى؛ لمطابقتها لرواية أحمد والترمذي.
وكذلك في رواية ابنه عبد الله في "زوائده " (1/76 و 81) عن المغيرة بن
عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ومسلم بن خالد الزنجي؛ كلاهما عن عبد الرحمن
ابن الحارث ... به؛ بلفظ:
وهو يلتفت ويقول.
وهذا هو الصواب؛ لاتفاق هؤلاء الرواة عليه؛ خلافاً لرواية يحيا بن آدم؛ فإنها
شاذة عندي. والله أعلم.
1679- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال:
سُئِلَ أسامة بن زيد وأنا جالس: كليف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسير في
حجة الوداع حين دَفَعَ؟ قال:
كان يَسِيرُ العَنَقَ، فإذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.
قال هشام: النَّصَ: فوقَ العَنَقِ.(6/172)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/351) ... سنداً ومتناً.
وعنه: أخرجه البخاري (3/407) ، والنسائي (2/49) .
ثم أخرجه البخاري (6/104 و 8/89) ، ومسلم (4/74) ، والنسائي (2/46) ،
والدارمي (2/57) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ، وأحمد (5/202
و205 و 210) ، والحميدي (543) من طرق أخرى عن هشام ... به.
وتابعه إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد ... به؛
دون تفسير هشام.
أخرجه أحمد (5/202) بسند حسن، وهو الآتي في الكتاب بعده.
1680- عن أسامة قال:
كنت رِدْفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما وقعت الشَّمْسُ؛ دَفَعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق:
حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن أسامة.
قلت: وهذا إسناد حسن.(6/173)
وهو في "المسند" (5/202) 0.. بأتم منه؛ وفيه سير النَّص الذي أشرت إليه
آنفاً.
1681- عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد: أنه
سمعه يقول:
دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة، حتى إذا كان بالشَّعبِ؛ نزل فبال،
فتوضأ ولم يُسْبغِ الوُضوء. قلت له: الصلاة؟ فقال:
" الصلاة أمامك "؛ فركب، فلما جاء المزدلفة؛ نزل فتوضأ فأسبغ
الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيرَه في
منزله، ثم أقيمت الصلاة، فصلاها، ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب
مولى عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وعبد الله بن مسلمة: هو القعنبي.
والحديث في "الموطأ" (1/355) ... سنداً ومتناً.
وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (3/411) ، ومسلم (4/73) ، والبيهقي
(5/122) - وقد رواه من طرق عنه منها القعنبي-، وأحمد (5/208) .
وقد تابعه إبراهيم بن عقبة أخو موسى بن عقبة: عند مسلم وغيره، وقد مضى
حديثه في الكتاب قريباً (1677) .(6/174)
65- باب الصلاة بِجَمْع
1682- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن
عبد الله عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/355) .
ومن طريقه: أخرجه أيضاً مسلم (4/75) ، والبيهقي (5/120) ، وأحمد
(2/62 و 152) من طرق أخرى عن مالك ... به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما عن غير مالك، كما يأتي بعده.
1683- وفي رواية ثانية ... بإسناده ومعناه؛ وقال:
بإقامة إقامة؛ جمع بينهما.
قال أحمد: قال وكيع: صلى كُلَّ صلاة بإقامة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد آخر بلفظ:
صلاها بإقامة واحدة.. وهو شاذ لمخالفته لهذه الرواية، ولحديث جابر الطويل
المتقدم (1663) ، وهي التي لم يرو البخاري غيرها عن ابن عمر، وهي الآتية) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن(6/175)
الزهري ... بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد بن خالد- وهو
الخَياط القرشي-، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي في الرواية
التالية.
والحديث في "المسند" (2/157) ... بهذا السند والمتن؛ دون قوله: قال
وكيع ...
واعلم أن هذا الحديث- مع صحته- قد اضطرب الرواة في ضبط أمرين منه:
الأول: هل الإقامة كانت لكل من صلاتي المغرب والعشاء- كما في هذه
الرواية- أم لهما معاً- كما في الروايات الآتية-؟ !
والآخر: هل أذَّنَ لهما أم لا؟ فمنهم من نفى- كما في الرواية الثالثة-،
ومنهم من أثبت- كما في الرواية الثامنة-.
والصواب من ذلك كله: الأذان والإقامتان؛ لموافقةِ الروايات المثبتة لذلك
حديثَ جابر الطويل المتقدم برقم (1663) ، ولأن رواية الإقامتين- وهي الثالثة-
هي التي لم يعتمد غيرها الإمام البخاري، فلم يخرج سواها.
ويشهد لها حديث أسامة بن زيد المتقدم برقم (1677 و 1681) ؛ ففيه
التصريح بالإقامتين. وقد فصل الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن " (2/400-
402) القول في اضطراب هذا الحديث، وأقوال العلماء في المسألة، وانتهى إلى
القول:
" والصحيح في ذلك كله: الأخذ بحديث جابر، وهو الجمع بينهما بأذان
وإقامتين؛ لوجهين اثنين:(6/176)
أحدهما: أن الأحاديث سواه مضطربة، فهذا حديث ابن عمر في غاية
الاضطراب ... (ثم بين ذلك بياناً شافياً، ثم قال) .
الوجه الثاني: أنه قد صح من حديث جابر في جمعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرفة،: أنه جمع
بينهما بأذان وإقامتين، ولم يأت في حديث ثابت قط خلافه. والجمع بين
الصلاتين بمزدلفة كالجمع بينهما بعرفة، لا يفترقان إلا في التقديم والتأخير، فلو
فرضنا تدافع أحاديث الجمع بمزدلفة؛ لأخذنا حكَم الجمع من عرفة ".
1684- وفي رواية ثالثة ... بإسناده ومعناه؛ قال:
بإقامة واحدة لكل صلاة، ولم ينادِ في الأولى، ولم يُسَبحْ على إِثْرِ
واحدة منهما.
قال مَخْلَدٌ: لم يُنَادِ في واحدة منهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري؛ لكن
ليس عنده: لم يُنَادِ ... وهو الصواب؛ لشذوذه ومخالفته للرواية الثامنة،
وحديث جابر المشار إليه آنفاً؛ فقد ثبت فيهما الأذان) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا شَبَابَةُ. (ح) وحدثنا مَخْلَدُ بن خالد
- المعنى-: أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري ... بإسناد ابن
حنبل عن حماد ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/411) ، والنسائي (2/47) ، والدارمي
(2/58) ، والطحاوي (1/410) ، والبيهقي (5/120) ، وأحمد (2/56) من طرق
أخرى عن ابن أبي ذئب ... به؛ وليس عند البخاري والدارمي قوله: لم يناد ...(6/177)
وهو الصواب كما ذكرته في الأعلى.
وفي رواية النسائي وأحمد شذوذ آخر؛ فإنه ليس عندهما: لكل صلاة!
1685- وفي رابعة من طريق ثانية عن عبد الله بن مالك قال:
صَلَيْتُ مع ابن عمر: المغربَ ثلاثاً والعشاءَ ركعتين. فقال له مالك بن
الحارث: ما هذه الصلاة؟!
قال: صليتها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا المكان بإقامة واحدة.
(قلت: إسناده مقبول؛ لكن قوله: بإقامة واحدة.. شاذ، والمحفوظ بزيادة:
لكل صلاة.. كما في الرواية التي قبلها) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن
مالك.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن مالك- وهو ابن الحارث
الهَمْدَانِي-؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه أيضاً أبو رَوْق الهَمْدَاني؛ وقد توبع
كما في الرواية الآتية.
والحديث أخرجه الترمذي (887) ، والطحاوي (1/410) ، وأحمد (2/18)
من طرق أخرى عن سفيان الثوري ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "!
كذا قال! وقد عرفت مما تقدم أنه شاذ.
وتابعه شعبة عن أبي إسحاق ... به: رواه الطحاوي وأحمد (2/78) .(6/178)
1686- وفي خامسة من طريق ثالثة عن سعيد بن جبير وعبد الله بن
مالك قالا:
صلينا مع ابن عمر بالمزدلفة: المغرب والعشاء بإقامة واحدة ... فذكر
معنى حديث ابن كثير.
(قلت: يعني: الذي قبله؛ وقد عرفت ما فيه من الشذوذ) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا إسحاق- يعني: ابن يوسف-
عن شَرِيك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك.
قلت: إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-؛
لكنه قد توبع كما تقدم ويأتي.
وشريك قد تابعه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن
مالك، كما تقدم آنفاً.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد في روايته عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير،
كما في الرواية الآتية.
وتوبع أبو إسحاق في روايته عن سعيد بن جبير من سَلَمَةَ بن كُهَيْل وغيره،
كما يأتي بيانه في الرواية السابعة.
1687- وفي رواية سادسة عن سعيد بن جبير قال:
أفَضْنَا مع ابن عمر، فلما بَلَغْنَا جَمْعاً؛ صلى بنا المغرب والعشاء بإقامة
واحدة ثلاثاً واثنتين؛ فلما انصرف قال لنا ابن عمر:
هكذا صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا المكان.(6/179)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ لكن
قوله: بإقامة واحدة.. شاذ كما سبق) .
إسناده: حدثنا ابن العلاء: ثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن
سعيد بن جبير.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/75) ، والترمذي (888) من طريق أخرى عن
إسماعيل بن أبي خالد ... به.
وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيّ، وقد توبع كما في الرواية الآتية.
1688- وفي رواية سابعة من طريق سَلَمَةَ بن كُهَيلٍ قال:
رأيت سعيد بن جبير أقام بِجَمْع، فصلى المغرب ثلاثاً، ثم صلى
العشاء ركعتين، ثم قال: شهدت ابن عمر صنع في هذا المكان مثل هذا،
وقال:
شهدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع مثل هذا في هذا المكان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ وفيه
الشذوذ السابق) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني، سَلَمَةُ بن كهَيْل.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده.
والحديث أخرجه مسلم (4/75) ، والطحاوي (1/410) ، وأحمد (2/62) من(6/180)
طريق أخرى عن شعبة قال: أخبرني الحكَم بن عُتَيْبَةَ وسَلَمَةُ بن كهيل معاً ...
بلفظ: بإقامة.. زاد مسلم: واحدة.
وتابعه الثوري عن سلمة بن كهيل ... به: أخرجه مسلم والنسائي (2/47) .
وفي رواية لأحمد (2/81) من طريق شعبة عن الحكم وحده؛ بلفظ:
أقام بجمع- قال: وأحسبه- وأذَّنَ فصلى المغرب ...
وقد جزم أبو بشر عن سعيد بن جبير بالأذان: عند الطحاوي من فعل ابن
عمر. وقال الطحاوي:
" ومحَالٌ أن يكون أدخل في ذلك أذاناً، إلا وقد علمه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
1689- وفي ثامنة من طريق أشْعَثَ بن سُلَيْمٍ عن أبيه قال:
أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة، فلم يكن يَفْتُرُ من التكبير
والتهليل؛ حتى أتينا المزدلفة؛ فأذن وأقام، أو أمر إنساناً فأذن وأقام، فصلى
بنا المغرب ثلاث ركعات، ثم التفت إلينا فقال: الصلاة، فصلى بنا العشاء
ركعتين، ثم دعا بعَشائه.
قال: وأخبرني عِلاجُ بن عمرو ... بمثل حديث أبي عن ابن عمر.
قال: فقيل لابن عمر في ذلك؟! فقال:
صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هكذا.
(قلت: إسناده صحيحِ على شرط البخاري من الوجه الأول؛ وفيه إثبات
الأذان للصلاتين؛ خلافاً للرواية الثالثة، وهو المحفوظ كما سبق هناك. وأما
قوله: الصلاة.. مكان الإقامة الثانية؛ فشاذ أيضاً، والمحفوظ الإقامة مرة أخرى(6/181)
كما مضى) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أشعث بن سليم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد،
فهو على شرط البخاري وحده.
وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء.
وأبوه: اسمه سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي.
وأبو الأحوص: اسمه سَلام بن سلَيْمٍ الحنفي- مولاهم- الكوفي.
وأما علاج بن عمرو- وهو الشيخ الثاني لأشعث بن سليم في هذا الحديث-؛
فلا يعرف، كما قال الذهبي. وذكره ابن حبان في "الثقات "! وروى عنه أبو صخرة
جامع بن شَداد أيضاً.
قلت: فمثله يستشهد به؛ بل أن بعضهم ليحتج به لو تفرد.
وقد اتفق هو وسليم أبو الشعثاء على إثبات الأذان في المزدلفة؛ خلافاً للروايات
السابقة، وهو الموافق لحديث جابر كما سبق؛ بخلاف قوله: الصلاة.. بدل:
الإقامة! فشاذ.
1690- عن ابن مسعود قال:
ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة إلا لوقتها؛ إلا بجمع؛ فإنه جمع
بين المغرب والعشاء بِجَمْع، وصلى صلاة الصبح من الغَدِ قبل وقتها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .(6/182)
إسناده: حدثنا مسدد أن عبد الواحد وأبا عوانة وأبا معاوية حدثوهم عن
الأعمش عن عُمَارَةَ عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/384) : ثنا أبو معاوية ... به.
وأخرجه مسلم (4/76) ، والنسائي (2/47) من طرق أخرى عن أبي
معاوية ... به.
والبخاري (3/417) ، ومسلم أيضاً، والبيهقي (5/124) ، وأحمد (1/426
و434) ، والحميدي (114) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
1691- عن علي:
فلما أصبح- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووقف على قزَحَ؛ فقال:
" هذا قُزَح، وهو الموقف، وجَمْعٌ كلها موقف. ونحرت ههنا، ومنى
كلها مَنْحَرٌ؛ فانحروا في رحالكم ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي والضياء المقدسي كما
تقدم (1678)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن
ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ وقد مضى الكَلام عليه قريباً برقم (1678) .
وروى ابن ماجه (3010) : جملة الوقوف في عرفة.(6/183)
1692- عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" وقفت ههنا بعرفة؛ وعرفة كلها موقف. ووقفت ههنا بجَمْعٍ؛ وجمع
كلها موقف، ونحرت ههنا؛ ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم ".
(إسناده: صحيح، وقد مر بالجملة الأخيرة منه 1666) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد مضى من طريق آخر عن جعفر (1665) .
والجملة الأخيرة منه: بهذا الإسناد (1666) .
1693- ومن طريق أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" كل عرفة موقف، وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل المزدلفة موقف، وكل فِجَاجِ
مكةَ طريق ومَنْحَرٌ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء
قال: حدثني جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن زيد
- وهو الليثي-، فهو من رجال مسلم؛ على ضعف في حفظه، لكن تقويه الطريق
التي قبله.
والحديث أخرجه الدارمي (2/56- 57) ، وابن ماجه (2/247) ، وأحمد(6/184)
(3/326) من طرق أخرى عن أسامة بن زيد ... به.
1694- عن عمر بن الخطاب قال:
كان أهل الجاهلية لا يفِيضونَ حتى يَرَوا الشمس على ثَبِيرٍ، فخالفهم
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدفع قبل طلوع الشمس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري. وقال
الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا ابن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون
قال: قال عمر بن الخطاب ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق- وهو السبيعي-
وإن كان اختلط؛ فقد سمع منه سفيان- وهو الثوري- قبل الاختلاط، وقد صَرحَ
في رواية شعبة الآتية بالتحديث.
والحديث أخرجه الطحاوي (1/413) ، وأحمد (1/29 و 39 و 42 و 54) من
طرق أخرى عن سفيان ... به؛ وزاد في رواية.
وكانوا يقولون: " أشرق ثَبِير! كيما نُغِير ".
وتابعه شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن ميمون ... به: أخرجه
البخاري (3/418) ، والنسائي (2/48- 49) ، والطيالسي (1/222) ، وعنه
الترمذي (896) ، وكذا البيهقي (5/124) ، وأحمد (1/14 و 50) .
ورواه الدارمي (2/59) ، وابن ماجه (2/241) ، والطحاوي من طريقين آخرين
عن أبي إسحاق.(6/185)
66- باب التعجيل مِنْ جَمْع
1695- عن ابن عباس قال:
أنا ممن قَدَّمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المزدلفة في ضَعَفَةِ أهله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد
أنه سمع ابن عباس يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (1/222) ؛ وإسناده ثلاثي.
وكذلك أخرجه الحميدي (463) ، والشافعي (1077) .
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به.
وله طرق أخرى عن ابن عباس، خرجتها كلها في "الإرواء" (1076) .
1696- وعنه قال:
قَدَّمنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةَ المزدلفةِ- أُغيْلِمَةَ بني عبد المطلب- على
حُمُرَات، فجعل يَلْطَحُ أفخاذنا ويقول:
" أُبَيْنِي! لا ترموا الجَمْرَةَ حتى تطلع الشمس ".
قال أبو داود: " اللَّطْحُ: الضرب الليِّن".
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان قال: حدثني سلمة بن كهيل
عن الحسن العُرَنِيِّ عن ابن عباس.(6/186)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ العرني لم يسمع
من ابن عباس.
لكنه قد صح من رواية مقسم عن ابن عباس: عند الترمذي وغيره.
وتابعه عطاء عن ابن عباس، وقد خرجت ذلك كله في المصدر السابق.
1697- ومن طريق أخرى عنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدَّمُ ضعفاء أهله بغَلَسِ؛ ويأمرهم- يعني:- لا
يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس.
(قلت: حديث صحيح بمجموع طريقيه، وله طريق ثالث صحيح: عند
الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان وحسنه الحافظ) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا الوليد بن عقبة: ثنا حمزة الزَيَّاتُ
عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عباس.
وهذا إسناد رجاله ثقات، ولولا عنعنهَ حبيب؛ لصححته؛ لكن الحديث
صحيح بطريقيه المتقدمين.
1698- عن عطاء:
أخبرني مُخْبِرٌ عن أسماء: أنها رمت الجمرة.
قلت: إنَا رمينا الجمرة بليل؟!
قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان نحوه) .(6/187)
إسناده: حدثنا محمد بن خَلاد الباهلي. ثنا يحيى عن ابن جريح: أخبرني
عطاء.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مُخْبِرِ عطاء؛ فإنه
لم يُسَمَّ في هذه الرواية؛ إلا أنه قد جاء مسمى في بعض الروايات الأخرى
بـ: عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر- وهو ابن كيسان القرشي التيمي أبو عمر
المدني-، وهو ثقة؛ قال المصنف:
"ثبت ".
فصح الحديث، والحمد لله.
ويحيى: هو ابن سعيد بن فَرُّوخِ القَطَان، الحافظ الإمام في الجرح والتعديل،
وكان لا يحدث إلا عن ثقة، وهو أجل أصحاب مالك بالبصرة.
والحديث أخرجه أحمد (6/347) : ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال:
أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء:
أنها نزلت عند دار المزدلفة، فقالت: أي بُنَيَّ! هل غاب القمر ليلة جمع؟ وهي
تصلي. قلت: لا. فصلت ساعة، ثم قالت. أي بُنَيَّ! هل غاب القمر؟ قال- وقد
غاب القمر-: قلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا، ثم مضينا بها حتى رمينا
الجمرة، ثم رجعت فَصَلَّتِ الصبح في منزلها. فقلت لها: أيْ هَنْتَاهْ! لقد غلسنا؟!
قالت: كلا يا بُنَيَّ! إن نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للظعْنِ.
هكذا صرح ابن جريج بالتحديث، ولم يذكر عطاءً.
وكذلك رواه أحمد أيضاً (6/351) - عن محمد بن بكر وروح-، والبخاري
(3/414) ، والبيهقي (5/133) - عن مسدد-، ومسلم (4/77) - عن محمد بن
أبي بكر المقَدَّمي- كلهم عن يحيى ... به.(6/188)
وتابعه عيسى بن يونس عن ابن جريج ... به. أخرجه مسلم.
وسعيد بن سالم: عند الطحاوي (1/412) .
ورواه الطيالسي (1/222) عن طلحة عن عبد الله ... به مختصراً.
وطلحة: هو ابن عمرو المكي، متروك.
وأخرجه مالك (1/350) عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أن
مولاة (!) لأسماء بنت أبي بكر أخبرته قالت:
جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر مِنىً بِغَلَسِ، قالت: فقلت لها: لقد جئنا منى
بغلس؟! فقالت: قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك.
كذا وقع فيه: مولاة! بالتأنيث. وفي " الفتح " (3/415) معزواً لمالك:
مولى.. بالتذكير، وقال:
" وكذا أخرجه الطبراني من طريق أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد.
فالظاهر أن ابن جريج سمعه من عطاء، ثم لقي عبد الله فأخذه عنه. ويحتمل أن
يكون مولى أسماء شيخ عطاء غير عبد الله".
ثم رأيته في " النسائي " (2/49) عن مالك ... بلفظ: مولى.. كما نقله في
"الفتح ".
قلت: ويحيى بن سعيد شيخ مالك، لبس هو القطان، وإنما هو الأنصاري
القاضي، ولكني لم أجد في شيوخه عطاءً! والله أعلم.
1699- عن جابر قال:
أفاض رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه السكينةُ، وأمرهم أن يرموا بمثل حصى
الخَذْفِ، وأوْضَعَ في وادي مُحَسِّرٍ.(6/189)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم من حديث
الفضل بن عباس) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا عنعنة أبي الزبير؛ لكن
قد رواه عنه ليث بن سعد، وهو لا يروي عنه إلا ما سمعه من جابر.
والحديث أخرجه البيهقي (5/125) من طريقين آخرين عن محمد بن
كثير ... به.
ثم أخرجه هو، والنسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/241) ، وأحمد (3/332
و367 و 391) ؛ وزاد:
" لتأخذ أمتي مَنْسَكَها؛ فإني لا أدري لعلَي لا ألقاهم بعد عامهم هذا! ".
ولهذه الزيادة طريق أخرى، ستأتي في الكتاب في "باب رمي الجمار" رقم
(1719) .
وللنسائي (2/49) من الحديث: الإيضاع فقط؛ وهو رواية لأحمد (3/301) .
وأخرجه الدارمي (2/60) من طريق ليث عن أبي الزبير؛ لكن من حديث
أبي مَعْبَد مولى ابن عباس عن ابن عباس عن الفضل بن عباس ... نحوه.
وكذلك رواه مسلم (4/71) من هذا الوجه.
وأخرجه هو، والنسائي والدارمي من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير ... به.
لكن الظاهر أن أبا الزبير رواه عن جابر أيضاً؛ لرواية سفيان هذه.
وقد تابعه ابن جريج أيضاً، كما سيأتي في الموضع المشار إليه آنفاً.(6/190)
67- باب يوم الحج الأكبر
1700- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يوم النَّحْرِ بين الجَمَرَاتِ في الحجة التي حَجَّ،
فقال:
" أيُ يومٍ هذا؟ ". قالوا: يوم النحر. قال:
" هذا يوم الحجِّ الأكبِر".
(قلت: إسناده صحيح. وعلقه البخاري بصيغة الجزم) .
إسناده: حدثنا مُؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد ثنا هشام - يعني: ابن الغاز-: ثنا
نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مسلسل بالتحديث.
والحديث أخرجه ابن سعد (2/183) من طريق آخر عن الوليد بن مسلم ... به.
وأخرجه ابن ماجه (2/248- 249) ، والبيهقي (5/139) من طريقين آخرين
عن هشام ... به.
وعلقه عليه البخاري (3/454- فتح) بصيغة الجزم، فقال: وقال هشام بن
الغاز ...
وللحديث شاهد من حديث عمرو بن الأحوص: عند ابن ماجه والترمذي
(3087) ، وصححه.
وللجملة الأخيرة منه شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(6/191)
أخرجه أحمد (3/473) بسند صحيح.
وآخر عن علي: عند الترمذي (957) بسند ضعيف.
1701- عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال:
بعثني أبو بكر فيمن يُؤَذِّنُ يومَ النحر بمنىً: أن لا يَحُج بعدَ العامِ
مُشْرِك، ولا يطوفَ بالبيتِ عرْيَان، ويوم الحج الأكبرِ: يومُ النحرِ، والحجُّ
الأكبرُ: الحجُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم؛ دون
قوله: " ويوم الحج الأكبر ... "؛ فإنها عندهما من قول حميد بن عبد الرحمن.
وبه جزم الحافظ؛ فهي مدرجة في رواية المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أن الحكم بن نافع حدثهم: ثنا
شعيب عن الزهري: حدثني حمَيْد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على
شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (6/214) : حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب ...
به؛ إلا أنه قال:
وإنما قيل: الأكبر؛ من أجل قول الناس: الحج الأصغر.. بدل قوله: والحج
الأكبر: الحج.
وقد جزم الحافظ بأن هذا القِيلَ: إنما هو مدرج ليس من الحديث المرفوع؛ وإنما
هو من قول حميد بن، عبد الرحمن، قاله تفقهاً، وقد ميزه البخاري في رواية، وهي(6/192)
رواية مسلم عن الحديث، مصرحاً بأنه من قول حميد، كما بينته في "إرواء
الغليل " (1101) .
68- باب الأشهر الحرمِ
1702- عن أبي بَكْرَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب في حَجَّتِهِ، فقال:
" أن الزمان قد استدار كهيئتِهِ يومَ خلق الله السماوات والأرض:
السنة اثنا عشرَ شهراً، منها أربعة حرم: ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعْدَةِ، وذو
الحِجَّةِ، والمحَرَّم، ورجب مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وشعبانَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا أيوب عن محمد عن ابن أبي بَكْرَةَ
عن أبي بكرة.
حدثنا محمد بن يحيى بن فَيَّاض: ثنا عبد الوهاب: ثنا أيوب السَّخْتِيَانِيُّ عن
محمد بن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قال أبو داود: " سَمَّاه ابن عون فقال. عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي
بكرة ... في هذا الحديث ".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من
رجال البخاري؛ فهو صحيح على شرطه من الوجه الأول؛ لأن ابن أبي بكرة: هو
عبد الرحمن، كما في الوجه الثاني العلق، وسأذكر من وصله.
لكن ابن أبي بكرة قد سقط من بعض نسخ الكتاب المطبوعة من الوجه
الأول؛ فلا أدري أهكذا وقعت الرواية للمؤلف؟! أو هو لسقط من بعض النساخ؟!(6/193)
ولعله يؤيد الأولَ أن المنذري قال في "مختصره ":
" حديث ابن سيرين عن أبي بكرة: أخرجه النسائي، وحديث ابن سيرين
عن ابن أبي بكرة عن أبيه: أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه مختصراً ومطولاً ".
ويزيده تأييداً: أن أحمد رواه كالنسائي كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (5/37) ، وابن سعد (2/186) : ثنا إسماعيل: أنا
أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة ...
هكذا لم يذكر: ابن أبي بكرة! وهو كذلك عند بعض رواة البخاري؛ لرواية
حماد بن زيد الآتية. قال الحافظ (1/161) :
" فصار منقطعاً؛ لأن محمداً لم يسمع من أبي بكرة ".
أقول: ولا يُعَل الحديث بذلك؛ لأن المحفوظ عن عبد الوهاب عن أيوب وغيره:
إثبات ابن أبي بكرة. وإليك البيان:
أخرجه البخاري (6/226 و 8/87- 88 و 13/370- 371) - عن محمد بن
المثنى- و (10/6) - عن محمد بن سلام-، ومسلم (5/107) - عن أبي بكر بن
أبي شيبة ويحيى بن حبيب الحارثي- كلهم؟ قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن
أيوب عن ابن سيرين عن ابن أبي بكرة ... به.
وتابعه حماد عن أيوب ... به:
أخرجه البخاري (1/161) .
وحماد: هو ابن زيد، وقد عرفت ما وقع في روايته من السقط عند بعض رواة
"كتاب البخاري ".(6/194)
وتابعه على وصله: عبد الله بن عون؛ علقه المصنف عنه، وقد وصله البخاري
(1/129) ، ومسلم، وأحمد (5/37 و 45) من طرق عنه عن محمد بن سيرين
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ... به؛ لكنه لم يذكر هذا الطرف من الحديث،
وإنما ذكر ما بعده من قوله: " أتدرون أي يوم هذا؟ ... " الحديث.
وتابعه أيضاً قُرَةُ بن خالد فقال: عن محمد بن سيرين قال: أخبرني عبد الرحمن
ابن أبي بكرة عن أبي بكرة، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن- حميد بن
عبد الرحمن عن أبي بكرة- ... بمثل حديث ابن عون: أخرجه البخاري
(3/453) ، ومسلم، والبيهقي (5/140) ، وأحمد (5/39 و 49) .
وللحديث شاهد من رواية علي بن زيد عن أبي حُرَةَ الرقَاشِي عن عَمِّه ...
مرفوعاً به؛ دون تسمية الأشهر.
أخرجه أحمد (5/72- 73) وسنده لا بأس به في الشواهد.
69- باب مَنْ لم يُدْرِكْ عَرَفَةَ
1703- عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ قال:
أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرفة، فجاء ناس- أو نَفَرٌ - من أهل نَجْد، فأمروا
رجلاً فنادى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف الحج؟ فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنادى:
" الحَجًّ؟! الحج يومُ عرفةَ، مَنْ جاء قبل صلاة الصبح؛ من ليلة جمع؛
فتَم حَجّهُ، أيامُ منىً ثلاثة؛ فمنْ تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخرَ
فلا إثم عليه ". قال: ثم أردف رجلاً خلفه؛ فجعل ينادي بذلك.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم، ووافقه(6/195)
الذهبي، وقال سفيان بن عيينة: ليس بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من
هذا) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني بُكَيْرُ بن عطاء عن
عبد الرحمن بن يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ.
قال أبو داود: " وكذلك رواه مهران عن سفيان قال: " الحجَ الحجّ " مرتين.
ورواه يحيى بن سعيد القطان عن سفيان قال: " الحج " مرةً ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بكير بن عطاء
الليثي، وهو ثقة.
والحديث أخرجه سائر أصحاب " السنن " وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء "
(1064) .
1704- عن عروة بن مُضَرِّس الطائي قال:
أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالموقف- يِعني: بجَمْع- قلت: جئت يا رسول
الله! من جبل طيِّئٍ، أكلَلْتُ مَطِيَّتِي، وأتَعبتُ نَفْسي، والله! ما تركت من
حَبْل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛
فقد تَمَّ حجَّهُ، وقضى تَفَثَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن
الجارود أيضاً، وابن حبان والحاكم والذهبي، وكذا القاضي أبو بكر بن
العربي) .(6/196)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل: ثنا عامر: أخبرني عروة بن
مضَرِّسٍ الطائي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عروة بن
مضرس، وهو صحابي.
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقد توبع عند بقية أصحاب "السنن " وغيرهم،
وهو مخرج في "الإرواء" (1066) .
70- باب النزول بمنى
1705- عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من "أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
خطب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بمنىً، ونَزَّلهم منازلهم، فقال:
" لينزل المهاجرون ههنا- وأشار إلى مَيْمَنَةِ القبلة-، والأنصار ههنا
- وأشار إلى مَيْسَرَةِ القبلة-، ثم لينزل الناسُ حولَهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر،
وعبد الرحمن بن معاذ صحابي، ولم يذكر الرجل في رواية عنه، تأتي برقم
(1710) ، وهو الصحيح عند البيهقي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن حُمَيْد
الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. غير الرجل الذي لم يُسَم،
ولا يضرُّ؛ فإنه صحابي، وكلهم عدول.(6/197)
وعبد الرحمن بن معاذ صحابي أيضاً.
وقد خولف معمر في إسناده، فرواه عبد الوارث عن حميد الأعرج ... به؛ إلا
أنه لم يذكر الرجل في إسناده، وسيأتي بعد ثلاثة أبواب برقم (1710) . وقال
البيهقي:
" وهذا هو الصحيح؛ عبد الرحمن بن معاذ له صحبة. وزعموا أن محمد بن
إبراهيم التيمي لم يدركه، وأن روايته عنه مرسلة. والله أعلم "!
قلت: لم أر هذا الإعلال لغير البيهقي! وقد ذكر المزي عبد الرحمن بن معاذ
في شيوخ محمد بن إبراهيم، ولما ذكر الحافظ في "تهذيبه " الذين أرسل عنهم
محمد بن إبراهيم؛ لم يذكر فيهم عبد الرحمن هذا! والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (5/138) من طريق المؤلف.
وهو في "المسند" (4/61 و 5/374) ... بهذا الإسناد.
وقد خالف معمراً عبد الوارث بن سعيد وسفيان بن عيينة؛ فلم يذكرا في
السند: عن رجل؛ كما سيأتي هناك؛ وهو الصحيح كما قال البيهقي.
71- باب أيَّ يَوْم يَخْطُبُ بِمِنىً؟
1706- عن رجلين من بني بكر قالا:
رأينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند
راحلته، وهي خطبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي خطب بِمِنى.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع عن ابن(6/198)
أبي نَجِيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وابن أبي نجيح:
اسمه عبد الله بن يسار.
والحديث أخرجه البيهقي (5/151) من طريق المؤلف.
72- باب من قال: خطب يوم النحر
1707- عن الهرماس بن زياد الباهلي قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ الناس على ناقته العضبَاء يومَ الأضحى
بمنىً.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هشام بن عبد الملك: ثنا عكرمة:
حدثني الهرماس بن زياد الباهلي.
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف يسير
في عكرمة- وهو: ابن عمار-.
والحديث أخرجه ابن حبان (1016) : أخبرنا أبو خليفة: حدثنا أبو الوليد ... به.
وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه البيهقي (5/140) ، وأحمد (3/485 و 5/7) ، وابن سعد (2/185)
من طرق أخرى عن عكرمة ... به.
وقال ابن سعد: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ... به أتم منه.(6/199)
1708- عن أبي أمامة قال:
سمعت خطبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنىً يومَ النَّحْرِ.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا مُؤَمَلٌ - يعني: ابنَ الفَضْلِ الحَرَاني-: ثنا الوليد: ثنا ابن
جابر: ثنا سلَيْمُ بن عامر الكَلاعي: سمعت أبا أمامة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحراني، وهو
ثقة.
وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد.
والوليد: هو ابن مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (5/140) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن سليم بن عامر ... به؛ وساق
نص الخطبة، ولم يذكر بمنى يوم النحر. وهو مخرج في "الصحيحة" (867) .
وله في " المسند" (5/266) طريق آخر ... نحوه.
73- باب أيَّ وقتٍ يخطب يومَ النَّحْرِ؟
1709- عن رافع بن عمرو المُزَنِيِّ قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب الناس بمنىً حين ارتفع الضحى على بغلة
شَهْبَاءَ؛ وعليُّ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عنه، والناسُ بين قاعد وقائم.(6/200)
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي: ثنا مروان عن هلال
ابن عامر المُزَني: حدثني رافع بن عمرو المُزَنِيُّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ ومروان هو ابن معاوية
الفَزَارِي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/140) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه من طريق البخاري، وهذا في "تاريخه " (2/1/302/1026)
عن أبي حفص (وفي البيهقي: أبي جعفر) : حدثنا مروان ... به. وقال
البخاري:
" وتابعه عبد الرحمن بن مَغْرَاء. وقال أبو معاوية: عن هلال عن أبيه عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والأول أصح ".
قلت: رواية أبي معاوية في "المسند" (3/477) : ثنا أبو معاوية قال: ثنا هلال
ابن عامر عن أبيه ... به.
ثم قال: ثنا محمد بن عبيد: حدثنا شيخ من بني فَزَارَةَ عن هلال بن
عامر ... به.
وهذا الشيخ الفزاري يحتمل أنه مروان بن معاوية نفسه. فإن صح
ذلك؛ فيكون قد تابع أبا معاوية الضرير على روايته عن هلال عن أبيه. فالله
أعلم.
وسيأتي حديث أبي معاوية عند المصنف في "اللباس " [21- باب] .(6/201)
74- باب ما يَذْكُرُ الإمامُ في خطبته بمنى
1710- عن عبد الرحمن بن معاذ التَّيمِيِّ قال:
خَطَبَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن بمنىً، فَفُتِحَتْ أسماعُنا؛ حتى كُنَّا نسمع
ما يقول ونحن في منازلنا، فَطَفِقَ يعلِّمهم مناسِكَهم، حتى بَلَغَ الجمارَ،
فوضع إصبعيه السبابتين، ثم قال: " بحصى الخَذْفِ "؛ ثم أمر المهاجرين
فنزلوا في مُقَدمِ المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل
الناس بعد ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد مضى مختصراً برقم
(1705) عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل، والصحيح أنه من (مسند
عبد الرحمن) كما سبق بيانه هناك) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن حُمَيْدٍ الأعرج عن محمد بن
إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي.
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد سبق الكلام عليه فيما تقدم
(1705) .
والحديث أخرجه البيهقي (5/139) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو (5/127) ، وأحمد (5/374) ، وابن سعد (2/185) من طرق
أخرى عن عبد الوارث بن سعيد ... به.
وأخرجه الحميدي (852) : ثنا سفيان: ثنا حميد الأعرج ... به.(6/202)
75- باب يبيتُ بمكةَ لياليَ منىً
1711- عن ابن عمر قال:
استأذن العباسُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيت بمكة لياليَ منىً؛ من أجل
سقايته؟ فأذِنَ له.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله عن
نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه مسلم (4/86) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا ابن
نمير وأبو أسامة ... به.
ثم أخرجه هو، والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن عبيد الله بن عمر ...
به. وهو مخرج في " الإرواء " (1079) .
76- باب الصلاة بمنى
1712- عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
صلى عثمان بمنى أربعاً، فقال عبد الله: صليتُ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين- وزاد عن حفص: ومع
عثمان صدراً من إمارته، ثم أتمها. زاد من ههنا عن أبي معاوية: ثم تفرقَتْ(6/203)
بكم الطرق! فلودِدْت أن لي من أربعِ ركعاتٍ ركعتين متقبَّلَتَيْن! -
قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قُرّةَ عن أشياخه: أن عبد الله صلى
أربعاً.
قال: فقيل له: عِبْتَ على عثمان، ثم صليت أربعاً؟!
قال: الخلاف شَرٌّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون حديث
معاوية بن قرة. وهذا إسناد صحيح؛ فإن الأشياخ جمع ينجبر بعددهم
جهالتهم، مع احتمال أن يكونوا من الصحابة- وجهالتهم لا تضر-؛ فإن معاوية
ابن قرة تابعي) .
إسناده: حدثنا مسدد: أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاه- وحديث أبي
معاوية أتم- عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن في يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/143- 144) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/563- الخطيب) ، ومسلم (2/149) ، والنسائي
(1/212) : حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد الواحد عن الأعمش ... به؛
ولفظ النسائي مختصر.
ثم أخرجه البخاري (3/400) ، ومسلم، والنسائي، والطحاوي (1/242) من
طرق أخرى عن الأعمش ... به؛ وليس عندهم جميعاً رواية الأعمش عن معاوية
ابن قرة.(6/204)
وقد أخرجه البيهقي (2/144) من طريق أبي نعيم عن الأعمش: ثنا معاوية
ابن قُرَّةَ- بواسط- عن أشياخ الحي قال:
صلى عثمان الظهر بمنى أربعاً، فبلغ ذلك عبد الله، فعاب عليه، ثم صلى
بأصحابه في رَحْلِهِ العصرَ أربعاً. فقيل (الأصل: فقلت) له: عِبْتَ على عثمان
وصليت أربعاً؟! قال: إني أكره الخلاف. وقال.
" وقد روي ذلك بإسناد موصول ... "، ثم ساقه من طريق يونس بن أبي
إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
كنا مع عبد الله بن مسعود بجَمْع، فلما دخل مسجد مِنى؛ سأل: كم صلى
أمير المؤمنين؟ قالوا: أربعاً. فصلى أربعاً. قال: فقلنا: ألم تحدِّثنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلى ركعتين، وأبا بكر صلى ركعتين؟! فقال. بلى، وأنا أحدثكموه الآن، ولكن
عثمان كان إماماً، فما أخالفه، والخلاف شَرٌ.
ورجال هذا ثقات؛ لولا أن أبا إسحاق- هو السَّبِيعِيُّ- مدلس مختلط.
أما حكمه على السند الذي قبله بأنه منقطع؛ فلجهالة الأشياخ، وهذا
اصطلاح خاص له! ولا يقدح ذلك في صحة الإسناد؛ لما ذكرته في الأعلى.
وفي الباب عن ابن عمر قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى صلاة السافر، وأبو بكر
وعمر وعثمان ثماني سنين- أو قال: ست سنين-.
أخرجه مسلم (2/146) ،وأحمد (2/45) ... بلفظ: ست سنين من إمرته،
ثم صلى أربعاً.
وظاهر هذا الحديث وحديث الباب: أن عثمان رضي الله عنه كان يُتِم في منى
أيام الحج.(6/205)
ولكني وجدت ما يدل على أنه كان يقصر فيها، وإن كان الإتمام منه قبل الحج
وبعد الفراغ منه، فقال ابن إسحاق: ثنا يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير عن
أبيه عَباد قال:
قدِمَ علينا معاوية حاجّا، قدمنا معه مكة. قال: فصلى بنا الظهر ركعتين، ثم
انصرف إلى دار الندوة. قال: وكان عثمان- حين أتم الصلاة- إذا قدم مكة؛ صلى
بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر
الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى؛ أتم الصلاة حتى يخرج من مكة ...
الحديث.
أخرجه أحمد (4/94) ؛ وإسناده حسن.
فلعل قصره في منى قبل الفراغ من الحج كان بعد أن عاب ابن مسعود عليه
وغيره من الصحابة. والله أعلم.
1713- عن الزهري:
أن عثمان بن عَفَّان أتمَّ الصلاة بمنىً؛ من أجل الأعراب؛ لأنهم كَثُرُوا
عامَئِذ، فصلى بالناس أربعاً؛ ليُعلِمَهُم أن الصلاة أربعٌ.
(قلت: إسناده حسن لغيره، وقد قواه الحافظ) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب عن الزهري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ لكنه قد روي
موصولاً من وجه آخر كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/144) من طرين المصنف.(6/206)
وأخرجه الطحاوي (1/247) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
ويقويه ما أخرجه البيهقي من طريق سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن
حميد عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان:
أنه أتم الصلاة بمنى، ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس! إن السنة سنة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنة صاحبيه؛ ولكنه حَدَثَ العام (كذا ولعل الصواب: طَغامٌ؛
كما في "الفتح ") ، فخِفْتُ أن يَسْتَنُوا.
وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات معروفون؛ غير سليمان بن سالم- وهو العَطار
المدني القرشي-، ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن عدي:
"ولا أرى بمقدار ما يرويه بأساً ". وقال ابن أبي حاتم (2/1/120) عن
أبيه:
" شيخ ". وقال الحافظ- عقب هذه الطريق من رواية البيهقي-:
" وعن ابن جريج. أن أعرابياً ناداه في منى. يا أمير المؤمنين! ما زلتُ أصليها
منذ رأيتك عامَ أولَ ركعتين. وهذه طرق يُقَوِّي بعضها بعضاً ".
77- باب القصر لأهل مكة
1714- عن حارثة بن وهب الخُزَاعي- وكانت أمُّهُ تحت عمر، فولدت
عبيد الله بن عمر- قال:
صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى؛ والناسُ أكثرُ ما كانوا، فصلى بنا
ركعتين في حجة الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: " حديث(6/207)
حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق: حدثني حارثة بن وهب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق كان اختلط،
لكن رواه عنه سفيان وشعبة أيضاً كما يأتي، وهما سمعا منه قبل الاختلاط.
والحديث أخرجه مسلم (2/147) ، وابن سعد (2/183) ، والبيهقي (3/134
- 135) من طريق أخرى عن زهير ... به.
ثم أخرجه البيهقي، وكذا البخاري (3/400) ، والنسائي (1/212) ، وابن
خزيمة في "صحيحه " رقم (1702) ، والطحاوي (1/243) ، وأحمد (4/306)
- عن شعبة-، والنسائي وأحمد- عن سفيان-، ومسلم والترمذي (882) -
وصححه عن أبي الأحوص- كلهم عن أبي إسحاق ... به.
78- باب في رمي الجمار
1715- عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب، يُكَبِّرُ
مع كل حصاة، ورجلٌ من خلفه يَسْتُرُهُ فسألت عن الرجل؟ فقالوا:
الفضل بن العباس. وازدحم الناس، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا أيها الناس! لا يقتل بعضكم بعضاً، وإذا رميتم الجمرة؛ فارموا بمثل
حصى الخَذْفِ ".
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: حدثني علي بن مُسْهِرٍ عن يزيد بن أبي(6/208)
زياد: أخبرنا سليمان بن عمرو بن الأحوص.
قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ سليمان بن عمرو بن الأحوص فيه جهالة، لم
يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه شَبِيبُ بن غَرْقَدٍ أيضاً.
ويزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم- سيئ الحفظ. وبه أعله المنذري.
لكن الحديث قد جاء كله أو جله مفرقاً في أحاديث:
فرمي الجمرة- وهي جمرة العقبة-؛ كما في الرواية الثانية في حديث جابر الطويل
المتقدم (1663) . ومثله في رواية لمسلم في حديث ابن مسعود الآتي قريباً (1723) .
وقولها: ورجل من خلفه ... أي: رديفه؛ في حديث جابر المشار إليه آنفاً.
وفيه التكبير مع كل حصاة. ومثله في حديث عائشة الآتي قريباً (1722) .
وسائره له طريق أخرى بلفظ:
" يا أيها الناس! عليكم بالسكينة والوقار، وعليكم بمثل حصى الخذف ".
أخرجه أحمد (5/379) من طريق ليث عن عبد الله بن شداد عن أم جندب
الأزْدِية:
أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أفاض قال ...
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وليث: هو ابن سعد
الإمام.
ويشهد له حديث جابر المتقدم برقم (1699) .
والحديث أخرجه البيهقي (5/130) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو (5/128) ، وابن ماجه (2/242 و 243) ، وأحمد (3/503(6/209)
و 5/379) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي زياد ... به نحوه.
ومن طرقه ما يأتي.
1716- وفي رواية عنها قالت:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند جمرة العقبة راكباً، ورأيت بين أصابعه
حجراً؛ فرمى، ورمى الناس.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد ووهب بن بيان قالا: ثنا عَبيِدة، عن
يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه.
قلت: سبق الكلام عليه في الذي قبله؛ وإنما ساقه المصنف من أجل زيادة
الحجر بين أصابعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وشاهده الحديث (1710) .
1717- وفي أخرى عنها: زاد:
ولم يَقُمْ عندها.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس: ثنا يزيد بن أبي زياد ...
بإسناده في هذا الحديث؛ زاد ...
قلت: سبق الكلام عليه قبل حديث؛ وإنما ساقه المصنف رحمه الله من أجل
هذه الزيادة: ولم يقم عندها.
ويشهد لها حديث عائشة الآتي بعد أربعة أحاديث.(6/210)
1718- عن ابن عمر:
أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة- بعد يوم النحر- ماشياً، ذاهباً
وراجعاً، ويخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد الله- يعني: ابن عمر- عن نافع عن ابن
عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر المُكَبَّرِ،
وهو ضعيف.
لكن تابعه أخوه عبيد الله- وهو المصغر- عند الترمذي، وصححه.
والحديث أخرجه البيهقي (5/131) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي
وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة " (2072) ؛ فلا داعي للإعادة.
1719- عن جابر بن عبد الله قال:
رأيت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي على راحلته يوم النحر؛ يقول:
"لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُ بعد حَجتِي هذه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني
أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.(6/211)
والحديث في "المسند" (3/332) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وهو
مخرج في "الإرواء" (1074) .
وتابعه سفيان: حدثني أبو الزبير ... به؛ قد مضى في الكتاب برقم
(1699) .
1720- وعنه قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمي يوم النحر ضُحىً. فأما بعد ذلك؛ فبعد
زوال الشمس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: وحدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال:
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "المسند" (3/319) ... بهذا الإسناد والمتن.
ثم أخرجه هو (3/312 و 399) ، ومسلم (4/80) ، والترمذي (894) ،
والنسائي (2/50) ، والدارمي (2/61) ، وابن ماجه (2/247) ، والطحاوي
(1/414) ، والدارقطني (278) ، وابن الجارود (474) ، والبيهقي (5/131) من
طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".(6/212)
وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير ... به: رواه البيهقي وأحمد (3/341) .
1721- عن وَبْرَةَ قال:
سألت ابن عمر: متى أرمي الجمار؟
قال: إذا رمى إمامك؛ فارْمِ. فأعدت عليه المسألة؟ فقال:
كنا نتحيَّنُ زوال الشمس، فإذا زالت الشمس؛ رمينا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري: ثنا سفيان عن مِسْعَرٍ عن وَبْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الزهري هذا؛ فإنه لم
يخرج له البخاري، وقد أخرجه عن غيره كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/457) : حدثنا أبو نعيم: حدثنا مسعر ... به.
وأخرجه البيهقي (5/148) من طريق أخرى عن أبي نعيم.
1722- عن عائشة قالت:
أفاض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى
منى، فمكث بها لياليَ أيام التشريق؛ يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كلَّ
جمرة بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية،
فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يَقِفُ عندها.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: حين صلى الظهر.. فهو منكر؛ لأن
ظاهره أنه صلى الظهر قبل طواف الإفاضة، وهو خلاف حديث جابر الطويل(6/213)
المتقدم (1663) ، وحديث ابن عمر الآتي (1744) ؛ فإن فيهما أنه صلاها بعد
الإفاضة. وقد صحح الحديثَ ابنُ الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد- المعنى- قالا: ثنا أبو
خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث
في رواية ابن حبان؛ لكن في إسناده من تكلم فيه كما بينته في "الإرواء"
(1082) ، فإن ثبت ذلك فبها؛ وإلا فالحديث صحيح؛ لثبوته مفرقاً في
أحاديث؛ دون قوله: حين صلى الظهر ... فإنه منكر؛ لما ذكرته أعلاه، ولم أجد
له شاهداً.
اللهم إلا على رواية الدارقطني بلفظ: حتى صلى الظهر؛ فهي حينئذ مطابقة
لحديث جابر، لكن هذه الرواية شاذة عندي؛ لمخالفتها لرواية الآخرين؛ فإنها
عندهم باللفظ الأول. والله أعلم.
وأما الأحاديث التي تشهد لسائره؛ فحديث ابن عمر المتقدم برقم (1718) ،
وحديث جابر (1720) ، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (1723) بزيادة
الشيخين.
ومثله حديث ابن عمر عند البخاري (3/460) ؛ وزاد:
ثم يتقدم فيسهل، فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، فيدعو ويرفع يديه، ثم
يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيسهِّل ويقوم مستقبل القبلة
قياماً طويلاً، فيدعو يرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا
يقف عندها.(6/214)
1723- عن ابن مسعود قال:
لما انتهى إلى الجمرة الكبرى؛ جعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه،
ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال:
هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا شعبة
عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/458) ... بإسناد المصنف الأول.
ثم أخرجه هو، ومسلم (4/79) ، والنسائي (2/50) ، وابن الجارود (475) ،
والبيهقي (5/129) ، وأحمد (1/415 و 436) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وتابعه الأعمش عن إبراهيم ... به؛ وزاد:
من بطن الوادي؛ يكبر مع كل حصاة.
أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي، وأحمد (1/456) .
وتابعه جامع بن شَدَاد أبو صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد ... به مع الزيادة:
أخرجه الترمذي (901) ، وابن محاجه (2/243) ، وأحمد (1/430 و 432) . وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(6/215)
وتابعه يزيد النخعي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد ... به.
أخرجه أحمد (1/458) .
وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه ... به؛ وزاد زيادة أخرى
بلفظ: حتى إذا فرغ قال:
" اللهم! اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً ".
أخرجه البيهقي وأحمد (1/427) عن ليث عنه.
لكن ليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عمر: عَند البيهقي؛ وأعله بقوله:
"عبد الله بن حكيم ضعيف ".
قلت: بل هو هالك؛ فإنه الدَّاهِرِيّ، متهم.
ولذلك؛ فإنه لا يصلح للاستشهاد به، وقد خرجته في "الضعيفة" (1107) .
1724- عن أبي البَداح بن عاصم عن أبيه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرْخَص لرِعَاءِ الإبل في البيتوتة؛ يرمون يوم النحر،
ثم يرمون الغَدَ ومن بعد الغَدِ بيومين، ويرمون يوم النَّفْر.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك. (ح) وحدثنا ابن
السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن(6/216)
عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البَدَّاح بن عاصم.
قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي البَدَاح،
وهو مشهور في التابعين، كما قال الحاكم والذهبي.
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقد روى عنه جماعة، وقيل: إن له صحبة،
وَرَدَهُ الحافظ.
والحديث في " الموطأ" (1/360) .
وقد رواه جماعة من أصحاب "السن " وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء"
(1080) .
1725- وفي رواية عن أبي البَدَّاح بن عدي عن أبيه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أن يرموا يوماً، ويَدَعُوا يوماً.
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه من ذكرنا آنفاً. وأبو البداح: هو ابن
عاصم بن عدي، نُسِبَ في هذه الرواية إلى جده، كما قال الحاكم والبيهقي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن، عبد الله ومحمد ابْنَيْ أبي بكر عن
أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً، رجاله رجال البخاري؛ غير أبي البداح، وهو
ثقة كما تقدم آنفاً.
والحديث أخرجه البيهقي (5/151) من طريق المصنف.
ورواه غيره من طريق أخرى عن سفيان ... به، دون ذكر محمد بن أبي بكر
في إسناده!(6/217)
وذكره فيه محفوظ، كما بينته في المصدر السابق عن البيهقي.
1726- عن أبي مِجْلَزٍ قال:
سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار؟ فقال:
ما أدري أرماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بست أو بِسَبْع؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: ثنا خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن
قتاده قال: سمعت أبا مجلز يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلى شرط الشيخين؛ غير عبد الرحمن
ابن المبارك، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما تأتي الإشارة إليه قريباً.
والحديث أخرجه النسائي (2/51) من طريق أخرى عن خالد ... به.
وقال أحمد (1/372) : ثنا روح: ثنا شعبة عن قتادة ... به.
1727- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا رمى أحدكم جمرة العقبة؛ فقد حَلَّ له كل شيء إلا النساءَ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الحجاج عن الزهري عن
عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
قال أبو داود: " هذا حديث ضعيف؛ الحجاج لم يَرَ الزهري ولم يسمع منه ".(6/218)
قلت: وهو كما قال رحمه الله، ولذلك رُمِيَ الحجاج بالتدليس، وكان يخطئ
أيضاً، ولذلك قال الحافظ:
" صدوق كثير الخطأ والتدليس ".
وقد اضطرب في رواية هذا الحديث إسناداً ومتناً على وجوه، ذكرتها في
" الأحاديث الضعيفة " (1013) ، وباختصار في " الإرواء " (1046) . وقال البيهقي
عقبه:
" وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة
رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما رواه سائر الناس عن عائشة رضي الله عنها ".
قلت: حديث عمرة أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1047)
مع سائر طرقه عن عائشة. ومنها طريق القاسم المتقدم في أول "المناسك "
(1532) . وفي بعض طرقه عنها:
طيبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل
أن يطوف بالبيت.
وفي أخرى من طريق سالم عن ابن عمر قال: سمعت عمر رضي الله عنه
يقول:
إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم؛ فقد حل كل شيء؛ إلا النساء والطيب.
قال سالم: وقالت عائشة رضي الله عنها: حلَّ له كل شيء إلا النساء. قال:
وقالت: أنا طيبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يعني: لحله.
زاد الحميدي (212) :
بعدما رمى الجمرة وقبل أن يزور. قال سالم: وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحق أن
تتبَعَ.(6/219)
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وهذا شاهد قوي لحديث الحجاج، وإن كان يختلف عنه في اللفظ؛ فإن هذا
من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذاك من قوله.
لكن له شاهدان آخران من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أحدهما: من حديث ابن عباس ... مرفوعاً مثله: أخرجه أحمد بإسناد
رجاله ثقات كلهم؛ إلا أنه منقطع كما بينته في "الصحيحة" (239) .
والآخر: من حديث أم سليمة ... مرفوعاً مثله أيضاً؛ وفيه زيادة سيأتي
الكلام عند تخريج حديثها في "باب الإفاضة في الحج " رقم (1745) .
وله شاهد آخر، يتردد النظر بين أن يكون من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو قوله؛ وهو ما
أخرجه الحاكم (1/461) ، وعنه البيهقي (5/122) من حديث عبد الله بن الزبير
رضي الله عنه قال:
من سنة الحج: أن يصلَيَ الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح
بمنى.. فإذا رمى الجمرة الكبرى؛ حَلَّ له كل شيء إلا النساء والطيب؛ حتى يزور
البيت. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وهو خطأ بين؛ فإن فيه إبراهيم بن عبد الله- وهو ابن بشار الواسطي، الراوي
عن يزيد بن هارون- ترجمه الخطيب (6/120) . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
لكن أخرجه ابن خزيمة (2800) من غير طريقه.
فلعل قوله: والطيب.. وهم منه، كما تدل عليه سائر الأحاديث؛ فإنه موقوف
على عمر، الذي ردته عائشة، فيكون قد دخل عليه حديث في حديث ويؤيده أن(6/220)
الطحاوي رواه (1/421) بإسناد أصح منه ... موقوفاً على ابن الزبير؛ دون ذكر
الطيب. والله أعلم.
79- باب الحلق والتقصير
1728- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين ". قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟! قال:
" اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين ". قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟! قال:
" والمقصِّرين ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو نعيم في
"مستخرجه "، وابن الجارود. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين،وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/352) ... سنداً ومتناً.
وعنه: أخرجه الشيخان أيضاً.
وأخرجه غيرهم من طرق عن نافع ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1084) .
1729- وعنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رأسه في حَجّةِ الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(6/221)
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ ويعقوب: هو ابن عبد الرحمن بن
محمد القاريّ.
والحديث أخرجه الشيخان من طرق أخرى عن موسى بن عقبة، وهو مخرج
في المصدر المشار إليه آنفاً.
وأزيد هنا فأقول:
إنه أخرجه أيضاً أحمد (2/88) ، وابن سعد (2/181) عن موسى.
وأخرجه الترمذي (913) ، وأحمد (2/119) عن الليث عن نافع ... به؛ دون
قوله: في حجة الوداع.. وزاد مكانها:
وحلق طائفة من أصحابه، وقصر بعضهم. فقال ابن عمر: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رحم الله المحلقين ... " فذكر الحديث الذيَ قبله.
وهذه الزيادة عند الشيخين أيضاً، لكن ليس فيها عند البخاري الحديث الذي قبله.
ومجموع هذه الروايات يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال هذا الدعاء في حجة
الوداع. وقد جاء ذلك صراحة في أحاديث، وثبت أيضاً في أحاديث أخرى أنه
قاله في يوم الحديبية؛ خلافاً لنفي ابن عبد البر، وإن أيده الحافظ ابن حجر! وقد
أخرجت الأحاديث المشار إليها كلها في المصدر السابق الذكر.
وللحديث طريق أخرى، فقال أحمد (2/89) : ثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن
الزهري عن سالم عن ابن عمر ... به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.(6/222)
1730- عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم رجع إلى منزله
بمنى، فدعا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ، ثم دعا بالحلاق، فأخذ بِشقِّ رأسه الأيمن فحلقه،
فجعل يَقْسِمُ بين من يليه الشعرةَ والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر
فحلقه، ثم قال:
" ههنا أبو طلحة؟ "، فدفعه إلى أبي طلحة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم.
وصححه ابن الجارود، وزاد هو ومسلم- واللفظ له-: فقال: " اقسمه بين الناس ") .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا حفص عن هشام عن ابن سيرين عن
أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وهشام: هو ابن حسان.
وحفص: هو ابن غياث.
والحديث أخرجه مسلم (4/82) ... بإسناد المصنف وغيره عن حفص ... به.
وأخرجه ابن الجارود وغيره، ممن ذكرتهم في "الإرواء" (1085) .
1731- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُسْأل يوم منى فيقول:
" لا حرج ". فسأله رجل؛ فقال: إني حلقت قبل أن أذبح؟ قال:
" اذبح ولا حرج ". قال: إني أمسيت ولم أرمِ؟ قال:
" ارم ولا حرج ".(6/223)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه من هذا الوجه،
ومسلم من طريق أخرى) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا يزيد بن زُرَيعْ: أخبرنا خالد عن عكرمة
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عكرمة- وهو مولى ابن
عباس-؛ فإنه من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/448) ، والنسائي (2/50) ، وابن ماجه
(2/246) من طرق أخرى عن يزيد بن زريع ... به.
وأخرجه البيهقي (5/143) من طريق إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء ...
به؛ وزاد:
ولم يأمر بشيء من الكفارة. وقال:
" هذا إسناد صحيح ".
وقال أحمد (1/216) : حدثنا هشيم: أخبرنا خالد ... به دونها.
وتابعه أيوب عن عكرمة ... به.
أخرجه البخاري (1/147) ، والبيهقي وأحمد (1/291 و 311) .
وتابعه طاوس عن ابن عباس ... به نحوه.
أخرجه البخاري، ومسلم (4/84) ، والبيهقي، وأحمد (1/258 و 269) .
وتابعه عطاء عنه: أخرجه أحمد (1/216) ، والبخاري (3/440) ؛ وزاد:
زُرْتُ قبل أن أرمي؟ قال:(6/224)
"لا حرج ".
وهي في رواية له (3/441) سن الطريق الأولى من رواية عبد الأعلى عن
خالد ... به.
وتابعه أيضاً عطاء بن السائب وسعيد بن جبير عنه: عند أحمد (1/300 و 328) .
1732- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ليس على النساء حلق؛ إنما على النساء التقصير".
(قلت: أحد إسناديه صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن الحسن العَتَكِي. ثنا محمد بن بكر: ثنا ابن جريج
قال: بلغني عن صفيه بنت شيبة بن عثمان قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي
سفيان أن ابن عباس قال ...
حدثنا أبو يعقوب البغدادي- ثقة-: ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن
عبد الحميد بن جُبَيْرِ بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني ...
قلت: إسناده الثاني صحيح؛ على ما حققته في "الصحيحة" (605) ،
وخرجته ثَمَ.
وأخرجه البيهقي أيضاً (5/104) .
80- باب العمرة
1733- عن ابن عمر قال:
اعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يَحُجَّ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) .(6/225)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا عن
ابن جريج عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن جريج مدلس، وقد
عنعنه، ولكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/472) ، والبيهقي (4/354) من طريق عبد الله
(ابن المبارك) : أخبرنا ابن جريج: قال عكرمة ... به. قال الحافظ:
" فإن قيل: إن ابن جريج ربما دلس؛ فالجواب أن ابن خزيمة أخرجه من طريق
محمد بن بكر عن ابن جريج قال: قال عكرمة بن خالد ... فذكره "!!
قلت: وهذا مما لا طائل تحته؛ فإنه لا فرق بين رواية ابن خزيمة ورواية البخاري
في الحاجة إلى إزالة شبهة التدليس.
والجواب الشافي: ما سبقت الإشارة إليه من المتابعة، وهو ما صنعه البخاري؛
فإنه عقب الحديث بقوله: وقال إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق: حدثني عكرمة
ابن خالد ... به.
وهذا وصله أحمد (2/158) : ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي ...
وهذا إسناد موصول جيد.
ورواية ابن خزيمة أخرجها أحمد أيضاً (2/46) : ثنا محمد بن بكر ... به.
وله عنده (2/70 و 139) طريق أخرى من رواية شريك عن أبي إسحاق عن
مجاهد عن ابن عمر.(6/226)
1734- عن ابن عباس قال:
والله! ما أعْمَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائشةَ في ذي الحجة؛ إلا ليقطع بذلك
أمْرَ أهل الشرك؛ فإن هذا الحي من قريش- ومَنْ دان دينَهم- كانوا يقولون:
إذا عَفَا الوَبَرْ، وبَرَأ الدَّبَرْ، ودَخَلَ صَفَرْ؛ فقد حَلَّتِ العُمْرَة لمن اعْتَمَرْ!
فكانوا يُحَرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم.
(قلت: حديث حسن بهذا التمام- وأخرجه الشيخان بنحوه؛ دون قول ابن
عباس في أوله: والله! ... الشرك) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السرِي عن ابن أبي زائدة: ثنا ابن جريج ومحمد بن
إسحاق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ فهو صحيح لولا عنعنة ابن
جريج وابن إسحاق، لكن هذا قد صرح بالتحديث في رواية أخرى كما
سأذكره.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (1/261) : حدثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن
إسحاق قال: حدثني عبد الله بن طاوس.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد تابعه عبد الله بن طاوس عن أبيه ... به؛ مع اختصار شرحته آنفاً.
أخرجه البخاري (3/232) ، ومسلم (4/56) ، والنسائي (2/24) ، وأحمد
(1/252) من طريق وهيب بن خالد: حدثنا عبد الله بن طاوس.(6/227)
1735- عن أبي بكر بن عبد الرحمن:
أخبرني رسولُ مروانَ الذي أرْسَلَ إلى أُمِّ مَعْقِلٍ قالت: كان أبو مَعْقِل
حاجاً مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما قدم؛ قالت أم معقل: قد علمتُ أن عليَّ
حَجَّةً! فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسول الله! إن علي
حجةً، وإن لأبي معقل بَكْراً، قال أبو معقل: صدقت، جعلتُهُ في سبيل
الله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أعْطِها فَلْتَحُجَّ عليه؛ فإنه في سبيل الله ". فأعطاها البَكر. فقالت:
يا رسول الله! إني امرأة قد كَبِرْتُ وَسَقُمْتُ؛ فهل من عمل يَجْزِي عَنِّي
من حجتي؟ قال:
" عمرة في رمضان تَجْزِي حجة ".
(قلت: حديث صحيح؛ دون قول المرأة: إني امرأة ... من حجتي.
وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن
عبد الرحمن.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في إبراهيم بن مهاجر؛ غير
رسول مروان؛ فإنه لم يُسَمَّ، فهو مجهول.
وقد جاء بإسناد صحيح إسقاطه من بين أبي بكر بن عبد الرحمن وأم معقل،
مع تصريحه بسماعه منها، كما سأذكره إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه أحمد (6/375) : ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة ... به.(6/228)
وتابعه شعبة عن إبراهيم بن مهاجر ... به؛ دون قولها: إني امرأة قد
كبرت ... من حجتي.
أخرجه ابن خزيمة (3075) ، وأحمد (6/405- 406) ، والحاكم (1/482)
- من طريق أحمد وغيره- عنه، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا! وقد عرفت حال إبراهيم؛ على أنه قد اضطرب في إسناد الحديث
ومتنه، كما بينته في "الإرواء" (869) .
لكن الحديث صحيح في الجملة؛ لما له من الطرق والشواهد، ويأتي بعضها
في الكتاب.
1736- عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن جَدَّتِهِ أم معقل قالت:
لَمَا حَجَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، وكان لنا جَمَلٌ، فجعله أبو
معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض، وهلك أبو معقل، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فلما فرغ من حجه جئته، فقال:
" يا أم معقل! ما منعك أن تخرجي معنا؟! ".
قالت: لقد تَهَيَّأْنَا؛ فهلك أبو معقل، وكان لنا جَمَلٌ هو الذي نَحُجُ
عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله! قال:
" فَهَلا خرجت عليه؟! فإن الحج في سبيل الله. فأمَّا إذْ فاتَتْكِ هذه
الحجة معنا؛ فاعتمري في رمضان؛ فإنها كحجة ".
فكانت تقول: الحج حجة، والعمرة عمرة، وقد قال لي هذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛(6/229)
ما أدري ألي خاصة؟!
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: فكانت تقول ... لتعرَّيهِ عن الشاهد) .
إسناده: حدثنا محمد بن عوف الطائي. ثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي: ثنا
محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل ابن أم معقل الأسدي- أسَدِ خزيمة-:
حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عيسى بن معقل، فلم يوثقه غير ابن
حبان.
وابن إسحاق مُدلَس وقد عنعنه. وقد خولف شيخه في إسناده كما
يأتي.
ويوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير.
والحديث أخرجه الدارمي (2/51- 52) : أخبرنا أحمد بن خالد ... به.
وأخرجه أحمد (4/35) ، والحميدي (870) فقالا: ثنا سفيان بن عيينة قال:
ثنا ابن المنكدر قال: سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل من الأنصار وامرأته:
"اعتمرا في رمضان؛ فإن عمرة في رمضان لكما حَجةٌ".
وهذا إسناد صحيح مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة.
وقد صح من طريق أخرى عن أم معقل وغيرها ... مرفوعاً مختصراً، وهو
مخرج في "الإرواء" (869) . ويشهد لها الحديث الآتي.(6/230)
1737- عن ابن عباس قال:
أراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَجَّ، فقالت امرأة لزوجها: أحِجّنِي مع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما عندي ما أُحِجّك عليه! قالت: أحِجَّنِي على جملك فلان!
قال: ذاك حَبيِس في سبيل اللهَ عز وجل! فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن
امرأتي تقرأ عليك السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألتني الحج معك؛ قالت:
أَحِجَّنِي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ما عندي ما أُحِجُكِ عليه، فقالت:
أَحِجَّني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله؟! فقال:
" أما إنك لو أحْجَجْتَها عليه كان في سبيل الله ". قال: وإنها أمرتني
أن أسألك: ما يَعْدِلُ حجة معك؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أقرئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِهِ، وأخبرها أنها تعدل عمرةً في
رمضان ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن العربي في "شرح
الترمذي ". وأخرجه الشيخان مختصراً، وكذا ابن الجارود وابن حبان،
وزاد: " حجة معي "، وهي رواية البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عامر الأحول،
فهو من رجال مسلم؛ على ضعف فيه.
والحديث أخرجه الحاكم والبيهقي من طرق أخرى عن مسدد ... به.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين!(6/231)
وردَّه الذهبي من وجهين، بينتهما في "الإرواء" (1587) .
والصواب أنه حسن كما ذكرت، ولكنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من
حديث أبي طَلِيق نحوه:
أخرجه الدولابي وغيره بسند صحيح، وقد خرجته في المصدر المذكور برقم
(869) .
وأخرجه ابن خزيمة (3077) : ثنا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث بن سعيد
العنبري ... به.
1738- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القَعْدَةِ، وعمرة في
شوال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقواه الحافظ. وقوله: في
شوال؛ يعني: ابتداءً؛ وإلا فهي كانت في ذي القَعْدَةِ أيضاً؛ لحديث أنس
الآتي) .
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (5/11) من طريق أخرى عن عبد الأعلى بن
حماد ... به.
ثم أخرجه (4/346) من طريق عبد العزيز بن محمد: أبَنَا هشام بن عروة ...
بلفظ:(6/232)
اعتمر ثلاث عُمَرٍ: عمرة في شوال، وعمرتين في ذي القَعْدَةِ.
وإسناده قوي، كما قال الحافظ (3/473) .
وهذا صحيح على شرط مسلم، وهو أصح عندي من اللفظ الأول؛ لأنه قد
تابعه مالك في "الموطأ" (1/316) عن هشام بن عروة ... به؛ إلا أنه لم يذكر
عائشة في إسناده؛ فأرسله.
والموصول أصح؛ لاتفاق ثقتين عليه.
وللفظ الثاني شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً به؛ دون ذكر شوال؛
وقال:
كلها في ذي القَعْدَةِ.
أخرجه البيهقي (4/345) بسند جيد.
وآخر من حديث ابن عمروٍ ... مثل حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد
(2/180) .
ولحديث عائشة طريق أخرى، وهو في الكَتاب الآخر (341) ... مثل حديث
أبي هريرة؛ ليس فيه شوال.
وهذا هو المحفوظ، كما حققه ابن القيم في "الزاد" (1/257) ، و"التهذيب "
(1/424) ، وقال فيه:
" والوهم من عروة أو من هشام؛ إلا أن يحمل على أنه ابتدأ إحرامها في
شوال، وفعلها في ذي القعدة، فتتفق الأحاديث كلها. والله أعلم ".(6/233)
1739- عن ابن عباس قال:
اعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع عُمَرٍ: عمرة الحديبية، والثانية حين
تواطَأُوا على عمرة مِنْ قابل، والثالثة من الجِعْرَانَةِ، والرابعة التي قَرَنَ مع
حجته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والحاكم
والذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ") .
إسناده: حدثنا النفيلي وقتيبة قالا: ثنا داود بن عبد الرحمن العَطار عن عمرو
ابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الترمذي (816) ... بإسناد المصنف الثاني، وقال:
" حديث حسن غريب. ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة: أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يذكر فيه: عن ابن عباس ". ثم ساق إسناده الصحيح بذلك.
وأقول: داود بن عبد الرحمن- وهو العطار- ثقة من رجال الشيخين، وقد
وصله بذكر ابن عباس فيه، وهي زيادة من ثقة؛ فيجب قبولها، وقد صححه من
يأتي ذكرهم.
ويشهد له حديث أنس الذي بعده.
وأخرجه الدارمي (2/51) ، وابن حبان (1018) ، والحاكم (3/50) ،
والبيهقي (5/12) ، وأحمد (1/246 و 321) من طرق أخرى عن داود بن
عبد الرحمن ... به. وقال الحاكم:(6/234)
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
قلت: ولو زادا: " على شرط الشيخين "- كما قلنا- لأصابا.
1740- عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر أربع عُمَرٍ؛ كلَّهن في ذي القَعْدَةِ؛ إلا التي مع
حَجَّتِهِ- قال أبو داود: أتقنت من ههنا من هُدْبَةَ، وسمعته من أبي الوليد
ولم أضبطه-: زمنَ الحديبية- أو من الحديبية- في ذي القعدة، وعمرة من
الجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غنائمَ حنينٍ في ذي القعدة، وعمرة في حجته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وهدبة بن خالد قالا: ثنا همام عن قتادة
عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/474) ... بإسنادي المصنف عن همام.
وأخرجه مسلم (4/61) ، والبيهقي (5/10) ... بإسناده الثاني عنه.
ثم أخرجه مسلم، والترمذي (815) ، وأحمد (3/134 و 245 و 256) من
طرق أخرى عن همام ... به. وقال الترمذي.
" حديث حسن صحيح ".(6/235)
81- بابُ المُهِلَّةِ بالعمرة تَحِيضُ، فيدركها الحجُّ، فتَنْقُض عمرتها،
وتُهِلُّ بالحج؛ هل تَقْضِي عمرتها؟
1741- عن عبد الرحمن بن أبي بكر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعبد الرحمن:
"يا عبد الرحمن! أرْدِفْ أختك عائشة، فأعْمرْها من التنعيم، فإذا
هبطت بها من الأكَمَةِ؛ فلتحرم؛ فإنها عمرة متقبَّلة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الشيخان مختصراً دون
قوله: " فإذا هبطتَ ... ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن: حدثني
عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن يوسف بن، ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن
ابن أبي بكر عن أبيها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (4/358) من طريق المصنف ... به.
ثم أخرجه هو، والدارمي (2/52) ، وأحمد (1/198) من طرق أخرى عن
داود بن عبد الرحمن ... به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر ...
مختصراً كما بينته فوق، وهو مخرج في "الإرواء" (1090) .(6/236)
1742- عن مُحَرِّشٍ الكَعْبِيِّ قال:
دخل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجِعْرَانَة، فجاء إلى المسجد، فركع ما شاء الله، ثم
أحرم، ثم استوى على راحلته، فاستقبل بطن سَرِفَ، حتى لقي طريق
المدينة، فأصبح بمكة كبائتٍ.
(قلت: حديث صحيح، دون قوله: فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله..
فإنه منكر، وبدونه حسنه الترمذي والحافظ) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا سعيد بن [مزاحم بن] أبي مزاحم:
حدثني أبي مزاحمٌ عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسِيدٍ عن مُحَرَّش الكعبي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سعيد بن مزاحم، فهو مجهول، لم
يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير قتيبة بن سعيد، ولذلك قال الحافظ فيه:
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في
المقدمة. وقد توبع، إلا على الركوع في المسجد، فهو منكر.
والحديث أخرجه الترمذي (935) ، والنسائي (2/29) ، والدارمي (2/52) ،
والبيهقي (4/357) ، وأحمد (3/426 و 427) - من طريق ابن جريج-، والنسائي،
والشافعي (1/298) ، وعنه البيهقي وأحمد أيضاً- عن إسماعيل بن أمية- كلاهما
عن مزاحم بن أبي مزاحم ... به.
وأخرجه الحميدي (863) عن إسماعيل ... مختصراً. وقال الترمذي:
" حسن غريب "!
ولفظه عند أحمد عن ابن جريج:(6/237)
خرج من الجعرانة معتمراً، فدخل مكة ليلاً، ثم خرج من تحت ليلته، فأصبح
بالجعرانة كبائت، فلما زالت الشمس؛ أخذ في بطن سَرِفَ، حتى جامع الطريق
طريقَ المدينةِ، فلذلك خفيت عمرته [على كثير من الناس] .
وزاد إسماعيل في حديثه:
فنظرت إلى ظهره؛ كأنه سَبِيكَةُ فضة.
والحديث أشار إليه الحافظ في "الفتح " (3/473) ، وسكت عليه؛ مشيراً إلى
أنه حسن عنده.
82- باب المُقَامِ في العُمْرةِ
1743- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام في عمرة القضاء ثلاثة.
(قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان من حديث البراء مطولاً) .
إسناده: حدثنا داود بن رُشَيْدٍ: ثنا يحيى بن زكريا: ثنا محمد بن إسحاق عن
أبان بن صالح وعن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهداً قوياً من حديث البراء بن عازب ... في
حديثه الطويل في صلح الحديبية.
أخرجه البخاري (7/404- 409) ، ومسلم (5/174) ، وأحمد (4/289
و291 و 302) .(6/238)
وقد أخرج المصنف طرفاً منه فيما تقدم (1608) .
83- باب الافاضة في الحج
1744- عن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى؛ يعني: راجعاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وعلقه
البخاري. وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم، وعلقه
البخاري. ومن عزاه للمتفق عليه؛ فقد وهم! كما بينته في "الإرواء" (1070) ،
والحديث مخرج هناك.
1745- عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساءَ يوم النحر، فصار إلي، ودخل علي وَهْبُ بن زَمْعَةَ، ومعه
رجل من آل أبي أمية مُتقمصين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوهب:
" هل أفَضتَ يا أبا عبد الله؟! ". قال: لا والله يا رسول الله! قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" انْزِعْ عنك القميصَ ". قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه
من رأسه، ثم قال: لِمَ يا رسول الله؟! قال:
" إن هذا يوم رُخصَ لكم- إذا أنتم رميتم الجمرة- أن تَحِلوا- يعني-(6/239)
من كل ما حُرِمْتُم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛
صِرْتُمْ حُرُماً، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقواه أحد رواته، وهو أبو عبيدة بن عبد الله
ابن زَمْعَةَ التابعي، ثم الحافظ ابن حجر. واستدركه الحاكم. وقال ابن القيم:
" إن الحديث محفوظ " وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين- المعنى واحد- قالا: ثنا ابن
أبي عدي عن محمد بن إسحاق: ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن
أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرِّج لابن
إسحاق إلا مقروناً، وقد صرح بالتحديث.
وأبو عبيدة بن عبد الله روى عنه جمع من الثقات، وروى له مسلم في
"الرضاع " (4/169) .
على أنه لم يتفرد به، وقد قوّاه ابن القيم كما يأتي.
والحديث في "المسند" (6/295) : ثنا محمد بن أبي عدي ... به.
وعنه: الطبراني في "الكبير" (23/412) ؛ وزاد أحمد: قال محمد: قال أبو
عبيدة: وحدثتني أم قيس ابنة مِحْصَن- وكانت جارة لهم- قالت:
خرج من عندي عُكَّاشة بن مِحْصَن في نفر من بني أسَد متقمصين عشيةَ يوم
النحر، ثم رجعوا إليَّ عِشَاءً قُمُصُهُمْ على أيديهم يحملونها. قالت: فقلت: أيْ
عكاشة! ما لكم خرجتم متقمصين، ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟!
فقال: أخبرتنا أم قيس:(6/240)
كان هذا يوماً قد رُخِّصَ لنا فيه- إذا نحن رمينا الجمرة- حللنا من كل ما
حُرِمنا منه؛ إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف به؛
صرنا حرماً لهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة، حتى نطوف به. ولم نطف؛ فجعلنا
قمصنا كما تَرَيْنَ.
وهكذا- وبهذه الزيادة-: أخرجه الحاكم (1/489- 490) ، وعنه البيهقي
(5/137) من طريق أخرى عن يحيى بن معين. ثنا ابن أبي عدي ... به.
وسقط من "المستدرك" ما بعد قوله: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس ...
فيصحح من "البيهقي "، وبسببه لم نعرف ما إذا كان الحاكم صححه- كما هي
عادته-، أم سكت عنه- كما يفعل أحياناً-؟!
والغريب أن السقط نفسه وقع من "تلخيص المستدرك " أيضاً! وقال ابن القيم
في " التهذيب " (2/427) - عقب الزيادة-:
" وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه، وعن أمه،
وعن أم قيس ".
وأشار الحافظ إلى تقويته بسكوته عليه في "التلخيص " (2/260) . وهو بلا
شك قوي؛ لما سبق من حال إسناده، وما يأتي له من المتابعات والشواهد.
ثم أخرجه البيهقي، وأحمد (6/303) ، والطبراني (18/23- 24) من طريقين
آخرين عن ابن إسحاق: حدثني أبو عبيدة ... به؛ وزاد أحمد: قال أبو عبيدة:
أوَلا يَشُدُّ لك هذا الأثرُ إفاضةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يومه ذلك قبل أن يمسي؟!
قلت: يشير إلى حديث ابن عمر قبله. ونحوه حديث جابر الطويل المتقدم
(1663) .(6/241)
ولابن إسحاق فيه إسناد آخر، فقال أحمد: ثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن
إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان عن خالد مولى
الزبير بن نَوْفَل قال: حدثتني زينب ابنة أبي سلمة عن أمها أم سلمة ... هذا
الحديث.
ورجاله ثقات؛ غير خالد هذا، فقال الحافظ في "التعجيل ":
" لا يُدْرَى من هو؟! ".
وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وابن عباس ... مرفوعاً نحوه؛ دون
قوله: " فإذا أمسيتم ... "؛ وقد مضى الكلام عليهما عند حديث عائشة رقم
(1727) .
ويشهد لسائره ما أخرجه الطحاوي (1/418) عن عبد الله بن لهيعة قال: ثنا
أبو الأسود عن عروة عن جُدَامة بنت وهب- أخت عكاشة بن وهب-:
أن عكاشة بن وهب- صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخاً له آخر جاءاها حين غابت
الشمس يوم النحر، فألقيا قميصهما. فقالت: ما لكما؟! فقالا: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
" من لم يكن أفاض منها (وفي رواية: من عشية هذه) ؛ فليلق ثيابه ". وكانوا
تطيبوا ولبسوا الثياب.
قلت: ورجاله ثقات كلهم؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكن لا بأس به في
الشواهد.
فالحديث- بمجموع ما ذكرته من الطرق- صحيح عندي، وقد سكت عنه
الحافظ في "التلخيص " (2/258 و 260) ، وقال:(6/242)
" قال البيهقي: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا الحديث. وذكر ابن حزم
أنه مذهب عروة بن الزبير".
قلت: وحكاه الطحاوي عن قوم من أهل العلم. والله أعلم.
1746- عن ابن عباس:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَرْمُلْ في السبْعِ الذي أفاض فيه.
(قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، وزاد: " على شرط الشيخين "!
يوافقه الذهبي، وقواه الحافظ) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود: أخبرنا ابن وهب: حدثني ابن جريج عن
عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء، لكن سأذكر
ما يقويه.
وسليمان: هو المَهْرِيّ المصري.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/249) ، والحاكم (1/475) ، والبيهقي
(5/84) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
ويشهد له حديث ابن عمر ... مرفوعاً:
" كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف ... "
الحديث.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد مضى برقم (1654) .(6/243)
84- باب الوداع
1747- عن ابن عباس قال:
كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَنْفِرَنَّ أحد، حتى يكون آخرَ عهدِهِ الطوافُ بالبيتِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود،
وأخرجه الشيخان بنحوه مرفوعاً؛ وزادا: إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاوس عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الشافعي (2/73) ، وأحمد (1/222) ، والحميدي (502)
قالوا: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (4/93) ، والدارمي (2/72) ، وابن ماجه (2/251) ، وابن
الجارود (495) ، والبيهقي (5/161) من طرق عن سفيان ... به.
ولسفيان فيه إسناد آخر، يرويه عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال:
أُمِرَ الناس أن يكون آخرُ عهدهمْ بالبيتِ إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (1086) ، وزاد البخاري
في رواية عن طاوس قال: وسمعت ابن عمر يقول:(6/244)
إنها لا تنفر.
ثم سمعته يقول بَعْدُ:
إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخّصَ لهنَّ.
85- باب الحائض تخرج بعد الإفاضة
1748- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر صَفِيَّةَ بنت حُيَي، فقيل: إنها قد حاضت،
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لعلها حابستنا! "، فقالوا: يا رسول الله! إنها قد أفاضت! فقال:
" فلا إذن ".
(قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن
الجارود. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأً" (1/363) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البيهقي.
وأخرجه أحمد (6/202 و 207 و 213 و 231) من طرق أخرى عن هشام ... به.
وأخرجه الشيخان من طريق الزهري عن أبي سلمة وعروة عنها.
وابن الجارود (496) ، وأحمد (6/164) عنه عن عروة وحده.(6/245)
وله عنها طرق أخرى في "الصحيحين " وغيرهما، وهي مخرجة في "الإرواء"
(1069) .
1749- عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال:
أتيت عمر بن الخطاب، فسألته عن المرأة تَطوُف بالبيت يوم النحر، ثم
تحيض؟
قال: لِيَكنْ آخرُ عهدها بالبيت.
قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فقال عمر:
أربتَ عن يديك! سألتني عن شيء سألتَ عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكيما
أخالف؟!
(قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: " حسن ". لكن الحديث منسوخ
بحديث عائشة الذي قبله وغيره) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عوف: أخبرنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد
ابن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث بن
عبد الله بن أوس، وهو صحابي. وقال المنذري:
" إسناده حسن، وأخرجه النسائي ".
والحديث أخرجه الطحاوي (1/421) ، وكذا النسائي في "الكبرى" (2/463
- 464) ، وأحمد (3/416- 417) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به.
وأخرجه أحمد، والترمذي (946) من طريق الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك(6/246)
ابن المغيرة عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن عمرو بن أوس عن الحارث بن
عبد الله. وقال الترمذي:
" حديث غريب ".. بلفظ:
" من حج البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت ". فقال له عمر: خَرَرْتَ
من يديك! سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم تخبرنا به!!
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن البيلماني، وعنعنة الحجاج بن أرطاة؛ فإنه
كان مدلساً.
والحديث منسوخ؛ كما قال الطحاوي.
لكن من المحتمل أنه لم يذكر فيه الحائض صراحة، وإنما استدل الحارث
بعمومه، كما هو لفظه في رواية ابن البيلماني. وحينئذٍ فهو مخصص بحديث
عائشة وابن عباس اللذين قبله. والله أعلم.
86- باب طواف الوداع
1750- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أحْرَمْتُ من التنعيم بعمرةٍ، فَدَخَلْتُ فقضيتُ عمرتي، وانتظرني رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأبطح حتى فرغت، وأمر الناس بالرَّحيل.
قالت: وأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البيتَ فطاف به، ثم خرج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري باللفظ
الذي بعده) .(6/247)
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه باللفظ الذي
بعده.
1751- وفي رواية عنها قالت:
خرجت معه- يعني: مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النَّفْرِ الآخر، فنزل
المُحَصبَ ... في هذا الحديث؛ قالت: ثم جئته بِسَحَرٍ؛ فأذن في أصحابه
بالرحيل، فارتحل، فمرَّ بالبيت قبل صلاة الصبح، فطاف به حين خرج، ثم
انصرف متوجهاً إلى المدينة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي
البخاري هو عين إسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا أبو بكر- يعني: الحنفي-: ثنا أفلح عن
القاسم عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأفلح: هو ابن حُمَيْدٍ الأنصاري.
والحديث أخرجه البخاري (3/328) ... بإسناد المصنف ولفظه، ولكنه ساقه
بتمامه.
ثم أخرجه هو (3/483) ، ومسلم (4/31) ، والبيهقي (5/161) من طرق
أخرى عن أفلح ... به.(6/248)
87- باب التحصيب
1752- عن عائشة [قالت] :
إنما نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُحَصَّبَ ليكون أسمح لخروجه، وليس بسنة؛
فمن شاء نزله، ومن شاء لم ينزله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن أبيه عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (6/190) ... بهذا المسند والمتن.
وأخرجه البيهقي (5/161) عن المصنف.
ثم أخرجه هو، والبخاري (3/466) ، ومسلم (4/85) ، والترمذي (923) -
وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (2/251) ، وأحمد أيضاً (6/41
و207 و 230) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.
وتابعه الزهري: وأخبرني عروة عنها:
أنها لم تكن تفعل ذلك، وقالت: إنما نزله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه كانْ منزلاً
أسمح لخروجه.
أخرجه أحمد (6/225) ؛ وسنده صحيح على شرط الشيخين.(6/249)
1753- عن أبي رافع قال:
لم يأمرني أن أنزله، ولكن ضَرَبْتُ قُبَّتَهَ فنزله.
قال مسدد: وكان على ثَقَلِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال عثمان: يعني: في الأبطح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة- المعنى-. (ح) وثنا
مسدد قالوا: ثنا سفيان: ثنا صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار قال: قال أبو
رافع ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (549) : ثنا سفيان ... به؛ دون ذكر
الثقل.
وزاد عن سفيان: وكان عمرو بن دينار يحدث بهذا الحديث عن صالح بن
كيسان، فلما قدم صالح علينا قال لنا عمرو: اذهبوا إليه فاسألوه عن هذا الحديث.
ورواه البيهقي (5/161) من طريق الحميدي.
وأخرجه مسلم (4/85) من طرق أخرى عن سفيان ... به؛ دون زيادة
الحميدي؛ وعنده ذكر الثقل.
ولم أر الحديث في "مسند أحمد"! والله أعلم.(6/250)
1754- عن أسامة بن زيد قال:
قلت: يا رسول الله! أين ننزل غداً- في حجته-؟ قال:
" هل ترك لنا عَقِيلٌ منزلاً؟! ". ثم قال:
" نحن نازلون غداً بِخَيْفِ بني كِنَانَةَ، حيث قاسمت قريشٌ على الكفر "؛
يعني: المحصَّب.
وذلك أن بني كنانة حالفت قريشاً على بني هاشم: أن لا يناكحوهم،
ولا يبايعوهم، ولا يُؤْوُوْهُمْ.
قال الزهري: والخَيْفُ: الوادي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري
عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "المسند" (5/202) ... بهذا السند والمتن.
وأخرجه البخاري (6/131- 132) ، ومسلم (4/108) ، وابن ماجه
(2/221) ، والبيهقي (5/160) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به.
وتابعه يونس بن يزيد عن ابن شهاب ... به نحوه مختصراً.
أخرجه البخاري (3/354) ، ومسلم، وابن ماجه (2/164) .
وتابعه محمد بن أبي حفصة أيضاً: عند أحمد (5/201) ، والبخاري
(8/11) ، ومسلم- وقرن معه زمعة بن صالح- وقالا:(6/251)
وذلك زمن الفتح.
ورجح الحافظ رواية معمر، فقال:
" ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة ".
قلت: لكن مع ابن أبي حفصة: زمعة بن صالح، وهذا وإن كان في حفظه
ضعف، فمتابعته لا بأس بها.
وقد يجمع بين الروايتين بتعدد القصة. والله أعلم.
ويشهد لرواية معمر: حديث أبي هريرة الآتي:
1755- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- حين أراد أن يَنْفِرَ من منى-:
" نحن نازلون غداً ... " فذكر نحوه؛ ولم يذكر أوله، ولا ذكر:
الخيف: الوادي.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا عمر: ثنا أبو عمرو- يعني: الأوزاعي-
عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمر- وهو ابن
عبد الواحد-، ومحمود، وهما ثقتان، وقد توبعا.
والحديث أخرجه أحمد (2/237) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي ... به.
وأخرجه البخاري (3/355) ، ومسلم (4/86) ، والبيهقي (5/160) ، وأحمد(6/252)
(2/540) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به.
ورواه البخاري (8/12) ، ومسلم، وأحمد (2/263 و 322 و 353) من طرق
أخرى عن الزهري، وعن أبي هريرة.
1756- عن بكر بن عبد الله ونافع:
أن ابن عمر كان يَهْجَعُ هَجْعَةً بالبَطْحَاءِ، ثم يدخل مكة، ويزعم أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري عن نافع وحده
أتمَ منه) .
إسناده: حدثنا موسى أبو سلمة: ثنا حماد عن حُمَيْدٍ عن بكر بن عبد الله
وأيوب عن نافع: أن ابن عمر كان ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-؛
فإنه على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه البخاري بنحوه، كما يأتي في الذي
بعده.
والحديث أخرجه أحمد (2/28- 29) ، ثنا رَوْح: ثنا حماد عن حميد عن
بكر بن عبد الله: أن ابن عمر ...
1757- وفي رواية عنهما:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم
هَجَعَ هَجْعَةً، ثم دخل مكة. وكان ابن عمر يفعله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري من طريق(6/253)
أخرى عن نافع وحده؛ دون دخول مكة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة: أخبرنا
حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر. وأيوب عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كالذي قبله.
والحديث في "المسند" (2/100) ... سنداً ومتناً.
ثم أخرجه (2/110 و 124) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ...
به؛ إلا أنه قال:
ثم دخل فطاف بالبيت.
وأخرجه البخاري (3/467) ، والبيهقي (5/160) من طريق عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر ... به؛ دون ذكر الدخول والطواف.
88- باب فيمن قَدَّمَ شيئاً قبل شيء في حَجِّهِ
1758- عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه قال:
وَقَفَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بمنىً يسألونه، فجاء رجل فقال:
يا رسول الله! إني لم أشْعُرْ، فحلَقْتُ قبل أن أذبح؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اذبح ولا حَرَجَ ".
وجاء رجل آخر؛ فقال: يا رسول الله لم أشْعُرْ، فَنحَرْتُ قبل أن
أرميَ؟ قال:
" ارْمِ ولا حَرَجَ ".(6/254)
قال: فما سُئِلَ يومئذ عن شيء قُدِّمَ أو أُخِّرَ؟ إلا قال:
" اصْنَعْ ولا حَرَجَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن
عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/368) ... سنداً ومتناً.
وعنه: أخرجه أحمد أيضاً (2/192) ، والبخاري (3/448- 451) ، ومسلم
(4/82- 83) ، والدارمي (2/64) ، والبيهقي (5/140- 141) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه البخاري أيضاً (3/451) ، ومسلم، والترمذي (916) - وقال: " حديث
حسن صحيح "-، والدارمي أيضاً، وابن ماجه (2/246) ، وابن الجارود (487
و488) ، والبيهقي، وأحمد (2/202 و 6957 و 7032) ، والحميدي (580) من
طرق أخرى عن ابن شهاب ... به.
وللحديث شواهد، منها: حديث ابن، عباس ... نحوه: عند الشيخين،
ومضى برقم (1731) .
ومنها: حديث أسامة بن شريك، وهو الآتي بعده.(6/255)
1759- عن أسامة بن شَرِيكٍ قال:
خَرَجْتُ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاجّاً، فكان الناس يأتونه، فمن قال: يا رسول
الله! سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً، أو أخرت شيئاً؟ فكان يقول:
" لا حرجَ، لا حرجَ؛ إلا على رَجُلٍ اقتَرَضَ عِرْضَ رجل مسلم وهو
ظالم؛ فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ ".
(قلت: إسناده صحيح؛ لكن قوله: سعيت قبل أن أطوف.. شاذ، وقد
أشار إلى ذلك البيهقي بقوله: " إن كان محفوظاً ". وبدونه صححه ابن حبان
والحاكم) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الشيباني عن زياد بن
عِلاقةَ عن أسامة بن شريك.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن
شريك، وهو صحابي، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة.
والحديث أخرجه البيهقي (5/146) من طريق المصنف، وقال:
" هذا اللفظ: سعيت قبل أن أطوف.. غريب، تفرد به جرير عن
الشيباني. فإن كان محفوظاً؛ فكأنه سأله عن رجل سعى عَقِبَ طواف القدوم
قبل طواف الإفاضة؟ فقال: " لا حرج ". والله أعلم "! وتعقبه ابن التركماني
بقوله:
" هذه الصورة مشهورة، وهي التي فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فالظاهر أنه لا يسأل
عنها، وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف الإفاضة (الأصل: القدوم) ، وعموم
قول الصحابي: فما سئل عن شيء قُدمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: " افعل ولا حرج " يدل(6/256)
على جواز ذلك. وهو مذهب عطاء والأوزاعي، واختاره ابن جرير الطبري في
"تهذيب الآثار" ... "!
قلت: وهذا كلام سليم، ولكنه لم يتعرض لإشارة البيهقي إلى كون اللفظ
المذكور شاذاً بنفي أو إثبات! والأمر الأول أرجح عندي، وليس ذلك لمجرد تفرد
جرير- وهو ابن عبد الحميد-؛ بل لمخالفة الثقات له.
منهم: أسباط بن محمد فقال: ثنا أبو إسحاق الشيباني ... به؛ إلا أنه لم
يذكر تلك اللفظة؛ بل قال:
فسئل عمن حلق قبل أن يذبح، أو ذبح قبل أن يحلق.
أخرجه الطحاوي (1/423) ، والحاكم (4/198) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه هو (4/198 و 399- 400) ، وابن حبان (1924 و 1925) ،
وأحمد (4/278) من طرق أخرى عن زياد بن علاقة ... به أتمَّ منه؛ دون اللفظة،
وإنما بلفظ:
وسألوه عن أشياء: هل علينا حرج في كذا وكذا؟.
والحديث أخرج المصنف طرفاً آخر منه في أول "الطب "، وسيأتي هناك إن شاء
الله تعالى.
89- باب في مكة
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "](6/257)
90- باب تحريم حَرَمِ مكة
1760- عن أبي هريرة قال:
لما فتح الله تعالى على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ؛ قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم،
فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:
" إن الله حَبَسَ عن مكة الفِيلَ، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنما
أُحِلّتْ لي ساعةً من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد
شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صيدها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنْشِدِ ".
فقام عباس- أو قال: قال العباس-: يا رسول الَله! إلا الإِذْخِرَ؛ فإنه
لقبورنا وبيوتنا؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إلا الإذخر ".
قال أبو داود: " وزادنا فيه ابن المُصَفَّى عن الوليد: فقام أبو شَاه- رجل
من أهل اليمن-، فقال: يا رسول الله! اكتبوا لي. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اكتبوا لأبي شاه ". قلت للأوزاعي: ما قوله: " اكتبو لأبي شاه "؟
قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي: حدثني
يحيى- يعني: ابن أبي كثير- عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(6/258)
والحديث في "المسند" (2/238) ... سنداً ومتناً كما رواه المصنف عنه؛ لكن
فيه الزيادة التي رواها ابن المصفى عن الوليد.
وهذا- فيما يبدو لي- مما لم يسمعه المصنف عن أحمد، وسمعه ابنه عنه.
لكن هذا قد زاد زيادة أخرى، فقال- بعد أن ساق إسناد أبيه المذكور-: قال أبي:
وأبو داود: حدثنا حرب عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة: ثنا أبو
هريرة- المعنى- قال ... فذكره.
وفما هذه الزيادة فائدة تصريح يحيى بالتحديث.
وقد أخرجه الدارمي (2/265) من طريق أخرى عن حرب ... به.
والبخاري (1/166) من طريق شيبان عن يحيى عن أبي سلمة ... به.
ثم أخرجه هو (5/66) ، ومسلم (4/110) من طرق عن الوليد بن مسلم ...
به مسلسلاً بالتحديث.
وأخرجه الطحاوي (1/437) .
وتابعه الوليد بن مَزْيَد: ثنا الأوزاعي ... به مسلسلاً كذلك: أخرجه ابن
الجارود (508) ، والبيهقي (5/195) ... نحوه.
1761- عن ابن عباس ... في هذه القصة؛ قال:
" ولا يُختلى خَلاها "
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن
طاوس عن ابن عباس.(6/259)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/38) ... بإسناد المصنف؛ لكنه ساقه بتمامه،
وفيه الجملة التي ذكرها المصنف.
ثم أخرجه هو (3/352 و 6/218) ، ومسلم (4/109) ، والنسائي (2/30) ،
والبيهقي (5/195) من طرق أخرى عن جرير ... به. وهو عند النسائي مختصر.
ثم أخرجه هو، ومسلم، وابن الجارود (509) ، وأحمد (1/259 و 315) من
طرق أخرى عن منصور ... به.
والطحاوي (1/437) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ... به.
وتابعه عكرمة عن ابن عباس ... به: أخرجه البخاري (3/166 و 4/253
و5/66) ، والبيهقي، وأحمد (1/253) .
ومعمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: أخرجه أحمد (1/348) .
وسنده على شرط الشيخين. لكن خالفه زكريا بن إسحاق فقال: حدثنا عمرو
ابن دينار عن عكرمة عنه: علقه البخاري، ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم، كما في
"الفتح "، ولم يتعرض لرواية معمر بذكر! ولعلها شاذة. والله أعلم.
91- باب في نَبِيذِ السِّقَايَةِ
1762- عن بكر بن عبد الله قال:
قال رجل لابن عباس: ما بال أهل هذا البيت يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو
عَمِّهِمْ يَسْقُونَ اللبن والعسل والسَّوِيقَ؟! أبُخْلٌ بهم، أم حاجةٌ؟
فقال ابن عباس: ما بنا من بخل، ولا بنا من حاجة، ولكن دخل(6/260)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلته، وخلفه أسامة بن زيد، فدعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بشراب، فأُتِيَ بنبيذ، فَشَرِبَ منه، ودفع فَضلَهُ إلى أسامة بن زيد، فشرب
منه، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أحْسَنْتُمْ وأجْمَلْتُمْ، كذلك فافعلوا ". فنحن هكذا؛ لا نريد أن نُغَيَّرَ
ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: ثنا خالد عن حميْدٍ عن بكر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم.
وخالد: هو ابن عبد الله الطحان.
وحميد: هو الطويل.
والحديث أخرجه مسلم (4/86) ، والبيهقي (5/147) ، وأحمد (1/369
و372) من طرق أخرى عن حميد ... به.
92- باب الإقامة بمكة
1763- عن عبد الرحمن بن حُمَيْد:
أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن يزيد: هل سمعت في
الإقامة بمكة شيئاً؟
قال: أخبرني ابن الحضرمي: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" للمهاجرين إقامةٌ بَعْدَ الصَّدرِ ثلاثاً ".(6/261)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: الدراوردي- عن عبد الرحمن
ابن حميد: أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن الدراوردي قرنه
البخاري بغيره، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (7/213) ، ومسلم (4/108- 109) ، والترمذي
(949) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (1/212) ، والدارمي
(1/355) ، وابن ماجه (1/332) ، وابن الجارود (225) ، والبيهقي (3/147) ،
وأحمد (4/339 و 5/52) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن حميد ... به نحوه.
وتابعه أبوه حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن السائب بن يزيد أخبره ... به.
أخرجه مسلم والنسائي والدارمي والبيهقي وأحمد، وابن سعد (2/189) من
طريق إسماعيل بن محمد بن سعد عنه.
93- باب الصلاة في الكعبة
1764- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل الكعبة، هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة
الحَجَبِي وبلال، فأغلقها عليه، فمكث فيها.
قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:(6/262)
جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه- وكان
البيت يومئذ على ستة أعمدة-، ثم صلى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأً" (1/354) ... سنداً ومتناً.
وكذلك أخرجه أحمد (2/113 و 138) ، والبخاري (1/458) ، ومسلم
(4/95) ، والنسائي (1/122) ، وِالبيهقي (5/157) من طرق عن مالك ... به؛
وزاد النسائي وغيره كما يأتي قريباً:
وجعل بينه وبين الجدار نحواً من ثلاثة أذرع.
وسنده صحيح.
ثم أخرجه البخاري (1/459 و 3/366) ، ومسلم، وابن ماجه (2/250) ،
وأحمد، والحميدي (149) من طرق أخرى عن نافع ... به نحوه.
وتابعه سالم بن عبد الله عن أبيه ... نحوه.
أخرجه البخاري (3/363) ، ومسلم أيضاً، والنسائي (1/112) ، وأحمد
(2/120) .
وتابعه مجاهد عن ابن عمر ... نحوه؛ وزاد:
ركعتين.
أخرجه البخاري.(6/263)
ويشهد لهذه الزيادة أحاديث؛ منها حديث عمر الآتي بعد روايتين.
1765- وفي رواية عنه ... بهذا؛ لم يذكر السواري، قال:
ثم صلى؛ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذْرَمِيُّ: ثنا عبد الرحمن بن
مهدي عن مالك ... بهذا.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الأذرمي هذا، وهو ثقة،
وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/113 و 138) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به.
وتابعه على هذه الزيادة: ابن القاسم قال: حدثني مالك ... به: أخرجه
النسائي (1/122) كما تقدم.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع ... به.
أخرجه البخاري (1/459 و 3/366) .
1766- وفي أخرى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعنى حديث القعنبي
(يعني: الرواية الأولى) ؛ قال:
ونسيتُ أن أسأله: كم صلى؟
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده- حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن
ابن عمر.(6/264)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/95) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو
أسامة ... به، وساقه بتمامه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (2/33 و 55) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
وهو أيضاً، والبيهقي، والحميدي (149) ، وكذا ابن ماجه (2/250) من طرق
أخرى عن نافع ... به؛ وعند مسلم وغيره: أن ذلك كان عام الفتح.
واعلم أن قوله في هذه الرواية: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟ ينافي رواية
مجاهد عن ابن عمر المتقدمة آنفاً: أنه صلى ركعتين!
وقد جمع الحافظ بينهما بوجه لا بأس به؛ فراجع (1/397) .
ويشهد للركعتين الحديث الآتي.
1767- عن عبد الرحمن بن صفوان قال:
قلت لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين دخل الكعبة؟
قال:
صلى ركعتين.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن
عبد الرحمن بن صفوان.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن بن صفوان- وهو ابن قُدَامَة
الجُمَحِي-، فقد اختلفوا في صحبته.(6/265)
ويزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم- فيه ضعف من قبل حفظه.
لكن للحديث شواهد تقويه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/431) : ثنا أحمد بن الحجاج: أنا جرير ... به؛
وفي أوله قصة فتح مكة.
وأخرجه الطبراني أيضاً بإسناد؛ قال الحافظ (1/398) :
"صحيح ".
قلت: فلعله عنده من غير طريق يزيد بن أبي زياد؛ فإن كان كذلك؛ ثبتت
صحبة عبد الرحمن بن صفوان؛ لأن سياق أحمد والطبراني يدل على أنه كان
حاضراً حين صلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الهيثمي (3/296) :
" رواه الطبراني، ورجاله رجال (الصحيح) ". وعزاه (3/295) للبزار، وقال:
" ورجاله رجال (الصحيح) "!
وفاته هو والحافظ: أنه في "المسند"؛ فلم يعزواه إليه!
ويغلب على ظني الآن أن سنده عند البزار والطبراني فيه الهاشمي أيضاً، وهو
من رجال مسلم مقروناً، ولذلك قال الهيثمي متسامحاً:
" ورجاله رجال (الصحيح) "! وتلقاه عنه الحافظ، فقال:
" إسناده صحيح "! ظاناً أن رجاله كلهم محتج بهم في "الصحيح "، وهو
المتبادر من ذلك القول. وخفي عليه أن الهاشمي من رجاله لم يحتج به مسلم.
والله أعلم.
وللحديث شواهد أخرى، تراها في "الفتح ".(6/266)
1768- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قَدِمَ مكة؛ أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها
فأُخرجت، قال: فأخْرَجَ صورةَ إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام،
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قاتلهم الله! والله! لقد علموا ما اقتسما بها قَطُ ".
قال: ثم دخل البيت؛ فكبَّر في نواحيه وفي زواياه، ثم خرج ولم يصل
فيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج: ثنا عبد الوارث
عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/367) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه هو (8/13) ، والبيهقي (5/158) ، وأحمد (1/334) من طريق
عبد الوارث: ثنا أيوب ... به. وقال البيهقي.
" والقول قول من قال: صلى؛ لأنه شاهد. والذي قال: لم يصل؛ ليس
بشاهد".
قلت: وكذا قال البخاري في " جزء رفع اليدين ".
ولدخوله البيت ومَحْوِ الصور شاهد بسند حسن عن جابر، يأتي في "اللباس "
[48- باب في الصور] .(6/267)
94- باب الصلاة في الحِجْرِ
1769- عن عائشة أنها قالت:
كنت أُحِبُّ أن أدْخُلَ البيت فأصليَ فيه، فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي،
فأدخلني الحِجْرَ، فقال:
" صَلِّي في الحجر إذا أردت دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت؛
فإن قومك اقتصروا حين بَنَوُا الكعبة، فأخرجوه من البيت ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز عن علقمة عن أمه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، أو محتمل للتحسين على الأقل، رجاله ثقات
رجال مسلم؛ غير أم علقمة- واسمها مرجانة-، روى عنها أيضاً بُكَيْرُ بن الأشَجِّ،
ذكرها ابن حبان في "الثقات ". وقال العجلي:
" مدنية تابعية ثقة ".
وصحح لها الترمذي كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (876) ، والنسائي (2/35) ، وأحمد (6/92) من
طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق أخرى، أخرجه البيهقي (5/158) - عن علي بن عاصم-، وأحمد
(6/67) - عن حماد بن سلمة-، والأزرقي في "أخبار مكة" (ص 223) - عن
خالد بن عبد الله- كلهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عائشة(6/268)
رضي الله عنها ... بمعناه.
وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، وهؤلاء سمعوا
منه في الاختلاط؛ إلا أن حماداً سمع منه قبل الاختلاط أيضاً. والله أعلم.
والشطر الأخير من المرفوع منه: أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق كثيرة
عنها، يزيد بعضهم على بعض، وقد جمعت أطرافه، وضممت بعضها إلى بعض
في سياق واحد، مع تخريجه في "الصحيحة" (43) .
95- باب في دخول الكعبة
1770- عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت: سمعت الأسلَمِيَّةَ تقول:
قلت لعثمان: ما قال لك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين دعاك؟ قال:
" إنيِ نسيت أن آمرَكَ أن تُخَمِّرَ القَرْنَيْنِ؛ فإنه ليس ينبغي أن يكون في
البيتِ شيءٌ يَشغَلُ المُصَلِّيَ ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا ابن السرح وسعيد بن منصور ومسدد قالوا: ثنا سفيان عن
منصور الحَجَبِي: حدثني خالي عن أمي صفية بنت شيبة.
قال ابن السرح: خالي مُسَافعُ بن شَيْبَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الأسلمية،
وهي صحابية بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة
الأكابر، كما يأتي في رواية لأحمد، وهي التي روت عن ابن عباس حديث:
"ليس على النساء حلق ... "، وقد مضى (1732) .(6/269)
ومنصور: هو ابن عبد الرحمن الحَجَبِي.
والحديث أخرجه أحمد (4/68 و 5/380) ، والحميدي (565) قالا: ثنا
سفيان ... به؛ إلا أنهما قالا: عن صفية بنت شيبة- زاد أحمد- أم منصور-
قالت: أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا ... زاد أحمد: قال
سفيان:
لم يزل قرنا الكبش في البيت، حتى احترق البيت، فاحترقا.
وخالفه محمد بن عبد الرحمن فقال: عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه
عن أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة الأكابر- قال محمد بن عبد الرحمن-
وقد بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا شيبة، ففتح، فلما دخل البيت ورجع وفرغ، ورجع شيبة؛
إذا رسولُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن أجب. فأتاه، فقال:
" إني رأيت في البيت قرناً فغيِّبْه ".
قال منصور: فحدثني عبد الله بن مسافع عن أمي عن أم عثمان بنت سفيان:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له في الحديث:
" فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يُلْهي المصلين ".
أخرجه أحمد.
لكن محمد بن عبد الرحمن هذا- وهو أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبي-؛
قال الدارقطني:
"متروك ".
وقد خالفه أخوه في إسناده ومتنه؛ فلا يُعْبَأًُ به.(6/270)
96- باب في مال الكعبة
1771- عن شيبة- يعني: ابن عثمان- قال:
قعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقعدك الذي أنت فيه، فقال:
لا أخْرُجُ حتى أقْسِمَ مالَ الكعبة. قال: قلت: ما أنت بفاعلٍ. قال: بلى
لأفعلَن. قال: قلت: ما أنت بفاعل. قال: لِمَ؟
قلت: لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رأى مكانه، وأبو بكر رضي الله عنه،
وهما أحوج منك إلى المال، فلم يحَركاه! فقام فخرج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن
الشيباني عن واصل الأحدب عن شَقِيق عن شيبة- يعني: ابن عثمان-.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الكوفي.
والمحاربي قال أحمد: " كان يدلس "؛ لكنه قد توبع.
وواصل: هو ابن حَيَّان.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2/269) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا
المحاربي ... به أتم منه، وقال في آخره:
فلم يحركاه، فقام كما هو، فخرج.
ولم أر الحديث في "المسند" من طريق المحاربي! وإنما عن سفيان الثوري، فقال(6/271)
(3/410) : ثنا وكيع: ثنا سفيان عن واصل الأحدب ... به: ثنا عبد الرحمن
عن سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (13/212) من طريق أخرى عن عبد الرحمن ... به. وقال
الحافظ:
" وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. وسفيان: هو الثوري ".
وتابعه خالد بن الحارث: حدثنا سفيان ... به نحوه.
97- باب
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
98- باب في إتيان المدينة
1772- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُشَدُ الرِّحَالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي
هذا، والمسجد الأقصى ".
(قلت: أخرجه الشيخان. وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيَّب عن أبي
هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع.(6/272)
والحديث أخرجه أحمد (2/238) ، والحميدي (943) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (4/49) ، ومسلم (4/126) ، وغيرهما من طرق أخرى عن
سفيان ... به.
وكذلك رواه ابن الجارود (510) .
وله طريقان آخران عن أبي هريرة.
وشاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، وابن عمرو بن العاص؛ وذلك كله
مخرج في "الإرواء" (970) .
99- باب في تحريم المدينة
1773- عن علي رضي الله عنه قال:
ما كتبنا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا القرآن، وما في، هذه الصحيفة، قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" المدينة حرام: ما بين عَائِرٍ إلى ثَورٍ، فمن أحدث حَدَثاً، أو آوى
مُحْدِثاً؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ، ولا
صَرْفٌ! ذِمَّةُ المسلمين واحدة؛ يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً؛ فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ! ومن
والى قوماً بغير إذن مواليه؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا
يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .(6/273)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم
التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/196) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (6/214) ... بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو (4/68 و 6/210 و 12/34 و 13/235) ، ومسلم (4/115) ،
وأحمد (1/81 و 126) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
1774- ومن طريق أخرى عنه رضي الله عنه ... في هذه القصة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يُخْتَلَى خَلاها، ولا يُنَفَّرُ صيدُها، ولا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُها؛ إلا لمن أشَادَ
بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلح أن يَقْطَعَ
منها شجرة؛ إلا أن يَعْلِفَ رَجُلٌ بعيره ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي
حسان عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير أبي
حسان- وهو الأعرج البصري-، وهو ثقة من رجال مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (1/119) : ثنا بَهْز: ثنا همام ... به.
وأخرجه البيهقي (5/201) من طريق المؤلف.(6/274)
ومن طريق هُدْبَةَ: ثنا همام ... به.
1774/م- عن سليمان بن كنانة مولى عثمان بن عفان: أخبرنا عبد الله
ابن أبي سفيان عن عدي بن زيد قال:
حمى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلَّ ناحية من المدينة بريداً بريداً؛ لا يخبط
شجره، ولا يعضد؛ إلا ما يساق به الجمل.
(قلت: إسناده ضعيف (*) ، مسلسل بالمجهولين: عدي بن زيد فنازلاً) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أن زيد بن الحباب حدثهم: ثنا سليمان بن
كنانة ...
قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن أبي سفيان- وهو مولى ابن أبي
أحمد-؛ قال الذهبي في ترجمته بعد أن ساق الحديث:
" لا يعرف عدي إلا بهذا الحديث، ولا يُدرى من هو عبد الله في خلق الله،
تفرد به عنه سليمان بن كنانة، وما هو بالمشهور ".
وعبد الله هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال ابن القطان:
" لا يعرف حاله ". وقال المنذري:
" هو في معنى المجهول".
وسليمان بن كنانة- وهو الأموي؛ مولى عثمان- روى عنه أيضاً أبو عامر
العقدي والواقدي. قال أبو حاتم:
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " إلى هنا. انظر نهاية
التخريج. (الناشر) .(6/275)
" لا أعرفه ". وقال الحافظ:
" مجهول الحال ". لكن ذكر في ترجمة عدي بن زيد الجذامي من
"الإصابة"؛ أنه تابعه إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عدي بن زيد
الأنصاري. وقال:
" فيحتمل أن يكون هذا جذامياً حَالَفَ الأنصارَ ".
قلت: لكن إبراهيم هذا متروك؛ فلا فائدة من متابعته.
وروي من طريق الفضل عن جابر مختصراً.
أخرجه البزار (1160) ، وقال:
" لا يروى إلا من هذا الوجه، والفضل بن مبشر صالح الحديث ".
قلت: وتعقبه الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (1/479) :
"قلت: بل ضعيف ".
ثم وجدت للحديث شاهدين آخرين؛ أحدهما صحيح، فخرجت الحديث
مع شواهده في "الصحيحة" (3234) ، ولذلك قررت نقله إلى "الصحيح ".
1775- عن سليمان بن أبي عبد الله قال:
رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حَرَمِ المدينة الذي
حرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَبَهُ ثيابه، فجاء مواليه، فكلَّمُوه فيه! فقال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَمَ هذا الحرم، وقال:
" من أخذ أحداً يصيد فيه؛ فَليسلُبهُ ". فلا أرُدُّ عليكم طُعْمَةً
أطْعَمَنِيها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن إن شئتم؛ دفعتُ إليكم ثَمَنَهُ.(6/276)
(قلت: حديث صحيح؛ لكن قوله: يصيد.. منكر، والمحفوظ: يقطع
شجراً.. كما رواه مسلم من طريق أخرى، والمصنف من الطريق الآتية) .
إسناده: حدثنا أبو سلمة. ثنا جرير- يعني: ابن حازم-: حدثني يعلى بن
حَكِيمٍ عن سليمان بن أبي عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن أبي
عبد الله؛ قال أبو حاتم:
" ليس بالمشهور؛ فيعتبر بحديثه ".
وذكره ابن حبان في "الثقات "! وقال البخاري وأبو حاتم:
" أدرك المهاجرين والأنصار ". وفي " التقريب ":
" مقبول ". يعني: عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي.
وأبو سلمة: موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِي.
والحديث أخرجه البيهقي (5/199) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (1/170) : ثنا عفان: ثنا جرير بن حازم ... به.
وتابعه عامر بن سعد.
أن سعداً ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبداً يقطع شجراً أو يخبطه؛
فسلبه ... الحديث نحوه.
أخرجه مسلم (4/113) ، وأحمد (1/168) ، والبيهقي.(6/277)
1776- ومن طريق مولىً لسعد:
أن سعداً وَجَدَ عَبِيداً من عَبِيد المدينة يقطعون من شجر المدينة، فأخذ
متاعهم، وقال- يعني: لمواليهم-:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء، وقال:
" من قطع منه شيئاً؛ فَلِمَنْ أخذه سَلَبُهُ ".
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق عامر بن سعد عن أبيه
نحوه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا ابن أبي ذئب
عن صالح مولى التوأمة عن مولى لسعد.
قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا أن مولى سعد لم يسم! ولعله سليمان بن أبي
عبد الله الذي قبله.
وقد تابعه عامر بن سعد؛ كما سبق ذكره في الذي قبله، فالحديث به صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (5/199) من طريق الطيالسي: ثنا ابن أبي ذئب
عن صالح مولى التوأمة: حدثني بعض ولد سعد عن سعد ... به.
وهذا يرجح احتمال أن يكون هذا البعض هو عامر بن سعد، الذي من طريقه
أخرجه مسلم، كما سبق تخريجه آنفاً.
1777- عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَدُ حِمَى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن يُهَش هَشّاً رقيقاً ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .(6/278)
إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان: ثنا محمد بن
خالد: أخبرني خارجة بن الحارث الجهَنِي: أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث: وهو ابن رافع بن مَكِيث الجُهَني، وروى
عنه أيضاً ابن أخيه محمد بن خالد بن رافع، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال
ابن القطان:
"لا يعرف ".
ومحمد بن خالد: هو ابن رافع بن مَكِيثٍ؛ فيما جزم به الحافظ. وقال في
" التقريب ":
"مستور".
والحديث أخرجه البيهقي (5/200) من طريق المصنف.
وهو، وابن حبان (3744) من طريق أخرى عن خارجة بن الحارث ... به.
وله طريق أخرى رواها ابن لهيعة: أنا أبو الزبير قال: أخبرني جابر ... مرفوعاً:
" ... حرام ما بين حَرَتَيْها وحِمَاها كلها، لا يقطع منها شجرة؛ إلا أن يعلف
رجل منها ... ".
أخرجه أحمد (3/393) .
وسنده حسن في المتابعات والشواهد. وأصله في "مسلم " (4/113) .
ويشهد له حديث علي المتقدم (1774) .
وحديث أبي سعيد ... مرفوعاً نحوه: عند مسلم (4/117) .(6/279)
1778- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأتي قُبَاءَ ماشياً وراكباً- زاد ابن نمير: ويصلي
ركعتين-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عند
البخاري الزيادة) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة عن ابن نمير
عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط
البخاري من الوجه الأول؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/53) ... بإسناد المصنف الأول الذي ليس فيه
الزيادة.
ومسلم (4/127) ، والبيهقي (5/248) من طرق أخرى عن ابن نمير ... به
مع الزيادة.
وعلقه البخاري.
وأخرجه مالك (1/181) ، ومسلم، وأحمد (2/4) من طرق أخر عن نافع ...
به دون الزيادة.
ومسلم، والنسائي (1/113) ، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن عمر ... به.(6/280)
100- باب زيارة القبور
1779- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما من أحد يُسَلِّمُ عليّ؛ إلا رَدَّ الله عَلَيَّ روحي، حتى أرُدَّ عليه
السلامَ ".
(قلت: إسناده حسن، وقال العراقي: " جيد "، وقال الحافظ: " رجاله
ثقات ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا المقرئ: ثنا حَيْوَة عن أبي صخر حُمَيْدِ
ابن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْطٍ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أن حميد بن زياد قد تكلم
فيه بعضهم من قبل حفظه، ولا ينزل ذلك حديثه عن مرتبة الحسن. وإلى ذلك
أشار الحافظ بقوله:
" صدوق يهم ". ولذلك قال في "الفتح " (6/379) :
" ورجاله ثقات ". وقال شيخه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"
(1/279) :
"سنده جيد ".
والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المصري.
ومن طريقه: رواه الطبراني في "الأوسط " (3116) .
والحديث أخرجه أحمد (2/527) : ثنا عبد الله بن يزيد ... به.(6/281)
وأخرجه البيهقي (5/245) وغيره من طريق أخرى عن المقرئ ... به؛ وهو
مخرج في "الصحيحة" (2266) .
1780- وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي؛ فإن
صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وحسنه ابن القيم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: قرأت على عبد الله بن نافع: أخبرني ابن
أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
ومن طريق المؤلف: البيهقي في "شعب الإيمان " (3/491) .
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ على ضعف
في حفظ عبد الله بن نافع- وهو الصائغ-؛ لكنه هنا قد حدث من كتابه، وقد قال
ابن حبان وغيره:
" كان صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ ". ولذلك قال الحافظ
في "الفتح " (6/379) :
" سنده صحيح ". وقال ابن القيم في "إغاثة اللهفان " (1/191) :
" إسناده حسن؛ رواته كلهم ثقات مشاهير ".
وله شاهد من طريق أهل البيت رضي الله عَنهم: عند القاضي إسماعيل بن
إسحاق في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رقم (20 و 30- بتحقيقي) و "تحذير
الساجد" (ص 140) .(6/282)
والحديث أخرجه أحمد (2/367) : ثنا سُرَيْجِّ قال: ثنا عبد الله بن نافع ... به.
1781- عن رِبيعَةَ بن الهُدَيْرِ قال:
ما سمعت طلحة بن عبيد الله يحدِّث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً قطً
غير حديث واحد.
قال: قلت: وما هو؟ قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على
حَرةِ (واقم) ، فلما تدلينا منها؛ فإذا قبور بِمَحْنِيَةٍ، قال: قلنا: يا رسول الله!
أقبور إخواننا هذه؟ قال:
" قبور أصحابنا ". فلما جئنا قبور الشهداء؛ قال:
" هذه قبور إخواننا ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا حامد بن يحيى: ثنا محمد بن مَعْنِ المَدَنِي: أخبرني داود بن
خالد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ربيعة- يعني: ابَن الهُديرِ-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وربيعة: ابن الهدير- ويقال: ربيعة بن عبد الله بن الهدير-.
والحديث أخرجه البيهقي (5/249) من طريق أخرى عن حامد بن يحيى ... به.
وأخرجه هو، وأحمد (1/161) من طريق علي بن عبد الله: ثنا محمد بن
معن الغِفاري ... به.(6/283)
1782- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله أنَاخَ بالبطحاء الني بذي الحليفة، فصلى بها. فكان
عبد الله بن عمر يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وفي رواية لهما:
كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ ... ) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/358) ... سنداً ومتناً.
وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (3/305) ، ومسلم (4/106) ، والنسائي (2/7) ،
والبيهقي (5/244- 245) ، وأحمد (2/28 و 112 و 138) من طرق عنه ... به.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع؛ بلفظ:
أن عبد الله بن عمر كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ بالبطحاء التي بذي
الحليفة، التي كان يُنيخُ بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه البخاري (3/467) ، ومسلم أيضاً، والبيهقي وأحمد (2/87) .
وتابعه عبيد الله عن نافع ... بلفظ:
وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج إلى مكة؛ يصلي في مسجد الشجرة، وإذا
رجع؛ صلى بذي الحليفة وببطن الوادي، وبات حتى يصبح.
أخرجه البخاري (3/305) .
ورواه المصنف مختصراً، وقد مضى برقم (1631) .(6/284)
1783- قال مالك:
لا ينبغي لأحد أن يجاوز المُعَرَّسَ إذا قَفَلَ راجعاً إلى المدينة؛ حتى
يصلي ما بدا له؛ لأنه بلغني:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّس به.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين مقطوعاً) .
إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما.
وهو في "الموطأ" عقب الحديث الذي قبله.
1784- سمعت محمد بن إسحاق المدني قال: المُعَرَّس: على ستة
أميال من المدينة.
(قلت: محمد بن إسحاق هذا: هو المُسَيَّبِيُّ، ثقة من شيوخ مسلم) .
أخرجه البيهقي (5/245) من طريق المصنف.
(فائدة) : المعرس: مكان معروف بذي الحليفة، قال الحافظ:
" وكل من الشجرة والمعرس على ستة أميال من المدينة، لكن المعرس أقرب،
وهو وادي العقيق، وهو بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال ".
آخر كتاب "المناسك " من "صحيح أبي داود"
وكان الفراغ منه قُبَيْلَ صُبْحِ عرفة بساعتين من يوم الاثنين 9/12/1394 هـ(6/285)
6- كتاب النكاح
1- باب التحريض على النكاح
1785- عن علقمة قال:
إني لأمشي مع عبد الله بن مسعود بمنى؛ إذ لَقِيَهُ عثمان، فاستخلاه،
فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة؛ قال لي: تَعَالَ يا علقمة! فجئت،
فقال له عثمان: ألا نزوجك يا أبا عبد الرحمن! جارية بكراً؛ لعله يرجع
إليك من نفسك ما كنت تعهد؟! فقال عبد الله:
لئن قلت ذاك؛ لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن
للفرج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجَاءٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه الترمذي
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن
علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/128) ... بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو، والبخاري (4/95 و 9/87- 89) ، والنسائي (2/69) ، وابن
ماجه (1/566- 567) ، والدارمي (2/132) ، والبيهقي (7/77) ، وأحمد
(1/378 و 447) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.(6/286)
وللأعمش فيه إسناد آخر، فقال: حدثني عمارة (ابن عُمَيْر) عن عبد الرحمن
ابن يزيد قال:
دخلت مع علقمة والأسود على عبد الله، فقال عبد الله:
كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره.
أخرجه البخاري (9/89- 90) ، ومسلم، والترمذي (1081) - وقال: " حديث
حسن صحيح "-، والنسائي والدارمي، وابن الجارود (672) ، وأحمد (1/424
و425 و 432) ، والحميدي (115) من طرق عنه- والسياق للبخاري-.
2- باب ما يُؤْمَرُ به من تزوج ذات الدين
1786- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" تُنْكَحُ النساء لأربع: لِمَالِهَا، ولِحَسبِها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر
بذات الدين؛ تَرِبَتْ يداك! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد: حدثني عبيد الله: حدثني
سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده.
والحديث أخرجه البيهقي (9/79) من طريق المصنف وغيره عن مسدد.(6/287)
وأخرجه البخاري (9/110) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه أحمد (2/428) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه مسلم (4/175) ، والدارمي (2/133) ، وابن ماجه (1/572) من
طرق أخرى عن يحيى ... به.
وأخرجه مسلم والدارمي، والترمذي (1086) من حديث جابر ... مرفوعاً
به؛ دون ذكر الحسب. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "، وهو مخرج في "الإرواء" (1783) .
3- باب في تزويج الأبكار
1787- عن جابر بن عبد الله قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أتزوجت؟ ". قلت: نعم، قال:
" بِكْرٌ أم ثَيَبٌ؟ ". فقلت: ثَيِّبٌ. قال:
" أفلا بِكْرٌ؛ تلاعبها وتلاعبك؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه من طرق أخرى عنه
مطولاً ومختصراً. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو معاوية: أخبرنا الأعمش عن سالم
ابن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بأسانيد أخرى
كما يأتي.(6/288)
والحديث في "المسند" (3/314) ... أتم منه وفيه قصة جمل جابر.
واختصر منه المصنف هذا القدر.
ثم أخرجه أحمد (3/294 و 302 و 308 و 358 و 362 و 373- 374 و 375
- 376) ، والبخاري (4/255- 256 و 9/99- 100 و 100- 101 و 280- 281) ،
والحميدي (1227) من طرق كثيرة ... مطولاً ومختصراً به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "، وقد خرجته في "الإرواء" (1785) .
4- باب النهي عن تزويج مَنْ لم يلد من النساء
1788- عن ابن عباس قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن امرأتي لا تَمْنَعُ يَدَ لامِسٍ؟! قال:
" غَرَّبها ". قال: أخاف أن تَتْبَعَها نَفسِي؟! قال:
"فاستمتع بها".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ ابن كثير: " إسناده
جيد "، وأطلق النووي عليه الصحة) .
إسناده: قال أبو داود: كتب إليَّ حسين بن حُرَيْثٍ المَرْوَزِيّ: ثنا الفضل بن
موسى عن الحسين بن واقد عن عُمَارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ غير الحسين بن واقد، فهو
على شرط مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً، وهو صدوق له أوهام لا يضر
الاحتجاج به، ولهذا قال ابن كثير في "التفسير، (3/164) :(6/289)
" وهذا الإسناد جيد ". وقال المنذري في "مختصره " (3/6) :
" ورجال إسناده محتج بهم في "الصحيحين " على الاتفاق والانفراد. وذكر
الدارقطني أن الحسين بن واقد تفرد به عن عمارة بن أبي حفصة، وأن الفضل بن
موسى تفرد به عن الحسين بن واقد ".
والحديث أخرجه البيهقي (7/154) من طريق المصنف.
ثم أخرجه من طريق أبي عبد الله الصفار الوَزَّان: ثنا الحسين بن حريث ... به.
وكذلك أخرجه النسائي (2/104) : أخبرنا الحسين بن حريث ... به.
وله طريق أخرى عن ابن عباس، يرويه حماد بن سلمة وغيره عن هارون بن
رِئَاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير. وعبد الكريم عن عبد الله بن عبيد بن عمير
عن ابن عباس- عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس، وهارون لم يرفعه- قالا ...
فذكره.
أخرجه النسائي (2/72) ، والبيهقي (7/154) ؛إلا أنه لم يذكر: وغيره.
وقال النسائي:
" هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت
منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث
عبد الكريم ". وقال البيهقي:
" ورواه ابن عيينة عن هارون بن رئاب مرسلاً ".
وحديث حماد عن عبد الكريم: أخرجه ابن أبي شيبة (4/183) .
قلت: ثم رواه النسائي (2/104) من طريق النضر بن شمَيْل: حدثنا حماد
ابن سلمة قال: أنبأنا هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن(6/290)
عباس ... به، وقال:
" هذا خطأ، والصواب مرسل "!
قلت: ولعل ذلك لرواية ابن عيينة المرسلة أيضاً؛ فهي ترجح رواية حماد الأولى
المرسلة! وهي على كل حال صحيحة الإسناد، فهي شاهد قوي لحديث الباب.
وله شاهد آخر موصول، يرويه أبو الزبير عن جابر ... مرفوعاً: رواه البيهقي.
ورجاله ثقات، وكأنه لذلك قال الحافظ: في "التلخيص " (3/225) :
" وأطلق النووي عليه الصحة ".
1789- عن مَعْقِل بن يسار قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
إني أصَبْت امرأةً ذات حَسَبٍ وجمالٍ، وإنها لا تَلِدُ؛ أفأتزوجها؟ قال:
" لا ". ثم أتاه الثانية؟ فنهاه. ثم أتاه الثالثة؟ فقال:
" تَزَوَّجوا الودود الولود؛ فإني مُكَاثِرٌ بحَم الأمَمَ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وصححه الحافظ
ابن حبان من حديث أنس، وحسنه الهيثمي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا مسْتَلِم بن
سعيد [ابن] أخت منصور بن زاذان عن منصور- يعني. ابن زاذان- عن معاوية بن
قُرَةَ عن معقل بن يسار.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مستلم بن(6/291)
سعيد، وهو صدوق عابد ربما وهم، كما في "التقريب ".
والحديث أخرجه النسائي، والبيهقي (7/81) وغيرهما من طرق أخرى عن يزيد
ابن هارون ... به، وقوّاه من ذكرت في الأعلى، وهو مخرج في "آداب الزفاف "
(ص 132-133) .
5- باب في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية)
1790- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن مَرْثَدَ بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ كان يحمل الأُسَارى بمكة، وكان بمكة
بَغِي- يقال لها: عَنَاق- وكانت صديقته، قال: جئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا
رسول الله! أنْكِحُ عَنَاقَ؟ قال: فسكَتَ عَنِّي. فنزلت: (والزانية لا ينكحها
إلا زانٍ أو مشرك) ، فدعاني، فقرأها عليَّ وقال:
"لا تنكحها".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "،
وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن محمد التيمي: ثنا يحيى: ثنا عبيد الله بن
الأخنس عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المعروف في
رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وإبراهيم بن محمد التيمي: هو أبو إسحاق المعمري البصري قاضيها.
ويحيى: هو ابن سعيد القطان.(6/292)
والحديث أخرجه النسائي (2/71) ... بإسناد المصنف أتم منه. فكأن المصنف
اختصره.
وتابعه رَوْحُ بن عُبَادة: ثنا عبيد الله بن الأخنس ... به مطولاً.
أخرجه البيهقي (7/153) ، والترمذي (3176) ، وقال:
" حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه "!
كذا قال! وقد رواه معتمر بن سليمان عن أبيه قال: ثنا الحضرمي بن لاحق
عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو ... به مختصراً؛ وفيه تسمية المرأة بـ:
(أُمَ مهزول) .
أخرجه أحمد (2/158- 159) ، والبيهقي، والحاكم (2/193) ، وقال:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
ورواه الطبري في "التفسير" (18/56) .
1791- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا ينكح الزاني المجلودُ إلا مِثْلَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد وأبو معمر قالا. ثنا عبد الوارث عن حبيب: حدثني
عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
وقال أبو معمر: حدثني حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن
شعيب، وهو ثقة في روايته عن غير أبيه عن جده على الأصح.(6/293)
وحبيب: هو المعلم.
والحديث أخرجه أحمد (2/324) ، والحاكم (2/193) عن حبيب ... به،
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
6- باب في الرجل يُعْتِقُ أمتَهُ، ثم يتزوَّجها
1792- عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ أعتق جاريته وتزوجها؛ كان له أجران ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيَ: ثنا عبْثَر عن مُطَرِّف عن عامر عن أبي بردة
عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه هو والبخاري وغيرهما من طريق أخرى عن عامر- وهو الشعبي-
... به أتم منه بلفظ:
" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة"
(1153) .
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/221) عن خالد بن عبد الله عن
مطرف ... به مختصراً.(6/294)
1793- عن أنس:
أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعْتَقَ صَفِيَّةَ، وجعل عِتْقَها صَداقَها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز بن
صهيب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم: حدثنا قتيبة: حدثنا أبو عوانة ... به.
وأخرجه هو، والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به. وهو
مخرج في "الإرواء" (1825) .
7- باب يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النسَبِ
1794- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يَحْرُمُ من الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ من الوِلادة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي. وأخرجه
الشيخان وابن الجارود من طرق أخرى عنها) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن
سليمان بن يسار عن عروة عن عائشة ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق أخرى،(6/295)
خرجتها في "الإرواء " (1876) ، وصححه الترمذي من طريق مالك هذه.
وابن الجارود من طريق أخرى.
1795- عن أم سلمة:
أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله! هل لك في أختي؟ قال:
" فَأفْعَلُ ماذا؟ ". قالت: فتنكحها. قال:
" أختك؟ ". قالت: نعم. قال:
" أوَتُحِبِّينَ ذلك؟! ".
قالت: لستُ بمُخْلِيَةٍ بك، وأحَبُ مَنْ شَرِكَنِي في خيرٍ أختي! قال:
" فإنها لا تَحِل لي ".
قالت: فوالله! لقد أُخْبِرْتُ بأنك تَخْطُبُ دُرّة- أو ذَرَّةَ؛ شك زهير- بنت
أبي سلمة؟! قال:
" بنت أم سلمة؟ ". قالت: نعم. قال:
" أما والله! لو لم تكن ربيبتي في حجري؛ ما حَلَّتْ لي؛ إنها ابنة
أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثُوَيبَةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليَّ بناتِكُنَّ ولا
أخَوَاتِكُنَّ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير عن هشام بن عروة عن(6/296)
عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج الجُعْفِيّ الكوفي.
والحديث أخرجه ابن الجارود (680) : حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا
النفيلي ... به.
وأخرجه مسلم (4/165- 166) من طريق آخر عن زهير ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (9/130) ، وابن أبي شيبة (4/288- 289) ، وعنه
ابن ماجه (1/598) ، وأحمد (6/309) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.
وتابعه ابن شهاب أن عروة بن الزبير أخبره ... به.
أخرجه الشيخان وابن ماجه والبيهقي في "السن " (7/162) ، وأحمد (6/428) .
8- باب في لبن الفحل
1796- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل عليَّ أفْلَحُ بن أبي القُعَيْس؛ فاستترت منه. قال: تَسْتَتِرِينَ مني
وأنا عمك؟! قالت: قلت: من أين؟ قال: أرضعتك امرأة أخي. قالت: إنما
أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل! فدخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فحدثته؟ فقال:
" إنه عَمَكِ؛ فَلْيَلِجْ عليك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .(6/297)
إسناده: حدثنا محمد بن كثير العَبْدِيُّ: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن
عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/36- 37 و 38) : ثنا سفيان ... به.
وبه: أخرجه ابن أبي شيبة (4/288) ، وعنه مسلم (4/163) ، وكذا ابن
ماجه (1/600) .
ثم أخرجاه، وكذا البخاري (9/277) وغيره من طرق أخرى عن هشام ...
به. وهو مخرج في "الإرواء" (1793) .
9- باب في رضاعة الكبير
1797- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها وعندها رجل- قال حفص: فَشَقّ عليه،
وتغيرَ وجهه. ثم اتفقا-! قالت: يا رسول الله! إنه أخي في الرضاعة!
فقال:
" انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانكُن؛ فإنما الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وثنا محمد بن كثير: أخبرنا
سفيان عن أشعث بن سُلَيْم عن أبيه عن مسروق عن عائشة- المعنى واحد-: أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...(6/298)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وهو من الوجه الأول على
شرط البخاري، ومن الوجه الآخر على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/194) ... بإسناد المصنف الآخر.
وأخرجه مسلم (4/170) ، وابن الجارود (691) ، وابن أبي شيبة (4/285) ،
وأحمد (6/138 و 214) من طرق أخرى عن سفيان- وهو الثوري- ... به.
ثم أخرجه البخاري (9/120- 121) ، ومسلم، وأحمد (6/94) من طرق
أخرى عن شعبه ... به.
ومسلم أيضاً، والنسائي (2/83) ، وسعيد بن منصور (3/1/234) ، والبيهقي
(7/456) من حديث أبي الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء ... به.
1798- عن ابن مسعود قال:
لا رضاع إلا ما شَدَ العَظْمَ، وأنْبَتَ اللَّحْمَ.
فقال أبو موسى، لا تسألونا وهذا الحَبْرُ فيكم.
(قلت: حديث صحيح موقوفاً. وقد روي مرفوعاً، وهو في الكتاب الآخر
(350)) .
إسناده: حدثنا عبد السلام بن مطهر أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن أبي
موسى عن أبيه عن ابنٍ لعبد الله بن مسعود عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي موسى- وهو الهلالي- وأبيه؛ فإنهما
مجهولان، كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه، وأقره المنذري، لكنهما قد توبعا كما
يأتي.(6/299)
والحديث أخرجه البيهقي (7/461) من طريق المصنف.
وله طريقان آخران:
الأول: قال عبد الرزاق في "مصنفه " (7/463/13895) : عن الثوري عن أبي
حَصِين عن أبي عطية الوادعي قال:
جاء رجل إلى ابن مسعود، فقال: إنها كانت معي امرأتي، فَحُصِرَ لبنها في
ثَدْيِها، فجعلتُ أمُصُهُ، ثم أمُجُّهُ، فأتيت أبا موسى فسألته؟ فقال: حَرُمَتْ عليك؟!
قال: فقام وقمنا معه، حتى انتهى إلى أبي موسى، فقال: ما أفتيتَ هذا؟ فأخبره
بالذي أفتاه. فقال ابن مسعود- وأخذ بيد الرجل-: أرَضِيْعَاً ترى هذا؟! إنما الرضَاع
ما أنْبَتَ اللحْمَ والدَّمَ. فقال أبو موسى:
لا تسألوني عن شيء؛ ما كان هذا الحَبر بين أظهركم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو عطية: اسمه مالك بن
عامر- أو ابن أبي عامر، وقيل في اسم أبيه غير ذلك-.
وأبو حصين- بفتح المهملة-: اسمه عثمان بن حَصِينٍ الأسَدِيُ.
وأخرجه الدارقطني (ص 498) ، وعنه البيهقي (7/461) من طريق أبي بكر
ابن عياش: نا أبو حصين ... به مختصراً.
وأخرجه مالك (2/117) عن يحيى بن سعيد:
أن رجلاً سأل أبا موسى ... الحديث نحوه.
وهذا مرسل أو معضل.
الطريق الأخرى: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/236 و 239-(6/300)
240) من طريقين عن مغيرة عن إبراهيم:
أن رجلاً أوْجَرتْه امرأته أو سعطتْه من لبنها، فأتوا أبا موسى الأشعري ...
الحديث نحوه.
وإسناده صحيح؛ لأن مراسيل إبراهيم- وهو ابن يزيد النَّخَعِيّ- عن ابن
مسعود صحيحة؛ كما قال البيهقي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (4/286) من طريق ثالثة عن أبي عمرو الشيباني عن
ابن مسعود ... به مختصراً؛ دون القصة، بلفظ.
" إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم، وأنْشزَ العظم ".
وإسناده صحيح.
وهذا المقدار منه؛ قد رواه المصنف مرفوعاً، ولا يصح، وهو في الكتاب الآخر
(350) .
10- باب فيمن حَرَّم به
1799- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأم سلمة:
أن أبا حذيفة بن عُتْبَةَ بن ربيعه بن عبد شمس كان تَبَنَّى سالماً،
وأنكحه ابنة أخيه هِنْدَ بنتَ الوليد بن عتبة بن ربيعة- وهو مولى لامرأة من
الأنصار-، كما تبنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيداً. وكان من تبنى رجلاً في
الجاهلية؛ دعاه الناس إليه، وورث ميراثه، حتى أنزل الله سبحانه وتعالى
في ذلك: (ادعُوهم لآبائهم) إلى قوله: (فإخوانكم في الدِّين
ومواليكم) ، فَرُدوا إلى آبائهم. فَمَنْ لم يُعْلَم له أب؛ كان مولىً وأخاً في(6/301)
الدين. فجاءت سَهْلَةُ بنت سهيل بن عمرو القُرَشي ثم العامري- وهي
امرأة أبي حذيفة- فقالت: يا رسول الله! إنا كلنا نرى سالماً ولداً، وكان
يَأْوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فُضْلاً، وقد أنزل الله
عز وجل فيهم ما قد علمتَ، فكيف ترى فيه؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أرضعيه ".
فأرضَعَتْهُ خمس رَضَعَاتٍ، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة.
فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بناتِ أخواتها وبناتِ إخوتها
أن يرضعن مَنْ أحَبَتْ عائشة أن يراها ويدخل عليها- وإن كان كبيراً-
خمس رضعات، ثم يدخل عليها.
وأبَتْ أمَ سلمة وسائر أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُدْخِلْنَ عليهن بتلك الرضاعة
أحداً من الناس؛ حتى يَرْضَعَ في المهد، وقلن لعائشة: والله! ما ندري؛
لعلها كانت رخصةً من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسالم دون الناس!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحافظ، ومن قبله
ابن الجارود، وهو عنده عن عائشة وحدها. وكذلك أخرجه البخاري، لكنه لم
يَسُقْه إلى آخره، وأخرجه مسلم مختصراً عنها، وفي رواية له: إباء أم سلمة
وسائر الأزواج الإدخال المذكور) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: حدثني يونس عن ابن شهاب:
حدثني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري، وصححه الحافظ
في "الفتح " (9/122) .(6/302)
والحديث أخرجه عبد الرزاق (7/459- 461) ، والبخاري (9/107- 108) ،
وابن الجارود (690) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ إلا أن البخاري لم
يسق قوله: " أرضعيه ... " إلخ؛ وإنما أشار إليه بقوله: الحديث. وهو مخرج في
" الإرواء " (1863) .
11- باب هَلْ يُحَرِّم ما دون خمسِ رَضَعَات؟
1800- عن عائشة أنها قالت:
كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن: (عَشْرُ رَضَعَات يُحَرِّمْنَ) ، ثم
نُسِخنْ بـ: (خَمْسٌ معلوماتٌ يُحَرِّمْنَ) ؛ فتوفِّيَ النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُن مما يُقْرَأ من
القرآن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/117- 118) ... إسناداً ومتناً.
ومن طريقه أيضاً: أخرجه مسلم (4/167) ، والنسائي (2/82) ، والترمذي
(4/119- حمص) ، والدارمي (2/157) ، والبيهقي (7/454) كلهم عن
مالك ... به.
وتابعه يحيى بن سعيد عن عمرة ... به.
أخرجه مسلم، وابن الجارود (688) ، والبيهقي.(6/303)
وأخرجه ابن ماجه (1/598) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
عمرة ... به نحوه.
وقال عبد الرزاق في "مصنفه " (13928) : أخبرنا ابن جريج قال: سمعت
نافعاً يحدث أن سالم بن عبد الله حدثه:
أن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلت به إلى أختها أم كلثوم ابنة أبي بكر لترضعه
عشر رضعات؛ ليلج عليها إذا كَبِرَ، فأرضعته ثلاث مرات، ثم مرضت، فلم يكن
سالم يَلجُ عليها.
قال: زعموا أن عائشة قالت:
لقد كان في كتاب الله عز وجل: (عشر رضعات) ، ثم رُد ذلك إلى:
(خمس) ، ولكن من كتاب الله ما قُبِض مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح بالشطر الأول.
وكذلك الشطر الآخر؛ إن كان القائل: (زعموا) هو سالم، وإن كان هو ابن
جريج؛ فهو منقطع.
وقد تابعه على الأول: أيوب عن نافع قال: كانت عائشة ...
فأسقط سالماً من بينهما.
أخرجه ابن أبي شيبة (4/286) .
1801- عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُحَرم المَصَّةُ، ولا المَصَّتَانِ ".(6/304)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي. وأخرجه مسلم أيضاً من حديث أم الفضل، وابن حبان من حديث
ابن الزبير) .
إسناده: حدثنا مسدد بن مسرهد: ثنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبي مليكة
عن عبد الله بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
وإسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن عُلَيَةَ.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/235/969) ، وأحمد
(6/216) قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ... به.
وأخرجه مسلم (4/166) ، والنسائي (2/83) ،وابن ماجه (1/598) ،
والبيهقي (7/454) كلهم عن إسماعيل ... به.
وأخرجه الترمذي (1150) ، وابن الجارود (689) ، وأحمد (6/31 و 95-
96) ، ومسلم أيضاً من طرق أخرى عن أيوب ... به.
وأخرجه النسائي من طريق ثانية عن عائشة.
والدارمي (2/156) ، وأحمد (6/247) من طريق ثالثة عنها.
وله شاهد عن أم الفضل: عند مسلم وغيره.
وآخر عن عبد الله بن الزبير؛ صححه ابن حبان (1251 و 1252) ، وانظر
" الإرواء " (2148) .(6/305)
12- باب في الرضْخ عند الفصال
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
13- باب ما يُكْرَهُ أن يُجْمَعَ بينهن من النساء
1802- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُنْكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها، ولا العَمَةُ على بنتِ أخيها، ولا المرأةُ
على خالَتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أُخْتِها، ولا تُنْكَحُ الكبْرى على
الصغْرى، ولا الصغْرى على الكُبْرى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن الجارود.
وعلقه البخاري مجزوماً به) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا داود بن أبي هند
عن عامر عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير عبد الله بن محمد النفيلي،
فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج الجعْفي الكوفي.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (652) : نا هشيم قال: أنا داود
ابن أبي هند ... به.
وأخرجه الترمذي وغيره، وصححه هو وابن الجارود، وعلقه البخاري بصيغة
الجزم، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1882) ، وقد خرجت له فيه ستة طرق
أخرى عن أبي هريرة، بعضها في "الصحيحين "، منها الآتي بعده.(6/306)
1803- ومن طريق أخرى عنه قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُجْمَعَ بين المرأة وخالتها، وبين المرأة وعَمَتها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: أخبرني يونس عن ابن شهاب:
أخبرني قَبِيصَةُ بن ذُؤَيْبٍ أنه سمع أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن يونس ... به؛ وهو
مخرج في "إرواء الغليل " (1882) .
وقد تابعه عُقَيْل عن ابن شهاب:
أنه سئل عن الرجل يجمع بين المرأة وبين خالة أبيها، والمرأة وخالة أمها، أو
بين المرأة وعمة أبيها، أو المرأة وعمة أمها؟ فقال: قال قبيصة بن ذؤيب: سمعت
أبا هريرة ... فذكر الحديث؛ وزاد:
فنرى خالة أمها وعمة أمها بتلك المنزلة، وإن كان من الرضاع؛ يكون من ذلك
بتلك المنزلة.
(فائدة) : روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن رجلاً تزوج امرأة على خالتها؛ فضربه عمر وفَرَقَ بينهما.
أخرجه ابن أبي شيبة (4/247) ، وسعيد بن منصور (649) .
وسنده حسن.(6/307)
1804- عن عروة بن الزبير:
أنه سأل عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قول الله تعالى: (وإن خِفْتُم أن لا
تُقْسِطُوا في اليتامى فانكِحُوا ما طاب لكم من النساء) ؟
قالت: يا ابن أختي! هي اليتيمة تكون في حِجْرِ وَليِّها، فتشارِكهُ في
مالِهِ، فيُعْجِبُهُ مالُها وجمالُها، فيريدُ وَلِيُّها أن يتزوجها بغير أن يُقْسِطَ في
صَدَاقها، فيعطِيها مثلَ ما يعطيها غيرُهُ، فَنُهوا أن يَنْكحُوهن إلا أن يُقْسِطُوا
لهنَّ، ويَبْلُغُوا بهن أعلى سُنَّتِهِنَ من الصَّدَاقِ، وأُمِروا أن يَنْكِحُوا ما طاب
لهم من النساء سِواهُنَّ.
قال عروة: قالت عائشة:
ثم إن الناس استفتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد هذه الآية فيهن؟! فأنزل الله
عز وجل: (ويَستَفتونك في النساء قل الله يُفتيكم فيهن ومايُتلى عليكم
في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تُؤْتونَهُنَّ ما كُتِبَ لهن وترغبون أن
تنكحوهن) .
قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب: الآيةُ التي قال الله
سبحانه فيها: (وإن خفتم أن لا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم
من النساء) .
قالت عائشة: وقول الله عز وجل في الآية الآخرة: (وتَرْغَبُون أن
تَنكحُوهُن) : هي رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين
تكون قليلة المال والجمال، فنُهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من
يتامى النساء؛ إلا بالقسط من أجل رغبتهم عَنهن. قال يونس: وقال(6/308)
ربيعة (1) في قول الله عز وجل: (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى) ؛
قال: يقول: اتركوهن إن خفتم؛ فقد أحللت لكم أربعاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف،
وأخرجه البخاري نحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ المصري. ثنا ابن وَهْب: أخبرني
يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح المصري، فهو
على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي،.
والحديث أخرجه البيهقي (7/142) عن المصنف.
وأخرجه مسلم (8/239) ... بإسناده وِمتنه.
وأخرجه هو، والنسائي (2/87) ، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن وهب ... به.
والبخاري (9/87) من طريق حسان بن إبراهيم عن يونس بن يزيد ... به
مختصراً.
وهو (8/193) ، ومسلم من طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب ... به.
وهو أيضاً (9/111- 112 و 162) من طريقين آخرين عنه.
وهو (8/213 و 9/152 و 155) ، ومسلم أيضاً، وابن أبي شيبة (4/357) ،
عن هشام بن عروة عن أبيه ... مطولاً ومختصراً.
__________
(1) قال المنذري: " وربيعة هذا يشبه أن يكون ابن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رضي الله
عنه ". كذا في "عون المعبود " (2/184- 185) ؛ ولم أره في "مختصر السنن " المطبوع للمنذري!
والله أعلم.(6/309)
1805- عن علي بن حسين:
أنهم حين قَدِموا المدينة من عند يزيد بن معاوية- مَقْتَلَ الحسين بن
علي رضي الله عنه-؛ لَقِيَهم المِسْوَر بن مَخْرَمَةَ، فقال له: هل لك إليّ من
حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا. قال: هل أنت مُعْطِي سَيْفَ رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه! وايم الله! لئن أعطيتنيه؛ لا
يُخلَص إليه أبداً حتى يبلغ إلى نفسي! إن علي بن أبي طالب رضي الله
عنه خَطَبَ بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فسمعتُ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا- وأنا يومئذ محتلم-،
فقال:
" إن فاطمة مني، وأنا أتخوف (1) أن تُفْتَنَ في دينها ".
قال: ثم ذكر صِهْراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته
فأحسن، قال:
" وحدَّثني فَصَدَقني، ووعدني فَوَفَى لي، وإني لست أُحَرِّم حلالاً،
ولا أُحِلُّ حراماً، ولكنْ- والله! - لا تجتمع بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبنت عدو
الله مكاناً واحداً أبداً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وهو عند مسلم
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثني
__________
(1) في بعض النسخ: " لا أتخوف "! وما أثبته هو الصواب؛ لمطابقته لرواية
"الصحيحين "و"المسند".(6/310)
أبي عن الوليد بن كثير: حدثني محمد بن عمرو بن حَلْحَلَةَ الدّؤلي أن ابن شهاب
حَدثه أن علي بن حسين حدثه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (7/141) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وهو في "مسند أحمد" (4/326) .
وأخرجه البخاري (6/161) : حدثنا سعيد بن محمد الجَرْمِي: حدثنا يعقوب
ابن إبراهيم ... به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به نحوه،
ويأتي بعضها قريباً.
1806- ومن طريق ابن أبي مليكة- يعني: عن المسور- ... بهذا
الخبر؛ قال: فسكت علي عن ذلك النكاح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق ": أخبرنا معمر عن
الزهري عن عروة وعن أيوب عن ابن أبي مليكة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على
شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي بعده.
والحديث أخرجه أحمد (4/326) ، ومسلم، والبيهقي (7/308) من طريقين
آخرين عن الزهري ... بتمامه وفيه الزيادة.(6/311)
1807- ومن طريق أخرى عنه- أعني، عبد الله بن عبيد الله بن أبي
مُلَيْكَةَ القرشي التيمي-: أن المسور بن مخرمة حدثه:
أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر يقول:
" إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنْكِحُوا ابنتهم من علي بن
أبي طالب! فلا آذن، ثم لا آذن؛ إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يُطَلَّقَ
ابنتي، ويَنْكِحَ ابنتهم؛ فإنما ابنتي بضعة مني، يرِيبُني ما أرابها، ويُؤْذيني ما
آذاها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسنادي
المصنف، والبخاري بأحدهما. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد- المعنى؛ قال أحمد-: ثنا
الليث: حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (7/140- 141) ... بإسنادي المصنف.
والبخاري (9/268- 270) بإسناده الثاني: حدثنا قتيبة ... به.
وكذا أخرجه الترمذي (3866) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن ماجه (1/616) ، والبيهقي (307) ، وأحمد (4/328) من طرق
أخرى عن الليث ... به.(6/312)
14- باب في نكاح المتعة
1808- عن ربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مُتْعَةَ النساءِ.
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم، وزاد في
رواية: زمن الفتح. وهي المحفوظة، وفي رواية للمصنف: في حجة الوداع!
ولكنها شاذة، ولذلك أوردتها في الكتاب الآخر (353)) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن
الزهري عن ربيع بن سَبْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير ابن فارس، فهو على شرط
البخاري، لكنه قد توبع.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (6/502/14034) ... بهذا السند
والمتن.
وعنه أيضاً: أخرجه أحمد (3/404) .
وأخرجه مسلم وغيره من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ وزاد في رواية:
زمن الفتح.
وفي رواية للمصنف:
في حجة الوداع! ولكنها رواية شاذة: والأولى هي المحفوظة، كما بينته في
"إرواء الغليل " (1901و 1902) .(6/313)
15- باب في الشِّغَارِ
1809- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار.
زاد مُسَدَّد في حديثه:
قلت لنافع: ما الشغار؟ قال:
يَنْكِح ابنةَ الرجل وينْكِحُهُ ابنتَه بغير صَدَاقٍ، وَينْكِحُ أختَ الرجل
وُينْكِحُهُ أخته بغير صَدَاقٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة فهي على شرط.
البخاري. وقد أخرجه بها بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم دون ذكر الأخت،
وكذا ابن الجارود؛ لكنه وصل الزيادة بالمتن المرفوع؛ وهو رواية لمسلم. وصحح
الترمذي المرفوع منه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا مسدد بن مسرهد: ثنا يحيى
عن عبيد الله كلاهما عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط
البخاري وحده من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/69) ... سنداً ومتناً؛ إلا أن الزيادة فيه متصلة بالمتن.
وكذلك أخرجه مسلم في رواية، وكذا البخاري وغيرهما عن مالك.
وأخرجه البخاري في "الحيل " ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم من طرق أخرى عن يحيى نحوه.(6/314)
والحديث مخرج في "إرواء الغليل " (1895) .
1810- عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج:
أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم
ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقاً، فكتب معاوية إلى
مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه:
هذا الشغَارُ الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا
أبي عن ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن هُرْمزٍ الأعرج.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ابن
إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، كما هنا، ولذلك صححه ابن
حبان، وقد خرجته في المصدر الآنف الذكر (1896) .
16- باب في التحليل
1811- عن علي رضي الله عنه- قال إسماعيل: وأراه قد رفعه إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لعن الله المحَلَلَ والمُحَلَّلَ له ".
(قلت: حديث صحيح، رواه جمع آخر من الصحابة، وحسن البخاري
بعض أسانيده، وكذا عبد الحق الإشبيلي، وصححه ابن السكن والحاكم
والذهبي وابن القطان وابن دقيق العيد وابن الجارود) .(6/315)
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: حدثني إسماعيل عن عامر عن
الحارث عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غبر الحارث- وهو الأعور-
ضعيف، لكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه جمع آخر عن غير ما واحد من الصحابة
مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قوّى بعض أسانيده مَنْ سَمَيْنا آنفاً، وذلك مبين في
" الإرواء " (1897) .
1812- وفي رواية عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:
فرأينا أنه علي- عليه السلام- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
(قلت: حديث صحيح، وقد قوّاه من سبق ذكرهم آنفاً) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصَيْنٍ عن عامر عن الحارث
الأعور عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث الأعور، لكنه قد
توبع، كما ذكرت في الذي قبله.
17- باب نكاح العبد بغير إذن سَيِّدِهِ
1813- عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيُما عبد تزوج بغير إذن مواليه؛ فَهُو عاهِرٌ ".
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه الحاكم
والذهبي) .(6/316)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة- وهذا لفظ إسناده
وكلاهما- عن وكيع: ثنا الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عَقِيلٍ عن
جابر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن عقيل،
وهو حسن الحديث، وقد حسن حديثه الترمذي، وصحح إسناده الحاكم والذهبي،
وقد خرجت ذلك كله في "إرواء الغليل " (1933) .
18- باب في كراهية أن يَخْطُبَ الرجل على خِطْبَةِ أخيه
1814- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَخْطُبِ الرَّجُلُ على خِطبة أخيه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري.
وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد
ابن المسيَّب عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على
شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/238) ، والحميدي (1026) قالا: ثنا سفيان: ثنا
الزهري ... به.
وأخرجه البخاري (4/281) ، ومسلم (4/138) ، والترمذي (1134) ، والنسائي
(2/73) ، وابن ماجه (1/575) ، وابن الجارود (677) ، والبيهقي (7/179) من
طرق أخرى كثيرة عن سفيان بن عيينة ... به. وقال الترمذي:(6/317)
" حديث حسن صحيح ".
وله عند البخاري (9/163) ومسلم والنسائي والبيهقي، وأحمد (2/274
و311 و 318 و 411 و 427 و 457 و 462 و 487 و 489 و 508 و 516 و 529) ،
وسعيد بن منصور (647) ، والدارمي (2/135) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به.
1815- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يَخْطُبْ أحدُكم على خِطبة أخيه، ولا يَبعْ على بَيْعِ أخيه؛ إلا
بإذنه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وزاد البخاري:
" حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نُمَير ومحمد بن عبَيْد قالا: ثنا
عبد الله ... به.
وأخرجه مسلم (4/138) ، والدارمي (2/135) ، وابن ماجه (1/575) ، وابن
أبي شيبة (4/403) ، والبيهقي (7/180) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
وأخرجه البخاري (9/163) ، ومسلم والنسائي، وأحمد (2/42 و 122 و 124
و126 و 130 و 153) من طرق أخرى عن نافع ... به نحوه، وزاد البخاري
وغيره:(6/318)
" حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب ".
19- باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها
1816- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا خَطَبَ أحدُكمُ المرأةَ؛ فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى
نكاحها؛ فليفعل ".
فَخطبْتُ جارية، فكنت أتَخَبَّأُ لها؛ حتى رأيت منها ما دعاني إلى
نكاحها وتزوُجها؛ فتزوَّجْتُها.
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ:
" وسنده حسن ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا محمد بن إسحاق عن
داود بن حصَيْن عن واقد بن عبد الرحمن- يعني. ابن سعد بن معاذ- عن جابر
ابن عبد الله. ً
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف يسير في ابن
إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية لأحمد؛ غير واقد بن عبد الرحمن بن
سعد بن معاذ؛ فإنه مجهول، لكن قد سماه غير عبد الواحد بن زياد من الثقات:
واقد بن عمرو، وهو الصواب، كما بينته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"
(99) . وعليه؛ فالإسناد حسن.
وكذلك قال الحافظ، وقد خرجت الحديث هناك؛ فأغنى عن الإعادة.(6/319)
20- باب في الوَلِيَ
1817- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذن مواليها؛ فنكاحها باطل (ثلاث مرات) ،
فإن دخل بها؛ فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا؛ فالسلطان وَلِي من
لا وَلِي له ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن معين وابن الجارود وابن حبان
والحاكم والذهبي وابن عدى وابن الجوزي، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: أخبرنا ابن جريج عن سليمان
ابن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة.
حدثنا القعنبي: ثنا ابن لهيعة عن جعفر- يعني: ابن ربيعة- عن ابن شهاب
عن عروة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه.
قال أبو داود: " جعفر لم يسمع من الزهري، كتب إليه ".
قلت: هذا حديث صحيح، ورجال الإسنادين إلى ابن شهاب ثقات؛ غير ابن
لهيعة، فهو سيئ الحفظ، فيصلح للمتابعة.
وابن جريج إنما يخشى من تدليسه، وقد صرح بالتحديث في رواية عبد الرزاق
وغيره عنه، كما حققته في "الإرواء" (1840) ؛ فالإسناد جيد، ويتقوى بطريق
ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة.
وكون هذا لم يسمع من الزهري- كما جزم به المصنف- لا يضر؛ ما دام أن
الزهري كتب إليه، والكتابة حجة.(6/320)
وأما ما يروى عن ابن جريج: أنه سأل الزهري عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه!
ففي ثبوته نظر؛ لأنه طعن فيد جمع من الأئمة، كما تراه مبسوطاً في المصدر
المذكور وغيره.
1818- عن أبي موسى؛ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا نكاح إلا بِوَلِيً ".
(قلت: حديث صحيح، وقد صححه الأئمة: أحمد وابن المديني
والبخاري والذُّهْلِيُّ وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي، وصححه
الضياء المقدسي في "المختارة" من حديث ابن عباس، وابن حبان أيضاً من
حديث أبي هريرة) .
إسناده: حدثنا محمد بن قُدَامة بن أعْيَنَ: ثنا أبو عُبَيْدَةَ الحداد عن يونس
وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى.
قال أبو داود: " هو يونس عن أبي بردة. وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي
بردة".
قلت: حديث صحيح، ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أعين،
وهو ثقة.
لكن أبو إسحاق:- هو السَّبِيعي-، وهو مدلس مختلط، ومع ذلك اختلف
عليه في وصله وإرساله.
نعم؛ قد تابعه على وصله: يونس بن أبي إسحاق، فرواه عن أبي بردة، كما
بينه قول المصنف عقبه؛ وهذا ليس بصريح؛ فمن المحتمل أن تكون رواية يونس في
هذا الإسناد مثل رواية إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق، وهو ظاهر عطف إسرائيل(6/321)
عليه. وعليه؛ فأحدهما متابع للآخر في روايته عن أبي إسحاق.
ويؤيده أن البيهقي، أخرجه من طرف عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي
إسحاق ... به.
لكن قد رواه آخرون عنه عن أبي بردة؛ دون ذكر أبي إسحاق بينهما، فقد
اختلف فيه على يونس، كما اختلف على أبيه.
وأصح الروايات عندي عن أبيه: رواية سفيان وشعبة عنه عن أبي بردة ...
مرسلاً، كما خرجته في "الإرواء" (1839) .
فإذا انضم إليه حديث عائشة الذي قبله، وحديث ابن عباس وأبي هريرة
المذكورين أعلاه؛ ارتقى الحديث إلى مرتبة الصحة بلا ريب، لا سيما والمرسل وحده
حجة عند الحنفية وغيرهم؛ فإذا شهد له ما ذكرنا؛ صار الحديث صحيحاً اتفاقاً.
1819- عن أم حبيبة:
أنها كانت عند ابن جحش، فهلك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض
الحبشة، فزوَّجها النجاشيُّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهي عندهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط الشيخين "، يوافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن
الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس- وهو الذهْلي-،
فمن شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/181) ، وأحمد (6/427) من طريق عبد الله بن(6/322)
المبارك: أنا معمر ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
21- باب في العَضْلِ
1820- عن مَعْقِلِ بن يسار قال:
كانت لي أخت تخْطَبُ إلي؛ فأتاني ابنُ عَم لي، فأنكحتها إياه، ثم
طلقها طلاقاً له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عِدَّتها، فلما خُطبت إلي؛
أتاني يَخْطبها، فقلت: لا والله! لا أُنْكِحُها أبداً!
قال: ففي نزلت هذه الآية: (وإذا طَلَّقْتُم النساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُن فلا
تَعْضُلُوهُن أن يَنْكِحْنَ أزْوَاجَهُنَّ ... ) الآية.
قال: فَكَفرْتُ عن يميني، فأنكحتها إياه.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري من طريق المؤلف الحسنة، ومن طريق أخرى صحيحة) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني أبو عامر: ثنا عَباد بن راشد عن
الحسن: حدثني معقل بن يسار.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهمِ ثقات رجال الشيخين؛ غير عَبَّاد بن
راشد، فهو من رجال البخاري، لكن مقروناً بغيره؛ وذلك لأن فيه كلاماً من جهة
حفظه؛ وقد أخرجه من طريقه وغيره كما يأتي.
وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدِيُ.
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف.(6/323)
ثم أخرجه هو، والبخاري (8/154) وغيرهما من طرقٍ أخرى عن أبي عامر
العقدي ... به.
وتابعه يونس وقتاده عن الحسن ... به. أخرجه البخاري (9/152 و 398)
وغيره، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1843) .
22- باب إذا أنكح الولِيَّان
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
23- باب قوله تعالى:
(لا يَحِلّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كرْهاً ولا تَعْضُلوهُنَّ)
1821- عن ابن عباس في هذه الآية: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ
كَرْهاً ولا تَعْضُلُوهُنَّ) ؛ قال:
كان الرجل إذا مات؛ كان أولياؤه أحقّ بامرأته من وَلِيَ نفسها؛ إن شاء
بعضهم تزوجها، أو زَوَّجوها، وإن شاءُوا لم يزوَجوها، فنزلت هذه الآية في
ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا أحمد بن مَنِيع: ثنا أسباط: ثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن
عباس.
قال الشيباني: وذكره عطاء أبو الحسن السُّوَائي- ولا أظنه إلا- عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عكرمة عن ابن عباس.(6/324)
وفي الطريق الأخرى عطاء أبو الحسن السوائي لا يعرف، كما قال الذهبي، مع
أن البخاري قد روى له مقروناً هذا الحديث مثل رواية المصنف كما يأتي! قال
الحافظ في "التهذيب ":
" ما وجدت له راوياً إلا الشيباني، ولم أقف فيه على تعديل ولا تجريح، وروايته
عن ابن عباس غير مجزوم بها ".
والحديث أخرجه البيهقي (7/138) من طريق أخرى عن أحمد بن مَنِيع وابن
سَمُرَةَ الأحْمَسِي قالا: ثنا أسباط ... به.
وأخرجه البخاري (8/198 و 12/270) ، وابن جرير في "التفسير"
(8/104/8869) من طرق أخرى عن أسباط بن محمد ... به. وسمى البخاريَ
في إحدى روايتيه الشيبانيَّ: سليمان بن فيروز.
ولم يذكر ابن جرير روايته عن السوائي.
1822- وفي رواية عنه قال:
(لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا يبعض ما
آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ، وذلك أن الرجل كان يرث امرأة
ذي قرابته، فيعضلها حتى تموت، أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأحكم الله عن
ذلك، ونهى عن ذلك.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِي: حدثني علي بن حسين
ابن واقد عن أبيه عن يزيد النَّحْوِيَ عن عكرمة عن ابن عباس قال ...(6/325)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المروزي- وهو
أبو الحسن بن شَبَّويهِ الآتي في الإسناد بعده-، وهو ثقة.
وفي علي بن حسين وأبيه كلام يسير من قبل حفظهما، لا ينزل به حديثهما
عن مرتبة الحسن.
فَجَزْمُ المنذري هنا- وفي الحديث الآتي برقم (1974) - بأنه ضعيف! مردود.
والحديث تفرد به المصنف عن بقية الستة، كما أفاده ابن كثير في تفسيره
للآية. وقول المنذري عنه:
" وأخرجه البخاري والنسائي "!
إنما يعني: الحديث الذي قبله؛ وإلا فهو خطأ؛ فتنبَّه!
وأخرجه ابن جرير (8871) من طريق أخرى عن الحسن بن واقد ... به؛ لم
يجاوز به عكرمة، وقرن معه: الحسن البصري.
1823- وعن الضحاك ... بمعناه؛ قال: فوعظ الله ذلك.
(قلت: حديث مقطوع؛ الضحاك: هو ابن مزاحم الهلالي التابعي، وهو
صحيح بما قبله) .
إسناده: حدثنا أحمد بن شَبَّوَيْه: ثنا عبد الله بن عثمان عن عيسى بن عبَيْد
عن عبيد الله مولى عمر عن الضحاك.
قلت: وهذا إسناد مقطوع؛ لأن الضحاك: هو ابن مزاحم الهلالي، لم يَلْقَ
أحداً من الصحابة، والسند إليه جيد؛ غير عبيد الله مولى عمر- وهو مولى عمر بن
مسلم الباهلي-؛ قال الحافظ:(6/326)
" مجهول ". وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله في "الميزان ":
" تفرد عنه عيسى بن عبيد الكِنْدِي ".
قلت: لا أستبعد أن يكون هو عبيد بن سليمان الباهلي مولاهم، الذي ذكر في
"التهذيب " تمييزاً برواية جمع من الثقات عنه، وبروايته عن الضحاك بن مزاحم
فقط، وقول أبي حاتم:
" لا بأس به ".
أقول: لا أستبعد ذلك؛ لأني رأيت ابن جرير قد أخرج هذا الأثر في "تفسيره "
(8878) من طريق عبيد بن سليمان الباهلي قال: سمعت الضحاك يقول ...
فذكره نحوه. والله أعلم.
ولكن يشهد له حديث ابن عباس الذي قبله، ولعله تلقَاه عن بعض أصحاب
ابن عباس عنه. والله أعلم.
24- باب في الاستئمار
1824- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تُنْكَحُ الثيبُ حتى تُسْتَأْمَرَ، ولا البِكرُ إلا بإذنها ".
قالوا: يا رسول الله! وما إذنها؟ قال:
" أن تَسْكُتَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود، وأحد إسنادي البخاري إسناد المصنف) .(6/327)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان: ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (12/285- 286) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به
نحوه، وصرح في بعضها بالتحديث، وهو مخرج في "الإرواء" (1828) .
1825- وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تُسْتَأْمَرُ اليتيمةُ في نفسها، فإن سكتت؛ فهو إذنها، وإن أبت؛ فلا
جواز عليها ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان وقال الترمذي: " حديث
حسن ") .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد- يعني: ابن زريع-. (ح) وثنا موسى بن
إسماعيل: ثنا حماد- المعنى-: حدثني محمد بن عمرو: ثنا أبو سلمة عن أبي
هريرة ... والإخبار في حديث يزيد.
قال أبو داود: " وكذلك رواه أبو خالد سليمان بن حَيَّان ومعاذ بن معاذ عن
محمد بن عمرو. حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس عن محمد بن
عمرو ... بهذا الحديث بإسناد فيه؛ زاد: قال: " فإن بكت أو سكتت "؛ زاد:
"بكت " ... ".
قال أبو داود: " وليس " بكت " بمحفوظ، وهو وهم في الحديث؛ الوهم من
ابن إدريس ".(6/328)
والحديث أخرجه البيهقي (7/122) من طريق المصنف، وأقره على إعلاله
زيادة: " بكت " بالشذوذ، وقد خرجته في " الإرواء " (1828 و 1834) مع بعض
الشواهد له؛ دون الزيادة، مما يؤكد شذوذها. وراجع شاهده عن أبي موسى في
"الصحيحة" (656) .
1826- ورواه أبو عمرو ذكوان عن عائشة قالت:
قلت: يا رسول الله! إن البكر تَسْتَحِي أن تتكلم؟ قال:
" سُكَاتُها إقرارها ".
(قلت: وصله ابن أبي شيبة عنه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرجاه بمعناه، ووصله أحمد من حديث ابن عباس بلفظ: " وصُمَاتُها
إقرارها ". وصححه ابن حبان) .
إسناده: معلق كما ترى، وقد وصله جماعة؛ منهم ابن أبي شيبة في
"المصنف " (4/136) : نا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن ابن [أبي] مليكة
عن أبي عمرو ... به مرفوعاً بلفظ:
" تُسْتَأًْمَرُ النساء في أبضاعهن ". قالت: قلت: يا رسول الله! إنهن يَسْتَحْيِينَ؟
قال:
" الأيم أحق بنفسها، والبِكْرُ تُستأمر، فسكوتها إقرارها ".
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما بنحوه، وهو
مخرج في " الإرواء " (1833) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ... نحوه بلفظ.
" وصماتها إقرارها ".(6/329)
أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد (1/274) ، وابن حبان (1241) .
وقد أخرجه المصنف وغيره بنحوه، ويأتي بعد حديث.
25- باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها
1827- عن ابن عباس:
أن جارية بكراً أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة؛
فخيَّرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح، وكذلك قال ابن القطان، وقوّاه ابن القيم
والعسقلاني) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن محمد: ثنا جرير بن
حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث.
قال أبو داود: " لم يذكر ابن عباس. وكذلك رواه الناس مرسلاً؛ معروف "!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لولا أن جرير بن حازم قد
خالف حماد بن زيد- كما رأيت في رواية المصنف- وغيره كما ذكر، فقالوا: عن
عكرمة ... مرسلاً، لم يذكروا فيه ابن عباس. وهو الراجح.
لكن للحديث طرق أخرى وشواهد، يقوي بعضها بعضاً، كما قال الحافظ في
"الفتح " (9/161) . وقال الزيلعي- بعد أن ساق بعض طرقه في "نصب الراية"
(3/190) -:(6/330)
" قال ابن القطان في "كتابه ": حديث ابن عباس هذا حديث صحيح،
وليست هذه خنساء بنت خِذَام التي زوجها أبوها وهي ثيب فكرهته، فرد عليه
السلام نكاحه. رواه البخاري؛ "فإن تلك ثيب وهذه بكر، وهما اثنتان، والدليل
على أنهما ثنتان: ما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَد نكاح
بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان. انتهى ".
قلت: هذا أخرجه الدارقطني (ص 387) ؛ وأعلَّه بالإرسال؛ فراجعه.
26- باب في الثيب
1828- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الأيمُ أحق: بنفسها من وَلِيها، والبكر تُسْتَأْذَنُ في نَفْسها، وإذنها
صُماتها".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس وعبد الله بن مسلمة قالا: ثنا مالك عن
عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس ... وهذا لفظ القعنبي.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في " الموطأ" (2/62) ... إسناداً ومتناً.
وقد أخرجه من طريقه: مسلم وسائر أصحاب "السنن " وغيرهم، وهو مخرج
في " الإرواء " (1833) .(6/331)
1829- وفي رواية عنه بلفظ:
" الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها ".
(قلت: إسناده على شرط الشيخين أيضاً. وأخرجه مسلم كذلك، لكن في
رواية له بلفظ: " تستأمر "؛ لم يذكر: " أبوها "؛ وهو المحفوظ، كما قال المصنف
والدارقطني) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن زياد بن سعد عن عبد الله بن
الفضل ... بإسناده ومعناه قال: " الثيب أحق ... ".
قال أبو داود: ".. " أبوها " ليس بمحفوظ ".
قلت: وكذا قال الدارقطني، وهو الصواب؛ فقد رواه جماعة من الثقات عن
عبد الله بن الفضل وغيره بلفظ: " تُسْتَأْمَرُ " لم يذكروا: " أبوها ".
وهو رواية لمسلم من طريق سفيان هذه.
والحديث في "المسند" (1/219) ، وهو مخرج في المصدر السابق.
1830- وفي أخرى بلفظ:
" ليس للولي مع الثيب أمْرٌ، واليتيمة تُستأمر، وصَمْتُها إقرارها ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن صالح بن
كَيْسَانَ عن نافع بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمِ عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين؛(6/332)
لكنه قد أُعِلَّ بالانقطاع كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (10299) ... بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي (7/118) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو، والنسائي (2/78) ، والدارقطني (ص 389) من طرق أخرى
عن عبد الرزاق ... به.
وتابعه ابن المبارك عن معمر ... به: أخرجه ابن حبان (1241) ، والدارقطني
والبيهقي، وأعلاه بالانقطاع، واستدلا على ذلك برواية ابن إسحاق: حدثني
صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة عن نافع بن جُبَيْرِ بن
مطْعِمٍ ... به نحوه.
أخرجه النسائي والدارقطني والبيهقي، وأحمد (1/261) .
وتابعه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام: نا صالح بن كيسان ... به.
فاتصل المسند، وصح الحديث، والحمد لله. وهو في المعنى كالروايات التي
قبله.
1831- عن خَنْسَاءَ بنتِ خِذام الأنصارية:
أن أباها زَوَّجَها وهي ثَيِّبِّ، فكرِهَتْ ذلك، فجاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فذكرت ذلك له؟ فَرَدَّ نكاحها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ".
وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن(6/333)
عبد الرحمن ومُجَمَّعِ ابنَيْ يزيد الأنصاريين عن خنساء بنت خذام الأنصارية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
وقد رواه هو وغيره من طريق مالك أيضاً؛ وهو مخرج في "الإرواء" (1830) .
27- باب في الأكْفَاءِ
1832- عن أبي هريرة:
أن أبا هند حَجَمَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليافوخ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا بني بياضة! أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه ". قال:
" وإن كان في شيء مما تَدَاوَوْن به خيرٌ؛ فالحجامة ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الواحد بن غياث: ثنا حماد: ثنا محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الواحد بن
غياث، فهو صدوق.
ومحمد بن عمرو أخرج له مسلم مقروناً، وهو حسن الحديث، كما تقدم مراراً.
وقد صحح حديثه هذا الحاكم.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (7/136) .
وصححه ابن حبان أيضاً، وقد أخرجته في "الأحاديث الصحيحة" (2446) ،
فلا نعيد تخريجه.(6/334)
28- باب في تزويج من لم يولد
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
29- باب الصَدَاقِ
1833- عن أبي سلمة قال:
سألت عائشة رضي الله عنها عن صَدَاقِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قالت: ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ونَشٌّ.
فقلت: وما نَش؟
قالت: نصف أوقية.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، وصححه الحاكم أيضاً، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عبد العزيز بن محمد: ثنا
يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم
يخرج للنفيلي شيئاً.
والبخاري لم يحتج بعبد العزيز بن محمد- وهو الدراوردي-، وإنما أخرج له
مقروناً بغيره.
والحديث أخرجه مسلم (4/144) ، والنسائي (2/87) ، والدارمي (2/141) ،
وابن ماجه (1/582) ، والحاكم (4/22) - وصححه-، والبيهقي (7/233) ،(6/335)
وأحمد (6/93- 94) من طرق عن الدراوردي ... به.
1834- عن أبي العَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قال:
خَطَبَنَا عمر رحمه الله، فقال:
ألا لا تُغَالُوا بِصُدُقِ النساء؛ فإنها لو كانت مَكْرُمَةً في الدنيا، أو تقوى
عند الله؛ لكان أولاكم بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً من نسائه، ولا أُصْدِقَتِ امرأةٌ من بناته
أكثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والضياء المقدسي في "الأحاديث
المختارة ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن
أبي العجفاء السُّلَمِيَّ.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي
العجفاء- واسمه هَرِمُ بن نَسِيبٍ، وقيل غير ذلك-، وثقه ابن معين وابن حبان
والدارقطني. وقال البخاري:
" في حديثه نظر ". وقال الحاكم أبو أحمد:
" ليس حديثه بالقائم ". وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه سائر أصحاب "السنن " وغيرهم، وصححه من ذكرنا آنفاً،
وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1927) .(6/336)
وأخرجه عبد الرزاق أيضاً في "مصنفه " (10399- 10400) .
1835- عن أم حبيبة:
أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوَّجها
النجاشي النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع شُرَحْبِيلَ ابنِ حَسَنَةَ.
قال أبو داود: " حسنة: هي أمهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي: ثنا مُعَلَّى بن منصور: ثنا ابن
المبارك: ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الحجاج،
فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/181) من طريق محمد بن شاذان الجوهري: ثنا
معلى بن منصور ... به. وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
قلت: وهو من أوهامهما؛ فإن ابن شاذان هذا لم يخرج له الشيخان، بل ولا
أحد من بقية الستة؛ فقد ذكره الحافظ تمييزاً، وهو ثقة.
لكن أخرجه النسائي (2/88) ، وابن الجارود (713) ، والبيهقي (7/232) ،
وأحمد (6/427) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك ... به.(6/337)
30- باب قِلَّةِ المَهْرِ
1836- عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه رَدْعُ زعفران،
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" مَهْيَمْ؟ ". فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأةً. قال:
" ما أصدقتها؟ ". قال: وَزْنَ نواةٍ من ذهب. قال:
" أوْلِمْ ولو بشاةٍ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه الشيخان. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت البُناني وحميد عن
أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان حماد هو ابن زيد
الأزدي، وعلى شرط مسلم وحده؛ إن كان هو ابن سلمة البصري؛ فإن كلاً من
الحمادين روى عن ثابت وحميد.
لكن يرجح أنه ابن سلمة: أن موسى بن إسماعيل لم يرو عن ابن زيد، وأكثر
من الرواية عن ابن سلمة؛ فتعين أنه هو.
وإن كان ابن زيد قد تابعه في روايته عن ثابت وحده كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/271) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به.(6/338)
وتابعه حماد بن زيد عن ثابت وحده.
أخرجه البخاري (9/182) ، ومسلم (4/144) ، والبيهقي (7/236) .
وكذا معمر عن ثابت: أخرجه أحمد (3/165) .
وتابعه جماعة عن حميد وحده.
أخرجه الشيخان وغيرهما، والترمذي- وصححه-، وهو مخرج في
" الإرواء " (1923) .
1837- عن جابر قال:
كنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نستمتع بالقُبضة من الطعام ... على
معنى المتعة.
(قلت: حديث صحيح، علقه المصنف. ووصله مسلم) .
إسناده: معلق، قال أبو داود: " ورواه أبو عاصم عن صالح بن رومان عن أبي
الزبير عن جابر ... ".
قال أبو داود: " رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر على معنى أبي
عاصم ".
قلت: وصله عبد الرزاق في "المصنف " (14028) ، ومن طريقه مسلم
(4/131) ، والبيهقي (7/237- 238) : أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير قال:
سمعت جابر بن عبد الله يقول:
كنا نستمتع- بالقبضة من التمر والدقيق- الأيامَ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأبي بكر؛ حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حُرَيْثٍ.(6/339)
31- باب في التزويج على العمل يعْمَلُ
1838- عن سهل بن سعد الساعدي:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله! إني قد وَهَبْت
نفسي لك. فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله! زَوَّجْنِيهَا
إن لم يكن لك بها حاجة! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"هل عندك من شيء تُصْدِقها إياه؟ ".
فقال: ما عندي إلا إزاري هذا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنك إن أعطيتها إزارك؛ جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً ".
قال: لا أجد شيئاً! قال:
" فَالْتَمِسْ ولو خاتماً من حديد ".
فالتَمَسَ، فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" فهل معك من القرآن شيء؟ ".
قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا- لسور سماها-، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"قد زَوَّجْتكَها بما معك من القرآن ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد
الساعدي.(6/340)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وسائر أصحاب
"السنن "، وهو مخرج في " الإرواء " (1925) .
32- باب فيمن تزوَّج ولم يُسَمِّ صَداقاً حتى مات
1839- عن عبد الله (يعني: ابن مسعود) : في رجل تزوج امرأة،
فمات عنها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها؟ فقال:
لها الصَّدَاقُ كاملاً، وعليها العِدةُ، ولها الميراثُ. فقال مَعْقِلُ بن سِنَانٍ:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى به في بِروع بنتِ وَاشِقٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والحاكم
والذهبي والبيهقي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان
عن فِراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وكَذلك قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان، وهو مخرج في "الإرواء " (1939) .
1840- ومن طريق أخرى عنه ... مثله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي وابن
الجارود وابن حبان والبيهقي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا يزيد بن هارون وابن مهدي عن
سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ... وساق عثمان مثله.(6/341)
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرط الشيخين، وقد صححه من ذكرنا
آنفاً.
والحديث أخرجه البيهقي (7/245) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو، وسائر أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق أخرى عن
منصور ... به. وهو مخرج أيضاً في المصدر السابق.
1841- عن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
أن عبد الله بن مسعود أُتِيَ في رجل ... بهذا الخبر؛ قال: فاختلفوا
إليه شهراً- أو قال: مرات- قال: فإني أقول فيها: إنّ لها صداقاً كصداق
نسائها، لا وَكْسَ ولا شَططَ، وإن لها الميراث، وعليها العدة؛ فإن يكُ
صواباً فمن الله، وإن يكُ خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان.
فقام ناس من أشجع- فيهم الجَراح وأبو سِنَانٍ-، فقالوا: يا ابن مسعود!
نحن نشهد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضاها قينا في بِرْوعَ بنتِ وَاشِق- وإن زوجها
هلالُ بن مُرَّةَ الأشْجَعِي- كما قضيت.
قال: ففرح عبد الله بن مسعود فرحاً شديداً حين وافق قضاؤه قضاءَ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (4088) ،
والبيهقي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: ثنا يزيد بن زُرَيْع: ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة
عن قتادة عن خِلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود.(6/342)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق خلاس، وعلى شرط
مسلم من طريق أبي حسان- وهو الأعرج الأجرد البصري-؛ فإنه لم يخرج له البخاري.
والحديث أخرجه أحمد والبيهقي- وصححه- من طرق أخرى عن سعيد بن
أبي عروبة ... به. وهو مخرج أيضاً في المصدر السابق.
1842- عن عقبة بن عامر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجل:
" أترضى أن أُزَوَجَكَ فلانة؟ ". قال: نعم. وقال للمرأة:
" أترضَين أن أزَوجَك فلاناً؟ ". قالت: نعم. فزوَّج أحدهما صاحبَه،
فدخل بها الرجل، ولم يَفْرِضْ لها صداقاً، ولم يُعْطِهَا شيئاً، وكان ممن
شهد الحُديبِيةَ، له سَهْم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّجَنِي فلانة ولم أفْرِضْ لها صداقاً، ولم أُعْطِها
شيئاً، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صَداقِها سَهْمِي بخيبرَ. فأخذت
سهمها؛ فباعته بمئة ألف.
وزاد عمر في أول الحديث: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خير النكاح أيسَرُهُ ". وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ثم ساق معناه.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذُّهْلي [ومحمد بن المثنى] (*)
وعمر بن الخطاب- قال محمد-: ثنا أبو الأصبغ الجَزَرِي عبد العزيز بن يحيى:
أخبرنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد عن زيد بن أبي
أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب عن مَرْثَدِ بن عبد الله عن عقبة بن عامر.
__________
(*) ليست في أصل الشيخ رحمه الله، ولا في "التازية"، وهي في بعض النسخ. (الناشر) .(6/343)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (7/232) من طريق المصنف رحمه الله تعالى.
وأخرجه الحاكم، وعنه البيهقي من طريق أخرى عن أبي الأصبغ الجزري ... به.
وفيه زيادة عمر بن الخطاب؛ لكنه لم يقل: في أول الحديث.
وتابعه هاشم بن القاسم الحَرَّاني: حدثنا محمد بن سلمة ... به مثل رواية عمر
بن الخطاب.
أخرجه ابن حبان (1262- موارد الظمآن) . وقال الحاكم:
" على شرطهما "! ووافقه الذهبي!
وهو من أوهامهما؛ كما بينته في "الإرواء" (1924) و"الصحيحة" (1842) .
33- باب في خُطبة النكاح
1843- عن عبد الله بن مسعود ... في خطبة الحاجة في النكاح
وغيره.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي
عُبَيْدَةَ عن عبد الله بن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن أبو عبيدة- وهو ابن عبد الله بن مسعود-
لم يسمع من أبيه.
لكن قد تابعه أبو الأحوص، كما في الرواية الآتية.(6/344)
1844- وفي رواية عنه قال:
عَلَّمَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطْبَةَ الحاجة:
" أن الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من
يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يا أيُّهَا الذِينَ آمنوا (اتَّقوا الله الَّذي
تَسَاءلونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكمْ رَقِيباً) . (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنوا اتقوا
اللهَ حَقَّ تقَاتِهِ وَلا تَموتنَّ إلا وَأنتُم مُسْلِمونَ) . (يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا اتَّقوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكمْ أعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكمْ ذنَوبَكُمْ وَمَن يُطع
اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه القرطبي، وقال الترمذي: "حديث
حسن ". وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى") .
إسناده: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري- المعنى-: ثنا وكيع عن إسرائيل
عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيده عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وهو من طريق أبي عبيدة منقطع كما سبق آنفاً.
ومن طريق أبي الأحوص موصول؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مدلس،
وكان اختلط. ولعل قوله في الآية الأولى: (يا أيها الذين آمنوا) من تخاليطه؛
فإن هذه الآية ليست في المصحف. وأما قول بعضهم:
" لعله هكذا في مصحف ابن مسعود "!
فإنه يرده أنها لم تأت في الرواية الصحيحة، عن السبيعي، وهي رواية شعبة
قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي عبيدة ... به، إلا أنه قال: (يا أيها(6/345)
الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما
رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به ... ) الآية.
وهذا مطابق للمصحف.
أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي، وقرن شعبة مع أبي عبيدة: أبا
الأحوص في رواية لأحمد.
فالسند صحيح متصل.
وله إسنادان آخران وشواهد، خرجتها كلها في رسالة خاصة مطبوعة باسم:
"خطبة الحاجة التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُها أصحابه "؛ وفيها بحوث نافعة؛
فلتراجع.
34- باب في تزويج الصغار
1845- عن عائشة قالت:
تَزَوَّجَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا بنت سبع- قال سليمان: أو ست-؛
ودخل بي وأنا بنت تِسْعٌ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وأبو كامل قالا: ثنا حماد بن زيد عن هشام
ابن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق سليمان، وعلى
شرط مسلم من طريق أبي كامل- واسمه فُضَيْلُ بن حسين الجَحْدَرِي-.
وقد أخرجاه من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.(6/346)
وله طريقان آخران عن عائشة رضي الله عنها. وقد خرجتها جميعاً في
" الإرواء " (1831) .
35- باب في المقام عند البِكْرِ
1846- عن أم سلمة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما تزوج أُمَ سلمة؛ أقام عندها ثلاثاً، ثم قال:
" ليس بِكِ على أهلك هَوَانٌ؛ إن شئتِ سَبَّعْت لكِ، وإن سَبَّعْت لكِ
سَبَّعْت لنسائي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن حبان
(4197)) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني محمد بن
أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وغيره من
طرق عن يحيى بن سعيد ... به.
وعبد الملك: هو ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
والحديث خرجته في "الإرواء " (2019) .
1847- عن أنس بن مالك قال:
لما أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ؛ أقام عندها ثلاثاً- زاد عثمان: وكانت ثَيباً-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .(6/347)
إسناده: حدثنا وَهْب بن بقية وعثمان بن أبي شيبة عن هُشَيْم عن حميد عن
أنس بن مالك.
وقال (يعني: عثمان) : حدثني هشيم: أخبرنا حميد: أخبرنا أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان؛ وقد جَوَّده،
فرواه مسلسلاً بالتحديث.
والحديث أخرجه البيهقي (7/302) من طريق المصنف عن عثمان وحده.
وأخرجه هو، وسعيد بن منصور (777) : نا هشيم: أنا حميد عن أنس ... به.
وتابعه إسماعيل: حدثنا حميد ... به. أخرجه النسائي (2/93) ، وأحمد
(3/264) ؛ دون قول عثمان: وكانت ثيباً.
وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ وإسماعيل: هو ابن حُجْر (*) .
1848- عن أنس بن مالك قال:
إذا تَزَوَّجٍ البِكْرَ على الثَّيِّبِ؛ أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيبَ؛ أقام
عندها ثلاثا.
ولو قلت: إِنَّه رفعه؛ لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن
الجارود) .
إسناده: ثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا هشيم وإسماعيل ابن عُلَيَّةَ عن خالد
الحَذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك.
__________
(*) كذا في أصل الشيخ، والصواب: جعفر. (الناشر) .(6/348)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق
الحذاء وأيوب السَّخْتِيَانِيِّ، وهو مخرج في "الإرواء" (2025) .
وأزيد الآن فأقول:
في النفس شيء من عنعنة أبي قلابة؛ فإني لم أجد تصريحه بالتحديث في
شيء من الروايات التي وقفت عليها، وإن كان ظاهر كلام الحافظ في "الفتح "
(9/258) يشعر بأنه سمعه من أنس! وهو قائم على أن القائل: ولو قلت: إنه
رفعه ... إلخ؛ إنما هو أبو قلابة؛ وهو ظاهر رواية المصنف، وصرح بذلك البخاري
في رواية.
لكن في أخرى له: أنه خالد الحذاء! وجمع الحافظ بين الروايتين بأن كلاً
منهما قال ذلك! وفيه بعد! والله تعالى أعلم.
ومهما يكن من أمر؛ فقد وجدت لأبي قلابة متابعاً قوياً؛ فقد أخرج الحديث
سعيد بن منصور في "سننه " (778) عن هشيم عن خالد ... به.
ثم قال عقبه: نا هشيم: أنا حميد قال: سست أنس بن مالك يقول مثل ذلك.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً (4/278) .
وإسناده صحيح على شرطهما.
36- باب في الرجل يَدْخُلُ بامرأته قبل أن يَنْقُدَها شيئاً
1849- عن ابن عباس قال:
لمَا تزوَّجَ علي فاطمةَ؛ قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أعطها شيئاً ".(6/349)
قال: ما عندي شيء! قال:
" أعطِها دِرْعَكَ الحُطَمِيةَ ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (6906)) .
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَالْقَانِيّ: ثنا عبدة: ثنا سعيد عن
أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الطالقاني، وهو
ثقة؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (2/92) : أخبرنا هارون بن إسحاق عن عبدة ... به.
وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي أبو محمد الكوفي.
ثم أخرجه هو، والبيهقي (7/252) عن هشام بن عبد الملك قال: حدثنا
حماد عن أيوب ... به أتم منه.
وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-،
وفيه كلام في روايته عن غير ثابت.
وأخرجه ابن حبان (6906) من طريق عبده.
ومن طريق أخرى عن عكرمة ... نحوه.
ورجاله ثقات.(6/350)
37- باب ما يقال للمتزوج
1850- عن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رَفَّأ الإنسان إذا تزوَّج؛ قال:
" بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي،
وصححه الترمذي أيضاً، وأبو علي الطوسِيُّ وابن حبان وعبد الحق الاشبيلي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن
سهيل عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد صححه من ذكرنا آنفاً، وهو
مخرج في "آداب الزفاف " (ص 89) [ط الجديدة ص 175] . ومن مخرجيه:
سعيد بن منصور في "سننه ": نا عبد العزيز بن محمد ... به.
وعنه: ابن حبان (1284) .
38- باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
39- باب في القَسْمِ بين النساء
1851- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما؛ جاء يوم القيامة وشِقهُ
مَائِلٌ ".(6/351)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم وابن دقيق
العيد والذهبي، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان، وقال عبد الحق:
" هو خبر ثابت ") .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام: ثنا قتادة عن النضر بن أنس
عن بَشِيرِ بن نَهِيكٍ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم وغيره، كما
هو مذكور أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء " (2017) ، و "تخريج الترغيب "
(3/79) .
1852- عن عروة قال: قالت عائشة:
يا ابن أختي! كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُفَضِّلُ بعضنا على بعض في
القسم مِنْ مُكْثِهِ عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنو
من كل امرأة من غير مَسِيسٍ، حتى يبلغ إلى التي هو يومُها، فيبيت
عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة- حين أسَنَّتْ وفَرِقَتْ أن يفارقها رسول
الله-: يا رسول الله! يومي لعائشة، فَقَبِلَ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها.
قالت: تقول: في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها- أراه قال-: (وإِنِ
امرأةٌ خافت من بَعْلِها نُشُوزاً) .
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح "، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن
عروة عن أبيه.(6/352)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن أبي الزناد
إنما أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم في "المقدمة"
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف، وهو مخرج في "الإرواء"
(2020) .
ثم وجدت له متابعاً، رواه ابن ماجه (1974) من طريق عمر بن علي عن
هشام بن عروة ... به مختصراً.
لكن عمر هذا مدلس.
وله طريق آخر: عند الترمذي وغيره من طريق الطيالسي، وهو مخرج هناك.
1853- عن معاذة عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا بعد ما نزلت:
(تُرْجِي مَنْ تشاءُ منهن وَتُؤْوِي إليك مَنْ تشاء) .
قالت معاذة: فقلت لها: ما كنتِ تقولين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قالت: أقول: إن كان ذلك إليَّ؛ لم أُوثِرْ أحداً على نفسي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري نحوه) .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين ومحمد بن عيسى- المعنى- قالا: ثنا عَبَّاد بن
عَبَّاد عن عاصم عن معاذة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/186) ، والبيهقي (7/74) من طريقين آخرين عن
عباد ... به؛ وفي رواية البيهقي: ثنا عاصم الأحول.(6/353)
وعلقه البخاري (8/427) ، ووصله ابن مردويه من طريق ابن معين، كما قال
الحافظ؛ وفاتته هذه المصادر!
ورواه البخاري وأحمد (6/76) من طريق عبد الله بن المبارك: أخبرنا عاصم
الأحول ... به نحوه.
1854- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى النساء- تعني: في مرضه-؛ فاجتمعن،
فقال:
" إني لا أستطيع أن أدُورَ بينكن؛ فإن رأيتُنَّ أن تأذَنَّ لي؛ فأكون عند
عائشة؛ فعلتُن "، فأذِنَّ له.
(قلت: حديث صحيح، وسكت عليه الحافظ في "الفتح ". ورواه البخاري
مختصراً) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثني أبو عمران
الجَوْنِيَ عن يزيد بن بَابَنُوسَ عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن بابنوس؛ قال
البخاري:
" كان ممن قاتل علياً ". وقال ابن عدي.
" أحاديثه مشاهير ". وقال الدارقطني:
" لا بأس به ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال أبو حاتم:(6/354)
" مجهول ". قال الذهبي:
" ما حدث عنه سوى أبي عمران ".
قلت: لكن يشهد لحديثه ما أخرجه البخاري (8/115) من طريق أخرى عن
عائشة قالت:
لما ثقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واشتد به وجعه؛ استأذن أزواجه أن يُمَرضَ في
بيتي، فَأذِنَّ له ... الحديث، وهو في كتابي "مختصر صحيح البخاري " برقم
(352) ؛ يسَر الله تعالى تمام طبعه بمنه وكرمه (*) .
والحديث أخرجه الإمام أحمد (6/219) من طريق حماد بن سلمة: أخبرني
أبو عمران الجوني ... به مطولاً.
وسكت عليه الحافظ (8/115) .
وأخرجه ابن حبان (1306- موارد) ... بإسناد آخر صحيح عنها نحو حديث
الكتاب وأتمَّ منه.
1855- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد سفراً؛ أقرع بين نسائه؛ فأيتُهن خرج
سَهْمُها؛ خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها؛ غير أن
سودة بنت زمعة وَهَبَتْ يومها لعائشة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري مُفَرَّقاً في
موضعين، وابن الجارود بتمامه، وهو رواية البخاري) .
__________
(*) وقد تم طبعه كاملاً في خمسة مجلدات مع الفهارس بعد وفاة الشيخ رحمه الله
تعالى، فالحمد لله على كل حال. (الناشر) .(6/355)
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: أخبرنا ابن وهب عن يونس عن
ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على
شرط مسلم، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن الجارود (725) من طريق ابن عبد الحكم عن ابن
وهب ... به.
وتابعه ابن المبارك: أخبرنا يونس ... به.
أخرجه البخاري (5/167 و 326) ، وأحمد (6/117) .
وأخرجه مسلم مفرقاً؛ وهو رواية البخاري، في نظر "الإرواء " (2020) ،
و"تخريج الحلال " (رقم 231) .
40- باب في الرجل يشترط لها دارها
1856- عن عقبة بن عامر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال:
" إن أحَقَّ الشُّروطِ أن تُوفُوا به: ما استحلَلْتم به الفُرُوجَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أخبرني الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير عن عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عيسى بن حماد، فهو
على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.(6/356)
والحديث أخرجه النسائي ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البخاري وأحمد من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به.
وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من طريق عبد الحميد بن جعفر عن يزيد
ابن أبي حبيب ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1892) .
41- باب في حَقِّ الزوج على المرأة
1857- عن قيس بن سعد قال:
أتَيْتُ الحِيْرَةَ، فرأيتهم يسجدون لمِرْزُبَانِ لهم، فقلت: رسولُ الله أحق
أن يسْجَدَ له! قال: فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلتَ: إني أتيت الحِيرَةَ، فرأيتهم
يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله! أحقُّ أن نسجد لك! قال:
" أرأيت لو مَرَرْتَ بقبري؛ أكنت تسجد له؟ ". قال: قلت: لا. قال:
" فلا تفعلوا! لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد؛ لأمرت النساء أن
يَسْجدْنَ لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عَلَيْهِنَّ مِنَ الحقِّ ".
(قلت: حديث صحيح؛ إلا جملة القبر، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "،
ووافقه الذهبي. والجملة الأخيرة منه قد رويت عن جمع من الصحابة؛ منهم
أبو هريرة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، وصححه هو
والذهبي من حديث معاذ، وابن حبان من حديث ابن أبي أوفى، وفيه أن
القصة وقعت لمعاذ حين قدم من الشام، وإسناده حسن. وأخرجه الحاكم عن
معاذ نفسه، وصححه، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا إسحاق بن يوسف عن شَرِيك عن(6/357)
حُصَيْن عن الشعبي عن قيس بن سعد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شريك- وهو ابن عبد الله
القاضي النَّخَعِيَ-؛ قال المنذري:
" وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم في المتابعات ".
قلت: وقد توبع كما يأتي؛ فحديثه حسن، وقد صححه من سأذكره.
والحديث أخرجه الحاكم (2/187) من طريق محمد بن المسيب: ثنا عمرو
ابن عون ... به. وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه البيهقي (7/291) من طريق عبد الرحمن بن شريك النخعي:
حدثني أبي ... به.
قلت، وشريك فيه ضعف من قبل حفظه، ولكنه لم ينفرد به؛ فقد رواه جمع
من الصحابة، منهم من ذكرنا آنفاً، وأحاديثهم مخرجة مع سياق متونها في
" الإرواء " (1998) .
ومن الملاحظ أن جملة القبر لم ترد في شيء منها؛ فهي منكرة؛ إلا إن وجد
لها شاهد.
1858- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فَأبَتْ فلم تأتِهِ، فبات غضبان
عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تُصْبِحَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .(6/358)
إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي حازم
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرازي فهو على شرط
مسلم.
وقد أخرجه من طرق أخرى عن جرير ... به.
وتابعه شعبة عن الأعمش ... به نحوه. أخرجه البخاري وغيره.
وله عندهما طريق أخرى عن أبي هريرة، وهو مخرج في "الإرواء" (2002) .
وفي رواية لمسلم من الطريق الأولى:
" والذي نفس محمد بيده؛ ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى
عليه؛ إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ".
42- باب في حق المرأة على زوجها
1859- عن معاوية القُشَيْرِي قال:
قلت: يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:
" أن تُطْعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتكسوَها إذا اكْتسيتْ أو اكتسبت -، ولا
تَضْرِبِ الوجهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في البيت ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم والذهبي: " صحيح الإسناد "،
وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا أبو قَزَعَةَ الباهلي عن(6/359)
حَكِيمِ بن معاوية القشيري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على كلام معروف في حماد- وهو
ابن سلمة-.
لكن تابعه شعبة وغيره: عند أحمد وغيره فهو صحيح.
ويشهد له ما بعده، وهو مخرج في "الإرواء" (2033) .
1860- وفي رواية عنه قال:
قلت: يا رسول الله! نساؤُنا ما نأتي منهن وما نذر؟ قال:
" ائتِ حرثك أنَّى شئت، وأطْعِمْها إذا طَعِمْتَ، واكْسُها إذا اكْتَسَيْتَ،
ولا تُقَبِّحِ الوَجْهَ، ولا تَضْرِبْ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم: حدثني
أبي عن جدي.
قال أبو داود: " روى شعبه: " تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا
اكتسيت " ... ".
قلت: وهذا إسناد حسن أيضاً، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في بهز
ابن حكيم.
والحديث أخرجه أحمد (5/5) : ثنا يحيى بن سعيد ... به أتم منه.
وقال (5/3) : ثنا يزيد: أنا بهز بن حكيم ... به.(6/360)
وقد تابعه أخوه سعيد بن حكيم في الرواية الثالثة.
فالحديث صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (1/568) عن يزيد.
وسيأتي من طريق أخرى عن يحيى بلفظ آخر. فانظره في " الحَمَّام ".
1861- وفي أخرى عنه قال:
أتَيْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال:
" أطعموهنَ مما تأكلون، واكْسُوهن مما تَكْتَسُونَ، ولا تضربوهن، ولا
تُقَبِّحُوهُن ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: أخبرني أحمد بن يوسف المُهَلَبِيّ النيْسَابوري: ثنا عمر بن عبد الله
ابن رَزِينِ: ثنا سفيان بن حسين عن داود الوراق عن سعيد بن حكيم عن أبيه عن
جده معاوَية القشيري.
قلت: وهذا إسناد فيه جهالة؛ سعيد بن حكيم؛ قال الذهبي:
" لا يعرف إلا من رواية داود الوراق عنه، وثقه ابن حبان ". قال الحافظ في
" التهذيب ":
" قلت: وقال النسائي في "الجرح والتعديل ". ثقة ".
قلت: ومع ذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب "؛ بل قال فيه:
" مقبول "! يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث!(6/361)
ففيه إشعار بأنه قد يجتمع في الراوي جهالة وتوثيق، وذلك حين يكون
التوثيق صادراً من متساهل يوثق المجهولين؛ مثل ابن حبان خاصة، فاحفظ
هذا؛ فإنه عزيز؛ قد يخفى على كثير من المدرسين في الجامعات؛ فضلاً عن
غيرهم!
وداود الوراق لم يوثقه أحد.
والحديث أخرجه البيهقي (7/265) عن أحمد بن يوسف ... به.
وهو قوي بما قبله.
43- باب في ضرب النساء
1862- عن أبي حُرةَ الرَّقَاشِي عن عمه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" فإن خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ؛ فاهجروهن في المضاجع ".
قال حماد: يعني: النكاح.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي حُرةَ
الرقاشي.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، مبين في الكتاب الآخر (336) ، و "الإرواء"
(2027) .
وله فيه (2030) شاهد.(6/362)
1863- عن إياس بن عبد الله بن أبي ذبَابٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تضربوا إمَاءَ الله ".
فجاء عمر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ذَئِرْنَ النساءُ على أزواجهن!
فَرَخصَ في ضربهن. فأطاف بآل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءٌ كثير، يشكون
أزواجهن! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد طاف بآل محمدٍ نساءٌ كثيرٌ، يشكون أزواجهن؛ ليس أولئك
بخياركم ".
(قلت: إسناده صحيح، وإياس مختلف في صحبته، لكن الراجح صحبته
كما قال الحافظ، وصحح الحديث: ابن حبان والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي خلف وأحمد بن عمرو بن السرح قالا: ثنا
سفيان عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله- قال ابن السرح: عبيد الله بن عبد الله-
عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وعبد الله- أو عبيد الله-: هو
ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وجزم بأنه عبد الله: أحمد بن أبي خلف؛ وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن
أبي خلف البغدادي، وهو ثقة.
وخالفه ابن السرح؛ فجزم بأنه عبيد الله. وهذا الاختلاف لا يضر؛ لأن كلاً
من عبد الله وعبيد الله ثقة، فهو تردد بين ثقتين.
وإياس مختلف في صحبته؛ ولعل الراجح ثبوتها.(6/363)
ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ لأن له شاهداً عن أم كلثوم: عند
البيهقي والحاكم- وصححه هو والذهبي-، والحديث خرجته في التعليق الثاني
على "المشكاة" (3261) .
44- باب ما يُؤْمَرُ به مِنْ غَضِّ البصر
1864- عن جرير قال:
سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نَظْرَةِ الفَجْأةِ؟ فقال:
" اصْرِفْ بَصَرَكَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي
والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثني يونس بن عبَيْد عن
عمرو بن سعيد عن أبي زرعة عن جرير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن
سعيد، فهو على شرط مسلم وحده.
وقد أخرجه من طرق عن يونس ... به، وهو مخرج في "حجاب المرأة" (ص
35) ، و " الإرواء " (1778) وغيرهما.
1865- عن بريدَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي:
" يا عَلِيُ! لا تتْبعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ".
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه الحاكم(6/364)
على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزَارِيُّ: أخبرنا شَرِيك عن أبي ربيعة
الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لكن له طريق أخرى، حسنته من أجلها في
" الحجاب " (ص 34) [" الجلباب " (ص 77) ] .
1866- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تباشرِ المرأةُ المرأةَ؛ لتنعتها لزوجها، كأنما ينظر إليها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري؛ لكنه توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/278) ، والترمذي (2793) ، وأحمد (1/380
و387 و 440 و 443) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
صرح الأعمش بالتحديث في رواية الأحمد (1/462 و 464) ، وهي رواية
البخاري.
وتابعه عنده: منصور عن أبي وائل ... به.
ورواه أحمد أيضاً (1/438 و 440) ؛ وزاد في رواية قال (يعني: عبد الرحمن(6/365)
ابن مهدي) : أرى منصوراً قال:
" إلا أن يكون بينهما ثوب ".
ولابن أبي شيبة (4/397) معناه من رواية أبي الأحوص عن منصور ... به.
وتابعه عاصم بن أبي النَّجُود عن أبي وائل ... به.
أخرجه أحمد (1/460) .
1867- عن جابر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى امرأة، فدخل على زينب بنت جحش، فقضى
حاجته منها، ثم خرج إلى أصحابه، فقال لهم:
" إن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان، فَمَنْ وجد من ذلك؛ فليأتِ أهْلَهُ؛
فإنه يُضْمِرُ ما في نفسه ".
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ فهو صحيح؛ لولا عنعنة
أبي الزبير.
وقد أخرجه مسلم من طريقه. وقال الترمذي:
" حديث صحيح حسن غريب. وهشام: هو ابن سَنْبَرٍ الدَّسْتَوَائي ".
وهو مخرج في "الصحيحة " (235) ، مع شاهدين له، وتصريح أبي الزبير
بالتحديث في رواية لأحمد.(6/366)
1868- عن ابن عباس قال:
ما رأيت شيئاً أشبه باللَّمَمِ مِمَّا قال أبو هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الله كتب على ابن أدم حَظَّهُ من الزِّنى؛ أدرك ذلك لا محالة:
فَزِنَى العينين النَّظَر، وزنى اللسان النطْقُ، والنفس تَمَنَّى وتشتهي، والفَرْج
يصَدقُ ذلك ويكَذبه ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا ابن ثور عن معمر: أخبرنا ابن طاوس عن
أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبيد
- وهو ابن حِسَاب-، فمن رجال مسلم.
وابن ثور- واسمه محمد الصنعاني-، وهو ثقة.
والحديث رواه الشيخان وأحمد، وهو مخرج في "الإرواء " (1787) من طرق،
وبعضها في "ابن حبان " (6/299- 300) .
1869- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لِكُل ابن آدم حَظُّهُ من الزنَى ... " بهذه القصة؛ قال:
" واليدان تزنيان؛ فزناهما البطش، والرجْلان تزنيان؛ فزناهما المشي،
والفَمُ يزني؛ فزناه القُبَلُ ".
(قلت: إسناده حسن، ورجاله رجال مسلم؛ وقد أخرجه دون ذكر الفم؛
وزاد: " واللسان زناه الكلام ") .(6/367)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن
أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه لم يحتج بحماد
- وهو ابن سلمة- في غير روايته عن ثابت فيما ذكروا، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/343 و 536) من طريقين آخرين عن حماد بن
سلمة ... به.
وتابعه وهَيْب: حدثنا سهيل بن أبي صالح ... به نحوه؛ دون قوله: " والفم
يزني؛ فزناه القبل "؛ وزاد:
" والأُذُنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام ".
والحديث مخرج في "تخريج السنة" (193) .
1870- وفي رواية عنه ... بهذه القصة؛ قال:
" والأذن زناها الاستماع ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن
أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وبه: أخرجه أحمد (2/379) .
وهذه الزيادة: عند مسلم في رواية وهيب السابقة.(6/368)
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، يزيد بعضهم على بعض، وقد أشرت إليها في
" الإرواء " (1787) .
45- باب في وَطْءِ السَّبَايَا
1871- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث يومَ حنَيْنٍ بعثاً إلى أوْطَاس، فَلَقوا عَدوَّهم،
فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن أناساً من أصحاب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجوا من غِشْيَانِهِنَّ؛ من أجْلِ أزواجهن من المشركين!
فأنزل الله تعالى في ذلك: (والمحْصَنَاتُ مِنَ النَّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم) ؛
أي: فَهنّ لهم حلال؛ إذا انقضت عِدَّتُهنَّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه بإسناد المصنف ومتنه.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد عن
قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أبي علقمة الهاشمي،
فهو على شرط مسلم وحده، وهو ثقة؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/170) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (7/167) من طريق أخرى عن ابن ميسرة القواريري ... به.
وأخرجه النسائي (2/85) من طريق أخرى عن يزيد بن زرَيْع ... به.(6/369)
ثم أخرجه مسلم والترمذي (3020) من طريق أخرى عن قتادة ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
1872- عن أبي الدرداء:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة، فرأى امرأة مُجِحاً، فقال:
" لعل صاحبها ألَمَّ بها؟ ". قالوا: نعم. قال:
" لقد هَمَمْتُ أن ألْعَنَهُ لعنةً تَدْخُلُ معه في قبره! كيف يُوَرَّثُهُ وهو لا
يَحِل له؟! وكيف يستخدمه وهو لا يَحِلّ له؟! ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا مسكين: ثنا شعبة عن يزيد بن خُمَيْرٍ عن
عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نفَيْرٍ عن أبيه عن أبي الدرداء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن خمير،
فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
ومسكين: هو ابن بُكَيْرٍ الحَرَّاني.
والنفيلي: اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفَيْلٍ الحَراني.
والحديث أخرجه مسلم (4/161) ، والدارمي (2/227) ، والبيهقي
(7/449) ، وأحمد (5/195 و 6/446) ، وابن أبي شيبة (4/371) من طرق
أخرى عن شعبة ... به.
وله شاهد عن سليمان بن حبيب المحاربي ... مرسلاً.(6/370)
رواه عبد الرزاق (12910) بسند صحيح عنه.
1873- عن أبي سعيد الخدري- ورفعه-: أنه قال في سبايا أوطاس:
" لا تُوطَأُ حامل حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَمْلٍ حتى تَحِيضَ حَيْضَة ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا شريك عن قيس بن وهب عن أبي
الودَّاك عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لشريك- وهو ابن
عبد الله القاضي- إلا متابعة.
لكن يشهد له حديث رويفع الذي بعده.
وله شاهدان مرسلان عن طاوس والشعبي: رواهما عبد الرزاق (12903
و12904) ، وابن أبي شيبة (4/369 و 370) بإسنادين صحيحين عنهما. وانظر
له "الإرواء" (187) ، والتعليق الثاني على " المشكاة" (3338) .
1874- عن حَنَشٍ الصنعاني عن رُويفع بن ثابت الأنصاري قال:
قام فينا خطيباً قال: أمَا إني لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يومَ حُنَيْنٍ:
" لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَسْقِيَ ماءَهُ زَرْعَ غيرِهِ
(يعني: إتيان الحُبَالى) ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع
على امرأة من السبْيِ حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم
الآخر أن يبيع مَغْنَماً حتى يُقْسَمَ ".(6/371)
(قلت: إسناده حسن. وللترمذي الفقرة الأولى منه، وقال: " حديث
حسن ") .
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق: حدثني
يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على ضعف في حفظ ابن إسحاق.
والحديث أخرجه البيهقي (7/449) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (4/108) من طريق أخرى عن ابن إسحاق ... به؛ وزاد فقرة
الثوب التي في آخر الرواية الآتية.
والدارمي (2/226- 227) ... فقرة الاستبراء.
وابن أبي شيبهَ (4/369) ... الفقرة الأولى.
وهي عند أحمد في رواية من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش
الصنعاني ... به.
وعند الترمذي (1131) من طريق أخرى عن أبي مرزوق. وراجع "الإرواء "
(187 و 2137) .
1875- وفي رواية؛ زاد:
" حتى يستبرئها بحيضة، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يركب
دابة مِنْ فَيْءِ المسلمين؛ حتى إذا أعجفها؛ رَدَّها فيه، ومن كان يؤمن بالله
واليوم الآخر؛ فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين؛ حتى إذا أخْلَقَهُ؛ رَدهُ فيه ".
(قلت: إسناده حسن) .(6/372)
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا أبو معاوية عن ابن إسحاق ... بهذا
الحديث؛ قال: " حتى يستبرئها بحيضة "، وزاد: " ومن كان يؤمن ... ". قال أبو
داود: " الحيضة ليست محفوظة "!
قلت: يعني: في هذا الحديث؛ وإلا فهي محفوظة في غيره، كما تقدم
(1873) ، وتوضحه رواية ابن داسه عن المصنف بلفظ:
" زاد فيه: " بحيضة "! وهو وهم من أبي معاوية، وهو صحيح من حديث أبي
سعيد ". نقله ابن التركماني.
ولكني أقول: أبو معاوية محمد بن خازم، ثقة محتج به في "الصحيحين "؛
فتوهيمه ليس بالسهل؛ لا سيما وقد توبع على هذه الزيادة! فهي عند أحمد في
حديث ابن لهيعة عن الحارث المتقدم، ولفظه:
" ... ولا يقع على أمَةٍ حتى تحيض؛ أو يبينَ حَمْلُها ".
46- باب في جامع النكاح
1876- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا تزوج أحدكم امرأة، واشترى خادماً؛ فليقل: اللهم! إني أسألك
خيرها وخير ما جَبَلْتَهَا عليه، وأعوذ بك من شَرَها؛ وشرِّ ما جبلْتها عليه.
وإذا اشترى بعيراً؛ فليأخذْ بِذروَةِ سَنَامِه، وليقل مثل ذلك.- قال أبو داود:
زاد أبو سعيد: ثم ليأخذ بناصيتها، وَلْيَدع بالبركة في المرأة والخادم- ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي وعمد الحق الإشبيلي
وابن دقيق العيد، وجوَّده الحافظ العراقي) .(6/373)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد قالا: ثنا أبو خالد عن
ابن عجلان عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للكلام المعروف في ابن عجلان وعمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده، وقد صححه وقوّاه من ذكرنا أعلاه، وتجد بيانه مع تخريج
المصادر- منهم البخاري في "أفعال العباد"- في كتابي "آداب الزفاف " (ص 92-
93) .
1877- عن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله؛ قال: بسم الله، اللهم! جَنِّبْنَا
الشيطان، وجَنبِ الشيطانَ ما رزقتنا، ثم قُدِّر أن يكون بينهما ولد في
ذلك؛ لم يَضُرهُ الشيطان أبداً ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي
الجعد عن كُريب عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عيسى- وهو الطباع-، وهو ثقة، أخرج له مسلم في "المقدمة "، والبخاري
تعليقاً.
وقد أخرجاه وغيرهما من طرق عن منصور بن المعتمر ... به. وهو مخرج في
" آداب الزفاف " (ص 98) و" الإرواء " (2012) .
وله فيه طريق أخرى عن ابن عباس.(6/374)
1878- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَلْعُونٌ مَنْ أتى امرأةً في دُبُرِها ".
(قلت: حديث حسن بهذا اللفظ، والأصح عنه بلفظ: " لا ينظر الله إلى
رجل جامع امرأته في دبرها"، وصححه البوصيري، وحسنه الترمذي من
حديث ابن عباس، وصححه إسحاق بن راهويه وابن الجارود وابن حبان وابن
دقيق العيد) .
إسناده: حدثنا هَنادٌ عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن
الحارث بن مَخْلَدٍ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث بن مخلد، وهو
مجهول الحال، كما قال الحافظ؛ تبعاً لابن القطان، وإن وثقه ابن حبان! وهو عمدة
البوصيري في تصحيحه إياه في "الزوائد" (122/1) !
والحديث أخرجه أحمد (2/444 و 479) : ثنا وكيع ... به.
وخالفه جماعة من الثقات، فقالوا: عن سهيل ... به؛ بلفظ:
" لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دُبُرِها ".
أخرجه ابن ماجه (1/593- 594) ، والبيهقي (7/198) ، وأحمد
(2/272) ، وابن أبي شيبة (4/253) .
وهذا أصح من اللفظ الأول. لكن لكل منهما شاهد، ذكرته في "الآداب "
(ص 105) .(6/375)
1879- عن جابر قال:
إن اليهود يقولون: إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها؛ كان
ولده أحول! فأنزل الله سبحانه وتعالى: (نساؤكم حَرْثٌ لكم فَأْتوا حَرْثَكُم
أنى شِئْتُمْ) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال ابن
الشرقي: " حديث جليل يساوي مئة حديث "، وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر
قال: سمعت جابراً يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما
كالترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في "آداب الزفاف " (ص 99) .
1880- عن ابن عباس قال:
إن ابن عمر- والله يغفر له- أوهم! إنما كان هذا الحيُ من الأنصار- وهم
أهل وَثَن- مع هذا الحيِّ من يهود- وهم أهل كتاب-، وكانوا يرون لهم
فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل
الكتاب: أن لا يأتوا النساء إلا على حَرْفٍ، وذلك أسْتَرُ ما تكون المرأة،
فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلكَ من فعلهم. وكان هذا الحيَّ
من قريش يَشْرَحُونَ النساء شَرْحاً منكراً، ويَتَلَذَّذُونَ منهن مُقْبِلات
ومُدْبِراتٍ ومستلقياتٍ. فلما قدم المهاجرون المدينة؛ تزوج رجل منهم امرأةً(6/376)
من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرَتْه عليه، وقالت: إنما كنا نُؤْتى
على حرف، فاصنع ذلك، وإلا؛ فاجتنبني! حتى شَرِيَ أمرهما، فبلغ ذلك
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله عز وجل: (نساؤكم حَرْث لكم فَأْتُوا حَرْثَكُم
أنَّى شئتم) ؛ أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات. يعني: بذلك مَوْضعَ
الولد.
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ: حدثني محمد- يعني: ابن
سلمة- عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد صرح بالسماع
في رواية عبد الرحمن بن محمد المحاربي، كما ذكر البيهقي (7/195) ؛ فزالت
شبهة التدليس.
والحديث مخرج في "آداب الزفاف " (ص 100- 101) .
47- باب في إتيان الحائض ومباشرتها
1881- عن أنس بن مالك:
أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة؛ أخرجوها من البيت، ولم
يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت، فسُئِلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن ذلك؟ فأنزل الله سبحانه: (يسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا
النساء في المحيض ... ) إلى آخر الآية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" جامعوهن في البيوت، واصنعوا كلَّ شيء غيرَ النكاح ".(6/377)
فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يَدعَ شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه
! فجاء أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ وعَبَّادُ بن بِشْرٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالا: يا رسول
الله! إن اليهود تقول كذا وكذا؛ أفلا ننكحهن في المحيض؟! فَتَمَعرَ وجه
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى ظَنَّنَا أن قَدْ وَجَدَ عليهما! فخرجا، فاستقبلتهما
هَدِيَّةٌ من لَبَنٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعث في آثارهما، فَظَننَا أنهُ لم يَجِدْ
عليهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، ومضى بإسناده
ومتنه في "الطهارة" برقم (251)) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت البناني عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى بإسناده ومتنه
هناك.
1882- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كنت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيتُ في الشِّعَارِ الواحد وأنا حائضٌ طامثٌ،
فإن أصابه مِنِّي شيء؛ غسل مكانه ولم يَعْدُه، وإن أصاب- تعني- ثوبه
منه شيء؛ غسل مكانه ولم يَعْدُهُ، وصلى فيه.
(قلت: إسناده صحيح، وقد مضى أيضاً هناك برقم (262)) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن جابر بن صُبْحٍ قال: سمعت خِلاساً
الهَجَرِي قال: سمعت عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، كما بينت هناك.(6/378)
1883- عن ميمونة بنت الحارث:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض؛
أمرها أن تَتَّزِرَ، ثم يباشرها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء ومسدد قالا: ثنا حفص عن الشيباني عن
عبد الله بن شداد عن خالته ميمونة بنت الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان.
وحفص: هو ابن غياث.
والحديث أخرجه البخاري (1/321) ، ومسلم (1/167) ، والدارمي (1/244) ،
والبيهقي (7/191) ، وأحمد (6/336) من طرق أخرى عن الشيباني ... به.
48- باب في كَفَّارة من أتى حائضاً
1884- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ في الذي يأتي امرأته وهي
حائض، قال:
" يتصدق بدينار أو بنصف دينار ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد مضى أيضاً سنداً ومتناً
هناك برقم (257)) .(6/379)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني الحكم عن عبد الحميد
ابن عبد الرحمن عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس.
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد مضى، كما ذكرنا آنفاً هناك.
1885- عن ابن عباس قال:
إذا أصابها في الدم؛ فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم؛ فنصف
دينار.
(قلت: صحيح موقوف، وقد مَرَ أيضاً برقم (258)) .
مضى هناك إسناداً ومتناً.
49- باب ما جاء في العَزْلِ
1886- عن أبي سعيد:
ذُكِرَ ذلك عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني: العزل-؛ قال:
" فَلِمَ يفعلُ أحدُكم؟! - ولم يقل: فلا يفعل أحدكم-؛ فإنه ليست من
نَفْسٍ مخلوقة؛ إلا الله خالقُها ".
(قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقَانِيُّ: ثنا سفيان عن ابن أبي
نَجِيح عن مجاهد عن قَزَعَةَ عن أبي سعيد.(6/380)
قال أبو داود: " قزعة: مولى زياد ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الطالقاني، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (7/229) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (4/159) ، والترمذي (1138) من طرق أخرى عن سفيان بن
عيينة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وعلقه البخاري (13/391) .
1887- ومن طريق أخرى عنه:
أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي جاريةً؛ وأنا أعزل عنها، وأنا أكره
أن تَحْمِلَ، وأنا أُريدُ ما يُريدُ الرجال، وإن اليهود تُحدِّثُ أن العزل موؤودةُ
الصُغْرى؟! قال:
" كذبتْ يهودُ! لو أراد الله أن يخلقه؛ ما استطعت أن تَصْرِفَهُ ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى: أن محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان حدثه: أن رفاعة حدثه عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عير رفاعة- ويقال: أبو
رفاعة، ويقال: أبو مُطِيع- بن عوف الأنصاري؛ مجهول؛ لم يذكروا له راوياً سوى
ابن ثوبان هذا؛ لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (7/230) من طريق المصنف.(6/381)
وأخرجه أحمد (3/33 و 51 و 53) ، والطحاوي في "مشكل الآثار"
(2/371) من طرق عن يحيى بن أبي كثير ... به؛ إلا أنه قال: أبو رفاعة.
وخالفه معمر فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن
ثوبان عن جابر ... نحوه: أخرجه الترمذي (1136) ؛ وسكت عليه! وكأنه لهذا
الاضطراب.
لكن للحديث طرف أخرى؛ فرواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم
التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد
الخدري ... به نحوه: أخرجه ابن أبي شيبة (4/221) ، والطحاوي في "المشكل "
(2/372) .
ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
وتابعهم موسى بن وَرْدَانَ عن أبي سعيد ... به: أخرجه الطحاوي.
وسنده جيد.
وله شاهد بسند حسن عن أبي هريرة، خرجته في "آداب الزفاف " (ص 52) (*) .
1888- عن ابن مُحَيْرِيزِ قال: دخلت المسجد، فرأيت أبا سعيد
الخدري، فجلست إليه، فسألَته عن العزل؟ فقال أبو سعيد: خرجنا مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سَبْيِ العرب،
فاشتهينا النساء، واشْتَدَّتْ علينا العُزْبَةُ، وأحببنا الفدَاءَ، فأردنا أن نعزل،
ثم قلنا: نعزل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرنا قبل أن نسأله عن ذلك؟! فسألنا
عن ذلك؟ فقال:
__________
(*) وهو في الطبعة الجديدة (ص 131- حاشية) . (الناشر) .(6/382)
" ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نَسَمَةٍ كائنة إلى يوم القيامة؛ إلا وهي
كائنةٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثا القعنبي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد
ابن يحيى بن حَبانَ عن ابن محيريز.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/108) ... بهذا الإسناد والمتن.
وعنه: البخاري (5/129) ، ومسلم (4/158) ، وأحمد (3/68) كلهم من
طرق أخرى عن مالك ... به.
وأخرجه البيهقي (7/229) كذلك.
ومن طريق أخرى عن القعنبي ... به؛ إلا أن في رواية مسلم: الزهري..
مكان: ربيعة.
وهو رواية البخاري (9/251) . فهو شيخ آخر لمالك.
وأخرجه مسلم من طريق أخرى عن ربيعة.
والبخاري (11/419) من طريق أخرى عن الزهري.
والشيخان وأحمد (3/63) من طرق أخرى عن محمد بن يحيى بن حَبان ...
به نحوه؛ وقرن أحمد: أبا صِرْمَةَ المازني مع أبي سعيد.(6/383)
1889- عن جابر قال:
جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن لي جارية أطوف
عليها، وأنا أكره أن تحمل؟! فقال:
" اعْزِلْ عنها إن شئت؛ فإنه سيأتيها ما قدِّرَ لها ".
قال: فَلَبِثَ الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حملت! قال:
" قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قُدر لها ".
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا الفَضْلُ بن دُكَيْن: ثنا زهير عن أبي
الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا عنعنة أبي الزبير؛ ومع
ذلك أخرجه مسلم! لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/160) ، والبيهقي (7/229) ، وأحمد (3/312
و386) من طرق أخرى عن زهير ... به.
وتابعه سالم بن أبي الجعد عن جابر،.. به نحوه: أخرجه ابن ماجه
(1/46) ، وأحمد (3/313 و 388) .
وسنده صحيح على شرطهما.
50- باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف ") ](6/384)
7- كتاب الطلاق
تفريع أبواب الطلاق
1- باب فيمن خَبَّبَ امرأة على زوجها
1890- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرأة على زوجها، أو عبداً على سَيِّدِهِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان والحاكم
والذهبي) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا زيد بن الحبَابِ: ثنا عمار بن رُزيق عن
عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يَعْمَرَ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صححه من ذكر آنفاً.
وله شاهدان مخرجان في "الصحيحة" (324 و 325) .
2- باب في المرأةِ تسألُ زوجَها طلاقَ امرأةٍ له؟
1891- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تَسْألِ المرأةُ طلاقَ أختها لِتَسْتَفْرغَ صَحْفَتَها، ولِتَنْكِحَ؛ فإنما لها ما
قدِّرَ لها".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.(6/385)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (3/93- 94) ... سنداً ومتناً.
وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (11/418) .
ثم أخرجه هو (9/180) ، ومسلم (4/136) ، والنسائي (2/217) ، وأحمد
(2/238 و 311 و 410 و 489 و 508 و 516) من طرق عدة عن أبي هريرة
رضي الله عنه.
3- باب في كراهية الطلاق
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
4- باب في طلاقِ السُّنَّةِ
1892- عن نافع عن عبد الله بن عمر:
أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عمرُ بنُ
الخطاب رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن ذلك؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُر، ثم تَحيِضَ، ثم تَطُهْرَ، ثم
إن شاء أمسك بعد ذلك، وإن شاء طَلَّقَ قبل أن يَمَس؛ فتلك العِدة التي
أمر اللهُ سبحانه أن تُطَلَّقَ لها النِّساءُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.(6/386)
قلت: وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث في "الموطأ" (2/96) ... إسناداً ومتناً.
وعنه: أخرجه الشيخان وغيرهما.
ومن طريق غيره أيضاً عن نافع. وهو مخرج في "الإرواء " (2059) ، وقد
استوعبت فيه طائفة كبيرة من طرقه، فبلغت (13) طريقاً.
1893- وفي رواية عنه:
أن ابن عمر طَلَّقَ امرأة له وهي حائض، تطليقه ... بمعنى حديث
مالك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد
المصنف) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرطهما.
وقد أخرجه مسلم (4/179) بإسناد المصنف وغيره عن الليث ... به؛ وزاد:
واحدة ... وساق متنه بتمامه، وقال:
" جَودَ الليث في قوله: تطليقة واحدة ".
قلت: تابعه عليه عبيد الله بن عمر عن نافع: رواه النسائي.
وتابعه أيوب عنه: عند عبد الرزاق (10954) .(6/387)
1894- ومن طريق أخرى عن ابن عمر:
أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مُرْهُ فليراجعها، ثم ليُطَلِّقْها إذا طَهرَتْ، أو وَهِيَ حاملٌ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، وكذا ابن الجارود.
وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن
عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبد الرحمن
مولى آل طلحة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه هو وغيره، وقد ذكرت
بعضهم أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء " (2059) .
1895- وفي رواية عنه:
أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!
فتغيَّظَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال:
" مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ، ثم تحيضَ فتَطْهُرَ، ثم إن
شاء؛ طلَّقَها طاهراً قبل أن يَمَسَّ؛ فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله عز وجل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب:
أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه.(6/388)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عنبسة- وهو ابن خالد-،
وأحمد بن صالح، فهما على شرط البخاري، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (8/529- 530) ، ومسلم (4/180) ، والنسائي
(2/94) ، وأحمد (2/130) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد مسلم وغيره:
وكان عبد الله طلقها تطليقةً، فحُسِبَتْ من طلاقها، وراجعها عبد الله كما أمره
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1896- وعن يونس بن جبَيْرٍ:
أنه سأل ابن عمر، فقال: كَمْ طَلقْت امرأتك؟ فقال: واحدة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن
ابن سيرين: أخبرني يونس بن جبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (10959) ... بهذا الإسناد أتم منه.
1897- وفي رواية عنه قال: سألت عبد الله بن عمر؛ قال:
قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض؟
قال: تَعْرِف عبد الله بن عمر؟ قلت: نعم.
قال: فإن عبد الله بن عمر طَلَّقَ امرأته وهي حائض، فأتى عمرُ النبيَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله؟ فقال:(6/389)
" مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُطَلِّقْها في قُبُلِ عِدَّتِها ".
قال: قلت: فَيُعْتَدّ بها؟
قال: فَمَهْ! أرأيت إن عَجَزَ واستحمق؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا يزيد- يعني: ابن إبراهيم- عن محمد بن
سيرين: حدثني يونس بن جبير.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما
كالترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في المصدر السابق.
1898- عن أبي الزبير:
أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر- وأبو الزبير
يسمع- قال:
كيف ترى في رجل طَلقَ امرأته حائضاً؟ قال:
طَلقَ عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فسأل عمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقال: إن عبد الله بن عمر طَلَّق امرأته وهي
حائض؟ قال عبد الله: فردَّها علي ولم يَرَهَا شيئاً، وقال:
" إذا طَهُرَتْ؛ فليطلَق أو ليُمْسِكْ ".
قال ابن عمر: وقرأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" (يا أيها النبيُ إذا طلقتم النساء فطلَقوهن) في قُبُلِ عِدتهِن ".(6/390)
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح". وأخرجه مسلم وابن
الجارود. وصححه الحافظ، وذكر عن العلماء أن معنى: فردها عليَّ ولم يرها
شيئاً ... أي: مستقيماً؛ لكونها لم تقع على السنة، وليس معناه أن الطلاق لم
يقع؛ بدليل الرواية المتقدمة المصرحة بأن ابن عمر اعتدَّ بها، وصح مرفوعاً: أنها
واحدة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني
أبو الزبير.
قال أبو داود: " رَوى هذا الحديثَ عن ابن عمر: يونسُ بن جبير وأنس بن
سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل؛ معناهم
كلهم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء
أمسك. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر. وأما رواية
الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يراجعها حتى تطهر،
ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. ورُوي عن عطاء
الخراساني عن الحسن عن ابن عمر ... نحو رواية نافع والزهري. والأحاديث كلها
على خلاف ما قال أبو الزبير "!
قلت: كذا قال المصنف رحمه الله! وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير
شيخه أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وأبو الزبير؛ إنما يخشى منه العنعنة، وقد صرح بالسماع، فوجب قبول حديثه؛
لا سيما ولم يتفرد بهذا اللفظ؛ بل تابعه سعيد بن جبير في رواية عنه عن ابن
عمر قال:(6/391)
طلقت امرأتي وهي حائض، فرد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك عليَّ، حتى طلقتها وهي
طاهر.
وسنده صحيح.
ولذلك كان لا بد من تأويل الرد المذكور فيه بما لا يعارض الحديث الذي قبله
وما في معناه، لا سيما ما كان صريحاً في الرفع، وقد ذكرنا آنفاً ما تأوله به
العلماء. ومن شاء التفصيل؛ فعليه بـ "فتح الباري " (9/288- 291) ، ففيه ما
يكفي ويشقي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (7/309- 310/10960) ... إسناداً
ومتناً.
وأخرجه البيهقي (7/327) من طريق المصنف.
ومسلم (4/183) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به؛ لكنه لم يسق
لفظه، وإنما أحال به على لفظ رواية حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج ...
فذكره دون قوله: ولم يرها شيئاً.
وكذلك أخرجه ابن الجارود (733) عن حجاج ... به.
وقد أشار مسلم إلى زيادة عبد الرزاق هذه؛ فقال عقب حديثه: " وفيه بعض
الزيادة ". وقال:
" أخطأ حيث قال: (عروة) ؛ وإنما هو (مولى عَزَّة) ".
قلت: وتابعه على هذه الزيادة: رَوْحُ بن عبادة فقال: ثنا ابن جريج ... به:
أخرجه أحمد (2/80) .(6/392)
5- باب الرجل يراجع ولا يُشهد
1899- عن مُطَرِّفِ بن عبد الله:
أن عمران بن حصين سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها ولم
يُشْهِدْ على طلاقها ولا على رجعتها؟ فقال:
طَلَّقْتَ لغير سُنَّةٍ، وراجعت لغير سنَّةٍ! أشهِد على طلاقها وعلى
رجعتها؛ ولا تعد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرشْكِ
عن مطرف بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وله طريق أخرى خرجته في "الإرواء" (2078) .
6- باب في سنة طلاق العبد
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
7- باب في الطلاق قبل النكاح
1900- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك
- زاد ابن الصبَّاح: ولا وفاء نذر إلا فيما تملك- ".(6/393)
(قلت: إسناده حسن، وصححه الترمذي وابن الجارود والحاكم والذهبي،
وحسَّنه الخطابي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام. (ح) وثنا ابن الصبَّاح: ثنا
عبد العزيز بن عبد الصمد قالا: ثنا مَطَرٌ الوَرَّاق عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده.
ومطر الوراق فيه ضعف، لكنه قد توبع، كما في الرواية التي بعدها وغيرها.
والحديث أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/281) ، والبيهقي (7/318)
من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به؛ دون زيادة ابن الصباح: " ولا
وفاء ... ".
ثم أخرجه هو، والطحاوي والدارقطني (ص 431) ، وأحمد (2/190) من
طرق أخرى عن مطر ... به؛ وفيه الزيادة عند الدارقطني وأحمد.
ولها شاهد: عند الطحاوي عن علي، وهو مخرج في "الإرواء " (1751) .
وتابعه عامر الأحول عن عمرو بن شعيب ... به؛ ولكنه قال:
" ولا يمين فيما لا يملك "، بدل: " ولا بيع إلا فيما تملك ".
أخرجه أحمد والدارقطني والترمذي (1181) ؛ دون فقرة البيع وبديلها،
وقال:
"حديث حسن صحيح ".
ولابن الجارود (743) الفقرة الأولى والثانية.(6/394)
وكذا الحاكم (2/205) - مع زيادة ابن الصباح- وصححه هو، والذهبي.
1901- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ زاد:
" من حلف على معصية؛ فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم؛
فلا يمين له ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير:
حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ وعبد الرحمن بن الحارث: هو المخزومي، كما في
الرواية الآتية، وهو صدوق له أوهام.
1902- وفي أخرى عنه ... أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في هذا الخبر؛ زاد:
" ولا نذر إلا فيما ابتُغِيْ به وجه الله تعالى ذِكْرُهُ ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا ابن السرْحِ: ثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن
عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد أخرج الزيادة الواردة فيه: أحمد (2/185) من طريق أخرى عن
المخزومي ... به.(6/395)
8- باب في الطلاق على غلط
1903- عن محمد بن عُبَيْدِ بن أبي صالح- الذي كان يسكن إيلياء-
قال:
خرجت مع عَدِي بن عَدِيِّ الكِنْدِيِّ حتى قدمنا مكة، فبعثني إلى
صفية بنت شيبة، وكانت قد حفظت من عائشة، قالت: سمعت عائشة
تقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" لا طلاق ولا عتاق في غِلاق ".
قال أبو داود: " الغِلاق: أظنّهُ الغضب ".
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، ولفظه عنده وآخرين:
" إغلاق "؛ وهو المحفوظ كما قال الخَطَّابي) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري أن يعقوب حدثهم قال: ثنا أبي عن
ابن إسحاق عن ثور بن يزيد الحمصي عن محمد بن عبيد بن أبي صالح.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير محمد بن عبيد هذا، فهو ضعيف كما
جزم به الحافظ تبعاً لأبي حاتم، ولم يرو عنه غير ثور هذا وعبيد الله بن أبي جعفر
المصري. ولذلك قال الذهبي في " الميزان ":
" مُقِل جداً، ضعفه أبو حاتم ".
وابن إسحاق قد صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد.
وقد خولف في إسناده؛ لكن رجح أبو حاتم رواية ابن إسحاق هذه.
وله متابعون خرجتهم في "الإرواء " (2047) ؛ انتهيت فيه إلى أن الحديث(6/396)
حسن بمجموع طرقه. والله أعلم.
9- باب في الطلاق على الهَزْلِ
1904- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ثلاث جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرجعة ".
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "، ووافقه
الحافظ، ومن قبله الخطابي، وصححه ابن الجارود والحاكم) .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن عبد الرحمن
ابن حبيب عن عطاء بن أبي رَباح عن ابن ماهِك عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن حبيب- وهو ابن أرْدكَ
المدني-، وقد روى عنه جمع من الثقات، ولذلك وثقه ابن حبان والحاكم. لكن
قال النسائي:
" منكر الحديث ".
ولينه الذهبي والعسقلاني.
لكن لحديثه شاهد مرسل صحيح الإسناد، وشواهد أخرى موصولة، خرجتها
في " الإرواء " (1826) .
والحديث أخرجه سعيد بن منصور (3/373/1603) : نا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي ... به. وراجع المصدر السابق.(6/397)
10- باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث
1905- عن ابن عباس:
(والمطلقات يتربَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قُرُوءِ ولا يَحِلُّ لهن أن يكتمن ما
خلق الله في أرحامهن ... ) الآية؛ وذلك أن الَرجل كان إذا طلق امرأته؛
فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً؛ فنُسِخَ ذلك؛ وقال: (الطلاق
مرتان ... ) الآية..
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن حسين بن واقد عن
أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه؛ حيث أخرج المصنف به
متناً أخر برقم (1822) . وقد خرجت هذا في "الإرواء" (2080) ، وذكرت له
شاهداً مرسلاً صحيح الإسناد.
وروي موصولاً عن عائشة؛ وصححه الحاكم ورده الذهبي.
1906- عن ابن عباس قال:
طَلَّقَ عبدُ يزيد أبو رُكَانةَ وإخوتِهِ أمَّ ركانة، ونكح امرأة من مُزينَةَ،
فجاءت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة-
لشعرة أخذتها من رأسها-؛ ففرِّقْ بيني وبينه! فأخذت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِيةٌ،
فدعا بركانة وإخوتِه، ثم قال لجلسائه:
" أترون فلاناً يشبه منه كذا وكذا- من عبد يزيد-، وفلاناً منه كذا(6/398)
وكذا؟ ". قالوا: نعم. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد يزيد: " طلََّقْها "، ففعل. ثم
قال:
" راجع امرأتك أمَ ركانة وإخوته ". فقال: إني طلقتها ثلاثاً يا رسول
الله! قال:
" قد علمت؛ راجعها "، وتلا: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء
فطلقوهن لعدتهن) .
(قلت: حديث حسن في الباب، وصححه الحاكم، وردَّه الذهبي قائلاً:
" الخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام "، وقال: " المعروف أن صاحب
القصة ركانة ".
قلت: كذلك رواه محمد بن إسحاق: ثني داود بن الحصين عن عكرمة عن
ابن عباس ... مختصراً. أخرجه أحمد، وصححه هو، والحاكم والذهبي وابن
القيم، وقال ابن تيمية: " إسناده جيد "، وقوّاه الحافظ، وهو عندي حسن
لغيره، كما سيأتي في حديث آخر برقم (1938)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني
بعض بني أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عكرمة، مولى ابن عباس عن ابن عباس.
قال أبو داود: " وحديث نافع بن عُجيرٍ وعبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة
عن أبيه عن جده: أن ركانة طلق امرأته، فردها إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصح؛ لأن ولد
الرجل وأهله أعلم به: أن ركانة طلق امرأته البتة، فجعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدة ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، فهو صحيح؛ لولا أن بعض
بني أبي رافع لم يسم، ولكنه قد توبع على موضع الشاهد منه كما يأتي.(6/399)
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (11334) ... إسناداً ومتناً.
وهو عند البيهقي (7/339) من طريق المؤلف.
ثم رواه عبد الرزاق ... بسنده المذكور عن ابن عباس قال:
طلق رجل على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأته ثلاثاً، فأمره (الأصل: فقال) النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يراجعها، فقال: إني طلقتها ... إلخ؛ وزاد: الآية. قال: فارتجعها.
وهذا قد تابعه عليه داود بن الحصين عن عكرمة ... به نحوه، وقد سقت
لفظه وخرجته وتكلمت على إسناده في "الإرواء" (2063) ، ويتلخص منه أن
الحديث حسن على الأقل بمجموع الطريقين.
ويزيده قوةً حديثُ أبي الصهباء الآتي بعدُ.
واعلم أن الحديث الذي علقه المصنف هنا عن نافع بن عجير؛ قد وصله بعد
ثلاثة أبواب، وصرح هناك- كما صرح هنا- بأنه أصح من حديث ابن جريج هذا
عن بعض بني أبي رافع.
وكان يكون الأمر كما قال؛ إذا افترض أن حديث ابن جريج لا شاهد له. أما
والأمر بخلافه- للمتابعة التي سبقت الإشارة إليها-؛ وفيها ما في حديث ابن
جريج: أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً؛ خلافاً لحديث نافع بن عجير الذي فيه أنه
طلقها البتة؛ أي: واحدة.
ولذلك قال ابن تيمية في "الفتاوى" (3/18) - بعد أن ساق لفظ المتابعة-:
" وهذا إسناد جيد. وله شاهد من وجه آخر، رواه أبو داود في "السنن "، ولم
يذكر أبو داود هذا الطريق الجيد، فلذلك ظن أن تطليقة واحدة أصح؛ وليس الأمر
كما قاله، بل الإمام أحمد رجح هذه الرواية على تلك، وهو كما قال أحمد ".(6/400)
قلت: وقد صحح حديث التابعة من ذكرنا آنفاً، فهو المرجَّح لحديث ابن جريج
على حديث نافع بن عجير؛ لأن نافعاً مجهول الحال، ولذلك كان حديثه من
حصة الكتاب الآخر (380 و 381) .
وقد خرجت الحديث من طرقه الثلاث في "الإرواء" (2063) ، وتكلمت فيه
على عللها، مع بيان الراجح من المرجوح منها.
1907- عن مجاهد قال:
كنت عند ابن عباس، فجاء رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثاً؟ قال:
فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال:
ينطلق أحدكم فيركب الأُحْمُوقَةَ، ثم يقول: يا ابن عباس! يا ابن
عباس! وإن الله قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ له مَخْرَجاً) ، وإنَّك لم تَتقِ اللهَ،
فلم أجِدْ لك مخرجاً، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، وإن الله قال:
(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن) في قُبُلِ عِدَّتهن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر) .
إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب عن عبد الله
ابن كثير عن مجاهد.
قال أبو داود: " روى هذا الحديثَ: حميدٌ الأعرج وغيره عن مجاهد عن ابن
عباس. ورواه شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأيوب
وابن جريج جميعاً عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وابن
جريج عن عبد الحميد بن رافع عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الأعمش عن مالك
ابن الحارث عن ابن عباس. وابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. كلهم(6/401)
قالوا في الطلاق الثلاث: أجازها.. قال: وبانت منك ... نحو حديث إسماعيل
عن أيوب عن عبد الله بن كثير ".
قال أبو داود: " وروى حماد بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس:
إذا قال: أنت طالق ثلاثاً بفم واحد؛ فهي واحدة.
ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا ... قولَهُ؛ ولم يذكر:
ابن عباس، وجعله قول عكرمة.
وصار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى ... ".
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر كما نقلته
عنه في "الإرواء"، وخرجته هناك (2055) .
والطرق المعلقة عند المصنف؛ قد وصلها جلها: عبد الرزاق في
"المصنف " (6/396- 398) وغيره، وقد خرجت بعضها في المصدر السابق
(2056 و 2057) .
1908- عن محمد بن إياس:
أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سُئلُوا عن البِكْرِ
يطلقها زوجها ثلاثاً؟ فكلهم قالوا: لا تحِلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى- وهذا حديث أحمد-
قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد
ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس.(6/402)
قلت: وهذا إسناد صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (7/354) من طريق المصنف.
وأخرجه (7/335) من طريق مالك عن الزهري عن ابن ثوبان ... به.
1909- قال أبو داود: " وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن بُكَيْرِ بن
الأشَج عن معاوية بن أبي عياش: أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد
ابن إياس بن البكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك؟
فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة؛ فإني تركتهما عند عائشة رضي
الله عنها ... ثم ساق هذا الخبر ".
(قلت: هو خبر صحيح بما قبله) .
إسناده: هذا معلق كما ترى؛ وقد وصله البيهقي (7/335 و 355) من
طريقين عن مالك ... به.
ووصله الطحاوي أيضاً (2/33) .
ومعاوية هذا: هو أخو النعمان بن أبي عياش الزُّرَقِي المديني، كما في "الجرح
والتعديل " (4/1/380) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
1910- عن ابن طاوس عن أبيه: أن أبا الصهباء قال لابن عباس:
أتعلم أنما كانت الثلاث تُجْعَلُ واحدةً على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي
بكر، وثلاثاً من إمارة عمر؟
قال ابن عباس: نعم.(6/403)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه
الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وزاد مسلم في رواية: فقال عمر
ابن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلو
أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني
ابن طاوس عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو
على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي..
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 445) ، والبيهقي (7/336) من طريق
المصنف.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (2/31) : حدثنا رَوْح بن الفَرَجِ قال: ثنا
أحمد بن صالح ... به.
وهو في "مصنف عبد الرزاق " (11337) .
ومن طريقه: أخرجه أحمد (1/314) ، ومسلم (4/184) ، والدارقطني (ص
444) ، والحاكم (2/196) كلهم من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "؛ ووافقه الذهبي. وقد وهما في قولهما:
" ولم يخرجاه "! فقد أخرجه مسلم.
وتابعه جماعة عن ابن جريج ... به.
أخرجه مسلم والنسائي (2/96) ، والدارقطني.(6/404)
وتابعه معمر قال: أخبرني ابن طاوس ... به: أخرجه عبد الرزاق (11336) ،
ومن طريقه مسلم والطحاوي والدارقطني والبيهقي؛ وزادوا:
فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛
فلوا أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم.
وتابعه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس ... به. أخرجه مسلم وابن أبي شيبة
(7/26) ، والدارقطني والبيهقي من طرق ثلاث عن حماد بن زيد عن أيوب
السَّخْتِيَاني عنه ... به.
وخالفهم أبو النعمان عن حماد بن زيد ... به، فقال: عن غير واحد عن
طاوس ... به؛ وزاد في متنه:
قبل أن يدخل بها!
وهي زيادة منكرة، كما شرحته في "الضعيفة " (1134) ؛ ولذلك أوردته في
الكتاب الآخر (378) .
وتابعه عمرو بن دينار أن طاوساً أخبره ... به: أخرجه عبد الرزاق (11338)
عن عمر بن حوشب عنه.
وتابعه ابن أبي مليكة قال: سأل أبو الجوزاء ابن عباس: هل علمت ...
الحديث.
أخرجه الدارقطني والحاكم، وقال:
" صحيح الإسناد "! من طريق عبد الله بن المؤمل عنه. وقال الدارقطني:
" هو ضعيف، ولم يروه عن ابن أبي مليكة غيره ". وقال الذهبي في تعقبه
على الحاكم:(6/405)
" قلت: ابن المؤمل ضعفوه ".
وروى هشام بن حُجَيْر عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قد كان لكم في الطلاق أناة؛ فاستعجلتم أناتكم، وقد أجزنا عليكم ما
استعجلتم من ذلك.
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/259) .
وإسناده إلى طاوس حسن.
ثم روى عن الحسن في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة، فقال: قال
عمر:
لو حملناهم على كتاب الله، ثم قال: لا، بل نلزمهم ما ألزموا أنفسهم.
ورجاله ثقات، لكن الحسن- وهو البصري- لم يسمع من عمر بن الخطاب.
ومن طريق أخرى عنه:
أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: لقد هممت أن أجعل
- إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس- أن أجعلها واحدة، ولكن أقواماً جعلوا
على أنفسهم، فأُلزِمُ كل نفس ما ألزم نفسه! من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؛
فهي حرام، ومن قال لامرأته: أنت بائنة؛ فهي بائنة، ومن قال: أنت طالق ثلاثاً؛
فهي ثلاث.
وإسناده إلى الحسن صحيح.
قلت: وهذه الطرق تشهد لزيادة معمر- عند مسلم وغيره- المتقدمة، وهي
صريحة في أن عمر رضي الله عنه إنما نفذها عليهم ثلاثاً باجتهاد من عنده؛ وإلا لم(6/406)
يكن ليحكم قبل ذلك بخلاف ذلك، ولا تردد أو تساءل في تنفيذها ثلاثاً.
وقد فصل القول فرب المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى"، وتلميذه
ابن القيم في "إعلام الموقعين " وغيره، وأثبتا أن الحديث محكم، لم ينسخه شيء؛
فمن شاء البسط فليرجع إليهما.
11- باب فيما عُنِيَ به الطلاقُ والنيات
1911- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى
الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو
امرأة يتزوجها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده
عند البخاري هو إسناد المصنف. وصححه الترمذي وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثني يحيى بن سعيد عن
محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن
الخطاب يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه البخاري (5/121- 122) ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه البيهقي (1/41) من طريق أخرى عن محمد بن كثير ... به.(6/407)
وأخرجه أحمد (1/25) ، والحميدي (28) - وعنه البخاري (1/6) ، والبيهقي
(7/341) - قالا: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (6/48) ، وابن الجارود (64) من طرق أخرى عن سفيان ...
به- وهو ابن عيينة-.
ثم أخرجه أحمد (1/43) ، والبخاري (1/111 و 7/180 و 9/94 و 11/484
و12/275) ، ومسلم، والترمذي (1647) ، والنسائي (1/24 و 2/101) ، وابن
ماجه (2/556) ، والدارقطني (ص 19) ، والبيهقي أيضاً من طرق أخرى عن
يحيى بن سعيد ... به. وقال الترمذي:
" هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سعيد
الأنصاري. قال عبد الرحمن بن مهدي: ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل
باب".
1912- عن عبد الله بن كعب- وكان قائد كعب من بنيه حين عَمِيَ-
قال: سمعت كعب بن مالك ... فساق قصته في تبوك (1) ؛ قال:
حتى إذا مضت أربعون من الخمسين؛ إذا رسول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي،
فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال: فقلت: أُطَلقها أم
ماذا أفعل؟ قال: لا؛ بل اعتزلها فلا تقربها. فقلت لا مرأتي: الْحَقِي بأهلك
فكوني عندهم؛ حتى يقضيَ الله سبحانه في هذا الأمر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بأحد
إسنادي المصنف بتمام القصة، وكذا أخرجه البخاري من طريق أخرى) .
__________
(1) انظرها في "الإرواء" (477) .(6/408)
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن
وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب
ابن مالك أن عبد الله بن كعب ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، وسليمان بن
داود- وهو أبو الربيع المَهْرِيُ-، وهما ثقتان من رجال مسلم، وقد توبعا كما
يأتي، وهو قطعة من حديث توبة كعب الطويل، وقد ساق المؤلف قطعة منه في
"الجهاد"، وسيأتي برقم (2344) ، وطرفاً آخر في آخر "الأيمان " في أول كتاب
"السنة".
والحديث أخرجه مسلم (8/105- 112) ... بإسناد المصنف الأول
بتمامه.
وأخرجه المصنف ... طرفاً آخر منه في "الأيمان والنذور" [29- باب فيمن نذر
أن يتصدق بماله] ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأخرج النسائي (2/99) ... بإسناد المصنف الثاني مختصراً مثل روايته.
ومن طريق أخرى عن عبد الله- وهو ابن وهب- ... به.
وتابعه عُقَيْل عن ابن شهاب ... بتمامه.
أخرجه البخاري (8/92- 101) ، وأحمد (3/459- 460) .
وللنسائي موضع الشاهد منه.
وتابعه محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن
مسلم الزهري ... به: أخرجه مسلم وأحمد (3/456- 459) .(6/409)
12- باب في الخِيَارِ
1913- عن عائشة قالت:
خَيَّرَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاخترناه؛ فلم يَعُدَ ذلك شيئاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم.
وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان بلفظ: أفكان طلاقاً؟! وهو رواية
للشيخين) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي الضّحَى عن
مسروق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط
البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (1645) : نا أبو عوانة ... به؛
إلا أنه قال: طلاقاً مكان: شيئاً.
ثم قال هو (1646) ، وأبو بكر بن أبي شيبة (5/61) ، وأحمد (6/45 و 47-
48) : نا أبو معاوية: نا الأعمش ... به بلفظ الكتاب.
وأخرجه مسلم (4/187) ، وابن ماجه (1/632) من طريق ابن أبي شيبة.
وأخرجه البخاري (9/302) ، ومسلم أيضاً، والترمذي (1179) ، والنسائي
(2/68) ، وأحمد أيضاً (6/173 و 239) من طرق أخرى عن الأعمش ... وصرح
بالتحديث من أبي الضحى: عند أحمد والبخاري باللفظ الأول؛ إلا النسائي
وأحمد فباللفظ الثاني.(6/410)
وكذا رواه ابن أبي شيبة (5/59) .
وتابعه الشعبي عن مسروق.. به: أخرجه أحمد (6/202 و 205 و 240) ،
والشيخان والترمذي والنسائي والدارمي (2/162) ، وابن الجارود (740) ،
والبيهقي (7/345) ، وكذا ابن حبان (4253) .
وأخرجه أحمد (6/171 و 185 و 262- 263) ، وسعيد بن منصور (1644)
من طريقين آخرين عنها.
13- باب في (أمْرُكِ بِيَدِكِ)
1914- عن الحسن: في أمرك بيدك، قال: ثلاث.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع موقوف على الحسن- وهو البصري-. وقد
روي مرفوعاً من حديث أبي هريرة، وهو في الكتاب الآخر (379)) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن الحسن.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ ولكنه مقطوع
موقوف على الحسن- وهو البصري-.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور (1657) : نا هُشَيْم قال: أنا يونس ومنصور
عن الحسن ... به.
وهذا صحيح أيضاً.
14- باب في البتة
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر " الضعيف ") ](6/411)
15- باب في الوسوسة بالطلاق
1915- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إن الله تجاوز لأُمَّتي عمَّا لم تتكلَّم أو تعمل به، وبما حدثت به أنفسَها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي. وأحد أسانيد البخاري إسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن زُرَارَةَ بن أبي أوفى
عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بنحوه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/323) ... بإسناد المصنف؛ بلفظ:
" إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها؛ ما لم تعمل أو تتكلم ".
وأخرجه مسلم (1/82) ، وأحمد (2/281) من طريق وكيع: حدثنا مِسْعَرٌ
وهشام عن قتادة ... به؛ وزاد أحمد:
قال هشام: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ووقفه مسعر.
قلت: وفي هذا نظر! فقد أخرجه أحمد (2/255) - عن يزيد؛ وهو ابن هارون-،
والحميدي (1173) ، وعنه البخاري (5/121) - عن سفيان؛ وهو ابن عيينة- عن
مسعر ... بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلعل قوله: (وقفه) تحرف على بعض الرواة، والصواب: (رفعه) ، فقد رواه
هكذا البخاري (11/464- 465) : حدثنا خلاد بن يحيى: حدثنا مسعر ... عن
أبي هريرة يرفعه قال ... فذكره.(6/412)
ويشهد له: أنه رواه جمع آخر عن قتادة ... به مرفوعاً: أخرجه مسلم
والترمذي (1183) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي أيضاً، وابن
ماجه (1/690) ، وابن أبي شيبة (5/53) ، والبيهقي (7/350) ، وأحمد
(2/393 و 425 و 474 و 481 و 491) ؛ وزاد ابن ماجه:
" وما استكرهوا عليه "!
وهي زيادة شاذة، لكن لها شواهد فراجع "الإرواء " (82) .
16- باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي!
1916- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً: اثنتان في ذات الله تعالى: قوله:
(إني سقيم) ، وقوله: (بل فعله كبيرهم هذا) . وبينما هو يسير في أرض
جَبَّارٍ من الجبابرة؛ إذ نزل منزلاً، فأُتِيَ الجَبارُ، فقيل له: إنه نزل ههنا رجل
معه امرأة هي أحسن الناس. قال: فأرسل إليه، فسأله عنها؟ فقال: إنها
أختي. فلما رجع إليها قال: إن هذا سألني عنك؟ فأنبأته أنك أختي، وإنه
ليس اليوم مسلم غيري وغيرك، وإنك أختي في كتاب الله؛ فلا تُكَذِّبيني
عنده ... " وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بتمامه،
والترمذي مختصراً؛ وصححه) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " روى هذا الخبَر: شعيبُ بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن(6/413)
الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ".
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (6/301- 304 و 9/104- 105) ، ومسلم (7/98-
99) من حديث أيوب السَّخْتِيَانِيِّ عن محمد بر سيرين ... به، وساقه بتمامه.
وخبر شعيب بن أبي حمزة؛ وصله البخاري (4/326) : حدثنا أبو اليمان:
أخبرنا شعيب ... فذكره بتمامه.
وتابعه ورقاء عن أبي الزناد ... به: أخرجه أحمد (2/403) : ثنا علي بن
حفص قال: ثنا ورقاء ... به.
وتابعه محمد بن إسحاق عن أبي الزناد ... به مختصراً.
أخرجه الترمذي (3165) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
17- باب في الظهار
1917- عن سَلَمَةَ بن صَخْر البَيَاضِيِّ قال:
كنت امرأً أُصِيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر
رمضان؛ خِفْتُ أن أُصِيبَ مِن امرأتي شيئاً يُتابَعُ بي حتى أصبح، فظاهرت
منها؛ حتى ينسلخ شهر رمضان. فبينا هي تَخْدُمُنِي ذاتَ ليلة؛ إذ تكشَّف
لي منها شيء، فلم ألبث أن نَزَوْتُ عليها. فلما أصبحت؛ خرجت إلى
قومي فأخبرتهم الخبر، وقلت: امْشُوا مَعِي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قالوا: لا
والله! فانطلقت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته؟ فقال:(6/414)
" أنتَ بذاكَ يا سلمة؟! ". قلت: أنا بذاك يا رسول الله! (مرتين) ، وأنا
صابر لأمر الله، فاحكم فيما أراك الله! قال:
" حَرَرْ رَقَبَةً ".
قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما أمْلِك رقبة غيرَها.- وضربت صَفْحَةَ
رقبتي-! قال:
" فَصمْ شهرين متتابعين ".
قال: وَهَلْ أصَبْتُ الذي أصبت إلا مِنَ الصِّيَامِ؟! قال:
" أطْعِمْ وَسْقاً من تمر بين ستين مسكيناً ".
قلت: والذي بعثك بالحق! لقد بِتْنا وَحْشَيْنِ، ما لنا طعام! قال:
" فانطلقْ إلى صاحب صدقة بني زُرَيْقٍ؛ فليدفعها إليك، فأطعم ستين
مسكيناً وَسْقاً من تمر، وَكلْ أنت وعيالكَ بِقيَّتَها".
فرجعتُ إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضَيقَ وسوءَ الرَّأْيِ،
ووجدت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَةَ وحُسْنَ الرأي، وقد أمرني- أو أمر لي-
بصدقتكم.
زاد ابن العلاء: قال ابن إدريس: بَيَاضَة: بَطْنٌ من بني زريق.
(قلت: حديث حسن كما قال الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم
والذهبي، وحسنه الحافظ) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء قالا: ثنا ابن إدريس
عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء- قال ابن العلاء- بن علقمة(6/415)
ابن عياش عن سليمان بن يسارعن سلمة بن صخر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو
مدلس، وقد عنعنه.
وسليمان بن يسار لم يسمع من سلمة.
لكن للحديث طريق أخرى، وشاهد مختصر يتقوى به، وقد خرجت ذلك كله
في " الإرواء " (2091) .
1918- عن خُوَيلة بنت مالك بن ثعلبة قالت:
ظاهر مني زوجي أوْسُ بن الصامت، فجئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشكو
إليه، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجادلني فيه، ويقول:
" اتقي الله؛ فإنه ابْنُ عَمِّكِ ". فما بَرِحْتُ حتى نزل القرآن: (قد سمع
الله قول التي تجادلك في زوجها ... ) إلى الفَرْض، فقال:
" يعتق رقبة ". قالت: لا يجد! قال:
" يصوم شهرين متتابعين ". قالت: يا رسول الله! إنه شيخ كبير، ما به
من صيام! قال:
"فليطعم ستين مسكيناً". قالت: ما عنده من شيء يتصدق به! قالت:
فأُتِيَ ساعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ من تمر، قلت: يا رسول الله! وأنا أُعِينُهُ بِعَرَق آخر.
قال:
" قد أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكيناً، وارجعي إلى
ابن عمك ".(6/416)
قالت: والعَرَقُ: ستون صاعاً.
(وفي رواية: قال: والعَرَقُ: مِكْتَلٌ يسع ثلاثين صاعاً) .
قال أبو داود: " هذا أصح من حديث يحيى بن آدم ".
(قلت: يعني: الرواية التي قبلها، وأصح منهما عندي الرواية الآتية.
والحديث حسن، وقال الحافظ: " إسناده حسن "، وصححه ابن الجارود وابن
حبان، وحسنه الحافظ) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا ابن ادريس عن محمد
ابن إسحاق عن مَعْمَرِ بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن
خويلة بنت مالك بن ثعلبة.
قال أبو داود: " في هذا أنها كفرت عنه من غير أن تستأمره. حدثنا الحسن بن
علي: ثنا عبد العزيز بن يحيى: ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق ... بهذا
الإسناد نحوه؛ إلا أنه قال: والعرق ... ".
قلت: وهذا إسناد حسن لغيره؛ كما بينته في "الإرواء" (2087) ، فلا نعيد
الكلام عليه، لا سيما وقد حسنه الحافظ لذاته، وصححه غيره كما ترى أعلاه.
والحديث أخرجه البيهقي (7/391 و 392) من طريق المصنف، وهو مخرج في
المصدر السابق.
1919- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
يعني بـ (العَرَق) : زنبيلاً يأخذ خمسة عشر صاعاً.
(قلت: إسناده صحيح مرسل. وقد وصله البيهقي عن أبي سلمة عن أبي(6/417)
هريرة. وله شاهد من طريق أخرى عن أبى سلمة عن أبي هريرة في قصة المجامع
في رمضان الآتية في "الصوم " رقم (2073) . وقال الترمذي: " حديث حسن "،
وصححه الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل؛ وقد روي موصولاً كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (7/390) من طريق المصنف، وقال عقبه:
" وروي عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن سليمان بن
صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه. حتى يمضي رمضان ... فذكر الحديث
إلى أن قال: فأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكتل فيه خمسة عشر صاعاً من تمر، فدفعه إليه،
وقال: " اذهب وأطعم هذا ستين مسكيناً " ... "؛ وقال:
" وهو خطأ، الشهور عن يحيى مرسل، دون ذكر أبي هريرة فيه ".
قلت: وكذلك رواه مرسلاً: علي بن المبارك: عند الترمذي (1200) ،
والبيهقي (7/390) .
وحرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير: أنبأنا أبو سلمة ومحمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان أن سليمان بن صخر ... الحديث. وقال الترمذي:
" حديث حسن ". والحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وقد رواه الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة:(6/418)
أن أعرابياً جاء يلطم وجهه ... فذكر حديث المجامع في رمضان؛ وفيه:
فأتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزنبيل- وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعاً ...
الحديث.
أخرجه أحمد (2/516) .
وسنده على شرط الشيخين؛ على ضعف في حفظ محمد بن أبي حفصة.
لكن تابعه هشام بن سعد عن الزهري؛ لكنه قال: عن أبي سلمة عن أبي
هريرة؛ كما يأتي في "الصوم " (2073) .
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن
سلمان بن صخر ... به.
أخرجه عبد الرزاق (11528) .
1920- وعن سليمان بن يسار ... بهذا الخبر؛ قال:
فَأُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمر، فأعطاه إياه، وهو قريب من خمسة عشر
صاعاً، قال:
" تصدق بهذا ". قال: فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أفْقَرَ مِنِّي ومن
أهلي؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كُلْهُ أنت وأهلُكَ ".
(قلت: حديث حسن، وإسناده مرسل صحيح، وصححه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن
الحارث عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسار.(6/419)
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ لولا أن سليمان بن يسار لم يسمع من سلمة، كما
قال البخاري؛ فهو مرسل منقطع. وبه أعله عبد الحق الإشبيلي كما نقلته في
"الإرواء" (2091) ، وفيه إشارة إلى انقطاع إسناد الرواية المتقدمة (1917) من
رواية سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر. وكأن المصنف أو الراوي أشار إليها
بقوله: بهذا الخبر.
والحديث أخرجه البيهقي (7/391) من طريق المصنف.
وابن الجارود (745) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن ابن وهب
أخبرهم ... به. وقال البيهقي:
" فهذه الرواية عن سليمان موافقة لرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وابن
ثوبان في قصة سلمة بن صخر، فهي أولى ".
ورواية أبي سلمة وابن ثوبان تقدم تخريجها تحت الحديث السابق.
1921- عن أوس أخي عُبَادَةَ بن الصامت:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه خمسة عشر صاعاً من شعير؛ إطعامَ ستين
مسكيناً.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: قال أبو داود: قرأت على محمد بن وزيرٍ المصري: حدثكم بشر بن
بكر: ثنا الأوزاعي: ثنا عطاء عن أوس أخي عبادة بن الصامت.
قال أبو داود: " وعطاء لم يدرك أوساً، وهو من أهل بدر، قديم الموت، والحديث
مرسل ".(6/420)
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لولا إرساله، لكن يشهد له ما قبله.
والحديث أخرجه البيهقي (7/397) من طريق المصنف.
1922- عن هشام بن عروة:
أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لَمَم، فإذا
اشتدَ لَممُهُ؛ ظاهر من امرأته، فأنزل الله تعالى فيه كفارة الظهار.
(قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة.
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ وقد روي موصولاً كما يأتي بعده.
1923- وفي رواية عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ... مثله.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم "،
ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا محمد بن الفضل: ثنا حماد بن سلمة
عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ... مثله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أن محمد بن الفضل
- وهو: أبو الفضل السَّدوسيُّ، الملقب بـ (عارم) - كان اختلط، كما قال أحمد
وغيره.
وقد خالفه موسى بن إسماعيل عن حماد ... فأرسله كما في الرواية التي
قبله.(6/421)
وهي أصح.
والحديث أخرجه الحاكم (2/481) ، عنه البيهقي (7/382) من طريق علي
ابن الحسن الهلالي: ثنا أبو النعمان محمد بن الفضل ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وله طريق أخرى عن عروة ... به موصولاً نحوه.
مما يدل على أن له أصلاً في الموصول، وهو مخرج في "الإرواء " (2087) .
1924- عن عكرمة:
أن رجلاً ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يُكَفِّرَ، فأتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأخبره؟! فقال:
" ما حملك على ما صنعت؟! ".
قال: رأيت بياض ساقها في القمر. قال:
" فاعتزلها حتى تُكَفِّرَ عنك ".
(قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده) .
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقَانِيُ: ثنا سفيان: ثنا الحكم بن
أبان عن عكرمة.
قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم بن أبان، ففيه ضعف من
قبل حفظه. وقد اضطرب في إسناده؛ فأرسله مَرّةً، كما في رواية سفيان هذه،
ورواية غيره ممن يأتي، ووصله أخرى؛ كما في رواية إسماعيل ومعمر الآتيين عنه.(6/422)
والحديث أخرجه البيهقي (7/386) من طريق المصنف.
وتابعه معمر عن الحكم بن أبان ... به مرسلاً.
أخرجه عبد الرزاق (11525) ، وعنه النسائي (2/103) .
لكن خالفه الفضل بن موسى؛ فرواه عن معمر ... به موصولاً، كما يأتي في
الكتاب.
وتابعه المعتمر بن سليمان: سمعت الحكم-.. به مرسلاً.
أخرجه النسائي والمصنف، كما يأتي بعد حديث.
1925- وفي رواية عنه عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، ولم
يذكر: الساق.
(قلت: حديث صحيح، وحسن إسناده الحافظ، وصححه الترمذي وابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الحكم، ففيه الضعف
المشار إليه آنفاً. ومع ذلك حسن الحافظ في "الفتح " (9/357) إسناده، وصححه
من ذكرت آنفاً، وهو مخرج في "الإرواء " (2091) .
وإسماعيل: هو: ابن عُلَيَّةَ.
والحديث أخرجه البيهقي (7/386) من طريق المصنف؛ إلا أنه قال: عن
عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، لم يذكر الساق؛ لم يذكر فيه ابن عباس فأرسله.(6/423)
فلا أدري أسقط ذكره من الناسخ أو الراوي عند البيهقي، أم هكذا وصلت
رواية المصنف إليه؟!
1926- وعن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحو حديث سفيان.
(قلت: يعني: الحديث الذي قبله بحديث) .
إسناده: حدثنا أبو كامل أن عبد العزيز بن المختار حدثهم: ثنا خالد: حدثني
مُحَدث عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحو حديث سفيان.
قال أبو داود: " وسمعت محمد بن عيسى يحدث ... به: ثنا المعتمر قال:
سمعت الحكم بن أبان يحدث ... بهذا الحديث؛ ولم يذكر ابن عباس ".
قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم على ما سبق، وهو المحدَث
الذي لم يُسَمَ في رواية خالد- وهو الحَذَّاء-.
وقد أخرجه النسائي من طريقين آخرين عن المعتمر ... به، وقال:
" المرسل أولى بالصواب من المسند ".
قلت: وقد أشار إلى ذلك المصنف بسياقه لأسانيده عن الحكم، وأكثرها
مرسل كما رأيت، وهو ضعيف مرسلاً وصولاً؛ لأن مداره على الحكم، وقد
عرفت حاله، وإنما صححته لشواهده التي قبله. والله أعلم.
1927- وفي رواية عن عكرمة عن ابن عباس ... بمعناه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح، وانظر ما قبله بحديث) .(6/424)
إسناده: قال أبو داود: كتب إليَّ الحسين بن حُرَيْثٍ قال: أخبرنا الفضل بن
موسى عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير الحكم، وهو مضعف، كما سبق؛ على
اضطرابه في إسناده، فتارة أرسله- وهو الأكثر-، وتارة أسنده، وانظر الرواية
المتقدمة؛ و" الإرواء ".
وجملة القول: فأحاديث الباب كلها معلولة، لكن بعضها يشهد لبعض. والله
أعلم.
18- باب في الخُلْعِ
1928- عن ثَوْبَانَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيُّما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقاً في غير ما بأس؛ فحرامٌ عليها رائحةُ
الجَنَّةِ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضاً ابن الجارود وابن
حبان، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي
أسماء عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي أسماء- وهو
عمرو بن مَرْثَد الرحبي-، فلم يخرج له البخاري إلا في "الأدب المفرد".
والحديث مخرج في " الإرواء " (2035) .(6/425)
1929- عن حَبِيبَةَ بنت سهل الأنصارية:
أنها كانت تحت ثابت بن قيس الشَّمَّاسِ، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج
إلى الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلَسِ، فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من هذه؟! ". فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. قال:
" ما شأنك؟! ". قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس- لزوجها-. فلما جاء
ثابت بن قيس قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هذه حبيبة بنت سهل "؛ وذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت
حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثابت
ابن قيس:
" خذ منها "؛ فأخذ منها، وجلست هي في أهلها.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت
عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهيل الأنصارية.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كانت عمرة سمعته من حبيبة؛ فقد أشار
الحافظ في ترجمتها من "التهذيب " إلى أنه اختلف عليها في إسناده.
قلت: فرواه مالك عن يحيى ... هكذا.
وخالفه هشيم؛ فقال سعيد بن منصور (1430) : حدثنا هشيم: أنا يحيى بن
سعيد ... به؛ إلا أنه قال:(6/426)
أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ... الحديث.
فهذا مرسل.
ثم قال (1431) : حدثنا سفيان عن يحيى ... به؛ إلا أنه قال: عن عمرة
قالت:
جاءت حبيبة ...
وهذا أصرح في الإرسال.
لكن للحديث شواهد يتقوى بها؛ منها: حديث عائشة بعده.
وحديث ابن عباس نحوه: عند البخاري وغيره. وكلها مخرجة في "الإرواء"
(2036) .
1930- عن عائشة:
أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شَماس؛ فضربها،
فكسر بعضها، فأتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الصبح، فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابتاً،
فقال:
" خذ بعض مالها وفارقها ". فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟! قال:
" نعم ". قال: فإني أصدقتها حديقتين، وهما بيدها! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خذهما وفارقها "؛ ففعل.
(قلت: حديث صحيح) .(6/427)
إسناده: حدثنا محمد بن معمر: ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو: ثنا أبو
عمرو السدوسي المديني عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
عمرة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عمرو
السدوسي المديني- وهو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي مولاهم-، فهو من
رجال مسلم، لكن فيه كلام من قبل حفظه، أشار إليه الحافظ بقوله:
"صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه "
قلت: فإن كان حدَث به من كتابه؛ فهو صحيح لذاته؛ وإلا فهو صحيح
لشواهده، التي منها حديث حبيبة الذي قبله، وما سأذكره في الحديث بعده.
ومحمد بن معمر: هو القيسي أبو عبد الله البصري.
والحديث أخرجه البيهقي (7/315) من طريق عبد الله بن رجاء: أنا سعيد
ابن سلمة بن أبي الحسام ... به نحوه؛ وزاد.
فأخذ إحداهما، ففارقها، ثم تزوجها أبي بن كعب رضي الله عنه بعد ذلك،
فخرج إلى الشام، فتوفيت هناك.
1931- عن ابن عباس:
أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتها
حيضة.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، والحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) .(6/428)
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: ثنا علي بن بَحْرٍ القطان: ثنا
هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس.
قال أبو داود: " وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم
عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير القطان، وهو ثقة.
إلا أن عمرو بن مسلم- وهو الجَنَدي- وإن أخرج له مسلم؛ فقد ضعفه الجمهور
من قبل حفظه. وقال الحافظ:
" صدوق له أوهام ".
وقد اختلف عليه في إسناده، كما أشار إلى ذلك المصنف بذكره رواية عبد الرزاق
المرسلة، وهي عنده في "المصنف " (11858) .
وسواءً كان الراجح في الحديث وصله أو إرساله؛ فهو صحيح لشواهده الآتية.
والحديث أخرجه الترمذي (1185) ، والدارقطني (397) ، والحاكم
(2/206) ، وعنه البيهقي (7/450) من طرق أخرى عن هشام بن يوسف ... به.
وحسنه الترمذي.
وصححه الحاكم والذهبي كما ذكرت آنفاً. لكن زاد الدارقطني في المتن فقال:
حيضة ونصفاً.
وهي زيادة شاذة؛ بل منكرة، تفرد بها أحد رواة الدارقطني ممن دون هشام بن
يوسف؛ خِلافاً لكل من رواه عن هشام. وبخاصة أن رواية عبد الرزاق المرسلة
خالية عن هذه الزيادة، وكذلك الشأن في الطرق الأخرى والشواهد الآتي ذكرها.(6/429)
فلا تغتر بعد ذلك بقول القرطبي في "تفسيره " (3/145) - عقب رواية
الدارقطني-:
" والراوي عن معمر هنا في الحيضة والنصف: هو الراوي عنه في الحيضة
الواحدة، وهو هشام بن يوسف، خرج له البخاري وحده، فالحديث مضطرب من
جهة الإسناد والمتن، فسقط الاحتجاج به في أن الخلع فسخ، وفي أن عدة المطلقة
حيضة"!
فأقول: كلا؛ ويشهد له ما رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان:
أن رُبَيعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عَفْراءَ أخبرته:
أن ثابت بن قيس بن شَماسِ ضرب امرأته، فكسر يدها- وهي جميلة بنت
عبد الله بن أُبَي-، فأتى أخوها يَشتكيه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ثابت، فقال له: " خذ الذي لها عليك، وخل سبيلها ". قال: نعم.
فأمرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتربص حيضة واحدة فَتَلْحَقَ بأهلها.
أخرجه النسائي (2/109) من طريق يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني محمد
ابن عبد الرحمن ... به.
قلت: وسنده صحيح على شرط البخاري.
وتابعه أبو الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن
ثوبان عن الرُبَيع بنت مُعَوِّذ ... مختصراً بالجملة الأخيرة منه.
أخرجه الدارقطني (397) عن ابن لهيعة: نا أبو الأسود ...
وسنده لا بأس به في المتابعات والشواهد.(6/430)
وتابعه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسارعن الرَبَيع
بنت مُعَوذ ... به مختصراً نحوه: أخرجه الترمذي (1185) ، والبيهقي (7/450) .
وسنده صحيح. وقال الترمذي:
" حديث الربيع بنت معوذ؛ الصحيح أنها أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة ".
يعني: أن الآمر لها ليس هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما هو عثمان بن عفان، كما في
رواية صحيحة صريحة بذلك عند البيهقي، سأذكرها في الحديث الآتي إن شاء الله.
لكن قد صرح عثمان- بعد أن أفتاها بذلك- برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لها:
" وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مريم المَنَالية؛ كانت تحت ثابت
ابن قيس بن شَمَّاس فاختلعت منه ".
أخرجه النسائي وابن ماجه (1/633- 634) بإسناد حسن. وقال الحافظ
(9/328) :
" وإسناده جيد ".
1932- عن ابن عمر قال:
عِدةُ المختلِعة حيضة (1) .
(قلت: إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح على شرط الشيخين.
__________
(1) هذا الأثر والحديث الذي قبله وقع في بعض نسخ الكتاب في آخر "باب الرجل يقول
لامرأته: يا أختي! " المتقدم قبل باب! وهو خطأ، ويبدو أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في
"مختصر المنذري "!(6/431)
والحديث أخرجه البيهقي (7/450) عن المصنف ... بإسناده؛ لكن بلفظ:
عدَةُ المختلعة عدَّةُ المطلقة.
وكذلك هو في "الموطأ" (2/88) لكن بأتم منه؛ ولفظه: عن نافع:
أن رُبَيعَ بنت مُعَوذِ ابن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر، فأخبرته
أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فلم
ينكره، وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة.
قلت: فرواية "الموطأ" مطابقة لرواية البيهقي عن المصنف، فقد يبدو أن روايته
في الكتاب مخالفة أو شاذة، وليس كذلك؛ بل كلاهما محفوظة، ولكن على
نوبتين، فما في "الموطأ" و"البيهقي " كان أول الأمر، وما رواه المصنف هو الذي
استقر عليه رأيه آخر الأمر.
والدليل ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
أن الربَيعَ اختلعت من زوجها، فأتى عَمُها عثمان فقال: تعتد بحيضة، وكان
ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حِيَض؛ حتى قال هذا عثمان، فكان يفتي به ويقول:
خَيْرنا وأعلمُنا.
رواه ابن أبي شيبة (5/114) ، والبيهقي (7/450- 451) .
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه عبد الرزاق (11859) عن معمر عن أيوب عن نافع ... به نحوه
مختصراً، لكن سقط من إسناده: ابن عمر، كما استظهره محققه الفاضل الشيخ
الأعظمي.(6/432)
الجزء السابع
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيّة
محفوظة لـ دار غراس- الكويت وشريكهما
ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد
الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة
كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على
اسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطيّة من الناشر.
الطبعة الأولى
1423 هـ
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868
الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 1030.
Website: www.gheras.com
E-Mail: info@gheras.com(7/2)
19- باب في المملوكة تعتق وهي تحت حُر أو عبد
1933- عن ابن عباس:
أن مُغِيثاً كان عبداً، فقال: يا رسول الله! اشْفَعْ لي إليها! فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا بَرِيرَةُ! اتَّقي الله؛ فإنه زوجك وأبو ولدِك ".
فقالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتأمرني بذلك؟ قال:
" لا؛ إنما أنا شافع ". فكان دموعه تسيل على خده، فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس:
" ألا تعجب من حُبَّ مغيثٍ بريرةَ، وبُغْضِها إيّاه؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حَمَاد عن خالد الحَذّاء عن عكرمة
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-،
فهو على شرط مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي قريباً.
والحديث أخرجه البخاري والدارمي والبيهقي وأحمد (1/215) من طرق
أخرى عن خالد الحذاء ... به.
وأخرجه البخاري وابن الجارود والبيهقي وأحمد وابن سعد (8/260) من طرق
أخرى عن عكرمة ... به.
وفي رواية لابن سعد من طريق أيوب عن عكرمة ... بلفظ:(7/3)
" كان زوجُ بريرَةَ يومَ خُيِّرَتْ مملوكاً لبني المغيرة- يقال له: مغيث- أسود ... "
الحديث وهو مخرج في "الإرواء" (1873) .
1934- وفي رواية عنه:
أن زوج بريرة كان عبداً أسود؛ يسَمّى مُغِيثاً، فخيَّرها- يعني- النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمرها أن تَعْتَدَّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن
الجارود مختصراً) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عفان: ثنا همام عن قتادة عن
عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/335) من طريق شعبة وهمام عن قتادة ... به
مختصراً نحوه؛ دون قوله: فخيرها ...
وأفاد الحافظ أن هذا لفظ شعبة.
وأما لفظ همام؛ فأخرجه أبو داود من طريق عفان عنه ... وساقه أحمد عن
عفان عن همام مطولاً، وفيه:
أنها تعتد عِدَّة الحرة.
كذا قال! وهو وهم منه رحمه الله؛ فإن الحديث في "مسند أحمد"
(1/281) : ثنا عفان ... به مطولاً كما قال؛ لكن ليس فيه: عِدَّة الحُرَّةِ.
نعم، هذه الزيادة عنده (1/461) من غير طريق عفان، فقال: ثنا بهز: ثنا(7/4)
همام ... به فساقه بطوله، وفيه.
وأمرها أن تعتدَّ- قال همام مَرَّةً:- عِدَّةَ الحُرَّة.
وأخرجه الدارقطني (413- 414) ، وعنه البيهقي (7/451) من طريق حَبَّانَ
ابن هلال: نا همام ... بلفظ:
ففرق بينهما؛ وجعل عليها عدة الحُرَّةِ-.. وقال:
" قال أبو بكر النيسابوري: حَوَّدَ حبان في قوله: عدة الحرة-؛ لأن عفان بن مسلم
وعمرو بن عاصم روياه فقالا: وأمرها أن تعتد ... ولم يذكرا: عدة الحُرَّةِ.. قال
الإمام أحمد رحمه الله: وكذلك قاله هُدْبَة عن همام: فأمرها أن تعتد عدة حرة ".
وتابعه حَجَّاج الباهلي عن قتاده ... بلفظ: وحدَّث ابن عباس رضي الله
عنهما أن أبا بكر رضي الله عنه حَدَّث:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل عليها عدة الحرة.
أخرجه البيهقي.
وسنده صحيح، والباهلي: هو حجاج بن حجاج الأحول.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث الحسن البصري ... مرسلاً: أخرجه ابن أبي
شيبة (5/181) بسند صحيح عنه.
ثم أخرجه عن إبراهيم والزهري ... نحوه.
وله شاهد آخر من حديث عائشة، لعله يأتي التنبيه عليه قريباً.
وبمجموع ما ذكرنا لهذه الزيادة من شواهد؛ يتبين ضعف مَيْل ابن القيم إلى
أن قوله: عدة الحرة ... مدرج! والله أعلم.(7/5)
1935- عن عائشة ... في قصة بريرة قالت:
كان زوجها عبداً، فخيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاختارت نفسها، ولو كان
حرّاً؛ لم يخيِّرها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي. لكن قوله: ولو كان حراً؛ لم يخيرها.. مدرج من قول عروة؛ كما
جزم به الحافظ؛ تبعاً للزيلعي، وهو رواية النسائي) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/170) : ثنا جرير ... به.
وأخرجه مسلم والنسائي وغيرهما من طرق أخرى عن جرير ... به؛ إلا أن
النسائي قال: قال عروة: فلو كان حرّاً؛ ما خيرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه ".
فدل هذا على أن هذه الكلمة مدرجة في الحديث، وهو الذي جزم به الحافظ
الزيلعي، وتبعه العسقلاني، كما بينته في "الإرواء" (1873) ، وتخريج الحديث
تجده هناك من جميع طرقه التي وقفت عليها.
1936- ومن طريق أخرى عنها:
أن بريرة خَيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان زوجها عبداً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه) .(7/6)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن علي والوليد بن عقبة عن
زائدة عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سماك- وهو ابن حرب-،
فعلى شرط مسلم وحده.
والوليد بن عقبة- وهو ابن المغيرة الكوفي الطحان-، وهو صدوق، وهو مقرون
كما ترى، وقد توبعا.
وحسين بن علي: هو الجُعْفِي.
وقد أخرجه مسلم عنه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/215) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا
حسين بن علي ... به.
وأخرجه النسائي (2/103) من طريق أخرى عن حسين ... به.
وأحمد (6/115) : ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة ... به.
وعن معاوية: أخرجه البيهقي أيضاً (7/220) .
وقد توبع سماك؛ فراجع " الإرواء" (1873) .
20- باب من قال: كان حُرّاً
1937- ومن طريق ثالثة عنها:
أن زوج بريرة كان حراً حين أعتِقَتْ، وأنها خُيَرَتْ فقالت: ما أُحِبُّ أن
أكون معه وأنَّ لي كذا وكذا!(7/7)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، لكنه أشار
إلى أن قوله: كان حُراً.. مدرج في الحديث؛ فإنه ميزه عنه فقال: قال الأسود:
وكان زوجها حراً ... وقال عقبه: " قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رأيته
عبداً.. أصح "؛ يشير إلى حديثه المتقدم (1933 و 1934)) .
إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/186) ، والبيهقي (7/223) وغيرهما من طرق
أخرى عن سفيان ... به. وقال البيهقي:
" هكذا أدرجه الثوري في الحديث عن عائشة رضي الله عنها. وقوله: وكان
زوجها حراً.. من قول الأسود، لا من قول عائشة رضي الله عنها "!
قلت: نسبة الإدراج إلى الثوري فيه نظر عندي! فقد توبع؛ فقاد أحمد
(6/170) : ثنا أجرير عن منصور ... به؛ إلا أنه ذكر المدرج في آخر الحديث.
وأخرجه البخاري (5/126) من طريق عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير ...
به؛ إلا أنه لم يذكر المدرج أصلاً.
وتابع منصوراً: الأعمشُ، فقال أحمد (6/42) : ثنا أبو معاوية: ثنا
الأعمش ... به مثل رواية سفيان.
فالظاهر أن الإدراج من إبراهيم. وهو الذي جزم به الدارقطني؛ فقال الحافظ في
"الفتح " (9/338) :
" قال الدارقطني: وقال إبراهيم عن الأسود عن عائشة: كان حرّاً. قلت:
وأصرح ما رأيته في ذلك رواية أبي معاوية ... (فذكرها مع غيرها بمعناها، وقال) ؛(7/8)
فدلت الروايات المُفَصَلة التي قدمتها آنفاً على أنه مدرج من قول الأسود أو من
دونه ... ".
وراجع تمام كلامه فيه، أو في "الإرواء" (1873) ؛ فقد استخرجت فيه طرق
الحديث، وذكرت من خرجها، وبعض الفوائد المتعلقة به- وأزيد هنا فأقول:
أخرجه أحمد (6/186) : ثنا وكيع عن سفيان ... به؛ دون قولها: ما أحب
أن أكون ...
وروى ابن ماجه (1/640) : حدثنا علي بن محمد: ثنا وكيع ... بإسناده
المذكور عن عائشة قالت:
أُمِرَتْ بريرة أن تَعْتَدَّ بثلاث حِيَضٍ.
وهذا إسناد صحيح، وإن غمز منه ابن القيم بما لا يقدح! ولذا قال الحافظ
(9/334) :
" إنه على شرط الشيخين، بلِ هو في أعلى درجات الصحة. وقد أخرج أبو
يعلى والبيهقي من طريق أبي مَعْشرِ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل عدة بريرة عدة المطلقَة. وهو شاهد قوي ... " إلخ كلامه.
وهذا كله يشهد لحديث ابن عباس المتقدم برقم (1934) .
21- باب حتى متى يكون لها الخيار؟
22- باب في المملوكين يعتقان معاً؛ هل تخير امرأته؟
23- باب إذا أسلم أحد الزوجين
[ليس تحت هذه الأبواب الثلاثة حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ](7/9)
24- باب إلى متى تُرَدَّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟
1938- عن ابن عباس قال:
رَد رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنتَه زينبَ على أبي العاصِ بالنكاح الأول؛ لم
يُحْدِثْ شيئا.- قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد سِتِّ سنين. وقال
الحسن بن علي: بعد سنتين-.
(قلت: حديث صحيح دون ذكر السنين، وصححه أحمد والحاكم
والذهبي، وقال الترمذي: " ليس بإسناده بأس ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُفَيْلِي: ثنا محمد بن سلمة. (ح) وثنا
محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة- يعني: ابن الفضل-. (ح) وثنا الحسن بن
علي: ثنا يزيد- المعنى- كلهم عن ابن إسحاق عن داود بن الحُصَيْنِ عن عكرمة
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن له علة، وهو ضعف داود بن الحُصَيْنِ في
حديثه عن عكرمة خاصة، كما أشار إلى ذلك ما ذكروه عن المؤلف أنه قال فيه:
" أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة ". وتبناه
الحافظ، فقال:
" ثقة إلا في عكرمة ".
ومع ذلك؛ فقد قوى الحديث الأئمة المذكورون أعلاه، ولعلهم صححوه- إلا
الترمذي- لما له من الشواهد، وقد ذكرتها وخرجتها مع الحديث في "الإرواء"
(1921) .(7/10)
وأما الحديث المخالف لهذا؛ فهو ضعيف، يرويه الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد ابنته زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد.
وقد اتفق علماء الحديث على ضعفه؛ إلا من شذ من متعصبة الحنفية؛ كما
بينته في المصدر المذكور (1922) .
25- باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان
1939- عن الحارث بن قيس بن عُمَيْرَةَ الأسَدِيِّ قال:
أسلمت وعندي ثمانِ نسوةٍ، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اخْتَرْ منهنَ أربعاً ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والبيهقي وابن القطان
من حديث ابن عمر مرفوعاً ... نحوه في قصة غَيْلانَ بن سَلَمَة حين أسلم.
وفي رواية: عن قيس بن الحارث. وصوبها المصنف، وأيده ابن التركماني؛
خلافاً للبيهقي. والله تعالى أعلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا هُشَيْم. (ح) وثنا وهب بن بقية: أخبرنا هشيم عن
ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَمَرْدَلِ عن الحارث بن قيس- قال مسدد- ابن
عُمَيْرَةَ- وقال وهب- الأسدي ...
حدثنا به أحمد بن إبراهيم: ثنا هشيم ... بهذا الحديث، فقال: قيس بن
الحارث، مكان: الحارث بن قيس.(7/11)
قال أحمد بن إبراهيم: هذا الصواب. يعني: قيس بن الحارث.
حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا بكر بن عبد الله قاضي الكوفة عن عيسى بن
المختار عن ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَّمَرْدَلِ عن قيس بن الحارث ... بمعناه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن أبي ليلى- واسمه محمد بن
عبد الرحمن-.
وحميضة بن الشمردل ضعفه البخاري وغيره، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان.
لكن يشهد لحديثه: حديث ابن عمر المذكور أنفاً وغيره؛ مما خرجته في
" الإرواء " (1883- 1885) .
وقد بين المصنف رحمه الله أن الرواة اختلفوا في اسم صاحب القصة هذه،
فمنهم من قال: الحارث بن قيس، ومنهم من قال: قيس بن الحارث، وهو الصواب
عنده، وأيّده ابن التركماني؛ خلافاً للبيهقي. والله أعلم.
1940- عن الضَّحَّاك بن فيروز عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله! إني أسلمت وتحتي أختان؟ قال:
" طَلقْ أيَّتَهُما شِئْتَ ".
(قلت: حديث حسن؛ كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان والبيهقي،
واحتجّ به الإمام الأوزاعي وترك رأيه لأجله. وروي العمل به عن عُمَرَ وعلي
رضي الله عنهما) .
إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِين: ثنا وهب بن جرير عن، أبيه قال: سمعت
يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجَيْشَانِي عن(7/12)
الضحاك بن فيروز.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي وهب والضحاك بن فيروز؛ ففيهما
ضعف.
لكن يشهد له- في المعنى- الحديث الذي قبله، وما روي عن عمر وعلي
رضي الله عنهما من العمل به، وقوّاه من ذكرت آنفاً، وتفصيل هذا الإجمال مما
أودعته في " الإرواء" تحت الحديث (1915) .
26- باب إذا أسلم أحد الأبوين؛ مع من يكون الولد؟
1941- عن رافع بن سنان:
أنه أسلم، وأبَتِ امرأته أن تُسْلِمَ، فَأتَتِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: ابْنَتِي،
وهي فَطِيمٌ أو شبهه! وقال رافع: ابنتي! فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقْعُدْ ناحيةً ". وقال لها: " اقعدي ناحيةً ".
قال: وأقعد الصَّبِيَّةَ بينهما، ثم قال: " ادْعُوَاها ". فمالت الصبية إلى
أمها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اللهم! اهدها "؛ فمالت الصبية إلى أبيها؛ فأخذها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي وابن
القطان) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا عبد الحميد بن
جعفر: أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ وعيسى: هو ابن يونس.(7/13)
ورافع بن سنان: هو جَدّ جدِّ عبد الحميد؛ لأنه عبد الحميد بن جعفر بن
عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، كما قال الحافظ المِزِّيُ في " تحفة الأشراف "
(3/163) ، وقد سمع منه والد عبد الحميد كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/206) ، وعنه البيهقي (8/3- 4) من طريق
أخرى عن إبراهيم بن موسى ... به؛ إلا أنه قال: حدثني.. مكان: عن جدي.
وهذا يؤيد- إن كان محفوظاً- أن والد عبد الحميد روى عن جده، كما ذكروا
في ترجمته؛ وجاء فيها: وقيل: إن رافع بن سنان جده لأمه.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/178- 179) ، وأحمد (5/446)
من طريقين آخرين عن عيسى بن يونس ... به.
وتابعه المُعَافَى بن عمران- عند النسائي في "الكبرى"-، وعلي بن غراب وأبو
عاصم- عند الدارقطني (ص 443) - ثلاثتهم عن عبد الحميد بن جعفر ... به؛
إلا أن ابن غراب قال: عن جد أبيه رافع بن سنان.
وهذا يؤيد ما تقدم عن المزي.
وخالفهم بكر بن بَكار فقال: عن عبد الحميد عن أبيه قال: حدثني أبي وغير
واحد:
أن أبا الحكم أسلم ... فذكره. قال المزي:
" وحديث بكر أقرب إلى الصواب "!
كذا قال! وهو غريب؛ فإن رواية الجماعة هي الصواب، كما هي القاعدة،
وحديث بكر شاذ؛ لأنه فَرْدٌ خالفَ الجماعةَ.
وخالفهم جمعياً: عثمان البَتِّي فقال: عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن(7/14)
جده ... نحوه: أخرجه أحمد والنسائي (2/108- 109) ، وابن ماجه (2/60) ،
والطحاوي. وفي رواية له: عن أبيه:
أن رجلاً أسلم ...
وهذا مرسل.
وفي أخرى له- وكذا أحمد-: عن عبد الحميد بن سلمة:
أن جده أسلم ...
وهذا معضل.
فقد اضطرب فيه البَتي اضطراباً شديداً، فلا تجوز معارضة رواية الجماعة عن
عبد الحميد بن جعفر به، كما فعل ابن التركماني! واضطرب في متنه أيضاً، كما
شرحه الزيلعي في "نصب الراية " (3/269- 271) ؛ نقلاً عن ابن القطان في
"كتابه ". وقال هذا- أعني: ابن القطان- عقب روايات عبد الحميد بن سلمة
المضطربة:
" وهذه الروايات لا تصح؛ لأن عبد الحميد بن سلمة وأباه وجده لا يعرفون،
ولو صحت لم يَنْبَغِ أن نجعله خلافاً لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن
عبد الحميد بن جعفر؛ فإنهم ثقات، وهو وأبوه ثقتان، وجده رافع بن سنان
معروف ". وأقره الزيلعي.
وأشار الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (4/11) إلى كلام ابن القطان هذا،
فقال:
" ورجح ابن القطان رواية عبد الحميد بن جعفر. وقال ابن المنذر: لا يثبته
أهل النقل، وفي إسناده مقال "!(7/15)
قلت: إن كان يعني به الاضطراب الذي سبق بيانه؛ فهو مما لا يضره؛ لأنه
ليس في رواية ابن جعفر، وإنما في رواية ابن سلمة.
وإن كان يعني ابن جعفر نفسه- كما فعل ابن القيم رحمه الله في "الزاد"-؛
فإنه قال (4/190) :
" وقد ضعفه إمام العلل يحيى بن سعيد القطان، وكان سفيان الثوري يحمل
عليه"!
قلت: فهذا لا يضر أيضاً؛ لأنه جرح غير مفسر، وقد وثقه الجمهور، واحتج به
مسلم، وسبق توثيق ابن القطان الفاسي له. ونحوه قول الحافظ في "التقريب ":
" صدوق، وربما وهم ".
ولعله لذلك أقر الحاكمَ على تصحيحه للحديث في "بلوغ المرام ". والله أعلم.
27- باب في الِّلعَانِ
1942- عن سهل بن سعد:
أن عُوَيْمِرَ بن أشْقَرَ العَجْلانِيَّ جاء إلى عاصم بن عَدِي، فقال له: يا
عاصم! أرأيت رجلاً وَجَدَ مع امرأته رجلاً؛ أيقتله فتقتلونه، أم كيف
يفعل؟ سَلْ لي يا عاصمُ! رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟
فسأل عاصمٌ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسائل وعابها؛
حتى كَبُرَ على عاصم ما سمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فلما رجع عاصم إلى
أهله؛ جاءه عويمر فقال له: يا عاصم! ماذا قال لك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال
عاصم: لم تأتِني بخير؛ قد كَرِهَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! المسألةَ التي سألته عنها.(7/16)
فقال عويمر: والله! لا أنتهي حتى أسأله عنها! فأقبل عويمر، حتى أتى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو وَسْطَ الناسِ، فقال:
يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً؛ أيقتله
فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قد أُنْزِلَ فيك وفي صاحبتك قرآن، فاذهب فَأْتِ بها ".
قال سهل: فَتَلاعَنَا- وأنا مع الناس- عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما فرغنا؛
قال عويمر: كَذَبْتُ عليها يا رسول الله! إن أمسكتها. فطلَّقَها عويمر ثلاثاً قبل
أن يأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال ابن شهاب: فكانت تلك سُنَّةَ المتلاعِنَيْنِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب.
قلت: صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وسائر أصحاب "السنن "،
وهو مخرج في "الإرواء" (2100) .
1943- ومن طريق أخرى عن سهل:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعاصم بن عدي:
" أمسكِ المرأةَ عندك حتى تَلِدَ ".
(قلت: إسناده حسن) .(7/17)
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى: حدثني محمد- يعني: ابن سلمة-
عن محمد بن إسحاق: حدثني عباس بن سهل عن أبيه.
قلت: وهذا إسناده حسن، وهو مخرج في المصدر السابق.
1944- وفي رواية ثالثة من الطريق الأولى عنه قال:
حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً ... وساق
الحديث؛ قال فيه: ثم خَرَجَتْ حاملاً، فكان الولد يُدْعَى إلى أمه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم، والبخاري
نحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن
شهاب عن سهل بن سعد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن
صالح، فهو من شيوخ البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/206) : حدثني حرملة بن يحيى: أخبرنا ابن
وهب ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (7/400- 401) .
وأخرجه البخاري (9/373) ، والبيهقي من طريق ابن جريج.
وهو، والبخاري (8/362) من طريق فلَيْحِ بن سليمان عن الزهري ... به
نحوه.(7/18)
1945- وفي أخرى رابعة عنه ... في خبر المتلاعنين؛ قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أبصِروها؛ فإن جاءت به أدعج العينين، عظيم الأليَتَيْنِ؛ فلا أراه إلا
قد صدق. وإن جاءت به أُحَيْمِر- كأنه وَحَرَةٌ -؛ فلا أراه إلا كاذباً ". قال:
فجاءت به على النَّعْتِ المكروه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري. وصححه ابن
الجارود) .
إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكاني: أخبرنا إبراهيم- يعني: ابن سعد-
عن الزهري عن سَهْلِ بن سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الوركاني، فهو على شرط
مسلم.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/636) ، وأحمد (5/334) من طريقين آخرين
عن إبراهيم بن سعد ... به.
وأخرجه البخاري (8/362 و 9/373- 374 و 12/151- 152 و 13/237-
238) ، وابن الجارود (756) ، وعبد الرزاق (12447) من طرق أخرى عن
الزهري ... به.
1946- وفي خامسة عنه ... بهذا الخبر، قال: فكان يُدْعى- يعني:
الولد- لأُمِّهِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن الجارود) .(7/19)
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الفِرْيَابِيُّ عن الأوزاعي عن الزهري عن
سهل بن سعد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمود بن خالد- وهو
السُّلَمِيُّ-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (8/362) ، وابن الجارود (756) ، والبيهقي
(7/400) من طرق أخرى عن محمد بن يوسف الفريابي ... به وساق الحديث
بتمامه.
والقدر الذي أورده المصنف منه؛ أخرجه مسلم والبخاري أيضاً من طرق أخرى
عن الزهري، كما تقدم في الكتاب برقم (1944) .
1947- وفي سادسة عنه ... في هذا الخبر؛ قال:
فطلَّقَها ثلاثَ تطليقاتِ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنفذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وكان ما صُنعِ عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً.
قال سهل: حَضَرْتُ هذا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمضتِ السُّنَّةُ- بعدُ-
في المتلاعِنَيْنِ: أن يُفَرَّقَ بينهما، ثم لا يجتمعان أبداً.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا أحمد بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله
الفِهْرِيِّ وغيره عن ابن شهاب عن سهل بن سعد.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ فهو صحيح، لولا أن
عياضاً هذا فيه لين، كما في "التقريب "، لكنه قد توبع كما يأتي.(7/20)
والحديث أخرجه البيهقي (7/401) من طريق المصنف.
وأخرجه (7/400) من طريقين عن الأوزاعى عن الزُبَيْدِي عن الزهري ...
مطولاً؛ وفيه:
فتلاعنا، ففرَّق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، وقال:
" لا يجتمعان أبداً ".
قلت: وهذا شاهد قوي لحديث الفهري هذا، ولحديث ابن عيينة الآتي بعده.
1948- وفي سابعة عنه- قال مسدد:- قال:
شَهِدْتُ المتلاعنين على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة،
فَفَرَّقَ بينهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين تلاعنا- وتَمَّ حديث مسدد-. وقال
الآخرون:
إنّه شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرق بين المتلاعنين، فقال الرجل: كذبتُ عليها يا
رسول الله! إن أمسكتها ... - لم يقل بعضهم: عليها-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري باللفظ
الآخر) .
إسناده: حدثنا مسدد ووهب بن بيان وأحمد بن عمرو بن السرح وعمرو بن
عثمان قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن سهل بن سعد. قال مسدد ...
قال أبو داود: " لم يتَابعِ ابنَ عيينة أحدٌ على أنه فرق بين المتلاعنين "!
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أعله المصنف بتفرد ابن عيينة
بذكر التفريق فيه! وسبقه إلى ذلك ابن معين؛ فقال:(7/21)
" إنه غلط "، كما في "الفتح " (9/378) !
لكن البيهقي أشار إلى الرد على المصنف بقوله- عقب إعلاله المذكور-:
" يعني بذلك في حديث الزهري عن سهل بن سعد؛ إلا ما روينا عن
الزبَيْدِي عن الزهري ". قال المنذري:
" يريد أن ابن عيينة لم ينفرد بها، وقد تابعه عليها الزبيدي ".
قلت: وهي متابعة قوية، وقد ذكرتها في تخريج الحديث للذي قبله.
وتابعه عياض بن عبد الله الفهري أيضاً، كما تقدم هناك.
وتابعه أيضاً ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... بهذا الحديث؛ وفي آخره:
ففارقها عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ذلك التفريق بين كل متلاعنين ".
أخرجه عبد الرزاق (12446) ، وعنه مسلم (4/206) ، وكذا البخاري
(9/373) ، ولكنه جعل هذه الزيادة من قول ابن شهاب؛ إلا أن هذا لا يمنع من
صحة نسبته إلى سهل، كما ألمح إلى ذلك الإمام الشافعي، ويؤيده تلك
المتابعات.
وقد تابع عبد الرزاق على وصله: سعيد بن سالم فقال: عن ابن جريج ...
به: أخرجه البيهقي (7/399) .
وبالجملة؛ فاجتماع هذه الطرق على هذه الزيادة؛ مما يدفع احتمال خطئهم
فيها، ولعله لذلك لم يعبأ البخاري بإعلال ابن معين لرواية ابن عيينة هذه؛
فأخرجها في "صحيحه " (12/151) .(7/22)
وذهل عن ذلك المنذري ومن قلَده؛ فلم يعزه إليه!
وأخرجه سعيد بن منصور أيضاً (1555) .
1949- وفي ثامنة ... عنه في هذا الحديث:
وكانت حاملاً، فأنكر حَمْلَهَا، فكان ابنها يدْعَى إليها؛ ثم جَرَتِ السُنةُ
في الميراث: أن يرثها وترث منه ما فَرَضَ الله عز وجل لها.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري بإسناد المؤلف) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا فُلَيْحٌ عن الزهري عن سهل بن
سعد.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ لولا أن فليحاً- وهو ابن سليمان
المدني- كثير الخطأ، كما في "التقريب ".
والحديث أخرجه البخاري (8/362- 363) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (7/401) من طرق أخرى عن سليمان بن داود العَتَكِي ... به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به؛ دون قوله: فأنكر
حملها.
أخرجه البخاري (3/373) من طريق عبد الرزاق، وتقدم قريباً.
ولجملة الميراث شواهد، تأني في الكتاب برقم (2582- 2583) .
ويشهد للملاعنة على الحَبَلِ: حديث ابن مسعود رضي الله عنه:(7/23)
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بالحَبَلِ.
أخرجه البيهقي (7/405) بسند صحيح عنه.
وحديث ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بالحمل.
أخرجه أحمد (1/355) من طريق عَبَّاد بن منصور عن عكرمة عن ابن
عباس.
وعباد ضعيف.
لكن تابعه أبو الزناد عن القاسم بن محمد أنه سمع ابن عباس يقول:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بين العجلاني وامرأته- قال: وكانت حُبْلَى- فقال:
والله! ما قَرِبْتها منذ عَفَرْنا (قال: والعفر: أن يسقي النخل- بعد أن يترك من
السقي- بعد الإبار بشهرين) . قال: وكان زوجها حَمْشَ الساقين والذراعين،
أصهب الشعرة، وكان الذي رُمِيَتْ به ابنَ السّحْمَاء، قال: فولدت غلاماً أسود
أجلى جعداً عَبْلَ الذراعين.
أخرجه أحمد (1/335- 336) .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأصله عند البخاري (9/374- 376 و 380- 381) ... بنحوه مع تقديم
وتأخير.
ورواه نحوه من حديث عكرمة عنه نحوه، وهو الآتي في الكتاب بعد
حديث.(7/24)
1950- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
إنا لَلَيْلَةَ جُمُعَةٍ في المسجد؛ إذ دخل رجل من الأنصار المسجدَ،
فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، فتكلم به؛ جلدتموه، أو قَتَلَ؛
قتلتموه، فإن سكت؛ سكت على غيظ! والله! لأسألنَّ عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
! فلما كان من الغد؛ أتى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله، فقال: لو أن رجلاً وجد
مع امرأته رجلاً فتكلم به؛ جلدتموه، أو قتل؛ قتلتموه، أو سكت؛ سكت
على غيظ؟ فقال:
" اللهم! افتح "؛ وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: (والذين يرمون
أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ... ) هذه الآية، فابْتُلِيَ به ذلك
الرجلُ من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتلاعنا،
فشهد الرجل أرْبَعَ شهادات بالله: إنه لمن الصادقين. ثم لَعَنَ الخامسة عليه
إن كان من الكاذبين. قال: فذهبت لِتَلعَن، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَهْ "، ففعلت. فلما أدبرا؛ قال:
" لعلها أن تَجِيءَ به أسودَ جعداً "؛ فجاءت به أسود جعداً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (4/208- 209) من طرق أخرى عن جرير.(7/25)
وهو، وابن ماجه (1/638) ، والبيهقي (7/410) ، وأحمد (1/421 و 448)
من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
1951- عن ابن عباس:
أن هلال بن أُمَيَّةَ قَذَفَ امرأته عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ بن
سَحْمَاءَ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" البينة، أو حَدٌّ في ظهرك ".
قال: يا رسول الله! إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته يلتمس البينة؟!
فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" البينة، وإلا؛ فحدٌ في ظهرك ".
فقال هلال: والذي بعثك بالحق! إني لصادق، وَلَيُنْزِلَن اللهُ في أمري
ما يُبْرِئُ ظهري من الحَدِّ! فنزلت: (والذين يَرْمُونَ أزواجهم ولم يكن لهم
شهداءُ إلا أنفسُهم) ، فقرأ حتى بلغ: (من الصادقين) ، فانصرف النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل إليهما، فجاءاه، فقام هلال بن أمية فَشَهِدَ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟! ". ثم قامت
فشهدت، فلما كان عند الخامسة: (أن غَضَبَ الله عليها إن كان من
الصادقين) - وقالوا لها: إنها موجبة.
قال ابن عباس: فتلكَّأتْ ونَكَصَتْ؛ حتى ظَنَنَّا أنها سترجع-؛ فقالت:
لا أفضح قومي سائر اليوم! فمضت، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(7/26)
" أبصروها؛ فإن جاءت به أكْحَلَ العينين، سابغَ الأليتين، خدَلجَ
الساقين؛ فهو لشريك ابن سَحْمَاءَ ". فجاءت به كذلك، فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لولا ما مضى من كتاب الله؛ لكان لي ولها شأن ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد
المصنف. وقال الترمذي: " حسن غريب ") .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدي: أخبرنا هشام بن حسان:
حدثني عكرمة عن ابن عباس.
قال أبو داود: " وهذا مما تفرد به أهل المدينة؛ حديث ابن بشار- حديث
هلال- ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (8/363) ... بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه آخرون من حديث هشام بن حسان، وهو مخرج في "الإرواء "
(2098) .
1952- ومن طريق أخرى عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر رجلاً- حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا- أن يَضَعَ يده
على فيه عند الخامسة؛ يقول: إنها موجبة.
(قلت: إسناده صحيح) .(7/27)
إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد الشَّعِيرِيُ: ثنا سفيان عن عاصم بن كُلَيْب عن
أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب- والد عاصم-
وهو ثقة.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (518) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه
النسائي وغيره عن سفيان، وهو مخرج في "الإرواء" (2101/1) .
1953- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمتلاعنين:
" حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها ". قال: يا
رسول الله! مالي؟! قال:
" لا مال لك؛ إن كنت صدقت عليها؛ فهو بما استحللت من فرجها،
وإن كنت كذبت عليها؛ فذلك أبْعَدُ لك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه؛ وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو سعيدَ
ابن جبير يقول: سمعت ابن عمر يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (2/11) ... إسناداً ومتناً.
وكذلك هو في "مسند الحميدي " (671) "(7/28)
وأخرجه البخاري (9/377 و 409) ، ومسلم (4/207) ، والنسائي
(2/106) ، وابن الجارود (753) ، والبيهقي (7/401) من طرق أخرى عن ابن
عيينة ... به.
1954- وعن سعيد بن جبير قال:
قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته؟
قال: فرَّقَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أخَوَيْ بني العَجْلانِ، وقال:
" الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ "؛ يردِّدها ثلاث
مرات، فأبَيَا، ففرَّق بينهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا إسماعيل: ثنا أيوب عن
سعيد بن جبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما
يأتي.
والحديث في "المسند" (2/4) ... إسناداً ومتناً.
وأخرجه البخاري (9/376) ، والنسائي (6/102) من طريقين آخرين عن
إسماعيل ابن عُلَيَّةَ به.
ومسلم (4/207) ، والبيهقي (7/401) من طرق أخرى عن أيوب
السَّخْتِيَاني ... به.(7/29)
1955- عن نافع عن ابن عمر:
أن رجلاً لاعَنَ امرأتَه في زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و، وانتفى من ولدِها،
ففرق رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، وألحقَ الولدَ بالمرأةِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي
وابن الجارود) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما
يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/90) ... إسناداً ومتناً.
وأخرجه البخاري (9/379) ، ومسلم (4/208) ، والترمذي (1203) ،
والنسائي (06/12) ، والدارمي (2/151) ، وابن ماجه (1/638) ، وابن الجارود
(754) ، والبيهقي (7/402) ، وأحمد (2/7) كلهم عن مالك ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه البخاري (8/364 و 9/378) ، ومسلم، وأحمد (2/126) من
طريقين آخرين عن نافع ... به.
ومسلم والترمذي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ... مطولاً.(7/30)
28- باب إذا شَكَّ في الولد
1956- عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بني فَزَارَةَ-، فقال: إن امرأتي جاءت
بولد أسود؟! فقال: " هل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: " ما ألوانها؟ ".
قال: حُمْرٌ. قال: " فهل فيها أوْرَقُ؟ ". قال: إن فيها لَوُرْقاً، قال: " فأنى
تراه؟ ". قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ! قال:
" وهذا عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ! ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) .
إسناده: حدثنا ابن أبي خلف: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي خلف- وهو
أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي خلف البغدادي-، وهو ثقة، وقد توبع كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (2/239) ، والحميدي (1084) قالا: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (4/211) ، والنسائي (2/106) ، وابن ماجه (1/617) ،
والبيهقي (7/411) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (9/364- 366 و 12/147) ، ومسلم والنسائي، والبيهقي
وأحمد (2/333 و 409) من طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه.
ورواه ابن ماجه من حديث ابن عمر ... نحوه.(7/31)
وسنده حسن.
1957- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال:
وهو حينئذٍ يُعَرِّضُ بأن يَنْفِيَهُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري ...
بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (12371) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد في
آخره:
ولم يرخِّصْ له في الانتفاء منه.
وهكذا رواه مسلم (4/211) من طرق أخرى عن عبد الرزاق.
ورواه النسائي (2/106- 107) من طريق يزيد بن زُرَيْع: حدثنا معمر ... به.
وأحمد (2/233- 234) : ثنا عبد الأعلى عن معمر ... به؛ دون الزيادة في آخره.
ورواه البخاري كما تقدم دون الزيادتين، وهو عنده من رواية مالك عن الزهري.
1958- ومن طريق أخرى عنه:
أن أعرابيّاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، وإني
أُنكِرُهُ ... فذكر معناه.(7/32)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم؛ وزاد
البخاري: ولم يرخص له في الانتفاء) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن
شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو
على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (13/252- 253) ، ومسلم (4/211- 212) من
طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ وزاد البخاري في آخره:
ولم يرخص له في الانتفاء.
وهذه الزيادة أخرجها مسلم أيضاً وغيره من الطريق التي قبلها.
29- باب التغليظ في الانتفاء
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
30- بابٌ في ادِّعاءِ وَلَدِ الزِّنَى
1959- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى: أن كل مُسْتَلْحِقِ اسْتُلْحِقَ بعد أبيه الذي يُدعى
له ادَّعاه وَرَثَتُهُ، فقضى: أن كل من كان مَن أمَةِ يملكها يوم أصابها؛ فقد
لَحِقَ بمن اسْتَلْحَقَهُ، وليس له مما قُسِمَ قبله من الميرَاث، وما أدرك من ميراث
لم يُقْسَمْ؛ له نصيبه، ولا يَلْحَقُ إذا كان أبوه الذي يُدعى له أنكره. وإن(7/33)
كان من أمَةٍ يملكها أو من حُرَّةٍ عاهر بها؛ فإنه لا يَلْحَقُها ولا يَرِثُ. وإن كان
الذي يُدعى له هو ادَّعاه؛ فهو ولد زِنْيَةٍ- من حُرَّةٍ كان أو أمَة-.
إسناده: حدثنا شيبان بن فَرُوخِ: ثنا محمد بن راشد. (ح) وحدثنا الحسن بن
علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا مَحمد بن راشد- وهو أشبع- عن سليمان بن
موسى عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ كما قال البوصيري (ق 170/1) ؛ للخلاف المعروف
في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
ومحمد بن راشد- وهو المكحولي- صدوق يهم.
والحديث أخرجه أحمد (2/181) : ثنا يزيد ... به.
ثم أخرجه (2/219) ، والدارمي (2/389- 390) ، وابن ماجه (2/168-
169) من طرق أخرى عن محمد بن راشد ... به.
1960- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ زاد:
وهو ولد زِنى لأهل أمه- مَنْ كانوا: حُرَةً أو أمةً-؛ وذلك فيما اسْتُلْحِقَ
في أول الإسلام. فما اقْتُسِمَ من مال قبل الإسلام؛ فقد مضى.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال البوصيري) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا أبي عن محمد بن راشد ... بإسناده
ومعناه.
قلت: إسناده حسن، وتقدم الكلام عليه في الذي قبله.(7/34)
31- باب في القَافَةِ
1961- عن عائشة قالت:
دخل عليَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال مسدد وابن السرح: يوماً مسروراً.
وقال عثمان: تُعرف أسارير وجهه-، فقال:
" أيْ عائشةُ! ألم تَرَيْ أن مجززاً المُدْلِجِيَّ رأى زيداً وأسامة قد غطيَا
رؤوسهما بقطيفة، وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من
بعض؟! ".
قال أبو داود: " كان أسامةُ أسودَ، وكان زيدٌ أبيضَ ".
إسناده: حدثنا مسدد وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- وابن السرح قالوا: ثنا
سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (12/46- 47) ، ومسلم (4/172) ، والنسائي
(2/108) ، وابن ماجه (2/59- 60) ، والحميدي (239) كلهم من طرق عن
سفيان ... به.
ثم أخرجه البخاري (6/446 و 7/70) ، ومسلم والنسائي، وأحمد (6/82
و226) من طرق أخرى عن الزهري ... به.
وقد ذكره المؤلف من طريق أحدهما؛ وهو الآتي بعده.(7/35)
1962- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال:
تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهِهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناده في
الرواية الأخرى أحد أسانيد مسلم فيها) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن ابن شهاب ... بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق أخرى
عن ابن شهاب ... به، كما بينته في الذي قبله.
وهو عند مسلم والنسائي ... بإسناد المصنف هذا.
وقال أحمد (6/82) : ثنا هاشم قال: ثنا ليث ... به.
32- باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد
1963- عن زيد بن أرقم قال:
كنت جالساً عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل من اليمن فقال: إن ثلاثةَ
نَفَرٍ من أهل اليمن أتَوْا عليّاً يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة
في طُهْرٍ واحدِ. فقال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين:
طِيبَا بالولد لهذَا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا.
فقال: أنتم شركاءُ متشاكسونَ؛ إني مُقْرِعٌ بينكم: فمن قُرِعَ؛ فله
الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَةِ. فأقرع بينهم، فجعله لمن قُرِعَ.
فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أضراسه- أو نواجذه-.(7/36)
(قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن الأجلح عن الشعبي عن عبد الله بن
الخليل عن زيد بن أرقم.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن الخليل- ويقال: ابن أبي
الخليل- الحضرمي؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وهو- إلى ذلك- قد اختلف عليه في
إسناده ورفعه؛ كما بينه البيهقي في "سننه "، والمصنف كما يأتي بعد حديث.
والراجح عندي رفعه؛ للإسناد الآتي بعده؛ فإنه مرفوع وسالم من
الاضطراب. والله أعلم.
والحديث أخرجه الحاكم (2/207) ، وعنه البيهقي (10/267) من طريق
أخرى عن مسدد ... به. وقال الحاكم:
" اتفق الشيخان على ترك الاحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكِنْدي، وإنما نَقَمَا
عليه حديثاً واحداً لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحدَيث ثلاثة من
الثقات، فهذا الحديث إذاً صحيح "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي (2/108) : أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى ... به.
ثم أخرجه هو، وأحمد (4/374) ، والحميدي (785) من طرق أخرى عن
الأجلح ... به.
وأعله المنذري في "مختصره " بالأجلح؛ فقال:
" واسمه: يحيى بن عبد الله الكِنْدِي؛ ولا يحتج به "!
قلت: وهذا غلو منه رحمه الله تعالى؛ فالرجل مختلف فيه، ومن تكلم فيه؛
فإنما هو من قبل حفظه؛ والأرجح أنه حسن الحديث. وكان الأولى إعلاله بشيخه(7/37)
ابن الخليل كما فعل البيهقي؛ قال:
" والأجلح قد روى عنه الأئمة: الثوري وابن المبارك ويحيى بن القطان؛ إلا أنه
لم يَحْتَجَّ به الشيخان. وعبد الله بن الخليل يتفرد به، واختلف عليه في إسناده
ورفعه ".
ويستغرب منه قوله: يتفرد به ابن الخليل! مع أنه قد تابعه عَبْد خير، كما
يأتي في الطريق التي بعده.
1964- ومن طريق أخرى عن زيد بن أرقم قال:
أُتِيَ علي رضي الله عنه بثلاثة- وهو باليمن- وقعوا على امرأة في طُهْرٍ
واحد، فسأل اثنين: أتُقِرانِ لهذا بالولد؟ قالا: لا. حتى سألهم جميعاً،
فجعل كُلّمَا سأل اثنين؛ قالا: لا. فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت
عليه القرعة، وجعل عليه ثُلُثَيِ الدِّيَةِ. قال: فَذَكَرَ ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَضَحِك حتى بَدَتْ نواجذه.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وتبعه ابن القيم) .
إسناده: حدثنا خُشَيْشُ بن أصْرَمَ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن صالح
الهَمْدَاني عن الشعبي عن عبد خَيْر عن زيد بن أرقم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد خير، وهو
ثقة.
ومثله خشيش بن أصرم، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (2/107- 108) ... بإسناد المصنف ومتنه.(7/38)
وأخرجه ابن ماجه (2/59) : حدثنا إسحاق بن منصور: أنبأنا عبد الرزاق ... به.
وهو في "المصنف " (13472) . وعلقه البخاري عليه في "التاريخ "
(3/1/79) .
وخالفهم أحمد فقال (4/373) : ثنا عبد الرزاق: ثنا سفيان عن أجلح عن
الشعبي ... به.
فجعل (الأجلح) مكان: (صالح الهمداني) ؛ فكأنه سلك الجادة؛ فإن الأجلح
هو المعروف برواية هذا الحديث عن الشعبي؛ لكن عنه عن عبد الله بن الخليل،
كما في الطريق الأولى من رواية جمع عنه.
أما من رواية سفيان الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير؛ فلم أره إلا
في رواية أحمد هذه عن عبد الرزاق؛ فإن كانت محفوظة فهي متابعة قوية من
الأجلح لصالح الهمداني عن الشعبي.
والأرجح أن للشعبي شيخين:
أحدهما: عبد الله بن الخليل: رواه الجماعة عن الأجلح عنه.
والثاني: عبد خير؛ كما في رواية الجماعة عن عبد الرزاق عن الثوري عن
صالح الهمداني عنه.
ويؤيده: أنني وجدت له شيخاً ثالثاً، فقال الحميدي في "مسنده " (786) : ثنا
سفيان قال: ثنا أبو سهل عن الشعبي عن علي بن ذَرِيح عن زيد بن أرقم عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله.
لكن أبو سهل هذا ضعيف؛ واسمه: محمد بن سالم الهَمْداني.(7/39)
وعلي بن ذريح: لم أعرفه! ولم يذكره الحافظ المزي في الرواة عن زيد بن أرقم،
ولا في شيوخ الشعبي من "التهذيب "! والله تعالى أعلم.
وخالفهم جميعاً سَلَمَة بن كهَيْل فقال: عن الشعبي عن الخليل عن ابن
الخليل قال ... فذكر الحديث موقوفاً على علي مرسلاً مختصراً.
هكذا أخرجه المصنف من طريق عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عنه.
وأخرجه النسائي (2/108) من طريق محمد- وهو ابن جعفر غُنْدَرٌ -: حدثنا
شعبة ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي الخليل- أو ابن أبي الخليل- ... فذكره،
وقالا:
" ولم يذكر: زيد بن أرقم، ولم يرفعه "، وقال:
" هذا صواب "!
كذا قال! ومثله قول ابن أبي حاتم في "العلل " (1/402) - بعد أن ذكره من
طريق الأجلح المسندة المرفوعة-:
" فقال أبي: قد اختلفوا في هذا الحديث فاضطربوا، والصحيح حديث سلمة
ابن كهيل "!
قلت: كان يكون الأمر كما ذكر هو والنسائي؛ لو أن الأجلح كان وحده في
مقابلة سلمهّ.
أما وقد تابعه صالح الهمداني فأسنده ورفعه، ولو أنه خالفه في تابعي
الحديث؛ فلا أرى ما رَأيَا، لا سيما وأن سلمة قد اختلف عليه في ضبط اسم
عبد الله بن الخليل كما رأيت، فلا أرى الصواب إلا المسند المرفوع! ولذلك أوردت
هذا الموقوف في الكتاب الآخر (391) . والله أعلم.(7/40)
33- باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية
1965- عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن النِّكاحَ كان في الجاهلية على أربعة أنْحَاءٍ:
فكان منها: نكاح الناس اليوم؛ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلى الرجُلِ وَلِيتَهُ،
فَيُصْدِقُها، ثم يَنْكِحُها.
ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طَهُرَتْ من طَمْثِها: أرسلي
إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً؛ حتى يتبين
حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها؛ أصابها
زوجها إن أحَبَّ، وإنما يفعل ذلك رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ، فكان هذا النكاح
يُسَمى: نِكاحَ الاستبضاع.
ونكاح آخر: يجتمع الرَهْطُ- دون العشرة-، فيدخلون على المرأة؛
كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومَرَّ ليالٍ بعد أن تضع حملها؛
أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها،
فتقول لهم: قد عَرَفْتُمُ الذي كان من أمركم، وقد وَلَدْتُ، وهو ابنك يا
فلان! فَتُسَمي من أحَبَتْ منهم باسمه، فَيَلْحَقُ به ولدُها.
ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن
جاءها- وَهُن البغايا-، كُنَ يَنْصِبْنَ على أبوابهن رايات يَكُن علماً لمن أرادهن
دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها؛ جُمعوا لها، وَدَعَوْا لهمُ القافة،
ثم ألحَقُوا ولدها بالذي يَرَوْنَ فالتاطَهُ ودُعِيَ ابنَهُ؛ لا يمتنع من ذلك. فلما بعث
الله محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ هَدَمَ نكاحَ أهل الجاهلية كلَّه؛ إلا نكاح أهل الإسلام اليوم.(7/41)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسنادين،
أحدهما إسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة بن خالد: حدثني يونس بن يزيد
قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله
عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته: أن النكاح ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (7/190) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (9/150) ... بإسناده وإسناد آخر فقال: حدثنا يحيى بن
سليمان: حدثنا ابن وهب عن يونس. وحدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عنبسة:
حدثنا يونس عن ابن شهاب ... به.
34- باب: " الولد للفراش "
1966- عن عائشة:
اختصم سعد بن أبي وقاص وعَبْدُ بن زَمْعَةَ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
ابن أمَة زَمْعَةَ، فقال سعد: أوصاني أخي عُتْبَة إذا قدمت مكة؛ أن أنظر
إلى ابنَ أمَةِ زمعةَ فأقبضَهُ؛ فإنه ابنه. وقال عبد بن زمعة: أخي، ابن أمَةِ
أبي؛ وُلِدَ على فراش أبي، فرأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهاً بَيناً بِعتْبَةَ، فقال:
" الولدُ للفِراش، واحتجبي منه يا سودة! "- زاد مسدد في حديثه:
وقال: " هو أخوك يا عبدُ! "-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة فهي على شرط(7/42)
البخاري وحده. وعلقها في "صحيحه". وصححها الحافظ ابن حجر، وقال
المنذري وابن القيم: " ورجال إسنادها ثقات ") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور ومسدد قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الشيخ الأول، وعلى شرط
البخاري وحده عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/37) ، والحميدي (238) : ثنا سفيان ... به دون
الزيادة.
وأخرجه مسلم (4/171) عن الشيخ الأول.
وهو، والبخاري (5/56- 57) ، والنسائي (2/107) ، وابن ماجه (1/618) ،
والبيهقي (7/412) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وتابعه مالك عن ابن شهاب ... به؛ وزاد:
" وللعاهر الحجر ".
أخرجه في "الموطأ" (2/213) ، وعنه البخاري (4/235 و 5/386 و 8/19
و12/25 و 13/148) ، والبيهقي، وأحمد (6/247) كلهم عن مالك ... به.
والبخاري (4/327 و 5/123 و 12/106) ، ومسلم والنسائي، والدارمي
(2/152) ، وأحمد (16/29 و 200 و 226 و 237) من طرق أخرى عن الزهري ... به.
وزاد البخاري في رواية معلقة له عن الليث: حدثني يونس عن ابن
شهاب ... بلفظ:(7/43)
" هو لك، هو أخوك يا عبد بنَ زمعة! ". وقال الحافظ (8/19) :
" وصله الذُهْلِيُ في "الزهريات " ... ".
واحتج به الحافظ في مكان آخر (12/29) ؛ بل صرح في الصفحة التي تليها
بصحته، فقال:
" في الطرق الصحيحة: " هو أخوك يا عبد! " ... ".
(تنبيه) : وقعت زيادة مالك المتقدمة: " وللعاهر الحجر " في رواية سفيان- وهو
ابن عيينة- في بعض نسخ الكتاب- منها نسخة "عون المعبود"-، واغتر بها محقق
نسخة "دار الكتب العلمية" المشهورة! فوضعها بين معكوفتين [] !!
وذلك خطأ على سفيان؛ لأنه صرَّح أنها ليست في روايته؛ فقد قال الحميدي
عقب الحديث:
فقيل لسفيان: فإن مالكاً يقول: " وللعاهر الحجر "؟ فقال سفيان: لكنا لم
نحفظ عن الزهري أنه قال في هذا الحديث.
ولما أخرجه مسلم من طرق عن سفيان، ومن طريق معمر؛ قال في روايتيهما:
ولم يذكر: " وللعاهر الحجر ".
أقول هذا تحريراً لرواية سفيان، وإلا؛ فحسب الزيادة صحةً أنَّه زادها مالك
جبل الحفظ، ولا سيما ولها شواهد:
منها: حديث عمرو بن شعيب الآتي في الكتاب.
ومنها: عن أبي هريرة في "الصحيحين ".
وعن ابن مسعود: عند ابن حبان (4092- الإحسان) .(7/44)
وفي الباب عن جمع من الأصحاب، بحيث يقطع الواقف على رواياتهم أن
الحديث متواتر؛ فليراجعها من شاء في "مجمع الزوائد" (5/13- 15) .
1967- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلاناً ابني، عاهرتُ بأُمِّهِ في
الجاهلية؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا دَعْوَةَ في الإسلام! ذهب أمر الجاهلية؛ الولد للفراش، وللعاهر
الحجر".
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا حسين المعلم عن
عمرو بن شعيب ... به.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده.
والحديث أخرجه أحمد (2/207) : ثنا يزيد ... به؛ وفيه زيادة بلفظ:
" وللعاهر الأثلب ". قيل: يا رسول الله! وما الأثلب؟ قال:
"الحَجَر".
ثم قال (2/179) : ثنا يحيى عن حسين ... به؛ دون قوله: قيل: يا رسول الله! ...
ويشهد للحديث ما قبله. وانظر "تخريج المشكاة" (3320) .(7/45)
35- باب مَنْ أحقُّ بالولد؟
1968- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو:
أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بَطْنِي له وعاءً، وثَدْيِي
له سِقاء، وحجْرِي له حِوَاءً، وإن أباه طلَّقني، وأراد أن ينتزعه منى؟! فقال
لها رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أنْتِ أحقُ به؛ ما لم تَنْكِحي ".
(قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد السلَمِي: ثنا الوليد عن أبي عمرو- يعني:
الأوزاعي-: حدثني عمرو بن شعيب ... به.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المشهور في
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
والوليد: هو ابن مسلم؛ وقد صرح بالتحديث في رواية الحاكم، وصححه،
ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الإرواء" (2187) .
1969- عن أبي ميمونة سلمى- مولى من أهل المدينة، رجل صدق- قال:
بينما أنا جالس مع أبي هريرة؛ جاءته امرأة فارسية معها ابن لها،
فادعياه، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة! - وَرَطَنَتْ بالفارسية-
زوجي يريد أن يذهب بابني؟! فقال أبو هريرة: اسْتَهِمَا عليه- ورطن لها
بذلك-، فجاء زوجهاْ فقال: مَنْ يُحَاقنِي في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم!
إني لا أقول هذا؛ إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا(7/46)
قاعد عنده-، فقالت: يا رسول الله! إن زَوْجي يريد أن يذهب بابني، وقد
سقاني من بئر أبي عِنَبَةَ، وقد نفعني؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اسْتَهِمَا عليه ". فقال زوجها: مَنْ يحاقُني في ولدي؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هذا أبوك، وهذه أمك؛ فخذ بيد أيِّهما شئت "؛ فأخذ بيد أمهِ،
فانطلقتْ به.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه أيضاً ابن حبان وابن القطان) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج:
أخبرني زياد عن هلال بن أسامة. أن أبا ميمونة سلمى.
قلت: إسناده صحيح، وصححه من ذكرت أعلاه، وهو مخرج في المصدر
السابق (2192) .
1970- عن علي رضي الله عنه قال:
خرج زيد بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنة حمزة، فقال جعفر: أنا
آخذها؛ أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي خالتها، وإنما الخالة أم! فقال
علي: أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أحق بها!
فقال زيد: أنا أحق بها؛ أنا خرجت إليها، وسافرت، وقَدِمْت بها! فخرج
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر حديثاً؛ قال:
" وأما الجارية؛ فأقضي بها لجعفر؛ تكون مع خالتها، وإنما الخالة أم ".
(قلت: حديث صحيح) .(7/47)
إسناده: حدثنا العباس بن عبد العظيم: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا
عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن نافع بن عُجَيْر
عن أبيه عن علي. َ
قلت: رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير نافع بن عجير، وثقه ابن حبان، وروى
عنه جمع.
لكن خولف عبد الملك بن عمر في إسناده، كما بينته في "الإرواء" (2190) .
لكن يشهد للحديث الإسنادان الآتيان بعده.
1971- ومن طريق أخرى عنه ... بهذا الخبر وليس بتمامه؛ قال:
وقضى بها لجعفر، وقال:
" إن خالتها عنده ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا سفيان عن أبي فَرْوَةَ عن عبد الرحمن
ابن أبي ليلى ... بهذا الخبر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عيسى- وهو الطبَّاع-، وهو ثقة.
وأبو فروة: اسمه مسلم بن سالم النهْدِيّ الكوفي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الطحاوي في "المشكل " (4/174) من طريق أخرى عن
سفيان ... به؛ وصرح بأنه عن علي بن أبي طالب.(7/48)
1972- ومن طريق ثالثة عن علي قال:
لما خرجنا من مكة؛ تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عمَ! يا عمُ! فتناولها
علي فأخذ بيدها، وقال: دونكِ بنتَ عمَك! فحملتها ... فقص الخبر؛
قال: وقال جعفر: ابنةُ عمي، وخالتها تحتي! فقضى بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لخالتها، وقال:
" الخالة بمنزلة الأمِّ ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال
الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى أن إسماعيل بن جعفر حدثهم عن إسرائيل
عن أبي إسحاق عن هانئ وهبَيْرَةَ عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هانئ- وهو ابن
هانئ الهَمْداني الكوفي- لا يعرف كما قال الشافعي، ولم يرو عنه غير أبي إسحاق
السبيعي، ومع ذلك قال النسائي:
" ليس به بأس ".
ووثقه ابن حبان والعجلي. وقال الحافظ:
"مستور".
لكن هو هنا مقرون مع هبيرة- وهو ابن يَرِيم الشِّبَامي-، وحاله قريب من حال
قرينه، لكن روى عنه أبو فاختة أيضاً، وقال الأثرم عن أحمد:
" لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره ".(7/49)
يعني: الذين تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم.
قلت: فأحدهما يقوي الآخر، لا سيما وقد تابعهما عبد الرحمن بن أبي ليلى
ونافع بن عجير- أو أبوه- كما في الطريقين السابقين.
وعليه؛ فلا يضر الحديث أن فيه عنعنة أبي إسحاق، مع اختلاطه، وقد
صححه من ذكرنا أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء" (2190) .
36- باب في عِدَّةِ المطلَّقة
1973- عن أسماء بنت يزيد بن السَّكَنِ الأنصارية:
أنها طُلَّقَتْ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن للمطلقة عِدة، فأنزل
الله عز وجل- حينَ طُلقَتْ أسماءُ- بالعِدَّةِ للطلاق، فكانت أول من أُنزِلَتْ
فيها العدَّةُ للمطلَّقات.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البَهْرَانِي: ثنا يحيى بن صالح: ثنا
إسماعيل بن عَيَّاش: حدثني عمرو بن مهاجر عن أبيه عن أسماء بنت يزيد بن
السكن الأنصارية.
قلمت: وهذا إسناد شامي حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في البَهْرَاني؛
وقد توبع.
ومهاجر- والد عمرو-: هو النَّبَّال الشامي (*) ، وثقه ابن حبان؛ لكن روى عنه
__________
(*) بل هو ابن أبي مسلم الشامي. وقد انتقل بصر الشيخ رحمه الله إلى الصفحة
الأخرى، فَثَبتَهُ النبالَ الشامي، وكلاهما روى عنه جماعة، ووثقه ابن حبان. وراجع:
"تهذيب ابن حجر" (5/532- 533) .(7/50)
جماعة من الثقات.
وأما إعلال المنذري إياه بأن إسماعيل بن عياش قد تَكَلَمَ فيه غير واحد! فليس
بشيء؛ لأن الذي يتحرر من كلام الأئمة فيه- كالإمام أحمد والبخاري وغيرهما-
أنه صحيح الحديث في روايته عن الشاميين، وهذا منها كما تراه.
والحديث أخرجه البيهقي (7/414) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن أبي حاتم- يعني: في "التفسير"- فقال: حدثنا أبي: حدثنا أبو
اليمانْ: حدثنا إسماعيل- يعني: ابن عياش ... به. ذكره ابن كثير، وقال:
" حديث غريب من هذا الوجه ".
قلت: ولكنه حسن الإسناد كما ذكرنا، والغرابة قد تجامع الحسن؛ بل
الصحة، ولذلك ترى الترمذي كثيراً ما يقول:
" حديث حسن صحيح غريب "، أو: " حسن غريب ".
ولكن أليس من الغريب حقاً: أن يخفى على الحافظ ابن كثير ورود هذا
الحديث في "سنن أبي داود"؛ فلا يَعْزُوَهُ إليه، فيُبْعِدَ النُّجْعَةَ؛ فيعزوه لابن أبي حاتم؟!
37- باب في نسخ ما استثني به من عِدَّةِ المطلقات
1974- عن ابن عباس قال:
(والمطلَقات يتربَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قُرُوء) ، وقال: (واللائي يَئِسْنَ من
المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعِدَّتهن ثلاثة أشهر) ، فنسخ من ذلك، وقال:
(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسُوهن فما لكم عليهن مِنْ عِدة تعتدُونها) .(7/51)
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيّ: حدثني علي بن حسين
عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (1822) .
والحديث أخرجه النسائي (2/109) من طريق أخرى عن على بن حسين بن
واقد ... به أتم منه.
38- باب في المراجعة
1975- عن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلَّق حفصة، ثم راجعها
(قلت: إسناد صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "،
ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان من حديث ابن عمر أيضاً) .
إسناده: حدثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري: ثنا يحيى بن زكريا بن
أبي زائدة عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهَيْلٍ عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس عن عمر.
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير العسكري، وهو ثقة، وقد
توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة ... به، وهو مخرج في "الإرواء " (2077) ، وخرجت له فيه شواهد من
حديث أنس، وابن عمر، وعاصم بن عمر، وقيس بن زيد وقتادة كلاهما ... مرسلاً.(7/52)
39- باب في نفقة المَبْتُوتَةِ
1976- عن فاطمة بنت قيس:
أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البَتَّةَ وهو غائب، فأرسل إليها وكيلَه
بشعير، فَتَسَخطَتْهُ، فقال: والله! ما لكِ علينا من شَيء. فجاءت رسولَ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها: " ليس لكِ عليه نفقة "؛ وأمرها أن
تعتد في بيت أمَ شريك، ثم قال:
" إن تلك امرأة يغشاها أصحابي! اعتدِّي في بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه
رجل أعمى؛ تضعين ثيابك، وإذا حَلَلْتِ؛ فآذنيني ".
قالت: فلما حَلَلْتُ؛ ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم
خطباني؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أما أبو جهم؛ فلا يضع عصاه عن عاتقه! وأما معاوية؛ فصُعْلُوكٌ لا
مال له! انكحي أسامة بن زيد ". قالت: فكرهته، ثم قال: " انكحي
أسامة بن زيد ". فنكحته، فجعل الله فيه خيراً كثيراً، واغْتَبَطْتُ به.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن
سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (2/98- 99) ... إسناداً ومتناً.
ومن طريقه: أخرجه مسلم والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء"(7/53)
(1804) ؛ مع ثلاثة طرق أخرى له عن فاطمة رضي الله عنها.
1977- وفي رواية ثانية عنها:
أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثاً ... وساق الحديث؛ فيه: وأن
خالد بن الوليد ونفراً من بني مخزوم أتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا نبي الله!
إن أبا حفص بن المغيرة طلَّق امرأته ثلاثاً، وإنه ترك لها نفقة يسيرة؟! فقال:
" لا نفقة لها " ... وساق الحديث، وحديث مالك أتم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان بن يزيد العطار: حدثني يحيى
ابن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن فاطمة بنت قيس حدثته.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين مسلسل بالتحديث.
والحديث أخرجه مسلم (4/196) من طريق شيبان عن يحيى بن أبي
كثير ... الحديث بتمامه؛ وفيه قوله في الرواية الآتية: " لا تسبقيني بنفسك ".
1978- وفي ثالثة عنها:
أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثاً ... وساق الحديث وخبر
خالد بن الوليد؛ قال: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليست لها نفقة ولا مَسْكَن " ... قال: وفيه: وأرسل إليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن:
__________
"لا تسبقيني بنفسك ".(7/54)
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد: نا أبو عمرو عن يحيى: حدثني
أبو سلمة: حدثتني فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمود بن
خالد، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والوليد: هو ابن مسلم.
وأبو عمرو: هو الأوزاعي.
والحديث أخرجه الطحاوي (2/37) : حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون
قال: ثنا الوليد بن مسلم ... به.
حدثنا رَبِيعٌ المؤذن قال: ثنا بشر بن بكر قال: ثنا الأوزاعي ... فذكر بإسناده
مثله.
وأخرجه مسلم من طريق شيبان عن يحيى ... به؛ كما تقدم ذكره في الذي
قبله.
1979- وفي رابعة عنها قالت:
كنت عند رجل من بني مخزوم، فطلقني البتة ... ثم ساق نحو
حديث مالك (يعني: الرواية الأولى) ؛ قال فيه: " ولا تفوتيني بنفسك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) .
إسناده: وحدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم: ثنا محمد بن
عمرو عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس.(7/55)
قال أبو داود: " وكذلك رواه الشعبي، والبَهِيُ، وعطاء عن عبد الرحمن بن
عاصم. وأبو بكر بن أبي الجهم كلهم عن فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلقها
ثلاثاً".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
عمرو، فأخرج له مسلم متابعة، وقد تابعه عبد الله بن يزيد ويحيى بن أبي كثير
في الروايات المتقدمة.
وله متابعون آخرون: عند الطحاوي (2/38) ، وأحمد (6/413 و 414) ؛
ويأتي أحدهم عند المصنف بعد حديث.
وما علقه المصنف على الشعبي والثلاثة الذين معه؛ وصلها مسلم؛ إلا رواية
ابن عاصم، فوصلها النسائي وغيره، وهو مخرج في "الإرواء " (1804) .
ورواية الشعبي؛ وصلها المؤلف أيضاً، وهي الآتية بعده.
والحديث أخرجه أحمد (6/413) : ثنا محمد بن جعفر ... به.
وأخرجه مسلم من طريق آخر عن ابن عمرو ... به.
1980- ومن طريق ثانية عنها:
أن زوجها طلَّقها ثلاثاً، فلم يجعل لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفقة ولا سُكْنى.
(قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا سلمة بن كهَيْل عن
الشعبي عن فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.(7/56)
والحديث أخرجه مسلم (4/198) ، وأحمد (6/412) عن عبد الرحمن بن
مهدي: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم وأحمد (6/411) ، والطحاوي (2/37) ، وكذا النسائي
(2/116) من طرق أخرى عن الشعبي ... به.
1981- وفي خامسة من الطريق الأولى عنها:
أنها كانت عند أبي حفص بن الغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلَّقها
أخر ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستفتته في
خروجها من بيتها؟ فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان
أن يُصَدِّقَ حديث فاطمة في خروج المطلَّقة من بيتها.
قال عروة: أنْكَرَتْ عائشة رضي الله عنها على فاطمة بنت قيس.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرَمْلِيُ: ثنا الليث عن عقَيْل عن ابن شهاب
عن أبي سلمة عنها.
قال أبو داود: " وكذلك رواه صالح بن كيسان وابن جريج وشعيب بن أبي
حمزة كلهم عن الزهري ".
قال أبو داود: " شعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار، وهو مولى
زياد".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة، وقد
توبع.(7/57)
والحديث أخرجه مسلم (4/197) ، والبيهقي من طرق أخرى عن الليث ... به.
وأحمد (6/416) عن ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به.
1982- ومن طريق ثالثة عن عبيد الله قال:
أرسل مروان إلى فاطمة، فسألها؟ فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص،
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَّر علي بن أبي طالب- يعني- على بعض اليمن،
فخرج معه زوجها، فبعث إليها بتطليقة كانت بَقِيَتْ لها، وأمر عَيَّاش بن
أبي ربيعة والحارث بن هشام أن يُنْفِقَا عليها، فقالا: والله! ما لها نفقةٌ إلا
أن تكون حاملاً! فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:
" لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً ".
واستأذنته في الانتقال، فأذن لها. فقالت: أين أنتقل يا رسول الله؟!
قال:
" عند ابن أم مكتوم "؛ وكان أعمى، تضع ثيابها عنده ولا يُبصرها.
فلم تزل هناك؛ حتى مضت عدتها، فأنكحها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة. فرجع
قَبِيصَةُ إلى مروان فأخبره بذلك.
فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة! فسنأخذ بالعصمة
التي وجدنا الناس عليها! فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بيني وبينكم
كتاب الله، قال الله تعالى: (فطلقوهن لعدتهن) ؛ حتى: (لا تدري لعل
الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً) .
قالت: فأيُ أمرٍ يُحْدِثُ بعد الثلاث؟!(7/58)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وزاد في آخره: فكيف تقولون:
لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً؟! فعلامَ تحبسونها؟!) .
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن
عبيد الله.
قال أبو داود: " وكذلك رواه يونس عن الزهري. وأما الزَبَيْدِيَ؛ فروى الحديثين
جميعاً- حديث عبيد الله بمعنى معمر، وحديث أبي سلمة بمعنى عُقَيْل-. ورواه
محمد بن إسحاق عن الزهري أن قَبِيصَةَ بن ذؤَيْبِ حدثه ... بمعنى دل على خبر
عبيد الله بن عبد الله حين قال: فرجع قبيصة إلى مرَوان فأخبره بذلك ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مخلد بن خالد فعلى
شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم من طرق عن عبد الرزاق ... به.
وأخرجه أحمد وغيره؛ وهو مخرج في " الإرواء " (1804) .
40- باب من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس
1983- عن أبي إسحاق قال:
كنت في المسجد الجامع مع الأسود، فقال: أتت فاطمةُ بنتُ قيس عُمَرَ
ابنَ الخطابِ رضي الله عنه؛ فقال:
ما كُنا لِنَدعَ كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة؛ لا ندري أحفظت أم
لا؟!
(قلت: حديث موقوف صحيح. وأخرجه مسلم بأتم منه) .(7/59)
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرني أبو أحمد: ثنا عمار بن رزيق عن أبي
إسحاق.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو على شرطهما؛ لولا
أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، لكنه قد توبع، ولعله لذلك أخرجه
مسلم كما يأتي.
وأما الإمام أحمد؛ فلم يصححه، قال المصنف رحمه الله في "مسائل أحمد"
(ص 184) :
" قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس: طلقها زوجها؟ قال:
نعم. فذكِرَ له قول عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا؟ فقال:
(كتاب ربنا) ! أي شيء هو؟! قال الرجل: (أسكنوهن من حيث سكنتم) .
قال: هذا لمن يملك الرجعة. قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا ".
قال الحافظ عقبه في "الفتح " (9/397) :
" ولعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر؛ لكونه لم يلقه ".
قلت: ومن المحتمل أنه أراد به رواية أبي إسحاق هذه- وهي متصلة-؛ لأنه
مختلط كما تقدم، واختلف عليه في بعض متنه كما يأتي، لكنه لم يتفرد به.
والحديث أخرجه مسلم (4/198) ، والطحاوي (2/39) ، والدارقطني (ص
435) ، وعنه البيهقي (7/475) من طرق أخرى عن أبي أحمد الزَّبَيرِي ... به؛
ولفظهم.
كنت مع الأسود بن يزيد جالساً في السجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث
الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها سكنى ولا
نفقة. ثم أخذ الأسود كفاً من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك! تحدث بمثل(7/60)