الغرْيَانِ في مسجد بني هلال- عن مسلم أبي المثنى- مؤذن مسجد الجامع- ...
فذكر هذا الحديث.
وأخرجه الحاكم (1/195- 196) من طريق أحمد من الوجه الأول.
وأخرجه الطيالسي (رقم 1923) : حدثنا شعبة قال: أخبرني أبو جعفر- وليس
بالفَرَّاء- عن أبي المثنى ... به.
وخالفه وهب بن جرير فقال: ثنا شعبة عن أبي جعفر الفراء ... به.
أخرجه الطحاوي (1/79- 80) . وتابعه أبو النضر: ثنا شعبة عن أبي جعفر
- يعني: الفراء- ... به.
أخرجه البيهقي (1/413- 414) ؛ ثم قال.
" رواه غندر [وهو محمد بن جعفر] وعثمان بن جَبَلَةَ عن شعبة عن أبي جعفر
المدني عن مسلم بن المثنى. ورواه أبو عامر عن شعبة عن أبي جعفر مؤذن مسجد
العريان قال: سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر ".
فقد اختلف الرواة في أبي جعفر هذا:
فأبو عامر العقدي وحجاج قالا: إنه مؤذن العريان- أو العربان-؛ وهو كوفي أو
بصري كما سبق.
وقال وهب بن جرير وأبو النضر: إنه أبو جعفر الفَرَاء؛ وهو غير مؤذن العريان،
وهو كوفي أيضا، اختلف في اسمه.
وأما الطيالسي؛ فنفى أن يكون هو.
وقال غندر وعثمان بن جبلة عن شعبة: إنه أبو جعفر المدني؛ وفي الرواة بهذه(2/440)
الكنية ثلاثة:
أحدهم: أبو جعفر عمير بن يزيد الخطمي المدني، وقد سبق.
ثانيهم: أبو جعفر القاري المدني الخزومي مولى عبد الله بن عياش بن أبي
ربيعة، اختلفوا في اسمه أيضا، روى عن مولاه وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم،
وعنه مالك وغيره.
والثالث: أبو جعفر الأنصاري المدتي المؤذن، روى عن أبي هريرة أيضا، وعنه
يحيى بن أبي كثير فقط.
وكل هؤلاء ثقات؛ غير هذا الأخير؛ فإنه مجهول.
والراجح عندنا من ذلك: أنه مؤذن العريان؛ لاتفاق ثقتين عليه، وعدم
الاختلاف فيه، ولأنهم لم يذكروا غيره في الرواة عن مسلم بن المثنى. والله أعلم.
ثم إن الحديث أخرجه النسائي أيضا (1/103) ، والدارمي (1/270) ،
والدارقطني (ص 88) ، والحاكم أيضا، والبيهقي من طرق أخرى عن شعبة عن
أبي جعفر ... به.
ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"- كما في "نصب الراية"
(1/262) -، وقال الحاكم:
" هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإن أبا جعفر هذا: عمير بن يزيد بن حبيب
الخطمي، وقد روى عنه سفيان الثوري وشعبة وحماد بن سلمة وغيرهم من أثمة
المسلمين "! ووافقه الذهبي!
وليس لدينا ما يدل على أن أبا جعفر هذا هو الخطمي؛ بل هو مؤذن العريان
كما تقدم. وقال المنذري:(2/441)
" حسن ". والنووي (3/95) :
" إسناده صحيح ".
وللحديث طريق أخرى مختصراً: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/329) ،
والدارقطني من طريق سعيد بن المغيرة الصياد قال: ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله
ابن عمر عن نافع عن ابن عمر. فال ابن الجوزي:
" وهذا إسناد صحيح: سعيد بن المغيرة؛ وثقه ابن حبان وغيره ".
قلت: وممن وثقه أبو حاتم؛ كما في "التلخيص " (3/159) .
وله عندهما شاهد من حديث أنس بن مالك قال:
كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة؛ إلا قوله: قد قامت الصلاة.
وإسناده صحيح على شرطهما؛ وقد سبقت الإشارة إليه في منتهى الكلام
على الحديث الذي قبله.
29- باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر اللضعيف ") ]
30- باب رفع الصوت بالأذان
528- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" المؤذن يُغْفَرُ له مَدَى صوته، ويشهد له كل رَطْب ويابس، وشاهد
الصلاة يُكْتَبُ له خمس وعشرون صلاةً، ويكَفرُ عنه ما بينهما ".(2/442)
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1664) في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النمَري: ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان
عن أبي يحيى عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله ثقات معروفون؛ غير موسى
ابن أبي عثمان وهو الكوفي؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه:
"شيخ ".
قلت: وقد روى عنه شعبة هذا الحديث، وهو لا يروي إلا عن ثقة كما ذكروا،
وروى عنه الثوري أيضا وغيرهما.
وشيخه أبو يحيى؛ قال المنذري في "مختصره " (رقم 484) :
" لم ينسبْ فيعْرَفَ حاله "!
قلت: هكذا هو في أكثر الروايات غير منسوب، وقد قال في "التهذيب ":
" أبو يحيى المكي، روى عن أبي هريرة حديث: " المؤذن يغفر له مدى صوته "؛
وعنه موسى بن أبي عثمان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "، وزعم أفه سمعان
الأسلمي. قلت: قال ابن عبد البر: أبو يحيى المكي؛ اسمه: سمعان، سمع من
أبي هريرة، روى عنه بعض المدنيين في الأذان. وقال ابن القطان: لا يعرف
أصلأ، وقد ذكره ابن الجارود، فلم يزد على ما أخذ من هذا الإسناد، ولم يسمه.
وقال المنذري والنووي [في الأصل: الثوري! وهو تصحيف] : إنه مجهول ". ثم قال
في "التهذيب ":
" أبو يحيى مولى آل جعدة بن هبيرة الخزومي المدني، روى عن أبي هريرة: ما(2/443)
عاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعاماً قط ... الحديث، وعنه الأعمش ". وفي "الميزان " ما
" أبو يحيى عن أبي هريرة فثقة (!) وعنه موسى بن أبي عثمان، قال ابن
القطان: لا يعرف ". قال:
" فأما أبو يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة؛ فثقة. وأبو يحيى اسمه: قيس
عن أبي هريرة، حدث عنه بكير بن الأشج. وآخر عن أبي هريرة من شيوخ صفوان
ابن سليم "!
وأخشى أن يكون في هذه العبارة زيادات من الناسخ أو الطابع؛ ومن ذلك
لفظة: " فثقة " الأولى؛ فإن إثباتها لا يتناسب مع سياق الكلام! والله أعلم.
فقد جزم الحافظ أن راوي الحديث عن أبي هريرة: هو أبو يحيى المكي المجهول!
وأنا أرى أنه ليس به؛ بل هو الآخر أبو يحيى مولى آل جعدة؛ فقد صرح
بذلك يحيى بن سعيد- وهو القطان الحافظ الحجة الثقة الثبت- في روايته لهذا
الحديث عن شعبة؛ فقال الإمام أحمد (2/429) : ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة
قال: ثني موسى بن أبي عثمان قال: حدثني أبو يحيى مولى جعدة قال: سمعت
أبا هريرة؛ أنه سمع من فم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره.
وأبو يحيى مولى جعدة هذا: هو أبو يحيى مولى آل جعدة نفسه؛ فقد روى له
الإمام أحمد الحديث المذكور في ترجمته آنفاً- نقلاً عن "التهذيب "-؛ فقال في
"مسنده" (2/427 و 495) : ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش عن أبي يحيى مولى
جعدة بن هبيرة عن أبي هريرة قال:
ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاب طعاماً ... الحديث.
وقد رواه مسلم (6/134) من طرق عن أبي معاوية فقال: عن أبي يحيى مولى(2/444)
آل جعدة.
وإذ قد ثبت أنه هو راوي حديث الباب؛ فلا بد من الوقوف قليلاً؛ لنعرف
منزلته في الرواية؟!
وإنه ليسبق إلى النظر أن مقتضى كونه من رجال "صحيح مسلم ": أنه ثقة
عنده على الأقل!
غير أن الحديث عنده قد اختلف في إسناده على أبي معاوية؛ فقد رواه عنه
جماعة كما سبق.
وخالفهم أبو كريب ومحمد بن المثنى فقالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن أبي حازم عن أبي هريرة ... فأسقطا منه أبا يحيى مولى آل جعدة، وجعلا
مكانه: أبا حازم.
وهذه الرواية هي الصواب؛ فقد تابع أبا معاوية عليها: جرير وزهير وسفيان:
عند مسلم، وسفيان أيضا وشعبة ووكيع: عند أحمد (2/474 و 479 و 481) ؛
فقالوا كلهم: عن الأعمش عن أبي حازم.
وسفيان وشعبة أثبت في الرواية عن الأعمش من أبى معاوية، كما قال ابن
معين وغيره؛ فروايته الوافقة لروايتهما هي الصواب حتماً. ولذلك أنكر الدارقطني
على مسلم إسناد أبي معاوية الأول، وقال:
" هو معلل "، كما في "شرح مسلم " للنووي.
فإذا كان الأمر كما ذكرنا؛ فلا يمكن حينئذ الاعتماد على تخريج مسلم لهذا
الرجل في توثيقه، ولم تجد من نص على توثيقه من المتقدمين! نعم؛ وثقه الذهبي
فيما تقدم.(2/445)
ثم وجدت له سلفاً؛ وهو ابن معين؛ فانظر "الصحيحة" (190) .
والحديث صحيح على كل حال.
وقد أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص 76) بإسناد المصنف هذا.
ثم أخرجه هو، والنسائي (1/106) ، وابن ماجه (1/246- 247) ، وأحمد
(2/458) من طرق عن شعبة ... به؛ وكلهم قالوا: عن أبي يحيى ... غير منسوب.
لكن أخرجه الطيالسي (رقم 2542) : حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان
- قال شعبة: وكان يؤذن على أطول منارة بالكوفة- قال: حدثني أبو يحيى- وأنا
أطوف معه؛ يعني: حول البيت- قال سمعت أبا هريرة ... به.
وأخرجه البيهقي (1/397) من طريق الطيالسي.
وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "الترغيب "
(1/107/رقم 5) .
وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند البيهقي (1/431) ؛ لكن فيها ضعف (1) .
وله شواهد:
فمنها عن ابن عمر مرفوعاً ... به، دون قوله: " وشاهد الصلاة ... " إلخ.
أخرجه الإمام أحمد (2/136) : ثنا أبو الجَوَّاب: ثنا عمار بن رزيق عن
الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر.
وهذا سند صحيح، كما قال المنذري، وهو على شرط مسلم.
وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" والبزار والبيهقي أيضا.
__________
(1) وقد بينت ذلك في كتابنا " نقد التاج الجامع للأصول " (رقم 91) .(2/446)
ومنها: عن البراء بن عازب مرفوعاً مثله؛ وزاد:
" وله مثل أجر من صلى معه ".
أخرجه النسائي، وأحمد (4/284) من طريق معاذ بن هشام قال: ثني أبي
عن قتادة عن أبي إسحاق الكوفي عنه.
وهذا صحيح أيضا على شرطهما، وصححه ابن السكَن- كما فى "التلخيص "
(3/184) ، و " الفتح " (2/70) -. وقال المنذري:
" إسناده حسن جيد".
وأما بقية الحديث؛ فشواهده مشهورة؛ وانظر ما سيأتي (رقم ... ) .
529- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا نودي بالصلاة؛ آدبَرَ الشيطان وله ضُراط حتى لا يسمع التأذين،
فإذا فضي النداء أقبل؛ حتى إذا ثوِّب بالصلاة أدبر؛ حتى إذا فضِي
التثويِب أفبل؛ حتى يَخطُر بين المرء ونفسه؛ ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا
- لما لم يكن يذكر-؛ حتى يظلّ الرجل إنْ يدري كم صلى! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/89- 91) .(2/447)
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/67- 69 و 3/81) ، وأبو عوانة في
"صحيحه " (1/434) ، والنسائي (1/108- 109) ، وأحمد (2/460) كلهم عن
مالك ... به.
ثم أخرجه البخاري (3/70) ، وكذا مسلم (2/6) من طرق أخرى عن
الأعرج ... به.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة: فأخرجه البخاري (6/261- 262) ، والدارمي
(1/273- 274) ، والطيالسي (رقم 2345) ، وأحمد (2/و 483 و 503- 504
و522) - من طريق أبي سلمة-، ومسلم (2/5) وأحمد (2/ما 3 و 531) والبيهقي
(1/432) - من طريق أبي صالح-، ومسلم أيضا (2/6) ، وأحمد (2/313) - من
طريق همام بن منبه-، ورواه البيهقي أيضا، وأحمد (2/411) - من طريق العلاء؛
وهو ابن عبد الرحمن عن أبيه-، كلهم عن أبي هريرة مطولاً ومختصراً.
وأخرجه أبو عوانة أيضا من حديث أبي صالح مختصراً.
***
انتهى بحمد الله وفضله المجلد الثاني من
" صحيح سنن أبي داود "،
ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثالث، وأوله:
31- باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت
و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت،
أستغفرك وأتوب إليك ".(2/448)
الجزء الثالث
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية
محفوظة دارغراس- الكويت وشريكهما
ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد
الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة
كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على
اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر.
الطبعة الأولى
1423 هـ
2002 م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868
الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030
Website: www.Gheras.com
E-mail: Info@gheras.com(3/2)
31- باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت
530- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الامام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم! أرشد الأئمة، واكفر للمؤذنين ".
(قلت: حديث صحيح. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
وصححه اليَعْمَرِيُّ) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن فُضَيْل: ثنا الأعمش عن
رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لم
يُسَم، لكن قد ثبت أن الأعمش سمعه من أبي صالح، كما سمعه منه غيره من
الثقات، كما يأتي بيانه، فالحديث صحيح لا شبهة فيه.
والحديث في "مسند أحمد" (2/232) ... بهذا السند.
وأخرجه البيهقي (1/430) من طريق المصنف عنه.
وأخرجه الترمذي (1/403) معلقاً فقال:
" وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حُدثْتُ عن أبي صالح عن أبي
هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
ثم أخرجه هو (1/402) ، والشافعي في "الأم " (1/141) ، والطيالسي (رقم
2404) ، وأحمد (2/284 و 424 و 461 و 472) ، والطبراني في "معجمه
الصغير" (ص 59 و 123 و 164) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/118) ،
والخطيب في "تاريخه " (3/242 و 4/387 و 9/413 و 1/3061) من طرق أخرى(3/3)
كثيرة عن الأعمش عن أبي صالح ... به.
وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"- كما في "الترغيب "
(1/108) ، و"التلخيص " (3/193) -.
ورواه البيهقي أيضا (1/435) ؛ وقال:
" وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح؛ وإنما سمعه من
رجل عن أبي صالح ... "!
ثم ساق إسناده من طريق المصنف هذه. قال الشوكاني في "نيل الأوطار"
(2/29) :
" فيجاب عنه بأن ابن نمير قد قال: عن الأعمش عن أبي صالح؛ ولا أراني إلا
قد سمعته منه [قلت: وهو عند المصنف عقب هذه الرواية] . وقال إبراهيم بن
حميد الرّؤَاسيّ: قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح. وقال هشيم: عن
الأعمش: حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة. ذكر ذلك الدارقطني [يعني: في
"العلل "] . فبينت هذه للطرق أن الأعمش سمعه عن غير أبي صالح، ثم سمعه
منه. قال اليعمري: والكل صحيح، والحديث متصل ".
قلت: ويؤيده أن الحديث رواه ثقتان آخران عن أبي صالح موصولاً:
الأول: سهيل بن أبي صالح.
أخرجه الشافعي في "مسنده " (ص 21) ، وأحمد (2/419) ، والخطيب
(6/167) ، والبيهقي (1/430) - عن الشافعي- من طرق عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة ... به.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد قال الحافظ:(3/4)
" قال ابن عبد الهادي: أخرج مسلم بهذا الإسناد نحواً من أربعة عشر
حديثاً".
ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛- وهو فى "زوائد ابن حبان "
(363) -. وأعله البيهقي بقوله:
" وهذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه؛ إنما سمعه من الأعمش "!
ثم أخرج البيهقي- من طريق محمد بن جعفر-، والطبراني في "الصغير"
(ص 123) - من طريق روح بن القاسم- كلاهما عن سهيل بن أبي صالح عن
الأعمش عن أبي صالح ... به.
قلت: وليس في هذه الرواية ما ينفي أن يكون سهيلٌ سمع الحديث من أبيه؛
فإنه ثقة كثير الرواية عن أبيه، وهو لم يعرف بالتدليس، فروايته محمولة على
الاتصال- كما هو مقرر في الأصول-، ولا مانع أن يكون سمعه من الأعمش عن
أبيه، وعن أبيه مباشرة؛ فكان يحدث به مرة هكذا، ومرة هكذا، كما يقع ذلك في
كثير من الأسانيد.
والأخر: أبو إسحاق السَّبيعي- واسمه عمرو بن عبد الله الهَمْداني-: أخرج
حديثه الإمام أحمد فقال (2/377- 378 و 514) : ثنا موسى بن داود: حدثنا
زهير عن أبي إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة ... به.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ لكن زهير- وهو ابن معاوية- سمع من
أبي إسحاق في حالة اختلاطه؛ لكن هو شاهد قوي للأسانيد الأخرى.
وقد أخرجه الطبراني أيضا (ص 155) ؛ وقال:
" تفرد به موسى بن داود ".(3/5)
وقد خالفهم محمد بن أبي صالح أخو سهيل، فقال: عن أبيه أنه سمع عائشة
تقول ... فذكر الحديث.
أخرجه الطحاوي في "مشكل الأثار" (3/53) ، وابن حبان (362) ، وأحمد
(6/65) ، والبيهقي (1/431) من طريق أبي عبد الرحمن المقري: ثنا حيوة:
حدثني نافع بن سليمان أن محمد بن أبي صالح حدثه ... به.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " من رواية ابن وهب عن حيوة ... بسنده.
وقال ابن خزيمة في "صحيحه "- بعد أن أخرجه من رواية الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة-: " رواه محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة. والأعمش
أحفظ من مائتين مثل محمد بن أبي صالح ".
قلت: ومحمد هذا؛ ليس بالمشهور؛ بل قال الذهبي:
" لا يعرف ". ولذلك فالصواب قول أبي زرعة:
" حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة ".
531- وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نُبِّئْتُ عن أبي
صالح- قال: ولا أراني إلا قد سمعته منه- عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح موصول، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛
وقد ذكر الأعمش أنه سمعه من أبي صالح فيما يظن، وقد جزم بسماعه منه في
غير هذه الرواية، كما سبق ذكره في الرواية الأولى، فكان الإسناد موصولاً
صحيحاً.
والحديث أخرجه البيهقي (1/430) من طريق المصنف.(3/6)
وأخرجه الإمام أحمد (2/382) : ثنا عبد الله بن نمير ... به.
وقد سبق الكلام على الحديث وتخريجه في الرواية الأولى.
32- باب الأذان فوق المنارة
532- عن امرأة من بني النَّجار قالت:
كان بيتي من أطول بيت حول المسجد؛ فكان بلال يؤذن عليه الفجر،
فيأتي بِسَحَر، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال:
اللهم! إني أحمدك؛ أستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت:
ثم يؤذن.
قالت: والله! ما علمته تركها ليلة واحدة.
(قلت: إسناده حسن، كما قال الحافظ، وقال ابن دقيق العيد: " هذا الخبر
حسن ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد
ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني
النجار.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أن ابن إسحاق مدلس، وقد
عنعنه- ولذلك قال النووي في "المجموع " (3/106) :
" إسناده ضعيف ". فقول الحافظ في "الفتح " (2/81) :
" وإسناده حسن "! غير حسن.(3/7)
ولو سكت عليه كما فعل في "التلخيص "؛ (3/175) ؛ لكان أحسن.
نعم؛ هو حسن لغيره، فقد وجدت له طريقاً أخرى، كما سنذكره إن شاء الله
تعالى..
والحديث أخرجه البيهقي (1/425) من طريق المصنف رحمه الله تعالى.
قلت: ثم وجدث الحديث في "سيرة ابن هشام " (2/20) : قال ابن إسحاق:
حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به. فاتصل السند- والحمد لله-، فهو
حسن.
وأما الطريق الآخر للحديث؛ فهو ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات "
(8/307) قال: أخبرنا محمد بن عمر: ثني معاذ بن محمد عن يحيى بن عبد الله
ابن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: أخبرني من سمع النوارَ أم زيد بن ثابت
تقول:
كان بيتي أطول بيت حول المسجد؛ فكان بلال يؤذن فوقه- من أول ما أذن إلى
أن بنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده-، فكان يؤذن- بعدُ- عدى ظهر المسجد؛ وقد رفع
له شيء فوق ظهره.
ومحمد بن عمر: هو الواقدي؛ ضعيف. وقال ابن دقيق في "الإمام ":
" هذا الخبر حسن " (1) .
وفي الباب أحاديث أوردتها في "الثمر المستطاب "؛ فلتراجع. وانظر "المجموع "
أيضا.
__________
(1) انظر تمام كلامه على الحديث فيما يأتي من الكلام على الحديث (رقم 542/ص 35) .(3/8)
33- باب المؤذن يستدير في أذانه
533- عن أبي جُحَيْفة قال:
أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة وهو في قُبَّةِ حمراء من أدَم، فخرج بلال فأذّن،
فكنت أتتبّعَ فمه ههنا وههنا، قال: ثَم خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه حُلَةٌ
حمراءُ بُرُودٌ يَمانِيَةٌ قِطْريٌّ (وفي رواية: قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح،
فأذن، فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى عنقه يميناً
وشمالاً ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة) ... وساق حديثه.
(قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح. وقد أخرجها مسلم في "صحيحه "
تامّاً، والبخاري وأبوعوانة مختصراً. والرواية الأخرى صحيحة؛ لكن قوله
فيها: (ولم يستدر) شاذ بل منكر. والحديث قال الترمذي: " حسن صحيح "،
وتمام الحديث سيأتي برقم (689)) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا قيس- يعني: ابن الربيع-. (ح) وثنا
محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جُحيَفة
عن أبيه. وقال موسى: قال: رأيت بلالاً ... إلخ.
قلت: الإسناد الأول ضعيف؛ لأن قيس بن الربيع- وإن كان ثقة- فهو سيئ
الحفظ، لكن يقويه متابعة سفيان له؛ وإسناد روايته صحيح؛ غير أن قوله:
ولم يستدر ... مما تفرد به قيس بن الربيع؛ فهي شاذة. وأما قول النووي في
"المجموع " (3/104) :
" وفي رواية أبي داود: فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى
عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر. وإسناده صحيح "!(3/9)
فغير صحيح؛ بل هو من أوهامه رحمه الله تعالى! ولعله اختلطت عليه رواية
سفيان الخالية من الاستدارة برواية قيس هذه.
وقد جاءت الاستدارة عن سفيان في بعض الروايات الثابتة عنه؛ كما
سنذكره.
والحديث أخرجه البيهقي (1/395) من طريق المصنف برواية قيس بن الربيع
فقط، وقال:
" هكذا رواه قيس. وخالفه الحجاج بن أرطاة فقال: واستدار في أذانه ... "؛
ثم ساق إسناده بذلك، ثم قال:
" ويحتمل أن يكون الحجاج أراد بالاستدارة التفاته في: حي على الصلاة،
حي على الفلاح؛ فيكون موافقاً لسائر الرواة؛ والحجاج بن أرطاة ليس بحجة ".
قلت: وهذا الجمع هو الذي يجب المصير إليه؛ فإن الاستدارة قد ثبتت في
الحديث من طرق أخرى عن عون:
فروى الطبراني من حديث إدريس الآوْدِي عن عون عن أبيه ... الحديث؛
وجعل يستدير.
وروى أبو الشيخ الأصيهاني الحديث من جهة حماد بن سلمة وهشيم عن عون
عن أبيه؛ وفيه:
فجعل يستدير يميناً وشمالاً.
ذكره ابن التركماني، والحافظ في "التلخيص " (3/179) .(3/10)
وقد ثبت في بعض الروايات عن سفيان أيضا، كما يأتي.
ثم إن الحديث أخرجه أحمد (4/308- 309) : ثنا وكيع ... به.
ومن طريق أحمد: أخرجه البيهقي (1/395) .
وأخرجه مسلم (2/56) من طرق أخرى عن وكيع ... به.
ثم قال أحمد: ثنا عبد الرزاق: أنا سفيان ... به، ولفظه:
رأيت بلالاً يؤذن ويدور، وأتتبع فاه ههنا وههنا، وإصبعاه في أذنيه، قال:
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبة له حمراء- أراها من أدم-، قال: فخرج بلال بين يديه
بالعنزة، فركزها، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الرزاق: وسمعته بمكة قال-
بالبطحاء، يمر بين يديه الكلب والمرأة والحمار؛ وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى
بريق ساقيه.
قال سفيان: نراها حِبَرَةً.
ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/202!، وعنه البيهقي.
وأخرجه الترمذي (1/375) من طريق أخرى عن عبد الرزاق، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وروى البخاري (2/91) ، والدارمي (1/271- 272) ، من طريق محمد بن
يوسف قال: ثنا سفيان ... به مختصراً؛ بلفظ:
أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان. ثم قال الحاكم:
" حديث صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.(3/11)
وفيه إثبات الدوران في الأذان؛ وهو مما يدل على ضعف رواية قيس بن الربيع
الذي نفى الدوران.
لكن قد ذكر البيهقي أن هذه اللفظة: (ويدور) رواها عبد الرزاق إجازةً عن
سفيان عن عون بن أبي جحيفة ... مدرجاً في الحديث. وبيَن ذلك الحافظ في
"الفتح " (2/91) ، فقال:
" فأما قوله: (ويدور) فهو مدرج في رواية سفيان عن عون، بيَن ذلك يحيى
ابن آدم عن سفيان عن عون عن أبيه قال: رأيت بلالاً أذَن، فأتبع فاه ههنا وههنا،
والتفتَ يميناً وشمالاً. قال سفيان: كان حجاجِ- يعني: ابن أرطاة- يذكر لنا عن
عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونآ؛ لم يذكر فيه الاستدارة. أخرجه
الطبراني وأبو الشيخ من طريق يحيى بن آدم. وكذا أخرجه البيهقي من طريق
عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان، لكن لم يُسَمَ حجاجاً، وهو مشهور عن
حجاج. أخرجه ابن ماجه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهم من طريقه.
ولم يتفرد به؛ بل وافقه إدريس الأودي ومحمد العرزمي عن عون، لكن الثلاثة
ضعفاء. وقد خالفهم من هو مثلهم أو أمثل، وهو قيس بن الربيع، فرواه عن عون
فقال في حديثه: ولم يستدر. أخرجه أبو داود ".
قلت: ثم ذكر الحافط الجمع بين الروايتين بنحو ما نقلناه عن البيهقي آنفاً، ثم
قال:
" وأما وضع الإصبعين في الأذنين؛ فقد رواه مُؤَفَلٌ عن سفيان. أخرجه أبو
عوانة. وله شواهد ذكرتها في "تغليق التعليق "، أصحها ما رواه أبو داود واين حبان
من طريق أبي سلام الدمشقي أن عبد الله الهوزني حدثه قال: قلت لبلال: كيف
كانت نفقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث، وفيه: قال بلال: فجعلت أصبعي في
أذني فأذنت ".(3/12)
قلت: الحديث عند المصنف في "الخراج "، وسيأتي إن شاء الله تعالى (رقم
... ) ؛ لكن ليس فيه هذا المقدار؛ إلا أن المصنف قد أشار إلى أنه لم يسق
الحديث بتمامه؛ فالظاهر أن هذا مما اختصره، وهو في الطبراني "الكبير"
(1/56/1) ؛ لكن ظاهره أنه ليس في الأذان.
ثم إن كلام الحافظ هذا يشعر أن الاستدارة تفرد بها الثلاثة الضعفاء عن عون،
وعبد الرزاق عن سفيان عنه! وليس كذلك.
أما الأول؛ فقد نقلنا- فيما سبق- عن الحافظ نفسه: أن حماد بن سلمة
وهشيماً قد رويا الاستدارة أيضا.
وأما الآخر؛ فقال ابن التركماني:
" وروى أبو نعيم الحافظ في "مستخرجه "على كتاب البخاري قال: وثنا أبو
أحمد: ثنا المُطَرِّزُ: ثنا بُنْدار ويعقوب قالا:
ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن عون عن أسامة [كذا! والصواب عن
أبيه] : رأى بلالاً يؤذن ويدور ... إلى آخره ".
فهذه الطرق تبين أن الاستدارة صحيحة عن عون، وأن نفيها من قيس بن
الربيع وهم منه؛ فكان شاذّاً بل منكراً.
لكن المراد منها الالتفات يميناً وشمالاً، كما سبق عن البيهقي والحافظ. ورواية
حماد وهشيم المتقدمة صريحة في ذلك.
ثم إن الحديث أخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/329) مختصراً
كالبخاري؛ لكن من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان.
ثم رواه أتم منه من طريق مؤمل عن سفيان؛ وفيه الزيادة التي عزاها الحافظ(3/13)
إليه آنفاً.
ورواه ابن حبان في "صحيحه " (4/52) من طريق إسحاق الأزرق عن سفيان.
34- باب في الدعاء بين الأذان والإقامة
534- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يُرَدّ ًالدعاءُ بين الأذان والإقامة ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
أخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1694) في "صحيحيهما") .
إسناده: ثنا محمد بن كثير: نا سفيان عن زيد العَمي عن أبي إياس عن
أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير زيد العمي- وهو
ابن الحَوَارِي-، وهو مِمَّن اختلفت فيه أقوال الأئمة؛ لكن الجمهور على تضعيفه؛
وذلك لضعف في حفظه. وقد قال ابن عدي:
" عامة ما يرويه ضعيف، على أن شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن
أضعف منه ". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب " بأنه:
" ضعيف "، لكن لم يتفرد بهذا الحديث كما يأتي؛ فكان صحيحاً.
وأبو إياس: هو معاوية بن قرة.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف.(3/14)
وأخرجه الترمذي (1/415- 416) و (2/279- طبع بولاق) ، وأحمد
(3/119) من طرق عن سفيان ... به.
وخالفهم يحيى بن اليمان عن سفيان؛ فزاد في آخره:
قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟! قال:
" سَلُوا الله العافية في الدنيا والآخرة ".
أخرجه الترمذي، وقال:
" حديث حسن ".
قلت: كلا؛ فهو بهذه الزيادة ضعيف؛ لأنه تفرد بها ابن اليمان، وهو ضعيف
الحفظ
وأما الحديث بدونها فصحيح. وقد قال الترمذي أيضا:
" حديث حسن صحيح. وقد رواه أبو إسحاق الهمداني عن بُرلدِ بن أبي مريم
عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثل هذا "؛ يعني رواية الجماعة عن سفيان. وزاد
في الكان الأخر:
" وهذا أصح ". وقال المنذري في " مختصره ":
" وأخرجه الترمذي والنسائي في "اليوم والليلة "، وقال الترمذي: حديث
حسن. وأخرجه النسائي من حديث يزيد [كذا بالمثناة! وهو تصحيف، والصواب:
بريد، بضم الباء الموحدة] بن أبي مريم عن أنس؛ وهو أجود من حديث معاوية بن
قُرة، وقد روي عن قتادة عن أنس موقوفاً ".
قلت: وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/274) :(3/15)
" رواه أبو داود والنسائي في " اليوم والليلة " والترمذي- وحسنه- من حديث
أنس. وضعفه ابن عدي وابن القطان. ورواه في "اليوم والليلة"- بإسناد آخر جَيد-
وابن حبان في "صحيحه " والحاكم- وصححه- ".
قلت: وقد أخرجه ابن السُّنِّيِّ في "اليوم والليلة" (رقم 155) من طريق
النسائي، وإسناده هكذا: أخبرنا أبو عبد الرحمن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود:
ثنا يزيد بن زُرَبْع: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن بُرَيْدِ بن أبي مريم ... به؛
وزاد في أخره: ً
" فادعوا ".
وكذا أخرجه أحمد (3/155) من طريقين عن إسرائيل.
وهذا إسناد صحيح، فإن بريداً ثقة بلا خلاف. وبقية الرجال ثقات مشهورون.
وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَبيعي.
وقد تابعه ابنه يونس فقال: ثنا بريد بن أبي مريم ... به.
أخرجه أحمد أيضا (3/225) ؛ وهو صحيح أيضا.
والحديث عزاه المنذري في "الترغيب " (1/115) لابن خزيمة وابن حبان في
"صحيحيهما"! وإنما أخرجاه من هذه الطريق الصحيح، كما في "التلخيص "
(3/206) .
وعزاه العراقي- كما سبق- للحاكم! ولم أجده عنده بهذا اللفظ؛ وإنما أخرجه
بلفظ
"الدعاء مستجاب ما بين النداء!.(3/16)
وسنده ضعيف جداً. وأشار إلى حديث الباب (1/198) . وله طريق رابع عند
الخطيب في " تاريخه " (8/70) .
35- باب ما يقول إذا سمع المؤذن
535- عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا سمعتم النداء؛ فقولوا مثل ما يقول المؤذن ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وكذا ابن حبان
(1684) ، وأبو عوانة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن
عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في " الموطأً" (1/86- 87) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/72) ، ومسلم (2/4) ، وأبو عوانة (1/337)
والنسائي (1/109) ، ومن طريقه: ابن السني (رقم 88) ، والترمذي (1/407-
408) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/245) ، والطحاوي
(1/85) ، وأحمد (3/6 و 53 و 78) ، والبيهقي (1/408) ، والخطيب (9/335)
كلهم عن مالك ... به.
وقد تابعه يونس بن يزيد عن الزهري: عند الدارمي (1/272) ، وأبي عوانة،
والطحاوي، والطيالسي (رقم 2214) ، وأحمد (3/90) .(3/17)
وابن جريج ومعمر: عند أبي عوانة.
وخالفهم في إسناده: عَبَّاد بن إسحاق- أو عبد الرحمن بن إسحاق-، فقال:
عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه ابن ماجه والطحاوي. وذكره الترمذي معلقاً، وقال:
" ورواية مالك أصح ". وكذا قال أحمد بن صالح وأبو حاتم وأبو داود؛ كما في
"الفتح ".
536- عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا. سمعتم المؤذن؛ فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُوا علي؛ فإنه مَنْ
صلى عليَ صلاة؛ صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛
فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا
هو، فمن سأل الله لي الوسيلة؛ حلَّت عليه الشفاعة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه"
بإسناد المصنف. ومن طريقه أبو عوانة في "صحيحه "، وقال الترمذي: " حديث
حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة: ثنا ابن وهب عن ابن لهيعة وحَيوَة وسعيد
ابن أبي أيوب عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبَيْرٍ عن عبد الله بن
عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/337) من طريق المصنف؛ إلا(3/18)
أنه لم يقع في إسناده ابن لهيعة.
وأخرجه مسلم (2/4) ... بهذا الإسناد، لكن لم يصرح باسم ابن لهيعة، بل
قال: عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب وغيرهما.
ثم أخرجه أبو عوانة من طريق أخرى عن ابن وهب عن حيوة وحده.
وكذلك أخرجه النسائي (1/110) ، ومن طريقه ابن السني (ص 33 رقم
91) ، والترمذي (2/282- طبع بولاق) ، والطحاوي (1/85) ، وابن خزيمة في
"صحيحه " (1/218- 219) ، وكذا ابن حبان (3/99/1688- 1690) ، وأحمد
(2/168) من طرق أخرى عن حيوة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
537- عن عبد الله بن عمرو:
أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن المؤذنين يَفْضلوننا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قُلْ كما يقولون؛ فإذا انتهيت؛ فَسَلْ تعْطَهْ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه") .
إسناده: حدثنا ابن السَّرْح ومحمد بن سلمة قالا: ثنا ابن وهب عن حَيي عن
أبي عبد الرحمن- يعني: الحبلِيَّ- عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد محتمل للتحسين، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حيي
- بضم أوله ويائين من تحت، الأولى مفتوحة-، وهو ابن عبد الله بن شُريح المَعَافِرِي
المصري؛ وهو مختلف فيه. فقد جاء في ترحمته من "التهذيب " ما نصه:(3/19)
" قال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال البخاري: ديه نظر. وقال النسائي: ليس
بالقوي. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به إذا
روى عنه ثقة ... وذكره ابن حبان في "الثقات " ".
قلت: وقال الذهبي في "الميزان ":
" قلت: ما أنصفه ابن عدي؛ فإنه ساق في ترجمته عدة أحاديث من رواية
ابن لهيعة عنه، كان ينبغي أن تكون في ترجمة ابن لهيعة ".
وقد ذكر الذهبي أن الترمذي حسن له، وكذا حسن له المنذري في "الترغيب "
(1/211 و 214) ، والهيثمي في "المجمع " (2/254 و 10/122) ، وصحح له ابن
حبان كما يأتي، والحاكم في "المستدرك " (1/321) ، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ
في "التقريب ":
" صدوق يهم ".
قلت: فهو- إن شاء الله تعالى- حسن الحديث ما لم يظهر خطؤه؛ كغيره من
الثقات الذين في حفظهم ضعف غير شديد، وقد مر منهم جماعة.
والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف. وقال المنذري في
"مختصره ":
" وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة " ... "، وزاد في "الترغيب " (1/113) :
" وابن حبان في "صحيحه " ".
وليعلم أن الحديث يشهد لمعناه الحديثان المتقدمان في الباب، وحديث أنس
في الباب الذي قبله، فهو صحيح.(3/20)
537/ م- عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأن محمد اً عبده ورسوله، رضيت بالله ربّاً، وبمحمد رسولاً،
وبالاسلام ديناً؛ غُفِرَ له ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وبه أخرجه في "صحيحه "،
وكذا ابن حبان (1691) ، وأبو عوانة في "صحيحه ". وقال الحاكم: " صحيح "،
ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن الحُكَيْمِ بن عبد الله بن قيس
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد بن أبي وقاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ورجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف.
وأخرجه بإسناده مسلم (2/5) . والنسائي (1/110) . ومن طريقه ابن السني
(رقم 95) ، وأحمد (1/181) ، والترمذي (1/411- 412) ، وقال:
" حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث الليث بن سعد عن
حُكَيْم بن عبد الله بن قيس ".
وأخرجه الحاكم (1/203) من طرق عن قتيبة ... به، وقال:
" صحيح، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!
وقد وهما في الاستدراك على مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما
رأيت.(3/21)
ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة أيضا (1/340) ، وابن ماجه (1/245) ،
والطحاوي (1/87) من طرق أخرى عن الليث ... به.
وفي كلام الترمذي السابق ما يشير إلى أن الليث تفرد به!
وليس كذلك؛ فقد تابعه عبيد الله بن الغيرة: عند الطحاوي، وإسناده هكذا:
ثنا روح بن الفرج قال: ثنا سعيد بن كثير بن عُفَيْر قال: ثنا يحيى بن أيوب عن
عبيد الله بن المغيرة عن الحُكَيْمِ بن عبد الله بن قيس ... فذكر مثده بإسناده؛ وزاد
أنه قال:
" من قال حين يسمع المؤذن يتشهد ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مترجم لهم في "التهذيب ".
وفيه هذه الزيادة التي عَيَنَتْ مكان هذا القول، وهو بعد تشهد المؤذن، لا بعد
فراغه من أذانه كما استظهره السندي؛ ففيه إشارة إلى عدم وجوب المتابعة في كل
ما يقوله المؤذن؛ كما ذكرته في "الثمر المستطاب ".
538- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال:
" وأنا وأنا ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والنووي، وأخرجه ابن حبان في
"صحيحه " (1681)) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: ثنا علي بن مُسْهِر عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة.(3/22)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن
مهدي، وهو ثقة.
وقال النووي في "الأذكار" (ص 49) :
" إسناد صحيح ".
والحديث أخرجه البيهقي (1/409) من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (1/204) ، والطبراني في "الأوسط" (1/291/1) من طريق
سهل بن عثمان العسكري: ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة ... به. وقال
الحاكم:
" إسناد صحيح ".
قلت: وهو على شرط مسلم؛ فإن سهلاً هذا من شيوخه، وسائر الرواة من
رجالهما.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (3/96- 97/1681) ، وسقط من
"الموارد": عن سهل.
وله في "المسند" (6/124) طريق أخرى بلفظ آخر.
وسنده صحيح على شرط مسلم.
وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام: أخرجه أحمد أيضا (5/451) ،
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يحيى بن عبد الرحمن- وهو الثقفي-؛ قال
الذهبي:
" تفرد عنه سعيد بن أبي هلال ".(3/23)
قلت: ومع ذلك؛ أورده ابن حبان في "الثقات" على قاعدته! وقال الحافظ في
" التقريب ":
"مقبول ".
539- عن عمر بن الخطاب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر،
فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإذا قال:
أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال:
حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على
الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم فال: الله أكبر الله أكبر، قال:
الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله- من قلبه-،
دخل الجنة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان
(1683) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا محمد بن جَهْضَم: ثنا إسماعيل بن
جعفر عن عمَارةَ بن غَزِيَّةَ عن خُبَيْبِ بن عبد الرحمن بن إسًاف عن حفص بن
عاصم بن عمر عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مسلم (2/4) ، وأبو عوانة (1/339) ، والبيهقي (1/408-
409) من طرق عن محمد بن جهضم ... به.(3/24)
ثم أخرجه أبو عوانة، والطحاوي (1/86) من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوِيِّ
قال: ثنا إسماعيل بن جعفر ... بإسناده مثله.
وعزاه المنذري في كتا بيه "مختصر السنن " و "الترغيب " (1/112) للنسائي!
ولم أجده عنده؛ ولم يعزه إليه النابلسي في "الذخائر" رقم (5588) ! فالظاهر أنه
في "سننه الكبرى"، أو في "عمل اليوم والليلة" له!
36- باب ماجاءفي الدعاء عند الأذان
540- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من قال حين يسمع الند اء: اللهم! ربَ هذه الدعوة التامة والصلاة
القائمة! أت محمداًا لوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي
وعدته؛ إلا حَلَّتْ له الشفاعة يوم القيامة " (1) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وقال الترمذي: " حديث صحيح حسن ". ورواه ابن خزيمة وابن حبان في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا علي بن عياش: ثنا شعيب بن أبي
حمزة عن محمد بن المنكدرعن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث في "مسند أحمد" (3/354) ... بهذا السند.
__________
(1) تم الجزء الثالث من تجزثة الخطيب، ويتلوه الجزء الرابع.(3/25)
وبه أخرجه البخاري في "صحيحه " (2/75- 76) وفي "أفعال للعباد". (ص
74) .
وأخرجه النسائي (1/110- 111) ، وعنه ابن السني (رقم 93) ، والترمذي
(1/413- 414) ، وابن ماجه (1/245) ، والطحاوي (1/87) ، والطبراني في
"المعجم الصغير" (ص 140) ، والبيهقي (1/410) من طرق عن علي بن
عياش ... به. وقال الترمذي:
" حديث صحيح حسن غريب، لا نعلم أحداً رواه غير شعيب بن أبي حمزة
عن محمد بن المنكدر "! وكذا قال الطبراني أنه:
" لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا شعيب "! قال الحافظ:
" وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر: أخرجه الطبراني في "الأوسط من
طريق أبي الزبير عن جابر نحوه ".
قلت: والظاهر أنه يعني ما أخرجه أحمد (3/337) ، وابن السني (رقم 94)
وغيرهما من طريق الحسن بن موسى: ثنا ابن لهيعة: ثنا أبو الزبير عن جابر
مرفوعاً؛ بلفظ:
" من قال حين ينادي النادي: اللهم! ربَّ هذه الدعوة التامة وللصلاة القائمة!
صَل على محمد، وارْضَ عنه رضاً لا تسخط بعده؛ استجاب الله دعوته ".
وهذا السياق مخالف لحديث الباب! والظاهر أن ذلك من ابن لهيعة؛ فقد كان
سيئ الحفظ.
فحديثه هذا يصلح شاهداً ومتابعة في الجملة.(3/26)
(تنبيهات) :
الأول: زاد البيهقي من طريق محمد بن عوف عن علي بن عياش زيادتين:
الأولى: " اللهم! إني أساكك بحق هذه الدعوة "، والأخرى في آخره: " إنك لا
تخلف الميعاد "!
وهاتان زيادتان شاذتان عندي؛ لأنهما لم تردا في سائر الطرق عن علي بن
عياش، ولا في الطريق الأخرى عن جابر، اللهم إلا الزيادة الأخرى؛ فإنها مما ثبت
للكشميهني في "صحيح البخاري "- كما في "المقاصد الحسنة" للسخاوي-،
ولكنها شاذة أيضا؛ لأنها لم تثبت في غير رواية الكشميهني لـ "الصحيح "! وكأنه
لذلك لم يعرج عليها الحافظ في "شرحه ".
ويؤيد ذلك: أنها لم ترد في الكتاب الآخر البخاري ألا وهو "أفعال العباد"؛
مع أن إسناده فيهما واحدا
الثاني: قال الحافظ في "التلخيص " (3/203) - وتبعه السخاوي في "المقاصد"-:
" وليس في شيء من طرق الحديث ذكر الدرجة الرقيعة ".
قلت: قد وقعت في رواية ابن السني لحديث الباب؛ لكن الظاهر أنها مدرجة
من قبل بعض النساخ؛ فقد علمت مما سبق في تخريج الحديث أنه عنده من طريق
النسائي؛ وليست هي في "سننه "!
وقد وقعت أيضا في كتاب "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" لشيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ معزواً البخاري! وهو وهم فاحش- من قبل بعض
النساخ حتماً-. ومن الغريب: أن السيد رشيد رضا رحمه الله تعالى مر عليها دون
أي تنبيه! والمعصوم من عصمه الله وحده!
الثالث: رواية المصنف والبخاري والجمهور: " مقاماً محموداً " بالتنكير.(3/27)
وأما النسائي والبيهقي فقالا: " المقام المحمود " بالتعريف؛ وهي رواية الطحاوي
أيضا، والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، كما في "الفتح ".
والصحيح رواية البخاري ومن معه؛ لوجوه كثيرة؛ أوردها المحقق ابن القيم في
" بداخ الفوائد" (4/105) ؛ فراجعها.
37- باب ما يقول عند أذان المغرب
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
38- باب أخذ الأجر على التأذين
541- عن عثمان بن أبي العاص قال:
قلت (وفي رواية: أن عثمان ابن أبي العاص قال) : يا رسول الله!
اجعلني إمام قَوْمِي. قال:
" أنت إمامهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتَّخِذْ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " نحوه بتمامه، ومسلم: الفصل
الأول منه، والترمذي: الفصل الأخير، وقال: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أنا سعيد الجُريري عن أبي
العلاء عن مُطَرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت ... وقال
موسى في موضع آخر: إن ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجأله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وحماد: هو
ابن سلمة.(3/28)
وقد تابعه حماد بن زيد، كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/9؟ ا) ، والطحاوي (2/270) ، والحاكم
(1/199 و 201) ، وعنه البيهقي (1/429) ، وأحمد (4/21 و 217) من طرق
أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه أحمد من طريق عفان قال: ثنا حماد بن زيد: أنا سعيد
الجريري ... به.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وللحديث طريق أخرى: أخرجها أبو عوانة في "صحيحه " (2/86- 87) من
طريق عمرو بن عثمان بن مَوْهَبٍ عن موسى بن طلحة عن عثمان بن أبي العاص
قال: قال النبي عَبيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أُمَّ قومَكَ، وصلِّ بهم صلاة أضعفهم. .. " الحديث، وزاد في رواية:
" واتخذ مؤذناً ... " إلخ.
وإسنادها صحيح.
وهو في " مسلم " (2/43- 44) بدونها.
وقد أخرجها وحدها: الترمذيّ (1/409- 410) ، وابن ماجه (1/244) ،
والحميدي في " مسنده " (906) ، وابن حزم (3/145) من طريق أشعث بن
عبد الملك الحُمْرَاني عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(3/29)
وله شاهد: يرويه الوليد بن مسلم عن سعيد القطيعي عن المغيرة بن شعبة
قال:
سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعلتي إمام قومي، فقال ... فذكره نحوه.
أحرجه الطبراني في "الكبير" (20/434- 435) .
ورجاله ثقات؛ غير سعيد هذا، ويمكن أن يكون الذي في "الجرح "
(2/1/56/245) :
" سعيد بن قطن القطعي.. شيخ "!
فإن كان هو؛ فهو- في ظني- منقطع بينه وبين المغيرة، أو بينه وبين الوليد!
39- باب في الأذان قبل دخول الوقت
542- عن ابن عمر:
أن بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر؛ فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يرجع فينادي: ألا
إن العبد نام، ألا إن العبد نام (زاد في رواية: فرجع فنادى: ألا إن العبد
نام) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد قواه ابن التركماني والحافظ
ابن حجر العسقلاني) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب- المعنى- قالا: ثنا حماد
عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
قال أبو داود: " وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة "!(3/30)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أُعل بما لا يقدح، كما
يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (1/83) ، والبيهقي (1/383) من طرق أخرى عن
موسى بن إسماعيل ... به.
ثم أخرجاه من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 90) .
وقد علمت أن الحديث صحيح الإسناد. لكن أعلَّه الأئمة بعلتين:
الأولى: تفرد حماد به.
والأخرى: مخالفة الحديث للحديث الصحيح الوارد من طرق؛ منها: عن
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفط:
" إن بلالأ يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ".
أخرجه مسلم (3/129) وغيره!
أما العلة الأولى: فقد أعله بها المصنف كما سبق؛ وقال عقب حديث نافع
الآخر الآتي بعد هذا:
" وهذا أصح من ذاك "؛ يعني من حديث حماد هذا! وقال ابن أبي حاتم في
"العلل " (1/114/رقم 308) عن أبيه:
" ولا أعلم روى هذا الحديث عن أيوب ... إلا حماد بن سلمة، وشيئاً حدثنا
عمر بن علي الإسْفَذْنِيُ قال: حدثنا ابن أبي محذورة عن عبد العزيز بن أبي رود
عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: والصحيح عن نافع عن ابن عمر: أن(3/31)
عمر أمر مسروحاً: أذِّن قبل الفجر، وأمره أن يرجع. وفي بعض الأحاديث: أن
بلالاً أذن قبل الفجر "!
وأما العلة الأخرى: فقد أعلَّه بها أبو حاتم؛ فقال- وهو تمام كلامه السابق-:
" فلو صح هذا الحديث؛ لدفعه حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة،
والقاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إنَّ بلالأ يؤذن بليل،
وكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم "؛ فقد جوَّز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأذانْ قبل الفجر،
مع أن حديث حماد بن سلمة خطأ. قيل له: فحديث ابن أبي محذورة؟ قال: ابن
أبي محذورة شيخ "! وقال الترمذي- بعد أن علق الحديث (1/394) -:
" هذا حديث غير محفوظ. والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن
نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن بلالاً يؤذن بليل ... " ... " الحديث.
قال:
" ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث " قال:
" ولو كان حديث حماد صحيحاً؛ لم يكن لهذا الحديث معنى؛ إذ قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن بلالاً يؤذن بليل "؛ فإنما أمرهم فيما يستقبل، ولو أنه أمره بإعادة
الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر؛ لم يقل: " إن بلالاً يؤذن بليل ". قال علي بن
المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. هو غير محفوظ؛ وأخطأ فيه حماد بن سلمة "!
أقول: وهاتان العلتان غير قادحتين عندنا في صحة الحديث؛ وإليك البيان:
أما الأولى: فذلك لأن حماد بن سلمة لم يتفرد بالحديث؛ بل تابعه عن
أيوب: سعيد بن زَرْبِيَ، كما قال الدارقطني والبيهقي، وهو وإن قالا فيه: إنه
ضعيف؛ فقد رواه معمر بن راشد عن أيوب قال:(3/32)
أدْن بلال مرة بليل ... فذكره مرسلاً.
أخرجه الدارقطني (ص 91) .
ثم إنه لم يتفرد به أيوب عن نافع؛ بل قد تابعه ابن أبي رواد؛ كما سبق في
كلام أبي حاتم.
وقد أخرجه البيهقي (1/383) من طريق أخرى عن إبراهيم بن عبد العزيز بن
أبي محذورة عن ابن أبي رواد.
وهذ اإسناد- على انفراده- قوي حسن؛ فإن إبراهيم هذا؛ ذكره ابن حبان
في "الثقات "، وصحح له الترمذي حديثاً في الأذان، وقد ذكرناه فيما مضى (رقم
518) . وابن أبي رواد، وهو ثقة. ولا يلتفت إلى طعن ابن حبان فيه؛ فإنه بدون
بينة؛ كما قال الذهبي. ولذا قال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق عابد ربما وهم ". وقال ابن التركماني- بعد أن وثق إبراهيم المذكور-:
" وباقي السند صحيح أيضا ".
ثم إن إبراهيم لم يتفرد به؛ فقد أخرجه الدارقطني (91) من طريق عامر بن
مُدْرَكٍ: ثنا عبد العزيز بن أبي رواد ... به. وقال:
" وهم فيه عامر بن مدرك، والصواب ما تقدم عن شعيب بن حرب عن
عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن مؤذن عمر عن عمر ... قوله "!
قلت: يعني: الأثر الآتي عقب الحديث! وزعْمُهُ أن عامراً وهم فيه؛ يرده
متابعة ابن أبي محذورة له؛ ويظهر أنه لم يقف عليها.
ثم إن عامراً قد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال:
" ربما أخطأ ".(3/33)
وأخرج له في "صحيحه "، والحاكم في " المستدرك "، كما قال ابن التركماني.
ثم إن للحديث شواهد:
فمنها: ما أخرجه الدارقطني من طريق أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن أنس:
أن بلالاً أذن قبل الفجر، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يصعد فينادي ... الحديث. وقال:
" تفرد به أبو يوسف عن سعيد. وغيره يرسله عن سعيد. عن قتادة عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثم رواه من طريق عبد الوهاب عن سعيد ... به مرسلأ. قال ابن التركماني:
" قلت: أبو يوسف؛ قد وثقه البيهقي وابن حبان، وقد زاد الرفع، فوجب قبول
زيادته "!
كذا قال: الرفع! وهو سبق قلم، والصواب " الوصل "، كما يدل عليه السياق.
ثم هب أن الصواب أنه مرسل؛ فهو مرسل قوي الإسناد- كالأتي بعده- يصلح
شاهدالحديث الباب، كما لا يخفى.
ومنها: ما أخرجه الدارقطني- من طريق يونس بن عبيد-، والبيهقي (1/384
- 385) - من طريق سليمان بن المغيرة- كلاهما عن حميد بن هلال قال:
أذن بلال بليل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارجع ... " الحديث. قال البيهقي:
" هكذا رواه جماعة عن حميد مرسلاً ". قال الزيلعي (1/284) :
" قال في "الإمام ": لكنه مرسل جيد، ليس في رجاله مطعون فيه ".
وبالجملة؛ فالحديث لا شك في صحته بعد هذه المتابعات والشواهد؛ وهي ترد(3/34)
دعوى وهم حماد بن سلمة فيه؛ مهما كان شأن قائلها.
وذلك من الأدلة على أنه ليس من السهل رد رواية الثقة لمجرد مخالفته لرواية
غيره من الثقات؛ لأنه قد تكون الخالفة مخالفة تعدد لا تعارض، كما هو الحال في
هذا الحديث، على ما سنبينه في كلامنا الآتي؛ وهو:
وأما الجواب عن العلة الأخرى: فهو أنه لا تعارض ولا مخالفة بين حديث
الباب والحديث الآخر: " إن بلالاً يؤذن بليل ... " إلخ؛ إلا على افتراض أن بلالاً
بقي طيلة حياته يؤذن بليل قبل انشقاق الفجر، ودون إثبات ذلك خَرْط القَتَادِ!
بل قد ثبت حلافه، وهو أن بلالاً رضي الله تعالى عنه كان يؤذن برْهة من
الزمن عند طلوع الفجر؛ وذلك في عهد النبي عليه الصلاة والسلام. والدليل على
ما ذهبنا إليه أحاديث.
الأول: الحديث المتقدم في الكتاب (رقم 532) ؛ وفيه أن بلالاً كان ينظر إلى
الفجر، فإذا رآه تمطى ثم يؤذن. والكلام على إسناده سبق تحقيقه هناك فراجعه.
قال الزيلعي (1/287) - بعد أن ساق الحديث-:
" قال عبد الحق: والصحيح أن بلالاً كان يؤذن بليل. وقال ابن القطان: وهذا
أيضا صحيح على أصله؛ فإن ابن إسحاق عنده ثقة، ولم يعرض له المصنف إلا من
جهة معارضة غيره له. قال الشيخِ في "الإمام ": والتعارض بينهما لا يتحقق إلا
بتقدير أن يكون قوله: " إن بلالآ يؤذن بليل " في سائر العام؛ وليس كذلك؛ إنما
كان ذلك في رمضان. والذي يقال في هذا الخبر: إنه حسن. انتهى ".
الثاني: عن أبي ذر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال:
" أنت يا بلال تؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء؛ فليس ذلك بالصبح؛
إنما الصبح هكذا معترضاً "؛ ثم دعا بسحوره فتسخَر.(3/35)
أخرجه أحمد (5/172) ، والطحاوي (1/84) .
وفي رواية لأحمد:
ثم أذن بلال للصلاة، فقال:
" أفعلت؟! ". قال: نعم. قال:
" يا بلال! إنك لتؤذن إذا كان ... " الحديث.
وهو حسن أو صحيح، كما سيأتي تحقيقه بعد، فانظر الحديث (رقم 545/م) .
الثالث: عن ابن عمر قال:
تسحر رسول الله ذات ليلة؛ وعنده قوم، فجاء علقمة ابن عُلآثة العامري،
فدعا له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأس، فجاء بلال ليؤذن بالصلاة، فقالى:
" رويدك يا بلال! يَتَسَحرْ علقمة ". قال في "المجمع " (3/153) :
" رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه قيس بن الربيع؛ وثقه شعبة وسفيان
الثوري، وفيه كلام ".
قلت: ومن طريقه: أخرجه الطيالسي في "مسنده " (ص 258 رقم لمه 18) ،
وإسناده هكذا: حدثنا قيس عن زهير بن أبي ثابت الأعمى عن تميم بن عياض
عن ابن عمر.
وزهير هذا؛ قال الذهبي في "الميزان ":
"ثقة".
وأما تميم بن عياض؛ فلم أعرفه.
الرابع: عن أنس بن مالك مرفوعاً:(3/36)
" لا يمنعنكم أذان بلال من السحور؛ فإن في بصره شيئاً ".
أخرجه الطحاوي (1/84) ، وأحمد (3/140) من طريق محمد بن بشر عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن التركماني (1/385) :
" سنده جيد ".
الخامس: عن سمرة بن جندب مرفوعاً:
" لا يغرئكم نداء بلال؛ فإن في بصره سوءاً ".
أخرجه أحمد (5/9) : ثنا عفان: ثنا همام: حدثني سوادة قال: سمعت
سمرة بن جندب.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه في "صحيحه " (3/130) من طريق سوادة هذا- وهو ابن
حنظلة-؛ دون قوله:
" فإن ... " إلخ.
وقد ذكره الزيلعي (1/284) بتمامه، وذكر أنه رواه أبو داود والنسائي والترمذي
وأحمد!
وعزوه لغير أحمد وهم أو تساهل؛ فإنه عندهم كرواية مسلم؛ وسيأتي في
الكتاب إن شاء الله تعالى (رقم 2031) .
السادس: عن شيبان:
أنه غدا إلى السجد.. فرأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتغدَّى؛ قال:(3/37)
" هَلُمَ إلى الغداء ". فقال: يا رسول الله! إني أريد الصيام! قال:
" وأنا أريد الصيام؛ إن مؤذننا في بصره سوء؛ أذن قبل الفجر ".
أخرجه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط "؛ وفيه قيس بن الربيع أيضا.
والظاهر أن هذا المؤذن هو بلال؛ المصزح به في الأحاديث المتقدمة.
السابع: عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إن ابن أم مكتوم يؤذن بلمل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال "؛ وكان بلال لا
يؤذن حتى يرى الفجر.
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "نصب الراية" (1/289) -.
وللحديث طريقان:
الأول: أخرجه النسائي (1/105) من طريق خُبَيْبِ بن عبد الرحمن عن
عمته أُنَيْسَةَ.
والطريق الثاني: أخرجه أحمد (6/185) : ثنا إسماعيل بن عمر قال: ثنا
يونس بن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال:
قلت لعائشة أم المؤمنين: أيَّ ساعة توترين؟ لعله قالت: ما أوتر حتى يؤذنون،
وما يؤذنون حتى يطلع الفجر. قالت: وكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذنان: بلال وعمرو
ابن أم مكتوم؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أذن عمرو فكُلُوا واشربوا؛ فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا
أيديكم؛ فإن بلالاً لا يؤذن- كذا قال- حتى يصبح ".
وهذا رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه منقطع بين يونس بن أبي إسحاق
والأسود بن يزيد؛ فإن بين وفاتيهما (84) سنة. ولعل يونس رواه عن أبيه عن(3/38)
الأسود؛ فسقط ذكر الأب من الناسخ أو الطابع (*) !
ومما يؤيد هذا الاحتمال: أن أبا إسحاق معروف بالرواية عن الأسود بن يزيد.
والله أعلم.
ثم رأيت للحديث طريقاً ثالثاً: أخرجه البيهقي (1/382) من طريق يعقوب
ابن محمد بن عيسى المدني: ثنا عبد العزيز بن محمد: ثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة ... مرفوعاً به نحوه؛ وزاد: قالت عائشة:
وكان بلال يبصر الفجر. قال هشام:
وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر! وقال البيهقي:
" كذا روي بإسناده. وحديث عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن
عائشة أصح ".
قلت: وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن يعقوب
ابن محمد بن عيسى المدتي قدتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه.
وحديث عبيد الله بن عمر الذي أشار إليه البيهقي ورجحه على هذا؛ قد
أخرجه هو (1/382 و 429) ، ومسلم (13/29) من طرق عن عبيد الله ... به؛
بلفظ حديثه عن نافع عن ابن عمر، وقد تقدم في صدر هذا البحث.
ورواية الجماعة عنه أصح كما قال البيهقي؛ لكن رواية حفص قوية أيضا؛
لأنه قد شهد لها الطريقان الآخران للحديث، ويشهد له أيضا الحديث الآتي، وهو:
الثامن: عن أنيسة بنت خبيب قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
(*) كذا قال الشيخ رحمه الله، والذي يبدو- والله أعلم- أن (يونس عن أبي إسحاق) في
السند تحرف إلى (يونس بن أبي إسحاق) في بعض الطبعات ومنها طبعة الشيخ، فإنها على
الصواب في بعض الطبعات الأخرى، وبذا يكون السند متصلاً.(3/39)
(إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا ".
قالت: وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها؛ فتقول لبلال: أمْهِلْ حتى
أفرغ من سحوري.
أخرجه أحمد (6/433) : ثنا هشيم: ثنا منصور- يعني: ابن زاذان- عن
خبيب بن عبد الرحمن عنها.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الطحاوي (1/83) ، وكذا النسائي (1/105) ، والطبراني.
وقد تابعه شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن ... به.
أخرجه البيهقي (1/382) بإسناد صحيح عنه.
لكن اختلف فيه أيضا على شعبة؛ كما بينته في "الثمر المستطاب". لكن
الأصح عندي: هذه الرواية؛ لمتابعة منصور له عليها ولا اختلاف فيها.
وقد أخرجه ابن حبان (رقم 887) ، وابن خزيمة وابن المنذر من طرق عن
شعبة ... به، كما في "الفتح " (2/81) ، وقال:
" وادعى ابن عبد البر وجماعة من الأئمهَ بأنه مقلوب، وأن الصواب حديث
الباب [قلت: يعني: حديث ابن عمر من طريق عبد الله بن دينار عنه] . وقد كنت
أميل إلى ذلك، إلى أن رأيت الحديث في "صحيح ابن خزيمة" من طريقين آخرين؛
وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه، وهو قوله: " إذا أذن عمرو؛ فإنه ضرير
البصر؛ فلا يغرئكم، وإذا أذن بلال فلا يطعَمَنَّ أحد ". وأخرجه أحمد.
وجاء عن عائشة أيضا: أنها كانت تنكر حديث ابن عمر، وتقول: إنه غلط.
أخرج ذلك البيهقي من طريق الدراوردي عن هشام عن أبيه عنها ... فذكر(3/40)
الحديث؛ وزاد: قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال: وكانت عائشة
تقول: غلط ابن عمر ". انتهى.
وقد جمع ابن خزيمة والضبعي بين الحديثين بما حاصله: أنه يحتمل أن يكون
الأذان كان نوَباً بين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّم الناس أن الأذان
الأول منهما لا يحرِّم على الصائم شيئاً، ولا يدل على دخول وقت الصلاة؛
بخلاف الثاني. وجزم بذلك ابن حبان؛ ولم يبْدهِ احتمالاً. وأنكر ذلك عليه
الضياء وغيره. وقيل: لم يكن نوباً؛ وإنما كانت لهمَا حالتان مختلفتان؛ فإن بلالاً
كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده، ولا يؤذن للصبح حتى يظلع الفجر.
وعلى ذلك تحمل رواية عروة عن امرأة من بتي النجار قالت:
كان بلال يجلس على بيتي وهو أعلى بيت في المدينة؛ فإذا رأى الفجر تمطَّى
ثم أذن.
أخرجه أبو داود، وإسناده حسن.
ورواية حميد عن أنس:
أن سائلاً سأل عن وفت الصلاة؟ فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً، فأذن حين طلع
الفجر ... الحديث.
أخرجه النسائي، وإسناده صحيح (1) . ثم أردف بابن أم مكتوم، وكان يؤذن
__________
(1) الحديث في "سننه الصغرى" (1/94) بإسناد صحيح كما قال الحافظ؛ لكن ليس
فيه أن المأً مور هو بلال! فلعل ذلك في "سننه الكبرى"!
وقد أخرجه البيهقي (1/377-388) ، وأحمد (3/113) .
ومعناه في "صحيح مسلم " ولا أبي عوانة" من حديث أبي موسى وبريدة؛ وقد مضيا في
الكتاب (رقم 422و 424) .(3/41)
بليل، واستمر بلال على حالته الأولى. وعلى ذلك تنزل رواية أنيسة وغيرها. ثم
في آخر الأمر؛ أخر ابن أم مكتوم لضعفه، ووكل به من يراعي له الفجر، واستمر
أذان بلال بليل، وكان سبب ذلك ما روي أنه ربما كان أخطأ الفجر، فأذن قبل
طلوعه وأنه أخطأ مرة، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرجع فيقول: ألا إن العبد لْام، يعني:
أن غلبة النوم على عينيه منعته من تبيّن الفجر.
وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن
نافع عن ابن عمر موصولاً مرفوعاً، ورجاله ثقات حفاظ؛ لكن اتفق أئمة الحديث
- علي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والذّهْلِيّ وأبو حاتم وأبو داود والترمذي
والأثرم والدارقطني- على أن حماداً أخطأ في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر
ابن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وأن حماداً تفرد برفعه. ومع
ذلك؛ فقد وجد له متابع.
أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن زَرْبِيّ- وهو بفتح الزاي، وسكون الراء،
بعدها موحدة، ثم ياء كياء النسب-؛ فرواه عن أيوب موصولاً؛ لكن سعيد ضعيف.
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أيضا؛ لكن أعضله فلم يذكر نافعاً ولا
ابن عمر. وله طريق أخرى عن نافع: عند الدارقطني وغيره، اختلف في رفعها
ووقفها أيضا.
وأخرى مرسلة من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حميد بن هلال.
وأخرى من طريق سعيد عن قتادة مرسلاً. ووصلها يونممى عن سعيد بذكر
أنس.
وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً قؤةً ظاهرةً. فلهذا- والله أعلم- استقر أن بلالاً
يؤذن الأذان الأول.(3/42)
فتبين مما تقدم أن حديث الباب حديث صحيح، وأن ما أعلّوه به- من التفرُد
والمخالفة- غير صحيح؛ فلا يغتر بذلك أحد؛ فإن المعصوم من عصمه الله الواحد
الأحد!
543- عن نافع عن مؤذنٍ لعمر- يقال له: مسروح-:
أذن قبل الصبح، فأمره عمر ... فذكر نحوه.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أيوب بن منصور: ثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي
رواد: نا نافع.
وهذا إسناد رجاله موثقون؛ غير مسروح؛ ففيه جهالة، كما قال الذهبي في
" الميزان ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الحافط:
"مقبول ".
وقد خولف ابن أبي رؤَاد في إسناده، فقال عبيد الله بن عمر: عن نافع عن
ابن عمر قال:
كان لعمر مؤذن ... الحديث نحوه، كما يأتي عقب هذا. وقال المصنف: إنه
أصح. وذلك لأن عبيد الله بن عمر أحفظ من ابن أبي رواد، وهذا موصول.
ولذلك صححه أبو حاتم، كما سبق في الحديث الذي قبله.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 90) ، والبيهقي (1/384) من طريق
المصنف.(3/43)
544- قال أبو داود: " وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر
عن نافع أو غيره: أن مؤذناً لعمر- يقال له: مسروح- ... ".
(قلت: وهذا منقطع بين نافع وعمر، لكنه صح موصولاً بذكر ابن عمر
بينهما؛ وهو الذي بعده) .
إسناده: لم أجد من وصله! وعلقه الترمذي أيضا، فقال (1/394- 395) :
" وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع: أن مؤذناً لعمر أذن بليل، فأمره عمر
أن يعيد الأذان. وهذا لا يصح؛ لأنه عن نافع عن عمر منقطع "!
قلت: ورواية ابن أبي رواد؛ قد وصلها المصنف كما سبق، وهي ليست
منقطعة؛ بل هي موصولة بذكر مسروح بين نافع وعمر، وإنما علتها جهالة مسروح
هذا، كما نقلناه عن الذهبي هناك.
545- قال أبو داود: " ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن
عمر قال: كان لعمر مؤذن- يقال له: مسعود ... وذكر نحوه. وهذا أصح
من ذاك ".
(قلت: لم أجد من وصله- كالذي قبله-؛ وقد صححه أبو حاتم) .
إسناده: لم أجد من وصله! وفي هذه الرواية زيادة (ابن عمر) بين نافع وعمر،
فعادت بذلك موصولة، وزالت بذلك شبهة الانقطاع أو الجهالة. ولذلك صححه
أبو حاتم، كما تقدم ذكره قريباً.
واعلم أن هذه القصة لا تردّ قصة بلال المذكورة في الباب، ولا تدل على
ضعفها، كما توهم بعضهم! بل كلا القصتين صحيح. ومما يدل على ذلك: أن ابن
أبي رواد- الذي هو من رواة هذه- قد روى القصة الأخرى أيضا عن نافع عن ابن(3/44)
عمر؛ كما سبق ذكره عند الكلام على حديث بلال؛ فتنبه لهذا؛ فإنه يفيدك- إن
شاء الله تعالى- قناعة زائدة على ما تقدم في صحة حديث بلال.
545/م- عن بلال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:
" لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا "؛ ومدَّ يديه عرضاً.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع: ثنا جعفر بن بُرْقان عن شداد مولى
عياض بن عامر عن بلال.
قال أبو داود: " وشداد مولى عياض لم يدرك بلالاً ".
قلت: وكذا قال الهيثمي (3/152) ؛ فهو إسناد منقطع.
وبذلك أعله البيهقي في "المعرفة". وقال ابن القطان:
" وشداد أيضا مجهول، لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان عنه ". نقله
الزيلعي (1/284) . وقال الذهبي في ترجمة شداد:
" لا يعرف ".
وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات " على قاعدته! وقال الحافظ:
" مقبول يرسل ".
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم.
لكن الحديث عندي حديث حسن؛ لأن له شاهداً من حديث أبي ذر رضي
الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال:(3/45)
" أنت يا بلال! تؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء؛ فليس ذلك بالصبح؛
إنما الصبح هكذا معترضاً ... " الحديث؛ وقد ذكرناه بتمامه فيما مضى من الكلام
على حديث ابن عمر في الباب (رقم 542) .
أخرجه أحمد (5/172) ، والطحاوي (1/84) من طريق ابن لهيعة عن سالم
ابن غَيْلان عن سليمان بن أبي عثمان عن عدي بن حاتم الحمصي عنه.
وله طريق أخرى عن ابن أبي عثمان؛ فقال أحمد (5/171) : ثنا يحيى بن
غَيْلان: ثنا رشدين- يعني: ابن سعد-: حدثني عمرو بن الحارث. قال: وحدئني
رشدين عن سالم بن غيلان التُجِيبي حدثه أن سليمان بن أبي عثمان حدثه ...
به
وسليمان بن أبي عثمان؛ قال أبو حاتم:
" مجهول "؛ كما في " التعجيل " و " الميزان ".
وقد يشهد له أيضا حديث سَمُرَةَ:
" لا يمنعن من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق الذي هكذا؛ حتى
يستطير".
أخرجه مسلم وغيره، وسيأتي في "الصيام " (رقم 2031) .
40- باب الأذان للأعمى
546- عن عائشة:
أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو اعمى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه " بإسناد(3/46)
المصنف. وعنه رواه أبو عوانة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سلمة: ثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن
سالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وسعيد بن عبد الرحمن هذا: هو
ابن عبد الله بن جميل بن عامر الجمَحِيُّ أبو عبد الله المدني قاضي بغداد، وهو
ثقة، وفيه ضعف يسير من قبل حفظه. على أن حديثه هذا مقرون برواية يحيى بن
عبد الله بن سالم؛ وهو تقة من رجال مسلم أيضا؛ ولم يتفردا به.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/335) عن المصنف.
وكذلك أخرجه البيهقي (1/427) .
وأخرجه مسلم (2/3) بإسناد المصنف.
ثم أخرجه- من طريق محمد بن جعفر-، وأبو عوانة- من طريق الدراوردي-
كلاهما عن هشام ... به.
وللحديث طريق أخرى عنها: أخرجه مسلم (3/129) ، والدارمي (1/270) ،
والبيهقي (1/382) من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة.
وعن نافع عن ابن عمر قالا:
كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن بلالاً يؤذن بليل ... " الحديث.
وله طريق ثالث بلفظ: كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة مؤذنين: بلال وأبو محذورة وابن
أم مكتوم.(3/47)
أخرجه البيهقي (1/429) من طريق أبي إسحاق عن الأسود عنها.
وإسناده صحيح. وقال البيهقي:
" قال أبو بكر بن إسحاق: والخبران صحيحان- يعني: هذا وما تقدم-، فمن
قال: كان له مؤذنان؛ أراد اللذين كانا يؤذنان بالمدينة. ومن قال: ثلاثة؛ أراد أبا
محذورة الذي كان يؤذن بمكة ".
41- باب الخروح من المسجد بعد الأذان
547- عن أبي الشعثاء قال:
كنا مع أبي هريرة في المسجد؛ فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر؛
فقال أبو هريرة: أمَّا هذا؛ فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان
(2059) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أنا سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي
الشعثاء.
وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي إبراهيم بن المهاجر كلام لا
ينزل حديثه عن رتبة الحسن، وقد مر الكلام فيه عند الكلام على إسناد الحديث
رقم (331) ، ثم إنه لم يتفرد به- كما سنبينه-؛ فكان حديثه هذا صحيحاً.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/8) ، والترمذي (1/398) ،
وأحمد (2/471) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الترمذي:(3/48)
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (2/124- 125) ، والدارمي (1/274) ، وابن ماجه
(1/248) ، وأحمد أيضا (2/410- 416) من طرق أخرى عن ابن المهاجر ...
به
وقد تابعه أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه:
أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/111) ، وأحمد (2/506) من طرق
عنه ... به.
ورواه شريك عن أشعث بزيادة: ثم قال:
أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا كنتم في المسجد، فنودي بالصلاة؛ فلا يخرج أحدكم حتى يصلي ".
أخرجه الطيالسي (رقم 2588) ، وأحمد (2/537) . وقال المنذري في
" الترغيب " (1/115) :
" وإسناده صحيح "! وقال الهيثمي (2/5) :
" ورجاله رجال (الصحيح) "! كذا قالا! وذلك غير صحيح؛ لأن شريكاً قد
تفرد بهذه الزيادة، وهو سيئ الحفظ، ولم يحتجَّ به مسلم؛ وإنما أخرج له متابعة؛
كما صرح به الذهبي في "الميزان ".
وتابعه أيضا أبو صخرة جامع بن شداد عن أبي الشعثاء:
أخرجه أبو عوانة والنسائي.
وقد وجدت له طريقاً أخرى عن أبي هريرة؛ فقال الطبراني في "معجمه(3/49)
الصغير" (ص 168) : ثنا محمد بن الديني- فُسْتُقَةُ- البغدادي: ثنا سُرَيْجُ بن
يونس: ثنا أبو حفص الآبَّارُ عن محمد بن جُحَادة عن أبي صالح عنه. وقال:
" لم يروه عن محمد بن جُحَادة إلا أبو حفص الآبَّار ".
قلت: وهو ثقة حافظ؛ واسمه عمر بن عبد الرحمن.
وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير فستقة هذا، وهو لقبه، وهو محمد بن
علي بن الفضل أبو العباس، وهو ثقة مات سنة (289) ، كما في "تاريخ بغداد"
(3/61) .
فهذا إسناد صحيح أيضا.
42- باب في المؤذن ينتظر الإمام
548- عن جابر بن سمرة قال:
كان بلال يؤذن، ثم يُمْهِلُ، فإذا رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خرج؛ أقام
الصلاة.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه"،
ورواه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا. وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا شَبَابَةُ عن إسرائيل عن سِمَاك عن
جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي سماك كلام لا يضر إن
شاء الله تعالى.(3/50)
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/" 3- 31) من طريق المصنف.
وأخرجه الترمذي (1/391) ، وأحمد (5/86 و 87 و 91 و 105) من طريق
إسرائيل: أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (02/12) ، وأبو عوانة أيضا (2/31) ، والبيهقي (1/385)
و (2/19) ، وأحمد أيضا (5/91) من طريق زهير بن معاوية عن سماك ... به
نحوه.
43- باب في التثويب
549- عن مجاهد قال:
كنت مع ابن عمر؛ فثوّب رجل في الظهر أو العصر، قال: اخرج بنا؛
فإن هذه بدعة.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أنا سفيان: ثنا أبو يحيى القَتاتُ عن مجاهد.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين؛ غير أبي يحيى القتات؛ وهو ضعيف؛ ضعفه أحمد وابن معين- في
رواية- والنسائي. وقال ابن معين- في رواية-:
"ثقة".
وفصَّل أحمد رحمه الله، فقال- في رواية الأثرم عنه-:(3/51)
" روى إسرائيل عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جداً كثيرة. وأما
حديث سفيان عنه فمُقَارَب ".
قلت: وهذه الرواية- على أنها ليست حديثاً مرفوعاً- من رواية سفيان عنه،
كما ترى؛ فهي حسنة الإسناد إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البيهقي (1/424) من طريق المصنف. ورواه الترمذي
(1/381) معلقاً، فقال:
" وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجداً وقد أذن فيه،
ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من السجد،
وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع، ولم يُصَلِّ فيه ".
44- باب في الصلاة تقام ولم يأت الامام؛ ينتظرونه قعوداً
550- عن أبي قتادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا أقيمت الصلاة؛ فلا تقوموا حتى تروني ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبان عن
يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه.
قال أبو داود: " هكذا رواه أيوب وحجاج الصواف عن يحيى. وهشام
الدستوائي قال: كتب إليَّ يحيى ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ويحيى: هو ابن أبي كثير،(3/52)
وقد صرُّح بسماعه للحديث من عبد الله كما سنبينه.
ومراد المصنف بهذا القول: أن أيوب وحجاجاً وافقا أبان في روايته الحديث عن
يحيى بصيغة: (عن) . وأما هشام فقال في روايته: " كتب إلي يحيى "؛ يعني:
بهذا الحديث.
وقد وصله من طريق هشام: الدارمي (1/289) ، وأحمد (5/309 و 310) ،
والبخاري أيضا (2/94) .
ووصله من طريق حجَّاج الصوَّاف: مسلم (2/101) ، وأبو عوانة (2/27) ،
والنسائي (1/127- 128) - وقرن به هشاماً-، وأحمد (5/496 و 3؟ 3 و 304) .
ووصله من طريق أيوب: أبو عوانة وحده.
وأخرجه من طريق أبان: أحمد أيضا (305 و 357) .
وأخرجه الشيخان، وأبو عوانة، والترمذي (2/487) ، والنسائي (1/111) ،
والدارمي، وأحمد (308) من طرق أخرى عن يحيى ... به؛ وصرح الدارمي في
روايته بسماع يحيى من عبد الله بن أبي قتادة.
وإسنادها صحيح على شرطهما.
وقد ثبت ذلك أيضا عند أبي نعيم في "الستخرج " من وجه آخر عن هشام،
كما في "الفتح "؛ قال:
" فأُمِنَ بذلك تدليس يحيى ".
والحديث أخرجه البيهقي أيضا (2/20- 21) .
وفي بعض الروايات المتقدمة زيادات في متن الحديث، وقد علَّق المصنف(3/53)
رحمه الله إحداها؛ وهي:
551- (زاد في رواية: " حتى تروني وعليكم السكيثة ") .
(قلت: هي صحيحة. وقد وصلها البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: علقها المصنف فقال: " ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك عن
يحيى وقالا فيه: " حتى تروني وعليكم السكينة " ... ".
قلت: وقد وصله من طريق علي بن المبارك: البخاري (2/313) ، وأبو عوانة
(2/28) ، وأحمد (5/310) - وقرن به شيبان-.
وروايته- عند البخاري (2/95- 96) أيضا، وكذا أبي عوانة-: منفصلة.
ووصله الإسماعيلي من طريق الوليد بن مسلم عن معاوية بن سلام وشيبان
جميعاً عن يحيى؛ كما في "الفتح " (2/96) .
552- (وفي رواية اُخرى: " حتى تروني قد خرجت ") .
(قلت: إسنادها صحيح على شرطهما. وأخرجها مسلم وابن حبان
(4420) ، وأبو عوانة في "صحاحهم " وصححها الترمذي)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أنا عيسى عن معمر عن يحيى ...
بإسناده مثله؛ قال:
" حتى تروني قد خرجت ".
قال أبو داود: " لم يذكر: " قد خرجت " إلا معمر. ورواه ابن عيينة عن
معمر، لم يقل فيه: " قد خرجت " ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما أيضا؛ وإبراهيم بن موسى: هو ابن(3/54)
يزيد التميمي أبو إسحاق الرازي المعروف بالصغير. وشيخه عيسى: هو ابن
يونس.
ومعمر: هو ابن راشد؛ وهم ثقات من رجال الشيخين، وكذلك من فوقهم،
كما تقدم ذكره عند الكلام على الرواية الأولى.
والحديث أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/111) ، والترمذي
(2/487) - وقال: " حسن صحيح "-، والبيهقي من طرق عن معمر ... به.
وأما إعلال المصنف لهذه الزيادة بأن أحداً من رواة الحديث عن يحيى لم
يذكرها غير معمر!
فليس بشيء؛ فإنما تكلم على قدر ما بلغه من الرواية؛ وإلا فقد تابعه عليها
غيره من الثقات. ولذلك قال البيهقي عقبها:
" وكذلك رواه الوليد بن مسلم عن شيبان عن يحيى: " حتى تروني قد
خرجت ". وكذلك قاله الحجاج الصواف عن يحيى من رواية محمد بن بشار عن
يحيى بن سعيد عنه. ورواه سفيان بن عيينة عن معمر، وأبو نعيم عن شيبان
وعبيد الله بن سعيد عن يحيى القطان عن الحجاج دون قوله: " قد خرجت " ... ".
قلت: ورواية شيبان بهذه الزيادة: هي عند مسلم مقروناً برواية معمر؛ وصرح
بأنها في روايتيهما.
فهي زيادة صحيحة ثابتة؛ لأنها من ثقتين عن يحيى. ولا يضر ذلك أن ابن
عيينة رواه عن معمر، دون قوله: " قد خرجت "؛ فقد رواه جماعة- كما سبقت
الإشارة إليه- عن معمر بإثباتها؛ فهي مقدمة على روايته.
هذا لو تفرد به معمر؛ فكيف وقد توبع؟!(3/55)
553- عن أبي هريرة:
أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيأخذ الناس مقامهم قبل أن
يأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وهو عند البخاري بمعناه، وقد مضى في الكتاب (رقم 233)) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد قال: قال أبو عمرو. (ح) وثنا داود
ابن رشيد: ثنا الوليد- وهذا لفظه- عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن
أبي هريرة.
وهذا إسناد صحيح؛ وهو على شرطهما من طريق شيخه الثاني فيه: داود بن
رشيد.
والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي وهو ثقة يدلس تدليس التسوية، لكنه قد
صرح بسماعه من الأوزاعي، وبسماع هذا من الزهري في روايته في هذا الحديث؛
كما أنه قد توبع عليه؛ على ما سنذكره.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/29- 30) ؛ وقال:
" أظنه لم يروه إلا الوليد "! ويعتي بهذا اللفظ؛ فقد رواه غيره عن الأوزاعي
بمعناه.
وأخرجه مسلم (2/101) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن الوليد ... به.
ثم أخرجه مسلم من طريق زهير بن حرب: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا أبو
عمرو- يعني: الأوزاعي-: حدثنا الزهري ... به نحوه.(3/56)
وكذلك أخرجه البخاري (2/97) ، وأبو عوانة (2/28) من طرق أخرى عن
الأوزاعي ... بمعناه.
وقد رواه المصنف من طريق أخرى عن الأوزاعي، وقد مضى (رقم 233) ،
ورواه من طرق كثيرة عن الزهري، قد تكلمنا عليها وخرجناها هناك؛ فأغنى عن
الإعادة هنا.
554- عن حمَيْد قال:
سألت ثابتاً البناني عن الرجل يتكلم بعدما تقام الصلاة؟ فحدثني عن
أنس بن مالك قال:
أقيمت الصلاة، فعرض لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل، فحبسه بعد ما أقيمت
الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه") .
إسناده: حدثنا حسين بن معاذ: ثنا عبد الأعلى عن حميد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الحسين
ابن معاذ، وهو ثقة بلا خلاف، وقد توبع كما يأتي.
وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي- بالمهملة-.
والحديث أخرجه البخاري (2/98) : حدثنا عَياش بن الوليد قال: ثنا عبد
الأعلى ... به.
وللحديث طريقان آخران عن أنس؛ مضى أحدهما في "الطهارة" (رقم 198) ،
ويأتي الأخر عقب هذا.(3/57)
555- عن أنس قال:
أقيمت الصلاة؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجي في جانب المسجد، فما قام
إلى الصلاة حتى نام القوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخأري (2/98) ، ومسلم (2/195) من طريقين آخرين عن
عبد الوارث ... به.
ثم أخرجه البخاري (11/71) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/30) ، والنسائي
(1/128) ، والبيهقي (2/22) ، وأحمد (3/101) من طرق أخرى عن
عبد العزيز ... به نحوه.
45- باب التشديد في ترك الجماعة
556- عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" ما من ثلاثة- في قرية ولا بَدْو- لا تقام فيهم الصلاة؛ إلا قد
استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئبُ من الغنم
القاصيةَ ".
قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة ".(3/58)
(قلت: إسناده حسن، وقال النووي: " إسناده صحيح كه، وقال الحاكم:
" صدوق رواته "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2098) في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة. ثنا السائب بن حُبَيْش عن مَعْدان
ابن أبي طلحة اليَعْمَرِي عن أبي الدرداء.
وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير السائب بن حبيش،
وهو الكَلاعي الحمصي، وقد وثقه العجلي وابن حبان. وقال الدارقطني:
" صالح الحديث من أهل الشام، لا أعلم حدث عنه غير زائدة ".
قلت: وقال الحاكم بعد أن أخرج الحديث:
" وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات ". ووافقه الذهبي.
وهذه فائدة لا تجدها في كتب الرجال؛ فينبغي أن تقيد.
هذا وقد ذكر في "التهذيب " راوياً آخر عنه؛ وهو حفص بن عمر بن رواحة
الحلبي،.
والحديث أخرجه النسائي (1/135) ، والحاكم (1/211) ، وأحمد (5/196
و6/446) من طرق عن زائدة بن قدامة ... به. وقال الحاكم:
" حديث صدوق رواته، متفق على الاحتجاج بهم؛ إلا السائب بن حبيش؛
وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات "، ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه الحاكم في موضع آخر (1/246) ، وقال:
" حديث صحيح "، ووافقه الذهبي أيضا.(3/59)
وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2098) في "صحيحيهما"؛ كما في
" الترغيب " (1/156) . وقال النووي في " المجموع " (4/183) :
" إسناده صحيح ". وأما في "الرياض "؛ فقال- كما قلنا نحن-:
" إسناده حسن ".
وللحديث طريق أخرى: عند أحمد (6/445) .
وفيه حاتم بن أبي نصر؛ وهو مجهول.
557- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد هممت أن آمُرَ بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم
انطلق معي برجال- معهم حُزَمٌ من حَطَب- إلى قوم لا يشهدون الصلاة،
فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (2/123) ، وابن ماجه (1/265) ... بإسناد
المصنف.
وأخرجه أبو عوانة (2/5) عن شيخ آخر عن أبي معاوية.(3/60)
ثم أخرجه هو، ومسلم، والبخاري (2/111- 112) من طرق أخرى عن
الأعمش ... به نحوه.
وللحديث- في "الصحاح الثلاثة: البخاري ومسلم وأبا عوانة "، والنسائي
(1/135) ، والترمذي، والدارمي (1/292) ، و " المسند " (2/244 و 292 و 314
و376) - طرق أخرى عن أبي هريرة؛ ومنها ما يأتي في الكتاب عقب هذا.
وله فما "مسند الطيالسي " (رقم 1717) شاهد من حديث جابر رضي الله
تعالى عنه.
558- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد هممت أن آمر فِتْيَتِي، فيجمعوا حزماً من حطب، ثم أنيَ قوماً
يصلُون في بيوتهم- ليست بهم علة-، فأحرقها عليهم ".
قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف! الجمعةَ عَنَى أو غيرها؟
قال: صُمتَا أُذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يَأْثِرُهُ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ما ذكر جمعة ولا غيرها.
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: " ليست بهم علة "؛ وإن كانت
صحيحة المعنى، والصحيح: " يسمعون النداء ". وأخرجه مسلم مختصراً.
وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا النفَيْلِي: ثنا أبو المَلِيح: حدثني يزيد بن يزيد: حدثني يزيد
ابن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير يزيد بن يزيد؛ وهو يزيد بن يزيد بن(3/61)
جابر، شيخ من أهل الزَقَةِ:
كذا رواه الطبراني في "المعجم الأوسط": عن أحمد بن عبد الرحمن بن عفان
عن أبي جعفر النفيلي عن أبي المليح قال: حدثنا ... فذكره؛ كما في "تهذيب
التهذيب "؛ وهو غير يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي؛ فإن هذا ثقة مشهور.
والمترجم- كما في " التقريب "- مجهول؛ وقال:
" قيل: هو الذي قبله- يعني: الأزدي-. وقيل: آخر من أهل الرقة مجهول ".
قلت: لكنه لم يتفرد بالحديث؛ بل قد تابعه عليه غيرما واحد؛ فكان حديثه
هذا صحيحاً، كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/56) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد من طريق أخرى عن ابن الأصم، فقال: (2/539) : ثنا كثير:
ثنا جعفر: ثنا يزيد بن الأصم ... به نحوه؛ وقال:
" يسمعون النداء ثم لا يأتون الصلاة ". فسئل يزيد: أفي الجمعة هذا أم في
غيرها؟ قال: ما سمعت أبا هريرة يذكر جمعة ولا غيرها؛ إلا هكذا.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وكثير: هو ابن هشام أبو سهل
الرقيُ.
وجعفر: هو ابن برقان.
وقد أخرجه البيهقي (3/55- 56) من طريق أبي نعيم: ثنا جعفر بن
برقان ... به.
دون سؤال يزيد.(3/62)
وكذلك أخرجه مسلم (2/123) ، والترمذي (2/422- 423) ، وأحمد
(2/472) من طريق وكيع عن جعفر ... به؛ وليس عندهم:
" يسمعون النداء ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: فقد اختلف جعفر بن برقان في جملة من الحديث مع يزيد بن يزيد؛
فقال هذا:
" ليست بهم علة ". وقال جعفر في رواية أحمد الصحيحة والبيهقي:
" يسمعون النداء ".
وهذا هو الصحيح؛ لما علمت من جهالة يزيد، وإن كانت روايته- من حيث
المعنى- صحيحة. وإنما كلامنا من حيث الإسناد والمبنى.
ثم إن الروايتين اتفقتا على أن أبا هريرة لم يذكر في الحديث نوع الصلاة التي
هدَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتخلفين عنها بالحرق.
فذلك مما يدل على شذوذ ما رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق: ثنا معمر عن
جعفر بن برقان ... به؛ إلا أنه قال:
" لا يشهدون الجمعة "! وقال البيهقي عقبها:
" كذا قال: " الجمعة ". وكذلك روي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن
مسعود. والذي يدل عليه سائر الروايات: أنه عبربـ " الجمعة " عن الجماعة، والله
أعلم ". وتعقبه ابن التركماني بقوله:
" قلت: التعبيربـ " الجمعة " وإرادة الجماعة بعيد؛ وفيه تلبيس على(3/63)
المخاطبين. والوجه أن يقال: لا منافاة بين رواية: " لا يشهدون الجمعة "، ورواية:
" لا يشهدون الصلاة "؛ فيعْمَل بالروايتين، ويتوجه الذم إلى من ترك الجمعة،
وإلى من ترك الجماعة!
قلت: هذا الجمع إنما يصح أن يقال في حق حديث أبي هريرة وحديث ابن
مسعود- الذي أشار إليه البيهقي، وهو في "صحيح مسلم " وغيره، ويأتي-، ولكنه
لا يصح أن يقال في الجمع بين روايتي حديث أبي هريرة؛ لأن في بعض طرقه-
في "الصحاح الثلاثة " و "مسند أحمد" (2/292) -:
" إنها صلاة النساء "!
ولذلك رجح الحافظ في "الفتح " أنها لا تختص بصلاة الجمعة. والله أعلم.
559- عن عبد الله بن مسعود قال:
حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيثُ يُنادى بهن؛ فإنهن من
سنن الهدى، وإن الله عز وجل شرع لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنن الهدى، ولقد رأيتُنا
وما يتخلف عنها إلا منافق بيِّن النفاق، ولقد رأيتُنا وإن الرجل ليُهادى بين
الرجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته،
ولو صلَّيتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم؛ تركتم سنة نبيكم، ولوتركتم
سنة نبيكم لكفرتم.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"؛ إلا
أنهما قالا: لضللتم؛ بدل: لكفرتم) .
إسناده: حدثنا هارون بن عَبَّاد الأزدي: ثنا وكيع عن المسعودي عن علي بن
الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود.(3/64)
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ هارون بن عباد الأزدي لم يذكروا توثيقه عن أحد؛
وقد روى عنه محمد بن وضاح القرطبي أيضا؛ فهو مجهول الحال.
والمسعودي ضعيف؛ لاختلاطه كما قد سبق. لكن قال عبد الله بن أحمد عن
أبيه:
" سماع وكيع من المسعودي قديم، وأبو نعيم أيضا ".
فهذا من صحيح حديثه؛ لأنه من يواية وكيع عنه كما ترى؛ لولا أن الراوي
عن وكيع مجهول.
لكن قد توبع عليه كما يأتي؛ فالحديث صحيح على كل حال.
والحديث أخرجه النسائي (1/136) - من طريق عبد الله بن المبارك-، وأحمد
(1/455) - من طريق أبي قَطَن (واسمه عمرو بن الهيثم) - كلاهما عن
المسعودي ... به.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 313) : حدثنا المسعودي ... به.
وقد تابعه أخوه أبو العميس- واسمه عتبة بن عبد الله المسعودي- عن علي
ابن الأقمر ... به.
أخرجه مسلم (2/124) ، وأبو عوانة (2/7) ، والبيهقي (3/58- 59) ،
وأحمد (1/414-415) .
وتابع علياً عن أبي الأحوص: إبراهيم بن مسلم الهَجَرِي: عند ابن ماجه
(1/261) ، وأحمد (1/382) .
وكل هؤلاء قالوا: لضللتم؛ بدل: لكفرتم.(3/65)
فقد تفرد بها المؤلف.
560- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر- قالوا: وما العذر؟ قال:
خوف أو مرض-؛ لم ئقْبَل منه الصلاة التي صلَّى ".
(قلت: حديث صحيح؛ لكن بلفظ:
" من سمع النداء، فلم يأته؛ فلا صلاة له إلا من عذر ".
وقال النووي: " حديث صحيح "، وقال الحاكم: " هو صحيح على شرط
الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه (2061) .
وصححه أيضا عبد الحق في "أحكامه"، وأبو محمد بن حزم في " المحلى") .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا جرير عن أبي جناب عن مَغْراءَ العبدي عن عدي
ابن ثابت عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي جناب
- واسمه: يحيى بن أبي حية الكلبي-، وقد اتفقت كلمات الأئمة على تضعيفه،
وهم على طائفتين: منهم من أطلق فيه الضعف، ومنهم من ضعفه بسبب
تدليسه. وقال الحافظ:
" ضعفوه؛ لكثرة تدليسه ".
وشيخه مغراء العبدي- وكنيته أبو الخارق الكوفي-؛ قال الذهبي:
"تكلم فيه ".
وذكره ابن حبان في "الثقات".(3/66)
وقد روى عنه جماعة من الثقات. ونقل أبو العرب التميمي وابن خُلْفون عن
العِجْلي أنه قال:
" لا بأس به ". وقال ابن القطان:
" لم أره في كتاب الكوفي "؛ يعني: العجلي. قال:
" ولا يعرف فيه تجريح "، وأنكر على عبد الحق طعنه في حديثه. كذا في
"تهذيب التهذيب ". وفي " التقريب ":
" مقبول ". والله أعلم.
وقال المنذري في "مختصره " (رقم 519) :
" في إسناده أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي؛ وهو ضعيف". وزاد
الحافظ في "التلخيص " (4/304) :
".. ومدلس؛ وقد عنعن "، وقال النووي (4/191) :
" إسناده ضعيف ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/75) من طريق المصنف ومحمد بن داود بن
دينار: ثنا أبورجاء قتيبة بن سعيد ... به.
وأخرجه الدارقطني (161) من طريق المصنف أيضا.
والحاكم (1/245- 246) من طريق أخرى عن قتيبة، ومن طريق سليمان بن
قرم عن أبي جناب ... به.
- لكن الحديث له طريق أخرى صحيحة عن عدي بن ثابت: أخرجه ابن
ماجه (1/265) ، والدارقطني، والحاكم، وابن حبان في "صحيحه " (2061) - عن(3/67)
عبد الحميد بن بيان-، والحاكم أيضا- عن عمرو بن عون-، والبيهقي (3/174) -
من طريق أحمد: ثنا أبو معمر- ثلاثتهم قالوا: ثنا هُشَيْمُ بن يَشِير: ثنا شعبة ثنا
عدي بن ثابت: ثنا سعيد بن جبير ... مرفوعاً باللفظ الذي أوردناه آنفاً (ص 66)
وقال الحاكم:
" هو صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وقال
الحافظ في "بلوغ المرام " (2/27) :
" وإسناده على شرط مسلم؛ لكن رجح بعضهم وقفه "!
قلت: يأتي الجواب عن هذا الترجيح.
ثم إن هشيماً لم يتفرد به؛ بل تابعه قُرَادٌ - واسمه: عبد الرحمن بن غزوان-:
عند الدارقطني والحاكم.
وسعيد بن عامر وأبو سليمان داود بن الحكم: عند الحاكم؛ وقال:
" هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه. وهشيم وقراد أبو نوح ثقتان؛ فإذا وصلاه؛ فالقول فيه
قولهما ". وقال الحافظ في "التلخيص ":
" وإسناده صحيح؛ لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة "!
قلت: لكن الحاكم قد أجاب عن ذلك، وهو جواب صالْب، مبني على
القاعدة المسلمة المشهورة: أن زيادة الثقة مقبولة! فكان الأولى بالحافظ أن ينقل تمام
كلام الحاكم على سبيل الحكاية، إذا كان لا يريد أن يتبناه كله!
هذا؛ ومن الغرائب قول الدارقطني:
" رفعه هشيم وقراد- شيخ من البصريين مجهول- "!(3/68)
ولعله خفي عليه أن قراد إنما هو لقبه وأن اسمه ما ذكرنا آنفاً، وهو ثقة كما قال
الحاكم؛ بل الدارقطني نفسه وثقه في "الجرح والتعديل "، كما نقله في
"التهذيب "؛ وهو من رجال البخاري.
ومتابعه سعيد بن عامر ثقة أيضا؛ وهو الضُّبَعي، من رجال "الصحيحين ".
ولشعبة فيه شيخ آخر: أخرجه قاسم بن أصبغ في كتابه فقال: ثنا إسماعيل
ابن إسحاق القاضي: ثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت
عن سعيد بن جبير ... به مرفوعاً. قال ابن التركماني:
" ذكره عبد الحق في "أحكامه "؛ وقال: حسبك بهذا الإسناد صحة ".
قلت: ورواه ابن حزم في "المحلى" (4/190) من طريق قاسم بن أصبغ، ثم
صححه (ص 191) .
وأخرجه الخطيب في "تاريخه " (6/285) ، والبيهقي (3/174) من طرق أخر
عن إسماعيل بن إسحاق ... به. وقال الخطيب:
" قال لنا أبو بكر البرقاني: تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن
حرب ".
قلت: وهما ثقتان إمامان حافظان؛ فلا يضر تفردهما بالحديث بهذا الإسناد.
ولذلك صححه ابن حزم وابن عبد الحق.
وقد خلط الأستاذ الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى" بين إسناد
شعبة هذا: عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، وبين إسناده المتقدم:
عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير، فجعلهما إسناداً واحداً من روايته عن
عدي عن سعيد! وهو وهم، تبعته عليه في كتابي "نقد التاج "؛ فليصحح.(3/69)
كما أن صاحب "التاج " خلط أيضا بين إسناد المصنف للحديث وبين إسناد
ابن ماجه فيه، فجعلها إسناداً واحداً؛ حيث قال (1/268) :
" رواه أبو داود، وابن ماجه؛ قال: بسند ضعيف "!
وهذا خلط فاحش؛ حيث أدّى إلى تضعيف الإسناد الصحيح.
وله مثل هذا كثير في الكتاب المذكور ذلك؛ مما حملنا على نقده، وقد فرغنا
من الجزء الأول فيه منذ أمد، ولما يَتَسَنَّ لنا الاستمرار في نقده بلى نهايته! ومن
الله تعالى التوفيق، ومنه نرجو العصمة من الخطأً والزلل.
هذا؛ وللحديث شواهد:
منها: ما أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي
حَصِين عن أبي برْدة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعاً بلفظ:
" من سمع النداء فارغاً صحيحاً، فلم يجب؛ فلا صلاة له ".
وهو على شرط البخاري؛ لولا أن أبا بكر بن عياش سيئ الحفظ. لكنه قد
توبع؛ فقال الحافظ:
" ورواه البزار من طريق قيس بن الربيع عن أبي حَصِين أيضا ".
قلت: فهو صحيح أيضا مرفوعاً؛ وإن صح موقوفاً.
ومن شواهده: ما روى في "الحلية" (9/250) ... بإسناده عن ابن عمر
مرفوعاً:
" من سمع الفلاح، فلم يجبه؛ فلا هو معنا، ولا هو وحده ". وقال:
"غريب ".(3/70)
قلت: وفيه من لم أعرفه!
561- عن ابن أم مكتوم:
أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! إني رجل ضرير البصر،
شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني؛ فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟
قال:
" هل تسمع النداء؟ ". قال: نعم. قال:
" لا أجد لك رخصة ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال النووي: " إسناده صحيح أو حسن ".
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن
أبي رَزِين عن ابن أم مكتوم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه روى
لعاصم مقروناً بغيره؛ وهو حسن الحديث كما سبق.
وأبو رزين: اسمه مسعود بن مالك الآسَدي الكوفي، وقد أنكر ابن القطان
سماعه من ابن أم مكتوم؛ كما في "التهذيب ".
لكن قد ذكر أيضا أن أبا رزين هذا كان غلاماً على عهد عمر، وأن ابن أم
مكتوم مات في آخر خلافة عمر. ومعنى هذا أن أبا رزين قد أدرك ابن أم مكتوم
وهو غلام يعقل؛ فروايته عنه محمولة على الاتصال عند الجمهور؛ فإنكار ابن
القطان لسماعه منه؛ لا ندري ما وجهه؟! فإن ثبت فالإسناد منقطع.(3/71)
لكن الحديث صحيح على كل حال؛ لما له من الطرق والشواهد، كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/265) - عن زائدة-، وأحمد (3/423) - عن
شيبان- كلاهما عن عاصم ... به. وقال النووي في "المجموع " (4/191) - بعد أن
عزاه للمصنف:
" إسناده صحيح أو حسن ".
وأخرجه أيضا الطبراني في "الصغير" (ص 150) ، والحاكم (1/246- 247
و3/635) ، والبيهقي (3/58) من طرق عن عاصم.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه "، كما في "الترغيب " (1/157) .
وللحديث طريقان آخران:
الأول: أخرجه الدارقطني (ص 146) ، وأحمد (3/423) من طريقين عن
حُصَيْنِ بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن ابن أم مكتوم ... به؛
إلا أنه قال:
" أتسمع الإقامة؟ " بدل: " النداء ".
وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وقال المنذري:
" إسناده جيد ".
وأخرجه الحاكم من طريق ثالثة عنه؛ وصححه، ووافقه الذهبي.
وأما الطريق الأخرى؛ فتأتي في الكتاب عقب هذا.
وله شاهد من حديث أبي هريرة في "صحيح مسلم " (2/124) ، و "أبي
عوانة " (2/6) .(3/72)
وشواهد أخرى؛ تراجع في "مجمع الزوائد" (2/42- 43) .
562- وعنه قال
يا رسول الله! إن المدينة كثيرة الهوامِّ والسباع؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تسمع: حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ فحيّ هلاً ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال النويي: " إسناده حسن ") .
إسناده: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي: نا سفيان عن
عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم.
قال أبو داود: " وكذا رواه القاسم الجَرْمِيّ عن سفيان، ليس في حديثه:
"حي هلاً" ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هارون بن
زيد بن أبي الزرقاء وأبيه؛ وهما ثقتان بلا خلاف.
والحديث أخرجه البيهقي (3/58) من طريق المصنف.
وبإسناده: أخرجه النسائي (1/136- 137) .
وأخرجه الحاكم (1/246- 247) من طريق علي بن سهل الرملي: ثنا زيد بن
أبي الزرقاء ... به؛ إلا أنه سقط من روايته: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
فصارت عنده هكذا: عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن أم مكتوم! ولذلك قال:
" حديث صحيح الإسناد؛ إن كان ابن عابس سمع من ابن أم مكتوم "!
قلت: لكن الحديث موصول برواية ابن زيد بن أبي الزرقاء؛ حيث ذكر
بينهما: عبد الرحمن بن أبي ليلى.(3/73)
وقد تابعه على ذلث غيره عن غير أبيه: فأخرجه النسائي قال: وأخبرني
عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: ثنا قاسم بن يزيد قال: ثنا سفيان ... به.
وهذا إسناد صحيح أيضا كالأول؛ والقاسم هذا: هو الجرمي الذي علقه
المصنف عنه.
هذا؛ وقد ذكر المنذري في "مختصره " (رقم 521) أن النسائي قال:
" وقد اختلف على ابن أبي ليلى في هذا الحديث: فرواه بععضهم عنه
مرسلاً "! وليس هذا القول في "سننه الصغرى"! فلعله في "الكبرى" له، أو في
غيرها من كتبه.
وللحديث طريقان آخران: أحدهما الذي قبله، وقد ذكِرَ الأخر عند الكلام
عليه؛ فراجعه إن شئت.
46- باب في فضل صلاة الجماعة
563- عن أُبَيَ بن كعب قال:
صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً الصبح، فقال:
" أشاهدٌ فلانٌ؟ ". قالوا: لا. قال: " أشاهدٌ فلانٌ؟ ". قالوا: لا. قال:
" إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما
فيهما؛ لأتيتموهما ولو حَبْواً على الرً كَبِ، وإن الصف الأول على مثل
صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته؛ لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع
الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع
الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل ".(3/74)
(قلت: حديث حسن، وصححه علي بن المديني وابن السكن والعقيلي
والحاكم. وأخرجه ابن خزيمة، وابن حبان (2054) في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن
أبي بَصِير عن أُبيّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن أبي بصير؛
قال في "التهذيب ":
" لا يعرف له راوِ غير أبي إسحاق. ذكره ابن حبان في "الثقات " ... ". وقال
فيه العجلي:
" كوفي تابعي ثقة ". وقال الذهبي في "الميزان ":
" لا يعرف إلا من رواية أبي إسحاق عنه ".
وقد اختلف فيه على أبي إسحاق على أربعة أوجه؛ كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 554) : ثنا شعبة ... به.
وكذلك أخرجه الدارمي (1/291) ، والحاكم (1/247) ، والبيهقي (3/67-
68) ، وأحمد (5/140) من طرق عن شعبة ... به. وقال الحاكم:
" هكذا رواه الطبقه الأولى من أصحاب شعبة- يزيد بن زربع ويحيى بن سعيد
وعبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر وأقرانهم-. وهكذا رواه سفيان بن
سعيد عن أبي إسحاق ".
قلت: ورواية سفيان هذه: أخرجها هو، وأحمد عنه عن أبي إسحاق عن
عبد الله بن أبي بصير عن أُبيّ بن كعب ... نحو حديث شعبة. ثم قال:(3/75)
" وهكذا رواه زهير بن معاوية وَرَقَبَهُ بن مَصْقَلَةَ ومطرفٌ وإبراهيم بن طهمان
وغيرهم ".
قلت: وقد أخرجه البيهقي (3/61) - عن إبراهيم بن طهمان-، وأحمد
(5/141) - عن الحجاج بن أرطاة- كلاهما عن أبي إسحاق ... به.
فهذا وجه من أوجه الاختلاف على أبي إسحاق.
والوجه الثاني: أخرجه الحاكم (1/248) ، وعنه البيهقي (3/68) من طريق
عبد الله بن المبارك عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن أُبيّ بن كعب ...
به؛ فجعل (أبا بصير) مكان (ابنه عبد الله) . قال الحاكم:
" وهكذا قال إسرائيل بن يونس وأبو حمزة السُّكَّرِيُّ وعبد الرحمن بن عبد الله
المسعودي وجرير بن حازم؛ كلهم قالوا: عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن أبي ".
ورواية جرير بن حازم: أخرجها أحمد (5/141) مثل رواية ابن المبارك عن
شعبة عنه.
ورواية المسعودي: أخرجها البيهقي (3/102) .
والوجه الثالث: أخرجه النسائي (1/135) ، وأحمد، والحاكم (1/249) ،
والبيهقي (2/68) من طريق خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن
عبد الله بن أبي بصير عن أبيه- قال أبو إسحاق: وقد سمعته منه ومن أبيه- قال:
سمعت أبيّ بن كعب يقول:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح يوماً ... فذكر الحديث.
وتابعه معاذ بن معاذ العنبري ويحيى بن سعيد عن شعبة: عند الحاكم
والبيهقي.(3/76)
ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه عن
أُبي.
أخرجه الدارمي والبيهقي وأحمد. قال البيهقي:
" وكذلك رواه خالد بن ميمون وجماعة عن أبي إسحاق ".
ورواية خالد: أخرجها الدارمي.
وكذلك رواه الأعمش عن أبي إسحاق ... به.
أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/265) عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه؛
بلفظ:
" صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل وحده أربعاً وعشرين- أو
خمساً وعشرين- درجة "!
وقوله: " أربعاً وعشرين "! منكر؛ لم أره إلا في هذه الرواية.
والوجه الرابع: أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي من طريق أبي الأحوص عن
أبي إسحاق عن العَيْزارِ بن حُرَيْثٍ عن أبي بصير قال: قال أبيّ ... الحديث. قال
الحاكم:
" فقد اختلفوا في الحديث على أبي إسحاق من أربعة أوجه؛ والرواية فيها عن
أبي بصير وابنه عبد الله؛ كلها صحيحة، والدليل عليه رواية خالد بن الحارث
ومعاذ بن معاذ العنبري ويحيى بن سعيد عن شعبة ". ثم قال:
" وقد حكم أئمة الحديث- يحيى بن معين وعلي بن المديني ومحمد بن
يحيى الذهلي وغيرهم- لهذا الحديث بالصحة ... ".(3/77)
ثم ذكر النقول عنهم في ذلك؛ وليست صريحة في تصحيحهم الحديث! وإنما
صححوا رواية أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه، وروايته عن أبي
بصير مباشرة، ولا يلزم منه صحة الحديث، كما لا يخفى!
اللهم إلا ما نقله عن ابن المديني؛ ففيه التصريح بذلك؛ حيث قال:
" وما أرى الحديث إلا صحيحاً ".
قلت: وترجيح هؤلاء الأئمة للوجه الثالث؛ يقتضي أن الوجه الأول فيه انقطاع
بين ابن أبي بصير وأبيّ؛ لأن الوجه الثالث قد بيَّن أن بينهما أبا بصير.
وأيضا؛ فليس في شيء من الروايات تصريح ابن أبي بصير بسماعه من أبيّ؛
فقد عاد الحديث إلى أنه من رواية أبي إسحاق عن أبي بصير- سمعه منه- عن
أُبيّ- سمعه منه-.
وهذا إسناد متصل؛ إلا أنه يبقى النظر في حال أبي بصير هذا! ويظهر أنه
كحال ابنه لا يعرف؛ فإنهم لم يذكروا توثيقه عن غير ابن حبان، ولم يذكروا في
الرواة عنه غير من دار الحديث عليهم عنه، وهم: أبو إسحاق- وهو ثقة-، وابنه
عبد الله بن أبي بصير- وهو مجهول-، والعيزار بن حريث- وهو ثقة-؛ لكن الرواية
عنه شاذة فيما يظهر: رواها عنه أبو الأحوص- كما تقدم- عن أبي إسحاق عنه.
وقد روى البيهقي عن محمد بن يحيى- وهو الذهلي- أنه قال:
" في رواية خالد بن الحارث ويحبي بن سعيد دلالة أن هذه الروايات محفوظة
- من قال: عن أبيه، ومن لم يقل-؛ خلا حديث أبي الأحوص؛ ما أدري كيف هو؟ ".
لكن الحديث له شاهد يأتي ذكره، فيرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله
تعالى؛ لا سيما وقد صححه من عرفت، وصححه أيضاا بن السكن والعقيلي
- كما في "التلخيص " (4/284) -.(3/78)
وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (2054) ؛ كما في "الترغيب "
(1/152) و (1/155) .
وأما الشاهد؛ فهو ما أخرجه البيهقي (3/61) من طريق عيسى بن يونس عن
ثور. ومن طريق الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وثور بن يزيد
عن يونس بن سيف الكلاعي عن قباث بن آشْيَمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" صلاة الرجل- جمم أحدهما صاحبه- أزكى عند الله ... " الحديث نحوه.
قال البيهقي:
" هذا حديث الوليد بن مسلم. وقال عيسى بن يونس في روايته عن ثور: عن
يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قُباث. وكذلك رواه البخاري في "التاريخ " عن
عبد الله بن يوسف عن الوليد عن ثور عن يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قُباث ".
قلت: وكذلك رواه معاوية بن صالح عن يونس عن عبد الرحمن ... به.
أخرجه الحاكم (3/625) . وقال الحافظ:
" في إسناده نظر ". والله أعلم.
564- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" من صلى العشاء في جماعة؛ كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى
العشاء والفجر في جماعة؛ كان كقيام ليلة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا إسحاق بن يوسف: نا سفيان عن أبي(3/79)
سهل- يعني: عثمان بن حكيم-: ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن
عفان رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم.
والحديث في "مسند أحمد" (رقم 491) ... بهذا السند.
وأخرجه هو (رقم 408) ، ومسلم في "صحيحه " (2/125) ، وأبو عوانة
(2/4) ، والترمذي (1/433) ، من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وقد تابعه عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم: عند مسلم وأبي عوانة.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وهو في "الموطأ" (1/152- 153) من طريق محمد بن إبراهيم عن عبد
الرحمن بن أبي عمرة ... به موقوفاً على عثمان.
لكن أخرجه أحمد (رقم 409) من طريق أحرى عن محمد بن إبراهيم عن
عثمان بن عفان ... به مرفوعاً، لكنه منقطع؛ إلا أن رواية مالك قد بينت أن بين
محمد بن إبراهيم وعثمان: عبد الرحمن بن أبي عمرة، وعنه رواه عثمان بن
حكيم أيضا كما سبق؛ فالحديث موصول مرفوع.
47- باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة
565- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الأبعد فالأبعد من المسجد: أعظم أجراً ".
(قلت: حديث صحيح، وكذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي) .(3/80)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن أبى ذئب عن عبد الرحمن بن
مهران عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عبد الرحمن بن
مهران- وهو المدني مولى بتي هاشم-؛ لم يذكروا في الرواة عنه غير ابن أبي ذئب؛
ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات " على قاعدته! وقال أبو الفتح الأزدي:
" فيه نظر ". وقال الحافظ في "التقريب ".
"مجهول ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/208) ، ومن طريقه البيهقي (3/64- 65) من
طريق أخرى عن مسدد ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/263) ، وأحمد (2/351) من طريقين آخرين عن ابن
أبي ذئب ... به.
ثم قال الحاكم:
" هذا حديث صحيح رواته مدنيون"! ووافقه الذهبي!
لكن الحديث صحيح لغيره؛ فإنه يشهد له حديث أبي موسى مرفوعاً:
" أعظم الناس أجراً في الصلاة: أبعدهم فأبعدهم ممشى ... " الحديث.
أخرجه البخاري (2/109) ، ومسلم (2/130) ، وأبو عوانة (1/388 و 2/10) ،
والبيهقي (3/64) .
(فائدة) : وأما الحديث الذي أخرجه أحمد (5/399) من طريق بكر بن
عمرو: أن أبا عبد الملك علي بن يزيد الدمشقي حدثه: أنه بلغه عن حذيفة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:(3/81)
" إن فضل الدار القريبة- يعني: من المسجد- على الدار البعيدة؛ كفضل
الغازي على القاعد ":
فهو حديث منكر جدّاً؛ وعلي بن يزيد هذا: هو الألهاني، وهو متروك؛ وقد
رواه بلاغاً عن حذيفة، فبينهما مجهول.
وقد أسقطه ابن لهيعة في روايته عن بكر بن عمرو.
أحرجه أحمد أيضا (5/387) ، وهو من سوء حفظ ابن لهيعة.
566- عن أُبيّ بن كعب قال:
كان رجل، لا أعلم أحداً من الناس- ممن يصلي القبلة من أهل المدينة-
أبعد منزلاً من المسجد من ذلك الرجل، وكان لا تخطئه صلاة في
المسجد، فقلت: لو اشتربتَ حماراً تركبه في الرَّمْضَاءِ والظلمة؟ فقال: ما
أُحِب أن منزلي إلى جنب المسجد! فَنُمِي الحديث إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فسأله عن قوله ذلك؟ فقال: أردت يا رسول الله! أن يُكْتَبَ لي إقبالي الى
المسجد، ورجوعي إلى أهلي إذا رجعت! فقال:
" أعطاك الله ذلك كله، أنطاك الله ما احتسبت كله أجمع ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: نا زهير. نا سليمان التيمي أن أبا
عثمان حدثه عن أُبيّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.(3/82)
والحديث أخرجه أبو عوانة (1/389) من طريق يحيى بن أبي بكير قال: ثنا
زهير ... به.
ثم أخرجه هو، ومسلم (2/130) ، والدارمي (1/294) ، وأحمد (5/133)
من طرق أخرى عن سليمان التيمي ... به.
ثم أخرجه أربعتهم- إلا الدارمي-، وابن ماجه (1/263) من طريق عاصم
الأحول عن أبي عثمان النهدي ... به نحوه.
وأخرجه البيهقي (3/64) عن سليمان.
وله شاهد- عند ابن ماجه- من حديث أنس مختصراً.
وسنده صحيح.
567- عن أبي أمامة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة؛ فأجره كأجر الحاج
المحرم، ومن خرح إلى تسبيح الضحى لا يُنصِبُه إلا إياه؛ فأجره كأجر
المعتمر، وصلاة على إثر صلاة- لا لغو بينهما- كتاب في عِلِّيينَ ".
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا أبو توبة: نا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم
أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن في القاسم هذا- وهو ابن
عبد الرحمن الشامي الدمشقي- اختلافاً، وقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب
ابن سفيان والترمذي، وصحح له وغيرهم. وقال البخاري:(3/83)
" روى عنه العلاء بن الحارث وابن جابر وكثير بن الحارث ويحيى بن الحارث
وسليمان بن عبد الرحمن أحاديث مقاربة. وأما من يُتكلم فيه- مثل جعفر بن
الزبير ويشر بن نمير وعلي بن يزيد وغيرهم- ففي حديثهم عنه مناكير واضطراب ".
وقال أبو حاتم:
" حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما ينكر عنه الضعفاء ". وأما
أحمد فخالف حيث قال:
" في حديث القاسم مناكير مما يرويها الثقات، يقولون: من قبل القاسم "!
وقال أيضا: " روى عنه علي بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم "!
قلت: فإذا كانت هذه الأعاجيب من رواية علي بن يزيد- وهو متروك كما
ذكرنا قريباً في الحديث الذي قبله-؛ فلا يمكن الحمل فيها على القاسم! ولئن صح
أن في حديثه مناكير من رواية الثقات عنه؛ فينبغي اجتنابها إذا تبين ذلك؛ وإلا
فالرجل في نفسه ثقة، ولا يسقط ذلك الاحتجاج به، ولا حديثه عن مرتبة
الحسن. ولذلك قال الحافظ في ترجمته من "التقريب ":
" صدوق ". فلم يلتفت إلى من جرحه، ولم يعتدَّ به.
والحديث أخرجه أحمد (5/263 و 268) ، وابن عدي (1/202) ، وابن
عساكر (16/56/5) من طريقين آخرين عن القاسم.
وأخرجه البيهقي (3/63) عن المؤلف.
568- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" صلاة الرجل في جماعة؛ تزيد على صلاته في بيته وصلاته في
سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك بأن أحد كم إذا توضأ فأحسن(3/84)
الوضوء، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، ولا يَنْهَزُهُ- يعني- إلا الصلاة،
ثم لم يَخْطُ خطوه؛ إلا رفع له بها درجة، وحُطَّ بها عنه خطيئة؛ حتى
يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد؛ كان في صلاة ما كانت الصلاة هي
تحبسه، والملائكة يصلّون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه،
فيقولون: اللهم! اغفر له، اللهم! ارحمه، اللهم! تب عليه؛ ما لم يؤذِ
فيه، أو يحدث فيه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخاري (1/447- 448) بإسناد المصنف.
وأخرجه مسلم (2/128- 129) ، وأبو عوانة (1/288 و 1/21- 22) ، وابن
ماجه (1/260 و 264 و 265) - مفرقاً-، والبيهقي (3/61) من طرق أخرى عن
أبي معاوية ... به.
ورواه عنه أحمد (2/252) .
ثم أخرجه البخاري (2/106- 107) من طريق عبد الواحد قال: ثنا الأعمش
قال: سمعت أبا صالح ... به، فقد صرح بسماع الأعمش له من أبي صالح.
وكذلك صرح شعبة في روايته عن الأعمش بسماعه منه.(3/85)
أخرجه الطيالسي (رقم 2400 و 2412 و 2414 و 2415) .
وروى- من طريقه بعضه-: أبو عوانة (2/22) ، والترمذي (2/499) ، وقال:
"حسن صحيح ".
وقد تقدم بعض الحديث من طريق أخرى (رقم 488 و 489) ، وذكرنا هناك
طرقه.
وللجملة الأولى منه طرق أخرى في "الصحيحين " وغيرهما: عن أبي هريرة
وغيره؛ وفي بعض الروايات عن أبي هريرة بلفظ:
" صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده ".
أخرجه مسلم (12/22) ، وأبو عوانة (2/3) ، وأحمد (2/273 و 529) .
569- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة، فإذا صلاها في
فلاة، فأتم ركوعها وسجودها، بلغت خمسين صلاة ".
قال أبو داود: " قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: " صلاة
الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة ... " وساق الحديث ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الزيلعي:
" إسناده جيد". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (2053) . وأخرج البخاري
منه الشطر الأول) .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن
عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري.(3/86)
قال أبو داود: " قال عبد الواحد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة
تضاعف على صلاته في الجماعة ... " وساق الحديث ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي هلال كلام لا يضر.
ولذلك قال الزيلعي في "نصب الراية" (2/23) :
" إسناده جيد ".
وسكت عليه الحافظ في "التلخيص " (4/283) .
والحديث أخرجه اين ماجه (1/264) : حدثنا أبو كريب: ثنا أبو معاوية ...
به الشطر الأول منه فقط؛ بلفط:
" صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته خمساً وعشرين درجة ".
وأخرجه الحاكم (1/208) بتمامه؛ لكن وقع في إسناده خطأ؛ فقد رواه من
طريق يحيى بن يحيى: ثنا أبو معاوية ... به؛ إلا أنه قال: هلال بن أبي ميمونة!
ثم قال الحاكم:
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فقد اتفقا على الحجة بروايات
هلال بن أبي هلال- ويقال: ابن أبي ميمونة، ويقال: ابن علي، ويقال: ابن
أسامة-، وكله واحد "! ووافقه الذهبي!
قلت: راوي هذا الحديث؛ إنما هو هلال بن ميمونة؛ ليس هو هلال بن أبي
ميمونة؛ وهذا محتج به في "الصحيحين "؛ بخلاف الأول وإن كان ثقة، ولا أدري
ممن الوهم؟! وإن كان يغلب على الظن أنه من الحاكم نفسه؛ فإن له أوهاماً كثيرة في
هذا الكتاب؛ كما ظهر لنا ولغيرنا بالتتبع!
والحديث أخرجه ابن حبان أيضا في "صحيحه " (2053) .(3/87)
وأخرج الشطر الأول منه: البخاري (2/106) ، والبيهقي (3/60) ، وأحمد
(3/55) من طريق أخر عن أبي سعيد.
48- باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظّلَم
570- عن بُرَيْدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه النووي) .
إسناده: حدثنا يحيى بن معبن: نا أبو عبيدة الحداد: نا إسماعيل أبو سليمان
الكَحال عن عبد الله بن أوس عن بريدة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير إسماعيل أبي سليمان الكحال
- وهو ابن سليمان-؛ قال أبو حاتم:
" صالح الحديث ".
واختلف فيه قول ابن حبان؛ فقد ذكره في "الثقات "، وقال: " يخطئ ".
وذكره في " الضعفاء " وقال:
" ينفرد عن المشاهير بمناكير ". ولخص ذلك الحافط في "التقريب "، فقال:
" صدوق يخطئ ".
فمثل هذا قد يكون حديثه حسناً؛ لا سيما إذا كان له شواهد؛ كهذا الحديث
على ما يأتي.
ولكن شيخه عبد الله بن أوس؛ لم يرو عنه غيره- كما في "الميزان "- ولذلك(3/88)
قال ابن القطان:
" مجهول الحال، ولا نعرف له رواية إلا بهذا الحديث من هذا الوجه ".
وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات " على قاعدته!
ولا أدري كيف وافقه الذهبي في هذه الترجمة؛ حيث قال- عقب قول
القطان: " مجهول "-:
" قلت: صدوق "!
وهذا ما لا تساعد القواعد الحديثية على الأخذ به؛ ما دام لا يعرف إلا في
هذا الحديث! ولذلك قال الحافظ فيه:
" لين الحديث ".
ومن ذلك تعلم أن قول المنذري في "الترغيب " (1/129) :
" ورجال إسناده ثقات "! ليس بصواب.
وصنيعه في "مختصر السن " (رقم 529) أقرب إلى الصواب؛ حيث قال:
" وأخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. وقال الدارقطني: تفرد به
إسماعيل بن سليمان الضبي البصري الكحال عن عبد الله بن أوس ".
فقد نقل عن الترمذي تضعيفه للحديث ثم أقره؛ لكننا- على الرغم من ذلك
كله- نرى أن الحديث حسن أو صحيح لغيره؛ نظراً لكثرة شواهده.
والحديث أخرجه الترمذي أيضا (1/435) من طريق يحيى بن كثير أبي غسان
العنبري عن إسماعيل الكحال ... به، وقال ما نقله المنذري آنفاً عنه؛ إلا أنه زاد
- كما في بعض النسخ الصحيحة-:(3/89)
" ... من هذا الوجه ".
وفي هذا إشارة إلى أنه قد يصح من وجه آخر أو لوجوه أخر؛ وهذا ما ذهبنا إليه
آنفاً. ولعله لذلك أورد 5 النووي رحمه الله في دارياض الصالحن " (ص 404)
- الذي قال في مقدمته (ص 3) -:
" وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثاً صحيحاً ".
فالحديث عنده صحيح؛ وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى.
وقد أخرجه البيهقي أيضا (3/63- 64) من طريق أخرى عن الكحال.
وعزاه الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف " (ص 6/رقم 34) للبزار أيضا من
طريق إسماعيل، ثم قال:
" وله شاهد من رواية ثابت عن أنس وسهل بن سعد رضي الله عنه: أخرجه
ابن ماجه والحاكم. وأخرجه ابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه. والطبراني
من رواية ابن عباس، وابن عمر، وزيد بن حارثة، وأبي موسى، وأبي أمامة رضي
الله عنهم بأسانيد ضعيفة. وحديث زيد: في "الكامل " لابن عدي. وحديث أبي
موسى: عند البزار. ورواه الطبراني في "الأوسط " من حديث عائشة في ترجمة
(أحمد بن محمد بن صدقة) وقال: تفرد به قتادة بن الفضل عن الحسن بن علي
البيروتي. ورواه الطيالسي وأبو يعلى من حديث أبي سعيد، وإسناده ضعيف أيضا.
ورواه عمر بن شاهين في "الترغيب "- له- من حديث حارثة بن وهب الخزَاعي ".
قلت: حديث أنس؛ علته أن فيه- عند ابن ماجه (1/262) ، والحاكم
(1/212) ، والبيهقي أيضا (3/63) - سليمان بن داود- وهو ابن مسلم الصاغ-،
وقد نسب عند غير ابن ماجه إلى جده؛ قال العقيلي:
" لا يتابع على حديثه "؛ يعني: هذا. وقال الحاكم:(3/90)
" رواية مجهولة عن ثابت ".
وحديث سهل بن سعد: رواه البيهقي من طريق الحاكم، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وغمزه المنذري، فقال:
" كذا قال "!
وبيانه أنه من رواية إبراهيم بن محمد الحلبي البصري: ثنا يحيى بن الحارث
الشيرازي؛ وليسا من رجال الشيخين! والأول منهما؛ روى عنه ابن ماجه وجمع،
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال:
" يخطئ " وفي " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
والآخر لا يعرف توثيقه إلا في رواية الحاكم لهذا الحديث؛ ففيها: أن إبراهيم
هذا قال: آبَنا يحيى بن الحارث الشيرازي- وكان ثقة، وكان عبد الله بن داود يثتي
عليه-.
فهو في عداد المجهولين. وفي "التقريب " أنه:
" مقبول "؛ يعني: إذا توبع؛ وإلا فهو لين الحديث.
ومن هذا يتبين أن قول البوصيري في "الزوائد":
" إسناده حسن "! غير حسن؛ إلا أن يقصد أنه حسن لغيره؛ فهو حق.
وأما حديث أبي الدرداء: فرواه الطبراني أيضا في "الكبير" بإسناد؛ قال
المنذري:
" حسن "! وقال الهيثمي في "المجمع " (2/30) :(3/91)
" ورجاله ثقات "!
قلت: ويخطر في البال أن فيهم من تفرد بتوثيقه ابن حبان، كمثل من سبق؛
وإلا لما صرح الحافظ بتضعيف إسناده وهو يستحق التحسين، وهو عندنا أقعد في
الحديث وأعلم به ممن حسنه ووثقه.
وحديث ابن عباس؛ فيه- كما قال الهيثمي-:
" العباس بن عامر الضَّبي؛ ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون ".
وحديث ابن عمر؛ فيه داود بن الزبرقان، وهو ضعيف.
وحديث زيد بن حارثة؛ فيه ابن لهيعة؛ وما ضعفه إلا من قبل حفظه،
فيحتج به في الشواهد.
وحديث أبي موسى؛ فيه محمد بن عبد الله بن عمير بن عبيد، وهو منكر
الحديث.
وحديث أبي أمامة؛ فيه رجل مجهول، وآخر لم يسَم.
وحديث عائشة؛ فيه رجل لا يعرف.
وحديث أبي سعيد. الخدري؛ فيه عبد الحكم بن عبد الله، وهو ضعيف.
وهو عند الطيالسي في "مسنده" (رقم 2212) .
وفي الباب أيضا عن أبي هريرة؛ قال المنذري- وتبعه الهيثمي-:
" رواه الطبراني في "الأوسط " بإسناد حسن ".
وبالجملة فالحديث يرتقي إلى درجة الصحة بهذه الشواهد الكثيرة، الني بلغت
اثتي عشر شاهداً، وفيها ما هو حسن عند بعضهم، وفيها ما هو محتج به في(3/92)
الشواهد كما سبقت الإشارة إليه. والله تعالى أعلم.
49- باب ما جاء في الهَدْي في المشي إلى الصلاة
571- عن أبي ثُمَامةَ الحَنَّاط:
أن كعب بن عُجْرَةَ أدركه وهو يريد المسجد، أدرك أحدهما صاحبه،
قال: فوجدني وأنا مُشَبِّكٌ بيديَّ؛ فنهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى
المسجد؛ فلا يشبكنَّ يديه؛ فإنه في صلاة ".
(قلت: حديث صحيح، وقال المنذري: " إسناده جيد "، وصححه ابن
خزيمة وابن حبان (2034)) .
إسناده: محمد بن سليمان الأنباري أن عبد الملك بن عمرو حدثهم عن داود
ابن قيس: ثتي سعد بن إسحاق: ثني أبو ثمامة الحناط
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي ثمامة الحناط؛ ذكره
ابن حبان في "الثقات ". وقال الدارقطني:
" لا يعرف، يترك ". ووافقه الذهبي، فقال في "الميزان ":
" لا يعرف، وخبره هذا منكر ". وقال الحافظ في "التقريب ":
" مجهول الحال ".
ومن هنا تعلم أن قول المنذري في "الترغيب " (1/123) :
" رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد "! غير جيد؛ لجهالة أبي ثمامة هذا.(3/93)
والحديث أخرجه الدارمي (1/326- 327) ، والبيهقي (3/230) ، وأحمد
(4/241) من طرق عن داود بن قيس ... به.
وفي الحديث علة أخرى، وهي الاضطراب؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق
الضحاك بن عثمان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي ثمامة ... به نحوه.
ثم قال:
" ورواه أيضا عيسى بن يونس عن سعد بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي
ثمامة، فعاد الحديث إلى المقبري عن أبي ثمامة ".
وقد اختلف فيه على سعيد المقبري على أوجه أخرى؛ فقد أخرجه الترمذي
(2/228) من طريق الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب
ابن عجرة.
وأخرجه أحمد (4/242) عن ابن جريج: أخبرني محمد بن عجلان عن
سعيد القبري عن بعض بتي كعب بن عجرة عن كعب.
وقال ابن أبي ذئب: عن سعيد المقبري عن رجل من بني سالم عن أبيه عن
جده عن كعب.
أخرجه أحمد (4/242) ، والطيالسي (رقم 1063) ؛ إلا أنه ليس فيه: عن
جده.
وهكذا رواه البيهقي من طريقه.
وأخرجه الدارمي، وابن ماجه (1/6 " 3) ، وأحمد (2/242 و 243- 244)
من طرق عن ابن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة؛ فأسقط الواسطة من
بينهما.(3/94)
وثمة اختلاف آخر عليه، فقال يحيى بن سعيد عن ابن عجلان: ثنا سعيد
عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لكعب بن عجرة:
" إذا توضأت ... " الحديث نحوه.
وقال شريك: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره
أخرجهما الحاكم (1/206- 207) وعلَّق الترمذي حديث شريك، وقال:
" إنه غير محفوظ ".
وأخرجه الدارمي (1/327) من طريق إسماعيل بن أمية عن المقبري عن أبي
هريرة ... به.
وإسناده صحيح.
وأخرجه في "المستدرك " من طريقين قالا: ثنا عبد الوارث: ثنا إسماعيل بن
أمية ... به. وقال:
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافمه الذهبي! وتعقبه المنذري
بقوله:
" وفيما قاله نظر ".
ولعل وجهه هذا الاختلاف على سعيد المقبري، وهو اختلاف شديد، يحار
الباحث في استخرل الصواب منه. ولذلك ضعّفَ الحديثَ بعضُهم، كما ذكره
الحافظ في "الفتح " (1/448) .
لكتي وجدت للحديث طريقاً عن كعب، هي في منجاة من هذا الاضطراب؛(3/95)
وهو ما أخرجه البيهقي (3/230- 231) من طريق الحسن بن علي: ثنا عمرو بن
قُسَيْط: ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن
ابن أبيَ ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:
" يا كعب! إذا توضأت فأحسنت الوضوء، ثم خرجت إلى المسجد؛ فلا
تشبكن بين أصابعك؛ فإنك في صلاة ". وقال:
" هذا إسناد صحيح؛ إن كان الحسن بن علي الرَّقي هذا حفظه، ولم أجد له
بعد متابعاً "!
قلت: وقد توبع عليه؛ فقد قال ابن التركماني عقبه:
" قلت: أخرجه ابن حبان في "صحيحه "؛ فقال: ثنا أبو عروبة: ثنا محمد
ابن معدان الحَراني: ثنا سليمان بن عبيد الله عن عبيد الله بن عمرو ... فذكره
بسنده".
قلت: وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سليمان بن عبيد الله- وهو أبو
أيوب الرقي-؛ قال أبو حاتم:
" صدوق، ما رأيت إلا خيراً ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال النسائي:
" ليس بالقوي ". وقال ابن معين:
"ليس يشيء".
وذكره العقيلي في "الضعفاء". وقال الحافظ:
" صدوق ليس بالقوي ".(3/96)
قلت: لكن يقويه متابعة عمرو بن قسيط له عند البيهقي، وهو صدوق، كما
قال الحافظ.
فالحديث- بهذا الإسناد، مع المتابعة- صحيح إن شاء الله تعالى. وقد قال
الحافظ:
" وصححه ابن خزيمة وابن حبان ".
وله شاهد من حديث أبي سعيد: في "المسند" (3/42- 43) ، حسنه المنذري!
وفيه نظر بينته في "التعليق الرغيب ".
572- عن سعيد بن المسيَّب قال:
حضر رجلاً من الأنصار الموتُ، فقال: إني مُحَدِّثُكم حديثاً ما
أحدِّثكموه إلا احتساباً، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا توضأ أحد كم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة؛ لم يرفع
قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا
حَطَّ الله عز وجل عنه سيئة، فليُقَرِّبْ أحدكم أو ليُبَعِّدْ، فإن أتى المسجد
فصلى في جماعة؛ غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض؛
صلى ما أدرك وأتم ما بقي؛ كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلّوا، فأتم
الصلاة؛ كان كذلك ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن معاذ بن عَبَّاد العنبري: أنا أبو عوانة عن يعلى بن
عطاء عن معبد بن هُرمُزعن سعيد بن المسيب.(3/97)
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة معبد هذا؛ قال الذهبي:
" لا يعرف. ذكره ابن حبان في "ثقاته "، وتفرد عنه يعلى بن عطاء ". وقال
ابن القطان:
" لا يعرف حاله ". وفي "التقريب ":
"مجهول ".
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (3/69) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن نصر في "الصلاة" (156/1/162) ، والطحاوي في "مشكل
الأثار" (3/107) من طريقين آخرين قالا: ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء.
لكن الحديث صحيح لغيره؛ فقد ورد معناه مفرقاً في أحاديث:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " من تطهر في بيته، ثم مشى
إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله؛ كانت خطوتاه؛ إحداهما
تحظ خطيئته، والأخرى ترفع درجة ".
أخرجه مسلم (2/131) ، وأبو عوانة (1/390) ، والبيهقي (3/62) .
ورواه النسائي (1/115) ، والحاكم (1/217) ، وأحمد (2/319 و 431
و478) من طريق أخرى مختصراً؛ بلفظ:
" مِنْ حينِ يخرج أحدكم من منزله إلى مسجده؛ فرِجْل تكتب حسنة،
وأخرى تمحو سيئة ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.(3/98)
ورواه ابن حبان في "صحيحه "- كما في "الترغيب " (1/125) -، والبيهقي
أيضا.
وله طريق ثالث بنحو الأول: في "الصحيحين " وغيرهما، وقد مضى في
الكتاب قريباً (رقم 568) .
الثاني: عن عثمان رضي الله عنه مرفوعاً: " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء،
ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد؛
غفر الله له ذنوبه ".
أخرجه مسلم (1/144) ، وأحمد (رقم 483) ، وابن خزيمة أيضا في
"صحيحه "- كما في "الترغيب، (1/126 و 159) -.
ورواه النسائي أيضا (1/137) ، وأبو عوانة (2/79) .
الثالث: عن أبي هريرة أيضا، وهو الآني في الكتاب عقب هذا.
50- باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها
573- عن أبي هريرة قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلَّوا؛ أعطاه الله
عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها، لا يَنقص ذلك من أجرهم شيئاً ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: نا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن
محمد- يعني: ابن طَحْلاء- عن مُحصِن بن علي عن عوف بن الحارث عن أبي
هريرة.(3/99)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير محمد بن طحلاء؛
فقال أبو حاتم:
" ليس به بأس ".
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جمع من الثقات.
وغير محصن بن علي- وهو الفِهْرِي الدني-؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، وقد
روى عنه ثقتان آخران: عمرو بن أبي عمرو، وسعيد بن أبي أيوب، فهو كما قال
ابن القطان:
" مجهول الحال "؛ كما نقله الذهبي وغيره. واعتمده الحافظ، فقال في
"التقريب ":
"مستور".
والحديث أخرجه الحاكم (1/208) - من طريق عبد الله بن مسلمة-،
والنسائي (1/137) - من طريق إسحاق بن إبراهيم-: ثنا عبد العزيز بن
محمد ... به.
وأخرجه البيهقي (3/69) - من طريق المصنف-، والحاكم، ثم قال- أعني:
الحاكم-:
" حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وهو من أوهامهما؛ فقد علصت مما ذكرنا أن في الإسناد راويين ليسا من رجال
"الصحيح "، وأن أحدهما مجهول الحال؛ باعتراف الذهبي نقسه!
لكن الحديث عندي صحيح؛ فإنه يشهد له حديث سعيد بن المسيب الذي
قبل هذا؛ وفيه:(3/100)
" فإن أتى المسجد فصلى في جماعة؛ غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلّوا
وبقي بعض، صلى ما أدرك وأتم ما بقي؛ كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا،
فإن أتم الصلاة؛ كان كذلك لا.
ويشهد له أيضا عموم قوله عليه الصلاة والسلام:
" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ".
51- باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد
574- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ قال:
" لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، لكن ليخرجْنَ وهن تَفِلاتٌ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه النووي. وأخرجه ابن خريمة في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن محمد بن
عمرو أخرج له مسلم متابعة، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن كما
تقدم.
وذهل عن هذا كله النوويُ في "المجموع "، فقال (4/199) :
" رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم "!
كما أخطأ الحافظ العراقي؛ حيث عزا الحديث لمسلم في "التقريب "، وشرحه
"طرح التقريب " (1/314 و 316) !(3/101)
وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه الدارمي (1/293) ، والبيهقي (3/134) ، وأحمد (2/438
و475 و 528) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به.
ورواه ابن خزيمة اْيضاً؛ كما في "الفتح " (2/279) .
والحديث صحيح؛ لأن له شاهدين بهذا اللفظ:
الأول: عن زيد بن خالد الجُهَني: أخرجه أحمد (5/192 و 193) بإسناد؛
قال الهيثمي في "المجمع " (2/33) :
" حسن "! وفيه نظر بينته في "الثمر المستطاب ".
ورواه ابن حبان أيضا (رقم 326) .
والاخر: عن عائشة رضي الله عنها: أخرجه أحمد أيضا (6/69- 70) .
وإسناده حسن، وقد بينته في الكتاب المشار إليه آنفاً.
575- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما"، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " عن المصنف) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن
عمر
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وحماد: هو ابن زيد؛ كما(3/102)
صرح به أبو عوانة في روايته عن المصنف، كما يأتي؛ وقد اشتركا في الرواية عن
أيوب، كما اشترك في الرواية عنهما سليمان بن حرب؛ فلزم التنبيه على ذلك.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/59) : حدثنا أبو داود السجْزِيُّ
قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد عن أيوب ... به.
وأخرجه أحمد (رقم 4932 و 5045) من طريقين آخرين عن أيوب ... به.
وأخرجه البخاري (2/306) ، ومسلم (2/32) ، وأحمد (4655) من طريق
عبيد الله بن عمر عن نافع ... به. وعند البخاري زيادة في أوله، ونصها: قال:
كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل
لها: لِمَ تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟! قالت: وما يمنعه أن
ينهاني؟! قال: يمنعه قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث.
وللحديث طريقان آخران عن ابن عمر؛ بلفظ:
" لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد ".
أخرجه مسلم (2/33) ، والبخاري في "التاريخ " (4/2/357) .
وطريق أخرى بزيادة، فيه وهو:
576- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تمنعوا نساءَكم المساجدَ؛ وبيوتُهن خير لهن ".
(قلت: حديث صحيح، وكذ اقال الحاكم، وزاد: " على شرط الشيخين "،
ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة أيضا، وقال النووي والعراقي: " إسناده
صحيح "، وزاد الأول منهما: " على شرط البخاري ") .(3/103)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أنا العَوام بن
حَوْشَبٍ: حدثني حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد أثبتوا لحبيب بن
أبي ثابت سماعاً من ابن عمر؛ لكن وصفه غير واحد بالتدليس، كما قد سبق؛
فلولا ذلك وعنعنته في هذا الإسناد؛ لقلت إنه: صحيح على شرط الشيخين؛
كما فعل من قبلي؛ على ما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (رقم 5468) : حدثنا يزيد ... به.
وأخرجه الحاكم (1/209) ، وعنه البيهقي (3/131) من طريق أخرى عن
يزيد.
ثم قال الإمام أحمد (رقم 5471) : حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن
حوشب..... به؛ وزاد يزيد عند أحمد: قال:
فقال ابن لعبد الله بن عمر: بلى والله لَنَمْنَعَهنَّ!، فقال ابن عمر: تسمعني
أحدث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وتفول ما تقول؟!. ثم قال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وقال النووي في
"المجموع " (4/197) ، والعراقي في "التقريب " (1/314) - بعد أن عزواه للمصنف-:
" إسناده صحيح "؛ وزاد الأول:
" على شرط البخاري ".
وصححه ابن خزيمة كما في "الفتح " (2/279) .
قلت: والحق من ذلك قول الحاكم والذهبي؛ لولا التدليس الذي أشرت إليه!(3/104)
لكن الحديث صحيح؛ فقد صح عن ابن عمر من طرق تقدم بعضها قبل هذا،
ويأتي بعضها عقبه، دون قوله:
" وبيوتهن خير لهن ". وهذه الزيادة لها شواهد، منها ما يأتي في الباب
التالي:
" صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها ... " الحديث.
577- عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل ".
فقال ابن له: والله لا نأذن لهن؛ فيتخذنه دَغَلاً، والله لا نأذن لهن!
قال: فَسَبَّهُ وغضب وقال: أقول:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِ: " ائذنوا لهن "؛ وتقول: لا نأذن لهن؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه في "صحيحيهما".
ورواه أبو عوانة في "صحيحه " عن المصنف. وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح "، وليس عند البخاري قصة الابن) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جَرِير وأبو معاوية عن الأعمش عن
مجاهد.
قلت. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/58) من طريق المؤلف.
وأخرجه مسلم (2/33) من طريق أبي معاوية وحده.(3/105)
ثم أخرجاه هما، والترمذي (2/459) ، والطيالسي (رقم 1894) ، وعنه
البيهقي (3/132) ، وأحمد (رقم 5021 و 5101 و 6101) من طرق أخر عن
الأعمش ... به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (2/306) ومسلم أيضا من طريق عمرو بن دينار عن
مجاهد ... به.
وهو عند الطيالسي (رقم 1994) من طريق أخرى عن عمرو بن دينار عن ابن
عمر؛ بإسقاط مجاهد من بينهما.
وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/58) من طريق الطيالسي؛ وقد سمع عمرو من
ابن عمر.
وله في " المسند" (رقم 4933 و 5101 و 5725) طرق أخرى عن مجاهد؛ وزاد
في بعضها:
فما كلَّمه عبدُ الله حتى مات.
وإسنادها صحيح.
ورواه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم " من طريق سالم بن عبد الله عن ابن
عمر.
ومسلم وأبو عوانة من طريق بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه؛ وفيه أن
القائل: لا نأذن لهن. . . هو ابنه بلال هذا.
وكذلك في رواية لهما عن سالم.(3/106)
وأخرجها أحمد أيضا (2/140) ، لكن في رواية عمرو بن دينار- عند مسلم-:
أن اسم الابن: (واقد) ! لكن هذه الرواية شاذة، كما أشار إلى ذلك الحافظ في
" الفتح " (2/278) ، وقال:
" والراجح أن صاحب القصة بلال؛ لورود ذلك من روايته نفسه، ومن رواية
أخيه سالم، ولم يختلف عليهما في ذلك ". قال:
" فإن كانت رواية عمرو بن دينار عن مجاهد محفوظة في تسميته (واقدا) ؛
فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك؛ إما في مجلس أو في
مجلسين، وأجاب ابن عمر كلاً منهما بجواب يليق به ".
52- باب التشديد في ذلك
578- عن عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
لو أدرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أحْدَث النساءُ؛ لمنعهن المسجد كما مُنِعَه
نساءُ بني إسرائيل.
قال يحيى: فقلت لعمرة: أمُنِعه نساء بني إسرائيل؟ قالت: نعم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت
عبد الرحمن أنها أخبرته أن عائشة رضي الله عنها ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (2/278- 282) من طريق أخرى عن مالك.(3/107)
وأخرجه مسلم (2/34) ، وأبو عوانة (2/59) ، والبيهقي (3/133) ، وأحمد
(6/91) من طرف أخرى عن يحيى بن سعيد ... به.
وله طريق أخرى عن عمرة: في "المسند" (6/69- 70) : ثنا الحكم: ثنا
عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال فقال أبي: يذكره عن أمه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات ".
قالت عائشة: ولو رأى حالهن اليوم؛ منعهن!
وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن أبي
الرجال، وهو ثقة، فيه كلام قليل من قبل حفظه.
والحكم: هو ابن موسى القنطري.
وأم أبي الرجال: هي عمره بنت عبد الرحمن هذه.
والحديث في " الموطأ" (1/203) .
579- عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ قال:
" صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في
مخدَعها أفضل من صلاتها في بيتها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي، وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا ابن المثنى أن عمرو بن عاصم حدثهم قال: ثنا همام عن قتادة
عن موَرقٍ عن أبي الأحوص عن عبد الله.(3/108)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وكذا قال النووي في "المجموع "
(4/198) .
والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/136- 137) من طريق المؤلف؛
لكنه قال- مكان: " مخدعها "-:
" مسجدها"! وهو تصحيف؛ فقد أخرجه هكذا على الصواب: الحاكم
(1/209) ، وعنه البيهقي (3/131) من طريق أخرى عن عمرو بن عاصم
الكلابي ... به، وقال:
" حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وقد وهما؛ فإن أبا الأحوص- واسمه عوف بن مالك بن نَضْلَةَ- ما أخرج له
البخاري في "صحيحه "؛ وإنما روى له في " الأدب المفرد".
وللحديث شواهد:
من حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي، وله عنها طريقان: أخرج
أحدهما: أحمد (6/371) ، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما".
ومن حديث أم سلمة، وله طريقان أيضا؛ أحدهما في "المسند" (6/301) ،
و"المستدرك " (1/209) ، وابن خزيمة في "صحيحه ".
وقد تكلمنا عليها في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب " (1/134-
135) ، وانظر "مجمع الزوائد" (2/33- 34) .
..................... (1)
__________
(1) هنا في الأصل حديث ابن عمر: " لو تركنا هذا الباب للنساء! ، وقد سبق (رقم 483) ،
فحذفناه؛ لأنه هو هو بسنده ومتنه.(3/109)
53- باب السعي إلى الصلاة
580- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا أقيمت الصلاة؛ فلا تأتوها تَسْعَون، وَأْتُوها تمشون وعليكم
السكينةُ؛ فما أدركتم فصلًّوا، وما فاتكم فَآتِمُّوا ".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في
"صحاحهم ") .
قال أبو داود: " وكذا قال الزبيدي وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر
وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري: " وما فاتكم فاتموا ". وقال ابن عيينة عن
الزهري وحده: " فاقضوا " ... ".
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: أخبرني يونس عن ابن شهاب:
أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أنه إنما أخرج
لعنبسة- وهو ابن خالد بن يزيد الأموي- مقروناً، وقد مرّت ترجمته؛ ولم يتفرد
بالحديث كما يأتي؛ فهو صحيح.
والحديث أخرجه مسلم (2/100) من طريق ابن وهب: أخبرني يونس ...
به؛ إلا أنه لم يذكر فيه: سعيد بن المسيب.
ثم أخرجه هو، وأبو عوانة (2/83) ، وابن ماجه (1/260) ، والبيهقي
(2/297) من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن
المسيب ... به.(3/110)
وهكذا أخرجه البخاري (2/92 و 319) ، والطحاوي في "شرح المعاني "
(1/231) ، والطيالسي (رقم 2338) ، وأحمد (2/532) من طريق ابن أبي ذئب
قال: حدثنا الزهري ... به.
وأخرجه الترمذي (2/149) عن معمر عن الزهري عنهما ... مفرقاً.
ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (2/270) عن ابن المسيب وحده.
وأخرجه البخاري (9/312) ، والبيهقي (2/297 و 3/228) - من طريق
شعيب بن أبي حمزة-، والطحاوي، وأحمد (2/270) - عن يزيد بن الهاد-، وهو
أيضا (2/452) - عن عقيل- ثلاثتهم عن الزهري عن أبي سلمة وحده.
وأخرجه النسائي (1/138) ، والترمذي أيضا، وكذا مسلم (2/99) ، والدارمي
(1/293- 294) ، والطحاوي والبيهقي، وأحمد (2/238) من طريق سفيان بن
عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب وحده ... به نحوه.
وقد علَّق المصنف رحمه الله أحاديث هؤلاء كلهم- غير حديث ابن الهاد
وعقيل-، وقد علقه من حديث الزُّبيدي أيضا؛ ولم أجد الأن من وصله!
ومقصوده من هذه التعليقات واضح، وهو بيان أن قول ابن عيينة في هذا
الحديث عن الزهري: " فاقضوا "؛ شاذ أو خطأ؛ لخالفتها لرواية جمهور أصحاب
الزهري الذين قالوا فيه عنه: " فأتموا "؛ وأن هذه اللفظة عي الصواب. وقد نقل
البيهقي عن مسلم أنه قال:
" أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة".
قلت: وكأن فيه إشارة إلى أن الخطأ لفظي ليس معنوياً، وهو كذلك؛ فإن
القضاء هو الأداء في الأصل، بشهادة القرآن فما غير آية، كقوله تعالى: (فإذا
قضيت الصلاة) ؛ قال السندي رحمه الله:(3/111)
" والفرق بينهما اصطلاح الفقهاء، وهو حادث؛ فلا فرق بين الروايتين ".
فالاختلاف في هذه اللفظة في هذه الرواية وغيرها- كما يأتي- ليس له كبير
شأن؛ فلا حاجة للإطالة.
581- وقال محمد بن عمرو: عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
(قلت: وصله الطحاوي وغيره، وإسناده حسن صحيح) .
قلت: وصله الطحاوي والبيهقي من طرق عن محمد بن عمرو ... به
مختصراً؛ بلفظ:
" إذا ثوِّبَ بالصلاة فعليكم بالسكينة؛ فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا ".
وقد تابعه عمرو بن أبي سلمة عن أبيه.
أخرجه أحمد (2/387 و 472) .
582- وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة: " فأتموا ".
(قلت: لم أقف على من وصله من هذا الوجه. ووصله مسلم وغيره من
وجه آخر) .
لم أقف على من وصله من هذا الوجه!
وقد وصله مالك (1/88) عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه
وإسحاق بن عبد الله أنهما أخبراه أنهما سمعا أبا هريرة ... به مثل لفظ محمد بن
عمرو سواءً، وزاد:
" فإن أحدكم في صلاة؛ ما كان يَعْمِد إلى الصلاة ".
ومن طريق مالك: رواه أبو عوانة (1/413) ، والطحاوي، وأحمد (2/460) .(3/112)
ورواه مسلم (2/100) من طريق أخرى عن العلاء عن أبيه وحده.
وهي رواية للطحاوي وأحمد (2/237 و 529) عن مالك.
583- وابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!.
(قلت: لم أقف عليه موصولاً) .
لم أقف على من وصله!
584- وأبو قتادة وأنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كلهم قالوا: " فأتِفُوا ".
(قلت: أما حديث أبي قتادة؛ فقد وصله الشيخان وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وأما حديث أنس؛ فوصله أحمد بإسناد صحيح على شرط
الشيخين. ووصله المصنف في "الاستفتاح " (رقم 741) ؛ لكن بلفظ: " وليقضِ
ما سبمَه ". وكذا أخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") .
قلت: أما حديث أبي قتادة، فقد وصله البخاري (2/92) ، ومسلم (2/100-
101) ، وأبو عوانة (2/83) ، والدارمي (1/294) ، والبيهقي (2/298 و 3/228) ،
وأحمد (5/306) من طرق عن يحيى بن أبي كثير: أخبرني عبد الله بن أبي قتادة
أن أباه أخبره قال:
بينما نحن نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمع جَلَبَةً، فقال: " ما شأنكم؟! "
قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال:
" فلا تفعلوا؛ إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما
سُبِقْتُمْ فَأتِمّوا ".
لكن قد اختلف في هذه اللفظة منه: " فَأتِمّوا ":(3/113)
فرواه هكذا الجمهور، كما في "الفتح " (2/94) ، قال:
" ووقع لمعاوية بن هشام عن سفيان: " فاقضوا "، كذا ذكره ابن أبي شيبة
عنه. وأخرج مسلم إسناده في "صحيحه " عن ابن أبي شيبة، فلم يسق لفظه ... "،
ثم ذكر روايات المصنف الآتية، ثم قال:
" والحاصل: أن أكثر الروايات ورد بلفظ: " فَآتِمّوا "؛ وأقلها بلفظ:
"قاقضوا " ... ".
قلت: وقد ذكرنا قريباً أنه لا فرق بينهما في المعنى؛ فالاختلاف لفظي.
وأما حديث أنس؛ فوصله أحمد (3/229) : ثنا سليمان بن حَيان: ثنا حميد
عن أنس ... مرفوعاً.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد وصله المؤلف فيما يأتي، وأبو عوانة (2/99) من طرق أخرى عن
حميد ... به أتم منه؛ لكن بلفظ:
" وليقضِ ما سبقه "؛ فقد اختلف فيه أيضا.
585- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ائتوا الصلاة وعليكم السَّكينةُ؛ فصلوا ما أدركتم، واقضوا ما سبقكم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال:
سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.(3/114)
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2350) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه الطحاوي (1/231) ، وأحمد (2/382 و 386) من طرق أخرى عن
شعبة ... به؛ لكن الطحاوي قال: " فأتموا "؛ فلا أدري أهي محفوظة أم لا؟!
586- قال أبو داود: " وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة:
"وليقض ".... "
(قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
قلت: وصله مسلم (2/100) ، وأبو عوانة (2/10) ، والطحاوي (1/231) ،
والبيهقي (2/298) ، وأحمد (2/382 و 427) من طرق عن محمد بن
سيرين ... به؛ ولفظه:
" إذا ثُوَبَ بالصلاة؛ فلا يَسْعَ إليها أحدكم؛ ولكن ليمشِ وعليه السكينةُ
والوقار، صل ما أدركت، واقض ما سبقك ".
587- وكذا قال أبو رافع عن أبي هريرة.
(قلت: لم أجده موصولاً من هذا الوجه) .
قلت: لم أجد من وصله من هذا الوجه!
وقد وصله أحمد من طريق آخر فقال (2/318) : ثنا عبد الرزاق بن همام: ثنا
معمر عن همام بن مُنَبهٍ قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قلت: بهذا السند أحاديث كثيرة؛ منها هذا؛ بلفظ:
" إذا نودي بالصلاة؛ فأْتوها وأنتم تمشون وعليكمُ السكينةُ؛ فما أدركتم فصلوا،
وما فاتكم قاقضوا "!(3/115)
لكن قد أخرجه مسلم (2/150) ، وأبو عوانة (1/413- 414 و 2/10) ،
والبيهقي (2/298) من طرق عن عبد الرزاق ... به بلفظ: " فأتموا ".
وعلى هذا أكثر الرواة لحديث أبي هريرة وغيره كما سبق. والله أعلم.
558- وأبو ذر روى عنه: " فأتِمّوا "، و: " اقضوا "؛ واختلف فيه.
(قلت: لم أقف عليه موصولاً) .
لم أقف عليه موصولاً!
54- باب في الجمع في المسجد مرتين
589- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبصر رجلاً يصلي وحده، فقال:
" ألا رجل يتصدق على هذا فيصليَ معه؟! ".
(قلت: إسناده صحيح، وقوّاه ابن حزم، وابن حجر، وصححه الحاكم،
ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وقال
الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهيب عن سليمان الأسود عن أبي
المتوكل عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير سليمان
الأسود- ويقال: ابن الأسود-؛ وهو الناجي أبو محمد البصري، وهو ثقة اتفاقاً.
والحديث أخرجه الحاكم (2/209) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل.(3/116)
وأخرجه الدارمي (1/318) ، والبيهقي (3/69) ، وأحمد (3/64) ، والطبراني
في "الصغير" (ص 126 و 138) من طرق أخرى عن وهيب بن خالد ... به.
وقال الدارمي والطبراني: سليمان بن الأسود.
وأخرجه الترمذي (1/427- 428) ، والبيهقي وأحمد (3/5 و 45) وابن حزم
في "المحلى" (4/238) من طريق سعيد بن أبي عروبة قال: ثنى سليمان
الناجي ... به؛ وزاد في آخره:
فقام رجل من القوم فصلى معه. ثم أخرجه أحمد (3/85) : ثنا علي بن
عاصم: أنا سليمان الناجي ... به بلفظ: قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه الظهر، قال: فدخل رجل من أصحابه، فقال
له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما حبسك يا فلان! عن الصلاة؟ ". قال: فذكر شيئاً اعتلّ به، قال: فقام
يصلي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث مثل رواية ابن أبي عروبة. وقال
الهيثمي في "المجمع " (2/45) :
" رواه أحمد. وروى أبو داود والترمذي بعضه، ورجاله رجال (الصحيح) "!
كذا قال! وعلي بن عاصم لم يرو له الشيخان، وهو صدوق، مع ضعف فيه
من قبل حفظه.
وسليمان الأسود لم يخرجا له أيضا كما علمت. ثم قال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم؛ سليمان الأسود هذا: هو سليمان بن سُحَيم،
احتج به مسلم "! ووافقه الذهبي!(3/117)
وقد أخطآ؛ وإنما هو سليمان بن الأسود الناجي البصري، كما سبق في مجموع
الروايات.
والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "نصب
الراية" (2/27) . وقوّاه ابن حزم؛ حيث قال- وهو يرد على خصومه-:
" لو ظفروا بمثل هذا؛ لطاروا به كل مطار "؛ يعني: أنه صحيح عنده لا مطعن
فيه. والحافظ ابن حجر؛ فقال في "التلخيص " (4/299) :
" وقد ورد ما هو نص في إعادتها في جماعة لمن صلى جماعة على وجه
مخصوص؛ وذلك في حديث أبي المتوكل عن أبي سعيد قال ... ".
قلت: فذكره.
ثم روى البيهقي من طريق المصنف بإساده الصحيح عن الحسن في هذا
فقام أبو بكر رضي الله عنه، فصلّى معه؛ وقد كان صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وللحديث شواهد كثيرة أوردها الهيثمي في "المجمع " (2/45- 46) وفيها:
" وعن ثابت- لعله- عن أنس: أن رجلاً جاء وقد صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام
يصلي وحده، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يتَّجِر على هذا فيصلي معه؟! ". رواه
الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الحسن؛ فإن كان ابن زبالة فهو ضعيف "!
قلت: ليس به؛ وإنما هو محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي- لقبه:
التلُ-:
فقد أخرجه الدارقطني (1/103) من طريق عمر بن محمد بن الحسن
الأسدي: ثنا أبي: نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ... به.(3/118)
وهذا إسناد جيد، كما قال الزيلعي، وتبعه العسقلاني.
55- باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة؛ يصلي معهم
590- عن يزيد بن الأسود،
أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو غلام شاب، فلما صلى؛ إذا رجلان
لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما، فجيء بهما تُرْعَدُ فرائصُهما.
فقال:
" ما منعكما أن تصليا معنا؟! ".
قالا: قد صلينا في رحالنا. فقال:
" لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الامام ولم يصلِّ؛
فليصل معه؛ فإنه له نافلة ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "،
وصححه ابن السكن. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وصححه ابن خزيمة
أيضا) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: أخبرني يعلى بن عطاء عن جابر
ابن يزيد بن الأسود عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير جابر بن يزيد
ابن الأسود؛ وقد قال النسائي: إنه
"ثقة".(3/119)
وذكره ابن حبان في "الثقات "- وقال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق ".
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1247) : حدثنا شعبة ... به.
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي (1/213) .
وأخرجه الدارمي (1/317) ، وابن خزيمة (1638) ، وابن حبان (435) ،
والدارقطني (ص 159) ، والبيهقي (2/300) ، وأحمد (4/161) من طرق أخرى
عن شعبة ... به.
وأخرجه النسائي (1/137) ، والترمذي (1/424- 425) ، وابن خزيمة وابن
حبان، والدارقطني، والحاكم (1/244- 245) ، والبيهقي (2/301) ، وابن أبي
شيبة (2/274- 275) ، وأحمد (4/160- 161) من طرف أخرى عن يعلي بن
عطاء ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم.
" هذا حديث رواه شعبة وهشام بن حسان وغَيْلان بن جامع وأبو خالد
الدالاني وأبو عوانة وعبد اللك بن عمير ومبارك بن فَضَالة وشريك بن عبد الله
وغيرهم: عن يعلي بن عطاء؛ وقد احتج مسلم بيعلى بن عطاء "!
قلت: فماذا كان؟! ومن فوقه لم يحتج به مسلم ولا البخاري؟! وقال البيهقي:
" وقال الشافعي رحمه الله في (القديم) : وهذا إسناد مجهول. وإنما قال ذلك
- والله أعلم-؛ لأن يزيد بن الأسود ليس له راوٍ غير ابنه جابر بن يزيد، ولا لجابر
ابن يزيد راوٍ غير يعلى بن عطاء. وهذا الحديث له شواهد، فالاحتجاج به
وبشواهده صحيح ". قال الحافظ في "التلخيص " (4/297) :(3/120)
" قلت: يعلى من رجال مسلم. وجابر وثقه النسائي وغيره. وقد وجدنا لجابر
ابن يزيد راوياً غير يعلى: أخرجه ابن مندة في "المعرفة" من طريق بقية عن إبراهيم
ابن ذي حِماية عن عبد الملك بن عمير عن جابر ".
قلت: وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 159) عن بقية.
والحديث صححه ابن السكن عن يعلى، كما قال الحافظ.
ومن شواهده التي أشار إليها البيهقي: حديث أبي ذر:
" صَلِّ الصلاة لوقتها؛ فإن أدركتها معهم فصل؛ فإنها لك نافلة ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأصحاب "السنن "، وقد مضى
في أوائل " الصلاة " (رقم 458) .
ومنها: عن محجن: عند النسائي بسند حسن لغيره.
وعن عبد الله بن سَرْجِس: عند الطبراني في "الكبير"؛ وفيه ضعف أو
جهالة.انظر " المجمع " (2/45) .
591- (وفي رواية عنه قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح بمنى ...
بمعناه) .
(قلت: إسنادها صحيح أيضا) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن جابر بن
يزيد عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير
جابر بن يزيد، وهو ثقة كما ذكرنا في الإسناد قبله.(3/121)
وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري.
والحديث سبق تخريجه والكلام عليه قبل؛ وإنما ساقه المصنف من طريق
أخرى عن شعبة بهذه الزيادة التي فيه؛ وهي أن الصلاة هي صلاة الصبح، وفي
منى؛ وهي ثابتة عند الحاكم وغيره.
وفيها دلالة على أن الإعادة مع الجماعة مشروعة؛ ولو بعد الصبح وكذا
العصر؛ وهو الحق وإليه ذهب الشافعية وغيرهم.
56- باب إذا صلى ثم أدرك جماعة؛ يعيد
592- عن سليمان- يعني: مولى ميمونة- قال:
أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلّون، فقلت: الا تصلي معهم؟!
قال: قد صليت؛ إتي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول:
" لا تصلوا صلاة في يوم مرتين "!
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن السكن. وأخرجه ابن خزيمة
وابن حبان (2389) في "صحيحيهما". وقال النووي: " إسناده حسن ") .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَبْع: ثنا حسين عن عمرو بن شعيب
عن سليمان- يعني: مولى ميمونة-.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن
شعيب، وهو ثقة، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، كما تقدم، وقد
صحح حديثه هذا من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه النسائي (1/138) ، والدارقطني (ص 159- 160) ،(3/122)
والبيهقي (303) ، وكذ االطحاوي (1/187) ، وأحمد (رقم4689و 4994) وأبو
نعيم في "الحلية" (8/385 و 9/231) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به.
وقال الدارقطني:
" تفرد به حسين العلم عن عمرو بن شعيب ".
قلت: حسين ثقة احتج به الشيخان في "صحيحيهما".
وعمرو قد عرفت حاله. وقال أبو الطيب فهب تعليقه على "الدارقطني ":
" ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وقال: عمرو بن شعيب في نفْسه ثقة،
يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه ".
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ". قال الخووي في "الخلاصة ":
" إسناده صحيح ".
ونقل المناوي عن ابن السكن أنه صححه.
ولعمرو بن شعيب فيه إسناد آخر بزيادة فيه: أخرجه الطحاوي من طريق عامر
الأحول عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المَعَافِرِيِّ قال:
كان أهل العوالي يصلون في منازلهم ويصلون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فنهاهم رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيدوا الصلاة في يوم مرتين. قال عمرو: قد ذكرت ذلك لسعيد بن
المسيب؟ فقال: صدق.
قلت: وهذا إسناد مرسل حسن بمتابعة سعيد بن المسيب.
وأما خالد بن أيمن المعافري؛ فقال الحافظ ابن حجر:
" تابعي أرسل، وذكره ابن حبان في "الثقات "؛ كما في "كشف الأستار".(3/123)
واعلم أن هذا الحديث عام، مخصوص بالحديث المتقدم في الباب السابق وما
في معناه؛ فإنه يدل على جواز- بل استحباب- إعادة الصلاة مع الجماعة بنية
النفل. وإلى هذا ذهب ابن عمر نفسه؛ فقد روى الطحاوي عن عثمان بن سعيد
ابن أبي رافع قال:
أرسلني محَررُ بن أبي هريرة إلى ابن عمر أساله: إذا صلى الرجل الظهر في
بيته، ثم جاء إلى المسجد والناس يصلون، فصلى معهم؛ أيتهما صلاته؟ فقال ابن
عمر: صلاته الأولى.
فلو كان يرى أن الصلاة الأخرى منهيٌّ عنها مطلقاً؛ لنهاه ولما أقره عليها، ولما
كان لبيانه له أن الصلاة المفروضة من الصلاتين هي الأولى ا
وأصرح من ذلك ما أخرجه مالك (1/153) عن نافع:
أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة
مع الإمام؛ أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم. فقال الرجل: أيتهما
أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: أو ذلك إليك؟! إنما ذلك إلى الله، يجعل أيتهما
شاء! وحينئذ فتَرْكُ ابن عمر إعادة الصلاة في حديث الباب؛ إنما هو ليدل على أن
الإعادة ليست حتماً؛ وإنما هي على الاختيار أو الاستحباب، كما قال البيهقي
رحمه الله (2/303) .
هذا؛ وفي رواية مالك: أن ابن عمر توقف في تعيين الفريضة من الصلاتين؛
بينما جزم في رواية الطحاوي بأنها الأولى.
وهذا هو الحق؛ لموافقته للحديث المتقدم؛ والظاهر أنه كان لم يبلغه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما بلغه جزم به. والله أعلم.(3/124)
57- باب جُمَّاع الامامة وفضلها
593- عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من أمّ الناس فأصاب الوقت؛ فله ولهم، ومن انتَقَصَ من ذلك شيئاً؛
فعليه ولا عليهم ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيٌ: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن
أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي الهَمْدَاني قال: سمعت عقبة بن
عامر يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ لكن في عبد الرحمن بن
حرملة كلام من قبل حفظه؛ إلا أنه لم يفحش؛ فقد قال ابن عدي:
" لم أر في حديثه حديثاً منكراً ".
فهو حسن الحديث محتج به؛ ما لم يظهر خطؤه، وقد روى له مسلم متابعة.
وقال فيه الحافظ:
" صدوق ربما أخطأ ".
وأبو علي الهمداني: اسمه ثمَامة بن شفَي، وهو ثقة من رجال مسلم.
وأعله بعضهم بـ (يحيى) ابن أيوب؛ وهو المصري؛ قال المناوي:
" قال عبد الحق: فيه يحيى بن أيوب، لا يحتج به. وقال ابن القطان: لولا
هو؛ لكنا نقول: الحديث صحيح "!(3/125)
قلت: وهذا ذهول عن كونه لم يتفرد بالحديث؛ بل تابعه عليه جماعة، كما
يأتي!
على أنه في نفسه ثقة محتج به في "الصحيحين "؛ وإن كان في حفظه
ضعف؛ فهو في ذلك نحو شيخه عبد الرحمن بن حرملة.
والحديث أخرجه الحاكم (1/210) - عن حرملة بن يحيى-، و (1/313) -
عن أحمد بن صالح المصري-، والطحاوي في "المشكل " (3/54) : ثنا يونس بن
عبد الأعلى- قالوا: ثنا ابن وهب ... به.
وأخرجه البيهقي (3/127) من طريق سعيد بن أبي مريم: آبَنا يحيى بن
أيوب ... به.
وقد تناقض فيه الحاكم؛ فقال في الموضع الأول:
" حديث صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي! وقال في الموضع
الآخر:
" صحيح؛ فقد احتج مسلم بعبد الرحمن بن حرملة، واحتج البخاري بـ (يحيى)
ابن أيوب "!
وقوله هذا أقرب إلى الصواب، وإن كان أخطأ في قوله: " احتج مسلم
بعبد الرحمن "!
فإنما روى له متابعة كما سبق، وصرح بذلك الحافظ في "التهذيب ".
وأخرجه ابن ماجه (1/311) - عن ابن أبي حازم-، والحاكم أيضا- عن
وهيب-، وأحمد (4/146) - عن عَطاف-، و (4/201) - عن علي بن عاصم-
كلهم عن عبد الرحمن بن حرملة ... به، ولم يسم عَطَّاف شيخَ ابن حرملة؛ وإنما(3/126)
قال: عن رجل من جهينة!
وقد تابعه عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي علي المصري ... به نحوه:
أخرجه أحمد (4/154 و 156) .
وعبد الله هذا ضعيف؛ لسوء حفظه، وهو ممن يكتب حديثه كما قال ابن
عدي.
ومن طريقه: رواه الطيالسي أيضا (رقم 1004) ؛ ولكنه لم يُسَمهِ.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريره مرفوعاً بلفظ:
" يصلون لكم؛ فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ".
أخرجه البخاري (2/149) ، وأحمد (2/355 و 536- 537) ، ومن طريقه
البيهقي (3/126-127) من طريق عطاء بن يسارعنه.
ورواه الشافعي في "الأم " (1/141) من طريق أخرى تعليقاً مجزوماً به. فقال:
" روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يأتي قوم فيصلون لكم؛ فإن أتموا كان لهم ولكم، وإن نقصوا كان عليهم
ولكم " ... ". وقال الحافظ في "الفتح ":
" وقد أخرج ابن حبان حديث أبي هريرة من وجه آخر، ولفظه: " يكون أقوام
يصلون الصلاة؛ فإن أتموا فلكم ولهم " ... ".
قلت: وتمامه: " وإن انتقصوا فعليهم ولكم "؛ كما في "موارد الظمآن ". عن
أبي علي الإفريقي عن صفوان بن سُلَيْم.
وله شاهد آخر من حديث سهل بن سعد: أخرجه ابن ماجه، والحاكم(3/127)
(1/216) ، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخطآ؛ فإن في إسناده
عبد الحميد بن سليمان أخا فليح؛ وقد ضعفه الجمهور، ولم يخرج له مسلم!
58- باب في كراهية التدافع على الامامة
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
59- باب من أحق بالإمامة،؟
594- عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءةً، فإن كانوا في القراءة
سواءً؛ فليؤُمَّهم أقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً؛ فليؤمهم
أكبرهم سنّاً، ولا يُؤَمُّ الرجل في بيته، ولا في سلطانه، ولا يُجْلَسُ على
تَكْرِمَتِهِ إلا بإذنه ".
قال شعبة: فقلت: لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة: أخبرني إسماعيل بن رجاء
قال: سمعت أوس بن ضَمْعَج يحدث عن أبي مسعود البدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/125) من طريق المصنف.(3/128)
وأخرجه الطيالسي أبو داود في "مسنده " (رقم 618) قال: حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/36) ، والبيهقي من طريقه.
وأخرجه مسلم (2/133) ، وأبو عوانة أيضا، وابن ماجه (1/310) ، وأحمد
(4/118 و 121) من طريق أخرى عن شعبة 000 به؛ وزاد حجاج- عند أبي عوانة-:
" فليؤمهم أعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً؛ فأقدمهم هجرة ... "
وذكر الحديث.
وقد تابعه المسعودي عن إسماعيل بن رجاء؛ وفيه:
" وأقدمهم قراءة ... " والباقي مثل رواية الجماعة عن شعبة.
وتابعه الأعمش أيضا عن إسماعيل؛ ولكنه ليس فيه: " وأقدمهم قراءة "؛
وإنما فيه ما في رواية حجاج عن شعبة:
" فإن كانوا في القراءة سواءً؛ فأعلمهم بالسنة ... " الحديث، ويأتي في
الكتاب.
فالزيادتان صحيحتان عندي؛ خلافاً للخطابي في "المعالم " (1/302) ؛ حيث
قال:
" والصحيح رواية سفيان عن إسماعيل بن رجاء ... "، ثم ساق إسناده، ثم
قال:
" وهذا هو الصحيح المستقيم في الترتيب ... "، ثم فصل القول في بيان ذلك!
وقد خفيت عليه رواية الحجاج عند أبي عوانة؛ فإنها موافقة في الترتيب لرواية
سفيان!
لكن هنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن الحديث ليس من رواية سفيان عن(3/129)
إسماعيل- كما وقع عند الخطابي-؛ وإنما هو من رواية سفيان عن الأعمش عن
إسماعيل!
كذلك أخرجه البيهقي (3/119) من طريق الحميدي عن سفيان. وكذلك
رواه غيره عنه، كما يأتي.
وللجملة الأولى شاهد من حديث أنس مرفوعاً.
أخرجه أحمد (3/163) بسند صحيح.
595- (وفي رواية عن شعبة ... بهذا الحديث؛ قال فيه: " ولا يَؤُم
الرجل الرجلَ في سلطانه ") .
(قلت: إسنادها صحيح على شرط مسلم أيضا) .
إسناده: ثنا ابن معاذ: ثنا أبي عن شعبة ... بهذا الحديث.
قلت: وهذا صحيح كالذي قبله.
596- قال أبو داود: " وكذا قال يحيى القطان عن شعبة: " أقدمهم
قراءةً" ... ".
(قلت: وصله أحمد: ئنا يحيى عن شعبة ... به) .
قلت: وصله أحمد (4/121- 122) : ثنا يحيى عن شعبة ... به.
597- وفي رواية أخرى عن أبي مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا
الحديث؛ قال:
" فإن كانوا في القراءة سواءً؛ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة(3/130)
سواءً؛ فأقدمهم هجرة ... "؛ ولم يقل: " فأقدمهم قراءة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن
حبان (2124) في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الله بن نُمير عن الأعمش عن
إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج الحضرمي قال: سمعت أبا مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ والحسن بن علي: هو ابن محمد
الخَلاّل الحَلْواني.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/35) من طريق الحسن بن عفان- وهو ابن علي
ابن عفان- قال: ثنا عبد الله بن نمير ... به؛ ولفظه:
" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة؛
فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً،
ولا يُؤَم الرجل في سلظانه، ولا يجْلَسُ على تكرمته في بيته إلا بإذنه ".
وهكذا أخرجه مسلم (2/133) ، والنسائي (11/23) ، والترمذي (1/458-
459) ، والبيهقي (3/119و 125) ، وأحمد (4/121 و 5/272) ، من طرق أخرى
عن الأعمش ... به.
ورواه ابن حبان في "صحيحه " (2124) .
وقد تابعه السّديّ عن أوس: عند الخطيب (7/451) .
وأخرجه الدارقطني (ص 104) ، والحاكم (1/243) ، والبيهقي (3/199) من
طريق جرير بن حازم عن الأعمش ... به؛ إلا أنه قال:
" يؤم القوم أكثرهم قرآناً؛ فإن كانوا في القرآن واحداً فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا(3/131)
في الهجرة واحداً فأفقههم فقهاً؛ فإن كانوا في الفقه واحداً فأكبرهم سناً ".
فرواه بالمعنى؛ أعني: قوله: " فأعلمهم بالسنة؛ فإن كانوا في السنة سواء ... "
فقال: " فأفقههم فقهاً ... " إلخ! وجعلها في المنزلة الثالثة، ومنزلتها الثانية.
ولذلك فإنها رواية شاذة. وقد أشار إلى هذا البيهقي؛ حيث قال عقبه:
" ورواه جماعة عن الأعمش على اللفظ الأول ". وقال الحاكم:
" وهذه لفظة غريبة عزيزة بهذا الإسناد الصحيح "!
ثم ذكر له شاهداً؛ وهو:
598- قال أبو داود: " رواه حجاج بن أرطاة عن إسماعيل قال:
" ولا تَقْعدْ على تَكْرِمَةِ أحد إلا بإذنه " ... ".
(قلت: وصله الدارقطني والحاكم عن الحجاج، وهو مدلس، وقد عنعنه، وفي
متنه نكارة ومخالفة للروايات السابقة؛ لكن هذا القدر المعلق منه صحيح) .
إسناده: وصله الدارقطني (ص 154) ، والحاكم (1/243) من طريق أبي
حامد محمد بن هارون الحضرمي: ثنا المنذر بن الوليد الجارودي: ثنا يحيى بن
زكريا بن دينار الأنصاري: ثنا الحجاج عن إسماعيل بن رجاء ... به؛ ولفظه:
" يؤم القوم أقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواءً فأفقههم في الدين؛ فإن
كانوا في الدين سواءً فأقرؤهم للقرآن، ولا يُؤَمّ الرجل في سلطانه، ولا يقْعَد على
تكرمته إلا بإذنه ". قال الزيلعي (2/25) :
" وهو معلول بالحجاج بن أرطاة ".
قلت: وذلك لأنه مدلس؛ وقد عنعنه.(3/132)
وبقية رجاله ثقات؛ غير يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري؛ فلم أجد له
ترجمة! وقد أورده في شيوخ المنذر بن الوليد: صاحب "التهذيب "؛ إلا أنه سمّى
جده زياداً؛ ولم أجد من ترجمه أيضا! والله أعلم.
وحديث الحجاج هذا شاذ أيضا؛ بل منكر مخالف لسياق حديث شعبة
والأعمش السابقين تقديماً وتأخيراً، كما هو واضح.
ولكن الجملة الأخيرة منه- التي من أجلها علقها المصنف- صحيحة؛ لموافقتها
في المعنى لسائر الروايات.
599- عن عمرو بن سَلِمة قال:
كنا بحاضر، يمرُّ بنا الناس إذا أتوُا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانوا إذا رجعوا مرُوا
بنا، فأخبرونا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال كذا وكذا، وكنت غلاماً حافظاً،
فحفظت من ذلك قرأناً كثيراً، فانطلق أبي وافداً إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
نفر من قومه، فعلًمهم الصلاة، وقال:
" يؤمكم أقرؤكم ".
فكنت أقرأهم لِمَا كنت أحفظ، فقدَّ موني، فكنت أؤمُهم وعلي بردة
صغيرة صفراء، فكنت إذا سجدت تكشفت عني. فقالت امرأة من
النساء: وارُوا عنا عورة قارِئكم! فاشتروا لي قميصاً عُمَانيّاً، فما فرحت
يشيء بعد الاسلام فرحي به، فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع- أوثمان- سنين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه "
نحوه) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أنا أيوب عن عمرو بن(3/133)
سَلمَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلَمة، كما ذكر
الحافظ في "الفتح " (8/18) .
وقد رواه عن أيوب: حمادُ بن زيد أيضا كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حزم (4/218) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن منده والطبراني من طريق حماد بن سلمة؛ وفما روايتهما ما يدل
على أنه وفد مع أبيه أيضا؛ كما في "الفتح ".
وأخرجه البخاري (8/18- 19) : حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن
زيد عن أيوب ... نحوه.
وأخرجه الدارقطني (ص 179) ، والبيهقي (3/91) من طرق أخرى عن
سليمان بن حرب ... به.
وأخرجه النسائي (1/127) من طريق سفيان عن أيوب قال: حدثني عمرو بن
سَلِمَةَ الجَرْمي ... به مختصرأ، وفيه:
وأنا ابن ثمان سنين ... بدون شك.
وأخرجه أيضا (1/105) من طريق سليمان بن حرب ... بإسناده مختصراً.
600- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ قال:
فكنت أؤمهم في بُردة مُوَصَّلة فيها فَتْق؛ فكنت إذا سَجَدتُ خَرَجَت
اسْتِي!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .(3/134)
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة ...
بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وزهير: هو ابن معاوية بن
حُدَيج الجُعْفِي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/91) من طريق يزيد بن هارون: آبَنا عاصم ...
به، ولفظه: قال:
لما رجع قومي من عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قالوا: إنه قال لنا:
" ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن ". قال: فدعوتي فعلموني الركوع والسجود؛
فكنت أصلي بهم وأنا غلام؛ وعلي بردة مفتوقة؛ فكانوا يقولون لأبي: ألا تغطي
عنا است ابنك؟!
601- وفي أخرى عنه عن أبيه:
أنهم وفد وا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يا رسول الله!
من يَؤُمنا؟ قال:
" أكثركم جمعاً للقرآن- أو أخذاً للقرآن- ". فلم يكن أحد من القوم
جمع ما جمعتُ، فقدَّموني وأنا غلام وعليَّ شَمْلَةٌ لي. قال: فما شهدت
مَجْمَعاً من جَرْم إلا كنت إمامهم، وكنت أصلي على جنائزهم إلى يومي
هذا.
(قلت: إسناده صحيح؛ غير أن قوله: (عن أبيه) شاذ! والصواب ما يأتي
بعده) .(3/135)
إسناده: أخبرنا قتيبة: ثنا وكيع عن مِسْعَرِ بن حبيب الجَرْمي: ثنا عمرو بن
سلمة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيحين "؛ غير مسعر
ابن حبيب الجرمي، وهو ثقة أيضا اتفاقاً، لكن قوله: عن أبيه! شاذ؛ لم يوافقه
عليه أحد ممن رواه عن عمرو، كما تقدم.
على أنه قد رواه عنه غير وكيع على الجادة، وهو:
602- قال أبو داود: " ورواه يزيد بن هارون عن مسعر بن حبيب عن
عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يقل: عن أبيه ".
(قلت: وهذا هو الصحيح، وكذلك وصله البيهقي عن يريد) .
قلت: وصله البيهقي (3/225) من طريق العباس بن محمد الدوري: ثنا يزيد
ابن هارون ... به بلفظ: ثنا عمرو بن سلمة:
أن أباه ونفرأ من قومه وفدوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أسلم الناس ليتعلموا
القرآن، فلما قضوا حاجتهم قالوا: من يصلي بنا- أو لنا- ... الحديث نحو الرواية
المتقدمة.
وإسناده صحيح، رجالهم ثقات.
وقد رواه من طريق الحاكم؛ ولم أجده الآن في "مستدركه "!
603- عن ابن عمر أنه قال:
لما قدم المهاجرون الأولون؛ نزلوا العُصْبَة قبل مَقْدَمِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
فكان يؤمُهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً. (وزاد في رواية:(3/136)
وفيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد) .
(قلت: إسنادهما صحيح، والأولى على شرط مسلم والبخاري. وقد
أخرجها في "صحيحه "، وأخرج الرواية الأ خرى بنحوها)
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا أنس- يعني: ابن عياض-. (ح) وحدثنا الهيثم
ابن خالد الجهني- المعنى- قالا: ثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: والإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين، والآخر صحيح؛ فإن
الهيثم بن خالد هذا- وإن كان ثقة- فلم يخرج له الشيخان.
والحديث أخرجه البيهقي (3/89) عن المؤلف.
وأخرجه البخاري (2/148) : حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: ثنا أنس بن
عياض ... به.
ثم أخرج (13/143) ، والبيهقي من طريق ابن جريج أن نافعاً أخبره أن ابن
عمر رضي الله عنه أخبره ... به مختصراً نحوه وزاد:
في مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة. قال
البيهقي:
" كذا قال: (وفيهم أبو بكر) ! ولعله في وقت آخر؛ فإنه إنما قدم أبو بكر رضي
الله عنه مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويحتمل أن تكون إمامته إياهم قبل قدومه وبعده. وقول
الراوي: (وفيهم أبو بكر) أراد بعد قدومه ".
قلت: وهذا التأويل لا بد منه وإن لم يرتضه الحافظ؛ وذلك لأن الرواية الأولى
صريحة بأنه كان يؤمهم قبل مَقْدَمِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فليست تشمل أبا بكر؛ للسبب
الذي ذكره البيهقي، ولذلك لم ينص فيها على أبي بكر.(3/137)
وأما الرواية الأخرى؛ فليس فيها ما في الأولى؛ فإن لفظها:
كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأوفي وأصحابَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة.
فليس فيها أن الإمامة الواردة فيها كانت قبل القدوم حتى يرد الإشكال؛ بل
فيها عكس ذلك؛ فإن من المعلوم أن مسجد قباء إنما بناه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه إلى
المدينة؛ كما في "صحيح البخاري " (7/195) .
وفي هذه الرواية: أن إمامته بأبي بكر إنما كانت فيه؛ فهي كالنص على أن
ذلك كان بعد القدوم، فإذا ضممت هذا إلى ما أفادته للرواية الأولى- كما هو
الواجب في أمثاله- ينتج منه أن سالماً رضي الله عنه كان يؤمهم قبل القدوم وفيهم
عمر؛ وغيره، وبعد القدوم وفيهم أبو بكر وغيره. وبذلك يطيح الاشكال من أصله.
والله تعالى ولي التوفيق.
(تنبيه) : قال المنذري في "مختصره ": " وأخرجه البخاري؛ وليس فيه ذكر
عمر وأبي سلمة "!
وهذا النفي خطأ، كما عرفت مما سبق.
604- عن مالك بن الحويرث: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له- أو لصاحب له-:
" إذا حضرت الصلاة؛ فأذِّنا ثم أقيما، ثم ليؤفَكما أكبركما ". (زاد
في رواية: قال: وكنا يومئذ متقاربين في العلم) .
(وفي الرواية الأولى: قال خالد: قلت لأبي قلابة: فأين القرآن؟ قال:
إنهما كانا متقاربين) .
(قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجها هو(3/138)
ومسلم وأبو عوانة وابن خزيمة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح ". وليس عندهم- إلا ابن خزيمة-: قال خالد ... إلخ. أما الزيادة في
الرواية الأخرى؛ فإنها مدرجة. والصواب أنها من قول أبي قلابة، كما في
الرواية الأولى)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. (ح) وثنا مسدد: ثنا مسلمة بن محمد
- المعنى واحد- عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث. والزيادة في
حديث مسلمة.
قلت: الإسناد الأول صحيح على شرط البخاري.
والآخر ضعيف؛ من قبل مسلمة بن محمد- وهو الثقفي البصري-؛ وهو
مختلف فيه؛ قال ابن معين:
" ليس حديثه بشيء ". وقال أبو حاتم:
" شيخ ليس بالمشهور، يكتب حديثه ". وقال الآخرِّي عن المصنف:
" حدثنا عنه مسدد أحاديث مستقيمة ". قال: فقلت لأبي داودِ: إنه حدث
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " إياكم والزَّنْجَ؛ فإنه خلق مُشوة "؟ فقال:
" من حدث بهذا فاتهمه " وقال الساجي في ترجمته في هذا الحديث:
" رفعه عنه بعضهم، ووقفه بعضهم ". قال الحافظ:
" وروي من طرق واهية ".
وأما ابن حبان فذكره في "الثقات "!
قلت: وهذا الحديث مما يدل على ضعفه؛ حيث أدرج في الحديث:(3/139)
وكنا يومئذ متقاربين في العلم! وإنما هي من كلام أبي قلابة، كما في حديث
إسماعيل- وهو ابن علَيَّة-؛ وقال الحافظ في "الفتح " (2/135) - بعد ذكر رواية
مسلمة هذه من طريق المصنف-:
" وأظن في هذه الرواية إدراجاً؛ فإن ابن خزيمة رواه من طريق إسماعيل بن
عُلَيَة عن خالد قال: قلت لأبي قلابة: فأين القراءة؟ قال: إنهما كانا متقاربن.
وأخرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن خالد الحذاء، وقال فيه: قال
الحذاء: وكانا متقاربن في القراءه. ويحتمل أن يكون مستند أبي قلابة في ذلك
هو إخبار مالك بن الحويرث، كما أن مستند الحذاء هو إخبارأبي قلابة له به،
فينتفي الإدراج عن الإسناد. والله أعلم ".
قلت: وهذا جمع حسن، لو ثبتت رواية مسلمة؛ وإذ ليس؛ فلا مسوغِّ لهذا
الجمع!
والحديث أخرجه البيهقي (3/121) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (3/436) : ثنا إسماعيل عن خالد ... به.
وأخرجه النسائي (1/108) من طريق أخرى عن إسماعيل؛ وليس عنده قول
خالد: قلت ... إلخ.
وكذلك رواه سفيان عن خالد ... به.
أخرجه البخاري (2/88- 89) و (6/41) ، وأبو عوانة (1/332 و 2/8
و349) ، والنسائي أيضا (1/104 و 126) ، والترمذي (1/399) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه البخاري (2/112) ، ومسلم وأبو عوانة (2/8- 9) ، وابن ماجه(3/140)
(1/309- 310) ، والبيهقي (3/67) ، وأحمد (5/53) من طرق أخرى عن
خالد ... به؛ وزاد أحمد في آخره من طريق شعبة:
" وصلوا كما رأيتموني أصلي ".
وتابعه أيوب عن أبي قلابة ... به أتم منه.
أخرجه البخاري (11/359 و 13/198- 199) ، ومسلم وأبو عوانة والشافعي
في "الأم " (1/140) ، والدارمي (1/286) ، والبيهقي (3/120) ، وأحمد
(3/436 و 5/53) من طرق عنه.
وأخرجه النسائي (1/104- 105) ، والبخاري أيضا (2/87- 88و 89 و 135
- 136 و 239) ؛ وزاد في رواية- والشافعي والبيهقي- الزيادة التي عند أحمد عن
شعبة.
وكذا رواه الدارقطني (101) .
60- باب إمامة النساء
605- عن أم ورقة بنت نوفل:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما غزا بدراً؛ قالت: قلت له: يا رسول الله! ائذن لي
في الغزو معك، أُمَرِّضْ مرضاكم؛ لعل الله أن يرزقني الشهادة! قال:
" قِرِّي في بيتك؛ فإن الله عز وجل يرزقك الشهادة ".
قال: فكانت تسمى (الشهيدة) .
قال: وكانت قد قرأت القرآن؛ فاستأذنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتخذ في(3/141)
دارها مؤذناً، فآذِنَ لها، قال: وكانت دَبَّرت غلاماً وجاربة، فقاما إليها
بالليل فغمّاها بقطيفة لها، حتى ماتت وذهبا، فأصبح عمر، فقام في الناس
فقال: من عنده من هذين علم، أو من رآهما؛ فليجئ بهما! فآمر بهما
فصُلبا، فكانا أول مصلوب بالمدينة.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة، وأقره الحافظ، دوافقه العيني) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجراح: ثنا الوليد بن
عبد الله بن خمَيع: حدثتتي جدَّني وعبد الرحمن بن خَلاّد الأنصاري عن أم ورقة
بنت نوفل.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله موثقون من رجال مسلم؛ غير جدة الوليد
- واسمها ليلى بنت مالك؛ كما في بعض الروايات-، وعبد الرحمن بن خلاد
الأنصاري، وهما مجهولان؛ قال الحافظ عن الأولى:
" لا تعرف ". وعن الآخر:
" مجهول الحال ".
وهذا قد ذكره ابن حبان في "الثقات "؛ على قاعدته!
ولكن أحدهما يقوي رواية الآخر؛ لا سيما وأن الذهبي قال في "فصل النسوة
المجهولات ":
" وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها ". ولعله لذلك قال الحافط:
في "بلوغ المرام " (2/48) - بعد أن عزاه للمصنف-:
" وصححه ابن خزيمة "؛ وأقره.(3/142)
وأما المنذري؛ فأعله في "مختصره " بقوله:
" فيه الوليد بن عبد الله بن جُميع الزهري الكوفي؛ وفيه مقال، وقد أخرج له
مسلم "!
قلت: لكن هذا المقال لا يسقط حديثه عن درجة الحسن؛ فإنه- بالإضافة إلى
تخريج مسلم له- فقد قال ابن معين فيه:
" ثقة ". وكفى به توثيقاً!
وكذا قال العجلي. وقال أحمد والمصنف:
" ليس به بأس ". وقال أبو زرعة:
" لا بأس به ". وقال أبو حاتم:
" صالح الحديث ".
وتناقض فيه ابن حبان. وقال ابن سعد:
" كان ثقة له أحاديث ". وقال الحافظ:
" صدوق يهم ". وقال العيتي في "شرح الهداية"- كما في "التعليق المغني "-:
" فالحديث إذاً صحيح؛ أما الوليد، فإن مسلماً أخرج له، وكفى هذا في
عدالته وثقته ".
والحديث أخرجه أحمد (6/405) : ثنا أبو نعيم قال: ثنا الوليد بن عبد الله
ابن جميع ... به أتم منه.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (3/130) .(3/143)
606- (وفي رواية عنها ... بهذا الحديث- والأول أتم-؛ قال:
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها،
وأمرها أن تَؤُمَّ أهل دارها.
قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها شيخاً كلبيراً) .
(قلت: حديث حسن، وصححه من سبق ذكره) .
إسناده: حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي: ثنا محمد بن الفضيل عن الوليد
ابن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث ...
بهذ الحديث.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ وقد سبق الكلام عليه في الذي قبله.
والحديث أخرجه الدارقطني (154- 155) ، والحاكم (1/203) ، وعنه
البيهقي من طرق أخرى عن الوليد ... به؛ إلا أنه قرن مع عبد الرحمن بن خلاد:
ليلى بنت مالك- وهي جدة الوليد بن جميع- كما سبق في الإسناد قبله.
ورواه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 94) عن الجدة وحدها.
وكذلك رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1676) .
61- باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون
7"6- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:
" ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل
أتى الصلاة دِباراً- والد بار: أن يأتبها بعد أن تفوته، ورجل اعتَبَد مُحَرَّرَه ".(3/144)
(قلت: الجملة الأولى منه صحيحة، والباقي ضعيف، ولذلك أوردناه في
الكتاب الآخر أيصاً (رقم 93)) .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد اللد بن عمر بن غانم عن عبد الرحمن بن
زياد عن عمران بن عبدٍ المعافري لخن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد ضعيف كما بيناه في الكتاب الآخر، وقد ذكرنا هناك أقوال
العلماء في بعض رواته، وتضعيف من ضعف الحديث؛ فأغنى عن الإعادة.
والمهم هنا إثبات صحة الجملة الأولى منه؛ فأقول:
إنها وردت من حديث ابن عباس وأبي أمامة، ومن حديث قتادة وعطاء بن
دينار مرسلاً.
أما الأول: فأخرجه ابن ماجة (1/317) وابن حبان فى "صحيحه ". وقال
النووي (4/274) :
" إسناده حسن ". وقال البوصيري:
" إسناده صحيح "؛ ولفظه.
" ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً (ولفظ ابن حبان مثل لفظ
حديث ابن عمرو في الباب؛ والباقي اتفقا عليه) : رجل أمً قوماً وهم له كارهون،
وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان ".
والثاني: أخرجه الترمذي (2/193) ، وقال:
" حديث حسن "،وهو كما قال، ولفظه حديث ابن عباس؛ إلا أنه قال:
" العبد الأبق "؛ بدل: " وأخوان متصارمان ".(3/145)
والثالث: أخرجه البيهقي (3/128) عن قتادة ... مرسلاً مثله.
وإسناده صحيح.
والرابع: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "الترغيب " (1/171) -،
وأشار إليه البيهقي، قال:
" وروي في الإمامة والمرأة: عن عطاء بن ديار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، وعن
يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه ".
فهذه طرق أربعة- بل خمسة- للجملة الأولى من الحديث، تدل على صحتها.
وأما بقية الحديث؛ فإني لم أجد ما يشهد له، فبقا على الضعف الذي شهد
به سنده؛ فأوردناه لذلك في الكتاب الآخر.
62- باب إمامة البر والفاجر
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
63- باب إمامة الأعمى
608- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف ابن أم مكتوم؛ يؤم الناس وهو أعمى.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2131 و 2132)) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري أبو عبد الله: ثنا ابن مهدي:
ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس.(3/146)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمران القطان كلام لا
يضر؛ وهو حسن الحديث كما قد مر.
والحديث أخرجه البيهقي (3/88) من طريق المؤلف، وله فيه شيخ آخر:
أخرجه عنه في "الخراج "، وسيأتي (رقم ... ) [باب في الضرير يولّى] ؛ وزاد فيه.
مرتين. ولفظه هناك:
استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين.
وهكذا أخرجه أحمد (3/132) قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به.
ثم أخرجه (3/192) : ثنا بهز: ثنا أبو العوام القطان ... به؛ ولفظه مثل لفظ
ابن مهدي عنده، وزاد:
يصلي بهم وهو أعمى. وقال الحافظ في "التلخيص " (4/328) :
" ورواه ابن حبان في "صحيحه "، وأبو يعلى، والطبراني من حديث هشام عن
أبيه عن عائشة. ورواه الطبراني من حديث عطاء عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمر المدينة. وإسناده حسن ".
قلت: وهذان شاهدان قويان للحديث يرتقي بهما إلى درجة الصحة. وقد
أوردهما الهيثمي في "المجمع " (2/65) ، وقال في الأول:
" ورجال أبي يعلى رجال (الصحيح) ". وفي الآخر- وعزاه للبزار أيضا-:
" وفيه عُفَيْرُ بن مَعْدان، وهو ضعيف ".
قلت: وكذا قال الحافظ أيضا فى (عُفَير) ؛ فلعل تحسينه لحديثه من أجل
شواهده. والله أعلم.(3/147)
64- باب إمامة الزائر
609- عن أبي عطية قال:
كان مالك بن حويرث يأتينا إلى مُصَلاّنا هذا، فأقيمت الصلاة، فقلنا
له: تقدَّمْ فَصَلِّهْ. فقال لنا: قَدِّموا رجلاً منكم يصلي بكم، وسأحدثكم لِمَ
لا أصلي بكم؛ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من زار قوماً فلا يَؤُمَّهم، ولْيَؤُمَّهم رجلٌ منهم ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وقال الترمذي: " حديث
حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان عن بُدَيْل: حدثني أبو عطية مولى
منا.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال سسلم؛ غير أبي عطية- وهو مولى بني
عُقيل-؛ قال أبو حاتم:
" لا يعرف ولا يسمى ". وقال ابن المديني:
" لا يعرفونه ". وقال أبو الحسن القطان:
" مجهول ". وقال الذهبي:
" لا يدرى من هو؟! روى عنه بديل بن ميسرة ". وقال الحافظ:
"مقبول ".
قلت: فهو بهذا الإسناد ضعيف؛ لكن يشهد له حديث أبي مسعود البدري(3/148)
المتقدم في الكتاب رقم (594) ؛ بلفظ: " لا يُؤَم الرجلُ في بيته ولا في سلطانه ".
فهو بهذا الشاهد صحيح، وقد صححه ابن خزيمة كما يأتي، والترمذي كما يأتي.
لكن زاد مسلم وغيره في حديث أبي مسعود: " إلا بإذنه "؛ فهذه تقيد عموم
حديث الباب بمن لم يؤذن له؛ على خلاف ما فهم منه راويه مالك بن الحويرث!
والحديث أخرجه البيهقي (3/126) من طريق المولف.
وأخرجه النسائي (1/127) - مختصراً-، والترمذي (1/187) ، وابن خزيمة
في "صحيحه " (1/161) ، وأحمد (3/436 و 436- 437 و 5/53) من طرق
أخرى عن أبان بن يزيد العطار ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "
65- باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم
610- عن همام:
أن حذيفة أمّ الناس بالمدائن على دُكَّان، فأخذ أبو مسعود بقميصه
فَجَبَذَهُ، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلمً أنهم كانوا يُنْهَون عن ذلك؟!
قال: بلى؛ قد ذكرت حين مددتني.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال النووي: " إسناده صحيح "،
وكذا قال عبد الحق) .
إسناده: حدثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي- المعنى-
قالا: ثنا يعلى: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام.(3/149)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، رجاله كلهم من رجالهما؛
غير أحمد بن الفرات، وهو ثقة، وهو متابع.
وهمام: هو ابن الحارث النَّخَعِيُّ الكوفي.
وإبراهيم: هو النخعي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/210) ، وعنه البيهقي (3/108) من طريق أخرى
عن يعلى بن عبيد ... به، وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم " (1/152) من طريق أخرى عن الأعمش؛
فقال: أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرنا الأعمش ... به. وقال النووي في "المجموع "
(4/295) :
" وإسناده صحيح ".
وصححه ابن خزيمة وابن حبان، كما في "التلخيص " (4/427) ، وهو في
"صحيح ابن خزيمة" (1523) ، وعنه ابن حبان (373) .
وأخرجه الدارقطني (ص 197) ، والحاكم أيضا من طريق زياد بن عبد الله
ابن الطفيل عن الأعمش ... به نحوه؛ وفيه: قال له أبو مسعود:
لمِ تعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يقوم الإمام فوق، ويبقى الناس خلف؟
قال: فَلمْ تَرَني أجبتك حين مددتتي؟!
وليس عند الدارقطني منه إلا قول أبي مسعود: نهى رسول الله ... إلخ؛ وزاد
في آخره: يعني: أسفل منه. وقال:
" لم يروه غير زياد البكاء "!(3/150)
قلت: يعني: بهذا اللفظ الصريح في رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإلا فقد رواه غيره
كما عرفت بنحوه.
وهذا إسناد حسن.
611- عن عدي بن ثابت الأنصاري:
حدثني رجل: أنه كلان مع عمار بن ياسر بالمد ائن، فأقيمت الصلاة،
فتقدم عمار، وقام على دكلان يصلي والناس أسفلَ منه، فتقدم حذيفة،
فأخذ على يديه، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من
صلاته؛ قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا أمّ الرجل القوم؛ فلا يَقمْ في مكان أرفع من مقامهم "؛ أو نحو
ذلك؟ قال عمار: لذلك اتَّبعتك حين أخذت على يَدَي.
(قلت: حديث حسن؛ إلا قوله أن الإمام كان عمار بن ياسر، وأن الذي
جذبه كان حذيفة؛ فإنه منكر. والصواب: أن الإمام كان حذيفة، والذي
جبذه كان أبا مسعود، كما في الحديث الأول. قال الحافظ: " وهو أقوى ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا حجاج عن ابن جريج: أخبرني أبو
خالد عن عدي بن ثابت.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي خالد؛ قال الحافظ:
" يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي. وقال الذهبي: لا يعرف "
قلت: الواسطي: اسمه عمرو بن خالد؛ وهو متهم بالكذب، ويبعُد عندي أن
يكون هو هذا؛ فإنه متأخر عنه.(3/151)
وأما الدالاني- واسمه يزيد بن عبد الرحمن-؛ فهو ضعيف من قبل حفظه،
واحتمال كونه هذا قائم، ولكنه احتمال!
وشيخ شيخه رجل لم يسَمَّ؛ فهو مجهول.
فالإسناد ضعيف؛ وإنما أوردناه في هدا الكتاب؛ لشاهده الذي قبله، فهو به
صحيح.
لكن قول: أن عمار بن ياسر هو الإمام على الدكان، وأن الذي أنكر عليه هو
حذيفة بن اليمان: منكر!
والصواب: أن حذيفة هو الإمام، وأن الذي جبذه وأنكر عليه هو أبو مسعود،
كما في الحديث المتقدم. قال الحافظ في "التلخيص " (4/427) :
" وهو أقوى ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/109) من طريق المصنف.
66- باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة
612- عن جابر بن عبد الله:
أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم يأتي قومه
فيصلي بهم تلك الصلاة.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: تنا يحيى بن سعيد عن محمد
ابن عجلان: ثنا عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله.(3/152)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن
عجلان روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة؛ وهو حسن الحديث كما تقدم
مراراً، وحديثه هذا من صحاح الأحاديث؛ لأنه لم يتفرد به، كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/86) من طريق محمد بن أبي بكر: ثنا يحيى
ابن سعيد ... به.
وأخرجه الشافعي في "الأم " (1/153) : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن
عجلان ... به؛ وزاد:
وهي له نافلة.
وإبراهيم هذا ضعيف.
لكن هذه الزيادة صحيحة ثابتة من طريق أخرى عن جابر، في بعض الروايات
عنه، وهو الآتي عقب هذا.
وللحديث شاهد: رواه الإسماعيلي من حديث عائشة قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رجع من المسجد؛ صلى بنا. وقال:
" حديث غريب ". قال في "التلخيص " (4/366) :
" وهذا أحد الأحاديث الزائدة في " مستخرج الإسماعيلي " على ما في
" البخاري " ... ".
613- وعنه: أن معاذاً كلان يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يرجع فيؤم قومه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث عند(3/153)
الأولين تتمة، وقد أخرجها المصنف فيما يأتي (رقم 756)) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله
يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الإمام الشافعي في "الأم " (1/152- 153) ، وأحمد
(3/308) قالا: ثنا سفيان ... به، وله عندهما تتمة، قد أخرجها المصنف فيما
يأتي في "تخفيف الصلاة" (رقم 756) من طريق أحمد.
وأخرجه مسلم (2/41- 42) ، وأبو عوانة (2/156) ، والنسائي (1/134) ،
والطحاوي (1/126) ، والبيهقي (3/85- 86) من طرق أخرى عن سفيان ... به
بتمامه.
وأخرجه البخاري (2/153 و 10/424) ، ومسلم أيضا (2/42) ، وكذا أبو
عوانة والترمذي (2/477) ، والدارمي (1/297) ، وللدارقطني (ص 102) ،
والبيهقي أيضا، وأحمد (3/369) من طرق أخرى عن عمرو بن دينار ... به
مختصراً ومطولاً. وفي رواية لمسلم زيادة:
العشاء الأخرة. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وزاد الدارقطني، وكذا الشافعي (11/53) ، والطحاوي (1/237- 238) من
طريق ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار ... به وزاد:
هي له نافلة، ولهم فريضة. قال الحافظ (4/156) - وقد عزاها لعبد الرزاق
أيضا-:(3/154)
" وهو حديث صحيح، رجاله رجال "الصحيح "، وقد صرح ابن جريج في
رواية عبد الرزاق بسماعه فيه، فانتفت تهمة تدليسه. فقول ابن الجوزي: إنه لا
يصح؛ مردود. وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن
جريج ولم يذكر هذه الزيادة؛ ليس بقادح في صحته، لأن ابن جريج أسن وأجل
من ابن عيينة، وأقدم أخذاً عن عمرو منه. ولو لم يكن كذلك؛ فهي زيادة من ثقة
حافظ، ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه، ولا أكثر عدداً، فلا معنى للتوقف
في الحكم بصحتها. وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة؛ فجوابه: أن
الأصل عدم الإدرل حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضموماً إلى الحديث؛ فهو
منه، ولا سيما إذا روي من وجهين. والأمر هنا كذلك؛ فإن الشافعي أخرجها من
وجه آخر عن جابر متابعاً لعمرو بن دينار عنه ".
قلت: ورواية الشافعي؛ قد مضت في الحديث المتقدم قبله.
67- باب الإمام يصلي من قعود
614- عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب فرساً، فَصُرع عنه؛ فجُحِش شِقه الأيمن،
فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه قعوداً، فلما انصرف
قال:
" إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا ركع
فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربنا!
ولك الحمد، وإذا صلى جالساً؛ فصلوا جلوساً أجمعون ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة(3/155)
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ")
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأً" (1/155) ، وعنه الإمام محمد في
"موطئه " (ص 113) ، وكذا الشافعي في " الأم " (1/151) ، والبخاري (2/142-
143) ، ومسلم (2/18- 19) ، وأبو عوانة (2/106) ، والدارمي (1/286- 287) ،
والطحاوي (1/235) ، والبيهقي (3/79) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه البخاري أيضا (2/467) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/128
و162) ، والترمذي (2/194) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه
(1/374) والطحاوي، والبيهقي (3/302 و 3/78- 79) ، والطيالسي (رقم
2090) ، وأحمد (3/110 و 162 و 217 و 235) من طرق أخرى عن الزهري ...
وأخرجه الطحاوي، وأحمد (3/355) من طريق أخرى من طريق حميد: ثنا
أنس ... به.
وهو على شرطهما؛ وإسناده عند أحمد ثلاثي من الوجهين أيضا.
وأخرجه البخاري أيضا (1/387- 388) من طريق حميد.
615- عن جابر قال:
ركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرساً بالمدينة، فصرعه على جِذْمِ نخلة، فانفكت
قدمه، فأتيناه نعوده، فوجد ناه في مَشْربة لعائشة رضي الله تعالى عنها
يسبح جالساً، قال: فقمنا خلفه، فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده،(3/156)
فصلى المكتوبة جالساً، فقمنا خلفه، فأشار إلينا، فقعدنا، قال: فلما قضى
الصلاة قال:
" إذا صلى الامام جالساً؛ فصلوا جلوساً؛ وإذا صلى الامام قائماً؛
فصلوا قياماً، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها ".
(قلت: إسناده صحيح كما قال الحافظ، وهو على شرط مسلم. وأخرجه
ابن خزيمة في "صحيحه "، وكذا ابن حبان) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير ووكيع عن الأعمش عن أبي
سفيان عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن البخاري
أخرج لأبي سفيان- واسمه طلحة بن نافع القرشي مولاهم- مقروناً بغيره؛ وقد
تابعه أبو الزبير وغيره.
والحديث أخرجه أحمد (3/300) : ثنا وكيع: ثنا الأعمش ... به.
وأخرجه الدارقطني (ص 162) ، والبيهقي (3/79- 80) من طرق أخرى عن
الأعمش ... به. قال الحافظ في "الفتح " (2/140) :
" أخرجه أبو داود وابن خزيمة [3/53] بإسناد صحيح ".
قلت: وهو على شرط مسلم كما علمت.
وأخرجه البخاري في "الأدب" (ص 140) .
قلت: وله إسنادان آخران عن جابر:
أحدهما: عن أبي الزبير عنه:(3/157)
أخرجه مسلم وأبو عوانة نحوه؛ ويأتي في الباب (رقم 619) .
والآخر: عن سالم بن أبي الجعد عنه:
أخرجه أحمد (3/395) : ثنا أبو جعفر محمد بن جعفر المدائني: أنا ورقاء
عن منصور عنه.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه ابن حبان أيضا في "صحيحه " (364) ، من الطريق الأول.
وأخرجه ابن ماجه (3485) ، والمؤلف في "الطب "- كما سيأتي- من طريق
أخرى عن جابر مختصراً؛ بلفظ:
احتجم على وركه من وَثٍْ، كان به.
ورواه النسائي.
وله عنده شاهد صحيح عن أنس.
616- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا كبّر فكبِّروا؛ ولا تكبروا حتى يُكبّر،
وإذا ركع فاركعوا؛ ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده
فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد (وفي رواية: ولك الحمد) ، وإذا سجد
فاسجدوا؛ ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا
صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون ".
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الحافظ ") .(3/158)
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم- المعنى- عن وهيب عن
مصعَب بن محمد عن أبي صالح عن أبي هريرة. والرواية الأخرى لمسلم.
قال أبو داود: " " اللهم ربنا! لك الحمد "؛ أفهمني بعض أصحابنا عن
سليمان "
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مصعَب بن
محمد، وهو ثقة عند ابن معين وغيره. وحسنه الحافظ في "الفتح " (2/142) .
والحديث رواه الإمام أحمد (2/341) : ثنا عفان: ثنا وهيب ... به؛ إلا أنه
قال:
" ربنا! ولك الحمد "، لم يذكر: " اللهم! ".
ورواه زيد بن أسلم عن أبي صالح ... به نحوه؛ وزاد فيه زيادة صحيحة، وهو:
617- وعنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إنما جعل الإمام ليؤتَمَّ به ... " بهذ االخبر؛ وزاد:! وإذا قرأ فأنصتوا ".
(قلت: حديث صحيح، وكذا قال ابن حزم، وصححه أيضا مسلم في
"صحيحه "، ولم يخرجه، وأحمد وابن خزيمة. ويأتي شاهده من حديث أبي
موسى (رقم 893 و 894)) .
إسناده: حدثنا محمد بن آدم المِصِّيصِيُّ: نا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد
ابن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " هذه الزيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا "؛ ليست بمحفوظة؛ الوهم
عندنا من أبي خالد ".(3/159)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي ابن عجلان كلام لا يضر، كما
قد مضى مراراً.
ثم استدركت فقلت: هو حسن الحديث ما لم يخالف من هو أحفظ منه
وأكثر، وليس الأمر في هذا الحديث كذلك؛ فقد خالفه جماعة من الثقات؛ رووه
عن أبي صالح؛ منهم: مصعب بن محمد كما تقدم، ومنهم: الأعمش: عند أبي
عوانة (2/110) ، وابن ماجه (1/305) ، وأحمد (2/440) بإسناد صحيح على
شرط الشيخين، كلاهما روياه عن أبي صالح ... به بدون هذه الزيادة.
وكذلك أخرجه البخاري (2/166 و 172) ، ومسلم (2/19 و 25) ، وأبو عوانة
أيضا (2/109- 115) ، وابن ماجه (1/374) ، والدارمي (1/300) ، وأحمد
(2/230 و 314 و 411 و 438) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به دون الزيادة.
فاتفاق هؤلاء الثقات على ترك هذه الزيادة؛ مما يجعل القلب لا يطمئن
لصحتها بهذا الإسناد. ولذلك قال ابن أبي حاتم في "العلل " (رقم 465) :
" سمعت أبي- وذكر حديث أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن
أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم
به؛ فإذا قرأ فأنصتوا "-، قال أبي: ليس هذه الكلمة بالمحفوظ؛ وهو من تخاليط ابن
عجلان، وقد رواه خارجة بن مصعب أيضا وتابع ابن عجلان؛ وخارجة أيضا ليس
بالقوي ".
ورواه البيهقي (2/157) بإسناده عن ابن أبي حاتم ببعض اختصار، ثم قال:
" وقد رواه يحيى بن العلاء الرازي كما رواه؛ ويحيى بن العلاء متروك ".
قلت: فلم يتابَع ابنُ عجلان على هذه الزيادة ممن يعْتَدّ به!
وقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن معين أنه قال- في حديث ابن(3/160)
عجلان: " إذا قرأ فأنصتوا "-:
"ليس بشيء".
فلو أن هذا الحديث لم يرد إلا من هذا الوجه؛ لكان نصيبه الكتاب الأخر،
ولكن له شاهدا من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح، سيأتي لفظه في "التشهد"
(رقم 894) ؛ فهو حديث صحيح لغيره. ولعله لذلك صححه مَنْ صححه مِنَ
الأئمة؛ فمنهم الإمام مسلم؛ فقال في "صحيحه " (2/15) :
" هو صحيح "، وسيأتي تمام كلامه في ذلث عند حديث أبي قتادة. ومنهم
ابن حزم، فقال في "المحلى" (3/240) :
" هو حديث صحيح ".
ومنهم الإمام أحمد وابن خزيمة؛ كما نقله أبو الحسنات في "إمام الكلام ".
وبعد؛ فقد علمت أن علة الحديث إنما هي من ابن عجلان، كما صرح بذلك
أبو حاتم وابن معين كما سبق. وخالفهما المصنف رحمه الله، فقال كما تقدم:
" الوهم عندنا من أبي خالد "! وهذا خطأ منه رحمه الله؛ لأمرين ذكرهما
المنذري في "مختصره "؛ فقال:
" وفيما قاله نظر؛ فإن أبا خالد هذا: هو سليمان بن حيان الأحمر، وهو من
الثقات الذين احتج البخاري ومسلم بحديثهم في "صحيحيهما". ومع هذا؛ فلم
ينفرد بهذه الزيادة، بل قد تابعه عليها أبو سعد محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي
المدني نزيل بغداد، وقد سمع من ابن عجلان، وهو ثقة، وثقه يحيى بن معين
ومحمد بن عبد الله المُخرَّمي والنسائي ".
والحديث أخرجه النسائي (1/146) ، وابن ماجه (1/279) ، والطحاوي(3/161)
(1/128) ، والدارقطني (ص 124) ، وأحمد (2/420) من طرق أخرى عن أبي
خالد ... به.
وقد تابعه محمد بن سعد الأشهلي عن ابن عجلان:
أخرجه النسائي، وعنه الدارقطني (ص 125) ، والخطيب في "تاريخه "
(5/320) .
وتابعه إسماعيل بن أبان؛ إلا أنه قال: عن محمد بن عجلان عن زيد بن
أسلم ومصعب بن شُرَحْبِيل عن أبي صالح ... به.
أخرجه الدارقطني، والبيهقي (2/156) . وقال الدارقطني:
" إسماعيل بن أبان ضعيف ". وتابعه محمد بن مُيَسر؛ إلا أنه قال: عن
محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ... به ".
أخرجه أحمد (2/376) ، والدارقطني، وقال:
" محمد بن ميسر ضعيف ".
والخلاصة: أن الوهم في الحديث من ابن عجلان لا من أبي خالد؛ لمتابعة
محمد بن سعد الأنصاري الثقة؛ وأن الحديث صحيح لما سبق بيانه.
618- عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها قالت:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قوم قياماً،
فأشار إليهم؛ أن اجلسوا، فلما انصرف قال:
" إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا
صلى جالساً فصلُّوا جلوساً ".(3/162)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في " الموطأ" (1/155) .
وأخرجه البيهقي (3/79) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/138 و 467) ، وأبو عوانة (08/12) ، والطحاوي
(1/235) ، وأحمد (6/148) من طرق أخرى عن مالك ... به.
وأخرجه مسلم (2/19) ، وأبو عوانة أيضا، وابن ماجه (1/374) ، والطحاوي
أيضا، والبيهقي (2/261 و 304) ، وأحمد (6/51 و 57 و68و 194) من طرق
أخرى عن هشام ... به.
619- عن جابر قال:
اشتكى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر رضي الله تعالى
عنه يكبر؛ ليسمع الناس تكبيره ... ثم ساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وابن حبان (2119)
وأبو عوانة في "صحاحهم "، وتمامه عندهم، فالتفت إلينا فرآنا قياماً؛ فأشار إلينا
فقعدنا، فصلينا بصلاته قعوداً، فلمّا سلّم قال:
" إن كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم؛ يقومون على ملوكهم وهم قعود،(3/163)
فلا تفعلوا! ائتموا بأئمتكم؛ إن صلى قائماً فصلّوا قياماً، وإن صلّى قاعداً
فصلَوا قعوداً "؛ وقد مضى من طريق أخرى نحوه (رقم 615)) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوْهَب- المعنى- أن الليث
حدثهم عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ ويزيد بن خالد ليس من رجاله؛
وهو ثقة، وروايته متابعة.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/108) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/19) ، والنسائي (1/128) عن قتيبة بن سعيد وحده.
ومن طريقه: رواه البيهقي أيضا (2/261) .
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 136- 137) ،
وابن ماجه (1/374- 375) ، وأحمد (4/333) ، وابن خزيمة أيضا (486) من
طرق أخرى عن الليث ... به.
وقد تابعه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير ... به نحوه.
أخرجه مسلم، والنسائي (1/128) ، والطحاوي (1/234) ، وابن حبان
(2120) .
620- عن أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ:
أنه كان يؤمهم، قال: فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده، فقالوا: يا رسول الله!
إن إمامنا مريض! فقال:
" إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً ".(3/164)
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الأسناد "، دوافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا عبدة بن عبد الله: نا زيد- يعني: ابن الحُبَاب- عن محمد
ابن صالح: ثنى حُصَيْنٌ - من ولد سعد بن معاذ- عن أسيد بن حضير.
قال أبو داود: " وهذا الحديث ليس بمتصل ".
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أنه ليس بمتصل كما قال المصنف. وقال
المنذري:
" وما قاله ظاهر؛ فإن حصيناً هذا إنما يروي عن التابعين، لا تحفظ له رواية عن
الصحابة؛ سيما أسيد بن حضير؛ فإنه قديم الوفاة، توفي سنة عشرين، وقيل:
إحدى وعشرين ".
قلت: وقد وجدته موصولآ من وجه آخر عن الحصين: أخرجه الحاكم
(3/289) من طريق محمد بن طلحة التيمي عن محمد بن الحصين بن
عبد الرحمن بن سعد بن معاذ عن أبيه عن جده عن أسيد بن حضير:
أنه كان تَآؤهَ، وكان يؤمنا، فصلى بنا قاعداً، فعاده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا
رسول الله! إن أسيداً إمامنا، وإنه مريض، وإنه صلى بنا قاعداً؟ فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" فصلوا وراءه قعودأ؛ فإن الإمام ليؤتم به؛ فإذا صلى قاعداً فصلوا خلفه
قعوداً ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
قلت: ومحمد بن الحصين هذا؛ لم أجد من ترجمه! وقد ذكره الحافظ في
الرواة عن أبيه الحصين.(3/165)
ثم رأيته في "ثقات ابن حبان " (9/33) وغيره.
ولبعضه طريق أخرى: أخرجه الدارقطني (ص 152) عن محمود بن لَبِيد
قال: كان أسيد بن حضير قد اشتكى عرق النسا، وكان لنا إماماً، وكان يخرج إليناً
فيشير بلينا بيده؛ أن اجلسوا، فنجلس. فيصلي بنا جالساً ونحن جلوس.
وفي سنده ضعف؛ لكن ذكره ابن حزم (3/75) من طريق أخرى مختصراً.
وأورده الحافظ (2/145) أتم منه، وقال:
" رواه ابن المنذر بإسناد صحيح ".
وبالجملة؛ فالحديث- بهذه الطرق، وشواهده التي تقدمت في الباب-
صحيح.
68- باب الرجلين يَؤُمّ أحدُهما صاحبَه؛ كيف يقومان؟
621- عن أنس قال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أُم حَرَامٍ، فآتَوْهً بسمن وتمر، فقال:
" رًدّوا هذا في وعائه، وهذا في سقائه؛ فإني صائم ". ثم فام فصلى
بنا ركعتين تطوعاً، فقامت أم سًليم وأم حَرام خلفنا- قال ثابت: ولا أعلمه
إلا قال-؛ أقامني عن يمينه على بساط.
(قلت: سنده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري، وابن
حبان (2204) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا ثابت عن أنس.(3/166)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/248) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به.
وله عنده تتمة في دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنس أن يكثر الله له ماله وولده.
وهكذا أخرجه الطيالسي (رقم 2027) : ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت ...
به نحوه.
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/76- 77) .
وأخرجه أحمد (3/193- 194) ، ومسلم مفرقاً (2/127- 128 و 7/159)
من طرق أخرى عن سليمان ... به.
ورواه النسائي (1/129) دون التتمة؛ وهو رواية لأحمد (3/217) .
وأخرجه البخاري (4/185) ، وأحمد (13/58) من طريق حميد عن
أنس ... به نحوه، وهو أتم من حديث سليمان.
وحميد مدلس، وقد عنعنه، ولكنهم قالوا: إن عامة ما يرويه عن أنس معنعناً
إنما سمعه من ثابت؛ فالظاهر أن هذا منها.
وللحديث طريق أخرى عن أنس مختصراً؛ وهو:
622- عن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَّهُ وامرأةً منهم، فجعله عن يمينه، والمرأة خلف
ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في(3/167)
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عبد الله بن المختار عن موسى
ابن أنس يحدث عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/128) ، وأبو عوانة (2/75) ، والنسائي
(11/29) ، والبيهقي (3/95) ، وأحمد (3/258 و 261) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
ولأنس رضي الله عنه قصة أخرى في الباب؛ ستأتي في الكتاب- إن شاء الله
تعالى- (برقم 625) .
(تنبيه) : عزا المنذري في "مختصره " الحديث لابن ماجه؛ ولم أجده الأن
عنده!
ثم وجدته عنده (1/308) .
623- عن ابن عباس قال:
بِت في بيت خالتي ميمونة، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل، فأطلق
القربة، فتوضأ، ثم أوكأ القِرْبة، ثم قام إلى الصلاة، فقمت فتوضأت، كما
توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذني بيميني فأدارني من ورائه،
فأقامني عن يمينه، فصليت معه.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وهو
في "الصحيحين " من وجه آخر عنه بنحوه، وسيأتي (رقم 1237))(3/168)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ وفي عبد الملك بن أبي
سليمان كلام لا يضر؛ فإنه ما من أحد إلا ويخطئ، وقد احتج به مسلم في
"صحيحه "، وأخرج له هذا كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/183) ، وأبو عوانة (2/76) ، والنسائي
(1/135) ، والبيهقي (3/99) ، وأحمد (رقم 2245) من طرق أخرى عن
عبد الملك ... به.
وقد تابعه عن عطاء: ابن جريج: عند مسلم، وأحمد (رقم 3479) .
وقيس بن سعد: عند مسلم، وأبي عوانة.
وهو في "الصحيحين " وغيرهما من طريق كُرَيْبِ عن ابن عباس ... نحوه أتم
منه، وسيأتي في "صلاة الليل " (رقم 1245) ، ومنَ طرقه هناك ما أورده المصنف
هنا عقب هذا.
ومن طرقه ما في "المسند" برقم (2325 و 2413 و 2572 و 3243 و 3359
و3451) ، وفي " البخاري " (2/169) .
624- (وفي رواية عنه في هذه القصة قال: فأخذ برأسي أو
بِذُؤَابتي، فأقامني عن يمينه) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وسيأتي نحوه تاماً (برقم
1237)) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: نا هُشَيْمٌ عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن(3/169)
عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وأبو بشر: اسمه جعفر بن إياس.
والحديث أخرجه البيهقي (3/95) من طريق أخرى عن هشيم ... به.
وأحمد (رقم 2652) من طريق شعبة عن أبي بشر ... به.
ولشعبة فيه شيخ آخر عن سعيد بن جبير؛ وسيأتي في "صلاة الليل " (رقم
1228) .
وله في "المسند" طريقان آخران عن ابن جبير (رقم 3389 و 3490 و 3552) .
وثالث: عند المصنف فيما يأتي.
69- باب إذا كانوا ثلاثة؛ كيف يقومون؟
625- عن أنس بن مالك قال:
إن جدته مُلَيْكَة دعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال:
" قوموا فلأصلي لكم ".
قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ، فنضحته
بماء، فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من
ورائنا؛ فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .(3/170)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/168) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/388- 389) ، ومسلم (12/27) ، وأبو
عوانة (2/73) ، والنسائي (1/129) ، والترمذي (1/454- 455) ، والطحاوي
(1/181) ، والبيهقي (3/96) ، وأحمد (3/129 و 164) من طرق أخرى عن
مالك ... به.
وللدارمي منه (1/319) : الصلاة على الحصير فقط؛ وهو رواية لأحمد
(3/179) من طريق أخرى عن إسحاق.
ثم أخرجه هو (1453 و 226) ، والبخاري (2/168) ، وأبو عوانة (2/75) من
طرق أخرى عن إسحاق ... به مختصراً أتم من حديث الدارمي.
ولأنس قصة أخرى نحو هذه، سبقت قبل باب (رقم 621 و 622) .
626- عن الأسود [وهو ابن يزيد النَّخَعِي ُ] قال:
استأذن علقمة والأسود على عبد الله، وقد كنا آطلنا القعود على بابه،
فخرجت الجارية، فاستأذنت لهما، فأذن لهما، ثم قام فصلى بيني وبينه،
ثم قال:
هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرح المرفوع منه: مسلم وأبو عوانة في(3/171)
"صحيحيهما"
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن فُضَيْل عن هارون بن
عنترة عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هارون بن
عنترة؛ وهو ثقة.
وتناقض فيه ابن حبان! واختلف النقل عن الدارقطني؛ ففي "التهذيب ":
" وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن عبد الملك بن هارون بن عنترة؟ فقال:
متروك يكذب، وأبوه يحتج به، وجلّه يعتبر به "!
وكذا في "الميزان " في ترجمة هارون هذا. وأما في ترجمة ابنه عبد الملك؛
فقال: إنه " يروي عن أبيه. قال الدارقطني: هما ضعيفان ".
وأقره في "اللسان ".
وأما ما نقله الزيلعي (2/33) عن النووي أنه قال:
" فيه هارون بن عنترة، وهو وإن وثقه أحمد وابن معين؛ فقد قال الدارقطني:
هو متروك كان يكذب "!
فإنه نقل خطأ عن الدارقطني؛ فإنما قال هذا في (عبد الملك) ابن المترجم، كما
نقلناه آنفاً من الكتب الموثوقة! والله أعلم. وقال المنذري في "مختصره":
" وفي إسناده هارون بن عنترة، وقد تكلم فيه بعضهم. وقال أبو عمر النمَري:
وهذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح فيه عندهم التوقيف على ابن مسعود: أنه
كذلك صلى بعلقمة والأسود. وهذا الذي أشار إليه أبو عمر؛ قد أخرجه مسلم في
"صحيحه "، وهو موقوف ".(3/172)
قلت: قد أخرجه مسلم مرفوعاً أيضا كما سنبينه.
وهارون بن عنترة؛ لم يتكلم فيه غير الدارقطني وابن حبان؛ مع أنهما وثقاه
أيضا؛ فالأخذ بتوثيقهما إياه أولى؛ لأمرين:
الأول: أنه جرح غير مفسر.
والأخر: أنه موافق لحكم الأئمة الأخرين عليه بالثقة.
ثم إنه لم يمرد به؛ بل قد تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن
الأسود، ومنصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود، كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (رقم 4030) : حدثنا ابن فضيل ... به.
وأخرجه النسائي (1/128- 129) من طريق أخرى عن ابن فضيل ... به؛
لكن لم يقل: عن أبيه! فصار ظاهره الانقطاع!
وليس كذلك؛ بل هو متصل؛ بدليل رواية المصنف والنسائي؛ وفيه عنده زيادة
في أوله.
وأخرجه الطحاوي (1/181) ، والبيهقي (3/98) ، وأحمد (رقم 4311) من
طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود.
فهذه متابعة قوية لهارون بن عنترة.
وقد أعله النووي- كما في "نصب الراية" (2/34) - بقوله:
" وابن إسحاق مشهور بالتدليس، وقد عنعن، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به
بالاتفاق "!
قلت: قد صرح بسماعه في رواية لأحمد (رقم 4386) : حدثنا يعقوب:(3/173)
حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسي بن يزيد
النخعي قال:
دخلت أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود بالهاجرة، قال: فأقام الظهر
ليصلي، فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي، ثم جعل أحدنا عن يمينه والأخر عن
يساره، ثم قام بيننا، فصففنا خلفه صفاً واحدأ، قال: ثم قال: هكذا كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع إذا كانوا ثلاثة ... الحديث.
فزالت شيهة التدليس، وعاد الحديث صحيحاً لا شبهة فيه.
وتابعه أيضا أبو إسحاق عن ابن الأسود عن علقمة والأسود:
أنهما كانا مع ابن مسعود، فحضرت الصلاة، فتأً خر علقمة والأسود، فأخذ
ابن مسعود بأيديهما، فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثم ركعا، فوضعا
أيديهما على ركبهما وضرب أيديهما، ثم طبَّق بين يديه وشبك، وجعلهما بين
فخذيه، وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله.
أخرجه أحمد (رقم 3927 و 3928) من طريق إسرائيل عنه.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي
إسحاق السبيعي؛ وأبو إسحاق هو جده.
ولإسرائيل فيه إسناد آخر:
رواه مسلم (2/69) ، وأبو عوانة (2/166) من طريق عبيد الله بن موسى عنه
عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود ... به مثل حديثه عن جده؛ إلا أنه
قال في آخره:
فلما صلى قال: هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(3/174)
فهذا صريح- أو كالصريح- في أن كلاً من الميامنة والمياسرة، والتطبيق: مرفوع
إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا يعكر على هذا: أن الأعمش رواه عن إبراهيم ولم يصرح برفع الأمر الأول
منهما؛ لما عرف أن زيادة الثقة مقبولة؛ لا سيما إذا جاءت من طريق أخرى، كما
في حديث الباب.
وحديث الأعمش سيأتي بعضه في الكتاب (رقم 814) .
وبالجملة؛ فالحديث صحيح مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن من أعله بالوقف
مخطئ؛ لأنه لم يتتبع طرقه، ولم يتوسع في تخريجه!
70- باب الامام ينحرف بعد التسليم
627- عن يزيد بن الأسود قال:
صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان إذا انصرف انحرف.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن سفيان: ثتي يعلى بن عطاء عن جابر بن
يزيد بن الأسود عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير جابر بن يزيد
الأسود؛ وهو ثقة كما تقدم.
والحديث أخرجه البيهقي (2/182) من طريق المصنف.
وأخرجه النسائي (1/196) من طريق أخرى عن يحيى.
وأخرجه الترمذي (1/424- 425) ، والنسائي (1/137) ، والد ارقظني (ص(3/175)
158) ، وابن أبي شيبة (1/352) ، وأحمد (4/165) من طريق هشيم: أخبرنا
يعلى بن عطاء؛ بلفظ: قال:
شهدت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخَيْفِ،
فلما قضى صلاته وانحرف؛ إذا هو برجلين ... الحديث؛ وقد مضى في الكتاب
(رقم 590) ، دون هذا القدر الذي أورده المصنف هنا.
ثم أخرجه أحمد من طرق أخرى عن يعلى بن عطاء ... نحوه.
ورواية هشيم هذه تدل على أن قوله في رواية الكتاب: كان ... ليس على بابه؛
فإنها تدل صراحة على أن ذلك إنما كان منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة واحدة في صلاة الصبح في
مسجد الخيف! لكن هذا لا ينفي أن يكون ذلك من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذا قام الدليل
عليه من رواية غير يزيد بن الأسود، كما في حديث البراء الأني بعده، وهو:
628- عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال:
كُنا إذا صلينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ آحْبَبْنا أن نكون عن يمينه، فيُقْبِلَ
علينا بوجهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما")
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: ثنا أبو أحمد الزُّبَيْرِي: نا مِسْعَز عن ثابت بن
عبَيْد عن عبَيْد بن البراء عن البراء بن عازب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
وذهل المنذري في "مختصره " (رقم 586) عن ذلك؛ فعزاه للنسائي وابن ماجه
وحدهما!(3/176)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/250) من طريق أخرى عن أبي أحمد
الزبيري ... به؛ وزاد في آخره: فسمعته يقول:
" رب! قِني عذابك يوم تبعث عبادك ".
ثم أخرجه هو، ومسلم (2/153) ، وابن ماجه (1/315) ، والبيهقي
(2/182) ، وأحمد (4/290 و 304) من طرق أخرى عن مسعر ... به؛ وليس
عند ابن ماجه الزيادة، ولا قوله: فيُقْبِلَ علينا بوجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والحديث عزاه المنذري للنسائي كما سبق، وكذلك فعل النابلسي في
"الذخائر" (رقم 892) ، وذكر أنه أخرجه في " الصلاة" عن شيخه سُوَيْدِ بن نَصْرٍ!
وقد فتشت فيه عنه؛ فلم أعثر عليه! فلعله في "السنن الكبرى" له! وإن كان
النابلسي إنما يعزول "السنن الصغرى"، كما نص عليه في المقدمة؛ ولكنه لم يقف
عند هذا؛ فقد وجدناه كثيراً ما يعزو أحاديث إليه، لا نجدها في "الصغرى"! بل
إنه يعزوها أحياناً إلى كتاب من "السنن " للنسائي، ليس ذلك الكتاب في "الصغرى"
له؛ وإنما هي في "الكبرى"، كما في الحديث (رقم 4968) من "الذخائر"، وكذا
الذي بعده؛ فإنه عزاه لى "المحاربة " من "النسائي "، وليس هذا الكتاب في
"الصغرى" له؛ وإنما فيه "تحريم الدم "؛ والحديثان فيهما (2/163 و 166) .
71- باب الامام يتطوَّع في مكانه
629- عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يصلِّي الامام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا عبد العزيز بن عبد الملك القُرَشي:(3/177)
ثنا عطاء الخراساني عن المغيرة بن شعبة.
قال أبو داود: " عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة ".
قلت: قال المنذري:
" وما قاله طاهر؛ فإن عطاءً الخراساني ولد في السنة التي مات فيها المغيرة بن
شعبة، وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور، أو يكون ولد قبل وفاته بسنة
على القول الآخر ".
قلت: ورجال إسناده ثقات رجال مسلم؛ غير عبد العزيز بن عبد الملك
القرشي؛ وهو مجهول، كما قال ابن القطان، وتبعه الحافظ وغيره.
لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (1/436) من طريقين عن عثمان بن عطاء عن أبيه ...
به
وعثمان هذا ضعيف.
غير أن للحديث شاهدين، ينجبر بهما ضعف إسناده، ويرتقي بهما إلى
الصحة.
أحدهما: حديث أبي هريرة مرفوعاً:
" أيعْجِزُ أحدكم- إذا صلى- أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله؟! "؛
يعني: السُّبْحَةَ.
وسيأتي الكلام عليه في موضعه من الكتاب إن شاء الله تعالى (رقم 922) .(3/178)
والاخر: عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعاً:
" لا تُوصَلُ صلاة بصلاة؛ حتى يتكلم أو يخرج ".
أخرجه مسلم، والمصنف فيما يأتي في "الجمعة " (رقم 1034) وغيرهما.
وقد أشار إلى ما ذهبنا إليه- من تقوية الحديث- الحافظُ ابن حجر؛ حيث قال
في "الفتح " (2/267) - بعد أن أورد حديث الباب وشاهده الأول وضعفهما-:
" فإن قيل: لم يثبت الحديث في التنحِّي؛ قلنا: قد ثبت في حديث معاوية:
" أو تخرج ... " ... ".
72- من باب الإمام يُحْدِثُ بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة
630- عن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مفتاحُ الصلاةِ الطهورُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ " (1)
73- باب ما يُؤْمَرُ به المأمومُ من اتباع الإمام
631- عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تُبادروني بركوع ولا سجود؛ فإنه مهما أسبقْكم به إذا ركعت؛
تدركوني به إذا رفعت؛ إني قد بدَّنْت ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان (2226)) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن عجلان: حدثني محمد بن يحيى
ابن حبان عن ابن مُحَيْرِيزٍ عن معاوية بن أبي سفيان.
__________
(1) هذا الحديث قد مضى في "الطهارة " (رقم 55) بإسناده ومتنه؛ فأغنى عن إعادته.(3/179)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وابن محيريز:
اسمه عبد الله.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (4/92) : حدثنا يحيى بن سعيد ... به؛ وزاد
- بعد قوله: " إذا رفعت "-:
" ومهما أسبقكم به إذا سجدت؛ تدركوني إذا رفعت؛ إتي قد بدنت ".
وأخرجه كذلك ابن ماجه (1/305- 306) من طريق أخرى عن يحيى بن
سعيد.
وأخرجه هو، وأحمد (4/98) - من طريق سفيان-، وللدارمي (1/301-
302) ، والبيهقي (2/92) - من طريق الليث بن سعد- كلاهما عن ابن
عجلان ... به تاماً.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " من طريق يحيى وسفيان وغيرهما.
وروى له البيهقي شاهداً من حديث أبي هريرة مرفوعاً مختصراً.
وإسناده حسن؛ فيه ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث؛ فالحديث به
صحيح.
وله شاهد آخر: عند ابن ماجه من حديث أبي موسى مرفوعاً نحوه.
وفيه دارم؛ وهو مجهول.
632- عن عبد الله بن يزيد الخَطْمِي قال: ثنا البراء- وهو غير كذوب-:
أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قاموا
قياماً، فإذا رأوه قد سجد سجدوا.(3/180)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت
عبد الله بن يزيد الخَطْمِيَّ يخطب الناس قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وعبد الله بن يزيد صحابي صغير، شهد الحُدَيبية، وهو ابن سبع عشرة سنة. وقال
الحافظ في " الفتح ":
" وفيه لطيفة، وهي رواية صحابي ابن صحابي عن صحابي ابن صحابي؛
كلاهما من الأنصار ثم من الأوس، وكلاهما سكن الكوفة ".
وأبو إسحاق: هو السَّبِيعي واسمه عمرو بن عبد الله.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 718) : ثنا شعبة ... به.
وأخرجه البخاري (2/184) ، والنسائي (1/132) ، وأحمد (4/284 و 285
و285- 286) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/178) من طريق الطيالسي وغيره عن شعبة.
وأخرجه البخاري أيضا (2/144) ، ومسلم (2/46) ، وأبو عوانة، والترمذي
(2/70) ، وأحمد أيضا (4/300 و 304) مق حديث سفيان الثوري عن أبي
إسحاق ... به نحوه.
وأخرجه البخاري (2/236) ، ومسلم، والبيهقي (2/92) من طرق أخرى عن
أبي إسحاق ... به نحوه.
وله طريق أخرى عن عبد الله بن يزيد الخطمي، تأني بعد حديث.(3/181)
وطريق آخر عن البراء، وهو:
633- عن البراء قال:
كنَّا نصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلايَحْنو أحد منا ظهره، حتى يرى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه" عن
شيخين أحدهما شيخ المصنف فيه) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف- المعنى- قالا: ثنا سفيان
عن أبان بن تَغْلِبَ- قال أبو داود: قال زهير: ثنا الكوفيون أبان وغيره- عن الحكم
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/46) ... بإسناد المصنف وغيره، فقال: حدثنا
زهير بن حرب وابن نمير قالا: ثنا سفيان ابن عيينة: حدثنا أبان وغيره ... به
- فقال زهير: حدثنا سفيان قال: حدثنا الكوفيون أبان وغيره- ... قال:
حتى نراه يسجد.
وأخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن البراء، وقد سبق الكلام عليه في
الذي قبله؛ فراجعه.
634- عنه:
أنهم كانوا يصلُّون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا ركع ركعوا، وإذا قال:
" سمع الله لمن حمده "؛ لم نزل قياماً حتى يرونه قد وضع جبهته بالأرض،(3/182)
ثم يتبعونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدئنا الربيع بن نافع: ثنا أبو إسحاق- يعني: الفَزَاري- عن أبي
إسحاق عن مُحَارِب بن دِثَارٍ قال: سمعت عبد الله بن يزيد يقول على المنبر:
حدثني البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وأبو إسحاق الفَزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وشيخه أبو إسحاق: هو الشيباني؛ واسمه سليمان بن أبي سليمان.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/179) من طريق المصنف.
ئم أخرجه هو، ومسلم (2/46) ، والبيهقي (2/92) من طرق أخرى عن
الفزاري ... به.
وأخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن عبد الله بن يزيد ... نحوه، وقد
تقدم لفظه قبل هذا بحديث.
74- باب التشديد فيمن يرفع قبل الامام أو يضع قبله
635- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أمَا يخشى- أو ألا يخشى- أحد كم إذا رفع رأسه والامام ساجد: أن
يُحَوِّل اللهُ رأسَهُ رأسَ حمارٍ - أو صورته صورة حمار-؟! ".(3/183)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم "؛ دون قوله: " والامام ساجد "، وهي زيادة صحيحة محفوظة.
وأخرجها ابن خزيمة في "صحيحه ". وقوله: " أو صورته صورة حمار "؛ شك
من شعبة، والصواب: " رأس حمار " بد ون تردد) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه دون قوله:
" والإمام ساجد "؛ وهي زيادة صحيحة كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2491) : ثنا شعبة وحماد بن سلمة عن
محمد بن زياد ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/137) من طريق الطيالسي عن شعبة وحده.
وكذلك أخرجه البخاري (2/145) ، ومسلم (2/29) ، والدارمي (1/302) ،
وأحمد (2/456 و 504) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ وفيه عند أحمد
الزيادة من ثلاثة طرق: محمد بن جعفر وحجاج ويزيد عن شعبة.
وأخرجها الخطيب (4/398) من طريق هشَيْم عن شعبة ... به.
وقد ثبتت من طرق أخرى عن ابن زياد، كما سنذكره.
وأخرجه البيهقي (2/93) من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدِّيِّ: ثنا حماد
ابن سلمة وحماد بن زيد وشعبة وإبراهيم بن طَهْمان عن محمد بن زياد ... به
دون الزيادة، وبلفظ:
" أن يجعل الله رأسه رأس حمار ". قال شعبة في حديثه:
" أو صورته صورة حمار ".(3/184)
ففيه تصريح بأن الشك من شعبة. وبه جزم الحافظ في "الفتح "، فقال:
" الشك من شعبة؛ فقد رواه الطيالسي عن حماد بن سلمة، وابن خزيمة من
رواية حماد بن زيد، ومسلم من رواية يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن
محمد بن زياد بغير تردد: فأما الحمادان فقالا: " رأس ". وأما يونس فقال:
" صورة ". وأما الربيع فقال: " وجه ". والظاهر أنه من تصرّف الرواة. ورواة:
" الرأس " أكثر، وهي أشمل؛ فهي المعتمدة!.
قلت: رواية الطيالسي تَقَدَّم نقلها من "مسنده ".
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة.
وأخرجه أحمد (2/469 و 472) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ...
به، وفيه الزيادة في رواية.
وحديث حماد بن زيد: أخرجه النسائي أيضا (1/132) ، والترمذي (2/475
- 476) ، وابن ماجه (1/305) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن خزيمة أيضا؛ وفيه عنده الزيادة، كما في "الفتح ".
وحديث يونس: أخرجه أبو عوانة أيضا، وأحمد (2/260 و 425) .
وحديث الربيع: أخرجه أبو عوانة؛ لكن بلفظ:
"رأس ".
وكذلك أخرجه هو- من حديث أيوب بن أبي تميمة وعَياد بن منصور-،
وأحمد (2/271) - عن معمر-، والطبراني في "الصغير" (ص 10) - عن الحسن(3/185)
ابن أبي جعفر-، وأبو نعيم (8/43) ، والخطيب (3/155) - عن إبراهيم بن أدهم -
كلهم عن محمد بن زياد ... به؛ وفي حديث إبراهيم الزيادة أيضا.
وبالجملة؛ قالصواب في الحديث لفظ: " رأس "؛ لأنه الذي اتفق عليه جمهور
الرواة.
75- باب فيمن ينصرف قبل الامام
636- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَّهُمْ على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه
من الصلاة.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه "، ولمسلم منه
النهي عن الانصراف) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أنا حفص بن بُغَيْل الدهني (*) : ثنا زائدة
عن المختار بن فلْفُل عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حفص بن بغيل؛ قال ابن حزم:
" مجهول ". وقال ابن القطان:
" لا يعرف له حال ".
قلت: لكنه قد توبع على هذا الحديث، فهو صحيح كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/240) : ثنا أبو سعيد: ثنا زائدة ... به أتم منه؛
__________
(*) كذا في الأصل، وفي النسخ التي بين أيدينا و"التهذيب " و"التقريب ": المرهبي، وهو
الصواب. (الناشر) .(3/186)
ولفظه: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" والذي نفسي بيده؛ لو رأيتم ما رأيت؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرأ ".
قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟! قال:
" رأيت الجنة والنار "؛ وحضهم على الصلاة، ونهاهم أن يسبقوه بالركوع
والسجود، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة، وقال:
" إني أراكم من أمامي ومن خلفي ".
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد أيضا (3/217) - عن عبد الرحمن بن مهدي-، وأبو عوانة
(2/136) ، والبيهقي (2/192) - عن معاوية بن عمرو-، وأبو عوانة (2/251) -
عنه وعن يحيى بن أبي بكير-، والدارمي (1/302) - عن أبي الوليد الطيالسي-
كلهم عن زائدة ... به؛ وليس عند الدارمي إلا قوله: حضهم على الصلاة ...
إلخ.
وهو عند البيهقي مختصر مثل حديث الباب.
وأخرجه هو (2/91- 92) ، ومسلم (2/28) من طرق أخرى عن المختار بن
فلفل ... به نحو حديث أبي سعيد عن زائدة، لكن ليس فيه الحض على
الصلاة.
وكذلك هو في "المسند" (3/154 و 245 و 290) ؛ لكن ليس عنده أيضا
الانصراف.
وهو رواية لمسلم.(3/187)
76- باب جُمَّاعِ أثواب ما يُصَلى فيه
636/م- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن الصلاة في ثوب واحد؟ فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" آوَلِكُلِّكُمْ ثوبان؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث فما " الموطأ" (1/158) .
ومن طريقه: أخرجه الإمام محمد في "موطّئه " (ص 113) ، والبخاري
(1/374) ، ومسلم (2/61) ، والنسائي (1/124) ، والطحاوي (1/221) ، وابن
حبان (2292) ، والبيهقي (2/237) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/334) ، وأحمد (2/238) من حديث ابن عيينة عن
الزهري ... به.
وكذلك رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/ 373/758) ؛ وزاد- هو وأحمد-:
قال أبو هريرة للذي سأله: أتعرف أبا هريرة؟ فإنه يصلي فما ثوب واحد،(3/188)
وثيابه موضوعة على المِشْجَبِ.
وخالف الوليد بن مسلم فقال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري ... به؛ إلا أنه
رفع قول أبي هريرة، وجعله جواب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للسائل بلفظ: فقال:
"ليتوشح به ثم ليُصَلِّ فيه!.
أخرجه ابن حبان (4/28/2300) . وقد أشار الحافظ- في شرحه لرواية
الشيخين- إلى رواية ابن حبان هذه، قال:
" فيحتمل أن يكونا حديثين، أو حديثاً واحداً فرقه الرواة، وهو الأظهر "!
وأقول: بل الصواب الأول؛ لأن رواية ابن حبان شاذة؛ لخالفتها لكل الطرق
عن أبي هريرة وغيره، ولأن الوليد بن مسلم لم يصرح بتحديث الأوزاعي عن
الزهري- والوليد معروف بأنه كان يدلس تدليس التسوية-.
ولذلك فقد أخطأ المعلق على "الإحسان "- ولا أقول: إنه شعيب! - بقوله:
" إسناده صحيح " ا
وله طريقان آخران عن أبي هريرة:
الأول: عن محمد بن سيرين عنه:
أخرجه البخاري (1/378) ، ومسلم، والدارمي (1/318) ، والطحاوي،
والدارقطني (ص 105) ، والبيهقي (2/236) ، والطيالسي (رقم 2496) ، وأحمد
(2/230 و 495 و 498- 499) ، والطبراني في "الصغير" (ص 28 و 231) من
طرق كثيرة عنه.
والاخر: أخرجه مسلم، والطحاوي، وأحمد (2/265 و 285 و 345) من(3/189)
طرق عن الزهري أيضا عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة: أخرجه الطحاوي، وأحمد (2/501) .
وله شاهد من حديث طَلْقِ بن علي، يأتي في الباب.
637- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على مَنْكِبَيْهِ منه شيء ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه من طريق أخرى
عن أبي الزناد كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينهَ.
والحديث أخرجه أحمد (2/243) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (2/61) ، وأبو عوانة (2/61) ، والنسائي (1/125) ، والدارمي
(1/318) ، والطحاوي (1/223) ، والبيهقي (2/238) من طرق أخرى عن
سفيان ... به.
وتابعه مالك، فقال الشافعي في "الأم " (1/77) : أخبرنا مالك عن أبي
الزناد ... به.
ومن طريق مالك: أخرجه البخاري (1/374- 375) ، وأبو عوانة أيضا.(3/190)
وتابعه عنده: شعيب؛ وهو ابن أبي حمزة.
وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر، وهو:
638- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا صلى أحدكم في ثوب؛ فليخالف بطرفيه على عاتقيه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد: أنا يحيى. (ح) وحدثنا مسدد: ثنا إسماعيل- المعنى-
عن هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه من طريق أخرى
عن يحيى بن أبي كثير.
وهشام: هو الدَسْتوائي.
وإسماعيل: هو ابن علَيَّة.
ويحيي: هو ابن سعيد.
والحديث أخرجه أحمد (2/427) : ثنا إسماعيل: ثنا هشام الدستوائي ...
به
وأخرجه (2/255) من طريق يزيد بن هارون: أنا هشام ... به.
وأخرجه البخاري (1/375) ، والبيهقي (2/238) من طريق شيبان عن يحيى
ابن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعته- أو كنت ساممته- قال: سمعت- أبا
هريرة ... به.(3/191)
639- عن عمر بن أبي سَلَمَةَ قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي في ثوب واحد، ملتحفاً مخالفاً بين طرفيه
على منكبيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة
ابن سهل عن عمر بن أبي سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم عن قتيبة
وغيره.
والليث: هو ابن سعد.
وأبو أمامة: اسمه أسعد.
والحديث أخرجه مسلم (2/62) : حدثنا قتيبة بن سعيد وعيسى بن حماد
قالا: حدثنا الليث ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/63) ، والطحاوي (1/222) ، وأحمد (4/27) من طرق
أخرى عن الليث ... به.
وله طريق أخرى: أخرجه مالك (11/58) ، والبخاري (1/373) ، ومسلم أيضا،
وأبو عوانة، والنسائي (1/124) ، والترمذي (2/166) - وقال: " حديث حسن
صحيح "-، وابن ماجه (1/324) ، والطحاوي أيضا، والبيهقي (2/237) ، وأحمد
(4/26) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن سلمة ... به نحوه.(3/192)
640- عن قيس بن طَلْق عن أبيه قال:
قَدِمْنَا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل فقال: يا نبي الله! ماترى في
الصلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إزاره، طَارَقَ به
رداءَهُ، فاشتمل بهما، ثم قام فصلى بنا نبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما أن قضى
الصلاة قال:
" آوَكلُكُمْ يجد ثوبين؟! ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا مُلازم بن عمرو الحنفي: ثنا عبد الله بن بدر عن
قيس بن طلق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي قيس بن طلق كلام لا
يضر، وقد مضى بيان ذلك في حديث آخر للمصنف بهذا الإسناد (رقم 176) .
والحديث أخرجه الطحاوي (1/222) ، وابن حبان (2294) ، والبيهقي
(2/240) ، وأحمد (4/22) من طرق أخرى عن ملازم ... به.
وله طرق أخرى عن قيس؛ فقال الطيالسي (رقم 1098) : حدثنا أيوب بن
عتبة عن قيس بن طلق ... به مختصراً؛ بلفظ:
سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيصلي الرجل في ثوب واحد؟ فسكت حتى حضرت
الصلاة، فصلى في ثوب واحد، طارَقَ بين كتفيه.
وأخرجه الطحاوي، وأحمد من طريق عيسى بن خُثَيْم عن قيس:
أن أباه شهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وساكله رجل عن الصلاة في الثوب الواحد، فلم(3/193)
يقل له شيئاً، فلما أقيمت الصلاة؛ طارق رسول الله بين ثوبيه، فصلى بهما.
وأيوب بن عتبة وعيسى بن خُثَيم؛ لا بأس بهما في المتابعات.
77- باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي
641- عن سهل بن سعد قال:
لقد رأيت الرجال عاقدي أُزُرِهِمْ في أعناقهم- من ضيق الأزُرِ- خلف
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة؛ كلأمثال الصبيان. فقال قائل: يا معشر النساء!
لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة وابن خربمة
وابن حبان في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان عن أبي
حازم عن سهل بن سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري،
وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/433) : ثنا وكيع ... به.
وأخرجه مسلم (2/32) ، وأبو عوانة (2/60) ، والبيهقي (2/241) من طرق
أخرى عن وكيع ... به.
وأخرجه البخاري (1/376 و 2/237) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/125) ،
وابن خزيمة (1695) ، وابن حبان (508) ، والبيهقي، وأحمد (5/331) من طرق
أخرى عن سفيان ... به.(3/194)
(فائدة) : قال الحافظ في شرح قوله: (فقال قائل) :
" فكأًن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر من يقول لهن ذلك، ويغلب على الظن أنه بلال. وإنما
نهى النساء عن ذلك؛ لئلا يلمحن- عند رفع رووسهن من السجود- شيئاً من
عورات الرجال بسبب ذلك عند نهوضهم، وعند أحمد وأبي داود التصريح بذلك
من حديث أسماء بنت أبي بكر ".
قلت: حديث أسماء يأتي في "السجود " برقم (797) ؛ وفيه رجل لم يُسَمَّ؛
لكن له في "المسند" طريق آخر صحيح، كما سنبينه هناك.
78- باب الرجل يصلِّي في ثوب بعضه على غيره
642- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في ثوب؛ بعضه عليَّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه مسلم وأبو عوانة أتمَّ
منه، وقد مضى) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا زائدة عن أبي حَصِين عن أبي صالح
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو صالح: اسمه دْكوان
السان.
وأبو حَصِين- بالفتح-: عثمان بن عاصم بن حصين الآسَدِي الكوفي.
وللحديث طريقان أخران عن عائشة رضي الله عنها، أخرج أحدَهما: مسلمٌ
وأبو عوانة وغيرهما بأتم من هذا، وقد مضى في الكتاب (رقم 395) ؛ فراجعه إن شئت.(3/195)
79- باب الرجل يصلِّي في قميص واحد
643- عن سَلَمَة بن الأكوع قال:
ل قلت: يا رسول الله! إني رجل أصيد؛ أفأصفَي في القميص الواحد؟
" نعم، وازْرُرْه ولو يشوكة ".
(قلت: إسناده حسن، وكذ اقال النووي، وقال الحاكم: " حديث صحيح "!
ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2291) في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن موسى بن
إبراهيم عن سلمة بن الأكوع.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم؛ غير موسى بن إبراهيم- وهو
ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة الخزومي-؛ وهو حسن الحديث؛ قال
ابن المديني فيه:
"وسط ".
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وأخرج له في "صحيحه "، وكذا شيخه ابن
خزيمة كما يأتي. ولذا قال النووي في "المجموع " (3/174) :
" إسناده حسن ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/250) ، والبيهقي (2/240) من طرق أخرى عن
عبد العزيز بن محمد ... به.(3/196)
وأخرجه النسائي (1/124- 125) ، وأحمد (4/49) من طريق عَطاف بن
خالد عن موسى بن إبراهيم ... به.
وأخرجه الشافعي في "الأم " (1/78) من الطريقين فقال: أخبرنا العَطاف بن
خالد وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن
عبد الله بن أبي ربيعة.
وقد صرح العطاف بسماع موسى بن إبراهيم من سلمة في رواية عند أحمد،
وكذلك أخرجه البخاري في "تاريخه "، كما في "الفتح " (1/270) .
وهو رواية الدراوردي: عند الحاكم.
وشذ عن ذلك ما أخرجه الطحاوي (1/222) من طريق ابن أبي قَبِيلَة قال:
أنا الدراوردي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة بن الأكوع ...
به! فأخطأً ابن أبي قبيلة في موضعين من إسناده:
الأول: قوله: موسى بن محمد بن إبراهيم! وإنما هو موسى بن إبراهيم؛ ليس
في آبائه: محمد، كما تقدم.
والأخر: قوله: عن أبيه! فزاد فيه رجلاً.
وقد تابعه على هذا: إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم
عن أبيه عن سلمة: أخرجه البخاري في "التاريخ ".
ولعله من أجل هذا الاختلاف؛ قال البخارب في "صحيحه " (1/370) - بعد
أن ذكر المرفوع من الحديث-:
" في إسناده نظر ". وقال الحافظ في "شرحه "- بعد أن ذكر رواية ابن أبي
أويس وعَطاف بن خالد من "تاريخ البخاري "-:(3/197)
" يحتمل أن تكون رواية أبي أويس من (المزيد في متصل الأسانيد) ، أو يكون
التصريح في رواية عظاف وهماً؛ فهذا وجه النظر في إسناده. وأما من صححه؛
فاعتمد رواية الدراوردي، وجعل رواية عطاف شاهدة لا تصالها ".
قلت: والراجح عندي أن رواية عطاف هي الصواب؛ لمتابعة الدراوردي له،
وموافقته له بالتصريح بالسماع: عند الحاكم كما تقدم.
وإسماعيل بن أبي أويس وأبوه- واسمه: عبد الله بن عبد الله- وإن كانا من
رجال "الصحيح "؛ فقد تكلم فيهما بعض الأئمة؛ لضعف في حفظهما؛ فلا
تطمئن النفس لا تفردا به؛ لا سيما إذا كان من رواية الابن عن أبيه، كما هنا.
والله أعلم.
والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2291) في "صحيحيهما"، كما في
" الفتح "، و " التهذيب ".
80- باب إذا كان الثوب ضيِّقاً يتَّزِرُ به
644- عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال:
أتينا جابراً- يعني: ابن عبد الله- قال:
سِرْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة، فقام يصلي، وكانت علي بُرْدَةٌ
ذهبت أُخالف بين طرفيها، فلم تبلغ لي، وكانت لها ذَبَاذِبُ، فَنَكَسْتُها، ثم
خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تَسْقُطُ، ثم جئت حتى قمت عن
يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء
ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعاً حتى أقامنا خلفه.
قال: وجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمُقني وأنا لا أشعُرُ، ثم فطِنْتُ به، فأشار إلي(3/198)
أن آئزِرَ بها. فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فال:
" يا جابر! فلما قلت: لبيك يا رسول الله! قال:
" إذا كان واسعاً؛ فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً؛ فاشد ده على
حَقْوِكَ ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه "، وأخرجه البخاري
نحوه مختصراً) .
إسناده: حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل
السجِسْتَاني قالوا: ثنا حاتم- يعني: ابن إسماعيل-: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو
حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجاله "الصحيح "؛ غير سليمان بن
عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجستاني، وهما ثقتان، وروايتهما متابعة كما
ترى.
والحديث أخرجه مسلم (8/231- 236) ، والبيهقي (2/239) من طريقين
آخرين عن حاتم بن إسماعيل.
وأخرجه البخاري (1/375) ، والبيهقي من طريق سعيد بن الحارث عن
جابر ... به نحوه مختصراً.
وله طريق ثالثة في "المسند! (3/335) ؛ وفيه من اختلط آخر عمره.
645- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال: قال عمر-:
" إذا كان لأحدكم ثوبان؛ فليصلِّ فيهما؛ فإن لم يكن إلا ثوب واحد؛(3/199)
فليتزِرْ به، ولا يشتمل اشتمال اليهود ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال النووي: " إسناده
صحيح ". والتردد في رفعه إنما هو من نافع؛ لكنه رجح رفعه في بعض
الروايات الصحيحة عنه. وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن
ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو قال: قال عمر ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال النووي في "المجموع "
(3/173) ، وابن تيمية في "الاقتضاء" (ص 42) :
" إسناده صحيح ".
وقد تردد نافع في رفعه، لكنه رجح رفعه في بعض الروايات الثابتة عنه، كما
سنبينه.
والحديث أخرجه البيهقي (2/236) من طريق أخرى عن سليمان بن
حرب ... به.
ثم أخرجه من طريق أبي الربيع: ثنا حماد بن زيد ... به، وزاد بعد قوله:
أو قال: قال عمر:
" وأكثر ظني أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ليصل أحدكم في ثوبين؛ فإن لم بجد ... " الحديث ". ثم قال:
" ورواه الليث بن سعد عن نافع هكذا بالشك ".
وأخرجه هو، وابن خزيمة (766) من طريق سعيد- وهو ابن أبي عروبة- عن
أيوب ... به، إلا أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بدون شك في رفعه.(3/200)
وكذلك أخرجه الطحاوي (1/221) من طريق حفص بن ميسرة عن موسى
ابن عقبة عن نافع ... به.
وأخرجه البيهقي من طريق أنس بن عيا كعن موسى بن عقبة ... به؛ إلا
أنه قال: ولا يرى نافع إلا أنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره؛ بلفظ:
" إذا صلى أحدكم؛ فليلبس ثوبحن؛ فإن الله أحق من تُرئنَ له "، ثم قال:
قال ...
وأخرجه الطحاوي، وأحمد (2/148) من طريق ابن جريج قال: أخبرني
نافع:
أن ابن عمر كساه وهو غلام، فدخل المسجد فوجده يصلي متوشحاً. فقال:
أليس لك ثوبان؟ قال: بلى. فال: أرأيت لو استعنت بك وراء الدار أكنت
لابسَهُما؟ قاد: نعم. قال: فالله أحق أن تزين له أم الناس؟ قال نافع: بل الله.
فأخبره عن رسول الله- أو عن عمر.
قال نافع: قد استيقنت أنه عن أحدهما، وما أراه إلا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ...
فذكر الحديث نحوه.
وأخرج أحمد (رقم 96) من علريق ابن إسحاق قال: حدثني نافع قال: كان
عبد الله بن عمر يقول:
إذا لم يكن للرجل إلا توب واحد؛ فليأتزر به ثم ليصلِّ؛ فإني سمعت عمر بن
الخطاب يقول ذلك، ويقول:
لا تلتحفوا بالثوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود.
قال نافع: ولو قلت لك: إنه أسند ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لرجوت أن لا(3/201)
أكون كذبت.
وأخرجه الطحاوي، وابن حبان (348) ، وابن عدي (7/38) ، والبيهقي من
طريق شعبهَ عن تَوْبَةَ العنبري عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم؛ فليتَّزِرْ وليَرْتَدِ ".
وكل هذه الأسانيد إلى نافع صحيحة. ويظهر أنه كان يتردي الجزم برفعه؛
لكنه قد صرح في رواية ابن جريج وما في محناها أنه كان يغلب على ظنه رفعه؛
وغلبة الظن في مثل هذا الأمر كافية في الاحتجاج به. والله أعلم.
(تنبيه) : وقع هذا الحديث والذي يليه- في بعض نسخ الكتاب- تحت باب
آخر يتلو الباب الآتي، وهو (باب من قال: يتزر به إذا كان ضيقاً) ! وعليها جرى
المنذري في "مختصره "!
ومن الغريب أن القائمين على طبع المختصر قد وضعوا بجانب هذا الباب رقم
[1: 242] يشيرون بذلك إلى أن الباب يوجد في الجزء والصفحة المشار إليهما من
شرح "عون المعبود"! مع أنه ليس فيه إلا الباب الذي تراه هنا في الكتاب، وهو وإن
كان بمعنى الباب الآخر؛ فإن إشارتهم تلك تنميد أن البابين كليهما في الشرح
المذكور! وليس كذلك؛ فَلْيُعْلَمْ.
646- عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي في لحاف لا يَتَوَشَّحَ به، والآخر: أن
يصلِّيَ في سراويل وليس عليه رداءٌ.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي: ثنا سعيد بن محمد: ثنا أبو تُمَيْلَةَ(3/202)
يحيى بن واضح: ثنا أبو المُنِيب عبيد الله العَتَكِيُّ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي المنيب عبيد الله
- وهو ابن عبد الله العَتَكي-؛ وفيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إذا لم
يخالف؛ وقد وثقه ابن معين والنسائي والحاكم وغيرهم. وقال الآجُرِّي عن
المصنف:
" ليس به بأس ".
وأنكر أبو حاتم على البخاري ذكره أبا المنيب في "الضعفاء"، وقال:
" هو صالح الحديث ". وقال الحافظ:
" صدوق يخطئ ". وقال المنذري في "مختصره " (رقم 608) :
" في إسناده أبو تميلة يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، وأبو المنيب عبيد الله
ابن عبد الله العَتَكي المروزي؛ وفيهما مقال "!
قلت: أما أبو المنيب؛ فقد عرفت أن القال الذي فيه لا يضر.
وأما أبو تميلة؛ فهو ثقة حجة من رجال الشيخين، وقد وثقه ابن معين
وجماعة، ولم يتكلَّمْ فيه أحد بحُجَّة. والذهبي لما أورده في "الميزان "؛ قال:
" ولولا أن ابن الجوزي أورده في " الضعفاء "؛ لما أوردته ".
على أنه لم يتفرد به؛ بل تابعه علي بن الحسن بن شقيق- كما ذكر الذهبي
في "الميزان "-، وزيد بن الحباب: عند الطحاوي، كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/250) ، وعنه البيهقي (2/236) من طريق أخرى
عن سعيد بن محمد الجَرميَ ... به.(3/203)
وأخرجه الطحاوي (1/224) من طريق زيد بن الحُبَاب عن أبي المنيب ... به
نحوه. ثم قال الحاكم:
" حديث صحيح عل شرط الشيخين، واحتجا بأبي تميلة. وأما أبو المنيب
المروزي؛ فإنه من ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين "! ووافقه
الذهبي!
وقد وهما؛ فإن أبا المنيب ليس من رجال الشيخين كما علمت.
وللشطر الثاني من الحديث شاهد من حديث جابر: أخرجه الخطيب
(5/138) بسند رجاله ثقات.
ثم إن الحديث يشهد له حديث أبي هريرة المتقدم (637) ؛ فلا وجه لتضعيف
ابن عبد البر إياه في "التمهيد" (6/374) ؛ فتنبه!
81- من باب الإسبال في الصلاة
647- عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من أسبل إزاره في صلاته خُيَلاءَ؛ فليس من الله جَل ذِكْرُهُ في حِل
ولا حرام".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا زيد بن أخزم: ثنا أبو داود عن أبي عوانة عن عاصم عن أبي
عثمان عن ابن مسعود.
قال أبو داود: " روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود، منهم
حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأبو الأحوص وأبو معاوية ".(3/204)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وأبو داود:
هو الطيالسي صاحب "المسند"؛ وقد أخرجه فيه كما يأتي.
وأبو عوانة: هو الوضَّاح بن عبد الله اليَشْكُرِيّ.
وعاصم: هو ابن سليمان الأحول.
وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مُلّ- بلام ثقيلة والميم مثلثة- النَّهْدِيُ- بفتح
النون وسكون الهاء-.
وقد أشار المصنف رحمه الله إلى إعلال الحديث بالوقف بأن الجماعة الذين
سمى بعضهم رووه موقوقاً!
وهذا ليس بعلة قادحة؛ فإن أبا عوانة ثقة ثبت- كما في "التقريب "-، وقد
رفعه؛ فهي زيادة من ثقة واجب قبولُها؛ ولا سيما والوقوف لا يقال بالرأي - كما
في "الفتح " (10/257) -.
وأثر حماد بن سلمة: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"
(9/315/9368) ، وإسناده جيد، ولفظه:
المسبل إزاره في الصلاة؛ ليس من الله عز وجل في حِلَ ولا حرام.
والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 351) هكذا: حدثنا أبو عوانة
وثابت أبو زيد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن ابن مسعود- رفعه أبو عوانة
ولم يرفعه ثابت-:
أنه رأى أعرابيّاً عليه شَمْلَةٌ، نشر ذيلها وهو يصلي، فقال له:
" إنّ الذي يَجُرُ ذيله من الخُيَلاءِ في الصلاة؛ ليس من الله في حِل ولا
حرام ".(3/205)
ومن طريقه: أخرجه البيهقي أيضا (2/242) .
وأورده صاحب "المهذب " (3/176) موقوقاً على ابن مسعود. فقال النووي في
تخريجه:
" ذكره البغوي في "شرح السنة" بغير إسناد عن ابن مسعود ". قال:
" وبعضهم يرويه عن ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وكأن النووي رحمه الله لم يقف عليه في المصادر المتقدمة؛ وإلا لما أبعد النّجْعَةَ!
(تنبيه) : يظهر- من رواية المصنف والشاهد المتقدم- أن ذكر (الجَر) في رواية
الطيالسي شاذ، والمحفوظ (الإسبال) .
ويؤيده من جهة المعنى: أن (الجر) إنما يكون في المشي، فكيف يجمع في
سياق واحد بين الجَر والصلاة؟! وهذا بين لا يخفى.
وقد خفي هذا على صاحب "تنبيه القاري لتقوية ما ضعفه الألباتي " (ص 10
- 11) ؛ جرياً منه على ظاهر إسناد الطيالسي! ومثله كثير في عصرنا الحاضر ممن لا
معرفة عندهم بعلل الحديث!
82- باب في كم تصلي المرأة؟
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
83- باب المرأة تصلي بغير خمار
648- عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
" لا يقبلُ الله صلاةَ حائض إلا بخمار ".(3/206)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن "،
والحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، يوافقه الذهبي. وأخرجه ابن
خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا حَخاج بن مِنْهال: ثنا حماد عن قتادة
عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (1/251) ، وعنه البيهقي (2/233) من طريق علي
ابن عبد العزيز: ثنا حجاج بن المنهال ... به.
وأخرجه الترمذي (2/215- 216) ، وابن ماجه (1/224) ، والبيهقي
أيضا، وأحمد (6/150 و 218 و 259) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ...
به.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/219) من طريق حماد بن زيد: ثنا
قتادة ... به. ثم قال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأظن أنه لخلاف فيه على
قتادة "، ووافقه الذهبي.
ثم ساق الحاكم رواية ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن ... مرسلأ مرفوعاً
به، وقد علقها المصنف عقب هذه؛ كأنه يشير بذلك إلى تعليل هذه الرواية
الموصولة!
وليس ذلك بعلة قادحة في صحتها؛ فإن حماد بن سلمة ثقة، قد وصله عن(3/207)
قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية؛ لا سيما وقد تابعه على ذلك حماد بن زيد
كما سبق؛ فزيادتهما مقبولة بلا شك.
وأما الرواية الأخرى عن قتادة عن الحسن مرسلاً؛ فهي طريق أخرى لقتادة في
هذا الحديث مرسلاً، تقوي طريقه الأولى الموصولة، كما لا يخفى.
وللحديث شاهد عن أبي قتادة رضي الله عنه ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه الطبراني في " الصغير" (ص 190) ، وفي "الأوسط" أيضا بسند
ضعيف.
والحديث رواه ابن خزيمة (رقم 775) ، وابن حبان (1758- 1759) ، وابن
الجارود (173) .
649- قال أبو داود: " رواه سعيد- يعني: ابن أبي عروبة- عن قتادة
عن الحسن عن النبي َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
(قلت: وصله الحاكم من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد، وهو
مرسل قوي، شاهد لما قبله) .
قلت: وصله الحاكم (1/251) ، ومن طريقه البيهقي (2/233) من طريق
عبد الوهاب بن عطاء: آبَنا سعيد ... به.
وهذا مرسل صحيح الإسناد، وكأن المصنف رحمه الله أورده هكذا معلقاً؛
إشارة إلى إعلال حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن
صفية بنت الحارث ... عن عائشة ... مرفوعاً، وقد تقدم قبل!
ونحن نرى أن هذا الرسل لا يُعِل الموصول؛ بل يعطيه قوة كما ذكرنا آنفاً،
وبخاصة أنه جاء من طريق آخر عن الحسن.(3/208)
84- باب السَّدْل في الصلاة
650- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطيَ الرجل
فاه.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ العراقي، وهو على شرط
البخاري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه "
(رقم 478)) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى عن ابن البارك عن
الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء- قال إبراهيم- عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وفي الحسن بن
ذكوان- وهو أبو سلمة البصري- كلام لا ينزل حديثه عن الرتبة التي ذكرنا؛ وقد
توبع على الشطر الأول منه كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/253) ، والبيهقي (2/242) من طرق أخرى عن
عبد الله بن المبارك ... به.
وأخرج ابن ماجه (1/306) - الشطر الثاني منه- من طريق محمد بن راشد
عن الحسن بن ذكوان ... به. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"
(1/140) - بعد أن عزاه إليه وإلى المصنف-:
"سنده حسن ".
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه "- بتمامه- (478) ، وقال الحاكم:(3/209)
" حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وإنما حكما بهذا لأنه وقع في إسناد الحاكم: الحسين- مصغراً- بن ذكوان!
بدل: الحسن بن ذكوان!
ووقع في "تلخيص الذهبي ":
حسين المعلم!
والحسين هذا ثقة من رجال الشيخين؛ ولكن ذكره في إسناد هذا الحديث خطأ
من الحاكم.
وقد رواه البيهقي من طريقه على الصواب.
وقد تبع الحاكم على خطئه هدا- وزاد عليه- الحافظ الزيلعي؛ حيث قال في
" نصب الراية ":
" وسند أبي داود؛ فيه الحسن بن ذكوان العلم؛ ضعفه ابن معين وأبو حاتم.
وقال النسائي: ليس بالقوي. لكن أخرج له البخاري في "الصحيح "، وذكره ابن
حبان في "الثقات "، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به "!
فقد وصف الزيلعي الحسن- مكبرا- بـ (المعلم) ! وهذا خطأ بيِّن؛ فقد علمت
مما سلف أن (المعلم) إنما هو لقب الحسين- المصغر-. فإما أن يكون سقطت (الياء)
من قلم الناسخ أو المؤلف، فصار: الحسن. وإما أن يكونا الأصل هكذا مكبرأ،
ويكون لقب (المعلم) سَبْقَ قلم. من أحدهما.
ويؤيد هذا: أن الأقوال التي نقلها عن الأئمة إنما قالوها في الحسن- الكبر لا
المصغر-! والله أعلم.
وقد ذكرنا آنفاً أن الحسن بن ذكوان قد توبع على بعضه؛ وهو:(3/210)
651- قال أبو داود: " ورواه عِسْلٌ عن عطاء عن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السدل في الصلاة ".
(قلت: هذه طريق أخرى عن عطاء. وقد وصله الترمذي وغيره إلى
(عِسْل) ، فهذا القدر من الحديث صحيح، وقوّاه البيهقي. وأخرجه ابن حبان
في "صحيحه " (479)) .
قلت: وصله الترمذي (2/217) ، والدارمي (1/320) ، والبيهقي (2/242) ،
وأحمد (2/295 و 341 و 345 و 348) من طرق عن عِسْلِ بن سفيان ... به.
وقال الترمذي:
" لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً إلا من حديث عسل بن
سفيان "!
كذا قال! ورواية الحسن بن ذكوان المتقدمة ترذُ عليه. وعسل هذا ضعيف.
وقد تابعه أيضا عامر الأحول؛ لكن في الطريق إليه ضعف:
أخرجه الطبراني في "الأوسط " عن أبي بَحْرٍ البَكْراوي- واسمه عبد الرحمن
ابن عثمان-: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء عن أبي
هريرة ... مرفوعاً فذكره. قال الزيلعي:
" ورجاله كلهم ثقات؛ إلا البكراوي؛ فإنه ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما،
وكان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه، وروى عنه. قال ابن عدي: وهو ممن يكتب
حديثه ".
قلت: وقد رواه غيره عن عامر عن عطاء ... مرسلاً: أخرجه البيهقي من
طريق هشيم: آبَنا عامر الأحول قال:(3/211)
سألت عطاءً عن السدل فكرهه. فقلت: أعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: نعم.
وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال للبيهقي:
" وهذا الإسناد وإن كان منقطعاً؛ ففيه قوّة للموصولين قبله ". ثم قال:
" وقد روي من أوجه أخر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... "، ثم ساقها من حديث ابن
مسعود وأبي جحيفة، ومن حديث أبي عظية الوادعي مرسلأ؛ وفيها ضعف، وإذا
ضمت إلى ما سبق؛ ارتقى الحديث إلى درجة الصحيح.
652- عن ابن جريج قال:
اكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً.
(قلت: إسناده صحيح إلى عطاء، وقد صح الحديث عنه مرفوعاً على
خلاف فعله، والعمدة على ما روى، لا على فعله أو ما رأى، وقد قال الببهقي:
" وكأنه نسي الحديث، أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء، وكان لا
يفعله خيلاءَ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى بن الطَبَّاع: ثنا حَخاج عن ابن جريج.
قال أبو داود: " وهذا يضعف ذلك الحديث "!
قلت: كلا؛ بل الحديث صحيح، ولا يضعفه أنَّه صح عن أحد رواثه- وهو
عطاء- مخالفته فعلاً؛ لما تقرر في الأصول: أن العبرة برواية الراوي لا برأيه أو فعله
المخالف لها، لا سيما وقد صح عن عطاء نفسه الإفتاء بما يوافق الحديث، وهو ما
تقدم قريباً أنه سئل عن السُّدْل؟ فكرهه. ولما قيل له: أعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال:
نعم.(3/212)
فهذا يدل على أن الحديث عنده صحيح، وأنه محكم غير منسوخ؛ فلا يجوز
حينئذ البتة تضعيف الحديث؛ بمجرد مخالفة عطاء له فعلاً؛ لاحتمال أن له في
ذلك عذراً، كالنسيان أو غيره، كما بينه البيهقي في "سننه " (2/242) ، وترى
نص كلامه في هذا مذكورا آنفاً.
85- باب الصلاة في شُعر النساء
[تحته حديث واحد، تقدم بالنص، فأغنى عن إعادته، فانظر (رقم 393) ]
86- باب الرجل يصلِّي عاقصاً شَعْرَهُ
653- عن أبي سعيد المقبري:
أنه رأى أبا رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ بحسن بن علي عليهما السلام،
وهو يصلي قائماً، وقد غرز ضفره في قفاه، فحلَّها أبو رافع، فالتفت حسن
إليه مغضباً، فقال أبو رافع: أقْبِلْ على صلاتك ولا تغضب؛ فإني سمعت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" ذلك كِفْلُ الشيطان "؛ يعني: مغرز ضفره.
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وقال الحافظ ابن
حجر: " إسناده جيد "، وصححه ابن حبان (653)) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني
عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري يحدث عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال(3/213)
الشيخين؛ غير عمران بن موسى؛ وقد وثقه ابن حبان وروى- عنه غير ابن جريج-:
إسماعيل ابن عُلَيَة، وحسن له الترمذي وغيره كما يأتي.
والحسن بن علي: هو ابن محصد الخلال الحُلْواني.
واسم أبي سعيد المقبري: كَيْسَان بن سعيد.
وكنية ابنه سعيد: أبو سعد المدني.
والحديث أخرجه الترمذي (2/223) ، والبيهقي (2/109) من طرق أخرى
عن عبد الرزاق.
وأخرجه ابن خزيمة (911) ، وابن حبان (رقم 474) ، والبيهقي من طريق
حجاج قال: قال لي ابن جريج ... به. وقال الترمذي:
"حديث حسن ".
ونقل الشوكاني (2/286) عنه أنه صححه.
وقال الحافظ في "الفتح " (2/238) - بعد أن عزاه للمصنف:
" إسناده جيد ".
وأخرجه ابن ماجه (1/323) من طريقين عن شعبة: أخبرني مُخَول قال:
سمعت أبا سعد- رجلاً من أهل المدينة- يقول:
رأيت أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى الحسن بن علي وهو يصلي، وقد
عقص شعره، فأطلاقه أو نهى عنه، وقال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره.
ورواه الدارمي (1/329) من طريق أخرى عن شعبة ... به عن أبي رافع قال:(3/214)
رآني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ساجد؛ وقد عقصت شعري- أو قال: عقدته-،
فأطلقه.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي سعد هذا؛ فقال الذهبي:
" لا يعرف ". وقال الحافظ:
" قيل: هو شُرَحْبِيلُ بن سعد ".
قلت: ويدور في خَلَدِي أنه سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ فإن كنيته أبو سعد
المدني كما تقدم. وقد وجدت ما يؤيد ذلك من كلام المتقدمين، ففي "العلل "
لابن أبي حاتم (رقم 289) :
" سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مُخَول عن
سعيد المقبري عن أم سلمة قالت: نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي الرجل ورأسه
معقوص؟ قال أبي: إنما روي عن مخول عن أبي سعيد [كذا] عن أبي رافع، وكنية
سعيد المقبري: أبو سعيد [كذا] ، وأخطأ مؤمل؛ إنما الحديث عن أبي رافع ".
قلت: كذا في الموضعين: (أبو سعيد) ! والظاهر أنه خطأ مطبعي، والصواب:
(أبو سعد) ؛ فإنها كنيته كما ذكرنا آنفاً.
والمقصود: أن أبا حاتم جزم أن حديث مخول: عن سعيد المقبري أبي سعد،
وأن مؤملاً أصاب في ذلك، لكنه أخطأ في قوله: عن أم سلمة! وإنما الصواب: عن
أبي رافع.
وقد رواه هكذا على الصواب: الإمام أحمد (6/8) - عن عبد الرزاق-،
وسحنون في "المدونة" (1/96) - عن وكيع- كلاهما عن سفيان عن مخول عن
رجل عن أبي رافع ... به مختصراً.(3/215)
وأخرجه أحمد أيضا (6/391) عن وكيع.
فإذا ثبت أن أبا سعد هذا هو سعيد المقبري؛ فينتج من ذلك أن للحديث عنه
راويين: أحد هما: عمران بن موسى. والأخر: مخول- وهو ابن راشد-.
وبذلك يرتقي الحديث إلى الصحة، لولا أنهما اختلفا في شيء من متنه وسنده:
أما الأول: فليس في حديث مخول: " ذلك كفل الشيطان "؛ بل فيه النهي
عن ذلك.
والأمر فيه يسير، والقاعدة أن يضم هذا إلى ذلك.
وأما الآخر: فهو أن مخولاً لم يذكر بين أبي سعد وأبي رافع: أبا سعيد المقبري!
ولعل الأصح إثباته؛ أخذاً بالزيادة. والله أعلم.
ثم إن حديث أم سلمة أورده الهيثمي في "المجمع " (2/86) ، وقال:
" رواه الطبراني في " الكبير"، ورجاله رجال (الصحيح) "!
ولست أدري؛ أهو عند الطبراني من طريق مؤمل بن إسماعيل- الذي في
طريق أبي حاتم- أم عن غيره؟
فإن كان الأول؛ فقوله: " ورجاله رجال (الصحيح) "! فيه نظر؛ لأن مؤملأ
هذا إنما أخرج له البخاري تعليقاً.
وإن كان الآخر؛ فهو دليل على أن لحديث أم سلمة أصلاً؛ ففيه قوة أخرى
للحديث والله أعلم.
ثم وجدت له شاهداً من حديث علي مرفوعاً:
" ولا تصَلِّ وأنت عاقص شعرك؛ فإنه كفل الشيطان ".(3/216)
أخرجه أحمد (رقم 1243) بسند ضعيف.
654- عن كريبِ مولى ابن عباس:
أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوصٌ
من ورائه، فقام وراءه، فجعل يَحلَّه، وأقزَ له الآخر. فلما انصرف؛ أقبل
إلى ابن عباس فقال: ما لك ورأسي؟! قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" إنما مَثَل هذا مَثَل الذي يصلِّي وهو مكتوف ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن سلمة: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكيراً
حدثه أن كريباً مولى ابن عباس حدثه: أن عبد الله بن عباس ...
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/102) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، ومسلم (2/53) ، وأبو عوانة (2/74) ، والنسائي (1/167) من
طرق أخرى عن ابن وهب ... به.
وأخرجه الدارمي (1/320) ، وأحمد (رقم 2768 و 2904) من طرق أخرى
عن ابن الحارث ... به؛ وقرن أحمد في رواية بـ (كريب) : شعبة مولى ابن
عباس.
ثم أخرج (رقم 2905) - المرفوع منه فقط- من طريق ابن لهيعة عن بكير.(3/217)
87- باب الصلاة في النَّعْلِ
655- عن عبد الله بن السائب قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي يوم الفتح؛ ووضع نعليه عن يساره.
(قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال "الصحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني محمد بن عَباد بن
جعفر عن ابن سفيان عن عبد الله بن السائب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد؛
فمن رجال البخاري.
وابن سفيان- واسمه عبد القه بن سفيان الخزومي-؛ فمن رجال مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (3/410- 411) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه النسائي (1/125- 126) ، وابن ماجه (1/437) من طريقين آخرين
عن يحيى.
وأخرجه الحاكم (1/259) ، ومن طريقه البيهقي (2/432) من طريق عثمان
ابن عمر: ثنا ابن جريج ... به " وقال الحاكم:
" هذا حديث يعرف تجحمد بن عباد بن جعفر، أخرجته شاهداً "! ووافقه
الذهبي!
وهذا تشدد منهما؛ على خلاف عادتهما! وكان من حقهما أن يقولا: إنه
صحيح على شرط مسلم! فقد أخرج في "صحيحه " بهذا الإسناد حديثاًآخر
لعبد الله بن السائب هذا، وهو الآتي عقبه.(3/218)
ووهم الحافظ العرافي في "تخريج الإحياء" (1/170/رقم 2 و 4) ؛ فعزا هذا
الحديث إلى مسلم! وإنما له ما أشرنا إليه، وهو:
656- عن عبد الله بن السائب قال:
صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا
جاء ذكر موسى وهارون- أو ذِكْرُ موسى وعيسى؛ ابن عباد يَشُكُّ، أو
اختلفوا-؛ أخذت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْلةٌ، فحذف فركع، وعبد الله بن السائب
حاضر لذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، وعلقه البخاري في "صحيحه ". وقال الحافط: " إسناده مما تقوم
به الحجة") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق وأبو عاصم قالا: أنا ابن
جريج قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني أبو سلمة بن سفيان
وعبد الله بن المسيِّب العابدي وعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأًتي.
وعبد الله بن عمرو: هو ابن العاص.
وأبو سلمة بن سفيان: اسمه عبد الله، كما تقدم قريباً.
والحديث أخرجه أحمد (3/411) : ثنا عبد الرزاق وروح قالا: أنا ابن
جريج ... به.
وأخرجه مسلم (2/39) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به.(3/219)
وأخرجه هو، وأبو عوانة (2/161) ، والنسائي (1/156) ، والبيهقي (2/59-
60 و 389) ، وأحمد من طرق أخرى عن اين جريج ... به؛ لكن النسائي لم
يذكر في سنده: عبد الله بن المسيب وعبد الله بن عمرو، وزاد في متنه:
فصلى في قِبَلِ الكعبة، فخلع نعليه، فوضعهما عن يساره.
وهي عند أحمد أيضأ في رواية؛ وسندها صحيح أيضا على شرط مسلم.
ولعل هذا الذي غَر الحافظ العراقي، فعزا هذا القدر من الحديث إلى مسلم كما
تقدم؛ ظنّاً منه أنها عنده في صلب هذا الحديث؛ وإنما هي عند من ذكرت فقط.
ورواه ابن ماجه (1/273) - مختصراً- من طريق ابن عيينة عن ابن جريج عن
ابن مُلَيكة عن ابن السائب.
وعلقه البخاري (2/203) ، وقؤاه الحافظ، كما ذكرنا آنفاً.
657- عن أبي سعيد الخدري قال:
بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصفَي بأصحابه؛ إذ خلع نعليه فوضعها عن
يساره، فلما رأى ذلك القومُ؛ ألقَوْا نِعَالَهم، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلاته قال:
" ما حملكم على إلقائكم نِعالَكم؟ ا ".
قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن جبريل عليه السلام أتاني، فأخبرني أن فيهما قذراً- أو قال:
أذىً- ". وقال:(3/220)
" إذا جاء أحدكم إلى المسمجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذراً أو أذىً
فليمسحه، وليصلِّ فيهما ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال النووي: " إسناده صحيح "،
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم!، ووافقه الذهبي. وأخرجه
ابن خزيمة (1017) ، وابن حبان في "صحيحيهما "، وقوّى إسناده ابن
التًّرْكُماني) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد بن زيد عن أبي نَعَامَةَ
السعْدي عن أبي نَضْرَةَ عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وهكذا وقع في بعض النسغ المعتمدة: (حماد بن زيد) ! ووقع في البعض
الأخرى: (حماد) غير منسوب.
ويغلب على ظتي أن هذا هو الصواب؛ وذلك لأمور:
الأول: أن عادة المصنف جرت- فيما سبق من هذا الكتاب-:
أنه إذا روى عن شيخه موسى هذا عن حماد؛ فإنما يقول: عن حماد؛ لا
ينسبه إلا نادراً؛ فانظر الأحاديث رقم (44، 50 و 57 و 58 و 86 و 88 و 167
و170 و 216 و 227 و 263 و 326 و 359 و 398 و 414 و 415 و 432 و 465
و490 و 502 و 507 و 541 و 542 و 599 و 621) .
وإذا نسبه فإنما يقول: حعكاد بن سلمة؛ كالأحاديما (رقم 198 و 388
و479) .
وقد تبين لنا بالتتبع: أنه في كل تلك الأحاديث التي لم يُنْسَبْ فيها؛ إنما هو(3/221)
حماد بن سلمة؛ حاشا الحديث (رقم 490) ؛ فقد ترجح عندي أنه ابن زيد؛ لما
ذكرته هناك، مع أنه يحتمل أن يكون هو ابن سلمة؛ ويكون ابن زيد قد تابعه
عليه.
وأيّاً ما كان؛ فإن موسى بن إسماعيل غير مشهور الرواية عن حماد بن زيد،
حتى إن الحافظ في "التهذيب " لم يذكره في شيوخه؛ وإنما ذكر فيهم ابن سلمة.
فعلى ذلك؛ ينبغي أن يكون هو المراد هنا. ويؤيد ذلك:
الأمر الثاني: وهو أن البيهقي روى الحديث من طريق المصنف ... بإسناده
هذا؛ فقال: حماد بن سلمة.
الأمر الثالث: أن الحديث إنما يعرف هكذا موصولاً من حديث حماد بن
سلمة؛ كذلك أخرجه كل من يأتي ذكره.
الرابع: أنهم لم يذكروا في شيوخ ابن زيد: أبا نعامة هذا؛ وإنما ذكروه في
شيوخ ابن سلمة؛ فتعين أنه هو.
الخامس: أن حماد بن زيد إنما يروي هذا الحديث عن أيولب عن أبي نعامة عن
أبي نضرة ... مرسلا، كما يأتي.
فكل هذه الأمور تؤيد أن حماداً إنما هو ابن سلمة. والله أعلم.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2154) : حدثنا حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف عن موسى عن حماد بن سلمة
.......... به
وكذلك أخرجه الدارمي (1/320) ، وابن خزيمة (1017) ، والحاكم
(1/260) ، والبيهقي أيضا (2/402 و 431) ، وكذا الطحاوي (1/294) ، وأحمد(3/222)
(3/20 و 92) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وقال النووي في
"المجموع " (2/179 و 3/132 و 156) :
" إسناده صحيح ".
ورواه ابن خزيمة وابن حبان؛ يعني: في "صحيحيهما" على ما في "التلخيص "
(4/69) ، قال:
" واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في "العلل " الموصول ".
قلت: ونص كلامه في " العلل " لابنه (رقم 330) :
" سألت أبي عن حديث رأ اه حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة
عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه صلى في نعليه، ثم خلع نعليه؛ فخلع
الناس ... وذكر الحديث؟ فقال أبي:
رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي نعامة عن أبي نضرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
مرسل.
قال أبي: أيوب أحفظ. وقد وَهَّنَ أيوب رواية هذا الحديث حديث حماد بن
سلمة. ورواه إبراهيم بن طهمان عن حَخاج الأحول عن أبي نعامة عن أبي نضرة
عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والمتصل أشبه؛ لأنه اتفق اثنان عن أبي نضرة عن
أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت: وأما البيهقي؛ فقد حاول تضعيف الحديث بما لا طائل تحته؛ فلا حاجة
لنقل كلامه وبيان بطلانه؛ وقد رد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي "؛
فأجاد.(3/223)
والحديث روى له البيهقي نفسه شاهداً من حديث أنس، وقال:
" إسناده لا بأس به ".
وأخرجه الحاكم (1/139- 140) أيضا، وقال:
" حديث صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
وله شواهد أخرى، ذكرها في "التلخيص ". ومن شواهده:
658- عن بكربن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا؛ قال:
" فيهما خَبَثٌ "؛ قال في الموضعين: " خبث ".
(قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح) .
إسناده: حدثنا موسى- يعني: ابن إسماعيل-: ننا أبان: ثنا قتادة: حدثني
بكر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ وبكر بن
عبد الله: هو أبو عبد الله المُزَني البصري التابعي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف؛ وهو من شواهد
حديث أبي سعيد الذي قبله.
659- عن شدَّاد بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خالفوا البهود؛ فإنهم لا يُصَلون في نِعالهم ولا خِفافهم ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم ووافقه الذهبي، وقال العراقي:
" إسناده حسن "، وقال الشوكاني: " لا مطعن في إسناده ". وأخرجه ابن(3/224)
حبان في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا مروان بن معاوية الفَزَاري عن هلال بن
ميمون الرَّمْلي عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح: رجاله كلهم ثقات. ونقل الناوي في "الفيض "
عن الحافظ العراقي أنه قال في "شرح الترمذي ":
" إسناده حسن ". وقال الشوكاني (2/109) :
" أخرجه ابن حبان في "صحيحه "، ولا مطعن في إسناده ".
والحديث أخرجه الحاكم (6/260) ، وعنه البيهقي من طريق قتيبه ... به.
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
660- عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي حافياً ومتنعلاً.
(قلت: إسناده حسن صحيح)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا علي بن المبارك عن حسين المعلم عن
عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده خلاف، والحق: أنه حسن الحديث، كما سبق بيانه مفصلا عند
الحديث (رقم 124) .
وهذا الإسناد: من الأدلة على أن المراد بجده فيه؛ إنما هو عبد الله بن عمرو بن(3/225)
العاص؛ لتصريحه برؤيته للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه ليس يريد جده الأدنى: محمد بن
عبد الله بن عمرو؛ لأنه لا رؤية له.
ففيه رد على من يقول: إن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه مرسلة أو منقطعة!
وقد فصلنا هذه المسألة، في المكان المشار إليه؛ فلتراجع.
والحديث أخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (1/322) ، والطحاوي (1/294) ، وأحمد (2/174
و215) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به.
وأخرجه أحمد (2/178 و 190) من طرق أخرى عن عمرو ... به.
وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة؛ منهم أبو هريرة: في "المسند"
(2/248) بسند صحيح، فالحديث صحيح.
وبقية الشواهد؛ قد أوردتها في كتابنا الكبير "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ من
التكبير إلى التسليم كأنك تراها "
88- باب المصلِّي إذا خلع نَعْلَيْهِ؛ أين يضعها؟
661- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم؛ فلا يضع نعليه عن يمينه، ولا عن يساره؛ فتكونَ
عن يمين غيره؛ إلا أن لا يكون عن يساره أحد، وليضعها بين رجليه ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال العراقي: " سنده صحيح "، وصححه
الحاكم، يوافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عثمان بن عمر: ثنا صالح بن رستم أبو(3/226)
عامر عن عبد الرحمن بن قيس عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، فهو على شرطه.
ولولا ما في صالح بن رستم من الكلام من قبل حفظه؛ لقلت- كما قال العراقي
في "تخريج الإحياء" (1/130) -:
" سنده صحيح ".
ثم استدركت فقلت: إنه ليس على شرط مسلم؛ لأن عبد الرحمن بن قيس
هذا ظننت أولاً أنه أبو صالح الحنفي الكوفي- وهو من رجال مسلم-، ثم تيقنت
أنه ليس به، بل هو أبو رَوْح العَتَكِيّ البصري، روى له المصنف هذا الحديث فقط؛
وقد روى عنه جماعة من الثًقات، منهم يحيى القطان.
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وأخرج هو وشيخه ابن خزيمة حديثه هذا في
"صحيحيهما"- كما في "التهذيب "-، وصححه الحاكم والذهبي كما يأتي. وأما
قول المنذري في "مختصره " (رقم 624) :
" ويشبه أن يكون الزعفرانيَّ البصريَّ، كنيته أبو معاوية، ولا يحتج به "!
فغير سديد. قال الحافظ في "التهذيب ". " وليس كما ظن؛ فإن الزعفراني
يَصْغُر عن إدراك يوسف بن ماهك. وأيضا؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات ". وأما
الزعفراني؛ فواهي الحديث كما ترى ". ولذلك قال العراقي- بعد أن صححه كما
قلناه آنفاً-:
" وضعفه المنذري؛ وليس بجيد ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/259) من طريق الحسن بن مُكْرَم: ثنا عثمان ابن
عمر ... به.(3/227)
وأخرجه البيهقي (2/432) من طريقه، ومن طريق المصنف أيضا. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وهو من تساهلهما أو من
أوهامهما؛ فإن صالح بن رستم لم يخرج له البخاري في "صحيحه "، وإنما روى له
فيه تعليقاً.
ثم إن عبد الرحمن بن قيس قد علمت أنه لم يرو له غير المصنف؛ لكنه قد
سقط من إسناد الحاكم؛ فلا أدري أذلك منه أم ممن بعده؟!
والحديث: عند ابن خزيمة (1016) من طريقين عن عثمان بن عمر ... به.
وله شاهد من حديث أبي بكرة بنحوه؛ بلفظ:
" ولكن ليخلعهما بين ركبتيه ".
رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه ضعف، كما في "المجمع " (2/55) .
وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه؛ وهو:
662- عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم فخلع نعليه؛ فلا يؤذ بهما أحداً؛ ليجعلهما بين
رجليه، أو ليُصَل فيهما ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة: ثنا بقية وشعيب بن إسحاق عن
الأوزاعي: حدثني محمد بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي
هريرة.(3/228)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الحاكم (1/260) عن عبد الوهاب بن نجدة.
وأخرجه البيهقي (2/432) من طريق بشر بن بكر: ثنا الأوزاعي ... به.
وخالفه في إسناده عن سعيد: عياض بن عبد الله القُرَشي فقال: عن سعيد
ابن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ... مرفوعاً به، وزاد:
" ولا يؤذي بهما غيره "؛ فلم يذكر القرشيُّ بين سعيد المقبري وأبي هريرة: أبا
سعيد المقبري.
أخرجه ابن خزيمة (1999) .
وقد تابعه على هذا: عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد- وهو المقبري-:
أخرجه ابن ماجه (1/437- 438) ؛ ولفظه:
" ألزم نعليك قدميك، فإن خلعتهما؛ فاجعلهما بين رجليك، ولا تجعلهما عن
يمينك، ولا عن يمين صاحبك، ولا وراءك فتؤذي من خلفك ".
لكن عبد الله بن سعيد هذا ضعيف جدَّاً.
وأما عياض بن عبد الله القرشي؛ فثقة من رجال الشيخين.
وقد شارك سعيد المقبري أباه في الرواية عن أبي هريرة والسماع منه في غير ما
حديث؛ فلعله سمعه من أبيه عن أبي هريرة أولاً، ثم سمعه منه مباشرة. والله
أعلم.
وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة: في "معجم الطبراني الصغير" (رقم
1051- من ترتيبه) .(3/229)
89- باب الصلاة على الخمُرِ
663- عن ميمونة بنت الحارث قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي؛ وأنا حذاءه وأنا حائض، وربما أصابني
ثوبه إذا سجد، وكان يصلي على الخمْرَةِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أنا خالد عن الشيباني عن عبد الله بن شداد:
حدثتني ميمونة بنت الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي.
وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي.
والشيباني: هو أبو إسحاق، مشهور بكنيته؛ واسمه سليمان بن أبي سليمان.
والحديث أخرجه البخاري (1/388) - عن مسدد-، ومسلم (2/66 و 128)
- عن يحيى بن يحيى التميمي- كلاهما عن خالد ... به.
وأخرجه البخاري (1/341) ، وابن خزيمة (2/104) ، وأبو عوانة (2/53) ،
وأحمد (0/336- 331 و 331) من طرق أخرى عن الشيباني ... به.
ورواه شعبة عنه- الجملة الأخيرة منه-: كان يصلي على الخمرة:
أخرجه الطيالسي (رقم 1626) ، والبخاري (1/390) ، وابن خزيمة (2/104) ،
وأبو عوانة (2/73) ، والدارمي (1/319) ، والبيهقي (2/421) .(3/230)
وتابعه عَبَّاد بن العوَّام: عند ابن ماجه (1/320) .
ورواه سفيان بن عيينة بتمامه نحوه؛ دون الجملة الأخيرة منه؛ وقد مضى في
الكتاب (رقم 395) .
وانظر "صحيح ابن خزيمة" (2/155- 106) بطرق أخرى.
90- باب الصلاة على الحصير
664- عن أنس بن مالك قال:
قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إني رجل ضَخْمٌ - وكان ضخماً-
لا أستطيع أن أصلِّيَ معك- وصنع له طعاماً ودعاه إلى بيته-؛ فصَلِّ حتى
أراك كيف تصلي؛ فأقتديَ بك. فنضحوا له طرفَ حصير لهم، فقام
فصلى ركعتين.
قال فلان ابن الجارود لأنس بن مالك: أكان يصلي الضحى؟ قال:
لم آرَهُ صَلى إلا يَوْمَئِذٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه منهما البخاري، دون
قوله: فَصَلِّ حتى أراك كيف تصلي؛ فأقتديَ بك) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أنس بن سيرين
عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (2/125- 126 و 3/44- 45) ، وأحمد (3/130-(3/231)
131 و 184 و 291) من طرق عن شعبة ... به.
وروى الطيالسي (رقم 2097 و 2098) منه: صلاة الركعتين على الحصير،
وسؤال أنس عن الضحى. وليس عندهم جميعاً: فصل.. فأقتديَ بك.
وكذلك رواه خالد الحذاء عن أنس بن سيرين ... به نحوه.
أخرجه البخاري (10/410- 411) .
وذكر الحافظ في "شرحه ": أن ابن ماجه وابن حبان أخرجاه من رواية عبد الله
ابن عون عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس. قال:
" فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعاً. وهو مندفع بتصريح أنس بن
سيرين عنده بسماعه من أنس. فحينئذ رواية ابن ماجه إما من (المزيد في متصل
الأسانيد) ، وإما أن يكون فيها وهم؛ لكًون ابن الجارود كان حاضراً عند أنس لما
حدث هذا الحديث، وسالى عما سالى من ذلك، فظن بعض الرواة أن له فيه
رواية ".
قدت: وقفت عدى الحديث عند ابن ماجه (رقم 756) والله أعلم.
وقد ذكر الحافظ أيضا أن في رواية عبد الحميد هذه:
وإني أحب أن تأكل في بيتي، وتصلي فيه.
وقد أخرجها أحمد (3/112 و 128- 129) ؛ وإسناده صحيح.
665- عن أنس بن مالك:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يزور أم سُلَيْمٍ، فتدركه الصلاة احياناً، فيصلي
على بساط لنا؛ وهو حصير تنضحه بالماء.(3/232)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه بنحوه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا المثنى بن سعيد: حدتْتي قتادة عن
أنس
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه.
والحديث رواه الطبراني في "الصغير" (ص 121) من طريق هشام الدَسْتوَائي
عن قتادة ... مختصراً بلفظ:
كان يصلي على الخمرة.
وله طريق أخرى عن أنس، فقال الإمام أحمد (3/190) : ثنا بَهْزٌ: حدثني
موسى بن سعيد عن أبي التَّيَّاح عن أنس ... به، ولفظه:
كان يزور أم سليم أحياناً، ويتحدث عندها، فتدركه الصلاة، فيصلي على
بساط؛ وهو حصير؛ ينضحه بالماء.
ورجاله رجال الشيخين؛ غير موسى بن سعيد هذا؛ فلم أعرفه، ولم يورده
الحافظ في "التعجيل "!
وقد توبع؛ فأخرجه البخاري (10/480) ، ومسلم (2/127) ، وأحمد أيضا
(3/212) من طريق عبد الوارث عن أبي التياح ... به نحوه.
ورواه شعبة أيضا عن أبي التياح ... به مختصراً.
أخرجه الترمذي (2/154) ، وأحمد (3/119 و 171) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(3/233)
وله شاهد عن ابن عباس مختصراً: رواه ابن ماجه، وابن خزيمة (2/110) ،
والضياء في "المختارة" (67/100/1) .
91- باب الرجل يسجد على ثوبه
666- عن أنس بن مالك قال:
كلنَّا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِفي شدة الحرِّ، فإذا لم يستطع أحدنا أن
يمكِّن وجهه من الأرض؛ بسط ثوبه فسجد عليه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذ اأبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل رحمه الله: ثنا بشر- يعني: ابن المُفَضلِ-:
ثنا غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث رواه أحمد في "المسند" (3/100) ... بهذا السند.
وأخرجه البخاري (1/392 و 3/62) ، ومسلم (12/59) ، وأبو عوانة
(1/346) ، والدارمي (1/308) ، وابن ماجه (1/321) ، والبيهقي (2/6؟ 1) من
طرق أخرى عن بشر بن المفضل ... به.
وقد تابعه خالد بن عبد الرحمن السّلَمِيُّ س ت غالب ... به مختصراً؛ بلفظ:
كنا إذا صلينا خلف رسول الله عباإٍ بالظهائر؛ سجدنا على ثيابنا؛ اتقاء الحر.
أخرجه البخاري (2/18) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/167- لملأ 1) ، والترمذي
(2/479) ، وقال:(3/234)
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه أيضا عِمْران القطان: كما في "كامل ابن عدي " (6/2034) ، وأعله
بغالب؛ فأخطأ! وليس هذا مجال بيان ذلك؛ فانظر "الضعيفة" (1379) .
تفربع أبواب الصفوف
92- باب تسوية الصفوف
667- عن جابر بن سَمُرَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ألا تَصُفّونَ كما تَصُفُّ الملائكة عند ربهم؟! ".
قلنا: وكيف تَصُفُ الملائكة عند ربهم؟ قال:
" يُتِمون الصفوف المقدمة، ويتراصُّون في الصف ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير قال: سألت سليمان
الأعمش عن حديث جابر بن سممرة في الصفوف المتقدَّمة؟ فحدثنا عن المسيَب بن
رافع عن تميم بن طَرَفة عن جابر بن سَمُرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ رجال الشيخين؛ غير تميم بن
طرفة؛ فمن رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وزهير: هو ابن معاوية؛ وقد صرَّح (*)
__________
(*) كذا أصل الشيخ رحمه الله. لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .(3/235)
والحديث أخرجه مسلم (2/29) ، وأبو عوانة (2/39) ، والنسائي (1/131) ،
وابن ماجه (1/313) ، والبيهقي (2/101) ، وأحمد (5/101 و 106) من طرق
أخرى عن الأعمش ... به؛ وله عند مسلم تتمة، يأتي بعضها في الكتاب برقم
(918) .
ورواه جابر بن عبد الله الأنصاري مختصراً جداً مرفوعاً؛ بلفظ:
" إن من تمام الصلاة إقامةَ الصف ".
أخرجه عبد الرزاق (2/44/2425) ، ومن طريقه أحمد (3/322) ، وكذا
الطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 198/1744) ... بسنده عن عبد الله بن محمد
ابن عقيل عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وله شاهد من حديث أذس، يأتي برقم (674) .
668- عن النعمان بن بشير قال:
أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الناس بوجهه، فقال:
" أقيموا صفوفكم- ثلاثاً-، والله لَتُقِيمُنَّ صُفوفَكم، أو ليُخالِفَنّ الله بين
قلوبكم ".
قال: فرأيت الرجل يلزق مَنْكِبَة بمنكب صاحبه، وركبته بركبة
صاحبه، وكعبه بكعبه.
(قلت: إسناده صحيح، وقال النووي: " حديث حسن إسناده جيد ".
وقال الحافظ: " حديث صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في(3/236)
"صحيحيهما"، وللشيخين منه: " لتُسَوُّن صفوفكم، أو ليخالفَنَ الله بين
وجوهكم ". وعلق البخاري مختصراً قوله: فرأيت ... إلخ، وأسنده من قول
أنس) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن
أبي القاسم الجَدَلِيِّ قال: سمعت النعمان بن بشير.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقالت رجال الشيخين؛ غير أبي القاسم
الجدلي- واسمه: الحسين بن الحارلسا الكوفعب-؛ روى عنه جماعة من الثقات.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".
وصحح له الدارقطني حديثاً، يأتي في الكتاب (رقم 2026) .
وعلَقه البخاري في "صحيحه " (2/167) - القدر المذكور في الحديث بصيغة
الجزم، فقال:
" وقال النعمان بن بشير:
رأيت الرجل يُلْزِقن كعبه بكعب صاحبه ". وقال الحافظ في "شرحه ":
" وصححه ابن خزيمة ". وقال في مونححع آخر (1/235) :
" حديث صحيح ". وقال النووي في "المجمرع " (1/421) :
" حديث حسن، رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بأسانيد جيدة "!
وقوله: " بأسانيد "! فيه نظر؛ فإنه لا إسناد له إلا هذا؛ ولكن النووي رحمه
الله جرى في كتبه على هذا الاستعمال، في الأحاديث التي تكثر الأسانيد إلى
بعض رواتها ممن دون الصحابي؛ وهذا اصطلاح خاص به، لا ينبغي أن يغْتَرَّ به!(3/237)
والحديث أخرجه البيهقي (3/100- 101) من طريق المصنف.
وأخرجه الإمام أحمد (4/276) : ثنا وكيع ... به.
وأخرجه البيهقي ايضاً (1/76) من طريق أبى بكر محمد بن إسحاق بن
خزيمة: ثنا سَلْم بن خنَادة: ثنا وكيع ... به.
وابن خزيمة هذا: هو صاحب "الصحيح " المعروف به؛ وقد أخرجه في
"صحيحه "- كما في "التلخيص " (1/357) -، وأشار إلى ذلك في "الفتح "، كما
نقلناه آنفاً عنه.
ورواه ابن حبان أيضا في "صحيحه "، كما في "الترغيب " (1/176) .
ورواه الطبراني في "الكبير"؛ على ما في "التلخيص ".
وأخرجه الدارقطني (ص 105) من طريق أخرى عن زكريا بن أبي زائدة.
ولبعضه طرق أخرى:
أحدهما: عن شعبة: أخبرني عمرو بن مرة: سمعت سالم بن أبي الجَعْدِ
يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَتُسَوُّنَّ صفوفكم؛ أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهكم ".
أخرجه البخاري (2/164) ، ومسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/40) ، والبيهقي
(3/100) ، والطيالسي (رقم 799) ، وأحمد (277) من طرق عن شعبة ... به.
والطريق الأخرى تأتي في الكتاب عقب هذا الحديث.
ولبعضه الأخر شاهد من حديث أنس مرفوعاً:
" أقيموا صفوفكم؛ فإني أراكم من وراء ظهري ". وكان أحدنا يلزق منكبه(3/238)
بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه.
أخرجه البخاري (2/167- 168) من طريق حميد عنه. قال الحافظ:
" رواه سعيد بن منصور عن هُشَيْم؛ فصرح فيه بتحديث أنس لحميد، وفيه
الزيادة التي في آخره، وهي قوله: وكان احدنا ... إلى آخره. وصرح بأنها من قول
أنس. وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ: قال أنس: فلقد
رأيت أحدنا ... إلى اخره. فأفاد هدْا التصريح: أن الفعل المذكور كان في زمن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وقال:
" وزاد معمر في روايته. ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم؛ لَنَفَر كأنه بَغْل
شَمُوسن ".
669- عن النعمان بن بَشِير قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوِّينا في الصفوف؛ كما يُقَوٌمُ القِدْحُ، حتى إذا ظنَّ
أنْ قدْ أخذنا ذلك عنه وفَقِهْنا؛ أقبل ذات يوم بوجهه؛ إذا رجل مُنْتَبِذٌ
بصدره فقال:
" لَتُسَونَّ صفوفكم؛ أو ليخالفن الله بين وجوهكم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والبخاري المرفوع
منه) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سماك بن حرب قال:
سمعت النعمان بن يشير يقول ...(3/239)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/276) : ثنا بهز: ثنا حماد بن سلمة ... به.
وأخرجه هو (4/272 و 276 و 277) ، ومسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/40
و41) ، والنسائي (1/130) ، والترمذي (1/438) ، وابن ماجه (1/313) ،
والبيهقي (3/100) من طرق أخرى عن سماك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ورواه البخاري وغيره من طريق أخرى عن النعمان ... مختصراً، وقد ذكرناه
في الذي قبله.
670- عن البراء بن عازب قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتخلَّلُ الصَّفَّ من ناحية إلى ناحية، يمسح
صدورنا ومناكبنا، وبقول:
" لا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم ". وكان يقول:
" إن الله عز وجل وملائكته يُصَلون على الصفوف الأُوَلِ ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان
في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا هَنَّاذ بن السثَرِيِّ وأبو عاصم بن جَوَّاس الحنفي عن أبي
الأحوص عن منصور عن طلحة اليَافِي عن عبد الرحمن بن عَوْسَجَةَ عن البراء بن
عازب.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن(3/240)
ابن عوسجة، وهو ثقة.
وأبو عاصم: اسمه أحمد.
وأبو الأحوص: هو سملاّم بن سُلَيْم الحنفي. وقال النووي في "المجموع "
(4/226) ، وفي " الرياض " (ص 413) :ً
" رواه أبو داود بإسناد حسن "! وقال في موضع آخر من "المجموع " (4/301) :
" رواه أبو داود بإسناد صحيح "؛ فأصاب.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 741) : ثنا شعبة عن طلحة بن مُصَرِّف ...
به
ومن طريقه. أخرجه البيهقي (3/103) .
وأخرجه أحمد (4/285 و 304) ، والدارمي (1/289) من طرق أخرى عن
شعبة ... به.
ولابن ماجه منه: " إن الله وملائكته ... " إلخ.
وأخرجه النسائي (1/130) من طريق قتيبة بن سعيد قال: ثنا أبو
الأحوص ... به.
ثم أحرجه البيهقي، والحاكم (1/573 و 574 و 575) ، وأحمد (4/285) عن
طلحة بن مصرف ... به.
وأخرجه أحمد (4/297 و 299) من طريق أبي إسحاق الهَمْدَاني: حدثني
عبد الرحمن بن عوسجة ... به.
وأخرجه أحمد (4/296- 297) ، والحاكم (1/217) ، ومن طريقه البيهقي(3/241)
(3/101) من طريق الحسن بن عبَيْد الله النَخَعِيِّ عن طلحة بن مُصَرِّف عن
عبد الرحمن بن عوسجة ... به مرفوعآ؛ بلفظ:
" تراصوا في الصف؛ لا يَتَخَللكم أولاد الحَذَفِ ".
قلت: يا رسول الله! ما أولاد الحذف؟ قال:
" ضَأْنٌ جرد سودٌ، تكون بأرض اليمن ". وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وهو من أوهامهما! فإن ابن عوسجة قد مزَ قريباً أنه ليس من رجالهما.
ثم إن الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، كما في
" الترغيب " (1/176) .
671- عن النعمان بن بَشير قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسَوِّي- يعني- صفوفنا إذا قمنا للصلاة؛ فإذا
استوينا كبّر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بمعناه) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا خالد- يعني: ابن الحارث-: ثنا حاتم بن أبي
صَغِيرة عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير قال ...
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وأخرجه بمعناه.
والحديث قال المنذري في مختصره ":
" هو طرف من الحديث المتقدم ".(3/242)
قلت: يعني: الحديث رقم (669) ؛ وقد ذكرت هناك من خرجه غير المصنف،
ومنهم الإمام مسلم، ولفظه عنده:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسَوِّي صفوفنا، حتى كأنما يُسَوِّي بها القِداح، حتى رأى
أنا قد عَقَلْنا عنه، ثم خرج يوماً، فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلاً بادياً صدره ...
الحديث.
672- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكبِ، وسُدّوا الخَلَلَ، ولِينُوا بأيدي
إخوانكمِ، ولا تَذَرُوا فُرُجات للشيطان، ومن وصل صفّاً وصله الله، ومن
قطع صفّا قطعه الله ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي. وروى ابن خزيمة منه في
"صحيحه" قوله: " من وصل ... " إلخ. وقال الحاكم: " حديث صحيح على
شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا) .
قال أبو داود: " ومعنى: " وَلِينوا بأيدي إخوانكم ": إذا جاء رجل إلى
الصف، فذهب يدخل فيه؛ فينبغي أن يلِينَ له كل رجل مَنْكِبَيْه، حتى يدخل
في الصف ".
إسناده: حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافِقِيّ: ثنا ابن وهب. (ح) وحدثنا قتيبة
ابن سعيد: ثنا الليث- وحديث ابن وهب أتم- عن معاوية بن صالح عن أبي
الزاهرية عن كثير بن مرَّةَ عن عبد الله بن عمر.
قال قتيبة: عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة ... لم يذكر ابن عمر.
قال أبو داود: " أبو شجرة: كثير بن مرَّةَ ".(3/243)
قلت: إسناده الأول- وهو الموصول- صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛
غير عيسى بن إبراهيم الغافقي؛ وهو ثقة.
وإسناده الآخر- وهو المرسل- صحيح أيضا، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛
ولا يعل هذا الأولَ؛ لما تقرر أن زيادة الثقة مقبولة.
وقال المصنف- عقب قوله في الحديث: " ولينوا بأيدي إخوانكم "-:
" لم يقل عيسى: " بأيدي إخوانكم " ... ".
فأفاد أن هذه الزيادة في الإسناد المرسل. لكن قد ثبت في الموصول أيضا عند
غير المصنف، كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/101) من طريق المصنف.
وأخرجه الإمام أحمد (رقم 5724) : حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبد الله
ابن وهب ... به؛ وفيه الزيادة:
" ولينوا بأيدي إخوا نكم "؛ وزاد أيضا- بعد: " أقيموا الصفوف "-:
" فإنما تَصُفُّونَ بصفوف الملائكة ".
وهذا إسناد على شرط مسلم.
وأخرج الجملة الأخيرة منه: النسائي (1/131) ، والحاكم (1/213) من طرق
أخرى عن ابن وهب ... به.
وعزاها المنذري في "الترغيب " (1/174) لابن خزيمة أيضا في "صحيحه ". ثم
قال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، والحافظ(3/244)
في "الفتح " (2/211) .
وصححه النووي في "الرياض " (997/1413) ، و "المجموع " (4/227) .
وروى عبد الرزاف في "المصنف " (2/48/2441) عن عبد الرحمن بن زيد بن
أسلم عن أبيه وعن موسى بن عقبة: أن رسول الله كان يقول:
" أقيموا الصفوف، وحاذوا الناكب، وأنصتوا؛ فإن أجر المُنْصِتِ الذي لا
يسمع؛ كأجر المُنْصِتِ الذي يسمع ".
قلت: وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جدّاً.
673- عن أنس بن مالك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأ عناق؛ فوالذي نفسي
بيده؛ إتي لأرى الشيطان يدخل من خَلَلِ الصف كأنها الحَذَفُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال النووي: " إسناده
صحيح على شرط مسلم "! وهو قصور.
إسناده: مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان عن قتادة، عن أنس.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقول النووي في "المجموع "
(4/227) :
" صحيح على شرط مسلم "! قصور.
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف (3/100) .
وأخرجه النسائي (1/131) ، وأحمد (3/260 و 283) من طرق أخرى عن(3/245)
أبان ... به؛ وصرح قتادة بالتحديث عن أنس: عند النسائي ورواية لأحمد.
ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
وله في "مسند الطيالسي " (رقم 2108) طريق ثان عن أنس ... مختصراً.
وفي " مسند أحمد" (3/154) طريق ثالث أخصر منه؛ بلفظ:
" فإن الشياطين تقوم في الخلل ".
وفيه عطاء بن السائب؛ مختلط.
وله عنده (5/262) شاهد من حديث أبي أمامة.
ورواه الطبراني أيضا. وقال المنذري (1/172) :
" إسناد أحمد لا بأس به "! كذا قال!
وله شاهد آخر من حديث البراء ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه أحمد (4/297) ، وصححه الحاكم (1/217) على شرط الشيخين!
ووافقه الذهبي!
وإنما هو على شرط مسلم وحده؛ لأن الحسن بن عبيد الله النخعي لم يخرج له
البخاري.
674- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفِّ من تمام الصلاة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في
"صحاحهم ") .(3/246)
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب قالا: ثنا شعبة عن
قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/99- 100) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/166) : حدثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه
قال:
" من إقامة الصلاة ".
وأخرجه الطيالسي (رقم 1982) : حدثنا شعبة ... به مثل لفظ الكتاب.
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة (2/38- 39) .
وكذلك رواه الإسماعيلي من طريق أبي داود الطيالسي- كما في "الفتح "-، قال:
" وزاد: قال- يعني: الطيالسي-: سمعت شعبة يقول: داهنت في هذا
الحديث؛ لم أسأل قتادة: أسمعته من أنس أم لا؟! ".
قلت: وهذه الزيادة عند أبي عوانة أيضا من طريق آسَدِ بن موسى قال:
سمعت شعبة يقول:
" كان هِمَّتي من الدنيا شَفَتَيْ قتادة، فإذا قال: سمعت؛ كتبت. وإذا قال:
قال؛ تركت، وإنه حدثني بهذا عن أنس [قلت: فذكره مثل لفظ الكتاب] فلم
أسأله: أسمعته؟! مخافة أن ئفْسِدَة عَلَيَّ ".
وروى أبو نعيم (9/33) عن ابن مهدي عن شعبة ... نحوه.
قلت: يعني: بعد تصريحه بالسماع. قال الحافظ:(3/247)
" ولم أره عن قتادة إلا معنعناً! ولعل هذا هو السر في ايراد البخاري لحديث
أبي هريرة معه في الباب؛ تقويةً له ".
نعود إلى تمام تخريج الحديث؛ فأقول: وأخرجه البيهقي من طريق عثمان بن
سعيد: ثنا أبو الوليد الطيالسي ... به مثل لفظ الكتاب.
وكذلك أخرجه مسلم (2/30) ، وأحمد (3/177) - عن محمد بن جعفر-،
والدارمي (1/289) - عن هاشم بن القاسم وسعيد بن عامر-، وابن ماجه
(1/313) - عن يحيى بن سعيد وعلي بن نصر وبشر بن عمر-، وأحمد أيضا
(3/177) - عن حجاج-، و (3/274) - عن وكيع-، و (3/291) - عن بهز-،
وابنه عبد الله في "زواثده " (3/279) - عن رجل-، والخطيب (1/2271) - عن
شعيب بن حرب- كلهم عن شعبة ... به. وقال وكيع- في رواية عند أحمد
(3/179 و 274) -:
" ... من حسن الصلاة ".
وهذه الرواية- ورواية البخاري المتقدمة: " من إقامة الصلاة "- شادْة عندي؛
لخالفتهما لرواية الجماعة عن شعبة.
لكن يشهد لرواية وكيع هذه: أن هماماً رواه عن قتادة عن أنس ... مرفوعاً بلفظ:
" إن من حسن الصلاة إقامة الصف ".
أخرجه أحمد (3/122) ؛ وهو صحيح على شرطهما.
ويشهد له أيضا حديث أبي هريرة للذي سبقت الإشارة إليه؛ وهو بلفط:
" أقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة ".
أخرجه الشيخان، وأبو عوانة، وأحمد (3/314) من طرق عن عبد الرزاق:(3/248)
أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة. وفي رواية لأبي عوانة من طريق محمد بن
إسحاق بن الصَّبَّاح عن عبد الرزاق:
" من تمام الصلاة ".
وهي شاذة أيضا.
ويشهد لرواية الجماعة: حديث جابر بن عبد الله ... مرفوعاً:
" إن من تمام الصلاة إقامة الصف ".
أخرجه أحمد (3/322) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن
محمد بن عقيل عنه.
وهذا إسناد حسن.
675- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أتِفوا الصفَّ المقدمَ، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فَلْيَكُنْ في
الصفِّ المؤخَّرِ ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال النووي: " إسناده حسن " إ) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبد الوهاب- يعني: ابن
عطاء- عن سعيد عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري هذا؛ وهو
ثقة. وقال النووي في " المجموع " (4/351) ، وفي " الرياض " (ص 414) :
" رواه أبو داود بإسناد حسن "!(3/249)
والحديث أخرجه أحمد (3/233) : ثنا عبد الوهاب ... به.
وأخرجه البيهقي (3/102) من طريق أخرى عن عبد الوهاب.
وأخرجه هو، والنسائي (1/131) ، وأحمد (3/132 و 215 و 233) من طرق
أخرى عن سعيد ... به.
676- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خيارُكم أليَنُكُمْ مناكبَ في الصلاة ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا أبو عاصم: ثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان:
أخبرني عمي عُمَارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس.
قال أبو داود: " جعفر بن يحيى؛ من أهل مكة ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن جعفر بن يحيى وعمه عمارة بن ثوبان مجهولان.
وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكن الحديث صحيح؛ لما له من الشواهد،
كما سنذكر.
والحديث أخرجه البيهقي (3/101) من طريق المصنف.
وبإسناده: أخرجه ابن خزيمة (3/ 29/1566) ، وعنه ابن حبان
(3/ 126/1753- الإحسان) .
وأما شواهده التي وقفت عليها؛ فثلاثة:
الأول: من حديثما ابن عمر ... مرفوعاً به.(3/250)
أخرجه البزار بإسناد حسن؛ كما قال المنذري (1/175) ، وتبعه الهيثمي
(2/90) .
ورواه ابن حبان في "صحيحه ".
الثاني: من حديث فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه " (12/50) ؛ وفيه ليث بن أبي سليم؛ وهو
ضعيف.
الثالث: رواه زيد بن أسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً.
كذا علقه البيهقي.
93- باب الصفوف بين السواري
677- عن عبد الحميد بن محمود قال:
صَلَّيْتُ مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدُفعنا إلى السواري، فتقدمنا
وتأخرنا، فقال أنس:
كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال الحاكم، والذهبي، والعسقلاني، وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا سفيان عن يحيى بن
هانئ عن عبد الحميد بن محمود.
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات؛ وقد تكلم عبد الحق في عبد الحميد(3/251)
ابن محمود بغير حجة!
ووثقه النسائي والدارقطني وابن حبان.
وعبد الرحمن: هو ابن مهدي.
والحديث أخرجه أحمد (3/131) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به.
وأخرجه النسائي (1/131- 132) ، والترمذي (1/443) ، وكذا ابن خزيمة
(1568) ، وابن حبان (399- موارد) ، والحاكم (1/210 و 218) ، والبيهقي
(3/104) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الحاكم:
" حديث صحيح ". وفي الوضع الآخر:
" إسناده صحيح "، ووافقه الذهبي، وكذا العسقلاني في "فتح الباري "
(1/458) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وللحديث شاهد من حديث معاوية بن قُزَة عن أبيه ... نحوه.
وإسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقد تكلمت عليه وخرّجته
في " الثمر المستطاب ".
وأخرجه ابن خزيمة أيضا (1567) ، وعنه ابن حبان (400) .
94- باب من يَسْتَحِبُّ أن يَلِيَ الإمامَ في الصف وكراهية التأخُّر
678- عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لِيَلِنِي منكم أُولُو الأحلام والنُّهَى، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين(3/252)
يَلُونهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحبهما") .
إسناده: حدثنا ابن كثير: أنا سفيان عن الأعمش عن عُمارة بن عُمَيْرٍ عن
أبي مَعْمَرٍ عن أبي مسعود.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم.
وسفيان: هو ابن عيينة.
وأبو معمر: اسمه عبد الله بن سَخْبَرَةَ.
وابن كثير: هو محمد العَبْدي البصري.
والحديث أخرجه مسلم (2/30) ، وابن ماجه (1/308- 309) من طرق
أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة (2/41- 42 و 42) ، والنسائي (1/129-
130) ، والبيهقي (3/97) ، والطيالسي (رقم 612) ، وأحمد (4/122) من طرق
أخرى عن الأعمش ... به؛ وزادوا كلهم في أوله:
كان يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول:
" استووا ولا تختلفوا ... " إلخ.
وقوله: "استووا "؛ ليس إلا عند مسلم و"المسندين ". وزادوا في آخره:
قال أبو مسعود:(3/253)
فأنتم اليوم أشد اختلافاً.
قلت: وتابعه حبيب بن أبي ثابت عن عمارة؛ بلفظ:
" لِيَلِيَتِّي منكم الذين يأخذون عني- يعني: الصلاة- ".
أخرجه الحاكم (2/219) .
وهذا اللفط- مع شذوذه عن رواية الجماعة عن الأعمش-؛ فيه عنعنة حبيب.
679- عن عبد الله [هو ابن مسعود] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله؛ وزاد:
" ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم؛ وإياكلم وهَيْشَاتِ الأسواق ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَبْع: ثنا خالد عن أبي مَعْشَر عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله. ً "ً
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وخالد: هو
الحَذأءُ.
وأبو معشر: اسمه زياد بن كُلَيْب.
وإبراهيم: هو النَّخَعِيّ.
والحديث أخرجه مسلم (2/30) ، وأبو عوانة (2/42) ، والترمذي (1/440)
- وقال: " حديث حسن صحيح "-، والبيهقي (3/96- 97) ، وأحمد (رقم
4373) من طرق عن يزيد بن زربع ... به.(3/254)
والحديث عزاه المنذري في "مختصره " (رقم 646) للنسائي أيضا! ولم أجده
في "سننه الصغرى"، ولم يعزه إليه في "الذخائر" رقم (4909) !
فالظاهر أنه في "سننه الكبرى".
وأخرجه الحاكم (2/8) ، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
فوهما؛ لأن أبا معشر هذا لم يخرج له البخاري.
ورواه الطبراني (10/178/10260) من طريق أبي عبيدة عن عبد الله.
680- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الله وملائكته يصلّون على ميامن الصفوف "
(قلت: إسناده حسن، وكلذا قال المنذري والعسقلاني، وهو على شرط
مسلم، كما قال النووي. لكن أخطأ في متنه بعض رواته؛ حيث قال: " على
ميامن الصفوف "! والصواب فيه ما رواه جماعة من الثقات بلفظ: " على
الذين يَصِلُونَ الصفوف ". وقال البيهقي: " إنه المحفوظ ". وبهذا اللفظ:
أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وقال الحاكم: " حديث
صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. ومن أجل الخطأ المذكور؛ أوردنا
الحديث في الكتاب الآخر أيضا (رقم 104)) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا معاوية بن هشام: ثنا سفيان عن
أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، كما قال المنذري في "الترغيب " (1/174) ،(3/255)
والحافظ في "الفتح " (2/199) ؛ وهو على شرط مسلم؛ كما قال النووي في
" الرياض " (ص 414) ؛ وزاد:
" وفيه رجل مختلف في توثيقه ".
وهو يشير بذلك إما إلى معاوية بن هشام؛ داما إلى أسامة بن زيد- وهو الليثي-؛
فإنهما من رجال مسلم، وفي كل منهما مقال، ولكن التحقيق أنهما ثقتان، في
حفظهما شيء من الضعف، الذي لا يمنع من الاحتجاج به، ولا ينزل حديثهما
عن رتبة الحسن؛ كما حكم بذلك الحافظان المذكوران: المنذري والعسقلاني. وهذا
كله مالم يتبين خطؤهما.
وقد ظهر لي أن معاوية بن هشام قد أخطأ على سفيان في بعض متن هذا
الحديث؛ وهو قوله: " على ميامن الصفوف "! وذلك لأنه رواه جماعة من الثقات
- وهم قَبِيصَة الآشْجَعِيّ وأبو أحمد والحسين بن حفص وعبد الرزاق وعبد الله بن
الوليد العَدَني- عن سفيان بلفظ:
" على الذين يَصِلون الصفوف ".
وكذلك رواه ابن وهب وغيره عن أسامة بن زيد.
وإسماعيل بن عَيّاش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... به.
وقد خرجت هذه الروايات في الكتاب الآخر؛ فلتراجع هناك.
والمقصود هنا: الإشارة إلى أن حديث الباب خطأ، وأن الصواب فيه رواية
الجماعة.
وقد رواه بهذا اللفظ: الحاكم وصححه- كما ذكرنا (ص 255) -، وكذلك رواه
ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "الترغيب " (1/174) .(3/256)
95- باب مقام الصبيان من الصف
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
96- بابُ صفِّ النساء، والتأخُّرِ عن الصئفِّ الأول
681- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها أخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ
آخرُها، وشرُها أولُها ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما" وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَاح البَزَّاز: ثنا خالد وإسماعيل بن زكريا عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/37) عن المصنف.
وأخرجه هو، ومسلم (2/32) ، والنسائي (1/131) ، والترمذي (1/435-
436) ، وابن ماجه (1/314) ، والبيهقي (3/97) ، والطيالسي (رقم 2408) ،
وأحمد (2/336 و 354 و 485) من طرق أخرى عن سهيل ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق أخرى عن أبي هريرة: أخرجها الدارمي (1/291) "، والبيهقي من(3/257)
طريقين عن محمد بن عجلان عن أبيه عنه ... به.
وهذا إسناد حسن.
وأخرجه أحمد (2/247) من طريق سفيان- وهو ابن عيينة- عن ابن عجلان
عن سعيد عن أبي هريرة.
فهذا إسناد آخر لابن عجلان؛ إن كان حفظه.
وله شاهد من حديث عائشة: أخرجه البيهقي (3/102) بإسناد صحيح.
وآخر من حديث جابر: عند ابن ماجه بسند حسن.
وشواهد أخرى؛ انظرها في "المجمع " (2/43) - إن شئت-.
682- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يزال قومٌ يتأخَّرون عن الصفِّ الأولِ حتى يؤخرهم الله في النار ".
(قلت: حديث صحيح، دون قوله: " في النار". وأخرجه ابن خزيمة وابن
حبان في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار عن
يحيى بن أبي كثيرعن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ لكن المحققين من العلماء- ومنهم
المصنف- ضعفوا رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير، فقالوا: في حديثه
عن يحيى اضطراب كثير، كما بينا ذلك في الكتاب الآخر (رقم 3) (*) . وكأنه
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " إلى "الصحيح "، وقد
نُقل؛ فراجعه في المجلد الأول برقم (11/م) .(3/258)
لذلك عقَبه المصنف بحديث أبي سعيد الخدري؛ إشارة إلى تقويته، لكن قوله:
" في النار " منكر، فانظر "الضعيفة" (6442) .
والحديث أخرجه البيهقي (3/103) .
ورواه ابن خزيمة وابن حبان (392) في "صحيحيهما"، كما في "الترغيب "
(1/176) .
683- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في أصحابه تأخُّراً فقال لهم:
" تقدموا فَأْتَفُوا بي، وليأتم بكم مَنْ بعدَكم، ولا يزال قوئم يتأخَّرون
حتى يؤخِّرهم الله عز وجل ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله الخزَاعي قالا: ثنا أبو
الأشهب عن أبي نَضْرة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأخرجه كما يأتي.
وأبو الأشهب: اسمه جعفر بن حَيًان السَّعْدي الغطَاردي.
وأبو نضرة: اسمه المنذر بن مالك العبدي.
والحديث أخرجه مسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/42- 43) ، والنسائي
(1/128) ، وابن ماجه (1/309) ، والبيهقي (03/13) ، وأحمد (3/19 و 34
و54) من طرق أخرى عن أبي الأشهب ... به؛ وزاد أحمد في رواية في آخره:(3/259)
" يوم القيامة ".
ورواه مسلم وأبو عوانة من طريق الجُريري عن أبي نضرة ... به قال:
رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوماً في مؤخر المسجد ... فذكر مثله.
وللمصنف بهذا الإسناد حديث آخر، يأتي في "الزكاة" (رقم 1466) .
97- باب مقام الإمام من الصف
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
98- باب الرجل يصلِّي وحده خَلْفَ الصف
683/م- عن وابصة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلّي خلف الصف وحده؛ فأمره أن
يعيد (زاد في رواية: الصلاة) .
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه
أحمد وإسحاق بن راهويه وابن خزيمهْ وابن حبان وابن حزم) .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وحنهص بن عمر قالا: ثنا شعبة عن عمرو
ابن مرة عن هلال بن يِسَاف عن عمرو بن راشد عن وابصة.
قال سليمان بن حرب: ... الصلاه.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن راشد؛ وقد
وثقه ابن حبان، وروى عنه نُسَيْرُ بن ذُعْلُوقِ. وقال ابن حزم في "المحلى" (4/54) :
" وعمرو بن راشد ثقة، وثقه أحمد بن حنبل وغيره ".(3/260)
قلت: فإن صح هذا النقل عن الإمام أحمد؛ فالإسناد صحيح.
وما أراه يصح؛ لأني لم أجده في شيء من كتب التراجم التي عندي،
وأجمعها "تهذيب التهذيب "؛ وانما نقلوا توتيقه عن ابن حبان وحده. ولو صح
ذلك؛ لما اقتصر الحافظ على قوله في ترجمته من "التقريب ":
"مقبول ".
نعم؛ قد نقل الحافظ وغيره عن الإمام أحمد أنه صحح هذا الحديث كما
يأتي؛ فلعل ابن حزم استلزم من ذلك توثيقه لرجال إسناده؛ وإلا لما صححه!
ولا يخمْى أن هذا غير لازم، لأن الحديث قد يُصَحَّحُ لغير إسناده؛ لطرقه
وشواهده، كما هو الأمر في هذا الحديث عندي، فإني- وإن لم أذهب إلى صحة
إسناده هذا-؛ فهو صحيح، لأن له طرقاً أخرى عن وابصة، وله شاهد أو شواهد،
كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه ابن حزم (4/52) من طريق المصنف ... بإسناده الأولى عن
وأخرجه الطيالسي (رقم 1201) قال: ثنا شعبة ... به.
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي (1/329) ، والبيهقي (3/104) .
وأخرجه الطحاوي، والترمذي (1/448) ، وأحند (4/228) من طرق أخرى
عن شعبة ... به.
ولهلال فيه شيخ آخر عن وابصة: رواه حصين في، عبد الرحمن عنه قال: أخذ
زياد بن أبي الجَعْدِ بيدي- ونحن بالرقةِ-؛فقام بي علي شيخ- يقال له: وابصة بن
معبد- هن بني أسَد، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ:(3/261)
أنَّ رجلاً صلى خلف الصف وحده- والشيخ يسمع- فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن
يُعِيدَ الصلاة.
أخرجه الترمذي (1/445- 446) - والسياق له-، وابن ماجه (1/315) ،
والدارمي (1/294- 295) ، والطحاوي والبيهقي وأحمد، والخطيب في "تاريخه "
(4/123) .
وزياد بن أبي الجعد هذا؛ حاله كحال متَابعِهِ: عمرو بن راشد؛ فإنه وثقه ابن
حبان أيضا، وروى عنه- غير هلال- أخوه عبيد بن أبي الجعد.
ومهما يكن من حالهما؛ فإن اتفاقهما على رواية الحديث عن وابصة؛ مما
يعطيه قوة، ويدل على أن له أصلا.
وقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه " من طريقيهما. ثم قال- كما في "نصب
الراية " (2/38) -:
" وهلال بن يِسَاف سمعه من عمرو بن راشد ومن زياد بن أبي الجعد عن
وابصة. فالخبران محفوظان، وليس طذا الخبر مما تفرد به هلال بن يِسَاف ".
ثم أخرجه عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن
أبيه زياد بن أبي الجعد عن وابصة ... فذكره
قلت: ورواية يزيد بن زياد بن أبي الجعد: أخرجها الدارمي أيضا، والبيهقي،
وأحمد من طرق عنه. وقال الدارمرب:
" كان أحمد بن حنجل يثبِّت حديث عمرو بن مرة. وأنا أذهب إلى حديث
يزيد بن زياد بن أبي الجعد ".
قلت: وفي هذا الكلام إشارة إلى ما صَرخَ به الترمذي؛ من أن الأئمة اختلفوا(3/262)
في ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، وهما رواية (عمرو بن مرة عن هلال بن
يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة) ، ورواية (حصين عن هلال عن زياد بن أبي
الجعد عن وابصة) :
فذهب أحمد إلى ترجيح الرواية الأولى.
وذهب الدارمي إلى الأ خرى؛ ووافقه الترمذي فقال:
" وهذا عندي أصح من حديث عمرو بن مرة؛ لأنه قد روي من غير حديث
هلال بن يساف عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة ".
وكأنه يشير بهذا بلى رواية يزيد بن زياد بن أبي الجعد- المتقدمة آنفاً-.
وأما ما وقع في بعض نسخ "الترمذي لما المطبوعة- عقب جملة الترمذي هذه-
من زيادة:
(حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن عمرو بن
مرة عن رْياد بن أبي الجعد عن وابصة قال ... ) !
فهي زيادة لا أصل لها؛ أي: في نسخ "الترمذي " الخطوطة المعتمدة، وهي
خطأ؛ كما صرح المحقق أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1/448) ،
وإن كان هو نفسه كان قد اغتر بهذه الزيادة، وأكتمد عليها في تعليقه على "المحلى"
(4/54) !
والحق الذي يجب القول به: أنه لا اختلاف بين الروايتيْ؛ بل إن إحداهما
تشد من عضد الأخرى، وذلك لأن راويهما- هلال بن يساف- ثقة؛ وقد قال مرة:
عن عمرو بن راشد عن وابصة، ومرةً: عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة. وهل
هذا إلا كما لو جمعهما في رواية واحدة، فقال: عن عمرو بن راشد وزياد بن أبي
الجعد عن وابصة؟! لا فرق في ذلاث البتة.(3/263)
ثم رواه عنه على الوجه الأول: عمرو بن مرة، وهو ثقة حجة، ورواه عنه على
الوجه الآخر: حصين بن عبد الرحمن، وهو حجة كذلك، وتوبع هلال على هذا
الوجه- كما تقدم- فكانت الروايتان صحيحتين. ولذلك قال ابن حزم:
" ورواية هلال بن يساف حديث وابصة مرة عن زياد بن أبي الجعد ومرة عن
عمرو بن راشد قوة للخبر".
هذا؛ وإن في رواية حصين هذه عن هلال فائدةً مهمة، يتعلق عليها الجزم
بصحة الحديث عن وابصة؛ وهي: أن زياد بن أبي الجعد حدث هلالاً بالحديث
في حضرة وابصة وهو يسمع- كما سبق -، وأقر به ولم ينكره؛ فهو من باب
العرض على الشيخ، وهو حجة- كالسماع- عند علماء هذا الشأن. وعلى هذا؛
يمكن القول بأن هلالاً قد سمع الحديث من وابصة مباشرة.
وإذا عرفت هذا؛ هان عليك أن تعلم صواب ما أخرجه أحمد- بإسناد صحيح
على شرطهما- عن شِمْرِ بن عَطِيَةَ عن هلال بن يِسَاف عن وابصة بن معبد
قال ... فذكر الحديث نحوه.
فهذا إسناد صحيح متصل، لا تدليس فيه ولا انقطاع. ويؤيد ما ذكرنا قول
الترمذي:
" وفي حديث حصين ما يدل على أن هلالاً قد أدرك وابصة ". وقال:
" حديث وابصة حديث حسن ".
وصححه أحمد وابن خزيمة وغيرهما، كما في "الفتح " (2/213) . وقال
النووي في " المجموع " (4/298) :
" قال ابن المنذر: ثبَّت هذا الحديثَ أحمد وإسحاقُ ".(3/264)
وأما شاهد الحديث؛ فهو من حديث علي بن شَبْبان.
أخرجه ابن ماجه وغيره بسند صحيح.
99- باب الرجل يركع دون الصف
684- عن الحسن أن أبا بكرة حَدَّث:
أنه دخل المسجد؛ ونبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع. قال: فركعت دون الصف.
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" زادك الله حرصاً؛ ولا تَعدْ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا حميد بن مَسعَدة أن يزيد بن زريع حدثهم: ثنا سعيد بن أبي
عروبة عن رْياد الآعلم: ثنا الحسن.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين، غيرحميد بن مسعدة، فهو من رجال مسلم.
والحسن: هو البصري، وقد صرح بسماعه من أبي بكرة؛ فإن قوله:
حَدَّث ... المراد به: حدث أبو بكرة الحسن.
وقد جاء في بعض الروايات عن المصنف- كما يأتي-: حدثه؛ وكذا عند
غيره، فزالت شبهة تدليسه.
والحديث أخرجه البجهقي (6/153) ، وابن حزم (4/57) من طريق المصنف؛
وقع عندهما: حدثه. غير أن مصجح "المحلى" أفسد الأصل؛ فجعله: حدث! وعلق(3/265)
عليه بقوله:
" في الأصل: (حدثه) ، وصححاه من "أبي داود" (1 ص 254) "!
وهذا تسرع منه؛ فإنه جائز أن يكون في بعض أصول "السنن "، كما وقع في
أصل "المحلى"! ويؤيد ذلك رواية البيهقي هذه. ويزيده تأييداً: أن الحافظ قال في
"الفتح ":
" وقد أعله بعضهم بأن الحسن عنعنه. وقيل: إنه لم يسمع من أبي بكرة، وإنما
يروي عن الأحنف عنه. ورُدَ هذا الإعلال برواية سعيد بن أبي عروبة عن الأعلم
قال: حدثني الحسن أن أبا بكرة حدثه: أخرجه أبو داود والنسائي ".
فهذا يدل على أنه قد وقع في بعض الأصول المعتمدة من "السنن ": حدثه؛
كما في رواية البيهقي وابن حزم عن المصنف؛ فإن الحافظ ما كان لينقل عن نسخة
غير صحيحة ومعتمدة.
ويؤيد صحة ذلك: أن النسائي قد أخرج الحديث في " سننه " (1/139) ...
بإسناد المصنف هذا، مصرحاً بالتحديث، كما نقله الحافظ عنه؛ فإذا ثبت ذلك؛
فهي زيادة معتبرة، يجب قبولها؛ وبها يندفع الإعلال السابق.
وأما دعوى أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة شيئاً؛ فهي باطلة؛ فقد سمع منه
غيرما حديث، كما أثبتنا ذلك في حديث آخر للحسن عن أبي بكرة، تقدم (رقم
227) .
ثم إن الحديث أخرجه الطحاوي (1/230) من طريق الحِماني قال: ثنا يزيد
ابن زربع ... به.
وأخرجه البخاري (2/213) ، والبيهقي (2/90 و 3/106) ، وأحمد (5/45)
من طريق هَمّام عن الأعلم ... به.(3/266)
وأخرجه أحمد (5/39) من طريق أشعث عن زياد ... به.
ثم أخرجه هو (5/46) ، والطيالسي (رقم 876) ، والبخاري في "جزء القراءة"
(ص 17) ، والطبراني في "الصغير" (ص 214) من طرق أخرى عن الحسن ...
به نحوه.
وله في "المسند" (5/42 و 50) طريقان آخران عن أبي بكرة؛ بسندين
حسنين.
وقد ورد الحديث عن الأعلم من طريق آخر بزيادة فيه؛ وهو:
685- عن الحسن:
أن أبا بكرة جاء؛ درسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع، فركع دون الصف، ثم مشى
إلى الصف. فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال:
" أيكُمُ الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف؟ "
فقال أبو بكرة: أنا. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" زادك الله حرصاً؛ ولا تَعُدْ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد: أنا زياد الأعلم عن الحسن.
قال أبو داود: " زياد الأعلم: زياد بن فلان بن قرة؛ وهو ابن خالة يونس بن
عبيد".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضا؛ وحماد: هو ابن سلمة.(3/267)
لكني في شك من صحة قوله: ثم مشى إلى الصف؛ لأنها زيادة مخالفة
لرواية الثقات المتقدمة، ولحديث ابن الزبير الصريح في جواز الركوع دون الصف ثم
المشي إليه، وهو مخرج في "الصحيحة" (229) .
ثم وجدت لهذه الزيادة طريقاً أخرى: في " صحيح ابن حبان " (2191-
الاحسان) .
والحديث أخرجه البيهقي (3/105- 106) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، والطحاوي (1/230) ، وأحمد (5/45) ، وابن حزم (4/58) من
طرف أخرى عن حماد ... به.
وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن الأعلم ... به ببعض اختصار؛
وهو الذي في الكتاب قبله. وقد ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (2/39) بسياق
فيه زيادات، لا توجد في الروايات المتقدمة، وعزاه للبخارى في "صحيحه "!
وليس هو فيه بتلك الزيادات؛ وإنما هو في "جزء القراءة " له من طريق أخرى
عن الحسن، كما سبق، وإسناده ضعيف؛ فليعلم ذلك!
تفريع أبوابِ السُّتْرَةِ
100- باب ما يستر المصلِّي
686- عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا جعلت بين يديك مِثْلَ مُؤْخِرَة الرَّحْلِ؛ فلا يَضُرّكَ مَنْ مَز بين
يَدَيْكَ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في(3/268)
"صحيحيهما ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أنا إسرائيل عن سماك عن موسى بن
طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وسماك: هو ابن حرب، وهو
حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة. وأما إذا روى عنه سفيان أو شعبة؛ فهو
صحيح الحديث، كما تقدم.
والحديث أخرجه مسلم (2/54) ، والترمذي (2/156) ، والبيهقي (2/269) -
عن أبي الأحوص-، ومسلم، وابن ماجه (1/301) ، والبيهقي- عن عمر بن عُبَيد
الطنَافِسِيِّ-، وأبو عوانة (2/45- 46) ، وابن الجارود (166) ، وأحمد (رقم
و1398) - عن زائدة- كلهم عن سماك ... به.
ورواية الطنافسي- عند أحمد- بينه وبين سماك: زائدة.
وأخرجه الطيالسي (231) من طريقين آخرين عن سماك ... نحوه.
وللحديث شاهد عن عائشة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه سئل في غزوة تبوك عن ستره المصلي؟ فقال: " مثلُ مُؤْخِرَةِ الرجلِ ".
رواه مسلم وأبو عوانة وغيرهما.
687- عن عطاء قال:
آخِرَة الرَّحْلِ: ذراع فما فوقه.
(قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين، وقال النووى: " إسناده صحيح ".
وعطاء: هو ابن أبي رباح)(3/269)
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ولولا عنعنة ابن جريح؛
لصرحت بصحته على شرطهما.
وأما النووي؛ فقال في "المجموع " (3/246) :
" إسناده صحيح "!
وهو عطاء بن أبي رباح.
وهذا الأثر رواه البيهقي (2/269) من طريق المصنف.
ثم رواه من طريق عبد الرزاق: آبَنا ابن جريج ... به، دون قوله: فما فوق.
وروى من طريق معمر عن قتادة:
ذراغ وشبر.
688- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج يوم العيد؛ أمر بالحربة فتوضع بين
يديه، فيصلِّي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمِنْ ثَم
اتخذها الأمراء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن نُمَيْرٍ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه.(3/270)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/48) ، والبيهقي (2/269) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير ... به. وأخرجه البخاري (1/454) ،
ومسلم (2/55) من طرق أخرى عن ابن نمير ... به.
وأخرجه أبو عوانة، وابن ماجه (1 / 392) من طريق علي بن مسْهِر: ثنا
عبيد الله بن عمر ... به.
وأخرجه مسلم، والنسائي (1/332) ، وابن ماجه (1/301) ، وأحمد (رقم
5734) ، وصححه ابن خزيمة (43أ 14) من طرق أخرى عن عبيد الله ... مختصراً.
وله عند ابن ماجه طريق أض قما عن نافع ... بزيادة:
وذلك أن المُصَلَّى كان فضاءً ليس فيه شيء يُسْتَتَرُ به.
وسنده صحيح على شرطهما.
ورواه ابن خزيمة (1435) .
689- عن أبي جُحَيْفَةَ: أن النبي صلَّى بهم بالبَطْحاء- وبين
يديه عَنَزَةٌ - الظهرَ ركعتين، والعصر ركعتين؛ يمر خلف العَنَزَةِ المرأةُ والحمارُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمدْي. حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن كصر: ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح علرع شرط البخاري؛ وأخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/454-455) ، ومسلم (2/56- 57) ، وأحمد
(4/307 و 308) من طرق أخرى عن شعبة به.(3/271)
وأخرجه البخاري (10/210) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/49 و 49- 50 و 50) ،
والترمدْي (1/375) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (1/125) ،
والبيهقي (2/270) ، وأحمد (4/307 و 308) ، وابن حبان (4/52) من طرق
أخرى عن عون ... به، بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً.
وقد رواه المصنف فيما تقدم (رقم 533) ؛ ولكنه لم يسقه بتمامه، وهذا تمامه.
101- باب الخَطِّ إذا لم يجد العصا
قال أبو داود: " وسمعت أحمد- يعني: ابن حنبل رحمه الله- سئل
عن وَصْفِ الخطِّ غير مرة؟ فقال: هكذا عرضاً؛ مثل الهلال (1) ".
قال أبو داود: " وسمعت مُسددا " قال: قال ابن داود (2) : الخطّ بالطّول ".
قال أبو داود: " وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة؛ فقال:
هكذ ا- يعني: بالعرض- حوراً دورأ مثل الهلال؛ يمني: منعطفاً ".
__________
(1) أورده المصنف في كتاب " مسائل الإمام أحمد" أيضا (ص 44) بنحو هذا، ثم قال:
" وسمعته- يعني: أحمد- مره أحرى سئل عن الخط؟ فقال: قال بعضهم- أشار برأسه؛
يعني: بالطول- وقال بعضهم: هكذا، يعني: بالعرض فعطف مثل الهلال ".
قلت: وما دام أن الحديث لم يثبت- كما فصلناه في الكتاب الآخر-؛ فلا حاجة إلى
معرفة كيفية الخط.
والحق قول الشافعي في الجديد، فقال في كتاب البوَيْطي:
" ولا يخط المصلي بين يديه خطا، إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ". نقله
البيهقي في "سننه " (2/271) .
(2) هو عبد الله بن داود بن عامر الخُرَيْبِي، وهو ثقة من رجال البخاري.
وقد روى هذا الأثر والذي قبله: البيهقي عن المصنف(3/272)
690- عن سفيان بن عيينة قال:
رأيت شريكاً صلى بنا- في جنازةٍ- العصرَ، فوضع قلنسوته بين يديه؛
يعني: في فريضة حضرت.
(قلت: هذه آثار صحيحة كلها، أدردها المصنف عقب حديث الخط في
الباب، ولما لم يكن على شرط الكتاب؛ فقد أوردناه في الكتاب الآخر (رقم
107)) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري. ثنا سفيان بن عيينة.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي.
102- باب الصلاة إلى الراحلة
691- عن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي إلى بعيره.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وهو عند
البخاري بمعناه، ورواه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف. وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ووهب بن بقية وابن أبي خلف وعبد الله
ابن سعيد،- قال عثمان-: ثنا أبو خالد. ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/51) من طريق المصنف.(3/273)
وأخرجه مسلم (2/55) - من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وابن نمير-،
والدارمي (1/328) - عن الحكم بن المبارك وعبد الله بن سعيد- أربعتهم عن أبي
خالد ... به.
وأخرجه الترمذي (2/183) من طريق سفيان بن وكيع عن أبي خالد. وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (2/26) عن شريك عن عبيد الله ... به.
وأخرجه البخاري (1/459- 460) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، والبيهقي
(2/269) ، وأحمد (2/129) من طرق أخرى عن عبيد الله ... بلفظ:
كان يُعَرِّض راحلته، فيصلي إليها.
103- باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها؛ أين يجعلها منه؟
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
104- باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام
691/م- عن عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن
إسحاق عن من حدثه عن محمد بن كعب القرظي قال: قلت له- يعني
لعمر بن عبد العزيز-: حدثني عبد الله بن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث ".
(قلت: إسناده ضعيف (*) مسلسل بالمجاهيل، عبد الملك بن محمد وعبد الله
__________
(*) انظر تعليق الشيخ رحمه الله (ص 277) ؛ فالحديث منقول من "الضعيف " إلى هنا.(3/274)
ابن يعقوب وشيخه الذي لم يسمِّه، وقال الخطابي: " حديث لا يصح لضعف
سنده "، وقال النووي: " إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وممن ضعفه أبو داود "،
وممن ضعفه من المتأخرين الحافظ ابن حجر العسقلاني) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن.
قلت: وهذا إسناد ضعيف: عبد الملك بن محمد بن أيمن- وهو حجازي- قال
ابن القطان:
" حاله مجهولة ". وقال الحافظ.
" مجهول "، وكذا قال في شيخه عبد الله بن يعقوب بن إسحاق- وهو مدني-،
وشيخه عبد الله هذا مجهول؛ لأنه لم يسمه.
فهو إسناد مسلسل بالمجاهيل. وقصر المنذري تبعاً للخطابي حيث قالا:
" في إسناده رجل مجهول " ونص كلام الخطابي:
" قلت: هذا حديث لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لضعف سنده، وعبد الله بن
يعقوب لم يسمِّ من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب
رجلانْ؛ كلاهما ضعيفان: تمام بن بَزبع وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى
ابن معين والبخاري، ورواه أيضا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس،
وعبد الكريم متروك الحديث، وليس بالجزري " ا. هـ ملخصاً.
قلت: وقد نقل غير واحد عن المصنف أنه ضعف هذا الحديث؛ فلعله في غير
كتاب "السنن "، فقال المزي في ترجمة عبد الملك بن محمد بن أيمن:
" روى له أبو داود حديثاً منقطعاً، وضعفه ". وقال النووي في "المجموع "
(3/251) :(3/275)
" إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وممن ضعفه أبو داود، وفي إسناده رجل مجهول
لم يسم ". وقال الحافظ في "الفتح " (1/465- 466) :
" أخرجه أبو داود وابن ماجه، وقال أبو داود: " طرقه كلها واهية. يعني
حديث ابن عباس " انتهى، وفي الباب عن ابن عمر؛ أخرجه ابن عدي، وعن
أبي هريرة؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وهما واهيان أيضا ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/279) من طريق المصنف، وأورده من طريقهما
السيوطي في "الجامع الصغير"، ورمز له بالحسن، فتعقبه شارحه المناوي بقوله:
" رمز المصنف لحسنه، وليس بصواب؛ فقد جزم الحافظ ابن حجر في "تخريج
الهداية " بضعف سنده ".
وأخرجه ابن ماجه (1/305) من طريق أبي المقدام عن محمد بن كعب ...
به، ولفظه:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى خلف المتحدث والنائم.
وأبو المقدام هذا اسمه هشام بن زياد، وهو متروك، كما قال البيهقي وابن حجر.
ثم إن حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الحافظ آنفاً قد أورده الهيثمي في
"المجمع " (2/62) بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" نهيت أن أصلي خلف التحدثين والنيام ". وقال:
" رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في
الاحتجاج به ".
قلت: ومحمد هذا حسن الحديث عندنا، فإذا لم يكن قد أخطأ فيه، أو لم
يكن للحديث علة أخرى، فأنا أرى أن الحديث أقل أحواله أن يكون حسناً، فينقل(3/276)
حينئذ من هنا إلى الكتاب الآخر، غير أن تصريح الحافظ بأن إسناده واه قد يشعر
بأن فيه علة أخرى. والله أعلم (1)
وأخرج الدارقطني (ص 196) من طريق عبد الأعلى أنه سمع محمد ابن
الحنفية يقول:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلي إلى رجل، فأمره أن يعيد الصلاة، قال:
يا رسول الله! قد أتمصتُ الصلاة؟ فقال:
" إنك صليت وأنت تنظر إليه مستقبله ".
وعبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي، ثم هو مرسل؛ لكن وصله البزار من طريقه
بذكرعلي رضي الله عنه فيه؛ كما في "المجمع ".
105- باب الدُّنُوِّ من السّتْرة
692- عن سهل بن أبي حَثْمة يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم إلى سُترة؛ فليدن منها؛ لا يَقْطَعِ الشيطانُ عليه
صلاتَهُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الحاكم: " حديث
صحيح على شرطهما "، يوافقه الذهبي، وقال النووي: " إسناده صحيح "،
قال ابن القيم: " رجال إسناده رجال مسلم "، وقوّاه البيهقي.
وأخرجه ابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما") .
__________
(1) قلت: ثم وقفت على إسناده. فإذا هو حسن؛ لا علة قادحة فيه؛ كما بينته في
" االارواء " (375) . فلينقل.(3/277)
إسناده: حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان: نا سفيان. (ح) وحدثنا عثمان
ابن أبي شيبة وحامد بن يحيى وابن السَّرْح قالوا: ثنا سفيان عن صفوان بن سُلَيْم
عن نافع بن جبيرعن سَهْلِ بن أبي حثمة.
قال أبو داود: " ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن
أبيه، أوعن محمد بن سهل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال بعضهم: عن نافع بن جُبَيْر
عن سهل بن سعد. واختلف في إسناده ".
قلت: إسناده صحيح على شرطهما، ولا يعله رواية من رواه على خلاف رواية
سفيان- وهو ابن عيينة- كما علقه المصنف؛ فقد قال البيهقي- بعد أن نقل ذلك
عنه، ووصل بعضه-:
" فد أقام إسناده سفيانُ بن عيينة، وهو حافظ حجة ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/272) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (2/4) : ثنا سفيان بن عيينة ... به.
ورواه النسائي (1/122) ، والطحاوي (1/265) ، وابن حبان في "صحيحه "
(رقم 409- موارد) ، وابن خزيمة (503) ، والحاكم (1/251) - وقال: " حديث
صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي- من طرق عن سفيان ... به.
وصححه النووي (3/245) ، وابن القيم في "التهذيب ".
693- عن سهل [وهو ابن سعد الساعدي] قال:
كان بين مَقَامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين القبلة مَمَرُّ عَنْزٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في(3/278)
"صحاحهم "؛ بلفظ: مصَلَّى؛ وهو الصواب) .
إسناده: حدثنا القعنبي والنفيلي: قالا: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم: أخبرني
أبي عن سهل.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (1/455) ، ومسلم (2/58- 59) ، وابن خزيمة
(804) ، والبيهقي (2/272) من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به؛ بلفظ:
مصلى؛ بدل: مقام.
وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/55- 57) .
فهذا اللفظ- الذي عند المصنف- شاذ عندي!
ويؤيد ذلك: أن (المقام) : هو الكان الذي كان يقوم فيه عليه الصلاة والسلام؛
فعلى هذا؛ لا يمكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسجد وبينه وبين الجدار ممر عنز أو شاة، كما عند
الآخرين؛ لأنها مسافة ضيقة قدر ذراع
وأما على رواية الجماعة: مصلى؛ فلا إشكال فيه؛ لأنه يمكن تفسيره بموضع
السجود. وبذلك جزم النووي في "شرح مسلم ".
وأما الحافظ؛ فقد أبعد النجْعَة، وأفسد معنى هذه الرواية؛ حيث جعل الرواية
الشاذة مفسرة لها! وقد ثبت في "البخاري " وغيره:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صلى في الكعبة؛ كان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع.
وهذا هو الممكن العقول.(3/279)
106- باب ما يؤْمر المصلِّي أن يَدْرأ عن المَمَرِّ بين يديه
694- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا كان أحدكم يصلي؛ فلا يَدع أحداً يمرَ بين يديه؛ وليد رأه ما
استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي
سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مالك في "موطئه " (1/170) .
ومن طريقه أيضا: أخرجه مسلم (2/57) ، وأبو عوانة (2/43) ، والنسائي
(1/123) ، والدارمي (1/328) ، والطحاوي (1/266) ، والبيهقي (2/267) ،
والطحاوي أيضا في "الشكل " (3/250) ، وأحمد (3/34 و 43) كلهم عن
مالك ... به.
وأخرجه أبو عوانة، والطحاوي، وأحمد (3/57 و 93) من طرق أخرى عن زيد
ابن أسلم ... به.
رواه أحمد (3/49) من طريق زهير- وهو ابن محمد التميمي- عن زيد بن
أبي أنيسة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ... به.
ولا أدري إن كان قوله: (زيد بن أبي أنيسة) محفوظاً أم لا؟(3/280)
وله طريقان آخران عن أبي سعيد، ويأتيان في الباب بعد حديث.
وورد الحديث بزيادة فيه، وهو:
695- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا صلى أحدكم؛ فليُصَلِّ إلى سترة، وليَدْنُ منها ... " ثم ساق معناه.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن
أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن محمد
ابن عجلان روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعهً.
وقد تابعه جماعة من الثقات عن زيد بن أسلم- كما سبق في الذي قبله-؛
لكن لم يقل أحد منهم: " وليدن منها ". إلا أنه قد شهد لهذه الزيادة: حديث
سهل بن أبي حَثْمه المذكور في الباب قبله (رقم 692) .
والحديث أخرجه البيهقي (2/267) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (1/304) . ثنا أبو كريب ... به. فإسناده إسناد المصنف؛
لأن أبا كريب كنية محمد بن العلاء.
696- عن أبي عبَيْدٍ حاجب سليمان قال:
رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلِّي، فذهبت أمر بين يديه،
فردَّني، ثم قال: حدَّثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من استطاع منكم أن لا يَحولَ بينه وبين قبلته أحد؛ فليفعل ".(3/281)
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سرَيْجِ الرازي: ثنا أبو أحمد الزّبَيْرِي: أنا مَسَرّة
ابن مَعْبَد اللخْمِي- لقيته بالكوفة-: حدثنَي أبو عبيد حاجب سليمان.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير مسرة بن
معبد؛ فقال أبو حاتم:
" شيخ ما به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات " وقال:
" كان ممن يخطئ ".
ثم تناقض فأورده في "الضعفاء"، وقال:
" لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث
الأثبات ".
قلت: ولم ينفرد بهذا الحديث؛ بل قد توبع عليه، كما سبق ويأتي.
وأحمد بن أبي سريج: هو ابن صَبَّاح النَّهْشَلِي. وقال الحافظ في ترجمة مَسَرةَ:
" صدوق له أوهام ".
والحديث أخرجه أحمد (3/83) : ثنا أبو أحمد ... به.
697- عن حمَيْدٍ- يعني: ابن هلال- قال: قال أبو صالح: أحدِّثك
عمَّا رأيت من أبي سعيد وسمعته منه؟!
دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد احد أن يجتاز(3/282)
بين يديه؛ فليدفع في نحره؛ فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخارى وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
" قال أبو داود: " قال سفيان الثوري: يَمُرّ الرجل يتبختر بين يديَّ وأنا
أصلي؛ فأمنعه، ويمر الضعيف؛ فلا أمنعه ".
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن
حميد- يعني: ابن هلال
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن البخاري أخرج
لسليمان بن المغيرة مقروناً وتعليقاً، وهذا مما أخرجه له مقروناً، كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/461- 462) ، ومسلم (2/97) ، وأبو عوانة
(2/44) ، والطحاوي (1/267) ، وفي " المشكل " (3/250- 251) ، والبيهقي
(2/267) ، وأحمد (3/63) من طرق عن سليمان ... به؛ وهو في "الصحيحين " أتم
مما هنا.
وأخرجه البخاري (1/461 و 6/259) من طريق يونس عن حميد بن
هلال ... به؛ المرفوع منه فقط.
107- باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي
698- عن بُسْر ِبن سعيد:
أن زيد بن خالد الجُهَنِيَّ أرسله إلى أبي جُهَيْمِ يسأله: ماذا سمع من
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المارِّ بين يدي المصلي؟ فقال أبوَ جُهَيْم: قال رسول الله(3/283)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه؛ لكان أن يقف أربعين خيرٌ
له من أن يَمُرَّ بين يديه ".
قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضْرِ مولى عمر بن عبيد الله عن
بسر بن سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وأخرجاه.
والحديث في "الموطأ " (1/170) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/463) ، ومسلم (2/58) ، وأبو عوانة
(2/44) ، ومحمد في " موطئه " (ص 148) ، والنسائي (1/123) ، والترمذي
(2/158) ، والدارمي (1/329) ، والطحاوي في " المشكل " (1/18) ، والبيهقي
(2/268) ، وأحمد (4/169) عن مالك ... به.
وتابعه سفيان الثوري: عند مسلم، وأبي عوانة، وابن ماجه (1/302) ،
والطحاوي.
وتابعهما سفيان بن عيينة: عند أبي عوانة، والطحاوي؛ إلا أنه خالفهما في
إسناده، فقال: عن بسر:
أرسله أبو الجهيم ابن أخت أُبي بن كعب إلى زيد بن خالد يسأله: ما سمعت
من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث! فجعله من مسند زيد بن خالد! قال الحافظ:(3/284)
" قال ابن عبد البر. هكذا رواه ابن عيينة مقلوباً: أخرجه ابن أبي خيثمة عن
أبيه عن ابن عيينة. ثم قال ابن أبي خيثمة: مئل عنه يحيى بن معين؟ فقال: هو
خطأ، إنما هو أرسلني زيد إلى أبي جهيم ".
قلت: وكذا قال الطحاوي.
وأما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه، والطحاوي، وأحمد (1/371) من
طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوْهَبٍ عن عَمِّه عن أبي هريرة ... مرفوعاً
بلفظ:
" لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضاً؛ كان لأن يُقيمَ مائةَ
عام خير له من الخُطْوة التي خطاها "!
فإن إسناده ضعيف؛ من أجل عبيد الله هذا؛ فإنه مختلف فيه. وقال في
"التقريب ":
" ليس بقوي ".
وعمه- واسمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب- مجهول عند الشافعي وأحمد
وغيرهما.
ووثقه ابن حبان على قاعدته!
وعليه: أخرج حديثه هذا هو، وشيخه ابن خزيمة في "صحيحيهما"- كما في
"الترغيب " (1/194) -! وقال- بعد أن عزاه لابن ماجه-:
" بإسناد صحيح "! كذا قال!(3/285)
تفريع أبواب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها
108- باب ما يقطع الصلاة
699- عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يقطع صلاةَ الرجل (وفي رواية قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل)
- إذا لم يكن بين يديه قِيدُ أخِرَةِ الرَحْلِ-: الحمارُ، والكلبُ الأسودُ، والمرأة ".
فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟! فقال: يا ابن
أخي! سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سألتني؟ فقال:
" الكلبُ الأسودُ شيطان ".
(قلت: إسناده- مرفوعاً وموقوفاً- صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو
وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وحدثنا عبد السلام بن مُطَهر
وابن كثير- المعنى- أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله
ابن الصامت عن أبي ذر.
قال حفص: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقطع صلاة الرجل ".
وقالا: عن سليمان قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ سواءٌ المرفوع منه والموقوف. على اْن
هذا في حكم المرفوع، كما سيأتي بيانه.
وابن كثير: هو محمد بن كثير البصري العبدي.(3/286)
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 453) . قال: حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه مسلم (2/59) ، وأبو عوانة (2/47) ، والدارمي (1/329) ، وابن
ماجه (1/303) ، والبيهقي (2/274) ، وأحمد (5/149 و 161) من طرق أخرى
عن شعبة ... به.
وأما حديث سليمأن بن المغيرة؛ فأخرجه أحمد (5/155) : ثنا بَهْزٌ: ثنا
سليمان بن المغيرة ... به عن أبي ذر قال:
يقطع صلاة الرجل- إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل-: المرأة، والحمار،
والكلب الأسود. قال: قلت لأبي ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر؟!
قال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سألتتي؟ فقال:
" الكلب الأسود شيطان ".
وهكذا أخرجه البيهقي من طريق شَيْبَان بن فَروخ عن سليمان.
وفي هذا السياق دلالة على أن أصل الحديث عند أبي ذر مرفوع؛ لأنه لما سئِلَ
عن الكلب الأسود؛ أجاب بما مفاده أنه لما سمع الحديث منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ سأله نفس
السؤال الذي وجهه إليه عبد الده بن الصامت، فأجابه بنفس جوابه عليه الصلاة
والسلام.
وكأنه من أجل ما ذكرنا؛ أحال مسلم رحمه الله- وكذا أبو عوانة- بحديث
سليمان بن المغيرة على حديث يونس عن حميد الآني؛ وهو مرفوع كله صراحةً.
وتعقبه البيهقي رحمه الله بقوله،
" وهذا منه- رحمنا الله وإياه- تَجَوّزٌ "!
ولا تجوز فيه عندنا؛ لا ذكرنا. والله أعلم.(3/287)
وفي حديث يونس- المشار إليه آنفاً- زيادة في أوله؛ بلفظ:
" إذا قام أحدكم يصلي؛ فإنه يستره إذا كان بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا
لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل؛ فإنه يقطع صلاته: الحمار ... " الحديث.
أخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/122) ، والترمذي (2/161- 162) ،
والطحاوي (1/265) ، وأحمد (5/151 و 160) ؛ وقد قرن به منصوراً: عند أبي
عوانة، والترمذي- وصححه-، والطحاوي؛ ولفظه عندهم:
" لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه كآخرة الرحل "، وقال:
" يقطع الصلاة ... " إلخ 0
وللحديث طرق أخرى مرفوعة عن حميد بن هلال: أخرجها الطبراني في
"الصغير" (ص 38 و 103 و 239) ، وأبو نعيم (16/32) .
وتابعه علي بن زيد بن خدْعان عن عبد الله بن الصامت ... به مثل رواية
سليمان بن المغيرة؛ إلا أنه قال: أحسبه قال:
" والمرأة الحائض ".
قلت: وابن جدعان فيه ضعف؛ وقد تفرد بذكر الحائض فيه.
لكن هذه الزيادة ثابتة في حديث ابن عباس الآتي، وهو:
700- عن ابن عباس رفعه قال:
" يقطع الصلاةَ: المرأةُ الحائضُ والكلب ".
(قلت: إسناده صحيح كما قال النووي، وهو على شرط البخاري،
وصححه أبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان (411 و 412- موارد))(3/288)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: ثنا قتادة قال: سمعت جابر بن
زيد يحدث عن ابن عباس- رفعه شعبة- قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، كما قال النووي في "المجموع " (3/250) ، وهو
على شرط البخاري؛ ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وإن كان المصنف قد غمزه بقوله عقبه:
" قال أبو داود: وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن
عباس "!
قلت: ولا يعله؛ فإن شعبة ثقة حجة حافظ؛ وقد زاد عليهم الرفع، فهي زيادة
مقبولة. ولذلك قال ابن أبي حاتم (1/210) عن أبيه:
" هو صحيح عندي "؛ قاله رداً على ما ذكره عن يحيى بن سعيد قال: أخاف
أن يكون وهم!
وصححه ابن خزيمة (832) ، وابن حبان (2380- الإحسان) .
والحديث أخرجه أحمد (رقم 3241) : حدثنا يحيى ... به.
وأخرجه الطحاوي (1/265) من طريق أخرى عن مسدد.
وأخرجه النسائي (1/122- 123) ، وابن ماجه (1/302- 303) ، وابن خزيمة
في "صحيحه " (832) ، والبيهقي (2/274) من طرق أخرى عن يحيى ... به.
(تنبيه) : هذا الأثر؛ ذكره ابن حزم في "المحلى " (4/10) بزيادة: (الحمار)
فيه، واحتج بها في مكان آخر (4/13) !
وهي من أوهامه؛ فليست عند أحد ممن ذكرنا.(3/289)
وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ ولكنه معلول، وفيه زيادات منكرة
بتصريح المصنف؛ ولذلك أوردناه في الكتاب الآخر (رقم 115) .
109- باب سُترة الإمامِ سترة مَنْ خلفه
701- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
هبطنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثنية آذَاخِرَ، فحضرت الصلاة- يعني-،
فصلى إلى جَدْرٍ، فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بَهْمة تمرُ بين يديه؛
فما زال يدارِئها حتى لَصِقَ بَطْنُهُ بالجَدْرِ، ومَرَّتْ من ورائه- أو كما قال
مسدد)
(قلت: إسناده حسن صحيح)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن
شعيب
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده كلام لا يضر، كما فصلنا ذلك فيما مضى (رقم 124) .
والحديث أخرجه البيهقي (2/268) من طريق أخرى عن مسدد ... به دون
قوله: أو كما قال مسدد.
فهو من قول المصنف؛ احتياطاً منه كما هو ظاهر، ولفظه مطابق للفظ البيهقي؛
إلا في أحرف يسيرة.
وأخرجه أحمد (2/196) قال: ثنا أبو مغيرة: ثنا هشام بن الغاز ... به؛ وفي
أوله عنده زيادة، ستأتي مستقلة في الكتاب بإسناده هذا في "لللباس " رقم ( ... )(3/290)
[باب في الحمرة]
ورواه البزار أيضا (1/ 283/587- الكشف) عن أبي المغيرة ... مثل رواية
المؤلف.
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس يقوِّيه، وهو:
702- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي؛ فذهب جَدْي يمرُّ بين يديه؛ فجعل يئقِيهِ.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط
البخارى "، ووافقه الذهبي)
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: ثنا شعبة عن عمرو
ابن مرة عن يحيى بن الجَزَّار عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع بين ابن عباس
ويحيى بن الجزارة فقد صرح هذا بأنه لم يسمعه منه.
إلا أنه قد رواه عنه بواسطة رجل ثقة في رواية أخرى عن شعبة، كما يأتي؛
فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (رقم 2653) قال: حدثنا عفان: حدثنا شعبة قال:
أخبرني عمرو قال: سمعت يحيى بن الجزار عن ابن عباس- لم يسمعه منه- ...
فذكر الحديث.
وذكره الحافظ في "التهذيب " (11/192) برواية ابن أبي خيثمة عن عفان ...
به؛ إلا أنه قال: ولم أسمعه منه. قال:(3/291)
" وكذلك رواه ابن أبي شيبة [1/283] "
ثم أخرجه أحمد (رقم 3174) ، والطبراني (12/201/12891) ، وأبو يعلى
(2422) من طرق أخرى عن شعبة ... مثل رواية الكتاب.
وكذلك رواه أبو يعلى (2423) من طريق علي بن الجعد، وهذا في " حديثه "
(1/288/92) ؛ وزا دا:
فقال رجل: أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا.
وقد وصله البيهقي (2/268) من طريق يحيى بن أبي بكير: ثنا شعبة عن
عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن صُهَيْب البصري عن ابن عباس ... به.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وتابعه الطيالسي في "مسنده " (2762) ، وعنه البيهقي، وابن الجعد
(1/163) ، وأبو يعلى (4/422) .
وللحديث طريق أخرى: عند الحاكم (1/254) ، وابن حبان (2365-
الإحسان) من طريق ابن خزيمة، وهذا في "صحيحه " (827) عن عكرمة عن ابن
عباس ... بمعناه. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي؛ وقد أصابا.
110- باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة
703- عن عائشة قالت: كنت بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين القبلة- قال شعبة:
وأحسِبُها قالت:- وأنا حائض.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الئيخين؛ إلا أن قوله: وأحسبها ... إلخ(3/292)
شاذ، وقدأشار إلى ذلك المصنف بقوله) :
إسناده: حدثتا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ لكن قوله: قال شعبة: وأحسبه
... إلخ! شاذ، كما بيناه آنفاً.
ثم إن الظاهر أن هذا من قول شعبة! وليس كذلك؛ بل هو من قول شيخه
سعد بن إبراهيم، كما يأً ني.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1457) : حدثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال:
قال شعبة: قال سعد: وأحسبه ... إلخ.
وهذا هو الصواب: أن هذا القول إنما هو لسعد بن إبراهيم لا لشعبة.
وهكذا أخرجه البيهقي (2/275) من طريق الطيالسي.
وكذلك أخرجه أحمد (6/94 و 98 و 176) من طرق عن شعبة ... به.
704- قال أبو داود: " رواه الزهرى وعطاء وأبو بكر بن حفص وهشام
ابن عروة وعِراك بن مالك وأبو الأسود وتميم بن سلمة كلهم عن عروة عن
عائشة. وإبواهيم عن الأسود عن عائشة. وأبو الضحى عن مسروق عن
عائشة. والقاسم بن محمد وأبو سلمة عن عائشة ... لم يذكروا: وأنا
حائض "
(قلت: رواية الزهرى؛ وصلها الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ". ورواية
عطاء- وهر ابن أبي رباح -؛ وصلها الطيالسي وأحمد في "مسنديهما". ورواية(3/293)
أبي بكر بن حفص؛ وصلها مسلم وأبو عوانة. ورواية هشام بن عروة؛ وصلها
الشيخان وكذا المصنف عقب هذا. وبقية المعلقات عن عروة؛ لم أقف على من
وصلها! ورواية أبي الضحى؛ وصلها البخاري وأبو عوانة. ورواية القاسم وأبي
سلمة؛ وصلها الشيخان والمصنف، وتأتيان عقب الحديث الاتي) .
قلت: مقصود المصنف بقوله هذا؛ بيان شذوذ ما في الرواية المتقدمة:
وأحسبها قالت: وأنا حائض! فإن اتفاق هؤلاء الرواة الثقات جميعاً على تركها؛ مما
يدل على شذوذها؛ لا سيما وأن راويها الذي تفرد بها لم يجزم بها، وإنما أوردها ظناً
منه، لا خبراً ولا جزماً.
ثم إن بعض هذه العلقات قد وصلها المصنف؛ كرواية هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة، والقاسم وأبي سلمة عنها، وتأتي عقب هذا.
وأما رواية الزهري؛ فوصلها البخاري (1/467) ، ومسلم (2/60) ، وأبو عوانة
(2/51) ، وابن ماجه (1/304) ، والبيهقي (2/275) ، وأحمد (6/37 و 86
و199) من طرق عنه.
وأما رواية عطاء- وهو ابن أبي رباح-؛ فوصلها أحمد (6/64 و 86 و 154
و200) ؛ وهو على شرط الشيخين.
ورواه الطيالسي أيضا (رقم 1452) .
ورواه أحمد (6/95 و 146) من طريق قتادة عن عطاء عن عائشة ...
مختصراً.
وعطاء: هو ابن أبي رباح؛ فإن كان هذا محفوظاً؛ فقد سمعه عطاء من عائشة
أيضا دون واسطة عروة.(3/294)
ورواية أبي بكر بن حفص؛ وصلها الطيالسي (رقم 1458) : حدثنا شعبة عن
أبي بكر بن حفص قال: سمعت عروة بن الزبير ... به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي، وأحمد (6/126 و 134) من طرق عن
شعبة ... به.
وأما بقية المعلقات عن عروة؛ فلم أقف عليها الآن!
ثم وجدت رواية عراك؛ قد وصلها البخاري (1/391) .
وأما رواية إبراهيم عن الأسود عنها؛ فوصلها البخاري (1/460 و 466) ،
ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/123) ، والطحاوي (1/267) ، والبيهقي
(2/276) ، والطيالسي (رقم 1379) ، وأحمد (6/42 و 125 و 132 و 174
و230 و 266) من طرق عنه.
وأما رواية أبي الضحى- واسمه مسلم بن صَبِيح-؛ فوصلها البخاري
(1/465) ، وأبو عوانة والطحاوي، وأحمد (6/41 و 230) .
705- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي صلاته من الليل وهي معترضة بينه
وبين القبلة، راقدة على الفراش الذي يَرْقُدُ عليه، حتى إذا أراد أن يوتر؛
أيقظها فأوترت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا هشام بن عروة عن عروة عن
عائشة.(3/295)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه البخاري (1/465) ، ومسلم (2/60) ، وأبو عوانة (2/52) ،
والنسائي (1/124) ، والطحاوي (1/267) ، وأحمد (6/50 و 192 و 231) من
طرق عن هاشم ... به.
706- عن عائشة قالت:
بئس ما عَدَلْتُمُونا بالحمار والكلب! لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي
وأنا معترضة بين يديه، فإذا أراد أن يسجد؛ غمز رجلي،،فضممتها إلي؛
ثم يسجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (6/44 و 54) : ثنا يحيى ... به.
وأخرجه البخاري (1/470) ، والنسائي (1/38) من طرق عن يحيى ... به.
وأخرجه البخاري أيضا (2/391) ... بإسناد المصنف هذا نحوه مختصراً.
وله طريق أخرى عن القاسم؛ فقال الإمام أحمد (6/260) : ثنا يونس قال:
ثنا ليث عن يزيد- يعني: ابن الهاد- عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم ...
به؛ بلفط:
إنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراضَ الجنازة؛ حتى(3/296)
إذا أراد أن يوتر مسني برجله، فعرفت أنه يوتر؛ تأخرت شيئاً من بين يديه.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه النسائي (1/38) من طريق شعيب عن الليث ... به دون قوله:
فعرفت ... ! لخ.
707- عن عائشة أنها قالت:
كنت أكون نائمة؛ ورجلاي بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلِّي من
الليل، فإذا أراد أن يسجد؛ ضرب رجلي فقبضتها فسجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة عن المصنف،
وهو في " الصحيحين " بنحوه) .
إسناده: حدثنا عاصم بن النضر: ثنا المعتمر: ثنا عبيد الله عن أبي النضر عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو النضر: اسمه سالم بن أبي
أمية.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/54) عن المصنف.
وأخرجه مالك في "الموطأ" (1/139) عن أبي النضر ... به. ومن طريقه:
أخرجه البخاري (1/391 و 466) ، ومسلم (2/61- 61) ، وأبو عوانة أيضا،
والنسائي (1/38) ، والطحاوي (1/267) ، والبيهقي (2/276) ، وأحمد (16/48
و225 و 255) كلهم عن مالك ... به نحوه؛ وزاد:
فإذا قام بسطتهما؛ والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح.(3/297)
وله طريق أخرى عن أبي سلمة؛ وهو:
708- عن عائشة أنها قالت:
كنت أنام وأنا معترضة في قِبْلَةِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيصلِّي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا آمَامَهُ، إذا أراد أن يوتر (زاد في رواية: غمزني فقال: " تَنَخَيْ ") .
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر. (ح) وحدثنا
القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد؛ وهذا لفظه- عن محمد بن عمرو عن
أبي سلمة عن عائشة ... زاد عثمحان: غمزتي- ثم اتفقا-، فقال:
"تَنَخيْ ".
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة
ابن وقاص المدني-؛ لكنه قد توبع كما سبق؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (2/276) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (6/182) : ثنا يزيد قال: أنا محمد بن عمرو ... به نحو رواية
عثمان، وزاد: برجله. وأخرجه الطحاوي (1/267) من طريق زائدة عنه.
111- باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة
709- عن ابن عباس قال:
جئت على حمار (وفي رواية: أقبلت راكباً على أتان) ، وأنا يومئذ قد
ناهزت الاحتلام؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنىً، فمررت بين يدي(3/298)
بعض الصَفَ، فنزلت، فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم
يُنْكِرْ ذلك آحَدٌ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
قال أبو داود: " وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم. قال مالك: وأنا أرى ذلك
واسعاً إذا قامت الصلاة " (1) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: جئت على حمار. (ح) وثنا القعنبي عن
مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال:
أقبلت راكباً على أتان؛ وأنا يومئذٍ ...
قال أبو داود: " وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث ساقه المصنف من وجهين عن الزهري:
الأول: عن سفيان عنه.
والأخر: عن مالك عنه، وهذا قد أخرجه في "الصلاة" من "الموطأ"
(1/171)
__________
(1) قلت: ونص مالك في " الموطأ" عقب الحديث:
" عن مالك: أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصف والصلاة
قائمة. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا أقيصت الصلاة، وبَعْدَ أن يُحْرِمَ الإمام، ولم يجد
المرء مدخلاً إلى المسجد إلا بين الصفوف "(3/299)
ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/139- 140 و 453) ، ومسلم (2/57) ،
وأبو عوانة (2/55) ، والطحاوي (1/266) ، والبيهقي (2/277) ، وأحمد (رقم
3184 و 3185) من طرق عن مالك ... به. وزاد البخاري في رواية من طريق
إسماعيل بن أبي أويس عنه:
يصلي بمنى إلى غير جدار.
وعزا البيهقي هذه الرواية إلى كتاب "المناسك " من "الموطأ"! ولم أجدها فيه
في "موطأ يحيى بن يحيى الليثي "، فلعله في " موطأ" غيره.
وروى البزار هذه الزيادة بلفظ:
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي المكتوبة ليس شيء يستره.
ثم تبين أنها بسند آخر لا يصح، كما بينته في "الضعيفة" (رقم 5814) .
وأما الوجه الأ ول: فأخرجه أحمد (رقم 1891) : حدثنا سفيان ... به؛ ولفظه:
جئت أنا والفضل؛ ونحن على أتان؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بعرفة،
فمررنا على بعض الصف، فنزلنا عنها وتركناها ترنع، ودخلنا في الصف، فلم يقل
لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً.
وكذا رواه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/123) ، والدارمي (1/329) ،
والطحاوي، والبيهقي من طرق عن سفيان ... به؛ إلا أن الدارمي قال: بمنى أو
بعرفة.
وهذا يدل على أن سفيان كان يتردد بين اللفظبن. والصواب منهما اللفظ
الأول؛ لموافقته لرواية مالك وغيره كما يأتي.
ولذلك جزم الحافظ في "الفتح " بأن قول ابن عيينة: بعرفة! شاذ.(3/300)
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والطحاوي من طريق يونس عن ابن شهاب بلفظ
مالك، وزاد:
في حجة الودل.
ورواه معمر عن الزهري فقال:
في حجة الوداع أو يوم الفتح.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والترمذي (2/160- 161) - وصححه-، وأحمد
(رقم 3454) من طرق عنه. قال الحافظ:
" وهذا الشك من معمر لا يُعَوَّل عليه؛ والحق أن ذلك كان في حجة الوداع ".
وأخرجه البخاري (4/57) ، وأحمد (رقم 2376) من طريق ابن أخي ابن
شهاب عن عمه قال: أخبرني عبيد الله.. به؛ بلفظ:
710- عن أبي الصَّهْبَاء قال:
تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس، فقال: جئت أنا وغلام من
بني عبد المطلب على حمار؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فنزل ونزلتُ،
وتركنا الحمار أمام الصف، فما بالاه. وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب،
فدخلتا بين الصف؛ فما بالى ذلك.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى الجَزَّار
عن أبي الصهباء.(3/301)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال " الصحيح "؛ غير أبي الصهباء
- واسمه: صهيب-؛ وهو ثقة كما قال أبو زرعة.
وذكره ابن حبان في "الثقات "، وله ذكر في "صحيح مسلم " (5/49) . وأما
النسائي فقال:
"ضعيف "!
وهذا جرح ميهم، فلا يُقْبَل.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (2/24/837) ، وأبو يعلى (5/ 133/2749) ،
وعنه ابن حبان (2374- الإحسان) ، والطبراني في "الكبير" (12/201/ 12892)
من طرق عن منصور ... به.
ورواه الطيالسي (رقم 2762) قال: حدثنا شعبة عن الحكم ... به نحوه.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (2/277) .
وأخرجه النسائي (1/123) ، وأحمد (3167) - بتمامه-، والطحاوي
(1/266) - القصة الأولى منه-، وأحمد أيضا (2095) - القصة الأخرى- من
طرق أخرى عن شعبة ... به.
ولشعبة فيه شيخ آخر: رواه أحمد (2258 و 2295) من طريقبن عنه عن
عمرو بن مرة عن يحيى الجزار قال: قال ابن عباس ... به.
وهذا منقطع؛ لأنه إنما يرويه ابن الجزار عن أبي الصهباء عنه، كما رواه الحكم
عنه عند المصنف وغيره.
وروى أحمد (1965) من طريق الحجاح عن الحكم عن يحيى الجزار عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو صلى في فضاء، ليس بين يديه شيء.(3/302)
والحجاج: هو ابن أرطاة؛ وهو مدلس.
وقد خالفه في إسناده: منصور وشعبة وجرير أيضا، كما يأتي؛ فرووه عن
الحكم ... به موصولاً بذكر صهيب في إسناده، لكنهم لم يذكروا في حديثهم:
ليس بين يديه شيء.
لكن يشهد لها ما تقدم في الكلام على الحديث من طريق البخاري بلفظ:
يصلي بمنى إلى غير جدار.
فإنه بمعناها في الظاهر (1) . والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى في "المسند" (رقم 2222) من طريق الحسن العُرَتي
قال: ذكر عند ابن عباس: " يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة ... " الحديث
نحوه؛ وفيه قصة أخرى ثالثة.
وأخرجها ابن ماجه (1/304) من هذا الوجه، وهو منقطع، وتقدمت في
الكتاب (رقم 702) من طريق آخر صحيح.
وللقصة الأولى طريق ثالثة: عند أحمد (3019 و 3306) ؛ وهو حسن.
711- وفي رواية ... بهذا الحديث بإسناده؛ قال: فجاءت جاريتان من
بني عبد المطلب اقتتلتا؛ فأخذهما- قال عثمان-، ففرّع بينهما- وقال
داود: فنزع إحد اهما من الأخرى-، فما بالى ذلك (2) .
(قلت: إسناده صحيح) .
__________
(1) وهو مرجوعٌ عنه؛ كما شرحه المؤلّف رحمه الله في المصدر المذكور- قريباً- (ص
300) ؛ فليراجع. (الناشر) .
(2) تم الجزء الرابع، ويتلوه الجزء الخاص من تخزئة الخطيب رحمه الله.(3/303)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وداود بن مِخْراق الفِرْيابي قالا: ثنا جرير
عن منصور ... بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن
مخراق، وهو مقرون، وهو ثقة.
وغير أبي الصهباء، وهو ثقة، كما بينا آنفاً.
والحديث أخرجه البيهقي (2/277) من طريق علي بن عبد الله المديني: ثنا
جرير بن عبد الحميد ... ولفظه: قال:
كنا عند ابن عباس؛ فذكروا عنده ما يقطع الصلاه، فقال [كذا! ولعله:
فقالوا، أو نحوه] الكلب والمرأة والحمار، فقال ابن عباس:
جئت أنا وغلام من بني هاشم- أو بني عبد الطلب- مرتدفين على حمار؛ ورسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس في خلاء، فنزلنا عن الحمار، وتركناه بين أيديهم فما بالاه.
قال: وجاءت جاريتان من بني هاشم تشتدان، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي
بالناس، فاقتتلتا، فأخذهما فنزع إحداهما عن الأخرى؛ فما بالاه.
وقد رواه شعبة عن الحكم ... به نحوه، وقد ذكرنا آنفاً مَنْ أخرجه من
الأئمة.
112- باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة
113- باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابا هذا. (انظر "الضعيف ") ](3/304)
تفربع أبواب استفتاح الصلاة
114- باب رفع اليدين في الصلاة
712- عن سالم عن أبيه قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصلاة؛ رفع يديه حتى يُحَاذِيَ
مَنْكِبَيْهِ، وإذا أراد ان يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع- قال سفيان
مرة: وإذا رفع رأسه، وأكثر ما كان يقول: وبعدما يرفع رأسه من الركوع-،
ولا يرفع بين السجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه البخاري نحوه) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن الزهري عن سالم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وسفيان: هو ابن عيينة.
وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
والحديث في " مسند أحمد" (رقم 4540) ... بهذا السند والسياق.
وأخرجه مسلم (2/6) ، وأبو عوانة (2/90 و 91) ، والترمذي (2/35) - وقال:
" حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/281- 282) ، والطحاوي (1/130) ،
والبيهقي (2/69) من طرق أحرى عن سفيان ... به.
وأخرجه النسائي أيضا (1/158 و 172) .
وأخرجه البخاري (2/174 و 174- 175 و 176) ، ومسلم وأبو عوانة،(3/305)
والنسائي (1/140 و 161 و 162 و 165) ، والطحاوي، والدارقطني (ص 107-
108 و 108) ، ومالك (1/97- لما) ، وعنه الدارمي (1/300) ، وأحمد (رقم
4674 و 5081 و 5279) ، والبيهقي أيضا (2/70) من طرق أخرى عن الزهري ...
به
وله طريق أخرى: أخرجه البخاري (2/176) ، والبيهقي (2/70) ، وأحمد
(رقم 5762) عن نافع عن ابن عمر ... به، دون قوله: ولا يرفع بين السجدتين،
وراد البخاري والبيهقي:
وإذا قام من الركعتين؛ رفع يديه.
وسيأتي هذا في الكتاب (رقم 728) .
713- عن عبد الله بن عمرقال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ رفع يديه حتى تكونا حذوَ
منكبيه، ثم كبَّر وهما كذلك، فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صُلبه؛ رفعهما
حتى تكونا حذو منكبيه، ثم قال: " سمع الله لمن حمده "، ولا يرفع
يديه في السجود، ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع؛ حتى
تنقضي صلاته.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي إلا أنه زاد: " أو حسن ") .
إسناده: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي: ثنا بقية: ثنا الزبَيْدِيُّ عن
الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية إنما يخشى من عنعنته
لأنه مدلس؛ وقد صرح بالتحديث كما ترى، فزالت شبهة تدليسه. ولذلك قال(3/306)
النووي في " المجموع " (3/308) :
" رواه أبو داود بإسناد صحيح أو حسن!.
ولعل تردده هذا؛ من أجل أن بعضهم قد تكلم في حفظ بقية أيضا، ونسبه
إلى الوهم، ولكن الجمهور قد قَوَّوْا روايته بالشرط السابق؛ لا سيما إذا كانت عن
الشاميين، وهذه منها؛ فإن شيخه الزُّبَيْدِيَّ: هو محمد بن الوليد القاضي
الحمصي؛ وهو من أثبت أصحاب الزهري.
والحديث أخرجه البيهقي (2/83) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني (ص 108) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج: ثنا
بقية: ثنا الزبيدي ... به.
وقد تابعه ابن جريج وغيره عن الزهري ... نحوه بلفظ:
ثم كبر ... دون قوله: وهما كذلك.
أخرجه مسلم (2/6) ، وأبو عوانة (2/91) ، والنسائي (1/140) ،
والدارقطني، والبيهقي (2/26 و 69) .
وتابعه ابن أخي الزهري- وهو محمد بن عبد الله بن مسلم-؛ وفيه الزيادة.
أخرجه أحمد (2/133- 134) بسندٍ صحيح على شرطهما.
714- عن وائل بن حجْرٍ قال:
صَلَّيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان إذا كبَّر رفع يديه، قال: ثم الْتَحَف،
ثم أخذ شماله بيمينه، وأدخل يديه في ثوبه، قال: فإذا أراد أن يركع؛
أخرج يديه، ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه ثم(3/307)
سجد، ووضع وجهه بين كَفَّيْهِ، وإذا رفع رأسه من السجود أيضا؛ رفع
يديه، حتى فرغ من صلاته. قال محمد (هو ابن جُحادة) : فذكرت ذلك
للحسن بن أبي الحسن (هو البصري) ؛ فقال: هي صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
فعله مَن فعله، وتركه مَن تركه!
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان
في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجُشَمِيُ: ثنا عبد الوارث بن
سعيد: ثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال:
كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي؛ فحدثني وائل بن علقمة عن أبي وائْل بن
حُجْرٍ ...
قال أبو داود: " روى هذا الحديث: همامٌ عن ابن جُحَادة ... لم يذكر الرفع
مع الرفع من السجود "!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف بأن هماماً رواه
عن ابن جحادة؛ فلم يذكر فيه رفع اليدين عند الرفع من السجود!
وهذه علة غير قادحة، كما سبق التنبيه عليه مراراً: أن زيادة الثقة مقبولة، وقد
زادها عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة ثبت، كما في "التقريب ". فكيف ترد
زيادته. لمجرد ترك همام لها- وهو ابن يحيى بن دينار الأزدي- وهو ثقة ربما وهم،
كما في "التقريب " أيضا؟!
فمن كان من شأنه؟! أن يهم- ولو أحياناً-؛ كيف ترد بروايته زيادة الثقة
الثبت؟!(3/308)
على أن هذه الزيادة قد جاءت من طريق أخرى عن عبد الجبار، ولها شواهد،
كما سنذكر قريباً.
وقد يُعَلُّ هذا الإسناد بعلة أخرى، وهي الانقطاع؛ فقد ذكر في "التهذيب "
عن ابن معين أنه قال:
" علقمة بن وائل عن أبيه مرسل "! واعتمده الحافظ، فقال في ترجمته من
"التقريب ":
" صدوق؛ إلا أنه لم يسمع من أبيه "!
قلت: وهذا عندنا غير صحيح؛ فقد ثبت سماع علقمة من أبيه لهذا الحديث
وغيره، فقال البخاري في "جزء رفع اليدين " (ص 6- 7) : حدثنا أبو نعيم الفضل
ابن دُكَيْنٍ: أنبأنا قيس بن سُلَيْم العنبري قال: سمعت علقمة بن وائل بن حجر:
حدثني أبي قال:
صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكبَّر حين افتتح الصلاة، ورلمحعْ يديه، ثم رفع يديه
حين أراد أن يركع، وبعد الركوع.
وهذا إسناد صحيح متصل مسلسل بالسماع.
وأخرج مسلم (5/109) حديثاًا خر من طريق أخرى عن علقمة بن وائل أن
أباه حدثه قال:
إني لقاعد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث. وسيأتي في الكتاب "الديات "
(رقم ... ) [باب الإمام يأمر بالعفو في الدم] .
فقد صح سماع علقمة من أبيه، وزالت بذلك هذه العلة، وعاد الحديث
صحيحاً لا شبهة فيه؛ ولذلك أخرجه مسلم نحوه، كما يأتي.(3/309)
والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4/91) من طريق المصنف؛ إلا أنه
قال: علقمة بن وائل بدل: وائل بن علقمة.
وهو الصواب كما بينه في "التهذيب " (11/110) . ويؤيده رواية قيس بن
سليم المتقدمة انفاً.
وأورده الحافظ في "التلخيص " (3/279) - برواية المصنف وابن حبان- من
حديث محمد بن جُحَادة عن عبد الجبار بن وائل قال:
كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، فحدثتي علقمة بن وائل عن وائل بن
حجر ... به، دون قوله: وإذا رفع رأسه من السجود ... حتى فرغ من صلاته. ثم
قال:
" ورواه ابن خزيمة بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره ".
وأخرج أحمد (4/317) : حدثنا يزيد: أنا أشعث بن سَرار عن عبد الجبار بن
وائل بن حُجْر عن أبيه قال:
أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فكان لي من وجهه ما لا أحب أن لي به من وجه
رجل من بادية العرب: صليت خلفه، وكان يرفع يديه كلما كبر ورفع ووضع بين
السجدتين، ويسلم عن يمينه وعن شماله.
ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، كما
يدل عليه قوله في حديث الكتاب:
كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، فحدثتي علقمة بن وائل.
لكن قوله هذا يدل على أنه قد أخذ الحديث هذا عن أخيه علقمة عن أبيهما؛
فعاد الحديث بذلك موصولاً.(3/310)
فهو شاهد قوي للزيادة التي تفرد بها عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن
جُحَادة؛ وهي رفع اليدين عند الرفع من السجود؛ فإن فيه الرفعَ مع كل تكبيرة.
وله طرق أخرى:
فأحرج الدارمي (1/285) ، والطيالسي (رقم 1021) من طريق شعبة قال:
أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البَخْتَرِيِّ يحدث عن عبد الرحمن اليَحْصبِي
عن وائل الحضرمي:
أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يكئر إذا خفض وإذا رفع، ويرفع يديه عند
التكبير، ويسلم عن يمينه وعن يساره.
وأخرجه أحمد أيضا (4/316) ، وإسناده حسن.
وفي رواية له: مع التكبير. ويأتي الكلام عليها في الحديث الأتي عقب هذا.
وبقية طرق الحديث ذكرتها في "التعليقات الجياد "؛ فلا ضرورة للإعادة، وفيما
أوردناه كفاية.
وأما شواهد الحديث؛ فكثيرة أوردتها هناك أيضا، وسيأتي بعضها في الباب
الآتي، وأقتصر هنا على شاهد واحد، وهو سن حديث مالك بن الحويرث:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع،
وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود؛ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
أخرجه النسائي (11/65) ، وعنه ابن حزم (4/92) ، وأحمد (3/436 و 437
و5/53) من طريق قتادة عن نصر بن عاصم عنه.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأصله عنده في "صحيحه "، ويأتي في
"الكتاب " بعد باب (رقم 730) .(3/311)
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/95) مختصراً بلفظ:
كان يرفع يديه حِيَالَ أذنيه في الركوع والسجود.
وقال الحافظ في "الفتح " (2/177) :
" وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ".
فثبت من كل ما تمدم: أن حديث عبد الوارث بن سعيد- في رفع اليدين عند
الرفع من السجود- صحيح محفوظ؛ خلافاً لما ذهب إليه المصنف رحمه الله كما
سبق!
وحديث همام؛ وصله مسلم (2/13) ، وأبو عوانة (2/97) ، والبيهقي (2/28
و71) ، وأحمد (4/317) ... قال: حدثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار
ابن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه حين دخل في الصلاة كَبَّر- وصف همام- حيال
أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع؛
أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبَّر فركع، فلما قال: " سمع الله لمن
حمده "؛ رفع يديه، فلما سجد؛ سجد بين كَفَّيْهِ.
715- عن عبد الجبار بن وائل: حَدَّثني أهل بيتي عن أبي أنه حدثهم:
أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع التكبير.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد- يعني: ابن زُريع-: ثنا المسعودي: ثنا
عبد الجبار بن وائل.(3/312)
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أن فيه جهالة بين عبد الجبار وأبيه. لكن
الحديث صحيح؛ لأن له طرقاً أخَرَ كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/26) - عن أبي النضر-، وأحمد (4/316) - عن
وكيع- كلاهما عن المسعودي ... به.
وله طريق أخرى، فقال أحمد: ثنا وكيع: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن
أبي البَخْتَرِيِّ عن عبد الرحمن بن اليَحْصبِيِّ عن وائل بن حجر الحضرمي قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع التكبير.
وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن
اليحصبي، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه ثقتان.
ورواه الدارمي والطيالسي ... نحوه أتم منه، وقد ذكرنا لفظهما قريباً في
الحديث المتقدم.
وبقية الطرق؛ أوردتها في كتابنا المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير
إلى التسليم كأنك تراها"- ونحن الآن في صدد طبع متنه، وسيصدر قريباً إن شاء
الله تعالى (*) ، ونرجو أن نوفق لطبعه مع شرحه وتخريجه-، وذكرت فيه للحديث
شواهد، منها حديث ابن عمر قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر؛ حتى
يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: " سمع الله لمن حمده "
فعل مثله ... الحديث.
أخرجه البخاري (2/176) وغيره.
__________
(*) كُتب هذا منذ سنوات طويلة، فقد طُغ الكتاب- بفضل الله تعالى- مرات عديدة؛
آخرها طبعة مكتبة المعارف. (الناشر) .(3/313)
716- عن وائل بن حُجر قال:
قلت: لأنظرَنَّ إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي؟ قال: فقام
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستقبل القبلة فكبر؛ فرفع يديه حتى حاذتا أُذنيه، ثم
أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع؛ رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه
على ركبتيه، فلمارفع رأسه من الركوع؛ رفعهما مثل ذلك، فلما سجد؛
وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى،
ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحَد مرفقه الأيمن على فخذه
اليمنى، وقبض ثنتين وحَفقَ حلقة، ورأيته يقول هكذا، وحلق بشر (وهو
ابن المُفَضَّل) الابهامَ والوسطى، وأشار بالسبابة.
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه جماعة، يأتي ذكرهم في الرواية
التالية والحديث يأتي برقم (884)) :
إسناده: حدثنا مسدد: نا بشر بن المُفَضَّلِ عن عاصم بن كلَيْب عن أبيه عن
وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير كليب- وهو
ابن شهاب الجرمي الكوفي-، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر، وفد قيل: إنه صحابي!
وبين خطأ ذلك: الحافظ في "الإصابة".
والحديث أخرجه النسائي (1/186) : أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: أنبأنا
بشر بن المفضل ... به.
وروى منه ابن ماجه (1/270- 271) - من طريق أخرى عن بشر- قوله:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فأخذ شماله بيمينه.(3/314)
ورواه زائدة بن قدامة عن عاصم ... به نحوه.
717- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال فيه:
ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفِّهِ اليسرى والرَّسْغِ والساعد ... وقال
فيه: ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد، فرأيت الناس عليهم جُلُّ
الثياب، تَحرَّكُ أيديهم تحت الثياب.
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي، وقال ابن القيم: " حديث
صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا أبو الوليد: نا زائدة عن عاصم بن
كليب ... بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب، وهو ثقة
كما تقدم. ولذا قال النووي في "المجموع " (3/312) :
" رواه أبو داود بإسناد صحيح ". وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/85) :
" حديث صحيح ".
والحديث أخرجه النسائي (1/141 و 187) ، والدارمي (1/314- 315) ،
وابن الجارود (208) ، وابن حبان (485) ، والبيهقي (2/27- 28 و 28 و 132) ،
وأحمد (318) من طرق عن زائدة ... به.
ورواه ابن خزيمة وابن حبان؛ أي: في "صحيحيهما"؛ كما في "التلخيص "
(3/280- 281) . وقال في " الفتح " (2/178) :
" وصححه ابن خزيمة وغيره ".(3/315)
وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 11) من هذا الوجه ببعض اختصار.
وأخرجه النسائي أيضا (11/26 و 173 و 186) ، وابن ماجه (1/270-
271) ، والشافعي في "الأم " (1/90- هامش) ، وفي "اختلاف الحديث " (7/)
- المطبوع على هامش "الأم "-، والطيالسي (رقم 1020) ، والبيهقي (2/111 و 131) ،
وأحمد (4/316 و 317 و 318 و 319) ، والبخاري في "رفع اليدين " (ص 10) من
طرق أخرى عن عاصم ... به؛ بعضهم مختصراً وبعضهم مطولاً نحوه.
قلت: وفي حديث زائدة بيان صفة الإشارة، قال:
فرأيته يحركها؛ يدعو بها.
(تنبيه) : لِيُعَلَمْ أن قوله في الحديث: وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى
والرسغ والساعد ... لازمه أنه وضعهما على صدره، وهذا قد صَرحَ به علقمة عن
أبيه وائل: عند ابن خزيمة في "صحيحه "؛ كما نقلناه عند الكلام على حديثه
المتقدم (رقم 714) (ص 310) .
(تنبيه آخر) : في حديث زائدة هذا زيادة في آخره بلفظ:
ثم رفع أصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها.
وعند أحمد ومن قبله من طرق كثيرة عن زائدة.
وعند ابن حبان (1857) : من طريق أبي الوليد الطيالسي شيخ شيخ المصنف
عنه.
وقد روي من حديث عبد الله بن الزبير:
أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يحركها.(3/316)
وهو حديث معلول؛ ولذلك أوردته في الكتاب الأخر رقم (175) .
ولم يتتئه لعلته المعلقُ على"شرح السنة" للبغوي، فجرى على ظاهر إسناده؛
فقوّاه! ولو أنه تتبع طرقه، ولم يقلد في ذلك غيره؛ لتبينت له علته إن شاء الله
تعالى!
718- عن وائل بن حجر قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين افتتح الصلاة؛ رفع يديه حِيالَ أُذنيه. قال: ثم
أتيتهم؛ فرأيتهم يرفعون أيديَهُمْ إلى صدورهم في افتتاح الصلاة؛ وعليهم
برانِسُ وأكسية.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه
عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكاً- وهو ابن عبد الله القاضي-
سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد بمعنى هذا الحديث؛ بل تابعه غيره كما يأتي، فكان
الحديث من الصحيح لغيره.
والحديث رواه زائدة عن عاصم ... به نحوه، وهو الذي في الكتاب قبل هذا.
ورواه ابن عيينة، فقال الشافعي (1/90) : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب
قال: سمعت أبي يقول: حدثني وائل بن حجر قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصلاة يرفع يديه ... الحديث؛ وفيه قال وائل:
ثم أتيتهم في الشتاء؛ فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.(3/317)
وأخرجه البيهقي (2/24 و 28) عن الشافعي.
وأخرجه النسائي (1/173) .
وأخرجه أحمد (4/318- 319) من طريق زهير بن معاوية عن عاصم بن
كليب ... به؛ نحو حديث بِشْرِ بن المفضل المتقدم (716) ؛ وفيه: قال زهير: قال
عاصم: وحدثني عبد الجبار عن بعض أهله أن وائلاً قال:
أتيت مرة أخرى؛ وعلى الناس ثياب، فيها البرانس وفيها الأكسية؛ فرأيتهم
يقولون- هكذا- تحت الثياب.
115- باب افتتاح الصلاة
719- عن وائل بن حجر قال:
أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشتاء؛ فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم
في الصلاة.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا وكيع عن شريك عن عاصم
ابن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكاً سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد
بالحديث كما تقدم بيانه في حديثه المتقدم؛ غير أنه قد خالف في إسناده هنا؛
حيث قال: عن عاصم عن علقمة، وقالى هناك: عن عاصم عن أبيه.
وهو المحفوظ الذي رواه عن عاصم: زائدة وابن عيينة كما سبق.
والحديث أخرجه أحمد (4/16) عن شريك ... به، وقد سقط من الطابع أو(3/318)
الناسخ شيخ أحمد فيه؛ بينه وبين شريك! والظاهر أنه وكيع شيخ شيخ المصنف
فيه. والله أعلم.
720- عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُمَيْد الساعدي
في عَشَرةٍ من أصحاب رسول الله- منهم أبو قتادة-، قال أبوحميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالوا: فَلِمَ؟! فوالله ما كنتَ بأكثرنا
له تَبِعَةً، ولا أقد منا له صحبةً! قال: بلى. قالوا: فَاعْرِض. قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ يرفع يديه حتى يحاذي بهما
منكبيه، ثم يكئر حتى يَقِرَّ كل عظم في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ، ثم يكبر،
فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضَع راحتيه على ركبتيه،
ثم يعتدل فلا يصُبُّ رأسه ولا يُقْنعُ، ثم يرفع رأسه فيقول: " سمع الله لمن
حمده "، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: " الله
أكبر "، ثم يهوي إلى الأرض، فئجَافِي يَدَيْه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه،
وَيثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها، وبفتخ آصابع رجليه إذا سجد، ثم
يسجد، ثم يقول: " الله أكبر "، ويرفع رأسه، ويَثْنِي رجله اليسرى فيقعد
عليها؛ حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل
ذلك.
ثم إذا قام من الركعتين؛ كبَّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما
كبَّر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت
السجدة التي فيها التسليم أخّر رجله اليسرى، وقعد متورِّكاً على شِقِّهِ
الأيسر.(3/319)
قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي، وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان، وقال الخَطابي وابن
القيم: " حديث صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: أنا أبو عاصم الضحاك بن مَخْلَد. (ح) ، وثنا
مسدد: نا يحيى- وهذا حديث أحمد- قال: أنا عبد الحميد- يعني: ابن جعفر-:
أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي في "المجموع "
(3/407 و 443) . وقال الخطابي في " المعالم " (8/354) :
" حديث صحيح ". وكذا قال ابن القيم في "التهذيب " (1/355) ، وزاد:
" مُتَلَقّىً بالقبول، لا علة له. وقد أعله قوم بما برأه الله وأئمة الحديث منه،
ونحن نذكر ما عللوه به، ثم نبين فساد تعليلهم وبطلانه بعون الله ".
وقد فعل ذلك رحمه الله ووفَى في بحث واسع مستفيض، وفيه تحقيق بالغ
كعادته رحمه الله، فراجع (ص 356- 365) ؛ فقلما تجده في غيره؛ ولعلنا نتعرض
لذكر تلك العلل أو بعضها ثم نذكر بطلانها.
فمن ذلك؛ قول بعضهم: إن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع الحديث من
أبي حميد؛ بل بينهما رجل!
وهذا يرقُه تصريح محمد بن عمر بسماعه من أبي حميد في رواية الكتاب.
والحديث لم أجده في "مسند أحمد" عن أبي عاصم! وإنما رواه من الطريق
الثاني كما يأتي.(3/320)
وأخرجه الدارمي (1/313- 314) : أخبرنا أبو عاصم ... به. وأخرجه
الترمذي (12/57- 108) ، وابن ماجه (1/283) ، والطحاوي (1/131) ، وابن
الجارود (192 و 193) ، وابن حبان (491 و 495) ، والبيهقي (2/24 و 72
و129) من طرق أخرى عن أبي عاصم ... به.
ورواه ابن حزم (4/91) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 5) بإسناد المصنف الثاني فقال:
حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد ... به نحوه.
ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد في "المسند" (5/224) : ثنا يحيى بن
سعيد ... به.
وأخرجه الترمذي أيضا (2/105- 107) ، والنسائي (1/159 و 166 و 176)
- بعضه مفرقاً- من طرق عن يحيى ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وفي حديث يحيى عند البخاري- بعد قوله: ولا
أقدمنا له صحبة-:
قال: بل راقبته.
ولم يتفرد بالحديث عبد الحميد بن جعفر؛ بل تابعه محمد بن عمرو بن
حَلْحَلَةَ، وهو:
721- عن محمد بن عمرو العامري قال:
كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتذاكروا صلاته
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد ... فذكر بعض هذا الحديث؛ وقال:
فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه، وفرَّج بين أصابعه، ثم هَصَر ظهره غَيْرَ(3/321)
مقْنع رأسَهُ ولا صَافِح بِخَدهِ ... وقال:
فإذا قعد في الركعتين؛ قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى،
فإذا كان في الرابعة؛ أفضى بِوَرِكِهِ اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من
ناحية واحدة.
(قلت: حديث صحيح؛ غير قوله: ولا صافح بِخَدِّه؛ فإنه ضعيف) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن لهيعة عن يزيد- يعني: ابن أبي
حبيب- عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة وهو سيئ
الحفط (1) ، لكنه قد وافق الثقات في هذا الحديث؛ إلا في قوله: ولا صافح بِخَده!
فإني لم أجد له فيه متابعاً؛ فكان حديثه هذا- بغير هذه الزيادة- صحيحاً.
والحديث أخرجه للبيهقي (2/84- 85) من طريق المصنف.
وأخرجه (2/102 و 128) من طرق أخرى عن ابن لهيعة.
وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب؛ وهو:
722- عن محمد بن عمرو بن عطاء ... نحو هذا؛ قال:
فإذا سجد؛ وضع يديه غيرَ مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف
أصابعه القبلة.
(قلت: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري في "صحيحمه بتمامه) .
__________
(1) قلت: بل يواية قتيبة عنه صحيحة (*) ، كما قال الذهبي.
(*) وعليه؛ فالحديث- بتمامه؛ بالزيادة- صحيح. والله أعلم. (الناشر) .(3/322)
إسناده: حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري: نا ابن وهب عن الليث بن سعد
عن يزيد بن محمد القرشي ويزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة
عن محمد بن عمرو بن عطاء ...
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عيسى بن إبراهيم
المصري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البخاري (2/243- 246) فقال: حدثنا يحيى بن بكَيْرٍ
قال: حدثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد
ابن عطاء. وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن
عمرو بن حلحلة ... به بتمامه.
وأخرجه البيهقي (2/128) من طريق البخاري.
وأخرجه (2/84 و 97 و 116) من طرق أخرى عن ابن بكير ... بإسناده
الثاني؛ إلا أنه لم يذكر فيه: يزيد بن محمد القُرَشِيَّ.
وأخرجه الطحاوي (1/152) : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال:
ثنا عمي عبد الله بن وهب ... به، وزاد. (ح) قال: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد
ابن أبي حبيب وعبد الكريم بن الحارث عن محمد بن عمرو بن عطاء ... به.
ثم أخرجه من طريق عبد السلام بن حفص عن محمد بن عمرو بن
حلحلة ... به.
قلت: ولفظ الحديث عند البخاري: عن محمد بن عمرو بن عطاء:
أنه كان جالساً مع نمْر من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذى نا صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأيته إذا كبر
جعل يديه حِذاءَ منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا(3/323)
رفع رأسه استوى حتى يعود كل فَقَارٍ مكانه، فإذا سجد وضع يديه؛ غير مفترش
ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين؛
جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخرة؛ قَدم
رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته.
723- عن عباس بن سهل قال:
اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة؛
فذكروا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر بعض هذا؛ قال:
ثم ركع، فوضع يديه على ركبتيه- كأنه قابضٌ عليهما-؛ ووتر يديه،
فتجافى عن جنبيه، قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته، ونحى يديه عن
جنبيه، ووضع كفيه حَذْوَ منكبيه، ثم رفع رأسه حتى يرجع كل عظم في
موضعه؛ حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى
على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على
ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، لكنه مختصر؛ ليس فيه ذكر
الركعتين الأخيرتين ولا التورُك فيهما. درواه ابن خزيمة في "صحيحه "، وروى
ابن حبان منه الافتراش بين السجدتين) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا عبد الملك بن عمرو: أخبرني فليح:
حدثني عباس بن سهل.(3/324)
قال أبو داود: " روى هذا الحديث: عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن
عيسى عن العباس بن سهل ... لم يذكر التورك؛ وذكر نحو حديث فليح. وذكر
الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وفي فليح- وهو ابن سليمان-
كلام من قبل حفظه؛ لكنه يتقوى بما قبله.
والحديث لم أجده في "مسند أحمد"!
وأخرجه البيهقي (2/85 و 112 و 121) من طريق المصنف.
وأخرجه هو (2/73) ، والبخاري في "رفع اليدين " (ص 5- 6) ، وابن ماجه
(1/283) ، والطحاوي (1/131 و 153) ، والسَّراج في "مسنده " (ق 25/1) من
طرق أخرى عن عبد الملك بن عمرو ... به مطولاً ومختصرأ عن هذا.
ولكن الحديث مختصر على كل حال؛ فإنه ليس فيه ذكر الركعتين
الأخيرتين، ولا التورك فيهما، كما يدل على ذلك حديث محمد بن عمرو بن
عطاء عند البخاري، وقد نقلنا لفظه قريباً. ومثله حديث الكتاب (رقم 721) .
ورواه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه "- كما في "الفتح " (2/245) ، و "النيل "
(1/216) -. وروى ابن حبان منه:
وكان إذا جلس بين السجدتين؛ افترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى
على قبلته.
والحديث أخرجه الترمذي أيضا (2/45- 46 و 86- 87) ، وكذا الدارمي
(1/299) عن عبد الملك بن عمرو ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(3/325)
ورواه عبد الله بن المبارك عن فليح: سمعت عباس بن سهل يحدث فلم
أحفظه، فحدثنيه- أراه ذكر- عيسى بن عبد الله أنه سمعه من عباس بن سهل
حضرت أبا حميد الساعدي ... بهذا الحديث.
علقه المصنف؛ وهو في الكتاب الآخر (120) .
وقد رواه عن عيسى بن عبد الله: عتبة بن أبي حكيم أيضا. ورواه عنه الحسن
ابن الحر؛ إلا أنه أدخل بينه وبين عباس بن سهل: محمد بن عمرو بن عطاء، وزاد
في متنه ونقص؛ كما بيناه في الكتاب الآخر (118 و 119) .
724- عن ميمون المكي:
أنه رأى عبد الله بن الزبير- وصلى بهم- ئشيرُ بكفيه حين يقوم، وحين
يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت
إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم آرَ أحداً
يصلبها؟!. فوصَفْتُ له هذه الإشارة! فقال:
إن أحببتَ أن تنظر إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاقتد بصلاة عبد الله
ابن الزبير.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون
المكي
قلت: وهذا سند ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه.(3/326)
وميمون المكي مجهول؛ كما في "التقريب " وغيره.
وأبو هبيرة: اسمه يحيى بن عباد بن شيبان؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وأعله
المنذري في "مختصره " بابن لهيعة؛ فقال:
" في إسناده عبد الله بن لهيعة، وفيه مقال ".
قلت: لكن الحديث له شواهد كثيرة، تدل على أن له أصلا، فيرقى بها إلى
درجة الحسن؛ بل الصحيح لغيره؛ فإن فيه الرفع في أربعة مواضع: عند تكبيرة
الإحرام، وعند الركوع، وعند السجود، وعند القيام.
أما الموضعان الأولان: فقد وردا في حديث ابن عمر المتقدم (رقم 712
و713) ، وفي حديث وائل بن حجر (رقم 714- 717) ، وحديث أبي حميد
الساعدي (رقم 720) وغيرهما، كحديث علي الآتي برقم (729) .
وأما الرفع عند السجود: فورد في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: وإذا
سجد. وإسناده صحيح، كما تقدم بيانه عند الحديث (رقم 714) (ص 311) .
وفي بعض طرق حديث وائل بن حجر: أخرجه الدارقطني (109) بسند صحيح
على شرط مسلم.
وأما الرفع عند القيام؛ فهو يشمل الرفع من السجدة، ومن التشهد.
أما الأول: فورد في حديث مالك المشار إليه بلفظ: إذا رفع رأسه من السجود؛
حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وأما الأخر: ففي حديث ابن عمر الآتي بعد هذا بحديث.
ويشهد للحديث: الأحاديث الأخرى في الرفع مع كل تكبيرة، لكن في
أسانيدها مقال، وقد أوردتها في "التعليقات الجياد على زاد المعاد"، لكن بعضها(3/327)
يقوِّي بعضاً، ومنها حديث وائل المتقدم برقم (715) .
والحديث أخرجه أحمد (رقم 2308) ... بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه (رقم 2627) من طريق موسى بن داود قال: حدثنا ابن لهيعة ...
به
725- عن النَّضْرِ بن كَثِيرٍ - يعني: السَّعْدِي- قال:
صَلى إلى جَنْبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخَيْف، فكان إذا
سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها؛ رفع يديه تِلْقَاءَ وجهه. فأنكرت
ذلك، فقلت لوهيب بن خالد! فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئاً لم أر
أحد اً يصنعه؟! فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن
عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنعه.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن آبَان- المعنى- قالا: نا النضر بن
كثير- يعني: السعدي-.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير النضر بن كثير
السعدي، وهو ضعيف الحديث، كما قال المنذري في "مختصره "، ونقل عن
الحافظ أبي أحمد النيسابوري أنه قال:
" هذا حديث منكر من حديث ابن عباس ".
قلت: لكن يشهد له الحديث الذي قبله، والشواهد التي أوردناها تحته.
والحديث أخرجه النسائي (1/172) ، ومن طريقه الدوْلابي في "الكنى"(3/328)
(1/198) ، وابن حزم (4/94) من طرق أخرى عن النضر ... به.
726- عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان إذا دخل في الصلاة؛ كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال:
" سمع الله لمن حمده "، وإذا قام من الركلعتين؛ رفع يديه، ويرفع ذلك إلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في
"صحيحه ". وأشار البيهقي والمنذري إلى تقويته) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أنا عبد الأعلى: نا عبيد الله عن نافع.
قال أبو داود: " الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع "! قال أبو داود:
" وروى بقية أوئَه عن عبيد الله وأسنده. ورواه الثقفي عن عبيد الله؛ أوقفه
على ابن عمر، وقال فيه: وإذا قام من الركعتين؛ يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو
الصحيح ".
قال أبو داود: " ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفاً. وأسنده
حماد بن سلمة وحده عن أيوب، لم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من
السجدتين، وذكره الليث في حديثه. قال ابن جريج: قلت لنافع: أكان ابن عمر
يجعل الأولى أرْفعهن قال: لا، سواءً. قلت: أشر لي، فأشار إلى الثديين أو
أسفل من ذلك ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أعله المصنف بالوقف؛
محتجّاً باًن الثقفي- يعني: عبد الوهاب- رواه عن عبيد الله موقوفاً، وبأن الليث بن
سعد وأيوب وابن جريج رووه عن نافع موقوفاً أيضا!(3/329)
وخالفه الدارقطني؛ فإنه حكى في "العلل " الاختلاف في وقفه ورفعه، وقال:
" الأشبه بالصواب قول عبد الأعلى ". وتبعه على ذلك البيهقي، فقال
(2/137) :
" وعبد الأعلى ينفرد برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو ثقة". وقال المنذري في
"مختصره ":
" وعبد الأعلى ممن اتفقا على الاحتجاج بحديثه، ورفعه حماد عن أيوب، وقد
ذكر الزيادة الليث بن سعد في حديثه، وفي ذلك كفاية ".
وحديث حماد بن سلمة؛ علقه البخاري أيضا في "صحيحه " (2/177) ،
ووصله هو في "رفع اليدين " (ص 17) ، وأحمد (2/100) .
كما وصل فيه حديث الثقفي (ص 20) .
وحديث الليث (ص 17) ، وحديث مالك (ص 19) .
وحديث ابن جريج (ص 14) .
والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه " (2/176) ، وفي "رفع اليدين " (ص
16) ، ومن طريقه ابن حزم (4/90) ، والبيهقي (2/136) من طرق أخرى عن
عبد الأعلى ... به.
وقد وهم ابن القيم في "الزاد" (1/88) ؛ حيث عزا الحديث لمسلم أيضا!
ثم رأيت المعتمر قد تابع عبد الأعلى، لكن خالفه في إسناده، فقال: سمعت
عبيد الله- وهو ابن عمر- عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ... به.
أخرجه النسائي (1/176) : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال:
حدثنا المعتمر ... به.(3/330)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والله أعلم.
وللجملة الأخيرة منه طريق آخر عن ابن عمر؛ وهو الآتي بعده:
727- عن نافع:
أن عبد الله بن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة؛ يرفع يديه حَذْوَ منكبيه،
وإذا رفع رأسه من الركوع؛ رفعهما دون ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.
قال أبو داود: " ولم يذكر رَفْعَهما دون ذلك أحدٌ غير مالك فيما أعلم "!
. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وتفرد مالك بهذه الزيادة
لا يضرّ؛ لأنه ثقة حجة.
116- باب [مَنْ ذَكَرَ أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] (1)
728- عن ابن عمر قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام في الركعتين؛ كبّر ورفع يديه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه البخاري) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبيد المحاربي قالا: ثنا محمد
ابن فُضَيْل عن عاصم بن كُلَيْبٍ عن محارب بن دِثَارٍ عن ابن عمر.
__________
(1) ما بين المربعين في بعض نممخ "أبي داود"(3/331)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (2/145) : ثنا محمد بن فضيل ... به أتم منه؛
ولفظه: قال:
رأيت ابن عمر يرفع يديه كلما ركع، وكلما رفع رأسه من الركوع.
قال: فقلت له: ما هذا؟ قال ... فذكره.
وأخرجه البخاري في "جزء رفع اليدين " (ص 10) من طريق أخرى عن ابن
فضيل ... به أخصر منه. وقال الحافظ في "الفتح " (2/177) :
" وصححه البخاري في الجزء المذكور ".
وكأنه يشير بذلك إلى قول البخاري فيه (ص 23) :
" وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
ورواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا مُحَارِبُ بن دِثَارٍ ... به مثل رواية أحمد؛
دون المرفوع منه.
أخرجه البخاري (ص 16) .
وأخرجه ابن حزم (4/90) من طريق المصنف.
729- عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حَذْوَ منكبيه،
ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من
الركوع، ولا يرفع يَدَيْهِ في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من(3/332)
السجدتين؛ رفع يديه كذلك.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "،
وقال النووي: " حديث صحيح "، وصححه أحمد والبخاري وابن خزيمة وابن
حبان) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن
ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن
عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي
طالب.
قال أبو داود: " وفي حديث أبي حميد الساعدي- حين وصف صلاة النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا قام من الركعتين؛ كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر
عند افتتاح الصلاة ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن أبي
الزناد، وهو حسن الحديث كما تقدم غير ما مرة. وقال النووى في "المجموع "
(3/447) :
" وهو حديث صحيح ". وسئل الإمام أحمد عنه؟ فقال:
" صحيح "، كما في "نصب الراية" (1/412) ، و "التلخيص " (3/271) .
وصححه البخاري أيضا في "جزء الرفع " (ص 3 و 6 و 23) .
وصححه ابن خزيمة وابن حبان، كما في "الفتح " (2/177) .
والحديث أخرجه أحمد (رقم 717) : حدثنا سليمان بن داود ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/283- 284) ، والبيهقي (4/22 و 137) من طرق(3/333)
أخرى عن سليمان ... به.
وأخرجه البخاري (ص 3 و 6) ، والطحاوي (1/131) ، والبيهقي أيضا
(2/74) من طرق أخرى عن ابن أبي الزناد ... به.
وهو عند الترمذي (2/251- طبع بولاق) من طريق سليمان ... به، وله
عنده تتمة تأتي (برقم 739) .
ويشهد للحديث: حديث ابن عمر الذي قبله، وحديثه المتقدم برقم (712) ،
وغيره مما سبقت الإشارة إليه قريباً.
730- عن مالك بن الحويرث قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا كبَّر، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ حتى
يَبْلُغَ بهما فُروعَ أذنيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، ورواه البخاري في "صحيحه " نحوه) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن
مالك بن الحويرث.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1253) قال: حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/94) ، وأحمد (5/53) من طرق أخرى
عن شعبة ... به؛ وليس عندهم: حتى يبلغ ... إلخ.
وكذلك أخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 6) .(3/334)
وله معناها في رواية (ص 23) ؛ بلفظ:
حذاء أذنيه.
وأخرجه النسائي (1/164- 165) ، ومن طريقه ابن حزم (4/92) ؛ إلا أنه لم
يذكر تكبيرة الإحرام ولا الرَّفْعَ عندها، وزاد:
وإذا سجد، وإذارفع رأسه من السجود.
وقد ذكرنا لفظه بتمامه فيما سبق عند الحديث (رقم 714) .
وقد ثبتت هذه الزيادة من غير طريق شعبة، كما سنبينه إن شاء الله.
وأخرجه مسلم (2/7) ، والبخاري في جزئه (ص 18) ، والنسائي (1/140-
141 و 158 و 161 و 165) ، والبيهقي (2/25) ، وأحمد (3/436 و 437
و5/53) - عن سعيد بن أبي عروبة-، ومسلم- عن أبي عوانة-، وأبو عوانة
(2/94) ، والنسائي (1/165 و 172) ، وابن ماجه (1/282) ، وأحمد (5/53)
- عن هشام الدَّسْتوَائي-، والبخاري فيه (ص 17) - عن حماد بن سلمة- كلهم
عن قتادة ... به، وصرح سعيد عند البخاري بسماع قتادة من عاصم، وزاد في
رواية النسائي وأحمد، وكذا معاذ الدستوائي في رواية النسائي الزيادة التي عند
النسائي من طريق شعبة؛ أعني: رفع اليدين عند السجود والرفع منه.
ومعناه عند همام عن قتادة ... به مختصراً؛ بلفظ:
كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود.
أخرجه أبو عوانة (2/95) ، وأحمد (5/53) .
وللحديث طريق أخرى: أخرجه البخاري (2/175) ، ومسلم عن أبي قلابة:(3/335)
أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى؛ كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع؛ رفع
يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه، وحدث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع هكذا.
وأخرجه البيهقي (2/27 و 71) .
(تنبيه) : قد عرفت مما سبق: أن الرفع عند السجود وعند الرفِع منه قد اتفق
على روايته عن قتادة: شعبة وابن أبي عروبة والدستوائي وهمام. فرَد هذه الزيادة؛
لعدم ورودها في حديثما أبي عوانة وغيره عن قتادة، وفي حديث أبي قلابة هذا
- كما صنع صاحب "عون المعبود" (1/275) -؛ ليس بصواب، ولا متفقاً مع المتقرر
في " مصطلح الحديث " من وجوب الأخذ بالزيادة؛ لا سيما إذا كان قد اتفق عليها
جماعة من الثقات الأثبات؛ فتنبه!
731- عن بَشِيرِ بن نَهِيك قال: قال أبو هريرة:
لو كُنْتَ قُدَّام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرأيت إبطيه. (زاد في رواية: قال لاحق-
وهو ابن حميد أبو مِجْلَزٍ -: ألا ترى أنه في الصلاة، ولا يستطيع أن يكون
قُدامَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) ، (زاد في الرواية الأخرى: يعني: إذا كبر رفع يديه) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: نا أبي. (ح) وحدثنا موسى بن مروان: نا شعيب
- يعني: ابن إسحاق-؛- المعنى- عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، والوجه الآخر
صحيح أيضا؛ وعمران: هو ابن حُدَير.
وابن معاذ: هو عبيد الله.
والحديث أخرجه النسائي (1/126) من طريق معتمر بن سليمان عن(3/336)
عمران ... به.
732- عن علقمة قال: قال عبد الله:
علَمَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاةَ؛ فكبريرفع يديه، فلما ركع طَبَقَ يديه
بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعداً، فقال:
صدق أخي؛ قد كنا نفعل هذا؛ ثم أمرنا بهذا، يعني: الامساك على
الركبتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذ اقال الحاكم، وواققه
الذهبي، وقال الدارقطني: " إسناد ثابت صحيح "، ويأتي تحت الحديث (رقم
814)) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا ابن إدريس عن عاصم بن كُلَيب عن
عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (2/78- 79) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 12 و 19) ، والنسائي (1/159) ،
والدارقطني (ص 129) ، والحاكم (1/224) ، وأحمد (رقم 3974) ، والحازمي في
"الاعتبار" (ص 61- 62) من طرق أخرى عن عبد الله بن إدريس ... به، وقال
الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني:
" إسناد ثابت صحيح ".(3/337)
117- باب من لم يذكر الرفع عند الركوع
733- عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود:
ألا أُصَلي بكم صلاةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال: فصلى؛ فلم يرفع يديه إلا
مَرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن "،
وقال ابن حزم: إنه " صحيح "، وقوّاه ابن دقيق العيد والزيلعي والتركماني) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع عن سفيان عن عاصم- يعني:
ابن كليب- عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة.
قال أبو داود: " هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح
على هذا اللفظ "!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف رحمه الله بما
رأيت، ووافقه على ذلك غير ما واحد كما يأتي! ولم تجد في كلماتهم ما ينهض
على تضعيف الحديث. فالحق أنه حديث صحيح، كما قال ابن حزم في "المحلى"
(4/88) ، وحسنه الترمذي كما يأتي.
ولعل المصنف يشير بالحديث الطويل: إلى حديث عبد الله بن إدريس عن
عاصم بن كليب، الذي تقدم في الباب السابق، يعني: أنه ليس فيه: أنه لم يرفع
إلا مرة. فقوله: إلا مرة؛ غير صحيح عنده. وقال البخاري في "رفع اليدين " (ص
11-12) :
ويروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن
علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه ... فذكره. وقال أحمد بن حنبل عن(3/338)
يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب،
ليس فيه: ثم لم يعد. فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم؛ لأن الرجل
يحدث يشيء ثم يرجع إلى الكتاب، فيكون كما في الكتاب ".
قلت: ثم ساق البخاري بإسناده حديث ابن إدريس المشار إليه؛ ثم قال:
" وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود ". وقال ابن أبي
حاتم في "العلل " (1/96) :
" سألت أبي عن حديث رواه الثوري عن عاصم بن كليب [قلت: فذكره
بلفظ: (فرفع يديه ثم لم يعد) ، ثم قال أ؟ قال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه
الثوري. وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
افتتح، فرفع يديه، ثم ركع فطبَّق وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما رواه
الثوري ".
قلت: فقد أفصح أبو حاتم عن علة الحديث عنده؛ وهو ما يشير إليه كلام
البخاري؛ وهو تفرد سفيان الثوري به!
والجواب: أن سفيان ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة؛ كما في "التقريب "؛
فتفرده حجة، وتوهيمه- لمجرد أنه روى ما لم يرو غيره- جرأة في غير محلها! لا
سيما وأن الظاهر أن حديثه هذا حديث مستقل عن حديث عبد الله بن إدريس؛
وإن شاركه في إسناده.
وقد أعله بعض المتأخرين بتفرد وكيع به! وهذا خطأ أبين؛ فإن وكيعاً- مع أنه
ثقة-؛ فقد تابعه عبد الله بن المبارك ومعاوية بن هشام وموسى بن مسعود النهْدي
وغيرهم؛ كما يأتي.
وقد أعل الحديث بعلتين أُخريين، لا نسوِّدُ الصفحة بحكايتهما وردهما؛ لظهور(3/339)
بطلانهما. فمن أراد الوقوف على ذلك؛ فليراجع "نصب الراية" (1/394- 396) ،
و"الجوهر النقي " (2/77- 78) ، وقد ذكرا فيهما كلام ابن دقيق العيد في
"الإمام "؛ وفيه يذهب إلى تقوية الحديث، وتبعاه في ذلك.
والحديث أخرجه أحمد (رقم 3681 و 4211) : حدثنا وكيع ... به.
وأخرجه الترمذي (2/40) - وقال: " حديث حسن "-، والطحاوي
(1/132) ، والبيهقي (2/78) ، وابن حزم (4/87) من طرق أخرى عن وكيع ...
به.
وأخرجه النسائي (1/158) من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان ... به.
734- وفي رواية ... بإسناده بهذا؛ قال: فرفع يديه في أول مرة (وقال
بعضهم: مرة واحد،) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه من ذكرنا في الرواية
الأولى) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا:
نا سفيان ... بإسناده.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وتقدم الكلام عليه في الرواية
المتقدمة؛ والحسن بن علي: هو الخَلال الحُلْواني.
ومعاوية: هو ابن هشام القَصَّار الآزْدي.
وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.
وخالد بن عمرو: هو أبو سعيد الكوفي؛ وقد اتهم بالكذب.(3/340)
735- عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل في الصلاة؛ رفع يديه مدّاً.
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال الحاكم، دوافقه الذهبي، وحسنه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سعيد بن
سمعان، وهو ثقة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/434) : ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب. ويزيد
ابن هارون قال: أنا ابن أبي ذئب- المعنى- قال: ثنا سعيد بن سمعان قال:
أتانا أبو هريرة في مسجد بني زُرَيْق قال:
ثلاث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعمل بهن؛ تركهن الناص: كان يرفع يديه مدّاً إذا
دخل في الصلاة، ويكبِّر كلما ركع ورفع، والسكوت قبل القراعة يسأل الله من
فضله- قال يزيد: يدعو ويسأل الله من فضله-.
وهكذا أخرجه النسائي (1/141) ، والحاكم (1/215) - وقال: " إسناده
صحيح "، ووافقه الذهبي- من طرق أخرى عن يحيى ... به.
وأخرجه الطيالسي (رقم 2374) : حدثنا ابن أبي ذئب ... به.
ومن طريقه وطريق الحاكم: أخرجه البيهقي (2/27) .
وأخرجه الحاكم (1/234) ، وأحمد (2/509) من طرق أخرى عن ابن أبي(3/341)
ذئب ... به.
وأخرجه الترمذي (2/6) ، والطحاوي (1/115) من طرق أخرى عنه ... به
- القدر الذي روى المصنف منه-. وقال الترمذي:
"حديث حسن ".
ولابن أبي ذئب فيه إسناد آخر؛ فقالى الطيالسي (رقم 2562) : حدثنا ابن أبي
ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي
هريرة قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مدّاً؛ يعني: في الصلاة.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ومن طريق الطيالسي: أخرجه
البيهقي.
وأخرجه هكذا: الدارمي (1/281) ، وأحمد (2/500) من طرق أخرى عن
ابن أبي ذئب ... به.
118- باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة
736- عن ابن مسعود:
أنه كان يصلي؛ فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرأه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛
فوضع يده اليمنى على اليسرى.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وهو على شرط مسلم،
وقال النووي: " إسناده صحيح على شرط مسلم "! وأخرجه ابن السكن في
"صحيحه ") .(3/342)
إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّار بن الرَئان عن هشَيْمِ بن بَشِيرٍ عن الحَجاج بن
أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد حسن- كما قال الحافظ في "الفتح " (2/187) -، ورجاله
رجال مسلم؛ غير أن الحجاح بن أبي زينب فيه كلام من قبل حفظه، لا ينزل
حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق يخطئ ". وقال النووي فما "المجموع " (3/312) :
" إسناده صحيح على شرط مسلم "!
والحديث أخرجه البيهقي (2/28) من طريق المؤلف.
وأخرجه النسائي (1/141) ، وابن ماجه (1/271) ، وابن حزم (4/112-
113) من طرق أخرى عن هشيم ... به؛ وصرح هشيم بالتحديث عند ابن
ماجه، فزالت شيهة تدليسه.
وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 107) ، وابن السكن في "صحيحه "- كما في
"الفتح "-.
وللحجاج بن أبي زينب فيه إسناد آخر: أخرجه الإمام أحمد (3/381) : ثنا
محمد بن الحسن الواسطي- يعني: المزني-: ثنا أبو يوسف الحَخاجُ- يعني: ابن
أبي زينب الصيْقَلَ- عن أبي سفيان عن جابر قال:
مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل وهو يصلي ... الحديث نحوه.
وأخرجه الدارقطني عن يحيى بن معين: ثنا محمد بن الحسن ... به.
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن الحسن هذا؛ فمن رجال البخاري.
وقال الهيثمي في "المجمع " (2/104) :(3/343)
" رواه أحمد والطبراني في " الأوسط "؛ ورجاله رجال (الصحيح) ".
737- عن طاوس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يَشُد
بينهما على صدره وهو في الصلاة.
(قلت: هذا حديث مرسل، وهو حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا الهيثم- يعني: ابن خمَيْد- عن ثور عن سليمان
ابن موسى عن طاوس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الهيثم بن حميد، وهو
ثقة.
وسليمان بن موسى: كان خولِط قبل موته بقليل، كما في "التقريب ".
ثم إن الحديث مرسل؛ لأن طاوساً تابعي، لكنه حديث صحيح؛ فإنه قد جاء
له شاهدان موصولان من وجهين آخرين:
أحدهما: عن وائل بن حجر: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " من طريق
محمد بن خحَادة عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل عن أبيه ... في
حديث حكايته لصلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه:
وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره.
نقلناه- فيما تقدم- عن ابن حجر عند الحديث (714) ؛ وهو معنى حديث
عاصم بن كليب المتقدم برقم (717) عن أبيه عن وائل؛ كما نبهنا عليه هناك.
ورواه البيهقي (2/30) من طريق أخرى عن عاصم.(3/344)
ومن طريق أخرى عن وائل بن حجر.
وأما الحديث الآخر: فهو عن قَبِيصَةَ بن هلْبٍ عن أبيه قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته- قال- يضع هذه على
صدره- وصف يحيى اليمنى على اليسرى فوق الفصل-.
أخرجه أحمد (5/226) ، وإسناده محتمل للتحسين؛ وحسنه الترمذي، وقد
تكلمنا عليه في الكتاب المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وذكرنا هناك أنه لم
يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في محل وضع اليدين إلا هذا (الصدر) . واما الوضع تحت
السرة فلا يصح. وانظر الكتاب الآخر.
119- باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
738- عن علي بن أبي طالب قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ كبر ثم قال:
" وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا
من المشركين. إن صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومماتي لله رب العالمين، لا
شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! أنت الملك لا إله إلا
أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي
ذنوبي جميعاً، لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدِني لأحسن الأخلاق، لا
يهدني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئَها، لا يصرف سيِّئَها إلا أنت،
لبَّيْك وسعديك! والخيرُ كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك
وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك ".(3/345)
وإذا ركع قال:
" اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي
وبصري ومُخِّي وعظامي وعصبي ".
وإذا رفع قال:
" سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلْءَ السماوات والأرض،
ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْء َما شئت من شيء بعْدُ".
وإذا سجد قال: " اللهم! لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت،
سجد وجهي للذي خلقه وصوره فاًحسن صورته، وشق سمعه وبصره،
وتبارك الله أحسن الحالقين "
وإذا سلّم من الصلاة قال:
" اللهم! اغفر لي ما قدَّ مت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما
أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم والمؤخِّر، لا إله إلا أنت ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أبِي: نا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ عن
عَمه الماجِشُون بن أبي سَلَمَةَ عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع
عن عَلي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.(3/346)
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/100- 101) من طريق المصنف.
وأخرجه الطيالسي (رقم 152) : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي
سلمة ... به.
وأخرجه مسلم (2/185- 186) ، وأبو عوانة أيضا، والترمذي (2/250- 251
- طبع بولاق) ، والدارقطني (ص 111) ، والبيهقي (2/32) ، وأحمد (رقم 729
و3 " 8) من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه النسائي (1/142 و 161 و 169) مفرقاً، دون الذكر بعد الركوع وبعد
السلام.
وروى الدارمي (1/282 و 351) منه دعاء الاستفتاح والذكر بعد الركوع.
والخرائطي في "مكارم الأخلاق " (ص 6) دعاء الاستفتاح إلى قوله: " لا
يصرف سيئها إلا أنت ".
ورواه الطحاوي (1/117) إلى قوله: اوأنا أول المسلمين ".
739- عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حذو منكبيه،
ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من
الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من
السجدتين؛ رفع يديه كلذلك وكبر ودعا ... نحو حديث عبد العزيز (يعني:
الذي قبله) في الدعاء يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر: " والخير كله في
يديك، والشر ليس إليك "؛ وزاد فيه: وبقول عند انصرافه من الصلاة:(3/347)
" اللهم اغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا
إله إلا أنت ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو تمام الحديث المتقدم (رقم 729) ؛ وقد
ذكرنا هناك من صححه من الأئمة) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن
ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن
عبد المطلب عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد تقدم بهذا الحديث مختصراً (رقم 729) مع
الكلام عليه وتخريجه؛ فلا داعي للإعادة.
والحديث أخرجه الترمذي (2/251) ... بهذا السند عن هذا الشيخ، وقال:
"حسن صحيح ".
وأخرجه أبو عوانة (2/102) ، والدارقطني (112) ، والبيهقي (2/32- 33)
من طريق ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة ... به مثل حديث عبد العزيز
الذي قبله؛ إلا أنه قال في أوله:
وكان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة قال ... الحديث؛ وليس فيه رفع اليدين.
وأخرج الشافعي في "الأم " (1/91- 92) دعاء الاستفتاح، وزاد- بعد قرله:
" وبذلك أمرت "-: وقال أكثرهم:
" وأنا أول المسلمين ".
قال ابن أبي رافع: وشككت أن يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ".(3/348)
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وفي هذه الرواية- كرواية الكتاب- التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام كان
يقول ذلك في الفريضة. قال الشوكاني:
" وأما مسلم؛ فقيده بصلاة الليل، وزاد لفظ: من جوف الليل ".
وذكر نحوه الحافظ في " بلوغ المرام " (1/231) ، وفي "الفتح " (2/183) !
وهذا وهم منهما؛ فليس هذا القيد في هذا الحديث عند مسلم ولا عند غيره.
والزيادة المذكورة إنما هي عند مسلم (2/184) من حديث ابن عباس الآتي
قريباً في الكتاب (رقم 745) ؛ وهو في "مسلم " قبيل هذا الحديث؛ فلعل نظر
الحافظ انتقل إليه حين كلامه على هذا فوهم؛ وتبعه عليه الشوكاني! والله أعلم.
740- عن شعيب بن أبي حمزة قال:
قال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وكيرهما من فقهاء أهل المدينة: قإذا
قلت انت ذاك؛ فقل: " وأنا من المسلمين "؛ يعني قوله: " وأنا أول
المسلمين ".
(قلت: إسناده صحيح، ولكنا لا نرى جواز هذا التبديل؛ لأنه وهم منشؤه
توهمُ أن معنى: " وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن
كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما
أمر به، ونظيره: {قل إن كان للرحمن وَلَد فأنا أول العابدين} )
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: نا شُرَيْحُ بن يزيد: حدثني شعيب بن أبي
حمزة.(3/349)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 112) من طريق يزيد بن عبد ربه: ثنا شريح
ابن يزيد ... بإسناده عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال:
" إن صلاتي ونسكي ومَحْيَاي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك
أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها
إلا أنت، وقِتِي سيىء الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت ".
قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر ... إلخ.
وأخرج النسائي (1/142) ... بإسناد المصنف: المرفوع منه ففط.
قلت: وهذا التبديل الذي ذهب إليه محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء
المدينة؛ قد تبعهم عليه الإمام الشافعي، فقال في "الأم " (1/92) - بعد أن ساف
الحديث من رواية علي وأبي هريرة-:
" وبهذا كله أقول وآمر، وأحبّ أن يأتي به كما يروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا
يغادر منه شيئاً، ويجعل مكان: " وأنا أول المسلمين ": " وأنا من المسلمين " ... "!
قال الشوكاني في "النيل " (2/162) :
" قال في "الانتصار": إن غير النبي إنما يقول: " وأنا من المسلمين "! وهو وهم
منشفه تَوَهَم أن معنى: {وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص أتصف بذلك بعد
أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة والامتثال لما أمر
به، ونظيره: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} ، وقال موسى: {وأنا
أول المؤمنين} ".(3/350)
وليعْلَمْ أن قوله في الحديث: " وأنا أول المسلمين ": هو الراجح ثبوته عندنا،
وأما رواية: " وأنا من المسلمين "؛ فهي مرجوحة؛ لا بيناه في كتابنا "صفة صلاة
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
ويؤيد ذلك قول ابن أبي رافع المتقدم- ومدار الحديث عليه-: وشككت أن
يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ". فهذا يدل على وهم من قال عنه: " وأنا
من المسلمين "، أو أنه تأول، كما فعل محمد بن النكدر وغيره؛ فتأمل!
741- عن أنس بن مالك:
أن رجلاً جاء إلى الصلاة، وقد حَفَزَهُ النَّفَسً فقال: الله أكبر، الحمد
لله كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته؛ قال:
" أيّكُم المتكلمُ بالكلمات؛ فإنه لم يقل بأساً؟ ".
فقال الرجل: أنا يا رسول الله! جئت وقد حَفَزَني النفَسُ، فقلتها. فقال:
" لقد رأيت اثنيْ عشر ملكاً يبتدرونها؛ أيهم يرفعها؟! - وزاد حميد فيه
- وإذا جاء أحدكم؛ فليَمْشِ نَحْوَ ما كان يمشي؛ فليصل ما أدرك، وليَقْضِ
ما سَبَقَه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه " دون
الزيادة، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " بتمامه) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن قتادة وثابت وحميد عن
أنس
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.(3/351)
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/99) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، وأحمد (3/99) من طريق عفان قال: ثنا حماد بن سلمة ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (2/99) بدون الزيادة.
وكذلك أخرجه النسائي (1/143) من طريق حجاج قال: حدثنا حماد ... به.
وأخرجه أحمد (106) من طريق ابن أبي عدي وسهل بن يوسف- المعنى-
عن حميد وحده ... بتمامه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو ثلاثي.
ثم روى (3/229) - منه الزيادة فقط- من طريق سليمان بن حيان: ثنا
حميد ... به، بلفظ:
" فما أدركه صلى، وما سبقه أتم "؛ وقد علقه المصنف بنحو هذا فيما تقدم؛
فانظر رقم (584 و 585) .
وأخرجه الطيالسي (رقم 2001) : حدثنا همام عن قتادة عن أنس ... به نحوه
دون الزيادة.
742- عن عاصم بن حُمَيْد قال:
سُئِلَتْ عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيام الليل؟
فقالت:
لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك؛ كان إذا قام؛ كبر
عشراً، وحمِدَ اللهَ عشراً، وسبَّح عشراً، وهلَّل عشراً، واستغفر عشراً،
وقال(3/352)
" اللهم! اغفر لي واهد ني، وارزقني وعافني "؛ ويتعوذ من ضيق المُقَام
يوم القيامة.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: نا زيد بن الحبَاب: أخبرني معاوية بن
صالح: أخبرني أزهر بن سعيد الحَرَازِيُّ عن عاصم بن حميد.
قال أبو داود: " رواه خالد بن مَعْدان عن ربيعة الجُرَشِي عن عائشة ... نحوه ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير أزهر بن سعيد الحرازي- وهو أزهر
ابن عبد الله الحرازي في قول البخاري، ووافقه عليه جماعة-؛ وقد وثقه العجلي،
وروى عنه جماعة. وقال الحافظ في "التقريب!:
" صدوق ".
والحديث أخرجه النسائي (1/240) ، وابن ماجه (1/409- 410) من طرق
أخرى عن زيد بن الحباب ... به.
ويشهد له ويقؤيه: الطريق الأخرى التي علَّقها المصنف، وقد وصلها الإمام
أحمد في "المسند" (6/143) : ثنا يزيد قال: أنا الأصبغ عن ثور بن يزيد عن خالد
ابن معدان قال: حدثني ربيعة الجُرَشي قال:
سألت عائشة فقلت: ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا قام من الليل؟ وبِمَ كادْ
يستفْتح؟ قالت: كان يكبر عشراً ... الحديث نحوه.
وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 44) : ثنا محمد بن يحيى: ثنا يزيد
ابن هارون ... به.
وهذا إسناد صحيح. وله طريق ثالث، يأتي في "الأدب ".(3/353)
743- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال:
سألت عائشة: بأي شيء كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح صلاته إذا قام من
الليل؟ قالت:
كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته:
" اللهم! ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل! فاطرَ السماوات والأ رض!
عالمَ الغيب والشهادة! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون:
اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك؛ إنك أنت تهدي من تشاء إلى
صراط مستقيم ".
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة
في "صحيحيهما". وحسنه الترمذي) .
إسناده: حدثنا ابن الثنى: نا عمر بن يونس: نا عكرمة: حدثني يحيى بن
أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ وهو على شرط مسلم؛ وقد
أخرجه كما يأتي؛ وفي عكرمة- وهو: ابن عمار- كلام من قبل حفظه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/5) من طريق المصنف.
وبإسناده: أخرجه مسلم في "صحيحه " (2/185) عن هذا الشيخ- وهو
محمد بن المثنى- وغيره.
وأخرجه النسائي (1/241- 242) ، والترمذي (2/250- طبع بولاق) - وقال:
" حديث حسن "-، وابن ماجه (1/410) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن(3/354)
عمر بن يونس ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/304-305 و 305) من طريقين آخرين عن عكرمة ...
وله عنه طريق رابع، وهو:
743/م- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال:
كان إذا قام بالليل؛ كبَّر وبقول ...
(قلت: إسناده حسن، وفيه التصريح أن هذا الدعاء كان بعد التكبير) .
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: أنا أبو نوح قُراد: نا عكرمة ... بإسناده بلا
إخبار، ومعناه قال.
قلت: وهذا إسناد حسن أيضا؛ وأبو نوح: اسمه عبد الرحمن بن غزوان،
وقراد: لقبه، وهو ثقة، وقد رْاد في الحديث لفظة: كبر؛ وهي منه مقبولة، وهي
زيادة مفيدة؛ حيث عينت موضع قول هذا الدعاء، بينما هو غير واضح في الرواية
الأولى، ولذلك عقَيها المصنف رحمه الله بهذه الرواية.
والحديث أحْرجه أحمد (6/156) : ثنا قراد أبو نوح: أنا عكرمة بن عمار عن
يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ... به.
744- عن مالك قال:
لا بأس بالدعاء في الصلاة: في أوله وأوسطه وفي آخره؛ في الفريضة
وغيرها.
(قلت: إسناده عنه صحيح) .(3/355)
إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى مالك رحمه الله. قال في "عون المعبود":
" هذا نص صريح من الإمام مالك رحمه الله على أنه لا بأس عنده بقراءة
دعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة، لكن المشهور عنه خلافه ".
قلت: وهو الذي نص عليه في "المدونة" (1/62) أنه لا يقول: " سبحانك
اللهم وبحمدك ... إلخ "؛ قال:
" وكان لا يعرف "!
وهذا لا حجة فيه؛ فإن من عرف حجة على من لم يعرف وقد ثبت عنه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ اثنا عشر نوعاً من أدعية الاستفتاح، أوردتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(ص 52- 57) ؛ وقد نم طبعه قريباً، وأورد المصنف قسماً منها في هذا الباب.
744/م- عن رِفَاعة بن رافع الزرَقي قال:
كنا يوماً نصلِّي وراء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلما رفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه
من الركوع قال: " سمع الله لمن حمده "؛ قال رجل وراء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللهم ربَّنا! ولك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما انصرف رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من المتكلم بها آنفاً؟ ".
فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لقد رأيت بضعة وثلاثين مَلَكاً يبتدرونها؛ أيُّهم يكتبها آؤلُ؟! ".(3/356)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وقال الحاكم: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله الُمجْمِر عن علي بن
يحيى الزُرَقِي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرَقي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك في " الموطأً " (1/214) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/227- 228) ، والنسائي (1/162) ،
والحاكم (1/225) ، والبيهقي (2/95) ، وأحمد (4/340) كلهم عن مالك ...
به. وهو عند البخاري من طريق القعنبي عبد الله بن مسلمة شيخ المصنف فيه.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي في إحدى روايتيه. ثم قال الحاكم:
" حديث صحيح، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!
وقد وهما في الاستدراك على البخاري؛ فقد أخرجه!
وللحديث طريق أخرى عن رقاعة بن رافع، ويأتي في الكتاب بعد حديث.
وله شواهد، خرجتها في كتابنا المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "؛ وعسى
أن يُيَسرَ لنا طبعه مع تخريجه؛ بعد أن طبع دون تخريج.
745- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ى ن إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول:
" اللهم! لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت
قَيّام السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت رب السماوات والأرض ومن(3/357)
فيهن، أنت الحق، وقولك حق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق،
والنار حق، والساعة حق، اللهم! لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك
توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما
قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي؛ لا إله إلا أنت ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري
نحوه) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/217) .
ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/184) ، وأبو عوانة (2/300- 301) ،
والترمذي (2/249- طبع بولاق) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وأحمد
(2710 و 2813) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه الطبراني في " معجمه الكبير" من طريق جنادة بن سَلْم عن عبيد الله
ابن عمر عن أبي الزُّبَيْرَ ... به، بلفظ:
كان يقول- بعد التكبير، وبعد أن يقول: " وجهت وجهي للذي فطر
السماوات والأرض حنيفاً مسلماً "-:
" اللهم! لك الحمد ... " الحديث.
وجنادة هذا؛ قال الحافظ:(3/358)
" صدوق له أغلاط ".
وبقية رجال إسناده رجال مسلم؛ غير شيخ الطبراني عبد الرحمن بن سَلْم
الرازي؛ فإني لم أقف له على ترجمة!
وذكر: " وجهت وجهي ... " في هذا الحديث غريب، ولعله من أغلاط
جُنادة!
وأما قوله بعد التكبير؛ فقد توبع عليه، كما تراه في الرواية الثانية في الكتاب.
وقد تابع أبا الزبير: سليمان بن أبي مسلم الأحول:
أخرجه البخاري في "صحيحه " (3/2- 4 و 11/99 و 13/366- 367
و399) ، وفي "أفعال العباد" (ص 96) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/240) ،
والدارمي (1/348) ، وابن ماجه (08/41- 409) ، وأحمد (رقم 3368) ،
والطبراني في "معجمه الكبير" كلهم أخرجوه من طريق سليمان الأحول عن
طاوس ... به.
وأخرجه البيهقي أيضا (3/4- 5) .
وتابعه قيس بن سعد المكي بزيادة فيه؛ وهو:
746- وفي رواية عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في التَّهَجدِ يقول- بعدما يقول: " الله أكبر "- ...
فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن
خزيمة في "صحاحهم ") .(3/359)
إسناده: حدثنا أبو كامل: نا خالد- يعني: ابن الحارث-: نا عمران بن مسلم
أن قيس بن سعد حدثه قال: نا طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو كامل: هو الجَحْدرِيَ فُضَيْل
ابن حسين.
والحديث أخرجه مسلم (2/184- 185) ، وأبو عوانة (2/301) ، وابن نصر
في " قيام الليل " (ص 44) من طريق مَهْدِيِّ بن ميمون: حدثنا عمران القصير ...
به بتمامه؛ إلا أن مسلماً لم يسق لفظه؛ وانما أحال به على الرواية الأولى.
والحديث أخرجه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه "، كما في "الفتح ".
وأخرجه الطبراني أيضا في "الكبير".
747- عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال:
صلَّيْتُ خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعطس رفاعة- لم يقل قتيبة: رفاعة-،
فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا
ويرضى. فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ انصرف فقال:
" من المتكلم في الصلاة؟ " ... ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه.
(قلت: يعني: حديث رفاعة (رقم 744/م) ، وهذ اإسناده حسن، وقال
الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد [وسعيد] بن عبد الجبار ... نحيه- قال قتيبة-:
نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن
رافع.(3/360)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير رفاعة بن
يحيى؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات. وقال الحافظ فيه:
" صدوق ".
وأما معاذ بن رفاعة؛ فقد تكلم فيه الأزدي بغير حجة؛ مع أن البخاري قد
أخرج له!
والحديث أخرجه النسائي (11/47) ، والترمذي (2/254- 255) عن قتيبة.
وأخرجه البيهقي (2/95) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: ثنا سعيد
ابن عبد الجبار البصري - من كتابه-: أخبرني رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن
رفاعة بن رافع الزرقي أبو يزيد إمام المسجد ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ".
120- باب من رأى الاستفتاح ب: " سبحانك اللهم وبحمدك "
748- عن أبي سعيد الخدري قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول:
" سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله
غيرك "، ثم يقول: " لا إله إلا الله " ثلاثاً، ثم يقول:
" الله أكبر كبيراً "- ثلاثاً- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان
الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه " ثم يقرأ.
(قلت: إسناده صحيح) .(3/361)
إسناده: حدثنا عبد السلام بن مطَهر: نا جعفر عن علي بن علي الرفاعي عن
أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري.
قال أبو داود: " وهذا الحديث؛ يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن ...
مرسلأ، الوهم من جعفر "!
قلت: وهذا إسناد صحيح عندي، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير علي
ابن علي الرفاعي، وهو ثقة كما قال ابن معين وأبو زرعة ووكيع وغيرهم. وقال
أحمد:
" لم يكن به بأس؛ إلا أنه يرفع أحاديث ".
قلت: وهذا لا يسقط الاحتجاج بحديثه؛ لأن غاية ما فيه: أنه أخطأ أحياناً
فرفع أحاديث موقوفة، ومن ذا الذي لا يخطئ؟! قالحق أنه صحيح الحديث؛ إلا إن
ظهر خطؤه.
وجعفر: هو ابن سليمان الضبَعِي.
والمصنف رحمه الله أعل الحديث بأنه روي مرسلاً، وأن جعفر بن سليمان وهم
فيه فرواه موصولأ!
وهذا ليس بشيء عندنا؛ لأن جعفراً ثقة عند ابن معين وابن سعد وابن
المديني وغيرهم، وغاية ما قيل فيه: أنه كان يتشيع. وهذا لا يضر في روايته بعد
ثبوت عدالته وصدقه. وقد قال البزار:
" لم أسمع أحداً يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه؛ إنما ذكرت عنه
شيعيته، وأما حديثه فمستقيم ".
والحديث أخرجه الطحاوي (1/116) : حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ئنا(3/362)
أبو ظَفَرٍ عبد السلام بن مطهر ... به.
ثم أخرجه هو، والنسائي (1/143) ، والترمذي (2/9- 10) ، والدارمي
(1/284) ، وابن ماجه (1/268) ، والدارقطني (ص 112) ، والبيهقي (2/34) ،
وأحمد (3/50) ، وابن خزيمة (467) من طرق أخرى عن جعفر ... به. وقال
الترمذي:
" وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب ". قال:
" وقد تُكُلم في إسناده، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي
الرفاعي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث "!
قلت: لا شك عندنا في أن الحديث صحيح، وقد عرفت الجواب عمَّا أُعِل
به، لا سيما وأن له شواهد كثيرة تقويه؛ منها حديث عائشة، وقد أورده المصنف
عقبه، وهو:
749- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصلاة قال:
" سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله
غيرك ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا حسين بن عيسى: نا طَلْقُ بن غَنّام: نا عبد السلام بن حَرْبٍ
المُلائي عن بُدَيْلِ بن مَيْسَرةَ عن أبي الجَوْزَاء عن عائشة. ً
قال أبو داود: " وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم(3/363)
يروه إلا طلق بن غَنام. وقد روى قصة الصلاة عن بديل: جماعة؛ لم يذكروا فيه
شيئاً من هذا "!
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ لكنه منقطع؛ فان أبا
الجوزاء لم يسمع من عائشة، كما قال البزار، وسنذكر نص كلامه في ذلك عند
حديث عائشة الآخر (رقم 752) . وقال الحافظ في "التلخيص " (3/303) :
" ورجال إسناده ثقات؛ لكن فيه انقطاع ".
قلت: فهذا هو علة الحديث الحقيقية؛ ولولاها لكان إسناده صحيحاً.
وأما إعلال المصنف بتفرد طلق بن غَنَّام به؛ فليس بعلة قادحة؛ قال ابن
التركماني:
" وقال صاحب "الإمام " ما ملخصه: طلق؛ أخرج له البخاري في
"صحيحه "، وعبد السلام وثقه أبو حاتم، وأخرج له الشيخان في "صحيحيهما"،
وكذا من فوقه إلى عائشة، وكونه ليس بمشهور عن عبد السلام؛ لا يقدح فيه، إذا
كان راويه عنه ثقة، وكون الجماعة لم يذكروا عن بديل شيئاً من هذا؛ قد عرف ما
يقوله أهل الفقه والأصول فيه، ويحتمل أن يقال: هما حديثان؛ لتباعد لفاظهما ".
والحديث الآخر: هو حديث عائشة الذي أشرنا إليه آنفاً.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 112) من طريق المصنف، وقال:
" قال أبو داود: لم يروه عن عبد السلام غير طلق بن غَنام. وليس هذا الحديث
بالقوي "!
وأخرجه الحاكم (1/235) ، وعنه البيهقي (2/33- 44) من طريق العباس بن
محمد الدوري: ثنا طلق بن غَنَّام ... به. وقال الحاكم:(3/364)
" صحيح الإسناد "! وفي "التلخيص ":
" على شرطهما "! كذا!
وله طريق أخرى: أخرجه الترمذي (2/11) ، وابن ماجه (1/269) ،
والطحاوي (1/117) ، والدارقطني أيضا (ص 113) ، والحاكم، والبيهقي (2/34)
من طريق أبي معاوية عن حارثة بن محمد عن عمرة عنها ... به. وقال الحاكم
والذهبي:
" صحيح، وفي حارثة لين ". وقال البيهقي:
" لم نكتبه إلا من حديث حارثة بن أبي الرجال، وهو ضعيف ".
وأما قول الترمذي: " لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه "!
ففيه إشارة إلى أنه لم يقف عليه من الطريق الأولى. ومن حفظ حجة على
من لم يحفظ.
وبهذين الطريقين يأخذ الحديث قوة، وله شواهد يرتقي بها بلى درجة الصحيح.
ومن شواهده: حديث أبي سعيد الذي قبله.
وبقية الشواهد؛ خرجتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
121- من باب السَّكْتة عند الافتتاح
750- عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبَّر في الصلاة؛ سكت بين التكبير والقراءة.
فقلت له: بأبي أنت وأمي؛ أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة؛ أخبرني(3/365)
ما تقول؟ قال:
" اللهم! باعدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدت بين المشرق والمغرب.
اللهم! أنقني من خطايايَ كالثوب الأبيض من الدنسِ. اللهم! اغسلني
بالثّلْجِ والماءِ والبَرَدِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: نا محمد بن فُضَيْل عن عُمارة. وثنا
أبو كامل: نا عبد الواحد عن عمارة- المعنى- عن أبي زرعة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو من طريق أبي كامل
- واسمه فضيل بن حسين الجَحْدَرِي- على شرط مسلم.
وأحمد بن أبي شعيب؛ نُسِبَ إلى جده؛ فإنه أحمد بن عبد الله بن أبى
شعيب مسلم الحَرَّاني أبو الحسن مولى قريش.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/98) عن المصنف ... بإسناده الأول.
وأخرجه أحمد (2/231) : ثنا محمد بن فضيل ... به.
وأخرجه مسلم (2/99) ، وابن ماجه (1/268- 269) من طرق أخرى عن
ابن فضيل ... به.
ثم أخرجه مسلم بإسناد المصنف الثاني فقال: ثنا أبو كامل: حدثنا
عبد الواحد ... به.
وأخرجه البخاري (2/180- 183) ، وأبو عوانة من طرق أخرى عن(3/366)
عبد الواحد ... به.
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/21 و 142) من طريق جَرير عن
عمارة بن القعقاع ... به.
122- باب من لم يَرَ الجهرب (بسم الله الرحمن الرحيم)
751- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة ب (الحمد
لله رب العالمين) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: هشام عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة " (ص 12) ، والدارمي
(1/283) ... بسند المصنف عن هذا الشيخ.
وأخرجه أحمد (3/273) عن غيره فقال: ثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني
هشام ... به.
وأخرجه البخاري فيه، وفي "صحيحه " (2/180) ، ومسلم (2/12) ، وأبو
عوانة (2/112) ، والطحاوي (1/119) ، والدارقطني (ص 119) ،واالبيهقي
(2/51) ، والطيالسي (رقم 1975) ، وأحمد (3/179 و 273 و 275) من طريق
شعبة عن قتادة ... به، وقد صرح قتادة بالتحديث: عند مسلم والطيالسي وأحمد.(3/367)
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والبخاري في "جزئه "، والشافعي في "الأم "
(1/93) ، والنسائي (1/143) ، والترمذي (2/15) - وقال: " حديث حسن
صحيح "-، وابن ماجه (1/271) ، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وأحمد
(223) من طرق أخرى عن قتادة ... به.
وهذا الحديث عن أنس متواتر؛ فقد جمعت له عشرة طرق أخرى عنه؛ وقد
خرجتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ فلتراجع.
752- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله
رب العالمين) ، وكان إذا ركع لم يُشْخِصْ رَأْسَهُ ولم يُصَوِّبه؛ ولكن بين
ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع؛ لم يسجد حتى يستويَ قائماً، وكان
إذا رفع رأسه من السجود؛ لم يسجد حتى يستويَ قاعداً، وكان يقول في
كل ركعتين التحيات، وكان إذا جلس يَفْرِشُ رجله اليسرى، وَينْصِبُ
رجله اليمنى، وكان ينهى عن عَقِبِ الشيطان، وعن فِرْشَةِ السبُع، وكان
يختِمُ الصلاةَ بالتسليم.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان
(1765) في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: نا عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلِّم عن بديلِ
ابن مَيْسَرَةَ عن أبي الجوزاء عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ لكنه منقظع؛ فقد
قال ابن عبد البر في "الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف " (ص 9) :(3/368)
" رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم؛ إلا أنهم يقولون (يعني: أئمة
الحديث) : إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وحديثه عنها إرسال ".
وقد أشار إلى هذا البخاري في ترجمة أبي الجوزاء- واسمه أوس بن عبد الله-؛
فقال:
" في إسناده نظر ". قال الحافظ في "التهذيب ":
" يريد: أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما؛ لا أنه ضعيف
عنده".
ويؤيد ما ذكرنا من الانقطاع: ما في "التهذيب ": أن جعفراً الفريابي قال في
"كتاب الصلاة": ثنا مزاحم بن سعيد: ثنا بن المبارك: ثنا إبراهيم بن طَهْمان: ثنا
بديل العُقَيْلي عن أبي الجوزاء قال:
أرسلت رسولاً إلى عائشة يسالمها ... فذكر الحديث 0
قلت: فعاد الحديث إلى رجل مجهول؛ وهو الواسطة بين أبي الجوزاء وعائشة.
ولكن الحديث صحيح لغيره؛ لأن لبعضه طريقاً أخرى، ولسائره شواهد تقريه.
أما الطريق: فأخرجه البيهقي من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا أبو الربيع: ثنا
حماد: ثنا بديل عن عبد الله بن شقيق عن عائشة.
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب
العالمين) .
وأبو الربيع هذا؛ لم أعرفه.
ويوسف بن يعقوب: هو القاضي، وهو صدوق، كما في "اللسان ".(3/369)
ولعل عبد الله بن شقيق هو الرسول الذي لم يُسَم في الرواية الأولى؛ فإن كان
هو فهو ثقة. والله أعلم.
وأما شواهده:
فمنها: حديث أبي حميد المتقدم (رقم 720 و 723) ؛ وفيه صفة الركوع،
والاطمئنان بعد الرفع منه، وبين السجدتين.
ومنها: حديث وائل بن حُجْر؛ وفيه الافتراش، وقد تقدم أيضا (رقم 716) ،
ويأتي (رقم 884) .
ومنها: حديث ابن مسعود في التسليم، ويأتي (رقم 914) .
ومنها: حديث عبد الله ابن بُحَيْنَةَ والمغيرة بن شعبة في التشهد الأول،
ويأتيان أيضا (رقم 946 و 949) ، وغيرهما مما يأتي.
ومنها: حديث أنس في النهي عن افتراش السبع، ويأتي (رقم 834) .
وأما النهي عن عقب الشيطان- وهو الإقعاء-؛ فقد ورد في النهي عنه أحاديث
من رواية أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. وسمرة بن جندب،
وقد خرجها الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/232) ، وبيَّن عللها. وهي- وإن كان
كل منها على انفراده لا يخلو من مقال- فبعضها يقؤي بعضاً، وقد صحح الحاكم
منها حديث سمرة، ووافقه الذهبي.
ليُعْلَمْ أن هذا الإقعاء المنهي عنه: هو غير الإقعاء على القدمين؛ فإن هذا
ثابت مشروع بحديث ابن عباس الآتي في الكتاب (رقم 791) ، ولعلنا نذكر هناك
الفرق بين الإقعاءين.
ثم لم يتيسر ذكره إلا عند الحديث (838) ، فراجعه.(3/370)
والحديث أحرجه مسلم (2/54) ، وأبو عوانة (2/94 و 96 و 164 و 189
و222) - مفرقاً-، وابن خزيمة (699) ، وابن حبان (1765- الإحسان) ، والبيهقي
(2/15 و 113 و 172) ، وأحمد (6/31 و 194) من طرق عن حسين المعلِّم ...
به. وفي رواية للبيهقي (2/133) : بين كل ركعتين: التحية. وهو بمعنى رواية
المصنف والآخرين: في كل ...
وروى منه ابن ماجه (1/271) : الجملة الأولى منه، دون التكبير.
وأخرجه الطيالسي (رقم 388- من ترتيبه) : حدثنا عبد الرحمن بن بديل
العُقَيْلي- بصري ثقة صدوق- عن أبيه عن أبي الجوزاء عنها ... به بتمامه.
وعبد الرحمن بن بدبل ثقة، كما قال الطيالسي. وقال ابن معين وأبو داود
والنسائي:
" ليس به بأس ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ".
753- عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أُنْزِلَتْ عليَّ آنفاً سورةٌ "، فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم. إنا
أعطيناك الكوثر ... ) حتى ختمها، قال:
" هل تدرون ما الكوثر؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال:
" فإنه نهر وَعَدَنِيهِ رَئي عز وجل في الجنة ".
(قلت: إسناده حسن. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"،
وسيأتي في "السنة" ( ... ) [باب في الحوض] بإسناده وزيادة في متنه) .(3/371)
إسناده: حدثنا هَنادُ بن السٌرِيِّ: ثنا ابن فُضَيْل عن المختار بن فُلْفُل قال:
سمعت أنس بن مالك يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ إلا أن في الختار بن فُلْفُل
بعض الضعف، أشار إليه الحافظ بقوله:
" صدوق له أوهام ".
وقد وثقه أحمد وجماعة.
والحديث أخرجه مسلم (2/13) من طريق محمد بن العلاء: أخبرنا ابن
فضيل ... به.
وأخرجه هو، وأبو عوانة (2/121- 122) ، والبيهقي (2/43) وغيرهم من
طريق علي بن مسْهِرٍ عن المختار بن فُلْفُل ... به.
وأبو عوانة عن سفيان عن الختار ... به؛ وزادا في متنه:
" تَرد عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُة عددَ النُجومِ، فَيُخْتَلَجُ العبد منهم، فأقول:
رب! إنه من أمتي! فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك ".
واللفظ لابن مسهر.
123- باب من جهر بها
754- عن ابن عباس قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْرِفُ فصل السورة، حتى تنزل عليه: (بسم الله
الرحمن الرحيم) .(3/372)
(إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيّ وابن السرْحِ قالوا:
ثنا سفيان عن عمروعن سعيد بن جبير- قال قتيبة- عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار.
والحديث أخرجه البيهقي (2/42) من طريق المصنف.
والحاكم (1/231) ، والبزار (3/4/21870) من طريقين آخرين عن
سفيان ... به.
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/153) من طريق ثالثة: حدثنا يونس:
حدثنا سفيان ... به؛ ووقع في الأصل: (شفيق) مكان: (سفيان) ! وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وتابعه ابن جريج: ثنا عمرو بن دينار ... به نحوه.
أخرجه الحاكم والبيهقي.
وتابعه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
كان جبربل إذا نزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (بسم الله الرحمن الرحيم) ؛ علم
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن السورة قد انقضت.
أخرجه الطحاوي من طريق مُبَشِّر بن عبد الله عن سالم الأفظس ... به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير مبشر بن عبد الله- وهو ابن رَزِين أبو بكر
النَّيْسَابوري-؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعدبل " (4/1/344) :
" روى عن سفيان بن حسين. روى عنه الحسين بن منصور النيسابوري ".(3/373)
قلت: ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! وقد روى عنه عيسى بن سليمان
أيضا، كما في هذا الإسناد- وهو أبو طَيْبَةَ الدارمي الجُرْجَاني-، ترجمه ابن أبي
حاتم أيضا (3/278) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً!
والحديث أخرجه الضياء في "المختارة" (61/ 252/ 1-2)
124- باب تخفيف الصلاة للأمر يَحْدث
755- عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أُطَوِّلَ فيها، فأسمع بُكاءَ الصَّبِيِّ،
فأتَجوزُ؛ كراهِيَةَ أن أشُقَّ على أمهِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وابن حبان (2136)) .
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن
بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من طريق بشر بن بكر.
وعمر بن عبد الواحد متابع، وليس من رجاله، ولكنه ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (3/118) من طريق المصنف.
وهو، والنسائي (1/132) ، وأحمد (5/305) من طريق عبد الله بن المبارك:
آبَنا الأوزاعي ... به.
وعلقه البخاري عن بشر وابن المبارك وبقية عن الأوزاعي.(3/374)
وأسنده (1/118- طبع النهضة) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا
الأوزاعي ... به.
ورواه ابن ماجه (991) من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي ... به.
125- باب في تخفيف الصلاة
756- عن جابر قال:
كان معاذٌ يصلِّي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع فيَؤمُّنا- قال مرة: ثم يرجع
فيصلي بقومه-؛ فأخَّرَ النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةً الصلاةَ- وقال مرةً: العشاءَ-،
فصلى معاذ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم جاء يؤتمُ قومه، فقرأ البقرة، فاعتزل رجل
من القوم فصلَّى، فقيل: نافقت يا فلان! فقال: ما نافقت. فآتَى رسولَ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
إن معاذاً يصلي معك، ثم يرجع فيَؤُمُّنا يا رسول الله! إنما نحن أصحاب
نواضح، ونعمل بأيد ينا، وإنه جاء يؤمُّنا، فقرأ بسورة (البقرة) ؟! فقال:
" يا معاذ! أفتان أنت؟! أفتان أنت؟! اقرأ بكذا، اقرأ بكذا ".
قال أبو الزبير: بـ (سبح اسم ربك الأعلى) ، و (الليل إذا يغشى) .
فذكر لعمرو؟ فقال: أراه قد ذكره.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن عمرو سمعه من جابر.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار.(3/375)
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (3/8؟ 3) ... بهذا السند.
وكذلك أخرجه الشافعي كما تقدم (613) .
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (3/85) .
ثم أخرجه البيهقي، وكذا أبو عوانة في "صحيحه " (2/156) من طريق
الحميدي قال: ثنا سفيان قال: ثنا عمرو بن دينار وأبو الزبير أنهما سمعا جابر بن
عبد الله يقول ... فذكره، وفي آخره: قال سفيان: قال أبو الزبير: قال له النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقرأب: (سبح اسم ربك الأعلى) ، (والسماء والطارق) ، (والسماء
ذات البروج) ، (والشمس وضحاها) ؛ (والليل إذا يغشى) ، ونحوها ". فقلت
لعمرو ...
وتابعه محمد بن عباد: حدثنا سفيان ... به، وزاد في وسطه:
فانحرف رجل فسلم، ثم صلى وحده ... وقال في آخره:
فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: " اقرأ ... " نحوه.
أخرجه مسلم، والبيهقي (3/85) ، وقال:
" لم يقل أحد في هذا الحديث: و (سلم) إلا محمد بن عباد ".
قلت: وهو صدوق يهم؛ كما في "التقريب "؛ فلا تقبل زيادته على الثقات.
وتابعه الليث بن سعد عن أبي الزبير ... به؛ ولفظه في آخره:
" إذا أممت الناس؛ فاقرأ بـ: (الشمس وضحاها) و (سبح اسم ربك
الأعلى) ، و (اقرأ باسم ربك) ، و (الليل إذا يغشى) ".(3/376)
وأخرجه البخاري (1/118) من طريق محارب بن دِثارٍ: سمعت جابر بن
عبد الله ... به نحوه.
757- عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل:
" كيف تقول في الصلاة؟ ". قال:
أتشهّد وأقول: اللهم! إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار. أما إني
لا أحسن دَنْدَنَتَكَ ولا دنْدَنَةَ معاذ! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" حولها ندندن ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن علي عن زائدة عن
سليمان عن أبي صالح.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة
الصحابي لا تضر.
والحسين بن علي: هو الجعْفِيُ.
وزائدة: هو ابن قدَامة.
وسليمان: هو الأعمش.
وأبو صالح: هو ذَكْوان السَّمَّان والد سهيل.
والحديث أخرجه أحمد (3/474) : ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة ... به.(3/377)
وتابعه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش ... به، وسمّى الصحابي أبا
هريرة.
أخرجه ابن ماجه (1/294- 295) ، وابن حبان (514) .
وله شاهد من حديث جابر.
أخرجه البيهقي (3/116- 117) بإسناد صحيح؛ وفيه أن الرجل هو صاحب
قصة معاذ المذكورة قبله.
وقد أخرجه أحمد (5/74) عنه مع للقصة؛ وفيه أنه من بني سَلِمَة؛ يقال له:
سليم.
وإسناده صحيح أيضا.
758- عن جابر ... ذكر قصة معاذ؛ قال: وقال- يعني- النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كيف تصنع يا ابن أخي! إذا صليت؟ ".
قال: أفرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني
لا أدري ما لَنْدَنَتُكَ ولا دَنْدَنَةُ معاذ؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إني ومعاذاً حول هاتين؛ أو نحو هذا ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا يحيى بن حبيب: ثنا خالد بن الحارث: ثنا محمد بن
عجلان عن عبيد الله بن مِقْسَم عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج(3/378)
لابن عجلان متابعةً.
والحديث أخرجه البيهقي (3/116- 117) من طريق المصنف ... بأنم مما هنا.
759- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم للناس فليخفِّف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيمَ
والكَبيرَ، وإذا صلى لنفسه؛ فليطوِّل ما شاء ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذ اأبو عوانة
في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين.
والحديث في "الموطأ" (1/154) ... بهذا الإسناد.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/118) أيضا، والنسائي (1/132) ،
والبيهقي (13/17) ، وأحمد (2/486) ، وأبو عوانة (2/88) .
وأخرجه مسلم (2/43) ، والترمذي (2/461) ، والبيهقي من طريق المغيرة بن
عبد الرحمن الحِزَامي عن أبي الزناد ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (2/256 و 271 و 317 و 393 و 472
و486 و 502 و 525 و 537) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... نحوه.
وبعضها عند المصنف باللفظ الآتي بعده. وفي لفظ لأحمد (2/472) :(3/379)
" تَجَوَّزوا في الصلاة؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ".
وإسناده على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو نعيم أيضا (7/364) ، والخطيب في "التاريخ " (7/415- 416) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً به.
أخرجه الطبراني (2/3/157) ، وعنه الضياء في "المختارة" (60/222/1) ؛
ورجاله ثقات.
وآخر عن أبي مسعود: عند أبي نعيم (4/218) .
وأصله في "الصحيحين "، وغيرهما كأحمد (4/118 و 119 و 5/273) ،
والطبراني في "المعجم الكبير" (17/206- 208) ؛ وفيه أن الصلاة كانت صلاة
الغداة، ولم يُسَمِّ الإمام.
فهي قصة غير قصة معاذ؛ لأنها كانت في صلاة الفجر. وأكد الحافظ ذلك،
فقال- تحت حديث أبي مسعود (2/198) -:
" ووهم من فسرَ الإمام البهم هنا بمعاذ! بل المراد به أُبي بن كعب؛ كما
أخرجه أبو يعلى- بإسناد حسن- من رواية عيسى بن جارية- وهو بالجيم- عن
جابرقال: كان أُبيّ بن كعب يصلي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فدخل معه
غلام من الأنصار ... " إلخ.
قلت: عيسى بن جارية مختلف فيه، وهو وسط، كما قال الذهبي في
"الميزان ". وقال الحافظ في "التقريب ":
"فيه لين ".(3/380)
فلا تقبل زيادته على حديث "الصحيحين " وغيرهما من طرق عن جابر وغيره،
وهو مخرج في "الإرواء" (1/328- 331) ، ومنها الحديث المتقدم برقم (758)
وحديث عيسى في "مسند أبي يعلى" (3/333 و 334- 335) .
ومن ضعف التخريج والتحقيق: أن المعلق عليه قال- بعد أن ضغف عيسى-:
" ولكن يشهد له حديث أبي مسعود البدري في "الصحيحين " ... "!
فلم يتنبّه لكون المشهود له فيه زيادة ليست في الشاهد، وهي ذكر (أُبي)
و (قباء) !
وتبعه على ذلك: المعلق على " المقصد العَلِى" (1/146) ؛ وهو ظِفهُ!
760- وعنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم السقيم، والشيخ
الكبير، وذا الحاجة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن
ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/271) : ثنا عبد الرزاق ... به.
ثم أخرجه (2/502) من طريق محمد عن أبي سلمة وحده.
وهو في "الصحيحين " وغيرهما من طريق الأعرج عن أبي هريرة ... نحوه؛(3/381)
وهو الذي في الكتاب قبله.
وله طرق أخرى عنه؛ أشرت إليها هناك.
126- باب ما جاء في نقصان الصلاة
761- عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إن الرجل لينصرف؛ وما كتبَ إلا عُشُرُ صلاتِهِ، تُسُعُها، ثُمُنُها،
سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثلُثُها، نِصْفها ".
(قلت: حديث حسن. وأخرجه أحمد بإسناد صححه الحافظ العراقي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن بكر بن مضر عن ابن عجلان عن سعيد
المَقْبُرِيِّ عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عَنَمَةَ المزني عن عمار بن ياسر.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان عبد الله بن عَنَمَةَ صحابيّاً؛ فقد أثبتها له
بعضهم؛ فقال ابن يونس في "تاريخ مصر":
" عبد الله بن عَنَمَةَ المزني: صحابي شهد فتح الإسكندرية ". وقال ابن
منده:
" له صحبة، ولا تعرف له رواية ". يعني: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا ينافي أن له
رواية عن غيره عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في هذا الإسناد- خلاقاً لما ذهب إليه الحافظ!
وبقية رجاله ثقات.
والحديث أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/30) ، والبيهقي
(2/281) ، وأحمد (4/321) من طرق عن ابن عجلان ... به. وقال البيهقي:(3/382)
" هكذا رواه ابن عجلان عن سعيد المقبري. ورواه عبيد الله بن عمر عن سعيد
ابن أبي سعيد المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
عن أبيه:
أن عمار بن ياسر صلى ركعتين، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا
اليقظان! أراك قد خففتها.
ورواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عمر بن الحكم
ابن توبان عن أبي لامميص الخُزَاعي قال:
دخل عمار بن ياسر ... فذكره.
ورواه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم عن أبي
اليَسَرِ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف، والثلث،
والربع، والخمس " حتى بلغ العشر.
رواه خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبيه عن
أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ".
قلت: ويتلخص من كلام البيهقي: أنه قد اضْطُرِبَ في إسناد هذا الحديث
على سعيد المقبري وغيره على وجوه كثيرة:
الأول: عن سعيد عن عمر عن الحكم بن ثوبان عن عبد الله بن عَنَمَةَ عن
عمار: رواه ابن عجلان عنه.
الثاني: عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ... مرفوعاً: رواه سعيد بن أبي
هلال عنه.
الثالث: عن سعيد عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه(3/383)
أن عمار بن ياسر ... رواه عبيد الله عنه.
قلت: وهذا؛ وصله الإمام أحمد (4/319) : تنا يحيى بن سعيد عن
عبيد الله ... به. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/154) :
" إسناده صحيح "!
كذا قال! وعمر بن أبي بكر هذا لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه
جمع، ثم هو مضطرب كما ترى.
وقد أخرجه الطيالسي في "مسنده " (650) : ثنا العمري قال: ثني سعيد
المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال:
رأيت عمار بن ياسر صلى ركعتين ...
فأسقط من الإسناد: عمر بن أبي بكر! لكن العمري- وهو عبد الله بن عمر
المكبر- ضعيف.
الرابع: عن عمر بن الحكم أيضا عن أبي لاس الخزاعي: دخل عمار ... رواه
ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عنه.
الخامس: عن ابن الحكم أيضا عن أبي اليَسَرِ ... مرفوعاً: رواه سعيد بن أبي
هلال عنه.
قلت: وهذا؛ عزاه المنذري في " الترغيب " (1/184) للنسائي! والظاهر أنه
يعني: "سننه الكبرى"؛ فإني لم أره في "الصغرى" له، ولا عزاه إليه النابلسي في
" الذخائر"!
وأخرجه الطحاوي (2/31) .
ولعل أرجح هذه الوجوه: الوجه الثالث؛ لاتفاق عبيد الله وعبد الله العمريين(3/384)
عليه؛ إلا أن المكبر منهما لم يذكر في السند: عمر بن أبي بكر، وأثْبته عبيد الله،
وهو ثقة ثبت، فروايته أرجح، والسند حسن، وقد صححه العراقي كما سبق. والله
أعلم.
127- باب القراءة في الظهر
762- عن أبي هريرة قال:
في كل صلاة يُقرأ؛ فما أسْمَعَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! أسمَعْناكم، وما أخفى
علينا أخفينا عليكم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وابن حبان
(1778) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس بن سعد وعمارة بن
ميمون وحبيب عن عطاء بن أبي رباح أن أبا هريره قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير عمارة
ابن ميمون، فهو مجهول، ولا يضر ذلك؛ فإنه مقرون مع قيس بن سعد وحبيب
- وهو العلم-.
والحديث أخرجه أحمد (2/416) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به؛ إلا أنه لم
يذكر: عمارة بن ميمون.
وأخرجه مسلم (2/10) ، وأبو عوانة (2/125) من طريق حبيب المعلم وحده؛
وزاد في آخره:
" ومن قرأ بأُم الكتاب؛ فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل ".(3/385)
ثم أخرجاه، وكذا البخاري (1/127) ، والنسائي (1/153) ، والبيهقي
(2/61) ، وأحمد (2/258 و 273 و 285 و 301 و 308 و 348 و 411 و 435
و443 و 446 و 487) من طرق عن عطاء ... به.
763- عن أبي قتادة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر- في الركعتين
الأُولَيَيْن- بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطوِّل
الركعة الأولى من الظهر، ويقصِّر الثانية، وكذلك الصبح
وفي رواية عنه ببعض هذا وزاد: في الأخريين بفاتحة الكتاب ... وزاد
همام: وكان يطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية، وهكذا في
صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغداة (1) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
__________
(1) إسنادها: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا همام وأبان بن يزيد
العطارعن يحيى عن على الله بن أبي قتادة، عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (2/37) ، وأبو عوانة (2/51) ، والنسائي (1/153) ،والدارمي
(2/296) ، والبيهقي (2/63) من طرق أخرى عن يزيد بن هارون ... به؛ إلا أن الدارمي لم
يذكر في إسناده: أبان بن زيد العطار.
وعكسَ ذلك النسائيُ.
وأخرجه البخاري (2/128- 129) ، والبيهقي (2/65- 66 و 193) من طرق أخرى عن
همام بن يحيى وحده.(3/386)
وفي رواية أخرى عنه قال: فظننَّا أنه يريد بذلك أن يُدرك الناسُ
الركعةَ الأولى " (1) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله. (ح) قال: وثنا
ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن الحجاج- وهذا لفظه- عن يحيى عن عبد الله بن
أبي قتادة- قال ابن الثنى- وأبي سلمة- تم اتفقا- عن أبي قتادة. قال أبو داود:
" ولم يذكر مسدد: فاتحة الكتاب وسورة ".
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ مسدد- وهو ابن مسرهد- من
شيوخ البخاري.
وابن المثنى- واسمه محمد- من شيوخ الشيخين.
وكذلك سائر الرواة.
والحديث أخرجه مسلم (2/37) : حدثنا محمد بن المثنى ... به.
وأخرجه البخاري (1/126 و 129) ، وأبو عوانة (2/151) ، والنسائي
(1/153) ، والبيهقي (2/65 و 347) من طريقين آخرين عن هشام ... به.
ثم أخرجوه، وكذا الدارمي (2/296) ، والبيهقي (2/59 و 63 و 65- 66 و 193
و348) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أ
أبيه.
__________
(1) إسنادها: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن يحيى عن
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (2/66) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن حبان (1852) من طريق سفيان عن معمر ... به.(3/387)
764- عن أبي معمر قال: قلنا لِخَبابٍ:
هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بِمَ
كنتم تعرفون؟ قال: باضطراب لحيته.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عمَارة بن
عمير عن أبي معمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن عبد الواحد متكلم فيه في
روايته عن الأعمش خاصة! ففي "الخلاصة".
" قال أبو داود الطيالسي: وصل أحاديث أرسلها الأعمش. وقال ابن معين:
ثقة. وفي رواية: ليس يشيء. وقال القطان: لا يَعْرِف من حديث الأعمش حرفاً.
قال الحافظ أبو الفضل: يعني: لا يحفظه؛ وإلا فحديثه عنه في (خ م) ، وهو
صاحب كتاب. وقال الحافظ في "التقريب ":
" ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال ".
قلت: لكنه قد توبع- كما يأتي-؛ فالحديث مما حفظه عن الأعمش.
والحديث أخرجه البخاري (2/126) ، والبيهقي (2/37 و 54) من طرق
أخرى عن الأعمش ... به، وقال البيهقي- عقبه في الموضع الثاني المشار إليه-:
" مخرج في "الصحيحين " من حديث الأعمش. وفيه دليل على أنه لا بد من
أن يحَرِّكَ لسانه بالقراءة "!
قلت: لم يخرجه مسلم؛ فهو من أفراد البخاري!(3/388)
128- باب تخفيف الأُخْرًييْنِ
765- عن جابر بن سمرة قال:
قال عمر لسعد: قد شَكَاكَ الناسُ في كلِّ شيء؛ حتى في الصلاة؟! قال:
أمَّا أنا، فآمُدً في الأُولَيَيْنِ، وأحْذِفُ في الأخْرييْنِ، ولا آلُو ما اقتديت
به من صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:
ذاك الظن بك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن محمد بن عبيد الله أبي عون
عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إساد صحيح على شرط البخاري؛ وحفص بن عمر: هو أبو عمر
الحَوْضِي.
والحديث أخرجه الطيالسي (94/1/414- ترتيبه) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه البخاري (2/127) ، ومسلم (2/38) ، وأبو عوانة (2/150) ،
والنسائي (1/155) ، والبيهقي (2/65) ، وأحمد (1/175) من طرق عن
شعبة ... به.
وتابعه عبد الملك بن عمير عن جابر: عند مسلم وأبي عوانة والبيهقي وأحمد
(1/176 و 179 و 180) .(3/389)
766- عن أبي سعيد الخدري قال:
حَزَرْنَا قيام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الظهر والعصر؛ فحزرنا قيامه في
الركعتين الأُولَيَيْنِ من الظهر: قَدْرَ ثلاثين آية، قَدْرَ (الم. تنزيل)
السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين: على النصف من ذلك، وحزرنا
قيامه في الأوليين من العصر: على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه
في الأخريين من العصر: على النصف من ذلك.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثا عبد الله بن محمد- يعني: النفيلي-: ثنا هُشَيْم: أخبرنا منصور
عن الوليد بن مسلم الهُجَيْمِي عن أبي الصئدِّيق الناجي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم؛ سوى النفيلي؛ فهو
من رجال البخاري.
والحديث أخرجه مسلم (2/37) ، وأبو عوانة (2/152) ، والدارمي
(1/295) ، والبيهقي (2/64) من طرق أخرى عن هشيم ... به.
ثم أخرجوه من طريق أبي عوانة عن منصور بن زاذان ... به نحوه.
129- باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر
767- عن جابر بن سمرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الظهر والعصرب: (السماء والطارق)
و (السماء ذات البروج) ؛ ونحوهما من السور ".(3/390)
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سِمَاك بن حرب عن جابر
ابن سَمرة.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير أن سماكاً
مضطرب الرواية عن عكرمة خاصة، وهذه ليست منها؛ إلا أنه كان قد تغير
بأخرة، فكان ربما ئلَقَن، كما في "التقريب "؛ لكن سيأتي أن شعبة قد روى هذا
الحديث عنه، وهو سمع منه قبل التغيُر؛ قالحديث صحيح. قال يعقوب:
" وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من
المتثبتين، ومن سمع منه قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح
مستقيم ".
والحديث أخرجه النسائي (1/153) ، والترمذي (2/110- 111) ، والدارمي
(1/295) ، والبيهقي (2/391) ، والطيالسي (1/93/457) ، وأحمد (5/103
و106 و 108) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه شعبة عن سماك ... به نحوه، وهو الذي بعده.
768- وعنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دَحَضَتِ الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من
(والليل إذا يغشى) ، والعصرَ كذلك، والصلوات؛ إلا الصبح؛ فإنه كان
يطيلها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في(3/391)
"صحيحيهما" مختصراً)
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن سماك سمع جابر
ابن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وشعبة سمع من سماك قديماً،
كما سبق في الذي قبله.
والحديث أخرجه مسلم (2/40) ، وأبو عوانة (2/150) ، والنسائي
(1/153) ، وأحمد (5/86 و88 و 108) ، والطيالسي (93/1/408) من طرق
أخرى عن شعبة ... نحوه مختصراً؛ دون ذكر الشمس والصلوات.
769- عن عبد الله بن عبيد الله قال:
دخلت على ابن عباس- في شباب من بني هاشم-، فقلنا لشاب منا:
سَلِ ابنَ عباس: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا،
لا. فقيل له: فلعلّه كان يقرأ في نفسه؟ فقال:
خَمْشاً! هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً؛ بلغًّ ما أُرسل به، وما
اخَتَصَنا دون الناس بشيء؛ إلا بثلاثِ خِصالٍ: آمَرَنا أن نُسْبغَ الوضوءَ،
وأن لا نأكلَ الصدقةَ، ولا نُنْزِيَ الحمارَ على الفَرَسِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي مختصراً؛ وقال: " حديث
حسن صحيح ")
إسناده: حدثنا مسدد ثنا: عبد الوارث عن موسى بن سالم: ثنا عبد الله بن
عبيد الله.(3/392)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ عْير موسى بن سالم
- وهو أبو جهضم مولى آل العباس-، وهو ثقة اتفاقاً.
والحديث أخرجه النسائي (2/121) ، والترمذي (3/31) ، وأحمد (1/249)
من طرق أخرى عن موسى بن سالم ... به؛ وليس عند الترمذي ما قبل: وكان
عبد اً ... ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
770- وعنه قال:
لا أدري؛ أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن عكرمة عن ابن
عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (1 / 249 و 258) من طرق أخرى عن هشيم ... به.
130- باب قدر القراءة في المغرب
771- وعنه:
أن أم الفضل بنت الحارث س معخه وهو يقرأ: (والمرسلات عرفاً) ،
فقالت: يا بني! لقد ذكرْتَني بقراءتك هذه السورة؛ إنها لآخر ما سمعت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها في المغرب.(3/393)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
ابن عتبة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ والقعنبي:
اسمه عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب، ثقة عابد؛ كان ابن معبن وابن المديني لا
يقدمان عليه في "الموطأ " أحداً.
والحديث في "الموطأ" (1/99- 100) ... بهذا السند واللفط.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/126) ، ومسلم (2/40- 41) ، وأبو عوانة
(2/153) ، وأحمد (6/340) كلهم عن مالك ... به.
وتابعه جماعة عن ابن شهاب ... مختصراً.
أخرجه النسائي (1/154) ، والترمذي (2/112) ، والدارمي (1/296) . وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه أنس بن مالك عن أم الفضل بنت الحارث قالت: صلى بنا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته المغرب؛ فقرأ (المرسلات) ؛ ما صلى بعدها صلاة حتى قُبِضَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أخرجه النسائي، وأحمد (6/338- 339) .
وإسناده صحيح على شرط مسلم.(3/394)
772- عن جُبَيْر ِبن مطْعِمٍ قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بـ (الطُّورِ) في المغرب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن خبَيْرِ بن
مطْعِمً عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كالذي قبله.
والحديث في "الموطأً" (1/99) ... بهذا الإسناد والمتن.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/126) ، ومسلم (2/41) ، وأبو عوانة
(2/154) ، والنسائي (1/154) ، وأحمد (4/85) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه البخاري (6/116) ، ومسلم وأبو عوانة، والدارمي (1/296) ،
والبيهقي (2/193 و 194) ، وأحمد (4/80 و 83 و 84) من طرق أخرى عن ابن
شهاب ... به.
وله في "المسند" (4/83) طريق أخرى عن جبير بن مطعم.
773- عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت:
ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ
في المغرب بِطُولى الطولَيَيْن؟!
قال: قلت: ما طُولى الطوليين؟ قال:(3/395)
(الأ عراف) والأ خرى (الأ نعام) .
قال: وسأًلت أنا ابن أبي مليكة؟ فقال لي من قبل نفسه: (المائدة)
و (الأعراف) !
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
مختصراً) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني ابن
أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مروان بن
الحكم؛ فعلى شرط البخاري وحده، ولكنه متكلم فيه؛ أورده الذهبي في "الميزان "،
وقال:
" وله أعمال موبقة، نسأل الله السلامة! رمى طلحة بسهم، وفعل وفعل ".
وقال الحافظ في "التهذيب ":
" وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعدَّ من موبقاته: أنه رمى
طلحة- أحد العشرة- يوم الجمل، وهما جميعاً مع عائشة، فقتل، ثم وثب على
الخلافة بالسيف. واعتذرتُ عنه في (مقدمة شرح البخاري) ".
قلت: وخلاصة ما ذكره في "المقدمة" (2/164) :
" أن البخاري إنما أخرج له أحاديث من رواية جماعة عنه، منهم عروة بن الزبير
لما كان أميراً عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا.
والله أعلم ".
قلت: على أن وجود مروان هذا في إسناد الحديث لا يضر؛ لأنه ثبت سماع(3/396)
عروة بن الزبير له من زيد بن ثابت، وله شاهد من حديث عائشة، كما يأتي قريباً.
والحديث أخرجه أحمد (5/189) : ثنا عبد الرزاق وابن أبي بكر قالا: أنا ابن
جريج ... به؛ وفيه: قال:
قلت لعروة: ما طولى ...
ثم أخرجه هو (5/188) ، والنسائي (1/154) من طرق أخرى عن ابن
جريج ... به.
وتابعه هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم ... به نحوه.
أخرجه أحمد (5/187) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام ...
به
وخالفه يحيى بن سعيد فقال: عن هشام قال: أخبرني أبي: أن زيد بن ثابت
أو أبا أيوب قال لمروان ...
أخرجه أحمد (5/185) .
وقال حماد: عن هشام عن أبيه:
أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة (يس) . قال عروة: قال زيد بن ثابت
- أو أبو زيد الأنصاري؛ شك هشام- لمروان ... الحديث.
أخرجه الطحاوي (1/124- 125) .
فلم يذكر يحيى بن سعيد وحماد بن سلمة: مروان بن الحكم بين عروة وزيد.
فالظاهر أنه قد تلقاه من زيد مباشرة!
ويؤيده رواية أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول: أخبرني زيد بن ثابت:(3/397)
أنه قال لمروان بن الحكم ...
أخرجه الطحاوي هكذا، والنسائي نحوه. قال الحافظ في "الفتح ":
" فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيداً فأخبره ".
ويشهد له حديث عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في صلاة المغرب بسورة (الأعراف) ؛ فرّقها في
ركعتين.
أخرجه النسائي بسند صحيح، وكذا البيهقي (2/392) .
131- باب من رأى التخفيف فبها
774- عن هشام بن عروة:
أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرأُون (والعاديات)
ونحوها من السور.
(قلت: هذا مقطوع، وإسناده صحيح على شرط مسلم) .
قال أبو داود: " هذا يدل على أن ذاك منسوخ "!
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا هشام بن عروة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ ولكنه مقطوع موقوف على عروة؛
وحماد: هو ابن سلمة.
ويشهد له حديث أبي هريرة:(3/398)
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الغرب بقصار المُفَصَّلِ.
أخرجه الطحاوي (1/126) ، والبيهقي (2/391) من طريق الضَّحُّاك بن
عثمان قال: حدثني بُكَيْرُ بن الآشَبئَ عن سليمان بن يسار عنه.
وهذا إسناد صحيح.
ولا تعارصْ بينه وبين الأحاديث التي في الباب قبله؛ خلافاً لقول المصنف
الآتي بأن ذلك منسوخ! فأين دليل النسخ. أ! بل الصواب: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ تارة
بهذا، وتارة بهذا. وقد أشار إلى ذلك البيهقي؛ فإنه عقد باباً- بعد حديث أبي
هريرة- فقال:
" باب مَنْ لم يُضَيِّقِ القراءة فيها بأكثر مما ذكرنا ... "، ثم ساق حديث جبير
ابن مطعم وأم الفضل وزيد بن ثابت الذكور في الباب قبله.
والحديث أخرجه البيهقي (2/392) من طريق المصنف.
132- باب الرجل يُعِيدُ سورة واحدة في الركعتين
775- عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ: أن رجلاً من جُهَيْنَةَ أخبره:
أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يقرأ في الصبح: (إذا زلزت الأرض) في
الركعتين كلتبهما؛ فلا أدري؛ أنسي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أم قرأ ذلك عمداً؟!
(قلت: إسناده حسن، وصححه النووي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا أبن وهب: أخبرني عمرو عن ابن أبي
هلال عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير معاذ بن(3/399)
عبد الله الجهني، وهو ثقة تكلم فيه بعضهم، وقال الحافظ:
" صدوق ربما وهم لما. وابن أبي هلال- واسمه سعيد- وإن احتج به الشيخان؛
فقد رمي بالتخليط؛ قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (2/131) :
" وثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم وابن خزيمة والدارقطني وابن حبان
وآخرون. وشذَّ الساجي؛ فذكره في "الضعفاء"، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه
قال: ما أدري أي شيء حديثه؟ يخفَط في الأحاديث. وتبع ابنُ حزم الساجي؛
فضعف سعيد بن أبي هلال مطلقاً! ولم يصب في ذلك. والله أعلم، احتج به
الجماعة "
والحديث أخرجه البيهقي (2/390) من طريق أبي داود. وقال النووي في
"المجموع " (3/382) :
" إسناده صحيح "!
133- باب القراءة في الفجر
776- عن عمرو بن حُريث قال:
كأنِّي أسمع صوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ّ يقرأ في صلاة الغداة: (فلا أقسم
بالخُئسِ. الجَوَارِ الكُنَّسِ) .
(قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى بن يونس عن
إسماعيل عن آصْبَغَ مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أصبغ هذا، وهو(3/400)
ثقة، ولكنه تعْير بآخره، حتى كُبِّلَ بالحديد، كما قال ابن حبان!
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/272) من طريق ابن نُمَيْرٍ: ثنا إسماعيل بن
أبي خالد ... به.
وأخرجه مسلم (2/39) ، وأبو عوانة (2/159) ، والبيهقي (2/388) ، وأحمد
(4/306- 307) من طريق الوليد بن سَرِبعُ عن عمرو بن حريث ... بمعناه.
وأحمد (4/307) من طريق الحَجَّاج المُحَاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن
حريث ... به مثل لفظ الكتاب.
وهذا سند جيد في المتابعات.
134- باب من ترك القراءة في صلاته ب (فاتحة الكتاب)
777- عن أبي سعيد قال:
أمِرْنا أن نقرأ بـ ِ: (فاتحة الكتاب) وما تَيَسَّرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1787) ،
والحافظ ابن حجر) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي
سعيد
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ ابن حجر في
"التلخيص " (1/222- مصر) :(3/401)
" إسناده صحيح ".
والحديث أخرجه أحمد (3/45) قال: تنا بهز وعفان قالا: ثنا همام ... به؛
إلا أنه قال:
أمرنا نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وتابعه أبو سفيان السعدي عن أبي نضرة ... به مرفوعاً؛ بلفظ:
" لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة ب: {الحمد لله} وسورة؛ في فريضة أو
غيرها".
أخرجه ابن ماجه (839) .
والسعدي هذا ضعيف، واسمه: طَرِيفُ بن شهاب.
778- عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اخرج فنادِ في المدينة: أنه لا صلاة إلا بقرآن؛ ولو بـ (فاتحة
الكتاب) ، فما زاد ".
(وفي رواية قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أنادي:
" لا صلاة إلا بقراعة (فاتحة الكتاب) ، فما زاد ")
(قلت: حديث صحيح باللفظ الثاني، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرج
مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" معناه عن عبادة بن الصامت. ويأتي في
الكتاب بعد حديث)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن جعفر بن(3/402)
ميمون البصري ثنا أبو عثمان النهدي قال: حدثني أبو هريرة ... به.
ثم قال أبو داود: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا جعفر عن أبي عثمان عن
أبي هريرة قال ... فذكره بالرواية الثانية.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن ميمون
البصري؛ قال أحمد:
" ليس بقوي في الحديث ". وقال ابن معين:
" ليس بذاك ". وقال في موضع آخر:
" صالح الحديث ". وقال مرة:
" ليس بثقة ". وقال أبو حاتم:
" صالح ". وقال النسائي:
" ليس بالقوي ". وقال الدارقطني:
" يعتبر به ". وقال ابن عدي:
" لم أر أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء ".
وقال البخاري:
"ليس يشيء".
قلت: ويتلخص من هذه الكلمات: أن الرجل في نفسه صدوق، لكنه
ضعيف الحفظ. ولذلك قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".(3/403)
فمثله يستشهد به.
والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 4) ، والدارقطني (ص 121
- 122) ، والحاكم (1/239) من طريق يحيى بن سعيد القظان ... به. وقال
الحاكم:
" حديث صحيح لا غبار عليه؛ فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات
البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إلا عن الثقات "!
كذا قال، ووافقه الذهبي! والحق:
أن الحديث صحيح يشاهده الذي قبله.
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت ... مرفوعاً:
" لا صلاة لمن لم يقرأ باًمِّ القرآن فصاعداً ".
أخرجه مسلم (2/9) ، وأبو عوانة (2/124) ، والنسائي (1/145) ، والبيهقي
(2/374) .
وأخرجه ابن حبان (453) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس عن جعفر
ابن ميمون ... باللفظ الثاني؛ فهو المحفوظ.
779- عن أبي السائب مولى هشام بن زُهْرة قال: سمعت أبا هريرة
يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ
فهي خِداجٌ، غير تمام ".
قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني أكون أحياناً وراء الإمام؟!(3/404)
قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي! في نفسك؛ فإني سمعت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين؛ فنصفها
لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل ". قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقرأوا؛ يقول العبد: (الحمد لله رب العالمين) ، يقول الله: حَمِدني
عبدي. يقول: (الرحمن الرحيم) ، يقول الله عز وجل: أثنى عليَّ
عبدي. يقول العبد: (مالك يوم الدين) ، يقول الله عز وجل: مَجَّدني
عبدي. يقول العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) ، يقول الله: وهذه بيني
وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: (اهدنا الصراط المستقيم.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ، يقول
الله: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل!.
(إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (1781) ،
وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا
السائب مولى هشام بن زُهْرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث عند مالك في "الموطأ" (1/106- 107) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه عنه: مسلم (2/9- 10) ، وأبو عوانة (2/126) ، والبخاري في "خلق
أفعال العباد" (ص 74) ، والنسائي (1/144- 145) ، وأحمد (2/460) كلهم عن(3/405)
مالك ... به.
وأخرج مسلم وأبو عوانة، والبخاري في "جزاء القراءة (ص 19) من طرق
أخرى عن العلاء ... به.
وكذلك أخرجه الترمذي (4/66) - وقال: " حديث حسن "-، وأحمد
(2/241 و 250 و 285) ، وابن ماجه (838) .
780- عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا صلاة لمن لم يقرأ بـ (فاتحة الكتاب) فصاعداً ".
قال سفيان: لمن يصلي وحده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وليس عنده ولا
البخاري: " فصاعداً ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن
محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين من طريق قتيبة، وعلى
شرط مسلم من طريق ابن السرح- واسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن
السرح-.
وقد أخرجاه- كما يأتي- من طرق عن سفيان- وهو ابن عيينة- دون قوله:
" فصاعداً ".
وأراه هو المحفوظ؛ فقد أخرجه سائر الأئمة في كتبهم عن بضعة عشر حافظاً(3/406)
كلهم عن سفيان؛ بدون هذه الزيادة. حتى لقد ألقي في نفسي أنها خطأ من بعض
النساخ لهذا الكتاب؛ لولا أني رأيتها في "مختصر السنن " للمنذري.
وإليك أسماءَ الرواة الذين وقفت على روايتهم للحديث بدون الزيادة، مع ذكر
مصادرها:
1- الإمام أحمد في "مسنده " (5/314) : ثنا سفيان بن عيينة.
2- الحميدي في "مسنده " (1/191/386) : ثنا سفيان ... به.
ومن طريقه: أبو عوانة (2/124) .
3- علي بن المديني: حدثنا سفيان ... به: أخرجه البخاري عنه (2/125) .
4- الحجاج بن مِنْهال: ثنا سفيان ... به: أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (4) .
5- أبو بكر بن أبي شيبة.
6- عمرو بن الناقد.! جميعاً: مسلم (2/8- 9) .
7- إسحاق بن إبراهيم.
ثلاثتهم عن سفيان ... به: أخرجه عنهم جميعا عن مسلم (2/8-9)
8- محمد بن منصور عنه: أخرجه النسائي (1/145) عنه.
9- محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي العدني
10- علي بن حجر.
أخرجه الترمذي (2/25) .
11 - هشام بن عمار.
12- سهل بن أبي سهل
13- إسحاق بن إسماعيل.
أخرجه ابن ماجه (1/276) عنهم قالوا: ثنا
سفيان ... به.(3/407)
14- سَوَّار بن عبد الله العنبري.
15- عبد الجبار بن العلاء.
16- محمد بن عمرو بن سليمان.
17- زياد بن أيوب.
18- الحسن بن محمد الزعفراني.
أخرجه الدارقطني (122) عن ابن
صاعد عنهم جميعاً: ثنا سفيان.
واخرجه البيهقي (2/38) عن الزعفراني وحده
قلت: فكل هؤلاء- وفيهم كبار الأئمة والحفاظ- لم يقولوا عن سفيان:
" فصاعداً "! فذلك يدل دلالة قاطعة على أن هذه الزيادة غير محفوظة عنه؛ فلا
أدري ممن الوهم؟ آمِنْ بعض رواة كتاب "السنن "؟! أم من المؤلف؟! أم من شيخيه:
قتيبة بن سعيد وابن السرح؟ اوالاحتمال الأول هو الأقرب، ثم ... وثم ...
نعم؛ قد روى هذه الزيادة: معمر عن الزهري، وهي معروفة به:
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي، والبيهقي (2/374) ، وأحمد (4/322)
من طرق عن عبد الرزاق عنه. وقد أشار البخاري إلى أنها شاذة، فقال في "جزء
القراءة" (ص 4) :
" وعامة الثقات لم تتابع معمراً في قوله: "فصاعداً"؛ مع أنه قد أثبت فاتحة
الكتاب. وقوله: "فصاعداً " غير معروف ".
قلت: ومن هؤلاء الثقات الذين أشار إليهم البخاري: صالح بن كَيْسَان: عنده
في "الجزء" (3) ، وكذا مسلم، وأبي عوانة، وأحمد (4/421) .
ويزيد بن يونس: عندهم جميعاً- ما عدا أحمد-، وعند البيهقي أيضا
(2/61) ، وكذا الدارمي (1/283) . وذهل الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح "؛
فلم يَعز هذه الزيادة لسلم؛ خلافاً لصنيعه في "التلخيص "، وقال:(3/408)
" قال ابن حبان: تفرد بها معمر عن الزهري ".
قلت: لكن يشهد لها حديث أبي سعيد التقدم (777) ، وكذا حديث أبي
هريرة بعده.
781- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال:
" هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ ".
فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال:
" إني أقول: ما لي أنازعَ القرآن؟! ".
قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما جهر به النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة من الصلوات؛ حين سمعوا ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أُكَيْمَةَ الليْثِيِّ عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أكيمة
- واسمه عمارة، وقيل: عمار، وقيل غير ذلك- وهو ثقة، ولو لم يرو عنه غير
الزهري؛ فقد قال أبو حاتم:
" صحيح الحديث، حديثه مقبول " (1) . وقال يحيى بن سعيد:
__________
(1) كذا في كتاب ابنه (3/362) . وفي "التهذيب ": " صالح الحديث مقبول ".(3/409)
" ثقة ". وقال ابن معين:
" كفاك قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب "؛ يعني:
الرواية الثانية في الكتاب.
قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة لابن أكيمة مقدم على تجهيل من جهله؛ لأن من
وثقه معه من العلم ما ليس عند من جَهله. ولذلك جزم الحافظ في "التقريب " بأنه:
"ثقة".
فلا التفات بعد ذلك إلى إعلال من أعل الحديث بالجهالة، كما فعل
البيهقي، وهو معارض بتصحيح وتحسين غيره كما يأتي!
والحديث في "موطأ مالك " (1/108) ... بهذا السند واللفظ.
وقد أخرجه من طريقه: البخاري في "جزء القراءة " (ص 24 و 56- 57) ،
والنسائي (1/146) ، والترمذي (2/118- 119) ، والطحاوي (1/127- 128) ،
وابن حبان (454) ، والبيهقي (2/157) ، وأحمد (2/301- 302) كلهم عن
مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال المصنف عقبه:
" روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر، ويونس، وأسامة بن زيد: عن
الزهري ... على معنى مالك ".
قلت: حديث معمر؛ وصله أحمد (2/284) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن
الزهري ... به.
ووصله ابن ماجه (1/276) من طريق عبد الأعلى: ثنا معمر ... به، إلا أنه
قال:(3/410)
فسكتوا- بعد- فيما جهر فيه الإمام.
وحديث يونس؛ وصله البخاري في "جزئه ": ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا الليث
قال: ثني يونس عن ابن شهاب ... به؛ وزاد- بعد قوله: فيما جهر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وفرأوا في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام.
وأما حديث أسامة بن زيد؛ فلم أقف الآن على من وصله!
وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث
بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية
الآتية في الكتاب.
وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره:
قال: فانتهى الناس عن القراءة ...
وبعضهم جعلها من قول الزهري.
وبعضهم من قول معمر.
وفي رواية عنه قال: (*)
صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة- نظن أنها الصبح- ... بمعناه إلى
قوله: " ما لي أُنازَع القرآن ".
قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر
به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،! ...
وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة:
__________
(*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله- دون رقم، ولعله تعمد ذلك. (الناشر)(3/411)
فانتهى الناس ...
وقال عبد الله بن محمد الزهري- من بينهم-: قال سفيان: وتكلم
الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس.
(إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس ... هو موصول أيضا من قول أبي
هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري ... إنما يعني: بإسناده المتصل
لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي- وهو سفيان بن عيينة- معمراً أو
الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما
سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه
سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي) .
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن
خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري:
سمعت ابن أكيمة يحذث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره:
فانتهى الناس ... هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره
أصلاً، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله للزهري.
ويشهد لها رواية أحمد قال (2/240) : ثنا سفيان عن الزهري ... فذكره بلى
قوله: " ما لي أنازع القرآن؟! ". قال معمر: عن الزهري:
فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة.
وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري- حفظته(3/412)
من فيه- قال: سمعت ابن أكيمة ... فذكره إلى القول المذكور. قال علي بن
المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا.
وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس عن القراعة فيما جهر فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال علي: قال لي سفيان يوماً: فنظرت في شيء عندي؛ فإذا هو: صلى بنا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح بلا شك.
وأخرجه ابن ماجه والحازمي في "الاعتبار" (ص 72- 73) من طرق أخرى
عن سفيان ... به إلى قوله: " ما لي أنارع القرآن "؛ دون قوله: قال معمر ...
إلخ. وقال المصنف عقب الحديث:
" قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى
قوله: " ما لي أنازع القرآن ". ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري:
قاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون قيما يجهر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو داود: سمعت
محمد بن يحيى بن قارس قال: قوله: فانتهى الناس ... من كلام الزهري "!
وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول:
أولاً: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (2/487) : ثنا
إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق ... به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به.
أخرجه أحمد (2/285) : ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج.
ثانياً: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (1/128) ، وابن حبان (455) ،
والبيهقي (2/158) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه
سمع أبا هريرة يقول ... فذكره!
هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب ... خلافاً لجميع الرواة عن(3/413)
الزهري كما رأيت. ولذلك قال البيهقي عقبه:
" الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث
سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي ".
قلت: وفي رواية لابن حبان (456) من طرق الوليد- وهو ابن مسلم- عن
الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة.
فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيداً، فمرة قال: عن سعيد،
ومرة قال: عمن سمع؛ لم ئسَفه.
ثالثاً: قول ابن قارس: " (فانتهى الناس) من كلام الزهري "!
قلت: وكذلك قال البخاري في "جزء المراءة" (24) ؛ قال:
" وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشئرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري:
قاتعط المسلمون بذلك ... "!
وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في "التلخيص "
(1/231) . والعجب من البيهقي؛ حيث قال- عقب رواية الأوزاعي السابقة-:
" حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا
أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة ... " إلخ كلامه المتقدم!
فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض
الأخر؟! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر
عدداً؟! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند
المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل
الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية
سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال(3/414)
معمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: قانتهى الناس ...
ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه التقدم عند المصنف: قال
معمر: فانتهى ... ؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله
ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها،
فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس ...
فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما
هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان:
قال معمر عن الزهري: قانتهى الناس ... قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة.
ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم
أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس ...
ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر
في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره
فانتهى الناس ... فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في
غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر.
واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى
الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن
الزهري: قال أبو هريرة.
وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعاً أن سفيان قال:
قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك
الزيادة التي لم أسمعها من الزهري.
فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن(3/415)
عزاها للزهري فكذلك.
والنتيجة واحدة، وهي: أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة؛ حفظها معمر عن
الزهري، وهو بإسناده عن أبي هريرة.
ومما يؤكد ما قلنا: أن الحديث رواه غير سفيان عن معمر ... مثل رواية مالك
عن الزهري فيها الزيادة من أصل الرواية، لم تنسب للزهري ولا لمعمر؛ لأنها من
أصل الحديث في روايته.
فثبت بذلك أن هذه الزيادة هي من أصل الحديث في رواية معمر؛ وكأنه
لذلك- ولوضوح الأمر- لم يحتجَّ بها البخاري والبيهقي على أنها من قول الزهري؛
وإنما احتخا برواية الأوزاعي المتقدمة! وفيها ما سبق بيانه من أن الأوزاعي لم يحفظ
الحديث، فلا ينبغي أن يحتج بما تفرَّد به فيه؛ لا سيَّما وقد خالف مالكاً ويونس بن
يزيد وأسامة بن زيد- كما تقدم- ومعمراً أيضا: الذين جعلوا هذه الزيادة من أصل
الحديث من قول أبي هريرة؛ فثبت بذلك أنها زيادة صحيحة غير مدرجة، وهو
الذي اختاره ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/392) ، وحققه العلامة أحمد
شاكر في تعليقه على " المسند" (12/260- 264) ، وأطال في ذلك جزاه الله
خيراً.
135- باب من رأى القراءة إذا لم يجهر
782- عن عمران بن حُصَيْن:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر، فجاء رجل فقرأخلفه بـ: (سبح اسم ربك
الأعلى) . فلما فرغ قال:
" أيكم قرأ؟ ".(3/416)
قالوا: رجل. قال:
" قَدْ عرفت أن بعضكم خَالَجَنِيها ".
قال أبو داود: " قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة: فقلت لقتادة:
أليس قول سعيد: آنْصِتْ للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به. وقال ابن كثير
في حديثه: قال: قلت لقتادة: كأنه كرهه؟ قال: لو كرهه نهى عنه ".
(إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة. (ح) وثنا محمد بن كثير
العبدي: أخبرنا شعبة- المعنى- عن قتادة عن زُرَارَة عن عمران بن حصين.
ثم قال المصنف: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن
قتادة ... به إلى قوله: " خالجنيها ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده " (404- ترتيبه) : حدثنا
شعبة ... به.
وأخرجه مسلم (2/11) ، وأبو عوانة (2/132) ، والبخاري في "جزئه " (21) ،
والنسائي (1/146) ، وأحمد (4/426 و 441) من طرق عن شعبة ... به.
وأخرجه البيهقي (2/162) من طريق المصنف.
ومن طريق أخرى عن أبي الوليد وعن أبي داود الطياليسيين.
ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (4/426 و 431) من طريق سعيد بن(3/417)
أبي عروبة عن قتادة ... به.
وأبو عوانة والبخاري في "جزئه " (56) ، والنسائي من طرق أخرى عن
قتادة ... به.
وتابعه خالد الحَذأء عن زرارة بن أوفى ... به.
أخرجه أحمد (4/433) .
136- باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجمي من القراءة
783- عن جابر بن عبد الله قال:
خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نقرأ القران، وفينا الأعرابي
والعجمي، فقال:
" اقرأوا؛ فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقَائم القِدْحُ؛
يتعجَّلونه ولا يتأجلونه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا خالد عن حُمَيْد الأعرج عن محمد بن
المنكدرعن جابر بن عبد الله قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحميد: هو ابن قيس الأعرج
المكي أبو صفوان القاري الآسدي مولاهم.
وخالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الظحان الواسطي المًزَنِي
مولاهم.(3/418)
والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/397) : ثنا خلف بن الوليد: ثنا خالد ...
به
784- عن سهل بن سعد الساعدي قال:
خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يوماً ونحن نَقْتَرِئُ، فقال:
" الحمد لله! كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض،
وفيكم الأسود، اقرأوه قبل أن يقرأه أقوام، يقيمونه كما يُقَؤمُ السهم،
يتعجَّلُ أجْرَهُ ولا يتأجَّلُهُ ".
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو وابن
لهيعة عن بكر بن سَوَادة عن وَفَاءَ بن شُرَيْحِ الصَّدَفِي عن سهل بن سعد
الساعدي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير وفاء بن شريح
الصدفي؛ فوثقه ابن حبان وحده، وروى عنه- غير بَكْر بن سوادة-؛ زياد بن نعيم.
وقال الحافظ في "التقريب ":
"مقبول ".
لكن ابن لهيعة- واسمه عبد الله-؛ إنما أخرج له مسلم مقروناً بعمرو بن
الحارث، كما فعل المصنف هنا.
والحديث أخرجه أحمد (3/146) : ثنا حسن: ثنا ابن لهيعة: ثنا بكر بن
سوادة عن وفاء الخَوْلاني عن أنس بن مالك قال:(3/419)
بينما نحن نقرأ القرآن ... الحديث. فجعله من مسند أنس.
ثم قال أحمد (3/155) : ثنا يحيى بن إسحاق قال: أنا ابن لهيعة ... به؛
إلا أنه قال: عن أبي حمزة الخولاني. وقال الهيثمي "مجمع الزوائد"
(4/94) :
" رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه كلام ".
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (757 و 6690) ، وفي "الثقات " (5/497-
498) عن عمرو وحده.
وله شاهد من حديث جابر؛ مخرج في "الصحيحة" (259) ، [وهو الحديث
الذي قبله]
785- عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني لا أستطيع أن آخُذَ من القرآن
شيئاً؛ فعلمني ما يجزيني منه؟ قال:
" قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول
ولا قوة إلا بالله ".
قال: يا رسول الله! هذا لله عز وجل؛ فما لي؟ قال:
" قل: اللهم! ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني ". فلما قام قال
هكذا بيده. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أما هذا فقد ملأ يده من الخير".(3/420)
(قلت: حديث حسن، وصححه الدارقطني، وصحح إسناده الحاكم على
شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال المنذري: " إسناده جيد ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجرل: ثنا سفيان الثوري
عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكْسَكِيِّ عن عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي خالد
الدالاني- واسمه يزيد بن عبد الرحمن-، وهو ضعيف؛ قال في "التقريب ":
" صدوق يخطئ كثيراً، وكان يدلس ".
وإبراهيم السكسكي- وهو ابن عبد الرحمن-، وإن كان من رجال البخاري؛
ففيه ضعف أيضا؛ قال الحافظ:
" صدوق، ضعيف الحفظ ".
لكن له متابع يرتقي الحديث به إلى درجة الحسن، ذكره الحافظ في
"التلخيص "، ثم ذكرته في "الإرواء" (رقم 303) .
والحديث أخرجه الدارقطني (118) ، والبيهقي (2/381) ، وأحمد
(4/353) ، وابن خزيمة (544) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين عن وكيع ... به.
وأخرجه النسائي (1/146) ، وابن حبان (473) ، والدارقطني (119) ،
والحاكم (1/241) ، والبيهقي (2/381) ، وأحمد (4/356) من طريق مسعر عن
إبراهيم السكسكي ... به نحوه. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!(3/421)
وأخرجه الطيالسي في "مسنده " (402- ترتيبه) : حدثنا المسعودي عن إبراهيم
السكسكي ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي، وأحمد (4/382) . وقال المنذري في
"الترغيب " (2/247) - بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا والبيهقي فقط! -:
" وإسناده جيد "! وقال ابن القيم في "التهذيب " (1/ 395/795) :
" وصحح الدارقطني هذا الحديث ".
قلت: ولم أره في "سنن الدارقطني "! فالظاهر أنه في غيره من كتبه.
137- باب تمام التكبير
786- عن مُطرِّف قال:
صفَيت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله
عنه، فكان إذا سجد كبَّر، وإذا ركع كبَّر، وإذا نهض من الركعتين كبر.
فلما انصرفنا؛ أخذ عمران بيدي وقال: لقد صلَّى هذا قَبْلُ- أو قال: لقد
صلى بناهذا قبلُ- صلاةَ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن غَيْلان بن جرير عن
مُطَرفً.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد
أخرجاه كما يأتي.(3/422)
والحديث أخرجه البيهقي (2/134) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/136) ، وأحمد (4/444) : حدئنا سليمان بن
حرب ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/96) من طريق أخرى عن سليمان ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (2/130) ، ومسلم (2/8) ، والنسائي (1/164) ،
والبيهقي، وأحمد (4/445 و 444) ، والطيالسي (1/95/418) من طرق أخرى
عن حماد بن زيد ... به.
وتابعه سعيد بن أبي عروبة، فقال أحمد (4/428) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا
سعيد عن غَيْلان بن جرير. وعبد الوهاب عن صاحب له عن غيلان ... به.
وقال في مكان آخر (4/432) : ثنا عبد الوهاب: ئنا خالد عن رجل عن
مطرف بن الشِّخِّير ... به؛ نحوه، وزاد:
فقلت: يا أبا نجَيْد! من أول من تركه؟ قال: عثمان رضي الله عنه حين كَبِرَ
وضَعف صوته؛ تركه.
وتابعه قتادة عن مطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخير، فقال أحمد (4/429) : ثنا
عبد الرزاق: ثنا معمر عن قتاً دة وغير واحد عن مطرف ... به.
787- عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة:
أن أبا هريرة كان يكبِّر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها؛ يكبر حين
يقوم، ثم يكئر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: رشَّا!
ولك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر، حين يهوي ساجد اً، ثم
يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم(3/423)
يكبِّر حين يقوم من الجلوس في اثنتين. فيفعل ذلك في كل ركعة، حتى
يفرغ من الصلاة. ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده؛ إني
لأقربُكم شبهاً بصلاة رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنْ كانتْ لَصلاتَهُ حتى فارق الدنيا.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه "، وكذ اأبو عوانة
بتمامه، ومسلم مختصراً كما يأتي) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا أبي وبقية عن شعيب عن الزهري قال:
أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن
عثمان- وهو ابن سعيد بن كثير بن دينار القرَشي مولاهم أبو حفص الحمصي-،
وأبيه عثمان.
وبقية: هو ابن الولبد، وثلاثتهم ثقات؛ إلا أن بقية مدلس وقد عنعنه، ولكن
روايته هنا متابعة؛ فلا تضرُّها العنعنة.
والحديث أخرجه البيهقي (2/67) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، والبخاري (2/132) عن أبي اليمان قال: حدثنا شعيب ... به.
وتابعه معمر عن الزهري ... به، كما علقه المصنف في الذي بعده، ويأتي
تخريجه.
وتابعه عُقَيْل بن خالد عن ابن شهاب ... به، دون قوله في آخره: فيفعل
ذلك في كل ركعة ...
أخرجه البخاري (2/130) ، ومسلم (2/8) ، والنسائي (1/172) ، والبيهقي
(2/67) ، وأحمد (2/454) .(3/424)
وأخرجه مسلم وأبو عوانة من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج: أخبرني ابن
شهاب ... به؛ دون قوله: إن كانت لصلاته ...
788- قال أبو داود: " هذ االكلام الأخير؛ يجعله مالك والزّبَيْدِيّ
وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين. ووافق عبدُ الأعلى عن معمر
شعيبَ بن أبي حمزة عن الزهري ".
(قلت: وصله مالك عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبِّر في الصلاة كلَّما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاتَهُ
حتى لقي الله. وهو مرسل صحيح الاسناد، وقال البيهقي: " مرسل حسن ".
ووصله- من طريق عبد الأعلى عن معمر ... بإسناده عن أبي هريرة مثل الذي
قبله-: أحمد والدارمي والبيهقي بإسناد صحيح على شرط الشيخين) .
هذا معلق، ويعني بالكلام الأخير: قوله: إن كانت لصلاتَهُ حتى قارق الدنيا.
وقد وصله مالك في "الموطأ" (1/98) عن ابن شهاب عن علي بن حسين ...
باللفظ الذي أوردته في الأعلى.
ومن طريق مالك: أخرجه البيهقي، وقال:
" مرسل حسن "!
وأقول: بل هو مرسل صحيح الإسناد؛ فإن علي بن حسين ثقة ثبت من رجال
"الصحيحين ".
ورواية عبد الأعلى؛ وصلها الإمام أحمد (2/270) : ثنا عبد الأعلى عن معمر
عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعن أبي سلمة بن
عبد الرحمن به ... نحوه.(3/425)
ومن هذا الوجه: وصله الدارمي (1/285) ، والبيهقي.
وتابعه عبد الرزاق ثنا معمر ... به: أخرجه أحمد (2/270) .
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
فهي متابعة قوية لرواية شعيب عن الزهري. والله أعلم.
138- باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟
789- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا سجد أحدكم؛ فلا يَبْرُكْ كما يَبْرُكُ البعيرُ، وليضع يديه قبل
ركبتيه ".
(وفي رواية: " يَعْمِدُ أحدكم في صلاته؛ فيبركُ كما يبرك الجمل؟! ") .
(قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الاشبيلي، وقوّاه ابن سَيدِ
الناس، وقال النووي والزّرقاني: " إسناده جيد ") .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد: حدثني محمد
ابن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... بالرواية الأولى.
حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن
بالرواية الأُخرى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تمات رجال مسلم؛ غير محمد بن
عبد الله بن الحسن- وهو المعروف بـ (النَّفْس الزكيَّة) العَلَوِي- وهو ثقة كما قال
النسائي وغيره. وقال النووي في "المجموع " (3/421) ، والزرقا تي في "شرح
المواهب " (7/320) :(3/426)
" إسناده جيد ".
وصححه عبد الحق في "الأحكام الكبرى ". وقال في "كتاب التهجد" (ق
1/56) :
" أحسن إسناداً من الذي قبله "؛ يعني: حديث وائل الخرج في الكتاب
الآخر (152) ، بلفظ:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ وضع ركبتيه قبل يديه.
وهذا قد ضعفه جماعة، ذكرناهم هناك؛ منهم ابن سيد الناس، ثم قال:
" ويتلخص من هذا: أن أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح من حيث
الإسناد، وأصرح من حيث الدلالة؛ إذ هي قولية، ولما تعطيه قوة الكلام والتهجين
في التشبه بالبعير الذي ركبته في يده، فلا يمكنه تقديم يده على ركبته إذا برك؛
لأنها في الاتصال بيده كالعضو الواحد ".
وقد أعل بعضهم هذا الإسناد بعلل لا تقدح في صحته، وقد ذكرتها- معِ
الجواب عنها- في "إرواء الغليل " تحت الحديث (357) ، وخرجت له هناك شاهدآ
من حديث ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يضع يديه قبل ركبتيه.
وإسناده صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (2/381) ... بإسناد المصنف ولفظه؛ إلا أنه قال:
ثم ركبتيه.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (ق47/1- مصورة جامعة الملك عبد العزيز) ،
والطحاوي في كتابيه (1/149) ، و (65- 66) ، والبيهقي من طرق أخرى عن(3/427)
سعيد بن منصور ... به.
وأخرجه النسائي (1/149) ، والدارمي (1/303) ، والدارقطني (1/131) من
طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به بلفظ المصنف.
وأخرجه النسائي، والترمذي (2/57- 58) من طريق عبد الله بن نافع عن
محمد بن عبد الله بن حسن ... به مختصراً بالرواية الثانية.
وقد انقلب الحديث على بعض الضعفاء؛ فقال:
" فليبدأ بركبتيه قبل يديه " ا
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (1/102/2) وغيره من طريق عبد الله بن
سعيد القبري عن جده عن أبي هريرة ... مرفوعاً به.
قلت: وهذا إسناد واه جدّاً؛ عبد الله هذا متهم؛ قال ابن القيم في "التهذيب ":
" قلت: قال أحمد والبخاري: متروك ".
قلت: فلا تغتر إذاً بسكوت ابن القيم عليه في "زاد المعاد"؛ بل واستدلاله به
على أن حديث الباب مقلوب!
وهذا من غرائبه وأخطائه العديدة في كلامه على الحديث وحديث وائل الذي
أوردناه في الكتاب الآخر، وقد توليت بيانها في "التعليقات الجياد".
139- باب النهوض في الفَرْدِ
790- عن أبي قِلابَةَ قال:
جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا؛ فقال: والله إني
لأصلي، وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أُرِيَكُمْ كيف رأيت رسول الله(3/428)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي؟ قال: قلت لأبي قلابة: كيف صلى؟ قال: مثل صلاة شيخنا
هذا؛ يعني: عَمْرو بن سَلِمَةَ إمامهم-، وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من
السجدة الأخرة في الركعة الأولى؛ قعد ثم قام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
وفي رواية: كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي؟ قال: فقعد في الركعة
الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآحرة.
(قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط البخاري، وصححه الدارقطني) .
وفي أخرى: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان في وتر من صلاته؛ لم
ينهض حتى يستوي قاعداً.
(قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط البخاري. وقد أخرجه في
"صحيحه ". وصححه الد ارفطني والترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن أبي
قلابة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري؛ وقد
أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/136) ، والبيهقي (2/123) ، وكذا ابن الجارود
في "المنتقى" (204) عن وهيب عن أيوب ... به.
وإسناد الرواية الثانية في الكتاب هكذا: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا
إسماعيل ... به.(3/429)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري أيضا.
وأخرجه النسائي (1/173) ... بسند المصنف.
والدارقطني (1/132) ، وقال:
" إسناد صحيح ثابت ".
وإسناد الرواية الثالثة: حدثنا مسدد: ثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة ...
به
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات رجال البخاري أيضا.
وأخرجه البخاري والنسائي، والترمذي (2/79) ، والدارقطني (132) من طرق
عن هشيم ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطني:
" هذا إسناد صحيح ثابت ".
وأخرجه الشافعي وغيره من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء ... به
نحوه؛ وقد سقت لفظه في "إرواء الغليل " تحت الحديث (362) .
140- باب الاقعاء بين السجدتين
791- عن طاوس قال:
قلت لابن عباس في الاقعاء على القدمين في السجود؟! فقال:
هي السنة.
قال: قلنا: إنا لَنَرَاة جَفَاءً بالرَّجلِ؟! فقال ابن عباس:(3/430)
هي سنة نبيِّك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما" وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج:
أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/189) : حدثنا الصنعاني قال:
ثنا يحيى بن معين ... به.
ثم أخرجه هو، ومسلم (2/70) ، والترمذي (2/73) ، والبيهقي (2/119) ،
وأحمد (1/313) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وانظر الحديث (752) .
141- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
792- عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
كان رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع يقول:
" سمع الله لمن حمده. اللهم رثنا! لك الحمدُ ملْءَ السماوات، ومِلْءَ
الأرض، وَمِلْء َما شئت من شيء بعدُ"
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عبد الله بن مْمير وأبو معاوية ووكيع(3/431)
ومحمد بن عُبَيْد كلهم عن الأعمش عن عُبَيْدِ بن الحسن: سمعت عبد الله بن
أبي أوفى يقول ... فذكره.
قال أبو داود: " قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي
الحسن ... بهذا الحديث؛ ليس فيه: بعد الركوع. قال سفيان: لقينا الشيخ عبيداً
أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع ".
قال أبو داود: "ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عُبَيْد ... قال:
بعد الركوع ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجأل مسلم؛ غير محمد بن
عيسى- وهو أبو جعفر بن الطَّباع-، وهو ثقة فقيه؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/353) : ثنا وكيع ... به.
وقال (4/ 381) : ثنا أبو معاوية ... به.
وأخرجه مسلم (2/46- 47) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وهذا في "المصنف "
(1/167) عن أبي معاوية ووكيع معاً ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/177) من طريق محمد بن عبيد وابن نمير قالا جميعاً:
عن الأعمش ... به.
وابن ماجه (1/286) عن وكيع.
والبيهقي (2/94) عن محمد بن عبيد.
وقد أشار المصنف إلى أن الرواة اختلفوا على عبيد بن الحسن في قوله: بعد
الركوع ... فذكره الأعمش عنه كما رأيت؛ خلافاً للثوري وشعبة.(3/432)
ورواية شعبة؛ وصلها مسلم وأبو عوانة، وأحمد (4/354) ، وكذا الطيالسي
(433) ؛ بلفظ:
كان يدعو بهذا الدعاء ... فذكره.
ورواية شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش التي علقها المصنف؛ وصلها أحمد
أيضا في الموضع المشار إليه؛ موصولاً بحديث شعبة عن عبيد.
ويبدو من قول سفيان: لقينا الشيخ عبيداً أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد
الركوع ... أن عبيداً نفسه كان تارة يقول ذلث، وتارة لا يقوله، وهو ثقة، فيؤخذ
بالزائد من حديثه، لا سيما وله شواهد في " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن
عباس، ومن حديث أبي سعيد، وهو الآتي:
793- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول- حين يقول: " سمع الله لمن حمده "-:
" اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء (قال مُؤَمَّلٌ: ملء السماوات)
ومِلْءَ الأر ض، ومِلْءَ ما شئت من شيء بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، أحقُّ ما
قال العبد، وكلّنا لك عَبْدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ (زاد محمود: ولا معطي لما
منعت) ، (ثم اتفقوا) ، ولا ينفع ذا الجَد منك الجَدُّ ".
قال بشر: " ربنا! لك الحمد "؛ لم يقل: " اللهم ... ". لم يقل
محمود: " اللهم ... "؛ قال: " ربنا! ولك الحمد "
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .(3/433)
إسناده: حدثنا مؤمل بن الفضل الحَرَاني: ثنا الوليد. (ح) وثنا محمود بن
خالد: ثنا أبو مُسْهر. (ح) وثنا ابن السرح: ثنا بشر بن بكر. (ح) وثنا محمد بن
مصعب: ثنا عبد الَلهً بن يوسف كلهم عن سعيد بن عبد العزيزعن عظية بن قيس
عن قَزَعَةَ بن يحيى عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ إلا أن سعيد بن
عبد العزيز- وهو الئنُوخِيُ الدمشقي- كان اختلظ في آخر عمره، كما في
"التقريب "؛ فلعله لم يحدث في حالة اختلاطه؛ فقد جروا على الاحتجاج
بحديثه. على أنه قد توبع في هذا الحديث، كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/176) من طريق عبد الله بن يوسف وأبي مسهر
والعباس بن الوليد قال: حدثني أبي؛ ثلاثتهم عن سعيد بن عبد العزيز ... به.
وأخرجه الطحاوي (1/141) ، والبيهقي (2/94) من طريق عبد الله بن
يوسف وحده.
وأخرجه الدارمي (1/301) ، وعنه مسلم (2/47) ، والنسائي (1/163) ،
وأحمد (3/87) من طرق أخرى عن سعيد بن عبد العزيز ... به.
وكذلك أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 77) .
794- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا قال الامام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد؛
فإنه من وافق قولُه قولَ الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .(3/434)
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سُمَي عن أبي صالح
السمَّان عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه
كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/111) ... بهذا السند والمتن.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/131) ، ومسلم (2/17) ، وأبو عوانة
(2/179) ، والشافعي (248) ، والنسائي (1/162) ، والترمذي (2/55) ،
والطحاوي (1/140) ، والبيهقي (2/96) ، وأحمد (2/459) كلهم عن مالك ...
به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه مسلم من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن
أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ ... بمعنى حديث سُمَيً.
وقد ماق لفظه: الإمامُ أحمد (2/417) ، وفيه:
" اللهم ربنا! ولك الحمد " بزيادة الواو.
وقد أخرجها (2/341) من طريق أخرى عن أبي صالح ... به نحوه؛ دون
قوله:
" فإنه من ... "، ولم يقل: " اللهم! ". وجمع بينهما في طرق أخرى
(2/376) عن أبي هريرة أيضا.
وكذلك أخرجه ابن حبان (497- موارد) من حديث الزهري عن أنس ...
مرفوعاً. وعزاه السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (19/2) لابن حبان عن(3/435)
أبي هريرة أيضا؛ وهو في "الإحسان " (1904) .
795- عن عامر قال:
لا يقول القوم خلف الامام: سمع الله لمن حمده؛ ولكن يقولون: ربنا
لك الحمد.
(قلت: إسناده حسن مقطوع) .
إسناده: حدثنا بشر بن عمار: ثنا أسباط عن مُطَرف عن عامر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عمار،
- وهو القهسْتَانِيُ-؛ ذكره ابن حبان في "الثقات!، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ:
" صدوق ".
وأسباط: هو ابن محمد القرشي مولاهم.
ومطرف: هو ابن طرِيفٍ الكوفي.
وعامر: هو الشعبي. ووقع في الأصل: (مالك) !
142- باب الدعاء بين السجدتين
796- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين:
" اللهم! اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني ".
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي والعسقلاني) .(3/436)
إسناده: حدثنا محمد بن مسعود: ثنا زيد بن الحبَاب: ثنا كامل أبو العلاء
حدثني حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن كان حبيب بن أبي ثابت سمعه من سعيد؛ فقد
وُصِفَ بالتدليس، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن مسعو- وهو ابن
يوسف النيسا بوري-، وهو ثقة عارف.
لكن كاملاً أبا العلاء- وهو ابن العلاء- وإن أخرج له مسلم؛ فقد اختلفوا فيه؛
فقال ابن معين:
" ثقة ". وقال النسائي:
" ليس بالقوي ". وقال في موضع آخر:
" ليس به بأس ". وقال ابن عدي:
" رأيت في بعض رواياته أشياءَ أنكرتها، وأرجو أنه لا بأس به ". وقال ابن حبان:
" كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، من حيث لا يدري، فبطل
الاحتجاج بأخباره ". وقال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
قلت: فمثله حسن الحديث؛ إلا أن يظهر خطؤه. والله أعلم.
والحديث أخرجه الترمذي (2/76) ، والحاكم (1/262 و 271) من طرق عن
زيد بن الحباب ... به. وقال الترمذي:
" حديث غريب ". وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد، وأبو العلاء كامل بن العلاء ممن يجمع حديثه "، ووافقه
الذهبي، وأقره الحافظ في "بلوغ الرام ".(3/437)
وتابعه خالد بن يزيد الطَّيّب: ثنا كامل بن العلاء ... به أتم منه.
أخرجه البيهقي (2/122) .
وتابعه أيضا يحيى بن آدم: حدثنا كامل بن العلاء ... به مختصراً مثل لفظ
الكتاب؛ إلا أنه قال: عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس- أو عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس- على الشك.
أخرجه أحمد (1/315) .
وتابعه أسود بن عامر: أخبرنا كامل عن حبيب عن ابن عباس ... به مطولاً؛
وأسقط سعيداً.
أخرجه أحمد (1/371) .
والصواب: إثبات سعيد بن جبير؛ لاتفاق زيد بن الحباب وخالد بن يزيد
عليه، ويحتمل أن حبيباً كان تارة يذكره، وتارة يسقطه؛ لأنه كان مدلساً كما
تقدم؛ فرواه كامل على الوجهين، فروى كل ما سمع منه. والله أعلم.
وللحديث شاهد موقوف على علي: عند الشافعي (257) ، وابن نصر (76) .
وآخر مختصر يأتي (818) .
143- باب رفع النساء إذا كن مع الرجال رؤوسهن من السجدة
797- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها حتى يرفع
الرجال رؤوسهم؛ كلراهةَ أن يَرينَ من عورات الرجال ".(3/438)
(حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن التوكَل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر
عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن مولى لأسماء ابنة أبي بكر عن أسماء بنت
أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير مولى أسماء؛ فإنه لم يُسَمَّ، فهو
مجهول.
وبه أعله المنذري (1/414) .
لكني وجدت له متابعاً يشهد بصحة حديثه؛ كما يأتي.
ومحمد المتوكل- وإن وثقه ابن معين وابن حبان-؛ فقد قال ابن عدي وغيره:
" كثير الغلط ". وفي " التقريب ":
" صدوق عارف، له أوهام كثيرة ".
قلت: لكنه لم يتفرد به كما يأتي، فدلَّ ذلك على أنه قد حفظ.
والحديث أخرجه البيهقي (2/241) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (6/348) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وقال الحميدي في للمسنده " (327) : حدثنا سفيان قال: ثنا أخو الزهري ...
به
ثم قال أحمد: ثنا عفان قال: حدثني وهيب قال: حدثني النعمان بن راشد
عن ابن أخي الزهري ... به.
ثم قال: ثنا سُرَيْجُ بن النعمان قال: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة(3/439)
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" يا معشر النساء! من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها
حتى يرفع الإمام رأسه؛ من ضيق ثياب الرجال ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري.
وبه صح الحديث؛ والحمد لله.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري ... مرفوعاً نحوه.
أخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/227) ؛ وإسناده حسن.
144- باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين
798- عن البراء:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان سجوده يركوعه وما بين السجدتين قريباً من
السواء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم "- وقال الترمذي، " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن
البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين؛
غير حفص بن عمر- وهو الحَوْضِيِّ؛ فمن رجال البخاري وحده-.
والحديث أخرجه البخاري (2/" 13- 131) ، ومسلم (2/45) ، وأبو عوانة(3/440)
(2/134) ، والنسائي (1/164 و 172) ، والتر مذي (2/69) ، والبيهقي (2/98
و122) ، وأحمد (4/280 و 285) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وقد تابعه مسعر عن الحكم ... به.
أخرجه البخاري (2/135) ، والبيهقي (2/222) ، وأحمد (4/298) .
وتابعه هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... نحوه؛ ويأتي
لفظه في الكتاب بعد حديث.
799- عن أنس بن مالك قال:
ما صلَّيتُ خلف رجل آوْجَزَ صلاهً من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا في تمام، وكان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قال: " سمع الله لمن حمده "؛ قام حتى نقول: قد أوهم!
ثم يكبِّر وشمجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة مختصراً) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت وحميد عن
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
وقد تابعه سَمِئهُ حماد بن زيد عن ثابت وحده، كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/45) من طريق بهز حدثنا حماد: أخبرنا
ثابت ... به نحوه.(3/441)
ورواه أبو عوانة (2/135) - معلقاً- من طريق محمد بن كثير قال: ثنا حماد
ابن سلمة ... به؛ دون قوله: ما صليت ... في تمام.
ثم أخرجه هو، والبخاري (2/135- 136) ، ومسلم والبيهقي (2/98) من
طريق حماد بن زيد عن ثابت ... به نحوه مثل رواية ابن كثير.
وأخرج أحمد (3/100 و 182 و 205) من طرق عن حميد عن أنس ...
بالشطر الأول منه.
ولهذا القدر طرق أخرى عن أنس: في "المسند" (3/170 و 173 و 179
و207 و 231 و 234 و 240 و 262 و 277 و 279 و 282) .
855- عن البراء بن عازب قال:
رَمَقْتُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال أبو كامل: رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصلاة؛
فوجدت قيامه كركعته وسجدته، واعتد اله في الركعة كسجدته، وجلسته
بين السجدتين وسجدته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء.
قال مسدد: فركعته واعتداله بين الركعتين، فسجدته، فجلسته بين
السجدتين، فسجدته، فجلسته بين التسليم والانصراف: قريباً من
السواء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، وقد أخرجه هذا وأبو
عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل- دخل حديث أحدهما في الآخر- قالا: ثنا
أبو عوانة عن هلال بن أبي حُمَيْدٍ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن
عازب.(3/442)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق أبي كامل- واسمه
فضَيْل بن حسين-، وعلى شرط البخاري من طريق مسدد.
والحديث أخرجه مسلم (2/44) عن أبي كامل.
وهو، وأبو عوانة (2/134) ، والبيهقي (2/98 و 123) ، وأحمد (4/294) من
طرق أخرى عن أبي عوانة ... به. وتقدم قبل حديث من طريق أخرى عن ابن
أبي ليلى.
***
انتهى بحمد الله وفضله المجلد الثالث من
" صحيح سنن أبي داود "،
ويليه إن شاء الله تعالى المجدد الرابع، وأوده:
145- باب صلاة من لا يقيم صُلْبَهُ في الركوع والسجود
و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت،
أستغفرك وأتوب إليك ".(3/443)
الجزء الرابع
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية
محفوظة دار غراس- الكويت وشريكهما
ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد
الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة
كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على
اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر.
الطبعة الأولى
1423 هـ
2002 م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868
الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030
Website: www.Gheras.com
E-mail: Info@gheras.com(4/2)
148- باب صلاة من لا يقيم صُلْبَهُ في الركوع والسجود (*)
801- عن أبي مسعود البَدْري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تجزئ صلاة الرجل؛ حتى يُقِيمَ ظهره في الركوع والسجود ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: " حديث
حسن صحيح "، وصححه ايضاًا بن حبان والدارقطني والبيهقي. وأخرجه أبو
عوانة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النمَرِي: ثنا شعبة عن سليمان عن عمَارة بن
عمَيْرٍ عن أبي مَعْمَرٍ عن أبي مسعود البدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حفص بن
عمر؛ فمن رجال البخاري وحده.
وأبو معمر: اسمه عبد الله بن سَخْبَرَةَ الآزْدي الكوفي.
والحديث أخرجه الطيالسي (97/1/427) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (501) ، والبيهقي (2/117) - عن
الطيالسي-، وأحمد (4/119) - من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/104) ، والنسائي (1/167) ، والترمذي
(2/51/265) ، والدارمي (1/304) ، وابن ماجه (1/284) ، والطحاوي في
" مشكل الآثار" (1/79) ، وابن الجارود (695) ، وابن حبان أيضا (502) ،
والدارقطني (133) ، والبيهقي (2/88 و 117) ، وأحمد (4/122) ، والحميدي في
__________
(*) من هنا بدأنا ضبط نصوص الأبواب وأرقامها على طبعة الدعاس؛ ذلك أنه تبين لنا- بعدما
جهزنا المجلدات الثلاثة الأولى- اعتماد الشيخ لاحقاً عليها، انظر المقدمة (ص 6) . (الناشر)(4/3)
"مسنده " (454) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطني:
" هذا إسناد ثابت صحيح ". وقال البيهقي: " إسناد صحيح ". وقال المنذري
في "الترغيب " (1/188) :
" رواه أحمد و.... وابن خزيمة و"بن حبان في "صحيحيهما". ورواه الطبراني
والبيهقي وقالا: إسناده صحيح ثابت ".
وقوله: "الطبراني "! أخشى أن يكون خطأً من الناسخ أو الطابع، تحرف من
"الدارقطني "! والله أعلم.
802- عن أبي هريرة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم
على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه السلامَ، وقال:
" ارجع فَصَلّ، فإنك لم تُصَلِّ ". فرجع الرجل فصلى كما كان صلى،
ثم جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلَّم عليه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" وعليك السلام "، ثم قال: " ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ "؛ حتى
فعل ذلك ثلاث مرار. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق؛ ما أُحْسِنُ غير
هذا فعلِّمْنِي؟! قال:
" إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم
اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدلَ قائماً، ثم اسجد حتى
تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئنَّ جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك
كلِّها- قال القعنبي: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال(4/4)
في أخره:
" فإذا فعلت هذا فقد تَمَّتْ صلاتك، وما انتقصتَ مِنْ هذا شيئاً؛ فإنما
انتقصته من صلاتك " وقال فيه:
" إذا قُمْتَ إلى الصلاة فأسْبغِ الوضوءَ "-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". لكن ليس عندهم
- غير أبي عوانة-: " فإذا فعلت ... " إلى قوله: " من صلاتك ") .
إسناده: حدثنا القعنبي: حدثنا أنس بن عياض. (ح) وثنا ابن المثنى:
حدثني يحيى بن سعيد عن عبيد الله- وهذا لفظ ابن المثنى-: حدثني سعيد بن
أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/103) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/10- 11) ، والنسائي (1/141) : أخبرنا محمد بن
المثنى ... به.
وأخرجه أحمد (2/437) : ثنا يحيى ... به.
وأخرجه البخاري (2/126 و 131) ، وأبو عوانة، والترمذي (2/103/303) ،
والبيهقي (2/37 و 88 و 117 و 122) من طرق عن يحيى ... به.
وقد خالفه أنس بن عياض فقال: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة؛ لم
يقل: عن أبيه؛ كما أخرجه المصنف-(4/5)
وتابعه عبد الله بن نمير: حدثنا عبيد الله ... به.
أخرجه البخاري (8/47) ، ومسلم، وابن ماجه (1/327) ، والبيهقي
(2/15) .
وكذلك تابعه أبو أسامة: حدثنا عبيد الله بن عمر ... به.
أخرجه البخاري (8/115) ، ومسلم، والبيهقي (2/15) .
وتابعه عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر ... به.
أخرجه أبو عوانة. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح. وقد روى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر
عن سعيد المقبري عن أبي هريرة؛ ولم يذكر فيه. عن أبيه. عن أبي هريرة. ورواية
يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمرأصح. وسعيد المقبري قد سمع من أبي
هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة "!
كذا قال! أن رواية يحيى أصح، وقد علمت من تخريجنا أن ابن نمير قد تابعه
أنس بن عياض وأبو أسامة وعيسى بن يونس كل هؤلاء لم يذكروا: عن أبيه.
فاتفاقهم على ذلك يرجح رواية ابن نمير. والله أعلم.
وهما رواية محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن سعيد ... به؛ دون: عن أبيه.
أخرجه ابن حبان (1887) .
803- عن علي بن يحيى بن خَلاد عن عمِّه:
أن رجلاً دخل المسجد ... فذكره نحوه؛ قال فيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه لا تتئم صلاة لأحد من الناس؛ حتى يتوضأ فَيَضَعَ الوضوء(4/6)
- يعني- مواضِعَهُ، ثم يكبِّر، ويحمَدَ الله عز وجل، ؤيثْنِيَ عليه، ويقرأ بما
تيسَّرَ من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئنَّ مفاصله، ثم
يقول: سمع الله لمن حمده؛ حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم
يسجد حتى تطمئنَّ مفاصله، ثم يقول: الله أكبر؛ ويرفع برأسه حتى
يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم
يرفع رأسه فيكبِّر، فإذا فعل ذلك تَمَّتْ صلاته ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد رجأً له كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أنه منقطع ببن
علي بن يحيى بن خلاد وعمه؛ بينهما أبوه يحيى بن خلاد، كما في الروايات
الآتية في الكتاب. ولذلك قال المنذري في "مختصره ":
" المحفوظ في هذا: علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع
كما يأتي ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/242) من طريق عَفَّان: ثنا حماد بن سلمة ...
به؛ إلا أنه قال: أبيه ... مكان: عمه ... فلا أدري؛ أهكذا وقعت الرواية عند
الحاكم؟! أم هو خطأً من الناسخ أو الطابع؟! وقال الحاكم عن البخاري:
" لم يقمه حماد بن سلمة "! ويأتي.
804- وعنه عن أبيه عن عَمِّهِ رفاعة بن رافع ... بمعناه؛ قال: فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(4/7)
" إنها لا تَتِمُّ صلاة أحدكم؛ حتى يُسْبغَ الوضوءَ كما أمر الله عز وجل،
فيَغْسِلَ وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسحَ برأسه، ورجليه إلى الكعبين، ثم
يكبر الله عز وجل ويحمَدَهُ، ثم يقرأ من القرآن ما أُذِنَ له فيه وتيسر ... "
فذكر نحو حماد (يعني: الذي قبله) ؛ قال:
" ثم يكبر فيسجد فيمكِّنَ وجهه- قال همام: وربما قال: جبهته- من
الأرض؛ حتى تطمئن مفاصله وتسترخيَ، ثم يكبِّر فيستويَ قاعداً على
مقعده ويقيم صلبه- فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات-؛ لا تتم صلاة
أحدكم حتى يفعل ذلك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن الجارود) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا هشام بن عبد الملك والحجاج بن منهال
قالا: ثنا همام: ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري من طريق
الحسن بن علي- وهو الحُلْوَانِيُّ-.
وأما هشام بن عبد الملك- وهو اليَزَنيُّ-؛ فليس من رجاله، ولكنه متابع، وهو
لا بأس به (*) .
والحديث أخرجه النسائي (1/170) ، والدارمي (1/305) ، وابن الجارود
(194) ، والحاكم (1/241- 242) ، وعنه البيهقي (02/12 و 345) من طرق
أخرى عن همام ... به. وقال الحاكم:
__________
(*) لكن هشام بن عبد الملك هذا؛ هو للباهلي مولاهم، أبو الوليد الطيالسي. وقد روى له
الجماعة. ولعله انتقل نظر الشيخ رحمه الله تعالى إلى اليَزَنِي؛ فظنه هو. انظر "التهذيب "
(6/31) . (الناشر)(4/8)
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ بعد أن أقام همام بن يحيى
إسناده؛ فإنه حافظ ثقة، وكل من أفسد قوله؛ قالقول قول همام. وقد روى محمد
ابن إسماعيل هذا الحديث في "التاريخ الكبير" عن حجاج بن منهال (يعني:
الراوي عن همام) ، وحكم له بحفظه، ثم قال: لم يقمه حماد بن سلمة "! ووافقه
الذهبي على ذلك!
وإنما هو على شرط البخاري وحده؛ فإن علي بن يحيى بن خلاد وأباه لم
يخرج لهما مسلم شيئاً. ثم قال الحاكم:
" وقد أقام هذا الإسناد: داود بن قيس الفَرَّاء، ومحمد بن إسحاق بن يسار،
وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ... "، ثم ساق أسأنيده بنالك إليهم، وتأتي في
الكتاب- عدا رواية داود بن قيس-.
وممن أقامه محمد بن عجلان فقال: عن علي بن يحيى من آل رفاعة بن رافع
عن أبيه عن عم له بدري أنه حدثه ... به.
أخرجه النسائي (1/161) ، وابن حبان (484) ، والبيهقي (2/372 و 373) ،
وأحمد (4/340) من طرق عنه ... به نحوه.
وحديث داود؛ أخرجه البيهقي (2/374) أيضا، وكذا النسائي (3/60-
القلم) .
805- وعنه عن أبيه عن رفاعة بن رافع ... بهذه القصة؛ قال:
" إذا قمت فتوجَّهت إلى القبلة؛ فكبِّر، ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله
أن تقرأ، وإذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، وامْدُ دْ ظهرك ". وقال:
" إذا سجدت فمكِّنْ لسجودك، فإذا رفعت؛ فاقعد على فَخِذِكَ اليسرى ".(4/9)
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد- يعني: ابن عمرو- عن
علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد حسن.
والحديث أخرجه البيهقي (2/374) من طريق المصنف؛ لكن لم يقع عنده
قوله: عن أبيه!
وكذلك هو في "المسند" (4/340) : ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن
عمرو ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (484) ، لكنه قال: أحسبه عن أبيه.
ولعل الشك من محمد بن عمرو؛ فإن فيه بعض الضعف؛ ولذلك اقتصرت
على تحسين حديثه. والصواب إثبات الأب؛ كما في الكتاب؛ بدليل الروايات
الاخرى.
806- وفي رواية قال:
" إذا أنت قمت في صلاتك؛ فكبِّر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسر عليك
من القرأن ". وقال فيه:
" فإذا جلست في وسط الصلاة؛ فاطمئنَّ وافترشِ اليسرى، ثم تشهْد،
ثم إذا قمت فمثلَ ذلك، حتى تَفْرُغَ من صلاتك ".
(قلت: إسناده حسن) .(4/10)
إسناده: حدثنا مُؤَملُ بن هشام: ثنا إسماعيل عن محمد بن إسحاق:
حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذه القصة قال ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن
إسحاق، وهو ثقة مدلس، وقد صرح هنا بالتحديث؛ فأمنَّا تدليسه.
وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّةَ.
والحديث أخرجه البيهقي (2/133- 134) من طريق المصنف.
807- وفي أخرى ... فقصَّ هذا الحديث؛ قال فيه:
" فتوضأ كما أمرك الله جل وعز، ثم تَشَهَّدْ فَآقِمْ، ثم كَبِّرْ؛ فإن كان
معك قرأن فاقرأ به؛ وإلا فاحْمَدِ الله وكَبِّرْهُ وهَلِّلْهُ ". وقال فيه:
" وإن انتقصت منه شيئاً؛ انتقصت من صلاتك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: " حديث
حسن "، وقال ابن عبد البر: " هذا حديث ثابت "، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الخُتُّلِيُّ: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر-:
أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرَفِيُ عن أبيه عن جده عن
رفاعة بن رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه الطيالسىِ (1/90/390) : حدثنا إسماعيل بن جعفر
المدني ... به.(4/11)
وأخرجه الترمذي (2/101) ، وابن خزيمة (1/274) ، والحاكم (1/343) من
طرق أخرى عن إسماعيل ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ".
وأخرجه البيهقي (2/380) من طريق المصنف والترمذي.
(تنبيه) : اقتصار الترمذي على تحسين الحديث قصور ظاهر؛ فإن إسناده صحيح
لا غبارعليه، لا سيما وأنه يعني بقوله: " حديث حسن "؛ أنه حسن لغيره، كما
نبه عليه في آخر كتابه. وقال المنذري في "الترغيب " (1/184) :
" قال أبو عمر بن عبد البر النَّمَرِي. هذا حديث ثابت ".
808- عن عبد الرحمن بن شِبْلٍ قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نُقْرَة الغُرابِ، وافتراش السبع، وأن يُوَطنَ
الرَّجُلُ المكانَ في المسجدِ كما يُوَطَنُ البعير.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
جعفر بن الحكم. (ح) . وثنا قتيبة: ثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري عن
تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل. هذالفظ قتيبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير تميم بن محمود؛ قال البخاري:
" في حديثه نظر ".
وذكره العقيلي والدَّولابي وابن الجارود في "الضعفاء". وقال العقيلي:(4/12)
" لا يتابع عليه ". وقال الحافظ في "التقريب ":
"فيه لين ".
والحديث أخرجه أحمد (3/428) عن الحجاج وهاشم قالا: ثنا الليث عن
يزيد بن أبي حبيب ... به.
وأخرجه النسائي (1/167) من طريق شعيب عن الليث قال: حدثنا خالد
عن ابن أبي هلال عن جعفر بن عبد الله.
فقد اختلف فيه على الليث. والصواب رواية الطيالسي؛ لمتابعة الحجاج
وهاشم، وثلاثتهم ثقات.
وتابعهم يحيى بن بكير أيضا: عند البيهقي (2/118) .
وقد تابعه عبد الحميد بن جعفر عن أبيه ... به.
أخرجه الدارمي (1/303) ، وابن ماجه (1/437) ، وابن حبان (476) ،
والحاكم (1/229) ، والبيهقي (2/118) ، وأحمد (3/428 و 444) من طرق عنه.
وقال الحاكم:
" حديث صحيح "! ووافقه الذهبي!
ورواه ابن خزيمة أيضا، كما في "الترغيب " (1/181) .
لكن للحديث شاهد، يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى: أخرجه
الإمام أحمد (5/446- 447) من طريق عبد الحميد بن سلمة عن أبيه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى.... الحديث.
وهذا إسناد ظاهره الإرسال؛ وفيه اختلاف ذكره الحافظ في "التهذيب "،(4/13)
وقال:
" قال الدارقطني: عبد الحميد بن سلمة وأبوه وجده لا يعرفون ".
والفقرة الأولى من الحديث؛ لها شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً:
أخرجه أحمد وابن أبي شيبة بإسنادين عنه؛ فهو بهما حسن.
انظر "الأحكام الكبرى" لعبد الحق الإشبيلي برقم (1348) بتحقيقي.
والفقرة الثانية؛ لها شاهد من حديث عائشة؛ وقد مضى برقم (752) .
وآخر من حديث أنس، يأتي برقم (834) .
809- عن سالم البَرَّاد قال:
أتينا عُقْبَةَ بن عمرو الأنصاري أبا مسعود، فقلنا له: حَدِّثنا عن صلاة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقام بين أيدينا في المسجد، فكبَّر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه،
وجعل أصابعه أسفلَ من ذلك، وجافى بين مرفقيه، حتى استقر كل شيء
منه، ثم قال: " سمع الله لمن حمده "، فقام حتى استقر كل شيء منه، ثم
كبر وسجد، ووضع كفيْه على الأرض، ثم جَافَى بين مرفقيه، حتى استقز
كل شيء منه، ثم رفع رأسه فجلس، حتى استقر كلُّ شيء منه، ففعل
مثل ذلك أيضا، ثم صلَّى أربع ركعات مثل هذه الركعة، فصلى صلاته.
ثم قال:
هكذار أينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي.(4/14)
(قلت: حديث صحيح، وصحح إسناده الحاكمُ والذهبي) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سالم
البَراد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير سالم البراد وهو ثقة؛ إلا
أن عطاء كان اختلط، وسمع منه جرير بعد اختلاطه، كما قال أحمد وابن معبن.
والحديث أخرجه البيهقي (2/127) من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (1/224) من طريقين آخرين عن جرير ... به. وقال:
" حديث صحيح الإسناد، وفيه ألفاظ عزيزة؛ لإعراضهما عن عطاء بن
السائب "!
كذا قال! وعطاء روى عنه جرير في الاختلاط كما سبق، وروى له البخاري
حديثاً واحداً متابعةً. ومن عادته هو أن لا يفزَق بين من يروي له الشيخان متابعة،
ومن يرويان عنه استقلالاً!
وأخرجه الطيالسي (96/1/424) : حدثنا همام عن عطاء بن السائب ...
به
والدارمي (1/299) ، وأحمد (4/119) - عن همام-، وأخرجه النسائي
(1/156) ، والبيهقي! 2/121) ، وأحمد (4/120) - عن زائدة-، والنسائي- عن
أبي الأحوص وابن عُلَيَّة-، وأحمد (5/274) - عن أبي عوانة- كلهم عن
عطاء ... به، وكلهم سمع منه في الاختلاط؛ إلا أن أبا عوانة سمع منه قبل
الاختلاط أيضا، فالله أعلم في أي الحالين سمع منه هذا الحديث.
ولكن الحديث صحيح؛ فإن كل ما فيه من السن قد جاء مفرقاً في أحاديث؛(4/15)
سوى قوله:
وجعل أصابعه أسفل من ذلك! فإنه غريب، لم أجد حتى الأن ما يشهد له.
ولفظ زائدة: وجعل أصابعه من وراء ركبتيه.
ولفظ همام عند أحمد: وفَصَلَتْ أصابِعهُ على ساقيه.
وهذا كناية عن التفريج بين الأصابع؛ وذلك ما صرحت به روايته عند
الطيالسي بلفظ: وفرج بين أصابعه.
وهو بهذا اللفظ؛ له شاهد عن وائل بن حجر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع؛ فرَّج بين أصابعه.
أخرجه الحاكم (1/224) ، وقال:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
149- باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كل صلاة لا يتمُّها صاحبها؛ تتَمُ من تَطَوُعِهِ "
810- عن أنس بن حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ قال:
خاف من زياد- أو ابن زياد-، فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة، قال:
فنسَبني فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدسلك حديثاً؟! قال: قلت: بلى
رحمك الله! - قال يونس: أحسبه ذكره عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:
" إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاةُ؛- قال:-(4/16)
يقول ربنا جل وعز لملائكته- وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي؛ أتمّها أم
نقصها؟ فإن كانت تامة؛ كتِبَتْ له تامةً، وإن كان انتقص منها شيئاً؛ قال:
انظروا هل لعبدي من تطوع؟! فإن كان له تطوع؛ قال: أتموا لعبدي فريضته
من تطوعه، ثم تُؤْخَذ الأعمال على ذاكم "
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وابن عبد البر وحمئنه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا إسماعيل: ثنا يونس عن الحسن عن
أنس بن حَكِيمٍ الضَبيِّ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أنس بن حكيم
الضبي؛ وهو مجهول، كما قال ابن القطان وغيره. وذكر في ترجمته من
"التهذيب " أنه اختلف فيه على الحسن على وجوه ذكرها؛ منها الوجه الآتي في
الكتاب عقب هذا.
والحديث أخرجه البيهقي (2/386) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/80) -
وصححه- من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (1/262) ، وعنه البيهقي من طريق أخرى عن يعقوب بن
إبراهيم الدوْرَقِي ... به، وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد (2/425) : ثنا إسماعيل ... به.
وتابعه علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي ... به مرفوعاً مختصراً؛ ولم
يشك.(4/17)
أخرجه ابن ماجه (1/435- 436) ، وأحمد (2/295) .
وعلي بن زيد: هو ابن خدْعان؛ وفيه ضعف، فلا بأس فيه في المتابعات.
ورواه قتادة عن الحسن فقال: عن خريثِ بن قَبِيصَةَ قال:
قدمت المدينة، فقلت: اللهم! يَسِّرْ لي جليساً صالحاً! قال: فجلست إلى أبي
هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقتي جليساً صالحاً، فحدِّثتي بحديث سمعته
من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لعل الله أن ينفعتي به! فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول
... فذ كره.
أخرجه النسائي (1/81) ، والترمذي (1/269- 270) ، وقال النسائي:
" خالفه أبو العوام ... "، ثم ساق من طريقه عن قتادة عن الحسن بن زياد
عن أبي رافع عن أبي هريرة ... مرفوعاً به.
قلت: وأبو العوام: اسمه عمران بن دَاوَر؛ وهو صدوق يهم؛ فرواية همام- وهو
ابن يحيى بن دينار- أصح؛ لأنه أوثق منه، احتج به الشيخان. وقال الترمذي:
" حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي هريرة ".
ومن وجوه الاضطراب التي أشار إليها ابن حجر آنفاً: رواية حُمَيْد عن الحسن
عن رجل عن أبي هريرة؛ وهو الوجه الأتي:
811- وفي رواية عن رجل من بني سلَيْطٍ عن أبي هريرة عن النبيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحوه.
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن الحسن عن
رجل من بني سُلَيْط.(4/18)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير السلَيْطِي؛ فهو مجهول،
ويحتمل أن يكون هو أنس بن حكيم، الذي في الإسناد قبله، أو حريث بن
قبيصة، كما تقدم في رواية الترمذي.
وعلى كل حال؛ فالحديث قد اضطرب فيه الرواة على الحسن البصري، كما
رأيت، وبه أعله الحافظ في "التهذيب ". لكن متابعة علي بن زيد له على الوجه
الأول- كما سبق- لعله يرخحه. وكيفما كان الأمر؛ فالسند ضعيف؛ إما بجهالة
أنس بن حكيم إن رجحنا روايته، وإما بالاضطراب.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له طريقاً أخرى صحيحة لا اضطراب فيها عن أبي
هريرة، يأتي قريباً، وشاهداً من حديث تميم الداري، وهو المذكور في الكتاب بعده.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/436) من طريق عفان: ثنا حماد ... به،
دون قوله: من بني سليط.
وهكذا رواه أبو الأشهب عن الحسن ... به: أخرجه الطيالسي
(1/68/264) ، وزاد في آخره:
قال أبو داود: " سمعت شيخاً من المسجد الحرام يحدث بهذا الحديث، فقال
الحسن وهو في مجلس أبي هريرة- لما حدث هذا الحديث-: والله؛ لهذا لابن آدم
خير من الدنيا وما فيها ".
وهذا سند ضعيف أيضا؛ لجهالة شيخ أبي داود. ولو صح؛ لكان نضاً في
سماع الحسن من أبي هريرة لهذا الحديث، وقد صح عنه أنه قال: لم أسمع من
أبي هريرة غير هذا الحديث- لحديث آخر ذكره-. انظر ترجمته من "التهذيب ".
ثم رأيته في "المعجم الأوسط " (2/180 / 1- 2) بسند ضعيف عن الحسن عن
أبي هريرة ... به.(4/19)
الطريق الصحيحة: أخرجه النسائي (1/82) عن النضْر بن شُمَيْلِ قال: أنبأً نا
حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يَعْمُرَ عن أبي هريرة عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أول ما يحاسب به العبد: صلاته، فإن كان أكملها؛ وإلا قال الله عز وجل:
انظروا لعبدي من تطوع؛ فإن وجد له تطوع قال: أكملوا به الفريضة ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
ولطرفه الأول شاهد من حديث ابن مسعود ... مرفوعاً:
" أول ما يحاسب به العبد: الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس: الدماء ".
أخرجه النسائي (2/163) بسند حسن في الشواهد، وشطره الثاني في
"الصحيحين ".
812- عن تَمِيمً الدارِيِّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا المعنى؛ قال:
" ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم ووافقه
الذهبي، وصححه الدارمي أيضا) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زُرَارةَ
ابن أوفى عن تميم الداري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (1/262- 263) ، وعنه البيهقي (2/387) من
طريقين آخرين عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ... به.(4/20)
والدارمي (1/313) ، وابن ماجه (1/436) من طريقين آخرين أيضا عن
حماد ... به.
وقيل للدارمي: صح هذا؟ قال: إي. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي من طريق يزيد بن هارون: أبَنا داود بن أبي هند ... به
موقوفاً على تميم، وقال:
" ووقفه كذلك: سفيان الثوري وحفص بن غياث عن داود بن أبي هند. ورواه
يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعنى حديث تميم الداري عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة والزكاة، وأنم منه "!
قلت: الموقوف هنا لا يعل الرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي؛ فهو في حكم
المرفوع.
تفربع أبواب الركوع والسجود
150- باب وضع اليدين على الركبتين
813- عن مصعب بن سعد قال:
صَلَّيْتُ إلى جنب أبي، فجعلتُ يَدَيَّ بين رُكْبَتَي؛ فنهاني عن ذلك،
فعُدْتُ، فقال: لا تصنع هذا؛ فإنا كنا نفعله؛ فَنُهِينا عن ذلك، وأُمِرْنا أن
نَضَعَ أيدِيَنا على الرّكَبِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة(4/21)
في "صحاحهم ")
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي يَعْفُور- قال أبو داود:
واسمه: وَقْدان- عن مصعب بن سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد
أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/130) ، والطحاوي (1/135) ، والبيهقي
(2/83) ، والطيالسي (1/91/423) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وتابعه أبو عوانة عن أبي يعفور ... به.
أخرجه مسلم (2/69) ، والنسائي (1/159) ، والترمذي (2/44) ، والطحاوي
والبيهقي.
وتابعه سفيان أيضا ... باختصار.
أخرجه مسلم وأبو عوانة (2/166) ، والطحاوي والبيهقي.
وتابعه أيضا إسرائيل: ثنا أبو يعفور العبدي ... به؛ وزاد في أوله:
كان بنو عبد الله بن مسعود إذا ركعوا؛ جعلوا أيديهم بين أفخاذهم، فصليت
إلى جنب سعد ...
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه الزّبَيْر بن عدي عن مصعب بن سعد ... به نحوه.
أخرجه مسلم وأبو عوانة، وابن ماجه (1/285) ، وكذا النسائي، وأحمد
(1/181 و 182) .(4/22)
814- عن عبد الله قال:
وإذا ركع أحدكم؛ فَلْيَفْرِشْ ذِراعَيْه على فَخِذِهِ، وَلْيُطَبِّقْ بين كَفيْهِ،
فكأنِّي أنظر إلى اختلافِ أصابعِ رسول الَله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن
إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم منهما كما
يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/378) : حدثنا أبو معاوية ... به.
ومسلم (2/68) ، وأبو عوانة (2/165) - معلقاً-، والبيهقي (2/83) من طرق
أخرى عن أبي معاوية ... به، وهو عند مسلم مُظَوَّلٌ، والمصنف أورد منه طرفه
الآخر، ولذلك ذكره بواو العطف: وإذا ركع ... عطفاً على ما قبله.
وخفي هذا على بعضى النسَّاخ أو الطُبَّاع؛ فورد في بعض النسخ: إذا ركع ...
بإسقاط الواو! والصواب إثباته، كما في بعضى النسخ الأخرى؛ إشارة إلى أنه
طرف من حديث.
وأخرجه النسائي (1/118 و 158) ، وكذا مسلم، وأبو عوانة، والطحاوي
(1/134) ، وأحمد (1/426 و 447) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
وتابعه عبد الرحمن بن الأسود: حدثنا علقمة عن عبد الله قال:
علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، فكبَّر ورفع يديه، ثم ركع وطيق بين يديه(4/23)
وجعلهما بين رُكبتَيْهِ، فبلَغ سعداً، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك؛ ثم
أمرنا بهذا؛ وأخذ بركبتيه.
أخرجه النسائي (1/159) ، وابن الجارود (196) ، والحاكم (1/224) ،
وأحمد (1/418) من طريق عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كُلَيْب عن
عبد الرحمن بن الأسود. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
وتابعه ليث عن عبد الرحمن بن الأسود ... ونحوه.
أخرجه أحمد (1/426) .
وتابعه أبو إسحاق أيضا؛ وقد ذكرت لفظه عند الحديث (626) .
151- باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده
815- عن حذيفة:
أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ٍ؛ فكان يقول في ركوعه: " سبحان ربي
العظيم "، وفي سجوده: " سبحان ربي الأعلى "، وما مرّ بآية رحمة؛ إلا
وقف عندها فسأل، ولا بآية عذاب؛ إلا وقف عندها فتعؤذ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما"، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة قال: قلت لسليمان: أدعو في
الصلاة إذا مررت بآية تَخَؤُف؟ فحدَّثني عن سعد بن عبَيْدَةَ عن مُسْتوْرِد عن صِلَةَ
ابن زُفَرَ عن حذيفة.(4/24)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله كلهم ئقات رجال
الشيخين؛ غير مستورد- وهو ابن الأحنف الكوفي-؛ أخرج له الجماعة؛ إلا
البخاري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي (1/98/432) : حدثنا شعبة عن
الأعمش قال: سمعت سَعْد بن عبيدة ... به.
ومن طريقه: أخرجه الترمذي (48/2/262) ، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه الدارمي (1/299) ، وأحمد (5/382 و 394) ، والطحاوي (11/38)
من طرق أخرى عن شعبة.
وأخرجه مسلم (2/186) ، وأبو عوانة (2/168- 169) ، والنسائي (1/160
و245) ، وابن ماجه (407- 408) ، وأحمد (5/384 و 389 و 397) من طرق
أخرى عن الأعمش ... به وأتم منه عندهم جميعاً؛ حاشا ابن ماجه.
816- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في ركوعه وسجوده:
" سُبُّوح قُذُوش ربُ الملائكةِ والروحِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام: ثنا قتادة عن مُطَرفٍ عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما(4/25)
يأتي.
ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشئخيرِ.
والحديث أخرجه مسلم (2/51) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/160- 161
و170) ، وابن نصر (75) ، والطحاوي (1/138) ، والبيهقي (2/87) ، وأحمد
(6/35 و 94 و 115 و 148 و 149 و 176 و 193 و 255 و 244 و 266) من طرق
عن قتادة ... به. وزاد أحمد في رواية له عن يحيى: ثنا سعيد عن قتادة ... :
ثلاث مرات. ثم شك يحيى في ثلاث.
لكن لفظ: (ثلاث) له شواهد كثيرة، ولذلك كت ذكرته في "صفة الصلاة "؛
ورددت على من أنكر ورودها، وعند المؤلف وحده شاهدان، أحدهما: عن عقبة بن
عامر، والآخر: عن ابن مسعود، وفي إسنادهما ضعف؛ ولذلك أوردتهما في
الكتاب الأخر (152- 153 و 155) ، وعند الدارقطني (1/341 / 1و 5 و 6 و 7
و8) ، وأحدهما في "صحيح ابن خزيمة" (604) .
وآخر من حديث جبير بن مُطْعِم: رواه البزار (1/261/537) ، وأشار إلى
تقويته الهيثميُّ في "المجمع " (2/128) ! وأخطأ، كما بينته في التعليق على
"كشف الأستار".
ثم روى له شاهداًآخر من حديث أبي بكرة.
وإسناده حسن؛ إن كان عبد الرحمن بن بَكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة
صالحَ الحديث، كما قال البزار؛ فإني لم أجد أحداً ذكره!
وفي الباب آثار موقوفة كثيرة، فانظر- إن شئت- مصنف ابن أبي شيبة"
(1/249- 250) .(4/26)
817- عن عوف بن مالك الأشجعي قال:
قُمْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةً، فقام فقرأ سورة (البقرة) ، لا يمر بآية
رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذ اب إلا وقف فتعوذ. قال: ثم ركع
بقدر قيامه، يقول في ركوعه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء
والعظمة "، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام
فقرأب: (آل عمران) ، ثم قرأ سورةً سورةً.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب: ثنا معاوية بن صالح عن عمرو
ابن قيس عن عاصم بن حُمَيْدٍ عن عوف بن مالك الأشجعي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عاصم بن حميد
- وهو السكُوني الحمصي-؛ وقد وثقه الدارقطني وابن حبان. وفي "التقريب ":
" صد وق ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف.
وأخرجه النسائي (1/161 و 169) ، وأحمد (6/24) من طريق الليث عن
معاوية بن صالح ... به.
818- عن حذيفة:
أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي من الليل، فكان يقول: " الله أكبر
(ثلاثاً) ، ذو الملكوت والجبروت، والكبرياء والعَظَمة "، ثم استفتح، فقرأ
سورة (البقرة) ، ثم ركع، فكان ركوعه نحواً من قيامه، وكان يقول في(4/27)
ركوعه: "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم "، ثم يرفع رأسه من
الركوع، فكان قيامه نحواً من ركوعه، يقول: " لربي الحمد "، ثم سجد،
فكان سجوده نحواً من قيامه، فكان يقول في سجوده: "سبحان ربي
الأعلى "، ثم رفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً
من سجوده، وكان يقول: " ربِّ! اغفر لي، ربِّ! اغفر لي "، فصلى أربع
ركعات، فقرأ فيهن: (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) أو
(الأنعام) - شك شعبة-.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وعلي بن الجَعْدِ قالا: ثنا شعبة عن عمرو
ابن مُرةَ عن أبي حمزة مولى الأنصار عن رجل من بتي عَبْس عن حذيفة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل العَبْسي، وقد
قيل: إنه صلة بن زفر العبسي كما يأتي.
وأبو حمزة الأنصاري: اسمه طلحة بن يزيد الآيْلي الكوفي؛ وقد وثقه النسائي
وابن حبان، وخرج له البخاري حديثاً واحداً، كما قال الذهبي.
والحديث أخرجه النسائي (1/163 و 172) ، والطيالسي أبو داود
(1/ 115/537) ، وعنه البيهقي (2/121- 122) ، وأحمد (5/398) من طرق
أخرى عن شعبة ... به؛ وزاد الطيالسي:
شعبة يرى أنه صلة بن زفر.
قلت: وهذه فاثدة هامة؛ وصلة هذا ثقة من رجال الشيخين. وقال الحافظ في
ترجمة (طلحة بن يزيد) من "التهذيب ":(4/28)
" قال النسائي-لما خرج حديثه عن رجل عن حذيفة في صلاة الليل-: هذا
الرجل يشبه أن يكون صلة (بياض) ؛ وطلحة ثقة ".
قلت: وبانكشاف هوية الرجل العبسي، وتبيّن انه صلة للثقة؛ يستقيم
الإسناد، ويصح الحديث. والحمد لله. وقال المنذري في "مختصره " (1/419) :
" وأخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: أبو حمزة: اسمه طلحة بن
يزيد. وقال النسائي: أبو حمزة- عندنا-: طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن
يكون صلة. هذا آخر كلامه. وطلحة بن يزيد ... احتج به البخاري في
"صحيحه ". وصلة بن زفر.. احتج به البخاري ومسلم ".
وتابعه العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن
حذيقة ... نحيه، لم يذكر بينهما العبسمي.
أخرجه النسائي (1/246) ، وابن نصر في "قيام الليل " (75 و 89- 90) ،
والحاكم (1/321) ، وأحمد (5/400) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأعله النسائي بالانقطاع،
فقال:
" هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة
شيئاً. وغير العلاء بن المسيب قال في هذا الحديث: عن طلحة عن رجل عن
حذيقة".
قلت: وهذا هو الصواب؛ فإن العلاء- مع ثقته- ربما وهم، وقد خالفه شعبة،
وهو أوثق منه، فذكر بينهما الرجل، لكنه ثقة، كما سبق؛ فالحديث صحيح على
كل حال.
وله طريق أخرى: يرويه عبد الملك بن عمير عن ابن عم- وقال مرة: ابن أخ(4/29)
لحذيفة عن حذيفة ... نحوه مختصرأ.
أخرجه أحمد (5/388 و 396 و 451) ؛ ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن
العم هذا؛ فلم أعرفه!
152- باب في الدعاء في الركوع والسجود
819- عن أبي هريرة؛ أن رسول الله قال:
" أقْرَب ما يكون العبدُ من رئه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السُّرْحِ ومحمد بن سلمة
قالوا: ثنا ابن وهب: أخبرنا عمرو- يعني: ابن الحارث- عن عُمَارة بن غَزِئةَ عن
سُمَي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذَكْوَانَ يحدث عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/170) : أخبرنا محمد بن سلمة قال: ثنا ابن
وهب ... به.
وأخرجه مسلم (1/49- 50) ، وأبو عوانة (2/180) ، والبيهقي (2/110) ،
وأحمد (2/421) من طرق عن ابن وهب ... به.
وتابعه يحيى بن أيوب عن عُمَارة بن غَزِيًةَ ... به.
أخرجه الطحاوي (1/138) .(4/30)
وأخرجه البزار في "مسنده" (ص 62- زوائده) من حديث ابن مسعود.
وسنده واهً.
820- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كشف السِّتارةَ والناسُ صُفوفٌ خلف أبي بكر، فقال:
" يا أيها الناس! إنه لم يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة،
يراها المسلم أو ترى له، وإني نُهِيتُ أن أفرأ راكعاً أو ساجداً: فأما الركوع؛
فعظموا الربَ فيه، وأما السجود؛ فاجتهدوا في الدعاء؛ فَقَمِنٌ أن
يُستجابَ لكم ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن سليمان بن سُحيم عن إبراهيم بن
عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير مسدد؛ فهو
من رجال البخاري، وقد تابعه جماعة عند مسلم وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (1/ 228/489) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه أبو عوانة (2/170) من طريق الحميدي ... به.
وهو، ومسلم (2/48) ، والدارمي (1/304) ، وابن الجارود (203) من طرق
أخرى عن سفيان بن عيينة.
وكذا الطحاوي (1/137) .(4/31)
وتابعه إسماعيل بن جعفر: أخبرني سليمان بن سحيم ... به.
أخرجه مسلم، والنسائي (1/168) ، والدارمي، والبيهقي (2/110) .
وتابعه عبد العزيز بن محمد: ثنا سليمان بن سحيم ... به.
أخرجه أبو عوانة.
821- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده:
" سبحانك اللهم ربَّنا! وبحمدك، اللهم! اغفر لي "؛ يتأؤل القرآن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحَى
عن مسروق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه
كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/43) : ثنا جرير ... به.
ثم أخرجه مسلم (2/50) ، وأبو عوانة (2/186- 187) ، وابن ماجه
(1/289) ، والبيهقي (09/12) من طرق أخرى عن جرير ... به.
وأخرجه البخاري (2/131 و 135) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/168-
169 و 169) ، والطحاوي (1/137) ، وأحمد (6/49 و 100 و 190) من طرق
أخرى عن منصور ... به.(4/32)
822- عن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في سجوده:
" اللهم! اغفر لي ذنبي كلَّه: دِقَّه وجِلَّه، وأولَه واخرَه (زاد ابن
السَّرْح: علانيتَه وسرَّه) ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، ورواه أبو عوانة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب. (ح) وثنا أحمد بن السرح:
أخبرنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن سُمَي مولى أبي
بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قل: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من طريق ابن السرح. وأحمد بن
صالح من رجال البخاري فقط.
والحديث أخرجه مسلم (2/50) : حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى
قالا: أخبرنا ابن وهب.
وأخرجه أبو عوانة (2/185- 186) ، والطحاوي (1/138) عن يونس وحده.
وأخرجه أحمد (2/421) : ثنا هارون- قال عبد الله: وسمعته أنا من هارون-
قال: ثنا ابن وهب.
وأخرجه الحاكم (1/263) من طريق أبي الطاهر ... به، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "!(4/33)
823- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
فَقَدْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ ليلةٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المسجدَ؛ فإذا هو ساجد
وقدماه منصوبتان، وهو يقول:
" أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك
منك، لا أحصي ثناءً عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبدة عن عبيد الله عن
محمد بن يحيى بن حَئان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجأله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري، وقد
وثقه الخطيب ومسلمة.
وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي.
والحديث أخرجه مسلم (2/51) ، وأبو عوانة (2/188) ، وابن خزيمة
(1/ 329//625) ، والبيهقي (1/127) ، وأحمد (6/201) من طريق أبي أسامة
عن عبيد الله بن عمر ... به.
وتابعه ابن نمير: ثنا عبيد الله ... به.
أخرجه أحمد (6/58) .
وأخرجه النسائي (1/169) ، والطحاوي (1/138) عن يحيى بن سعيد عن
محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة قالت ... فذكر مثله. وزاد:
وصدور قدميه نحو القبلة.(4/34)
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
والنسائي أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه، وهذا في " مسند عائشة"
(2/580/613) ؛ وقد طبع حديثاً.
وأخرجه الطحاوي، وابن حبان (1930) من طريق عمارة بن غزية قال:
سمعت أبا النضر يقول: سمعت عروة: قالت عائشة ... فذكر مثله؛ إلا أنه لم
يذكر قوله: " لا أحصي ثناءً عليك "، وزاد:
" أثني عليك، لا أبلغ كما فيك".
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
ومن طريق الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
وللفرج هذا ضعيف.
وأخرجه أحمد (6/58 و 201) عن عبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن
حَبان عن الأعرج.
153- باب الدعاء في الصلاة
824- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدعو في صلاته:
" اللهم! إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح
الدخال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والمات، اللهم! إني أعوذ بك من المأثم
والمغرم ".(4/35)
فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟! فقال:
" إن الرجل إذا غرم؛ حدَّثَ فكَذَبَ، ووعد فأخلف ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية: ثنا شعيب عن الزهري عن عروة
أن عائشة أخبرته.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث؛ وقد
توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/193) ... بإسناد المصنف ولفظه، إلا أنه قال:
حدثنا أبي؛ مكان: ثنا بقية! فلا أدري أهو خطأ من بعض النساخ لكتاب "للسن "،
أو أن لعمرو بن عثمان شيخين، أحدهما: أبوه عثمان- وهو ابن سعيد بن كثير بن
دينار الحمصي-، والآخر: بقية، حدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا؟! والله أعلم.
والحديث أخرجه البخاري (2/137) ، وأحمد (6/88) - بإسناد واحد-
فقالا: ثنا أبو اليمان قال: أنا شعيب ... به.
وأخرجه مسلم (2/93) ، وأبو عوانة (2/236- 237) ، والبيهقي (2/154)
من طرق أخرى عن أبي اليمان ... به.
825- عن أبي هريرة قال:
قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الصلاة وقمعا معه، فقال أعرابي في الصلاة:
اللهم! ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحد اً! فلما سلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال للأعرابي:(4/36)
" تَحَجزتَ واسعاً! "؛ يريد: رحمة الله عز وجل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس عن
ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وأخرجه ابن خزيمة (864) من طريق يونس بن عبد الأعلى: أخبرنا ابن
وهب ... به.
والحديث أخرجه البخاري (8/9) : حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن
الزهري ... به.
وقد تابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به؛ وزاد في آخره:
ئم ولى، حتى إذا كان في ناحية المسجد؛ فَشَجَ يبول ... الحديث بنحو ما
تقدم في الكتاب برقم (406) .
أخرجه ابن ماجه (1/189) ، وابن حبان (246) ، وأحمد (2/503) .
وتابعه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... به نحو حديث محمد بن عمرو.
أخرجه المصنف وغيره، كما سبق في الموضع المشار إليه.
وله شاهد من حديث خنْذبٍ ... نحوه.
أخرجه أحمد (4/312) ، والمصنف في آخر كتاب "الأدبملا، وسيأتي إن شاء
الله تعالى ( ... ) [باب من ليست له غيبة] ، وقد صححه الحاكم (1/56-57
و4/248) ، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.(4/37)
826- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قرأ: (سَبحِ اسْمَ رَئكَ الأعلى) ؛ قال: " سبحان
ربي الأعلى ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه
الذهبي!!) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن
مسلم البَطِين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قال أبو داود: " خولف وكيع في هذا الحديث: رواه أبو وكيع وشعبة.
عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... موقوفاً "!
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن أبا إسحاق- وهو
عمرو بن عبد الله السبِيعي- كان اختلط، ثم هو مدلس، وقد عنعنه. قال الحافظ
في "التقريب ":
" ثقة عابد، اختلط بآخره ".
وفاته وَصْفُهُ بالتدليس! مع أنه قد أورده في المرتبة الثالثة من رسالته "طبقات
المدلسين "، فقال (ص 14) :
" مشهور بالتدليس، وهو تابعي ثقة، وصفه النسائي وغيره بذلك ".
وكذلك أورده الحافظ برهان الدين الحلبي في " التبين " (ص 13) .
هذه علة الحديث عندي. وأعله المصنف بمخالفة أبي وكيع- واسمه: الجَهل
ابن مَلِيح- وشعبة لوكيع! كذا قال!(4/38)
والصواب أن يقال: ... لإسراثيل؛ فإنه الراوي له عن أبي إسحاق.
وكذلك رواه عن أبي إسحاق: أبو وكيع وشعبة، لكنهما أوقفاه.
قلت: وهو الأرجح عندي؛ لأن شعبة سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط؛
بخلاف إسرائيل- وهو ابن ابنه يونس-؛ فإنه سمع منه بعد الاختلا'. فالصواب
في هذا الإسناد الوقف؛ لكن تأني الإشارة إلى ما يشهد له.
والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف.
وأحمد (1/232) : ثنا وكيع ... به.
وأخرجه الحاكم (1/263) من طريق أخرى عن زهير بن حرب ... به، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وفيه ما سبق بيانه.
لكن للحديث شاهدان:
أحدهما: عن قتادة ... مرسلاً: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قرأها قال:
" سبحان ربي الأعلى ".
أخرجه عبد بن حميد كما في " الدر المنثور" (6/326) .
والأخر: عن علي بن أبي طالب: أنه قرأ: {سبح اسم ربك الأعلى} ؛
فقال: سبحان ربي الأعلى؛ وهو في الصلاة. فقيل له: أتزيد في القرآن؟! قال:
لا؛ إنما أمرنا يشيء فَقُلْتُهُ!
أخرجه الفِرْيابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الأنباري في
"المصاحف ".(4/39)
وأخرجه البيهقي (2/311) ... موقوفاً على علي رضي الله عنه.
وسنده حسن.
وله شاهد ثالث موقوف من طريق عمير بن سعيد قال: سمعت أبا موسى يقرأ
في الجمعة بـ: {سبح اسم ربك الأعلى} ؛ فقال: سبحان ربي الأعلى.
أخرجه البيهقي بسند صحيح.
827- عن موسى بن أبي عائشة قال:
كان رَجُلٌ يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ: {أليس ذلك بقادر على أن
يحيي الموتى} ؛ قال: سبحانك فَبَلَى! فسألوه عن ذلك؟ فقال: سمعته من
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن
موسى بن أبي عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الصحابي؛ فإنه
لم يسم، ولا يضر ذلك؛ كما قال الحافظ ابن كثير (4/452) .
والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شَبَابة عن شعبة عن موسى بن أبي عائشة
عن آخر:
أنه كان فوق سطح يقرأ، ويرفع صوته بالقرآن، فإذا قرأ ... الحديث.(4/40)
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه المصنف وغيره، ولكنه من
حصة الكتاب الآخر (156) .
154- باب مقد ار الركوع والسجود
828- عن السعدي عن أبيه- أو عمه- قال:
رَمَقْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته؛ فكان يتمكَّن من ركوعه وسجوده قَدْرَ
ما يقول: " سبحان الله وبحمده " ثلاثاً.
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الحافظ العسقلاني) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد بن عبد الله: ثنا سعيد الجُرَيْرِيّ عن
السعدي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير السعدي؛ فإنه مجهول، لكن قد أحسن
الجريري الثناء عليه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (5/271) من طريق أخرى عن خالد ... به.
وأخرجه هو (5/6) ، والبيهقي (2/111) من طريق محمد بن عبد الرحمن
الطّفَاوِي: ثنا سعيد الجُرَيْرِي عن رجل من بتي تميم- وأحسن الثناء عليه- عن أبيه
أو عمه.
وكأنه- لهذا- قال الحافظ في "التلخيص " (1/243) :
" رواه أحمد من حديث السعدي، وإسناده حسن "!
كذا قال؛ ولا يخفى ما فيه من التساهل.(4/41)
لكن الحديث له شواهد كثيرة، يرتقي بها إلى درجة الصحة:
منها: عن حذيفة بن اليمان قال:
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم وبحمده " ثلاثاً، وفي
سجوده: "سبحان ربي الأعلى وبحمده " ثلاثاً.
أخرجه الدارقطني في "سننه " (130) من طريق محمد بن أبي ليلى عن صلة
عن حذيفة.
ورجاله ثقات؛ إلا أن ابن أبي ليلى فيه ضعف من قبل حفظه.
وبقية الشواهد؛ قد ذكرتها في " تخريج صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى
التسليم كأنك تراها ".
155- باب أعضاء السجود
829- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أُمِرْتُ- قال حماد: أمر نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يسجد على سبعة، ولا
يكف شعراً ولا ثوباً ".
وفي رواية: " أمرت- وربما قال: أمر نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَسْجُدَ على سبعة
آرَابً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدئنا مسدد وسليمان بن حرب قالا: ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن(4/42)
دينار عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/135) ، ومسلم (2/52) ، والنسائي (1/165) ،
والترمذي (2/62) ، والبيهقي (2/101) من طرق أخرى عن حماد ... به.
وأخرجه البيهقي من طريق آخر عن سليمان بن حرب ... به. وزاد مسلم
والبيهقي في رواية: " الكفين والركبتين والقدمين والجيهة ". وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
وأخرجه الشيخان وأبو عوانة (2/182) ، والنسائي، والدارمي (1/302) ،
والطحاوي (1/150) ، وأحمد (1/221 و 223 و 270 و 286) ،والحميدي
(493) من طرق أخرى عن عمروٍ ... به؛ وعند البخاري الزيادة المذكورة.
وتابعه عليها: عبد الله بن طاوس عن أبيه ... به.
أخرجه الشيخان وأبو عوانة والنسائي والدارمي، وابن ماجه (1/288) ،
والبيهقي (2/ 103) ، وأحمد (1/292 و 305) ، والحميدي في "مسنده " (494) .
وأما الرواية الأخرى؛ فإسنادها هكذا: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة
عن عمرو بن دينار ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (438) : حدثنا شعبة ... به.
ومن طريق أبي داود: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/182) .
وأخرجه هو، والبخاري (2/134) ، ومسلم (2/52) ، والدارمي (1/302) ،(4/43)
والنسائي أيضا (11/67) ، وأحمد (1/255 و 279- 280 و 285 و 286 و 324)
من طرق أخرى عن شعبة ... به.
830- عن العباس بن عبد المطلب: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا سجد العبد؛ سجد معه سبعة آراب: وَجْهُهُ وكفاه وركبتاه
وقدماه ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر- يعني: ابن مُضَرَ- عن ابن الهاد
عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وابن الهاد: اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي المدني.
وعزاه الحاكم (1/227) للمتفق عليه! فوهم.
والحديث أخرجه مسلم (4/207) (1) ، والنسائي (1/165) ، والترمذي
(2/61) ، والبيهقي (2/101) ، وأحمد (1/208) كلهم عن قتيبة ... بهذا
الإسناد.
وأخرجه النسائي (1/166) ، وابن ماجه (1/288) ، والطحاوي (1/150) ،
__________
(1) من النسخة التي عليها شرح مسلم. وأما نسخة المتن- التي أعزو بليها عادة؛ طبع
إستنبول-؛ فلم أر الحديث فيها! وقد عزاه إليه جماعة؛ منهم النابلسي في "الذخائر".
وقد ذكر الحافظ في "التلخيص " (1/252) أنه في بعض نسخ "مسلم " دون بعصْ(4/44)
وأحمد (1/206) من طرق أخرى عن ابن الهاد ... به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
831- عن ابن عمر ... رفعه قال:
" إن اليدين تسجد ان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه؛
فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الضياء في
"المختارة") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن
أيوب عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وإسماعيل: هو ابن عُلَيةَ.
والحديث في "مسند أحمد" (2/6) ... بإسناده هذا.
وأخرجه النسائي (1/165) ، والحاكم (1/226) ، وعنه البيهقي (2/101) ،
والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" من طرق أخرى عن إسماعيل بن
عُلَيةَ ... به.
وتابعه وُهَيْب: ثنا وهيب ... به؛ إلا أنه صرح بالرفع فقال: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال ...
أخرجه البيهقي وللضياء بإسناد صحيح أيضا. وقال البيهقي:
" ورواه حماد بن زيد عن أيوب موقوفاً على ابن عمر "(4/45)
قلت: المرفوع أصح.
156- باب في الرجل يدرك الامام ساجداً؛ كيف يصنع؟
832- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تَعُدوها شيئاً،
ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ".
(قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن سعيد بن الحكم حدثهم:
أخبرنا نافع بن يزيد: حدثني يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي العَتاب وابن
المَقْبُري عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير يحيى بن أبي سليمان- وهو أبو صالح
المدني -؛ قال البخاري:
" منكر الحديث ". وقال أبو حاتم:
" مضطرب الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ".
ووثقه الحاكم أيضا كما يأتي.
وأخرج ابن خزيمة حديثه هذا في "صحيحه " (رقم 1622) وقال:
" في القلب شيء من هذا الإسناد؛ فإني لا أعرف يحيى بن أبي سليمان(4/46)
بعدالة ولا جرح، وإنما خرجت خبره؛ لأنه لم يختلف فيه العلماء ". وقال الحافظ
في "التقريب ":
" لين الحديث ".
قلت: وهذا هو الذي لا شك فيه، وتوثيق ابن حبان والحاكم مما لا يعتد به؛
لتساهلهما في التوثيق كما اشتهر، ولولا أن الحديث قد جاءت له شواهد مرفوعة
وموقوفة كما يأتي؛ لما كان حقه أن يخرج في هذا الكتاب، وإنما في الكتاب الأخر.
وسعيد بن الحكم: هو ابن أبي مريم؛ وهذا جده.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/1/170) ، والحاكم
(1/216) ، والبيهقي (2/89) من طريقين آخرين عن سعيد بن أبي مريم ... به.
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد؛ ويحبي بن أبي سليمان من ثقات المصرين "!! ووافقه
الذهبي!!
وقد عرفت ما في توثيقه من التساهل! ثم هو مدني. قال الحافظ:
" وكأنه جعله مصريّاً؛ لرواية أهل مصر عنه ".
وللحديث طريق أخرى بسند ضعيف: أخرجه البيهقي من طريق يحيى بن
حُمَيْد عن قُرةَ بن عبد الرحمن عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من أدرك ركعة من الصلاة؛ فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صُلْبَهُ ". وقال:
" قال أبو أحمد بن عدي: هذه الزيادة: " قبل أن يقيم الإمام صلبه "؛ يقولها
يحيى بن حميد عن قرة. قال البخاري: ... لا يتابع يحيى في حديثه ".(4/47)
لكن يقؤيه ما أخرجه البيهقي أيضا من طريق شعبة عن عبد العزيز بن رُفَيْع
عن رجل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجداً فاسجدوا، ولا تعتدّوا
بالسجود إذا لم يكن معه الركوع ".
قلت: وإسناده صحيح؛ إن كان الرجل الذي لم يسمَّ صحابيّاً، ولعله الراجح؛
فإن عبد العزيز بن رفيع تابعي جليل، روى عن جماعة من الصحابة؛ منهم العبادلة:
ابن عمر وابن عباس وابن الزبير. وسواءَّ كان هو واحداً من هؤلاء أو رجلاً آخر من
الصحابة؛ فالصحابة كلهم عدول. وإن كان من غيرهم من التابعين؛ فهو مجهول.
لكن يقويه أن سعيد بن منصور قد أخرجه عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس
من أهل المدينة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره بنحوه.
فهؤلاء جماعة من التابعين- إن لم يكونوا من الصحابة- يقوي بعضهم بعضاً.
ويزداد الحديث قوة بآثار وردت عن جماعة من الصحابة بأسانيد صحيحة أن مدرك
الركوع مدرك للركعة، ولم يصح عن أحد منهم خلاف ذلك، وبيانه في "إرواء
الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (496) ، و "الصحيحة" (1188) .
157- باب السجود على الأنف والجبهة
833- عن أبي سعيد الخدري:
ٍأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رئي على جبهته وعلى آرْنبَتِهِ آثَرُ طين؛ من صلاة
صلاها بالناس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .(4/48)
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا صفوان بن عيسى: ثنا معمر عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
حدثنا محمد بن يحيى: ثنا عبد الرزاق عن معمر ... نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عبد الرزاق، وعلى
شرط مسلم من طريق صفوان؛ وقد خرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/172) عن عبد بن حميد: أخبرنا عبد الرزاق ...
به
وأخرجه هو، والبخاري (2/134- 135 و 3/43) من طرق أخرى عن يحيى
ابن أبي كثير ... به مطولاً.
وله طريقان آخران عن أبي سلمة، يأتي أحدهما عند المصنف في "أبواب شهر
رمضان " (رقم 1251) ، وسأذكر الآخر هناك إن شاء الله تعالى.
158- باب صفة السجود
834- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" اعتدلوا في السجود؛ ولا يفترشْ أحدُكم ذراعَيْهِ افتراشَ الكَلْبِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.(4/49)
والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 99/437) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه الترمذي (2/66) من طريق الطيالسي، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
والبخاري (2/136) ، ومسلم (2/53) ، والنسائي (1/167) ، والدارمي
(1/303) ، والبيهقي (2/113) ، وأحمد (3/115 و 177 و 179 و 202 و 204
و291) من طرق عن شعبة ... به؛ وصرح قتادة بالسماع من أنس: عند الترمذي
والدارمي وأحمد في رواية.
وتابعه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ... به.
أخرجه ابن ماجه (1/289) ، وكذا النسائي، وابن أبي شيبة في "المصنف "
(1/175) .
وهمام وزيد بن إبراهيم وهشام عنه: عند أحمد (3/109 و 231) .
وأبو العلاء أيوب بن أبي مسكين عن قتادة: عند النسائي (1/166) .
وله شاهد من حديث جابر ... مرفوعاً به: أخرجه ابن أبي شيبة وغيره
بإسناد صحيح على شرط مسلم، وهو مخرج في "تخريج صفة الصلاة ".
835- عن ميمونة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد؛ جافى بين يديه؛ حتى لو أن بَهْمَةً
أرادت أن تمر تحت يديه مَرَّتْ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .(4/50)
إشاده: حدثنا قتيبة: ثنا سفيان عن عبيد الله بن عبد الله عن عمه يزيد بن
الأصم عن ميمونة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/184) من طريق المصنف:
حدثنا أبو داود السِّجْزِيّ ... به.
وأخرجه النسائي (1/166- 167) ... بإسناده.
وتابعهما أحمد (6/331) : ثنا سفيان ... به.
وأخرجه مسلم (2/53- 54) ، وأبو عوانة أيضا، والدارمي (1/306) ، وابن
ماجه (1/287) ، والحاكم (1/228) ، والبيهقي (2/114) من طرق أخرى عن
سفيان بن عيينة ... به.
وتابعه مروان بن معاوية الفَزَاري: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ...
به؛ دون قوله: حتى لو أن بَهمة ... إلخ؛ وزاد:
وإذا قعد؛ اطمأًنَ على فَخِذهِ اليسرى.
أخرجه مسلم، والنسائي (1/172) .
وله شاهد من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ جافى حتى يُرى بياض إِبْطَيْهِ.
أخرجه أحمد (3/294- 295) من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف "
(2/168- 169/2922) . وإسناده صحيح.(4/51)
836- عن ابن عباس قال:
آتَيْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِهِ؛ فرأيت بياض إِبْطَيْهِ وهو مُجَخ، قد فَرجَ
بين يديه.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُفَيْلِي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن
التميمي- الذي يحدث بالتفسير- عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير التميمي- واسمه أرْبِدَة-
بسكون الراء، بعدها موحدة مكسورة-؛ قال الذهبي:
" ما روى عنه سوى أبي إسحاق ".
ووتقه العجلي وابن حبان. وقال الحافظ في "التقريب ":
" صدوق "!
قلت: ولكنه قد توبع كما يأتي.
وأبو إسحاق: هو السَّبِيعي، وكان اختلط، لكن قد رواه عنه سفيان الثوري،
وقد سمع منه قبل الاختلاط.
لكنه مدلس أيضا، ولم أرَ تصريحه بالسماع من التميمي في شيء من الطرق عنه!
والحديث أخرجه الحاكم (1/228) ، وعنه البيهقي (2/115) من طريق أخرى
عن النفيلي ... به.
وأخرجه أحمد (1/362 و 365) من طريق سفيان عن أبي إسحاق ... به؛
بلفظ:(4/52)
كان إذا سجد؛ يُرى بياض إبطيه وهو ساجد.
وأخرجه أيضا (1/292 و 302 و 305 و 316- 317 و 332 و 354) من
طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به.
وأخرجه الطحاوي (1/136) عن شعبة عن أبي إسحاق ... بلفظ سفيان عنه.
وله طريق أخرى: يرويه ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال:
رأى ابن عباس رجلاً ساجداً قد ابْتَسَطَ ذراعيه، فقال ابن عباس: هكذا
يربض الكلب، رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ رأيت بياض إبطيه.
أخرجه الطيالسي (1/100/443) ، وأحمد (1/233 و 320 و 352) ، وابن
أبي شيبة (1/174) .
ورجاله ثقات؛ غير أن شعبة هذا صدوق سيئ الحفظ، كما في "التقريب ".
فهو إسناد حسن بالذي قبله.
وأما الحديث فصحيح؛ لأنه له شواهد كثيرة، أوردتها في "تخريج صفة
الصلاة"؛ منها حديث ميمونة قبله، وحديث أحمر بعده، وحديث البراء: عند
الطيالسي (1/99/441) .
837/1- عن أحْمَرَ بن جَزْءً صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد؛ جافى عَضئدَيْهِ عن جَنْبَيْهِ؛ حتى
نأويَ له.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال النووي وابن الملقن: " إسناده صحيح "،
وصححه ابن دقيق على شرط البخاري! وأخرجه الضياء في "المختارة") .(4/53)
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا عَبَاد بن راشد: ثنا الحسن: ثنا أحْمَرُ
ابن جَزْء.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عَياد بن راشد
- وهو التميمي مولاهم البصري-؛ فقد أخرج له البخاري مقروناً بغيره، وهو
مختلف فيه؛ فأورده البخاري في "الضعفاء". وأنكر عليه ذلك أبو حاتم، فقال:
" يُحَرل ". وقال:
" صالح الحديث ". وقال أحمد:
" ثقة "، ورفع أمره. وقال النسائي:
" ليس بالقوي ". وقال المصنف:
" ضعيف ". وفي " التقريب ":
" صدوق له أوهام ".
قلت: فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى، وقد صحح حديثه هذا
جماعة، فقال النووي في "المجموع " (3/430) :
" إسناده صحيح ".
وكذا قال ابن الملقن في "الخلاصة"- كما في "نصب الراية" للزيلعي
(1/387) -.
وصححه ابن دقيق العيد على شرط البخاري؛ كما في "التلخيص " لابن
حجر (1/256) !
وفيه ما لا يخفى؛ فإن البخاري إنما روى له مقروناً، وقد ضعفه، فكيف يكون
صحيحاً على شرطه؟! بل الصواب أنه حسن كما ذكرنا.(4/54)
نعم؛ هوصحيح بما يأتي له من المتابع.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1/174) ، وعنه ابن ماجه (1/288) ،
والطحاوي (1/136) ، والبيهيقي (2/115) ، وأحمد (4/342 و 5/30) ،
والطبراني في "المعجم الكبير"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" من طرق
عن عَباد بن راشد ... به.
وتابعه عَبَّاد بن ميسرة عن الحسن ... به: أخرجه الطحاوي.
وابن ميسرة هذا: حاله قريب من حال ابن راشد؛ بل لعله دونه؛ قال الحافظ:
" لين الحديث ".
فلا بأس بمتابعته، وبها يرتقي الإسناد إلى الصحة.
837/2- عن دزاج عن ابن حُجَيْرَةَ عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا سجد أحدُكم؛ فلا يفترشْ يديه افتراشَ الكلب، وليَضُم فَخِذَيْه ".
(قلت: إسناده ضعيف؛ دراج فيه ضعف) (*) .
إسناده: حدثنا عبد اللك بن شعيب بن الليث: ثنا ابن وهب: ثنا الليث عن
دراج.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير دراج- وهو ابن
سَمْعان أبو السمْح-، وهو ضعيف.
__________
(*) أشار الشيخ رحمه الله إلى نقل هذا الحديث من "الضعيف " إلى "الصحيح " بقوله:
" عقب حديث (أحمر بن جزء) في الأصل حديث عن أبي هريرة، وذكر في "الضعيف "
برقم (159) ، فلينقل بلى هنا؛ لأنه تبين أنه حسن، ويعظى له رقم (2/837) ".(4/55)
ثم تبين لي فيما بعد أنه مستقيم الحديث فيما رواه عن ابن حُجَيرة، ضعيفُه
فيما رواه عن أبي الهيثم؛ في بحث تراه في "الصحيحة" (3350) ، فلينقل هذا
إلى " الصحيح " [هنا] .
وابن حجيرة- وهو الأكبر-: اسمه عبد الرحمن.
والحديث أخرجه البيهقي (2/115) من طريق أبي صالح: حدثني الليث ...
به. وقال:
" وكذلك رواه ابن وهب عن الليث بن سعد. ولعل التفريج أشبه بهيئة
السجود. والله تعالى أعلم ".
قلت: وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/ 328/653) ، وابن حبان
(3/ 192/1914- الإحسان) من طريق أخرى عن الليث ... به. وقال ابن حبان:
" لم يسمع الليث بن سعد عن درّاج غير هذا الحديث ".
159- باب الرخصة في ذلك للضرورة
[تحته حديث واحد. انظره في " الضعيف "]
160- باب في التَّخَصًّرِ والاقعاء
838- عن زياد بن صبَيْحٍ الحنفي قال:
صَلَّيْت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خاصرتي، فلما صلى
قال: هذا الصلْبُ في الصلاة، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عنه.
(قلت: إسناده صحيح) .(4/56)
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ عن وكيع عن سعيد بن زياد عن زياد بن
صبَيْح الحنفي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وسكت عليه المنذري
(1/ 426/865) !!
والحديث أخرجه أحمد (2/106) : ثنا وكيع ... به.
وأخرجه النسائي (1/142) ، والبيهقي (2/288) ، وأحمد أيضا (2/30) من
طرق أخرى عن سعيد بن زياد ... به.
وفي الباب عن أبي هريرة قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاختصار في الصلاة.
أخرجه الشيخان وغيرهما- كالمصنف-، وسيأتي برقم (873) .
ويلاحظ القارئ أن المصنف بوَّب لشيئين: التخصُر، والإقعاء؛ فترجم
للتخصّر، ولم يترجم للإقعاء! وكأنه أشار بذلك إلى بعض الأحاديث التي تناسب
الباب، وقد ذكر فيما تقدم حديثين:
أحدهما: في النهي عنه عن عائشة؛ وهو برقم (752) .
والأخر: في مشروعيته عن ابن عباس، وهو برقم (791) .
وفي النهي أيضا أحاديث أخرى، سبقت الإشارة إليها هناك، أذكر هنا حديث
علي ... مرفوعاً.
" لا تُقْعِ بين السجدتين ".
أخرجه الترمذي (2/72) ، وابن ماجه (1/289- 290) ، والبيهقي
(3/212) ، والطيالسي (182- "مسنده ") ، وأحمد (1/146) من طريق أبي(4/57)
إسحاق عن الحارث عن علي-
وهو عند الثلاثة الآخرين مطول، فيه أحكام أخرى؛ منها:
" يا علي! لا تفتح على الإمام ".
وهذا القدر أخرجه المصنف أيضا، وقد أوردته في الكتاب الأخر (161) ؛
لضعف الحارث. والتبس الأمر على الشوكاني، فظن أن المصنف أخرج أيضا
حديث علي: " لا تُقْعِ بين السجدتين "، فقال (2/232) :
" أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه "!
وإنما عنده من حديث علي ما ذكرت من الفتح على الإمام! فاقتضى التنبيه (1) !
وفي رواية لابن ماجه:
"ياعلي! لاتُقْعِ إقعاءَ الكلب ".
وأحاديث النهي عن الإقعاء كلها معلولة؛ غير أن مجموعها يدل على أن له
أصلأ، فيحمل على إقعاء كإقعاء الكلب، كما في رواية ابن ماجه وغيره. فلا
تعارض حينئذ بينها وبين حديث ابن عباس المشار إليه في المشروعية؛ لأنه ليس
إقعاءً كإقعاء الكلب. والله أعلم.
161- باب البكاء في الصلاة
839- عن مُطَرفٍ [وهو ابن عبد الله بن الشِّخِّيِر] عن أبيه قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي؛ وفي صدره أزيز كأزيز الرحَى مِنَ
البكاء.
__________
(1) وقد اقتصر النابلسي في "الذخائر" (3/30/5480) - في حديث الاقعاء-: على
الترمذي وابن ماجه.(4/58)
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان أيضا) .
إسناده: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سَلآم: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا
حماد- يعني: ابن سلمة- عن ثابت عن مُطَرفٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن
ابن محمد بن سلام- بالتشديد-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
واسم أبي مطَرف: عبد الله بن الشخيرِ.
والحديث أخرجه أحمد (4/25) : ثنا يزيد ... به.
وأخرجه الحاكم (1/264) ، وعنه البيهقي (2/251) من طريق أخرى عن
يزيد بن هارون ... به. وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي (1/179) ، وابن حبان (522) ، والبيهقي أيضا، وكذا
أحمد (4/25 و 26) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.
والحديث عزاه المنذري (1/427) للترمذي أيضا! وما أراه عنده (*) !
162- باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة
840- عن زيد بن خالد الجُهَنِي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من توضآ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين، لا يسهو فبهما؛ غفِرَ له
ما تقدمَ من ذنبه ".
__________
(*) هو في "شمائله " لا في " سننه ". (الناشر) .(4/59)
(إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على شرط
مسلم "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا هشام
- يعني: ابن سعد- عن زيد عن عطاء بن يسارعن زيد بن خالد.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وفي هشام بن
سعد كلام، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
وزيد: هو ابن أسلم.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (4/117) ... بهذا الإسناد.
ثم أخرجه هو (5/194) ، والحاكم (1/131) من طريقبن آخرين عن هشام بن
سعد ... به. وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أحفظ له علة تُوهِنُهُ "، ووافقه الذهبي.
(تنبيه) : قال الشيخ النابلسي في "ذخائر المواريث ":
" رواه أبو داود في "الصلاة " عن أحمد بن حنبل وعن هشام بن سعد "!
وهذا مما يدل على جهله بتراجم الرجال وطبقاتهم! فإنه ظن أن واو (عمرو) في
اسم والد (عبد الملك) هي واو العطف! وعليه ظنَّ أن المصنف عطف هشام بن
سعد على أحمد بن حنبل؛ ظناً منه أنه قال: (وثنا هشام بن سعد) ! مع أن هشاماً
هذا لم يدركه المصنف، بل بينهما واسطتان إ!
841- عن عقبة بن عامر الجُهَنِيِّ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي ركعتين، يُقْبل بقلبه
ووجهه عليهما؛ إلا وَجَبَتْ له الجنة ".(4/60)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ على اختلاف فيه. وأخرجه
مسلم وأبو عوانة. ومضى 162) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحُبَابِ: ثنا معاوية بن
صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن جُبَيْر بن نُفَيْر الحَضْرَمِيِّ عن
عقبة بن عامر الجُهَنِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن ذِكْرَ جبير بن نُفَيْرٍ فيه غير
محفوظ، كما سبق بيانه عند حديث عقبة هذا برقم (162) ، وهو هناك أتم مما هنا.
والحديث أخرجه النسائي (1/36) : أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المَسْرُوقي
قال: حدثنا زيد بن الحُبَابِ ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي إدريس الخولاني وأبي
عثمان عن جبير بن نفير الحضرمي ... به، فزاد في الإسناد: وأبي عثمان.
وقد رواه ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي عثمان عن جبير بن نفير ... به.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والمصنف في المكان المشار إليه.
163- باب الفتح على الامام في الصلاة
842- عن المُسَور بن يزيد المالكي:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يحيى: وربما قال: شهدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يقرأ في الصلاة، فترك شيئاً لم يقرأْهُ، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت
آية كذا وكذا! فقال:
" هَلآ آذْكَرْتَنِيهَا؟! ".- قال سليمان في حديثه- قال: كنت أُرَاها نُسِخَتْ.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) .(4/61)
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقى قالا:
أخبرنا مروان بن معاوية عن يحيى الكاهلي عن المُسَورِ بن يزيد الكاهلي.
وقال سليمان قال: حدثني يحيى بن كثير- زاد في بعض النسخ- الآزْدي
قال: ثنا المُسَور بن يزيد الأسَدِي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى- وهو ابن كثير
الكاهلي-؛ قال أبو حاتم:
"شيخ ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال النسائي:
"ضعيف ".
ولم يرو عنه غير مروان بن معاوية الفزاري.
قلت: فحديثه حسن بالشاهد الذي بعده.
والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 42- 43) ، وابن حبان في
"صحيحه " (378) ، والبيهقي (3/211) ، وأحمد (4/74) هن طريقين آخرين عن
مروان ... به.
843- عن عبد الله بن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة؛ فقرأ فيها، فَلُبِسَ عليه. فلما انصرف قال
لأُبَي:
" أصليت معنا؟ ". قال: نعم. قال:
"فما منعك؟! ".(4/62)
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والضياء في "المختارة") .
إسناده: حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي: تنا هشام بن إسماعيل: ثنا محمد
ابن شعيب: أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ عن سالم بن عبد الله عن عبد الله
ابن عمر.
(قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات) .
والحديث أخرجه ابن عساكر في "التاريخ " (2/591) من طريق آخر عن يزيد
ابن محمد ... به.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (380) ، والبيهقي (3/212) من طريق
هشام بن عمار: حدثنا محمد بن شعيب بن شَابُور ... به؛ وزاد:
".. أن تفتح علي ".
وكذلك رواه الظبراتي في "المعجم الكبير"، والضياء في "الأحاديث المختارة ".
ويشهد له الحديث الذي قبله. وحديث الجارود بن أبي سَبْرَةَ عن أُبَأ بن
كعب قال:
صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناس، فترك آية، فلما قضى صلاته قال:
" أتكم أخذ علي شيئاً من قراءتي؟ ".
قال أُبي: أنا؛ تركتَ آية كذا وكذا. فقال:
" قد علمت إن كان أخذها أحد علي؛ كان هو ".
أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 42) .
وإسناده صحيح؛ لولا أنه منقطع بين الجارود وأُبيّ.(4/63)
ثم روى عن ابن أبزى عن أبيه قال:
صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فترك آية، فقال:
" أفي القوم أُبيّ؟ ".
فقال: يا رسول الله! نعم، أنسخت آية كذا وكذا، أم نسيتها؟ فضحك،
فقال:
"بل نسيتها".
وإسناده صحيح؛ وابن أبزى: هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى.
وأبوه صحابي صغير.
رواه النسائي في "الكبرى" (5/67/8240) ، وصححه ابن خزيمة (3/ 73/1647
و1648) من طريقين عن سعيد عن أبيه عن أُبَيً.
164- باب النهي عن التلقين
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
165- باب الالتفات في الصلاة
843/م- عن ابن شهاب قال: سمعت أبا الأحوص يحدثنا في مجلسِ
سعيد بن المسيب قال: قال أبو ذر: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا يزالُ اللهُ عزّ وجلَّ مقبلاً على العبدِ وهو في صلاتِه ما لم يلتفت،
فإذا التفتَ انصرف عنه ".(4/64)
(قلت: إسناده ضعيف (1) ، أبو الأحوص فيه جهالة- كما قال النووي-،
وقال المنذري: " لا يُعرف له اسم "، قال ابن معين: " ليس بشيء "، وقال أبو
أحمد الكرابيسي: " ليس بالمتين عندهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب؛ قال: أخبرني يونس عن ابن
شهاب.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي
الأحوص؛ قال الذهبي في "الميزان ":
" ما حدث عنه سوى الزهري، وثقه بعض الكبار، وقال ابن معين: " ليس
يشيء "، وقال ابن القطان: " لا يعرف له حال "، ولا قضى له بالثقة قول الزهري:
" سمعت أبا الأحوص يحدث في مجلس سعيد بن المسيب ". ". ولهذا قال
النووي في "المجموع " (4/96) :
" فيه جهالة ". وقال المنذري في "مختصره " (1/429) :
" لا يعرف له اسم، وهو مولى بني ليث. وقيل: مولى بني غفار، ولم يرو عنه
غير الزهري، قال يحيى بن معين: ليس هو بشيء. وقال أبو أحمد الكرابيسى:
ليس بالمتين عندهم ". وقال في "الترغيب " (1/190) :
" لم يرو عنه غير الزهري، وقد صحح له الترمذي وابن حبان وغيرهما ". وقال
الحافظ:
" مقبول "؛ أي: عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما هنا.
والحديث أخرجه البيهقي (2/281) من طريق المصنف، والحاكم (1/236) ،
__________
(1) حسنته في "الترغيب " لشاهد (*) .
.............
(*) انظره ثمة (1/360- 361) . (الناشر) .(4/65)
وعنه البيهقي من طريق أخرى عن ابن وهب.
وأخرجه النسائي (1/177) ، والدارمي (1/331) ، والطحاوي في "مشكل
الآثار" (2/183) ، وأحمد (5/172) من طرق أخرى عن يونس ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
ويأتي لأبي الأحوص هذا حديث آخر في الكتاب ["الضعيف "] (رقم 170) .
844- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفات الرجل في الصلاة؟ فقال:
" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه".
وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص عن الأشعث- يعني: ابن سُلَيْم-
عن أبيه عن مسروق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وأبو الأ حوص (*)
والحديث أخرجه البخاري (2/124- 125) ... بإسناد المصنف هذا.
ثم أخرجه هو (4/99) ، والنسائي (1/177) ، والترمذي (2/484- 485) من
طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به.
__________
(*) كذا الأصل؛ لم يتم الشيخ رحمه الله العبارة (الناشر) .(4/66)
وأخرجه البيهقي (2/281) من طريقين آخرين عن مسدد ... به.
وأخرجه النسائي، وابن حبان (2284) ، وأحمد (06/16) من طريق أخرى
عن أشعث ... به.
وخالفهما إسرائيل فقال: عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبي عَطِية عن
مسروق عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله.
أخرجه النسائي، فقال: أبي عَطِيَّة؛ بدل: أبيه.
وأبو عطية: هو الوادعي الهَمْداني الكوفي؛ وهو ثقة أيضا من رجال الشيخين.
(تنبيه) : ذكر الحاكم (1/237) أن الحديث متفق عليه بين الشيخين! وذلك
من أوهامه؛ فإن مسلماً لم يخرجه أصلاً.
166- باب السجود على الأنف
845- عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئيَ على جبهته وعلى أرْنَبَتِهِ آثَرُ طين؛ من صلاة
صلاها بالناس.
(قلت: إسناده صحيح، ومضى بإسناد على شرط الشيخين (833) ، وقد
أخرجاه) .
إسناده: حدثنا مُؤَمل بن الفضل: ثنا عيسى عن معمر عن يحيى بن أبي كثير
عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
قال أبو علي: " هذا الحديث لم يقرأه أبو داود في العرضة الرابعة ".(4/67)
قلت: ولعل ذلك لأنه تقدم في "باب السجود على الأنف والجبهة" رقم
(833) .
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة.
وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيُ.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن يحيى بن أبي كثير، كما سبق ذكره
هناك.
167- باب النظر في الصلاة
846- عن جابر بن سَمُرَةَ- قال عثمان:- قال:
دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، فرأى فيه ناساً يصلُون راقعي أيديهم
إلى السماء- ثم اتفقا-، فقال:
" لَيَنْتَهِيَن رجال يَشْخَصُونَ أبصارَهم إلى السماء- قال مسدد-: في
الصلاة-؛ أو لا ترجع إلبهم أبصارهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا
جرير- وهذا حديثه؛ وهو أتم- عن الأعمش عن المسيَّب بن رافع عن تميم بن طَرَفَةَ
الطائِي عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان، وعلى شرط
البخاري من طريق مسدد؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.(4/68)
والحديث أخرجه أحمد (5/101) : ثنا أبو معاوية ... به مقتصراً على المرفوع
من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكذلك أخرجه مسلم (2/29) ، والبيهقي (2/283) .
وأخرجه ابن ماجه (1/323) ، وأحمد (5/90 و 93 و 101 و 108) من طرق
أخرى عن الأعمش ... به.
وأخرجه الدارمي (1/298) من طريق علي بن مسْهِر: أنا الأعمش ... به
مثل رواية جرير؛ إلا أنه قال:
" أبصارهم " مكان: " أيديهم ".
وهو كذلك في "مختصر السنن " للمنذري (1/ 429/875) . والله أعلم. وقال
في تخريجه:
" وأخرجه مسلم والنسائي. وأخرج ابن ماجه طرفاً منه "!
وعليه مؤاخذتان:
الأولى: أنه عند مسلم مختصر مثل رواية ابن ماجه؛ فلا وجه للمغايرة بين
روايتيهما.
الثانية: لم أجده عند النسائي إطلاقاً، ولم يعزه إليه في "الترغيب " (1/189) !
ويحتمل أن يكون في "سننه الكبرى"! والله أعلم.
(تنبيه) : قد سقط هذا الحديث على النابلسي؛ فلم يورده في "الذخائر" أصلاً!
وكذلك لم يخرجه أبو عوانة في "مستخرجه "، وكذا الذي بعده! وهما على
شرطه!(4/69)
847- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما بالُ أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم؟! "، فاشتذ قوله في
ذلك، فقال:
" لَيَنْتَهُن عن ذلك؛ أو لَتُخْطَفَن أبصارُهم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: أن أنس
ابن مالك حدثهم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير
مسدد؛ فهو على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (3/112 و 115 و 116) : ثنا يحيى بن سعيد ...
به
ثم أخرجه هو (3/109 و 140) ، والبخاري (2/124) ، والنسائي (1/177) ،
والبيهقي (2 / 282) من طرق أخرى عن يحيى ... به.
والدارمي (1/298) ، وابن ماجه (1/323) من طريقين آخرين عن سعيد.
وتابعه أبان العطار: ثنا قتادة ... به.
أخرجه أحمد (3/258) : ثنا عفان: ثنا أبان ... به.
وهذا سند صحيح على شرطهما.
وتابعه شعبة أيضا: عند الطيالسي (1/107) .(4/70)
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خَمِيصَةٍ لها أعلام، فقال:
" شغلتني أعلام هذه! اذهبوا بها إلى أبي جَهْم، وَأْتُوني بِانبِجَانِيَّتِهِ ".
(قلت: صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن
عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/64) من طريق المصنف، ومن طريق الحميدي
الأتية.
وأخرجه أحمد (6/37) ، والحميدي في "مسنده " (170) قالا: ثنا سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (2/125) ، ومسلم (2/77) ، والنسائي (1/125) ، وابن
ماجه (2/366) ، والبيهقي (2/282) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
ثم أخرجه البخاري (2/71 و 7/127) ، ومسلم، وأبو عوانة، وأحمد
(6/199) من طرق أخرى عن الزهري ... به.
وتابعه هشام بن عروة عن أبيه ... به.
أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (6/46) ، وعلقه البخاري.
وهو في "الموطأ" (1/119) ... مرسل.
لكنه عند أبي عوانة- من طريقه- موصول كما رواه الجماعة.(4/71)
وله- عند مالك، وعنه أحمد (6/177) ، وابن حبان (2332) - طريق أخرى
عن أم علقمة بن أبي علقمة عنها ... نحوه؛ وفيه:
" فإني نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يَفْتِنُني ".
لكن أم علقمة هذه- واسمها مَرْجانة- غير مشهورة.
841- وفي رواية عنها ... بهذا الخبر؛ قال: وأخذ كُرْديّا كان لأبي
جهم.
فقيل: يا رسول الله! الخميصة كانت خيراً من الكردي!
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثني عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا عبد الرحمن- يعني: ابن
أبي الزناد- قال: سمعت هشاماً يحدث عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن
أبي الزناد، وهو صدوق تغيَر حفظه لما قدم بغداد؛ وكان فقيهاً، كما في
"التقريب "، وقد حقق القول في ترجمته في "التنكيل " (2/33- 34) .
والحديث تقدم الكلام عليه في الذي قبله، وليس فيه هذه الزيادة: وأخذ
كردياً ... والله أعلم.
168- باب الرخصة في ذلك
850- عن سهل ابن الحَنْظَليةِ قال:
ثُوبَ بالصلاة- يعني: صلاة الصبح-؛ فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي
وهو يلتفت إلى الشعْبِ.(4/72)
قال أبو داود: " وكان أرسل فارساً إلى الشِّعْبِ من الليل يَحْرُسُ ".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا الربيع بن نافع: ثنا معاوية- يعني: ابن سلام- عن زيد أنه
سمع أبا سلأم قال: حدثني السَّلولي عن سهل ابن الحنظلية.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم. وقد أخرجه
المصنف رحمه الله في أول "الجهاد" مطولاً، فَنَكِلُ التخريج إلى هناك إن شاء الله
تعالى برقم (2259) .
169- باب العمل في الصلاة
851- عن أبى قتادة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي وهو حامل أُمامةَ بنتَ زينبَ بنتِ رسولِ
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو
ابن سُلَيْمً عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/183) ... بهذا الإسناد.
وعنه: البخاري (2/91) ، ومسلم (2/73) ، وأبو عوانة (2/145) ، والدارمي(4/73)
(1/316) ، والبيهقي (2/262) ، وأحمد (5/295- 296 و 303) كلهم عن
مالك ... به.
وأخرجه مسلم، والنسائي (1/132 و 178) ، والطيالسي (1/1/50309) ،
والحميدي (422) ، وعنه أبو عوانة- وعن غيره-، وأحمد (5/296 و 304 و 310
و311) من طرق أخرى عن عامر بن عبد الله ... به.
وتابعه سعيد المَقْبرِيُ: عند مسلم وأبي عوانة وأحمد- في رواية-، وابن
الجارود (214) ؛ وهي عند المصنف أتم، وهي الرواية الآتية:
852- وفي رواية عنه قال:
بَيْنَا نحن في المسجد جلوسٌ؛ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحملُ أُمامةَ
بنتَ أبي العاص بن الربيع- وأمها زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهي
صبية، يحملها على عاتقه، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي على عاتقه؛
يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته؛ يفعل ذلك بها.
(قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري
مختصراً، وأبو عوانة عن المصنف) .
إسناده: حدثنا قتيبة- يعني: ابن سعيد-: ثنا الليث عن سعيد بن أبي
سعيد عن عمرو بن سلَيْم الزّرَقي أنه سمع أبا قتادة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/146) من طريق المصنف، ولكنه لم يَسقْ
لفظه(4/74)
وقال أحمد (5/303) : ثنا حجاج بن محمد: ثنا ليث- يعني: ابن
سعد- ... به بتمامه.
وأخرجه البخاري (7/8) : حدثنا أبو الوليد: حدثنا الليث ... به مختصراً.
853- وفي أخرى عنه قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي للناس؛ وأمامة بنت أبي العاص على
عُنقِهِ، فإذا سجد وضعها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
وأخرجه أبو عوانة عن المصنف) .
إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة ائرَادي: ثنا ابن وهب عن مَخْرَمَةَ عن أبيه
عن عمرو بن سليم الزرقي فال: سمعت أبا قتادة الأنصاري يقول ... قال أبو
داود:
" ولم يسمع مخرمة من أبيه إلا حديثاً واحداً "!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وقد أعله المصنف بالانقظاع بين مخرمة وأبيه! لكن سائر أحاديثه عنه وجادة،
قال الحافظ:
" صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين
وغيرهما ".
والوجادة الصحيحة حجة، كما تقرر في علم المصطلح. فالعلة غير قادحة؛ فهو
صحيح.(4/75)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/146) من طريق المصنف.
ومسلم (2/73) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به.
854- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اقتلوا الآسْوَدَيْنِ في الصلاة: الحَيَّةَ والعقربَ ".
(إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (2346) ، والحاكم ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير
عن ضَمْضَمِ بن جَوْس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخبن؛ غير ضمضم بن
جوس؛ وهو ثقة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/473) : ثنا يحيى بن سعيد عن علي بن
المبارك ... به؛ إلا أنه قال: حدثني ضمضم ... به.
وهذه فائدة عزيزة تفرد بها أحمد، وهي تصريح يحيى بالتحديث.
ثم أخرجه أحمد (2/475) ، والترمذي (2/234) ، وابن حبان (528) من
طرق أخرى عن ابن المبارك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأحمد (2/233 و 248 و 255 و 284 و 490) ، والنسائي (1/178) ،
والدارمي (1/354) ، وابن ماجه (1/376) ، وابن الجارود في " المنتقى" (213) ،
والحاكم (1/256) ، والبيهقي (2/266) ، والطيالسي (1/109/502) من طرق(4/76)
أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به. وقال الحاكم:
" صحيح؛ وضمضم بن جوس من ثقات أهل اليمامة "، ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً: أخرجه الحاكم (4/270) بسند
واه.
855- عن عائشة قالت:
كان رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال أحمد:- يصلي والبابُ عليه مُغْلَقٌ، فجئت
فاستفتحت قال: قال أحمد:-، فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مُصَلاه.
وذكر ان الباب كان في القبلة.
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (4349)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد- وهذا لفظه قال-: ثنا بشر - يعني:
ابن المُفَضل-: ثنا بُرْدٌ عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير بُرْد- وهو
ابن سنَان الشامي-، وهو صدوق، كما قال الحافظ في "التقريب "، وفيه كلام
يسير لَا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إن شاء الله تعالى.
والحديث في "مسند أحمد" (6/31) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (2/497) ، والبيهقي (2/265) عن بشر.
ثم أخرجه أحمد (6/183 و 234) ، والنسائي (1/178) ، وابن حبان
(530) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن بُرْد ... به. وقال الترمدْي:
" حديث حسن غريب ".(4/77)
وأخرجه الطيالسي أيضا (1/109/501) .
170- بابُ رَد السلام في الصلاة
856- عن عبد الله [وهو ابن مسعود] قال:
كنا نُسَلّمُ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة؛ فَيَرُد علينا، فلما
رجعنا من عند النجاشي؛ سلَّمنا عليه؛ فلم يَرُدَّ علينا، وقال:
" إن في الصلاة لَشُغُلا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وبإسناده أخرجه الشيخان في
"صحيحيهما"، وعنه أبو عوانة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا ابن فضَيْل عن الأعمش عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/139) من طريق المصنف وغيره عن ابن نمير.
وأخرجه البخاري (2/55) ، ومسلم (2/71) ... بإسناد المصنف.
وقال الإمام أحمد (1/376) : حدثنا محمد بن فضيل ... به.
وأخرجه البخاري (2/58) ، ومسلم وأبو عوانهَ، والبيهقي (2/248) من طرق
أخرى عن ابن فضيل ... به.
وتابعه هُرَيْمً بن سفيان عن الأعمش ... به.
أخرجه مسلم، وأبو عوانة، وقال:(4/78)
" رواه أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ".
قلت: وتابعه أبو بدر عن الأعمش ... به، وزاد:
فقلنا: يا رسول الله! كنت تَردُّ علينا؛ ما لك اليوم لم تَردَ علينا؟! فقال:
" إن في الصلاة شغلاً ".
أخرجه البيهقي بسند صحيح.
ثم أخرج (2/260) من طريقين آخرين عن ابن مسعود ... به مختصراً؛
فسلمت عليه، فأومأ بيده.
وهو- بمجموع الطريقين- حسن أو صحيح.
وتابعه أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ... به نحوه مختصراً.
أخرجه ابن ماجه (1/319) ، والطحاوي (1/263) .
857- وعنه قال:
كنا نسلِّم في الصلاة، ونأمر بحاجتنا، فَقَدِمْت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو يصلي، فسلمت عليه، فلم يَردُّ عليَّ السلامَ، فأخذني ما قَدُمَ وما
حَدُثَ فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إن الله يحْدِث من أمره ما يشاء، وإن الله جل وعز قد أحدث أن لا
تَكَلّموا في الصلاة "؛ فرد عليّ السلامَ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2240)) .(4/79)
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا عاصم عن أبي وائل عن
عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أنهما
أخرجا لعاصم- وهو ابن أبي النَّجُودِ- مقروناً بغيره، وقد توبع عليه، كما يأتي؛
فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (2/260) من طريق المصنف.
وأخرجه النسائي (1/181) ، والطيالسي (1/106/485) ، وعنه الطحاوي
(1/263) ، والبيهقي (2/248) ، وفي " الأ سماء " أيضا (235) ، وأحمد (1/377
و435) من طرق أخرى عن عاصم ... به.
وكذلك أخرجه الحميدي (94) .
وله طريقان آخران عن ابن مسعود:
الأول: عن الزُّبَيْرِ بن عَدِي عن كلثوم عنه ... به نحوه؛ وزاد:
" أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين ".
أخرجه النسائي بإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وكلثوم: هو ابن
المصطلق؛ وهو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، وهو ثقة، ويقال: له
صحبة.
والأخر: عن مُطَزفٍ عن أبي الجَهْمٍ عن أبي الرضْرَاضِ عنه ... به؛ دون
قوله: " إن الله قد أحدث ... ".
أخرجه الطحاوي، وأحمد (1/409) بإسناد رجاله ثقات؛ غير أبي
الرضراض، فلم يوثقه غير ابن حبان.(4/80)
وأخرجه الطحاوي من طريق المسعودي عن حماد عن إبراهيم قال: قال
عبد الله بن مسعود ... فذكره؛ وزاد في آخره:
" وأما أنت أيها المسلم! فالسلام عليك ورحمة الله ".
لكن المسعودي كان اختلط.
858- عن ابن عمر عن صهيب: أنه قال:
مررت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلمت عليه؛ فَرَد إشارة- قال:
ولا أعلمه إلا قال: إشارة- بأصبعه.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي. وأخرجه ابن الجارود في
"المنتقى") .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ وقتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم
عن بُكَيْرٍ عن نابل- صاحب العباءِ- عن ابن عمر. وهذا لفظ حديث قتيبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير نابل هذا؛ فإنه غير مشهور، كما قال
النسائي. وقال في موضع آخر:
"ثقة".
وذكره ابن حبان في "الثقات ".
وأشار الدارقطني أنه غير ثقة. وقال الحافظ.
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي بيانه بعد حديث؛ فهو
صحيح.(4/81)
والحديث أخرجه النسائي (1/177) ، والترمذي (2/203/367) ... بإسناد
المصنف الثاني عن الليث ... به. وقال الترمذيَا:
"حديث حسن ".
وأخرجه الدارمي (1/316) ، والطحاوي (1/263) ، وابن الجارود في
"المنتقى" (216) ، والبيهقي (2/258) ، وأحمد (4/332) من طرق أخرى عن
الليث بن سعد ... به.
859- عن جابر قال:
أرسلني نبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني المصطلق، فاً تيتُه وهو يصلِّي على
بعيره، فكلَّمته، فقال لي بيده هكذا، ثم كَلَّمته، فقال لي بيده هكذا، وأنا
أسمعه يقرأ، ويومئ برأسه، قال: فلما فرغ قال:
" ما فعلت في الذي أرسلتك؟! فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت
أصلِّي ".
(قلت: إسناده على شرط مسلم، وصححه الترمذي. وأخرجه مسلم وأبو
عوانة في "صحيحيهما" بإسناد آخر صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النًّفَيلي. ثنا زهير: ثنا أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد
عنعنه، لكن يأتي ما يدل على أشه سمعه من جابر.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/145- 141) من طريق
المصنف.(4/82)
وأخرجه مسلم (2/71) ، والنسائي (1/177) ، والطحاوي (1/264) ، والبيهقي
(2/258) ، وأحمد (3/351 و 363 و 379 أمن طرق أخرى عن زهير ... به.
ثم أخرجه مسلم (2/71) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/177) ، وابن ماجه
(1/318) ، والبيهقي (2/258) ، وأحمد (3/334) من طريق الليث عن أبي
الزبير ... به.
والليث- وهو ابن سعد- لا يحدث عد، أبي الزبير إلا بما صرح له بالتحديث،
كما ثبت ذلك عنه في ترجمته.
وأخرجه الترمذي (2/182/351) عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر ...
باختصار. وقال:
" حديث حسن صحيح ".
860- عن عبد الله بن عمر قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قُبَاءٍ يصلي فيه، قال: فجاعته الأنصار،
فسلَّموا عليه وهو يصلِّي. قال: فقلت لبلال:
كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو
يصلي؟
قال: يقول هكذا. وبسط جعفر بن عون كفَّهُ، وجعل بطنه أسفلُ،
وجعل ظهره إلى فوقُ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "،
وصححه ابن الجارود وابن حبان)(4/83)
إسناده: حدثنا الحسين بن عيسى الخُرَاساني الدَّامَغَاني: ثنا جعفر بن عون:
ثنا هشام بن سعد: ثنا نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول ...
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن
سعد؛ فمن رجال مسلم وحده، وهو حسن الحديث، كما سبق غير مرة.
والحديث أخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (215) : حدثنا محمد بن يحيى
قال: ثنا جعفر بن عون ... به.
وأخرجه الترمذي (2/204/368) ، والطحاوي (1/262 و 263) ، والبيهقي
(2/259) من طرق أخرى عن هشام بن سعد ... به. وقال ابن وهب عن هشام:
قال: فقلت لبلال أو صهيب. وقال ابن الجارِود:
" وقال ابن عيينة: عن زيد بن أسلم عز ابن عمر عن صهيب رضي الله عنهم ".
قلت: وصله النسائي (1/7/\ 1) ، والدارمي (1/316) ، وابن ماجه (318) ،
وابن حبان (532) ، وأحمد (2/10) ، والحميدي (148) عن سفيان بن عيينة
قال: ثنا زيد بن أسلم- بمنى- قال: قال ابق عمر:
ذهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مسجد بني عمرو بن عوف بقباء لِيُصَليَ فيه،
فدخلَتْ عليه رجال الأنصار يسلّمون عليه، فسألت صهيباً- وكانَ معه-: كيف
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدّ عليهم حين كانوا يسلَمون عليه وهو يصلي؟ فقال صهيب:
كان يشير إليهم بيده.
قال سفيان: فقلت: سله: أسمعتَهُ من ابن عمر؟ فقال: يا أبا أسامة!
أسمعته من ابن عمر؟ فقال: أما أنا؛ فقد كلمته وكلمني، ولم يقل: سمعته منه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيحين؛ لكن البيهقي أعله بالإرسال؛
لأن زيداً لم يقل: سمعته!(4/84)
وتعقبه ابن التركماني بما خلاصته: أن زيداً سمع من ابن عمر كما قال ابن
معين، وجمهور أهل الحديث: على أن من أدرك شخصاً فروى عنه؛ كانت روايته
محمولة على الاتصال؛ سواءً كانت بلفظ: (قال) أو: (عن) أو غيرهما.
قلت: وعلى كل حال؛ فهو شاهد قوي لحديث هشام بن سعد، وهو يرجح أن
الذي سأله ابن عمر إنما هو صهيب؛ وليس بلالاً.
ويقويه حديث نابل المتقدم (858) عن ابن عمر عن صهيب.
وأما الترمذي؛ فحكم بصحهَ الحديثين: عن صهيب وعن بلال، فقال:
" وكلا الحديثين عندي صحيح؛ لأن قصة حديث صهيب غير قصة بلال ".
والحديث صححه السّفَّاريني في "شرح الثلاثيات " (1/87- 95) ، وأجاب
عن العلة المذكورة بكلام قوي.
861- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا غِرار (1) في صلاةٍ، ولا تسليم ".
قال أحمد: يعني- فيما أرى- أن لا تُسَلَمَ ولا يُسَلَّمَ عليك، ويغرر الرجل
بصلاته، فينصرف وهو فيها شاكّ (2) .
__________
(1) أي لا نقصان (في صلاة) بأن لا يتم ركوعها وسجودها، أو يشك: هل صلى ثلاثاً أو
أربعاً، فيأخذ بالأكثر ويترك اليقين وينصرف بالشك
(ولا تسليم) أي: ولا نقصان في التسليم، ومعناه: أن ترد كما يسلم عليك وافيأ لا نقص
فيه؛ كأن يقال: السلام عليكم ورحمة الله، فتقول: عليكم السلام ورحمة الله، ولا يقتصر
على قوله: " وعليكم ". قاله الخطابي، وهو أولى مما رراه المصنف عن أحمد رحمه الله.
(2) هذا آخر الجزء الخامس من تجزئة الخطيب، وأول السادس.(4/85)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم،وكذلك قال الحاكم ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن
أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة ... به.
حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبي مالك
عن أبي حازم عن أبي هريرة- قال: أراه- ... رفعه قال:
" لا غرار في تسليمً ولا صلاة ".
قال أبو داود:
" ورواه ابن فضيل على لفظ ابن مهدي؛ ولم يرفعه ".
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم؛ ولم يخرجه.
وأبو حازم: اسمه سلمان الأشجعي الكوفي.
وأبو مالك: اسمه سعد بن طارق الأشجعي الكوفي.
والحديث في "المسند" (2/461) ... بهذا السند.
ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/264) ، وعنه- وعن المصنف- البيهقي
(2/260 و 261) .
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/229) من طريق أخرى عن ابن
مهدي ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.(4/86)
قلت: ومخالفة ابن فضيل لا تُعِلهُ؛ للأن أبن مهدي أحفظ منه، ولأن الرفع
زيادة، فهي مقبولة.
وكذلك شَلث معاوية بن هشام- كما عو ظاهر-، لاسيما وهو متكلم فيه من
قبل حفظه.
وقد أخرجه الحاكم من طريق أخرى عنه.
171- باب تشميت العاطس في الصلاة
862- عن معاوبة بن الحكم السُّلَمِيِّ قال:
صَلَّيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك
الله، فَرَماني القومُ بأبصارهم! فقلتُ: واثُكْلَ أُمياهْ! ما شأنكم تنظرون
إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفت أنهم يُصَمِّتُوني-
فقال عثمان-، فلما رأيتهم يسَكِّتُونِي؛ لكنِّي سَكَمت.
قال: فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأبي وأمي -؛ ما ضريني ولا كهَرني
ولا سَبني، ثم قال:
" إن هذه الصلاةَ لا يَحِلًّ فيها شيء من كلام الناس هذا؛ إنما هو
التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "؛ أو كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: يا رسول الله! إنا قومٌ حديث عهدٍ بجاهليةِ، وقد جاءنا الله
بالاسلام، ومنَّا رجال يأتون الكُهَّان؟ قال.
"فلا تأتِهِم ".
قال: قلت: ومنَّا رجال يتطيّرون؟ قال:(4/87)
" ذاك شيء يجدونه في صدورهم؛ فلا يَصدَّهُمْ ".
قلت: ومنَّا رجال يَخُطُّونَ؟ قال:
" كان نبي من الأنبياء يَخط؛ فمن وافق خطّه فذاك ".
قال: قلت: جاريةٌ لي، كانت ترعى غُنَيْمَات قِبَلَ احُد والجَوّانِيّة؛ إذِ
اطلعتُ عليها اطِّلاعةً؛ فإذا الذئب قد ذهب بشاة منها، وأنا من بني أدم،
أسَف كما يأسفون، لكنِّي صَكَكْتُها صَكَّةً؟! فعظَّم ذاك علي رسولُ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: أفلا اعْتِقُها؟! قال:
" ائْتِنِي بها ". قال: فجئته بها، فقال:
" أين الله؟ ". قالت: في السماء، قال:
" من أنا؟ ". قالت: أنت رسول الله. قال:
" أعتقها؛ فإنها مؤمنة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في
"صحيحه " من طريق المصنف، ومسلم بأحد إسناديه، وابن خزيمة (859) ، وابن
حبان في "صحيحيهما" وابن الجارود)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا
إسماعيل بن إبراهيم- المعنى- عن حَجاج الصَّوَّاف: حدثني يحيى بن أبي كثير
عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسارً عن معاوية بن الحكم السُّلَمِي.
وقلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما
يأتي.(4/88)
وهلال: هو ابن علي بن أسامة.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/142- 143) عن المصنف ...
بإسناديه.
وأخرجه البخاري في "جزء القراءة" (16) ... بإسناد المصنف الأول.
وأخرجه مسلم (2/70) عن أبي بكر بن أبي شيبة- وغيره-، وهو، وابن
الجارود (212) عن إسماعيل بن إبراهيم- وعو ابن علَيَّة-.
وتابعهم الإمام أحمد في "المسند" (5/447) : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ...
به
تم قال: ثنا يحيى بن سعيد عن حجاج الصًؤَاف: حدثني يحيى بن أبي
كثير: حدثني هلال بن أبي ميمونة ... به.
ثم أخرجه هو (5/448) ومسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/179- 180) ،
والطحاوي (1/258) ، والبيهقي (2/249 و 249- 255) من طرق أخرى عن
يحيى بن أبي كثير ... به.
وقد توبع يحيى على بعضه؛ فرواه مالك عن هلال بن أسامة ... به بقصة
الجارية الراعية.
أخرجه في " المدونة " (3/125) .
وروى الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن معاوية بن الحكم
قال:
قلت: أشياء كنا نصنعها في الجاهلية: كنا نأني الكهان ... " فلا يصدنكم ".(4/89)
أخرجه أحمد (3/443 و 5/447 و 447- 448 و 449) .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه فُلَيْحُ بن سليمان عن هلال بن علي ... بد مختصراً؛ وزاد ونقص.
وفليح، فيه ضعف، ولذلك خرَّجناه في الكتاب الآخر (164) .
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، يأتي في "الأيمان والنذور".
ثم خرجته في "الصحيحة" (3161) .
172- باب التأمين وراء الإمام
863- عن وائل بن حُجْرٍ قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ: (ولا الضالين) ؛ قال: " آمين "، ورفع بها
صوته
(قلت: وإسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وقال الترمذي: " حديث
حسن "، وصححه الدارقطني) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سَلَمة عن حجر أبي
العَنْبَسِ الحضرمي عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حجر أبي
العنبس- وهو حجر بن العنبس، أبو العنبس، ويقال: أبو السكن-، وهو ثقة كما
قال ابن معين والخطيب وغيرهما. وصحح له الدارقطني وغيره كما يأتي.
ومحمد بن كثير: هو العَبْدِقيُّ أبو عبد الله البصري(4/90)
والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 50) ، والدارمي
(1/284) ... بإسناد المصنف هذا؛ إلا أنهما قالا: حجر بن العنبس.
ثم أخرجه البخاري، والترمذي (2/27/248) ، والدارقطني (127) ،
والبيهقي (2/57) ، وأحمد (4/316) من طرق عن سفيان ... به؛ وكلهم قالوا:
حجر بن عنبس؛ إلا الدارقطني فقال: حجر أبي العنبس، وهو ابن عنبس. وقال
في الحديث:
" وهذا صحيح ". وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال الحافظ في "التلخيص " (1/236- 237) :
" وسنده صحيح، وصححه الدارقطني. وأعلٌه ابن القطان بِحُجْرٍ بن عنبس،
وأنه لا يعرف! وأخطأ في ذلك، بل هو ثقة معروف ".
وقد تابعه علي بن صالح عن سلمة بن كُهَيلٍ ... به.
أخرجه المصنف وغيره، وهو الآتي في الكتاب بعده.
وخالفهما شعبة، فقال: أخبرني سملمة بن كُهَيْل قال: سمعت حُجْراً أبا
العنبس قال: سمعت علقمة بن وائل يحدث عن وائل (وقد سمعت من وائل) :
أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره؛ إلا أنه قال:
خفض بها صوته!
أخرجه الطيالسي (1/92/401) هكذا، وعنه البيهقي.
وأخرجه أحمد (4/316) من طريق أخرى عن شعبة ... به؛ إلا أنه قال: أو
سمعه حجر من وائل.. مكان: وقد سمعت من وائل!(4/91)
ولعل (أو) صوابها) و (: وبذلك تتفق الروايتان عن شعبة، ثم تتفق روايته مع
رواية سفيان التي لم يدْخِلْ فيها علقمة بيهما حجر ووائل، ويكون فما رواية شعبة
فائدة ليست عند سفيان، وهي أن حجراً سمعه من علقمة عن أبيه، وسمعه عن
وائل مباشرة.
ولكن قوله: خفضر بها صوته ... شاذ؛ لخالفته لرواية سفيان ومتابعة علي بن
صالح، وكذا خالف أيضا محمد بن سلمة بن كهيل؛ فقال الدارقطني عقبه:
" كذا قال شعبة: وأخفى بها صوته. ويقال: إنه وهم فيه؛ لأن سفيان الثوري
ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما روود عن سلمة، فقالوا: رفع صوته بآمين.
وهو الصواب ".
وللحديث شواهد وطرق، خرجتها في "تخريج صفة الصلاة".
864- وفي رواية عنه:
أنه صلى خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فجهرب (آمين) ، وسفم عن يمينه وعن
شماله حتى رأيت بياض خذَه.
(قلت: إسناده حسن صحيح) .
إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد الشعِيرِي: ثنا ابن نمير: ثنا علي بن صالح عن
سلمة بن كُهَيْل عن حُجْرِبن عنبس عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن عنبس، وهو ثقة كما
سبق في الذي قبله.
وعلي بن صالح: هو ابن صالح بن حَيٍّ الهَمداني.(4/92)
لكن أخرجه الترمذي (2/ 29/249) : حدثنا أبو بكر محمد بن أبان: حدثنا
عبد الله بن نمير: حدتنا العلاء بن صالح الآسَدِي عن سلمة بن كهيل ... به،
فقال: للعلاء بن صالح الآسَدي.... مكان. علي بن صالح.
ودْلك هو الصواب، كما يشير إلى ذلك الحافظ في ترجمة العلاء هذا من
" التهذيب " قال:
" وقال أبو داود في روايته: علي بن صالح! وهو وهم ".
قلت: وعلى هذا؛ فالإسناد حسن؛ لأن العلاء بن صالح الآسَدِي وثقه
المصنف وابن معين وغيرهما. وقال البخاري:
" لا يتابع ". وقال ابن المديني:
" روى أحاديث مناكير ". وقال الحافظ:
" صدوق له أوهام ".
وقد تابعه سفيان عن سلمة بن كُهَيْلٍ ... به نحوه، وتقدم لفظه قبله.
فالحديث بذلك صحيح.
865- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا قال الامام: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ؛ فقولوا: آمين؛
فإنه من وافق قوله قول الملائكة؛ غفِرَ له ما تَقَدٌمَ من ذنْبِهِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بسند
المصنف، ومسلم وأبو عوانة في داصحاحهم ") .(4/93)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي بكر عن أبي صالح
السمان عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (2/129) ... بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه مسلم (2/17) ، والبخاري في "جزئه " (ص 50) ، والنسائي
(1/147) ، والبيهقي (2/55) ، وأحمد (2/459) من طرق أخرى عن مالك ...
وهو في "الموطأ" (1/111) .
وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه ... به.
أخرجه مسلم (2/17 و 20) ، وأبو عوانة (2/130- 131) .
وتابعه الأعمش عن أبي صالح ... به نحوه.
أخرجه مسلم، وأحمد (2/440) .
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة، خرجتها في "تخريج صفة الصلاة"،
ويأتي طريقان منها بعد هذا.
866- وفي رواية عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا أمنَ الامام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفِرَ له ما
تقدم من ذنبه ".
قال ابن شهاب: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أمين ".(4/94)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وليس عنده قول
ابن شهاب في آخره. وقد أسنده ابن حبان، والدارقطني- وحسنه-،
والحاكم- وصححه، ووافقه الذهبي- عن أبي هريرة) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي
سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيحين.
والحديث في "الموطأ" (1/108- 111) .
وعنه. البخاري (2/129) ، ومسلم (2/17) ، وأبو عوانة (2/135) ، والنسائي
(1/147) ، والترمذي (2/30) ، والبيهقي (2/55 و 57) ، وأحمد (2/459) كلهم
عن مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه معمر عن الزهري ... به.
أخرجه الدارمي (1/284) ، وأحمد (233) ؛ دون قوله: ابن شهاب.
وكذلك أخرجه النسائي؛ لكنه لم يذكر أبا سلمة في إسناده.
وأخرجه مسلم عن يونس عن ابن شهاب. أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن
عبد الرحمن ... به.
وأخرجه أبو عوانة أيضا.(4/95)
وتابعه الزبَيْدِيّ قال: أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب وأبي
سلمة عن أبي هريرة؛ بلفظ: قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا فرغ من قراءة أم القرآن؛ رفع صوته وقال:
"آمين ".
أخرجه ابن حبان (462) ، والدارقطني (127) ، والحاكم (1/223) ، والبيهقي
(2/58) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزّبَيْدِيِّ: حدثنا عمرو بن
الحارث: حدثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي. وقال الدارقطني:
" هذا إسناد حسن ".
وأقره البيهقي. وأما الحاكم فقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وقد وهما؛ فإن ابن العلاء هذا لم يحتجَّ به الشيخان؛ وإنما أخرج له البخاري
في "الأدب المفرد".
ثم هو مختلف فيه، وقال الحافظ:
" صدوق يهم كثيراً ".
فمثله؛ أحسن أحواله أن يكون حديثه حسناً.
ولكنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث وائل، وقد مضى برقم (863
و864) .(4/96)
173- باب التصفيق في الصلاة
867- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء "
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن
أبي هريرة.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه النسائي (1/178) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه هو، والبخاري (2/56) ، ومسلم (2/27) ، وأبو عوانة (2/213) ،
والدارمي (1/317) ، وابن ماجه (1/322) ، وابن الجارود (210) ، والبيهقي
(2/246) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه أحمد (2/241) : [ثنا سفيان أقال: سمعت الزهري ... به. وقرن
مسلم سعيد بن المسيب إلى أبي سلمة.
وكذلك رواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري ... به.
أخرجه أحمد (2/529) . وزاد مسلم في رواية:
قال ابن شهاب: وقد رأيت رجالأ من أهل العلم يسَئحون ويُشِيرون.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة. كند مسلم وأبي عوانة، وأحمد
(2/261 و 290 و 317 و 376 و 432 و 440 و 473 و 479 و 492 و 507 و 540) :(4/97)
إحداها من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه ... به.
وأخرجه الترمذي (2/205) ، وقأل:
" حديث حسن صحيح ".
وله شاهد من حديث سهل بن سعد؛ وهو الآتي بعده.
868- عن سهل بن سعد:
ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذهب إلى بني عمرو بن عوف لِيُصْلِحَ بينهم،
وحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه قال: أتصلِّي
بالناس فأقِيمَ؟ قال: نعم. فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناسً
في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصفِّ، فصفَّق الناس، وكان أبو بكر
لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق؛ الْتَفَتَ، فرأى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشار إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن امكثْ مكانك، فرفع أبو بكر يديه،
فحمد الله على ما أمره به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، ثم استأخر أبو بكر؛
حتى استوى في الصف، وتقدَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلَّى، فلما انصرف
قال:
" يا أبا بكر! ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟! ".
قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قًحَافة أن يصلِّيَ بين يديْ رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح؟! مَنْ نَابَهً شيء في صلاته؛
فليًسَبَحْ؛ فإنه إذا سَبَّحَ الْتًفِتَ إليه؛ وإنما التصفيح للنساء ".(4/98)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخي. وقد اً خرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/233) من طريق أخرى عن القعنبي.
والبخاري (2/114- 115) ، ومسلم (2/25) ، والبيهقي (2/245- 246) ،
وأحمد (5/337) كلهم من طريق مالك ... به.
وهو في " الموطأ " (1/177- 179) .
وتابعه جماعة عن أبي حازم ... به مطولا ومختصراً.
أخرجه الشيخان وأبو عوانة، والنسائي (2/310) ، والدارمي (1/317) ، وابن
ماجه (1/322) ، وابن الجارود (211) ، وأحمد (5/330 و 331 و 332 و 335
و336 و 338) .
869- وفي رواية عنه قال:
كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاهم
ليُصْلِحَ بينهم بعد الظهر، فقال لبلال:
" إن حضرت صلاة العصر ولم آتِكَ؛ فمُرْ أبا بكر فليُصَل بالناس ".
فلما حضرت العصر؛ أذن بلال، ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدم ...
(قال في آخره:(4/99)
" إذا نابكم شيء في الصلاة؛ فليُسَبِّحِ الرجالُ، وليصَفحِ النساء ")
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن خزيمة، وابن
حبان، والبخاري بنحوه، وأبو عوانة) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عَوْنٍ: أخبرنا حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل
ابن سعد قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (5/332) : ثنا عفان: ثنا حماد بن زيد ... به.
ثم قال: ثنا يونس بن محمد: ثنا حماد: حدثني عبيد الله بن عمر عن أبي
حازم عن سهل بن سعد.
قال حماد: ثم لقيت أبا حازم فحدثني به، فلم أنكر مما حدثني شيئاً قال:
كان قتال ... الحديث.
وأخرجه أبو عوانة (2/233) من طريق اخرى عن حماد بن زيد عن عبيد الله
ابن عمر قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد ... به لكنه؛ لم يسق
لفظه.
وأخرجه البخاري (9/61) من طريق أبي النعمان: حدئنا حماد: حدئنا أبو
حازم المديني عن سهل ... به نحوه. دون قوله لبلال:
" إن حضرت ... فليصل بالناس ".
وأخرجه ابن خزيمة (853) ، وابن حبان (369) بالزيادة.(4/100)
870- عن عيسى بن أيوب قال: قوله: " التصفيح للنساء "؛ تضرب
بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى.
(قلت: إسناده صحيح موقوف) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد عن عيسى بن أيوب.
قلت: وهذا إسناد صحيح موقوف على عيسى بن أيوب- وهو أبو هاشم
الدمشقي-، وهو صدوق زاهد، كما قال الحافظ في "التقريب ".
174- باب الاشارة في الصلاة
871- عن أنس بن مالك:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُشِيرُ في الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (2261)) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن شَبًوَيْهِ ومحمد بن رافع قالا: ثنا
الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان الزهري سمعه من
، وقد أدركه وسمع منه.
والحديث صحيح على كل حال، كما يأتي.
وأخرجه البيهقي (2/262) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به.
وهو في "مسند أحمد" (3/138) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه البيهقي أيضا من طريق أبي الأزهر: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن(4/101)
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ... مرفوعاً به؛ وزاد:
"بيده".
ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي الأزهر هذا- واسمه أحمد بن الأزهر
ابن مَنِيع النيسابوري-؛ قال الحافظ:
" صدوق، كان يحفظ، ثم كبِرَ فصار كتابه أثبت من حفظه ".
وللحديث شواهد كثيرة تدل على صحته، تقدمت في الكتاب برقم (855
و858 و 859 و 860) .
175- باب في مسح الحصى في الصلاة
872- عن معَيْقِيبٍ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تمسح وأنت تصلي؛ فإن كنت لابد فاعلاً فواحدةً؛ تسويةَ الحَصَى ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن
معيقيب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/190) : حدثنا الصنعاني قال:
ثنا مسلم ... به.
وأخرجه البيهقي (2/285) من طريق أخرى عن مسلم ... به.(4/102)
ثم أخرجه هو، والبخاري (2/57) ، ومسلم (2/75) ، وأبو عوانة، والنسائي
(1/177) ، والترمذي (2/220) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي
(1/322) ، وابن ماجه (1/320) ، والطحاوي في "الشكل " (2/183 و 184) ،
وابن الجارود في "النتقى" (218) ، وأحمد (5/425 و 426) من طرق أخرى عن
يحيى بن أبي كثير ... به نحوه؛ وصرح يحيى بالتحديث: عند النسائي
والطحاوي وأبي عوانة.
176- باب الرجل يصلي مختصراً
873- عن أبي هريرة قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاختصار في الصلاة.
قال أبو داود: " يعني: يضع يده على خاصرته ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". وقال
الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا يعقوب بن كعب: ثنا محمد بن سلمة عن هشام عن محمد
عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يعقوب بن كعب،
وهو ثقة بلا خلاف، وقد توبع كما يأتي.
ومحمد بن سلمة: هو الحَرَّاني.
والحديث أخرجه أحمد (2/332) : ثنا محمد بن سلمة ... به.
ثم أخرجه هو (2/290 و 295 و 331 و 399) ، والبخاري (2/59) ، ومسلم(4/103)
(2/74) ، والنسائي (1/142) ، والترمذي (2/222/283) - وقال: " حديث
حسن صحيح "-، والدارمي (1/332) ، وابن الجارود (220) ، البيهقي
(2/287) من طرق أخرى عن هشام بن حسان ... به؛ وزاد أحمد في رواية من
طريق يزيد بن هارون قال:
قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يضع يده على خصره وهو يصلي.
قلت: فهذا يدل على أن المصنف مسبوق بالتفسير الذي ذكره للاختصار،
ولعله هو الصواب؛ فقد صح النهي عنه من حديث ابن عمر، المتقدم برقم
(838) .
ثم إن الحديث أخرجه البخاري والبيهقي من طريق أيوب عن محمد ... به
نحو.
177- باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصاً
874- عن هلال بن يِسَافَ قال:
قَدِمْتُ الرَّفةَ، فقال لي بعض أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلت: غَنِيمة! فدُفِعْنا إلى وابصة. قلت لصاحبي: نبدأ
فننظر إلى دَلهِ؛ فإذا عليه قَلَنْسُوَةٌ لاطِئَةٌ ذاتُ أُذُنينِ، وبُرْنُسُ خَز آغْبَرُ، وإذا
هو معتمدٌ على عصاً في صلاته. فقلنا بعد أن سلمنا؟ قال: حدثتني أم
قيس بنت محصن:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا أسَنَ وحَمَلَ اللحمَ؛ اتخذ عمودأ في مُصَلأه
يعتمد عليه.(4/104)
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "!
ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوَابِصِيُّ: ثنا أبي عن شيبان عن
حُصَيْنِ بن عبد الرحمن عن هلال بن يِسَاف.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن- وهو ابن صخر الوابصي-؛
فإنه مجهول، كما قال الحافظ في "التقريب "، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/264- 265) ، وعنه البيهقي (2/288) من
طريق عبيد الله بن موسى: أبَنا شيبان بن عبد الرحمن ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافاته الذهبي!
قلت: هلال بن يِساف- بكسر التحتية-؛ إنما أخرج له البخاري تعليقاً!
فالحديث صحيح على شرط مسلم وحده.
178- باب النَّهْيِ عن الكلام في الصلاة
875- عن زيد بن أرقم قال:
كان أحدنا يُكَلِّمُ الرجلَ إلى جنبه في الصلاة، فنزلت: {وقوموا لله
قانتين} ؛ فأُمِرْنَا بالسُّكوتِ، ونُهِينا عن الكلام.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن حبان (2242) في
"صحاحهم "، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد
عن الحارث بن شُبَيْل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم.(4/105)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو
أبو جعفر بن الطباع-، وهو ثقة فقيه، وكأن من أعلم الناس بحديث هشيم؛ كما
في " التقريب ".
والحديث أخرجه مسلم (2/71) ، والترمذي (2/ 256/405) ، والبيهقي
(2/248) من طرق أخرى عن هشيم ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (2/55- 56 و 6/26) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة
(2/139) ، والنسائي (1/181) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (4/368) ، وابن حبان
(2242) من طرق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد ... به؛ ولفظ البخاري:
كا نتكلم في الصلاة؛ يكلم أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية:
{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} ؛ فأُمِرْنا بالسكوت (1) .
179- باب في صلاة القاعد
876- عن عبد الله بن عمرو قال: حدِّثت أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" صلاةُ الرجلِ قاعدا نصف الصلاة ". فأتيته فوجدته يصلي جالساً،
فوضعتُ يدي على رأسي، فقال:
" ما لك يا عبد الله بن عمرو؟! ". قلت: حدثت يا رسول الله! أنك قلت:
" صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة "؛ وأنت تصلي قاعداً؟! قال:
" أجل، ولكني لست كأحد منكم ".
__________
(1) انتهى عصر الأحد 12/15/1386 هـ.(4/106)
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا محمد بن قدامة بن آغيَنَ: ثنا جرير عن منصور عن هلال
- يعني: ابن يساف- عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير محمد بن
قدامة؛ وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (7/62) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/165) : حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير ... به؛ إلا أنه
قال:
" رأسه ". وكذايواه ابن نصر في "قيِام الليل " (ص 82) ؛ وعلى ذلك شرحه
بعضهم!
وأخرجه أبو عوانة (2/220- 221) ، والنسائي (1/245) ، والدارمي
(1/321) ، وأحمد (2/162 و 203) من طريقين آخرين عن منصور ... به؛ دون
ذكر الوضع على الرأس.
وقال الطيالسي (1/ 128/602) : حدثنا شعبة عن منصور ... به مختصراً؛
بلفظ:
" صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ".
وعن الطيالسي: رواه أبو عوانة والبيهقي (2/491) .
ورواه مسلم وأحمد (2/192 و 201) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وله في "المسند" (2/192- 193) ، و "ابن ماجه " (1/370) طريق أخرى عن
ابن عمرو؛ وفيها اختلاف.(4/107)
ورواه ابن نصر أيضا (ص 83) .
877- عن عمران بن حُصَين:
أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الرجل قاعداً؟ فقال:
" صلاته قائماً أفضل من صلاته قاعدا، وصلاته قاعداً على النصف
من صلاته قائماً، وصلاته نائماً على النصف من صلاته قاعداً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن حسين المُعَلِّم عن عبد الله بن بُرَيْدة عن
عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/435) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه البيهقي (2/491) من طريق أخرى عن مسدد ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (2/42) ، والنسائي (1/245) ، والترمذي
(2/207/371) ، وابن نصر في "قيام الليل " (ص 83) ، والدارقطني (ص 162) ،
وأحمد (4/433 و 342) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (6/62) من رواية إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن
عائشة ... مرفوعاً نحوه.(4/108)
وسنده حسن.
878- وفي رواية عنه قال:
كان بي النَّاصور، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:
" صل قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً؛ فإن لم تستطع فعلى جنب ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: تنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان
عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير الأنباري؛
وهو ثقة، وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (4/426) . ثنا وكيع ... به.
وأخرجه الترمذي (2/208/3722) ، وابن ماجه (1/369) ، والطحاوي في
" مشكل الآثار" (2/281- 282) ، والدارقطني (ص 146) ، والحاكم (1/315)
من طرق أخرى عن وكيع ... به.
وأخرجه البخاري (2/42) ، والدارقطني، والبيهقي (2/304) من طرق أخرى
عن إبراهيم بن طهمان ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ "!
فوهم في استدراكه على البخاري، ووافقه الذهبي!(4/109)
879- عن عائشة قالت:
ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً قَط؛
حتى دخل في السَنِّ، فكان يجلس فيقرأ، حتى إذا بفى أربعين أو ثلاثين
آيةً؛ قام فقرأها ثم سجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير: ثنا هشام بن عروة عن
عروة عن عائشة قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وزهير: هو ابن معاوية بن حدَيج.
والحديث أخرجه البخاري (2/42- 43) ، ومسلم (2/163) ، وأبو عوانة
(2/217) ، والنسائي (1/244) ، وابن ماجه (1/369- 370) ، وأحمد (6/46
و52 و 127 و 178 و 204 و 231) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.
وقد توهم البوصيري أنه لم يخرجه أحد من الستة غير ابن ماجه! ولذلك
أورده في " زوائده "؛ وقال (ق 76/2) :
" هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ".
880- وعن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، وإذا بقي من
قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين أية؛ قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع، ثم(4/110)
سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد اًخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن يزيد وأبي النضر عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/157) .
وعنه: البخاري (2/43) ، ومسلم (2/163- 164) ، وأبو عوانة (2/218) ،
والنسائي (1/244) ، والترمذي (2/213 و 374) - لكن لم يقع في إسناده ذكر
لعبد الله بن يزيد-، والبيهقي (2/308) ، وأحمد (6/178) من طرق كثيرة عن
مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن ماجه (1/369) ، وأحمد (6/217) من طريق عَمْرَةَ عن
عائشة ... به مختصراً 0
وكذلك أخرجه مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/218) معلقاً.
881- قال أبو داود: " رواه علقمة بن وقاص عن عائشة عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه".
(قلت: وصله مسلم عنه قال: سألت عائشة، قال: قلت:
كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي الركعتين وهو جالس؟ فقالت:(4/111)
كان يقرأ فيهما وهو جالس، فإذا أراد أن يركع، قام فركع. وإسناده حسن) .
وصله أحمد في "المسند" (6/237) : ثنا يزيد قال: أنا محمد- يعني: ابن
عمرو- عن محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي.
وكذا وصله مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/218) عن محمد.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أنهما أخرجا
لمحمد بن عمرو- وهو ابن علقمة بن وقاص- متابعة، وهو شيخ مشهور حسن
الحديث، كما قال الذهيي.
ومحمد بن إبراهيم، هو ابن الحارث التيمي.
882- وعنها قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، فإذا
صلى قائماً؛ ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً؛ ركع قاعداً.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما".
وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد قال: سمعت بُديلَ بن مَيْسَرَةَ وأيوب
يحدثان عن عبد الله بن شَقِيق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ".
والحديث أخرجه مسلم (2/162- 163) ، والنسائي (1/244) قالا: حدثنا
قتيبة بن سعيد: حدثنا حماد عن بُدَيْل وأيوب ... به.
وأخرجه أحمد (6/227) : ثنا أبو كامل قال: ثنا حماد ... به؛ إلا أنه لم(4/112)
يذكر أيوب.
وتابعه شعبة وسعيد بن أبي عروبة كن بديل وحده: عند أحمد (6/100
و265) .
ثم أخرجه هو (6/98 و 112 و 113 و 166 و 171 و 204 و 227 و 236
و241 و 262) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/216) ، والترمذي (2/213/375) ، وابن
ماجه (1/370) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (6/364) من طريق أخرى عن عائشة ... مختصرا بسند فيه
ليث بن أبي سليم؛ وهو ضعيف.
883- وفي رواية عن عبد الله بن شقيق قال:
سألت عائشة: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ السورة في ركعة؟ قالت:
المُفَصَّل. قال: قلت: فكان يصلي قاعدا؟ قالت:
حين حَطَمَهُ الناس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرج الشطر الثاني منه،
وكذا أبو عوانة) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: ثنا كهمس بن
الحسن عن عبد الله بن شقيق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (6/171) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا كهمس ويزيد(4/113)
- قال أبو عبد الرحمن المقري- عن كهمس ... به.
وتابعه سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق ... به مختصرأ دون الشطر الأول
منه
أخرجه مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/220) ، والنسائي (1/245) .
وأخرجه أحمد (6/218) من هذا الوجه- بتمامه-، ومسلم من طريق أخرى
عن كهمس ... به قال: مثله. وانظر (1169) .
180- باب كيف الجلوس في التشهد؟
884- عن وائل بن حُجْرٍ قال: قلت:
لأنظرن إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي؟ فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فاستقبل القبلة فكبَّرَ، فرفع يديه حتى حاذتا بأذنَيْهِ، ثم أخذ شماله
بيمينه، فلما أراد أن يركع؛ رفعهما مثل ذلك، قال: ثم جلس فافترش
رجله اليسرى، ووضمع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحَد مرفقَهَ الأيمن
على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحَلَّقَ حَلْقَةً، ورأيته يقول هكذا؛ وحلق
بِشْرٌ الابهام والوسطى، وأشار بالسبابة.
(إسناده صحيح، وقد مضى بإسناده ولفظه برقم (716)) (1) .
إسناده: تقدم بإسناده ومتنه في أول "رفع اليدين في الصلاة" (716) .
__________
(1) هنا أربعة أحاديث في افتراش اليسرى ونصب اليمنى، لم ترد في نسختنا ولا في
أكثر النسخ، كما في "عون المعبود"؛ فلنستدرك.(4/114)
884/1 (*) - عن عبد الله بن عمر، قال:
سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمني، وتثتي رجلك اليسرى.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن
عبد الله بن عبد الله.
884/2- عن عبد الله بن عمر، قال:
من سنة الصلاة أن تُضجع رجلك اليسرى، وتنصب اليمنى.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى، قال:
سمعت القاسم يقول: أخبرني عبد الله بن عبد أدته أنه سمع عبد الله بن عمريقول.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة. حدثنا جرير عن يحيى. بإسناده ... مثله.
قال أبو داود: " قال حماد بن زيد عن يحيى أيضا: من السنة ... ؛ كما
قال جرير".
884/3- عن يحيى بن سعيد:
أن القاسم بن محمد اراهم الجلوس في التشهد ... فذكر الحديث.
(قلت: حديث صحيح) .
__________
(*) الأحاديث (من 884/1- 884/3) استدركت حسب إشارة الشيغ رحمه الله، وقد
أخذنا أحكامها من "صحيح سنن أبي داود / باختصار السند"؛ حتى لا نفوت على القراء
فائدتها؛ علماً أدْ الحديث الرابع مخها من حصة "الضعيف". (الناشر) .(4/115)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد.
181- باب مَنْ ذَكَرَ التَّوَرّكَ في الرابعة
885- عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُمَيْد الساعدي
في عَشَرَةٍ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو قَتادة، قال أبو حميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: فاعْرِض ... فذكر
الحديث؛ قال:
وَيفْتَخُ أصابع رجليه إذا سجد، ثم يقول: " الله أكبر " ويرفع، ويثني
رجله اليسرى فيقعد عليها، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ... فذكر
الحديث، قال: حتى إذا كانت السجدة التي قيها التسليم؛ أخرج رجله
اليسرى، وقعد مُتورِّكاً على شِقِّهِ الأيسر. زاد أحمد: قالوا: صدقت، هكذا
كان يصلي ... ولم يذكرا في حديثهما الجلوس في الثنتين كيف جلس؟
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى بلفظه (720)) .
إسناده: تقدم بإسناده ومتنه كاملاً في "باب افتتاح الصلاة " (720) .
886- وفي رواية عنه:
أنه كان جالساً مع نفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث،
ولم يذكر أبا قتادة؛ قال:
فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، فإذا جلس في
الركعة الأخيرة؛ قَذَمَ رجله اليسرى وجلس على مَقْعَدَتِهِ.(4/116)
(قلت: إسناده صحيح، وقد مضى برقم (722)) .
مضى هناك (722) .
887 - وفي أخرى عنه أيضا قال:
كنت في مجلس ... بهذا الحديث؛ قال فيه:
فإذا قعد في الركعتين؛ قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى،
فإذا كانت الرابعة؛ أفضى بِوَرِكِهِ اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من
ناحية واحدة.
(قلت: حديث صحيح، وقد مضى برقم (721)) .
مضى هناك (721) .
888- عن عباس بن سهل قال: اجتمع ابو حميد وأبو أسيد وسهل
ابن سعد ومحمد بن مسلمه ... فذكر هذا الحديث؛ ولم يذكر الرفع إذا
قام من ثنتين ولا الجلوس، قال:
حتى فرغ، ثم جلس، فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى
على قبلته.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين، وقد مضى برقم (723)) .
894- مضى هناك (723) .
(تنبيه) : لم يقع هذا الباب وأحاديثه الأربعة، في كثير من نسخ الكتاب!(4/117)
182- باب التشهد
889- عن عبد الله بن مسعود قال:
كنا إذا جلسنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة؛ قلنا: السلام على الله
قبل عباده، السلام على فلان وفلان. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تقولوا: السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس
أحدكم فليقل: (التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك ايها
النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) ؛
فإنكم إذا قلتم ذلك؛ أصاب كلَّ عبد صالح في السماء والأرض- أو بين
السماء والأرض-، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله؛ ثم ليتخيَّرْ أحدكم من الدعاء أعجبه إليه؛ فيدعو به ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " هو أصح حديث روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في التشهد ") .
إسناده: حدثنا مسدد: أخبرنا يحيى عن سليمان الأعمش: حدثني شقيق
ابن سلمة عن عبد الله بن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي، وكذا
مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (1/431) : حدثنا يحيى ... به.
وأخرجه ابن ماجه (1/290) : حدثنا أبو بكر بن خَلآد الباهلي: ثنا يحيى بن
سعيد ... به.(4/118)
وأخرجه هو، والبخاري (12/37) ، ومسلم (2/14) ، وأبو عوانة (2/229) ،
والنسائي (1/174) ، والدارمي (1/308) ، والطحاوي (1/154- 155) ، وابن
الجارود (205) ، والبيهقي (2/138) ، وأحمد (1/382) من طرق عن الأعمش.
وتابعه منصور عن أبي وائل ... به.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي وغيرهم.
وله متابعون آخرون على صيغة التشهد فقط: عند النسائي وابن حبان
(3/203) .
وتابعه الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال:
علَمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قعدنا في الركعتين- أن نقول: التحيات ... إلخ
التشهد.
أخرجه الترمذي (2/81) ، والنسائي (1/173- 174) ، وابن ماجه، وقال
الترمذي:
" حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث روي عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد ".
890- وعنه قال:
كنا لا ندري ما نقول إذا جلسنا في الصلاة! وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد
علمَ ... فذكر نحوه.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن(4/119)
شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ...
قال شريك: وحدثنا جامع بن شداد عن أبي وائل عن عبد الله ... بمثله قال:
وكان يعلمنا كلمات- ولم يكن يعلمناهن كما يعلمنا التشهد-: " اللهم! ألفْ
بين قلوبنا ... ".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقالت؛ غير شريك- وهو ابن عبد الله
القاضي-؛ فإنه سيئ الحفظ، لكنه لم يتفرد به كما يأتي، بخلاف ما رواه عن
جامع بن شداد من الكلمات، فقد تفرد به، ولذلك أوردتها في الكتاب الآخر
(172) .
والحديث أخرجه النسائي (1/174) ، وأحمد (1/437) ، وابن خزيمة (720)
من طريق شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص ... به.
وأخرجه النسائي أيضا من طريق سفيان: حدثنا أبو إسحاق ... به.
وشعبة وسفيان- وهو الثوري- سمعا من أبي إسحاق- وهو السبيعي- قبل
اختلاطه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (1/408) من محلرق أخرى عن أبي إسحاق، ولم أجد
تصريحه بالتحديث في شيء من الروايات عنه؛ فإنه مدلس، ففي الإسناد علة (1) !
لكن الحديث صحيح؛ فقد أخرجه النسائي من طريق زيد بن أبي أنيسة عن
حماد عن إبراهيم عن علقمة بن قيس عن عبد الله قال:
كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلَمنا نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جوامع الكلم، فقال لنا:
__________
(1) ثم رأيته قد صرح بسماعه من أبي الأحوص في رواية الطيالسي (1/ 102/459) :
حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق سمع أبا الأحوص ... به. فصح الإسناد؛ والحمد لله.(4/120)
" قولوا: التحيات ... " الحديث.
وإسناده حسن.
891- وعن القاسم بن مُخَيْمِرَةَ قال:
أخذ علقمة بيدي، فحدثني أن صبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد عبد الله؛ فعلَّمه التشهد في الصلاة ... فذكر
مثل دعاء حديث الأعمش [يعني الحديث (889) ] : إذا قلت هذا- أو
قضيت هذا-؛ فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن
تقعد فاقعد.
(قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: إذا قلت هذا ... شاذ، أدرجه
بعضهم في الحديث! والصواب أنه من قول ابن مسعود موقوفاً عليه، كما قال
ابن حبان والدارقطني والبيهقي) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النَانَئلي: ثنا زهير: ثنا الحسن بن الحُر عن
القاسم بن مخيمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير الحسن بن
الحُر؛ وهو ثقة حُر.
وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة، وهو ثقة ثبت، لكن اختلف الرواة عليه في
قوله في الحديث: " إذا قلت هذا ... "، فمنهم من أدإجه في الحديث، ومنهم
من فصله عنه وجعله من كلام ابن مسعود.
فمن الأول: النفيلي، كما في رواية الكتاب.(4/121)
ومنهم أبو نعيم، فقال الدارمى (1/309) : أخبرنا أبو نعيم: ثنا زهير ... به.
ومنهم الطيالسي، فقال في "مسنده " (1/ 102/458) : حدثنا زهير ... به.
ومنهم يحيى بن آدم: عند أحمد (1/422) : حدثنا يحيى بن آدم: حدثنا
زهير ... به؛ إلا أنه قال: قال: فإذا ...
ومنهم أبو غسان، فقال الطحاوي (1/162) : حدثنا فهد قال: ثنا أبو نعيم
وأبو غسان- واللفظ لأبي نعيم- قالا: ثنا زهير بن معاوية ... به.
ومنهم أحمد بن يونس: عند الطحاوي؛ لكن قال البيهقي (2/174) :
" ورواه أحمد بن يونس عن زهير، وزعم أن بعض الحديث انمحى من كتابه أو
خرقَ ".
ومنهم موسى بن داود: ثنا زهير بن معاوية ... به؛ إلا أنه قال: ثم قال:
إذا ... أخرجه الدارقطني (ص 135) .
ومنهم يحيى بن يحيى؛ إلا أنه قال: قال أبو خيثمة: بلغ حفظي عن الحسن
في بقية هذا الحديث: إذا فعلت هذا أو قضيت ... أخرجه البيهقي؛ وقال:
" هذا حديث قد رواه جماعة عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، وأدرجوا آخر
الحديث في أوله، وقد أشار يحيى بن يحيى إلى ذهاب بعض الحديث عن زهير
في حفظه عن الحسن بن الحر. ورواه شَبَابة بن سَوَّار عن زهير ... وفصل آخر
الحديث من أوله، وجعله من قول عبد الله بن مسعود، وكأنه أخذه عنه قبل ذهابه
من حفظه أومن كتابه ".
ثم روى عن الدارقطني، وهذا في "سننه " بإسناده عن شبابة بن سوار: ثنا أبو
خيثمة زهير بن معاوية: ثنا الحسن بن الحر ... فذكر الحديث، لكنه قال:(4/122)
قال عبد الله: فإذا قلت ذلك؛ فقد قضيت ... وقال الدارقطني:
" شبابة ثقة، وقد فصل آخر الحديث، جعله من قول ابن مسعود، وهو أصح
من رواية من أدرج آخره في كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله أعلم. وقد تابعه غسان بن
الربيع وغيره، فرووه عن ابن ثوبان عن الحسن بن الحر كذلك، وجعل آخر الحديث
من كلام ابن مسعود، ولم يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وقال قبل ذلك نحوه، وزاد:
" ولاتفاق حسين الجعفي وابن عجلان ومحمد بن أبان في روايتهم عن
الحسن بن الحر على ترك ذكره في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد
عن علقمة وعن غيره عن عبد الله بن مسعود على ذلك. والله أعلم ".
قلت: ويتلخص مما تقدم أن هذه الزيادد مُغلَّة بعلتين:
الأولى: عدم تثئتِ زهير بن معاوية من حفظها، فكان تارة يرفعها بإدراجها
في الحديث، لا صراحةً، وعليه أكثر الرواة عنه. وتارة يوقفها، مصرحاً بأنها من
قول ابن مسعود، في رواية شبابة النقة.
والأخرى: شذوذها عن روايقه الجماعة من أصحاب ابن مسعود الذين رووا
الحديث عنه دون هذه الزيادة، ولو كانت محفوظة لذكرها ولو بعضهم عنه،
ومخالفتها لرواية الآخرين الذين رووه عن الحسن بن الحر؛ منهم الحسين بن علي
- وهو الجعفي- بدون هذه الزيادة أيضآ، رحديثه في "المسند" (1/450) ،
والدارقطني، والبيهقي.
فرواية الجماعة أولى أن تكود محفوظة. والله أعلم.
وقد ذكر الزيلعي في "نصب الراية" (1/424) عن ابن حبادْ عْي "صحيحه "
نحو قول الدارقطني في الحكم على الزيادة بالإدراج، وهو الصواب إن شاء الله
تعالى.(4/123)
ثم إن للجملة الأولى من الحديث طريقاً أخرى، من رواية محِل بن محْرِزٍ
الضَبي قال: سمعت شقيق بن سلمة أبا وائل يذكر عن ابن مسعود قال:
كانوا يصلون خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول (الأصل: قال) القائل: السلام على
الله، فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال:
" من القائل: السلام على الله؟! إن الله هو السلام، ولكن قولوا ... " فذكر
التحيات كما تقدم (889) ، وزاد في آخره؛ قال:
وقد كانوا يتعلمونها كما يتعلم أحدكم السورة من القرآن.
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (257/990) ، والطحاوي في " شرح
المعاني " (1/155) ، وإسناده صحيح.
وأخرج أحمد (1/394) من طريق شريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي
وائل ... به مختصراً جداً بلفظ:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.
وإسناده حسن في الشواهد، وهو عند المؤلت مطولاً، وهو من حصة الكتاب
الآخر (172) .
وعند أحمد (1/376) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله قال:
علَّمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهُد، وأمره أن يعلم الناس.. فذكر التشهد.
وإسناده ضعيف.
وقد صح عن ابن مسعود أنه قال:
علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد- كفي بين كفَّيْهِ- كما يعلمني السورة من للقرآن.(4/124)
أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" (2/26) .
892- عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد:
" التحيات لله، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة
الله وبركلاته- قال: قال ابن عمر: زدت فيها: وبركاته-، السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله- قال ابن عمر: زدت فيها:
وحده لا شريك له-، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الدارقطني، وأقره الحافظ العسقلاني) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: حدثني أبي: ثنا شعبة عن أبي بشر: سمعت
مجاهداً يحدث عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ ونصر بن علي:
هو ابن نصر بن علي الجَهْضَمِي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/139) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني (134) من طريق ابن المصنف: ثنا نصر بن علي ... به،
وقال:
" هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي، ووقفه غيرهما "!
كذا قال! وخالفه البيهقي فقال:
" ورواه ابن أبي عدي عن شعبة فوقفه؛ إلا أنه ردَّهُ إلى حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقال: كنا نقولها في حياته، فلما مات قلنا: السلام على النبي ورحمة الله. وكان
محمد بن إسماعيل البخاري يرى رواية سيف عن مجاهد عن أبي معمر عن(4/125)
عبد الله بن مسعود هي المحفوظة، دون رواية أبي بشر. والله تعالى أعلم "!
قلت: أبو بشر- واسمه بَيَانُ بن بشر- ثقة محتج به- في "الصحيحين "،
فتوهيمه- لمجرد رواية غيره من الثقات عن مجاهد ما لم يروه هو- مما لا يظهر صوابه!
وما المانع أن يكون مجاهد روى حديثين متشابهين، أحدهما: عن ابن مسعود، وهو
الذي رواه سيف عنه، والآخر: عن ابن عمر، وهو الذي رواه أبو بشر هذا؟!
وقد ذكر الحافظ في "التلخيص " (1/267) قول الدارقطني المتقدم في تصحيح
إسناده، وأقرَّه.
وقد وجدت له طريقاً أخرى عن ابن عمر، فقال أحمد (2/68) : ثنا عفان ...
حدثني عبد الله بن بَابِي المكي قال:
صليت إلى جنب عبد الله بن عمر، قال: فلما قضى الصلاة؛ ضرب بيده
على فخذه فقال: ألا أعلَمك تحت الصلاة كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا؟! فتلا
علي هؤلاء الكلمات؛ يعني: قول أبي موسى الأشعري في التشهد.
وهو صحيح على شرط مسلم. وتشهد أبي موسى هو الآتي:
893- عن حِطّان بن عبد الله الرقَاشي قال:
صلَّى بنا أبو موسى الأشعري، فلما جلس في آخر صلاته؛ قال رجل
من القوم: أُقِرَّتِ الصلاة بالبِرِّ والزكاة. فلما انفتل أبو موسى أقبل على
القوم، فقال: أيكم القائل كلمةَ كذا وكذا؟! فَأرَمَّ القومُ. فقال: أيُّكم
القائل كلمةَ كذا وكذا؟! فأرَمَّ القوم. قال: فلعلك يا حِطانُ! قلتَها؟! قال:
ما قلْتها، ولقد رَهِبْت أن تَبْكَعَنِي بها! قال: فقال رجل من القوم: أنا
قلتها، وما أردت بها إلا الخير! فقال أبو موسى:(4/126)
أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟! إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبنا،
فعلَّمنا وبيَّن لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا؛ فقال:
" إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبَّر فكبِّروا،
وإذا قرأ: (غير المغضوب عليهم ولا الضالِّين) فقولوا: آمين؛ يُجبْكُم الله،
وإذا كبَّر وركع، فكبِّروا واركعوا؛ فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم،-
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛
فقولوا: اللهم ربَّنا لك الحمد؛ يسمع الله لكم؛ فإن الله تعالى قال على
لسان نبيه: سمع الله لمن حمده، وإذا كبَّر وسجد؛ فكبِّروا واسجدوا؛ فإن
الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتلك بتلك،
فإذا كان عند القَعْدَة؛ فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات،
الطيبات، الصلواتَ لله، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته،
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن قتادة. (ح) وثنا أحمد
ابن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا هشام عن قتادة عن يونس بن جُبَيْرٍ عن "حطان
ابن عبد الله الرقاشي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (4/409) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.(4/127)
ورواه الروياني في "مسنده " (ق 103/1) : ثنا محمد بن يشار: نا يحيى بن
سعيد ... به.
وأخرجه الطيالسي (33/1/6371) : حدثا هشام عن قتادة ... به.
ومن طريق الطيالسي: أخرجه أبو عوانة (2/128- 129) .
وأخرجه مسلم (2/14- 15) من طرق عن أبي عوانة ... به.
وأخرجه النسائي (1/175 و 188) من طرلق أخرى عن يحيى بن سعيد ...
به دون قصة الرجل.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة من طرق أخرى عن قتادة ... بتمامه.
وكذلك أخرجه الدارمي (1/315- 316) .
وأخرج ابن ماجه (1/292) منه قضية التشهد، وزاد في آخره:
" سبع كلمات هن تحية الصلاة ".
وهي عند النسائي (1/162) ، والروياني (ق108/2) من ثلاثة طرق عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتاده ... به. وإسناده صحيح.
وأخرج أحمد أيضا (4/401 و 405) ما قبله؛ دون قصة الرجل.
894- وفي رواية عن حطان بن عبد الله الرقاشي ... بهذا الحديث؛ زاد:
" فإذا قرأ فأنصتوا ". وقال في التشهد- بعد: " أشهد أن لا إله إلا الله "؛
زاد-: " وحده لا شريك له ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه، وأخرجه(4/128)
أبو عوانة عن المصنف (.
إسناده: حدثنا عاصم بن النضر: ثنا المعتمر قال: سمعت أبي: ثنا قتادة عن
أبي غَلاب يحدث عن حظان بن عبد الله الرقاشي.
قال أبو داود: " وقوله: " أنصتوا " ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان
التيمي في هذا الحديث "!
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وسليمان
التيمي: هو والد المعتمر، واسم أبيه: طَرْخان، وهو ثقة حجة؛ على أنه لم يتفرد
بهذه الزيادة كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/132) عن المصنف.
وأخرجه مسلم (2/15) ، وابن ماجة (1/279) ، والدارقطني (125) ،
والبيهقي (2/155) ، وأحمد (4/415) من طريق جرير عن سليمان التيمي ... به.
وصرح مسلم بصحة هذه الزيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا "، فقد وقع في كتابه:
" قال أبو إسحاق: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث. فقال
مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟! فقال له أبو بكر: فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو
صحيح، يعني: " وإذا قرأ فأنصتوا "، فقأًل: هو عندي صحيح. فقال: لِمَ لَمْ
تضعه ههنا؟ قال: ليس كل شيء عندي كمحيح وضعته ههنا، وإنما وضعت ههنا
ما أجمعوا عليه ".
قلت: وخالفه المصنف رحمه الله تعالى ت فأعل هذه الزيادة بأنها غير محفوظهَ،
وأن سليمان التيمي تفرد بها!
وهذا فيما وصل إليه علمه؛ وإلا فالحقيقة أنه قد تابعه جمع، ذكرتهم في(4/129)
"تخريح صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وأزيد هنا متابعا آخر، أخرجه أبو عوانة من طريق عبد الله بن رُشَيْد قال: ثنا
أبو عبيدة عن قتادة ... به.
وهذا إسناد جيد؛ لولا أتي لم أعرف أبا عبيدة هذا! وظننت أول الأمر أنه أبو
عبيدة الحداد عبد الوإحد بن واصل الثقة، ثم تبينت أنه متأخر عن هذا! فالله
تعالى أعلم.
895- عن ابن عباس أنه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا القرأن، وكان يقول:
" التحيات، المباركات، الصلوات، الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي!
ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا
إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسدم. وقد أخرجه في "صحيحه"
بإسناد المصنف، وخرجه أبو عوانة أيضا، وصححه الترمذي والدارقطني) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد
ابن جبير وطاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/14) ، والنسائي (1/175) ، والترمذي
(2/83/290) بإسناد المصنف، وقال الترمذي.
" حديث حسن صحيح ".(4/130)
وأخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة (2/228) ، وابن ماجه (1/291- 292) ،
والطحاوي (1/155) ، والدارقطني (133) ، وأحمد (1/292) من طرق أخرى عن
الليث بن سعد ... به. وقال الدارقطني:
" هذا إسناد صحيح ".
وتابعه مختصراً: عبد الرحمن بن حميد: حدثني أبو الزبير عن طاوس وحده
عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.
أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/188) ، وأحمد (1/315) .
183- باب الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد التشهد
896- عن كعب بن عُجْرَةَ قال: قلنا - أو قالوا-:
يا رسول الله! أمرتنا ان نصلِّي عليك، وأن نسلَم عليك، فأما السلام
فقد عرفناه؛ فكيف نصلي عليك؟ قال:
" قولوا: اللهم! صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على
إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم؛ إنك
حميد مجيد".
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجا 5 وكذ اأبو عوانة في
"صحاحهم " باختلاف يسير) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن
كعب بن عُجْرَة.(4/131)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 103/463) قال: حدثنا شعبة ... به؛ إلا
أنه قال: " وعلى آل محمد "، كما في رواية المصنف الثانية. وقال: " آل إبراهيم "
في الموضعين. وقال: " اللهم بارك ... !.
وهكذا أخرجه البخاري (11/127-136- فتح) (1) ، ومسلم (2/16) ، وأبو
عوانة (2/212) ، والنسائي (1/190) ، والدارمي (1/309) ، وابن ماجه
(1/293) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/72) ، وابن الجارود (206) ، وأحمد
(4/241) من طرق عن شعبة ... به.
ورواية غير الشيخين تختلف بعض الشيء عن رواية الطيالسي وكذا المصنف.
وكلها متفقة على روايته الثانية. " وعلى آل محمد "؛ إلا النسائي فروايته كروايته
الأولى: " وآل محمد ". وزاد أبو عوانة؛ فقال:
" كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم".
وأخرجه الترمذي (2/352/483) ، وكذ االبخا ري (6/100) ، ومسلم
أيضا، وأبو عوانة، والنسائي، والطحاوي، وأحمد من طرق أخرى عن الحكم ...
به مثل لفظ الكتاب في الرواية الثانية، وزاد النسائي: " وآل إبراهيم " في
الموضعين.
وقد توبع الحكم من غير واحد؛ وجاؤوا بزيادات تابتة، خرجتها في "صفة
الصلاة".
__________
(1) لم يقع في طبعة الفجالة الجديدة لـ "صحيح البخاري " قوله: " اللهم بارك ... " إلخ،
ولذلك لم أعز إليها، خلافاً للعادة.(4/132)
897- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ قال:
" اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَيعٍ ثنا شعبة ... بهذا الحديث قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة وغيرهم، كما سبق بيانه في الذي قبله، وإنما
ساقه المصنف؛ ليبين أن يزيد بن زربع خالف حفص بن عمر فقال: " وعلى آل "؛
فزاد: " على ".
وهي رواية الشيخين كما تقدم.
898- وفي أخرى ... بهذ ا؛ قال:
" اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على
إبراهيم؛ إنك حميد مجيد. اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد،
كما باركت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجاه وكذ اأبو عوانة. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: شنا ابن بشر عن مِسْعَرٍ عن الحكم ...
بإسناده بهذا.(4/133)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه عن مسعر كما
يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (6/100) ، ومسلم، وأبو عوانة، والترمذي (2/352)
من طرق عن مسعر ... به؛ إلا أن البخاري قال: " آل إبراهيم " في الموضع الأول
أيضا. وعكس ذلك الترمذي فقال: " إبراهيم "، لم يذكر: " آل " في الموضعبن.
ولم يَسُقْ مسلم وأبو عوانة لفظه؛ وإنما أحالا فيه على لفظ حديث شعبة. وهو عند
مسلم بلفظ البخاري، وعند أبي عوانة بلفط الترمذي. وقال:
" حديث حسن صحيح ".
899- وفي أخرى؛ قال ابو داود: " رواه الزبير بن عَدِي عن ابن أبي
ليلى كما رواه مسعر (يعني الرواية السابقة) ؛ إلا أنه قال:
" ... كما صليت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد. وبارك على
محمد ... "، وساق مثله ".
(قلت: لم أر من وصله عن الزبير! وهو في "الصحيحين " وغيرهما من
طريق أخرى عن ابن أبي ليلى بهذا اللفظ؛ إلا أنهما قالا: " اللهم! بارك "؛
وهو الأرجح، وكذلك إثبات " ال " في الموضعين أصح) .
علقه المصنف كما ترى، ولم أر من وصله!
وهو في "الصحيحين " من طريق الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب كما تقدم
تخريجه في الأحاديث (896- 898) .
وغرض المصنف من هذا التعليق أن يبين أن الزبير بن عدي- في روايته عن
ابن أبي ليلى- خالف رواية مسعر التي قبلها؛ فقال: " آل إبراهيم " في الموضعين،(4/134)
وقال: " وبارك "، ولم يقل: " اللهم! بارك ".
وهي موافقة لرواية الشيخين عن مسعر؛ إلا أنهما فالا: " اللهم بارك " كما
تقدم؛ وهو الأرجح، وكذا إثبات " آل " في الموضعين هو الأصح.
900- عن أبي حميد الساعدي: أنهم قالوا:
يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال:
" قولوا: اللهم! صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على
آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على ال
إبراهيم؛ إنك حميد مجيد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب:
أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن
عمرو بن سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَ أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (8/65) : حدثنا عبد الله بن مسلمة ... به؛
وعبد الله هذا: هو القعنبي.
والبيهقي (2/150- 151) من طريق إسماعيل القاضي: ثنا عبد الله بن
مسلمة ... به.
والطحاوي في "المشكل " (3/74) : حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب ... به.(4/135)
والبخاري (4/116- 117) ، ومسلم (2/16- 17) ، وأبو عوانة (2/234) ،
والنسائي (1/191) ، وابن ماجه (1/293) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"
(124) ، وأحمد (5/424 و 374) كلهم من طرق عن مالك ... به.
وهو في " الموطأ" (1/179) . وزاد أحمد والطحاوي:
" وعلى أهل بيته ".
901- عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال:
اتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلس سعد بن عبادة، فقال بَشِيرُ بن سعد:
أمرنا الله ان نصليَ عليك يا رسول الله! فكيف نصلِّي عليك؟ فسكت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا ... "،
فذكر معنى حديث كعب بن عجرة (896) ؛ زاد في اخره:
" في العالمين؛ إنك حميد مجيد ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله المُجْمِرأن محمد بن
عبد الله بن زيد- وعبد الله بن زيد: هو الذي أُرِيَ النداء بالصلاة- أخبره عن أبي
مسعود الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وأبو مسعود: اسمه عقبة بن عمرو.
والحديث في " الموطأ" (1/179) .(4/136)
وعنه: مسلم (2/16) ، وأبو عوانة (2/211) ، والنسائي (1/189) ، والترمذي
(4/169- تحفة) - وقال: " حديث حسن ححيح "-، والدارمي (1/310) ،
والطحاوي (3/71) ، والبيهقي (2/146) ، وأحمد (4/118) كلهم عن مالك ... به.
902- وفي رواية عنه ... بهذا الخبر؛ قال:
" قولوا: اللهم! صَلِّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد ".
(قلت: إسناده حسن، وكذ اقال الدارقطني، وصححه ابن حبان، وقال
الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي!!) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا رهير. ثنا محمد بن إسحاق: ثنا محمد
ابن إبراهيم بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن زيد عن عقبة بن عمرو ... بهذا
الخبر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يحتجَّ بابن
إسحاق، بل روى له مقروناً، كما في "الميزان! و "الخلاصة ".
وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج.
والحديث أخرجه أحمد (4/119) : ثنا يعقوب. ثنا أبي عن ابن إسحاق ...
به
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (515) ، والدارقطني (135) ، والحاكم
(1/268) ، والبيهقي (2/146- 147 و 378) من طريق أخرى عن يعقوب بن
إبراهيم بن سعد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي(4/137)
وفيه نظر تعرفه مما ذكرنا في ابن إسحاق آنفاً. وقال الدارقطني:
" إسناد حسن متصل ". وأقره البيهقي، وقال:
" وقد روي عن زهير بن حرب عن يعقوب بن إبراهيم بنحوه ".
184-[باب ما يقول بعد التشهد] (1)
903- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر؛ فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب
جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شَر المسيح
الدجال ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان
(1964) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا الوليد بن مسلم: حدثني حسان بن
عطية: حدثني محمد بن أبي عائشة أنه سمع أبا هريرة يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (2/237) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2/93) ، وابن ماجه (1/294) من طرق أخرى عن الوليد بن
مسلم ... به.
ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/235) ، والنسائي (1/193) ، والدارمي
__________
(1) زيادة مناسبة من بعض النسخ.(4/138)
(1/310) ، وابن الجارود (207) ، والبيهقي (2/154) ، وأحمد أيضا (2/477) ،
وابن خزيمة (721) من طرق أخرى عن الأ وزاعي ... به. وزاد النسائي وابن
الجارود:
" ثم يدعو لنفسه بما بداله ".
وإسنادهما صحيح على شرط مسلم؛ وقد ساق إسناده، ولكنه لم يسق لفظه،
وإنما أحال به على لفظ الوليد بن مسلم.
904- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ:
أنه كان يقول بعد التشهد:
" اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،
وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين من
حديث عائشة، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا عمر بن يونس اليمامي: حدثني
محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غيرمحمد بن عبد الله
ابن طاوس؛ وقد وثقه ابن حبأن، وروى عنه جمع من الثقات. وفي "التقريب ":
"مقبول ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/379) من طريق عبد الرزاق: أبَنا ابن جريج:
أخبرني ابن طاوس عن أبيه:(4/139)
أنه كان يقول بعد التشهد كلمات يعظمهن جداً. قلت: في الثنتين كلاهما؟
قال: بل في المثنى الأخير بعد التشهد. قلت. ما هو؟ قال: أعوذ بالله من عذاب
جهنم ... (فذكرهن) قال: وكان يعظمهن
قال ابن جريج: أخبرنيه عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد (6/200- 201) : ثنا عبد الرزاق ... به. وله عنده (1/293
و305) طريق أخرى عن أبي نضرة عن ابن عباس قال:
إن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتعوذ في دبر صلاته من أربع؛ يقول ... فذكرهن.
وإسناده حسن.
905- عن مِحْجَنِ بن الآدْرعَ قال:
دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، فإذا برجل قد قضى صلاته وهو
يتشهد، وهو يقول: اللهم! إني أسألك يا الله! الأحد الصمد الذي {لم
يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد} أن تغفر لي ذنوبي؛ إنك أنت
الغفور الرحيم. قال: فقال:
"قد غُفِرَله، قد غفِر َله" ثلاثاً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة، وقال
الحاكم: " على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسبن المُعَلم(4/140)
عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي أن مِحْجَنَ بن الآدْرَعِ حدثه قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ ولم يخرجه.
والحديث أخرجه النسائي (1/191) ، وأحمد (4/338) ، والحاكم (1/267)
من طرق عن عبد الوارث بن سعيد- ... به، وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وحنظلة بن علي إنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد" خارج "الصحيح ".
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة أيضا (724) .
185- باب إخفاء التشهد
906- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
مِنَ السُّنَّةِ أن يُخْفَى التشهد.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن سعيد الكنديمما. ثنا يونس- يعني: ابن بُكَيْر- عن
محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لابن إسحاق إلا
مقروناً؛ كما تقدم قبل ثلاثة أحاديث، ثم إنه مدلس وقد عنعنه، ولكنه قد توبع
كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/267) من علرب أخرى عن الكندي.(4/141)
وأخرجه ومن طريقه البيهقي (2/146) من طريق أحمد بن خالد الوهبي: ثنا
محمد بن إسحاق ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي
وقد تابعه الحسن بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن الأسود ... به.
أخرجه البيهقي. وإسناده صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير سهل بن
المتوكل البخاري؛ فلم أقف الآن على ترجمته!
186- باب الاشارة في التشهد
907- عن علي بن عبد الرحمن المُعَاوِيِّ قال:
رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة. فلما انصرف
نهاني وقال: اصنع كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع. فقلت: وكيف كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع؟ قال:
كان إذا جلس في الصلاة؛ وضع كَفَّهُ اليمنى على فخذه اليمنى،
وقبض أصابعه كلَّها، وأشار بأُصْبُعِهِ التي تلي الابهام، ووضع كَفهُ اليسرى
على فخذه اليسرى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن
حبان (1939) في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن
عبد الرحمن.
قلت. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.(4/142)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/223- 224! عن المصنف.
وأخرجه هو، ومسلم (2/90) ، والنسائي (1/186) ، والبيهقي (2/130) ،
وأحمد (2/65) من طرق أخرى عن مالك ... به.
وهوفي " الموطأ ". (1/112) .
ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي، والبيهقي، وأحمد (2/45 و 73)
من طرق أخرى عن مسلم بن أبي مريم ... به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن مسلم بن أبي مريم ... به، وزاد:
.. في القبلة، ورمى ببصره إليها- أو نحوها-.
وإسناده صحيح.
أخرجه النسائي (1/173) ، وابن خزيمة (719) ، وابن حبان (1944) .
908- عن عبد الله بن الزّبَيْرِ قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في الصلاة؛ جعل قدمه اليسرى تحت
فخذه وساقه، وفرش قد مه اليمنى، ووضع يده اليسرى على رُكبته
اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه. وأرانا عبد
الواحد وأشار بالسبابة.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابو عوانة في "صحيحيهما")
إسناده: حدثا محمد بن عبد الرحيم البزاز: ثنا عفان: ثنا عبد الواحد بن
زياد: ثنا عثمان بن حَكِيم: ثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه.(4/143)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير شيخ
المصنف؛ فهو من شيوخ البخاري أيضا.
وبقية الرواة من رجاله أيضا؛ إلا أنه إنما أخرج لعثمان بن حَكِيم تعليقاً.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/221) : حدثنا جعفر بن محمد قال: ثنا
عفان ... به.
وأخرجه هو، ومسلم (2/90) ، والبيهقي (2/130) من طرق أخرى عن
عبد الواحد بن زياد.
909- وفي رواية عنه:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوذلك، ويتحامل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده اليسرى
على فخذه اليسرى.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ")
إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المِكهنَيصجيّ: ثنا حجاج عن ابن جريج عن
زياد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير أنه ذكر:
أنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير بأصبعه إذا دعا، ولا يحرِّكها.
قال ابن جريج: وزاد عمرو بن دينار قال: أخبرني عامر عن أبيه:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ يدعو كذلك ...
قلت: إسناده من طريق ابن عجلان حسق، لكن قوله: ولا يحركها ... شاذ؛
لتفرد ابن عجلان به، وزياد- وهيما ابن سعد- عنه، وقد خالفه الجماعة؛ فرووا
الحديث بدون هذه الزيادة، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (175) .(4/144)
وأما الاسناد الاخر؛ فصحيح، رجاله ثقات، وقد سمعه ابن جريج من عمرو
كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/226- 227) ، والنسائي (1/187) ، والبيهقي
(2/131- 132) من طريقين آخرين عن حجاج بن محمد ... به. ولفظ
البيهقي: قال ابن جريج: ورأيت عمرو بن ديخار قال: أخبرني عامر عن أبيه ...
به. وقال:
" وكذلك رواه مُبَشِّر بن مُكَسِّرٍ عن ابن عجلان "
910- وفي رواية أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ قال:
لا يجاوز بصره إشارته.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وصححه ابن خزيمة وكذا أبو عوانة) .
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى: ثخا ابن عجلان عن عامر بن
عبد الله بن الزبير عن أبيه ... بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عجلان، وهو
حسن الحديث.
والحديث أخرجه أحمد (3/4) : ثنا يحيى بن سعيد ... به؛ ولفظه:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس في التشهد، وضمع يده اليمنى على فخذه
اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، ولم يجاوز بصره
إشارته.
وأخرجه أبو عوانة (2/226) من طريق المصنف.(4/145)
وابن خزيمة ... بإسناده.
والنسائي (1/187) ، والبيهقي (2/132) من طرق أخرى عن يحيى بن
سعيد ... به.
وعزاه الحافظ في "التلخيص " (1/262) لابن حبان أيضا في "صحيحه "، ولم
يورده شيخه الهيثمي في "موارد الظمآن "؛ فكأنه فاته!
وتشهد له رواية النسائي وابن خزيمة في "الحديث " (907) .
187- باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة
911- عن ابن عمر قال:
نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أحمد بن حنبل- أن يجلس الرجل في
الصلاة، وهو معتمد على يده.-
قال ابن شَبَّويهِ: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة.
وقال ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده. وذكره في
باب الرفع من السجود.
وقال ابن عبد الملك: نهى أن يعتطعد الرجل على يده إذا نهض في
الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ لكن الرواية الأخيرة: إذا
نهض في الصلاة ... شاذة، وقد فصلت القول في شذوذها في الكتاب الاخر
(177)) .(4/146)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وأحمد بت محمد بن شَبَّوَيْهِ ومحمد بن رافع
ومحمد بن عبد الملك الغَزَّال قالوا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية
عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد رواه المصنف عن أربعة من شيوخلا؛ ليبين اختلافهم على عبد الرزاق في
لفظ الحديث، وأربعتهم ثقات؛ إلا أن رابعهم كثير الخطأ كما قال مسلمة، ولا
شك أن الإمام أحمد أحفظهم وأثبتهم، ولذلك فلفظه هو المحفوظ، مع أن لفظ ابن
شبويه وابن رافع لا يخالفانه، وإن كان الأخير وضعه في "باب الرفع من السجود"؛
فهماً منه، وليس هو بابه!
وأما الغَزَّال؛ فخالفهم جميعاً وجاء بزيادة: إذا نهض في الصلاة!
فهي شاذة، ولذلك أوردت الحديث من اجلها في الكتاب الآخر (177) ،
وفصلت القول في شذوذها هناك.
والحديث في "مسند أحمد" (2/147) ... بهذا السند والمتن؛ إلا أنه قال:
وهو يعتمد على يديه.
وأخرجه البيهقي (2/135) من طريق أحمد بن يوسف السلَمِي: أبَنا
عبد الرزاق ... بلفظ ابن شبويه.
قلت: فهذه متابعة قوية لابن شبويه؛ مما يشعر أن هذا الاختلاف في متن
الحديث ليس من الرواة عن عبد الرزاق، بل هو منه نفسه؛ فإنه كان عمي في آخر
عمره فتغير.
وأياً ما كان؛ فلفظ أحمد هو المحفوظ، فإن لعبد الرزاق فيه متابعاً: أخرجه(4/147)
الحاكم (1/272) ، ومن طريقه البيهقي (2/136) عن إبراهيم بن موسى: ثنا
هشام بن يوسف عن معمر ... به؛ ولفظه.
أنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى رجلاً وهو جالس سعتمد على يده اليسرى في الصلاة،
فقال:
" إنها صلاة اليهود ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقد الذهبي.
وقد تابعه عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية ... به نحوه، ولكنه أوقفه! وهو
الآتي في الكتاب بعده.
وتابعه هشام بن سعد عن نافع ... به مع اختلاف في اللفظ، وهو الآني بعد
حديث.
912- عن إسماعيل بن أمية:
سألت نافعاً عن الرجل يصلي وهو مشَبِّكٌ يديه؟ قال: قال ابن عمر:
تلك صلاة المغضوب عليهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم ولم يخرجه؛
وهو موقوف.
وقد رواه معمر عن إسماعيل بن أمية ... به مرفوعاً بلفظ ومعنى آخر، وهو
الذي قبله.(4/148)
فالظاهر أنهما حديثان؛ أحدهما موقوف والاخر مرفوع. ويشهد للمرفوع
الحديث الآتي:
913- وعن ابن عمر:
أنه رأى رجلاً يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة- وقال
هارون بن زيد- ساقطاً على شِقَهِ الأيسر- ثم اتفقا-؛ فقال له: لا تجلس
هكذا؛ فإن هكذا يجلس الذين يعَذَّبون.
(قلت: إسناده حسن على شرط مسلم، وإسناده من طريق هارون حسن.
وأخرجه أحمد مرفوعاً) .
إسناده: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي. (ح) وثنا محمد بن
سلمة: ثنا ابن وهب- وهذا لفظه- جميعاً عن هشام بن سعد عن نافع عن ابن
عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله من الوجه الثاني ثقات رجال مسلم؛ إلا أن
هشام بن سعد فيه ضعف يسير. وهو من الوجه الأول حسن أيضا، رجاله ثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (2/136) سن طريق جعفر بن عون عن هشام بن
سعد ... به.
وأخرجه الإمام أحمد مرفوعاً، فقال (2/116) : ثنا محمد بن عبد الله بن
الزبير: ثنا هشام ... به:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً ساقطاً يده في الصلاة، فقال ... فذكره.
وهذا إسناد حسن أيضا على شرط مسلم.(4/149)
وله شاهد من حديث عَمْرِو بن المثئرِيدِ عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه.
أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، وقد ذكرته في "تخريج صفة الصلاة".
188- باب في تخفيف القعود
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
189- باب في السلام
914- عن عبد الله (هو ابن مسعود) :
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلِّم على يمينه وعن شماله- حتى يرى بياض
خده-:
" السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن
صحيح "، وصححه ابن حبان. وهو في "صحيح مسلم " و "أبي عوانه" من
طريق أخرى عن ابن مسعود مختصراً) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان. (ح) وثنا أحمد بن يونس:
ثنا زائدة. (ح) وثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص. (ح) وثنا محمد بن عبيد المُحَاربي
وزباد بن أيوب قالا: ثنا عمر بن عبيد الطَّنَافسي. (ح) وثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا
إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن شريك. (ح) وثنا أحمد بن منيع: ثنا حسين
ابن محمد: ثنا إسرائيل كلهم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله.
وقال إسرائيل: عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله.(4/150)
قال أبو داود: " وهذا لفظ حديث سفيان، وحديث إسرائيل لم يفسره ".
قال أبو داود: " ورواه زهير عن أبي إسحاق. ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن
أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه. وعلقمة عن عبد الله ".
قال أبو داود: " شعبة كان يُنكر هذا الحديث حديث أبي إسحاق ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد ساق المصنف رحمه الله
أسانيده الكثيرة إلى أبي إسحاق- وهو السبيعي-، ثم ذكر أن اللفظ هو لسفيان- وهو
الثوري-، والواقع أن أصح الطرق هو طريق سفيان هذه؛ لأن أبا إسحاق كان
اختلط، وسفيان سمع منه قبل الاختلاط، فأمئا بذلك شر اختلاطه. ولعل إنكار
شعبة للحديث هو علمه باختلاط أبي إسحاق، وعدم علمه بتحديثه به لسفيان
قبل الاختلاط!
لكن بقي في الإسناد علة اخرى، وهي عنعنة أبي إسحاق، فقد كان مدلساً
أيضا، كما تقدم التنبيه على ذلك غير مرة، لكن صرح بالتحديث في بعض الطرق
عنه.
والحديث أخرجه النسائي (1/195) ، رالترمذي (2/89) ، وابن ماجه
(1/295) ، والطحاوي (1/158) ، وابن الحارود (209) ، وابن حبان (516) ،
والدارقطني (136) ، والبيهقي (2/177) ، وأحمد (1/390 و 406 و 408 و 409
و444 و 448) من طرق عن أبي إسحاق ... به.
وفي رواية لأحمد من طريق حميد بن عبد الرحمن: حدثنا الحسن عن أبي
إسحاق: حدثنا أبو الأحوص ... به.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وفي رواية البيهقي من طريق الحسين
ابن واقد: ثنا أبو إسحاق الهَمْداني: حدثني علقمة بن قيس والأسود بن يزيد وأبو(4/151)
الأحوص قالوا: ثنا عبد الله بن مسعود ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وقرن إسرائيل في رواية عن أبي إسحاق مع أبي الأحوص: الأسود، وهو ابن
يزيد.
وقد أخرجه من طريقه: أحمد (1/406) : حدثنا هاشم وحسين- المعنى-
قالا: حدثنا إسرائيل ... به.
وخالفه زهير- كما علقه المصنف-، ووصله أحمد (1/394) : حدثنا أبو
كامل: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود
وعلقمة عن عبد الله ... فأدخل بين أبي إسحاق والأسود: عبد الرحمن بن
الأسود.
ولعله أولى؛ فقد تابعه على ذلك إسرائيل نفسه، كما علقه المصنف، وصله
أحمد (1/418) من طريقين عن إسرائيل عن أبي إسحاق ... به.
والحديث في "صحيح مسلم " (2/91) ، و "أبي عوأنة" (2/238) من طريق
أخرى عن ابن مسعود ... مختصراً.
(تنبيه) : وقع في "" صحيح ابن حبان- موارد" في التسليمتين بزيادة:
" وبركاته لما من طريق الفضل بن الحبَابِ: حدثنا محمد بن كثير: حدثنا
سفيان ... به!
وأرى أنها زيادة شاذة من هذا الوجه؛ فقد رواه المصف عن ابن كثير، وكذا
رواه جماعة من الثقات عند الخرجين السابق ذكرهم عن سفيان بدونها. لكن قال
الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/141/2 - نسخة المحمودية) :(4/152)
" وتابعه عن أبي إسحاق: إسرائيل عند السرل. وأخرجه أيضا عن أبي هَنَّادِ
السَّلُولي عن أبي الأحوص- وهر سَلآم بن سئلَيم- عن أبي إسحاق ... فذكره،
ولفظه: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه وعن يساره- حتى يرى بياض خده-:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". وقد أخرجه أبو داود عن مسدد عن أبي
الأحوص وليس فيه: " وبركاته " ... ".
وفيه أيضا عنعنهَ أبي إسحاق، والعمده في الزيادة حديث وائل الأتي.
قلت: ويشهد لهذه الزيادة: ما أض جه أبو داود الطيالسي في "مسنده "
(1/ 104/469) : حدثنا هَمَام عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود
عن أبيه عن عبد الله:
أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكَم ورحمة الله وبركاته. وعن يساره:
السلام عليكم ورحمهَ الله.
وقال عقبه:
" وقد روي عن الأسود من غير هذا الإسناد عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
بمثله ".
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح؛ إن كان همام سمعه من عطاء بن السائب
قبل أن يختلط.
وقد أخرجه الدارقطني (ص 135) سن طريق أخرى عن ابن مسعود ...
مرفوعاً؛ وضعفه بعبد الوهاب بن مجاهد.
ولهذه الزيادة شاهد جيد من حديث وائل، وهو الآتي بعده.(4/153)
915- عن علقمة بن وائل عن أبيه قال:
صَليْتُ بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته "، وعن شماله: " السلام عليكم ورحمة الله ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي والعسقلاني، وصححه ابن دقيق
العيد أيضا، وابن سيد الثاس) .
إسناده: حدثنا عَبْدة بن عبد الله: ثنا يحيى بن آدم: ثنا موسى بن قيس
الحضرمي عن سلمة بن كُهَيْلٍ عن علقمة بن وائل.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسى بن قيس
الحضرمي، وهو ثقة، وثقه ابن معين وابن نُمَير وغيرهما. وقال أحمد:
" لا أعلم إلا خيراً ". وقال أبو حاتم:
" لا بأس به ". وأما العقيلي فشذ قائلاً:
" كان من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث مناكير- وفي نسخة: بواطيل- "؛
كما في "التهذيب ".
قلت: ويفهم من "الميزان " أنه لم يكن من الغلاة؛ فقد عقب على كلمة
العقيلي المذكورة بقوله:
" قلت: حكى عن نفسه أن سفيان ساكله عن أبي بكر وعلي؟ فقال: علي
أحب إلي ".
قلت: وهذا ليس بجرح كما لا يخفى، ولذلك قال الحافظ في "التقريب ":(4/154)
" صدوق ". وعليه قال في "بلوغ المرام ".
" رواه أبو داود بإسناد صحيح ".
وسبقه إلى تصحيحه: تقي الدين ابن دقيق العيد في "الإلمام " رقم (260) .
وأشار إلى تقويته ابن سيد الناس في "شرحه للترمذي "- نسخة المحمودية في
المدينة النبوية.
وصححه النووي أيضا في "المجموع " (3/479) .
وقد تعجب منه بعض الشافعية لقوله في "الأذكار":
" ولا يستحب أن يقول معد: " وبركاته " ... "! فقال الحافظ ابن حجر في
"نتائج الأفكار" (ق 140- 142) - وأقره السيوطي في "تحفة الأبرار" (ص 40) - ما
ملخصه:
" وقد وردت عدة طرق، ثبت فيها: " وبركاته "، بخلاف ما يوهمه كلام
الشيخ أنها رواية فردة. قال الأذرعي في "المتوسط ": والعجب- من الشيخ مع شدة
ورعه- كيف يُصَوِّبُ تركه؛ مع ثبوت السنة، وحكمه بصحة إسناد الحديث. وقال
الغزَي في "شرح المنهاج ": ثبتت في أِ واية أبي داود زيادة: " وبركاته " في
التسليمة الأولى، فيتعين العمل بها ".
(تنبيه) : وقع في بعض نسخ الكتاب زيادة: " وبركاته " في التسليمة الأخرى
أيضا، وذلك يوافق رواية ابن حبان وغيره في حديث ابن مسعود المتقدم!
ونسختنا وغيرها على وفق "سختصر السن " للمنذري، وحديث ابن مسعود
الموقوف عند الطيالسي كما تقدم، ولعلها أرجح. والله أعلم.(4/155)
916- عن جابر بن سَمُرة قال:
كنا إذا صلَّينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلَّم أحدنا؛ أشار بيده من عن
يمينه ومن عن يساره. فلما صلى قال:
" ما بالُ أحدِكم يَرْمي بيده كأنها أذناب خَيْل شمُس؟! إنما يكفي
أحدكم- أو ألا يكفي أحد كم- أن يقول هكذا- وأشار بأصبعه-؛ يسلّم
على أخيه من عن يمينه، ومن عن شماله ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان
(1877) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يحيى بن زكريا ووكيع عن مِعمر
عن عبيد الله ابن القِبْطِيَّةِ عن جابر بن سمره.
قلت: وهذا إسنأد صحيح على شرط مسلم؛ ويحيى بن زكريا: هو ابن أبي
زا ئدة.
والحديث أخرجه البيهقي (2/173) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/29) من طريقين آخرين عن وكيع وابن أبي زائدة كلاهما
عن مسعر.
وأخرجه أبو عوانة (2/238) ، وأحمد (7/155) عن وكيع ... به.
وهو، والنسائي (1/176 و 194) ، والبيهقي (2/172 و 178 و 180) ،
وأحمد (5/86 و 88 و 102) ، وابن حبان (77\/1) من طرق أخرى عن
مسعر ...
به(4/156)
917- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال:
" أما يكفي أحدكم- أو أحدهم- أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم
على أخيه من عن يمينه ومن شماله؟ ا ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحمه) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا أبو نعيم عن مسعر ...
بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/239) ، والنسائي (1/194) ، والبيهقي
(2/178) من طرق أخرى عن أبي نعيم ... به.
918- وفي رواية أخرى عنه قال:
دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس رافعو أيديهم- قال زهير: أراه قال-
في الصلاة؛ فقال:
" ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خَيْلٍ شُمُس؟! اسْكُنوا في
الصلاة ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان (1875) ، وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الخفيلي: ثنا زهير: ثنا الأعمش عن
المُسَيَّبِ بن رافع عن تميم الطًائى عن جابر بن سمرة.(4/157)
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير تميم بن طَرَفَةَ،
فمن رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/29) ، وأبو عوانة (2/85) ، والنسائي (1/176) ،
والبيهقي (2/280) ، والطيالسي (1/1/47304) ، وابن حبان (1875) ، وأحمد
(5/93 و 101 و 107) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
وله عند مسلم وغيره تتمة، هي عند المححنف أيضا مفرقاً، تقدم شطرها في
أول "أبواب الصفوف " رقم (667) ، ويأتي شكلرها الآخر إن شاء الله في أول "كتاب
الأدب ا [16- باب في التحلق] رقم ( ... ) ؛ بلفظ:
" ما لي أراكم عِزين؟! ".
190- باب الرد على الإمام
[تحته حديث واحد. انظ هـ في "الضعيف " [
191- باب التكبير بعد الصلاة
920 (*) - عن ابن عباس قال:
كان يُعْلَمُ انقضاءُ صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتكبير.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن عبدة: أخبرنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد عن
ابن عباس.
__________
(*) كذا أصل الشيخ رحمه الله؛ قفز الترقيم من 918 إلى 920، وليس بذي تأثير. (الناشر) .(4/158)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين؛ غير
أحمد بن عبدة- وهو ابن موسى الضّبيُّ البصري-، فمن رجال مسلم وحده،
وأخرج له البخاري في غير "الجامع الصحيح "؛ وأخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/243) من طريق المصنف.
وأخرجه الشافعي في "مسنده " (1/94/281) ، وكذا أحمد (1/222) ،
والحميدي (1/225/480) قالو ا: ثنا سفيان ... به، وزادوا- واللفظ للشافعي-:
قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأ بي معبد، فقال: لم أُحَدِّثْكَه، قال عمرو: قد
حدثتنيه! قال: وكان من أصدق موالي ابق عباس. قال الشافعي:
" كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه ". وزاد الحميدي: قال سفيان:
كأنه خشي على نفسه ا
وأخرجه البخاري (2/139) ، ومسلم (2/91) ، وأبو عوانة أيضا، والنسائي
(1/196) ، والبيهقي (2/184) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
921- وفي رواية عنه:
أن رفع الصوت للذكر- حين ينصرف الناس من المكتوبة- كان ذلك
على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ابن عباس قال:
كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك وأسمعه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا يحيى بن موسى البَلْخِيُّ: ثنا عبد الرزاق: أخبرني ابن
جريج: أخبرنا عمرو بن دينار: أن أبا معبد مولي ابن عباس أخبر: أن ابن عباس(4/159)
أخبره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا البلخي؛ فلم يخرج له
مسلم؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/139) ، وسسلم (2/91) ، وأبو عوانة (2/242)
- هذا عن المصنف وغيره-، وأحمد (1/367) من طرق أخرى عن عبد
الرزاق ...
به
192- باب حذف التسليم
193- باب إذا أحدث في صلاته يستقبل
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
194- باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة
922- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيَعْجِزُ أحدكم- قال: عن عبد الوارث- أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه
أو عن شماله- زاد في حديث حماد: في الصلاة؟! - "؛ يعني: في السبْحَةِ.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج بن عبَيْد
عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن إسماعيل- ويقال: إسماعيل بن
إبراهيم- الحجازي مجهول الحال، كما في "التقريب ".(4/160)
وليث: هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف، و [نما صححت الحديث؛ لأن له
شاهدين، تقدم أحدهما برقم (629) ، ويأتي الآخر في الجمعة برقم (1034) .
والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق أخرى عن حماد بن زيد ... به.
وأخرجه هو، وابن ماجه (1/436) ، وأحمد (2/425) من طرق أخرى عن
الليث ... به؛ إلا أن بعضهم قال: إسماعيل بن إبراهيم- على القلب-. قال البخاري:
" هذا أصح، والليث يضطرب فيه ". قال البيهقي:
" وهو ليث بن أبي سليم، يتفرد به ".
922/م- عن أشعث بن شعبة عن المنهال بن خليفة عن الأزرق بن
قيس قال:
صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رمثة، فقال:
صَلّيتُ هذه الصلاة- أو مثل هذه الصلاة- مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وكان
أبو بكر وعمر يقومان في الصف المقدم عن يمينه، وكان رجل قد شهد
التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم سلم عن يمينه وعن
يساره، حتى رأينا بياض خديه، ثم انفتل كانفتال أبي رمثة- يعني: نفسه-
فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفع، فوثب إليه
عمر، فأخذ بمنكبه فهزه، ثم قال:
اجلس؛ فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم
فَصْل، فرفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصره فقال:
" أصاب الله بك يا ابن الخطاب ا "(4/161)
(قلت: إسناده ضعيف (*) ، أشعث بن شعبة فيه لين- كما قال أبو زرعة-،
وقال المنذري: " في إسناده أشعث بن شعبة والمنهال بن خليفة، وفيهما مقال ") .
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن تجدة: ثنا أشعث بن شعبة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته أشعث هذا، قال أبو زرعة:
" لين الحديث ". والأزدي:
"ضعيف"
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وفي سوالات الآجري عن أبي داود:
" أشعث بن شعبة ثقة ". وقال الحافظ في "التقريب ":
" مقبول ". يعني عند المتابعة؛ وإلا فليّن الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة.
وأعله المنذري في "مختصره " (1/461) بأشعث والمنهال كما تراه أعلاه.
والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق المصنف ومن طريق أخرى عن
عبد الوهاب بن تجدة ... به. ثم أشار إلى تضعيفه بقوله:
" وهذا إن ثبت يجمع الإمام والمأموم ".
وصححه الحاكم (1/270) ، ورده الذهبي.
ثم وقفت له على طريق أخرى مختصرة، فقال أحمد (5/368) : حدثنا محمد
ابن جعفر: ثنا شعبة عن الأزرق بن قيس عن عبد الله بن قيس (**) عن عبد الله
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله بلى نقله من "الضعيف " إلى هنا، وتتمة التخريج
توضح السبب.
(**) كذا في أصل الشيخ رحمه الله؛ بزيادة عبد الله بن قيس، ويبدو أنه سبق قلم منه؛
فإنه أورد السند على الصواب في مواضع من كتبه. انظر "الصحيحة" (2549 و 2173) .(4/162)
ابن رباح عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العصر، فقام رجل يصلي، فرآه عمر فقال له:
اجلس؛ فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أحسن ابن الخطاب ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وجهالة الصحابي لا تضر.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده " (13/ 107/7166) من طريق أخرى عن
محمد بن جعفر ... به.
وتوبع شعبة؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف " (2/ 432/3973) : عن عبد الله
ابن سعيد قال: أخبرني الأزرق بن قيس ... به؛ إلا أنه قال:
" صدق ابن الخطاب ".
وإسناده صحيح أيضا: عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند الفزاري، من رجال
الشيخين، وذكره المزي في شيوخ عبد الرزاق.
والحديث مخرج في "الصحيحة " برقم (3173) .
195- باب السهو في السجدتين
923- " عن أبي هريرة قال:
صَلَى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العَشِيً- الظهر أو العصر-،
قال: فَصَلَّى بنا ركعتين، ثم سَلم، ثم قام إلىَ خشبة في مُقَدمِ المسجد،
فوضع يديه عليها؛ إحد اهما على الأخرى، يُعْرَف في وجهه الغضب، ثم(4/163)
خرج سَرَعَانُ الناس وهم يقولون: قَصُرَتِ الصلاةُ! قَصُرَتِ الصلاة! وفي
الناس أبو بكر وعمر، فهاباه ان يُكَلماه، فقام رجل- كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُسَميهِ ذا اليدين - فقال: يا رسول الله! أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال:
" لم آنْسَ، ولم تقصر الصلاة ".
قال: بلى نسيت يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على القوم، فقال:
" أصدق ذو اليدين؟! ". فَأوْمَأُوا؛ أي: نعم. فرجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلى مَقَامِهِ؛ فصلى الركعتين الباقيتين، ثم سلَّم، ثم كبر وسجد مثل
سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم
رفع وكبر.
قال: فقيل لمحمد: سلَّم في السهو؟ فقال: لم أحفظه عن أبي هريرة!
ولكن نبئتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سلم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو
عوانة في "صحاحهم " بنحوه) .
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن
أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن
حِسَاب الغُبَرِيَ البصري-، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/196) ، والبيهقي (2/357) من طريق
المصنف، وقال:(4/164)
" ولم يبلغنا إلا من جهة أبي داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن زيد،
وهم ثقات أئمة ".
قلت: وقد تابعه أسد- وهو ابن موسى-؛ العروف بـ (أسد السنة) وهو
صدوق، فقال الطحاوي في "شرح الأثار" (1/257) : حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا
أسد ... به؛ وزاد:
وأكثر (وفي نسخة: أكبر) ظني أنه ذكر الظهر.
وقال مسلم (2/86- 87) : حدثنا أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد ... به؛
ولم يسق لفظه.
وأخرجه البخاري (1/120 و 2/61 و 9/71) ، ومسلم (2/86) ، وأبو عوانة
أيضا (2/195) ، والنسائي (1/182) ، والترمذي (247/2/399) ، والطحاوي
أيضا، وابن الجارود (243) ، والبيهقي (2/354 و 356) من طرق أخرى عن
أيوب ... به.
وتابعه يزيد بن إبراهيم عن محمد ... به؛ وفيه الزيادة بلفط: قال
محمد:
وأكثر ظني العصر.
أخرجه البخاري (2/61 و 8/14) ، وأبو عوانة (2/195- 196) ، والبيهقي
(2/346) ، إلا أنه قال:
أكبر ظني أنه قال: الظهر.
وتابعه اين عون عن محمد (وهو ابن سيرين) عن أبي هريرة ... به؛ وزاد:
قال ابن سيرين:(4/165)
سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا!
أخرجه البخاري (1/86) ، والنسائي (1/181) ، والدارمي (1/351) ، وابن
ماجه (1/366- 367) ، والطحاوي، وأحمد (2/234) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
924- وفي رواية عنه قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يقل: بنا، ولم يقل: فأوْمَأُوا- قال: فقال
الناس: نعم. قال: ثم رفع- ولم يقل: وكَبَّرَ-، ثم كَبَّرَ وسجد مثل سجوده
أو أطول ثم رفع. وتم حديثه؛ لم يذكر ما بعده، ولم يذكر: فأومأُوا.. إلا
حماد بن زيد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وأبو عوانة
في "صحيحبهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أيوب عن محمد ...
بإسناده- وحديث حماد أتم- قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين أيضا.
والحديث في "الموطأ" (1/115) .
وعنه: أخرجه البخاري (1/120 و 2/61 و 9/71) ، وأبو عوانة (2/196) ،
والنسائي (1/182) ، والترمذي (2/247) ، والطحاوي (1/257) ، والبيهقي
(2/257) كلهم عن مالك ... به.(4/166)
925- وفي أخرى عنه قال:
صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ... بمعنى حماد كله (يعني: الرواية الأولى)
إلى اخر قوله: نبِّئْمت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. قال: قلت:
فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد! وأحب إلي أن يتشهد. ولم يذكر:
كان يسمِّيه ذا اليدين، ولا ذكر: فأومأوا، ولا ذكر الغضب. وحديث
أيوب أتم (يعني الرواية الثانية) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر- يعني: ابن المُفَضَّل-: ثنا سلمة- يعني:
ابن علقمة- عن محمد عن أبي هريرة.
قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرج البخاري (3/76- فتح) بعضه فقأًل: حدثنا سليمان بن
حرب: حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال:
قلت لمحمد: في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة.
وأخرجه أبو نعيم في "المستخرج "- بتمامه-، وكذا السراج.
وقول محمد- وهو ابن سيرين-: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم؛
يعني: بعد سجدتي السهو، وهو منقطع، ولعَنه قد جاء موصولاً من طريق أخرى
عن عمران، ويأتي في الكتاب (933) . قال الحافظ.
" وقد يفهم من قوله: ليس في حديث أبي هريرة.. أنه ورد في حديث غيره،
وهو كذلك؛ فقد رواه أبو داود و ... " ثم ذكر حديث عمران الآتي.(4/167)
926- وفي أخرى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... في قصة ذي اليدين: أنه
كبر وسجد. وقال هشام- يعني: ابن حسان-: كبر، ثم كبر وسجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن قول هشام: كبر؛ يعني
تكبيرة الاحرام.. شاذ عند المصنف، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (183)) .
إسناده: حدثنا علي بن نصر بن علي: ثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن
زيد عن أيوب وهشام ويحيى بن عَتِيق وابن عون عن محمد عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " روى هذا الحديث أيضا: حبيب بن الشَّهيد وحُمَيْدٌ ويونس
وعاصم الأحول عن محمد عن أبي هريرة؛ لم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن
زيد عن هشام: أنه كبر ثم كبر. وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش هذا
الحديث عن هشام؛ لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد: أنه كبر ثم كبر ".
قلت: وهذا معناه أن ذِكْرَ التكبير مرة أخرى شاذ من هشام بن حسان أو حماد
ابن زيد، وهو الأرجح، ولذلك أوردت الحديث في الكتاب الآخر (183) .
927- وعن ابن شهاب: أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حَثْمَةَ أخبره
أنه بلغه؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الخبر؛ قال:
ولم يسجد السجدتين اللتين تُسْجَدان إذا شك، حتى لَفاه الناس.
قال ابن شهاب: وأخبرني بهذا الخبر: سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة. قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث بن
هشام وعبيد الله بن عبد الله.
إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب: ثنا يعقوب- يعني: ابن إبراهيم-:
ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب.(4/168)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير حجاج بن
أبي يعقوب- وهو المعروف بابن الشاعر البغدادي-، وهو ثقة حافط من رجال
مسلم.
وهو من طريق ابن أبي حثمة مرسل.
والحديث أخرجه البيهقي (2/358) من طريق العباس بن محمد الدوري: ثنا
يعقوب بن إبراهيم بن سَعْدٍ ... به. وقال:
" هذا حديث مختلف فيه على الزهري: فرواه صالح بن كيسانْ هكذا، وهو
أصح الروايات فيما نرى. حديثه عن ابن أبي حثمة مرسل، وحديثه عن الباقين
موصول. وأرسله مالك بن أنس عنه عن ابن أبي حثمة وابن المسيب وأبي سلمة.
وأسنده يونس بن يزيد عنه عن جماعتهم دون روايته عن ابن أبي حثمة. وأسنده
معمر عنه عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان ابن أبي حثمة ".
(تنبيه) : كذا وقع في نسختنا من الكتاب: حتى لقَّاه. وهو كذلك في أكثر
النسخ منه وفي "مختصر السنن " أيضا.
ووقع في نسخة أخرى من الكتاب: حين لقَّاه. وكذلك هو في رواية البيهقي!
وهو اختلاف شديد مفسد للمعنى؛ فإنه على الأول؛ معناه إثبات السجدتين،
وعلى الأخرى؛ نفيهما، كما هو ظاهر.
ولعل الأخرى أصح؛ لما روى البيهقي من طريق معمر عن الزهري عن أبي
سلمة وأبي بكر بن سليمان عن أبي هريرة قال (قلت: فذكر الحديث؛ وفي آخره)
قال:
فأتم بهم الركعتين اللتين نَقَصَ.(4/169)
قال الزهري: ثم سجد سجدتين بعدما تفرَّغ. قال البيهقي:
" وهذا يدل على أنه لم يسمعهم ذكروا له سجدتيه؛ وقد سجدهما، حتى
أخبر بهما عن نفسه. واختلف على ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
في هذه القصة. وقد ثبت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه، ثم
عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدهما ".
قلت: حديث ابن سيرين تقدم برقم (923) .
وحديث أبي سلمة هو الأتي بعد هذا.
ويؤيد الاستدلال الذي ذهب إليه البيهقي ويقويه: رواية الدارمي (1/352)
من طريق يونس عن ابن شهاب: أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن
وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد- الله عن أبي هريرة ... فذكر الحديث
إلى قوله: فأتم بهم الركعتين؛ وزاد:
ولم يحدثتي أحد منهم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد سجدتين وهو جالس في
تلك الصلاة، وذلك- فيما يرى والله أعلم- من أجل الناس، يقنوا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى استيقن.
قلت: فهذا نص فيما ذهب إليه البيهنمي؛ لولا أن شيخ الدارمي- عبد الله بن
صالح، وهو كاتب الليث- فيه ضعف.
928- قال أبو داود: " رواه يحيى بن أبي كثير وعمران بن أبي أنس
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... هذه القصة؛ لم يذكر
أنه سجد السجدتين ".
(قلت: وصله أحمد عن يحيى ... به. ووصله مسلم وأبو عوانة بذكر(4/170)
السجدتين في آخره. ووصله النسائي عن عمران بن أبي أنس ... به. وسنده
صحيح على شرط مسلم. وإسناد أحمد على شرط الشيخين. ورواية مسلم
وأبي عوانة شاذة)
قلت: هذا معلق؛ وقد وصله أحمد في "المسند" (2/423) : ثنا حسن بن
موسى: ثنا شيبان بن عبد الرحمن: ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة ... به.
قالى يحيى: حدثني ضَمْضَمُ بن جَوْسٍ أنه سمع أبا هريرة يقول:
ثم سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدتين.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين من طريق أبي سلمة، وصحيح فقط
من طريق ضمضم، وتأتي هذه برقم (931) .
وقد علقه أبو عوانة (2/197) من طريق محمد بن سابق عن شيبان ... به؛
دون طريق ضمضم، ولم يسق لفظه، وإنما أحال به على ما أسنده من طريق علي
ابن البارك قال: ثنا يحيى بن أبي كثير ... به.
ووصله البيهقي (2/357) عن ابن سابق وعن عبيد الله بن موسى عن
شيبان ... به مثل رواية حسن بن موسى: عند أحمد وبتمامه.
وأخرجه مسلم عن عبيد الله بن موسى، ولكنه أحال في لفظه على الرواية
التي قبلها، وهي عنده من طريق علي بن المبارك: حدثنا يحيى ... به. ولم يسق
لفظه أيضا، وإنما أحال فيه على رواية مالك عن داود بن الحُصَيْنِ ... بإسناده عن
أبي هريرة؛ وفيه:
ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.(4/171)
وقد علقه المصنف كما يأتي بعد حديث.
وقد أخرجه أبو عوانة من طريق علي بن المبارك ... وساق لفظه مثل لفط داود
ابن الحصين.
والصواب رواية حسن بن موسى التي فصًلت وبيَّنت أن ذكر السجدتين إنما هي
من رواية يحيى عن ضمضم عن أبي هريرة، لا من روايته عن أبي سلمة عن أبي
هريرة. قال البيهقي:
" ويحيى بن أبي كثير لم يحفظ سجدتي السهو عن أبي سلمة، وإنما حفظهما
عن ضمضم بن جوس ".
قلت: ويؤيد هذا التفصيل: رواية عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي
هريرة ... لم يذكر السجدتين:
وصله النسائي (1/182- 183) بسند صحيح على شرط مسلم.
929- وعن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى الظهر، فسلَّم في الركعتين، فقيل له: نقصت
الصلاة؟ فصلى ركعتين، ثم سجد سجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن سعد سمع أبا سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن معاذ: هو عبيد الله أبو
عمرو العنبري البصري.(4/172)
والحديث أخرجه النسائي (1/182) من طريق أخرى عن شعبة ... به.
930- قال أبو داود: " رواه داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن
أبي أحمد عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذه القصة؛ قال:
ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم ".
(قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
وصله مسلم (2/87) ، وأبو عوانة (2/196) ، والنسائي (1/182) ، وأحمد
(2/447 و 459 و 532) عن مالك، وهو في "الموطأً" (1/115- 116) عن داود
ابن الحصين ... به.
931- وفي رواية عن أبي هريرة ... بهذا الخبر؛ قال:
ثم سجد سجدتي السهو بعدما سلم.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2677)) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا عكرمة بن عمار
عن ضمضم بن جَوْسٍ الهِفاني: حدثني أبو هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ضمضم بن
جوس، وهو ثقة.
لكن عكرمة بن عمار في حفظه كلام، فحديثه حسن، أما هذا الحديث
فصحيح؛ لأنه قد توبع عليه كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/195) - من طريق أخرى عن ابن عمار-،
وأحمد- من طريق يحيى بن أبي كثير-: حدثني ضمضم بن جوس ... به، وقد(4/173)
سبق ذكره تحت الحديث (928) .
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، تقدمت برقم (923 و 924 و 925 و 926
و929 و 930) .
932- وعن ابن عمر قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فسلَّم في الركعتين ... فذكر نحو حديث ابن
سيرين عن أبي هريرة [يعني: الحديث (923) ] ؛ قال:
ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت: ثنا أبو أسامة. (ح) وثنا محمد
ابن العلاء: أخبرنا أبو أسامة: أخبرني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: هذا إسناد صحيح من الوجهين، وهو على شرط الشيخين من الوجه
الثاني؛ وأبو أسامة: اسمه حماد بن أسامة الكوفي، وهو ثقة ثبت ربما دلس.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/366) ، والطحاوي (1/257) ، والبيهقي
(2/359) من طرق أخرى عن أبي أسامة ... به. وقال البيهقي:
" تفرد به أبو أسامة، وهو من الثقات ".
933- عن عمران بن حصين قال:
سَلَّمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ئلاث ركعات من العصر، ثم دخل- قال: عن
مسلمة- الحجَرَ، فقام إليه رجل- يقال له: الخِرْبَاق، كان طويل اليدين-
فقال له. أقصرت الصلاة يا رسول الله؟! فخرج مُغْضَباً يَجُزُ رداءه، فقال:(4/174)
" أصدق؟! ". قالوا: نعم. فصلى تلك الركعة. ثم سلم، ثم سجد
سجدتيها، ثم سلم.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") .
إسناده: حدثنا ممسدد: ثنا يزيد بن ررَيْع. (ح) وثنا مسدد: ثنا مسلمة بن
محمد قال: ثنا خالد الحذاء: ثنا أبو قلابة عن أبي المُهَلب عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق ابن زربع، رجاله ثقات رجال الشيخين؛
غير مسدد، فهو من رجال البخاري. وأما الطريق الأخرى، ففيها مسلمة بن محمد
- وهو الثقفي البصري-، قال الحافظ:
" لين الحديث ".
وروايته هنا متابعة، فلا ضير منه، والزيادة التي زادها على ابن زربع- وهي:
الحجر- لم يتفرد بها كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/198) من طريق المصنف.
وأحْرجه البيهقي (2/359) من طريق أخرى عن مسدد.
وأخرجه النسائي (1/183) من طريق أخرى عن يزيد بن زربع ... به؛ وزاد
فقال:
فدخل متزله.
وإسناده صحيح.
ثم أخرجوه ثلاثتهم، ومسلم أيضا (2/87- 88) ، وابن ماجه (1/367) ،
والطحاوي (1/257) ، وابن الجارود (245) ، والطيالسي (1/111/511) ، وأحمد(4/175)
(4/427 و 431 و 440- 441) من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به.
وعند مسلم وابن ماجه الزيادة المذكورة بلفظ:
فدخل الحجرة ... وهي عند الطحاوي أيضا.
(تنبيه) : وقع في جميع النسخ و "مختصر السن ": قال: عن مسلمة.
ووقع في "مسند أبي عوانة ": قال: غير مسلمة! ووقع فيه: الحجرة! وفي
جميع النسخ و "الختصر": الحُجَر.
ولعل الصواب في الحرفين ما في الكتاب. والله أعلم.
196- باب إذا صلى خمساً
934- عن عبد الله قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال:
" وما ذاك؟! ". قال: صَلَّيْتَ خمساً! قسجد سجدتين بعدما سلم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم- المعنى، قال حفص-: ثنا
شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (9/71) ... بإسناد المصنف الأول.(4/176)
وأخرجه هو (1/75 و 2/60) ، ومسلم (2/85) ، والنسائي (1/185) ،
والترمذي (2/238) ، وابن ماجه (1/364) ، والبيهقي (2/351) ، والطيالسي
(1/111/512) ، وأحمد (1/443 و 465) من طرق أخرى عن شعبة ... به.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وللحديث طرق ثلاثة أخرى تأتي في الكتاب بعد هذا؛ كلها عن إبراهيم.
935- وفي رواية عنه قال:
صَلَى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال إبراهيم- فلا أدري زاد أم نقص؟! فلما
سلَّم قيل له: يا رسول الله! أحدث في الصلاة شيء؟ قال:
" وما ذاك؟! ". قالوا: صَلَّيْتَ كذا وكذا. فَثَنَى رِجْلَهُ واستقبل القبلة،
فسجد بهم سجدتين ثم سلَّم. فلما انفتل؛ أقبل علينا بوجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
" إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر، أنسى
كما تنسون؛ فإذا نسيت فَذَكرُوني ". وقال:
" إذا شك أحدكم في صلاته؛ فلْيتحَرَّ الصوابَ؛ فليُتِمَ عليه، ثم
ليسلِّم، ثم يسجدْ سجدتين،.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم "، وهو عند أبي عوانة عن المصنف، وعند البخاري بسنده) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة قال: قال عبد الله ...(4/177)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (0/2 " 2) ، والبيهقي (2/335) من طريق
المصنف.
وأخرجه البخاري (1/74) ... بإسناده، وكذا مسلم (2/84) ؛ إلا أنه قال:
حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة.
والبيهقي (2/335) عنهما.
وأخرجه النسائي (1/184) ، وابن ماجه (1/365) ، والطيالسي
(1/110/506) ، وأحمد (1/419 و 438 و 455) . من طرق أخرى عن
منصور ... به.
ورواه ابن الجارود (244) .
وتابعه الأعمش عن إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي-، وهو الأني بعده.
936- وفي أخرى عنه ... بهذا؛ قال:
" فإذا نسي أحدكلم؛ فليسجد سجدتين "؛ ثم تَحَول فسجد سجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما تقدم قبله) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبي: ثنا الأعمش عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله.
قال أبو داود: " رواه حصين نحو حديث الأعمش ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه من حديث
الأعمش.(4/178)
والحديث أخرجه الإمام أحمد (1/424) : حدثنا ابن نمير عن الأعمش ...
به
وتابعه أبو معاوية: حدثنا الأعمش ... به مختصراً.
أخرجه أحمد (1/456) ، وكذا مسلم (2/86) - وقرن مع أبي معاوية
حفصاً-.
وعنه وحده: أبو عوانة (2/205) .
وهو في "الصحيحين " من طريق منصور وغيره عن إبراهيم ... بنحوه. وهو ما
قبله، وما بعده.
937- وفي أخرى عنه قال:
صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمساً، فلما انفتل؛ توشوش القوم بينهم.
فقال:
" ما شأنكم؟! ". قالوا: يا رسول الله! هل زِيدَ في الصلاة؟ قال: " لا ".
قالوا: فإنك قد صليت خمساً؟ فانفتل فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال:
" إنما أنا بشر أنسى كما تَنْسَوْنَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا جرير. (ح) وثنا يوسف بن موسى: ثنا
جرير- وهذا حديث يوسف- عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سوَيْد عن
علقمة قال: قال عبد الله ...(4/179)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير يوسف
ابن موسى- وهو ابن راشد القطان أبو يعقوب الكوفي-؛ فهو من رجال البخاري،
وهو متابع لنصر بن علي، فله فيه شيخان.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/204) من طريق المصنف عن شيخه الأخر
يوسف بن موسى.
وأخرجه مسلم (2/85) ، وكذا البيهقي (2/242) عن عثمان بن أبي شيبة:
حدثنا جرير ... به.
وأخرجه هو، وأبو عوانة، والنسائي (1/185) ، وابن الجارود (246) ،
والبيهقي، وأحمد (1/448) من طرق أخرى عن الحسن بن عبيد الله ... به،
بعضهم مطولأ وبعضهم مختصراً.
وتابعه سلمة بن كهَيْل عن إبراهيم بن سويد ... به مختصراً.
أخرجه أحمد (1/438) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وله عنده (1/420 و 463) ، ومسلم وأبي عوانة طريق أخرى عن اين
مسعود ... مختصراً.
938- عن معاوية بن حُدَيج:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى يوماً؛ فسلَّم وقد بقيت من الصلاة ركعة،
فأدركه رجل، فقال: نسيت من الصلاة ركعة! فرجع فدخل المسجد، وأمر
بلالاً فأقام الصلاة؛ فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس، فقالوا
لي: أتعرف الرجل؟ قلت: لا؛ إلا أن أراه، فمرَّ بي، قلت: هذ اهو،
فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله.(4/180)
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2664) ، والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب
أن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن حُدَيج.
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رحال الشيخين؛ غير سويد بن قيس
- وهو التّجِيبِي- وهو ثقة.
والحديث أخرجه النسائي (1/108) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه ابن حبان (535) ، والحاكم (1/323) ، والبيهقي (2/359) ، وأحمد
(6/401) من طرق أخرى عن يزيد بن أبىِ حبيب ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي.
197- باب إذا شَكَّ في الثنتين والثلاث؛ من قال: يلْقِي الشك
939- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا شك أحدكم في صلاته؛ فَلْيُلْقِ الشكَّ، ولْيَبْنِ على اليقين، فإذا
استيقن التَّمَامَ؛ سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة؛ كانت الركعةُ
نافلةً والسجدتان، وإن كانت ناقصة؛ كانت الركعة تماماً لصلاته، وكانت
السجدتان مرَغِمَتَيِ الشيطان ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "،
ووافقه الذهبي) .
إسئاده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري.(4/181)
قال أبو داود: " رواه هشام بن سعد ومحمد بن مُطَرِّف عن زيد عن عطاء بن
يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث أبي خالد أشبع ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عجلان
- واسمه محمد-، فأخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة، وقد توبع.
والحديث أخرجه البيهقي (2/351) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (1/365) ... بإسناده.
وأخرجه ابن حبان (537) ، والحاكم (1/327) من طرق أخرى عن أبي خالد
الأحمر ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا، ولا يخفى ما فيه بعد أن عرفت أن ابن عجلان إنما روى له مسلم
متابعة!
نعم؛ قد تابعه جماعة، سمى بعضهم المصنف رحمه الله تعالى؛ وعليه
فالحديث صحيح، وقد أرسله آخرون، وكل صحيحٌ، كما يأتي تقريره بعد حديث.
940- عن ابن عباس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمى سجدتي السهو: " المُرَغِّمَتَيْنِ ".
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ: أخبرنا الفضل بن موسى
عن عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقَات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن كيسان- وهو(4/182)
أبو مجاهد المَرْوَزِيُ-، وهو ضعيف لسوء حفظه؛ قال الحافظ:
" صدوق يخطئ كثيراً ".
لكن حديثه هذا صحيح، يشهد له الذي قبله وبعده.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1059) ... بإسناد المصنف.
وعنه: ابن حبان (538) .
وأخرجه الحاكم (1/324) من طريق آخر عن الفضل بن موسى ... وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
941- وعن عطاء بن يسارأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا شكَّ أحدكم في صلاته، فلا يدري كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟!
فليصل ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت
الركعة التي صلى خامسةً؛ شَفَعَها بهاتين. وإن كانت رابعة؛ فالسجدتان
ترغيم للشيطان ".
(قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح، وقد وصله جماعة من
الثقات عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، وقد صعح موصولاً كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/338) من طريق المصنف.
وأخرجه (2/331) من طريق بَحْرِ بن نَصْرِ قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك(4/183)
مالك بن أنس وداود بن قيس وهشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثهم عن عطاء
ابن يسار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره؛ إلا أن هشاما بلغ به أبا سعيد
الخدري. قال البيهقي:
" هكذا رواه بحر بن نصر الخولاني وغيره عن ابن وهب. ورواه أحمد بن عبد
الرحمن بن وهب عن عمه ابن وهب؛ فجعل الوصل لداود بن قيس: رواه مسلم
في "الصحيح ". ورواية بحر بن نصر كأنها أصح. وقد وصل الحديث جماعة عن
زيد بن أسلم مع هشام بن سعد ".
قلت: يأتي ذكرهم في الحديث الذي بعده.
942- وفي رواية عنه قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا شكَّ أحدكم في صلاته؛ فإن استيقنَ آنْ قد صلى ثلائاً؛ فليَقُمْ
فليُتِمَّ ركعة بسمجودها، ثم يجلس فيتشهد، فإذا فرغ فلم يَبْقَ إلا أن يُسَلمَ؛
فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم ليسحلم ... لما، ثم ذكر معنى مالك؛
يعني: الحديث الذي قبله.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح أيضا. وقد وصله مسلم
وأبو عوانة في "صحيحبهما" عنه عن أبي سعيد الخدري) .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن زيد بن
أسلم ... بإسناد مالك قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...
قال أبو داود: " كذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن
قيس وهشام بن سعد؛ إلا أن هشاماً بلغ به أبا سعيد الخدري ".(4/184)
قلت: هذا إسناد مرسل صحيح، رجاله ثقات رجالى الشيخين كسابقه من
طريق مالك.
وهو قد أخرجه في "الموطأ" (1/117- 118) .
ومن طريقه: البيهقي كما سبق.
وقد ذكر المصنف متابعة حفص بن ميسرة وداود بن قيس لمالك ويعقوب بن
عبد الرحمن القاري.
فهؤلاء أربعة من الثقات قد اتفقوا على روايته عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار مرسلاً. فيبدو لأولى وهلة أن المرسل هو الصواب، وأن رواية هشام بن سعد إياه
موصولا- بذكر أبي سعيد في إسناده- وهم، وليس كذلك؛ لاتفاق جماعة آخرين
من الثقات على وصله:
فأولهم: هشام هذا.
وقد أسنده عنه أبو عوانة (2/193) : أخبرني يونس بن عبد الأعلى قال: آبَنا
ابن وهب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ... بمثل حديث سليمان بن بلال
- يعني: الأتي-.
ورواه البيهقي من طريق أخرى عن ابن وهب ... به، كما تقدم.
الثاني: سليمان بن بلال عن زيد ... به.
أخرجه مسلم (2/84) ، وأبو عوانة، والبيهقي (2/331) ، وأحمد (3/83) .
الثالث: أبو غسان محمد بن مُطَرف: ثنا زيد بن أسلم ... به.
أخرجه أبو عوانة، وأحمد (3/87) .(4/185)
الرابع: عبد العزيز بن أبي سلمة عن زيد ... به.
أخرجه أبو عوانة، والنسائي (1/184) ، والدارمي (1/351) ، والبيهقي، وابن
الجارود أيضا (241) ، وأحمد (3/84) .
الخامس: فلَيْح بن سليمان.
فقال أحمد (3/72) : ثنا يونس بن محمد: ثنا فليح عن زيد بن أسلم ...
به
السادس: محمد بن عجلان؛ وقد سبق حديثه في الكتاب (939) .
السابع: داود بن قيس.
أخرجه مسلم (2/84) : حدثني أحمد بما عبد الرحمن بن وهب: حدثني
عمي عبد الله: حدثني داود بن قيس عن زيد بن أسلم ... به.
لكن رواه غير أحمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن وهب؛ فجعل هشام بن
سعد المتقدم مكان داود بن قيس! ورجحه البيهقي، كما سبق ذكره تحت الحديث
(941) .
وبالجملة؛ فاتفاق هؤلاء الثقات على وصل الحديث بما يؤكد صحته، ويبعد
احتمال خطأ ابن عجلان وابن سعد منهم، لا سيما وهم أكثر من الذين أرسلوه،
فالظاهر أن كلاً من الوصل والإرسال صحيح؛ أي: أن الراوي- وهو زيد بن أسلم أو
عطاء بن يسار- كان تارة يرسله، وتارة يوصله، فروى كل من هؤلاء وهؤلاء؛ ما
سمع. ومعلوم أن الراوي قد ينشط مرة فيوصل الحديث، ولا ينشط أخرى فيرسله؛
والحجة مع من معه الزيادة، وهي الوصل. والله أعلم.(4/186)
198- باب من قال: يتِمُّ على أكبر ظَنهِ
943- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إن أحدكم إذا قام يصلي؛ جاءه الشيطان فَلَبَسَ عليه، حتى لا
يدري كم صلى؟! فإذا وجد أحدكم ذلك؛ فليسجد سجدتين وهو
جالس ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا ابن حبان
(2673) ، وأبو عوانة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قال أبو داود: " وكذا رواه ابن عيينة ومعمر والليث ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "موطأ مالك " (1/120) . وعنه: أخرجه البخاري أيضا (3/81-
فتح) ، ومسلم (2/82) ، وأبو عوانة (2/191) ، والنسائي (1/185) ، والبيهقي
(2/330) ، كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه أبو عوانة، والترمذي (2/244/397) - وقال: " حديث حسن
صحيح "-، وأحمد (2/273 و 284) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به.
وتابعه يحيى بن أبي كثير: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ... به أتم منه.
أخرجه البخاري (3/80) ، ومسلم (2/83) ، والنسائي، والدارقطني (145) ،
والبيهقي (2/331) من طريق الطيالسر،، وهذا في "مسنده " (1/ 78/327) ،(4/187)
وأحمد (2/522) من طرق عنه ... به؛ وزاد الدارقطني في آخره:
" ثم يسلم "؛ أخرجه من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى. قال الحافظ في
"الفتح ":
" إسناده قوي "!
وهو خطأ بين؛ لا سيما من مثله؛ فإن عكرمة ضعيف فا روايته عن يحيى،
يشهد بذلك الحافظ نفسه، فقد قال في ترجمته من "التقريب ":
" صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب "!
ثم كيف يصح ذلك القول منه؛ والثقات رووه عن يحيى بدون هذه الزيادة؟!
فلو كان عكرمة ثقة لأمكن القول بأن زيادته هذه شاذة، فهي إذن منكرة.
نعم؛ قد جاءت هذه الزيادة من طريق أخرى عن الزهري، وهي:
944- وفي رواية عة ... بهذا الحديث؛ زاد،
" وهو جالس قبل التسليم ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه العلاثي، وقوّاه الحافظ) .
إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب: ثنا يعقوب: ثنا ابن أخي الزهري عن
محمد بن مسلم ... بهذا الحديث بإسناده.
قلت: هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛
غير أن ابن أخي الزهري- واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم- إنما أخرج له مسلم
استشهاداً، وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وقال الذهبي:
" صدوق صالح الحديث ". وقال الحافظ.(4/188)
" صدوق له أوهام ".
قلت: وقد تفرد بقوله: " قبل التسليم "؛ دون سائر أصحاب الزهري؛ وفيهم
مالك كما تقدم قبله، فلا يطمئن القلب لزيادته؛ لولا أنه تابعه عليها ابن إسحاق
كما يأتي بعده. فالحديث بذلك صحيح إن شاء الله تعالى.
945- وفي أخرى عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال:
" فليسجد سجدتين قبل أن يسفمَ، ثم ليسلِّمْ ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه العلائي، وقوّاه الحافظ) .
إسناده: حدثنا حجاج: ثنا يعقوب: أخبرنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني
محمد بن مسلم الزهري ... بإسناده.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج
لابن إسحاق استشهاداً أيضا؛ فهو- بمتابعة ابن أخي الزهري في السند السابق-
صحيح على شرط مسلم، وقد يزداد قوة برواية عكرمة التي ذكرناها قبل حديث.
وقال الحافظ- بعد هذه الطرق الثلاث-:
" قال العلائي: هذه الزيادة في هذا الحديث- بمجموع هذه الطرق- لا تنزل عن
درجة الحسن المحتج به. والله أعلم ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/339) من طريق المصنف.
ومن طريق يزيد بن هارون: أبَنا محمد بن إسحاق عن الزهري ... به.
وأخرجه الدارقطني (144) ، وعنه البيهقي من طريقين آخرين عن يعقوب بن
إبراهيم: ثنا أبي عن ابن إسحاق: ثنا سَلَمة بن صفوان بن سلمة الأنصاري ثم
الزرَقي عن أبي سلمة ... به نحوه.(4/189)
وقد تابعه فلَيْح عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي ... به؛ إلا أنه قال:
" فليسلم، ثم ليسجد سجدتين وهو جالس ".
أخرجه أحمد (2/483) .
وفليح: هو ابن سليمان؛ قال الحافظ:
" صدوق كثير الخطأ ".
قلت: فروايته لا تقاوم رواية ابن إسحاق؛ لا سيما ومعه تلك المتابعات.
وأخرجه ابن ماجه (1/367) من طرق يونس بن بُكَيْرٍ: ثنا ابن إسحاق ...
به مثل رواية الدارقطني عن يعقوب.
ومن طريقه أيضا: ثنا ابن إسحاق: أخبرني سلمة بن صفوان بن سلمة عن
أبي سلمة ... به.
199- باب من قال: بعد التسليم
945/م- عن عبد الله بن مسافع: أن مصعب بن شيبة أخبره عن عتبة بن
محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" من شك في صلاته: فليسجد سجدتين بعدما يسلم ".
(قلت: إسناده ضعيف (*) . فيه اضطراب، وجهالة عتبة بن محمد بن
الحارث وعبد الله بن مسافع، وضعف مصعب بن شيبة) .
__________
(*) هذا الحديث أشار الثخ رحمه الله بلى نقله من "الضعيف " إلى هنا، ولم يبين وجه
تقويته. (الناشر) .(4/190)
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا حجاج عن ابن جريج: أخبرني عبد الله
ابن مسافع.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل:
الأولى: عتبة- ويقال: عقبة- بن محمد بن الحارث الهاشمي؛ قال
النسائي:
" ليس بمعروف ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات ".
الثانية: مصعب بن شيبة؛ مع كونه من رجال مسلم؛ فهو ضعيف من قبل
حفظه كما سبق بيانه تحت الحديث (43) .
الئالثة: عبد الله بن مسافع، وهو ابن عبد الله الأكبر بن شيبة الحجبي، روى
عنه منصور بن عبد الرحمن الحجبي، وابن جريج فقط، ولم يوثقه أحد؛ فهو
مجهول الحال، وبيض له الحافظ في "التقريب ".
ومع هذه العلل كلها- لما أورد الحديث في "بلوغ المرام " قائلاً: " وصححه ابن
خزيمة"-؛ سكت عليه!
وقواه البيهقي أيضا كما يأتي!
والحديث أخرجه البيهقي (2/336) من طريق المصنف وغيره عن الحجاج.
وأخرجه أحمد (1/205) : حدثنا حجاح به.
وأخرجه هو (1/204 و 205) ، والنسائي (1/185) من طرق أخرى عن ابن
جريج ... به. وأسقط في رواية عندهما مصعب بن شيبة من الإسناد. وقال
البيهقي:
" هذا الإسناد لا بأس به؛ إلا أن حديث أبي سعيد أصح إسناداً منه ".(4/191)
يعني: الحديث (941 و 942) ، ومثله حديث أبي هريرة (944 و 945) .
وقد تعقبه ابن التركماني في قوله: " لا بأس به "، وأعله بالعلتين الأوليبن،
وأعله بالاضطراب أيضا، وقد أشرت إليه آنفاً.
وبالجملة؛ فالحديث ضعيف الإسناد، وإن قواه جماعة؛ منهم الشيخ أحمد
شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على "المسند"؛ مع أنه اعترف بأن عبد الله بن
مسافع مستور!
200- باب من قام من ثنتين ولم يتشهد
946- عن عبد الله ابن بحينة أنه قال: صلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته وانتظرنا
التسليم؛ كَبَرَ فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط المثيخين. وأخرجاه وكذا لبو عوانة في
"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج
عن عبد الله ابن بُحَيْنَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/118) .
وأخرجه البخاري (3/60) ، ومسلم (2/83) ، وأبو عوانة (2/191) ، والنسائي
(1/181) ، والدارمي (1/352) ، والبيهقي (2/333) ، وأحمد (5/345) من
طرق أخرى عن مالك ... به.(4/192)
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والضس مذي (2/235/391) ، وابن ماجه
(1/364) ، وابن حبان في "صحيحه " (2667- 2670) ، والبيهقي، وأحمد
(5/345 و 346) ، من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "؛ وزاد هو والشيخان وغيرهم:
وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس.
وأخرجه البخاري، ومسلم، وأبو عوانة، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود
(242) ، والدارقطني (144- 145) ، وأحمد، ومالك من طرق أخرى عن
الأعرج ... به.
947- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ وزاد،
وكان مِنَّا المتشهدُ في قيامه.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا أبي وبقية: ثنا شعيب عن الزهري ...
بمعنى إسناده وحديثه.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
948- قال أبو داود: " وكذلك سجدهما ابن الزبير، قام من ثنتين قبل
التسليم. وهو قول الزهري ".
(قلت: وصله أحمد والبيهقي عن ابن الزبير. وهو عنه صحيح) .
وصله أحمد (1/351) - من طريق مطر-، والبيهقي (2/360) - من طريق
عِسل بن سفيان- كلاهما عن عطاء:(4/193)
أن ابن الزبير صلى المغرب، فسلم في ركعتين، ونهض ليستلم الحَجَر، فسبحَ
القوم، فقال: ما شأنكم؟! قال: فصلى ما بقي وسجدتين، قال: فذُكِرَ ذلك لابن
عباس؟ فقال: ما أماط عن سنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومطر وعسل ضعيفان، لكن أحدهما يقوِّي الآخر، لا سيما وقد توبعا؛
فأخرجه البيهقي من طريق الحارث بن عُبَيْدٍ أبي قدامة الإيادي: ثنا عامر عن
عطاء ... به.
والحارث هذا أشبه بمطر في سوء الحفظ؛ قال في " التقريب ":
" صدوق يخطئ "، وقد أخرج له مسلم.
فاجتماع هؤلاء الثلاثة على رواية الحديث يدل على صحته، قد تفرد عِسْل
عنهما بقوله:
ثم سلم، ثم سجد سجدتين! وكأنه لهذا قال البيهقي (2/335) - عقب قول
المصنف هذا-:
" قد اختلف فيه عن عبد الله بن الزبير ".
فإن كان يعني هذا؛ فلا يحتج بتفرد عِسْلِ؛ لأنه أشد ضعفاً من كل من مطر
والحارث؛ فما اجتمعا عليه أقوى مما تفرد هو به كَما لا يخفى.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/150) بلفظ أحمد، ثم
قال:
" رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و " الأوسظه، ورجال أحمد رجال
(الصحيح) ".
ووصله الطحاوي (1/256) بسند آخر صحيح.(4/194)
201- باب من نسي أن يتشهد وهو جالس
949- عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا قام الامام في الركعتين؛ فإن ذَكَرَ قبل أن يستويَ قائماً فليجلسْ؛
فإن استوى قائماً فلا يجلس، ويسجد سَجْدَتِي السهو ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا الحسن بن عمرو عن عبد الله بن الوليد عن سفيان عن جابر
قال: ثنا المغيرة بن شبَيْل الآحْمَسِيُ عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير جابر- وهو ابن يزيد الجعفي-، وهو
ضعيف، لكنه قد توبع كما يأتي.
وقد أشار إلى ضعف جابر قول المصنف- في بعض النسخ عقب الحديث-:
" قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث ".
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/365) ، والطحاوي (1/255) ، والدارقطني
(145) ، والبيهقي (2/343) ، وأحمد (4/253) من طرق أخرى عن سفيان ...
به
وتابعه شعبة عن جابر ... به.
أخرجه الطحاوي.
ولجابر متابعون:
الأول: قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل ... به.(4/195)
أخرجه الطحاوي؛ وقيس ضعيف أيضا؛ لكنه أحسن حالاً من جابر.
والثاني: إبراهيم بن طهمان عن المغيرة بن شبيل ... به.
أخرجه الطحاوي أيضا قال: حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبر عامر عن إبراهيم
ابن طهمان.
وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المغيرة بن شبيل، وهو
ثقة.
وابن مرزوق: اسمه محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي، وهو مع كونه من
شيوخ مسلم؛ ففيه كلام من قبل حفظه، وفي "التقريب ":
" صدوق له أوهام ".
ولقيس بن أبي حازم متابعون، يأتي بعضهم في الكتاب. ولذلك؛ فالحديث
صحيح بلا ريب.
950- وعن زياد بن عِلآقة قال:
صلى بنا المغيرة بن شعبة؛ فنهففي الركعتين. قلنا: سبحان الله.
قال: سبحان الله، ومضى. فلما أتم صلاته وسلم؛ سجد سجدتي السهو،
فلما انصرف قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع كما صنعتُ.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر الجُشَمِيّ: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا
المسعودي عن ياد بن علاقة.(4/196)
قال أبو داود: " وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة بن
شعبة ... رفعه. ورواه أبو عميس عن ثابت بن عبيد قال: صلى بنا المغيرة بن
شعبة ... مثل حديث زياد بن علاقة ".
قال أبو داود: " أبو عميس أخو السعودي ".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المسعودي- واسمه
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي-، وهو ثقة، لكنه كان اختلط
في آخره؛ قال الحافظ:
" وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/338) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارمي (1/353) ، وأحمد (4/247 و 253) : ثنا يزيد بن
هارون ... به.
وتابعه الطيالسي فقال في، مسنده " (1/110/508) : حدثنا المسعودي ...
به
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي.
وأخرجه الترمذي (2/201) من طريق الدارمي، وقال:
" حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت: ولعل تصحيح الترمذي هذا من أجل تلك الوجوه التي أشار إليها؛ وإلا
فقد عرفت حال المسعودي.(4/197)
ومن وجوه الحديث ما تقدم قبله، لكن ليس فيه: وسلم؛ إلا أنه قد جاء ذلك
في حديث عامر الشعبي الذي علقه المصنف عن ابن أبي ليلى.
وقد وصله الترمذي (2/198- 199) ، والبيهقي (2/344) ، وأحمد
(4/248) من طرق صحيحة عن ابن أبي ليلى ... به. وقال الترمذي:
" وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه ".
قلت: فمثله يستشهد به، ولا يحتج به إذا تفرد، وهو هنا قد توبع كما عرفت؛
فالحديث حسن بمجموع الطريقين، وذلك بخصوص زيادة السلام فيه. وأما أصل
الحديث؛ فصحيح؛ لما سبق بيانه في الطريق الأولى.
ويزيده قوة أنه رواه علي بن مالك للزؤاسي من- أنفسهم- قال: سمعت عامراً
يحدث ... فذكره: أخرجه الطحاوي.
وعلي هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/203) عن أبيه:
" ليس بالقوي ".
(تنبيه) : قد أخرح البيهقي (2/355) من طريق محمد بن عمران بن أبي
ليلى: ثنا أبي: ثنا ابن أبي ليلى قال: حدثني الشعبي ... به مختصراً؛ بلفظ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي للسهو. وقال:
" تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن للشعبي، ولا يفرح بما
يتفرد به ".
قلت: وهو عندي- بزيادة التشهد- منكر؛ لأنه تفرد به دون الطرق الصحيحة
المشار إليها عن ابن أبي ليلى: ابنه عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى؛ وليس بالمشهور، لم يوثقه غير ابن حبان.(4/198)
951- قال أبو داود: " وفعل سعد بن أبي وقاص مثلما فعل المغيرة ".
(قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح عنه من رواية قيس بن أبي حازم
قال:
صلى بنا سعد بن مالك، فقام في الركعتين الأوليين، فقالوا: سبحان الله.
فقال: سبحان الله، فمضى. فلما سلم سجد سجدني السهو: رواه الحاكم
مرفوعاً، وصححه على شرط الشيخين، يوافقه الذهبي) .
وصله الطحاوي (1/256) : حدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا
شعبة عن بَيَان أبي بشر الأحْمَسِيَ قال: سمعت قيس بن أبي حازم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطحاوي
- وهو سليمان بن شعيب الكِسَائي المصري-، وعبد الرحمن- وهو اين زياد
الرصَاصِي-، وهما ثقتان.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ... به نحهه، دون
قوله: فلما سلم. وقال: ثم سجد سجدني السهو حين انصرف، وقال:
أكنتم تروني كنت أجلس؟! إنما صنعت كما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع.
أخرجه الحاكم (1/322- 323) ، والبيهقي (2/344) . وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
قلت: وله شاهد من حديث يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شِمَاسَةَ
قال
صلى بنا عقبة بن عامر، فقام وعليه جلوس، فقال الناس وراءه: سبحان الله!
فلم يجلس، فلما فرغ من صلاته؛ سجد سجدتين وهو جالس، فقال: إني(4/199)
سمعتكم تقولون: سبحان الله! كي أجلس؛ وليس تلك السنة، إنما السنة؛ التي
صنعت.
أخرجه ابن حبان (534) ، والحاكم (1/325) ، وعنه البيهقي (2/344) ،
وابن أبي شيبة (2/35) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/313- 314) من
طرق عنه. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وإنما هو على شرط مسلم فقط؛ فإن ابن شِماسة لم يخرج له البخاري.
وله شاهد آخر من حديث سعد بن أبي وقاص: رواه للطحاوي (1/256) ؛
وفيه:
فلما سلم؛ سجد سجدتي السهو.
وسنده جيد.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1032) ، والبيهقي أيضا.
952- وعمران بن حصين.
(قلت: وصله الطحاوي عنه قال:
في سجدتي السهو يسلم، ثم يسجد، ثم يسلم.
ورجال إسناده ثقات) .
وصله الطحاوي (1/256) : حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عمر قال: أنا حماد
ابن سلمة أن خالد الحذاء اخبرهم عن أبي قِلابة عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان أبو قلابة سمعه من(4/200)
عمران؛ فإن المعروف أنه يروي عنه بواسطة عمه أبي المُهَلبِ، كما تقدم في
الحديث (933) ، ثم هو موصوف يشيء من التدليس. والله أعلم.
وأبو عمر: هو حفص بن عمر الضرير الأكبر البصري.
953- وابن عباس أفتى بذلك. قال أبو داود: " هذا فيمن قام من
ثنتين".
(قلت: وصله الطحاوي عنه قال: سجدتا السهو بعد السلام. وسنده
حسن) .
وصله الطحاوي (1/256) من طريق قُرَّةَ بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار
حدثه عن عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات؛ غير قرة بن
عبد الرحمن؛ قال الحافط:
" صدوق له مناكير ".
قلت: وهذا الذي رواه عن ابن عباس ليس منكراً من مناكيره؛ فإنه موافق
للآثار والأحاديث التي قبله؛ ولذلك أوردته هنا، ولولا ذلك؛ لكان حقه أن أورده
في الكتاب الآخر؛ فإنه من شرطه.
وقد ورد عن ابن عباس مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومضى برقم (948) .
954- عن ثوبان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لكل سهوٍ سجدتان بعدما يسلمُ ".
(قلت: إسناده حسن، وكذ اقال ابن التركماني، وقوّاه الصنعاني) .(4/201)
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان والربيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة وشجاع
ابن مَخْلَد- بمعنى الإسناد- أن ابن عياش حدثهم عن عبيد الله بن عبيد الكَلآعي
عن زهير- يعني: ابن سالم العَنْسِيَّ عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ قال عمرو
وحده- عن أبيه عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير زهير بن سالم- وهو
العنسي الشامي -؛ قال الدارقطني:
" حمصي منكر الحديث، روى عن ثوبان، ولم يسمع منه ".
قلت: هذا الحديث قد رواه عن عبد الرحمن بن جبير عن ثوبان في رواية
الجحاعة عن ابن عياش عنه، وأدخل عمرو بن عثمان بين عبد الرحمن بن جبير
وثوبان: أباه جبير بن نفير؛ وخالفه الجماعة فلم يذكروه بينهما.
وروايتهم أولى، وهي موصولة على كل حال. وقد ذكر زهيراً هذا: ابن حبان
في "الثقات "، وروى عنه جماعة؛ فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وقد أُعِل الحديث بعلة أخرى لا تقدح كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/337) من طريق المصنف.
ومن طريق أخرى عن عمرو بن عثمان وحده.
وأخرجه ابن ماجه (1/368) : حدثنا هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة
قالا: ثنا إسماعيل بن عياش ... به مثل رواية الجماعة.
وقال أحمد (5/5/280) : ثنا الحكم بن نافع: ثنا إسماعيل بن عياش ... به
مثل رواية عمرو بن عثمان.
وقال الطيالسي (1/ 109/505) : حدثنا إسماعيل بن عياش ... به مثل رواية(4/202)
الجماعة؛ إلا أنه قال: عن زهير بن سَلأم وابن بشار عن عبد الرحمن بن جبير عن
ثوبان.
ولم أعرف ابن بثار هذا! وقال البيهقي.
" وهذا إسناد فيه ضعف "! وتعقبه ابن التركماني بقوله:
" أخرجه أبو داود، وسكت عنه، فأقل احواله أن يكون حسناً عنده على ما
عرف، وليس في إسناده من تكلم- فيه فيما علمت- سوى ابن عياش، وبه عَللَ
البيهقي الحديث في "كتاب المعرفة"، فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش؛ وليس
بالقوي. انتهى كلامه. وهذه العلة ضعيفة؛ فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن
شامي؛ وهو عبيد الله الكَلآعي، وقد قال البيهقي في (باب ترك الوضوء من
الدم) : ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح 0 فلا أدري من أين حصل الضعف
لهذا الإسناد؟! ".
وتبع البيهقي العسقلاني، فقال في "بلوغ المرام":
" رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف "! وتعقبه الصنعاني في "شرحه "،
فقال (1/320) :
" قالوا: لأن في إسناده إسماعيل بن عياش، وفيه مقال وخلاف. قال
البخاري: إذا حدت عن أهل بلده- يعني: الشاميين- فصحيح. وهذا الحديث من
روايته عن الشاميين، فتضعيف الحديث فيه نظر ".
وللحديث شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيالأ ... مرفوعاً بلفظ:
" من نسي شيئاً في صلاته؛ فليسجد مثل هاتين السجدتين "؛ وهو في
الكتاب الآخر (191) .(4/203)
وشاهد آخر مرسل في "المدونة" (1/137) : ابن وهب عن ابن لهيعة أن
عبد الرحمن الأعرج حدثه ... مرفوعاً:
" في كل سهو سجدتان ".
202- باب سجدتي السهو فبهما تشهد وتسليم
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
203- باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة
955- عن أم سلمة قالت:
كان رسول الله إذا سلَّمَ مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك؛ كيما يَنْفُذَ
النساءُ قَبْلَ الرجالِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيحين. وقد أخرجه البخاري في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع قال: ثنا عبد الرزاق:
أخبرنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (2/245) .
وأخرجه أحمد (6/310) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه البيهقي (2/183) من طريق أخرفَى عن عبد الرزاق ... به.(4/204)
وأخرجه أحمد (6/296) ، والبخاري (1/140) ، والنسائي (1/196) ، وابن
ماجه (1/299) ، والبيهقي (2/182- 183) من طرق أخرى عن الزهري ... به،
دون قوله: وكانوا يرون ...
وجعله البخاري من قول الزهري؛ فقال: قال ابن شهاب: فنُرَى- والله أعلم-
لكي يَنْفذَ مَنْ ينصرف من النساء.
204- باب كيف الانصراف من الصلاة؟
956- عن قَبيصة بن هلْبٍ- رجل من طَيْءٍ- عن أبيه:
أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ينصرف عن شِقَّيْهِ.
(قلت: حديث حسن كما قال الترمذي، بل صحيح للذي بعده) .
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن سِمَاك بن حرب عن
قَبِيصة بن هُلْب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير قبيصة بن هلب؛ قال
الذهبي في "الميزان ":
" قال ابن المديني: مجهول، لم يرو عنه غير سماك. قال العجلي: تابعي
ثقة. قلت: وذكره ابن حبان في "الثقات " مع تصحيح من حديثه ". وقال الحافظ
في " التقريب ":
"مقبول ".
يعني: عند المتابعة؛ ولم يتنكرد بهذا الحديث، بل له شواهد كثيرة، منها
الحديث الآتي بعده.(4/205)
والحديث أخرجه أحمد (5/227) من طريقين آخرين عن شعبة ... به.
وتابعه عنده سفيان: حدثني سماك ... به؛ ولفظه في رواية:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته- قال- يضع هذه على
صدره. وصف يحيى (هو ابن سعيد) اليمنى على اليسرى فوق المفصل.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (2/295) دون الوضع.
وتابعه أبو الأحوص عن سماك ... به.
أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/298) ، والترمذي (2/98- 99) ، وقال:
" حديث حسن ".
قلت: بل هو صحيح لشواهد له:
منها: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
شرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائماً وقاعداً، ومشى حافياً وناعلاً، وانصرف عن يمينه
وعن شماله.
أخرجه أحمد (6/87) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عَمنْ سمع
مكحولاً يحدث عن مسروق بن الأجدع عنها.
قلت: ورجاله ثقات؛ غير الرجل الذي لم يُسَمَّ.
وله طريق أخرى في "أوسط الطبراني " (2/61/714- مجمع البحرين) ...
بنحوه.
ومنها: عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:(4/206)
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفتل عن يمينه وعن شماله ... الحديث مثل حديث
عائشة؛ إلا أنه قال:
... ويصلي حافياً ومنتعلاً.
أخرجه أحمد (2/174 و 179 و 206 و 215) ؛ و [سناده حسن.
وله في "المسند" طرق أخرى عن عمرو بن شعيب.
وجملة الصلاة هذه؛ أخرجها المؤلف وغيره؛ وقد مضت برقم (660) .
وأخرجه البزار في "مسنده " (1/470/993) : حدثنا الحسين بن يحيى
الآرزِّيُ: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا هارون بن موسى عن حسين العلم عن
عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمشي حافياً وناعلاً ... الحديث بتمامه مثل حديث
عائشة. وقال البزار:
" وهذا رواه حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ورواه هارون عن
حسين عن ابن بريدة عن عمران. وهارون ليس به بأس، وزاد: ويصوم في السفر
ويفطر. ولا نحفظ هذا في حديث عمرو بن شعيب، ولو حفظناه كان هذا الإسناد
أحسن من ذلك، وإن كان ذلك هو المعروف "!
قلت: الزيادة الذكورة محفوظة في رو] ية: عند أحمد (2/215) عن
الحسين.
وتابعه عليها حجاج- وهو ابن أرطاة-: عند أحمد (2/190) .
وإسناد البزار رجاله ثقات غير شيخه الأرزي؛ فلم أجد له ترجمة.(4/207)
957- عن عبد الله قال:
لا يَجْدَلْ أحدكم نصيباً للشيطان من صلاته أن لا ينصرف إلا عن
يمينه، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثرَ ما ينصرف عن شماله. قال عُمَارة:
أتيت المدينة بَعْدُ؛ فرأيت منازل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن يساره.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم " دون قول عمارة) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن سليمان عن عمارة عن
الأسود بن يزيد عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/295) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (1/140) ، والدارمي (1/311) ، والبيهقي أيضا، وأحمد
(1/464) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ دون قول عمارة.
وكذلك أخرجه مسلم (2/153) ، وأبو عوانة (2/250) ، والنسائي
(1/200) ، وابن ماجه (1/298) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (1/383 و 429) من
طرق أخرى عن سليمان- وهو الأعمش- ... به.
وتابعه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه ... نحوه؛ ولفظه:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف حيث أراد، كان أكثر انصراف رسول الله من
صلاته على شقه الأيسر إلى حجرته.
أخرجه أحمد (1/408 و 459) من طريق محمد بن إسحاق قال، حدثني(4/208)
عن انصراف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي ...
قلت: وإسناده جيد، وصححه ابن حبان (1996) .
205- باب صلاةِ الرَّجُلِ التَّطَوًّعَ في بيتهِ
958- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!:
" اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنجل: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرني
نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "مسند أحمد" (2/16) ... بهذا السند.
وأخرجه البخاري (1/79) ، ومسلم (2/187) ، وابن ماجه (1/415- 416) ،
والبيهقي (2/189) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان.
والترمذي (2/313/451) ، وكذا البخاري (2/53) ، وأحمد (2/122-
123) من طرق أخرى عن عبيد الله بن عمر ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
والبخاري (2/53) ، ومسلم، وأحمد (2/6) من طريق أيوب عن نافع ... به.
والحديث سيأتي في "الوتر" بإسناد آخر للمصنف عن يحيى.(4/209)
وأخرجه النسائي (1/237) من طريق الوليد بن أبي هشام عن نافع.
959- عن زيد بن ثابت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا؛ إلا المكتوبة ".
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ العراقي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني سليمان بن
بلال عن إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن ثابت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير إبراهيم بن أبي
النضر- سالم بن أبي أمية- أبي إسحاق العروف بـ (بَرَدَانَ) ؛ وقد وثقه ابن سعد
وابن حبان، وصحح حديثه الحافظ العراقي كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 35) بلفظ:
" صلاتكم في بيوتكم أفضل من صلاتكم في ... "؛ ولكن مختصره
المقريزي- غفر الله له- اختصر إسناده، فلا ندري أهو من هذا الوجه؟ أم من الوجه
الذي ساقه قبله من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سالم أبي النضر ...
به نحوه؛ ليس فيه: " في مسجدي هذا "؟!
وهو عند المصنف كذلك في "الوتر" رقم (1301) . وأورده الغزالي في
"الإحياء" (1/181) بلفط:
" فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد؛ كفضل صلاة المكتوبة
في المسجد على صلاته في البيت ". فقال الحافظ العراقي في "تخريجه ":
" رواه آدم بن أبي إياس في "كتاب الثواب " من حديث ضمرة بن حبيب ...(4/210)
مرسلاً. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف "؛ فجعله عن نحممرة بن حبيب عن رجل
من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... موقوفاً. وفي "سن أبي داود" بإسناد صحيح من
حديث زيد بن ثابت: " صلاة المرء ... " فذكره.
206- باب من صلى لغير القبلة ثم عَلِمَ
960- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يصلُّون نحو بيت المقدس، فلما نزلت
هذه الآية: (فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ المسجدِ الحرام وحَيْثُما كنتم فَوَلَّوا وجوهَكم
شَطْرَهُ) ، فمَرَّ رجل من بني سَلِمَةَ؛ فناداهَم وَهُمْ رُكوعٌ في صلاة الفجر
نحو بيت المقدس: ألا إن القبلة قد حُوِّلَتْ إلى الكعبة،- مرتين-، فمالوا
كما هم ركوع إلى الكعبة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد عن ثابت وحمَيْد عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/11) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/66) ، وأبو عوانة (2/82) ، واحمد (3/284) - من طريق
عفان-، وأبو عوانة أيضآ- من طريق أسد بن موسى- كلاهما عن حماد بن
سلمة ... به؛ وز اد وا:
وقد صلوا ركعة.(4/211)
باب تفريع أبواب الجمعة
207- باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة
961- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خَيْر ُيوم طَلَعَتْ فيه الشمس: يومُ الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه
أُهْبِطَ، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي
مُسيخة يومَ الجمعة من حينِ يُصْبِحُ حتى تطلُعَ الشمسُ؛ شَفَقاً من الساعة؛
إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي، يسأل الله
حاجةً، إلا أعطاه إياها ".
قال كعب: ذلك في كلِّ سنة؟ فقلت: بل في كل جمعة. قال: فقرأ
كعب التوراه، فقال: صدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو هريرة: ثم لَقِيتُ عبد الله بن سلام؛ فحدَّثته بمجلسي مع
كعب. فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة من يوم الجمعة. فقلت:
كيف هي آخر ساعة من يوم الجمعة وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا
يصادفها عبد مسلم وهو يصلي "؛ وتلك الساعة لا يصلى فيها؟! فقال
عيد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من جلس مجلساً ينتظر الصلاة؛ فهو في الصلاة حتى يصلي "؟!
قال: فقلت: بلى. قال: هو ذاك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكلذلك صححه الحاكم
ووافقه الذهبي، وصححه الترمذي أيضا. وطرفه الأول عند مسلم. وبعضه(4/212)
صححه ابن جان. وروى الشيخان منه ساعة الإجابة) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد
ابن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
والحديث في "الموطأ" (1/131- 133) ... بهذا الإسناد.
ومن طريقه: أخرجه الترمذي (2/362- 363) ، والحاكم (1/278- 279) ،
والبيهقي (3/250) ، وأحمد (2/486) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
وتابعه بكر بن مضَرَ عن محمد بن إبراهيم ... به.
أخرجه النسائي (1/210) .
وتابعه محمد بن إسحاق عنه.
أخرجه الحاكم. وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به مختصراً؛ ليس
فيه قصة كعب وعبد الله بن سلام.
أخرجه أحمد (2/504) ، واسناده حسن.
وتابعه على طرفه الأول: الأعرج عن أبي هريرة ... مرفوعاً بلفظ:
".. فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا
في يوم الجمعة ".(4/213)
أخرجه مسلم (3/6) ، وأحمد (2/512) .
وله عنده (2/540) طريق ثالث.
وطريق رابع (2/272 و 457) باختصار، وصححه ابن حبان (551) .
وفي "البخاري " (2/12) ، و "مسلم " (3/5) من طريق الأعرج عن أبي هريرة:
طرف منه؛ في ذكر ساعة الجمعة.
962- عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن مِنْ أفضل أيامكم يومَ الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبِض، وفيه
النَّفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم
معروضة علي ".
قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعْرَضُ صلاتنا عليك وقد أرَمْتَ؟!
قال: يقولون: بَلِيت! فقال:
" إن الله عز وجل حَرَّمَ على الأرض أجسادَ الأنبياءِ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط البخاري "! ووافقه الذهبي! وصححه ابن حبان أيضا والنووي) .
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن
يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الأشعث الصنعاني: اسمه
شراحيل بن آده؛ وقد أخرج له البخاري في "الأدب المفرد".(4/214)
والحديث أخرجه المصنف في "الاستغفار" (1370) من طريق أخرى عن
حسين بن علي.
وأخرجه أحمد (4/8) : ثنا حسين بن علي الجُعْفِيُ. 0. به.
وأخرجه النسائي (03/21) ، والدارمي (1/369) وابن ماجه (1/336-
337 و 502) ، وابن حبان (550) ، والحاكم (1/278) ، والبيهقي (3/248) من
طرق عن حسين بن علي ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري "! ووافقد الذهبي!
وإنما هو على شرط مسلم؛ لما ذكرنا في أبي الأشعث.
وقد أعِل الحديث بعلة غريبة، ذكرها ابن أبي حاتم في "العلل " (1/197) ،
وخلاصة كلامه: أن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر- وهو شامي- لم يحدتْ عنه
أحد من أهل العراق- كالجعفي-، وأن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي
واحد، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو ضعيف؛ وعبد الرحمن بن يزيد بن
جابر ثقة، وهذا الحديث منكر، لا أعلم أحداً رواه غير حسين الجعفي!
قلت: ويعني: أنه أخطأ في قوله: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر؛ وإنما هو:
عبد الرحمن بن يزيد بن تميم؛ الضعيف!
وهذه علة واهية كما ترى؛ لأن الجعفي ثقة اتفاقاً؛ فكيف يجوز تخطئته لمجرد
عدم العلم بأن أحداً من العراقيين لم يحدِّث عن ابن جابر؟! وما المانع من أن يكون
الجعفي العرافي قد سمع من ابن جابر حين لزل هذا البصرة قبل أن يتحول إلى
دمشق، كما جاء في ترجمته؟! وتفرد الثقه بالحديث لا يقدح؛ إلا أدْ يثبت خَطَأهُ
كماهو معلوم.(4/215)
وقد أشار إلى هذه العلة الحافظ المنذري في "مض ت ص ره " (2/4) ، وفي
"الترغيب " (1/249) أيضا! وأطال الكلام في نقدها الحافظ الناجي فيما كتبه
عليه- أعني: "الترغيب "-، وليس كتابه في متناول يدي الأن؛ فإنه من
محفوطات المكتبة المحمودية في المسجد النبوي، وأنا أكتب الأن في دمشق، ولكنه
ختم كلامه بقوله:
" ليست هذه بعلة قادحة ".
ويؤيد ذلك تصحيح من صححه من الأئمة المتقدمين، وقد صححه النووي
أيضا في "رياض الصالحين " (ص 428) .
وللجعفي حديث آخر بهذا الإسناد، ذكرته تحت الحديث المتقدم (373) .
وللحديث شواهد يتقوى بها، تجد بعضها في "فضل للصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
لإسماعيل القاضي رفم (23 و 28 و 29) ، والتعليق على حديث الباب منه رقم
(22- طبع المكتب الإسلامي- بتحقيقي) .
208- باب الاجابة؛ أيةَ ساعةٍ هي في يوم الجمعة؟
963- عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
" يوم الجمعة ثِنْتا عَشْرَةَ- يريد- ساعةً، لا يوجد مسلم يسأل الله عز
وجل شيئاً؛ إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخرَ ساعة بعد العصر ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه المنذري
والذهبي، وصححه أيضا النووي، وحسنه العسقلاني) .(4/216)
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو- يعني: ابن
الحارث- أن الجُلاح مولى عبد العزيز حدَّثه أن أبا سلمة- يعني: ابن عبد الرحمن-
حدثه عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن صالح،
وهو ثقة من شيوخ البخاري، وقد توبع.
وهو في "الجامع " لابن وهب (ق 32/1) .
والحديث أخرجه الحاكم (1/279) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي: ثنا
أحمد بن صالح ... به.
والنسائي (1/206) ، والبيهقي (3/250) من طرق أخرى عن ابن وهب ...
به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، ومن قبله المنذري في
"الترغيب " (1/251) .
وصححه النووي أيضا في "المجموع " (4/550) .
وأما الحافظ؛ فاقتصر على تحسينه في "الفتح " (2/336) !
وله شاهد من حديث أبي هريرة تقدم قبل حديث.
ورواه أحمد (2/272) عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة معاً؛ وفيه محمد بن
سلمة الأنصاري، ولم أجد له ترجمة!
وعزاه الحافظ في "الفتح " من طريقه لابن عساكر وحده!(4/217)
209- باب فضل الجمعة
964- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت؛ غفِرَ له
ما بين الجمعة إلى الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومَنْ مَس الحصا فقد لغا ".
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم في
"صححيه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثا مسدد: ثنا أبو معاويه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه.
والحديث أحرجه مسلم (3/8) ، والترمذي (2/371) ، وابن ماجه (1/339) ،
وابن حبان (567) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به.
وأخرجه أحمد (2/424) : ثنا أبو معاوية ... به.
210- باب التشديد في ترك الجمعة
965- عن أبي الجَعْدِ الضَّمْرِيَ- وكانت له صحبة- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:
" من ترك ثلاثَ جُمَعٍ تهاوناً بها؛ طبع الله على قلبه ".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن "،
وصححه ابن حمان (2775) ، والحاكم، ووافقه الذهبي) .(4/218)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن محمد بن عمرو قال: حدثني عُبَيْدَةُ بن
سفيان الحَضْرَمِيُ عن أبي الجَعْدِ الفخَمْرِي.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن محمد بن
عمرو- وهو ابن علقمة- إنما أخرج له الشيخان متابعة.
والحديث أخرجه أحمد (3/424- 425) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه النسائي (2/201) ، وابن الجارود (288) من طرق أخرى عن يحيى.
والحاكم (1/280) من طريق مسدد ... به، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأقول: فيه ما عرفت من حال محمد بن عمرو؛ ومسدد لم يخرج له مسلم
شيئاً.
وأخرج الترمذي (2/373) ، والدارمي (1/369) ، وابن ماجه (1/346) ،
وابن حبان (553- 554) ، والبيهقي (3/172) من طرق أخرى عن محمد بن
عمرو ... به. وقال الترمذي:
"حديث حسن ".
وللحديث شاهد من حديث جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة؛ طبع الله على قلبه ".
أخرجه ابن ماجه، وأحمد (3/332) ، والحاكم (1/292) شاهداً.
وإسناده حسن؛ كما قال المنذري في "الترغيب " (1/261) ، والحافظ في
"التلخيص " (2/52) .(4/219)
وصححه البوصيري في "الزوائد" (2/71) . وقال الدارقطني: إنه
" أصح من حديث أبي الجعد ".
211- باب كفارة من تركها
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "للضعيف ") ]
212- باب من تجب عليه الجمعة
966- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت:
كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو عن عبيد الله
ابن أبي جعفر أن محمد بن جعفر حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/173) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/6) ... بإسناده؛ وزا د:
فيأتون في الغبار، يصييهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنسان منهم- وهو عندي-، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا! ".(4/220)
وهكذا أخرجه مسلم (3/3) ، والبيهقي (3/189) أيضا من طرق أخرى عن
ابن وهب ... به.
966/م (*) - عن قبيصة: ثنا سفيان عن محمد بن سعيد- يعني الطائفي-
عن أبي سلمة بن نبيه عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الجمعة على من سمع النداء ".
قال أبو داود: " روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على
عبد الله بن عمرو؛ لم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة ".
(قلت: قال ابن معين فيه: " ثقة إلا في حديث الثوري، ليس بذلك القوي ".
زاد في رواية عنه: " فإنه سمع منه وهو صغير "، وأبو سلمة بن نبيه وعبد الله
ابن هارون مجهولان؛ كما قال الحافظ، وقال عبد الحق: " الصحيح أنه موقوف ") .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا قبيصة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل:
الأولى: تفرد قبيصة- وهو ابن عقبة- برفعه ومخالفته للجماعة الذين رووه
عن سفيان موقوفاً كما ذكر المصنف عقب الحديث.
وقبيصة وإن كان ثقة، فقد تكلم ابن معين في روايته عن الثوري خاصة،
وهذه منها، وقد ذكرت قوله آنفاً نقلاً عن "الجرح والتعديل "، والزيادة عن
" التهذيب ".
الثانية: جهالة أبي سلمة بن نبيه.
__________
(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف ". (الناشر) .(4/221)
والثالثة: جهالة عبد الله بن هارون. قال ابن التركماني:
" ولا يعرف حالهما ". وقال الحافظ:
" مجهولان ". وقال الذهبي في الأول منهما:
" نكرة ". وفي الآخر:
" تفرد عنه أبو سلمة بن نبيه ". يشير إلى أنه مجهول. وقال ابن القيم في
"تهذيب السنن " (2/7) :
لا قال عبد الحق: الصحيح أنه موقوف. وفيه أبو سلمة بن نبيه؛ قال ابن
القطان: لا يعرف بغير هذا، وهو مجهول. وفيه أيضاا لطائفي؛ مجهول عند ابن
أبي حاتم، ووثقه الدارقطني. وفيه أيضا عبد الله بن هارون؛ قال ابن القطان:
مجهول الحال. وفيه أيضا قبيصة؛ قال النسائي: كثير الخطأ، وأطلق. وقيل: كثير
الخطأ على الثوري. وقيل: هو ثقة إلا في الثوري ".
قلت: وأعله بالطائفي أيضا ابن التركماني فقال:
" والطائفي مجهول. كذا في "الميزان "، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما
ليس من أحاديثهم، لا يحل الاحتجاج به ".
قلت: الذهبي قد نفى صراحة الجهالة عن الطائفي، فإنه قال بعد أن ذكر فيه
ما نقله ابن التركماني:
" ... وعنه أيضا زيد بن الحباب ويحيى بن سليم الطائفي ومعتمر بن
سليمان؛ فانتفت الجهالة ".
قلت: وقد وثقه البيهقي في هذا الحديث، والدارقطني كما سبق في كلام ابن
القيم، ولكني أخشى أن يكون خطأ منه أو من الناسخ، فإني لم أر من ذكر توثيق(4/222)
الرجل من أحد سوى ابن وارة والبيهقي، وسوى ابن أبي داود؛ كما يأتي. والله
أعلم.
وما حكاه ابن التركماني عن ابن حبان، إنما قاله في محمد بن سعيد الطائفي
الصغير؛ كما في "اليزان " وغيره، وهو متأخر الطبقة عن هذا، فخلط بينهما ابن
التركماني!
وجملة القول: أن الطائفي هذا بريء العهدة من هذا الحديث، وإنما العلة ممن
فوقه أو من دونه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/173) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني في "سننه " (ص 165) من طريق ابن المصنف بهذا السند
فقال: حدثنا عبد الله بن أبي داود: ثنا محمد بن يحيى ... به. وقال الدارقطني:
" قال لنا ابن أبي داود: محمد بن لسعيد هو الطائفي؛ ثقة، وهذه سنة تفرد
بها أهل الطائف ".
ثم أخرجه من طريق حميد بن الربيع: ثنا قبيصة ... به.
وللحديث شاهد، يرويه الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ:
" إنما الجمعة على من سمع النداء ".
أخرجه الدارقطني، ومن طريقه البيهقي وقال:
" هكذا ذكره الدارقطني رحمه الله في كتابه مرفوعاً، ورَوى عن حجاج بن
أرطاة عن عمرو كذلك مرفوعاً".(4/223)
قلت: زهير بن محمد هو الخراساني، وهو ضعيف، ومتابعة الحجاج له لا
تجدي؛ لأنه مدلس، وقد عنعنه، لا سيما وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن
الوليد بن مسلم قال: وأخبرني زهير بن محمد ... به؛ إلا أنه أوقفه، وقال:
"وهذا موقوف ".
قلت: وهذا يؤيد أن الحديث كما رواه الجماعة عن سفيان الثوري موقوفاً.
ثم بدا نقله إلى الكتاب الأخر (*) ؛ انظر "الإرواء" (593) .
213- باب الجمعة في اليوم المَطِيرِ
967- عن أبي المَلِيحِ عن أبيه (وهو أسامة بن عُمَيْر) :
أن يوم حنين كان يوم مطر، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مناديه: أنِ الصلاةُ في
الرحالِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة وابن
حبان وكذا الحاكم كما يأتي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (1658) ، وأحمد (5/74 و 75) من طرق أخرى
عن همام ... به؛ وصرح قتادة بالتحديث في رواية عنده.
وتابعه شعبة: قال قتادة: أنا عن أبي المليح ... به.
__________
(*) وها قد نُقل هنا. (الناشر) .(4/224)
أخرجه أحمد وابن خزيمة.
وتابعه سعيد وأبان عن قتادة: عند أحمد ايضاً.
وتابعه عنده: أبو بشر الحلبي عن أبي مليح بن أسامة ... به؛ وفيه: أن ذلك
كان في يوم جمعة.
وأبو بشر الحلبي مجهول، لكن يشهد لزيادته، الحديثان بعده.
ومتابعة شعبة: أخرجها النسائي أيضا (1/137) ، وابن حبان (439) ؛ ولفظه
كلفظ حديث سفيان بن حبيب الآتي بعد حديث.
والحديث صححه الحافظ في "الفتح "، كتاب الأذان.
968- وفي رواية عن أبي مليح:
أن ذلك كان يومَ جمعة.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن صاحب له
عن أبي مليح.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة صاحب سعيد- وهو ابن أبي عروبة-.
والحديث أخرجه البيهقي (3/186) من طريق عبد الوهاب بن عطاء: أَبنا
سعيد- هو ابن أبي عروبة- عن قتادة عن أبي المليح ... فذكره نحو الرواية الأولى؛
وزاد: قال سعيد: وحدثا صاحب لنا أنه سمع أبا المليح يقول:
كان ذلك يوم جمعة.(4/225)
وأما قتادة فلم يذكر في حديثه يوم جمعه.
قلت: لكن هذه الزيادة صحيحة؛ فإن لها شاهداً من رواية أبي بشر الحلبيِ
التي ذكرتها تحت الرواية الأولى. ومن رواية أبي قلابة عن أبي المليح، وهي الأتية
بعدها.
ولها شاهد من حديث ابن عمر وغيره ممن يأتي حديثهم في الباب التالي.
969- وفي أخرى عنه عن أبيه:
أنه شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحُدَيْبِيَةِ في يوم الجمعة، وأصابهم مطر لم
تَبْتَل أسفلُ نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا نصر بن علي قال: سفيان بن حبيب: خَبَّرنا عن خالد الحَذاء
عن أبي قلابة عن أبي المليح.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سفيان بن
حبيب، وهو ثقة، أخرج له البخاري في " الأدب المفرد".
والحديث أخرجه الحاكم (1/293) ، والبيهقي (3/186) من طرق أخرى عن
نصر بن علي ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد، احتج الشيخان برواته "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه ابن ماجه (1/300) ، وابن حبان (440) ، وأحمد (5/74) من طرق
أخرى عن خالد الحذاء ... به؛ دون ذكر الجمعة.
وتابعه عامر بن عبيدة الباهلي: ثنا أبو المليح الهُذَلي عن أبيه قال:(4/226)
كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأصابنا بُغَيْشن من سطر، فنادى منادي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في سفر: "من شاء أن يصلي في رحله فَلْيُصَل ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
214- باب التخلُّفِ عن الجماعة في الليلة الباردة
أو الليلة المطيرة
970- عن نافع:
أن ابن عمر نزل بـ (ضجنانَ) في ليلة باردة، فأمر المنادي فنادى: أنِ
الصلاةُ في الرحال.
وعن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا كلانت ليلة باردة أو مطيرة؛ أمر المنادي
فنادى الصلاةَ في الرَحَالِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد: ثنا حماد بن زيد: ثنا أيوب عن نافع: أن
ابن عمر نزل ...
قال أيوب: وحدثنا نافع عن ابن عمر: أن رسول الله كان إذا كانت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه عن أيوب، وإنما
عن مالك عن نافع كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (1/292) : حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن
زيد ... به.(4/227)
ورواه ابن ماجه (1/300) ، والبيهقي (3/71- 71) ، وأحمد (2/4 و 10) من
طرق أخرى عن أيوب ... به؛ وليس عند ابن ماجه الموقوف منه؛ وزادوا: ذات
الريح.
971- وفي رواية عن نافع قال:
نادى ابن عمر بالصلاة بـ (ضَجنانَ) ، ثم نادى؛ أن: صَلُوا في
رحالكم. قال فيه: ثم حَدَّث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة، ثم ينادي؛ أن صَلُّوا في
رحالكم؛ في الليلة الباردة المطيرة في السفر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخارى) .
إسناده: حدثنا مؤمل بن هشام: ثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ ولم يخرجه عن أيوب كما
تقدم.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/4) : ثنا إسماعيل ... به.
فهذا على شرطهما.
972- قال أبو داود: " ورواه حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله ...
قال فيه: في السفر في الليلة القَرَّةِ أو المطِيرة ".
(قلت: لم أر من وصله!) .
لم أقف على من وصله! وهو بمعنى الرواية التي قبلها.(4/228)
973- وفي رواية عن ابن عمر:
أنه نادى بالصلاة بـ (ضَجنَانَ) في ليلة ذات برد وريح؛ فقال في آخر
ندائه: ألا صلُوا في رحالكم، ألا صلَوا في الرحال. ثم قال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر المؤذن- إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر
في سفر- يقول: ألا صلُوا في رحالكم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن
ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه مسلم (2/147) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (وهو عبد الله
أخو عثمان) : حدثنا أبو أسامة ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (07/11) ، وأبو عوانة (2/348) ، والبيهقي (3/70) ،
وأحمد (2/53 و 103) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.
974- وفي أخرى عن نافع:
أن ابن عمر- يعني- أذَّن بالصلاة في ليلة ذات برد وربح، فقال: ألا
صلوا في الرحال. ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر المؤذن- إذا كانت
ليلة باردة أو ذات مطر- يقول: ألا صلوا في الرِّحال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .(4/229)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/94) .
ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/112) ، ومسلم (2/147) ، وأبو عوانة
(2/348) ، والنسائي (1/107) ، وأحمد (2/63) كلهم عن مالك ... به.
975- قال أبو داود: " وروى هذا الحبرَ: يحيى بن سعيد الأنصاري
عن القاسم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قال فيه:
في السفر".
(قلت: لم أر من وصله) !
لم أقف على من وصله! وتشهد له رواية أيوب وعبيد الله عن نافع رقم (971-
973) .
" ثم وجدتهْ موصولا في "صحيح ابن خزيمة" (1656) من طريق جرير عن
يحيى بن سعيد.
976- كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فمُطِرْنا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ليُصَل مَنْ شاء منكم في رَحْلِهِ ".
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه في
"صحيحه "، وكذا أبو عوانة. وصححه الترمذى) .
"إسناده: حدثنا عثمان "بن أبي شيبة: ثنا الفضل بن دكين: ثنا زهير عن أبي(4/230)
الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي؛ إلا
أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. لكن الحديث صحيح على كل حال، يشهد له ما
قبله.
والحديث أخرجه مسلم (2/147) ، وأبو عوانة (2/348- 349) ، والترمذي
(2/263) ، والبيهقي (3/71) ، وأحمد (3/312 و 327 و 397) من طرق أخرى
عن زهير ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
977- عن عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين:
أن ابن عباس قال لمؤذَنه في يوم مَطِيرٍ: إذا قلت: أشهد أن محمداً
رسول الله؛ فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلّوا في بيوتكم. فكأن
الناس استنكروا ذلك! فقال:
قد فعل ذا من هو خير مني؛ إن الجمعة عَزَمَةٌ، وإني كرهت أن
أُحْرِجكم، فتمشون في الطين والمطر!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف،
وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أحبرنى عبد الحميد صاحب الزيادى:
ثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد
فعلى شرط البخاري؛ وقد أخرجاه.(4/231)
والحديث أخرجه البخاري (2/6) ... بإسناد المصنف، والبيهقي (3/185) .
ومسلم (2/147- 148) من طريق أخرى عن إسماعيل.
والبخاري (1/112) ، ومسلم، والبيهقي من طريق حماد بن زيد عن
عبد الحميد ... به.
وتابعه عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ... به نحوه.
أخرجه ابن ماجه (1/300- 301) ، ومسلم أيضا.
215- باب الجمعة للمملوك والمرأة
978- عن طارق بن شهاب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" الجمعةُ حق واجبٌ على كل مسلم في جماعة؛ إلا أربعة: عبد
مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه النوور والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا عباس بن عبد العظيم: حدثني إسحاق بن منصور: ثنا هُريم
عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب.
قال أبو داود: " طارق بن شهاب قد رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمع منه شيئاً ".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكن أعله الخطابي في
" المعالم " (2/9) فقال:
" وليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق بن شهاب لا يصح له سماع من
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا أنه قد لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "!(4/232)
وكأنه أخذه من قول المصنف المذكور! وقد أجاب عنه النووي؛ فقال:
" وهذا غير قادح في صحة الحديث؛ فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة،
والحديث على شرط الشيخين ". نقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/199) ؛ وأقره.
والحديث أخرجه البيهقي (3/172) من طريق المؤلف.
والحاكم (1/288) من طريق أخرى عن العباس بن عبد العظيم.
وتابعه إبراهيم بن إسحاق بن أبي العَنْبَسِ الكوفي: ثنا إسحاق بن منصور ...
به
أخرجه الدارقطني (164) ، والبيهقي أيضا (3/183) ، وقال:
" وهذا الحديث وإن كان فيه إرسال، فهو مرسل جيد؛ فطارق من خيار
التابعين، وممن رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن لم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد "! وتعقبه
ابن التركماني بقوله:
" قلت: هذا مخالف لرأي المحدثين؛ فإن عندهم من رأى النبي عليه السلام
فهو صحابي، وقد ذكره صاحب "الكمال " في (الصحابة) ... وما نقله البيهقي
عن أبي داود لا ينفي عنه الصحبة. على أنه لم ينقل كلام أبي داود على ما هو
عليه؛ بل أغفل منه شيئاً؛ فإن أبا داود قال: طارق قد رأى النبي عليه السلام، وهو
يُعَدّ في الصحابة، ولم يسمع منه. فقد صرح بأنه من الصحابة "!
كذا قال! وليس في كلام المصنف: " وهو يعد في الصحابة "، فلم يغفل
البيهقي من كلامه شيئاً! ولعل ما عزاه إليه ابن التركماني وقع في بعض نسخ
الكتاب.
والشواهد التي أشار إليها البيهقي قد خرجتها في "إرواء الغليل في تخريج(4/233)
أحاديث منار السبيل " رقم (592) ؛ وقد كمل والحمد لله، وفيه قرابة ثلاثة آلاف
حديث، أكثره مرفوع.
(تنبيه) : وقع الحديث في "المستدرك ": عن طارق بن شهاب عن أبي موسى
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فجعله من (مسند أبي موسى) ؛ وليس بمحفوظ كما قال
البيهقي. وكذلك قال الحاكم عقبه:
" صحيح على شرط الشيخين؛ فقد اتفقا جميعاً على الاحتجاج بهريم بن
سفيان "! ووافقه الذهبي!
مع أن العباس لم يخرج له البخاري!
216- باب الجمعة في القُرَى
979- عن ابن عباس قال:
إن أول جمعة جُمِّعَتْ في الاسلام- بعد جمعة جمعت في مسجد
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينه- لَجمُعَةٌ جُمَعَتْ بـ (جُوَاثَا) قرية من قُرَى
البحرين. قال عثمان: قرية من قرى عبد القيس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله المُخَرّمِي- لفظه-
قالا: ثنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن أبي جَمْرَةَ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان، وعلى شرط
البخاري من طريق المخرمي؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وأبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبَعِيُ.(4/234)
والحديث أخرجه البخاري (2/5) ، والبيهقي (3/176) - من طريق أبي عامر
العَقَدِي-، والبيهقي- من طريق ابن المبارك- كلاهما عن إبراهيم بن طهمان ...
به
980- عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك- وكان قائدَ أبيه بعد ما
ذهب بَصَرُهُ- عن أبيه كعب بن مالك:
أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة؛ تَرحَّم لأسعدَ بن زُرَارة. فقلت
له:
إذا سمعتَ النداء ترحَّمتَ لأسعد بن زرارة؟! قال:
لأنه أول من جَمَّعَ بنا في هَزْمِ النبِيتِ من حَرَّةِ بني بَيَاضة، في نقيع
يقال له: نقيع الخَضِماتِ.
قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال:
أربعون.
(قلت: حديث حسن، وقال البيهقي: " حسن الاسناد صحيح "، وقال
الحافظ ابن حجر: " إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة وغير واحد ". قلت:
منهم الحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن
محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن ابن إسحاق مدلس، وقد
عنعنه، لكنه قد صرح بالتحديث في رواية غير المصنف كما يأتي، فثبت الحديث(4/235)
- والحمد لله- بدرجة الحسن؛ لأن ابن إسحاق وإن كان ثقة؛ ففي حفظه شيء
يسير من الضعف.
والحديث أخرجه الدارقطني (165) ، والبيهقي (3/177) من طريق المصنف.
ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (1/335) ، وابن الجارود (291) ، وابن خزيمة
(1724) ، والحاكم (1/281) من طريقين آخرين عن محمد بن إسحاق: حدثني
محمد بن أبي أمامة ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
" ومحمد بن إسحاق إذا ذكر سماعه في الرواية، وكان الراوي ثقة؛ استقام
الإسناد، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح ".
والحديث عزاه الحافظ في "التلخيص " (2/56) للمصنف وابن حبان. ولم
يورده الهيثمي في " موارد الظمآن "! والله أعلم.
وحسنه الحافظ؛ وزاد في " الفتح " (2/283) :
" وصححه ابن خزيمة وغير واحد ".
217- باب إذا وافق يومُ الجمعة يومَ عيد
981- عن إياس بن أبي رَمْلَةَ الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي
سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم:
هل شهدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم.
قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد، ثم رخَّص في الجمعة، فقال:
"من شاء أن يصلِّي فَلْيُصَل ".(4/236)
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل: ثنا عثمان بن المغيرة عن
إياس بن أبي رملة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إياس بن أبي
رملة؛ فهو مجهول، كما قال الحافظ. لكن الحديث صحيح يشواهده الآتية في
الكتاب.
والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (1/ 145/704) قال: حدثنا
إسرائيل ... به.
وأخرجه النسائي (1/235) ، والدارمي (1/378) ، وابن ماجه (1/393) ،
والطحاوي في "المشكل " (2/53) ، والحاكم (1/ول 2) ، والبيهقي
(3/317) ، وأحمد (4/372) من طرق أخرى عن إسرائيل ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
مع أنه أورد إياساً هذا في "الميزان " بهذا الحديث، وقال:
" قال ابن المنذر: لا يثبت هذا؛ فإن إياساً مجهول ". وقال ابن القطان:
" هو كما قال ". وتبعهم الحافظ كما سبق.
وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات "!
وصحح حديثه ابن الديني، كما في "التلخيص " (2/88) ؛ وهو صحيح كما
ذكرنا.(4/237)
982- عن عطاء بن أبي رباح قال:
صَلى بنا ابن الزبير في يوم عيد، في يومِ جمعة أولَ النهار، ثم رجعنا
إلى الجمعة، فلم يَخْرُجْ إلينا، فصلينا وحدانآ، وكان ابن عباس بالطائف،
فلما قدم ذكرنا ذلك له؟ فقال:
أصاب السنة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .
إسناده: حدثنا محمد بن طَرِيف البَجَلِيُّ: ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء
ابن أبي رباح.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم ولم يخرجه؛
وأسباط: هو ابن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد القرشي مولاهم.
والأعمش: اسمه سليمان بن مهران، وهو مدلس، لكن الجمهور على
الاحتجاج بعنعنته؛ حتى يتبين أنه دلس. كلى أنه قد توبع هنا كما في الحديث
الآتي.
983- وفي رواية عنه قال:
اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال:
عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعاً؛ فصلاّهما ركعتين
بُكْرَةً، لم يزد عليهما حتى صلى العصر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال عطاء.(4/238)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وابن جريج
- واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- وإن كان مدلساً؛ فاقد روى ابن أبي خيثمة
بإسناد صحيح عنه أنه قال:
إذا قلت: قال عطاء؛ فأنا سمعته منه، و [ن لم أقل: سمعت.
وهذه فائدة مهمة؛ لعله غفل عنها صاحب "الروضة الندية"، فقال
(1/145) :
" وفي إسناده مقال "!
وله طريق أخرى: عند النسائي (1/236) عن وهب بن كَيْسَان قال:
اجتمع عيدان على عهد ابن الزّبير؛ فأخَّر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج
فخطب، فأطال الخطبة، ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يومئذ الجمعة. فذُكِرَ
ذلك لابن عباس؟ فقال: أصاب السنة.
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1465) .
984- عن أبي هربرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
" قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا
مُجَمِّعون ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
ووافقه الذهبي! وقال البوصيري: " هذا إسناد صحيح "!) .
إسناده: حدثنا محمد بن المُصَفَّى وعمر بن حفص الوَصابي- المعنى- قالا:(4/239)
ثنا بقية: ثنا شعبة عن الغيرة الضّبي عن عبد العزيز بن زفَيْع عن أبي صالح عن
أبي هريرة ... قال عمر: عن شعبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ وبقية إنما يخشى منه إذا عنعن؛ لأنه
مدلس، وقد صرح بالتحديث في رواية ابن المصفى، وكذا في رواية غيره كما
يأتي، فزالت شبهة تدليسه، فيتبادر إلى الذهن أنه صح الإسناد، وليس كذلك
- وإن ظنه كثيرون-؛ فإن فيه مدلساً آخر، ذهلوا عنه؛ لأنه ليس مشهوراً بالتدليس
مثل بقية، ألا وهو المغيرة بن مِقْسَم الضبي؛ فإنه- مع إتقانه- كان يدلس كما في
"التقريب " وغيره؛ فهو علة هذا الإسًناد؛ إلا أن الحديث صحيح يشواهده المتقدمة.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/393) ... بإسناد المصنف الأول؛ إلا أنه
قال: عن ابن عباس! وهو شاذ، والمحفوظ: عن أبي هريرة.
وهكذا على الصواب: أخرجه البيهقي (3/318) من طريقين آخرين عن ابن
المصفى.
وكذلك أخرجه بعده: ابن ماجه، والطحاوي في "المشكل " (2/55) ، وابن
الجارود (302) ، والحاكم (1/288) من طرق أخرى عن بقية ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البوصيري في "زوائده "
(ق82/1) :
" هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات "!
وتابعه زياد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي رفيع ... به: أخرجه البيهقي.
وزياد بن عبد الله لين في غير ابن إسحاق، كما قال الحافظ.(4/240)
وخالفهما سفيان فقال: عن عبد العزيز عن أبي صالح قال ... فذكره مرسلاً.
قال الحافظ في "التلخيص " (2/88) :
" وصحح الدارقطني وكذا ابن حنبل إرساله "!
218- باب ما يُقْرأ في صلاة الصبح يومَ الجمعة
985- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (تنزيل)
السجدة، و (هل أتى على الإنسان حِين من الدهر) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه
الترمذي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن مِخْوَلِ بن راشد عن مسلم البَطِينِ عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط
البخاري، ولم يخرجه؛ وإنما أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (1/152) : أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة ...
به
ثم أخرجه هو، ومسلم (3/16) ، والترمذي (2/398) ، وابن ماجه
(1/273) ، والبيهقي (3/200) ، والطيالسي (1/145/700) من طرق أخرى عن
مخول ... به؛ إلا أنهم زادوا الزيادة الآتية- غير الترمذي وابن ماجه-. وقال
الترمذي:(4/241)
" حديث حسن صحيح ".
986- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ وزاد:
في صلاة الجمعة بسورة (الجمعة) و (إذا جاءك المنافقون) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن مِخْول ... بإسناده
ومعناه ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري كسابقه، ولم يخرجه.
والحديث أخرجه الطيالسي: حدثنا شعبة ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم والنسائي.
وأخرجه البيهقي عن الطيالسي.
219- باب اللبْس للجمعة
987- عن عمد الله بن عمر:
أن عمر بن الخطاب رأى حُلةَ سِيَرَاءَ- يعني- تُباع عند باب المسجد،
فقال:
يا رسول الله! لو اشتريت هذه؛ فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا
عليك! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنما يلبس هذه مَنْ لا خلاق لى في الآخرة ".(4/242)
ثم جاءت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها حُلَلٌ، فأعطى عمر بن الخطاب منها
حُلةً. فقال عمر:
كَسَوْتَنِيها يا رسول الله! وقد قلت في حلة عُطاردِ ما قلت؟! فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إني لم آكْسكَها لِتَلْبَسَها ". فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (3/106) .
وعنه البخاري أيضا (2/4) ، ومسلم (6/137) ، والبيهقي (3/241) .
وتابعه جماعة عن نافع ... به.
أخرجه البخاري (7/130) ، ومسلم، والنسائي (2/296) ، وابن ماجه
(2/375) ، وأحمد (2/20 و 103) .
وتابعه عبد الله بن دينارعن ابن عمر ... به.
أخرجه البخاري (3/143- 144 و 8/5) .
وتابعه موسى بن عقبة أيضا: عند مسلم. وتابعه سالم بن عبد الله بن عمر؛
وهي الرواية الآتية.(4/243)
988- وفي رواية عنه قال:
وَجَدَ عمر بن الخطاب حُلَّةَ إستبرق تباعُ بالسوق، فأخذها، فأتى بها
رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ابْتعْ هذهِ؛ تَجَمًّلْ بها للعيد وللوفد ... ثم ساق
الحديث. والأول أتم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس وعمرو بن
الحارث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد على شرط البخاري ولم يخرجه؛ وإنما أخرجه في " العيدين "
عن شعيب عن الزهري.
والحديث أخرجه مسلم (6/138- 139) من طريقبن آخرين عن ابن
وهب ... به.
وهو، والنسائي (2/296) من طريقين آخرين عن سالم ... به؛ وفي آخره
زيادة اختصرها المصنف هنا، وقد ذكرها في أول "اللباس " [10- باب ما جاء في
لبس الحرير] رقم ( ... ) .
989- عن محمد بن يحيى بن حَبان؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ما على أحدكم إن وَجَدَ- أو ما على أحدكم إن وجدتم- أن يتخذ
ثوبين ليوم الجمعة سوى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ؟! "
وعنه عن ابن سلام: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك على المنبر.(4/244)
(قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الإشبيلي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو أن يحيى بن
سعيد الأنصاري حدثه أن محمد بن يحيى بن حبان حدثه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال ...
قال عمرو: وأخبرني ابن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن ابن حبان عن
ابن سلام: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك على المنبر.
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين: المرسل عن ابن حبان، والمسند عن
ابن سلام، ورجأله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن صالح؛ فهو من رجال
البخاري.
والحديث أخرجه البيهقي (3/242) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (1/340) من طريق حرملة بن يحيى: ثنا عبد الله بن
وهب ... به مسنداً عن عبد الله بن سلام:
أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول على المنبر في يوم الجمعة ...
ثم أخرجه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا شيخ لنا عن عبد الحميد بن
جعفرعن محمد بن يحيى بن حبان عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال:
خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر ذلك.
وهذا الشيخ لم يسم؛ فهو مجهول؛ فلا يؤخذ بزيادته في السند يوسفَ بن
عبد الله بن سلام.
وللحديث شاهد من حديث عائشة مرفوعاً: أخرجه ابن ماجه (1/340-
341) ، وابن خزيمة في "صحيحه "، وعنه ابن حبان (568) .(4/245)
وإسناده جيد في الشواهد.
والحديث صححه عبد الحق الإشبيلي بإيراده إياه في "الأحكام الكبرى" رقم
(1688- بتحقيقي) .
990- وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: حديث صحيح، ولم أر من وصله عنه!) .
قال أبو داود: " ورواه وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن
أبي حبيب عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت: لم أر من وصله عن وهب! فإن صح عنه- وهو الظاهر-؛ فيكون يحيى
ابن أيوب- وهو الغافقي المصري- قد خالف عمراً- وهو ابن الحارث- في إسناده؛
فإنه أسقط من إسناده ابن حَبَّان، وجعله من (مسند يوسف بن عبد الله بن
سلام) ، وذاك جعله من (مسند أبيه عبد الله بن سلام) ، وهو الأرجح عندي؛ لأن
عمرا ًأحفظ من يحيى بن أيوب؛ قال الحافظ في الأول منهما:
" ثقة فقيه حافظ ". وقال في الآخر:
" صدوق ربما أخطأ ".
220- باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة
991- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تُنْشَدَ فيه
ضالةٌ، وأن ينشد فيه شِعْرٌ، ونهى عن الحِلَقِ قبل الصلاة يوم الجمعة.
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه ابن(4/246)
خزيمة وأبو بكر بن العربي)
إسناده: حدئنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن عَجْلان عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده، كما سبق تحريره.
والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/179) : ثنا يحيى عن ابن
عجلان ... به.
وأخرجه البيهقي (2/448 و 3/234) من طرق أخرى عن ابن عجلان ... به
مفرقاً.
وأخرجه النسائي (1/117) ، والترمذي (2/139/322) ؛ دون إنشاد الضالة.
وقال الترمذي:
"حديث حسن ".
ولابن ماجه (1/348) منه الجملة الأخيرة منه.
ولأحمد في رواية (2/212) الجملة الأولى منه. والحديث؛ صححه ابن خزيمة
وأبو بكر بن العربي؛ كما ذكر الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "الترمذي ".
221- باب في اتخاذ المنبر
992- عن أبي حازم بن دينار:
أن رجالاً آتَوْا سهل بن سعد الساعدي وقد امْتَرَوْا في المنبر؛ مِمَّ عُوُده؟
فسألوه عن ذلك؟ فقال:(4/247)
والله إني لأعرف مما هو؟ ولقد رأيته أولَ يوم وُضِع، وأولَ يوم جَلس
عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فلانةَ- امرأةٌ قد سَماها سَهْل- آنْ:
" مُرِي غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كَلَّمتُ
الناس ". فأمرته فعَمِلَها من طَرْفاء الغابة، ئم جاء بها. فأرسلته إلى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأمر بها فوُضعت هنا. فرآيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليها، وكبّر
عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر، ثم
عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال:
" أيها الناس! إنما صنعت هذا؛ لتأتمُّوا [بي] وَلِتَعلَموا صلاتي ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن
عبد الله بن عَبْدٍ القاري القرشي: حدثني أبو حازم بن دينار.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/147- 148) عن المؤلف.
وأخرجه البخاري (1/81- 82 و 2/9) ، ومسلم (2/74) ، والنسائي (1/120
- 121) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه مسلم، وأحمد (5/339) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن
أبيه ... به. زاد أحمد:(4/248)
فقيل لسهل: هل كان من شأن الجِذْعِ ما يقول الناس؟ قال: قد كان منه الذي
كان.
وإسناده صحيح على شرط سسلم.
وأخرجه أبو عوانة، والدارمي (1/367) ، وابن ماجه (433) من طرق أخرى
عن أبي حازم ... به مختصراً؛ وزاد الدارمي:
فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجلس عليه، ويخطب عليه، فلما فعلوا دْلك حَنتِ
الخشبة التي كان يقوم عندها، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليها، فوضع يده عليها،
فسكنت.
وهي زيادة صحيحة؛ لها شواهد كثيرة معروفة، سأذكر واحداً منها تحت
الحديث الآتي.
993- عن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بَدَّنَ قال له تميم الداري: ألا أتَّخِذُ لك منبراً يا رسول
الله! يجمع- أو يحمل- عظامك؟! قال:
" بلى ". فاتخذ له منبراً مِرْقاتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وعلَقه البخاري في "صحيحه".
وقال الحافظ: " إسناده جيد قوي ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم عن ابن أبي رواد عن نافع
عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا ابن أبي رواد- واسمه(4/249)
عبد العزيز- فلم يخرج له، وروى له البخاري تعليقاً. وقال الحافظ في "الفتح "
(2/218) :
" إسناده جيد قوي ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/195- 196) من طريق شعيب بن عمرو
الضبَعِيِّ: ثنا أبو عاصم ... به؛ وزاد:
أو ثلاثة؛ فجلس عليه، قال: فصعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحَنَّ جذع كان في المسجد
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خطب يستند إليه، فنزل النبي عبه! فاحتضنه، فقال له
شيئاً لا أدري ما هو؟ ثم صعد النبر، وكانت أساطين المسجد جذوعاً، وسقائفه
جريدا.
وعلَّقه البخاري في "صحيحه " بصيغة الجزم؛ فقال (4/156) :
" ورواه أبو عاصم ... ".
222- باب موضع المنبر
994- عن سَلَمَةَ قال:
كان بين منبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين الحائط كَقَدْرِ مَمَرِّ الشاة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن
سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.(4/250)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/56) ، والبيهقي (2/272) من طرق أخرى عن
أبي عاصم ... به.
وأخرجه البخاري (6/89) ، ومسلم (2/59) ، وأحمد (4/54) من طرق
أخرى عن يزيد بن أبي عبيد ... به. وإسناد أحمد والبخاري ثلاثي.
223- باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
224- باب في وقت الجمعة
995- عن أنس بن مالك قال:
كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الجمعة إذا مالت الشمس.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه". وقال
الترمذي: " حسن صحيح ".
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا زيد بن حبَاب: حدثني فلَيْج بن
سليمان: حدثني عثمان بن عبد الرحمن التَّيْمِي: سمعت أنس بن مالك
يقول ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن فليح بن سليمان
- وإن أخرج له الشيخان- ففيه ضعف من قبل حفظه. وقال الحافظ:
" صدوق كثير الخظأ ".
والحديث أخرجه الطيالسي في (مسنده) (1/141/673) : حدثنا فليح بن(4/251)
سليمان الخزاعي ... به.
ومن طريقه: أخرجه الترمذي (2/377) ، وابن الجارود (289) .
وأخرجه البخاري (2/7) ، والترمذي ايضاً، والبيهقي (3/190) ، وأحمد
(3/128 و 155 و 228) من طرق عن فليح بن سليمان ... به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
ويشهد للحديث: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابر:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا زالت الشمس صلى الجمعة. قال الحافظ في
"التلخيص " (2/59) :
" وإسناده حسن ".
996- عن سَلَمَة بن الأكوع قال:
كنا نصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة، ثم ننصرف؛ وليس للحيطان
فَيْء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا يعلى بن الحارث: سمعت إياس بن
سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (5/103) ، ومسلم (3/9) ، والنسائي (1/207) ،(4/252)
والدارمي (1/363) ، وابن ماجه (1/341) ، والدارقطني (ص 170) ، والبيهقي
(3/190) ، وأحمد (4/46) من طرق عن يعلى بن الحارث ... به.
997- عن سهل بن سعد قال:
كنا نَقِيلُ ونتغذَى بعد الجمعة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن
سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/12) ، ومسلم (3/9) ، والترمذي (2/403) ،
وابن ماجه (1/341) ، والدارقطني (170) ، والبيهقي (3/241) ، وأحمد
(5/336) من طرق عن أبي حازم ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله شاهد من حديث حمَيْد الطويل عن أنس بن مالك قال:
كنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة فنقيل.
أخرجه أحمد (3/237) ، وابن حبان (2798- إحسان) عن محمد بن
إسحاق: حدثني حمَيد الطويل ... به.
وهذا إسناد حسن.
وتابعه المعتمر بن سليمان: ثنا حميد ... به.(4/253)
رواه ابن ماجه؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم.
ورواه البخاري (905 و 940) ، وفي " الأدب المفرد" (1240) ، وابن خزيمة
(1877) ، وابن حبان أيضا وكذا أحمد (3/237) ، من طرق أخرى عن حميد ... به.
225- باب النداء يوم الجمعة
998- عن السائب بن يزيد:
أن الأذان كان أوله حين يجلس الامام على المنبر يوم الجمعة؛ في عهد
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فلما كان خلافة عثمان،
وكثر الناس؛ أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء،
فثبت الأمر على ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في
"صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمَةَ المرادي: ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن
شهاب: أخبرني السائب بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير المرادي؛
فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/8) ، والنسائي (1/207) ، والترمذي
(2/392) ، وابن الجارود (290) ، والبيهقي (3/192) ، وأحمد (3/449) من
طرق عن الزهري. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(4/254)
999- وفي رواية عنه قال:
لم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مؤذن واحد: بلال ... ثم ذكر معناه.
(حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا هَنَاد بن السرِيِّ: ثنا عبدة عن محمد يعني: ابن إسحاق-
عن الزهري عن السائب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على التفصيل المعروف في ابن
إسحاق، وقد عنعنه، لكنه قد صَرَّح بالتحديث في رواية عنه كما يأتي.
وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/348) ، وأحمد (3/449) من طرق أخرى عن
ابن إسحاق ... به.
وأحمد من طريق إبراهيم بن سعد الزهري عنه قال: حدثني محمد بن مسلم
ابن عبيد الله الزهري ... به؛ ولفظه:
لم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مؤذن واحد في الصلوات كلها؛ في الجمعة
وعْيرها، يؤذن ويقيم، قال: كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر يوم
الجمعة، ويقيم إذا نزل، ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ حتى كان عثمان.
وهذا إسناد حسن صحيح.
1000- وفي أخرى عنه- وزاد في نسبه: ابن أخت نمر- قال:
ولم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مؤذن واحد ... وساق هذا الحديث،
وليس بتمامه.(4/255)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد:
ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أن السائب بنَ يزيد ابنَ أخت نمر ... به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه النسائي (1/207) ... بهذا الإسناد؛ ولفظه:
إنما أمر بالتأذين الثالث عثمان؛ حين كثر أهل المدينة، ولم يكن لرسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مؤذن واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام.
وأخرجه البخاري (2/8) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن
الزهري ... به.
226- باب الامام يكلّم الرجل في خطبته
1001- عن جابر قال:
لَما استوى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة قال:
(اجلسوا ". فسمع ذلك ابن مسعود؛ فجلس على باب المسجد، فرآه
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
"تَعَالَ يا عبدَ الله بنَ مسعود! ".
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "!
ورافقه الذهبي إ)
إسناده: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي: ثنا مَخْلَدُ بن يزيد: ثنا ابن جريج
عن عطاء عن جابر.(4/256)
قال أبو داود: " هذا يعرف مرسلاً؛ إنما رواه الناس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومخلد هو
شيخ ".
قلت: هو صدوق من رجال الشيخين، وله أوهام كما في "التقريب "، ولكنه
لم يتفرد به كما يأتي.
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين؛ غير يعقوب بن كعب، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (3/218) من طريق معاذ بن معاذ: أبَنا ابن
جريج ... به. وقال:
" ورواه عمرو بن دينار عن عطاء؛ فأرسله ".
وتابعه أيضا الوليد بن مسلم؛ لكنه خالف فقال: ثنا ابن جريج عن عطاء بن
أبي رباح عن ابن عباس قال ... فذكره.
أخرجه الحاكم (1/283- 284) عن هشام بن عمار: ثنا الوليد ... وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وأقول: هو كذلك لولا الخالفة؛ وأظنها من هشام؛ فإنه مضعف من قبل
حفظه. فالصواب أنه من (مسند جابر) ؛ لانفاق مخلد بن يزيد ومعاذ بن معاذ عليه.
227- باب الجلوس إذا صعد المنبر
1002- عن ابن عمر قال:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب خطبتين؛ كان يجلس إذا صعد على المنبر؛
حتى يفرغ- أراه- المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم
فيخطب.(4/257)
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان مختصراً) .
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبد الوهاب- يعني: ابن
عطاء- عن العمري عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير العمري- وهو عبد الله بن عمر بن حفص
ابن عاصم بن عمر بن الخطاب المُكَبَّر-، وهو ضعيف من قبل حفظه. وقال المنذري
(2/17) :
" وفيه مقال ".
لكن الحديث صحيح؛ فقد تابعه عليه أخوه المصغر عبيد الله عن نافع ... به
مختصراً:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَء يخطب يوم الجمعة خطبتين؛ بينهما جلسة.
أخرجه الترمذي (رقم 506) - وصححه-، والبيهقي (3/196) بإسناد
صحيح.
وقد أخرجاه نحوه.
وأخرج الحاكمٍ (1/283) من طريق مصعب بن سَلآم عن هشام الغازِ عن
نافع ... به مختصرا؛ بلفظ:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر؛ أذنَ بلال. وقال:
" صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله:
"قلت: مصعب ليس بحجة".
قلت: ويشهد له حديث السائب المتقدم برقم (998) .(4/258)
والحديث أخرجه أحمد (2/91 و 98) من طرق أخرى عن عبد الله بن
عمر ... مختصرأ.
228- باب الخطبة قائماً
1003- عن جابر بن سَمُرة
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب
قائماً، فمن حدثك أنه كان يخطب جالاً؛ فقد كذب! فقد-: والله-
صليْتُ معه أكثر من ألْفَيْ صلاة.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط لسملم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا النُفَيْلي: ثنا زهير عن سعكاك عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم، وإنما لم أصححه مع ذلك؛
لأن سماكاً كان قد تغير بأخرة، فكان ربما يلقَّن كما قال الحافظ؛ وقد أخرجه مسلم
كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/9) ، والبيهقي (3/197) ، وأحمد (5/90 و 91)
من طرق أخرى عن زهير ... به.
1004- وفي رواية عنه قال:
كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبتان؛ كان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكرُ
الناس.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .(4/259)
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- عن أبي
الأحوص: ثنا سماك عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم أيضا كالذي قبله.
والحديث أخرجه مسلم (3/9) ، والدارمي (1/366) ، وعبد الله بن أحمد في
"زوائد المسند" (5/94) من طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به.
وأخرجه البيهقي أيضا (3/210) من هذا الوجه.
وأحمد (5/87 و 88 و 89 و 91 و 92 و 93 و 94- 95 و 95 و 97 و 98
و99- 100 و 101 و 102 و 107) من طرق أخرى عن سماك ... به نحوه.
وأخرجه المصنف من طريقين آخرين عنه، يأتي أحدهما عقب هذا، والأخر
في الباب الآتي برقم (1009) .
1005- وفي أخرى عنه قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب قائماً، ثم يقعد قَعْدَة لا يتكلم ... وساق
الحديث.
(قلت: إسناده حسن على شرط مسلم. وقد أخرجه باللفظين اللذين قبله
كما سبق) .
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن
سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن على شرط مسلم، وليس بصحيح؛ لما ذكرته في
الرواية الأولى قبل حديث.(4/260)
وأبو كامل: اسمه فُضَيْل بن حسين الجَحْدَرِي.
والحديث أخرجه أحمد (5/90 و 97) من طريقين آخرين عن أبي عوانة ...
به؛ وتمام الحديث عنده:
ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى على منبره، فمن حدثك أنه رآه يخطب قاعداً؛
فلا تصدقْهُ!
229- باب الرجل يخطب على قوس
1006- عن شُعَيْبِ بن رُزيقٍ الطاثفي قال:
جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقال له: الحكم بن
حَزْن الكُلَفِي-، فأنشأ يحدثنا؛ قال: وفدت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابع
سبعة- أو تاسع تسعة-، فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادْعُ الله
لنا بخير! فأمر بنا- أو أمر لنا- يشيء من التمر، والشأنُ إذ ذاك دُونٌ.
فأقمنا بها أياماً؛ شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام متوكِّئاً على
عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه، كلماتٍ خفيفات طيِّبات مباركات،
ثم قال:
" أيها الناس! إنكم لن تطيقوا- أو لن تفعلوا- كل ما أُمِرتم به؛ ولكن
سَددوا وأبشروا ".
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وصححه ابن السكن
وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا لثسهاب بن خِراش: حدثنا شعيب بن(4/261)
رزيق الطائفي.
قال أبو علي: سمعت أبا داود قال: ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ شعيب بن ززَيْقٍ- بتقديم الراء على الزاي- قال ابن
معين:
" ليس به بأس ". وقال أبو حاتم:
"صالح ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ".
وشهاب بن خراش؛ وثقه ابن المبارك وجماعة. وقال أحمد وأبو زرعة:
" لا بأس به ". وقال ابن عدي:
" له أحاديث ليست بالكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه ".
" والحديث أخرجه البيهقي (3/206) من طريق أخرى عن شهاب بن
خراش ... به. وقال الحافط في "التلخيص " (2/65) - بعد أن عزاه للمصنف:
" وإسناده حسن؛ فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه؛ والأكثر وثقوه،
وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة ".
1007- عن عَدِيِّ بن حاتم:
أن خطيباً خطب عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال. من يطع الله ورسوله ... ومن
يعصهما ... فقال:
" ثم- أو اذهب-؛ بئس الخطيبُ ".(4/262)
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أحرجه في "صحيحمه " بأتم
منه) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان بن سعيد: حدثني عبد العزيز
ابن رُفَيْع عن تميم الظائي عن عدي بن حاتم.
قلت: وهذا إسنأد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد؛ فهو على شرط
البخاري؛ وقد أخرجه المصنف أيخحاً بهذا الإسناد في "الأدب " [85- باب [ ( ... ) .
والحديث أخرجه الحاكم (1/289) من طريق أخرى عن مسدد ... به أنم منه
كما يأتي.
ثم أخرجه هو، ومسلم (3/12- 13) ، والنسائي (2/79) ، والبيهقي (1/86
و3/216) ، وأحمد (4/256 و 379) من طرق أخرى عن سفيان ... به أنم منه؛
بلفظ:
... من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ".
1008- عن بنت الحارث بن النعمان قالت:
ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كان يخطب بها كلَّ
جمعة
قالت: وكان تَنُّورُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتَنُّورنا واحداً.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .(4/263)
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن خُبَيْب
عن عبد الله بن محمد بن مَعْنٍ عن بنت الحارث بن النعمان.
قال أبو داود: " قال روح بن عبادة عن شمعبة قال: بنت حارثة بن النعمان.
وقال ابن إسحاق: أم هشام بنت حارثة بن النعمان "-
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن محمد
ابن معين، ولم يوثقه غير ابن حبان. ولهذا قال الذهبي في الميزان ":
" وُئقَ؛ فيه جهالة "، واحتج به مسلم؛ ما روى عنه سوى خُبَيْبِ بن
عبد الرحمن ... "! ثم ساق له هذا الحديث.
وفي قوله: " احتج به مسلم " نظر؛ فقد ساق له عقبه متابعاً- بل متابعين-
كما يأتي، وليس له عنده إلا هذا الحديث، كما في "التهذيب "؛ فلا يظهر حينئذ
أنه احتج به.
والحديث أخرجه أحمد (6/463) : ثنا محمد بن جعفر ... به؛ إلا أنه قال:
حارثة.
وكذلك أخرجه مسلم (3/13) ، والبيهقبب (3/211) من هذا الوجه.
وتابعه يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرَارة عن أم هشام
بنت حارثة بن النعمان ... به؛ مع تقديم وتأخير.
أخرجه مسلم والبيهقي، وأحمد (6/435- 436) ، وقال البيهقي:
" وأم هشام بنت حارثة بن النعمان: هي أخت عمرة بنت عبد الرحمن
لأمها".
قلت: وقد روت عمرة هذا الجديث عن أختها أم هشام، كما يأتي بعد حديث.(4/264)
وتابعه أيضا محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن ابنة حارثة بن
النعمان ... به؛ دون قصة التنور.
أخرجه النسائي (1/208- 209) ، وأحمد (6/435) .
وإسناده صحيح؛ إن كان محمد هذا سمعه منها.
قلت: فهذه المتابعات تشهد لصحة حديث ابن معن. والله أعلم.
1009- عن جابر بن سمرة قال:
كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْداً، وخطبته قَصْداً؛ يقرأ أيات من
القران، ويذكر الناس.
(قلت: إسناده حسن وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه مفزقاً في
موضعين من "صحيحه ". والترمذي نصفه الأول؛ وقال: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدتني سماك عن جابر بن
سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وفي سماك- وهو
ابن حرب- كلام ذكرته قريباً عند الحديث (1003) ، فلا نعيده.
والحديث أخرجه النسائي (1/209) ، وابن ماجه (1/342) ، وأحمد (5/93
و98 و 102 و 106 و 107) من طرق أخرى عن سفيان ... به.
ثم أخرجه أحمد (5/91 و 94 و 95) من طرق أخرى عن سماك ... به.
وأخرج منه الترمذي (2/381) ، والدارمي (1/365) ، وكذا مسلم (3/11)
شطره الأول.(4/265)
وله الشطر الثاني؛ أخرجه في مكان آخر، كما تقدم برقم (1003 و 1004) .
1015- عن عمرة عن أختها قالت:
ما أخذت (ق) إلا من في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كان يقرؤها في كل
جمعة
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان: ثنا سليمان بن بلال عن يحيى
ابن سعيد عن عمرة.
قال أبو داود: " وكذا رواه يحيى بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى بن
سعيد عن عمرة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير محمود بن
خالد- وهو السلمي-، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (3/13) ، والبيهقي (3/211) من طريق يحيى بن
حسان: حدثنا سليمان بن بلال ... به.
وتابعه يحيى بن أيوب، كما في الرواية الاتية.
وعبد الرحمن بن أبي الرجال، ولكنه خالف في متنه، فقال: ذكره يحيى بن
سعيد عن عمرة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت:
ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا من وراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بها في
الصبح.
أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (6/462) .(4/266)
وابن أبي للرجال؛ قال الحافظ:
" صدوق ربما أخطأ ".
قلت: والظاهر أنه أخطأ في قوله: يصلي بها في الصبح! والصواب رواية
الجماعة: يخطب بها في كل جمعة.
وقد أشار الحافظ في "نتائج الأفكار" (1/439- 440) إلى شذوذه؛ للمخالفة
المذكورة.
ونحوه ما رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (142/25/343) من طريق ابن
أبي شيبة عن محمد بن إسحاق ... بسنده عن أم هشام بنت حارثة مثل رواية
ابن أبي الرجال.
لكن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.
على أن الحديث في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/115) من طريق ابن إسحاق
نفسه ... باللفظ الموافق لرواية الجماعة. فدأط ذلك على خطأ ما في "المعجم ".
ومن الغريب: أن الحافظ المزي في "تحفة الأشرافط " (13/108- 109) لم
يتنبه لخطأ رواية ابن أبي الرجال هذه؛ بل صنيعه يوهم أنها موافقة لرواية الجماعة!
والله أعلم.
1011- وفي رواية عن عمرة عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن كانت
أكبر منها ... بمعناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثنا ابن السَّرْح: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيولب عن يحيى(4/267)
ابن سعيد عن عمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه في "صحيحه " (3/13) بإسناد المصنف؛ ولم يسق لفظه وإنما
قال: بمثل حديث سليمان بن بلال. يعني: الذي قبله؛ وفيه عنده:
وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة.
230- باب رفع اليدين على المنبر
1012- عن حصَيْنِ بن عبد الرحمن قال:
رأى عمَارة بن زؤيبَةَ بِشْرَ بن مروان وهو يدعو في يوم جمعة، فقال
عمارة:
قَبحَ الله هاتين اليدين- قال حصين: حدثني عمارة-؛ قال: لقد رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو على المنبر- ما يزيد على هذه؛ يعني: السبابة التي
تلي الإبهام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة وابن
حبان) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ئنا زائدة عن حصين بن عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (1/366) ... بإسناد المصنف.(4/268)
وأخرجه هو، ومسلم (3/13 و 13- 14 و 4/261) ، والنسائي (1/209) ،
والترمذي (2/391) ، والبيهقي (3/210) ، وأحمد (4/135- 136 و 136) من
طرق عن حصين بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة (1451 و 1793) ، وابن حبان (882-
الإحسان) .
231- باب إقصار الخطَبِ
1013- عن عمار بن ياسر:
آمَرَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإقصار الخُطَبِ.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبي: ثنا العلاء بن صالح عن
عَدِي بن ثابت عن أبي راشد عن عمار بن ياسر.
قلت: وهذا إسناد رجاله مُوثًقون؛ غير أبي راشد، وهو مجهول كما قال
الذهبي. وإلى ذلك أشار المنذري بقوله (3/20) :
" لم يسَمٌ ولم يُنْسَبْ ".
لكن حديثه صحيح؛ لأن له شاهداً كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/289) ، وعنه البيهقي (3/208) من طريق أخرى
عن محمد بن عبد الله بن نمير ... به. وصححه الحاكم كما ذكرناه آنفاً.(4/269)
وقال الإمام أحمد (4/320) : ثنا ابن نمير: ثنا العلاء بن صالح ... به؛
ولفظه: ثنا أبو راشد: قال:
خطبنا عمار بن ياسر فتجؤز في خطبته. فقال له رجل من قريش: لقد قلت
قولاً شفاءً، فلو أنك أطلت! فقال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن نُطِيلَ الخطبةَ.
وتابعه أبو وائل قال: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ. فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان!
لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفَّست! فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:
" إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة، وأقصروا
الخطبة، وإن من البيان سحراً ".
أخرجه مسلم (3/12) ، والدارمي (1/365) ، والبيهقي، وأحمد (4/263)
من طريق واصل بن حَيَّان قال: قال أبو وائل ... به.
1014- عن جابر بن سَمُرَة السَّوَائي قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُطِيلُ الموعظة يوم الجمعة؛ إنما هن كلماتٌ
يسيراتٌ.
(قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثتا محمود بن خالد: ثنا الوليد: أخبرني شيبان أبو معاوية عن
سماك بن حرب عن جابر بن سمرة السًوائي.(4/270)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات إن كان شيبان سمعه من سماك، وهذا
من جابر؛ فإن الوليد- وهو ابن مسلم الدمشقي- كان يدلس تدليس التسوية؛
فيُخشى- حين لا يكون إسناده مسلسلاً بالتحديث- أن يكون أسقط منه رجلاً فوق
شيخه.
إلا أن الحديث على كل حال حسن؛ فإنه بمعنى حديث سماك أيضا عن
جابر، المتقدم برقم (1009) .
والحديث أخرجه البيهقي (3/208) من طريق أخرى عن محمود بن خالد
الدمشقي ... به.
232- باب الدُّنُوِّ من الإمام عند الموعظة
1015- عن سَمُرة بن جُنْدث أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" احْضُرُوا الذِّكْرَ، وادْنُوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد؛ حتى
يؤخرَ في الجنة وإن دخلها ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا علي بن عبد الق: ثنا معاذ بن هشام: وجدت في كتاب أبي
بخط يده- ولم أسمعه منه- قال: قال قتاث،: عن يحيى بن مالك عن سمرة بن
جندب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن
مالك؛ فقد أغفلوه ولم يذكروه في "التهذيب! وغيره! وإنما ترجم له ابن أبي حاتم
(4/2/190) ؛ وذكر أنه أبو أيوب الآزْدي العَتَكِيُّ البصري المَرَاغي- قبيلة من(4/271)
العرب-، وأنه روى عن جماعة من الصحابة، وعنه قتادة وأبو عمران الجوني وأبو
الواصل عبد الحميد بن واصل، مات في ولاية الحجاج، ولم يذكر فيه جرحاً ولا
تعديلأ.
فمثله في التابعين حسن الحديث إن شاء الله تعالى؛ وقد وثقه ابن حبان
(1/256- 257) .
ثم تبين أنهم ترجموه في "الكنى"؛ وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (5/11) ... بإسناد المصنف؛ فهو من رواية الأقران؛
لأن أحمد من شيوخ المصنف، فروى عن شيخه علي بن عبد الله- وهو ابن
المديني-.
وأخرجه الحاكم (1/289) من طريق أخرى عنه، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي (3/289) من طريق المصنف والحاكم.
233- باب الامام يقطع الخطبة للأمر يحدث
1016- " عن بُرَيْدَةَ (بن الحُصَيْبِ) قال: حطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأقبل
الحسن والحسين رضي الله عنهما؛ عليهما، قميصان أحمران، يعثران
ويقومان، فنزل فأخذهما فَصَعِدَ بهما، ثم قال: " صدق الله! (إنما أموالكم
وأولادكم فتنة) ؛ رأيت هذين فلم أصبر "؛ ثم أخذ في الخطبة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حمان، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .(4/272)
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء أن زيد بن حُبَابٍ حدثهم: ثنا حسين بن
واقد: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم على شرط مسلم ولم يخرجه.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (5/354) ، وابن أبي شيبة (12/99/22372)
قالا: ثنا زيد بن حباب ... به؛ وصرح بسماع عبد الله من أبيه.
وأخرجه ابن ماجه (2/377) ، وابن خزيمة (1801) ، والحاكم (4/189) من
طريقين آخرين عن ابن الحباب ... به، وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وفيه نظر؛ فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً.
وزيد بن الحباب لم يخرج له أصلاً! ولكنه قد توبع؛ فأخرجه النسائي
(1/209 و 235) ، والترمذي (4/340- تحفة) ، وابن خزيمة أيضا (1802) ، وابن
جرير (28/81) ، والحاكم أيضا (1/287) ، والبيهقي (3/218) من طرق أخرى
عن الحسين بن واقد ... به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "؛ فأصاب هنا؛ ووافقه الذهبي.
وصرح ابن حبان بسماع عبد الله أيضا.
234- باب الاحتباء والإمام يخطب
1017- عن معاذ بن أنس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحبْوة يومَ الجمعة والإمامُ يخطب.
(قلت: حديث حسن، وكذ اقال الترمذي، وقال الحاكم: " صحيح(4/273)
الاسناد "! ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا المقرئ: ثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي
مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي مرحوم- واسمه عبد الرحيم بن
ميمون-، وهو مختلف فيه؛ فقال ابن معين:
" ضعيف الحديث ". وقال أبو حاتم:
" يكتب حديثه، ولا يحتج به ". وقال النسائي.
" أرجو أنه لا بأس به ".
وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الحافظ:
" صدوق ".
قلت: فحديثه يحتمل التحسين؛ فإذا وجد له شاهد أو متابع فهو حسن
قطعاً، وستراه إن شاء الله قريباً.
والحديث أخرجه أحمد (3/439) : ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ... به.
وأخرجه الترمذي (2/390) ، والحاكم (1/289) ، والبيهقي (3/235) من
طرق عن أبي عبد الرحمن المقرئ ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال أحمد شاكر في تعليقه عليه:
" ورواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص 297) من طريق المقرئ أيضا.
ومن طريق رشدين بن سعد عن زَبَّان بن فائدٍ عن سهل بن معاذ ".(4/274)
قلت: وله شاهد من حديث بقية عن عبد الله بن واقد عن محمد بن عجلان
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ... فذكره.
أخرجه ابن ماجه (1/348) . وقال البوصيري في "الزوائد" (ق 1/72) :
" هذا إسناد ضعيف؛ بقية: هو ابن الوليد، مدلس. وشيخه إن كان الهروي
فقد وثق؛ وإلا فهو مجهول ".
235- باب الكلام والإمام يخطب
1018- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" إذا قلت: أنصت والامام يخطب؛ فقد لَغَوْتَ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه. وقال
الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (1/364) ، وأحمد (2/474 و 485 و 532) من
طرق أخرى عن مالك ... به.
وهو (2/272 و 393 و 396 و 532) ، والبخاري (2/12) ، ومسلم (3/4-
5) ، والنسائي (07/21) ، والترمذي (2/387) ، وابن ماجه (1/343) ، والبيهقي
(3/218 و 219) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد الشيخان وعْيرهما:
" إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة ... ". وقال الترمذي:(4/275)
" حديث حسن صحيح ".
ولمالك فيه إسناد آخر، فقال في "الموطأ" (1/125) : عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة ... به.
ومن طريقه: أخرجه الدارمي أيضا، وأحمد (2/485) .
وتابعه سفيان بن عيينة: سمعت أبا الزناد ... به.
أخرجه مسلم، وابن الجارود (299) ، والبيهقي، وأحمد (2/244) .
وله عند مسلم والبيهقي، وأحمد (2/318) طرق أخرى عن أبي هريرة.
1019- عن عبد الله بن عمروعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" يحضز الجمعةَ ثلاثةٌ: رجلٌ حفمرها يَلْغُو؛ وهو حَطة منها. ورجل
حضرها يدعو؛ فهو رجل دعا الله عز وجل؛ إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه.
ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يَتَخَطَّ رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً؛
فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز
وجل يقول: {من جاء بالحسنة فله عَشْرُ أمثالها} ".
(قلت: إسناده حسن. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل قالا: ثنا يزيد عن حبيب المعلم عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده. وجَده في هذه السلسلة: هو عبد الله بن عمرو، كما سبق تحقيقه في
أول الكتاب، وهذا السند مما يشهد لذلك؛ فإنه قال: عن عبد الله بن عمرو.(4/276)
والحديث أخرجه البيهقي (3/219) من طريق المصنف.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1813) .
236- باب استئذان المحدِث للإمام
1020- عن عائشة قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ:
" إذا أحدث أحدكم في صلاته؛ فليأخذ بأنفه ثم لينصرف ".
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، ووافقه
الذهبي، وصححه البوصيري أيضا) .
إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المِصِّيي: ثنا حجاج قال: ثنا ابن جريج:
أخبرني هشام بن عروة [عن عروة] عن عائشة.
قال أبو داود: " رواه حماد بن سلمة وأبو أسامة عن هشام عن أبيه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دخل والإمام يخطب ... "؛ لم يذكرا عائشة رضي الله عنها ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الصيصي، وهو ثقة.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 57) ، والحاكم (1/184) من طريقين آخرين
عن حجاج بن محمد ... به وقال الحاكم.
" صحيح على شرطهما "، ووافقه الذمحبي.
وتابعه عمر بن علي المُقَدمي: نا هشام بن عروة ... به.
أخرجه ابن ماجه (1/368- 369) ، وابن حبان (206) ، والدارقطني. وقال
البوصيري في " الزوائد" (ق 2/76) :(4/277)
" إسناده صحيح رجاله ثقات ".
وتابعه عمر بن قيس أيضا- عند ابن ماجه-، والفضل بن موسى- عند ابن
الجارود (222) - وابن حبان (205) ، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي (3/254) -،
ومحمد بن بشر العبدي- عند الدارقطني- كلهم عن هام بن عروة عن أبيه عنها.
قلت: فهؤلاء جماعة خمسة، كلهم ثقات- غير عمر بن قيس- قد وصلوه،
فلا يضزُه إرسال حماد بن سلمة وأبي أسامة وغيرهما ممن أرسله، ممن جاء ذكره
عند البيهقي، قال:
" ورواه الثوري وشعبة وزائدة وابن البارك وشعيب بن إسحاق وعبيدة بن
سليمانْ عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً. قال أبو عيسى
الترمذي: وهذا أصح من حديث الفضل بن موسى "!
قلت: قد توبع الفضل من جماعة ثقات كما سبق، والرفع زيادة من ثقات؛
فيجب قبولها؛ لأنه يبعد أن يتفقوا جميعاً على الوصل خطأً.
237- باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب
1021- عن جابر:
أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال:
" أصليت يا فلان؟! ". قال: لا. قال:
"قم فاركع ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه. وقال الترمذي:
"حسن صحيح ") .(4/278)
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن عمرو- وهو ابن دينار- عن
جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وحماد: هو ابن زيد.
والحديث أخرجه البيهقي (3/217 و 221) من طريق أخرى عن سليمان بن
حرب ... به.
وهو، والبخاري (2/11) ، ومسلم (3/14) ، والنسائي (1/208) ، والترمذي
(2/384- 385) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به.
ومسلم، وابن ماجه (1/344) ، وابن الجارود (693) ، والدارقطني (ص
168) ، والبيهقي (3/193) من طرق أخرى عن عمرو بن دينار ... به؛ وزاد مسلم
والدارقطني في رواية: وقال:
" إذا جاء أحدكم والإمام يخطب؛ فليصلِّ ركعتين "
وأخرجه الطبراني في ترجمة (سُلَيْك) من "المعجم الكبير" (7/192- 196)
من طرق عن جابر وأبي هريرة بروايات وألفاظ متقاربة.
ولهذه الزيادة طريق أخرى، يأتي ذكرها في الطريق الآتية.
1022- ومن طريق آخر عنه وعن أبي هريرة قال:
جاء سُلَيْكٌ الغَطَفَانِيُّ ورسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال له:
" أصليت شيئاً؟! ". قال: لا. قال:
" صلِّ ركعتين تجوَّزْفيهما ".(4/279)
(قلت: إسناده عن أبي هريرة على شرط الشيخين، وهو عن جابر على
شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن محبوب وإسماعيل بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا
حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان. كلن جابر. وعن أبي صالح عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسام عن جابر، وعلى شرطهما عن أبي
هريرة من طريق إسماعيل بن إبراهيم- وهو ابن لمعْمَر الهلالي القَطِيعي-. وأما ابن
محبوب فثقة.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/344) : حدثنا داود بن رشَيْد: ثنا حفص بن
غياث ... به.
وأخرجه مسلم (3/14- 15) ، والدارقطني (168) ، والبيهقي (3/194) ،
وأحمد (3/316 و 389) من طرق أخرى عز، الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر ... به مع الزيادة التي في الحلريق الأولى؛ وزاد أيضا:
"وليتجوز فيهما".
1023- وفي رواية عن جابر:
أن سُليكاً جاء ... فذكر نحوه؛ زاد: ثم أقبل على الناس قال:
" إذا جاء أحدكم والإمام يخطب؛ قليصلِّ ركعتين يتجوزُ فيهصا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن الوليد
أبي بشر عن طلحة أنه سمع جابر بن عبد الله يخدث.(4/280)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما
يأتي.
وطلحة: هو ابن نافع، وهو أبو سفيان الدي في الطريق السابقة.
والوليد: هو ابن مسلم.
وسعيد: هو ابن أبي عَرُوبة.
والحديث في "مسند أحمد" (3/297) ... بهذا السند عن سعيد.
وبإسناد آخر عنه فقال: ثنا محمد بن جعفر: ثنا سعيد. وثنا رَوْحُ
وعبد الوهاب عن سعيد ... به.
وأخرجه مسلم (3/14- 15) من طريق الأعمش عن أبي سفيان ... به.
238- باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة
1024- عن أبي الزاهريَّة قال:
كنا مع عبد الله بن بُسْرٍ صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الجمعة، فجاء رجل
يتخطًى رقاب الناس، فقال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب
الناس يوم الجمعة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجلس فقد آذيت ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا بِشْرُ بن السَّرِي: ثنا معاوية بن صالح(4/281)
عن أبي الزاهرية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه النسائي (1/207) ، وابن الجارود (294) ، وابن خزيمة
(1811) ، وابن حبان (572) ، والحاكم (1/288) ، والبيهقي (3/231) ، وأحمد
(4/188 و 190) من طرق أخرى عن معاوية ... به؛ وزادوا جميعاً:
" وآنيت ". وزاد ابن الجارود والبيهقي: قال أبو الزاهرية:
وكنا نتحدث معه حتى يخرج الإمام.
وسندها صحيح.
239- باب الرجل يَنْعسُ والامام يخطب
1025- عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" إذا نَعَسَ أحدكم وهو في المسجد؛ فليتحول من مجلسه ذلك إلى
غيره ".
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا هَناد بن السَّرِي عن عبدة عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن
عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجا'له ثقات؛ لولا أن ابن إسحاق مدلس، وقد
عنعنه. لكنه قد توبع كما يأتي، فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (2/404) ، وابن حبان (571) ، والحاكم(4/282)
(1/291) ، والبيهقي (3/237) ، وأحمد (2/22 و 32) من طرق أخرى عن
محمد بن إسحاق ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
" لا يثبت رفعه؛ والمشهور عن ابن عمر من قوله "!
ثم ساقه من طريق أخرى عنه ... موقوفاً بإسناد صحيح.
وتعقبه ابن التركماني بأن البيهقي أخرجه من وجه آخر عن نافع: من طريق
أحمد بن عمر الوكيعي: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن يحيى بن سعيد
الأنصاري عن نافع ... به مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن المحاربي كان يدلس.
وبأنه أخرج له شاهداً من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن
جندب ... مرفوعاً نحوه. وقال البيهقي:
" إسماعيل هذا غير قوي ".
قلت: والخلاصة أن الحديث- بطربقيه وهذا الشاهد- صحيح إن شاء الله
تعالى، وقد صححه من ذكرنا وغيرهم، ومنهم اين خزيمة؛ فإنه أخرجه في
"صحيحه " رقم (1819) .
ثم رأيت ابن إسحاق قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد (2/135) ؛ دلَّني
عليها بعض الإخوان المصريين جزاه الله خيراً.(4/283)
240- باب الامام يتكلم بعدما ينزل من المنبر
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
241- باب من أدرك من الجمعة ركعة
1026- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من أدرك ركعة من الصلاة؛ فقد ادرك الصلاة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
"صحاحهم ". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي
هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في " موطأ مالك " (1/28) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البخاري (1/100) ، ومسلم (2/102) ، وأبو عوانة (2/79) ،
والنسائي (1/95) ، والبيهقي (2/202) كلهم عن مالك ... به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي، والترمأي (2/403) ، والدارمي
(1/277) ، وابن ماجه (1/346) ، وابن حبان (1480- 1484) ، وأحمد
(1/242 و 271 و 285 و 375) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد
مسلم وابن حبان:
" كلها ". وزاد البخاري وابن حبان:(4/284)
" وليتمَّ ما بقي ". وقال الترمذي:
"حسن صحيح ".
وله عند النسائي طريق ثانية.
وعند أحمد (2/265) ثالثة.
وله شاهد من حديث ابن عمر ... مرفوعاً؛ بلفظ:
" من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها؛ فقد أدرك الصلاة ".
أخرجه النسائي وابن ماجه بسند جيد.
242- باب ما يقرأ به في الجمعة
1027- عن النعمان بن يَشِيرٍ:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بـ (سَبِّحِ اسم
ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) . قال: وربما اجتمعا في يوم
واحد؛ فقرأ بهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ".
وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن
المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله نقات على شرط الشيخين؛ غير حبيب بن
سالم- وهو مولى النعمان بن بشير وكاتبه-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد(4/285)
أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/294) من طريق المؤلف.
وأخرجه مسلم (3/16) ، والترمذي (2/413) ... بإسناده، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه الطيالسي فقال (1/147/711) : حدثنا أبو عوانة ... به مختصراً.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي.
وأخرجه أحمد (4/273) من طريق أخرى عن أبي عوانة.
وهو (4/271 و 276 و 277) ، ومسلم، والنسائي (1/210) ، وابن الجارود
(300) من طرق أخرى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ... به.
ورواه ابن ماجه (1120) من حديث أبي عنبسة الخولاتي ... مرفوعاً دون ذكر
العيدين.
وسنده ضعيف جداً.
1028- ومن طريق أخرى عنه: أن الضحاك بن قيس سأل النعمان
ابن بشير:
ماذا كان يقرأ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة على إثر سورة (الجمعة) ؟
فقال:
كان يقرأ (هل أتاك حديث الغاشية) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .(4/286)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمْرَةَ بن سعيد المازني عن عبيد الله
ابن عبد الله بن عتبة: أن الضحاك بن قيس ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ على شرط الشيخين؛ غير ضمرة بن
سعيد، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في "موطأ مالك " (1/133- 134) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه النسائي (1/260) ، والبيهقي (3/200) ، وأحمد (4/270
و277) كلهم عن مالك ... به.
وتابعه سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد ... به.
أخرجه مسلم (3/16) ، وابن ماجه (1/345) ، والبيهقي.
1029- عن ابن أبي رافع قال: صلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة، فقرأ
بسورة (الجمعة) وفي الركعة الآخرة: (إذا جاءك المنافقون) . قال:
فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي
رضي الله عنه يقرأ بهما بالكوفة؟!
قال أبو هريرة: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بهما يوم الجمعة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه عن ابن أبي
رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير
جعفر- وهو ابن محمد بن علي بن الحسين-، المعروف بالصادق-، وهو ثقة من
رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.(4/287)
والحديث أخرجه مسلم (3/15) ... بإسناد المصنف.
ثم أخرجه هو، وابن ماجه (1/345) ، وابن الجارود (301) ، وأحمد
(2/430) من طرق أخرى عن جعفر ... به.
وتابعه الحكم عن محمد بن علي:
أن رجلا قال لأبي هريرة: إن علياً رضي الله عنه يقرأ ... الحديث نحوه.
أخرجه أحمد (2/467) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكنه منقطع بين
محمد بن علي وأبي هريرة؛ بينهما ابن أبي رافع كما في الطريق الأولى.
1030- عن سمرة بن جندب:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في صلاة الجمعة بـ: (سبح اسم ربك
الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) .
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2797)) .
إسناده: حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن معبد بن خالد عن
زيد بن عقبة عن سمغ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير زيد بن عقبة،
وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (5/13) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.
والنسائي (1/210) من طريق خالد عن شعبة ... به.
وابن خزيمة (1847) من طرق أخرى عن شعبة ... به.(4/288)
وأحمد (5/14 و 19) ، والبيهقي (3/294) من طرق أخرى عن معبد بن
خالد ... به.
243- باب الرجل يأتمُ بالإمام وبينهما جدار
1031- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجرته، والناس يأتَقًون به من وراء الحجرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأتم
منه) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا هُشَيْم: أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرة
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما
يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/110) من طريق أخرى عن هشيم ... به.
وأخرجه هو، والبخاري (1/121) من طريقين آخرين عن يحيى بن سعيد
الأنصاري ... به أتم منه؛ ولفظه:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى
الناس شخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام أناس يصلُون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك،
فقام ليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثة،
حتى إذا كان بعد ذلك؛ جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك
الناس، فقال:(4/289)
" إني خشيت أن يُكْتبَ عليكم صلاةُ الليل ".
244- باب الصلاة بعد الجمعة
1032- عن نافع:
أن ابن عمر رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه،
وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟! وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في
بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجا المرفوع منه) .
إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدٍ وسليمان بن داود- المعنى- قال: ثنا حماد بن
زيد: ثنا أيوب عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ وسليمان: هو أبو
الربيع العَتَكِي الزهراني.
والحديث أخرجه الشيخان من طرقى أخرى عن نافع ... به؛ دون قصة
الرجل، ويأتي ذكر طرقه في الرواية الآتية، وبعخس طرقه في "التطوع " رقم
(1147) .
1033- وفي رواية عنه قال:
كان ابن عمر يُطِيلً الصلاة قبل الجمعة، ويصلِّي بعدها ركعتين في
بيته، ويحذث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن خزيمة. وقد(4/290)
أخرج البخاري ومسلم وابن حبان (2478) المرفوع منه) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. أخبرنا أيوب عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرج الركعتين بعد
الجمعة كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/240) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن خزيمة (1836) من طريق أخرى عن إسماعيل.
وأخرجه أحمد (2/103) من طريق وهيب: ثنا أيوب ... به؛ ولفظه:
أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة؛ فيصلي ركعات يظيل فيهن
القيام، فإذا انصرف الإمام؛ رجع إلى بيته فصلى ركعتين ... الحديث.
وإسناده على شرطهما.
وأخرجه النسائي (1/210) من طريق شعبة عن أيوب ... به مختصراً؛ بلفظ:
أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين يطيل فيهما، ويقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يفعله.
وسنده على شرط البخاري.
وأخرج هذا (2/12) ، ومسلم (3/17) ، والنسائي، والدارمي (1/369) ،
والبيهقي من طريق مالك، وهذا في "الموطأ" (1/180- 181) عن نافع ... به:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
ومسلم، والترمذي (2/399) من طريق الليث عن نافع ... به نحوه، وقال:
" حديث حسن صحيح ".(4/291)
والطيالسي (145/1/703) : حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع ... به.
وتابعه سالم بن عبد الله عن أبيه ... مرفوعاً به.
أخرجه مسلم والترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح ". ويأتي فا الكتاب برقم (1037) .
1034- عن عمر بن عطاء بن أبي الخوَار:
أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نَمِر يسأله عن
شيء رأى منه معاوية في الصلاة؟ فقال:
صليت معه الجمعة في المقصورة. فلما سلَمت قمتُ في مقامي،
فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تَغدْ لما صنعت! إذا صليت
الجمعة فلا تَصِلْها بصلاة؛ حتى تَكَلَّمَ اوتخرجَ؛ فإن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر
بذلك أن لا تُوصَلَ صلاة بصلاة؛ حتى يتكلم أو يخرج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني
عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أبي
الخوار، فمن رجال مسلم فقط؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/95 و 99) : ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أنا ابن
جريج.
وأخرجه البيهقي (2/191) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به.(4/292)
وأخرجه مسلم (3/17) ، والبيهقي أيضا (2/190- 191 و 3/240) من طرق
أخرى عن ابن جريج ... به.
وللحديث شاهد بإسناد صحيح، خرجته في "الصحيحة" (2549) .
1035 (*) - عن عطاء عن ابن عمر قال:
كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة؛ تقدَّم فصلى ركعتين، ثم تقددم
فصفى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى
ركعتين، ولم يصلِّ في المسجد. فقيل له؟ فقال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمة المَرْوَزِيُ: أخبرنا الفضل بن
موسى عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رصاله ثقات رجال "الصحيح " ولم يخرجاه؛ وإنما
أخرجا منه من طريق أخرى عن ابن عمر: الجملة الأخيرة فقط، كما تقدم بيانه
قبل حديث.
والحديث أخرجه البيهقي (3/240) من طريق أخرى عن الفضل بن
موسى ... به.
ورواه الترمذي (1/402- شاكر) من طريق ابن جريج عن عطاء قال:
رأيت ابن عمر صلى بعد الجمعة ركعتين، ثم صلى بعد ذلك أربعاً.
__________
(*) الأرقام (1035- 1044) ستأتي مكررة من (ص 303- 311) ؛ فاقتضى التنبيه. (الناشر) .(4/293)
وإسناده صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه. وترجَّحَ الأولُ
بتصريح المؤلف بسماعه منه في الحديث، كطا يأتي برقم (1038) .
1036- عن سهيل (هو ابن أبي صالح) عن أبيه عن أبي هريرة قال:
فال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من كان منكم مصلياً بعد الجمعة؛ فليصلِّ أربعاً ".
وفي رواية:
" إذا صليتم الجمعة؛ فصلوا بعدها أربعاً ".
قال: فقال لي أبي: يابنيَّ! فإن صليت في المسجد ركعتين، ثم أتيت
المنزل أو البيت؛ فصل ركعتين ".
(قلت: صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حسن صحيح "؛
وليس عنده: فقال لي ... ) .
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير. (ح) وحدثنا محمد بن الصباح
البَزَّاز: ثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/16- 17) ، والنسائي (1/10) ، والترمذي
(2/399- 400) ، والدارمي (1/370) ، وابن ماجه (1/347) ، وابن حبان
(580) ، والبيهِقي (3/239) ، والطيالسي (1/145 و 702) ، وأحمد (2/249
و442 و 499) من طرق عن سهيل ... به، بعضهم بالرواية الأولى، وبعضهم
بالأخرى، ومسلم بهما معا. وعنده من طريق ابن إدريس: قال سهيل:(4/294)
فإن عجل بك شيء؛ فصلِّ ركعتين في السجد، وركعتين إذا رجعت.
وهذه الزيادة عند ابن حبان مدرجة في الحديث! وعند أحمد: قال ابن
إدريس:
ولا أدري هذا من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟! وعند البيهقي عن ابن
إدريس قال: سمعت سهيلاً؛ وزاد في الحديث ... فذكرها وقال:
" قال أحمد بن سلمة: الكلام الآخر في الحديث من قول سهيل ".
قلت: ورواية المصنف الثانية صريحة في أن هذه الزيادة ليست من الحديث؛
وإنما هي من قول أبي صالح لابنه سهيل، وهي أوضح الروايات وأبينها.
وقد أخرجها البيهقي من طريق المصنف.
وابن حبان في رواية له (2477- الإحسان) من طريق أخرى عن سهيل ...
نحوه.
1037- عن ابن عمر قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه "، والبخاري معناه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن
سالم عن ابن عمر.
قال أبو داود: " وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.(4/295)
والحديث أخرجه النسائي (1/210) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به.
وأخرجه مسلم (3/17) ، والترمذي (2/399) ، والدارمي (1/369) ، وابن
ماجه (1/347) ، والبيهقي (3/239) من صلريق عمرو بن دينار عن الزهري ...
به
ورواية عبد الله بن دينار التي علقها المصنف؛ لم أجد من وصلها!
وفد رواه نافع أيضا عن ابن عمر، وقد مضى برقم (1032) .
1038- عن عطاء:
أنه رأى ابن عمريصلي بعد الجمعة، فَيَنْمازُ عن مُصَلاه الذي صلى
فيه الجمعة قليلاً غير كثير، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنْفَسَ من
ذلك، فيركع أربع ركعات.
قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟
قال: مراراً.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا ابراهيم بن الحسن: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج:
أخبرني عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن
الحسن- وهو أبو إسحاق المِصيِصيّ المِقْسَمِيّ-، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (3/241) من طريق جعفر بن عون: أبَنا ابن
جريج ... به.(4/296)
ورواه الترمذي من طريق سقيان عن ابن جريج ... به مختصراً، كما تقدم
تحت الحديث (1035) .
245- باب صلاة العيدين
1039- عن أنس قال:
قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما؛ فقال:
" ما هذان اليومان؟ ".
قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يومَ الأضحى وبومَ الفطر".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن أنس.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه.
والحديث أخرجه الحاكم (1/294) من طريق أخرى عن موسى بن
إسماعيل ... به.
وتابعه عفان: ثنا حماد: أنا حميد: سمعت أنس بن مالك ... به.
أخرجه أحمد (3/250) : ثنا عفان. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.(4/297)
وأخرجه النسائي (1/231) ، والطحاوي في "مشكل الأثار" (2/211) ،
والبيهقي (3/277) ، وأحمد (03/13 و 178 و 235) من طرق أخرى عن
حميد ... به.
246- باب وقت الخروج إلى العيد
1040- عن يزيد بن خمَيْرٍ الرَحْبِيِّ قال:
خرج عبد الله بن بسْرٍ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الناس في يوم عيد
فطر أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الامام، فقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتَنا هذه،
وذلك حين التسبيح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو المغيرة: ثنا صفوان: ثنا يزيد بن
خُمَيْرٍ الرحْبِيُ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (1/295) من طريق القَطِيعِي: ثنا عبد الله بن
أحمد: ثني أبي ... به.
فينبغي أن يكون في "المسند"، ولكني لم أره فيه!
وأخرجه البيهقي (3/282) من طريق الحاكم، وقال هذا:
" صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!(4/298)
وإنما هو على شرط مسلم كما ذكرنا؛ فإن الرَّحْبي إنما روى له البخاري في
"الأدب المفرد ".
وكذلك صفوان- وهو ابن عَمْرِو السكْسَكِيُّ-.
وأخرجه ابن ماجه (1/395) من طريق أخرى عنه.
247- باب خروج النساء في العيد
1041- عن أم عطيَّة قالت:
آمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نُخْرِجَ ذواتِ الخمدور يوم العيد. قيل:
فالحًيَّض؟ قال:
" ليشهدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين ". قال: فقالت امرأة:
يا رسول الله! إن لم يكن لإحداهن ثوب؛ كيف تصنع؟! قال:
" تُلْبِسُها صاحبتهاطائفةً من ثوبها "
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب ويونس وحبيب
ويحيى بن عَتِيق وهشام- في آخرين عن محمد أن أم عطية قالت ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
وأيوب: هو السخْتِياني.
ويونس: هو ابن عُبَيْدٍ.(4/299)
وحبيب: هو ابن الشهيد.
وهشام: هو ابن عروة.
ومحمد: هو ابن سيرين.
وحماد؛ إنما قلت: إنه ابن سلمة؛ لأنه هو المشهور بروايته عن حبيب بن
الشهيد، وبرواية موسى بن إسماعيل عنه، حتى إنهم لم يذكروا في شيوخه غير
ابن سلمة، وإن كنت أثبتّ- فيما تقدم برقم (490 و 657) - أنه قد روى عن
حماد بن زيد أيضا.
وشيء آخر حملني على القول بذلك، هو أنهم لم يذكروا في شيوخ ابن زيد
حبيباً هذا، وإنما في شيوخ ابن سلمة.
ومع هذا؛ فيحتمل أن يكون حماد هنا هو ابن زيد، أو على الأقل يكون قد
تابع ابن سلمة؛ لأنه قد رواه عن أيوب أيضا كما يأتي.
لكن يؤيد ما رجحت أولاً قول الإمام أحمد (6/408) : ثنا عفان قال: ثنا
حماد بن سلمة قال: أنا هشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أم عطية ...
بحديث آخر.
1042- وفي رواية عنها ... بهذا الخبر؛ قال:
" ويعتزل الحُيَّضُ مصلَّى المسلمين ... "، ولم يذكر الثوب.
قال: وحدث عن حفصة عن امرأة تحدِّثه عن امرأة أخرى قالت: قيل:
يا رسول الله ... فذكر معنى الحديث الأول في الثوب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .(4/300)
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيد: ثنا حماد: ثنا أيوب عن محمد عن أم
عطية
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن
حِسَاب-، فهو على شرط مسلم ت وقد أخرجه من طريق غيره كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/19) ، ومسلم (3/20) ، والبيهقي (3/305-
306) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به؛ دون قوله: وحدث عن
حفصة ... إلا البخاري فإنه قال: وعن أيوب عن حفصة ... بنحوه؛ وزاد في
حديث حفصة: قال- أو قالت-: العواتق وذوات الخدور ... " ويعتزلن الحيَضُ
المصلى".
وأخرجه النسائي (1/231) ، وابن ماجه (1/393) عن سفيان عن أيوب عن
محمد ... به.
وأخرجه الترمذي (2/419) من طريق منصور بن زاذان عن ابن سيرين ...
به؛ وذكر الثوب، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
1043- ومن طريق أخرى عنها قالت: كنَّا نؤمر ... بهذا الخبر؛ قالت:
" والحيَّضُ يَكنَّ خلف الناس، فيكبِّرْنَ مع الناس ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: ثنا النفَيْلي: ثنا زهير: ثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن
أم عطية.(4/301)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/18) ، ومسلم (3/20) من طريقين آخرين عن
حفصة بنت سيرين ... به؛ ولفظه عند مسلم:
كنا نؤمر بالخروج فما العيدين والمُخَبآةُ والبكر. قالت: الحيض يَخْرجْنَ فَيَكُن
خلف ...
وأخرجه النسائي (1/231) ، والترمذي (2/420) ، وابن ماجه (1/392) ،
وللدارمي (1/377) ، وابن الجارود (257) من طرق أخرى عن حفصة ... دون
تكبير النساء؛ وفيه ذكر الثوب والجلباب.
وهو رواية لمسلم.
248- باب الخطبة في يوم العيد
1044- عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري قال:
آخْرَجَ مروانُ المنبرَ في يوم عيد، فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل
فقال: يا مروان! خالفتَ السنَّةَ؛ أخرجت المنبر في يوم عيد؛ ولم يكن
يُخْرَجُ فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة! فقال أبو سعيد: من هذا؟ قالوا:
فلان بن فلان. فقال:
أمَّا هذا؛ فقد قضى ما عليه؛ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" من رأى منكراً فاستطاع أن يغيِّره بيده؛ فليغيِّره بيده؛ فإن لم يستطع
فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،(4/302)
وكذا ابن حبان (306))
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن إسماعيل
ابن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. وعن قيس بن مسلم عن طارق بن
شهاب عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إسماعيل بن
رجاء، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (1/55) ، وابن ماجه (1/386) ، والبيهقي
(3/296) ... بإسناد المصنف.
ومسلم أيضا، والنسائي (2/271) ، وأحمد (3/20 و 49 و 53) من طرق عن
قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ... به؛ وليس عند النسائي منه إلا الرفوع
فقظ.
1035 (*) - عن جابر بن عبد الله قال:
إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام يوم الفطر، فصلى فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم
خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل، فأتى النساء فذكَّرهن وهو
يتوكَّأ على يد بلال، وبلال باسطٌ ثوبَهُ، تلقي فيه النساءُ الصَّدقَة. قال:
تلقي المرأة فَتَخَها (وفي رواية: فَتَخَتَها) ، ويلْقِينَ ويُلْقِينَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما")
__________
(*) الأرقام الآتية: (1035- 1044) مكررة فيما سبق قبلها من (ص 293- 302) ،
وكان الشيخ رحمه الله قد صححها؛ لكنه ظل يعزو في كتبه إلى ترقيمه القديم؛ فاقتضى التنبيه.(4/303)
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن
جريج: أخبرني عطاء عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "المسند" (3/296) كما رواه المصنف عنه.
وأخرجه مسلم (3/18) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به؛ وزاد في
أخره:
قلت لعطاء: أحقّاً على الإمام الأن أن يأتي النساء حين يفرغ؛ فيذكرهن؟
قال: إي لعمري؛ إن ذلك لحق عليهم؛ وما لهم لا يفعلون ذلك؟!
وأخرجه البخاري (2/17) . من طريق أخرى عن ابن جريج.
و (2/19) من طريق عبد الرزاق.
1036- عن عطاء قال: أشهد على ابن عباس، وشهد ابن عباس على
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه خرج يوم فطر، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء ومعه بلال،
فأمرهن بالصدقة، فجعَلْن يُلْقِينَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وحدثنا ابن كثير: أخبرنا
شعبة عن أيوب عن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.(4/304)
والحديث أخرجه أحمد (1/286) : حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا
شعبة ... به.
وقد أخرجه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أيوب كما يأتي بعده.
وله عند البخاري (2/17 و 19 و 6/125 و 7/136) ، وكذا مسلم طرق أخرى
عن ابن عباس ... مطولا ومختصراً.
وكذا في "المسند" (1/280) ، والمصنف فيما يأتي (1040 و 1051) .
1037- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ قال:
فظنَّ أنه لم يُسْمع النساءَ، فمشى إليهن وبلال معه، فوعَظَهُنَّ وأمرهن
بالصدقة، فكانت المرَأة تلقي القُرْطَ والخاتم في ثوب بلال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وكذا
البخاري بنحوه) .
إسناده: حدثنا مسدد وأبو معمر عبد الله بن عمرو قالا: ثنا عبد الوارث عن
أيوب عن عطاء عن ابن عباس ... بمعناه قال.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (1/220) : حدثنا سفيان عن أيوب ... به.
ومن هذا الوجه: أخرجه سسلم (3/18) ، والدارمي (1/376) ، وابن ماجه
(1/385) ، والبيهقي (3/296) .
ثم قال الإمام أحمد (1/226) : حدثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب.(4/305)
وأخرجه مسلم من هذا الوجه، ومن وجه آخر يأتي بعده.
1038- وفي أخرى عنه ... في هذا الحديث؛ قال:
فجعلت المرأة تعطي القرط والخاتم، وجعل بلال يجعله في كسائه.
قال: فقسمه على فقراء المسلمين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عطاء عن
ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (3/18) عن أبي الربيع الزهراني: حدثنا حماد ...
به
وله في "المسند" (1/242) طريق أخرى عن عطاء ... به نحوه.
249- باب يخطب على قوس
1039- عن البراء (هو ابن عازب) :
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُووِلَ يوم العيد قوساً، فخطب عليه.
(قلت: حديث حسن) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة عن أبي
جَنابً عن يزيد بن البراء عن أبيه.(4/306)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي جناب- واسمه يحيى بن أبي حية-،
وهو ضعيف لكثرة تدليسه، ولكنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛ فالحديث حسن.
والحديث أخرجه البيهقي (3/300) من طريق زائدة عن أبي جناب الكلبي:
ثنا يزيد بن البراء بن عازب ... به أتم منه؛ ولفظه:
كنا جلوساً في المصلى يوم أضحى، فأتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلم على الناس،
ثم قال:
" إن أول مَنْسَكِ يومِكُم هذا الصلاةُ ". قال: فتقدَّم فصلى ركعتين، ثم سلم،
ثم استقبل الناس بوجهه، وأُعطي قوساً أو عصاً، فاتكأ عليه، فحمِدَ الله وأثنى
عليه.
وهذا إسناد حسن.
وللحديث شاهد من طريق ابن جريج قال: قلت لعطاء:
أكادْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم على عصاً إذا خطب؟ قال: نعم، كان يعتمد عليها
اعتمادا.
أخرجه الشافعي (1 / 162/466) ، وهو مرسل لا بأس به في الشواهد.
وله شاهد آخر مضى برقم (1006) .
250- بابُ تَرْكِ الأذان في العيد
1040- عن عبد الرحمن بن عابس قال: سأل رجلٌ ابنَ عباس:
أشهد العيد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته؛ من الصغر:(4/307)
فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَلَم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلى ثم
خطب، ولم يذكر أذاناً ولا إفامة. قال: ثم أمر بالصدقة. قال: فجعل
النساء يشِرْنَ إلى أذانهن وحُلوقهن. قال: فأمر بلالاً فأتاهن، ثم رجع إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في
"صحيحه ") .
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (3/307) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (9/84) ... بإسناده.
وأخرجه هو (2/19) ، والنسائي (1/235) من طريق يحيى عن سفيان ... به.
وأخرجه أحمد (1/232 و 345- 346) عن سفيان ... به.
وتابعه الحجاج عن عبد الرحمن بن عابس ... به نحوه.
أخرجه أحمد (1/354) .
1041- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العيد بلا أذان ولا إقامة، وأبا بكر وعمر- أو
عثمان؛ شك يحيى-.
(قلت: حديث صحيح، رجاله رجال البخاري) .(4/308)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن
طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، ولولا أن ابن جريج مدلس
لقلت: إنه صحيح على شرط البخاري، ولكخه قد صرح بالتحديث في رواية غير
المصنف كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (1/227) : حدثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني
الحسن بن مسلم ... به؛ إلا أنه لم يذكر أبا بكر ومن بعده.
وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/386) من طريق أخرى عن يحيى بن
سعيد ... به؛ لكنه عنعنه.
وأخرجه أحمد (1/242 و 243 و 285 و 346) من طرق أخرى عن ابن
جريج ... به؛ وفي بعضها الزيادة بدون شك.
1042- عن جابر بن سَمُرة قال:
صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غيرَ مرةٍ ولا مرتين- العيدين بغير أذان ولا
إقامة.
(قلت: إسناده حسن، صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهَنَّاد-[وهذا] لفظه- قالا: ثنا أبو
الأحوص عن سِمَاك- يعني: ابن حرب- عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي، وإنما
لم أصححه لما سبق بيانه برقم (1003) .(4/309)
والحديث أخرجه مسلم (3/19- 20) ، والترمذي (2/412) ، والبيهقي
(3/284) ، والطيالسي (1/146/708) ، وأحمد (5/91 و 94 و 95 و 107) من
طرق عن سماك بن حرب ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه عبد الله بن أحمد فا "زوائد المسند" (5/98) من طريق أسباط
عنه ... به؛ وزاد: وزعم سماك:
أنه صلى خلف النعمان بن بشير والمغيرة بن شعبة بغير أذان ولا إقامة.
وأسباط- وهو ابن نصر الهَمْداني- فيه ضعف من قبل حفظه.
وللحديث شاهد، يرويه عطاء عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله الأنصاري
قالا:
لم يكن يؤذن يوم الفظر. ولا يوم الأضحى.
ثم سألته بعد حين عن ذلك؟ فأخبرني، قال: أخبرني جابر بن عبد الله
الأنصاري:
أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام، ولا بعد ما يخرج، ولا إقامة
ولا نداء ولا شيء، ولا نداء يومئذٍ ولا إقامة.
أخرجه مسلم (3/19) ، والبخاري (2/16- 17) - دون قوله: ثم سألته ... -،
والنسائي (1/232) ، والدارمي (1/375) ، وابن الجارود (259) ، وأحمد
(3/310 و 314 و 318 و 381 و 382) من طريق عظاء عن جابر وحده.(4/310)
251- باب التكبير في العيدين
1043- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكبِّر في الفطر والأضحى: في الأولى سبع
تكبيرات، وفي الثانية خمساً.
(قلت: حديث صحيح (*)
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا ابن لهيعة عن عُقَيْلٍ عن ابن شهاب عن عروة عن
عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة، وهو ضعيف
لسوء حفظه بعد احتراق كتبه، لكن قد حدّث به عنه ابن وهب، وهو قديم السماع
منه كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه أبو بكر الفريابي في "كتاب أحكام العيدين " (رقم 105-
نسختي) ... بسند المصنف هذا.
وأخرجه الحاكم (1/298) ، والدارقطني (ص 180) ، والبيهقي (3/286) ،
وأحمد (6/65) من طرق أخرى عن ابن لهيعة ... به.
ولابن لهيعة شيخ آخر في هذا الإسناد، وهو الآتي:
1044- وفي رواية عنها ... بإسناده ومعناه، قال:
سوى تكبيرتي الركوع.
(قلت: (*)
__________
(*) كذا في أصل الشيخ؛ لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .(4/311)
إسناده: حدثا ابن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن خالد
ابن يزيد عن ابن شهاب ... بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة،
وهو- مع سوء حفظه كما تقدم آنفاً-؛ فإنه صحيح الحديث من رواية العبادلة عنه،
ومنهم عبد الله بن وهب، كما ذكر ذلك غير واحد من الأئمة، ومنهم محمد بن
يحيى الذهْلي كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/387) : حدثنا حرملة بن يحيى: ثنا عبد الله
ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد وعُقَيْل عن ابن شهاب ... به.
وكذلك أخرجه الطحاوي (2/399) ، لكن وقع عنده: عن خالد بن يزيد عن
عُقَيْلِ بن خالد!
وأخرجه الطحاوي (2/399) ، والبيهقي (3/287) من طريق آخر عن ابن
وهب ... به؛ دون ذكر عقيل، وقال:
" قال محمد بن يحيى: هذا هو المحفوظ؛ لأن ابن وهب قديم السماع من ابن
لهيعة".
قلت: يعني- والله أعلم- أن الصواب في شيخ ابن لهيعة أنه خالد بن يزيد
وليس عقيلاً؛ لما ذكر من أن ابن وهب قديم السماع- يعني: صحيحه- من ابن
وهب؛ فروايته عنه صحيحة؛ خلافاً لرواية غيره عنه.
لكن قد جمع حرملة بن يحيى- وهو ثقة- في روايته عن ابن وهب بين خالد
ابن يزيد وعقيل، كما رأيت في رواية ابن ماجه.
فالأرجح أن لابن لهيعة فيه شيخين اثنين، كان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن
هذا، فحدث كل عنه بما سمع منه. والله أعلم.(4/312)
وقد تابعه يحيى بن إسحاق قال: أنا الن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ابن
شهاب ... به.
أخرجه أحمد (6/70) .
وتابعه أيضا أسد بن موسى: عند الطحاوي.
وعنده لابن لهيعة إسناد آخر، يرويه عن أبي الأسود عن عروة عن أبي واقد
الليثي وعائشة.
فإن كان حفظه؛ وإلا فرواية ابن وهب هي الصحيحة لما تقدم.
وهذا أولى من إعلاله بالاضظراب، كما صنع الطحاوي، وتبعه الحافظ في
"التلخيص " (2/84- 85) !
على أن هذا أبدى احتمال كونه محفوظاً من جميع الوجوه عنه، فقال:
" فيحتمل أن يكون سمع من الثلاثة عن الزهري ".
1045- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التكبير في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الاخرة، والقراءة
بعدهما كلتيهما".
(قلت: إسناده حسن، وصححه البخاري من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو الأرجح،
وهو الأتي) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن
الطائفي يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.(4/313)
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير عمرو بن شعيب
وأبيه، وحديثهما حسن كما تقدم تحقيقه.
وعبد الله بن عبد الرحمن- وهو ابن يعلى الطائفي- مع أنه من رجال مسلم؛
ففيه ضعف من قبل حفظه. وفي "التقريب ":
" صدوق، يخطئ ويهم ". وقال ابن عدي:
" يروي عن عمرو بن شعيب أحاديث مستقيمة، وهو ممن يكتب حديثه ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/285) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو وغيره من طرق أخرى عن الطائفي ... به؛ إلا أنه جعل المتن
من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا من قوله.
وهو الأرجح عندي من حديث عبد الله بن عمرو كما يأتي؛ وإن كنت وجدت
للقول شاهداً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التكبير في العيدين سبعاً قبل القراءة. وخمساً بعد القراءة ".
لكنه ضعيف؛ لأنه من رواية ابن لهيعة: حدثنا الأعرج عنه. أخرجه أحمد
(2/356- 357) .
والمحفوظ عن ابن لهيعة في متنه: أنه من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا، ومن (مسند
عائشة) كما تقدم (1043) .
وقوله في الخمس: " بعد القراءة " خطأ! والصواب قبل القراءة، كما في هذا
الحديث وغيره مما يأتي ذكره بعد.(4/314)
1046- وفي رواية عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكبِّر في الفطر: في الأولى سبعاً، ثم يقرأ، ثم
يكبر، ثم يقوم، فيكبر أربعاً، ثم يقرأ، ثم يركع.
(قلت: إسناده حسن، لكن قوله: أربعاً ... خطأ، كما قال البيهقي،
والصواب: خمساً. والمتن من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في هذه الرواية، وصححها
البخاري) .
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا سليمان- يعني: ابن حيان- عن
أبي يعلى الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال أبو داود: " رواه وكيع وابن المبارك قالا: سبعاً وخمساً ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب؛
وفيه وفي أبيه والطائفي كلام يسير؛ كما بينته في الذي قبله.
لكن قوله هنا: أربعاً.. خطأ، يبدو أنه من سليمان بن حيان- وهو أبو خالد
الأحمر-، فإنه مع كونه من رجال الشيخين؛ فإنه كان يخطئ، كما في
" التقريب ".
ومع ذلك؛ فقد خالف وكيعاً وابن البارك في قوله: أربعاً ... فقالا: خمساً
كما علقه المصنف عنهما، مشيراً بذلك إلى أن قولهما هو الصواب، وقول ابن حيان
خطأً، وذلك ما صرح به البيهقي، فقال: عقب رواية المعتمر السابقة-:
" وكذلك رواه ابن المبارك ووكيع وأبو عاصم وعثمان بن عمر وأبو نعيم عن
عبد الله. وفي كل ذلك دلالة على خطأً رواية سليمان بن حيان عن عبد الله
الطائفي في هذا الحديث: سبعاً في الأولى، وأربعاً في الثانية"(4/315)
ورواية وكيع؛ وصلها أحمد (2/180) : ثنا وكيع: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن
سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ... به مختصراً؛ بلفظ: سبعاً في
الأولى، وخمساً في الآخرة. وزاد:
ولم يصل قبلها ولا بعدها ... وقال أحمد:
" وأنا أذهب بلى هذا ".
ورواية ابن المبارك؛ لم أقف عليها الأن!
وقد تابعه الوليد بن مسلم- عند الفريابي (135) - وأبو أحمد الزبيري- عند
الطحاوي (2/398) -؛ وزاد:
سوى تكبيرتي الصلاة.
وأبو نعيم: عند ابن الجارود (262) .
وللحديث شاهد من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن
جده ... مرفوعاً به مثل رواية الجماعة عن الطائفي عن عمرو بن شعيب.
أخرجه الترمذي (2/416) ، والبيهقي وقال:
" قال أبو عيسى: سألت محمداً- يعني: البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال:
ليس في هذا الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول. قال: وحديث عبد الله بن
عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب هو
صحيح أيضا "!
كذا قال! وحديث عمرو وكذا حديث ابن لهيعة أصح عندي من حديث
كثير؛ لأ نه- أعني: كثيراً- متروك عند الجمهور؛ فراجع ترجمته في "الميزان "
وغيره-(4/316)
1046/م- عن أبي عائشة جليس لأبي هريرة:
ان سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان:
كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى:
كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنائز.
فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى:
كذلك كنت أكبّر في البصرة حيث كنت عليهم. فقال أبو عائشة: وأنا
حاضر سعيد بن العاص.
(قلت: إسناده ضعيف. أبو عائشة هذا غير معروف، وقال الخطابي:
" حديث ضعيف "، وكذلك ضعفه البيهقي، ورجح وقفه على ابن مسعود،
وهو الصواب) (1) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وابن أبي زياد- المعنى قريب- قالا: ثنا زيد
ابن حباب عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: أخبرني أبو
عائشة جليس لأبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف رحاله ثقات؛ غير أبي عائشة. قال الذهبي:
" غير معروف ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" مقبول ". يعني: عند المتابعة لا التفرد- كما هنا-.
والحديث أخرجه البيهقي (3/289- 290) من طريق المصنف وقال:
__________
(1) ثم وجدت له طريقأ أخرى؛ فانطر "الصحيحة " حديث (2997) .(4/317)
" خولف راويه في موضعين: في رفعه، وفي جواب أبي موسى. والمشهور أنهم
أسندوه إلى ابن مسعود، فأفتاهم بذلك، ولم يسنده إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي عن عبد الله بن موسى- أو ابن أبي موسى-:
أن سعيد بن العاص أرسل إلى ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى، قسألهم عن
التكبير في العيد، فأسندوا أمرهم إلى ابن مسعود، فقال: تكبر أربعاً ...
الحديث.
قلت: وكذلك أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
رقم (88) من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة:
أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً
فقال:
إن هذا العيد قد دنا، فكيف التكبير فيه؟ فذكر نحوه.
وهذا إسناد حسن كما ذكرت في التعليق عليه، لكن وقع هناك التكبير ثلاثاً
في الركعة الأولى، واثنتين في الأخرى، فلا أدري أهو نقص من الأصل، أم سقط
من الطابع؛ فليراجع.
ورواه البيهقي من طريق أخرى عن حماد ... به؛ عن ابن مسعود قال:
التكبير في العيدين: خمس في الأولى، وأربع في الثانية. وقال:
" وهذا رأي من جهة عبد الله رضي الله عنه، والحديث المسند- مع ما عليه
من عمل المسلمين- أولى أن يتبع ".
وبالله التوفيق.(4/318)
252- باب ما يقرأ في الأضحى والفطر
1047- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن
الخطاب سأل أبا واقد:
ماذا كان يقرأ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأضحى والفطر؟ قال:
كان يقرأ فيهما ب: (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة وانشق
القمر) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ضَمْرَةَ بن سعيد المازني عن عبيد الله
ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
قلت: والحديث في "الموطأ" (1/191) .
وعنه: أخرجه مسلم (3/21) ، والترمذي (2/415) ، والبيهقي (3/294) ،
وأحمد (5/217- 218) عن مالك ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد ... به.
أخرجه النسائي (1/232) ، والترمذي، وابن ماجه (1/388) .
وقد أعله ابن القيم في "تهذيب السنن لا (2/32) بأنه غير متصل في ظاهره؛
لأن عبيد الله لا سماع له من عمر! وهو مسبوق إلى هذا، فقال البيهقي عقبه:(4/319)
" قال الشافعي في رواية حرملة: هذا ثابت؛ إن كان عبيد الله لقي أبا واقد
الليثي ". قال البيهقي:
" وهذا لأن عبيد الله لم يدرك أيام عمر ومساممته، وبهذه العلة ترك البخاري
إخراج هذا الحديث في "الصحيح ". وأخرجه مسلم؛ لأن فليح بن سليمان رواه عن
ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال: ساكلني عمر رضي الله عنه، فصار الحديث
بذلك موصولاً ".
ثم أخرجه هو، ومسلم، وأحمد (5/219) عن فليح ... به.
253- باب الجلوس للخطبة
1048- عن عبد الله بن السائب قال:
شهدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العيد. فلما قضى الصلاة قال:
" إنا نخطب؛ فمن أحب أن يجلس للخطبة؛ فليجلس، ومن أحب أن
يذهب؛ فليذهب ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ كما قال الحاكم، يوافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن الصباح البَراز: ثنا الفضل بن موسى السينَانِي: ثنا
ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب.
قال أبو داود: " هذا مرسل "!
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ وإنما أعله المصنف بالإرسال؛ لأن غير
الفضل رواه عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً ... به؛ لم يذكر في سنده: ابن الساثب.(4/320)
لكن الفضل أوثق منه، وقد وصله، وهي زيادة منه، فهي مقبولة، وقد
شرحت هذا في "إرواء الغليل " (629) .
والحديث أخرجه النسائي (1/233) ، وابن ماجه (1/389) ، والفريابي (رقم
10) ، وابن الجارود (264) ، والدارقطني (ص 182) ، والحاكم (1/295) ،
والبيهقي (3/301) ، وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
254- باب الخروح إلى العيد في طريق ويرجع في طريق
1049- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع في طريق أخر.
(قلت: حديث صحيح. وأخرج البخاري معناه عن جابر) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا عبد الله- يعني: ابن عمر- عن نافع
عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر
- وهو العمري المكبر-، وهو ضعيف.
ووقع في بعض نسخ الكتاب: عبيد الله بن عمر! مصغراً! وهو خطأ.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد صحيحة، خرجتها في "الإرواء"
(637) .
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/391) ، والحاكم (1/296) ، والبيهقي
(3/309) ، وأحمد (2/199) من طرق عن عبد الله بن عمر ... به.(4/321)
(تنبيه) : كذا وقع في المصادر المذكورة: (عبد الله) مكبراً؛ إلا ابن ماجه؛ فإنه
فيه (عبيد الله) مصغراً! وذلك في النسخة التازية، ونسخة عبد الباقي، ونسخة
الأعظمي!
والظاهر أنه خطأً من بعض النساخ؛ فإن الحافظ المزي لم يذكر في شيوخ
الراوي للحديث عند ابن ماجه عن عبد الله بن عمر- وهو أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة-
غير (عبد الله) المكبر. والله أعلم.
255- باب إذا لم يخرح الامام للعيد من يومه؛ يخرج من الغد
1050- عن أبي عُمَيْرِ بن أنس عن عمومة له من أصحاب النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أن ركْباً جاؤوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس،
فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلآهم.
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال البيهقي والعسقلاني، وقال الدارقطني:
" إسناد حسن ثابت "، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم) .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن جعفر بن أبي وحشية عن أبي
عمير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي عمير
ابن أنس، وهو ثقة كما قال الحافظ في "التقريب ". وقد وصفه بعضهم بالجهالة!
وأجبت عنه في "الإرواء" (634) بما يغني عن الإعادة، وذكرت هناك تصحيح
الأئمة المذكودين أعلاه ومصدره.(4/322)
والحديث أخرجه النسائي (1/231) ، وأحمد (9/57) ، وابن خزيمة
(1436) ، وابن حبان (2807) ، من طريق أخرى عن شعبة ... به.
وتابعه هشيم: نا أبو بشر ... به.
أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/507) ، والطحاوي (1/226) ، وابن الجارود
(266) ، والدارقطني (ص 233) ، والبيهقي (6/313) .
وحسنه الدارقطني، وصححه البيهقي والعسقلاني وغيرهم؛ كما ذكرناه آنفاً.
256- باب الصلاة بعد صلاة العيد
1051- عن ابن عباس قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فطر، فصلى ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا
بعدهما، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تُلْقِي
خُرْصَها وسِخَابها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن
خزيمة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: حدثني عَدِيُ بن ثابت عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا حفص بن عمر- وهو ابن
الحارث أبو عمر الحَوْضِي-، فمن رجال البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/21 و 7/136) ، ومسلم (3/21) ، والنسائي
(1/235) ، والدارمي (1/376) ، وابن ماجه (1/389- 390) ، والبيهقي(4/323)
(3/302) ، والطيالسي (1/ 147/709) ، وعنه الترمذي (2/417) ، وكذا ابن
الجارود (261) ، وأحمد (1/280) من طرق عن شعبة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
257- باب يصلي بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف " [
258- جمَّاغ أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها
1052- عن عَبَّادِ بن تَمِيمٍ عن عمه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج بالناس يستسقي؛ فصلى بهم ركعتين، جهر
بالقراءة فيهما وحول رداءه، ورفع يديه؛ فدعا واستسقى واستقبل القبلة.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيُ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا
معمر عن الزهرفي عن عَبَّاد بن تميم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن
محمد بن ثابت المروزي، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (2/442) ، وابن الجارود (225) ، والدارقطني
(189) ، والبيهقي (3/347) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به.
وله طرق أخرى عن الزهري.... نحوه، ذكر بعضها المؤلف، وخرج بعضها
الشيخان كما يأتي.(4/324)
1053- وفي رواية ثانية عنه: أنه سمع عمه- وكان من أصحاب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً يستسقى، فحوًل إلى الناس ظهره؛ يدعو
الله عز وجل، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه، ثم صلى ركعتين، وقرأ
فيهما؛ يريد: الجهر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما"؛ إلا أن مسلماً لم يذكر القراءة والجهر) .
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب قال:
أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عباد بن تميم المازني.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (4/39) : ثنا عبد الرزاق ... به.
وأخرجه مسلم (3/23- 24) ، والنسائي (1/226) ، والبيهقي (3/348-
349) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ ولم يذكر مسلم في سنده: ابن أبي
ذئب، ولا في متنه: القراءة.
وأخرجه البخاري (2/28) ، والنسائي أيضا، والطيالسى (1/149/720) ،
وأحمد (4/39 و 41) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب وحده ... به.
وتابعه شعيب عن الزهري ... به؛ إلا أنه لم يذكر الجهر؛ وزاد:
فأُسْقوا.
أخرجه البخاري (2/28) ، والدارمي (1/361) ، وأحمد (4/40) ، والبيهقي
(3/349- 350) .(4/325)
1054- وفي أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ لم يذكر الصلاة [قال] :
وحَول رداءه، فجعل عِطَافَهُ الأيمنَ على عاتقه الأيسر، وجعل عِطَافَهُ
الأيسرَ على عاتقه الأيمن، ثم دعا الله عز وجل.
(قلت: (*)
إسناده: حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث
- يعني: الحمصي- عن عبد الله بن سالم عن الزبَيْدِي عن محمد بن مسلم ...
بهذا الحديث بإسناده؛ لم يذكر الصلاة [قال] ...
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عمرو بن الحارث الحمصي؛ قال للذهبي:
" غير معروف العدالة ". وقال الحافظ:
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة.
قلت: ولم يتفرد بهذه الزيادة؛ فحديثه صحيح يشهد له الحديث الأتي بعده.
والحديث أخرجه البيهقي (3/350) من طريق المصنف.
1055- وفي رواية رابعة عنه قال:
استسقى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه حمِيصةٌ سوداءُ، فأراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها؛ فلما ثقلت قَلَبَها على عاتقه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان (2856))
__________
(*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله-؛ لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .(4/326)
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن عَبَّاد
ابن تميم أن عبد الله بن زيد قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
والحديث أخرجه النسا في، والحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/351) ، وأحمد
(4/41 و 42) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
وتابعه عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم ... به نحوه.
رواه الطبراني في "الأوسط " (1/10/1) من طريق ابن لهيعة عنه.
1056- وفي أخرى عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو؛
استقبل القبلة، ثم حَوَّل رداءه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن بلال- عن
يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عَيَاد بن تميم أن عبد الله بن زيد أخبره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/23) ، والبيهقي (3/359) من طريق يحيى بن
يحيى: أخبرنا سليمان بن بلال ... به.(4/327)
وأخرجه البخاري (2/28) ، والنسأئي، والدارمي (1/360) ، وابن ماجه
(1/383) ، والدارقطني (189) ، وأحمد (4/40) من طرق أخرى عن يحيى بن
سعيد ... به!
وأخرجه الدارقطني أيضا من طريق جرير عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن
عبد الله بن أبي بكرعن عباد بن تميم ... به.
كذا قال: عبد الله بن أبي بكر.
وقد تابعه عليه سفيان عن عبد الله بن أبي بكر.
أخرجه البخاري وابن ماجه، وأحمد (4/40) ؛ إلا أنه قال: عن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم سمع عباد بن تميم ... به.
فالظاهر أن كلاً من أبي بكر بن محمد وابنه عبد الله بن أبي بكر سمعه من
عباد، وأن يحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة كان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن
هذا.
وتابعهما عن عبد الله محمد بن إسحاق فقال: حدثني عبد الله بن أبي
بكر ... به؛ ولفظه قال:
قد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين استسقى لنا- أطال الدعاء وأكثر
المسألة. قال: ثم تحول إلى القبلة؛ وحول رداءه؛ فقلبه ظهراً لبطن، وتحول الناس
معه (1) .
أخرجه أحمد (4/41) ، وإسناده حسن. وتا بعهما مالك أيضا؛ وهو [الأتي
بعد حديث] :
__________
(1) قوله: "وتحول الناس معه "؛ شاذ. انظر "الضعيفة " (5629) .(4/328)
1057 (*) - عن إسحاق بن عبد الله بن كِنَانة قال:
أرسلني الوليد بن عتْبة (وفي رواية: ابن عقبة: قال المصنف:
والصواب الأول) - وكان أمير المدينة- إلى ابن عباس أسأله عن صلاة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء؟ فقال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلا
متواضعاً متضرِّعاً؛ حتى أتى المصلى (زاد في الرواية المذكورة: فَرَقِي
المنبر. ثم اتفقا) ؛ ولم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء
والتضرع والتكبير، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد.
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "،
وصححه ابن خزيمة (1405) ، وابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة- نحوه- قالا: ثنا حاتم بن
إسماعيل: ثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أخبرني أبي قال ...
قال أبو داود: " والإخبار للنفيلي. والصواب ابن عُتْبة ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير هشام بن إسحاق؛ قال أبو حاتم:
"شيخ ".
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وأخرج له في "صحيحه " كما يأتي، وروى
عنه جماعة من الثقات.
والحديث أخرجه النسائي (1/224) ، والترمذي (2/445) ، والطحاوي
__________
(*) تنبيه: هذا الحديث موقعه هنا في نسخة (الدعاس) ، وقد كان في أصل الشيخ بعد
الحديث (1068) ؛ تبعاً للطبعة التازية التي كان اعتمد عليها في مشروعه هذا. انظر المقدمة
(ج 1/ص 6) (للناشر) .(4/329)
(1/191- 192) من طرق أخرى عن حاتم بن إسماعيل ... به.
وأخرجه النسائي (1/226) ، والطحاوي، وابن الجارود (253) ، وابن حبان
(603) ، والدارقطني (189) ، والحاكم (1/326) ، والبيهقي (3/347) ، وأحمد
(1/230 و 269 و 355) من طرق أخرى عن هشام بن إسحاق ... به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم مصححاً:
" لا أعلم في روايته مجروحاً "، ووافقه الذهبي.
وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس ... به أتم منه.
لكن إسناده ضعيف جداً، وقد بينت ذلك في "إرواء الغليل " تحت الحديث
(665) .
259- باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى؟
1058- وفي سادسة عنه (*) قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المصلى؛ فاستسقى، وحول رداءه حين
استقبل القبلة.
(قلت: (**)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر؛ أنه سمع عباد بن
تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني.
__________
(*) يعني: عبد الله بن زيد. وهذه الي واية كانث في أصل الثيخ قبل الحديث (1067) . (الناشر) .
(**) كذا في أصل الثيخ رحمه الله؛ لم يكمل ما أراد قوده. (الناشا.(4/330)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجه البخاري.
والحديث في "الموطأً" (1/197) .
وعنه: مسلم (3/23) ، والنسائي (1/224) ، والبيهقي (3/350) ، وأحمد
(4/41) عن مالك ... به.
260- باب رفع اليدين في الاستسقاء
1059- عن عًمَيْرٍ مولى بني أبي اللحم:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستسقي في عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء،
قائماً يدعو، يستسقي، رافعاً يديه قِبَلَ وجهه، لا يجاوز بهما رأسه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان والحاكم،
ووافقه الذهبي) .
إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة المُرَادي: أخبرنا ابن وهب عن حيوة وعمر بن
مالك عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عمير مولى بني أبي اللحم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه.
وعمر بن مالك هو الشَّرْعَبي.
وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي.
والحديث أخرجه أحمد (5/223) : ثنا هارون: ثنا ابن وهب ... به؛ إلا أنه
وقع فيه: حيوة عن عمر بن مالك.
ولعله الصواب، فإنهم ذكروا حيوة في الرواة عن عمر بن مالك؛ ولم يذكروا(4/331)
فيهم ابن وهب.
وفي رواية لأحمد بهذا السند عن حيوة عن ابن الهاد ... به.
وهكذا أخرجه ابن حبان (602 و 601) من طريق هارون بن معروف وغيره عن
ابن وهب عن حيوة ... به.
قلت: وحيوة- وهو ابن شرَيْحٍ المصري- قد سمع من ابن الهاد، فإذا ثبت أن
بينهما عمر بن مالك- كما وقع في سند أحمد الأول-؛ فيكون من المزيد فيما
اتصل من الأسانيد. والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى؛ فقال أحمد: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ليث بن سعد
عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن عبد الله عن عمير مولى
أبي اللحم ... به.
وبهذا الإسناد: أخرجه النسائي (1/224- 225) ، والترمذي (2/443) ؛ إلا
أنهما زادا في الإساد فقالا: عن عمير مولى أبي اللحم عن أبي اللحم. وقال الترمذي:
" كذا قال قتيبة: عن أبي اللحم. ولا تعرف له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا
الحديث الواحد، وعمير مولى أبي اللحم قد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وله
صحبة".
قلت: لم يقل قتيبة: عن أبي اللحم.
في رواية أحمد عنه.
وهو الصواب؛ لأنه قد تابعه يحيى بن بكير: ثنا الليث ... به.
أخرجه الحاكم (1/327) ، وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!(4/332)
وفيه نظر؛ لأن يزيد بن عبد الله: هو ابن الهاد، وبينه وبين عمير محمد بن
إبراهيم، كما في الطريق الأولى.
1060- عن جابر بن عبد الله قال:
رَآيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُواكي، فقال:
" اللهم! اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً، نافعاً غير ضارٍّ، عاجلاً غير آجل ".
قال: فأطبقت عليهم السماء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " على شرط
الشيخين "! ووافقه الذهبي! والرواية المعتمدة في الكتاب بلفظ: أتت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواكي) .
إسناده: حدثنا ابن أبي خلف: ثنا محمد بن عبيد: ثنا مسْعَرٌ عن يزيد الفقير
عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن
أبي خلف- واسمه محمد بن أحمد-، وهو ثقة من رجال مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/355) ، من طرق أخرى
عن محمد بن عبيد ... به. وقال: الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
(تنبيه) : قوله: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواكي؛ كذا وقع في بعض نسخ الكتاب.
وفي بعضها: أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواكي.
وهذه هي الرواية المعتمدة في "السنن ". وكذلك هو في نسخة البيهقي منها،
كما صرح به عقب إخراجه الحديث، وقال.(4/333)
" وكان الخطابي رحمه الله يستغربه: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواكي. ثم فسره
فقال: قوله: يواكي: معاه التحامل إذا رفعهما ومدَّهما في الدعاء ".
قلت: وتمام كلام الخطابي في "المعالم ":
" ومن هذا: التوكؤ على العصا، وهو التحامل عليها ". وحكاه المننذري في
" مختصره " (2/37) ، وقال:
" قال بعضهم: والصحيح ما ذكره الخطابي. هذا آخر كلامه. وللرواية المشهورة
وجه ".
قلت: وهما جمع باكية؛ أي: جاءت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفوسٌ باكيةٌ، أو نساء
باكيات.
1061- عن أنس:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لايرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في
الاستسقاء؛ فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه.
(قلت: (*)
إسناده: أخبرنا نصر بن علي: أخبرنا يزيد بن زرَبع: ثنا سعيد عن قتادة عن
أنس
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/359) ... بسند المصف.
وأخرجه البخاري (2/28) ، ومسلم (3/24) ، والنسائي (1/224) ، والدارمي
__________
(*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله-، لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .(4/334)
(1/361) ، والدارقطني (190) ، والبيهقي (3/357) ، وأحمد (3/181 و 282)
من طرق عن سعيد ... به؛ صرح قتادة في بعضها بالتحديث.
1062- ومن طريق أخرى عنه:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستسقي هكذا- يعني: ومدً يديه، وجعل بطونهما
مما يلي الأرض-، حتى رأيت بياض إبطيه.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه " مختصراً) .
إسناده: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراتي: ثنا عفان: ثنا حماد: أخبرنا
ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/357) من طريقين آخرين عن حماد ... به؛ زاد
في أحدهما:
وهو على المنبر.
وأخرجه هو، ومسلم (3/24) ، وأحمد (3/153) من طريق الحسن بن موسى
الأشيب: حدثنا حماد بن سلمة ... به مختصراً؛ بلفظ:
استسقى؛ فأشار بظهر كفَّيه إلى السماء.
وأخرجه أحمد (3/241) ... نحوه.
1063- عن محمد بن إبراهيم:
أخبرني من رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كَفَّيْه.(4/335)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. واسم صحابيه: عمير؛ كما
مضى برقم (1059)) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن عبد رَبِّهِ بن سعيد عن
محمد بن إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين، وجهالة
الصحابي لا تضر.
على أنه قد سماه بعضهم: عميراً أبي اللحم، كما تقدم برقم (1059) .
1064- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
شكى الناس إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ المطرِ! فأمر بمنبر، فوضعَ له
في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بدا حاجب الشمس؛ فقعد على المنبر، فكمبَر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحمد
الله عز وجل، ثم قال:
" إنكم شكوتم جَدْبَ دياركم، واستئخارَ المطرِ عن إبّانِ زمانه عنكم،
وقد أمر الله عز وجل أن تدعوه، يوعدكم أن يستجيب لكم "؛ ثم قال:
" {الحمد لله ربَ العالمين. الرحمن الرحيم. مَلِك يوم الدين) ، لا إله
إلا الله؛ يفعل ما يريد، اللهم! أنت الله لا إله إلا أنت الغَني ونحن
الفقراء، آنْزِلْ علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلت لنا قُوَّةً وبلاغاً إلى حين ". ثم
رفع يديه، فلم يزل في الرفع، حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس
ظهره، وقلب- أو حوَّل- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل؛
فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابةً، فرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، ثم أمطرت بإذن الله،(4/336)
فلم يأتِ مسجده حتى سالت السميول. فلما رأى سُرْعتهم إلى الكِنِّ
ضحك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، فقال:
" أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله ".
قال أبو داود: " وهذ احديث غريب، إسناده جيد ".
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على
شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي إ) .
إسناده: حدثنا هارون بن سعيد الآيْلِيُّ: ثنا خالد بن نِزَار: حدثني القاسم
ابن مبرور عن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قال أبو داود:
" وهذا حديث غريب، إسناده جيد، أهل المدينة يقرأون: {مَلِك يوم
الدين} ، وإن هذا الحديث حجة لهم!.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير خالد بن نزار
والقاسم بن مبرور، وهما ثقتان؛ إلا أن في الأول منهما كلاماً يسيراً، لا ينزل به
حديثه عن رتبة الحسن. وفي "التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
والحديث أخرجه الطحاوي (1/192) ، والحاكم (1/328) ، والبيهقي
(3/349) من طرق أخرى عن هارون بن سعيد ... به.
وتابعه طاهر بن خالد بن نزار: حدثنا أبي ... به.
أخرجه ابن حبان (604) . وقال الحاكم:(4/337)
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وذلك من أوهامها؛ لما ذكرنا من حال خالد والقاسم.
1065- عن أنس بن مالك قال:
أصاب أهلَ المدينة قَحْطٌ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما هو يخطبنا
يوم جمعة؛ إذ قام رجل فقال:
يا رسول الله! هلك الكراع هلك الشَّاء، فادع الله أن يسقِيَنا افمد
يديه ودعا. قال أنس: وإن السماء لَمِثْل الزجاجة، فهاجت ريح، ثم
أنشأتْ سحابةً، ثم اجتمعت، ثم أرسلت السماء عَزالِيَها، فخرجنا نخوض
الماءَ حتى أتينا منازلنا، فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى. فقام إليه ذلك
الرجل أو غيره، فقال:
يا رسول الله! تهدَّمَتِ البيوتُ؛ فادعُ الله أن يحيِسَهُ! فتبسّم رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال:
" حوالَيْنا ولا علينا ". فنظرت إلى السحاب يتصدعَّ حول المدينة كأنه
إكليل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه
بإسناد المؤلف ولفظه. ومسلم مختصراً) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس
ابن مالك. ويونس بن عبيد عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من الوجهين عنه؛ وقد أخرجه(4/338)
كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (4/155) ... بإسناد المصنف ومتنه. ولم يقف
عليه المنذري، فقال في "مختصره ":
" وأخرجه البخاري مختصراً "!
وأخرجه البيهقي (3/356) من طريق أخرى عن مسدد ... به.
وأخرجه مسلم (3/25) ، والنسائي (3/25) ، وكذا البخاري (2/27) ،
والبيهقي (3/353- 354) ، وأحمد (13/94 و 271) من طرق أخرى عن
ثابت ... باختصار.
وله في "الصحيحين " وغيرهما طرق أخر عن أنس، يأتي أحدها.
1066- ومن طريق أخرى عنه ... نحوه؛ قال:
فرفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحِذَاءِ وجهه، فقال:
" اللهم! اسقنا ... "، وساق نحوه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري ومسلم في
"صحيحيهما"مختصراً) .
إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك
ابن عبد الله بن أبي نَمِرٍ عن أنس أنه سمعه يقول ... فذكر نحو حديث عبد
العزيز قال ...
قلت: وهذا إسناد حسن وهو على شرط الشيخين؛ لكن شريكاً هذا في حفظه
كلام، أشار إليه الحافظ بقوله فيه:(4/339)
" صدوق يخطئ ".
وعيسى بن حماد لم يخرج له البخاري.
والحديث أخرجه النسائي (1/225) ... بإساد المصنف ومتنه، وساقه بتمامه.
وأخرجه البخاري (2/25- 27) ، ومسلم (3/24- 25) ، والنسائي أيضا
(1/224 و 225- 226) ، والطحاوي (1/190) ، ومالك (1/198) من طرق
أخرى عن شريك ... به أتم منه؛ لكن ليس عندهم قوله: بحذاء وجهه، وبعضهم
لم يذكر الرفع أصلاً.
1067- عن عمرو بن شعيب:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وفي رواية: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إذا استسقى قال:
" اللهم! اسْقِ عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وآحْي بلدَك الميِّتَ ".
هذا لفظ المرسل.
(قلت: إسناده حسن) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو
ابن شعيب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحدثنا سهل بن صالح: ثنا علي بن قادم: أخبرنا
سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ... هذا
لفظ حديث مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو من طريق مالك مرسل، ومن طريق سفيان
موصول. وقد قال ابن عبد البر:
" هكذا رواه مالك وجماعة عن يحيى مرسلاً. ورواه آخرون عن يحيى عن(4/340)
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا؛ منهم سفيان الثوري ".
قلت: ومنهم عبد الرحيم بن سليمان الأشل، وهو ثقة.
أخرجه البيهقي (3/356) من طريق سليمان بن داود المِنْقَرِيّ عنه ... به
باللفظ الثاني: كان إذا استسقى قال ...
لكن سليمان هذا- وهو الشَّاذَكُوني- متروك.
والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/197- 198) ... بهذا السند مرسلاً.
261- باب صلاة الكسوف
1068- عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ: أخبرنى من أصدِّق- وظننتُ أنه يريد
عائشة- قالت:
كَسَفَتِ الشمس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قياماً شديداً،
يقوم بالناس، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، فركع
ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات، يركلع الثالثة، ثم يسجد، حتى إن
رجالاً يومئذٍ لَيُغْشَى علبهم مما قام بهم، حتى إن سِجَالَ الماء لَتُصَبُّ عليهم،
يقول إذا ركع: " الله أكبر "، وإذا رفع: " سمع الله لمن حمده "؛ حتى
تجلَّتِ الشمس، ثم قال:
" إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان
من آيات الله عز وجل؛ يخوِّفُ الله بهما عبادَهُ، فإذا كَسَفا فافزعوا إلى
الصلاة ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في(4/341)
"صحيحيهما"، لكن قوله:، ثلاث ركعات ... شاذ، والمحفوظ: ركوعان ... كما
في "اإص-جمحين " وغيرهما من طرق عن عائشة رضي الله عنها، ويأتي أحدها
برقم (1071)) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل ابن علية عن ابن جريج
عن عطاء عن عبيد عن عمير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي،
غير أن قوله: ثلاث ركعات.. شاذ، والمحفوظ: ركوعان.. ثبت ذلك عن عائشة
من طرق ثلاثة في "الصحيحين " وغيرهما، وهي مخرجة في كتابنا الخاص بهذه
الصلاة: " الكسوف ".
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/370) من طريق المصنف.
والحاكم (1/332) من طريق أخرى عن ابن أبي شيبة.
وأخرجه النسائي (1/215) من طريق أخرى عن إسماعيل ابن عُلَيةَ ... به.
وأخرجه مسلم (3/29) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن ابن جريج ...
به؛ وقد صرح ابن جريج بالسماع من عطاء عند مسلم.
وله عنده طريق أخرى عن عطاء، ذكرتها في الصدر السابق، وبينت علتها.
262- باب من قال: أربع ركعات
1069- عن جابر بن عبد الله قال:
كُسِفَتِ الشمسُ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ذلك اليومَ الذي
مات فيه إبراهيمُ ابنُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الناس: إنما كسفت لموت(4/342)
إبراهيمَ ابنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فصلى بالناس سِتَّ ركعات في أربع
سجدات، كبَر ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه
فقرأ دون القراءة الأولى، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ القراءة
الثالثة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فانحدر
للسجود، فسجد سجدتين، ثم قام فركع ثلاث ركعات قبل أن يسجد،
ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها؛ إلا أن ركوعه نحوٌ من
قيامه. قال: ثم تأخَّر في صلاته، فتأخرتِ الصفوف معه، ثم تقدَّم فقام
في مَقَامِهِ، وتقدَّمت الصفوف؛ فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس.
فقال:
" يا أيها الناس! إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل؛ لا
ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك؛ فصلُّوا حتى تنجلي ... "؛
وساق بقية الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". لكن قوله: ست ركعات.. شاذ. والمحفوط: أربع ركعات..
كما في الطريق الاتية) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن عبد الملك: حدثني عطاء عن
جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي مع بيان ما
فيه من الشذوذ.(4/343)
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/371) ، والبيهقي (3/325- 326) من طريق
المصنف.
وهو في "مسند أحمد" (3/317- 318) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (3/31- 32) ، وأبو عوانة، والبيهقي من طرق أخرى عن
عبد الملك ... به.
وقد تابعه أبو الزبير عن جابر ... به نحوه؛ إلا أنه قال:
أربع ركعات في أربع سجدات ... كما في الحديث الأني. وهو الصواب
الموافق لحديث عائشة الآني أيضا بعده وسبقت الإشارة إليه. قال البيهقي عقب
الحديث:
" من نظر في هذه القصة، وفي القصة التي رواها أبو الزبير عن جابر؛ علم أنها
قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم ابن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة،
ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو، ورواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله: على
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعين. وفي حكاية أكثرهم قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا
لحياته "؛ دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة؛ رداً
لقولهم: إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هذا العدد- مع فضل حفظهم- دلالة على أنه
لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل
البخاري رحمهما الله تعالى ".
قلت: وهذا هو التحقيق، وتفصيله في كتابي السابق.(4/344)
1070- وفي طريق أخرى عنه قال:
كسفت الشمس على عهد رسول الله في يوم شديد الحَر، فصلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه، فأطال القيام؛ حتى جعلوا يَخِزُون، ثم ركع
فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين،
ثم قام فصنع نحواً من ذلك، فكان أربع ركعات وأربع سجدات ... وساق
الحديث.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مؤمَّل بن هشام: ثنا إسماعيل عن هشام: ثنا أبو الزبير عن
جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري، ولولا أن أبا الزبير مدلس
لقلت: إنه إسناد صحيح، وهو على شرط مسلم كما يأتي. لكن الحديث صحيح
بالطريق الأولى.
والحديث أخرجه مسلم (3/30- 31) ، وأبو عوانة (2/372- 373) ،
والنسائي (1/217) ، والطيالسي (48/1/7171) ، وعنه البيهقي (3/324) ،
وأحمد (3/374 و 382) من طرق أخرى عن هشام الدَّسْتُوائي ... به.
1071- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
خَسَفَتِ الشمسُ في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى
المسجد، فقام فكئر، وصفَّ الناسُ وراءه، فاقترأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قراءةً
طويلة، ثم كبر فركع ركوعاً طويلا، ثم رفع رأسه فقال: " سمع الله لمن
حمده، ربنا! ولك الحمد "؛ ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة(4/345)
الأولى، ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال:
" سمع الله لمن حمده، ربنا! ولك الحمد "؛ ثم فعل في الركعة الأخرى
مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل
أن ينصرف.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو
عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا ابن السهرْحِ: أخبرنا ابن وهب [ح] . وحدثنا محمد بن سلمة
المرادي: ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/28) ... بإسنادي المؤلف عن ابن وهب.
وابن ماجه (381) ... بإسناده الأول.
والنسائي (1/215- 216) ، والبيهقي (3/341) ... بإسناده الأخر.
ومسلم أيضا، وأبو عوانة (2/374) ، والطحاوي (1/193) ، وابن الجارود
(249) ، والبيهقي (3/321) من طرق أخرى عن ابن وهب.
وأخرجه البخاري (2/31) من طريق عنبسة عن يونس ... به.
وتابعه جماعة عن الزهري ... به مطولاً ومختصراً.
أخرجه البخاري (2/31 و 34) ، ومسلم (3/29) ، والنسائي (1/214 و 216
و222) ، والترمذي (2/449) ، وأحمد (6/76 و 87 و 168) . وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".(4/346)
وتابعه هشام بن عروة عن أبيه ... به مطولاً.
أخرجه مالك (1/194) ، والشيخان، وأحمد (6/32- 33 و 164) وغيرهم.
وله طريقان آخران مخرجان في كتابنا الخاص في الكسوف.
وله طريق رابع؛ وفيه ذكر ثلاث ركعات في كل ركعة، وهو شاذ كما تقدم
بيانه (1068) .
1072- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في كسوف الشمس ... مثل حديث عائشة
عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنه صلى ركعتين، في كل ركعة ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب قال:
كان كثير بن عباس يحدث أن عبد الله بن عباس كان يحدث ...
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخاري (2/31) ... بإسناد المؤلف.
وأخرجه البيهقي (3/322) من طريقه، ومن طريق أخرى عن أحمد بن
صالح.
وأخرجه مسلم (3/29) ، وأبو عوانة (379) ، والنسائي (1/215) ، وأحمد
(6/87) ، من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ وزاد أحمد والبخاري:(4/347)
فقلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح؟
قال: أجل؛ لأنه أخطأ السنة.
وكذا أخرجه الطحاوي (1/196) .
263- باب القراءة في صلاة الكسوف
1073- عن عائشة قالت:
كَسَفَتِ الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فصلى بالناس، فقام، فحَزَرت قراءته، فرأيت أنه قرأ بـ (سورة البقرة)
... وساق الحديث؛ ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءة، فحَزَرْتُ
قراءته، فرأيت أنه قرأ بـ (سورة آل عمران) .
(قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه
الذهبي!) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق:
حدثني هشام بن عروه وعبد الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار كلهم قد
حدثني عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أن ابن
إسحاق إنما أخرج له مسلم فقط متابعة؛ وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً.
وعبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري.
وعمه: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد.(4/348)
وعبد الله بن أبي سلمة: هو الماجشون.
والحديث أخرجه الحاكم (1/333) ، وعنه البيهقي. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
1074- عن عائشة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ قراءة طويلة، فجهر بها؛ يعني: في صلاة
الكسوف.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ... بإسناد
المصنف. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه الشيخان في "صحيحيهما" نحوه. وقال الترمذي: " حسن
صحيح ") .
إسناده: حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد: أخبرني أبي: ثنا الأوزاعي:
أخبرني الزهري: أخبرني عروه بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير العباس بن الوليد
وأبيه، وهما ثقتان.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/378) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (3/336) من طريق الحاكم وهذا في "المستدرك " (1/334)
من طريق أخرى عن العباس بن الوليد ... وقال:
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه هكذا "! ووافقه الذهبي!
وقد تابعه عبد الرحمن بن نمر سمع ابن شهاب ... نحوه.(4/349)
أخرجه البخاري (2/35) ، ومسلم (3/29) ، والنسائي (1/223) ،
والبيهقي.
وأخرجه الترمذي (2/452) ، والطحاوي (1/197) ، وأحمد (6/65) من
طريقين آخرين عن الزهري ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق ثالثة عنه: عند أحمد (6/76) .
1075- عن ابن عباس قال:
خسفت [الشمسُ] ، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناسُ معه، فقام قياماً
طويلاً بنحو من سورة (البقرة) ، ثم ركع ... وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
أبي هريرة- كذا عند القاضي! والصواب عن ابن عباس- قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه كما
يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/194- 195) ... بهذا السند، وعلى الصواب
بتمامه.
وكذلك أخرجه البيهقي (3/335) من طريق المصنف.
والبخاري (2/33) ... بإسناده.(4/350)
وأبو عوانة (2/379) من طريق أخرى عن القعنبي.
ومسلم (3/34) ، والنسائي (1/221) ، والدارمي (1/360) ، والطحاوي
(1/193) ، وأحمد (1/298- 358) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن
مالك ... به.
(تنبيه) : اختلفت نسخ الكتاب في صحابي هذا الحديث، فوقع في بعضها:
عن أبي هريرة! وفي بعضها: عن ابن عباس. وكذلك في "مختصر المنذري "،
وكذا في نسختنا، وفيها التنبيه على خطأ الرواية الأولى، وأنها كذلك عند
القاضي كما رأيت.
ولم أعرف القاضي! والظاهر أنه أحد رواة الكتاب عن اللؤلؤي صاحب المؤلف!
وأظن أن التنبيه المذكور كتبه بعض الحفاظ على هامش نسخة الكتاب، فظنها
الناسخ أو الطابع من الأصل، فضمَّها إليه! ولا شك بصواب ما ذكره.
ويؤيِّد ذلك- علاوة على ما ذكرنا- أن البيهقي رواه عن المصنف على الصواب.
وكذلك البخاري وأبو عوانة روياه عن القعنبي شيخ المؤلف. وكذلك وقع في سائر
الطرق عن مالك. ولذلك قال الحافظ في "الفتح ":
" ووقع في رواية اللؤلؤي في "سنن أبي داود": عن أبي هريرة بدل: ابن
عباس؛ وهو غلط ". ورا جع "بذل المجهود" (2/226) .
264- باب ينادي فيها بالصلاة
1076- عن عائشة قالت:
كسفت الشمس، فأمرَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً؛ فنادى؛ أن: الصلاهُ
جامعةٌ.(4/351)
(قلت: (*)
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا الوليد: ثنا عبد الرحمن بن نمر أنه سأل
الزهري؟ فقال الزهري: أخبرني عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجال ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان
- وهو الحمصي-، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (3/29) ، والنسائي (1/216) ، والبيهقي (3/320)
من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به.
وعلقه البخارىِ (2/35) عن الأ وزاعي.
وتابعه أبو حفصة عن عائشة: عند النسائي (1/217) ، وأحمد (6/98)
وأبو حفصة مقبول عند الحافظ.
265- باب الصدقة فيها
1077- عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" [إن] الشمس والقمر لا يَخْسِفانِ لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم
ذلك؛ فادعوا الله عز وجل، وكبِّروا، وتصدقوا ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في
"صحيحيهما")
إسناده: حدثتا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة.
__________
(*) كذا في أصل الشيخ - رحمه الله- لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر)(4/352)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/30- 31) ، والبيهقي (3/338) عن القعنبي
عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه مسلم (3/27) ، والنسائي (1/216) من طريق مالك، وهذا في
" الموطأً" (1/194) ... أتم منه.
وللحديث طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه: عند البخاري (2/31 و 34) ،
ومسلم (3/28) ، والنسائي (1/215) ، وأحمد (6/87 و 164 و168) .
وله عن عائشة طريق أخرى، تقدمت برقم (1068) أتم منه.
266- باب العتق فيها
1078- عن أسماء قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالعَتاقة في صلاة الكسوف.
(قلت: إسناده صحيح عل شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة عن هشام عن
فاطمة عن أسماء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
وزائدة: هو ابن قُدَامة الثقفي.
والحديث أخرجه أحمد (6/345) : ثنا معاوية بن عمرو ... به.
وأخرجه البخاري (2/33- 34) ، والدارمي (1/360) ، والبيهقي (3/340)(4/353)
من طرق أخرى عن زائدة ... به.
وتابعه عبد العزيز بن محمد: عند الدارمي والبيهقي. وعَثامُ بن علي أبو عامر
العامري: عنده، وكذا أحمد (6/345) ، والبخاري (3/126) . واستدركه الحاكم
عليه (1/331- 332 و 332) ! فوهم.
267- باب من قال: يركع ركعتين
1079- عن عبد الله بن عمرو قال:
انكسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم
يكد يركع؛ ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم
يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل
في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: " أف أف ".
ثم قال:
" ربِّ! ألم تَعِدْني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟! ألم تَعِدْني أن لا تعذبهم
وهم:،يستغفرون؟! ". ففرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صلاته وقد أمحصت،
الشمسُ ... وساق الحديث.
(قلت: حديث صحيح. لكن الاقتصار فيه على الركوع الواحد في الركعة
قصورا فقد أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن ابن عمرو مختصراً؛ وفيه:
فركع ركعتين في سجدة ... وهو الثابت عن غيره عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما تقدم (1071
و1072) ، وهو رواية لابن خزيمة والحاكم في طريق المؤلف) .
إسناده: حدئنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد عن عطاء بن السائب عن(4/354)
أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير السائب والد عطاء،
وهو ثقة.
إلا أن عطاء كان اختلط، وحماد- وهو ابن سلمة- سمع منه قبل الاختلاط
وبعده، فلم يتميز حديثه.
لكن قد رواه عنه سفيان وشعبة، وقد سمعا منه قبل الاختلاط، فصح
الحديث بذلك. لكن الاقتصار على الركوع الواحد في كل ركعة فيه ما ذكرته آنفاً.
والحديث أخرجه الطحاوي (1/194) من طريق أخرى عن حماد بن
سلمة ... به.
وقد تابعه شعبة عن عطاء بن السائب ... به.
أخرجه النسائي (1/222) ، وأحمد (2/188) .
وسفيان عنه.
ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم (1/329) ، والبيهقي (3/324) ؛ إلا أنهما
قالا: عن سفيان عن يعلى بن عطاء عن أبيه. وعطاء بن السائب ... به.
وكل هذه الطرق ليس فيها ذكر الركوع الثاني من كل ركعة؛ إلا في رواية
الحاكم عن سفيان، وهي موافقة لرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمرو:
عند الشيخين وغيرهما، وهي مخرجة في كتابنا "صلاة الكسوف "، وذكرت لها
طريقاً أخرى. وقال البيهقي:
" فهذا الراوي حفظ عن عبد الله بن عمرو طول السجود، ولم يحفظ ركعتين
في ركعة واحدة. وأبو سلمة حفظ ركعتين في ركعة، وحفظ طول السجود عن(4/355)
عائشة ... "، ثم ساق رواية الحاكم من طريق مؤمل بن إسماعيل: ثنا سفيان ...
فذكره بالإسنادين جميعاً مع هذه الزيادة؛ وقال:
" وقد أخرجه ابن خزيمة في "مختصر الصحيح " ... ".
1080- عن عبد الرحمن بن سمرة قال:
بينما أنا أتَرَمى بأسهم في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.، إذ كسفت الشمس،
فنبذتهن، وقلت: لأنظرنًّ ما أحْدَث لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كسوفُ الشمس
اليومَ! فانتهيت إليه وهو رافع يديه؛ يسبِّح، ويحمد، وبهلِّل، ويدعو؛
حتى حُسِرَ عن الشمس، فقرأ بسورتين وركع ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" وقوله: فقرأ
بسورتين وركع ركعتين ... إن لم يحمل على أنه أراد بذلك: في كل ركعة فهو
شاذ؛ لما سبق بيانه في الذي قبله) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن المفَضَّلِ: ثنا الجُرَيْرِي عن حيان بن عُمَيْر
عن عبد الرحمن بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال "الصحيح "، وأخرجه مسلم كما
يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (3/35) ، والبيهقي (3/332) من طريقين آخرين عن
بشر ... به.
وأخرجه النسائي (1/213) ، والحاكم (1/329) ، وأحمد (5/61- 62) من
طرق أخرى عن الجريري ... به نحوه.(4/356)
وقد اختلفوا عليه في متنه، كما بينته في الكتاب المفرد في "صلاة
الكسوف "، ورجحت هناك رواية بشر هذه؛ لتابعة إسماعيل ابن عُلَية إياه، وذكرت
اختلاف العلماء في المراد من قوله: وركع ركعتين ... وما تعقب ابن التركماني به
البيهقي، وجوابنا عليه؛ فليراجع من شاء.
268- باب الصلاة عند الظُّلمة ونحوها
[تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]
269- باب السجود عند الآيات
1081- عن عكرمة قال: قيل لابن عباس:
ماتت فلانة- بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرَّ ساجد اً. فقيل له:
أتسجد هذه الساعة؟! فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا رأيتم أية فاسجُدوا ". وأي آية أعظمُ من ذهاب أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!
(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "، حسنه
السيوطي أيضا) .
إسناده: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي: ثنا يحيى بن كثير:
ثنا سَلْمُ بن جعفر عن الحكم بن آبَانَ عن عكرمة
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات. وفي الحكم بن أبان كلام لا يمنع من
تحسين إسناده. وفي " التقريب ":
" صدوق له أوهام ".(4/357)
وقريب منه سلم بن جعفر؛ بل هو خير منه، فقد وثقه جماعة، ولم يجرحه
أحد سوى الأزدي، فقال:
" متروك "!
فلا يسمع هذا منه؛ لأنه نفسه متكلم فيه، فكيف يقبل منه الجرح بدون
بينة؟ أولا سيما مع مخالفته للأئمة الذين أشرنا إليهم، ومنهم الترمذي الذي
حسن حديثه هذا كما يأتي، وتبعه السيوطي في "الجامع الصغير". وأما قول
المناوي في "شرحه "- بعد أن ذكر قول الترمذي في تحسينه-:
" واغتر به المؤلف فرمز لحسنه؛ غفولاً عن تعقب الذهبي له في "المهذب " بأن
إبراهيم واه، وعن قول جمع: سلم بن جعفر لا يحتج به "!
فهو مردود؛ لأن سلماً لم يتكلم فيه غير الأزدي فقط؛ على ما فيه مما بينا.
وأما إبراهيم- وهو ابن الحكم بن أبان- فهو واه حقاً، ولكن ذلك لا يضر
الحديث؛ لأنه متابع لسلم بن جعفر كما يأتي.
ثم هو ليس في رواية المصنف، ولا في رواية الترمذي كما سترى؛ خلافاً لما
صرح به المناوي غفر الله لنا وله!
والحديث أخرجه البيهقي (3/343) من طريق المصنف.
وأخرجه الترمذي (4/366- تحفة) فقال: حدثنا العباس العنبري: نا يحيى
ابن كثير العنبري: أبو غسان: نا سلم بن جعفر:- وكان ثقة- عن الحكم بن
أبان ... به. وقال:
" هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
ثم أخرجه البيهقي من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي ... به.(4/358)
تفربع أبواب صلاة السفر
270- باب صلاة المسافر
1082- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
فُرِضَتِ الصلاةُ ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأُفِرتْ صلاة
السفر، وزِيدَ في صلاة الحضر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن صالح بن كَيْسَانَ عن عروة بن الزبير
عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/162- 163) .
وعنه: البخاري (1/67) ، ومسلم (2/142) ، وأبو عوانة (2/26) ، والنسائي
(1/79) كلهم عن مالك ... به.
وكذلك أخرجه الطحاوي (1/245) .
وتابعه ربيعة- وهو ابن أبي عبد الرحمن- عن صالح بن كيسان ... به؛ وزاد:
قال:
فأخبرتها عمر بن عبد العزيز. فقال: إن عروة قد أخبرني بأن عائشة كانت
تصلي أربع ركعات في السفر؟! قال: فوجدت عروة يوماً عنده، فقلت: كيف(4/359)
أخبرتني عن عائشة ... فحدث بما حدث (الأصل: حدثني) به عمر؟! فقال
عمر: أليس حدثتني أنها كانت تصلي أربعاً في السفر؟ قال: بلى.
وتابعه الزهري عن عروة ... به؛ وزاد: قال الزهري:
فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان.
أخرجه البخاري (2/39) ، ومسلم (2/143) ، والنسائي - وليس عنده قول
الزهري-، والدارمي (1/355) ، والبيهقي (2/143) .
وله طرق أخرى عن عائشة: عند أحمد (6/234 و 241 و 265 و 272) ،
والبيهقي (3/145) .
1083- عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب:
أرأيت إقصار الناس الصلاة، وإنما قال تعالى: {إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا} ، فقد ذهب ذلك اليوم؟! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه،
فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقال:
" صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: ثنا يحيى عن ابن جريج. (ح)
وثنا خُشَيْش- يعني: ابن أصرم-: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدثني
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارعن عبد الله بن بَابِيه عن يعلى بن أمية ...
حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج:
سمعت عبد الله بن أبي عمار يحدث ... فذكره.(4/360)
قال أبو داود: " رواه أبو عاصم وحماد بن مسعدة كما رواه ابن بكر ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/26) ، والبيهقي (3/134) من طريق المصنف.
وهو عند أحمد (1/36) ... بإسناديه عن يحيى وعبد الرزاق كلاهما عن ابن
جريج ... ، ولم أره عنده عن محمد بن بكر!
وأخرجه الترمذي (4/92- تحفة) : حدثنا عبد بن حميد: أنا عبد الرزاق ...
به. وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (1/478- عبد الباقي) ، والنسائي (1/211) ، وابن ماجه
(1/329) ، وأحمد (1/25) من طريق عبد الله بن إدريس: أنبأنا ابن جريج ... به.
وقال الدارمي (1/354) : أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج ... به.
والحديث عزاه السيوطي في "الجامع " البخاري أيضا! فوهم.
271- باب: متى يقصر المسافر؟
1084- عن يحيى بن يزيد الهُنَائي قال:
سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال أنس:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج مسيرة ثلاثة أيام- أو ثلاثة فراسخ (شعبة
شك) - يصلي ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المؤلف، وأبو(4/361)
عوانة من طريقه) .
إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن يحيى
ابن يزيد الهُنائي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الهنائي- بضم
الهاء-، فمن رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/346) ، والبيهقي (2/146) من طريق
المصنف.
وأخرجه مسلم (2/145) ... بإسناده.
وهو، والبيهقي بإسناد آخر عن محمد بن بشار.
وأحمد (3/129) : ثنا محمد بن جعفر ... به؛ وزاد هو والبيهقي- بعد قوله:
قصر الصلاة-:
وكنت أخرج إلى الكوفة؛ فأصلي ركعتين حتى أرجع.
1085- ومن طريق أخرى عن أنس بن مالك قال:
صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة
ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم!. وصححه الترمذي) .
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر وإبراهيم
ابن ميسرة سمعا أنس بن مالك يقول ...(4/362)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (3/110 و 111- 112) : حدثنا سفيان ... به.
وأخرجه البخاري (2/39) ، ومسلم (2/144- 145) ، وأبو عوانة (2/347) ،
والنسائي (1/82) ، والترمذي (2/431) ، والدارمي (1/355) ، والبيهقي
(3/146) ، وأحمد أيضا (3/177) من طرق عن سفيان ... به. وقال الترمذي:
" حديث صحيح ".
272- باب الأذان في السفر
1086- عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
" يَعْجَبُ ربكم من راعي غنم في رأس شَظِيَّةٍ بجبل؛ يؤذن بالصلاة
ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم
الصلاة؛ يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة ".
(قلت: إسناد صحيح، وقال المنذري: " رجاله ثقات ") .
إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا
عُشئانَةَ الَعَافِرِفيَ حدثه عن عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي عشانة
- واسمه: حَيَ بن يُؤْمِنَ-، وهو ثقة. وقال المنذري في "مختصره " (2/50) :
" رجال إسناده ثقات ".
والحديث أخرجه النسائي (1/108) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به.(4/363)
وتابعه ابن لهيعة كن أبي عشانة ... به مختصراً.
أخرجه أحمد (4/145 و 157) .
273- باب المسافر يصلي وهو يشكُّ في الوقت
1087- " عن المِسْحَاجِ بن موسى قال: قلت لأنس بن مالك: حدِّثنا
ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال:
كنا إذا كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر؛ فقلنا: زالت الشمس أو لم
تزل؛ صلى الظهر ثم ارتحل.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن المِسْحَاجِ بن موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير المسحاج بن موسى،
وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (3/113) : ثنا أبو معاوية ... به.
1088- ومن طريق أخرى عن أنس قال:
كان رسول الده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نزل منزلاً؛ لم يرتحل حتى يصلي الظهر.
فقال له رجل: وإن كان بنصف النهار؟ فال: وإن كان بنصف النهار.
(قلت: إسناده صحيح على شرط (*)
__________
(*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله- لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .(4/364)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني حمزة العائذي- رجل
من بني ضَبَّةَ- سمعت أنس بن مالك يقول ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وحمزة: هو ابن
عمرو.
والحديث أخرجه أحمد (3/120 و 129) ، وكذا الطحاوي (1/109) من
طرق أخرى عن شعبة ... به.
274- باب الجمع بين الصلاتين
1089- عن معاذ بن جبل:
أنهم خرجوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تَبوُكَ، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فأخَّر الصلاة يوماً، ثم خرج
فصلى الظهر والعصر، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً.
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر
ابن واثلة أن معاذ بن جبل أخبرهم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم إن كان أبو
الزبير قد سمعه من أبي الطفيل، وهو على شرط مسلم على كل حال؛ فقد أخرجه
- كما يأتي- مصرحاً بالتحديث في رواية.
والحديث أخرجه البيهقي (3/162) من طريق المؤلف.
وهو في " الموطأ" (1/160- 161) .(4/365)
وعنه: النسائي (1/98) ، والدارمي (1/356) .
وعنه: مسلم (7/60) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن مالك ... به.
وأخرجه مسلم (2/151- 152) ، وابن ماجه (1/331) ، وابن أبي شيبة في
" المصنف " (2/1/113) ، والطيالسي (1/126/595) ، وأحمد (5/229 و 230
و236) من طرق أخرى عن أبي الزبير ... به مختصراً؛ وقد صرح مسلم وغيره-
في رواية- بتحديث أبي الزبير؛ وزاد:
قلت: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يًحْرِجَ أمته.
أخرجه مسلم من طريق قرة بن خالد: حدثنا أبو الزبير ... به.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وهو مخرج في "الإرواء " (2/579) .
1090- عن نافع:
أن ابن عمر اسْتُصْرِخَ على صَفِئةَ وهو بمكة، فسار حتى غربت الشمس
وبدت النجوم؛ فقال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عَجِلَ به أمر في سفر؛ جمع
بين هاتين الصلاتين. فسار حتى غاب الشفق، فنزل فجمع بينهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري من طريق
أخرى. ولمسلم المرفوع منه) .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/159) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد
ابن زيد ... به.(4/366)
وأخرجه أحمد (2/51) : ثنا إسماعيل: نا أيوب عن نافع ... به.
وهذا على شرطهما أيضا.
وأخرجه النسائي (1/99) ، والترمذي (2/441) ، وأحمد أيضا (2/150) من
طرق أخرى عن نافع ... به نحوه. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق أخرى: عند البخاري (4/46) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال:
كنت مع عبد الله بن عمررضي الله عنهما بطريق مكة، فبلغه عن صفية بنت
أبي عبيد شدة وجع، فأسرع السير ... الحديث.
وعلقه (2/39) من طريق سالم عنه.
ولمسلم من الطريقين عنه: المرفوع فقط.
1091- عن معاذ بن جبل:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوه تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن
يرتحل؛ جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحلْ قبل أن تزيغ الشمس أخر
الظهر حتى ينزل للعصر. وفي المغرب مثل ذلك: إن غابت الشمس قبل
أن يرتحل؛ جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس؛
أخَّر المغرب حتى ينزل للعشاء، ثم جمع بينهما.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوْهَبٍ الرملي(4/367)
الهَمْداني: ثنا المُفَفخلُ بن فَضَآلَةَ والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي
الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. لكن
الحديث- مع ذلك- صحيح؛ لشواهده، التي منها حديث ابن عباس بعده.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 150) ، والبيهقي (3/162) كلاهما من
طريق المؤلف.. به؛ إلا أن البيهقي قال: عن الليث، مكان: والليث.
وهو كذلك في بعض النسخ من "الدارقطني "؛ كما في "التعليق المغني "
للشيخ أبي الطيب، وقال:
" وهو الصحيح "!
قلت: فإن كان يعني باعتبار نسخ "الدارقطني "؛ فلا كلام. وإن كان يعني
باعتبار ما يقتضيه النقد العلمي العام؛ فلا أراه كذلك؛ بل الصواب ما في النسخ
الاخرى؛ لأمرين:
الأول: لموافقتها لما في الكتاب.
والأخر: أنه الذي يوافق ما ذكروه في ترجمة الرملي هذا: أنه روى عن الليث
ابن سعد ومفضل بن فضالة، وفي الوقت نفسه لم يذكروا الليث في شيوخ المفضل.
هذا وقد خولف الرملي في إسناد هذا الحديث عن الليث؛ فراجع الحديث
الأتي برقم (1106) و "إرواء الغليل " (578) .
1092- قال أبو داود: " رواه هشام بن عروة عن حسين بن عبد الله عن
كُرَيْبٍ عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو حديث المفضل والليث ".
(قلت: يعني: الذي قبله. وقد وصله الشافعي وغيره، وهو حديث(4/368)
صحيح. وقد قوّاه البيهقي (.
وصله الشافعي (1/16) ، وأحمد (1/367- 368) ، والطبراني في "المعجم
الكبير" (3/1/125) ، والدارقطني (149) ، والبيهقي (3/163- 164) من طرق
- فيها عند بعضهم هشام بن عروة- عن حسين بن عبد الله ... به. وقال البيهقي:
" وهو يشواهده قوي ".
قلت: وفي إسناده اختلاف بيّنه الدارقطني وجمع بينها. قال الحافظ:
" إلا أن علته ضعف حسين، ويقال: إن الترمذي حسنه، وكأنه باعتبار
المتابعة، وغفل ابن العربي فصحح إسناده! لكن له طريق أخرى، أخرجها الحِمَّاني
في "مسنده " عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن
عباس. وروى إسماعيل القاضي في "الأحكام " عن إسماعيل بن أبي أويس عن
أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس ...
نحوه".
1093- عن عبد الله بن عباس قال:
صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً:
في غير خوف ولا سفر.
قال مالك: أُرى ذلك كان في مطر.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير
عن عبد الله بن عباس.(4/369)
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وهو على شرط مسلم في "صحيحه "؛ وقد
أخرجه كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/161) ... بهذا التمام.
ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/353) ، والنسائي
(1/99) ، والشافعي (1/1/34718) ، والطحاوي (1/95) ، والبيهقي (3/166) ،
من طرق عن مالك ... به؛ ولم يذكر مسلم وغيره قول مالك: أرى ...
وهذا الرأي يخالفه الحديث الآني (1096) .
وله بعض المتابعات، فأخرجه أحمد (1/283) : حدثنا عبد الرزاق: حدثنا
سفيان عن أبي الزبير ... به؛ وزاد قال:
قلت: يا أبا العباس! ولِمَ فعلَ ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحْرِج أحداً من أمته.
ورواه أبو عوانة من طريقين آخرين عن سفيان ... به.
وتابعه ابن عيينة عن أبي الزبير ... به؛ إلا أنه لم يذكر: السفر ولا المطر.
أخرجه الشافعي (349) .
وتابعه زهير: حدثنا أبو الزبير ... به؛ مثل رواية سفيان الثوري.
أخرجه مسلم؛ وزاد:
بالمدينة.
وتابعه حماد بن سلمة كما علقه المصنف فيما يأتي، وكل هؤلاء قالوا: عن
أبي الزبير:
ولا سفر. وخالفهم قرة فقال:(4/370)
في سفرة ... وهو شاذ كما يأتي بيانه بعد حديث.
1094- قال أبو داود: " ورواه حماد بن سلمة نحوه عن أبي الزبير ".
(قلت: يعني: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقد وصله البيهقي
باختصار) .
وصله البيهقي (3/166) من طريق حجاج بن مِنْهال: قال حماد بن سلمة
عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... مختصراً؛ بلفظ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الظهر والعصر بالمدينة في غير خوف ولا سفر.
قلت: إسناده صحيح لولا عنعنة أبي الزبير، وهو مع ذلك على شرط مسلم،
وهو يشهد لرواية مالك وغيره ممن سبق ذكره: أن الجمع لم يكن في سفر، وهو
الصواب؛ خلافاً للرواية الآتية.
1095- ورواه قُرَّةُ بن خالد عن أبي الزبير قال:.. في سَفْرةٍ سافرْناها
إلى تبوك.
(قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" بإسناد صحيح، صرح
فيه أبو الزبير بالتحديث عن سعيد بن جبير. لكن قوله: في سفرة ... شاذ
مخالف لجميع روايات الثقات عن أبي الزبير التي فيها: "في غير خوف ولا
سفر "؛ كما في الحديث (1093) . وقد رواه الطيالسي عن قرة فلم يذكر
قوله: في سفرة ... ) .
وصله مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/352) من طريقين عن قرة بن خالد
عن أبي الزبير: حدثنا سعيد بن جبير: حدثنا ابن عباس:(4/371)
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك؛ فجمع
بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله
على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.
وخالفهما الطيالسي فقال (1/ 127/599) : حدثنا قرة بن خالد ... به؛ إلا
أنه لم يذكر سفرة تبوك أصلاً.
وهذا هو الصواب عن أبي الزبير عن سحعيد عن ابن عباس؛ لاتفاق جميع
الروايات عنه: أن ذلك كان في المدينة ولا سفر.
ويبدو لي- والله أعلم- أن أبا الزبير له إسناد آخر عن معاذ بن جبل بقصة تبوك
مثل روايته هذه عن ابن جبير عن ابن عباس، وقد رواه قرة بن خالد أيضا عن أبي
الزبير- كما تقدم في أول الباب (1089) -؛ فأنا أظن أن قرة أو شيخه أبا الزبير
دخل عليه حديث في حديث، فقصة معاذ هي التي وقع فيها ذكر تبوك، وليس
حديث ابن عباس؛ فدخل عليه هذا في هذا. والله أعلم.
ثم رأيت البيهقي قد ذكر (3/167) معنى هذا التوفيق، فالحمد لله على
التوفيق!
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/352) من طريق الطيالسي أيضا.
1096- وفي رواية عن ابن عباس قال:
جمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمديثة: من
غير خوف ولا مطر.
فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال:
أراد أن لا يًحْرِجَ أًمَّتَهُ.(4/372)
(قلت: حديث صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما". وقال الخطابي في "المعالم ": " إسناده جيد؛ إلا ما تكلموا قيه
من أمر حبيب "! قلت: لم يتفرد به) .
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن حبيب
عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن حبيباً- وهو ابن أبي
ثابت- مدلس، وقد عنعنه. ومع ذلك فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/152) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه هو، والترمذي (1/354- 355) ، والبيهقي (3/167) من طرق
أخرى عن أبي معاوية ... به.
ثم أخرجه هو، وأبو عوانة (2/353) ، والنسائي (1/99) ، والبيهقي، وأحمد
(1/354) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.
وتابعه صالح مولى التَّوأمَة عن ابن عباس قال ... فذكره.
أخرجه أحمد (1/346) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/1/99) .
وإسناده جيد في الشواهد والتابعات؛ فإن صالحاً هذا إنما عيبه أنه كان اختلط.
1097- عن نافع وعبد الله بن واقد:
أن مُؤَذًنَ ابن عمر قال: الصلاة. قال: سِرْ سِرْ حتى إذا كان قبل غيُوبِ
الشفق؛ نزل فصلى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء، ثم
قال:(4/373)
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عَجِلَ به آمر؛ صنع مثل الذي صنعتُ.
فسار في ذلك اليوم والليلة مسيرةَ ثلاث.
(قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: قبل غيوب الشفق ... شاذ،
والمحفوظ: انه أخر المغرب إلى أن غاب الشفق، فجمع بين الصلاتين. كذلك
أخرجه الشيخان والمصنف (1090) . وكذا في الرواية الآتية) .
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْدٍ المحاربي: ثنا محمد بن فضَيل عن أبيه عن
نافع وعبد الله بن واقد.
قال أبو داود: " رواه ابن جابر عن نافع ... نحو هذا بإسناده ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير المحاربي، وهو
ثقة.
إلا أن قوله: قبل غيوب الشفق ... خطأ من بعض رواته، لا أدري من هو؟!
غير أن النظر الصحيح يقضي بأنه خظأً؛ لاتفاق الحفاط من أصحاب نافع على
خلافه. قال البيهقي (3/160) :
" اتفقت رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن
عمر، وأيوب السَّخْتِيَانيِّ، وعمر بن محمد بن زيد عن نافع: على أن جمع ابن
عمر بين الصلاتين كان بعد غيبوبة الشفق. وخالفهم من لا يدانيهم في حفظ
أحاديث نافع. ورواية الحفاظ من أصحاب نافع أولى بالصواب؛ فقد رواه سالم بن
عبد الله، وأسلم مولى عمر، وعبد الله بن دينار، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن
أبي ذؤَيْب- وقيل: ابن ذُؤيب- عن ابن عمر ... نحو روايتهم ... "، ثم أطال في
تخريجها. وراجع لها "المسند" (2/4 و 12 و 51 و 54 و 77 و 80) .(4/374)
ورواية أيوب مضت برقم (1090) ، وذكرت هناك رواية أسلم عند البخاري.
ورواية ابن دينار وغيره تأتي برقم (1101- 1103) .
والحديث أخرجه الدارقطني (1/151) من طريق المصنف ومن طريق غيره عن
محمد بن فضيل.
ومن طريق أخرى عن الفُضَيْل بن غزوان عن نافع وحده.
وأخرجه هو، والطحاوي (1/97) ، والبيهقي (3/160) من طرق أخرى عن
ابن جابر عن نافع ... به نحوه.
1098- قال أبو داود: " ورواه عبد الله بن العلاء عن نافع قال:
حتى إذا كان عند ذهاب الشفق؛ نزل فجمع بينهما ".
(قلت: هذا هو المحفوظ عن نافع عن ابن عمر: أن جمعه بين الصلاتين كان
حقيقيّاً لا صُوريِاً) .
لم أجد من وصله! وعبد الله بن العلاء- وهو ابن زَبْرٍ - ثقة.
وقد تابعه جماعة من ثقات أصحاب نافع على هذا اللفظ. خلافاً للفظ ابن
فضيل وابن جابر كما تقدم قبله، وقد ذكرت هناك اسماء بعضهم. ومنهم عبيد الله
ابن عمر قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان إذا جَدَّ به السير؛ جمع بين المغرب
والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جَدَّ به السير؛ جمع بين المغرب والعشاء.
أخرجه مسلم (2/150) ، وأحمد (2/4 و 54) .(4/375)
1099- عن ابن عباس قال:
صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة ثمانياً وسبعاً: الظهر والعصر،
والمغرب والعشاء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد بن زيد. (ح) وثنا
عمرو بن عون: أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن
عباس؛ ولم يقل سليمان ومسدد: بنا.
قل: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/167) من طرق أخرى عن سليمان بن حرب
ومسدد وأبي الربيع قالوا: ثنا حماد بن زيد ... به.
وأخرجه مسلم (2/152) من طريق أبي الربيع الزهراني وحده.
وتابعه سفيان بن عيينة عن عمرو ... به وزاد:
قلت: يا أبا الشعثاء- وهو جابر بن زيد-! أظنه أخَّرَ الظهر وعجَّل العصر،
وأخر المغرب وعجَّل العشاء؟ قال: وأنا أطنَ ذلك.
أخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم، والشافعي (1/118- 119/348) ،
والنسائي (1/98) ، وأحمد (1/221) .
وأدرج النسائي هذه الزيادة في الحديث! وهو وهم من بعض رواته.
وتابعه شعبة عن عمرو بن دينار ... به دون الزيادة.(4/376)
أخرجه البخاري (1/98) ، وأبو عوانة (2/354) .
وقال شعبة: حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال ...
فذكره بلفظ سعيد بن جبير عن ابن عباس المتقدم (1096) .
وسنده صحيح على شرطهما؛ فهو شاهد قوي له.
1100- قال أبو داود: " ورواه صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال:
في غير مطر".
(قلت: حديث صحيح. وكذلك رواه جابر بن زيد عن ابن عباس: عند
أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين. وكذلك رواه سعيد بن جبير عنه
كما تقدم برقم (1096)) .
وصله أحمد والطبراني كما تقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث وتابعه.
جابر بن زيد كما ذكرنا آنفاً.
1101- عن عبد الله بن دينارقال:
غابت الشمس وأنا عند عبد الله بن عمر، فسِرْنا، فلما رأيناه قد أمسى
قلنا: الصلاةَ. فسار حتى غاب الشفق وتصوَّبتِ التجوم، ثم إنه نزل فصلى
الصلاتين جميعاً، ثم قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جَدَّ به السير؛ صلى صلاتي هذه، يقول:
يجمع بينهما بعد لَيْلٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .(4/377)
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثنا ابن وهب عن الليث: قال ربيعة
- يعني: كتب إليه-: حدثني عبد الله بن دينار.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
والحديث أخرجه البيهقي (3/160- 161) من طريقين آخرين عن الليث بن
سعد ... به؛ دون قوله: يعني: كتب إليه.
1102- قال أبو داود: " رواه عاصم بن محمد عن أخيه عن سالم ".
(قلت: وصله الدارقطني بسند صحيح) .
وصله الدارقطني (150) بسند صحيح عن عاصم عن أخيه عمر بن
محمد ... به.
1103- ورواه ابن أبي نَجِيحٍ عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذُؤيب:
أن الجمع بينهما من ابن عمر كان بعد غُيُوبِ الشفق.
(قلت: وصله الشافعي وأحمد والنسائي بإسناد صحيح) .
وصله النسائي (1/98- 99) ، وأحمد (2/12) من طريق سفيان عن ابن أبي
نجيح ... به.
وكذا رواه الشافعي (117/1/346) ، وعنه البيهقي (3/161) .
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير إسماعيل بن
عبد الرحمن بن ذؤيب، وهو ثقة.
وهذه الطرق الثلاث تشهد لحديث نافع المتقدم (1097) في أن جمع ابن عمر(4/378)
كان بعد غيوب الشفق، وهو الصواب المحفوظ عن ابن عمر، كما تقدم بيانه هناك
من روية نافع وغيره عنه. ومن أجمع الروايات ما في "المسند" (2/80) : ثنا
عبد الرزاق عن يحيى وعبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جَدَّ به السير جمِع بين المغرب والعشاء- وكان في
بعض حديثهما- إلى ربع الليل؛ أخرهما جميعآ.
وهو إسناد صحيح على شرط الستة.
1104- عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارتحل قبل أن تَزِبغَ الشمس؛ أخَّر الظهر إلى
وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل؛
صلى الظهر ثم ركب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه أبو عوانة في
"صحيحه " من طريق المصنف، والشيخان بإسناده) .
إسناده: حدثنا قتيبة وابن موهب- العنى- قالا: ثنا المُفَضَلُ عن عُقَيْلٍ عن
ابن شهاب عن أنس.
قال أبو داود: " كان مُفَضَّلٌ قاضيَ مصر، وكان مجاب الدعوة، وهو ابن
فَضَالة".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/352) ، والبيهقي (3/161) من طريق
المصنف.(4/379)
والأول من طريق أخرى عن يزيد بن مَوْهَب ... به.
وأخرجه البخاري (2/41- 42) ، ومسلم (2/150- 151) ، والنسائي
(1/98) ، وأحمد (3/247) كلهم أخرجوه ... بإسناد المصنف الأول.
وأخرجه أبو عوانة، والدارقطني (150) ، والبيهقي، وأحمد (3/265) من
طرق أخرى عن المفضل ... به.
وتابعه الليث بن سعد عن عُقَيل بن خالد ... به؛ دون الشطر الثاني منه،
وقال:
أول وقت العصر.
أخرجه مسلم والدارقطني والبيهقي. وفي رواية للبيهقي من طريق ابن راهَوَيْهِ:
أنا شَبَابَةُ بن سَوارٍ عن ليث بن سعد ... به؛ دون الشطر الأول، ولفظه:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان في سفر فزالت الشمس؛ صلى الظهر والعصر
جميعاً ثم ارتحل.
وإسناده صحيح. وعزاه الحافظ في "بلوغ المرام " للحاكم في "الأربعين " بإسناد
صحيح، وأبي نعيم في "مستخرج مسلم ".
وتابع الليثَ: جابرُ بن إسماعيل: عند المصنف وغيره، وهو الأتي:
1105- وفي رواية قال:
وبؤخر المغرب؛ حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق.
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") .
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ. ثنا ابن وهب: أخبرني جابر بن(4/380)
إسماعيل عن عُقَيْل ... بهذا الحديث بإسناده قال ...
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو
ثقة.
ثم استدركت فقلت: جابر بن إسماعيل لم يذكروا له راوياً غير ابن وهب، ولا
وثقه غير ابن حبان، وأخرج له ابن خزيمة في "صحيحه "؛ فهو غير معروف، ولذا
قال الحافظ فيه:
" مقبول "! وأورده ابن أبي حاتم في كتابه (1/1/501) برواية ابن وهب عنه،
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، مشيراً بذلك إلى أنه لم يعرفه.
لكن الحديث صحيح بالطريق الذي قبله، وبحديث معاذ الذي بعده.
والحديث؛ أخرجه مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/351) ، والبيهقي
(3/161) من طرق عن ابن وهب ... به؛ ولفظه:
كان إذا عَجِلَ به السير؛ يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما،
ويؤخر المغرب ...
1106- عن معاذ بن جبل:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة توك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس؛ أخَّر
الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغِ
الشمس؛ صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل
المغرب؛ أخَّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب؛
عجَّل العشاء فصلاها مع المغرب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: " حديث(4/381)
حسن صحيح "، وقال ابن القيم: " إسناده صحيح ")
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل 0
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد أُعِل بما لا
يقدح كما بينته في "الإرواء" (578) ، وابن القيم من قبلي في "الزاد". وقال في
"إعلام الموقعين ":
" وإسناده صحيح، وعلته واهية ".
والحديث أخرجه الترمذي والدارقطني والبيهقي وأحمد عن قتيبة ... به.
وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب، تفرد به قتيبة، لا نعرف أحداً رواه عن الليث غيره ".
قلت: هو ثقة؛ فلا يضر تفرده، ولذلك قال الترمذي في موضع آخر:
" حديث حسن صحيح ".
275- باب قصر قراءة الصلاة في السفر
1107- عن البراء قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فصلى بنا العشاء الآخرة، فقرأ
في إحدى الركعتين بـ (التين والزَّيتونِ) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .(4/382)
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عَديَ بن ثابت عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (1/127) ، ومسلم (2/41) ، وأبو عوانة
(2/155) ، والنسائي (1/155) ، والبيهقي (2/393) ، وأحمد (4/302) من
طرق عن شعبة ... به.
ثم أخرجوه هؤلاء جميعاً، ومالك (1/101) ، والترمذي (2/115) ، وأحمد
(4/291 و 298 و 303 و 304) من طرق أخرى عن عدي بن ثابت ... به؛ دون
ذكر السفر. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
276- باب التطوُّع في السفر
1108- عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال:
صَحِبتُ ابن عمر في طريق- قال:- فصلى بنا ركعتين، ثم أقبل، فرأى
ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟! قلت: يسبِّحون. قال:
لو كنت مسبِّحاً أتممت صلاني! يا ابن أخي! إني صحبت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عزوجل.
وصحبت أبا بكر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل.
وصحبت عمر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل.
وصحبت عثمان؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وقد
قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .(4/383)
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بإسناده،
وأبو عوانة من طريقه، والبخاري مختصراً) .
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن
الخطاب عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/336) ، والبيهقي (13/58) ، من طريق
المصنف.
ومسلم (2/144) ... بإسناده.
والبخاري (2/40) ، والنسائي (1/213) ، وابن ماجه (1/331) ، وأبو عوانة
أيضا، وأحمد (2/24) من طرق أخرى عن عيسى بن حفص ... به؛ وهو عند
البخاري مختصر.
277- باب التطوعُ على الراحلة والوتر
1109- عن سالم عن أبيه قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسبحُ على الراحلة أيَ وجه تَوَجهَ، ويوتر عليها؛
غير أنه لا يصلي المكتوبة عليها
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد علقه، ووصله مسلم وأبو
عوانة) .
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن
شهاب عن سالم.(4/384)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد علقه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (2/150) ، وأبو عوانة (2/342) ، والنسائي (1/85
و122) ، والطحاوي (1/249) ، والبيهقي (2/6 و 491) من طرق عن عبد الله بن
وهب ... به.
وعلقه البخاري (2/40) فقال: وقال الليث: حدثني يونس ... به.
1110- عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سافر فأراد أن يتطوع؛ استقبل بناقته القبلة
فكبر، ثم صلى حيث وَخهَة رِكَابُهُ.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال المنذري والنووي والعسقلاني، وصححه
ابن السكن، وأخرجه الضياء في "المختارة") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا رِبْعِيئْ بن عبد الله بن الجارود: حدثني عمرو بن
أبي الحجاج: حدثني الجارود بن أبي سَبْرَة: حدثني أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، كما قال المنذري في "مختصره " (2/59) ، وتبعه
النووي وابن حجر، وصححه ابن السكن كما نقلته في تخريج "صفة الصلاة".
وأعله ابن القيم بما لا يقدح كما ذكرته هناك! ورجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير
الجارود بن أبي سبرة، وقد وثقه الدارقطني وابن حبان. وقال أبو حاتم:
" صالح الحديث ".
والحديث أخرجه الدارقطني (152) ، والبيهقي (2/5) ، وأحمد (3/203) ،
والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/72) من طرق عن ربعي بن عبد الله
ابن الجارود ... به.(4/385)
1111- عن عبد الله بن عمر أنه قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على حمار وهو متوجِّهٌ إلى خيبر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة
وابن خزيمة) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحُبَابِ
سعيد بن يسارعن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/165) .
وعنه: مسلم (2/149) ، وأبو عوانة (2/343) ، والنسائي (1/121) ، وابن
خزيمة (1268) ، والبيهقي (2/4) كلهم عن مالك ... به.
وقد أعله بعضهم بالشذوذ! ولا وجه له عندي، ولا سيما وله شاهد من
حديث أنس مرفوعاً بسند حسن.
أخرجه النسائي (1/121) ، والسَّرَاج، كما في "الفتح " (2/576) .
1112- عن جابر قال:
بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حاجة، قال: فجئت وهو يصلي على راحلته
نحو المشرق؛ والسجود أخففمن الركوع.
(قلت: حديث صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" دون
ذكر السجود، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المؤلف. وقال(4/386)
الترمذي: " حسن صحيح ")
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكغ عن سفيان عن أبي الزبير عن
جابر.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/345) من طريق المصنف.
وهو، والترمذي (2/182) ، والبيهقي (2/5) ، وأحمد (3/332) من طرق
أخرى عن سفيان ... به.
وأخرجه ابن الجارود (228) ، والبيهقي، وأحمد (3/296 و 380) من طريق
ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به نحوه. فصرح أبو
الزبير بالتحديث، فأمنا تدليسه. وقال للترمذي.
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه مسلم (2/71) من طريق الليث عن أبي الزبير ... به أتم منه؛ دون
قوله: والسجود أخفض من الركوع.
وأخرجه البخاري (2/40) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال:
حدثني جابر بن عبد الله: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا
أراد أن يصلي المكتوبة؛ نزل فاستقبل القبلة.
ورواه زهير: ثنا أبو الزبير ... به نحوه أتم منه.
رواه مسلم وغيره، ومضى عند المصنف (859) .(4/387)
278- باب الفريضة على الراحلة من عذر
1113- عن عطاء بن أبي ربا
أنه سأل عائشة رضي الله عنها: هل رُخِّصَ للنساء أن يصلين على
الدواب؟ قالت:
لم يُرَخَّصْ لهن في ذلك في شِذَةٍ ولا رَخاءٍ. قال محمد (ابن شعيب) :
هذا في المكتوبة.
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا محمد بن شعيب عن النعمان بن المنذر
عن عطاء بن أبي رباح.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وفي "مختصر المنذري "
(2/60) :
" قال الدارقطني: تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء.
هذا آخر كلامه. والنعمان بن المنذر هذا: غساني دمشقي تقة، كنيته أبو الوزير "!
قلت: وهذا يوهم أن في سند الحديث سليمان بن موسى! وليس ذلك في
رواية المصنف، فلعله في رواية الداقطني. فإذا كان كذلك؛ فما أظنه محفوظاً؛
فإنهم لم يذكروا للنعمان هذا رواية عن سليمان بن موسى، وإنما عن عطاء. والله
أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (2/7) من طريق المصنف.(4/388)
279- باب متى يُتِمّ المسافر؟
1114- عن ابن عباس:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة.
قال ابن عباس: ومن أقام سبع عشرة قصر، ومن أقام أكثر أتم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخارى. وقد أخرجه في "صحيحه "
بلفظ: " تسعة عشر ... " وهو الأرجح كما ذكر البيهقي. وقال الترمذي:
" حسن صحيح ". وكأن المصنف أشار إلى ذلك بقوله الأتي) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة- المعنى واحد- قالا:
ثنا حفص عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري؛ وقد
أخرجه كما يأًتي.
والحديث في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/112/2) ... بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي (3/150) من طريق أخرى عن حفص بن غياث ... به.
وأخرجه البخاري (2/38) ، والدارقطني (149) ، والبيهقي (3/150) من طريق
أبي عوانة عن عاصم وحصين عن عاصم ... به. وليس عند الدارقطني:
وحصين. وفي روايته: سبعة عشر يوماً.
وهي شاذة لما يأًتي، وهي رواية ابن أبي شيبة في "المصنف "، فلعها محرفة من
الناسخ أو الطابع ا
وقال الإمام أحمد (1/223) ثنا أيو معأً وية. ثنا عاصم الأحول ... به باللفظ
الأول.(4/389)
وكذلك أخرجه الترمذي (2/434) ، والكلحاوي (1/242) ، والبيهقي من
طرق عن أبي معاوية ... به.
ثم أخرجه البخاري (5/123) من طريقين اخرين عن عاصم ... به. وقال الترمذي:
" حديث غريب حسن صحيح ".
وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/332) من طريق عبد الواحد بن زياد: ثنا عاصم
الأحول ... به.
وأخرجه الدارقطني من بعض هذه الوجوه بالرواية الثانية: سبعة عشر، ورجح
البيهقي الأولى فقال: "إنها
" أصح الروايات، ولم يختلف فيها على عبد الله بن المبارك، وهو أحفظ من
رواه عن عاصم الأحول. والله أعلم "!
ويرد عليه ما قد ذكرته في "الإرواء" (575) .
1115- قال أبو داود: " قال عَباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس
قال: أقام تسع عشرة ".
(قلت: حديث صحيح. وقد وصله البيهقي) .
وصله البيهقي (3/150) من طريق عبد الوارث: ثنا عباد بن منصور عن
عكرمة عن ابن عباس قال:
أقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الفتح تسعة عثرا ليلة؛ يصلي ركعتين ركعتين. وقال
البيهقي:
" ورواه عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة: سبع عشرة ".(4/390)
قلت: لكن رواه عنه شريك، وهو سيئ الحفظ، ولذلك ذكرته في الكتاب
الآخر (227) .
1116- عن أنس بن مالك قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين
حتى رجعنا إلى المدينة. فقلنا: هل أقمتم بها شيئاً؟ قال: أقمنا بها عشراً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة
في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا
وُهَيْب: حدثني يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/38) ، ومسلم (2/145) ، وأبو عوانة (2/346-
347) ، والنسائي (1/211 و 212) ، والترمذي (2/433) ، والدارمي (1/355) ،
وابن ماجه (1/333) ، وابن الجارود (224) ، والبيهقي (3/136) ، وأحمد
(3/187 و 195) ، من طرق أخرى عن يحيى ... به.
وصححه الترمذي كما ذكرنا في الأعلى"
1117- عن عمر بن علي بن أبي طالب:
أن علياً رضي الله عنه كان إذا سافر سار بعدما تغرب الشمس ... (*)
__________
(*) هذا الحديث علق عليه الشيخ رحمه الله:
" ينقل إلى " الضعيف "؛ إلا إذا وجد له متاخ أو شاهد "؛ فانظره هناك. برقم (227/م) .(4/391)
1118- سمعت أبا داود يقول: " وروى أسامة بن زيد عن حفص بن
عبيد الله- يعني: ابن أنس بن مالك-:
أن أنساً كان يجمع بينهما حين يغيب الشفق، وبقول: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصنع ذلك ".
(قلت: لم أر من وصله من هذا الوجه! وقد مضى موصولاً من الوجه
الاتي معلقاً) .
لم أجد من وصله إلا من الوجه الآتي بعده!
1119- ورواية الزهري عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله.
(قلت: وصله المصنف فيما تقدم (1105)) .
تقدمت هذه الرواية موصولة: عند المصنف برقم (1105) ، وذكرنا أن مسلماً أخرجه.
280- باب: إذا أقام بأرض العدو يقصر
1120- عن جابر بن عبد الله قال:
أقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ (تبوك) عشرين يوماً؛ يقصر الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2738) ، وابن حزم
والنووي) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن يحيى بن
أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله.
قال أبو داود: " غير معمر لا يسنده ".(4/392)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ومعمر ثقة قد احتجا به
جميعاً.
والحديث في "مسند أحمد" (3/295) ... بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه ابن حبان (546) .
ثم أخرجه هو، والبيهقي (3/152) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به.
وقد أُعِل الحديث بما لا يقدح، وقد صححه من ذكرنا، وفصلت القول في
ذلك في "إرواء الغليل " (رقم 574) .
281- باب صلاة الخوف
من رأى أن يصلي بهم وهم صفان، فيكبر بهم جميعاً، ثم يركع بهم
جميعاً، ثم يسجد الامام والصف الذي يليه؛ والآخرون قيام يحرسونهم،
فإذا قاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم، ثم تأخر الصف الذي يليه
إلى مقام الآخرين، وتقدم الصف الأخير إلى مقامهم، ثم يركع الامام
ويركعون جميعاً، ثم يسجد ويسجد الصف الذي يليه؛ سجد الآخرون،
ثم جلسوا جميعاً، ثم سلم عليهم جميعاً.
قال أبو داود: " هذا قول سفيان ".
1121- عن أبي عَيَّاش الزُّرَقِيً قال:
كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (عًسْفَانَ) وعلى المشركين خالد بن الوليد،
فصلينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غِرَّةً، لقد أصبنا غَفْلةً، لو كنَّا
حملنا عليهم وهم في الصلاة! فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر، فلما(4/393)
حضرت العصر، قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبل القبلة والمشركونْ أمامه،
فصَفَّ خلف رسول الله صف، وصفَّ بعد ذلك الصف صف اخر، فركع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يَلُونه، وقام
الاخرون يحرسونهم، فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا؛ سجد الآخرون
الذين كانوا خلفهم، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم
الصفً الأخير إلى مقام الصفِّ الأول، ثم ركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وركعوا
جميعاً، ثم سجد وسجد الصفً الذي يليه؛ والآخرون يحرسونهم، فلما
جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفُ الذي يليه؛ سجد الآخرون، ثم جلسوا
جميعاً، فسلَّم عليهم جميعاً. فصلاها بـ (عْسْفان) ، وصلاها يوم بني
سُلَيمِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي) .
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن
مجاهد عن أبي عياش الزرقي.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال الشيخين.
والحديث أخرجه الدارقطني (186) ، والحاكم (1/337) ، والبيهقي (3/256)
من طرق أخرى عن سعيد بن منصور ... به. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان (587) ، والدارقطني من طرق أخرى عن جرير بن
عبد الحميد ... به. وقال الدارقطني:(4/394)
"صحيح ".
ثم أخرجه هو، والنسائي (1/230 و 231) ، والطحاوي (1/188) ، وابن
الجارود (232) ، وابن حبان أيضا (588) ، والطيالسي (323) ، وعنه البيهقي
(3/254) ، وأحمد (4/59- 60) من طرق أخرى عن منصور ... به. وقد صرح
مجاهد بالتحديث في رواية جرير: عند ابن حبان؛ فذلك مما يرد إعلال من أعله
بالانقطاع بينه وبين أبي عياش. ولذلك قال البيهقي:
" وهذا إسناد صحيح. وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير؛ فذكر فيه سماع
مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي ".
1122- قال أبو داود: " روى أيوب وهشام عن أبي الزبير عن جابر ...
هذا المعنى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
(قلت: وصله عنهما: أبو عوانة في "صحيحه "، وهو ومسلم من طرق
أخرى عن أبي الزبير، وصرح هذا بالتحديث في بعضها) .
قلت: وصله أبو عوانة في "صحيحه " (2/360 و 361) عن أيوب وهشام.
وأحمد (3/374) من طريق هشام بن أبي عبد الله صاحب الدّسْتوَائي
وحده.
وأبو عوانة، ومسلم (2/213) من طريق زهير: حدثنا أبو الزبير ... به؛ وصرح
أبو الزبير بالتحديث عند أبي عوانة، وكذا ابن حبان (2866- إحسان) .
وأبو عوانة، والنسائي (1/230) ، والطحاوي (1/م 18) من طريق سفيان عن
أبي الزبير ... به.
ويأتي له طريق أخرى بعد حديث.(4/395)
1123- وكذلك رواه داود بن حصَيْن عن عكرمة عن ابن عباس.
(قلت: وصله النسائي وأحمد بسند حسن) .
وصله النسائي (1/228) ، والبيهقي (3/258- 259) ، وأحمد (1/265) من
طريق ابن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين ... به نحوه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن
إسحاق؛ فقد أخرج له مسلم متابعة.
1124- وكذلك عبد الملك عن عطاء عن جابر.
(قلت: وصله مسلم وأبو عوانة من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان) .
وصله مسلم (2/213) ، وأبو عوانة (2/8 فى 3- 359) ، والنسائي (1/230) ،
والبيهقي (3/257) ، وأحمد (3/319) من طرؤ عن عبد الملك بن أبي
سليمان ... به.
وله في "المسند" (3/298 و 364 و 364- 365 و 390) ، ومسلم (4/212-
215) ، وأبي عوانة (2/362) طرق أخرى عن جابر رضي الله عنه. وانظر الحديث
الآتي (1133) .
1125- وكذلك عكرمة بن خالد عق مجاهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه مرسلاً) .
قلت: وصله ابن أبي شيبة (2/115/2) : وكيع قال: حدثا عمر بن ذر
سمعه من مجاهد قال:(4/396)
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (عسفان) ...
قلت: فذكره نحو حديث منصور عن مجاهد عن أبي عياش التقدم (1121) .
وقد وصله ابن أبي شيبة أيضا من طريق سفيان عن منصور ... به.
وهو صحيح الإسناد مرسلاً وموصولأ.
وقد أخرجه ابن حبان (588) من طريق ابن أبي شيبة موصولأ.
وأخرجه ابن جرير (10374) من طريق أخرى عن عمر بن ذَز ... به مرسلأ.
282- باب من قال: يقوم صفٌّ مع الامام وصف وِجَاهَ العدو،
فيصلي بالذين يَلُونَهُ ركعة،
ثم يقوم قائماً حتى يصلي الذين معه ركعة أخرى،
ثم ينصرفون فيصلون وِجَاهَ العدو،
وتجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعهَ، ويثبت جالساً،
فيتمون لأنفسهم ركعة أخرى، ثم يسلم بهم جميعاً
1126- عن سهل بن أبي حَثْمَةَ:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بأصحابه في خوف، فجعلهم خلفه صَفيْنِ،
فصلَّى بالذين يَلُونه ركعة، ثم قام، فلم يزل فائماً حتى صلى الذين خلفهم
ركعة، ثم تقدموا، وتأخر الذين كانوا قدَّامهم، فصلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ركعة، ثم قعد؛ حتى صلى الذين تخلَّفوا ركعة، ثم سلم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في(4/397)
" صحيحه " بإسناد المصنف، وأبو عوانة من طريقه، وأخرجه البخاري " وقال
الترمذي: " حسن صحيح ". وسهل بن أبي حثمة صحابي صغير لم يدرك
هذه القصة، فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة) .
إسناده: حدئنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن عبد الرحمن
ابن القاسم عن أبيه عن صالح بن خَوَّات عن سهل بن أبي حثمة.
قال أبو داود: " أما رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن
رومان؛ إلا أنه خالفه في السلام. ورواية عبيد الله نحو رواية يحيى بن سعيد قال:
ويثبت قائماً ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/364) ، والبيهقي (3/253) من طريق
المصنف.
وأخرجه مسلم (2/214) ... بإسناده.
وأخرجه البخاري (5/95) ، والنسائي (1/228) ، والترمذي (2/456) ،
والدارمي (1/358) ، وابن ماجه (1/380) ، وابن الجارود (237) ، وأحمد
(3/448) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: وسهل بن أبي حئمة صحابي صغير، مات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان
سنين. وعلى هذا؛ فروايته لقصة صلاة الخوف هذه مرسلة؛ لأنها كانت يوم ذات
الرقاع، كما فما الرواية الآتية، وكانت بعد خيبر، كما قواه الحافظ في "الفتح "
(7/340) ؛ أىِ: سنة سبع. وقول المصنف:(4/398)
" أما رواية يحيى بن سعيد ... "!
لا مناسبة له هنا؛ لأن رواية يحيى بن لسعيد وغيره لم يسبق لها ذكر. وقد
أعاده بعد حديث؛ وهو الصواب، ولعل ذكره هنا خطأ من بعض رواة الكتاب أو
نساخه.
283- باب من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائماً؛
أتَمُّوا لأنفسهم ركعة ثم سلَموا،
ثم انصرفوا فكانوا وِجَاهَ العدو، واخْتُلِفَ في السلام
1127- عن صالح بن خَوَّاتٍ، عَمَّن صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم ذات
الرقاع صلاة الخوف:
أن طائفةً صَفَّتْ معه، وطائفةٌ وِجاهَ العدوِّ، فصلى بالتي معه ركعة، ثم
ثبت قائماً، وأتَمُّوا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفّوا وِجَاهَ العدو، وجاءت
الطائفة الأخرى فصلَّى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت
جالساً، وأتَمُوا لأنفسهم، ثم سلَّم بهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة عن
المصنف، والشيخان في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خَوات.
قال مالك: وحديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إليَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/364) من طريق المصنف.(4/399)
ثم أخرجه هو، والبخاري (5/94- 95) ، ومسلم (2/214) ، والنسائي
(1/229) ، وابن الجارود (235) ، والد ارقكلني (186) - وقال: " صحيح "-،
والبيهقي (3/252- 253) ، وأحمد (5/370) كلهم عن مالك، وهذا في "الموطأ"
(1/192) ؛ وليس عندهم قول مالك في آخره: وحديث يزيد بن رومان ... إلا
أحمد وحده.
نعم؛ هو في "الموطأ" عقب حديث القاسم بن محمد الآتي بعده. وهو- مع
أنه موقوف- مخالف لهذا؛ فإن فيه أن سلام الإمام قبل قيام الطائفة الأخرى إلى
الركعة الثانية! وفي هذا أنه يسلم بهم. قال البيهقي:
" وهذا أولى أن يكون صحيحاً؛ لموافقته رواية عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه، وسائر ما مضى في البالب قبله ".
1128- عن سهل بن أبي حَثْمة:
أن صلاة الحوف: أن يقوم الامام وطاائفة من أصحابه، وطائفةٌ مواجِهَةُ
العدو، فيركع الامام ركعة، ويسجد بالذين معه، ثم يقوم، فإذا استوى
قائماً ثبت قائماً، وأتَمُّوا لأنفسهم الركعة الباقية، ثم سلَّموا وانصرفوا؛
والامامُ قائمٌ، فكانوا وِجاهَ العد ؤَ، ثم يُقْبِلُ الآخرون الذين لم يصلّوا،
فيُكبرون وراء الامام؛ فيركع بهم وشعجد بهم، ثم يسلِّم، فيقومون فيركعون
لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلَمون.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في
"صحيحه " دون ذكر التسليم في الموضعين، وأخرجه أبو عوانة من طريق
المصنف. وهو موقوف، والذي قبله مرفوع، وفيه سلام الإمام بالطائفة الثانية،
وهو الأصح، كما قال البيهقي) .(4/400)
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد
عن صالح بن خَوات الأنصاري أن سهل بن أبي حثمة الأنصاري حدثه.
قال أبو داود: " وأما رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن رومان؛
إلا أنه خالفه في السلام. ورواية يحيى بن سعبد قال: قال: ويثبت قائماً ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث في "الموطأ" (1/192- 193) ، ثم قال مالك:
" وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خَوَّات أحب ما سمعت إلي في
صلاة الخوف ".
وأخرجه أبو عوانة (2/362) من محلريق المصنف.
وأخرجه ابن الجارود (236) ، والبيهقي (3/254) ، وأحمد (3/448) من
طرق أخرى عن مالك ... به. وقال البيهقي:
" كذا رواه مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وخالفه سفيان بن
سعيد الثوري؛ فرواه عن يحيى بن سعيد ... بإسناده ومعناه؛ إلا أنه قال في
آخره: ثم ذهبوا إلى مَصَافِّ أولئك وجاؤوا أولئك، وقاموا وراء الإمام. فصلى بهم
ركعة، ثم قاموا فقضوا تلك الركعة، ثم سلم الإمام ... "، ثم ساق إسناده إلى
الثوري به، ثم قال:
" وكذلك رواه رَوْحُ بن عُبَادة عن شعبة ومالك ... قال في آخره: ثم يسلم.
وهذا أولى أن يكون صحيحاً ... " إلخ كلامه الدي ذكرته في الحديث قبله.
ورواية روح؛ وصلها ابن الجارود وأحمد.
وأخرجه البخاري (5/95) ، والترمذي (2/455) ، وابن ماجه (1/380) ،(4/401)
وابن جرير (9/ 147/10349) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن
سعيد الأنصاري ... به؛ دون قوله: ئم يسلِّم ... وقوله: ثم يسلمون.
لكن رواه ابن جرير (10348) من طريق عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن
سعيد قال: سمعت القاسم ... به.
و (10349) من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى بن سعيد ... نحوه؛
وفي رواية عبد الوهاب كما في رواية مالك: ثم سلم ... و: ثم سلموا.
وهذا يدل على أن مالكاً قد توبع على قوله: ثم يسلم. وإن كانت رواية سفيان
الثوري أصح؛ لما سبق عن البيهقي. والله أعلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/362) من طريق المصنف.
ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن يحيى الأنصاري.
284- باب من قال: يكبِّرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبلة،
ثم يصلِّي بمن معه ركعة، ثم يأتون مصافَّ أصحابهم،
ويجيء الآخرون، فيركعون لأنفسهم ركعة،
ثم يصلِّي بهم ركعة، ثم تقْبِل الطائفة التي كانت مُقابلَ العدوِّ،
فيركعون لأنفسهم ركعة والإمامُ قاعدٌ، ثم يسلِّم بهم كلِّهم
1129- عن عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم:
أنه سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! صلاة الخوف؟
قال أبو هريرة: نعم.(4/402)
قال مروان: متى؟ فقال أبو هريرة:
عَامَ غَزْوِ نَجْدٍ؛ قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى صلاه العصر، فقامت معه
طائفةٌ، وطائفةٌ أخرى مقابلَ العدو وظهورُهم إلى القبلة، فكبَّر رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبروا جميعاً: الذين معه والذين مقابلي العدو، ثم ركع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعةً واحدةً، وركعت الطائفة التي معه، ثم سجد، فسجدت
الطائفة التي تليه، والآخرون قيامٌ مُقابلي العدوِّ، ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وقامت الطائفة التي معه، فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة
التي كانت مقابلي العدو، فركعوا وسجدوا؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائمٌ كما
هو، ثم قاموا، فركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة أخرى وركعوا معه، وسجد
وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو، فركعوا
وسجدوا، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعدٌ ومن معه، ثم كان السلام، فسلم رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلَّموا جميعاً، فكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتان، ولكلِّ رجل من
الطائفتين ركعتان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم، ووافقه
الذهبي) .
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ: ثنا حيوة وابن
لهيعة قالا: أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن لهيعة،
ولكنه مقرون.
وغير مروان بن الحكم؛ فإنه من رجال البخاري، وهو متكلم فيه، ولا يضر
ذلك في الحديث؛ لأن الظاهر أن عروة لا يروي الحديث عنه؛ بل عن أبي هريرة،(4/403)
وإنما ذكره بينه وبين أبي هريرة؛ ليتحدث عن أنه هو السائل لأبي هريرة، لا على
أنه هو الراوي عنه.
ويؤيد ذلك أمران:
الأول: أن الحاكم والذهبي صححاه- كما يأتي- على شرط الشيخين، ومروان
ليس على شرط مسلم كما تقدم. فلولا أنه ليس من رجال سند الحديث؛ لم
يصححاه- إن شاء الله تعالى- إلا على شرط البخاري وحده! ويؤيده:
الأمر الأخر: وهو أن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود روياه عن
عروة بن الزبير عن أبي هريرة مباشرة؛ لم يذكرا بينهما مروان بن الحكم، كما في
الرواية الأتية.
والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (2/320) : ثنا عبد الله بن يزيد
المقرئ ... به.
وأخرجه النسائي (1/229- 230) ، وابن خزيمة (1361) ، والطحاوي
(11/85) ، والحاكم (1/338) ، والبيهقي (3/264) من طرق أخرى عن عبد الله
ابن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ ... به؛ إلا أنهم لم يذكروا ابن لهيعة في
إسناده؛ سوى أن النسائي أشار إليه فقط. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
1130- وفي رواية عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نجد، حتى إذا كنا بـ (ذات الرقَاع) من
(نَخْل) ؛ لقي جمعاً من غَطَفَانَ ... فذكر معناه، ولفظه على غير لفظ
حيوة؛ وقال فيه حين ركع بمن معه وسجد، قال:(4/404)
فلما قاموا؛ مَشَوُا القَهْقَرَى إلى مصافَ أصحابهم ... ولم يذكر
استدبار القبلة.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة: حدثني محمد بن إسحاق
عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود عن عروة بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم (*) ؛ إلا أنه ما أخرج لابن إسحاق
إلا متابعة.
وابن الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود أبو الأسود
المدني، يتيم عروة.
وليس للإسناد عِلًة؛ سوى عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية
يونس بن بكير عنه؛ كما سأذكره.
والحديث أخرجه ابن حبان (585) عن ابن خزيمة، وهذا في "صحيحه "
(1362) من طريق أحمد بن الأزهر: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا
أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد لن كبد الرحمن بن نوفل- وكان يتيماً
في حجر عروة بن الزبير قال (1) : سمعت أبا هريرة؛ ومروان بن الحكم يسأله عن
صلاة الخوف ... الحديث.
قلت: وهذا يؤيد التأويل الذي ذكرته في الحديث الذي قبله في قوله: عروة ابن
الزبير يحدث عن مروان بن الحكم ... أنه ليس من رواية عروة عن مروان؛ فتأمل!
وأخرجه الطحاوي (1/186) ، والبيهقي (3/264) من طريق يونس بن بكير
__________
(*) لكن سلمة هذاث هو ابن الفضل الأبش، وليس من رجال مسلم؛ كما في "السلسلة
الصحيحة " (2/279) . (الناشر) .
(1) كذا في "الموارد"! وكأنه سقط من الناسخ أو الطابع قوله. (عن عروة بن الزبير)(4/405)
عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به.
وهذا إسناد حسن.
وقد رواه ابن جعفر بإسناد آخر، كما في الحديث الآتي بعده.
وله في النسائي (1/230) ، وابن حبان (584) ، و "المسند" (2/522) طريق
أخرى عن أبي هريرة ... نحوه مختصراً.
وسنده جيِّد-
1131- عن عروة بن الزبير؛ أن عائشة حدثته بهذه القصة قالت:
كبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكبَرت الطائفة الذين صفوا معه، ثم ركع
فركعوا، ثم سجد فسجدوا، ثم رفع فرفعوا، ثم مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جالساً، ثم سجدوا لأنفسهم الثانية، ثم قاموا فنَكَصُوا على أعقابهم،
يمشون القَهْقَرَى، حتى قاموا من ورائهم، وجاءت الطائفة الأخرى، فقاموا
فكبروا، ثم ركعوا لأنفسهم، ثم سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسجدوا معه، ثم
قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسجدوا لأنفسهم الثانية، ثم قامت الطائفتان جميعاً،
فصلوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا جميعاً، ثم
عاد فسجد الثانية، وسجدوا معه سريعاً كأسرع الاسراع جاهداً، لا يَأْلُونَ
سِرَاعاً، ثم سفم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلموا، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقد شاركه
الناس في الصلاة كلَها.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان (2862) ، والحاكم، وقال: " على
شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) .(4/406)
إسناده: قال أبو داود: " وأما عبيد الله بن سعد فحدثنا قال: حدثني عمي:
ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير: أن عروة بن الزبير
حدثه ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ابن
إسحاق، فأخرج له مسلم متابعة، وقد صرح بالتحديث.
وعم عبيد الله: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد.
والحديث أخرجه ابن حبان (589) ، والحاكم (1/336) ،والبيهقي
(3/265) ، وأحمد (6/275) من طرق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم ... به.
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي!
285- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة،
ثم يسلم، فيقوم كل صف، فيصلون لأنفسهم ركعة
1132- عن ابن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بإحدى الطائفتين ركعةً، والطائفة الأخرى
مواجهة العدو، ثم انصرفوا فقاموا مقام أولئك، وجاء أولئك، فصلى بهم
ركعة أخرى، ثم سلَّم عليهم، ثم قام هؤلاء، فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء
فقضوا ركعتهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه(4/407)
الترمذي، وقال الخطابي: " جيد الاسناد ")
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زرَيْع عن معمر عن الزهري عن سالم عن
ابن عمر.
قال أبو داود: " وكذلك رواه نافع وخالد بن مَعْدان عن ابن عمر عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك قول مسروق ويوسف بن مهران عن ابن عباس. وكذلك روى يونس
عن الحسن عن أبي موسى أنه فعله ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (5/95) ... بإسناد المصنف.
والبيهقي (3/260) من طريق أخرين عن مسدد. والنسائي (1/229) ،
والترمذي (2/453) من طريقين آخرين عن ابن زربع. وقال الترمذي:
" حديث صحيح ".
ومسلم (2/212) ، وأبو عوانة (2/357) ، وابن الجارود (233) ، والدارقطني
(185) ، وأحمد (2/147) من طريق عبد الرزاق: أنا معمر ... به.
وابن جرير (10369) من طريق ابن عبد الأعلى عن معمر ... به.
والبخاري (2/13 و 5/95) ، والنسائي، والدارمي (1/357) ، والطحاوي
(1/184) ، والبيهقي، وأحمد (2/150) ، وابن جرير من طرق أخرى عن
الزهري ... به. وقال الخطابي في "معالم السنن " (2/68) :
" وهذا حديث جيد الإسناد ".
وتابعه نافع عن ابن عمر ... نحوه.(4/408)
أخرجه مسلم، وأحمد (2/132 و 155) ، وابن جرير (10365 و 10370
و10371) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
286- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم،
فيقوم الذين خلفه فيصلون ركعة، ثم يجيء الأخرون
إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعة
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]
287- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون
1133- عن ثعلبة بن زَهْدَمً قال:
كنا مع سعيد بن العاص ب (طَبَرِسْتَانَ) ، فقام فقال: أيكم صلى مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف في
فقال حذيفة: أنا. فصلى بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة؛ ولم يَقْضُوا.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه
الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان)
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني الأشعث بن سُلَيم
عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم.
قال أبو داود: " وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله ومجاهد عن ابن عباس عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعبد الله بن شقيق عن أبي كريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويزيد الفقير وأبو
موسى جميعاً عن حابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد قال بعضهم في حديث يزيد(4/409)
الفقير: إنهم قضوا ركلعة أخرى (1) ، وكذلك رواه سماك الحنفي عن ابن عمر عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك زيد بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فكانت للقوم ركعة،
وللنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ثعلبة بن زهدم،
وقد جزم بصحبته جماعة. وقال العجلي:
"تابعي ثقة ".
والحديث أخرجه النسائي (1/228) ، وابن أبي شيبة (2/115/1) ، وابن
خزيمة (1343 و 1344) ، وابن حبان (586) ، و (2857- الإحسان) ، والحاكم
(1/335) ، والبيهقي (1/263) ، وأحمد (5/385 و 399) من طرق عن
سفيان ... به. وقال الحاكم:
" صحيح الإساد "، ووافقه الذهبي.
وللحديث طريق أخرى: عند أحمد (5/395) ، والطحاوي (1/183) من
طريق أبي رَوْق عطية بن الحارث: ثنا مُخْمِلُ بْنُ دَمَاثٍ قال:
__________
(1) ثم رأيته فه "صحيح ابن خزيمة" (1351) ، وعنه ابن حبان (2957) ، والحاكم
(1/336) من طريق شرَحْبِيل أبي سعد عن جابر ... مطولاً.
وصححه الحاكم! وردّه الذهبي ب (شرحبيل) هذا-
وفي حديثه تكارة من وجوه؛ لخالفته لما رواه عطاء وأبو الزبير- عند مسلم-، وغيرهما- عند
غيره- مثل حديث أبي عياش الزرقي المتقدم (1121) .
وقد علّق المؤلف- عقبه- الطريقين المشار بليهكلما، وقد ذكرت من وصلهما هناك. وفيهما:
أنهم صلَّوا خلفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الركعتين، وأنهم سلموا منه جميعاً.
ومن تلك الوجوه: أن الصف الثاني كانوا نعوداً خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وجوههم كلهم إلى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(4/410)
غزوت مع سعيد بن العاص، قال: فسأل الناس: من شهد منكم صلاة
الخوف مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ... الحديث.
ورجاله ثقات معروفون؛ غير مخمل بن دماث، لم يوثقه أحد غير ابن حبان.
وله طريق ثالثة؛ يرويه أبو إسحاق عن سَيْمِ بن عبد السَلولي قال:
كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان ... الحديث نحوه؛ إلا أنه قال:
فقال حذيفة: أنا؛ فَأْمُرْ أصحابك يقومون طائفتين؛ طائفة خلفك، وطائفة
بإزاء العدو؛ فتكير ويكثرون جميعاً، ثم تركع فيركعون جميعاً، ثم ترفع فيرفعون
جميعاً، ثم تسجد ويسجد معك الطائفة التي تليك، والطائفةُ التي بإزاء العدو قيائم
بإزاء العدو، فإذا رفعت رأسك من السجود يسجدون، ثم يتأخر هؤلاء، ويتأخر
الآخرون، فقاموا في مصافهم، فتر؟ فيركعون جميعاً، ثم تسجد فتسجد الطائفة
التي تليك، والطاثفةُ الأخرى قائمة بإزاء العدو، فإذا رفعت رأسك من السجود
سجدوا، ثم سلمت وسلم بعضهم على بعض، وتأمر أصحابك إن هاجهم هَيْج من
العدو؛ فقد حل لهم القتال والكلام.
أخرجه أحمد (5/454 و 406) .
قلت: وهذا سند ضعيف؛ سُلَيْمُ بن عبد لم يرو عنه غير أبي إسحاق؛ وإن
وثقه ابن حبان والعجلي.
وأبو إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط.
وفيه مخالفة ظاهرة للطريقين الأوليين؛ فإن فيه قضاءَ كل من الطائفتين
الركعتين مع الإمام لا ركعة واحدة؛ فلا يجوز حملهما عليه كما فعل البيهقي؛ لما
عرفت من ضعف إسناده.(4/411)
وأما رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس؛ فقد وصلها النسائي
(1/228) ، والحاكم (1/335) ، والبيهقي (3/262) ، وأحمد (1/232 و 5/385)
من طريق سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ...
به نحوه. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا، وهو على شرط مسلم وحده! فإن أبا بكر بن أبي الجهم لم يخرج له
البخاري إلا في " جزء القراءة " له.
وأما رواية مجاهد عن ابن عباس؛ فقد وصلها مسلم وغيره، وهي الأتية في
الكتاب بعد هذا.
واما رواية عبد الله بن شقيق؛ فقد خرجتها تحت الحديث (1130) (*) .
وأما رواية يزيد الفقير عن جابر؛ فوصلها أبو عوانة (2/362) ، والنسائي
(1/230) ، والبيهقي (3/263) ، وأحمد (3/298) من طرق عن يزيد الفقير ...
وأخرجه الطيالسي (151/1/725) ، وعنه البيهقي من طريق المسعودي عن
يزيد بن صهيب الفقير قال:
سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر؛ أقصرهما؟ قال جابر:
إن الكعتين في السفر ليستا بقصر، إنما القصر ركعة عند للقتال. قال: ثم أنشأ
يحدث ... فذكره نحوه؛ وفيه:
فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، وللقوم ركعة.
__________
(*) في نهاية التخريج ص (406) . (الناشر) .(4/412)
وهذا فما رواية الجماعة عن يزيد؛ وإسنادهم صحيح.
أما المسعودي فكان اختلط.
وأما رواية بعضهم في حديث يزيد الفقير: أنهم قضوا ركعة أخرى؛ فلم أجد
من وصلها!
وكذلك رواية أبي موسى عن جأبر.
ورواية سماك الحنفي عن ابن عمر؛ وصلها البيهقي (3/263) مختصراً جدَاً.
وأما رواية زيد بن ثابت؛ فوصلها ابن خزيمة (1345) ، وابن حبان (590) ،
والبيهقي (3/262) ، وأحمد (5/183) من طريق القاسم بن حسان عنه.
والقاسم هذا فيه جهالة.
وبالجملة؛ فهذه شواهد كثيرة تشهد لحديث حذيفة في اقتصار المقتدين على
ركعة واحدة لْي صلاة الخوف. ومثله ما يأتي.
1134- عن ابن عباس قال:
فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر
ركعتين، وفي الخوف ركعة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا مسدد وسعيد بن منصور قالا: ثنا أبو عوانة عن بُكَيْرِ بن
الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس.(4/413)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/356- 357) من طريق المصنف.
ومسلم (2/143) من طريق سعيد بن منصور.
وهو، وللنسائي (1/228) ، وابن خزيمة (1346) ، واحمد (1/237) من طرق
أخرى عن أبي عوانة ... به.
وتابعه أيوب بن عائذ الطائي عن بكير نجن الأخنس،.. به.
أخرجه مسلم وأبو عوانة، والبيهقي (3/263- 264) ، وأحمد (1/243) .
وقال البيهقي:
" ويحتمل أن يكون المراد به ركعة مع الإمام، وينفرد بركعة أخرى ... وفي
كيفية صلاة الخوف في الأحاديث الثابتة- مع اختلاف وجوهها والاتفاق في
عددها- دليل على صحة هذا التأويل. والله أعلم. وذهب أحمد بن حنبل رحمه
الله وجماعة من أصحاب الحديث إلى أن كل حديث ورد في أبواب صلاة الخوف
فالعمل به جائز. وبالله التوفيق ".!
قلت: وهذا المذهب هو الصواب، وبه تجتمع الأ حاديث. وللتأويل المذكور
بعيد؛ بل باطل كما يشعر به تصيف الصلوات عي الحديث:
في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتبن، وفي الخوف ركعة.
ويؤيد بطلانه حديث حذيفة المتقدم: ولم يقضوا ... وقد قال أبو الحسن
السندي الحنفي في "حاشيته على النسائي":
" قلت: لا منافاة بين وجوب واحدة والعمل باثنتين حتى يحتاج إلى للتأويل
للتوفيق؛ لجواز أنهم عملوا بالأحب والأولى. والله تعالى أعلم ".(4/414)
288- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين
1135- عن أبي بَكْرَةَ قال:
صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خوفٍ الظُّهْرَ، فصفَّ بعضهم خَلْفَهُ، وبعضُهم
بإزاء العدوِّ، فصلَّى ركعتين ثم سلم، فانطلق الذين صلَّوْا معه فوقفوا
مَوْقِفَ أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلَّوْا خلفه، فصلى بهم ركعتين، ثم
سلَّم، فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعاً، ولأصحابه ركعتين ركعتين. وبذلك
كان يفتي الحسن.
(قلت: حديث صحيح) .
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا الأشعث عن الحسن عن
أبي بكرة.
قال أبو داود: " وكذلك في المغرب؛ يكون للإمام ست ركعات، وللقوم ثلاث
ركعات ".
قال أبو داود: " وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك قال سليمان اليَشْكُرِي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ ولولا أن الحسن- وهو البصري-
كان يدلس لقلت: إنه صحيح على شرط البخاري، ولكن الحديث صحيح على
كل حال؛ لما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/260) من طريق المصنف.
وهو، والنسائي (1/231) ، والطحاوي (1/186) ، والدارقطني (186) ، والحاكم
(1/337) ، وأحمد (5/49) من طرق عن أشعث بن عبد الملك الحُمْرَاني ... به.(4/415)
وتابعه أبو حَرَّةَ عن الحسن ... به.
أخرجه الطيالسي (1/151/726) ، وعنه الطحاوي.
وأبو حرة: اسمه واصل بن عبد الرحمن البصري؛ قال الحافظ:
" صدوق عابد، وكان يدلس عن الحسن "
ولفظ الحاكم مغاير للفط الجماعة؛ فإنه قال:
صلى بالقوم في صلاة الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاء
الأخرون، فصلى بهم ثلاث ركعات.
وهو رواية للدارقطني. وقال الحاكم:
" سمعت أبا علي الحافظ يقول: هذا حديث غريب ". قال الحاكم:
" وإنه صحيح على شرط الشيخين "! وكذلك قال الذهبي في "تلخيصه "!
قلت: وهو عندي منكر بهذا اللفظ؛ لأنه تفرد به عمرو بن خليفة البَكرَاوِيُ
عن الأشعث دون سائر أصحاب الأشعث؛ فإنهم رووه باللفط الأول.
والبكراوي كان في روايته بعض المناكير، كما في "الميزان "، فلا يقبل منه ما
خالف فيه للثقات. والله تعالى أعلم.
وكأن المصنف رحمه الله أشار إلى تقوية الحديث بالطريقين اللتين علقهما عن جابر.
وقد علق الأولى منهما: البخاري أيضا في "صحيحه " (5/96) ، ووصلها ابن
أبي شيبة في "المصنف " (12/1/16) ، والطحاوي (1/186) ، وأحمد (3/364)
من طريق أبان قال: ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
جابر بن عبد الله قال:(4/416)
كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (ذات الرقاع) ، فأقيمت الصلاد ... ثم ذكر مثله.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ثم رواه الطحاوي، وأحمد (3/364- 365 و 390) من طريق أبي عوانة عن
أبي يشرعن سليمان بن قيس عن جابر قال:
قاتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِب خَصَفَةَ، فصلى بهم صلاة الخوف ... فذكر مثل
ذلك أيضا.
وهذا إسناد صحيح أيضا.
وقد أخرجه مسلم وغيره من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن جابر ...
بسياق آخر نحو سياق حديث أبي عياش الزرقي المتقدم برقم (1121) ، وعلقه
المصنف هناك بعد حديثين.
فالظاهر أن جابراً رضي الله عنه روى أكثر من صفة واحدة في صلاة الخوف،
فروى كل من الرواة ما سمع منه؛ فالكل صحيح. والله أعلم.
289- باب صلاة الطالب
1135/م (*) - عن ابن عبد الله بن أُنيس عن أبيه قال:
بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عرنة
وعرفات، فقال:
" اذهب فاقتله ".
__________
(*) هذا الحديث أشار الثح رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " بلى هنا، قائلأ:
"ينقل إلى "الصحيح "، وانظر "الصحيحة " (3293) .(4/417)
قال: فرأيته، وحضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون
بيني وبينه ما أن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي؛ اومئ إيماء
نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني
أنك تجمع لهذا الرجل؛ فجئتك في ذاك، قال: إني لفي ذاك فمشيت
معه ساعة، حتى إذا أمكنني؛ علوته بسيفي حتى برد.
(قلت: إسناده ضعيف ابن عبد الله بن أُنيس اسمه عبد الله، وهو
مجهول) .
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث: ثنا محمد بن
إسحاق عن محمد بن جعفر عن ابن عبد الله بن أنيس.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير ابن عبد الله بن أنيس،
وهو كما قال المنذري في "مختصره " (2/73) :
" عبد الله بن عبد الله بن أنيس، جاء ذلك مبيناً من رواية محمد بن سلمة
الحراني عن محمد بن إسحاق ".
قلت: أورده ابن أبي حاتم (2/2/90) في كتابه وقال:
" روى عن أبيه، روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي ". ولم يذكر فيه جرحاً
ولا تعديلاً.
وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/108) .
قلت: وهذا الحديث إنما هو من رواية محمد بن جعفر- وهو ابن الزبير- عن
ابن أنيس. وقد فرق الذهبي بين الذي روى عنه ابن إبراهيم، وبين الذي روى عنه
ابن جعفر، وتبعه على ذلك ابن حجر. ثم إنهما لم يذكرا فيهما توثيقاً ولا تجريحاً؛(4/418)
فهو في عداد المجهولين؛ فهو علة الحديث. والله أعلم.
وقد نقل الشوكاني عن ابن حجر أنه حسن إسناده في "الفتح " (2/437) ،
فلينظر؛ فإنه موضع نظر.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (982) ، وابن حبان (591) ، والبيهقي
(3/256) ، وأحمد (3/496) من طرق أخرى عن محمد بن إسحاق: حدثني
محمد بن جعفر بن الزبير ... به.
وسمى البيهقي ابن عبد الله بن أنيس (عبيد الله) ؛ كذا وقع في المطبوعة:
"عبيد" مصغراً، ولعله خطأ مطبعي، فقد نقلنا آنفاً عن المنذري أنه في رواية محمد
ابن سلمة ... "عبد الله بن عبد الله "، والبيهقي رواه من طريق ابن سلمة. والله
أعلم.
290- باب تفربع أبواب التطوع وركعات السئنةِ
1136- عن أم حبيبة قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من صلى في يوم ثنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً تطوعاً؛ بُنِيَ له بِهِن بيتٌ في
الجنة".ً
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق
المصنف، ومسلم في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا ابن عُلَيَةَ: ثنا داود بن أبي هند:
حدثني النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن عَنْبسَة بن أبي سفيان عن أم
حبيبة.(4/419)
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن
عيسى- وهو الطباع-، وهو ثقة؛ وقد أخرجه مسلم من غير طريقه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/261- 262) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/161) - من طريقين آخرين-، وأحمد (6/426) - من
طريق ثالث- عن داود بن أبي هند ... به.
ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والدارمي (2/335) ، والبيهقي (2/472) ،
والطيالسي (1/ 113/519) ، وأحمد (6/327) من طريق شعبة عن النعمان بن
سالم ... به.
وأخرجه النسائي (1/256) عن أبي إسحاق الهَمْداني عن عمرو بن أوس ...
به
وابن أبي شيبة (2/17/2) ، والترمذي (2/274) ، والنسائي أيضا، وابن
ماجه (1/350) ، وأحمد (6/326- 327) من طرق عن المسيب بن رافع عن
عنبسة بن أبي سفيان ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "
1137- عن عبد الله بن شقيق قال:
سألت عائشة عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التطوع؟ فقالت:
كان يصلي قبل الظهو أربعاً في بيتي، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم
يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ئم يرجع إلى
بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بهم العشاء، ثم يدخل بيتي فيصلي
ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً(4/420)
طويلا قائماً، وليلاً طويلاً جالساً؛ فإذا قرأ وهو قائم؛ ركع وسجد وهو
قائم، وإذا قرأ وهو قاعد؛ ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر
صلى ركعتين، ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،
ورواه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا عن المصنف، والترمذي مختصراً، وقال:
" حديث حسن صحيح ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا هشيم: أخبرنا خالد. (ح) وثنا مسدد:
ثنا يزيد بن زربع: ثنا خالد- المعنى- عن عبد الله بن شقيق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/262) ، والبيهقي (2/471- 472) من طريق
المصنف.
وأحمد في "المسند" (6/30) .
وأخرجه مسلم (2/162) : حدثنا يحيى بت يحيى أخبرنا هشيم عن خالد ...
به
ففي رواية "المسند" فائدة هامة، وهي تصريح هشيم بالتحديث؛ فإنه كان
يدلس!
وأخرجه الترمذي (2/213) من طريق أخرى عن هشيم: أخبرنا خالد ... به
مقتصراً على الصلاة قائماً وقاعداً.
وكذا رواه النسائي (1/244) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به
أخصر منه.(4/421)
وصححه الترمذي.
ولابن ماجه (1/355) منه من طريق هشيم: الصلاة بعد المغرب فقط.
1138- عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين،
وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وكان لا يصلي
بعد الجمعة؛ حتى ينصرف فيصلي ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه البخاري وأبو عوانة
بتمامه، ومسلم: الركعتين بعد الجمعة فقط) .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في "الموطأ" (1/180- 181) .
وأخرجه البخاري (2/12) من طريق أخرى عنه ... به.
وأخرجه البيهقي (2/477) من طريق عبد الله بن وهب: أخبرني عبد الله بن
عمر ومالك بن أنس والليث بن سعد وأسامة بن زيد عن نافع ... به.
وأخرجه مسلم (3/17) ، والنسائي (1/210) من طريق مالك ... به مقتصراً
على الركعتين بعد الجمعة.
وأحمد (2/87) عنه: بالركعتين بعد المغرب فقط.
وأخرجه أبو عوانة (2/263) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع ... بتمامه.(4/422)
وابن الجارود (276) من طريق أيوب عن نافع ... به؛ دون الركعتين بعد
المغرب.
وروى الشيخان منه: الركعتين بعد الجمعة.
وكذلك المصنف كما تقدم برقم (1032 و 1033) .
1139- عن عائشة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يدع أربعاً فبل الظهر، وركعتين قبل صلاة
الغداة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "
بإسناد المصنف) .
إسناده: حدثا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر
عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/52) ... بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (2/472) من طريق أخرى عن مسدد ... به.
وأخرجه الطيالسي (1/ 113/522) : حدثنا شعبة ... به.
وأخرجه النسائي (1/252) ، والدارمي (1/335) ، وأحمد (6/63) من طرق
أخرى عن شعبة ... به.
وأخرجه البيهقي أيضا من طريق الطيالسي.(4/423)
291- باب ركعتي الفجر
1140- وعنها قالت:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه
على الركعتين قبل الصبح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في " صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني عطاء عن عُبَيْدِ بن
عُمَيْرٍ عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/470) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم (2/160) ، وأحمد (6/54) من طرق
أخرى عن يحيى بن سعيد ... به.
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/264) ، وأحمد أيضا (6/170) من طرق
اْخرى عن ابن جريج ... به.
292- باب في تخفيفها
1141- وعنها قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخفف الركعتين قبل صلاة الفجر، حتى إني لأقول:
هل قرأ فيهما بأم القران؟!(4/424)
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا زهير بن معاوية: ثنا يحيى
ابن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عَضرَةَ عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن
أبي شعيب- وهو ابن عبد الله بن أبي شعيب- فهو على شرط البخاري؛ وقد
أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم (2/161) ، وأبو عوانة (2/275-
276) ، والنسائي (1/151) ، وأحمد (6/165 و 186 و 235) من طرق عن يحيى
ابن سعيد ... به.
وقد توبع، فقال الطيالسي (1/114 و 530) : حدثنا شعبة عن محمد بن
عبد الرحمن ... به.
وعن الطيالسي: أخرجه أبو عوانة.
ومسلم من طريق أخرى عن شعبة ... به.
1142- عن أبي هريرة:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في ركعتي الفجر: (قل يا أيها الكافرون) و (قل
هو الله أحد) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .(4/425)
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا مروان بن معاوية: ثنا يزيد بن كَيْسَانَ عن
أبي حازم عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير يزيد بن
كيسان؛ فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/279) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، والبيهقي (3/42) من طريق أخرى عن يحيى بن معين ... به.
وأخرجه مسلم (2/160- 161) ، والنسائي (1/151) ، وابن ماجه
(1/351) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن مروان بن معاوية ... به.
وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه ابن ماجه، والترمذي (417) وابن حبان
(609) وغيرهم من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن مجاهد عنه. وقال الترمذي:
"حديث حسن ".
قلت: وإسناده صحيح لولا عنعنة أبي إسحاق!
ثم تبين لي أن الحديث صحيح، وأن العنعنة فيه ليست علة قادحة، فخرجته
في "الصحيحة" (3328) .
1143- عن بلال:
أنه أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُؤْذِنَهُ بصلاة الغداة، فشَغَلَتْ عائشة رضي الله
عنها بلالاً بأمر سألته عنه؛ حتى فَضَحَهُ الصئبْحُ، فأصبح جداً. قال: فقام
بلال، فآذنه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما خرج(4/426)
صلى بالناس، وأخبره أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدّاً،
وأنه أبطأ عليه بالخروج. فقال:
" إني كنت رَكَعْتُ ركعتي الفجر ". فقال: يا رسول الله! إنك
اصبحت جداً؟! قال:
" لو أصبحت أكثر مما أصبحت؛ لركلعتها وأحسنتها وأجملتها".
(قلت: إسناده صحيح) .
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو المغيرة: ثنا عبد الله بن العلاء:
حدثني أبو زيادة عبيد الله بن زيادة الكِنْدِيَ عن بلال أنه حدثه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عبيد الله بن
زيادة هذا، وهو ثقة، كما قال دحيم وغيره؛ وقد صرح بسماعه من بلال، فقول من
قال: إن روايته عن بلال مرسلة! مردود.
والحديث في "المسند" (6/14) .
والبيهقي (2/471) من طريق المصنف.
1144- عن ابن عباس:
أن كثيراً مما كان يقرأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركعتي الفجر بـ: (أمنا بالله
وما أنزل إلينا ... ) هذه الآية، قال: هذه في الركعة الأولى، وفي الركعة
الآخرة بـ: (آمنا بالله واشهد بأنَّا مسلمون) .
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم والذهبي.
وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما" دون: إن كثيراً مما ... ) .(4/427)
اسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا عثمان بن حكيم: أخبرني
سعيد بن يسارعن عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/278) من طريق المصنف وغيره عن أحمد بن
يونس.
وأخرجه مسلم (2/161) ، والنسائي (1/151) ، والبيهقي (3/42) من طرق
أخرى عن عثمان بن حكيم ... به؛ وليس عند أحد منهم قوله: إن كثيراً مما ...
وأخرجه الحاكم (1/307) من طريق أبي خالد الأحمر: ثنا عثمان بن
حكيم ... به مثل رواية المصنف، وقال:
" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
1145- عن أبي هريرة:
أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في ركعتي الفجر: {قل امنا بالله وما أنزل
علينا} (1) في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرى بهذه الأية: {ربنا امنا
بما أنزلت واتَّبَعْنا الرسول فاكتُبْنا مع الشاهدين} أو: {إنا أرسلناك بالحق
بشيراً ونذيراً ولا تُسْألُ عن أصحاب الجحيم} . شك الدراوردي.
(قلت: إسناده حسن. وقد أخرجه البيهقي دون قوله: أو: {إنا أرسلناك
... } ) .
__________
(1) كذا الأصل و "المنذري "! وفي "البيهقي ": {قولوا آمنا بالله وما اْنزل إلينا} ، وهما
آيتان: الأولى في (3/84) ، والأخرى في (12/36) .(4/428)
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبًاح بن سفيان: ثنا عبد العزيز بن محمد عن
عثمان بن عمر- يعني: ابن موسى- عن أبي الغَيْثِ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عثمان بن عمر
ابن موسى، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جماعة، وكان على
قضاء المدينة في زمن مروان بن محمد، ثم ولي القضاء للمنصور.
والحديث؛ أخرجه البيهقي (3/43) من طريق سعيد بن منصور: ثنا عبد
العزيز بن محمد؛ دون قوله: أو: {إنا ... }
293- باب الاضطجاع بعدها
1146- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح؛ فليضطجع على يمينه ".
فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدَنا ممشاه إلى المسجد، حتى
يضطجع على يمينه؟! - قال عبيد الله في حديثه- قال: لا. قال: فبلغ ذلك
ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه! قال: فقيل لابن عمر: هل
تنكر شيئاً مما يقول؟ قال: لا؛ ولكنه اجترأ على الرواية وَجَبُنَّا! فبلغ ذلك
أبا هريرة، قال:
فما ذنبي إن كنت حفظت وَنَسوا؟!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال النووي، وقال
الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن حبان أيضا (2459) ، وعبد الحق،
واحتح به ابن حزم)(4/429)
إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل وعبيد الله بن عمر بن ميسرة قالوا: ثنا عبد الواحد:
ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما.
وكذلك قال النووي في "المجموع " (4/28) ، وقد صححه غيره. وأُعِل بما لا يقدح
كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/45) ، وابن حزم في "المحلى" (3/196) - محتجاً
به- كلاهما من طريق المصنف.
وأخرجه الترمذي (2/281) ، وابن خزيمة (1120) ، وابن حبان (612) ،
وأحمد (2/415) من طرق أخرى عن عبد الواحد بن زياد ... به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "؛ وليس عنده وكذا أحمد إلا المرفوع منه فقط. وأما
البيهقي فأعله بقوله:
" وهذا يحتمل أن يكون المراد به الإباحة؛ فقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي
عن أبي صالح عن أبي هريرة ... حكايةً عن فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا خبراً عن
قوله ... "، ثم ساقه من طريق ابن إسحاق قال:
" حدثني محمد بن إبراهيم عن أبي صالح السَّمَّان قال: سمعت أبا هريرة
يحدث مروان بن الحكم وهو على المدينة:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفصل بين ركعتيه من الفجر وببن الصبح بِضَجْعَة على
شقه الأيمن. وهذا أولى أن يكون محفوظاً؛ لموافقته سائر الروايات عن عائشة"وابن
عباس "!
قلت: وهذا التعليل- أو الإعلال- لا يساوي عندي شيئاً؛ وذلك لأن ابن
إسحاق- وإن كان ثقة- فإن في حفظه ضعفاً، ولذلك كان حديثه حسناً دون(4/430)
الصحيح، فمثله لا يعارض به رواية عبد الواحد بن زياد المحتج به في
"الصحيحين "؛ فضلاً عن أن تُرجح روايته على روايته وتقدم عليها!
على أنه يمكن الجمع بين الروايتين، فيقال: إن أبا هريرة روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كلاً من الأمر والفعل، فحفظ ذلك عنه أبو صالح السمان، ثم حفظ عن هذا
الأعمشُ الأمرَ، وابن إسحاق القعلَ، وروى كل منهما ما حفظ، والكل صحيح.
وكذلك يقال في التوفيق بين حفظ أبي هريرة للأمر، وحفظ عائشة للفعل
الآتي؛ فالكل صحيح، ولا منافاة بينهما كما هو ظاهر.
ومن تأمل في سياق الحديث في للكتاب، وقول ابن عمر: أكثر أبو هريرة
(يعني: من الرواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وقول أبي هريرة: فما ذنبي إن كنت حفظت
ونسوا؟! يعني: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يقطع بأن أصل الحديث مرفوع ليس بموقوف،
وهذا بين لا يخفى إن شاء الله.
وكأنه لذلك أقر الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه " (1558-
بتحقيقي) الترمذيَّ على تصحيحه للحديث، ولم يتعقبه بشيء.
وإذا تبين هذا؛ فقول ابن تيمية في هذا الحديث:
" باطل "- كما نقله ابن القيم في " الزاد " عنه-! مردود؛ لأنه لا دليل عليه.
1147- عن عائشة قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قضى صلاته من آخر الليل نظر؛ فإن كنت
مستيقظ حدئني، وإن كنت نائمة أيقظني، وصلى الركعتين ثم اضطجع،
حتى يأتيه المؤذن فئؤْذِنَه بصلاة الصبح، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم
يخرج إلى الصلاة.(4/431)
(قلت: إسناده صحيح، لكن ذكر التحديث والاضجاع قبل ركعتي
الصبح شاذ، والمحفوط أن ذلك بعدهما، كما في الرواية الأتية. وكذلك
أخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا يحيى بن حكيم: ثنا بثر بن عمر: ثنا مالك بن أنس عن
سالم أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يحيى بن
حكيم، وهو ثقة؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (3/45) من طريق المصنف.
ولم أره في "الموطأ" المتداول اليوم! وقد ذكر البيهقي أن مالكاً رواه خارج
" الموطأ".
وقد خولف في الاضطجاع قبل ركعتي الصبح، فجعلهما غيره بعدهما؛ فقال
الحميدي في "مسنده " (175) : ثنا سفيان قال: ثنا أبو النضر ... به، بلفط:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يصلي ركعتي الفجر؛ فإن كنت ممستيقظة حدثني؛ وإلا
اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة.
وأخرجه أبو عوانة (2/278) ، والبيهقي (3/45) ، من طريق الحميدي.
وبإسناده: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/35/2) ، وعنه مسلم
(2/168) .
وأخرجه البخاري (2/49 و 50) من طريقين آخرين عن سفيان ... به.
ولسفيان فيه إسناد آخر عن أبي سلمة، وهو الآتي بعده:(4/432)
1148- وفي رواية عنها قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنت نائمة اضطجع،
وإن كنت مستيقظة حدَّثني.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو
عوانة في "صحاحهم ") .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن زياد بن سعد عمَن حدثه- ابن أبي
عَتَّاب أو غيره- عن أبي سلمة قال: قالت عائشة
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط
البخاري، لكنه قد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (176) : ثنا سفيان ... به؛ إلا أنه
قال: عن ابن أبي عتاب ... لم يشك.
وكذا رواه أبو عوانة (2/278) ، والبيهقي (3/46) عن الحميدي.
وأخرجه مسلم (2/168) : حدثنا ابن أبي عمر: حدثنا سفيانْ ... به.
وتابعه عروة بن الزبير عنها قالت:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى ركعتي الفجر؛ اضطجع على شقه الأيمن.
أخرجه البخاري (2/49) ، وابن أبي شيبة (2/1/35) ، وأحمد (6/121
و133 و 254) من طرق عنه.
(تنبيه) : ابن أبي عتاب: اسمه زيد، وثقه ابن معين وابن حبان، وروى عنه
جماعة. ولم يعرفه المنذري، فقال في "مختصره" (2/76) :(4/433)
" في إسناده رجل مجهول "! ثم لم يَعزة لمسلم!
***
انتهى بحمد الله وفضله المجلد الرابع من
" صحيح سنن أبي داود "،
ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الخامس، وأوله:
294- باب: إذا أدرك الامام ولم يصلِّ ركعتي الفجر
و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت،
أستغفرك وأتوب إليك ".(4/434)
الجزء الخامس
صحيح
سنن أبي داود
الإمام الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني
المتوفي سنة (275 هـ) رحمه الله تعالى
تأليف
الإمام المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
المتوفي سنة (1420هـ) رحمه الله تعالى
وهو الكتاب الأم - كما سماه مؤلفه الشيخ رحمه الله - والذي خرج فيه أحاديثه
مطولا، وتكلم على أسانيده ورجاله مفصلا، تعديلا وتخريجا وتصحيحا وتضعيفا
وعلى النهج الذي انتهجه - رحمه الله - في السلسلتين "الصحيحة " و "الضعيفة"
(5)
المجلد الخامس
كتاب
(الصلاة - الزكاة - اللقطة - المناسك)(5/1)
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية
محفوظة دارغراس- الكويت وشريكهما
ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد
الكتاب كاملأ أو مجزا أو تسجيله على اشرطة
كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على
اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر.
الطبعة الأولى
1423 هـ
2002 م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868
الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030
Website: www.Gheras.com
E-mail: Info@gheras.com(5/2)
294- باب إذا أدرك الامام ولم يصلِّ ركعتي الفجر
1149- عن عبد الله بن سَرجِس قال:
جاء رجلٌ والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الصبح، فصلى الركعتين، ثم دخل مع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة. فلما انصرف قال:
" يا فلان! أيَّتُهُما صلاتك؟ الَّتِي صَلَّيْتَ وحدك، أو التي صليت
معنا؟! ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في
"صحيحيهما") .
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عاصم عن عبد الله
ابن سرجس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (2/35) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (2/154) ، والنسائي (1/139) من طرق أخرى عن حماد ... به.
وأخرجه مسلم، والبيهقي (2/482) ، وأحمد (5/82) ، وكذا ابن ماجه
(1/351- 352) من طرق أخرى عن عاصم الأحول ... به.
1150- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبةُ ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في(5/3)
"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن "! وهو قصور، بل هو صحيح
جداً) .
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا حماد بن سلمة. (ح) وحدثنا أحمد
ابن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن ورقاء. (ح) وحدثنا الحسن بن
علي: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج. (ح) وحدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون
عن حماد بن زيد عن أيوب. (ح) وحدثا محمد بن المتوكل: ثنا عبد الرزاق أخبرنا
زكريا بن إسحاق كلهم عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/482) عن المصنف ... بأسانيده الخمسة هذه
عن عمرو بن دينار)
وأبو عوانة (2/32- 33) عنه ... بإسناده الأول والثاني والرابع فقط.
وأخرجه الدارمي (1/338) ... بإسناده الأول.
ومسلم (2/153- 154) ... بإسناده الثاني.
وهو في "مسند أحمد" (2/455) ، والنسائي (1/139) ، والدارمي من طرق
أخرى عن محمد بن جعفر ... به.
ومسلم أيضا ... بإسناده الرابع.
وابن ماجه (1/351) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به.
ومسلم أيضا من طريق عبد بن حميد: أخبرنا عبد الرزاق ... به.
وهو، وأبو عوانة، والنسائي، والترمذي (2/282) ، والدارمى، وابن ماجه،
وأحمد (2/517 و 531) من طرق أخرى عن زكريا بن إسحاق ... به. وقال الترمذي:(5/4)
" حديث حسن "!
وهذا قصور واضح.
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، وأحمد (2/331) من طرق أخرى عن ورقاء بن
عمر اليَشْكُرِيَ ... به.
وله عند أبي عوانة طرق أخرى عن أيوب وعن عمرو بن دينار ... به.
وله في "المسند" (2/352) طريق أخرى فقال: حدثنا حسن: حدثنا ابن
لهيعة: حدثنا عَيَّاش بن عَباس القِتْبَاني عن أبي تميم الزهري عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا التي أقيمت ".
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة؛ فهو سيئ الحفظ.
295- باب من فاتته؛ متى يقضيها؟
1151- عن قيس بن عمروقال:
رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين. فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" صلاة الصبح ركعتان! "
فقال الرجل: إني لم أكنْ صليت الركعتين اللتين قبلهما،،فصليتها
الآنْ. فسكَتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي) .(5/5)
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثا ابن نمير عن سعد بن سعيد:
حدثني محمد بن إبراهيم عن قيس بن عمرو.
حدثنا حامد بن يحيى البَلْخِي قال: قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح
يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد.
قال أبو داود: " روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلاً: أن
جدهم زيداً " (1) صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن سعداً هذا- وهو ابن
سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري- فيه كلام لسوء حفظه. لكنه قد توبع كما
يأتي.
ثم إن الإسناد منقطع ببن محمد بن إبراهيم وقيس بن عمرو، كما قال
الترمذي. لكنه قد جاء موصولاً من طريق أخرى كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/483) من طريق المصنف.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة- أخو عثمان- في "المصنف " (2/2/37) : نا
ابن نمير ... به.
وعنه: أخرجه ابن ماجه (1/352) ، والحاكم (1/275) أيضا.
وأخرجه الترمذي (2/284- 285) مز/طريق عبد العزيز بن محمد عن سعد
ابن سعيد ... به. وقال:
" لا نعرفه إلا من حديث سعد بن سعبد. وقال سفيان بن عيينة: سمع عطاء
__________
(1) كذا في النسخ الموجودة اليوم! وهو خطأ. والصواب. " قيساً "؛ فإن جد ابني سعيد:
قيس لا زيد! انظر "الإصابة" لابن حجر.(5/6)
ابن أبي رباح من سعد بن سعيد هذا الحديث. وإنما يروى هذا الحديث مرسلأ.
وسعد بن سعيد: هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري. وقيس: هو جد يحيى بن
سعيد، ويقال: هو قيس بن عمرو، ويقال: هو قيس بن قهد. وإسناد هذا الحديث
ليس بمتصل؛ محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس ".
وأخرجه الإمام أحمد (5/447) : ثنا ابن نمير ... به.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (868) : ثنا سفيان قال: ثنا سعد بن سعيد
ابن قيس الأنصاري ... به.
قال سفيان: وكان عطاء بن أبىِ رباح يروي هذا الحديث عن سعد بن سعيد.
وقد جاء موصولاً: أخرجه ابن حبان (624) ، والدارقطني (147) ، والحاكم
(1/274- 275) من طرق عن اسد بن موسى: حدثنا الليث بن سعد: حدثنا
يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس بن قهد:
أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح؛ ولم يكن ركع الركعتين قبل الفجر. فلما
سلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قام فركع ركعتي الفجر ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إليه، فلم ينكر
ذلك عليه. وقال الحاكم:
" قيس بن قهد الأنصاري صحابي، والطريق إليه صحيح على شرطهما "!
وأقره الذهبي!
وهو خطأ منهما؛ فإن أسد بن موسى- وإن كان ثقة على كلام فيه-؛ فليس
على شرط الشيخين.
وسعيد والد يحيى- وهو سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري- لم يخرج له
الشيخان؛ بل ولا بقية الستة شيثاً؛ وقد أورده ابن أبي حاتم (2/1/55- 56) ، ولم
يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.(5/7)
وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات " (4/281) برواية يحيى ابنه عنه! وقرن
معه ابن أبي حاتم: سعد بن سعيد!
وفيه نظر؛ لأنه إنما روى عن محمد بن إبراهيم، كما في رواية ابن نمير عند
المصنف وغيره.
ومن الغرائب: أن (سعيد بن قيس) لم يترجموا له في "تهذيب الكمال "
وفروعه! ولم يذكره الذهبي في " الميزان " و " المغني "!
وأسد بن موسى؛ قال في "التقريب ":
" صدوق يغرب " 0
قلت: وقد خولف؛ فقال أحمد (5/447) : ثنا عبد الرزاق: أنا ابن جريج
قال: وسمعت عبد الله بن سعيد أخا يحيى بن سعيد يحدث عن جده قال:
خرج إلى الصبح ... الحديث! هكذا وقع في "السند"، وكذلك نقله الحافظ
في "الإصابة"! قال الحقق أحمد شاكر على "الترمذي ":
" ولم أجد ترجمة لعبد الله بن سعيد في كتب الرجال، ولم يذكره الحافظ في
"تعجيل المنفعة"، فالراجح عندي أن هذا خطأ من الناسخين، وأن صوابه: عبد ربه
ابن سعيد، وتكون هي الرواية التي أشار إليها أبو داود ".
قلت: وعبد ربه ثقة، ءلما في "ابن أبي حاتم " (3/1/41) . قال ابن معين:
"ثقة مأمون ".
قلت: فمخالفة أسد بن موسى- مع ما فيه من الكلام- لمثل عبد ربه بن
سعيد؛ مما لا يطمئن القلب له؛ لا سيما وقد تابعه أخوه يحيى بن سعيد كما ذكر
المصنف- على إرساله-؛ فهو الأرجح.(5/8)
نعم؛ يتقوى الحديث بمرسل عطاء: عند ابن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم
قال: أخبر عبد الملك عن عطاء ... به نحوه.
وروي موصولاً من وجهين عنه؛ أحدهما: عن قيس بن سهل، والآخر: عن
رجل من الأنصار.
وله شاهد من حديث ثابت بن قيس بن شَمَّاس.
وقد أخرج ذلك كله أبو الطيب في "إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر"
(ص 61-62) ؛ فمن شاء فليرجع إليه.
296- باب الأربع قبل الظهر وبعدها
1152- عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!:
" من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها؛ حَرُمَ على
النار "
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وقال الترمذي: " حسن
صحيح ". وله عند أحمد إسناد صحيح على شرط الشيخين) .
إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل: ثنا محمد بن شعيب عن النعمان عن
مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قال أبو داود: " رواه العلاء بن الحارث وسليمان بن موسى عن مكحول ...
رواه مثله ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم. لكن مكحولاً مدلس، وقد عنعنه،
وجزم النسائي بأنه لم يسمعه من عنبسة، ويأتي ما يشهد له.(5/9)
والنعمان: هو ابن المنذر الغَسَّاني الدمشقي؛ وقد توبع كما سأذكره.
والحديث أخرجه الحاكم (1/312) ، وعنه البيهقي (2/472) من طريق الهيثم
ابن حميد: ثنا النعمان بن المنذر ... به.
والنسائي (1/257) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى
عن مكحول ... به، وقال:
" مكحول لم يسمع من عنبسة شيئاً".
قلت: ويشهد لهذا: رواية ابن لهيعة قال: ثنا سليمان بن موسى:
أخبرني مكحول: أن مولى لعنبسة بن أبي سفيان حدثه: أن عنبسة بن أبي
سفيان حدثه ... به.
وتابعه محمد بن عبد الله الشمّعَيْثي عن أبيه عن عنبسة بن أبي
سفيان ... به.
أخرجه النسائي، والترمذي (2/292) ، وابن أبي شيبة (2/18/1) ، وعنه
ابن ماجه (1/354) ، وأحمد (6/426) .
وهذا إسناد فيه ضعف؛ من أجل عبد الله- وهو ابن الهاجر الشعيثي-.
لكن تابعه حسان بن ععلية: عند النسائي وأحمد (6/325) .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه القاسم أبو عبد الرحمن: عند النسائي والترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ".(5/10)
1153- عن أبي أيوب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تُفَتَّحُ لهن أبوابُ السماء ".
(قلت: حديث حسن [دون قوله: " ليس فيهن تسليم " [) .
إسناده: حدثنا ابن الثنى: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة: سمعت عُبَيدَةَ
يحدث عن إبراهيم عن ابن مِنْجَاب عن قَرْثع عن أبي أيوب.
قال أبو داود: " بلغني عن يحيى بن سعيد القطان قال: لو حدثت عن عبيدة
بشيء لحدثت عنه بهذا الحديث ".
قال أبو داود: " عبَيدةُ ضعيف ".
قال أبو داود: " ابن مِنْجَابٍ: هو سَهْمٌ ".
قلت: وعُبَيدة- بضم العين-: هو ابن مُعَتِّبٍ الضَّبَي، وهو ضعيف كما قال
المصنف، وذلك متفق عليه بين الأئمة.
والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 113/523) : حدثنا شعبة وغيره عن
عبيدة ... به نحوه؛ وزاد: قال:
فقلت: يا رسول الله! أنسلِّم بينهن؟ لمحال:
"لا؛ إلا في آخرهن ".
وأخرجه ابن ماجه (1/353) ، وابن خزيمة (2/221) ، وأحمد (5/416) ،
والحميدي (385) ، والبيهقي (2/\/48- 489) ، والطبراني في " الكبير" (6/202/1)
من طرق عن عبيدة بن معتَب ... به. وقال البيهقي- وكذا ابن خزيمة-:(5/11)
" وعبيدة بن معتب ضعيف لا يحتج بخبره " (1) .
وقال البيهقي:
" قد روي من وجه آخر غير قوي عن أبي أيوب ... "؛ ثم ساقه هو، وأحمد
(5/418 و 419) ، والطبراني (4/202/2037 و 4038) ، والبخاري في " التاريخ "
(3/2/2453) من طريق شريك عن الأعمكش عن المسيَب بن رافع عن علي بن
الصلت عن أبي أيوب الأنصاري ... به نحوه؛ دون الزيادة.
وإسناده ضعيف، كما قال العراقي في " تخريج الإحياء" (1/174) ؛ علي بن
الصلت لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/190) جرحاً ولا تعديلاً، وجهله ابن
خزيمة.
وشريك سيئ الحفظ.
وقد خالفه سفيان عن الأعمش ... به؛ إلا أنه قال: عن رجل عن أبي أيوب.
أخرجه أحمد (5/419) ، وابن خريمة (1215) .
وقد وجدت له طريقين آخرين:
فأخرجه الحاكم (3/461) ، والطبراني (4/140/3854) من طريق عبيد الله
ابن زَحْرٍ عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي أيوب الأنصاري ...
به نحوه؛ وفيه قصة.
__________
(1) ثم وجدت له متابعاً، يرويه السعودي عن عبد الخالق عن إبراهيم النخعي. 0. بأتم منه.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (3/325/2694) .
قلت: والمسعودي كان اختلط.
وشيخه عبد الخالق؛ لم أجد له ترحمة!(5/12)