الصلاتين " (ص 137)
* حسن.
وقد مضى بتمام وتخريجه رقم (187)
(581) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء فى ليلة مطيرة " رواه النجاد بإسناده (ص 137) .
* ضعيف جداً.
وقد وقفت على إسناده , رواه الضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 37/2) عن الأنصارى: حدثنى محمد بن زريق بن جامع المدينى أبو عبد الله ـ بمصر ـ حدثنا سفيان بن بشر قال: حدثنى مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن
النبى صلى الله عليه وسلم ... " الحديث.
قلت: وهذا سند واهٍجداً , وآفته الأنصارى وهو محمد بن هارون بن شعيب بن إبراهيم بن حيان أبو على الدمشقى , قال عبد العزيز الكتانى: كان يتهم. قال الحافظ فى " اللسان ": " وقد وجدت له حديثاً منكراً " ثم ذكر حديثاً آخر.
وشيخه محمد بن زريق لم أعرفه.
وسفيان بن بشر , ويقال: ابن بشير وهو الأنصارى مصرى ترجمه ابن أبى حاتم (2/1/228) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات ".
والحديث لم يقف على إسناده الحافظ ابن حجر! فقال فى " التلخيص " (131) : " ليس له أصل , وإنما ذكره البيهقى عن ابن عمر موقوفاً عليه , وذكره بعض الفقهاء عن يحيى بن واضح عن موسى بن عقبة عن نافع عنه مرفوعاً ".
قلت: ويحيى بن واضح ثقة محتج به فى الصحيحين , وكذا من فوقه , ولكن أين الإسناد بذلك إلى يحيى؟ لاسيما والمعروف عن ابن عمر الموقوف كما قال مالك فى " الموطأ " (1/145/5) : عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء فى المطر جمع معهم.
ومن طريق مالك رواه(3/39)
البيهقى (3/168) .
ثم روى عن هشام بن عروة أن أبا عروة وسعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء فى الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين ولا ينكرون ذلك.
وعن موسى بن عقبة أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر , وأن سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك.
وإسنادهما صحيح , وذلك يدل على أن الجمع للمطر كان معهوداً لديهم , ويؤيده حديث ابن عباس المتقدم قبل حديث: " من غير خوف ولا مطر " فإنه يشعر أن الجمع للمطر كان معروفاً فى عهده صلى الله عليه وآله وسلم , ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة فائدة من نفى المطر كسبب مبرر للجمع , فتأمل.
(فائدة) : النجاد الذى عزا إليه الحديث مؤلف الكتاب هو أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه الحنبلى , يعرف بالنجاد , وهو حافظ صدوق جمع المسند , وصنف فى السنن كتاباً كبيراً , روى عنه الدارقطنى وغيره من المتقدمين , ولد سنة (253) فيما قيل , وتوفى سنة (348) .
ولعل هذا الحديث فى مسنده أو سننه المشار إليهما. ولكن من المؤسف أننى لم أقف عليهما حتى أراجع إسناده فيهما , نعم قد حفظت لنا المكتبة الظاهرية فى جملة ما حفظته لنا من كنوز السلف الثمينة عدة أجزاء صغيرة من حديث أبى بكر النجاد وأماليه تبلغ العشرة , وقد كنت استخرجت أحاديثها وسجلتها عندى فى " معجم الحديث " , فلما رجعت إليه لم أر الحديث فيه.
فقلت: لعله فاتنى , فرجعت مرة أخرى إلى الأجزاء المذكورة فدرستها لعلى أجد الحديث فى أحدها , فلم أره. فتأكدت من عدم وجوده فيها , فهو فى بقية الأجزاء الأخرى المتممة لحديثه أو أماليه , أو فى الكتابين المشار إليهما , فمن وقف عليه فى شىء منها , فليرشدنا إليه , أو ليكتب إلينا بسنده لننظر فيه
وإن(3/40)
كان يغلب على الظن أنه من طريق الأنصارى الذى عنه أخرجه الضياء المقدسى والله أعلم.
(582) - (روى الأثرم عن أبى سلمة بن عبد الرحمن , أنه قال: " إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء " (ص 137) .
لم أقف على سنده [1] لأنظر فيه , ولا على من تكلم عليه
وأبو سلمة بن عبد الرحمن تابعى , وقول التابعى من السنة كذا , فى حكم الموقوف لا المرفوع , بخلاف قول الصحابى ذلك , فإنه فى حكم المرفوع , وقد روى البيهقى بإسنادين صحيحين عن جماعة من كبار التابعين أنهم كانوا يجمعون فى المطر , وقد سقت الرواية بذلك فى الحديث الذى قبله (581) .
(583) - (ولمالك فى الموطأ عن نافع: " أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء فى المطر جمع معهم " (ص 137) .
* صحيح.
وهو فى الموطأ (1/145/5) وعنه البيهقى (3/168) إلا أنه قال: " فى ليلة المطر ". ورواه العمرى عن نافع فقال: " قبل الشفق ".
والعمرى هو عبد الله بن عمر المكبر وفى حفظه ضعف.
(584) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم جمع فى مطر , وليس بينه حجرته والمسجد شىء " (ص 138) .
* ضعيف جداً.
وقد سبق الكلام عليه قبل حديثين , وقوله " وليس بين حجرته ... " ليس من الحديث , بل من كلام المصنف بياناً للواقع.
(585) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 138) .
* صحيح.
وقد تقدم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
قال ابن عبد البر في [التمهيد ط. قرطبة (12/212) ] :
وروى أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء قال وكان يصلي المغرب ثم يمكث هنيئة ثم يصلي العشاء.
ولم أجده في مستخرج أبي عوانة(3/41)
فصل فى صلاة الخوف
(586) - (حديث: " أنه صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم " (ص 139) .
* صحيح.
وفيه أحاديث كثيرة عن عبد الله بن عمر وابن مسعود وأبى موسى الأشعرى بعضها فى الصحيحين وبعضها فى السنن والمسانيد ويأتى تخريج هذه الثلاثة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
(587) - (حديث: " أنه صلاها أيضاً على , وأبو موسى , وحذيفة " (ص 139) .
* صحيح.
عن بعضهم. أما عن على , فذكره البيهقى (3/252) تعليقاً بصيغة التمريض فقال: " ويذكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً رضى الله عنه صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير " <1>.
وأما عن أبى موسى , فأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/55 ـ 56) والبيهقى من طريق محمد بن مقاتل الرازى أنبأنا حكام بن سلم عن أبى جعفر الرازى عن قتادة عن أبى العالية قال: " صلى بنا أبو موسى الأشعرى بأصبهان صلاة الخوف ـ وما كان كثير خوف ـ ليرينا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام , فكبر , وكبر معه طائفة من القوم , وطائفة بإزاء العدو , فصلى بهم ركعة , فانصرفوا , فأتوا مقام إخوانهم فجاءت الطائفة الأخرى , فصلى بهم ركعة أخرى , ثم سلم , فصلى كل واحد منهم الركعة الثانية وحداناً ".
__________
(1) هى حرب جرت بين على وبين الخوارج , وكان بعضهم يهر على بعض , فسميت بذلك , وقيل هى ليلة صفين بين على ومعاوية رضى الله عنهما كذا فى " تهذيب الأسماء واللغات " للنووي (2/181) .(3/42)
وقال الطبرانى: " لم يروه عن قتادة هكذا إلا أبو جعفر , ولا عنه إلا حكام , تفرد به محمد بن مقاتل ".
قلت: وهو ضعيف , ومثله أبو جعفر الرازى , لكن الظاهر من كلام الهيثمى أن له طريقاً أخرى فى كبير الطبرانى فقد قال (2/197) بعد أن ساقه بنحوه: " رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط بنحوه , ورجال الكبير رجال الصحيح ".
وقد وقفت على هذه الطريق فى مصنف ابن أبى شيبة قال (2/115/1) : محمد بن بشر قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أبى العالية الرياحى أن أبا موسى الأشعرى كان بالدار من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف , ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم , فجعلهم صفين , طائفة معها السلاح مقبلة على عددها [1] , وطائفة وراءها , فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى , ثم سلم , فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة , فسلم بعضهم على بعض , فتمت للإمام ركعتان فى جماعة , وللناس ركعة ركعة ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم رجال الشيخين.
وقد وجدت له طريقاً أخرى عن أبى موسى , فقال ابن أبى شيبة (2/116/1 ـ 2) : عبد الأعلى عن يونس عن الحسن: " أن أبا موسى صلى بأصحابه بأصبهان , فصلت طائفة منهم معه , وطائفة مواجهة العدو , فصلى بهم ركعة , ثم نكصوا , وأقبل الآخرون يتخللونهم , فصلى بهم ركعة , ثم سلم , وقامت الطائفتان فصلتا ركعة ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه مرسل , ولكنه شاهد جيد لما قبله.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عدوها}(3/43)
وأما عن حذيفة , فأخرجه أبو داود (1246) والنسائى (1/227 ـ 228) وابن أبى شيبة (2/115/1) والطحاوى (1/183) والحاكم (1/335) وأحمد (5/385 و399) من طريق سفيان عن أشعث بن أبى الشعثاء عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم الحنظلى قال: " كنا مع سعيد بن العاص بـ (طبرستان) فقام فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا , فصلى بهؤلاء ركعة , وبهؤلاء ركعة , ولم يقضوا ".
قلت: وهذا إسناده صحيح كما قال الحاكم , ووافقه الذهبى وصححه أيضاً ابن حبان كما فى " بلوغ المرام " , ورجاله ثقات رجال مسلم , غير الأسود , وقد قال ابن حزم (5/35) أنه صحابى حنظلى , وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وسمع منه وروى عنه , وجزم بصحبته جماعة منهم ابن حبان وابن السكن , ونفى ذلك البخارى وغيره. فالله أعلم.
وقد تابعه مخمل بن دمات [1]ـ ذكره ابن حبان فى " الثقات " ـ أخرجه الطحاوى وأحمد (5/395) .
وتابعه سليم بن عبيد السلولى قال: " كنت مع سعيد بن العاص بطبرستان , وكان معه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال لهم سعيد: أيكم شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا , مر أصحابك فليقوموا طائفتين , طائفة منهم بإزاء العدو , وطائفة منهم خلفك , فتكبر , ويكبرون جميعاً , وتركع ويركعون جميعاً , وترفع ويرفعون جميعاً , ثم تسجد , وتسجد طائفة التى تليك , وتقوم الطائفة الأخرى بإزاء العدو , فإذا رفعت رأسك , قام هؤلاء الذين يلونك , وخر الآخرون
سجداً , ثم تركع ويركعون جميعاً , ثم ترفع ويرفعون جميعاً , وتسجد فتسجد الطائفة , الطائفة التى تليك , والطائفة الأخرى قائمة بإزاء العدو , فإذا رفعت رأسك من السجود سجد الذين بإزاء العدو , ثم تسلم عليهم , وتأمر أصحابك إهاجهم هيج فقد حل لهم القتال والكلام ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: دماث}(3/44)
أخرجه البيهقى [1] , ورجاله ثقات غير سليم بن عبيد , كذا وقع عنده " عبيد " مصغراً , والذى فى " الجرح والتعديل " (2/1/212) " عبد " {وهو فى " المسند " و" ابن خزيمة ": سليم بن عبد السلولى} ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " (1/77) على قاعدته!
وقال الشافعى كما فى " اللسان " سألت عنه أهل العلم بالحديث فقيل لى: إنه مجهول ".
(تنبيه) : غرض المؤلف بذكر هذه الآثار عن الصحابة , مع أن ثبوت صلاة الخوف عنه صلى الله عليه وآله وسلم يغنى عنها , إنما هو الرد على بعض العلماء الذين ذهبوا إلى أنها لا تشرع بعده عليه الصلاة والسلام , ومنهم الحسن بن زياد اللؤلؤى وإبراهيم بن علية , وهو قول لأبى يوسف أيضاً كما حكاه الطحاوى (1/189) ورده بقوله: " وهذا القول عندنا ليس بشىء , لأن أصحاب النبى صلى
الله عليه وسلم قد صلوها بعده , قد صلاها حذيفة بطبرستان , وما فى ذلك أشهر من أن يحتاج إلى أن نذكره ههنا ".
وقد حكى المصنف إجماع الصحابة على فعل ذلك بعد النبى صلى الله عليه وسلم , وسبقه إلى ذلك الحافظ فى " الفتح " (2/357) والله أعلم.
(588) - (حديث ابن عمر: " فإن كان الخوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم وركباناً مستقبلى القبلة وغير مستقبليها " متفق عليه (ص 139) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/184/3) عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: " يتقدم الإمام وطائفة من الناس , فيصلى بهم الإمام ركعة , وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا , فإذا صلى الذين معه ركعة , استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون , ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة , ثم ينصرف الإمام , وقد صلى ركعتين , فتقوم كل واحدة من الطائفتين , فيصلون
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {وأخرجه أحمد (5/406) , وابن خزيمة فى " صحيحه " (2/305) }(3/45)
لأنفسهم ركعة ركعة , بعد أن ينصرف الإمام , فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صل وا ركعتين , فإن كان خوفاً أشد من ذلك , صل وا رجالاً , قياماً على أقدامهم , أو ركباناً , مستقبلى القبلة أو غير مستقبليها ".
قال مالك: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: ومن طريق مالك رواه البخارى (3/209) والإمام محمد فى موطئه (155) والشافعى (1/203 ـ 204) والبيهقى (2/8 ـ 3/256) كلهم عن مالك به.
وقد تابعه موسى بن عقبة عن نافع به بلفظ: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فى بعض أيامه , فقامت طائفة معه , وطائفة بإزاء العدو , فصلى بالذين معه ركعة , ثم ذهبوا , وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة , ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة , قال: وقال ابن عمر: إذا كان خوف أكبر من ذلك , فصلّراكباً أو قائماً تومىء إيماء ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/116/1) : يحيى بن آدم قال: حدثنا شعبان عن موسى بن عقبة. وبهذا الإسناد أخرجه أحمد (2/155) دون قول ابن عمر فى آخره: " إذا كان ... ".
وقد أخرجه مسلم (2/212 ـ 213) من طريق ابن أبى شيبة وأبو عوانة (2/358) من طريق قبيصة حدثنا شعبان [1] به.
وأخرجه البخارى (2/239) والبيهقى (3/255) من طريق ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر نحواً من قول مجاهد: إذا اختلطوا فإنما هو الذكر , وإشارة بالرأس.
زاد ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم: " وإن كانوا أكثر من ذلك , فليصلوا قياماً أو ركبانا " والسياق للبيهقى.
وتابعه أيضاً أيوب بن موسى عن نافع به , دون قول ابن عمر المذكور.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: سفيان}(3/46)
أخرجه أحمد (2/132) .
وتابعه عبيد الله بن عمر عن نافع به , ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاة الخوف: " ... "
قلت: فذكرها نحو ما تقدم وقال فى آخره: " ويصلى كل واحد من الطائفتين بصلاته سجدة لنفسه فإن كان خوف أشد من ذلك , فرجالاً أو ركبانا ".
أخرجه ابن ماجه (1258) وإسناده صحيح , وقال الحافظ فى " الفتح " (2/260) : " جيد ".
وهذه الرواية مرفوعة كلها , وفيها قول ابن عمر فى آخره. وقد اختلف عليه فى ذلك , فبعضهم رفعه , وبعضهم وقفه كما تقدم. قال الحافظ: " والراجح رفعه والله أعلم ".
(589) - (قال عبد الله بن أنيس: " بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلى , قال: اذهب فاقتله , فرأيته وقد حضرت صلاة العصر , فقلت: إنى أخاف أن يكون بينى وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت وأنا أصلى وأومىء إيماءً نحوه " رواه أحمد وأبو داود (ص 140) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (3/496) وأبو داود (1249) وكذا البيهقى (3/256) عن محمد بن إسحاق قال: حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه قال: " دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد بلغنى أن خالد بن سفيان بن نبيح يجمع لى الناس ليغزونى وهو بعرنة , فأته فاقتله , قال: قلت: يا رسول الله انعته لى حتى أعرفه , قال: إذا رأيته وجدت له قشعريرة , قال: فخرجت متوشحاً بسيفى حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلاً , وحين كان وقت العصر , فلما رأيته وجدت ما وصف لى رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة(3/47)
فأقبلت نحوه , وخشيت أن يكون بينى وبينه محاولة تشغلنى عن الصلاة , فصليت وأنا أمشى نحوه أومىء برأسى الركوع والسجود , فلما انهيت إليه , قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا , قال: أجل , أنا فى ذلك , قال: فمشيت معه شيئاً حتى إذا أمكننى حملت عليه السيف حتى قتلته , ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه , فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآنى فقال: أفلح الوجه , قال: قلت: قتلته يا رسول الله , قال: صدقت , قال: ثم قام معى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فى بيته فأعطانى عصا , فقال: أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس , قال: فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا؟ قال: قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأمرنى أن أمسكها , قالوا: أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك , قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت: يا رسول الله لمَأعطيتنى هذه العصا؟ قال: آية بينى وبينك يوم القيامة , إن أقل الناس المنحصرون [1] يومئذ يوم القيامة , فقرنها عبد الله بسيفه , فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فصبت معه فى كفنه , ثم دفنا جميعاً ".
والسياق لأحمد , والمؤلف ساقه بلفظ أبى داود مع اختصار , وليس عنده قوله: " ثم خرجت ... ".
قلت: وهذا سند فيه ضعف , رجاله كلهم ثقات غير ابن عبد الله بن أنيس وقد سماه البيهقى عبيد الله , كذا وقع فى النسخة " عبيد " مصغراً , وليس فى أولاد عبد الله بن أنيس من يدعى عبيداً , فالصواب " عبد الله " , وقد أورده هكذا مكبراً ابن أبى حاتم (2/2/90) فقال: " روى عن أبيه , روى عنه محمد بن إبراهيم التيمى " ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " (1/108) .
قلت: وهذا الحديث من رواية محمد بن جعفر عن ابن أنيس , فالظاهر أنه روى عنه اثنان هذا أحدهما والآخر التيمى , وصنيع الذهبى فى " الميزان " التفريق بين الذى روى عنه ابن جعفر والذى روى عنه التيمى , وتبعه الحافظ فى " التهذيب " , والظاهر أنهما واحد بدليل رواية البيهقى هذه , والله أعلم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: المتخصرون}(3/48)
ثم إنهما لم يوثقاه ولا ضعفاه , فهو فى عداد المجهولين وقال الشوكانى فى " النيل " (3/213) : " سكت عنه أبو داود والمنذرى , وحسن إسناده الحافظ فى الفتح ".
وفى تحسينه نظر عندى لما عرفت من حال ابن عبد الله بن أنيس والله أعلم.
(590) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم: أمرهم بالمشى إلى وجاه العدو , ثم يعودون لما بقى " (ص 140) .
* لم أجده بلفظ الأمر
وإنما ثبت ذلك من فعل الصحابة رضى الله عنهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم إمامهم , ولا بد أن ذلك كان بتعليم منه عليه السلام إياهم , وهذا يستلزم الأمر به غالباً فلعل هذا هو وجه ذكر المؤلف للأمر المذكور. والله أعلم.
وإليك بعض الأحاديث التى تثبت ما ذكرنا:
1 ـ حديث ابن مسعود قال:
" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف , فقاموا صفين: صف خلف النبى صلى الله عليه وسلم وصف مستقبل العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة , وجاء الآخرون فقاموا مقامهم , واستقبل هؤلاء العدو , فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة , ثم سلم , فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا , ثم ذهبوا , فقاموا مقام أولئك مستقبلين العدو ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ".
أخرجه أبو داود (1244) والطحاوى (1/184) والدارقطنى (187) والبيهقى (3/261) وابن أبى شيبة (2/115/1 ـ 2) والسياق له وأحمد (1/375 و409) من طريق خصيف عن أبى عبيدة عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف منقطع , لكن يشهد له ما بعده:(3/49)
2 ـ عن ابن عمر قال:
" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة , والطائفة الأخرى مواجهة العدو , ثم انصرفوا , وقاموا فى مقام أصحابهم مقبلين على العدو , وجاء أولئك , ثم صلى بهم النبى صلى الله عليه وسلم ركعة , ثم سلمالنبى صلى الله عليه وسلم , ثم قضى هؤلاء ركعة , وهؤلاء ركعة ".
أخرجه البخارى (1/239) ومسلم (2/212) وأبو عوانة (2/357) وأبو داود (1243) والنسائى (1/229) والترمذى (2/453) والدارمى (1/357) والطحاوى (1/184) والدارقطنى (185) وأحمد (2/147 ـ 148 و150) من طريق سالم عنه , وقال الترمذى: " هذا حديث صحيح , وقد روى موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مثل هذا ".
قلت: وحديث ابن عقبة قد ذكرناه قبل حديث (588) .
3 ـ حديث أبى موسى , وقد خرجناه قبل حديث (588) .
باب صلاة الجمعة
(591) - (روى ابن ماجه عن جابر قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة فى يومى هذا فى شهرى هذا فى عامى هذا فمن تركها فى حياتى أو بعدى وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بها أو جحوداً بها فلا جمع الله له شمله ولا بارك الله فى أمره " (ص 141) .
* ضعيف.
وهو قطعة من حديث جابر , وتقدم عجزه برقم (524) ونصه بتمامه:
" يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا , وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا , وصلوا الذى بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له , وكثرة(3/50)
الصدقة فى السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا. واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة فى مقامى هذا , فى يومى هذا , فى شهرى هذا , من عامى هذا إلى يوم القيامة , فمن تركها فى حياتى أو بعدى وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بها أو جحوداً لها , فلا جمع الله له جمعه , ولا بارك له فى أمره , ألا ولا صلاة له , ولا زكاة له ولا حج له , ولا صوم له , ولا بر له حتى يتوب , فمن تاب , تاب الله عليه , ألا لا تؤمن امرأة رجلاً , ولا يؤم أعرابى مهاجراً ولا يؤم فاجر مؤمناً , إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وسوطه ".
أخرجه ابن ماجه (1081) والعقيلى فى " الضعفاء " (220) وابن عدى فى " الكامل " (215 ـ 216) والبيهقى (2/90 و171) والواحدى فى تفسيره (4/145/2) عن الوليد بن بكير أبى جناب: حدثنى عبد الله بن محمد العدوى عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره.
قلت: وهذا إسناده واهٍجداً , وفيه ثلاث علل:
الأولى: ضعف على بن زيد وهو ابن جدعان.
الثانية: العدوى هذا , قال الحافظ: " متروك رماه وكيع بالوضع " , وبه أعله البيهقى , فقال عقب الحديث: " هو منكر الحديث , لا يتابع فى حديثه , قاله محمد بن إسماعيل البخارى ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (132) : " وهو واهى الحديث , وأخرجه البزار من وجه آخر , وفيه على بن زيد بن جدعان , قال الدارقطنى: إن الطريقين كلاهما غير ثابت. وقال ابن عبد البر: هذا الحديث واهى الإسناد ".
قلت: والوجه الآخر الذى أشار إليه الحافظ يأتى قريباً إن شاء الله تعالى , لكن كلامه أوهم أن الوجه الأول ليس فيه ابن جدعان , وليس(3/51)
كذلك.
الثالثة: أبو خباب هذا , قال فى " التقريب ": " لين الحديث ".
قلت: وقد خولف فى إسناده , وهى العلة الرابعة: فقال الحسن بن حماد الكوفى: حدثنا عبد الله بن محمد العدوى: قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر: حدثنا عبادة بن عبد الله عن طلحة بن عبيد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه الباغندى فى مسند عمر (ص 12) وأبو طاهر الأنبارى فى " المشيخة " (ق 164/1) والضياء المقدسى فى " المختارة " (10/103/2) كلهم عن الحسن بن حماد به.
قلت: والحسن هذا ثقة , فروايته أولى بالتقديم من رواية مخالفه أبى جناب , لكن قد جاء من طريقين آخرين كما رواه أبو جناب عن العدوى , ليس فيهما العدوى.
الطريق الأولى: عن فروة الحناط عن أبى فاطمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب به , أخرجه الضياء (10/107/1) .
الثانية: عن بقية بن الوليد عن حمزة بن حسان عن على بن زيد به.
أخرجه عبد بن حميد فى " المنتخب " (ق 124/2) وعنه ابن عساكر (17/229/2) .
قلت: وهما طريقان ضعيفان لأن من فيهما لا يعرفون غير ابن جدعان وبقية وهما ضعيفان.
وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى عن جابر , وشاهداً عن أبى سعيد الخدرى.
أما الطريق فهى عن نصر بن حماد قال: حدثنا محمد بن مطرف الغسانى عن(3/52)
زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم الجمعة , فقال ... " فذكره.
أخرجه الضياء فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 50/1) .
قلت: وهذا إسناد واهٍجداً , آفته نصر بن حماد , قال ابن معين: كذاب , وقال النسائى: ليس بثقة. وكأن العقيلى أشار إلى هذه الطريق حين قال عقب الطريق الأولى: " وقد روى هذا الكلام من وجه آخر بإسناد شبيه بهذا فى الضعف ".
وأما الشاهد عن أبى سعيد فلفظه: " خطبنا النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: إن الله كتب عليكم الجمعة فى مقامى هذا , فى ساعتى هذه فى شهرى هذا , فى عامى هذا إلى يوم القيامة , من تركها من غير عذر مع إمام عادل أو إمام جائر , فلا جمع له شمله , ولا بورك له فى أمره , ألا ولا صلاة له , ألا ولا حج له ألا ولا بر له , ألا ولا صدقة له ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/48/1 ـ من الجمع بينه وبين الصغير) من طريق موسى بن عطية الباهلى حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبى سعيد الخدرى قال: " لم يروه عن عطية إلافضيل ولا عنه إلا موسى ".
قلت: وهذا سند مسلسل بالضعف من أجل عطية وفضيل وقد شرحت حالهما فى " الأحاديث الضعيفة " (1/31 و32) .
وأما موسى بن عطية , فلم أعرفه.
والحديث الهيثمى فى " المجمع " (2/170) : " رواه الطبرانى فى الأوسط: وفيه موسى بن عطية الباهلى ولم أجد من ترجمه , وبقية رجاله ثقات "!
قلت: كيف ذلك وفيهم فضيل وعطية , والثانى أسوأ حالاً من الأول؟ !(3/53)
ثم وقفت له على طريق أخرى عن سعيد بن المسيب عن جابر به دون قوله: " وله إمام عادل أو جائر ".
أخرجه أبو يعلى فى " مسنده " (107/2) من طريق الفضيل بن مرزوق حدثنى الوليد ـ رجل من أهل الخير والصلاح ـ عن محمد بن على عن سعيد به.
قلت: والوليد هذا لم أعرفه إلا أن يكون أبا جناب المتقدم الضعيف فيكون اضطراب فى إسناده , فتارة يرويه عن العدوى عن على بن زيد عن سعيد كما سبق, وتارة عن محمد بن على عن سعيد , لكن راويه الفضيل بن مرزوق فيه ضعف من قبل حفظه.
وقد أورده ابن أبى حاتم فى " العلل " (2/128 ـ 129) على الوجهين عن الوليد ابن بكير به , ثم قال: " قال أبى هو حديث منكر , قلت لأبى: فما حال عبد اللهبن محمد العدوى؟ قال: شيخ مجهول. قال: قلت: ما حال الوليد؟ قال: شيخ".
(592) - (وعن طارق بن شهاب مرفوعاً: " الجماعة [1] حق واجب على كل مسلم إلا أربعة: عبد مملوك , أو امرأة , أو صبى , أو مريض " رواه أبو داود (ص 141) .
* صحيح.
قال أبو داود (1067) : حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنى إسحاق بن منصور حدثنا هريم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب به وزاد " فى جماعة ". وقال أبو داود: " طارق بن شهاب قد رأى النبى صلى الله عليه وسلم , ولم يسمع منه شيئاً ".
قلت: قال الزيلعى (2/199) : " قال النووى فى الخلاصة: وهذا غير قادح فى صحته , فإنه يكون مرسل صحابى , وهو حجة والحديث على شرط الشيخين ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الجمعة}(3/54)
قلت: وكأنه لذلك صححه غير واحد كما فى " التلخيص " (137) ومنهم الحاكم , فإنه قد وصله (1/288) من طريق عبيد بن محمد العجلى حدثنى العباس بن عبد العظيم العنبرى بإسناده عن طارق بن شهاب عن أبى موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم به وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وذكر أبى موسى فى الإسناد شاذ أو منكر عندى , لأن عبيد بن محمد العجلى قد خالف أبا داود بذكر أبى موسى , ولم أجد من ترجمه , ولا سيما قد رواه الجماعة عن إسحاق بن منصور به لم يذكروا أبا موسى. ثم رأيت البيهقىأخرجه (3/172) من طريق أبى داود ثم ذكر طريق عبيد هذا الموصول وقال: " وليس بمحفوظ ".
أخرجه الدارقطنى (164) والبيهقى (3/183) والضياء المقدسى فى " المختارة " (ق 21/1) عن إسحاق به مرسلاً. قال البيهقى:
" هذا الحديث وإن كان فيه إرسال , فهو مرسل جيد , فطارق من خيار التابعين , وممن رأى النبى صلى الله عليه وسلم , وإن لم يسمع منه , ولحديثه هذا شواهد ".
قلت: وهى:
1 ـ عن تميم الدارى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " الجمعة واجبة إلا على امرأة , أو صبى , أو مريض , أو عبد , أو مسافر ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (193) والطبرانى فى " الكبير " (1/124/2) والبيهقى (3/183 ـ 184) وابن النجار فى " ذيل تاريخ بغداد " (10/32/2) عن محمد بن طلحة عن الحكم بن عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبى عبد الله الشامى عنه.
وقال العقيلى فى ترجمة ضرار هذا ـ بعد أن روى عن البخارى أنه قال: " فيه نظر " ـ: " لا يتابع عليه , وفيه رواية أخرى نحواً من هذا فى اللين ".(3/55)
وأبو عبد الله الشامى ضعفه الأزدى.
والحكم بن عمرو , قال يحيى: ليس بشىء لا يكتب حديثه. وقال النسائى: ضعيف.
قلت: فالإسناد واهٍجداً , وقال أبو زرعة ; " هذا حديث منكر " كما فى " العلل " لابن أبى حاتم (1/212) .
2 ـ عن مولى لآل الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجمعة واجبة على كل حالم إلا أربعة: الصبى والعبد والمرأة والمريض ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/207/1ـ2) حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسى عن حسن عن أبيه عن أبى حازم عنه.
ورواه البيهقى (3/184) من طريق أخرى عن حسن يعنى ابن صالح به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات غير المولى فلم أعرفه , فإن كان من الصحابة فلا تضر جهالته , وهو الأرجح لأن راويه عنه أبو حازم هو سلمان الأشجعى الكوفى تابعى , وإن كان غير صحابى فالسند ضعيف لجهالته.
3 ـ عن جابر بن عبد الله مرفوعاً:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر [أو امرأة أو صبى] أو مملوك , ومن استغنى عنها بلهو أو تجارة استغنى الله عنه , والله غنى حميد ".
أخرجه الدارقطنى (163 ـ 164) وابن عدى فى " الكامل " (ق 340/1) وعنه البيهقى وأبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/295 ـ 296) وابن الجوزى فى " التحقيق " (1/158/1) عن ابن لهيعة حدثنا معاذ بن محمد الأنصارى عن أبى الزبير عنه. وقال ابن عدى:(3/56)
" ومعاذ لا أعرفه إلا من هذا الحديث ".
قلت: وذكره ابن حبان فى " الثقات " كما فى " الميزان " ولم أره فى المجلد الخاص بأتباع التابعين من " الثقات " نسخة ظاهرية دمشق , فالله أعلم. [1]
وقد وجدت له متابعاً أخرجه الجرجانى فى " تاريخ جرجان " (150) عن أحمد بن أبى طيبة حدثنا أبو ظبية [2] عن أبى الزبير به.
قلت: أبو ظبية [3] اسمه عيسى بن سليمان الجرجانى ضعيف وابنه أصلح حالاً منه.
بقى فى الإسناد علة أخرى , وهى عنعنة أبى الزبير فإنه كان مدلساً.
4 ـ عن أبى هريرة مرفوعاً مثل حديث جابر , إلا أنه لم يذكر المريض.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/48/1) عن عبد العظيم بن رغبان الحمصى حدثنا أبو معشر عن سعيد المقبرى عنه.
وقال الطبرانى: " لم يروه عن المقبرى إلا أبو معشر , تفرد به عبد العظيم ".
قال الهيثمى فى " المجمع " (2/170) : " لم أجد من ترجمه ".
قلت: وقع فى السند منسوباً إلى جده فخفيت على الهيثمى ترجمته وهو عبد العظيم بن حبيب بن رغبان , قال الدارقطنى:
" يكنى أبا بكر ويعرف بابن رغبان ولم يكن بالقوى فى الحديث ".
وأورده ابن حبان فى " الثقات " كما فى " اللسان ".
وأبو معشر اسمه نجيح وفيه ضعف , فالسند صالح للاستشهاد به إن شاء الله تعالى.
5 ـ عن محمد بن كعب القرظى مرفوعاً مرسلاً بلفظ حديث جابر.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {ذكره ابن حبان فى " الثقات " (7/481) }
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: أبو طيبة}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: أبو طيبة}(3/57)
أخرجه ابن أبى شيبة عن ليث عنه. وليث هو ابن أبى سليم ضعيف لاختلاطه.
وبالجملة فالحديث صحيح بهذه الشواهد والطرق.
ثم وجدت له شاهداً سادساً أخرجه الشافعى ومن طريقه البيهقى (3/173) عن إبراهيم بن محمد حدثنى سلمة بن عبد الله الخطمى عن محمد بن كعب أنه سمع رجلاً من بنى وائل يقول: فذكره مرفوعاً بلفظ: " تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبى أو مملوك ". وإبراهيم هذا متروك لكن تابعه ابن وهب حدثنا ابن لهيعة عن سلمة بن عبد الله به. أخرجه ابن منده فى " المعرفة " (1/277/2) .
فالعلة من سلمة فإنه مجهول كما فى " التقريب ".
(593) - (قال صلى الله عليه وسلم: " الجمعة على من سمع النداء " رواه أبو داود (ص 141) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (1056) وعنه البيهقى (3/173) وكذا ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/157/1) والدارقطنى (165) وأبو نعيم فى " الحلية " (7/104) والخطيب فى " الموضح " (6 ـ 7) من طريق قبيصة حدثنا سفيان عن محمد ابن سعيد ـ يعنى الطائفى ـ عن أبى سلمة بن نبيه عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم به. وقال أبو داود:
" روى هذ الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو لم يرفعوه , وإنما أسنده قبيصة ". قال البيهقى عقبه: " وقبيصة بن عقبة من الثقات , ومحمد بن سعيد هذا هو الطائفى ثقة ".
وقال الدراقطنى والخطيب: " قال ابن أبى داود: محمد بن سعيد هو الطائفى , ثقة , وهذه سنة تفرد بها أهل الطائف ".(3/58)
قلت: وقد تعقب البيهقى ابن التركمانى فقال: " قلت: رواه قبيصة عن الثورى , وقد قال ابن معين: وغيره: قبيصة ثقة , إلا فى حديث الثورى , والطائفى مجهول. كذا فى الميزان ".
قلت: فى هذا العزو إيهام بما لا يصح , فإن الذهبى بعد أن ذكر أنه مجهول , وهو قول أبى حاتم كما نص عليه فى مقدمة الميزان ذكر أنه روى عنه غير الثورى: زيد بن الحباب ويحيى بن سليم الطائفى ومعتمر بن سليمان. قال: " فانتفت الجهالة ".
فلا مجال لإعلال الحديث به , بل العلة ممن فوقه , فإن أبا سلمة بن نبيه , تفرد عنه الطائفى هذا كما فى الميزان ولذلك قال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول ". وكذلك قال فى شيخه عبد الله بن هارون , وقال الذهبى: " تابعى نكرة ".
فهما علة الحديث مرفوعاً وموقوفاً.
وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
أخرجه الدراقطنى وعنه البيهقى وابن الجوزى من طريق الوليد عن زهير بن محمد عنه.
ثم أخرجه الدارقطنى وعنه ابن الجوزى وابن أخى ميمى فى " الفوائد المنتقاة " (4/91/2) عن محمد بن الفضل بن عطية عن حجاج عن عمرو به بلفظ: " الجمعة على من كان بمدى الصوت ".
وهذا سند واهٍابن عطية متهم بالكذب , وحجاج هو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه , ولعله تلقاه عن زهير بن محمد وهو أبو المنذر الخراسانى وفيه ضعف , قال الحافظ فى " التقريب ": " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها , قال البخارى عن أحمد: كأن زهير الذى يروى عنه الشاميون آخر. وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه ".(3/59)
قلت: وهذا الحديث من رواية الوليد عنه وهو ابن مسلم الشامى على أنه قد رواه مرة عنه بهذا الإسناد عن عبد الله بن عمرو موقوفاً عليه بلفظ: " إنما تجب الجمعة على من سمع النداء , فمن سمعه فلم يأته فقد عصى ربه ".
أخرجه البيهقى وقال: " وهذا موقوف ".
ورواه ابن أبى شيبة (1/250/1) بسند صحيح عن عمرو بن شعيب موقوفاً عليه.
والحديث سكت عليه الحافظ فى " التلخيص " (ص 137) وقد أورده من الطريقين , وأشار إلى الاختلاف فى الطريق الأولى وقفاً ورفعاً , وكذلك صنع فى " الفتح " (2/220) لكنه قال فيه: " ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم: أتسمع النداء؟ قال: نعم , قال: فأجب ".
فالحديث على هذا حسن إن شاء الله تعالى , وقد تقدم حديث ابن أم مكتوم فى أول صلاة الجماعة رقم (487) .
(594) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم سافر هو وأصحابه فى الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير " (ص 142) .
* صحيح.
وإن كنت لم أره مروياً بهذا اللفظ , ولكن الاستقراء يدل عليه , وقد ثبت فى حديث جابر الطويل فى صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: " حتى أتى عرفة ... فصلى الظهر , ثم أقام فصلى العصر ".
وقد كان ذلك يوم جمعة كما فى الصحيحين وغيرهما.(3/60)
وروى الطبرانى فى " زوائد الأوسط " (1/48/2) عن إبراهيم بن حماد بن أبى حازم المدينى أخبرنا مالك بن أنس عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة مرفوعاً: " ليس على مسافر جمعة ".
قلت: وهذا سند ضعيف , إبراهيم هذا ضعفه الدارقطنى.
وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً به.
أخرجه الدارقطنى (164) من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه عنه.
وهذا سند ضعيف من أجل عبد الله وهو ابن نافع مولى ابن عمر , قال الحافظ: " ضعيف ".
وأورده الحافظ فى " بلوغ المرام " من حديث ابن عمر بهذا اللفظ وقال: " رواه الطبرانى بإسناد ضعيف ".
وما أظن عزوه للطبرانى إلا وهماً , فإنه لم يورده الهيثمى فى " المجمع " ولا فى " زوائد معجم الطبرانى الصغير والأوسط ". [1]
وفى الباب أحاديث أخرى ضعيفة تقدم ذكرها عند الحديث (592) , فالحديث بها قوى.
(595) - (قال عبد الله بن سيدان السلمى: " شهدت الجمعة مع أبى بكر , فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار , وشهدتها مع عمر فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول انتصف النهار ثم شهدتها مع عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار , فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره " رواه الدارقطنى وأحمد واحتج به (ص 142) .
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (169) وكذا ابن أبى شيبة (1/206/2) بسند صحيح [2] عن عبد الله ابن سيدان به.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {وقفنا على الحديث: أخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/249) عن ابن عمر من الطريق المذكورة وباللفظ نفسه , فلم يهم الحافظ , والحمد لله} .
[2] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: بسند ضعيف كما سيأتى فى كلام الحافظ}(3/61)
وعزاه الحافظ فى " الفتح " (2/321) لأبى نعيم شيخ البخارى فى " كتاب الصلاة " له وابن أبى شيبة , وقال: " رجاله ثقات , إلا أن عبد الله بن سيدان ـ وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة ـ فإنه تابعى كبير إلا أنه غير معروف العدالة , قال ابن عدى: شبه المجهول , وقال البخارى: لا يتابع على حديثه , بل عارضه ما هو أقوى منه , فروى ابن أبى شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبى بكر وعمر حين زالت الشمس. إسناده قوى , وفى الموطأ عن مالك بن أبى عامر قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبى طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربى , فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر " وإسناده صحيح ".
قلت: لو صح حديث ابن سيدان لم يعارضه ما ذكره الحافظ بل يحمل على أنهم كانوا يصلونها تارة قبل الزوال , وتارة بعد الزوال كما هو الثابت فى السنة على ما فصلته فى رسالة " الأجوبة النافعة على أسئلة لجنة مسجد الجامعة " (وقد طبعت والحمد لله تعالى) وقد قال عبد الله بن أحمد فى مسائله (ص 112) : " سئل أبى وأنا أسمع عن الجمعة هل تصلى قبل أن تزول الشمس؟ فقال: حديث ابن مسعود أنه صلى بهم الجمعة ضحى أنه لم تزل الشمس , وحديث أبى حازم عن سهل بن سعد: كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة. فهذا يدل على أنه قبل الزوال , ورأيته كأنه لم يدفع بهذه الأحاديث أنها قبل الزوال , وكان رأيه على أنه إذا زالت الشمس فلاشك فى الصلاة , ولم أره يدفع حديث ابن مسعود وسهل بن سعد على أنه كان ذلك عنده قبل الزوال ".
(596) - (قال أحمد: " وكذلك روى عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال فلم ينكر " (ص 142) .
* صحيح.
عن بعضهم , منهم ابن مسعود , أخرجه ابن أبى شيبة (1/206/2) : أخبرنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال:(3/62)
" صلى بنا عبد الله الجمعة ضحى , وقال: خشيت عليكم الحجة [1] ".
قلت: وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات , وفى عبد الله بن سلمة ضعف من قبل أنه كان تغير حفظه , لكنه هنا يروى أمراً شاهده بنفسه , والغالب فى مثل هذا أنه لا ينساه الراوى وإن كان فيه ضعف , بخلاف ما إذا كان يروى أمراً لم يشاهده كحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم , فإنه يخشى عليه أن يزيد فيه أو ينقص منه , وأن يكون موقوفاً فى الأصل فتخونه ذاكرته فيرفعه.
ومنهم معاوية. قال ابن أبى شيبة: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد قال: " صلى بنا معاوية الجمعة ضحى ".
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير سعيد بن سويد , ذكره ابن أبى حاتم (2/1/29) برواية [2] عن معاوية ورواية عمرو عنه , ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وكذلك ذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/62) , وقال البخارى: لا يتابع على حديثه ـ كما فى " الميزان " ـ ثم قال ابن أبى حاتم عقبه: " سعيد بن سويد الكلبى , روى عن العرباض بن سارية وعمر بن عبد العزيز , وعبد الأعلى بن هلال , روى عنه معاوية بن صالح وأبو بكر بن أبى مريم , قال: وروى عن عمير بن سعد صاحب النبى صلى الله عليه وسلم وعن عبيدة الأملوكى ".
فأفاد بهذا أن الكلبى غير سعيد بن سويد الراوى عن معاوية , وخالفه الحافظ فى " اللسان " فجزم فى ترجمة الأول أنه الكلبى , وإلى ذلك يشير صنيع ابن حبان فإنه لم يذكر غيره فى " التابعين " فإذا صح ذلك فالإسناد جيد إن شاء الله.
وأما الرواية عن جابر , فلم أقف على إسنادها.
وأما الرواية عن سعيد , فمن سعيد؟ وأنا أظن أنه تحرف على الطابع أو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل والصواب: الحر}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: بروايته}(3/63)
الناسخ , وأن الصواب " سعد " وهو ابن أبى وقاص فقد قال ابن أبى شيبة فى باب من كان يقيل بعد الجمعة ويقول: هى أول النهار: أخبرنا غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد قال: " كان سعد يقيل بعد الجمعة ".
ووجه إيراد هذا الأثر فى الباب المذكور هو أن القيلولة إنما هى الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم كما فى " النهاية " , فينتج من ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل نصف النهار.
ومثل هذا الأثر ما أخرجه ابن أبى شيبة عقبه عن سهل بن سعد قال:" كنا نتغدى ونقيل بعد الجمعة ". وكذا أخرجه أبو داود (1086) .
وأخرجه البخارى (1/238) وكذا ابن ماجه (1099) بلفظ: " ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ".
وفى رواية له: " كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة , ثم تكون القائلة ".
وفى الرواية الأولى دلالة على ما تقدم من جهة أخرى وهى أن الغداء إنما هو الطعام الذى يؤكل أول النهار فإذا كان غداؤهم بعد الجمعة فهو دليل قاطع على أنهم كانوا يصلونها فى أول النهار كصلاة العيد ويؤيده ما روى ابن أبى شيبة بسند حسن عن مجاهد قال: " ما كان للناس عيد إلا فى أول النهار "
(597) - (وعن جابر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس " رواه أحمد ومسلم (ص 142) .(3/64)
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/8 و9) وأحمد (3/331) وكذا النسائى (1/206) وابن أبى شيبة (1/207/1) والبيهقى (3/190) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به. وفى رواية لأحمد: " قال جعفر: وإراحة النواضح حين تزول الشمس ".
وإسناده جيد. ونحوه لابن أبى شيبة , وسنده صحيح.
(598) - (قول سلمة بن الأكوع: " كنا نُجَمِّعُ مع النبى صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتبع الفىء " أخرجاه (ص 143) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/113) ومسلم (3/9) واللفظ له وأبو داود أيضاً (1085) والنسائى (1/207) والدارمى (1/363) وابن ماجه (1100) وابن أبى شيبة (1/207/1) والبيهقى (3/190) وأحمد (4/46 و54) ولفظه: " وما للحيطان فىء يستظل به ". وهو لفظ البخارى وغيره.
وله شاهد من حديث الزبير بن العوام قال: " كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نرجع فنبادر الظل فى أطم بنى غنم فما هو إلا مواضع أقدامنا ".
أخرجه الدارمى (1/363) والطيالسى (1/141) (1) وأحمد (1/164 و167) عن مسلم ابن جندب عنه.
قلت: وسنده صحيح.
وأدخل أحمد فى رواية عنه رجلاً لم يسم بينه وبين الزبير. وهى شاذة.
__________
(1) من ترتيبه " منحة المعبود " ولم أره فى " مسند الزبير " من أصله. والله أعلم.(3/65)
(599) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر قبائل العرب حول المدينة بجمعة " (ص 143) .
لا أعلم له أصلاً.
وقد ذكر نحو الرافعى فى " الشرح الكبير " , مع قضايا أخرى منها أن النبى صلى الله عليه وسلم لم تقم الجمعة فى عهده , ولا فى عهد الخلفاء الراشدين إلا فى موضع الإقامة , ولم يقيموا الجمعة , إلا فى موضع واحد , فقال الحافظ ابن حجر فى تخريجه (132) : " كل هذه الأشياء المنفية مأخذها بالاستقراء , فلم يكن بالمدينة مكان يجمع فيه إلا مسجد المدينة , مع أنه قد ورد فى بعض ما يخالف ذلك , وفى بعض ما يوافقه أحاديث ضعيفة يحتج بها الخصوم , وليست بأضعف من أحاديث كثيرة احتج بها أصحابنا ". ثم ساق ما أشار إليه من الأحاديث , ومنها قوله: " وقال ابن المنذر فى " الأوسط ": روينا عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون , فلا يعيب ذلك عليهم. ثم ساقه موصولا , وروى سعيد ابن منصور عن أبى هريرة أن عمر كتب إليهم: أن جمعوا حيثما كنتم ".
قلت: وما ذكره عن ابن عمر عزاه فى " الفتح " (2/316) لعبد الرزاق بإسناد صحيح , ورواية أبى هريرة أخرجها ابن أبى شيبة أيضا (1/204/1) من طريق أبى رافع عنه: " أنهم كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة؟ فكتب: جمعوا حيثما ما كنتم ". وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(600) - (قول كعب بن مالك: " أول من جمع بنا أسعد بن زرارة(3/66)
فى هزم النبيت , فى نقيع يقال له: نقيع الخضمات (1) , قلت كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلا ". رواه أبو داود (ص 143) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (1069) والدارقطنى (164 ـ 165) والحاكم (1/281) والبيهقى (3/176 ـ 177) عنهما وابن هشام فى " السيرة " (2/77) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبى أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره عن أبيه كعب بن مالك. " أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة , فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أول من جمع بنا فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة (2) ... الخ ".
قلت: وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 133) فإن رجاله ثقات , وإنما يخشى من عنعنة ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث فى رواية الدارقطنى والحاكم وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى!!
وقال البيهقى: " ومحمد بن إسحاق إذا ذكر سماعه فى الرواية , وكان الراوى ثقة استقام الإسناد , وهذا حديث حسن الإسناد صحيح ".
وقال الإمام أحمد فى مسائل ابنه عبد الله (108) : " قد جمع بهم أسعد بن زرارة , وكانت أول جمعة جمعت فى الإسلام , وكانوا أربعين رجلا ".
__________
(1) بفتح المعجمة وكسر الضاد المعجمة، موضع معروف بنواحي المدينة، كما في "النهاية" و"تلخيص الحبير".
(2) قرية على ميل من المدينة، وبياضة بطن الأنصار، منه.(3/67)
ففيه إشارة واضحة إلى ثبوت الحديث عنده. اهـ.
(601) - (قال ابن جريج: " قلت لعطاء أكان يأمر [1] النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم " (ص 143) .
* ضعيف.
لأنه مرسل , ولم أقف على إسناده إلى ابن جريج [2] . ومراده أن تجميع ابن زرارة فى النقيع كان بأمره صلى الله عليه وسلم وفى " التلخيص " (133) : " وروى الدارقطنى من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك عن الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس قال: " أذن النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة , قبل أن يهاجر , ولم يستطع أن يجمع بمكة , فكتب إلى مصعب بن عمير: أما بعد فانظر اليوم الذى تجهر فيه اليهود بالزبور , فاجمعوا نساءكم وأبناءكم , فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة , فتقربوا إلى الله بركعتين , قال فهو أول من جمع حتى قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة , فجمع عند الزوال , من الظهر , وأظهر ذلك ".
سكت عليه الحافظ , ولم أره فى سنن الدارقطنى فالظاهر أنه فى غيره من كتبه , وإسناده حسن , وإن سلم ممن دون المغيرة , وهو ابن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش أبو هاشم المخزومى وقد احتج به الشيخان وفيه كلام يسير.
وروى بعضه الطبرانى فى الأوسط (1/51/2) من طريق صالح بن أبى الأخضر عن الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبى مسعود الأنصارى قال: " أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير , وهو أول من جمع بها يوم الجمعة , جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فصلى بهم ". وقال: " لم يروه عن الزهرى إلا صالح ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ. وبينه وبين حديث كعب بن مالك
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بأمر}
[2] قال صاحب التكميل ص/26:
وقفت على إسناده فى " مصنف عبد الرزاق ": (3/160) قال: عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: " من أول من جمع ? قال: رجل من بنى عبد الدار , زعموا. قلت: أبأمر النبى صلى الله عليه وسلم ? قال: فمه ". اهـ.(3/68)
المذكور قبل هذا مخالفة فإن فيه أن أسعد بن زرارة هو أول من جمع بهم , وجمع الحافظ بينهما بأن أسعد كان آمراً , وكان مصعب إماماً.
قلت: ويمكن أن يقال أن مصعباً أول من جمع فى المدينة نفسها , وأسعد أول من جمع فى بنى بياضة وهى قرية على ميل من المدينة كما تقدم فلا اختلاف والله أعلم. اهـ.
(602) - (قال أحمد: " بعث النبى صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة ".
* لم أقف عليه بهذا اللفظ
وقد ذكرناه بنحوه فى الحديث الذى قبله , وفى معناه حديث كعب بن مالك المتقدم قبل حديث (600) .
وقد ذكره أحمد فى مسائل أبى داود عنه (57) نحو ما ذكره المؤلف عن مصعب , لكن ليس فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم بعثه اهـ.
(603) - (حديث جابر: " مضت السنة أن فى كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر " رواه الدارقطنى) (ص 143) .
* ضعيف جداً.
رواه الدارقطنى (164) والبيهقى (3/177) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشى حدثنا خصيف عن عطاء عن جابر قال: " مضت السنة أن فى كل ثلاثة إماماً , وفى كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وفطر وأضحى , وذلك أنهم جماعة " , وقال البيهقى: " تفرد به عبد العزيز القرشى وهو ضعيف ". قلت هو شر من ذلك ففى " التلخيص " (133) : " قال أحمد: اضرب على حديثه فإنها كذب موضوعة , وقال النسائى: ليس بثقة.
وقال الدارقطنى: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وقال البيهقى: هذا الحديث لا يحتج به ".(3/69)
وفى الباب أحاديث أخرى بأكثر من هذا العدد وأقل , وكلها معلولة لا يصح منها شىء , وقد ساقها الدارقطنى والبيهقى والحافظ وغيرهما وبينا عللها.
وليس فى عدد الأربعين حديث ثابت غير حديث كعب بن مالك المتقدم وهو لا يدل على شرطيته لأنها واقعة عين كما قال الشوكانى فراجع تمام البحث فيه (3/107) . اهـ.
(604) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يقعد بينهما ". متفق عليه (ص 144) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/233 و236) ومسلم (3/9) والنسائى (1/209) والترمذى (2/380) والدارمى (1/366) وابن ماجه (1103) والبيهقى (3/196) وأحمد (2/35) من طرق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: فذكره , واللفظ للبخارى , ولفظ النسائى والدارمى: " ... وهو قائم , وكان يفصل بينهما بجلوس ".
وزاد البخارى فى رواية ومسلم والترمذى وغيرهم: " كما يفعلون اليوم ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد تابعه عبد الله العمرى المكبر عن نافع به.
أخرجه أبو داود (1092) وابن أبى شيبة (1/209/1) والطيالسى (1858) وأحمد (2/91 و98) وزاد أبو داود: " ثم يجلس فلا يتكلم , ثم يقوم فيخطب ".
والعمرى هذا ضعيف لسوء حفظه , وقد تفرد بهذه الزيادة عن نافع , لكن لها شاهد من حديث جابر بن سمرة يأتى قريباً إن شاء الله تعالى.(3/70)
والحديث , ورد أيضا من حديث جابر بن سمرة , وعبد الله بن عباس , وجابر بن عبد الله.
أما حديث جابر بن سمرة , فهو بلفظ:
" كان يخطب قائما , ثم يجلس , ثم يقوم فيخطب قائماً , فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا , فقد كذب , فقد والله صليت معه أكثر من ألفى صلاة ".
أخرجه مسلم وأبو داود (1094 و1095) والنسائى والدارمى وابن ماجه (1105 و1106) والبيهقى (3/197) وابن أبى شيبة (1/108/2) والطيالسى (757) وأحمد (5/87 و88 و89 و90 و91 و92 و93 و94 و95 و97 و98 و99 ـ 100و 101 و102 و107) من طرق عن سماك بن حرب عنه والسياق لمسلم وغيره وزاد فى رواية: " يقرأ القرآن ويذكر الناس ".
وزاد أحمد وغيره: " وكانت صلاته قصداً , وخطبته قصداً ".
وهى عند مسلم أيضاً (3/11) وزاد أبو داود والنسائى وأحمد فى أخرى: " ثم يقعد قعدة لا يتكلم , ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى " وسندها جيد.
وأما حديث عبد الله بن عباس , فهو مثل حديث ابن سمرة دون قوله " فمن نبأك.. ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/209/1) وعنه أحمد وابنه عبد الله فى زوائده على المسند (1/256 ـ 257) من طريق حجاج عن الحكم عن مقسم عنه.
ورجاله ثقات غير أن الحجاج هذا وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه , لكن قال الهيثمى (2/187) عقب الحديث: " رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير والأوسط , ورجال الطبرانى(3/71)
ثقات (والبزار , ورجال الطبرانى رجال الصحيح) [1] ".
قلت: وهو فى أوسط الطبرانى (1/52/2) من طريق محمد بن عجلان عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عنه.
وحسين هذا هو الهاشمى المدنى ضعيف , فلعله فى كبير الطبرانى من غير طريقه كما هو ظاهر كلام الهيثمى.
وأما حديث جابر , فهو من رواية سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
أخرجه البيهقى (3/198) بإسناد صحيح , لكن رواه ابن أبى شيبة (1/208/2) : أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر به مرسلا لم يذكر فيه جابراً. غير أن سليمان بن بلال ثقة احتج به الشيخان فزيادته مقبولة اهـ.
(605) - (قال عائشة: " إنما أقرت الجمعة ركعتين من أجل الخطبة " (ص 144) .
* لم أقف على إسناده عنها
وقد روى ابن أبى شيبة (1/126/1) عن يحيى بن أبى كثير قال: حدثت عن عمر بن الخطاب أنه قال: " إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين , فإن لم يدرك الخطبة فليصل أربعاً ".
وعن عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب قال: " كانت الجمعة أربعاً فجلعت ركعتين من أجل الخطبة , فمن فاتته الخطبة فليصل
أربعاً ".
قلت: ورجاله ثقات لكنه منقطع بين يحيى وبين عمرو وعمر.
(606) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 144) .
* صحيح.
وقد مضى مراراً.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , وهى زيادة ليست فى مجمع الزوائد , فالصواب حذفها}(3/72)
(607) - (حديث: " كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم ". رواه أبو داود (ص 144) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (4840) بهذا اللفظ بسند ضعيف وتقدم الكلام عليه مفصلاً فى أول الكتاب.
(608) - (قال جابر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يحمد الله ويثنى عليه بما هو أهله " الحديث (ص 144) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/11) والنسائى (1/234) والبيهقى (3/214) وأحمد (3/319و 371) من طرق عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس , فيحمد الله ويثنى عليه بما هو أهله , ثم يقول: من يهد الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادى له , وخير الحديث كتاب الله , وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكان إذا ذكر الساعة علا صوته , واحمرت عيناه , واشتد غضبه , كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم , من ترك مالا فلورثته , ومن ترك دينا أو ضياعا , فإلى وعلى , أنا ولى المؤمنين ".
والسياق للبيهقى. وزاد النسائى: " وكل ضلالة فى النار ".
وهى عند البيهقى أيضاً فى " الأسماء والصفات " وسندها صحيح.
(609) - (قال جابر بن سمرة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات ويذكر الناس " رواه مسلم (ص 144) .
* صحيح.
رواه مسلم نحوه وقد مضى لفظه فى تخريج الحديث (604) .(3/73)
(610) - (قال: " صلوا كما رأيتمونى أصلى " (ص 145) .
* صحيح.
وتقدم مراراً.
(611) - (عن جابر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته ". الحديث رواه مسلم (ص 145) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث أوردته بتمامه قبل حديثين (608) .
وهذا القدر منه رواه ابن سعد فى " الطبقات الكبرى " (1/376 ـ 377) .
(612) - (قال عمر وعائشة: " قصرت الصلاة لأجل الخطبة ".
* ضعيف.
وقد تقدم عن عائشة برقم (605) , وأنه لم أقف عليه عنها , وأما عن عمر فضعيف لانقطاعه كما ذكرته هناك.
(613) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم: " كان إذا خطب يوم الجمعة دعا وأشار بأصبعه وأمن الناس " رواه حرب فى مسائله (ص 145) .
* لم أقف على سنده.
وإنما علقه البيهقى (3/210) مرسلا فقال: " وروينا عن الزهرى أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة دعا فأشار بأصبعه , وأمن الناس.
ورواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة موصولا , وليس بصحيح ".
(614) - (قال جابر بن سمرة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب , فمن حدثك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب " رواه مسلم (ص 146) .
* صحيح.
وقد خرجته فى الحديث المتقدم (604) .
(615) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم: " كان يخطب على منبره " (ص 146) .(3/74)
* صحيح.
بل متواتر عن جماعة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , منهم عبد الله بن عمر , ويعلى بن أمية , وابن عمر أيضاً , وأبو سعيد الخدرى , ومعاوية بن أبى سفيان , وجابر بن عبد الله , وأنس بن مالك , عمارة بن رؤيبة , وأخت عمرة بنت عبد الرحمن , وسهل بن سعد , وسلمة بن الأكوع , وغيرهم.
أما حديث عبد الله فلفظه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع , فلما اتخذ المنبر حن الجذع , حتى أتاه فالتزمه , فسكن ".
أخرجه البخارى (2/400) والترمذى (2/379) واللفظ له وقال: " حديث ابن عمر حديث حسن غريب صحيح ".
قلت: وأحاديث الثلاثة الأولين فى البخارى والدارمى (1/366 ـ 367) وغيرهما.
وأما حديث يعلى بن أمية , فيرويه ابنه صفوان عنه: " أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر: (ونادوا يا مالك) ".
رواه مسلم (3/13) .
وأما حديث ابن عمر الثانى فقال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال: " من جاء إلى الجمعة فليغتسل ".
رواه البخارى (1/233) ومسلم (3/2) والنسائى (1/208) .
وأما حديث أبى سعيد فقال: " أن النبى صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله ".(3/75)
أخرجه البخارى (1/233) .
وأما حديث معاوية , فرواه عنه أبو أمامة بن سهل بن حنيف قال: سمعت معاوية بن أبى سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن , فقال: الله أكبر الله أكبر , فقال معاوية الله أكبر الله أكبر , فقال: أشهد أن لا إله إلا الله , فقال معاوية: وأنا , قال: أشهد أن محمداً رسول الله , قال معاوية: وأنا , فلما قضى التأذين , قال: يا أيها الناس إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم منى من مقالتى ".
رواه البخارى (1/232) .
وأما حديث جابر فقال: " جاء رجل والنبى صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة يخطب فقال له: أركعت ركعتين؟ قال: لا , فقال: اركع ".
رواه مسلم (3/14) والبخارى (1/236 لكن ليس عنده موضع الشاهد منه والنسائى (1/207) مثل رواية مسلم.
وأما حديث السائب بن يزيد فهو بلفظ: " كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر , فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء ".
أخرجه البخارى (1/231) والنسائى (1/207) .
وأما حديث ابن عباس فقال: " صعد النبى صلى الله عليه وسلم المنبر , وكان آخر مجلس جلسه متعطفاً بملحفة على منكبه , قد عصب رأسه بعمامة وسمة [1] , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال أيها الناس إلى , فثابوا إليه , ثم قال: أما بعد , فإن هذا الحى من الأنصار يقلون ويكثر الناس , فمن ولى شيئاً من أمة محمد فاستطاع أن يضر فيه أحداً , أو ينفع فيه أحداً , فليقبل من محسنهم , ويتجاوز عن مسيئهم "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: دسمة}(3/76)
أخرجه البخارى (1/235) .
وأما حديث أنس بن مالك فلفظه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعرض له الرجل يوم الجمعة , بعدما ينزل من المنبر , فيكلمه ثم يدخل فى الصلاة ".
أخرجه أبو داود (1120) والنسائى (1/209) والترمذى (2/394) وابن ماجه (1117) والطيالسى (2028) وأحمد (3/213) والسياق له عن جرير بن حازم قال: سمعت ثابتا البنانى يحدث عن أنس به.
قلت: وسنده صحيح , وقد أعل بما لا يقدح كما بينه الشيخ أحمد شاكر فى تعليقه على الترمذى , ولم يجده فى مسند أحمد , وهو فيه فى الموضع الذى أشرنا إليه.
وأما حديث عمارة بن رؤيبة فقال فى رواية حصين بن عبد الرحمن: " رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه , فقال: قبح الله هاتين اليدين , لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا , وأشار بإصبعه المسبحة ".
رواه مسلم (3/13) وأبو داود (1104) .
وأما حديث أخت عمرة فقالت: " أخذت ق والقرآن المجيد من فى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة , وهو يقرأ بها على المنبر فى كل جمعة ".
أخرجه مسلم (3/13) .
وأما حديث سهل بن سعد فقال: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرا يديه قط يدعو على منبره , ولا على غيره , ولكن رأيته يقول هكذا وأشار بالسبابة وعقد الوسطى والإبهام ".
أخرجه أبو داود (1105) بإسناد حسن.(3/77)
وأما حديث سلمة بن الأكوع فقال: " كان بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الحائط كقدر ممر الشاة ".
أخرجه أبو داود (1082) والشيخان نحوه.
وفى الباب عن سهل بن سعد أيضا فى صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر وقد تقدم (545) .
(616) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم خطب على سيف أو عصا " رواه أبو داود.
* حسن.
أخرجه أبو داود (1096) عن شهاب بن خراش حدثنى شعيب بن زريق الطائفى قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له الحكم بن حزن الكلفى فأنشأ يحدثنا قال: " وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة , فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير , فأمر بنا أو أمر لنا بشىء من التمر , والشأن إذ ذاك دون , فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام متوكئا على عصا أو قوس , فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: أيها الناس إنكم لن تطيقوا , أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به , ولكن سددوا وأبشروا ".
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقى (3/206) وأحمد (4/212) .
قلت: وهذا سند حسن وفى شهاب وشعيب كلام يسير لا ينزل الحديث به عن رتبة الحسن , لاسيما وله شاهدان أحدهما عن سعد القرظ.
أخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقى.
والآخر عن عطاء مرسلا.
أخرجه الشافعى (1/162) والبيهقى , وهو مرسل صحيح.
وفى الباب عن جابر أيضا , وسيأتى فى الحديث (631) .(3/78)
(617) - (قال ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم , يفصل بينهما بجلوس " متفق عليه (ص 149) .
* صحيح.
لكن اللفظ للنسائى والدارمى , وقد سبق تخريجه (604) .
(618) - (حديث عمار مرفوعا: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة " رواه مسلم (ص 146) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/12) وكذا الدارمى (1/365) والحاكم (3/393) والبيهقى (3/208) وأحمد (4/262) عن أبى وائل قال:
" خطبنا عمار , فأوجز وأبلغ , فلما نزل , قلنا: يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت , فلو كنت تنفست , فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره , وزاد فى آخره: " وإن من البيان لسحرا ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه " ووافقه الذهبى!
ورواه أيضا العسكرى فى الأمثال عن عمار , وابن أبى شيبة (1/209/2) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/36/2) عن ابن مسعود موقوفا عليه وقال المنذرى (1/258) بعدما عزاه للطبرانى: " بإسناد صحيح " , وهو كما قال.
وله طريق أخرى مختصرا , يرويه أبو راشد عن عمار بلفظ:" أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطب " أخرجه أبو داود (1106) والبيهقى بسند حسن فى المتابعات والشواهد.
ورواه ابن أبى شيبة (1/209/2) من هذ الوجه عن أبى راشد قال: " خطبنا عمار , فتجوز فى الخطبة , فقال رجل: قد قلت قولا شفاء , لو أنك أطلت. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نطيل الخطبة ".(3/79)
(619) - (قول صلى الله عليه وسلم: " إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت " متفق عليه (ص 147) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/237) ومسلم (3/4) والنسائى (1/208) والترمذى (2/387) وصححه والدارمى (1/364) وابن ماجه (1110) والبيهقى (3/218) وأحمد (2/272 و393 و396 و474 و485 و518 و532) من طرق عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مرفوعا به.
واللفظ لأحمد , ولفظ الشيخين وغيرهما: " ... أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت ".
وقد تابعه الأعرج عن أبى هريرة به.
أخرجه مسلم ومالك (1/103/106) وعنه أبو داود (1112) وكذا الدارمى والبيهقى وأحمد (2/244 , 485) .
وتابعه عبد الله بن إبراهيم بن قارظ عنه به.
أخرجه مسلم والنسائى وأحمد (2/272) .
وتابعهم أبو سلمة عنه , لكن بلفظ قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة , إذ قال أبو ذر لأبى بن كعب: متى أنزلت هذه السورة؟ فلم يجبه , فلما قضى صلاته , قال له: مالك من صلاتك إلا ما لغوت , فأتى أبو ذر النبى صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال: صدق أبى ".
أخرجه الطيالسى (2365) وإسناده حسن.
وله شاهد من حديث أبى بن كعب نفسه.
أخرجه ابن ماجه (1111) وعبد الله بن أحمد فى زوائد " المسند " (5/143) وإسناده جيد , وقال المنذرى (1/257) " وإسناده حسن " , وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 77/1) " هذا إسناد رجاله ثقات ". وفى نقل(3/80)
أبى الحسن السندى فى حاشية ابن ماجه (1/343) عنه: " إسناده صحيح ورجاله ثقات " , والله أعلم.
وله شواهد أخرى يراجعها فى " الترغيب " من شاء المزيد.
(620) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لم يقيموا إلا جمعة واحدة " (ص 147) .
* صحيح.
متواتر كذا قال ابن الملقن فى " البدر المنير " (ق 52/1) ويعنى التواتر المعنوى , وإلا فإنى لا أعرف حديثا واحدا بهذا اللفظ , وما أظن المؤلف أراد أن هذا اللفظ وارد , بل هو مأخوذ بالاستقراء كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 132) قال: فلم يكن بالمدينة مكان يجمع فيه إلا مسجد المدينة , وبهذا صرح الشافعى فقال: " ولا يجمع فى مصر وإن عظم , ولا فى مساجد إلا فى مسجد واحد , وذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم , والخلفاء بعده لم يفعلوا إلا كذلك ".
وروى ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يقول: لا جمعة إلا فى المسجد الأكبر الذى يصلى فيه الإمام , وروى أبو داود فى المراسيل عن بكير بن الأشج أنه كان بالمدينة تسعة مساجد مع مسجده صلى الله عليه وسلم , يسمع أهلها تأذين بلال فيصلون فى مساجدهم. زاد يحيى بن يحيى فى روايته: ولم يكونوا يصلون فى شىء من تلك المساجد إلا فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البيهقى فى " المعرفة ". ويشهد له صلاة أهل العوالى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة كما فى " الصحيح " , وصلاة أهل قبا معه كما رواه ابن ماجه وابن خزيمة.
وأخرج الترمذى من طريق رجل من أهل قبا عن أبيه قال: أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نشهد الجمعة من قبا ".
(621) - (حديث: " ومن أحرم بالجمعة فى وقتها وأدرك مع الإمام ركعة أتم جمعة " رواه البيهقى عن ابن مسعود وابن عمر (ص 147) .
* صحيح عنهما.
رواه أبو إسحاق السبيعى عن أبى الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال:(3/81)
" إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى , فإذا فاتك الركوع فصل أربعا " أخرجه ابن أبى شيبة (1/126/1) ـ النسخة الأخرى ـ والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/38/2) والبيهقى (3/204) من طرق عن أبى إسحاق به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , وأما الهيثمى فقال (2/192) : " حسن " فقصر , والسبيعى وإن كان اختلط , فمن رواته عنه سفيان الثورى وهو من أثبت الناس فيه كما فى " تهذيب التهذيب " , على أنه إنما يخشى من اختلاطه غالبا أن يرفع الموقوف , وهنا ما رواه موقوف وما أظن بلغ به الاختلاط إلى اختلاق ما لا وجود له البتة لا مرفوعا ولا موقوفا , والله أعلم.
وللسبيعى فيه شيخ آخر وهو هبيرة بن يريم , قرنه البيهقى بأبى الأحوص , ورواه الطبرانى عن معمر عن أبى إسحاق عن هبيرة عن ابن مسعود قال: " من فاتته الركعة الأخرى فليصل أربعا ".
قال معمر: وقال قتادة يصلى أربعا. فقيل لقتادة إن ابن مسعود جاء وهم جلوس فى آخر الصلاة فقال لأصحابه: اجلسوا أدركتم إن شاء الله , قال قتادة: إنما يقول: أدركتم الأجر.
قلت: هو عن قتادة منقطع , ثم إنه ليس صريحا فى أن تلك الصلاة كانت صلاة جمعة , بل يحتمل أنها كانت إحدى الصلوات الخمس , وحينئذ فلا تعارض بينه وبين ما قبله.
ومثله ما أخرج ابن أبى شيبة قال (1/165/1) : " فيما يكتب للرجل من التضعيف إذا أراد الصلاة ": أخبرنا شريك عن عامر بن شفيق [1] عن أبى وائل قال: قال عبد الله: من أدرك التشهد , فقد أدرك الصلاة ".
قلت: يعنى أجر الجماعة كما قال قتادة , على أن هذا ضعيف الإسناد , فإن شريكا وهو ابن عبد الله القاضى وشيخه شفيق [2] كلاهما ضعيف , فلا تغتر بسكون [3] ابن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: شقيق}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: شقيق}
[3] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: بسكوت}(3/82)
التركمانى فى " الجوهر النقى " (3/304) عنه , انتصارا لمذهبه!
وأما عن ابن عمر فقال ابن أبى شيبة: حدثنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن نافع عنه قال: " من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ".
وأخرجه البيهقى من طريق جعفر بن عون: أنبأنا يحيى بن سعيد به بلفظ: " ... فقد أدركها إلا أنه يقضى ما فاته ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
ثم رواه البيهقى من طريق الأشعث عن نافع به بلفظ: " إذا أدركت من الجمعة ركعة , فأضف إليها أخرى , وإن أدركتهم جلوسا فصل أربعا ". وقال: " تابعه أيوب عن نافع ".
قلت: ولعله من أجل هذه المتابعة سكت عن المتابع وهو الأشعث وهو ابن سوار , وتغاضى عنها ابن التركمانى فقال: " قال الذهبى: ضعفه جماعة ... "
قلت: لا شك أنه ضعيف كما جزم به الحافظ فى " التقريب " لكنه لم يتفرد به كما ذكر البيهقى , فحديثه قوى بهذا المتابعة والله أعلم.
(فائدة) : روى ابن أبى شيبة (1/206) عن عبد الرحمن بن أبى ذؤيب قال: " خرجت مع الزبير مخرجا يوم الجمعة , فصلى الجمعة أربعا ".
وسنده صحيح إلى عبد الرحمن هذا , وأما هو فلم أعرفه والله أعلم.
وفى الباب عن أبى هريرة موقوفا عليه مثل حديث ابن مسعود وقد روى مرفوعا , ويأتى تحقيق الكلام عليه بعده , إن شاء الله تعالى.(3/83)
(622) - (عن أبى هريرة مرفوعا: " من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة " رواه الأثرم ورواه ابن ماجه ولفظه " فليضف إليها أخرى " (ص 147) .
* صحيح.
واقتصار المؤلف فى العزو على الأثرم وابن ماجه يوهم أنه لم يروه من هو أشهر منهما وأعلى كعبا , وليس كذلك , فقد رواه النسائى (1/210) : أخبرنا قتيبة ومحمد بن منصور واللفظ له (1) عن سفيان عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ الأثرم , إلا أنه لم يقل " الصلاة ".
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن منصور وهو إما الخزاعى أو الطوسى وكلاهما ثقة يروى عن سفيان بن عيينة , وعنهما النسائى , لكن قوله: " الجمعة " شاذ , والمحفوظ " الصلاة " كما سيأتى تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وأخرجه الحاكم (1/219) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعى به , ولفظه كلفظ الأثرم سواء.
ثم روى الحاكم ومن طريقه البيهقى (3/203) والدارقطنى (167) عن أسامة بن زيد الليثى عن ابن شهاب به بلفظ: " فليصل إليها أخرى ".
وقال الحاكم فى الإسنادين: " صحيح " ووافقه الذهبى.
قلت: الأول كما قال لولا أن الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعنه.
والثانى حسن.
__________
(1) أما لفظ قتيبة فهو بلفظ " الجمعة " بدل الصلاة , رواه الطحاوي عن النسائي , كما تأتي الإشارة إليه.(3/84)
ثم أخرجه الدارقطنى والحاكم والبيهقى والمخلص فى " العاشر من حديثه " (209 ـ 210) من طريق صالح بن أبى الأخضر عن الزهرى به مثل لفظ أسامة , وزادوا إلا الحاكم: " فإن أدركهم جلوساً صلى أربعا ".
وفيها عندهم يحيى بن المتوكل الباهلى وهو صدوق يخطىء كما فى " التقريب ".
وصالح بن أبى الأخضر ضعيف يعتبر به , ومع ذلك فقد صححه الحاكم ووافقه الذهبى!!
وأخرجه ابن ماجه (1121) من طريق عمر بن حبيب عن ابن أبى ذئب أن [1] الزهرى به إلا أنه قرن مع أبى سلمة سعيد بن المسيب بلفظ: " فليصل " لا " فليضف " كما وقع فى الكتاب.
وعمر بن حبيب ضعيف كما فى " التقريب " , وفى " التلخيص " (127) : " متروك " , وهو الأقرب إلى الصواب.
ورواه ياسين الزيات عن الزهرى عن سعيد وأبى سلمة معا به , وفيه الزيادة المتقدمة.
أخرجه الدارقطنى (167) , وفى رواية له: عن سعيد أو عن أبى سلمة , على الشك , وفى أخرى: عن سعيد وحده. وكذلك رواه الخطيب فى تاريخه (11/257) ثم قال الدارقطنى: " ياسين ضعيف ".
وقد تابعه عبد الرزاق بن عمر الدمشقى - وهو متروك الحديث عن الزهرى , لين فى غيره - , والحجاج - وهو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه - , وعمر بن قيس - وهو المكى متروك - , وسليمان بن أبى داود الحرانى وهو متروك أيضا , كلهم رووه
عن الزهرى عن سعيد وحده غير عمر بن قيس فقرن به أبا سلمة , وليس عندهم الزيادة إلا الحرانى.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عن}(3/85)
أخرجه الدارقطنى من طريقهم جميعا.
وله طريق أخرى عن سعيد بن المسيب به.
رواه يحيى بن راشد البراء عن داود بن أبى هند عن سعيد به بلفظ الكتاب الثانى.
أخرجه الدارقطنى , ويحيى هذا قال الحافظ: " وهو ضعيف , وقال الدارقطنى فى " العلل ": حديثه غير محفوظ ". ثم قال: " وأحسن طرق هذا الحديث رواية الأوزاعى على ما فيها من تدليس الوليد , وقد قال ابن حبان فى صحيحه: إنها كلها معلولة , وقال ابن أبى حاتم فى " العلل " عن أبيه: لا أصل لهذا الحديث , إنما المتن من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها , وذكر الدارقطنى الاختلاف فيه فى علله , وقال: الصحيح من أدرك من الصلاة ركعة. وكذا قال العقيلى والله أعلم ".
قلت: بل أحسن طرقه رواية سفيان بن عيينة عند النسائى فإنه لاعلة فيها إن سلم من الشذوذ. وقد فاتت الحافظ فلم يذكرها , فلعل هذا هو السبب فى ترجيحه رواية الأوزاعى عليها. على أن هذا الترجيح وذاك إنما هو شكلى لا يعطى الحديث حجة مع إعلال الأئمة له وترجيحهم للفظ الآخر عليه , وهو الذى ليس فيه ذكر الجمعة , وهو الذى تطمئن إليه نفس الباحث فى طرقه فإن جميعها ضعيفة بينة الضعف , كما تقدم , غير ثلاث:
الأولى: طريق ابن عيينة.
والثانية: طريق الأوزاعى.
والثالثة: طريق أسامة بن زيد.
فهذه ظاهرة الصحة , غير الثانية فقد أعلها الحافظ بالتدليس كما تقدم , والثالثة فيها مجال لإعلالها بأسامة هذا فإنه متكلم فيه من قبل حفظه ولذلك اقتصرنا على تحسين إسناده , فمثله عند الاختلاف لا يحتج به.
وأما الطريق(3/86)
الأولى فلا علة فيها سوى الشذوذ من قبل محمد بن منصور , فقد تابعه الإمام أحمد فقال (2/241) : حدثنا سفيان عن الزهرى به بلفظ: " صلاة " بدل " الجمعة ".
وكذلك أخرجه مسلم (2/107) والترمذى (2/403) والدارمى (1/277) وابن ماجه (1122) والطحاوى فى " المشكل " (3/105) والبيهقى (3/202) من طرق عديدة عن سفيان به.
وكذلك أخرجه مسلم والنسائى والدارمى والبيهقى عن الأوزاعى عن الزهرى به.
وتابعهما عليه مالك عند البخارى (1/145) ومسلم وأبى داود (1121) والنسائى والبيهقى وكذا الشافعى (1/51) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/105) .
ومعمر عند مسلم والبيهقى وأحمد (2/270 ـ 271 و280) .
وعبيد الله بن عمر عند مسلم والنسائى وأحمد (2/375) .
ويونس بن عبيد عند مسلم والبيهقى , وزاد " مع الإمام " وسيذكرها المؤلف بعد الحديث.
وابن عبد الهاد [1] عند الطحاوى.
وشعيب عند البيهقى.
ورواه عراك بن مالك عن أبى هريرة به.
أخرجه أحمد (2/265) ورجاله ثقات.
قلت: فهؤلاء جماعة من الثقات الأثبات رووه عن سفيان والأوزاعى بلفظ " الصلاة " خلافا لمن روى عنهما اللفظ الآخر " الجمعة " فدل ذلك على شذوذ هذا اللفظ عنهما , وأيد ذلك رواية مالك ومن معه بلفظ " الصلاة " , وزاده تأييدا الطريق الأخرى عن أبى هريرة , وزيادة معمر فى رواية البيهقى عقب
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن الهاد}(3/87)
الحديث: " قال الزهرى: والجمعة من الصلاة ".
فهذا يؤكد أن ذكر لفظ " الجمعة " فى الحديث عن الزهرى خطأ عليه , إذ لو كان هذا اللفظ محفوظا عنده لم يكن بحاجة إلى هذا القول والاستنباط من الحديث كما هو ظاهر , ولذلك قال البيهقى عقبه: " هذا هو الصحيح , وهو رواية الجماعة عن الزهرى , وفى رواية معمر دلالة على أن لفظ الحديث فى الصلاة مطلق , وأنها بعمومها تتناول الجمعة كما تتناول غيرها من الصلوات ".
قلت: ولهذا قال الترمذى عقب الحديث:
" هذا حديث حسن صحيح , والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وغيرهم , قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى , ومن أدركهم جلوسا صلى أربعا , وبه يقول سفيان الثورى وابن المبارك والشافعى وأحمد وإسحاق ".
لكن الحديث له شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: " من أدرك ركعة من يوم الجمعة فقد أدركها , وليضف إليها أخرى ".
أخرجه الدارقطنى (127 ـ 128) : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمى حدثنا يعيش بن الجهم حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد ح وحدثنا عيسى بن إبراهيم حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر به.
وهذا لفظ عبد العزيز وقال ابن نمير: " من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى ".
وأخرجه الطبرانى فى " الصغير " (116) و" الأوسط " (1/52/2) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملى عن يحيى بن سعيد به وقال: " لم يروه عن يحيى إلا عبد العزيز تفرد به إبراهيم ".(3/88)
قلت: وما سقناه عن الدارقطنى يرد عليه فى الأمرين معا , فقد تابعه عيسى بن إبراهيم ـ وهو الشعيرى - عن عبد العزيز بن مسلم , وتابع هذا عبد الله بن نمير وهما ثقتان حجتان , فالحديث عندى صحيح مرفوعا , وإن ذكر الدارقطنى فى " العلل " الاختلاف فيه وصوب وقفه كما فى " التلخيص " , فإن زيادة الثقة مقبولة , فكيف وهى من ثقتين , ومجيئه موقوفا كما رواه البيهقى وغيره كما
ذكرنا فى الحديث الذى قبله لا ينافى الرفع , لأن الراوى قد يوقف الحديث أحيانا , ويرفعه أحيانا , والكل صحيح. ويؤيد الرفع أنه ورد من طريق سالم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة ".
أخرجه النسائى وابن ماجه (1123) والدارقطنى من طريق بقية بن الوليد حدثنا يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن سالم به. وقال الدارقطنى: " قال لنا ابن أبى داود: لم يروه عن يونس إلا بقية ". وفى " التلخيص ": " وقال ابن أبى حاتم فى " العلل " عن أبيه: هذا خطأ فى المتن والإسناد , وإنما هو عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا: من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها , وأما قوله: من صلاة الجمعة فوهم. قلت: إن سلم من وهم بقية ففيه تدليسه تدليس التسوية , لأنه عنعن لشيخه , وله طريق أخرى أخرجها ابن حبان فى " الضعفاء " من حديث إبراهيم بن عطية الثقفى عن يحيى بن سعيد عن الزهرى به , قال: وإبراهيم منكر الحديث جدا , وكان هشيم يدلس عنه أخبارا لا أصل لها , وهو حديث خطأ ".
قلت: قد خالف بقية سليمان بن بلال فقال: " عن يونس عن ابن شهاب عن سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها , إلا أنه يقضى ما فاته ".
أخرجه النسائى عن أبى بكر عنه. وأبو بكر هذا هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحى وهو ثقة , وكذلك سائر الرجال , فالسند(3/89)
صحيح مرسل.
وهو يدلنا على أمور:
الأول: خطأ بقية فى وصله وفى ذكر الجمعة فيه.
الثانى: أن له أصلا من رواية الزهرى عن سالم , خلافا لما يشعر به كلام أبى حاتم.
الثالث: إنه شاهد جيد لرواية نافع عن ابن عمر المتقدمة , فإن قوله " صلاة من الصلوات " يعم الجمعة أيضا , والله أعلم.
وجملة القول أن الحديث بذكر الجمعة صحيح من حديث ابن عمر مرفوعا وموقوفا , لا من حديث أبى هريرة , والله تعالى ولى التوفيق.
(623) - (وعنه مرفوعاً: " من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة " متفق عليه (ص 147) .
* صحيح.
وهو متفق عليه كما قال , لكن دون قوله " مع الإمام " فإن هذه الزيادة تفرد بها مسلم عن البخارى , وهى من رواية يونس بن عبيد عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عنه مرفوعاً , وقد رواه جماعة من الثقات كمالك وغيره ممن سبق ذكرهم فى الحديث قبله لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة ولذلك فإنى أخاف أن تكون شاذة , والله أعلم.
ومثلها فى الشذوذ , رواية عبد الوهاب بن أبى بكر عن ابن شهاب به بلفظ: " ... فقد أدرك الصلاة وفضلها ".
فهذه الزيادة " وفضلها " شاذة , لم يروها أحد من الجماعة , وعبد الوهاب مقبول الرواية كما قال الطحاوى , ووثقه غيره , والله أعلم.
(624) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم: كان يصلى بعد الجمعة ركعتين " متفق عليه (ص 148) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/17) والنسائى (1/210) والترمذى(3/90)
(2/399) والدارمى (1/369) وابن ماجه (1131) والبيهقى (2/239) من طريق سالم عن ابن عمر به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخارى (1/294) فى حديث له من هذا الوجه.
وأخرجه مالك (1/166/69) عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبل الظهر ركعتين , وبعدها ركعتين , وبعد المغرب ركعتين فى بيته , وبعد صلاة العشاء ركعتين , وكان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين ".
ومن طريق مالك أخرجه البخارى (1/238) ومسلم (2/162) والنسائى والدارمى , بعضهم كاملاً , وبعضهم مقتصراً على ركعتين الجمعة.
وقد تابعه الليث عن نافع عن عبد الله: " أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين فى بيته , ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك " أخرجه مسلم وابن ماجه (1130) .
وتابعه أيوب عن نافع به نحوه وقال: " يطيل فيهما ".
أخرجه النسائى عن شعبة عنه. وسنده صحيح.
لكن خالفه وهيب فقال: حدثنا أيوب به بلفظ: " كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلى ركعات يطيل فيهن القيام , فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلى ركعتين , وقال: هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه أحمد (2/103) وسنده صحيح على شرطهما.(3/91)
ووجه المخالفة أنه وصف بإطالة الصلاة قبل الجمعة لا الركعتين , وهذا هو الصواب فقد تابعه على ذلك إسماعيل وهو ابن علية عند أبى داود (1128) .
ورواه ابن أبى ذئب عن نافع به مختصرا بلفظ: " كان النبى صلى الله عليه وسلم لايصلى الركعتين بعد الجمعة ولا الركعتين بعد المغرب إلا فى أهله ".
أخرجه الطيالسى (1836) والطحاوى (1/199) لكن لم يذكر ركعتى المغرب. وإسنادهما صحيح.
ورواه حماد بن زيد: حدثنا أيوب به ولفظه: " أن ابن عمر رأى رجلا يصلى ركعتين يوم الجمعة فى مقامه , فدفعه وقال: أتصلى الجمعة أربعا , وكان عبد الله يصلى يوم الجمعة ركعتين فى بيته , ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أبو داود (1127) والطحاوى بإسناد صحيح.
(625) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات " رواه الجماعة إلا البخارى (ص 148) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/16 و17) وأبو داود (1131) والنسائى (210) والترمذى (2/400) والدارمى (1/370) وابن ماجه (1132) وكذا الطحاوى (1/199) والبيهقى (3/239) وأحمد (2/249 و443 و499) من طرق عن سهيل بن أبى صالح
عن أبيه عنه به , واللفظ لأحمد وكذا مسلم والنسائى إلا أنهما لم يذكرا " ركعات " , وفى رواية لمسلم بلفظ: " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا ".
وهو لفظ أبى داود والترمذى والدارمى والطحاوى , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(3/92)
ولفظ ابن ماجه: " إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا ".
وهو رواية لمسلم وأبى داود وأحمد وزادوا: " فإن عجل بك شىء فصل ركعتين فى المسجد وركعتين إذا رجعت " وجعلها مسلم من قول سهيل , وأبو داود من قول أبيه , وأما أحمد فقال: " قال ابن إدريس (هو عبد الله راويه عن سهيل) : لا أدرى هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا ".
قلت: الأرجح , أنه ليس هذا من الحديث بل هو من كلام أبى صالح كما صرحت به رواية أبى داود , والله أعلم.
(626) - (حديث أبى سعيد فى قراءة سورة الكهف فى يوم الجمعة " رواه البيهقى (ص 148) .
* صحيح.
أخرجه البيهقى (3/249) من طريق الحاكم وهذا فى " المستدرك " (2/368) من طريق نعيم بن حماد حدثنا هشيم أنبأ أبو هاشم عن أبى مجلز عن قيس بن عباد عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "!
ورده الذهبى بقوله: " قلت: نعيم ذو مناكير ".
قلت: لكنه لم يتفرد به , فقد قال البيهقى: " ورواه يزيد بن مخلد بن يزيد عن هشيم , وقال فى متنه: " أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ".
ورواه سعيد بن منصور عن هشيم فوقفه على أبى سعيد , وقال: ما بينه وبين البيت العتيق ".
وبمعناه رواه الثورى عن أبى هاشم موقوفا ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبى هاشم بإسناده أن النبى صلى الله عليه وسلم(3/93)
قال: " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة ".
قلت: ورواية هشيم الموقوفة رواها الدارمى أيضا (2/454) حدثنا أبو النعمان حدثنا هشيم حدثنا أبو هاشم به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , وأبو النعمان وإن كان تغير فى آخره فقد تابعه سعيد بن منصور كما تقدم , ثم هو وإن كان موقوفا , فله حكم المرفوع ; لأنه مما لا يقال بالرأى كما هو ظاهر , ويؤيده رواية يحيى بن كثير التى علقها البيهقى فإنها صريحة فى الرفع , وقد وصلها الحاكم (1/564) من طريق أبى قلابة عبد الملك بن محمد حدثنا يحيى بن كثير حدثنا شعبة به. وقال: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
وقد تابعه يحيى بن محمد بن السكن حدثنا على بن كثير العنبرى به مرفوعاً ولفظهما:" من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة , ومن قرأ عشر آيات من آخرها , ثم خرج الدجال لم يسلط عليه , ومن توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك , لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك , كتب فى رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن شعبة إلا يحيى ".
قلت: وليس كما قال فقد رواه عن شعبة مرفوعا روح بن القاسم كما نقله الشوكانى فى " تحفة الذاكرين " عن الحافظ , فهذا السند صحيح أيضا , ولا يخدج فى الحديث أنه لم يرد فيه بهذا السند ذكر الجمعة , ما دام أنها وردت فى السند السابق , وقد تبين من قوله فى هذا اللفظ " كانت له نورا يوم القيامة " أن النور المذكور فى اللفظ السابق " ما بينه وبين البيت العتيق " أن ذلك يوم القيامة فلا اختلاف بين اللفظين , والله أعلم.(3/94)
وللحديث شاهد عن ابن عمر نحوه , رواه ابن مردويه فى تفسيره بإسناد لا بأس به كما فى " الترغيب " (1/261) .
(627) - (حديث: " أنه عليه السلام كان يقرأ فى فجرها (ألم السجدة) , وفى الثانية (هل أتى) " متفق عليه (ص 148) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/227) ومسلم (3/16) وكذا النسائى (1/151) والدارمى (1/362) وابن ماجه (823) والبيهقى (3/201) والطيالسى (2379) وأحمد (2/430 و472) عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر يوم الجمعة (ألم تنزيل) [فى الركعة الأولى , وفى الثانية] , و (هل أتى على الإنسان) ".
والزيادة لمسلم.
وقد تابعه محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة به.
أخرجه أحمد (2/430) وسنده صحيح على شرط الستة.
وله شاهد من حديث ابن عباس , وابن مسعود.
أما حديث ابن عباس فأخرجه مسلم وأبو داود (1074) والنسائى (1/152 و209و 210) والترمذى (2/398) وقال: " حسن صحيح " وابن ماجه (821) والطحاوى (1/241) والبيهقى والطيالسى (2634) وأحمد (1/307 و316 و328و 334 و340 و354) عن سعيد بن جبير عنه به.
وزاد مسلم وغيره: " وأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين ".
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجه (824) والطبرانى فى " الصغير " (184 و206) وفى " الكبير " من طريقين عن أبى الأحوص عنه.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 54/2) :(3/95)
" هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ".
ورواه البيهقى عن أبى وائل عن ابن مسعود به.
قلت: وإسناده حسن.
وزاد الطبرانى فى " الصغير ": " يديم ذلك ".
قال الحافظ فى " الفتح " (2/314) : " ورجاله ثقات , لكن صوب أبو حاتم إرساله ".
وفى الباب عن سعيد وعلى وقد تكلمت عليهما فى " تخريج صفة صلاة النبى صلى الله عليه وسلم ".
باب صلاة العيدين
(628) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم داوم على صلاة العيدين " (ص 149) .
* لا أعلم له أصلا فى شىء من كتب السنة
والمصنف تبع فى ذلك غيره , فقد ذكره الرافعى فى شرحه على الوجيز مثل هذا , فقال الحافظ فى " تخريجه " (ص 142) : " كأنه مأخوذ من الاستقراء ".
(629) - (قال عبد الله بن السائب: " شهدت العيد مع النبى صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب " رواه أبو داود (ص 149) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1155) وكذا النسائى (1/233) وابن ماجه (1290) وابن الجارود فى " المنتقى " (139) والدارقطنى (182) والحاكم (1/295) والبيهقى (3/301) من طريق الفضل بن موسى السينانى ثنا ابن(3/96)
جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب.
وقال أبو داود: " هذا مرسل , عن عطاء عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
يعنى أن الفضل هذا أخطأ فى وصله بذكر عبد الله بن السائب فى سنده , فقد رواه قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء مرسلا.
رواه البيهقى , ورده ابن التركمانى بقوله: " قلت: الفضل بن موسى ثقة جليل , روى له الجماعة , وقال أبو نعيم: هو أثبت من ابن المبارك , وقد زاد ذكر ابن السائب فوجب أن تقبل زيادته , والرواية المرسلة فى سندها قبيصة عن سفيان , وقبيصة وإن كان ثقة إلا أن ابن معين وابن حنبل وغيرهما ضعفوا روايته عن سفيان , وعلى تقدير صحة هذه الرواية لا تعلل بها رواية الفضل , لأنه زاد فى الإسناد وهو ثقة ".
قلت: وهذا كلام متين ونقد مبين , ولولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه لجزمت بصحته كما صنع الحاكم حيث قال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبى! مع أنه قد أورد ابن جريج فى ميزانه ووصفه بأنه يدلس وهو فى نفسه مجمع على ثقته. نعم قد روى أبو بكر بن أبى خيثمة بسند صحيح عن ابن جريج قال: إذا قلت: قال عطاء فأنا سمعته منه , وإن لم أقل سمعت. فهذا نص منه أن عدم تصريحه بالسماع من عطاء ليس معناه أنه قد دلسه عنه , ولكن هل ذلك خاص بقوله " قال عطاء " أم لا فرق بينه وبين ما لو
قال " عن عطاء " كما فى هذا الحديث وغيره؟ الذى يظهر لى الثانى , وعلى هذا فكل روايات ابن جريج عن عطاء محمولة على السماع إلا ما تبين تدليسه فيه , والله أعلم.
هذا وقد رواه بشر بن عبد الوهاب الكوفى قال: وكيع بن الجراح فى يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال: أخبرنا سفيان الثورى فى يوم ... قال: حدثنى ابن جريج فى يوم ... قال: حدثنى عطاء بن أبى رباح يوم عيد ... حدثنى ابن عباس يوم عيد ... فذكره مرفوعا هكذا مسلسلا.
أخرجه(3/97)
السلفى فى " الأحاديث العيدية المسلسلة " (ق 133 ـ 140) وأبو القاسم الشحامى فى " تحفة عيد الفطر " (ق 198/1ـ2) . وبشر هذا اتهمه الذهبى بوضع هذا الحديث , قال: والمنفرد به عنه وهو أبو عبيد الله أحمد بن محمد بن قرنس ابن الهيثم الفراسى البصرى الخطيب ابن أخت سليمان بن حرب.
(630) - (حديث أبى سعيد: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يخرج فى الفطر والأضحى إلى المصلى " متفق عليه (ص 149) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/243) ومسلم (3/20) والنسائى (1/233) والبيهقى (3/280) وأحمد (3/36 و54) عنه قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى , فأول شىء يبدأ به الصلاة , ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس , والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم , ويأمرهم , فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه , أو يأمر بشىء أمر به , ثم ينصرف , فقال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة فى أضحى أو فطر , فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت , فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلى , فجبذت بثوبه , فجبذنى فارتفع , فخطب قبل الصلاة , فقلت له: غيرتم والله , فقال: يا أبا سعيد! قد ذهب ما تعلم , فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم , فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة " والسياق للبخارى.
(631) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما " متفق عليه (ص 149) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/251 و4/93 , 93 ـ 94) ومسلم (3/21) وأبو داود (1159) والنسائى (1/235) والترمذى (2/418) والدارمى (1/376) وابن ماجه (1291) وابن أبى شيبة (2/11/2) وابن(3/98)
الجارود (261) والطيالسى (2637) وأحمد (1/355) والبيهقى (3/302) والسياق له وزاد هو والشيخان وغيرهما:
" ثم أتى النساء , ومعه بلال , فأمرهن بالصدقة , فجعلت المرأة تلقى خرصها , وتلقى سخابها ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وفى الباب عن ابن عمر , وابن عمرو , وجابر.
أما حديث ابن عمر , فيرويه عنه أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبى وقاص: " أنه خرج فى يوم عيد , فلم يصل قبلها ولا بعدها , وذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يفعله ".
أخرجه الترمذى والحاكم (1/295) والبيهقى بسند حسن , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
وأما حديث ابن عمرو فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بهم العيد , لم يصل قبلها ولا بعدها " أخرجه ابن ماجه (1292) وأحمد (6688) بسند حسن.
وأما حديث جابر فهو من رواية عطاء عنه قال: " بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة قبل الخطبة فى العيدين بغير أذان ولا إقامة , قال: ثم خطب الرجال وهو متكىء على قوس , قال: ثم أتى النساء فخطبهن وحثهن على الصدقة , قال: فجعلن يطرحن القرطة والخواتيم والحلى إلى بلال , قال: ولم يصل قبل الصلاة ولا بعدها ".
أخرجه الإمام أحمد (3/314) بسند صحيح على شرط مسلم , وقد(3/99)
أخرجه فى صحيحه (3/19) نحوه دون الجملة الأخيرة منه , وقال: " بلال " بدل " قوس " , وأخرج الدارقطنى (181) الجملة الأخيرة منه , والمحاملى فى " صلاة العيدين " (2/131/1) .
وفى الباب عن أبى سعيد الخدرى بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى قبل العيد شيئاً , فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين ".
أخرجه ابن ماجه (1293) وأحمد (3/28 و40) نحوه , والحاكم (1/297) وعنه البيهقى الشطر الثانى منه وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: إنما هو حسن فقط فإن ابن عقيل فيه كلام من قبل حفظه ; ولذلك قال الحافظ فى " بلوغ المرام " والبوصيرى فى " الزوائد " (ق 80/2) : " هذا إسناد حسن ".
والتوفيق بين هذا الحديث وبين الأحاديث المتقدمة النافية للصلاة بعد العيد , بأن النفى إنما وقع على الصلاة فى المصلى , كما أفاد الحافظ فى " التلخيص " (ص 144) , والله أعلم.
(632) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يصلونها بعد ارتفاع الشمس " (ص 149) .
* لا أعرفه.
ولعل المصنف أخذ ذلك من الاستقراء , ولما قال صاحب الهداية من الحنفية: " روى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى العيد والشمس على قيد رمح أو رمحين "
قال الزيلعى (2/211) : " غريب ". يعنى: لا أصل له. وقد روى البيهقى (3/282) من طريق الشافعى وهذا فى " الأم " (1/205) : أخبرنى الثقة أن الحسن قال: " إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يغدو إلى العيدين: الأضحى والفطر حين تطلع الشمس(3/100)
فيتتام طلوعها ".
وقال البيهقى: " هذا مرسل , وشاهده عمل المسلمين بذلك , أو بما يقرب منه مؤخرا عنه ".
قلت: وأقرب منه إلى عمل المسلمين ما فى كتاب الأضاحى للحسن بن أحمد البنا من طريق وكيع عن المعلى بن هلال عن الأسود بن قيس عن جندب قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بنا يوم الفطر والشمس على قيد رمحين , والأضحى على قيد رمح " كما فى " التلخيص " (144) لكن المعلى هذا اتفق النقاد على تكذيبه كما قال الحافظ فى " التقريب ".
وفى الباب عن عبد الله بن بسر صاحب النبى صلى الله عليه وسلم من رواية يزيد بن خمير الرحبى عنه , قال: " خرج عبد الله بن بسر صاحب النبى صلى الله عليه وسلم مع الناس فى يوم عيد فطر أو أضحى , فأنكر إبطاء الإمام وقال: إنا كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح "
رواه البخارى (1/246) تعليقا مجزوما به , وأبو داود (1135) وابن ماجه (1317) والفريابى فى " أحكام العيدين " (ق 128/1) والحاكم (1/295) وعنه البيهقى (3/282) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " كما فى " نصب الراية " (2/211) وأقره , وهذا هو الصواب أنه على شرط مسلم وحده , وإن ابن خمير هذا إنما روى له البخارى تعليقا.
(تنبيه) : أخرج أبو داود والحاكم هذا الحديث من طريق أحمد , وقد عزاه إليه الحافظ فى " الفتح " (2/380) ولم أره فى مسنده , والله أعلم.
(633) - (روى الشافعي مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن(3/101)
حزم وهو بنجران: "أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس". (ص 150)
ضعيف جدا.
قال الشافعي رحمه الله في الأم (1 / 205) : أخبرنا إبراهيم قال: حدثني أبو الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ... الحديث.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (3 / 282) ثم قال: هذا مرسل، وقد طلبته في سائر الروايات لكتابه إلى عمرو بن حزم فلم أجده.
قلت: هو مع إرساله ضعيف جدا، وآفته إبراهيم هذا وهو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي فإنه متروك كما في التقريب.
(634) - (حديث أبى عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: " غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما , فجاء ركب من آخر النهار , فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس , فأمر الناس أن يفطروا من يومهم , وأن يخرجوا لعيدهم من الغد " رواه الخمسة إلا الترمذى وصححه إسحاق والخطابى (ص 150) .
* صحيح.
رواه أبو داود (1157) والنسائى (1/231) وابن ماجه (1653) وابن الجارود فى " المنتقى " (139 ـ 140) وأحمد (5/58) وكذا ابن أبى شيبة (2/169/1) والطحاوى (1/226) والدارقطنى (233) والبيهقى (3/316) وقال: " هذا إسناد صحيح " وتبعه الحافظ فى " بلوغ المرام ".
وقال الدارقطنى: " إسناد حسن ثابت ".
قلت: وصححه ابن المنذر أيضا وابن السكن وابن حزم , كما ذكر الحافظ فى " التلخيص " (146) , قال:
" وعلق الشافعى القول به على صحة الحديث , فقال ابن عبد البر: أبو(3/102)
عمير مجهول , كذا قال , وقد عرفه من صحح له ".
قلت: وكذا عرفه من وثقه , مثل ابن سعد وابن حبان , وبهذا يتم الجواب عن تجهيل من جهله.
(635) - (حديث أبى سعيد: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى , فأول شىء يبدأ به , الصلاة " رواه مسلم (ص 150) .
* صحيح.
والصواب أن يقال: رواه البخارى , فإن هذا لفظه كما تقدم (630) , وأما مسلم فرواه بنحوه.
(636) - (قال على رضى الله عنه: " إن من السنة أن تأتى العيد ماشياً " حسنه الترمذى (ص 150) .
أخرجه الترمذى (2/410) وابن ماجه (1296) والبيهقى (3/281) من طريق أبى إسحاق عن الحارث عنه وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وإسناده ضعيف جدا من أجل الحارث هذا وهو الأعور فقد كذبه الشعبى وأبو إسحاق وابن المدينى وضعفه الجمهور.
ولعل الترمذى إنما حسن حديثه لأن له شواهد كثيرة أخرجها ابن ماجه من حديث سعد القرظ وابن عمر وأبى رافع وهى وإن كانت مفرداتها ضعيفة فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا سيما وقد وجدت له شاهدا مرسلا عن الزهرى:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركب فى جنازة قط , ولا فى خروج أضحى ولا فطر ".
أخرجه الفريابى فى " أحكام العيدين " (127/2) : حدثنا عبد الله بن عبد الجبارالحمصى حدثنا محمد بن حرب حدثنا الزبيدى عنه.(3/103)
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , ولكنه مرسل (1) .
ثم روى الفريابى (127/1 و2) عن سعيد بن المسيب أنه قال: " سنة الفطر ثلاث: المشى إلى المصلى , والأكل قبل الخروج , والاغتسال ".
وإسناده صحيح.
(637) - (حديث جابر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى المصلى خالف الطريق " رواه البخارى , ورواه مسلم عن أبى هريرة (ص 150) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/251 ـ 252) من طريق أبى تميلة يحيى بن واضح عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق ".
وقال: " تابعه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبى هريرة رضى الله عنه , وحديث جابر أصح ".
قلت: رواية يونس هذه وصلها أحمد (2/338) : حدثنا محمد بن يونس به عن أبى هريرة. وأخرجه البيهقى وكذا الحاكم (1/296) .
وقد تابعه محمد بن الصلت حدثنا فليح به عن أبى هريرة.
أخرجه الترمذى (2/424) والدارمى (1/378) والبيهقى , وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وتابعه أبو تميلة أيضا عن فليح عن سعيد عن أبى هريرة.
أخرجه البيهقى وابن ماجه (1301) .
__________
(1) وكأن الحافظ ابن حجر لم يقف عليه فقال في التلخيص (144) : إنه لا أصل له مع أنه قال في الجمعة (139) : رواه سعيد بن منصور عن الزهري مرسلا.(3/104)
ولذلك فى قول البخارى إن حديث جابر أصح , نظر , لأن أبا تميلة الذى رواه عن جابر , قد رواه أيضا عن أبى هريرة وتابعه على هذه يونس بن محمد ومحمد بن الصلت , فترجح هذه أولى من تلك , وهو الذى رجحه البيهقى وأبو مسعود فى " الأطراف " , وابن التركمانى , وتوقف فى ذلك الحافظ فى " الفتح " (2/294) إلا أنه قال: " والذى يغلب على الظن أن الاختلاف فيه من فليح ". قلت: وهذا هو الأرجح لأن فليحا فيه كلام , فقال الحافظ (2/392) : " وهو مضعف عند ابن معين والنسائى وأبى داود , ووثقه آخرون , فحديثه من قبيل الحسن ".
قلت: ولعله من أجل ذلك اقتصر الترمذى على تحسينه والله أعلم.
وللحديث شواهد يرتقى بها إلى درجة الصحيح عن ابن عمر عند أبى داود (1156) وعند ابن ماجه (1299) والحاكم والبيهقى وأحمد (2/109) , وعن سعد القرظ وأبى رافع وغيرهما عند ابن ماجه والبيهقى , وبعضها يعضد بعضا كما قال الحافظ.
(تنبيه) : عزا المصنف حديث أبى هريرة لمسلم , وهو وهم , تبع فيه المجد ابن تيمية فى " المنتقى " وقد نبه على وهمه فيه الشوكانى فى " نيل الأوطار " (3/173) .
(638) - (قال عمر: " صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان , تمام غير قصر على لسان نبيكم , وقد خاب من افترى " رواه أحمد (ص 151) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (1/37) : حدثنا وكيع حدثنا سفيان , وعبد الرحمن عن سفيان عن زبيد الأيامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عمر رضى الله عنه قال: " صلاة السفر ركعتان , وصلاة الأضحى ركعتان , وصلاة الفطر ركعتان , وصلاة الجمعة ركعتان , تمام غير قصر , على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ".(3/105)
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , فإن ابن أبى ليلى قد سمع عمر رضى الله عنه على الأصح (1) , بل صرح بسماعه منه لهذا الحديث فى رواية يزيد بن هارون , كما ذكره أحمد عقب الحديث.
وأخرجه النسائى (1/232) والطحاوى (1/245) والبيهقى (3/200) والطيالسى (136) من طرق عن سفيان به.
وفى رواية للطحاوى من هذا الوجه: " عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الثقة عن عمر به ".
وقد تابعه محمد بن طلحة بن مصرف وشريك عن زبيد به , ليس فيه: عن الثقة. بل قال ابن طلحة فى رواية عنه " خطبنا عمر " أخرجه الطحاوى.
فتبين أن هذه الرواية شاذة لمخالفتها لرواية الجماعة عن سفيان , ولرواية المتابعين المذكورين عن زبيد.
وقد خالفهم يزيد بن زياد بن أبى الجعد عن زبيد , فقال: عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر. أخرجه ابن ماجه (1064) والبيهقى.
قلت: وابن أبى الجعد هذا صدوق كما فى " التقريب " , لكن مثله لا ينهض لمعارضة ما اتفق عليه الثقات عن زبيد فروايته شاذة أيضا.
ويمكن أن يقال: إنها من المزيد فيما اتصل من الأسانيد , وأن أبى ليلى , سمعه مرة عن كعب بن عجرة عن عمر , ومرة عن عمر مباشرة , فكان تارة يحدث بهذا , وتارة بهذا , والكل صحيح , والله أعلم.
(639) - (حديث عائشة مرفوعا: " التكبير فى الفطر والأضحى: فى
__________
(1) انظر نصب الراية (2/189ـ190) مع التعليق عليه.(3/106)
الأولى سبع تكبيرات , وفى الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتى الركوع " رواه أبو داود. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه (ص 151) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1149) والفريابى فى " أحكام العيدين " (1/134) والحاكم (1/298) والبيهقى (3/286) من طريقين عن ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عنعروة عن عائشة بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر فى الفطر والأضحى: فى الأولى سبع تكبيرات , وفى الثانية خمساً "
وقال الحاكم: " تفرد به ابن لهيعة , وقد استشهد به مسلم فى معرضين [1] ".
قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه , لكن قد رواه عبد الله بن وهب عنه عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب به , وزاد: " سوى تكبيرتى الركوع ".
أخرجه أبو داود (1150) وابن ماجه (1280) والطحاوى فى " شرح معانى الآثار " (2/399) والدارقطنى (180) والبيهقى (3/287) وأحمد (6/70) .
وتابعه إسحاق بن عيسى وعمرو بن خالد وغيرهما عن ابن لهيعة به.
أخرجه الدارقطنى (180) والحاكم والطحاوى والبيهقى.
ورواه الطحاوى عن سعيد بن كثير بن عفير: أخبرنا ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة به.
وروى عن ابن لهيعة على وجوه أخرى , ولذلك أعله الطحاوى والدارقطنى بالاضطراب من ابن لهيعة.
قلت: لكن الأرجح عندى روايته عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: موضعين}(3/107)
لأنها رواية ابن وهب عنه , وهى صحيحة , قال عبد الغنى بن سعيد الأزدى: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك وابن وهب والمقرى ". وذكر الساجى وغيره مثله , كما فى " تهذيب التهذيب " , وقد أشار إلى ما رجحناه , البيهقى حيث قال عقب هذه الرواية:
" قال محمد بن يحيى (الذهلى) : هذا هو المحفوظ , لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة ".
فالإسناد صحيح , وقد صرح الدارقطنى بتحديث ابن لهيعة وسماعه إياه من خالد بن يزيد , والله أعلم.
وقد قال الترمذى فى " علله الكبرى ": سألت محمدا عن هذا الحديث فضعفه , وقال: لا أعلم رواه غير ابن لهيعة ". " نصب الراية " (2/216) .
قلت: وهذا التفرد لا يضير رواية ابن وهب عنه , والله أعلم.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , فهو عند أبى داود (1151) بلفظ: " التكبير فى الفطر سبع فى الأولى , وخمس فى الآخرة , والقراءة بعدهما ".
ومن ذلك يتبين أن المؤلف رحمه الله وهم فيما عزاه لأبى داود من اللفظين , فإنه جعل لفظ حديث عائشة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم , وهو عنده من فعله , وعكس ذلك فى حديث عمرو بن شعيب حيث قال فيه نحوه , أى: معناه , وهو عند أبى داود من قوله عليه الصلاة والسلام لا من فعله , ثم هو مغاير أيضا للفظ الذى عزاه لعائشة!
والحديث عند أبى داود من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى عن عمرو به.
ثم أخرجه هو (1152) وابن ماجه (1278) والطحاوى وابن الجارود فى " المنتقى " (138) والدارقطنى والبيهقى وابن أبى شيبة (2/4/2) والفريابى(3/108)
(136/1) وأحمد (2/180) من هذا الوجه من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاة العيد سبعا فى الأولى , ثم قرأ , ثم كبر فركع , ثم سجد , ثم قام فكبر خمسا , ثم قرأ , ثم كبر فركع ثم سجد ".
واللفظ للفريابى. وقال أحمد عقبه: " وأنا أذهب إلى هذا ".
وقد أعله الطحاوى بقوله: " الطائفى ليس بالذى يحتج بروايته ".
وفى " التقريب ": " صدوق يخطىء ويهم " , ومع ذلك فقد قال فى " التلخيص " (144) : " وصححه أحمد وعلى والبخارى , فيما حكاه الترمذى ".
قلت: ولعل ذلك من أجل شواهده التى منها حديث عائشة المتقدم.
ومنها حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عمرو بن عوف. " أن النبى صلى الله عليه وسلم كبر فى العيدين: فى الأولى سبعا قبل القراءة , وفى الآخرة خمسا قبل القراءة ".
الترمذى (2/416) وابن ماجه (1279) والطحاوى والدارقطنى والبيهقى وابن عدى (273/2) وقال الترمذى: " حديث حسن , وهو أحسن شىء روى فى هذا الباب عن النبى عليه السلام ".
كذا قال! وقد أنكر جماعة تحسينه إياه كما فى " التلخيص ". لأن كثير بن عبد الله واه جدا , حتى قال الشافعى: " هو ركن من أركان الكذب ". وقال ابن عدى عقب الحديث: " كثير هذا عامة أحاديثه لا يتابع عليه ".(3/109)
وأحسن أحاديث الباب عندى حديث عائشة وعبد الله بن عمرو فإن الضعف الذى فى سنديهما يسير , بحيث يصلح أن يتقوى أحدهما بالآخر.
ومنها عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثنى أبى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر فى العيدين , فى الأولى سبعا قبل القراءة , وفى الآخرة خمسا قبل القراءة.
أخرجه ابن ماجه (1277) والحاكم (3/607) والبيهقى (3/288) وكذا الدارمى (1/376) وفى سنده ضعف واختلاف.
ومنها عن ابن عمر عند الطحاوى والدارقطنى وفيه الفرج بن فضالة وهو ضعيف.
وله طريق أخرى , رواه الخطيب (10/264) وابن عساكر (165/2) .
ومنها عن على. رواه الضياء فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (124/2) .
وبالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح , ويؤيده عمل الصحابة به , فمنهم أبو هريرة , فيما رواه نافع مولى ابن عمر قال: " شهدت الأضحى والفطر مع أبى هريرة , فكبر فى الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة , وفى الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة ".
أخرجه مالك (1/180/9) ومن طريقه الفريابى (134/2) والبيهقى (3/288) .
ثم أخرجاه وكذا ابن شيبة (2/5/1) من طرق أخرى عن نافع به. وزاد البيهقى: " وهى السنة ". وزاد هو والفريابى فى أوله: " استخلف مروان إياه على المدينة ".
وله عند الفريابى (135/1) طريق أخرى عن أبى هريرة.
ومنهم عبد الله بن عمر مثل حديثه المرفوع المتقدم.
أخرجه الطحاوى (2/399) وسنده صحيح.(3/110)
ومنهم عبد الله بن عباس: " أنه كان يكبر فى العيد فى الأولى سبع تكبيرات بتكبيرة الافتتاح , وفى الآخرة ستا بتكبيرة الركعة كلهن قبل القراءة ".
رواه ابن أبى شيبة (2/5/1) عن ابن جريج عن عطاء عنه وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , فقد أخرجه الفريابى (136/1) من طريق أخرى عن ابن جريج حدثنا عطاء به نحوه.
فصرح ابن جريج بالتحديث , فأمنا بذلك تدليسه.
على أنه لم يتفرد به , فقد تابعه عمرو بن دينار عند الطحاوى والفريابى , وعبد الملك بن أبى سليمان عندهما وكذا البيهقى وقال: " هذا إسناد صحيح ".
وتابعه عن ابن عباس عمار بن أبى عمار بلفظ: " أن ابن عباس كبر فى عيد ثنتى عشرة تكبيرة , سبعا فى الأولى وخمسا فى الآخرة
" أخرجه ابن أبى شيبة (2/6/1) والبيهقى (3/289) , وسنده صحيح على شرط مسلم.
وخالفهما فى متنهما عبد الله بن الحارث فقال: " صلى بنا ابن عباس يوم عيد , فكبر تسع تكبيرات , خمسا فى الأولى , وأربعا فى الآخرة , ووالى بين القراءتين ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/5/2) والطحاوى (2/401 , وعبد الله هذا هو الأنصارى أبو الوليد البصرى وهو ثقة من رجال الشيخين , وكذلك سائر الرواة , فالسند صحيح.
وخالفهم عكرمة فنقل عنه أنه قال:(3/111)
" من شاء كبر سبعا , ومن شاء كبر تسعا , وبإحدى عشرة , وثلاث عشرة ".
أخرجه الطحاوى (2/401) وعكرمة ثقة احتج به البخارى , وسائر رجاله ثقات , فالإسناد صحيح.
والرواية الأولى أصح عندى لجلالة عطاء وحفظه ومتابعة عمار له , لكن يمكن أن يقال: أن الروايات كلها صحيحة عن ابن عباس , وإنه كان يرى التوسعة فى الأمر , وإنه يجيز كل ما صح عنه مما ذكرنا والله أعلم.
(640) - (إن عمر رضى الله عنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة فى الجنازة وفى العيد ". " وعن زيد كذلك " رواهما الأثرم (ص 151) .
* ضعيف.
عن عمر , أخرجه البيهقى (3/293) من طريق أبى زكريا أنبأ ابن لهيعة عن بكر بن سوادة أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة فى الجنازة والعيدين , وقال:" وهذا منقطع , ورواه الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن بكير بن سوادة عن أبى زرعة اللخمى أن عمر فذكره فى صلاة العيدين ".
قلت: وابن لهيعة ضعيف.
وأما الرواية عن زيد بذلك لم أقف على إسنادها.
وفى " التلخيص " (145) :" واحتج ابن المنذر والبيهقى بحديث روياه من طريق بقية عن الزبيدى عن الزهرى عن سالم عن أبيه فى الرفع عند الإحرام والركوع والرفع منه , وفى آخره: ويرفعهما فى كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع ".
قلت: وبقية مدلس وقد عنعنة , وبه أعله ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " , لكن قد صرح بالتحديث عند أبى داود (722) والدارقطنى (ص 108) فزالت شبهة تدليسه.(3/112)
ثم إنه لم يتفرد به كما ظن ابن التركمانى , فقال الإمام أحمد (2/133 ـ 134) : حدثنا يعقوب حدثنا ابن أخى بن شهاب عن عمه حدثنى سالم به.
ولفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه , حتى إذا كانتا حذو منكبيه كبر , ثم إذا أراد أن يركع رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه , كبر وهما كذلك , ركع , ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه قال: سمع الله لمن حمده , ثم يسجد , ولا يرفع يديه فى السجود , ويرفعهما فى كل ركعة وتكبيرة كبرها قبل الركوع حتى تنقضى صلاته ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وابن أخى الزهرى اسمه محمد ابن عبد الله بن مسلم.
لكن الاستدلال بهذه الجملة التى فى آخر الحديث على ما ذهب إليه ابن المنذر والبيهقى , لا يخلو من بعد , ذلك لأن سياق الحديث فى وصف الرفع فى الصلاة المكتوبة التى ليس فيها تكبيرات الزوائد الخاصة بصلاة العيد , والقول بأن ابن عمر أرادها فى هذا الحديث مما لا يساعد عليه السياق , والله أعلم.
ومثله الحديث الآتى عقبه.
وقد روى الفريابى (136/2) بسند صحيح عن الوليد ـ هو ابن مسلم ـ قال: " سألت مالك بن أنس عن ذلك (يعنى الرفع فى تكبيرات الزوائد) فقال: نعم , ارفع يديك مع كل تكبيرة , ولم أسمع فيه شيئا ".
(641) - (وفى حديث وائل بن حجر: أنه صلى الله عليه وسلم " كان يرفع يديه مع التكبير " (ص 151) .
* حسن.
أخرجه أحمد (4/316) : حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى عن عبد الرحمن بن اليحصبى عنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبير ".(3/113)
قلت: وهذا سند حسن , رجاله ثقات كلهم من رجال الستة غير اليحصبى هذا , وقد روى عنه ثقتان , ووثقه ابن حبان.
وأخرجه الطيالسى (1021) : حدثنا شعبة به بلفظ: " أنه صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم , فكان يكبر إذا خفض وإذا رفع {ويرفع} يديه عند التكبير , ويسلم عن يمينه وعن يساره ".
ورواه الدارمى (1/285) .
(تنبيه) : قال المؤلف عقب الحديث: " قال أحمد: فأرى أن يدخل فيه هذا كله ".
قلت: والكلام فى هذا الحديث كالكلام فى حديث ابن عمر الذى قبله من حيث عدم دلالته على رفع اليدين فى تكبيرات الزوائد , والله أعلم.
(642) - (قال عقبة بن عامر: " سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد قال: يحمد الله , ويثنى عليه ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم " رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد (ص 151) .
* صحيح.
وأخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/37/2) عن حماد بن سلمة عن إبراهيم: " أن الوليد بن عقبة دخل المسجد , وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى فى عرصة المسجد , فقال الوليد: إن العيد قد حضر فكيف أصنع؟ فقال ابن مسعود: يقول: الله أكبر , ويحمد الله ويثنى عليه ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويدعو الله , ثم يكبر ويحمد الله , ويثنى عليه , ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويدعو الله , ثم يكبر ويحمد الله ويثنى عليه , ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويدعو , ثم يكبر ويحمد الله ويثنى عليه ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم كبر , واقرأ بفاتحة الكتاب وسورة , ثم كبر واركع واسجد , ثم قم , فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ثم كبر واحمد الله وأثن عليه , وصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وادع , ثم كبر واحمد الله , وأثن عليه , وصلى على النبى صلى الله عليه وسلم , واركع واسجد , قال: فقال حذيفة وأبو موسى: أصاب ".(3/114)
قال الهيثمى (2/205) : " وإبراهيم لم يدرك واحدا من هؤلاء الصحابة وهو مرسل , ورجاله ثقات ".
قلت: وقد وصله الطبرانى (3/38/1) من طريق ابن جريج أخبرنى عبد الكريم عن النخعى عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال:
" إن بين كل تكبيرتين قدر كلمة ".
ووصله أيضا المحاملى فى " صلاة العيدين " (2/121) من طريق هشام عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال فى صلاة العيد: " بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل , وثناء على الله ".
وهذا إسناد جيد , وأخرجه البيهقى (3/291) عن هشام حدثنا حماد به بطوله , وقال: " وهذا من قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه موقوف عليه , فنتابعه فى الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر , إذا لم يرد خلافه عن غيره , ونخالفه فى عدد التكبيرات وتقديمهن فى القراءة فى الركعتين جميعا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم فعل أهل الحرمين , وعمل المسلمين إلى يومنا هذا. وبالله
التوفيق ".
(643) - (قال ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم , يجهر بالقراءة فى العيدين والاستسقاء " رواه الدارقطنى.
* ضعيف.
الدارقطنى (189) عن محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سند واه جدا , عبد الله ضعيف , ومحمد بن عمر وهو الواقدى متروك متهم بالكذب.
وفى الباب عن على رضى الله عنه قال:(3/115)
" الجهر فى صلاة العيدين من السنة , والخروج فى العيدين إلى الجبانة من السنة".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/54/1) والبيهقى (3/295) بتمامه , والمحاملى (122/2) الشطر الأول منه.
قلت: وإسناده ضعيف فيه الحارث وهو الأعور ضعفوه.
وفى الباب عن ابن عباس أيضا.
أخرجه البيهقى (3/348) بسند واه.
وبالجملة , فهذه الأحاديث شديدة الضعف , لا يجبر بعضها بعضا.
ولكن يغنى عنها أحاديث الصحابة الذين رووا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى العيدين " بالغاشية " وسبح اسم " , فإن الظاهر منها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهما , ولذلك عرفوا أنه قرأ بهما , والحديث يأتى عقب هذا والله أعلم.
(644) - (قال سمرة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى العيدين: (سبح إسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) " رواه أحمد. ولابن ماجه عن ابن عباس والنعمان بن بشير مرفوعا مثله. وروى عن عمر وأنس (ص 152) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (5/7) وكذا ابن أبى شيبة (2/6/2) والمحاملى (121/2) والبيهقى (3/294) والطبرانى أيضا فى " الكبير " كما فى " المجمع " (2/204) من طريق معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب به.
قلت: وإسناده صحيح.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه (1283) وكذا ابن أبى شيبة (2/6/2) والمحاملى (2/121/2) من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء عنه مرفوعا مثل حديث سمرة.(3/116)
وهذا سند ضعيف , موسى بن عبيد ضعيف.
وله طريق أخرى بلفظ: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ركعتين , لا يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب لم يزد عليها شيئا ".
أخرجه أحمد (1/243) عن شهر بن حوشب عنه.
وشهر ضعيف أيضا.
وأما حديث النعمان بن بشير فهو بلفظ سمرة.
أخرجه ابن ماجه (1281) وكذا مسلم (3/15) والترمذى (5/413) والنسائى (1/232) الدارمى (1/377) وابن أبى شيبة وابن الجارود (152) والمحاملى (2/122/1 و2) وأحمد (4/271 و273 و276 و277) عن حبيب بن سالم عنه به.
وزاد ابن أبى شيبة والآخرون: " ... فى العيدين والجمعة ... وإذا اجتمع العيدان فى يوم قرأ بهما فيهما ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده جيد , رجاله كلهم ثقات غير حبيب وهو لابأس به كما فى " التقريب " , وقد قيل عنه عن أبيه عن النعمان بن بشير , وهو وهم قال عبد الله بن الإمام أحمد:
" حبيب بن سالم سمعه من النعمان , وكان كاتبه , وسفيان يخطىء فيه فيقول حبيب بن سالم عن أبيه , وهو سمعه من النعمان ".
وأما حديث أنس , فيرويه عمارة بن زاذان قال: " سألت شيخا من آل أنس عن القراءة فى العيدين؟ فقال: كنت ردفا لأنس , قال: فخرج فصلى بهم العيد فقرأ بهم: (هل أتاك حديث الغاشية) و (سبح اسم ربك الأعلى) , وقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين ".(3/117)
ورواه ابن أبى شيبة (2/6/2) من هذا الوجه نحوه.
وأخرجه الطيالسى فى مسنده (2046) : حدثنا عمارة بن زاذان به إلا أنه قال: (والليل إذا يغشى) بدل (وسبح اسم ربك الأعلى) .
وعمارة هذا ضعيف من قبل حفظه , وشيخه من آل أنس لم يسم.
وأما حديث عمر , فلم أجده مرفوعا , وإنما أخرجه ابن أبى شيبة من طريق عبد الملك بن عمير قال: " حدثت عن عمر أنه كان يقرأ فى العيد (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) ".
ورجاله ثقات ولكنه منقطع بين ابن عمير وعمر.
والصحيح عنه ما رواه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبى واقد الليثى قال: " سألنى عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم العيد؟ فقلت: بـ (اقتربت الساعة) و (ق والقرآن المجيد) .
أخرجه مسلم (3/21) والمحاملى (2/121/1 ـ 2) .
ورواه مالك (1/180/8) ومسلم أيضا وأبو داود (1154) والنسائى والترمذى وابن ماجه (1282) وابن أبى شيبة (2/6/1 ـ 2) والمحاملى أيضا والفريابى (136/2) والبيهقى وأحمد (5/217 ـ 218) عن عبيد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثى ... الحديث وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(645) - (قال ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة " متفق عليه (ص 152) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/245) ومسلم (3/20) والترمذى (2/411) والنسائى (1/232) وابن ماجه (1276) وابن أبى شيبة (2/3/2) والفريابى (130/1) والبيهقى (3/296) وأحمد (2/12 و38) من طريق نافع(3/118)
عنه به دون قوله: " وعثمان ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخارى ومسلم (3/18) وأحمد (1/331 و346) من حديث ابن عباس مثله وفيه ذكر عثمان , فلو عزاه المصنف إليهم من حديث ابن عباس كان قد أصاب.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة منهم جابر بن عبد الله الأنصارى وهو الآتى بعده.
(646) - (حديث جابر: " ... ثم قام متوكئا على بلال , فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم إلى آخره " رواه مسلم (ص 152) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/19) وكذا النسائى (1/233) والدارمى (1/377 ـ 378) والبيهقى (3/296) والمحاملى (135/2) وأحمد (3/318) من طريق عبد الملك ابن أبى سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد , فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة , ثم قام متوكئا على بلال , فأمر بتقوى الله , وحث على طاعته , ووعظ الناس وذكرهم , ثم مضى حتى أتى النساء , فوعظهن وذكرهن , فقال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم , فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين , فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير , قال: فجعلن يتصدقن من حليهن , يلقين فى ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن ".
(647) - (قال سعد المؤذن: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة , يكثر التكبير فى خطبة العيدين " رواه ابن ماجه (ص 152) .(3/119)
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1287) والحاكم (3/607) والبيهقى (3/299) عن عبد الرحمن ابن سعد بن عمار بن سعد المؤذن: حدثنى أبى عن أبيه عن جده به.
قلت: وهذا سند ضعيف , عبد الرحمن بن سعد ضعيف , وأبوه وجده لا يعرف حالهم.
(648) - (روى عن أنس " أنه إذا لم يشهدها (أى صلاة العيد) جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن [أبى] (1) عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ".
* ضعيف.
رواه البيهقى (3/305) تعليقا فقال: " ويذكر عن أنس بن مالك أنه كان إذا كان بمنزله بالزاوية , فلم يشهد العيد بالبصرة , جمع مواليه وولده , ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبى عتبة فيصلى بهم كصلاة أهل المصر ركعتين , ويكبر بهم كتكبيرهم ".
ورواه موصولا من طريق نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن عبيد الله بن أبى بكر بن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام فى العيد ".
قلت: وهذا سند ضعيف فإن نعيم بن حماد ضعيف لكثرة خطئه.
ورواه ابن أبى شيبة (2/9/1) من طريق يونس قال: حدثنى بعض آل أنس: " أن أنسا كان ربما جمع أهله وحشمه يوم العيد فصلى بهم عبد الله بن أبى عتبة ركعتين ".
__________
(1) سقطت من الأصل، واستدركناها من "المصنف" "والسنن الكبرى".(3/120)
ورجاله ثقات غير البعض المذكور فلم أعرفه , ويحتمل أن يكون هو عبيد الله بن أبى بكر بن مالك بن أنس , كما فى رواية نعيم بن حماد ولكنه لا يحتج به لما عرفت.
وقد روى عن ابن مسعود خلاف ذلك , فقال الشعبى: قال عبد الله بن مسعود: " من فاته العيد فليصل أربعا ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/9/1) والمحاملى (2/137/2) والطبرانى فى " الكبير " كما فى " المجمع " (2/205) وقال: " ورجاله ثقات ". قلت ولكنه منقطع لأن الشعبى لم يسمع من ابن مسعود كما قال الدارقطنى والحاكم.
(649) - (عن على رضى الله عنه: " أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق " (ص 153) .
* لم أقف عليه. [1]
وروى ابن أبى شيبة (2/1/2) عن رجل من المسلمين عن حنش بن المعتمر أن عليا يوم أضحى كبر حتى انتهى إلى العيد.
وسنده حسن لولا الرجل الذى لم يسم , وقد سماه الدارقطنى (179) فى روايته: " سعيد بن أشوع " ولم أجد له ترجمة.
وروى الفريابى (129/2) عن ابن لهيعة عن زهرة بن معبد عن عبد الله بن هشام: " أنه كان يسمع تكبير عمر بن الخطاب وهو يمر فى زقاق , وعمر يمر فى زقاق آخر يوم العيد ".
وهذا سند ضعيف.
وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح عن الزهرى قال: " كان الناس يكبرون فى العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام , فإذا خرج الإمام سكتوا , فإذا كبر كبروا ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/27:
روى ابن المنذر في " الأوسط ": (1/216/1) , و (4/250 - مطبوع) نحوه فقال:
حدثنا محمد بن على , قال: نا سعيد , قال: نا سويد بن عبد العزيز , قال: نا حصين عن أبي جميلة , قال: رأيت عليا خرج من منزله يوم العيد فلم يزل يكبر حتى انتهى إلى الجبانة.
وهذا إسناد ضعيف.
ورواه الدارقطنى فى " سننه ": (2/44) من طريق الحجاج عن سعيد بن أشوع عن حنش بن المعتمر قال: رأيت عليا يوم الأضحى لم يزل يكبر حتى أتى الجبانة.(3/121)
ثم رواه عن الزهرى مرسلا مرفوعا , ويأتى بعد حديث.
(650) - (وروى الدارقطنى: " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر , ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتى المصلى , ثم يكبر حتى يأتى الإمام " (ص 153) .
* صحيح.
أخرجه الدارقطنى (180) من طريق ابن عجلان عن نافع عنه. ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبى شيبة (2/1/1) والفريابى (128/2) والبيهقى (3/279) .
وهذا إسناد جيد.
وتابعه عن نافع موسى بن عقبة , وعبيد الله بن عمر وأسامة معا , وزادا فى آخر الحديث: " فيكبر بتكبيره ".
أخرجه الفريابى (128/2 و129/1) بسند صحيح.
ثم روى بسند صحيح عن الوليد (وهو ابن مسلم) قال: " سألت الأوزاعى ومالك بن أنس عن إظهار التكبير فى العيدين؟ قالا: نعم , كان عبد الله بن عمر يظهره فى يوم الفطر حتى يخرج الإمام ".
ثم روى بسند صحيح أيضا عن أبى عبد الرحمن السلمى قال: " كانوا فى الفطر أشد منهم فى الأضحى. قال وكيع: يعنى فى التكبير ".
وأخرجه الدارقطنى أيضا دون قول وكيع وكذا الحاكم (1/298) .
(تنبيه) : قد روى حديث ابن عمر مرفوعا , ولكنه لا يصح.
أخرجه الدارقطنى والحاكم والبيهقى (3/279) ونصر المقدسى فى " جزء من الأمالى " (ق 176/2) عن موسى بن محمد بن عطاء حدثنا الوليد بن محمد حدثنا الزهرى: أخبرنى سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره.(3/122)
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتى المصلى ".
وقال الحاكم: " غريب الإسناد والمتن , غير أن الشيخين لم يحتجا بالوليد ولا بموسى بن عطاء البلقادي [1] ". وقال الذهبى: قلت هما متروكان وقال البيهقى: " موسى منكر الحديث ضعيف , والوليد ضعيف , لا يحتج برواية أمثالهما , والحديث المحفوظ عن ابن عمر من قوله ".
قلت: وقد صح عن الزهرى مرسلا مرفوعا , فقال ابن أبى شيبة (2/1/2) : حدثنا يزيد بن هارون عن ابن أبى ذئب عن الزهرى:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتى المصلى , وحتى يقضى الصلاة , فإذا قضى الصلاة قطع التكبير ".
وهذا سند صحيح مرسلا , ومن هذا الوجه أخرجه المحاملى (142/2) .
وقد روى من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا.
أخرجه البيهقى (3/279) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج فى العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله والعباس وعلى وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد , وزيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن رضى الله عنهم رافعا صوته بالتهليل والتكبير , فيأخذ طريق الحذائين حتى يأتى المصلى , وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتى منزله "
, وقال البيهقى: " هذا أمثل من الوجه المتقدم ".
قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن عمر , وهو العمرى المكبر , قال الذهبى: " صدوق فى حفظه شىء ". ورمز له هو وغيره بأنه من رجال مسلم , فمثله يستشهد به , فهو شاهد صالح لمرسل الزهرى فالحديث صحيح عندى موقوفا ومرفوعا والله أعلم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: البلقاوى}(3/123)
(651) - (قال البخارى: " كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق فى أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما " (ص 153) .
* صحيح.
فقد ذكره البخارى فى صحيحه (1/246) معلقا مجزوما به , كما ترى , ووصله عبد ابن حميد من طريق عمرو بن دينار عنه كما فى " فتح البارى " (2/381) .
(652) - (قال ابن مسعود: " إنما التكبير على من صلى فى جماعة ". رواه ابن المنذر (ص 154) .
لم أقف على إسناده [1] .
(653) - (حديث جابر: " إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة ثم أقبل علينا فقال: الله أكبر ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق ". رواه الدارقطنى بمعناه (ص 154) .
* ضعيف جدا.
رواه الدارقطنى (182) والخطيب فى " التاريخ " (10/238) من طريق عمرو بن شمر عن جابر عن أبى جعفر وعبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: على مكانكم , ويقول: الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر , ولله الحمد , فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة
العصر من آخر أيام التشريق ".
قلت: وهذا سند واهٍجدا , فى " نصب الراية " (2/224) : " قال ابن القطان: جابر الجعفى سىء الحال , وعمرو بن شمر أسوأ حالا منه بل هو من الهالكين قال السعدى: عمرو بن شمر زائع كذاب , وقال الفلاس: واه , قال البخارى وأبو حاتم: منكر الحديث.... فلا ينبغى أن يعل الحديث إلا بعمرو بن شمر , مع أنه قد اختلف
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/28:
وقفت عليه , رواه ابن المنذر فى " الأوسط " (1/225/1) , و (4/305 - 306 مطبوع) قال: وحدثونا عن إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن سلمة الحرانى عن زيد بن أبى أنيسة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: ليس على الواحد والاثنين تكبير أيام التشريق , إنما التكبير على من صلى فى جماعة.
وإسناده جيد , إن كان مشايخ ابن المنذر الذين حدثوه ثقات , وهو الأظهر.(3/124)
عليه فيه.."
ثم ذكر الاختلاف المشار إليه , ورواه البيهقى (3/315) مختصرا وقال: " عمرو بن شمر وجابر لا يحتج بهما ".
وقد صح عن على رضى الله عنه: " أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة , إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق , ويكبر بعد العصر ".
رواه ابن أبى شيبة (2/1/2) من طريقين , أحدهما جيد.
ومن هذا الوجه رواه البيهقى (3/314) .
ثم روى مثله عن ابن عباس , وسنده صحيح.
وروى الحاكم (1/300) عنه , وعن ابن مسعود مثله.
(654) - (حديث جابر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه ويقول: على مكانكم ويقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , والله أكبر الله أكبر , ولله الحمد " رواه الدارقطنى (ص 154) .
* ضعيف جداً.
وتقدم تخريجه آنفا , والمصنف ساقه مرة أخرى مستدلا به على أن صفة التكبير شفع " الله أكبر , الله أكبر ". وكذلك نقله عن الدارقطنى فى " نصب الراية " (2/224) , والذى فى نسختنا المطبوعة من الدارقطنى: " الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر " بتثليث التكبير كما تقدم , فلا أدرى أهذا من اختلاف النسخ , أم وهم فى النقل عنه , والله أعلم.
وقد ثبت تشفيع التكبير عن ابن مسعود رضى الله عنه: " أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر , الله أكبر , ولله الحمد ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/2/2) وإسناده صحيح. ولكنه ذكره فى مكان آخر بالسند نفسه بتثليث التكبير , وكذلك رواه البيهقى (3/315) عن يحيى بن سعيد عن الحكم وهو ابن فروح [1] أبو بكار عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث التكبير.
وسنده صحيح أيضا , لكن رواه ابن أبى شيبة (2/2/2 و2/3/1)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فروخ}(3/125)
من هذا الوجه بلفظ: " الله أكبر كبيراً , الله أكبر كبيراً , الله أكبر وأجل , الله أكبر ولله الحمد ". ورواه المحاملى فى " صلاة العيدين " (2/143/1) من طريق أخرى عن عكرمة به , لكنه قال: الله أكبر وأجل , الله أكبر على ما هدانا " فأخر , وزاد , وسنده صحيح. وروى أثر ابن مسعود من الوجه التقدم بتشفيع التكبير , وهو المعروف عنه , والله أعلم.
باب صلاة الكسوف
(655) - (حديث: " فعله صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف , وأمره بها " (ص 156) .
* صحيح.
وفى كل من الفعل , والأمر أحاديث سيأتى بعضها.
(656) - (قال صلى الله عليه وسلم: " فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلى " رواه مسلم (ص 156) .
* صحيح.
وهو من حديث جابر قال: " انكسفت الشمس فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم , فقام النبى صلى الله عليه وسلم , فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات , بدأ , فكبر , ثم قرأ , فأطال القراءة , ثم ركع نحوا مما قام , ثم رفع رأسه من الركوع , فقرأ قراءة دون القراءة الأولى , ثم ركع نحوا مما قام , ثم رفع رأسه من الركوع , فقرأ قراءة دون القراءة الثانية , ثم ركع نحوا مما قام ثم رفع رأسه من الركوع , ثم انحدر(3/126)
بالسجود , فسجد سجدتين , ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التى قبلها أطول من التى بعدها , وركوعه نحوا من سجوده , ثم تأخر , وتأخرت الصفوف خلفه , حتى انتهينا (وفى لفظ: حتى انتهى) إلى النساء , ثم تقدم , وتقدم الناس معه , حتى قام فى مقامه , فانصرف حين انصرف وقد آضت الشمس , فقال: يا أيها الناس! إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله , وإنهما لا
ينكسفان لموت أحد من الناس (وفى لفظ: لموت بشر) , فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلى , ما من شىء توعدونه إلا قد رأيته فى صلاته هذه , لقد جىء بالنار , وذلكم حين رأيتمونى تأخرت مخافة أن يصيبنى من لفحها , وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه فى النار , كان يسرق الحاج بمحجنه , فإذا فطن له قال: إنما تعلق بمحجنى! وإن غفل عنه ذهب به! وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التى ربطتها , فلم تطعمها , ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا , ثم جىء بالجنة , وذلكم حين رأيتمونى تقدمت , حتى قمت فى مقامى , ولقد مددت يدى وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه , ثم بد لى أن لا أفعل , فما من شىء توعدونه إلا قد رأيته فى صلاتى هذه ".
أخرجه مسلم (3/31 ـ 32) وأبو عوانة (2/371 ـ 372) وأبو داود (1178) والبيهقى (3/325 ـ 326) وأحمد (3/317 ـ 318) إلى قوله " حتى تنجلى " كلهم من طريق عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء ـ وهو ابن أبى رباح عنه.
وعبد الملك هذا فيه كلام من قبل حفظه , وقد رواه هشام الدستوائى عن أبى الزبير عن جابر نحوه وفيه فكانت " أربع ركعات وأربع سجدات " فخالفه فى قوله: " ست ركعات " وهو الصواب.
أخرجه مسلم وأبو عوانة فى صحيحيهما.
وقد اختلفت الأحاديث فى عدد ركوعات صلاة الكسوف اختلافا كثيرا , فأقل ما روى ركوع واحد فى كل ركعة من ركعتين , وأكثر ما قيل خمسة ركوعات , والصواب أنه ركوعان فى كل ركعة كما فى حديث أبى الزبير عن(3/127)
جابر , وهو الثابت فى الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وغيرها من الصحابة رضى الله عنهم. وقد حققت القول فى ذلك , وجمعت الأحاديث الواردة فيه وخرجتها ثم لخصت ما صح منها فى جزء عندى.
(657) - (قول جابر: " كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم شديد الحر , فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون , ثم ركع فأطال , ثم رفع فأطال , ثم ركع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحو ذلك فكانت أربع ركعات , وأربع سجدات ". رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 156) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/30 ـ 31) وكذا أبو عوانة (2/372 ـ 373) وأبو داود (1179) والنسائى (1/217) والطيالسى (1754) وعنه البيهقى (3/324) وأحمد (3/374 و382) من طريق هشام الدستوائى عن أبى الزبير عنه به. وزاد الصحيحان وغيرهما: " ثم قال: " إنه عرض على كل شىء تولجونه , فعرضت على الجنة , حتى لو تناولت منها قطفا أخذته , أو قال تناولت منها قطفا , فقصرت يدى عنه , وعرضت على النار , فرأيت فيها امرأة من بنى إسرائيل , تعذب فى هرة لها ربطتها , فلم تطعمها , ولم تدعها تأكل من خَشاش الأرض , ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه فى النار , وإنهم كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم , وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما , فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلى ".
وأبو الزبير وإن كان مدلسا وقد عنعنه , فالحديث صحيح لأن له طريقا أخرى تقدمت قبله. وذكرت هناك ما بينهما من الخلاف , والصواب منه. اهـ.
(658) - (عن عائشة قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديا فنادى: " الصلاة جامعة وخرج إلى المسجد(3/128)
فصف الناس وراءه , وصلى أربع ركعات فى ركعتين وأربع سجدات ". متفق عليه (ص 156 ـ 157) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/272) تعليقا ومسلم (3/29) موصولا واللفظ له.
وقد أخرجاه وكذا أصحاب السنن وغيرهم بنحوه أتم منه , وله عنها أربع طرق , خرجتها فى الرسالة المشار إليها سابقا. اهـ.
(659) - (حديث جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس صلى ست ركعات بأربع سجدات " رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 157) .
* صحيح.
لكن ذكر الست ركعات (يعنى ركوعات) شاذ , والصواب: " أربع ركوعات " كما فى حديث عائشة الذى قبله , ورواية عن جابر تقدمت قبله.
(660) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى كسوف ثمانى ركعات , فى أربع سجدات " رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (ص 157) .
* ضعيف.
وإن أخرجه مسلم ومن ذكر معه وغيرهم , فإنه من طريق حبيب عن طاوس عن ابن عباس به.
وعلته حبيب هذا وهو ابن أبى ثابت , وهو وإن كان ثقة فإنه مدلس , وكذلك قال ابن حبان فى " صحيحه ": " هذا الحديث ليس بصحيح , لأنه من رواية حبيب بن أبى ثابت عن طاوس , ولم يسمعه منه ". وقال البيهقى: " وحبيب وإن كان من الثقات , فقد كان يدلس , ولم أجده ذكر سماعه فى هذا الحديث عن طاوس , ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاوس ".
وفية علة أخرى وهى الشذوذ , فقد خرجت للحديث ثلاث طرق أخرى عن ابن عباس , وفيها كلها " أربع ركعات وأربع سجدات ". وفى هذه الطريق المعلة: " ثمانى ركعات ... " فهذا خطأ قطعا.(3/129)
(661) - (قول أبى بن كعب: " كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم فقرأ بسورة من الطوال , وركع خمس ركعات وسجدتين , ثم قام إلى الثانية , فقرأ بسورة من الطوال , وركع خمس ركعات وسجدتين " رواه أبو داود , وعبد الله بن أحمد فى المسند (ص 157) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (1182) وعبد الله بن أحمد فى زوائد " مسند أبيه " (5/134) وكذا الحاكم (1/333) والبيهقى (3/329) من طريق أبى جعفر الرازى عن الربيع ابن أنس عن أبى العالية عن أبى بن كعب به. وقال الحاكم: " رواته موثقون ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " خبر منكر , وعبد الله بن أبى جعفر ليس بشىء , وأبوه لين ".
قلت: الحمل فيه على الأب , فإن ابنه قد توبع عليه عند غير الحاكم , وضعفه البيهقى بقوله: " وهذا إسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح ".
قلت: وذلك لضعف أبى جعفر الرازى قال فى " التقريب ": " صدوق , سىء الحفظ , خصوصا عن مغيرة ".
(662) - (روى من غير وجه بأسانيد حسان من حديث سمرة والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه وسلم " صلاها ركعتين , كل ركعة بركوع " رواها أحمد والنسائى (ص 157) .
* ضعيف.
لا يصح منها شىء , إما لعلة أو شذوذ.
1 ـ أما حديث سمرة , فأخرجه أحمد (5/11) والنسائى (1/218 ـ 219) وكذا أبو داود (1184) والحاكم (1/329 ـ 330) وعنه البيهقى قال: قال سمرة. الحديث بطوله , وفيه ما ذكره المؤلف. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.(3/130)
وهذا من أوهامهما , لأن ثعلبة لم يخرج له الشيخان فى صحيحيهما , ثم إنه مجهول كما قال ابن حزم فى " المحلى " (5/94) وتبعه ابن القطان وغيره.
ثم رأيت الحاكم روى من الحديث بعضه فى مكان آخر (1/334) وصححه أيضا كما تقدم , فتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: ثعلبة مجهول , وما أخرجا له شيئا ".
2 ـ وأما حديث النعمان بن بشير فإنه مضطرب الإسناد والمتن.
أما الإسناد , فإنه من طريق أبى قلابة عن النعمان , وأبو قلابة مدلس , وقد عنعنه فى كل الطرق عنه , وفى بعضها عنه عن النعمان , وفى بعضها عنه عن رجل عن النعمان , وفى بعضها عنه عن قبيصة بن مخارق الهلالى قال: فذكر الحديث.
وفى بعضها عنه عن هلال بن عامر أن قبيصة الهلالى حدثه.
وأما الاضطراب فى المتن , ففى رواية أنه لم يزل يصلى حتى انجلت.
وأنه خطب بعد الصلاة فكان مما قال: " فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة ".
وفى رواية لم يذكر فيها القول المذكور.
وفى أخرى بلفظ: " صلى مثل صلاتنا يركع ويسجد مرتين ".
وفى أخرى: " فجعل يصلى ركعتين ركعتين , ويسأل عنها ".
وفى أخرى: " ويسلم " بدل " ويسأل عنها ".
وجمع بينهما فى رواية فقال: " فجعل يصلى ركعتين ويسلم ويسأل ".
فهذا الاضطراب الشديد فى السند والمتن مما يمنع القول بصحة الحديث والاستدلال به على الركوع الواحد , كما هو ظاهر. وهذا خلاصة ما حققته فى الجزء الخاص بصلاة الكسوف حول هذا الحديث.(3/131)
3 ـ أما حديث ابن عمرو , فقد أخرجه أبو داود والنسائى والطحاوى والحاكم والبيهقى وأحمد وغيرهم من طرق بعضها عن الثورى عن عطاء بن السائب عن أبيه عنه به , الحديث بطوله. ولم يذكر فيه إلا ركوعين فى الركعتين.
وهذا سند صحيح , لكن من الواضح بعد تتبع الطرق أن بعض رواته قصر فى الاقتصار على الركوعين , فقد جاء الحديث عن ابن عمرو من ثلاث طرق أخرى كلهم ذكروا عنه ركوعين فى كل من الركعتين. وهذه زيادة من ثقة بل من ثقات فهى مقبولة , وذلك
مما يجعل الرواية الأولى شاذة مرجوحة.
وخلاصة القول فى صلاة الكسوف أن الصحيح الثابت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو ركوعان فى كل ركعة من الركعتين جاء ذلك عن جماعة من الصحابة فى أصح الكتب والطرق والروايات , وما سوى ذلك إما ضعيف أو شاذ لا يحتج به ,
وقد فصل القول فى ذلك , وانتهى تحقيقه إلى ما ذكرنا خلاصته هنا العلامة المحقق ابن قيم الجوزية فى " زاد المعاد فى هدى خير العباد " فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق.
(663) - (قول قتادة: " انكسفت الشمس بعد العصر ونحن بمكة , فقاموا يدعون قياما , فسألت عن ذلك عطاء؟ فقال: هكذا كانوا يصنعون " رواه الأثرم (ص 157) .
* لم أقف على سنده
ورواه ابن أبى شيبة (2/119/1) بنحوه , ولفظه: " عن عطاء قال: إذا كان الكسوف بعد العصر , وبعد الصبح قاموا يذكرون ربهم , ولا يصلون ".
وإسناده صحيح إلى عطاء إن كان سعيد وهو ابن أبى عروبة قد حفظه فإنه كان اختلط.(3/132)
باب صلاة الاستسقاء
(664) - (قول عبد الله بن زيد: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقى , فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه , وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة " متفق عليه (ص 158) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/261) ومسلم (3/23) وكذا أبو داود (1161) والنسائى (1/224 و226) والترمذى (2/442) والدارمى (1/360 و361) وابن ماجه (1267) والدارقطنى (189) والبيهقى (3/347) وأحمد (4/39 و40 و41) , وليس عند مسلم الجهر بالقراءة , وهى رواية ابن ماجه.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(665) - (قال ابن عباس: " صلى النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين , كما يصلى فى العيدين " صححه الترمذى (ص 158) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (1165) والترمذى (2/445) والنسائى (1/226) والطحاوى (1/191 ـ 192) والدارقطنى (189) والحاكم (1/326) والبيهقى (3/347) وابن أبى شيبة (2/119/2) وأحمد (1/269 و355) من طريق هشام بن إسحاق (وهو ابن عبد الله بن كنانة) عن أبيه قال: " أرسلنى الوليد بن عقبة ـ وهو أمير المدينة ـ إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته , فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا متضرعا , حتى أتى المصلى , فلم يخطب خطبتكم هذه , ولكن لم يزل فى الدعاء والتضرع والتكبير , وصلى ركعتين , كما كان يصلى فى العيدين "(3/133)
واللفظ للترمذى وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده حسن , ورجاله ثقات غير هشام بن إسحاق , قال أبو حاتم: " شيخ " , وذكره ابن حبان فى " الثقات " , وروى عنه جماعة من الثقات.
وله طريق أخرى , يرويه محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة قال: " أرسلنى مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء؟ فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة فى العيدين , إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب رداءه , فجعل يمينه على يساره , ويساره على يمينه , وصلى ركعتين وكبر فى الأولى سبع تكبيرات , وقرأ (سبح اسم ربك الأعلى) وقرأ فى الثانية (هل أتاك حديث الغاشية) وكبر فيها خمس تكبيرات ".
أخرجه الدارقطنى والحاكم والبيهقى (3/348) وقال: " محمد بن عبد العزيز هذا غير قوى , وهو بما قبله من الشواهد يقوى ".
قلت: هو ضعيف جدا لأن محمدا هذا هو ابن عبد العزيز بن عمر الزهرى وسمى الحاكم جده عبد الملك وهو خطأ لعله من الناسخ , قال فيه البخارى والنسائى: منكر الحديث. وقال النسائى مرة: " متروك " فلا يقوى حديثه بالشواهد لشدة ضعفه لاسيما وهى مجملة وهذا مفصل. ولا يصح الاستشهاد بالمجمل على المفصل كما هو ظاهر.
وأبوه عبد العزيز بن عمر قال ابن القطان: " مجهول الحال " ومنه يتبين أن قول الحاكم عقب الحديث: " صحيح الإسناد " بعيد عن جادة الصواب , وقد تعقبه الذهبى بقوله: " قلت: ضعف عبد العزيز ".
قلت: ولعله أراد أن يكتب: عمر بن عبد العزيز. فسبقه القلم فكتب(3/134)
" عبد العزيز " وإلا فإن عبد العزيز لم يضعف وإنما هو مجهول , والمضعف ابنه كما عرفت.
(666) - (عن جعفر بن محمد عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعا وخمسا " رواه الشافعى (ص 158) .
(667) - (وعن ابن عباس نحوه وزاد فيه: " وقرأ فى الأولى بسبح , وفى الثانية بالغاشية " (ص 158) .
* ضعيف.
أخرجه الشافعى فى " الأم " (1/221) : " أخبرنى من لا أتهم عن جعفر بن محمد أن النبى صلى الله عليه وسلم ... ". الحديث , هكذا وقع فيه " جعفر بن محمد ".
ليس فيه " عن أبيه " فهو معضل مع جهالة شيخ الشافعى الذى لم يسم , وقد أسنده من وجه واهٍفقال: " أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنى جعفر بن محمد عن أبيه عن على رضى الله عنه مثله ".
قلت: وإبراهيم هذا هو الأسلمى وهو متهم , ثم إنه منقطع بين والد جعفر , وهو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب وبين جده على رضى الله عنه.
(668) - (وقالت عائشة: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس " رواه أبو داود (ص 158) .
* حسن.
رواه أبو داود (1173) والطحاوى (1/192) والبيهقى (3/349) والحاكم أيضا (1/328) من طريق خالد بن نزار حدثنى القاسم بن مبرور عن يونس بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت: " شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر , فأمر بمنبر فوضع له فى(3/135)
المصلى , ووعد الناس يوما يخرجون فيه , قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس , فقعد على المنبر , فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم , وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه , ووعدكم أن يستجيب لكم. ثم قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. (مالك) [1] يوم الدين. لا إله إلا الله يفعل ما يريد , اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغنى ونحن الفقراء , أنزل علينا الغيث , واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه , فلم يزل فى الرفع حتى بدا بياض إبطيه , ثم حول إلى الناس ظهره , وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه , ثم أقبل على الناس , ونزل , فصلى ركعتين , فأنشأ الله سحابه فرعدت وبرقت , ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده , حتى سالت السيول , فلما رأى سرعتهم إلى الكنّ, ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن الله على كل شىء قدير , وأنى عبد الله ورسوله ".
والسياق لأبى داود وقال:" هذا حديث غريب , إسناده جيد , أهل المدينة يقرؤن (ملك يوم الدين) , وإن هذا الحديث حجة لهم ".
قلت: وإسناده حسن , وأما قول الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " , ووافقه الذهبى , فمن أوهامهما , فإن خالدا وشيخه القاسم , لم يخرج لهما الشيخان شيئاً , وفى الأول منهما كلام يسير , لا ينزل حديثه عن درجة الحسن ,وقد رواه ابن حبان أيضا فى " صحيحه " كما فى " نصب الراية " (2/242) .
(669) - (قال ابن عباس: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا " (ص 159) .
* حسن.
وقد مضى برقم (658) , واللفظ للترمذى , إلا أنه قال " متبذلا " بدل " متذللاً " , وكذلك هو عند جميع من أخرج الحديث ممن سبق ذكرهم , إلا رواية للدارقطنى , فإنه قال فيها " متذللا " , وجمع الحاكم بين اللفظين , فقال: " متذللا متبذلا "! وقوله " متخشعا " فى رواية الحاكم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: ملك}(3/136)
والترمذى فى رواية.
(670) - (روى الطبرانى فى معجمه بإسناد عن الزهرى: " أن سليمان عليه السلام , خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة قوائهما تستسقى , فقال لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم ". وروى الطحاوى وأحمد نحوه عن أبى الصديق الناجى.
وعن أبى هريرة مرفوعا: " خرج نبى من الأنبياء يستسقى.. " وذكر نحوه رواه الدارقطنى.
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (188) والحاكم (1/325 ـ 326) من طريق عبد العزيز بن أبى سلمة العمرى حدثنا محمد بن عون مولى أم يحيى بنت الحكم عن أبيه قال: حدثنا محمد بن مسلم بن شهاب , أخبرنى أبو سلمة عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خرج نبى من الأنبياء يستسقى , فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء , فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن هذه النملة ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر عندى , فإن محمد بن عون وأباه لم أجد من ترجمهما , والغالب فى مثلهما الجهالة , والله أعلم.
نعم قد روى الحديث من غير طريقهما , فقال الطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/373) : " حدثنا محمد بن عزيز: حدثنا سلامة بن روح عن عقيل عن ابن شهاب به ".
ومن هذا الوجه أخرجه الخطيب فى " تاريخ بغداد " (12/65) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (7/297/2) .(3/137)
قلت: وهذا سند ضعيف , وله علتان:
الأولى: سلامة هذا قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , له أوهام , وقيل: لم يسمع من عمه عقيل بن خالد , وإنما يحدث من كتبه ".
الثانية: محمد بن عزيز , قال الحافظ: " فيه ضعف , وقد تكلموا فى صحة سماعه من عمه سلامة ".
وأما رواية الطبرانى عن الزهرى , والطحاوى وأحمد عن أبي سعيد [1] الناجى , فلم أقف عليهما , مع كونهما مقطوعتين. [2]
وقد أورد الحديث الحافظ فى " التلخيص " (150) من رواية الدارقطنى والحاكم , ثم قال: " وفى لفظ لأحمد: خرج سليمان عليه الصلاة والسلام يستسقى. الحديث".
فهذا بظاهره يدل على أن الحديث مرفوع عند أحمد , وأنه فى مسنده كما يشعر به إطلاق العزو إليه , وما أظن ذلك صوابا , فلم يورده الهيثمى فى " المجمع " , ولا عزاه إليه السيوطى فى " الجامع الكبير " , وقد ذكره (1/20/1) من رواية الحاكم وأبى الشيخ فى " العظمة " والخطيب وابن عساكر عن أبى هريرة. فلعل الحديث فى بعض كتب أحمد الأخرى , ككتاب الزهد مثلا , وقد رجعت إلى ترجمة سليمان بن داود عليهما السلام منه فلم أر الحديث فيها , مع العلم بأن الكتاب طبع مشوش الترتيب بحديث تداخلت بعض تراجمه فى تراجم أخرى , فعسى الله تبارك وتعالى أن يقيض له رجلا صالحا , يقوم بطبعه على نسخة جيدة إن شاء الله تعالى.
(671) - (قول ابن عباس: " صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الاستسقاء , كما صنع فى العيد (ص 159) .
* حسن.
وتقدم برقم (665) .
(672) - (توسل عمر بالعباس (رضى الله عنهما) , ومعاوية بيزيد
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أبى الصديق}
[2] قال صاحب التكميل ص/29:
أما رواية الطبرانى عن الزهرى: فقد وقفت عليها فى كتاب " الدعاء " للطبرانى (رقم 967) , رواها عن الزهرى عبد الرزاق فى " المصنف ": (3/95 - 96) , ومن طريقه أخرجها الطبرانى.
وأما رواية الطحاوى وأحمد عن أبى الصديق الناجى: فقد وقفت عليها فى كتاب " الزهد " لأحمد (ص 87) فى أخبار يوسف عليه السلام من الطبعة المكية وفيها خلل في الترتيب.
ورواها عن أبى الصديق ابن أبى شيبة في " المصنف ": (10/312) و (13/207) , وابن أبى حاتم فى " تفسيره " , والطبرانى فى " الدعاء ": (رقم 968) ,وأبو نعيم فى " الحلية " (3/101) , وابن حبان فى " الثقات ": (8/414) . كلهم عن زيد العمى عن أبى الصديق الناجى به نحوه.
* تتمة: ذكر رواية الطحاوى ابن القيم فى " شفاء العليل ": (ص 151) قال: (ورواه الطحاوى فى " التهذيب " وغيره) . اهـ.
ولم يتبين لى المراد منه.(3/138)
بن الأسود الجرشى , واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى (ص 159) .
* صحيح.
أما توسل عمر , فأخرجه البخارى (1/256 و2/436 ـ 437) وابن سعد فى " الطبقات الكبرى " (4/28 ـ 29) وأبو مسلم الكشى فى " جزء الأنصارى " (5/2) والبيهقى (3/352) وابن عساكر (8/474/1) عن أنس: " أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا , وإنا نتوسل إليك بعم
نبينا فاسقنا , قال: فيسقون ".
ورواه ابن خزيمة أيضا وأبو عوانة وابن حبان والطبرانى فى " الكبير " كما فى " الجامع الكبير " (3/171/2) , وصححه الحافظ الذهبى.
وأما ما أخرجه الحاكم (3/334) من طريق داود بن عطاء المدنى عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه قال: " استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم هذا عم نبيك العباس , نتوجه إليك به فاسقنا , فما برحوا حتى سقاهم الله , قال: فخطب عمر الناس , فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده , يعظمه ويفخمه ويبر قسمه , فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فى عمه العباس , واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نزل بكم ".
فهو واهٍجدا , فلا جرم سكت عنه الحاكم ولم يصححه! وأما الذهبى فوهاه بقوله: " داود متروك ". وقال الحافظ: " سنده ضعيف ".
وأما توسل معاوية , فأخرجه أبو زرعة الدمشقى فى " تاريخ دمشق "(3/139)
(ق 113/2) : حدثنا الحكم بن نافع عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر: " أن الناس قحطوا بدمشق , فخرج معاوية يستسقى بيزيد بن الأسود ".
وهذا سند صحيح كما قال الحافظ فى " التلخيص " (151) . قال:" ورواه أبو القاسم اللاكائى فى " السنة " فى " كرامات الأولياء " منه ".
وأما توسل الضحاك , فأخرجه أبو زرعة أيضاً: وحدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز: " أن الضحاك بن قيس خرج يستسقى , فقال ليزيد بن الأسود: قم يا بكاء ".
ورجاله ثقات , لكنه منقطع بين سعيد والضحاك , لكن له طريق أخرى فقال الحافظ: " وروى ابن بشكوال من طريق ضمرة عن ابن أبى حملة قال: " أصاب الناس قحط بدمشق فخرج الضحاك بن قيس يستسقى , فقال: ابن [1] يزيد بن الأسود , فقام وعليه برنس , ثم حمد الله , وأثنى عليه ثم قال: أى رب! إن عبادك تقربوا بى إليك فاسقهم , فما انصرفوا إلا وهم يخوضون فى الماء ".
قلت: وابن أبى حملة هذا لم أعرفه , وسكت عليه الحافظ , وروى الإمام أحمد فى " الزهد " (392) فى ترجمة أبى مسلم الخولانى عن محمد بن شعيب وسعيد بن عبد العزيز قال: " قحط الناس على عهد معاوية رحمه الله , فخرج يستسقى بهم , فلما نظروا إلى المصلى , قال معاوية لأبى مسلم: ترى ما داخل الناس , فادع الله , قال: فقال: أفعل على تقصيرى , فقام وعليه برنس , فكشف البرنس عن رأسه , ثم رفع يديه فقال: اللهم إنا بك نستمطر , وقد جئت بذنوبى إليك فلا تخيبنى , قال: فما انصرفوا حتى سقوا , قال: فقال أبو مسلم: اللهم إن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أين}(3/140)
معاوية أقامنى مقام سمعة , فإن كان لى عندك خير قاقبضنى إليك , قال: وكان ذلك يوم الخميس , فمات أبو مسلم رحمه الله يوم الخميس المقبل ".
قلت: وسنده منقطع أيضا.
(673) - (قال الشعبى: " خرج عمر يستسقى , فلم يزد على الاستغفار. فقالوا: ما رأيناك استسقيت! فقال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذى يستنزل به المطر , ثم قرأ (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ... ) الآية. و (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ... ) الآية ". رواه سعيد فى سننه (ص 159 ـ 160) .
* ضعيف.
أخرجه البيهقى (3/351 ـ 352 و352) من روايتين إحداهما من طريق سعيد بن منصور وابن أبى شيبة (2/119 ـ 120) من إحداهما ورجالهما ثقات , غير أن الشعبى عن عمر مرسل كما فى " التهذيب ".
ورواه ابن أبى شيبة من طريق أخرى مختصرا عن عطاء بن أبى مروان الأسلمى عن أبيه قال: " خرجنا مع عمر بن الخطاب يستسقى , فما زاد على الاستغفار "
ورجاله ثقات غير أبى مروان الأسلمى وثقه العجلى وابن حبان , وقال النسائى: " غير معروف " , وقد قيل إن له صحبة , ولم يثبت.
(674) - (قول أنس: " كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه فى شىء فى دعائه إلا فى الاستسقاء فإنه كان يرفع حتى يرى بياض إبطيه " متفق عليه ولمسلم: " أن النبى صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفه إلى السماء " (ص 160) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/262) ومسلم (3/24) وكذا أبو داود (1170) والنسائى (1/224) والدارمى (1/361) والبيهقى (3/357) وأحمد(3/141)
(3/181 و282) من طريق قتادة عن أنس.
ثم أخرج مسلم وكذا أبو داود (1171) والبيهقى وأحمد (3/153 و241) من طريق ثابت عن أنس بالرواية الثانية رواية مسلم , ولفظ أبى داود: " كان يستسقى هكذا , يعنى ومد يديه , وجعل بطونهما مما يلى الأرض , حتى رأيت بياض إبطيه " , وإسناده صحيح.
(675) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم حول إلى الناس ظهره , واستقبل القبلة يدعو , ثم حول رداءه " متفق عليه (ص 160) .
* صحيح.
وتقدم (664) .
(676) - (قول عبد الله بن زيد: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم حين استسقى أطال الدعاء وأكثر المسألة. قال: ثم تحول إلى القبلة , وحول رداءه , فقلبه ظهرا لبطن وتحول الناس معه " رواه أحمد.
* حسن.
رواه أحمد (4/41) من طريق ابن إسحاق قال: حدثنى عبد الله بن أبى بكر عن عباد ابن تميم عن عبد الله بن زيد الأنصارى به.
قلت: وهذا سند حسن , رجاله رجال الشيخين غير ابن إسحاق وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث وقد فعل.
ثم رواه أحمد من طريق عمارة بن غزية عن عباد بن تميم به بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى , وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها , فثقلت عليه , فقلبها عليه: الأيمن على الأيسر , والأيسر على الأيمن " وسنده صحيح.(3/142)
(677) - (حديث: " إن الله يحب المللحين فى الدعاء " (ص 161) .
* موضوع.
رواه العقيلى فى " الضعفاء " (467) وأبو عبد الله الفلاكى فى " الفوائد " (89/2) من طريق بقية حدثنا يوسف بن السفر عن الأوزاعى عن الزهرى عن عروة عن عائشة مرفوعا به.
قلت: وهذا سند واهٍجداً , بل موضوع , آفته يوسف بن السفر فإنه كذاب , بل قال البيهقى: " هو فى عداد من يضع الحديث ". وقد دلسه بقية مرة وأسقطه من الإسناد , ورواه عن الأوزاعى مباشرة بصيغة العنعنة , ولذلك اتهم بقية بأنه كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين , وهذه الرواية من الشواهد على ذلك أخرجها العقيلى أيضا وأبو عروبة الحرانى فى " جزء من حديثه " (ق 100/2) وعبد الغنى المقدسى فى " الدعاء " (ق 145/2) . ثم روى العقيلى من طريق عيسى ابن يونس عن الأوزاعى قال: " كان يقال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله تبارك وتعالى والتضرع إليه "
وقال العقيلى: " حديث عيسى بن يونس أولى , ولعل بقية أخذه عن يوسف بن السفر ".
قلت: والرواية الأولى تشهد لكون بقية إنما أخذه عن ابن السفر هذا الكذاب.
(678) - (حديث أنس: " أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه " رواه مسلم وأبو داود.
* صحيح [1] .
رواه مسلم (3/26) وأبو داود (5100) وكذا البيهقى (3/359) وأحمد (3/133 و267) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] وقع خطاٌ في المطبوع، حيث تم وضع تخريج الحديث (679) في هذا الموضع، والعكس.(3/143)
(679) - (وروى أنه عليه السلام كان يقول إذا سال الوادى: " اخرجوا بنا إلى هذا الذى جعله الله طهوراً فنتطهر به ".
* ضعيف.
أخرجه البيهقى (3/359) عن يزيد بن الهاد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سال السيل قال: فذكره , إلا أنه قال: فنتطهر منه , ونحمد الله عليه ".
وقال البيهقى: " هذا منقطع ".
(680) - (حديث الصحيحين عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم حوالينا , ولا علينا , اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر " (ص 161) .
* صحيح.
وهو فى الصحيحين كما قال , وقد سبق تخريجه رقم (416) .
(681) - (فى الصحيحين عن زيد بن خالد الجهنى: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر , فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكوكب. وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكوكب "
* صحيح.
أخرجه مالك (1/192/4) وعنه البخارى (1/217) وكذا مسلم (1/59) وأبو عوانة (1/26) وأبو داود (3906) والبيهقى (3/357) وأحمد (4/117) كلهم من طريق مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد ابن خالد الجهنى. ثم أخرجه البخارى (3/110) وأبو عوانة والنسائى (227)(3/144)
كتاب الجنائز
[الأحاديث من 682 - 724]
(682) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا من ذكر هادم اللذات " رواه البخارى (ص 163) .
* صحيح.
أخرجه النسائى (1/258) والترمذى (2/50) وابن ماجه (2/4258) وابن حبان (2559 ـ 2562) والحاكم (4/321) وابن شاذان الأزجى فى " الفوائد المنتقاة " (2/103/2) والخطيب (1/384 و9/470) وابن عساكر (9/391/1 و14/64/2) والضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 46/2) من طرق عن محمد ابن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبى!
قلت: بل هو سند حسن , قال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
قلت: بل هو حديث صحيح ; فإن له شواهد كثيرة كما يأتى , وزاد المقدسى: " قيل: وما هادم اللذات؟ قال: الموت ". وسندها ضعيف.
وزاد الأزجى: " فما ذكره أحد فى سعة إلا ضيقها عليه , ولا فى ضيق إلا وسعه عليه ". وإسنادها واهٍجدا فيه محمد بن يونس الكديمى وهو متهم بالوضع , لكن رواه ابن حبان من طريق أخرى عن محمد بن عمرو به. فإسنادها حسن أيضا.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر.(3/145)
أخرجه أبو بكر الشافعى فى " مجلسان " (2/1) والقاسم بن الحافظ ابن عساكر فى " تعزيه المسلم " (ق 215/2 ـ 2) من طريق أبى عامر القاسم بن محمد الأسدى أخبرنا عبيد عن نافع عنه مرفوعا به. وفيه الزيادة الثانية.
ورجاله موثقون غير القاسم هذا فأورده ابن أبى حاتم (3/2/119) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وله شاهد آخر من حديث أنس مرفوعا به.
أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/252) والخطيب (12/72 ـ 73) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (1/521) من طريق الطبرانى من طريقين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس دون الزيادة.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وعن عمر بن الخطاب مرفوعا به مثل رواية المقدسى عن أبى هريرة.
أخرجه أبو نعيم (6/355) من طريق عبد الملك بن يزيد حدثنا مالك بن أنس عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه.
ورجاله ثقات غير عبد الملك بن يزيد قال الذهبى: " لا يدرى من هو ".
(683) - (حديث: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه " الحديث. متفق عليه (ص 163) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/84 و196) ومسلم (8/64) وأبو داود (3108 و3109) والنسائى (1/258) والترمذى (1/182) وابن ماجه (4265) والبيهقى (3/377) وأحمد (3/101 و104 و171 و195 و208 و247 و281) من طرق عن أنس مرفوعا به , وتمامه:(3/146)
" فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحينى ما كانت الحياة خيرا لى , وتوفنى ما كانت الوفاة خيرا لى ".
وقال الترمذى: حديث حسن صحيح ".
(684) - (حديث: " وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون " (ص 163) .
* صحيح.
رواه الإمام أحمد (1/368) : حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن أبى قلابة عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أتانى ربى عز وجل الليلة فى أحسن صورة ـ أحسبه يعنى فى النوم ـ فقال: يا محمد! هل تدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا , قال النبى صلى الله عليه وسلم: فوضع يديه بين كتفى حتى وجدت بردها بين ثديى أو قال: نحرى فعلمت ما فى السموات وما فى الأرض , ثم قال: يا محمد! أتدرى فيمَ يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: نعم , يختصمون فى الكفارات والدرجات , قال: وما الكفارات والدرجات؟ قال: المكث فى المساجد , والمشى على الأقدام إلى الجمعات , وإبلاغ الوضوء فى المكاره , ومن فعل ذلك عاش بخير , ومات بخير , وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه , وقل يا محمد إذا صليت: اللهم إنى أسألك الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين , وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضنى إليك غير مفتون , قال: والدرجات بذل الطعام , وإفشاء السلام , والصلاة بالليل
والناس نيام ".
وأخرجه الترمذى (2/214 ـ 215) من هذا الوجه وقال: " قد ذكروا بين أبى قلابة وبين ابن عباس رجلا ".
ثم ساقه من طريق معاذ بن هشام: حدثنى أبى عن أبى قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس به نحوه , دون قوله: " وقل يا محمد ... "
وقال:(3/147)
" هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ".
قلت: وهو مضطرب كما بينه البيهقى فى " الأسماء والصفات " (298 ـ 301) وزاده بيانا ابن خزيمة فى " التوحيد " (140 ـ 145) وقال: إنه خبر يتوهم كثير من طلاب العلم أنه خبر صحيح , وليس كذلك عند علماء الحديث ".
وقال ابن نصر فى " قيام الليل " (ص 18) : " هذا حديث اضطراب الرواة فى إسناده , وليس يثبت عند أهل المعرفة بالحديث "
وقال البيهقى فى خاتمه الكلام عليه: " وفى ثبوت هذا الحديث نظر " والله أعلم.
لكن له شاهد من حديث معاذ بن جبل قال: " احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح , حتى كدنا نتراءى قرن الشمس , فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا , فثوب بالصلاة وصلى , وتجوز فى صلاته فلما سلم قال: كما أنتم على مصافكم , ثم أقبل علينا , فقال: إنى سأحدثكم ما حبسنى عنكم الغداة , إنى قمت من الليل , فصليت ما قدر لى , فنعست فى صلاتى حتى استيقظت , فإذا أنا بربى عز وجل فى أحسن صورة , فقال: يا محمد! أتدرى فيم يختصم الملأ الأعلى. الحديث نحوه دون قوله: "
ومن فعل ذلك ... ولدته أمه ".
أخرجه أحمد (5/243) والترمذى وقال: " حسن صحيح , سألت محمد بن إسماعيل ـ يعنى البخارى ـ عن هذا الحديث فقال: حسن
صحيح ".
(685) - (حديث البراء: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز وعيادة المرضى " متفق عليه (ص 163) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/313 و2/99 و3/438 و4/38 و42 و87 و89 ـ 90 و164و 168) ومسلم (6/135) والنسائى (1/275) والترمذى (2/132) والبيهقى (3/379) والطيالسى (746) وأحمد (4/284(3/148)
و 287 و299) عن البراء بن عازب قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع , ونهانا عن سبع , أمرنا باتباع الجنائز , وعيادة المريض , وإجابة الداعى , ونصر المظلوم , وإبرار القسم , ورد السلام (وفى رواية: وإفشاء السلام) وتشميت العاطس , ونهانا عن آنية الفضة [وعن المياثر] وخاتم الذهب , والحرير , والديباج , والقسى والاستبرق " والسياق للبخارى , والرواية الأخرى لمسلم , وهى رواية للبخارى.
(تنبيه) : استدل المصنف بالحديث على أنه يسن عيادة المريض المسلم , وهو مع كونه مطلقا غير مقيد بالمسلم فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم عاد غلاما من اليهود كان يخدمه صلى الله عليه وسلم , فدعاه إلى الإسلام , وسيأتى فى " الجهاد " رقم (1259) , فعيادتهم لهذه الغاية مشروعة , والله أعلم.
(686) - (قوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله". (ص 163) .
* صحيح.
مسلم (3 / 37) وأبو داود (3117) والنسائي (1 / 259) والترمذي (1 / 182) وابن ماجه (1445) والبيهقي (3 / 383) وأحمد (3 / 3) وابن أبى شيبة (4 / 75) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.
ومسلم وابن ماجه (1444) وابن الجارود (256) والبيهقي وابن حبان في صحيحه (719 - موارد) من حديث أبي هريرة.
والنسائي (1 / 259) وسنده صحيح.
وابن أبي الدنيا في "المحتضرين" (1 / 2) عن حذيفة بن اليمان. وابن منده في "معرفة الصحابة" (2 / 102 / 2) عنه عن عروة بن مسعود الثقفي.
(687) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " رواه أبو داود (ص 163) .
* حسن.
أبو داود (3116) والحاكم (1/351) وابن منده فى(3/149)
" التوحيد " (ق 48/2) وأحمد (5/233) من طريق صالح بن أبى عريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل مرفوعا به.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات كلهم , غير صالح بن أبى عريب قال ابن منده: " مصرى مشهور ". وقال ابن القطان: " لا يعرف حاله , ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد بن جعفر " قال الذهبى: " قلت: بلى , روى عنه حيوة بن شريح والليث وابن لهيعة , وغيرهم , له أحاديث , وثقه ابن حبان ".
قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وقد وجدت له شاهدا من حديث أبى هريرة , أخرجه ابن حبان فى صحيحه (719 ـ موارد) من طريق محمد بن إسماعيل الفارسى حدثنا الثورى عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله , من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر , وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات معروفون غير محمد بن إسماعيل هذا , وقد ذكره ابن حبان فى الثقات وقال: " يغرب " كما فى " اللسان " وقال:
" وهذه الزيادة (يعنى من كان آخر ... ) أخرجها البزار من وجه آخر وليس عنده التقييد بالآخرية ".
(688) - (عن معقل بن يسار: " اقرءوا ياسين على موتاكم " رواه أبو داود (ص 163) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (3121) وابن أبى شيبة (4/74 ـ طبع الهند) وابن ماجه (1448) والحاكم (1/565) والبيهقى (3/383) والطيالسى (931) وأحمد (5/26 و27) والضياء المقدسى فى " عواليه " (ق 13 ـ 14)(3/150)
من طريق سليمان التيمى عن أبى عثمان ـ وليس بالنهدى ـ عن أبيه عن معقل بن يسار به.
وقال الحاكم: " أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمى , والقول فيه قول ابن المبارك , إذ الزيادة من الثقة مقبولة " ووافقه الذهبى.
قلت: هو كما قالا أن القول فيه قول ابن المبارك , ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبى نفسه فى " الميزان " فقال فى ترجمة أبى عثمان هذا: " عن أبيه عن أنس , لا يعرف , قال ابن المدينى: لم يرو عنه غير سليمان التيمى. قلت: أما النهدى فثقة إمام ".
قلت: وتمام كلام ابن المدينى: " هو مجهول ". وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " (2/326) على قاعدته فى تعديل المجهولين!
ثم إن فى الحديث علة أخرى وهى الاضطراب , فبعض الرواة يقول: " عن أبى عثمان عن أبيه عن معقل " وبعضهم: " عن أبى عثمان عن معقل " لا يقول: " عن أبيه " , وأبوه غير معروف أيضا! فهذه ثلاث علل:
1 ـ جهالة أبى عثمان.
2 ـ جهالة أبيه.
3 ـ الاضطراب.
وقد أعله بذلك ابن القطان كما فى " التلخيص " (153) وقال: " ونقل أبو بكر بن العربى عن الدارقطنى أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن , ولا يصح فى الباب حديث ".
وأما ما فى " المسند " (4/105) من طريق صفوان: حدثنى المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالى حين اشتد سوقه , فقال: هل منكم من أحد يقرأ (يس) , قال: فقرأها صالح بن شريح السكونى , فلما بلغ أربعين منها قبض , قال: فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها , قال صفوان: وقرأها عيسى ابن المعتمر عند ابن معبد ".(3/151)
قلت: فهذا سند صحيح إلى غضيف بن الحارث رضى الله عنه , ورجاله ثقات غير المشيخة فإنهم لم يسموا , فهم مجهولون , لكن جهالتهم , تنجبر بكثرتهم لاسيما وهم من التابعين.
وصفوان هو ابن عمرو وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ: " إذا قرئت ... " فضعيف مقطوع. وقد وصله بعض المتروكين والمتهمين بلفظ: " ما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس) إلا هون الله عليه ".
رواه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/188) عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبى الدرداء مرفوعا به.
ومروان هذا قال أحمد والنسائى: " ليس بثقة " وقال الساجى وأبو عروبة الحرانى: " يضع الحديث ". ومن طريقه رواه الديلمى إلا أنه قال: " عن أبى الدرداء وأبى ذر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ". كما فى " التلخيص " (153) .
(689) - (قال حذيفة: " وجهوني إلى القبلة " (ص 165) .
* لم أجده عن حذيفة
وإنما روي عن البراء بن معرور , من طريق نعيم بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور , فقالوا: توفي , وأوصى بثلثه لك يا رسول الله , وأوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصاب الفطرة , وقد رددت ثلثه على ولده , ثم ذهب فصلى عليه , فقال: اللهم اغفر له , وارحمه , وأدخله جنتك , وقد فعلت".
أخرجه الحاكم (1/353 ـ 354) وعنه البيهقي (3/384) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح , فقد احتج البخاري بنعيم بن حماد , واحتج(3/152)
مسلم بالدراوردي , ولا أعلم في توجه المحتضر إلى القبلة غير هذا الحديث.
ووافقه الذهبي. وليس كذلك , فإن فيه علتين:
الأولى: نعيم بن حماد فإنه ضعيف , ولم يحتج به البخاري كما زعم الحاكم! وإنما أخرج له مقرونا بغيره كما قال الذهبي نفسه في " الميزان ".
الثانية: الإرسال , فإن عبد الله بن أبي قتادة أبو يحيى ليس صحابيا بل هو تابعي ابن صحابي , وقد وهم في هذا الإسناد جماعة توهموه متصلا , أولهم الحاكم نفسه ثم الذهبي , فإنهما لو تنبها لإرساله لما صححاه , ثم الزيلعي , فقد ساقه في " نصب الراية " (2/352) من طريق الحاكم عن نعيم بن حماد (1) به كما ذكرناه إلا أنه زاد في السند: عن أبي قتادة فصار السند بذلك متصلا! ولا أصل
لهذه الزيادة عند الحاكم أصلا , فالجواب: أن ذلك أمر محتمل , لكن يدفعه أن البيهقي قد رواه من طريق الحاكم بدونها كما تقدم.
ثم جاء الحافظ ابن حجر فتبع الزيلعي على هذا الوهم في " الدراية " (140) ! ثم زاد عليه فقال في " التلخيص " (152) : رواه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة! وتبعه على ذلك الشوكاني في " نيل الأوطار " (3/249) ثم أبو الطيب صديق حسن خان في " الروضة الندية " (1/160) , وكذا الصنعاني فيما يتعلق بالحاكم (2/126) !
وأعجب من ذلك في الوهم وغلبة المتابعة عليه أن المعلق الفاضل على " نصب الراية " في هذا الموضع أشار في تعليقه إلى مكان إخراج الحاكم والبيهقي للحديث فذكر الجزء والصفحة على ما نقلته آنفا! وليس في ذلك تلك الزيادة!
وأعجب من ذلك كله أن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله نقل الحديث في تعليقه على " الروضة " (1/161) عن المستدرك بالجزء والصفحة المتقدمين وساق
__________
(1) ووقع في " نصب الراية ": وعن نعيم بن حماد بن عبد العزيز , وهذا خطأ مطبعي فاحش.(3/153)
سنده كما سقناه تماما , ثم قال: إنه مرسل لأن يحيى رواه عن أبيه , وأبوه تابعي , فأصاب , ثم استدرك فقال: وبعد البحث تبين لي أن الخطأ إنما هو من الناسخين , فقد وجدت الحديث في " السنن الكبرى " للبيهقي رواه الحاكم بإسناده وفيه عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه , فالحديث إذن من حديث أبي قتادة وليس حديثا مرسلا , والحمد لله.
قلت: وأنا أقول الحمد لله على كل حال , غير أن ما نقله عن البيهقي هو عين ما نقله عن الحاكم وحكم بإرساله , كما يبدو بأدنى تأمل , فالحديث مرسل.
وهذا الوهم الذي نقلته عن هؤلاء العلماء وكيف أنهم تتابعوا عليه من أغرب ما وقفت عليه اليوم من الأوهام. وسبحان الله الذي لا يسهو ولا ينام! وذلك من الحوافز القوية لي ولأمثالي على نبذ التقليد , والأخذ بوسائل التحقق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا , والله تعالى هو الموفق والمعين , لا إله إلا هو ولا معبود غيره.
ثم روى البيهقي بسند صحيح عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك في قصة ذكرها قال: " وكان البراء بن معرور أول من استقبل القبلة حيا وميتا ".
وقال البيهقي: وهو مرسل جيد , ويذكر عن الحسن قال: ذكر عمر الكعبة فقال: والله ما هي إلا أحجار نصبها الله قبلة لأحيائنا , ونوجه إليها موتانا.
(690) - (قال صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام: " قبلتكم أحياء وأمواتا " رواه أبو داود (ص 165) .
* حسن.
رواه أبو داود (2875) وكذا النسائى (2/165) والطحاوى فى(3/154)
" المشكل " (1/383) والحاكم (1/59 و4/259) والبيهقى (3/408 ـ 409) من طريق عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه ـ وكانت له صحبة ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى حجة الوداع: " ألا إن أولياء الله المصلون من يقيم الصلوات الخمس التى كتبن عليه , ويصوم رمضان يحتسب صومه , يرى أنه عليه حق , ويعطى زكاة ماله يحتسبها , ويجتنب الكبائر التى نهى الله عنها. ثم إن رجلا سأله فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فقال: هن تسع: إشراك بالله , وقتل نفس مؤمن بغير حق , وفرار يوم الزحف , وأكل مال اليتيم , وأكل
الربا , وقذف المحصنة , وعقوق الوالدين المسلمين , واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء , وأمواتا " ثم قال: " لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر , ويقيم الصلاة , ويؤتى الزكاة إلا كان مع النبى صلى الله عليه وسلم فى دار أبوابها مصاريع من ذهب ".
والسياق للبيهقى وقال: " سقط من كتابى أو من كتاب شيخى (يعنى الحاكم) : السحر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
كذا قالا وعبد الحميد هذا قال الذهبى نفسه فى " الميزان ": " لا يعرف , وقد وثقه بعضهم (يعنى ابن حبان) قال البخارى: روى عن عبيد بن عمير , فى حديثه نظر. قلت: حديثه عن أبيه: الكبائر تسع ... ".
وله شاهد من حديث ابن عمر , يرويه أيوب عن طيسلة بن على قال: سألت ابن عمر ـ وهو فى أصل الأراك يوم عرفة وهو ينضح على رأسه الماء ووجهه ـ فقلت له: يرحمك الله: حدثنى عن الكبائر , فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكبائر الإشراك بالله , وقذف المحصنة , فقلت: اقتل الدم؟ قال: نعم , ورغما , وقتل النفس المؤمنة , والفرار يوم الزحف , وأكل مال اليتيم , وعقوق الوالدين المسلمين , وإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا ".(3/155)
أخرجه البيهقى. وأيوب بن عتبة قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 152) : " وهو ضعيف , وقد اختلف عليه فيه ".
قلت: وضعف عتبة من قبل حفظه , لا من أجل تهمة فى نفسه , فحديثه حسن فى الشواهد , وبقية رجاله ثقات كلهم غير طيسلة بن على وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/99) وروى عنه جماعة , فالحديث حسن إن شاء الله تعالى.
(691) - (روى البيهقى عن بكر بن عبد الله المزنى ولفظه: " وعلى ملة رسول الله " (ص 164) .
* مقطوع.
ولفظه بتمامه عن بكر بن عبد الله قال: " إذا غمضت الميت فقل: بسم الله , وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإذا حملته , فقل: بسم الله , ثم سبح ما دمت تحمله ".
رواه البيهقى (3/385) بسند صحيح عنه. وهو مقطوع لأنه موقوف على التابعى وهو بكر بن عبد الله هذا , ولا تثبت السنة بقول تابعى.
وروى ابن أبى شيبة (4/76) الشطر الأول منه.
قلت: والصحيح أن هذا الكلام يقال عند إنزال الميت فى اللحد كما رواه عبد الله ابن عمر مرفوعا , ويأتى (747) .
(692) - (حديث عائشة وابن عباس: " أن أبا بكر قبل النبى صلى الله عليه وسلم بعد موته " رواه البخارى والنسائى (ص 164) .
* صحيح.
البخارى (4/55) والنسائى (1/260) وابن ماجه (1457) وأحمد (6/55) وابن أبى شيبة (4/163) عن موسى بن أبى عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة وابن عباس: " أن أبا بكر قبل النبى صلى الله عليه وآله وسلم وهو ميت ".(3/156)
وفى رواية: " ثم أكب عليه فقبله ثم بكى ".
رواه البخارى (1/264 و3/190) والنسائى وابن ماجه (1627) والبيهقى (3/406) وأحمد (6/117) وزاد ابن ماجه " بين عينيه ". وفى رواية لأحمد (6/219 ـ 220) بلفظ: " ثم أتاه من قبل رأسه , فمد فاه وقبل جبهته , ثم قال: وانبياه , ثم رفع رأسه ثم حدر فاه , وقبل جبهته , ثم قال: واصفياه , ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته ثم قال: واخليلاه! مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " وسنده صحيح على شرط مسلم.
وفى أخرى له (6/31) : " فوضع فمه بين عينيه , ووضع يديه على صدغيه , وقال: وانبياه , واخليلاه واصفياه! " وسنده صحيح أيضا.
(693) - (قالت عائشة: " قبل النبى صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت , حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه " رواه أحمد والترمذى وصححه (ص 164) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (6/43 و55 و206) والترمذى (1/184) وكذا أبو داود (3163) والحاكم (1/361) والبيهقى (3/361) والطيالسى (1415) من طريق عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عنها. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " هذا حديث متداول بين الأئمة , إلا أن الشيخين لم يحتجا بعاصم بن عبيد الله " وكذا قال الذهبى.(3/157)
قلت: وعاصم هذا ضعيف كما فى " التقريب ".
(694) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى الذى وقصته ناقته: " اغسلوه بماء وسدر , وكفنوه فى ثوبيه " متفق عليه (ص 164) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/319 و463) ومسلم (4/23 ـ 25) وأبو داود (3238 ـ 3241) والنسائى (2/28) والترمذى (1/178) والدارمى (2/50) والبيهقى (3/390 و391) وأحمد (1/220 ـ 221 و286 و287 و328 و333 و346) عن ابن
عباس رضى الله عنهما: " أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فوقصته ناقته فمات , فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اغسلوه بماء وسدر , وكفنوه فى ثوبيه , ولا تمسوه بطيب , ولا تخروا [1] رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا " , وفى رواية " ملبيا ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(695) - (قال ابن عمر: " لا يغسل موتاكم إلا المأمونون " (ص 164) .
لم أجده [2] . اهـ.
(696) - (حديث: " أن أبا بكر الصديق أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس فقامت (1) بذلك "
* ضعيف.
أخرجه البيهقى (3/397) من طريق محمد بن عمر حدثنا محمد بن عبد الله بن أخى الزهرى , عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: " توفى أبو بكر رضى الله عنه ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة
__________
(1) الأصل "فقدمت"
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تخمروا}
[2] قال صاحب التكميل ص/31:
وجدته من حديث ابن عمر مرفوعا , رواه ابن ماجه فى " سننه ": (1461) , وابن عدى فى " الكامل ": (6/2411) , من طريق بقية عن مبشر بن عبيد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " ليغسل موتاكم المأمونون ".
ومبشر بن عبيد يضع الحديث , وبقية يدلس تدليس التسوية , وعند ابن عدى قال: حدثنا مبشر..... اهـ.(3/158)
سنة ثلاث عشرة , وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته , وأنها ضعفت فاستعانت بعبد الرحمن ".
قلت: وهذا سنده واهٍجدا , محمد بن عمر هو الواقدى وهو متروك , وقد قال البيهقى عقبه: " وهذا الحديث الموصول وإن كان راويه الواقدى فليس بالقوى , وله شواهد مراسيل عن ابن أبى مليكة , وعن عطاء بن أبى رباح عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر رضى الله عنه ".
قلت: وبعض هذه المراسيل فى ابن أبى شيبة (4/82) .
(697) - (حديث: " أن أنسا أوصى أن يغسله محمد بن سيرين , ففعل " (ص 165) .
لم أقف على إسناده [1] .
(698) - (حديث على: " لا تبرز فخذك , ولا تنظر إلى فخذ حى ولا ميت ". رواه أبو داود (ص 165) .
* ضعيف جدا.
وقد سبق تخريجه فى " شروط الصلاة " رقم (269) .
(699) - (روى حديث: " أن عليا غسل النبى صلى الله عليه وسلم , وبيده خرقة يمسح بها ما تحت القميص " ذكره المروزى عن أحمد.
* لم أقف على سنده.
وروى مالك (1/222/1) وعنه الشافعى (1/209) عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل فى قميص.
قال ابن عبد البر: " أرسله رواة الموطأ , إلا سعيد بن عفير فقال " عن عائشة ".
ثم رأيت فى " التلخيص " (154) ما نصه:
" وروى الحاكم عن عبد الله بن الحارث قال: غسل النبى صلى الله عليه وسلم على , وعلى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/33:
وقفت على إسناده فى " الطبقات " لابن سعد (7/25) , قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصارى , قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد أن أنس بن مالك توفى , ومحمد بن سيرين محبوس في دين عليه , قال: وأوصى أنس أن يغسله محمد........ فأخرج من السجن فغسله.
وهذا إسناد صحيح , رجاله معروفون بالثقة وبرواية بعضهم عن بعض.(3/159)
يد علي خرقه يغسله , فأدخل يده تحت القميص يغسله والقميص عليه ".
وقد سكت على إسناده , وما أظنه يصح , ولم يتيسر لى الوقوف عليه الآن وقد راجعته فى مظانه من " المستدرك " وقد ثبت من حديث عائشة أنهم كانوا يغسلونه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه كما يأتى بعد حديثين.
ثم وجدته فى ابن أبى شيبة (4/77) وسنن البيهقى (3/388) من طريق يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن عليا رضى الله عنه غسل النبى صلى الله عليه وسلم , وعلى النبى صلى الله عليه وسلم قميص وبيد على رضى الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص.
قلت: وعلته يزيد هذا وهو القرشى قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف كبر , فتغير صار يتلقن ".
(700) - (قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: " لو مت لغسلتك وكفنتك " رواه ابن ماجه (ص 165) .
* صحيح.
رواه ابن ماجه (1465) من طريق أحمد , وهو فى " المسند " (6/228) وعنه الدارقطنى (192) , والدارمى (1/37 ـ 38) والبيهقى (3/396) وابن هشام فى " السيرة " (4/292) عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت: " رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا فى رأسى , وأنا أقول: وا رأساه , قال: بل أنا وا رأساه , قال: ما ضرك لو مت قبلى فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك؟ قلت: لكنى , أو لكأنى بك والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتى , فأعرست فيه ببعض نسائك! قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم بدىء بوجعه الذى مات فيه ".
ورواه ابن حبان أيضا فى صحيحه كما فى " التلخيص " (154) وقال: " وأعله البيهقى بابن إسحاق ".(3/160)
قلت: قد صرح بالتحديث فى " السيرة " فأمنا بذلك تدليسه , فالحديث حسن , ثم قال الحافظ: " ولم يتفرد به , بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائى , وأما ابن الجوزى فقال: لم يقل " غسلتك " إلا ابن إسحاق. وأصله فى البخارى بلفظ: ذاك لو كان وأنا حى , فأستغفر لك وأدعو لك ".
قلت: رواية صالح فى " المسند " (6/144) عنه عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اليوم الذى بدىء فيه فقلت: وا رأساه , فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حى , فهيأتك ودفنتك , قالت: فقلت ـ غيرى ـ: كأنى بك فى ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك! قال: وأنا وا رأساه , ادعوا لى أباك وأخاك , حتى اكتب لأبى بكر كتاباً فإنى أخاف أن يقول قائل , أو يتمنى متمن: أنا أولى , ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر ".
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وهو فى البخارى (4/46) من طريق القاسم بن محمد قال: " قالت عائشة: وا رأساه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك لو كان وأنا حى , فأستغفر لك , وأدعو لك , فقالت عائشة: واثكلياه , والله إنى لأظنك تحب موتى! لو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! فقال النبى صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه! لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبى بكر وابنه وأعهد , أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون , ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون , أو يدفع الله , ويأبى المؤمنون ".
قلت: فقول صالح بن كيسان فى رواية: " فهيأتك " نص عام يشمل كل ما يلزم الميت قبل الدفن من الغسل والكفن والصلاة فهو بمعنى قول ابن إسحاق فى روايته: " فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك " , فالحديث بهذه المتابعة صحيح , والله أعلم.(3/161)
(تنبيه) : تبين من تخريج الحديث أن الغسل فيه بلفظ: " فغسلتك " والمصنف أورده تبعا للرافعى أو غيره بلفظ: " لغسلتك " باللام وهو تحريف , والصواب " فغسلتك " بالفاء , والفرق بينهما أن الأولى شرطية , الثانية للتمنى. كما فى " التلخيص ".
(701) - (حديث: " غسل على فاطمة رضى الله عنها " (ص 165) .
* حسن.
أخرجه الحاكم (3/163 ـ 164) وعنه البيهقى (3/396 ـ 397) من طريق محمد بن موسى عن عوف بن محمد بن على وعمارة بن المهاجر عن أم جعفر زوجة محمد بن على قالت: حدثتنى أسماء بنت عميس قالت: " غسلت أنا وعلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قلت: ورجاله ثقات معروفون غير أم جعفر هذه ويقال لها أم عوف لم يرو عنها غير ابنها عوف وأم عيسى الجزار ويقال لها الخزاعية , ولم يوثقها أحد , وفى " التقريب ": " مقبولة ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (170) بعدما عزاه للبيهقى: " وإسناده حسن , وقد احتج به أحمد وابن المنذر , وفى جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما ".
(702) - (حديث عائشة: " لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه " رواه أحمد وأبو داود (ص 165 ـ 166) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (3141) وكذا الحاكم (3/59) والبيهقى (3/398) وأحمد (6/267) عن محمد بن إسحاق حدثنى يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: سمعت عائشة تقول: " لما أرادوا غسل النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندرى أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا؟ أم نغسله وعليه ثيابه , فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه فى صدره , ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت , لا يدرون(3/162)
من هو: أن اغسلوا النبى صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه , فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه , يصبون الماء فوق القميص , ويدلكونه بالقميص دون أيديهم , وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه ".
قلت: وإسناده حسن , وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط مسلم " وأقره الذهبى! وابن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة.
(703) - (حديث: " لما مات إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم غسله النساء " (ص 166) .
لم أقف عليه.
(704) - (حديث: " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " رواه الجماعة.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/317 و318 و319) ومسلم (3/47 و48) وغيرهما وقد تقدم فى " الطهارة " (رقم 129) .
(705) - (حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
* صحيح.
وتقدم (314) .
(706) - (حديث: " اغلسنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر ".
* صحيح.
وهو رواية من حديث أم عطية المتقدم (129) .
(707) - (حديث: " أمر بدفن شهداء أحد فى دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم " رواه البخارى من حديث جابر (ص 167) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/337 و337 ـ 338 و338 و339) عن جابر بن عبد الله قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد فى ثوب واحد ثم يقول:(3/163)
أيهما أكثر أخذا للقرآن , فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه فى اللحد , وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة , وأمر بدفنهم فى دمائهم , ولم يغسلوا , ولم يصل عليهم ".
وأخرجه أبو داود (3138 و3139) والنسائى (1/277 ـ 278) وابن ماجه (1514) والبيهقى (4/34) وكذا ابن الجارود (270) .
ورواه أحمد (3/229) من طريق الزهرى عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى قتلى أحد: " لا تغسلوهم , فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة " ولم يصل عليهم.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وعبد ربه هو عبد ربه بن سعيد كما جاء فى الجزء الثالث من " الأمالى " للمحاملى رواية الأصبهانيين وهو ثقة مشهور كما قال فى " التعجيل ".
(708) - (حديث سعيد بن زيد مرفوعا: " من قتل دون دينه فهو شهيد , ومن قتل دون دمه فهو شهيد , ومن قتل دون ماله فهو شهيد , ومن قتل دون أهله فهو شهيد " رواه أبو داود والترمذى وصححه (ص 167) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (4772) والترمذى (1/266) وكذا النسائى (2/173) والبيهقى (8/187) وأحمد (1/190) من طريق أبى عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد به.
وأخرج الطيالسى (234) الجملة الثانية والثالثة منه , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وسنده صحيح , ثم أخرج هو والنسائى وابن ماجه (2580) والطيالسى (240) وأحمد (1/187 و188 و189) من طريق أخرى عن زيد مرفوعا , الجملة الثانية فقط.(3/164)
وإسنادها صحيح أيضا , وقد جاء الحديث مفرقا من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة وقد سقت أحاديثهم وخرجتها فى كتابى " أحكام الجنائز ".
(709) - (حديث: " أمره صلى الله عليه وسلم بدفن شهداء أحد بدمائهم " (ص 167)
* صحيح.
وتقدم قبل حديث (707) .
(710) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفعوا [فى] (1) ثيابهم بدمائهم " رواه أبو داود وابن ماجه (ص 167) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (3134) وابن ماجه (1515) وكذا البيهقى (4/14) وأحمد (1/247) كلهم من طريق على بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سند ضعيف , عطاء بن السائب كان اختلط , وعلى بن عاصم صدوق , لكنه كان يخطىء ويصر كما قال الحافظ.
(711) - (حديث أن صفية: " أرسلت إلى النبى صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن حمزة فيهما فكفنه بأحدهما وكفن فى الآخر رجلا آخر ". قال يعقوب بن شيبة: هو صالح الإسناد (ص 167) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (1/165) عن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن هشام عن عروة قال: أخبرنى أبى الزبير رضى الله عنه: " أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى , قال: فكره النبى صلى الله عليه وسلم أن تراهم , فقال: المرأة المرأة , قال الزبير رضى الله عنه: فتوسمت أنها أمى صفية , قال: فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهى إلى القتلى , قال: فلومت فى صدرى , وكانت امرأة جلدة , قالت:
__________
(1) سقطت من الأصل، واستدركتها من ابن ماجه.(3/165)
إليك لا أرض لك , قال: فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك , قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها , فقال: هذان ثوبان جئت بهما لأخى حمزة , فقد بلغنى مقتله , فكفنوه فيهما , قال: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة , فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل , قد فعل به كما فعل بحمزة , قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة فى ثوبين , والأنصارى لا كفن له , فقلنا لحمزة ثوب , وللأنصارى ثوب , فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر , فأقرعنا بينهما , فكفنا كل واحد منهما فى الثوب الذى صار له.
قلت: وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات غير أن ابن أبى الزناد تغير حفظه , لكن تابعه يحيى بن زكريا بن أبى زائدة قال: أنبأنا هشام بن عروة به نحوه.
أخرجه البيهقى (3/401) وسنده صحيح.
(712) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ وصلى عليه وكان شهيدا " (ص 167) .
* لم أجده بهذا السياق
وروى أحمد (3/360) من طريق محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى سعد بن معاذ حين توفى , قال: فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع فى قبره , وسوى عليه , سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسبحنا طويلا , ثم كبر فكبرنا , فقيل: يا رسول الله لم سبحت ثم كبرت؟ قال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عز وجل عنه ".
ورجاله ثقات غير محمود هذا , فقال الحسينى: " فيه نظر ". وقال الحافظ فى " التعجيل ": " لم يذكره البخارى ولا من تبعه ".
وأخرج مسلم (7/150) والترمذى (2/317) وأحمد (3/296 و349) من طريق أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم:" اهتز لها عرش الرحمن ".
وقال الترمذى:(3/166)
" حديث حسن صحيح ".
وقد أخرجه البخارى (3/10) وابن ماجه (158) من طريق أبى سفيان عن جابر نحوه , دون موضع الشاهد منه " وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم ".
وهو وإن لم يكن صريحا فى الصلاة عليه , فهو قريب من ذلك لأن وضعها بين أيديهم إنما هو للصلاة عليها كما هو ظاهر بداهة.
(713) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: ما بال حنظلة بن الراهب! ؟ إنى رأيت الملائكة تغسله. قالوا: إنه سمع الهائعة فخرج وهو جنب ولم يغتسل " رواه الطيالسى (ص 167 ـ 168) .
* صحيح.
أخرجه الحاكم (3/204) وعنه البيهقى (4/15) وابن حبان فى صحيحه كما فى " التلخيص " (159) من طريق ابن إسحاق حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن قتل حنظلة بن أبى عامر بعد أن التقى هو وأبو سفيان بن الحارث حين علاه شداد بن الأسود بالسيف فقتله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن صاحبكم تغسله الملائكة ". فسألوا صاحبته فقالت: إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لذلك غسلته الملائكة ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". وسكت عنه الذهبى , وإنما هو حسن فقط , للخلاف المعروف فى ابن إسحاق , ومسلم إنما أخرج له فى المتابعات , لكن قال الحافظ: " وظاهره أن الضمير فى قوله: " عن جده " يعنى جد عباد , فيكون الحديث من مسند الزبير , لأنه هو الذى يمكنه أن يسمع النبى صلى الله عليه وسلم فى تلك الحال ".
قلت: وحينئذ ففى السند انقطاع , لأن عبادا لم يسمع من جده الزبير. والله أعلم. إلا أن للحديث شواهد يقوى بها , فقال الحافظ عقب كلامه السابق:(3/167)
" ورواه الحاكم فى " الأكليل " من حديث أبى أسيد , وفى إسناده ضعف , ورواه ثابت السرقسطى فى غريبه من طريق الزهرى عن عروة مرسلا , ورواه الحاكم فى " المستدرك " والطبرانى والبيهقى من حديث ابن عباس , وفى إسناد البيهقى أبو شيبة الواسطى وهو ضعيف جدا. وفى إسناد الحاكم معلى بن عبد الرحمن وهو متروك , وفى إسناد الطبرانى حجاج وهو مدلس , رواه الثلاثة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ".
قلت: وله شاهد آخر من حديث أنس قال: " افتخر الحيان من الأوس والخزرج , فقال الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب , ومنا من اهتز له عرش الرحمن , ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت , قال: فقال الخزرجيون: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه أحد غيرهم: زيد بن ثابت , وأبو زيد , وأبى بن كعب , ومعاذ بن جبل ".
أخرجه ابن عساكر (2/296/1) وقال: " هذا حديث حسن صحيح " , وهو كما قال.
(تنبيه) : عزا المصنف الحديث للطيالسى , وقد راجعت فيه مسند الزبير وابنه عبد الله ومسند عبد الله بن عباس وأبى أسيد وغيرهم فلم أجده , ولم يورده مرتبه الشيخ البنا فى كتاب الجنائز ولا فى ترجمة حنظلة من " الفضائل " , فالله أعلم.
(714) - (حديث: " ادفنوهم بكلومهم " (ص 168) .
* صحيح.
وفيه حديثان من رواية جابر وابن عباس , وقد مضيا (707) و (710) , وفى رواية من طريق معمر عن الزهرى عن ابن أبى صغير , عن جابر قال: " لما كان يوم أحد أشرف النبى صلى الله عليه وسلم على الشهداء الذين قتلوا يومئذ فقال: زملوهم بدمائهم , فإنى قد شهدت عليهم ".
أخرجه أحمد (5/431) بإسناد صحيح , وأخرجه النسائى (1/282) من(3/168)
ذا الوجه , لكن لم يذكر جابرا فى سنده , ولا قوله: " فإنى ... " وكذلك رواه الشافعى (1/210) من طريق سفيان عن الزهرى ولفظه: " شهدت على هؤلاء , فزملوهم , بدمائهم وكلومهم ". وهو رواية لأحمد.
(715) - (خبر أنه: " صلى أبو أيوب على رجل , وصلى عمر على عظام بالشام , وصلى أبو عبيدة على رؤوس بالشام " روى ذلك عبد الله بن أحمد (ص 168)
* موقوفات ضعيفة.
أما عن أبى عبيدة فقال الشافعى فى " الأم " (1/338) " قال بعض أصحابنا عن ثور ابن يزيد (الأصل زيد) عن خالد بن معدان أن أبا عبيدة صلى على رءوس.
وهذا منقطع لأن خالدا ليس له سماع من أبى عبيدة , على أنه معلق , وقد وصله ابن أبى شيبة (4/147) : حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عمن حدثه أن أبا عبيدة ... ثم قال: حدثنا وكيع عن عمر عن ثور بن خالد بن معدان عن أبى عبيدة مثله.
وعمر هذا هو ابن هارون كما فى " التلخيص " (170) وهو متروك كما فى " التقريب ".
وأما عن عمر , فأخرجه ابن أبى شيبة أيضا من طريق جابر عن عامر أن عمر فذكره.
وهذا واهٍ أيضا فإنه مع انقطاعه فيه جابر وهو ابن زيد الجعفى وهو متهم.
وأما عن أبى أيوب , فأخرجه ابن أبى شيبة أيضا , وفيه رجل لم يسم.
(716) - (حديث المغيرة: " السقط يصلى عليه " رواه أبو داود والترمذى وصححه (ص 168) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3180) والترمذى (1/192) والحاكم (1/363) والبيهقى (4/8) والطيالسى (701 و702) وأحمد (5/247(3/169)
و 248 ـ 249 و249 و252) وابن أبى شيبة (4/124 و101) من طرق عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن
شعبة مرفوعا به. ولفظ أبى داود وغيره: " الراكب يسير خلف الجنازة , والماشى يمشى خلفها وأمامها , وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها , والسقط يصلى عليه , ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
قال الحافظ فى " التلخيص " (157) : " وصححه ابن حبان أيضا , لكن رواه الطبرانى موقوفا على المغيرة وقال لم يرفعه سفيان , ورجح الدارقطنى فى العلل الموقوف ".
قلت: قد رفعه جماعة من الثقات عن زياد بن جبير كما تقدم , والرفع زيادة من ثقة فيجب قبولها , ولا مبرر لردها.
(717) - (حديث على أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم: " إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: اذهب فواره " رواه أبو داود والنسائى.
* صحيح.
رواه أبو داود (3214) والنسائى (1/282 ـ 283) وابن أبى شيبة (4/95 و142) والبيهقى (3/398) وأحمد (1/97 و131) من طرق عن أبى إسحاق عن ناجية بن كعب عنه به , وتمامه: " ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتينى , فذهبت فواريته , وجئته فأمرنى فاغتسلت ودعا لى " وزاد ابن أبى شيبة ومن بعده: " بدعوات ما يسرنى أن لى بهن ما على الأرض من شىء ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ناجية بن كعب وهو ثقة كما فى " التقريب " , وقال فى " التلخيص " (157) : " ومدار كلام البيهقى على أنه ضعيف , ولا يتبين وجه ضعفه وقد قال(3/170)
الرافعى إنه حديث ثابت مشهور. قال ذلك فى أماليه ".
قلت: ولعل وجه ضعفه عند البيهقى أنه من رواية أبى إسحاق وهو السبيعى وكان اختلط , والجواب أنه قد رواه عنه جماعة كما أشرنا إليه وفيهم سفيان الثورى وهو من أثبت الناس فيه , لأنه روى عنه قديماً قبل الاختلاط , فزال الإشكال.
على أن للحديث طريقا آخر أخرجه أحمد (1/103) . وابنه فى زوائده عليه (1/129 ـ 130) من طريق الحسن بن يزيد الأصم قال: سمعت السدى إسماعيل يذكره عن أبى عبد الرحمن السلمى عن على به. وزاد فى آخره: " وكان على رضى الله عنه إذا غسل الميت اغتسل ".
قلت: وهذا سند حسن رجاله رجال مسلم غير الحسن هذا فإنه صدوق يهم كما فى " التقريب " , وعزاه فى " التلخيص " لأبى يعلى فقط!
وله طريق من مرسل الشعبى قال: " لما مات أبو طالب جاء على إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه؟ قال: أرى أن تغسله وتحنطه , وأمره بالغسل ".
أخرجه ابن أبى شيبة عن الأجلح عنه.
وهذا مع إرساله , فيه ضعف من قبل الأجلح ففيه كلام. وقوله: " أرى أن تغسله " منكر مخالف للطريقين السابقين. والله أعلم.
(718) - (حديث: " كفنوه فى ثوبيه " متفق عليه.
* صحيح.
وتقدم بتمامه رقم (694) .
(719) - (حديث أم عطية: فلما فرغنا ألقى إلينا حقوة [1] فقال: " أشعرنها إياه - لم يزد على ذلك - " رواه البخارى.
* صحيح.
وتقدم فى " الطهارة " (129) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: حقوه}(3/171)
(720) - (حديث: " ولا تخمروا رأسه ".
* صحيح.
وهو قطعة من الحديث المشار إليه آنفا (694) .
(721) - (حديث: " أوصى أبو بكر الصديق أن يكفن فى ثوبين كان يمرض فيهما " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/394) من طريق عائشة قالت: " دخلت على أبى بكر , فقال: فى كم كفنتم النبى صلى الله عليه وسلم؟ قالت:
قلت: فى ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة , وقال لها: فى أى يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين , قال: وأى يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين , قال: أرجو فيما بينى وبين الليلة , فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه , به ردع من زعفران , فقال: اغسلوا ثوبى هذا , وزيدوا عليه ثوبين , فكفنونى فيهما. قلت: إن هذا خلق , قال: إن الحى أحق بالتجديد [1] من الميت , إنما هو للمهملة [2] , فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء , ودفن قبل أن يصبح ".
وأخرجه البيهقى (3/399) وأحمد (6/45 و132) وأخرج بعضه مسلم وغيره وهو الآتى بعده.
(722) - (حديث عائشة: " كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية , ليس فيها قميص ولا عمامة , أدرج فيها إدراجا " متفق عليه (ص 169) .
* صحيح.
ولم يخرجاه بهذا التمام , وإنما أخرجه أحمد (6/118) فقط بسند حسن. وأخرجه البخارى فى الحديث الذى قبله دون قوله: " أدرج ... " وقوله " جدد يمانية "
وكذا أخرجه مسلم (3/49) وأبو داود (3151 و3152) والنسائى (1/268) والترمذى (1/186) وابن ماجه (1469) والبيهقى (3/399) والطيالسى (1453) وأحمد أيضا (6/214) وعند مسلم والترمذى وابن ماجه " يمانية "
وزاد مسلم وأبو داود والنسائى وأحمد " من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بالجديد}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: للمهلة}(3/172)
كرسف ".
وزاد مسلم وأبو داود وغيرهما: " قال: فذكر لعائشة قوله: " فى ثوبين وبرد حبرة " , فقالت: " قد أتى بالبرد , ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه ".
زاد مسلم: " فأخذها عبد الله بن أبى بكر فقال: لأحبسنها حتى أكفن فيها نفسى , ثم قال: " لو رضيها الله عز وجل لنبيه لكفنه فيها! فباعها وتصدق بثمنها ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(723) - (حديث ليلى بنت قائف الثقفية قالت: " كنت فيمن غسل أم كلثوم ابنة النبى صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقا ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك فى الثوب الآخر " رواه أبو داود (ص 170) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (3157) وأحمد (6/380) من طريق نوح بن حكيم الثقفى ـ وكان قارئا للقرآن ـ عن رجل من بنى عروة بن مسعود يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبى سفيان زوج النبى صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية به.
قلت: وهذا سند ضعيف , نوح هذا مجهول كما فى " التقريب ".
(724) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم أمر بنزع الجلود عن الشهداء " (ص 170) .
* ضعيف.
وقد مضى قريبا (710) .
فصل
(725) - (حديث: " صلوا على أطفالكم فإنهم [من] (1) أفراطكم (ص 171) .
__________
(1) سقطت من الأصل واستدركتها من ابن ماجه(3/173)
* ضعيف جدا.
رواه ابن ماجه (1509) من طريق البخترى بن عبيد عن أبيه عن أبى هريرة قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 94/1) : " هذا إسناد ضعيف , البخترى بن عبيد ضعفه أبو حاتم وابن عدى وابن حبان والدارقطنى , وكذبه الأزدى , وقال فيه أبو نعيم الأصبهانى والحاكم {و} النقاش: روى عن أبيه موضوعات ".
قلت: وقال فى " التقريب ": " ضعيف متروك , وأبوه مجهول ". وقال فى " التلخيص " (157) : " إسناده ضعيف ".
(726) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى الغال: " صلوا على صاحبكم " (ص 171) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (2710) والنسائى (1/278) وابن ماجه (2848) والحاكم (2/127) والبيهقى (9/101) وأحمد (5/192) من طرق عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبى عمرة عن زيد بن خالد الجهنى: " أن رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم توفى يوم خيبر , فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم , فتغيرت وجوه الناس لذلك , فقال: إن صاحبكم غلّ فى سبيل الله , ففتشنا متاعه , فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوى درهمين ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , , وأظنهما لم يخرجاه ". ووافقه الذهبى.
قلت: أما أنهما لم يخرجاه , فهو كذلك يقينا , وأما أنه على شرطهما(3/174)
فليس كذلك لأن أبا عمرة هذا هو مولى زيد بن خالد الجهنى , قال الذهبى: " ما روى عنه سوى محمد بن يحيى بن حبان ". قلت: فهو مجهول العين. وهناك أبو عمرة آخر يروى عن زيد بن خالد أيضا والصواب فيه ابن أبى عمرة واسمه عبد الرحمن , فهذا قد أخرج له مسلم , فلعل الحاكم ظن أنه هذا , أو ظن أنهما واحد , وقد فرقوا بينهما , والله أعلم.
(تنبيه) : وأما قوله صلى الله عليه وسلم فى الغلام اليهودى حين مات مسلما: " صلوا على صاحبكم " فصحيح , وسيأتى قبيل " كتاب الأطعمة ".
(727) - (حديث: " إن صاحبكم النجاشى قد مات فقوموا فصلوا عليه " (ص 171) .
* صحيح. .
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وعمران بن حصين , ومجمع بن جارية , وحذيفة بن أسيد , وأبى هريرة.
أما حديث جابر , فله عنه ثلاث طرق:
الأول: عن أبى الزبير عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه " قال: فقمنا فصففنا صفين.
أخرجه مسلم (3/55) والنسائى (1/280) , ولأحمد (3/355) الفعل منه.
الثانى: عن عطاء بن أبى رباح أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " قد توفى اليوم رجل صالح من الحبش , فهلموا فصل وا عليه , فصففنا , صلى النبى صلى الله عليه وسلم عليه , ونحن صفوف ".
أخرجه البخارى (1/332) ومسلم والنسائى (1/280) والبيهقى (4/50) وأحمد (3/295 ـ 319 و369 و400) واللفظ له. وسنده صحيح(3/175)
على شرط الشيخين. ولفظ النسائى قبل رواية أبى الزبير إلا أنه قال: " فصف بنا كما يصف على الجنازة , وصلى عليه ".
وفى رواية لأحمد: " صلوا على أخ لكم مات بغير بلادكم ". قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال جابر: فكنت فى الصف الثانى أو الثالث , قال: وكان اسمه أصحمة.
وسنده صحيح أيضا , وهو عند البخارى (1/331) دون طرفه الأول.
وروى الطيالسى (1681) صلاته صلى الله عليه وسلم وقول جابر: كنت فى الصف الثانى.
الثالث: عن سعيد بن ميناء عن جابر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشى , فكبر عليه أربعا ".
أخرجه البخارى (1/335) ومسلم وابن أبى شيبة (4/151) وأحمد (3/361و 363) .
وأما حديث عمران بن حصين , فيرويه أبو المهلب عنه مثل حديث أبى الزبير عن جابر أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه (1535) والبيهقى والطيالسى (749) وأحمد (4/431 و433 و439 و441 و446) وزاد فى رواية: " وما نحسب الجنازة إلا موضوعة بين يديه " , وإسناده صحيح متصل.
وأما حديث مجمع بن جارية , فيرويه حمران بن أعين عن أبى الطفيل عنه مثل حديث أبى الزبير.
أخرجه ابن ماجه (1536) وابن أبى شيبة وأحمد (5/376) بسند صحيح.
وأما حديث حذيفة بن أسيد , فيرويه قتادة عن أبى الطفيل عنه مرفوعا بلفظ:(3/176)
" صلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم , قالوا من هو؟ قال: النجاشى , فكبر أربعا ".
أخرجه ابن ماجه (1537) والطيالسى (1068) وأحمد (4/7 و64) بسند صحيح.
وأما حديث أبى هريرة , فيرويه زمعة عن الزهرى عن سعيد عنه قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخاكم النجاشى قد مات فقوموا فصلوا عليه , قال: فنهض ونهضنا حتى انتهى إلى البقيع , فتقدم وصففنا خلفه , فكبر عليه أربعا " أخرجه الطيالسى (2300) : حدثنا زمعة به.
وأخرجه أحمد (2/279) من طريق وكيع عن زمعة به مختصرا " صلى بأصحابه على النجاشى فكبر أربعا ".
وهو فى الصحيحين وغيرهما من طرق أخرى عن الزهرى به مختصرا وسيأتى بعد حديث، وزمعة سىء الحفظ.
(728) - (حديث: " صلوا على من قال لا إله إلا الله (ص 171) .
* ضعيف.
وروى من حديث عبد الله بن عمر , وعبد الله بن مسعود , وأبى الدرداء وأبى أمامة وواثلة بن الأسقع , وتقدم تخريجها برقم (527) .
(729) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشى أربعا " متفق عليه (ص 171) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشى للناس فى اليوم الذى مات فيه , وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم , وكبر أربع تكبيرات "
أخرجه البخارى (1/331 و333 ـ 334 و334 ـ 335) ومسلم(3/177)
(3/54) ومالك (1/226/14) والسياق له وعنه أبو داود (3204) وكذا النسائى (1/280) والترمذى (1/190) مختصرا وابن ماجه (1534) وابن أبى شيبة (4/114 و151) والبيهقى (4/35 و49) وأحمد (2/281 و289 و348 و438 و439 و529) من طرق عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة. وقرن أحمد مع سعيد أبا سلمة بن عبد الرحمن وزاد: " فقام فصلى بهم كما يصلى على الجنائز ".
وفى الباب عن جابر بن عبد الله , وحذيفة بن أسيد وتقدما قبل حديث (727) .
(730) - (حديث: " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " (ص 172) .
* صحيح.
وتقدم (332) .
(731) - (حديث: " أن ابن عباس صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن وقال: لأنه من السنة أو من تمام السنة " رواه البخارى (ص 172) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/335) وأبو داود (3198) والنسائى (1/281) والترمذى (1/191) وابن الجارود (263) والحاكم (1/358) والشافعى (1/215) والبيهقى (4/38) من طرق عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن ابن عباس صلى على جنازة , فقرأ بفاتحة الكتاب , فقلت له؟ فقال: إنه من السنة أو من تمام السنة.
هذا لفظ الترمذى وهو الموافق للفظ الكتاب , ولفظ البخارى: " فقرأ بفاتحة الكتاب , فقال: لتعلموا أنها سنة ". فكان الأولى على المصنف أن يعزوه إلى الترمذى أيضا وينص أن اللفظ له.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال البيهقى: [1] قلت [2] , وهذا سند صحيح , فإن الهيثم هذا ثقة كما قال النسائى وغيره , وبقية رجاله رجال البخارى , وتابعه على ذكر السورة جماعة عند ابن الجارود (264) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] يوجد سقط في هذا الموضع من الكتاب، ولعل الشيخ رحمه الله أورد في هذا الموضع كلام البيهقي الذي في السنن الكبرى [4/38] فإنه روى أثر ابن عباس ثم قال: (ورواه إبراهيم بن حمزة عن إبراهيم بن سعد وقال فى الحديث فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة. وذكر السورة فيه غير محفوظ) .
[2] يوجد سقط قبل هذه الكلمة، ولعل الشيخ تعقب عبارة البيهقي المتقدمة، واحتج برواية النسائي في السنن الصغرى [4/377 (1986) ط. المعرفة] : حيث قال:
أخبرنا الهيثم بن أيوب قال حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد قال حدثنا أبي عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال سنة وحق.(3/178)
وللحديث طريق أخرى: عن سعيد بن أبى سعيد قال: " سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول: إنما فعلت لتعلموا
أنها سنة ".
أخرجه الشافعى وابن أبى شيبة (4/113) والحاكم والبيهقى وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى! وفيه نظر لأن محمد بن إسحاق راويه عن سعيد إنما أخرج له مسلم متابعة.
وله شاهد من حديث رجل من الصحابة يأتى فى الكتاب بعد حديثين.
وقال البيهقى:" ورواه إبراهيم بن حمزة عن إبراهيم بن سعد وقال فى الحديث: فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة. وذكر السورة فيه غير محفوظ ".
وتعقبه ابن التركمانى بقوله: " بل هو محفوظ , رواه النسائى عن الهيثم بن أيوب عن إبراهيم بن سعد بسنده ".
قلت: قال النسائى: أخبرنا الهيثم بن أيوب قال: حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد قال: حدثنا أبى عن طلحة بن عبد الله قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة , فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة , وجهر حتى أسمعنا , فلما فرغ أخذت بيده , فسألته؟ فقال: سنة وحق.
(732) - (حديث: " إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " رواه أبو داود (ص 172) .
* حسن.
رواه أبو داود (3199) وابن ماجه (1497) والبيهقى (4/40) من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.(3/179)
قلت: وهذا سند حسن , رجاله كلهم ثقات , لولا أن ابن إسحاق مدلس , وقد عنعنه. لكن قال الحافظ فى " التلخيص " (161) : " أخرجه ابن حبان من طريق أخرى عنه مصرحا بالسماع ". فاتصل الإسناد وصح الحديث والحمد لله.
(733) - (حديث: " تحليلها التسليم " (ص 172) .
* صحيح.
وتقدم (301) .
(734) - (حديث: " إن السنة فى الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام , ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ويقرأ فى نفسه , ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة فى التكبيرتين ولا يقرأ فى شىء منهن ثم يسلم سرا فى نفسه رواه الشافعى فى مسنده , والأثرم وزاد: " السنة أن يفعل من وراء الإمام مثل ما يفعل إمامهم " (ص 172) .
* صحيح.
قال الشافعى (1/214 ـ 215) : أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهرى: أخبرنا أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: " أن السنة فى الصلاة على الجنازة ... ".
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير مطرف هذا فقد كذبه ابن معين , وقال النسائى: ليس بثقة.
وقال الحافظ فى " التلخيص " (161) : " وضعفت رواية الشافعى بمطرف , لكن قواها البيهقى بما رواه فى المعرفة من طريق عبيد الله بن أبى زياد الرصافى عن الزهرى بمعنى رواية مطرف ".
قلت: وعبيد الله هذا صدوق كما فى " التقريب ".
ومما يقويه أيضا أن معمرا رواه عن الزهرى قال: سمعت أبا أمامة ابن سهل بن حنيف يحدث ابن المسيب قال:(3/180)
" السنة فى الصلاة على الجنازة أن تكبر , ثم تقرأ بأم القرآن , ثم تصلى على النبى صلى الله عليه وسلم , ثم تخلص الدعاء للميت , ولا تقرأ إلا فى التكبيرة الأولى , ثم تسلم فى نفسك عن يمينك ".
أخرجه ابن أبى شيبة (4/111) وابن الجارود (265) وإسماعيل القاضى فى " فصل الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم " (ق 96 ـ 97) .
قلت: وهذا سند صحيح رجاله رجال الشيخين , وإن كان صورته صورة المرسل , فقد بينت الرواية الأولى أن أبا أمامة تلقاه عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , وكذلك رواه الحاكم (1/360) وعنه البيهقى (4/40) من طريق يونس عن ابن شهاب قال أخبرنى أبو أمامة بن سهل بن حنيف ـ وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم , وأبناء الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ـ أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى الصلاة على الجنازة ... فذكره غير أنه لم يذكر القراءة بأم القرآن وزاد فى آخره الزيادة التى عند الأثرم ثم قال: قال الزهرى: حدثنى بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع , فلم ينكر ذلك عليه , قال ابن شهاب فذكرت الذى أخبرنى أبو أمامة من السنة فى الصلاة على الميت لمحمد ابن سويد , فقال: وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن سلمة فى صلاة صلاها على الميت مثل الذى حدثنا أبو أمامة ".
وقال الحاكم: " هذا صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه " ووافقه الذهبى.
ثم رأيت الحديث فى " شرح المعانى " للطحاوى (1/288) من طريق شعيب عن الزهرى به مثل رواية الحاكم دون الزيادة , لكنه ذكر القراءة بأم القرآن , فتيقنا ثبوتها فى الحديث والحمد لله.
(735) - (حديث زيد بن أرقم: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكبر على الجنازة أربعا ثم يقول ما شاء الله ثم ينصرف " رواه الجوزجانى (ص 172) .(3/181)
* ضعيف.
ولم أقف عليه من حديث زيد , والمعروف حديث عبد الله بن أبى أوفى , يرويه عنه إبراهيم الهجرى قال:
" ماتت ابنة له , فخرج فى جنازتها على بغلة خلف الجنازة , فجعل النساء يرثين , فقال عبد الله بن أبى أوفى , لا ترثين , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المراثى , ولكن لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت , قال: ثم صلى عليها فكبر أربعاً , فقام بعد التكبيرة الرابعة بقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو , ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا ".
أخرجه ابن أبى شيبة (115) وأحمد (4/356 و383) والبيهقى (4/42 ـ 43) .
قلت: وإبراهيم هذا لين الحديث , كما فى " التقريب ".
والحديث سكت عليه الحافظ فى " التلخيص " (162) بعد أن ذكره من رواية أحمد فقط مختصرا ثم قال: " ورواه أبو بكر الشافعى فى " القبلانيات " [1] من هذا الوجه , وزاد: ثم سلم عن يمينه وشماله , ثم قال: لا أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ".
(736) - (روى الخلال , وحرب عن على: " أنه صلى على زيد بن المكفف (1) فسلم واحدة عن يمينه: السلام عليكم " (ص 173) .
* ضعيف.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/118) والبيهقى (4/43) عن الحجاج بن أرطاة عن عمير ابن سعيد قال: فذكره.
وعمير هذا ثقة حجة لكن الحجاج مدلس وقد عنعنه.
ثم روى ابن أبى شيبة عن الحارث قال: " صليت خلف على على جنازة , فسلم عن يمينه حين فرغ: السلام عليكم ".
والحارث هو الأعور وهو ضعيف , بل متهم.
__________
(1) الأصل (الملفق) والتصويب من مخرج الحديث.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: " الغيلانيات "}(3/182)
(736/1) - (قال أحمد: ومن يشك في الصلاة على القبر؟ "يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه. كلها حسان". (ص 173)
* صحيح متواتر. ورد من حديث ابن عباس، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، ويزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت، وعامر بن ربيعة، وجابر بن عبد الله، وبريدة بن الحصيب، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة بن سهل.
1 - أما حديث ابن عباس فيرويه الشعبي عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبره بعدما دفن، فكبر عليه أربعا".
أخرجه البخاري (1 / 333، 335) ومسلم (3 / 55) والترمذي (1 / 193) والنسائي (1 / 284) وابن ماجه (1530) وابن أبي شيبة (4 / 149) وابن الجارود (266) والدارقطني (193) والبيهقي (4 / 45) وأحمد (1 / 224، 283) ، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري: "مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ، فأمهم وصلوا خلفه".
وفي رواية له: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرا، فقالوا: هذا دفن، أو دفنت البارحة، قال ابن عباس: فصففنا خلفه ثم صلى عليها".
ولفظ ابن ماجه وابن الجارود: "مات رجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فدفنوه بالليل، فلما أصبح أعلموه، فقال: "ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل، وكانت الظلمة، فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره، فصلى عليه".
وفي رواية للدارقطني أن الصلاة كانت بعد ثلاث، وفي أخرى بعد شهر.
قال الحافظ في "الفتح": "وهذه روايات شاذة، وسياق الطرق الصحيحة يدل على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه في صبيحة دفنه".
وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس مختصراً.(3/183)
أخرجه ابن أبي شيبة وفيه سهل بن أبي سنان ولم أعرفه.
2 - وأما حديث أبي هريرة، فيرويه أبو رافع عنه: "أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، أو شابا، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها، أو عنه، فقالوا: مات، قال: "أفلا آذنتموني؟ " قال: فكأنهم صغروا أمرها، أو أمره، فقال: "دلوني على قبره"، فدلوه، فصلى عليها ثم قال: "إن هذه القبور مملؤة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم".
أخرجه البخاري (1 / 335 (ومسلم (3 / 56) وأبو داود (3203) وابن ماجه (1527) والبيهقي (4 / 47) وأحمد (2 / 388) ، وليس عند البخاري وأبي داود وابن ماجه قوله: "إن هذه القبور...."
3 - وأما حديث أنس فيرويه عنه ثابت وعنه حبيب بن الشهيد بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعدما دفن".
رواه مسلم وابن ماجه (1531) والدارقطني والبيهقي وأحمد (3 / 130) وفي روايته أن الميت امرأة. وتابعه حماد بن زيد عن ثابت به، أتم منه نحو حديث أبي هريرة قبله، وفيه الزيادة.
أخرجه البيهقي من طريق خالد بن خداش عن حماد به.
وهذا سند جيد، وهو على شرط مسلم، وفي خالد كلام يسير.
وتابعه صالح بن رستم أبو عامر الخراز عن ثابت به. مثل رواية حماد.
أخرجه الدارقطني وأحمد (3 / 150) وهو على شرط مسلم أيضا إلا أن صالحا هذا كثير الخطأ كما في "التقريب".
4 - وأما حديث يزيد بن ثابت فيرويه خارجة بن زيد بن ثابت عن يزيد بن ثابت - وكان أكبر من زيد - قال:(3/184)
"خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ورد البقيع، فإذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقالوا: فلانة، قال: فعرفها، وقال: ألا آذنتموني بها؟ قالوا: كنت قائلا صائما، فكرهنا أن نؤذيك، قال: فلا تفعلوا، لا أعرفن ما مات منكم ميت، ما كنت بين أظهركم، إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة، ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، فكبر عليه أربعا".
أخرجه النسائي (1 / 284) وابن ماجه (1528) وابن أبي شيبة (4 / 149) والبيهقي (4 / 48) وأحمد (4 / 388) بسند صحيح.
5 - وأما حديث عامر بن ربيعة فيرويه ابنه عبد الله عنه قال:
" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر، فقال: ما هذا القبر؟، قالوا: قبر فلانة، قال: أفلا آذنتموني؟، قالوا: كنت نائما، فكرهنا أن نوقظك، قال: فلا تفعلوا، فادعوني لجنائزكم، فصف عليها فصلى".
أخرجه ابن ماجه (1529) وأحمد (3 / 444 - 445) وابن أبي شيبة (4 / 150) بسند صحيح على شرط مسلم.
6 - وأما حديث جابر، فيرويه حبيب بن أبي مرزوق عنه.
"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة بعدما دفنت".
أخرجه النسائي (1 / 284) بسند صحيح.
ولعل الأمام أحمد يعني بالوجوه الستة، هذه الطرق الست، فإنها أصح الطرق، وثمة طرق أخرى أشير إليها باختصار:
7 - وأما حديث بريدة. فأخرجه ابن ماجه (1532) مختصرا، والبيهقي مطولا، وفيه ضعف.
8 - وأما حديث أبي سعيد، فأخرجه ابن ماجه (1533) وفيه ابن لهيعة.
9 - وأما حديث أبي أمامة بن سهل، فأخرجه مالك (1 / 227 / 15)(3/185)
والنسائي (1 / 270، 280، 280 - 281) وابن أبي شيبة (4 / 150) والبيهقي (4 / 48) واسناده صحيح، وفيه ارسال لا يضر.
وفي الباب عن سعيد بن المسيب مرسلا وهو الآتي بعد.
(737) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد بن عبادة بعد شهر " (ص 173) .
* ضعيف.
رواه الترمذى (1/193) والبيهقى (4/48) وابن أبى شيبة (4/149) من طريقين عن قتادة عن سعيد بن المسيب: " أن أم سعد ماتت , والنبى صلى الله عليه وسلم غائب , فلما قدم صلى عليها , وقد مضى لذلك شهر ".
ولفظ ابن أبى شيبة: " فلما قدم , أتى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله إنى أحب أن تصلى على أم سعد , فأتى النبى صلى الله عليه وسلم قبرها فصلى عليها ".
وقال البيهقى: " وهو مرسل صحيح ". قال:" ورواه سويد بن سعيد عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس موصولا. وحكى أبو داود عن أحمد أنه قال: لا تحدث بهذا ".
قلت: وسويد ضعيف فلا يحتج به إذا تفرد , لا سيما إذا خالف.
(738) - (حديث: " صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشى " (ص 173) .
* صحيح.
وتقدم (727) .
فصل
(739) - (حديث ابن عمر: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يمشون(3/186)
أمام الجنازة " رواه أبو داود (ص 174) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3179) وكذا النسائى (1/275) والترمذى (1/175) وابن ماجه (1482) وابن أبى شيبة (4/100) والطحاوى (277) والدارقطنى (190) والبيهقى (4/23) والطيالسى (1817) وأحمد (2/8) من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهرى عن سالم عن أبيه به.
وقال الترمذى: " هكذا رواه ابن عيينة , وكذلك رواه ابن جريج وزياد بن سعد وغير واحد عن الزهرى عن أسلم عن أبيه.
وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغير واحد من الحفاظ عن الزهرى: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يمشى أمام الجنازة قال الزهرى: وأخبرنى سالم أن أباه كان يمشى أمام الجنازة. وأهل الحديث كأنهم يرون أن الحديث المرسل فى ذلك أصح , قال ابن المبارك: حديث الزهرى هذا مرسل أصح من حديث ابن عيينة , قال: " وأرى ابن جريج أخذه من ابن عيينة ". قال الترمذى: " وروى همام بن يحيى هذا الحديث عن زياد وهوابن سعد ومنصور وبكر وسفيان عن الزهرى عن سالم عن أبيه , وإنما هو سفيان بن عيينة روى عنه همام ".
قلت: توهيم ابن عيينة فى إسناد هذا الحديث , مما لا وجه له عندى البتة , وهو من أعجب ما رأيت من التوهيم بدون حجة , بل خلافا للحجة! فان ابن عيينة مع كونه ثقة حافظا حجة , لم يتفرد بإسناده , كما يشير إلى ذلك كلام الترمذى نفسه , وها أنا أذكر من وقفت عليه ممن تابعه من الثقات.
1 , 2 , 3 ـ منصور بن المعتمر وزياد بن سعد وبكر بن وائل , رواه همام عنهم، ثلاثتهم مقرونا مع سفيان , كلهم ذكروا أنهم سمعوا من الزهرى يحدث أن سالما أخبره أن أباه أخبره:" أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان يمشون بين يدى الجنازة " بكر وحده لم يذكر عثمان.(3/187)
أخرجه النسائى والترمذى والبيهقى وقال: " تفرد به همام وهو ثقة ".
وأما النسائى فقال: " هذا خطأ , والصواب مرسل "!
قلت: كأنه يعنى أن الخطأ من همام , ولكن أين الحجة فى تخطئته وهو ثقة كما قال البيهقى واحتج به الشيخان , ولم يخالف أحدا ممن هو أوثق منه مخالفة تستلزم الحكم عليه بالخطأ , بل إنه قد توبع فى روايته عن زياد , فقال الإمام أحمد (2/37 , 140) : حدثنا حجاج قال: قرأت على ابن جريج: حدثنى زياد يعنى ابن سعد عن ابن شهاب به مثله. يعنى مثل حديث قبله رواه من طريقين عن ابن
جريج قال: " قال ابن شهاب: حدثنى سالم بن عبد الله: " أن عبد الله بن عمر كان يمشى بين يدى الجنازة , وقد كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم , وأبو بكر , وعمر , وعثمان يمشون أمامها ".
وهذا ظاهره أن قوله " وقد كان ... " إنما هو من قول سالم فيكون مرسلا , لكن قد رواه الطبرانى فى " الكبير " (3/191/1) من طريق أحمد حدثنا حجاج به وساقه بلفظ: " ... عن ابن عمر أنه كان يمشى ... ". فهذا يحتمل الاتصال , فالله أعلم.
وزاد الطبرانى فى آخره: " قال أحمد: هذا الحديث: " وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما هو عن الزهرى مرسل , وحديث سالم فعل ابن عمر , وحديث ابن عيينة وهم ".
4 ـ ابن أخى الزهرى واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم , قال أحمد (2/122) : حدثنا سليمان بن داود الهاشمى: أنبأنا إبراهيم بن سعد حدثنى ابن أخى ابن شهاب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة "(3/188)
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وهو صريح فى الرفع لا يحتمل التفصيل الذى ذكره الترمذى عن مالك وغيره من الحفاظ , لأنه ليس للحديث الموقوف فيه ذكر حتى يدرج فيه المرفوع كما ادعاه الحافظ فى " التلخيص " (156) فى حديث ابن عيينة!
5 ـ يونس بن عبيد قال الطحاوى: " حدثنا يونس قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرنى يونس عن ابن شهاب عن سالم: " أن عبد الله بن عمر كان يمشى أمام الجنازة , قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ".
6 ـ عقيل بن خالد قال: حدثنى ابن شهاب أن سالما أخبره. ثم ذكر مثله. يعنىمثل رواية يونس.
أخرجه الطحاوى وأحمد (2/140) .
وهاتان المتابعتان تحتملان الاتصال والإرسال , لأن قوله: " قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " يحتمل أن فاعل " قال " هو ابن عمر فعليه فهو موصول , ويحتمل أنه سالم بن عبد الله بن عمر , فهو مرسل , ويرجح الأول , أن الطبرانى رواه (3/191/2) من طريق ابن لهيعة عن عقيل ويونس معا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ".
وابن لهيعة لا بأس به فى المتابعات والشواهد. وقد تابعه عن عقيل يحيى بن أيوب وهو ثقة من رجال الشيخين رواه الطحاوى.
7 ـ العباس بن الحسن عن الزهرى عن سالم عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة ".
أخرجه الطبرانى (3/191/2) , والعباس هذا ضعيف , وذكره ابن حبان فى " الثقات " (2/228) وقال: " من أهل حران , يروى عن الزهرى(3/189)
نسخة , أكثرها مستقيمة ".
8 و9 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عتيق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق , وموسى بن عقبة كلاهما معا عن ابن شهاب عن سالم: " أن عبد الله بن عمر كان يمشى أمام الجنازة , وقال: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى بين يديها , وأبو بكر , وعمر وعثمان ".
رواه الطبرانى: حدثنا عبيد الله بن محمد العمرى أخبرنا إسماعيل بن أبى أويس حدثنى أخى عن سليمان بن بلال عن ابن أبى عتيق وموسى بن عقبة. وعبد الرحمن وموسى بن عقبة ثقتان ومن دونهما من رجال الشيخين غير العمرى هذا فلم أجد من ترجمه.
10 ـ شعيب بن أبى حمزة عن الزهرى عن سالم عن أبيه به , بلفظ السنن , وزاد فيه ذكر عثمان , وقال فى آخره: قال الزهرى: وكذلك السنة.
رواه ابن حبان فى " صحيحه " كما فى " نصب الراية " (2/295) , وقوله: " بلفظ السنن " صريح فى أن لفظه مرفوع , وصنيع الحافظ فى " التلخيص " يشعر بخلاف ذلك , فقد ذكره من طريق ابن حبان من الوجه المذكور عن سالم أن عبد الله بن عمر كان يمشى بين يديها وأبا بكر وعمر وعثمان , قال الزهرى: وكذلك السنة.
فلم يذكر فيه الرسول عليه السلام إطلاقا , فلا أدرى ممن الوهم أمن الحافظ أم الزيلعى , والأقرب الأول , والله أعلم.
قلت: فتبين من هذا التخريج أنه اتفق على رواية الحديث مسندا مرفوعا جماعة من الثقات هم: سفيان بن عيينة , ومنصور بن المعتمر , وزياد بن سعد , وبكر بن وائل وابن أخى الزهرى وعقيل بن خالد هؤلاء كلهم صرحوا بالرفع وصحت الأسانيد بذلك إليهم , وسائر العشرة منهم من لم يصرح بالرفع كيونس , ومنهم من لم يثبت السند بذلك إليه , فاذا تركنا هؤلاء , ورجعنا إلى الستة الأولين كان فيهم ما يدفع قول أى قائل فى توهيم رواية سفيان المسندة المرفوعة لأن اتفاقهم(3/190)
على ذلك خطأ مما لا يكاد يقع , لا سيما وإمامهم فى ذلك أعنى ابن عيينة , كان يرويه رواية العارف المتثبت فيما يروى , حينما روجع فى ذلك , فقد روى البيهقى عن على بن المدينى قال: قلت لابن عيينة: يا أبا محمد إن معمرا وابن جريج يخالفانك فى هذا , يعنى أنهما يرسلان الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: استقر الزهرى حدثنيه (1) , سمعته من فيه يعيده ويبديه , عن سالم عن أبيه ".
فتوهيم الزهرى والحالة هذه أقرب من توهيم هؤلاء الجماعة عنه , ولكن لا مبرر للتوهيم إطلاقا , فكل ثقة , وكل صادق فيما روى , والراوى قد يسند الحديث أحيانا وقد يرسله , فكل روى ما سمع , والحجة مع من معه زيادة علم وهو هؤلاء الذين أسندوا الحديث إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذى اختاره البيهقى أن الحديث موصول , وجزم بصحته ابن المنذر وابن حزم كما فى " التلخيص " , وأشار إلى تصحيحه العلامة ابن دقيق العيد حين أورده فى كتابه " الإلمام بأحاديث الأحكام " (ق 56/1) الذى شرط فيه أن لا يورد فيه إلا ما كان صحيحا , بل أشار إلى تضعيف قول من أعله بالارسال فقال بعد أن ذكره من رواية الأربعة: " وقيل رواه جماعة من الحافظ عن الزهرى عن النبى صلى الله عليه وسلم والمرسل أصح ".
وللحديث شاهد من رواية أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة ".
أخرجه الترمذى (1/188) وابن ماجه (1483) والطحاوى (1/278) من طريق محمد بن بكر البرسانى أنبأنا يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن أنس.
وقال الترمذى: " سألت محمدا عن هذا الحديث؟ فقال: هذا خطأ , أخطأ فيه محمد بن بكر , وإنما يروى هذا الحديث عن يونس عن الزهرى أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة ".
قلت: محمد بن بكر مع أنه ثقة محتج به فى " الصحيحين " فإنه لم يتفرد به
__________
(1) كذا فى البيهقى وفى " التلخيص " عنه " أستيقن الزهرى حدثنى مرارا لست أحصيه ".(3/191)
بل تابعه أبو زرعة قال: أنبأنا يونس بن يزيد ; لكنه زاد فى آخره: " وخلفها ".
أخرجه الطحاوى بسند صحيح , ولا علة له عندى , إلا أن يكون الزهرى لم يسمعه من أنس , والله أعلم.
(740) - (حديث المغيرة بن شعبة: " الراكب خلف الجنازة والماشى حيث شاء منها " صححه الترمذى (ص 174) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه (716) .
(741) - (حديث على: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد " رواه مسلم (ص 174) .
* صحيح.
من حديث على رضى الله عنه وله عنه ثلاث طرق:
الأولى: عن مسعود بن الحكم الأنصارى أنه سمع على بن أبى طالب يقول فى شأن الجنائز: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد ".
أخرجه مسلم (3/58) ومالك (1/232/33) وعنه أبو داود (3175) والترمذى (1/194) وابن ماجه (1544) وابن أبى شيبة (4/148) والطحاوى (1/282) وابن الجارود (262) والبيهقى (4/27) والطيالسى (150) وأحمد (1/82 و83) ولفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام فى الجنازة , ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس " وهو رواية للطحاوى , وإسنادها جيد.
الثانية: عن أبى معمر قال:(3/192)
" كنا عند على فمرت به جنازة , فقاموا لها , فقال على: ما هذا؟ قالوا: أمر أبى موسى , فقال: إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودية , ولم يعد بعد ذلك "
أخرجه النسائى (1/272) وابن أبى شيبة بسند صحيح.
ورواه الطيالسى (162) وأحمد (1/141 ـ 142) بلفظ: " إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة , فكان يتشبه بأهل الكتاب , فلما نهى انتهى " وفيه عندهما ليث بن أبى سليم , وكان اختلط.
الثالثة: عن قيس بن مسعود عن أبيه: " أنه شهد مع على بن أبى طالب رضى الله عنه بالكوفة , فرأى على بن أبى طالب رضى الله عنه الناس قياما ينتظرون الجنازة أن توضع , فأشار إليهم بدرة معه أو سوط أن اجلسوا , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعدما كان يقوم ".
أخرجه البيهقى (4/28) وقيس هذا مجهول كما فى " التقريب ".
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس , من طريق ابن سيرين قال: " مر بجنازة على الحسن بن على , وابن عباس , فقام الحسن , ولم يقم ابن عباس , فقال الحسن لابن عباس: أما قام لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ابن عباس: قام لها ثم قعد ".
رواه النسائى وابن أبى شيبة والبيهقى وكذا الطحاوى وأحمد (1/200 ـ 201 , 201) وإسناده صحيح.
(742) - (حديث: " لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار " رواه أبو داود (ص 174) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (3171) وكذا أحمد (2/528 , 531 ـ 532) من طريق حرب حدثنا يحيى أنبأنا باب بن عمير الحنفى حدثنى رجل من أهل(3/193)
المدينة أن أباه حدثه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره , وزاد: " ولا يمشى بين يديها بنار ".
وخالف هشام الدستوائى فقال: عن يحيى عن رجل عن أبى هريرة به دون الزيادة.
أخرجه أحمد (2/427) .
وخالفه شيبان فقال: عن يحيى بن أبى كثير عن رجل عن أبى سعيد مرفوعا به وفيه الزيادة , رواه ابن أبى شيبة (4/96) .
والحديث ضعيف لاضطرابه وجهالة رواته.
(743) - (حديث: " احفروا وأوسعوا وأعمقوا " رواه أبو داود والترمذى وصححه.
* صحيح.
وهو من حديث هشام بن عامر قال: " لما كان يوم أحد شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرح , فقالوا: يا رسول الله علينا الحفر لكل إنسان , قال [احفروا و] أعمقوا , وأحسنوا , وادفنوا الاثنين والثلاثة فى قبر , فقالوا: يا رسول الله فمن نقدم؟ قال: أكثرهم قرآنا , قال: فدفن أبى ثالث ثلاثة فى قبر ".
أخرجه النسائى (1/283) والبيهقى (4/34) وأحمد (4/19) عن سفيان بن عيينة عن أيوب السختيانى عن حميد بن هلال عن هشام به.
وهذا سند صحيح , وقد تابعه عن أيوب إسماعيل وهو ابن علية ومعمر , وقال: هذا عن حميد بن هلال قال: أنبأنا هشام بن عامر , فصرح بسماع حميد إياه من هشام أخرجهما أحمد.
وتابعه الثورى عن أيوب عن حميد عن هشام به وزاد " وأعمقوا ".(3/194)
رواه أبو داود (3216) وخالفهم عبد الوارث بن سعيد فقال: حدثنا أيوب عن حميد بن أبى الدهماء عن هشام بن عامر به , وقال: " وأوسعوا " بدل: " وأعمقوا "
فأدخل أبا الدهماء بين حميد وهشام.
أخرجه أحمد والنسائى , والترمذى (1/320) وقال: " حسن صحيح " , وابن ماجه (1560) والبيهقى.
وخالفهم جميعا حماد بن زيد فقال: عن أيوب عن حميد بن هلال عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه مثل رواية أبى الدهماء , فأدخل بينهما سعدا.
أخرجه أبو داود (3217) والنسائى والبيهقى.
وتابع أيوب على هذا الوجه جرير بن حازم فقال: سمعت حميد بن هلال يحدث عن سعد بن هشام به , وزاد فى رواية: " وأعمقوا " رواه أحمد والنسائى.
وتابعهما سليمان بن المغيرة عن حميد عن هشام , لم يدخل بينهما أحدا.
أخرجه أبو داود (3215) والنسائى وأحمد.
وهذه الروايات كلها صحيحه عن حميد , وليست مضطربة , فقد سمعه من سعد بن هشام عن أبيه , وسمعه من أبى الدهماء ـ واسمه قرفة بن بهيس ـ عنه , ثم سمعه هو من هشام بدون واسطة كما فى رواية معمر عن أيوب , ويؤيده أنه جاء فى ترجمة حميد من " التهذيب " أنه روى عن هشام بن عامر الأنصارى وابنه سعد , والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية رجل من الأنصار وهو الآتى بعده.
(744) - (قوله صلى الله عليه وسلم للحافر: " أوسع من قبل الرأس وأوسع من(3/195)
قبل الرجلين " رواه أحمد وأبو داود (ص 174) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3335) وعنه البيهقى (5/335) من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جنازة , فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصى الحافر: أوسع من قبل رجليه , أوسع من قبل رأسه , فلما رجع استقبله داعى امرأة فجاء , وجىء بالطعام , فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا , فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة فى فمه , ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها , فأرسلت المرأة: يا رسول الله إنى أرسلت إلى البقيع يشترى لى شاة , فلم أجد , فأرسلت إلى امرأته , فأرسلت إلى بها , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطعميه الأسارى ".
وهذا سند صحيح كما قال الحافظ فى " التلخيص " (163) وعزاه لأحمد أيضا بادئا به واتبعه المصنف وكل ذلك غير جيد , فإن الحديث بطوله عند أحمد (5/293 ـ 294) دون قصة القبر وقوله " أوسع ... ".
(745) - (عن ابن عباس: أنه كره أن يلقى تحت الميت فى القبر شىء " ذكره الترمذى (ص 175) .
* ضعيف.
قلت: ذكره الترمذى (1/195) تعليقا بدون إسناد وكذلك علقه البيهقى (3/408) مشيرا إلى تضعفيه , وأما حديث ابن عباس قال: " جعل فى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء ".
أخرجه مسلم (3/61) والنسائى (1/283) والترمذى أيضا وابن أبى شيبة (4/135) وابن الجارود (269) ..
فقد بينت رواية أخرى للترمذى من هو الجاعل , فأخرج من طريق عثمان بن فرقد قال: سمعت جعفر بن محمد عن أبيه قال:(3/196)
" الذى ألحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة , والذى ألقى القطيفة تحته شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال جعفر: وأخبرنى عبيد الله ابن أبى رافع قال: سمعت شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القبر.
وقال الترمذى: حديث حسن غريب ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الصحيح , ورواه ابن أبى شيبة من طريق حفص عن جعفر عن أبيه قال: " ألحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وألقى شقران فى قبره قطيفة , كان يركب بها فى حياته ".
قلت: وهذا مرسل صحيح.
(746) - (خبر أبى موسى: " لا تجعلوا بينى وبين الأرض شيئا (ص 175) .
* لم أقف على سنده.
(747) - (حديث: " بسم الله وعلى ملة رسول الله " رواه أحمد والترمذى (ص 175) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/195) وابن ماجه (1550) وكذا ابن أبى شيبة (4/131) وابن السنى (577) من طريق الحجاج عن نافع عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت فى القبر قال: بسم الله , وبالله , وعلى سنة رسول الله ".
وقال الترمذى: وقال مرة: " وعلى ملة رسول الله ".
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب من هذا الوجه , وقد روى من غير هذا الوجه , عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم , ورواه أبو الصديق الناجى عن ابن عمر عن(3/197)
النبى صلى الله عليه وسلم , وقد روى عن أبى الصديق الناجى عن ابن عمر موقوفا أيضا".
قلت: الحجاج هو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه , وقد تابعه ليث بن أبى سليم عن نافع عند ابن ماجه , وليث ضعيف لاختلاطه.
لكن يقويه الطريق الأخرى التى أشار إليها الترمذى , رواها همام بن يحيى عن قتادة عن أبى الصديق عن ابن عمر " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت فى القبر قال: بسم الله , وعلى سنة رسول الله ".
رواه أبو داود (3213) من طريق مسلم بن إبراهيم عن همام , وهذا سند صحيح , لكن مسلما خولف فى لفظه , فأخرجه أحمد (2/27 , 40 ـ 41 , 59 , 127 ـ 128) من طريق وكيع وعبد الواحد الحداد وعفان ثلاثتهم عن همام به بلفظ: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضعتم موتاكم فى قبورهم فقولوا: بسم الله , وعلى سنة رسول الله " فجعلوه من قوله صلى الله عليه وسلم , لا من
فعله. وكذلك أخرجه ابن أبى شيبة (4/131) وابن الجارود (268 ـ 269) والحاكم (1/366) والبيهقى (4/55) من طريق وكيع به.
ورواه الحاكم من طريق عبد الله بن رجاء عن همام به , وقال: " صحيح على شرط الشيخين , وهمام ثبت مأمون , إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل إذا أوقفه شعبة ".
وقال البيهقى: " تفرد برفعه همام بهذا الإسناد , وهو ثقة , إلا أن شعبة وهشاما الدستوائى روياه عن قتادة موقوفا على ابن عمر ".
ثم ساق إسناده إليهما عن قتادة به موقوفا على ابن عمر من فعله , وكذلك أخرجه ابن أبى شيبة والحاكم عن شعبة وحده.
قلت: ولم يتفرد همام برفعه كما ادعى البيهقى فقد رواه ابن حبان من طريق سعيد عن قتادة مرفوعا. كما فى " التلخيص " (164) فالصواب أن(3/198)
الحديث صحيح مرفوعا وموقوفا.
وقد ذكر له الحاكم شاهدا من حديث البياضى ـ وهو مشهور فى الصحابة ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا وضع الميت فى قبره , فليقل الذين يضعونه حين يوضع فى اللحد: باسم الله , وبالله , وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وسكت عليه هو والذهبى , وسنده صحيح.
(748) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى الكعبة: " قبلتكم أحياء وأمواتا " (ص 175) .
* حسن.
وتقدم (690) .
(749) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدفن كل ميت فى قبر " (ص 175) .
* لا أعرفه
وإن كان معناه صحيحا معلوما بالتتبع والاستقراء , والمؤلف أخذ ذلك من قول الرافعى: " الاختيار أن يدفن كل ميت فى قبر , كذلك فعل صلى الله عليه وسلم ".
فقال الحافظ فى تخريجه (167) : " لم أره هكذا , لكنه معروف بالاستقراء ".
ومما يدل لصحة معناه حديث هشام بن عامر: " لما كان يوم أحد , شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرح , فقالوا: يا رسول الله , يشتد علينا الحفر لكل إنسان , قال: احفروا وأعمقوا واحسنوا وادفعوا الاثنين والثلاثة فى قبر ... " الحديث وهو صحيح كما تقدم (743) ومثله الحديث الآتى.(3/199)
(750) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لما كثر القتلى يوم أحد كان يجمع بين الرجلين فى القبر الواحد ويسأل: أيهم أكثر أخذا للقرآن فيقدمه فى اللحد " حديث صحيح (ص 175) .
* صحيح.
وتقدم لفظه وتخريجه (707) .
(751) - (حديث أبى هريرة: " فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا " رواه ابن ماجه (ص 175) .
* صحيح.
أخرجه ابن ماجه (1565) وعبد الغنى المقدسى فى " السنن " (1/123/2) من طريق يحيى بن صالح حدثنا سلمة بن كلثوم حدثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة , ثم أتى قبر الميت , فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثا ".
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله ثقات , كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 97/2) , وقال الحافظ فى " التلخيص " (165) : " إسناده ظاهره الصحة , ورجاله ثقات , وقد رواه ابن أبى داود فى " كتاب التفرد " له من هذا الوجه وزاد فى " المتن ": أنه كبر عليه أربعا (1) , وقال بعده: ليس يروى فى حديث صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة أربعا إلا هذا , فهذا حكم فيه بالصحة على هذا الحديث.
لكن قال أبو حاتم فى " العلل ": "هذا حديث باطل " وهو إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له , وأظن العلة فيه عنعنة الأوزاعى وعنعنة شيخه. وهذا كله إن كان يحيى بن صالح هو الوحاظى شيخ البخارى , والله أعلم ".
__________
(1) قلت: وهى عند المقدسى أيضا.(3/200)
قلت: أما أن يحيى هذا هو الوحاظى , فهو مما لا شك فيه , ولا يحتمل غيره , وأما أن العلة العنعنة المذكورة , فكلا , فقد احتج الشيخان بها فى غير ما حديث.
وإذا كان الإسناد ظاهر الصحة , فلا يجوز الخروج عن هذا الظاهر إلا لعلة ظاهرة قادحة , وقول أبى حاتم " حديث باطل " جرح غير مفسر كما يشعر بذلك قول الحافظ نفسه " لم يحكم عليه إلا بعد أن تبين له " , والجرح الذى لم يفسر حرى بأن لا يقبل , ولو من إمام كأبى حاتم , لا سيما وهو معروف بتشدده فى ذلك , وخاصة وقد خولف فى ذلك من ابن أبى داود كما رأيت.
على أننى لم أجد قول أبى حاتم المذكور فى " الجنائز " من " العلل " , وإنما وجدت فيه الزيادة التى عند ابن أبى داود فقط , أوردها ابنه (1/348) , من طريق الأوزاعى به وقال عن أبيه وأبى زرعة: " لا يوصلونه , يقولون: عن أبى سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم. مرسل. إلا إسماعيل بن عياش وأبو المغيرة فإنهما رويا عن الأوزاعى كذلك ".
فهذا يدل على أن علة الحديث عند أبى حاتم ليست هى العنعنة كما ظن الحافظ ابن حجر , وإنما الإرسال , ويدل أيضا على أن أبا حاتم لم يقف على رواية سلمة بن كلثوم هذه عن الأوزاعى , وإلا لذكرها مع رواية ابن عياش وأبى المغيرة.
واتفاق هؤلاء الثلاثة على وصل الحديث دليل على صحته , وعلى ضعف إعلال أبى حاتم إياه بالإرسال. والله أعلم.
ثم رأيت الحديث فى " تاريخ ابن عساكر " (17/275/2) أخرجه من طريق محمد بن كثير المصيصى الأوزاعى حدثنى يحيى بن أبى كثير حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن به. وفيه الزيادة.
وهذا سند , ظاهره الجودة , لكنه فى الطريق إليه أبو على محمد بن هارون بن شعيب الأنصارى وهو متهم.
وللحديث شاهدان: أحدهما عن عامر بن ربيعة ويأتى فى الكتاب بعده.
والأخر عن جعفر بن محمد عن أبيه:(3/201)
" أن النبى صلى الله عليه وسلم حثا على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا ".
أخرجه الشافعى (1/218) : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد به.
وهذا مع إرساله فإن إبراهيم هذا ضعيف جدا.
وقال موسى بن عبيدة: عن يعقوب عن زيد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثا فى قبر " رواه ابن أبى شيبة (4/132) وهو مرسل ضعيف.
ثم روى هو والبيهقى عن عمير بن سعيد " أن عليا حثا فى قبر ابن المكفف ".
وسنده صحيح.
(752) - (وللدارقطنى معناه من حديث عامر بن ربيعة وزاد: " وهو قائم " (ص 175) .
* ضعيف.
رواه الدارقطنى (192) والبيهقى (3/410) عن القاسم بن عبد الله العمرى عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه , وكبر عليه أربعا , وحثا على قبره بيده ثلاث حثيات من التراب , وهو قائم عند رأسه ".
وقال البيهقى: " إسناده ضعيف , إلا أن له شاهدا من جهة جعفر بن محمد عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , ويروى عن أبى هريرة مرفوعا ".
قلت: حديث أبى هريرة وجعفر بن محمد تقدما فى الذى قبله , والعمدة فى هذا الباب إنما هو حديث أبى هريرة لصحة سنده كما سبق بيانه , وأما حديث جعفر فواه جدا كما تقدم أيضا.(3/202)
وأما هذا فمثله , ولقد ألان البيهقى القول فيه , وإلا فهو أشد ضعفا مما ذكر , لأن القاسم هذا متروك رماه أحمد بالكذب كما فى " التقريب " فمثله لا يشهد له , ولا يستشهد به.
(تنبيه) : سبق فى حديث أبى هريرة من كلام ابن أبى داود أنه " ليس يروى فى حديث صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة أربعا إلا هذا ".
وهذا عجب منه , فقد ثبت التكبير أربعا من حديث جابر أيضا عند البخارى , وحذيفة بن أسيد عند الطيالسى بسند صحيح كما تقدم برقم (726) .
(753) - (حديث: " أبى أمامة فى التلقين ". رواه أبو بكر عبد العزيز فى " الشافى " (ص 175) .
* ضعيف.
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " عن سعيد بن عبد الله الأودى قال: " شهدت أبا أمامة الباهلى وهو فى النزع , فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بى كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذامات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه , فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب , ثم يقول يا فلان بن فلانة , فإنه يستوى قاعدا ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله , ولكن لا تشعرون , فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة: أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبده ورسوله , وأنك رضيت بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد نبيا , وبالقرآن إماما , فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته , فيكون الله حجيجه دونهما , قال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال: فينسبه إلى حواء: يا فلان بن حواء ".
قال الهيثمى (2/324) : " وفيه من لم أعرفه جماعة ".
وأما الحافظ فقال فى " التلخيص "(3/203)
(167) بعد أن عزاه للطبرانى: " وإسناده صالح , وقد قواه الضياء فى أحكامه , وأخرجه عبد العزيز فى " الشافى " , والراوى عن أبى أمامة سعيد الأزدى (1) بيض له ابن أبى حاتم , ولكن له شواهد , منها ما رواه سعيد بن
منصور من طريق راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وغيرهما قالوا: إذا سوى على الميت قبره , وانصرف الناس عنه , كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان قل لا إله إلا الله , قل أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات , قل ربى الله , ودينى الإسلام ونبيى محمد ثم ينصرف ... ".
قلت: وفى كلام الحافظ هذا ملاحظات:
أولا: كيف يكون إسناده صالحا , وفيه ذلك الأزدى أو الأودى , ولم يوثقه أحد , بل بيض له ابن أبى حاتم كما ذكر الحافظ نفسه , ومعنى ذلك أنه مجهول لديه لم يقف على حاله؟ !
ثانيا: إنه يوهم أن ليس فيه غير ذلك الأزدى , وكلام شيخه الهيثمى صريح بأن فيه جماعة لا يعرفون , وقد وقفت على إسناده عند الضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 5/2) رواه من طريق على بن حجر حدثنا حماد بن عمرو عن عبد الله بن محمد القرشى عن يحيى بن أبى كثير عن سعيد الأودى قال: " شهدت أبا أمامة الباهلى.. "
ورواه ابن عساكر (8/151/2) من طريق إسماعيل بن عياش أخبرنا عبد الله بن محمد به.
قلت: وعبد الله هذا لم أعرفه , والظاهر أنه أحد الجماعة الذين لم يعرفهم الهيثمى.
ثالثا: أن قوله " له شواهد " فيه تسامح كثير! فإن كل ما ذكره من ذلك لا يصلح شاهدا لإنها كلها ليس فيها من معنى التلقين شىء إطلاقا إذ كلها تدور
__________
(1) كذا الأصل (الأزدى) وكذلك هو فى " الجرح والتعديل " (2/1/76) . وفى " المجمع " (الأودى) . وكذلك هو فى " المنتقى " للضياء فالله أعلم. اهـ.(3/204)
حول الدعاء للميت! ولذلك لم أسقها فى جملة كلامه الذى ذكرته , اللهم إلا ما رواه سعيد بن منصور , فإنه صريح فى التلقين , ولكنه مع ذلك فهو شاهد قاصر , إذ الحديث أشمل منه وأكثر مادة إذ مما فيه " أن منكرا ونكيرا يقولان: ما نقعد عند من لقن حجته؟ " فأين هذا فى الشاهد؟ ! ومع هذا فإنه لا يصلح شاهدا , لأنه موقوف بل مقطوع , ولا أدرى كيف يخفى مثل هذا على الحافظ عفا الله عنا وعنه.
ثم قال: " وقال الأثرم: قلت: لأحمد: هذا الذى يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول: يا فلان ابن فلانة؟ قال: ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة , يروى فيه عن أبى بكر بن أبى مريم عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه , وكان إسماعيل بن عياش يرويه , يشير إلى حديث أبى أمامة ".
وليت شعرى كيف يمكن أن يكون مثل هذا الحديث صالحا ثابتا , ولا أحد من السلف الأول يعمل به؟ !
وقد قال النووى فى " المجموع " (5/304) والعراقى فى " تخريج الإحياء " (4/420) : " إسناده ضعيف ".
وقال ابن القيم فى " زاد المعاد " (1/206) : " حديث لا يصح ".
(754) - (حديث: " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " (ص 175) .
* صحيح.
وقد مضى (686) .
(755) - (حديث: " رش على قبر ابنه ماء ووضع عليه حصباء " رواه الشافعى.
* ضعيف.
قال الشافعى (1/218) : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم ابنه , ووضع عليه حصباء ".
قلت: وهذا مع ارساله ضعيف جدا من أجل إبراهيم هذا فإنه متهم.(3/205)
ومن طريق الشافعى رواه البيهقى (3/411) . ثم أخرج هو وأبو داود فى " المراسيل " من طريق الدراوردى عن عبد الله بن محمد بن عمر عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم , وإنه أول قبر رش عليه , وأنه قال حين دفن وفرغ منه: سلام عليكم , ولا أعلمه إلا قال: حثا عليه بيديه " ورجاله ثقات مع إعضاله , وقوله فى " التلخيص " (165) : " مع إرساله " يوهم أنه مرسل تابعى وليس كذلك , فإن محمدا هذا هو ابن عمر بن على بن أبى طالب من أتباع التابعين , روى عن جده مرسلا وعن أبيه وعمه محمد بن الحنفية وغيرهم.
ورواه البيهقى من طريق أخرى عن عبد العزيز ـ وهو الدراوردى ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رش على قبره الماء , ووضع عليه حصباء من حصباء العرصة , ورفع قبره قدر شبر ". وقال: " وهذا مرسل ".
قلت: وهو صحيح الإسناد.
ثم روى من طريق أخرى عن جعفر بن محمد عن أبيه: " أن الرش على القبر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وهذا سند صحيح مرسل.
وعن محمد بن عمر الواقدى عن عبد الله بن جعفر عن ابن أبى عون عن أبى عتيق عن جابر بن عبد الله قال: " رش على قبر النبى صلى الله عليه وسلم الماء رشا. قال: وكان الذى رش الماء على قبره بلال بن رباح بقربة , بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه , ثم ضرب بالماء إلى الجدار , لم يقدر أن يدور على الجدار ".
والواقدى متهم.(3/206)
(756) - (حديث جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن الأرض قدر شبر ". رواه الشافعى (ص 176) .
رواه البيهقى (3/410) من طريق الفضيل بن سليمان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم ألحد له لحدا , ونصب عليه اللبن نصبا , وذكر الحديث قال: رفع قبره من الأرض نحوا من شبر ".
وقال البيهقى: " كذا وجدته ". يعنى موصولا بذكر جابر فيه. ثم رواه من طريق عبد العزيز عن جعفر بن محمد عن أبيه به مرسلا نحوه وقد تقدم لفظه فى الذى قبله وكأن البيهقى يشير إلى ترجيح هذا المرسل , وهو الظاهر فإن الذى وصله وهو الفضيل بن سليمان لا يحتج بمخالفته لمن هو أوثق منه , وهو وإن احتج به الشيخان فقد قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , له خطأ كثير ". نعم رواه ابن حبان أيضا فى صحيحه عن جعفر بن محمد به موصولا كما فى " نصب الراية " (2/303) و" التلخيص " (165) , ولم يذكر ـ مع الأسف ـ الراوى عن جعفر , فان كان هو الفضيل هذا , فقد عرفت حاله , وإن كان غيره فالحديث به صحيح. والله أعلم.
(757) - (حديث جابر: " نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه , وأن يقعد عليه " رواه مسلم زاد الترمذى: " وأن يكتب عليها ".
* صحيح.
رواه مسلم (3/62) وكذا أبو داود (3225) والنسائى (1/285) والترمذى (1/196) والحاكم (1/370) والبيهقى (4/4) وأحمد (3/295 , 332) وابن أبى شيبة (4/134 , 136 , 137) من طرق عن أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم فذكره.
والزيادة التى عند الترمذى هى عند الحاكم أيضا من هذا الوجه , ولابن(3/207)
ماجه (1562) منه النهى عن التجصيص.
ثم أخرج أبو داود (3226) والنسائى (1/284 ـ 285) وابن ماجه (1563) من طريق سليمان بن موسى عن جابر الزيادة فقط.
وهذا سند صحيح أيضا , فهى زيادة صحيحة , إلا أن الحاكم أعلها بعلة عجيبة فقال: " إنها لفظة صحيحة غريبة , وليس العمل عليها , فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم , وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: ما قلت طائلا , ولا نعلم صحابيا فعل ذلك , وإنما هو شىء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم , ولم يبلغهم النهى ".
قلت: ومما يرد كلام الحاكم ثبوت كراهة الكتابة ونحوها عن السلف فروى ابن أبى شيبة بسند صحيح عن محمد (وهو ابن سيرين) أنه كره أن يعلم القبر.
وعن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يعلم الرجل قبره. وعن فهد عن القاسم أنه أوصى قال: يا بنى لا تكتب على قبرى , ولا تشرفنه إلا قدر ـ الأصل قبر ـ ما يرد عنى الماء. وفهد هذا لم أعرفه , والقاسم هو ابن محمد بن أبى بكر الصديق.
(758) - (روى أحمد: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد اتكأ على قبر , فقال: لا تؤذه " (ص 176) .
* ضعيف.
ولا أدرى اين أخرجه أحمد؟ فقد أورده الهيثمى فى " المجمع " (3/61) ولم يعزه لأحمد , ولا عزاه إليه أحد غيره , فقال: " وعن عمارة بن حزم قال: رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر , فقال: يا صاحب القبر! انزل من على القبر , لا تؤذ صاحب القبر , ولا يؤذك.
رواه الطبرانى فى الكبير وفيه ابن لهيعة , وفيه كلام , وقد وثق ".(3/208)
(759) - (قوله صلى الله عليه وسلم لعلى: " لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته " رواه مسلم (ص 176) .
* صحيح.
رواه مسلم (3/61) وأبو نعيم فى " المستخرج " (15/33/2) وأبو داود (3218) والنسائى (1/285) والترمذى (1/195) والبيهقى (4/3) والطيالسى (155) وأحمد (1/96 , 124) من طريق حبيب بن أبى ثابت عن أبى وائل عن أبى الهياج الأسدى قال: " قال لى على بن أبى طالب: ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع ... " الحديث.
ورواه الحاكم أيضا (1/369) مستدركا على الشيخين فوهم فى استداركه على مسلم , وصححه على شرط الشيخين , وأبو الهياج لم يرو له البخارى , وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وفى هذا الإسناد علة وهى عنعنة حبيب فقد كان مدلسا ولم يصرح بالتحديث فى شىء من هذه الطرق إليه , لكن الحديث صحيح فإن له طرقا أخرى يتقوى بها:
1 ـ قال الطيالسى (96) : حدثنا شعبة عن الحكم عن رجل من أهل البصرة ـ ويكنيه أهل البصرة أبو المودع , وأهل الكوفة يكنونه بأبى محمد , وكان من هذيل ـ عن على بن أبى طالب قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جنازة , فقال: أيكم يأتى بالمدينة فلا يدع فيها وثنا إلا كسره ولا صورة إلا لطخها ولا قبرا إلا سواه؟ فقام رجل من القوم فقال: يا رسول الله أنا , فانطلق الرجل , فكأنه هاب أهل المدينة فرجع , فانطلق على , فرجع فقال: ما أتيتك يا رسول الله حتى لم أدع فيها وثنا إلا كسرته , ولا قبرا إلا سويته , ولا صورة إلا لطختها , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: من عاد لصنعة شىء منها , فقال فيه قولا شديدا , وقال لعلى: لا تكن فتانا ولا مختالا , ولا تاجرا إلا تاجر خير , فإن أولئك المسبوقون فى العمل ".(3/209)
وكذا رواه أحمد (1/87 , 138) من طرق عن شعبة به , وفيه " من عاد لصنعة شىء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد ".
ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبى المودع أو أبى محمد , فهو مجهول كما قال فى " التقريب " وغيره.
2 ـ عن أشعث بن سوار عن ابن أشوع عن حنش بن المعتمر: " أن عليا رضى الله عنه بعث صاحب شرطته فقال: أبعثك كما بعثنى له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع قبراً إلا سويته , ولا تمثالا إلا وضعته ".
أخرجه ابن أبى شيبة (4/139) وأحمد (1/145 , 150) , وابن أشوع اسمه سعيد بن عمرو , وهو ثقة من رجال الشيخين , وابن سوار مختلف فيه , وروى له مسلم متابعة , فهو إسناد لا بأس به فى الشواهد.
3 ـ عن يونس بن خباب عن جرير بن حبان عن أبيه: " أن عليا رضى الله عنه قال لأبيه: لأبعثنك فيما بعثنى فيه رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أن أسوى كل قبر وأن أطمس كل صنم ".
رواه أحمد (1/111) وإسناده ضعيف.
4 ـ عن المفضل بن صدقة عن أبى إسحاق عن أبى الهياج الأسدى به مثل حديث ابن أبى ثابت.
رواه الطبرانى فى " الصغير " (ص 29) والمفضل هذا ضعيف.
وبالجملة فهذه أربع طرق للحديث لا يشك كل من وقف عليها فى صحته لا سيما وله شاهد من حديث ثمامة بن شفى قال: " كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم ب (رودس) فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوى , ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها "
أخرجه مسلم وأبو نعيم فى " المستخرج " وأبو داود (3219) والنسائى(3/210)
والبيهقى وأحمد (6/18) .
(760) - (حديث بسير بن الخصاصية قال: " بينما أنا أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا رجل يمشى فى القبور , عليه نعلان , فقال: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك (1) , فنظر الرجل , فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما , فرمى بهما ". رواه أبو داود. قال أحمد: إسناده جيد (ص 177) .
البخارى فى " الأدب المفرد " (775 , 829) وأبو داود (3230) والحاكم (1/373) وعنه البيهقى (4/80) وأحمد (5/224) وابن أبى شيبة (4/170) وابن حبان (790) والطبرانى فى " الكبير " (1/62/1) عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك عن بشير بن الخصاصية به.
قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا.
ورواه ابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (394) من حديث عصمة بن مالك الخطمى , مختصرا نحوه , وفيه الفضل بن المختار , وهو ضعيف.
(فائدة) (بسير) كذا وقع عند الجميع بالسين المهملة حاشا ابن أبى شيبة فبالشين المعجمة , وكذلك ضبطه فى " الخلاصة " خلافا للذهبى فى " المشتبه " وابن ناصر الدين الدمشقى فى " توضيحه " (2/107/2) فإنهما أورداه بالسين المهملة , ولعله الصواب.
(761) - (قول ابن عباس: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور
__________
(1) الأصل (سبتيك) . والتصويب من أبي داود(3/211)
والمتخذين عليها المساجد والسرج " رواه أبو داود والنسائى (ص 177) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (3236) والنسائى (1/287) والترمذى (2/136 ـ طبع شاكر) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/140) والحاكم (1/374) والبيهقى (4/78) والطيالسى (1/171) وأحمد (1/229 , 287 , 324 , 337) والبنوى فى " حديث
على بن الجعد " (7/70/1) والطبرانى فى " الكبير " (3/174/2) وأبو عبد الله القطان فى " حديثه " (ق 54/1) من طريق محمد بن جحادة قال: سمعت أبا صالح (زاد أحمد وغيره: بعد ما كبر) عن ابن عباس قال: فذكره.
وقال الحاكم وتبعه الذهبى: أبو صالح باذان , ولم يحتجا به ".
قلت: وذلك لضعفه , وأما الترمذى فقال: " حديث حسن , وأبو صالح هذا هو مولى أم هانىء بنت أبى طالب واسمه باذان , ويقال: باذام أيضا ".
قلت: وقد ضعفه جمهور العلماء , ولم يوثقه أحد إلا العجلى وحده كما قال الحافظ فى " التهذيب " , بل كذبه إسماعيل بن أبى خالد والأزدى , ووصمه بعضهم بالتدليس , وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف مدلس ".
وكأنه لهذا قال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنبر " (ق 59/1) بعد أن حكى تحسين الترمذى للحديث: " قلت: فيه وقفة لنكتة ذكرتها فى الأصل (يعنى البدر المنير) " ولم أقف عليه , لنقف على بيان هذه النكتة , ولا يبعد أن يعنى بها ضعف أبى صالح المذكور , وبه أعله عبد الحق الأشبيلى فى " أحكامه الكبرى " (80/1) فقال: " وهو عندهم ضعيف جداً ".
ومن ذلك تعلم ما فى تحسين الترمذى للحديث من تساهل , وإن تبعه عليه(3/212)
العلامة أحمد شاكر رحمه الله تعالى , فإنه ـ عندى ـ من المتساهلين فى التوثيق والتصحيح فإن قيل: لعل الترمذى إنما حسنه لشواهده , لا لذاته؟.
قلت: ذلك محتمل , والواقع أن الحديث له شواهد كثيرة فى جملتيه الأوليين , وأما (السرج) فليس لها شاهد البتة , فيما علمت , ولذا لا يمكن القول بتحسين الحديث بتمامه , بل باستثناء السرج , وقد ذكرت الشواهد المشار إليها فى كتابى " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وبإختصار فى " الأحاديث الضعيفة " (رقم 223) فليرجع إليهما من شاء.
(762) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع " (ص 177) .
لا أعرفه بهذا اللفظ
وإن كان معناه ثابتا فى أحاديث كثيرة منها حديث عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين ... " الحديث.
رواه مسلم وغيره , سيأتى برقم (776) .
والحديث أورده الرافعى بلفظ: " كان يدفن أصحابه فى المقابر ".
فقال الحافظ فى تخريجه (163) : " لم أجده هكذا , لكن فى الصحيح أنه أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين. وفى هذا الباب عدة أحاديث ".
(763) - (حديث عائشة مرفوعا: " كسر عظم الميت ككسر عظم الحى ". رواه أبو داود , ورواه ابن ماجه عن أم سلمة وزاد " فى الإثم " (ص 177) .(3/213)
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3207) وابن ماجه (1616) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/108) وابن عدى فى " الكامل " (ق 173/2) وعنه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/186) والدارقطنى (367) والبيهقى (4/58) وأحمد (6/58 , 168 ـ 169 , 200 , 364) من طرق عن سعد بن سعيد ـ أخى يحيى بن سعيد ـ عن عمرة عن عائشة به.
وزاد الدارقطنى وحده: " فى الإثم " وفى رواية: " يعنى فى الإثم " , فهى تفسير من بعض الرواة.
وقال ابن عدى: " مداره على سعد بن سعيد , قال أحمد: ضعيف الحديث , وقال النسائى: ليس بالقوى ".
قلت: وهو سىء الحفظ , ولكنه لم يتفرد به , بل تابعه جماعة , فمن الغريب أن يخفى ذلك على مثل ابن عدى , فهاك رواياتهم:
1 ـ يحيى بن سعيد أخو سعد بن سعيد.
أخرجه البيهقى والضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 28/2) من طريق أبى أحمد الزبيرى حدثنا سفيان به.
وقال الضياء: " قال الحبابى: عجيب [1] عن سفيان ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين فهو صحيح الإسناد مع غرابته.
2 ـ أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن بن أبى الرجال عن عمرة به.
أخرجه أحمد (6/105) والخطيب (12/106) وكذا أبو نعيم فى " الحلية " (7/59) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفى رواية لأحمد (6/100) عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى قال: قالت لى عمرة: اعطنى قطعة من أرضك أدفن فيها , فإنى سمعت عائشة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: غريب}(3/214)
تقول: كسر عظم الميت مثل كسر عظم الحى. قال محمد: وكان مولى من أهل المدينة يحدثه عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم.
وسنده صحيح , وظاهره أن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى (وهو أبو الرجال) لا يعرفه عن عمرة مرفوعا , وإلا لم يحتج إلى ذكر رواية المولى المرفوعة , فهذه الرواية تعل الرواية الأولى , وتبين أن رفع الحديث عن أبى الرجال وهم من بعض الرواة عنه , والله أعلم. لكن الحديث صحيح رفعه من الطرق الأخرى.
3 ـ محمد بن عمارة عن عمرة به مرفوعا , أخرجه الطحاوى.
وابن عمارة هذا سىء الحفظ أيضا , فلا بأس به فى الشواهد.
4 ـ حارثة بن محمد عن عمرة.
أخرجه الطحاوى والخطيب (13/120) , وحارثة ضعيف.
وللحديث طريق أخرى عن عائشة , يرويه زهير بن محمد عن إسماعيل بن أبى حكيم عن القاسم عنها.
أخرجه الدارقطنى. ورجاله كلهم ثقات غير أن زهير بن محمد وهو أبو المنذر الخراسانى فيه ضعف.
وأما حديث أم سلمة الذى فيه الزيادة , فهو من طريق عبد الله بن زياد: أخبرنى أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أمه عن أم سلمة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " كسر عظم الميت ككسر عظم الحى فى الإثم ".
أخرجه ابن ماجه (1617) , قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 103/1) : " فيه عبد الله بن زياد مجهول , ولعله عبد الله بن زياد بن سمعان المدنى(3/215)
أحد المتروكين فإنه فى طبقته , وله شاهد من حديث عائشة رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان ".
(764) - (حديث عمرو بن حزم مرفوعا: " ما من مؤمن يعزى أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الجنة ". رواه ابن ماجه (ص 178) .
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1601) والبيهقى (4/59) من طريق قيس أبى عمارة مولى الأنصار قال: سمعت عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره إلا أنه قال: " من حلل الكرامة يوم القيامة ".
قلت: وهذا سند ضعيف , قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 101/2) : " هذا إسناد فيه مقال , قيس أبو عمارة , ذكره ابن حبان فى " الثقات " , وقال الذهبى فى " الكاشف ": " ثقة " , وقال البخارى: " فيه نظر ". قلت: وباقى رجال الإسناد على شرط مسلم , رواه ابن أبى شيبة فى مسنده هكذا , ورواه عبد بن حميد ".
قلت: وأنا متعجب من قول الذهبى فيه " ثقة " مع أنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان , وعهدى بالذهبى أنه لا يقيد بتوثيقه , ولا سيما وقد خالف فيه إمام الأئمة البخارى فقد جرحه أشد الجرح بألين عبارة , وهو قوله: " فيه نظر ".
وقد نقله الذهبى فى " الميزان " , ولم يزد عليه شيئا. وأورده العقيلى فى " الضعفاء " (258) وساق له حديثين آخرين (1) ثم قال: " لا يتابع عليهما ".
ثم إن فى الحديث إرسالا لم أر من نبه عليه , فإنه من رواية عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده , فجده إنما هو محمد بن
__________
(1) وقول الحافظ في " التهذيب ": أحدهما الذى أخرجه ابن ماجة فى " التعزية بالميت " وهم منه , فليس هذا الحديث أحدهما.(3/216)
عمرو بن حزم , قال الحافظ فى " التقريب ": " له رؤية , وليس له سماع إلا من الصحابة "
فجعل المصنف الحديث من مسند عمرو بن حزم وهم منه.
والحديث سكت عليه الحافظ فى " التلخيص " (168)
وقد وجدت له شاهدا بلفظ: " من عزى أخاه المؤمن فى مصيبة , كساه الله حلة خضراء يحبر بها. قيل: ما يحبر بها؟ قال: يغبط بها ".
أخرجه الخطيب (7/397) وابن عساكر (15/91/1) عن قدامة بن محمد حدثنا أبى عن بكير بن عبد الله الأشج عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا.
وهذا سند رجاله ثقات غير محمد والد قدامة وهوالأشجعى , فلم أجد له ترجمة.
وقد رواه ابن أبى شيبة (4/164) عن أبى مودود عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: فذكره موقوفا عليه.
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات , وأبو مودود هذا اسمه عبد العزيز ابن أبى سليمان , وابن كريز تابعى , فالحديث مرسل جيد , وهو وإن كان موقوفا عليه , فإنه فى حكم المرفوع فإنه مما لا يقال من قبل الرأى , لا سيما , وقد روى مرفوعا عن أنس كما رأيت , فالحديث بمجموع الطريقين حسن عندى , والله أعلم.
وروى الترمذى (1/200) من طريق أم الأسود عن منية بنت عبيد بن أبى برزة عن جدها أبى برزة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى ثكلى كسى بردا فى الجنة ". وقال: " حديث غريب , وليس إسناده بالقوى ".
(765) - (عن ابن مسعود مرفوعا: " من عزى مصاباً فله مثل أجره ". " رواه ابن ماجه والترمذى وقال: غريب ".
* ضعيف.
رواه الترمذى (1/199) وابن ماجه (1602) والبيهقى(3/217)
(4/59) والخطيب (4/25 , 450 ـ 451) من طرق عن على بن عاصم حدثنا محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود به.
وقال الترمذى: " حديث غريب , لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث على بن عاصم , وروى بعضهم من محمد ابن سوقة بهذا الإسناد مثله موقوفا ولم يرفعه. ويقال: أكثر ما ابتلى به على بن عاصم بهذا الحديث , نقموا عليه ".
وقال البيهقى: " تفرد به على بن عاصم , وهو أحد ما أنكر عليه , وقد روى عن غيره , والله أعلم ".
وذكر الخطيب نحوه ثم قال (11/453 ـ 454) : " قلت: وقد روى حديث ابن سوقة عبد الحكيم بن منصور مثل ما رواه على بن عاصم , وروى كذلك عن سفيان الثورى وشعبة وإسرائيل ومحمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن بن مالك بن مغول والحارث بن عمران الجعفرى كلهم عن ابن سوقة , وقد ذكرنا أحاديثهم فى مجموعنا لحديث محمد بن سوقة , وليس شىء منها ثابتا ".
قلت: وحديث الثورى أخرجه تمام فى " الفوائد " (ق 191/2) والعقيلى فى " الضعفاء " (299) وأبو نعيم (5/9) من طريق حماد بن الوليد الكوفى عنه وقال أبو نعيم: " تفرد به عنه حماد ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 168) : " وهو ضعيف جدا , وكل المتابعين لعلى بن عاصم أضعف منه بكثير ".
وحديث شعبة أخرجه تمام والعقيلى وابن الأعرابى فى " المعجم " (1/83/1) وأبو نعيم (5/9 , 7/164) من طريق نصر بن حماد حدثنا شعبة به.
وقال أبو نعيم: " تفرد به عنه نصر ".
قلت: وهو واهٍجدا , قال ابن معين: كذاب , وقال النسائى: " ليس(3/218)
بثقة ".
وحديث عبد الحكيم بن منصور أخرجه تمام وابن الأعرابى (37/1 و38/2 و191/2) وعبد الحكيم متروك , كذبه ابن معين كما فى " التقريب ".
وحديث إسرائيل أخرجه الخطيب (11/451) من طريقين عن أبى بكر الشافعى: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الدينورى حدثنا إبراهيم بن مسلم الخوارزمى (وفى رواية: الوكيعى) قال: حضرت وكيعا وعنده أحمد بن حنبل , وخلف المخرمى , فذكروا على بن عاصم , فقال خلف: إنه غلط فى أحاديث , فقال وكيع: وما هى؟ فقال: حديث محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره " فقال وكيع: حدثنا قيس بن الربيع عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله. قال وكيع: وحدثنا إسرائيل بن يونس عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبى
صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وهذه متابعة قوية إذا صح السند إليها فإن إسرائيل بن يونس ثقة من رجال الشيخين , وقيس بن الربيع صدوق سىء الحفظ , وبقية الرجال ثقات معروفون , إلا الدينورى فهو مترجم فى " تاريخ بغداد " (5/432) وقال: " حدث أحاديث مستقيمة , وذكره الدارقطنى فقال: صدوق ". وإلا إبراهيم بن مسلم الخوارزمى فأورده الحافظ فى " اللسان " وقال: " يغرب , قاله ابن حبان ".
وبقية المتابعات التى ذكرها الخطيب أخرج بعضها تمام والعقيلى وقال: " لم يتابع على بن عاصم عليه ثقة ". ولذلك قال الحافظ بعد أن ذكرها: " وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل , فقد ذكرها صاحب الكمال من طريق وكيع عنه , ولم أقف على إسنادها بعد ".
قلت: قد وقفنا على إسنادها والحمد لله , وقد عرفت أن راويها عن وكيع(3/219)
لم يوثقه أحد غير ابن حبان مع قوله فيه " يغرب " فمثله لا يحتج به. والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية على بن يزيد الصدائى عن محمد بن عبيد الله عن أبى الزبير عن جابر رفعه.
أخرجه ابن عدى (ق 281/2) وقال: " لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير على بن يزيد ".
قلت: وهذا ضعيف , والذى قبله وهو العرزمى متروك فلا يعتد بهذا الشاهد.
وجملة القول: أن الحديث ضعيف , ليس فى شىء من طرقه ما يمكن أن يعتمد عليه فى تقويته , ولكنه لا يبلغ أن يكون موضوعا كما زعم ابن الجوزى , وقد رد عليه المحققون ذلك. وذكر أقوالهم السيوطى فى " اللآلىء المصنوعة " (2/421 ـ 425) وأطال فى ذلك. وانتهى إلى ما قاله الحافظ صلاح الدين العلائى مما خلاصته: " إن الحديث بطرقه يخرج عن أن يكون ضعيفا واهيا , فضلا عن أن يكون موضوعا " والله أعلم.
(766) - (روى حرب عن زرارة بن أبى أوفى قال: " عزى النبى صلى الله عليه وسلم رجلا على ولده فقال: آجرك الله , وأعظم لك الأجر ".
* ضعيف.
لأن زرارة بن أبى أوفى تابعى , فالحديث مرسل , ولا أدرى إذا كان السند إليه صحيحا , فإنى لم أقف عليه.
وروى ابن أبى شيبة (4/164) عن حسين بن أبى عائشة عن أبى خالد الوالبى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم عزى رجلا: يرحمه الله , ويأجرك ".(3/220)
وهذا مرسل أيضا , أبو خالد هذا اسمه هرمز يروى عن ابن عباس وغيره. وابن أبى عائشة أورده ابن أبى حاتم (1/2/62) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأما ابن حبان فأورده فى " الثقات " (2/59) .
(767) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا ـ وأشار إلى لسانه ـ أو يرحم " متفق عليه (ص 178) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/328 ـ 329) ومسلم (3/40) وأبو نعيم فى " مستخرجه " (15/21/1) والبيهقى (4/69) عن عبد الله بن عمر قال: " اشتكى سعد بن عبادة شكوى له , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وعبد الله بن مسعود , فلما دخل عليه , وجده فى غشية , فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله! فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا , فقال: ألا تسمعون؟ إن الله يعذب ... ".
(768) - (قالت أم عطية: " أخذ علينا النبى صلى الله عليه وسلم فى البيعة أن لا ننوح " (ص 179) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/329) ومسلم (3/46) وأبو نعيم فى مستخرجه (5/23/2) وأبو داود (3127) والنسائى (2/184) والبيهقى (4/62) وأحمد (6/408) عن أم عطية به وزادوا: " قالت: فما وفت منا امرأة إلا خمس: أم سليم , وأم العلاء , وابنة أبى سبرة امرأة معاذ , أو ابنة أبى سبرة , وامرأة معاذ , [وامرأة أخرى] ".
وفى رواية عنها قالت: " لما نزلت هذه الآية آية النساء (يبايعنك على أن لا يشركن بالله(3/221)
شيئاً , ... ولا يعصينك فى معروف) كان فيه النياحة ".
رواه مسلم وأبو نعيم وابن أبى شيبة (4/166) وأحمد والبيهقى.
(769) - (وفى صحيح مسلم: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة ".
* ضعيف.
وعزوه لصحيح مسلم وهم لا أدرى ما وجهه , وقد روى من حديث أبى سعيد الخدرى وابن عمر وابن عباس وأبى هريرة.
1 ـ أما حديث أبى سعيد فيرويه محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عنه به.
أخرجه أبو داود (3128) وعنه البيهقى (4/63) وأحمد (3/65) .
وهذا سند ضعيف مسلسل بالضعفاء: عطية وهو العوفى وابنه وحفيده.
2 ـ وأما حديث ابن عمر فيرويه بقية بن الوليد حدثنا أبو عائذ وهو عفير بن معدان حدثنا عطاء بن أبى رباح أنه كان عند ابن عمر وهو يقول: فذكره مرفوعا.
أخرجه البيهقى. وعفير هذا ضعيف جدا.
وقد رواه الطبرانى فى " الكبير " من حديث ابن عمر أيضا على ما فى " المجمع " (3/14) وقال: " وفيه الحسن بن عطية ضعيف ".
قلت: سبق أن ذكرنا آنفا حديثه عن أبيه عن أبى سعيد , فالظاهر أنه كان يرويه تارة عنه , وتارة عن ابن عمر , وذلك مما يدل على ضعفه.
3 ـ وأما حديث ابن عباس: فرواه البزار والطبرانى فى " الكبير " وفيه المصباح [1] أبو عبد الله , قال الهيثمى: " ولم أجد من ذكره ".
4 ـ وأما حديث أبى هريرة فيرويه عمر بن يزيد المدائنى قال: سمعت
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الصباح}(3/222)
الحسن بن أبى حسن السرى حدث عن أبى هريرة مرفوعا به.
أخرجه ابن عدى (ق 243/2) وقال: " حديث غير محفوظ , وعمر منكر الحديث ".
(770) - (حديث ابن مسعود مرفوعا: " ليس منا من ضرب الخدود , وشق الجيوب , ودعا بدعوى الجاهلية " متفق عليه (ص 179) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/326 , 327) ومسلم (1/70) والنسائى (1/263) والترمذى (1/186) وابن ماجه (1584) وابن أبى شيبة (4/107) وابن الجارود (257) والبيهقى (4/64) وأحمد (1/386 , 432 , 442 , 456 , 465) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(771) - (عن أبى موسى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة , والشاقة " متفق عليه (ص 179) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/326) ومسلم (1/70) وأبو عوانة (1/57) وأبو داود (3130) والنسائى (1/263) وابن ماجه (1586) وابن أبى شيبة (4/107) والبيهقى (4/64) وأحمد (4/396 , 397 , 404 , 405 , 411 , 416) .
وفى رواية لمسلم وغيره: " أنا برىء ممن حلق , وسلق , وخرق ".
(772) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها , فإنها تذكركم الموت " رواه مسلم. وللترمذى: " فإنها تذكر الآخرة " (ص 179) .(3/223)
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/65) وأبو نعيم فى " مستخرجه " (5/37/1) والنسائى (1/286) وابن ماجه (1572) وابن أبى شيبة (4/139) والبيهقى (4/76) وأحمد (2/441) من حديث أبى هريرة قال: " زار النبى صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى , وأبكى من حوله , فقال: استأذنت ربى فى أن أستغفر لها فلم يأذن لى , واستأذنته فى أن أزور قبرها فأذن لى , فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ".
وأما الترمذى فأخرجه (1/196) من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور , فقد أذن لمحمد فى زيارة قبر أمه , فزوروها , فإنها تذكركم الآخرة ".
ورواه البيهقى أتم منه بلفظ قال:" خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر , فنزلنا منزلا , ونحن معه قريبا من ألف راكب , فقام فصلى ركعتين ثم أقبل علينا وعيناه تذرفان , فقام إليه عمر رضى الله عنه , ففداه بالأب والأم , وقال له: مالك يا رسول الله! قال: إنى استأذنت ربى فى استغفارى لأمى , فلم يأذن لى , فبكيت لها رحمة لها من النار , وإنى كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها , ولتزدكم زيارتها خيرا ".
وكذا رواه أحمد (5/355) من طريق زهير عن زبيد بن الحارث اليامى عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه به والزيادة لأحمد وكذا البيهقى فى رواية وإسناده صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه فى صحيحه (3/65 , 5/82) , إلا أنه لم يسق لفظه , وإنما أحال على لفظ آخر مختصر قبله من طريق أبى سنان وهو ضرار بن مرة عن محارب بن دثار به. وهكذا رواه النسائى (1/285) وأحمد أيضا (5/350) بلفظ: " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ".
وفى رواية لأحمد (5/356 ـ 357) من طريق أيوب بن جابر عن سماك(3/224)
عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه قال: " خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بودان قال: مكانكم حتى آتيكم , فانطلق ثم جاءنا وهو سقيم , فقال: إنى أتيت قبر أم محمد ... " الحديث نحوه.
وأيوب هذا ضعيف , لكن تابعه سفيان (وهو الثورى) عن علقمة بن مرثد عن سليمان ابن بريدة عن أبيه قال: " لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة , أتى حرم قبر فجلس إليه , فجلس (الأصل: فجعل) كهيئة المخاطب وجلس الناس حوله , فقام وهو يبكى , فتلقاه عمر ـ وكان من أجرأ الناس عليه , فقال: بأبى أنت وأمى يا رسول الله ما الذى أبكاك؟ قال: هذا قبر أمى , سألت ربى الزيارة فأذن لى , وسألته الاستغفار فلم يأذن لى , فذكرتها فذرفت نفسى فبكيت , قال: فلم ير يوما كان أكثر باكيا منه يومئذ " أخرجه ابن أبى شيبة (4/139) : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدى عن سفيان به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم أيضا إلا الأسدى هذا , هو ثقة كما قال ابن معين وأبو داود وغيرهما , ولم يتفرد به , فقد أخرجه أحمد (5/359 , 361) من طريق أبى جناب عن سليمان بن بريدة عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح , فخرج يمشى إلى القبور , حتى إذا أتى إلى أدناها جلس إليه كأنه يكلم إنسانا ... " الحديث نحوه.
ورجاله ثقات غير أن أبا جناب هذا , واسمه يحيى بن أبى حية , قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعفوه لكثرة تدليسه ".
وسليمان بن بريدة , قد تابعه أخوه عبد الله , وعنه سلمة بن كهيل بلفظ: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها , فإن فى زيارتها عظة وعبرة ".(3/225)
أخرجه أحمد (5/356) من طريق محمد بن إسحاق عن سلمة به.
ورجاله ثقات لولا عنعنة ابن إسحاق. لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه النسائى (1/286) من طريق أخرى عن المغيرة بن سبيع حدثنى عبد الله بن بريدة به بلفظ: " ... فمن أراد أن يزور فليزر , ولا تقولوا هجرا ".
والمغيرة هذا ثقة , وكذلك بقية الرجال فالسند صحيح.
وفى الباب أحاديث أخرى فى الحض على الزيارة قد ذكرتها فى كتابى " أحكام الجنائز وبدعها " (1) المبحث (108) .
(773) - (حديث: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... " (ص 179) .
* صحيح متواتر.
ورد عن جماعة من الصحابة , منهم أبو هريرة , وأبو سعيد الخدرى , وأبو بصرة الغفارى , وعبد الله بن عمر , وعبد الله بن عمرو , وأبى الجعد الضمرى , وعلى.
1 ـ أما حديث أبى هريرة , فله عنه طرق:
الأولى: عن سعيد بن المسيب عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام , ومسجد الرسول ومسجد الأقصى ".
أخرجه البخارى (1/299) ومسلم (4/126) وأبو نعيم فى " مستخرجه " (21/187/1) وأبو داود (2033) والنسائى (1/114) وابن ماجه (1409) والطحاوى فى " المشكل " (1/244) والبيهقى (5/244) وأحمد (2/234 , 238 , 278) والخطيب فى " تاريخه " (9/222) كلهم عن الزهرى عنه.
__________
(1) وهو من طبع المكتب الإسلامى.(3/226)
الثانية: عن سلمان الأغر أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة , ومسجدى , ومسجد إيلياء " رواه مسلم وأبو نعيم فى " المستخرج " والبيهقى.
الثالثة: عن أبى سلمة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحال ... " الحديث.
أخرجه الدارمى (1/330) والطحاوى (1/245) وأحمد (2/151) من طريق محمد بن عمرو عنه.
قلت: وهذا سند حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن محمد بن عمرو هذا إنما أخرجا له متابعة , لكن تابعه يحيى بن أبى كثير حدثنى أبو سلمة , حدثنى أبو هريرة قال: " لقيت أبا بصرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لى: من أين أقبلت؟ قلت: من الطور حيث كلم الله موسى , فقال: لو لقيتك قبل أن تذهب أخبرتك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحديث.
أخرجه الطحاوى (1/244) بسند جيد.
وتابعه الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن مقتصرا على المرفوع فقط.
أخرجه الطحاوى بسند صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: " أتيت الطور فوجدت ثمّ كعبا , فمكثت أنا وهو يوما أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويحدثنى عن التوراة , فقلت له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة , فيه خلق آدم , وفيه أهبط , وفيه تبب [1] عليه وفيه قبض , وفيه تقوم الساعة , ما على الأرض من دابة إلا وهى تصبح يوم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تيب}(3/227)
الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس, شفقا من الساعة , إلا ابن آدم , وفيه ساعة لا يصادفها مؤمن وهو فى الصلاة يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه , فقال كعب ذلك يوم فى كل سنة , فقلت: بل هى فى كل جمعة , فقرأ كعب التوراة ثم قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم هو فى كل جمعة , فخرجت , فلقيت بصرة ابن أبى بصرة الغفارى , فقال: من أين جئت؟ قلت: من الطور , قال: لو لقيتك من قبل أن تأتيه لم تأته , قلت له: ولم؟ قال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تعمل المطى إلا إلى ثلاثة مساجد ... " الحديث.
أخرجه مالك (1/108 ـ 109/16) والنسائى (1/210) بسند صحيح وكذا أحمد (6/7) , وروى الطحاوى (1/242) موضع الشاهد المرفوع.
وتابعه عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى أن أبا بصرة لقى أبا هريرة , وهو جار , فقال: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من الطور صليت فيه , قال: أما إنى لو أدركتك لم تذهب , إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تشد الرحال ... " الحديث.
أخرجه الطيالسى (1348 , 2506) وأحمد (6/7) بسند صحيح.
الرابعة: عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى هريرة أنه قال: " أتيت الطور , فصليت فيه , فلقيت جميل بن بصرة الغفارى فقال: من أين جئت؟ فأخبرته , فقال: لو لقيتك قبل أن تأتيه ما جئته , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تضرب المطايا إلا إلى ثلاثة مساجد ... " الحديث.
أخرجه الطحاوى (1/242 ـ 243 , 243) وسنده صحيح.
ورواه الطبرانى فى " الأوسط " (1/114/2) من هذا الوجه لكنه قال: " عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى أن أبا بصرة جميل بن بصرة لقى أبا(3/228)
هريرة وهو مقبل من الطور ... ".
فجعله من مسند أبى بصرة فيما يظهر , وقد جاء من طريق أخرى عنه من مسنده صراحة كما يأتى عند الكلام على حديثه إن شاء الله تعالى.
الخامسة: عن خثيم بن مروان عن أبى هريرة مرفوعا به إلا أنه قال: " مسجد الخيف " , بدل " مسجد الرسول ". وقال: " لم يذكر مسجد الخيف إلا فى هذا ".
قلت: وهو منكر , لمخالفته لسائر الطرق والأحاديث , وتفرد خثيم به , وهو ضعيف كما قال الأزدى , وذكره العقيلى فى " الضعفاء " (124) .
(تنبيه) : تقدم فى رواية التيمى تسمية أبى بصرة ب " بصرة بن أبى بصرة " وهو وهم. والصواب أنه: جميل بن بصرة كما فى رواية المقبرى , وكنيته: أبو بصرة كما فى رواية الآخرين , وقد جمعت بينها وبين تسميته على الصواب رواية الطبرانى عن سعيد المقبرى.
2 ـ وأما حديث أبى سعيد فله عنه أربع طرق:
الأولى: عن قزعة عنه بلفظ حديث أبى هريرة الأول.
أخرجه البخارى (1/301 , 466 , 497) ومسلم (4/102) وأبو نعيم فى مستخرجه (20/176/1) والترمذى (2/148 ـ شاكر) وابن ماجه (1410) والطحاوى وأحمد (3/7 , 34 , 45 , 51 ـ 52 , 77) والخطيب (11/195) كلهم عنه باللفظ المشار
إليه إلا مسلما فإنه قال: " لا تشدوا ... ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح".
الثانية: عن مجالد: حدثنى أبو الوداك عن أبى سعيد به. أحمد (3/53) وهذا سند جيد فى المتابعات.
الثالثة: عن عكرمة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد الخدرى به.(3/229)
أخرجه أحمد (3/71) ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة هذا , فلم أعرفه , ولم يورده الحافظ فى " التعجيل ".
4 ـ عن شهر قال: لقينا أبا سعيد ونحن نريد الطور , فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تشد المطى إلا إلى ثلاثة مساجد ... " الحديث.
أخرجه أحمد (3/93) : حدثنا أبو معاوية حدثنا ليث عن شهر.
وهذا سند لا بأس به فى المتابعات والشواهد.
ورواه عبد الحميد حدثنى شهر به إلا أنه زاد فى المتن زيادة منكرة , فقال: " لا ينبغى للمطى أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام
... ".أخرجه أحمد (3/64) , فقوله: " إلى مسجد " زيادة فى الحديث , لا أصل لها فى شىء من طرق الحديث عن أبى سعيد ولا عن غيره , فهى منكرة , بل باطلة , والآفة إما من شهر فإنه سىء الحفظ , وإما من عبد الحميد , وهو ابن بهرام , فإن فيه كلاما , وهذا هو الأقرب عندى , فقد رواه ليث عن شهر بدون الزيادة كما سبق.
3 ـ وأما حديث أبى بصرة , فيرويه عنه أبو هريرة كما تقدم فى الطريق الثالثة عن أبى هريرة.
وقد وجدت له عنه طريقا أخرى يرويه مرثد بن عبد الله اليزنى عن أبى بصرة الغفارى قال: " لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلى فيه , قال: فقلت له: لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت , قال: فقال: ولم؟ قال: فقلت: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تشد الرحال ... ".(3/230)
أخرجه أحمد (6/398) وسنده حسن.
4 ـ وأما حديث ابن عمر فله عنه طريقان:
الأولى عن قزعة أيضا قال: " أردت الخروج إلى الطور , فسألت ابن عمر؟ فقال: أما علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث؟ وقال: ودع عنك الطور فلا تأته ".
أخرجه الأزرقى فى " أخبار مكة " (ص 304) بإسناد صحيح , ورجاله رجال الصحيح.
الثانية: عن نافع عنه , المرفوع فقط.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/114/1) من طريق على بن سيابة حدثنا على بن يونس البلخى حدثنا هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر به.
وقال: " تفرد به على بن سيابة ".
قلت: ولم أجد له ترجمة , ولعله فى ثقات ابن حبان , فقد عزاه الهيثمى (4/4) للطبرانى فى " الكبير " أيضا وقال: " ورجاله ثقات ".
على أنه لم يتفرد به , فقد أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (301) من طريق الفضل ابن سهل قال: حدثنا على بن يونس البلخى به. ذكره فى ترجمة البلخى هذا , وقال: " ولا يتابع عليه , وهو معروف بغير هذا الإسناد ".
قلت: والبلخى هذا , أورده ابن أبى حاتم (3/1/209) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " كما يشعر به قول الهيثمى المتقدم , وصرح بذلك فى " اللسان ".
5 ـ وأما حديث عبد الله بن عمرو , فيرويه قزعة أيضا , قرنه بأبى سعيد الخدرى.(3/231)
أخرجه ابن ماجه (1410) ورجاله ثقات.
6 ـ وأما حديث أبى الجعد , فيرويه عنه عبيدة بن سفيان (1) الحضرمى.
أخرجه الطحاوى (1/244) بسند حسن ورواه الطبرانى أيضاً فى " الأوسط " (1/114/1)
7 ـ وأما حديث على فيرويه عنه حجية بن عدى مرفوعا.
أخرجه الطبرانى فى " الصغير " (ص 98) و" الأوسط " (1/114/1) وقال: " تفرد به إسماعيل بن يحيى ".
قلت: وهو متروك , وأبوه يحيى ضعيف اتفاقا , وحجية بن عدى , قال أبو حاتم: " شيخ لا يحتج بحديثه شبه المجهول ".
8 و9 ـ وأما حديث المقدام وأبى أمامة فيرويه عنهما شريح بن عبيد.
أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/308) من طريق الطبرانى حدثنا موسى حدثنا محمد بن المبارك حدثنا إسماعيل بن عياش عن زيد بن زرعة عنه.
قلت: وهذا سند رجاله ثقات غير موسى وهو ابن عيسى بن المنذر الحمصى , قال النسائى: " لا أحدث عنه شيئاً , ليس هو شيئا ".
(774) - (حديث ابن عباس مرفوعا: " ولعن الله زوارات القبور " رواه أصحاب السن [1] .
* صحيح.
وقد روى عن ابن عباس , وأبى هريرة وحسان بن ثابت.
1 ـ أما حديث ابن عباس , فتقدم الكلام عليه (رقم 761) .
2 ـ وأما حديث أبى هريرة , فقال أبو داود الطيالسى (2358) "حدثنا
__________
(1) الأصل (شفيق) وهو تصحيف.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: السنن}(3/232)
أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه عنه مرفوعا به".
وكذا أخرجه الترمذى (1/196) وابن ماجه (1576) والبيهقى (4/78) وأحمد (2/337) من طرق عن أبى عوانة به إلا أنهم قالوا ـ غير البيهقى ـ " وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر هذا , وهو ابن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال فى " التقريب ": " صدوق يخطىء ". ومن طريقه رواه ابن حبان أيضا فى " صحيحه " كما فى " الترغيب " (4/181) .
وأما حديث حسان , فيرويه سفيان الثورى عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور ".
رواه ابن ماجه (1574) وابن أبى شيبة (4/141) والحاكم (1/374) والبيهقى وأحمد (3/442) وسكت عليه الحاكم والذهبى. وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 98/2) : " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات ".
قلت: ابن بهمان لم يرو عنه غير ابن خيثم هذا , ولذلك قال ابن المدينى " لا تعرفه [1] " , وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " على قاعدته , ووافقه العجلى , وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبول " يعنى عند المتابعة , فالحديث صحيح لغيره , والله أعلم.
(775) - (حديث: " أن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضى الله عنهما ". رواه الأثرم (ص 180) .
* صحيح.
أخرجه الحاكم (1/376) وعنه البيهقى (4/78) من طريق بسطام بن مسلم عن أبى التياح يزيد بن حميد عن عبد الله بن أبى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: نعرفه}(3/233)
مليكة: " أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر , فقلت لها: يا أم المؤمين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخى عبد الرحمن بن أبى بكر , فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم , ثم أمر بزيارتها " سكت عليه الحاكم , وقال البيهقى: " تفرد به بسطام بن مسلم البصرى".
قلت: وهو ثقة اتفاقا , فالحديث صحيح , وكذلك قال الذهبى.
والحديث عزاه المؤلف للأثرم , وتبع فى ذلك مجد الدين فى " المنتقى " , وقال الحافظ العراقى فى " تخريج الإحياء " (4/418) : " رواه ابن أبى الدنيا فى " القبور " بإسناد جيد ".
قلت: ورواه ابن ماجه (1570) من هذا الوجه عنها مختصرا بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فى زيارة القبور ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 98/1) : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ".
قلت: وتابعه ابن جريج عن عبد الله بن أبى مليكة , قال: " توفى عبد الرحمن بن أبى بكر ب (حبشى) [قال ابن جريج: الحبشى على اثنى عشر ميلا من مكة] , قال: فحمل على مكة , فدفن , فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبى بكر فقالت:
وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن نتصدعا
فلما تفرقنا كأنى ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ثم قالت: " والله لو حضرتك ما دفنتك إلا حيث مت , ولو شهدتك ما زرتك ".(3/234)
أخرجه ابن أبى شيبة (4/140) والزيادة له والترمذى (1/196) وسكت عليه , ولا أدرى السبب , فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , فهو على طريقته صحيح , ولولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه , لحكمت عليه بالصحة , والله أعلم.
ومما يشهد للحديث ما سيأتى فى الحديث الذى يليه عن عائشة إنها سألت النبى صلى الله عليه وسلم إذا هى زارت القبور كيف تقول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين ... " فهى إذن كانت تزور القبور فى حياته عليه الصلاة والسلام وباقراره بل وتعليمه فلو أن ذلك كان قبل النهى لما خفى ذلك عليها , ولم يحتج بالأمر بزيارتها , لو أنه كان قبل النهى ,
والله أعلم.
(776) - (الأخبار الواردة بما يقول زائر القبور , عن أبى هريرة , وبريدة , وغيرهما. رواها أحمد ومسلم (ص 180) .
* صحيح.
أما حديث أبى هريرة فلفظه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين , وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ".
أخرجه مسلم (1/150) ومالك (1/28/28) وأبو داود (3237) من طريقه وكذا النسائى (1/35) وابن السنى (189) وأحمد (2/300 , 375 , 408) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه.
وله عند ابن السنى طريق أخرى عنه , لكن فيها يزيد بن عياض وهو متروك فلذلك أعرضت عن ذكر لفظه.
وأما حديث بريدة فلفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر: يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين , وإنا إن شاء الله بكم للاحقون , أنتم لنا فرط , ونحن لكم تبع , فنسأل الله لنا ولكم العافية ".(3/235)
أخرجه مسلم (3/64 ـ 65) والنسائى (1/287) وابن ماجه (1547) وابن أبى شيبة (4/138) وابن السنى (582) وأحمد (5/353 , 359 ـ 360) والسياق له وهو أتم , وإسناده صحيح على شرط مسلم.
3 ـ وفى الباب عن عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين , وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون , وإنا إن شاء الله بكم لاحقون , اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد [1] ". أخرجه مسلم (3/63) واللفظ له , والنسائى وابن السنى وأحمد (6/180) إلا أنهم قالوا: " وإنا وإياكم وما توعدون غدا مؤجلون ".
ولفظ النسائى: " وإنا وإياكم متواعدون غدا مؤجلون " , ولفظ ابن السنى وأحمد " وإنا وإياكم وما توعدون غداً مؤجلون " وهذا الاختلاف إنما هو فى نقدى من رواية شريك بن أبى نمر , فإن فيه ضعفاً , وهو الذى ذكر فى حديث المعراج أنه كان مناما , وزاد فيه غير ذلك مما لا يتابع عليه كما حققته فى التعليق على " شرح العقيدة الطحاوية " , وزاد ابن السنى فى آخره: " يستغفر لهم مرتين أو ثلاثا ".
وفى رواية عنها , فى حديث لها قالت: " قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولى: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين , ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين , وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ".
أخرجه مسلم (3/64) والنسائى (1/286 ـ 287) وأحمد (6/221) وله طريق أخرى عنها نحوه وزيادة:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الغرقد}(3/236)
" اللهم لا تحرمنا أجرهم , ولا تفتنا بعدهم ".
رواه ابن ماجه (1546) والطيالسى (رقم 1429) وأحمد (6/76 , 71 , 111) وابن السنى , وفيه شريك القاضى وهو سىء الحفظ وقد اضطرب فى سنده كما بينته فى " التعليقات الجياد على زاد المعاد ".
(777) - (حديث: " أفشوا السلام " (ص 180) .
* صحيح متواتر.
وقد جاء من حديث أبى هريرة , والزبير , وابنه عبد الله , وعبد الله بن سلام , وعبد الله بن عمرو , والبراء بن عازب , وعبد الله بن عمر , وجابر بن عبد الله , وأبى الدرداء , وعبد الله بن عباس , وعبد الله بن مسعود.
1 ـ أما حديث أبى هريرة فيرويه أبو صالح عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أو لا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم , أفشوا السلام بينكم ".
رواه مسلم (1/53) وأبو عوانة (1/30) وأبو داود (5193) وابن ماجه (3692) وأحمد (2/391 , 442 , 447 , 495 , 512) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وتابعه عبد الرحمن بن يعقوب الجهنى عن أبى هريرة به.
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " رقم (980) وإسناده صحيح.
وله حديث آخر , يرويه عنه أبو ميمونة عنه قال: " قلت: يا رسول الله! إنى إذا رأيتك طابت نفسى , وقرت عينى , فأنبئنى عن كل
شىء , فقال: كل شىء خلق من ماء , قال: قلت: يا رسول الله أنبئنى عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة , قال: أفش السلام , وأطعم الطعام , وصل الأرحام , وقم بالليل والناس نيام , ثم أدخل الجنة بسلام ".(3/237)
أخرجه أحمد (2/295 , 323 ـ 324 , 324 , 493) والحاكم (4/192) من طريق قتادة عن أبى ميمونة.
قلت: وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبى ميمونة وهو ثقة كما فى " التقريب " وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
وحديث ثالث له , يرويه محمد بن زياد عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أفشوا السلام , وأطعموا الطعام , واضربوا الهام تورثوا الجنان ".
أخرجه الترمذى (1/340) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: كذا قال: وفيه عثمان بن عبد الرحمن الجمحى وقد قال البخارى فيه " مجهول " , وقال أبو حاتم: " ليس بالقوى , يكتب حديثه , ولا يحتج به "
2 ـ وأما حديث الزبير , فيرويه يحيى بن أبى كثير أن يعيش بن الوليد حدثه أن مولى لآل الزبير حدثه , أن الزبير بن العوام رضى الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والغضاء , والبغضاء هى الحالقة , لا أقول تحلق الشعر , ولكن تحلق الدين , والذى نفسى بيده , لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أفلا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم؟ أفشوا السلام بينكم ".
أخرجه الترمذى (2/83) وأحمد (1/165 , 167) ورجاله ثقات غير مولى الزبير فلم أعرفه , وأشار ابن أبى حاتم إلى إعلاله به , نقلا عن أبى زرعة , فراجع كتاب " علل الحديث " له (4/327) .
3 ـ وأما حديث ابن الزبير فلفظه مثل حديث أبيه المتقدم.(3/238)
رواه البزار بإسناد جيد كما فى " الترغيب " (3/266) .
4 ـ وأما حديث عبد الله بن سلام فهو من رواية زرارة بن أوفى عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجئت فى الناس لأنظر إليه , فلما استثبت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجه ليس بوجه كذاب , وكان أول شىء تكلم
به أن قال: أيها الناس أفشوا السلام , وأطعموا الطعام , وصَلّوا والناس نيام , تدخلون الجنة بسلام ".
أخرجه الترمذى (2/79) والدارمى (2/275) وابن ماجه (1334 , 3251) وأحمد (5/451) وابن السنى (211) بسند صحيح وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
5 ـ وأما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه عطاء بن السائب عن أبيه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعبدوا الرحمن , وأطعموا الطعام , وأفشوا السلام , تدخلوا الجنة بسلام ".
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (981) والترمذى (1/340) وابن ماجه (3694) وابن حبان فى صحيحه كما فى " الترغيب " (3/266) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وعطاء بن السائب ثقة لكنه كان اختلط.
6 ـ وأما حديث البراء فيرويه قنان بن عبد الله النهمى عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفشوا السلام تسلموا ".
رواه البخارى فى " الأدب المفرد " (787 , 979 , 1266) وأحمد(3/239)
(4/286) والعقيلى (365) وأبو حامد بن بلال النيسابورى فى " أحاديثه " (ق 15/1) وعبد الرحيم الشرابى فى " أحاديث أبى اليمان وغيره " (ق 83/1) وأبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/277) والقضاعى (ق 61/1) والضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 71/1) .
قلت: وهذا سند حسن رجال ثقات غير قنان , فقد وثقه ابن معين وابن حبان , وقال النسائى: " ليس بالقوى ".
7 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر فيرويه ابن جريج عن سليمان بن موسى حدثنا نافع عن ابن عمر مرفوعا: " أفشوا السلام , واطعموا الطعام , وكونوا إخوانا كما أمركم الله عز وجل ".
أخرجه النسائى فى " القضاء " من " السنن الكبرى " (4/4/2) وابن ماجه (3252) وابن عدى (ق 157/1) وأبو الحسن الحربى فى " حديثه " المعروف بـ " الحربيات " (1/18/1) وقال البوصيرى فى " الزوائد ": " إسناده صحيح رجاله ثقات إن كان ابن جريج سمعه من سليمان بن موسى ".
قلت: فى رواية للنسائى: " قال سليمان بن موسى أخبرنى عن نافع ... "
فهذا قد يؤخذ منه أنه سمعه منه على اعتبار أن قول " أخبرنى " هو من قول ابن جريج نفسه لكن الظاهر أنه من قول سليمان , لكن يشكل عليه قوله " عن " فهذا يؤيد الأول , فلعل قوله " أخبرنى " تحريف من بعض النساخ والصواب " أخبرتُ " بالبناء للمجهول. ويؤيده أن فى رواية ابن ماجه " قال سليمان بن موسى " حدثنا عن نافع " , وحينئذ فالإسناد منقطع فى موضعين بين ابن جريج وسليمان , وبين هذا ونافع , وعليه فلا يصح كلام البوصيرى المتقدم كما هو ظاهر , والله تعالى أعلم.(3/240)
وللحديث طريق أخرى بلفظ: " أفشوا السلام فإنه لله رضا ".
رواه ابن عدى (ق 172/1) عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع به. وقال: " سالم معروف بحديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم ربط فى أصبعه خيطا ".
وقد أنكره عليه ابن معين وغيره , وحدث عطاء أيضاً بأشياء أنكروها عليه ".
قلت: وقد اتهمه غير واحد بالوضع , فانظر شيئا من أقوالهم فيه فى حديث الخيط المشار إليه فى " الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (رقم 264) .
8 ـ وأما حديث جابر , فيرويه محمد بن ثابت حدثنا محمد بن المنكدر عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة , قالوا: يا نبى الله ما الحج المبرور؟ قال: إطعام الطعام , وإفشاء السلام "
رواه أحمد (3/325 , 334) , ومحمد بن ثابت هو العبدى , قال الحافظ: " صدوق لين الحديث ".
9 ـ وأما حديث أبى الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفشوا السلام كى تعلوا ".
رواه الطبرانى بإسناد حسن كما فى " الترغيب " (3/267) .
10 ـ وأما حديث البراء بن عازب , فقد تقدم برقم (685) وفيه " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ... وإفشاء السلام ".
11 ـ وأما حديث ابن عباس فتقدم أيضا برقم (684) وفيه: " والدرجات: بذل الطعام , وإفشاء السلام , والصلاة بالليل والناس نيام ".
12 ـ وأما حديث ابن مسعود , فيرويه مجاعة بن الزبير عن إسماعيل بن(3/241)
عبد العزيز عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا: " أفشوا السلام بينكم , فإنه تحية أهل الجنة , وإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم , كان له عليهم فضل درجة , إن ردوا , فإن لم يردوا رد عليه من هو خير منهم: الملائكة " أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/297) .
قلت: وهذا سند ضعيف , مجاعة هذا قال أحمد: " لم يكن به بأس ".
وضعفه الدارقطنى , وقال ابن عدى: " هو ممن يحتمل , ويكتب حديثه ".
(778) - (حديث على مرفوعا: " يجزىء عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم , ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم " رواه أبو داود (ص 180) .
* حسن.
رواه أبو داود (5210) والمحاملى فى " الأمالى " (5/62/2) وأبو بكر الشافعى فى " الفوائد " (7/89/1) وأبو يعلى فى " مسنده " (31/2) وأبو سعيد النيسابورى فى " الأربعين " , الحديث الرابع , وابن السنى (220) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (1/214 ـ 215) من طريق سعيد بن خالد الخزاعى قال: حدثنى عبد الله بن المفضل حدثنا عبيد الله بن أبى رافع عن
على بن أبى طالب مرفوعا. وقال النيسابورى: " هذا حديث حسن ".
قلت: ولعله يعنى: حسن لغيره , وإلا فقد قال الضياء عقبه: " سعيد بن خالد ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم , وقال الدارقطنى , والحديث غير ثابت , تفرد به سعيد بن خالد , وليس بالقوى ".
قلت: وفى " التقريب ": " ضعيف ".
قلت: وقد وجدت له شاهدين , أحدهما عن أبى سعيد , والآخر عن ابن عباس , وثالث من حديث الحسن بن على.(3/242)
أما حديث أبى سعيد , فقال أبو سهل القطان فى " حديثه " (4/246/2) : حدثنا أبو سهل الأهوازى حدثنا كثير بن يحيى حدثنا حفص بن عمر بن رزين الرقاشى حدثنا عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب عن أبيه عن جده قال: حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عنه قال: " قيل يا رسول الله القوم يأتون الدار فيسلم رجل منهم , ويستأذنون أيجزىء عنهم جميعا؟ قال: نعم , قال: فيرد رجل منهم من أهل الدار أيجزىء ذلك عنهم؟ قال: نعم , قال: فالقوم يمرون فيسلم رجل على رجل أيجزىء ذلك عنهم جميعا؟ قال: نعم , قال: فالقوم يسلم عليهم فيرد رجل من القوم أيجزىء ذلك عنهم جميعا؟ قال: نعم ".
قلت: وهذا سند رجاله ثقات غير أبى سهل الأهوازى فلم أعرفه , وحفص بن عمر بن رزين (1) , كذا فى الأصل وأظنه هو ابن ربال الرقاشى تصحف على الناسخ (ربال) إلى (رزين) فان كان كذلك فهو ثقة , وإن كان غيره فلم أعرفه.
وكثير بن يحيى مترجم فى " الجرح " و" اللسان ". ثم رأيت ابن السنى رواه (230) من طريق أخرى عن حفص بن عمرو بن زريق القرشى المدنى به فالظاهر أنه غير الربالى , والله أعلم.
وأما حديث ابن عباس , فأخرجه أبو محمد الجوهرى فى " حديث ابن حيويه " (3/127/1) من طريق عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عنه به نحوه.
وعباد هذا متروك.
وأما حديث الحسن بن على , فعزاه الهيثمى (8/35) للطبرانى وقال: " وفيه كثير بن يحيى وهو ضعيف ".
ولم أجده فى الطبرانى الكبير لا فى مسند الحسن ولا فى مسند الحسين , والله أعلم.
__________
(1) كذا فى الأصل أيضا. وهو كذلك فى " التقريب " وفى " الجرح " و" التهذيب " (عمرو) بفتح العين , والله أعلم.(3/243)
ولعل الحديث بهذه الطرق يتقوى فيصير حسنا , بل هذا هو الظاهر والله أعلم.
(779) - (حديث أبى هريرة مرفوعا:" إذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله " (ص 181) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/165) وفى " الأدب المفرد " (رقم 919 , 928) والترمذى (2/124 ـ 125) وأحمد (2/428) من طريق المقبرى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يحب العطاس , ويكره التثاؤب , فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته , وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان , فليرده ما استطاع , فإذا قال: ها , ضحك منه الشيطان ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
واستدركه الحاكم (4/263 ـ 264) وصححه ووافقه الذهبى فوهم فى استدراكه على البخارى.
(780) - (وعنه أيضا: " إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال , وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله , ويقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم " رواه أبو داود (ص 181) .
* صحيح.
رواه أبو داود (5033) : حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الله بن دينار , عن أبى صالح عن أبى هريرة به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , لكن قوله " على كل حال " شاذ فى هذا الحديث , فقد أخرجه البخارى فى صحيحه (4/165) وفى(3/244)
" الأدب المفرد " (927) بدونها فقال: حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن أبى سلمة به.
بل أخرجه فى " الأدب المفرد " (921) بسند أبى داود بدونها فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل به. وكذلك أخرجه أحمد (2/353) وابن السنى (249) من طريق النسائى والإسماعيلى وأبو نعيم فى " المستخرج " من طرق أخرى عن عبد العزيز بن أبى سلمة به دون الزيادة أيضا , فهى شاذة قطعا , وقد أشار إلى ذلك الحافظ فى " الفتح " (10/502) .
وأخرجه الخطيب (8/34) من طريق حبيب كاتب مالك بن أنس: حدثنا عبد الله بن عامر عن عبد الله بن دينار به.
لكن حبيب هذا قال ابن أبى حاتم (1/2/100) : " قال أبى: " متروك الحديث " روى عن ابن أخى الزهرى أحاديث موضوعة ".
بيد أن هذه الزيادة صحيحة لورودها فى أحاديث أخرى من رواية ابن عمر , وعلى بن أبى طالب أو أبى أيوب الأنصارى , وسالم بن عبيد. أما حديث ابن عمر , فيرويه نافع أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر , فقال: الحمد لله , والسلام على رسول الله قال ابن عمر: وأنا أقول: " الحمد لله والسلام على رسول الله , وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال ".
أخرجه الترمذى (2/123) والحارث بن أبى أسامة فى مسنده (ص 200 من زوائده) والحاكم (4/265 ـ 266) وقال: " صحيح الإسناد , غريب ".
وقال الترمذى: " غريب , لا نعرفه إلا من حديث زياد بن الربيع ".
قلت: وهو ثقة من رجال البخارى , وبقية الرجال ثقات , فالإسناد صحيح.
وأما حديث على , فيرويه محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن أخيه(3/245)
عيسى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال , وليقل له من عنده: يرحمك الله , ويرد عليهم: يهديكم الله ويصلح بالكم ".
أخرجه الترمذى (2/124) والحاكم (4/266) وأحمد (1/120 , 122) وأبو نعيم فى " الحلية " (8/390) .
وهذا سند رجاله ثقات لكن ابن أبى ليلى سىء الحفظ , وقد كان يضطرب فى إسناده ,
فتارة يجعله من مسند على , كما فى هذه الرواية , وتارة يجعله من مسند أبى أيوب الأنصارى.
رواه كذلك الترمذى والدارمى (2/283) وابن ماجه (3715) والحاكم وأحمد (5/419 , 422) وفى " المسائل " لابنه عبد الله (ص 34) وابن السنى (85) وأبو نعيم (7/163) , وفى رواية لأحمد (1/122) من طريق يحيى عن ابن أبى ليلى به عن على. وزاد فى آخره: " فقلت له: عن أبى أيوب؟ قال: على رضى الله عنه ".
وأما حديث سالم بن عبيد فيرويه عنه رجل من آل خالد بن عرفطة عن آخر قال: " كنت مع سالم بن عبيد فى سفر فعطس رجل , فقال: السلام عليكم , فقال: عليك وعلى أمك , ثم سار , فقال: لعلك وجدت فى نفسك قال: ما أردت أن تذكر أمى , قال: لم أستطع إلا أن أقولها , كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر , فعطس رجل , فقال: السلام عليك , فقال: عليك وعلى أمك , ثم قال: إذا عطس
أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال أو الحمد لله رب العالمين , وليقل له: يرحمكم الله , أو يرحمك الله ـ شك يحيى ـ وليقل: يغفر الله لى ولكم ".
أخرجه أحمد (6/7 ـ 8) عن هلال بن يساف عن الرجل.
ورواه أبو(3/246)
داود (5031) والترمذى (2/123) والحاكم (4/267) وابن السنى (265) عنه - أعنى: هلالا - عن سالم , بإسقاط الرجلين , وبعضهم أسقط أحدهما.
وذكر الحاكم أن هلالا لم يدرك سالما فالإسناد ضعيف لانقطاعه , أو لجهالة الواسطة بينهما.(3/247)
كتاب الزكاة
[الأحاديث من 781 - 790]
(781) - (حديث: " بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة وصوم رمضان , وحج البيت " متفق عليه.
* صحيح.
وقد ورد من حديث عبد الله بن عمر , وجرير بن عبد الله البجلى , وعبد الله بن عباس.
1 ـ أما حديث ابن عمر فله عنه طرق:
الأولى: عن عكرمة بن خالد أن رجلا قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو؟ فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه البخارى (1/10) ومسلم (1/35) والنسائى (2/268) والترمذى
(2/101) وأحمد (2/143) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعد بن عبيدة عنه مرفوعا به , إلا أنه قال: " على أن يعبد الله ويكفر بما دونه ". بدل الشهادة , والباقى مثله سواء.
أخرجه مسلم والبيهقى (4/199) .
الثالثة: عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا به.
أخرجه مسلم وأحمد (2/120) .
الرابعة: عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن ما(3/248)
حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد فى سبيل الله , قد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا ابن أخى! بنى الإسلام على خمس. الحديث.
أخرجه البخارى (3/204) , هكذا موقوفا عليه , وهو فى حكم المرفوع , وإنما لم يصرح برفعه اكتفاء بشهرته عند السامع.
الخامسة: عن حبيب بن أبى ثابت عنه مرفوعا به.
أخرجه الترمذى (2/100 ـ 101) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الخامسة: عن يزيد بن بشر عنه به. وزاد فى آخره: " قال: فقال له رجل: والجهاد فى سبيل الله؟ قال ابن عمر: الجهاد حسن ,
هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه أحمد (2/26) , ورجاله ثقات غير يزيد هذا فإنه مجهول كما قال أبو حاتم, وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات ".
السادسة: عن أبى سيود العبدى عنه مرفوعا به. وزاد أيضا: " قلت: يا أبا عبد الرحمن ما تقول فى الجهاد؟ قال: من جاهد فإنما يجاهد
لنفسه ".
أخرجه أحمد (2/93) وأبو سويد هذا مجهول , وكذلك الراوى عنه بركة بن يعلى التيمى.
2 ـ وأما حديث جرير , فيرويه الشعبى عنه مرفوعا به.
أخرجه أحمد (4/363) والطبرانى فى " الكبير " (1/113) من طريق جابر عن الشعبى به.
قلت: ورجاله ثقات غير جابر هذا وهو الجعفى وقد ضعف بل اتهم. لكن تابعه داود بن يزيد الأودى وهو ضعيف أيضا.(3/249)
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (1/113/1) .
وتابعه عبد الله بن حبيب بن أبى ثابت أيضا.
أخرجه فى " الكبير " عن سورة بن الحكم , وفى " الصغير " (ص 161) عن أشعث بن عطاف كلاهما عن عبد الله به.
وهذا سند حسن سورة بن الحكم ترجم له ابن أبى حاتم (2/1/327) والخطيب (9/227 ـ 228) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وقد روى عنه جماعة.
وأشعث بن عطاف قال ابن عدى: " لا بأس به ".
وأما عبد الله بن حبيب فثقة احتج به مسلم.
3 ـ وأما حديث ابن عباس , فيرويه عمرو بن مالك عن أبى الجوزاء عن ابن عباس , ولا أعلم إلا رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: " بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله , والصلاة , وصيام رمضان , فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال الدم ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/177/2) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن عمرو به.
قلت: وهذا سند ضعيف , عمرو بن مالك هذا هو أبو مالك النكرى أورده ابن أبى حاتم (3/1/259) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأما ابن حبان , فذكره فى " الثقات " (2/212) ولكنه قال: " يعتبر بحديثه ".
قلت: والاعتبار والاستشهاد بمعنى واحد تقريبا , ففيه إشارة إلى أنه لا يحتج به إذا تفرد , وذلك لسوء حفظه , والذى يدلك على ذلك من نفس هذا الحديث , أنه نقص منه , وزاد فيه , أما النقص , فهو أنه لم يذكر الزكاة والحج! وليس ذلك من سقط النساخ , فقد ذكر الحديث هكذا غير واحد من الحفاظ منهم السيوطى فى " الجامع الكبير " (1/392/1) .(3/250)
وأما الزيادة فهى قوله: " فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال الدم ". فهى زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها , وعدم وردها فى شىء من طرق الأحاديث المتقدمة الصحيحة.
على أننى لا أستطيع القطع بالصاق الوهم بعمرو هذا فإن فى الطريق إليه مؤمل بن إسماعيل وهو صدوق سىء الحفظ كما فى " التقريب " , فالله أعلم.
(782) - (حديث معاذ: " إنك تأتى قوما من أهل الكتاب. فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله , فإن هم أطاعوك لذلك , فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم , فترد على فقرائهم " متفق عليه (ص 182) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/352 , 369 , 380) ومسلم (1/37 ـ 38) وكذا أبو داود (1584) والنسائى (1/348) والترمذى (1/122) والدارمى (1/379) وابن ماجه (1783) وابن أبى شيبة (4/5) والدارقطنى (218) والبيهقى (4/96 , 101) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وزاد فى آخره: " فإن هم أطاعوك لذلك , فإياك وكرائم أموالهم , واتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ".
(783) - (حديث جابر مرفوعا: " ليس فى مال المكاتب زكاة حتى يعتق ". رواه الدارقطنى (ص 182) .
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى فى سننه (206) من طريق عبد الله بن بزيع عن ابن جريج عن
أبى الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف لابن بزيع هذا قال الذهبى:(3/251)
" قال الدارقطنى: ليس بمتروك , وقال ابن عدى: ليس بحجة. ومن مناكيره ... "
فذكر هذا الحديث. وعلقه البيهقى (4/109) وقال: " وهو ضعيف , والصحيح موقوف ".
قلت: والموقوف أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) وعنه البيهقى عن محمد بن بكر عن ابن جريح به موقوفا.
ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة أبى الزبير فإنه مدلس. لكن رواه أبو عبيد فى " الأموال " (457/1336) : حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله به موقوفا. وهذا سند صحيح.
ثم روى من طريق عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر قال: " ليس فى مال المكاتب ولا العبد زكاة ".
والعمرى ضعيف , لكن تابعه عليه أخوه عبيد الله بن عمر بلفظ: " ليس فى مال العبد (وفى رواية: مملوك) زكاة حتى يعتق ".
أخرجه البيهقى (4/108) وإسناده صحيح.
ثم روى ابن أبى شيبة عن كيسان بن أبى سعيد المقبرى قال: " أتيت عمر بزكاة مالى مائتى درهم , وأنا مكاتب , فقال: هل عتقت؟ قلت: نعم , قال: اذهب فاقسمها ".
قلت: وإسناده جيد على شرط مسلم.
(784) - (عن عائشة: " ليس فى الدين زكاة " (ص 183) .
* حسن.
رواه ابن أبى شيبة (4/32) : حماد بن خالد عن العمرى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها به.
قلت: وهذا سند ضعيف , العمرى هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف كما فى " التقريب ".(3/252)
ثم رواه من طريق أخرى عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبى مليكة عنها قالت:
" ليس فيه زكاة حتى يقبضه ".
قلت: وعبد الله بن المؤمل ضعيف أيضاً , ولكنه يتقوى بالطريق الأولى , فهو حسن إن شاء الله تعالى.
(785) - (قول على فى الدين الظنون (1) : " إن كان صادقاً فليتركه [1] إذا قبضه , لما مضى " رواه أبو عبيد (ص 183) .
* صحيح.
رواه أبو عبيد (431/1220) وعنه البيهقى (4/150) : حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة عن على رضى الله عنه.
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وقد أخرجه ابن أبى شيبة (4/32) عن يزيد بن هارون به.
وقد تابعه ابن عون عن محمد وهو ابن سيرين إلا أنه قال: " نبئت أن عليا قال: فذكره ".
(فائدة) قال أبو عبيد: " قوله (الظنون) هو الذى لا يدرى صاحبه أيقضيه الذى عليه الدين أم لا كأنه لا يرجوه ".
(786) - (وعن ابن عباس نحوه , رواه أبو عبيد (ص 183) .
* ضعيف.
قال أبو عبيد: حدثنا سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان ـ أو ابن أبى سليمان ـ عن سعيد بن أبى هلال عن أبى النضر عن ابن عباس قال فى الدين:
__________
(1) الأصل (المظنون) والتصويب من البيهقي و ((نهاية ابن الأثير)) .
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فليزكه}(3/253)
" إذا لم ترج أخذه فلا تزكه: حتى تأخذه , فإذا أخذته تزك عنه ما عليه ".
قلت: وهذا سند ضعيف , سعيد بن أبى هلال قال أحمد " يخلط فى الأحاديث " ووثقه الجمهور. وعبد الله بن سليمان , أو ابن أبى سليمان لم أجد له ترجمة وأخرج ابن أبى شيبة (4/31) والبيهقى (150) عن موسى بن عبيدة عن نافع (وقال البيهقى: عن عبد الله بن دينار) عن ابن عمر قال: " زكوا زكاة أموالكم حولا إلى حول , وما كان من دين ثقة فزكه , وإن كان من دين مظنون فلا زكاة فيه حتى يقضيه صاحبه ".
وموسى بن عبيدة ضعيف.
(787) - (حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول " رواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه (ص 184) .
* صحيح.
وله عن ابن عمر طريقان:
الأولى: عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استفاد مالا فلا زكاة عليه يحول عليه الحول عند ربه".
أخرجه الترمذى (1/123) والدارقطنى (198) والبيهقى (4/104) وقال: " وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به ". وذكر الترمذى نحوه.
الثانية: عن بقية عن إسماعيل عن عبيد الله عن نافع عنه مرفوعا بلفظ: " لا زكاة فى مال امرىء حتى يحول عليه الحول ".
أخرجه الدارقطنى وقال:(3/254)
" رواه معتمر وغيره عن عبيد الله موقوفا ".
ثم أسنده (199) من طريق معتمر عن عبيد الله به موقوفا. ثم رواه هو والترمذى والبيهقى وكذلك مالك (1/246/6) وابن أبى شيبة (4/30) من طرق عن نافع به موقوفا. وقال البيهقى وغيره: " هذا هو الصحيح: موقوف ".
قلت: وفى طريق المرفوع بقية وهو مدلس وقد عنعنه , وإسماعيل وهو ابن عباس [1] ضعيف فى روايته عن المدنيين , وهذه منها. فلا يحتج بها , وخصوصا وقد خالفه الثقات فرووه موقوفا.
وقد روى الحديث عن عائشة وأنس وعلى.
أما حديث عائشة , فيرويه حارثة بن محمد عن عمرة عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول ".
أخرجه ابن ماجه (1793) وأبو عبيد فى " كتاب الأموال " (ص 413) والدارقطنى (199) والبيهقى (4/95 , 103) من طرق عنه به.
وقال البيهقى: " ورواه الثورى عن حارثة موقوفا على عائشة , وحارثة لا يحتج بخبره ".
قلت: وكذلك رواه أبو أسامة عن حارثة به موقوفا.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) , وقد علقه العقيلى مرفوعا فى ترجمة حارثة (ص 103) وقال: " لم يتابعه عليه إلا من هو دونه ".
يعنى أنه توبع عليه ممن هو أشد ضعفا منه فى غير هذا السند , وأما فى هذا , فلم يتابعه أحد , فهو يشير إلى ضعف جميع أحاديث الباب وأنها أشد
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عياش}(3/255)
ضعفا من هذا.
وأما حديث أنس , فيرويه حسان بن سياه عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى مال زكاة حتى يحول عليه الحول "
قلت: وهذا سند ضعيف حسان هذا , قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 175) : " وهو ضعيف , وقد تفرد به عن ثابت ".
أخرجه ابن عدى (98/1 ـ 2) والدارقطنى (199) .
وأما حديث على فيرويه جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم: " ليس فى مال زكاة حتى يحول عليه الحول " أخرجه أبو داود (1573) والبيهقى (4/95) وقال الحافظ فى " التلخيص
" (ص 175) : " لا بأس بإسناده , والآثار تعضده , فيصلح للحجة ".
كذا قال , وهو مقبول لولا أن الثقات الحفاظ خالفوا جريرا فرووه عن أبى إسحاق به موقوفا على على رضى الله عنه.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) من طريق سفيان وشريك والدارقطنى (199) عن زكريا بن أبى زائدة ثلاثتهم عن أبى إسحاق به. ومن طريق بن أبى شيبة عن شريك.
رواه عبد الله بن أحمد فى زوائد مسند أبيه (1/148) .
ثم رواه ابن أبى شيبة من طريق جعفر - وهو ابن محمد بن على بن الحسين - عن أبيه عن على به.
ورجاله ثقات رجال مسلم لكنه منقطع بين محمد بن على بن الحسين وجده على , ولكنه على كل حال شاهد جيد لرواية الثقات إياه موقوفا , فذلك يدل على وهم جرير فى رفعه إياه , وقد ذكر الحافظ فى " التقريب ": " أن له أوهاما إذا(3/256)
حدث من حفظه " قلت: والوهم إنما يظهر بمثل هذه المخالفة للحفاظ , كما هو ظاهر , ومع ذلك فلم أجد من نبه على هذه العلة فى الحديث , بل قواه الحافظ كما رأيت , وكذلك غيره , وقد بين بعض المحققين وجه العلة فيه , فقال الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (2/328) بعد أن ذكر خلاف الأئمة فى عاصم: " فالحديث حسن , قال النووى رحمه الله فى " الخلاصة ": وهو حديث صحيح أو حسن , انتهى.
ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له. وقال عبد الحق فى " أحكامه ": هذا حديث رواه جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم والحارث عن على , فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم والحارث , والحارث كذاب , وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا , وهو أن الحارث أسنده , وعاصم لم يسنده , فجمعهما جرير , وأدخل حديث أحدهما فى الآخر , وكل ثقة رواه موقوفا , فلو أن جريراً أسنده عن عاصم وبين ذلك أخذنا به " وقال غيره: هذا لا يلزم , لأن جريرا ثقة , وقد أسند عنهما. انتهى "
قلت: قد كان يكون غير لازم , لو أن جريراً لم يخالف برواية الحديث مرفوعاً من طريق عاصم , أما وقد خالفه فى رفعه من سبق ذكره من الثقات فما أورده عبد الحق لازم وحق. وكأن البيهقى رحمه الله أشار إلى إعلال الحديث بقوله بعد أن ساقه وحديث عائشة: " وحارثة لا يحتج بخبره , والاعتماد فى ذلك على الآثار الصحيحة فيه عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم رضى الله عنهم ".
(تنبيه) : تبين من تخريجنا للحديث أن عزو المصنف الحديث من رواية ابن عمر إلى الترمذى وأبى داود وابن ماجه فيه تساهل كبير , لأن الأخيرين لم يخرجاه عن ابن عمر , بل رواه الأول منهما عن على والآخر عن عائشة.
وفى الباب عن أم سعد الأنصارية مرفوعا نحو حديث أنس. قال فى " المجمع " (3/79) : " أخرجه الطبرانى فى " الكبير " وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف " قلت: بل هو متهم.(3/257)
ثم استدركت فقلت: إن جريراً لم يتفرد برفعه , بل تابعه زهير فقال: حدثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن على به.
أخرجه أبو داود أيضا إلا أنه قال: " قال زهير: أحسبه عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
ولعل العلماء لم يذكروا هذه المتابعة لشك زهير هذا..
ثم وجدت للحديث طريقا أخرى بسند صحيح عن على رضى الله عنه خرجته فى " صحيح أبى داود " (1403) فصح الحديث والحمد لله.
(788) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ابتغوا فى أموال اليتامى كيلا تأكله الزكاة ". رواه الترمذى , وروى موقوفا على عمر.
* ضعيف.
أخرجه الترمذى (1/125) والدارقطنى (ص 206) والبيهقى (4/107) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: " ألا من ولى يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ".
وقال الترمذى: " فى إسناده مقال , لأن المثنى بن الصباح يضعف فى الحديث ".
قلت: وقد تابعه محمد بن عبيد الله عن عمرو به.
أخرجه الدارقطنى (207) , ومحمد بن عبيد الله هو العزرمي [1] وهو متروك كما فى " التقريب " و" التلخيص " (ص 176) وتابعه أيضا عبد الله بن على أبو أيوب الأفريقى.
أخرجه الجرجانى فى " تاريخ جرجان " (126 ـ 127 , 455) وكذا ابن عدى كما فى " التلخيص " وقال: " وهو ضعيف ".
وتابعه أبو إسحاق الشيبانى وهو ثقة , لكن الراوى عنه مندل.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: العرزمى}(3/258)
أخرجه الدارقطنى. ومندل هو ابن على العنزى وهو ضعيف أيضا.
وخالفهم جميعا حسين المعلم فقال: عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: " ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ".
أخرجه الدارقطنى والبيهقى وقال: " هذا إسناد صحيح , وله شواهد عن عمر رضى الله عنه ".
قلت: ورواه ابن أبى شيبة (4/25) من طريق الزهرى ومكحول عن عمر.
والشافعى (1/235) عن يوسف بن ماهك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ابتغوا فى مال اليتيم أو فى مال اليتامى لا تذهبها أو لا تستأصلها الصدقة ".
وهذا مرسل , ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة ابن جريج.
وفى الباب عن أنس بن مالك يرويه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/85/2) : حدثنا على بن سعيد حدثنا الفرات بن محمد القيروانى حدثنا شجرة بن عيسى المعافرى عن عبد الملك بن أبى كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عنه مرفوعا بلفظ: " اتجروا فى مال اليتامى لا تأكلها الزكاة ".
وقال الطبرانى: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو واهٍجدا آفته الفرات هذا أورده الحافظ فى " اللسان "
وقال: " قال ابن حارث كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار , وكان ضعيفا متهما بالكذب ".(3/259)
ومن ذلك تعلم ما فى قول الهيثمى (3/67) : " وأخبرنى سيدى وشيخى: أن إسناده صحيح " من البعد عن الحقيقة. ولعل شيخه (وهو الحافظ العراقى) لم يستحضر حال هذا الرجل , أو توهم أنه غيره.
(789) - (قال عثمان بمحضر من الصحابة: " هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم " رواه أبو عبيد (ص 184) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/253/17) : عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول: فذكره إلا أنه قال: " حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة ".
وهذا سند صحيح.
ومن طريق مالك رواه الشافعى (1/237) والبيهقى (4/148) عنه.
ورواه ابن أبى شيبة (4/48) عن ابن عيينة عن الزهرى به إلا أنه قال: " فليقضه , وزكوا بقية أموالكم ".
ورواه البيهقى (4/148) من طريق شعيب عن الزهرى قال أخبرنى السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان رضى الله عنه خطيبا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا شهر زكاتكم ـ ولم يسم لى السائب الشهر ولم أسأله عنه ـ قال: فقال عثمان: فمن كان عليه دين فليقض دينه حتى تخلص أموالكم فتؤدوا منها الزكاة ". وقال: " رواه البخارى فى الصحيح ".
قلت: ولم أره فيه.(3/260)
(790) - (حديث: " ... فدين الله أحق بالوفاء ... " (ص 185) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/464 , 4/431) والبيهقى (4/335) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: " أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمى نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج , أفأحج عنها؟ قال: نعم فحجى عنها , أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم قال: اقضوا الله , فإن الله أحق بالوفاء ".
وأخرجه النسائى (2/4) والدارمى (2/24) وأحمد (1/239 ـ 240) إلا أنهما قالا: " أن امرأة نذرت أن تحج فماتت , فأتى أخوها النبى صلى الله عليه وسلم فسأل عن ذلك , فقال: أرأيت.. ".
وفى أخرى لأحمد (1/345) : " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختى نذرت أن تحج وقد ماتت.. ".
وهو رواية للبخارى (4/275) وابن الجارود (250) .
وفى رواية أخرى عن سعيد بن جبير عنه: " إن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمى ماتت وعليها صوم شهر , فقال: أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضيه؟ قالت: نعم , قال: فدين الله أحق بالقضاء ".
أخرجه مسلم (3/155 , 156) وأحمد (1/224 و227 و258 و362) . ورواه ابن ماجه (1758) عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس به إلا أنه قال:(3/261)
" وعليها صيام شهرين متتابعين ".
وليس الحديث مضطربا كما يبدو لأول وهلة من الاختلاف فى النذر هل هو الحج أو الصوم , فإن الواقع أنهما قضيتان سألت عنهما المرأة , فروى بعض الرواة إحداهما , وبعضهم الأخرى , بدليل حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه قال: " بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة , فقالت: إنى تصدقت على أمى بجارية , وإنها ماتت , قال: فقال: وجب أجرك , وردها عليك الميراث , قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر (وفى رواية: شهرين) أفأصوم عنها؟ قال: صومى عنها , قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: حجى عنها "
أخرجه مسلم (3/156 , 157) وأحمد (5/349 و351 و359) .
وهذه المرأة السائلة , هى غير الخثعمية التى سألت عن أبيها صباح يوم النحر , وقد روى قصتها ابن عباس أيضا , وعنه سليمان بن يسار قال: " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه , فجاء [1] الفضل ينظر إليها , وتنظر إليه , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر, قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا , لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم , وذلك فى حجة الوداع".
أخرجه البخارى (1/464 و4/172) ومسلم (4/101) ومالك (1/359/97) والشافعى (1/287) وأبو داود (1809) والنسائى (1/4 و5) والترمذى (1/174) وابن ماجه (2909) والدارمى (2/39 ـ 40 و41) والبيهقى (4/328) وأحمد (1/212 و359) وزاد هو والدارمى وابن ماجه: " نعم فإنه لو كان على أبيك دين قضيته " وإسنادها صحيح. وزاد النسائى وابن الجارود:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فجعل}(3/262)
" غداة النحر " وسندها صحيح أيضا.
ورواه نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس: " أن امرأة من خثعم جاءت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبى شيخ كبير قد أفند , وأدركته فريضة الله على عباده فى الحج , ولا يستطيع أداءها , فهل يجزىء عنه أن أؤديها عنه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم " أخرجه ابن ماجه (2907) وسنده حسن.
وثم قصة ثالثة يرويها موسى بن سلمة عن ابن عباس قال: " أمرت امرأة سلمان بن عبد الله الجهنى أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمها توفيت ولم تحج , أيجزىء عنها أن تحج عنها؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أمها دين فقضته عنها أكان يجزىء عن أمها؟ قال: فلتحجج عن أمها , وسأله عن ماء البحر؟ فقال: ماء البحر طهور ".
أخرجه أحمد (1/279) بسند صحيح.
باب زكاة السائمة
(791) - (حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا: " فى كل إبل سائمة فى كل أربعين ابنة لبون " رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
* حسن.
أخرجه أبو داود (1575) والنسائى (1/335 ـ 336 و339) وفى " الكبرى " (2/2 و3/1) والدارمى (1/396) وابن أبى شيبة (4/10) وابن الجارود (174) والحاكم (1/398) والبيهقى (4/105) وأحمد (4/2 و4) من طرق عن بهز به , وتمامه:(3/263)
" لا يفرق إبل عن حسابها , من أعطاها مؤتجرا فله أجرها , ومن أبى فإنا آخذوها وشطر ماله , عزمة عن عزمات ربنا , لا يحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيئا ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو حسن للخلاف المعروف فى بهز بن حكيم.
(792) - (حديث الصديق مرفوعا: " وفى الغنم فى سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة " الحديث (ص 185) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1567) والنسائى (1/336 ـ 338) والدارقطنى (209) والحاكم (1/390 ـ 392) والبيهقى (4/86) وأحمد (1/11 ـ 12) عن حماد بن سلمة قال: " أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك أن أبا بكر رضى الله عنه كتب لهم: إن هذه فرائض الصدقة التى فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التى أمر الله عز وجل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل , ففى كل خمس ذود شاة , فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين , فإن لم تكن ابنة مخاض , فابن لبون , ذكر , فإذا بلغت ستة وثلاثين ففيها ابنة لبون غلى خمس وأربعين , فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين. فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين , فإذا بلغت ستة وسبعين , ففيها بنتا لبون إلى تسعين , فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة , فإن زادت على عشرين ومائة ففى كل أربعين ابنة لبون , وفى كل خمسين حقة , فإذا تباين أسنان الإبل فى فرائض الصدقات , فمن بلغت عنده صدقة الجذعة , وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه , ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً , ومن بلغت عنده صدقة الحقة(3/264)
وليست عنده إلا جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين , ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده , وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه , ويجعل منها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً , ومن بلغت عنده صدقة ابن لبون وليست عنده إلا حقة فإنها تقبل منه ,
ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين , ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون , وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض , فإنها تقبل منه , ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر , فإنه يقبل منه , وليس معه شىء , ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها , وفى صدقة الغنم فى سائمتها , إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة , فإن زادت ففيها شاتان إلى مائتين , فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة , فإذا زادت ففى كل مائة شاة. ولا تؤخذ فى الصدقة هرمة , ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المتصدق , ولا يجمع بين متفرق , ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة , وما كان من خليطين , فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية , وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها , وفى الرقة ربع العشر فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها ".
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
وقال الدارقطنى: " إسناده صحيح , وكلهم ثقات ". وأقره البيهقى.
وقد تابعه أيوب قال: رأيت عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا كتبه أبو بكر الصديق رضى الله عنه لأنس بن مالك رضى الله عنه حين بعثه على صدقة البحرين , عليه خاتم النبى صلى الله عليه وسلم " محمد رسول الله " فيه مثل هذا القول "
أخرجه البيهقى.
وتابعه محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصارى قال: حدثنى أبى قال: حدثنى ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنسا حدثه أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب(3/265)
لما وجه إلى البحرين , بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة صدقة الصدقة التى فرض رسول الله على المسلمين ... الحديث نحوه.
أخرجه البخارى (1/368 و2/110) وابن ماجه (1800) وابن الجارود (174 ـ 178) والبيهقى (40/85) , وأشار إليه الحاكم وقال: " وحديث حماد بن سلمة أصح وأشفى وأتم من حديث الأنصارى ".
قلت: ولأكثر فقرات الحديث أو كثير منها شاهد من حديث ابن عمر رضى الله عنه قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض , فقرن بسيفه فعمل به أبو بكر حتى قبض , ثم عمل به عمر حتى قبض , فكان فيه: " فى خمس من الإبل شاة ... " الحديث بطوله.
أخرجه أصحاب السنن والدارمى (1/381) وابن أبى شيبة (3/121) والحاكم (1/392 ـ 394) والبيهقى (4/88) وأحمد (2/14 و15) من طريق سفيان بن حسين عن الزهرى عن سالم عنه.
وقال الحاكم: " وتصحيحه على شرط الشيخين حديث عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهرى , وإن كان فيه أدنى إرسال فإنه شاهد صحيح لحديث سفيان بن حسين ".
ثم ساقه هو والدارقطنى (ص 209) عنه عن ابن شهاب قال: " هذه نسخة كتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم التى كتب الصدقة , وهى عند آل عمر بن الخطاب قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها , وهى التى انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عمر , وسالم بن عبد الله حين أمر على المدينة , فأمر عماله بالعمل بها , وكتب بها إلى الوليد فأمر الوليد عماله بالعمل بها , ثم لم يل [1] الخلفاء يأمرون بذلك بعده , ثم أمر بها
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: يزل}(3/266)
هشام , فنسخها إلى كل عامل من المسلمين , وأمرهم بالعمل بما فيها , ولا ينقدونها , وهذا كتاب يفسر ".
لا يؤخذ فى شىء من الإبل الصدقة حتى تبلغ خمس ذود , فإذا بلغت خمسا فيها شاة ... " الحديث بطوله.
وقد تابعه سليمان بن كثير عن الزهرى عن سالم عن أبيه به.
أخرجه البيهقى وروى عن البخارى أنه قال: " الحديث أرجو أن يكون محفوظا , وسفيان بن حسين صدوق ".
(793) - (وفى آخر: " إذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها " (ص 185) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث أنس عن أبى بكر الذى قبله , خلافا لما أوهم المؤلف بقوله آخر. وسيذكرها المؤلف نفسه عن أنس (797) .
ولهذا القدر منه شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى أقل من أربعين شىء ".
أخرجه ابن أبى شيبة (4/16) بسند ضعيف إلى عمرو.
(794) - (حديث أنس أن أبا بكر الصديق كتب له حين وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم " هذه فريضة الصدقة التى فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التى أمر الله بها رسوله , فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطها , فى أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم فى كل خمس شاة , فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت
مخاض، فإن لم يكن بنت مخاض(3/267)
فابن لبون ذكر , فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى , فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل , فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة , فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون , فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل , فإذا زادت على عشرين ومائة , ففى كل أربعين بنت لبون , وفى كل خمسين حقة ". رواه أحمد وأبو داود والنسائى والبخارى وقطعه فى مواضع (ص 186) .
* صحيح.
وتقدم قريبا بتمامه , ويأتى بعضه (797) .
(795) - (قول معاذ: " بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فأمرنى أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة " الحديث رواه أحمد (ص 186) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (5/240) من طريق سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال: " بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن , وأمرنى أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ـ قال هارون بن معروف: والتبيع الجذع أو الجذعة - ومن كل أربعين مسنة , قال: " فعرضوا على أن آخذ ما بين الأربعين أو الخمسين , وبين الستين والسبعين , وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذاك وقلت لهم , حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقدمت , فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم , فأمرنى أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا. ومن كل أربعين مسنة , ومن الستين تبيعين , ومن السبعين مسنة وتبيعا , ومن الثمانين مسنتين , ومن التسعين ثلاثة أتباع , ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا , ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع , قال: وأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا , وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها ".
قلت: وهذا سند ضعيف لانقطاعه بن يحيى بن الحكم ومعاذ كما ذكر(3/268)
الحافظ فى " التعجيل ". ثم هو غير معروف الحال وكذا الراوى عنه سلمة , فإنه لم يوثقهما أحد , وقول الحافظ أنهما معروفان كأنه يعنى أنهما غير مجهولى العين , لأنه لم يوثقهما ولا حكى ذلك عن أحد من الأئمة.
لكن القسم الأول منه له طرق أخرى , فقال الأعمش: عن أبى وائل عن مسروق عن معاذ ابن جبل قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن , فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة , ومن كل أربعين مسنة , ومن كل حالم دينارا , أو عدله معاقر "
أخرجه أبو داود (1578) والترمذى (1/122) والنسائى (1/339) والدارمى (1/382) وابن ماجه (1/576/1803) وابن أبى شيبة (4/12) وابن حبان (794) وابن الجارود (178) والدارقطنى (203) والحاكم (1/398) والبيهقى (4/98 و9/193) وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , وقد قيل أن مسروقا لم يسمع من معاذ فهو منقطع , ولا حجة على ذلك , وقد قال ابن عبد البر: " والحديث ثابت متصل ".
وقد رواه الأعمش عن إبراهيم أيضا عن مسروق به.
أخرجه أبو داود (1577) والنسائى والدارمى وابن أبى شيبة والدارقطنى والبيهقى.
وتابعه عاصم وهو ابن أبى النجود عن أبى وائل به.
أخرجه الدارمى عن أبى بكر بن عياش عنه.
قلت: وهذا سند حسن. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (5/233) لكنه لم يذكر فى إسناده مسروقا.
ثم أخرجه (5/247) كذلك من طريق شريك(3/269)
عن عاصم به.
قلت: وشريك هو ابن عبد الله القاضى وهو سىء الحفظ.
وللحديث طريق أخرى , فقال مالك (1/259/24) عن حميد بن قيس المكى عن طاوس اليمانى: " أن معاذ بن جبل الأنصارى أخذ من ثلاثين بقرة , تبيعا , ومن أربعين بقرة مسنة , وأتى بما دون ذلك فأتى أن يأخذ منه شيئا , وقال: لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله , فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل ".
ومن طريق مالك رواه الشافعى (1/229) والبيهقى.
ورواه أحمد (5/230 و231) عن عمرو بن دينار أن طاوسا أخبره به نحوه.
وهذا سند رجاله كلهم ثقات إلا أنه منقطع بين طاوس ومعاذ لكن قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 174) : " قد قال الشافعى: طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذا , وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا ".
قلت: وقد روى موصولا , فقال بقية: حدثنى المسعودى عن الحكم عن طاوس عن ابن عباس قال: " لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة جذعا أو جذعة. ومن كل أربعين بقرة مسنة. فقالوا: فالأوقاص؟ قال: ما أمرنى فيها بشىء , وسأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدمت عليه , فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الأوقاص , فقال: ليس فيها شىء (قال المسعودى: والأوقاص ما دون الثلاثين وما بين الأربعين إلى الستين) فإذا كانت ستين ففيها تبيعان فإذا كانت سبعون ففيها مسنة أو تبيع , فإذا كانت(3/270)
ثمانون ففيها مسنتان , فإذا كانت تسعون ففيها ثلاث تبايع " أخرجه الدارقطنى (202) وعنه البيهقى (99) .
قال الحافط فى " التلخيص " (ص 174) : " وهذا موصول , لكن المسعودى اختلط , وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد , وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضا , لكن الحسن ضعيف , ويدل على ضعفه قوله فيه: أن معاذا قدم على النبى صلى الله عليه وسلم من اليمن فسأله , ومعاذ لما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم , كان قد مات ".
ثم ذكر رواية مالك المتقدمة وفيها التصريح بوفاته صلى الله عليه وسلم قبل قدوم معاذ.
لكن قد علمت أنه منقطع. فلا يصلح أن يستدل به على ضعف رواية المسعودى , واستدل الزيلعى بدليل آخر وهو حديث جابر فى قصة دينه وعجزه عن الوفاء وإرسال النبى صلى الله عليه وسلم إياه إلى اليمن , وفيه " فلم يزل بها حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولو صح هذا لكان دليلاً واضحا , ولكنه من رواية محمد بن عمر وهو الواقدى وهو متروك. فلا حجة فيه , على أن الزيلعى ساقه ملفقا من عدة أحاديث على أنه حديث واحد , كما نبه على ذلك المعلق الفاضل عليه.
ثم إن للحديث شاهدا من حديث عبد الله بن مسعود يرويه خصيف عن أبى عبيدة عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " فى ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة , وفى أربعين مسنة ".
أخرجه الترمذى (1/121) وابن ماجه (1804) وابن الجارود (179) والبيهقى (4/99) وقال الترمذى: " وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله ".
قلت: وخصيف سىء الحفظ.
وبالجملة فالحديث بطريقه وهذا الشاهد صحيح بلا ريب.
(796) - (قول سعد [1] بن ديسم: أتانى رجلان على بعير فقالا: إنا
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: سعر}(3/271)
رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدى صدقة غنمك. قلت: فأى شىء تأخذان؟ قالا: عناق جذعة أو ثنية " رواه أبو داود (ص 187) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (1581) والنسائى (1/341) وأحمد (3/414) عن مسلم بن ثفنة اليشكرى قال: " استعمل نافع بن علقمة أبى على عرافة قومه فأمره أن يصدقهم , قال: فبعثنى أبى فى طائفة منهم , فأتيت شيخا كبيرا يقال له سعد [1] بن ديسم , فقلت: إن أبى بعثنى إليك ـ يعنى لأصدقك ـ قال: ابن أخى , وأى نحو تأخذون؟ قلت: نختار حتى إنا نتبين ضروع الغنم , قال: ابن أخى , فإنى أحدثك أنى كنت فى شعب من هذه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غنم لى , فجاءنى رجلان على بعير , فقالا لى: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤدى صدقة غنمك , فقلت: ما على فيها؟ فقالا: شاة , فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة محضا وشحما فأخرجتها إليهما , فقالا: هذه شاة الشافع وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعا , قلت: فأى شىء تأخذان؟ قالا: عناقا جذعة أو ثنية , قال: فأعمد إلى عناق معتاط , والمعتاط: التى لم تلد ولدا , وقد حان ولادها فأخرجتها إليهما , فقالا: ناولناها , فجعلاها معهما على بعيرهما , ثم انطلقا ".
قلت: وهذا سند ضعيف مسلم بن ثفنة , قال الذهبى " أخطأ فيه وكيع وصوابه ابن شعبة. لا يعرف ". قلت: وعلى الصواب رواه النسائى فى رواية له.
(797) - (حديث أنس فى كتاب الصدقات: " وفى سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة , فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان , فإذا زادت على مائتين إلى ثلاث ففيها ثلاث شياه , فإذا زادت على ثلاثمائة ففى كل مائة شاة , فليس فيها صدقة , إلا أن يشاء ربها " رواه أحمد وأبو داود (ص 187) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه (792) مع سوقنا إياه بتمامه.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: سعر}(3/272)
فصل فى الخلطة
(798) - (روى أنس فى كتاب الصدقات: " ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة , وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية " رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
* صحيح.
وتقدم تخريجه (792) .
باب زكاة الخارج من الأرض
(799) - (حديث: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا (1) العشر , وفيما سقى بالنضح نصف العشر " رواه البخارى.
* صحيح
أخرجه البخارى (1/377) وأبو داود (1596) والنسائى (1/344) والترمذى (1/125) وابن ماجه (1817) والطحاوى (1/315) وابن الجارود (180) والدارقطنى (215) والبيهقى (4/130) والطبرانى فى " الصغير " (225) من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا.
وله طريق أخرى , يرويه ابن جريج: أخبرنى نافع عن ابن عمر قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن إلى الحارث بن عبد كلال ومن معه من اليمن من معافر وهمدان: أن على المؤمنين صدقة العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء , وعلى ما سقى الغرب نصف العشر "
أخرجه ابن أبى شيبة (4/22) {و} الدارقطنى والبيهقى بسند صحيح.
وورد الحديث عن جابر بن عبد الله , وأبى هريرة ومعاذ بن جبل , وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حزم.
أما حديث جابر , فيرويه أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره نحوه.
__________
(1) الأصل (عشريا) والتصويب من البخارى.(3/273)
أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى والطحاوى وابن الجارود والدارقطنى والبيهقى وأحمد (3/353) وقال البيهقى: " إسناده صحيح ".
وأما حديث أبى هريرة فيرويه الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن أبى هريرة به.
أخرجه ابن ماجه والترمذى وقال: " وقد روى هذا الحديث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وكأن هذا أصح. وقد صح حديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب ".
وأما حديث معاذ بن جبل فيرويه عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل عنه.
أخرجه النسائى والدارمى (1/393) وابن ماجه (1818) والطحاوى والدارقطنى وأحمد (5/233) , وأدخل بعضهم بينه وبين أبى وائل مسروقا.
والسند حسن.
وأما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه ابن أبى ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
أخرجه ابن أبى شيبة , وسنده ضعيف.
وأما حديث عمرو بن حزم , فيرويه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن , وكتب فيه: " ما سقت السماء أو كان سيحا أو بعلا فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق , وما سقى بالرشاء أو بالدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق ".
أخرجه الطحاوى (1/315) والحاكم (1/395 ـ 397) وصححه(3/274)
ووافقه الذهبى وفى " فيض البارى " للشيخ الكشميرى الحنفى (3/46) : " وإسناده قوى " وفى ذلك نظر بينه الحافظ فى " التهذيب " وفيه زيادة عزيزة ليست فى شىء من الطرق الأخرى , ولكن لها شواهد تقويه , ويأتى بعضها قريبا.
(800) - (حديث: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " متفق عليه (ص 189) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/355) ومسلم (3/66) ومالك (1/244/2) وأبو نعيم فى " المستخرج " (16/37/2) وأبو داود (1558) والنسائى (1/342) والترمذى (1/122) والدارمى (1/384 ـ 385) وابن ماجه (1793) وأبو عبيد (424/1175
و1176) والطحاوى (1/314) وابن أبى شيبة (4/7 و10 ـ 11 و18) وابن الجارود (173 و181) والدارقطنى (215) والبيهقى (4/120) والطيالسى (2197) وأحمد (3/6 و30 و45 و59 و60 و73 و74 و79 و86 و97) من طرق عن أبى سعيد الخدرى قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " ليس فيما دون خمس أواق صدقة , ولا فيما دون خمس ذود صدقة , وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ".
وفى رواية لمسلم " ليس فى حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق ". وسيذكرهاالمؤلف قريبا.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أحمد فى رواية من طريق أبى البخترى عن أبى سعيد: " والوسق ستون مختوما ".
وهى عند ابن ماجه (1832) وأبى عبيد (517 و1589) وأبى داود(3/275)
أيضا (1559) وأعله بقوله: " أبو البخترى لم يسمع من أبى سعيد ".
قلت: وكذا قال أبو حاتم , لكن الدارقطنى أخرجها من طريق أخرى , إلا أن فيها عبد الله بن صالح وأبو بكر بن عياش وفيهما ضعف ويأتى (803) لها شاهد من حديث جابر.
وللحديث شاهد من حديث جابر.
أخرجه مسلم وأبو نعيم وابن ماجه (1794) والطحاوى والطيالسى (1702) وأحمد (3/296) وسيأتى لفظه (رقم 816) .
وآخر من حديث ابن عمر.
أخرجه الطحاوى والبيهقى وأحمد (2/92) عن ليث عن نافع عنه.
وليث هو ابن أبى سليم وهو ضعيف , وليس هو ابن سعد الثقة الإمام وإن كان يروى أيضا عن نافع.
(800/1) - (حديث: "لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق". رواه مسلم) . (ص789)
* صحيح.
وهو رواية لمسلم من حديث أبي سعيد المتقدم قبله، لكنه بلفظ: "ليس في حب ولا تمر (وفي رواية: ثمر) صدقة حتى ...
ورواه البيهقي (4/128) وابن الجارود.
(801) - (روى موسى بن طلحة: " أن معاذا لم يأخذ من الخضروات صدقة " (ص 190) .
* صحيح.
رواه ابن أبى شيبة (4/19) عن وكيع عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة أن معاذا لما قدم اليمن لم يأخذ الزكاة إلا فى الحنطة والشعير(3/276)
والتمر والزبيب.
ورجاله ثقات لولا أنه منقطع بين موسى ومعاذ.
لكن أخرجه الدارقطنى (201) والحاكم (1/401) وعنه البيهقى (4/128 ـ 129) عن عبد الرحمن بن مهدى حدثنا سفيان عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال: " عندنا كتاب معاذ عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر ".
وقال الحاكم: " هذا حديث قد احتجا بجميع رواته , وموسى بن طلحة تابعى كبير , لا ينكر أن يدرك أيام معاذ ".
ووافقه الذهبى فقال: " على شرطهما ".
وقد تعقبه صاحب التنقيح بالانقطاع الذى أشرنا إليه فقال: " قال أبو زرعة: موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل , ومعاذ توفى فى خلافة عمر , فرواية موسى بن طلحة عنه أولى بالإرسال " ذكره فى " نصب الراية " (2/386) .
وأقول: لا وجه عندى لإعلال هذا السند بالإرسال , لأن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ , ويصرح بأنه كان عنده فهى رواية من طريق الوجادة وهى حجة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث , ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب.
وإنما يشترط الثقة بالكتاب وأنه غير مدخول. فإذا كان موسى ثقة ويقول: " عندنا كتاب معاذ " بذلك , فهى وجادة من أقوى الوجادات لقرب العهد بصاحب الكتاب. والله أعلم.
ويشهد له ما روى أبو حذيفة حدثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبى بردة عن أبى موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم:(3/277)
" لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير , والحنطة , والزبيب , والتمر ".
أخرجه الدارقطنى والحاكم وقال: " إسناد صحيح ". ووافقه الذهبى. وأقره الزيلعى فى " نصب الراية " (2/389) , إلا أنه قال:
" قال الشيخ فى " الإمام ": وهذا غير صريح فى الرفع ".
قلت: لكنه ظاهر فى ذلك إن لم يكن صريحا , فإن الحديث لا يحتمل إلا أحد أمرين , إما أن يكون من قوله صلى الله عليه وسلم , أو من قول أبى موسى ومعاذ , والثانى ممنوع , لأنه لا يعقل أن يخاطب الصحابيان به النبى صلى الله عليه وسلم , والقول بأنهما خاطبا به أصحابهما يبطله أن ذلك إنما قيل فى زمن بعث النبى صلى الله عليه وسلم إياهما إلى اليمن , فتعين أنه هو الذى خاطبهما بذلك , وثبت أنه مرفوع قطعا.
ومما يؤيد أن أصل الحديث مرفوع أن أبا عبيد أخرجه فى " الأموال " (1174 و1175) من طرق عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب ـ مولى آل طلحة ـ قال: سمعت موسى بن طلحة يقول: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير والنخل , والعنب ".
وهذا سند صحيح مرسل , وهو صريح فى الرفع , ولا يضر إرساله لأمرين:
الأول: أنه صح موصولا عن معاذ كما تقدم من رواية ابن مهدى عن سفيان عن عمرو ابن عثمان.
الثانى: أن عبد الله بن الوليد العدنى ـ وهو ثقة ـ رواه عن سفيان به وزاد فيه: " قال: بعث الحجاج بموسى بن المغيرة على الخضر والسواد , فأراد أن(3/278)
يأخذ من الخضر الرطاب والبقول , فقال موسى بن طلحة عندنا كتاب معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمره أن يأخذ من الحنطة والشعير والتمر والزبيب. قال: فكتب إلى الحجاج فى ذلك , فقال: صدق ".
رواه البيهقى (4/129) . ثم روى من طريق عطاء بن السائب قال: " أراد موسى بن المغيرة أن يأخذ من خضر أرض موسى بن طلحة فقال له موسى بن طلحة: انه ليس فى الخضر شىء. ورواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتبوا بذلك إلى الحجاج , فكتب الحجاج أن موسى بن طلحة أعلم من موسى بن المغيرة ".
ومن هذا الوجه عزاه فى " المنتقى " (4/29) للأثرم فى سننه , ثم قال: " وهو من أقوى المراسيل , لاحتجاج من أرسله به ".
قلت: فلولا أن الحديث صحيح عند موسى بن طلحة لما احتج به إن شاء الله تعالى.
وللحديث طرق أخرى متصلة ومرسلة , وقد اقتصرت هنا على أقواها , فمن أراد الإطلاع على سائرها فليراجع " نصب الراية " و" التلخيص " , و" نيل الأوطار " للشوكانى , وقد ذهب فيه إلى تقوية الحديث بطرقه ونقله عن البيهقى وهو الحق.
(802) - (وروى الأثرم بإسناده عن سفيان بن عبد الله الثقفى: " أنه كتب إلى عمر ـ وكان عاملا له على الطائف ـ أن قبله حيطانا فيها من الفرسك (1) والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا , فكتب يستأمر فى العشر , فكتب إليه عمر: أن ليس عليها عشر , هى من العضاه كلها , فليس عليها عشر (ص 190)
* لم أقف على إسناده [1] .
__________
(1) قال المؤلف هو الخوخ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/34:
وقفت على إسناد له , رواه يحيى بن آدم فى " الخراج ": (رقم 548 , ط. أحمد شاكر) وعنه البلاذرى فى " فتوح البلدان ": (1/69) , والبيهقى فى " السنن الكبرى ": (4/125) , قال يحيى: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسى عن جعفر بن نجيح السعدي المدني عن بشر بن عاصم وعثمان بن عبد الله بن أوس , أن سفيان بن عبد الله الثقفى فذكره.
وجعفر بن نجيح هو جد على بن المدينى , ذكره ابن حبان فى " الثقات ": (6/140) , وذكره البخارى: (1/2/201) , وابن أبى حاتم: (1/1/491 - 492) , ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.
ورواية بشر بن عاصم عن جده سفيان الظاهر أنها مرسلة , فهو يروى عن أبيه عاصم وأبوه يروى عن سفيان , لكنه مقرون بعثمان والأظهر أن روايته أيضا مرسلة.(3/279)
(803) - (خبر: " الوسق ستون صاعا " رواه أحمد وابن ماجه (ص 190) .
* ضعيف.
وهو من حديث أبى سعيد الخدرى فى رواية عنه وقد سبق ذكر علتها فى الحديث (800) , لكن له طريق أخرى , كما تقدم هناك.
وله شاهد يرويه محمد بن عبيد الله عن عطاء بن أبى رباح وأبى الزبير عن جابر ابن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (115/2) : " هذا إسناد ضعيف , فيه محمد بن عبيد الله العرزمى , وهو متروك الحديث , وله شاهد من حديث أبى سعيد الخدرى , رواه الشيخان وغيرهما وروى ذلك عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن البصرى والنخعى وغيرهم ".
قلت: حديث أبى سعيد الخدرى عند الشيخين ليس فيه هذا الخبر , وإنما هو زيادة عند أحمد وابن ماجه فى حديثه المتقدم هناك , والآثار المشار إليها أخرجها ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/18) , وروى فيه خبر أبى سعيد أيضا ولكنه أوقفه.
(804) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " رواه الجماعة.
* صحيح.
وتقدم قريبا (800) .
(805) - (حديث عائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه " رواه أبو داود.
أخرجه أبو داود (1606) وأبو عبيد (483/1438) والبيهقى (4/123) وأحمد (6/163) من طريق ابن جريج قال: أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عنها.(3/280)
قلت: ورجاله ثقات كلهم غير أنه منقطع بين ابن جريج وابن شهاب.
وله شاهد من حديث جابر قال: " أفاء الله عز وجل خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمرهم [1] رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا , وجعلها بينه وبينهم , فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم , ثم قال لهم: يا
معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إلى , قتلتم أنبياء الله عز وجل , وكذبتم على الله , وليس يحملنى بغضى إياكم على أن أحيف عليكم , قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر , فإن شئتم فلكم , وإن أبيتم فلى , فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض , قد أخذنا , فاخرجوا عنا ".
أخرجه البيهقى وأحمد (3/367) والطحاوى (1/317) .
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات لولا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه , لكنه قد صرح بالتحديث فى رواية لأحمد (3/296) من طريق ابن جريج: أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: " خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق , وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن أبى شيبة (4/49) معنعنا.
وله شاهد آخر من حديث ابن عمر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم , ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا , فقالوا: هذا هو الحق , بهذا قامت السماوات والأرض ".
أخرجه أحمد (2/24) ورجاله ثقات غير العمرى وهو عبد الله بن عمر العمرى المكبر وهى سىء الحفظ , لكن تابعه عبد الله بن نافع , عند الطحاوى (1/316) وهو ضعيف أيضا , غير أن أحدهما يقوى الآخر.
وعن عتاب بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فأقرهم}(3/281)
أخرجه أبو داود (1603) والترمذى (1/125) والبيهقى (4/122) وقال الترمذى " حديث حسن " من طريقين عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به.
وأخرجه مالك (2/703) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب مرسلا نحوه.
قلت: وهذا أصح.
وعن ابن عباس: " ان النبى صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر اشترط عليهم أن له الأرض , وكل صفراء وبيضاء , يعنى الذهب والفضة وقال له أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض , فأعطناها على أن نعملها ويكون لنا نصف الثمرة , ولكم نصفها , فزعم أنه أعطاهم على ذلك. فلما كان حين يصرم النخل , بعث إليهم ابن رواحة فحزر النخل وهو الذى يدعونه أهل المدينة , الخرص , فقال: فى ذا: كذا وكذا , فقالوا: هذا الحق , وبه تقوم السماء والأرض فقالوا: قد رضينا أن نأخذ بالذى قلت " رواه ابن ماجه (1820) وإسناده جيد.
فصل
(806) - (حديث ابن عمر: " فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر ". رواه أحمد والبخارى والنسائى وأبى داود وابن ماجه: " فيما سقت السماء والأنهار والعيون , أو كان بعلا: العشر وفيما سقى بالسواقى والنضح: نصف العشر ".
* صحيح.
وقد تقدم برقم (799) .
(807) - (روى الدارقطنى عن عتاب بن أسيد: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبا كما يخرص التمر ".(3/282)
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (217) وكذا الترمذى (1/125) وأبو داود (1603) والبيهقى (4/122) من طريق محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به.
وزاد الترمذى: " ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا ". وقال: " حديث حسن غريب "
قلت: ورجاله ثقات غير التمار هذا فقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق يخطىء " لكن تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عند أبى داود والدارقطنى.
وقال أبو داود: " وسعيد لم يسمع من عتاب شيئا ".
وأعله الدارقطنى بالإرسال فقال: " رواه صالح بن أبى الأخضر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة , وأرسله مالك ويعمر وعقيل عن الزهرى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: ورواية مالك هذه تقدم تخريجها قبل حديث , وليس فيه ما فى رواية التمار هذه من خرص العنب من أجل الزكاة فكأن الدارقطنى يعنى أصل الحديث.
وعبد الرحمن بن إسحاق المتابع للتمار هو العامرى القرشى وهو حسن الحديث كما تقدم مرارا , وفى حفظه ضعف كالتمار , فوصلهما للإسناد مع إرسال أولئك الثقات له , مما لا تطمئن النفس لقبوله والله سبحانه وتعالى أعلم.
(808) - (حديث ابن عمر: " القبالات ربا " (ص 192) .
لم أقف على سنده [1] .
(809) - (عن ابن عباس: " إياكم والربا: ألا وهى القبالات , ألا وهى الذل والصغار " (ص 192) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/35:
وقفت على سنده , رواه أبو عبيد فى " الأموال ": (ص 70 , ط. حامد الفقى) , وابن زنجويه في " الأموال ": (1/215) من طريق شعبة , حدثنا جبلة بن سحيم قال: سمعت ابن عمر يقول: " القبالات ربا ".
وهذا إسناد صحيح رجاله شموس لا تخفى.
ورواه حرب فى " مسائله " , وساق إسناده شيخ الإسلام فى " الفتاوى المصرية ": (3/295) من طريق شعبة عن جبلة سمع ابن عمر به.
ورواه الأثرم من طريق شعبة به نحوه , كما أفاده ابن رجب فى " الاستخراج لأحكام الخراج ": (ص 53) .(3/283)
لم أجده. [1]
وقد أورده ابن الأثير فى مادة " قبل " وقال: " القبالات: هو أن يتقبل بخراج أو جباية أكثر مما أعطى فذلك الفضل ربا , فإن تقبل وزرع فلا بأس ".
(810) - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ فى زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها ". رواه أبو عبيد والأثرم وابن ماجه (ص 192) .
* صحيح.
قال أبو عبيد فى " الأموال " (497/1489) : حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر عن عمرو بن شعيب به إلا أنه قال: " من عشر قربات ".
وهذا سند رجاله ثقات غير أن ابن لهيعة سىء الحفظ , لكنه لم يتفرد به كما يأتى فالحديث صحيح. فقد أخرجه ابن ماجه (1824) من طريق نعيم بن حماد حدثنا ابن المبارك حدثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب به مختصرا بلفظ: " أنه صلى الله عليه وسلم أخذ من العسل العشر ".
قلت: ونعيم ضعيف. لكن أخرجه أبو داود (1600) والنسائى (1/346) من طريق عمرو بن الحارث المصرى عن عمرو بن شعيب به بلفظ: " جاء هلال أحد بنى متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له , وكان سأله أن يحمى له واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادى , فلما ولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك , فكتب عمر رضى الله عنه: إن أدى إليك ما كان يؤدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبته , وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء ".
قلت: وهذا سند صحيح , فإن عمرو بن الحارث المصرى ثقة فقيه حافظ
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/36:
وجدته في كتاب " الأموال " لابن زنجويه (1/215) : أنا محمد بن يوسف أنا يونس بن أبى إسحاق عن أبى هلال التغلبى عمير بن قميم قال: سمعت عبد الله بن عباس وهو يقول: إياكم والربا.... , ألا وهى القبالات , ألا وهى الذلة والصغار.
وذكره الدولابى فى " الكنى ": (2/154) فى ترجمة أبى هلال.
وفى إسناده أبو هلال عمير بن قميم قال الذهبى: لا يعرف.
ونقل فى " الميزان ": (4/582) عن البخارى قوله: لا يتابع على حديثه , وترجم له فى " الجرح والتعديل ": (3/1/378) ولم يذكر جرحا ولا تعديلا.
وروى أبو عبيد (ص 70) عن أبى هلال عن ابن عباس قال: القبالات حرام.
تنبيه: قميم بالقاف مصغرا , ويحرف إلى تميم ويريم , انظر لضبطه " تكملة الإكمال " لابن نقطة: (1/469) , و " تبصير المنتبه ": (1/203) .(3/284)
كما فى " التقريب ".
ثم أخرجه أبو داود (1601) من طريق المغيرة ونسبه إلى عبد الرحمن بن الحارث المخزومى قال: حدثنى أبى عن عمرو بن شعيب فذكر نحوه قال: " من كل عشر قرب قربة. وقال سفيان بن عبد الله الثقفى قال: وكان يحمى لهم واديين. زاد: فأدوا إليه ما كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمى لهم وادييهم ".
وأخرجه البيهقى (4/126 ـ 127) عن أبى داود بالسندين , ثم قال: " ورواه أيضا أسامة بن زيد عن عمرو نحو ذلك ".
قلت: وصله عن أسامة , ابن ماجه بسند ضعيف كما تقدم , لكن وصله أبو داود (1602) من طريق ابن وهب: أخبرنى أسامة بن زيد بلفظ: " أن بطنا من فهم - بمعنى المغيرة - , قال: من عشر قرب قربة , وقال: واديين لهم ".
قلت: وهذا سند حسن إلى عمرو بن شعيب , وكذا الذى قبله فهذه طرق إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده متصلا , وبعضها صحيح بذلك إليه كما تقدم. وعليه فلا يضره ما رواه ابن أبى شيبة (4/20) عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: " أن أمير الطائف كتب إلى عمر بن الخطاب: إن أهل العسل منعونا ما كانوا يعطون من كان قبلنا , قال: فكتب إليه: إن أعطوك ما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم , وإلا فلا تحم لهم , قال: وزعم عمرو بن شعيب أنهم كانوا يعطون من كل عشر قرب قربة ".
قلت: فهذا مرسل , ولكن لا تعارض بينه وبين من وصله لجواز أن عمرا كان يرسله تارة , ويوصله تارة , فروى كل ما سمع , والكل صحيح.
وقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 180) :(3/285)
" قال الدارقطنى: يروى عن عبد الرحمن بن الحارث وابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مسندا , ورواه يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرو بن شعيب عن عمر مرسلا. قلت: فهذه علته , وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الإتقان. لكن تابعهما عمرو بن الحارث أحد الثقات , وتابعهما أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند ابن ماجه وغيره كما مضى ".
قلت: فاتصل الإسناد وثبت الحديث. والحمد لله.
وله شاهد من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فى العسل فى كل عشرة أزق زق ".
أخرجه الترمذى (1/123) والطبرانى فى " الأوسط " (1/87) إلا أن لفظه: " فى العسل العشر , فى كل ثنتى عشرة قربة قربة , وليس فيما دون ذلك شىء ".
وأخرجه البيهقى (4/126) بلفظ الترمذى. ثلاثتهم من طريق صدقة بن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عنه , وقال البيهقى:
" تفرد به صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف , قد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما , وقال أبو عيسى الترمذى: سألت محمد بن إسماعيل البخارى عن هذا الحديث؟ فقال: هو عن نافع عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسل ".
وقال الترمذى: " فى إسناده مقال , ولا يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب كبير شىء , وصدقة بن عبد الله ليس بحافظ , وقد خولف صدقة بن عبد الله فى رواية هذا الحديث عن نافع ".
ثم روى بسنده الصحيح عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: " سألنى عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل , قال: قلت: ما عندنا(3/286)
عسل نتصدق منه , ولكن أخبرنا المغيرة بن حكيم أنه قال: ليس فى العسل صدقة , فقال عمر: عدل مرضى , فكتب إلى الناس أن توضع. يعنى عنهم ".
ورواه ابن أبى شيبة أيضا (4/21) .
قلت: والمغيرة بن حكيم تابعى ثقة , وما ذكره من النفى لم يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فهو مقطوع , ولو رفعه لكان مرسلا فليس يعارض بمثله حديث عمرو بن شعيب بعد أن ثبت عنه , لا سيما وهو مثبت , وله ذلك الشاهد عن نافع عن ابن عمر. وهو وإن كان ضعيف السند , فمثله لا بأس به فى الشواهد.
لاسيما وقد أثبت له البخارى أصلا من حديث نافع مرسلا. والله أعلم.
وفى الباب شواهد أخرى منها عن أبى هريرة مختصرا مرفوعا بلفظ: " فى العسل العشر ".
رواه العقيلى فى " الضعفاء " (224) وضعفه.
وراجع بقية الشواهد فى " نصب الراية " (2/390 ـ 391) .
(811) - (روى الجوزجانى عن عمر: " أن أناسا سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل , وإنا نجد ناسا يسرقونها. فقال عمر: إذا أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم " (ص 192) .
* لم أقف على سنده.
(812) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " وفى الركاز الخمس " رواه الجماعة (ص 193) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/381 ـ 382) ومسلم (3/127 ـ(3/287)
128) وأبو داود (3085) والنسائى (1/345) والترمذى (1/259) والدارمى (1/393) وابن ماجه (2509) ومالك أيضا (1/249/9) وابن الجارود (191) والبيهقى (4/155) والطيالسى (2305) وأحمد (2/239 , 254 , 274 , 285 , 415 , 475 , 495 , 501) من طريق سعيد بن المسيب وأبى سلمة عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العجماء جرحها جبار , والبئر جبار , والمعدن جبار , وفى الركاز الخمس " وليس عند مالك وابن ماجه إلا الجملة الأخيرة منه. وكذلك رواه أبو عبيد (336/857) وكذا ابن أبى شيبة (4/67) ولكنه لم يذكر فى سنده أبا سلمة وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد رواه عن أبى سلمة وحده بتمامه مسلم وأبو عبيد (856) , وهو رواية لأحمد.
وله عند البخارى (2/76) ومسلم والنسائى وابن أبى شيبة وأحمد (2/228 ,319 , 382 , 386 , 406 , 411 , 415 , 454 , 456 , 467 , 482 , 493 , 499 , 507) وابن أبى شيبة (66) والقاسم السرقسطى فى " غريب الحديث " (2/157/2) والطبرانى فى " الصغير " (ص 67 , 153) طرق كثيرة عن أبى هريرة.
وله شواهد فى السنن وغيرها , وقد كنت ذكرتها ـ فيما أظن ـ فى رسالتى " أحكام الركاز " , ولم تطبع.
(812/1) - (روى أبو عبيد بإسناده عن الشعبي "أن رجلاً وجد ألف دينار مدفونة خارج المدينة فأتى بها عمر بن الخطاب فأخذ منها مائتي دينار، ودفع إلى الرجل بقيتها، وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة، فقال: أين صاحب الدنانير؟ فقام إليه، فقال عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك") . (ص193)(3/288)
* ضعيف.
رواه أبو عبيد (342/874) من طريق مجالد عن الشعبي.
قلت: وهذا سند ضعيف، لأن مجالداً فيه ضعف، والشعبي لم يسمع من عمر.
باب زكاة الأثمان
(813) - (حديث عائشة وابن عمر: " كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال " رواه ابن ماجه.
* صحيح.
رواه ابن ماجه (1791) عن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله بن واقد عن ابن عمر وعائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار , ومن الأربعين دينارا دينارا " هذا لفظه وكذلك أخرجه الدارقطنى (199) من هذا الوجه , وقال البوصيرى فى " الزوائد " (113/1) : " إبراهيم بن إسماعيل ضعيف ".
قلت: وكذا فى " التقريب " وهو ابن مجمع كما فى رواية الدارقطنى لكن للحديث شواهد يتقوى بها , فلا بد من ذكرها.
1 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى أقل من عشرين مثقالا من الذهب , ولا فى أقل من مائتى درهم صدقة ".
رواه أبو عبيد (409/113) والدارقطنى (199) عن ابن أبى ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب به.(3/289)
قلت: وهذا سند ضعيف. عبد الكريم هذا هو ابن أبى المخارق. وابن أبى ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وكلاهما ضعيف.
2 ـ عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى: " أن فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى كتاب عمر فى الصدقة أن الذهب لا يؤخذ منه شىء حتى يبلغ عشرين دينارا , فإذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار , والورق لا يؤخذ منه شىء حتى يبلغ مائتى درهم , فإذا بلغ مائتى درهم ففيها خمسة دراهم ".
أخرجه أبو عبيد (408/1106) : حدثنا يزيد عن حبيب بن أبى حبيب عن عمرو بن هرم عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى.
قلت: وهذا سند صحيح مرسل , فإن الأنصارى هذا تابعى ثقة ولكنه فى حكم المسند لأن الأنصارى أخذه عن كتاب النبى صلى الله عليه وسلم وكتاب عمر رضى الله عنه. ففى رواية لأبى عبيد (358/933) بهذا السند عن الأنصارى: " لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصدقات , وكتاب عمر بن الخطاب , فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم فى الصدقات , ووجد عند آل عمر كتاب عمر فى الصدقات مثل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنسخا له , قال: فحدثنى عمرو بن هرم أنه طلب إلى محمد بن عبد الرحمن أن ينسخه ما فى ذينك الكتابين , فنسخ له ما فى هذا الكتاب من صدقة الإبل والبقر والغنم والذهب والورق والتمر أو الثمر والحب والزبيب: أن الإبل ... " الحديث بطوله.
فالحديث صحيح من هذا الوجه لأن التابعى نقله عن كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم المحفوظ عند آل عمرو , فهى وجادة من أقوى الوجادات وهى حجة كما سبقت الإشارة إليه فى مكان آخر.
3 ـ وله شاهد موقوف عن على قال:(3/290)
" ليس فى أقل من عشرين دينارا شىء , وفى عشرين دينارا نصف دينار , وفى أربعين دينارا دينار , فما زاد فبالحساب ".
أخرجه ابن أبى شيبة (4/8) وكذا أبو داود (1573) وأبو عبيد (1107) والبيهقى من طرق عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على.
وهذا سند جيد موقوف , وزاد أبو داود فى سنده الحارث الأعور قرنه مع عاصم بن ضمرة وزاد فى آخره: " قال: فلا أدرى أعلى يقول: " فبحساب ذلك " أو رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 82) : " وقال ابن حزم: هو عن الحارث عن على مرفوع , وعن عاصم بن ضمرة عن على , موقوف , كذا رواه شعبة وسفيان ومعمر عن أبى إسحاق عن عاصم موقوفا. قال: وكذا كل ثقة رواه عن عاصم.
قلت: قد رواه الترمذى من حديث أبى عوانة عن أبى إسحاق عن عاصم عن على مرفوعا ".
قلت: لكن ليس عند الترمذى (1/121) فى حديث على , نصاب الذهب بل الفضة ,وكذلك رواه مرفوعا من طرق أخرى عن أبى إسحاق ابن أبى شيبة (4/7) .
4 ـ عن محمد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه أمر معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ من كل أربعين دينارا دينارا , ومن كل مائتى درهم خمسة دراهم , وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة , ولا فيما دون خمسة ذود صدقة , وليس فى الخضروات صدقة ".
أخرجه الدارقطنى (200) من طريق عبد الله بن شبيب حدثنى عبد الجبار بن سعيد حدثنى حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبى يحيى عن أبى كثير مولى بنى جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش.(3/291)
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير عبد الله بن شبيب وهو واهٍ , كما فى " الميزان ".
وجملة القول فالحديث صحيح لا شك فيه عندى.
(814) - (حديث أنس مرفوعا: " وفى الرقة ربع العشر " متفق عليه (ص 194) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/368) فى آخر حديث أنس بكتاب أبى بكر الصديق بما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين قال فيه: " وفى الرقة ربع العشر , فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها ".
وقد تقدم الحديث بطوله (رقم 792) من رواية أبى داود وغيره.
وذكرنا هناك أن البخارى رواه بنحوه , وأما عزو المؤلف لهذا المقدار منه للمتفق عليه فمن أوهامه رحمه الله تعالى.
وهذا القدر رواه أبو عبيد أيضا (409/1112) .
(815) - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " ليس فى أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا فى أقل من مئتى درهم صدقة " رواه أبو عبيد (ص 194) .
* صحيح.
وقد أخرجه الدارقطنى أيضا , وهو وإن كان سنده ضعيفا , فهو صحيح بإعتبار ما له من الشواهد , وقد سبق ذكرها قبل حديث.
(816) - (حديث: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " رواه أحمد ومسلم عن جابر.
* صحيح.
رواه مسلم (3/67) وأبو نعيم فى " المستخرج " (16/37/2) والطحاوى (1/314) عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله عن(3/292)
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره وزاد: " وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة , وليس فيما دون خمسة
أوسق من التمر صدقة ".
وللطحاوى (1/315) منه الجملة الأخيرة فقط. ثم أخرج من طريق محمد بن مسلم قال: أنبأنا عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله به مرفوعا بلفظ: " لا صدقة فى شىء من الزرع أو الكرم حتى يكون خمسة أوسق , ولا فى الرقة حتى تبلغ مائتى درهم ".
ومن هذا الوجه أخرجه ابن ماجه (1794) وأحمد (3/296) بلفظ: " ليس فيما دون خمس ذود صدقة , وليس فيما دون خمس أواق صدقة , وليس فيما دون خمسة أوساق صدقة ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 113/2) : " هذا إسناد حسن ".
وصححه الحاكم (1/400 , 401 ـ 402) على شرط مسلم ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن مسلم وهوالطائفى فمن رجال مسلم وحده وفيه ضعف , وفى " التقريب ": " صدوق يخطىء " وقد تابعه عيسى بن ميمون المكى عن عمرو بن دينار به , لكنه اقتصر على الجملة الوسطى فقط.
أخرجه الطيالسى (1702) وإسناده صحيح.
ورواه البيهقى (4/128 , 134) من طريق الطائفى به , وقرن فى رواية له مع جابر أبا سعيد الخدرى.
ثم رواه (4/120) من طريق نعيم بن حماد أبى عبد الله الفارضى المروزى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن أبى نجيح وأيوب ويحيى بن أبى كثير عن ابنى جابر عن جابر كلهم ذكروا عن النبى صلى الله عليه وسلم به مثل رواية الطائفى عند ابن ماجه.(3/293)
قلت: ونعيم هذا ضعيف.
(817) - (حديث جابر: " ليس فى الحلى زكاة " رواه الطبرانى (ص 195) .
* باطل.
أخرجه ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/196/1 ـ 2) من طريق إبراهيم بن أيوب قال: حدثنا عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر مرفوعا به. وقال: " قالوا عافية ضعيف , قلنا: ما عرفنا أحدا طعن فيه ".
قلت: كذا قال , لا يخفى ما فيه من التسامح فى النقد , فإن للمخالف أن يقول له: فهل علمت أحدا وثقه , فإن لا يلزم من عدم معرفة الراوى بطعن أنه ثقة , فإن بين ذلك منزلة أخرى وهى الجهالة؟ ! وهذا ظاهر بين.
وقد ذكر الزيلعى فى " نصب الراية " (2/374) هذا الحديث من طريق ابن الجوزى ثم لم يذكر كلام ابن الجوزى المذكور , مشيرا إلى أنه غير مرضى عنده , وأيد ذلك بقوله: " قال البيهقى فى " المعرفة ": (قلت: فذكر الحديث من طريق عافية) فباطل لا أصل له , إنما يروى عن جابر من قوله , وعافية بن أيوب مجهول , فمن احتج به مرفوعا كان معزرا بذنبه , وداخلاً فيما نعيب به المخالفين من
الاحتجاج برواية الكذابين. انتهى. وقال الشيخ فى " الإمام ": ورأيت بخط شيخنا المنذرى رحمه الله: وعافية بن أيوب لم يبلغنى فيه ما يوجب تضعيفه. قال الشيخ: ويحتاج من يحتج به إلى ذكر ما يوجب تعديله. انتهى ".
قلت: وكلام الشيخ ـ وهو ابن دقيق العيد ـ أعدل ما رأيت من الكلام فيه , فلا بد لمن احتج به أن يثبت توثيق عافية , ويبدو أن ذلك من غير الممكن , فقد جرى كل من وقفت على كلامه فى هذا الحديث على أنه مجهول , ولم يأت بما يثبت توثيقه.
ولكنى رأيت ابن أبى حاتم قال فى " الجرح والتعديل " (3/2/44) : " سئل أبو زرعة عن عافية بن أيوب؟ فقال: هو مصرى ليس(3/294)
به بأس ".
ولذلك قال الحافظ فى " اللسان " عقب قول أبى زرعة هذا: " فليس هذا بمجهول " وهذا هو الصواب , وفيه رد على الذهبى فى قوله: " تكلم فيه , ما هو بحجة , وفيه جهالة ". فكأنه لم يقف ـ كغيره ـ على توثيق أبى زرعة المذكور , وهو إمام حجة , لا مناص من التسليم لقوله. ولكن هل يصير الحديث بذلك صحيحا؟
والجواب: لا فإن فى سنده علة أخرى فإنه من إبراهيم بن أيوب الراوى له عن عافية , فقد ذكره أبو العرب فى " الضعفاء " , ونقل عن أبى الطاهر أحمد بن محمد ابن عثمان المقدسى أنه قال: إبراهيم بن أيوب حورانى ضعيف.
قال أبو العرب: وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر. وقال أبو حاتم: لا أعرفه ".
فهذه هى علة الحديث , وإن الباحث المدقق ليعجب من ذهول كل من تكلم على الحديث عنها , وانصرافهم إلى تعليله بما ليس بعلة قادحة. وذلك كله مصداق لقول القائل: " كم ترك الأول للآخر ".
وللحديث علة أخرى وهى الوقف , فقال ابن أبى شيبة (4/27) : عبدة بن سليمان عن عبد الملك عن أبى الزبير عن جابر قال: لا زكاة فى الحلى. قلت: إنه يكون فيه ألف دينار؟ قال: يعار ويلبس ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وأبو الزبير قد صرح بالسماع وقد تابعه عمرو بن دينار قال: " سمعت رجلا يسأل جابر بن عبد الله عن الحلى: أفيه الزكاة فقال جابر: لا , فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير ".
أخرجه الشافعى (1/239) وأبو عبيد (442/1275) وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الدراقطنى (205) من طريق أبى حمزة عن الشعبى عن جابر قال: " ليس فى الحلى زكاة ".(3/295)
وبهذا السند عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " فى الحلى زكاة ". وقال الدارقطنى: " أبو حمزة هذا ميمون , ضعيف الحديث ".
قلت: فتبين مما تقدم أن الحديث رفعه خطأ , وأن الصواب وقفه على جابر وأن فى الباب ما يخالفه وهو حديث فاطمة بنت قيس مرفوعاً , وهو وإن كان ضعيف الإسناد فقد جاءت له شواهد قوية تشهد له بالصحة , أذكر بعضها.
1 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومعها ابنة لها , فى
يدها مسكتان من ذهب , فقال: هل تعطين زكاة هذا؟ قالت: لا , قال: أيسرك أن يسورك الله بهما بسوارين من نار؟ ".
أخرجه أبو داود (1563) والنسائى (1/343) والترمذى (1/124) وأبو عبيد (439/1260) وابن أبى شيبة (4/27) والبيهقى (4/140) وأحمد (2/178 , 204 , 208) من طرق عن عمرو به.
قلت: وإسناده إلى عمرو عند أبى داود والنسائى وأبى عبيد جيد , وصححه ابن القطان كما فى " نصب الراية " (2/370) .
2 ـ عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: " دخلنا على عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى فى يدى فتخات من ورق , فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله , قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا , أو ما شاء الله , قال: هو حسبك من النار ".
أخرجه أبو داود (1565) والدارقطنى (205) والحاكم (1/389 ـ 390) والبيهقى (4/139) عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الله بن(3/296)
شداد. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
وكلام الشيخ ابن دقيق العيد فى " الإمام " على ما نقله الزيلعى (2/371) يشعر أنه على شرط مسلم فقط , فقد قال: " ويحيى بن أيوب (أحد رواته) أخرج له مسلم ... والحديث على شرط مسلم ".
ويحيى بن أيوب هو الغافقى أبو العباس المصرى وقد أخرج له البخارى أيضا.
هذا ومحمد بن عمرو بن عطاء ثقة أيضا محتج به فى الصحيحين , وقد وقع فى سند الدارقطنى (محمد بن عطاء) منسوبا إلى جده فقال فيه: " مجهول " وتبعه على ذلك ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/198/1) , وهو ذهول منهما رده الأئمة من بعدهما كالزيلعى والعسقلانى وغيرهما.
(تنبيه على أوهام) :
1 ـ عزا المؤلف حديث الباب إلى الطبرانى وذلك وهم منه أو ممن نقله عنه , فليس الحديث عند الطبرانى , ولم أجد أحدا غيره عزاه إليه , ولا أورده الهيثمى فى " مجمع الزوائد ".
وقد سبق للمؤلف مثل هذا الوهم فى الحديث (48) فراجعه إن شئت.
2 و3 ـ عزاه السيوطى فى " الجامع الكبير " (2/154/2) للدارقطنى عن جابر وفاطمة بنت قيس. وفيه وهمان:
الأول: أن حديث جابر ليس مرفوعا عند الدراقطنى كما رأيت.
الثانى: أن حديث فاطمة لفظه عنده " فى الحلى زكاة " ليس فيه " ليس " فهو فى إثبات الزكاة لا فى نفيها , وكذلك عزاه فى " نصب الراية " (2/373) للدارقطنى.
فصل
(818) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم " اتخذ خاتماً من وَرق " متفق عليه (ص 195) .(3/297)
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/92) ومسلم (6/150) وأبو داود (4220) والبيهقى (4/142) وأحمد (2/22) من طريق نافع عن ابن عمر قال: " اتخذ النبى صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق , فكان فى يده , ثم كان فى يد أبى بكر , ثم كان فى يد عمر , ثم كان فى يد عثمان , حتى وقع منه فى بئر أريس , نقشه: محمد رسول الله ". وزاد أبو داود: " وقال: لا ينقش أحد على نقش خاتمى هذا ".
ورواه النسائى (2/295) وابن ماجه (3639) بهذه الزيادة مختصرا , وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(819) - (قال الدارقطنى وغيره: المحفوظ " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختتم فى يساره " (ص 196) .
* صحيح.
وفيه أحاديث:
الأول: عن أنس قال: " كان خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه , وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى " أخرجه مسلم (6/152) والنسائى (2/295) والبيهقى (4/142) وأحمد (3/267) عن حماد بن سلمة عن ثابت عنه.
ورواه أبو الشيخ فى " كتاب أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم " (ص 134) , لكنه قال: " حماد بن زيد " بدل " حماد بن سلمة , وما أظنه إلا خطأ من بعض النساخ أو الطابع , فإنه رواه من الطريق التى رواها منها مسلم عن حماد بن سلمة.
وتابعه قتادة عن أنس قال: " كان خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى خنصره اليسرى ".
أخرجه أبوالشيخ من طريق عمر بن أبى سلمة أخبرنا سعيد بن بشير عن قتادة به.(3/298)
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل سعيد بن بشير وهو الأزدى الشامى وهو ضعيف كما فى " التقريب ". وأما عمر بن أبى سلمة , فكذا هو فى الكتاب , والظاهر أنه خطأ والصواب " عمرو " وهو التنيسى وهو ثقة.
لكن رواه سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
وإسناده صحيح كما يأتى بيانه فى الكلام على الحديث الذى بعده , وذكرت هناك وجه الترجيح أو التوفيق بين الروايتين. وقد نقل المؤلف عن الدارقطنى وغيره أنه قال: " المحفوظ أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختتم فى يساره ".
وأنا أظن أن هذا قاله فى خصوص حديث معين , وإلا فأحاديث تختمه صفى الله عليه وسلم فى يمينه أصح وأكثر , وبعضها فى الصحيحين كما يأتى.
وقد اختلف العلماء فى التوفيق بين هذه الأحاديث على أقوال ذكرها الحافظ فى " الفتح " (10/274 ـ 276) والراجح عندى جواز الأمرين , والأفضل التختم باليمين , والله أعلم.
(820) - (حديث: " التختم باليمنى " ضعفه أحمد فى رواية الأثرم وغيره (ص 196) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر , وأنس بن مالك , وعبد الله بن جعفر , وعلى بن أبى طالب , وعبد الله بن عباس.
1 ـ أما حديث ابن عمر , فقال الإمام أحمد (2/153) : حدثنا صفوان بن عيسى أنبأنا أسامة بن زيد عن نافع عن عبد الله: " أن النبى صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب فجعله فى يمينه , وجعل فصه مما يلى باطن كفه , فاتخذ الناس خواتيم الذهب , قال: فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم(3/299)
المنبر فألقاه , ونهى عن التختم بالذهب ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه هو (6/150) والبخارى (4/92) والترمذى (1/324) من طريق موسى ابن عقبة عن نافع به نحوه , وكذلك أخرجه ابن سعد (1/2/161) من طريق أسامة نحوه.
ولفظ الترمذى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صنع خاتما من ذهب , فتختم به فى يمينه ثم جلس على المنبر فقال: إنى كنت اتخذت هذا الخاتم فى يمينى , ثم نبذه ونبذ الناس خواتيمهم ". وقال: " حديث حسن صحيح ".
ورواه فى كتابه " الشمائل " بإسناد السنن ذاته , ليس فيه قوله: " فى يمينى " فأنا أظنها شاذة , وأما الحافظ فجرى على أنها ثابتة فقال فى " الفتح " (10/274) بعد أن عزاه لابن سعد أيضا (1) : " وهذا صريح من لفظه صلى الله عليه وسلم رافع للبس , وموسى بن عقبة أحد الثقات الأثبات ".
وقد تابعهما عن نافع عبيد الله بن عمر مختصرا بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لبس خاتما فى يمينه ".
أخرجه أبو الشيخ (ص 133) بسند صحيح رجاله كلهم ثقات غير شيخه أبى يحيى الرازى فلم أعرفه الآن , وهو غير أبى يحيى الرازى العبدى المسمى إسحاق بن سليمان والذى أخرج له الستة , فإن هذا أعلى طبقة من المترجم.
وقد رواه أبو داود (4228) من طريق أخرى عن عبيد الله به إلا أنه أوقفه بلفظ:
__________
(1) وفى ذلك عندى نظر فإنه ليس عنده موضع الشاهد منه. اهـ.(3/300)
" أن ابن عمر كان يلبس خاتمه فى يده اليسرى " وسنده صحيح.
وخالفهم عبد العزيز بن أبى رواد فقال: عن نافع به بلفظ: " كان يتختم فى يساره " أخرجه أبو الشيخ (135) وأبو داود (4227) {وقال} : " قال ابن إسحاق وأسامة يعنى ابن زيد عن نافع بإسناده: فى يمينه ".
قلت: رواية أسامة تقدمت من رواية أحمد فى أول البحث , وأخرجها أبو الشيخ أيضا (133) مختصرا.
وأما رواية ابن إسحاق فذكر الحافظ فى " الفتح " أنها عند أبى الشيخ أيضا , وأنا لم أجدها عنده إلا من روايته عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
أخرجها (132) من طريق أبى معشر عن محمد بن إسحاق. فلعل رواية ابن إسحاق عن نافع فى مكان آخر عنده. ثم قال الحافظ: " ورواية أسامة أخرجها ابن سعد أيضا , فظهر أن رواية اليسار فى حديث نافع شاذة , ومن رواها أقل عددا وألين حفظا ممن روى اليمين. وقد أخرج الطبرانى فى الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه " , وأخرج أبو الشيخ (133) من رواية خالد بن أبى بكر عن سالم عن ابن عمر نحوه. فرجحت رواية اليمين فى حديث ابن عمر أيضا ".
2 ـ وأما حديث أنس فرواه قتادة عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
أخرجه النسائى (2/295) والترمذى فى " الشمائل " وأبو الشيخ (132) من طريق محمد بن عيسى بن الطباع عن عباد بن العوام عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة به.(3/301)
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. لكن خالفه شعبة عن قتادة فرواه بلفظ: " كأنى أنظر إلى بياض خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى أصبعه اليسرى "
أخرجه النسائى وسنده صحيح أيضا , ورواه أبو الشيخ (132) من طريق أبى عبيد الحمصى أخبرنا شعبة وعمرو بن عامر عن قتادة به نحوه. لكن أبو عبيد هذا ضعيف واسمه محمد بن حفص الوصابى ضعفه ابن منده وغيره , وذكره ابن حبان فى "الثقات
" وقال: يغرب.
وخالفه سعيد بن بشير أيضا كما سبق فى الحديث الذى قبله , لكن سعيد ضعيف , فما يعتد بمخالفته , فقد اختلف شعبة وابن أبى عروبة على قتادة , وكلاهما ثقة , ولكل منهما ما يؤيد روايته , أما رواية ابن أبى عروبة فيؤيدها حديث ابن شهاب عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة فى يمينه فيه فص حبشى , كان يجعل فصه مما يلى كفه " أخرجه مسلم (6/152) .
وأما رواية شعبة فيؤيدها حديث ثابت عن أنس بلفظ: " يده اليسرى ".
وقد خرجناه فى الحديث الذى قبله.
ومن ذلك يتبين أن لا مجال للترجيح بين الروايتين , فلا بد من التوفيق بينهما , ولعل ذلك بحمل كل رواية على حادثة غير الأخرى. ويكون أنس قد حدث بهذه تارة , وبتلك أخرى , وكذلك فعل قتادة , ثم تلقى بعض الرواة عنه إحداهما والبعض الآخر الأخرى , وإن لم يكن الأمر كذلك فالحديث مضطرب عندى , والحجة فى الحديث الذى قبله , والأحاديث الآتية.
3 ـ وأما حديث عبد الله بن جعفر , فيرويه حماد بن سلمة قال: " رأيت ابن أبى رافع ـ هو عبيد الله بن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه(3/302)
فسألته عن ذلك؟ فقال: رأيت عبد الله بن جعفر يتختم فى يمينه , وقال عبد الله بن جعفر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه ".
أخرجه النسائى (2/290) والترمذى (1/324) وفى " الشمائل " (رقم 1/186) وأبو الشيخ (131) وأحمد (1/204 و205) وقال الترمذى: " قال محمد بن إسماعيل (يعنى البخارى) : هذا أصح شىء روى فى هذا الباب ".
قلت: وإسناده صحيح.
وله طريق أخرى: عن إبراهيم بن الفضل عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله ابن جعفر مرفوعا به.
قلت: وإبراهيم بن الفضل وهو أبو إسحاق المدنى متروك كما فى "التقريب ".
وتابعه يحيى بن العلاء وهو مثله.
أخرجه عنهما أبو الشيخ وابن ماجه (3647) عن إبراهيم.
4 ـ وأما حديث على , فيرويه شريك بن عبد الله بن أبى نمر عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
أخرجه أبو داود (4226) والنسائى (2/290) والترمذى فى " الشمائل " (1/185) وأبو الشيخ (133) وصححه ابن حبان كما فى " الفتح " (10/275)
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
5 ـ وأما حديث عبد الله بن عباس , فيرويه محمد بن إسحاق قال: " رأيت على الصلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب خاتما فى خنصره اليمنى , فقلت: ما هذا؟ قال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا , وجعل(3/303)
فصه على ظهرها , قال: ولا إخال ابن عباس إلا قد كان يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه كذلك ".
أخرجه أبو داود (4229) والترمذى (1/324) وفى " الشمائل " (رقم 185) وأبو الشيخ (131) وقال الترمذى: " قال محمد بن إسماعيل: حديث حسن صحيح "
قلت: وإسناده جيد.
وله طريق أخرى عن أبى حازم عن ابن عباس مرفوعا: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه " وسنده ضعيف.
وفى الباب عن جابر وعائشة وأبى أمامة وأبى سعيد , وأبى جعفر الباقر وأبى سلمة بن عبد الرحمن عند أبى الشيخ إلا حديث أبى سلمة فهو عند النسائى (2/290) وهو مرسل صحيح , وفى أسانيده الأخرى ضعف , وفيما خرجناه كفاية.
(تنبيه) : عرفت مما سبق أن التختم باليمنى ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم بتلك الأحاديث الكثيرة , فما نقله المؤلف عن الإمام أحمد من التضعيف محمول على أنه أراد حديثا معينا لخصوص علة فيه , وإلا فإن تضعيف ذلك مع وروده فى خمسة أحاديث صحيحة من طرق مختلفة مما يستبعد صدوره عن الإمام أحمد رضى الله عنه.
وجملة القول أنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم التختم فى اليمين , وفى اليسار , فيحمل اختلاف الأحاديث فى ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا تارة وهذا تارة , فهو من الاختلاف المباح الذى يخير فيه الإنسان.
(821) - (وفى البخارى من حديث أنس: " كان فصه منه " ولمسلم: " كان فصه حبشيا " (ص 196) .(3/304)
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/91) والنسائى (1/295) والترمذى فى " الشمائل " (رقم 107) وفى السنن (1/324) وصححه من طريق حميد عن أنس " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضه , وكان فصه منه ".
وأخرج مسلم (6/152) من طريق ابن شهاب , حدثنى أنس بن مالك قال: " كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورق , وكان فصه حبشيا ".
وأخرجه النسائى (1/295) والترمذى (1/324) وصححه وابن ماجه (3646) وابن سعد (1/2/162) والبيهقى (4/142) وأحمد (3/209 , 225) .
(822) - (قال أنس: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة ". رواه الأثرم (ص 196) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2583) والترمذى فى " الشمائل " (رقم 186) وكذا النسائى (2/302) والدارمى (2/221) والطحاوى فى " المشكل " (2/166) والبيهقى (4/143) من طريق جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس به. وقال الدارمى: " هشام الدستوائى خالفه قال: قتادة عن سعيد بن أبى الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم , وزعم الناس أنه هو المحفوظ ".
وقد أخرجه أبو داود (2584) والنسائى والترمذى والبيهقى من طرق عن هشام عن قتادة عن سعيد بن أبى الحسن به مرسلا. وبهذا أعله البيهقى حديث أنس فقال: " تفرد به جرير بن حازم ".
قلت: وليس كما قال , فقد رواه النسائى عن جرير وهمام قالا: حدثنا قتادة عن أنس به.
ورواه الطحاوى عن همام وأبى عوانة عن قتادة به. فصح(3/305)
الحديث واتصل إسناده والحمد لله.
على أن له طريقا أخرى وشواهد يزداد بها قوة.
أما الطريق فهو عن عثمان بن سعد الكاتب عن أنس بن مالك به.
أخرجه أبو داود (2585) والطحاوى والبيهقى.
وعثمان هذا ضعيف , وبقية رجاله ثقات.
وأما الشواهد فهى:
1 ـ عن أبى أمامة بن سهل قال: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ".
أخرجه النسائى بإسناد صحيح عن أبى أمامة وهو صحابى ولم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم , فهو مرسل صحابى وهو حجة , على أنه يمكن أن يكون رأى السيف , وحينئذ فهو متصل.
2 ـ عن طالب بن حجير , عن هود بن عبد الله بن سعد عن جده قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة ". قال طالب: فسألته عن الفضة فقال: كانت قبيعة السيف فضة.
أخرجه الترمذى (رقم 110) ورجاله ثقات غير هود فإنه مجهول كما قال ابن القطان.
3 ـ عن مرزوق الصيقل قال: " صقلت سيف النبى صلى الله عليه وسلم ذا الفقار , فكان فيه قبيعة من فضة , وبكرة فى وسطه من فضة , وحلق فى قيده من فضة ".
رواه البيهقى وإسناده ضعيف.
(823) - (حديث: " إن عمر كان له سيف فيه سبائك من ذهب "(3/306)
وحديث: " عثمان بن حنيف كان فى سيفه مسمار من ذهب ". ذكرهما أحمد (ص 196) .
لم أقف على إسنادهما [1] .
والمعروف أن سيف عمر كان محلى بالفضة , فقد روى الطحاوى من طريق مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر: " إنه كان يتقلد سيف عمر , كان محلى ".
قلت: وسنده صحيح.
وروى البيهقى من طريق جويرية بن أسماء عن نافع قال: " أصيب عبيد الله بن عمر يوم صفين , فاشترى معاوية سيفه , فبعث به إلى عبد الله بن عمر , قال جويرية: فقلت: هو سيف عمر الذى كان؟ قال: نعم. قلت: فما كانت حليته؟ قال: وجدوا فى نعله أربعين درهماً ".
قلت: وسنده جيد رجاله كلهم ثقات معروفون غير إبراهيم بن سليمان شيخ أبى العباس الأصم والظاهر أنه التميمى العطار كوفى سمع منه أبو حاتم وقال فيه " صدوق ".
ثم روى الطحاوى عن مالك بن مغول قال: " كان سيف عمر محلى بالفضة , فقلت لنافع: عمر حلاه؟ قال: لا أدرى قد رأيت ابن عمر يتقلد ".
قلت: وسنده جيد.
ثم روى الطحاوى عن قرة بن خالد حدثنى أبى قال: بعث إلينا مصعب بن الزبير فأخرج إلينا سيفين أحدهما مرهف , حلقته فضة. فقال: هذا سيف
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/37:
ذكرهما أحمد أى فى رواية الأثرم كما فى " المغنى ": (3/15) .
وقال عن أثر عمر من حديث إسماعيل بن أمية عن نافع.(3/307)
الصديق. هذا سيف أبى بكر رضى الله عنه.
قلت: ورجاله ثقات غير خالد والد قرة , فلم أجد له ترجمة.
وعن هشام بن عروة قال: " رأيت سيف الزبير بن العوام محلى بفضة ".
وسنده جيد [1] .
(824) - (حديث: " أمره صلى الله عليه وسلم عرفجة بن أسعد لما قطع أنفه يوم الكلاب أن يتخذ أنفا من ذهب " رواه أبو داود والحاكم (ص 196) .
أبو داود (4233 , 4234) والنسائى (2/286) والترمذى (1/328) والطحاوى فى " شرح المعانى " (2/349) والبيهقى (2/425) وأحمد (5/25) عن أبى الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن أسعد بن كرب ـ قال: وكان جده , قال: حدثنى أنه رأى جده ـ قال: " أصيب أنفه يوم الكلاب فى الجاهلية , قال: فاتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه , فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يتخذ من ذهب ".
وتابعه سلم بن زرير قال: حدثنا عبد الرحمن بن طرفة به.
أخرجه النسائى وأحمد , وقال الترمذى: " حديث حسن غريب , إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة ".
قلت: ولم يرد عنه غير هذين الراويين لحديثه , وذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/126) ووثقه العجلى.
ورواه ابن حبان فى صحيحه عن أبى الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة كما فى " نصب الراية " (4/236) للزيلعى , وقال: " وقال ابن القطان فى كتابه: وهذا حديث لا يصح , فإنه من رواية أبى الأشهب , واختلف عنه , فالأكثر يقول: عنه عن عبد الرحمن بن طرفة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/37:
أثر الزبير هذا رواه البخاري في " المغازي " من " صحيحه ": (7/299 - فتح) , فيعلق على هذا الموضع من " الإرواء " أنه فى البخارى.
وكذلك ذكر أثر الزبير ابن قدامة فى " المغنى ": (3/14) وعزاه إلى الأثرم.(3/308)
عرفجة عن جده , وابن علية يقول: عنه عن عبد الرحمن بن طرفة عن أبيه عن عرفجة , وعبد الرحمن ابن طرفة لا يعرف بغير هذا الحديث , ولا يعرف روى عنه غير أبى الأشهب , وأبوه طرفة ليس بمعروف الحال ".
قلت: وفيه ملاحظتان:
الأولى: أن عبد الرحمن بن طرفة قد روى عنه سلم بن زرير كما تقدم.
الثانية: أن قوله: " عن أبيه " شاذ عندى لمخالفته لرواية الأكثرين , ولرواية سلم أيضا , وعبد الرحمن بن طرفة قد رأى جده عرفجة كما هو مصرح فى الرواية , فهى محمولة على الاتصال. فليس للحديث علة عندى إلا جهالة حال عبد الرحمن هذا , وإن وثقه العجلى وابن حبان , فإنهما معروفان بالتساهل فى التوثيق , ومع ذلك فإن بعض الحفاظ يحسنون حديث مثل هذا التابعى ولو كان مستورا غير معروف العدالة كالحافظ ابن كثير وابن رجب وغيرهما , والله أعلم.
(825) - (حديث: " أحل الحرير والذهب لإناث أمتى ".
* صحيح.
وقد تقدم برقم (277) .
(826) - (حديث: " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ". قال العقيلى: لا يثبت فى هذا شىء , وذكره ابن الجوزى فى " الموضوعات " (ص 197) .
* موضوع.
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (466) والمحاملى فى " الأمالى " (ج2 رقم 41 ـ نسختى) وابن عدى (ق 356/1) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (11/251) كلهم من طريق يعقوب بن الوليد المدنى إلا ابن عدى فمن طريق يعقوب بن إبراهيم الزهرى كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا.
وقال ابن عدى: " يعقوب بن إبراهيم هذا ليس بالمعروف , وقد سرقه منه يعقوب بن الوليد ".(3/309)
قلت: ومن طريقه ذكره ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " يعقوب كذاب يضع , قال العقيلى: ولا يثبت فى هذا عن النبى صلى الله عليه وسلم شىء ".
وقال الذهبى فى ترجمة ابن الوليد هذا: " قال أحمد: كان من الكذابين الكبار , يضع الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث.
وقد تعقب ابن الجوزى السيوطى بكلام لا طائل تحته , كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " فراجعه رقم (224) .
ومن الغرائب أن يستدل المصنف رحمه الله بمثل هذا الحديث على استحباب التختم بالعقيق!
باب زكاة العروض
(827) - (عن سمرة بن جندب: " أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع " رواه أبو داود (ص 198) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1562) وعنه البيهقى (4/146 ـ 147) عن سليمان بن موسى أبى داود حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثنى خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب قال: " أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " ورواه الدارقطنى (ص 214) والطبرانى , وعنه عبد الغنى المقدسى فى " السنن " (ق 133/2) عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب عن خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه عن سمرة بن جندب به بلفظ: " كان يأمر برقيق الرجل والمرأة الذين هم تلاده , وهم فى عمله , لا يريد بيعهم , وكان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذى يعد للبيع ".
وقال المقدسى: " وهو إسناد حسن غريب ".
وكذلك حسنه ابن عبد البر كما فى الزيلعى (2/376) .(3/310)
قلت: بل هو ضعيف , جعفر بن سعد وخبيب بن سليمان وأبوه كلهم مجهولون , وقال الذهبى: " هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (2/179) : " وفى إسناده جهالة ".
(828) - (قول عمر لحماس: " أد زكاة مالك , فقال: ما لى إلا جعاب وأدم , فقال: قومها وأد زكاتها " رواه أحمد وسعيد وأبو عبيد وغيرهم وهو مشهور (ص 198) .
ضعيف.
رواه أبو عبيد فى " الأموال " (425/1179) عن عبد الله بن أبى سلمة عن أبى عمرو بن حماس عن أبيه قال: " مر بى عمر , فقال: يا حماس: أد زكاة مالك. فقلت: ما لى مال إلا جعاب وأدم , فقال: قومها قيمة , ثم أد زكاتها ".
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو عمرو بن حماس: " مجهول " كما قال الذهبى فى " الميزان ".
ومن طريقه أخرجه الشافعى أيضا (1/236) والدارقطنى (213) والبيهقى (4/147) , وكذا أحمد وابن أبى شيبة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور عن أبى عمرو بن حماس نحوه كما فى " التلخيص " (185) .
(829) - (حديث سمرة: " ... مما نعده للبيع " رواه أبو داود (ص 198) .
* ضعيف.
وقد تقدم قبل حديث.
(830) - (روى الجوزجانى بإسناده عن بلال بن الحارث المزنى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من معادن القبلية الصدقة " (ص 199) .(3/311)
* ضعيف.
رواه مالك (1/248/8) عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن غير واحد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزنى معادن القبلية وهى من ناحية الفرع , فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة ".
ورواه عن مالك: أبو داود (3061) وأبو عبيد (338/863) والبيهقى (4/152) وقال: " قال الشافعى: ليس هذا مما يثبت أهل الحديث , ولو ثبتوه لم تكن فيه رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه , فأما الزكاة فى المعادن دون الخمس فليست مرويه عن النبى صلى الله عليه وسلم فيه ".
قال البيهقى: " هو كما قال الشافعى فى رواية مالك , وقد روى عن عبد العزيز الدراوردى عن ربيعة موصولا ".
قلت: ثم رواه من طريق الحاكم وهذا فى " المستدرك " (1/404) من طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة , وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع , فلما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل. قال: فأقطع عمر بن الخطاب رضى الله عنه للناس العقيق ".
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح , احتج البخارى بنعيم بن حماد ومسلم بالدراوردى " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو ذهول منه عما أورده هو نفسه فى ترجمة نعيم بن حماد أنه لين فى حديثه. والبخارى إنما أخرج له مقرونا كما صرح بذلك المنذرى فى خاتمة(3/312)
الترغيب (4/292) فلا يصح الحديث موصولا.
ثم أخرجه الحاكم (3/517) والطبرانى (1/57/1) عن حميد بن صالح عن الحارث وبلال (وقال الطبرانى: عن عمارة وبلال) ابنى يحيى بن بلال بن الحارث عن أبيهما عن جدهما بلال بن الحارث المزنى قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه القطيعة وكتب له: هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث أعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها , والجشمية وذات النصب , وحيث يصلح الزرع من قدس إن كان صادقا. وكتب معاوية ".
قلت: وحميد هذا لم أجد له ترجمة , ومثله يحيى بن بلال بن الحارث.
ثم روى الطبرانى من طريق محمد بن الحسن بن زبالة حدثنى عبد العزيز بن محمد بسنده المتقدم عن بلال بن الحارث به مختصرا بلفظ: " أقطع له العقيق كله " وابن زبالة هذا بفتح الزاى قال الحافظ: " كذبوه ".
قلت: فلا خير فى متابعته.
لكن له شاهد من حديث عمرو بن عوف وابن عباس , يرويه أبو أويس حدثنى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنى معادن القبلية.. الحديث مثل رواية حميد ليس فيه ذكر الزكاة. قال أبو أويس: حدثنى ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله , أخرجه أبو داود (3063) .
وأبو أويس اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس وفيه ضعف وبقية رجال إسناده الثانى ثقات رجال البخارى , وأما إسناده الأول فواهٍجدا من أجل كثير بن عبد الله فإنه متروك.
وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت فى إقطاع , لا فى أخذ الزكاة من المعادن , والله أعلم.(3/313)
باب زكاة الفطر
(831) - (حديث ابن عمر: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان (ص 200) .
* صحيح.
وهو طرف حديث , وقد ذكره المصنف عقبه بتمامه , فلنخرجه ثم.
(832) - (حديث ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين " رواه الجماعة (ص 200) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/284/52) وعنه البخارى (1/382 ـ 384) ومسلم (3/68) وأبو داود (1611) والنسائى (1/346) والترمذى (1/131) وصححه والدارمى (1/392) وابن ماجه (1826) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/320) والبيهقى (4/161 ـ 162) وأحمد (2/63) كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر به نحوه وفيه: " من المسلمين ".
وتابعه عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر به مثل لفظ الكتاب لكنه لم يقل " من رمضان ". وزاد: " وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ". أخرجه البخارى (1/382) وأبو داود (1812) والنسائى والدارقطنى (220) والبيهقى. وهذه الزيادة عند مسلم أيضا (3/70) من طريق الضحاك الآتية , وتابعه عليها موسى بن عقبة عنده.
وتابعه الضحاك بن عثمان عن نافع به , أخرجه مسلم (3/69) .(3/314)
وتابعه يونس بن يزيد أن نافعا أخبره به , أخرجه الطحاوى.
وتابعه كثير بن فرقد , رواه الدراقطنى (220) والبيهقى.
وعبيد الله بن عمر , رواه أحمد (2/66 , 137) والحاكم (1/410 ـ 411) وصححه هو والذهبى.
وعبد الله بن عمر العمرى , رواه الدارقطنى.
(833) - (حديث: " ابدأ بنفسك " رواه مسلم (ص 200) .
* صحيح.
رواه مسلم (3/78 ـ 79 , 5/97) وكذا النسائى (1/353 , 2/230) والبيهقى (4/178) من طريق الليث عن أبى الزبير عن جابر قال: " أعتق رجل من بنى عذرة عبدا له عن دبر , فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا , فقال: من يشتريه منى فاشتراه نعيم ابن عبد الله العدوى بثمانمائة درهم , فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه , ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها , فإن فضل شىء فلأهلك , فإن فضل عن أهلك شىء فلذى قرابتك , فإن فضل عن ذى قرابتك شىء فهكذا , وهكذا. يقول: فبين يديك , وعن يمينك , وعن شمالك ".
وتابعه أيوب عن أبى الزبير به نحوه , ولفظه: " إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه , فإن كان فيها فضل فعلى عياله ... ".
أخرجه مسلم ولم يسق لفظه وأبو داود (3957) وأحمد (3/305 , 369) .(3/315)
والنصف الأول منه أخرجه البخارى وغيره من طريق أخرى عن جابر , وقد خرجته فى " أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية ".
(834) - (وفى لفظ: " وابدأ بمن تعول " رواه الترمذى (ص 200) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة , وحكيم بن حزام , وأبى أمامة , وجابر بن عبد الله , وطارق المحاربى.
أما حديث أبى هريرة فله عنه طرق:
الأولى: عن قيس بن أبى حازم عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيبيعه ويستغنى به , ويتصدق منه خير له من أن يأتى رجلا فيسأله , يؤتيه أو يمنعه وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول ".
أخرجه مسلم (3/96) وأحمد (2/475) والترمذى (1/132) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة به مرفوعا: " خير الصدقة , ما كان عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول ".
رواه البخارى (1/361) والنسائى (1/353) والبيهقى (4/180) وأحمد (2/402) .
الثالثة: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة.
أخرجه النسائى (1/350 ـ 351) وأحمد.
الرابعة: عن أبى صالح عنه.
أخرجه البخارى (4/485) وأبو داود (1676) والدارقطنى (415) وأحمد (2/476 , 480 , 524 , 527) وزاد فى رواية:
" فقيل: من أعول يا سول الله؟ قال: امرأتك ممن تعول , تقول: أطعمنى وإلا فارقنى , وجاريتك تقول: أطعمنى واستعملنى , وولدك(3/316)
يقول: إلى من تتركنى؟ "
وإسنادها جيد , لكن فى البخارى أن أبا هريرة سئل عن هذه الزيادة هل هى من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا , هذا من كيس أبى هريرة.
الخامسة: عن الأعرج عن أبى هريرة به موقوفا , أخرجه أحمد (2/245) .
السابعة: عن محمد بن زياد عنه به , أخرجه أحمد (2/288) .
الثامنة: عن همام عنه به , أخرجه أحمد (2/318) .
التاسعة: عن عطاء عنه , أخرجه أحمد (2/394 , 434) .
العاشرة: عن أبى سلمة عنه , أخرجه أحمد (2/501) .
الحادية عشرة: عن يحيى بن جعدة عنه أنه قال: " يا رسول الله أى الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل , وابدأ بمن تعول ".
رواه أبو داود (1677) والحاكم (1/414) وأحمد (2/358) وإسناده صحيح.
الثانية عشرة: عن القاسم مولى يزيد قال: حدثنى أبو هريرة أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم إن تعط الفضل فهو خير لك , وإن(3/317)
تمسكه فهو شر لك , وابدأ بمن تعول , ولا يلوم الله على الكفاف , واليد العليا خير من
اليد السفلى ".
أخرجه أحمد (2/362) بسند حسن. ويشهد له حديث أبى أمامة الآتى.
الثالثة عشر: عن هشام بن عروة عن أبى هريرة به نحو حديث سعيد بن المسيب.
أخرجه الدارمى (1/389) , وهو منقطع بين هشام وأبى هريرة.
وأما حديث حكيم بن حزام , فله عنه طرق أيضا: الأولى: عن هشام بن عروة عن أبيه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول , وخير الصدقة عن ظهر غنى ".
رواه البخارى (1/361) وأحمد (3/403 , 434) .
الثانية: عن موسى بن طلحة عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى , واليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول ".
رواه مسلم (3/94) والنسائى (1/353) والدارمى (1/389) والبيهقى (4/180) وأحمد (3/402 , 434) .
وأما حديث أبى أمامة , فيرويه شداد بن عبد الله قال: سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك , وأن تمسكه شر لك , ولا تلام على كفاف , وابدأ بمن تعول , واليد العليا خير من اليد السفلى ".
رواه مسلم (3/94) والترمذى (2/55) والبيهقى (4/182) وأحمد (5/262) وقال الترمذى:(3/318)
" حديث حسن صحيح.
وأما حديث جابر فيرويه أبو الزبير أنه سمعه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول , واليد العليا خير من اليد السفلى ".
رواه أحمد (3/330 , 346) وسنده صحيح على شرط مسلم , وكذا رواه ابن حبان فى " صحيحه " (826) والبغوى فى " حديث أبى الجهم العلاء بن موسى " (2/2) .
وأما حديث طارق المحاربى فهو بلفظ: " يد المعطى العليا , وابدأ بمن تعول: أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك ".
أخرجه النسائى (1/350) وابن حبان (810) بسند جيد.
وأما حديث ابن عمر فله عنه طريقان:
الأولى: عن القعقاع بن حكيم عنه بلفظ: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " أخرجه أحمد (2/4 , 152) بسند جيد.
الثانية: عن إسحاق بن سعيد عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " المسألة كدوح فى وجه صاحبها يوم القيامة , فمن شاء فليستبق على وجهه , وأهون المسألة مسألة ذى الرحم تسأله فى حاجته , وخير المسألة المسألة عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول ".
أخرجه أحمد (2/93 ـ 94) بسند صحيح على شرط الشيخين.
(835) - (حديث ابن عمر: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير , والحر والعبد ممن تمونون " رواه الدارقطنى (ص 200) .(3/319)
* حسن.
الدارقطنى (220) ومن طريقه البيهقى (4/161) من طريق القاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة حدثنا عمير بن عمار الهمدانى حدثنا الأبيض بن الأغر حدثنى الضحاك ابن عثمان عن نافع عن ابن عمر به. وقال البيهقى: " إسناده غير قوى ".
وبين وجهه الدارقطنى فقال: " رفعه القاسم وليس بقوى , والصواب موقوف ".
ثم ساق من طريق حفص بن غياث قال: سمعت عدة منهم الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر: " أنه كان يعطى صدقة الفطر عن جميع أهله صغيرهم وكبيرهم , عن من يعول وعن رقيقه , ورقيق نسائه " ورواه ابن أبى شيبة أيضا (4/37) .
قلت: وهذا سنده صحيح موقوف.
وروى مرفوعا عن على , أخرجه الدارقطنى من طريق إسماعيل بن همام حدثنى على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى ممن تمونون ".
وهذا سند ضعيف كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 186) وإسماعيل بن همام شيعى أورده فى " اللسان " ولم يحك توثيقه عن أحد.
ورواه البيهقى (4/161) من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على رضى الله عنه قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير أو كبير , حر أو عبد ممن يمونون صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب , عن كل إنسان ". وقال: " وهو مرسل ".
قلت: ورجاله ثقات , فإذا ضم إليه الطريق التى قبله مع حديث ابن(3/320)
عمر أخذ قوة وارتقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى.
(836) - (حديث: " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " (ص 201) .
* صحيح.
وهو مركب من حديثين , تقدم تخريجها قريبا (833 ـ 834) .
(837) - (قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابى حين قال: " من أبر؟ قال: أمك , قال: ثم من؟ قال: أمك , قال: ثم من؟ قال: أباك " (ص 201) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة , ومعاوية بن حيدة , وأبى رمثة , وجد كليب بن منفعة وخواش [1] أبى سلامة.
أما حديث أبى هريرة فيرويه أبو زرعة عنه قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله من أحق بحسن
صحابتى (وفى رواية: من أبر؟) قال: أمك ... " الحديث مثله.
أخرجه البخارى (4/108) وفى " الأدب المفرد " (رقم 5 , 6) ومسلم (7/2 , 3) وأحمد (2/327 , 391) وابن ماجه (3658) .
وأما حديث معاوية بن حيدة فيرويه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: " قلت: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك ... " الحديث وزاد فى آخره: " ثم الأقرب فالأقرب ".
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (3) وأبو داود (1539) والترمذى (1/346) والحاكم (3/642 , 4/150) وأحمد (5/3 , 5) وقال الترمذى: " حديث حسن ". وقال الحاكم:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: خداش}(3/321)
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
وأما حديث أبى رمثة فيرويه إياد بن لقيط عنه قال: " انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: بر أمك , وأباك ,
وأختك , وأخاك , ثم أدناك أدناك ".
أخرجه الحاكم وأحمد (2/226) وسنده صحيح.
وأما حديث كليب بن منفعة عن جده فلفظه: " أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك , وأباك , وأختك , وأخاك , ومولاك الذى يلى , ذاك حق واجب , ورحم موصولة "
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (47) وأبو داود (5140) ورجاله ثقات غير كليب هذا , فلم يوثقه غير ابن حبان , وفى " التقريب " أنه مقبول.
وأما حديث خداش أبى سلامة فيرويه عنه عبيد بن على عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأبيه , أوصى الرجل بأبيه , أوصى الرجل بمولاه الذى يليه , وإن كان عليه فيه أذى يؤذيه ".
أخرجه الحاكم وأحمد (4/311) ورجاله ثقات غير عبيد ويقال له عبيد الله بن على بن عرفطة , قال الحافظ: " مجهول ".
وقد روى من طريق أخرى لكنه معلول , فقال ابن أبى حاتم (2/163) : " سألت أبى عن حديث رواه قبيصة عن الثورى عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصى امرءا بأمه قال أبى:(3/322)
هذا خطأ. يعنى أنه غلط فى المتن , يريد جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وأبواى يبكيان.
وإنما روى ذلك الحديث: " أوصى امرءا بأمه " سفيان عن منصور عن عبيد بن على عن خداش أبى سلامة عن النبى صلى الله عليه وسلم. قال أبى: فهذا الذى أراد قبيصة , دخل له حديث فى حديث ".
(838) - (حديث: " أنت ومالك لأبيك " (ص 201) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وعبد الله بن عمرو , وعبد الله بن مسعود وعائشة , وسمرة بن جندب , وعبد الله بن عمر , وأبى بكر الصديق وأنس بن مالك , وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم جميعا.
1 ـ أما حديث جابر فيرويه: محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله: " أن رجلا قال: يا رسول الله إن لى مالا وولدا , وإن أبى يريد أن يجتاح مالى , فقال: " فذكره.
أخرجه ابن ماجه (2291) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/230) والطبرانى فى " الأوسط " (1/141/1) والمخلص فى " حديثه " (12/69/2 من المنتقى منه) عن عيسى بن يونس حدثنا يوسف بن إسحاق بن أبى إسحاق السبيعى عن محمد بن المنكدر به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات على شرط البخارى كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 141/2) .
ولم يتفرد بوصله يوسف هذا , بل تابعه عمرو بن أبى قيس عن محمد بن المنكدر به.
أخرجه الخطيب فى " الموضح " (2/74) . وفى " خلاصة البدر المنير " (ق 123/2) عن البزار أنه صحيح.
وقال المنذرى: إسناده ثقات.
وصححه عبد الحق الإشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 170/2) .(3/323)
وتابعه أيضا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه.
أخرجه أبو الشيخ فى " عوالى حديثه " (1/22/1) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 195) والمعافى بن زكريا فى " جزء من حديثه " (ق 2/1) ولفظه: قال: " جاء رجل غلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبى أخذ مالى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم للرجل: اذهب فأتنى بأبيك , فنزل جبريل عليه السلام , على النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: إن الله يقرئك السلام , ويقول: إذا جاءك الشيخ فسله عن شىء قاله فى نفسه ما سمعته أذناه , فلما جاء الشيخ قال له النبى صلى الله عليه وسلم: ما بال ابنك يشكوك , أتريد أن تأخذ ماله؟ فقال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على عماته أو خالاته أو على نفسى؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إيه دعنا من هذا , أخبرنا عن شىء قلته فى نفسك ما سمعته أذناك. فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا
, لقد قلت فى نفسى شيئا ما سمعته أذناى , فقال: قل , وأنا أسمع. قال: قلت:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا ... تعل بما أجنى عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا ساهراً أتململ
كأنى أنا المطروق دونك بالذى ... طرقت به دونى فعيناى تهمل
تخاف الردى نفسى عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التى ... إليها مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائى غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتى ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
تراه معدا للخلاف كأنه ... برد على أهل الصواب موكل
قال: فحينئذ أخذ النبى صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال: أنت ومالك لأبيك ".
وقال الطبرانى: " لا يروى عن محمد بن المنكدر بهذا التمام والشعر إلا بهذا الإسناد تفرد به عبيد بن خلصة ".(3/324)
قلت: ولم أجد من ترجمه , والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما فى " التقريب ".
2 ـ وأما حديث عبد الله بن عمرو , فيرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن أعرابيا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن لى مالا وولدا , وإن والدى يريد أن يجتاح مالى , قال: فذكر الحديث وزاد: إن أولادكم من أطيب كسبكم , فكلوا من كسب أولادكم ".
أخرجه أبو داود (3530) وابن ماجه (2292) وابن الجارود (995) وأحمد (2/214) والمخلص فى " بعض الخامس من الفوائد " (ق 252/2) من طرق عن عمرو به.
قلت: وهذا سند حسن.
ورواه مختصرا أبو بكر الشافعى فى " حديثه " (2/2) وأبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/22) وابن النقور فى " القراءة على الوزير " (2/20/2) وأبو بكر الأبهرى فى " جزء من الفوائد " (2/1) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (12/49) والسلفى فى " الطيوريات " (ق 115/1) من طرق أخرى عن عمرو به مقتصرين على قوله: " أنت ومالك لأبيك ".
3 ـ وأما حديث ابن مسعود , فيرويه إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعا به.
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/60/2) وفى " الأوسط " (1/141/1) و" الصغير " (ص 2) والمعافى بن زكريا فى " جزء من حديثه " (2/1) وأبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن فى " نسخة أبى مسهر ... " (ق 63/2) وابن عساكر (7/226/2) عن معاوية بن يحيى أبو مطيع الأطرابلسى حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد بن ذى حماية عن غيلان بن جامع عن حماد بن أبى سليمان عن إبراهيم النخعى به.
وقال الطبرانى: " لا يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد , تفرد به ابن ذى حماية وكان(3/325)
من ثقات المسلمين ".
قلت: وهذه فائدة عزيزة وهى توثيق الطبرانى لابن ذى حماية فإنهم أغفلوه ولم يترجموه , وقد خفيت على الهيثمى , فقد قال فى " المجمع " (4/154) : " رواه الطبرانى فى الثلاثة , وفيه إبراهيم بن عبد الحميد بن ذى حماية (الأصل: حماد) ولم أجد من ترجمة وبقية رجاله ثقات ".
قلت: على ضعف فى بعضهم.
4 ـ وأما حديث عائشة , فله عنها طريقان:
الأولى: عن عثمان بن الأسود عن أبيه عنها قالت: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو أباه , فقال ... " فذكره.
أخرجه أبو القاسم الحامض فى " حديثه " كما فى " المنتقى منه " (2/8/1) , حدثنا إبراهيم بن راشد حدثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود.
قلت: وإبراهيم بن راشد هو الأدمى قال ابن أبى حاتم (1/1/99) : " كتبتا [1] عنه ببغداد , وهو صدوق "
قلت: وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأسود وهو ابن موسى بن باذان المكى لم أجد له ترجمة , وقد ذكره فى " التهذيب " فى جملة من روى عنهم ابنه عثمان.
الثانية: عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عنها: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه فى دين له عليه , فقال له عليه السلام ... " فذكره.
رواه ابن حبان فى " صحيحه " فى النوع الثانى والأربعين من القسم الثالث كما فى " نصب الراية " (3/338) .
وعبد الله بن كيسان هو المروزى وكنيته أبو مجاهد ; أبو مولى طلحة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: كتبنا}(3/326)
عبيد الله , وكلاهما أوردهما ابن حبان فى " الثقات " (2/154 , 158 ـ 159) , وفى الأول ضعف , وفى الآخر جهالة.
والحديث صححه عبد الحق أيضا كما فى " خلاصة البدر المنير " (ق 123/2) لابن الملقن , وقال: " له سبعة طرق أخر موضحة فى الأصل , وأصحها هذا , وطريق جابر ".
ولعائشة حديث آخر فى الباب سيأتى فى الكتاب برقم (1625) .
5 ـ وأما حديث سمرة بن جندب فيرويه جرير بن حازم عنه [1] مرفوعا به.
رواه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/1) والعقيلى (ص 197) من طريق عبد الله ابن إسماعيل أبى مالك الجودانى {حدثنا} جرير بن حازم به.
وقال الطبرانى: " تفرد به أبو مالك ".
وقال العقيلى: " هو منكر الحديث لا يتابع على شىء من حديثه , وفى هذا الباب أحاديث من غير هذا الوجه , وفيها لين , وبعضها أحسن من بعض ".
قلت: تابعه عبد الله بن حرمان الجهضمى: أنبأ جرير به.
أخرجه ابن بشران فى " الأمالى " (ق 56/1) عن محمد بن غالب عنه.
لكنى لم أعرف الجهضمى هذا.
6 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر , فله عنه طريقان:
الأولى: عن أبى حريز عن أبى إسحاق أنه حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله والدى أكل مالى , فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك ومالك لأبيك ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عن الحسن عنه}(3/327)
رواه يحيى بن معين فى " التاريخ والعلل " (8/110/2) : أنبأ معتمر بن سليمان التيممى: قال: وفيما قرأت على الفضيل: أبو حريز به.
ورواه أبو يعلى فى مسنده من طريق أخرى عن المعتمر به. كما فى " نصب الراية " (3/339) .
قلت: وهذا سند حسن فى المتابعات , رجاله كلهم ثقات غير أبى حريز , واسمه عبد الله بن حسين , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق يخطىء ".
الثانية: عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به.
أخرجه البزار فى مسنده , وقال: " لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد , وعمر بن محمد فيه لين ".
ذكره فى " نصب الراية " (3/339) . وقد خفى على البزار أن له إسنادين آخرين , تقدم أحدهما , والآخر هو: الثالثة: عن محمد بن أبى بلال التميمى حدثنا خلف بن خليفة عن محارب بن دثار عنه مرفوعا بلفظ: " الولد من كسب الوالد ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/2) , وابن أبى بلال هذا لم أعرفه.
وأما حديث أبى بكر , فيرويه المنذر بن زياد الطائى عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم قال: " حضرت أبا بكر الصديق أتاه رجل , فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! هذا يريد أن يأخذ ما لى كله فيجتاحه , فقال له أبو بكر: ما تقول؟ قال: نعم , فقال أبو بكر: إنما لك من ماله ما يكفيك , فقال: يا خليفة(3/328)
رسول الله أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك؟ فقال أبو بكر: أرضى بما رضى الله عز وجل ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/2) وقال: " لم يروه عن إسماعيل إلا المنذر ".
قلت: وهو متروك كما قال الدارقطنى , واتهمه غيره بالوضع.
7 ـ وأما حديث أنس , فيرويه الحباب بن فضالة , قال سألت أنس بن مالك , ما يحل لى من مال أبى؟ قال: ما طابت به نفسه , قلت: فما يحل لأبى من مالى؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه أبو بكر الشافعى فى " الرباعيات " (1/106) : حدثنا جعفر بن محمد بن كزال حدثنا إبراهيم بن بشير المكى حدثنا الحباب بن فضالة.
قلت: وهذا سند ضعيف , الحباب هذا , قال الأزدى: ليس حديثه بشىء , وقال ابن ماكولا: ليس بالقوى.
وإبراهيم بن بشير المكى لم أجد من ترجمه.
8 ـ وأما حديث عمر , فيرويه سعيد بن بشير عن مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا.
أخرجه البزار وقال: " لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه " وأعله ابن عدى فى " الكامل " بسعيد بن بشير , وضعفه عن البخارى والسنائى. وابن معين , ووثقه عن شعبة. كذا فى " نصب الراية " (3/338 ـ 339) .
9 ـ ولعائشة فى الباب حديث آخر بلفظ: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه , وإن ولده من كسبه ".
أبو داود (3528 , 3529) والنسائى (2/211) والترمذى(3/329)
(1/254) والدارمى (2/247) وابن ماجه (2137 , 2290) والحاكم (2/45 , 46) والطيالسى (1580) وأحمد (6/31 , 41 , 127 , 162 , 193 , 201 , 202 ـ 203) ومحمد بن العباس بن نجيح البزار فى " حديثه " (ق 108/2) كلهم عن عمارة بن عمير عن عمته عنها , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمة عمارة , فلم أعرفها. لكن تابعها الأسود عن عائشة.
أخرجه النسائى وأحمد (6/42 , 220) والرامهرمزى فى " المحدث الفاصل " (ص 76) وإسناده صحيح.
(839) - (حديث: " أدوا صدقة الفطر عن من تمونون " (ص 201) .
* حسن.
وقد مضى تخرجيه (835) .
(840) - (روى أبو بكر عن على رضى الله عنه: " زكاة الفطر عن من جرت عليه نفقتك " (ص201) .
* ضعيف.
رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى " المصنف " (4/37) عن سفيان عن عبد الأعلى عن أبى عبد الرحمن عن على قال: فذكره.
ورواه الدارقطنى (225) والبيهقى (4/161) من هذا الوجه نحوه , وقال البيهقى: " وهذا موقوف , وعبد الأعلى غير قوى ".
(841) - (حديث عثمان فى تصدقه عن الجنين (ص 201) .(3/330)
* ضعيف.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/63) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد: " أن عثمان كان يعطى صدقة الفطر عن الحبل ".
وأخرجه الإمام أحمد فى " المسائل " رواية ابنه عبد الله عنه (ص 151) من طريق سليمان التيمى عن حميد بن بكر وقتادة: " أن عثمان كان يعطى صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحامل ".
قلت: وهذا إسناد صحيح لولا أنه منقطع بين قتادة وعثمان , وبين هذا وبين حميد والظاهر من إطلاقه فى إسناد ابن أبى شيبة أنه حميد بن أبى حميد الطويل , ويؤيده أنه من رواية إسماعيل بن إبراهيم ـ وهو ابن علية ـ عنه وقد سمع منه.
ويعكر عليه أنه جاء منسوبا فى رواية أحمد: " حميد بن بكر " وليس فى (الحميديين) من الرواة بهذه النسبة (ابن بكر) إلا رجلا واحدا أورده ابن حبان فى أتباع التابعين من " ثقاته " وقال (2/54) : " حميد بن بكر , يروى عن محمد بن كعب القرظى , روى عنه يزيد بن خصيفة , يعتبر بحديثه إذا لم يكن فى إسناده إنسان ضعيف ".
فأرى أن المترجم ليس هو هذا الذى يروى عن القرظى لأنه متأخر الطبقة عن المترجم , بل إنه فى طبقة الراوى عنه التيمى وابن علية , لذلك فإنه يغلب عن ظنى أن المترجم هو حميد الطويل كما استظهرت أولا. ولا ينافيه أنه نسب إلى تلك النسبة (ابن بكر) لأنه قد اختلف فى اسم (أبى حميد) على نحو عشرة أقوال كما قال الحافظ فى " التقريب " , فيمكن أن يكون هذا الاسم (بكر) قولا واحدا من تلك الأقوال , أو قولا آخر زائدا عليها!
ثم إن هذ الأثر قد أورده الخرقى فى " مختصره " فى الفقه الحنبلى دون عزو كما هى عادته , ثم لم يخرجه الشيخ ابن قدامة فى كتابه " المغنى " (3/80) .
(842) - (حديث ابن عمر المتفق عليه: " ... وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ".
* صحيح.
وهو متفق عليه كما ذكر المؤلف , وقد جاء من طرق عن نافع(3/331)
عن ابن عمر كما سبق عند الحديث (832) .
(843) - (حديث ابن عباس: " من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة , ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات ".
* حسن.
أخرجه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) والدارقطنى (219) والحاكم (1/409) والبيهقى (4/163) من طريق مروان بن محمد: حدثنا أبو يزيد الخولانى ـ وكان شيخ صدق , وكان ابن وهب يروى عنه ـ حدثنا سيار بن عبد الرحمن الصدفى عن عكرمة عن ابن عباس قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث , وطعمة للمساكين , من أداها ... " الخ.
وقال الدارقطنى: " ليس فيهم مجروح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " ووافقه الذهبى , وأقره المنذرى فى " الترغيب " والحافظ فى " بلوغ المرام " , وفى ذلك نظر , لأن من دون عكرمة لم يخرج لهم البخارى شيئا , وهم صدوقون سوى مروان فثقة , فالسند حسن , وقد حسنه النووى فى " المجموع " (6/126) ومن قبله ابن قدامة فى " المغنى " (3/56) .
ثم رأيت العلامة ابن دقيق العيد فى " الإلمام " (227 ـ 228) قد تعقب الحاكم بمثل ما تعقبته به , ولكنه أشار إلى تقوية الحديث , والحمد لله على توفيقه.
(844) - (حديث: " أغنوهم عن الطلب فى هذا اليوم " رواه سعيد بن منصور.
* ضعيف.
قال سعيد بن منصور كما فى " المغنى " (3/67) : حدثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ـ وذكر الحديث ـ قال: فكان يؤمر(3/332)
أن يخرج (!) قبل أن يصلى , فإذا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه بينهم وقال: " فذكره.
وأخرجه الدارقطنى (225) والحاكم فى " معرفة علوم الحديث " (131) والبيهقى (4/175) وكذا ابن زنجويه فى " الأموال " (14/49/1) من طرق أخرى عن أبى معشر به , ورواية البيهقى أتم , وفيها ما اختصره فى المغنى من رواية سعيد , ولفظه: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير , وحر ومملوك , صاعا من تمر أو شعير , قال: وكان يؤتى إليهم بالزبيب والأقط فيقبلونه منهم , وكنا نؤمر أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسمون بينهم , ويقول: " فذكره.
ورواية الدارقطنى وابن زنجويه مختصرة , ولفظ الثانى: " كنا نؤمر أن نخرجها قبل أن نخرج إلى الصلاة , ثم يقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المساكين إذا انصرف , وقال: " فذكره.
وقال البيهقى عقبه: " أبو معشر هذا نجيح السندى المدينى , غيره أوثق منه ".
وقال الحافظ فى ترجمته من " التقريب ": " ضعيف ".
وكذا قال ابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 66/2) , وقال النووى فى " المجموع " (6/126) والحافظ فى " بلوغ المرام ": " إسناده ضعيف ".
وذكر له الحافظ فى " التلخيص " طريقا أخرى عن نافع فقال (186) : " قال ابن سعد فى " الطبقات ": حدثنا محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحى عن الزهرى عن عروة عن عائشة , وعن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وعن عبد العزيز بن محمد عن بريح [1] بن عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه عن جده , قالوا:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ربيح}(3/333)
" فرض صوم رمضان
بعدما حولت الكعبة بشهر على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة , وأمر فى هذه السنة بزكاة الفطر , وذلك قبل أن تفرض الزكاة فى الأموال , وأن تخرج عن الصغير والكبير , والذكر والأنثى , والحر والعبد , صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب , أو مدين من بر , وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة , وقال: أغنوهم ـ يعنى المساكين ـ عن طواف هذا اليوم ".
قلت: وسكت عليه الحافظ لوضوح علته , فإن محمد بن عمر هذا هو الواقدى وهو متروك متهم بالكذب.
ووجدت للحديث طريقا ثالثة عن نافع , رواه أبو القاسم الشريف الحسينى فى " الفوائد المنتخبة " (13/147/2) عن القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن نافع به بلفظ: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج صدقة الفطر قبل الصلاة. وقال: أغنوهم عن السؤال ".
وهذا سند ساقط , لأن القاسم بن عبد الله وهو العمرى المدنى قال الحافظ: " متروك رواه أحمد بالكذب ".
(845) - (حديث: " كان عليه الصلاة والسلام يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة " (ص 202) .
* ضعيف.
رواه سعيد بن منصور وابن زنجويه بسند ضعيف , وقد ذكرنا لفظ الحديث بتمامه مع الكلام على سنده فى الذى قبله.
(تنبيه) : سبق فى أول الكلام على هذا الحديث أن نقلت عن " بلوغ المرام " أنه قال: " إسناده ضعيف " فقال الصنعانى فى " سبل السلام " (2/187) فى تعليل ذلك:(3/334)
" لأن فيه محمد بن عمر الواقدى ".
وهذا وهم منه فإن الواقدى إنما هو فى إسناد ابن سعد , ولم يعزه إليه الحافظ فى " البلوغ " فتنبه.
(846) - (حديث ابن عمر: " كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى كما قال المؤلف (3/298 ـ فتح) من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: " فرض النبى صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر أو قال رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك , صاعا من تمر , أو صاعا من شعير , فعدل الناس به نصف صاع من بر , فكان ابن عمر يعطى التمر , فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرا , فكان ابن عمر يعطى عن الصغير والكبير , حتى إنه كان يعطى عن بنىّ, وكان ابن عمر رضى الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها , وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين ".
وروى الجملة الأخيرة منه الدارقطنى (225) والبيهقى (4/175) من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع به بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة , وأن عبد الله بن عمر كان يؤديها قبل ذلك بيوم أو يومين ".
وروى مالك (1/285/55) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذى تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
قلت: وهذا يبين أن قوله فى رواية البخارى " للذين يقبلونها " ليس المراد به الفقراء , بل الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر , ويؤيد ذلك ما وقع فى رواية ابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب: " قلت: متى كان ابن عمر يعطى؟ قال: إذا قعد العامل , قلت: متى يقعد العامل؟ قال: قبل الفطر بيوم أو يومين ".(3/335)
(847) - (حديث أبى سعيد: " كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام , أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر , أو صاعا من زبيب , أو صاعا من أقط " متفق عليه (ص 203) .
* صحيح.
وهو من رواية عياض بن عبد الله بن سعد بن أبى سرح عن أبى سعيد الخدرى , وله عنه طرق:
الأولى: عن زيد بن أسلم عن عياض به مع تقديم الجملة الأخيرة منه على ما قبلها , ودون قوله " إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم " , فإنه لم يرد فى هذه الطريق , وإنما فى التى بعدها.
أخرجه مالك فى " الموطأ " (1/284/53) وعنه البخارى (3/294 ـ فتح) ومسلم (3/69) والطحاوى (1/318) والبيهقى (3/164) كلهم عن مالك عن زيد به , وزاد فى " الموطأ " فى آخره: " وذلك بصاع النبى صلى الله عليه وسلم ".
وتابعه سفيان وهو الثورى عن زيد بن أسلم به ولفظه: " كنا نعطيها فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام ... " الحديث.
أخرجه البخارى (3/294 , 297 ـ 299) والنسائى (1/347) والترمذى (1/131) والطحاوى والبيهقى وأحمد (3/73) عن جمع من الثقات عنه به وزاد فى آخره هو والبخارى والترمذى: " فلما جاء معاوية , وجاءت السمراء قال: " أرى مدا من هذا يعدل مدين " - زاد الترمذى: من تمر. - قال: فأخذ الناس بذلك , قال أبو سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ". ليس عند البخارى " أو صاعا من أقط ".
ثم قال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح ".
وتابعه أيضا أبو عمر وهو حفص بن ميسرة عن زيد به ولفظه:(3/336)
" وكنا نخرج فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام.
وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ".
أخرجه البخارى (3/297) .
الطريق الثانية: عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله به ولفظه: " كنا نخرج إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو ... " الحديث مثل حديث مالك عن زيد وزاد فى آخره: " فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبى سفيان حاجا أو معتمرا.
فكلم الناس على المنبر , فكان فيما كلم به الناس أن قال: إنى أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر. فأخذ الناس بذلك , قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت ".
أخرجه مسلم (3/69) وأبو داود (1616) والنسائى (1/247 , 248) وابن ماجه (1829) وابن الجارود فى " المنتقى " (رقم 357 , 358) والطحاوى والدارقطنى (223) والبيهقى (3/160 , 165) وأحمد (3/23 , 98) .
الطريق الثالثة: عن إسماعيل بن أمية قال: أخبرنى عياض بن عبد الله به ولفظه: " كنا نخرج زكاة الفطر ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا عن كل صغير ... " الحديث مثل الذى قبله إلا أنه قال: " ثلاثة أصناف " فلم يذكر الزبيب ولا قال: " صاعا من طعام أو "
أخرجه مسلم.
الطريق الرابعة: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن عياض بلفظ:(3/337)
" كنا نخرج زكاة الفطر من ثلاثة أصناف: الأقط والتمر والشعير ".
أخرجه مسلم (3/70) والنسائى (1/347) .
الطريق الخامسة: عن ابن عجلان عنه , ولفظه: " أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر أنكر ذلك أبو سعيد
وقال: لا أخرج فيها إلا الذى كنت أخرج فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعا من تمر , أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط ".
أخرجه مسلم وأبو داود (1618) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/37) والحميدى فى " مسنده " (742) والبيهقى (3/172) من طرق عنه.
وتابعهم سفيان بن عيينة عن ابن عجلان , لكنه زاد عليهم فيه فقال: " أو صاعا من دقيق "
أخرجه أبو داود (1618) والنسائى (1/347) والدارقطنى (223) والبيهقى وزاد النسائى فى آخره: " ثم شك سفيان فقال: دقيق أو سلت "
وزاد الدارقطنى فى رواية: " فقال له على بن المدينى وهو معنا: يا أبا محمد (يعنى ابن عيينة) : أحد لا يذكر فى هذا " الدقيق "! قال: بلى هو فيه ".
وزاد أبو داود: " قال حامد (يعنى ابن يحيى وهو شيخه) : فأنكروا عليه فتركه سفيان " قال أبو داود: " فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة ".(3/338)
ووافقه البيهقى على ذلك. ولا يشك فى وهمه من تتبع الطرق السابقة , لا سيما وفى رواية النسائى أن سفيان شك فى ذلك , والشك لا يفيد علما. بل فى رواية الحميدى عنه " أو صاعا من أقط ". وهو الصواب.
الطريق السادسة: عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان عن عياض بلفظ: " إنما كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر , أو صاعا من شعير , أو صاع أقط , لا نخرج غيره , فلما كثر الطعام فى زمن معاوية جعلوه مدين من حنطة ".
أخرجه النسائى (1/348) والطحاوى (1/319) من طريق يزيد بن أبى حبيب عنه.
وتابعه ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله به ولفظه: " سمعت أبا سعيد وهو يسأل عن صدقة الفطر؟ قال: لا أخرج إلا ما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعاً من تمر , أو صاعاً من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط. فقال له الرجل: أو مدين من قمح , فقال: لا , تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها ".
أخرجه الطحاوى عن الوهبى قال: حدثنا ابن إسحاق به.
ورواه إسماعيل بن علية عن ابن إسحاق به , فزاد فيه: " أو صاعا من حنطة ".
أخرجه الدراقطنى (222) والحاكم (1/411) والبيهقى (4/166) وسكت عليه , وتعقبه التركمانى بقوله: " الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن إسحاق , كذا قال البيهقى فى باب قتل ماله روح , وقد ذكر أبو داود هذا الحديث ثم قال: رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عياض عن أبى سعيد بمعناه , وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية: " أو صاعا من حنطة " وليس بمحفوظ , حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ليس فيه ذكر الحنطة ".
قلت: فتصحيح الحاكم إياه من تساهله , ولا عجب منه , وإنما العجب(3/339)
من الذهبى حيث وافقه عليه! وقد قال الحافظ فى " الفتح " (3/296) : " قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة فى خبر أبى سعيد غير محفوظ , ولا أدرى ممن الوهم , وقوله: " فقال رجل الخ " دال على أن ذكر الحنطة فى أول القصة خطأ , إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا لما كان الرجل يقول له: أو مدين من قمح ".
قلت: وهذا هو التحقيق.
(848) - (زيادة تفرد بها ابن عيينة فيها فى حديث أبى سعيد (المتقدم) : " أو صاعا من دقيق ". قيل لابن عيينة: " إن أحدا لا يذكره فيه , مقال: بل هو فيه " رواه الدارقطنى.
هذه الزيادة خطأ شذ فيه ابن عيينة عن الجماعة كما سبق تحقيقه قريبا.
(849) - (حديث عمر: " لا تشتره ولا تعد فى صدقتك , وإن اعطاكه بدرهم , فإن العائد فى صدقته كالعائد فى قيئه " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/279) ومسلم (5/63) وكذا النسائى (1/367 ـ والبيهقى (3/151) وأحمد (1/40) كلهم عن مالك - وهو فى " الموطأ " (1/282/49) - عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " حملت على فرس عتيق فى سبيل الله , وكان الرجل الذى هو عنده قد أضاعه (1) , فأردت أن اشتريه منه , وظننت أنه بائعه برخص , فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا تشتره ... " الحديث.
__________
(1) أى بترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما.(3/340)
ثم أخرجه الشيخان وأبو داود (1593) والترمذى (1/130) وابن ماجه (2390) وابن الجارود (362) والبيهقى وأحمد (1/25 , 37) من طرق أخرى عن زيد وبعضهم عن نافع وسالم عن ابن عمر عن عمر , وبعضهم جعله من مسند ابن عمر.
وانظر " الأحاديث المختارة " (208 ـ بتحقيقى) .
(تنبيه) : وقعت رواية سفيان بن عيينة الشاذة المتقدمة معزوة للبخارى فى كتاب " الإلمام بأحاديث الأحكام " (ص 227) وهو خطأ من ناسخ المخطوطة التى طبع الكتاب عليها , وهناك فى المكتبة الظاهرية نسختان أخريان وقع العزو فيهما على الصواب: " أخرجه أبو داود " , وفات الأخ الأستاذ محمد سعيد المولوى الذى راجع الكتاب وعلق عليه , أن يصحح منهما ذلك الخطأ , وقد ترتب عليه خطأ آخر , وهو عزو قول أبى داود فى توهيم رواية ابن عيينة وقد تقدم أيضا إلى البخارى كذلك , فعسى أن يصحح ذلك فى طبعة أخرى للكتاب , وتقابل بالنسختين المشار إليهما مقابلة دقيقة إن شاء الله.
باب إخراج الزكاة
(850) - (قال عثمان رضى الله عنه: " هذا شهر زكاتكم , فمن كان عليه دين فليقضه ثم يزكى بقية ماله ".
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/48) : ابن عيينة عن الزهرى عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان يقول: فذكره بنص الكتاب , غير أنه قال: " وزكوا بقية أموالكم ".
وقد أخرجه أبو عبيد فى " الأموال " (437/1247) : حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به إلا أنه قال: " ... فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم , ومن لم تكن عنده لم تطلب منه , حتى يأتى بها تطوعا , ومن أخذ منه لم يؤخذ منه حتى يأتى هذا الشهر من قابل , قال إبراهيم: أراه يعنى شهر رمضان ".(3/341)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم قال أبو عبيد: " وقد جاءنا فى بعض الأثر ـ ولا أدرى عن من هو ـ أن هذا الشهر الذى أراده عثمان هو المحرم ".
ورواه مالك (1/253/17) وعنه الشافعى (1/237) نحوه عن ابن شهاب وكذا البيهقى (4/148) وقال: " رواه البخارى فى الصحيح ".
قلت: ولم أره فيه ولا عزاه فى " ذخائر المواريث إلا للموطأ , ثم تبين أنه يعنى أن أصله فى الصحيح " , فراجع " التلخيص " (178) .
(تنبيه) : استدل المصنف بهذا الأثر والذى بعده على أنه يسن أن يفرق الزكاة صاحبها ليتيقن وصولها إلى مستحقها , وليس فيهما دلالة صريحة على ذلك , فالأولى الاستدلال بما رواه البيهقى (4/114) فى " باب الرجل يتولى تفرقه زكاة ماله الباطنة بنفسه " عن أبى سعيد المقبرى قال: " جئت عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمائتى درهم , قلت: يا أمير المؤمنين هذا زكاة مالى , قال: وقد عتقت يا كيسان؟ قال: قلت: نعم , قال: اذهب بها أنت فاقسمها ". وكذا رواه أبو عبيد (1805) .
قلت: وإسناده حسن.
ويشهد لذلك الحديث المتفق عليه: " سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل ... ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه ".
(تنبيه ثان) : أورد الرافعى هذا الأثر عن عثمان بلفظ: " قال فى المحرم: هذا شهر زكاتكم ... " فقال الحافظ فى " التلخيص ": ومالك فى الموطأ , والشافعى عنه عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن عثمان به ".
وفاته التنبيه أنه ليس فيه " فى المحرم ".
(851) - (" أمر على رضى الله عنه واجد الركاز أن يتصدق بخمسة " (ص 205) .
* ضعيف.
أخرجه البيهقى فى " سننه " (4/157) وكذا سعيد بن منصور(3/342)
عن عبد الله بن بشر الخثعمى عن رجل من قومه: " أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة , فأتى بها عليا رضى الله عنه , فقال: اقسمها أخماسا , ثم قال: خذ منها أربعة أخماس ودع واحدا , ثم قال: فى حيك فقراء ومساكين؟ قال: نعم. قال: فاقسمها فيهم ".
قلت: وهذا سند صحيح لولا الرجل الذى لم يسمه.
(852) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما " رواه ابن ماجه (ص 205) .
* موضوع.
أخرجه ابن ماجه (1797) وأبو يعلى الموصلى فى مسنده كما فى " زوائد البوصيرى " (ق 113/2) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (7/225/2) عن البخترى ابن عبيد عن أبيه عن أبى هريرة به. وقال البوصيرى: " البخترى متفق على تضعيفه ,
والوليد مدلس " , وقال المناوى فى " فيض القدير ": " قال فى " الأصل " (يعنى الجامع الكبير) وضعف , وذلك لأن فيه سويد بن سعيد
قال أحمد: متروك ".
قلت: لقد ذهلوا جميعا عن علة الحديث الحقيقية , فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عن البخترى ليس فيها الوليد ولا سويد فانتفت التهمة عنهما , وانحصرت بمن دارت الطريقان عليه وهو البخترى وهو الحرى بذلك فإنه متهم بالكذب , فقال أبو نعيم: " روى عن أبيه عن أبى هريرة موضوعات ".
وكذا قال الحاكم ـ على تساهله ـ والنقاش. وقال ابن حبان:(3/343)
" ضعيف ذاهب , لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد , وليس بعدل , فقد روى عن أبيه عن أبى هريرة نسخة فيها عجائب ". وقال الأزدى: " كذاب ساقط ".
(تنبيه) : ذكر البوصيرى لهذا الحديث شاهدا الحديث الآتى فى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم لابن أبى أوفى حينما أتاه بصدقة: " اللهم صلِّ على آل أبى أوفى ".
ولست أدرى كيف يكون هذه شاهدا لذلك , وهو فى الدعاء للمتصدق من غيره , وذاك فى دعاء المتصدق لنفسه مع اختلاف صيغة الدعاء فيهما؟ !.
(853) - (قال عبد الله بن أبى أوفى: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلّعلى آل فلان , فأتاه أبى بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبى أوفى " متفق عليه (ص 205) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/286) ومسلم (3/121) وأبو داود (1590) والنسائى (1/341) وابن ماجه (1796) والبيهقى (4/157) والطيالسى (1/176 ـ ترتيبه) وعنه ابن الجارود فى " المنتقى " (361) وأحمد (4/353 ـ 355 , 381 , 383) من طرق كثيرة عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن أبى أوفى به.
وكلهم قالوا: " فأتاه أبى بصدقته " غير ابن ماجه فقال: " فأتيته بصدقة مالى".
وهو عنده من رواية وكيع عن شعبة , وهى عند أحمد (4/353) فى رواية له , غير أنه قال: " فأتيته بصدقة مال أبى ".
فلعل هذا هو أصل رواية وكيع عند ابن ماجه , ثم تصحفت على بعض الرواة أو الناسخ وعلى هذا فالآتى حقيقة إليه صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن أبى أوفى , وتحمل رواية الجماعة " فأتاه أبى بصدقته " على أنه أمر بذلك ابنه.(3/344)
وهذا يقال إذا كانت رواية وكيع محفوظة , وما أراها كذلك , والله أعلم.
(تنبيه) : عزا البوصيرى فى " الزوائد " (113/2) الحديث للستة , ولم يروه منهم الترمذى كما يشعر بذلك تخريجنا إياه , ولا عزاه إليه النابلسى فى " الذخائر " , فالغزو إلى " الستة " وهم أو تسامح.
(854) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 205) .
* صحيح.
وقد مضى.
(855) - (حديث معاذ: " فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " (ص 206) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/207 , 255 , 282 ـ 285 , 8/51) ومسلم (1/37 ـ 38) وأبو داود (1574) والترمذى (1/122) والنسائى (1/330) وابن ماجه (1783) وأبو عبيد فى " الأموال " (1084) والبيهقى (4/101) وأحمد (1/233) من طرق عن يحيى بن عبد الله بن صيفى عن أبى معبد عن ابن عباس: " أن معاذا قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم [إلى اليمن] قال: إنك
تأتى قوما من أهل الكتاب , فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله , وأنى رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليه خمس صلوات فى كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد فى فقرائهم , فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم , واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ".
والسياق لمسلم مع الزيادة.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(856) - (" أن عمر أنكر على معاذ لما بعث إليه بثلث الصدقة ثم بشطرها ثم بها , وأجابه معاذ بأنه لم يبعث إليه شيئا , وهو يجد أحدا يأخذه(3/345)
منه ". رواه أبو عبيد (ص 206) .
* ضعيف.
أخرجه أبو عبيد فى " الأموال " (1911) عن ابن جريج قال: أخبرنى خلاد أن عمرو ابن شعيب أخبره: " أن معاذ بن جبل لم يزل ب (الجند) إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن , حتى مات النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر , ثم قدم على عمر , فرده على ما كان عليه , فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس , فأنكر ذلك عمر , وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية , ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم , فقال معاذ: ما بعثت إليك بشىء وأنا أجد أحدا يأخذه منى! فلما كان العام الثانى بعث إليه شطر الصدقة , فتراجعا بمثل ذلك , فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها , فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل ذلك , فقال معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ منى شيئا ".
قلت: وهذا سند ضعيف , وله علتان:
الأولى: الانقطاع فإن عمرو بن شعيب لم يدرك زمان عمر.
الثانية: جهالة خلاد وهو ابن عطاء بن السمح أو الشيخ بكسر الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية , أورده ابن أبى حاتم (1/2/366) برواية ابن جريج وحده , ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأما ابن حبان فأورده فى " الثقات " (2/75) برواية ابن جريج وحده أيضا , وذلك على ما عرف من تساهله فى التوثيق عنده.
(تنبيه) : " الجند " بفتح الجيم والنون بلدة مشهورة باليمن , وضبط فى " الأموال " بضم الجيم وسكون النون (الجُنْد) وهو خطأ ظاهر , والله أعلم.
(857) - (روى أبو عبيد فى الأموال عن على: " أن النبى صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين " (ص 206) .
* حسن.
قال أبو عبيد فى " الأموال " (1885) : وحدثونا عن إسماعيل(3/346)
بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حجية بن عدى عن على به.
وأخرجه أبو داود (1624) والترمذى (1/131) والدارمى (1/385) وابن ماجه (1795) وابن الجارود فى " المنتقى " (360) وابن سعد فى " الطبقات " (4/17) والدارقطنى (212 ـ 213) والحاكم (3/332) والبيهقى (4/111) وأحمد (1/104) كلهم عن سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن زكريا به إلا أنه بلفظ: " أن العباس بن عبد المطلب سأل النبى صلى الله عليه وسلم فى تعجيل صدقته قبل أن تحل؟ فرخص له فى ذلك ".
وقال ابن الجارود عقبه: " قال يحيى بن معين: إسماعيل بن زكريا الخلقانى ثقة , والحجاج بن دينار الواسطى ثقة ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: الحجاج بن دينار وحجية بن عدى مختلف فيهما , وغاية حديثهما أن يكون حسنا , لكن قد اختلف فيه على الحكم على وجوه كثيرة هذا أحدها.
الوجه الثانى: قال الترمذى: حدثنا إسحاق بن منصور عن إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن حجل عن حجر العدنى عن على أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعمر: " إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام ".
وقال: " لا أعرف حديث تعجيل الزكاة من حديث إسرائيل إلا من هذا الوجه , وحديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندى أصح من حديث إسرائيل عن الحجاج بن دينار ".
ومن هذا الوجه رواه الدارقطنى أيضاً (213) .
الوجه الثالث: عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة , فأتى العباس يسأله صدقة(3/347)
ماله , فقال: قد عجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة سنتين , فرفعه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: صدق عمى , قد تعجلنا منه صدقة سنتين ".
أخرجه ابن سعد وابن أبى شيبة (4/24) وأبو عبيد (1884) والسياق له.
وهذا مع إعضاله فيه ابن أرطاة وهو مدلس , وقد تابعه أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة وهو سىء الحفظ ولعل ابن أرطاة تلقاه عنه فدلسه!
أخرجه ابن سعد.
الوجه الرابع: عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟ إنا كنا احتجنا إلى مال فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين ".
أخرجه الدارقطنى , وابن عمارة متروك كما قال الحافظ.
الوجه الخامس: عن محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس نحو حديث بن أرطاة.
أخرجه الدارقطنى , ومحمد بن عبيد الله هو العرزمى متروك أيضا.
الوجه السادس: رواه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم.
علقه أبو داود عقب الوجه الأول وقال هو والدارقطنى والبيهقى: " وهذا هو الأصح من هذه الروايات ".
قلت: والحسن بن مسلم هو ابن يناق , تابعى ثقة فهو مرسل صحيح
الإسناد , وله شواهد تقويه:
الأول: عن أبى البخترى عن على رضى الله عنه فذكر قصته , وفيها:
" أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه؟ إنا كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين ".(3/348)
أخرجه البيهقى وأعله بالانقطاع بين أبى البخترى {وعلى} , ورجاله ثقات كما قال الحافظ. وهو فى مسند أحمد (1/94) من هذا الوجه لكن ليس فيه موضع الشاهد.
الثانى: عن شريك عن إسماعيل المكى عن سليمان الأحول عن أبى رافع مثل حديث ابن عمارة إلا أنه قال: " أن العباس أسلفنا صدقة العام عام الأول ".
أخرجه الدارقطنى والطبرانى فى " الأوسط " (1/88/1 ـ زوائد المعجمين) وقال: " لم يروه عن سليمان إلا إسماعيل ولا عنه إلا شريك ".
قلت: وهما ضعيفان.
الثالث: عن محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عم الرجل صنو أبيه , وأن النبى صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة عامين فى عام ".
قلت: ومحمد بن ذكوان هذا هو الطاحى البصرى , قال الهيثمى فى " المجمع " (3/79) : " فيه كلام , وقد وثق ". وقال الحافظ فى " الفتح " (3/264) و" التقريب ": " وهو ضعيف ".
ثم قال الحافظ: " وليس ثبوت هذه القصة فى تعجيل صدقة العباس ببعيد فى النظر بمجموع هذه الطرق ".
قلت: وهو الذى نجزم به لصحة سندها مرسلا وهذه شواهد لم يشتد ضعفها فهو يتقوى بها ويرتقى إلى درجة الحسن على أقل الأحوال.
(858) - (ويعضده رواية مسلم: " فهى على ومثلها " (ص 206) .(3/349)
* شاذ بهذا اللفظ.
وهو قطعة من حديث رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة , فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله! وأما خالد , فإنكم تظلمون خالدا , قد احتبس أدراعه وأعتاده فى سبيل الله , وأما العباس فهى على ومثلها معها , ثم قال: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه! ".
أخرجه مسلم (3/68) وأبو داود أيضا (1623) والدارقطنى (212) والبيهقى (4/111) وأحمد (2/322) من طريق ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عنه به.
وروى الترمذى (2/305) منه الجملة الأخيرة منه: " العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن عم الرجل صنو أبيه ".
وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقد تابعه ابن إسحاق عن أبى الزناد بتمامه , أخرجه الدارقطنى.
وخالفهما شعيب: حدثنا أبوالزناد به إلا أنه قال: " فهى عليه صدقة , ومثلها معها " دون قوله: " يا عمر أما شعرت ... ".
أخرجه البخارى (3/262 ـ 263) والنسائى.
وقال البخارى: " تابعه ابن أبى الزناد عن أبيه ".
قلت: وصله أبو عبيد فى " الأموال " (1897) : حدثنا أبو أيوب عن عبد الرحمن ابن أبى الزناد عن أبيه به.
ثم قال البخارى: " وقال ابن إسحاق عن أبى الزناد: هى عليه ومثلها معها ".
قلت: وصله الدارقطنى كما سبق لكن وقع عنده باللفظ الأول:(3/350)
" فهى على ومثلها معها " وزاد: " وهى له ".
فلا أدرى هل اختلفت الرواية فيه على ابن إسحاق , أم هناك خطأ من بعض النساخ , ومن الغريب أن الحافظ رحمه الله لم يذكر من وصل رواية ابن إسحاق هذه , وقد علقها البيهقى كما علقها البخارى وبلفظه. ثم قال: " وكما رواه محمد بن إسحاق رواه أبو أويس المدنى عن أبى الزناد , وكذلك هو عندنا من حديث ابن أبى الزناد عن أبيه ".
قلت: وثمة متابع آخر , وهو موسى بن عقبة قال: حدثنى أبو الزناد.
أخرجه النسائى (1/342) عقب حديث شعيب. وأحال عليه فى اللفظ بقوله: " مثله سواء ".
ونستلخص مما تقدم: أن الرواة على أبى الزناد قد اختلفوا عليه فى حرف واحد من حديثه , فقال ورقاء وابن إسحاق فى رواية الدارقطنى: " فهى على ومثلها معها ".
وقال شعيب وابن أبى الزناد وابن إسحاق فى رواية البخارى والبيهقى وأبو أويس: " فهى عليه ومثلها معها ".
وإذا نحن أسقطنا رواية ابن إسحاق من الحساب لتضاربها عنه , لا سيما وقد زاد فى آخرها ما شذ به عن الجماعة: " هى له " , بقيت رواية ورقاء وحيدة غريبة , مخالفة لرواية الثلاثة شعيب وابن أبى الزناد وأبى أويس فهى لذلك شاذة , ورواية الجماعة هى الصواب.
ومع وضوح هذا , فقد ذهب البيهقى إلى ترجيح الرواية الشاذة , لا من جهة الرواية , بل من حيث المعنى , فإنه فهم من قوله فى رواية شعيب " فهى عليه صدقة " فهى له صدقة , فقال: " يبعد أن يكون محفوظا , لأن العباس كان رجلا من صليبة بنى هاشم(3/351)
تحرم عليه الصدقة , فكيف يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه من صدقة عامين صدقة عليه؟ ! ".
فأقول: ليس فى الحديث ما يشعر بهذا المعنى البتة وهو خلاف المتبادر منه وما فسره به بعض العلماء المتقدمين عليه , فقال أبو عبيد (ص 593) : " فقول النبى صلى الله عليه وسلم: " فأما العباس فصدقته عليه , ومثلها معها "
يبين لك أنه قد كان أخرها عنه , ثم جعلها دينا عليه يأخذه منه. فهو فى الحديث الأول قد تعجل زكاته منه , وفى هذا أنه أخرها عنه , ولعل الأمرين جميعا قد كانا.
وقد روى بعضهم حديث العباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " وأما صدقة العباس فهى على ومثلها معها " , فإن كان هذا هو المحفوظ , فهو مثل الحديث الأول الذى ذكرناه عن إسماعيل بن زكريا فى تعجيلها قبل حلها , وكلا الوجهين جائز ".
فأشار بقوله: " فإن كان ... " إلى أن المحفوظ الأول , وهو الصواب كما قلنا.
وبذلك يتبين أن رواية مسلم هذه رواية شاذة فلا تصلح للاعتضاد بها خلافا لصنيع المؤلف تبعا للبيهقى رحمها الله تعالى.(3/352)
باب أهل الزكاة
(859) - (حديث: " إن الله لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى الصدقات حتى حكم هو فيها , فجزأها ثمانية أجزاء , فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ". رواه أبو داود (ص 207) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (رقم 1630) والدارقطنى (218 ـ 219) والبيهقى (4/143 ـ 174 0) عن عبد الرحمن بن زياد أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمى أنه سمع زياد بن الحارث الصدائى قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته ـ فذكر حديثا طويلا قال ـ فأتاه رجل فقال: أعطنى من الصدقة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد وهو الأفريقى قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف فى حفظه , وكان رجلا صالحا ".
وقال الذهبى فى " المغنى ": " مشهور جليل , ضعفه ابن معين والنسائى , وقال الدارقطنى: ليس بالقوى , ووهاه أحمد.
(860) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر " (ص 207) .(3/353)
* صحيح.
وقد جاء عن جماعة من الصحابة منهم عائشة وأبو هريرة , وأبو بكرة نفيع بن الحارث , وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدرى وعبد الرحمن بن أبى بكر.
أما حديث عائشة , فهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات:
" اللهم فإنى أعوذ بك من فتنة النار , وعذاب النار , وفتنة القبر , وعذاب القبر , ومن شر فتنة الغنى , ومن شر فتنة الفقر , وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال , اللهم اغسل خطاياى بماء الثلج والبرد , نق قلبى من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس , وباعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم فإنى أعوذ بك من الكسل والهرم , والمأثم والمغرم ".
أخرجه البخارى (11/151 , 154 ـ فتح) ومسلم (8/75) والسياق له , والنسائى (2/315 , 316) والترمذى (2/263) وابن ماجه (3838) والحاكم (1/541) والبيهقى (7/12) وأحمد (6/57 , 207) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: واستدركه الحاكم على الشيخين فوهم.
وأما حديث أبى هريرة , فيرويه حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم إنى أعوذ بك من الفقر , وأعوذ بك من القلة والذلة , وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم ".
أخرجه أبو داود (1544) والنسائى (2/315) وابن حبان فى(3/354)
" صحيحه " (2443) وأحمد (2/305 , 325) والبيهقى (7/12) .
قلت: وسنده صحيح , وأشار النسائى إلى أن له علة فقال: " خالفه الأوزاعى ".
ثم ساق من طريق الوليد عن أبى عمرو ـ هو الأوزاعى ـ قال: حدثنى إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة قال: حدثنى جعفر بن عياض قال: حدثنى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة , وأن تظلم أو تظلم ".
قلت: لكن الوليد وهو ابن مسلم الدمشقى وإن كان ثقة , فإنه كثير التدليس والتسوية كما قال الحافظ فى " التقريب " , فأخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء رواه عن الأوزاعى , ثم أسقطه الوليد , فقد رأيت فى مسند الإمام أحمد (2/540) : حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعى به. فابن مصعب هذا وهو القرقسانى صدوق كثير الخطأ كما قال الحافظ أيضا , فلا يحتج به أصلاً فكيف عند
مخالفته لمثل حماد بن سلمة , ومن الجائز أن يكون هو الواسطة بين الوليد والأوزاعى , ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3842) والحاكم (1/531) ولكنه قال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبى!
نعم قد رواه ابن حبان بإسناد آخر عن الوليد صرح فيه بالتحديث من كل راو من رواته , فقال فى " صحيحه " (2442 ـ موارد) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ـ ببيت المقدس ـ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد: حدثنا الأوزاعى: حدثنى إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة حدثنى جعفر بن عياض: حدثنى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.(3/355)
قلت: وهذه متابعة قوية , فإن عبد الرحمن بن إبراهيم هو أبو سعيد الدمشقى الملقب ب " دحيم ". وهو ثقة حافظ متقن كما فى "التقريب ".
لكن يبقى النظر فى شيخ ابن حبان عبد الله بن محمد بن سلم , ولم أقف له على ترجمة. وينبغى أن يكون فى " تاريخ ابن عساكر " لكن نسخة المكتبة عندنا فيها خرم فى العبادلة فالله أعلم.
ومنهم أبو بكرة نفيع بن الحارث يرويه ابنه مسلم بن أبى بكرة قال: " كان أبى يقول فى دبر الصلاة: اللهم إنى أعوذ بك من الكفر , والفقر , وعذاب القبر , فكنت أقولهن , فقال أبى: أى بنى عن من أخذت هذا؟ قلت: عنك , قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن فى دبر الصلاة ".
أخرجه النسائى (1/198 , 2/315) وأحمد (5/36 , 39 , 44) من طرق عن عثمان الشحام عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقد أخرجه الترمذى (2/264) والحاكم (1/533) من طريق أبى عاصم النبيل حدثنا عثمان الشحام به إلا أنه قال: " من الهم والكسل ". بدل " من الكفر والفقر ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: والرواية الأولى أصح لاتفاق جماعة من الثقات عليها كما سبقت الإشارة إليه , فرواية أبى عاصم شاذة. ويؤيد ذلك أن له طريقا أخرى عن أبى بكرة , يرويها جعفر بن ميمون حدثنى عبد الرحمن بن أبى بكرة أنه قال(3/356)
لأبيه: يا أبت إنى أسمعك تدعو كل غداة: اللهم عافنى فى دينى , اللهم عافنى فى سمعى , اللهم عافنى فى بصرى , لا إله إلا أنت , تعيدها ثلاثا , حين تصبح , وثلاثا حين تمسى , وتقول: اللهم إنى إعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر , لا إله إلا أنت , تعيدها حين تصبح ثلاثا , وثلاثا حين تمسى. قال: نعم يا بنى إنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يدعو بهن , فأحب أن أستن بسنته , قال: وقال النبى صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب , اللهم رحمتك أرجو فلا تكلنى إلى نفسى طرفة عين , وأصلح لى شأنى كله لا إله إلا أنت.
قلت: وهذا سند لا بأس به فى الشواهد جعفر بن ميمون قال الحافظ: " صدوق يخطىء ".
وأما حديث أنس , فيرويه قتادة عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه: اللهم إنى أعوذ بك من العجز والكسل , والجبن والبخل , والهرم والقسوة والغفلة , والعيلة والذلة والمسكنة , وأعوذ بك من الفقر والكفر , والفسوق والشقاق والنفاق , والسمعة والرياء , أعوذ بك من الصمم والبكم , والجنون والجذام والبرص وسىء الأسقام ".
أخرجه ابن حبان (2446) والحاكم (1/530) من طريقين عن قتادة به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: إسناده عند الحاكم على شرط البخارى فقط , فإن فيه آدم بن أبى إياس ولم يخرج له مسلم , وفى إسناد ابن حبان كيسان وهو أبو عمر القصار وهو ضعيف وثقه ابن حبان!.
والحديث رواه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص) من طريق آدم(3/357)
لكن لم يقع عنده الاستعاذة من الفقر والكفر. وفى الصحيحين منه " اللهم إنى أعوذ بك من العجز والكسل ". وفى النسائى (1/318) و" المسند " (3/192) الشطر الأخير منه: " اللهم إنى إعوذ بك من البرص والجنون ... ".
وأما حديث أبى سعيد فيرويه سالم بن غيلان عن دراج أبى السمع عن أبى الهيثم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: " اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر , فقال رجل: ويعدلان؟ قال: نعم ".
أخرجه النسائى (2/317) وابن حبان (2438) . ثم أخرجاه وكذا الحاكم (1/532) من طريق حيوة بن شريح عن دراج به , إلا أنه قال: " الد ين " بدل " الفقر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر فإن دراجا قال فى " التقريب ":" صدوق فى حديثه عن أبى الهيثم ضعيف [1] ". وهذا من حديثه عنه.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبى بكر فقال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: " أعوذ بوجهك الكريم , وباسمك الكريم من الكفر والفقر ".
قال الهيثمى فى " المجمع " (10/143) : " رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفهم "
(861) - (حديث: " اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرنى فى زمرة المساكين ". رواه الترمذى (ص 207) .
* صحيح.
روى من حديث أنس بن مالك وأبى سعيد الخدرى وعبادة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ضعف}(3/358)
الصامت وعبد الله بن عباس.
أما حديث أنس فيرويه ثابت بن محمد الكوفى: حدثنا الحارث بن النعمان الليثى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد: " يوم القيامة , فقالت عائشة: لم يا رسول الله؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً , يا عائشة لا تردى المسكين ولو بشق تمرة , يا عائشة أحبى المساكين وقربيهم , فإن الله يقربك يوم القيامة ".
أخرجه الترمذى (2/56 ـ 57) وأبو الحسن الحمامى فى " الفوائد المنتقاة " (9/205/251) وأبو نعيم فى " الفوائد " (5/217/1) والبيهقى فى سننه (7/12) وقال الترمذى وغيره: " حديث غريب ".
قلت: يعنى ضعيف , وعلته الحارث هذا.
قال البخارى: " منكر الحديث " وكذا قال الأزدى.
وقال أبو حاتم: " ليس بالقوى فى الحديث ".
وتناقض فيه ابن حبان فذكره فى " الثقات " (1/17) , وفى " الضعفاء " أيضاً كما فى " التهذيب ". وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
وبه عله ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " منكر الحديث ". وتعقبه السيوطى فى " اللآلى " (2/325) بقوله: قلت: " هذا لايقتضى الوضع ".
وأقول: الظاهر أن ابن الجوزى حين قال فيه " منكر الحديث " نقله عن البخارى , فإن هذا قوله كما علمت , وذلك منه تضعيف شديد منه فقد ذكروا عنه أنه قال: " كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه ".
وهذه صفة المتهمين والكذابين , ولذلك فإنى أرى أن التعقب المذكور ليس بالقوى.(3/359)
وأما حديث أبى سعيد فيرويه يزيد بن سنان عن أبى المبارك عن عطاء عنه به دون الزيادة.
أخرجه ابن ماجه (4126) وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 110/1) وأبو عبد الرحمن السلمى فى " الأربعين الصوفية " (ق 5/2) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (4/111) .
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو المبارك مجهول كما قال الحافظ فى " التقريب ".
وقال الذهبى: " لا يدرى من هو " وقال مرة أخرى: " لا تقوم به حجة لجهالته ".
قلت: وسلفهما فى ذلك إمامان:
الأول: الترمذى فقال فى سننه (2/151) وقد روى له حديثا آخر متنه: " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ": " وأبو المبارك رجل مجهول ".
والآخر أبو حاتم الرازى فقال فى كتاب ابنه (4/2/446) : " هو شبه مجهول ".
وأما جواب البعض عن ذلك بقوله: " فقد عرفه ابن حبان وذكره فى (الثقات) "! فذهول منه عن قاعدة ابن حبان فى التوثيق , فإنه يوثق المجهولين عند غيره من المحدثين , وهذا من الأمثلة الكثيرة على ذلك , بل إنه ليصرح أحيانا فى بعض من وثقهم: " لا أعرفه , ولا أعرف أباه ". كما قد بينته فى غير هذا الموضع.
ويزيد بن سنان ضعفه الجمهور وقال البخارى: " مقارب الحديث " وفى رواية الترمذى عنه فى المكان المشار إليه آنفا: " ليس بحديثه بأس , إلا رواية ابنه محمد عنه فإنه يروى عنه مناكير ".(3/360)
قلت: وهذا ليس من رواية ابنه عنه. على أنه لم يتفرد به , فقد رواه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبى مالك الدمشقى عن أبيه عن عطاء بن أبى رباح به , وزاد: " وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة ".
أخرجه ابن بشران فى " الأمالى " (ق 72/2) والحاكم (4/322) والبيهقى (7/13) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبى! ثم السيوطى!
وهذا عجيب منهم خاصة الذهبى , فقد أورد يزيد بن خالد هذا فى " الضعفاء " وقال: قال النسائى: " ليس بثقة ".
وذكره فى " الميزان " وساق أقوال الأئمة فيه وكلها تتفق على تضعيفه وساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها.
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف مع كونه فقيها , وقد اتهمه ابن معين ".
وأما حديث عبادة بن الصامت فيرويه بقية بن الوليد حدثنا هقل بن زياد حدثنا (عبيد بن زياد والأوزاعي) [1] حدثنا جنادة بن أبى أمية حدثنا عبادة بن الصامت مرفوعا به.
أخرجه تمام فى " فوائده " والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 65/1 ـ 2) من طريق الطبرانى.
قلت: وهذا سند رجاله ثقات معروفون غير عبيد بن زياد الأوزاعى , فلم أجد له ترجمة فى شىء من كتب الرجال التى وقفت عليها , نعم قال السيوطى فى " اللآلى " (2/325) بعد أن عزاه {لـ} تمام: "
أخرجه ابن عساكر فى " تاريخه " وقال: قال أبو سعيد على بن موسى السكرى الحافظ النيسابورى: عبيد شامى غزير [2] الحديث , قيل: إنه ثقة. ووجد بخط أبى الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الحافظ حدثنا محمد بن يوسف بن بشر
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عبيد بن زياد الأوزاعى}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: عزيز}(3/361)
الهروى أخبرنى محمد بن عوف بن سفيان الطائى قال: عبيد بن زياد الأوزاعى الذى روى عنه الهقل بن زياد سألت عنه بدمشق فلم يعرفوه , {قلت له} فالحديث الذى رواه هو منكر؟ قال: لا ما هو منكر ".
قلت: ولم أر هذه الترجمة فى " باب من اسمه عبيد " من " تاريخ دمشق " من نسخة المكتبة الظاهرية , وهى نسخة فيها خرم فى كثير من المواطن , فمن الجائز أن تكون سقطت من ناسخها , أو أورد ذلك فى باب آخر.
وجملة القول أن عبيد بن زياد الأوزاعى ينبغى أن يعد فى جملة المجهولين , إذ أنه مع إغفالهم الترجمة فى كتب الرجال , فليس فيما سبق عن ابن عساكر ما يعتد به من التوثيق , وقد قيل فى اسمه: عبد الله أو عبيد الله بن زياد , أخرجه البيهقى فى " سننه " (7/12) من طريق موسى بن محمد مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه قال: حدثنا هقل بن زياد أنبأ عبد الله (وفى نسخة: عبيد الله) ابن
زياد حدثنا جنادة بن أبى أمية به.
قلت: وسواء كان الصواب عبد الله أو عبيد الله فإنى لم أعرفه أيضا , وموسى ابن محمد العثمانى لم أجد له ترجمة , ومن ذلك تعلم ما فى قول ابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 126/1) بعد أن عزاه للبيهقى: " ولا أعلم له علة "!
وأما حديث ابن عباس , فيرويه طلحة بن عمرو عن عطاء عنه مرفوعا.
أخرجه الشيرازى فى " الألقاب " , لكن طلحة بن عمرو متروك.
والخلاصة: أن جميع طرق هذا الحديث لا تخلو من مادح [1] , إلا أن مجموعها يدل على أن للحديث أصلا , فإن بعضها ليس شديد الضعف , كحديث أبى سعيد , وحديث عبادة , (وقدموا الضياء كمن رأيت) [2] , والحديث بمجموعهن أحسن , وقد جزم العلائى بصحته , ثم (أن حجر الفقه) [3] فى " أسمى المطالب فى صلة الأقارب " (ق24/2) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: قادح}
[2] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: وقد رواه الضياء كما رأيت}
[3] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: ابن حجر الفقيه}(3/362)
فحكم ابن الجوزى بوضعه إسراف , ولذلك تعقبه العلماء وردوه عليه كالحافظ ابن حجر , وقد نقلت كلامه فى " الصحيحة " (308) وابن غرموني [1] فى " تنزيه الشريعة " (2/304 ـ 305) ومن قبله الحافظ السخاوى فى " المقاصد " فقال بعد أن ساق طرقا , وآخرها طريق عبادة: " ومع وجود هذه الطريق وغيرها مما تقدم لا يحسن الحكم عليه بالوضع , لا سيما وفى الباب عن أبى قتادة ".
(تنبيه) : كنت ذكرت فى " الصحيحة " طريقا أخرى لحديث أبى سعيد عن رواية عبد ابن حميد حسنتها هناك , وصححت الحديث بها مع بعض الشواهد المشار إليها , ثم تبينت أن هذه الطريق ليست لهذا الحديث , وإنما لحديث آخر قبله فى " المنتخب ", انتقل بصرى إليها , عقب كتب المتن فى المسودة , وجل من لا يسهو , ويعود الفضل فى تنبيهى لذلك إلى بعض إخواننا المثقلين [2] بهذا العلم الشريف , فى مقدمتهم فضيلة الشيخ عبد الرحيم صديق المكى , جزاهم الله خيرا.
ولكن يجب التنبيه أيضا إلى أن الحديث لم ينزل بذلك إلى مرتبة الضعف كما توهم بعضهم , وإنما إلى مرتبة الحسن , كما بينته آنفا.
وإن مما ينبغى ذكره بهذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره , وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها , لأن مدارهما على من اختلف فيه العلماء من رواته , ما بين موثق ومضعف , فلا يتمكن من التوفيق بينها , أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى , إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده , ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ومارس ذلك عمليا مدة طويلة من عمره , مستفيدا من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفا بالمتشددين منهم والمتساهلين , ومن هم وسط بينهم , حتى لا يقع فى الإفراط والتفريط , وهذا أمر صعب قل من يصير له , وينال ثمرته , فلا جرم أن صار هذا العلم غريبا من العلماء والله يختص بفضله من يشاء.
(862) - (حديث: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن عراق}
[2] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: المشتغلين}(3/363)
ويعطيهم عمالتهم " (ص 208) .
* صحيح.
ورد عن جمع من الصحابة:
الأول: عن أبى هريرة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة ... " الحديث وقد مضى بتمامه عند تخريج الحديث (858) وهو متفق عليه.
الثانى: عن أبى حميد الساعدى قال: " استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية , فلما جاء حاسبه , قال: هذا مالكم , وهذا هدية , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست فى بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا؟ ! ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولانى الله , فيأتى فيقول: هذا مالكم , وهذا هدية أهديت لى! أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ ! والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقى الله يحمله يوم القيامة , فلا أعرفن أحداً منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء , أو بقرة لها خوار , أو شاة تيعر , ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت؟ بصر عيناى وسمع أذنى ".
أخرجه البخارى (4/346 , 394 , 400 ـ 401 ـ طبع أوربا " ومسلم (6/11) وأبو داود (2946) والدارمى (1/394 , 2/232) والبيهقى (4/158 وـ 159) وأحمد (5/423) .
الثالث: عن عمر رضى الله عنه يرويه عبد الله بن السعدى ويقال الساعدى قال: " استعملنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه على الصدقة , فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لى عمالة , فقلت: إنما عملت لله , وأجرى على الله , فقال: خذ ما أعطيت , فإنى عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعملنى , فقلت مثل قولك , فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل(3/364)
فكل وتصدق "
أخرجه البخارى (4/391 ـ طبع أوربا " ومسلم (3/98 ـ 99) واللفظ له وأبو داود (1647) والنسائى (1/364 ـ 365) والدارمى (1/388) وأحمد (1/17 , 40) .
ورواه ابن حبان من طريق أخرى بنحوه (رقم 856) وفيها أن عمالة السعدى ألف دينار!
الرابع عن أبى رافع رضى الله عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بنى مخزوم على الصدقة , فقال لأبى رافع: اصحبنى كيما تصيب منها , فقال: لا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله , فانطلق إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله , فقال: إن
الصدقة لا تحل لنا , وإن موالى القوم من أنفسهم ".
أخرجه أبو داود (1650) والترمذى (1/128) والنسائى (1/366) والطحاوى (2/166) وابن أبى شيبة (4/60) وأحمد (6/10) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الخامس: عن أبى مسعود البدرى قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم ساعيا , ثم قال انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تجىء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته , قال: إذا لا أنطلق , قال: إذا لا أكرهك ".
أخرجه أبو داود (2947) بسند صحيح والطبرانى فى " الكبير " كما فى " المجمع " (3/86) وقال: " ورجاله رجال الصحيح " وفاته أنه فى " السنن " وإلا لما أورده.
السادس: عن سعد بن عبادة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:(3/365)
قم على صدقة بنى فلان , وانظر لا تأتى يوم القيامة ببكر تحمله على عاتقك أو على كاهلك له رغاء يوم القيامة. قال يا رسول الله: اصرفها عنى , فصرفها عنه ".
أخرجه أحمد (5/285) بسند صحيح , وابن حبان فى " صحيحه " (804) من حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا فقال: فذكره بنحوه.
ثم رأيت الهيثمى قال (3/85) بعدما عزاه لأحمد والبزار والطبرانى فى الكبير: " ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم ير سعد بن عبادة ".
قلت: فهو منقطع , ولكنه يتقوى بحديث ابن عمر , وإسناده جيد رجاله رجال الشيخين وقال الهيثمى (3/86) : " رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ".
السابع: عن عائشة رضى الله عنها: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا , فلاحه رجل فى صدقته فضربه أبو جهم فشجه , فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: القود يا رسول الله , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لكم كذا وكذا , فلم يرضوا , قال: فلكم كذا وكذا , فلم يرضوا , قال: فلكم كذا وكذا فرضوا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم , قالوا: نعم , فخطب النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن هؤلاء الليثيين أتونى يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا , رضيتم؟ قالوا: لا , فهمّ المهاجرون بهم , فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يكفوا , فكفوا , ثم دعاهم , فزادهم , وقال: أرضيتم
قالوا: نعم , قال: فإنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم , قالوا: نعم , فخطب النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: أرضيتم؟ قالوا: نعم ".
أخرجه أبو داود (4534) والنسائى (2/245) وأحمد (6/232) وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وعزاه الحافظ فى " التلخيص " (ص 176)(3/366)
لأحمد وحده وسكت عليه! !
الثامن: عن عبادة بن الصامت , يرويه طاوس عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقات فقال: يا أبا الوليد ".
هكذا أخرجه الحاكم (3/354) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: منقطع ".
وكأنه يعنى أن طاوسا لم يسمع من عبادة , ولم أر من صرح بذلك , وقد ذكر فى " التهذيب " جماعة من الصحابة روى عنهم , فيهم سراقة بن مالك وقد مات سنة أربع وعشرين وأما عبادة فقد مات بعد ذلك بعشر سنين , فهو قد أدركه حتما فبم ننفى سماعه منه؟
والحديث رواه الطبرانى فى " الكبير " بزيادة كبيرة وقال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
وفى الباب عن قرة بن دعموص النميرى فى " المسند " (5/72) , وعن رجل من أخوال حرب بن عبيد الله عند الطحاوى (1/313) .
(863) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان بن أمية يوم حنين قبل إسلامه ترغيبا له فى الإسلام " (ص 208) .
* صحيح.
يرويه رافع بن خديج قال: " أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل , وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك , فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبى ونهب العبيد [1] ..... بين عيينة والأقرع
فما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس فى المجمع
وما كنت دون امرىء منهما ... ومن تخفض اليوم لا يرفع
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] في المطبوع جاءت هكذا:
أتجعل نهبي ونب العبي ... د بين عينيه والأقرع.(3/367)
قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.
أخرجه مسلم (3/108) .
وفى رواية له: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل " وساق الحديث بنحوه وزاد: " وأعطى علقمة بن علاثة مائة ".
وأخرج البيهقى أيضا (7/17) الرواية الأولى.
(864) - (عن أبى سعيد قال:" بعث على وهو باليمن بذهيبة فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلى وعيينة بن بدر الفزارى وعلقمة بن علاثة العامرى ثم أحد بنى كلاب وزيد الخير الطائى , ثم أحد بنى نبهان فغضبت قريش وقالوا: تعطى صناديد نجد وتدعنا؟ فقال: إنى إنما فعلت ذلك أتألفهم (1) ". متفق عليه (ص 208) .
* صحيح.
وله تتمة وهى: " فجاء رجل كث اللحية , مشرف الوجنتين , غائر العينين , ناتىء الجبين , محلوق الرأس , فقال: اتق الله يا محمد قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن يطع الله إن عصيته؟ ! أيأمننى على أهل الأرض ولا تأمنونى؟ ! قال: ثم أدبر الرجل , فاستأذن رجل من القوم فى قتله ـ يرون أنه خالد بن الوليد ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من ضئضىء هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم , يقتلون أهل الإسلام , ويدعون أهل الأوثان , يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ".
أخرجه البخارى (2/337 ـ طبع أوربا) معلقا و (4/460) موصولا ومسلم (3/110ـ 111) وكذا أبو داود (4764) والنسائى (1/359)
__________
(1) كذا في الأصل، والذ في مسلم: (لا تألفهم) .(3/368)
والبيهقى (7/18) وأحمد (3/68 , 72 , 73) من طريق سعيد بن مسروق عن عبد الرحمن بن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى به والسياق لمسلم. وزاد هو والبخارى (3/158 ـ 159) فى رواية لهما وكذا أحمد (3/4 ـ 5) من طريق عمارة بن القعقاع حدثنا عبد الرحمن بن أبى نعم به إلا أنه قال: " ألا تأمنونى وأنا أمين من فى السماء , يأتينى خبر السماء صباحا ومساء؟ ".
وزاد بعد قوله: " ثم أدبر الرجل ": " فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا , لعله أن يكون يصلى , قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم ".
وفى رواية أخرى لمسلم من هذا الوجه: " وعلقمة بن علاثة , ولم يذكر عامر بن الطفيل , وقال: ناتىء الجبهة.
وزاد: " فقام إليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: لا , قال ثم أدبر , فقام إليه خالد سيف الله فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: لا ".
(865) - (قول ابن عباس فى المؤلفة قلوبهم: " هم قوم كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقة قالوا: هذا دين صالح وإن كان غير ذلك عابوه " رواه أبو بكر فى التفسير (ص 208) .
* لم أقف على سنده الآن. [1]
(866) - (حديث: " إن أبا بكر رضى الله عنه , أعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما رجاء إسلام نظرائهما " (208) .
* لم أقف على إسناده
وقد ذكره الرافعى فى شرحه على " الوجيز " مرفوعا: " أنه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
أخرجه الطبري في تفسيره (11/519 ط. الرسالة) ولفظه:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: " والمؤلفة قلوبهم " وهم قوم كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أسلموا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم من الصدقة فأصابوا منها خيرا قالوا: هذا دين صالح، وإن كان غير ذلك، عابوه وتركوه "
وقول المصنف "رواه أبو بكر في التفسير" يريد به أبو بكر بن المنذر.(3/369)
صلى الله عليه وسلم أعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر " فقال ابن الملقن فى "الخلاصة " (126/1) : " غريب ".
أى لا أصل له , ونحوه قول الحافظ فى " التلخيص " (ص 276) : " هذا عده النووى من أغلاط " الوسيط " ولا يعرف , ووهم ابن معن , فزعم أنه فى " الصحيحين ".
ثم لم يذكروا أنه ورد موقوفا على أبى بكر رضى الله عنه , نعم ذكر بعضه الإمام الشافعى بدون إسناد: " أن عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه أحسبه قال: بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه ; فأعطاه أبو بكر رضى الله عنه ثلاثين بعيرا , وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه , فجاء بزهاء ألف رجل , وأبلى بلاء حسنا ".
رواه عنه البيهقى (7/19 ـ 20) والله أعلم. وقال الحافظ عقبه (277) : " وذكر أبو الربيع بن سالم فى السيرة له أن عديا لما أسلم وأراد الرجوع إلى بلاده , اعتذر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزاد. وقال: ولكن ترجع فيكون خير. فلذلك أعطاه الصديق ثلاثين من إبل الصدقة ".
(867) - (وعن أنس مرفوعا: " إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذى فقر مدقع , أو لذى غرم مفظع , أو لذى دم موجع " رواه أحمد وأبو داود (ص 209) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (3/114) وأبو داود (1641) وابن ماجه أيضا (2198) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (2/146) عن الأخضر بن عجلان حدثنى أبو بكر الحنفى عن أنس بن مالك: " أن رجلا من الأنصار أتى النبى صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة , فقال له النبى(3/370)
صلى الله عليه وسلم: ما عندك شىء؟ فأتاه بحلس وقدح , وقال النبى صلى الله عليه وسلم: من يشترى هذا؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم , قال: من يزيد على درهم؟ فسكت القوم , فقال: من يزيد على درهم؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين , قال: هما لك , ثم قال: إن المسألة ... " الحديث.
والسياق لأحمد ولكن المصنف قدم فيه وأخر ونقص فإن لفظه: " إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث: ذى دم موجع , أو غرم مفظع , أو فقر مدقع "
ثم رأيت الإمام أحمد قد أخرجه (3/126 ـ127) من طريق عبيد الله بن شميط قال: سمعت عبد الله الحنفى يحدث: أنه سمع أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ المصنف سواء.
قلت: هكذا فى المسند: " عبيد الله بن شميط: سمعت عبد الله الحنفى " والظاهر أنه سقط من بينهما من الناسخ أو الطابع الأخضر بن عجلان فإنهم لم يذكروا لابن شميط رواية عن الحنفى , ويؤيده أن الترمذى قد روى (1/229) عن عبيد الله بن شميط بن عجلان: حدثنا الأخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا ... الحديث دون قوله:
" إن المسألة ... " وقال: " هذا حديث حسن , لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان , وعبد الله الحنفى هو أبو بكر الحنفى ".
قلت: قال الحافظ فى " التقريب ": " لا يعرف حاله " وقال فى " التلخيص " (237) : " وأعله ابن القطان بجهل حال أبى بكر الحنفى ونقل عن البخارى أنه قال: لا يصح حديثه ".
(868) - (حديث قبيصة بن مخارق الهلالى قال: " تحملت حمالة , فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم , أسأله فيها , فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة , فنأمر لك بها ,(3/371)
ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها , ثم يمسك " الحديث. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (ص 209) .
* صحيح.
وتمامه: " ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش قال: أو سدادا من عيش , ورجل أصابته فاقه حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة , حتى يصيب قواما من عيش , أو قال: سدادا من عيش , فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا ".
أخرجه مسلم (3/97 ـ 98) وأبو داود (1640) والنسائى (1/360 ـ 363) والدارمى (1/396) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/58) وأبو عبيد فى " الأموال " (1720) وابن الجارود (367) والبيهقى (5/21 , 23) وأحمد (3/477 , 5/60) من طرق عن هارون بن رياب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة به.
وفى رواية لأبى عبيد (1721) من طريق الأوزاعى عن هارون بن رياب عن أبى بكر ـ وهو كنانة بن نعيم ـ قال: " كنت عند قبيصة بن المخارق , فأتاه نفر من قومه يسألونه فى نكاح صاحب لهم , فلم يعطهم شيئا , فلما ذهبوا , قلت: أتاك نفر من قومك يسألونك فى نكاح صاحب لهم , فلم تعطهم شيئا , وأنت سيد قومك؟ فقال: إن صاحبهم لو كان فعل كذا وكذا ـ لشىء قد ذكره ـ كان خيراً له من أن يسأل الناس , إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ". فذكر الحديث.
قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن كثير وهو الصنعانى أبو يوسف وهو صدوق كثير الغلط.
(869) - (حديث: " الحج والعمرة من سبيل الله " رواه أحمد (ص 209) .
__________
(1) الأصل (في) والتصحيح من "المسند" وغره.(3/372)
* صحيح.
بدون ذكر العمرة , وأما بها فشاذ , وإليك البيان:
أخرج الحديث أحمد (6/405 ـ 406) ومن طريقه الحاكم (1/482) والطيالسى فى مسنده (1/202 ـ ترتيبه) عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث , فحدثته:
" أن زوجها جعل بكرا لها فى سبيل الله , وأنها أرادت العمرة , فسألت زوجها البكر فأبى , فأتت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فأمره أن يعطيها , وقال النبى صلى الله عليه وسلم: الحج والعمرة من سبيل الله , وقال: عمرة فى رمضان تعدل حجة , أو تجزى حجة ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو على شرط مسلم كما قالا , إلا أن إبراهيم بن مهاجر فى حفظه ضعف: كما أشار إلى ذلك الذهبى نفسه بإيراده إياه فى " الضعفاء " وقوله: " ثقة , قال النسائى: ليس بالقوى ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق لين الحفظ ".
قلت: ومما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث , فإنه قد اضطرب فى إسناده ومتنه اضطرابا كثيرا , وخالف الثقات فى ذكر العمرة فيه , مما يدل على أنه لم يضبطه ولم يحفظه , فهو فى رواية شعبة هذه قال: عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: فأرسله عن أبى بكر.
وخالفه محمد بن أبى إسماعيل وهو ثقة فقال: عن إبراهيم بن مهاجر , عن أبى بكر ابن عبد الرحمن القرشى عن معقل بن أبى معقل أن أمه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر معناه " أخرجه أحمد (6/406) .(3/373)
فهو فى هذه الرواية أدخل بين أبى بكر وبين أم معقل ابنها معقلا , وجعله من مسنده! مع أنه قد ثبت أن أبا بكر هذا قال: " كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل , قال: وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه , وسمعتها حين حدثت هذا الحديث ".
أخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الحارث بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه.
قلت: وهذا سند جيد , قد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع , فهذا يصحح أن أبا بكر تلقاه عن أم معقل مباشرة , ويؤيده رواية الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن امرأة من بنى أسد بن خزيمة يقال لها أم معقل قالت: " أردت الحج , فضل بعيرى , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اعتمرى فى شهر رمضان , فإن عمرة فى شهر رمضان تعدل حجة ".
أخرجه أحمد , وسنده صحيح على شرط الشيخين , وهو خلاف قول إبراهيم بن مهاجر فى روايته السابقة: " أرادت العمرة " , فهى شاذة كما ذكرنا , ويؤيده رواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل الأسدى قال: " أرادت أمى الحج , وكان جملها أعجف , فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: اعتمرى فى رمضان , فإن عمرة فى رمضان كحجة ".
أخرجه أحمد (4/210) : حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام , حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة , وذكره فى مكان آخر (6/375) بهذا الإسناد إلا أنه زاد فيه " عن أم معقل الأسدية " , وهى وهم ظاهر , ثم قال أحمد (6/405) : حدثنا روح ومحمد بن مصعب قالا: حدثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أم معقل أنها قالت: يا رسول الله إنى أريد الحج , وجملى أعجف فما تأمرنى؟ قال: " اعتمرى فى رمضان فإن عمرة فى رمضان تعدل(3/374)
حجة ".
ورواه ابن سعد (8/295) عن ابن مصعب وحده. ثم قال أحمد (6/406) : حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا هشام عن يحيى عن أبى سلمة عن معقل بن أم معقل الأسدية قالت: " أردت الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم ... فذكر حديث الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير ".
وهذه أسانيد صحيحة , وإن اختلف فيها على يحيى هل هو من سند [1] أم معقل أو ابنها معقل , وسواء كان الصواب هذا أو ذاك , فهو صحيح لأن معقلا صحابى أيضا.
وقد اتفقت الروايات كلها فى ذكر الحج دون العمرة. وهو رواية لإبراهيم بن مهاجر فقال الإمام أحمد (6/375) : حدثنا عفان , حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: أخبرنى رسول مروان الذى أرسل إلى أم معقل قال: قالت: " جاء أبو معقل مع النبى صلى الله عليه وسلم حاجا , فلما قدم أبو معقل , قال: قالت أم معقل: قد علمت أن على حجة , وأن عندك بكرا , فأعطنى فلأحج عليه , قال: فقال لها: إنك قد علمت أنى قد جعلته فى سبيل الله , قالت: فأعطنى صرام نخلك , قال: قد علمت أنه قوت أهلى , قالت: فإنى مكلمة النبى صلى الله عليه وسلم وذاكرته له , قال: فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه , قال: فقلت له: يا رسول الله إن على حجة , وإن لأبى معقل بكرا , قال أبو معقل: صدقت , جعلته فى سبيل الله , قال: أعطها فلتحج عليه , فإنه فى سبيل الله , قال: فلما أعطاها البكر , قالت: يا رسول الله إنى امرأة قد كبرت وسقمت , فهل من عمل يجزى عنى عن حجتى؟ قال: فقال: عمرة فى رمضان تجزى لحجتك ".
قلت: ففى هذه الرواية عن إبراهيم بن مهاجر ما يوافق رواية الزهرى عن أبى بكر ابن عبد الرحمن , ورواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل من أنها أرادت الحج , وليس العمرة , فهى الصواب قطعا.
ونجد فى هذه الرواية مخالفة أخرى للرواية السابقة وهى قوله صلى الله عليه وسلم فيها: " فلتحج عليه فإنه فى سبيل الله " , فلم يذكر العمرة مع الحج.
وهذا هو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: مسند}(3/375)
المحفوظ فى مثل هذه القصة , فإن لها شاهداً من حديث أبى طليق حدثهم: فذكر قصته مع زوجه أم طليق , تشبه هذه من بعض الوجوه وفيها: " فسألته أن يعطيها الجمل تحج عليه , قال: ألم تعلمى أنى حبسته فى سبيل الله , قالت: إن الحج فى سبيل الله فأعطنيه يرحمك الله " وفيها " قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرأته منها السلام , وأخبرته بالذى قالت أم طليق , قال:
صدقت أم طليق , لو أعطيتها الجمل كان فى سبيل الله ... ".
أخرجه الدولابى فى " الكنى والأسماء " (1/41) بسند صحيح , وقال الحافظ فى " الإصابة " بعد أن ساقه من هذا الوجه: " وأخرجه ابن أبى شيبة , وابن السكن , وابن منده , وسنده جيد ".
وذكره بنحوه فى " المجمع " (3/280) وقال: " رواه الطبرانى فى الكبير , والبزار باختصار: ورجال البزار رجال الصحيح ".
وقال المنذرى فى " الترغيب " (2/115) : " إسناد الطبرانى جيد ".
وله شاهد من حديث ابن عباس نحوه بلفظ: " أما إنك لو أحججتها عليه كان فى سبيل الله ".
أخرجه أبو داود والطبرانى والحاكم وصححه , وإنما هو حسن فقط كما بينته فى " الحج الكبير ". وسأذكر لفظه والكلام عليه فى " كتاب الوقف " إن شاء الله تعالى " رقم (1587) .
(فائدة) : هذا الحديث الصحيح دليل صريح على أن الزكاة يجوز إعطاؤها للفقير على ما ترى , قال: ادفعها إليه فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضى الله عنهم , فقالوا مثل ذلك ليحج بها.
وهو مذهب أحمد , فقال ابنه عبد الله فى " مسائله " (ص 134) : " سمعت أبى يقول: يعطى من الزكاة فى الحج لأنه من سبيل الله , وقال ابن عمر: الحج من سبيل الله ".(3/376)
وكذا روى إسحاق المروزى فى " مسائله " (ق 35/1) عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه أنه يعطى الزكاة فى الحج. وثبت مثل ذلك عن ابن عباس أيضا , فروى ابن أبى شيبة (4/41) وأبو عبيد فى " الأموال " (1784) عن حسان أبى الأشرس عن مجاهد عن ابن عباس , أنه كان لا يرى بأسا أن يعطى الرجل من زكاة ماله فى الحج وأن يعتق منه الرقبة.
قلت: وإسناده جيد , وعلقه البخارى.
وأما أثر ابن عمر الذى علقه أحمد , فوصله أبو عبيد (1976) بسند صحيح عنه , ومع ذلك فقد قال أبو عبيد عقبه: " وليس الناس على هذا , ولا أعلم أحدا أفتى به أن تصرف الزكاة إلى الحج ".
قلت: فى العبدين: إن عباس وابن عمر خير قدوة , لا سيما ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة , مع ما تقدمهما من الحديث.
(870) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " لا تحل الصدقة لغنى , إلا فى سبيل الله , أو ابن السبيل , أو جار فقير يتصدق عليه , فيهدى لك , أو يدعوك " رواه أبو داود. وفى لفظ: " لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة: للعامل عليها أو رجل اشتراها بماله , أو غارم أو غاز فى سبيل الله , أو مسكين تصدق عليه فأهدى منها لغنى ". رواه أبو داود وابن ماجه (ص 209 ـ 210) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1/1635) وابن ماجه (1/564 ـ 565) وكذا ابن الجارود فى " المنتقى " (365) والحاكم (1/407) والبيهقى (7/15) وأحمد (3/56) من طرق عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى به باللفظ الثانى وسياقه لأحمد وليس لأبى داود(3/377)
وابن ماجه , إلا أنه قال: " لعامل " بالتنكير , وكذلك هو عند سائرهم.
وكذلك رواه مالك فى " الموطأ " (1/256 ـ 257) وعنه أبو داود والحاكم والبيهقى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فذكره ".
وقال أبو داود: " ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك. ورواه الثورى عن زيد قال: حدثنى الثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وكأنه أشار بذلك إلى ترجيح المرسل , لكن قد ذكر البيهقى مثل قول أبى داود هذا ولكنه زاد عليه أن الثورى قال تارة عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , ورواه أبو الأزهر السليطى عن عبد الرزاق عن معمر والثورى عن زيد بن أسلم كما رواه معمر وحده.
ثم ساق إسناده إلى أبى الأزهر به , فكأنه أشار بذلك إلى ترجيح الموصول.
وجزم بذلك الحاكم فقال: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإرسال مالك إياه عن زيد بن أسلم ".
ثم ساقه من طريق مالك ثم قال: " هو صحيح (يعنى موصولا) فقد يرسل مالك الحديث ويصله , أو يسنده ثقة , والقول فيه قول الثقة الذى يصله ويسنده ".
قلت: ووافقه الذهبى , وهو الراجح عندى , لعدم تفرد معمر بوصله , كما تقدم فى كلام البيهقى.
وقال ابن عبد البر: " قد وصل هذاالحديث جماعة من رواية زيد بن أسلم ".
ذكره المنذرى فى " مختصره " (2/235) عنه وأقره , وذكر الحافظ فى " التلخيص " (ص 276) بعد أن حكى الاختلاف فيه على زيد , وعزا رواية معمر الموصولة للبزار أيضا: أنه صححه جماعة.
قلت: وممن صححه ابن خزيمة , فأخرجه فى " صحيحه " (ق 242/2) .
هذا , وأما اللفظ الأول , فلم يروه ابن ماجه , ثم هو ضعيف.
أخرجه أبو داود , وكذا الطحاوى (1/306) وابن أبى شيبة (4/58) والبيهقى (7/22 , 23) وأحمد (3/31 , 40 , 97) من طرق عن عطية عن أبى سعيد به.(3/378)
قلت: وعطية ضعيف.
وقال البيهقى عقبه: " وحديث عطاء بن يسار عن أبى سعيد أصح وليس فيه ذكر ابن السبيل ".
(871) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيا ولم يجعل له أجره , فلما جاء أعطاه " متفق عليه (ص 210) .
* صحيح.
رواه المصنف بالمعنى وقد ذكرنا لفظه وتخريجه فيما مضى (رقم 862) الحديث الثالث.
قلت: قد جاء فى حديث عطاء مرسلا , فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/58) : وكيع عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحل الصدقة إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله , أو رجل عمل عليها , أو ابن السبيل أو فى سبيل الله , أو رجل كان له جار فتصدق عليه فأهدى له ".
فأسقط " الغارم " وجعل مكانه " ابن السبيل " وهو شاذ , والله أعلم.
ومما يؤيد ذلك أن أبا عبيد أخرجه فى " الأموال " (1983) فقال: حدثنا يحيى ابن سعيد عن سفيان به بلفظ " الغارم " بدل " ابن السبيل " كما رواه الجماعة.
(872) - (حديث: " أن ابن عمر كان يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحرورى " (ص 210) .
* لم أقف على إسناده الآن
وإنما أورده الشيخ ابن قدامة فى " المغنى " (2/642) هكذا كما أورده المصنف بدون تخريج.
(873) - (حديث: " أنه قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب , ويشربون بها الخمور , قال: ادفعها إليهم , قاله أحمد " (ص 210) .
* لم أره بهذا اللفظ
وقد روى أبو عبيد فى " الأموال " (1797) من طريق قتادة قال: سمعت أبا الحكم يقول:(3/379)
" أتى ابن عمر رجل , فقال: أرأيت الزكاة إلى من أدفعها؟ فقال: ادفعها إلى الأمراء , وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم ".
قلت: وأبو الحكم هذا لم أعرفه , وبقية رجاله ثقات.
وروى ابن أبى شيبة (4/28) عن الأعرج قال: " سألت ابن عمر؟ فقال: ادفعهم إليهم , وإن أكلوا بها لحوم الكلاب , فلما عادوا إليه قال: ادفعها إليهم " وإسناده صحيح.
ثم أخرج هو وأبو عبيد (1798) عن قزعة قال: " قلت لابن عمر: إن لى مالا , فإلى من أدفع زكاته؟ فقال: ادفعها إلى هؤلاء القوم. يعنى الأمراء. قلت: إذاً يتخذون بها ثياباً وطيباً , فقال: وإن اتخذوا بها ثيابا وطيبا , ولكن فى مالك حق سوى الزكاة " وسنده صحيح.
(874) - (حديث سهيل بن أبى صالح [عن أبيه] قال: " أتيت سعد بن أبى وقاص فقلت: عندى مال , وأريد إخراج زكاته , وهؤلاء القوم على ما ترى؟ قال: ادفعها إليه , فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضى الله عنهم فقالوا: مثل ذلك " (ص 210) .
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/28) وأبو عبيد (1789) والبيهقى (4/115) من طريق [1] عن سهيل به , مع اختلاف فى اللفظ , ولفظ البيهقى أقرب إلى لفظ الكتاب.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
(تنبيه) : ليس فى رواية الكتاب [عن أبيه] والظاهر أنها كذلك فى نسخة المؤلف , لأنى وجدت الحديث كذلك فى " المغنى " (2/643) وهو كثير النقل عنه بالحرف الواحد كما تقدم مرارا , وهو الزيادة [عن أبيه] لابد من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: طرق}(3/380)
إثباتها تصحيحا للرواية , فإنها كذلك عند من ذكرنا , والمعنى: فإن سهيلا لم يدرك أحدا من الصحابة , وهو يقول: أتيت سعد بن أبى وقاص ... فالقائل إنما هو أبوه , ومن الغريب أن ابن قدامة أعاد الحديث مرة أخرى على الصواب فقال (2/644) : " قال أبو صالح: سألت سعد بن أبى وقاص ... ".
(875) - (لحديث معاذ: " تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم ".
متفق عليه
وتقدم نصه بتمامه مع تخريجه برقم (855) .
(876) - (لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا حظ فيها لغنى , ولا لقوى مكتسب ".
* صحيح
أخرجه أبو داود (1633) والنسائى (1/363 ـ 364) وابن أبى شيبة (4/56 ـ 57) وأبو عبيد (1725) والطحاوى (1/303 و304) والدارقطنى (211) والبيهقى (7/14) وأحمد (4/224) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدى بن الخيار قال: أخبرنى رجلان: " أنهما أتيا النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع , وهو يقسم الصدقة , فسألاه منها , فرفع فينا البصر وخفضه , فرآنا جلدين , فقال: إن شئتما أعطيتكما ولاحظ ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وقال الزيلعى فى " نصب الراية " (2/401) : " قال صاحب " التنقيح ": حديث صحيح , ورواته ثقات , قال الإمام أحمد رضى الله عنه: ما أجوده من حديث , هو أحسنها إسنادا ".
وفى معناه أحاديث أخرى يأتى ذكر أقواها فى الذى بعده.
(877) - (وقوله: " لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى " رواهما أحمد وأبو داود.
* صحيح.
وقد ورد من حديث عبد الله بن عمرو , وأبى هريرة ,(3/381)
وحبشى بن جنادة , ورجل من بنى هلال , وغيرهم.
أما حديث ابن عمرو , فله عنه طريقان:
الأول: عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أبو داود (1634) والترمذى (1/127) والدارمى (1/386) وابن أبى شيبة (4/56) وأبو عبيد (1726) وابن الجارود فى "المنتقى " (363) والطحاوى (1/303) والحاكم (1/407) والدارقطنى (211) والبيهقى (7/13) وأبو داود الطيالسى (1/177) .
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال صاحب " التنقيح ": " وريحان بن يزيد قال أبو حاتم: شيخ مجهول , ووثقه ابن معين. وقال ابن حبان: كان أعرابيا صدوقا ".
قلت: وفى " التقريب ": " مقبول ".
قلت: يعنى عند المتابعة , وقد توبع فى الطريق الآتى.
الثانى: عن عطاء بن زهير العامرى عن أبيه قال: قلت: لعبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما: أخبرنى عن الصدقة أى مال هى؟ قال: هى شر مال , إنما هى مال للعميان والعرجاء والكسحان واليتامى وكل منقطع به , فقلت: إن للعاملين عليها حقا , وللمجاهدين , فقال: للعاملين عليها بقدر عمالتهم , وللمجاهدين فى سبيل الله قدر حاجتهم أو قال: حالهم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة لا تحل ... الحديث.
أخرجه البيهقى.
قلت: وهذا سند يتقوى بالذى قبله , فإن عطاء هذا أورده ابن أبى حاتم (3/1/332) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ورواه ابن أبى شيبة من طريق ثالثة موقوفا , وسنده صحيح.
وأما حديث أبى هريرة فله طريقان أيضا:(3/382)
الأولى: عن سالم بن أبى الجعد عنه مرفوعا به.
أخرجه النسائى (1/363) وابن ماجه (1839) وابن أبى شيبة (4/56) وابن الجارود (364) وابن حبان فى " صحيحه " (806) والطحاوى (1/303) والدارقطنى (311) والبيهقى (7/14) وأحمد (2/377) كلهم عن أبى بكر بن عياش , أنبأنا أبو حصين عن سالم به. وأخرجه الدارقطنى والبزار من طريق إسرائيل عن منصور عن سالم به.
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة , وقد أعله صاحب " التنقيح " بقوله: " رواته ثقات , إلا أن أحمد بن حنبل قال: سالم بن أبى الجعد , لم يسمع من أبى هريرة ". نقله الزيلعى (2/399) .
وقول أحمد هذا لم يذكر فى ترجمة سالم من " التهذيب " , وقد جاء فيه نقول كثيرة عن الأئمة , تبين أسماء الصحابة الذين لم يلقهم سالم أو لم يسمع منهم , وليس فيهم أبو هريرة , بل جاء ذكره فى جملة الصحابة الذين روى عنهم سالم , ولم يعل بالإنقطاع , فالله أعلم.
علما أن البيهقى قال عقب الحديث: " ورواه أبو بكر بن عياش مرة أخرى عن أبى حصين عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه ".
قلت: هذا رواية للطحاوى: حدثنا على بن معبد قال: حدثنا معلى بن منصور قال: حدثنا أبو بكر بن عياش ... به.
قلت: وهذا سند صحيح إن كان أبو بكر بن عياش قد حفظه , فإنه ساء حفظه لما كبر كما فى " التقريب ".
الطريق الأخرى عن أبى حازم عن أبى هريرة يبلغ به. فذكره.
أخرجه الحاكم (1/407) من طريق على بن حرب , حدثنا سفيان عن(3/383)
منصور عن أبى حازم. وقال: " على شرط الشيخين " , ووافقه الذهبى.
وأخرجه البيهقى من طريق سعدان بن نصر , حدثنا سفيان به عن أبى هريرة.
وزاد: " فقيل لسفيان: هو عن النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: لعله ".
وقال البيهقى: " ورواه الحميدى عن سفيان بإسناده وقال عن أبى هريرة رضى الله عنه يبلغ به ".
قلت: ومعنى يبلغ به أى: يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
والحديث مرفوع قطعا , وإن شك فيه فى رواية سعدان , بديله [1] رفعه فى الطرق الأخرى والشواهد.
لكن قد أعل هذه الطريق عن أبى هريرة البزار فإنه رواه فى مسنده من طريق إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبى الجعد عن أبى هريرة.
وقال: " رواه ابن عيينة عن منصور عن أبى حازم عن أبى هريرة رضى الله عنه.
والصواب حديث إسرائيل , وقد تابع إسرائيل على روايته أبو حصين , فرواه عن سالم عن أبى هريرة ". ثم أخرجه كذلك , وقد تقدم , وهوالطريق الأول.
وأما حديث حبشى بن جنادة , فيرويه مجالد عن الشعبى عنه بلفظ: " إن المسألة لا تحل لغنى , ولا لذى مرة سوى ".
أخرجه الترمذى (1/127) وابن أبى شيبة (4/56) وأبو صالح الخرقى فى " الفوائد " (175/1) .
وقال الترمذى: " حديث غريب ".
قلت: ومجالد وهو ابن سعيد وليس بالقوى , ولا بأس به فى الشواهد.
وأما حديث الرجل من بنى هلال فيرويه عكرمة بن عمار اليمامى عن سماك أبى زميل عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: بدليل}(3/384)
" لا تصلح الصدق لغنى ...
" أخرجه الطحاوى (1/303) وأحمد (4/62 و5/375) وسنده جيد.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة أعرضنا عن ذكرها لأن أسانيدها معلولة , فمن شاء الوقوف عليها فليراجع " نصب الراية " (2/400 ـ 401) .
(878) - (قوله صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة ابن مسعود: " زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " أخرجه البخارى (ص 211) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/257) وأبو عبيد أيضا فى " الأموال " (1876) بسند واحد عن عياض بن عبد الله عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فطر إلى المصلى [فصلى] ثم انصرف , فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة , فقال: يا أيها الناس تصدقوا , فمر على النساء , فقال: يا معشر النساء تصدقن فإنى رأيتكن أكثر أهل النار , فقلن:
وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير , ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء , ثم انصرف , فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه , فقيل: يا رسول الله هذه زينب , فقال: أى الزيانب؟ فقيل: امرأة ابن مسعود , قال: نعم: ائذنوا لها , فأذن لها , قالت: يا نبى الله إنك أمرت اليوم بالصدقة , وكان عندى حلى
لى , فأردت أن أتصدق به , فزعم ابن مسعود أنه وولده أحقُمن تصدقت به عليهم , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود , زوجك وولدك ... الحديث.
وأخرجه البخارى ومسلم وغيرهما من طريق أخرى عن زينب امرأة ابن مسعود به نحوه بلفظ:(3/385)
" لها أجران: أجر القرابة وأجرة الصدقة ".
وسيأتى فى الكتاب برقم (884) .
(879) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الصدقة لا تنبغى لآل محمد إنما هى أوساخ الناس " رواه مسلم (ص 212) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/118 ـ 119) وكذا أبو داود (2985) والنسائى (1/365 ـ 366) وأبو عبيد (841) والطحاوى (1/299) والبيهقى (7/31) وأحمد (4/166) عن المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: " اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لى وللفضل بن العباس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه , فأمرهما على هذه الصدقات , فأديا ما يؤدى الناس , وأصابا مما يصيب الناس , قال: فبينما هما فى ذلك جاء على بن أبى طالب , فوقف عليهما , فذكرا له ذلك , فقال على بن أبى طالب: لا تفعلا فو الله ما هو بفاعل , فانتحاه ربيعة بن عبد الرحمن فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا , فو الله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك , قال على: أرسلوهما , فانطلقا , واضطجع على , قال: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر , سبقناه إلى الحجرة , فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال: أخرجا ما
تصدران , ثم دخل ودخلنا عليه , وهو يومئذ عند زينب بنت جحش , قال: فتواكلنا الكلام , ثم تكلم أحدنا , فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس , وأوصل الناس , وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات , فنؤدى إليك كما يؤدى الناس , ونصيب كما يصيبون , قال: فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه , قال: وجعلتْزينب تلمح علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه قال: ثم قال: إن الصدقة
... ادعوا لى (محميةَ) ـ وكان على الخمس ـ ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب , قال: فجاءاه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك (للفضل بن العباس) فأنكحه , وقال لنوفل بن الحارث: انكح هذا الغلام ابنتك (لى) فأنكحنى , وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا ".(3/386)
(880) - (حديث أبى رافع مرفوعا: " إنا لا تحل لنا الصدقةُ وإن موالى القوم منهم " رواه أبو داود والنسائى والترمذى , وصححه (ص 212) .
* صحيح.
وقد سقته مع تخريجه عند الكلام على الحديث (862) , وهو الحديث الرابع هناك ولفظه عند أبى داود والنسائى وغيرهما:
" إن الصدقة لا تحل لنا , وإن موالى القوم من أنفسهم ".
والجملة الأولى أخرجها أحمد (1/200) عن الحسن بن على مرفوعا نحوه.
وإسناده جيد.
(881) - (قول صلى الله عليه وسلم للرجلين: " إن شئتما أعطيتكما منها ولا حفظ فيها لغنى ".
* صحيح.
وتقدم قريبا (876) .
(882) - (وقال للذى سأله من الصدقة: " إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ".
* ضعيف.
وتقدم لفظه وتخريجه (859) .
(883) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " صدقتك على ذى الرحم صدقة وصلة " (ص 212) .
* حسن.
أخرجه النسائى (1/361) والترمذى (1/128) وابن حبان (833) وابن أبى شيبة (4/47) وكذا الدارمى (1/397) وأبو عبيد (915 و916) والحاكم (1/407) والبيهقى (7/27) وأحمد (4/17 و18 و214) من طريق الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة , وعلى ذى الرحم ثنتان: صدقة وصلة ".
وقال الترمذى:(3/387)
" حديث حسن ".
وقال الحاكم: " إسناده صحيح "! ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر فإن الرباب هذه وهى بنت صليع الضبية أم الرائح لم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين ولم يوثقها غير ابن حبان.
وقال الحافظ: " مقبولة ".
فحديثها حسن كما قال الترمذى , يشهد له الحديث الذى بعده.
(884) - (حديث زينب وفيه: " أتجزىء الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ قال: لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة " رواه البخارى (ص 213) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/259) وكذا مسلم (3/80) والطحاوى (1/308) والبيهقى (7/28 ـ 29) من طريق حفص بن غياث , ومسلم أيضا عن أبى الأحوص , والنسائى (1/361) والترمذى (1/124) والدارمى (1/389) , وأحمد (3/502) عن شعبة , وأحمد أيضا عن سفيان , وابن ماجه (1834) عن أبى معاوية , كلهم عن الأعمش قال: حدثنى شفيق [1] عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضى الله عنهما قالت:" كنت فى المسجد , فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم فقال: تصدقن ولو من حليكن , وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام فى حجرها , فقالت لعبد الله: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيجزىء عنى أن أنفق عليك وعلى أيتام فى حجرى من الصدقة , فقال: سلى أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانطلقت إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فوجدت امرأة من الأنصار على الباب , حاجتها مثل حاجتى , فمر علينا بلال فقلنا: سل النبى صلى الله عليه وسلم أيجزىء عنى أن أنفق على زوجى وأيتام لى فى حجرى , وقلنا: لا تخبر بنا , فدخل فسأله , فقال: من هما؟.
قال: زينب , قال: أى الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله , قال: " نعم ولها أجران: أجر القرابة , وأجر الصدقة ".
هكذا قال البخارى: " ولها ". ورواية مسلم والنسائى وأحمد " لهما "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: شقيق}(3/388)
بالتثنية. ورواية ابن ماجه والطحاوى مثل البخارى , ونحوها رواية البيهقى " لك ".
ثم أخرجه الإمام أحمد (6/363) : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش به , إلا أنه قال: عن شقيق عن عمرو بن الحارث بن المصطلق عن ابن أخى زينب امرأة عبد الله عن زينب.
قلت: فأدخل بينهما ابن أخى زينب.
وكذلك أخرجه الترمذى: حدثنا هناد , حدثنا أبو معاوية به.
ثم ساق رواية شعبة المتقدمة ثم قال: " وهذا أصح من حديث أبى معاوية , وأبو معاوية وهم فى حديثه فقال: عن عمرو ابن الحارث عن ابن أخى زينب , والصحيح إنما هو عن عمرو بن الحارث ابن أخى زينب ".
قلت: ويؤيده أن أبا معاوية كان يضطرب فيه , فتارة كان يرويه مثل رواية الجماعة كما أخرجه ابن ماجه عنه فيما سبقت الإشارة إليه , وهو عنده من طريقين عنه. وتارة يخالفهم فيزيد فى الإسناد ابن أخى زينب كما فى رواية أحمد , هنا , ولا شك أن ما وافق فيه الثقات أولى بالترجيح مما خالفهم فيه.
وبهذا يرد على ابن القطان الذى أعل هذا الإسناد بالانقطاع بين عمرو بن الحارث وزينب , وذهب إلى أن بينهما ابن أخى زينب.
وذلك يمنع من الحكم بصحة الإسناد لأن ابن أخى زينب لا يعرف حاله.
فإنا نقول: إن هذه الزيادة فى الإسناد غير محفوظة لأن الذى جاء بها وهو أبو معاوية اضطرب فيها كما سبق بيانه حتى ولو وافقه شعبة وحفص بن غياث كما حكى ابن القطان , فذلك مما لا يقويه ما دام أنهم اضطربوا فيها أيضا , فتبقى رواية الآخرين بغير اضطراب وهم أبو الأحوص وسفيان , فترجح هذه بأمرين:
الأول: سلامتها من الاضطراب.
الثانى: أن الأعمش قال فى رواية الشيخين: " فذكرته لإبراهيم , فحدثنى إبراهيم عن أبى عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواء ".(3/389)
فهذه طريق أخرى ليس فيها ابن أخى زينب , فثبت بذلك شذوذ هذه الزيادة , وسلم الحديث من أى علة.
وله طريق أخرى عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده , وكانت امرأة صناع اليد , قال: فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها , قالت: فقلت لعبد الله بن مسعود: لقد شغلتنى أنت وولدك عن الصدقة , فما أستطيع أن أتصدق معكم بشىء , فقال لها عبد الله: والله ما أحب إن لم يكن فى ذلك أجر أن تفعلى , فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت: يا رسول الله إنى امرأة ذات صنعة
أبيع منها , وليس لى ولا لولدى ولا لزوجى نفقة غيرها , وقد شغلونى عن الصدقة , فما أستطيع أن أتصدق بشىء , فهل لى من أجر فيما أنفقت؟ قال: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنفقى عليهم فإن لك فى ذلك أجر ما أنفقت عليهم ".
أخرجه الطحاوى (1/308) وأبو عبيد (1877) وابن حبان (831) وأحمد (3/503) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وفى هذه الرواية نص على أن رائطة هذه زوجة ابن مسعود كانت أم أولاده , ففيه رد على ما فى " الفتح " (3/260) : " وقال ابن التيمى: قوله: " وولدك " (يعنى فى الحديث المتقدم , 878) محمول على أن الإضافة للتربية لا للولادة , فكأنه ولده من غيرها "!
وسكت عليه الحافظ فكأنه لم يستحضر ما فى هذا الحديث من التنصيص على خلاف قول ابن التيمى.
(885) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء " حسنه الترمذى.
* ضعيف.
رواه الترمذى (1/129) وابن حبان (816) والبغوى فى(3/390)
" شرح السنة " (1/186/1) والحافظ عبد الغنى المقدسى فى جزء من " الجواهر " (ق 236/2) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/402/1 ـ 2) والضياء المقدسى فى " المختارة " (ق 73/1) كلهم من طريق عبد الله بن عيسى الخزاز البصرى عن يونس ابن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا به.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب من هذا الوجه ".
قلت: وليس فى بعض النسخ من " الترمذى " قوله: " حسن " , وهو الأقرب إلى حال هذا الإسناد فإن فيه علتين:
الأولى: عنعنة الحسن البصرى فإنه مدلس.
والأخرى: ضعف الخزاز هذا , فأورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " فيه ضعف ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
قلت: وقد وجدت للحديث طريقين آخرين عن أنس: الأولى: عن عبد الرحيم بن سليمان الأنصارى قال: حدثنى عبيد الله بن أنس قال:
حدثنى أبى مرفوعاً بلفظ: " إن الصدقة ترد غضب الرب , وتمنع من البلاء , وتزيد فى الحياة ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 268) وقال: " عبيد الله وعبد الرحيم كلاهما مجهول بالنقل , والحديث غير محفوظ ".
وقال الذهبى فى عبيد الله: " لا يعرف ".
وفاته الراوى عنه عبد الرحيم بن سليمان الأنصارى , فلم يورده فى " ميزانه " , ولا استدركه عليه الحافظ فى " لسانه "!
والأخرى: عن أبى عمرو والمقدام بن داود الرعينى قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومى قال: أخبرنا سفيان عن محرز عن يزيد الرقاشى عن أنس(3/391)
مرفوعا بلفظ: " إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء ".
أخرجه القضاعى فى " مسند الشهاب " (ق 91/1) .
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , وفيه ثلاث علل:
الأولى: يزيد الرقاشى ضعيف.
الثانية: عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومى ضعيف جدا.
قال أبو حاتم: " ليس بالقوى ".
وقال ابن يونس: " منكر الحديث ".
وقال ابن عدى: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ".
وقال النسائى: " روى عن الثورى ومالك بن مغول أحاديث , كانا أتقى لله من أن يحدثا بها ".
وساق الذهبى أحاديث من طريق ابن مغول وغيره ثم قال: " وهذه موضوعات ".
الثالثة: المقدام بن داود الرعينى قال النسائى: " ليس بثقة " وقال ابن يونس وغيره: " تكلموا فيه ".
وقد روى الحديث عن أبى هريرة مختصرا بلفظ: " إن الصدقة تمنع ميتة السوء ".
أخرجه حمزة السهمى فى " تاريخ جرجان " (453) من طريق يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبى يحدث عن أبى هريرة مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , آفته يحيى هذا قال فى " التقريب ": " متروك , وأفحش الحاكم فرماه بالوضع ".
قلت: وأبوه عبيد الله مجهول الحال.
وبالجملة , فليس فى هذا الشاهد ولا فى الطريقين ما يمكن أن نشد به من عضد هذه الحديث لشدة الضعف فى أسانيدها.
أما الشطر الأول من الحديث فهو قوى لأنه له شواهد كثيرة خرجتها فى " الصحيحة " (1908) .(3/392)
ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن أنس لكن بلفظ: " الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص ".
أخرجه الخطيب فى " التاريخ " (8/208) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن أبى إسرائيل المروزى حدثنا الحارث بن النعمان بن سالم عنه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , أورده فى ترجمة الحارث هذا , ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وإسحاق بن إبراهيم هو الإسرائيلى البصرى.
قال الذهبى: " فيه نظر ".
(886) - (وعن أبى هريرة مرفوعا: " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ـ ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ـ فإن الله تعالى يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " متفق عليه (ص 213) .
* صحيح.
واللفظ للبخارى أخرجه (4/459 ـ طبع أوربا) معلقا فقال: وقال خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثنى عبد الله بن دينار عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قال الحافظ (3/222) : " وقد وصله أبو عوانة والجوزقى من طريق محمد بن معاذ بن يوسف عن خالد بن مخلد بهذا الإسناد ".
قلت: ووصله البخارى (3/220 ـ فتح) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه به نحوه. وقال: " ولا يقبل الله إلا الطيب ".
ورواه مسلم (3/85) من طرق عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه وكذلك رواه أحمد (2/419) .
ثم أخرجه مسلم والنسائى (1/349) والترمذى (1/128) والدارمى (1/395) وابن ماجه (1842) وأحمد (2/331 و418 و431 و538) من طرق عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة به. وعلقه البخارى فى موضعين من(3/393)
صحيحه , وعلق الحافظ عليه فى الموضع الأول منه: " ولم أقف عليها موصولة " ثم قال: " تنبيه: وقفت عليها موصولة وقد ثبت ذلك فى (كتاب التوحيد) ".
قلت: وهو الموضع الثانى الذى أشرنا إليه , وهو الذى علق فيه رواية أبى صالح , ثم أتبعها برواية سعيد هذه وهى معلقة أيضا خلافا لما توهمه ابن حجر.
وأخرجه مالك فى " الموطأ " (2/995/1) عن سعيد بن يسار مرسلا.
وله فى " المسند " (2/268 و404) والترمذى طريق أخرى عن القاسم بن محمد عن أبى هريرة به , وزاد الترمذى: " وتصديق ذلك فى كتاب الله عز وجل: (أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) . (ويمحق الله الربى ويربى الصدقات) " وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
واغتر بذلك المنذرى فى " الترغيب " (2/19) فصحح هذه الرواية , وهى عند الترمذى من طريق عباد بن منصور حدثنا القاسم به. وعباد هذا كان تغير بآخره كما فى " التقريب " فلا يحتج به لاسيما مع المخالفة , لاسيما وقد رواه أحمد من طريقه أيضا مقرونا مع عبد الواحد بن صبرة بدون هذه الزيادة , وكذلك رواه من طريق أيوب عن القاسم. فهى زيادة منكرة قطعا , وقد قال الحافظ (3/222) بعد
أن ساقها من رواية الترمذى: " وفى رواية ابن جرير التصريح بأن تلاوة الآية من كلام أبى هريرة ".
قلت: وهذا هو الأشبه بهذه الزيادة إن صحت عن أبى هريرة: أنها من كلامه وليست مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وللحديث طريق رابعة: عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا.(3/394)
أخرجه أحمد (2/541) بسند حسن.
وأخرجه ابن حبان (819) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن القاسم بن
محمد عن عائشة مرفوعا به مختصرا.
(887) - (حديث: " سبعة يظلهم الله فى ظله ... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " (ص 213) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/119 ـ 124 و3/232) ومسلم (3/93) والترمذى (2/63) وأحمد (2/439) كلهم عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: حدثنى خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله تعالى فى ظله , يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل , وشاب نشأ فى عبادة الله , ورجل قلبه معلق فى المساجد , ورجلان تحابا فى الله , اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنى أخاف الله , ورجل تصدق ... ورجل ذكر الله خاليا فقاضت عيناه ".
والسياق للبخارى , وانقلبت الفقرة السادسة منه على بعض رواة مسلم فقال: " حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله "!
ثم أخرجه البخارى (4/399) والنسائى (2/303) عن عبد الله وهو ابن المبارك , عن عبيد الله به. وزاد بعد " يظلهم الله ": " يوم القيامة ".
ورواه مالك فى " الموطأ " (2/952/14) وعنه مسلم والترمذى عن خبيب به , إلا أنه شك فى إسناده فقال: عن أبى سعيد الخدرى أو عن أبى هريرة قال الحافظ: (2/120) : " ورواه أبو قرة عن مالك بواو العطف فجعله عنهما , وتابعه مصعب الزبيرى , وشذا فى ذلك عن أصحاب مالك. والظاهر أن عبيد الله حفظه لكونه لم يشك فيه , ولكونه من رواية خاله وجده ".(3/395)
(تنبيه) : عزا رواية الشك هذه المنذرى (2/30) للشيخين , ولم أرها عند البخارى , وظاهر كلام الحافظ يشعر بأنها ليست عنده , والله أعلم.
وللحديث شاهد من حديث سلمان بلفظ: " سبعة يظلهم الله فى ظل عرشه ... " فذكر الحديث.
رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن كما فى " الفتح " (2/121) .
(888) - (حديث ابن عباس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل " الحديث متفق عليه (ص 213 ـ 214) .
* صحيح.
وتمامه: " وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان , فيدارسه القرآن , فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة ".
أخرجه البخارى (1/6 ـ 7 و475 و2/310 و393 و3/396 ـ طبع أوربا) ومسلم (7/73) وكذا النسائى (1/298) وأحمد (1/231 و288 و326 و363 و366 ـ 367 و373) من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
ابن عباس.
وفى رواية لأحمد من طريق معمر عن الزهرى به مختصرا بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , فما هو إلا أن يدخل شهر رمضان فيدارسه جبريل صلى الله عليه وسلم فلهو أجود من الريح ".
وفى أخرى له من طريق محمد بن إسحاق عن الزهرى بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الكتاب على جبريل عليه السلام فى كل رمضان فإذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التى يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة , لا يسئل عن شىء إلا أعطاه , فلما كان فى الشهر الذى هلك بعده عرض عليه عرضتين ".
(889) - (عن أنس: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أى الصدقة أفضل؟(3/396)
قال: صدقة فى رمضان " رواه الترمذى (ص 214) .
* ضعيف.
أخرجه الترمذى (1/129) وكذا أبو حامد الحضرمى فى " حديثه " ومن طريقه الحافظ القاسم بن الحافظ ابن عساكر فى " الأمالى " (مجلس 47/2/2) والضياء المقدسى فى " المنتقى من المسموعات بمرو " (7/1) من طريق صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس قال: " سئل النبى صلى الله عليه وسلم أى الصوم أفضل بعد رمضان؟ فقال: " شعبان لتعظيم رمضان " , قيل: فأى الصدقة أفضل؟ قال: فذكره.
وقال الترمذى: " هذا حديث غريب , وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوى ".
قلت: وأورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " ضعفوه ".
وفى "التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: وأشار المنذرى فى " الترغيب " (1/79) إلى تضعيف الحديث.
(890) - (وعن ابن عباس مرفوعا: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعنى أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه , ثم لم يرجع من ذلك بشىء " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/382 ـ 383 ـ فتح) وكذا أبو داود (2438) والترمذى وصححه (1/145) والدارمى (2/25) وابن ماجه (1727) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (4/114) والطيالسى فى " مسنده " (رقم 2631) (1) وأحمد (1/346) والطبرانى فى " المعجم الكبير " والمخلص فى " الفوائد المنتقاة " (11/239 ـ 240) والبيهقى (4/284) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس , واللفظ لأبى داود , وكذا الترمذى وابن ماجه إلا أنهم قالوا: " بنفسه وماله " , ولفظ البخارى: " ما العمل فى أيام أفضل منها فى هذه , قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشىء ".
__________
(1) ولم أره فى ترتيبه للشيخ البنا. اهـ.(3/397)
وفى رواية للدارمى (2/26) بلفظ: " ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله فى عشر الأضحى ... " والباقى مثله , وزاد: " قال: وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه ".
وإسناده حسن , وعزاه المنذرى فى " الترغيب " (2/124) للبيهقى ولعله يعنى فى " شعب الإيمان ".
وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس:
الأول: يرويه سفيان الثورى عن أبيه عن عكرمة عنه مرفوعا به.
أخرجه أبو عثمان البحيرى فى " الفوائد " (ق 31/2) .
والآخر: يرويه خالد عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر , فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/110/1) وأبو طاهر الأنبارى فى " المشيخة " (ق 160/2 و161/1) وقال المنذرى: (2/124) : " وإسناده جيد ".
قلت: يزيد بن أبى زياد , وهوالكوفى الهاشمى فيه ضعف.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف , كبر فتغير , صار يتلقن ".
قلت: وقد اضطرب فى إسناده , فرواه تارة عن مجاهد عن ابن عباس , كما فى رواية خالد هذه , وتارة قال: عن مجاهد عن ابن عمر به.
أخرجه الطحاوى وأحمد (2/75 و131) وعبد بن حميد فى " المنتخب من(3/398)
المسند " (ق 88/1) والمخلص فى " الفوائد المنتقاة " (11/240/1) من طرق عن زياد به.
وهذا هو الصواب عن مجاهد عن ابن عمر , فقد ذكر الحافظ (2/381 ـ 382) أنه رواه أبو عوانة من طريق موسى بن أبى عائشة عن مجاهد فقال: عن ابن عمر , يعنى مثل حديث ابن جبير عن ابن عباس.
ولكنى وجدت لحديث يزيد شاهدا عن أبى هريرة رفعه: " ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر: التسبيح والتهليل
والتكبير ".
أخرجه أبو عثمان البحيرى فى "الفوائد " (31/1 ـ 2) من طريق أحمد بن نيزك الطوسى , حدثنا الأسود حدثنا الأسود بن عامر حدثنا صالح بن عمر الواسطى عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة.
قلت: وهذا سند حسن لولا أنى لم أعرف ابن نيزك هذا.
وللحديث شاهد من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما , وله عنه طريقان:
الأولى: عن زهير بن معاوية عن إبراهيم بن المهاجر عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال: " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده أيام العشر , فقال ... ".
قلت: فذكره مثل حديث ابن جبير إلا أنه قال فى آخره: " إلا رجل خرج بنفسه وماله , فكان مهجته فيه ".
أخرجه الطحاوى والطيالسى فى مسنده (رقم 2283) وسنده حسن , وهو على شرط مسلم.
والأخرى: عن حبيب بن أبى ثابت , حدثنى أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمرو , حدثنا عبد الله بن عمرو بن العاص به نحوه وقال: " حتى تهراق(3/399)
مهجته ".
أخرجه أحمد (2/161 ـ 162) .
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبى عبد الله هذا , وقد أورده الحافظ فى " تعجيل المنفعة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وله شاهد آخر من حديث جابر نحوه.
أخرجه ابن حبان (1006) عن محمد بن مروان العقيلى , حدثنا هشام الدستوائى عن أبى الزبير والطحاوى عن مرزوق بن مرداسة قال: حدثنى أبو الزبير عن جابر.
قلت: وأبو الزبير مدلس , وقد عنعنه من الطريقين , ولولا ذلك لقلنا بصحة إسناده , وقد ذكره المنذرى فى " الترغيب " (2/125) فقال: " رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى بإسناد صحيح وابن حبان فى صحيحه ".
وما أظن إلا أن الإسنادين مدارهما على أبى الزبير , فهل صرح بالتحديث فى إحداهما؟ ذلك مما لا أعتقده , والله أعلم.
(891) - (حديث: " مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " متفق عليه.
* صحيح.
وقد ورد من حديث عائشة , وابن عمر , وابن عمرو , وأبى هريرة , ورجل من الأنصار , وأنس بن مالك , وزيد بن ثابت , وأبى أمامة.
أما حديث عائشة , فيرويه عنها عمرة بنت عبد الرحمن , وعروة بن الزبير , ومجاهد بن جبر.
فأما حديث عمرة , فأخرجه البخارى (4/117 ـ طبع أوربا) وفى " الأدب المفرد " (رقم 101 و106) ومسلم (8/36) وأبو داود (5151) والترمذى (1/352) وابن ماجه (3673) والطحاوى فى " مشكل(3/400)
الآثار " (4/26 ـ 27) وأحمد (6/52و 238) والخرائطى فى " مكارم الأخلاق " (ص 36) والبيهقى (7/27) من طرق عن عمرة به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد البيهقى فى رواية له (8/11) من طريق ابن بكير عن الليث بن سعد عن يحيى ابن سعيد عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به: " وما زال يوصينى بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق ".
وهى زيادة شاذة أو منكرة , فقد رواه محمد بن رمح عن الليث به دونها.
أخرجه ابن ماجه , ورواه الجماعة عن يحيى بن سعيد به دونها أيضا. وكذلك لم ترد فى حديث مجاهد عن عائشة , ولا فى شىء من طرق الصحابة الآخرين.
وأما حديث عروة فيرويه عنه ابنه هشام , أخرجه مسلم (8/37) .
وأما حديث مجاهد فيرويه جماعة عن زبيد عنه عن عائشة رضى الله عنها.
أخرجه أحمد (6/91 و125 و187) والخرائطى وأبو نعيم فى " حلية الأولياء " (3/307) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (4/187) .
قلت: وإسناده صحيح , ولمجاهد فيه أسانيد أخرى يأتى من حديث ابن عمرو وأبى هريرة.
وأما حديث عبد الله بن عمر فيرويه عمر بن محمد عن أبيه عنه.
أخرجه البخارى ومسلم والخرائطى (ص 37) والبيهقى وأحمد (2/85) .
وأما حديث عبد الله بن عمرو , فيرويه سفيان عن داود بن شابور وبشير أبى إسماعيل كلاهما عن مجاهد عنه به.
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (105) وأبو داود (5152) والترمذى (1/353) وأحمد (2/160) والخرائطى (37) وأبو نعيم (3/306) .
وقال الترمذى:(3/401)
" حديث حسن غريب من هذا الوجه , وقد روى هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أيضا ".
قلت: وإسناد هذا صحيح على شرط مسلم.
وتابعه عن بشير وحده إسماعيل بن عمر الواسطى عند الطحاوى وعثمان بن عمر بن فارس عند الخرائطى أيضا.
وتابعه محمد بن يوسف الفريابى: حدثنا سفيان الثورى عن زبيد اليامى عن مجاهد به.
أخرجه الخرائطى وأبو نعيم وإسنادهما صحيح.
وأما حديث أبى هريرة فيرويه يونس بن أبى إسحاق عن مجاهد حدثنى أبو هريرة به.
أخرجه ابن ماجه (3674) وأخرجه أحمد (2/305 و445) والخرائطى وأبو نعيم وكذا الطحاوى.
قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم.
وتابعه شعبة عن داود بن فراهيج عن أبى هريرة.
أخرجه الطحاوى (4/27) وابن حبان فى " صحيحه " (2052) والخرائطى (37) وأحمد (2/259 و458 و514) .
قلت: وهذا سند حسن بما قبله , فإن داود هذا مختلف فيه , وجزم الذهبى فى " الميزان " بأنه ضعيف. ووثقه ابن حبان (1/41) .
وقال أبو حاتم: " تغير حين كبر , وهو ثقة صدوق ".
وقال النسائى: " ليس بالقوى ".
وأما حديث الأنصارى , فيرويه هشام عن حفصة بنت سيرين عن أبى العالية عن رجل من الأنصار قال: " خرجت من بيتى أريد النبى صلى الله عليه وسلم , فإذا به قائم ورجل معه , كل واحد منهما مقبل على صاحبه: فظننت أن لهما حاجة ,(3/402)
فوالله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثى له من طول القيام , فلما انصرف , قلت: يا نبى الله لقد قام بك الرجل حتى جعلت أرثى لك من طول القيام , قال: وقد رأيته؟ قلت: نعم , قال: وهل تدرى من هذا؟ قلت: لا , قال ذلك جبرئيل , ما زال يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه , ثم قال: أما إنك لو سلمت عليه , لرد عليك ".
أخرجه الطحاوى (4/27) وأحمد (5/32 و365) والخرائطى (35 ـ 36) .
قلت: وإسناده صحيح.
ثم أخرجه الخرائطى من طريق فهير بن زياد عن الربيع بن صبيح , عن يزيد الرقاشى , عن أنس بن مالك قال: " مر رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجى رجلا , فمر ولم يسلم عليهما , فمشى غير بعيد , ثم قام. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجبريل صلى الله عليه وسلم , فقال له جبريل: يا محمد من هذا الرجل؟ قال: هذا رجل من أصحابى , قال: فما منعه أن يسلم علينا؟ فإذا لقيته فأقره السلام , وأخبره أنه لو سلم علينا لرددنا عليه , فلما قضى حاجته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل: مامنعك أن تسلم علينا حين مررت علينا؟ قال: رأيتك يا رسول الله تناجى الرجل , فهبت أن أسلم عليكما , فأقطع عليكما نجواكما , قال: فهل تدرى من هو؟ قال: لا يا رسول الله , قال: فإنه جبريل صلى الله عليه وسلم وإنه أرسل يقرئك السلام ويقول: لو سلم علينا لرددنا عليه , قال: يا رسول الله لقد طال مناجاته إياك , فبم كان يناجيك؟ قال: كان يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
قلت: وهذا سند ضعيف , الربيع ويزيد ضعيفان , وفهير لم أعرفه.
ورواه البزار سوى الجملة الأخيرة من طريق أخرى قال الهيثمى (8/165) : " وفيه محمد بن ثابت بن أسلم وهو ضعيف ".
وأما حديث زيد بن ثابت فيرويه يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو مولى المطلب عنه.(3/403)
هكذا أخرجه الخرائطى (37) ورجاله ثقات لكنه منقطع بين عمرو , وهو ابن أبى عمرو وميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المدنى , وزيد فإنه لم يسمع منه , وأنا أظن أن بينهما مولاه المطلب نفسه , فقد أورده الهيثمى من حديث زيد ابن ثابت ثم قال: " رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط , وفيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وهو ثقة , وفيه ضعف , وبقية رجاله رجال الصحيح ".
وأما حديث أبى أمامة فيرويه بقية بن الوليد: حدثنا محمد بن زياد سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء فى حجة الوداع يقول:" أوصيكم بالجار " حتى ظننت أنه سيورثه.
أخرجه أحمد (5/267) والخرائطى (37) والسياق له. وسنده جيد.
وقال الهيثمى: " رواه الطبرانى وإسناده جيد ".
(892) - (حديث: " أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاشح " رواه أحمد وغيره " (ص 214) .
* صحيح.
وقد روى عن جماعة من الصحابة: حكيم بن حزام , وأم كلثوم بنت عقبة , وأبو هريرة , ولا يصح إلا عن أم كلثوم رضى الله عنها.
أما حديث حكيم فيرويه سفيان بن حسين الواسطى عن الزهرى عن أيوب بن بشير الأنصارى عنه: " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذى الرحم الكاشح " أخرجه أحمد (3/402) .
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات , فظاهره الصحة , وليس كذلك , فقد(3/404)
قال الحافظ: " سفيان بن حسين ثقة فى غير الزهرى باتفاقهم ".
وذهل عن هذا المنذرى فقال فى " الترغيب " (2/32) : " رواه أحمد والطبرانى وإسناد أحمد حسن ".
وكذا قال الهيثمى فى " المجمع " (3/116) إلا أنه أطلق التحسين ولم يقيده بإسناد أحمد , ومع أن التحسين , وهم على كل حال , ففى التقييد فائدة لا نجدها فى الإطلاق , وهى أن إسناد الطبرانى غير إسناد أحمد وأنه غير حسن , وهو كذلك , قد أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/153/2) من طريق حجاج عن ابن شهاب به.
وكذا أخرجه أحمد أيضا (5/416) : حدثنا أبو معاوية حدثنا الحجاج به.
والحجاج هذا هو ابن أرطاة , وهو مدلس , وقد عنعنه , وليس بعيدا أن يكون الواسطة بينه وبين الزهرى هو سفيان بن حسين , ثم أسقطه! وعلى هذا ففى تخريج المنذرى مؤاخذة دقيقة , إذ كان عليه أن يقول: " وأحد إسنادى أحمد حسن "!
وأما حديث أم كلثوم , فيرويه الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم مرفوعاً بلفظ الكتاب.
أخرجه الحاكم (1/406) وعنه البيهقى (7/27) من طريق معمر وسفيان عن الزهرى به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى , وأقره المنذرى (2/33) وهو كما قال , ورواه ابن خزيمة أيضا فى صحيحه (1/243/2) والطبرانى فى " المعجم الكبير " وقال المنذرى ثم الهيثمى (3/116) : " ورجاله رجال الصحيح ".
وأما حديث أبى هريرة , فيرويه إبراهيم بن يزيد المكى عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مثل حديث حكيم بن حزام.(3/405)
أخرجه أبو عبيد (913) : حدثنا على بن ثابت عن إبراهيم بن يزيد المكى به.
وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. ولم يسنده عقيل.
قلت: قد أسنده معمر وسفيان عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أم كلثوم كما تقدم , هذا هو المحفوظ عن الزهرى , وقد أخطأ عليه سفيان بن حسين فرواه بإسناد آخر عن ابن حزام , كما أخطأ عليه إبراهيم بن يزيد المكى , فرواه بسنده عن أبى هريرة.
وإبراهيم هذا هو الخوزى وهو متروك.
والحديث علقه ابن جرير الطبرى فى تفسيره (3/344/2532) تعليقا مجزوما به.
(893) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " وابدأْبمن تعول , وخير الصدقة عن ظهر غنى ". متفق عليه (ص 214) .
* صحيح.
وهو من حديث حكيم بن حزام عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ ... ومن يستعف يعفه الله , ومن يستغن يغنه الله ".
أخرجه البخارى (1/361 ـ 362) والسياق له , وأحمد (3/434) من طريق هشام عن أبيه عنه , وزاد أحمد: " فقلت: ومنك يا رسول الله؟ قال: ومنى , قال حكيم: قلت: لا تكون يدى تحت يد رجل من العرب أبدا ".
وسنده صحيح على شرط الشيخين , لكن سقط من إسناده " عن أبيه ".
وله طريق أخرى عن حكيم بن حزام به دون قوله: " ومن يستعف ... ".
أخرجه مسلم وغيره , وقد تقدم تخريجه هو وغيره مما فى معناه عند الحديث (834) فليراجعه من شاء الوقوف على طرقه.
(894) - (حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " رواه(3/406)
مسلم.
* صحيح بغير هذا اللفظ.
أخرجه مسلم (3/78) من طريق طلحة بن مصرف عن خيثمة قال: " كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له , فدخل , فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا , قال: فانطلق فأعطهم , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ".
هذا لفظ مسلم , وكذا رواه أبو نعيم فى " الحلية " (4/122 و5/23 و87) , وأما اللفظ الذى عزاه المصنف إلى مسلم فليس هو عنده , وإنما أخرجه أبو داود (1692) والطيالسى (2281) وعنه البيهقى (7/467) وأحمد (2/160 و193 ـ 195) وأبو نعيم أيضاً (7/135) والحميدى (599) والخرائطى فى " المكارم " (ص 56) من طرق عن أبى إسحاق عن وهب بن جابر الخيوانى عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به.
وفى رواية لأحمد عن وهب قال: " إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إنى أريد أن أقيم هذا الشهر ههنا ببيت المقدس , فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال: لا , قال: فارجع إلى أهلك , فاترك لهم ما يقوتهم , فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره ".
قلت: ورجاله ثقات غير وهب بن جابر فهو مجهول , كما قال النسائى , ولم يرو عنه غير أبى إسحاق , وهو الهمدانى , وقال الذهبى: " لا يكاد يعرف , تفرد عنه أبو إسحاق ".
قلت: ومن طريقه أخرجه الحاكم (1/415 و4/500) وقال: " صحيح الإسناد " ووهب من كبار تابعى الكوفة! ووافقه الذهبى فى " تلخيصه "! ثم وجدت له شاهداً من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. أخرجه الطبرانى (3/21) ورجاله ثقات كلهم , وابن عياش إنما يخشى من سوء حفظه فى روايته عن المدنيين كهذه , فهو صالح للاستشهاد به فالحديث حسن والله أعلم.(3/407)
(895) - (عن أبى هريرة قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقام رجل فقال: يا رسول الله عندى دينار قال: تصدق به على نفسك , قال: عندى آخر قال: تصدق به على ولدك قال: عندى آخر. قال: تصدق به على زوجتك , قال: عندى آخر. قال: تصدق به على خادمك , قال عندى آخر , قال: أنت أبصر " رواه أبو داود.
* حسن.
أخرجه أبو داود (1691) والنسائى (1/351) وابن حبان (828 ـ 830) والحاكم (1/415) وأحمد (2/471) من طريق محمد بن عجلان عن المقبرى عن أبى هريرة به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر , فإن ابن عجلان إنما أخرج له مسلم فى الشواهد كما نقله الذهبى نفسه فى " الميزان " عن الحاكم ذاته! ثم هو صدوق متوسط الحفظ كما قال الذهبى , فهو حسن الحديث , وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبى هريرة ".
(896) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار " (ص 215) .
* صحيح.
روى من حديث عبادة بن الصامت , وعبد الله بن عباس , وأبى سعيد الخدرى , وأبى هريرة , وجابر بن عبد الله , وعائشة بنت أبى بكر الصديق , وثعلبة بن أبى مالك القرظى , وأبى لبابة رضى الله عنهم.
1 ـ أما حديث عبادة , فيرويه موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عنه مرفوعا به.
أخرجه ابن ماجه (2340) وأحمد (5/326 ـ 327) وأبو نعيم فى " أخبار أصفهان " (1/344) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (8/44/2) .
قلت: وهذا سند ضعيف , قال الحافظ فى " الدراية " (ص 373) : " وفيه انقطاع ". يعنى بين إسحاق وعبادة كما يأتى , وفيه علة أخرى , وهى جهالة حال(3/408)
إسحاق هذا , قال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول الحال ". وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 144/2) : " هذا إسناد رجاله ثقات , إلا أنه منقطع ".
وقال فى مكان آخر (137/1) : " هذا إسناد ضعيف , لضعف إسحاق بن يحيى بن الوليد , وأيضا لم يدرك عبادة بن الصامت , قاله البخارى وابن حبان وابن عدى".
قلت: إسحاق لم يضعفه أحد. ولا وثقه غير ابن حبان , ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة , فالصواب أنه مجهول.
2 ـ وأما حديث ابن عباس , فيرويه عنه عكرمة , وله ثلاث طرق عنه:
الأولى: عن جابر عنه:
أخرجه ابن ماجه (2341) وأحمد (1/313) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/136/1) .
قلت: وهذا سنده واه , جابر هو الجعفى قال البوصيرى: " وقد اتهم ".
الثانية: عن داود بن الحصين عن عكرمة به وزاد: " ولجارك أن يضع فى جدارك خشبته " أخرجه الدارقطنى (522) والخطيب فى " الموضح " (2/52 ـ 53) .
ورواه الطبرانى فى " الكبير " (3/127) بدون الزيادة.
قلت: وهذا سند لا بأس به فى الشواهد , فإن ابن الحصين هذا احتج به الشيخان , لكنه قال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة إلا فى عكرمة ".
قلت: وإنما تكلم فى روايته عنه من قبل حفظه , وليس فى صدقه , فهو يتقوى بالطريق الآتية.(3/409)
الثالثة: رواه ابن أبى شيبة: حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن سماك عن عكرمة به.
ذكره فى " نصب الراية " (4/384 ـ 385) وسكت عليه , ورجاله ثقات رجال مسلم غير أن سماكا وهو ابن حرب , شأنه فى روايته عن عكرمة شأن داود بن الحصين تماما , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة , وقد
تغير بآخره: فكان ربما يلقن ".
3 ـ وأما حديث أبى سعيد الخدرى , فيرويه عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبى عبد الرحمن الرأى حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن عمرو بن يحيى المازنى عن أبيه عنه , وزاد: " من ضار ضره الله , ومن شاق شق الله عليه ".
أخرجه الدارقطنى (522) دون الزيادة , والحاكم (2/57 ـ 58) والبيهقى (6/69) وقال: " تفرد به عثمان بن محمد ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الدارقطنى , وذكره فى " اللسان ".
وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد على شرط مسلم "! ووافقه الذهبى.
قلت: وهذا وهم منهما معا , فإن عثمان هذا مع ضعفه لم يخرج له مسلم أصلا , وأورده الذهبى نفسه فى " الميزان " وقال: " قال عبد الحق فى أحكامه: الغالب على حديثه الوهم ".
نعم تابعه عبد الملك معاذ النصيبى عن الدراوردى به.
أخرجه ابن عبد البر فى " التمهيد " كما فى " نصب الراية " للزيلعى (4/385) وقال:(3/410)
" قال ابن القطان فى كتابه: وعبد الملك هذا لا يعرف له حال , ولا يعرف من ذكره ".
وقد رواه مالك فى " الموطأ " (2/745/31) عن عمرو بن يحيى المازنى عن أبيه مرفوعا.
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد وهذا هو الصواب من هذا الوجه.
4 ـ وأما حديث أبى هريرة فيرويه أبو بكر بن عياش قال: أراه قال: عن ابن عطاء عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " لا ضرر ولا ضرورة , ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته على جداره ".
أخرجه الدارقطنى (522) وقال الزيلعى (4/385) : " وأبو بكر بن عياش مختلف فيه ".
قلت: هو حسن الحديث , وقد احتج به البخارى , وإنما علة هذا السند من شيخه ابن عطاء , وهو يعقوب بن عطاء بن أبى رباح , وهو ضعيف كما فى " التقريب ".
5 ـ وأما حديث جابر , فيرويه محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عنه مرفوعا بلفظ: " لا ضرر ولا ضرار فى الإسلام ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141 من زوائد المعجمين) وقال: " لم يروه عن محمد بن يحيى إلا ابن إسحاق ".
قلت: وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه.
6 ـ وأما حديث عائشة فله عنها طريقان:
الأول: يرويه الواقدى , أخبرنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبى الرجال عن عمرة عنها , أخرجه الدراقطنى (522) .(3/411)
قلت: وسنده واهٍ جدا من أجل الواقدى فإنه متروك.
والطريق الأخرى يرويها نافع بن مالك أبى سهيل عن القاسم عنها , وله عنه طريقان:
الأولى: قال الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/141/1) : حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا روح بن صلاح حدثنا سعيد بن أبى أيوب عن أبى سهيل به.
قلت: وهذا سند واهٍ جدا , روح بن الصلاح ضعيف , وأحمد بن رشدين قال الهيثمى (4/110) : " هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال ابن عدى: كذبوه ".
الثانية: قال الطبرانى أيضا: حدثنا أحمد حدثنا عمرو بن مالك الراسبى حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول عن أبى بكر بن أبى سبرة عن نافع بن مالك به.
قلت: هكذا ساقه الهيثمى فى " الجمع بين المعجمين " عقب الطريق الأولى. لم يسم أحمد , شيخ الطبرانى , فأوهم أنه ابن رشدين , وليس به.
فقد ساقه الزيلعى (4/386) عقب الطريق الأولى , فسماه أحمد بن داود المكى , ثم لم يذكر الهيثمى كلام الطبرانى عليه ولا على الأول , وأما الزيلعى فقال: " سكت عن الأول , وقال فى هذا: لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك ".
قلت: لكن الراوى عنه أبو بكر بن أبى سبرة , رموه بالوضع كما فى " التقريب ".
وقد فاتت الهيثمى فى " المجمع " هذه الطريق , فلم يتكلم عليها البتة.
7 ـ وأما حديث ثعلبة فيرويه إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن صفوان بن سليم عنه به مرفوعا.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/70/1) : حدثنا محمد بن(3/412)
على الصائغ المكى , أخبرنا يعقوب بن حميد بن كاسب أخبرنا إسحاق بن إبراهيم به.
قلت: وهذا سند فيه ضعف , إسحاق بن إبراهيم هو ابن سعيد الصواف قال الحافظ فى " التقريب ": " لين الحديث ".
8 ـ وأما حديث أبى لبابة فيرويه واسع بن حبان عنه.
أخرجه أبو داود فى " المراسيل " كما فى " الدراية " وقال: " وهو منقطع بين واسع وأبى لبابة ".
قلت: فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر , وهى وإن كانت ضعيفة مفرداتها , فإن كثيرا منها لم يشتد ضعفها , فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى , وقال المناوى فى " فيض القدير ": " والحديث حسنه النووى فى " الأربعين ".
قال: ورواه مالك مرسلا , وله طرق يقوى بعضها بعضا.
وقال العلائى: للحديث شواهد , ينتهى مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به ".
قلت: وقد احتج به الإمام مالك , وجزم بنسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال (2/805) من " الموطأ ": " وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار".
وكذلك احتج به محمد بن الحسن الشيبانى فى مناظرة جرت بينه وبين الإمام الشافعى , وأقره الإمام عليه , أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/76) .
ثم إن للحديث شاهدا يرويه لؤلؤة عن أبى صرمة صاحب النبى صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من ضار أضر الله به , ومن شاق شق الله عليه "(3/413)
أخرجه أبو داود (3635) والترمذى (1/352) وابن ماجه (2342) والبيهقى (6/70) وأحمد (3/354) وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
كذا قال , ولؤلؤة ذكر الذهبى أنها تفرد عنها محمد بن يحيى بن حبان , فهى مجهولة لا تعرف , وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبولة " يعنى عند المتابعة. وترجمها المناوى فى " الفيض " على أنها رجل فقال: " فيه لؤلؤة , وهو لا يعرف إلا فيه , قال ابن القطان: وعندى أنه ضعيف. ثم أطال فى بيانه "! !
وليس فى الرجال من الرواة من اسمه لؤلؤة , وفى النساء أورده الذهبى والعسقلانى والخزرجى وغيرهم.
(897) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة جهد من مقل إلى فقير فى السر ". رواه أبو داود (ص 215) .
* لم أجده بهذا اللفظ. لا عند أبى داود ولا عند غيره من أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها.
والمصنف تبع صاحب " المغنى " فى إيراده بهذا اللفظ , إلا أن هذا لم يعزه لأبى داود ولا لسواه , وغالب الظن أنه سقط من " المغنى " أو ممن نقله عنه حرف (أو) قبل (إلى) , فإن الحديث بهذا المعنى له أصل من حديث أبى ذر , ومن حديث أبى أمامة.
أما حديث أبى ذر فيرويه المسعودى عن أبى عمرو الشامى عن عبيد بن الخشخاش عنه قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد , فجلست إليه , فقال: يا أبا ذر ... أصليت؟ قلت: لا؟ قال: قم فصل , فصليت , ثم جلست ... الحديث وفيه: قلت: فما الصدقة يا رسول الله قال: أضعاف مضاعفة , وعند الله مزيد.
قلت: فأيها أفضل؟ قال: جهد من مقل , إلى فقير فى السر ... " الحديث.(3/414)
أخرجه الطيالسى فى " مسنده " (رقم 478) وأحمد (5/178 و179) , قال الهيثمى (3/116) : " وفيه أبو عمرو الدمشقى وهو متروك ".
قلت: والمسعودى ضعيف لاختلاطه.
وأما حديث أبى أمامة , فيرويه معان بن رفاعة حدثنى على بن يزيد عن القاسم أبى عبد الرحمن عنه مثل حديث أبى ذر إلا أنه قدم وأخر فقال: " سر إلى فقير , وجهد من مقل ".
وقال الهيثمى: " وفيه على بن زيد , وفيه كلام ".
كذا قال (زيد) والصواب (يزيد) وهو على بن يزيد الألهانى , وذاك على ابن زيد بن جدعان , وكلاهما ضعيف. ومعان بن رفاعة لين الحديث كما فى " التقريب ". وقد جاء بعضه من حديث أبى هريرة بلفظ: " أى الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل , وابدأ بمن تعول ".
رواه أبو داود وغيره بسند صحيح كما تقدم تحت رقم (833) فلعل هذا هو سبب وهم المصنف فى عزو والحديث إلى أبى داود بزيادة [أو] إلى فقير فى السر ". وليست عنده.
(898) - (وروى أبو داود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يأتى (1) أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس؟ ! خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " (ص 215)
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1673) والدارمى أيضا
__________
(1) الأصل ((لا يأتي)) وهو خطأ، والتصحيح من ((أبي داود)) و ((المغني)) .(3/415)
(1/391) وابن خزيمة (247/1) والحاكم (1/413) والبيهقى (4/181) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب , فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها , فهى صدقة , ما أملك غيرها , فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن , فقال مثل ذلك , فأعرض عنه , ثم أتاه من قبل ركنة الأيسر , فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أتاه من خلفه , فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها , فلو
أصابته لأوجعته , أو لعقرته , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتى أحدكم ... " الحديث.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
قلت: وليس كذلك فإن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم مقرونا بآخر , ثم هو مدلس , وقد عنعنه فلا يحتج به.
(899) - (وقال صلى الله عليه وسلم لسعد: " إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس " متفق عليه (ص 215) .
* صحيح.
وهو من رواية عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبى وقاص , قال: " جاء النبى صلى الله عليه وسلم يعودنى وأنا بمكة , وهو يكره أن يموت بالأرض التى هاجر منها , قال: يرحم الله ابن عفراء. قلت: يا رسول الله أوصى بمالى كله؟ قال: لا , قلت: فالشطر , قال: لا , قلت: فالثلث؟ قال: الثلث , والثلث كثير , إنك أن تدع ... فى أيديهم , إنك مهما أنفقت من نفقة , فإنها صدقة , حتى اللقمة
ترفعها إلى فى امرأتك , وعسى الله أن يرفعك , فينتفع بك ناس , ويضر بك آخرون , ولم يكن له يومئذ إلا ابنه ".(3/416)
أخرجه البخارى والسياق له (2/185 , 3/485) ومسلم (5/71) والنسائى (2/126) وأحمد (1/172) من طريق سعد بن إبراهيم عن عامر به , وليس عند النسائى ما بعد قوله: " فى أيديهم ".
وتابعه الزهرى عن عامر بن سعد به نحوه.
أخرجه البخارى (1/326 و3/49 , 175 , 4/47 , 201 , 284 ـ 285) ومسلم , وأبو داود (2864) والترمذى (2/15) وابن ماجه (2708) ومالك (2/763/4) وابن الجارود (947) والطحاوى (2/419) والبيهقى (6/268) والطيالسى فى " مسنده " (195 و196) وأحمد (1/176 و179) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وتابعه بكير بن مسمار قال سمعت عامر بن سعد به دون قوله: " فى أيديهم ... ".
وزاد " أوصى بمالى كله فى سبيل الله " أخرجه النسائى (2/127) بسند صحيح.
وتابعه جرير بن زيد , عند أحمد (1/184) بسند صحيح أيضا دون الزيادة.
وله طريق أخرى عن سعد به نحوه بلفظ قال: أوص بالعشر , فما زلت أناقصه حتى قال: أوصى بالثلث والثلث كثير ".
أخرجه الترمذى (1/182) بسند ضعيف فيه عطاء بن السائب وكان اختلط وله شاهد من حديث عائشة مثل حديث بكير دون الزيادة.
أخرجه النسائى (2/127) بسند جيد.
(900) - (حديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة , ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل , والمنان , والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " (ص 215) .(3/417)
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/71) وأبو عوانة فى " صحيحه " (1/39 ـ 40) وأبو داود (4087 و4088) والنسائى (1/357 و2/212 ـ 213 و299) والترمذى (1/228) والدارمى (2/267) وابن ماجه (2208) والبيهقى (5/265) والطيالسى فى
مسنده (467) وأحمد (5/148 , 158 , 162 , 168 , 177) من طرق عن خرشنة [1] بن الحر عن أبى ذر مرفوعاً به.
وفى رواية لمسلم وأبى عوانة وأبى داود والنسائى: " المنان الذى لا يعطى شيئاً إلا منة [2] ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: خرشة}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: منه}(3/418)
كتاب الصيام
[الأحاديث 901 - 929]
(901) - (حديث ابن عمر: " بنى الإسلام على خمس " (ص 216) .
* صحيح.
وتقدم بتمامه مع تخريجه برقم (781) .
(902) - (وقرأ [1] صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته , وأفطروا لرؤيته " متفق عليه (ص 216) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة , وله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن زياد عنه به وزاد: " فإن غبى عليكم فأكلموا عدة شعبان ثلاثين ".
أخرجه البخارى (4/106 ـ فتح) ومسلم (3/124) والنسائى (1/301) والدارمى (2/3) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/209) والبيهقى (4/205 و206) والطيالسى فى " مسنده " (3481) وأحمد (2/415 , 430 , 454 , 456 , 469) من طرق عنه , واللفظ للبخارى وهو رواية لأحمد , وفى أخرى له وهو رواية الجماعة " فإن غم ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: قوله}(4/3)
" إذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما ".
أخرجه مسلم والنسائى وابن الجارود فى " المنتقى " (395) والدارقطنى فى سننه (229) والبيهقى وأحمد (2/263) وكذا الطيالسى (2306) من طرق عن الزهرى عنه وقال ابن الجارود والدارقطنى: " عنه وأبى سلمة أو أحدهما " وهو رواية لأحمد (2/281) .
الثالثة: عن الأعرج عنه به مثل رواية سعيد , إلا أنه قال: " فعدوا ثلاثين ".
أخرجه مسلم والنسائى , والبيهقى وأحمد (2/287) .
الرابعة: عن أبى سلمة عنه به.
أخرجه الترمذى (1/133) والدارقطنى وأحمد (2/259 , 438 , 497) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الخامسة: عن عطاء عنه.
أخرجه أحمد (2/422) من طريق الحجاج عن عطاء به.
قلت: ورجاله ثقات غير أن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه.
السادسة: عن سعد بن إبراهيم عنه.
أخرجه البيهقى (4/247) بسند صحيح.(4/4)
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس رضى الله عنه , وله عنه أنه بسبع [1] طرق:
الأولى: عن أبى البخترى قال: " أهللنا رمضان ونحن بذات عرق , فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس رضى الله عنهما يسأله , فقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أمده لرؤيته فإن أغمى عليكم فأكملوا العدة ".
أخرجه مسلم (3/127) والدارقطنى (230) وصححه , {و} البيهقى (4/206) والطيالسى فى مسنده " (2721) وأحمد (1/327 , 344 , 371) .
الثانية: عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين , إلا أن يكون شىء يصومه أحدكم , ولا تصوموا حتى تروه , ثم صوموا حتى تروه , فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين , ثم أفطروا , والشهر تسع وعشرون ".
أخرجه أبو داود (2327) والنسائى (1/302) والترمذى (1/133) والدارمى (1/2) وابن حبان (873) والحاكم (1/425) والطيالسى (2671) وأحمد (1/226) وأبو عبيدة فى " غريب الحديث " (من 59/1 ـ 2) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
الثالثة: عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: سبع}(4/5)
عجبت ممن يتقدم الشهر , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ".
أخرجه النسائى (1/301) والدارمى (2/3) وأحمد (1/221) وقال الدارمى: " محمد بن جبير " بدل " ابن حنين " (1) وهو الأرجح لأن الإمام أحمد قد أخرجه (1/367) من طريق ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن جبير يقول: كان ابن عباس ينكر أن يتقدم فى صيام رمضان إذا لم ير هلال شهر رمضان , ويقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم " إذا لم تروا الهلال فاستكملوا ثلاثين ليلة "
وتابعه زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار به. أخرجه الطحاوى (1/209) .
قلت: وهذا سند صحيح , فإن محمد بن جبير وهو ابن مطعم ثقة من رجال الشيخين وكذلك سائر الرواة , وأما محمد بن حنين فمجهول لا يعرف وقد صوب المزى فى " التهذيب " أنه ابن جبير , وأفاد الحافظ فى " تهذيبه " أن ابن حنين غير ابن جبير وذكر فى " التقريب " أنه مقبول. ورواية ابن جريج تؤيد ما صوبه المزى والله أعلم.
وقد خالف حماد بن سلمة فقال: عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا. فأسقط من بينهما ابن حنين أو ابن جبير , أخرجه النسائى , والصواب إثباته لاتفاق سفيان وابن جريج عليه وإن اختلفا فى اسم أبيه كما سبق.
__________
(1) ثم رجعت إلى نسخة مخطوطة من الدارمي فرأيت فيها "ابن حنين" كما عند النسائي وأحمد , وهي نسخة جيدة مقروءة محفوظة في المكتبة الظاهرية , وقد استخرجتها هذا العام (1384) من الدست.(4/6)
الرابعة: عن كريب عنه.
أخرجه البيهقى (4/247) .
وللحديث شاهد آخر من حديث أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا.. الحديث مثل حديث ابن حنين إلا أنه قال: " فعدوا ثلاثين يوما "
أخرجه أحمد (3/329) بسند صحيح وكذا البيهقى (4/206) والطبرانى فى " الأوسط , (1/98/1 ـ زوائد المعجمين "
وعن أبى بكرة الثقفى مرفوعا مثل حديث ابن حنين عن ابن عباس.
أخرجه الطيالسى فى مسنده (873) وعنه أحمد (5/42) والبيهقى , ورجاله موثقون.
وعن طلق بن على مرفوعا بلفظ: " إن الله عز وجل جعل هذه الأهلة مواقيت للناس , صوموا لرؤيته ... " الحديث.
أخرجه أحمد (4/23) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (1/22 ـ 23 طبع) ورجاله موثقون إلا أن محمد بن جابر وهو الحنفى كان قد ذهبت كتبه فساء حفظه , وخلط كثيرا وعمى فصار يلقن كما فى " التقريب ".
والحديث عزاه السيوطى فى " الجامع " للطبرانى وحده فقصر! ومن طريق الطبرانى أخرجه الديلمى (2/710) .
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة منهم ابن عمر , ويأتى حديثه فى الكتاب عقب هذا , ومنهم جماعة لم يسموا ويأتى حديثهم فى الكتاب برقم (910) .
ومنهم السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره , ثم(4/7)
يصوم لرؤية رمضان , فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ".
أخرجه أبو داود (2325) وابن حبان (869) والحاكم (1/423) والبيهقى (4/206) وأحمد (6/149) عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبى قيس عنها.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر فإن ابن صالح وابن أبى قيس لم يحتج بهما البخارى فهو على شرط مسلم وحده.
وعن حذيفة مرفوعا: " لا تقدموا الشهر , حتى تروا الهلال , أو تكملوا العدة , ثم صوموا حتى تروا الهلال , أو تكملوا العدة ".
أخرجه أبو داود والنسائى وابن حبان (875) وغيرهم.
قلت: وإسناده صحيح.
(903) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عمر: " فإن غم عليكم فاقدروا له " متفق عليه (ص 216) .
* صحيح.
وله طرق عن ابن عمر رضى الله عنهما:
الأولى: عن نافع عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: " لا تصوموا حتى تروا الهلال , ولا تفطروا حتى تروه , فإن غم ... " الحديث.
أخرجه البخارى (4/102 ـ 103) ومسلم (3/122) ومالك (1/286/1) وأبو داود (2320) والنسائى (1/301) والدارمى (2/3) والدارقطنى (229) والبيهقى (4/204) وأحمد (2/5 و13 و63) من طرق عن نافع به.
وزاد أبو داود والدارقطنى والبيهقى وأحمد من طريق أيوب عنه قال:(4/8)
" فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين , نظر له , فإن رئى فذاك وإن لم ير , ولم يحل دون منظره سحاب ولا قترة أصبح مفطراً , فإن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائما ".
زاد الأولان: " فكان ابن عمر يفطر مع الناس ".
زاد أبو داود: " ولا يأخذ عضدا [1] الحساب ".
وزاد البيهقى:" قال: وقال ابن عدن [2] : ذكرت فعل ابن عمر لمحمد بن سيرين , فلم يعجبه ".
قلت: وإسنادهم جميعا صحيح على شرط الشيخين.
وفى رواية لأحمد من طريق عبيد الله عن نافع قال: " وكان ابن عمر إذا كان ليلة تسع وعشرين , وكان فى السماء سحاب , أو قتر
أصبح صائما ".
وإسناده صحيح أيضا على شرطهما.
وزاد مسلم فى آخر الحديث المرفوع: " ثلاثين ".
وزاد البيهقى وهى رواية للحاكم (1/423) من طريق عبد العزيز بن أبى رواد عن نافع: ... إن الله تبارك وتعالى جعل الأهلة مواقيت , فإذا رأيتموه فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم , فاقدروا له , أتموه ثلاثين ".
الطريق الثانية: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به بلفظ: " الشهر تسع وعشرون ليلة , فلا تصوموا حتى تروه , فإن غم ... "
الحديث
أخرجه البخارى ومسلم (3/123) ومالك (1/286/2) إلا أن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بهذا}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: عون}(4/9)
البخارى قال: " فأكملوا العدة ثلاثين ".
الثالثة: عن سالم بن عبد الله عنه بلفظ: " إذا رأيتموه فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم ... " الحديث
أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه (1654) وأحمد (2/145) وزاد ابن ماجه " وكان ابن عمر يصوم قبل الهلال بيوم ".
قلت: وهذه زيادة منكرة من هذه الطريق تفرد بها محمد بن عثمان العثمانى وهو صدوق يخطىء كما فى التقريب " وإنما صمت [1] من طريق نافع كما تقدم.
(904) - (حديث: " كان ابن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائما " (ص 216) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود , والدارقطنى والبيهقى وأحمد من طريق نافع عنه فى حديثه المتقدم آنفا.
(تنبيه) : استدل المصنف بهذا الأثر على وجوب صوم ليلة الثلاثين احتياطا إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر. وقال: " وابن عمر هو راوى الحديث ـ يعنى المتقدم ـ وعمله به تفسير له ".
قلت: وبناء على ذلك فسر قوله فى الحديث المشار إليه: " فاقدروا له " بـ " ضيقوا له العدة وذلك بأن يحسب شعبان تسعة وعشرين يوما ".
قلت: بنا في [2] ذلك أمور:
الأول: أن فى حديث أبى هريرة المتقدم قبل حديث: " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " , وكذلك فى حديث جماعة آخرين من الصحابة سبق ذكرهم هناك.
الثانى: أن فعل ابن عمر هذا مخالف لفعله صلى الله عليه وسلم أيضا فقد تقدم من حديث عائشة رضى الله عنها: " ثم يصوم لرؤية رمضان , فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: صحت}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: ينافى}(4/10)
وأما ما رواه سعيد بن منصور عن عائشة أنها قالت: " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان " فلا يصح سنده , فيه رجل لم يسم , لكن قد جاء مسمى بـ "عبد الله بن أبى موسى " فى مسند أحمد (6/125 ـ 126) وسنده صحيح, فمن قال: العبرة برأى الراوى لا براويته لزم الأخذ به كالحنفية.
(905) - (قرأ [1] صلى الله عليه وسلم: " صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون " رواه أبو داود (ص 217) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2324) وكذا الدارقطنى (231 , 257 ـ 258) والبيهقى (4/251 ـ 252) من طريقين بل ثلاثة عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " فطركم يوم تفطرون , وأضحاكم يوم تضحون , وكل عرفة موقف , وكل منى
منحر , وكل فجاج مكة منحر , وكل جمع موقف ".
وكذا أخرجه أبو على الهروى فى " الأول من الثانى من الفوائد " (ق 20/1) من طريق روح بن القاسم ومعمر كلاهما عن محمد بن المنكدر به.
فهذه طرق أربعة عن ابن المنكدر.
فالسند صحيح لولا أنه مقطع , فإن ابن المنكدر لم يسمع مسند [2] أبى هريرة كما قال البزار وغيره , وقد جعله بعض الضعفاء من مسند عائشة رضى الله عنها , وبعضهم جعله من حديث محمد بن سيرين عن أبى هريرة , وكل ذلك وهم , وإليك البيان:
قال ابن ماجه (1660) : حدثنا محمد بن عمر المقرى حدثنا إسحاق بن عيسى , حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: قوله}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: من}(4/11)
" الفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون ".
وقال الشيخ أحمد رحمه الله فى تعليقه على " مختصر السنن " (3/213) :" وهذا إسناد صحيح جداً على شرط الشيخين ".
وأقول كلا , فإن محمد بن عمر هذا لم يرو له من السنة [1] سوى ابن ماجه , ثم هو لا يعرف كما فى " التقريب ".. ومع ذلك فقد خالف الثقات , فقد أخرجه الدارقطنى من طريق العباسى بن محمد بن هارون وعلى بن سهل قالا: أخبرنا إسحاق بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن المنكدر به.
أخرجه الدارقطنى , وكذلك رواه الثقات الآخرون عن محمد بن المنكدر كما سبقت الإشارة إليه.
فهذه الرواية منكرة الإسناد لمخالفة المجهول الثقات.
وقال يحيى بن اليمان: عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفطر يوم يفطر الناس , والأضحى يوم يضحى الناس " أخرجه الترمذى (1/153) والدارقطنى (258) وقال الأول: " سألت محمدا (يعنى الإمام البخارى) قلت: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ قال: نعم , يقول فى حديثه: سمعت عائشة ". قال الترمذى: " هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه ".
كذا قال. وهو عندى ضعيف من هذا الوجه لأمرين:
الأول: ضعف يحيى بن اليمان , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق عابد , يخطىء كثيرا , وقد تغير ".
والآخر: مخالفته للثقة , فقد رواه يزيد بن زريع عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة.
أخرجه أبو على الهروى فى " الفوائد " كما تقدم , وتابع معمرا على ذلك
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الستة}(4/12)
جماعة من الثقات كما سبق بيانه.
فالحديث من مسند أبى هريرة , وليس من مسند عائشة رضى الله عنها.
وله عنه طريق أخرى , يرويه إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثنى عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " الصوم يوم تصومون , والفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون "
أخرجه الترمذى (1/135) وقال: " هذا حديث حسن غريب ".
قلت: وإسناده حسن , رجاله كلهم ثقات معروفون , وفى عثمان بن محمد وهو ابن المغيرة بن الأخنس كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن , وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
وعبد الله بن جعفر هو ابن عبد الرحمن المسور المخرمى المدنى وهو ثقة , روى له مسلم.
وإسحاق بن جعفر بن محمد هو الهاشمى الجعفرى , وهو صدوق كما فى " التقريب ".
وقد تابعه أبو سعيد مولى بنى هاشم وهو ثقة من رجال البخارى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمى به , دون الجملة الوسطى " والفطر يوم تفطرون ".
أخرجه البيهقى (4/252)
وخالفهما الواقدى , فقال: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهرى عن عثمان بن محمد عن المقبرى عن أبى هريرة به.
أخرجه الدارقطنى (231) , والواقدى متروك فلا يعتد بمخالفته.
ثم أخرجه من طريقه أيضا: حدثنا داود بن خالد وثابت بن قيس ومحمد بن مسلم جميعا عن المقبرى به بلفظ: " صومكم يوم تصومون , وفطركم يوم تفطرون ".(4/13)
وقال: " الواقدى ضعيف ".
وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح إن شاء الله تعالى.
(تنبيه) : تبين من هذا التخريج أن أبا داود رحمه الله ليس عنده قوله فى حديث الكتاب: " صومكم يوم تصومون " فعزوه إليه من المؤلف لا يخفى ما فيه , فكان الواجب عزوه للترمذى لا سيما وإسناده حسن بخلاف سند أبى داود!.
(906) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " (ص 217) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/499) ومسلم (2/177) ومالك (1/113/2) وأبو داود (1371) والنسائى (1/308) والترمذى (1/154) والدارمى (2/26) وابن ماجه (1326) وأحمد (2/281 , 289 , 408 , 423) والفريابى فى " كتاب الصيام " (من 73/1) وعبد الغنى المقدسى فى " فضائل رمضان " (54/2) من طرق عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا به.
وعند مسلم وأبى داود والترمذى وغيرهم زيادة فى أوله بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب فى قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بفرعيه [1] , فيقول ... " فذكره.
وفى آخره زيادة أيضا عندهم بلفظ: " فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك , ثم كان الأمر على ذلك فى خلافة أبى بكر , وصدرا من خلافة عمر على ذلك ".
وفى رواية الفريابى التصريح بأن هذه الزيادة من قول الزهرى , وقد ثبت ذلك عند البخارى (1/499) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعا به. قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الخ.
وأخرج المرفوع منه مسلم والنسائى وأحمد (2/486 , 503) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بعزيمة}(4/14)
(907) - (لحديث ابن عباس قال: " جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال: نعم , قال: يا بلال: أذن فى الناس فليصوموا غدا " رواه أبو داود والترمذى والنسائى.
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (2340) والنسائى (1/300) والترمذى (1/134) والدارمى (2/5) وابن ماجه (1652) وابن الجارود فى " المنتقى " (379 , 380) وابن حبان (870) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/201 ـ 202) والدارقطنى (227 ـ 228) والحاكم (1/424) والبيهقى (4/211 , 212) من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم: " هذا الحديث صحيح , احتج البخارى بأحاديث عكرمة , واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب ".
قلت: ووافقه الذهبى , وفيه نظر , فإن سماكا مضطرب الحديث , وقد اختلفوا عليه فى هذا فتارة رواه موصولا , وتارة مرسلا , وهو الذى رجحه جماعة من مخرجيه , فقال الترمذى: " حديث ابن عباس فيه اختلاف , وروى سفيان الثورى وغيره عن سماك عن عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: وقد رواه الفضل بن موسى عن سفيان به موصولا بذكر ابن عباس.
أخرجه النسائى والدارقطنى والحاكم , لكن خالفه جماعة منهم عبد الله بن المبارك فرووه عن سفيان مرسلا كما ذكر الترمذى , وقال النسائى فيما نقله الزيلعى (2/443) : " وهذا أولى بالصبواب , لأن سماكا كان يلقن فيتلقن , وابن المبارك أثبت(4/15)
فى سفيان من الفضل ". ونحوه فى " مختصر السنن " للمنذرى (3/228) .
ولم أجد قول النسائى هذا فى " سننه الصغرى " المطبوعة , " فلعله فى " السنن الكبرى " له.
(908) - (وعن ابن عمر قال: " تراءى الناس الهلال فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم أنى رأيته فصام وأمر الناس بصيامه " رواه أبو داود.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2342) والدارمى (2/4) وابن حبان (871) والدارقطنى (227) والبيهقى (4/212) من طريق مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب عن يحيى ابن عبد الله بن سالم عن أبى بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر.
وقال الدارقطنى: " تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة ".
قلت: لم يتفرد به , فقد تابعه هارون بن سعيد الأيلى حدثنا عبد الله ابن وهب. أخرجه الحاكم (1/423) وعنه البيهقى.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا , وقال ابن حزم (6/236) : " وهذا خبر صحيح ".
وأقره الحافظ فى " التلخيص " (2/187) .
(909) - (لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه: " فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا " رواه أحمد والنسائى (ص 218) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (4/321) والنسائى (1/300 ـ 301) وكذا الدارقطنى (ص 232) من طرق عن حسين بن الحارث الجدلى عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس فى اليوم الذى يشك فيه فقال: إلا إنى جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم , وإنهم حدثونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صوموا لرؤيته , وأفطروا لرؤيته , وانسكوا لها , فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين , فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا ".
والسياق للنسائى(4/16)
وزاد أحمد: " مسلمان ". وقال الدارقطنى: " ذوا عدل ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات كلهم وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ولد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم , وزوجه عمر ابنته فاطمة.
(910) - (يقول عليه السلام: " صوموا لرؤيته " (ص 218) .
* صحيح.
وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه وطرقه برقم (902) .
(911) - (حديث: " رفع القلم عن ثلاثة " (ص 216) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى أول " كتاب الصلاة " برقم (297) .
(912) - (يقول ابن عباس فى قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية) : " ليست بمنسوخة هى للكبير الذى لا يستطيع الصوم " رواه البخارى.
* صحيح.
رواه البخارى فى " التفسير " من " صحيحه " (8/135 ـ فتح) والدارقطنى (250) من طريق زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء سمع ابن عباس يقول: " (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) , قال ابن عباس: ليست بمنسوخة , هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما , فليطعما مكان كل يوم مسكينا ".
ورواه النسائى (1/318 ـ 319) من طريق ورقاء عن عمرو بن دينار به نحوه ولفظه: " (يطيقونه) يكلفونه , (فدية طعام مسكين , فمن تطوع خيرا) طعام مسكين آخر , ليست بمنسوخة (فهو خير له , وأن تصوموا خير لكم) لا يرخص فى هذا إلا للذى لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى ".
قلت: وإسناده صحيح. ورواه الدارقطنى (249) وقال: " إسناده(4/17)
صحيح ثابت ".
وأخرجه ابن جرير فى تفسيره (3/431/2778) عن ابن أبى نجيح عن عمرو بن دينار به مثل رواية ورقاء مع بعض اختصار.
قلت: وإسناده صحيح أيضا. ثم رواه بسند مثله عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقول: " ليست بمنسوخة ".
ثم أخرج هو (2752 , 2753) وابن الجارود فى " المنتقى " (381) والبيهقى (4/230) من طرق عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " رخص للشيخ الكبير , والعجوز الكبيرة فى ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا , ويطعما كل يوم مسكينا , ولا قضاء عليهما , ثم نسخ ذلك فى هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) , وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا , وأطعمتا كل يوم مسكينا ".
ورواه أبو داود (2318) من طريق ابن أبى عدى عن سعيد به إلا أنه اختصره اختصارا مخلا , ولفظه: " (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال: كانت رخصته [1] للشيخ الكبير , والمرأة الكبيرة , وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا , والحبلى والمرضع إذا خافتا ـ قال أبو داود: يعنى على أولادهما ـ أفطرتا وأطعمتا ".
ووجه الإخلال أنه اختصر جملة " وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم " فصارت الرواية تعطى الترخيص للشيخ والمرأة بالإفطار وهما يطيقان الصوم , والواقع أن هذا منسوخ بدليل رواية الجماعة عن ابن عروبة [2] وما قبلها من الروايات!
وإسناد هذه الرواية صحيح على شرط الشيخين , وأما رواية أبى داود فهى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: رخصة}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن أبى عروبة}(4/18)
شاذة , وقد وقع فيها " عروة " بدل " عزرة " وهو تصحيف بدليل رواية الجماعة , وأيضا فقد رواه البيهقى من طريق أبى داود فقال: " عزرة " على الصواب وقد تصحف هذا الاسم أيضا فى تفسير الطبرى من الطبعة الأولى كما نبه عليه محققه الأستاذ الفاضل محمود ومحمد شاكر فى تعليقه عليه طبعة دار المعارف بمصر , ثم تصحف أيضا فى أحد الموضعين المشار إليهما من هذه الطبعة (2753) !
ومن روايات الحديث ما عند الطبرى (2758) من طريق عبدة وهو ابن سليمان الكلابى عن سعيد بن أبى عروبة بسنده المتقدم عن ابن عباس قال: " إذا خافت الحامل على نفسها , والمرضع على ولدها فى رمضان قال: يفطران , ويطعمان مكان كل يوم مسكينا , ولا يقضيان صوما ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفى رواية له بالسند المذكور عن ابن عباس: " أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا فقال: أنت بمنزلة الذى لا يطيق , عليك أن تطعمى مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليك ".
زاد فى رواية أخرى (2761) عن سعيد به: " أن هذا إذا خافت على نفسها ".
ورواه الدارقطنى (250) من طريق روح عن سعيد به بلفظ: " أنت من الذين لا يطيقون الصيام , عليك الجزاء , وليس عليك القضاء ".
وقال الدارقطنى: " إسناده صحيح ".
ثم روى من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وابن عمر قال:(4/19)
" الحامل والمرضع تفطر ولا تقضى ". وقال: " وهذا صحيح ".
قلت: ورواه ابن جرير (2760) من طريق على بن ثابت عن نافع عن ابن عمر مثل قول ابن عباس فى الحامل والمرضع.
قلت: وسنده صحيح ولم يسق لفظه , وقد رواه الدارقطنى من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر: " أن امرأته سألته وهى حبلى , فقال: أفطرى وأطعمى عن كل يوم مسكينا ولا تقضى ".
وإسناده جيد , ومن طريق عبيد الله عن نافع قال: " كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش , وكانت حاملا , فأصابها عطش فى رمضان , فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا ". وإسناده صحيح.
ومنها ما عند الدارقطنى وصححه من طريق منصور عن مجاهد عن ابن عباس قرأ: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) يقول:
" هو الشيخ الكبير الذى لا يستطيع الصيام فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من حنطة ".
وأخرجه (249) من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: " إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مداً مداً ". وقال: " إسناده صحيح ".
ومن شواهد الحديث: عن معاذ بن جبل قال: " أما أحوال الصيام , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة , فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام , وصيام يوم عاشوراء , ثم إن الله فرض عليه الصيام , فأنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من(4/20)
قبلكم) إلى هذه الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسطين) فكان من شاء صام , ومن شاء أطعم مسكينا فأجزى ذلك عنه , ثم إن الله أنزل الآية الأخرى: (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس) إلى قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) , فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح , ورخص فيه للمريض وللمسافر , وثبت الإطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام , فهذان حولان ... " الحديث.
أخرجه أبو داود (507) وابن جرير (2733) والحاكم (2/774) والسياق له والبيهقى (4/200) وأحمد (5/246 ـ 247) من طريق المسعودى: حدثنى عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبل.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " وافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر , فإن المسعودى كان اختلط , ثم إنه منقطع , وبه أعله البيهقى فقال عقبه: " هذا مرسل , عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل ".
وبذلك أعله الدارقطنى والمنذرى , وقد ذكرت كلامهما فى " صحيح أبى داود " (رقم 524) .
لكن قد جاء بعضه من طريق غير المسعودى فراجع المصدر المذكور.
ومنها: عن قتادة: " أن أنسا ضعف قبل موته فأفطر , وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكينا ". أخرجه الدارقطنى بسند صحيح.
وأخرج من طريق أخرى عن أنس نحوه ولفظه: " عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة ثريد ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم "(4/21)
وسنده صحيح أيضا , وعلق البخارى بنحوه.
وعن مالك عن نافع: " أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة ".
أخرجه الشافعى (1/266) ومن طريقه البيهقى (4/230) وهو فى " الموطأ " (1/308/52) بلاغا أن عبد الله بن عمر سئل ...
وعن أبى هريرة قال: " من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان , فعليه لكل يوم مد من قمح ".
أخرجه الدارقطنى وفيه عبد الله بن صالح وفيه ضعف.
(تنبيه) : استدل المؤلف رحمه الله تعالى بحديث ابن عباس هذا على أن العاجر عن الصيام لكبر أو مرض مزمن يطعم عن كل يوم مسكينا , وهذا صحيح يشهد له حديث ابن عمر وأبى هريرة. غير أن فى قول ابن عباس فى هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه ... ) ليست منسوخة , وأن المراد بها الشيخ الكبير , والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام , إشكالا كبيرا , ذلك لأن معنى (يطيقونه) أى يستطيعون بمشقة , فكيف تفسر حينئذ بأن المراد بها من لا يستطيع الصيام , لا سيما وابن عباس نفسه يذكر فى رواية عزرة أن الآية نزلت فى الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان أى يستطيعان الصوم ثم نسخت , فكيف تفسر الآية بتفسيرين متناقضين
(يستطيعون) و (لا يستطيعون) ؟ ! وأيضا فقد جاء عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال ": " لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من أراد أن يفطر , ويفتدى [فعل] حتى نزلت الآية التى بعدها فنسختها ".
أخرجه الستة إلا ابن ماجه. وفى رواية عنه قال:(4/22)
" كنا فى رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , من شاء صام ومن شاء
أفطر فافتدى بطعام مسكين , حتى نزلت هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) " أخرجه مسلم.
ويشهد له حديث معاذ المتقدم.
فهذا يبين لنا أن فى حديث ابن عباس إشكالا آخر , وهو أنه يقول: أن الرخصة التى كانت فى أول الأمر , إنما كانت للشيخ أو الشيخة وهما يطيقان الصيام , وحديث سلمة ومعاذ يدلان على أن الرخصة كانت عامة لكل مكلف شيخا أو غيره , وهذا هو الصواب قطعا لأن الآية عامة , فلعل ذكر ابن عباس للشيخ والشيخة لم يكن منه على سبيل الحصر , بل التمثيل , وحينئذ فلا إختلاف بين حديثه والحديثين المذكورين.
ويبقى الخلاف فى الإشكال الأول قائما لأن الحديثين المشار إليهما صريحان فى نسخ الآية. وابن عباس يقول ليست بمنسوخة ويحملها على الذين لا يستطيعون الصيام كما سبق بيانه!
فلعل مراد ابن عباس رضى الله عنه أن حكم الفدية الذى كان خاصا بمن يطيق الصوم ويستطيعه ثم نسخ بدلالة القرآن , كان هذا الحكم مقررا أيضا فى حق من لا يطيق الصوم ولا يستطيعه , غير أن الأول ثبت بالقرآن , وبه نسخ , وأما الآخر فإنما ثبتت مشروعيته بالسنة لا بالقرآن , ثم لم ينسخ , بل استمرت مشروعيته إلى يوم القيامة , فأراد ابن عباس رضى الله عنه أن يخبر عن الفرق بين الحكمين: بأن الأول نسخ , والآخر لم ينسخ , ولم يرد أن هذا يثبت بالقرآن بآية (وعلى الذين يطيقونه) , وبذلك يزول الإشكال إن شاء الله تعالى.
ويؤيد ما ذكرته أن ابن عباس ـ فى رواية عزرة ـ بعد أن ذكر نسخ الآية المذكورة قال: " وثبت للشيخ الكبير , والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا , وأطعمتا كل يوم مسكينا ".(4/23)
ففى قوله: " ثبت " إشعار بأن هذا الحكم فى حق من لا يطيق الصوم كان مشروعاً , كما كان مشروعا فى حق من يطيق الصوم , فنسخ هذا , واستمر الآخر , وكل من شرعيته , واستمراره إنما عرفه ابن عباس من السنة , وليس من القرآن.
ويزيده تأييدا , أن ابن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع إذا خافتا ومن الظاهر جدا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة فى عدم الاستطاعة , بل إنهما مستطيعتان ولذلك قال لأم ولد له أو مرضع: " أنت بمنزلة الذى لا يطيق " كما سبق.
فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بآن الآية (وعلى الذين يطيقونه) منسوخة , ذلك من السنة بلا ريب.
ويشهد لما سبق ذكره حديث معاذ , فإنه بعد أن أفاد نسخ الآية المذكورة بقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال: " فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح , ورخص فيه للمريض والمسافر , وثبت الإطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام ".
فقد أشار بقوله " وثبت الإطعام " إلى مثل ما أشار إليه حديث ابن عباس. وبذلك يلتقى الحديثان حديث معاذ وسلمة مع حديث ابن عباس , ويتبين أن فى حديثه ما يوافق الحديثين , وفيه ما يوافق حديث معاذ ويزيد على حديث سلمة وهو ثبوت الإطعام على العاجز عن الصيام , فاتفقت الأحاديث ولم تختلف والحمد لله على توفيقه.
وإذا عرفت هذا فهو خير مما ذكره الحافظ فى " الفتح " (4/164) : " أن ابن عباس ذهب إلى أن الآية المذكورة محكمة , لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير " لما عرفت أن ابن عباس صرح بأن الآية منسوخة , لكن حكمها منسحب إلى العاجز عن الصيام بدليل السنة لا الكتاب لما سبق بيانه , وقد توهم كثيرون(4/24)
أن ابن عباس يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الآية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر فى " الفتح " فقال (8/136) تعليقا على رواية البخارى عن ابن عمر أنه قرأ (فدية طعام مسكين) , قال: " هو صريح فى دعوى النسخ , ورجحه ابن المنذر من جهة قوله: (وأن تصوموا خير لكم) قال: لأنها لو كانت فى الشيخ الكبير الذى لا يطيق الصيام , لم يناسب أن
يقال له (وأن تصوموا خير لكم) مع أنه لا يطيق الصيام ".
قلت: وهذه حجة قاطعة فيما ذكر , وهو يشير بذلك إلى الرد على ابن عباس , ومثله لا يخفى عليه مثلها , ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن ابن عباس عند البخارى الصريحة فى نفى النسخ , ولم يتأملوا فى الرواية الأخرى الصريحة فى النسخ , ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما , وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله , وخلاصته: أن يحمل النفى على نفى نسخ الحكم لا الآية , والحكم مأخوذ من السنة , ويحمل النسخ عليها , وبذلك يتبين أن ابن عباس رضى الله عنه ليس مخالفا للجمهور.
وهذا الجمع مما لم أقف عليه فى كتاب , فإن كان صوابا , فمن الله , وإن كان خطأ فمن نفسى , وأستغفر الله من كل ما لا يرضيه.
(913) - (والحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا ". رواه أبو داود (ص 218) .
* صحيح.
وتقدم بتمامه مع تخريجه فى تخريج الذى قبله.
(914) - (لحديث حفصة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " رواه أبو داود (ص 219) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2454) عن [1] ابن خزيمة (1933) والدارقطنى أيضا (ص 234) والطحاوى (1/325) والبيهقى (4/202) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (3/92) من طرق عن عبد الله بن وهب:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: و}(4/25)
حدثنى ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ".
هذا هو لفظ أبى داود وسائر من ذكرنا إلا أن الطحاوى قال: " يبيت " بدل " يجمع ". والباقى مثله سواء.
وأخرجه الإمام أحمد (2/287) من طريق حسن بن موسى قال: حدثنا ابن لهيعة حدثنا عبد الله بن أبى بكر به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة , لكنه فى رواية الجماعة مقرون بيحيى بن أيوب.
ثم هو صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة الثلاثة عبد الله بن المبارك , وعبد الله بن يزيد المقرى , وعبد الله بن وهب , وهذا من روايته عنه عند الجماعة كما رأيت , فهى متابعة قوية ليحيى.
وقد أخرجه النسائى (1/320) والترمذى (1/141) والبيهقى من طرق أخرى عن يحيى وحده.
وقال الترمذى: " لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه , وقد روى عن نافع ابن عمر قوله وهو أصح , وهكذا أيضا روى هذا الحديث عن الزهرى موقوفا , ولا نعلم أحداً رفعه إلا يحيى بن أيوب ".
قلت: وفى قوله الأخير نظر , فقد رفعه ابن لهيعة أيضا كما سبق , ورفعه آخرون فقال أبو داود: " رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضا جميعا عن عبد الله بن أبى بكر مثله , ووقف [1] على حفصة معمر والزبيدى وابن عيينة ويونس الأيلى كلهم عن الزهرى ".
وأقول: أما رواية الليث , فليست عن عبد الله بن أبى بكر مباشرة , بل بواسطة يحيى بن أيوب فروايته إنما هى متابعة لابن وهب لا ليحيى كما أوهم أبو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ووقفه}(4/26)
داود.
كذلك أخرجه النسائى والدارمى (2/6 ـ 7) والطحاوى عن الليث عن يحيى به. إلا أن الدارمى لم يذكر فى إسناده ابن شهاب , وهو رواية للنسائى.
وأما رواية إسحاق بن حازم فهى عن عبد الله بن أبى بكر عن سالم لم يذكر فيه أيضا الزهرى.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/155/2) وعنه ابن ماجه (1700) والدارقطنى والخطابى فى " غريب الحديث " (ق 39/1) بلفظ: " لا صيام لمن لم يفرضه من الليل ".
قلت: وهذا سند صحيح أيضا , فإن إسحاق بن حازم ثقة اتفاقا , وروايته تدل على أن لرواية الليث عن يحيى بإسقاط ابن شهاب أصلا , كما أن اثباته صحيح عنه.
وتوجيه ذلك أن عبد الله بن أبى بكر كان قد أدرك سالما وروى كما قال ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/225) عن أبيه , فإذا قد صحت الرواية عنه بالوجهين فمعنى ذلك أن عبد الله بن أبى بكر رواه أولا عن ابن شهاب عن سالم , ثم رواه عن سالم مباشرة , فكان يحدث تارة بهذا , وتارة بهذا وكل صحيح. ولا يستكثر هذا على عبد الله بن أبى بكر , فقد كان من الثقات الأثبات , وقال الدارقطنى عقب
هذا الحديث: " رفعه عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى , وهو من الثقات الرفعاء "
وقال البيهقى: " وهذا حديث قد اختلف على الزهرى فى إسناده , وفى رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وعبد الله بن أبى بكر أقام إسناده ورفعه , وهو من الثقات الأثبات ".
قلت: ثم إنه لم يتفرد بذلك بل تابعه ابن جريج عن ابن شهاب به , ولفظه: مثل لفظ الكتاب تماما.
أخرجه النسائى (1/320) ومن طريق [1] ابن حزم فى " المحلى " (6/162) والبيهقى (4/202) من طرق عن عبد الرزاق أنبأ ابن جريج به.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: طريقه}(4/27)
وقال ابن حزم: " وهذا إسناد صحيح , ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمر ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة , فابن جريج لا يتأخر عن أحد من هؤلاء فى الثقة والحفظ , والزهرى واسع الرواية , فمرة يرويه عن سالم عن أبيه , ومرة عن حمزة عن أبيه وكلاهما ثقة , وابن عمر كذلك: مرة رواه مسندا , ومرة روى أن حفصة أفتت به , ومرة أفتى هو به , وكل هذا قوة للخبر ".قلت: وهذا توجيه قوى للاختلاف الذى أعل بعضهم هذا الحديث به , وابن جريج هو كما قال ابن حزم فى الثقة والضبط , غير أنه موصوف بالتدليس كما صرح بذلك الدارقطنى وغيره , والظاهر أن ابن حزم لا علم عنده بذلك وإلا لم يحتج بابن جريج أصلا , فإن من مذهبه أن المدلس لا يحتج بحديثه , ولو صرح بالتحديث , خلافا لجمهور العلماء الذين يقبلون حديثه إذا صرح بسماعه , لكن ابن
جريج لم يذكر سماعه فى هذا الحديث , فإن كان تلقاه عن الزهرى مباشرة فهو متابع قوى لعبد الله بن أبى بكر , وإلا فالعمدة فيه على الثانى منهما.
وقد وجدت له طريقا أخرى عن ابن شهاب بإسناد آخر له عن ابن عمر به.
رواه رشدين عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم مرفوعا بلفظ: " لا صيام لمن لا يوجب الصيام من الليل ".
أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ص 273/1) .
وهذا سند ضعيف , رشدين هو ابن سعد المصرى وهو ضعيف , رجح عليه أبو حاتم ابن لهيعة , وقال ابن يونس: " كان صالحا فى دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط فى الحديث " كما فى " التقريب ".
قلت: وهذا من تخاليطه , فقد رواه يونس ومعمر وسفيان عن ابن شهاب به موقوفا على حفصة.(4/28)
أخرجه عنهم النسائى (1/320 , 320 ـ 321) والطحاوى عن سفيان فقط.
وكذلك رواه نافع عن عبد الله بن عمر موقوفاً عليه كما سبقت الإشارة إليه فى كلام بن حزم ولفظه: " كان يقول: لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل السفر [1] ".
أخرجه مالك (1/288/5) وعنه النسائى (1/321) وأخرجه هو والطحاوى (1/326) من طريقين آخرين عن نافع به.
وله شاهد مرفوع من حديث عائشة بلفظ الكتاب غير أنه قال: " قبل طلوع الفجر " بدل " من الليل ".
أخرجه الدراقطنى (234) ومن {؟} البيهقى (4/203) عن عبد الله بن عباد حدثنا المفضل بن فضالة حدثنى يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عنها وقال الدارقطنى وأقره البيهقى: " تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذ الإسناد , وكلهم ثقات ".
قلت: وهذا وإن كان ليس صريحا فى دخول عبد الله بن عباد فى التوثيق فلا شك أنه ظاهر فى ذلك , ولذلك فقد تعقبوه , فقال ابن التركمانى فى " الجوهر النقى ": " قلت: كيف يكون كذلك وفى " كتاب الضعفاء " للذهبى: عبد الله بن عباد البصرى ثم المصرى , عن المفضل بن فضالة , واهٍ.
وقال ابن حبان: روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة (1) ".
وقال الزيعلى فى " نصب الراية " (2/434 ـ 435) بعد أن ذكر التوثيق:
__________
(1) قول ابن حبان , هذا ليس فى " الضعفاء " هو من نقل التركمانى عن ابن حبان.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الفجر}(4/29)
" وفى ذلك نظر , فإن عبد الله بن عباد غير مشهور , ويحيى بن أيوب ليس بالقوى , وقال ابن حبان: عبد الله بن عباد البصرى يقلب الأخبار , روى عن المفضل بن فضالة عن يحيى بن أيوب (قلت: فساقه بسنده ولفظه) وهذا مقلوب إنما هو عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى عن سالم عن أبيه عن حفصة , روى عنه روح بن الفرج نسخة موضوعة. انتهى ".
قلت: وقد روى عن عائشة موقوفا عليها , فقال مالك فى " الموطأ " (1/288/5) : عن ابن شهاب عن عائشة وحفصة زوجى النبى صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.
يعنى مثل رواية مالك عن نافع عن ابن عمر المتقدمة.
ورواه النسائى والطحاوى من طريق مالك عن ابن شهاب به.
قلت: وهذا منقطع بين ابن شهاب وعائشة.
وجملة القول: أن هذا الحديث ليس له إسناد صحيح يمكن الإعتماد عليه سوى إسناد عبد الله بن أبى بكر , وهذا قد عرض له من مخالفته الثقات , وفقدان المتابع المحتج به ما يجعل النفس تكاد تميل إلى قول من ضعف الحديث , واعتبار رفعه شذوذا , لولا أن القلب يشهد أن جزم هذين الصحابيين الجليلين حفصة وعبد الله ابنى عمر وقد يكون معهما عائشة رضى الله عنهم جميعا بمعنى الحديث وافتائهم بدون توقيف من النبى صلى الله عليه وسلم إياهم عليه , إن القلب ليشهد أن ذلك يبعد جدا صدوره منهم , ولذلك فإنى أعتبر فتواهم به تقويه لرفع من رفعه كما سبق عن ابن حزم , وذلك من فوائده , والله أعلم.
(915) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير فى الأفق " حديث حسن (ص 220) .
* صحيح.
رواه مسلم (3/130) وأبو داود (2346) والترمذى (1/136) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/154/1) وابن خزيمة فى " صحيحه " (1929) والطحاوى (1/83) والدارقطنى (231 ـ 232)(4/30)
والبيهقى (4/215) والطيالسى فى " مسنده " (رقم 879 , 798) وأحمد (5/13 ـ 14) من طرق عن سوادة بن حنظلة القشيرى عن سمرة بن جندب مرفوعا به. واللفظ لأحمد والترمذى وقال:
" حديث حسن ".
قلت: وإنما لم يصححه لأنه عنده من رواية أبى هلال وهو محمد بن سليم الراسبى وهو صدوق فيه لين , ولكنه لم يتفرد به , بل تابعه شعبة وعبد الله بن سوادة عند الآخرين ولفظ الثانى منهما قريب من هذا هو: " لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال , ولا بياض الأفق المستطيل ـ هكذا حتى يستطير هكذا , وحكاه حماد بيديه , وقال: يفي [1] معترضا "
وهو من ألفاظ مسلم والدارقطنى وقال: " إسناده صحيح ".
وفى الباب عن ابن سعود [2] عند الشيخين وعن عائشة عندهما وطلق بن على عند أبى داود والترمذى وقال: " حديث حسن غريب " ومن غيرهم.
(916) - (وعن عمر مرفوعا: " إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس أفطر الصائم " متفق عليه (ص 220) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/171 ـ فتح) ومسلم (3/132) وأبو داود (2351) والترمذى (1/135) والدارمى (2/7) وابن أبى شيبة (2/148) والفريابى (60/1) وابن الجارود فى " المنتقى " (393) والبيهقى (4/216) وأحمد (1/28 و35و 48) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه مرفوعا , والسياق للبخارى إلا أنه قال: " فقد أفطر الصائم ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرج الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن أبى أوفى قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: يعنى}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن مسعود}(4/31)
" كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر وهو صائم , فلما غابت الشمس قال لبعض القوم: يا فلان قم فاجدح لنا (1) , فقال: يا رسول الله لو أمسيت , قال: انزل فاجدح لنا , قال يا رسول الله فلو أمسيت , قال: انزل فاجدح لنا , قال: إن عليك نهارا , قال: انزل فاجدح لنا , فنزل فجدح لهم , فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم ". زاد فى رواية: " وأشار بأصبعه قبل المشرق ".
(917) - (حديث أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتى بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر " رواه أحمد (ص 220) .
* منكر بهذا التمام.
أخرجه أحمد (5/146 و172) من طريق ابن لهيعة عن سالم بن غيلان عن سليمان بن أبى عثمان عن عدى بن حاتم الحمصى عن أبى ذر به.
قلت: وهذا سند ضعيف , ابن لهيعة ضعيف , وليس الحديث من رواية أحد العبادلة عنه.
وسليمان بن أبى عثمان مجهول , وبه أعله الهيثمى , فقال فى " مجمع الزوائد " (3/154) : " وفيه سليمان بن أبى عثمان قال أبو حاتم: مجهول ". وسكوته عن ابن لهيعة ليس بجيد.
وإنما قلت إن الحديث منكر , لأنه قد جاءت أحاديث كثيرة بمعناه لم يرد فيها " تأخير السحور " أصحها حديث سهل بن سعد مرفوعاً بلفظ: " لا تزال أمتى بخير ما عجلوا الإفطار ".
أخرجه بهذا اللفظ أبو نعيم فى " الحلية " (7/136) بسند صحيح , وكذا أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/148/2) إلا أنه قال:
__________
(1) الجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له " المجدح " مجنح الرأس. اهـ.(4/32)
" هذه الأمة ".
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند الشيخين والترمذى والدارمى والفريابى (59/1) وابن ماجه والبيهقى وأحمد (5/331 و334 و336 و337 و339) بلفظ: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ".
وأورده ابن القيم رحمه الله فى " زاد المعاد " بلفظ أبى نعيم المتقدم , وبلفظ: " لا تزال أمتى على الفطرة ... ".
ولم أره بهذا اللفظ فى التعجيل بالفطر , وإنما جاء فى صلاة المغرب بلفظ: " لا تزال أمتى على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم ".
أخرجه أبو داود والحاكم وأحمد بسند جيد , فلعل ابن القيم اشبته عليه بهذا.
(918) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإنه شاتمه أحد أو قاتله فليقل أنى امرؤ صائم " متفق عليه (ص 220) .
* صحيح.
وقد جاء من طرق عن أبى هريرة رضى الله عنه:
الأولى , عن ابن جريج أخبرنى عطاء عن أبى صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل عمل ابن آدم (1) له , إلا الصيام , فإنه لى وأنا أجزى به , والصيام جنة , وإذا كان يوم صوم ... الخ , والذى نفس محمد بيده لخلوف فم
__________
(1) أشكل على بعض أهل العلم , وتفسيره في حديث أبي صالح عن أبي مرفوعا: " كل عمل ابن آدم الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف , قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي..... " وفي حديث عنه بلفظ: " كل حسنة يعملها ابن آدم فله عشر أمثالها إلا الصيام " رواه النسائي بسند صحيح.(4/33)
الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك , وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره , وإذا لقى ربه عز وجل فرح بصيامه ".
أخرجه البخارى (4/101) ومسلم (3/157 ـ 158) والنسائى (1/310) وابن خزيمة (1896) وأحمد (2/273) والسياق له والبيهقى (4/270) .
الثانية: عن أبى الزناد عن الأعرج عنه مرفوعا مختصرا بلفظ: " الصيام جنة , فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث , ولا يجهل , فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل , إنى صائم , إنى صائم ".
أخرجه مالك (1/310/57) ومن طريقه البخارى (4/87) وأبو داود (رقم 2363) والبيهقى وأحمد (2/465) كلهم عن مالك به.
وأخرجه مسلم (3/157) وأحمد (2/257) من طرق أخرى عن أبى الزناد به وليس عند مسلم فيه " الصيام جنة ".
الثالثة: عن سليم بن حيان حدثنا سعيد عن أبى هريرة به مثل رواية مالك.
أخرجه أحمد (2/306 و462 و504) .
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وسعيد هو ابن ميناء.
الرابعة: عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قلت: فذكر أحاديث كثيرة جداً هذا أحدهما [1] بلفظ مالك , أخرجه أحمد (2/313) .
قلت: وإسناده على شرط الشيخين.
الخامسة: عن محمد بن موسى بن يسار عن أبى هريرة مثله.
أخرجه أحمد (2/257) .
قلت: وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم غير أن محمدا وهو ابن إسحاق
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: أحدها}(4/34)
ابن يسار لم يحتج به مسلم وإنما روى له مقروناً بآخر , ثم هو مدلس وقد عنعنه السادسة: عن ابن أبى ذئب عن عجلان مولى المشمعل عن أبى هريرة مرفوعا ولفظه: " لا تساب وأنت صائم وإن سابك أحد , فقل , إنى صائم , وإن كنت قائما فاجلس".
أخرجه ابن حبان (897) عن ابن خزيمة وهو فى " صحيحه " (1994) بسنده الصحيح عن ابن أبى ذئب به.
قلت: وهذا سند جيد , عجلان هذا قال النسائى: " ليس به بأس ".
وكذا قال الحافظ فى " التقريب " , وقد انساق إلى ذهنى لأول وهلة أن هذه الزيادة " وإن كنت قائما فاجلس " شاذة لتفرد عجلان بها دون سائر الطرق , ولكنى وجدت له متابعا قويا وهو فى الطريق الآتية.
السابعة: قال الإمام أحمد (2/505) : حدثنا يزيد أنبأنا ابن أبى ذئب عن المقبرى وأبو عاصم مولى حكيم , وقال أبو أحمد الزبيرى مولى حسام عن أبى هريرة به وزاد:
" والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , والمقبرى هو سعيد بن أبى سعيد المقبرى.
وأما أبو عاصم فالظاهر أن كنيته عجلان مولى المشمعل المذكور فى الطريق السابقة , فقد قيل فيه أنه مولى حكيم كما فى هذا الإسناد , لكن قال ابن حبان فى " الثقات " (1/178) : " كنيته أبو محمد , وليس هو والد محمد ".
قلت: فلعل له كنيتان كما هو الشأن فى بعض الرواة.(4/35)
الثامنة: عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر قال: حدثنى الزهرى عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة بلفظ: " إن شتم أحدكم وهو صائم , فليقل: إنى صائم , ينهى (الأصل ننتهى) بذلك عن مراجعة الصائم " أخرجه ابن حبان (898) .
قلت: ورجاله ثقات غير أن الوليد بن مسلم مدلس.
التاسعة: عن أبى صالح عن أبى هريرة مثل رواية مسلم من الطريق الثانية.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/145/2) وابن خزيمة (1894) .
قلت: وإسناده جيد.
(919) - (حديث ابن عباس وأنس كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: " اللهم لك صمنا , وعلى رزقك أفطرنا , اللهم تقبل منا , إنك أنت السميع العليم".
* ضعيف.
أما حديث ابن عباس , فيرويه عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه مرفوعا به.
أخرجه الدارقطنى فى " سننه " (240) وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (رقم 474) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/174/2) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا , وفيه علتان:
الأولى: عبد الملك هذا , ضعيف جدا , قال الذهبى فى " الضعفاء ": " تركوه , قال السعدى: دجال ".
والأخرى: هارون بن عنترة , مختلف فيه , نقل الذهبى فى " الميزان "(4/36)
عن الدارقطنى أنه ضعفه.
وأورده ابن حبان فى " الضعفاء " وقال: " منكر الحديث جدا , يروى المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
وأورده فى " الثقات " أيضاً! ووثقه آخرون , وفى " التقريب ": " لا بأس به ".
قلت: فآفة هذا الإسناد من ابنه عبد الملك , ولذلك قال ابن القيم فى " زاد المعاد ": " ولا يثبت ".
وقال الحافظ فى " التلخيص ": " سنده ضعيف ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/156) : " رواه الطبرانى فى " الكبير " , وفيه عبد الملك بن هارون وهو ضعيف".
وفى ذلك تساهل منه ومن اللذين قبله , فإن حقهم أن يقولوا: " ضعيف جدا ". وذلك خشية أن يغتر أحد بظاهر كلامهم فيقوى الحديث بحديث أنس الآتى , معتمدا على قاعدة " يتقوى الحديث الضعيف بكثرة الطرق " ومن شرطها أن تكون مفردات هذه الطرق غير شديدة الضعف , وهذا مما لم يتوفر فى هذه الطريق عند التحقيق.
وأما حديث أنس , فيرويه إسماعيل بن عمرو البجلى: حدثنا داود بن الزبرقان حدثنا شعبة عن ثابت البنانى عنه مرفوعا بلفظ: " كان إذا أفطر قال: بسم الله , اللهم لك صمت , وعلى رزقك أفطرت ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 189) وفى " الأوسط " أيضا ورمز لذلك فى " زوائدها " (1/100/2) ومن طريقه أبو نعيم فى(4/37)
" أخبار أصبهان " (2/217) وقال الطبرانى: " تفرد به إسماعيل بن عمرو ".
قلت: وهو ضعيف , قال الذهبى فى " الضعفاء ": " ضعفه غير واحد ".
قلت: وشيخه داود بن الزبرقان شر منه , قال الذهبى: " قال أبو داود: متروك , وقال البخارى: مقارب الحديث ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " متروك , كذبه الأزدى ".
والحديث قال الهيثمى فى " المجمع ": " رواه الطبرانى فى " الأوسط " , وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف ".
قلت: اقتصر هنا على " الأوسط " وفى " الزوائد " أشار إلى أنه فى " الصغير " أيضا وهو الصواب , فإنه فى " الصغير " فى المكان الذى سبقت الإشارة إليه.
وقد روى الحديث من طريق أخرى مرسلا , عن حصين بن عبد الرحمن عن معاذ أبى زهرة أنه بلغه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمت , وعلى رزقك أفطرت ".
أخرجه عبد الله بن المبارك فى " الزهد " (ق 221/2) وابن صاعد فى " الزوائد عليه " أبو داود (2358) وعنه البيهقى (4/239) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/181/2) وابن السنى (473) من طرق عن حصين به إلا أنه لم يقل أحد منهم " أنه بلغه " سوى أبى داود.
قلت: وهذا سند ضعيف , فإنه مع إرساله فيه جهالة معاذ هذا. فإنهم لم يذكروا له راويا عنه سوى حصين هذا , وأورده ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (4/248/1126) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وقد ذكره(4/38)
ابن حبان فى " التابعين " من " الثقات " كما فى " التهذيب " ومع ذلك فلم يوثقه فى " التقريب " , وإنما قال: " مقبول ". يعنى عند المتابعة , كما نص عليه فى المقدمة , وبما أن الطريقين اللذين قبله ضعيفان جدا , لا يستشهد بهما , فيبقى حديثه ضعيفا لينا.
ومع ذلك صحح حديثهم جميعا {؟} , ولا أدرى كيف تأثرت بهم فى تعليقى على " صحيح ابن خزيمة " فسبقهم فيه {؟} , مع أننى استغربت ذلك منهم فى المصدر المشار إليه وبينت أنه صحاب {؟} للفطر عن الحديثين مع عدم وجود شاهد له يعتبر.
وفى الباب حديث أنس من فعله صلى الله عليه وسلم وهو فى الكتاب الآخر.
(920) - (عن ابن عمر مرفوعا كان إذا أفطر قال: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت (1) الأجر إن شاء الله ". رواه الدارقطنى (ص 221) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (2357) والنسائى فى " السنن الكبرى " (ق 66/1) وعنه ابن السنى (472) والدارقطنى (240) والحاكم (1/422) والبيهقى (4/239) من طريق على بن حسن بن شقيق: أخبرنى الحسين بن واقد: حدثنا مروان بن سالم المقفع قال: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته , فيقطع ما زاد على الكف , وقال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر ... " الحديث مثله.
وقال الدارقطنى: " تفرد به الحسين بن واقد , وإسناده حسن ".
وهو كما قال , وأقره الحافظ فى " التلخيص ". فإن الحسين هذا وإن أخرج له مسلم , فقد قال الحافظ فى " التقريب ":
__________
(1) الأصل (ووجب) والتصحيح من عند الذين خرجوا الحديث و"المغني".(4/39)
" ثقه له أوهام ".
ثم إن مروان بن سالم قد روى عنه غير الحسين بن واقد: عزرة بن ثابت , وهو وإن لم يوثقه غير ابن حبان , فأورده فى " الثقات " (1/223) , فيقويه تحسين الدارقطنى لحديثه كما رأيت وتصحيح من صححه كما يأتى.
والحديث قال الحاكم عقبه: " صحيح على شرط الشيخين , فقد احتجا بالحسين بن واقد , ومروان بن المقفع ".
قلت: وفيه أوهام:
الأول: أنه ليس على شرط الشيخين , يعرف ذلك مما سبق فى ترجمة الحسين ومروان , وقد انتبه لبعض هذا الذهبى فقال فى " تلخيصه ": " على شرط البخارى , احتج بمروان وهو ابن المقفع وهو ابن سالم ".
الثانى: الحسين بن واقد لم يرو له البخارى محتجا به , بل تعليقا.
الثالث: أن مروان بن المقفع لم يحتج به البخارى ولا مسلم , ولم يخرجا له شيئا والذهبى نفسه فى " الميزان " لما ترجمه أشار إلى أنه من رجال أبى داود والنسائى فقط.
وقال الحافظ فى " التهذيب ". " زعم الحاكم فى " المستدرك أن البخارى احتج به , فوهم , ولعله اشتبه عليه بمروان الأصفر ".
قلت: قول الحافظ هذا , قد نبهنى إلى شىء , طال ما كنت عنه غافلا , وهو أن الذى فى " المستدرك " ... على شرط الشيخين , فقد احتجا ... " وهم من بعض النساخ وهو فى قوله: " الشيخين " والصواب " البخارى " كما يشعر به نقل الحافظ عنه , ويؤيده قول الذهبى فى تلخيصه كما سبق: " على شرط البخارى احتج بمروان ".
وكنت أظن سابقا أيضا أن هذا القول من الذهبى متعقبا به على الحاكم(4/40)
والآن تبين لى أنه حكاية منه لقول الحاكم مقرا له عليه كما هى عادته , وأما عند التعقب فإنه يصدره بقوله " قلت ... وذلك ما لم يصنعه هنا فتصويب نسخة المستدرك " صحيح على شرط البخارى , فقد احتج ... " , والله أعلم.
(921) - (وفى الخبر: " إن للصائم عند فطرة دعوة لا ترد " (ص 221) .
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1753) وابن السنى (475) والحاكم (1/422) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/287/2) عن الوليد بن مسلم حدثنا إسحاق بن عبيد الله قال: سمعت ابن أبى مليكة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وزاد: " قال ابن أبى مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إنى أسألك برحمتك التى وسعتْ كل شىء أن تغفر لى ".
قلت: وهذا سند ضعيف وعلته إسحاق هذا , وهو ابن عبيد الله بن أبى المهاجر المخزومى مولاهم الدمشقى أخو إسماعيل بن عبيد الله , وفى ترجمته ساق الحافظ ابن عساكر هذا الحديث , وقال: " روى عنه مسلم " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال (2/13) : " من أهل الشام , كنيته أبو عبد الحميد مولى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام , يروى عن أم الدرداء (أى الصغرى) , روى عنه سعيد بن عبد العزيز , مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة ".
وقال الذهبى فى " الميزان ": " إسحاق بن عبد الله بن أبى المهاجر ينسخ للوليد بن مسلم , لا يعرف دمشقى ".
كذا قال " عبد الله " وتعقبه العسقلانى فى " اللسان " بقوله:(4/41)
" وهو رجل معروف , وإنما تحرف اسم أبيه على الذهبى فجهله , وهو إسحاق بن عبيد الله بالتصغير أخو إسماعيل بن عبيد الله ... وحديثه عن ابن أبى مليكة عند ابن ماجه من رواية الوليد عنه , واختلفت النسخ فى ضبط والده بالتصغير والتكبير , وقد أوضحته فى " تهذيب التهذيب " ".
ولم يوضح هناك شيئا من الاختلاف وغاية ما فعل أنه قال: " قلت: الذى رأيته فى عدة نسخ من ابن ماجه: حدثنا إسحاق بن عبيد الله المدنى عن عبد الله بن أبى مليكة ".
ذكر هذا فى ترجمة إسحاق بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى وفيها قال المزنى: " روى عن عبد الله بن أبى مليكة عن عبد الله بن عمرو حديث: أن للصائم ... روى به ابن ماجه هذا الحديث ".
فتعقبه الحافظ بما سبق يريد من ذلك أنه ليس فى نسب المترجم فى سنن ابن ماجه أنه ابن أبى مليكة وإنما عن عبد الله بن أبى مليكة. فهذا هو الذى أوضحه الحافظ فى " التهذيب " وأما الاختلاف الذى أشار إليه فلا.
ثم ذكر الحافظ بعد تلك الترجمة ابن أبى المهاجر المذكور آنفاً وساق فيها هذا الحديث ثم قال: " فهو الذى أخرج له ابن ماجه ".
وذكر نحوه فى " التقريب " , وزاد: " وهو مقبول ".
قلت: وما قاله فى " التهذيب " هو الذى ينبغى الاعتماد عليه , بيد أنه يرد عليه إشكال وهو أنه وقع عند ابن ماجه أنه (المدنى) , والمترجم شامى , والحافظ لم يفدنا شيئا نرد به هذا الإشكال , والذى عندى أن هذه النسبة (المدنى) لم ترد فى شىء من الطرق الكثيرة المشار إليها عن الوليد بن مسلم إلا فى طريق ابن ماجه , واغتر بها الحافظ المنذرى فقال فى " الترغيب " (2/63)(4/42)
بعد أن ساق الحديث من رواية البيهقى عن إسحاق بن عبيد الله: " وإسحاق هذا مدنى لا يعرف ".
ومدار هذه الطريق على هشام بن عمار: حدثنا الوليد ... وهشام فيه ضعف وإن أخرج له البخارى , فقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , مقرىء , كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح ".
قلت: فمثله إذا تفرد بمثل هذه الزيادة لم تقبل منه لمخالفته بها الثقات , فهى شاذة إن لم تكن منكرة.
ومثل هذا أنه وقع فى سند الحاكم " إسحاق بن عبد الله " مكبرا , وبناء عليه قال الحاكم عقبه: " إسحاق هذا إن كان ابن عبد الله , مولى زائدة , فقد خرج له مسلم , وإن كان ابن أبى فروة , فإنهما لم يخرجاه ".
ووافقه الذهبى , إلا أنه قال: " وإن كان ابن أبى فروة قواه [1] ".
وهذا أصح فى الإفادة , وهو محتمل , وليس كذلك احتمال كونه إسحاق بن عبد الله مولى زائدة , لأن هذا تابعى , ولم يدركه الوليد بن مسلم.
وأما قول البوصيرى فى " الزوائد " (ق 111/2) : " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , رواه الحاكم ... " ثم ذكر رواية البيهقى وقوله المنذرى فى إسحاق بن عبيد الله , لا يعرف , ثم تعقبه البوصيرى بقوله: " قلت: قال الذهبى فى " الكاشف ": صدوق. وذكره ابن حبان فى (الثقات) ".
هكذا قال فى نسختنا من " الزوائد " وهى محفوظة فى مكتبة الأوقاف الإسلامية فى حلب , ومن الظاهر أنها تختلف بعض الشىء عن النسخة التى كان
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: فواه}(4/43)
ينقل عنها أبو الحسن السنيدي [1] رحمه الله فى حاشيته على ابن ماجه , ومن ذلك تخريج هذا الحديث فقد قال: " وفى الزوائد , إسناده صحيح , لأن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال النسائى ليس به بأس , وقال أبو زرعة: ثقة , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وباقى رجال الإسناد على شرط البخارى ".
فقد سمى فى هذا النقل عن البوصيرى عن إسحاق الذى لم يسمه فى نسختنا , فإن كان أراد حقيقة إسحاق بن عبد الله بن الحارث هذا فيكون هو المراد بقول الذهبى: " صدوق " فهذا محتمل , ولكن لا يحتمل أن يكون هو الذى فى إسناد هذا الحديث , لأنه من التابعين ولم يدركه الوليد أيضاً , وإن كان البوصيرى أراد فى نسختنا غير ابن الحارث فلم أعرفه , وإن أراد به ابن أبى المهاجر فيبعد أن يقول فيه الذهبى: " صدوق " وقد قال فى " الميزان ": " لا يعرف " كما سبق والله أعلم.
وجملة القول: إن إسناد هذا الحديث ضعيف لأنه إن كان راويه إسحاق هو ابن عبيد الله مصغرا فهو إما ابن أبى المهاجر وهو الراجح فهو مجهول وإن كان هو ابن أبى مليكة كما ظن المزى فهو مجهول الحال كما فى " التقريب ".
وإن كان هو ابن عبد الله مكبرا فالأرجح أنه ابن أبى فروة لأنه من هذه الطبقة وهو متروك كما قال الحافظ , والله أعلم.
وقد وجدت للحديث شاهدا يرويه أبو محمد المليكى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ". فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا.
وأبو محمد المليكى لم أعرفه , ويحتمل أنه عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله ابن أبى مليكة المدنى فإنه من هذه الطبقة , فإن يكن هو فإنه ضعيف كما فى " التقريب " بل قال النسائى: ليس بثقة. وفى رواية: متروك الحديث.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: السندى}(4/44)
والحديث أشار ابن القيم فى " الزاد " إلى تضعيفه بقوله: " ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم: إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد. رواه ابن ماجه ".
(922) - (حديث أنس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى , فإن لم يكن فعلى تمرات , فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ". رواه أبو داود , والترمذى , وقال: حسن غريب (ص 221) .
* حسن.
أخرجه الإمام أحمد (3/164) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنى ثابت البنانى عن أنس به.
وأخرجه أبو داود (2356) والدارقطنى (240) والحاكم (1/432) والبيهقى (4/239) والضياء فى " المختارة " (1/495) كلهم من طريق أحمد به.
وأخرجه الترمذى (1/135) عن محمد بن رافع والدارقطنى أيضا عن مهنى بن يحيى أبى عبد الله الشامى , والضياء أيضا , وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/381/1) عن أبى يعقوب إسحاق بن الضيف , ثلاثتهم عن عبد الرزاق به.
إلا أن أبا يعقوب قال: " لبن " بدل: " رطبات ".
وهو شاذ أو منكر , فإن أبا يعقوب هذا وإن كان صدوقا , فقد قال ابن حبان فى ترجمته من " الثقات ": " ربما أخطأ ".
فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا للثقات , وقد وافقه بعض الضعفاء على هذه اللفظة من طريق أخرى عن أنس كما سيأتى بيانه.(4/45)
ثم قال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
قلت: وهو كما قال. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
وهو كما قالا لولا أن جعفر بن سليمان , وإن كان احتج به مسلم , ففيه كلام يسير , وقال الذهبى والعسقلانى فيه: " صدوق ".
فالحديث حسن كما قال الترمذى. وقد رواه غير عبد الرزاق عنه , فقال ابن عدى فى " الكامل " (ق 56/1) : أخبرنا الحسن بن سفيان: حدثنا عمار بن هارون حدثنا جعفر بن سليمان به مختصرا.
قلت: وعمار هذا ضعيف كما فى " التقريب ". وتابعه سعيد بن سليمان النشيطى كما فى " التلخيص " (صـ 192) وقال: " قال البزار: رواه النشيطى , فأنكره عليه , وضعف حديثه (1) ".
وتابع جعفرا بعض الضعفاء على إسناده , وخالفه فى متنه , ألا وهو عبد الواحد ابن ثابت أبى ثابت فقال: عن ثابت عن أنس مرفوعا بلفظ: " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات , أو شىء لم تصبه النار ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (صـ 251) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 49/1) من طريق أبى يعلى الموصلى , وهذا فى مسنده كلاهما عن عبد الواحد به وقال العقيلى: " عبد الواحد بن ثابت لا يتابع على حديثه هذا.
قلت: وقال فيه البخارى:
__________
(1) قلت: رواه ابن عدى (ق 56/1) عنه به مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم نحو رواية سعيد بن عامر الآتية.(4/46)
" منكر الحديث ".
فهو ضعيف جدا , وتساهل الهيثمى فى " المجمع " فقال (3/155) : " رواه أبو يعلى , وفيه عبد الواحد بن ثابت , وهو ضعيف ".
وللحديث طريقان آخران عن أنس: الأول: يرويه زكريا بن يحيى بن أبان , حدثنا مسكين بن عبد الرحمن التجيبى , حدثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ: " كان إذا كان صائما لم يصل حتى نأتيه برطب وماء , فيأكل ويشرب إذا كان الصيف , وإذا كان الشتاء لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء ".
رواه الطبرانى فى " الأوسط " (1/100/2) وقال: " لم يروه عن حميد إلا يحيى , ولا عنه إلا مسكين , تفرد به زكريا ".
قلت: ولم أجد له ترجمة , ومثله شيخه مسكين , وبقية رجاله موثقون.
وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/156) : " رواه الطبرانى فى " الأوسط " وفيه من لم أعرفه ".
قلت: وسكت عليه الحافظ فى " التلخيص " وخالف فى سياقه لمتنه , فإنه ذكره بعد قوله فيأكل ويشرب: " وإذا لم يكن رطب لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء " فكأنه رواه بالمعنى.
وأما الطريق الآخر , فيرويه عباد بن كثير الرملى عن عبد الرحمن السدى: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره بلفظ: " كان يفطر إذا كان صائما على اللبن , وجئته بقدح من لبن , فوضعته إلى جانبه , ففطر [1] عليه , وهو يصلى ".
أخرجه الطبرانى أيضا فى المصدر السابق وقال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فغطى}(4/47)
" لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو ضعيف من أجل عباد هذا , وقال الهيثمى: " رواه الطبرانى فى " الأوسط " وفيه عباد بن كثير الرملى , وفيه كلام , وقد
وثق ".
وقد روى الحديث عن أنس مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " من وجد تمرا فليفطر عليه , ومن لم يجد فليفطر على الماء , فإن الماء طهور "
أخرجه الترمذى والحاكم والبيهقى والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 214) وعنه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/231 ـ 232) من طريق محمد بن إسحاق الصاغانى , حدثنا سعيد عامر الضبعى , حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عنه به.
وقال الترمذى: " لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر , وهو حديث غير محفوظ , ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس , وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب
عن سلمان بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم , وهو أصح من حديث سعيد بن عامر , وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن سلمان , ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب , والصحيح ما رواه سفيان الثورى وابن عيينة وغير واحد عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر. وابن عون , يقول: عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر , والرباب هو أم الرائح ".
وقال البيهقى عقب حديث شعبة الذى أشار إليه الترمذى عن الرباب عن سلمان: " ورواه سعيد بن عامر عن شعبة , فغلط فى إسناده " ثم ساقه من طريق شعبة عن ابن صهيب كما تقدم , ثم قال:(4/48)
" قال البخارى فيما روى عنه أبو عيسى: حديث سعيد بن عامر وهم , يهم فيه سعيد , والصحيح حديث عاصم عن حفصة بنت سيرين ".
قلت: فقد اتفق الإمام البخارى وتلميذه الترمذى على تخطئة سعيد بن عامر فى إسناده لهذا الحديث عن أنس , فمعنى ذلك أن سعيدا قد يخطىء , وقد أشار إلى ذلك أبو حاتم فقال كما فى كتاب ابنه (2/1/49) : " هو صدوق , وكان رجلا صالحا , وكان فى حديثه بعض الغلط ".
وأما الحاكم فجرى على ظاهر السند , فقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
وكيف يكون على شرط البخارى , وهو قد أعله بمخالفة سعيد بن عامر للثقات كما سبق. ثم إن محمد بن إسحاق الصاغانى لم يخرج له البخارى إطلاقا , فهو على شرط مسلم وحده , ولكن الصواب أنه معلول بما عرفت , وما يدرينا فلعل مسلما وافق البخارى على إعلاله كما وافقه الترمذى , وكلاهما من تلاميذه , غير أن إعلال مسلم لم نقف عليه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن حديث شعبة المحفوظ قد أخرجه أصحاب السنن وغيرهم , فقال الطيالسى فى " مسنده " (1181) : حدثنا شعبة عن عاصم قال: سمعت حفصة بنت سيرين تحدث عن الرباب عن سلمان (1) بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صام أحدكم فليفطر على التمر , فإن لم يجد فعلى الماء , فإنه طهور ".
وأخرجه البيهقى (4/239) من طريق أبى داود الطيالسى به وقال: " هكذا وجدته فى " المسند " وقد أقام إسناده أبو داود , وقد رواه محمود بن غيلان عن أبى داود دون ذكر الرباب , وروى عن روح بن عبادة عن شعبة
__________
(1) الأصل: سليمان فى موضعين منه , وهو خطأ.(4/49)
موصولا ".
قلت: وأخرجه أحمد فقال (4/18/215) : حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة به. إلا أنه لم يذكر الرباب فى سنده. والصواب إثباتها فيه كما فى رواية الطيالسى , وهو الذى صححه الترمذى كما تقدم , وهكذا رواه جماعة كثيرة من الثقات عن عاصم به.
أخرجه أبو داود (2355) والترمذى والدارمى (2/7) وابن ماجه (1699) وابن أبى شيبة (2/184/2) وابن حبان (892) والفريابى (62/2) والحاكم (1/431 ـ 432) والبيهقى (4/238) وأحمد (4/17 و19 و213 ـ 215) من طرق عن عاصم به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ". ووافقه الذهبى.
قلت: وليس كذلك , فإن الرباب هذه إنما أخرج لها البخارى تعليقا , ثم هى لا تعرف إلا برواية حفصة بنت سيرين عنها كما قال الذهبى نفسه فى " الميزان "
وقد وثقها ابن حبان كما تقدم فى " الزكاة " وصحح حديثها هذا , كما رأيت , وهو فى ذلك تابع لشيخه ابن خزيمة فقد صحح الحديث أيضا كما فى " بلوغ المرام " وكذا صححه أبو حاتم الرازى كما فى " التلخيص " (192) .
أقوله: ولا أدرى ما وجه هذا التصحيح , لا سيما من مثل أبى حاتم , فإنه معروف بتشدده فى التصحيح , والقواعد الحديثية تأبى مثل هذا التصحيح , لتفرد حفصة عن الرباب كما تقدم , ومعنى ذلك أنها مجهولة , فكيف يصحح حديثها؟ ! مع عدم وجود شاهد له , إلا حديث أنس وهو معلول بمخالفة سعيد بن عامر للثقات كما سبق بيانه.
وقد وجدت له مخالفة أخرى , فقد أخرج ابن حبان (893) من طريق محمد بن يحيى الذهلى: حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر به.(4/50)
فقد خالف سعيد جميع من رواه عن شعبة عن عاصم فقال: هو عن شعبة عن خالد الحذاء!
وخلاصة القول أن الذى يثبت فى هذا الباب إنما هو حديث أنس من فعله صلى الله عليه وسلم , وأما حديثه وحديث سلمان بن عامر من قول صلى الله عليه وسلم وأمره , فلم يثبت عندى , والله أعلم.
(923) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ومن استقاء فليقض " (ص 224) .
* صحيح.
أخرجه الإمام أحمد فى " مسنده " (2/498) وأبو إسحاق الحربى فى " غريب الحديث " (5/155/1) : حدثنا الحكم بن موسى قال عبد الله بن الإمام أحمد: وسمعته أنا من الحكم ـ حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ذرعه القىء فليس عليه قضاء , ومن استقاء فليقض ".
وأخرجه ابن ماجه (1676) من طريق الحكم به.
وأخرجه أبو داود (2380) والترمذى (1/139) والدارمى (2/14) والطحاوى (1/348) وابن خزيمة (1960) وابن حبان (907) وابن الجارود (385) والدارقطنى (240) والحاكم (1/427) والبيهقى (4/219) من طرق أخرى عن عيسى بن يونس به. وقال الدارقطنى: " رواته ثقات كلهم ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , وقال الترمذى: " حديث حسن غريب , لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس , وقال محمد (يعنى البخارى) : لا أراه محفوظا ".(4/51)
قلت: قد عرفه غيره من حديث غير عيسى بن يونس. فقال أبو داود عقبه: " رواه أيضا حفص بن غياث عن هشام مثله ".
وقد أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة (1961) والحاكم والبيهقى من طرق عن حفص بن غياث به.
وقال البيهقى: " تفرد به هشام بن حسان القردوسى , وبعض الحفاظ لا يراه محفوظا , قال أبو داود (يعنى فى غير السنن) سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا شىء ".
قال الخطابى: " يريد أن الحديث غير محفوظ ".
قلت: وإنما قال البخارى وغيره بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس عن هشام , كما تقدم عن الترمذى. وما دام أنه قد توبع عليه من حفص بن غياث , وكلاهما ثقة محتج بهما فى الصحيحين , فلا وجه لإعلال الحديث إذن على أننا نرى أن الحديث صحيح ولو تفرد به عيسى بن يونس لأنه ثقة كما عرفت , وقال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة مأمون " , ولأنه لم يخالفه أحد فيما
علمنا , بل قد روى الحديث من طريق أخرى عن أبى هريرة كما يأتى.
وقد وقفت على إعلال آخر للحديث يشبه ما سبق , فقد قال الدارمى عقب الحديث , وقد رواه من طريق ابن راهويه عن عيسى بن يونس: " قال عيسى: زعم أهل البصرة أن هشاما أوهم فيه ".
ونعرف الجواب عن هذا مما سبق , وهو أن هشاما ثقة ممن احتج به الشيخان , لا سيما وقد قال فيه الحافظ: " ثقة من أثبت الناس فى ابن سيرين ".
فلا يقبل فيه الزعم المذكور , ولعل فى قول عيسى: " زعم ... " إشارة(4/52)
إلى رده.
ثم قال الترمذى والبيهقى والسياق له: " وقد روى من وجه آخر ضعيف عن أبى هريرة مرفوعا ".
قلت: وهو ما أخرجه ابن أبى شيبة (2/158/1) والدارقطنى (240) واللفظ له من طريق عبد الله بن أبى سعيد عن جده عن أبى هريرة مرفوعا: " إذا ذرع الصائم القىء , فلا فطر عليه ولا قضاء عليه , وإذا تقيأ فعليه القضاء ".
وقال الدارقطنى: " عبد الله بن سعيد ليس بقوى ".
قلت: بل هو متروك متهم.
(924) - (الحديث الصحيح: " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ".
* صحيح.
وقد مضى تخريجه فى " الحيض " رقم (190) .
(925) - (حديث: " ليس من البر الصيام فى السفر " متفق عليه , ورواه النسائى [1] . حبان 912)
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وكعب بن عاصم الأشعرى , وعبد الله بن عمر , وأبى برزة الأسلمى , وعبد الله بن عباس , وعبد الله بن عمرو , وعمار بن ياسر , وأبى الدرداء:
1 ـ أما حديث جابر , فله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن عمرو بن الحسن بن على عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر , فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه , فقال ما هذا؟ فقالوا: صائم , فقال ... " فذكره.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {وزاد: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم فاقبلوها "}(4/53)
أخرجه البخارى (1/485) ومسلم (3/142) وأبو داود (2407) والنسائى (1/315) والدارمى (2/9) وابن أبى شيبة (2/149/1) والطحاوى (1/329) وابن جرير فى تفسيره (3/473/2892) والفريابى فى " كتاب الصيام " (63/2) وابن خزيمة (2017) وابن الجارود (399) والبيهقى (4/242) والطيالسى (1721) وأحمد (3/299 و317 و319 و352 و399) من طرق عن محمد بن عمرو به
الثانية: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنى جابر بن عبد الله قال: " مر النبى صلى الله عليه وسلم برجل فى سفر فى ظل شجرة يرش عليه الماء. فقال: ما بال هذا؟ قالوا: صائم يا رسول الله , قال: فذكر الحديث , وزاد الزيادة التى ذكرها المؤلف. وزاد: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم فاقبلوها ".
أخرجه النسائى (1/314) عن شعيب , والطحاوى (1/329 ـ 330) عن الوليد بن مسلم , كلاهما قالا: حدثنا الأوزاعى , إلا أن الأول قال: حدثنى يحيى بن أبى كثير قال: أخبرنى محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنى جابر , وقال الآخر: عن يحيى بن أبى كثير قال: حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنى جابر ...
ورواه الفريابى فى " الصيام " (63/2) عن الوليد: أخبرنا الأوزاعى حدثنى يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر.
وخالفهما الفريابى فقال: حدثنا الأوزاعى قال: حدثنى يحيى قال: أخبرنى محمد ابن عبد الرحمن قال: حدثنى من سمع جابراً ... فذكره نحوه , فأدخل بين محمد بن عبد الرحمن وجابر شخصا لم يسمه , أخرجه النسائى.
وتابع الأوزاعى على بن المبارك , ولكن اختلف عليه فيه كما اختلف على الأوزاعى فقال وكيع: حدثنا على بن المبارك عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن جابر به مع الزيادة دون قصة الرجل.(4/54)
وقال عثمان بن عمر: أنبأنا على بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل عن جابر به دون الزيادة.
أخرجهما النسائى. ثم أشار بباب عقده إلى أن الرجل الذى لم يسم هو محمد بن عمرو بن الحسن بن على المذكور فى الطريق الأولى , ولكن يشكل عليه أن الراوى لهذه الطريق إنما هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد كما فى رواية لمسلم من طريق شعبة عنه , وهو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارى , بخلاف الطريق الثانية , فإن راويها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما تقدم فى رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعى , ورواية وكيع عن على بن المبارك كلاهما عن يحيى بن أبى كثير.
فالظاهر أن شيخ شعبة فى هذا الحديث غير شيخ يحيى , وأن الأول رواه عن جابر بالواسطة , وأما الآخر فرواه عنه يحيى عن جابر بدون واسطة , وتارة بواسطة الرجل الذى لم يسم.
ومن الممكن أن يكون هذا الرجل هو محمد بن عمرو بن الحسن الذى هو مدار الطريق الأولى. وعليه فيكون ليحيى بن أبى كثير شيخان فى هذا الحديث أحدهما محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهو الذى رواه عن جابر مباشرة , وحفظ لنا تلك الزيادة , والآخر محمد بن عبد الرحمن , وهو ابن سعد , وهو الذى يرويه عن محمد بن عمرو بن الحسن بن على عن جابر بدون الزيادة , فإنه لم
يحفظها , كما فى رواية لمسلم (3/142) من طريق شعبة فى الطريق الأولى قال: " وكان يبلغنى عن يحيى بن أبى كثير أنه كان يزيد فى هذا الحديث وفى هذا الإسناد أنه قال: " عليكم برخصة الله الذى رخص لكم " فلما سألته لم يحفظه ".
يعنى محمد بن عبد الرحمن بن سعد , لم يحفظ هذه الزيادة.
وإن مما يؤيد ما ذكرته أن رواية عثمان بن عمر عن على بن المبارك التى فيها الرجل الذى لم يسم , لم يقل يحيى فيها " ابن ثوبان " بخلاف رواية وكيع عن ابن المبارك التى ليس فيها الرجل فقد صرح يحيى بأنه " ابن ثوبان " , فدل ذلك على أنه يرويه عن شيخين , أحدهما ابن ثوبان , والآخر ابن سعد.
وإلى هذا ذهب الحافظ المحقق ابن القطان فقال بعد أن ذكر هذه الزيادة:(4/55)
" إسنادها حسن متصل , قال: وهذا الحديث يرويه عن جابر رجلان , كل منهما اسمه محمد بن عبد الرحمن , ورواه عن كل منهما يحيى بن أبى كثير:
أحدهما: ابن ثوبان.
والآخر: ابن سعد بن زرارة , فابن ثوبان سمعه من جابر , وابن سعد بن زرارة رواه بواسطة محمد بن عمرو بن حسن , وهى رواية الصحيحين ".
نقله الحافظ فى " التلخيص " (ص 195) وأقره , وأما فى " الفتح " (4/162) فذهب إلى أن الصواب فى رواية يحيى بن أبى كثير أنها عنه عن محمد بن عبد الرحمن , وهو ابن سعد عن محمد بن عمرو بن الحسن عن جابر وأن قول من قال فيها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهم , وإنما هو ابن عبد الرحمن بن سعد , وهذا عندى بعيد لأنه يلزم منه تخطئة ثقتين حافظين هما الوليد بن مسلم ووكيع فإنهما قالا: " ابن ثوبان " كما سبق , ومثل هذا ليس بالأمر السهل ما أمكن الجمع دون تخطئة الثقات الآخرين على نحو ما ذكرنا , وذهب إليه ابن القطان , والله أعلم.
وخلاصة القول أن هذه الزيادة إسنادها صحيح , ولا يضره تفرد يحيى بن أبى كثير بها لأنه ثقة ثبت كما فى " التقريب " , وإنما يخشى البعض من التدليس , وقد صرح هنا بالتحديث , فأمنا بذلك تدليسه.
فائدة: قال الحافظ فى " الفتح " فى الصفحة المشار إليها آنفاً:
" (تنبيه) : أوهم كلام صاحب " العمدة " أنه قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم " مما أخرجه مسلم بشرطه , وليس كذلك , وإنما هى بقية فى الحديث لم يوصل إسنادها كما تقدم بيانه , نعم وقعت عند النسائى موصولة فى حديث يحيى بن أبى كثير بسنده , وعند الطبرانى من حديث كعب بن عاصم الأشعرى كما تقدم ".
قلت: وفى هذا الكلام ملاحظتان:
الأول: أن الذى أخذه الحافظ على صاحب " العمدة " , قد وقع فيه(4/56)
الزيلعى فى " نصب الراية " (2/461) فقال عقب الحديث: " وزاد مسلم فى لفظه: وعليكم برخصة الله التى رخص لكم ".
وليس هذا فقط , بل تابعه على ذلك الحافظ نفسه فى " الدراية " ص 177!
والأخرى: قوله: " وعند الطبرانى ... ".
فإنى أظنه خطأ مطبعياً , فإنه قال قبل صحيفة: " قال الطبرى , بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الأشعرى ولفظه
: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى حر شديد , فإذا رجل من القوم , قد دخل تحت ظل شجرة , وهو مضطجع كضجعة الوجع , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لصاحبكم؟ أى وجع به؟ فقالوا: ليس به وجع , ولكنه صائم , وقد اشتد عليه الحر , فقال النبى صلى الله عليه وسلم حينئذ: " ليس البر أن تصوموا فى السفر عليكم برخصة الله التى رخص لكم ": فكان فكان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان فى مثل ذلك الحال ".
قلت: فهذا الحديث لم أجده فى تفسير الطبرى مع أنه قد ذكر فيه (3/474) نحو هذا الكلام ولكن عقب حديث جابر هذا , وليس فيه حديث كعب هذا , فلعله فى بعض كتبه الأخرى كـ " التهذيب " مثلا , والله أعلم.
الطريق الثالثة: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان , فصام حتى بلغ كراع الغميم , فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه , حتى نظر الناس إليه ثم شرب , فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام , فقال: أولئك العصاة , أولئك العصاة ".
أخرجه مسلم (3/141 ـ 142) والنسائى (1/315) والترمذى (1/137) والشافعى (1/268) والفريابى فى " الصيام " (ق 65 ـ 66)(4/57)
والطحاوى (1/331) والبيهقى (4/241) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
2 ـ وأما حديث كعب بن عاصم الأشعرى , فيرويه الزهرى عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس من البر الصيام فى السفر ".
هكذا رواه الثقات عن الزهرى , فقال الإمام أحمد (5/434) : حدثنا سفيان عن الزهرى به. وكذا قال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/149/1) والطيالسى فى مسنده (1/190 ـ ترتيبه) والإمام الشافعى فى " السنن " (1/267 ـ ترتيبه) .
وهكذ رواه النسائى (1/314) والدارمى (2/9) وابن ماجه (1664) والفريابى (63/1) والطحاوى (1/330) والحاكم (1/433) والبيهقى (4/242) من طرق عن سفيان به.
وزاد الطحاوى: " قال سفيان: فذكر لى أن الزهرى كان يقول ـ ولم أسمع أنا منه ـ ليس من (ام برام صيام فى ام سفر) [1] ".
قلت: وهذه الزيادة عن سفيان شاذة , بل منكرة , تفرد بها شيخ الطحاوى محمد بن النعمان السقطى , وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم , وتبعه الذهبى فى " الميزان " ثم الحافظ فى " اللسان ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , ولم يخرجاه ". ووافقه الذهبى.
ثم أخرجه الإمام أحمد والطحاوى عن ابن جريج , والدارمى عن يونس , والطحاوى عن محمد بن أبى حفصة , والفريابى والبيهقى عن معمر , والفريابى عن الزبيدى كلهم عن الزهرى به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر به. إلا أن لفظه مثل لفظ الطحاوى الشاذ: " ليس من امبر امصيام فى امسفر ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: امبر امصيام فى امسفر}(4/58)
وهكذا رواه البيهقى من طريق محمد بن يحيى الذهلى حدثنا عبد الرزاق به.
وزاد: " قال محمد بن يحيى: وسمعت عبد الرزاق مرة يقول: أخبرنا معمر ... "
قلت: فذكره بإسناده باللفظ الأول , وهو الذى رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابى , وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم: قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثانى من رواية أحمد: " وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعرى كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعرى هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوى عنه , وأداها باللفظ الذى سمعها به , وهذا الثانى أوجه عندى. والله أعلم ".
قلت: الأمر كما قال الحافظ ـ رحمه الله ـ لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الأشعرى , وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهرى على روايته عنه باللفظ الأول , وكذلك رواه جابر وغيره كما يأتى عن النبى صلى الله عليه وسلم , فى جميع الطرق عنهم رضى الله عنهم , وأيضا فإن الراوى عن الأشعرى إذا أدى الحديث باللفظ الذى سمعه منه , فأحرى بهذا ـ أعنى الأشعرى ـ أن يؤديه باللفظ الذى سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم.
(تنبيه) : وقع الحديث فى مسند الشافعى بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتى رحمه الله فى " بدائع المنن ".
3 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر , فيرويه محمد بن المصفى الحمصى قال: حدثنا محمد بن حرب الأبرش قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا باللفظ الأول.
أخرجه ابن ماجه (1665) والفريابى (64/1) والطحاوى , وابن حبان فى " صحيحه " (912) , وقال الهيثمى فى " الزوائد " (1/106) : " هذا إسناد صحيح , ورجاله ثقات , وله شاهد فى " الصحيحين "(4/59)
وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله وأنس وغيرهما ".
قلت: ولم أجده فى الصحيحين ولا فى غيرهما من حديث أنس بهذا اللفظ.
4 ـ وأما حديث أبى برزة الأسلمى , فيرويه معمر بن بكار السعدى , حدثنا إبراهيم بن سعد , عن عبد الله بن عامر الأسلمى عن خالد [1] عبد الرحمن بن حرملة عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا به.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/104/1) وقال: " لا يروى عن أبى برزة إلا بهذا الإسناد , تفرد به معمر ".
قلت: وهو صويلح كما قال الذهبى فى " الميزان " , لكن عبد الله بن عامر الأسلمى ضعيف كما فى " التقريب ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/161) : " رواه أحمد والبزار والطبرانى فى الأوسط وفيه رجل لم يسم ".
قلت: وفى هذا التخريج ملاحظتان:
الأولى: أننى لم أره فى مسند الإمام أحمد.
والأخرى: أن إسناد الطبرانى ليس فيه رجل لم يسم , وإنما فيه من هو معروف بالضعف كما رأيت.
5 ـ وأما حديث ابن عباس , فرواه البزار والطبرانى فى " الكبير ". قال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
6 ـ وأما حديث ابن عمرو فرواه الطبرانى فى " الكبير " أيضا نحو حديث جابر.
قال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
7 ـ وأما حديث عمار بن ياسر , فرواه الطبرانى أيضا فى " الكبير " نحو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: خاله}(4/60)
حديث جابر عند النسائى بالزيادة , قال الهيثمى: " وإسناده حسن ".
8 ـ وأما حديث أبى الدرداء فرواه الطبرانى أيضا فى " الكبير " كما فى " الجامع الكبير " (2/152/2) وقال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
وسقط من كتابه اسم مخرجه , فاستدركته من " الجامع ".
(926) - (حديث: " هى رخصة من الله , فمن أخذ بها فحسن , ومن أحب أن يصوم , فلا جناح عليه " رواه مسلم والنسائى (ص 222) .
* صحيح.
وهو من حديث حمزة بن عمرو الأسلمى رضى الله عنه: " أنه قال: يا رسول الله أجد بى قوة على الصيام فى السفر , فهل على جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره.
أخرجه مسلم (3/145) والنسائى (1/317) وكذا الطحاوى (1/334) وابن خزيمة (3/258/2026) والبيهقى (4/243) عن أبى الأسود عن عروة بن الزبير عن أبى مراوح عنه.
وله عنه طريق أخرى , رواه محمد بن عبد المجيد المدنى قال: سمعت حمزة بن محمد ابن حمزة بن عمرو الأسلمى يذكر أن أباه أخبره عن جده حمزة بن عمرو قال: " قلت: يا رسول الله إنى صاحب ظهر أعالجه: أسافر عليه وأكريه , وإنه ربما صادفنى هذا الشهر ـ يعنى رمضان ـ وأنا أجد القوة , وأنا شاب , وأجد بأن أصوم يا رسول الله أهون على من أن أوخره فيكون دينا , أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجرى أو أفطر؟ قال: أى ذلك شئت يا حمزة ".(4/61)
أخرجه أبو داود (2403) والحاكم (1/433) وعنهما البيهقى (4/241) وسكتوا عنه , وأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " وقال: " تفر د به محمد عن حمزة ".
ذكره الحافظ فى " التهذيب " ثم قال: " وحمزة ضعفه ابن حزم , وقال ابن القطان: مجهول , ولم أرَللمتقدمين فيه كلاما ".
وقال فى " التقريب ": " مجهول الحال ".
قلت: ومحمد بن عبد المجيد قال ابن القطان: " لا يعرف , ولا ذكر له إلا فى هذا الحديث ".
وتبعه الحافظ الذهبى فى " الميزان ". وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبول ".
وله طرق أخرى عن حمزة مختصرا أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم فى السفر فقال: " إن شئت أن تصوم فصم , وإن شئت أن تفطر فأفطر ".
خرجها النسائى (1/317) والفريابى (67/1 ـ 2) والطحاوى (1/333) والطيالسى (1175) وأحمد (3/494) .
(927) - (وعن حمزة بن عمرو الأسلمى: " أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أصوم فى السفر؟ قال: إن شئت فصم , وإن شئت فأفطر " متفق عليه (ص 222) .
* صحيح.
وجعله المصنف من مسند حمزة بن عمرو , ورواية الشيخين وهم أو تساهل , فإنه عندهما من مسند عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم: " أن حمزة بن عمرو الأسلمى قال ... " فذكر الحديث.
أخرجه البخارى (4/157) ومسلم (3/144 و144 ـ 145) وكذا(4/62)
مالك (1/295/24) وأبو داود (2402) والنسائى (1/318) والترمذى (711) وقال: حسن صحيح , والدارمى (2/8 ـ 9) وابن خزيمة (2028) وابن الجارود (397) وابن أبى شيبة (2/150/1) وعنه ابن ماجه (1/510) والسراج فى " جزء من حديثه " (98/2) والفريابى (67/2) والطحاوى (1/333) والبيهقى (4/243) وأحمد (6/46 و193 و202 و207) من طرق كثيرة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها.
وقال بعض الرواة عند النسائى: عن هشام عن عروة عنها عن حمزة كما ذكره المصنف , وقال آخر: عن هشام عن عروة عن حمزة , لم يذكر عائشة , وجعلوه من مسند حمزة , قال الحافظ: " والمحفوظ أنه مسند عائشة , ويحتمل أن يكون هؤلاء لم يقصدوا بقولهم " عن حمزة " الرواية عنه , وإنما أرادوا الإخبار عن حكايته , فالتقدير: عن عائشة عن قصة حمزة أنه سأل , لكن قد صح مجىء الحديث من رواية حمزة , فأخرجه مسلم من طريق أبى الأسود ... " يعنى الطريق الأولى فى الحديث المتقدم.
وله طرق أخرى عن حمزة كما ذكرت هناك.
وبالجملة: فالحديث صح من مسند عائشة , ومن مسند حمزة , لكن عزوه للشيخين من مسند حمزة فيه ما عرفت.
(928) - (لحديث أبى بصرة الغفارى: " أنه ركب سفينة من الفسطاط فى شهر رمضان فدفع , ثم قرب غداءه , فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة , ثم قال: اقترب , قيل: ألست ترى البيوت؟ قال: أترغب عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأكل ". رواه أبو داود (ص 222) .
* صحيح.
رواه أبو داود (2412) وعنه البيهقى (4/246) وأحمد (6/398) عن يزيد بن أبى حبيب أن كليب بن ذهل الحضرمى أخبره عن عبيد بن جبر (وفى المسند: ابن حنين , وهو تحريف) قال: " كنت مع أبى بصرة الغفارى صاحب النبى صلى الله عليه وسلم فى سفينة ... ".(4/63)
هذا هو نص الحديث عند أبى داود , وزاد أحمد: " هو يريد الإسكندرية ".
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير كليب بن ذهل قال الحافظ: " مقبول ".
لكن للحديث شاهد من حديث دجنة بن خليفة , فهو يتقوى به , وآخر من حديث أنس بإسناد صحيح , وقد غمزه بعض المعاصرين من الشافعية , وقد رددت عليه ذلك , وبينت صحة الحديث بما لا قبل له برده , نشر ذلك أولا فى مجلة " التمدن الإسلامى " ثم فى رسالة خاصة بعنوان: " تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه " فليراجعها من شاء.
(929) - (قال ابن عباس: " كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة , وهما يطيقان الصيام أن يفطرا , ويطعما مكان كل يوم مسكيناً , والحبلى والمرضع , إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا " رواه أبو داود (ص 222 ـ 223) .
* شاذ بهذا السياق.
أخرجه أبو داود من طريق ابن أبى عدى عن سعيد , وهو ابن أبى عروبة , عن قتادة عن عزرة ـ الأصل عروة ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال: كانت رخصة ... الحديث.
وإسناده صحيح , ولكنه بظاهره يدل على أن هذه الرخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ثابتة لهما كما هى ثابتة للحبلى والمرضع , والثابت عن ابن عباس من طرق أن الرخصة للشيخ والمرأة إنما هى إذا كانا لا يطيقان الصيام , ولا يستطيعانه , وأما إذا أطاقاه , فالآية منسوخة إليهما , وبهذا التفصيل رواه جماعة من الثقات عن ابن أبى عروبة , كما تقدم بيانه برقم (912) .
(تنبيه) : ينتهى الحديث عند أبى داود بقوله: " إذا خافتا " وقال أبو داود بعده: " يعنى على أولادهما ... " فهى من قول أبى داود أدرجه المصنف فى الحديث!(4/64)
فصل فى المفطرات
(930) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " من ذرعه القىء فليس عليه قضاء , ومن استقاء عمدا فليقض " رواه أبو داود والترمذى (ص 224) .
* صحيح.
وقد مضى مع تخريجه برقم (923) .
(931) - (حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم ". رواه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أحد عشر نفسا (ص 224) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة بلغ عددهم فى تخريج الزيلعى فى " نصب الراية " ثمانى عشر شخصا , إلا أن الطرق إلى أكثرهم معللة , فأقتصر على ما صح منها , وأحيل فى الباقى على " نصب الراية " فقد شفى وأروى.
أولا: عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عنه طرق:
الأولى: عن أبى أسماء الرحبى عنه مرفوعا به.
أخرجه أبو داود (2367) والدارمى (2/14) وابن ماجه (1680) والسراج فى " جزء من حديثه " (ق 98/1) والطحاوى (1/349) وابن الجارود (386) وابن خزيمة (1962 و1963) وابن حبان (899) والحاكم (1/427) والبيهقى (4/265) والطيالسى (1/186) وأحمد (5/277 و280 و282 و283) من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء به.
ولفظ ابن حبان عن الأوزاعى: حدثنى يحيى بن أبى كثير , قال: حدثنى أبو(4/65)
قلابة أن أبا أسماء الرحبى حدثه عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لثمانى عشرة خلت من رمضان إلى البقيع , فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يحتجم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره.
وهكذا أخرجه الحاكم وقال: " قد أقام الأوزاعى هذا الإسناد فجوده , وبين سماعَكل واحد من الرواة من صاحبه , وتابعه على ذلك شيبان بن عبد الرحمن النحوى , وهشام بن أبى عبد الله الدستوائى , وكلهم ثقات , فإذن: الحديث صحيح على شرط الشيخين , قال أحمد بن حنبل: وهو أصح ما روى فى هذا الباب ".
قلت: ووافقه الذهبى , وإنما هو على شرط مسلم وحده , فإن أبا أسماء الرحبى واسمه عمرو بن مرثد الدمشقى , لم يرو له البخارى فى صحيحه , وإنما فى " الأدب المفرد ".
وليحيى بن أبى كثير أسانيد أخرى تأتى , وقد تابعه يحيى بن حمزة: حدثنى أبو المهلب راشد بن داود الصنعانى حدثنا أبو أسماء الرحبى به.
قلت: وهذا سند حسن , أخرجه البيهقى (4/266) .
الطريق الثانية: عن ابن جريج: أخبرنى مكحول أن شيخا من الحى [مصدقا] أخبره أن ثوبان مولى النبى صلى الله عليه وسلم أخبره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
أخرجه أحمد (5/282) والسياق له , وابن أبى شيبة (2/160/2) والزيادة له.
قلت: وهذا سند جيد فى المتابعات , وقد صح , فإن أبا داود سمى شيخ مكحول أبا أسماء الرحبى , رواه عن العلاء بن الحارث عن مكحول به.
الثالثة: عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان به.
أخرجه أحمد (5/276 و282) , وإسناده كالذى قبله.
الرابعة: عن معدان بن أبى طلحة عن ثوبان به.(4/66)
أخرجه السراج (98/1) عن بكير بن أبى السمط: حدثنا قتادة عن سالم بن أبى الجعد عن معدان به.
قلت: وإسناده ثقات رجال مسلم غير بكير بن أبى السمط , ففيه كلام , وفى " التقريب " أنه " صدوق ".
قلت: وقد خولف فى إسناده فقال شعبة: سعيد بن أبى عروبة: عن قتادة عن شهر بن حوشب بسنده المذكور فى الطريق الثالثة.
وقال أيوب أبو العلاء: عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/161/2) : يزيد بن هارون قال: أنبأنا أيوب به , وخالفه محمد بن يزيد وهو الواسطى فقال: حدثنا أبو العلاء يعنى القصاب عن قتادة عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن شداد بن أوس كما يأتى , وأيوب هذا هو ابن أبى مسكين صدوق له أوهام , فلعل قتادة له فى هذا الحديث أسانيد.
ثانيا: عن شداد بن أوس , يرويه أبو قلابة عن أبى أسماء عنه.
وقد اختلف فيه على أبى قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمى على وجوه:
1 ـ قتادة عنه بهذا.
رواه الإمام أحمد (4/124) : حدثنا محمد بن يزيد حدثنا أبو العلاء يعنى القصاب عنه.
2 ـ عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء به , فأدخل بينهما أبا الأشعث.
أخرجه أحمد (4/123 و124) والدارمى (2/14) وابن أبى شيبة (2/162/2) وابن حبان (900) والبيهقى (4/265) .
لكن أخرجه أحمد أيضا والطيالسى (1/187) والسراج والحاكم (1/428 ـ 429) من طرق أخرى عن عاصم به دون ذكر أبى أسماء فى(4/67)
مسنده. ويؤيده الوجه الآتى.
وتابعه داود بن أبى هند عن عبد الله بن زيد , وهو أبو قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء به.
أخرجه أحمد وابن أبى شيبة.
وتابعه أيضا أيوب عن أبى قلابة به.
أخرجه أحمد (4/123) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب به.
لكن خالفه حماد بن زيد ووهيب فقالا: عن أيوب به دون ذكر أبى أسماء فيه.
أخرجه أحمد (4/124) والحاكم (1/428) وأبو داود (2369) والبيهقى.
وكذا خالفه إسماعيل فقال: حدثنا أيوب عن أبى قلابة عمن حدثه عن شداد بن أوس به.
أخرجه أحمد (4/125) حدثنا إسماعيل به , وكذا قال ابن أبى شيبة.
قلت: وإسماعيل هو ابن علية.
ويرجح رواية هؤلاء متابعة جماعة من الثقات لأيوب عليه , وهو:
3 ـ خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد به.
أخرجه أحمد (4/122 ـ 123) والسراج (98/1) وسمى الرجل " معقل بن يسار " وابن حبان (901) .
وأخرجه الطحاوى (1/349) عن خالد ومنصور معا عن أبى قلابة به.
4 ـ يحيى بن أبى كثير: حدثنى أبو قلابة الجرمى أنه أخبره أن شداد بن أوس بينما هو يمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث.
هكذا أخرجه أحمد (5/283) عن شيبان عن يحيى وهكذا رواه أبو داود(4/68)
(2368) عن أحمد , ورواه ابن ماجه (1681) به عن يحيى عن أبى قلابة أنه أخبره أن شداد ... ولعله الصواب , فإن قوله عند أحمد " حدثنى " بدل " عن " لا معنى له مع قوله بعد " أنه أخبره ". والله أعلم.
وعلى كل حال , فهذا وجه رابع من الاختلاف فيه على أبى قلابة , فإنه أسقط من السند أبا الأشعث وأبا أسماء , ومعنى ذلك أنه أرسله.
وأولى الوجوه بالصواب عندى إنما هو الوجه الثانى لاتفاق جماعة من الثقات على روايته كذلك , وقد زادوا فى الإسناد على الوجوه الأخرى فقالوا: عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء. وزيادة الثقة مقبولة , وعلى هذا فيكون لأبى أسماء الرحبى فى هذا الحديث إسنادان: أحدهما عن ثوبان وقد مضى , والآخر عن شداد وهو هذا.
وقد أشار إلى هذا الإمام على بن المدينى , فروى البيهقى (4/266) بسنده عنه قال: " ما أرى الحديثين إلا صحيحين , وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما ".
يعنى ثوبان وشدادا , ففيه إشارة إلى ترجيح الوجه الذى ذكرنا , وهذا بخلاف ما روى البيهقى أيضا (4/267) بالسند المشار إليه عنه قال: " رواه عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد , رواه يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن ثوبان , ولا أرى الحديثين إلا صحيحين , فقد يمكن أن يكون سمعه منهما جميعا ".
فهذا ظاهره ترجيح الوجه الثالث الذى ليس فيه ذكر أبى أسماء , وهو مقتضى كلام البخارى , ففى " نصب الراية " (2/472) : " قال الترمذى فى " علله الكبرى ": قال البخارى: ليس فى هذا الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس , فذكرت له الاضطراب , فقال: كلاهما عندى صحيح , فإن أبا قلابة روى الحديثين جميعا (1) : رواه عن أبى
__________
(1) ويؤيد هذا ما روى السراج عقبهما بسنده الصحيح عن وهب بن جرير عن أبيه قال: عرضت على أيوب كتابا لأبي قلابة فإذا فيه: عن شداد بن أوس وثوبان. فاعرفه.(4/69)
أسماء عن ثوبان , ورواه عن أبى الأشعث عن شداد. قال الترمذى: وكذلك ذكروا عن ابن المدينى أنه قال: حديث ثوبان وحديث شداد صحيحان ".
قلت: والوجه عندى هو ما ذكرته , لأننا إذا رجحنا ما أشار إليه البخارى وشيخه ابن المدينى لزمنا أن نخطىء الثقات بدون حجة , وهذا لا يجوز. والله أعلم.
وعلى كل حال فالحديثان صحيحان كما قالوا , والأول أصح عندى للطرق الأخرى التى ذكرتها. وأشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله:
" هو أصح ما فى الباب " كما ذكره الحاكم عنه فيما تقدم.
(تنبيه) : عزا الزيلعى حديث أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد لأبى داود والنسائى وابن ماجه. وفيه نظر من وجهين:
الأول: إطلاق العزو للنسائى , فأوهم أنه أخرجه فى " الصغرى " له , ولم يخرجه إلا فى " الكبرى " له.
والآخر: عزوه لابن ماجه من هذا الوجه وهم , فإنه إنما أخرجه من طريق يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة مرسلا كما تقدم تحريره فى الوجه الرابع.
وقد شارك الحافظ ابن حجر الإمام الزيلعى فى هذين الوهمين , وزاد عليه فى الوهم الثانى أنه عزى فى " التلخيص " (190) طريق يحيى هذه لأبى داود والنسائى وابن ماجه والحاكم وابن حبان! ولم يخرجها أحد من هؤلاء سوى أبى داود وابن ماجه , ومرسلا كما ذكرنا.
ثالثا: عن رافع بن خديج يرويه يحيى بن أبى كثير أيضاً عن إبراهيم بن عبد الله ابن قارظ عن السائب بن يزيد عنه مرفوعا به.
أخرجه أحمد (3/465) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر به.
ومن هذا الوجه أخرجه الترمذى (1/148) والسراج (98/1) وابن خزيمة (1964) وابن حبان (902) والحاكم (1/428) والبيهقى (4/465) . ثم(4/70)
روى عن الإمام أحمد أنه قال: " تفرد به معمر ".
قال أبو حامد بن الشرفى: " وقد رواه معاوية بن سلام عن يحيى بن اأبن [1] كثير ".
قلت: قد وصله الحاكم وعنه البيهقى من طريق معاوية به , وعليه فيكون ليحيى بن أبى كثير فى هذا الحديث إسنادان موصولان: أحدهما عن ثوبان , والآخر عن رافع هذا , وأشار إلى ذلك البيهقى بقوله: " وكأن يحيى بن أبى كثير روى الحديث بالإسنادين جميعا ".
وقال الحاكم عقبه: " وليعلم أن الإسنادين ليحيى بن أبى كثير قد حكم لأحدهما أحمد بن حنبل بالصحة , وحكم على بن المدينى للآخر بالصحة , فلا يعلل أحدهما بالآخر , وقد حكم إسحاق بن إبراهيم الحنظلى لحديث شداد بالصحة ".
وقال الترمذى: " حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح , وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصح شىء فى هذا الباب حديث رافع بن خديج , وذكر على بن عبد الله أنه قال: أصح شىء فى هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس ".
وقال الزيلعى فى قول أحمد هذا: " وفيه نظر فإن ابن قارظ انفرد به مسلم ".
قلت: فالأصح مه هذه الأحاديث الثلاثة حديث ثوبان كما تقدم.
وقد ادعى بعض المحدثين أن إسناد حديث رافع هذا خطأ , وكأنهم قالوا ذلك بناء على قول أحمد أن معمرا تفرد به , وقد عرفت أنه قد توبع , فلا مطعن فى السند إن شاء الله تعالى.
رابعا: عن معقل بن سنان ـ قال الترمذى: ويقال: ابن يسار ـ يرويه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أبى}(4/71)
عطاء بن السائب قال: شهد عندى نفر من أهل البصرة منهم الحسن بن أبى الحسن على معقل بن سنان الأشجعى قال: مرّعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم فى ثمان عشرة من رمضان , فقال: " فذكره ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/162/2) وعنه الطحاوى (1/349) وأحمد (3/480) وابنه عبد الله فى زوائده عن محمد بن فضيل عن عطاء به.
وتابعه أحمد بن حميد حدثنا بن فضيل به.
وتابعه عمار بن زريق [1] عن عطاء به.
أخرجه أحمد (3/474) : حدثنا أبو الجواب: حدثنا عمار بن رزيق به.
وأخرجه النسائى فى " الكبرى " عن محمد بن فضيل به. ثم أخرجه من حديث سليمان بن معاذ عن عطاء بن السائب به وقال: " معقل بن يسار ".
ذكره الزيلعى (2/474) وقال: " وفى كتاب العلل " للترمذى: قلت لمحمد بن إسماعيل: حدثنى الحسن عن معقل بن يسار أصح , أو معقل بن سنان؟ فقال: معقل بن يسار أصح ".
قلت: ويؤيد هذا رواية خالد الحذاء بسنده عن شداد المتقدمة عند السراج وسندها صحيح , وهى فائدة عزيزة لم أجد من ذكرها , وهى شاهد قوى لحديث معقل هذا , وإن كان فى سنده انقطاع بينه , وبين الحسن , وكان عطاء قد اختلط , فإن موافقة حديثه لرواية خالد قد دلت على أنه قد حفظ.
خامسا: عن أنس بن مالك قال: " أول ما كرهت الحجامة للصائم ; أن جعفر بن أبى طالب احتجم وهو صائم , فمر به النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان , ثم رخص النبى صلى الله عليه وسلم بعد فى الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: رزيق}(4/72)
أخرجه الدارقطنى (239) وعنه البيهقى (4/268) وقال الأول منهما , وأقره الآخر: " كلهم ثقات , ولا أعلم له علة ".
وهو كما قالا , لكن أعله صاحب " التنقيح " بأنه شاذ الإسناد والمتن فراجع كلامه فى " نصب الراية " (2/480) وسكت عليه , وأما الحافظ فى " الدراية " (ص 179) فإنه لم يورد كلام الدارقطنى فيه ولا كلام " التنقيح " عليه. والله أعلم.
ثم رأيت الحافظ قد أورد الحديث فى " الفتح " من رواية الدارقطنى ثم قال (4/155) : " ورواته كلهم من رجال البخارى , إلاأن فى المتن ما ينكر , لأن فيه أن ذلك كان فى " الفتح " , وجعفر قتل قبل ذلك ".
كذا قال: وليس فى المتن , حتى ولا فى سياق الحافظ أن ذلك كان فى " الفتح " , فالله أعلم.
(فائدة) : حديث أنس هذا صريح فى نسخ الأحاديث المتقدمة " أفطر الحاجم والمحجوم ". ومثله ما أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/101/2) من طريق أخرى عن أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم بعدما قال: أفطر الحاجم والمحجوم ". وقال: " لم يروه عن أبى قلابة إلا أبو سفيان وهو السعدى واسمه طريف , تفرد به أبو حمزة ".
قلت: وطريف هذا ضعيف كما قال الحافظ فى " الدراية " و" التقريب ".
وأخرجه الدارقطنى (239) من طريق أخرى عن أنس وقال: " هذا إسناد ضعيف , واختلف عن ياسين الزيات وهو ضعيف ".(4/73)
وخير منه حديث أبى سعيد الخدرى قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القبلة للصائم , والحجامة ".
أخرجه الطبرانى (1/102/1) والدارقطنى من طريق المعتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبى المتوكل عن أبى سعيد به. وقال الدارقطنى: " كلهم ثقات , وغير معتمر يرويه موقوفا ".
وفى " الفتح " (4/155) : " وقال ابن حزم: صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب , لكن وجدنا من حديث أبى سعيد: أرخص النبى صلى الله عليه وسلم فى الحجامة للصائم. وإسناده صحيح , فوجب الأخذ به , لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة , فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما. انتهى
والحديث المذكور أخرجه النسائى (يعنى فى الكبرى) وابن خزيمة والدارقطنى , ورجاله ثقات , لكن اختلف فى رفعه ووقفه ".
قلت: قد توبع معتمر عليه , فقال الطبرانى: حدثنا إبراهيم (هو ابن هاشم) حدثنا أمية حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن حميد عن أنس مثله وزاد: " ولا تعذبوا أولادكم بالغمز من العذرة ". وقال: " لم يروه عن حميد إلا عبد الوهاب ".
قلت: وهو ثقة من رجال مسلم , وسائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم , وهو ابن هاشم بن الحسين أبو إسحاق البيع المعروف بـ (البغوى) قال الدارقطنى: ثقة , فالسند صحيح , ولا علة فيه سوى عنعنة حميد , لكنهم قد ذكروا أن حديثه عن أنس إنما تلقاه عن ثابت عنه , وثابت ثقة محتج به فى الصحيحين.
وعلى ذلك فلحميد فيه إسنادان:
أحدهما عن أبى المتوكل عن أبى سعيد.
والآخر عن أنس.
وله عن أبى المتوكل طريق أخرى , يرويه إسحاق بن يوسف الأزرق(4/74)
عن سفيان , عن خالد الحذاء عن أبى المتوكل به دون ذكر القبلة.
أخرجه الدارقطنى وكذا الطبرانى والبيهقى (4/264) وقال الدارقطنى: " كلهم ثقات , ورواه الأشجعى أيضا وهو من الثقات ".
قلت: ثم ساقه من طريق الأشجعى عن سفيان به وزاد: " والقبلة ".
قلت: فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه , وهو نص فى النسخ , فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله.
(932) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم , وهو صائم ". رواه البخارى (ص 224) .
* صحيح.
وله طرق عن ابن عباس:
الأولى: عن عكرمة عنه به.
أخرجه البخارى (4/155 و10/125 ـ فتح) وأبو داود (2372) والترمذى (1/149) وابن أبى شيبة (2/163/1) والطحاوى (1/350) والبيهقى (4/263) من طرق عن أيوب به.
وفى رواية للبخارى من طريق وهيب عن أيوب بلفظ: " احتجم وهو محرم , واحتجم وهو صائم ".
وتابعه جعفر بن ربيعة , والحسن بن يزيد (وفى نسخة: زيد) كلاهما عن عكرمة به , أخرجهما الطحاوى.
الثانية: عن مقسم عن ابن عباس بلفظ: " احتجم وهو صائم محرم ".(4/75)
أخرجه أبو داود (2373) والترمذى وابن ماجه (1682) والشافعى (1/257) والطحاوى والطيالسى (2700) وأحمد (1/286) والبيهقى من طرق عن يزيد بن أبى زياد عن مقسم به. وقال الترمذى عقبه: " حديث حسن صحيح ".
كذا قال , ويزيد بن أبى زياد فيه ضعف , فلعله يعنى الحديث بطريقيه , على أن ابن أبى زياد لم يتفرد به , فقال الطيالسى (2098) : حدثنا شعبة عن الحكم عن مقسم به , وأخرجه ابن أبى شيبة وابن الجارود (388) وأحمد (1/244 و286و 344) عن شعبة. وزاد الطيالسى وأحمد فى رواية به: " محرما " وعزاهالحافظ فى " التلخيص " (ص 189) لأصحاب السنن من طريق الحكم , ولم أره عند أحد منهم , ثم قال الحافظ: " لكن أعل بأنه ليس من مسموع الحكم عن مقسم ".
وأخرجه ابن أبى شيبة وأحمد (1/248) من طريق الحجاج عن الحكم به.
ولم يذكر ابن أبى شيبة " وهو محرم ". وزاد أحمد: " فغشى عليه , قال: فلذلك كره الحجامة للصائم " لكن الحجاج ـ وهو ابن أرطاة ـ ضعيف تدليسه.
قال الحافظ: " ورواه البزار من طريق داود بن على عن أبيه عن ابن عباس " وزاد فى آخر: " فغشى عليه ".
الثالثة: عن ميمون بن مهران عن ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ".
أخرجه الترمذى (1/146) , وعزاه الحافظ للنسائى , وكأنه يعنى فى " الكبرى " وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".(4/76)
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين , لكن طعن الإمام أحمد فيه , فإنه أورده من هذا الوجه بزيادة " محرم " كما فى الطريق الثانية ورواية الطيالسى فى هذه الطريق , فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فى رسالته فى الصيام (ص 93 ـ بتحقيقنا) : " قال مهنى: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم؟ فقال: ليس
بصحيح , وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ووجه الإنكار ما نقله الحافظ عن النسائى , فقال عنه: " واستشكل كونه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصيام والإحرام لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام فى السفر , ولم يكن محرما إلا وهو مسافر , ولم يسافر فى رمضان إلى جهة الإحرام إلا فى غزاة الفتح , ولم يكن حينئذ محرما ".
قال الحافظ: " قلت: وفى الجملة الأولى نظر , فما المانع من ذلك؟ فلعله فعل مرة لبيان الجواز , وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة , ثم ظهر لى أن بعض الرواة جمع بين الأمرين فى الذكر , فأوهم أنهما وقعا معا , والأصوب رواية البخارى: " احتجم وهو صائم , واحتجم وهو محرم " فيحمل على أن كل واحد منهما وقع فى حالة مستقلة , وهذا لا مانع منه , فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر , وهو فى " الصحيحين " بلفظ: " وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة , ويقوى ذلك أن غالب الأحاديث ورد مفصلا ".
فقلت: وهذا هو التحقيق , وبه يزول الإشكال إن شاء الله تعالى , ولكن ليس هناك ما يشعر بأن احتجامه صلى الله عليه وسلم وهو صائم كان فى سفر , فيحتمل أن يكون وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم فى السفر , ويحتمل أن يكون فى الحضر , فلا ضرورة حينئذ لإثبات أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر، فتأمل.
الرابعة: قال الطيالسى (2657) : حدثنا رباح عن عطاء عن ابن عباس(4/77)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم " (1) .
قلت: وهذا سند جيد , رجاله رجال مسلم , إلا أن رباحا ـ وهو ابن أبى معروف المكى ـ ضعفه بعضهم من قبل حفظه , وفى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون قد وهم فى هذا الحديث , فقد تابعه فى إسناده عمرو بن دينار , ولكن خالفه فى متنه فقال: " احتجم النبى صلى الله عليه وسلم وهو محرم " أخرجه البخارى (10/126) .
لكن تابعه أبو الزبير عن عطاء باللفظ الأول , أخرجه أحمد (1/299) .
وفى الباب عن أنس بن مالك رضى الله عنه: " أن أبا طيبة حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم , فأعطاه أجره , ولو كان حراما ما أعطاه ".
أخرجه الطحاوى (1/351) عن القاسم بن مالك عن عاصم عن أنس.
قلت: وهذا سند على شرط الشيخين , إلا أن القاسم هذا , فيه كلام وفى " التقريب ": " صدوق فيه لين ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون قوله " وهو صائم " زيادة منه , وهم فيها , فقد أخرج الإمام أحمد (3/100 و182 و282) من طريقين أحدهما عند البخارى (10/127) كلاهما عن أنس , وليس فيهما هذه الزيادة.
نعم له طريقان آخران عن الأعمش عن أنس به نحوه.
__________
(1) للحديث عند الطيالسي طريقان آخران عن ابن عباس كما تقدم , ومع ذلك فإن مرتبه الشيخ البنا رحمه الله لم يورد منها إلا هذه مما يؤكد أنه قد فاته أشياء قصدا أو سهوا.(4/78)
أخرجهما الطبرانى فى " الأوسط " (1/101/2) , وفى أحدهما الربيع بن بدر , وفى الآخر يوسف بن خالد السمني [1] , وكلاهما متروك. ثم وجدت له طريقاً رابعا.
وفيه شريك عن ليث , وكلاهما ضعيف. رواه ابن أبى شيبة (2/163/2) .
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة , لكن الطرق إليهم كلها معلولة , فمن شاء الاطلاع عليها فليراجع " مجمع الزوائد " (3/170) .
وجملة القول: أن حديث ابن عباس من الطريق الأولى صحيح لا مغمز فيه , فقول ابن القيم فى " زاد المعاد ": " ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم , وقد رواه البخارى "! مما لا يلتفت إليه , لأن ما نقله عن أحمد من إعلاله للحديث من طرق تقدم أكثرها ليس فيها طريق البخارى , فهى سالمة من الطعن , وقد أشار إلى رد قول ابن القيم هذا الحافظ فى " الفتح " بقوله (4/155) : " والحديث صحيح لا مرية فيه".
(933) - (حديث ابن عباس أنه: " كان يعد الحجام والمحاجم قبل مغيب الشمس , فإذا غابت احتجم " رواه الجوزجانى (ص 224) .
* لم أقف على إسناده , ولا وجدته فى شىء من المصادر التى عندى , وما أراه يصح
والمصنف أورده مستدلا به على أن حديث ابن عباس المتقدم " أنه صلى الله عليه وسلم احتج وهو صائم " منسوخ , قال: " لأن ابن عباس راويه كان يعد ... ".
وقد ثبت عن ابن عباس خلافه فقال ابن أبى شيبة (2/163/1) : وكيع عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس فى الحجامة للصائم , قال: " الفطر مما دخل وليس مما يخرج ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين , وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب الجنبى الكوفى.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: السمتى}(4/79)
فهذا نص صريح على أن ابن عباس يرى أن الحجامة لا تفطر , فرأيه موافق لروايته فيمكن قلب استدلال المصنف عليه , فيقال: إن الراوى أدرى بمرويه من غيره , فلو كان ما رواه منسوخا , لم يخف ذلك عليه إن شاء الله تعالى.
ويؤيده حديث أبى سعيد الخدرى وأنس فإنهما يدلان على أن حديث ابن عباس المرفوع محكم , وأن حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " هو المنسوخ , وقد خرجتهما قبل حديثين.
(934) - (حديث عائشة رضى الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم , ولكنه كان أملككم لإربه " رواه الجماعة إلا النسائى.
* صحيح.
وله عنها طرق كثيرة:
الأولى: عن الأسود عنها به.
أخرجه البخارى (1/480) ومسلم (3/135) وأبو داود (2382) والترمذى (1/141) وابن ماجه (1687) والطحاوى (1/346) وكذا الشافعى (1/261) وابن أبى شيبة (2/166/1) وابن خزيمة (1998) والبيهقى (4/230) وأحمد (6/42 و216 و230) ولأبى داود الطيالسى (1391) التقبيل منه فقط.
ولفظه: قالت: " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجهى , وهو صائم. تعنى: يقبلها ".
وفى رواية لأحمد (6/128) عن الأسود بن يزيد عنها قال: " قلت لعائشة: أيباشر الصائم يعنى امرأته؟ قالت: لا , قلت: أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يباشر وهو صائم؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أملككم لإربه ".
قلت: وهو بهذا السياق عن الأسود غريب , تفرد به جماعة عن إبراهيم(4/80)
عنه , وحماد هو ابن أبى سليمان مع فضله وفقهه فى حفظه ضعف , فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا فيه الثقات. ومن طريقه أخرجه البيهقى (4/232) .
الثانية: عن علقمة عنها.
أخرجه مسلم وأصحاب السنن إلا النسائى والشافعى وابن أبى شيبة وابن الجارود (391) والبيهقى (4/229 ـ 230) والطيالسى (1399) وأحمد (6/40 و42و 126 و174 و201 و266) عنه , ومنهم من قرنه مع الأسود.
الثالثة: عن شريح بن أرطاة مقرونا مع علقمة أنهما كانا عند عائشة , فقال أحدهما: سلها عن القبلة للصائم , فقال: لا أرفث عند أم المؤمنين , فقالت: فذكره.
أخرجه الطيالسى (1339) وأحمد (6/126) والبيهقى (4/229 ـ 230) .
الرابعة: عن مسروق عنها.
أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2001) والبيهقى (4/233) وأحمد (6/101 و156 و216 و252 و263) , قرنه الأولان بالأسود بن يزيد , وهو رواية لأحمد ولفظها عنده: " أتينا عائشة نسألها عن المباشرة للصائم , فاستحينا , فقمنا قبل أن نسألها فمشينا لا أدرى كم , ثم قلنا: جئنا نسألها , عن حاجة , ثم نرجع قبل أن نسألها؟ ! فرجعنا فقلنا: يا أم المؤمنين إنا جئنا لنسألك عن شىء فاستحينا , فقمنا! فقالت: ما هو؟ سلا ما بدا لكما , قلنا: أكان النبى صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: قد كان يفعل ذلك , ولكنه كان أملك لإربه منكم ".
ولفظ مسلم مختصر: " انطلقت أنا ومسروق إلى عائشة ".
ورواه الطحاوى أيضا (1/346) من الوجه الذى رواه مسلم لكن وقع عنده. " أنا وعبد الله بن مسعود ".(4/81)
وما أظنه إلا خطأ من بعض الرواة , وقد استدل به الطحاوى على أن ما روى عن ابن مسعود أنه قال عن القبلة للصائم: يقضى يوماً آخر , كان متقدما على ما حدثته عائشة به!
الخامسة: عن القاسم عنها به دون ذكر المباشرة.
أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2000) والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/39 و44) .
السادسة: عن عروة عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه , وهو صائم , ثم تضحك ".
أخرجه الشيخان ومالك (1/292/14) والدارمى (2/12) وابن أبى شيبة والشافعى (1/260) وأحمد (6/192 و241 و252 و280) والبيهقى.
السابعة: عن عمرو بن ميمون عنها بلفظ: " كان يقبل فى رمضان وهو صائم ".
أخرجه مسلم وأبو داود (2383) وابن ماجه (1683) والطحاوى وابن أبى شيبة والبيهقى والطيالسى (1534) وأحمد (6/130 و154 و252 و258 و364 ـ 365)
, وفى رواية للطحاوى بلفظ: " كان يقبلنى وأنا صائمة ".
قلت: وسنده صحيح , ويأتى له شاهد فى الطريق التاسعة.
الثامنة: عن على بن الحسين عنها مختصرا.
أخرجه مسلم والطحاوى وأحمد (6/282) .
التاسعة: عن طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمى عنها قالت: " أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلنى , فقلت: إنى صائمة! فقال: وأنا صائم , فقبلنى ".
أخرجه أبو داود (2384) وابن خزيمة (2004) والطحاوى وكذا(4/82)
الشافعى (1/260) والطيالسى (1523) وأحمد (6/134 و162 و175 ـ 176 و179 و269 ـ 270 و270) والبيهقى من طرق عن سعد بن إبراهيم عنه ولفظ أبى داود وهو رواية
لأحمد: " كان يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة " وإسناده صحيح على شرط البخارى.
العاشرة: عن عكرمة عنها بلفظ: " كان يقبل وهو صائم , ولكم فى رسول الله أسوة حسنة " أخرجه أحمد (6/192) بسند صحيح على شرط البخارى.
الحادية عشر: عن عائشة بنت طلحة عنها بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم , ثم يجعل بينه وبينها
ثوبا يعنى الفرج " أخرجه أحمد (6/59) بسند جيد وهو على شرط مسلم.
وهناك طرق أخرى لا ضرورة بنا إلى ذكرها , وهى عند الترمذى والطحاوى والطيالسى (1476 و1578) وأحمد (6/98 و162 و193 و223 و232 و242) .
وفى الباب عن جماعة من الصحابة منهم أم سلمة يرويه عبد الله بن فروخ. " أن امرأة سألت أم سلمة فقالت: إن زوجى يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة , فما ترين؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة ".
أخرجه الطحاوى (1/345) وأحمد (6/291 و320) بسند جيد وهو على شرط مسلم.(4/83)
وعن عمر بن أبى سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم , أيقبل الصائم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل هذه ـ لأم سلمة ـ فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك , فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله إنى لأتقاكم لله , وأخشاكم له ".
أخرجه مسلم (3/137) والبيهقى (4/234) .
(تنبيه) : فى هذا الحديث إشارة إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقبل أم سلمة , وذلك ما صرحت به فى الحديث الذى قبله.
وقد جاء ذلك عنها من طريقين آخرين صحيحين عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن زينب بنت أبى سلمة عنها عند الطحاوى (1/345) وأحمد (6/291 و300 و310 و318 و319) وهذا سند غاية فى الصحة.
وقد عارض ذلك ما روى موسى بن على عن أبيه عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص , قال: " قلت: لأم سلمة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل , وهو صائم؟ قالت: لا , قلت: فإن عائشة تخبر الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم , قالت: قلت: لعله كان لا يتمالك عنها حبا , أما أنا فلا ".
أخرجه الطحاوى (1/346) وأحمد (6/296 و317) وإسناده على شرط مسلم , وهو معارض أشد المعارضة لما تقدم بحيث لا يمكن التوفيق بينه وبينها إلا بالترجيح , ولا شك أن ماتقدم أصح منه لكثرتها , وغرابة هذا , لا سيما وموسى بن على وهو اللخمى المصرى وإن كان ثقة , واحتج به مسلم , فقد تكلم فيه بعضهم , فقال ابن معين: " لم يكن بالقوى " , وقال ابن عبد البر: " ما انفرد به فليس بالقوى " فهو علة هذا الإسناد , والله أعلم.
(تنبيه ثان) : وفى حديث عائشة من الطريق التاسعة , ما يرد ما رواه ابن حبان (904) من طريق محمد بن الأشعث عنها بلفظ:(4/84)
" كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يمس من وجهى شيئا وأنا صائمة ".
وهو بهذا اللفظ منكر كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم (962) .
(935) - (قوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: " ... وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما " (ص 225) .
* صحيح.
وقد مضى بتمامه مع تخريجه فى " الطهارة " رقم (90) .
(936) - (وروى أبو داود والبخارى فى تاريخه عن النبى صلى الله عليه وسلم: " أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم ".
* منكر.
أخرجه أبو داود (2377) واللفظ له , وكذا الدارمى (2/15) والبيهقى (4/262) وأحمد (3/476 و499 ـ 500) من طرق عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه وجده عن النبى صلى الله عليه وسلم به.
وقال أبو داود عقبه: " قال لى يحيى بن معين: وهو حديث منكر ".
وقال فى " مسائل الإمام أحمد " (ص 298) : " قلت لأحمد: عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة؟ فقال: هذا حديث منكر , يعنى هذا الحديث ".
وسكت البيهقى , فلم يحسنه , وتعقبه ابن التركمانى بقوله: " عبد الرحمن بن النعمان مختلف فيه , ضعفه ابن معين , وقال الرازى: " صدوق ".
قلت: وهذا التعقب ليس بشىء وإنما علة الحديث والد عبد الرحمن: النعمان بن معبد , فإنه مجهول كما فى " التقريب " , " والميزان ".
(937) - (قول ابن عباس: " لا بأس أن يذوق الخل والشىء يريد شراءه ". حكاه عنه أحمد والبخارى.(4/85)
* حسن.
علقه البخارى فى " صحيحه " (4/132 ـ فتح) , ووصله ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/161/2) من طريق جابر عن عطاء عن ابن عباس قال: " لا بأس أن يذوق الخل , أو الشىء ما لم يدخل حلقه وهو صائم ".
وجابر هو الجعفى وهو ضعيف , ثم رواه من طريق شريك عن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس قال: " لا بأس أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه , يمجه ".
وهذا سند حسن فى مثل هذا المتن.
وشريك هو ابن عبد الله القاضى وفيه ضعف من قبل حفظه , ومن طريقه رواه البيهقى (4/261) .
والحديث سكت عليه الحافظ فى " الفتح ".
(938) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " من نسى وهو صائم , فأكل أو شرب , فليتم صومه , فإنما أطعمه الله وسقاه " رواه الجماعة إلا النسائى (ص 226) .
* صحيح.
وله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن سيرين عنه به.
أخرجه البخارى (1/481) ومسلم (3/160) وأبو داود (2398) والترمذى (1/) والدارمى (2/13) وابن ماجه (1673) والدارقطنى (237) والبيهقى (4/229) وأحمد (2/395 و425 و491 و513) من طرق به , ولفظ أبى داود: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله إنى أكلت وشربت ناسيا , وأنا صائم؟ فقال: أطعمك الله وسقاك ".
وهو رواية للبيهقى. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطنى - وزاد: " ولا قضاء عليه " -:(4/86)
" إسناده صحيح , وكلهم ثقات ".
الثانية: عن خلاس بن عمرو عنه.
أخرجه البخارى (4/318) والترمذى وابن ماجه وابن الجارود فى " المنتقى " (389) والدارقطنى (238) والبيهقى وأحمد (2/395) كلهم قرنوه مع رواية ابن سيرين سوى ابن الجارود , وقال الدارقطنى: " هذا إسناد صحيح ".
الثالثة: عن أبى رافع عنه.
أخرجه ابن الجارود (390) والدارقطنى وأحمد (2/489) .
قلت: وإسناده صحيح.
الرابعة: عن أبى سلمة عنه بلفظ: " من أفطر فى شهر رمضان ناسيا , فلا قضاء عليه , ولا كفارة ".
أخرجه ابن حبان (906) والحاكم (1/430) وصححه على شرط مسلم! ووافقه الذهبى , وأخرجه الدارقطنى والبيهقى وقالا: " كلهم ثقات ".
قلت: وإسناده حسن.
الخامسة: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن عمه عنه.
أخرجه الدارمى , وإسناده حسن فى المتابعات.
وله عند الدارقطنى طرق أخرى عنه , لكنها معلولة فأضربنا عنها.
وله شاهدان:
الأول: عن أم إسحاق مولاة أم حكيم بنت دينار: " أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بقصعة من ثريد , فأكلت معه ,(4/87)
ومعه ذو اليدين , فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقا , فقال: يا أم إسحاق أصيبى من هذا , فذكرت أنى صائمة , فرددت يدى , لا أقدمها ولا أؤخرها , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ قالت: كنت صائمة فنسيت , فقال ذو اليدين: الآن بعدما شبعت؟ ! فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " أتمى صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك ".
أخرجه الإمام أحمد (6/367) عن بشار بن عبد الملك قال: حدثنتنى أم حكيم بنت دينار عنها.
قلت: وهذا سند ضعيف , أم حكيم هذه لا تعرف , وبشار مختلف فيه.
والشاهد الآخر: عن الحسن قال: بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مثل حديث أبى هريرة أخرجه أحمد (2/359 و493) .
وإسناده مرسل صحيح..
فصل
(939) - (حديث أبى هريرة: " أن رجلا قال: يا رسول الله وقعت على امرأتى وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا , قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا , قال: هل تجد إطعام ستين مسكينا؟ قال: لا , فسكت فبينما نحن على ذلك أتى النبى صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال: أين السائل خذ هذا تصدق به , فقال الرجل: على أفقر منى يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أفقر من أهل بيتى , فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه , ثم قال: أطعمه أهلك ". متفق عليه (ص 226 ـ 227) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/141 ـ 149 و151) و (2/130(4/88)
و 3/490 و4/133 ـ 134 و151و 278 ـ طبع أوربا) ومسلم (3/139) وأبو داود (2390) والترمذى (1/139) والدارمى (2/11) وابن ماجه (1671) وابن أبى شيبة (2/183 ـ 184) والطحاوى (1/328 ـ 329) وابن الجارود (384) والدارقطنى (251) والبيهقى (4/221 و222 و224 و226) وأحمد (2/208 و241 و281) من طرق كثيرة عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال: " بينما نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم إذا جاء رجل فقال: يا رسول الله هلكت! قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتى ... " الحديث وسياقه للبخارى.
ورواه مالك فى " الموطأ " (1/296/28) عن ابن شهاب به نحوه إلا أنه قال: " أفطر فى رمضان ". ولم يذكر الوقاع , وقال: " فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ". هكذا على التخيير لا الترتيب.
ومن طريق مالك أخرجه مسلم وأبو داود (2392) والدارمى والطحاوى والدارقطنى والبيهقى وأحمد (2/516) .
وهكذا رواه ابن جريج عن ابن شهاب به.
أخرجه مسلم والبيهقى وغيرهما. وقال الدارقطنى عقب رواية مالك: " تابعه يحيى بن سعيد الأنصارى وابن جريج وعبد الله بن أبى بكر , وأبو أويس , وفليح بن سليمان , وعمر بن عثمان المخزومى ويزيد بن عياض , وشبل والليث ابن سعد من رواية أشهب بن عبد العزيز عنه , وابن عيينة من(4/89)
رواية نعيم بن حماد عنه , وإبراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر عنه , وعبيد الله بن أبى زياد إلا أنه أرسله عن الزهرى , كل هؤلاء رووه عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة ; أن رجلا أفطر فى رمضان.
وخالفهم أكثر منهم عددا , فرووه عن الزهرى بهذا الإسناد أن إفطار ذلك الرجل كان بجماع , وأن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يكفر بعتق رقبة , فإن لم يجد فصيام شهرين , فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
منهم عراك بن مالك , وعبيد الله بن عمر , وإسماعيل بن أمية , ومحمد بن أبى عتيق , وموسى بن عقبة , ومعمر , وشعيب بن أبى حمزة , ومنصور بن المعتمر , وسفيان بن عيينة , وإبراهيم بن سعد , والليث بن سعد , وعبد الله بن عيسى , ومحمد بن إسحاق , والنعمان بن راشد , وحجاج بن أرطاة , وصالح بن أبى الأخضر , ومحمد بن أبى حفصة , وعبد الجبار بن عمر , وإسحاق بن يحيى العوصى , وهبار بن عقيل , وثابت بن ثوبان , وقرة بن عبد الرحمن , وزمعة بن صالح , وبحر السقا , والوليد بن محمد , وشعيب بن خالد , ونوح بن أبى مريم , وغيرهم.
قلت: فهؤلاء أكثر من ثلاثين شخصا اتفقوا على أن الرواية على الترتيب , وأن الإفطار كان بالجماع , فروايتهم أرجح لأنهم أكثر عددا , ولأن معهم زيادة علم , ومن علم حجة على من لم يعلم. وثمة مرجحات أخرى فانظر " الفتح " (4/145) .
قلت: ويمكن أن نضم إلى ثلاثين شخصا رجلا آخر , وهو هشام بن سعد.
فقد رواه أيضا عن الزهرى مثل رواية الجماهير عنه إلا أنه خالف فى إسناده فقال: " عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة به ". وزاد فى آخره: " وصم يوما واستغفر الله ".(4/90)
أخرجه أبو داود (2393) وابن خزيمة (1954) والدارقطنى (243 و252) والبيهقى (4/226 ـ 227) .
قلت: وهشام بن سعد مختلف فيه , والذى استقر عليه رأى المحققين أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , ومع المخالفة فلا يحتج به , كما فعل هنا , فإنه خالف فى السند كما عرفت , وفى المنن [1] فزاد فيه هذه الزيادة , لكنه لم يتفرد بها عن الزهرى , فقد تابعه إبراهيم بن سعد كما رواه أبو عوانة فى صحيحه على ما فى " التلخيص " (ص 196) , قلت: وقد
أخرجه البيهقى (4/326) من طريق إبراهيم بن سعد قال: وأخبرنى الليث بن سعد عن الزهرى عن حميد عن أبى هريرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: اقض يوما مكانه ".
وقال البيهقى: " وإبراهيم سمع الحديث عن الزهرى , ولم يذكر عنه هذه اللفظة , فذكرها عن الليث بن سعد عن الزهرى ".
كأنه يشير إلى حفظ إبراهيم بن سعد وضبطه , فإنه حين روى الحديث عن الزهرى مباشرة , لم يذكر هذه الزيادة , لأنه لم يسمعها منه , ولما رواه عن الليث عنه , ذكرها لأنه سمعها من الليث , وهذا حفظها من الزهرى.
ثم قال البيهقى: " ورواها أيضا أبو أويس المدنى عن الزهرى ".
ثم أخرج هو والدارقطنى (251) من طريق إسماعيل بن أبى أويس حدثنى أبى أن محمد ابن مسلم بن شهاب أخبره عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذى أفطر فى رمضان أن يصوم يوما مكانه " ثم قال البيهقى: " ورواه أيضا عبد الجبار بن عمر الأيلى عن الزهرى , وليس بالقوى "
ثم ساقه بسنده عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب به.
وقال الحافظ
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: المتن}(4/91)
فى " التلخيص " - بعد أن عزا رواية عبد الجبار هذه ورواية أبى أويس للدارقطنى , ولم أرَهذه عند الدارقطنى -: " وقد اختلف فى توثيقهما وتجريحهما ".
ويبدو أن عبد الجبار اضطرب فى إسناده , فرواه مرة كما سبق , ومرة أخرى قال: " حدثنى يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبى هريرة به ".
أخرجه ابن ماجه (1671) . وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 106/2) . " وعبد الجبار وإن وثقه ابن سعد , فقد ضعفه يحيى بن معين والبخارى وأبو داود والترمذى والنسائى والدارقطنى وغيرهم ".
قلت: ولحديث سعيد بن المسيب أصل ولكن مرسل , فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/183/2) : حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن المطلب بن أبى وداعة عن سعيد بن المسيب قال: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أفطرت يوما من رمضان , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: تصدق , واستغفر الله وصم يوما مكانه " (1) .
قلت: وهذا مرسل جيد الإسناد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير المطلب ابن أبى وداعة , نسب إلى جده , فإنه المطلب بن عبد الله بن أبى وداعة ابن أبى صبيرة ... أورده ابن أبى حاتم (4/1/359) برواية جماعة من الثقات عنه , ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " الثقات " من التابعين (1/231) وقال: " يروى عن حفصة وأبيه , وله صحبة. روى عنه ابنه إبراهيم بن المطلب , وهو ختن سعيد بن المسيب على ابنته , زوجه إياها على مهر درعين ".
وقد تابعه عطاء بن عبد الله الخراسانى عن سعيد بن المسيب به.
__________
(1) رواه سعيد بن منصور حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان به , كما فى " التلخيص ". اهـ.(4/92)
أخرجه مالك (1/297/29) وعبد الرزاق (7459) .
وعطاء هذا ثقة فيه ضعف , ولكنه مدلس إلا أنه صرح بالتحديث عند عبد الرزاق.
وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بمثل حديث الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة المتقدم , وزاد: " وأمره أن يصوم يوما مكانه ".
أخرجه ابن خزيمة (1955) وأحمد (2/208) والبيهقى (4/226) عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو به.
قلت: والحجاج مدلس وقد عنعنه.
ولهذه الزيادة طرق أخرى مرسلة , أوردها الحافظ فى " التلخيص " وفى " الفتح " (4/150) وقال فيه: " وبمجموع هذه الطرق تعرف أن لهذه الزيادة أصلا ".
وهو كما قال رحمه الله تعالى , فإنه من المستبعد جدا , أن تكون باطلة , وقد جاءت بهذه الطرق الكثيرة , لا سيما وفيها طريق سعيد المرسلة وهى وحدها جيدة.
وبذلك رددنا على ابن تيمية رحمه الله قوله بضعفها فى رسالة فى " الصيام " فيما علقناه عليها , وقد طبعت فى " المكتب الإسلامى ".
(940) - (وقال صلى الله عليه وسلم للمجامع: " صم يوما مكانه ". رواه أبو داود (ص 227) .
* صحيح. بمجموع طرقه وشواهده
وقد ذكرناها فى الذى قبله.
(941) - (" لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر امرأة المواقع بكفارة " وجعلوا كفارته على التخيير.
* ليس بحديث
والمصنف استنبط ذلك استنباطا من حديث أبى هريرة المتقدم.
(942) - (حديث: " عفى لأمتى عن الخطأ والنيسان " رواه النسائى.(4/93)
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى أول " باب الوضوء " (رقم 82) .
فصل
(943) - (عن ابن عمر مرفوعا [فى] قضاء رمضان: " إن شاء فرق وإن شاء تابع ". رواه الدارقطنى (ص 228) .
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (ص 244) من طريق سفيان بن بشر , حدثنا على بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى قضاء ... الحديث وقال: " لم يسنده غير سفيان بن بشر ".
قلت: ولم أجد له ترجمة , والبيهقى أشار إلى هذا الحديث بقوله (4/59) : " وقد روى من وجه ضعيف عن ابن عمر مرفوعا , وقد روى فى مقابلته عن أبى هريرة فى النهى عن القطع مرفوعا , وكيف يكون ذلك صحيحا , ومذهب أبى هريرة جواز التفريق , ومذهب ابن عمر المتابعة؟ ! وقد روى من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا فى جواز التفريق , ولا يصح شىء من ذلك ".
وقال ابن الملقن فى " الخلاصة " (101/2) عقب قول الدارقطنى المتقدم: " قلت: وهو غير معروف الحال , قاله ابن القطان , لا جرم قال البيهقى: " حديث لا يصح ". وخالف ابن الجوزى فصححه ".
وفى " المغنى إلى سنن الدارقطنى ".
" وقد صحح الحديث ابن الجوزى , وقال: ما علمنا أحدا طعن فى سفيان بن بشر ".
قلت: ولا علمت أحدا وثقه , وهذا هو صفة المجهول , فكيف يصحح(4/94)
حديثه , لا سيما والثابت عن ابن عمر المتابعة كما تقدم عن البيهقى , وقد أخرجه عنه ابن أبى شيبة (2/156/2) : حدثنا ابن علية عن معمر عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس فى قضاء رمضان: صمه كيف شئت , وقال ابن عمر: صمه كما أفطرته.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , ومن طريق ابن أبى شيبة رواه الدارقطنى (244) , ورواه عبد الرازق عن معمر به دون قول ابن عمر.
ولفظه: " يقضيه مفرقا , قال الله تعالى: (فعدة من إيام أخر) ".
وسكت عليه الحافظ فى " الفتح " (4/165) .
ثم روى ابن أبى شيبة من طريق نافع عن ابن عمر فى قضاء رمضان يتابع بينه.
وسنده صحيح أيضا.
وعن عطاء عن ابن عباس وأبى هريرة قالا: " لا بأس بقضاء رمضان متفرقا ".
وإسناده صحيح لولا عنعنة ابن جريج. ورواه الدارقطنى أيضا.
وفى رواية له من طريق عقبة بن الحارث عن أبى هريرة قال: " يواتره إن شاء ".
وإسناده صحيح , ورواه الدارقطنى أيضاً.
وقد روى عن أبى هريرة مرفوعا خلافه , يرويه عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عنه بلفظ: " من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه " أخرجه السراج فى " حديثه ـ رواية المخلدى عنه " (ق 99/2) والدارقطنى (243) والبيهقى (4/259) وقال الدارقطنى:(4/95)
" عبد الرحمن بن إبراهيم ضعيف ". وقال البيهقى: " ضعفه ابن معين والنسائى والدارقطنى ".
قلت: الرواية عن ابن معين مختلفة , ففى " الميزان ": " روى عباس عن يحيى: ليس بشىء " , وفى " اللسان " عن ابن أبى حاتم أنه روى عن ابن معين أنه قال: " هو ثقة ".
وذكره الساجى والعقيلى وابن الجارود فى " الضعفاء ".
وقال أبو حاتم: " ليس بالقوى , روى حديثا منكرا عن العلاء ".
قلت: لعله هذا فإنه بهذا الإسناد , أو حديث: " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " فإنه بهذا السند أيضا , أورده الذهبى فى ترجمته , كما أورد الأول , وصرح فيه بأنه من مناكيره.
لكن قال فيه أحمد: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: لا بأس به , أحاديثه مستقيمة وبالجملة: فهو مختلف فيه , والجمهور على تضعيفه وممن ضعفه غير من سبق أبو حاتم والنسائى فقالا: " ليس بالقوى ". وهو الذى اعتمده الذهبى فقال فى " الضعفاء ": " عبد الرحمن بن إبراهيم المدنى , قال النسائى: ليس بالقوى ".
وأورد قبله " عبد الرحمن بن إبراهيم القاص عن ابن المنكدر وقال: " ضعفه الدارقطنى ".
ففرق بينهما , ولا وجه له فيما نرى , فقد أورده فى " الميزان " كما أورده قبله. وقال عقب قوله: " ضعفه الدارقطنى ": " وهو بصرى , ويقال له: الكرمانى , وقيل: مدنى ".
وحديث أبى هريرة هذا أورده عبد الحق فى " الأحكام الكبرى " (93/1) من تخريج الدارقطنى , ثم قال: " رواه عبد الرحمن بن إبراهيم القاص , وقد أنكره عليه أبو حاتم ,(4/96)
ووثق , وضعف ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (195) : " وتعقبه ابن القطان بأنه لم ينص عليه , فلعله حديث غيره , قال: ولم يأت من ضعفه بحجة , والحديث حسن. قلت: قد صرح ابن أبى حاتم عن أبيه أنه أنكر هذا الحديث بعينه على عبد الرحمن ".
قلت: ولم أر هذا التصريح لا فى " الجرح " ولا فى " العلل " , فالله أعلم.
وقال ابن الملقن فى " الخلاصة " (101/2) بعد أن ذكر قول البيهقى المتقدم: " حديث لا يصح " وتضعيفه لعبد الرحمن: " وخالف ابن القطان فحسنه , وذكره ابن السكن فى سننه الصحاح ".
وخلاصة القول أنه لا يصح فى التفريق ولا فى المتابعة حديث مرفوع , والأقرب جواز الأمرين كما قال أبى هريرة رضى الله عنه.
(تنبيه) : تصحيح ابن الجوزى لحديث أبى هريرة المرفوع لم أقف عليه فى " التحقيق " فى النسخة المحفوظة فى المكتبة الظاهرية تحت رقم (301 ـ حديث) . والله أعلم.
(944) - (لقول عائشة: " لقد كان يكون على الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجىء شعبان " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/166 ـ فتح) ومسلم (3/154 ـ 115) وكذا مالك (1/308/54) وأبو داود (2399) وابن ماجه (1669)(4/97)
وابن خزيمة (2046 ـ 2048) والبيهقى (4/252) من طرق عن يحيى بن سعيد عن أبى سلمة قال: سمعت عائشة تقول
: فذكره. وزاد مسلم: " الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو برسول الله صلى الله عليه وسلم "
وفى رواية له: " وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وهى عند البخارى من قول يحيى بن سعيد , فهى مدرجة ويؤيده رواية أخرى لمسلم بلفظ: " فظننت أن ذلك لمكانها من النبى صلى الله عليه وسلم , يحيى يقوله ".
ثم أخرجه مسلم وابن الجارود (400) من طريق محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة به دون الزيادة بلفظ: " إن كانت إحدانا لتفطر فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم , فما نقدر على أن نقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتى شعبان".
وله طريق أخرى عنها بلفظ: " ما كنت أقضى ما يكون على من رمضان إلا فى شعبان , حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه الترمذى (1/150) وابن خزيمة (2049 ـ 1051) والطيالسى (رقم 1509) وأحمد (6/124 , 131 , 179) عن إسماعيل السدى عن عبد الله البهى عنها "
وقال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح ".
(945) - (حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما " متفق عليه (ص 228) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/286 ـ طبع أوربا) ومسلم (3/165) وكذا أبو داود (2448) والنسائى (1/321) والدارمى(4/98)
(2/20) وابن ماجه (1712) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/100) وفى " شرح المعانى " (1/342) والبيهقى (4/295 ـ 296) وأحمد (2/160) عن عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو به.
وله فى مسلم والنسائى (1/226) و" المسند " (2/164 , 190 , 200 , 205 , 216) طرق أخر عن ابن عمرو , وفى بعضها: " أفضل الصيام " وفى أخرى: " أعدل الصيام ".
(946) - (قول أبى هريرة: " أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر , وركعتى الضحى , وأن أوتر قبل أن أنام " متفق عليه (ص 228) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/197 ـ فتح) ومسلم (2/158 , 159) وكذا الدارمى (2/19) والبيهقى (4/293) وأحمد (2/459) من طرق عن أبى عثمان النهدى عن أبى هريرة به.
ورواه أحمد (2/263 , 384 , 513) من طريق ثابت عن أبى عثمان أن أبا هريرة كان فى سفر , فلما نزلوا , أرسلوا إليه وهو يصلى , فقال: إنى صائم , فلما وضعوا الطعام , وكاد أن يفرغوا , جاء , فقالوا: هلم فكل , فأكل , فنظر القوم إلى الرسول , فقال: ما تنظرون؟ ! فقال: والله لقد قال: إنى صائم , فقال أبو هريرة: صدق , وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صوم شهر الصبر , وثلاثة أيام من كل شهر , صوم الدهر كله " فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر , فأنا مفطر فى تخفيف الله , صائم فى تضعيف الله ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وروى النسائى (1/327) المرفوع منه.
ثم روى أحمد (2/353) من طريق أخرى عن أبى عثمان النهدى قال: " تضيفت أبا هريرة سبعا , فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل(4/99)
أثلاثا: يصلى هذا , ثم يوقظ هذا , ويصلى هذا ثم يرقد , ويوقظ هذا , قال: قلت: يا أبا هريرة كيف تصوم؟ قال: أما أنا فأصوم من أول الشهر ثلاثا , فإن حدث لى حادث كان آخر شهرى ".
قلت: وسنده صحيح أيضا.
وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أبى هريرة.
2 ـ عن أبى سعيد من أزد شنوءة عنه به.
أخرجه أبو داود (1432)
3 ـ عن الأسود بن هلال عنه.
أخرجه النسائى (1/327) وأحمد (2/331) .
4 ـ عن أبى الربيع عنه.
أخرجه الترمذى (1/146) وأحمد (2/277) .
5 ـ عن موسى بن طلحة عن أبى هريرة قال: " جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها , فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا , وأمسك الأعرابى , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: ما يمنعك أن تأكل؟ قال: إنى أصوم ثلاثة أيام من الشهر , قال: إن كنت صائما فصم الغد ".
أخرجه النسائى (1/328 ـ 329) وابن حبان (945) وأحمد (2/336 , 346) من طريق عبد الملك بن عمير عن موسى به.
قلت: وعبد الملك بن عمير ثقة فقيه , لكنه تغير حفظه , وربما دلس كما قال الحافظ فى " التقريب " وقد خولف فى إسناده , كما بينه النسائى ثم قال: " الصواب عن أبى ذر ".
قلت: وهو رواية لابن حبان من طريق أخرى عن موسى بن طلحة , ومما(4/100)
يرجح أن الحديث ليس عن أبى هريرة ما تقدم فى بعض الروايات من الطريق الأولى عن أبى هريرة أنه كان يصوم الثلاثة أيام فى أول الشهر , فلو كان الحديث: " فصم الغد " وهى الأيام البيض لم يخالف ذلك إن شاء الله تعالى.
6 ـ عن سليمان بن أبى سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول: " أوصانى خليلى بثلاث , ولست بتاركهن فى سفر ولا حضر ... " الحديث وزاد فى ركعتى الضحى: " فإنها صلاة الأوابين ".
أخرجه أحمد (2/505) عن العوام وسنده صحيح على شرط الشيخين , وبه أخرجه الدارمى (2/18 ـ 19) لكن بدون الزيادة , وقد وقعت عند أحمد أيضا (2/265) من طريق أخرى عن العوام وهو ابن حوشب: حدثنى من سمع أبا هريرة يقول.
وبقيت طرق أخرى , وفيما ذكرنا كفاية , فمن شاء المزيد فليراجعها فى " المسند " (2/229 , 233 , 254 , 260 , 329 , 472 , 473 , 489) عن الحسن البصرى عنه و (2/258 , 311 , 402 , 484 , 497 , 526) من الطرق الأخر عنه.
(تنبيه) : وقع فى طريق الحسن البصرى " غسل الجمعة " بدل " صلاة الضحى " وكذلك وقع فى طريق الأسود بن هلال المتقدمة إلا فى رواية للنسائى , وكذا وقع فى بعض الطرق المشار إليها فى المسند , وكل ذلك شاذ والصواب رواية الجماعة " وركعتى الضحى " ويؤيده قول قتادة أحد رواته عن الحسن: " ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة ". رواه أحمد (2/271 , 489) .
(947) - (وعن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " حسنه الترمذى (ص 228) .(4/101)
* حسن.
أخرجه الترمذى (1/146) وكذا النسائى (1/329) وابن حبان (رقم 943 , 944) والبيهقى (4/294) والطيالسى (رقم 475) وأحمد (5/162 , 177) من طريق يحيى بن سام عن موسى بن طلحة قال: سمعت أبا ذر يقول: فذكره. وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وهو كما قال إن شاء الله تعالى , ويحيى بن سام لا بأس به , وقد توبع عليه وخولف فى سنده , فقيل: عن أبى هريرة , وقيل غير ذلك , ورجح النسائى قول يحيى: عن أبى ذر كما تقدم فى الحديث الذى قبله.
وللحديث طريق أخرى بلفظ: " من صام من كل شهر ثلاثة أيام , فذلك صيام الدهر , فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك فى كتابه (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) اليوم بعشرة أيام ".
أخرجه الترمذى وابن ماجه (1708) من طريق أبى عثمان النهدى عن أبى ذر مرفوعا به , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده على شرط الشيخين.
(تنبيه) : عزا الحديث باللفظ الأول الحافظ المنذرى فى " الترغيب " (2/84) لابن ماجه أيضا , وذكر أنه زاد: " فأنزل الله تصديق ذلك ... "
وهذا ليس بجيد , فإن ابن ماجه لم يروه إلا باللفظ الثانى , وهو الذى فيه هذه الزيادة , ثم إنه ليس من أفراد ابن ماجه فقد رواه الترمذى أيضا! !.
(948) - (لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصومهما (الإثنين والخميس) فسئل عن ذلك فقال: " إن الأعمال تعرض يوم الإثنين والخميس " رواه أبو داود (ص 229) .(4/102)
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2436) وكذا الدارمى (2/19 ـ 20) وابن أبى شيبة (2/160/1) والطيالسى (632) وعنه البيهقى (4/293) وأحمد (5/200 , 204 ـ 205 , 208 ـ 209) من طريق مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد عن أسامة بن زيد به.
قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة , وبهما أعله المنذرى فى " الترغيب " (1/85) .
قلت: لكن له طريق أخرى فقال الإمام أحمد (5/201) : حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا ثابت بن قيس أبو غصن: حدثنى أبو سعيد المقبرى حدثنى أسامة بن زيد قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام , يسرد حتى يقال: لا يفطر , ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم , إلا فى يومين من الجمعة إن كانا فى صيامه وإلا صامهما , ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان , فقلت: يا رسول الله , إنك تصوم لا تكاد أن تفطر , وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا فى صيامك وإلا صمتهما , قال: أى يومين؟ قال: قلت: يوم الإثنين ويوم الخميس , قال: ذانك يومان تعرض فيها الأعمال على رب العالمين , وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم , قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان , قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان , وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين , فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم ".
ورواه النسائى (1/322) عن عبد الرحمن به.
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ثابت بن قيس قال النسائى: " ليس به بأس " وقال أحمد ثقة. وقال أبو داود: ليس حديثه بذاك.
وقال المنذرى فى " مختصر السنن " (3/320) : " وهو حديث حسن ".
وله طريق ثالثة: عن شرحبيل بن سعد عن أسامة قال:(4/103)
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الإثنين والخميس , ويقول: إن هذين اليومين تعرض فيهما الأعمال ".
أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " (رقم 2119) , وشرحبيل بن سعد هو أبو سعد الخطمى المدنى وفيه ضعف , لكن الحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث لا شك فى صحته.
لا سيما وله شاهد من حديث أبى هريرة وهو الآتى بعده.
(949) - (وفى لفظ: " وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم " (ص 229) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/144) : حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو عاصم عن محمد بن رفاعة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا: " تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس , فأحب ... ".
وأخرجه الإمام أحمد بهذا الإسناد منه , فقال (2/329) : حدثنا أبو عاصم به , ولفظه: " كان أكثر ما يصوم الإثنين والخميس , قال: فقيل له؟ فقال: إن الأعمال تعرض كل إثنين وخميس , أو كل يوم إثنين وخميس , فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن إلا المتهاجرين فيقول: أخرهما ".
وكذلك رواه الدارمى (2/20) بهذا الإسناد والمتن , دون قوله: " فيغفر الله ... " ورواه ابن ماجه (1740) بتمامه بلفظ " كان يوم الإثنين والخميس " دون عرض الأعمال.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وقال المنذرى بعد عزوه لابن ماجه: " رجاله ثقات ". وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 110/2) : " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات "!
قلت: ومحمد بن رفاعة فى عداد المجهولين عندى , فإنه لم يوثقه غير ابن(4/104)
حبان , ولم يرو عنه غير أبى عاصم الضحاك بن مخلد , فمثله لا تساعد القواعد العلمية على تحسين حديثه بله تصحيحه , وتوثيق ابن حبان لا يعتد به لتساهله فيه كما نبهنا عليه مراراً , زد على ذلك أنه قد خولف ابن رفاعة فى متن الحديث فقال مالك فى " الموطأ " (2/908/17) : عن سهيل بن أبى صالح به بلفظ: " تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس , فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً , إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء , فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا ,انظروا هذين حتى يصطلحا ".
وأخرجه مسلم (8/11) من طريق مالك وجرير وعبد العزيز الدراوردى عن سهيل به.
وتابعهم معمر عن سهيل , أخرجه أحمد (2/268) .
وتابع سهيلا مسلم بن أبى مريم عند مسلم ومالك.
وتابع أبا صالح أبو أيوب مولى عثمان عن أبى هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ: " إن أعمال بنى آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم ".
أخرجه أحمد (2/484) والبخارى فى " الأدب المفرد " (61) وإسناده ضعيف.
ورواه الطبرانى (1/22/2) من حديث أسامة بن زيد نحوه. وفيه موسى بن عبيدة ضعيف.
وجملة القول أن إسناد الحديث ضعيف , وإنما يتقوى بحديث أسامة بن زيد الذى قبله , والله أعلم.
وعن ربيعة بن الغاز أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان يتحرى صيام الإثنين والخميس ".(4/105)
أخرجه النسائى (1/306) والترمذى (1/143) وحسنه وابن ماجه (1739) وأحمد (6/80 , 89 , 106) وإسناده صحيح , وفيه اختلاف بينه النسائى , ولكن لا يضره إن شاء الله تعالى.
(950) - (حديث أبى أيوب مرفوعا: " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر " رواه مسلم وأبو داود (ص 229) .
* صحيح.
رواه مسلم (3/169) وأبو داود (2433) وكذا الترمذى (1/146) والدارمى (2/21) وابن ماجه (1716) وابن أبى شيبة (2/180/2) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/117 ـ 119) والبيهقى (4/292) والطيالسى (رقم 594) وأحمد (5/417 و419) من طرق كثيرة عن سعد بن سعيد أخى يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصارى عن أبى أيوب به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: سعد بن سعيد صدوق سىء الحفظ كما فى " التقريب " , وقد أخذ هذا من قول الترمذى عقب الحديث: " قد تكلم بعض أهل الحديث فى سعد بن سعيد من قبل حفظه ".
ولذلك قال الطحاوى: " هذا الحديث لم يكن بالقوى فى قلوبنا من سعد بن سعيد , ورغبة أهل الحديث عنه , حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة فى الرواية والتثبت , ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت: صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصارى وعبد ربه بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ثم ساق أسانيده إليهم بذلك , فصح الحديث والحمد لله , وزالت شبهة سوء حفظه سعد بن سعيد.
وحديث صفوان بن سليم , أخرجه أبو داود أيضا والدارمى مقرونا برواية سعد بن سعيد.(4/106)
ويزداد الحديث قوة بشواهده , وهى كثيرة فمنها:
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا به نحوه وزاد: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
أخرجه ابن ماجه (1715) والدارمى والطحاوى (3/119 , 120) وابن حبان (928) والبيهقى (4/293) وأحمد (5/280) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (2/362) من طرق عن يحيى بن الحارث الذمارى عن أبى أسماء الرحبى عنه.
ولفظ الطحاوى: " جعل الله الحسنة بعشرة , فشهر بعشرة أشهر , وستة أيام بعد الفطر تمام السنة ".
وهكذا أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " كما فى " الترغيب " (2/75) وإسنادهم جميعا صحيح.
وراجع بقية الشواهد فى " الترغيب " و" مجمع الزوائد " إن شئت.
(951) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ". رواه مسلم (ص 229) .
* صحيح.
رواه مسلم (3/169) وكذا أبو داود (2429) والترمذى (1/143) والدارمى (2/21) وابن ماجه (1742) والطحاوى فى " المشكل " (2/100) وابن خزيمة (2076) والبيهقى (4/291) وأحمد (2/303 و329 و342 و344 و535) من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميرى عنه. وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: ولا أدرى لمَلم يصححه فإن إسناده صحيح غاية.
وللحديث شاهد من رواية جندب بن سفيان البجلى رضى الله عنه(4/107)
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (1/85/1) والبيهقى (4/291) من طرق عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عنه.
وقال المنذرى (2/78) . " رواه النسائى والطبرانى بإسناد صحيح ".
قلت: فيه نظر لأن عبد الملك بن عمير يدلس وكان تغير كما سبق نقله عن الحافظ فى الحديث (946) , وإطلاق العزو للنسائى يشعر بأنه يعنى " الصغرى " وليس الحديث فيها! ثم رأيت ابن أبى حاتم قد ذكر عن أبى زرعة أنه أعلّ الحديث بعبيد الله بن عمرو وأن جماعة خالفوه فرووه عن ابن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميرى عن أبى هريرة. وقال: " وهو الصحيح ".أنظر " العلل " (1/260) .
(952) - (حديث أبى قتادة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى صيام عاشوراء: " إنى أحتسب على الله أن يكفر السنة التى بعده " رواه مسلم (ص 229) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/167 و167 ـ 168) وكذا أبو داود (2425 و2426) والبيهقى (4/286 و293 و300) وأحمد (5/297 و308 و311) عن عبد الله بن معبد الزمانى عن أبى قتادة: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما رأى عمر رضى الله عنه غضبه , قال: رضينا بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد نبيا , نعوذ بالله من غضب الله , وغضب رسوله , فجعل عمر رضى الله عنه يردد هذا الكلام , حتى سكن غضبه , فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر , أو قال: لم يصم ولم يفطر , قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام , قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أنى طوقت ذلك , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كل شهر , ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله , صيام يوم(4/108)
عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله , والسنة التى بعده , وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله "
هذه رواية مسلم وأبى داود , وفى رواية لهما وهو رواية أحمد والبيهقى: " قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه , ويوم بعثت أو أنزل على فيه , قال وسئل عن صوم يوم عرفة , فقال: يكفر السنة الماضية والباقية , قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء , فقال: يكفر السنة الماضية ".
وأخرج النسائى (1/324) الرواية الأولى دون صوم عرفة وعاشوراء , والترمذى (1/144 , 145) مفرقا وكذا ابن ماجه (1730 و1738) والطحاوى (335 و338) صوم اليومين المذكورين فقط وقال الترمذى: " حديث حسن ".
كذا قال. وهو حديث صحيح رجاله كلهم ثقات لا مغمز فيهم , لا سيما وله طريق أخرى عن أبى قتادة.
أخرجه البيهقى (4/283) وأحمد (5/296 و304 و307) عن أبى حرملة حرملة بن إياس الشيبانى عنه بحديث عرفة وعاشوراء فقط.
وإسناده جيد فى المتابعات , وفى تسمية راويه عن أبى قتادة اختلاف ذكره الحافظ فى ترجمة حرملة هذا من " التهذيب " والصواب كما قال أبو بكر بن زياد النيسابورى أنه حرملة المذكور , ورواه ابن أبى شيبة (2/165/2) فأسقطه من الإسناد , أو هكذا وقعت الرواية له.
وللحديث شاهد أورده المنذرى فى " الترغيب " (2/76 و78) عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً بلفظ: " من صام يوم عرفة , غفر له سنة أمامه , وسنة خلفه , ومن صام عاشوراء غفر له سنة ".
وقال: " ورواه الطبرانى فى " الأوسط " بإسناد حسن "(4/109)
كذا قال , وهو من أخطائه , فقد أورده الهيثمى أيضا (3/189) بهذا اللفظ , ثم قال: " رواه البزار , وفيه عمر بن صهبان , وهو متروك , والطبرانى فى " الأوسط " باختصار يوم عاشوراء , وإسناد الطبرانى حسن ".
قلت: فيتحرر من كلامه ثلاثة أمور:
الأول: أن اللفظ المذكور ليس للطبرانى , وإنما للبزار.
الثانى: أن إسناد البزار ضعيف جدا.
الثالث: أن إسناد الطبرانى حسن كما قال المنذرى.
وفى هذا الأمر الأخير نظر ظاهر , فقد وقفت على إسناد الطبرانى فى " زوائد المعجمين " (1/104/2) فرأيته من طريق سلمة بن الفضل حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عطية عن أبى سعيد.
وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء , عطية وهو العوفى فمن دونه , فلا أدرى كيف اتفق المنذرى والهيثمى على تحسينه , ووجود واحد منهم فى إسناد ما يمنع من تحسينه , فكيف وفيه ثلاثتهم؟ !
(تنبيه) : وقع الحديث فى الكتاب بلفظ " السنة التى بعده ". وكذلك وقع فى " الترغيب " (2/78) , وكل ذلك وهم , والصواب " قبله " كما تقدم فى التخريج , وقد ذكره المؤلف بعد حديثين على الصواب بلفظ " ماضية ".
(953) - (حديث ابن عباس مرفوعا: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ". رواه البخارى (ص 229) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/246 طبع أوربا ـ عيدين) وأبو داود (2438) والترمذى (1/145) والدارمى (2/25) وابن ماجه (1727) والبيهقى (4/284) والطيالسى (رقم 2631) وأحمد (1/346) من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عنه به. واللفظ للترمذى وتمامه:(4/110)
" فقالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد فى سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء ".
وقال: " حديث حسن صحيح ".
(تنبيه) : عزا الحديث الحافظ عبد الحق الأشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 94/2) وفى الأحكام الصغرى) (ق 91/2) للترمذى فقط!.
(954) - (وعن حفصة قالت: " أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء والعشر , وثلاثة أيام من كل شهر , والركعتان قبل الغداة ". رواه أحمد والنسائى (ص 229) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (6/287) والنسائى (1/328) من طريق أبى إسحاق الأشجعى ـ كوفى ـ عن عمرو بن قيس الملائى عن الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد الخزاعى عنها.
قلت: وهذا إسناد ضعيف. رجاله ثقات غير أبى إسحاق الأشجعى فهو مجهول , على أن الرواة اختلفوا على الحر بن الصباح اختلافا كبيرا فى إسناده ومتنه , زيادة ونقصا , ولذلك قال الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية ": " هو حديث ضعيف ". وقد تكلمت على الاختلاف المذكور وذكرت الراجح منه فى " صحيح أبى داود " (2106) .
(955) - (حديث أبى قتادة مرفوعا: " صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة , وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية ". رواه الجماعة إلا البخارى والترمذى (ص 229) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه قبل حديثين.
وقول المصنف " ... إلا البخارى والترمذى ". قلد فيه ابن تيمية فى " المنتقى من أخبار المصطفى " والصواب استثناء البخارى وحده من الجماعة فإن الترمذى قد أخرجه كما(4/111)
سبق ذكره هناك , وأما النسائى فلم يخرجه فى سننه الصغرى , كما نبهنا عليه فى المكان المشار إليه نعم عزاه إليه المنذرى فى " الترغيب " (2/76) فالظاهر أنه يعنى سننه الكبرى , والله أعلم.
(فائدة) : أخرج ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/164/2) من طريق الهجرى عن أبى عياض عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " صوم عاشوراء يوم كانت تصومه الأنبياء , فصوموه أنتم ".
قلت: وهذا منكر بهذا اللفظ , وعلته الهجرى واسمه إبراهيم بن مسلم , قال الحافظ: " لين الحديث ". والثابت فى " الصحيحين " وغيرهما أن " موسى وقومه صاموه ".
(956) - (حديث: " صوم يوم التروية كفارة سنة ". الحديث. رواه أبو الشيخ فى الثواب وابن النجار عن ابن عباس مرفوعا (ص 229) .
* ضعيف.
على أحسن الأحوال فإنى لم أقف على سنده لنتمكن من دراسته وإعطائه ما يستحقه من النقد بدقة. والمصنف قد نقله عن السيوطى , وهذا أورده فى جامعيه " الصغير " و" الكبير " وقد نص فى مقدمة هذا أن كل ما عزاه من الأحاديث للعقيلى فى " الضعفاء " أو لابن عدى فى " الكامل " أو للخطيب , أو لابن عساكر فى تاريخه أو للحكيم الترمذى فى " نوادر الأصول " , أو للحاكم فى " تاريخه " , أو لابن النجار فى " تاريخه " أو الديلمى فى " مسند الفردوس " , قال: " فهو ضعيف " فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه ".
بل قال ابن الجوزى كما فى " تدريب الراوى ": " ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول , أو يخالف المنقول , أو يناقض الأصول , فاعلم أنه موضوع. قال: ومعنى مناقضته(4/112)
للأصول , أن يكون خارجا عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة ".
فالحديث بهذ المعنى موضوع لكونه خارجا عن المسانيد والكتب المشهورة , ولذلك قلت فيه أنه ضعيف على أحسن الأحوال , والله أعلم.
ثم وقفت والحمد لله على إسناده عند الديلمى فى " مسند الفردوس " , (2/248) من رواية أبى الشيخ عن على بن على الحميرى عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس به.
قلت: وهذا موضوع , آفته الكلبى , واسمه محمد بن السائب , قال الحافظ: " متهم بالكذب ".
قلت: قد قال هو نفسه لسفيان الثورى: " كل ما حدثتك عن أبى صالح فهو كذب "!
وعلى بن على الحميرى ترجمه ابن أبى حاتم (3/1/197) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(957) - (روى عن أحمد عن خرشة بن الحر قال: " رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها فى الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " (ص 230) .
* صحيح.
وليس هو فى " المسند " للإمام أحمد , فهو فى بعض كتبه الأخرى التى لم تصل إلينا , وقد أخرجه ابن أبى شيبة فى "المصنف " (2/182/2) : أبو معاوية عن الأعمش عن وبرة بن عبد الرحمن عن خرشة بن الحر به.
قلت: وهذا سند صحيح.
وأخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/106/1) : حدثنا محمد بن المرزبان الأدمى حدثنا الحسن بن جبلة الشيرازى أخبرنا سعيد بن الصلت عن الأعمش به ولفظه:(4/113)
" ويقول: رجب , وما رجب؟ ! إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية , فلما جاء الإسلام ترك ". والباقى مثله. وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا سعيد تفرد به الحسن ".
كذا قال: وقد رواه عن الأعمش أبو معاوية أيضا كما سبق , وأما الحسن فقال الهيثمى فى " المجمع " (3/191) : " لم أجد من ذكره , وبقية رجاله ثقات ".
قلت: وأما شيخه سعيد , فهكذا وقع فى النسخة وهى بخط الحافظ السخاوى " سعيد " بالمثناة التحتية بعد العين , والصواب " سعد " بإسقاط المثناة كذلك أورده ابن أبى حاتم (2/1/86) وابن حبان فى أتباع التابعين من كتابه " الثقات " (2/107) وقال: " من أهل فارس من شيراز , يروى عن الأعمش وإسماعيل بن أبى خالد ... ربما أغرب ".
وبالجملة فالاعتماد فى تصحيح هذا الأثر إنما هو على سند ابن أبى شيبة , وأما هذا فلا بأس به فى المتابعات. وعزاه ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/162/1) لسعيد بن منصور من طريق أخرى عن وبرة مثل رواية ابن أبى شيبة..
(958) - (وبإسناده عن ابن عمر أنه: " كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه وقال: صوموا منه وأفطروا " (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شبة (2/182/2) : وكيع عن عاصم بن محمد عن أبيه قال: فذكره دون قوله: " صوموا منه وأفطروا ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
ولم أقف الآن على سند أحمد لنعرف منه صحة هذه الزيادة " صوموا وأفطروا " وإن كان يغلب على الظن صحتها , وهى نص على أن نهى عمر رضى(4/114)
الله عنه عن صوم رجب المفهوم من ضربه للمترجبين كما فى الأثر المتقدم ليس نهيا لذاته بل لكى لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان , وهذا ما صرح به بعض الصحابة , فقد أورد ابن قدامة فى " المغنى " (3/167) عقب أثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبى بكرة: " أنه دخل على أهله , وعندهم سلال جدد وكيزان , فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه , فقال: أجعلتم رجب رمضان؟ ! فأكفأ السلال وكسر الكيزان ".
ثم قال ابن قدامة عقبه: " قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه , وإلا فلا يصومه متواليا , يفطر فيه , ولا يشبه برمضان ".
ويظهر أن رأى ابن عمر فى كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه فى زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم , فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبى بكر: " أرسلتنى أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغنى أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم فى الثوب , وميثرة الأرجون , وصوم رجب كله! فقال لى عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد ... ".
أخرجه مسلم (6/139) وأحمد (1/26) .
وعليه يشكل قوله فى هذه الرواية: " فكيف بمن يصوم الأبد " , فقد فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه , وأخبار منه أنه يصوم رجبا كله , وأنه يصوم الأبد. كما فى شرح مسلم للنووى , و" السراج الوهاج " لصديق حسن خان (2/285) .
فلعل التوفيق بين صومه لرجب , وكراهته لذلك , أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به , فأما صيامه فى جملة ما يصوم
فليس(4/115)
مكروها عنده. والله أعلم.
لكننا نرى أن صوم الدهر لا يشرع , ولو لم يكن فيها أيام العيد المنهى عن صيامها لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صام ولا أفطر ".
رواه مسلم وغيره كما تقدم فى الحديث (952) . وراجع لهذا " السراج الوهاج " (1/387 ـ 388) .
ومن الغريب أن المؤلف رحمه الله لم يتعرض لصوم الدهر بذكر البتة , وإن كان صنيعه يشعر بجوازه عنده لأنه ذكر ما يكره وما يحرم من الصوم ولم يذكر فيه صوم الدهر. واختار ابن قدامة رحمه الله أنه مكروه فراجع كتابه " المغنى " (3/167) .
(959) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوماً بعده ". متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/203 فتح البارى) ومسلم (3/154) وأبو داود (2420) والترمذى (1/143) وابن أبى شيبة (2/160/1) وعنه ابن ماجه (1773) وابن خزيمة (2158) والبيهقى (4/302) وأحمد (2/495) من طريق الأعمش عن أبى صالح عنه به مع اختلاف يسير وليس عند أحد منهم النون المشددة فى " لا يصوم " , اللهم إلا فى رواية الكشميهنى للبخارى.
وله طرق أخرى كثيرة عن أبى هريرة عند الطحاوى (1/339) وابن أبى شيبة (2/160/2) والطيالسى (2595) وأحمد (2/422 و458 و526) , وكلها فى المعنى واحد , إلا ما رواه معاوية بن صالح عن أبى بشر عن عامر بن لدين الأشعرى عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن يوم الجمعة يوم عيد , فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم , إلا أن تصوموا
قبله أو بعده ".
أخرجه الطحاوى وابن خزيمة (2161) والحاكم (1/437) وأحمد(4/116)
(2/303 و532) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه , وليس ببيان بن بشر , ولا بجعفر بن أبى وحشية ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " أبو بشر مجهول ".
قلت: ولم يورده فى " الميزان " , ولا الحافظ فى " اللسان " ولا فى " تعجيل المنفعة " وهو من شرطهم.
وأما عامر بن لدين فأورده ابن أبى حاتم (3/1/327) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " التابعين الثقات " (1/157) وقال: " عداده فى أهل الشام , روى عنه أهلها وأبو بشر ".
وهذا الحديث مما سكت عليه الحافظ فى " الفتح " (4/205) وهو منكر عندى.
ثم روى ابن أبى شيبة (2/160) عن قيس بن سكن قال: " مر ناس من أصحاب عبد الله على أبى ذر يوم جمعة وهم صيام , فقال أقسمت عليكم لتفطرن فإنه يوم عيد ".
قلت: وإسناده صحيح.
ثم روى عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد عن على بن أبى طالب رحمه الله قال: " من كان منكم متطوعا من الشهر أياما فليكن صومه يوم الخميس , ولا يصوم يوم الجمعة , فإنه يوم طعام وشراب وذكر , فيجمع الله يومين صالحين يوم صيامه ويوم نسكه مع المسلمين ".
وقال الحافظ:(4/117)
" إسناده حسن ".
كذا قال , وعمران بن ظبيان قال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " ضعيف ".
(960) - (حديث: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " حسنه الترمذى (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2421) والترمذى (1/143) والدارمى (2/19) وابن ماجه (1726) والطحاوى (1/339) وابن خزيمة فى " صحيحه " (2164) والحاكم (1/435) والبيهقى (4/302) وأحمد (6/368) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 114/1) , عن سفيان بن حبيب والوليد بن مسلم وأبى عاصم , بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا , والضياء أيضا فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 34/1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمى عن أخته الصماء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد: " وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة , أو عود شجرة فليمضغه"
وقال الترمذى: " حديث حسن , ومعنى كراهيته فى هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام , لأن اليهود تعظم يوم السبت ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ".
قلت: وهو كما قال , وأقره الذهبى , ونقل ابن المللقن فى " الخلاصة " (ق 103/1) عن الحاكم أنه قال: " صحيح على شرط الشيخين " وهو سهو قطعا , فإن السند يأباه لأن ثورا ليس من رجال مسلم , وصححه ابن السكن أيضا كما فى " التلخيص " (2/216) .
وقد أعل بالاختلاف فى سنده على ثور على وجوه:(4/118)
الأول: ما تقدم.
الثانى: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعاً ليس فيه " عن أخته الصماء ".
رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه.
أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 60/1) والضياء فى " المختارة " (106/2 و107/1) عن عيسى , وتمام فى " الفوائد " (109/1) عن عتبة.
الثالث: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه , بدل " أخته ".
رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقرى سمعت ثور بن يزيد به.
أخرجه تمام أيضا.
الرابع , وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة.
ذكره الحافظ فى " التلخيص " (200) وقال: " قال النسائى: حديث مضطرب ".
وأقول: الاضطراب عند أهل العلم على نوعين:
أحدهما: الذى يأتى على وجوه مختلفة متساوية القوة , لا يمكن بسبب التساوى ترجيح وجه على وجه.
والآخر: وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها.
فالنوع الأول هو الذى يعل به الحديث.
وأما الآخر , فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد.
وحديثنا من هذا النوع , فإن الوجه الأول اتفق عليه ثلاثة من الثقات , والثانى اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطنى فلا قيمة لمتابعته. والوجه الثالث , تفرد به عبد الله بن يزيد المقرى وهو ثقة ولكن أشكل على أننى وجدته بخطى مكنياً بأبى بكر , وهو إنما يكنى(4/119)
بأبى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد.
والوجه الرابع لم أقف على إسناده.
ولا يشك باحث أن الوجه الأول الذى اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه , وسائرها شاذة لا يلتفت إليها.
على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائى " هذا حديث مضطرب ": " قلت: ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه , وعن أخته , وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه , ورجح عبد الحق الرواية الأولى وتبع فى ذلك الدارقطنى ".
قلت: وما رجحه هذا الإمام هو الصواب إن شاء الله تعالى لما ذكرنا , إلا أن الحافظ تعقبه بقوله: " لكن هذا التلون فى الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه , وينبىء بقلة ضبطه , إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه , وليس الأمر هنا كذا , بل اختلف فيه أيضا على الراوى عن عبد الله بن بسر أيضا ".
قلت: فى هذا الكلام ما يمكن مناقشته:
أولا: إن التلون الذى أشار إلى أنه يوهن راويه , هو الاضطراب الذى يعل به الحديث ويكون منبعه من الراوى نفسه , وحديثنا ليس كذلك.
ثانيا: إن الاختلاف فيه قد عرفت أن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر الصحابى. وثور بن زيد [1] قال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " ثقة ثبت " واحتج به البخارى كما سبق فهل هو الراوى الواهى أم خالد بن معدان وقد احتج به الشيخان , وقال فى " التقريب ": " ثقة عابد "؟ ! أم الصحابى نفسه؟ !
ولذلك فنحن نقطع أن التلون المذكور ليس من واحد من هؤلاء , وإنما ممن دونهم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: يزيد}(4/120)
ثالثا: إن الاختلاف الآخر الذى أشار إليه الحافظ لا قيمة له تذكر , لأنه من طريق الفضيل بن فضالة أن خالد بن معدان حدثه أن عبد الله بن بسر حدثه أنه سمع أباه بسرا يقول: فذكره. وقال: وقال عبد الله بن بسر: إن شككتم فسلوا أختى , قال: فمشى إليها خالد بن معدان , فسألها عما ذكر عبد الله , فحدثته ذلك.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/59/2) .
قلت: لا قيمة تذكر لهذه المخالفة , لأن الفضيل بن فضالة , لا يقرن فى الثقة والضبط بثور بن يزيد , لأنه ليس بالمشهور , حتى أنه لم يوثقه أحد من المعروفين غير ابن حبان. وهو معروف بالتساهل فى التوثيق.
والحق يقال: لو صح حديثه هذا , لكان جامعاً لوجوه الاختلاف ومصححاً لجميعها , ولكنه لم يصح , فلابد من الترجيح وقد عرفت أن الوجه الأول هو الراجح.
وقد جاء ما يؤيده فروى الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء به.
أخرجه البيهقى. ولكنى لم أعرف ابن عبد الله بن بسر هذا (1) , وقد تبادر إلى ذهنى أن قول عبد الله بن بسر " عن عمته " يعنى عمته هو , وليس عمة أبيه.
وإن كان يحتمل العكس , فإن كان كما تبادر إلى فهو شاهد لا بأس به , وإن كان الآخر لم يضر لضعفه.
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا , فقال الإمام أحمد (6/368 ـ 369) : حدثنا الحكم بن نافع قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدى عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات , فإن إسماعيل بن عياش ثقة فى روايته عن الشاميين وهذه منها.
__________
(1) ثم رأيته عند ابن خزيمة (2165) من هذا الوجه دون لفظة (ابن) , فلعله الصواب.(4/121)
فهذا يؤيد الوجه الأول تأييدا قويا , ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بيناً , لأنه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه والحمد لله على توفيقه , وحفظه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثانى من وجه الاضطراب , فقال يحيى بن حسان , سمعت عبد الله بن بسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره مختصرا دون الزيادة.
أخرجه أحمد (4/189) والضياء فى " المختارة " (141/1) .
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات , ويحيى بن حسان هو البكرى الفلسطينى. وتابعه حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ترون يدى هذه؟ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: فذكره بتمامه.
أخرجه الدولابى فى " الكنى " (2/118) وابن حبان فى " صحيحه " (940) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (9/4/1) والضياء فى " المختارة " (106/1 ـ 2) .
ورواه أحمد فى " المسند " (4/189) من هذا الوجه ولكن لم يقل: " سمعته " , وإنما قال: " ونهى عن صيام ... ". وهو رواية للضياء , أخرجوه من طريق مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش وكلاهما عن حسان به.
وخالفهما أبو المغيرة أخبرنا حسان بن نوح قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه الرويانى فى " مسنده " (30/224/2) : أخبرنا سلمة أخبرنا أبو المغيرة.
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة ".(4/122)
قلت: فإما أن يقال: إن حسانا له إسنادان فى هذا الحديث أحدهما عن عبد الله بن بسر , والآخر عن أبى أمامة , فكان يحدث تارة بهذا , وتارة بهذا , فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش منه بالسند الأول , وسمعه أبو المغيرة ـ واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولانى ـ منه بالسند الآخر , وكل ثقة حافظ لما حدث به.
وإما أن يقال: خالف أبو المغيرة الثقتين , فروايته شاذة , وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب , لما فيه من تخطئه الثقة بدون حجة قوية.
فإن قيل: فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم , وهذا معناه تصحيح للوجه الثانى أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة , وقد رجحت الوجه الأول عليها فيما سبق , وحكمت عليها بالشذوذ , فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح؟
والجواب: إن حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ إنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد , فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما. ولكننا لما وجدنا الطريقين الآخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار , وهما مما لا مدخل لهما فى ذلك الاختلاف , عرفنا منهما صحة الوجه الثانى من الطرق المختلفة.
بعبارة أخرى أقول: إن الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر , لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان , فإنها خالية من الاضطراب أيضا , وهى عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء , وهى من المرجحات للوجه الأول , وبعد ثبوت الطريقين المذكورين , يتبين أن الوجه الثانى ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبى صلى الله عليه وسلم بإسقاط أخته من الوسط. والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل إن شاء الله تعالى , وذلك بأن يقال: إن عبد الله بن بسر رضى الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء , ثم سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة , فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الأول , ورواه يحيى وحسان عنه على الوجه(4/123)
الآخر , وكل حافظ ثقة ضابط لما روى.
ومما سبق يتبين لمن تتبع تحقيقنا هذا أن للحديث عن عبد الله بن بسر ثلاثة طرق صحيحة , لا يشك من وقف عليها على هذا التحرير الذى أوردنا أن الحديث ثابت صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فمن الإسراف فى حقه , والطعن بدون حق فى رواته ما رووا بالإسناد الصحيح عن الزهرى أنه سئل عنه؟ فقال: " ذاك حديث حمصى "!
وعلق عليه الطحاوى بقوله: " فلم يعده الزهرى حديثاً يقال به , وضعفه "!
وأبعد منه عن الصواب , وأغرق فى الإسراف ما نقلوه عن الإمام مالك أنه قال: " هذا كذب "!
وعزاه الحافظ فى " التلخيص " (200) لقول أبى داود فى " السنن " عن مالك.
ولم أره فى " السنن " فلعله فى بعض النسخ (1) أو الروايات منه. وقال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " بعد أن ذكر قول مالك هذا (103/1) : " قال النووى لا يقبل هذا منه , وقد صححه الأئمة ".
والذى فى " السنن " عقب الحديث: " قال أبو داود: وهذا حديث منسوخ ".
قلت: ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: " أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثونى إلى أم سلمة أسألها: أى الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها؟ قالت: يوم السبت والأحد , فرجعت إليهم فأخبرتهم , فكأنهم أنكروا ذلك , فقاموا بأجمعهم إليها
__________
(2) هو فى النسخة التازية آخر الباب.(4/124)
فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا فى كذا , وذكر أنك قلت: كذا , فقالت: صدق , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام السبت والأحد , وكان يقول إنهما عيدان للمشركين , وأنا أريد أن أخالفهم ".
أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: " إسناده صحيح ". ووافقه الذهبى.
قلت: وضعف هذا الإسناد عبد الحق الأشبيلى فى " الأحكام الوسطى " وهو الراجح عندى , لأن فيه من لا يعرف حاله كما بينته فى " الأحاديث الضعيفة " (بعد الألف) (1) . ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما [1] ادعى الحاكم , لإمكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة , وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام , لأن هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذى. ولذلك قال ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/60/1) عقب حديث ابن عباس: " وهذا لا يخالف أحاديث الانفراد بصوم يوم السبت , وقال شيخنا (يعنى ابن تيمية) ليس فى الحديث دليل على إفراد يوم السبت بالصوم , والله أعلم ".
قلت: وهذا أولى مما نقله المصنف عن ابن تيمية فقال: واختار الشيخ تقى الدين أنه لا يكره صوم يوم السبت مفردا , وأن الحديث شاذ أو منسوخ ".
ذلك لأن الحديث صحيح من طرق ثلاث كما سبق تحريره فأنى له الشذوذ.
(961) - (لقول عمار: " من صام اليوم الذى يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود والترمذى (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2334) والترمذى (1/133) وكذا النسائى
__________
(1) وقد حسنته فى تعليقى على صحيح ابن خزيمة (2168) ولعله أقرب فيعاد النظر. اهـ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: كما}(4/125)
(1/306 والدارمى (1/2) والطحاوى (1/356) وابن حبان (878) والدارقطنى (227) والحاكم (1/424) وعنه البيهقى (4/208) من طريق عمرو بن قيس الملائى عن أبى إسحاق عن صلة قال: " كنا عند عمار , فأتى بشاة مصلية , فقال: كلوا , فتنحى بعض القوم , قال: إنى صائم , فقال عمار ... " فذكره واللفظ للنسائى وكذا الترمذى إلا أنه زاد فقال: " يشك فيه الناس ". وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقال الدارقطنى: " هذا إسناد حسن صحيح , ورواته كلهم ثقات ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك كله نظر عندى , فإن عمرو بن قيس لم يحتج به البخارى , وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعى , وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط بآخره كما فى " التقريب " , وقد رماه غير واحد بالتدليس , وقد رواه معنعنا!
نعم له طريق أخرى عن عمار يتقوى بها , فلعله لذلك علقه البخارى فى صحيحه بصيغة الجزم. فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/170 ـ 171) : عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن منصور عن ربعى (1) أن عمار بن ياسر وناسا معه أتوهم بسلونة (2) مشوية فى اليوم الذى يشك فيه أنه من رمضان أو ليس من رمضان , فاجتمعوا , واعتزلهم رجل , فقال له عمار: تعال فكل , قال: فإنى صائم , فقال له عمار: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر , فتعال فكل.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , واقتصر الحافظ فى " الفتح " على تحسينه ولعله ما ذكر بعد أنه رواه عبد الرزاق من وجه آخر عن
__________
(1) فى الأصل " عن ربعى عن منصور " على القلب , وصححته من " الفتح " (4/102) .
(2) كذا فى الأصل.(4/126)
منصور عن ربعى عن رجل عن عمار , وعبد العزيز العمى الذى رواه ابن أبى شيبة عنه ثقة حافظ احتج به الستة , فالذى خالفه , وأدخل بين ربعى وعمار رجلا لم يسمه لم يذكره الحافظ حتى ننظر فى مخالفته هل يعتد بها أم لا.
والحديث رواه ابن أبى شيبة (2/171/1) بسند صحيح عن عكرمة من قوله.
ومنهم من وصله بذكر ابن عباس فيه. فراجع " نصب الراية " إن شئت (2/442) .
(962) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " نهى عن صوم يومين: يوم الفطر , ويوم الأضحى " متفق عليه (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/496) ومسلم (3/152) وكذا مالك (1/300/36) والطحاوى (1/430) والبيهقى (4/297) وأحمد (2/511 و529) من طريقين عن أبى هريرة به.
وأخرجه الشيخان وأبو داود (2417) والترمذى (1/148) وابن أبى شيبة (2/183/1) والدارمى (2/20) وعنه ابن ماجه (1721) والطحاوى والبيهقى والطيالسى (2242) وأحمد (3/7 و34 و45 و51 ـ 52 و77) من طريق قزعة عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وله طرق كثيرة أخرى عن أبى سعيد.
أخرجها أحمد (3/39 و53 و64 و66 و67 و71 و85 و96) وابن أبى شيبة.
ثم أخرجه الشيخان ومالك (1/178/5) وأبو داود (2416) والترمذى وابن ماجه (1722) وابن أبى شيبة والطحاوى (1/430) وابن الجارود (401) والبيهقى وأحمد (1/24 و34 و40) من طريق أبى عبيد مولى أزهر قال:(4/127)
" شهدت العيد مع عمر بن الخطاب , فقال: هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم , واليوم الآخر تأكلون فيه من
نسككم ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (1/60 و61 و70) والطحاوى من طريق أخرى عن أبى عبيد عن على وعثمان رضى الله عنهما مرفوعا.
قلت: وإسناده جيد.
وفى الباب عن عائشة وابن عمر.
رواه ابن أبى شيبة وأحمد (2/59 ـ 60 و138 ـ 139) وكذا مسلم والطحاوى.
(963) - (حديث: " وأيام منى أيام أكل وشرب " رواه مسلم (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/153) وكذا أحمد (3/460) والبيهقى (4/297) من طريق أبى الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه حدثه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه أوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن , وأيام منى ... ".
وأبو الزبير مدلس , لكن للحديث شواهد كثيرة:
1 ـ عن نبيشة الهذلى مرفوعا: " أيام التشريق أيام أكل وشرب ".
أخرجه مسلم والبيهقى وأحمد (5/75) والطحاوى (1/428) .
2 ـ عن بشر بن سحيم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادى أيام التشريق: أنه لا يدخل الجنة ... الحديث مثل حديث كعب.(4/128)
أخرجه النسائى (2/267) والدارمى (2/23 ـ 24) وابن ماجه (1720) والطحاوى (429) والطيالسى (1299) وأحمد (3/415 و4/335) والبيهقى.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
3 ـ عن أبى هريرة مرفوعا به مثل حديث كعب " أيام منى ... ".
أخرجه ابن ماجه (1719) .
قلت: وإسناده حسن. وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 109/1) : " إسناده صحيح , رجاله ثقات ". ونقل عنه أبو الحسن السندى فى حاشيته على ابن ماجه أنه قال: " إسناده صحيح على شرط الشيخين "!
وهو خطأ قطعاً , ولا أدرى أهو من السندى أم من الأصل الذى نقل منه.
وله طريقان آخران عن أبى هريرة فى " شرح المعانى " (1/428) و" المسند " (2/229 و387 و513 و535) , وأحدهما عند ابن حبان (959) والدارقطنى (ص 241) والطبرانى (3911) .
4 ـ عن أم مسعود بن الحكم الزرقى عن على مرفوعا بلفظ: " إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر ".
أخرجه الطحاوى (1/429) والحاكم (1/434 ـ 435) والبيهقى (4/298) وأحمد (1/92 و104) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبى!
5 ـ عن عبد الله بن حذافة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادى فى أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب.(4/129)
أخرجه الطحاوى (1/428) وأحمد بسند صحيح (3/450 ـ 451) , وأخرجه هو (5/224) والطحاوى (1/429) من طريق أخرى عن مسعود بن الحكم الأنصارى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح فى الناس: " لا يصومن أحد , فإنها أيام أكل وشرب ". قال: فلقد رأيته على راحلته ينادى بذلك ".
قلت: وإسناده صحيح أيضا.
6 ـ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص , فوجده يأكل , قال: فدعانى: قال: فقلت له: إنى صائم , فقال: هذه الأيام التى نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن , وأمرنا بفطرهن ".
أخرجه مالك (1/376/137) وعنه أبو داود (2418) وأحمد (4/197) , والدارمى (2/24) والحاكم (1/435) .
قلت: وإسناده صحيح وكذلك قال الحاكم والذهبى.
وله طريق أخرى فى " المسند " (4/199) .
7 ـ عن عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ: " يوم عرفة , ويوم النحر , وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام , وهى أيام أكل وشرب ".
أخرجه أبو داود (2419) والترمذى (1/148) وابن أبى شيبة (2/183/1) والدارمى (2/23) والطحاوى (1/335) وابن حبان (958)(4/130)
وكذا ابن خزيمة (2100) والحاكم (1/434) والبيهقى (4/298) وأحمد (4/152) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
8 ـ عن ابن عمر , يرويه أبو الشعثاء قال: " أتينا ابن عمر فى اليوم الأوسط من أيام التشريق , قال: فأتى بطعام فدنا القوم , وتنحى ابن له , قال: فقال له: ادن فاطعم , قال: فقال: إنى صائم , قال: فقال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها إيام طعم
وذكر ".
أخرجه أحمد (2/39) : حدثنا حسين بن على عن زائدة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى الشعثاء.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن مهاجر , فتفرد بالاحتجاج به مسلم , لكن فى حفظه ضعف , وفى " التقريب ": " صدوق لين الحفظ ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/203) . " رواه أحمد , ورجاله رجال الصحيح ".
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة رضى الله عنهم منهم سعد بن أبى وقاص وحمزة بن عمرو الأسلمى ويونس بن شداد فى " المسند " (1/69 و174 و3/394و/77) .
وبالجملة , فهذا الحديث متواتر المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(4/131)
(964) - (حديث ابن عمر وعائشة: " لم يرخص فى أيام التشريق أن يصمن , إلا لمن لم يجد الهدى ". رواه البخارى (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/211 ـ فتح) وكذا الطحاوى (1/428) والدارقطنى (ص 240) والبيهقى (4/298) من طريق عبد الله بن عيسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة ; وعن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما قالا: فذكره.
وأخرجه الطبرى فى تفسيره (4/100/3470) والطحاوى والدارقطنى من طريق يحيى ابن سلام حدثنا شعبة عن عبد الله بن عيسى عن ابن أبى ليلى عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتمتع إذا لم يجد الهدى أن يصوم أيام التشريق ".
وقال الطحاوى (1/430) : " حديث منكر , لا يثبته أهل العلم بالرواية لضعف يحيى بن سلام عندهم , وابن أبى ليلى , وفساد حفظهما , مع أنى لا أحب أن أطعن على أحد من العلماء بشىء , ولكن ذكرت ما تقول أهل الرواية فى ذلك ".
وقال الدارقطنى: " يحيى بن سلام ليس بالقوى ".
ثم رواه من طريق عبد الغفار بن القاسم عن الزهرى: حدثنى عروة بن الزبير قال: قالت عائشة وعبد الله بن عمر قالا: " لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد فى صيام أيام التشريق إلا لمتمتع أو محصر ".
وضعفه بقوله: " أخطأ فى إسناده عبد الغفار , وهو أبو مريم الكوفى وهو ضعيف ".
ومن طريق يحيى بن أبى أنيسة عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت:(4/132)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من لم يكن معه هدى فليصم ثلاثة أيام قبل يوم النحر , ومن لم يكن صام تلك الثلاثة الأيام فليصم أيام التشريق: أيام منى " وقال: " يحيى بن أبى أنيسة ضعيف ".
وعن عبد الله بن حذافة السهمى قال: " أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رهط أن يطوفوا فى منى فى حجة الوداع يوم النحر فينادوا: إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله , فلا تصوموا فيهن إلا صوماً فى هدى ".
أخرجه الدارقطنى (241) عن سليمان أبى معاذ عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عنه: قلت: سليمان (بن أبي معاذ) [1] ضعيف جدا.
ثم أخرج (241 و253) عن سليمان بن أبى داود الحرانى حدثنا الزهرى عن مسعود بن الحكم الزرقى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة فنادى ... ". وقال: " سليمان بن أبى داود ضعيف , رواه الزبيدى عن الزهرى أنه بلغه عن مسعود بن الحكم عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا. لم يقل فيه: إلا
محصراً أو متمتع ".
قلت: ورواه معمر عن الزهرى عن مسعود بن الحكم به دون الزيادة , أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح كما تقدم فى الحديث الذى قبله (الحديث 5) .
وجملة القول أنه لم تصح هذه الزيادة أو معناها مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بصريح العبارة , وإنما صح حديث ابن عمر وعائشة المذكور فى الكتاب , وهو ليس صريحاً فى الرفع , وإنما هو ظاهر فيه , فهو كقول الصحابى: " أمرنا بكذا " أو " نهينا عن كذا " فإنه فى حكم المرفوع عند جمهور أهل العلم , وهو الذى استقر عليه رأى علماء المصطلح. فانظر " الباعث الحثيث " (ص 50) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أبى معاذ}(4/133)
وأما الطحاوى فادعى فى هذا الحديث أنه موقوف عليهما , وأن الرخصة التى ذكراها إنما هى فهم منهما واجتهاد فقال: " يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل فى كتابه (فصيام ثلاثة أيام فى الحج) فعدا أيام التشريق من أيام الحج , فقالا: رخص للحجاج المتمتع والمحصر فى صوم أيام التشريق لهذة الآية , ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج , وخفى عليهما ما كان من توقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من بعده على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك " (1) .
قلت: وفى هذا الكلام نظر عندى من وجهين:
الأول: قوله: وخفى عليهما , فإنه ينافيه أن عبد الله بن عمر من جملة رواة التوقيف الذى أشار إليه , وقد تقدم حديثه فى جملة الأحاديث التى سقناها فى الحديث الذى قبل هذا , وهو الحديث (8) منها.
الثانى: يبعد جدا أن يخفى عليهما ذلك , مع مناداة جماعة من الصحابة به فى أيام منى كما تقدم فى أحاديثهم.
الثالث: هب أنه فهم فهما من الآية , ففهم الصحابى مقدم على غيره لا سيما إذا لم يخالفه أحد , فكيف وهما صحابيان؟ وأما احتجاج الطحاوى لمذهبه بما أخرجه (1/431) من طريق حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب يوم النحر , فقال: يا أمير المؤمنين إنى تمتعت , ولم أهد , ولم أصم فى العشر , فقال: سل فى قومك , ثم قال: يا معيقيب أعطه شاة ".
فلا يخفى ضعف الاحتجاج بمثل هذا على أهل العلم , لأن حجاجا وهو ابن أرطاة مدلس , وقد عنعنه. وسعيد بن المسيب عن عمر مرسل عند بعض المحدثين.
(965) - (لحديث عائشة قلت: " يا رسول الله أهديت لنا هدية أو
__________
(1) يعنى بالتوقيف الذى ذكره الأحاديث المتقدمة فى النهى عن صوم أيام التشريق.(4/134)
جاءنا زور (1) قال: ما هو؟ قلت: حيس , قال: هاتيه , فجئت به فأكل ثم قال: قد كنت أصبحت صائما " رواه مسلم (ص 231) .
رواه مسلم (3/159) وأبو داود (2455) والنسائى فى " الصغرى " (1/319 ـ 320) وفى " الكبرى " (ق 22/1 ـ 2) والشافعى (1/263 ـ 264) وعنه الطحاوى (1/355) وابن خزيمة (2141 و2142) والدارقطنى (236) والبيهقى (4/275) وأحمد (6/49 و207) من طرق عن طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله حدثتنى عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: " قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: يا عائشة هل عندك شىء؟ قالت: قلت: لا والله ما عندنا شىء , قال: فإنى صائم , قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية , أو جاءنا زور , فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور , وقد خبأت لك شيئا , قال: ما هو ... " الحديث مثله سواء واللفظ للبيهقى , وكذا مسلم , لكن ليس عنده: " لا والله " , وزاد فى آخره: " قال طلحة: فحدثت مجاهدا بهذا الحديث , فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله , فإن شاء أمضاها , وإن شاء أمسكها ".
قلت: وقد وردت هذه الزيادة فى الحديث مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم , أخرجه النسائى من طريق الأحوص عن طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما , فقال: هل عندكم شىء؟ فقلت: لا. قال: فإنى صائم , ثم مر بى بعد ذلك اليوم , وقد أهدى إلى حيس , فخبأت له منه , وكان يحب الحيس , قالت: يا رسول الله إنه أهدى لنا حيس, فخبأت لك منه , قال: أدنيه , أما إنى قد أصبحت وأنا صائم , فأكل منه , ثم قال:
__________
(1) الأصل "رزق" والتصويب من "البيهقي"، و"الزور" وسط الصدر أو ما ارتفع منه إلى الكتفين، أو ملتقى أطراف عظام الصدر حيث اجتمعت، ((القاموس)) .(4/135)
إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة , فإن شاء أمضاها , وإن شاء حبسها ".
أخرجه النسائى , وإسناده صحيح على شرط مسلم وأبو الأحوص اسمه سلام بن سليم الحنفى وهو ثقة متقن كما فى " التقريب " , وقد تابعه شريك عن طلحة به.
أخرجه النسائى أيضا.
قلت: فهذه الزيادة ثابتة عندى , ولا يعلها أن بعض الرواة أوقفها على مجاهد , فإن الراوى قد يرفع الحديث تارة ويوقفه أخرى , فإذا صح السند بالرفع بدون شذوذ كما هنا فالحكم له ولذلك قالوا: زيادة الثقة مقبولة. وهذا بخلاف زيادة أخرى , جاءت عند الشافعى , وكذا الدارقطنى والبيهقى فى رواية لهما بلفظ: " سأصوم يوما مكانه ".
فإنها زيادة شاذة تفرد بها سفيان بن عيينة عن جماعة الثقات الذين رووا الحديث عن طلحة عن عائشة بدونها , وإنما حدث ابن عيينة بها فى آخر حياته.
فقد قال الإمام الشافعى رحمه الله: " سمعت سفيان عامة مجالستى إياه لا يذكر فيه " سأصوم يوما مكان ذلك " ثم إنى عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فأجاز فيه: " سأصوم يوماً مكان ذلك ".
وفى هذا النص رد على الدارقطنى , فإنه قال: " لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلى , ولم يتابع على قوله " وأصوم يوما مكانه " , ولعله شبه عليه , والله أعلم لكثرة من خالفه عن ابن عيينة "!
فقد حدث به الشافعى أيضا عنه , وبين أنه إنما أتى بها فى آخر أيامه , ولهذا تعقبه البيهقى بقوله: " وليس كذلك فقد حدث به ابن عيينة فى آخر عمره , وهو عند أهل العلم(4/136)
بالحديث غير محفوظ ".
وللحديث طريق أخرى عن عائشة رضى الله عنها , فقال الطيالسى (1551) : حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك عن عكرمة عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , فقال: أعندك شىء؟ قلت: لا , قال: إذن أصوم , ودخل على يوما آخر , فقال: عندك شىء؟ قلت: نعم , قال: إذن أفطر وإن كنت فرضت الصوم ".
ومن طريق الطيالسى أخرجه الدارقطنى والبيهقى وقالا: " هذا إسناد صحيح ".
ورده ابن التركمانى بقوله: " قلت: كيف يكون صحيحاً , وفيه سليمان بن معاذ , ويقال: سليمان بن قرم قال ابن معين: ليس بشىء , وفى " الميزان ": قال ابن حبان: كان رافضياً ومع ذلك يقلب الأخبار ".
قلت: قد ضعفه الجمهور , ووثقه بعضهم كأحمد , وهو بلا شك سىء الحفظ , فيمكن الاستشهاد بحديثه , وأما الاحتجاج به فلا.
وجملة القول أن للحديث عن عائشة ثلاث طرق:
الأولى: عن عائشة بنت طلحة عنها.
والثانية: عن مجاهد عنها.
والثالثة: عن عكرمة عنها.
والطريقان الأوليان صحيحان , والثالثة شاهد.
والطريقان الأوليان كلاهما يرويهما طلحة بن يحيى , وكان تارة يرويه عن مجاهد وتارة عن عائشة بنت طلحة , وهو الأكثر , وتارة يجمعهما معاً كما فى رواية القاسم بن معن عنه عنهما معاً عن عائشة.(4/137)
أخرجه النسائى بسند صحيح.
وللشطر الأول منه طريق أخرى عن مجاهد عنها.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/155/2) .
(تنبيه) : وأما حديث: " الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار " فهو ضعيف لا يصح , أخرجه البيهقى (4/277) عن عون بن عمارة حدثنا حميد الطويل حدثنا أبو عبيدة عن أنس مرفوعاً به.
وقال: " تفرد به عون بن عمارة العنبرى وهو ضعيف ".
ثم أخرجه من طريق إبراهيم بن مزاحم حدثنا سريع بن نبهان قال: سمعت أبا ذر به وقال: " إبراهيم وسريع مجهولان ".(4/138)
كتاب الاعتكاف
(966) - (حديث عائشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده " متفق عليه (ص 232) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/236 ـ فتح) ومسلم (3/175) وكذا أبو داود (2262) والبيهقى (4/315 , 320) وأحمد (6/92) من طرق عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن عروة عنها.
وزاد البيهقى: " والسنة فى المعتكف ألا يخرج إلى للحاجة التى لابد منها , ولا يعود مريضا , ولا يمس امرأة , ولا يباشرها , ولا اعتكاف إلا فى مسجد جماعة , والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ".
قلت: وإسناده صحيح.
وأخرج أبو داود هذه الزيادة مفصولة عن الحديث (2473) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى به.
قلت: وهذا إسناد جيد , وهو على شرط مسلم.
ثم رأيت الدارقطنى أخرجها مع الحديث (247 ـ 248 , 248) من طريق ابن جريج: أخبرنى الزهرى عن الاعتكاف , وكيف سنته عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن عائشة به.
وأعل الزيادة بقوله: " يقال: إن قوله: وإن السنة للمعتكف.. إلى آخره , ليس من قول(4/139)
النبى صلى الله عليه وسلم , وإنه من كلام الزهرى , ومن أدرجه فى الحديث , فقد وهم والله أعلم , وهشام بن سليمان لم يذكره ".
قلت: كذا قال: " ليس من قول النبى صلى الله عليه وسلم " ولعله سبق قلم , فإن هذا النفى لا حاجة إليه لأن أحدا من الرواة لم يذكر أنه من قوله صلى الله عليه وسلم , لأن الحديث من أصله ليس من قوله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله صلى الله عليه وسلم , فالظاهر أنه أراد أن يقول: " ليس من قول عائشة " فوهم , وقال أبو داود: " غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت السنة " قال أبو داود: جعله قول عائشة ".
قلت: رواية ابن جريج وعقيل عند البيهقى فى معنى رواية عبد الرحمن كما لا يخفى , ولذلك ادعى الدارقطنى أنه من كلام الزهرى , واتفاق هؤلاء الثقات الثلاث على جعله من الحديث يرد دعوى الإدراج , والله أعلم.
(967) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". رواه البخارى (ص 232) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/274 , 275) وكذا مالك (2/476/8) وأبو داود (3289) والنسائى (2/142 , 143) والترمذى (1/288) والدارمى (2/184) وابن ماجه (2126) والطحاوى (2/76 ـ 77) وفى " المشكل " (3/37) وابن الجارود (934) والبيهقى (10/68) وأحمد (6/36 , 41 , 224) من طرق عن طلحة بن عبد الملك الأيلى عن القاسم بن محمد عنها. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح "
وأخرجه الطحاوى من طريق حفص بن غياث عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة به. قال حفص: سمعت ابن محيريز , وهو عبد الله ـ فذكره عن القاسم عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يكفر عن يمينه ".(4/140)
قلت: وعبد الله بن محيريز ثقة عابد من رجال الشيخين , فالزيادة صحيحة , وسيأتى لها طريق أخرى عن عائشة برقم (2580) .
(968) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " (ص 232) .
* ضعيف.
وتقدم تخريجه والكلام عليه قبيل " ما يوجب الغسل ".
(969) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة فى مسجدى هذا ... ".
* صحيح.
ويأتى تخريجه بعد حديث.
(970) - (لحديث أبى هريرة مرفوعا: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد , المسجد الحرام , ومسجدى هذا , والمسجد الأقصى " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/299) ومسلم (4/126) وكذا أبو داود (2033) والنسائى (1/114) وابن ماجه (1409) وأحمد (2/234 , 238 , 278) من طريق سعيد بن المسيب عن أبى هريرة به.
وله عنه طرق أخرى:
1 ـ عن أبى سلمة عن أبى هريرة به.
أخرجه الدارمى (1/330) وأحمد (1/501) عن محمد بن عمرو عنه.
قلت: وإسناده جيد. وتابعه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبى هريرة أنه قال: " خرجت إلى الطور...... فلقيت بصرة بن أبى بصرة الغفارى , فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور , فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تعمل المطى إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام , وإلى مسجدى(4/141)
هذا , وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس , يشك ". الحديث.
أخرجه مالك (1/108/16) ومن طريقه النسائى (1/210) وأحمد (6/7) وابن حبان (1024) .
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفيه دليل ظاهر على أن الحديث من مراسيل أبى هريرة لم يسمعه من النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة , وإنما تلقاه عن بصرة بن أبى بصرة وكنيته أبو بصرة عنه صلى الله عليه وسلم. وله طريقان آخران عن أبى بصرة , الأولى عن مرثد بن عبد الله اليزنى عنه قال: " لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلى فيه , قال: فقلت له: لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت , قال: فقال: ولم؟ قال: فقلت: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشد الرحال ... " الحديث أخرجه أحمد (6/397 ـ 398) .
قلت: وإسناده حسن , وفيه محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث.
الثانية: عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال: " لقى أبو بصرة الغفارى أبا هريرة وهو جاء من الطور , فقال: من أين أقبلت؟ قال: من الطور , صليت فيه , قال: أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلت , إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره.
أخرجه الطيالسى (1348 , 2506) وأحمد (6/7) .
قلت: ورجاله ثقات.
والحديث رواه أيضا أبو سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أخرجه البخارى (1/300 , 466 , 497) ومسلم (4/102) والترمذى (1/67) وابن ماجه (1410) وأحمد (3/7 , 34 , 45 , 51 , 77) من طريق قزعة عنه.
وقال الترمذى:(4/142)
" حديث حسن صحيح ".
وله فى المسند (3/53 , 64 , 71) ثلاث طرق أخرى عن أبى سعيد , وأحدها بلفظ: " لا ينبغى للمطى أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام ... ". الحديث.
وهو بهذا اللفظ ضعيف , فيه شهر بن حوشب وهو سىء الحفظ , لاسيما وقد خالف جميع الثقات فيه وزيادته ما يخصص معناه وهو قوله: " إلى مسجد ... ".
والحديث عام يشمل المساجد وغيرها من المواطن التى تقصد لذاتها أو لفضل يدعى فيها , ألا ترى أن أبا بصرة رضى الله عنه قد أنكر على أبى هريرة سفره إلى الطور , وليس هو مسجدا يصلى فيه , وإنما هو جبل كلم الله فيه موسى عليه السلام فهو جبل مبارك , ومع ذلك أنكر أبو بصرة السفر إليه , وقد ثبت مثله عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه كما بينته فى غير هذا الموضع.
هذا ولفظ حديث أبى سعيد عند مسلم: " لا تشدوا الرحال ... ".
وله عنده طريق ثالثة عن أبى هريرة بلفظ: " إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد ... ".
وفى الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه ابن ماجه مقرونا مع أبى سعيد.
(971) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " صلاة فى مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " رواه الجماعة إلا أبا داود. وفى رواية: " فإنه أفضل " (ص 233 ـ 234) .(4/143)
* صحيح.
وله طرق كثيرة عن أبى هريرة رضى الله عنه:
الأولى: عن أبى عبد الله الأغر عنه.
أخرجه البخارى (1/299) ومسلم (4/124) والنسائى (1/113 , 2/34) والترمذى (1/67) وابن ماجه (1404) وكذا مالك (1/196/9) والدارمى (1/330) والبيهقى (5/246) وأحمد (2/256 , 386 , 468 , 473 , 485) من طرق عنه , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب عنه.
أخرجه مسلم والدارمى وابن ماجه وأحمد (2/239 , 277) .
الثالثة: عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ عنه.
أخرجه مسلم وأحمد (2/251 , 473) .
الرابعة: عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عنه.
أخرجه أحمد (2/397 , 528) بإسناد جيد.
وبقى هناك طريقان فى " المسند " (2/466 , 484 , 499) وفيهما ضعف.
ثم أخرجه (2/277 ـ 278) من طريق عطاء أن أبا سلمة أخبره عن أبى هريرة عن عائشة فذكره.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين , وفيه إشعار بأن الحديث تلقاه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة عائشة رضى الله عنها , فهو فيه كهو فى الحديث الذى قبله.
وقد سمعه منه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أيضا.
أخرجه مسلم والدارمى وابن ماجه (1405) والطيالسى (1826)(4/144)
وأحمد (2/16 , 53 , 53 ـ 54 , 68 , 102) والبيهقى عن نافع عنه به.
وأخرجه أحمد (2/29 , 155) والبيهقى من طريق عطاء عنه به وزاد فى آخره: " فهو أفضل ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفى الباب عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم:
أخرجه مسلم والنسائى وأحمد (6/334) .
وعن سعد بن أبى وقاص , رواه أحمد (1/184) بسند حسن.
وعن جبير بن مطعم , أخرجه الطيالسى (950) وأحمد (4/80) بإسناد رجاله ثقات لكنه منقطع.
وعن أبى سعيد الخدرى:
أخرجه أحمد (3/77) بسند رجاله ثقات غير إبراهيم بن سهل فلم أعرفه ولم يترجم له الحافظ فى " التعجيل " ولا ابن أبى حاتم. ثم ظهر أنه محرف , فإنه من رواية جرير عن مغيرة عنه.
وقد أخرجه ابن حبان (1035) من طريق أخرى عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم ابن منجاب عن قزعة عن أبى سعيد الخدرى قال: " ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقال: أين تريد؟ قال: أريد بيت المقدس , فقال النبى صلى الله عليه وسلم ". فذكره إلا أن ابن حبان قال: " مائة صلاة ".
فتبين أن الصواب: إبراهيم عن سهل. وإبراهيم هو ابن يزيد النخعى وهو ثقة محتج به فى الصحيحين , وكذلك بقية الرواة سوى سهم بن منجاب وهو ثقة من رجال مسلم فالسند صحيح.(4/145)
والحديث قال الهيثمى (4/6) :
" رواه أبو يعلى والبزار إلا أنه قال: أفضل من ألف صلاة , ورجال أبى يعلى رجال الصحيح ".
قلت: وفاته أنه فى المسند أيضا! وهو عند ابن حبان من طريق أبى يعلى.
وعن جابر بن عبد الله مرفوعا به وزاد: " وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ".
أخرجه ابن ماجه (1406) وأحمد (3/343 , 397) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن عطاء عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وصححه المنذرى والبوصيرى , وقول الأول منهما: " رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين ".
قلت: فهذا وهم منه فإن عندهما بإسناد واحد كما رأيت.
وعن عبد الله بن الزبير مرفوعا به مع الزيادة ولفظها: " وصلاة فى ذلك أفضل من مائة صلاة فى هذا ".
أخرجه الطحاوى فى " المشكل " (1/245) وابن حبان (1027) والبيهقى والطيالسى (1367) وأحمد (4/5) .
قلت: وإسنادهم ـ إلا الطيالسى ـ صحيح على شرط الشيخين.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة عند الطحاوى وأحمد وغيرهما , فراجع إن شئت " مجمع الزوائد " (4/5 ـ 7) .
(972) - (لحديث جابر: " أن رجلا قال يوم الفتح: يا رسول الله إنى نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلى فى بيت المقدس فقال: صل(4/146)
ها هنا , فسأله , فقال صل ها هنا. فسأله , فقال: شأنك إذنً " رواه أحمد وأبو داود (ص 234) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3305) وكذا الدارمى (2/184 ـ 185) والطحاوى (2/72) والحاكم (4/304 ـ 305) والبيهقى (10/82) من طريق حبيب المعلم عن عطاء بن أبى رباح عن جابر.
قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". وهو كما قال وأقره الذهبى , وصححه أيضا ابن دقيق العيد فى " الاقتراح " كما فى " التلخيص " (ص 399) .
وأخرج له أبو داود شاهدا عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر وزاد: " والذى بعث محمدا بالحق , لو صليت ههنا لأجزأ عنك صلاة فى بيت المقدس ".
وفيه عمر بن عبد الرحمن بن عوف لم يوثقه غير ابن حبان وقال الحافظ: " مقبول ".
(973) - (لقول عائشة: " السنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لابد له منه ". رواه أبو داود (ص 234) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه قريبا فى الحديث (967) .
(974) - (حديث: " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " متفق عليه (ص 234) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/236) ومسلم (1/167) وكذا أبو داود (2467) والترمذى (1/153) وابن ماجه مفرقا (1776 , 1778) ومالك (1/312/1) وابن الجارود (409) وابن أبى شيبة (2/179/1) وأحمد (6/104 , 181 , 235 , 247 , 262 ,364 , 281) عنها بلفظ: " كان إذا اعتكف يدنى إلى رأسه فأرجله , وكان ... "
وقال الترمذى:(4/147)
" حديث حسن صحيح ".
وزاد مسلم وغيره فى رواية: " وأنا حائض ".
(975) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 234) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى " باب الوضوء ".
(976) - (روى حرب عن ابن عباس: " إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه واستأنف الاعتكاف " (ص 234) .
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/178/2) : وكيع عن سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(977) - (حديث عائشة: " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " متفق عليه (ص 235) .
* صحيح.
تقدم قبل حديثين (974) .
(978) - (قول عائشة: " إن كنت لأدخل البيت للحاجة , والمريض فيه , فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة " متفق عليه (ص 235) .
* صحيح.
ولم أره عند البخارى , ورواه مسلم (1/167) وابن ماجه (1776) بإسناد واحد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عنها. ثم رأيت البيهقى قد أخرجه أيضا (4/220) ونص أن البخارى لم يروه بهذا اللفظ , ويعنى أنه رواه
إنما باللفظ الذى قبله.(4/148)
كتاب الحج
[الأحاديث 979 - 995]
(979) - (لحديث ابن عمر: " بنى الإسلام على خمس ... " (ص 236) .
* صحيح.
وقد تقدم فى أول " الزكاة " رقم (781) .
(980) - (وعن أبى هريرة قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت , ولما استطعتم. ثم قال: ذرونى ما تركتكم ". رواه أحمد ومسلم والنسائى (ص 236) .
* صحيح.
وتمامه: " فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم , واختلافهم على أنبيائهم , فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم , وإذا نهيتكم عن شىء فدعوه ".
أخرجه مسلم (4/102) والنسائى (2/2) والدارقطنى (281) وأحمد (2/508) والبيهقى (4/326) من طريق الربيع بن مسلم القرشى عن محمد بن زياد عن أبى هريرة به.
وأخرج منه البخارى (4/422) وابن ماجه (1/2) من طريقين آخرين عن أبى هريرة مرفوعا قوله: " ذرونى ... "
وعن ابن عباس قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم(4/149)
الحج , فقام الأقرع بن حابس فقال: أفى كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها لوجبت , ولو وجبت لم تعملوا بها , ولم تستطيعوا أن تعملوا بها , الحج مرة ,
فمن زاد فتطوع ".
أخرجه أبو داود (1721) والنسائى والدارمى (2/29) والدارقطنى (280) والحاكم (1/4441 و470) وأحمد (1/255 و290 و303 و352 و370 و371) من طرق عن الزهرى عن أبى سنان عنه.
وقال الحاكم: " إسناده صحيح , وأبو سنان هوالدؤلى ".
قلت: واسمه يزيد بن أمية , وهو ثقة , ومنهم من عده فى الصحابة.
وله فى الدارمى والدارقطنى ومسند الطيالسى (2668) وأحمد (1/292 و301 و323 و325) متابع من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس باختصار.
وهو إسناد لا بأس به فى المتابعات.
وعن على رضى الله عنه قال: " لما نزلت (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) قالوا: يا رسول الله أفى كل عام؟ فسكت , فقالوا: يا رسول الله فى كل عام؟ قال: لا , ولو قلت: نعم لوجبت , فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) ".
أخرجه الترمذى (1/155) وابن ماجه (2884) والدارقطنى (281) وأحمد (1/113) عن على بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبى البخترى عنه.
وقال الترمذى: " حديث غريب ".
قلت: يعنى ضعيف , وعلته عبد الأعلى وهو ابن عامر الثعلبى ضعفه أحمد وأبو زرعة وغيرهما , وابنه أحسن حالاً منه خلافا لما يفيده كلام الحافظ فى " التقريب ".(4/150)
وعن أنس بن مالك نحو حديث ابن عباس دون قوله: " ولم تستطيعوا ... " وزاد: " (ولما) [1] لم تقوموا بها عذبتم ".
أخرجه ابن ماجه (2885) . وإسناده صحيح كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (178/2) .
(981) - (وعن عائشة أنها قالت: " يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة " رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح (ص 236) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (6/165) وابن ماجه (2901) والدارقطنى (282) عن محمد بن فضيل قال: حدثنا حبيب بن أبى عمرة عن عائشة ابنة طلحة عن عائشة به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , وصححه ابن خزيمة بإخراجه إياه فى " صحيحه " كما فى " الترغيب " (2/106) .
وقد أخرجه البخارى (1/465) والبيهقى (4/326) وأحمد أيضا (6/79) من طريق عبد الواحد بن زياد حدثنا حبيب بن أبى عمرة بلفظ: " قالت: قلت: يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: لكن أحسن الجهاد وأجمله: الحج , حج مبرور. فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ثم أخرجه البخارى (2/198 و218) والبيهقى وأحمد (6/67 و68 و71 و75 و79 و120 و166) من طرق أخرى عن حبيب به نحوه.
وتابعه معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة بلفظ: قالت: " استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم فى الجهاد؟ قال: جهادكن الحج ".
ولمعاوية هذا إسناد آخر بلفظ آخر , فقال الطبرانى فى " المعجم الكبير "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ولو}(4/151)
(1/141/1) و" الأوسط " (1/110/2 ـ زوائد) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنى إبراهيم بن الحجاج السامى أخبرنا أبو عوانة عن معاوية بن إسحاق عن عباية بن رفاعة عن الحسين بن على رضى الله عنه قال: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى جبان , وإنى ضعيف , قال: هلم إلى جهاد لا شوكة فيه: الحج ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , وقال المنذرى بعد أن عزاه للمعجمين:
" ورواته ثقات , وأخرجه عبد الرزاق أيضا ".
وأخرجه الدارقطنى (282) والبيهقى (4/350) بإسناد آخر صحيح عن عائشة مثل رواية ابن فضيل.
(982) - (ولمسلم عن ابن عباس: " دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة " (ص 236) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/57) وكذا أبو داود (1790) والدارمى (2/50 ـ 51) والبيهقى (5/18) وأحمد (1/236 و241) من طرق عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذه عمرة استمتعنا بها , فمن لم يكن عنده هدى , فليحل الحل كله فقد دخلت ... ".
وتابعه يزيد بن أبى زياد عن مجاهد به أتم منه ولفظه: قال: " قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا , فأمرهم فجعلوها عمرة , ثم قال: لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت كما فعلوا , ولكن دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة , ثم أنشب أصابعه بعضها فى بعض , فحل الناس إلا من كان معه هدى , وقدم على من اليمن ... ".
أخرجه أحمد (1/253 و259) .(4/152)
قلت: وهو حديث صحيح بهذا التمام , فإن يزيد بن أبى زياد وإن كان فيه ضعف من قبل حفظه , فلم يتفرد به , فإن له شواهد كثيرة أتمها حديث جابر الطويل فى صفه حجه صلى الله عليه وسلم ولى فيه رسالة مطبوعة. ويأتى موضع الشاهد منه.
وروى أحمد (1/260 ـ 261) من طريق محمد بن إسحاق: حدثنى محمد بن مسلم الزهرى عن كريب مولى عبد الله بن عباس قال: قلت له: يا أبا العباس! أرأيت قولك: ما حج رجل لم يسق الهدى معه , ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة , وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدى إلا اجتمعت له عمرة وحجة , والناس لا يقولون هذا؟ فقال: " ويحك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومن معه من أصحابه لا يذكرون إلا الحج , فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه الهدى أن يطوف بالبيت ويحل بعمرة , فجعل الرجل منهم يقول: يا رسول الله إنما هو الحج؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس بالحج , ولكنها عمرة ".
قلت: وإسناده حسن.
(983) - (وعن الصبى بن معبد قال: " أتيت عمر رضى الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين إنى أسلمت وإنى وجدت الحج والعمرة مكتوبين على فأهللت بهما. فقال: هديت لسنة نبيك ". رواه النسائى (ص 237) .
* صحيح.
أخرجه النسائى (2/13 ـ 14) وكذا أبو داود (1799) من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبى وائل قال: قال الصبى بن معبد: " كنت أعرابيا نصرانيا فأسلمت , فكنت حريصا على الجهاد , فوجدت الحج والعمرة مكتوبين علىّ, فأتيت رجلا من عشيرتى يقال له هريم بن عبد الله فسألته؟ فقال: اجمعهما , ثم اذبح ما تيسر من الهدى , فأهللت بهما , فلما أتينا العذيب , لقينى سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما , فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه من بعيره! فأتيت عمر , فقلت: يا أمير المؤمنين(4/153)
إنى أسلمت , وأنا حريص على الجهاد , وإنى وجدت الحج والعمرة مكتوبين على , فأتيت هريم بن عبد الله فقلت: يا هناه إنى وجدت الحج والعمرة مكتوبين على , فقال: اجمعهما , ثم اذبح ما استيسر من الهدى , فأهللت بهما , فلما أتينا العذيب لقينى سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان , فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه من بعيره , فقال عمر: هديت لسنة نبيك ".
ثم رواه النسائى من طريق زائدة عن منصور عن شقيق قال: أنبأنا الصبى فذكر مثله.
قلت: وهذا سند صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (2970) والطحاوى (1/374) وابن حبان (985) والبيهقى (4/352 و5/16) وأحمد (1/14 و25 و34 و37 و53) من طرق عن أبى وائل به نحوه موضع الشاهد منه وهو قوله: " وإنى وجدت الحج والعمرة مكتوبين ".
وزاد ابن ماجه وابن حبان وأحمد فى رواية: " فأتيت عمر بن الخطاب ـ وهو بمنى ـ فذكرت ذلك له , فأقبل عليهما فلامهما , وأقبل على فقال: هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم مرتين ".
وليس عند ابن ماجه " مرتين " , وقوله: " وهو بمنى " عند ابن حبان فقط , ويخالفه ما عند الطحاوى بلفظ: " فقدمت المدينة ".
وإسناده أصح من سند ابن حبان فإن فى سند هذا أبا خليفة الفضل بن الحباب وهو ثقة , لكن له أخطاء فراجع " لسان الميزان ".
(984) - (حديث: " رفع القلم عن ثلاثة " (ص 237) .
* صحيح.
وتقدم برقم (297) .(4/154)
(985) - (لحديث ابن عباس: " أن امرأة رفعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر " رواه مسلم (ص 237) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/101) وكذا مالك (1/422/244) والشافعى (1/289) وأبو داود (1736) والنسائى (2/5) والطحاوى (1/235) وابن الجارود (411) والبيهقى (5/155) وأحمد (1/219 , 244 , 288 , 343 , 344) من طريق كريب عنه.
وله شاهد من حديث جابر مثله.
أخرجه الترمذى (1/174) وابن ماجه (2910) والبيهقى (5/156) عن أبى معاوية: حدثنى محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وروى عن أنس مثله بزيادة: " قالت: فما ثوابه إذا وقف بعرفة؟ قال: يكتب الله لوالديه بعدد كل من وقف بالموقف عدد شعر رءوسهم حسنات ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (110/1) من طريق خالد بن الوليد المخزومى عن الزهرى عن أنس. وقال: لم يرد عن الزهرى إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو موضوع من أجل خالد هذا وهو ابن إسماعيل بن الوليد قال الذهبى: " نسب إلى جده تدليساً لحاله وهو متهم بالكذب , قال ابن عدى: كان يضع الحديث على الثقات , فمن بلاياه ... ". فذكر هذا الحديث , وإنما أوردته للتنبيه عليه , لا للاستكثار به.
(986) - (وعنه أيضا مرفوعا: " أيما صبى حج ثم بلغ فعليه حجة(4/155)
أخرى , وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى " رواه الشافعى والطيالسى فى مسنديهما (ص 237) .
* صحيح.
أخرجه الشافعى (1/290) فقال: أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبى السفر قال: قال ابن عباس: " أيها الناس أسمعونى ما تقولون , وافهموا ما أقول لكم , أيما مملوك ... " قلت: فذكره بمعناه موقوفاً عليه.
وأخرجه الطحاوى (1/435) والبيهقى (5/156) من طريقين آخرين عن أبى السفر به.
وإسناده صحيح كما قال الحافظ فى " الفتح " (4/61) .
وقد جاء من طريق آخر مرفوعاً , يرويه محمد بن المنهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما صبى حج , ثم بلغ الحنث فعليه حجة أخرى , وأيما أعرابى حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى , وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/110/1) والحاكم فى " المستدرك " (1/481) والبيهقى (4/325) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (8/209) قال: " لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة , وهو غريب ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن شعبة مرفوعاً إلا يزيد تفرد به محمد بن المنهال "
كذا قال , وهو عند الخطيب من طريق محمد بن المنهال وحارث بن سريج النقال معاً قالا: حدثنا يزيد بن زريع به.
وقد أخرجه ابن عدى فى(4/156)
" الكامل " (64/2) عن الحارث بن سريج وحده ثم قال عقبه: " وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال عن يزيد بن زريع , وأظن أن الحارث هذا سرقه منه , ولا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما , ورواه ابن أبى عدى وجماعة معه عن شعبة موقوفا ".
قلت: يزيد بن زريع احتج به الشيخان , وهو ثقة ثبت ومثله محمد بن المنهال احتج به الشيخان أيضاً وهو ثقة حافظ كما فى " التقريب " وكان أثبت الناس فى يزيد بن زريع كما قال ابن عدى عن أبى يعلى , فالقلب يطمئن لصحة حديثه , ولا يضره وقف من أوقفه على شعبة , لأن الراوى قد ينشط تارة فيرفع الحديث , ولا ينشط تارة فيوقفه فمن حفظ حجة على من لم يحفظ , ولهذا قال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى (1) .
والحديث قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 201 ـ 202) : " رواه ابن خزيمة والإسماعيلى فى " مسند الأعمش " والحاكم والبيهقى وابن حزم وصححه والخطيب فى " التاريخ " ... قال ابن خزيمة: الصحيح موقوف.
وأخرجه كذلك من رواية ابن أبى عدى , وقال البيهقى: تفرد برفعه محمد بن المنهال , ورواه الثورى عن شعبة موقوفاً.
قال: لكن هو عند الإسماعيلى والخطيب عن الحارث بن سريج عن يزيد بن زريع متابعة لمحمد بن المنهال , ويؤيد رفعه ما رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس قال: احفظوا عنى , ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره. وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع , فلذا نهاهم عن نسبته إليه , وفى الباب عن جابر أخرجه ابن عدى بلفظ: " لو حج صغير حجة , لكان عليه حجة أخرى " الحديث. وسنده
__________
(1) وصححه أيضا عبد الحق فى " الأحكام " (106/2) لكنه توقف فى صحة السند إلى يزيد بن زريع لأنه لم يقف عليه , لأنه نقله عن ابن حزم , وقد ابتدأ به من عند يزيد وصححه ابن دقيق العيد , فأورده فى " الإلمام " (رقم 635) .(4/157)
ضعيف , وأخرجه أبو داود فى " المراسيل " عن محمد بن كعب القرظى نحو حديث ابن عباس مرسلا , وفيه راوٍمبهم ".
قلت: حديث القرظى رواه أيضا سعيد بن منصور فى " سننه " كما فى " المغنى " (3/248) .
وحديث جابر أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (111/1) فى ترجمة حرام بن عثمان الأنصارى عن عبد الرحمن ومحمد ابنى جابر عن أبيهما جابر به وتمامه: " ... إذا بلغ إن استطاع إليه سبيلا , ولو حج المموك عشرا , لكانت عليه حجة إذا عتق إن استطاع إليها سبيلا , ولو حج الأعرابى عشرا لكانت عليه حجة إذا بلغ إن استطاع إليه سبيلا , وإذا هاجر ".
وساق له أحاديث أخرى وقال: " عامة أحاديثه مناكير ".
قلت: وهو ضعيف جدا , قال الذهبى فى " الضعفاء ": " متروك باتفاق , مبتدع ".
قلت: لكنه لم يتفرد به , فقال الطيالسى فى " مسنده " (1767) : حدثنا اليمان أبو حذيفة , وخارجة بن مصعب , فأما خارجة فحدثنا عن حرام بن عثمان عن أبى عتيق عن جابر , وأما اليمان فحدثنا عن أبى عبس عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره إلا أنه قال: " لو أن صبيا حج عشر حجج ... " كما قال فى الآخرين.
لكن اليمان هذا وهو ابن المغيرة ضعفوه كما قال الذهبى فى " الضعفاء ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
وحديث محمد بن المنهال يظهر أن له متابعا آخر فقد قال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " (104/1) بعد أن أقر تصحيح الحاكم إياه:(4/158)
" وقال أبو محمد بن حزم: رواته ثقات , وقال البيهقى: تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع. قلت: لم يتفرد , بل تابعه عليه ثقتان كما ذكرته فى الأصل - يعنى: البدر المنير - ". ولم أقف عليه , لنتعرف على الثقة الآخر.
وأما الثقة الأول فهو فيما يبدو حارث بن سريج المتقدم وهو مختلف فيه فقد وثقه ابن معين وابن حبان والأزدى وضعفه آخرون منهم ابن معين فى رواية.
وخلاصته: أن الحديث صحيح الإسناد مرفوعا , وموقوفا , وللمرفوع شواهد ومتابعات يتقوى بها.
(تنبيه) : من التخريج السابق يتبين للباحث المتأمل أن عزو المصنف لهذا الحديث عن ابن عباس للشافعى والطيالسى لا يخلو من شىء , فإن الأول منهما , إنما أخرجه موقوفا , والآخر لم يخرجه عنه أصلا , وإنما رواه عن جابر رضى الله عنهما.
(987) - (قال ابن عباس: " إذا أعتق العبد بعرفه أجزأه حجه ".
* لم أقف على سنده
وقد أورده ابن قدامة فى " المغنى " (3/248) هكذا:
" قال أحمد: قال طاوس عن ابن عباس: إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه حجته ".
فالظاهر أنه صحيح عند أحمد لجزمه به.
وروى أبو بكر القطيعى فى " كتاب المناسك عن سعيد بن أبى عروبة " (159/1) بإسناد صحيح عن قتادة وعن عطاء أنهما قالا: " إذا أعتق المملوك أو احتلم الغلام عشية عرفة فشهد الموقف أجزأ عنهما ".
ثم وقفت على سنده , فقال الإمام أحمد فى " مسائل ابنه عبد الله "(4/159)
(ص 190) : حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ليث عن طاوس عن ابن عباس به.
قلت: وليث هو ابن أبى سليم وهو ضعيف.
(988) - (وعن أنس فى قوله عز وجل: (من استطاع إليه سبيلا) قال: " قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة " رواه الدارقطنى (ص238) .
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (254) وكذا الحاكم (1/442) عن على بن العباس حدثنا على بن سعيد بن مسروق الكندى حدثنا ابن أبى زائدة عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , وقد تابع حماد بن سلمة سعيدا على روايته عن قتادة "
قلت: ثم ساق الحاكم من طريق أبى قتادة الحرانى عن حماد بن سلمة عن قتادة به. ثم قال: " هذا صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى فى كل ذلك , وخالفه البيهقى ـ وهو تلميذه ـ فقال (4/230) بعد أن علقه من طريق سعيد بن أبى عروبة به: " ولا أراه إلا وهماً , فقد أخبرنا ... "
ثم ساق إسناده إلى جعفر بن عون: أنبأنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن قال: فذكره مرفوعا مرسلا , وقال:
" هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وكذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن ".
وقال ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/70/1) : " لم يخرجه أحد من أهل السنن بهذا الإسناد , وعلى بن سعيد بن مسروق(4/160)
وعلى بن العباس ثقتان , والصواب عن قتادة عن الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وأما رفعه عن أنس فهو وهم , هكذا قال شيخنا ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (202) بعد أن ذكر خلاصة كلام البيهقى فى ترجيح المرسل على الموصول: " وسنده صحيح إلى الحسن , وقد رواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضا , إلا أن الراوى عن حماد هو أبو قتادة عبد الله بن واقد الحرانى , وقد قال أبو حاتم: هو منكر الحديث ".
وقال فى " التقريب ": " هو متروك , وكان يدلس ".
قلت: فلا قيمة لهذه المتابعة حينئذ فالعجب من الذهبى كيف وافق الحاكم على تصحيح إسناده وعلى شرط مسلم؟ ! وهو ليس من رجاله! ويتبين أن الصواب فى هذا الإسناد أنه عن قتادة عن الحسن مرسلاً كما قال البيهقى ثم ابن عبد الهادى عن شيخه وهو ابن تيمية , أو الحافظ المزى , والأول أقرب.
وقد أخرجه أبو بكر القطيعى فى " كتاب المناسك عن سعيد بن أبى عروبة " (1/157/2) قال: أخبرنا عبد الأعلى قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن به.
وعبد الأعلى هذا هو ابن عبد الأعلى بن محمد السامى البصرى ثقة محتج به فى " الصحيحين " وقد قال: " فرغت من حاجتى من سعيد يعنى ابن أبى عروبة قبل الطاعون " قال الحافظ فى " التهذيب ": " يعنى أنه سمع منه قبل الاختلاط ".
قلت: وهذا من المرجحات لرواية الإرسال لأن ابن أبى زائدة وهو يحيى بن زكريا بن أبى زائدة الذى وصله لا ندرى سمع منه قبل الاختلاط أو بعده.(4/161)
2 ـ وقد روى موصولا من طريق جماعة آخرين من الصحابة منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب مثل حديث أنس.
أخرجه الترمذى (1/155 , 2/166) وابن ماجه (2896) وابن جرير الطبرى فى " التفسير " (7/40/7485) وكذا الشافعى (1/283/740) والعقيلى فى " الضعفاء " (323) والدارقطنى (255) والبيهقى (4/330) من طريق إبراهيم ابن يزيد المكى عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن ابن عمر.
وقال الترمذى: " حديث حسن (1) , وإبراهيم بن يزيد هو الخوزى قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (202) : " وقد قال فيه أحمد والنسائى: متروك الحديث " وبهذا جزم فى " التقريب ".
وقال البيهقى عقبه: " ضعفه أهل العلم بالحديث , وقد تابعه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن محمد بن عباد , إلا أنه أضعف من إبراهيم بن يزيد.
ورواه أيضا محمد بن الحجاج عن جرير بن حازم عن محمد بن عباد , ومحمد بن الحجاج متروك ".
قلت: وصل هذين الطريقين الدارقطنى إلا أنه أدخل فى الطريق الأولى ابن جريج بين ابن عمر وابن عباد.
وله طريق أخرى عن ابن عمر فقال ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/297) :
__________
(1) كذا فى نسخة بولاق من " السنن " وكذا فى نقل " التلخيص " عنه , وأما الزيلعى فنقل (3/8) عنه أنه قال: " حديث غريب ... ".(4/162)
" سألت على بن الحسين بن الجنيد عن حديث رواه سعيد بن سلام العطار عن عبد الله ابن عمر العمرى عن نافع عنه به؟ قال: هذا حديث باطل ".
قلت: وآفته ابن سلام هذا قال أحمد وابن معين: " كذاب ".
3 ـ وعن ابن عباس نحوه.
أخرجه ابن ماجه (2897) : حدثنا سويد بن سعيد: حدثنا هشام بن سليمان القرشى عن ابن جريج , قال: وأخبرنيه أيضا (1) عن ابن عطاء عن عكرمة عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف وفيه ثلاث علل:
الأولى: ابن عطاء , وهو عمر بن عطاء بن وراز، قال ابن معين: " عمر بن عطاء الذى يروى عنه ابن جريج يحدث عن عكرمة , ليس بشىء , وهو ابن وراز , وهو يضعفونه , وقال النسائى: " ضعيف " ذكره ابن عدى فى " الكامل "
(242/2) ثم قال: " وهو قليل الحديث , ولا أعلم يروى عنه غير ابن جريج ".
الثانية: هشام بن سليمان القرشى وجده عكرمة بن خالد بن العاص المخزومى.
قال ابن أبى حاتم (4/2/62) عن أبيه: " مضطرب الحديث , ومحله الصدق , ما أرى به بأسا ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبول " يعنى عند المتابعة , وأما عند التفرد كما هنا فلين الحديث كما نص عليه فى المقدمة.
وبقول أبى حاتم المذكور أعله الزيلعى فى " نصب الراية " (3/9) نقلا عن " الإمام " لابن دقيق العيد.
الثالثة: سويد بن سعيد هو الحدثانى , قال الحافظ:
__________
(1) كذا الأصل وكذا نقله الزيلعى , فمن المخبر لابن جريج عن ابن عطاء وقد ذكروا أن ابن جريج روى عنه مباشرة؟!.(4/163)
" صدوق فى نفسه , إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه , وأفحش فيه ابن معين القول ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون هذا مما تلقنه , فقد تابعه أبو عبيد الله المخزومى (1) لكنه أوقفه فقال: حدثنا هشام بن سليمان وعبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرنى عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس مثل قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " السبيل الزاد والراحلة ".
أخرجه الدارقطنى (255) وعنه البيهقى (4/331) .
قلت: وهذا الموقوف أقرب إلى الصواب على ضعفه أيضاً.
ومن هذا التحقيق فى هذا الإسناد تعلم أن قول البوصيرى فى " الزوائد " (ق 179/2) : " إسناد حسن " ليس بحسن , مع أنه ذكر تضعيف من ذكرنا لابن عطاء , لكنه زاد فقال: " وقال أبو زرعة: ثقة لين ".
فاستخلص هو منه أنه وسط فحسن إسناده وكيف يصح هذا مع تضعيف أولئك إياه , وقلة حديثه , ومع وجود العلتين الأخريين فى الطريق إليه؟ !
وله عند الدارقطنى طريق أخرى , فيه حصين بن مخارق قال الدارقطنى: " يضع الحديث ".
4 ـ وعن عائشة مثله.
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (323) والدارقطنى (254 ـ 255) والبيهقى (4/330) عن عتاب بن أعين عن سفيان الثورى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عنها. وقال العقيلى: " عتاب فى حديثه وهم ".
__________
(1) اسمه سعيد بن عبد الرحمن بن حسان وهو ثقة.(4/164)
ثم ساقه من طريقين صحيحين عن سفيان عن إبراهيم بن يزيد الخوزى بسنده المتقدم عن ابن عمر به , ثم قال: " هذا أولى على ضعفه أيضا ".
قلت: وأيضا , فإن المحفوظ عن سفيان عن يونس إنما هو عن الحسن مرسلاً هكذا أخرجه البيهقى (4/327) من طريق أبى داود الحفرى عن سفيان به.
نعم وصله الدارقطنى (255) عن حصين بن مخارق عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس. لكن الحصين هذا يضع الحديث كما تقدم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم حدثنا يونس عن الحسن مرسلا.
أخرجه أبو داود فى " المسائل " (97) وابنه عبد الله فيها (176) .
5 ـ عن جابر بن عبد الله مثله.
أخرجه الدارقطنى (254) عن عبد الملك بن زياد النصيبى حدثنا محمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير عن أبى الزبير أو عمرو بن دينار عنه.
قلت: هذا سند واه جداً قال ابن عبد الهادى فى " التنقيح " (70/1) : " عبد الملك بن زياد النصيبى قال فيه الأزدى: منكر الحديث غير ثقة , ومحمد بن عبيد الله بن عبيد ضعفه ابن معين , وقال مرة: ليس بثقة ومرة ليس حديثه بشىء. وقال البخارى: منكر الحديث. وقال النسائى: متروك الحديث ".
6 ـ عن عبد الله بن عمرو بن العاص (1) مثله.
__________
(1) وقع فى " نصب الراية " (3/10) : " عمرو بن العاص بإسقاط ابنه عبد الله ووقع فيه قبل (3/8) على الصواب.(4/165)
أخرجه الدارقطنى عن أحمد بن أبى نافع حدثنا عفيف عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قلت: وهذا سند واهٍ, وفيه علتان:
إحداهما: أحمد بن أبى نافع وهو أبو سلمة الموصلى , أورده ابن أبى حاتم (1/1/79) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفى " الميزان ": " قال أبو يعلى: لم يكن أهلا للحديث. وذكر له ابن عدى فى كامله أحاديث منكرة".
والأخرى: ابن لهيعة وهو ضعيف من قبل حفظه , وتصحيح أحمد شاكر له من تساهله. وجزم بضعفه الزيلعى , إلا أنه اقتصر فى إعلال الحديث عليه وهو قصور لا يخفى وقد تابعه عند الدارقطنى محمد بن عبيد الله العرزمى وهو أشد ضعفا منه قال الحافظ فى " التقريب ": " متروك ".
7 ـ عن عبد الله بن مسعود مثله.
رواه الدارقطنى من طريق بهلول بن عبيد عن حماد بن أبى سليمان عن إبراهيم بن علقمة عنه.
قلت: وهذا سند واهٍجدا , بهلول آفته , قال أبو حاتم: " ضعيف الحديث ذاهب ". وقال ابن حبان: " يسرق الحديث " وقال الحاكم: " روى أحاديث موضوعة ".
وخلاصة القول: إن طرق هذا الحديث كلها واهية , وبعضها أوهى من بعض , وأحسنها طريق الحسن البصرى المرسل , وليس فى شىء من تلك الموصولات ما يمكن أن يجعل شاهدا له لوهائها , خلافا لقول البيهقى بعد أن ساق بعضها: " وروى فيه أحاديث آخر , لا يصح شىء منها , وحديث إبراهيم بن يزيد أشهرها , وقد أكدناه بالذى رواه الحسن البصرى وإن كان منقطعا ".(4/166)
قلت: ولسنا نرى هذا , لأن إبراهيم بن يزيد ضعيف جدا فلا يؤثر فيه ولا يقويه مرسل الحسن البصرى كما هو المقرر فى " علم المصطلح ". وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ عبد الحق الأشبيلى فإنه قال فى " الأحكام الكبرى " (96/1) عقب حديث الخوزى.
" وقد تكلم فيه من قبل حفظه , وترك حديثه , وقد خرج الدارقطنى هذا الحديث من حديث جابر وابن عمر وابن مسعود وأنس وعائشة وغيرهم , وليس فيها إسناد يحتج به ".
ونقل الزيلعى (3/10) مثله عن ابن دقيق العيد فى " الإمام " , أضف إلى ذلك ما فى " فتح البارى " (3/300) :
" قال ابن المنذر: لا يثبت الحديث الذى فيه الزاد والراحلة , والآية الكريمة عامة ليست مجملة , فلا تفتقر إلى بيان , وكأنه كلف كل مستطيع قدره بمال أو بدن".
ويظهر أن ابن تيمية رحمه الله تعالى لم يعط هذه الأحاديث والطرق حقها من النظر والنقد فقال فى " شرح العمدة " بعد سرده إياها: " فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة , تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة ... " <5> فإنه ليس فى تلك الطرق ما هو حسن , بل ولا ضعيف منجبر , فتنبه.
(989) - (لحديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " (ص 238) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عمرو بسند ضعيف , لكن أخرجه مسلم من طريق أخرى عنه نحوه , وقد ذكرنا لفظه فى " الزكاة " (رقم 894) .
__________
(1) نقلته من " سبل السلام " للصنعانى.(4/167)
(990) - (حديث ابن عباس مرفوعا: " تعجلوا إلى الحج ـ يعنى الفريضة ـ فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له ". رواه أحمد (ص 238) .
* حسن.
أخرجه أحمد (1/314) من طريق إسماعيل عن أبيه أبى إسرائيل عن فضيل يعنى ابن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل , أو أحدهما عن الآخر.
ثم أخرجه هو (1/214 , 323 , 355) وابن ماجه (2883) والبيهقى وأبو نعيم (1/114) والخطيب فى " الموضح " (1/232) و (4/340) من طرق أخرى عن إسماعيل به لفظ [1] : " من أراد الحج فليتعجل , فإنه قد يمرض المريض , وتضل الضالة , وتعرض الحاجة".
قلت: وهذا سند ضعيف إسماعيل هذا هو ابن خليفة العبسى أبو إسرائيل الملائى , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق سىء الحفظ , نسب إلى الغلو فى التشيع ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (178/2) : " هذا إسناد فيه مقال: إسماعيل بن خليفة أبو إسرائيل الملائى قال فيه ابن عدى: عامة ما يرويه يخالف الثقات , وقال النسائى: ضعيف , وقال الجوزجانى: مفترى زائغ.
قلت: لم ينفرد به إسماعيل , فقد رواه أبو داود ... وله شاهد من حديث أبى هريرة رواه الشيخان والنسائى وابن ماجه ".
قلت: أما المتابعة التى أشار إليها , فهى عند أبى داود (1732) والدارمى (2/28) وابن سمعون فى " الأمالى " (2/185/2) والدولابى (2/12) والحاكم (1/448) والبيهقى وأحمد (1/225) من طرق عن الحسن بن عمرو الفقيمى عن مهران أبى صفوان عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من أراد الحج فليتعجل ".
وقال الحاكم: "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا في الأصل، والصواب: بلفظ}(4/168)
صحيح الإسناد , وأبو صفوان لا يعرف بالجرح ". ووافقه الذهبى.
وهذا منهما عجب , ولا سيما الذهبى فقد أورده فى " الميزان " قائلا: " لا يدرى من هو , قال أبو زرعة: لا أعرفه إلا فى هذا الحديث ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول ".
قلت: لكن لعله يتقوى حديثه بالطريق الأولى فيرتقى إلى درجة الحسن , لا سيما وبعض العلماء يحسن حديث أمثاله من التابعين كالحافظ بن كثير وابن رجب وغيرهما والله أعلم , وقد صححه عبد الحق فى " الأحكام " رقم () .
وأما الشاهد الذى ذكره البوصيرى من حديث أبى هريرة , فلم أعرفه وما أظنه إلا وهما منه , أو من بعض نساخ كتابه , والله أعلم.
(991) - (لحديث: " لا تركب البحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا فى سبيل الله ". رواه أبو داود وسعيد.
* ضعيف.
أخرجه أبو داود وغيره من طريق بشر أبى عبد الله عن بشير بن مسلم عن عبد الله ابن عمرو مرفوعا.
وهذا ضعيف , بشر وبشير كلاهما مجهول.
وفى إسناده اضطراب , ولذلك اتفق الأئمة على تضعيفه , وقد ذكرت من ضعفه وبينت اضطرابه فى " الأحاديث الضعيفة " رقم (478) فليراجعه من شاء الزيادة.
(تنبيه) : الحديث عند أبى داود فى أول " الجهاد " من طريق سعيد بن منصور بلفظ: " لا يركب البحر إلا حاج ... " , فلا أدرى هل اللفظ الذى فى الكتاب " لا تركب ... " بصيغة المخاطب هو لفظ سعيد فى سننه نقله المصنف عنه , ووقع عند أبى داود بصيغة الغائب , أم تحرف على النساخ؟.(4/169)
(992) - (لحديث ابن عباس: " أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبى أدركته فريضة الله فى الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوى على الراحلة , فأحج عنه. قال: حجى عنه " متفق عليه (ص 239) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/384 , 464 , 3/102) ومسلم (4/101) وكذا مالك (1/359/97) وأبو داود (1809) والنسائى (2/5) والترمذى (1/174) والدارمى (2/40) وابن ماجه (2909) وابن الجارود (497) والبيهقى (4/328) والطيالسى (2663) وأحمد (1/212 , 213 , 219 , 251 , 329 , 346 , 359) من طريق سليمان بن يسار عنه. زاد الترمذى وصححه , {و} ابن ماجه: " عن أخيه الفضل ".
وهو رواية لمسلم والنسائى وأحمد. وزاد الشيخان وغيرهما فى رواية: " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل ينظر إليها , وتنظر إليه , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر قالت: يا رسول الله ... "
وزاد أحمد (1/251) : " وكانت امرأة حسناء ".
وللحديث شاهد من حديث على خرجته فى " حجاب المرأة المسلمة ".
(993) - لحديث ابن عباس: " أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمى نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت. أفأحج عنها؟ قال نعم , حجى عنها , أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء " رواه البخارى (ص 239) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/464 , 4/431) والنسائى (2/4) وابن الجارود (501) والبيهقى (4/335) والطيالسى (2621) وأحمد (1/239 ـ 240 , 345) والطبرانى فى " الكبير " (3/164/1) عن سعيد بن جبير عنه.(4/170)
(994) - (لحديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة. قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا , قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ". رواه أحمد واحتج به , وأبو داود وابن حبان والطبرانى. قال البيهقى: إسناده صحيح , وفى لفظ للدارقطنى: " هذه عنك وحج عن شبرمة ". (ص 240) .
قلت فى "إرواء الغليل" 4/171:
* صحيح.
أبو داود (1811) وابن ماجه (2903) وابن الجارود (499) وابن حبان فى " صحيحه " (962) والدارقطنى (276) والبيهقى (4/336) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/161/1) والضياء فى " المختارة " (60/236/2) كلهم عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة , عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به , إلا أن المؤلف اختصر منه قوله: " قال: من شبرمة؟ قال: أخ لى , أو قريب لى ".
وقال البيهقى: " هذا إسناد صحيح ليس فى هذا الباب أصح منه ".
قلت: وقد تكلم فيه بعض العلماء بكلام كثير يراجعه من شاء فى المبسوطات من التخريجات. مثل " نصب الراية " و" تلخيص الحبير " وغيرهما , وقال الحافظ ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " (ق 104/1) : " إسناده صحيح على شرط مسلم , وقد أعله الطحاوى بالوقف , والدارقطنى بالإرسال , وابن المغلس الظاهرى بالتدليس , وابن الجوزى بالضعف , وغيرهم بالاضطراب والانقطاع , وقد زال ذلك كله بما أوضحناه فى الأصل ".
قلت: وأوضح شيئا من ذلك الحافظ فى " التلخيص " , ومال إلى تصحيح الحديث بالنظر إلى أن له شاهدا مرسلا رواه سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن النبى صلى الله عليه وسلم فقال:(4/171)
" لكنه يقوى المرفوع (يعنى الموصول) لأنه من غير رجاله , وقد رواه الإسماعيلى فى " معجمه " من طريق أخرى عن أبى الزبير عن جابر , وفى إسنادها من يحتاج إلى النظر فى حاله , فيجتمع من هذا صحة الحديث ".
قلت: وهو الذى لا يتوقف الباحث الناظر فى طرقه , لاسيما وقد وقفت له على طريق أخرى موصولة من طريق عطاء عن ابن عباس , لم أر أحدا من المخرجين أو الذين تكلموا على الحديث , ذكره أو أشار إليه , فقال الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 131) : حدثنا عبد الله بن سندة بن الوليد الأصبهانى حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرقى حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عطاء به.
وقال: " لم يروه عن عمرو إلا حماد , ولا عنه إلا يزيد تفرد به عبد الرحمن بن خالد ".
قلت: وهو ثقة , قال النسائى: " لا بأس به " , وذكره ابن حبان فى " الثقات " , وفى " التقريب ": " صدوق ".
قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات محتج بهم فى الصحيح غير شيخ الطبرانى ابن سندة , وقد ترجم له أبو الشيخ فى " طبقات الأصبهانيين " (ص 245) وقال: " يكنى أبا محمد , وكان ثقة صدوقا ".
وفى ترجمته أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/66) من طريق الطبرانى ثم قال: " كتب عن الشاميين , كثير الحديث ".
قلت: ولم أجده فى " تاريخ دمشق " للحافظ ابن عساكر , فلا أدرى أسقط من النسخة , أم هو مما فات الحافظ , وبالجملة فهذا الإسناد صحيح عزيز , والحمد لله على توفيقه.
وأما طريق أبى الزبير التى ذكرها الحافظ , فقد أخرجها أيضا الطبرانى فى(4/172)
" الأوسط " (1/113/2) عن ثمامة بن عبيدة عن أبى الزبير عن جابر وقال: " لم يروه عن أبى الزبير إلا ثمامة ".
قلت: وبه أعله الهيثمى , فقال فى " المجمع " (3/283) : " هو ضعيف ".
قلت: بل هو واهٍجدا , قال فى " الميزان ": " قال أبو حاتم: منكر الحديث , وكذبه ابن المدينى ".
فمثله لا يستشهد به ولا كرامة , والظاهر أن الإسماعيلى رواه من طريقه , لقول الطبرانى أنه تفرد به , والله أعلم.
(995) - (حديث ابن عباس: " لا تسافر امرأة إلا مع [ذى] محرم , ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم " رواه أحمد بإسناد صحيح (ص 240) .
* صحيح.
وقد أبعد المصنف النجعة , فالحديث فى " صحيح البخارى " (1/465) من طريق عمرو عن أبى معبد مولى ابن عباس عنه مرفوعا به وزيادة: " فقال رجل: يا رسول الله: إنى أريد أن أخرج فى جيش كذا وكذا , وامرأتى تريد الحج؟ فقال: اخرج معها ".
وهكذا هو عند أحمد فى " مسنده " (1/222) إلا أنه قدم قضية الدخول على السفر , فعزوه لأحمد بسياق البخارى فيه مؤاخذة أخرى!
وأخرجه أيضا مسلم (4/104) والشافعى (رقم 756) .(4/173)
باب الإحرام
(996) - (حديث ابن عباس قال: " وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة , ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن , ولأهل اليمن يلملم , هن لهن , ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة , ومن كان دون ذلك , فمهله من أهله , وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها " متفق عليه (ص 241) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/386 , 387 , 387 ـ 388) ومسلم (4/5 , 6) وكذا أبو داود (1738) والنسائى (2/6 , 7) والدارمى (2/30) وأبو نعيم فى " المستخرج " (19/132/1) والبيهقى (5/29) والطيالسى (2606) وأحمد (1/238 , 249 , 252 332 , 339) من طريق طاوس عنه. زاد الطحاوى من طريق عمرو وهو ابن دينار: ولا تحسبن فينا أحدا أصدق لهجة من طاوس.
(997) - (قول عمر: " انظروا حذوها من قديد ـ وفى لفظ ـ من طريقكم " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/388) وكذا البيهقى (5/27) عن عبد الله بن عمر قال: " لما فتح هذان المصران (يعنى البصرة والكوفة) أتوا عمر , فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا وهو جور عن طريقنا وإنا(4/174)
إن أردنا قرنا شق علينا؟ قال: فانظروا حذوها من طريقكم , فحد لهم ذات عرق ".
(998) - (وفى صحيح مسلم عن جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق " (ص 242) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/7) وكذا الشافعى (777) والطحاوى (1/360) وأبو نعيم فى " المستخرج " (19/132/1 ـ 2) وأحمد (3/333) عن ابن جريج: أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما يسأل عن المهل , فقال: سمعت (أحسبه رفع إلى النبى صلى الله عليه وسلم) فقال: " مهل أهل المدينة من ذى الحليفة , والطريق الآخر الجحفة , ومهل أهل العراق من ذات عرق , ومهل أهل نجد من قرن , ومهل أهل اليمن من يلملم ".
وأخرجه ابن ماجه (2915) عن طريق إبراهيم بن يزيد عن أبى الزبير عن جابر قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذى الحليفة ومهل أهل الشام من الجحفة , ومهل أهل اليمن من يلملم , ومهل أهل نجد من قرن , ومهل أهل المشرق من ذات عرق , ثم أقبل بوجهه للأفق , ثم قال: اللهم أقبل بقلوبهم ".
قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل إبراهيم هذا وهو الخوزى , قال البوصيرى فى " الزوائد " (180/2) : " هذا إسناد ضعيف , إبراهيم بن يزيد الخوزى , قال فيه أحمد والنسائى وعلى بن الجنيد: متروك الحديث , وقال الدارقطنى: منكر الحديث. وقال ابن المدينى وابن سعد: ضعيف ".(4/175)
قلت: لكنه لم يتفرد به , فقال الإمام أحمد (3/336) : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو الزبير قال: سألت جابرا عن المهل؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره مثل حديث ابن جريج.
قلت: وابن لهيعة أحسن حالا من الخوزى , فإنه فى نفسه ثقة , ولكنه سىء الحفظ , عرض له ذلك بعد أن احترقت كتبه ولذلك قال ابن سعد: كان ضعيفا , ومن سمع منه فى أول أمره أحسن حالا ممن سمع منه بآخره ".
وقال عبد الغنى بن سعيد الأزدى: " إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك وابن وهب والمقرى ".
وذكر الساجى وغيره مثله.
قلت: وقد روى هذا الحديث عن ابن لهيعة ابن وهب , أخرجه البيهقى (5/27) بسند صحيح عن عبد الله بن وهب , أخبرنى ابن لهيعة عن أبى الزبير المكى عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ومهل العراق من ذات عرق ".
فصح الحديث من هذه الطريق والحمد لله.
ولا يعله الشك فى رفعه الذى وقع فى رواية ابن جريج , لأن الذى لم يشك معه من العلم ما ليس مع من شك , ومن علم حجة على من لم يعلم , لا سيما وللحديث شواهد يتقوى بمجموعها كما قال الحافظ فى " الفتح " (3/309) , ومن هذه الشواهد حديث عائشة الآتى فى الكتاب بعد هذا.
(999) - (وعن عائشة مرفوعاً نحوه , رواه أبو داود والنسائى.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1739) والنسائى (2/6) وكذا الدارقطنى (262) والبيهقى (5/28) من طرق عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد عن عائشة رضى الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ".(4/176)
ولفظ النسائى أتم: " وقت لأهل المدينة ذا الحليفة , ولأهل الشام ومصر الجحفة , ولأهل العراق ذات عرق , ولأهل اليمن يلملم ".
وهكذا أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (29/2) فى ترجمة أفلح هذا وقال: " قال لنا ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد , فقيل له: يروى عنه غير المعافى؟ قال: المعافى بن عمران ثقة.
قال ابن عدى: وأفلح بن حميد أشهر من ذلك , وقد حدث عنه ثقات الناس , مثل ابن أبى زائدة ووكيع وابن وهب , وآخرهم القعنبى , وهو عندى صالح , وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها , وهذا الحديث ينفرد به معافى عنه , وإنكار أرجو أن تكون مستقيمة كلها , وهذا الحديث ينفرد به معافا عنه , وإنكار أحمد على أفلح فى هذا الحديث قوله: " ولأهل العراق ذات عرق " , ولم ينكر الباقى من إسناده ومتنه شيئا ".
قلت: ولا وجه عندى لهذا الإنكار أصلا , فإن أفلح بن حميد ثقة اتفاقا , واحتج به الشيخان جميعا , فلو روى ما لم يروه غيره من الثقات لم يكن حديثه منكرا ولا شاذا , وقد قال الإمام الشافعى فى الحديث الشاذ: " وهو أن يروى الثقة حديثا يخالف ما روى الناس , وليس من ذلك أن يروى ما لم يرو غيره "
فهذا الحديث عن عائشة تفرد به القاسم بن محمد عنها فلم يكن شاذا , لأنه لم يخالف فيه الناس , وتفرد به أفلح به حميد عنه فلم يكن شاذا كذلك ولا فرق.
فكيف والحديث له شواهد تدل على حفظ أفلح وضبطه؟ !
فمنها حديث جابر الذى تقدم قبله , ومنها أحاديث عن جماعة من الصحابة خرجها الزيلعى فى " نصب الراية " وغيره , وقد وجدت شاهدا آخر لم أجد أحدا من المخرجين قد تعرض لذكره ألا وهو الذى يرويه جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال:(4/177)
" وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة , ولأهل اليمن يلملم ولأهل الشام الجحفة , ولأهل الطائف قرن , قال ابن عمر: وحدثنى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ".
أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (4/94) وقال: " هذا حديث صحيح ثابت من حديث ميمون لم نكتبه إلا من حديث جعفر عنه ".
ومن هذا الوجه أخرجه الطحاوى (1/360) إلا أنه قال: " وقال الناس: لأهل المشرق ذات عرق ".
قال الطحاوى: " فهذا ابن عمر يخبر أن الناس قد قالوا ذلك , ولا يريد ابن عمر من الناس إلا أهل الحجة والعلم بالسنة , ومحال أن يكونوا قالوا ذلك بآرائهم , لأن هذا ليس مما يقال من جهة الرأى , ولكنهم قالوا بما أوقفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قلت: ورواية أبى نعيم صريحة فى ذلك , وقد وجدت لها متابعا أيضا لم أر أحدا ذكره , فقال الإمام أحمد (2/78) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت صدقة بن يسار {سمعت ابن عمر} يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة , ولأهل الشام الجحفة , ولأهل نجد قرنا , ولأهل العراق ذات عرق , ولأهل اليمن يلملم ".
قلت: وهذا إسناد صحيح موصول على شرط مسلم. ولكن قد يعارضه ما أخرجه أحمد أيضا (2/11) من طريق سفيان وهو ابن عيينة , و (2/140) من طريق جرير وهو ابن عبد الحميد عن صدقة بن يسار , وقال الأول: سمع صدقة ابن عمر يقول ... فذكر الحديث دون التوقيت لأهل العراق وزاد مكانه: " قيل له فالعراق؟ قال: لا عراق يومئذ ".
قلت: وهذا سند صحيح أيضا وهو ثلاثى.(4/178)
وظاهره أن ابن عمر لا يعلم فى الحديث ذكر ميقات أهل العراق , ويعلل عدم ذكره فيه أن العراق لم تكن مفتوحة يومئذ. فكيف يتفق هذا القول منه مع ذكره ذلك فى رواية شعبة عنه؟
قلت: ما دام أن الروايتين عن ابن عمر ثابتتان عنه , ومن رواية صدقة ابن يسار عنه , فالظاهر أن ابن عمر رضى الله عنه كان فى أول الأمر لم يبلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الميقات المذكور , ولو من طريق غيره من الصحابة , فلما سئل عنه أجاب بقوله " لا عراق يومئذ ".
ثم بلغه من طريق بعض الصحابة أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكره فكان هو بعد ذلك يذكره فى الحديث ولا يقول فيه "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " لأنه لم يسمعه بهذا التمام بدليل رواية ميمون بن مهران المتقدمة عنه.
كما يظهر أيضا أن صدقة بن يسار سمع الحديث من ابن عمر على الوجهين فكان تارة يرويه على هذا الوجه , وتارة أخرى على الوجه الآخر.
هذا ما بدا لى فى الجمع بين الروايتين , والله أعلم.
وإن مما يحسن التنبيه عليه أن قوله فى الحديث: " ولأهل اليمن يلملم ".
هو أيضا مما لم يسمعه ابن عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإنما حدثه به بعض الصحابة كما فى رواية ابنه سالم عن أبيه مرفوعا بلفظ: " يهل أهل المدينة من ذى الحليفة , ويهل أهل الشام من الجحفة , ويهل أهل نجد من قرن.
قال ابن عمر: وذكر لى ـ ولم أسمع ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم ".
أخرجه مسلم (4/6) وأحمد (2/9) وأبو نعيم فى " المستخرج " (19/132/1) وغيرهم.
ثم أخرج أحمد (2/48 , 5) والبخارى (1/47) ومسلم وأبو نعيم من طريق نافع عنه نحوه.
وجملة القول أنه قد ثبت ذكر ميقات العراق فى حديث ابن عمر رضى الله(4/179)
عنهما , ولكنه تلقاه عن غيره من الصحابة , وكلهم عدول , رضى الله عنهم , وقد انضم إليه حديث جابر وحديث عائشة فهو صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقينا.
(1000) - (و" وقت عمر أيضاً لأهل العراق ذات عرق ". رواه البخارى (ص 242) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه ولفظه بتمامه قبل حديث (998) .
(1001) - (عن أنس: " أنه كان يحرم من العقيق " (ص 242) .
* لم أقف على سنده. [1]
والمصنف كأنه نقله عن ابن المنذر , وقد نقله عنه الزيلعى فى " نصب الراية " (3/13) وقد روى مرفوعا عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو الحديث الذى بعده.
(1002) - (وعن ابن عباس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق ". حسنه الترمذى (ص 242) .
* منكر.
أخرجه الترمذى (1/159) وكذا أحمد (1/344) وعنه أبو داود (1740) ومن طريقه البيهقى (5/28) كلهم من طريق يزيد بن أبى زياد عن محمد بن على عن ابن عباس به. وقال الترمذى: " حديث حسن ".
كذا قال , وقد تعقبه ابن القطان فى كتابه فقال كما فى " نصب الراية " (3/14) : " هذا حديث أخاف أن يكون منقطعا , فإن محمد بن على بن عبد الله بن عباس إنما عهد يروى عن أبيه عن جده ابن عباس كما جاء ذلك فى " صحيح مسلم " فى " صلاته عليه السلام من الليل " وقال مسلم فى " كتاب التمييز ": لا نعلم له سماعا من جده , ولا أنه لقيه , ولم يذكر البخارى ولا ابن أبى حاتم أنه يروى عن جده , وذكر أنه يروى عن أبيه ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 38:
وقفت على سنده , رواه مسدد بن مسرهد فى " المسند " فقال: حدثنا حماد عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن يحيى بن سيرين أنه حج مع أنس بن مالك فحدث أنه أحرم من العقيق.
كذا ساقه الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية ": (ص 81 , النسخة الخطية المسندة) .
قلت: إسناده صحيح , رجاله ثقات معروفون.(4/180)
قلت: وأيضا فإن يزيد بن أبى زياد هو الهاشمى مولاهم قال الحافظ: " ضعيف , كبر فتغير , صار يتلقن ".
قلت: والحديث عندى منكر لمخالفته للأحاديث المتقدمة قريبا عن عائشة وجابر وابن عمر فى أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق.
والعقيق قبلها بمرحلة أو مرحلتين كما ذكر ابن الأثير فى النهاية فهما موضعان متغايران , فلا يعقل أن يكون لأهل العراق , وهم أهل المشرق , ميقاتان مع ضعف حديث العقيق.
وعلى هذا ـ فما قاله ابن عبد البر ـ كما نقله المصنف: " هو أحوط من ذات عرق ". ليس بجيد , لأن الاحتياط إنما هو فى اتباع السنة , لا فى مخالفتها والازياد عليها وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله لرجل أراد أن يحرم قبل ذى
الحليفة: " لا تفعل , فإنى أخشى عليك الفتنة , فقال: وأى فتنة فى هذه؟ ! إنما هى أميال أزيدها! قال: وأى فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! إنى سمعت الله يقول: (فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ".
وكل ما روى من الأحاديث فى الحض على الإحرام قبل الميقات لا يصح بل قد روى نقيضها , فانظر الكلام على عللها فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (رقم 210 ـ 212) .
(1003) - (قول عائشة: " فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما " (ص 243) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/396/3/175) ومسلم (4/29) كلاهما عن مالك , وهو فى " الموطأ " (1/335/36) وعنه أبو داود (1779) وكذا الطحاوى (1/371) وأبو نعيم فى " المستخرج " (19/142/2) والبيهقى (5/2) وأحمد (6/36) كلهم عن مالك عن أبى الأسود محمد بن(4/181)
عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع , فمنا من أهل بعمرة , ومنا من أهل بحجة وعمرة , ومنا من أهل بالحج , وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج , فأما من أهل بعمرة , فحل , وأما من أهل بحج , أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر ".
وتابعه الزهرى عن عروة به بلفظ: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل , ومن أراد أن يهل بحج فليهل , ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل , قالت عائشة رضى الله عنها , فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج , وأهل به ناس معه , وأهل ناس بالعمرة والحج , وأهل ناس بالعمرة , وكنت ممن أهل بعمرة".
أخرجه مسلم (4/28) والسياق له وأبو نعيم فى " مستخرجه عليه " (19/142/1) وأحمد (6/119) والبيهقى (5/3) وابن الجارود (421) .
وله عن عائشة طريقان آخران:
أحدهما عن القاسم بن محمد عنها قالت: " منا من أهل بالحج مفردا , ومنا من قرن , ومنا من تمتع ".
أخرجه مسلم (4/32) وأبو نعيم (19/144/2) والبيهقى (5/2) .
والآخر: عن محمد بن عمرو حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة رضى الله عنها قالت: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنواع ثلاثة , فمنا من أهل بحجة وعمرة , ومنا من أهل بحج مفرد , ومنا من أهل بعمرة , فمن كان أهل بحج وعمرة فلم يحل من شىء حرم عليه حتى قضى مناسك الحج , ومن أهل بحج مفرد لم يحل من شىء حتى يقضى مناسك الحج , ومن أهل بعمرة , فطاف بالبيت(4/182)
والصفا والمروة , حل , ثم استقبل الحج "
أخرجه الحاكم (1/485) وأحمد (6/141) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم , ولم يخرجاه ".
وأقره الذهبى , وفى ذلك نظر , فإن محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم متابعة وهو ثقة حسن الحديث , وأخرج له البخارى مقرونا.
(تنبيه) : استدل المصنف رحمه الله كغيره بهذا الحديث على أن المحرم مخير فى إحرامه إن شاء جعله حجا مفردا أو قرانا , أو تمتعا , وهو ظاهر الدلالة على ذلك , لكن من تتبع الأحاديث الواردة فى حجه صلى الله عليه وسلم , وخصوصا حديث جابر الطويل ـ وقد أفردته فى جزء ـ يتبين له أن التخيير المذكور إنما كان فى مبدأ حجته صلى الله عليه وسلم وعليه يدل حديث عائشة هذا , ولكن حديث جابر المشار إليه وغيره دلنا على أن الأمر لم يستقر على ذلك , بل نهى [1] صلى الله عليه وسلم كل من لم يسق الهدى من المفردين والقارنين أن يجعل حجه عمرة , ودلت بعض الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم غضب على من لم يبادر إلى تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم بفسخ الحج إلى عمرة , ثم جعل ذلك شريعة مستمرة إلى يوم القيامة حين سئل عنه فقال: " دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة " وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه , بل إنه صلى الله عليه وسلم ندم على سوق الهدى الذى منعه من أن يشارك أصحابه فى التحلل الذى أمرهم به , كما هو صريح حديث جابر المذكور فى الكتاب بعد هذا , ولذلك فإننا لا ننصح أحدا إلا بحجة التمتع لأنه آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حكاه المصنف عن الإمام أحمد رحمه الله , وتجد شيئا من التوضيح لهذا فى جزئنا المشار إليه من الطبعة الثانية (1) , وقد أضفت إليها فوائد أخرى هامة لم تكن فى الطبعة الأولى منه.
(1004) - (لحديث جابر: " أنه حج مع النبى صلى الله عليه وسلم وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم: حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت , وبين الصفا والمروة , وقصروا , وأقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية , فأهلوا
__________
(1) أصدرها المكتب الإسلامى فى بيروت جزى الله صاحبه خير الجزاء.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: أمر}(4/183)
بالحج , واجعلوا الذى قدمتم بها متعة فقالوا: كيف نجعلها (1) متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أمرتكم به فلولا إنى سقت الهدى لفعلت مثل ما (2) أمرتكم به , ولكن لا يحل منى حرام حتى يبلغ الهدى محله ". متفق عليه (ص 243 ـ 244) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/397) ومسلم (4/37 ـ 38) .
(1005) - (قول طاووس: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يسمي حجا ينتظر القضاء فنزل عليه بين الصفا والمروة..... " إلخ) . ص 244.
* منكر.
أخرجه الشافعي (1/301/907) وعنه البيهقي (5/6) : أخبرنا سفيان حدثنا ابن طاووس وإبراهيم بن ميسرة وهشام بن حجير سمعوا طاووسا يقول: فذكره.
قلت: وإسناده صحيح مرسل , ولكن متنه عندي منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة التي منها ما ينص على أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج كحديث عائشة الذي قبله بحديث , ومنها ما ينص على أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج والعمرة كحديث أنس في الصحيحين وغيرهما , بل فيها ما يصرح أن الوحي نزل عليه يأمره بذلك وهو حديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: " أتاني الليلة آت من ربي , فقال: صل في هذا الوادي المبارك , وقل: عمرة في حجة ".
أخرجه الشيخان وغيرهما.
__________
(1) الأصل "تجعلها" بالتاء المضارعة وهو خطأ لعله من النساخ.
(2) كذا الأصل ولفظ الصحيحين "الذي".(4/184)
(تنبيه) : هذا الحديث من أصح الأحاديث المرسلة إسنادا , لأن طاووسا الذي أرسله ثقة فقيه فاضل احتج به الجميع , ورواه عنه ثلاثة من الثقات , وعنهم سفيان وهو ابن عيينة , ومع ذلك فهو حديث باطل كما بينا , وهو من الأدلة الكثيرة على ما ذهب إليه المحدثون أن المرسل ليس بحجة , وأصح منه إسنادا حديث الغرانيق , فإنه جاء من طرق صحيحة عن جماعة من ثقات التابعين منهم سعيد بن جبير , ومع ذلك فهو حديث أبطل من هذا , ولي في تحقيق ذلك رسالة خاصة , وقد طبعت.
(1006) - (حديث أنس قال: " قدم على على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال: بم أهللت يا على؟ قال: أهللت بإهلال كإهلال النبى صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن معى الهدى لأحللت " متفق عليه (ص 244) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/394) ومسلم (4/95) وكذا البيهقى (5/15) وأحمد (3/185) من حديث سليم بن حيان سمعت مروان الأصفر عن أنس بن مالك به.
(1007) - (قول عائشة: " فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من من أهل بحج " متفق عليه (ص 244) .
* صحيح.
وتقدم قبل ثلاثة أحاديث (1003) .
(1008) - (روى النسائي من حديث جابر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: بم أهللت؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ") . ص 244.
* صحيح.
أخرجه النسائي (2/17) من طريق جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله , فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا: " أن عليا قدم من اليمن بهدي , وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة هديا , قال لعلي.... " الحديث وزاد(4/185)
: " ومعي الهدي , قال: فلا تحل ".
قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم , وقد أخرجه في " صحيحه " في حديث جابر الطويل في حجته صلى الله عليه وسلم إلا أنه جعل قوله " معي الهدي " مرفوعا بلفظ: قال: " فإن معي الهدي فلا تحل ".
وقد خرجت هذا الحديث في رسالة خاصة جمعت فيه طرقه وألفاظه , وهي مطبوعة فلا نطيل الكلام بتخريجه.
(1009) - (وعن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير فقال لها: لعلك أردت الحج فقالت: والله ما أجدني إلا وجعة , فقال لها: حجي , واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني " متفق عليه) .
* صحيح.
أخرجه البخاري (3/417) ومسلم (4/26) وكذا أبو نعيم في " مستخرجه " (19/140/1) والنسائي (2/21) وابن حبان (973) وابن الجارود (420) والدارقطني (262) والبيهقي (5/221) وأحمد (6/164 , 202) من طريق عروة عنها.
وله طريق آخر عنها , يرويه القاسم وهو ابن محمد عنها مختصرا بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة أن تشترط ".
أخرجه الدارقطني بسند صحيح.
(1010) - (وللنسائي في حديث ابن عباس: " فإن لك على ربك ما استثنيت ") , ص 245.
* صحيح.
أخرجه النسائي (2/20) وكذا الدارمي (2/34 ـ 35) وأبو نعيم (9/224) من طريق هلال بن خباب قال: سألت سعيد بن جبير عن الرجل يحج فيشترط قال: الشرط بين الناس , فحدثته حديثه يعني عكرمة ,(4/186)
فحدثني عن ابن عباس: " أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبي صلى الله عليه وسلم , فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: قولي: لبيك اللهم لبيك ومحلي حيث تحبسني , فإن لك على ربك ما استثنيت ".
قلت: وهذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال الصحيح غير هلال وهو صدوق تغير بآخره كما في " التقريب ".
وله طريق أخرى يرويه سفيان بن حسين عن أبي بشر عن عكرمة عن ابن عباس: " أن ضباعة بنت الزبير.... " الحديث نحوه وفي آخره: " فإن ذلك لك ".
أخرجه أحمد (1/352) والبيهقي (5/222) .
قلت: وإسناده صحيح , رجاله رجال الصحيح.
وقد أخرجه من طريق هلال دون قوله: " فإن لك ... " أبو داود (1776) والترمذي (1/177) والبيهقي وأحمد (6/360) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وكذلك أخرجه مسلم (4/26) وأبو نعيم (19/141/1) والنسائي أيضا والبيهقي وأحمد (1/337) من طريق أبي الزبير أنه سمع طاووسا وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس به.
وأخرجوه جميعا - سوى أحمد - والطيالسي (1648 و2685) من طريق عمرو بن هرم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس به مختصرا.
وفي الباب عن أم سلمة عند أحمد (6/303) والطبراني بسند حسن.
وعن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير عن جدته أسماء بنت أبي بكر أو سعدى بنت عوف.
رواه ابن ماجة وأحمد (6/349) .(4/187)
وعن جابر , رواه البيهقي.
وعن ضباعة صاحبة القصة ويأتي بعده.
(فائدة) : قال البيهقي: قال الشافعي في " كتاب المناسك ": لو ثبت حديث عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستثناء لم أعده إلى غيره , لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , (قال البيهقي) : قد ثبت هذا الحديث من أوجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو داود في " المسائل " (ص 123) : سمعت أحمد سئل عمن اشترط في الحج ثم أحصر؟ قال: ليس عليه شيء , ثم ذكر أحمد قول الذي قال: كانوا يشترطون ولا يرونه شيئا , قال: كلام منكوس , أراد أن يحسن رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم , يقول لضباعة: " قولي محلي حيث حبستني ".
وقال الحافظ في " التلخيص " (230) : وزعم الأصيلي أنه لا يثبت في الاشتراط حديث! وهو زلل منه عما في الصحيحين , وقال العقيلي: روى ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد , وأخرجه ابن خزيمة من حديث ضباعة نفسها.
(1011) - (وفي حديث عكرمة [عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب] : " فإن حبست أو مرضت , فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك " , رواه أحمد) . ص 245.
* صحيح.
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (6/419 ـ 420) : حدثنا الضحاك بن مخلد عن حجاج الصواف قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "(4/188)
أحرمي وقولي: إن محلي حيث تحبسني , فإن حبست ... ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله رجال الصحيح.
وقد رواه جماعة من الثقات عن عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة.... كما تقدم آنفا , فلعل عكرمة بعد أن سمعه عن ابن عباس لقي ضباعة نفسها فسمع الحديث منها مباشرة , وقد تابعه عروة فرواه عن ضباعة به دون قوله: " فإن حبست ... ".
أخرجه ابن ماجه (2937) بسند صحيح على شرط الشيخين , ومعنى الزيادة المذكورة عند النسائي وغيره من طريقين عن ابن عباس كما تقدم.(4/189)
باب محظورات الإحرام
(1012) - (حديث ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس , ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران , ولا الخفين إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ". متفق عليه) . ص 245.
* صحيح.
أخرجه البخاري (1/47 و390 و460 و4/74 ـ 75 و77) ومسلم (4/2) وكذا مالك (1/324/8) وعنه أبو داود (1824) والنسائي (2/9 و10) والترمذي (1/159) والدارمي (2/31 ـ و32) وابن ماجه (2929) وأبو نعيم في " المستخرج " (19/130/2) والطحاوي (1/369) والبيهقي (5/46 و49) وكذا الدارقطني (260) والطيالسي (1839) وأحمد (2/3 و4 و29 و32 و41 و54 و63 و65 و77 و119) من طرق عن نافع به , وزاد البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي وأحمد: " ولا تنتقب المرأة المحرمة , ولا تلبس القفازين ".
وأشار البخاري إلى صحة هذه الزيادة , وذكر اتفاق جماعة من الثقات عليها , خلافا للحافظ في " الفتح " فرجح أنها موقوفة على ابن عمر , والأرجح عندي الأول وهو الذي يشعر به قول الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي رواية لأحمد (2/32) من طريق ابن إسحاق عن نافع بلفظ: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر ".(4/190)
وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية أبي داود.
وتابعه أيوب عن نافع بلفظ: " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب , وهو بذاك المكان , وأشار نافع إلى مقدم المسجد ".
أخرجه البيهقي , وفي رواية له من طريق عبد الله بن عوف عن نافع عنه قال: " قام رجل من هذا الباب , يعني بعض أبواب مسجد المدينة ".
وقال الدارقطني: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: في حديث ابن جريج وليث بن سعد وجويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال: " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد: ماذا يترك المحرم من الثياب؟ ".
ونقله الحافظ في " الفتح " (3/318) عن الدارقطني بإسقاط جويرية بن أسماء , ثم قال: ولم أر ذلك في شيء من الطرق عنهما.
قلت: حديث الليث بن سعد أخرجه البخاري (1/47) والنسائي (2/6) , وحديث ابن جريج أخرجه الشافعي (1/299/775) وأحمد (2/47) كلاهما عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلا قام في المسجد فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر حديث المواقيت الذي ذكرته عند الكلام عن الحديث (996) , ثم أخرجه البخاري (1/460) من طريق الليث: حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر قال: قام رجل فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ الحديث , فالظاهر أن القصة واحدة , والسائل واحد , سأل عن قضيتين: إحداهما في المواقيت , والأخرى في ثياب المحرم , ثم فصل الرواة إحداهما عن الأخرى , وصارا كأنهما قصتان متغايرتان عن رجلين مختلفين (1) .
__________
(1) ثم وقفنا له على سؤال ثالث , فانظر الحديث 1036.(4/191)
ومما يؤكد ما ذكرته أننا قدمنا من رواية أيوب عن نافع في قصة الثياب أن الرجل نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب في المسجد , وقد أخرج البيهقي أيضا (5/26) من الرواية ذاتها عن نافع عن ابن عمر قال: " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: من أين تأمرنا أن نهل يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر حديث المواقيت ".
فثبت يقينا أن القصة واحدة , والسائل واحد , وأن ذلك وقع في المسجد النبوي قبل خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الحج.
وفي رواية لأحمد (2/22) من طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينهى النساء في الإحرام عن القفاز والنقاب , وما مس الورس والزعفران من الثياب ".
وأخرجه البخاري (1/461) وغيره من طرق أخرى عن نافع به.
وفي أخرى له (2/31) من طريق جرير بن حازم: ثنا نافع قال: وجد ابن عمر القر , وهو محرم , فقال: ألق علي ثوبا , فألقيت عليه برنسا , فأخره , وقال: تلقي علي ثوبا قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبسه المحرم! ؟.
قلت: وإسناده صحيح.
ثم أخرجه هو (2/57 و141) وأبو داود (1828) من طريقين آخرين عن نافع به نحوه.
وللحديث طريقان آخران عن ابن عمر رضي الله عنه.
أحدهما: عن سالم بن عبد الله عنه , وسياق الكتاب له.
أخرجه البخاري (1/104 و462 و4/77) ومسلم وأبو داود (1823) والنسائي والطحاوي وابن الجارود (416) والدارقطني والبيهقي والطيالسي (1806) وأحمد (2/8 و34) وأبو نعيم في " المستخرج " من طرق عن الزهري(4/192)
عن سالم به , وزاد ابن الجارود وأحمد: " وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين , فإن لم يجد نعلين ... ".
وستأتي هذه الزيادة في الكتاب (1096) ونتكلم على إسنادها هناك.
والأخرى: عن عبد الله بن دينار عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس , وقال: من لم يجد نعلين فليلبس خفين , وليقطعهما أسفل من الكعبين ".
أخرجه البخاري (4/88) ومسلم وأبو نعيم وابن ماجه (2930) والبيهقي (5/50) وأحمد (2/66) كلهم من طريق مالك , وهذا في " الموطأ " (1/325/9) عن عبد الله بن دينار به.
وأخرجه الطيالسي (1883) وأحمد (2/47 و74 و81 و139) من حديث شعبة عن عبد الله بن دينار به.
ثم أخرجه أحمد (2/73 و111) من طريقين آخرين عن ابن دينار به.
وأخرجه الدارقطني (259) من طرق عن سفيان عن عمرو عن ابن عمر به , وزاد: قال: وقال عمرو: انظروا أيهما كان قبل؟ حديث ابن عمر أو حديث ابن عباس؟.
قلت: عمرو هو ابن دينار , وهو يرويه عن ابن عباس أيضا وليس فيه قطع النعلين أسفل من الكعبين , ولذلك أمر عمرو بالنظر في أيهما كان قبل.
ولا شك أن حديث ابن عمر كان قبل حديث ابن عباس , لما سبق تحقيقه أن هذا الحديث خطب به عليه السلام في مسجد المدينة قبل خروجه إلى الحج , وأما حديث ابن عباس , فإنما خطب به صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وهو في عرفات , وهو الحديث المذكور في الكتاب عقب هذا.
(1013) - (لحديث ابن عباس: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب(4/193)
بعرفات: " من لم يجد إزارا فليلبس سراويل , ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين " متفق عليه) . ص 245.
* صحيح.
أخرجه البخاري (1/462 و4/88) ومسلم (4/3) وأبو داود (1829) والنسائي (2/9 و10) والترمذي (1/159) والدارمي (2/32) وابن ماجه (2931) والطحاوي (1/367) وابن الجارود (417) والدارقطني (260) والبيهقي (5/50) وأبو نعيم في " المستخرج " (19/130/2) والطيالسي (2610) وأحمد (1/215 و221 و228 و279 و285 و336 ـ 337) والطبراني في " المعجم الكبير (3/178/1) من طرق عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس به , وقال الترمذي: حديث حسن صحيح , وقال أبو داود: هذا حديث أهل مكة , ومرجعه إلى البصرة إلى جابر بن زيد , والذي تفرد منه ذكر السراويل , ولم يذكر القطع في الخف.
قلت: كذا قال أبو داود أن جابر بن زيد تفرد به , وكذا قال الحافظ في " الفتح " (3/321) , وهو منقوض بما أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/160/2) : حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي نا يحيى بن سليمان الجعفي نا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية نا أبو إسحاق الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير أحمد بن يحيى الرقي ولم أجد له الآن ترجمة.
(تنبيه) زاد النسائي في آخر الحديث: " وليقطعهما أسفل من الكعبين ".
أخرجها من طريق شيخه إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: أنبأنا أيوب عن عمرو بن دينار به.
وهذا إسناد ظاهره الصحة , فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير(4/194)
إسماعيل بن مسعود وهو الجحدري وهو ثقة , ولذلك قال ابن التركماني: وهذا إسناد جيد , فيه أن اشتراط القطع مذكور في حديث ابن عباس , فلا نسلم أن الإطلاق بجواز لبسهما هو المتأخر.
قلت: لكن هذه الزيادة في حديث ابن عباس شاذة بلا ريب , وهي من الجحدري المذكور , فقد تابعه صالح بن حاتم بن وردان وهو ثقة احتج به مسلم فقال: نا يزيد بن زريع , فلم يذكر الزيادة.
أخرجه الطبراني في " الكبير ".
وتابع يزيد بن زريع إسماعيل بن علية فقال: عن أيوب به , دون الزيادة.
أخرجه النسائي.
وكذلك رواه جميع الثقات عن عمرو بن دينار كما سبقت الإشارة إليه في تخريج الحديث , بل لقد زاد ابن جريج زيادة أخرى تبطل تلك الزيادة , فقد قال في روايته: قلت: لم يقل " ليقطعهما "؟ قال: لا.
أخرجه الدارمي والطحاوي وأحمد (1/228) .
والقائل " قلت " هو إما عمرو بن دينار أو ابن جريج , وأيهما كان فعمرو بن دينار على علم بأنه ليس في حديث ابن عباس " وليقطعهما " فهو دليل قاطع على وهم من زادها في حديثه! فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في مكان آخر , والحمد لله على توفيقه.
وللحديث شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ: " من لم يجد نعلين , فليلبس خفين , ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم والطحاوي والبيهقي وأحمد (3/323 و395)(4/195)
من طرق عن زهير: حدثنا أبو الزبير عن جابر به.
قلت: وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه , لكنه قد توبع , فقال الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/115/1) : حدثنا هاشم بن مرثد ثنا زكريا بن نافع الأرسوفي نا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله , به مع تقديم الجملة الأخيرة على الأولى , وزاد: " وليقطعهما أسفل من العقبين " , وقال: لم يروه عن عمرو عن جابر إلا محمد.
قلت: ومحمد بن مسلم الطائفي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: وثقه ابن معين , وضعفه أحمد , وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ.
قلت: والراوي عنه زكريا بن نافع الأرسوفي مجهول الحال , ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/2/594 ـ 595) من رواية جماعة عنه , ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا , وقال الحافظ في " اللسان ": ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: يغرب , وأخرج له الخطيب في " الرواة عن مالك " حديثا في ترجمة العباس بن الفضل عنه , وقال: في إسناده غير واحد من المجهولين.
قلت: ومما سبق تعلم تساهل الحافظ الهيثمي في قوله في " المجمع " (3/219) : رواه الطبراني في " الأوسط " وإسناده حسن.
(1014) - (وفى رواية لأحمد فى حديث ابن عمر المتقدم (1012) : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ". وذكره (ص 245) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه قبل حديث.(4/196)
(1015) - (حديث: " نهيه صلى الله عليه وسلم المحرم عن لبس العمائم والبرانس " (ص 245) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه قبل حديثين , وهو هناك بلفظ المفرد: " العمامة والبرنس ".
ونبهت هناك أنه لفظ سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه.
وأما لفظه هنا , فهو لفظ نافع عن مولاه ابن عمر.
(1016) - (وقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته ناقته: " ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يو القيامة ملبيا " متفق عليه) . ص 245.
* صحيح.
أخرجه البخاري (1/319 و361 و363) ومسلم (4/23 ـ 26) وأبو نعيم في " المستخرج " (19/139/1ـ 140/1) وأبو داود أيضا (3238 ـ 3241) والنسائي (1/269 و2/13 و28 ـ 29) والترمذي (1/178) والدارمي (2/49 ـ 50) وابن ماجه (3084) والطحاوي في " مشكل الآثار " (1/99) وابن الجارود (506 و507) والدارقطني (287) والبيهقي (3/390 ـ 393 و5/53 ـ 54) والطيالسي (2622) وأحمد (1/220 ـ 221 و221 و286 و287 و333 و346) والطبراني في " المعجم الكبير " (3/175/2 ـ 166/1) و" الصغير " (ص 43 و209) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: " أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبه (وفي رواية: ثوبيه) , ولا تمسوه بطيب , ولا تخمروا.... " , وفي رواية للنسائي: " اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما , واغسلوه بماء وسدر ... ".
وقال الترمذي:(4/197)
"حديث حسن صحيح".
قلت: وفي رواية النسائي يونس بن نافع وهو الخراساني صدوق يخطئ.
وفي رواية منصور عن سعيد بن جبير بلفظ: " ولا تغطوا وجهه " , بدل " ولا تخمروا رأسه ".
رواه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود والبيهقي (3/293) .
وكذلك رواه جماعة عن عمرو بن دينار عن ابن جبير.
أخرجه الطبراني والدارقطني.
وجمع بينهم سفيان وهو الثوري عن عمرو بن دينار بلفظ: " ولا تخمروا رأسه , ولا وجهه ".
أخرجه مسلم وابن ماجه والبيهقي من طريقين عن وكيع عن سفيان به وتابع وكيعا
أبو داود الحفري عن سفيان به.
أخرجه النسائي بسند صحيح.
وتابعه أشعث بن سوار وهو ضعيف , وأبو مريم وأظنه عبد الغفار بن قاسم الأنصاري رافضي ليس بثقة , كلاهما عن عمرو بن دينار به.
أخرجه الطبراني.
وفي رواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير بلفظ: " وأن يكشفوا وجهه ـ حسبته قال: ورأسه ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة , والبيهقي تعليقا وقال: وذكر الوجه فيه غريب , ورواية الجماعة الذين لم يشكوا , وساقوا المتن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة.
ويرد عليه ما سبق من الطرق والمتابعات التي لا شك فيها أصلا , ولهذا(4/198)
تعقبه ابن التركمان بقوله: قلت: قد صح النهي عن تغطيتهما , فجمعهما بعضهم , وأفرد بعضهم الرأس , وبعضهم الوجه , والكل صحيح , ولا وهم في شيء منه في متنه , وهذا أولى من تغليط مسلم.
يعني في إخراجه للرواية التي فيها ذكر الوجه , وهو كما قال , فإنه يبعد جدا أن يجتمع أولئك الثقات على ذكر هذه الزيادة في الحديث خطأ منهم جميعا , فهي زيادة محفوظة إن شاء الله تعالى.
وقد جاءت من طريق آخر عن سعيد بن جبير , يرويه شعبة قال: سمعت أبا بشر يحدث عن سعيد بن جبير ... فذكر الحديث بلفظ: ".... وأن يكفن في ثوبين , ولا يمس طيبا , خارج رأسه , قال شعبة: ثم حدثني به بعد ذلك: خارج رأسه ووجهه ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقي.
وأخرجه النسائي (2/28 ـ 29) بلفظ: " وكفنوه في ثوبين , ثم قال على أثره: خارجا رأسه , قال: ولا تمسوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا , قال شعبة: فسألته بعد عشر سنين , فجاء بالحديث كما كان يجيء به إلا أنه قال: ولا تخمروا وجهه ورأسه ".
أخرجه من طريق خالد: حدثنا شعبة به.
وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " من طريق أبي أسامة عن شعبة بهذا اللفظ: " ولا تخمروا وجهه ورأسه " كما في " الجوهر النقي ".
ثم أخرجه النسائي من طريق خلف بن خليفة عن أبي بشر بلفظ: " ولا يغطى رأسه ووجهه ".
وإسناده على شرط مسلم إلا أن خلفا هذا كان اختلط في الآخر , ومن طريقه رواه ابن حزم في " حجة الوداع " كما في " الجوهر النقي " وعزاه إليه(4/199)
وحده , وهو قصور.
وأما قول الحافظ في " الفتح " (4/47) بعد أن ذكر رواية شعبة هذه من طريق مسلم: وهذه الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية , وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث , فلعل بعض رواته انتقل ذهنه من التطيب إلى التغطية.
قلت: وهذا من الحافظ أمر عجيب , فإن الطرق كلها تدل أن الرواية إنما تتعلق بالكشف لا بالتطيب على خلاف ما حملها عليه الحافظ , وإنما غره رواية مسلم , وفيها تقديم وتأخير كما دل على ذلك رواية النسائي وغيره , فقوله: " خارج رأسه " عند مسلم جملة حالية لقوله: " وأن يكفن في ثوبين " لا لقوله: " ولا يمس طيبا " كما توهم الحافظ , ويؤيد ذلك رواية شعبة نفسه فضلا عن غيره: "
ولا تخمروا وجهه ورأسه " , فإنها صريحة فيما ذكرنا.
وجملة القول: أن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير , من طرق عنه , فيجب على الشافعية أن يأخذوا بها كما أخذ بها الإمام أحمد في رواية عنه ذكرها المؤلف (ص 246) , كما يجب على الحنفية أن يأخذوا بالحديث ولا يتأولوه بالتأويل البعيدة توفيقا بينه وبين مذهب إمامهم.
(1016/1) - (قول ابن عمر: (أضح لمن أحرمت له) .
* صحيح موقوف.
أخرجه البيهقى (5 / 70) من طريق شجاع بن الوليد ثنا عبيد الله بن عمر: حدثني نافع قال: (أبصر ابن عمر رجلا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقاله. ..) فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وفي شجاع بن الوليد وهو السكوني كلام يسير لا يضر.
ثم أخرج البيهقى من طريق عمرو بن دينار أن عطاء حدثه أنه رأى(4/200)
عبد الله بن أبي ربيعة جعل على وسط راحلته عودا وجعل ثوبا يستظل به من الشمس وهو محرم فلقيه ابن عمر فنهاه.
قلت: وإسناده صحيح أيضا. ويعارضه الحديثان الاتيان بعده.
(1017) - (حديث جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم امر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فنزل بها) . ص 246
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عنه.
وقد كنت تتبعت طرقه والزيادات التى وردت فيها ثم ضممتها إلى هذه الرواية وسقتها على سياق مسلم لها وخرجت الطرق كلها في أول الرسالة ورمزت في صلب الرواية لمخرجي الزيادات بالاحرف وعلقت عليها بتعليقات مفيدة، ونشرت في مصر.
ثم أضفت عليها إضافات وفوائد هامة في أولها وآخرها وفي تضاعيف ذلك ثم طبعت في المكتب الاسلامي جزى الله صاحبه خيرا.
وبما أن المصنف رحمه الله قد نقل من الحديث فقرات كثيرة في مواطن متفرقة رأيت أن أسوق هنا متن الحديث كما جاء في الرسالة المذكورة حتى يتسنى الاحالة عليها؛ عند كل فقرة ستمر معنا في الكتاب وبذلك نزيد القراء فائدة ونوفر علينا إعادة التخريج مرات ومرات. فاقول:
قال جابر رضي الله عنه: (إن رسول صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج. ثم أذن في الناس في العاشرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام.
فقدم المدينة بشر كثير (وفي رواية: فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبا أو راجلا إلا قدم) فتدارك الناس ليخرجوا معه كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثله عمله.
وقال جابر رضي الله عنه: سمعت - قال الراوي:(4/201)
أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وفي رواية قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال: (مهل اهل المدينة من ذي الحليفة و (مهل أهل) الطريق الاخر الجحفة ومهل أهل العراق من ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل اليمن من يلملم.
قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع) (وساق هديا) . فخرجنا معه (معنا النساء والولدان) حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر.
فارسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أضع؟ [1] فقال: اغتسلي واستثفري (1) بثوب وأحرمي.
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد (وهو صامت) .
ثم ركب القصواء (2) حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالحج (وفي رواية أفرد الحج) هو وأصحابه.
قال جابر: فنظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شئ عملنا به.
فاهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وأهل الناس بهذا الذي يهلون به (وفي رواية: ولبى الناس) والناس يزيدون: لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه.
ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته.
قال جابر: ونحن نقول: (لبيك اللهم) لبيك بالحج. (نصرخ صراخا) لسنا ننوي الا الحج (مفردا) لا نخلطه بعمرة (وفي رواية: لسنا نعرف العمرة) وفي أخرى: أهللنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا ليس معه غيره خالصا وحده.
قال: وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كانت ب (سرف) عركت
__________
(1) أمر من الاستثفار. قال ابن الاثير في (النهاية) : (هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا وتوثق طرفيها في شئ تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم) .
(2) هي بفتح القاف وبالمداسم ناقته صلى الله عليه وسلم ولها أسماء أخرى مثل (العضباء) و (الجدعاء) . وقيل هي أسماء لنوق له صلى الله عليه وسلم انظره (شرح مسلم) للنووي.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا في الأصل، والصواب: أصنع}(4/202)
حتى إذا أتينا البيت معه (صبح رابعة مضت من ذي الحجة) (وفي رواية: دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى) . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ راحلته ثم دخل المسجد) ، استلم الركن (وفي رواية: الحجر الاسود) ثم مضي عن يمينه. فرمل حتى (عاد إليه ثلاثا) ومشى أربعا على هيِّنته.
ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) (ورفع صوته يسمع الناس) فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين.
(قال) : فكان يقرأ في الركعتين: (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) (وفي رواية: (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) . ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه.
ثم رجع إلى الركن فاستلمه.
ثم خرج من الباب (وفي رواية: باب الصفا) إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: (ان الصفا والمروة من شعائر الله) . أبدأ (وفي رواية: نبدأ) بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت.
فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ثلاثا وحمده وقال: لا إله إلا لله وحده لا شريك لك له له الملك وله الحمد (يحيى ويميت) وهو على كل شئ قدير، لا اله الا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات.
ثم نزل ماشيا إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا (يعني قدماه) الشق الاخر مشى حتى أتى المروة (فرقى عليها حق نظر إلى البيت) .
ففعل على المروة كما فعل على الصفا.
حتى إذا كان آخر طوافه (وفي رواية: كان السابع) على المروة. فقال: يا أيها الناس لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي (ولـ) جعلتها عمرة فمن كان منكم معه هدي فليحل وليجعلها عمرة (وفي رواية: فقال: أحلوا من إحرامكم فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة وقصروا وأقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية فاهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة)(4/203)
فقام سراقة بن مالك بن جعشم (وهو في أسفل المروة) فقال: يا رسول الله أرأيت عمرتنا (وفي لفظ: متعتنا) هذه [أ] لعامنا هذا أم لأبد الأبد؟ قال فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في أخرى وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد لا بل لابد أبد ثلاث مرات.
(قال: يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الان فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير أو فيما نستقبل؟
قال: لا بل فيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل إذن؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له) .
قال جابر: فأمرنا إذا حللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية كل سبعة منا في بدنة فمن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال: فقلنا: حل ماذا؟ قال: الحل كله.
قال: فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا، قال: فخرجنا إلى البطحاء، قال: فجعل الرجل يقول: عهدي باهلي اليوم.
قال: فتذاكرنا بيننا فقلنا: خرجنا حجاجا لا نريد الا الحج ولا ننوي غيره حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع (وفي رواية: خمس ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني من النساء، قال: يقول جابر بيده (قال الراوي) : كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها، قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟
قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فما ندري أشيء بلغه من السماء أم شئ بلغه من قبل الناس.
فقام فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال: أبالله تعلموني أيها الناس! قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، إفعلوا ما آمركم به فإني لولا هديي لحللت كما تحلون،ولكن لا يحل منى حرام حتى يبلغ الهدي محله، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي فحلوا.
قال: فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وسمعنا وأطعنا. فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي(4/204)
قال: وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة.
وقدم علي من سعايته من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم.
فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل: ترجلت ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها وقال: من أمرك بهذا؟ ! فقالت: إن أبي أمرنى بهذا. قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا (1) على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أنى أنكرت ذلك عليها فقالت: أبى أمرنى بهذا، فقال: صدقت، صدقت، صدقت أنا أمرتها به.
قال جابر: وقال لعلي: ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم انى أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن معي الهدي فلا تحل وأمكث حراما كما أنت.
قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذين أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة مائة بدنة.
قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي.
فلما كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر توجهوا إلى منى فاهلوا بالحج من البطحاء.
قال: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني أنى قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الان، فقال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ثم حجي واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تصلي ففعلت. (وفي رواية: فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت) .
__________
(1) اللتحريش: الاغراء والمراد هنا أن يذكر ما يقتضي عتابها. نووي.(4/205)
وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بها (يعني منى وفي رواية: بنا) الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس. وأمر بقبة له من شعر تضرب له بنمرة.
فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة ويكون منزلة ثم كما كانت قريش تصنع في الجاهلية - فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها.
حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي. فخطب الناس وقال: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا وإن كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعد إن اعتصمتم به: كتاب الله وأنتم تسألون (وفي لفظ مسؤولون) عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك، فقال باصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد) .
ثم أذن بلال بنداء واحد ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا.
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة.(4/206)
فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص. وقال: وقفت ههنا وعرفة كلها موقف. وأردف أسامة بن زيد خلفه. ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية: أفاض وعليه السكينة) وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مَورِك رحله ويقول بيده اليمنى هكذا واشار بباطن كفه إلى السماء أيها الناس السكينة السكينة.
كلما آتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد. حتى أتى المزدلفة فصلى بها فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا.
ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الفجر باذان وإقامة.
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقى عليه فاستقبل القبلة فدعا (وفي لفظ: فحمد الله) وكبره وهلله ووحده. فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا. (وقال: وقفت ههنا والمزدلفة كلها موقف) .
فدفع من جمع قبل أن تطلع الشمس وعليه السكينة. وأردف الفضل بن عباس - وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما - فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظُعن تجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الاخر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الاخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الاخر ينظر.
حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا وقال: عليكم السكينة.
ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها ضحى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصي الخذف فرمى من بطن الوادي وهو على راحلته وهو يقول: لتأخذوا منا سككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه.
قال: ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس(4/207)
ولقيه سراقة وهو يرمى جمرة العقبة فقال: يا رسول الله ألنا هذه خاصة؟ قال: لا بل لأبد.
ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر يقول: ما بقي: وأشركه في هديه.
ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. (وفي رواية قال: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بقرة) . (وفي أخرى قال: فنحرنا البعير (وفي أخرى: نحر البعير) عن سبعة والبقرة عن سبعة) (وفي رواية خامسة عنه قال: فاشتركنا في الجزور سبعة فقال له رجل: أرأيت البقرة أيشترك؟ فقال: ما هي إلا من البدن) .
وفي رواية: قال جابر: كنا لا نأكل من البدن الا ثلاث منى فارخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (كلوا وتزودوا)) .
قال: فأكلنا وتزودنا حتى بلغنا بها المدينة (وفي رواية: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق وجلس بمنى يوم النحر للناس فما سئل يومئذ عن شئ قدم قبل كل شئ الا قال: (لا حرج لا حرج) حتى جاءه رجل فقال: حلقت قبل أن أنحر؟ قال: (لا حرج) ثم جاء آخر فقال: حلقت قبل أن أرمى؟ قال: لا حرج) . ثم جاءه آخر فقال: طفت قبل أن أرمى؟ قال: لا حرج. قال آخر: طفت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج. ثم جاءه آخر فقال: إنى نحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج. ثم قال نبى الله صلى الله عليه وسلم: قد نحرت ههنا ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر فانحروا من رحالكم.
وقال جابر رضي الله عنه: خطبنا صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا: يومنا هذا، قال: فأي شهر أعظم حرمة؟ قالوا: شهرنا هذا، قال: أي بلد أعظم حرمة؟ قالوا بلدنا هذا، قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم إشهد.
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فطافوا ولم يطوفوا بين الصفا(4/208)
والمروة فصلى بمكة الظهر، فأتى بنى عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال: انزعوا بنى عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا فشرب منه) .
وقال جابر رضي الله عنه: وإن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت، قال: حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال: قد حللت من حجك وعمرتك جميعا
قالت: يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج؟ قال: إن لك مثل ما لهم فقالت إني أجد في نفسي أنى لم أطف بالبيت حتى حججت قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا إذا هَوِيَتْ الشئ تابعها عليه قال فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم فاعتمرت بعد الحج ثم أقبلت وذلك ليلة الحصبة.
وقال جابر: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لان يراه الناس وليشرف وليسالوه فإن الناس غشوه.
وقال: رفعت امرأة صبيا لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر.
وهذا آخر ما وقفت عليه من (حجة النبي صلى الله عليه وسلم) برواية جابر رضي الله عنه والحمد لله على توفيقه وأساله المزيد من فضله.
(1018) - (حديث أم الحصين: " حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ". رواه مسلم) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/80) وكذا أبو نعيم في " المستخرج " (20/167/1) وأبو داود (1834) والنسائي (2/49 ـ 50) وفي " الكبرى "(4/209)
له (2/187/1) والبيهقي (5/69) وأحمد (6/402) عنها.
(1018-1) - (في بعض ألفاظ حديث صاحب الراحلة: "ولا تخمروا وجهه ولا رأسه") . ص 246
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه والكلام على هذه الزيادة بتفصيل رقم (1016)
(1019) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر " متفق عليه (ص 246) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/461) ومسلم (4/23) وكذا مالك (1/323/4) والشافعى (1008) وأبو داود (1840) والنسائى (2/8) وابن ماجه (2934) وابن الجارود (441) والدارقطنى (277) والبيهقى (5/63) وأحمد (5/418 , 421) من طريق عبد الله بن حنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة أنهما اختلفا بالإيواء [1] فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه , وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه , فأرسلنى ابن عباس إلى أبى أيوب الأنصارى أسأله عن ذلك , فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب , قال: فسلمت عليه , فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين , أرسلنى إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم , فوضع أبو أيوب رضى الله عنه يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لى رأسه , ثم قال لإنسان يصب: اصبب , فصب على رأسه , ثم حرم رأسه بيديه فأقبل بهما , وأدبر , ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل ".
(1020) - (واغتسل عمر وقال: " لا يزيد الماء الشعر إلا شعثا ". رواه مالك والشافعى (ص 246) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/323/5) عن عطاء بن أبى رباح: " أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن أمية ـ وهو يصب على عمر بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا في الأصل، والصواب، بالأبواء}(4/210)
الخطاب ماء وهو يغتسل ـ اصبب على رأسى , فقال يعلى: أتريد أن يجعلها بى؟ إن أمرتنى صببت , فقال له عمر بن الخطاب: اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثا ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين , إلا أنه منقطع بين عطاء وعمر , لكن وصله الشافعى (1009) من طريق أخرى فقال: أخبر سعيد بن سالم عن ابن جريج أخبرنى عطاء أن صفوان بن يعلى أخبره عن أبيه يعلى بن أمية أنه قال: " بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه يغتسل إلى بعير , وأنا أستر عليه بثوب إذ قال عمر بن الخطاب: يا يعلى اصبب على رأسى , فقلت: أمير المؤمين اعلم , فقال عمر رضى الله عنه: ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا , فسمى الله تعالى ثم أفاض على رأسه ".
قلت: وهذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن سالم , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , يهم , رمى بالارجاء , وكان فقيها ".
(1021) - (وعن ابن عباس: " قال لى عمر ونحن محرمون بالجحفة: تعالى أباقيك أينا أطول نفسا فى الماء " رواه سعيد (ص 246) .
* صحيح.
أخرجه الشافعى أيضا فقال (1010) : أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى (5/63) .
(1022) - (قال صلى الله عليه وسلم: " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ". رواه أحمد والبخارى.
* صحيح.
وهو قطعة عن حديث ابن عمر المتقدم برقم (1012) .(4/211)
(1023) - (ما روى عن أسماء: " أنها تغطية " (ص 246) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/328/16) عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: " كنا نخمر وجوهنا , ونحن محرمات , ونحن مع أسماء بنت أبى بكر الصديق ".
قلت: وهذا إسناد صحيح.
ورواه على بن مسهر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قالت: " كنا نغطى وجوهنا من الرجال , وكنا نمشط قبل ذلك فى الإحرام ".
أخرجه الحاكم (1/454) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
وله شاهد من حديث عائشة قالت: " المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ولا تتبرقع , ولا تتلثم , وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت ".
أخرجه البيهقى (5/47) بسند صحيح.
قلت: وروى ابن الجارود (418) عنها مختصرا بلفظ: " تلبس المحرمة ما شاءت إلا البرقع ".
وفى سنده يزيد بن أبى زياد وفيه ضعف كما يأتى فى الحديث بعده.
(1024) - (لحديث عائشة: " كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حازونا [1] سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ". رواه أبو داود والأثرم (ص 247) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: حاذوا بنا}(4/212)
أخرجه أبو داود (1833) وعنه البيهقى (5/48) وهما عن أحمد (6/30) , وابن ماجة (2935) وابن الجارود (418) والدارقطنى (286 , 287) من طريق يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عائشة قالت: فذكره.
قلت: يزيد بن أبى زياد هو الهاشمى مولاهم الكوفى. قال الحافظ: " ضعيف , كبر فتغير , صار يتلقن ".
(1025) - (قوله فى الذى وقصته راحلته: " ولا تمسوه بطيب " (ص 247) .
* صحيح.
وهو قطعة من الحديث المتقدم (1016) .
(1026) - (قوله: " ولا يلبس ثوبا مسه ورس وزعفران " متفق عليه (ص 247) .
* صحيح.
وهو قطعة من الحديث المتقدم (1012) .
(1027) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " (ص 247) .
* صحيح.
وتقدم فى أول " باب الوضوء ".
(1028) - (حديث أبى قتادة: " أنه كان مع أصحاب له محرمين وهو لم يحرم فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف نعلى فلم يؤذنونى به , وأحبوا لو أنى أبصرته فركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولونى السوط والرمح فقالوا: والله لا نعينك عليه. ولما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم قال: هل أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ قالوا: لا , قال: فكلوا ما بقى من لحمها " متفق عليه (ص 247) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/457) ومسلم (4/16) وأبو نعيم فى " المستخرج " (19/135/2) والنسائى (2/26) والدارمى (2/38 ـ(4/213)
39) والطحاوى (1/389) والبيهقى (5/189) وابن الجارود (435) وأحمد (5/302) من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب قال: أخبرنى عبد الله بن أبى قتادة أن أباه أخبره: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه , فانصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة , فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقى , فأخذوا ساحل (النبى صلى الله عليه وسلم) [1] , فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم , فبينما هو يسيرون إذ رأوا حمر وحش , فحمل أبو قتادة على الحمر , فعقر منها أتانا فنزلوا , فأكلوا من لحمها , فقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقى من لحم الأتان , فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله إنا كنا أحرمنا , وقد كان أبو قتادة لم يحرم , فرأينا حمر وحش , فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا , فنزلنا , فأكلنا من لحمها ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقى من لحمها , قال: أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ قالوا: لا , قال: فكلوا ما بقى من لحمها ".
ثم أخرجه البخارى (2/130 , 3/449) من طريق عبد العزيز وهو ابن رفيع وأبى حازم المدنى عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه قال: " كنت يوما جالسا مع رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى منزل فى طريق مكة , ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل أمامنا , والقوم محرمون , وأنا غير محرم , فأبصروا حمارا وحشيا , وأنا مشغول أخصف نعلى , فلم يؤذنونى به , وأحبوا لو أنى أبصرته , والتفت , فأبصرته , فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت , ونسيت السوط والرمح , فقلت لهم: ناولونى السوط والرمح فقالوا: لا والله لا نعينك عيه بشىء , فغضبت , فنزلت فأخذتهما ثم ركبت , فشددت على الحمار فعقرته , ثم جئت به , وقد مات , فوقعوا عليه يأكلونه , ثم إنهم شكوا فى أكلهم إياه , وهم حرم , فرحنا , وخبأت العضد معى , فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسألناه عن ذلك؟ فقال: معكم منه شىء؟ فقلت: نعم , فناولته العضد فأكلها حتى نفدها وهو محرم ".
وأخرجه الشيخان وأبو داود (1852) والنسائى وابن ماجه (3093)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: البحر}(4/214)
والدارقطنى (285) وكذا الطحاوى والبيهقى وأحمد (5/301) من طرق أخرى عن عبد الله بن أبى قتادة به نحوه.
(1029) - (قول ابن عباس: " فى بيض النعام قيمته " (ص 248) .
* صحيح موقوفا.
أخرجه عبد الرزاق فى " مصنفه " ـ كما فى " نصب الراية " (3/135) فقال: ـ حدثنا سفيان الثورى عن عبد الكريم الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس قال: فذكره بلفظ: " ثمنه ".
قلت: وهذا سند موقوف صحيح على شرط الشيخين.
وله طريق أخرى عنه بمعناه , يرويه أبو أسامة عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس: " أنه جعل فى كل بيضتين من بيض حمام الحرم درهما ".
أخرجه البيهقى (5/208) وإسناده صحيح أيضا.
وقد روى الأول مرفوعا من طريق إبراهيم بن أبى يحيى عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب بن عجرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى فى بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه ".
أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه , والدارقطنى فى سننه (267) ومن طريقه البيهقى (5/208) .
قلت: وهذا سند واهٍجدا , من أجل ابن أبى يحيى فإنه متهم بالكذب وشيخه الحسين ضعيف. وقال البيهقى عقبه: " وروى فى ذلك عن جماعة من الصحابة".
قلت: يعنى موقوفا , منهم ابن عباس كما تقدم. ومنهم ابن مسعود أخرجه البيهقى وغيره بسند ضعيف منقطع , وعمر بن الخطاب , رواه ابن أبى شيبة بسند منقطع. أنظر " نصب الراية " (3/135) وقال:(4/215)
" وأخرج نحوه عن مجاهد والشعبى والنخعى وطاوس ".
قلت: وقد روى مرفوعا أيضا من حديث أبى هريرة , وهو: (1030) .
(1030) - (وعن أبى هريرة مرفوعا: " فى بيض النعام ثمنه " رواه ابن ماجه (ص 248) .
* ضعيف جدا.
أخرجه ابن ماجه (3086) والدارقطنى (268) من طريق حسين المعلم عن أبى المهزم عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فى بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه ".
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , أبو المهزم واسمه ـ يزيد بن سفيان ـ ضعيف جدا , قال الحافظ فى " التقريب ": " متروك ".
ومن طريقه رواه الطبرانى أيضا كما فى " نصب الراية " (3/136) وفاته أن يعزوه لابن ماجه! وأشار البيهقى فى " سننه " (5/208) إلى تضعيف الحديث , وله شاهد من حديث كعب بن عجرة , ولكن إسناده ضعيف جدا كما سبق بيانه آنفا. وقد جاء ما يعارضه وهو أحسن حالا منه من حديث أبى هريرة أيضا يرويه الوليد بن مسلم: أخبرنا ابن جريج عن أبى الزناد عن الأعرج عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فى بيضة نعام صيام يوم , أو إطعام مسكين ".
أخرجه الدارقطنى (267) وكذا البيهقى (5/207) من هذا الوجه عن ابن جريج قال: أحسن ما سمعت فى بيض النعامة حديث أبى الزناد به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين لكنه منقطع بين ابن جريج وأبى الزناد , وقد ذكره ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/270) وقال: سألت أبى عنه فقال: " هذا حديث ليس بصحيح عندى , ولم يسمع ابن جريج من أبى الزناد(4/216)
شيئا , يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبى يحيى ".
قلت: وفى نفى سماع ابن جريج من أبى الزناد نظر عندى , فقد صرح ابن جريج بالسماع منه لهذا الحديث عند الدارقطنى فقال (268) : " أخبرنا محمد بن القاسم أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج أخبرنى أبو الزناد عمن أخبره عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره.
قلت: وهذا سند صحيح إلى أبى الزناد , ومحمد بن القاسم الظاهر أنه أبو بكر الأنبارى فإنه من شيوخ الدارقطنى وهو حافظ صدوق له ترجمة فى " تاريخ بغداد " (3/181 ـ 186) و" تذكرة الحافظ " (3/57 ـ 59) . وللدارقطنى شيخان آخران كل منهما يسمى محمد بن القاسم أحدهما أبو الطيب المعروف بالكوكبى , والآخر أبو عبد الله الأزدى يعرف بابن بنت كعب البزار , وكلاهما ثقة أيضا
مترجم لهم فى " التاريخ " (3/181 , 186) , فيحتمل أن يكون أحدهما هو المذكور فى هذا الإسناد , لكن الأول أرجح لأنه أشهر من هذين والله أعلم , وبقية رجال الإسناد من رجال الشيخين سوى الذى لم يسم , وقد سماه بعضهم عروة , أخرجه الدارقطنى من طريق أبى قرة عن ابن جريج: أخبرنى زياد بن سعيد عن أبى الزناد عن عروة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم به.
ومن طريق الدارقطنى رواه البيهقى (5/207) ثم قال: " هكذا رواه أبو قرة موسى بن طارق عن ابن جريج , ورواه أبو عاصم وهشام بن سليمان عن عبد العزيز بن أبى رواد عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبى الزناد عن رجل عن عائشة , وهو الصحيح , قاله أبو داود السجستانى وغيره من الحفاظ ".
قلت: وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج به.
أخرجه الدارقطنى.(4/217)
قلت: فقد اتفق ثلاثة من الثقات وهم أبو خالد الأحمر وابن أبى رواد وأبو عاصم على خلاف رواية أبى قرة فى تسمية الرجل , ولا شك أن رواية الجماعة تطمئن إليها النفس أكثر من رواية الفرد المخالف لهم , لا سيما إذا قيل فيه: " ثقة يغرب " كما هو حال أبى قرة هذا.
نعم له شاهد من حديث رجل من الأنصار يرويه مطر عن معاوية بن قرة عنه: " أن رجلا أوطأ بعيره أدحى نعام وهو محرم , فكسر بيضها , فانطلق إلى على رضى الله عنه فسأله عن ذلك؟ فقال له على: عليك بكل بيضة جنين ناقة , أو ضراب ناقة , فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قال على بما سمعت , ولكن هلم إلى الرخصة , عليك بكل بيضة صوم , أو إطعام مسكين ".
أخرجه الإمام أحمد (5/85) والدارقطنى والبيهقى من طرق عن سعيد بن أبى عروبة عن مطر به.
قلت: ومطر هو ابن طهمان الوراق , وفيه ضعف , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , كثير الخطأ ".
وخالف الطرق المشار إليها عبدة بن سليمان , فقال: عن سعيد عن قتادة عن معاوية ابن قرة , أن رجلا أوطأ بعيره الحديث.
أخرجه الدارقطنى فخالف من وجهين:
الأول: جعل قتادة , بدل مطر.
والآخر: أسقط الرجل من الأنصار فصار الحديث مرسلا , وعبدة ثقة , لكن رواية الجماعة أحب إلينا والله أعلم.(4/218)
وقال البيهقى عقب رواية مطر: " هذا هو المحفوظ , وقيل فيه: عن معاوية بن قرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على ".
(تنبيه) : عزا حديث عائشة هذا الحافظ فى " التلخيص " (224) لأبى داود أيضا , فأطلق , فأوهم أنه فى سننه وليس كذلك , وإنما ذكره فى " المراسيل " كما صرح بذلك عبد الحق الأشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 107/2) رقم (ـ نسختى) وقال: " هذا لا يسند من وجه صحيح ".
(1031) - (وحديث أبى هريرة مرفوعا: " أنه من صيد البحر " وهم , قاله أبو داود (ص 249) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1854) والترمذى (1/162) وابن ماجه (3222) والبيهقى (5/207) وأحمد (2/306 , 364 , 374 , 407) من طريق أبى المهزم عن أبى هريرة قال: " أصبنا (حرما) [1] من جراد فكان رجل منا يضرب بسوطه وهو محرم , فقيل له: إن هذا لا يصلح , فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنما هو من صيد البحر ".
واللفظ لأبى داود والبيهقى , ولفظ الآخرين: " كلوه , فإنه من صيد البحر ".
وقال الترمذى: " حديث غريب , لا نعرفه إلا من حديث أبى المهزم , واسمه يزيد ابن سفيان , وقد تكلم فيه شعبة ".
قلت: بل هو ضعيف جدا كما تقدم قريبا , وقد روى من غير طريقه , أخرجه أبو داود وعنه البيهقى من طريق ميمون بن جابان عن أبى رافع عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: صرما}(4/219)
" الجراد من صيد البحر ".
وقال أبو داود: " أبو المهزم ضعيف , والحديثان جميعا وهم ".
قلت: كأنه يعنى أن الصواب فيه الوقف , فقد ساقه موقوفا من طريق ميمون بن جابان أيضا عن أبى رافع عن كعب: الجراد من صيد البحر.
وميمون هذا ليس ممن يحتج به كما قال عبد الحق (رقم) .
(1032) - (وعنه: " هو من صيد البحر لا جزاء فيه " (ص 249) .
* لم أقف عليه بهذا اللفظ وهو فى المعنى كالذى قبله [1] .
(1033) - (قال ابن عباس: " هو من صيد البحر " (ص 249) .
* لم أقف على إسناده
والمصنف نقله عن ابن المنذر معلقا [2] , وقد جاء عن ابن عباس خلافه , فقال الإمام الشافعى (1000) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال: أخبرنى بكر بن عبد الله قال: سمعت القاسم يقول: " كنت جالسا عند ابن عباس , فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم , فقال ابن عباس: فيها قبضة من طعام , ولتأخذن بقبضة جرادات , ولكن ولو " قال الشافعى: " قوله: ولتأخذن بقبضة جرادات إنما فيها القيمة.
وقوله (ولو) يقول تحتاط , فتخرج أكثر مما عليك بعدما أعلمتك أنه أكثر مما عليك ".
قلت: وإسناده جيد.
(1034) - (عن ابن عمر قال: " هى أهون مقتول " (ص 249) .
* صحيح موقوف.
أخرجه البيهقى (5/213) عن حسان بن عبد الله حدثنا المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 39:
قول المصنف: وعنه أى عن الإمام أحمد رواية , وليس هو بأثر ولا حديث , فالضمير في " عنه " لا يرجع إلى أبى هريرة راوى الحديث قبله وإنما هو للإمام أحمد , كما جرت عادة علماء الحنابلة رحمهم الله بهذا في كتبهم إذا حكوا الروايات.
[2] [1] قال صاحب التكميل ص / 40 - 41:
وقفت على إسناده , رواه ابن أبى حاتم فى " تفسيره ": (الأثر رقم 706 من سورة المائدة) , قال: حدثنا أبى , حدثنا أبو نعيم , حدثنا أبو خلدة , حدثنا ميمون الكردى , أن ابن عباس كان راكبا فمر عليه جراد فضربه , فقيل له: قتلت صيدا وأنت محرم ? فقال: " إنما هو من صيد البحر ".
قلت: إسناده حسن , أبو خلدة هو خالد بن دينار , روى له البخارى وقال الحافظ: صدوق.
وميمون الكردى وثقه أبو داود , وابن حبان , وقال ابن معين: لا بأس به , وفي رواية عنه: صالح.
وقد روى عن كعب مثله , رواه مسدد فى " المسند " , وقال: حدثنا يحيى حدثنا سالم بن هلال , حدثنى أبو الصديق , عن أبى سعيد أنه حج وكعب فجاء جراد فجعل كعب يضرب بسوطه , قال: " بلى إنه من صيد البحر وإنما خرج أوله
من منخر حوت ".
ورجال إسناده ثقات إلا سالم بن هلال فإنه عند أبى حاتم مجهول , وذكره ابن حبان فى " الثقات ": (6 / 409) , قال: (سالم بن هلال الناجى يروى عن أبى الصديق الناجى روى عنه يحيى بن سعيد القطان) انتهى.
قال الحافظ فى " لسان الميزان " (3 / 6) إثر ذلك: (تكفيه روايته عنه فى توثيقه) انتهى.
وقد روي مرفوعا عن أبي هريرة كما " سنن أبى داود " , و " سنن البيهقى " وغيرهما , وإسناده ضعيف.(4/220)
" أن رجلا أتاه فقال: إنى قتلت قملة وأنا محرم , فقال ابن عمر رضى الله عنه: أهون قتيل ".
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم رجال البخارى.
(1035) - (وعن ابن عباس فيمن ألقاها ثم طلبها: " تلك ضالة لا تبتغى " (ص 249) .
* صحيح موقوفا.
أخرجه الشافعى (996) : أخبرنا ابن عينية عن ابن أبى نجيح قال: سمعت ميمون بن مهران قال: " كنت عند ابن عباس رضى الله عنهما وسأله رجال فقال: أخذت قملة فألقيتها , ثم طلبتها , فلم أجدها , فقال له ابن عباس رضى الله عنهما: تلك ضالة لا تبتغى ".
قلت: وهذا سند صحيح.
ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى (5/213) , ثم أخرج من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه قال: قال رجل لابن عباس: أحك رأسى وأنا محرم؟ قال: فأدخل ابن عباس يده فى شعره وهو محرم فحك رأسه بها حكا شديدا , قال: أما أنا فأصنع هكذا , قال: أفرأيت إن قتلت قملة؟ قال: بعدت ما للقملة , ما يغنى من حك رأسك , وما إياها أردت , وما نهيتم إلا عن قتل الصيد ".
قلت: وإسناده جيد.
(1036) (لحديث: " خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم: الحدأة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور ـ وفى لفظ ـ الحية مكان العقرب ". متفق عليه (ص 249) .
* صحيح.
وهو من حديث عائشة رضى الله عنها وله طرق:
الأولى: عن عروة عنها به.(4/221)
أخرجه البخارى (1/458 , 2/328) ومسلم (4/18) وأبو نعيم فى " مستخرجه " (19/136/2) والنسائى (2/33) والترمذى (1/160) والدارمى (2/36 ـ 37) والطحاوى (1/385) والبيهقى (5/209) وأحمد (6/87 , 122 , 164 , 231 , 259 , 261) من طريقين عنه. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب عنها به إلا أنه قال: الحية " بدل " العقرب ".
وقال: " الغراب الأبقع " (1) .
أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائى (2/26 , 32) وابن ماجه (3087) والطحاوى والطيالسى (1521) وأحمد (6/97 , 203) .
الثالثة: عن عبيد الله بن مقسم قال: سمعت القاسم بن محمد: سمعت عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم تقول: فذكره مرفوعا بلفظ:
" أربع كلهن فاسق يقتلن ... " الحديث فذكر الخمس دون العقرب والحية , وزاد فى آخره: " فقلت للقاسم: أفرأيت الحية؟ قال: تقتل بصغرِلها ".
ورواه المسعودى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه به مختصرا بلفظ: " الحية فاسقة , والعقرب فاسقة , والغراب فاسق , والفأرة فاسقة ".
أخرجه أحمد (6/209 , 238)
قلت: والمسعودى ضعيف لاختلاطه.
الرابعة: عن زيد بن مرة أبى المعلى عن الحسن عنها:
__________
(1) هو الذى فى ظهره وفى بطنه بياض.(4/222)
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل من قتل الدواب والرجل محرم: أن يقتل ... ".
قلت: فذكر الخمس , وقال " الغراب الأبقع " وزاد: " والحية , ولدغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقرب , فأمر بقتلها وهو محرم ".
أخرجه أحمد (6/250) .
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير زيد بن مرة , وهو زيد بن أبى ليلى وثقه ابن معين والطيالسى وغيرهما كما فى " الجرح والتعديل " (1/2/573) .
إلا أن الحسن وهو البصرى مدلس وقد عنعنه , بل لعله لم يسمع من عائشة أصلا.
وقد ورد الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة رضى الله عنهم.
منهم عبد الله بن عمر , وله عنه طرق:
الأولى: عن نافع عنه مرفوعا بلفظ:
" خمس من الدواب , لا حرج على من قتلهن ... ".
قلت: فذكرهن.
أخرجه البخارى ومسلم وأبو نعيم ومالك (1/356/88) والشافعى (1006) والنسائى (2/26) والدارمى (2/36) وابن ماجه (3087) والطحاوى والبيهقى وأحمد (2/3 , 32 , 48 , 54 , 65 , 82 , 138) من طرق عن نافع به.
وفى رواية ابن جريج عند مسلم ومحمد بن إسحاق عنده وكذا أحمد تصريح ابن عمر بسماعه من النبى صلى الله عليه وسلم , وفى معنى (رواتهما) [1] رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا؟ قال ... " فذكره.
أخرجه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: روايتهما}(4/223)
ومن الظاهر أن هذا الرجل هو الذى سأل عن لباس المحرم ومهله , وكان ذلك فى المسجد النبوى قبيل إحرامه صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه عند الحديث (1012) .
وذكرت هناك أن الرجل سأل سؤالين فى مكان واحد وقصة واحدة , فرقهما الرواة , فهذا سؤال ثالث له , والله أعلم.
الثانية: عن سالم عنه نحوه وزاد: " فى الحرم والإحرام ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (1846) والنسائى (2/33) والدارمى وابن الجارود (440) وأحمد (2/8) .
الثالثة: عن عبد الله بن دينار عنه بلفظ: " خمس من قتلهن وهو حرام فلا جناح عليه فيهن ... " فذكرهن.
أخرجه البخارى (2/328) ومسلم وأبو نعيم ومالك (1/356/89) والطحاوى والطيالسى (1889) وأحمد (2/50 , 52 , 138) .
الرابعة: عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه.
أخرجه مسلم (4/20) وأبو نعيم (19/137/1) وأحمد (2/32) من طريق محمد بن إسحاق عن نافع وعبيد الله بن عبد الله به.
الخامسة: عن حجاج بن أرطاة عن وبرة , سمعت ابن عمر يقول: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الذئب للمحرم , يعنى والفأرة والغراب والحدأة , فقيل له: فالحية والعقرب؟ فقال: قد كان يقال ذلك ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف لعنعنة الحجاج , وذكر الذئب فيه غريب وقد جاء من طرق أخرى كما يأتى , وقال الحافظ فى " الفتح " (4/30) : " وحجاج ضعيف , وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا , أخرجه ابن أبى شيبة ".(4/224)
ومنهم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما , يرويه عنها أخوها عبد الله بن عمر , وعنه رجلان:
الأول: زيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عمر: ما يقتل المحرم من الدواب؟ فقال: أخبرتنى إحدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (أقر) [1] أو أمر أن يقتل ... فذكر الخمس.
أخرجه مسلم وأبو نعيم وأحمد (6/285 , 236 , 380) , وزاد الأولان فى رواية: " والحية , قال: وفى الصلاة أيضا ".
والآخر: سالم بن عبد الله , قال: قال عبد الله بن عمر , قالت حفصة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن ... ".
قلت: فذكرهن.
ومنهم أبو هريرة رضى الله عنه مرفوعا بلفظ: " خمس قتلهن حلال فى الحرم ... " فذكرهن إلا أنه قال: " الحية " بدل " الغراب " أخرجه أبو داود (1847) من طريق حاتم بن إسماعيل: حدثنى محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبى صالح عنه.
قلت: وهذا إسناد جيد.
وأخرجه البيهقى (5/210) من طريق أبى داود , ومن طريق يحيى بن أيوب عن ابن عجلان به , ولم يسق لفظه , لأنه ساقه مع رواية حاتم بن إسماعيل , فكأنه أحال به عليه , وقد رواه الطحاوى (1/384) من طريق يحيى بن أيوب بلفظ: " الحية والذئب والكلب العقور ".
ومنهم أبو سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم؟ قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل ,
والصواب: أمر}(4/225)
" الحية , والعقرب , والفويسقة , ويرمى الغراب , ولا يقتله , والكلب العقور , والحدأة , والسبع العادى ".
أخرجه أبو داود (1448) وابن ماجه (3089) والطحاوى (1/385) والبيهقى وأحمد (3/3 , 32 , 79) وكذا ابنه عبد الله من طرق عن يزيد بن أبى زياد حدثنا عبد الرحمن بن أبى نعم البجلى عنه به , واللفظ لأبى داود والبيهقى , وليس فى رواية ابن ماجه " ولا يقتله " وهو رواية لأحمد. " فقيل له: لم قيل لها الفويسقة؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ لها وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت ".
وقال أحمد: " فصعدت بها إلى السقف لتحرق عليه ".
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل يزيد هذا فإنه ضعيف من قبل حفظه كما تقدم غير بعيد.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 187/2) : " هذا إسناد ضعيف: يزيد بن أبى زياد ضعيف , وإن أخرج له مسلم , فإنما أخرج له
مقرونا بغيره , ومع ضعفه فقد اختلط بآخره ". ومن طريقه أخرجه الترمذى (1/160) مختصرا جدا بلفظ: " يقتل المحرم السبع العادى ". وقال: " حديث حسن "!.
(1037) - (لحديث عثمان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ". رواه الجماعة إلا البخارى وليس للترمذى فيه: " ولا يخطب " (ص 249) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/136 ـ 137) وأبو داود (1838 , 1839) والنسائى (2/27 , 87 ـ 79) والترمذى (1/160) والدارمى (2/37 ـ 38 , 141) وابن ماجه (1966) والطحاوى (1/144) وابن الجارود (444) وكذا مالك (1/348/70) وعنه
الشافعى (962) وأبو(4/226)
نعيم فى " مستخرجه " (21/191/2) والدارقطنى (275 , 399) والبيهقى (5/65) والطيالسى (74) وأحمد (1/57 , 64 , 68 , 69 , 73) من طريق أبان بن عثمان عن عثمان مرفوعا به.
وفى رواية لمسلم وغيره عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أراد أن تزوج طلحة ابن عمر بنت شيبة بن جبير , فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك ـ وهو أمير الحج , فقال: أبان: سمعت عثمان بن عفان يقول: فذكره.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وليس عنده " ولا يخطب " كما ذكر المصنف.
(تنبيه) : أخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس رضى الله عنهما: " أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم ".
قال الحافظ فى " الفتح " (4/45) : " وصح نحوه عن عائشة وأبى هريرة , وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالا وعن أبى رافع مثله , وأنه كان الرسول إليها (1) .
واختلف العلماء فى هذه المسألة , فالجمهور على المنع لحديث عثمان (يعنى هذا) , وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف فى الواقعة كيف كانت , فلا تقوم بها الحجة , ولأنها تحتمل الخصوصية , فكان الحديث فى النهى عن ذلك أولى بأن يؤخذ به. وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشترى الجارية للوطأ , فتعقب بالتصريح فيه بقوله: (ولا ينكح) بضم أوله. وبقوله فيه (ولا يخطب) ".
وقال الحافظ ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/104/1) وقد ذكر حديث ابن عباس: " وقد عد هذا من الغلطات التى وقعت فى " الصحيح " , وميمونة أخبرت أن هذا ما وقع , والإنسان أعرف بحال نفسه , قالت: " تزوجنى رسول الله
__________
(1) قلت: فى إسناد حديث أبى رافع مطر الوراق وهو ضعيف , وقد خالفه مالك فأرسله , كما يأتى بيانه فى " النكاح " , فى أول الفصل الذى يلى " باب النكاح وشروطه ". رقم الحديث 1849. اهـ.(4/227)
صلى الله عليه وسلم وأنا حلال بعدما رجعنا من مكة ".
رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل نحوه: " تزوجنى النبى صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بسرف ".
قلت: وسند أبى داود صحيح على شرط مسلم , وقد أخرجه فى " صحيحه " (4/137 ـ 138) دون ذكر سرف.
وأخرجه أحمد (6/332 , 335) باللفظ الأول الذى فى " التنقيح " وهو على شرط مسلم أيضا.
(1038) - (وعن أبى عطفان عن أبيه: " أن عمر فرق بينهما ـ يعنى رجلاً تزوج وهو محرم ـ " رواه مالك والدارقطنى.
* صحيح.
أخرجه مالك (1/349/71) وعنه البيهقى (5/66) والدارقطنى (ص 399) عن داود بن الحصين عن أبى غطفان به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
ثم روى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: " لا ينكح المحرم , ولا يخطب على نفسه , ولا على غيره " وسنده صحيح.
وروى البيهقى عن على قال: " لا ينكح المحرم فإن نكح رد نكاحه " وسنده صحيح أيضا.
قلت: واتفاق هؤلاء الصحابة على العمل بحديث عثمان رضى الله عنه مما يؤيد صحته وثبوت العمل به عند الخلفاء الراشدين , يدفع احتمال خطأ الحديث أو نسخه , فذلك يدل على خطأ حديث ابن عباس رضى الله عنه , وإليه ذهب الإمام الطحاوى فى كتابه " الناسخ والمنسوخ خلافا لصنيعه فى " شرح المعانى ". انظر " نصب الراية " (3/174) .
(1039) - (وروى عن عمر: " فى الجراد الجزاء " (ص 250) .(4/228)
أخرجه الشافعى (997) وعنه البيهقى (5/206) عن عبد الله بن أبى عمار: " أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الأحبار فى أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة , حتى إذا كنا ببعض الطريق , وكعب على نار يصطلى مرت به رجل جراد فأخذ جرادتين فقتلهما , ونسى إحرامه , ثم ذكر إحرامه , فألقاهما , فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر رضى الله عنه , ودخلت معهم , فقص كعب قصة الجرادتين على عمر , فقال عمر: من بذلك؟ لعلك يا كعب؟ قال: نعم , قال: إن حمير تحب الجراد! ما جعلت فى نفسك؟ قال: درهمين , قال: بخ , درهمان خير من مائة جرادة , اجعل ما جعلت فى نفسك ".
قلت: ورجاله ثقات على خلاف يسير فى بعضهم , فهو إسناد حسن , لولا عنعنة ابن جريج فإنه مدلس.(4/229)
باب الفدية
(1040) - (قوله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة: " لعلك آذاك هوام رأسك؟ قال: نعم يا رسول الله قال: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة " متفق عليه (ص 251) .
* صحيح.
وهو من حديث كعب بن عجرة نفسه , وله عنه طرق:
الأولى: عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عنه به.
أخرجه البخارى (1/453 ـ 455 , 3/119 , 4/46 , 54 , 277) ومسلم (4/20 ـ 21) وكذا مالك (1/417 ـ 237 , 238) والشافعى (1015 , 1018 , 1019) وأبو داود (1856 , 1857 , 1860 , 1861) والنسائى (2/28) والترمذى (2/161) وابن الجارود (450) والدارقطنى (288) والبيهقى (5/55 , 169 , 185 , 187 , 242) وكذا أبو نعيم فى " المستخرج " (19/137/2) والطيالسى (1065) وأحمد (4/241 , 242 , 243) من طرق عن ابن أبى ليلى به بألفاظه مختلفة , وهذا لفظ
البخارى ومالك , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد الشيخان وغيرهما فى رواية بلفظ: " أو تصدق بفرق بين سنة , أو نسك مما تيسر "
وزاد مسلم فى رواية أخرى: " والفرق ثلاثة آصع ".(4/230)
وزاد مالك فى آخره , وعنه أبو داود والنسائى وأحمد من طريق عبد الكريم الجزرى عن ابن أبى ليلى: " أى ذلك فعلت أجزأ عنك ".
وفى معناها رواية الشعبى عن ابن أبى ليلى بلفظ: " إن شئت فانسك نسيكة , وإن شئت فصم ثلاثة أيام , وإن شئت فأطعم ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين ".
أخرجه أبو داود والبيهقى (5/185) بسند صحيح.
لكن رواه الدارقطنى (288) بلفظ: " أمعك نسك؟ قال: لا , قال: فإن شئت فصم ... " الحديث , وهو رواية لأبى داود (1858) .
فهذا يدل على أن التخيير إنما كان بعد أمره صلى الله عليه وسلم إياه بالنسيكة , واعتذار كعب بأنه لا يجدها , ويشهد له ما يأتى فى الطريق الثانية والرابعة.
الطريق الثانية: عن عبد الله بن معقل قال:
" قعدت إلى كعب رضى الله عنه , وهو فى المسجد , فسألته عن هذه الآية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) , فقال كعب رضى الله عنه: نزلت فى , كان بى أذى من رأسى , فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهى , فقال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى , أتجد شاة؟ فقلت: لا , فنزلت هذه الآية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) , قال: صوم (وفى رواية: فصم) ثلاثة أيام , أو إطعام (وفى الرواية الأخرى أو أطعم) ستة مساكين نصف صاع طعاما لكل مسكين , قال: فنزلت فى خاصة , وهى لكم عامة ".
أخرجه البخارى (1/454) ومسلم (4/21 ـ 22) والسياق له والترمذى (2/161) وابن ماجه (3079) والبيهقى (5/55) والطيالسى (1062) وأحمد (4/242)
وقال الترمذى:(4/231)
" حديث حسن صحيح ".
الثالثة: عن أبى وائل عن كعب بن عجرة قال: " أحرمت , فكثر قمل رأسى , فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم , فأتانى وأنا أطبخ قدرا لأصحابى , فمس رأسى بأصبعه , فقال: انطلق فاحلقه وتصدق على ستة مساكين ".
قلت: وإسناده جيد.
الرابعة: عن محمد بن كعب القرظى عن كعب بن عجرة قال: " أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آذانى القمل أن أحلق رأسى ثم أصوم ثلاثة أيام , أو أطعم ستة مساكين , وقد علم أنه ليس عندى ما أنسك به ".
أخرجه الشافعى (1017) وابن ماجه (3080)
قلت: وإسناده حسن.
وأخرجه الإمام مالك (1/417/239) عن عطاء بن عبد الله الخراسانى أنه قال: حدثنى شيخ بسوق البرم بالكوفة عن كعب بن عجرة أنه قال: " جاءنى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابى , وقد امتلأ رأسى ولحيتى قملا , فأخذ بجبهتى , ثم قال: احلق هذا الشعر , وصم ... " الحديث مثل رواية القرظى.
قلت: وعطاء الخراسانى فيه ضعف من قبل حفظه , وشيخه الذى لم يسم , قال الحافظ (4/11) : " قال ابن عبد البر يحتمل أن يكون عبد الرحمن بن أبى ليلى , أو عبد الله بن معقل ".
قلت: الاحتمال الأول بعيد عندى , لأنه ليس فى حديث ابن أبى ليلى: " وقد علم أنه ليس عندى ما أنسك به " , وإنما هذه الزيادة فى حديث ابن معقل وحديث القرظى كما تقدم , فالشيخ الذى لم يسم هو أحد هذين , والله أعلم..(4/232)
(1041) - (وقال ابن عباس فيمن وقع على امرأته فى العمرة قبل التقصير: " عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك " رواه الأثرم.
* صحيح موقوفا.
أخرجه البيهقى (5/172) من طريق أيوب عن سعيد بن جبير: " أن رجلا أهل هو وامرأته جميعا بعمرة , فقضت مناسكها إلا التقصير , فغشيها قبل أن تقصر , فسئل ابن عباس عن ذلك , فقال: إنها لشبقة , فقيل له: إنها تسمع , فاستحيا من ذلك وقال: ألا أعلمتمونى؟ وقال لها: أهريقى دما , قالت: ماذا؟ قال: انحرى ناقة أو بقرة أو شاة , قالت أى ذلك أفضل قال: ناقة.
قلت: وسنده صحيح , وخالفه أبو بشر عن سعيد بن جبير فقال: " أن رجلا اعتمر فغشى امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة بعد ما طاف بالبيت , فسئل ابن عباس؟ قال: (فدية من صيام أو صدقة أو نسك) , فقلت فأى ذلك أفضل؟ قال: جزور أو بقرة , قلت: فأى ذلك أفضل؟ قال: جزور ".
قلت: وإسناده صحيح أيضا , لكن رجع البيهقى الأول فقال: " ولعل هذا أشبه ".
(1042) - (قال ابن عمر وعائشة:" لم يرخص فى أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدى ".رواه البخارى (ص 252) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه برقم (964) .
(1043) - (لأن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو قالوا للواطئين: " أهديا هديا فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم " (ص 253) .
* صحيح.
أخرجه البيهقى (5/167) من طرق عن محمد بن عبيد ثنا(4/233)
عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه: " أن رجلا أتى عبد الله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأة , فأشار إلى (عبيد الله) [1] بن عمر , فقال: اذهب
إلى ذلك فسله , قال: فلم يعرفه الرجل , فذهبت معه , فسأل ابن عمر , فقال: بطل حجك , فقال الرجل: فما أصنع؟ قال: اخرج مع الناس , واصنع ما يصنعون , فاذا أدركت قابلا فحج واهد فرجع إلى عبد الله بن عمرو , وأنا معه , فأخبره , فقال: اذهب إلى ابن عباس فسله , قال شعيب فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله , فقال له كما قال ابن عمر فرجع إلى عبد الله عمرو وأنا معه , فأخبره بما قال ابن عباس ,
ثم قال: ما تقول أنت , فقال: قولى مثل ما قالا ".
وقال البيهقى: " هذا إسناد صحيح , وفيه دليل على صحة سماع شعيب بن محمد بن عبد الله من جده عبد الله بن عمرو ".
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم 2/65) وقال: " هذا حديث ثقات رواته حفاظ , وهو كالأخذ باليد فى صحة سماع شعيب بن محمد عن
جده عبد الله بن عمرو " ووافقه الذهبى.
(1044) - (وقول ابن عباس: " فى رجل أصاب اهله قبل أن يفيض يوم النحر ينحران جزورا بينهما وليس عليه الحج من قابل " رواه مالك (ص 253) .
* صحيح موقوف.
هو فى " الموطأ " (1/384/155) من طريق أبى الزبير المكى عن عطاء بن أبى رباح عن عبد الله بن عباس: " أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى , قبل أن يفيض , فأمره أن ينحر بدنة ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عبد الله}(4/234)
ثم روى من طريق ثور بن يزيد الديلى عن عكرمة مولى ابن عباس , قال: لا أظنه إلا عبد الله بن عباس أنه قال: " الذى يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدى ".
ورواه البيهقى (5/171) من طريق العلاء بن المسيب عن عطاء عن ابن عباس مثل رواية الكتاب.
قلت: وإسناده صحيح.
(1045) - (قول ابن عباس: " فيمن وقع على امرأته قبل التقصير: عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك " رواه الأثرم (ص 253) .
* صحيح.
وتقدم قريبا (1041) .
(1046) - (حديث عائشة مرفوعا: " إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شىء إلا النساء " رواه سعيد (ص 253) .
* ضعيف بزيادة " وحلقتم ".
أخرجه الطحاوى فى " شرح الآثار " (1/419) والبيهقى (5/136) وأحمد (6/143) من طريق يزيد قال: أخبرنا الحجاج عن (أبى بن بكر) [1] بن محمد عن عمرة عن عائشة به.
وأخرجه الدارقطنى (ص 279) من طرق أخرى عن الحجاج به , وفى رواية له وكذا الطبرى فى تفسيره (رقم 3960) من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج به ثم قال: قال (يعنى الحجاج) : وذكر الزهرى عن عمرة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله.
وتابعه عبد الواحد بن زياد حدثنا الحجاج عن الزهرى به , دون قوله " وحلقتم " أخرجه أبو داود (1978) والطحاوى , وقال أبو داود: " هذا حديث ضعيف , الحجاج لم ير الزهرى , ولم يسمع منه ".(4/235)
قلت: وهؤلاء الذين رووا الحديث عن الحجاج كلهم ثقات , وقد اختلفوا عليه فى إسناده ومتنه , وهذا الاختلاف منه , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , كثير الخطأ , والتدليس ".
ولهذا قال البيهقى عقبه: " وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة , وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم , كما رواه سائر الناس عن عائشة رضى الله عنها ".
قلت: يعنى الحديث الآتى بعد هذا.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس بلفظ: " إذا رميتم الجمرة , فقد حل لكم ... ".
وقد أوردته فى " سلسلة الأحاديث الصحيحة " , وبينت فيه الاختلاف فى رفعه ووقفه , وأن الأكثر على الوقف , وأنه حديث صحيح لغيره. بدون الزيادة المذكورة " وحلقتم " , لأن له شاهداً من حديث عائشة كما سأبينه فى حديثها الآتى.
(1047) - (قالت عائشة: " طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت " متفق عليه (ص 254) .
* صحيح.
وله عنها طرق:
الأولى: عن القاسم بن محمد عنها.
أخرجه البخارى (1/439) ومسلم (4/10) وكذا أبو نعيم فى " مستخرجه " (19/133/2) ومالك (1/328/17) وأبو داود (1745) والنسائى (2/10 , 11) والترمذى (1/173) والدارمى (2/33) وابن ماجه (2926) والطحاوى (1/419) وابن الجارود (414) والدارقطنى(4/236)
(278) والبيهقى (5/34 , 136) والطيالسى (1418 , 1431) وأحمد (6/181 , 186 , 192 , 200 , 214 , 216 , 238 , 244) وابن أبى داود فى " مسند عائشة رضى الله عنها " (ق 54/2) من طرق عنه.
وزاد البخارى: " بيدى هاتين , وبسطت يديها ".
وهى عند أحمد فى رواية دون قوله: " وبسطت يديها ".
وزاد هو فى رواية أخرى وكذا النسائى: " بطيب فيه مسك ".
وهى فى رواية الترمذى , وقال: " حديث حسن صحيح ".
وزاد الدارقطنى وحده من طريق إسرائيل عن عبد الكريم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه بلفظ: " كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما يذبح ويحلق قبل أن يزور البيت ".
قلت: فقوله: " بعدما يذبح ويحلق " شاذ أو منكر , لأنه ثبت عن عروة وغيره أن ذلك كان بعدما رمى صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة لم يذكروا الذبح والحلق كما يأتى فى الطريق الثانية وغيرها , والشذوذ إنما هو من عبد الكريم , وهو ابن أبى المخارق البصرى أو ابن مالك الجزرى , فإن كلا منهما يروى عنه إسرائيل وهو ابن يونس بن أبى إسحاق السبيعى , ولذلك لم أستطع الجزم بأيهما المراد هنا , وإن كان القلب يميل إلى أنه البصرى لأنه ضعيف فهو بهذا الشذوذ أولى من الجزرى فإنه ثقة , والله أعلم.
الطريق الثانية: عن عروة عنها بلفظ: " طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى بذريرة فى حجة الوداع للجل [1] والإحرام "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا في الأصل، والصواب للحل}(4/237)
أخرجه البخارى (4/101) ومسلم وأبو نعيم والشافعى (924 , 925) والنسائى والدارمى والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/200 , 244) وابن أبى داود من طرق عن عورة به.
وزاد النسائى عن طريق الزهرى عنه: " ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت ".
وهى عند أحمد من طريق عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة والقاسم يخبران به بلفظ: " وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت ".
وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين.
الطريق الثالثة: عن أم أبى الرجال (واسمها عمرة) عنها بلفظ: " طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم , ولحله قبل أن يفيض بأطيب ما وجدت "
أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقى.
الطريق الرابعة: عن سالم بن عبد الله قال: قالت عائشة رضى الله عنها: " أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وإحرامه.
قال سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع ".
أخرجه الشافعى (927) : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم به.
ومن طريقه أخرجه البيهقى (5/135 ـ 136) ورواه الطيالسى (1553) : حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا عمرو بن دينار به مختصرا دون قول سالم وكذا رواه الطحاوى.
قلت: وهذا سند صحيح.
وأخرجه الإمام أحمد (6/106) : حدثنا مؤمل: قال: حدثنا سفيان عن(4/238)
عمرو بن دينار: قال سالم: فذكره بلفظ: " كنت أطيب النبى صلى الله عليه وسلم بعدما يرمى الجمرة قبل أن يفيض إلى البيت قال سالم: فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن نأخذ بها من قول عمر ".
قلت: ومؤمل بوزن محمد هو ابن إسماعيل البصرى وهو صدوق ولكنه سىء الحفظ , إلا أن قوله " بعدما يرمى الجمرة " ثابت محفوظ عن عائشة رواه عنها عروة والقاسم كما سبق فى الطريق الثانية , ويأتى مثله فى السادسة والسابعة.
ويشير سالم بقوله: " فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ... من قول عمر " إلى ما أخرجه مالك (1/410/421) وعنه البيهقى (5/204) عن نافع وعبد الله ابن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة , وعلمهم أمر الحج , وقال لهم فيما قال: " إذا جئتم منى , فمن رمى الجمرة , فقد حل له ما حرم على الحاج , إلا النساء والطيب , لا يمس أحدُنساء , ولا طيباً , حتى يطوف بالبيت ".
وزاد فى لفظ له: " ثم حلق أو قصر , ونحر هديا إن كان معه ".
ورواه الطحاوى (1/420) من الوجهين عن ابن عمر , ومن طريق طاوس عنه مثله.
السادسة: عن طاوس عن ابن عمر , قال: قال عمر (فذكر مثل الذى تقدم آنفا) قال: فقالت عائشة رضى الله عنها: " كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض. فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر ".
أخرجه الطحاوى (1/421) بسند صحيح.
السابعة: عن عطاء عنها قالت:(4/239)
" طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعدما رمى الجمرة , قبل أن يطوف بالبيت " أخرجه الطيالسى (1493) : حدثنا طلحة عن عطاء.
قلت: وطلحة هو ابن عمرو المكى متروك , لكنه قد توبع على أصل الحديث عن عطاء , وعلى الحديث بتمامه عن غيره كما سبق , وأما أصل الحديث عن عطاء فرواه عباد بن منصور قال: سمعت القاسم بن محمد ويوسف بن ماهك وعطاء يذكرون عن عائشة أنها قالت: " كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحلاله وعند إحرامه " أخرجه أحمد (6/186) .
قلت: وعباد بن منصور فيه ضعف.
(تنبيه) : استدل المصنف رحمه الله بحديث عائشة هذا والذى قبله على أن التحلل الأول يحصل بإثنين من رمى وحلق وطواف.
قلت: وحديثها الأول يدل على ما ذكر لولا أنه ضعيف الإسناد كما سبق بيانه.
وأما حديثها هذا فهو بعد جمع طرقه يدل على أن التحلل الأول يحصل بمجرد الرمى , ولو لم يكن معه حلق لقولها " وحين رمى جمرة العقبة " وقد اختلف العلماء فى هذه المسألة , ولاشك أن الصواب ما دل عليه هذا الحديث ولا معارض له وانظر " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (رقم 239) .
(1048) - (قول ابن عمر: " لم يحل النبى صلى الله عليه وسلم من شىء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وطاف بالبيت ثم قد حل له كل شىء حرم منه ". متفق عليه (ص 254) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/425) ومسلم (4/49) وأبو داود (1805) والنسائى (2/15) والبيهقى (5/17) وأحمد (2/139) عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قال:(4/240)
" تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع بالعمرة إلى الحج , وأهدى فساق معه الهدى من ذى الحليفة , وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبى صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج , فكان من الناس من أهدى , فساق الهدى , ومنهم من لم يهد , فلما قدم النبى صلى الله عليه وسلم مكة , قال للناس: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شىء حرم منه حتى يقضى حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت , وبالصفا والمروة , ويقصر , وليحلل , ثم (ليهد) [1] بالحج , فمن لم يجد هديا , فليصم ثلاثة أيام فى الحج , وسبعة إذا رجع إلى أهله , فطاف حين قدم مكة , واستلم الركن أول شىء , ثم خب ثلاثة أطواف , ومشى أربعا , فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين , ثم سلم , فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأتى الصفا , فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف , ثم لم
يحلل من شىء حرم منه حتى قضى حجه , ونحر هدية يوم النحر , وأفاض فطاف بالبيت , ثم حل من كل شىء حرم منه , وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق من الناس ".
(1049) - (حديث: " أن عمر رضى الله قضى فى حمار الوحش وبقره بقرة " (ص 254) .
* لم أقف عليه عن عمر , وإنما عن ابن عباس
أخرجه الدارقطنى (267) والبيهقى (5/182) من طريق أبى مالك الجنبى عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس فى حمام الحرم: " فى الحمامة شاة , وفى بيضتين درهم , وفى النعامة جزور , وفى البقرة بقرة , وفى الحمار بقرة ".
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو مالك هذا اسمه عمرو بن هاشم وهو لين الحديث , لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه البيهقى بسنده عن الشافعى عن سعيد عن إسرائيل عن أبى إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال: " فى بقرة الوحش بقرة , وفى الأيل بقرة "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ليهل}(4/241)
ورجاله موثقون لكنه منقطع فإن الضحاك لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة.
(1050) - ("وفى الضبع كبش ; لأن النبى صلى الله عليه وسلم حكم فيها بذلك ". رواه أبو داود وغيره (ص 254) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3801) والدارمى (2/74) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (4/370 ـ 371) وابن الجارود (439) وابن حبان (979) والدارقطنى (266) والحاكم (1/452) والبيهقى (5/183) وأبو يعلى (119/2) من طرق عن جرير ابن حازم عن عبد الله بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبى عمار عن جابر بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع؟ فقال:
" هو صيد , ويجعل فيه كبش , إذا صاده المحرم ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ".
قلت: وسكت عليه الذهبى , وإنما هو على شرط مسلم وحده ; لأن عبد الرحمن بن أبى عمار لم يخرج له البخارى.
وقد تابعه ابن جريج: أخبرنى عبد الله بن عبيد بن عمير أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى عمار أخبره قال: " سألت جابرا فقلت: الضبع آكلها؟ قال: نعم , قال: قلت: أصيد هى؟ قال: نعم , قلت أسمعت ذاك من نبى الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ".
أخرجه النسائى (2/27 , 199) والترمذى (1/162) والدارمى والطحاوى وابن حبان أيضا (1086) وابن الجارود (438) والدارقطنى والبيهقى وأحمد (3/318 , 322)
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال فى " علله الكبرى ":(4/242)
" قال البخارى: حديث صحيح ". كما نقله " نصب الراية " (3/134) .
وتابعه أيضا إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عبيد به , ليس فيه ذكر الكبش.
أخرجه ابن ماجه (3236) والطحاوى والدارقطنى وأحمد (3/297) وأبو يعلى (118/2) .
قلت: وقد يبدو من هذا التخريج , أن ذكر الكبش زيادة تفرد بها جرير ابن حازم فتكون شاذة , وليس كذلك , فقد جاءت من طريق أخرى عن جابر رضى الله عنه , يرويها حسان بن إبراهيم: حدثنا إبراهيم الصائغ عن عطاء عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الضبع صيد , فإذا أصابه المحرم ففيه جزاء كبش مسن , ويؤكل ".
أخرجه الطحاوى (4/372 ـ وسقط منه متنه) وابن خزيمة (2648) والدارقطنى والحاكم والبيهقى من طرق ثلاث عن حسان به.
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح , ولم يخرجاه , وإبراهيم بن ميمون الصائغ زاهد عالم أدرك الشهادة رضى الله عنه ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو صحيح الإسناد كما قال الحاكم رحمه الله , وعطاء هو ابن أبى رباح كما جزم بذلك الطحاوى , وقول المعلق على " المستدرك ": " هو عطاء بن نافع " وهم , سببه أنه رأى فى ترجمته أنه روى عن جابر , فتوهم أنه هو , ولم يتنبه أنهم لم يذكروا فى الرواة عنه إبراهيم الصائغ , ولو رجع إلى ترجمة إبراهيم هذا لرأى فى شيوخه عطاء بن أبى رباح.
وقد أعل هذه الطريق الطحاوى بالوقف , فقد رواه من طريق هشيم عن منصور بن زاذان ومن طريق زهير بن معاوية عن عبد الكريم بن مالك كلاهما عن عطاء عن جابر قال: " فى الضبع إذا أصابه المحرم كبش ".(4/243)
قلت: هذا الموقوف لا ينافى المرفوع , لأن الراوى قد ينشط أحيانا فيرفع الحديث , وأحيانا يوقفه , ومن رفعه فهى زيادة من ثقة مقبولة وقد رفعها ثقتان أحدهما: ابن أبى عمار عن جابر , والآخر: إبراهيم الصائغ عن عطاء عنه , ولا سبيل إلى توهيمهما - وهما ثقتان - لمجرد مخالفة منصور بن زاذان وعبد الكريم بن مالك عن عطاء , وإيقافهما إياه , لاسيما وفى الطريق إلى ابن زاذان هشيم وهو مدلس وقد عنعنه , لكنه قد صرح بالسماع عند البيهقى (5/183) .
وللحديث شاهد مرسل , قال الشافعى (989) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس يقول: " أنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ضبعا صيدا , وقضى فيها كبشا ".
قلت: ورجاله ثقات , وقد وصله الدارقطنى (266) وعنه البيهقى من طريق ابن أبى السرى أخبرنا الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن أبى عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الضبع صيد , وجعل فيها كبشا ".
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن أبى السرى واسمه محمد بن المتوكل العسقلانى , فإنه ضعيف , وقد اتهم.
وأما أثر ابن عباس , فأخرجه الشافعى (988) وعنه البيهقى: أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: " فى الضبع كبش ".
قلت: وهذا إسناد حسن إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه فقد روى أبو بكر بن أبى خيثمة بسند صحيح عن ابن جريج قال: " إذا قلت: قال عطاء , فأنا سمعته منه , وإن لم أقل سمعت ".
قلت: وهذه فائدة هامة جدا , تدلنا على أن عنعنة ابن جريج عن عطاء فى حكم السماع.(4/244)
(1051) - (" وقضى فيها عمر وابن عباس بكبش " (ص 254) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/414/230) وعنه الشافعى (987) وعنه البيهقى (5/183) والطحاوى فى " المشكل " (4/372) عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله (وسقط من " الموطأ " عن جابر بن عبد الله) : " أن عمر بن الخطاب قضى فى الضبع بكبش , وفى الغزال بعنز , وفى الأرنب بعناق , وفى اليربوع بجفرة ".
ثم رواه البيهقى (5/184) من طريق الليث بن سعد: حدثنى أبو الزبير به.
قلت: وهذا إسناد صحيح , فإن الليث لا يروى عن أبى الزبير إلا ما صرح له فيه بالتحديث , وهو على شرط مسلم.
وقد تابعه عطاء عن جابر به.
أخرجه البيهقى (5/184) بسند صحيح على شرط مسلم أيضا.
(1052) - (" وفى الغزال شاة: قضى بها عمر وعلى وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم من حديث جابر " (ص 254) .
* صحيح موقوفا.
أما عن عمر , فهو عند مالك وغيره , وتقدم تخريجه آنفا. وله عنه طريقان آخران صحيحان عند البيهقى (5/181) وفيه قصة. وله عنده (5/180) طريق ثالث , لكنه منقطع. ورواه مالك (1/414/231) من هذا الوجه.
وأما أثر على , فلم أقف عليه الآن. [1]
وأما حديث جابر , فيرويه الأجلح عن أبى الزبير عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " فى الضبع إذا أصابه المحرم كبش , وفى الظبى شاة , وفى الأرنب عناق , وفى اليربوع جفرة. قال: والجفرة التى قد ارتعت "
وفى رواية: " فطمت ورعت ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 42:
أثر على رواه الشافعى فى " الأم ": (2 / 164) , ومن طريقه البيهقى فى " معرفة السنن والآثار ": (2 / 335 - نسخة أحمد الثالث) , باب فى الغزال , قال: (أخبرنا سعيد بن سالم عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة أن رجلا بالطائف أصاب ظبيا وهو محرم , فأتى عليا فقال: اهد كبشا , أو قال تيسا من الغنم. قال سعيد: ولا أراه إلا قال تيسا.
قال الشافعي: وبهذا نأخذ لما وصفت به مما يثبت , فأما هذا فلا يثبته أهل الحديث) انتهى.
قال البيهقى فى " المعرفة " بعد نقله فى بيان سبب عدم إثباته: (لانقطاعه فإن عكرمة لم يدرك عليا) انتهى.(4/245)
أخرجه الدارقطنى (266 , 267) والبيهقى (5/183) وقال: " والصحيح أنه موقوف على عمر رضى الله عنه ".
قلت: وأبو الزبير مدلس , والأجلح فيه ضعف , وقد تفرد برفعه عنه , وخالفه مالك والليث بن سعد وغيرهما من الثقات فرووه عن أبى الزبير عن جابر عن عمر قوله , كما سبق فى الذى قبله.
ثم رأيته فى " مسند أبى يعلى " (ق 16/2) رواه من طريق مالك بن سعير عن الأجلح عن أبى الزبير عن جابر عن عمر بن الخطاب قال: ولا أراه إلا أنه قد رفعه.
" أنه حكم فى الضبع يصيبه المحرم شاة , وفى الأرنب عناق , وفى اليربوع جفرة وفى الظبى كبش ".
(1053) - (" وفى اليربوع جفرة لها أربعة أشهر , روى عن عمر وابن مسعود وجابر " (ص 254) .
* صحيح موقوفا.
أما عن عمر فقد تقدم قبل حديث , وهو عنه صحيح , وهو من رواية مالك والليث عن أبى الزبير عن جابر عنه.
وأخرجه البيهقى (5/184) من طريق أبى عبيد حدثنى ابن علية عن أيوب عن أبى الزبير. وزاد: " قال أبو عبيد: قال أبو زيد: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر , وفصل عن أمه ".
وأما عن ابن مسعود , فأخرجه البيهقى من طريق الشافعى بإسنادين صحيحين أحدهما عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود , والآخر عن مجاهد كلاهما عن ابن مسعود. " أنه قضى فى اليربوع بجفر أو جفرة ".
وقال: " وهاتان الروايتان عن ابن مسعود رضى الله عنه مرسلتان , إحداهما تؤكد(4/246)
الآخرى ".
قلت: يعنى أنهما منقطعتان بين أبى عبيدة ومجاهد وبين ابن مسعود.
وأما عن جابر , فلم أقف عليها إلا من روايته عن عمر موقوفا عليه , أو من روايته عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقد تقدمتا.
(1054) - (" وفى الأرنب عناق دون الجفرة يروى عن عمر: أنه قضى بذلك " (ص 254) .
* صحيح موقوف.
وتقدم تخريجه قبل حديثين (1051) .
(1055) - (" فى القطا والورش والفواخت شاة ". قضى به عمر وعثمان وابن عمرو وابن عباس (ص 254) .
* لم أقف على إسناده عنهم [1] سوى ما علقه البيهقى (5/205) عن ابن أبى ليلى عن عطاء عن ابن عباس: " فى الخضرى والدبسى والقمرى والقطا والحجل شاة شاة ".
وابن أبى ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وهو سىء الحفظ.
(1056) - (وروى عن ابن عباس: " أنه قضى به فى حمام الإحرام ".
* لم أقف عليه بهذا اللفظ
وإنما أخرجه البيهقى (5/205) من طريق عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس: " أنه جعل فى حمام الحرم على المحرم والحلال فى كل حمامة شاة ".
قلت: إسناده صحيح.
وفى رواية له من الوجه المذكور عنه قال: " ما كان سوى حمام الحرم ففيه ثمنه إذا أصابه المحرم ".
وإسناده صحيح أيضا.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 43:
أما أثر عمر:
فمروى من طرق فى عدة حواديث , رواه الشافعى فى " الأم ": (2 / 166 - ط. بولاق) , وعبد الرزاق فى " مصنفه ": (4 / 414 - وما بعدها) , وابن أبى شيبة: (4 / 1 / 155) , وابن جرير في " تهذيب الآثار ": (1 / 19 - مسند ابن عباس) , والفاكهى فى " أخبار مكة ": (3 / 384) , والأزرقى: (2 / 114 - ط الأولى) .
وأما أثر عثمان:
فرواه الشافعى: (2 / 166) , وعبد الرزاق: (4 / 418) , وابن أبى شيبة: (4 / 1 / 155) , والأزرقى: (2 / 114) , والفاكهى: (3 / 386 , 388) , والبيهقى: (5 / 205) .
وأما أثر ابن عمر:
فرواه عبد الرزاق , وابن أبى شيبة , والفاكهى , والبيهقى: (5 / 206) .
وأما أثر ابن عباس:
فرواه الشافعى فى " الأم ": (2 / 166) , وعبد الرزاق: (4 / 414 , 417 , 418) , وابن أبى شيبة: (4 / 1 / 155) , والأزرقى , والفاكهى , والبيهقى , وغيرهم.
وأما أثر نافع بن عبد الحارث:
فمخرجه مخرج أثر عثمان لأنهما حكما بالشاة فى قضية واحدة.(4/247)
قلت: فمجموع الروايتين تبطلان رواية الكتاب , فإنهما فرقتا بين حمام الإحرام ففيه القيمة , وحمام الحرم ففيه شاة , وهو مذهب مالك.
وقد أورد ابن قدامة فى " المغنى " (3/518) رواية الكتاب ولم يعزها لأحد , وصدّرها بقوله " روى " , وما أظن أنه يريد تضعيفها.
(1056/1) - (" وروي عن ابن عباس وجابر أنهما قالا: "في الحجلة والقطاة والحبارى شاة شاة ". قاله في الكافي) . ص 255
* لم أقف عليه عن جابر
وأما عن ابن عباس فرواه البيهقي معلقاً دون " الحبارى " كما تقدم قبل حديث.
وروى البيهقي أيضاً (5/206) من طريق شريك عن عبد الكريم عن عطاء: "في عظام الطير شاة: الكركي والحبارى والوز، ونحوه".
وشريك هو ابن عبادالله القاضي، وهو سيء الحفظ.
(1057) - (لحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ـ الحديث ـ وفيه ولا ينفر صيدها " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/401 , 3/147) ومسلم (4/109) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/179/2) وأبو داود (2018) والنسائى (2/30 ـ 31 , 31) وابن الجارود (509) والبيهقى (5/195) وأحمد (1/259 , 315 ـ 316) من طرق عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة: " لا هجرة , ولكن جهاد ونية , وإذا استنفرتم فانفروا , وقال يوم الفتح فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض , فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة , وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلى , ولم يحل لى إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة , لا يعضد شوكه , ولا ينفر(4/248)
صيده , ولا يلتقط إلا من عرّفها , ولا يختلى خلاها , فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم , فقال: إلا الإذخر "
وله طريق أخرى عن ابن عباس يرويه عكرمة عنه مختصرا: " إن الله عز وجل حرم مكة , فلم تحل لأحد قبلى , ولا تحل لأحد بعدى , وإنها أحلت لى ساعة من نهار , لا يختلى خلاها , ولا يعضد شجرها , ولا ينفر صيدها , ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف , فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا وبيوتنا , قال " إلا الإذخر ".
أخرجه البخارى (1/338) والبيهقى. وله شاهد من حديث أبى هريرة نحو حديث طاوس عن ابن عباس إلا أنه قال: قبورنا وبيوتنا , وزاد فيه: ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين , إما أن يفدى , وإما أن يقتل ".
وزاد فى آخره: " فقام أبو شاه ـ رجل من اليمن ـ فقال: اكتبوا لى يا رسول الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبى شاه ".
أخرجه البخارى (1/40 ـ 41) ومسلم (4/110) وأبو داود (2017) وأبو نعيم والبيهقى وأحمد (2/238) من طرق عن يحيى بن أبى كثير قال حدثنى أبو سلمة حدثنا أبو هريرة.
وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد.
" ليس يروى فى كتابة الحديث شىء أصح من هذا الحديث , لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمرهم قال: " اكتبوا لأبى شاه " ما سمع النبى صلى الله عليه وسلم: خطبته ".
وللحديث شاهد مختصر من حديث صفية بنت شيبة سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح: فذكرته.
أخرجه ابن ماجه (3109) بسند جيد , وعلقه البخارى بصيغة(4/249)
الجزم , وقواه البوصيرى فى " الزوائد " خلافاً لما نقله السندى فى حاشيته عنه , وتبعه محمد فوأد عبد الباقى.
(1058) - (" حديث على فى تحريم صيد حرم المدينة " (ص 255) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/467 , 2/296 , 298 , 4/289 , 425) ومسلم (4/115) وأبو نعيم (20/179/2) وأبو داود (2034) والبيهقى (5/196) والطيالسى (184) وأحمد (1/81 , 126 , 151) من طريق إبراهيم التيمى عن أبيه قال: " خطبنا على بن أبى طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئاً نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة , قال: ـ وصحيفة معلقة فى قراب سيفه ـ فقد كذب , فيها أسنان الإبل , وأشياء من الجراحات , وفيها قال النبى صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم , ما بين عير إلى ثور , فمن أحدث فيها حدثا , أو آوى محدثاً , فعليه لعنة الله , والملائكة , والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا , وذمة المسلمين واحدة , يسعى بها أدناهم , ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه , فعليه لعنة الله , والملائكة , والناس أجمعين , لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ".
والسياق لمسلم , وفى رواية أبى داود , وهو رواية للبخارى بلفظ: " ما كتبنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا القرآن , وما فى هذه الصحيفة ... ".
وله طريق أخرى , عن قتادة عن أبى حسان إن عليا رضى الله عنه , كان يأمر بالأمر , فيؤتى , فيقال: قد فعلنا كذا وكذا , فيقول: صدق الله ورسوله قال: فقال له الأشتر: إن هذا الذى تقول قد (تفشع) [1] فى الناس , أفشىء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال على رضى الله عنه: ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا خاصة دون الناس , إلا شىء سمعته منه , فهو فى صحيفة فى قراب سيفى , قال: فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة , قال: فإذا فيها: إن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تفشغ}(4/250)
إبراهيم حرم مكة , وإنى أحرم المدينة , حرام ما بين حرتيها , وحماها كلها , لا يختلى خلاها , ولا ينفر صيدها , ولا تلتقط لقطتها , إلا لمن أشار بها , ولا تقطع منها شجرة , إلا أن يعلف رجل بعيره , ولا يحمل فيها السلاح لقتال , (قال: وإذا فيها:) المؤمنون تتكافأ دماؤهم , ويسعى
بذمتهم أدناهم , وهم يد على من سواهم , ألا لا يقتل مؤمن بكافر , ولا ذو عهد فى عهده ".
أخرجه الإمام أحمد (1/119) وأبو داود (2035) والنسائى (2/241) مختصرا بسند صحيح على شرط مسلم , وأبو حسان هو الأعرج اسمه مسلم بن عبد الله.
والاستثناء المذكور " إلا أن يعلف رجل بعيره ".
له شاهد فى " المسند " (3/393) عن جابر , وفيه ابن لهيعة.
وللحديث شواهد كثيرة , أذكر بعضها فمنها:
عن سعد بن أبى وقاص مرفوعا بلفظ: " إنى أحرم ما بين لابتى المدينة: أن يقطع عضاهها , أو يقتل صيدها وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , لا يدعها أحد رغبة عنها , إلا أبدل الله فيها من هو خير منه , ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها , إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة " أخرجه مسلم وأبو نعيم وأحمد (1/181 , 184 , 185) .
ومنها عن جابر قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إن إبراهيم حرم مكة , وإنى حرمت المدينة ما بين لابتيها , لا يقطع عضاهها ,
ولا يصاد صيدها " أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقى (5/198) .
(1059) - (وقوله: " ولا يعضد (سجرها) [1] ولا يحش حشيشها ". وفى رواية: " لا يختلى شوكها. فقال العباس: إلا الإذخر فإنه لابد لهم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: شجرها}(4/251)
منه فإنه للقبور والبيوت , فقال: إلا الإذخر " متفق عليه (ص 255) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة , ومن حديث ابن عباس واللفظ للأول منهما , وليس عندهما " ولا يحش حشيشها " وقد سبق لفظهما وتخريجهما قبل حديث.
(1060) - (لما روى عن ابن عباس أنه قال: " فى الدوحة بقرة وفى الجزلة شاة " (ص 256) .
* لم أقف عليه عن ابن عباس
وقد روى بعضه عن ابن الزبير , فروى البيهقى (5/196) عن الشافعى أنه قال فى الإملاء: " والفدية فى متقدم الخبر عن ابن الزبير وعطاء مجتمعة فى أن فى الدوحة بقرة , والدوحة الشجرة العظيمة , وقال عطاء: فى الشجرة دونها شاة ". قال البيهقى: " روينا عن ابن جريج عن عطاء فى الرجل يقطع من شجر الحرم , قال فى القضيب درهم , وفى الدوحة بقرة ".
(تنبيه) : فسر المصنف رحمه الله (الدوحة) بالشجرة الكبيرة , و (الجزلة) بالشجرة الصغيرة.
وفى تفسير الجزلة بما ذكر نظر , فإن الذى فى " النهاية " و" القاموس " أن " الجزلة " بالكسر القطعة العظيمة , فالظاهر أن المعنى القطعة الكبيرة من الشجرة. فلعل تفسير المؤلف تفسير مراد , والله أعلم.
(1061) - (لقول جابر: " كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له: والبقرة؟ فقال: وهل هى إلا من البدن؟ " رواه مسلم (ص 256) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/88) وكذا أبو نعيم (20/170/2) والبيهقى (9/295) وأحمد (3/378) من طريق ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: فذكره بلفظ: " اشتركنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الحج والعمرة كل سبعة فى بدنة , فقال رجل(4/252)
لجابر: أيشترك فى البقرة (ووقع فى مسلم: البدنة) ما يشترك فى الجزور؟ قال: ما هى إلا من البدن , وحضر جابر الحديبية قال: نحرنا يومئذ سبعين بدنة , اشتركنا كل سبعة فى بدنة ".
وليس عند أحمد قوله: " فقال رجل ... " وكذلك رواه ابن الجارود (479) ورواه مالك (2/486/9) عن أبى الزبير المكى به بلفظ:
" نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة , والبقرة عن سبعة ".
وأخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (2809) والترمذى (1/284) والدارمى (2/78) وابن ماجه (3132) والبيهقى (5/168 , 169) كلهم من طريق مالك به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وتابعه سفيان عن أبى الزبير به , دون قوله: " والبقرة عن سبعة:
أخرجه الدارمى والدارقطنى (ص 265) والحاكم (4/230) , وزادوا: " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتركوا فى الهدى ".
إلا أن الحاكم قال: " البدنة عن عشرة ". وهو شاذ كما أشار إلى ذلك الذهبى فى " تلخيصه ".
وتابعه زهير حدثنا أبو الزبير به بلفظ: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان ... " الحديث وفيه: " وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك فى الإبل والبقر كل سبعة منا فى بدنة ".
أخرجه أحمد (3/291 ـ 293) ومسلم وأبو نعيم.
وتابعه عطاء عن جابر بلفظ: " كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة , فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها ".(4/253)
أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (2807) والنسائى (2/205) وأحمد (304 , 318 , 366) .
ورواه البيهقى (9/295) مختصرا مرفوعا بلفظ: " البقرة عن سبعة , والبدنة عن سبعة " وهو رواية لأحمد (3/363 , 364) .
وله ثلاث طرق أخرى عن جابر , وفيها كلها: " البدنة عن سبعة " - مما يؤكد شذوذ رواية الحاكم المتقدمة - أخرجها أحمد (3/316 , 335 , 353) .
وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا به نحوه إلا أنه قال: " وفى البعير سبعة أو عشرة " أخرجه ابن حبان (1050) وكذا الحاكم (4/230) إلا أنه قال: " وفى الجزور عن عشرة " ولم يشك.
وفى إسنادهما الحسين بن واقد وهو ثقة له أوهام كما فى " التقريب " فلعل الشك منه.
وفى الباب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بلفظ: " الجزور فى الأضحى عن عشرة ".
أخرجه ابن عدى (19/2) والدارقطنى (ص 265) من طريق أيوب أبى الجمل أخبرنا عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود. وقال ابن عدى: " لايرويه عن عطاء غير أبى الجمل ".
وكذا قال الدارقطنى وزاد: " وهو ضعيف ".
وعطاء كان اختلط , وبه أعله الهيثمى (4/20) وعزاه للطبرانى فى " الكبير "(4/254)
وروى الدارقطنى نحوه عن المسور بن مخرمة ومروان مرفوعا. وفيه عنعنة ابن إسحاق.
(1062) - (قول ابن عباس: " أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن على بدنة وأنا موسر , ولا أجدها فأشتريها , فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يبتاع سبع شياة فيذبحهن " رواه أحمد وابن ماجه (ص 256) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (1/311 , 312) وابن ماجه (3136) من طريق ابن جريج , قال: قال عطاء الخراسانى عن ابن عباس.
قلت: وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين الخراسانى وابن عباس فإنه لم يدركه كما يأتى عن البيهقى , وابن جريج مدلس ولم يصرح بالتحديث. لكنه قد توبع فرواه ابن وهب أخبرنى إسماعيل بن عياش عن عطاء الخراسانى به.
أخرجه البيهقى (5/169) وقال: " وكذلك رواه ابن جريج عن عطاء الخراسانى , أورده أبو داود فى " المراسيل " لأن عطاء الخراسانى لم يدرك ابن عباس , وقد روى موقوفا ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 191/1) : " هذا إسناد رجاله رجال الصحيح , وفيه مقال , عطاء الخراسانى لم يسمع من ابن
عباس , قاله الإمام أحمد , قال شيخنا أبو زرعة: روايته عن ابن عباس فى " صحيح البخارى ". قلت: وابن جريج مدلس , وقد رواه بالعنعنة.
قال يحيى بن سعيد القطان: ابن جريج عن عطاء الخراسانى ضعيف , إنما هو كتاب دفعه إليه ".
قلت: أخرج البخارى عن ابن جريج بإسناده هذا عن ابن عباس حديثين لكنه لم يقع عنده أنه الخراسانى , ولذلك مال الحافظ فى " التهذيب " إلى أنه عطاء بن أبى رباح , واحتج على ذلك بأن الخراسانى ذكره البخارى فى " الضعفاء " , فبعيد جدا أن يحتج به فى " الصحيح " , فراجع تمام البحث فى المصدر المذكور.(4/255)
باب أركان الحج وواجباته
(1063) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 257) .
* صحيح.
وهو متفق عليه , وقد مضى تخريجه فى أول " الطهارة " (رقم 22) .
(1064) - (حديث: " الحج عرفة " رواه أبو داود (ص 257) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1949) والنسائى (2/45 ـ 46 , 48) والترمذى (1/168) والدارمى (2/59) وابن ماجه (3015) والطحاوى (1/408) وابن الجارود (468) وابن حبان (1009) والدارقطنى (264) والحاكم (1/464 , 2/278)
والبيهقى (5/116 , 173) والطيالسى (1309) وأحمد (4/309 , 309 ـ 310 , 335) والحميدى (899) عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلى قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم , وهو بعرفة , فجاء ناس , أو نفر , من أهل نجد فأمروا رجلا , فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف الحج؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا , فنادى: الحج , الحج يوم عرفة , من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع (فتمم) [1] حجه , أيام منى ثلاثة , فمن تعجل فى يومين , فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه , قال: ثم أردف رجلا خلفه , فجعله ينادى ". وزاد الترمذى والبيهقى - واللفظ له ـ: " قال سفيان بن عينية: قلت لسفيان الثورى: ليس عندكم بالكوفة حديث أشرف , ولا أحسن من هذا ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فتم}(4/256)
وقال ابن ماجه: " قال محمد بن يحيى: ما أرى للثورى حديثاً أشرف منه ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
وله شاهد من حديث عروة بن مضرس يأتى بعد حديث.
ثم إن للحديث شاهدا آخر من رواية ابن عباس مختصرا مرفوعا بلفظ: " الحج عرفة ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/119/2) عن عبد السلام بن حرب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس ـ لا أعلمه إلا قال: ـ قال النبى صلى الله عليه وسلم , وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو ضعيف من أجل خصيف , فإنه سىء الحفظ , قلت: لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " أيضا من طريق عمر بن قيس عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من أدرك عرفة قبل طلوع الفجر , فقد أدرك الحج ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن عطاء إلا عمر ".
كذا قال , وعمر ضعيف متروك , وهو المكى المعروف بـ (سندل) , ولكنه لم يتفرد به , بل تابعه ابن أبى ليلى عن عطاء به أتم منه , ولفظه: " من أدرك عرفات , فوقف بها والمزدلفة , فقد تم حجه , ومن فاته عرفات , فقد فاته الحج , فليحل بعمرة , وعليه الحج من قابل ".
أخرجه الدارقطنى (264) .
وابن أبى ليلى ـ واسمه محمد بن عبد الرحمن ـ صدوق سىء الحفظ , وقد(4/257)
روى عنه عطاء ونافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ:
" من وقف بعرفات بليل , فقد أدرك الحج , ومن فاته عرفات بليل , فقد فاته الحج , فليحل بعمرة , وعليه الحج من قابل ".
أخرجه الدارقطنى أيضا من طريق رحمة بن مصعب أبى هاشم الفراء الواسطى عن ابن أبى ليلى به , وقال: " رحمة بن مصعب ضعيف , ولم يأت به غيره ".
(1065) - (قول جابر: " لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع. قال أبو الزبير: فقلت له: أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟ قال: نعم " رواه الأثرم (ص 257) .
* لم أقف على إسناده.
وقد عزاه للأثرم أيضا الشيخ ابن قدامة فى " المغنى " (3/415) .
ثم رأيت البيهقى قد أخرج (5/174) بإسناده عن ابن وهب: أخبرنى ابن جريج عن عطاء بن أبى رباح قال: " لا يفوت الحج حتى ينفجر الفجر من ليلة جمع , قال: قلت لعطاء: أبلغك ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عطاء: نعم ".
وبإسناده عن ابن وهب أخبرنى ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال ذلك.
قلت: وهذا سند صحيح إن كان ابن جريج سمعه من أبى الزبير فإنه مدلس.
ومثله أبو الزبير أيضا , لكنه قد سمعه من جابر بدليل رواية الأثرم , والله أعلم.
(1066) - (حديث عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائى قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله إنى جئت من جبل طيىء , أكللت راحلتى وأتعبت(4/258)
نفسى , والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لى من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه " رواه الخمسة وصححه الترمذى (ص 257) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1950) والنسائى (2/48) والترمذى (1/169) والدارمى (2/59) وابن ماجه (3016) والطحاوى (1/408) وابن الجارود (467) وابن حبان (1010) والدارقطنى (264) والحاكم (1/463) والبيهقى (5/116) والطيالسى (1282) وأحمد (4/15 , 216 , 262) والحميدى (900 , 901) من طرق عن الشعبى عن عروة به.
وزاد أحمد والبيهقى فى رواية لهما عن زكريا بن أبى زائدة عن الشعبى عنه بلفظ: " أنه حج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلم يدرك الناس إلا ليلا وهو (يجمع) [1] , فانطلق إلى عرفات , فأفاض منها , ثم رجع فأتى جمعا , فقال: يا رسول الله! أتعبت نفسى ... " الحديث.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين , غير أن ابن أبى زائدة كان يدلس وقد عنعنه.
وأورده الهيثمى بهذه الزيادة وقال (3/254) : " رواه أحمد والطبرانى فى الكبير بنحوه , ورجال أحمد رجال الصحيح ".
قلت: لكن فيه العنعنة المشار إليها. وهناك زيادة أخرى غريبة , أخرجها أبو يعلى فى " مسنده " (ق 62/2) من طريق مطرف عن عامر به بلفظ: " ومن لم يدرك جمعا فلا حج له ".
قلت: وسكت عليها الحافظ فى " التلخيص " (ص 216) , وأنا أظن أنها مدرجة من كلام الشعبى , فقد زاد الدارقطنى عقب الحديث فى رواية له: " قال الشعبى: ومن لم يقف بجمع جعلها عمرة ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بجمع}(4/259)
ثم قال الحافظ: " وصحح هذا الحديث الدارقطنى والحاكم والقاضى أبو بكر بن العربى على شرطهما ".
(1067) - (حديث: " الحج عرفة , من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ". رواه الخمسة (ص 258) .
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه قبل حديثين , واللفظ هنا للترمذى , وسقته هناك بلفظ أبى داود.
(1068) - (روى: " أن عمر قال لهبار بن الأسود لما حج من الشام وقدم يوم النحر: ما حبسك؟ قال: حسبت أن اليوم عرفة , فلم يعذر بذلك " رواه الأثرم (ص 258) .
* صحيح.
أخرجه مالك (1/383/154) عن سليمان بن يسار: " أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر , وعمر بن الخطاب ينحر هديه , فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة , كنا نرى أن هذا اليوم يوم عرفة , فقال عمر: اذهب إلى مكة , فطف أنت ومن معك , وانحروا هديا إن كان معكم , ثم احلقوا أو اقصروا وارجعوا , فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا , فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع ".
قلت: وهذا سند صحيح , والهبار صحابى معروف له ترجمة فى " الإصابة " وغيره.
وأخرجه الشافعى (1105) والبيهقى (5/174) من طريق مالك , والبخارى فى " التاريخ " من طريق موسى بن عقبة عن سليمان بن يسار عن هبار بن الأسود أنه حدثه به مختصرا.
(1069) - (عن عائشة قالت: " حاضت صفية بنت حيى بعدما أفاضت. قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا(4/260)
هى؟ قلت: يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت , ثم حاضت بعد الإفاضة. قال: فلتنفر إذا " متفق عليه (ص 258) .
* صحيح.
وله عنها طرق:
الأولى والثانية: عن أبى سلمة وعروة عنها.
أخرجه البخارى (3/173) ومسلم (4/93) وأبو نعيم (20/172/2) والنسائى فى " السنن الكبرى " (94/2) وابن ماجه (3072) والطحاوى (1/422) والبيهقى (5/162) من طريق الزهرى عنهما.
ثم أخرجه البخارى (1/434) وأحمد (6/185) من طريقين آخرين عن أبى سلمة وحده وفيه عند البخارى: " فأراد النبى صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله , فقلت: يا رسول الله إنها حائض.. " الحديث نحوه.
وهكذا أخرجه مسلم وأبو نعيم (20/173/1) والنسائى (95/1) عن أبى سلمة وحده.
وأخرجه مالك (1/413/228) وعنه أبو داود (2003) وابن الجارود (496) وكذا النسائى والبيهقى (5/162) وأحمد (6/164 , 202 , 207 , 213 , 231) عن عروة وحده بنحوه بدون الزيادة.
الثالثة: عن الأسود عنها قالت: " لما أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن ينفر , إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة , فقال: عقرى حلقى , إنك لحابستنا , ثم قال لها: أكنت أفضت يوم النحر؟ قالت: نعم , قال: فانفرى ".
أخرجه البخارى (1/440 , 442 ـ 443 , 3/479) ومسلم وأبو نعيم والنسائى والدارمى (2/68) وابن ماجه (3073) والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/122 , 175 , 213 , 224 , 253) .(4/261)
الرابعة: عن القاسم بن محمد عنها نحو الطريق الأولى.
أخرجه مسلم وأبو نعيم ومالك (412/225) والنسائى والترمذى (1/177) والطحاوى والبيهقى وأحمد 6/99 , 192 ـ 193 , 207) وزاد: " أن صفية حاضت بمنى وقد أفاضت ".
الخامسة: عن عمرة بنت عبد الرحمن عنها نحوه.
أخرجه مسلم وأبو نعيم ومالك (226) والنسائى والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/177) .
وقد وقعت لأم سليم مثل هذه القصة , وروتها عن صفية أيضا , فقال قتادة عن عكرمة قال: " إن زيد بن ثابت وابن عباس اختلفا فى المرأة تحيض بعد الزيارة فى يوم النحر , بعدما طافت بالبيت , فقال زيد: يكون آخر عهدها الطواف بالبيت , وقال ابن عباس
: تنفر إن شاءت , فقال الأنصار: لا نتابعك يا ابن عباس , وأنت تخالف زيدا , وقال: واسألوا صاحبتكم أم سليم , فقالت: حضت بعدما طفت بالبيت يوم النحر , فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفر , وحاضت صفية , فقالت لها عائشة: الخيبة لك إنك لحابستنا! فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم , فقال: مروها فلتنفر " أخرجه الطحاوى والطيالسى (1651) وأحمد (6/431) .
قلت: وإسناده صحيح. وهو عند مسلم وأبى نعيم وغيرهما من طريق طاوس قال: كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت ... فذكر نحوه دون قصة صفية , ويأتى بتمامه فى تخريج الحديث (1086) .
وعن أنس أن أم سليم حاضت بعدما أفاضت , فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تنفر.(4/262)
أخرجه الطحاوى والطبرانى فى " الأوسط " (1/122/2) بسند صحيح.
(1070) - (قول ابن عمر: " أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر " متفق عليه (ص 259) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/84) وأبو نعيم (20/168/2) وأبو داود (1998) والنسائى فى " السنن الكبرى " (ق 94/1) وابن الجارود (486) والحاكم (1/475) والبيهقى (5/144) وأحمد (2/34) كلهم عن عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر , ثم رجع فصلى الظهر بمنى , قال نافع: فكان ابن عمر يفيض يوم النحر , ثم يرجع فيصلى الظهر بمنى , ويذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم فعله ".
قلت: وعلقه البخارى فى " صحيحه " بقوله بعد أن ساقه من طريق سفيان عن عبيد الله به موقوفا: " ورفعه عبد الرزاق قال: أخبرنا عبيد الله ".
ولم يسق لفظه. فعزو المصنف الحديث للمتفق عليه لا يخفى ما فيه , وهو تابع فى ذلك للمجد ابن تيمية فى " المنتقى "! ولم ينبه على ذلك شارحه الشوكانى (4/298) !
وللحديث شاهد من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: " حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر , فحاضت صفية , فأراد النبى صلى الله عليه وسلم ... " الحديث.
أخرجه البخارى (1/434) وتقدم تمامه فى الحديث الذى قبله.
وله شاهد آخر من حديث جابر فى حديثه الطويل فى " حجته صلى الله عليه وسلم ": " ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأفاض إلى البيت , فصلى بمكة الظهر ".(4/263)
أخرجه مسلم (4/42) وأصحاب السنن وأحمد وغيرهم , ولنا فيه رسالة خاصة طبعت للمرة الثانية.
(فائدة) قد عارض هذا الحديث ما علقه البخارى بقوله: " وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس: أخر النبى صلى الله عليه وسلم
الزيارة إلى الليل ".
وقد وصله أبو داود (2000) والنسائى والترمذى (1/173) والبيهقى وأحمد (1/288 , 309 , 6/215) من طرق عن سفيان عن أبى الزبير به بلفظ: " أخر طواف (وفى لفظ: الطواف) يوم النحر إلى الليل ".
وفى رواية لأحمد بلفظ: " أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى ليلا ".
وقد تأول هذا الحديث الحافظ ابن حجر (3/452) فقال: " يحمل حديث جابر وابن عمر على اليوم الأول , وهذا الحديث على بقية الأيام ".
قلت: وهذا التأويل ممكن بناء على اللفظ الذى عند البخارى: " أخر الزيارة إلى الليل ".
وأما الألفاظ الأخرى فهى تأبى ذلك لأنها صريحة فى أنه طواف الإفاضة فى اليوم الأول يوم النحر ولذلك فلا بد من الترجيح , ومما لا شك فيه أن حديث ابن عمر أصح من هذا مع ما له من الشاهدين من حديث جابر وعائشة نفسها , بل إن هذا معلول عندى , فقد قال البيهقى عقبه: " وأبو الزبير سمع من ابن عباس , وفى سماعه من عائشة نظر , قاله البخارى ".
قلت: وهذا إعلال قاصر , لأنه إن سمع من ابن عباس فالحديث متصل(4/264)
من هذا الوجه , فلا يضره بعد ذلك انقطاعه من طريق عائشة , وإنما العلة رواية أبى الزبير إياه بالعنعنة , وهو معروف بالتدليس , فلا يحتج من حديثه إلا بما صرح فيه بالتحديث حتى فى روايته عن جابر , ولذلك قال الذهبى فى ترجمته من " الميزان ":
وفى " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر , ولا هى من طريق الليث عنه , ففى القلب منها شىء ".
ومن هنا تعلم أن قول الترمذى فى هذا الحديث: " حسن صحيح " غير مسلم.
ولا يشد من عضده ما رواه عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة أيضا: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهيرة وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا ".
أخرجه البيهقى: فإن سنده ضعيف جدا من أجل عمر بن قيس هذا وهو المعروف بـ (سندل) فإنه متروك. ولا ينفعه أنه تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم به نحوه , فإنه مدلس وقد عنعنه أيضا كما سيأتى برقم (1082) .
(1071) - (قول عائشة: " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون ـ تعنى: بين الصفا والمروة ـ فكانت سنة فلعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة " رواه مسلم (ص 259) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/68 ـ 69) وابن ماجه (2986) وكذا أبو نعيم فى " المستخرج " (20/162/1 ـ 2) ثلاثتهم من طريق أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة: أخبرنى أبى قال: قلت لعائشة: ما أرى على جناحا أن لا أتطوف بين الصفا والمروة , قالت: لم؟ قلت: لأن الله عز وجل يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية ,(4/265)
فقالت: لو كان كما تقول لكان: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما " , إنما أنزل هذا فى أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا , هلوا لمناة فى الجاهلية , فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة , فلما قدموا مع النبى صلى الله عليه وسلم للحج , ذكروا ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية , فلعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة ".
وتابعه مالك فى " الموطأ " (1/373/129) وعنه البخارى (1/448 و3/200) وأبو داود (1901) والبيهقى (5/96) كلهم عن مالك به دون قوله " فلعمرى ... ". وزاد: " وكانت مناة حذو قديد ".
ثم أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقى من طريق أبى معاوية عن هشام بن عروة به إلا أنه قال: " وهل تدرى فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون فى الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما (إساف) و (نائلة) ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة , ثم يحلقون , فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذى كانوا يصنعون فى الجاهلية , قالت: فأنزل الله ... ".
قال البيهقى: " كذا قال أبو معاوية عن هشام: أن الآية نزلت فى الذين كانوا يطوفون بين الصفا والمروة فى الجاهلية , خلافا لما رواه أبو أسامة عن هشام نحو رواية مالك , فى أنها نزلت فيمن لا يطوف بينهما , ويحتمل أن يكون كلاهما صحيحا ".
يعنى أن بعضهم كان يطوف , وبعضهم لا يطوف , وسيأتى ما يشهد لهذا من رواية الزهرى عن عروة.
ورواه سفيان قال: سمعت الزهرى يحدث عن عروة قال: قلت لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم: ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئا , وما(4/266)
أبالى أن لا أطوف بينهما , قالت: بئس ما قلت يا ابن أختى , طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم , وطاف المسلمون , فكانت سنة , وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التى بـ (المشلل) لا يطوفون بين الصفا والمروة , فلما كان الإسلام , سألنا النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك , فأنزل الله عز وجل (إن الصفا ... الآية) ولو كانت كما تقول , لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما.
قال الزهرى: فذكرت ذلك لأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأعجبه ذلك وقال: إن هذا العلم , ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية , وقال آخرون من الأنصار إنما أمرنا بالطواف بالبيت , ولم نؤمر به بين الصفا والمروة , فانزل الله عز وجل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) , قال أبو بكر بن عبد الرحمن فأراها قد نزلت فى هؤلاء , وهؤلاء ".
أخرجه البخارى (3/340) ومسلم وأبو نعيم والترمذى (1/160) وقال: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ففى قوله " إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية " ما يدل على أنهم كانوا يطوفون بينهما فى الجاهلية. فهى تؤيد رواية أبى معاوية المتقدمة عن هشام بن عروة عن أبيه.
وقد رواه شعيب عن الزهرى عن عروة به وزاد بعد قوله: " فأنزل الله (إن الصفا ... ) ".
" قالت عائشة رضى الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما , فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ".
(قال الزهرى) : " ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن , فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته , ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون: أن الناس ـ إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة ـ كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة , فلما ذكر الله(4/267)
الطواف بالبيت , ولم يذكر الصفا والمروة فى القرآن قالوا: يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة , وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا , فهل
علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية , قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت فى الفريقين كليهما , فى الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا فى الجاهلية بالصفا والمروة , والذين يطوفون , ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما فى الإسلام , من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت , ولم يذكر الصفا والمروة , حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت ".
أخرجه البخارى (1/414) والنسائى (2/41) دون قول الزهرى: " ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن ... ".
وكذلك رواه مسلم (4/69 ـ 70) وأبو نعيم عن عقيل ويونس , وأحمد (6/144 , 227) عن إبراهيم بن سعد , ثلاثتهم عن الزهرى به دون حديث أبى بكر بن عبد الرحمن.
وقال البيهقى: " ورواية الزهرى عن عروة توافق مالك وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه , وروايته عن أبى بكر بن عبد الرحمن توافق رواية أبى معاوية عن هشام , ثم قد حمله أبو بكر على الأمرين جميعا , وأن الآية نزلت فى الفريقين معا ,
والله أعلم ".
قلت: وقد رواه معمر عن الزهرى مثل رواية أبى معاوية عن هشام بن عروة ولفظه: " عن عائشة فى قوله عز وجل (إن الصفا والمروة من شعائر الله) قالت: كان رجال من الأنصار ممن يهل لمناة فى الجاهلية ـ ومناة صنم بين مكة والمدينة ـ قالوا: يا نبى الله إنا كنا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من حرج أن نطوف بهما؟ فأنزل الله عز وجل (إن الصفا والمروة من
شعائر الله ... ) الآية ".
أخرجه أحمد (6/162 ـ 163) بسند صحيح.
(1072) - (حديث: " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى " رواه(4/268)
أحمد وابن ماجه (ص 259) .
* صحيح.
أخرجه الإمام أحمد (6/421) وكذا ابن سعد فى " الطبقات " (8/180) والحاكم (4/70) والطبرانى فى " الكبير " كما فى " المجمع " (3/247) من طريق عبد الله بن المؤمل المكى عن عمر بن عبد الرحمن بن محصن حدثنى عطاء بن أبى رباح عن حبيبة بنت أبى (تجرأة) [1] قالت: " دخلت على دار أبى حسين فى نسوة من قريش , ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة , وهو يسعى , يدور به إزاره من شدة السعى , وهو يقول لأصحابه: اسعوا ... ".
وأخرجه الشافعى (1025) وعنه الدارقطنى (270) والبيهقى (5/98) وأبو نعيم فى " الحلية " (9/159) عن عبد الله بن المؤمل به إلا أنه زاد فى الإسناد فقال: " عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتنى بنت أبى تجرأة ... " وهو رواية لأحمد , لكنه أسقط منه عمر بن عبد الرحمن , فجعله من رواية عبد الله بن المؤمل عن عطاء بن أبى رباح.
قلت: ولعل هذا الاختلاف من ابن المؤمل نفسه فإنه ضعيف , قال الهيثمى: " وثقه ابن حبان , وقال: يخطىء , وضعفه غير واحد ".
ولذلك قال الذهبى فى " التلخيص ": " هذا الحديث لم يصح ".
وفى هذا الإطلاق نظر , فقد جاء من طريق أخرى عن معروف بن مشكان أخبرنى منصور ابن عبد الرحمن عن أمه صفية قالت: أخبرتنى نسوة من بنى عبد الدار اللاتى أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلن: " دخلنا دار ابن أبى حسين , فاطلعنا من باب مقطع , فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد فى السعى , حتى إذا بلغ زقاق بنى فلان ـ موضعا قد سماه من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تجراة}(4/269)
المسعى ـ استقبل الناس , وقال: يا أيها الناس اسعوا فإن السعى قد كتب عليكم "
أخرجه الدارقطنى (270) والبيهقى (5/97) .
قلت: وهذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير ابن مشكان هذا , وقد روى عنه جماعة من الثقات مثل عبد الله بن المبارك ومروان بن معاوية وبشر ابن السرى وغيرهم , وكان أحد القراء المشهورين , ولم يذكر فيه صاحب " الجرح والتعديل " فيه جرحا ولا تعديلا , وكذا صاحب " التهذيب " , لكن شهرته هذه مع رواية الثقات عنه تغنى عن نقل فى توثيقه , ولذلك قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق " , ولهذا صحح إسناده الحافظان المزى وابن عبد الهادى , فقال الثانى فى " تنقيح التحقيق " (2/116/1) : " قال شيخنا: والحديث صحيح الإسناد , ومنصور بن عبد الرحمن هو ثقة مخرج له فى " الصحيحين ". قال شيخنا: وليس هذا بمنصور بن عبد الرحمن الفدانى ".
هكذا فى نسختنا المخطوطة من " التنقيح " , ويظهر أن فيها سقطا فقد نقل عبارته الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (3/56) وزاد بعد تصحيح إسناده: " ومعروف بن مشكان بانى كعبة الرحمن صدوق , لا نعلم من تكلم فيه , ومنصور ... ".
وقال الحافظ فى " الفتح " بعد أن ساقه من الطريق الأولى: " له طريق أخرى فى " صحيح ابن خزيمة " مختصراً , وعند الطبرانى عن ابن عباس كالأول , وإذا انضمت إلى الأولى قويت ".
وللحديث طرق أخرى أوردتها فى كتابنا " حجة الوداع " الكبير.
(تنبيه) : عزاه المصنف لابن ماجه وهو وهم سبقه إليه فى " المغنى " (3/389) .(4/270)
(1073) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب " (ص 259) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر الطويل فى حجة النبى صلى الله عليه وسلم , أخرجه مسلم وغيره من أصحاب السنن وغيرهم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عنه بلفظ: " فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس , وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ... ".
ولنا فى هذا الحديث رسالة خاصة , وقد تم طبعها الطبعة الثانية مع زيادات هامة فى المكتب الإسلامى فى بيروت.
وفى الباب عن على رضى الله عنه قال: " وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة , فقال: هذه عرفة , وهذا هو الموقف , وعرفة كلها موقف , ثم أفاض حين غربت الشمس ".
أخرجه الترمذى (1/167) وابن الجارود (471) وغيرهما وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(1074) - (حديث: " خذوا عنى مناسككم " (ص 259) .
* صحيح. .
أخرجه مسلم 4/79) وأبو نعيم فى " المستخرج " (21/166/2) وأبو داود (1970) والنسائى (2/50) والترمذى (1/168) مختصرا وابن ماجه (3023) وأحمد (3/301 , 318 , 332 , 337 , 367 , 378) وأبو يعلى فى " مسنده " (ق 119/1) والبيهقى (5/130) من طريق أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمى الجمرة , وهو على بعيره , وهو يقول: يا أيها الناس خذوا مناسككم , فإنى لا أدرى لعلى لا أحج بعد عامى هذا".
واللفظ للنسائى , ولفظ مسلم وغيره: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يرمى على راحلته يوم النحر , ويقول: لتأخذوا(4/271)
مناسككم (ولفظ ابن ماجه وكذا أحمد فى رواية: لتأخذ أمتى مناسكها) فإنى لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتى هذه ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(تنبيه) : عزى الحديث الحافظ فى " التلخيص " (218) للشيخين وهو وهم وإنما هو من أفراد مسلم عنه.
(1075) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بات بمزدلفة , وقال: لتأخذوا عنى مناسككم ". (ص 259) .
* صحيح.
وهذا السياق من المصنف يشعر أنه حديث واحد , وليس كذلك , فإن قوله " لتأخذوا ... " حديث مختلف المخرج عن هذا , وتقدم تخريجه آنفا , وفيه أنه قاله وهو يرمى جمرة العقبة , وليس فيه " عنى " عند أحد مخرجيه الذين ذكرنا.
وأما البيات فهو حديث آخر , وهو حديث جابر الطويل عند مسلم وغيره كما سبقت الإشارة إليه آنفا , ولفظه: " حتى أتى المزدلفة , فصلى بها المغرب والعشاء , بأذان واحد , وإقامتين , ولم يسبح بينهما شيئا , ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر , وصلى الفجر حين تبين له الصبح , بأذان وإقامة ".
(1076) - (عن ابن عباس قال: " كنت فيمن قدم النبى صلى الله عليه وسلم فى ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى " متفق عليه (ص 259) .
* صحيح.
وله عن ابن عباس طرق:
الأولى: عن عبيد الله بن أبى يزيد سمع ابن عباس يقول: " أنا ممن قدم النبى صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة فى ضعفة أهله ".
أخرجه البخارى (1/422 ـ 423) ومسلم (4/77) وأبو نعيم(4/272)
(21/166/1) وأبو داود (1939) والنسائى (2/47) وكذا الشافعى (1077) والبيهقى (5/123) والطيالسى (1/222) وأحمد (1/222) والحميدى (463) كلهم عن سفيان وهو ابن عيينة عن عبيد الله به.
قلت: وإسناده عند الشافعى وأحمد ثلاثى.
الثانية: عن عطاء عن ابن عباس قال: " كنت فيمن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ضعفة أهله ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائى وابن ماجه (3026) والبيهقى وأحمد (1/221 , 340) والحميدى (464) .
وأخرجه الطحاوى (1/412) من طريق إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصفير عن عطاء قال: أخبرنى ابن عباس بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس ليلة المزدلفة: اذهب بضعفائنا ونسائنا , فليصلوا الصبح بمنى , وليرموا جمرة العقبة , قبل أن يصيبهم دفعة الناس. قال: فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف ".
قلت: وابن أبى الصفير هذا , أورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " ليس بالقوى ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق كثير الوهم ".
وأخرجه النسائى (2/49) من طريق عمرو بن دينار أن عطاء بن أبى رباح حدثهم أنه سمع ابن عباس يقول: " أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ضعفة أهله , فصلينا الصبح بمنى , ورمينا الجمرة ".
قلت: وإسناده صحيح , وقوله " ورمينا الجمرة " ليس نصا فى أنهم رموا قبل طلوع الشمس , فلا يعارض ما سيأتى من الروايات المصرحة بنهيهم عن الرمى حتى تطلع الشمس.(4/273)
ورواه حبيب بن أبى ثابت عن عطاء به بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس , ويأمرهم يعنى لا
يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس ".
أخرجه أبو داود (1941) والنسائى (2/50) .
قلت: وإسناده صحيح , إن كان ابن أبى ثابت سمعه من عطاء فإنه مدلس , لكن الحديث صحيح , فإن له طرقا أخرى تأتى قريبا إن شاء الله تعالى.
الثالثة: عن عكرمة عن ابن عباس قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم من جمع بليل "
أخرجه البخارى (1/422) والبيهقى (5/123) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح".
الرابعة: عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس , قال: " كنت فيمن بعثه النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر , فرمينا الجمرة , مع الفجر ".
أخرجه الطحاوى (1/411 ـ 412) والطيالسى (1/222) .
قلت: وهذا إسناده ضعيف , شعبة هذا هو ابن دينار الهاشمى أورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " قال النسائى: ليس بالقوى ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , سىء الحفظ ".
قلت: وقوله " فرمينا الجمرة مع الفجر " منكر , لمخالفته ما يأتى.
الخامسة: عن كريب عن ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول(4/274)
الفجر , بسواد , ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين ".
أخرجه الطحاوى (1/412) والبيهقى (5/132) بسند جيد.
السادسة: عن الحكم عنه.
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحل ناسا من بنى هاشم بليل ـ قال شعبة: أحسبه قال: ضعفتهم ـ , وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس ".
أخرجه أحمد (1/249) عن شعبة عنه.
قلت: وإسناده صحيح إن كان الحكم وهو ابن عتيبة الكوفى سمعه من ابن عباس فإنه موصوف بأنه ربما دلس (1) , وقد رواه غير شعبة عن مقسم عن ابن عباس.
فأخرجه الترمذى (1/169) والطحاوى (1/412) والطيالسى (1/223) وأحمد (1/326 , 344) من طريق المسعودى , والطحاوى وأحمد (1/277 , 371) , والطحاوى عن الحجاج , وأحمد (1/326) عن أبى الأحوص والطحاوى (1/412 , 413
) عن ابن أبى ليلى كلهم عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عنه ولفظ الأعمش وهو أحفظهم: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة: " يا بنى أخى , يا بنى , يا بنى هاشم تعجلوا قبل زحام الناس , ولا يرمين أحد منكم العقبة حتى تطلع الشمس ".
ولفظ المسعودى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله. وقال: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح , ومقسم هو ابن بجرة , يقال له مولى ابن
__________
(1) ثم رأيت البيهقى قد أخرجه (5/132) من طريق أخرى عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس , فاتصل السند , والحمد لله. اهـ.(4/275)
عباس للزومه له , وهو ثقة احتج به البخارى.
السابعة: عن الحسن العرنى عن ابن عباس قال: " قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بنى عبد المطلب على
حمرات فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أبينى لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ".
أخرجه أبو داود (1940) والنسائى (2/50) وابن ماجه (3025) والطحاوى (1/413) والبيهقى (5/132) والطيالسى (1/223) وأحمد (1/234 , 311 , 343) والحميدى (465) من طرق عن سلمة بن كهيل عنه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير أن الحسن العرنى لم يسمع من ابن عباس كما قال أحمد , ولذلك قال الحافظ فى " بلوغ المرام ": " رواه الخمسة إلا النسائى , وفيه انقطاع ".
كذا قال , وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن النسائى قد أخرجه وقد أشرنا إلى مكانه من كتابه.
الثانى: أن الترمذى ليس إسناده منقطعا , بل هو موصول , فإنه من طريق مقسم عن ابن عباس كما سبق بيانه فى الطريق السادسة , وهو صحيح من هذا الوجه , وهو قد أوهم أن الحديث ضعيف , وهو صحيح فتنبه.
واعلم أنه لا يصح حديث مرفوع صريح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الترخيص بالرمى قبل طلوع الشمس للضعفة , وغاية ما ورد أن بعضهم رمى قبل الطلوع فى حجته صلى الله عليه وسلم دون علمه أو إذنه , ومن ذلك حديث عائشة الآتى بعده إن صح.
ثم رأيت الحافظ قال عن الحديث فى " الفتح " (3/422) : " وهو حديث حسن.. " ثم ذكر الطريق الموصولة وطريق حبيب عن عطاء ثم قال: " وهذه الطرق يقوى بعضها بعضا , ومن ثم صححه الترمذى(4/276)
وابن حبان ".
(1077) - (عن عائشة قالت: " أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت " رواه أبو داود (ص 259) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1942) والبيهقى (5/133) من طريق ابن أبى فديك عن الضحاك ابن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عنها به إلا أنه قال: " ثم مضت فأفاضت , وكان ذلك اليوم , اليوم الذى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم , تعنى عندها ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم , إلا أن الضحاك فيه ضعف من قبل حفظه , ولذلك قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , يهم ".
قلت: وقد خولف فى إسناده ومتنه.
أما الإسناد , فقد أرسله جماعة , فقال الشافعى (1075) : عن داود ابن عبد الرحمن العطار وعبد العزيز بن محمد الدراوردى عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " دار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يوم النحر , فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى تأتى مكة فتصلى بها الصبح , وكان يومها فأحب أن توافيه ".
وتابعهما حماد بن سلمة عن هشام به مرسلا بلفظ: " أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر , فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع أن تفيض , فرمت جمرة العقبة , وصلت الفجر بمكة ".
أخرجه الطحاوى (1/413) .
وخالفهم جميعا أبو معاوية محمد بن خازم فقال: عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبى سلمة عن أم سلمة قالت:(4/277)
" أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر أن توافى صلاة الصبح بمكة ".
وقال الطحاوى: " ففى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بما أمرها به من هذا يوم النحر , فذلك على صلاة الصبح فى اليوم الذى بعد يوم النحر , وهذا خلاف الحديث الأول " - يعنى: حديث حماد بن سلمة المتقدم -.
قال الحافظ فى " التلخيص " (217) : " قال البيهقى: هكذا رواه جماعة عن أبى معاوية , وهو فى آخر حديث الشافعى المرسل , وقد أنكره أحمد بن حنبل , لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يومئذ بالمزدلفة , فكيف يأمرها أن توافى معه صلاة الصبح بمكة , وقال الرويانى فى " البحر ": قوله: " وكان يومها " , فيه معنيان: أحدهما أن يريد يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأحب أن يوفى التحلل , وهى قد فرغت , ثانيهما: أنه أراد وكان يوم حيضها , فأحب أن توافى التحلل قبل أن تحيض , قال: فيقرأ على الأول بالمثناة تحت , وعلى الثانى بالمثناة فوق. قلت: وهو تكلف ظاهر , ويتعين أن يكون المراد اليوم الذى يكون فيه عنده صلى الله عليه وسلم , وقد جاء مصرحا بذلك فى رواية أبى داود التى سبقت , وهى سالمة من الزيادة التى استنكرها أحمد , وسيأتى قريبا قول أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان عندها ليلة النحر التى كان يأتيها فيها , والله أعلم ".
(تنبيه) : فى نسخة من " شرح المعانى " بعد قوله " توافى " زيادة " معه " وأورده الحافظ فى رواية البيهقى بلفظ " أن توافيه " , وهو فى سننه بلفظ " أن توافى " ليس فيه الضمير العائد إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وعليه فليس فيه ما أنكره الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وقال ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " (5/132) : " وحديث أم سلمة مضطرب سندا كما بينه البيهقى , ومضطرب متنا كما سنبينه إن شاء الله تعالى , وقد ذكر الطحاوى وابن بطال فى " شرح البخارى " أن(4/278)
أحمد بن حنبل ضعفه , وقال: لم يسنده غير أبى معاوية , وهو خطأ , وقال عروة مرسلا أنه عليه السلام أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة.
قال أحمد: وهذا أيضا عجب , وما يصنع النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمكة؟ ! ينكر ذلك , قال: فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته؟ فقال: عن هشام عن أبيه " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافى " , وليس " توافيه " , وبين هذين فرق , وقال لى يحيى: سل عبد الرحمن بن مهدى , فسألته؟ فقال: هكذا [قال] سفيان عن هشام عن أبيه: " توافى ".
قال أحمد: رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشد بعقده (!) , وقال البيهقى فى " الخلافيات ": " توافى " هو الصحيح , فإنه عليه السلام لم يكن معها بمكة وقت صلاة الصبح يوم النحر.
وقال الطحاوى: هذا حديث دار على أبى معاوية , وقد اضطرب فيه , فرواه مرة هكذا يعنى كما ذكره البيهقى , ورواه مرة أنه عليه السلام أمرها يوم النحر أن توافى معه صلاة الصبح بمكة.
فهذا خلاف الأول , لأن فيه أنه أمرها يوم النحر فذلك على صلاة الصبح فى اليوم الذى بعد يوم النحر.
وهذا أشبه لأنه عليه السلام يكون فى ذلك الوقت حلالا ".
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف لاضطرابه إسنادا ومتنا , ولذلك فلا يصح استدلال المصنف به , على ما ذكره من أن المبيت فى المزدلفة إلى بعد نصف الليل.
لعدم ثبوت الحديث , ولو صح فدلالته خاصة بالضعفة من النساء فلا يصح استدلاله به لغيرهن.
ثم رأيت ابن القيم قد ضعف أيضا هذا الحديث وقال: " إنه حديث منكر أنكره الإمام أحمد وغيره ".
ثم ذكر ما تقدم نقله عن الإمام أحمد من " الجوهر النقى " من الإختلاف فى إرساله ووصله , وزاد فى الاستدلال على بطلانه فذكر شيئا آخر فراجعه (1/313) .
(1078) - (حديث عائشة: " ... ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالى التشريق ... " الحديث رواه أحمد وأبو داود.
* صحيح المعنى. وإسناده ضعيف كما سيأتى برقم (1082) .(4/279)
(1079) - (حديث ابن عباس قال: " استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته فأذن له " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/411 , 436) ومسلم (4/86) وأبو داود (1959) والدارمى (2/75) وكذا الشافعى (1094) وابن ماجه (3065) وابن الجارود (490) والبيهقى (5/135) وأحمد (2/19 , 28 , 88) من طرق عن نافع عن ابن عمر به.
هكذا هو عندهم جميعا من مسند ابن عمر , وفى الكتاب " ابن عباس " وهو خطأ.
(1080) - (عن عاصم بن عدى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل فى البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر " رواه الخمسة وصححه الترمذى.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1975) والنسائى (2/50) والترمذى (1/179) وابن ماجه (3037) وكذا مالك (1/408/218) وابن الجارود (478) والحاكم (1/478) والبيهقى (5/192) وأحمد (5/450) عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم عن أبيه عن أبى البداح بن عاصم عن أبيه.
ولفظ ابن الجارود: وهو رواية لأحمد: " ... ثم يجمعوا رمى يومين بعد النحر , فيرمونه فى أحدهما ـ قال مالك ـ ظننت أنه قال فى الأول (وقال أحمد عنه: الآخر) منهما , ثم يرمون يوم النفر ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " وصححه الحاكم أيضا فقال: " أبو البداح مشهور فى التابعين , وعاصم بن عدى مشهور فى الصحابة , وهو صاحب اللعان " , ووافقه الذهبى.
ثم أخرجه أبو داود (1976) من طريق سفيان عن عبد الله ومحمد ابنى أبى بكر عن أبيهما عن أبى البداح بن عدى عن أبيه:(4/280)
" أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما , ويدعوا يوما ".
وهكذا أخرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه (3036) وابن حبان (1015) والحاكم وأحمد كلهم عن سفيان به , لكنهم لم يذكروا فى سنده محمد بن أبى بكر , والرواية عنه محفوظة , فقال ابن جريج: أخبرنى محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه عن أبى البداح عن عاصم بن عدى بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر , ثم يدعوا يوماً وليلة , ثم يرموا الغد ".
أخرجه أحمد والبيهقى وقال عقب رواية سفيان وأخرجها من طريق أبى داود: " هكذا قال سفيان بن عيينة , وكذلك قاله روح بن القاسم عن عبد الله بن أبى بكر , وكأنهما نسبا أبا البداح إلى جده , وأبوه عاصم بن عدى ".
وذكر نحوه الحاكم.
(1081) - (حديث: " ... أن النبى صلى الله عليه وسلم بدأ برمى جمرة العقبة " (ص 260) .
* صحيح المعنى. ولم أره بهذا اللفظ ومعناه فى عدة أحاديث منها حديث جابر الطويل فى حجته صلى الله عليه وسلم , وفيه: " ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى , حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة , فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف ... " الحديث أخرجه مسلم وغيره ولنا فيه رسالة مطبوعة كما سبق التنبيه عليه مراراً.
وفى رواية له من طريق أبى الزبير عن جابر قال: " رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى , وأما بعد فاذا
زالت الشمس ".(4/281)
ويجوز للمعذور أن يرمى فى الليل , أو أن يجمع رمى يومين فى يوم , لا يبيت فى منى , لحديث ابن عمر قال: " استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته؟ فأذن له " (أخرجه الشيخان) .
ويجوز للمعذور:
أـ أن لا يبيت فى منى لحديث ...
ب ـ وأن يجمع فى يومين ويرمى فى يوم واحد.
ج ـ وأن يرمى فى الليل.
(1082) - (حديث عائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رجع إلى منى فمكث بها ليالى أيام التشريق يرمى الجمرة إذا زالت الشمس , كل جمرة بسبع حصيات , يكبر مع كل حصاة يقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمى الثالثة ولا يقف عندها ". رواه أبو داود (ص 260) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1973) وكذا الطحاوى (1/414) وابن حبان (1031) وابن الجارود (492) والدارقطنى (ص 278) والحاكم (1/477) وعنه البيهقى (5/148) وأحمد (6/90) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه عنها به.
وزاد ابن حبان فى آخره: " وكانت الجمار من آثار إبراهيم صلى الله عليه وسلم ".
وهى زيادة شاذة , تفرد بها سعيد بن يحيى بن سعيد الأموى عن أبيه , وفيهما كلام يسير , وذلك وإن كان لا يضر فى حديثهما , ولكنه يمنع من الإحتجاج بما تفردا به عن الثقات كهذه الزيادة , وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى , وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن ابن إسحاق لم يحتج به مسلم , وإنما روى له مقرونا بغيره.
والآخر: أنه مدلس وقد عنعنه , نعم صرح بالتحديث فى رواية ابن(4/282)
حبان , لكن فى الطريق إليه سعيد بن يحيى عن أبيه , وقد عرفت حالهما , فإن توبعا على ذلك , فالحديث حسن , وإلا فلا.
(1083) - (حديث: " ... فيقصر ثم ليحلل " (ص 260) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث ابن عمر رضى الله عنه , وقد سقت لفظه عند تخريج قطعة أخرى منه ذكرها المصنف فيما تقدم (رقم (1084) .
(تنبيه) : فى هذا الحديث أمر المتمتع بالحج إلى العمرة أن يتحلل منها بتقصير الشعر , لا يحلقه , وفى الحديث الآتى بعده تفضيل الحلق على التقصير , ولا تعارض فالأول خاص بالتمتع , والآخر عام يشمل كل حاج أو معتمر إلا المتمتع فإن الأفضل فى حقه أن يقصر فى عمرته , ولهذا قال الحافظ فى " الفتح " (3/449) : " يستحب فى حق المتمتع أن يقصر فى العمرة , ويحلق فى الحج إذا كان ما بين
النسكين متقاربا ".
وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتعين فيحلق بدل التقصير , ظنا منه أنه أفضل له وليس كذلك لهذا الحديث فاحفظه يحفظك الله تعالى.
(1084) - (حديث: " دعا للمحلقين ثلاثا , وللمقصرين مرة " متفق عليه (ص 260) .
* صحيح.
وقد جاء من حديث عبد الله بن عمر , وأبى هريرة , وجدة يحيى بن الحصين , وعبد الله بن عباس , وأبى سعيد الخدرى , وجابر بن عبد الله , ومالك بن ربيعة السلولى , وحبشى بن جنادة , وقارب بن الأسود الثقفى.
أما حديث ابن عمر , فيرويه نافع عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم ارحم المحلقين , قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: اللهم ارحم المحلقين , قالوا: والمقصرين يا رسول الله , قال: والمقصرين ". وزاد بعض الرواة عنه: " فلما كانت الرابعة قال: والمقصرين ".(4/283)
أخرجه البخارى (1/433) ومسلم (4/80 ـ 81) وأبو نعيم فى " المستخرج ".
(20/167/1) ومالك (1/395/184) والشافعى (1089) وأبو داود (1979) والنسائى فى " الكبرى " (90/1) والترمذى (1/172) والدارمى (2/64) وابن ماجه (3044) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/143) وابن الجارود (485) والبيهقى (5/134) والطيالسى (1835) وأحمد (2/16 , 24 , 79 , 119 , 138 , 141 , 151) من طرق عن نافع به. والزيادة للنسائى والدارمى ورواية لمسلم.
وفى أخرى له فى أوله: " حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم , وحلق طائفة من أصحابه , وقصر بعضهم , قال عبد الله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... " فذكره.
وهذه الزيادة خرجها البخارى أيضا فى " المغازى " (3/175) لوحدها دون المتن , وأخرج أبو داود (1980) منها قوله " حلق صلى الله عليه وسلم رأسه فى حجة الوداع ". وهو رواية للبخارى واستنبط من ذلك الحافظ فى " الفتح " (3/447) أن هذا القول وقع منه صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع , ثم ذكر عن ابن عبد البر أنه قال: " لم يذكر أحد من رواة نافع عن ابن عمر أن ذلك كان يوم الحديبية , وهو تقصير وحذف , وإنما جرى ذلك يوم الحديبية حين صد عن البيت , وهذا محفوظ مشهور من حديث ابن عمر وابن عباس وأبى سعيد ... "
قال الحافظ: " ولم يسق ابن عبد البر عن ابن عمر فى هذا شيئا , ولم أقف على تعيين الحديبية فى شىء من الطرق عنه , وقد قدمت فى صدر الباب أنه مخرج من مجموع الأحاديث عنه أن ذلك كان فى حجة الوداع , كما يومىء إليه صنيع البخارى ".
قلت: قد وقفت على التعيين المذكور الذى خفى على الحافظ ومن قبله ابن عبد البر , والحمد لله على توفيقه , فقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن أيوب عن نافع به بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوم الحديبية: اللهم اغفر للمحلقين ... "(4/284)
الحديث.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , أخرجه الإمام أحمد (2/34 , 151) .
ولذلك شواهد تأتى.
2 ـ وأما حديث أبى هريرة , فله عنه طريقان:
الأولى: عن أبى زرعة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر للمحلقين , قالوا: وللمقصرين ... قالها ثلاثاً , قال:
وللمقصرين ".
أخرجه البخارى ومسلم وأبو نعيم وابن ماجه (3043) والطحاوى والبيهقى وأحمد (2/231) .
الثانية: عن العلاء ـ وهو ابن عبد الرحمن ـ عن أبيه عنه به.
أخرجه مسلم ـ ولم يسق لفظه وأبو نعيم وأحمد (2/411) .
3 ـ وأما حديث جدة يحيى بن الحصين , واسمها أم الحصين الأحمسية , فقال شعبة عن يحيى بن الحصين عنها أنها سمعت النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثا , وللمقصرين مرة.
أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائى فى " الكبرى " والطيالسى (1655) وأحمد (4/70 , 6/402 , 403) وفى رواية: " سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يخطب , يقول ... " وفى أخرى " سمعت النبى صلى الله عليه وسلم بمنى دعا ... ".
4 ـ وأما حديث ابن عباس فيرويه مجاهد عنه قال:
" حلق رجال يوم الحديبية , وقصر آخرون , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلقين , قالوا: يا رسول الله والمقصرين ... قالوا: فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالرحمة؟ قال: إنهم لم يشكوا ".(4/285)
أخرجه ابن ماجه (3045) والطحاوى وأحمد (1/353) .
قلت: وهذا إسناد حسن , وقال البوصيرى فى " الزوائد " (185/2) : " إسناد صحيح ".
وله فى المسند (1/216) طريق أخرى عن ابن عباس , ليس فيه ذكر الحديبية ولا المظاهرة , وسنده لا بأس به فى المتابعات , وطريق ثالث فى " أوسط الطبرانى " (1/121/1) .
5 ـ وأما حديث أبى سعيد الخدرى , فيرويه أبو إبراهيم الأنصارى عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رءوسهم عام الحديبية , غير عثمان بن عفان وأبى قتادة , فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاث مرار , وللمقصرين مرة ".
أخرجه الطيالسى (2224) وأحمد (3/20 , 89) والطحاوى (2/146) نحوه.
ورجاله ثقات غير الأنصارى هذا فإنه مجهول.
6 ـ وأما حديث جابر , فيرويه أبو الزبير سمع جابر بن عبد الله يقول: " حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية , وحلق ناس كثير من أصحابه حين رأوه حلق , وأمسك آخرون , فقالوا: والله ما طفنا بالبيت! فقصروا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلقين , فقال رجل: والمقصرين يا رسول الله , فقال: يرحم الله الملحقين , قالوا: والمقصرين يارسول الله ,
قال: والمقصرين ".
أخرجه الطحاوى والطبرانى فى " الأوسط " (1/121/1) عن زمعة بن صالح عن زياد ابن سعد عن أبى الزبير.
قلت: ورجاله ثقات غير زمعة بن صالح فهو ضعيف.
7 ـ وأما حديث مالك بن ربيعة السلولى فيرويه ابنه بريد بن أبى مريم عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " اللهم اغفر للمحلقين , اللهم اغفر للمحلقين قال: يقول رجل من القوم: والمقصرين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى(4/286)
الثالثة أو فى الرابعة: والمقصرين. ثم قال: وأنا يومئذ محلوق الرأس , فما يسرنى بحلق رأسى حمر النعم , أو خطرا عظيما ".
أخرجه أحمد (4/177) والطبرانى فى " الأوسط " (1/212/2) من طريقين عن بريد به.
قلت: وهو بمجموع الطريقين عن بريد صحيح الإسناد , وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/626) , " وإسناده حسن ".
8 ـ وأما حديث حبشى بن جنادة , فيرويه أبو إسحاق عنه ـ وكان ممن شهد حجة الوداع ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر للمحلقين ... قال فى الثالثة: والمقصرين ".
أخرجه أحمد (4/165) والطبرانى فى " الكبير " (1/173/1) .
قلت: ورجاله ثقات رجال الصحيح.
9 ـ وأما حديث قارب , فيرويه ابن قارب عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم اغفر للمحلقين , قال رجل: والمقصرين , قال فى الرابعة: والمقصرين - يقلله سفيان بيده , قال سفيان , وقال: فى تيك كأنه يوسع يده - ".
أخرجه أحمد (6/393) والحميدى (931) بسند صحيح , وابن قارب اسمه عبد الله وله صحبة , وقال الهيثمى (3/262) :
" رواه أحمد والطبرانى فى " الكبير والبزار وإسناده صحيح ".
(1085) - (حديث أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها , ثم أتى منزله بمنى ونحر , ثم قال للحلاق: خذ , وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر وجعل يعطيه الناس " رواه أحمد ومسلم.
* صحيح.
وله عن أنس طريقان:
الأولى: عن محمد بن سيرين عنه به.(4/287)
أخرجه مسلم (4/82) وأبو نعيم فى " مستخرجه " (20/167/2) وأبو داود (1981 , 1982) وابن الجارود (484) والبيهقى (5/134) وأحمد (3/111 , 208 , 256) واللفظ لمسلم , وفى رواية له: " فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس , ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال: ههنا أبو طلحة؟ فدفعه إلى أبى طلحة "
وهو لفظ أبى داود ; وزاد مسلم وأبو نعيم فى رواية: " فقال: اقسمه بين الناس " ولابن الجارود معناها.
والأخرى: عن ثابت عنه قال:
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه , وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا فى يد رجل ".
أخرجه أحمد (3/133 , 137 , 146 , 213 , 239 , 287) وابن سعد فى " الطبقات " (1/2/135) بسند صحيح على شرط مسلم.
وفى رواية لأحمد بلفظ: " لما أراد أن يحلق رأسه بمنى , أخذ أبو طلحة شق رأسه , فحلق الحجام , فجاء به إلى أم سليم , وكانت تجعله فى مسكها ".
وهو صحيح أيضا على شرط مسلم.
(1086) - (حديث ابن عباس: " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت , إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " متفق عليه.
* صحيح. .
أخرجه البخارى (1/439) ومسلم (4/93) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/172/2) والنسائى فى " الكبرى " (95/2) والطحاوى (1/421) من طريق سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به.
وفى رواية عن الحسن بن مسلم عن طاوس قال:(4/288)
" كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت: (ثقتى) [1] أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ ! فقال ابن عباس: إما لا , فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: ما أراك إلا قد صدقت ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائى والطحاوى وأحمد (1/226 , 348) .
وفى أخرى عن وهيب قال: حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: " رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت , قال: وسمعت ابن عمر يقول: إنها لا تنفر , ثم سمعته يقول بعد: إن النبى صلى الله عليه وسلم رخص لهن ".
أخرجه البخارى (1/440) والدارمى (2/72) .
وللحديث طريق أخرى , يرويه عمرو بن دينار أن ابن عباس كان يذكر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف , إذا كانت قد طافت فى الإفاضة ".
أخرجه أحمد (1/370) بسند صحيح على شرطهما.
وله طريق ثالثة تقدم ذكرها فى تخريج الحديث (1069) .
ثم ورد الحديث عن ابن عمر أيضا قال: " من حج البيت , فليكن آخر عهده بالبيت , إلا الحيض , رخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه النسائى (1/95) والترمذى (1/177) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تفتى}(4/289)
(1087) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 261) .
* صحيح.
وتقدم فى أول الكتاب.
(1088) - (حديث: " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى " (ص 261) .
* صحيح.
وقد سبق تخريجه (1072) .
(1089) - (عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يكن معه هدى فليطف بالبيت , وبين الصفا والمروة وليقصر وليحلل ". متفق عليه (ص 261) .
* صحيح.
وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه برقم (1048) .
(1090) - (حديث: " أمره صلى الله عليه وسلم عائشة أن تعتمر من التنعيم " (ص 261) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة , ويعمرها من التنعيم ".
أخرجه البخارى (1/445) ومسلم (4/35) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/146/2) وأبو داود (1995) والنسائى فى " الكبرى " (ق 97/1) والترمذى (1/176) والدارمى (2/52) وابن ماجه (2999) والبيهقى (4/357 , 357 ـ 358) وأحمد (1/197 , 198) من طرق عنه به , واللفظ للشيخين وغيرهما. ولفظ أبى داود والدارمى وهو رواية للبيهقى وأحمد: " يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة , فأعمرها من التنعيم , فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم , فإنها عمرة متقبلة ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(4/290)
قلت: وفى الباب عن عائشة عند الشيخين وغيرهما.
(تنبيه) : قال الحافظ فى " التلخيص " (205) فى تخريج هذا الحديث: " متفق عليه من حديثها , ورواه أحمد والطبرانى من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر " وفاته أنه متفق عليه من حديثه أيضا , فهو ذهول عجيب من مثله.
(1091) - (حديث: " وليقصر وليحلل " (ص 262) .
* صحيح.
وتقدم قبل حديث.
(1092) - (حديث: " بات بمنى ليلة عرفة " رواه مسلم عن جابر) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر الطويل فى حجته صلى الله عليه وسلم بلفظ: " فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وأهلوا بالحج , وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر , ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ".
(1093) - (حديث عائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة توضأ ثم طاف بالبيت " متفق عليه.
* صحيح.
يرويه عنها عروة بن الزبير قال: قد حج النبى صلى الله عليه وسلم , فأخبرتنى عائشة: " أن أول شىء بدأ به حين قدم أنه توضأ , ثم طاف بالبيت , ثم لم تكن عمرة , ثم حج أبو بكر , وكان أول شىء بدأ به الطواف بالبيت , ثم لم تكن عمرة , ثم عمر مثل ذلك , ثم حج عثمان فرأيته أول شىء بدأ به الطواف ثم لم تكن عمرة , ثم معاوية وعبد الله بن عمر , ثم حججت مع أبى: الزبير بن العوام فكان أول شىء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة , ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك , ثم لم تكن عمرة , ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر ثم لم تنقضها عمرة , وهذا ابن عمر عندهم فلا يسألونه؟ ولا(4/291)
أحد ممن مضى ما كانوا يبدأون بشىء حين يضعون أقدامهم من الطواف بالبيت , ثم لا يحلون , وقد رأيت أمى وخالتى حين تقدمان لا تبدآن بشىء أولى من البيت , تطوفان به , ثم إنهما لا تحلان , وقد أخبرتنى أمى أنها أهلت هى وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة , فلما مسحوا الركن حلوا "
أخرجه البخارى (1/407 , 413 ـ 414) ومسلم (4/54) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/155/2) والبيهقى (5/77) .
(1094) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى ". رواه أبو داود (ص 262) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1884) : حدثنا أبو سلمة موسى حدثنا حماد عن عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.
وأخرجه البيهقى (5/79) من طريق أبى داود.
ثم أخرجه هو وأحمد (1/371) والضياء المقدسى فى " المختارة " (60/230 ـ 231) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة به وزادا بعد قوله: " الجعرانة ": " فاضطبعوا ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقال المنذرى: " حديث حسن " , فيما نقله الزيلعى عنه فى " نصب الراية " (3/43) , ولم أره فى " مختصر أبى داود " له.
وعزا هذه الزيادة الحافظ الزيلعى ثم العسقلانى (ص 213) للطبرانى فقط فى " معجمه "!
ولعبد الله بن عثمان فيه شيخ آخر , فقال الإمام أحمد (1/360) : حدثنا سريج ويونس قالا: حدثنا حماد يعنى ابن سلمة عن عبد الله بن عثمان عن أبى الطفيل عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة , فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا ".(4/292)
وتابعه يحيى بن سليم الطائفى عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به بلفظ: " اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ورملوا ... ".
وهذا إسناد صحيح أيضا , أخرجه البيهقى.
(1095) - (حديث جابر: " ... حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا " (ص 262) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديثه الطويل فى حجته صلى الله عليه وسلم.
(1096) - (حديث ابن عمر: " وليحرم أحدكم فى إزار ورداء ونعلين " رواه أحمد (ص 262) .
* صحيح.
قال الإمام أحمد (2/34) : حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر: " أن رجلا نادى , فقال: يا رسول الله ما يجتنب المحرم من الثياب؟ فقال: لا يلبس السراويل , ولا القميص , ولا البرنس , ولا العمامة , ولا ثوبا مسه زعفران , ولا ورس , وليحرم أحدكم فى إزار ورداء ونعلين , فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين , وليقطعهما حتى يكونا أسفل من العقبين ".
وكذا أخرجه ابن الحارود فى " المنتقى " (416) : حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجاه فى " صحيحيهما " دون هذه القطعة التى أوردها المصنف كما سبق التنبيه على ذلك عند تخريج الحديث برقم (1012) .
وأعلم أن هذا التخريج قد فات كبار الحفاظ المتأخرين فلم يقفوا للحديث إلا على مخرج واحد هو غير من ذكرناهما , بل إن بعضهم بيض له فلم يقف له على مخرج أصلا , وذلك كله مصداق قول القائل " كم ترك الأول للآخر " , فقد أورد الحديث الرافعى فى شرحه الكبير , فقال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " (ق 106/2) :(4/293)
" رواه أبو عوانة فى صحيحه " من رواية ابن عمر رضى الله عنه , فاستفده فلم أجده إلا بعد سنين ".
فاستفاده منه الحافظ ابن حجر , وزاد عليه فقال فى " التلخيص " (209) : " بيض له المنذرى والنووى فى الكلام على " المهذب " , ووهم من عزاه إلى الترمذى , نعم رواه ابن المنذر فى " الأوسط " , وأبو عوانة فى " صحيحه " بسند على شرط الصحيح من رواية عبد الرزاق ... وقال ابن المنذر فى " مختصره ": ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
وله شاهد عند البخارى من طريق كريب عن ابن عباس قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادهن , ولبس إزاره ورداءه , هو وأصحابه , ولم ينه عن شىء من الإزار والأردية يلبس إلا المزعفر ".
(1097) - (حديث ابن عمر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذى الحليفة أهل فقال: لبيك اللهم لبيك ... " الحديث متفق عليه (ص 262) .
* صحيح.
وعزوه للمتفق عليه بهذا اللفظ فيه نظر , فإنه من أفراد مسلم أخرجه (4/7) من طريق حاتم بن إسماعيل عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر , ونافع مولى عبد الله وحمزة بن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما.
ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم (19/132/2) والبيهقى (5/44) .
وأخرجه البخارى (1/360) ومسلم (4/8) عن مالك وهو فى " الموطأ " (1/332/30) وعنه أبو داود (1771) والترمذى (رقم 818) وقال: حسن صحيح والنسائى (2/19) والبيهقى (5/38) كلهم عنه عن موسى بن عقبة به بلفظ: " بيداؤكم هذه التى تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها , ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد , يعنى مسجد ذى الحليفة ".(4/294)
وتابعه شعبة عن موسى به مختصرا بلفظ: " كان ابن عمر يكاد يلعن البيداء , ويقول: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد ".
أخرجه أحمد (2/28) .
ثم أخرج البخارى (1/362) ومسلم وأبو نعيم والنسائى وابن ماجه (2916) وأحمد (2/36) حديث نافع عن ابن عمر قال:
" أهل النبى صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته قائمة ".
وأخرج البخارى ومسلم وأبو عوانة والنسائى وأحمد (2/17) من طريق عبيد بن جريج قال: قلت لابن عمر: رأيتك تهل إذا استوت بك ناقتك؟ قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهل إذا استوت به ناقته وانبعثت ".
(1098) - (عن الفضل بن عباس قال: " كنت رديف النبى صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة " رواه الجماعة.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/390 , 424) ومسلم (4/71) وأبو نعيم (20/163/1) وأبو داود (1815) والترمذى (1/173) والنسائى (2/51) وفى الكبرى (88/1) والدارمى (2/62 ـ 63) وابن ماجه (3040) والطحاوى (1/416) والبيهقى (5/112) وأحمد (1/210 ـ 214) من طرق عن عبد الله بن عباس بن الفضل به. وزاد أحمد والنسائى فى " الكبرى " فى رواية: " فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ".(4/295)
قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم (1) . وزاد ابن ماجه و" كبرى النسائى ": " فلما رماها قطع التلبية ".
وسنده ضعيف , والمعنى صحيح , لأن له شاهدا من حديث ابن عباس كما يأتى.
وتابعه أبو الطفيل عن الفضل بن عباس به.
أخرجه أحمد (1/211) بسند صحيح على شرط مسلم.
وفى الباب عن ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة ".
أخرجه ابن ماجه (3039) والطحاوى وأحمد (1/283) من طريقين صحيحين عنه.
وكأنه مرسل , فإن ابن عباس إنما يرويه عن أخيه الفضل كما سبق.
وله شاهد من حديث على. أخرجه الطحاوى وأحمد (1/114 , 155) بسند جيد.
وآخر من حديث ابن مسعود. أخرجه الطحاوى وأحمد أيضا (1/417) ولفظه: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة , إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل " وإسناده حسن.
(1099) - (عن ابن عباس مرفوعا قال: (يلبي المعتمر حتى
__________
(1) وأخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " بزيادة: " ثم قطع التلبية مع آخر حصاة.
وقال: " هذا حديث صحيح لما أبهم فى الروايات الأخرى وأن المراد بقوله: " حتى رمى جمرة العقبة " أى أتم رميها " فتح ".(4/296)
يستلم الحجر) رواه أبو داود) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1817) وكذا الترمذي (1 / 173) والبيهقي (5 / 105) من طرق عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس به.
ولفظ الترمذي والبيهقي: (كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر) .
وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح) . كذا قال وابن أبي ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن ضعيف لسوء حفظه ولذلك قال الامام الشافعي وقد ذكر حديثه هذا:
(ولكنا هبنا روايته لأنا وجدنا حفاظ المكيين يقفونه على ابن عباس) .
نقله البيهقي ثم أيده بقوله:
(رفعه خطأ وكان ابن أبي ليلى هذا كثير الوهم وخاصة إذا روى عن عطاء فيخطئ كثيرا، ضعفه أهل النقل مع كبر محله في الفقه) .
قلت: وقد أشار أبو داود إلى ترجيح وقفه أيضا بقوله عقبه:
(رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفا) .
ورواية عبد الملك وصلها البيهقي عنه قال: (سئل عطاء متى يقطع المعتمر التلبية؟ فقال: قال ابن عمر: إذا دخل الحرم، وقال ابن عباس: حتى يمسح الحجر قلت: يا أبا محمد أيهما أحب إليك؟ قال: قول ابن عباس) .
وسنده صحيح.(4/297)
ثم روى عن مجاهد قال: (كان ابن عباس رضي الله عنه يلبي في العمرة حتى يستلم الحجر ثم يقطع قال: وكان ابن عمر رضي الله عنه يلبي في العمرة حتى إذا رأى بيوت مكة ترك التلبية وأقبل على التكبير والذكر حتي يستلم الحجر) . وسنده صحيح أيضا.
وقد روي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر كل ذلك [في ذي القعدة] يلبي حتي يستلم الحجر) .
أخرجه البيهقي وأحمد (2 / 180) عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وقال البيهقي: (إسناده أضعف من حديث ابن عباس والحجاج بن أرطاة لا يحتج به. وروي عن أبي بكرة مرفوعا أنه خرج معه في بعض عمره فما قطع التلبية حتى استلم الحجر. وإسناده ضعيف) .
(تنبيه) من تراجم النسائي في (السنن الكبرى) قوله (97 / 2) : (متى يقطع المعتمر التلبية؟) ثم ساق بسنده الصحيح عن أيوب عن نافع: (كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوى ويصلى به الصبح ويغتسل ويحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) .
وهذا رواه البخاري أيضا (1 / 398 - 399) بإسناده ومتنه؟ وليس فيه كما ترى ذكر للعمرة فكيف ترجم به للباب؟
الظاهر والله أعلم أن النسائي رحمه الله أشار بذلك إلى ما وقع في بعض الحديث على طريقة البخاري الدقيقة في ذلك فقد قال مالك في (الموطأ) (1 / 338 / 46) : عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا ترك التلبية(4/298)
وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم)
(1100) - (حديث ابن عباس: " من ترك نسكا فعليه دم " (ص 263) .
* ضعيف مرفوعا , وثبت موقوفا.
أخرجه مالك (1/419/240) عن أيوب بن أبى تميمة السختيانى عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: " من نسى من نسكه شيئا , أو تركه , فليهرق دما ".
قال أيوب: لا أدرى قال: " ترك " أو " نسى ".
ومن طريق مالك أخرجه البيهقى (5/125) وقال عقبه: " وكذلك رواه الثورى عن أيوب " من ترك أو نسى شيئا من نسكه فليهرق له دما " كأنه قالهما جميعا ".
وتابعه وهيب عن أيوب به.
أخرجه الطحاوى (1/424) ولكنه لم يسق لفظه , وإنما أحال فيه على لفظ آخر عن ابن عباس نحوه , فظننت أنه أراد به هذا , والله أعلم.
وأما المرفوع , فرواه ابن حزم من طريق على بن أحمد المقدسى عن أحمد بن على بن سهل المروزى عن على بن الجعد عن ابن عيينة عن أيوب به , وأعله بالمروزى هذا والمقدسى الراوى عنه قال: " هما مجهولان ".
ذكره الحافظ فى " التلخيص " (ص 205) وأقره.
وذكر فى ترجمة المروزى من " اللسان " أنه يحتمل أن يكون الذى أورده الذهبى قبل هذا من " الميزان " أحمد بن على بن سليمان أبو بكر المروزى وقال فيه: " ضعفه الدارقطنى فقال: يضع الحديث ".(4/299)
فصل
(1101) - (حديث: " لا يطوف بالبيت عريان " متفق عليه (ص 263) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة , وعلى بن أبى طالب , وعبد الله بن عباس.
أما حديث أبى هريرة , فيرويه حميد بن عبد الرحمن عنه قال: " بعثنى أبو بكر الصديق فى الحجة التى أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع , فى رهط يؤذنون فى الناس يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك , ولا يطوف بالبيت عريان ".
أخرجه البخارى (1/409 , 2/298 , 3/163 , 249) ومسلم (4/106 ـ 107) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/178/1) وأبو داود (1946) والنسائى (2/40) وابن سعد فى " الطبقات " (2/1/121 ـ 122) والبيهقى (5/87 ـ 88) وزاد أبو داود فى آخره: " ويوم الحج الأكبر يوم النحر , والحج الأكبر الحج ".
وهى عند البخارى فى رواية بلفظ: " وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس الحج الأصغر ".
وهذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست من المرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وقد صرحت بذلك رواية مسلم ففيها: " قال ابن شهاب: فكان حميد بن عبد الرحمن يقول: يوم النحر يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبى هريرة ".
وهى رواية للبخارى أيضا , ولذلك جزم الحافظ فى " الفتح " (8/258) بأنها مدرجة فى الحديث , وأنها من قول حميد بن عبد الرحمن استنبطه من قوله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) ومن مناداة أبى هريرة بذلك بأمر أبى بكر يوم النحر ".
وعنده فى الرواية الثانية: " فنبذ أبو بكر إلى الناس فى ذلك العام , فم يحج عام حجة الوداع الذى(4/300)
حج فيه النبى صلى الله عليه وسلم مشرك ".
وزاد فى رواية رابعة: " قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلى بن أبى طالب وأمره أن يؤذن بـ (براءة) , قال أبو هريرة: فأذن معنا على يوم النحر فى أهل منى بـ (براءة) , وأن لا يحج بعد العام مشرك , ولا يطوف بالبيت عريان ".
وقد تابعه المحرر بن أبى هريرة عن أبيه قال: " جئت مع على بن أبى طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ,
بـ (براءة) , قال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادى أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة , ولا يطوف بالبيت عريان , ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله وأمده إلى أربعة أشهر , فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله برىء من المشركين ورسوله , ولا يحج بعد العام مشرك , فكنت أنادى حتى صحل صوتى".
أخرجه النسائى والدارمى (1/332 ـ 333 , 2/237) وأحمد (2/299) والحاكم (2/331) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير المحرر بن أبى هريرة وقد أورده ابن حبان فى " الثقات " (1/235) وقال: " روى عنه الشعبى وأهل الكوفة ".
قلت: وروى عنه غيرهم من الكبار كالزهرى وعطاء وعكرمة , فهو ثقة إن شاء الله , فقول الحافظ فيه " مقبول " غير مقبول! وعليه فالإسناد صحيح.
وأما حديث على , فيرويه زيد بن أثيع قال: " سالت عليا رضى الله عنه بأى شىء بعثت ـ يعنى يوم بعثه النبى صلى الله عليه وسلم مع(4/301)
أبى بكر رضى الله عنه فى الحجة؟ - قال: بعثت بأربع , لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة , ولا يطوف بالبيت عريان , ومن كان بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم عهد , فعهده إلى مدته , ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا".
أخرجه الترمذى (1/165 , 2/184) والدارمى (2/68) وأحمد (1/79) ,
والحميدى (48) كلهم عن سفيان بن عيينة عن إسحاق عن زيد به , وقال الترمذى: " حديث حسن , ورواه الثورى عن أبى إسحاق عن بعض أصحابه عن على ".
قلت: وخالفهما إسرائيل إسنادا ومتنا.
أما السند فإنه قال: " عن أبى بكر " بدل " على " أعنى أنه جعله من مسند أبى بكر , وليس من مسند على.
أما المتن , فإنه زاد فى آخره: " قال: فسار (يعنى أبا بكر) بها ثلاثا ثم قال لعلى رضى الله عنه: الحقه فرد على أبا بكر , وبلغها أنت , قال: ففعل , قال: فلما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم أبو بكر بكى , قال: يا رسول الله حدث فى شىء؟ قال: ما حدث فيك إلا خير , ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا ورجل منى ".
أخرجه أحمد (1/3) : حدثنا وكيع قال: قال إسرائيل قال أبو إسحاق ... وكذا أخرجه أبو يعلى فى " مسنده " (8/2 ـ فاتح) : حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا وكيع به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين , إلا أن فى رواية إسرائيل عن أبى إسحاق لين سمع منه بآخرة كما قال الإمام أحمد , وهو حفيده فإنه إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق السبيعى الهمدانى , وقد تفرد بهذه الزيادة عن جده دون ابن عيينة , فلا تطمئن النفس لها , على أن فى السند علة أخرى وهى عنعنة أبى إسحاق فى جميع الطرق فإنه كان مدلسا , ثم إنه لم يسم شيخه زيدا فى(4/302)
رواية الثورى عنه كما ذكره الترمذى , والثورى أثبت الناس فى أبى إسحاق كما فى " التهذيب " والله أعلم.
وأنكر ما فى هذه الزيادة استرداد النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكر بعد ثلاث , فإن جميع الروايات تدل على أن أبا بكر رضى الله عنه استمر أميرا على الحج فى هذه السنة التى كانت قبل حجة الوداع , وأصرح الروايات فى ذلك حديث ابن عباس الآتى , وظنى أن ذلك من تخاليط أبى إسحاق , فإنه كان اختلط فى آخر عمره.
وأما حديث ابن عباس , فيرويه مقسم عنه قال: " بعث النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر وأمره أن ينادى بهؤلاء الكلمات , ثم أتبعه عليا فبينا أبو بكر فى بعض الطريق , إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء , فخرج أبو بكر فزعا , فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا هو على , فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأمر عليا أن ينادى بهؤلاء الكلمات , فانطلقا فحجا , فقام على أيام التشريق , فنادى , ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك , فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر , ولا يحجن بعد العام مشرك , ولا يطوف بالبيت عريان , ولا يدخل الجنة إلا مؤمن , وكان على ينادى , فإذا عيى قام أبو بكر فنادى بها ".
أخرجه الترمذى (2/184) وقال: " حديث حسن غريب ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال البخارى , فهو صحيح الإسناد , فلا أدرى لم أقتصر الترمذى على تحسينه؟
وله شاهد مرسل من حديث أبى جعفر محمد بن على رضى الله عنهم بنحوه , وفيه: " فخرج على بن أبى طالب رضى الله عنه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدرك أبا بكر بالطريق , فلما رآه أبو بكر قال: أأمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمور , ثم مضيا , فأقام أبو بكر للناس الحج ... حتى إذا كان يوم النحر قام(4/303)
على بن أبى طالب رضى الله عنه فأذن فى الناس بالذى أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال.... " الحديث.
أخرجه ابن إسحاق فى " السيرة " (4/190) بسند حسن مرسل.
(1102) - (حديث ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " الطواف بالبيت صلاة , إلا أنكم تتكلمون فيه " رواه الترمذى والأثرم (ص 263) .
* صحيح.
وتقدم فى " الطهارة " رقم (121) .
(1103) - (حديث عائشة لما حاضت: " افعلى ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى " متفق عليه.
* صحيح.
وتقدم فى " الحيض " (رقم 191) .
(1104) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم طاف سبعا " (ص 263) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن عمر يرويه عمرو بن دينار قال: " سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة , فطاف بالبيت , ولم يطف بين الصفا والمروة , أيأتى امرأته؟ فقال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فطاف بالبيت سبعا , وصلى خلف المقام ركعتين , وبين الصفا والمروة سبعا , وقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ".
أخرجه البخارى (1/409 , 448) ومسلم (4/53) وأبو نعيم فى " المستخرج " (155/1) والنسائى (2/41) وأحمد (2/15 , 85) .
وتابعه سالم بن عبد الله عن ابن عمر: " فطاف حين قدم مكة , واستلم الركن أول شىء , ثم خب ثلاثة أطواف ومشى أربعا ... " الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما , ومضى لفظه بتمامه عند الحديث (1048) .(4/304)
وله شواهد , منها عن ابن عباس قال: " قدم النبى صلى الله عليه وسلم مكة , فطاف سبعاً , وسعى بين الصفا والمروة ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة " أخرجه البخارى (1/410) .
(1105) - (حديث: " خذوا عنى مناسككم " (ص 263) .
* صحيح.
وتقدم (1075) .
(1106) - (حديث: " الحجر من البيت " متفق عليه (ص 264) .
* صحيح.
وهو من حديث عائشة رضى الله عنها , وله طرق:
الأولى: عن الأسود بن يزيد عنها قالت: " سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو؟ قال: نعم , قلت: فما لهم لم يدخلوه فى البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة , قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا , ويمنعوا من شاءوا , ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية , فأخاف أن تنكر قلوبهم [لنظرت] أن أدخل الجدر فى البيت , وأن ألصق بابه بالأرض ".
أخرجه البخارى (1/400 ـ 401 , 4/412) ومسلم (4/100) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/175/1) والدارمى (2/54) وابن ماجه (2955) وقال: (" البيت ") [1] بدل " الجدر " والطحاوى (1/395) والبيهقى (5/89) .
الثانية: عن عبد الله بن الزبير قال: حدثتنى خالتى عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: " لولا أن قومك حديث عهد بشرك أو بجاهلية , لهدمت الكعبة فألزقتها
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: " الحجر "}(4/305)
بالأرض , وجعلت لها بابين , بابا شرقيا , وبابا غربيا , وزدت فيها من الحجر ستة أذرع , فإن قريشا اقتصرتها حين بنت الكعبة ".
أخرجه الإمام مسم وأبو نعيم والطحاوى والبيهقى (5/89) وأحمد (6/179 ـ 180) .
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخارى.
الثالثة: عن الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة , يرويه عنه أبو قزعة أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت , إذ قال: قاتل الله ابن الزبير , حيث يكذب على أم المؤمنين , يقول: سمعتها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة! لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر , فإن قومك قصروا فى البناء " , فقال الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة: لا تقل
هذا يا أمير المؤمنين , فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا , قال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/253 , 262) .
الرابعة: عن علقمة بن أبى علقمة عن أمه عن عائشة قالت: " كنت أحب أن أدخل البيت فأصلى فيه , فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى فأدخلنى الحجر , فقال: إذا أردت دخول البيت فصلى ههنا , فإنما هو قطعة من البيت , ولكن قومك اقتصروا حيث بنوه ".
أخرجه النسائى (3/25) والترمذى (1/166) وأحمد (6/92 ـ 93) والسياق للنسائى وزاد الآخران: " فأخرجوه من البيت ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(4/306)
الخامسة: عن صفية بنت شيبة عنها قالت: " قلت: يا رسول الله ألا أدخل البيت؟ قال: ادخلى الحجر فإنه من البيت ".
أخرجه النسائى والطيالسى (1562) .
قلت: وسنده صحيح على شرط الشيخين.
السادسة: عن سعيد بن جبير عن عائشة أنها قالت: " يا رسول الله , كل أهلك قد دخل البيت غيرى , فقال: أرسلى إلى شيبة فيفتح لك
الباب , فأرسلت إليه , فقال شيبة: ما استطعنا فتحه فى جاهلية ولا إسلام بليل , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: صلى فى الحجر , فإن قومك استقصروا عن بناء البيت حين بنوه " أخرجه أحمد (6/67) والبيهقى (5/185) .
قلت: ورجاله ثقات رجال الصحيح , منهم عطاء بن السائب , وكان اختلط , يرويه عنه حماد بن سلمة وعلى بن عاصم وسمعا منه فى الاختلاط.
(تنبيه) : جاء فى الطريق الثالثة الإشارة إلى أن عبد الله بن الزبير كان قد بنى الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام وأنه ضم الحجر إليها , وقد جاء فى بعض طرق الحديث تفصيل ذلك , أعرضت عن ذكره خشية التطويل , لاسيما وقد ذكرته فى " سلسلة الأحاديث الصحيحة " برقم (43) فليراجع من شاء الوقوف على ذلك.
(1107) - (حديث جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا " رواه مسلم والنسائى (ص 264) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر فى حجته صلى الله عليه وسلم.
(1108) - (حديث: " الطواف بالبيت صلاة " (ص 264) .(4/307)
* صحيح.
وتقدم قريبا (1103) .
(1109) - (حديث: " إذا أقيمت الصلاة , فلا صلاة إلا المكتوبة " (ص 265) .
* صحيح.
وتقدم فى " صلاة الجماعة " (497) .
(1110) - (حديث ابن عمر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليمانى والحجر فى كل طوافة " ـ قال نافع: " وكان ابن عمر يفعله ". رواه أبو داود (ص 265) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (1876) والنسائى فى " الكبرى " (78/1) والصغرى (2/39) والطحاوى (1/394) وكذا الحاكم (1/456) والبيهقى (5/80) وأحمد (2/115) عن عبد العزيز بن أبى رواد عن نافع عنه به وزاد الطحاوى وأحمد: " ولا يستلم الركنين الآخرين اللذين يليان الحجر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو حسن الإسناد عندى , لأن ابن أبى رواد فيه ضعف يسير من قبل حفظه , كما أشار إليه الحافظ بقوله: " صدوق عابد , ربما وهم ".
(1111) - (عن عمر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر , ووضع شفتيه عليه يبكى طويلا , ثم التفت فإذا بعمر بن الخطاب يبكى فقال: يا عمر ها هنا تسكب العبرات " رواه ابن ماجه (ص 265) .
* ضعيف جدا.
أخرجه ابن ماجه (2945) وكذا الحاكم (1/454)(4/308)
من طريق محمد بن عون عن نافع عن ابن عمر به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وذلك من أوهامهما , فإن محمد بن عون هذا وهو الخراسانى متفق على تضعيفه , بل هو ضعيف جدا , وقد أورده الذهبى نفسه فى " الضعفاء " وقال: " قال النسائى متروك ". وزاد فى " الميزان ": " وقال البخارى: منكر الحديث.
وقال ابن معين: ليس بشىء ".
ثم ساق له الذهبى هذا الحديث , مشيرا بذلك إلى أنه مما أنكر عليه , والظاهر أنه هو الحديث الذى عناه أبو حاتم بقوله فى ترجمته من " الجرح والتعديل " (4/1/47) :
" ضعيف الحديث , منكر الحديث , روى عن نافع حديثا ليس له أصل ".
وساق له فى التهذيب , هذا الحديث , ثم قال: " وكأنه الحديث الذى أشار إليه أبو حاتم ". وقال فى " التقريب ": " متروك "
وقال الحافظ البوصيرى فى " الزوائد " (ق 182/1) : " هذا إسناد ضعيف محمد بن عون ضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخارى والنسائى وغيرهم , رواه ابن خزيمة فى " صحيحه " والحاكم وصحح إسناده , ومن طريقه البيهقى وقال: تفرد به محمد بن عون. ورواه عبد بن حميد فى " مسنده " عنه.
(1112) - (" السجود على الحجر فعله ابن عمر وابن عباس " نقله الأثرم.(4/309)
* صحيح.
أخرجه الطيالسى فى " مسنده " (ص 7) : حدثنا جعفر بن عثمان القرشى ـ من أهل مكة ـ قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه , ثم قال: رأيت عبد الله بن عباس قبله وسجد عليه , فقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه , ثم قال عمر: لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله ما قبلته.
وأخرجه الحاكم (1/455) من طريق أبى عاصم النبيل حدثنا جعفر بن عبد الله ـ وهو ابن الحكم ـ قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه ... الخ , إلا أنه قال فى آخره: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا , ففعلت ".
وكذا أخرجه الدارمى (2/53) : أخبرنا أبو عاصم عن جعفر بن عبد الله بن عثمان قال: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
وفيه نظر لأن قوله فى جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم ـ وهو ثقة ـ لم يسلم له , فقد صرح الدارمى فى روايته أنه ابن عثمان , ولذلك تعقبه الحافظ فى " التلخيص " (ص 212) بقوله: " ووهم فى قوله: " إن جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم , فقد نص العقيلى على
أنه غيره , وقال فى هذا: فى حديثه وهم واضطراب ".
قلت: أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 65) من طريق بشر بن السرى قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان الحميدى عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قبل الحجر ثم سجد عليه.
وقال: " رواه أبو عاصم وأبو داود والطيالسى عن جعفر فقالا: عن ابن عباس عن عمر مرفوعا. وحدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن جريج(4/310)
قال: أخبرنى محمد بن عباد بن (1) جعفر أنه رأى ابن عباس قبل الحجر وسجد عليه. حديث ابن جريج أولى ".
قلت: ومما يؤيد أنه موقوف رواية الشافعى إياه من طريق أخرى عن ابن عباس موقوفا فقال (1057) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن أبى جعفر قال: رأيت ابن عباس جاء يوم التروية مسبدا رأسه , فقبل الركن ثم سجد عليه ثلاث مرات.
وأخرجه الأزرقى فى " أخبار مكة " (233) عن ابن عيينة عن ابن جريج به.
قلت: وهذا إسناد صحيح إن كان ابن جريج سمعه من أبى جعفر وهو محمد بن على بن الحسين الباقر رحمه الله.
ثم وجدت تصريحه بالتحديث فى " مصنف عبد الرزاق " (8912) فصح الإسناد والحمد لله.
والطريق الأولى عند العقيلى موقوفا جيدة.
وقد تبين من إسناد العقيلى فى المرفوع أن جعفر بن عثمان فى رواية الطيالسى إنما هو جعفر بن عبد الله بن عثمان نسبه الطيالسى إلى جده.
والحديث أخرجه البيهقى (5/74) من طريق الطيالسى والحاكم , ومن طريق الشافعى عن سعيد وهو ابن سالم القداح المكى.
ثم ساق من طريق يحيى بن يمان حدثنا سفيان عن ابن أبى حسين عن عكرمة عن ابن عباس قال: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يسجد على الحجر ". وقال: " لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان. وابن أبى حسين: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين ".
قلت: وابن يمان ضعيف. قال الحافظ:
__________
(1) كذا الأصل والصواب: " محمد بن عباد عن أبى جعفر " كما فى الروايات الأخرى الآتية عن ابن جريج , وكذلك فى " مصنف عبد الرزاق " (8912) .(4/311)
" صدوق عابد يخطىء كثيرا , وقد تغير ".
وذكر له فى " مجمع الزوائد " (3/341) شاهدا من حديث ابن عمر قال: " رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر , وسجد عليه , ثم عاد فقبله وسجد عليه , ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم! ". ثم قال: " رواه أبو يعلى بإسنادين , وفى أحدهما جعفر بن محمد المخزومى وهو ثقة , وفيه كلام , وبقية رجاله رجال الصحيح , ورواه البزار من الطريق الجيد ".
قلت: ثم رأيته فى " مسند أبى يعلى " (17/2) من الطريق الأخرى وفيها عمر بن هارون وهو متروك.
قلت: فيبدو من مجموع ما سبق أن السجود على الحجر الأسود ثابت , مرفوعا وموقوفا , والله أعلم.
(تنبيه) : وقع فى الكتاب: " فعله ابن عمر " , وأنا أخشى أن تكون لفظة (ابن) مقحمة من بعض النساخ , فإنى لم أقف على رواية فيها سجود ابن عمر على الحجر , وإنما ذلك عن أبيه كما تقدم , اللهم إلا أن يكون ذلك عند الأثرم , وذلك مما أستبعده , والله أعلم.
(1113) - (حديث ابن عمر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم استلمه بيده وقبل يده ". رواه مسلم (ص 265) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/66) وأبو نعيم فى " المستخرج " (20/161) وابن الجارود (453) والبيهقى (5/75) وأحمد (2/108) وابنه عبد الله , كلهم عن أبى خالد الأحمر عن عبيد الله عن نافع قال: " رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده , ثم قبل يده , وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ".(4/312)
وروى البيهقى عن عطاء قال: " رأيت جابر بن عبد الله وأبا هريرة وأبا سعيد الخدرى وابن عمر رضى الله عنهم إذا استلموا الحجر قبلوا أيديهم ".
قال ابن جريج: فقلت لعطاء: وابن عباس؟ قال: وابن عباس ـ حسبت ـ كثيرا ".
أخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء أخبرنى ابن جريج عن عطاء.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه الشافعى (1035) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج به وزاد: " قلت: وابن عباس؟ قال: نعم , وحسبت كثيرا , قلت: هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك؟ قال: فلم استلمه إذا ".
قلت: وإسناده جيد.
(1114) - (عن أبى الطفيل عامر بن واثلة قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن " رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه (ص 265) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/68) وكذا أبو نعيم فى " المستخرج " (162/1) وأبو داود (1879) وابن ماجه (2949) وابن الجارود (464) والبيهقى (5/100 ـ 101) وأحمد (5/454) عن معروف بن خربوذ المكى قال: سمعت أبا الطفيل به.
وزاد أحمد فى أوله: " وأنا غلام شاب ". وليس عنده ولا عند أبى نعيم: " ويقبل المحجن ".
وزاد أبو نعيم وأبو داود وابن الجارود والبيهقى: " ثم خرج إلى الصفا والمروة , فطاف سبعا على راحلته ".
(1115) - (حديث: " قيل للزهرى: إن عطاء يقول: تجزئه المكتوبة من ركعتى الطواف , فقال: السنة أفضل , لم يطف النبى صلى الله عليه وسلم(4/313)
أسبوعا إلا صلى ركعتين ". رواه البخارى (ص 266) .
* ضعيف بهذا اللفظ.
وإطلاق العزو للبخارى , يوهم أنه مسند عنده , وليس كذلك , فإنه إنما أورده معلقا فى " باب صلى النبى صلى الله عليه وسلم لسبوعه ركعتين " (1/409) ثم قال: " وقال إسماعيل بن أمية , قلت: للزهرى: فذكره ".
وقال الحافظ فى " الفتح " (3/388) : " وصله ابن أبى شيبة مختصرا قال: حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن الزهرى قال: مضت السنة أن مع كل أسبوع ركعتين. ووصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى بتمامه ".
ويغنى عنه حديث ابن عمر الذى ساقه البخارى فى الباب بلفظ: " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فطاف بالبيت سبعا , ثم صلى خلف المقام ركعتين , وطاف بين الصفا والمروة , وقال: لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ".
وقد أخرجه مسلم أيضا وغيره وتقدم لفظه برقم (1105) .
(1116) - (حديث: " إن النبى صلى الله عليه وسلم والى بين السعى " (ص 266) .
لم أجده. [1]
(1117) - (روى: " أن سودة بنت عبد الله بن عمر تمتعت فقضت طوافها فى ثلاثة أيام " (ص 266) .
لم أقف عليه الآن.
(1118) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم سعى راكبا " (ص 266) .
* صحيح.
ورد من حديث جابر بن عبد الله , وعبد الله بن عباس.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
قال صاحب التكميل ص / 46:
المصنف أراد حكاية فعل النبى صلى الله عليه وسلم في حجته وعمره , فإنه صلى الله عليه وسلم ما فرق السعى بل والى بينه , كما يفهم من حديث جابر وغيره.(4/314)
أما حديث جابر , فيرويه أبو الزبير سمعه يقول: " طاف النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع على راحلته بالبيت , وبالصفا والمروة ليراه الناس , وليشرف وليسألوه , فإن الناس غشوه ".
أخرجه مسلم (4/67 ـ 68) وأبو نعيم (161/2) والنسائى (2/42) والبيهقى (5/100) وأحمد (3/317 و333 ـ 334) عن ابن جريج: أخبرنى أبو الزبير به.
وأما حديث ابن عباس , فيرويه أبو الطفيل قال: " قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف , ومشى أربعة أطواف أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة , قال: فقال: صدقوا وكذبوا؟ قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا , قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة , فقال المشركون إن محمدا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال , وكانوا يحسدونه , قال: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثا , ويمشوا أربعا , قال: قلت له: أخبرنى عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا , أسنة هو , فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا , قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس , يقولون: هذا محمد , هذا محمد , حتى خرج العواتق من البيوت , قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضربَ الناس بين يديه , فلما كثر ركب , والمشى والسعى أفضل ".
أخرجه مسلم (4/64) وأبو نعيم (20/160/2) والبيهقى (5/100) من طريق الجريرى عن أبى الطفيل به.
وتابعه أبو عاصم الغنوى عن أبى الطفيل به.
أخرجه أحمد (1/297) بتمامه , وهو (1/369) والبيهقى مختصرا دون قصة الرمل.
وله طريق آخر عن سالم بن أبى الجعد عن أخيه عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم:(4/315)
" أنه طاف بالبيت على ناقته يستلم الحجر بمحجنه , وبين الصفا والمروة , وقال يزيد مرة: على راحلته يستلم الحجر ".
أخرجه أحمد (1/327) .
ورجاله ثقات غير أخى سالم بن أبى الجعد وله خمسة إخوة عبد الله وعبيد وزياد وعمران ومسلم , وبعضهم ثقة , والآخرون مجهولون ولم أعرف من هو من بينهم.
(1119) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم سعى بعد الطواف , وقال: خذوا عنى مناسككم ". (ص 266) .
* صحيح.
وهو مركب من حديثين لجابر بن عبد الله رضى الله عنه: أحدهما: حديثه الطويل فى وصف حجته صلى الله عليه وسلم وفيه: " حتى إذا أتينا البيت معه , استلم الركن , فرمل ثلاثا , ومشى أربعا , ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام , فقرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت ... ثم رجع إلى الركن فاستلمه , ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا " الحديث.
رواه مسلم وغيره.
والحديث الآخر تقدم برقم (1074) .
(1120) - (حديث جابر:" أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دنا من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) أبدأ بما بدأ الله به , فبدأ بالصفا فرقى عليه.. ". الحديث رواه مسلم ولفظ النسائى: " ابدءوا بما بدأ الله به " (ص 266) .
* صحيح باللفظ الأول.
وهو فى حديث جابر الطويل فى صفة حجته صلى الله عليه وسلم , وقد مضى بتمامه برقم (1017) , وهو من رواية حاتم بن إسماعيل(4/316)
المدنى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. هكذا أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود والنسائى فى " الكبرى (80/2) والدارمى وابن ماجه وابن الجارود (469) والدارقطنى (270) والبيهقى (5/7 ـ 9 , 93) كلهم من طرق عن حاتم به , وكلهم قالوا: " أبدأ " إلا ابن ماجه والبيهقى فى رواية فقالا: " نبدأ " وأما الدارقطنى فوقع عنده " فابدءوا " بصيغة الأمر , وهو رواية لابن خزيمة فى " صحيحه " (1/273/1) وهو شاذ.
فهذه ثلاثة ألفاظ: " أبدأ " و" نبدأ " و" ابدءوا ".
وقد تابعه على اللفظ الثانى جماعة من الثقات , فمنهم مالك فى " الموطأ " (1/372/126) وعنه النسائى (2/41) . (وابن عبد الهاد) [1] عنده (2/40 , 41 ـ 42) ويحيى بن سعيد عنده أيضا (2/41) وكذا ابن الجارود (465) وأحمد (3/320) , وأبو يعلى فى مسنده , (1185/1) وإسماعيل بن جعفر , عند النسائى فى " الكبرى " (ق 79/2) وسفيان بن عيينة عند الترمذى (1/163 ـ 164) ووهيب بن خالد عند الطيالسى فى " مسنده " (1668) وأبو يعلى (ق 114/1) وابن جريج عند أبى بكر الفقيه فى " الجزء من الفوائد المنتقاة " (187/1) كل هؤلاء الثقات قالوا: " نبدأ ".
وأما اللفظ الثالث: " ابدءوا ". فقد عزاه المصنف للنسائى , وهو فى ذلك تابع لغير واحد من الحفاظ كالزيلعى فى " نصب الراية " (3/54) وابن الملقن فى " الخلاصة " (108/2) وابن حجر فى " التلخيص " (214) وغيرهم , وقد أطلقوا جميعا العزو للنسائى , وذلك يعنى اصطلاحا " سننه الصغرى " , وليس فيها هذا اللفظ أصلا , فيحتمل أنهم قصدوا " سننه الكبرى " , ولم أره فيه فى الجزء
الثانى من " كتاب المناسك " من " الكبرى " المحفوظة فى " المكتبة الظاهرية " فيحتمل ـ على بعد ـ أن يكون فى الجزء الأول منه , وهذا ـ مع الأسف مما لا يوجد عندنا , أو فى " كتاب الطهارة " منه , وهو مفقود أيضا. وإنما وجدنا فى الجزء المشار إليه اللفظ الثانى , والأول أيضا كما سبقت الإشارة إليه آنفا.
وقد رأيت الحافظ أبا محمد بن حزم قد أخرجه فى " المحلى " (2/66) من طريق النسائى بإسناده عن حاتم بن إسماعيل. إلا أنه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن الهاد}(4/317)
وقع عنده بهذا اللفظ الثالث: " ابدءوا " , وهو فى نسختنا المخطوطة بلفظ الأول: " أبدأ " , وهى نسخة جيدة مقابلة ومصححة , فالظاهر أن نسخ " السنن الكبرى " فى هذه اللفظة مختلفة , فيمكن أن يكون أولئك الحفاظ كانت نسختهم موافقة لنسخة ابن حزم من " السنن الكبرى " , أو أنهم اعتمدوا عليها فى عزو اللفظ المذكور للنسائى [1] .
وسواء كان هذا أو ذاك , فلست أشك أن رواية ابن حزم شاذة لمخالفتها لجميع الطرق عن حاتم بن إسماعيل , وقد اتفقت جميعها على رواية الحديث باللفظ الأول كما تقدم.
نعم قد وجدت للفظ الثالث طريقين آخرين , لم أر من نبه عليهما أو أرشد إليها من أولئك الحفاظ:
الأولى: عن سفيان الثورى عن جعفر بن محمد به.
أخرجه الدارقطنى (269) والبيهقى (1/85) .
والأخرى: عن سليمان بن بلال عن جعفر به.
أخرجه أحمد (3/394) : حدثنا موسى بن داود حدثنا سليمان بن بلال.
قلت: وموسى بن داود ـ وهو الضبى.
قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق فقيه زاهد , له أوهام ".
وأما سليمان بن بلال فثقة محتج به فى الصحيحين , فيمكن أن يكون الضبى قد وهم عليه فى هذا اللفظ , وإلا فهو الواهم والعصمة لله.
وجملة القول: إن هذا اللفظ: " ابدءوا " شاذ لا يثبت لتفرد الثورى وسليمان به , مخالفين فيه سائر الثقات الذين سبق ذكرهم وهم سبعة , وقد قالوا: " نبدأ ". فهو الصواب , ولا يمكن القول بتصحيح اللفظ الآخر لأن الحديث واحد , وتكلم به صلى الله عليه وسلم مرة واحدة عند صعوده على الصفا , فلا بد من الترجيح , وهو ما ذكرنا. وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن دقيق العيد فى " الإلمام بأحاديث الأحكام " (رقم 56) بعد أن ذكر هذا اللفظ من رواية النسائى:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {الحديث بلفظ ابدءوا عند النسائى فى الصغرى 5/236 رقم 2962 , وفي الكبرى 3968 كذا في النسخ المطبوعة التى بين أيدينا}(4/318)
" والحديث فى " الصحيح " لكن بصيغة الخبر " نبدأ " و" أبدأ " لا بصيغة الأمر , والأكثر فى الرواية هذا , والمخرج للحديث واحد ".
وقال الحافظ فى " التلخيص ": " قال أبو الفتح القشيرى (1) : " مخرج الحديث عندهم واحد , وقد اجتمع مالك وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية " نبدأ " بالنون التى للجمع ". قلت: وهم أحفظ الناس ".
قلت: المتبادر من " سفيان " عند الإطلاق إنما هو الثورى لجلالته وعلو طبقته , وليس هو المراد هنا , بل هو سفيان بن عيينة كما سبق , وأما الثورى فهو المخالف لرواية الجماعة , ومن الطرائف أن روايته هذه رواها عنه سفيان بن عيينة , عند الدارقطنى وتابعه الفريابى وقبيصة عنه عند البيهقى.
ومن الغرائب أن ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " توهم أن سفيان عند البيهقى هو سفيان نفسه عند الترمذى , ولكنه لم يذكر أهو عنده الثورى أم ابن عيينة , وقد عرفت أنهما متغايران.
(1121) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت: افعلى ما يفعل الحاج , غير أن لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى " (ص 267) .
* صحيح.
وقد مضى فى " الحيض " (191) .
(1122) - (قالت عائشة: " إذا طافت المرأة بالبيت ثم صلت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة " (ص 267) .
لم أقف عليه الآن [1] .
__________
(1) هو ابن دقيق العيد صاحب " الإلمام " وما نقله الحافظ عنه هو فى كتابه الآخر " الإمام " كما ذكر ابن الملقن.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
قال صاحب التكميل ص / 47:
وقفت عليه فى " المصنف " لابن أبى شيبة: (4 / 1 / 329) , من طريق أبى الأحوص عن طارق عن امرأة عن عائشة وأم سلمة به , والمرأة هذه لم تسم.
ثم ساق بإسناد صحيح عن ابن عمر مثله.(4/319)
(1123) - (حديث جابر: " ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وابن ماجه (ص 267) .
* صحيح.
وله عن جابر بن عبد الله طريقان:
الأولى: عن عبد الله بن المؤمل عن أبى الزبير عنه.
أخرجه أحمد (3/357 , 372) وابن ماجه (3062) والعقيلى فى " الضعفاء " (صـ 222) والبيهقى (5/148) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (3/179) والأزرقى فى " أخبار مكة " (291) من طرق سبع عن ابن المؤمل به.
وقال البيهقى: " تفرد به عبد الله بن المؤمل ".
وقال العقيلى: " لا يتابع عليه ".
قال الذهبى فى " الضعفاء " وفى " الميزان ": " ضعفوه ". وقال فى "الرد على ابن القطان (19/1) : " لين ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف الحديث ".
ولذلك قال الحافظ السخاوى فى " المقاصد الحسنة " (928) بعد ما عزاه للفاكهى أيضا: " وسنده ضعيف ".
قلت: لكن الظاهر أنه لم يتفرد به , فقد أخرجه البيهقى (5/202) من طريقين عن أبى محمد أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادى بـ (هراة) أنبأنا معاذ بن نجدة حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثنا أبو الزبير قال: " كنا عند جابر بن عبد الله , فتحدثنا فحضرت صلاة العصر , فقام فصلى بنا فى ثوب واحد قد تلبب به , ورداؤه موضوع , ثم أتى بماء من ماء زمزم(4/320)
فشرب , ثم شرب , فقالوا: ما هذا؟ قال: هذا ماء زمزم , وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. قال: ثم أرسل النبى صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم , ولا يترك , قال: فبعث إليه بمزادتين ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح , غير معاذ بن نجدة , أورده الذهبى فى "الميزان " وقال: " صالح الحال , قد تكلم فيه , روى عن قبيصة وخلاد بن يحيى , توفى سنة اثنتين وثمانين ومائتين , وله خمس وثمانون سنة ".
وأقره الحافظ فى " اللسان ".
وأما الراوى عنه أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادى , فلم أعرفه , وهو من شرط الخطيب البغدادى فى " تاريخه " , ولم أره فيه , فلا أدرى أهو مما فاته , أم وقع فى اسمه تحريف فى نسخة البيهقى , فهو علة هذه الطريق عندى.
وأما الحافظ فقد أعله بعلة غريبة فقال: " قلت: ولا يصح عن إبراهيم , إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل ".
قلت: ولا أدرى من أين أخذ الحافظ هذا التعليل , فلو اقتصر على قوله: " لا يصح عن إبراهيم ". لكان مما لا غبار عليه. ثم قال:
" ورواه العقيلى من حديث ابن المؤمل وقال: " لا يتابع عليه " , وأعله ابن القطان به , وبعنعنة أبى الزبير , لكن الثانية مردودة , ففى رواية ابن ماجه التصريح بالسماع ".
قلت: لكنها رواية شاذة غير محفوظة , تفرد بها هشام بن عمار قال: قال عبد الله بن المؤمل أنه سمع أبا الزبير.
وهشام فيه ضعف , قال الحافظ: " صدوق , كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح ".(4/321)
قلت: والوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح بسماعه من ابن المؤمل , وقد خالفه رواة الطرق الأخرى وهم ستة فقالوا: عن أبى الزبير عن جابر , فروايتهم هى الصواب.
ثم قال الحافظ: " وله طريق أخرى من حديث أبى الزبير عن جابر. أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " فى ترجمة على بن سعيد الرازى ".
قلت: لم أره فى " زوائد المعجمين " لشيخة الحافظ الهيثمى , وقد ساق فيه (1/118/1 ـ 2) من رواية " أوسط الطبرانى " بإسناد آخر له عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ... " ومن رواية فيه قال حدثنا على ابن سعيد الرازى حدثنا الحسن بن أحمد نحوه.
فهذا هو حديث على بن سعيد الرازى فى " الأوسط ": " خير ماء ... " وليس هو " ماء زمزم لما شرب له " فهل اختلط على الحافظ أحدهما بالآخر , أم فات شيخه الهيثمى ما عناه الحافظ فلم يورده فى " الزوائد "؟ كل محتمل والأقرب الأول والله أعلم.
الطريق الثانية: عن سويد بن سعيد قال: رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتى زمزم , فاستقى منه شربة , ثم استقبل الكعبة ثم قال: اللهم إن ابن أبى الموال حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ماء زمزم لما شرب له " وهذا أشربه لعطش القيامة , ثم شربه.
أخرجه الخطيب فى " تاريخه " (10/116) وكذا ابن المقرى فى " الفوائد " كما فى " الفتح " (3/394) والبيهقى فى " شعب الإيمان " كما فى " التلخيص " (221) وقال البيهقى: " غريب تفرد به سويد ".
قلت: وهو كما قال فى " التقريب ": " صدوق فى نفسه , إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه ,(4/322)
وأفحش فيه ابن معين القول ".
وقال فى " الفتح " (3/394) : " وزعم الدمياطى أنه على رسم الصحيح , وهو كما قال من حيث الرجال , إلا أن سويدا وإن أخرج له مسلم , فإنه خلط , وطعنوا فيه , وقد شذ بإسناده والمحفوظ عن ابن المبارك عن ابن المؤمل , وقد جمعت فى ذلك جزءا ".
وقال فى " التلخيص " (221) : " قلت: هو ضعيف جدا , وإن كان مسلم قد أخرج له فى المتابعات , وأيضا فكان أخذ به به عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه , ولذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه , كان قبل عماه , ولما أن عمى صار يلقن فيتلقن , حتى قال يحيى بن معين: لو كان لى فرس ورمح لغزوت سويدا , من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير.
قلت: وقد أخطأ فى هذا الإسناد , وأخطأ فيه على بن المبارك. وإنما رواه ابن المبارك عن ابن المؤمل عن أبى الزبير , كذلك رويناه فى " فوائد أبى بكر بن المقرى " من طريق صحيحة فجعله سويد عن ابن أبى الموال عن ابن المنكدر.
واغتر الحافظ شرف الدين الدمياطى بظاهر هذا الإسناد , فحكم بأنه على رسم الصحيح , لأن ابن أبى الموال تفرد به البخارى , وسويدا انفرد به مسلم , وغفل عن أن مسلما إنما أخرج لسويد ما توبع عليه , لا ما انفرد به , فضلا عما خولف فيه ".
وقال الحافظ السخاوى فى " المقاصد الحسنة " (928) بعد أن ذكر حديث أبى الزبير عن جابر , ومجاهد عن ابن عباس الآتى برقم (1126) وضعفهما: " وأحسن من هذا كله عند شيخنا (يعنى الحافظ ابن حجر) ما أخرجه الفاكهى من رواية ابن إسحاق: حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: لما حج معاوية , فحججنا معه , فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين , ثم مر بزمزم , وهو خارج إلى الصفا , فقال: انزع لى منها دلوا يا غلام قال: فنزع له منه دلوا , فأتى به فشرب , وصب على وجهه ورأسه وهو يقول: زمزم شفاء , وهى لما شرب له. بل قال شيخنا: إنه حسن مع كونه(4/323)
موقوفا وأفرد فيه جزءا , واستشهد له فى موضع آخر بحديث أبى ذر فيه: " إنها طعام طعم , وشفاء سقم ". وأصله فى " مسلم " , وهذا اللفظ عند الطيالسى , قال: ومرتبة هذا الحديث أنه باجتماع الطرق يصلح للاحتجاج به. وقد جربه جماعة من الكبار , فذكروا أنه صح , بل صححه من المتقدمين ابن عيينة , ومن المتأخرين الدمياطى فى جزء جمعه فيه , والمنذرى , وضعفه النووى ".
وقال ابن القيم فى " زاد المعاد " (3/192 ـ المطبعة المصرية) عقب حديث ابن أبى الموال المتقدم عن ابن المنكدر عن جابر: " وابن أبى الموال ثقة , فالحديث إذا حسن , وقد صححه بعضهم , وجعله بعضهم موضوعا , وكلا القولين فيه مجازفة , وقد جربت أنا وغيرى من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة , واستشفيت به من عدة أمراض , فبرأت بإذن الله , وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعا , ويطوف مع الناس كأحدهم , وأخبرنى أنه ربما بقى عليه أربعين يوما , وكان له قوة يجامع بها أهله , ويصوم , ويطوف مرارا ".
قلت: ما ذكره من أن الحديث حسن فقط , هو الذى ينبغى أن يعتمد , لكن لا لذاته كما قد يوهم أول كلامه الذى ربط فيه التحسين بكون ابن أبى الموال ثقة , فهو معلول بسويد بن سعيد كما سبق , وإنما الحديث حسن لغيره بالنظر إلى حديث معاوية الموقوف عليه فإنه فى حكم المرفوع , والنووى رحمه الله إنما ضعفه بالنظر إلى طريق ابن المؤمل قال فى " المجموع " (8/267) : " وهو ضعيف ".
وذكر له السخاوى شاهدا آخر من حديث ابن عباس , ولكنه عندى ضعيف جدا فلا يصح شاهدا , بل قال فيه الذهبى: " خبر باطل ".
وأقره الحافظ فى " اللسان " كما يأتى بيانه برقم (1126) .
(تنبيه) : عزا المنذرى فى " الترغيب " (2/133) حديث سويد بن سعيد المتقدم لأحمد بإسناد صحيح. وهذا وهم منه , فليس هو عند أحمد فى مسنده ,(4/324)
ولا إسناده صحيح , بل هو منكر كما تقدم بيانه من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
هذا وجزم ابن الجوزى بصحة الحديث مؤكدا ذلك بقوله فى " منهاج القاصدين ": " وقد قال صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له ".
ومال السيوطى إلى تصحيحه فى " الفتاوى " (2/81) .
(1124) - (حديث جابر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ " (ص 267) .
* حسن.
ومضى تخريجه فى " الطهارة " (رقم 12) , ومن هناك تعرف أن الحديث ليس من مسند جابر , بل من مسند على رضى الله عنهما.
(1125) - (عن ابن عباس مرفوعا: " إن آية ما بيننا وبين المنافقين [أنهم] لا يتضلعون من ماء زمزم ". رواه ابن ماجه (ص 267) .
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (3061) وكذا البخارى فى " التاريخ الصغير " (193) وأبو نعيم فى " صفة النفاق " (ق 29/2) والضياء فى " المختارة " (67/110/1) عن عبيد الله بن موسى عن عثمان بن الأسود عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبى بكر قال: " كنت عند ابن عباس جالسا , فجاءه رجل , فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم , قال: فشربت منها كما ينبغى؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة , واذكر اسم الله , وتنفس ثلاثا , وتضلع منها , فإذا فرغت , فاحمد الله عز وجل , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
وتابعه مكى بن إبراهيم حدثنا عثمان بن الأسود عن محمد بن عبد الرحمن قال: فذكره.(4/325)
أخرجه البيهقى (5/147) .
وتابعه عبد الله بن المبارك. عند البخارى فى " تاريخه الكبير " (1/1/158) .
وخالفهم إسماعيل بن زكريا أبو زياد , فقال: عن عثمان بن الأسود: حدثنى عبد الله بن أبى مليكة قال: جاء رجل إلى ابن عباس ...
أخرجه البخارى فى " التاريخ " والدارقطنى فى " سننه " (284) والبيهقى.
وتابعه عبد الرحمن بن بوذيه حدثنا عثمان به.
أخرجه البخارى فيه والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/115/1) وعنه أبو نعيم من طريق عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن به.
وتابعه الثورى عن عثمان.
أخرجه الطبرانى عقب الرواية السابقة فقال: قال عبد الرزاق: ولا أعلم الثورى إلا حدثناه عن عثمان بن الأسود به.
وتابعه الفضل بن موسى أخبرنا عثمان عن ابن أبى مليكة به.
أخرجه البخارى: حدثنى يوسف: أخبرنا الفضل به.
وعلقه البيهقى عن الفضل بن موسى به إلا أنه قال: عبد الرحمن بن أبى مليكة.
وخالفهم جميعا عبد الوهاب الثقفى فقال: حدثنا عثمان بن الأسود: حدثنى جليس لابن عباس قال: " قال لى ابن عباس: من أين جئت؟ " أخرجه البيهقى.
قلت: فقد اختلف على عثمان بن الأسود فى تسمية شيخه على وجوه:
الأول: محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر.(4/326)
رواه عنه هكذا عبيد الله بن موسى , ومكى بن إبراهيم , وعبد الله بن المبارك , وهؤلاء ثقات أثبات.
الثانى: عبد الله بن أبى مليكة.
رواه عنه إسماعيل بن زكريا , وهو صدوق يخطىء قليلا , وعبد الرحمن بن بوذيه , وليس بالمشهور , وأثنى عليه أحمد , وسفيان الثورى وهو ثقة حجة لكن فى الطريق إليه وإلى ابن بوذيه إسحاق وهو الدبرى وفيه ضعف. والفضل بن موسى وهو ثقة ثبت وربما أغرب كما قال الحافظ. وقيل عنه عن عثمان " عبد الرحمن بن أبى مليكة ".
الثالث: جليس لابن عباس لم يسم.
قلت: بعد هذا العرض يتبين أن أولى هذه الوجوه بالترجيح إنما هو الوجه الأول لاتفاق الثلاثة الثقات عليه , وصحة الطرق بذلك إليهم. بخلاف الوجه الثانى , فبعض رواته لم تثبت عدالتهم , وبعضهم لم يثبت السند إليه , إلا إلى الفضل بن موسى.
وأما الوجه الثالث , فشاذ فرد.
وإذا كان كذلك فقد رجع الحديث إلى أنه من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر عن ابن عباس , فمن يكون ابن أبى بكر هذا وما حاله؟ هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى الجمحى أبو الثورين المكى , روى عنه عمرو بن دينار أيضا , وقد أورده ابن حبان فى " الثقات " (1/208) , ولم يوثقه غيره , ولهذا قال الحافظ فى " التقريب ": " مقبول " يعنى عند المتابعة.
قلت: وقد توبع , لكن السند واهٍإلى المتابع كما يأتى.
وأما قول البوصيرى فى " الزوائد " (ق 186/1) : " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , رواه الدارقطنى فى سننه والحاكم فى المستدرك من طريق عبد الله بن أبى مليكة عن ابن عباس , ورواه البيهقى فى سننه الكبرى عن الحاكم ".(4/327)
قلت: فهذا التصحيح إنما يستقيم فى طريق ابن أبى مليكة , لو لم تكن مضطربة ومخالفة للطريق الراجحة التى مدارها على أبى الثورين هذا , أما وهى مضطربة ومرجوحة فلا.
وأما ما ذكره أن هذه الطريق فى مستدرك الحاكم , فالظاهر أنه ليس كذلك وإن النسخة المطبوعة من " المستدرك " قد سقط منها عبد الله بن أبى مليكة , فصار الحديث بذلك منقطعا , وليس السقط من الناسخ أو الطابع , كما يتبادر للذهن , وإنما هو من الحاكم نفسه فإنه قال عقب الحديث (1/472 ـ 473) : " صحيح على شرط الشيخين , إن كان عثمان بن الأسود سمع من ابن عباس ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: لا والله ما لحقه , توفى عام خمسين ومائة , وأكبر مشيخته سعيد بن جبير ".
قلت: والسقط المذكور يتبين لى أنه من الحاكم نفسه حين ألف الكتاب , فإن البيهقى رواه عنه بالسند الذى أورده الحاكم فى " المستدرك " بإثبات ابن أبى مليكة فيه , هو من طريق إسماعيل بن زكريا , وبذلك اتصل السند وزال الانقطاع , وإنما العلة محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر , فهو تابعى الحديث وليس ابن أبى مليكة وهو مجهول الحال كما سبق بيانه.
نعم , إنه لم يتفرد به فقال الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/97/1) : حدثنا زكريا الساجى أخبرنا عبد الله بن هارون أبو علقمة الفروى أخبرنا قدامة بن محمد الأشجعى عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علامة ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا أبو علقمة هذا قال الدارقطنى: " متروك(4/328)
الحديث ". وقال الذهبى: " منكر الحديث ". وفى " التقريب ": " ضعيف ".
وبقية رجال الإسناد موثقون.
(1126) - (حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له , إن شربته تستشفى به شفاك الله , وإن شربته يشبعك أشبعك الله به , وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله , وهى هزمة جبريل وسقيا [الله] إسماعيل " رواه الدارقطنى (ص 267) .
* باطل موضوع.
أخرجه الدارقطنى فى " سننه " (284) : حدثنا عمر بن الحسن بن على حدثنا محمد ابن هشام بن عيسى (!) المروزى حدثنا محمد بن حبيب الجارودى: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل:
الأولى: محمد بن حبيب الجارودى غمزه الحاكم كما يأتى , وفى " تاريخ بغداد " (2/277) : " محمد بن حبيب الجارودى , بصرى قدم بغداد , وحدث بها عن عبد العزيز بن أبى حازم , روى عنه أحمد بن على الخزاز والحسن بن عليل العنزى وعبد الله بن محمد البغوى وكان صدوقا ".
قال الحافظ فى " اللسان ": " فيحتمل أن يكون هو هذا , وجزم أبو الحسن القطان بأنه هو , وتبعه على ذلك ابن دقيق العيد والدمياطى ".
قلت: وقد تناقض فيه الذهبى , فقال فى ترجمته: " غمزه الحاكم النيسابورى , وأتى بخبر باطل , اتهم بسنده " يعنى هذا الحديث.(4/329)
وقال مرة: " موثق ". وأخرى " ثقة " , ومرة: " صدوق " كما يأتى النقل عنه.
والحق أنه صدوق كما قال الخطيب ومن تابعه إلا أنه أخطأ فى هذا الحديث فرفعه وأسنده عن ابن عباس , والصواب فيه موقوف على مجاهد , قال الحافظ فى آخر ترجمته:" فهذا أخطأ الجارودى [فى] وصله , وإنما رواه ابن عيينة موقوفا على مجاهد , كذلك حدث عنه حفاظ أصحابه , كالحميدى وابن أبى عمر وسعيد بن منصور وغيرهم.
وقال فى " التلخيص " (ص 222) : " قلت: والجارودى صدوق , إلا أن روايته شاذة , فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة كالحميدى وابن أبى عمر وغيرهما عن ابن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قوله.
ومما يقوى رواية ابن عيينة ما أخرجه الدينورى فى " المجالسة " من طريق الحميدى قال: كنا عند ابن عيينة فجاء رجال فقال: يا أبا محمد الحديث الذى حدثتنا عن ماء زمزم صحيح؟ قال: نعم , قال: فإنى شربته الآن لتحدثنى مائة حديث , فقال: اجلس , فحدثه مائة حديث ".
قلت: الدينورى واسمه أحمد بن مروان ذكر الحافظ فى " اللسان " عن الدارقطنى أنه كان يضع الحديث. فلا يوثق بخبره.
الثانية: محمد بن هشام بن عيسى. كذا وقع فى المطبوعة من " الدارقطنى " وفى " الميزان " فى موضع , و" اللسان " فى موضع آخر نقلا عن الدارقطنى " ابن على " , ولم يترجم له الذهبى فى " الميزان " وكأنه لأنه ثقة عنده كما يأتى , واستدركه الحافظ فقال: " قال ابن القطان: لا يعرف حاله , وكلام الحاكم يقتضى أنه ثقة عنده , فإنه قال عقب حديثه: " صحيح الإسناد إن سلم من الجارودى ". قلت: وقد قال الزكى المنذرى مثلما قال ابن القطان , وسبق فى ترجمة عمر بن الحسن الأشنانى قول الذهبى: إن محمد بن هشام هذا موثق. قال: وهو ابن أبى(4/330)
الدميك ".
قلت: وتبع ابن القطان الحافظ ابن الملقن فقال فى " الخلاصة " (112/1) عقب قول الحاكم المذكور: " سلم منه , فإنه صدوق , لكن الراوى عنه مجهول ".
الثالثة: عمر بن الحسن بن على , وهو الأشنانى أبو الحسين القاضى , قال الذهبى فى " الميزان ": " صاحب بلايا , فمن ذلك , حدثنا عمر بن الحسن بن على حدثنا محمد بن هشام المروزى وهو ابن الدميك موثق حدثنا محمد بن حبيب الجارودى ...
قلت: وذكر الحديث ثم قال عقبه: " وابن حبيب صدوق , فآفة هذا هو عمر , ولقد أثم الدارقطنى بسكوته عنه فإنه بهذا الإسناد باطل , ما رواه ابن عيينة قط , بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل عن أبى الزبير عن جابر مختصرا ".
وتعقبه الحافظ بقوله: " والذى يغلب على الظن أن المؤلف هو الذى أثم بتأثيمه الدارقطنى , فإن الأشنانى لم ينفرد بهذا , تابعه عليه فى " مستدركه " الحاكم , ولقد عجبت من قول المؤلف: ما رواه ابن عيينة قط , مع أنه رواه عنه الحميدى وغيره من حفاظ أصحابه إلا أنهم أوقفوه على مجاهد , لم يذكروا ابن عباس فيه , فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم فى رفعه ".
وأقول: لم يأثم الدارقطنى ولاالذهبى إن شاء الله تعالى , لأن كلا منهما ذهب إلى ما أداه إليه اجتهاده , وإن كنا نستنكر من الذهبى إطلاق هذه العبارة فى الإمام الدارقطنى.
وأما تعجب الحافظ من الذهبى , فلست أراه فى محله , لأن الذى أورده عليه من رواية الحميدى , غير وارد لأنه مقطوع , وإنكار الذهبى منصب على الحديث المرفوع الموصول , فهو الذى نفاه بقوله " ما رواه ابن عيينة قط ". ونفيه(4/331)
هذا لا يزال قائما , كما يدل عليه هذا البحث الدقيق.
وأما قوله: " تابعه عليه فى " مستدركه " الحاكم " فوهم , ولعل فى العبارة سقطا فإن الذى تابعه إنما هو شيخ الحاكم , فقد قال فى " المستدرك " (1/373) : حدثنا على بن حمشاد العدل حدثنا أبو عبد الله بن هشام المروزى به دون قله: " وهى هزمة جبريل , وسقيا الله إسماعيل ". وزاد: " قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا , ورزقا واسعا , وشفاء من كل داء ".
وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد , إن سلم من الجارودى ".
قلت: ووافقه الذهبى , وذلك من وهمه وتناقضه , فقد سبق عنه أنه قال فى الجارودى هذا ": " أتى بخبر باطل ". وقد عرفت مما تقدم ذكره أن قوله هذا هو الصواب وأنه أخطأ فى رفعه ووصله.
ثم إن الحافظ قد ذكر فى ترجمة الأشنانى هذا عن الحاكم أنه كان يكذب , وعنه أنه قال: قلت للدارقطنى: سألت أبا على الحافظ عنه , فذكر أنه ثقة , فقال: بئس ما قال شيخنا أبو على!
وقال الذهبى فى " الرد على ابن القطان " (بعد أن ساق الحديث من طريق الدارقطنى (19/1 ـ 2) : " قلت: هؤلاء ثقات , سوى عمر الأشنانى , أنا أتهمه بوضع حديث أسلمت وتحتى أختان ".
وجملة القول: إن الحديث بالزيادة التى عند الدارقطنى موضوع. لتفرد هذا الأشنانى به , وهو بدونها باطل لخطأ الجارودى فى رفعه , والصواب وقفه على مجاهد , ولئن قيل إنه لا يقال من قبل الرأى فهو فى حكم المرفوع , فإن سلم هذا , فهو فى حكم المرسل , وهو ضعيف , والله أعلم.(4/332)
ثم إن الزيادة التى عند الحاكم فى دعاء ابن عباس بعد شربه من زمزم , قد أخرجها الدارقطنى (284) من طريق حفص بن عمر العدنى حدثنى الحكم عن عكرمة قال: " كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال ... " فذكره بالحرف الواحد.
وهذا إسناد ضعيف , من أجل العدنى , والحكم وهو ابن أبان العدنى , صدوق له أوهام كما فى " التقريب ".
فهل الزيادة هذه وقعت للحاكم فى الطريق الأولى , أم هى فى الأصل عنده من هذه الطريق لكنها سقطت من الناسخ أو الطابع؟ الله أعلم , فإنى لم أقف الآن على شىء يرجح أحد الاحتمالين.
(1127) - (حديث: " من زارنى أو زار قبرى كنت له شافعا أو شهيدا ". رواه أبو داود الطيالسى (ص 267) .
* ضعيف.
أخرجه الطيالسى فى " مسنده " (رقم 65) قال: حدثنا سوار بن ميمون (1) أبو الجراح العبدى قال: حدثنى رجل من آل عمر عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بلفظ: " من زار قبرى ـ أو قال: من زارنى ـ كنت له شفيعا وشهيدا , ومن مات فى أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة".
قلت: وهذا إسناد واهٍمن أجل الرجل الذى لم يسم.
وسوار بن ميمون أغفلوه فلم يذكره ابن أبى حاتم ولا الذهبى ولا العسقلانى.
نعم قلبه بعض الرواة فقال: ميمون بن سوار , ومع ذلك لم يوردوه فيمن اسمه ميمون , وهذا مما يدل على أنه رجل مغمور مجهول , ولهذا
__________
(1) الأصل " نوار " وكذا نقله مرتبه الشيخ البنا فى " منحة المعبود " رقم (1098) وهو خطأ صححناه من " سنن البيهقى " و" التلخيص " وغيره.(4/333)
قال الحافظ ابن عبد الهادى فى " الصارم المنكى فى الرد على السبكى " (ص 87) : " وهو شيخ مجهول , لا يعرف بعدالة ولا ضبط , ولم يشتهر بحمل العلم ونقله " " وأما شيخ سوار فى هذه الرواية فإنه شيخ مبهم , وهو أسوأ حالا من المجهول ".
والحديث أخرجه البيهقى فى " سننه " (5/245) من طريق الطيالسى.
وقال ابن عبد الهادى: " هذا الحديث ليس بصحيح لانقطاعه , وجهالة إسناده واضطرابه ".
ثم فصل ذلك تفصيلا لا تجده فى كتاب فليراجعه من شاء من (86/91) .
ومن وجوه الاضطراب المشار إليه رواية العقيلى فى " الضعفاء " (ص 452) من طريق شعبة عن سوار بن ميمون عن هارون بن قزعة عن رجل من آل الخطاب عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ: " من زارنى متعمدا كان فى جوار الله يوم القيامة , ومن مات ... " الحديث.
أورده فى ترجمة هارون هذا وقال عن البخارى: " لا يتابع عليه ".
ثم قال العقيلى: " والرواية فى هذا لينة ".
وأخرجه الدارقطنى فى سننه (279 ـ 280) من طريق وكيع أخبرنا خالد بن أبى خالد وأبو عون عن الشعبى والأسود بن ميمون عن هارون أبى قزعة عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(4/334)
" من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى , ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ".
وهذا إسناد مجهول أيضا , وأبو عون إن كان هو محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفى فهو ثقة ولكنه ممن لم يدركه وكيع , فإن هذه ولد بعد وفاة أبى عون بإحدى عشرة سنة! فالظاهر أنه " ابن عون " , ويؤيده أنه وقع هكذا فى رواية السبكى للحديث فى " الشفاء " من غير طريق الدارقطنى , وابن عون اسمه عبد الله وهو ثقة فقيه , وعليه فالسند إلى هارون أبى قزعة صحيح فهو علة الحديث وهو مجهول , ويقال فيه هارون بن قزعة كما تقدم , أو شيخه الذى لم يسم , وقد أطال الكلام على هذا الإسناد العلامة ابن عبد الهادى فى " الصارم المنكى " (99 ـ 102) , وقد ذكرنا لك خلاصته.
وقد روى الحديث عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من زارنى فى مماتى , كان كمن زارنى فى حياتى , ومن زارنى حتى ينتهى إلى قبرى كنت له شهيدا يوم القيامة , أو قال شفيعا ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (355) عن فضالة بن سعيد بن زميل المأربى , حدثنا محمد بن يحيى المأربى عن ابن جريج عن عطاء عنه. وقال: " فضالة حديثه غير محفوظ , ولا يعرف إلا به , ويروى بغير هذا الإسناد , ومن طريق أيضا فيه لين ".
وقال الذهبى فى " الميزان ": " هذا موضوع على ابن جريج , ويروى فى هذا شىء من مثل هذا ".
وأقره الحافظ فى " اللسان " , لكن وقع فيه: " ويروى فى هذا , شىء أمثل من هذا. انتهى ".
ولا يخفى الفرق بين العبارتين.
(1128) - (عن ابن عمر مرفوعا: " من حج فزار قبرى بعد(4/335)
وفاتى فكأنما زارنى فى حياتى ". وفى رواية: " من زار قبرى وجبت له شفاعتى ". رواه الدارقطنى بإسناد ضعيف (ص 268) .
* منكر.
وله عن ابن عمر طريقان:
الأولى: عن حفص بن أبى داود عن ليث بن أبى سليم عن مجاهد عنه به بالرواية الأولى.
أخرجه الدارقطنى (279) وكذا البيهقى (5/246) وغيرهما.
وقال البيهقى: " تفرد به حفص وهو ضعيف ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل ليث وحفص , وقد ذكرت بعض أقوال الأئمة فيهما , ومن أخرج حديثهما سوى من ذكرنا فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم 47) , ونقلت فيه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث وحكمه عليه بالوضع من حيث معناه , فراجعه فإنه مهم.
والأخرى: عن موسى بن هلال العبدى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه بالرواية الأخرى.
أخرجه الدارقطنى (280) وعنه ابن النجار فى " تاريخ المدينة " (397) وكذا الخلعى فى " الفوائد " (ق 111/2) والعقيلى فى " الضعفاء " (410) من طريقين عن موسى به.
ورواه الدولابى فى " الكنى " (2/64) عن موسى بن هلال إلا أنه قال: حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن أخو عبيد الله عن نافع به.
وكذا رواه ابن عدى فى " الكامل " (385/2) , أخرجاه من طريقين أخريين عنه.
وقال ابن عدى بعد أن أشار إلى الرواية الأولى:
" وعبد الله أصح , ولموسى غير هذا , وأرجو أنه لا بأس به ".
ورواه البيهقى فى " شعب الإيمان " كما فى " الصارم " (12) من طريق ابن(4/336)
عدى ثم قال: " وقيل: عن موسى بن هلال العبدى عن عبيد الله بن عمر , وسواء قال: عبيد الله أو عبد الله , فهو منكر عن نافع عن ابن عمر , لم يأت به غيره ".
قال ابن عبد الهادى: " والصحيح أنه عبد الله المكبر كما ذكره ابن عدى , وغيره ".
قلت: ورواية الدولابى صريحة فى ذلك , قال الحافظ عقبها فى " اللسان ":" فهذا قاطع للنزاع من أنه عن المكبر , لا عن المصغر , فإن المكبر هو الذى يكنى أبا عبد الرحمن , وقد أخرج الدولابى هذا الحديث فى من يكنى أبا عبد الرحمن ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون هذا الاختلاف من موسى بن هلال نفسه وليس من الرواة عنه , لأن الطرق بالروايتين عنه متقابلة , فمن الصعب والحالة هذه ترجيح وجه على الآخر من وجهى الاختلاف عليه , فالاضطراب منه نفسه فإنه ليس بالمشهور , فقد عرفت آنفا قول ابن عدى فيه " أرجو أنه لا بأس به " وخالفه الآخرون , فقال أبو حاتم والدارقطنى: " مجهول ".
وقال العقيلى عقب الحديث: " لا يصح , ولا يتابع عليه ".
وقال ابن القطان: " الحق أنه لم تثبت عدالته ".
قلت: واضطرابه فى إسناد هذا الحديث مما يدل عندى على ضعفه. والله أعلم.
ثم رأيت ابن عبد الهادى قد مال أخيرا إلى هذا الذى ذكرناه من اضطراب موسى فيه فقال (18) مرجحا أن الصواب قوله " عبد الله بن عمر ": " وكان موسى بن هلال حدث به مرة عن عبيد الله فأخطأ , لأنه ليس من أهل الحديث , ولا من المشهورين بنقله , وهو لم يدرك عبيد الله , ولا لحقه ,(4/337)
فإن بعض الرواة عنه لا يروى عن رجل عن عبيد الله , وإنما يروى عن رجل عن آخر عن عبيد الله فإن عبيد الله متقدم الوفاة كما ذكرنا ذلك فيما تقدم بخلاف عبد الله , فإنه عاش دهرا بعد أخيه عبد الله. وكأن موسى بن هلال لم يكن يميز بين عبد الله وعبيد الله ولا يعرف أنهما رجلان , فإنه لم يكن من أهل العلم ولا ممن يعتمد عليه فى ضبط باب من أبوابه ".
وقد جزم الإمام ابن خزيمة بأن قول موسى فى بعض الروايات عنه " عبيد الله بن عمر " مصغرا خطأ منه فقال بعد أن ساق الحديث فى " صحيحه ": " إن ثبت الخبر , فإن فى القلب منه ". ثم ساق إسناده به ثم قال: " أنا أبرأ من عهدة هذا الخبر , لأن عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروى مثل هذا المنكر , فإن كان موسى بن هلال لم يغلط فيمن فوق أحد العمرين فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر , فأما من حديث عبيد الله بن عمر فإنى لا أشك أنه ليس من حديثه ".
ذكره الحافظ فى " اللسان " وقد وقع فيه بعض الأخطاء صححناها بقدر الإمكان , ثم قال: " وعبد الله بن عمر العمرى بالتكبير ضعيف الحديث , وأخوه عبيد الله بن عمر بالتصغير ثقة حافظ جليل , ومع ما تقدم من عبارة ابن خزيمة وكشفه عن علة هذا الخبر لا يحسن أن يقال: أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " إلا مع البيان ".
قلت: ولذلك فقد تأدب الحافظ السخاوى بتوجيه شيخه هذا فقال فى " المقاصد الحسنة " (1125) : " وهو فى " صحيح ابن خزيمة " وأشار إلى تضعيفه " (1) .
__________
(1) وأخل بذلك ابن الملقن فقال (112/1) : " سكت عنه عبد الحق , وتعقبه ابن القطان , لكن أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه "!.(4/338)
ومن أجل ذلك كله قال ابن القطان فى هذا الحديث: " لا يصح " وأنكر على عبد الحق سكوته عن تضعيفه , وقال: أراه تسامح فيه لأنه من الحث والترغيب على عمل ".
وأنا أخالف ابن القطان فى هذا الذى ظنه من التسامح , وأرى أن عبد الحق يذهب إلى أن الحديث ثابت عنده لأنه قال فى مقدمة كتابه " الأحكام الكبرى ": " وإن لم تكن فيه علة , كان سكوتى عنه دليلا على صحته "!
وأيضا , فقد أورد الحديث فى كتابه الآخر " مختصر أحكام الشريعة " المعروفة بـ (" الأحكام الكبرى ") [1] , وأورد الحديث فيه وقد نص فى مقدمتها قال: " فإنى جمعت فى هذا الكتاب متفرقا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وتخيرتها صحيحة الإسناد , معروفة عند النقاد ... " (1) .
فهذا وذاك يدلان على أن الحديث صحيح عنده , نقول هذا بيانا للحقيقة ودفعا لسوء الظن بعبد الحق أن يسكت عن الحديث الضعيف , وهو يراه ضعيفاً , وإلا فالصواب الذى لا يرتاب فيه من أمعن النظر فيما سبق من البيان أن الحديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة.
ولا يقويه أنه روى من طريق أخرى فإنها شديدة الضعف جدا , أخرجها البزار فى " مسنده " قال: حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن إبراهيم: حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به.
قلت: وهذا إسناد هالك , وفيه علتان:
" الأولى: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف جدا , وهو صاحب
__________
(1) قلت: ونحن فى صدد استنساخ الكتابين , يقوم بنسخ الأول منهما ابنى عبد اللطيف وقد جاوز حتى الآن نصفه , وبدأت بتحقيقه والتعليق عليه وبالآخر ابنى عبد الرزاق , وفقهما الله لطاعته , وأنعم عليهما بمزيد من توفيقه وهدايته.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
{كذا فى الأصل , ولعل الصواب: " الأحكام الصغرى "}(4/339)
حديث توسل آدم بالنبى صلى الله عليهما وسلم , وهو حديث موضوع كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة " رقم (25) .
والأخرى: عبد الله بن إبراهيم وهو الغفارى , أورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " متهم , قال ابن عدى: ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " متروك , ونسبه ابن حبان إلى الوضع ".
قلت: وبه أعله الهيثمى فقال فى " المجمع " (4/2) وتبعه الحافظ فى " التلخيص ":
" رواه البزار وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفارى وهو ضعيف ".
قلت: وفيه قصور لا يخفى.
وقال الإمام النووى فى " المجموع شرح المهذب " (8/272) .
" رواه البزار والدارقطنى بإسنادين ضعيفين " (1) .
وقد روى من حديث أنس , رواه ابن النجار فى " تاريخه المدينة " (ص 397) عن محمد بن مقاتل: حدثنا جعفر بن هارون , حدثنا إسماعيل بن المهدى عن أنس مرفوعا به.
قلت: وهذا إسناد ساقط بمرة , إسماعيل بن مهدى لم أعرفه , وأظنه محرفا من " سمعان بن مهدى " , فإن نسخة " التاريخ " المطبوعة سيئة جدا , فقد جاء فى " الميزان ": " سمعان بن مهدى , عن أنس بن مالك , لا يكاد يعرف , ألصقت به
__________
(1) كذا فى نسختنا المطبوعة من " المجموع شرح المهذب " , ونقل عنه ابن عبد الهادى فى كتابه (ص 18 و32) والمناوى فى " الفيض " أنه قال: " ضعيف جدا ". وهذا أقرب إلى التحقيق , فلعل لفظة " جدا " سقطت من الناسخ أو الطابع. والله أعلم.(4/340)
نسخة مكذوبة , رأيتها , قبح الله من وضعها ".
قال الحافظ فى " اللسان ": " وهى من رواية محمد بن مقاتل الرازى عن جعفر بن هارون الواسطى عن سمعان , فذكر النسخة , وهى أكثر من ثلاثمائة حديث , أكثر متونها موضوعة ... وأورد الجوزجانى من هذه النسخة حديثا , وقال: منكر , وفى سنده غير واحد من المجهولين ".
قلت: ومن الظاهر أن هذا الحديث من هذه النسخة لأنه مروى بسندها.
وجعفر بن هارون , قال الذهبى فى ترجمته: " أتى بخير موضوع ".
قلت: فلعله هو الذى افتعل هذه النسخة.
ومحمد بن مقاتل (وكان فى النسخة: محمد بن محمد بن مقاتل) قال الذهبى: " تكلم فيه , ولم يترك ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف.
وجملة القول: إن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به , وبعض طرقه أشد ضعفا من بعض.
(1129) - (حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فى سواه إلا المسجد الحرام , فصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة [فيما سواه] ". رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين (ص 268) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (3/343 , 397) وابن ماجه (1406) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر به.(4/341)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , وعبد الكريم هو ابن مالك الجزرى.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (87/1) : " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , وأصله فى " الصحيحين " من حديث أبى هريرة وفى مسلم وغيره من حديث ابن عمر , وفى ابن حبان والبيهقى من حيث عبد الله ابن الزبير ".
وأما قول المصنف: " ... بإسنادين صحيحين ".
فهو وهم تبع فيه المنذرى فى " الترغيب " (2/136) فقد عرفت أنهما أخرجاه بإسناد واحد صحيح.
والحديث صححه أيضا ابن عبد الهادى فى " التنقيح " (2/111/2 ـ 2111/1) ..
(1130) - (عن أبى الدرداء مرفوعا: " الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة , والصلاة فى مسجدى بألف صلاة , والصلاة فى بيت المقدس بخمس مائة صلاة ". رواه الطبرانى فى الكبير وابن خزيمة فى صحيحه (ص 268) .
لم أقف على سنده , لنرى رأينا فيه [1] , وقد حسنه بعضهم.
وقد أورده المنذرى فى " الترغيب " (2/137) بهذا اللفظ ثم قال: " رواه الطبرانى فى الكبير , وابن خزيمة فى صحيحه " ولفظه: " صلاة فى المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فيما سواه , وصلاة فى مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمس مائة صلاة ". ورواه البزار ولفظه: " فضل الصلاة فى المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة , وفى مسجدى ألف صلاة , وفى مسجد بيت المقدس خمس مائة صلاة ". وقال البزار: " إسناده
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
قال صاحب التكميل ص / 48:
رواه البزار فى " مسنده ": (1 / 212 - كشف الأستار) , ومن طريقه ابن عبد البر فى " التمهيد ": (6 / 30) , ورواه ابن عدى: (3 / 1234) , والبيهقى فى " الشعب ": (3 / 484 - 485) , من طريق سعيد بن سالم القداح , حدثنا سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبيد الله , عن أم الدرداء , عن أبي الدرداء به مرفوعا.
ونقل ابن عبد البر عن البزار أنه قال: هذا إسناد حسن , وكذا نقله عن البزار الحافظ فى " الفتح ": (3 / 67) , ولم يتعقبه بشىء.
وذكره الهيثمى فى " مجمع الزوائد ": (4 / 7) بلفظ الكتاب , وقال: (رواه الطبرانى فى " الكبير " , ورجاله ثقات , وفي بعضهم كلام , وهو حديث حسن) انتهى.
وتحسين إسناده مشكل عندى , لأن سعيد بن بشير ليس ممن يحتج بحديثه , سيما وقد تفرد به , قال البزار: (لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعا إلا بهذا الإسناد) انتهى.
وقال ابن عبد البر بعد سياقه الحديث: (وقد روى من حديث عثمان بن الأسود عن مجاهد عن جابر مثله سواء) انتهى.
قلت: رواه الفاكهى: (2 / 90) , ابن عدى فى " الكامل ": (7 / 2670) , ومن طريق الفاكهى أخرجه البيهقى فى " شعب الإيمان ": (3 / 486) .(4/342)
حسن ". كذا قال ".
قلت: فقد أشار المنذرى إلى أن تحسين البزار لسنده ليس بالمرضى عنده , وقد بين وجه ذلك الحافظ الناجى فى كتابه الذى وضعه على " الترغيب " فقال: (من 135/1) :
" وهو كما قال المصنف , إذ فيه سعيد بن سالم القداح , وقد ضعفوه , ورواه عن سعيد بن بشير , وله ترجمة فى آخر الكتاب فى الرواة المختلف فيهم ".
قلت: وهو ضعيف , كما جزم به الحافظ فى " التقريب " , وأما القداح , فقال فيه: صدوق , يهم ".
وقال الهيثمى فى اللفظ الأول (4/7) : " رواه الطبرانى فى " الكبير " ورجاله ثقات , وفى بعضهم كلام , وهو حديث حسن".
قلت: إن كان إسناده وكذا إسناد ابن خزيمة من الوجه الذى أخرجه البزار , فقد علمت أنه ضعيف , وإن كان من غيره ـ وهذا ما لا أظنه ـ فإنى لم أقف عليه. فمن كان عنده علم بذلك فليتحفنا به , وجزاؤه عند ربه , تبارك وتعالى.
ثم رأيت الحديث فى " مشكل الآثار " للطحاوى (1/248) من طريق سعيد بن سالم القداح عن سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبد الله عن أم الدرداء عن أبى الدرداء مرفوعا بلفظ البزار , وقد عرفت ضعفه.
لكن له شاهد من حديث جابر مرفوعا نحوه.
رواه البيهقى فى " شعب الإيمان " كما فى " الجامع الصغير " للسيوطى , لكنه قال فى " الكبير " (2/61/1) : " والخطيب فى " المتفق والمفترق " , وفيه إبراهيم بن أبى حية واهٍ ".
قلت: يعنى ضعيف جدا.
قال البخارى: منكر الحديث.
وقال الدارقطنى: متروك.
واتهمه ابن حبان بتعمد الوضع.(4/343)