" حديث منكر , لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشىء "!.
قلت: وهذا الإعلال ليس بشىء , لأنه جار على اشتراط ثبوت اللقاء فى الاتصال كما هو مذهب البخارى , والمرجوح عند الجمهور , وقد رده الإمام مسلم فى مقدمة " صحيحه " وأثبت أن المعاصرة كافية فى ذلك إذا كان الراوى غير مدلس , والأمر كذلك هنا فإن قيس بن سعد عاصر عمرو بن دينار وشاركه فى الرواية عن عطاء ـ وثلاثتهم مكيون ـ بل كان قد خلف عطاء فى مجلسه , يعنى فى المسجد الحرام , ففى مثل هذا يكاد يقطع الناظر بثبوت التلاقى بينهما , فإذا لم يثبت , فالمعاصرة متحققة , ثم هو ليس يعرف بتدليس , فماذا يضر أن الطحاوى وغيره لا يعلم أن قيسا حدث عن عمرو , وهو قد روى عنه هذا الحديث وغيره أيضا كما فى " الكامل " ما دام أنه غير مدلس؟ !
وظنى أن الحديث لو كان غير مخالف للمذهب الحنفى لما تشبث الطحاوى فى رده بهذه العلة الواهية , ولو أوهم ابن التركمانى ما أوهم مما سبق بيانه. والله المستعان.
وأما ما ذكره فى " الجوهر النقى " عن البخارى أنه قال: " عمرو بن دينار لم يمسع عندى هذا الحديث من ابن عباس ".
فالجواب عنه , كالجواب عن إعلال الطحاوى (1) .
لاسيما وعمرو بن دينار ثابت لقاؤه لابن عباس ومكثر من الرواية عنه.
ومن الغرائب قول الزيلعى فى " نصب الراية " (4/97) عقب قول البخارى المذكور: " ويدل على ذلك ما أخرجه الدارقطنى عن عبد الله بن محمد بن ربيعة ... ".
فذكر ما تقدم أنه أدخل بين عمرو وابن عباس طاوسا.
ولكن الزيلعى سرعان ما تبين له أنه لا وجه لهذا الاستدلال لضعف ابن ربيعة , فتدارك الأمر بما نقله عن ابن القطان قال: " ولكن هذه الرواية لا تصح من جهة عبد الله بن محمد بن ربيعة وهو
__________
(1) وراجع له " التنكيل بما فى تأنيب الكوثرى من الأباطيل " للشيخ عبد الرحمن اليمانى رحمه الله فقد كفى وشفى.(8/299)
القدامى يروى عن مالك وهو متروك.
قاله الدارقطنى ".
ثم قال الزيلعى: " وقال البيهقى فى " المعرفة ": قال الطحاوى: لا أعلم قيس بن سعد يحدث عن عمرو بن دينار بشىء.
وهذا مدخول , فإن قيسا ثقة أخرج له الشيخان فى " صحيحيهما ".
وقال ابن المدينى: هو ثبت.
وإذا كان الراوى ثقة , وروى حديثا عن شيخ يحتمله سنه ولقبه , وكان غير معروف بالتدليس وجب قبوله , وقد روى قيس بن سعد عمن هو أكبر سنا , وأقدم موتا من عمرو بن دينار كعطاء بن أبى رباح ومجاهد بن جبر , وقد روى عن عمرو بن دينار من كان فى قرن قيس , وأقدم لقيا منه كأيوب السختيانى , فإنه رأى أنس بن مالك , وروى عن سعيد بن جبير , ثم روى عن عمرو بن دينار , فكيف ينكر رواية قيس بن سعد عن عمرو بن دينار؟ ! غير أنه روى ما يخالف مذهبه , ولم يجد له مطعنا سوى ذلك ".
ثم ذكر البيهقى متابعة الطائفى , وذكر له طريقا أخرى عن ابن عباس أعرضت عن ذكرها لشدة ضعفها , وعدم الحاجة إلى التقوى بها , لاسيما وللحديث شواهد قوية بعضها صحيح , وبعضها جيد , وبعضها حسن لغيره وقد قال ابن عبد البر كما قال الزيلعى (4/97) : " هذا حديث صحيح , لا مطعن لأحد فى إسناده , ولا خلاف بين أهل العلم فى صحته , وقد روى القضاء باليمين والشاهد عن النبى صلى الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة , وعمرو , وابن عمرو , وعلى , وابن عباس , وزيد بن الليث وجابر بن عبد الله , وسعد بن عبادة , وعبد الله بن عمرو بن العاص , والمغيرة بن شعبة , وعمارة بن حزم , وسرق , بأسانيد حسان ".
قلت: وإليك تخريج وتحقيق الكلام على أسانيد ما تيسر منها: الأول: عن أبى هريرة , يرويه سهيل بن أبى صالح عن أبيه عنه قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد ".(8/300)
أخرجه الترمذى (1/215) وأبو داود أيضا (3610) والشافعى (1406) وابن ماجه (2368) والطحاوى (2/281) من طريق عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عنه.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
قلت: وإسناده على شرط مسلم.
ولا يضره رواية سليمان بن بلال عن ربيعة به قال سليمان: " فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث , فقال: ما أعرفه , فقلت له: إن ربيعة أخبرنى به عنك , قال: فإن كان ربيعة أخبرك عنى فحدث به عن ربيعة عنى ".
أخرجه أبو داود (3611) والطحاوى وابن الجارود (1007) دون قول سليمان.
وعند الشافعى نحوه من طريق عبد العزيز قال: " قال عبد العزيز , فذكرت ذلك لسهيل , قال: أخبرنى ربيعة وهو عندى ثقة أنى حدثته إياه , ولا أحفظه.
قال عبد العزيز: وكان أصاب سهيلا علة أذهبت بعض حفظه ونسى بعض حديثه , وكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه ".
وأخرجه الطحاوى من طريق يحيى بن عبد الحميد يعنى الحمانى قال: حدثنا سليمان ابن بلال والدراوردى , فذكر بإسناده مثله.
قال عبد العزيز: فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه ".
كذا رواه الحمانى مختصرا من قول عبد العزيز , والحمانى سىء الحفظ فلا يحتج بما تفرد به , فكيف إذا خالف.
وفى " العلل " لابن أبى حاتم (1/463) : " قيل لأبى: يصح حديث أبى هريرة فى اليمين مع الشاهد؟ فوقف وقفة فقال: ترى الدراوردى (يعنى عبد العزيز بن محمد) ما يقول؟ يعنى؟: قلت لسهيل فلم يعرفه.
قلت: فليس نسيان سهيل دافعا لما حكى عنه ربيعة ,(8/301)
وربيعة ثقة , والرجل يحدث بالحديث وينسى , قال: أجل هكذا هو , ولكن لم نر أنه تبعه متابع على روايته , وقد روى عن سهيل جماعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث , قلت: إنه يقول (كذا ولعل الصواب إنك تقول) بخبر الواحد.
قال: أجل غير أنى لا أدرى لهذا الحديث أصلا عن أبى هريرة , أعتبر به , وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة ".
قلت: لقد دلتنا هذه المحاورة الطريفة بين أبى حاتم وابنه , أن أباه لا يعتبر نسيان سهيل للحديث بعد أن حدث به علة تقدح فى صحة الحديث , وإنما العلة عنده تفرد ربيعة به عن سهيل من بين جميع الذين رووا عنه , ولا يخفى أن ذلك ليس بعلة قادحة , إذا كان المتفرد ثقة ضابطا كما هو مقرر فى " المصطلح " لاسيما إذا كان المتفرد مثل ربيعة بن أبى عبد الرحمن الفقيه الثقة المحتج به فى " الصحيحين " , وكم من أحاديث تفرد بها بعض الثقات ومع ذلك فهى صحيحة بلا خلاف مثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " كما هو مقرر فى محله , ومن أجل ذلك راجعه ابنه ولكن بدون جدوى ظاهرة.
لكن يبدو أن هذه المحاورة قد أثمرت ثمرتها فى نفس أبى حاتم رحمه الله فقد روى عنه ابنه أيضا أنه ذهب أخيرا إلى صحة الحديث.
فقال فى " العلل " أيضا (1/469) : " سألت أبى وأبا زرعة عن حديث رواه ربيعة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين؟ فقال: هو صحيح.
قلت: يعنى أنه يروى عن ربيعة هكذا.
قلت: فإن بعضهم يقول عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت؟ قالا: وهذا أيضا صحيح , جميعا صحيحين ".
وقد وجدنا له أصلا من طريق أخرى عن أبى هريرة , يرويه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبى الزناد عن الأعرج عنه به.
ولفظه: " ... قضى باليمين مع الشاهد ".
أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 386/2) والبيهقى ورويا عن الإمام أحمد أنه قال:(8/302)
" ليس فى هذه الباب حديث أصح من هذا ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , وفى المغيرة بن عبد الرحمن وهو الحزامى كلام يسير ولا يضر , وقد قال الذهبى فى " الميزان ": " وثقوه , وحديثه مخرج فى " الصحاح " ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة له غرائب ".
لكن قال الذهبى فى آخر ترجمته: " قلت: حديث قضى.
رواه ابن عجلان وغيره عن أبى الزناد عن أبى صفية عن شريح قوله ".
وأجاب بعض المحققين المعاصرين بأن هذا لا يوهن رواية المغيرة , إذ لا يمتنع أن يكون الحديث عند أبى الزناد من الوجهين , وإنما كان يكثر من ذكر المروى عن شريح لأن شريحا عراقى ... ".
الثانى: عن جابر بن عبد الله مرفوعا به مثل لفظ أبى هريرة.
أخرجه الترمذى وابن ماجه (2369) وابن الجارود (1008) والبيهقى (10/170) وأحمد (3/305) من طريق عبد الوهاب الثقفى عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه.
وقال عبد الله بن أحمد: " قال أبى: وقضى به على بالعراق ".
وقال: " كان أبى ضرب على هذا الحديث , قال: ولم يوافق أحد الثقفى عن جابر , فلم أزل به حتى قرأه على , وكتب عليه هو: صح ".
قلت: قد أخرجه مالك (2/721/5) وعنه الشافعى (1407) عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا.
وتابعه عليه جماعة من الثقات عند الترمذى والطحاوى والبيهقى وقال:(8/303)
" هكذا رواه جماعة عن جعفر بن محمد مرسلا.
ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى وهو من الثقات عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم موصولا ".
قال: " وروى عن حميد بن الأسود وعبد الله العمرى وهشام بن سعيد وغيرهم عن جعفر ابن محمد كذلك موصولا ".
قلت: العمرى ضعيف وهشام قريب منه وكذا ابن الأسود , فلا يعارض بمثلهم رواية مالك ومن معه من الثقات الذين أرسلوه.
ولذلك قال الترمذى عقبه: " وهذا أصح , وهكذا روى سفيان الثورى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبى ... مرسل ".
ومن الغير الذين أشار إليهم البيهقى ممن وصلوا الحديث عن جعفر بن محمد إبراهيم بن أبى حية عنده , وهو متروك.
وقد كان رأى الإمام أحمد ترجيح المرسل , ثم لا أدرى ما الذى بدا له حتى صحح الموصول كما تقدم عن ابنه.
والله أعلم.
وعلى كل حال فهذا المرسل صحيح الإسناد , فمثله حجة بالاتفاق أما الحنفية فظاهر , أما الآخرون فلشواهده المرفوعة المتقدمة من حديث ابن عباس وأبى هريرة.
ثم استدركت فقلت: لعل عبد الله بن أحمد حين ذاكر أباه فى هذا الحديث ذكره بمتابعة بعض الثقات لعبد الوهاب الثقفى , فوافقه على ذلك , وصحح الوصل.
ويؤيد هذا ما قال الدارقطنى فى " كتاب العلل " كما فى " نصب الراية " (4/100) : " وكان جعفر بن محمد ربما أرسل هذا الحديث , وربما وصله عن جابر , لأن جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر , والقول قولهم , لأنهم زادوا , وهم ثقات , وزيادة الثقة مقبولة ".(8/304)
قلت: فإن كان يعنى بـ " الثقات " الذين أشار إليهم غير حميد بن الأسود وهشام بن سعد , ممن لا خلاف فى ثقتهم , فالقول ما قال , وإلا فالمرسل هو الأصح كما تقدمه والله أعلم.
الثالث: عن سرق: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة الرجل ويمين الطالب ".
أخرجه ابن ماجه (2371) والبيهقى (10/172 ـ 173) عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث عن رجل من أهل مصر عنه.
قلت: ورجاله ثقات غير هذا الرجل فإنه لم يسم.
الرابع: عن سعد بن عبادة.
قال ربيعة بن أبى عبد الرحمن وأخبرنى ابن لسعد بن عبادة قال: وجدنا فى كتاب سعد ... فذكره.
أخرجه الترمذى (10/251) والدارقطنى (516) والبيهقى (10/171) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن ربيعة به.
وخالفه سليمان بن بلال فقال: عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن إسماعيل بن عمرو ابن قيس بن سعد بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا فى كتب أو فى كتاب سعد بن عبادة ...
" أخرجه أحمد (5/285) والبيهقى (10/171) .
قال الحافظ ابن حجر فى " التعجيل ": " فظهر من رواية سليمان هذه أن المبهم فى رواية الدراوردى ابن جد " سعد , وهو عمرو بن قيس , وهى فائدة جليلة , لكنى لم أر فى كتب الأنساب لقيس بن سعد بن عبادة , ذكر ولد اسمه عمرو , ولا لولد , ابن اسمه إسماعيل , وإنما أعرف عمرو ابن شرحبيل بن سعد , وهو من رجال (التهذيب) ".
قلت: أخرجه من طريقه الشافعى فقال (1404) : أخبرنا عبد العزيز(8/305)
بن محمد بن أبى عبيدة الدراوردى عن ربيعة بن عبد الرحمن عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل ابن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: " وجدنا ... ".
وتابعه عمارة بن غزية عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعد بن عبادة: " أنه وجد كتابا فى كتب آبائه: هذا ما رفع أو ذكر عمرو بن حزم والمغيرة ابن شعبة قالا: " بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل رجلان يختصمان مع أحدهما شاهد له على حقه , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين صاحب الحق مع شاهده , فاقتطع بذلك حقه ".
أخرجه البيهقى (10/171) من طريق ابن لهيعة ونافع بن يزيد عن عمارة.
قلت: ورجاله ثقات لكنه منقطع.
(2684) - (عن حذيفة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم , أجاز شهادة القابلة وحدها " ذكره الفقهاء فى كتبهم (2/496) .
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (524) والبيهقى (10/151) عن طريق محمد بن عبد الملك الواسطى عن الأعمش عن أبى وائل عن حذيفة به دون قوله: " وحدها ".
وقالا: " محمد بن عبد الملك لم يسمعه من الأعمش بينهما رجل مجهول ".
ثم أخرجه الدارقطنى وعنه البيهقى من طريق الواسطى عن أبى عبد الرحمن المدائنى عن الأعمش.
فذكره بنحوه.(8/306)
باب اليمين فى الدعاوى
(2685) - (البينة على المدعى , واليمين على من أنكر " هذه قطعة من حديث خرجه النووى عن ابن عباس (2/501) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه برقم (2641) , وأن بعض أسانيده صحيح وقد حسنه النووى فى " الأربعين " له.
(2686) - (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم " (1/502) .
* صحيح.
وقد خرجته تحت الحديث (2641) .
(2687) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم , استحلف رجلا , فقال: قل والله الذى لا إله إلا هو ماله عندى شىء " رواه أبو داود (2/502) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (3620) وعنه البيهقى (10/180) عن طريق أبى الأحوص حدثنا عطاء بن السائب عن أبى يحيى عن ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يعنى لرجل حلفه: احلف بالله الذى لا إله إلا هو ما له عندك شىء " يعنى: للمدعى.
وقال أبو داود: " أبو يحيى اسمه زياد كوفى ثقة ".
وقد تابعه حماد أخبرنا عطاء بن السائب به بلفظ: " أن رجلين اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فسأل النبى صلى الله عليه وسلم الطالب البينة فلم تكن(8/307)
له بينة , فاستحلف المطلوب , فحلف بالله الذى لا إله إلا هو , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى قد فعلت , ولكن قد غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله ".
قلت: وعطاء بن السائب كان اختلط , وحماد هو ابن سلمة وكان سمع منه قبل الاختلاط وبعد الاختلاط.
(2688) - (حديث النسائى عن القاسم بن عبد الرحمن عن النبى صلى الله عليه وسلم: " لا تضطروا الناس فى أيمانهم أن يحلفوا على ما لا يعلمون " (2/502) .
* ضعيف.
أخرجه عبد الرزاق فى " المصنف " عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا.
كما فى " الجامع الكبير ". للسيوطى (2/384/2) .
وقوله فى " الكتاب " " النسائى ". خطأ من الناسخ , أو الطابع فيراجع الأصل , ويدل على ما ذكرت السياق فى الكتاب فإنه قال: " ... نص عليه أحمد , وذكر حديث النسائى ... ".
فكيف يعقل أن يذكر الإمام أحمد المتوفى سنة (241) حديث النسائى المتوفى سنة (303) ؟ !.
والذى يغلب على الظن أن لفظ " النسائى " محرف , وليس بعيد أن يكون أصله " الشيبانى " وهو أبو إسحاق فإنه من الراوة عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودى أبو عبد الرحمن الكوفى القاضى , وهو تابعى ثقة. والله أعلم.
ثم تأكدت مما استقريته , فقد رجعت إلى " معجم الحديث " الذى كنت جمعته من مخطوطات المكتبة الظاهرية , وهو فى نحو أربعين مجلدا , فى كل مجلد نحو أربعمائة ورقة حديث واحد تذكر تحته مصادر الحديث من تلك المخطوطات , فوجدت فيه أن الحديث رواه المخلص فى " الثانى من السادس " من " الفوائد المنتقاة " (ق 188/2) وابن شاهين فى " الأفراد " (3/1) عن عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن أبى إسحاق(8/308)
الشيبانى عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به.
وقال ابن شاهين: " هذا حديث غريب , تفرد به عبد الجبار , وفى إسناده إرسال " قلت: يعنى بين القاسم وجده عبد الله بن مسعود , فإن فى (سماء) [1] منه اختلاف , والراجح عندى أنه سمع منه كما حققته فى " الأحاديث ".
رقم (199) .
فإن كان فى الإسناد علة فهى تفرد عبد الجبار بروايته مسندا.
وقد علمت أن عبد الرزاق رواه مرسلا لم يذكر فى إسناده ابن مسعود , وهو أعلى طبقة من عبد الجبار , بل هو من طبقة ابن عيينة , وعبد الجبار ثقة بلا خلاف احتج به مسلم , فإن لم يخالف مخالفة فادحة فالسند عندى صحيح متصل. والله أعلم.
(2689) - (وفى حديث الحضرمى: " ولكن أحلفه: والله ما يعلم أنها أرضى اغتصبنيها أبوه " رواه أبو داود (2/502) .
* ضعيف بهذه الزيادة.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن الأشعث بن قيس الكندى , لكن ليس فيه هذا الذى ذكره المصنف , وقد سقت لفظه فيما تقدم (2705) , وإنما أخرج هذه الزيادة أبو داود من طريق أخرى عن الأشعث فيها كردوس وهو مجهول الحال كما سبق هناك.
فصل
(2690) - (استحلف النبى صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد فى الطلاق: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة " (2/503) .
* ضعيف.
وقد مضى تخريجه فى " الطلاق " (2123) .
(2691) - (قال عثمان لابن عمر: " تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: سماعه}(8/309)
* مضى (2640) .
(2692) - (فلك يمينه فقال: إنه رجل فاجر لا يبالى على ما حلف عليه , قال: ليس لك إلا ذلك " (2/503) .
* صحيح.
وقد مضى برقم (2632) .
(2693) - (قال الأشعث بن قيس: " كان بينى وبين رجل من اليهود أرض فجحدنى , فقدمته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال لى: هل لك بينة؟ قلت: لا , قال لليهودى: احلف ثلاثا , قلت: إذا يحلف فيذهب بمالى. فأنزل الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخر الآية " رواه أبو داود (2/504) .
* صحيح.
وقد أخرجه الشيخان أيضا كما تقدم برقم (2638) .
(2694) - (أثر: " أن عمر حلف فى حكومته لأبى فى النخل فى مجلس زيد ".
* مضى (2616) .
(2695) - (حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعنى لليهود ـ: " نشدتكم بالله الذى أنزل التوارة على موسى: ما تجدون فى التوارة على من زنى؟ " رواه أبو داود (2/504) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3624 و4450) عن طريق الزهرى حدثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبى هريرة.
وهذا سند مجهول لجهالة الرجل المزنى.
لكن الحديث له شاهد من حديث البراء بن عازب قال: " مر على النبى صلى الله عليه وسلم بيهودى محمما مجلودا , فدعاهم صلى الله عليه وسلم , فقال: هكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم؟ قالوا: نعم , فدعا رجلا من علمائهم , فقال:(8/310)
أنشدك بالله الذى أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك نشدتنى بهذا لم أخبرك , نجده الرجم , ولكنه كثر فى أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه , وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد , قلنا تعالوا فلنجتمع على شىء نقيمه على الشريف والوضيع , فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنى أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر) إلى قوله (إن أوتيتم هذا فخذوه) يقول: ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه , وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا , فأنزل الله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) , (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) , (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك الفاسقون) فى الكفار كلها ".
أخرجه مسلم (5/122 ـ 123) وأبو داود (4448) .
(2696) - (فى سنن ابن ماجه مرفوعا: " هى ـ يعنى صخرة القدس ـ من الجنة " (2/505) .
أخرجه ابن ماجه (3456) وكذا أحمد (5/31) وأبو نعيم (9/50) من طريق عبد الرحمن بن مهدى حدثنا المشمعل بن إياس المزنى حدثنى عمرو بن سليم قال: سمعت رافع بن عمرو المزنى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " العجوة والصخرة من الجنة " زاد ابن ماجه: " قال عبد الرحمن: حفظت الصخرة من فيه ".
قال البوصيرى فى " الزوائد " (209/2) : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ... ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير المشمعل بن إياس , وهو ثقة بلا(8/311)
خلاف أعلمه , ولكنه قد اضطرب فى متنه , فقال ابن مهدى عنه: " الصخرة ". كما رأيت.
وقال يحيى بن سعيد حدثنا المشمعل به بلفظ: " والشجرة ". مكان: " الصخرة " أخرجه أحمد والحاكم (4/406) وقال: " صحيح الإسناد على شرط مسلم ".
كذا قال! وسكت عنه الذهبى , والمشمعل لم يخرج له مسلم.
وقال عبد الصمد وهو ابن عبد الوارث حدثنا المشعل به إلا أنه قال: " العجوة والصخرة , أو قال: العجوة الشجرة فى الجنة , شك المشمعل " أخرجه أحمد.
قلت: وكل هؤلاء الرواة عن المشمعل ثقات حفاظ , وقد اختلفوا عليه فى هذه اللفظة , وذلك يدل على أنه لم يكن قد حفظها , فكان يضطرب فيها فتارة يقول " الصخرة " وتارة " الشجرة " وتارة يتردد بينهما ويشك.
والاضطراب دليل ضعف الحديث كما هو مقرر فى المصطلح. والله أعلم.
على أنه ليس فى الحديث بأن الصخرة هى صخرة بيت المقدس , فلا يصح استدلال المصنف به على فضيلة صخرة بيت المقدس وتغليط اليمين عندها.
وأما حديث " الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة , والنخلة على نهر من أنهار الجنة ... " فهو كذب ظاهر كما قال الحافظ الذهبى , وهو مخرج فى كتابى: " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (1252) .(8/312)
(2697) - (روى مالك والشافعى وأحمد , عن جابر مرفوعا: " من حلف على منبرى هذا يمينا آثمة فليتبوأ مقعده من النار " (2/505) .
* صحيح.
أخرجه مالك (2/727/10) وعنه الشافعى (1215) وكذا أحمد (3/344) والحاكم أيضا (4/296 ـ 297) والبيهقى (10/176) كلهم عن مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص عن عبد الله بن نسطاس عنه.
وتابعه جماعة عن هاشم به.
أخرجه أبو داود (3246) وابن ماجه (2325) وابن حبان (1192) والحاكم أيضا والبيهقى من طرق عن هاشم به وزاد: " ولو على سواك أخضر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ".
ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر , فإن عبد الله بن نسطاس قال الذهبى فى " الميزان ": " لا يعرف , تفرد عنه هاشم بن هاشم ".
وللحديث طريق أخرى عند أحمد (3/375) من طريق محمد بن عكرمة بن علية: حدثنى رجل من جهينة ـ ونحن مع (أبى سلمة بن عبد الرحمن بن جابر) [1]ـ عن أبيه جابر بن عبد الله به نحوه.
وهذا إسناد مجهول.
لكن للحديث شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة , ولو على سواك رطب , إلا وجبت له النار ".
أخرجه ابن ماجه (2326) والحاكم وأحمد (2/329 و518) من طريق الحسن بن يزيد بن فروخ الضمرى المدنى قال: سمعت أبا سلمة يقول: أشهد سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , فإن الحسن بن يزيد هذا هو أبو يونس
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أبى سلمة عن عبد الرحمن بن جابر}(8/313)
القوى العابد ".
ووافقه الذهبى فقال: " صحيح ".
قلت: وهذا هو الصواب أنه صحيح فقط , فإن أبا يونس هذا لم يخرج له من الستة سوى ابن ماجه , فليس على شرط الشيخين!.
فالحديث بهذا الشاهد صحيح.
(2698) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " ومن حلف له بالله فليرض " رواه ابن ماجه (2/505) .
أخرجه ابن ماجه (2101) : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة حدثنا أسباط بن محمد عن بن عجلان عن نافع ابن عمر قال: " سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يحلف بأبيه فقال: لا تحلفوا بآبائكم , من حلف بالله فليصدق , ومن حلف له بالله فليرض , ومن لم يرض بالله فليس من الله ".
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق/130/2) .(8/314)
كتاب الإقرار
(2699) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا: فإن اعترفت فارجمها " (2/505) .
* صحيح.
وقد مضى.
(2700) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية والجهنية بإقرارهم " (2/505) .
* صحيح.
قد مضى.
(2701) - (رفع القلم عن ثلاثة " (2/506) .
* صحيح.
وسبق برقم (297) .
(2702) - (عفى لأمتى عن الخطأ , والنسيان , وما استكرهوا عليه ".
رواه سعيد (2/506) .(8/315)
باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره
(2703) - (حديث عمرو بن عبسة: " ... فدخلت عليه , فقلت: يا رسول الله: أتعرفنى؟ فقال: نعم أنت الذى لقيتنى بمكة , فقال: فقلت: بلى " (2/509) .
* حسن.
أخرجه مسلم (2/208 ـ 210) والبيهقى (2/454 ـ 455) وأحمد (4/112 ـ 113) من طريق عكرمة بن عمار حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار ويحيى بن أبى كثير عن أبى أمامة ـ قال عكرمة: ولقى شداد أبا أمامة وواثلة , وصحب أنسا إلى الشام , وأثنى عليه فضلا وخيرا ـ عن أبى أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمى: " كنت وأنا فى الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة , وإنهم ليسوا على شىء , وهم يعبدون الأوثان , فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا , فصعدت على راحلتى , فقدمت عليه , فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا , جرءاء عليه قومه فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة , فقلت له: ما أنت؟ قال: أنا نبى , فقلت: وما نبى؟ قال: أرسلنى الله , فقلت: وبأى شىء أرسلك؟ قال: أرسلنى بصلة الأرحام , وكسر الأوثان , وأن يوحد الله لا يشرك به شىء , قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: حر وعبد (قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به) فقلت: إنى متبعك , قال: إنك لا تسطيع ذلك يومك هذا , ألا ترى حالى وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك , فإذا سمعت بى قد ظهرت فأتنى , قال: فذهبت إلى أهلى , وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة , وكنت فى أهلى , فجعلت أتخبر الأخبار , وأسأل الناس حين قدم المدينة , حتى قدم على نفر من أهل يثرب من أهل المدينة , فقلت: ما فعل هذا الرجل الذى قدم المدينة؟(8/316)
فقالوا: الناس إليه سراع , وقد أراد قومه قتله , فلم يستطيعوا ذلك , فقدمت المدينة , فدخلت عليه , فقلت: يا رسول الله أتعرفنى؟ قال: نعم أنت الذى لقيتنى بمكة , قال: فقلت: بلى.
فقلت يا نبى الله أخبرنى عما علمك الله وأجهله , أخبرنى عن الصلاة , قال: صل صلاة الصبح , ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرنى شيطان , وحينئذ يسجد لها الكفار , ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح , ثم اقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم , فإذا أقبل الفىء فصل , فإن الصلاة , مشهودة محضورة حتى تصلى العصر , ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرنى شيطان , وحينئذ يسجد لها الكفار.
قال: فقلت: يا نبى الله فالوضوء؟ حدثنى عنه , قال: ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فيستنثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشميه , ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء , ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء , ثم يغسل قدمه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء , فإن هو قام فصلى , فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذى هو له أهل , وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته لهيئته يوم ولدته أمه.
فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول: فى مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال: عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سنى ورق عظمى واقترب أجلى , وما بى حاجة أن أكذب على الله ولا على رسول الله , لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا ـ حتى عد سبع مرات ـ ما حدثت به أبدا ولكنى سمعته أكثر من ذلك ".
قلت: وهذا إسناد مع كونه فى " الصحيح " فهو متكلم فيه , من أجل عكرمة بن عمار , فقد تكلم فيه بعض الأئمة من قبل حفظه , وتجد ذلك فى " الميزان " للذهبى.
وأورده فى " الضعفاء " فقال: " وثقه ابن معين وضعفه أحمد ".(8/317)
ولخص الحافظ أقوال الأئمة فيه على عادته فى " التقريب " فقال: " صدوق يغلط , وفى روايته عن يحيى بن أبى كثير اضطراب , ولم يكن له كتاب ".
قلت: وهذا الحديث من روايته عن يحيى , لكن قد قرن معه شداد بن عبد الله أبا عمار , فالقلب يميل إلى تحسين حديثه هذا , لاسيما ولأكثره طرق أخرى عن عمرو بن عبسة فى " المسند " , لكن ليس فيها هذا القدر الذى ذكره المصنف. والله أعلم.
(2704) - (لأن عليا , رضى الله عنه , أسلم وهو ابن ثمان سنين " (2/251) .
وتقدم.
(2705) - (وقد صح عنه , صلى الله عليه وسلم: " أنه عرض الإسلام على ابن صياد صغيرا " متفق عليه (2/521) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/340 و3/261 و4/153) ومسلم (8/192) وأبو داود (4239) والترمذى (2/40) وأحمد (2/148 و148 ـ 149) من طريق الزهرى قال: أخبرنى سالم بن عبد الله أن ابن عمر أخبره: " أن عمر انطلق مع النبى صلى الله عليه وسلم فى رهط وقيل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بنى فعالة , وقد قارب ابن صياد الحلم , فلم يشعر حتى ضرب النبى صلى الله عليه وسلم ظهره بيده , ثم قال لابن صياد: أتشهد أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال؟ للنبى صلى الله عليه وسلم: أتشهد أنى رسول الله؟ فرفضه , وقال: آمنت بالله , وبرسله , فقال له: ماذا ترى؟ قال ابن صياد: يأتينى صادق وكاذب.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: خلط عليك الأمر , ثم قال له النبى صلى الله عليه وسلم: إنى قد خبأت لك خبيئا , فقال ابن صياد: هو الدخ , فقال: اخسا , فلن تعدو قدرك , فقال عمر: دعنى أضرب عنقه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلا تسلط عليه , وإن لم يكنه , فلا خير لك فى قتله ".
وقال(8/318)
سالم: سمعت ابن عمر يقول.
وله شاهد من حديث عبد الله ـ وهو ابن مسعود ـ قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد , ففر الصبيان وجلس ابن صياد , فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: تربت يداك أتشهد أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا , بل تشهد أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال عمر بن الخطاب: ذرنى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقتله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يكن الذى ترى فلن تستطيع قتله ".
أخرجه مسلم (8/189) والسياق له وأحمد (1/380 و457) وله شاهد آخر من حديث أبى سعيد الخدرى نحوه.
أخرجه مسلم والترمذى من طريق الجريرى عن أبى نضرة عنه.
وقال: " حديث حسن ".
وأخرجه أحمد (3/82) من طريق أبى سعيد الخدرى.
(2706) - (فى الصحيح: " أن النبى صلى الله عليه وسلم , عرض الإسلام على أبى طالب , وهو فى النزع " (2/521) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/341 ـ 342 و3/255) ومسلم (1/40) والنسائى (1/286) وأحمد (5/433) وابن (مسعد) [1] (1/77) من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبى أمية بن المغيرة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله , فقال: أبو جهل وعبد الله بن أبى أمية: حدثنا يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب , وأبى أن يقول: لا إله إلا الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك , فأنزل الله عز وجل (ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين , ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) .
وأنزل الله تعالى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: سعد}(8/319)
فى أبى طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
: (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء , وهو أعلم بالمهتدين) .
(2707) - (عن ابن مسعود: " أن النبى صلى الله عليه وسلم , دخل الكنيسة , فإذا هو بيهود , وإذا يهودى يقرأ عليهم التوراة , فلما أتوا على صفة النبى صلى الله عليه وسلم , أمسكوا , وفى ناحيتها رجل مريض , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: مالكم أمسكتم؟ فقال المريض: إنهم أتوا على صفة نبى فأمسكوا , ثم جاءه المريض يحبو , حتى أخذ التوارة فقرأ حتى أتى على صفة النبى صلى الله عليه وسلم , وأمته فقال: هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله , وإنك رسول الله , فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه: لوا أخاكم " رواه أحمد (2/522) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد فى " المسند " (1/416) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , وله علتان:
الأولى: الانقطاع , فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.
والأخرى: اختلاط عطاء بن السائب , وبه أعله الهيثمى فى " المجمع " فقال: " رواه أحمد والطبرانى , وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط ".
وتعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فى تعليقه على " المسند " (6/23) فقال: " فترك علته الانقطاع , وأعله بما لا يصلح , لأن حماد بن سلمة سمع من عطاء قبل اختلاطه على الراجح ".
وأقول: بل هو إعلال بما يصلح , فإن الراجح أن حماد سمع من عطاء(8/320)
قبل الاختلاط وبعده , كما حققه الحافظ بن حجر فى " تهذيب التهذيب " نقلا عن بعض الأئمة.
وبهذا ينتهى تخريج " منار السبيل " الذى أسميته: " إرواء الغليل , فى تخريج أحاديث منار السبيل " , وكان ذلك نهار الأحد , فى السابع والعشرين من رمضان المبارك سنة ست وثمانين وثلاثمائة وألف , من هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
و" سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك "
دمشق
محمد ناصر الدين الألباني(8/321)