ـ[إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل]ـ
المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ)
إشراف: زهير الشاويش
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت
الطبعة: الثانية 1405 هـ - 1985م
عدد الأجزاء: 9 (8 ومجلد للفهارس)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي]
__________
(تنبيه) :
- تم إضافة كتاب: «التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل» لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله-، وذلك في مواضعه الملائمة من هامش الكتاب، وكذا إضافة بعض الاستدراكات المهمة وتخريجات لأحاديث لم يعثر عليها الشيخ ولا صاحب التكميل
- الأرقام بين الهلالين () هي حواشي المطبوع، أما الأرقام بين معكوفين [] ، فهي لمُعِدّ نسخة الشاملة
- الكلام الموجود بين هذه الأقواس {} غير موجود في الأصل وإنما تم وضعه ليستقيم الكلام.(/)
[مقدمات]
مقدمة الناشر الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
أما بعد، فقد تم توزيع الطبعة الأولى من هذا الكتاب، ولاقت من أهل العلم والفضل من القراء الكرام كل ترحيب وثناء.
وأقدمه الآن للطبع للمرة الثانية، وكنت أرجو أن يكون الاتصال ممكنا مع استاذنا الشيخ ناصر الدين لنضيف إليه ما قد يكون جد عنده، غير أن ذلك تعذر، فنحن في لبنان بظروف احتلال وحصار، وهو في الأردن، ولا سبيل للاتصال بالتقابل أو البريد بوجه من الوجوه.
لذلك قمت بمراجعة الكتاب، وإصلاح ما صح عندي أنه خطأ مطبعي يقينا. وقد أشرت في بعض المواضع إلى ذلك مخافة أن يكون عملي مجانبا للصواب.
والله أسال أن يحسن مثوبة المؤلف، وكل من أعان على نشر سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يفرج عن البلاد والعباد، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.
بيروت 10 جمادى الآخرة 1405
زهير الشاويش(1/3)
مقدمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونصلي ونسلم على محمد وآله وصحبه.
أما بعد، فإنني أحمد الله على فضله وإحسانه إذ يسر لي نشر هذا الكتاب القيم، الذي سبق وأعلنت عن قرب صدوره منذ سنوات قاربت العشرين، غير أن الله جلت حكمته قدر غير ذلك، إذ حالت الظروف القاهرة بيننا وبين ما نريد حتى اليوم، وقدر الله وما شاء فعل.
ولا بد لي من تقديم الشكر لأستاذي الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على استجابته لتأليفه وتخريج أحاديثه التي قاربت الثلاثة آلاف حديث، هذا التخريج العلمي الذي قل أن تجد له نظيرا، فجزاه الله كل خير.
وكذلك الشكر للعلماء الأفاضل الذين شاركوا في الرغبة في تخريجه، ومنهم أستاذي الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، والشيخ محمد نصيف، وسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود، والأخ الشيخ عبد الله بن تركي، وغيرهم من أهل الفضل والعلم والاهتمام بحديث رسول الله، وتنقية الفقه من الدخيل والمكذوب.
وإن الذين كتبوا إلي وإلى الشيخ ناصر الدين أكثر من أن تحصيهم هذه العجالة، وما ذكرت من ذكرت إلا على سبيل المثال، جزى الله الجميع الخير.
وبما أنه لا بد لي من رد الفضل إلى أهله، فإني أذكر أن فكرة الكتاب أول ما كانت في حديث ضم بعض أهل العلم في داري بدمشق، ومنهم الأفاضل الشيخ محمد بهجة البيطار، والشيخ مصطفى السباعي رحمهما الله، والأستاذ(1/5)
عصام العطار حفظه الله. بعد طبع منار السبيل مباشرة، وكان محل إعجابهم، غير أنهم لاحظوا حاجة الكتاب إلى التخريج، ثم حدث لقاء مع المحسن الشيخ قاسم الدرويش، فذكر له الأستاذ عصام هذا الرأي. فقال: وهذا أيضا رأي الشيخ ابن مانع. وهذا لو تم التخريج.
ومن هنا أجمعت الرأي، وفاتحت الشيخ محمد ناصر الدين واتفقت وإياه على هذا العمل الذي أمضى به الزمن الطويل، وأودعه علمه الغزير، وعطل من أجله الكثير من مشاريعه التي كان يعمل بها.
ولم يتوقف عنه - فيما أعلم - إلا عندما دعي من قبل موسوعة الفقه الإسلامي في الجامعة السورية بدمشق لاستخراج الأحاديث على الصورة التي كان يريد الأستاذ السباعي إخراج الموسوعة بها، والتي قدر الله تحويلها عن قصدها بعد مرضه، وإيقافها بعد وفاته.
وقد أعانني على مقابلة تجاربه عدد من الأخوة الأكارم في قسم التصحيح في المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق، والأخ الشيخ عيد العباسي، شكر الله لهم جزاء ما قدموه من جهد.
هذا وإنني استخرت الله في إلحاق منار السبيل في شرح الدليل بهذه الطبعة من الإرواء، وعمل جزء فيه فهرس هجائي للأحاديث مع بيان درجته مع رقم الحديث والصفحة التي فيها الحديث الإرواء والمنار وفهرسا للأعلام.
وهذا كله مما ييسر الأمر على المراجع. والله أسأل أن ينفع به، وسبحانك اللهم وبحمدك، والصلاة والسلام على خيرة خلقك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بيروت 10 شعبان 1399
زهير الشاويش(1/6)
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأنتمْ مُسْلِمُونَ} ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .
أما بعد، فهذا كتابنا إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، نقدمه اليوم إلى قرائنا الكرام بعد أن كثر السؤال عنه، وألح بطبعه كثير من أهل العلم والفضل في مختلف البلاد الإسلامية، كلما جاء ذكره، أو بلغهم اسمه. وقد كنت فرغت من تخريجي منذ أكثر من خمسة عشر عاما، ولذلك جريت على الإحالة عليه في تخريج بعض(1/7)
الأحاديث في كثير من مؤلفاتي المطبوعة منها والمخطوطة، سواء ما كنت قد سلكت في تخريجه مسلك البسط، أو التوسط، أو الإيجاز، أوالاكتفاء بذكر مرتبة الحديث فقط، مثل الأحاديث الصحيحة (1) . والأحاديث الضعيفة (2) ، وغاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (3) وظلال الجنة في تخريج كتاب السنة، والتعليق الرغيب على الترغيب والترهيب (4) ، ومثل بعض الرسائل الصغيرة نحو الكلم الطيب، والتوسل: أنواعه وأحكامه، والآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات وغيرها.
ولذلك فإنه كان من الضروري إخراجه إلى عالم المطبوعات منذ سنين، تيسيرا علي في المراجعة عند الإحالة أولا، واستجابة لرغبة أهل العلم وإفادتهم ثانيا.
ومع أن الفضل في تأليفه يعود إلى الأخ الفاضل الأستاذ محمد زهير الشاويش، وكان حريصا على نشره على الناس، إلا أنه حال بينه وبين ذلك أسباب منها اضطراره إلى الخروج من سورية، ثم من لبنان لمدة طويلة، وأخيرا الوضع المضطرب في بيروت منذ بضع سنوات.
والآن وقد استقرت الأوضاع بعض الشيء وتيسرت له سبل الطباعة، فقد بادر - جزاه الله خيرا - إلى إخراجه إلى عالم المطبوعات، فضم بذلك فضلا إلى فضل، أتم الله علينا وعليه نعمه ظاهرة وباطنة.
ثم إن الباعث على هذا التخريج كان أمورا أذكر أهمها:
الأول: أن أصله: منار السبيل.... هو من أمهات كتب مذهب الإمام أحمد إمام السنة، الذي جمع من الأحاديث مادة غزيرة، قلما تتوفر في كتاب فقهي آخر في مثل حجمه - إذ هو جزءان فقط - حتى بلغ عددها ثلاثة آلاف حديث أو زادت، جلها مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) طبع منه المجلد الأول والثاني والثالث.
(2) طبع منه المجلد الأول والثاني
(3) طبع والحمد لله.
(4) ثم صيرت كتاب الترغيب كتابين: صحيح الترغيب والترهيب وضعيف الترغيب والترهبب وقد طبع الأول من الصحيح.(1/8)
الثاني: أنه لا يوجد بين أيدي أهل العلم وطلابه كتاب مطبوع في تخريج كتاب في الفقه الحنبلي كما للمذاهب الأخرى، خذ مثلا كتاب نصب الراية لأحاديث الهداية (1) في الفقه الحنفي، للحافظ جمال الدين الزيلعي، وتلخيص ابن حجر العسقلاني، فرأيت أن من واجبي تجاه إمام السنة، ومن حقه علي أن أقوم بخدمة متواضعة لمذهبه وفقهه، رحمه الله تعالى، وذلك بتخريج هذا الكتاب.
الثالث: أنني توخيت بذلك أن أكون عونا لطلاب العلم والفقه عامة، والحنابلة منهم خاصة، الذين هم - فيما علمت - أقرب الناس إلى السنة على السلوك معنا في طريق الاستقلال الفكري الذي يعرف اليوم ب الفقه المقارن، هذا الفقه الذي لا يعطيه حقه - اليوم - أكثر الباحثين فيه، والمدرسين لمادته في كليات الشريعة المعروفة الآن، فإن من حقه أن لا يستدل فيه بحديث ضعيف لا تقوم به حجة. فترى أحدهم، يعرض لمسألة من مسائله، ويسوق الأقوال المتناقضة فيه، ثم لا يذكر أدلتها التفصيلية، فإذا كان فيها شيء من الأحاديث النبوية حشرها حشرا، دون أن يبين ويميز صحيحها من حسنها، بل ولا قويها من ضعيفها، فيكون من نتيجة ذلك وآثاره السيئة أن تتبلبل أفكار الطلاب وتضطرب آراؤهم في ترجيح قول على قول آخر، ويكون عاقبة ذلك أن يتمكن من قلوبهم الخطأ الشائع: أن الحق يتعدد (2) بل صرح بعضهم أخيرا فقال: إن هذه الأقوال المتعارضة كلها شرع الله! وأن يزدادوا تمسكا بالحديث الباطل: "اختلاف أمتي رحمة (3) " وقد تتغلب العصبية المذهبية على أحدهم، وقد يكون هو أستاذ المادة نفسه فيرجح من تلك الأقوال الموافق لمذهبه، وينتصر له بحديث من تلك الأحاديث، وهو لا يدري أنه حديث ضعيف عند أهل الحديث، ونقاده، والمنهج العلمي الصحيح يوجب عليه أن يجري عملية تضعيفه بين تلك الأحاديث المتعارضة، المستدل بها للأقوال المتناقضة، فما كان منها ضعيفا لا تقوم به حجة، تركت جانبا، ولم يجز المعارضة بها، وما كان منها صحيحا أو ثابتا جمع بينها بوجه من وجوه التوفيق المعروفة في علم أصول الفقه وأصول الحديث، وقد أوصلها الحافظ العراقي في حاشيته على علوم الحديث لابن الصلاح إلى أكثر من مائة وجه.
__________
(1) وهو من مطبوعات المكتب الاسلامي.
(2) انظر مقدمة كتابي صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) انظر كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم 57.(1/9)
الرابع: أن لمثل هذا التخريج العلمي علاقة وثقى بما اصطلحت على تسميته ب التصفية، وأعني بها أن النهضة الإسلامية المرجوة لا يمكن أن تقوم إلا على أساس تصفية الإسلام مما دخل فيه على مر القرون، ومن ذلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبخاصة ما كان منها في كتب الفقه، وقد أقيمت عليها أحكام شرعية، فإن تصفية هذه الكتب من تلك الأحاديث مع كونه واجبا دينيا، لكي لا يقول المسلم على نبيه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله أو ما لا علم له به، فهو من أقوى الأسباب التي تساعد المسلمين المختلفين على التقارب الفكري، ونبذ التعصب المذهبي.
الخامس: أننا - بمثل هذا التخريج والتصفية - نسد الطريق على بعض المبتدعة الضالة الجهلة، الذين يحاربون الأحاديث النبوية وينكرون حجية السنة، ويزعمون أن الإسلام ليس هو إلا القرآن! ويسمون في بعض البلاد القرآنيين. وليسوا من القرآن في شيء (1) .
ويلبسون على الجهال بقولهم: إن السنة غير محفوظة، وإن بعضها ينقض بعضا، ويأتون على ذلك ببعض الأمثلة، منها حديث: "خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء"، يعني عائشة (2) ثم يعارضون به قوله صلى الله عليه وسلم في النساء "أنهن ناقصات عقل ودين" (3) ويقولون: أنظروا كيف يصف النساء بالنقص في هذا الحديث ثم يأمر بأخذ شطر الدين من عائشة، وهي متهمة في النقص! فإذا ما علم المسلم المتبصر في دينه أن الحديث الأول موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الآخر صحيح زال التعارض المزعوم أولا، لأنه لا يصح في عقل عاقل - غير مجنون - معارضة الحديث الصحيح بالموضوع، وانكشف تلبيسهم وجهلهم وضلالهم. ثم إذا رجع إلى الحديث الآخر الصحيح ثانيا وأخذه بتمامه من مصدره الموثوق به، يتبين له أن النقص المذكور ليس إطلاقه كما يتعمد الدجالون أن يوهموا الناس وإسقاطا منهم للسنة من قلوبهم زعموا، وإنما هو أن المرأة لا تصلي ولا تصوم وهي حائض، وأن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، كما جاء تفسيره في الحديث نفسه في صحيح البخاري وغيره. وهذا هو الشأن على الغالب بين
__________
(1) انظر رسالتي منزلة السنة في الاسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن
(2) حديث موضوع، انظر المنار المنيف للعلامة ابن القيم.
(3) رواه البخاري 1/346 - رقم 725 من هذا المختصر.(1/10)
الأحاديث الضعيفة والصحيحة، وطرق شياطين الإنس والجن لإضلال الناس كثيرة متنوعة، فهذا يضل بمثل حديث عائشة المذكور آنفا، وآخر بمثل الحديث المتقدم اختلاف أمتي رحمة.
من أجل كل ذلك كان هذا التخريج النافع إن شاء الله تعالى.
واعلم أن فن التخريج ليس غاية في نفسه عند المحققين من المحدثين، بحيث يقتصر أمره على أن نقول مخرج الحديث: أخرجه فلان وفلان و. - عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يفعله عامة المحدثين قديما وحديثا، بل لا بد أن يضم إلى ذلك بيانه لدرجة كونه ضعيفا، فإنه والحالة هذه لا بد له من أن تتبع طرقه وشواهده لعله يرتقي الحديث بها إلى مرتبة القوة، وهذا ما يعرف في علم الحديث بالحسن لغيره، أو الصحيح لغيره. وهذا في الحقيقة من أصعب أنواع علوم الحديث وأشقها، لأنه يتطلب سعة في الاطلاع على الأحاديث والأسانيد في بطون كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها، ومعرفة جيدة بعلل الحديث وتراجم رجاله، أضف إلى ذلك دأبا وجلدا على البحث، فلا جرم أنه تقاعس عن القيام بذلك جماهير المحدثين قديما، والمشتغلين به حديثا وقليل ما هم.
على أنني أرى أنه لا يجوز في هذه الأيام الاقتصار على التخريج دون بيان المرتبة، لما فيه من إيهام عامة القراء الذين يستلزمون من التخريج القوة - أن الحديث ثابت على كل حال. وهذا مما لا يجوز، كما بينته في مقدمة: غاية المرام، فراجعه فإنه هام.
من أجل ذلك فإني قد جريت في هذا التخريج كغيره على بيان مرتبة كل حديث في أول السطر ثم اتبع ذلك بذكر من خرجه، ثم بالكلام على إسناده تصحيحا أو تضعيفا، وهذا إذا لم يكن في مخرجه الشيخان أو أحدهما، وإلا استغنيت بذلك عن الكلام، كما كنت بينته في مقدمتي لتخريج أحاديث شرح العقيدة الطحاوية، ومقدمتي على مختصر مسلم للمنذري. وقد لا يتيسر لي الوقوف على إسناد الحديث، وحينئذ أنقل ما وقفت عليه من تخريج وتحقيق لأهل العلم، أداء للأمانة، وتبرئة للذمة، ولكني في هذه الحالة أبيض للحديث على الغالب، فلا أذكر له مرتبة.
والله - سبحانه وتعالى - أسال أن يسدد خطانا، وأن يحفظ علينا ما به من النعم(1/11)
أولانا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويصلح أعمالنا، ويخلص نوايانا وأن يعاملنا بفضله إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. بيروت غرة رجب 1399.
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني.(1/12)
ترجمة المؤلف الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان
بقلم الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد
مع تتمتها بقلم الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع
نسبه:
هو من قبيلة آل زهير، وهم ينتسبون إلى قبيلة بني صخر القبيلة المشهورة ولد في بلد الرس في سنة ألف ومائتين وخمسة وسبعين، ونشأ بها وقرأ على علمائها ثم أنتقل إلى عدة بلدان لطلب العلم، حتى اشتهر بالعلم والفضل وفاق أقرانه، وكان متفننا في كثير من العلوم، وكان مع ذلك كاتبا مجيدا حسن الخط يضرب المثل بحسن خطه، وكان سريع الكتابة حتى انه كان يكتب الكراريس في المجلس الواحد وله مكتبة عظيمة غالبها بخط يده، وكان إليه المرجع في بلد الرس في الإفتاء والتدريس والنفع العام.
أخلاقه: كان سمحا متواضعا دمث الأخلاق رفيقا سهلا قريبا من كل أحد، وكان(1/13)
إليه مرجع الفتوى في بلده لجميع الطبقات في ما يشكل عليهم من أمر دينهم، لسماحته ودماثة أخلاقه وسهولة جانبه وحرصه على النفع.
مشايخه:
1- منهم الشيخ عبد العزيز بن محمد بن مانع أحد قضاة عنيزة المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وسبع هجرية، وهو والد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع المشهور بالعلم والفضل والذي له عدة مصنفات مشهورة وتنقل في المملكة العربية السعودية في عدة وظائف كرئاسة هيئة التمييز، وإدارة المعارف العامة مع التعليم في الحرم المكي إلى غير ذلك من الوظائف الهامة، والمترجم له قد رثى شيخه الشيخ عبد العزيز المحمد المانع بقصيدة طويلة مشهورة (1) .
2 - ومن مشايخه أيضا الشيخ محمد بن عمر بن سليم المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وثمانية هجرية.
3 - ومن مشايخه الشيخ صالح بن فرناس بن عبد الرحمن بن فرناس المتوفى في يوم الاثنين من شهر ذي الحجة سنة ألف وثلاثمائة وستة وثلاثين والشيخ صالح كان قاضيا في بلد الرس مدة طويلة، وقبل ذلك كان قاضيا في القصيم، وللشيخ إبراهيم مشايخ غير هؤلاء.
تلاميذه:
1 - منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز الرشيد قرأ عليه وكان إذ ذاك قاضيا في بلد الرس وقرأ عليه تلاميذ كثيرون لم يشتهروا.
__________
(1) تجدها في الصفحة 17 من هذه الترجمة.(1/14)
مصنفاته:
كان له عدة مصنفات في مواضيع شتى تدل كل غزارة علمه وسعة اطلاعه وطول باعه.
1 - كان له إلمام تام في الأنساب حتى أنه كان المرجع في هذا الشأن وقد كتب رسالة في أنساب أهل نجد.
2 - وكان له إلمام في التاريخ ومعرفة الحروب والوقائع، وقد كتب في هذا الموضوع رسالة مختصرة ابتدأها من سنة سبعمائة وخمسين إلى سنة ألف وثلاثمائة وتسعة عشر، واعتناؤه فيها بذكر الوفيات أكثر من اعتنائه بذكر الغزوات والوقائع.
3 - وله أيضا معرفة في رجال الفقه الحنبلي وقد كتب في ذلك مصنفا سماه كشف النقاب في تراجم الأصحاب ابتدأ فيه بذكر ترجمة الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله.
4 - وكان أيضا فقيها واسع الاطلاع في الفقه، وكثيرا ما سيءل بحضوري عن مسائل فقهية فيجيب من سأله بسرعة ويذكر الدليل والتعليل وقد صنف في الفقه عدة مصنفات.
منها شرح الدليل وقد سماه منار السبيل في شرح الدليل والحق أنه اسم طابق مسماه فقد أتى في هذا الكتاب بما يشفي العليل ويروي الغليل بعبارة سهلة واضحة، مع اعتنائه فيه بذكر الدليل والتعليل. وله أيضا حاشية على شرح الزاد رأيتها بخطه، وله كتب غير هذه.(1/15)
ثم إن المذكور عمي في آخر عمره، فكان ملازما للمسجد في غالب أوقاته وكان زاهدا متقللا من الدنيا لم يشتغل بشيء من الأعمال الحكومية.
وفاته: توفى رحمه الله تعالى في سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وخمسين في ليلة عيد الفطر وكانت وفاته فجأة وصلي عليه بعد صلاة العيد وقد حضر جنازته جميع أهل البلد ومشوا معها وحزنوا على فراقه حزنا عظيما لماله في قلوبهم من المكانة العظيمة والمحبة الصادقة، لما اتصف به المذكور من أخلاق سامية، وحرص على النفع العام فرحمه الله رحمة واسعة. أنتهى
جمعها الفقير إلى الله: عبد العزيز الناصر الرشيد(1/16)
تتمة الترجمة بقلم الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع
هذه الترجمة المتقدمة قد وصلتنا مع شرح الدليل من الرياض، بقلم العالم الفاضل الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد وقد كتب إلي أحد المشايخ هناك أنه سأل الشيخ عبد العزيز عن الشيخ محمد بن عمر بن سليم الذي ذكر أنه أحد مشايخ الشارح الشيخ إبراهيم بن ضويان فقال: مرادي بذلك أبا الشيخين عبد الله وعمر فحينئذ يكون شيخ الشيخ ابن ضويان، شيخنا العلامة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم لم
القصيم في زمانه، وقاضي مدينة بريده وقد قرأت عليه في الحديث والفرائض والنحو وهو أخذ العلم عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن (1) وابنه الشيخ عبد اللطيف (2) والشيخ عبد الله أبي بطين جد والدي لأمه وأما القصيدة التي رثا بها والدنا وأشار إليها الشيخ عبد العزيز فهى:
على الحبر بحر العلم من كان باكيا ... هلم إلينا نسعدنه لياليا
سأبكي بكاء المشكلات لشجوها ... وأرسل دمعا كان في الجفن آنيا
على عالم حبر إمام سميدع (3) ... عليم وذي فضل حليف المعاليا
يقضي بحل المشكلات نهاره ... وفي الليل قواما إذا كان خاليا
فضائله لا يحصر النظم عدها ... ويقصر عنها كل من كان راثيا
__________
(1) حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتوفى سنة 1285
(2) المتوفى سنة 1293
(3) السميدع: بفتح السين: السيد الموطأ الاكناف.(1/17)
وثلمته يا صاح من ذا يسدها ... ونجم توارى بعد ما كان باديا
إمام على نهج الإمام ابن حنبل ... لقد كان مهديا وقد كان هاديا
عليم بفقه الأقدمين محقق ... وقد كان في فقه الأواخر راسيا
وقد حاز في علم الحديث محلة ... وللسلف الماضين قد كان قافيا
وفي كل فن فهو للسبق حائز ... وفي العلم مقدام حميد المساعيا
فلا نعمت عين تضن بمائها ... عليه ولا قلب من الحزن خاليا
فوا لهفا من فادح حل خطبه ... وحصن من الإسلام قد صار واهيا
لقد صابنا أمر من الحزن مفجع ... لدن جاءنا من كان للشيخ ناعيا
فجالت بنا الأشجان من كل جانب ... وأرق جفن العين صوت المناديا
بموت الفتى عبد العزيز بن مانع ... سلالة أمجاد تروم المعاليا
لقد كان بدرا يستضاء بضوئه ... فأضحى رهينا في المقابر ثاويا
فوا حزنا إن كان إلا بقية ... تخلف من بعد الهداة المواضيا
فسار على منهاجهم واقتفاهم ... على منهج التوحيد قد كان داعيا
لقد عاش بالدنيا على الأمر بالتقى ... وعن مؤبقات الإثم ما زال ناهيا
فيا أيها الإخوان لا تسأموا البكا ... على عالم قد كان في العلم ساميا
تغمده الرب الكريم بفضله ... ولا زال هطال من العفو هاميا
على قبره يهمي عشيا وبكرة ... وبوأه قصرا من الخلد عاليا
وصل إلهي كلما هبت الصبا ... وما أنهلت الجون الغداف العواديا(1/18)
على المصطفى والآل والصحب كلهم ... وتابعهم والتابعين الهواديا
ثم إن هذا الشرح الجليل، من أحسن ما كتبه العلماء على متن الدليل، الذي اختصره العلامة الشيخ مرعي من متن المنتهى، فقد سلك فيه مؤلفه مسلكا جيدا مفيدا، فذكر عند كل مسألة دليلها أو تعليلها، وربما ذكر بعض الروايات القوية المخالفة لما اختاره الأصحاب، لحاجة الناس إليها، مع أن مسائل الدليل هي الراجحة في المذهب وعليها الفتوى. وقد عنى المتأخرون من الحنابلة بمتن الدليل، والكتابة عليه ما بين شرح وحاشية ونظم، وذلك لما عرفوه من غزارة علمه وكثرة فوائده.
فشرحه العلامة الشيخ عبد القادر التغلبي الشيباني (1) وشرحه في جزئين وهو مطبوع متداول مشهور، ولكنه يعوزه التحقيق وعلى هذا الشرح حاشية للشيخ عبد الغني اللبدي مفيدة جدا تحرر بها شرح التغلبي.
وشرحه الشيخ محمد بن أحمد السفاريني (2) بشرح لم يكمل وشرحه إسماعيل الجراعي (3) في مجلدين، وعليه حاشية المصطفى الدمشقي (4) وكذلك عليه حاشية لأحمد بن عوض المرداوي في مجلدين وشرحه الشيخ عبد الله المقدسي، ذكره ابن عوض في حاشيته.
ونظمه محمد بن إبراهيم بن عريكان من أهل القصيم من بلد الخبرا. ونظمه أحد علماء حلب كما ذكره العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ (5) في تاريخ حلب.
__________
(1) المولود في دمشق سنة 1052 والمتوفى فيها سنة 1135.
(2) المولود سنة 1114 والمتوفى سنة 1288
(3) المولود بدمشق سنة 1134 والمتوفى سنة 1202.
(4) هو الشيخ مصطفى الدومي المعروف - في دمشق - بالدوماني الصالحي 5 المتوفى بحلب سنة 1370.
(5) المتوفى بحلب سنة 1370.(1/19)
وما عني هؤلاء العلماء بهذا المتن إلا لجلالة قدره عندهم، ومعرفتهم بما تضمنه من التحقيق، ولهذا قال مؤلفه: لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان. وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان.
وقد قرظه جماعة من علماء المذهب وغيرهم كما في السحب الوابلة وقرأت في تاريخ ابن بشر عنوان المجد أن الشيخ مرعي لما ألف الدليل عرضه على الشيخ منصور البهوتي فأثنى عليه. وليس هذا بصواب فإن متن الدليل ألف قبل ولادة الشيخ منصور، فقد ذكر صاحب السحب الوابلة أن ممن قرظه الشيخ عبد الله الشنشوري، وهذا العالم مات قبل ولادة الشيخ منصور بسنة واحدة فإنه مات سنة 999 تسعمائة وتسعة وتسعين، والشيخ منصور ولد سنة ألف من الهجرة (1) والذي عرض عليه الشيخ مرعي كتاب الدليل إنما هو الإمام عبد الرحمن البهوتي المعمر (2) كما في حاشية أحمد بن عوض على الدليل. وقد ذكرنا عددا من الشروح والحواشي على هذا المتن المبارك، لكن منار السبيل لم يأت أحد بمثاله، ولم ينسج على منواله، فلهذا سمت همة الفاضل النجيب قاسم بن درويش فخروا إلى طبعه ونشره، وجعله وقفا على أهل العلم جزاه الله خيرا، وشكر له سعيه، وضاعف له الأجر، وأجزل له الثواب، وأدام إنعامه عليه بمنه تعالى وكرمه.
__________
(1) توفي بمصر سنة 1051.
(2) وكانت وفاته بعد سنة 104 كما في ترجمة المحبي له.(1/20)
مقدمة
منار السبيل
بقلم زهير الشاويش
إن الحمد لله نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، فهذا كتاب منار السبيل شرح دليل الطالب، نقدمه للطباعة للمرة الأولى عن نسخة المؤلف الشيخ إبراهيم بن سالم بن ضويان كتبها بخطه سنة 1322 وتقع في ست وثلاثين ومائتي ورقة قياس 23 * 15 وفي كل صفحة من صفحاتها أربع وعشرون سطرا وفي بعضها أقل من ذلك أو أكثر (1) .
وكتب في وجه غلافها من به الكريم المنان، على مصنفه وكاتبه الفقير المعترف بالذنب والتقصير، وفي آخر الكتاب قال: وهذا آخر ما تيسر من شرح هذا الكتاب ... كتبه الفقير إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان لنفسه ولمن يشاء من بعده.
وفصل المؤلف المتن عن شرحه بوضع خط أحمر فوق كلمات المتن، وزاد خطا آخرا على بعض الكلمات التي أراد التنبيه عليها مثل وسننه ثمانية.
وقد عارضنا متن الكتاب على ثلاث نسخ خطية - يأتي وصفها - فحرصنا على إبقاء ما جاء في الأصل، إذا أيدته إحدى النسخ، أو كان الشرح متناسبا معه.
__________
(1) انظر رموز صفحتها الأولى في الصفحة 26 من هذه المقدمة.(1/21)
وما كان الخطأ فيه ظاهرا أصلحناه، أو كان غير ذلك أشرنا إليه في موضعه.
وفصلنا المتن عن الشرح بجعل عبارة المتن بحرف أسود ضمن قوسين في أول كل سطر وعبارة الشارح بالحرف العادي مرتبطة بما سبقها من المتن، وبذلك تسهل متابعة المتن، ومراجعة الشرح.
وفصلنا الآيات الكريمة بجعلها بين هلالين بحرف مشكول يخالف حروف المتن والشرح.
وجعلنا الأحاديث النبوية والآثار ضمن هلالين مزدوجين.
وأما الكلمات التي أراد المؤلف لفت النظر إليها حيث وضعها تحت خط أحمر فقد جعلنا فوقها خطا أسود (1) .
والنسخ المخطوطة التي عارضنا بها متن الأصل ثلاث: (2) .
الأولى مخطوطة يملكها التاجر المحترم أمين أفندي الكتبي وهي مقروءة عليها تعليقات لطيفة كتبت سنة 1224 بقلم صالح البيتاوي الحنبلي، وكان أكثر ما استفدناه في مقابلة المتن منها. وقد كتب في الصفحة الأولى منها:
أنا حنبلي ماحييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وفيها أيضا:
لئن قلد الناس الأئمة إنني ... لفي مذهب الحبر ابن حنبل راغب
__________
(1) وكان وضعنا للخط فوق الكمات المراد التنبيه عليها جريا على قاعدة المؤلفين المسسلمين - كما صنع المؤلف - وأما وضع الخط تحت هذه الكلمات فهو من التقليد للأوروبين.
(2) وأما النسخة المطبوعة بمصر فلم نستفد منها لكثرة ما فيها من الخطأ والتحريف.(1/22)
أقلد فتواه وأعشق قوله ... وللناس فيما يعشقون مذاهب
المخطوطة الثانية هي من محفوظات المكتبة الظاهرية وتحمل الرقم 40 فقه حنبلي وردت إليها مع الكتب الموقوفة على المدرسة المرادية بدمشق.
الورقة الأولى بخط يخالف خط النسخة وينقص آخرها بعض الأوراق ذهب معه تاريخها والظاهر أنها أقدم نسخ الكتاب وخطها جيد.
وفي هامش غلافها أبيات منها:
عصيت الله أيامي وليلي ... وفي العصيان قد أسبلت ذيلي
فويلى إن حرمت جنان (1) عدن ... وويلي إن دخلت النار ويلي
المخطوطة الثالثة، وهي من محفوظات الظاهرية أيضا وتحمل الرقم 41 فقه حنبلي، ووردت إليها مع الكتب الموقوفة على المدرسة المرادية.
وهي نسخة كاملة بخط غير واضح كتبت سنة 1194 بيد أحمد بن محمد ابن ناصر.
وفي آخرها أبيات منها:
يا طالب الرزق ني الآفاق مجتهدا ... اقصر عناك لأن الرزق مقسوم
وقد كان طبعه بأمر المحسن الكريم الشيح قاسم بن درويش فخروا الذي بذل ومازال يبذل من كريم ماله في نشر كتب العلم وذلك بإرشاد ونصح أستاذنا العلامة المفضال الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع الذي كان له الفضل الأكبر بطبع عدد كبير من كتب العلم في البلاد السعودية - حيث تسلم أعلى مناصب المعارف فيها - وفي قطر - حيث جاءها للنظر في شؤون معارفها -
__________
(1) في الأصل، جنات: وهو تصحيف.(1/23)
فكان لوجوده الميمون نهضة طيبة نرى آثارها فيما طبع سمو حاكم البلاد الشيخ علي بن عبد الله الثاني. وما طبع المحسن الشهير قاسم بن درويش. والله - سبحانه وتعالى أسأل أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم، وأن يحسن مثوبة مؤلفه والمرشد لطبعه، ومن بذل في سبيل إخراجه ماله أو جهده.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دمشق غرة شعبان 1378
زهير الشاويش(1/24)
ترجمة صاحب المتن
العلامة الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي
هو مرعي بن يوسف الكرمي (1) ثم المقدسي الحنبلي، العلامة المحقق الفقيه المطلع على العلوم المتداولة، قطع زمانه بالافتاء والتدريس والتصنيف. وقد بلغت مؤلفاته عددا كبيرا، عد منها المحبي سبعين مؤلفا، أعظمها غاية المنتهى، ودليل الطالب وهو منار السبيل متن هذا الكتاب. والكواكب الدرية في مناقب ابن تيمية وقد حققه العالم الجليل محمد الصباغ. وهو تحت الطبع عندنا.
شيوخه:
أخذ الفقه عن الشيخ محمد المرداوي، وعن القاضي يحيي بن موسى الحجاوي، وأخذ الحديث والتفسير عن الشيخ محمد الحجازي بمصر. وأخذ عن الشيخ أحمد الغنيمي وكثير غيرهم.
تصدر للإقراء والتدريس بالجامع الأزهر، ثم تولى المشيخة بجامع السلطان حسن بالقاهرة.
وله ديوان شعر منه:
لعمري رأيت المرء بعد زواله ... حديثا بما قد كان يأتي ويصنع
فحيث الفتى لا بد يذكر بعده ... فذكراه بالحسنى أجل وأرفع
وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة 1033 - رحمه الله - ودفن في تربة المجاورين بالقاهرة.
__________
(1) نسبته إلى طور كرم قرب بيت المقدس، ردهما الله وسائر بلاد المسلمين(1/25)
تخريج أحاديث المقدمة
(1) - (حديث: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر". رواه الخطيب، والحافظ عبد القادر الرهاوي ص 5 (1) .
*ضعيف جدا.
وقد رواه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (1/6) من طريق الحافظ الرهاوي بسنده، عن أحمد بن محمد بن عمران: حدثنا محمد بن صالح البصري - بها - حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا به، إلا أنه قال: فهو أقطع.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته ابن عمران هذا، ويعرف بابن الجندي، ترجمه الخطيب في تاريخه وقال (5/77) : كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه يعني التشيع، قال الأزهري: ليس بشيء. وقال الحافظ في اللسان: وأورد ابن الجوزي في الموضوعات في فضل علي حديثا بسند رجاله ثقات إلا الجندي، فقال: هذا موضوع، ولا يتعدى الجندي.
ثم رواه السبكي من طريق خارجة بن مصعب، عن الأوزاعي به، إلا أنه
__________
(1) هذا رقم صفحة منار السبيل في شرح الدليل على مذهب الإمام المبجل احمد بن حنبل للشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان، والدليل للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي.(1/29)
قال: بحمد الله بدل بسم الله الرحمن الرحيم، وخارجة هذا قال الحافظ: متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه.
وقد خالفه والذي قبله محمد بن كثير المصيصي، فقال في إسناده: عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة به باللفظ الثاني: بحمد الله. رواه السبكي ص (7) ، من طريق أبي بكر الشيرازي في كتاب الألقاب. والمصيصي هذا ضعيف، لأنه كثير الغلط كما قال الحافظ. والصحيح عن الزهري مرسلا، كما قال الدارقطني وغيره. وقد روي موصولا من طريق قرة عنه، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة، باللفظ الثاني، وهو المذكور في الكتاب عقب هذا، وياتى تحقيق الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
ومما سبق يتبين أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف جدا، فلا تغتر بمن حسنه مع الذي بعده، فإنه خطأ بين. ولئن كان اللفظ الآتي يحتمل التحسين، فهذا ليس كذلك، لما في سنده من الضعف الشديد كما رأيت. تنبيه: عزا المصنف الحديث للخطيب، وكذا فعل المناوي في الفيض، وزاد أنه في تاريخه، ولم أره في فهرسه، والله أعلم.
(2) - (حديث: " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بالحمد لله , فهو أقطع ". وفى رواية: " بحمد الله ". وفى رواية: " بالحمد ". وفى رواية: " فهو أجذم ". رواها الحافظ الرهاوى فى " الأربعين " له (صـ 5) .
* ضعيف
رواه ابن ماجه (1894) عن قرة عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ
" بالحمد أقطع ". ورواه ابن حبان فى صحيحه من هذا الوجه بالرواية الثانية: " بحمد الله " كما فى طبقات السبكى (1/4) . ورواه الدارقطنى فى سننه (ص85) بلفظ " بذكر الله أقطع ". ورواه أبو داود فى سننه (4840) بلفظ: " بالحمد لله فهو أجذم ". وقال:(1/30)
" رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهرى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
يشير إلى أن الصحيح فيه مرسل , وهو الذى جزم به الدارقطنى كمانقله السبكى وهو الصواب لأن هؤلاء الذين أرسلوه أكثر وأوثق من قرة وهو ابن عبد الرحمن المعافرى المصرى. بل إن هذا فيه ضعف من قبل حفظه ولذلك لم يحتج به مسلم
وإنما أخرج له فى الشواهد.
وقال ابن معين: ضعيف الحديث.
وقال أبو زرعة: الأحاديث التى يرويها مناكير.
وقال أبو حاتم والنسائى: ليس بقوى.
وقول السبكى فيه: هو عندى فى الزهرى ثقة ثبت , فقد قال الأوزاعى: ما أحد أعلم بالزهرى منه , وقال يزيد بن السمط: أعلم الناس بالزهرى قرة بن عبد الرحمن. فهو بعيد عن الصواب لأنه مخالف لأقوال الأئمة المذكورين فيه واعتماده فى ذلك على مانقله عن الأوزاعى مما لا يجدى لأن المراد من قول الأوزاعي المذكور أنه أعلم بحال الزهرى من غيره لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث كما قال الحافظ ابن حجر فى "التهذيب" , قال: " وهذا هو اللائق ".
ومما يدلك على ضعفه ـ زيادة على ماتقدم اضطرابه فى متن الحديث فهو تارة يقول: أقطع , وتارة يقول: أبتر , وتارة: أجذم , وتارة: يذكر الحمد وتارة يقول: بذكر الله.
ولقد أضاع السبكى جهدا كبيرا فى محاولته التوفيق بين هذه الروايات , وإزالة الإضطراب عنها , فإن الرجل ضعيف كما رأيت فلايستحق حديثه مثل هذا الجهد! وكذلك لم يحسن صنعا حين ادعى أن الأوزاعى تابعه , وأن الحديث يقوى بذلك لأن السند إلى الأوزاعى ضعيف جدا كما تقدم بيانه فى الحديث الذى قبله , فمثله لايستشهد به, كما هو مقرر فى مصطلح الحديث. وقد رواه أحد الضعفاء الآخرين عن الزهرى بسند آخر , أخرجه الطبرانى من طريق عبد الله بن يزيد , حدثنا صدقة بن عبد الله عن محمد بن الوليد عن الزهرى عن عبد الله بن كعب بن مالك , عن أبيه مرفوعا.(1/31)
قلت وهذا سند ضعيف صدقة هذا ضعيف كما قال الحافظ فى " التقريب " (1) وقد خالف قرة إسناده كما ترى ; فلا يصح أن تجعل هذه المخالفة سندا فى تقوية الحديث كما فعل السبكى بينما هى تدل على ضعفه لاضطراب هذين الضعيفين فيه على
الزهرى , كما رواه آخرون من الضعفاء عن الزهرى بإسناد آخر ذكرته فى الحديث الذى قبله.
وجملة القول: أن هذا الحديث ضعيف ; لإضطراب الرواة فيه على الزهرى , وكل من رواه عنه موصولا ضعيف , أو السند إليه ضعيف.
والصحيح عنه مرسلا كما تقدم عن الدارقطنى وغيره , والله أعلم.
(3) - (حديث عمر " هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ") ص 5.
* صحيح.
ورد من حديث أبي هريرة وعمر وابن عباس وأبي ذر.
أما حديث أبي هريرة فقال: " كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بارزا يوما للناس فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث , قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك , وتقيم الصلاة , وتؤدي الزكاة المفروضة , وتصوم رمضان , قال: ما الإحسان؟ قال أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك , قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل , وسأخبرك عن عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها , وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان , في خمس لا يعلمهن إلا الله , ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم: * (إن الله عنده علم الساعة) * الآية , ثم أدبر , فقال: ردوه , فلم يروا شيئا , فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم , وفي رواية: هذا جبريل أراد أن تعلموا إذ لم تسألوا ".
رواه البخاري (1/21) والسياق له , ومسلم (1/30) والرواية الثانية له
__________
(1) وعبد الله بن يزيد الراوى عنه هو ابن راشد القرشى الدمشقى أثنى عليه دحيم ووصفه بالصدق والستر كما فى " الجرح والتعديل " وروى عن أبيه أنه قال فيه " شيخ ".(1/32)
وابن ماجه (رقم 64) , وأحمد (2/426) , ورواه النسائي (2/266) من حديث أبي هريرة وأبي ذر معا بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه , فيجيء الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل , فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه , فبنينا له دكانا من طين , كان يجلس عليه , وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه , إذ أقبل رجل أحسن الناس وجها , وأطيب الناس ريحا , كأن ثيابه لم يمسها دنس , حتى سلم في طرف البساط , فقال: السلام عليك يا محمد , فرد عليه السلام , قال: أأدنو يا محمد؟ قال: ادنه , فما زال يقول: أأدنو مرارا , ويقول له: ادن , حتى وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , قال: يا محمد أخبرني. الحديث " وسنده صحيح.
وأما حديث عمر فلفظه: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم , إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب , شديد سواد الشعر , لا يرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد , حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع كفيه على فخذيه , وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام , فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمدا رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا , قال: صدقت , قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه , قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره , قال: صدقت , قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك , قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل , قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها , وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان , قال: ثم انطلق , فلبث مليا , ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم , قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ".(1/33)
رواه مسلم (1/29) , والنسائي (2/264 ـ 266) , والترمذي (2/101) , وابن ماجه (63) , وأحمد (1/27 و28 و52 و53) وزاد في آخره " ما أتاني في صورة إلا عرفته , غير هذه الصورة " وفي رواية له " فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال: يا ابن الخطاب أتدري..... " وإسنادهما صحيح.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ورواه الدارقطني في " سننه " (ص 281) وفيه: " فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة , ثم وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الحديث وفيه: " وتحج , وتعتمر , وتغتسل من الجنابة , وتتم الوضوء ... " , وفي آخره: " هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم , فخذوا عنه , فوالذي نفسي بيده ما شبه علي منذ أتاني قبل مرتي هذه , وما عرفته حتى ولى ". وقال: إسناد ثابت صحيح.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه أحمد (1/319) من طريق شهر عنه نحوه , وفيه " واضعا كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإسناده حسن في الشواهد
وأما حديث أبي ذر , فرواه النسائي مقرونا مع أبي هريرة كما تقدم.
(4) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا على من الصلاة ". (ص6)
* صحيح.
أخرجه أبو إسحاق الحربى فى " غريب الحديث " (ج 5/14/2) من حديث أوس بن أوس , مرفوعا بهذا اللفظ , وتمامه: " يوم الجمعة , فإن صلاتكم معروضة على , قالوا: كيف تعرض عليك وقد أرمت؟ قال " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ".وإسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (رقم 1047 و1531) , والنسائى (1/203 - 204) , والدارمى (1/369) وابن ماجه (رقم 1085/1636) , والحاكم (1/278) , وأحمد (4/8) , وإسماعيل القاضى فى " فضل الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم " (ق 89/2-1) , كلهم من طريق أبى الأشعث الصنعانى , عنه به. وفيه عندهم زيادة فى أوله بلفظ: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة , فيه خلق آدم عليه السلام , وفيه قبض , وفيه النفخة , وفيه(1/34)
الصعقة , فأكثروا على من الصلاة فيه ... الحديث ". وصححه الحاكم , والذهبى , والنووى.
وأعله بعض المتقدمين بما لا يقدح كما فصله ابن القيم فى: " جلاء الأفهام فى الصلاة على خير الأنام " (ص 42 - 45) , وذكرت خلاصته فى أول كتاب الجمعة من " التعليقات الجياد على زاد المعاد ".
وللحديث شواهد , منها: عن أبى الدرداء مرفوعا مثله.
رواه ابن ماجه (1637) , ورجاله ثقات لكنه منقطع.
وقال المنذرى (2/281) : " إسناده جيد " , وعن أبى هريرة عند الطبرانى فى الأوسط (1/49/1) - من الجمع بينه وبين الصغير - , وسنده واه.
وعن أبى أمامة: رواه البيهقى فى " الشعب " بإسناد حسن إلا أنه منقطع.
وعن الحسن البصرى مرسلا بلفظ " أكثروا على من الصلاة يوم الجمعة ".
رواه إسماعيل القاضى (90/1 , 91/1) , وإسناده صحيح لولا أنه مرسل.
(5) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي " (ص 6) .
* صحيح.
رواه الترمذى (2/271) , وأحمد (1/201) , والطبرانى فى " المعجم الكبير " (ج 1/292/1) , وإسماعيل القاضى فى " فضل الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم " (ق 90/1) , وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " رقم (376) , والحاكم (1/549) , عن حسين بن على رضى الله عنهما مرفوعا.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " , ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات معرفون , غير عبد الله بن على حفيد الحسين رضى الله عنه , وقد وثقه ابن حبان وحده , وروى عنه جماعة , وقد اختلف عليه فى إسناده على وجوه , خرجها إسماعيل القاضى.
لكن الحديث صحيح. فإن له شاهدين: أحدهما عن أبى ذر , والآخر عن الحسن البصرى مرسلا بسند صحيح عنه , أخرجهما القاضى.
وله شاهد ثالث أورده الفيروز آبادى فى " الرد على المعترضين على ابن عربى " (ق 39/1) , من رواية النسائى عن أنس , ثم قال: " وهذا حديث صحيح ".(1/35)
(تنبيه) وقع فى بعض النسخ من " سنن الترمذى " أن الحديث من مسند على بن أبى طالب رضى الله عنه , كذلك عزاه المنذرى والخطيب التبريزى إلى الترمذى.
انظر تعليقنا على هذا الحديث من " مشكاة المصابيح " رقم (920) .
(6) - حديث: " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي " (ص 6) .
* صحيح.
رواه الترمذى (2/271) , والحاكم (1/549) , من حديث أبى هريرة مرفوعا به.
وله عند الترمذى تتمة بلفظ: " ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان , ثم انسلخ قبل أن يغفر له , ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر , فلم يدخلاه الجنة ".
وقال: " حديث حسن غريب ".
وله شاهد من حديث كعب بن عجرة مرفوعا بتمامه , أخرجه الحاكم (4/153) وقال: " صحيح الإسناد ".
ووافقه الذهبى , وفيه إسحاق بن كعب بن عجرة. قال الذهبى فى " الميزان ": " مستور ". وقال الحافظ: " مجهول الحال ".وله شواهد أخرى ذكرها المنذرى فى " الترغيب " (2/283) .
(7) - (" وبعد , فى الخطب والمكاتبات , فعله عليه السلام " (ص 7) .
* صحيح , لكن بلفظ " أما بعد ".
وقد ورد ذلك عن جماعة من الصحابة منهم أسماء بنت أبى بكر , وأختها عائشة , وعمرو بن تغلب , وأبو حميد الساعدى , والمسور بن مخرمة , وابن عباس , وأبوسفيان وعن عائشة أيضا , وجابر , وقد أخرج البخارى الأحاديث الستة الأولى فى مكان واحد وترجم لها بقوله: " باب من قال فى الخطبة بعد الثناء: أما بعد ".
أما حديث أسماء: فهو فى كسوف الشمس , وفيه: " فخطب الناس فحمد الله بما(1/36)
هو أهله ثم قال: " أما بعد ... الحديث ". وقد سقته بتمامه وخرجته فى كتابى الخاص بصلاة الكسوف.
وأما حديث عائشة: فهو فى قصة صلاة التروايح فى رمضان , وفيه:" فتشهد ثم قال: أما بعد , فإنه لم يخف على مكانكم , لكنى خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ".
وقد خرجته فى رسالتى " صلاة التراويح " (ص 13) .
وأما حديث عمرو بن تغلب فقال:" أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمال أو بشىء فقسمه , فأعطى رجالا وترك رجالا , فبلغه أن الذين ترك عتبوا , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال: أما بعد ". الحديث.
وأما حديث أبى حميد فقال:" قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله , ثم قال: أما بعد ".
وأما حديث المسور بن مخرمة فقال:" قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد ".
وأما حديث ابن عباس فقال:" صعد النبى صلى الله عليه وآله وسلم المنبر , وكان آخر مجلس جلسه متعطفا ملحفة على منكبه , قد عصب رأسه بعصابة دسمة , فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إلى , فثابوا إليه , ثم قال: أما بعد " الحديث.
وأما حديث أبى سفيان فهو حديث طويل فى تحدثه مع هرقل عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ودعوته وفيه قول هرقل: " لو كنت عنده لغسلت عن قدميه " , وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب إليه: " بسم الله الرحمن الرحيم , من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم , سلام على من اتبع الهدى , أما بعد , فإنى أدعوك بدعاية الإسلام , أسلم تسلم " الحديث.
رواه البخارى فى أول كتابه ,ومسلم (5/164 - 166) .
وأما حديث عائشة الثانى: فهو فى قصة الإفك , وفيه:" أما بعد , يا عائشة "الحديث , رواه البخارى فى " التفسير " وغيره , ومسلم فى آخر كتابه (8/118-113)(1/37)
وأما حديث جابر فقال:" كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرت عيناه ... " الحديث - وفيه -: ويقول: أما بعد , فإن خير الحديث كتاب الله ". الحديث , رواه مسلم (3/11) وغيره.
هذا , وروى البخارى فى " الأدب المفرد " (1121) عن هشام بن عروة قال:" رأيت رسائل النبى صلى الله عليه وآله وسلم , كلما انقضت قصة قال: أما بعد ". وإسناده صحيح.(1/38)
كتاب الطهارة
[الأحاديث من 8 - 26]
(8) - (قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم:" اللهم طهرنى بالماء والثلج والبرد " ص 8
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن أبى أوفى قال:" كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول:" اللهم طهرنى بالثلج , والبرد , والماء البارد , اللهم طهرنى من الذنوب كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس ".
رواه مسلم (2/47) , والنسائى (2/70) , والطيالسى فى مسنده (رقم824) وعنه: أبو عوانة فى صحيحه (2/70) , وأحمد (4/354 و381) .
ورواه الترمذى (2/271) - نحوه - من طريق أخرى عنه , وقال: " حديث حسن صحيح"
والمصنف عزاه للمتفق عليه , ولم يروه البخارى.
وفى الباب: عن أبى هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كبر سكت هنية قبل أن يقرأ , فقلت: يا رسول الله بأبى أنت وأمى أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم نقنى من خطاياى كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم اغسلنى من خطاياي بالثلج والماء والبرد ".(1/41)
رواه البخارى (1/192) ,ومسلم (2/98 و99) , وأبو عوانة (2/98) , وأبو داود (781) , والدارمى (1/284) , وابن ماجه (805) , وأحمد (2/231 , 494) .
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات: "اللهم فإنى أعوذ بك من فتنة النار , وعذاب النار , وفتنة القبر , وعذاب القبر , ومن شر فتنة الغنى , ومن شر فتنة الفقر , وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال , اللهم اغسل خطاياى بماء الثلج والبرد , ونق قلبى من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس , وباعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم فإنى أعوذ بك من الكسل والهرم , والمأثم والمغرم "
. رواه البخارى (4/200 - 202) , ومسلم (8/75) , والنسائى (2/315) , والترمذى (2/263) , وابن ماجه (3838) , وأحمد (6/57 , 207) , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح) .
وعن عوف بن مالك الأشجعى قال: سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم - وصلى على جنازة - يقول: " اللهم اغفر له , وارحمه, واعف عنه , وعافه , وأكرم نزله ووسع مدخله , واغسله بماء وثلج وبرد , ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , وأبدله دارا خيرا من داره , وأهلا خيرا من أهله , وزوجا خيرا من زوجه , وقه فتنة القبر , وعذاب النار ". قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت , لدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك الميت.
رواه مسلم (3/59 - 60) , والنسائى (1/21/281) , وابن ماجه (1500) , وأحمد (6/23 , 28) .
(9) - (قوله فى البحر: " هو الطهور ماؤه , الحل ميتته ". رواه الخمسة وصححه الترمذى (ص 8) .
* صحيح.
رواه مالك فى " الموطأ " (1/22 رقم 12) عن صفوان بن سليم(1/42)
عن سعيد بن سلمة من آل بنى الأزرق عن المغيرة بن أبى بردة وهو من بنى عبد الدار أنه سمع أبا هريرة يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر , ونحمل معنا القليل من الماء , فإن توضأنا به عطشنا , أفنتوضأ به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , وقد صححه غير الترمذى جماعة , منهم: البخارى والحاكم وابن حبان وابن المنذر والطحاوى والبغوى والخطابى وغيرهم كثيرون , ذكرتهم فى " صحيح أبى داود " (76) .
ومن طريق مالك رواه أحمد (2/237/393) والأربعة , وهؤلاء الخمسة هم الذين يعنيهم المؤلف بـ " الخمسة " تبعا للمجد ابن تيمية فى " المنتقى من أخبار المصطفى " , وهو اصطلاح خاص به فاحفظه.
(10) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم النحر بمنى: " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا , فى بلدكم هذا". رواه مسلم من حديث جابر (ص 8) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر الطويل فى صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم (4/39 - 43) وغيره.
وقد خرجته وتتبعت طرقه وألفاظه وضممتها إليه فى رسالة مطبوعة معروفة بعنوان: " حجة النبى صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضى الله عنه ".
(11) - (حديث الحكم بن عمرو الغفارى رضى الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة ". رواه الخمسة (ص 8 - 9) .
* صحيح.
أخرجه الطيالسى فى مسنده (1252) وعنه أخرجه الأربعة فى سننهم وأحمد فى مسنده (5/66) وغيرهما , وأخرجه الترمذى وأحمد (4/213) وغيرهما من طريق غيره.
وقال الترمذى:(1/43)
" حديث حسن ".
قلت: وإسناده صحيح , وأعله بعض الأئمة بما لا يقدح , وقد حكيت كلامه وذكرت الجواب عنه فى " صحيح أبى داود " (75) .
(12) - (حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ". رواه النسائى والترمذى وصححه.
* صحيح.
ورد عن جماعة من الصحابة منهم الحسن بن على , وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر.
أما حديث الحسن: فأخرجه النسائى (2/234) والترمذى (2/84) والحاكم (4/99) والطيالسى (1178) وأحمد (1/200) وأبو نعيم فى " الحلية " (8/264) وزادوا جميعا إلا النسائى " فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح , وسكت عليه الحاكم.
وقال الذهبى: " قلت: سنده قوى ".
وأما حديث أنس: فأخرجه أحمد.
وأما حديث ابن عمر: فأخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/243) وفى " الحلية " (6/352) والخطيب فى " التاريخ " (2/220 , 386) وقالا: " غريب , تفرد به عبد الله بن أبى رومان ".
ثم رواه الخطيب (2/387) من طريق غيره وقال: " وهذا باطل عن قتيبة عن مالك, وإنما يحفظ عن عبد الله بن أبى رومان الإسكندرانى تفرد واشتهر به , وكان ضعيفاً ".
(13) - (حديث أسامة (1) : " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
__________
(1) كذا في الأصل، والحديث إنما هو من حديث علي كما خرجه المصنف نفسه، وإن كان أخطأ في عزوه لأحمد، فإنما هو من رواية ابنه عبد الله، كما يأتي(1/44)
دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ ". رواه أحمد عن على (ص 9) .
حسن.
رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد "المسند" (1/76)
(14) - حديث أبى سعيد قال: " قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهى بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن - فقال صلى الله عليه وسلم: " الماء طهور لا ينجسه شىء ". رواه أحمد وأبو داود والترمذى (ص 10) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (3/31) وأبو داود (66) والترمذى (1/95) وكذا النسائى (1/61) وابن الجارود فى " المنتقى " (رقم 47) والدارقطنى فى " السنن " (ص 11) والبيهقى (1/4 - 5) من طرق عن أبى أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبى سعيد الخدرى به.
وقال الترمذى: " حديث حسن , وقد جود أبو أسامة هذا الحديث , فلم يرو أحد حديث أبى سعيد فى بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة. وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبى سعيد ".
قلت: ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين غير عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع وهو وهم كما قال البخارى.
وعبيد الله هذا مجهول الحال , ولم يوثقه أحد غير ابن حبان وقد روى عنه جماعة وقال الحافظ: " مستور ".
وأبو أسامة اسمه حماد بن أسامة وهو ثقة ثبت , وقد خولف فى إسناده كما أشار إلى ذلك كلام الترمذى المتقدم , فقال الإمام أحمد (3/86) : حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن الوليد بن كثير قال: حدثنى عبد الله بن أبى سلمة أن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع حدثه به.
ورواه محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن عبد الله عن أبى سعيد.(1/45)
أخرجه الطيالسى (2199) , وكذا الطحاوى (1/6) ولكنه قال: " عبيد الله بن عبد الرحمن ".
ثم أخرجه من طريق أخرى عن ابن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع به , وهكذا أخرجه أبو داود (67) .
وسليط هذا مجهول , وقد اختلف عليه فى إسناده , فرواه ابن إسحاق عنه هكذا.
ورواه خالد بن أبى نوف فقال: عنه ابن أبى سعيد الخدرى عن أبيه به.
أخرجه النسائى وكذا الطحاوى وأحمد (3/15 - 16) لكنهما لم يذكرا فيه سليطا , وخالد هذا مجهول مثل سليط.
وله طرق أخرى عن أبى سعيد , فقال الطيالسى (2155) : حدثنا قيس عن طريف بن سفيان عن أبى نضرة عنه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , طريف بن سفيان هو ابن شهاب أو ابن سعد , وقيل: ابن سفيان السعدى وهو ضعيف كما فى " التقريب " وقيس هو ابن الربيع وهو ضعيف أيضا من قبل حفظه.
لكن تابعه شريك بن عبد الله النخعى عن طريف به إلا أنه قال: " عن جابر أو أبى سعيد ".
أخرجه الطحاوى (1/7) وكذا ابن ماجه (520) إلا أنه قال " عن جابر بن عبد الله " ولم يشك.
وشريك ضعيف أيضا مثل قيس , لكن أحدهما يقوى الآخر , فالعلة فى طريف وقد اتفقوا على أنه ضعيف الحديث.
لكن قال ابن عدى: " روى عنه الثقات وإنما أنكر عليه فى متون الأحاديث أشياء لم يأت بها غيره , وأما أسانيده فهى مستقيمة ".
قلت: وهذا المتن قد جاء به غيره كما رأيت , فيمكن أن يعتبر إسناده هذا شاهدا لذلك , والله أعلم.
وللحديث شاهد آخر من حديث سهل بن سعد خرجه الحافظ فى " التلخيص " (ص 3 - 4) وذكر أن الحديث صححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن حزم.(1/46)
(15) - (حديث: " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات , هل يبقى من درنه شىء؟ " (ص 10) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة , وجابر بن عبد الله , وعثمان بن عفان , وغيرهم.
1 - حديث أبى هريرة:
ويرويه أبو سلمة بن عبد الرحمن عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وفى رواية: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -: فذكره. وزاد: " قالوا: لا يبقى من درنه شىء , قال فذلك مثل الصلوات الخمس , يمحوالله بهن الخطايا ".
أخرجه البخارى (1/133) ومسلم (2/131/132) وأبو عوانة فى " صحيحه " (2/20) والنسائى (1/81) والترمذى (2/142) والدارمى (1/367) وأحمد (2/379) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وله فى " المسند " (2/426 - 427 و441) طريقان آخران عن أبى هريرة:
أحدهما: على شرط مسلم إلا أن فيه انقطاعا.
والآخر: صحيح على شرط الشيخين.
2 - حديث جابر:
يرويه أبو سفيان عنه مرفوعا: " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم ... " إلى قول " خمس مرات ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة والدارمى وأحمد (2/426) .
3 - حديث عثمان:
يرويه أبان بن عثمان مرفوعا نحو حديث أبى هريرة.
أخرجه ابن ماجه (1397) وأحمد (1/71/72) وكذا ابنه من طريق صالح بن عبد الله بن أبى فروة أن عامر بن سعد أخبره قال: سمعت أبان بن عثمان.(1/47)
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير صالح هذا وثقه ابن معين وابن حبان , ولم يرو عنه غير الزهرى.
وقال الطبرى: " ليس بمعروف فى أهل النقل عندهم ".
قلت: وقد خالفه بكير بن الأشج فى إسناده وسياقه فقال: عن عامر بن سعد بن أبى وقاص قال: سمعت سعدا وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: " كان رجلان أخوان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما أفضل من الآخر , فتوفى الذى هو أفضلهما , ثم عمر الآخر بعده أربعين ليلة , ثم توفى , فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الأول على الآخر , فقال: ألم يكن يصلى , فقالوا: بلى يا رسول الله , وكان لا بأس به , فقال: ما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ ثم قال عند ذلك: إنما مثل الصلاة ... " الحديث.
أخرجه أحمد (1/177) والحاكم (1/200) وقال: " صحيح الإسناد , ولم يخرجاه, فإنهما لم يخرجا لمخرمة بن بكير , والعلة فيه أن طائفة من أهل مصر ذكروا أنه لم يسمع من أبيه لصغر سنه , وأثبت بعضهم سماعه منه " , وكذا قال الذهبى.
والتحقيق فى مخرمة أن روايته عن أبيه وجادة من كتابه ,قاله: أحمد وابن معين وغيرهما.
وقال ابن المدينى: سمع من أبيه قليلا ,كما فى " التقريب " وقد أخرج له مسلم خلافا لما سبق عن الحاكم , وإذا كان يروى عن أبيه وجادة من كتابه , فهى وجادة صحيحة , وهى حجة.
فالحديث صحيح , والله أعلم.
(16) - (روى الدارقطنى بإسناد صحيح عن عمر: " أنه كان يسخن له ماء فى قمقم , فيغتسل به " (ص 10) .
* صحيح.
أخرجه الدارقطنى (ص 14) ومن طريقه البيهقى فى سننه (1/6) من طريق على بن غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أسلم مولى عمر: " أن عمر بن الخطاب كان يسخن له ... ".(1/48)
وقال الدارقطنى: " هذا إسناد صحيح " , وأقره البيهقى.
وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن على بن غراب , مختلف فيه , ثم هو مدلس , وقد عنعنه.
قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , وكان يدلس ويتشيع , وأفرط ابن حبان فى تضعيفه ".
والآخر: هشام بن سعد - وإن أخرج له مسلم - فهو مختلف فيه أيضا , لكن قال فى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: فهو حسن الحديث على أحسن الأحوال , وقد توبعا فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/3/1) : حدثنا وكيع عن هشام بن سعد ... به.
قلت: فهذا على شرط مسلم.
وروى البيهقى فى كتابه " معرفة السنن والآثار " (1/64) من طريق الإمام الشافعى قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم به نحوه.
قلت: وإبراهيم هذا وهو ابن محمد بن أبى يحيى الأسلمى متروك متهم عند أكثر العلماء , وإن احتج به الشافعى , فقد خفى عليه حاله , كما بينه ابن أبى حاتم فى " مناقب الشافعى " , وتكلف ابن عدى والبيهقى وغيرهما فحاولا تمشية حاله!
وقد حكى الحافظ فى " التلخيص " (ص 7) أقوال الأئمة الجارحين ,وفيهم من قال: كان يضع الحديث. ومنهم من قال: لم يخرج الشافعى عن إبراهيم حديثا فى فرض إنما جعله شاهدا , فرده الحافظ بقوله: " قلت: وفى هذا نظر , والظاهر من حال الشافعى أنه كان يحتج به مطلقا , وكم من أصل أصله الشافعى لا يوجد إلا من رواية إبراهيم. وقال محمد بن سحنون: لا أعلم بين الأئمة اختلافا فى إبطال الحجة به , وفى الجملة فإن الشافعى لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده , والله أعلم ".
قلت: ولذلك قال الحافظ فى ترجمته من " التقريب ": " متروك ". وكذا قال الذهبى فى " الضعفاء " وزاد: " عند الجمهور ". وقال أبو داود: " كان قدريا(1/49)
رافضيا مأبونا ".
وقد توبع , فقال ابن أبى شيبة: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن زيد بن أسلم به مثل لفظ ابن غراب.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
قال الحافظ: " ورواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم به نحوه وعلقه البخارى ".
(17) - (روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يغتسل بالحميم) ص 10
صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة 1/3/1: ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب قال: سألت نافعا عن الماء الساخن فقال: فذكره بلفظ يتوضأ والباقي سواء. وكذلك أورده الحافظ في التلخيص من رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وذكره في الفتح 1/259 من رواية سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح بلفظ أن عمر كان يتوضأ بالحميم ويغتسل منه، هكذا وقع فيه عمر. وذكر بعده رواية ابن أبي شيبة والدارقطني عنه. وهو الحديث الذي قبل هذا.
(18) - (حديث: " لا تفعلى فإنه يورث البرص ". رواه الدارقطنى وقال: يرويه خالد بن إسماعيل , وهو متروك , وعمرو الأعسم وهو منكر الحديث (ص 10) .
* موضوع. وهو يروى من حديث عائشة , وعنها عروة , وعنه ابنه هشام , والزهرى , وله عن الأول منهما خمس طرق , وعن الآخر طريق واحدة , وإليك بيانها:(1/50)
1 - خالد بن إسماعيل المخزومى ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء فى الشمس فقال: لا تفعلى يا حميراء فإنه ... ".
أخرجه الثقفى فى " الثقفيات " (3/21/1) والدارقطنى (14) والبيهقى (1/6) وقال الدارقطنى: " غريب جدا , خالد بن إسماعيل متروك ". وقال البيهقى: " وهذا لا يصح ".
ثم روى من طريق ابن عدى أنه قال: " خالد بن إسماعيل أبو الوليد المخزومى يضع الحديث على ثقات المسلمين , وروى هذا الحديث عن هشام بن عروة مع خالد: وهب بن وهب أبو البخترى هو شر منه ".
وقال البيهقى فى " معرفة السنن والآثار " (ص 65) : " لا يثبت البتة ".
2 - عن أبى البخترى وهب بن وهب عن هشام به.
علقه ابن عدى كما سبق , ووصله ابن حبان فى " الضعفاء " , ومن طريقه أورده ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " وهب كذاب ".
3 - عن الهيثم بن عدى عن هشام بن عروة به نحوه.
رواه الدار قطنى فى " الأفراد " وقال ابن الجوزى: " الهيثم كذاب " ,.
4 - عن محمد بن مروان السدى عن هشام بن عروة به.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " وقال: " لا يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد " كذا قال! وهو عجب من مثله فى حفظه ولذا تعقبه الحافظ بقوله: " كذا قال! فوهم ".
وقال: " محمد بن مروان السدى متروك ".
وقال شيخه الهيثمى فى " مجمع الزوائد " (1/214) :(1/51)
" أجمعوا على ضعفه ".
وأما السيوطى فكان أوضحهم عبارة فقال فى " اللآلىء المصنوعة " (1/5) : " وهو كذاب ".
5 - عن إسماعيل بن عمرو الكوفى عن ابن وهب عن مالك عن هشام به.
رواه الدارقطنى فى " غرائب مالك " وقال: " وهذا باطل عن ابن وهب وعن مالك , ومن دون ابن وهب ضعفاء ". وعلقه البيهقى فى سننه (1/7) وقال: " إسناد منكر عن ابن وهب عن مالك عن هشام , ولا يصح ".
وقال الذهبى فى " المهذب " (1/2/1) عقبه: " قلت: هذا مكذوب على مالك ".
وقال الحافظ فى " التلخيص ": " واشتد إنكار البيهقى على الشيخ أبى محمد الجوينى فى عزوه هذا الحديث لرواية مالك ,والعجب من ابن الصباغ كيف أورده فى " الشامل "جازماً به فقال: " روى مالك عن هشام " وهذا القدر هو الذى أنكره البيهقى على الشيخ أبى محمد ".
6 - عمرو بن محمد الأعسم ثنا فليح عن الزهرى عن عروة به.
أخرجه الدارقطنى {و} عنه البيهقى [1] وقالا [2] : " عمرو بن محمد الأعسم منكر الحديث , ولم يروه عن فليح غيره , ولا يصح عن الزهرى ". وقال الذهبى فى " المهذب ": " قلت: الأعسم متهم ". وصدق رحمه الله.
وفى الباب عن أنس مرفوعا بلفظ: " لا تغتسلوا بالماء الذى يسخن فى الشمس , فإنه يعدى من البرص ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 177) عن سوادة عنه , وقال: " سوادة مجهول بالنقل , حديثه هذا غير محفوظ , وليس فى الماء المشمس شىء يصح مسندا , إنما فيه عن عمر رضى الله عنه ".
وقال الذهبى فى ترجمة سوادة من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل! ولم يروه البيهقى من هذا الطريق}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: وقال أى الدارقطنى}(1/52)
" الميزان ": " قلت: وخبره هذا كذب ". وأفرده [1] الحافظ فى " اللسان ".
وقال فى " الدراية " (ص 26) : " وإسناده واه جدا ".
قلت: وله عن أنس إسنادان آخران خرجهما السيوطى فى " اللآلىء " (1/6) .
وأما أثر عمر الذى أشار إليه العقيلى فلا يصح عنه , وله إسنادان:
الأول: قال الشافعى فى " الأم ": أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنى صدقة ابن عبد الله عن أبى الزبير عن جابر: " أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال: إنه يورث البرص " , ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى فى " سننه " (1/6) وفى " المعرفة " (1/4) وأطال الكلام فيه حول إبراهيم هذا محاولا تمشية حاله , ولكن عبثا , فالرجل متهم متروك كما سبق بيانه عند الحديث رقم (15) , وهذا الإسناد مسلسل بالعلل:
الأولى: إبراهيم المذكور.
الثانية: صدقة بن عبد الله وهو أبو معاوية السمين.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
الثالثة: عنعنة أبى الزبير فإنه مدلس.
قلت: ومع كل هذه العلل , وشدة ضعف إبراهيم شيخ الشافعى يقتصر الحافظ فى " الدراية " على قوله: " إسناد ضعيف "!
الثانى: عن حسان بن أزهر السكسكى قال: قال عمر: " لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص ".
أخرجه ابن حبان فى " الثقات " فى ترجمة حسان هذا (1/25) والدارقطنى والبيهقى وسكتا عنه , وأعله ابن التركمانى بإسماعيل بن عياش مع أنه من روايته عن الشاميين , وهى صحيحة عند البخارى وغيره من الأئمة , وذلك مما يعرفه ابن التركمانى ولكنه أعله به ملزما بذلك البيهقى لأنه فعل مثله فى غير هذا الأثر مع تصريحه فى " باب ترك الوضوء من الدم " بما ذكرنا من صحة روايته عن الشاميين فهكذا يعمل التعصب المذهبى بأهل العلم!
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل, والصواب: وأقره}(1/53)
على أن إسماعيل لم ينفرد بهذا , بل تابعه عليه أبو المغيرة عبد القدوس عند ابن حبان , وهو ثقة من رجال الشيخين , فهل خفى هذا على ابن التركمانى؟!
إنما علة هذا الإسناد حسان هذا , فإنى لم أجد له ترجمة عند أحد سوى أن ابن حبان ذكره فى " الثقات " , وما أظن أنه يعرفه إلا فى هذا الأثر , وهو معروف بتساهله فى التوثيق.
ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى تضعيف هذا الإسناد أيضا حين قال عقبه فى " الدراية ": " وهو أصلح من الأول ".
وما أحسن ما قال الشافعى رحمه الله- كما فى " معرفة البيهقى " -:" ولا أكره الماء المشمس , إلا أن يكره من جهة الطب ".
(19) - (حديث:" أن النبى صلى الله عليه وسلم صب على جابر من وضوئه ". رواه البخارى (ص 11) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/62 و4/49) وكذا مسلم (5/60 و60 - 61) والدارمى (1/187) والبيهقى (1/235) وأحمد (3/298) من طريق شعبة عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابرا يقول: " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودنى , وأنا مريض لا أعقل , فتوضأ وصب على من وضوئه , فعقلت , فقلت: يا رسول الله لمن الميراث إنما ترثنى كلالة؟ فنزلت آية المواريث ".
(20) - (فى حديث صلح الحديبية: " وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ") .
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/177 - 183) وأحمد (4/328) من طريق عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: أخبرنى الزهرى قال: أخبرنى عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا:(1/54)
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبى صلى الله عليه وسلم: إن خالد بن الوليد بالغميم فى خيل لقريش طليعة , فخذوا ذات اليمين , فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش , فانطلق يركض نذيرا لقريش , وسار النبى صلى الله عليه وسلم , حتى إذا كان بالثنية التى يهبط عليهم منها , بركت به راحلته فقال الناس: حل , حل , فألحت , فقالوا: خلأت القصواء , خلأت القصواء , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما خلأت القصواء وماذاك لها بخلق , ولكن حبسها حابس الفيل , ثم قال: والذى نفسى بيده لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها , ثم زجرها , فوثبت , قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا , فلم يلبثه الناس حتى نزحوه , وشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش , فانتزع سهما من كنانته , ثم أمرهم أن يجعلوه فيه , فوالله مازال يجيش لهم بالرى حتى صدروا عنه , فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعى فى نفر من قومه من خزاعة , وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة , فقال: إنى تركت كعب بن لؤى وعامر بن لؤى نزلوا أعداد مياه الحديبية , ومعهم العوذ المطافيل , وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نجىء لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب , وأضرت بهم , فإن شاؤوا ماددتهم مدة , ويخلوا بينى وبين الناس , فإن أظهر , فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا , وإن هم أبوا , فوالذى نفسى بيده لأقاتلنهم على أمرى هذا حتى تنفرد سالفتى , ولينفذن الله أمره , فقال بديل: سأبلغهم ما تقول , قال: فانطلق حتى أتى قريشا , قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل , وسمعناه يقول قولا , فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا , فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشىء , وقال ذووا الرأى منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا , فحدثهم بما قال النبى صلى الله عليه وسلم , فقام عروة بن مسعود فقال: أى قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى , قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى , قال: فهل تتهمونى؟ قالوا: لا , قال: ألستم تعلمون أنى استنفرت أهل عكاظ , فلما بلحوا على جئتكم بأهلى وولدى ومن أطاعنى؟ قالوا: بلى , قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعونى آته , قالوا: ائته ,(1/55)
فأتاه , فجعل يكلم النبى صلى الله عليه وسلم , فقال النبى صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل فقال عروة عند ذاك: أى محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى , فإنى والله لأرى وجوها , وإنى لأرى أوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك! فقال له أبو بكر الصديق: امصص ببظر اللات! أنحن نفر عنه وندعه؟! فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر , فقال: أما والذى نفسى بيده لولا يد كانت لك عندى لم أجزك بها لأجبتك , قال: وجعل يكلم النبى صلى الله عليه وسلم , فكلما تكلم أخذ بلحيته ,والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبى صلى الله عليه وسلم ومعه السيف , وعليه المغفر , فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبى صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف , وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة , فقال: أى عذر [1] ألست أسعى فى عذرتك [2] ؟ - وكان المغيرة صحب قوما فى الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم , ثم جاء فأسلم , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فأقبل , وأما المال فلست منه فى شىء - ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بعينيه , قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده , وإذا أمرهم ابتدروا أمره , وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه , وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده , وما يحدون إليه النظر تعظيما له , فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أى قوم! والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشى , والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا , والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم , فدلك بها وجهه وجلده , وإذا أمرهم ابتدروا أمره , وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه , وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده , وما يحدون النظر إليه تعظيما له , وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها , فقال رجل من بنى كنانة: دعونى آته , فقالوا: ائته , فلما أشرف على النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا فلان , وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له , فبعثت له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال: سبحان الله ما ينبغى لهؤلاء أن يصدوا عن البيت , فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت , فما أرى أن يصدوا عن البيت , فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص فقال: دعونى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: غدر}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: غدرتك}(1/56)
آته , فقالوا: ائته , فلما أشرف عليهم , قال النبى صلى الله عليه وسلم: هذا مكرز , وهو رجل فاجر , فجعل يكلم النبى صلى الله عليه وسلم , فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو - قال معمر: فأخبرنى أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل قال النبى صلى الله عليه وسلم: قد سهل لكم من أمركم - قال معمر: قال الزهرى فى حديثه -: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابا , فدعا النبى صلى الله عليه وسلم الكاتب , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم , فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدرى ماهى , ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب , فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اكتب باسمك اللهم , ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله , فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك , ولكن اكتب محمد بن عبد الله , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: والله إنى لرسول الله وإن كذبتمونى , اكتب محمد بن عبد الله , - قال الزهرى: وذلك لقوله: لا يسألوننى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها- , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به , فقال سهيل: والله لا يتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة , ولكن ذلك من العام المقبل , فكتب وقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك من رجل وإن كان على دينك , إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينا هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف فى قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى نفسه بين أظهر المسلمين , فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد , قال: فوالله إذا لا أصالحك على شىء أبدا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: فأجزه لى , قال: ما أنا بمجيز ذلك , قال: بلى فافعل , قال: ما أنا بفاعل , قال مكرز: بلى قد أجزناه لك , قال أبو جندل: أى معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما , ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا فى الله. قال عمر بن الخطاب: فأتيت نبى الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبى الله حقا؟ قال: بلى , قلت: ألسنا على الحق(1/57)
وعدونا على الباطل؟ قال: بلى , قلت: فلم نعطى الدنية فى ديننا إذن؟ قال: إنى رسول الله , ولست أعصيه , وهو ناصرى , قلت: أولست تحدثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به؟ قال: بلى , أفأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قلت: لا , قال: فإنك آتيه ومطوف به , قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبى الله حقا؟ قال: بلى , فقلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطى الدنية فى ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه رسول الله , وليس يعصى ربه , وهو ناصره , فاستمسك بغرزه , فوالله إنه على الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به؟ قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا , قال: فإنك آتيه ومطوف به , - قال الزهرى: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا , - قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا , فوالله ما قام منهم رجل قال ذلك ثلاث مرات , فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة , فذكر لها ما لقى من الناس , فقالت أم سلمة: يا نبى الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك , فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك , نحر بدنه , ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا , وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما. ثم جاءه نسوة مؤمنات , فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) حتى بلغ (بعصم الكوافر) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له فى الشرك. فتزوج إحداهما معاوية بن أبى سفيان , والأخرى صفوان بن أمية. ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم , فأرسلوا فى طلبه رجلين , فقالوا: العهد الذى جعلت لنا , فدفعه إلى الرجلين , فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة , فنزلوا يأكلون من تمر لهم , فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إنى لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا , فاستله الآخر , فقال: أجل والله إنه لجيد , فقد جربت به , فقال أبو بصير: أرنى أنظر إليه , فأمكنه منه فضربه حتى برد , وفر الآخر حتى أتى المدينة , فدخل المسجد يعدو , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا , فلما انتهى إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبى , وإنى لمقتول , فجاء أبو بصير فقال: يا نبى الله قد أوفى الله لك(1/58)
ذمتك , قد رددتنى إليهم ثم أنجانى الله منهم , قال النبى صلى الله عليه وسلم: ويل أمه , مسعر حرب , لو كان له أحد , فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم , فخرج حتى أتى سيف البحر , قال: وينفلت منهم أبو جندل فيلحق بأبى بصير , فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبى بصير حتى اجتمعت منهم عصابة , فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم , فأرسلت قريش إلى النبى صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم , فمن أتاه فهو آمن , فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: (وهو الذى كف أيديهم عنكم , وأيديكم عنهم) - حتى بلغ - (حمية الجاهلية) - وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبى الله , ولم يقروا ب (بسم الله الرحمن الرحيم) وحالوا بينهم وبين البيت -."
(21) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما فى الإناء ثلاثا , فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده ". رواه مسلم (ص 11) .
* صحيح.
أخرجه مسلم - كما قال المؤلف - , وكذا أبو عوانة فى صحيحه , وأبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه والطحاوى والطيالسى وأحمد من حديث أبى هريرة.
وله عنه طرق كثيرة , بعضها من رواية جابر بن عبد الله عنه , وشاهد من حديث عائشة , وقد بينت ذلك كله فى " صحيح سنن أبى داود " (92) .
(22) - (حديث عمر: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 12) .
* صحيح , مشهور.
أخرجه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة وابن الجارود فى " المنتقى " (64) وأحمد (رقم 168 و300) من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه مرفوعا به , وتمامه: " وإنما لكل امرىء مانوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله , فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها , أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ". وهو أول حديث فى " صحيح البخارى " وأورده فى مواطن أخرى منه. قال(1/59)
النووى: " وهو حديث مجمع على عظمته وجلالته , وهو أحد قواعد الدين , وأول دعائمه , وأشد أركانه , وهو أعظم الأحاديث التى عليها مدار الإسلام ".
(23) - (حديث ابن عمر قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسئل عن الماء يكون فى الفلاة من الأرض , وما ينوبه من السباع والدواب؟ فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ". رواه الخمسة , وفى لفظ ابن ماجه وأحمد: " لم ينجسه شىء " (ص12) .
* صحيح.
ورواه مع الخمسة: الدرامى والطحاوى والدارقطنى والحاكم والبيهقى والطيالسى بإسناد صحيح عنه , وقد صححه الطحاوى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبى والنووى والعسقلانى , وإعلال بعضهم إياه بالاضطراب مردود كما بينته فى " صحيح أبى داود " (56 - 58) .
وأما تخصيص القلتين بقلال هجر كما فعل المصنف , قال: " لوروده فى بعض ألفاظ الحديث " فليس بجيد , لأنه لم يرد مرفوعا إلا من طريق المغيرة بن سقلاب , بسنده عن ابن عمر: " إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شىء ".
أخرجه ابن عدى فى ترجمة المغيرة هذا , وقال: لا يتابع على عامة حديثه.
وقال الحافظ فى " التلخيص ": " وهو منكر الحديث " ثم ذكر أن الحديث غير صحيح - يعنى بهذه الزيادة -.
(24) - (قول النبى صلى الله عليه وسلم: " إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم , فليغسله سبع مرات ". متفق عليه (ص 12) .
* صحيح.
ورد من حديث أبى هريرة , وعبد الله بن مغفل , وعبد الله بن عمر , وعلى بن أبى طالب.
1 - أما حديث أبى هريرة فله عنه طرق عشرة كلها صحيحة:
الأول: عن الأعرج عنه.
أخرجه البخارى فى " صحيحه " (1/239(1/60)
/240 - الفتح) , ومسلم (1/161) وأبوعوانة (1/207) ومالك فى " الموطأ " (1/34 رقم 35) والنسائى (1/22) وابن ماجه (رقم 364) وأحمد (2/245 و460) .
الثانى: أخرجه مسلم (1/162) وأبو عوانة (1/207) وأبو داود (21 و72) والنسائى (1/63) والترمذى (1/151 طبع شاكر) وأحمد (2/265 و472 و489) عن محمد بن سيرين عنه , وزاد: " أولاهن بالتراب ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثالث: عن همام بن منبه عنه. أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد (2/314) .
الرابع والخامس: عن أبى رزين وأبى صالح كلاهما عنه.
أخرجه النسائى (1/22 و63) وأحمد (2/253 و480) , ورواه أبو عوانة (1/209) عن أبى صالح وحده , وابن ماجه (363) عن أبى رزين وحده , وفيه عنده قال: " رأيت أبا هريرة يضرب جبهته بيده ويقول: يا أهل العراق! أنتم تزعمون أنى أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون لكم المهنأ أو [1] على الإثم! أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره , وسنده صحيح على شرطهما وهو رواية لأحمد (2/424) .
السادس: عن ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.
رواه النسائى وأحمد (2/271) , وسنده صحيح على شرط الشيخين.
السابع: عن أبى سلمة عنه , أخرجه النسائى , وأحمد أيضا بسند صحيح.
الثامن: عن أبى رافع عنه , رواه النسائى وإسناده صحيح , وزاد: " أولاهن بالتراب ".
التاسع: عن عبد الرحمن بن أبى عمرة عنه.
أخرجه أحمد (2/360 و482) وسنده صحيح على شرط الشيخين.
العاشر: عن عبيد بن حنين عنه , أخرجه أحمد (2/389) بسند صحيح.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: (و) }(1/61)
2 - وأما حديث عبد الله بن مغفل فهو بلفظ: " إذا ولغ الكلب فى الإناء فاغسلوه سبع مرات , وعفروه الثامنة فى التراب " , أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود والنسائى والدارمى (1/188) وأحمد (4/86 و5/56) .
3 - وأما حديث عبد الله بن عمر فتفرد بإخراجه ابن ماجه (366) وسنده صحيح.
4 - وأما حديث على , فأخرجه الدار قطنى (ص 24) بلفظ: " إحداهن بالبطحاء "
وسنده ضعيف جدا , فيه الجارود بن أبى يزيد , وهو متروك كما قال الدارقطنى نفسه.
(تنبيه) ذكرنا أن فى الطريق الثانى زيادة " أولاهن بالتراب " وقد رويت بلفظ " السابعة بالتراب " والأرجح الرواية الأولى كما قال الحافظ وغيره على ما بينته فى " صحيح أبى داود " (رقم 66) ويشهد لها الطريق الثامن.
لكن يخالفها حديث عبد الله بن مغفل " وعفروه الثامنة " وحديث أبى هريرة أولى لسببين:
الأول: ورود هذه الزيادة عنه من طريقين.
الثانى: أن المعنى يشهد له لأن ترتيب الثامنة يقتضى الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه , والله أعلم.
(25) - (حديث: " بئر بضاعة " (ص 12) .
* صحيح.
وقد تقدم نصه مع تخريجه (رقم 14) .
(26) - (حديث: " الدين النصيحة " (ص 13) .
* صحيح.
ورد من حديث تميم الدارى وأبى هريرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.
أما حديث تميم: فأخرجه مسلم (1/52) وأبو عوانة (1/37) وأبو داود (رقم 4944) والنسائى (2/186) وأحمد (4/102) وابن نصر فى(1/62)
" الصلاة " (ق 165/2) عن سهيل بن أبى صالح عن عطاء بن زيد الليثى عنه مرفوعا به وزادوا - إلا مسلما -: " الدين النصيحة ثلاثا " ثم زادوا جميعا: " قلنا: لمن؟ قال: لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ".
وأما حديث أبى هريرة: فأخرجه النسائى والترمذى (1/350) وأحمد (2/297) وابن نصر فى " الصلاة " (ق 165 - 166/1) عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبى صالح عن أبى هريرة مرفوعا به مثل حديث سهيل.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " وله طرق أخرى عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة.
أخرجه أبو نعيم (6/242 و7/142) ورجاله ثقات لكن أشار أبو نعيم إلى شذوذه.
وأما حديث ابن عمر: فأخرجه الدارمى (2/311) وابن نصر والبزار (ص 15 - زوائده) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ونافع عنه.
قلت: وهذا سند حسن , وهو على شرط مسلم وعزاه فى " الجامع الصغير " لأبى الشيخ فى " التوبيخ ".
وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أحمد (1/351) من طريق عمرو بن دينار قال: أخبرنى من سمع ابن عباس يقول: فذكره مرفوعا.
وأخرجه الضياء فى " المختارة " (77/100/1) وكذا البخارى فى " التاريخ " (3/2/461) .
قلت: ورجاله ثقات غير الذى لم يسم , وقد أعله ابن أبى حاتم (2/176) عن أبيه وذكر أن الصواب حديث تميم.
والحديث علقه البخارى فى " الإيمان " من صحيحه.
وقال الحافظ بعد أن ذكر رواية مسلم له موصولا: وللحديث طرق دون هذه فى القوة , منها: ما أخرجه أبو يعلى من حديث ابن عباس , والبزار من حديث ابن عمر , وقد بينت جميع ذلك فى" تغليق التعليق ".(1/63)
باب الآنية
(27) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم اغتسل من جفنة " (ص 14) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود وابن ماجه (370) من حديث عبد الله بن عباس قال: " اغتسل بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فى جفنة , فجاء النبى صلى الله عليه وسلم ليغتسل أو يتوضأ , فقالت: يا رسول الله إنى كنت جنبا , فقال: الماء لا يجنب ".
وأخرجه الترمذى (1/94) وقال: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح كما فصلته فى " صحيح أبى داود " (61) وفى رواية لأحمد (1/23) : " أن امرأة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اغتسلت من جنابة فاغتسل النبى صلى الله عليه وسلم أو توضأ من فضلها ".
وإسنادها صحيح.
(الجفنة) هى: القصعة.
وله شاهد من حديث أم هانىء: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من إناء واحد فى قصعة فيها أثر العجين ".
أخرجه النسائى (1/47) وابن ماجه (رقم 378) وابن حبان (227 - موارد) والبيهقى (1/7) وأحمد (6/342) وابن خزيمة [1] فى "المحلى " (2/200) من طرق عن إبراهيم بن نافع عن أبي نجيح [2] عن مجاهد عنها.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , لكنه [3] أشار البيهقى إلى أنه منقطع بين مجاهد وأم هانىء , فقال: " وقد قيل عن مجاهد عن أبى فاختة عن أم هانىء , والذى رويناه مع إرساله أصح ".
ثم ساق بسنده عن يحيى بن يحيى حدثنا خارجة عن أبى أمية حدثنى مجاهد عن أبى فاختة مولى أم هانىء قال: قالت أم هانىء ... فذكره.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , وصوابه: ابن حزم وقد أخرجه أيضا ابن خزيمة (1/119) فلعله سقط من الأصل}
[2] {كذا فى الأصل , وصوابه: ابن أبى}
[4] {كذا فى الأصل , والصواب: لكن}(1/64)
قلت: وهذا سند ساقط , خارجة , هو ابن مصعب , وهو ضعيف اتهمه بعضهم بالكذب , وهو مدلس , وقد عنعنه , فلا يعل السند الأول بروايته.
(28) - (" وتوضأ من تور من صفر " (ص 14) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/62 و63) وأبو داود (رقم 89 من صحيحه) وابن ماجه والحاكم والبيهقى عن عبد الله بن زيد المازنى قال: " جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء فى تور من صفر فتوضأ ". لفظ أبى داود وفيه عنده فى رواية أخرى زيادة فى صفة الوضوء تقدم نحوها برقم (19) وهى رواية البخارى وكذلك رواه الدارمى (1/177) .
وفى الباب عن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى تور من شبه ".
أخرجه أبو داود والحاكم والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 123) والبيهقى (1/31) وإسنادهما صحيح.
وعن زينب بنت جحش مرفوعا: " كان يتوضأ فى مخضب من صفر ". رواه أحمد (6/324) ورجاله ثقات.
(التور) : هو القدح , وقال الحافظ: " هو شبه الطست , وقيل: هو الطست ".
(الصفر) : بضم المهملة وإسكان الفاء وقد تكسر: صنف من جيد النحاس , قيل: إنه سمى بذلك لكونه يشبه الذهب , ويسمى أيضا (الشبه) بفتح المعجمة والموحدة , كما فى " الفتح ".
(29) - " وتوضأ من تور من حجارة " (ص 14) .
* لم أقف عليه الآن [1] .
وإنما رأيت فى " المسند " (6/379) عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدى قال: " حدثتنى أمى أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتته امرأة بابن لها فقالت: يا رسول الله إن ابنى هذا ذاهب العقل , فادع الله له , قال لها: ائتنى بماء , فأتته بماء تور من حجارة فتفل فيه , وغسل وجهه , ثم دعا
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 9:
أقرب مما ساقه المخرج ما رواه البخاري (1 / 301 - فتح) عن أنس قال: " حضرت الصلاة , فقام من كان قريب الدار إلى أهله , وبقي قوم , فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخضب من حجارة فيه ماء , فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه, فتوضأ القوم كلهم.... ".
وأما ما ساقه من رواية ابن ماجه فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في " مسنده " عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ في تور , هكذا في النسخة المختصرة من " المطالب العالية " وفي نسخة من المسندة " كوز " , قال الحافظ ابن حجر بعد سياقه (ص 4) : " إسناده حسن ".
قال ابن أبي شيبة: حدثنا الفضل بن دكين , حدثنا محمد بن أبي حفص العطار عن البرسى (كذا) عن عائشة به.
وما في المسندة خطأ من الناسخ , فقد رواه ابن أبى شيبة في " المصنف ": (1 / 67) , والبزار: (1 / 135 - زوائده) من طريق الفضل حدثنا محمد بن أبي حفص عن السدي عن البهي عن عائشة به.
فتبين بهذا أنه سقط من الإسناد السدى , وتحرف اسم البهى إلى البرسى.
والبهى هو عبد الله مولى مصعب بن الزبير , له في مسلم رواية عن عائشة.
والسدى هو الكبير المعروف.
وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 / 219) : (فيه محمد بن أبي حفص العطار , قال الأزدي: يتكلمون فيه) . اهـ.(1/65)
فيه , ثم قال: اذهبى فاغسليه به واستشفى الله عز وجل , فقلت لها: هبى لى منه قليلا لابنى هذا , فأخذت منه قليلا بأصابعى فمسحت بها شقة ابنى , فكان من أبر [1] الناس , فسألت المرأة بعد: مافعل ابنها؟ قالت برىء أحسن برء ".
قلت: وسنده فيه يزيد بن عطاء , وهو لين الحديث كما فى " التقريب ".
وروى ابن ماجه (رقم 473) عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ فى تور. وفيه شريك وهو ابن عبد الله القاضى ضعيف الحفظ.
(30) - (" وتوضأ من قربة ") (ص 14) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/188) ومسلم (2/178 ـ 179) وأبو عوانة (2/311 ـ 314) وغيرهم من حديث ابن عباس قال: " بت ليلة عند خالتى ميمونة , فقام النبى صلى الله عليه وسلم من الليل فأتى حاجته , ثم غسل وجهه ويديه , ثم نام , ثم قام فأتى القربة فأطلق شناتها [2] ثم توضأ " الحديث.
وهو فى " الموطأ " (1/121) , بلفظ " ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه ... ".
وكذلك رواه أبو داود (رقم 1364 و1367) وابن ماجه (423) .
و (الشن) : القربة الخلق الصغيرة , كما فى القاموس.
وفى الباب عن المغيرة بن شعبة عند أحمد (4/254) بسند ضعيف وسكت عليه الحافظ فى " الفتح " (1/265) .
(31) - " وتوضأ من إداوة " (ص 14) .
* صحيح.
وفيه أحاديث:
الأول: عن المغيرة بن شعبة قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضى حاجته , فلما رجع تلقيته بالإداوة , فصببت عليه , فغسل يديه ثم غسل وجهه , ثم ذهب ليغسل ذراعيه , فضاقت الجبة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أبرأ}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: شناقها}(1/66)
فأخرجهما من تحت الجبة فغسلهما , ومسح رأسه, ومسح على خفيه , ثم صلى بنا ".
رواه البخارى (1/64) ومسلم (1/158) - والسياق له - وأبو عوانة (1/255ـ 258) وأبو داود (رقم 149 و151 و152) والنسائى (250 و251 و254 و255) من طرق عنه.
الثانى: عن أسامة بن زيد " أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة , فلما جاء الشعب أناخ راحلته , ثم ذهب إلى الغائط , فلما رجع صببت عليه من الإداوة فتوضأ , ثم ركب , ثم أتى المزدلفة , فجمع بها بين المغرب والعشاء ".
أخرجه مسلم (4/74) وأحمد (5/202) من طرق عنه , - والسياق لمسلم -.
الثالث: عن عبد الرحمن بن أبى قراد قال: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنزل منزلا , وخرج من الخلاء , فاتبعته بالإداوة أو القدح , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد حاجة أبعد , فجلست له بالطريق , حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت له: يا رسول الله الوضوء , فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم , فصب رسول الله صلى الله عليه وسلم على يده فغسلها , ثم أدخل يده فكفها فصب على يد واحدة ... " الحديث.
أخرجه أحمد (3/443 و5/237) وإسناده صحيح.
وفى الباب عن جابر بن صخر عند أحمد (3/421) , وعن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , عند النسائى (1/242) وسنده صحيح وهو فى " المشكاة " برقم (1191) .
(الإداوة) : إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطيحة ونحوها وجمعها أداوى كما فى " النهاية ".
(32) - روى حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشربوا فى آنية الذهب(1/67)
والفضة , ولا تأكلوا فى صحافها , فإنها لهم فى الدنيا , ولكم فى الآخرة ". متفق عليه (ص 14) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/503) من حديث سيف بن أبى سليمان قال: سمعت مجاهدا يقول: " حدثنى عبد الرحمن بن أبى ليلى أنهم كانوا عند حذيفة فاستسقى , فسقاه مجوسى , فلما وضع القدح فى يده رماه به وقال: لولا أنى نهيته غير مرة ولا مرتين - كأنه يقول: لم أفعل هذا ـ ولكنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج , ولا تشربوا ... الخ ".
وكذا أخرجه أحمد (5/404) من طريق منصور عن مجاهد به.
وأخرجه مسلم (6/137) من طريق سيف به مع تقديم وتأخير.
ثم أخرجه هو والبخارى (4/38 و82) وأبو داود (2723) والترمذى (1/344) والدارمى (2/121) وابن ماجه (3414) وأحمد (5/385 و390 و396 و397 و398 و400 و408) من طرق أخرى عن مجاهد به نحوه دون الأكل فى الصحاف.
ورواه بهذه الزيادة الدارقطنى فى " سننه " (ص 548) من طرق أخرى عن مجاهد به.
(33) - (قال صلى الله عليه وسلم: " الذى يشرب فى آنية الذهب والفضة إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم ". متفق عليه (ص 14) .
* صحيح.
ورد من حديث أم سلمة وعائشة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر.
أما حديث أم سلمة:
فأخرجه مالك فى " الموطأ " (2/924/11) ومن طريقه البخارى (4/38) , وكذا مسلم (6/134) عنه عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق عنها مرفوعا به دون قوله: " الذهب ".
وكذا أخرجه مسلم أيضا والدارمى (2/121) وابن ماجه (3413) والطيالسى (1601) وأحمد (6/301 و302 و304 و306) من(1/68)
طرق أخرى عن نافع به.
نعم , أخرجه مسلم من طريق على بن مسهر عن عبيد الله عن نافع بلفظ: " أن [1] الذى يأكل أو يشرب فى آنية الفضة والذهب ...
" وقال: " ليس فى حديث أحد منهم ذكر الأكل والذهب إلا فى حديث ابن مسهر ".
قلت: فهذه الزيادة شاذة من جهة الرواية , وإن كانت صحيحة فى المعنى من حيث الدراية , لأن الأكل والذهب أعظم وأخطر من الشرب والفضة كما هو ظاهر, على أن للفضة والذهب طريقا أخرى عند مسلم من رواية عثمان بن مرة حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة قالت: فذكره بلفظ: " من شرب فى إناء من ذهب أو فضة , فإنما يجرجر فى بطنه نارا من جهنم ".
وأما حديث عائشة: فأخرجه أحمد (6/98) وابن ماجه (3415) من طريق سعد بن إبراهيم عن نافع عن امرأة ابن عمر عنها مرفوعا مثل حديث أم سلمة عند الجماعة.
قلت: ورجاله ثقات رجال الصحيحين , وامرأة ابن عمر اسمها صفية بنت أبى عبيد , وقد أخرجا لها أيضا , فالإسناد صحيح.
وأما حديث عبد الله بن عباس: فأخرجه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 63) وفى " الكبير " أيضا عن سليم بن مسلم الخشاب المكى حدثنا النضر بن عربى عن عكرمة عنه مرفوعا به وزاد: " الذهب " وهذا إسناد ضعيف من أجل الخشاب هذا.
وأما قول الهيثمى (5/77) : " رواه أبو يعلى والطبرانى فى الثلاثة , وفيه محمد بن يحيى بن أبى سمينة , وقد وثقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما , وفيه كلام لا يضر. وبقية رجاله ثقات " فلا يخلو من خطأ , لأن ابن أبى سمينة هذا ليس له ذكر فى " الصغير " و" الكبير " وفيهما من عرفت ضعفه , فلعل ذلك الراوى فى إسناد أبى يعلى فقط , فإن ثبت ذلك فهى طريق أخرى للحديث تشهد لهذه الطريق الواهية.
وله طريق أخرى مختصرا: أخرجه أحمد (1/321) عن خصيف عن سعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: " نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يشرب
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: إن}(1/69)
فى إناء الفضة " وإسناده حسن فى الشواهد والمتابعات.
وقال الهيثمى: " رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط ورجالهما رجال الصحيح ". كذا قال!
وأما حديث ابن عمر , فله طريقان:
الأول: عن العلاء بن برد بن سنان عن أبيه عن نافع عنه مرفوعا بلفظ: " من شرب فى إناء من ذهب أو إناء من فضة فإنما ... " أخرجه الطبرانى فى " الصغير " (ص 117) وقال: " لم يروه عن برد إلا ابنه العلاء ".
قلت: وهو ضعيف وأما أبوه فصدوق.
الثانية: عن يحيى بن محمد الجارى ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ الذى قبله , وزاد " أو إناء فيه شىء من ذلك ".
أخرجه ابن بشران فى " الأمالى " (ق 8/1) والجرجانى فى تأريخه (109) . وكذا الدارقطنى فى سننه (ص 15) وقال: " إسناده حسن "
كذا قال! وهو مردود فإن الجارى هذا قال البخارى: " يتكلمون فيه " وأما ابن عدى فقال: " ليس به بأس " ولما أورده الذهبى فى " الميزان " ساق له هذا الحديث وقال: " هذا حديث منكر , وزكريا ليس بالمشهور ".
قلت: ومثله أبوه إبراهيم.
قال الحافظ فى " الفتح " (10/87) : " حديث معلول بجهالة حال إبراهيم بن مطيع وولده.
قال البيهقى: الصواب ما رواه عبيد الله العمرى عن نافع عن ابن عمر موقوفا: " أنه كان يشرب فى قدح فيه ضبة فضة ".
وإسناد هذا الموقوف على شرط الصحيح - كما قال فى " التلخيص " (ص 20) - ولكنه مخالف للحديث الآتى بعده فى الكتاب فلا حجة فيه.
(34) - (روى أنس رضى الله عنه: " أن قدح النبى صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ". رواه البخارى (ص 14) .(1/70)
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/276) من طريق أبى حمزة عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس بن مالك به , وزاد: قال عاصم: رأيت القدح وشربت منه , ثم أخرجه (4/39) من طريق أبى عوانة عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبى صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك , وكان قد انصدع فسلسله بفضة , قال: وهو قدح جيد عريض من نضار. قال: قال أنس: لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا القدح أكثر من كذا , وكذا. قال: وقال ابن سيرين: إنه كان فيه حلقة من حديد , فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة , فقال له أبو طلحة: لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فتركه.
(تنبيه) : ظاهر قوله فى الرواية الثانية: " فسلسله بفضة " أن الذى وصله هو أنس , ويحتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر الرواية الأولى , وهو الذى مال إليه الحافظ فى " الفتح " (10/86 ـ 87) , واستدل على ذلك فى " التلخيص " (ص 19) يقول [1] ابن سيرين فى الرواية الثانية: فتركه - يعنى أنسا -.
قال الحافظ: " فهذا يدل على أنه لم يغير فيه شيئا , وقد أوضحت الكلام عليه فى شرح البخارى ".
(النضار) : الخالص من العود ومن كل شىء.
(35) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أضافه يهودى بخبز وإهالة سنخة ") . رواه أحمد (ص 14) .
* شاذ بهذا اللفظ.
رواه أحمد فى " المسند " (3/210 ـ 211 و270) من طريق أبان حدثنا قتادة عن أنس أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة , فأجابه. زاد فى الموضع الثانى: وقد قال أبان أيضا: أن خياطا.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ثم رواه (3/252 و289) من طريق همام عن قتادة باللفظ الثانى: " أن خياطا بالمدينة دعا ... " الحديث وفيه تصريح قتادة بالتحديث.
ورواه البخارى (9/459 بشرح الفتح) وغيره من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: " إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه ... " الحديث. وليس فيه ذكر
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بقول}(1/71)
الخبز والإهالة.
وكذلك رواه (9/479) من طريق ثمامة عن أنس نحوه.
وقال الحافظ: " قوله (إن خياطا) : لم أقف على اسمه , لكن فى رواية ثمامة أنه كان غلام النبى صلى الله عليه وسلم , وفى لفظ: مولى له خياطا ".
قلت: وفى رواية أحمد أنه كان يهوديا , لكن الظاهر أن أبان شك فى ذلك حيث قال مرة أخرى ـ كما تقدم ـ " خياطا " بدل " يهوديا " وهذا هو الصواب عندى لموافقتها لرواية همام عن قتادة , ورواية الآخرين عن أنس , فهى رواية شاذة , وعليه فلا يستقيم استدلال المصنف بها على طهارة آنية الكفار , لكن يغنى عنه ما يأتى من الأحاديث والله أعلم.
(36) - (" توضأ صلى الله عليه وسلم من مزادة مشركة ") (ص 14 ـ 15) .
* لم أجده. [1]
والمؤلف تبع فيه مجد الدين بن تيمية فإنه قال فى " المنتقى ": " وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم الوضوء من مزادة مشركة ".
ومر عليه الشوكانى فى " نيل الأوطار " (1/70) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته ووروده بشىء!
وأنا أظن أن المجد يعنى به حديث عمران بن حصين الطويل (1) فى نوم الصحابة عن صلاة الفجر لكن ليس فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ من المزادة.
وهاك لفظه بطوله لفائدته , قال عمران: " كنا فى سفر مع النبى صلى الله عليه وسلم , وإنا أسرينا , حتى إذا كنا فى آخر الليل وقعنا وقعة - ولا وقعة أحلى عند المسافر منها - , فما أيقظنا إلا حر الشمس , فكان أول من استيقظ فلان , ثم فلان , ثم فلان - يسميهم أبو رجاء , فنسى عوف - ثم عمر بن الخطاب الرابع , وكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظه [2] حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندرى ما يحدث له فى نومه , فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس , وكان
__________
(1) ثم رأيت الحافظ ابن حجر ذكره في "بلوغ المرام" (1/45 - بشرحه) من حديث عمران وقال: متفق عليه في حديث طويل!!
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 11:
قال الحافظ ابن عبد الهادى فى " المحرر " (ص 7) :
(وعن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - " أن النبى صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة " متفق عليه , وهو مختصر من حديث طويل) . اهـ. , ووافقه عليه الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام ": (حديث 25) .
ففي قول الحافظ ابن عبد الهادي بيان لما ظهر للمخرج , وجزمه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ قد يكون أخذه من بعض الطرق , أو من المعنى فإن سياق القصة يقتضيه , وهو الظاهر كما قال النووي في " المجموع " (1 / 263) . اهـ.
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: يوقظ}(1/72)
رجلا جليدا , فكبر ورفع صوته بالتكبير. فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ لصوته [1] النبى صلى الله عليه وسلم , فلما استيقظ شكوا إليه الذى أصابهم , فقال: لا ضير أو لا يضر , ارتحلوا , فسار غير بعيد , ثم نزل , فدعا بالوضوء فتوضأ , ونودى بالصلاة , فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم , قال: مامنعك يا فلان أن تصلى مع القوم؟ قال: اصابتنى جنابة ولا ماء , قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك , ثم سار النبى صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا , - كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف - ودعا عليا فقال: اذهبا فابتغيا الماء , فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها , فقالا: أين الماء؟ قالت: عهدى بالماء أمس هذه الساعة ,ونفرنا خلوف , قالا لها: انطلقى إذن , قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , قالت: الذى يقال له الصابىء؟ قالا: هو الذى تعنين. فانطلقا , فجاءا بها إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وحدثاه الحديث , قال: فاستنزلوها عن بعيرها , ودعا النبى صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين , وأوكى أفواهما , وأطلق الفرارتين [2] , ونودى فى الناس: اسقوا واستقوا , فسقى من سقى , واستقى من شاء , وكان آخر ذاك أن أعطى الذى أصابته الجنابة إناء من ماء , وقال: اذهب فأفرغه عليك , وهى قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها , وأيم الله لقد أقلع عنها شنة [3] ليخيل إلينا أنها أشد ملئة [4] منها حين ابتدأ فيها , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اجمعوا لها , فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة , حتى جمعوا لها طعاما , فجعلوه فى ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها , فقال لها: " تعلمين ما رزأنا من مائك شيئا , ولكن الله هو الذى أسقانا , فأتت أهلها وقد احتبست عنهم , قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب , لقينى رجلان فذهبا بى إلى هذا الرجل الذى يقال له الصابىء , ففعل كذا وكذا , فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه , أو قالت بأصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء - تعنى السماء والأرض - أو إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حقا. فكان المسلمون
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: استيقظ بصوته}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: العزالى}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: وإنه}
[4] {كذا فى الأصل , والصواب: ملأة}(1/73)
بعد يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذى هى منه , فقالت يوما لقومها: ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدا , فهل لكم فى الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا فى الإسلام. ".
أخرجه البخارى (1/97) ومسلم (2/140 - 142) وأحمد (4/434 - 435) . والبيهقى (1/32 و218 - 219 و219) وزاد فى رواية بعد قوله " أو السطيحتين": " فمضمض فى الماء فأعاده فى أفواه المزادتين أو السطيحتين " , وإسنادهاصحيح , ورواها الطبرانى أيضا كما فى " الفتح " (1/383) .
قلت: فأنت ترى أنه ليس فى الحديث توضؤه صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة , ولكن فيه استعماله صلى الله عليه وسلم لمزادة المشركة , وذلك يدل على غرض المؤلف من سوق الحديث وهو إثبات طهارة آنية الكفار.
وقد قال الحافظ: " واستدل بهذا على جواز استعمال أوانى المشركين ما لم يتيقن فيها النجاسة ".
ولعله قد جاء ما ذكره المجد فى قصة أخرى غير هذه لا تحضرنى الآن , والله أعلم.
(37) - (روى أبو ثعلبة الخشنى قال: " قلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم , أهل كتاب , أفنأكل فى آنيتهم؟ قال: لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها , فاغسلوها , ثم كلوا فيها ". متفق عليه (ص 15) .
* صحيح.
ورد من حديث أبى ثعلبة , وعبد الله بن عمرو.
أما حديث أبى ثعلبة , فله عنه طرق:
الأولى: عن أبى إدريس الخولانى عنه: أخرجه البخارى (4/5 و7 - 8 و10) ومسلم (6/58) والترمذى (1/295 و332) والدرامى (2/233) وابن ماجه (3207) وأحمد (4/195) .
وقال الترمذى:(1/74)
" حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن أبى قلابة عنه: أخرجه الترمذى والطيالسى (1014) وأحمد (4/193) ورجاله ثقات لكن أعله الترمذى بالانقطاع فقال: " وأبو قلابة لم يسمع من أبى ثعلبة " ثم وصله هو وأحمد (4/195) من طريق أيوب زاد الأول: وقتادة كلاهما عن أبى قلابة عن أبى أسماء الرحبى عن أبى ثعلبة الخشنى به.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم - وإن كان أبو قلابة قد نسب إلى التدليس لكن الظاهر أنه إنما يدلس عن الصحابة كما فى الوجه الأول من هذه الطريق - والله أعلم.
الثالثة: عن أبى عبيد الله مسلم بن مشكم عنه نحوه بلفظ: إنا نجاور أهل الكتاب , وهم يطبخون فى قدورهم الخنزير , ويشربون فى آنيتهم الخمر! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا , وإن لم تجدوا غيرها , فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا ".
أخرجه أبو داود (3839) بإسناد صحيح.
الرابعة: أخرجه أحمد (4/193) عن مكحول عن أبى ثعلبة نحوه , ورجاله ثقات , لكنه منقطع بين مكحول وأبى ثعلبة.
(تنبيه) إن اللفظ الذى فى الكتاب لم أره بتمامه عند أحد من هؤلاء المخرجين.
وأقرب الألفاظ إليه ما عند البخارى فى رواية: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل الكتاب , نأكل فى آنيتهم؟ فقال: إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها , وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلو فيها ".
وفى أخرى له: " فلا تأكلوا فى آنيتهم إلا أن لا تجدوا بدا , فإن لم تجدوا بدا فاغسلوها وكلوا فيها ".(1/75)
وأما حديث ابن عمرو , فأخرجه أحمد (2/184) من طريق حبيب عن عمرو عن أبيه عنه أن أبا ثعلبة الخشنى قال:: يا رسول الله أفتنا فى آنية المجوس إذا اضطررنا إليها , قال: " إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء واطبخوا فيها ".
قلت: وهذا إسناد حسن. عمرو هو ابن شعيب , وحبيب هو أبو محمد المعلم , وكلاهما ثقة , وفى سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو خلاف ,والراجح أنه سمع كما بينته فى " صحيح أبى داود " الحديث (124) .
وفى الباب عن جابر قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم.
أخرجه أبو داود (3838) وأحمد (3/379) من طريق برد بن سنان عن عطاء عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح , وقد تابعه سليمان بن موسى عن عطاء به نحوه, أخرجه أحمد (3/327 و343 و389) .
وعن ابن عمرو: أن أبا ثعلبة قال: " أفتنى فى آنية المجوس إن اضطررنا إليها قال: اغسلها وكل فيها " أخرجه أبو داود (2857) بسند حسن.
(38) - (روى أحمد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبى ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: " قرىء علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أرض جهينة وأنا غلام شاب: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ".
* صحيح.
رواه أحمد فى " المسند " (4/311) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ابن أبى ليلى يحدث عن عبد الله بن عكيم أنه قال: فذكره بالحرف غير أنه قال: " تستمتعوا " بدل " تنتفعوا ".
ثم رواه من طريق وكيع وابن جعفر معا قالا: حدثنا شعبة به بلفظ المصنف: " تنتفعوا " ولم أره عنده من رواية يحيى بن سعيد عن شعبة , فلعلها فى غير مسنده.(1/76)
والحديث أخرجه أبو داود (4147) والنسائى (2/192) وابن ماجه (3613) والطيالسى (1293) وكذا الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/271) وابن سعد فى " الطبقات " (6/113) والبيهقى (1/14) من طريق [1] عن شعبة به.
وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائى والطحاوى والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 128 و218) وكذا الترمذى (2/222) وحسنه البيهقى (1/18) من طرق أخرى عن الحكم به , بلفظ " كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم " - وزاد أحمد وأبو داود " قبل وفاته بشهر " - ورجالهما ثقات لكن سقط من إسنادهما عبد الرحمن بن أبى ليلى فهى منقطعة , وزاد أبو داود زيادة أخرى فقال " ... عن الحكم بن عتيبة أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم - رجل من جهينة - قال الحكم: فدخلوا , وقعدت على الباب , فخرجوا إلى فأخبرونى أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ... ".
فهذا إن صح يجب أن يفسر بالرواية الآخرى فيقال: إن من الذين أخبروه بالحديث عن ابن عكيم عبد الرحمن بن أبى ليلى.
ووقع للحافظ هنا وهم عجيب! فإنه أدخل فى هذه الرواية بين الحكم وابن عكيم عبد الرحمن سالكا فى ذلك على الجادة! وبنى على ذلك انقطاع الحديث بين عبد الرحمن وابن عكيم! فقال فى " التلخيص " (ص 17) : " فهذا يدل على أن عبد الرحمن ما سمعه من ابن عكيم , لكن إن وجد التصريح بسماع عبد الرحمن منه حمل على أنه سمعه منه بعد ذلك " (1) ! وإذا عرفت أن رواية أبى داود المشار إليها لم يقع فى إسنادها ذكر لعبد الرحمن بن أبى ليلى , فالذى يستفاد منها حينئذ إنما هو أن الحكم بن عتيبة هو الذى سمعه من عبد الله بن عكيم , وليس عبد الرحمن بن أبى ليلى , وهذا صحيح , فإن ابن عتيبة إنما سمعه من ابن أبى ليلى كما صرحت بذلك الرواية الأولى , فلا تدل رواية أبى داود إذن على الانقطاع بين ابن أبى ليلى وابن عكيم.
__________
(1) وتبعه على هذا المعنى الصنعاني في "سبل السلام" 1/36، والشوكاني في "نيل الأوطار" 1/63!!.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: طرق}(1/77)
على أننا لو سلمنا بالانقطاع المذكور , فلا يضر فى صحة الحديث لأنه قد جاء من طريقين آخرين موصولين , من رواية ثقتين اثنين عن عبد الله بن عكيم.
الأول: عند النسائى , وأحمد وغيرهما من طريق شريك عن هلال الوزان عن عبد الله بن عكيم قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهينة! الحديث ورجاله ثقات , وفى شريك ضعف من قبل حفظه.
الثانى: أخرجه الطحاوى والبيهقى (1/25) عن صدقة بن خالد عن يزيد بن أبى مريم عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن عكيم قال: ثنى أشياخ جهينة قالوا: أتانا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو قرىء علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تنتفعوا من الميتة بشىء.
قلت: وهذا إسناد صحيح موصول عندى. رجاله كلهم معروفون ثقات من رجال الصحيح وأشياخ جهينة من الصحابة فلا يضر الجهل بأسمائهم كما هو ظاهر , وهذا الإسناد يبين أن قول ابن عكيم فى رواية ابن أبى ليلى عنه " قرىء علينا " " كتب إلينا ... " " إنما يعنى بذلك قومه من الصحابة فهم الذين جاءهم الكتاب من رسول الله وقرىء عليهم , ومن الجائز أن يكون ابن عكيم كان حاضرا حين قراءته فإنه أدرك زمان النبى صلى الله عليه وسلم وإن لم يسمع منه كما قال البخارى وغيره , وهذا الذى استجزناه , جزم به الحافظ فى " التقريب ": فقال فى ترجمته: " وقد سمع كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى جهينة ".
وعلى ذلك فالروايتان صحيحتان لا اختلاف بينهما , فإعلال الحافظ إياه بالإرسال فى " التلخيص " (ص 17) مما لا وجه له فى النقد العلمى الصحيح. فإن ابن عكيم وإن لم يسمعه من النبى صلى الله عليه وسلم فقد سمع كتابه المرسل إلى قبيلته باعتراف الحافظ نفسه.
وقد أعل الحديث بعلل أخرى مثل الانقطاع بين ابن أبى ليلى وابن عكيم , وقد عرفت أنه مبنى على وهم للحافظ رحمه الله كما سبق بيانه فلا يلتفت إليه.
ونحوه العلل الأخرى كالاضطراب فى سنده ومتنه , فإنه لا يخدج فى صحة الحديث لوجهين:(1/78)
الأول: أنه اضطراب مرجوح لا يخفى على الباحث , لأن شرط الاضطراب تقابل الروايات المضطربة قوة وكثرة وهذا ما لم يثبتوه , بل أثبتنا فيما سلف عدم التقابل بين روايتى " شهر " و" شهر أو شهرين " بأن الأولى منقطعة فكيف تعل بها الأخرى؟
الثانى: لو سلمنا بالاضطراب المزعوم فذلك فى طريق ابن أبى ليلى فقط , وأما طريق القاسم بن مخيمرة فلا اضطراب فيها مع صحة إسنادها , فثبت الحديث ثبوتا لا شك فيه , وقد حسنه الترمذى والحازمى وصححه ابن حبان - لا سيما وقد روى من حديث ابن عمر وجاء بإسنادين ضعيفين -
أخرج الثانى الطحاوى (1/271) والأول ابن شاهين فى " الناسخ والمنسوخ " كما فى " التلخيص " ولكن لا يصح الاستدلال بالحديث على نجاسة جلد الميتة ولو دبغ , لأنه إنما يدل على عدم الأنتفاع بالإهاب لا بالجلد وبينهما فرق. فقد قال أبو داود عقبه:" فإذا دبغ لا يقال له: إهاب , إنما يسمى شنا وقربة.
قال النضر بن شميل: يسمى إهابا ما لم يدبغ ".
وبذلك يوفق بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم " أيما إهاب دبغ فقد طهر ".
أخرجه مسلم وغيره , وهو مخرج فى " تخريج الحلال " (28) فالإهاب لا ينتفع به إلا بعد دبغه ومثله العصب , والله أعلم.
(تنبيه) أخرج الحديث الطبرانى فى " معجمه الأوسط " بلفظ: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى أرض جهينة: إنى كنت رخصت لكم فى جلود الميتة , فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب ".
فهو بهذا اللفظ ضعيف قال الزيلعى (1/121) : " وفى سنده فضالة بن مفضل بن فضالة المصرى , قال أبو حاتم: لم يكن بأهل أن نكتب عنه العلم ".
وعزاه بهذا اللفظ فى حاشية المقنع (1/20) نقلا عن " المبدع " للدارقطنى أيضا , ولم أره فى سننه.
(39) - (حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أوك سقاءك , واذكر اسم الله(1/79)
, وخمر إناءك , واذكر اسم الله , ولو أن تعرض عليه عودا ". متفق عليه (ص 16) .
* صحيح.
وهو من حديث جابر , وله عنه طرق:
الأول: عن عطاء بن أبى رباح {عنه} مرفوعا بلفظ: " أغلق بابك واذكر اسم الله عز وجل , فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا , وأطفىء مصباحك واذكر اسم الله , وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه واذكر اسم الله , وأوك سقاءك واذكر اسم الله عز وجل ".
أخرجه البخارى (2/322 و4/36 - 37) ومسلم (6/106) وأبو داود (3733) والترمذى (1/139) - وصححه - وأحمد (3/319) - والسياق له - , وعنه أبو داود (3731) , وزاد الشيخان فى أوله: " إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم , فإن الشياطين تنتشر حينئذ , فإذا ذهبت ساعة من العشاء فخلوهم ".
- وزاد أحمد (3/388) فى رواية -: عند الرقاد , فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت البيت ,و {اكفتوا} صبيانكم عند المساء فإن للجن انتشارا وخطفة ".
وسنده صحيح.
الثانى: عن أبى الزبير عنه بدون الزيادة ودون التسمية وزاد: " أكفئوا الإناء , فإن الشيطان لا يفتح بابا غلقا , ولايحل وكاء , ولا يكشف إناء , وإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم ".
رواه مالك (2/928/21) وعنه مسلم وأبو داود (3732) . ورواه مسلم وابن ماجه (3410) وأحمد (3/301 و362 و374 و386 و395) من طرق أخرى منها: الليث بن سعد عن أبى الزبير به , وزاد أحمد فى آخره فى رواية " يعنى الفأرة ".
الثالث: عن عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نحوا مما أخبر عطاء إلا أنه لا يقول: " اذكروا اسم الله عز وجل " رواه مسلم.
الرابع: عن القعقاع بن حكيم عنه مرفوعا بلفظ:(1/80)
" غطوا الإناء , وأوكوا السقاء, فإن فى السنة ليلة ينزل فيها وباء , لا يمر بإناء ليس عليه غطاء , أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء " , رواه مسلم وأحمد (3/355) .
الخامس: عن عطاء بن يسار عنه نحوه , رواه أحمد (3/306) ورجاله ثقات.
السادس , والسابع: عن أبى صالح وأبى سفيان عنه - مختصرا - بلفظ " جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع (1) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا ".
رواه البخارى (4/33) ومسلم عنهما معا , والظاهر أن هذا لفظ أحدهما - وهو أبو سفيان - , فقد ساقه أحمد (3/370) عنه وحده به , وساقه (3/313) من طريق أبى صالح وحده عن جابر بلفظ قال: " كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فاستسقى , فقال رجل: ألا أسقيك نبيذا؟ قال: بلى , قال: فخرج الرجل يسعى , قال: فجاء بإناء فيه نبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا " قال: ثم شرب ". وسنده صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجه مسلم وأبو داود (3734) .
باب الإستنجاء وآداب التخلي
(40) - (حديث سلمان عند مسلم: " نهانا أن نستنجى برجيع أو عظم " (ص 16) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث له يأتى بتمامه من بعده.
(41) - (قول سلمان: " نهانا - يعنى النبى صلى الله عليه ولم - أن نستنجى باليمين
__________
(1) بالنون موضع بوادي العقيق في المدينة.(1/81)
وأن نستنجى بأقل من ثلاثة أحجار , وأن نستنجى برجيع أو عظم ". رواه مسلم (ص 16) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/154) من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال: قيل له: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شىء حتى الخراءة , قال: فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجى باليمين. الحديث كما ذكره المؤلف إلا أنه قال: " أو " بدل " و" فى كل الجمل.
وكذلك رواه أبو عوانة فى صحيحه (1/217 - 218) والنسائى (1/16 - 17) والترمذى (1/24 - 25) والبيهقى (1/91) وأحمد (5/439) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ورواه أبو داود (رقم 7) والدارقطنى والبيهقى أيضا (1/102 و112) وأحمد (5/437 - 438) نحوه بالواو العاطفة.
وقال الدارقطنى: " إسناد صحيح ". وفى رواية له " قال المشركون " - وهو رواية لمسلم وأبى عوانة -.
ورواه الطيالسى (654) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال رجل من أهل الكتاب لرجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل , والصواب أنه مسند سلمان كما رواه الجماعة.
(42) - (قول عائشة رضى الله عنها: " مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة بالماء من أثر الغائط والبول , فإنى أستحييهم , وإن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفعله ") . صححه الترمذى (ص 16) .
* لا أصل له بهذا اللفظ.
وهو وهم تبع المصنف فيه بهاء الدين المقدسى فى " العدة شرح العمدة " (ص 33) - توفى سنة 624 -. وإنما أخرجه الترمذى (1/30 - 31) والنسائى (1/18) وأحمد (6/95 و113 و120 و130 و171 و236) والبيهقى (1/107 - 108) من طريق قتادة عن معاذة عنها بلفظ: " أن يغسلوا عنهم " بدل " أن يتبعوا الحجارة بالماء " والباقى مثله سواء.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " وله طريق أخرى , رواه(1/82)
أحمد (6/93) والبيهقى عن شداد أبى عمار عن عائشة أن نسوة من أهل البصرة دخلن عليها فأمرتهن أن يستنجين بالماء , وقالت: مرن أزواجكن بذلك فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفعله , وهو شفاء من الباسور , ورجاله ثقات لكنه منقطع.
قال البيهقى عقبه: " (قال الإمام أحمد رحمه الله:) [1] هذا مرسل , أبو عمار شداد لا أراه أدرك عائشة ".
قلت: ولكنه شاهد جيد للطريق الأولى.
(تنبيه) يبدو أن المؤلف رحمه الله اختلط عليه هذا الحديث الصحيح بحديث ضعيف روى فى أهل قباء فيه ذكر الجمع بين الحجارة والماء , وهو ما رواه البزار فى مسنده قال: حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز: وجدت فى كتاب أبى عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية فى أهل قباء (رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين) . فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: نتبع الحجارة الماء.
قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن الزهرى إلا محمد بن عبد العزيز ولا عنه إلا ابنه ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 41) : " ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد الله حديث مستقيم , وعبد الله بن شبيب ضعيف أيضا.
والصحيح أن الآية نزلت فى استعمالهم الماء فقط , كما يأتى فى الكتاب من حديث أبى هريرة قريبا إن شاء الله تعالى (رقم 44) .
(43) - (حديث أنس: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوى إداوة (1) من ماء وعنزة فيستنجى بالماء ". متفق عليه (ص 17) .
__________
(1) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد. [والعنزة: عصا في قدر نصف الرمح، فيها سنان مثل سنان الرمح، والعكازة قريب منها] .
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب - والله أعلم - أن الإمام أحمد هو البيهقى نفسه , فاسمه: أحمد بن الحسين , وهذا واضح من سياق الكلام فى سنن البيهقى , ويتكرر كثيرا فى كتبه , والقائل قال الإمام أحمد هو راوى السنن عنه}(1/83)
* صحيح.
وهو متفق عليه كما ذكر المصنف , أخرجه البخارى (1/202 , 203) ومسلم (1/156) وكذا أبو عوانة فى " صحيحه " (1/195) وأبو داود (رقم 33 من " صحيح أبى داود ") والنسائى (1/18) والدارمى (1/173) والطيالسى (1/48) وعنه البيهقى فى " سننه الكبرى " (1/105) وأحمد (3/112 , 171) واللفظ له ولمسلم.
(44) - (حديث عائشة مرفوعا: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزىء عنه ". رواه أحمد وأبو داود (ص 17) .
* صحيح.
أخرجه أحمد فى " المسند " (6/108 - 133) وأبو داود (رقم 30 من صحيحه) وكذا رواه النسائى (1/18) والدارمى (1/170) والدارقطنى (ص 20) والبيهقى (1/103) كلهم من طريق مسلم بن قرط عن عروة عن عائشة مرفوعا.
وقال الدارقطنى: " إسناده حسن - وفى نسخة -: صحيح ".
قلت: وفيه نظر لأن مسلم بن قرط هذا لا يعرف كما قال الذهبى , وجنح الحافظ ابن حجر فى " التهذيب " إلى تضعيفه كما بينته فى " صحيح أبى داود "
وإنما قلت بصحة الحديث لأن له شاهدا من حديث أبى أيوب الأنصارى عند الطبرانى , وآخر من حديث سلمان الفارسى بمعناه أخرجه مسلم وأبو عوانة فى " صحيحيهما "
وخرجناه فى " صحيح أبى داود " برقم (5) .
(45) - (روى أبو داود من حديث أبى هريرة مرفوعا: " نزلت هذه الآية فى أهل قباء (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت هذه الآية " (ص 17) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1/8) من حديث أبى هريرة كما ذكر المصنف , وأخرجه أيضا الترمذى (4/119 - بشرح التحفة) وابن ماجه (رقم 357) والبيهقى (1/105) كلهم عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبى(1/84)
ميمونة عن أبى صالح عن أبى هريرة مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف , وله علتان:
الأولى: ضعف يونس بن الحارث.
الثانية: جهالة إبراهيم بن أبى ميمونة.
قال الذهبى: " ما روى عنه سوى يونس بن الحارث ".
قلت: ولذلك قال النووى فى " المجموع " (2/99) وتبعه الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 41) : " إسناده ضعيف ".
ومن ذلك تعلم أن قول الحافظ فى " الفتح " (7/195) بعد أن عزاه لأبى داود " إسناده صحيح " غير صحيح , ولو قال: " حديث صحيح " كما صدرنا نحن تخريج الحديث لأصاب , لأنه وإن كان ضعيفا بهذا السند فهو صحيح باعتبار شواهده , ولذلك أوردته فى " صحيح أبى داود " (رقم 34) وذكرت هناك بعض الشواهد ,
أجتزأ هنا بواحد منها , وهو:
عن عويم بن ساعدة الأنصارى أن النبى صلى الله عليه وسلم أتاهم فى مسجد قباء , فقال: " إن الله تبارك وتعالى قد أحسن الثناء عليكم فى الطهور فى قصة مسجدكم , فما هذا الطهور الذى تطهرون به؟ قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا , إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا ".
أخرجه أحمد (3/422) والحاكم فى " المستدرك " (1/155) وكذا ابن خزيمة فى صحيحه كما فى تفسير ابن كثير (2/389) .
(46) - (حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام , فإنه زاد إخوانكم من الجن ". رواه مسلم (ص 17) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/36) وأبو عوانة (1/218 و219) والترمذى (4/183) وصححه , وأحمد (رقم 4149) والبيهقى (1/109) من طريق علقمة عن ابن مسعود , وهو فى آخر حديثه فى قصة الجن , وليس عند مسلم قوله " من الجن " وهو عند الباقين حاشا البيهقى.(1/85)
(47) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " يغسل ذكره ويتوضأ " (ص 18) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/185 , 227 , 302) ومسلم (1/169 - 170) وأبو عوانة (1/272 - 273) وأبو داود (رقم 200 من الصحيح) والنسائى (1/36 - 37) والترمذي (1/193) وابن ماجه (504) والطيالسى (144) وأحمد من طرق كثيرة عن على رضى الله عنه قال: كنت رجلا مذاء , وكنت أستحى أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته , فأمرت المقداد فسأله , فقال: فذكره.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(48) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزىء عنه ". (ص 18)
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه برقم (44) .
(49) - (حديث: " من استنجى من الريح , فليس منا ". رواه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 18) .
* ضعيف جدا.
وعزوه إلى المعجم الصغير وهم , قلد المؤلف فيه أبا محمد بن قدامة , فإنه عزاه إليه أيضا فى " المغنى " (1/149) , وأنا من أخبر الناس - والحمد لله - بهذا المعجم , فإنى كنت وضعت له فهرسا جامعا لأحاديثه كما ذكرته فى " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " (ص 27) , لا يقال: لعله وقع الحديث فى بعض النسخ من " المعجم " لأننى أقول: لو كان كذلك لعزاه إليه بعض الحفاظ ولا سيما من كان مختصا منهم بخدمة هذا المعجم كالحافظ نور الدين الهيثمى , فإنه لم يورده فى " مجمع الزوائد " الذى جمع فيه بين زوائد معاجم الطبرانى الثلاثة ومسند أحمد وأبى يعلى والبزار , ولا فى " الجمع بين المعجمين الصغير والأوسط ". وكذلك لم يعزه إليه من تكلم عن هذا الحديث كالحافظ والسيوطى , فإنه قال فى تخريجه فى " الجامع الكبير " (2/218/2) :(1/86)
" رواه الديلمى وابن عساكر عن جابر , والديلمى عن أنس ".
هذا وقد أشار ابن قدامة فى الكتاب المذكور إلى ضعف الحديث بقوله: " وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: من استنجى.... ".
وهو فى الحقيقة ضعيف جدا , فقد وقفت على إسناده , أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (من 196/1) ومن طريقه الجرجانى فى " تاريخ جرجان " (ص 272 رقم 547) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (ج 15/173/2) عن محمد بن زياد بن زبار حدثنا شرفى [1] بن قطامى عن أبى الزبير عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سند واه جدا. وله ثلاث علل:
الأولى: عنعنة أبى الزبير , واسمه محمد بن مسلم , وقد كان يدلس كما قال الحافظ ابن حجر وغيره , والمدلس لا يقبل حديثه , حتى يصرح بالسماع عند الجمهور من علماء الأصول , خلافا لابن حزم , فإنه يقول: لا يقبل حديثه مطلقا ولو صرح به , ذكره فى كتابه " الإحكام فى أصول الأحكام ".
الثانية: ضعف شرفى [2] بن قطامى , وفى ترجمته ساق ابن عدى حديثه هذا وقال: " ليس له من الحديث إلا نحو عشرة , وفى بعض ما رواه مناكير " , قلت: وضعفه الساجى وغيره , وكذبه شعبة واليوسفى.
الثالثة: ابن زبار - بالباء الموحدة المشددة - وهو الكلبى , وفى ترجمته ساق الحديث ابن عساكر وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " لاشىء ". وعن صالح جزرة: " ليس بذاك ".
فصل ما ليس لداخل الخلاء
(50) - (حديث على مرفوعا: " ستر ما بين الجن وعورات بنى آدم إذا دخل الخلاء أن يقول: بسم الله ". رواه ابن ماجه (ص 18) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: شرقى}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: شرقى}(1/87)
* صحيح.
روى من حديث على وأنس وأبى سعيد الخدرى وابن مسعود ومعاوية بن حيدة.
أما حديث على:
فأخرجه الترمذى (2/503 - 504 طبع شاكر) وابن ماجه (1/127 - 128) قالا: حدثنا محمد بن حميد الرازى حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان حدثنا خلاد الصفار عن الحكم بن عبد الله النصرى عن أبى إسحاق عن أبى جحيفة عن على مرفوعا به , واللفظ لابن ماجه إلا أنه قال: " الكنف " بدل " الخلاء " وهو بهذا اللفظ.
الثانى عند الترمذى إلا أنه قال: " أحدهم الخلاء " وقال: " أعين الجن " ثم قال: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه , وإسناده ليس بذاك القوى ".
وأقره النووى فى " المجموع " (2/74) , ثم السيوطى فى " الجامع الكبير " (1/46/1) .
وأما فى " الجامع الصغير " فرمز له بالحسن! قال المناوى فى " الفيض ":
" وهو كما قال أو أعلى فإن مغلطاى مال إلى صحته , فإنه لما نقل عن الترمذى أنه غير قوى قال: ولا أدرى ما يوجب ذلك لأن جميع من فى سنده غير مطعون عليهم بوجه من الوجوه , بل لو قال قائل: إسناده صحيح لكان مصيبا - إلى هنا كلامه ".
قلت: وهذا خطأ منهم جميعا: مغلطاى ثم السيوطى ثم المناوى , فليس الحديث بهذا السند صحيحا بل ولا حسنا.
فإن له ثلاث علل:
الأولى: عنعنة أبى إسحاق واختلاطه , وهو عمرو بن عبد الله السبيعى.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة اختلط بآخره " ونسى أن يصفه بالتدليس أيضا فقد وصفه بذلك جماعة من الحفاظ منهم ابن حبان وأبو جعفر الطبرى وحسين الكرابيسى وغيرهم , ولذلك أورده الحافظ ابن حجر فى " طبقات المدلسين ".
الثانية: الحكم بن عبد الله النصرى , فإنه مجهول الحال , لم يوثقه غير ابن حبان , ولهذا قال فيه الحافظ ابن حجر: " مقبول " مشيرا إلى أنه لين الحديث عند التفرد.
الثالثة: محمد بن حميد الرازى , فإنه وإن كان موصوفا بالحفظ فهو مطعون(1/88)
فيه حتى كذبه بعضهم كأبى زرعة وغيره , وأشار البخارى لتضعيفه جدا بقوله: " فيه نظر " ومن أثنى عليه فلم يعرفه كما قال الإمام ابن خزيمة , ولهذا لم يسع الذهبى وابن حجر إلا أن يصرحا بأنه " ضعيف " فلا يلتفت بعد هذا لتوثيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله لمخالفته للقاعدة المقررة " الجرح مقدم على التعديل"
فتبين من ذلك أن هذا الإسناد واه.
ثم الحديث صحيح بمجموع طرقه الآتيه.
وأما حديث أنس فله عنه طريقان:
1 - عن بشر بن معاذ العقدى حدثنا محمد خلف الكرمانى حدثنا عاصم الأحول عنه.
أخرجه تمام فى " الفوائد " (ق 270/1) وقال: " لم يروه إلا بشر بن معاذ ".
قلت: وهو ثقة , ولكن شيخه الكرمانى لم أعرفه.
2 - عن سعيد بن مسلمة حدثنا الأعمش عن زيد العمى عن أنس.
أخرجه تمام أيضا وابن عدى فى " الكامل " (ق 178/1) والجرجانى فى " تاريخ جرجان " (ص 497) وابن عساكر فى " التاريخ " (ج6/303/1) .
وقال تمام: " لم يقل عن الأعمش عن زيد العمى إلا سعيد بن مسلمة ".
قلت: بلى , فقد تابعه يحيى بن العلاء , عن زيد به.
أخرجه ابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (ص 8/رقم 20) .
لكنه كذاب لا يعرج بمتابعته , وتابعه أيضا عبد الرحيم بن زيد العمى وهو كذاب أيضا رواه محمد بن عثمان العثمانى فى " فوائد خراسان " (ج - 2/169/1) وقال: " حديث صحيح " وكأنه يعنى أنه صحيح لغيره كما هو قولنا. أما متابعتهما سعيد بن مسلمة فضعيفه.(1/89)
ثم قال تمام: " وقد رواه محمد بن الفضل عن زيد العمى مخالفا لرواية سعيد بن مسلمة ".
قلت: يعنى فجعله من مسند أبى سعيد الخدرى وهو الآتى.
وأما حديث أبى سعيد , فرواه البغوى فى " نسخة عبد الله الخراز " (ق 328/1) وتمام أيضا , والثقفى فى " الفوائد الثقفيات " (رقم 8 - منسوختى) , وأبو بكر ابن النقور فى " الفوائد الحسان " (ج 1/132/2) وقال: تفرد به زيد العمى, رواه عنه محمد بن الفضل بن عطية وهو ضعيف ".
قلت: وأما حديث ابن مسعود فرواه أبو بكر بن النقور فى " الفوائد " (ج1/155 - 156) عن محمد بن حفص بن عمر الضرير حدثنا محمد بن معاذ حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا الأعمش عن أبى وائل شقيق بن سلمة عنه.
قلت: ومحمد بن معاذ لعله ابن عباد بن معاذ العنبرى , أخرجه مسلم , وهو صدوق يهم كما فى " التقريب " وأما محمد بن حفص بن عمر الضرير فلم أعرفه الآن.
وأما حديث معاوية بن حيدة , فرواه مكى بن إبراهيم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده , ذكره ابن النقور معلقا وقال: " وهو غريب ".
قلت: وهذا سند حسن إن كان من دون مكى ثقات , والله أعلم.
وجملة القول أن الحديث صحيح لطرقه المذكورة , والضعف المذكور فى أفرادها ينجبر إن شاء الله تعالى بضم بعضها إلى بعض كما هو مقرر فى علم المصطلح.
(تنبيه) عزا السيوطى حديث على إلى مسند أحمد , ولم أره فى مسند على منه ولا عزاه إليه أحد غيره , فما أظنه إلا وهما.
(51) - (عن أنس قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث ". رواه الجماعة (ص 18) .(1/90)
* صحيح.
أخرجه الجماعة كما قال المصنف تبعا للمجد ابن تيمية فى " المنتقى " ويعنى بهم أصحاب الكتب الستة وأحمد فى المسند:
أخرجه البخارى (1/195 , 11/109) وفى " الأدب المفرد " (رقم 692) ومسلم (1/195) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (1/216) وأبو داود (1/2) والنسائى (1/9) والترمذى (1/10) وابن ماجه (1/128) وأحمد (3/99 , 101 , 282) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أيضا الدارمى (1/171) والبيهقى (1/95) وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (رقم 16) من طرق عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس به.
وقد ثبت الأمر بهذه الاستعاذة عند إرادة الخلاء , أخرجه أبو داود عن زيد ابن أرقم مرفوعا بسند صحيح , وقد خرجته فى " صحيح السنن " (رقم 4) .
(52) - (حديث عائشة: " كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك ". حسنه الترمذى (ص 18) .
* صحيح.
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (رقم 693) وأبو داود (1/6) والترمذى (1/12) والدارمى (1/174) وابن السنى (رقم 22) والحاكم (1/158) والبيهقى (1/97) وأحمد (6/155) بسند صحيح عنها رضى الله عنها.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وصححه الحاكم وكذا أبو حاتم الرازى وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والنووى والذهبى كما بينته فى " صحيح أبى داود " (رقم 22) .
وزاد البيهقى فى رواية " ربنا وإليك المصير " ولكنه بين أنها باطلة.
(53) - (عن أنس: " كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء يقول:(1/91)
الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى ". رواه ابن ماجه (ص 19) .
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1/129) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن وقتادة عن أنس , وهذا سند ضعيف من أجل إسماعيل هذا وهو المكى.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف الحديث " , وفى " الزوائد ": " هو متفق على تضعيفه , والحديث بهذا اللفظ غير ثابت ".
قال أبو الحسن السندى فى حاشيته على ابن ماجه: ومثله نقل عن المصنف فى بعض الأصول ".
قلت: وروى من حديث أبى ذر , أخرجه ابن السنى (رقم 21) من طريق النسائى بسنده عن منصور عن الفيض عنه.
والفيض هذا لم أعرفه , ونقل المناوى فى " الفيض " عن ابن محمود شارح أبى داود أنه قال: إسناده مضطرب غير قوى.
وقال الدارقطنى: حديث غير محفوظ.
(54) - (قول ابن عمر: " مر رجل بالنبى صلى الله عليه وسلم فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه ". رواه مسلم (ص 19) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/194) وكذا أبو عوانة (1/215) وأبو داود (1/4) والترمذى (1/150) وصححه , والنسائى (1/15) وابن ماجه (1/146) من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع عنه.
قلت: وهذا سند حسن , كما بينته فى " صحيح سنن أبى داود " (ر قم 12) , وله فيه شاهد من حديث المهاجر بن قنفذ , وفيه أنه هو المسلم.
وزاد: " حتى توضأ , ثم اعتذر إليه " فقال: " إنى كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر - أو قال: على طهارة - " وصححه الحاكم والذهبى والنووى.
وهذه الزيادة فيها فائدتان:
الأولى: أن ترك الرد لم يكن من أجل أنه كان على البول فقط , كما ظن(1/92)
الترمذى حيث قال: " وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول , وقد فسر بعض أهل العلم ذلك ".
قلت: فهذه الزيادة تدل على أن الترك إنما كان من أجل أنه لم يكن على وضوء , ولازم هذا أنه لو سلم عليه بعد الفراغ من حاجته لم يرد عليه أيضا حتى يتوضأ , ويؤيده حديث أبى الجهم: " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل , فلقيه رجل فسلم عليه , فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه , ثم رد عليه السلام. رواه الشيخان وغيرهما.
الثانية: كراهية قراءة القرآن من المحدث لا سيما المحدث حدثا أكبر , فإنه إذا كان صلى الله عليه وسلم كره أن يرد السلام من المحدث حدثا أصغر فبالأحرى أن يكره القراءة منه فضلا عن الجنب.
(55) - (حديث قتادة عن عبد الله بن سرجس: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال فى الجحر قالوا لقتادة: ما يكره من البول فى الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن ". رواه أحمد وأبو داود (ص 19) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (5/82) وأبو داود (1/6) وكذا النسائى (1/15) والحاكم (1/186) والبيهقى (1/99) بسند صحيح {؟} عن قتادة عن ابن سرجس به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولعل متوهما يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس , وليس هذا بمستبعد فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول , وقد احتج مسلم بحديث عاصم عن عبد الله بن سرجس , وهو من ساكنى البصرة ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر لوجوه ثلاثة:
الأول: أن غاية ما يفيده كلام الحاكم هذا إثبات معاصرة قتادة لابن سرجس , وإمكان لقائه وسماعه منه , وهذا يكفى فى إثبات الاتصال عند مسلم وحده دون البخارى لأن من شرطه ثبوت اللقاء كما هو معروف عنه , وحينئذ(1/93)
فالحديث على شرط مسلم فقط.
الثانى: أن الحاكم نفسه نفى أن يكون سمع منه , فقال فى " معرفة علوم الحديث " (ص 111) " إن قتادة لم يسمع من صحابى غير أنس ".
فالسند هذا منقطع , وبه أعله ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " فقال متعقبا على البيهقى: " قلت: روى ابن أبى حاتم عن حرب بن إسماعيل عن ابن حنبل قال: ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس , قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعا ".
ومما لا شك فيه أن أحمد رضى الله عنه لا يخفى عليه تعاصر قتادة مع ابن سرجس , فلو كان ذلك كافيا لإثبات سماعه منه لم ينفه عنه , ولهذا فالقلب لا يطمئن للإثبات الذى أشار إليه الحاكم وحكاه الحافظ فى " التلخيص " (1/465 - المنيرية) عن على بن المدينى , والله أعلم.
الثالث: أن قتادة مدلس معروف التدليس وقد أورده فيهم الحافظ برهان الدين ابن العجمى (ص 12) من " التبيين " , وقال: " إنه مشهور به ". وكذلك صنع الحافظ ابن حجر فى " طبقات المدلسين " وسبقهم إليه الحاكم فى " المعرفة " لكن ذكره فى " المدلسين الذين لم يخرجوا من عداد الذين تقبل أخبارهم ".
غير أن ثبوت كونه مدلسا فى الجملة مع ما قيل من عدم صحة سماعه من عبد الله بن سرجس مما لا يجعل القلب يطمئن لاتصال السند , فيتوقف عن تصحيحه حتى نجد له طريقا أخرى , والله أعلم.
(56) - (" وروى أن سعد بن عبادة بال فى جحر بالشام ثم استلقى ميتا " (ص 19) .
* لا يصح.
على أنه مشهور عند المؤرخين , حتى قال ابن عبد البر فى(1/94)
" الاستيعاب " (2/37) : " ولم يختلفوا أنه وجد ميتا فى مغتسله وقد اخضر جسده ".
ولكنى لم أجد له إسنادا صحيحا على طريقة المحدثين , فقد أخرجه ابن عساكر (ج 7/63/2) عن ابن سيرين مرسلا , ورجاله ثقات. وعن محمد بن عائذ حدثنا عبد الأعلى به. وهذا مع إعضاله فعبد الأعلى لم أعرفه. [1]
(57) - (قال حذيفة: " انتهى النبى صلى الله عليه وسلم إلى سباطة قوم فبال قائما ". رواه الجماعة (ص 19) .
* صحيح.
أخرجه الستة فى " الطهارة " وكذا أبو عوانة (1/198) . والدارمى (1/171) والبيهقى (1/100 , 270 , 274) وأحمد (5/382 , 402) كلهم عن الأعمش عن أبى وائل عنه. وقد صرح الأعمش بالتحديث عن [2] أحمد فى رواية , وكذا عن [3] الطيالسى (1/45) . وتابعه منصور عن أبى وائل فى الصحيحين وغيرهما. وله عند أحمد (5/394) طريق أخرى عن حذيفة.
(السباطة) بضم السين المهملة: هى المزبلة والكناسة تكون فى فناء الدور مرفقا لأهلها وتكون فى الغالب سهلة لا يرتد فيها البول على البائل.
(فائدة) : استدل المؤلف بالحديث على عدم كراهة البول قائما , وهو الحق , فإنه لم يثبت فى النهى عنه شىء كما قال الحافظ ابن حجر , والمطلوب تجنب الرشاش فبأيهما حصل بالقيام أو القعود , وجب لقاعدة " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " , والله أعلم.
(تنبيه) : ولايعارض هذا الحديث حديث عائشة قالت: " من حدثكم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه , ما كان يبول إلا قاعدا ".
أخرجه النسائى والترمذى وابن ماجه وأبو عوانة فى " صحيحه " والحاكم والبيهقى وأحمد , وسنده صحيح على شرط مسلم كما بينته فى " الأحاديث الصحيحة".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص / 13:
روى القصة عبد الرزاق في " المصنف ": (3 / 597) , ومن طريقه الطبرانى فى "الكبير ": (6 / 19) , والحاكم في " المستدرك ": (3 / 253) عن معمر عن قتادة قال: قام سعد بن عبادة يبول , ثم رجع فقال: إني لأجد في ظهرى شيئا, فلم يلبث أن مات , فناحته الجن فقالوا: قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة بسهمين فلم نخطىء فؤاده.
وروى ابن سعد: (3 / 617) , و (7 / 319) مثله عن ابن أبي عروبة عن ابن سيرين , ورواه الحارث في " مسنده " كما في " المطالب العالية ": ص 7 , ورواه الطبراني: (6 / 19) , والحاكم: (3 / 253) عن ابن عون عن ابن سيرين , ورواه الأصمعى حدثنا سلمة بن بلال عن أبى رجاء بنحوه. ذكره الذهبى فى " السير ": (1 / 278) .
وروى ابن سعد عن الواقدى ما يقرب من اللفظ المذكور في الكتاب.
وهذا المراسيل إذا اجتمعت قوت القصة , وحكم لها بالحسن.
وأما عبد الأعلى الذي لم يعرفه المخرج فهو أبو مسهر الدمشقي ثقة مشهور. اهـ.
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: عند}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: عند}(1/95)
قلت: لا يعارضه لأن كلا حدث بما علم , ومن علم حجة على من لم يعلم.
(58) - (روى الخطابى عن أبى هريرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بال قائما من جرح كان بمأبضه " (ص 19) .
* ضعيف. رواه الخطابى فى " معالم السنن " (1/29) قال: حدثت عن محمد بن عقيل قال: حدثنى يحيى بن عبد الله الهمدانى قال: حدثنا حماد بن غسان حدثنا معن بن عيسى القزاز عن مالك بن أنس عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة.
ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه للخطابى فأوهم أنه لم يروه من هو أعلى طبقة وأشهر منه , لا سيما وقد رواه معلقا , بينما قد رواه الحاكم فى " المستدرك " (1/182) والبيهقى (1/101) من طريقين عن يحيى بن عبد الله الهمدانى به , وقال الحاكم: " صحيح تفرد به حماد بن غسان , ورواته كلهم ثقات.
وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: حماد ضعفه الدارقطنى ". ولذلك قال البيهقى: " لا يثبت ".
وأما الحافظ فأورده فى " الفتح " (1/263) من رواية الحاكم والبيهقى وقال: " ضعفه الدارقطنى والبيهقى " , وأقرهما.
(59) - (قال ابن مسعود: " إن من الجفاء أن تبول قائما " (ص 19) .
* وعلقه الترمذى فى " سننه " فقال (1/18) :
" وقد روي عن عبد الله بن مسعود قال.... " فذكره. وقال الشيخ أحمد شاكر فى تعليقه على الترمذى:(1/96)
(هذا الأثر معلق بدون إسناد. قال الشارح - يعنى المباركفورى -: " لم أقف على من وصله ") . وأقره.
قلت: قد وقفنا والحمد لله على من وصله موقوفا ومرفوعا.
أما الموقوف:
فأخرجه البيهقى فى " السنن الكبرى " (2/285) عن قتادة عن ابن بريدة عن ابن مسعود أنه كان يقول: " أربع من الجفاء: أن يبول الرجل قائما , وصلاة الرجل والناس يمرون بين يديه , وليس بين يديه شىء يستره , ومسح الرجل التراب عن وجهه وهو فى صلاته , وأن يسمع المؤذن فلا يجيبه فى قوله ".
وقال: " وكذلك رواه الجريرى عن ابن بريدة عن ابن مسعود ".
قلت: فهو عنه صحيح موقوفا.
وقد رواه كهمس عن ابن بريدة قال: " كان يقال من الجفاء أن ينفخ الرجل فى صلاته ". رواه ابن أبى شيبة (2/41/2) بسند صحيح عنه.
وأما المرفوع فأخرجه البخارى فى " التاريخ الكبير " (2/1/454) والطبرانى فى " الأوسط " (ق 46/1 من الجمع بينه وبين الصغير) عن أبى عبيدة الحداد حدثنا سعيد بن عبيد الله الثقفى حدثنا عبد الله بن بريد [1] عن أبيه مرفوعا بلفظ: " ثلاث من الجفاء: مسح الرجل التراب عن وجهه قبل فراغه صلاته , ونفخه فى الصلاة التراب لموضع وجهه , وأن يبول قائما ".
وأخرجه البخارى فى " التاريخ " من طريقين آخرين عن سعيد به نحوه.
وروى منه أبو الحسن بن شاذان فى " حديث عبد الباقى وغيره " (ق 155/1-2) من هذا الوجه الفقرة التالية , ورواه البزار بتمامه نحوه من طريق عبد الله بن داود حدثنا سعيد بن عبيد الله به.
وقال الهيثمى فى " المجمع " (2/83) : " رواه البزار والطبرانى فى الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بريدة}(1/97)
وأورده عبد الحق الإشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 11/1) من طريق البزار ثم قال: " لا أعلم فى هذا الحديث أكثر من قول الترمذى: حديث بريدة غير محفوظ.
وقال أبو بكر البزار: لا نعلم رواه عن عبد الله بن بريدة إلا سعيد بن عبيد الله.
ولم يقل فى سعيد شيئا. وسعيد هذا بصرى ثقة مشهور , ذكره أبو محمد بن أبى حاتم ".
قلت: وقول الترمذى الذى نقله عبد الحق , ذكره قبيل أثر ابن مسعود هذا , ولم يسق الحديث , وهو فى ذلك تبع لشيخه البخارى , فقد قال البيهقى بعد أن علق الحديث من هذا الوجه: " قال البخارى: هذا حديث منكر يضطربون فيه ".
قلت: وجه الاضطراب المذكور أن قتادة والجريرى روياه عن ابن بريدة عن ابن مسعود موقوفا كما تقدم. وخالفهما سعيد بن عبيد الله الثقفى فقال: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا كما رأيت.
ولولا أن الثقفى هذا فيه بعض الضعف لحكمنا على حديثه بالصحة كما فعل العينى فى " شرح البخارى " (3/135) , ولكن قال الدارقطنى فيه: " ليس بالقوى , يحدث بأحاديث يسندها وغيره يوقفها ".
ولذلك أورده الذهبى فى " الميزان ". وقال الحافظ فيه: " صدوق , ربما وهم ".
قلت: فمثله لا يحتمل ما خالف فيه غيره ممن هو أوثق منه وأكثر , كما هو الحال فى هذا الحديث , والله أعلم.
وقد روى هذا الأثر مرفوعا أيضا من حديث أبى هريرة مثله.
أخرجه البيهقى (2/286) والضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 32/2) من طريق هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير التميمى عن الأعرج عنه.
وقال البيهقى: " قال أبو أحمد - يعنى: ابن عدى -: أحاديثه عن الأعرج وغيره مما لا يتابعه الثقات عليه ".(1/98)
وقال ابن حبان: " يروى الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به ".
قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة.
ومن طريقه روى ابن ماجه (964) الفقرة الثالثة منه.
وقال البوصيرى فى " الزوائد ": " هذا إسناد ضعيف , فيه هارون بن هارون , اتفقوا على تضعيفه , وله شاهد من حديث أبى ذر , رواه النسائى فى الصغرى ".
قلت: حديث أبى ذر فى مسح الحصى للسجود , وهذا فى مسح الجبهة بعد السجود , فلا يصح شاهدا على أن إسناده ضعيف أيضا كما سيأتى تحقيقه فى الكتاب بإذن الله تعالى (رقم 370) .
(60) - (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (" إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها , ولكن شرقوا أو غربوا ". قال أبو أيوب: فقدمنا الشام , فو جدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة , فننحرف عنها , ونستغفر الله) . متفق عليه (ص 20) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/396) ومسلم (1/154) وأبو عوانة (1/199) وأبو داود (1/3) والنسائى (1/10) والترمذى (1/13) والدارمى (1/170) وأحمد (5/421) من حديث الزهرى عن عطاء بن يزيد عن أبى أيوب مرفوعا. ورواه ابن ماجه (1/134) مختصرا.
وله طريقان آخران عن أبى أيوب:
الأول: عن رافع بن إسحاق عنه , أخرجه مالك (1/199) وأحمد (5/414 , 415) وسنده صحيح.
الثانى: عن عمر بن ثابت عنه. رواه الدارقطنى (ص 23) وسنده صحيح أيضا.(1/99)
(61) - (قال مروان الأصغر: " أناخ ابن عمر بعيره مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها (1) فقلت: أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا؟ قال: بلى إنما نهى عن هذا فى الفضاء , أما إذا كان بينك وبين القبلة شىء يسترك فلا بأس ". رواه أبو داود (ص 20) .
* حسن.
أخرجه أبو داود (1/3) والدارقطنى (ص 22) والحاكم (1/154) والبيهقى (1/92) من طريق الحسن بن ذكوان عن مروان الأصغر به.
وقال الدارقطنى: " هذا صحيح , رجاله كلهم ثقات ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " ووافقه الذهبى , وفيه نظر من وجهين ذكرتهما فى " صحيح سنن أبى داود " (رقم 8) وحققت فيه أنه حسن الإسناد , وكذلك قال الحافظ , وسبقه الحازمى فقال فى " الاعتبار " (ص 26) : " حديث حسن ".
(62) - (روى معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الملاعن الثلاث: البراز فى الموارد , وقارعة الطريق , والظل ". رواه أبو داود (ص 20) .
* حسن.
رواه أبو داود (1/5) وعنه الخطابى فى " غريب الحديث " (1/16/1) وابن ماجه (1/328) والحاكم (1/167) والبيهقى (1/97) من طرق عن أبى سعيد الحميرى عن معاذ رفعه.
وقال الحاكم: " صحيح " ووافقه الذهبى , وكذا صححه ابن السكن , ورده المنذرى فى " الترغيب " (1/83) والحافظ فى " التلخيص " (ص 38) وغيرهما بأنه منقطع لأن أبا سعيد الحميرى لم يسمع من معاذ , ثم إن الحميرى هذا مجهول كما فى " التقريب " , " الميزان ".
لكن الحديث له شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال وهى:
أولا: حديث أبى هريرة مرفوعا: " اتقوا اللاعنين , قالوا: وما
__________
(1) الأصل: إليه، والتصحيح من السنن(1/100)
اللاعنان يارسول الله؟ قال: الذى يتخلى فى طريق الناس أو فى ظلهم ".
رواه مسلم وأبو عوانة فى صحيحيهما وأبو داود وابن خزيمة فى " حديث على ابن حجر " (ج 3 رقم 24) والحاكم وغيرهم بسند صحيح.
ثانيا: حديث ابن عباس مرفوعا: " اتقوا الملاعن الثلاث , قيل: ما الملاعن يا رسول الله؟ قال: أن يقعد أحدكم فى ظل يستظل فيه , أو فى طريق أو فى نقع ماء ".
رواه أحمد (رقم 2715) , والخطابى فى " الغريب " (1/16/1) عن من سمع ابن عباس يقول: فذكره. وسنده حسن لولا الرجل الذى لم يسم.
ثالثا: حديث جابر مرفوعا: " إياكم والتعريس على جواد الطريق , والصلاة عليهما , فإنها مأوى الحيات والسباع , وقضاء الحاجة عليها , فإنها من الملاعن".
رواه ابن ماجه (رقم 329) بإسناد قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 38) : " حسن " وأورده الهيثمى فى " المجمع " (3/213) بلفظ أطول من هذا ثم قال: " رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح " فالظاهر أنه يعنى غير هذه الطرق.
رابعا: حديث أبى هريرة رفعه: " من سل سخيمته على طريق عامرة من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " أخرجه الطبرانى فى " الصغير " (رقم 1142 من ترتيبى) والحاكم (1/186) وعنه البيهقى والعقيلى فى " الضعفاء " (ص 392) وابن عدى (ق 305/2) وصححه الحاكم ووافقه الذهبى فوهما , فإن فيه محمد بن عمرو الأنصارى ضعفه ابن معين وغيره ولذلك قال الحافظ ابن حجر (ص 38) : " وإسناده ضعيف " , لكن له شاهدان يقوى بهما:
أحدهما: عن حذيفة بن أسيد , رواه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/149/1) وإسناده حسن كما قال المنذرى (1/83) والهيثمى (1/204) .
والآخر: عن أبى ذر , أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/129) وسنده واه.
وفى الباب عن ابن عمر: رواه ابن ماجه والطبرانى (3/191/1) والعقيلى (ص 355) وابن عدى (ق 214/2) بسندين(1/101)
واهيين عنه.
وعن ابن عمرو: أخرجه ابن عدى (ق 241/1) وسنده ضعيف.
(63) - (حديث عقبة بن عامر مرفوعا , وفيه: " ولا أبالى أوسط القبور قضيت حاجتى , أو وسط السوق ". رواه ابن ماجه (ص 20) .
* صحيح.
رواه ابن ماجه فى " الجنائز " (رقم 1567) : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة حدثنا المحاربى عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير مرثد بن عبد الله اليزنى عن عقبة بن عامر مرفوعا: " لأن أمشى على جمرة أو سيف , أو أخصف نعلى برجلى أحب إلى من أن أمشى على قبر مسلم , وما أبالى أوسط القبور ... "
وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , والمحاربى اثنان: عبد الرحمن بن محمد وابنه عبد الرحيم , وهو المراد هنا , وكلاهما ثقة إلا أن الأب وصفه أحمد بالتدليس.
والحديث قال المنذرى فى " الترغيب " (4/189) : " إسناده جيد ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد ": " إسناده صحيح ".
(64) - (روى الترمذى عن عمر مرفوعا: " إياكم والتعرى , فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضى الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم " (ص 20) .
* ضعيف.
وهو عن الترمذى فى " الاستئذان " (2/131 طبع بولاق) من طريق ليث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا , وضعفه بقوله: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
قلت: وعلته ليث هذا وهو ابن أبى سليم قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك ".(1/102)
قلت: ونقل المناوى فى " الفيض " عن الترمذى أنه قال: " حسن غريب "
فلعل قوله " حسن " فى بعض النسخ من السنن , وهو بعيد عن صنيع الترمذى فى أحاديث ليث كما يبين ما ذكره المناوى عقب التحسين المذكور: " قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح , وذلك لأن فيه ليث ابن أبى سليم , والترمذى نفسه دائما يضعفه , ويضعف به ".(1/103)
باب السواك
(65) - (" كان النبى صلى الله عليه وسلم يستاك بعود أراك " (ص 21) .
* لم أجده بهذا اللفظ.
وفى معناه حديث عبد الله بن مسعود قال: كنت أجتنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من الأراك , فكانت الريح تكفؤه , وكان فى ساقه دقة , فضحك القوم فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما يضحككم؟ قالوا: من دقة ساقيه , قال النبى صلى الله عليه وسلم: والذى نفسى بيده لهما أثقل فى الميزان من أحد.
رواه الطيالسى (رقم 355) وأحمد (رقم 3991) وأبو نعيم فى " الحلية " (1/127) من طرق عن حماد عن عاصم عن زر بن حبيش عنه.
وهذا سند حسن , وأورده الهيثمى فى " المجمع " (9/289) وقال: " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى من طرق , وأمثلها فيه عاصم بن أبى النجود , وهو حسن الحديث على ضعفه , وبقية رجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح ".
وأخرجه ابن حبان وصححه الضياء فى أحكامه كما فى " التلخيص " , (ص 26) وله شاهد من حديث على لكن ليس فيه تسمية الأراك. أخرجه أحمد (1/114) وسنده حسن.
ورواه الطيالسى (رقم 1078) عن معاوية بن قرة أن ابن مسعود ذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم بالسواك فجعلوا ينظرون إلى دقة ساقيه ... الحديث.
وسنده صحيح لكنه مرسل وقد قال يونس بن حبيب راوى المسند: " هكذا رواه أبو داود , وقال غير أبى داود: عن شعبة عن معاوية بن قرة(1/104)
عن أبيه ".
قلت: كذلك رواه البزار والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح , كما قال الهيثمى , وكذا رواه الحاكم (3/317) لكن لم يذكر السواك وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
(66) - (قال صلى الله عليه وسلم: " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ". رواه أحمد (ص 21) .
* صحيح.
أخرجه أحمد فى " المسند " (6/47 , 62 , 124 , 238) وكذا الشافعى فى " الأم " (1/20) وفى " المسند " (ص 4) والنسائى فى " سننه " (1/50) والبيهقى (1/34) من طريقين عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق قال: سمعت عائشة به مرفوعا.
قلت: وإسناده صحيح , وعلقه البخارى فى " صحيحه " (2/274) مجزوما به , قال المنذرى (1/101) : " وتعليقاته المجزومة صحيحة " وكذا قال النووى فى " المجموع " (1/268) ورواه ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما.
وله طرق أخرى: أخرجه الدارمى (1/174) وأحمد (6/146) والبيهقى من طريقين عن القاسم بن محمد عنها , وهو عند ابن خزيمة برقم (135) وابن حبان (143) .
قلت: وهذا سند صحيح.
وله شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة خرجها الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 21 - 22) فمن شاء رجع إليه , ومنها ما فى " أوسط الطبرانى " (1/1) عن ابن عباس مرفوعا به وزاد: " ومجلاة للبصر ".
وإسناده ضعيف جدا فيه جويبر , وهو متروك , وتحته ضعيفان.
وأخرجه البخارى فى " التاريخ " (4/2/396) من طريق أخرى عن ابن عباس به دون(1/105)
الزيادة. وسنده ضعيف يتقوى بشواهده , وأخرجه ابن عدى (ق 77/1) من طريق أخرى عن أبى بكر الصديق مرفوعا به.
(67) - (حديث على مرفوعا: " إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشى ". أخرجه البيهقى (ص 21) .
* ضعيف.
وعزوه للبيهقى من حديث [1] مرفوعا فيه نظر , فقد أخرجه فى سننه (4/274) من طريق الدارقطنى وهذا فى سننه (249) من طريق أبى عمر القصار كيسان عن يزيد بن بلال عن على موقوفا عليه ومن طريق كيسان أيضا عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب مرفوعا , وكذلك أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (ج 1/184/2) عن كيسان به موقوفا ومرفوعا وخرجه الدولابى (2/410) عن علي مرفوعا أيضا.
وقال الدارقطنى وتبعه البيهقى: " كيسان أبو عمر ليس بالقوى , ومن بينه وبين علي غير معروف ".
وأقرهما ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " (ق 69/2) فقال: " رواه الدارقطنى والبيهقى وضعفاه ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 22) : " وإسناده ضعيف ".
(تنبيه) وتمام الحديث عندهم: " فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشى إلا كانت نورا بين عينيه يوم القيامة ".
وقد استدل المصنف به عند الحديث على كراهية السواك للصائم بعد الزوال وإذا عرفت ضعفه فلا حجة فيه , ثم هو مخالف للأدلة العامة فى مشروعية السواك وهى تشمل الصائم فى أى وقت , وما أحسن ما روى الطبرانى عن عبد الرحمن بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل: أتسوك وأنا صائم؟ قال: نعم , قلت: أى النهار؟ قال: غدوة أو عشية , قلت: إن الناس يكرهونه عشية ويقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟ قال: سبحان الله لقد أمرهم بالسواك , وما كان بالذى يأمرهم أن ينتنوا أفواهم عمدا , ما فى ذلك من الخير شىء بل فيه شر.
قال الحافظ فى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {سقط من الأصل: علي}(1/106)
" التلخيص " (ص 113) : " إسناده جيد ".
(68) - (قال عامر بن ربيعة: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصى يتسوك وهو صائم ". حسنه الترمذى (ص 21) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1/373) والترمذى (2/46) وكذا الدارقطنى (248) والبيهقى (4/272) والطيالسى (1/187) وأحمد (3/445 , 446) عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه به.
وقال الترمذى: " حديث حسن " كذا قال وأعله غيره بعاصم هذا فقال الدارقطنى: " غيره أثبت منه " وقال البيهقى: " ليس بالقوى ".
قلت: وهذا هو الصواب أن عاصما هذا ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر فى " التقريب " ثم تناقض فى حديثه هذا فقال فى موضع من " التلخيص " (ص 22) : " وإسناده حسن " وضعفه فى موضع آخر فقال (24) : " وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف ".
(فائدة) قال الترمذى عقب الحديث: إن الشافعى لم ير فى السواك بأسا للصائم أول النهار وآخره وكرهه أحمد وإسحاق آخر النهار.
قلت: وفى رواية عن أحمد مثل قول الشافعى , واختارها ابن تيمية فى "الاختيارات " وقال (ص 10) : إنه الأصح.
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 22) : " وهذا اختيار أبى شامة وابن عبد السلام والنووى وقال: إنه قول أكثر العلماء وتبعهم المزنى ".
قلت: وهو الحق لعموم الأدلة كالحديث الآتى فى الحض على السواك عند كل صلاة وعند كل وضوء.
وبه قال البخارى فى صحيحه (4/127) وأشار إلى تضعيف حديث عامر هذا.
(69) - (حديث أنس مرفوعا: " يجزىء من السواك الأصابع "(1/107)
رواه البيهقى. قال محمد بن عبد الواحد الحافظ: هذا إسناد لا أرى به بأسا (ص 21) .
* ضعيف.
كما قال البيهقى نفسه , وقد أخرجه (1/40) من طريق عيسى بن شعيب عن عبد الحكم القسملى عن أنس مرفوعا به إلا أنه قال: " تجزىء " وقال: " حديث ضعيف , قال البخارى: عبد الحكم القسملى البصرى عن أنس وعن أبى بكر منكر الحديث ".
قلت: وعيسى بن شعيب , وهو البصرى الضرير فيه ضعف , وقد اضطرب فى إسناده , فتارة رواه هكذا , وتارة قال: حدثنا ابن المثنى عن النضر بن أنس عن أبيه به.
رواه البيهقى أيضا وقال: " تفرد به عيسى بالإسنادين جميعا , والمحفوظ من حديث ابن المثنى ما أخبرنا ... " - ثم ساق سنده إلى - عبد الله بن المثنى الأنصارى حدثنى بعض أهل بيتى عن أنس بن مالك به نحوه. فعاد الحديث من الطريق الثانى إلا أنه عن مجهول , وقد سماه بعض الضعفاء فأخرجه البيهقى من طريق أبى أمية الطرسوسى: حدثنا عبد الله بن عمر الحمال حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس به.
قلت: وأبو أمية هذا اسمه محمد بن إبراهيم , قال الحاكم: " كثير الوهم ". وشيخه عبد الله بن عمر الحمال الظاهر أنه الذى فى تاريخ بغداد (10/23) : " عبد الله بن عمرو الحمال أحسبه من أهل المدينة قدم بغداد سنة (213) ... " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وله شاهد من حديث عمرو بن عوف لكنه ضعيف جدا أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (ج1/34/2 من الجمع بينه وبين الصغير) وفيه كثير بن عبد الله بن عمرو , وهو متهم.
(70) - (قال صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك(1/108)
عند كل صلاة " متفق عليه. وفى رواية لأحمد: " لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ". وللبخارى تعليقا: " عند كل وضوء " (ص 21 - 22) .
* صحيح.
ورد عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وزيد بن خالد وعلى بن أبى طالب والعباس بن عبد المطلب وابن عمر ورجل من أصحابه صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن حنظلة.
أما حديث أبى هريرة فله عنه طرق:
1 - عن أبى الزناد عن الأعرج عنه باللفظ الأول: " عند كل صلاة " أخرجه البخارى (2/299) ومسلم (1/151) وأبو عوانة (1/191) وأبو داود (1/8) والنسائى (1/6 و92) والدارمى (1/174) وكذا الشافعى (ج1/27) من ترتيب (المسند والسنن) والطحاوى فى " شرح مشكل الآثار " (1/26 - 27) والبيهقى (1/35) وأحمد (رقم 7335 و7338 وج 2/531) .
2 - عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عنه به.
أخرجه الترمذى (1/34) والطحاوى (1/26) وأحمد (رقم 7504 و7840 وج 2/339, 429) ورواه بعضهم عن أبى سلمة عن زيد بن خالد كما يأتى , قال الترمذى: " كلاهما عندى صحيح ".
3 - عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عنه.
أخرجه ابن ماجه (1/124) والطحاوى وأحمد (رقم 7406 , 7841 وج 2/433) وسنده صحيح , وأخرجه البيهقى من هذا الوجه لكن باللفظ الثانى: " مع الوضوء ". وهو رواية لأحمد كما ذكر المصنف وكذلك أخرجه البيهقى من طريق عبد الرحمن السراج عن سعيد به ولفظه: ".... لفرضت عليهم السواك مع الوضوء " وأخرجه الحاكم (1/146) وقال: " صحيح على شرطهما " ووافقه الذهبى.
وجمع بين اللفظين أبو معشر عن سعيد به فقال: " عند كل صلاة ومع كل وضوء ".(1/109)
أخرجه الطيالسى (1/48) , لكن أبا معشر , واسمه نجيح سي الحفظ.
4 - عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عنه باللفظ الثانى " مع كل وضوء ".
أخرجه الطحاوى والبيهقى وأحمد (2/460 , 517) وعلقه البخارى (4/128) بلفظ " عند كل وضوء " وذكر الحافظ أن النسائى وابن خزيمة وصلاه عن مالك.
5 - عن سعيد بن أبى هلال عن عبد الرحمن الأعرج عنه باللفظ الثانى: " مع الوضوء ". رواه أحمد (2/400) ورجاله ثقات.
6 - عن ابن إسحاق قال: حدثنى سعيد المقبرى عن عطاء مولى أم حبيبة عنه باللفظ الأول.
أخرجه الطحاوى والبيهقى وأحمد (رقم 967 وج 2/509) وسنده حسن بما قبله.
ومنهم زيد بن خالد الجهنى , أخرجه أبو داود والترمذى والطحاوى والبيهقى (1/37) وأحمد (4/114 , 116) عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عنه مرفوعا باللفظ الأول.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ومنهم على بن أبى طالب , رواه الطحاوى وأحمد (رقم 968) وابنه فى " زوائد المسند " (رقم 607) عن ابن إسحاق: حدثنى عمى عبد الرحمن بن يسار عن عبيد الله بن أبى رافع عن أبيه عنه مرفوعا به.
قلت: وهذا سند حسن.
ومنهم العباس بن عبد المطلب , عند الحاكم (1/146) عن جعفر بن تمام عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ " ... لفرضت عليهم السواك عند كل صلاة كما(1/110)
فرضت عليهم الوضوء "
ورواه أحمد (رقم 1835) من وجه آخر عن جعفر عن أبيه مرسلا لم يذكر العباس مع أنه أورده فى مسند العباس , ورواه البيهقى موصولا إلا أنه جعله من مسند عبد الله بن العباس.
وقد أطال النفس فى الكلام على إسناد هذا الحديث المحقق أحمد شاكر رحمه الله فى تعليقه على المسند ثم قال:" ومجموع هذه الروايات تدل على صحة الحديث وأنه عن تمام بن العباس عن أبيه ".
ومنهم عبد الله بن عمر , أخرجه الطحاوى وقال: " حديث غريب ".
قلت: ورجاله ثقات غير عبد الله بن خلف الطفاوى: قال العقيلى: " فى حديثه وهم " لكن أخرجه الطبرانى من طريق أخرى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه , وأحمد من طريق ثالثة عن نافع به , كما فى " اللسان " فهذا يدل على أن للحديث أصلا عن ابن عمر.
ومنهم رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد (5/410) وسنده صحيح ورواه الطحاوى إلا أنه قال " أصحاب محمد " صلى الله عليه وسلم.
ومنهم زينب بنت جحش رواه أحمد (6/429) عن أم حبيبة عنها.
ومن ذكره (6/325) بالسند ذاته عن أم حبيبة لم يجاوزها.
وكذلك رواه ابن أبى خيثمة فى تاريخه بسند حسن كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 23) .
ومنهم عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر , وله رؤية.
رواه أبو داود والحاكم وغيرهما بسند حسن , وقد تكلمت عليه فى " صحيح السنن " (رقم 38)
(71) - (عن حذيفة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك ". متفق عليه (ص 22) .
* صحيح.
أخرجه الشيخان , وأبو عوانة فى صحاحهم , وكذا النسائى والدارمى وابن ماجه والبيهقى وأحمد (5/332 , 390 , 397 , 402 , 407) من طريق أبى وائل عنه , وقد تكلمت عليه فى " صحيح السنن " (رقم 49) .(1/111)
(72) - (روى شريح بن هانىء قال: " سألت عائشة بأى شىء يبدأ النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت بالسواك ". رواه مسلم (ص 22) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/152) وكذا أبو عوانه (1/192) عن شريح به.
وأخرجه كذلك أبو داود والنسائى والبيهقى وأحمد كما بينته فى " صحيح أبى داود" (رقم 42) .
(73) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " الفطرة خمس: الختان , والاستحداد , وقص الشارب , وتقليم الأظافر , ونتف الإبط ". متفق عليه (ص 22) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (10/276 , 11/74) وفى " الأدب المفرد " (رقم 1257) ومسلم (1/153) وأبو عوانة (1/190) وأبو داود (2/194) والنسائى (1/7 و2/275) والترمذى (4/8) وابن ماجه (1/125) وأحمد (2/229 , 239 , 283 , 410 , 489) كلهم من طريق الزهرى حدثنا سعيد بن المسيب عنه.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وفى رواية للنسائى: " وتقصير الشارب ".
وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: " الفطرة قص الأظافر , وأخذ الشارب , وحلق العانة ".
أخرجه النسائى بإسناد صحيح على شرط مسلم , وصححه ابن حبان (1482) وسندها جيد , وعزاه إليه فى " الفتح الكبير " (2/281) بلفظ: " وحلق الشارب "
ولم أره عنده فى " الصغرى " فلعله فى " الكبرى " له [1] .
ثم رأيت الحافظ ذكره فى " الفتح " (10/285) أنه رواية النسائى عن محمد بن عبد الله بن يزيد عن سفيان بن عيينة ... يعنى بسنده عن أبى هريرة.
قلت: وهو عنده من هذا الوجه بلفظ " وأخذ الشارب " فلعل نسخ " النسائى " مختلفة , ثم أشار إلى أنها رواية غير محفوظة عن ابن عيينة. والله أعلم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] هو عند النسائي في الكبرى [1/77] من حديث أبي هريرة(1/112)
(74) - (" اللهم كما حسنت خلقى فحسن خلقى " رواه البيهقى عن عائشة. ورواه ابن مردويه وزاد: " وحرم وجهى على النار " (ص 22) .
* صحيح - دون الزيادة -.
أخرجه البيهقى فى " الدعوات " عن عائشة بلفظ: " كان صلى الله عليه وسلم إذا
نظر وجهه فى المرآة قال: فذكره " كذا فى " الفتوحات الربانية على الأذكار النووية " (6/195) وعزا الزيادة المذكورة للبزار أيضا نقلا عن " الحصن " و" السلاح " ولم يتكلموا على سنده بشىء , وما أراه يصح فقد وقفت عليه عند من هو أعلى طبقة من البيهقى , وهو أبو الشيخ بن حيان , أخرجه فى " كتاب أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وآدابه " (ص 183) من طريق أبان بن سفيان أنبأنا أبو هلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا , آفته أبان هذا.
قال الدارقطنى: " جزرى متروك ".
وقد روى من حديث على بن أبى طالب وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك.
أما حديث على: فأخرجه ابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (رقم 160) من طريق الحسين بن أبى السرى حدثنا محمد بن الفضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن على بن أبى طالب " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر وجهه فى المرآة قال: الحمد لله , اللهم ... الحديث ".
قلت: وهذا سنده ضعيف جدا , الحسين هذا هو ابن المتوكل , وهو ضعيف جدا , كذبه أخوه محمد وأبو عروبة الحرانى.
وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطى وهو ضعيف.
وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أبو يعلى فى " مسنده " (ق 136/2) وعنه ابن السنى (رقم 161) وأبو الشيخ (184 ـ 185) عن عمرو بن(1/113)
الحصين حدثنا يحيى بن العلاء عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عنه مرفوعا بلفظ: " كان إذا نظر فى المرآة قال: الحمد لله الذى حسن خلقى وخلقى , وزان فى ما شان من غيرى".
وهذا إسناد واه جدا , فإن عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء كذابان.
وعزاه الهيثمى فى " المجمع " (5/171) لأبى يعلى , وفى مكان آخر (10/139) للطبرانى من طريق عمرو بن الحصين وقال: " وهو متروك ".
وغفل عن شيخه يحيى بن العلاء!
وأما حديث أنس: فأخرجه ابن السنى (رقم 162) وكذا الطبرانى فى " الأوسط "ومن طريقه الخطيب فى " الجامع " (4/90/2) وفى " المنتقى منه " (ق 19/2) وأبو الشيخ فى " الأخلاق " (185) من طريق سلمة بن قادم حدثنا هاشم بن عيسى اليزنى عن الحارث بن مسلم عن الزهرى عن أنس مرفوعا بلفظ: " كان إذا نظر وجهه فى المرآة قال: الحمد لله الذى سوى خلقى فعدله , وكرم صورة وجهى فحسنها , وجعلنى من المسلمين ".
قلت: وهذا سند ضعيف , هاشم هذا قال الهيثمى: " لم أعرفه , وبقية رجاله ثقات "
كذا قال. وفيه نظر من وجوه:
الأول: أن هاشما هذا معروف , ولكن بالجهالة! وقد كناه ابن السنى وأبو الشيخ فى هذا الحديث بأبى معاوية , وترجمه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 449) فقال: " هاشم بن عيسى اليزنى الحمصى عن أبيه. يحيى بن سعيد: منكر الحديث. وهو وأبوه مجهولان بالنقل ".
ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن أبيه , جاء فيه مكنيا ب " أبى معاوية " , فهو هذا قطعا , وهو من رجال " الميزان " و" اللسان " فلا أدرى كيف لم يعرفه الهيثمى؟!(1/114)
الثانى: الحارث بن مسلم مجهول كما قال الدارقطنى , والهيثمى إنما اعتمد فى توثيقه على إيراد ابن حبان إياه فى " الثقات " وليس ذلك منه بجيد , لأن قاعدة ابن حبان فى التوثيق فيها تساهل كبير حتى إنه ليوثق المجهولين الذين يصرح هو نفسه فى بعضهم أنه لا يعرفه , ولا يعرف أباه كما حققته فى " الرد على التعقيب الحثيث ".
ثم وجدت له طريقا أخرى عند المروزى فى " زوائد الزهد " (1174 ـ طبع الهند) من طريق عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك , قال: حدثنى رجل من آل أنس بن مالك أنه سمع أنس بن مالك يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول المرآة فينظر فيها يقول: الحمد لله , أكمل خلقى , وحسن صورتى , وزان منى ما شان من غيرى " ورجاله ثقات لولا الرجل الذى لم يسمه.
ومما سبق يتبين أن هذه الطرق كلها ضعيفة ولا يمكن القول بأن هذه الطرق يقوى بعضها بعضا لشدة ضعفها كما رأيت.
من أجل ذلك لا يصح الاستدلال بالحديث على مشروعية هذا الدعاء عند النظر فى المرآة كما فعل المؤلف رحمه الله تعالى.
نعم لقد صح هذا الدعاء عنه صلى الله عليه وسلم مطلقا دون تقيد بالنظر فى المرآة. وفيه حديثان:
الأول: من حديث عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أحسنت خلقى , فأحسن خلقى ".
رواه أحمد (6/68 , 155) بإسناد صحيح , وقال الهيثمى فى " المجمع " (10/173) : " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ".
الثانى: حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: فذكره , أخرجه أحمد (1/403) وابن سعد فى " الطبقات " (1/377) وأبو يعلى فى " مسنده " (243/2 , 249/1) من طريق عوسجة بن الرماح عن عبد الله بن أبى الهذيل عن ابن مسعود.
ونقل المناوى عن العراقى أنه قال:(1/115)
" قال المنذرى: رواته ثقات ".
قلت: وقال الهيثمى: " رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة ".
قلت: وهو كما قال , إلا أن عوسجة , وإن وثقه ابن معين وابن حبان فقد قال فيه الدارقطنى: " شبه المجهول , لا يروى عنه غير عاصم , لا يحتج به , لكن يعتبر به ".
قلت: ولذلك لم يوثقه الحافظ فى " التقريب " بل قال فيه: " مقبول ".
قلت: فهو شاهد جيد لحديث عائشة , والله أعلم.
(75) - (حديث أبى أيوب مرفوعا: " أربع من سنن المرسلين: الحياء , والتعطر , والسواك , والنكاح ". رواه أحمد (ص 22) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (5/421) من طريق زيد , وهو ابن هارون ومحمد بن يزيد وهو الواسطى كلاهما عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال: قال أبو أيوب به.
قلت: وهذا سند رجاله ثقات وله علتان:
الأولى: الانقطاع بين مكحول وأبى أيوب.
الثانية: عنعنة الحجاج بن أرطاة.
والجواب عن الأولى: بأن الترمذى قد وصله فى سننه (1/200) من طريق حفص بن غياث وعباد بن العوام عن الحجاج عن مكحول عن أبى الشمال عن أبى أيوب به.
وقال: " وروى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطى وأبو معاوية وغير(1/116)
واحد عن الحجاج عن مكحول عن أبى أيوب , ولم يذكروا فيه: " عن أبى الشمال " وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح ".
قلت: وأبو الشمال , قال أبو زرعة: لا يعرف إلا بهذا الحديث.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر فيه: " مجهول ".
قلت: وعليه فقول الترمذى فى حديثه هذا: " حسن " غير حسن.
والجواب عن العلة الأخرى أن الحجاج قد صرح بالتحديث فى روايته عنه فقال المحاملى فى " الأمالى " (ج 8 رقم 25 من منسوختى) : حدثنا محمود بن خداش حدثنا عباد بن العوام ثنا حجاج حدثنا مكحول به.
وهذا سند رجاله كلهم ثقات , وبذلك زالت شبهة تدليسه , وانحصرت العلة فى جهالة أبى الشمال , ولولاها لكان السند صحيحا.
(تنبيه) " الحياء " بالمثناة التحتية كذلك وقع عند الترمذى وأحمد , ووقع عند المحاملى " الختان " بالمثناة الفوقية ثم نون وهو الذى جزم بتصويبه الحافظ والعراقى وغيرهما كما فى " فيض القدير " ولعله ترجيح من جهة المعنى. وإلا فهناك حديثان آخران باللفظ الأول " الحياء ".
أحدهما من رواية ابن عباس مرفوعا بلفظ: " خمس من سنن المرسلين: الحياء والحلم والحجامة والتعطر والنكاح " رواه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/182/1) عن إسماعيل بن شيبة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا وله علتان:
الأولى: عنعنة ابن جريج , فإنه على جلالة قدره مدلس.
والأخرى: إسماعيل بن شيبة ويقال: ابن شبيب , قال الذهبى: " رواه " [1] , قال: النسائى: " متروك الحديث ") ثم ساق له أحاديث هذا منها.
والحديث الآخر: من رواية مليح بن عبد الله الخطمى عن أبيه عن جده مرفوعا مثل حديث ابن عباس إلا أنه قال: " السواك " بدل " النكاح ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: واه}(1/117)
أخرجه الدولابى فى " الكنى والأسماء " (1/42) عن ابن أبى فديك: أخبرنى عمر بن محمد الأسلمى عن مليح به.
قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان:
الأولى: جهالة مليح وأبيه وجده كما يأتى:
الثانية: ضعف عمر هذا أو جهالته فقد ذكر الذهبى أنه مجهول , وعندى أنه لا يبعد أن يكون هو عمر بن صهبان الأسلمى المدنى , فإنه يقال فيه عمر بن محمد الأسلمى وهو مدنى كما ذكرنا وكذلك الراوى عنه ابن أبى فديك واسمه محمد بن إسماعيل مدنى أيضا , فإن يكن عمر هذا هو ابن صهبان فهو ضعيف جدا.
والحديث ذكره فى " المجمع " (2/99) وقال: " رواه البزار ومليح وأبوه وجده لم أجد من ترجمهم ".
وعزاه الحافظ فى " التلخيص " (ص 24) لابن أبى خيثمة ساكتا عنه!
وفى الباب عن أبى هريرة بلفظ: " خمس من سنن المرسلين: قص الشارب , وتقليم الأظافر , ونتف الإبط , وحلق العانة , والختان ".
رواه ابن عساكر فى " التاريخ " (ج5/2/2) عن الحسين بن عبد الغفار بن محمد الأزدى أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا سعيد بن يحيى أنبأنا محمد بن أبى حفصة عن الزهرى عن سعيد وأبى سلمة عنه مرفوعا.
وروى عن الدارقطنى أنه قال فى الحسين هذا: " متروك ".
وقد تابعه عن ابن عساكر " محمد بن مروان " لكن بلفظ " خمس من الفطرة.... "
لكن لم أعرف ابن مروان هذا وليس بالسدى الصغير الكذاب فإنه أقدم من هذا.
وخلاصة القول فإنى لم أجد فى شىء من هذه الطرق ما يقوى الطريق(1/118)
الأولى للحديث لشدة ضعفها وتعدد عللها. والله أعلم.
(76) - (حديث ابن عباس: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام , وكان يكتحل فى كل عين ثلاثة أميال ". رواه أحمد والترمذى وابن ماجه (ص 23) .
* ضعيف جدا.
رواه أحمد (رقم 3318 , 3320) والترمذى فى " سننه " (3/60) وفى (الشمائل1/126 - 128) وابن ماجه (2/354) والحاكم (4/408) والطيالسى (1/358) وابن سعد (1/484) من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال الحاكم: " حديث صحيح وعباد لم يتكلم فيه بحجة ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " ولا هو بحجة ".
ونحوه قول الحافظ فى " التقريب ": " صدوق رمى بالقدر , وكان يدلس , وتغير بأخرة ".
قلت: وهذا الحديث مما دلس فيه , ففى الميزان: " قال على بن المدينى: سمعت يحيى بن سعيد قال: قلت لعباد بن منصور سمعت: ما مررت بملأ من الملائكة , وأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكتحل ثلاثا؟ فقال حدثنى ابن أبى يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال ابن حبان: كل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبى يحيى من داود عن عكرمة ".
قلت: فهذا يبين أن بينه وبين عكرمة رجلين: ابن أبى يحيى وهو إبراهيم بن محمد الأسلمى , وهو كذاب , وداود بن الحصين وهو ضعيف فى عكرمة خاصة , ومنه يتبين خطأ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فى تصحيحه لإسناد هذا الحديث فى تعليقه على المسند (3318) .
(77) - (حديث ابن عمر مرفوعا: "خالفوا المشركين: أحفوا الشوارب , وأوفوا اللحى ". ص23
* صحيح.
أخرجه البخارى (10/288) , ومسلم (1/153) , وكذا(1/119)
أبو عوانة فى صحيحه (1/189) والبيهقى فى سننه (1/150) كلهم عن نافع عنه.
ولفظ أبى عوانة: " المجوس " بدل " المشركين ".
ويشهد له طريق أخرى عن ابن عمر , وحديث أبى هريرة عند مسلم , وغيره , وقد ذكرتهما فى كتابى " حجاب المرأة المسلمة " (ص67 , 68) .
(78) - (حديث " اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة " متفق عليه ص 23) .
* صحيح.
وهو من حديث أبي هريرة مرفوعا , أخرجه البخاري (6/300) ومسلم (7/97) وكذا أحمد (2/322 , 418) من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به واللفظ لأحمد , وزادوا في آخره " واختتن بالقدوم مخففة " وليس عند الشيخين " مخففة ".
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة , أخرجه أحمد (2/435) عن ابن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة , وسنده حسن.
(79) - (قال صلى الله عليه وسلم لرجل أسلم: " ألق عنك شعر الكفر واختتن ". رواه أبو داود) ص 23.
* حسن.
رواه أبو داود (1/59) وعنه البيهقي (1/172) وأحمد (3/415) من طريق ابن جريج قال: أخذت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد أسلمت , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا سند ظاهر الضعف لجهالة المخبر لابن جريج ولجهالة عثيم وابن كليب أيضا.
لكن الحديث حسن , لآن له شاهدين أحدهما عن قتادة أبي هشام والآخر عن واثلة بن الأسقع , وقد تكلمت عليهما , وبينت احتجاج شيخ الإسلام ابن تيمية بالحديث في " صحيح أبي داود " (رقم 383) .(1/120)
(80) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى الختانان وجب الغسل ".
* صحيح.
ورد من حديث عائشة وأبي هريرة:
أما حديث عائشة فله طرق:
الأول: أخرجه الترمذي (1/180 ـ 181) والشافعي (1/36) وابن ماجه (1/211) وأحمد (6/161) من طريق القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , قالت , فذكره موقوفا عليها وزاد: فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.
وسنده صحيح وقد أعل بما لا يقدح , لا سيما وله الطرق الأخرى.
الثاني: أخرجه أحمد (6/265) عن عبد الله بن رباح أنه دخل على عائشة فقال: إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك , فقالت: سل ما بدا لك فإنما أنا أمك , فقلت: يا أم المؤمنين ما يوجب الغسل؟ فقالت , فذكرته نحوه موقوفا مع الزيادة وسنده صحيح.
الثالث: أخرجه مسلم (1/187) وأبو عوانة (1/289) والبيهقي (1/164) من طريق أبي بردة عن أبي موسى عنها مرفوعا بلفظ " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل " وأخرجه الترمذي والشافعي من طريق سعيد بن المسيب عن أبي موسى به نحوه وهو رواية لأحمد (6/47 , 97 , 112) .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الرابع: عن عبد الله بن رباح عن عبد العزيز بن النعمان عنها مرفوعا.
أخرجه أحمد (6/239) وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
ويتلخص من مجموع هذه الطرق أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تارة ترفع الحديث , وتارة توقفه , وكل روى ما سمع منها , والكل صحيح(1/121)
الرفع والوقف ولا منافاة بينهما.
وأما حديث أبي هريرة , فأخرجه البخاري (1/313) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود (1/33) والدارمي (1/194) وابن ماجه والدارقطني (ص 32) والبيهقي والطيالسي (1/59) وأحمد (2/247 , 470) من طرق عن الحسن عن أبي رافع عنه مرفوعا بلفظ: " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل " زاد أحمد في رواية: " أنزل أو لم ينزل " وسندها على شرط الشيخين , وقد تكلمت عليها في " صحيح أبي داود " (رقم 209) .
باب الوضوء
(81) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (ص 24) .
* حسن.
أخرجه أحمد (2/418) وأبو داود (1/16) وابن ماجه (رقم 399) وكذا الدارقطنى (ص 29) والحاكم (1/146) والبيهقى (1/43) عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا.
وصححه الحاكم وردوه عليه لأن يعقوب بن سلمة وأباه مجهولان كما قد بينته فى " صحيح سنن أبى داود " (رقم 90) .
وذكرت له فيه آخرين عن أبى هريرة , وبينت من خرجهما وما فيهما من الكلام وأشرت إلى , أن له شواهد كثيرة وأن النفس تطمئن لثبوت الحديث من أجلها.
وقد قواه الحافظ المنذرى والعسقلانى , وحسنه ابن الصلاح وابن كثير.
وأزيد هنا فأقول: إن الدولابى أخرج الحديث من أحد الطريقين المشار إليهما فى كتابه " الكنى " وقال (1/120) : " إن البخارى قال: إنه أحسن شىء فى هذا الباب ".(1/122)
وقال الحافظ العراقى فى " محجة القرب فى فضل العرب " (ص 27 ـ 28) : " هذا حديث حسن ".
(82) - (حديث: " عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان " (ص 24) .
* صحيح.
ولكن لم أجده بلفظ " عفى " وإنما رواه ابن عدى فى " الكامل " (ق 312/1) من طريق عبد الرحيم بن زيد العمى حدثنى أبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا بلفظ " عفا لى عن أمتى الخطأ والنسيان والاستكراه " وعبد الرحيم هذا كذاب وأبوه ضعيف.
والمشهور فى كتب الفقه والأصول بلفظ " رفع عن أمتى ... " ولكنه منكر كما سيأتى والمعروف ما أخرجه ابن ماجه (1/630) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعى عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا بلفظ " إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " فظاهر إسناده الصحة لأن رجاله كلهم ثقات وقد اغتر بظاهره صاحب " التاج الجامع للأصول الخمسة " فقال (1/25) : " سنده صحيح" وخفيت عليه علته وهى الانقطاع بين عطاء وابن عباس.
وقد أشار إلى ذلك البوصيرى فى " الزوائد " فقال: (إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع , والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن نمير [1] فى الطريق الثانى , وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم فإنه كان يدلس " يعنى تدليس التسوية ") .
والطريق المشار إليه أخرجه الطحاوى فى " شرح معانى الآثار " (2/56) والدارقطنى (497) والحاكم (2/198) وابن حزم فى " أصول الأحكام " (5/149) من طريق بشر بن بكر وأيوب بن سويد قالا: حدثنا الأوزاعى عن عطاء بن أبى رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى , واحتج به ابن حزم وصححه المعلق عليه المحقق العلامة أحمد شاكر رحمه الله.
وكذلك صححه من قبل ابن حبان فرواه فى صحيحه (1498) من هذا الطريق.
وقال النووى فى " الأربعين " وغيره: إنه حديث حسن: وأقره الحافظ فى " التلخيص "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عمير}(1/123)
(ص 109) , وهو صحيح كما قالوا , فإن رجاله كلهم ثقات , وليس فيهم مدلس , ومع ذلك فقد أعله أبو حاتم بالانقطاع أيضا! فقال ابنه فى " العلل " (1/431) : " وقال أبى: لم يسمع الأوزاعى هذا الحديث من عطاء ,إنما سمعه من رجل لم يسمه أتوهم أنه عبد الله بن عامر أو إسماعيل بن مسلم , ولايصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده ".
قلت: ولست أرى ما ذهب إليه أبو حاتم رحمه الله , فإنه لا يجوز تضعيف حديث الثقة لا سيما إذا كان إماما جليلا كالأوزاعى , بمجرد دعوى عدم السماع.
ولذلك فنحن على الأصل , وهو صحة حديث الثقة حتى يتبين انقطاعه , سيما وقد روى من طرق ثلاث أخرى عن ابن عباس , وروى من حديث أبى ذر وثوبان وابن عمر وأبى بكرة وأم الدرداء والحسن مرسلا.
وهى وإن كانت لا تخلو جميعها من ضعف فبعضها يقوى بعضا وقد بين عللها الزيلعى فى " نصب الراية " وابن رجب فى " شرح الأربعين " (270 - 272) فليراجعها من شاء التوسع , وقال السخاوى فى " المقاصد " (ص 230) : " ومجموع هذه الطرق يظهر للحديث أصلا ".
ومما يشهد له أيضا ما رواه مسلم (1/81) وغيره عن ابن عباس قال: " لما نزلت (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله تعالى: قد فعلت ... " الحديث.
ورواه أيضا من حديث أبى هريرة , وقول ابن رجب: " وليس واحد منهما مصرحا برفعه " لا يضره فإنه لا يقال من قبل الرأى فله حكم المرفوع كما هو ظاهر.
(83) - (حديث عثمان فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم وفيه: " فمضمض واستنثر ". متفق عليه (ص 24) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث عثمان رضى الله عنه فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم وسيأتى تخريجه بعد خمسة أحاديث.
(84) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " الأذنان من الرأس " , رواه ابن(1/124)
ماجه) , ص 24.
* صحيح.
وهو عند ابن ماجه (1/152 رقم 443 ـ 445) من حديث عبد الله بن زيد وأبي أمامة وأبي هريرة مرفوعا , ورجال الأول كلهم ثقات غير أن سويد بن سعيد عمي , فصار يتلقن ما ليس من حديثه.
والثاني: فيه سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب وفيهما ضعف لا يمنع من الاستشهاد بحديثهما ولذلك أوردته في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 143) وذكرت هناك من قواه من الأئمة كالترمذي والمنذري وابن دقيق العيد وابن التركماني والزيلعي.
والثالث: فيه عمرو بن الحصين وهو متروك لكن للحديث شواهد كثيرة عن جمع آخر من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وعائشة وأبو موسى وأنس وسمرة بن جندب , وقد خرجتها وتكلمت على طرقها في جزء خاص عندي , وذكرت فيه طريقا لابن عباس صحيحا لما [1] يورده كل من تكلم على الحديث , وخرج طرقه كالزيلعي وابن حجر وغيرهما , وذلك من توفيق الله تعالى إيانا , فله الحمد والمنة , ثم نشرت طرقه في مقال من مقالات الأحاديث الصحيحة برقم (36) .
(85) - (توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا وقال: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " (ص 25) .
* لا أعلم له أصلا بذكر الترتيب فيه إلا ما سيأتى من رواية ابن السكن عن أنس.
والمعروف حديث ابن عمر قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة ثم قال: فذكره.
رواه ابن ماجه (رقم 419) والدارقطنى (30) والبيهقى (1/80) وكذا أحمد (رقم 5735) وأبو يعلى (267/2) من طرق واهية عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عنه , وزيد هذا ضعيف كما فى " التقريب " وقال فى " التلخيص " (30) : إنه متروك.
وله طريق أخرى عند الدارقطنى والبيهقى من طريق المسيب بن واضح حدثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
وقالا: " تفرد به المسيب وهو ضعيف ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا في الأصل والصواب: لم}(1/125)
وروى عن زيد العمى على وجه آخر , أخرجه ابن ماجه (420) والدارقطنى عن عبد الله بن عرادة الشيبانى عن زيد بن الحوارى عن معاوية بن قرة عن عبيد الله [1] بن عمير عن أبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة فقال: فذكره. وهو ضعيف أيضا لما عرفت من حال زيد , والراوى عنه ضعيف أيضا.
وروى من حديث زيد بن ثابت وأبى هريرة معا عند الدارقطنى فى " غرائب مالك " وفيه على بن الحسن الشامى وقال الدارقطنى: " تفرد به وكان ضعيفا ".
ومن حديث عبيد الله [2] الله بن عكراش عن أبيه مثله , أخرجه الخطيب فى تاريخه (11/28) .
وعبيد الله هذا قال البخارى: " لا يثبت حديثه " والراوى عنه النضر بن ضاهر [3] ضعيف جدا كما قال ابن عدى.
فأنت ترى أنه ليس فى هذه الأحاديث - على ضعفها - ذكر الترتيب لا تصريحا ولا تضمينا.
نعم قال الحافظ فى " التلخيص " (30) : " ورواه أبو على بن السكن فى صحيحه من حديث أنس ولفظه: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فغسل وجهه ويديه مرة , ورجليه مرة , وقال: فذكر الحديث " ولكن الحافظ لم يفصح عن حال إسناده صحة أو ضعفا ولا هو ساقه ليمكننا من الحكم عليه , والكتاب غير معروف اليوم , والحكم لله.
ثم وقفت على إسناده فى " الترغيب "لابن شاهين (ق 262/1ـ2) وهو من رواية طلحة بن يحيى عن أنس , فهو منقطع , لأن طلحة هذا لم يلق أحدا من الصحابة.
وقد جزم الحافظ فى " الفتح " بضعف الحديث فقال (1/188 , 190) : " حديث ضعيف, أخرجه ابن ماجه , وله طرق أخرى كلها ضعيفة ".
وضعفه ابن تيمية أيضا فى " الاختيارات " (11) .
(86) - (حديث خالد بن معدان أن النبى صلى الله عليه وسلم: " رأى رجلا يصلى , وفى ظهر قدمه (1) لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء , فأمره أن يعيد
__________
(1) الأصل: قدميه، وهو خطأ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عبيد}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: عبيد}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: طاهر}(1/126)
الوضوء ". رواه أحمد وأبو داود وزاد: " والصلاة " (ص 25) .
* صحيح.
رواه أبو داود (رقم 175) من طريق بقية عن بحير بن سعد عن خالد عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير أن بقية مدلس , وقد عنعنه , لكن قد صرح بالتحديث فى " المسند " " والمستدرك " كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 35) وفيه: " عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وبذلك زالت شبهة التدليس , وثبت الحديث.
وقد أعله بعضهم بجهالة الصحابى وليس ذلك بعلة , لأن الصحابة كلهم عدول.
وقد فصلت القول فى هذه العلة والجواب عنها فى " صحيح سنن أبى داود " (رقم 167) .
ونقلت فيه عن أحمد أنه قال فى هذا الإسناد: إنه جيد.
وعن ابن التركمانى وابن القيم أنهما قويا الحديث.
وللحديث شاهد من حديث أنس عند أبى داود وأبى عوانة فى " صحيحه " (1/253) وابن ماجه (رقم 665) والدارقطنى (40) والبيهقى (1/83) وأحمد وابنه عبد الله فى " زوائد المسند " (3/146) وكذا ابن عدى فى " الكامل " (51/2) والضياء فى " المختارة " (180/1) عنه بلفظ: " أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ارجع فأحسن وضوءك ". وسنده صحيح كما بينته فى المصدر المشار إليه.
وكذلك رواه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/123) والجرجانى فى تاريخه (ص 361) .
وله شاهد آخر من حديث عمر مثله.
رواه مسلم (1/148) وأبو عوانة وابن ماجه وأحمد (رقم 134 , 153) وأبو عروبة فى " حديث الجزريين " (49/1) عن أبى الزبير عن جابر عنه.
وله طريق آخر عن عمر.
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء ": (ص 413) (عن المغيرة بن سقلاب عن الوازع بن نافع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عمر به) [1] . وقال: " لا يتابعه إلا من هو نحوه " يعنى المغيرة هذا , وهو ضعيف والوازع بن نافع متروك.
(تنبيه) رأيت أن الحديث عند أحمد وأبى داود من طريق معدان إنما هو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والذى فى الضعفاء للعقيلى 4/182 , والكامل لابن عدى 6/359: عن المغيرة بن سقلاب عن الوازع بن نافع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب عن أبى بكر الصديق به}(1/127)
من روايته عن بعض الصحابة , والمصنف ذكره من روايته مرسلا , فالظاهر أنه سقط من قلمه قوله: " عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم " أو " عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم على اختلاف رواية أحمد وأبى داود.
(87) - (" إنما الأعمال بالنيات " (ص 25) .
* صحيح.
مشهور وتقدم تخريجه برقم (22) .
(88) - (حديث: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " (ص 25) .
* صحيح.
رواه البخارى موصولا (2/166) ومعلقا مجزوما (2/25 , 4/437) ومسلم (5/132) وأبو داود (رقم 4606) وابن ماجه (رقم 14) والدارقطنى (ص 52 ـ 521) وأحمد (6/146 , 180 , 240 , 256 , 270) وأبو بكر الشافعى فى " الفوائد " (106/2) وعنه القضاعى فى مسند الشهاب (29/1) والهروى فى " ذم الكلام " (1/4/1) وغيرهم من طرق عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا.
واللفظ لمسلم والدارقطنى وأحمد , وفى لفظ لهم وهو لفظ الآخرين: " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
ولفظ الشافعى: " ما ليس فيه ". وسنده صحيح.
وزاد الهروى: وقال أبو مروان العثمانى ـ أحد رواته ـ: يعنى " البدع ".
وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام , وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح فى رد وإبطال كل البدع والمحدثات , واللفظ الأول أعم فى الرد فإنه يشمل كل عمل بالبدعة ولو كان المحدث لها غيره بخلاف اللفظ الآخر.
(89) - (روى عن عثمان: " أنه دعا بإناء , فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما , ثم أدخل يمينه فى الإناء , فمضمض واستنثر , ثم غسل وجهه ثلاثاً , ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات , ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه(1/128)
ثلاث مرات إلى الكعبين , ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئى هذا ". متفق عليه (ص 26) .
* صحيح.
وهو كما قال المؤلف: متفق عليه , فقد أخرجه البخارى في الطهارة وكذا مسلم وأبو عوانة أيضاً وأبو داود والنسائى والدارمى والدارقطنى (35) والبيهقى (1/48 , 49 , 53 , 57 , 58 , 68) وأحمد فى المسند (رقم 418 , 428) من طريق [1] عن الزهرى عن عطاء بن زيد [2] الليثى عن حمران بن أبان عن عثمان.
(تنبيه) : صدر المؤلف رحمه الله هذا الحديث الصحيح بقوله: " روى " بالبناء للمجهول , وهذا لا يقال عند العلماء بالحديث إلا فى الحديث الضعيف كما نبه على ذلك الإمام النووى رحمه الله وغيره , فينبغى على المؤلفين مراعاة ذلك والله الموفق.
(90) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ". صححه الترمذى (ص 27) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/10) وكذا النسائى (1/29) وابن ماجه (رقم 439) والبيهقى (1/67) من طريق محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وسنده حسن لأن فى ابن عجلان ضعفا يسيرا , لكنه قد توبع فيرتقى الحديث إلى درجة الصحة , فقد أخرجه أبو داود (رقم 126) من سننه والحاكم (1/147) من طريق [3]
(91) - (قول على لابن عباس: " ألا أتوضأ لك وضوء النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى فداك أبى وأمى. قال: فوضع إناء فغسل يديه , ثم مضمض واستنشق واستنثر , ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه وألقم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: طرق}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: يزيد}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: طرق} .(1/129)
إبهاميه ما أقبل من أذنيه , قال: ثم عاد فى مثل ذلك ثلاثا , ثم أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته , ثم أرسلها تسيل على وجهه ... وذكر بقية الوضوء ". رواه أحمد وأبو داود (ص 28) .
* حسن.
أخرجه أحمد (رقم 625) وأبو داود (1/رقم 117) والطحاوى (1/19 , 20 ـ 21) والبيهقى (1/53) من طريق محمد بن إسحاق حدثنى محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولانى عن ابن عباس قال: دخل على على بيتى فدعا بوضوء فجئنا بعقب يأخذ المد أو قريبه , حتى وضع بين يديه , وقد بال , فقال: يا ابن عباس ألا ... الحديث , - وتمامه -: " ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا , ثم يده الأخرى مثل ذلك , ثم مسح برأسه وأذنيه من ظهورهما , ثم أخذ بكفيه من الماء فصك بهما على قدميه وفيهما النعل , ثم قلبها بها , ثم على الرجل مثل ذلك , قال: قلت: وفى النعلين؟ قال: وفى النعلين , قلت: وفى النعلين؟ قال: وفى النعلين , قلت: وفى النعلين؟ قال: وفى النعلين ".
وسنده حسن , ورواه ابن حبان فى صحيحه مختصرا , وقد أجبنا عن تضعيف بعض الأئمة له فى " صحيح أبى داود " (رقم 106) فلا نعيد القول فيه.
(92) - (حديث أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال هكذا أمرنى ربى عز وجل ". رواه أبو داود (ص 28) .
* صحيح.
رواه أبو داود (رقم 145) وعنه البيهقى (1/54) من طريق الوليد بن زوران عن أنس.
قلت: رجال إسناده ثقات غير ابن زوران هذا فروى عنه جماعة وذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/) فمثله حسن الحديث , لا سيما وللحديث طريق أخرى صححها الحاكم (1/149) ووافقه الذهبى ومن قبله ابن القطان وله شواهد كثيرة ذكرت بعضها فى " صحيح أبى داوود " (تحت رقم 133) وبها يرتقى الحديث إلى درجة الصحة.(1/130)
(93) - (حديث: " كان صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن فى ترجله , وتنعله , وطهوره وفى شأنه كله ". متفق عليه (ص 28) .
* صحيح.
أخرجاه فى " الطهارة " وكذا أبو عوانة والترمذى وابن ماجه كلهم فى " الطهارة ".
ورواه البخارى فى " الأطعمة " أيضا وأبو داود فى " اللباس " (2/187) وأحمد فى المسند (6/94 , 130 , 147 , 187 ـ 188 , 202 , 210) من طرق عن أشعث بن أبى الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة به , واللفظ للبخارى إلا أنه قال: " فى تنعله وترجله " بتقديم التنعل على الترجل وهى رواية مسلم وأبى عوانة وأحمد فى رواية , وعند الآخرين بتقديم الترجل على التنعل وهو رواية لأحمد , لكن ليس هو عند أحد منهم بهذا السياق الذى أورده المؤلف.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ثم رواه أحمد (6/165) من طريق الأعمش عن رجل عن مسروق به نحوه , ورجاله ثقات إلا الرجل الذى لم يسمه.
وللحديث طريق اخرى عن عائشة , أخرجه أبو داود فى " الطهارة " وأحمد (6/265) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن أبى معشر عن إبراهيم عن أبى الأسود عن عائشة بلفظ: " كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليسرى لخلائه وما كان من أذى , وكانت اليمنى لوضوئه ولمطعمه.
وسنده صحيح كما قال النووى والعراقى , ورواه بعضهم بإسقاط أبى الأسود ولا يضر ذلك فى رواية من وصله لأنه ثقة كما بينته فى صحيح أبى داود (رقم 25) .
(فائدة) : قال الشيخ تقى الدين (يعنى ابن دقيق العيد) : " هذا الحديث عام مخصوص لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما يبدأ فيهما باليسار " نقله الحافظ فى " الفتح " (1/216) وأقره.
وقد وجدت دليل الثانى وهو ما رواه الحاكم (1/218) عن أنس أنه كان(1/131)
يقول " من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ رجلك [1] اليمنى , وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى , وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبى.
وأما دخول الخلاء فلا أعرف دليله الآن , ولعله القياس على الخروج من المسجد , والله أعلم.
إلا قوله " فمن استطاع ... " فإنه مدرج [2]
(94) - (حديث: " أن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع فى العضد , ورجله حتى أشرع فى الساق , ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ " (ص 28) .
* صحيح.
رواه مسلم (1/149) وأبو عوانة (1/243) عن عمارة بن غزية الأنصارى عن نعيم بن عبد الله المجمر قال: " رأيت أبا هريرة يتوضأ , فغسل وجهه , فأسبغ الوضوء , ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع فى العضد, ثم يده اليسرى حتى أشرع فى العضد , ثم مسح رأسه , ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع فى الساق , ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع فى الساق ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ , وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليتم الفره [3] ... الحديث.
(94) - وقال أبو هريرة: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله" ص 29
* متفق عليه.
ورواه البخاري (1/190) ومسلم أيضا والبيهقي (1/57) وأحمد (2/400) من طريق سعيد بن أبي هلال عن نعيم بن عبد الله قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل": لفظ البخاري وهو لفظ مسلم إلا أنه زاد فيه صفة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , وفى " الحاكم ": برجلك}
(2) {كذا وقعت هذه الجملة هنا , ولا تعلق لها بهذا المكان}
(3) {كذا فى الأصل , والصواب: أنتم الغر}(1/132)
وضوء أبي هريرة: " فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين. ثم قال: فذكره.
ثم رواه أحمد (2/33 4، 5 23) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم به نحوه وزاد: قال نعيم: لا أدري قوله: " من استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله اله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة؟ ".
وقال الحافظ عقب هذه الرواية: " و (لم أر) هذه الجملة في رواية أحمد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أيى هريرة غير رواية نعيم هذه. والله أعلم ".
قلت: خفي على الحافظ رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة مرفوعا " إنكم الغر المحجلون " " الحديث وفيه هذه الجملة ".
أخرجها أحمد (2/362) وأبو يعلى في "مسنده" (ق 300/2) .
لكن ليث وهو ابن أبى سليم ضعيف فلا يحتج بروايته وقد قال ابن القيم في " حادي الأرواح " (1/316) : " فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك غير واحد من الحفاظ (1) .
وكان شيخنا يقول: هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإن الغرة لا تكون في اليد لا تكون إلا في الوجه، وإطالته غير ممكنة: إذ تدخل في الرأس فلا تسمى تلك غرة ".
(تنبيه) قال ابن القيم في " الزاد " (1/69) بعد أن ذكر حديث أبي هريرة هذا بلفظ المصنف: " إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء ولا يدل على مسألة الإطالة " وينكر عليه رواية ابن أبي هلال عند مسلم فإن فيها " فغسل يديه حتى كاد يبلغ المنكبين " فإنها صريحة في مسألة الإطالة.
ويمكن أن يجاب من طرف ابن القيم بأن هذه الرواية وإن كانت في الصحيح فإن أبي هلال كان قد اختلط كما قال أحمد ولا يدرى أحدث بهذا الحديث قبل الاختلاط أم
__________
(1) صحيح الترغيب والترهيب الحديث برقم (171) ، طبع المكتب الاسلامي(1/133)
بعده. والله أعلم
(95) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة , ثم توضأ مرتين ثم قال: هذا وضوئى ووضوء المرسلين قبلى ". أخرجه ابن ماجه (ص 29) .
* ضعيف.
وقد سقط منه فى الكتاب الوضوء ثلاثا , وليست من اختصار المؤلف لوجوه ظاهرة.
منها: أنه ساقه للاستدلال به , على سنته (1) تكرار الغسل مرتين وثلاثا , وليس فى سياقه " ثلاثا ".
ومنها أن قوله: " هذا وضوئى ... " إنما هو بعد الثلاث. كذلك هو عند ابن ماجه (1/163) من حديث أبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة فقال: " هذا وظيفة الوضوء , أو قال: وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة , ثم توضأ مرتين مرتين , ثم قال: هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر , ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال: هذا وضوئى ووضوء المرسلين من قبلى ".
وسنده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (43) وروى من حديث ابن عمر وأنس فراجعها هناك.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة , ومرتين مرتين , وثلاثا ثلاثا فراجع " نيل الأوطار " وغيره.
(96) - (حديث عمر مرفوعا: " ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ". رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 29) .
* صحيح. دون الرواية الثانية [2] .
أخرجه أحمد (4/145 ـ 146 , 153) ومسلم (1/144 ـ 145) ـ وكذا أبو عوانة فى صحيحه (1/225) وأبو داود (1/26 ـ 27) والنسائى أيضا (1/1/35) والترمذى (1/78) وابن ماجه (1/174) والبيهقى (1/78 , 2/280) من طرق عن عقبة بن عامر عن عمر
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: سنية}
(2) {لم يذكر فى الأصل الرواية الثانية , واستدركناها من منار السبيل , وهى: ولأحمد وأبى داود فى رواية " من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء , فقال ... وساق الحديث "}(1/134)
ابن الخطاب.
ولم يذكر الترمذى فى سنده عقبة بن عامر وزاد: " اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين ".
وأعله الترمذى بالاضطراب , وليس بشىء فإنه اضطراب مرجوح كما بينته فى " صحيح سنن أبى داود " (رقم 162) .
ولهذه الزيادة شاهد من حديث ثوبان: رواه الطبرانى فى " الكبير " (ج 1/72/1) وابن السنى فى " اليوم والليلة " (رقم 30) وفيه أبو سعد البقال الأعور وهو ضعيف.
وللحديث طريق أخرى: أخرجها أحمد (رقم 121 وج 4/150 ـ 151) وأبو داود وكذا الدارمى (1/1/182) وابن السنى (رقم 29) من طريق أبى عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر مرفوعا به لم يذكر فى إسناده عمر. وزاد فيه كما ذكر المؤلف: ".... ثم رفع نظره إلى السماء ... ".
وهذه الزيادة منكرة لأنه تفرد بها ابن عم أبى عقيل هذا وهو مجهول.
وقد وردت هذه الزيادة عند البزار فى حديث ثوبان المشار إليه آنفا كما ذكر الحافظ فى " التلخيص " (ص 37) وسكت عليه!.
(فائدة) : يستحب أن يقول عقب الوضوء أيضا: " سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب اليك ". لحديث أبى سعيد وسنذكره قبيل صلاة العيدين بإذن الله تعالى.
(97) - (حديث المغيرة: " أنه أفرغ على النبى صلى الله عليه وسلم فى وضوئه ". رواه مسلم (ص 29) .
* صحيح.
وعزوه لمسلم دون البخارى قصور , فقد أخرجه البخارى (10/220) , ومسلم (1/158) , وكذا أبو عوانة (1/255) وأبو داود (1/23 رقم 139 من صحيحه) والدارمى (1/181) والبيهقى (1/281) وأحمد (4/255) من طريق عروة بن المغيرة عن أبيه قال: كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فى مسير فقال لى: أمعك ماء؟ قلت: نعم , فنزل عن راحلته(1/135)
فمشى حتى توارى فى سواد الليل , ثم جاء , فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه , وعليه جبة من صوف فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة , فغسل ذراعيه ومسح رأسه , ثم هويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإنى أدخلتهما طاهرتين , ومسح عليهما.
ورواه النسائى (1/32) وابن ماجه (1/155) من طرق أخرى عن المغيرة بمعناه.
وأخرجه مسلم وغيره بلفظ أتم وسيأتى فى " صلاة الجماعة " برقم (488) .
(98) - (قالت عائشة: " كنا نعد له صلى الله عليه وسلم طهوره وسواكه " (ص 29) .
* صحيح.
رواه مسلم (1/169 ـ 170) وأبو عوانة (2/321 ـ 323) وأبو داود (1/10 , 211 ـ 212) والنسائى (1/237 ـ 238) وابن نصر فى " قيام الليل " (ص 48 ـ 49) وأحمد (6/53 ـ 54 , 236) كلهم عن زرارة بن أبى أوفى عنها فى حديثها الطويل فى صفة صلاته صلى الله عليه وسلم فى الليل , وفيه تقديم السواك على الطهور.
وسنذكره بأتم من هنا فى " الوتر " عند الحديث (414) .
باب مسح الخفين
(99) - (وعن جرير قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه ". متفق عليه (ص 30) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/393) ومسلم (1/156) وأبو عوانة (1/254 ـ 255) والنسائى (1/31) والترمذى (1/155 ـ 156) وصححه. وابن ماجه (1/193) وأحمد (4/358 , 361 , 364) من طريق الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عنه.
واللفظ لمسلم وزاد هو والبخارى وغيرهما:(1/136)
" قال إبراهيم: فكان يعجبهم لأن جريرا كان من آخر من أسلم ". لفظ البخارى وصرح فى روايته بسماع الأعمش من إبراهيم , وقال مسلم: " لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ".
وله فى المسند (4/363) طريقان آخران عن جرير ولفظ أحدهما قال: " أنا أسلمت بعد ما أنزلت المائدة , وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بعد ما أسلمت , رواه من طريق مجاهد عنه. وسنده صحيح وهو شاهد قوى لرواية إبراهيم فإنها معضلة.
وله طريق رابع , أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقى وابن خزيمة فى صحيحه من طريق أبى زرعة بن عمرو بن جرير أن جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين وقال: ما يمنعنى أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة , قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.
وقال الحاكم: " حديث صحيح " ووافقه الذهبى.
وقد تكلمت على سنده فى " صحيح أبى داود " (رقم 143) . وذكرت له هناك طريقا خامسا.
(100) - (روى المغيرة قال: " كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإنى أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما ". متفق عليه (ص 30) .
* صحيح.
وهو متفق عليه كما قال المؤلف وقد سبق تخريجه قبل حديثين (98) .
(101) - (روى المغيرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين ". رواه أبو داود والترمذى (ص 30) .
* صحيح.
أخرجه من ذكر المصنف وكذا أحمد (4/252) والطحاوى (1/58) والبيهقى (1/283) عن أبى قيس الأودى عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(1/137)
قلت: وهو كما قال فإن رجاله كلهم ثقات رجال البخارى فى صحيحه محتجا بهم.
وقد أعله بعض العلماء بعلة غير قادحة منهم أبو داود فقد قال عقبه: " كان عبد الرحمن بن مهدى لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ".
وهذا ليس بشىء لأن السند صحيح ورجاله ثقات كما ذكرنا , وليس فيه مخالفة لحديث المغيرة المعروف فى المسح على الخفين فقط وقد سبق تخريجه (رقم 100) , بل فيه زيادة عليه , والزيادة من الثقة مقبولة كما هو مقرر فى " المصطلح "
فالحق أن ما فيه حادثة أخرى غير الحادثة التى فيها المسح على الخفين , وقد أشار لهذا العلامة ابن دقيق العيد , وقد ذكر قوله فى ذلك الزيلعى فى " نصب الراية " ونقلته فى " صحيح أبى داود " (147) فراجعه.
(102) - (عن عوف بن مالك: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح علي الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم " رواه أحمد) , ص 31.
* صحيح.
وهو في المسند (6/27) وكذا رواه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/50) والطبراني في " الأوسط " (1/8/2) من الجمع بين المعجمين , من طريق هشيم نا داود بن عمرو عن بسر بن عبيد الله الحضرمي عن أبي إدريس الخولاني عنه , وكذا رواه الدارقطني أيضا (72) والبيهقي (1/275) فقال الطبراني: لا يروي عن عوف إلا بهذا الإسناد تفرد به هشيم.
قلت: وهو ثقة ثبت صحيح محتج به في الصحيحين وإنما يخشى منه التدليس والعنعنة وقد صرح هنا بالتحديث فأمنا تدليسه ومن فوقه كلهم ثقات من رجال مسلم فالإسناد صحيح.
والحديث عزاه في " نصب الراية " (1/168) لإسحاق بن راهويه أيضا(1/138)
والبزار في مسنديهما , وقال الهيثمي في " المجمع " (1/259) : رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
وفاته أنه في مسند أحمد أيضا.
وفي معنى هذا الحديث أحاديث كثيرة صحيحة في مسلم والسنن وغيرهما وقد تكلمت على بعضها وخرجتها في " صحيح أبي داود " (رقم 145) وليس في شيء منها أن الأمر بالمسح كان في غزوة تبوك ولذلك قال أحمد: هذا من أجود حديث في المسح على الخفين لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها , نقلته عن نصب الراية , وكانت الغزوة المذكورة في شهر رجب سنة تسع , كما في كتب المغازي.
قلت: ومثله بل أجود منه حديث جرير المتقدم (99) , فإن في رواياته الصحيحة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين بعد نزول سورة المائدة , وهي آخر سورة نزلت , كما قالت عائشة وعبد الله بن عمر , فيما رواه الحاكم (2/311) بإسنادين صحيحين عنهما , وقد قال ابن سعد: إن إسلام جرير كان في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وكأنه يعني السنة العاشرة , لا سنة إحدى عشر , فقد ثبت في الصحيحين أن جريرا شهد معه صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع.
وبالجملة فقصة جرير في المسح متأخرة عن قصة عوف هذه , فهي من هذه الوجهة أجود منها , والله أعلم.
(تنبيهان) : الأول: لفظ الحديث عند أحمد وغيره: " وللمقيم يوما وليلة " , بخلاف ما ذكره المصنف: " ويوما وليلة للمقيم " بتأخير (المقيم) وإنما هذه رواية البيهقي فقط.
الثاني: (بسر بن عبيد الله) هو بضم الباء الوحدة وسكون السين المهملة وقد تصحف هذا الاسم في جميع المصادر التي ذكرناها باستثناء معجم الطبراني وسنن الدارقطني , فوقع عند أحمد " بر " ووقع عند الآخرين " بشر " بالشين(1/139)
المعجمة وكله تصحيف.
(103) - (قال علي: " لو كان الدين بالرأى لكن أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه ". رواه أبو داود (ص 31) .
* صحيح.
وهو عند أبى داود كما قال المؤلف.
ورواه أيضا: الدارقطنى (73) والبيهقى (1/292) وابن حزم فى " المحلى " (2/111) .
وإسناده صحيح كما قال الحافظ فى " التلخيص " , وقال فى " بلوغ المرام ": " وإسناده حسن ".
والصواب الأول كما ذكرت فى " صحيح أبى داود " (رقم 153) .
(104) - (حديث صفوان بن عسال قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ". رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه " (ص 31 ـ 32) .
* حسن.
أخرجه ـ كما قال المؤلف ـ أحمد (4/239 , 240) والنسائى (1/32) والترمذى (1/159 ـ 160) وكذا ابن ماجه (1/176) والشافعى (1/33) والدارقطنى (72) والطحاوى (1/49) والطبرانى فى " الصغير " (ص 50) والبيهقى (1/114 و118 و276 و282 و289) من طرق كثيرة عن عاصم بن أبى النجود عن زر بن حبيش عنه.
وقال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح , قال محمد بن إسماعيل - يعنى البخارى -: هو أحسن شىء فى هذا الباب ".
قلت: وأخرجه ابن خزيمة أيضا وابن حبان فى " صحيحيهما ". كما فى " نصب الراية " (1/164 , 182 ـ 183) , والحديث إنما سنده حسن عندى , عاصما هذا فى حفظه ضعف لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن , نعم قد تابعه طلحة بن مصرف عند الطبرانى فى " الصغير " (ص 39) , وطلحة(1/140)
ثقة , إلا أن الراوى عنه أبا جناب الكلبى مدلس وقد عنعنه , وكذلك تابعه حبيب بن أبى ثابت عند الطبرانى كما ذكره الزيلعى ـ ولعله فى " الكبير " - , لكن الراوى عنه عبد الكريم بن أبى المخارق ضعيف.
وخالفه المنهال بن عمرو فقال: عن زر بن حبيش الأسدى عن عبد الله بن مسعود قال: كنت جالسا عند النبى صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من مراد يقال له صفوان بن عسال فقال: يا رسول الله إنى أسافر بين مكة والمدينة فأفتنى عن المسح على الخفين , فقال: فذكره بدون الإستثناء.
قلت: فجعله من مسند ابن مسعود وهو شاذ وفى الطريق إلى المنهال الصعق بن حزن وهو صدوق يهم كما قال الحافظ.
وللحديث طريق آخر من رواية أبى روق عطية بن الحارث قال: حدثنا أبو الغريف عبد الله بن خليفة عن صفوان بن عسال دون الاستثناء أيضا.
أخرجه أحمد والطحاوى والبيهقى وسنده ضعيف , أبو الغريف هذا قال أبو حاتم " ليس بالمشهور , قد نكلوا [1] فيه , وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة " كما فى " الجرح " (ج2/2/313) وأصبغ عنده لين الحديث.
(تنبيه) : فى حديث عاصم عند جميع من ذكرناهم من المخرجين ـ حاشا المعجم الصغير ـ زيادة فى آخره بلفظ: " ولكن من غائط وبول ونوم " فلا أدرى لماذا لم يذكرها المصنف ثم رأيته ذكرها ـ لوحدها بعد حديث.
نعم لم تقع هذه الزيادة فى رواية معمر عن عاصم عند أحمد , ولكنها ثابتة فى روايته عند الدارقطنى كما هى ثابتة عند كل من رواه عن عاصم.
(تنبيه ثان) : ادعى ابن تيمية أن لفظة " ونوم " مدرجة فى هذا الحديث (1) , وهى دعوى مردودة , فهى ثابتة عند الجميع ثبوت ما قبلها , ولم أجد من سبقه إلى هذه الدعوى على خطئها.
ومن فوائد هذه الزيادة أنها تدل على أن النوم مطلقا ناقض للوضوء كالغائط والبول وهو مذهب جماعة من العلماء منهم الحنابلة كما ذكره المؤلف (ص 34) وهو الصواب.
__________
(1) ذكر ذلك في بعض رسائله المنشورة في "شذرات البلاتين ". [وهو مخترعات الشيخ حامد رحمه الله]
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تكلموا}(1/141)
فصل
(105) - (حديث صاحب الشجة: " إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر (1) أو يعصب على جرحه خرقة ثم (2) يمسح عليها ويغسل سائر جسده " رواه أبو داود (ص 32) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود من طريق الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر قال: " خرجنا فى سفر فأصاب رجلا منا حجر , فشجه فى رأسه , ثم احتلم , فسأل أصحابه , فقال: هل تجدون لى رخصة فى التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء , فاغتسل , فمات , فلما قدمت على النبى صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك , فقال: قتلوه قاتلهم الله , ألا سألوا إذ لم يعلموا؟! فإنما شفاء العى السؤال , إنما كان يكفيه ... " الحديث.
ومن هذا الوجه رواه الدارقطنى (69) والبيهقى (1/228) .
وقال الدارقطنى: " لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوى, وخالفه الأوزاعى فرواه عن عطاء عن ابن عباس , واختلف على الأوزاعى , فقيل عنه عن عطاء , وقيل عنه: بلغنى عن عطاء , وأرسل الأوزاعى آخره عن عطاء عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو الصواب ".
والحديث ضعفه البيهقى أيضا فقال: " ولا يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب (يعنى المسح على الجبيرة) شىء وأصح ما روى فيه حديث عطاء بن أبى رباح الذى تقدم وليس بالقوى "
__________
(1) الأصل (يعضد) وهو تصحيف.
(2) الأصل (و)(1/142)
وقال الحافظ ابن حجر فى " بلوغ المرام ": " رواه أبو داود بسند فيه ضعف ".
قلت: وصححه ابن السكن كما فى " التلخيص " وذلك من تساهله.
ثم إن حديث ابن عباس الذى أشار إليه الدارقطنى أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان (201) يحقق والدارقطنى وكذا الدارمى والحاكم والبيهقى وأبو نعيم فى " الحلية " (3/317 ـ 318) والضياء فى " المختارة " (1) (63/11/2) ورجاله ثقات لولا أنه منقطع بين الأوزاعى وعطاء وليس فيه المسح على الخرقة , وذلك يدل على نكارة هذه الزيادة , ويؤيده أن فيه عند الدارقطنى وغيره: " لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابته الجراح أجزأه ".
فهذا بظاهره يدل على عدم المسح على الجبيرة وهو مذهب ابن حزم وبعض السلف , وماذكره المؤلف عن ابن عمر موقوفا عليه لا يدل على الوجوب , على أنه ليس له حكم المرفوع , والله أعلم.
__________
(1) هي للضياء المقدسي رحمه الله ويقوم استاذنا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على تحقيقها كتب الله له العون والتسهيل - زهير -(1/143)
باب نواقض الوضوء
(106) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ولكن من غائط وبول ونوم ". رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه.
* حسن.
وقد سبق تخريجه قبل حديث.
(107) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ". متفق عليه (ص 33) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن زيد: شكى إلى النبى صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشىء فى الصلاة؟ قال: فذكره.
أخرجه البخارى (1/191) ومسلم (1/189 ـ 190) وكذا أبو عوانة فى " صحيحه " (1/238) والشافعى (1/99) وأبو داود (رقم 168 من صحيحه) والنسائى (1/37) وابن ماجه (1/185) والبيهقى (1/114) وأحمد (4/40) .
وله شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شىء أم لا؟ فلا(1/144)
يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ".
رواه مسلم وأبو عوانة وغيرهما.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
واختصره بعضهم فرواه بلفظ: " لا وضوء إلا من صوت أو ريح ".
لكن له شاهد من حديث السائب بن خباب.
رواه أحمد (3/426) ورواه ابن ماجه وسنتكلم عليه فى " صحيح ابن ماجه " إن شاء الله تعالى.
وسيأتى هذا الشاهد من حديث أبى هريرة فى الكتاب برقم (119) .
(108) - (قوله فى المذى: " يغسل ذكره ويتوضأ ". متفق عليه (ص 33) .
* صحيح.
وهو من حديث على رضى الله عنه قال: " كنت رجلا مذاء وكنت أستحيى أن أسأل النبى صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته , فأمرت المقداد بن الأسود فسأله؟ فقال: فذكره ".
أخرجه البخارى ومسلم فى " الطهارة " واللفظ لمسلم.
وفى رواية لهما: فقال: " فيه الوضوء ".
وفى رواية لمسلم: " توضأ وانضح فرجك ".
والحديث أخرجه أيضا أبو عوانة فى " صحيحه " وأبو داود والنسائى وابن ماجه والطحاوى والترمذى والبيهقى والطيالسى وأحمد وابنه عبد الله وابن حزم فى(1/145)
" المحلى " من طرق أخرى كثيرة عن على.
وفى لفظ لأبى داود وغيره: " إذا رأيت المذى فاغسل ذكرك , وتوضأ وضوءك للصلاة ". الحديث. وسيأتى فى الكتاب بعضه (125) .
(109) - (حديث أنه قال للمستحاضة: " توضئى لكل صلاة ". رواه أبو داود (ص 33) .
* صحيح.
وهو من حديث عائشة:
رواه أبو داود وابن ماجه (1/215) والطحاوى (1/41) والدارقطنى (1/78) والبيهقى (1/344) وأحمد (6/42 , 204 , 262) من طرق عن الأعمش عن حبيب بن أبى ثابت عن عروة عن عائشة قالت: "جاءت فاطمة بنت أبى حبيش إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنى امرأة أستحاض فلاأطهر , أفأدع الصلاة؟ قال: لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة , اجتنبى الصلاة أيام محيضك , ثم اغتسلى وتوضئى لكل صلاة ".
وزادوا الا أبا داود " وإن قطر الدم على الحصير ".
ورجاله كلهم ثقات وقد صرح ابن ماجه والدارقطنى فى روايتهما أن عروة هو ابن الزبير , ولكن حبيبا لم يسمع منه فهو منقطع , لكن تابعه هشام بن عروة عند البخارى (1/264) وغيره فالحديث صحيح لكن بدون هذه الزيادة لتفرد الطريق الأولى بها.
وقد عزاها المصنف فيما سيأتى (رقم 206) للبخارى فوهمه [1] .
وقد تكلمت على إسناد الحديث بتفصيل فى " صحيح سنن أبى داود " (رقم 312 - 314) .
(110) - (قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش: " إنه دم عرق فتوضئى لكل صلاة ". رواه الترمذى (ص 33) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى - كما قال المؤلف - (1/217 ـ 218) من طريق وكيع وعبدة وأبى معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل ,ولعل الصواب: فوهم}(1/146)
" جاءت فاطمة بنت أبى حبيش إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
قلت: فذكر الحديث مثل الذى قبله إلى قوله " وليس بالحيضة " ثم قال: " فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة , وإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم وصلى ".
قال أبو معاوية فى حديثه: " وقال: توضئى لكل صلاة حتى يجىء ذلك الوقت ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وسنده على شرط الشيخين وقد أخرجه البخارى من طريق أبى معاوية به نحوه.
وراجع تعليق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على الترمذى.
(111) - (روى معدان بن أبى طلحة عن أبى الدرداء: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ فلقيت ثوبان فى مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال: صدق أنا صببت له وضوءه ". رواه أحمد والترمذى وقال: هذا أصح شىء فى هذا الباب (ص 33) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/143) من طريق حسين المعلم عن يحيى بن أبى كثير قال: حدثنى عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعى عن يعيش بن الوليد المخزومى عن أبيه عن معدان به.
وكذلك رواه أحمد (6/443) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (16/2/1) إلا أنه قال " فأفطر " بدل " فتوضأ " ووقع الجمع بينهما فى إحدى نسخ الترمذى. كما ذكر المحقق أحمد شاكر فى تعليقه عليه.
ويشهد لذلك ما أخرجه أحمد (6/449) من طريق معمر عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبى الدرداء قال: " استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر , فأتى بماء فتوضأ ". ورجاله ثقات , غير أن معمرا أخطأ فى سنده على يحيى.
قال الترمذى عقب الرواية الأولى: (وقد جود حسين المعلم هذا الحديث , وحديث حسين أصح شىء فى هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبى كثير فأخطأ فيه فقال: عن ليبش [1] بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبى الدرداء , ولم يذكر فيه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: يعيش}(1/147)
" الأوزاعى " وقال: " عن خالد بن معدان " , وإنما هو " معدان بن أبى طلحة ") .
قلت: وقد أخرج الحديث جماعة آخرون من أصحاب السنن وغيرهم من الطريق الأولى بلفظ أحمد.
وقد عزاه اليه بلفظ الترمذى المجد ابن تيمية فى " المنتقى " وتبعه حفيده شيخ الإسلام أبو العباس وسبقهم اليه ابن الجوزى فى " التحقيق " وهو وهم منهم جميعا كما حققته فيما علقته على رسالة الصيام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ص 15) (1) .
(فائدة) : استدل المصنف بالحديث على أن القىء ينقض الوضوء وقيده بما إذا كان فاحشا كثيرا كل أحد بحسبه! وهذا القيد مع أنه لا ذكر له فى الحديث البتة , فالحديث لا يدل على النقض إطلاقا لأنه مجرد فعل منه - صلى الله عليه وسلم - والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب , وغايته أن يدل على مشروعية التأسى به فى ذلك , وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص , وهذا مما لا وجود له هنا.
ولذلك ذهب كثير من المحققين إلى أن القىء لا ينقض الوضوء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية فى " الفتاوى " له , وغيرها.
(112) - (قال صلى الله عليه وسلم: " ولكن من غائط وبول ونوم " (ص 34) .
* حسن.
وتقدم تخريجه برقم (104) .
(113) - (قال صلى الله عليه وسلم: " العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ ". رواه أبو داود (ص 34) .
* حسن.
رواه مع أبى داود: ابن ماجه والدارقطنى والحاكم فى " علوم الحديث " وأحمد من طرق عن بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن على بن أبى طالب مرفوعا.
__________
(1) هي المطبوعة باسم "حقيقة الصيام" وقد طبعها المكتب الاسلامي مرات متعددة.(1/148)
وهذا إسناد حسن كما قال النووى وحسنه قبله المنذرى وابن الصلاح , وفى بعض رجاله كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن , وبقية إنما يخشى من عنعنته وقد صرح بالتحديث فى رواية أحمد فزالت شبهة تدليسه , وقد تكلمت على الحديث بأوسع مما هنا فى " صحيح أبى داود " رقم (198) .
(114) - (حديث أنس: " إن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون العشاء فينامون ثم يصلون ولا يتوضئون " رواه مسلم (ص 34) .
* صحيح.
أخرجه مسلم كما قال وكذا أبو عوانة فى صحيحه وأبو داود فى سننه وفى " مسائله عن أحمد ". والترمذى والدارقطنى وصححاه وأحمد فى مسنده , وفى رواية لأبى داود فى " المسائل " ولغيره بلفظ " كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يضعون جنوبهم فينامون , فمنهم من يتوضأ , ومنهم من لا يتوضأ ". وسنده صحيح , وأشار لذلك الإمام أحمد كما بينته فى " صحيح أبى داود " رقم (196) .
(تنبيه) : ساق المصنف هذا الحديث للاستدلال به على أن النوم اليسير من جالس وقائم لا ينقض , ولا يخفى أن رواية أبى داود بلفظ: " يضعون جنوبهم " تبطل حمل الحديث على الجالس فضلا عن القائم , فلا مناص للمنصف من أحد أمرين:
إما القول بأن النوم ناقض مطلقا وهذا هو الذى نختاره , أو القول بأنه لا ينقض مطلقا ولو مضطجعا لهذا الحديث , وحمله على النوم اليسير يسنده ما ذكرناه من اللفظ , وكذا رواية الدارقطنى وغيره بلفظ: " لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى أنى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يصلون ولا يتوضئون ".
وهو صحيح عند أحمد كما بينته هناك أيضا , والأخذ بهذا الحديث يستلزم رد الأحاديث الموجبة بالقول [1] بالنقض وذلك لا يجوز لاحتمال أن يكون الحديث كان قبل الإيجاب على البراءة الأصلية ثم جاء الأمر بالوضوء منه , والله أعلم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: للقول}(1/149)
(115) - (فى حديث ابن عباس: " فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذنى ". رواه مسلم (ص 34) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث لابن عباس فى قيام الليل ولفظه: " قال: بت ليلة عند خالتى ميمونة بنت الحارث , فقلت لها: إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظينى , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقمت إلى جنبه الأيسر , فأخذ بيدى فجعلنى من شقه الأيمن , فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذنى , قال: فصلى إحدى عشرة ركعة , ثم احتبى حتى أنى لأسمع نفسه راقدا , فلما تبين له الفجر صلى ركعتين ".
رواه مسلم (2/180) من طريق الضحاك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس.
وتابعه سعيد بن أبى هلال عن مخرمة به , رواه أبو داود رقم (1364) .
وهو فى الصحيحين وغيرهما من طرق عن كريب وغيره عن ابن عباس به نحوه دون قوله: " فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذنى ".
(116) - (حديث بسرة بنت صفوان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من مس ذكره فليتوضأ ". قال أحمد حديث صحيح (ص 34) .
* صحيح.
رواه مالك والشافعى وأحمد وأبو داود والنسائى والترمذى والدارقطنى والحاكم وصححوه وابن ماجه والطحاوى والدارمى أيضا والطيالسى والطبرانى فى " المعجم الصغير " وغيرهم من طرق عن بسرة مرفوعا.
وصححه أيضا ابن معين والحازمى والبيهقى وغيرهم ممن ذكرناه فى " صحيح أبى داود " رقم (174) .
وتصحيح أحمد الذى ذكره المؤلف هو فى كتاب " مسائل الإمام أحمد " لأبى داود (ص 309) وصححه ابن حبان أيضا (212) .
(117) - (حديث أبى أيوب وأم حبيبة: " من مس فرجه فليتوضأ ". قال أحمد: " حديث أم حبيبة صحيح " (ص 34) .(1/150)
* صحيح.
أما رواية أم حبيبة فأخرجها ابن ماجه (رقم 481) والطحاوى (1/45) والبيهقى (1/130) من طريق مكحول عن عنبسة بن أبى سفيان عنها به.
ومن هذا الوجه رواه أبو يعلى أيضا كما فى " الزوائد " للبوصيرى وقال: (36/2) : " هذا إسناد فيه مقال , مكحول الدمشقى مدلس , وقد رواه بالعنعنة فوجب ترك حديثه لا سيما وقد قال البخارى وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم أنه لم يسمع من عنبسة بن أبى سفيان , فالإسناد منقطع ".
قلت: وحكى الحافظ فى " التلخيص " (ص 45) تصحيحه عن أبى زرعة والحاكم وإعلاله بالانقطاع عن البخارى وابن معين وأبى حاتم والنسائى ثم قال: " وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين فأثبت سماع مكحول من عنبسة ".
وقال الخلال فى " العلل ": " صحح أحمد حديث أم حبيبة وقال ابن السكن , لا أعلم به علة ".
قلت: والحديث صحيح على كل حال لأنه إن لم يصح بهذا السند فهو شاهد جيد لما ورد فى الباب من الأحاديث وسنذكر بعضها , وتقدم قبله حديث بسرة.
وأما حديث أبى أيوب فلم أقف على إسناده [1] , وقد خرج الحافظ فى " التلخيص " هذا الحديث عن جماعة من الصحابة وليس فيهم أبو أيوب وهم: " بسرة بنت صفوان وجابر وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو وزيد بن خالد وسعد بن أبى وقاص وأم حبيبة هذه وعائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وعلى بن طلق والنعمان بن بشير وأنس وأبى كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة وأروى بنت أنيس ".
وحديث عبد الله بن عمرو , يرويه بقية عن محمد بن الوليد الزبيدى عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " من مس ذكره فليتوضأ , وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ ".
أخرجه أحمد (2/223) ورجاله ثقات لولا عنعنة بقية , وقد صرح بالتحديث فى رواية أحمد بن الفرج الحمصى عنه: حدثنى الزبيدى به بلفظ: " أيما رجل مس فرجه ... " أخرجه الدارقطنى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) قال صاحب التكميل ص / 15:
حديث أبي أيوب: رواه ابن ماجه: (رقم 482) بعد حديث أم حبيبة السابق الذى خرجه الشيخ.
وإسناده ضعيف فيه سفيان بن وكيع , وإسحاق بن أبي فروة , لكن المتن صحيح لطرقه الكثيرة , ولذا أورده المخرج في " صحيح ابن ماجه ": (1 / 79) . اهـ.(1/151)
(ص 54) والبيهقى (1/132) لكن أحمد هذا فيه ضعف. إلا أن البيهقى قال: " وهكذا رواه عبد الله بن المؤمل عن عمرو , وروى من وجه آخر عن عمرو ". ثم ساق إسناده إليه بمعناه.
وبالجملة فالحديث حسن الإسناد , صحيح المتن بما قبله.
(118) - (حديث جابر بن سمرة أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم: " أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ , قال أأتوضأ (1) من لحوم الإبل؟ قال: نعم توضأ من لحوم الإبل ". رواه مسلم (ص 35) .
* صحيح.
أخرجه مسلم فى أواخر " الطهارة " (1/189) من طريق جعفر بن أبى ثور عنه وزاد فى آخره: " قال: أصلى فى مرابض الغنم؟ قال: نعم. أأصلى فى مبارك الابل؟ قال: لا ".
وكذلك رواه أحمد فى " المسند " (5/86 و88 و82 و93 و98 و100 و102 و105و 106 و108) عن جعفر به , ورواه الترمذى (1/123) وابن ماجه رقم (495) مختصرا بدون الزيادة , وقد أخرجها وحدها الترمذى " 2/181 " عن أبى هريرة وصححها وستأتى فى الكتاب (175) .
وللحديث شاهد من حديث البراء بن عازب:
أخرجه أبو داود وأحمد وغيرهما وإسناده صحيح وصححه جماعة ذكرتهم فى " صحيح أبى داود " رقم (177) .
__________
(1) الأصل: "أنتوضأ" في الموضعين، والتصويب من صحيح مسلم.(1/152)
فصل
(119) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه هل خرج منه شىء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ". رواه مسلم والترمذى (ص 36) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/190) والترمذى كما قال المؤلف (1/109 رقم 75) وكذا أبو داود رقم (177) وأبو عوانة فى صحيحه (1/267) والدارمى (1/183) وأحمد (2/414) من طرق عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ورواه شعبة عن سهل به مختصرا بلفظ: " لا وضوء إلا من صوت أو ريح ".
رواه الطيالسى وأحمد والترمذى وصححه أيضا.
ولكنه أشار إلى أنه مختصر من اللفظ الأول وجزم بذلك أبو حاتم الرازى والبيهقى.
لكن له شاهد من حديث السائب كما تقدم بر قم (107) , والله أعلم.
(120) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ". رواه الجماعة إلا البخارى (ص 36) .
* صحيح.
وفى التخريج المذكور نظر , فإن الحديث ورد عن ابن عمر وأسامة بن عمير الهذلى , وغيرهما.
أما حديث ابن عمر: فلم يروه ممن ذكرهم المصنف غير مسلم (1/140) والترمذى (1/5 رقم 1) وابن ماجه رقم (272) من طريق سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عنه مرفوعا به.
واللفظ لابن ماجه إلا أنه قال: " إلا بطهور " بدل " بغير طهور ".
واللفظ الأول عند مسلم والترمذى إلا(1/153)
أنهما قالا " لا تقبل صلاة ... " , ولم يعزه السيوطى فى " الجامع " إلا لهؤلاء الثلاثة , وكذلك صنع النابلسى فى " الذخائر " (2/95) .
وأما حديث أسامة: فأخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه أيضا وكذا أبو عوانة فى " صحيحه " والطيالسى وأحمد فى مسنديهما بإسناد صحيح كما حققته فى " صحيح أبى داود " رقم (53) , ولفظه كما أورده المؤلف , فالحديث حديث أسامة , ولابن عمر نحوه , فخلط المصنف بينهما , وجعلهما حديثا واحدا , ثم عزاه للجماعة إلا البخارى مقلدا فى ذلك ابن تيمية فى " المنتقى " وأقره عليه الشوكانى فى شرحه (1/198 طبع بولاق) ! وتبعه أحمد شاكر على الترمذى (1/6) !!!
ثم قال الترمذى عقب حديث ابن عمر: " هذا الحديث أصح شىء فى هذا الباب وأحسن".
قلت: وفى هذا نظر فان أصح منه حديث أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ". فإنه أخرجه الشيخان وأبو عوانة فى صحاحهم وأبو داود والترمذى وصححه , وله عند أبى عوانة أربعة طرق عن أبى هريرة بمثل حديث أسامة.
(121) - (قال صلى الله عليه وسلم: " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ". رواه الشافعى (ص 36) .
* صحيح.
إلا أن الشافعى لم يروه مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وإنما رواه موقوفا كما يأتى فى آخر الكلام عليه.
وأما المرفوع: فأخرجه الترمذى (1/180) والدارمى (2/44) وابن خزيمة (2739) وابن حبان (998) وابن الجارود (461) والحاكم (1/459 و2/267) والبيهقى (5/85) وأبو نعيم فى " الحلية " (8/128) . من طرق عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا وزادوا:(1/154)
" فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير ".
وقال الترمذى: " لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب ".
قلت: وعطاء بن السائب كان قد اختلط , لكن سفيان الثورى روى عنه قبل الاختلاط , وهو ممن روى هذا الحديث عنه , أخرجه الحاكم من طريقين عنه , ولذلك قال ابن دقيق العيد فى " الإلمام " (ق 10/1) : " وعطاء هذا من الذين تغير حفظهم أخيرا واختلطوا , وقال يحيى بن معين: وجميع من روى عن عطاء روى عنه فى الاختلاط إلا شعبة وسفيان. قلت: وهذا من رواية سفيان ".
قلت: يشير بذلك إلى أن الحديث صحيح برواية سفيان عنه , وقد فاتت هذه الرواية الحافظ بن عدى , فإنه أخرج الحديث فى " الكامل " من طريق فضيل وموسى بن أعين وجرير عن عطاء ثم قال: " لا أعلم روى هذا الحديث عن عطاء غير هؤلاء".
وقال الحافظ ابن حجر فى " الأربعين العاليات " رقم (42) بعد أن رواه من طريق فضيل: " هذا حديث حسن , رواه ابن حبان من طريق الفضيل وقد رويناه فى " فوائد سموية " قال: حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان الثورى عن عطاء بن السائب به مرفوعا , وتابع أبا حذيفة عبد الصمد بن حسان , أخرجه الحاكم من طريقه , والمعروف عن سفيان الثورى موقوفا ".
قلت: وتابعهما عن سفيان: الحميدى عند الحاكم أيضا وقال: " صحيح الإسناد , وقد أوقفه جماعة ". ووافقه الذهبى وهو الصواب وإن رجح الموقوف جماعة كالبيهقى والمنذرى والنووى , وزاد أن رواية الرفع ضعيفة!.
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 47) : " وفى إطلاق ذلك نظر , فإن عطاء بن السائب صدوق , وإذا روي(1/155)
الحديث مرفوعا تارة , وموقوفا أخرى , فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع , والنووى ممن يعتمد ذلك ويكثر منه ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة , فيجىء على طريقته أن المرفوع صحيح.
فإن اعتل عليه بأن ابن السائب اختلط ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه.
أجيب بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثورى عنه , والثورى ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق , وإن كان الثورى قد اختلف عليه فى وقفه ورفعه , فعلى طريقتهم تقدم رواية الرفع أيضا ".
قلت: وهو الصواب لاتفاق ثلاثة على روايته عن سفيان مرفوعا كما تقدم ومن البعيد جدا أن يتفقوا على الخطأ , ولا ينافى ذلك رواية من أوقفه عنه لأن الراوى قد يوقف الحديث تارة ويرفعه أخرى حسب المناسبات كما هو معروف فروى كل ما سمع , وكل ثقة , فالحديث صحيح على الوجهين موقوفا ومرفوعا.
وهذا كله يقال على افتراض أنه لم يروه مرفوعا إلا عطاء بن السائب كما سبق عن الترمذى , وليس كذلك.
بل تابعه ثقتان: الأول إبراهيم بن ميسرة , والآخر الحسن بن مسلم وهو ابن يناق المكى.
أما متابعة إبراهيم فأخرجها الطبرانى فى " المعجم الكبير " (ج 3/105/1) عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عنه عن طاوس به.
لكن ابن عبيد هذا ضعيف كما قال الحافظ (ص 48) , قال: " وهى عند النسائى من حديث أبى عوانة عن إبراهيم بن ميسرة به موقوفا على ابن عباس.
وأما متابعة الحسن بن مسلم , فأخرجها النسائى (2/36) وأحمد (3/414 , 4/64 و5/377) من طرق عن ابن جريج أخبرنى حسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الطواف صلاة , فاذا طفتم فأقلوا الكلام ".
وهذه متابعة قوية بإسناد صحيح ليس فيه علة.
ولذلك قال الحافظ:(1/156)
" وهذه الرواية صحيحة , وهى تعضد رواية عطاء بن السائب وترجح الرواية المرفوعة , والظاهر أن المبهم فيها هو ابن عباس , وعلى تقدير أن يكون غيره فلا يضر إبهام الصحابة ".
على أن للحديث طريقا أخرى عن ابن عباس , أخرجها الحاكم (2/266 ـ 267) عن القاسم بن أبى أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (طهر بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود) فالطواف قبل الصلاة , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق , فمن نطق فلا ينطق إلا بخير ". وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى! وإنما هو صحيح فقط فإن القاسم هذا لم يخرج له مسلم وهو ثقة. والحافظ ابن حجر لما حكى عن الحاكم تصحيحه للحديث حكاه مجملا وأقره عليه فقال: " وصحح إسناده وهو كما قال فإنهم ثقات ". إلا أن الحافظ قال بعد ذلك: " إنى أظن أن فيها إدراجا ". كأنه يعنى قوله: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وقال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " (ق 12/2) : " وهذا طريق غريب عزيز لم يعتد به أحد من مصنفى الأحكام وإنما ذكره الناس من الطريق المشهور فى " جامع الترمذى " , وقد أكثر الناس القول فيها , فإن كان أمرها آل إلى الصحة فهذه ليس فيها مقال ".
هذا ولطاوس فيه إسناد آخر ولكنه موقوف , فقال الشافعى فى مسنده (ص 75) : " أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة عن طاوس أنه سمعه يقول سمعت ابن عمر يقول: " أقلوا الكلام فى الطواف فإنما أنتم فى صلاة ". وتابعه السينانى واسمه الفضل بن موسى عن حنظلة بن أبى سفيان به.(1/157)
أخرجه النسائى (2/36) . وهذا إسناد صحيح موقوف , ويبدو أنه اشتبه على المؤلف بالمرفوع فعزاه للشافعى فوهم.
ثم روى الشافعى بسند حسن عن ابن جريج عن عطاء قال: طفت خلف ابن عمر وابن عباس فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه.
وجملة القول أن الحديث مرفوع صحيح , ووروده أحيانا موقوفا لا يعله لما سبق بيانه. والله أعلم.
(122) - (حديث أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا , وفيه: لا يمس القرآن إلا طاهر ". رواه الأثرم والدارقطنى متصلا , واحتج به أحمد , وهو لمالك فى " الموطأ " مرسلا (ص 37) .
* صحيح.
روى من حديث عمرو بن حزم وحكيم بن حزام , وابن عمر وعثمان بن أبى العاص.
أما حديث عمرو بن حزم , فهو ضعيف فيه سليمان بن أرقم وهو ضعيف جدا , وقد أخطأ بعض الرواة فسماه سليمان بن داود وهو الخولانى وهو ثقة وبناء عليه توهم بعض العلماء صحته! وإنما هو ضعيف من أجل ابن أرقم هذا , وقد فصلت القول فى ذلك فى تحقيقنا لأحاديث " مشكاة المصابيح " رقم (465) فلا نعيد الكلام فيه , ومما قلنا هناك أن الصواب فيه أنه من رواية أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا , فهو ضعيف أيضا لإرساله.
وأما حديث حكيم بن حزام فأخرجه الطبرانى فى " الكبير " (ج 1/322/1) وفى " الأوسط " (ج 1/5/2 من الجمع بينه وبين " الصغير ") والدارقطنى (ص 45) والحاكم (3/485) واللالكائى فى " السنة " (ج 1/82/2) من طريق سويد أبى حاتم حدثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال(1/158)
عنه قال لما بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: " لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبى! وأقول: أنى له الصحة وهو لايروى إلا بهذا الإسناد كما قال الطبرانى , ومطر الوراق ضعيف كما قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما , وفى التقريب: " صدوق كثير الخطأ ".
والراوى عنه سويد أبو حاتم مثله , قال النسائى: ضعيف.
وقال أبو زرعة: ليس بالقوى , حديثه حديث أهل الصدق.
قلت: يعنى أنه لا يتعمد الكذب.
وقال ابن معين: أرجو أن لا يكون به بأس , وقال فى " التقريب ": " صدوق سىء الحفظ له أغلاط " وقال فى " التلخيص " (ص 48) عقب الحديث: " وفى إسناده سويد أبو حاتم وهو ضعيف , وحسن الحازمى إسناده ". ثم ذكر أن النووى فى " الخلاصة " ضعف حديث حكيم بن حزام وحديث عمرو بن حزم جميعا.
وأما حديث ابن عمر , فأخرجه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 239) وفى " الكبير " (ج 3/194/2) والدارقطنى وعنه البيهقى (1/88) وابن عساكر (ج 13/214/2) من طريق سعيد بن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج عن سليمان بن موسى قال: سمعت سالما يحدث عن أبيه مرفوعا. بلفظ الكتاب.
وقال الطبرانى: " لم يروه عن سليمان إلا ابن جريج ولا عنه إلا أبو عاصم تفرد به سعيد بن محمد ".
قلت: ترجمه الخطيب فى " تاريخ بغداد " (9/94) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , فكأنه مجهول الحال , وقد صحح له الدارقطنى فى سنته [1] (242) حديثا فى اتمام الصلاة فى السفر وسيأتى رقم (563) , وبقية رجال الإسناد ثقات غير أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه , ومع ذلك كله فقد قال الحافظ فى هذا الحديث:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: سننه}(1/159)
" وإسناده لا بأس به , ذكر الأثرم أن أحمد احتج به ".
وكيف لا يكون فيه بأس والحافظ نفسه وصف ابن جريج بأنه كان يدلس وقد عنعنه؟
وفيه ابن ثواب وقد عرفت ما فيه , لكن لعله فى " ثقات ابن حبان " [1] فقد قال الهيثمى فى " المجمع " (1/276) : " رواه الطبرانى فى الكبير والصغير ورجاله موثقون ". فقوله " موثقون " (مع أن فيه إشعارا) [2] بضعف توثيق بعضهم فهو لا يقول ذلك غالبا لا [3] فيمن تفرد بتوثيقهم ابن حبان , ذلك ما عهدناه منه فى الكتاب المذكور , والله أعلم.
وأما حديث عثمان بن أبى العاص فرواه الطبرانى فى " الكبير " (3/5/2) وابن أبى داود فى " المصاحف " (ج 5/12/2) من طريق إسماعيل بن رافع.
قال الأول: عن محمد بن سعيد بن عبد الملك عن المغيرة بن شعبة , وقال الآخر: عن القاسم بن أبى أبزة ثم اتفقا ـ عن عثمان بن أبى العاص به بلفظ سويد تماما.
وقال الحافظ: " فى إسناد ابن أبى داود انقطاع , وفى رواية الطبرانى من لا يعرف ".
قلت: بل فى إسنادهما كليهما إسماعيل بن رافع وهو ضعيف الحفظ كما قال الحافظ نفسه فى " التقريب " فهو علة هذا الإسناد وإن كان اختلف عليه فيه كما رأيت , وبه أعله الهيثمى فقال: " وفيه إسماعيل بن رافع ضعفه ابن معين والنسائى , وقال البخارى: ثقة مقارب الحديث ".
وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف , ولكنه ضعف يسير إذ ليس فى شىء منها من اتهم بكذب , وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ , ومن المقرر فى " علم المصطلح " أن الطرق يقوى بعضها بعضا إذا لم يكن فيها متهم كما قرره النووى فى تقريبه ثم السيوطى فى شرحه , وعليه فالنفس
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {ذكره ابن حبان فى " الثقات " 8/ 272 وقال: مستقيم الحديث}
(2) {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: فيه إشعار}
(3) {كذا فى الأصل , والصواب: إلا}(1/160)
تطمئن لصحة هذا الحديث لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل كما سبق , وصححه أيضا صاحبه الإمام إسحاق بن راهويه , فقد قال إسحاق المروزى فى " مسائل الإمام أحمد " (ص 5) : " قلت - يعنى لأحمد -: هل يقرأ الرجل على غير وضوء؟ قال: نعم , ولكن لا يقرأ فى المصحف ما لم يتوضأ. قال إسحاق: كما قال , لما صح قول النبى عليه
السلام: لا يمس القرآن إلا طاهر , وكذلك فعل أصحاب النبى عليه السلام والتابعون ".
قلت: ومما صح فى ذلك عن الصحابة ما رواه مصعب بن سعد بن أبى وقاص أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبى وقاص , فاحتككت فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت: نعم , فقال " قم فتوضأ , فقمت فتوضأت , ثم رجعت. رواه مالك (1/42 رقم 59) وعنه البيهقى.
وسنده صحيح.
وبعد كتابة ما تقدم بزمن بعيد (1) وجدت حديث عمرو بن حزم فى كتاب " فوائد أبى شعيب " من رواية أبى الحسن محمد بن أحمد الزعفرانى , وهو من رواية سليمان ابن داود الذى سبق ذكره , ثم روى عن البغوى أنه قال: " سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن هذا الحديث , فقال: أرجو أن يكون صحيحا ".
وفى الباب عن ثوبان أيضا , لكن إسناده هالك فيه خصيب بن جحدر وهو كذاب فلا يستشهد به , وقد خرجه الزيلعى (1/199) .
(123) - (حديث على رضى الله عنه: " كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يحجبه وربما قال: لا يحجزه عن القرآن شىء ليس الجنابة ". رواه ابن خزيمة والحاكم والدارقطنى وصححاه. (ص 37)
انظر تخريج رقم 485.
__________
(1) في غرة شعبان سنة (1381) . والكتاب في المكتبة المحمودية في الحرم النبوي في المدينة المنورة. وكان ذلك في قدومي الثاني إليها في السنة المذكورة منتدبا من الدولة السعودية مدرسا للحديث في الجامع الإسلامية في المدينة.(1/161)
(124) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ". رواه أبو داود (ص 37) .
* ضعيف.
فى سنده جسرة بنت دجاجة.
قال البخارى: " عندها عجائب ".
وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقى وابن حزم وعبد الحق الأشبيلى. بل قال ابن حزم إنه باطل. وقد فصلت القول فى ذلك فى " ضعيف السنن " (رقم 32) .
باب ما يوجب الغسل
(125) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا فضخت الماء فاغتسل ". رواه أبو داود (ص 38) .
* صحيح.
وهو من حديث على رضى الله عنه قال: كنت رجلا مذاء , فجعلت اغتسل حتى تشقق ظهرى , فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم , أو ذكر له , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تفعل , إذا رأيت المذى فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة , فإذا فضخت الماء فاغتسل ".
رواه أبو داود والنسائى أيضا والطيالسى والطحاوى وأحمد من طريق حصين بن قبيصة عن على , وإسناده صحيح وصححه ابن خزيمة وابن حبان (241) والنووى , وهو فى الصحيحين وغيرهما من طرق أخرى عن على دون قوله: " فاذا فضخت ... ". وقد مضى (108) .
وفى رواية بلفظ: " إذا حذفت فاغتسل من الجنابة ... وإذا لم تكن حاذفا فلا تغتسل ".
أخرجه أحمد بسند حسن أو صحيح.
(126) - (قال صلى الله عليه وسلم - لما سئل هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ -: " نعم إذا رأت الماء ". رواه النسائى بمعناه (ص 38) .(1/162)
* صحيح.
ولا وجه لقوله " بمعناه " فقد أخرجه النسائى (1/42) باللفظ المذكور عن أم سلمة أن امرأة قالت: يا رسول الله إن الله لايستحى من الحق , هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: " نعم إذا رأت الماء ". فضحكت أم سلمة , فقالت: أتحتلم المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ففيم يشبهها الولد؟ ".
ثم إن فى عزو الحديث إلى النسائى وحده من بين الستة قصورا ظاهرا فقد أخرجه البخارى أيضا (1/46 و80) ومسلم (1/172) وأبو عوانة أيضا والترمذى وصححه وعلقه أبو داود وخرجته فى " صحيحه " رقم (236) .
(127) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان وجب الغسل ". رواه مسلم (ص 38) .
* صحيح.
رواه البخارى ومسلم وأبو عوانة فى صحاحهم وأبو داود والنسائى والطحاوى والطيالسى وأحمد وغيرهم من حديث أبى هريرة مرفوعا نحوه , فلو قال المؤلف بعد عزوه لمسلم: " بمعناه " لأصاب (1) , فإن لفظ مسلم (1/186) : " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل ".
وأقرب ألفاظهم إلى لفظ المؤلف رواية أبى داود: " إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل ". وهو فى " صحيح السنن " (209) .
(128) - (حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم: " أمر قيس بن عاصم أن يغتسل حين أسلم ". رواه أبو داود والنسائى والترمذى وحسنه (ص 39) .
__________
(1) ولعل هذه اللفظة "بمعناه" كانت ثابتة في الأصل، ثم وضعت سهواً من الناسخ عقب تخريج الحديث المتقدم، وقد قلنا لا وجه لها هناك.(1/163)
* صحيح.
أخرجه من ذكر المؤلف وكذا أحمد (5/61) من حديث قيس هذا قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام , فأمرنى أن أغتسل بماء , وسدر ". وإسناده صحيح كما بينته فى " صحيح أبى داود " (381) .
وله شاهد من حديث أبى هريرة فى قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل.
أخرجه البيهقى (1/171) من طريق عبد الرزاق بن همام أنبأنا عبيد الله وعبد الله ابنا عمر عن سعيد المقبرى عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجا القصة دون الأمر بالغسل فانظر " الفتح " (1/441 و8/71) .
(129) - (قال صلى الله عليه وسلم: " اغسلنها ". (ص 39)
* صحيح.
وهو من حديث أم عطية رضى الله عنها قالت: " دخل علينا النبى صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك ـ إن رأيتن ذلك - بماء وسدر , واجعلن فى الآخرة كافورا , أو شيئا من كافور , فإذا فرغتن فآذننى , فلما فرغنا آذناه , فألقى إلينا حقوه فقال: أشعرنها إياه ".
رواه البخارى (1/316 - 319) ومسلم (3/47) وأبو داود (رقم 3142 ـ 3147) والنسائى (1/266 ـ 267) والترمذى (1/184) وابن ماجه (رقم 1458 و1459) وأحمد (5/84 ـ 85 , 6/407 ـ 408) من طرق عنها وزادوا فى رواية: " وابدأن بميامنها ومواضع الوضوء " وزاد الشيخان وغيرهما: " فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها " , زاد أبو داود: " مقدم رأسها وقرنيها ".
(تنبيه) : سيذكر المؤلف قطعا من الحديث فى " الجنائز " فرأينا من تمام(1/164)
الفائدة سوق الحديث هنا بتمامه مخرجا حتى نحيل عليه عند اللزوم.
(130) - (قال فى المحرم: " اغسلوه بماء وسدر " (ص 39) .
* صحيح.
وهو من حديث ابن عباس رضى الله عنه قال: " بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع من راحلته فأقصعته أو قال: فأقعصته , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء سدر وكفنوه فى ثوبين , ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه , فإن الله يبعثه يوم القايمة ملبيا ".
رواه البخارى (1/319 ـ 320) ومسلم (4/23 ـ 25) وغيرهما وصححه الترمذى (1/178) وسيأتى فى , " الحج ".
(فائدة) : قوله " فأقصعته أو قال: فأقعصته " شك من بعض الرواة وهو أيوب السختيانى , وهو بمعنى واحد أى كسرت راحلته عنقه.
فصل
(131) - (حديث ميمونة: " وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا , ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه , ثم أفاض الماء على رأسه , ثم غسل جسده , فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض الماء بيديه ". متفق عليه (ص 39) .
* صحيح.
أخرجاه فى " الغسل " وذكره البخارى فى عدة مواضع منه بألفاظ مختلفة وفى بعضها زيادات وأقرب ألفاظه إلى ما هنا ما أورده فى " باب من توضأ فى الجنابة ... " ولفظه: " قالت: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة , فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثا , ثم غسل فرجه , ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا , ثم تمضمض واستنشق , وغسل وجهه , وذراعيه , ثم أفاض على رأسه(1/165)
الماء , ثم غسل جسده , ثم تنحى فغسل رجليه , قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها , فجعل ينفض الماء بيده ".
ومنه تبين أن المؤلف اختصر من الحديث جملا مفيدة , وبدل ألفاظا بأخرى أخذها من الروايات الأخرى.
والحديث رواه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم كما خرجته فى " صحيح أبى داود (243) .
(132) - (فى حديث عائشة: " ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى (1) بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات
ثم غسل سائر جسده ". متفق عليه (ص 40)
* صحيح.
أخرجاه فى " الغسل " واللفظ للبخارى قال: " قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه , وتوضأ وضوءه للصلاة , ثم اغتسل , ثم تخلل بيده شعره ... " الحديث.
ورواه أيضا أبو عوانة فى صحيحه وأصحاب السنن الثلاثة وأحمد وغيرهم كما خرجته فى " صحيح أبى داود " (241) .
(133) - (عن على مرفوعا: " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا من النار ". قال على: فمن ثم عاديت شعرى. رواه أحمد وأبو داود. (ص 40) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (رقم 727 و794) وكذا ابنه عبد الله (رقم 1121) وأبو داود والدارمى وابن ماجه والبيهقى وغيرهم من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان عن على مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , عطاء بن السائب كان اختلط , وقد روى
__________
(1) الأصل "روى" والتصويب من البخاري ومن الموضع الآخر الآتي في الكتاب بعد أحاديث.(1/166)
حماد عنه بعد الاختلاط كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , فسماعه منه قبل ذلك كما قال آخرون لا يجعل حديثه عنه صحيحا بل ضعيفا لعدم تميز ما رواه قبل الاختلاط عما رواه بعد الاختلاط.
هذا خلاصة التحقيق فى هذه الرواية وقد فصلت القول فى ذلك فى " ضعيف السنن " (39) .
(134) - (قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: " انقضى شعرك واغتسلى ". رواه ابن ماجه بإسناد صحيح (ص 40)
* صحيح.
رواه ابن ماجه (رقم 641) من طريقين عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضا: فذكره.
وكذا رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى " المصنف " (1/26/2) وهو أحد طريقى ابن ماجه.
قلت: وهذا إسناد صحيح كما قال المؤلف تبعا للمجد ابن تيمية فى " المنتقى " وهو على شرط الشيخين , لكنى أشك فى صحة هذه اللفظة " واغتسلى " فإن الحديث فى " الصحيحين " وغيرهما من طرق عن هشام به أتم منه بدونها , قالت: " خرجنا موافين لهلال ذى الحجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يهل بعمرة فليهل , فإنى لولا أنى أهديت لأهللت بعمرة , فأهل بعضهم بعمرة , وأهل بعضهم بحج , وكنت أنا ممن أهل بعمرة , فأدركنى يوم عرفة وأنا حائض , فشكوت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: دعى عمرتك , وانقضى رأسك وامتشطى, وأهلى بحج , ففعلت , حتى إذا كان ليلة الحصبة , أرسل معى أخى عبد الرحمن بن أبى بكر فخرجت إلى التنعيم , فأهللت بعمرة مكان عمرتى ".
وكذلك أخرجاه من طرق أخرى عن عروة به دون قوله " واغتسلى " , بل إن مسلما أخرجه (4/29) من طريق أخرى عن وكيع عن هشام به إلا أنه لم يسق لفظه بل أحال على لفظ غيره عن هشام وليس فيه هذه الزيادة , والله أعلم.(1/167)
(135) - (فى بعض ألفاظ حديث أم سلمة أفأنقضه للحيضة؟ قال: " لا ". رواه مسلم (ص 40)
شاذ بهذا اللفظ.
ويأتى تحقيق الكلام عليه فى الذى بعده.
(136) - (حديث: قالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله إنى امرأة أشد ضفر رأسى أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: " لا , إنما يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ". رواه مسلم (ص 40) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/178) وكذا أبو عوانة فى صحيحه وأصحاب السنن الأربعة والدارقطنى والبيهقى وأحمد من طرق عن سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: فذكره.
وقال الترمذى: " حسن صحيح ".
قلت: وقد تابعه سفيان الثورى عن أيوب بن موسى به.
أخرجه أحمد ومسلم عن يزيد بن هارون , ومسلم والبيهقى عن عبد الرزاق قالا: أخبرنا الثورى به.
وفى حديث عبد الرزاق: " فأنقضه للحيضة والجنابة " وأخرجه أبو عوانة من الطريقين عن الثورى دون قوله: " الحيضة ".
وتابعه أيضا روح بن القاسم: حدثنا أيوب بن موسى به , ولم يذكر " الحيضة ".
رواه مسلم.
ومن ذلك يتبين أن ذكر " الحيضة " فى الحديث شاذ لا يثبت لتفرد عبد الرزاق بها عن الثورى خلافا ليزيد بن هارون عنه ولابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب بن موسى فإنهم لم يذكروها كما رأيت , ولذلك قال العلامة ابن القيم فى " تهذيب السنن ":(1/168)
(الصحيح فى حديث أم سلمة الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض , وليست لفظة " الحيض " بمحفوظة " - ثم ساق الروايات المتقدمة ثم قال -: فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب فاقتصر على الجنابة , واختلف فيه على الثورى , فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح , وقال عبد الرزاق عنه: " أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ ".
ورواية الجماعة أولى بالصواب , فلو أن الثورى لم يختلف عليه لترجحت رواية ابن عيينة وروح , فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة؟
ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة فى الحديث.
(137) - (قول عائشة: " حتى إذا ظن أنه (1) أروى بشرته أفاض عليه الماء ". متفق عليه (ص 40)
* صحيح.
وتقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث.
(138) - (حديث عائشة وميمونة فى " صفة غسله صلى الله عليه وسلم " متفق عليهما. وفى حديث ميمونة: " ثم تنحى فغسل قدميه " رواه البخارى.
* صحيح.
وقد استدل به المؤلف على ماذكره من سنن الغسل: " الوضوء قبله , وإزالة الأذى , وإفراغ الماء على الرأس ثلاثا , وعلى بقية جسده ثلاثا , والتيامن , والموالاة , وإمرار اليد على الجسد , وإعادة غسل رجليه بمكان آخر ".
وأقول: أما حديث عائشة فقد ذكرنا نصه بتمامه قريبا (132) من رواته البخارى , وليس فيها التيامن , ولكنه فى رواية أخرى عنده (1/75) عنها قالت: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشىء نحو الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر بهما على وسط رأسه ". وأخرجه مسلم أيضا وأبو داود والنسائى.
__________
(1) الأصل "أن" والتصويب من البخاري ومما تقدم برقم (132) .(1/169)
وأما إعادة غسل الرجلين فليس ذلك فى الحديث صراحة , وإنما استنبط ذلك المؤلف تبعا لغيره من قول عائشة فى أول حديثها: " توضأ وضوءه للصلاة " فإنه بظاهره يشمل غسل الرجلين أيضا.
ومن قولها فى آخره: " ثم غسل سائر جسده " فإنه يشمل غسلهما أيضا.
بل قد جاء هذا صريحا فى صحيح مسلم (1/174) بلفظ: " ثم أفاض على سائر جسده , ثم غسل رجليه ".
وله طريق أخرى عند الطيالسى فى مسنده (رقم 1474) ونحوه فى مسند أحمد (6/96) .
ثم وجدت ما يشهد للظاهر من أول حديثها , وهو ما أخرجه أحمد (6/237) من طريق الشعبى عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة بدأ فتوضأ وضوءه للصلاة وغسل فرجه وقدميه ... الحديث ".
لكن الشعبى لم يسمع من عائشة كما قال ابن معين والحاكم.
وأما حديث ميمونة فتقدم نصه من المؤلف (131) وذكرت من هناك أقرب الألفاظ إلى لفظه , وفيه " ثم تنحى فغسل رجليه ". وفى رواية للبخارى: قالت: " توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه ".
قلت: وهذا نص على جواز تأخير غسل الرجلين فى الغسل , بخلاف حديث عائشة , ولعله صلى الله عليه وسلم كان يفعل الأمرين: تارة يغسل رجليه مع الوضوء فيه , وتارة يؤخر غسلهما إلى آخر الغسل , والله أعلم.
(139) - (حديث أنس رضى الله عنه قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد " متفق عليه (ص 41) .
* صحيح.
وقد أخرجاه فى " الصحيحين " عنه كما قال المؤلف , وأخرجه أحمد (6/121 و133 و216 و219 و234 و239 و249 و280) من حديث عائشة دون قوله: " إلى خمسة أمداد ".
وقال الحافظ فى شرح هذه الكلمة: " أى كان ربما اقتصر على الصاع , وهو أربعة أمداد , وربما زاد عليها إلى(1/170)
خمسة , فكأن أنسا لم يطلع أنه استعمل فى الغسل أكثر من ذلك لأنه جعلها النهاية. وقد روى مسلم من حديث عائشة رضى الله عنها أنها كانت تغتسل هى والنبى صلى الله عليه وسلم من إناء واحد , هو الفرق. قال ابن عيينة والشافعى وغيرهما: هو ثلاثة آصع.
وروى مسلم أيضا من حديثها أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء يسع ثلاثة أمداد , فهذا يدل على اختلاف الحال فى ذلك بقدر الحاجة ".
(140) - (روى ابن ماجه: أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال: " ماهذا السرف؟ " فقال: أفى الوضوء إسراف قال: " نعم وإن كنت على نهر جار " (ص 41)
* ضعيف.
رواه ابن ماجه (425) من طريق ابن لهيعة عن حيى بن عبد الله المعافرى عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو به.
وكذا رواه أحمد (2/221) والحكيم الترمذى فى " الأكياس والمغتربين " (ص 27) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف , ابن لهيعة سىء الحفظ , ولذلك جزم الحافظ فى " التلخيص " (ص 53) بضعف إسناده , وكذا البوصيرى فى " الزوائد " (ق 32/2) قال: " لضعف حيى بن عبد الله وعبد الله بن لهيعة ".
قلت: ويغنى عن هذا حديث أبى نعامة أن عبد الله بن منفل [1] سمع ابنه يقول: اللهم إنى أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها! فقال: أى بنى! سل الله الجنة , وتعوذ به من النار , فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه سيكون فى هذه الأمة قوم يعتدون فى الطهور والدعاء ".
رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح كما بيناه فى " صحيح أبى داود " (رقم 86) .
(141) - (حديث: " أن عائشة كانت تغتسل هى والنبى صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك ". رواه مسلم (ص 41 , 42)
* صحيح.
أخرجه مسلم (1/176) من حديث عائشة " أنها كانت
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: مغفل}(1/171)
تغتسل ... الحديث " كما ذكره المؤلف.
(142) - (روى أبو داود والنسائى عن أم عمارة بنت كعب: " أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ فأتى بماء فى إناء قدر ثلثى المد ". (ص 42)
* صحيح.
أخرجه أبو داود من طريق محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن حبيب الأنصارى قال: سمعت عباد بن تميم عن جدته وهى أم عمارة.
وهذا إسناد صحيح , ورواه غير محمد بن جعفر عن شعبة عن حبيب عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بدل " أم عمارة ".
أخرجه الحاكم وابن خزيمة وابن حبان فى صحاحهم.
والروايتان صحيحتان عندى , أى أن عبادا رواه عن صحابيين تارة عن أم عمارة وتارة عن عبد الله بن زيد.
وهو ثقة وكذلك من دونه , وقد أوضحت هذا فى " صحيح أبى داود " (84) .
(تنبيه) : عزاه المؤلف للنسائى , وهو تابع فى ذلك لابن حجر فى " التلخيص " وللنووى وغيره , ولم يروه النسائى فى " الصغرى " ولذلك لم يعزه إليه النابلسى فى " الذخائر " (4/306) , فالظاهر أنه أخرجه فى " الكبرى " له. [1]
فصل
(143) (حديث أبى سعيد مرفوعا: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم ". متفق عليه (ص 42) .
* صحيح.
أخرجه مالك فى " الموطأ " (1/102 رقم 4) عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد به.
ومن طريق مالك أخرجه الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائى والبيهقى. وتابعه سفيان عن صفوان به.
أخرجه أحمد والبخارى والدارمى وابن ماجه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {رواه النسائى فى " الكبرى " 1/79} .(1/172)
والطحاوى.
وذهل الحافظ عن هذه المتابعة فقال: " وقد تابع مالكا على روايته الدراوردى عن صفوان عند ابن حبان , انظر " صحيح أبى داود " (368) .
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: " على كل رجل مسلم فى كل سبعة أيام غسل يوم , وهو يوم الجمعة ".
أخرجه النسائى (1/204) وابن حبان (558) وأحمد (3/304) من طريق أبى الزبير عنه.
ورجاله ثقات رجال مسلم , إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه , ولكن لا بأس به فى الشواهد.
(144) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ". رواه أحمد وأبو داود والترمذى وحسنه. ص 42 ـ 43
* صحيح.
وله عن أبى هريرة طرق:
الأول: عن أبى صالح عنه.
رواه الترمذى (1/185) وابن ماجه (1463) والبيهقى من طرق عنه.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وإسناده صحيح.
ورواه أبو داود (3162) وعنه البيهقى من طريق سفيان عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبى هريرة.
فأدخل بينهما إسحاق هذا وهو ثقة , فإذا كان محفوظا كما ترجح فهو إسناد صحيح أيضا لأن السند كله ثقات , وإلا فالصواب أنه عن أبى صالح عن أبى هريرة ليس بينهما إسحاق.
الثانى: عن ابن أبى ذئب قال: حدثنى صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره.(1/173)
أخرجه الطيالسى (2314) وعنه البيهقى (1/303) وأحمد (2/433 و454 و472) .
وهذا إسناد جيد , وأعله البيهقى بقوله: " وصالح مولى التوأمة ليس بالقوى ".
لكن تعقبه ابن التركمانى بقوله: رواه عن صالح بن أبى ذئب , وقد قال ابن معين: صالح ثقة حجة , ومالك والثورى أدركاه بعدما تغير , وابن أبى ذئب سمع منه قبل ذلك. وقال السعدى: حديث ابن أبى ذئب عنه مقبول لثبته وسماعه القديم منه. وقال ابن عدى: لا أعرف لصالح حديثا منكرا قبل الاختلاط.
الثالث: عن أبى إسحاق عنه.
أخرجه أحمد (2/280) من طريق معمر عن يحيى بن أبى كثير عن رجل يقال له أبو إسحاق به. دون الشطر الثانى منه. ثم رواه من طريق أبان عن يحيى إلا أنه قال: " عن رجل من بنى ليث عن أبى إسحاق".
الرابع: عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عنه بتمامه.
أخرجه البيهقى عن ابن لهيعة عن حنين بن أبى حكيم عن صفوان بن أبى سليم عنه.
وقال: " ابن لهيعة وحنين لا يحتج بهما ".
قلت: ولكنه يستشهد بهما.
الخامس: عن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقى عنه.
رواه البيهقى عن زهير بن محمد عن العلاء عن أبيه , وهذا سند ضعيف يستشهد به.
السادس: عن عمرو بن عمير عنه.
أخرجه أبو داود رقم (3161) وعنه البيهقى من طريق القاسم بن عباس عنه.
وقال البيهقى: " عمرو بن عمير إنما يعرف بهذا الحديث , وليس بالمشهور ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول ".(1/174)
وأما قول الشيخ أمير على فى تعقيبه عليه: " انفرد عنه قاسم بن العباس ولا يعرف أيضا ". فمن أوهامه , فإن القاسم هذا ثقة معروف روى عنه جماعة وأخرج له مسلم والأربعة ووثقه ابن معين وابن حبان , وقال أبو حاتم: " لا بأس به ".
فبعد هذا لا يقبل قول ابن المدينى فيه: " مجهول " , ولذلك لما حكى الذهبى هذا القول عقب عليه بقوله: " قلت: بل صدوق مشهور ... ".
وبالجملة , فهذه خمسة طرق للحديث بعضها صحيح , وبعضها حسن , وبعضها ضعيف منجبر , فلاشك فى صحة الحديث عندنا , ولكن الأمر فيه للاستحباب لا للوجوب لأنه قد صح عن الصحابة أنهم كانوا إذا غسلوا الميت فمنهم من يغتسل ومنهم من لا يغتسل. كما ذكرته فى كتابى " أحكام الجنائز " , وغيره.
(145) - (قال صلى الله عليه وسلم: " من جاء منكم الجمعة فليغتسل ". متفق عليه (ص 42) .
* صحيح.
وهو من حديث ابن عمر.
أخرجه مالك والبخارى ومسلم وغيرهم من طرق عنه.
(146) - (حديث ابن عباس والفاكه بن سعد: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى ". رواه ابن ماجه (ص 43) .
* ضعيف. ولايثبت من وجه.
أما حديث ابن عباس , فأخرجه ابن ماجه (رقم 1315) : حدثنا جبارة بن المغلس حدثنا حجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى ".
ومن هذا الوجه: رواه البيهقى (3/278) وأعله بحجاج هذا فقال: " ليس بقوى , قال ابن عدى: رواياته ليست بمستقيمة ".
وتعقبه ابن(1/175)
التركمانى بقوله: سكت عن جبارة وحاله أشد من حال الحجاج.
قال البخارى: جبارة مضطرب الحديث.
وقال النسائى وغيره: ضعيف.
وقال ابن معين: " كذاب ".
قلت: وقال أحمد فى بعض حديثه: " كذب " وذكر غيره أنه كان لا يتعمد الكذب فهو واه جدا.
وأما حديث الفاكه: فأخرجه ابن ماجه أيضا (1316) وكذا عبد الله بن أحمد فى " زوائد المسند " (4/78) والدولابى فى " الكنى والأسماء " (1/85) من طريق يوسف بن خالد السمتى قال: حدثنا يوسف بن جعفر الخطمى عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه عن جده الفاكه بن سعد: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النحر , وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل فى هذه الأيام ".
قلت: وهذا إسناد موضوع آفته السمتى هذا , فإنه كذاب خبيث كما قال ابن معين.
وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث ".
والحديثان أوردها [1] الحافظ فى "التلخيص " (ص 143) وفى " الدراية " (ص 23) وقال: " وإسنادهما ضعيفان ". قلت: وهذا الإطلاق قد يوهم من لا علم عنده أنه يمكن أن يقوى أحدهما الآخر , وليس كذلك لشدة ضعفهما كما بينا.
وفى الباب عن أبى رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين.
رواه البزار وفيه مندل بن على وهو ضعيف وجماعة لم يعرفهم الهيثمى (2/198) . ولهذا قال الحافظ: " إسناده ضعيف ".
" فائدة ": وأحسن ما يستدل به على استحباب الاغتسال للعيدين ما روى البيهقى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أوردهما}(1/176)
من طريق الشافعى عن زاذان قال: سأل رجل عليا رضى الله عنه عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت , فقال: لا , الغسل الذى هو الغسل , قال: يوم الجمعة , ويوم عرفة , ويوم النحر , ويوم الفطر. وسنده صحيح.
(147) - (" اغتسل صلى الله عليه وسلم من الإغماء ". متفق عليه (ص 43) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث عائشة , يرويه عنها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: دخلت على عائشة , فقلت: ألا تحدثينى عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى , ثقل النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا , هم ينتظرونك يا رسول الله , قال: ضعوا لى ماء فى المخضب , قالت: ففعلنا , فاغتسل , فذهب لينوء فأغمى عليه , ثم أفاق , فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا , هم ينتظرونك يا رسول الله , قال: ضعوا لى ماء فى المخضب , قالت: فقعد فاغتسل , ثم ذهب لينوء , فأغمى عليه , ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله , قال: ضعوا لى ماء فى المخضب , فقعد فاغتسل , ثم ذهب لينوء فأغمى عليه , ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله , والناس عكوف فى المسجد ينتظرون النبى صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة , فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر بأن يصلى بالناس , فأتاه الرسول فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلى بالناس , فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس , فقال له عمر: أنت أحق بذلك , فصلى أبو بكر تلك الأيام , ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر , وأبو بكر يصلى بالناس , فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر , فأومأ النبى صلى الله عليه وسلم بأن لا يتأخر , قال: أجلسانى إلى جنبه , فأجلساه إلى جنب أبى بكر قال: فجعل أبو بكر يصلى وهو يأتم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم , والناس يأتمون بصلاة أبى بكر , والنبى صلى الله عليه وسلم قاعد , وقال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتنى عائشة عن مرض النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: هات , فعرضت عليه حديثها فما أنكر فيه شيئا , غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذى(1/177)
كان مع العباس؟ قلت: لا , قال: هو على بن أبى طالب.
رواه البخارى (1/179) ومسلم (2/20 ـ 21) وكذا أبو عوانة (2/112 ـ 113) , ورواه أحمد (6/228) مختصرا. وزاد فى آخره: " ولكن عائشة لا تطيب له نفسا ". وسنده صحيح.
(148) - (قال صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش لما استحيضت: " اغتسلى لكل صلاة ". رواه أبو داود (ص 43)
* صحيح.
أخرجه أبو داود كما ذكر المؤلف لكنه علقه فقال: " رواه أبو الوليد الطيالسى ـ ولم اسمعه منه ـ عن سليمان بن كثير عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش , فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: اغتسلى لكل صلاة ... وساق الحديث.
قلت: وهذا سند ضعيف , فإن سليمان بن كثير ضعيف فى روايته عن الزهرى كما بينته فى " صحيح أبى داود " (301) , وقد أخطأ فى قوله " زينب بنت جحش " وإنما هو " أم حبيبة بنت جحش ".
كذلك رواه جماعة من الثقات عن الزهرى وقد خرجت رواياتهم فى المصدر المذكور , نعم تابعه ابن أبى ذئب فقال الطيالسى فى مسنده (رقم 1439 و1583) , حدثنا ابن أبى ذئب عن الزهرى به بلفظ: إن زينب بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل وتصلى , فكانت تغتسل عند كل صلاة.
لكن خولف الطيالسى فى ذلك فرواه جماعة من الثقات عن ابن أبى ذئب , قالوا كلهم عنه: " أم حبيبة بنت جحش " وهو الصواب كما جزم بذلك جماعة من الحفاظ.
وللحديث شاهد من طريق عائشة أيضا وقد سبق تخريجه برقم (109 و110) .
(149) - (حديث زيد بن ثابت: " أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ". رواه الترمذى وحسنه (ص43) .
* حسن.
أخرجه الترمذى (1/159) وكذا الدارمى (2/31)(1/178)
والدارقطنى (ص 256) والبيهقى (5/32) من طرق عن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن خارجه بن زيد بن ثابت عن أبيه به.
وقال الترمذى: " هذا حديث حسن غريب ".
قلت: وهذا سند حسن , فإن عبد الرحمن بن أبى الزناد وإن تكلم فيه فإنما ذلك لضعف فى حفظه لا لتهمة فى نفسه , وليس ضعفه شديدا , فهو حسن الحديث لاسيما فى الشواهد , ومن شواهد حديثه هذا:
ما أخرجه الدارقطنى والحاكم (1/447) والبيهقى عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه , فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين , ثم قعد على بعيره , فلما استوى به على البيداء أخرج [1] بالحج.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد فإن يعقوب بن عطاء بن أبى رباح ممن جمع أئمة الإسلام حديثه ". ووافقه الذهبى مع أن يعقوب بن عطاء أورده فى " الميزان " وحكى تضعيفه عن أحمد وغيره ولم يذكر أحدا وثقه! فأنى له الصحة؟ !
ولذلك قال البيهقى عقبه: " يعقوب بن عطاء غير قوى ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 208) : " ضعيف " وكذا قال فى " التقريب ".
ومن شواهده أيضا: قول ابن عمر: " إن من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم وإذا أراد أن يدخل مكة ".
رواه الدارقطنى والحاكم وقال: " صحيح على شرط الشيخين " , ووافقه الذهبى.
وإنما هو صحيح فقط فإن فيه سهل بن يوسف ولم يرو له الشيخان.
وهذا وإن كان موقوفا فإن قوله " من السنة " إنما يعنى سنته صلى الله عليه وسلم كما هو مقرر فى علم أصول الفقه , ولهذا فالحديث بهذين الشاهدين صحيح إن شاء الله تعالى.
(150) - (" كان ابن عمر لا يقدم مكة إلا بات بذى طوى حتى يصبح ويغتسل ويدخل نهارا , ويذكر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه فعله ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: أحرم}(1/179)
" رواه مسلم ".
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/62 ـ 63) من طريق نافع عنه به إلا أنه قال: " ثم يدخل مكة نهارا ".
وأخرجه البخارى أيضا (1/399) من هذا الوجه نحوه.
باب التيمم
(151) - (حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم تيمم لرد السلام) (ص 44) .
* صحيح.
رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبى الجهم وقد ذكرت لفظه عند الحديث (54) .
وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود والدارقطنى وإسناده صحيح كما بينته فى " صحيح أبى داود " (356) .
(152) - (حديث أبى أمامة مرفوعا: " جعلت الأرض كلها لى ولأمتى مسجدا وطهورا فأينما أدركت رجلا من أمتى الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره ". رواه أحمد. (ص 45)
* صحيح.
رواه أحمد فى مسنده (5/248) : حدثنا محمد بن أبى عدى عن سليمان يعنى التيمى عن سيار عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فضلنى ربى على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو قال على الأمم بأربع , قال: أرسلت إلى الناس كافة , وجعلت الأرض ... ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه فى قلوب أعدائى , وأحل لنا الغنائم ".
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سيار وهو الأموى الدمشقى أورده ابن حبان فى " الثقات " (1/79) وقال: " مولى خالد بن يزيد بن معاوية القرشى , يروى عن أبى أمامة وأبى الدرداء , روى عنه سليمان التيمى ".
وروى عنه عبد الله بن بجير أيضا كما فى " الجرح والتعديل " (2/1/254) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وقال الحافظ فى " التقريب ":(1/180)
" صدوق ". وأشار إلى الحديث فى " التلخيص " (ص 55) وذكر أنه فى " الشقفيات " [1] وإسناده صحيح وأصله فى البيهقى.
وله شاهد عن أنس عند الجارود [2] بلفظ " جعلت لى كل أرض طيبة مسجدا وطهورا ".
وله شواهد كثيرة سيأتى ذكرها برقم (285) .
(153) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير ". صححه الترمذى (ص 45) .
* صحيح.
رواه الترمذى وكذا أبو داود والنسائى والدارقطنى والحاكم وأحمد وغيرهم من حديث أبى ذر.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح "
قلت: وإسناده صحيح , وصححه ابن حبان والدارقطنى وأبو حاتم والحاكم والذهبى والنووى.
وله شاهد من حديث أبى هريرة وسنده صحيح , وقد خرجت الحديث وبينت صحة إسناده فى " صحيح سنن أبى داود " (357 ـ 359) .
(154) - (عن عمرو بن العاص أنه لما بعث فى غزوة ذات السلاسل قال: " احتلمت فى ليلة باردة شديدة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابى صلاة الصبح ... " الحديث. رواه أحمد وأبو داود والدارقطنى (ص 45) .
* صحيح.
رواه أحمد (4/203 ـ 204) من طريق ابن لهيعة قال: ثنا يزيد بن أبى حبيب عن عمران بن أبى أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل ... الحديث , كما ذكره المؤلف وتمامه:
قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له ,فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: قلت: نعم يا رسول الله , إنى احتلمت فى ليلة باردة شديدة البرد , فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك , وذكرت قول الله عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) , فتيممت ثم صليت , فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.
ورواه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: " الثقفيات "}
(2) {كذا فى الأصل , والصواب: ابن الجارود}(1/181)
أبو داود والدارقطنى (ص 65) من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبى حبيب به. وقال أبو داود: " عبد الرحمن بن جبير مصرى مولى خارجة بن حذافة وليس هو ابن جبير بن نضير [1] ".
قلت: وهو ثقة من رجال مسلم , وكذلك من دونه ثقات لكنه لم يسمع الحديث من عمرو بن العاص كما قال البيهقى , ولكن لا يضر ذلك فى صحة الحديث لأن الواسطة بينهما ثقة معروف وهو أبو قيس مولى عمرو بن العاص , فقد أخرجه الدارقطنى من طريق ابن وهب: أخبرنى عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبى حبيب عن عمران بن أبى أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو ابن العاص كان على سرية وأنهم أصابهم برد شديد ... الحديث مثله إلا أنه لم يذكر التيمم وقال: " فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ".
وكذا رواه الحاكم (1/177) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى. وهو وهم فإن عمران بن أبى أنس وعبد الرحمن بن جبير ليسا من رجال البخارى فالحديث على شرط مسلم وحده وقد صححه النووى وقواه ابن حجر كما ذكرته فى " صحيح السنن " (360) .
(تنبيه) : لا خلاف بين الرواية الأولى التى فيها ذكر التيمم , والأخرى التى فيها ذكر غسل المغابن لأنه يحتمل كما قال البيهقى أن يكون فعل ما فى الروايتين جميعا , فيكون قد غسل ما أمكن وتيمم للباقى. وأقره الحافظ فى " التلخيص " (ص 55) وقال: " وله شاهد من حديث ابن عباس ومن حديث أبى أمامة عند الطبرانى ".
قلت: وليس فيهما ما فى الروايتين , وأبو أمامة هو ابن سهل وليس الباهلى كما يوهم الإطلاق وفى سنده من لا يعرف , وفى إسناد حديث ابن عباس يوسف بن خالد السمتى وهو كذاب كما قال الهيثمى (1/264) .
ويشهد للرواية الأولى ما علقه أبو داود بقوله:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: نفير}(1/182)
" وروى هذه القصة الأوزاعى عن حسان بن عطية قال فيه: فتيمم ".
(155) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " , رواه البخاري) ص 46.
* صحيح.
وهو طرف حديث رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال " دعوني ما تركتكم , إنما هلك من كان قبلكم سؤالهم , واختلافهم على أنبيائهم , فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه , وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
رواه البخاري (4/422) وكذا مسلم (7/91) وأحمد (2/258) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عنه.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة , فرواه مسلم وابن ماجه (رقم 1 و2) عن أبي صالح عنه.
ومسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب كلاهما معا عنه.
وهو والنسائي (2/2) وأحمد (2/447 ـ 448 و467) عن محمد بن زياد عنه , وفيه عند النسائي سبب الحديث , قال: " خطب رسول صلى الله عليه وسلم الناس فقال: إن الله عز وجل فرض عليكم الحج , فقال رجل: في كل عام؟ فسكت عنه , حتى أعاده ثلاثا , فقال: لو قلت: نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها , ذروني ما تركتكم الحديث , وهو رواية لمسلم (4/102) وكذا رواه الدارقطني في سننه (ص 281) .
ورواه هو وأحمد (2/313) عن همام بن منبه عنه.
(156) - (حديث عمران بن حصين: " عليك بالصعيد فإنه يكفيك ". متفق عليه (ص47) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/95 ـ 97 , 98) ومسلم (2/140 ـ 141) وكذا النسائى (1/61) عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل فى القوم , فقال: " يا فلان ما منعك أن تصلى فى القوم؟ " فقال: يا رسول الله أصابتنى جنابة ولا ماء , فقال: فذكره , وهو قطعة(1/183)
من حديث طويل عند مسلم , وهو رواية للبخارى وكذلك رواه أحمد (4/434 ـ 435) والبيهقى (1/218 ـ 219 و219) .
(157) - (لأنه صلى الله عليه وسلم: " ضرب بيده الحائط ومسح وجهه ويديه " (ص 47) .
* صحيح.
وقد ذكرته بتمامه فى تخريج الحديث (54) , وذكر المصنف بعضه قريبا (151) .
(158) - (وفى حديث عمار: " إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة , ثم مسح الشمال على اليمين , وظاهر كفيه ووجهه ". متفق عليه (ص 48) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/98) ومسلم (1/192 ـ 193) - والسياق له - من طريق شقيق قال: كنت جالسا مع عبد الله وأبى موسى , فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! أرأيت لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا , فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية فى سورة المائدة (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) ؟ فقال عبد الله: لو رخص لهم فى هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد! فقال أبو موسى لعبد الله: ألم تسمع قول عمار: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حاجة, فأجنبت , فلم أجد الماء , فتمرغت فى الصعيد كما تمرغ الدابة , ثم أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: فذكره , فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟.
وفى رواية للبخارى: " كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبد الله ما يقول , فقال إنا لو رخصنا لهم ... "
وأخرجه أبو عوانة فى صحيحه (1/303 ـ 304) والنسائى (1/61) والدارقطنى (ص 66) وأحمد (4/265) والبيهقى (1/211 و226) وقال: " لا يشك حديثى فى صحة إسناده ".
(159) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 48) .(1/184)
* صحيح.
وقد سبق تخريجه برقم (22) .
(160) - (قال صلى الله عليه وسلم: " فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير ". رواه أحمد والترمذى وصححه (ص 48) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه (153) .
(161) - (حديث عمار: " التيمم ضربة للوجه والكفين ". رواه أحمد وأبو داوود (ص 49) .
* صحيح.
رواه أبو داود (327) وأحمد (4/263) وكذا الترمذى (1/31) والدارقطنى (ص 67) والدارمى (1/190) والطحاوى (1/67) والبيهقى من طرق عن سعيد ـ وهو ابن أبى عروبة - عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بن ياسر به مرفوعا.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الدارمى: " صح إسناده " وهو كما قال , وهو عند البخارى (1/94 و95) ومسلم (1/193) من طرق أخرى عن عبد الرحمن مطولا بلفظ: أن رجلا أتى عمر فقال: إنى أجنبت فلم أجد ماء فقال: لا تصل , فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت فى سرية , فأجنبنا فلم نجد ماء , فأما أنت فلم تصل , وأما أنا فتمعكت فى التراب , وصليت فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ , ثم تمسح بهما وجهك وكفيك ". فقال عمر: اتق الله ياعمار , قال: إن شئت لم أحدث به.
زاد مسلم فى رواية: " فقال عمر: نوليك ما توليت ".
وللبخارى (1/98) من طريق أخرى عن عمار فى هذه القصة فرفعه: " إنما كان يكفيك هكذا: ومسح وجهه وكفيه واحدة ".
واعلم أنه قد روى هذا الحديث عن عمار بلفظ ضربتين , كما وقع فى بعض طرقه إلى المرفقين وكل ذلك معلول لا يصح.
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 56) :(1/185)
" وقال ابن عبد البر: أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة وما روى عنه من ضربتين فكلها مضطربة.
وقد جمع البيهقى طرق حديث عمار فأبلغ ".
وفى الضربتين أحاديث أخرى وهى معلولة أيضا كما بينه الحافظ فى " التلخيص "
وحققت القول على بعضها فى " ضعيف سنن أبى داود " (رقم 58 و59) .
(162) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " وإنما لكل امرىء مانوى " (ص 49) .
* صحيح.
وقد مضى بتمامه مع تخريجه (22) .
باب إزالة النجاسة
(163) - (لقول ابن عمر: " أمرنا بغسل الأنجاس سبعا " (ص50) .
* لم أجده بهذا اللفظ.
وقد أورده ابن قدامة فى " المغنى " (1/54) كما أورده المؤلف بدون عزو.
وروى أبو داود (247) وأحمد (2/109) والبيهقى (1/244 ـ 245) من طريق أيوب بن جابر عن عبد الله بن عصم عن عبد الله بن عمر قال: " كانت الصلاة خمسين , والغسل من الجنابة سبع مرار , وغسل البول من الثوب سبع مرار , فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا , والغسل من الجنابة مرة , وغسل البول من الثوب مرة ".
وهذا إسناد ضعيف , أيوب هذا ضعفه الجمهور , وشيخه ابن عصم مختلف فيه كما بينته فى " ضعيف أبى داود ". وضعفه ابن قدامة بأيوب فقط.(1/186)
فهذا الحديث على ضعفه يخالف حديث الكتاب , والله أعلم.
ولا أعلم حديثا مرفوعا صحيحا فى الأمر بغسل النجاسة سبعا , اللهم إلا الإناء الذى ولغ الكلب فيه فإنه يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب وسيأتى تخريجه قريبا إن شاء الله تعالى.
(164) - (أمره صلى الله عليه وسلم: " القائم من نوم الليل أن يغسل يديه ثلاثا فإنه لا يدرى أين باتت يده " (ص50) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة , وعبد الله بن عمر , وجابر بن عبد الله.
أما حديث أبى هريرة: فأخرجه مالك (1/21/9) وعنه البخارى (1/54) ومسلم (1/160 ـ 161) وأبو داود (103) والنسائى (1/4 و37 و75) والترمذى (1/7) وابن ماجه (1/138/393) وأحمد (2/241 و253 و259 و265 و271 و284 و316 و382 و395 و403 و455 و465 و471 و500) . من طرق كثيرة عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده فى الإناء حتى يغسلها ثلاثا , فإنه لا يدرى أين باتت يده ". لفظ مسلم وليس عند البخارى ومالك لفظة " ثلاثا ".
وقال الترمذى: " مرتين أو ثلاثا " وهما روايتان لأحمد.
وزاد فى أخرى: " فقال قيس الأشجعى: يا أبا هريرة! فكيف إذا جاء مهراسكم؟ قال: أعوذ بالله من شرك يا قيس. وسنده حسن.
وأما حديث عبد الله بن عمر: فرواه ابن ماجه (394) مثل رواية البخارى ودون قوله " فإنه لا يدرى ... " وإسناده صحيح.
وأما حديث جابر: فرواه ابن ماجه أيضا من طريق أبى الزبير عنه. لكنه عند مسلم من هذا الوجه عن جابر عن أبى هريرة.
(165) - (قال صلى الله عليه وسلم لأسماء فى دم الحيض يصيب الثوب: " حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء " (ص50) .(1/187)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/86) ومسلم (1/166) وأبو عوانة (1/206) ومالك (1/60/103) وأبو داود (360 - 362) والنسائى (69) والترمذى (1/29) والدارمى (1/239) وابن ماجه (629) وأحمد (6/345 و346 و353) والبيهقى (1/13) من حديث أسماء بنت أبى بكر أن امرأة سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلى فيه ".
والسياق للترمذى وقال: " حديث حسن صحيح " وهو أقرب ألفاظ الجماعة إلى لفظ الكتاب , وليس عند أحد منهم أن السائلة هى أسماء نفسها.
(166) - (حديث على مرفوعا: " بول الغلام ينضح , وبول الجارية يغسل " (ص50) .
* صحيح.
رواه أحمد (1/76 و97 و137) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث ومعاذ بن هشام حدثنا هشام عن قتادة عن أبى حرب بن أبى الأسود عن أبيه عن على مرفوعا.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
ورواه عبد الله بن أحمد فى " زوائد المسند " من الوجهين عن هشام به.
ورواه أبو داود (378) والترمذى (1/119) وابن ماجه (525) والطحاوى (1/55) والدارقطنى (ص 47) والحاكم (1/165 - 166) وعنه البيهقى (2/215) كلهم من طريق معاذ بن هشام به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما " ووافقه الذهبى.
وإنما هو على شرط مسلم وحده كما ذكرنا لأن أبا حرب لم يخرج له البخارى , وصححه الحافظ فى " الفتح " وأعله بعضهم بالوقف وبعضهم بالإرسال وليس بشىء كما بينته فى " صحيح أبى داود " (402) , وله شواهد صحيحه تجد بعضها فى المصدر المذكور برقم (298 - 400) .
(167) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليغلسه سبعا أولاهن بالتراب ". رواه مسلم. ص50
* صحيح.
ورد من حديث أبى هريرة وابن عمر وعبد الله بن مفضل [1]
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: مغفل} .(1/188)
أما حديث أبى هريرة فأخرجه البخارى (1/56) ومسلم (1/161 ـ 162) وأبو عوانة (1/207 ـ 208) ومالك (1/34/35) وأبو داود (71 ـ 73) والنسائى (1/22 و63) والترمذى (1/20) وابن ماجه (363 , 364) والطحاوى (1/12) والدارقطنى (24) وأحمد (2/245 , 253 , 265 و271 و314 و360 و398 و424 و427 و460 و480 و482 و489 و508) . من طرق كثيرة عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليغلسه سبع مرات ".
زاد ابن سيرين عنه: " أولاهن بالتراب ".
رواها مسلم وأبو عوانة وأبو داود والنسائى والترمذى: وقال: " حديث حسن صحيح " وصححها الدارقطنى أيضا ولها عنده طريق أخرى وقال أيضا " صحيح ".
وفى لفظ عن ابن سيرين " السابقة [1] بالتراب " رواه أبو داود والدارقطنى ولكنه شاذ والأرجح الرواية الأولى كما حققته فى صحيح أبى داود (66) .
وزاد مسلم وأبو عوانة والنسائى فى بعض طرقه " فليرقه ".
وأما حديث ابن عمر فتفرد به ابن ماجه (366) دون الزيادة وسنده صحيح.
وأما حديث ابن مفضل [2] فأخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود والنسائى وابن ماجه والدارمى (1/188) وابن ماجه والطحاوى والدارقطنى وأحمد (4/86 و5/56) بزيادة " وعفروه الثامنة فى التراب ".
(168) - (حديث أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله أرأيت لو بقى أثره - تعنى الدم -؟ فقال: " يكفيك الماء ولا يضرك أثره ". رواه أبو داود بمعناه (ص50) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة أن خولة بنت يسار أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنه ليس لى إلا ثوب واحد , وأنا أحيض فيه فكيف أصنع؟ قال: " إذا طهرت فاغسليه ثم صلى فيه " فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: " يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره ".
رواه أبو داود (365) والبيهقى (2/408) وأحمد بإسناد صحيح عنه ,
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: السابعة}
(2) {كذا فى الأصل , والصواب: مغفل}(1/189)
وهو وإن كان فيه ابن لهيعة فإنه قد رواه عنه جماعة منهم عبد الله بن وهب وحديثه عنه صحيح كما قال غير واحد من الحفاظ.
(169) - (حديث أم قيس بنت محصن: " أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه فى حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله ". متفق عليه (ص50 ـ 51)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/67 ـ 68 , 4/53 ـ 54) ومسلم (1/164 , 7/24) وأبو عوانة (1/202 ـ 203) ومالك (1/64/110) وأبو داود (374) والنسائى (1/56) والدارمى (1/189) وابن ماجه (524) والطحاوى (1/55) وكذا الترمذى (1/16) والبيهقى (2/414) والطيالسى (1636) وأحمد (6/355 ,356) وزاد هو وأبو عوانة: " ولم يكن الصبى بلغ أن يأكل الطعام ".
وفى أخرى لأبى عوانة: " فلم يزد على أن نضح بالماء ".
(170) - (عن على مرفوعا: " بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل ". رواه أحمد (ص51) .
* صحيح.
وقد سبق تخريجه قبل ثلاثة أحاديث.
(171) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى بول الأعرابى: " أريقوا عليه ذنوبا من ماء ". متفق عليه (ص51) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/67 , 4/141) وأبو داود (380) والنسائى (1/20 , 63) وابن ماجه (529) من طرق عن أبى هريرة قال: قام أعرابى فبال فى المسجد , فتناوله الناس , فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم: " دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء , فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ".
ولفظ أبى داود: (ثم قال) [1] أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس , فصلى ركعتين , ثم قال: اللهم ارحمنى ومحمدا , ولا ترحم معنا أحدا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " لقد تحجرت واسعا ". ثم لم يلبث أن بال فى ناحية
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب حذفها}(1/190)
المسجد , فأسرع الناس اليه ... الحديث.
ورواه أحمد (2/239 , 282) بالروايتين , وزاد فى أخرى (2/503) : فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنما بنى هذا البيت لذكر الله والصلاة , وإنه لا يبال فيه " ثم دعا بسجل من ماء فأفرغ عليه.
قال: يقول الأعرابى بعد أن فقه: فقام النبى صلى الله عليه وسلم إلى بأبى هو وأمى فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب.
وهذا لفظ ابن ماجه أيضا وإسناده حسن.
وله شاهد من حديث أنس , أخرجه البخارى ومسلم (1/163) وأبو عوانة (1/213 ـ 215) والنسائى والدارمى (1/189) وابن ماجه (528) وأحمد (3/110 ـ 111, 114 , 167 , 191 , 226) من طرق عنه نحو رواية أبى هريرة الأولى غير أنه زاد عند مسلم وغيره " ... ولا تزرموه ".
وفى أخرى له ولأبى عوانة وأحمد: قال: بينما نحن فى المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابى
فقام يبول فى المسجد , فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزرموه , دعوه " فتركوه حتى بال , ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: " إن هذه المساجد لا تصلح لشىء من هذا البول ولا القذر , إنما هى لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال: فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه ".
(172) - (حديث ابن عمر: أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن الماء يكون فى الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب يقول: " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث - وفى رواية - لم ينجسه شىء " (ص51) .
* صحيح.
وقد تقدم قبيل " باب الآنية " (رقم 23) .
(173) - (حديث أبى قتادة مرفوعا - وفيه -: " فجاءت هرة فأصغى لها الإناء حتى شربت وقال: إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات " (ص52) .(1/191)
* صحيح.
رواه مالك (1/22/13) وعنه أبو داود (75) والنسائى (1/63) والترمذى (1/20) والدارمى (1/187 ـ 188) وابن ماجه (1/131/367) والحاكم (1/159 ـ 160) والبيهقى (1/245) وأحمد (5/303 , 309) . كلهم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن حميدة بنت أبى عبيدة بن فروة عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبى قتادة الأنصارى أنها أخبرتها أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا , فجاءت هرة لتشرب منه , فأصغى لها الإناء حتى شربت , قالت كبشة: فرآنى أنظر إليه , فقال: أتعجبين يا ابنة أخى؟ قالت: فقلت: نعم , فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس إنما هى من الطوافين عليكم والطوافات ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: (حديث صحيح , وهو مما صححه مالك واحتج به فى " الموطأ ") . ووافقه الذهبى.
قلت: وصححه أيضا النووى فى " المجموع " (1/171) . ونقل عن البيهقى أنه قال: " إسناده صحيح ".
وكذا صححه البخارى والعقيلى والدارقطنى. كما فى تلخيص الحافظ ثم قال (ص 15) : " وأعله ابن منده بأن حميدة وخالتها كبشة محلهما محل الجهالة , ولا يعرف لهما إلا هذا الحديث انتهى ".
فأما قوله: إنهما لا يعرف لهما إلا هذا الحديث فمتعقب بأن لحميدة حديثا آخر فى تشميت العاطس , رواه أبو داود , ولها ثالث رواه أبو نعيم فى " المعرفة " , وأما حالها فحميدة روى عنها مع إسحاق ابنها يحيى وهو ثقة عند ابن معين.
وأما كبشة فقيل: إنها صحابية , فإن ثبت فلا يضر الجهل بحالها , والله أعلم.
وقال ابن دقيق العيد: لعل من صححه اعتمد على تخريج مالك وإن كل من خرج له فهو ثقة عند ابن معين , وأمها {؟} كما صح عنه فإن سلكت هذه الطريقة فى تصحيحه أعنى تخريج مالك , وإلا فالقول ما قال ابن منده ".(1/192)
قلت: وهذا تحقيق دقيق من الإمام ابن دقيق العيد ويترجح من كلامه إلى أنه يميل إلى ما قاله ابن منده وهو الذى {تقتضيه} قواعد هذا العلم , ولكن هذا كله فى خصوص هذا الإسناد , وإلا فقد جاء الحديث من طرق أخرى عن أبى قتادة منها ما فى أفراد الدارقطنى من طريق الدراوردى عن أسيد بن أبى أسيد عن أبيه أن أبا قتادة كان يصغى الإناء ... الحديث نحوه.
سكت عليه الحافظ , وأبو أسيد اسمه يزيد ولم أجد له ترجمة , وبقية رجاله ثقات.
وللحديث طرق أخرى وشاهد أوردتها فى " صحيح أبى داود " (68 , 69) .
(174) - (حديث: " المؤمن لا ينجس ". متفق عليه (ص52) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة وحذيفة بن اليمان.
أما حديث أبى هريرة فأخرجه البخارى (1/80 ـ 81 , 81) ومسلم (1/194) وأبو عوانة (1/275) وأبو داود (231) والنسائى (1/51) والترمذى (1/207 ـ 208 - طبع أحمد شاكر) وابن ماجه (534) والطحاوى (1/7) وأحمد (2/235 , 382 , 471) . من طريق أبى رافع عنه أنه لقيه النبى صلى الله عليه وسلم فى طريق من طرق المدينة وهو جنب , فانسل , فذهب فاغتسل , فتفقده النبى صلى الله عليه وسلم , فلما جاءه قال: " أين كنت يا أبا هريرة؟ " قال: يا رسول الله لقيتنى وأنا جنب , فكرهت أن أجالسك حتى اغتسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأما حديث حذيفة: فأخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود (230) والنسائى وابن ماجه (535) والبيهقى (1/189 ـ 190) وأحمد (5/384) من طريق أبى وائل عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم لقيه , وهو جنب , فأهوى إلى , فقلت: إنى جنب فقال: فذكره.
وله طريق أخرى بلفظ أتم عند النسائى عن أبى بردة عنه قال: كان(1/193)
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقى الرجل من أصحابه ماسحه ودعا له , قال: فرأيته يوما بكرة فحدت عنه , ثم أتيته حين ارتفع النهار , فقال: " إنى رأيتك فحدت عنى؟ " فقال: إنى كنت جنبا فخشيت أن تمسنى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين وأخرجه ابن حبان فى صحيحه كما فى " فتح البارى " (1/310) .
(175) - (حديث: " إذا وقع الذباب فى إناء أحدكم فليمقله - وفى لفظ -: فليغمسه فإن فى أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء ". رواه البخارى (ص 52) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/71 ـ 72) وأبو داود (3844) وابن ماجه (3505) وأحمد (2/229 ـ 230 , 246 , 263 , 340 , 355 , 388) والبيهقى (1/252) من طرق عن أبى هريرة مرفوعا به , وفى رواية أبى داود " فامقلوه " بدل " فليغمسه ".
وزاد: " وإنه يتقى بجناحه الذى فيه الداء , فليغمسه كله ".
وله شاهد من حديث أبى سعيد الخدرى أخرجه النسائى (2/193) بلفظ " فليمقله ".
وأخرجه غيره أيضا وقد تكلمت على إسناده وفصلت القول على طرق الذى قبله فى " الأحاديث الصحيحة " (رقم 38) .
(176) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " صلوا فى مرابض الغنم ". رواه مسلم (ص 52 ـ 53) .
* صحيح.
رواه مسلم كما قال المصنف ولكن بغير هذا اللفظ وقد تقدم برقم (119) من حديث جابر بن سمرة.
وأما هذا فرواه الترمذى (2/181) من حديث أبى هريرة مرفوعا به. وزاد: " ولا تصلوا فى أعطان الإبل ".
وقال: " حديث حسن صحيح " وهو كما قال.
وله شاهد آخر من حديث البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فى مبارك الإبل؟ فقال: لا تصلوا فى مبارك الإبل فإنها من الشياطين , وسئل عن الصلاة فى مرابض الغنم؟ فقال: صلوا فيها فإنها بركة.
رواه أبو داود وأحمد (4/288) بإسناد صحيح كما بينته(1/194)
فى " صحيح أبى داود " (177) .
(177) - (وقال للعرنيين: " انطلقوا إلى إبل الصدقة فاشربوا من أبوالها ". متفق عليه (ص 53) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/69 و382 و2/251 ـ 252 , 3/119 , 234 , 4/58 , 298 , 299 ,
322 , 323) ومسلم (5/101 ـ 103) وأبو داود (4364 ـ 4368) والنسائى (1/57 ـ 58 , 2/166 ـ 169) والترمذى (1/16 , 339 , 2/3) وابن ماجه (2/861/2578) والطيالسى (2002) وأحمد (3/107 , 163 , 170 , 177 , 186 , 198 , 205 , 233 , 287 , 290) . من طرق كثيرة عن أنس بن مالك: أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها , فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها , ففعلوا , فصحوا , ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام , وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فبعث فى أثرهم , فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم , وسمل أعينهم , وتركهم فى الحرة حتى ماتوا ".
والسياق لمسلم وزاد فى رواية " قال أنس: إنما سمل النبى صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة ".
وزاد أبو داود فى رواية: " فأنزل الله تبارك وتعالى فى ذلك (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا) الآية , وإسناده صحيح.
وزاد فى رواية: " ثم نهى عن المثلة ".
لكن بين البخارى فى إحدى رواياته أن هذا من رواية قتادة قال: بلغنا ... فالزيادة الثانية مرسلة.
(178) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى الذى يعذب فى قبره: " إنه كان لا يتنزه من بوله ". متفق عليه (ص 53) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/66 , 66 ـ 67 , 342 , 4/125 , 126) ومسلم (1/166) وأبو عوانة (1/196) وأبو داود (20) والنسائى (1/12 , 290) والترمذى (1/102) وابن ماجه (347) والدارمى(1/195)
(1/188) والطيالسى (2646) وأحمد (1/225) . من حديث ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: " أما إنهما ليعذبان , ومايعذبان فى كبير , أما أحدهما فكان يمشى بالنميمة , وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله , قال: فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحدا , وعلى هذا واحدا , ثم قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا ".
والسياق لمسلم وفى رواية له: " لا يستنزه " وهى رواية أحمد وابن ماجه ورواية لأبى داود والنسائى , وهى الموافقة لرواية المصنف وغرضه.
وقال الترمذى: " حسن صحيح ".
(179) - (قوله لعلى فى المذى: " اغسل ذكرك " (ص 53) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه ولفظه برقم (108) .
(180) - (قول عائشة: " كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلى به ". متفق عليه (ص 53) .
* صحيح.
رواه مسلم (1/164 , 165) وأبو عوانة (1/204 ـ 206) وأبو داود (371 , 372) والنسائى (1/56) والترمذى (1/199) وابن ماجه (537 ـ 539) والطحاوى (1/29) والطيالسى (1401) وأحمد (6/35 , 43 , 67 , 97 , 101 , 125 , 132 , 135 , 193 , 213 , 239 , 255 , 263 , 280) من طرق عنها.
واللفظ لأحمد وأبى داود.
ولم يروه البخارى خلافا لما ذكره المصنف.
وقد قال مجد الدين ابن تيمية فى " المنتقى ": " رواه الجماعة إلا البخارى ".
وله عنها الغسل , ويأتى قريبا.
وفى رواية لأبى عوانة والطحاوى وكذا الدارقطنى عنها قالت: " كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا , وأمسحه أو أغسله ـ شك الحميدى ـ إذا كان رطبا ".
وإسناده صحيح على شرط الشيخين , وتردد الحميدى بين المسح والغسل لا يضر , فإن كل واحد منهما ثابت.
أما الغسل: فأخرجه البخارى (1/64) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود ,(1/196)
والترمذى وصححه وابن ماجه وغيرهم عن سليمان بن يسار قال: سألت عائشة عن المنى يصيب الثوب؟ فقالت: كنت أغلسه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيخرج إلى الصلاة وأثر الغسل فى ثوبه بقع الماء.
قلت: وفيه التصريح بسماع سليمان بن يسار عن عائشة , ففيه رد على البزار حيث قال: " لم يسمع منها ".
وأما المسح: فأخرجه أحمد (6/243) والبيهقى (2/418) من طريق أخرى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المنى من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلى فيه , ويحته من ثوبه يابسا ثم يصلى فيه. وإسناده حسن ورواه ابن خزيمة فى صحيحه
(181) - (قوله صلى الله عليه وسلم لأسماء فى الدم: " اغسليه بالماء ". متفق عليه (ص 53) .
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه برقم (165) .
وقد استدل المصنف رحمه الله بهذا الحديث على نجاسة الدماء كلها , ولا يخفى بعده , فإن الحديث خاص بدم الحيض , ولا يصح إلحاق غيره به لظهور الفرق , إذ كيف يلحق الدم الخارج من الفم مثلا بالدم الخارج من هناك؟!
(182) - (لقول عائشة: " يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض ثم ترى فيه قطرة من الدم فتقصعه بريقها ـ وفى رواية ـ تبله بريقها ثم تقصعه بظفرها ". رواه أبو داود. ص 53
* صحيح.
أخرجه أبو داود (358) من طريق مجاهد قال قالت عائشة ما كان لإحدنا إلا ثوب واحد تحيض فيه , فإن أصابه شىء من دم بلته بريقها ثم قصعته بريقها , وعنده [1] صحيح على خلاف فى سماع مجاهد من عائشة والراجح أنه سمع منها.
ثم أخرجه أبو داود (364) من طريق عطاء عنها قالت: قد كان يكون
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: سنده}(1/197)
لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة , ثم نرى [1] ... الحديث إلا أنه قال: " من دم ".
وإسناده صحيح أيضا , ورواه الدارمى أيضا (1/238) .
وقد استدل المصنف رحمه الله تعالى بهذا الحديث على أن اليسير من الدم بعض [2] عنه قال: " لأن الريق لا يطهره , ويتنجس به ظفرها , وهو إخبار عن دوام الفعل , ومثل هذا لا يخفى عليه صلى الله عليه وسلم ". وهذا ظاهر , والله أعلم.
(183) - (قال ابن مسعود: " كنا لا نتوضأ من موطىء " (ص 54) .
* صحيح.
رواه أبو داود (204) وابن ماجه (1041) والحاكم (1/139) والبيهقى (1/139) .
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
وهو كما قالا , ولفظ ابن ماجه (أمرنا ألا نكف شعرا ولا ثوبا , ولا نتوضأ من موطىء ". وسنده صحيح أيضا.
(184) - (روى مسلم عن أبى هريرة مرفوعا , وفيه: " فإذا انتخع أحدكم فلينتخع عن يساره (1) تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا , فتفل فى ثوبه ثم مسح بعضه على (2) بعض " (ص 54) .
* صحيح.
وأصل الحديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة فى قبلة المسجد , فأقبل على الناس فقال: " ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فينتخع أمامه؟! أيحب أحدكم أن يستقبل فينتخع فى وجهه؟ فإذا تنخع ... " الخ.
رواه مسلم (2/76) وأبو عوانة أيضا (1/403) وأحمد (2/250 , 266 , 415) عن أبى رافع عن أبى هريرة به.
وفى رواية لأحمد " أو تحت قدمه ".
__________
(1) الأصل (أو تحت)
(2) الأصل (في) والتصحيح من مسلم
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ترى}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: معفو}(1/198)
باب الحيض
(185) - (وقد روى عن عائشة أنها قالت: " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهى امرأة ". ص 55
* موقوف.
رواه الترمذى (1/207) والبيهقى (1/320) تعليقا بدون إسناد فقال: " وروينا عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: فذكره. وقال: تعنى والله أعلم فحاضت فهى امرأة ".
قلت: وقد روى مرفوعا من حديث ابن عمر كما سيأتى فى " النكاح " (وبلفظه) [1] : " إذا أتى على الجارية تسع سنين فهى امرأة ".
أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/273) وعنه الديلمى فى " المسند " (1/1/89 ـ مختصرة) عن عبيد بن شريك حدثنى سليمان بنت [2] شرحبيل حدثنا عبد الملك بن مهران حدثنا سهل بن أسلم العدوى عن معاوية بن قرة قال: سمعت ابن عمر به.
قلت: وهذا سند ضعيف , عبد الملك بن مهران قال ابن عدى: " مجهول "
وقال العقيلى: " صاحب مناكير , غلب عليه الوهم , لا يقيم شيئا من الحديث ".
قلت: ومن دونه لم أعرفهم [3] ....
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: ولفظه}
(2) {كذا فى الأصل , والصواب: بن}
(3) {يوجد سقط فى هذا الموضع من الكتاب وقد كُتِبَ هذا السَّقْطُ خَطَأً في (ص 203) وهو تابع لهذا الحديث فاستدركناه من هناك , ونصه:
ثم رأيت حديث ابن عمر رواه ابن الجوزى فى " التحقيق " (3/82/1 - 2) من طريق محمد بن إسماعيل قال: ثنا عبد الملك بن مهران الرفاعى به. وقال: فى إسناده مجاهيل , منهم عبد الملك قال ابن عدى: هو مجهول غير معروف.
وأقره بن عبد الهادى فى " التنقيح " (3/273) وقال: والمشهور ما ذكره البخارى عن عائشة أنها قالت: فذكره , رواه الإمام أحمد بإسناده عنها.
ومن المعلوم أن إطلاق العزو للبخارى وأحمد , معناه: فى " الصحيح " و " المسند " , ولم أره فيهما , والله أعلم.}(1/199)
(186) - (لقول عائشة: " إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ". ذكره أحمد (ص 55) .
* لم أقف عليه.
ولا أدرى فى أى كتاب ذكره أحمد ولعله فى بعض كتبه التى لم نقف عليها.
(187) - (لقوله صلى الله عليه وسلم فى سبايا أوطاس: " لا توطأ حامل حتى تضع , ولا حائل حتى تستبرىء بحيضة ". ص 55
* صحيح.
رواه أبو داود (2157) والدارمى (2/171) والدارقطنى (ص 472) والحاكم (2/195) والبيهقى (7/449) وأحمد (3/62) من طريق شريك عن قيس بن وهب.
(زاد أحمد: وأبى إسحاق) عن أبى الوداك عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى سبى أوطاس: فذكره بلفظ: " ... ولا غير حامل حتى تحيض حيضة ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ".
وأقره الذهبى وفيه نظر , فإن شريكا إنما أخرج له مسلم مقرونا وفيه ضعف لسوء حفظه وهذا معنى قول الحافظ فيه: " صدوق يخطىء كثيرا تغير حفظه منذ ولى القضاء بالكوفة ".
ومع ذلك فقد سكت عليه فى " الفتح " (4/351) , بل قال فى " التلخيص " (ص 63) : " وإسناده حسن " وتبعه الشوكانى (6/241) , ولعل ذلك باعتبار ماله من الشواهد , فقد روى ابن أبى شيبة فى " المصنف " كما فى " نصب الراية " (4/252) عن الشعبى أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع , أو حائل حتى تستبرىء. وكذلك رواه عبد الرزاق وإسناده مرسل صحيح , فهو شاهد قوى للحديث.
وروى الدارقطنى (ص 398) عن عمرو بن مسلم الجندى عن عكرمة عن ابن عباس قال فذكره مثل حديث الشعبى.
سكت عليه الزيلعى ثم العسقلانى وإسناده عندى حسن فإن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير أبى محمد بن صاعد وهو يحيى بن محمد بن صاعد وهو ثقة حافظ , وشيخه عبد الله بن عمران العابدى وهو صدوق كما قال ابن أبى حاتم فى(1/200)
" الجرح " (2/2/130) عن أبيه.
وله طريق أخرى من رواية مجاهد عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه وزاد: " أتسقى زرع غيرك؟! ".
أخرجه الحاكم (2/137) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
وروى الطيالسى (1679) من حديث جابر مرفوعا بالشطر الأول. وسنده صحيح.
وروى الترمذى (1/296) والحاكم (2/135) من حديث العرباض بن سارية مرفوعا به.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى! وأما الترمذى فأشار لتضعيفه بقوله " حديث غريب " فأصاب لأن فيه أم حبيبة بنت العرباض بن سارية لم يرو عنها غير واحد , ولم يوثقها أحد , لكن لا بأس بهذا الطريق فى الشواهد.
وعن أبى هريرة مرفوعا به أخرجه الطبرانى فى " المعجم الصعغير " (ص 52) والدارقطنى فى " الأفراد " (2/206) .
وعن رويفع بن ثابت مرفوعا: " لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره , يعنى إتيان الحبالى من السبايا , وأن يصيب إمرأة ثيبا من السبى حتى تستبرئها [1] .
رواه أبو داود (2158) وأحمد (4/108) وسنده حسن ورواه ابن حبان فى صحيحه كما فى " الزيلعى ".
وسيأتى فى الكتاب فى " باب استبراء الإماء " من " كتاب العدة ".
وعن على بن أبى طالب مرفوعا مثل حديث الشعبى.
وفى إسناده ضعف وانقطاع كما قال الحافظ العسقلانى.
وبالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح , وقد استدل به المصنف على أن الحامل إذا رأت دما فليس حيضا لأنه جعل الدليل على براءتها من الحمل الحيض , فلو كان يجتمع الحيض والحمل لم يصلح أن يكون دليلا على البراءة.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: يستبرئها}(1/201)
وهذا ظاهر ويشهد له ما روى الدارمى (1/227 , 228) من طريقين عن عطاء بن أبى رباح عن عائشة قالت: إن الحبلى لا تحيض , فاذا رأت الدم فلتغتسل ولتصل.
وإسناده صحيح.
(188) - (قوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش: " تحيضى فى علم الله ستة أيام , أو سبعة , ثم اغتسلى وصلى أربعة وعشرين يوما , أو ثلاثة وعشرين يوما , كما يحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن ". صححه الترمذى. ص 56
* حسن.
رواه أبو داود (287) والترمذى (1/221 ـ 225) وابن ماجه (627) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/229 , 300) والدارقطنى (ص 29) والحاكم (1/172) وعنه البيهقى (1/338) وأحمد (6/381 ـ 382 , 439 ـ 440) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم استفتيه وأخبره , فوجدته فى بيت أختى زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله إنى استحاض حيضة شديدة , فما تأمرنى فيها , قد منعتنى الصيام والصلاة؟ قال: أنعت لك الكرسف , فإنه يذهب الدم , قالت: هو أكثر من ذلك؟ قال: فتلجمى , قالت: هو أكثر من ذلك؟ قال: فاتخذى ثوبا , قالت: هو أكثر من ذلك , إنما أثج ثجا؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: سآمرك بأمرين , أيهما صنعت أجزأ عنك , فإن قويت عليها [1] فأنت أعلم , فقال: إنما هى ركضة من الشيطان , فتحيضى ستة أيام أو سبعة أيام فى علم الله , ثم اغتسلى , فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى أربعا وعشرين ليلة , أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها , وصومى وصلى , فإن ذلك يجزئك , ولذلك [2] فافعلى كما تحيض النساء , وكما يطهرن , لميقات حيضهن وطهرن , فإن قويت على أن تؤخرى الظهر وتعجلى العصر , ثم تغتسلين حين تطهرين , وتصلين الظهر والعصر جميعا , ثم تؤخرين المغرب , وتعجلين العشاء , ثم تغتسلين , وتجمعين بين
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: عليهما}
(2) {كذا فى الأصل , والصواب: كذلك}(1/202)
الصلاتين , وتغتسلين مع الصبح وتصلين , وكذلك فافعلى , وصومى إن قويت على ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو أعجب الأمرين إلى".
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات غير ابن عقيل وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه , وهو فى نفسه صدوق , فحديثه فى مرتبة الحسن , وكان أحمد وابن راهويه يحتجان به كما قال الذهبى , ولهذا قال الترمذى عقب هذا الحديث: " حسن صحيح , وسألت محمدا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن صحيح , وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح ". [1]
(189) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة ".
* صحيح.
وهو قطعة من حديث عائشة رضى الله عنها أن فاطمة بنت
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {وقع هنا كلام ليس هذا موضعه , ويتعلق بالحديث (185) ; ولذا نقلناه إلى هناك}(1/203)
أبى حبيش كانت تستحاض , فسألت النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: " ذلك عرق وليست بالحيضة , فإذا أقبلت الحيضة , فدعى الصلاة , وإذا أدبرت , فاغتسلى وصلى ".
رواه البخارى (1/86 , 89 , 91 , 92) ومسلم (1/180) وأبو عوانة (1/319) وأبو داود (282 , 283) والترمذى (1/217 ـ 219) والدارمى (1/198) وابن ماجه (620 , 621) والطحاوى (1/61 , 62) والدارقطنى (ص 76) والبيهقى (1/116 , 323 , 330 , 343) وأحمد (6/194) من طرق كثيرة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها.
وزاد البخارى وغيره , " وقال: توضئى لكل صلاة ".
وقد تقدم الحديث بهذه الزيادة (110 , 111) .
(190) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل؟ قلن: بلى " رواه البخارى (ص 57) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى سعيد الخدرى وعبد الله بن عمر وأبى هريرة.
أما حديث أبى سعيد فلفظه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فى فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإنى أريتكن أكثر أهل النار , فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن , وتكفرن العشير , ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن , قلن: ومانقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى , قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها ".
رواه البخارى (1/85 , 370 ـ 371 , 486) ومسلم (1/61) .(1/204)
وأما حديث ابن عمر فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر النساء تصدقن , وأكثرن الإستغفار فإنى رأيتكن ... " الحديث مثله إلا أنه قال: " وتمكث الليالى ما تصلى , وتفطر فى رمضان فهذا نقصان الدين ".
رواه مسلم وأبو داود (4679) وأحمد (2/66 ـ 67) .
وأما حديث أبى هريرة , فأخرجه مسلم والترمذى (2/102) وأحمد (2/373 ـ 374) نحو حديث ابن عمر.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأعله الحاكم بالإرسال , وتبعه على ذلك الصنعانى فى " سبل السلام " (1/184) والشوكانى فى " نيل الأوطار " (1/265) دون أن يعزواه إليه على غالب عادتهما!.
وفى هذا الكلام وهمان:
الأول: أن الدارقطنى إنما أعله بالإرسال لا بالوقف كما نقلناه آنفا عن الزيلعى وابن حجر نفسه!
الثانى: أنه لا يصح أن ينسب إلى الحاكم أنه أعله بالإرسال , لأنه لو كان كذلك لما أورده فى " المستدرك " , ولما صححه على شرط مسلم لما سبق. والصواب أن الحاكم إنما أشار إلى الخلاف فيه على قتادة معللا بذلك عدم إخراج الشيخين للحديث فى ظنه وليس معنى ذلك أنه معلول عند الحاكم كما هو ظاهر بين.(1/205)
(191) - (لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: " افعلى ما يفعل الحاج غير أنه لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى ". متفق عليه (ص 57) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/83 , 85 , 416 , 4/21 , 24) ومسلم (4/30) وأبو داود (1782) والنسائى (1/55 , 2/17) والترمذى (1/177) والدارمى (2/44) وابن ماجه (2963) والطيالسى (1413 , 1507) وأحمد (6/39 , 137 , 219 ,273) من طريق القاسم عنها.
وفى رواية لمسلم: " تغتسلى " بدل " تطهرى " , وهى مفسرة للأخرى.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند أبى داود (1744) والترمذى واستغربه لأن فيه خصيفا وهو سىء الحفظ.
وله شاهد آخر من حديث جابر فى قصة عائشة قال: " فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تنسك المناسك كلها غير أن لا تطوف ولا تصلى حتى تطهر ".
أخرجه البخارى فى أول " كتاب التمنى ".
(192) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن " رواه الترمذي وأبو داود) , ص 57.
* ضعيف.
وقد روي من حديث ابن عمر وجابر. أما حديث ابن عمر , فله طرق عن موسى بن عقبة عن نافع عنه.
الأولى: عن إسماعيل بن عياش ثنا موسى بن عقبة به.
أخرجه الترمذي (1/236) وابن ماجه (595) وأبو الحسن القطان في(1/206)
زوائده عليه (596) والحسن بن عرفة في جزئه (رقم نسختي) وعنه الخطيب في " تاريخ بغداد " (2/145) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 31) وابن عدي في " الكامل " (10/2) والدارقطني (ص 43) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/244/1) والبيهقي (1/89) وقال: فيه نظر , قال محمد بن إسماعيل البخاري فيما بلغني عنه: إنما روى هذا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة , ولا أعرفه من حديث غيره, وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق.
قلت: وهذا من روايته عن أهل الحجاز فهي ضعيفة.
وقال العقيلي: قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: هذا باطل أنكره على إسماعيل بن عياش يعني أنه وهم من إسماعيل بن عياش.
قلت: ونحوه قول أبي حاتم في " العلل " (1/49) وقد ذكر الحديث: هذا خطأ , إنما هو عن ابن عمر قوله.
وقال ابن عدي: لا يرويه غير ابن عياش.
وذكر نحوه الترمذي , وتقدم نحوه عن البخاري , وقد خفيت عليهم المتابعات الآتية , وقد أشار إليها البيهقي بقوله: وقد روي عن غيره عن موسى بن عقبة , وليس بصحيح.
الثانية: عن عبد الملك بن مسلمة حدثني المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به دون ذكر (الحائض) , أخرجه الدارقطني وقال: عبد الملك هذا كان بمصر , وهذا غريب عن مغيرة بن عبد الرحمن وهو ثقة.
يعني المغيرة هذا , وأنه تفرد به عنه عبد الملك هذا , هذا هو المتبادر لنا من عبارة الدارقطني هذه , وفهم الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الترمذي من قوله: وهو ثقة أنه يعني عبد الله بن مسلمة , وبناء على ذلك ذهب إلى أن الإسناد صحيح! ولعله اغتر بقول الحافظ في " الدراية " (ص 45) :(1/207)
ظاهره الصحة.
وهذا من العجائب! فإن ابن مسلمة هذا أورده الحافظ في " اللسان " تبعا لأصله " الميزان " وقالا: عن الليث وابن لهيعة , قال ابن يونس: منكر الحديث , وقال ابن حبان: يروي المناكير الكثيرة عن أهل المدينة.
فمن كان هذا حاله كيف يكون ظاهر إسناده الصحة؟! فلا شك أن الحافظ لم يستحضر ترجمته حين قال ذلك.
ثم وجدت ما يؤكد ما ذهبت إليه , فقد قال الحافظ في " التلخيص " (ص 51) : وصحح ابن سيد الناس طريق المغيرة , وأخطأ في ذلك , فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف , فلو سلم منه لصح إسناده , وإن كان ابن الجوزي ضعفه بمغيرة بن عبد الرحمن , فلم يصب في ذلك , وكأن ابن سيد الناس تبع ابن عساكر في قوله في " الأطراف ": إن عبد الملك بن مسلمة هذا هو القعنبي (1) , وليس كذلك بل هو آخر.
هذا كلام الحافظ وهو موافق لما ترجم به لابن مسلمة في " اللسان ". وقد فاته كأصله قول ابن أبي حاتم فيه , قال في " الجرح والتعديل " (2/2/371) : سألت أبي عنه؟ فقال: كتبت عنه , وهو مضطرب الحديث , ليس بقوي , حدثني بحديث في الكرم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريئل عليه السلام بحديث موضوع , قال أبو حاتم: سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: ليس بالقوي , وهو منكر الحديث , وهو مصري.
__________
(1) قلت: واسمه عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي البصري , وهذا دليل قاطع على خطأ ابن عساكر , فإنه مخالف لصاحب الترجمة في اسمه ونسبته كما ترى.(1/208)
فقد اتفقت كلمات هؤلاء الأئمة على تضعيف ابن مسلمة هذا , فلو سلمنا بأن الدارقطني أراده بقوله: هو ثقة , لوجب عدم الاعتداد به لما تقرر في المصطلح أن الجرح مقدم على التعديل لا سيما إذا كان مقرونا ببيان السبب كما هو الواقع هنا.
ومن ذلك يتبين أن هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة , وقد أشار إلى هذا البيهقي بقوله المتقدم: وليس بصحيح , فإنه يشمل هذه المتابعة والتي بعدها وهي:
الطريق الثالثة: عن رجل عن أبي معشر عن موسى بن عقبة به , أخرجه الدارقطني وسكت عليه لوضوح علته وهو الرجل المبهم , وضعف أبي معشر واسمه نجيح , قال الحافظ: ضعيف.
وأما حديث جابر , فرواه ابن عدي في " الكامل " (295/1) والدارقطني (ص 197) وأبو نعيم في " الحلية " (4/22) من طريق محمد بن الفضل عن أبيه عن طاووس عنه مرفوعا به , وفي رواية الأولين: " النفساء " بدل " الجنب " , وقال ابن عدي: لا يروى إلا عن محمد بن الفضل.
قلت: وهو كذاب , وفي " التقريب ": كذبوه , وفي " التلخيص " (ص 51) : متروك , وروي موقوفا وفيه يحيى بن أبي أنيسة وهو كذاب.
وقد أشار إلى هذا الموقوف البيهقي فقال: وروي عن جابر بن عبد الله من قوله في الجنب والحائض والنفساء , وليس بالقوي.
وروى البيهقي عن أيوب بن سويد ثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل أن عمر رضي الله عنه كره أن يقرأ القرآن وهو جنب , وقال: ورواه غيره عن الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن عبيدة عن(1/209)
عمر وهو الصحيح.
قلت: فقد صح هذا عن عمر رضي الله عنه , وفي " التلخيص " عقب أثر جابر: وقال البيهقي: هذا الأثر ليس بالقوي , وقد صح عن عمر أنه كان يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب , وساقه عنه في " الخلافيات " بإسناد صحيح.
(193) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض " رواه أبو داود , ص 57.
* ضعيف.
رواه أبو داود (232) والبيهقي (2/442 ـ 443) من طريق الأفلت بن خليفة قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد , فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد , ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا , رجاء أن تنزل فيهم رخصة , فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " , وزاد البيهقي: " إلا لمحمد وآل محمد " , وقال: وقال البخاري: وعند جسرة عجائب , قال البيهقي: وهذا إن صح فمحمول في الجنب على المكث فيه دون العبور بدليل الكتاب. يعني قوله تعالى: * (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * , ثم روى في تفسيرها عن ابن عباس قال: لا تدخل المسجد وأنت جنب إلا أن يكون طريقك فيه , ولا تجلس , لكن فيه أبو جعفر الرازي وهو ضعيف ومع ضعفه فإنه مخالف لسبب نزول الآية , فقد قال علي رضي الله عنه: أنزلت هذه(1/210)
الآية في المسافر: * (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * قال: إذا أجنب فلم يجد الماء تيمم وصلى حتى يدرك الماء , فإذا أدرك الماء اغتسل.
رواه البيهقي (1/216) وابن جرير في تفسيره (5/62) من طريقين عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عنه.
وهذا سند صحيح , ورواه الفريابي وابن أبي شيبة في " المصنف " وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في " الدر المنثور " (2/165) .
نعود إلى الكلام على جسرة , فقد ضعفها البخاري كما سبق , وأشار إلى تضعيف حديثها البيهقي كما رأيت , ونقل النووي في " المجموع " (2/160) عنه أنه قال: ليس بقوي , وعن عبد الحق أنه قال: لا يثبت , وعن الخطابي أنه ضعفه جماعة.
وقد أشار الحافظ في " التقريب " إلى تليين جسرة هذه , ومع ذلك فقد اختلف في إسناده عليها , فرواه الأفلت عنها عن عائشة , ورواه ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة , قالت: الحديث رواه ابن ماجه (645) وابن أبي حاتم في " العلل " (1/99/269) وقال: قال أبو زرعة: يقولون: عن جسرة عن أم سلمة , والصحيح: عن عائشة.
وعند ابن أبي حاتم الزيادة المتقدمة بلفظ: " إلا للنبي ولأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمد ".
ورواها ابن حزم (2/185) وقال: أما محدوج فساقط , يروي المعضلات عن جسرة , وأبو الخطاب الهجري مجهول , وقال في الحديث من جميع طرقه: وهذا كله باطل.
وللحديث بعض الشواهد , لكن بأسانيد واهية لا تقوم بها حجة , ولا(1/211)
يأخذ الحديث بها قوة كما بينته في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 32) , وقد رددنا فيه على من ذهب إلى تصحيحه كابن خزيمة وابن القطان والشوكاني , فلا نعيد القول في ذلك هنا.
(194) - (قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: " ناولينى الخمرة من المسجد فقالت: إنى حائض , فقال: إن حيضتك ليست بيدك ". رواه الجماعة إلا البخارى (ص 57) .
* صحيح.
وهو من حديث عائشة , وله عنها طرق:
الأولى: عن القاسم بن محمد عنها قالت: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه مسلم (1/168) وأبو عوانة (1/313) وأبو داود (261) والنسائى (1/52 ـ 53 , 68) والترمذى (1/241 - 242/134) والدارمى (1/197) وابن ماجه (632) والبيهقى (1/186 , 189) والطيالسى (1430) وأحمد (6/45 ,101 , 114 , 173 , 179 , 229) .
وزادوا جميعا غير أبى داود والترمذى وابن ماجه. " فناولته إياها ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن مسروق عنها به. أخرجه أبو عوانة.
الثالثة: عن عبد الله البهى: حدثتنى عائشة به نحوه.
وزاد: " قالت: أراد أن يبسطها ويصلى عليها ".
أخرجه الدارمى (1/247) والطيالسى (1510) وأحمد (6/106 , 110 , 214 , 245) وسنده صحيح على شرط مسلم , وأدخل أحمد فى رواية: عبد الله بن عمر بينها وبين البهى , لكن فيه أبو إسحاق وهو السبيعى وكان(1/212)
اختلط.
وللحديث شاهد عن منبوذ أن أمه أخبرته أنها بينما هى جالسة عند ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليها ابن عباس , فقالت: مالك شعثا؟ قال: أم عمار مرجلتى حائض , فقالت: أى بنى وأين الحيضة من اليد؟! لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهى متكئة حائض , وقد علم أنها حائض , فيتكىء عليها فيتلو القرآن فى حجرها , وتقوم وهى حائض فتبسط له الخمرة فى مصلاه فيصلى عليها فى بيتى , أى بنى وأين الحيضة من اليد؟!
أخرجه أحمد (6/331 , 334) والنسائى (1/53) مفرقا وإسناده حسن فى الشواهد.
وعن أبى هريرة قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فقال: يا عائشة ناولينى الثوب , فقالت: إنى حائض , فقال: إن حيضتك ليست فى يدك , فناولته ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائى والبيهقى وأحمد (2/428) .
وعن نافع عن ابن عمر مثل حديث عائشة.
أخرجه أحمد (2/86) بسند حسن فى الشواهد.
(195) - قوله صلى الله عليه وسلم: "دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي". متفق عليه. ص 57
صحيح.
وهو من حديث عائشة رضي الله عنها. أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، إنما ذلك عرق، ولكن دعي". الحديث. رواه البخاري (1/61) من طريق أبي أسامة قال: سمعت هشام بن عروة قال: أخبرني أبي عن عائشة. وقد رواه. مالك (1/6 1/104) عن(1/213)
هشام بن عروة به نحوه إلا أنه قال: "فاغسلي الدم" بدل "ثم اغتسلي ". وعن مالك أخرجه البخاري، ورواه هو ومسلم وغيره من طرق أخرى عن هشام به وقد قال بعضهم: فاغتسلي كما قال أبو أسامة، وقد تقدم قريبا (189) .
وفي الباب قصة أخرى روتها عائشة أيضا قالت: إن أم حبيبة بنت جحش - التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف - شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم، فقال لها: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي". فكانت تغتسل عند كل صلاة.
أخرجه مسلم (1/182) وأبو عوانة (1/322) وأبو داود (279) والنسائي (1/44، 65) وأحمد (6/204، 222، 262) . وفي رواية للنسائي: " لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض لها، فلتترك للصلاة ثم تنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة". وإسناده صحيح.
(تنبيه) : عزا المصنف الحديث للمتفق عليه، وإنما هو من أفراد البخاري، وإليه وحده عزاه المجد ابن تيمية في "المنتقى" (1/258) - بشرح النيل.
وللحديث ألفاظ أخرى وشواهد يأتي بعضها في الكتاب (كتاب العدة - رقم الحديث 2118 و2119) .
(196) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " (ص 57) .
* صحيح.
رواه أبو داود (641) والترمذى (2/215 ـ 216) وابن ماجه (655) وابن أبى شيبة (2/28/1) وابن الأعرابى فى " المعجم " (ق 197/1) والحاكم (1/251) والبيهقى (2/233) وأحمد (6/150 ,(1/214)
218 , 259) من طرق عن حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة مرفوعا به.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم , ولم يخرجاه , وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة " ووافقه الذهبى.
ثم أسند الحاكم من طريق عبد الوهاب بن عطاء ابنى [1] سعيد عن قتادة عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره
وهذا المرسل علقه أبو داود عقب الموصول كأنه يعله به! وليس بعلة , فإن حماد بن سلمة ثقة وقد وصله عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية عن عائشة.
فهذا إسناد آخر لقتادة , وهو غير إسناد المرسل عن الحسن , فهو شاهد جيد للموصول , لاسيما وقد تابع حماد بن سلمة على وصله سميه حماد بن زيد.
كما أخرجه ابن حزم فى " المحلى " (3/219) .
وكما أن لقتادة فيه إسنادين , فكذلك لحماد بن سلمة فيه أسانيد , أحدها عن قتادة وهو هذا.
والثانى: عن هشام عن محمد بن سيرين عن حفصة (1) بنت الحارث عن عائشة نحوه.
أخرجه ابن الأعرابى عقب الإسناد الأول قال: أخبرنا أبو رفاعة أخبرنا أبو عمر عن حماد عن هشام به.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , هشام هو ابن حسان وهو ثقة , من أثبت الناس فى ابن سيرين , احتج به الشيخان.
وأبو عمر هو حفص بن عمر الضرير وهو ثقة من شيوخ أبى داود.
__________
(1) كذا الأصل , وليس في الرواة "حفصة بنت الحارث" بل صفية بنت الحارث , فالظاهر أنه تحرف اسمها على بعض النسخ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أنبأ}(1/215)
وأبو رفاعة هو عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب العدوى البصرى ترجمه الخطيب فى تاريخه وقال: " وكان ثقة , ولى القضاء , مات سنة 271 ".
والثالث: عن أيوب عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة نحوه , قالت: فألقت إلى عائشة ثوبا فقالت: شقيه بين بناتك خمرا.
أخرجه أبو عروبة بإسناده السابق عن حماد عن أيوب به.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا.
وصفية بنت الحارث أوردها ابن حبان فى " ثقات التابعين " (1/94) , وجزم الحافظ ابن حجر فى " التقريب " بأنها صحابية , وقد أوردها فى " القسم الأول " من كتابه " الإصابة " (8/125) .
فقد ظهر مما سبق أنه اتفق ثلاثة من الثقات على رواية الحديث عن ابن سيرين عن صفية عن عائشة موصولا , فلا يضره رواية أحدهم وهو قتادة من طريق أخرى مرسلا , بل إنها تقوى الرواية الموصولة كما تقدم ذكره.
وكذلك لا يضره رواية ـ الآخرين ـ وهما هشام وأيوب منقطعا بإسقاط صفية من الإسناد.
كما رواه بعضهم عنهما , فقد قال الزيلعى فى " نصب الراية " (1/295 ـ 296) بعد أن أخرج الحديث: " قال الدارقطنى فى " كتاب العلل ": حديث " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " يرويه قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة , واختلف فيه على قتادة , فرواه حماد بن سلمة عن قتادة هكذا مسندا مرفوعا عن النبى صلى الله عليه وسلم , وخالفه شعبة , وسعيد بن بشير (1) فروياه عن قتادة موقوفا.
ورواه أيوب السختيانى وهشام بن حسان عن ابن سيرين مرسلا عن عائشة , أنها نزلت على صفية بنت الحارث حدثتها (2) بذلك , ورفعا الحديث وقول أيوب وهشام أشبه بالصواب. انتهى كلامه ".
__________
(1) الأصل (بر) وهو تصحيف.
(2) الأصل (حدثتها) وهو خطأ وحديثهما في المسند (6/96، 238)(1/216)
قلت: وفى هذا التصويب عندى نظر , لأنه قائم على أساس ترجيح رواية الأكثر على الأقل , وهذا مقبول عند تعارض الروايتين تعارضا لا يمكن التوفيق بينهما بوجه من الوجوه المقررة فى علم المصطلح , وليس كذلك الأمر هنا , ذلك لأن رواية قتادة للحديث موصولا بذكر صفية بنت الحارث فى الإسناد , لا ينافى رواية أيوب وهشام المرسلة بل روايته تضمنت زيادة وهى الوصل , وهو ثقة فيجب قبولها.
وهذا يقال فيما إذا لم يرد الحديث موصولا من طريق المذكورين ذاتها , فكيف وقد صح عنهما موصولا أيضا كما سبق , وبذلك تبين أن الحديث صحيح كما قال الحاكم والذهبى , والحمد لله على توفيقه.
(تنبيهان) :
الأول: عزا الزيلعى الحديث لابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما وإسحاق بن راهوية وأبى داود الطيالسى فى مسنديهما , وتبعه على ذلك الحافظ العسقلانى فى " الدراية " (ص 65) .
ولم أجده فى مسند الطيالسى , ولا أورده الشيخ عبد الرحمن البناء فى ترتيبه إياه المسمى ب " منحة المعبود " , فلعله وقع فى بعض النسخ من المسند , وإلا فعزوه إليه وهم.
الثانى: قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 108) بعد أن خرج الحديث: " وأعله الدارقطنى بالوقف , وقال: إن وقفه أشبه.
(197) - (روى ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم: " فى الذى يأتى امرأته وهى حائض: يتصدق بدينار أو نصف دينار ". قال أبو داود هكذا الرواية الصحيحة (ص 57) [1] .
* صحيح.
رواه أبو داود (264) والنسائى (1/55 , 66 ـ 67)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {وقع فى هذا الموضع كلام تابع للحديث (192) ولا تعلق له بهذا الحديث فحذفناه}(1/217)
والدارمى (1/254) وابن ماجه (640) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 58) والدارقطنى (ص 410) والحاكم (1/171 ـ 172) والبيهقى (1/314) وأحمد (1/230 , 237 , 272 , 286 , 312 , 325) من طرق عن مقسم عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط البخارى , وصححه الحاكم , ووافقه الذهبى وابن القطان وابن دقيق العيد وابن التركمانى وابن القيم وابن حجرالعسقلانى
واستحسنه الإمام أحمد , كما فعلت ذلك فى " صحيح أبى داود " (256) .
وقد روى الحديث بألفاظ أخرى مخالفة لهذا اللفظ , ولكن طرقها كلها واهية كما بينته فى " ضعيف سنن أبى داود " (42) فلا يعارض بها هذا اللفظ , وقد أشار إلى ذلك أبو داود بقوله عقب الحديث: " هكذا الرواية الصحيحة , قال: دينار أو نصف دينار ".
وقد صح عن ابن عباس أنه فسر ذلك فقال: " إذا أصابها فى أول الدم فدينار , وإذا أصابها فى انقطاع الدم فنصف دينار ". رواه أبو داود وغيره , وقد روى مرفوعا والصواب وقفه كما ذكرنا فى " صحيح أبى داود " (257 , 258) .
وجاء فى بعض الروايات الضعيفة إلى أن التخيير راجع الى حال المتصدق من اليسار أو الضيق , والله أعلم.
(198) - (روى مالك عن علقمة عن أمه: أن النساء كن يرسلن بالدرجة فيها الشىء من الصفرة إلى عائشة فتقول: " لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " (ص 58) .
* صحيح.
رواه مالك (1/59/97) عن علقمة بن أبى علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف , فيه الصفرة من دم الحيض , يسألنها عن الصلاة؟(1/218)
فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء (1) , تريد بذلك الطهر من الحيضة.
وهذا سند جيد لولا أن أم علقمة هذه لم يتبين لنا حالها , وإن وثقها ابن حبان والعجلى , ففى النفس من توثيقها شىء , فإن المتتبع لكلامهما فى الرجال يجد فى توثيقهما تساهلا , وخاصة الأول منهما , كما فصلته فى " الرد على الحبشى " (ص 231) .
والحديث علقه البخارى (1/356 ـ فتح) .
ثم وجدت له طريقا أخرى عنها بلفظ: " قالت: إذا رأت الدم فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر أبيض كالفضة , ثم تسل وتصلى ".
أخرجه الدارمى (1/214) وإسناده حسن , وبه يصح الحديث.
(199) - (قول أم عطية: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا ". رواه أبو داود (ص 58) .
* صحيح.
رواه أبو داود (307) والدارمى (1/215) وابن ماجه (1/212/647) والحاكم (1/174) والبيهقى (1/337) من طرق عن أم الهذيل حفصة بنت سيرين عن أم عطية به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " , ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
وليس عند ابن ماجه قوله " بعد الطهر " , وهو رواية للحاكم والبيهقى.
وقد أخرجه كذلك البخارى (1/361 ـ فتح) والنسائى (1/66) والدارمى
__________
(1) ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض, و (الكرسف) القطن. و (الدرجة) الخرقة.(1/219)
(1/214) وكذا أبو داود وابن ماجه من طريق محمد بن سيرين عن أم عطية به.
(200) - (حديث معاذة: " إنها سألت عائشة رضى الله عنها: ما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة؟ فقالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " رواه الجماعة (ص 58) .
* صحيح.
وفى عزوه للجماعة بهذا اللفظ نظر , فقد أخرجه مسلم (1/182) وأبو عوانة فى " صحيحه " (1/324) وأبو داود (262) والنسائى (1/319) والبيهقى (1/308) وأحمد (6/231 ـ 232) من طرق عن معاذة به , وزادوا بعد قولها: " فقالت ": " أحرورية أنت؟! قلت: لست بحرورية , ولكنى أسأل , قالت ".
وأخرجه البخارى (1/89) ومسلم أيضا وأبو عوانة وأبو داود (262) والنسائى (1/68) والترمذى (1/234) والدارمى (1/233) وابن ماجه (631) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 56) والبيهقى والطيالسى (1570) وأحمد أيضا (6/32 , 94 , 97 , 120 , 143 , 185) من طرق أيضا عن معاذة به مختصرا دون ذكر الصيام , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ولفظ البخارى: " فلا يأمرنا به , أو قالت: فلا نفعله ".
وفى رواية: " فلا نقضى ولا نؤمر بالقضاء ".
وهى لأبى عوانة وأبى داود والنسائى وابن الجارود , واقتصر الحافظ (1/358) فى عزوها على الإسماعيلى! وتبعه على ذلك الشوكانى (1/27) !
ولها شاهد من طريق أخرى عن عائشة قالت: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكانت إحدانا تحيض , وتطهر , فلا يأمرنا بقضاء , ولا نقضيه ".(1/220)
رواه الإمام أحمد (6/187) والدارمى (1/234) بسند حسن فى المتابعات.
(فائدة) : " حرورية " مؤنث " حرورى " نسبة إلى حروراء بلدة على ميلين من الكوفة , ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج (حرورى) لأن أول فرقة منهم خرجوا على على رضى الله عنه بالبلدة المذكورة , فاشتهروا بالنسبة إليها , وهم فرق كثيرة , ومن أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا , ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار. كذا فى " فتح البارى ".
وقلت: وإنكار عائشة عليها أما لعلمها أنهم كانوا يوجبون القضاء على الحائض , فقد حكى ابن عبد البر القول بذلك عن طائفة من الخوارج. وإما لعلمها بأن أصولهم تقتضى ذلك.
وقد يقلدهم فى هذه الضلالة بعض المعاصرين ممن يدعى الإصلاح! فقد سمعت أحدهم يقول أنه أمر إحدى المعلمات بأن تصلى وهى حائض! بحجة أنها داخلة فى عموم الأدلة الآمرة بالصلاة فى القرآن , وليس هناك أى دليل ـ بزعمه ـ يستثنى الحائض من ذلك! فلما عارضته بهذا الحديث أعرض ونأى بجانبه , فإلى الله المشتكى من فساد وطغيان الجهل باسم العلم. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) .
(تنبيه) : علمت من تخريج الحديث أن عزوه للجماعة خطأ لأنه ليس عندهم جميعا ذكر الصيام , بل هو عند بعضهم كما سبق , ولكن المؤلف مسبوق إلى ذلك الوهم من قبل المجد ابن تيمية فى " المنتقى " والزيلعى فى " نصب الراية " (1/193) والحافظ فى " الدراية " (ص 44) وغيرهم! فقد قال الحافظ فى " التلخيص ": " واللفظ لإحدى روايات مسلم , وجعله عبد الغنى فى " العمدة " متفقا عليه.
وهو كذلك , إلا أنه ليس فى رواية البخارى تعرض لقضاء الصوم ". وهذا هو التحقيق.(1/221)
(201) - (وقالت أم سلمة: " كانت المرأة من نساء النبى صلى الله عليه وسلم تقعد فى النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبى صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس " رواه أبو داود (ص 58 و59) .
* حسن.
رواه أبو داود (312) وكذا الحاكم (1/175) وعنه البيهقى (1/341) من طريق كثير بن زياد قال: حدثتنى الأزدية يعنى مسة قالت: حججت , فدخلت على أم سلمة , فقلت: يا أم المؤمنين إن سمرة بن جندب يأمر النساء يقضين صلاة المحيض؟ فقالت: لا يقضين , كانت المرأة ... الحديث.
وقال الحاكم: " حديث صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى , وهو عندى حسن الإسناد فإن رجاله ثقات كلهم معروفون غير مسة هذه فقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 63) : " مجهولة الحال , قال الدارقطنى: لا تقوم بها حجة. وقال ابن القطان: لا يعرف حالها , وأغرب ابن حبان فضعفه بكثير بن زياد فلم يصب.
وقال النووى: قول جماعة من مصنفى الفقهاء أن هذا الحديث ضعيف , مردود عليهم , وله شاهد ".
{وقال النووى فى " المجموع " (2/525) :} " حديث حسن ".
وهذا هو الراجح عندنا , وقد أوضحت ذلك فى " صحيح أبى داود " (329) .
وقد روى الحديث أبو داود أيضا والترمذى (139) والدارمى (1/229) وابن ماجه (648) والدارقطنى (42) والحاكم والبيهقى وأحمد (6/300 , 303 , 304 , 309 ـ 310) بلفظ: " كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما , فكنا نطلى وجوهنا بالورس من الكلف ".
وأما الشاهد الذى سبقت الإشارة إليه فى كلام الحافظ فهو من حديث(1/222)
أنس قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ".
رواه ابن ماجه (649) {من} طريق سلام بن سليم أو سلم عن حميد عنه , وقال البوصيرى فى " الزوائد " (44/1) : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ".
وهذا من أوهامه فإنه ظن أن سلاما هذا هو أبو الأحوص , وإنما هو الطويل كما فى البيهقى لكن رواه عبد الرزاق من وجه آخر عن أنس مرفوعا كما قال الحافظ.
(202) - (قوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: " امكثى قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلى وصلى " رواه مسلم (ص 59) .
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه فى الحديث (195) .
(203) - (حديث: أن فاطمة بنت أبى حبيش قالت: " يا رسول الله إنى أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: لا إن ذلك عروق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة فإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم وصلى " متفق عليه (ص 59) .
* صحيح.
وقد مضى (189) .
(204) - (وفى لفظ: " إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكى عن الصلاة , فإذا كان الآخر فتوضئى إنما هو عرق " رواه النسائى (ص 59) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (286) والنسائى (1/45 , 66) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/306) والدارقطنى (76) والحاكم (1/174) والبيهقى (1/325)
وقال الحاكم:(1/223)
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبى! وإنما هو حسن فقط لأن فيه محمد بن عمرو وهو ابن علقمة , وإنما أخرج له البخارى مقرونا ومسلم متابعة , وفى حفظه ضعف يسير يجعل حديثه فى رتبة الحسن لا الصحيح , ومع ذلك فقد صحح الحديث ابن حبان أيضا وابن حزم والنووى , وأعله غيرهم بما لا يقدح كما بينته فى " صحيح أبى داود " (283 , 284) , وذكرت له هناك شاهدين يزداد بهما قوة إن شاء الله تعالى.
(205) - (حديث حمنة بنت جحش قالت: " قلت يا رسول الله إنى أستحاض حيضة شديدة فما ترى فيها؟ قال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم , قالت: هو أكثر من ذلك قال: فاتخذى ثوبا , قالت: هو أكثر من ذلك قال: فتلجمى , قالت , إنما أثج ثجا , فقال لها: سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر , فإن قويت عليهما فأنت أعلم فقال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضى ستة أيام أو سبعة فى علم الله ثم اغتسلى حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى أربعا وعشرين أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومى فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلى فى كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن " الحديث , رواه أحمد وأبو داود والترمذى وصححه (ص59) .
* حسن.
وقد مضى تخريجه برقم (188) .
(206) - (قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش: " وتوضئى لكل صلاة حتى يجىء ذلك الوقت " (ص60) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه (109) .
(207) - (وقال فى المستحاضة: " وتتوضأ عند كل صلاة " رواهما أبو داود والترمذى (ص60) .(1/224)
* صحيح.
وهو من حديث عدى بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى المستحاضة: " تدع الصلاة أيام أقرائها التى كانت تحيض فيها ثم تغتسل , وتتوضأ عند كل صلاة , وتصوم وتصلى ".
أخرجه أبو داود (297) والترمذى (1/220) وكذا الدارمى (1/202) وابن ماجه (625) والبيهقى (1/116 , 347) من طريق شريك عن أبى اليقظان عن عدى به.
وقال الترمذى: " هذا حديث تفرد به شريك عن أبى اليقظان ".
قلت: وهما ضعيفان , ولكن الحديث صحيح لأن له شواهد منها الحديث الذى قبله.
(208) - (حديث: " صلى وإن قطر على الحصير " رواه البخارى (ص 60) .
* ضعيف.
وهو زيادة فى حديث صحيح تقدم تخريجه (110) وعلة هذه الزيادة عنعنة حبيب بن أبى ثابت فقد كان مدلسا , وقد تابعه على الحديث هشام بن عروة ولذلك صححناه , ولكن ليس فيه هذه الزيادة ولهذا ضعفناها , فراجع التخريج هناك , وكأن المصنف رحمه الله لم يتميز عنده الحديث من هذه الزيادة فعزاها للبخارى , وإنما عنده الحديث بدونها كما بينته ثم فتنبه.
(209) - (" صلى عمر وجرحه يثعب دما " (ص 60)
* صحيح.
أخرجه مالك (1/39/51) عن هشام بن عروة عن أبيه أن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التى طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح فقال عمر: نعم , ولا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة , فصلى.. الخ.
وكذا رواه ابن سعد فى " الطبقات " (3/350) وابن أبى شيبة فى " الإيمان " (190/1) ورواه الدارقطنى فى سنته [1] (ص 81) من طريق أخرى عن المسور به.
وكذا رواه ابن عساكر (13/85/2) وله عنده (13/85/2)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) {كذا فى الأصل , والصواب: سننه}(1/225)
طريق ثالث , وله عند ابن سعد طريقان آخران.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البيهقى (1/357) عن مالك , وأحمد فى مسائل ابنه عبد الله (ص 47) : " حدثنا وكيع أخبرنا هشام به.
قوله " يثعب ": أى يجرى.
(210) - (وروى: " أن امرأة ولدت على عهده صلى الله عليه وسلم فلم تر دما فسميت ذات الجفوف " (ص 61) .
* لم أجده.
(211) - (عن أم سلمة: " كانت النفساء على عهد النبى صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين يوما " رواه الخمسة إلا النسائى (ص 61) .
* حسن.
وتقدم تخريجه قريبا (201) .
(212) - (حديث عثمان بن أبى العاص: " أنها أتته قبل الأربعين فقال: لا تقربينى " (ص 61) .
* موقوف ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (ص 81) من طريق أبى بكر الهذلى عن الحسن عن عثمان بن أبى العاص أنه كان يقول لنسائه: إذا نفست امرأة منكن فلا تقربنى أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك.
قلت: وأبو بكر هذا متروك الحديث , وقد خالفه فى لفظه أشعث فقال: عن الحسن عن عثمان بن أبى العاص أنه كان يقول لنسائه: لا تشوفن لى دون الأربعين , ولا تجاوزن الأربعين يعنى النفاس. أخرجه الدارقطنى.
فهذا اللفظ يناسب رواية الكتاب , بخلاف اللفظ الأول فإنه يناقضها كما هو(1/226)
ظاهر.
وأشعث هو ابن سوار وهو ضعيف , لكن تابعه يونس بن عبيد عن الحسن عن عثمان بن أبى العاص: انه كان لا يقرب النساء أربعين يوما.
أخرجه الدارمى (1/229) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 63) بإسناد صحيح إلى الحسن , فإن كان سمعه من عثمان فهو عنه صحيح , وإلا فالحسن مدلس وقد عنعنه.
وفى الباب أثر آخر: عن معاوية بن قرة عن عائذ بن عمرو أن امرأته نفست , وأنها رأت الطهر بعد عشرين ليلة فتطهرت ثم أتت فراشه , فقال: ما شأنك؟ قالت: قد طهرت , قال: فضربها برجله وقال: إليك عنى فلست بالذى تغرينى عن دينى حتى تمضى لك أربعين ليلة.
أخرجه الدارمى (1/230) والدارقطنى (ص 82) وقال: " لم يروه عن معاوية بن قرة غير الجلد بن أيوب وهو ضعيف ".
باب الأذان والإقامة
(213) - (حديث: " إذا حضرت الصلاة , فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " (ص 62) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/165 , 171 , 178 , 211 , 4/116 ـ 413) وفى " الأدب المفرد" (213) ومسلم (2/134) والنسائى (1/104 , 105 , 108) والدارمى (1/286) والبيهقى (1/385 ,(1/227)
2/17) وكذا الدراقطنى (ص 101) وأحمد (3/436 , 5/53) عن أبى قلابة قال: حدثنا مالك (هو ابن الحويرث) قال: " أتينا النبى صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون , فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا , فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا , سألنا عن {من} تركنا بعدنا؟ فأخبرناه قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم , وعلموهم , ومروهم ـ وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها - وصلوا كما رأيتمونى أصلى , فإذا حضرتم الصلاة ". الحديث. والسياق للبخارى.
وليس عند مسلم والنسائى قوله " صلوا كما رأيتمونى أصلى ".
وفى رواية لمسلم: " إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما و {ليؤمكما} أكبركما ".
وهذا القدر رواه أبو عوانة أيضا فى صحيحه (2/7 , 349) وأبو داود (589) والترمذى (1/399) وابن ماجه (979) وهى للنسائى فى رواية والبيهقى (1/411) وقال: " إذا سافرتما " وهى رواية الترمذى ورواية للنسائى وقال أبو عوانة: " إذا خرجتما " وهو رواية للبخارى.
ولأبى قلابة فيه شيخ آخر , فقال أيوب عن أبى قلابة عن عمرو بن سلمة ـ قال لى أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته فقال: " كنا بماء ممر الناس , وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله وأوحى إليه , {أو} أوحى الله كذا , وكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما {يقر} فى صدرى , وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه , فإن ظهر عليهم فهو نبى صادق , فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم , وبدر أبى قومى بإسلامهم , فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبى صلى الله عليه وسلم حقا , فقال: صلوا صلاة كذا فى حين كذا , وصلوا صلاة كذا فى حين كذا , فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم , وليؤمكم أكثركم قرآنا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى لما كنت أتلقى من الركبان , فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين , وكانت على برده , كنت إذا سجدت تقلصت عنى , فقالت امرأة من الحى: ألا تغطون عنا است قارئكم؟! فاشتروا(1/228)
فقطعوا لى قميصا , فما فرحت بشىء فرحى بذلك القميص.
أخرجه البخارى (3/144) والدارقطنى (179) واللفظ لهما والنسائى (6/105) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 156) ببعضه , وأخرجه أبو داود (585) والنسائى أيضا (1/127) وأحمد (5/30 , 71) من طريق أيوب عن عمرو به.
وصرح بسماعه من عمرو عند النسائى وأحمد فى رواية.
وتابعه مسعد بن حبيب الجرمى قال: سمعت عمرو بن سلمة الجرمى يحدث: " أن أباه ونفرا من قومه وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر أمره وتعلم الناس فقضوا حوائجهم , ثم سألوه: من يصلى لنا أو يصلى بنا؟ فقال: يصلى لكم أو بكم أكثركم جمعا للقرآن , أو أخذا للقرآن , فقدموا على قومهم فسألوا فى الحى؟ فلم يجدوا أحدا جمع أكثر مما جمعت , فقدمونى بين أيديهم , فصليت بهم وأنا غلام على شملة لى. قال: فما شهدت مجمعا من جرم إلا كنت إمامهم (وكنت أصلى على جنائزهم) إلى يومى هذا ".
أخرجه أحمد (5/71) والسياق له وهو أتم وأبو داود (587) والزيادة وهى رواية لأحمد (5/29) ووقع عندها: " عمرو بن سلمة عن أبيه " فجعله من مسند أبيه سلمة وهو خطأ.
قال أبو داود عقبه: " ورواه يزيد بن هارون عن مسعر بن حبيب عن عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومى إلى النبى صلى الله عليه وسلم لم يقل: عن أبيه ".
قلت: وهو الصواب , فقد وصله البيهقى (3/225) عن يزيد بن هارون به وتابعه عبد الواحد بن واصل الحداد عند أحمد فى هذه الرواية فهى مقدمة على رواية من زاد فى السند: " عن أبيه " وهو وكيع لأنهما أكثر , ولأنها موافقة لرواية كل من ذكرنا عن عمرو.
وكذلك رواه عاصم الأحول مختصرا , وسيأتى لفظه فى أول " ما يبطل الصلاة ". رقم (377) .(1/229)
(فائدة) : سلمة هنا بكسر اللام , وأما فى غيره فبفتحها , فليعلم.
(214) - (حديث عقبة بن عامر مرفوعا: " يعجب ربك من راعى غنم فى رأس شظية جبل يؤذن بالصلاة ويصلى فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف منى قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة " رواه النسائى (ص 62) .
* صحيح.
رواه النسائى (1/108) وأبو داود أيضا (رقم 1203) وعند البيهقى (1/405) وأحمد (4/145 , 157 , 158 , 158) وابن منده فى " التوحيد " (ق 135/1) من طريق عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافرى حدثه عن عقبة بن عامر به.
قلت: وهذا إسناد صحيح. وأبو عشانة بضم المهملة وتشديد المعجمة واسمه حى بن يومن , وهو مصرى ثقة.
وكذا عمرو بن الحارث.
(الشظية) هى القطعة من الجبل ولم تنفصل منه. " ترغيب ".
(215) - (قوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث ولابن عم له: " إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما " متفق عليه (ص 64) .
* صحيح.
وعزوه بهذا اللفظ للمتفق عليه لا يخلو من شىء , فإن الحديث عند الشيخين بلفظ: " إذا حضرت الصلاة فأذنا " , وفى رواية للبخارى (1/165) " إذا أنتما خرجتما فأذنا ... ".
وأما لفظ الكتاب فهو عند الترمذى والنسائى والبيهقى كما تقدم بيانه قبل حديث.
قوله " فأذنا " أى ليؤذن أحدكما ويجيب الآخر. كما فى " مجمع بحار الأنوار " (1/22) , ويشهد له الرواية الأخرى المتقدمة: " فليؤذن لكم أحدكم ".
وقد أوضح كلام " المجمع " السندى فى حاشيته على النسائى وأتى بما هو أحسن منه فقال:(1/230)
" يريد أن اجتماعهما فى الأذان غير مطلوب , لكن ما ذكر من التأويل يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز , فالأولى أن يقال: الإسناد مجازى , أى ليتحقق بينكما آذان وإقامة كما فى " بنو فلان قتلوا " والمعنى يجوز لكل منكما الأذان والإقامة , أيكما فعل حصل , فلا يختص بالأكبر وخص الأكبر بالإمامة لمساواتهما فى سائر الأشياء الموجبة للتقدم كالأقربية والأعلمية بالنسبة لمساواتهما فى المكث والحضور عنده صلى الله عليه وسلم , وذلك يستلزم المساواة فى هذه الصفات عادة , والله تعالى أعلم ".
ومن جهل بعض المتأخرين بفقه الحديث أو تجاهلهم أننى قرأت لبعضهم رسالة مخطوطة فى تجويز أذان الجماعة بصوت واحد المعروف فى دمشق وغيرها بأذان (الجوقة) , واستدل عليه بهذا الحديث! فتساءلت فى نفسى: ترى هل يجيز إقامة (الجوق) أيضا فإن الحديث يقول: " فأذنا وأقيما "؟! وهذا مثال من أمثلة كثيرة فى تحريف المبتدعة لنصوص الشريعة , فإلى الله المشتكى.
(216) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 63)
* صحيح.
وقد مضى (159) .
(217) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم وصف المؤذنين بالأمانة " (ص 63 ـ 64) .
* صحيح.
وهو يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " الإمام ضامن , والمؤذن مؤتمن , اللهم أرشد الأئمة , واغفر للمؤذنين ".
وقد ورد من حديث أبى هريرة وعائشة وأبى أمامة وواثلة وأبى محذورة وابن عمر.
أما حديث أبى هريرة فيرويه عنه أبو صالح واسمه ذكوان السمان الزيات , وله عنه طرق:
1 ـ الأعمش عنه به.
أخرجه الشافعى فى " الأم " (1/141) والترمذى (1/402) والطحاوى فى(1/231)
" مشكل الآثار " (3/52) والطيالسى (2404) وأحمد (2/284 , 424 , 461 , 472) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 59 , 123 , 164) وأبو نعيم فى " الحلية " (7/118) والخطيب فى تاريخه (3/242 , 4/387 , 9/412 , 11/306) وابن عساكر فى تاريخ دمشق (14/369/1) من طرق كثيرة عنه به.
وكذا رواه البيهقى فى سننه (1/430) وأعله بالانقطاع بين الأعمش وأبى صالح, فقال: " وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبى صالح , وإنما سمعه من رجل عن أبى صالح ".
ثم احتج بما أخرجه أحمد فى المسند (2/232) وعنه أبو داود فى سننه (517) وعنه البيهقى من طريق محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن رجل عن أبى صالح به.
أورده [1] الشوكانى فى " نيل الأوطار " بقوله (1/334) : " فيجاب عنه بأن ابن نمير قد قال: عن الأعمش عن أبى صالح , ولا أرانى إلا قد سمعته منه. (رواه أبو داود 518) .
وقال إبراهيم بن حميد الرؤاسى: قال الأعمش وقد سمعته من أبى صالح وقال هشيم: عن الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبى هريرة. ذكر ذلك الدارقطنى.
فبينت هذه الطرق أن الأعمش سمعه عن غير أبى صالح ثم سمعه منه.
قال اليعمرى: والكل صحيح والحديث متصل ".
وهذا هو التحقيق الذى يقتضيه البحث العلمى الدقيق: أن الأعمش سمعه عن رجل عن أبى صالح , ثم سمعه من أبى صالح دون واسطة.
وبذلك يصح الحديث وتزول شبهة الانقطاع وقد أخرجه ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما كما فى " الترغيب " (1/108) وغيره.
(تنبيه) : زاد ابن عساكر فى آخر الحديث: " فقال رجل تركتنا نتنافس فى الأذان؟ فقال: إن من بعدكم زمانا سفلتهم مؤذنوهم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ورده}(1/232)
وهى عند البيهقى أيضا , وإسنادها إلى الأعمش صحيح فإنها من رواية أبى حمزة السكرى عنه واسمه محمد بن ميمون وهو ثقة محتج به فى الصحيحين , ومن طريقه أخرجه البزار أيضا كما فى " التلخيص " (ص 77) .
وذكر أن الدارقطنى قال: " هذه الزيادة ليست محفوظة " وأن ابن عدى جزم بأنها من أفراد أبى حمزة وكذا قال الخليلى وابن عبد البر.
قال ابن القطان: " أبو حمزة ثقة , ولا عيب للإسناد إلا ما ذكر من الانقطاع ".
وأجاب عنه الشوكانى بما تقدم من التحقيق أن الأعمش سمعه من أبى صالح , فالزيادة صحيحة كأصل الحديث , والله أعلم.
2 - سهيل بن أبى صالح عن أبيه به.
أخرجه الشافعى (1/57 ـ من ترتيبه) وأحمد (2/419) والخطيب (6/167) من طرق عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم , فى " التلخيص ":
" قال ابن عبد الهادى: أخرج مسلم بهذا الإسناد نحوا من أربعة عشر حديثا ".
وقد أعله البيهقى تبعا لغيره [1] بالانقطاع فقال: " قال الإمام أحمد: وهذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه , إنما سمعه من الأعمش ".
ثم أخرج من طريق محمد بن جعفر , والطبرانى فى " الصغير " (ص 123) من طريق روح بن القاسم والطحاوى عنهما كلاهما عن سهيل بن أبى صالح عن الأعمش عن أبى صالح به.
قلت: وليس فى هذه الرواية ما ينفى أن يكون سهيل قد سمع الحديث من أبيه , فإنه ثقة كثير الرواية عن أبيه , لا سيما وهو لم يعرف بالتدليس , فروايته عنه محمولة على الاتصال كما هو مقرر فى الأصول , ولامانع من أن يكون سمعه من الأعمش عن أبيه , ثم عن أبيه مباشرة , شأنه فى ذلك شأن الأعمش فى روايته عن أبى صالح.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا قال فى الأصل , والصواب: أن الإمام أحمد هو البيهقى نفسه كما سبق التنبيه فى الحديث (42) والقائل قال الإمام أحمد ليس البيهقى بل هو راوى السنن عنه}(1/233)
3 - أبو إسحاق عن أبى صالح به.
أخرجه أحمد (2/377 , 378 , 514) : حدثنا موسى بن داود حدثنا زهير عن أبى إسحاق به.
وأخرجه أبو نعيم فى " تاريخ أصبهان " (1/341) من هذا الوجه وكذا الطبرانى فى " الصغير " (ص 155) وقال: " تفرد به موسى بن داود ".
قلت: وهو ثقة احتج به مسلم , وبقية الرجال ثقات من رجال الشيخين , فهو صحيح لولا أن أبا إسحاق وهو السبيعى كان اختلط , وزهير وهو ابن معاوية سمع منه بعد اختلاطه , ولكنه مع ذلك شاهد لا بأس به فى المتابعات.
4 - محمد بن جحاده عن أبى صالح به.
أخرجه أبو نعيم فى " تاريخ أصبهان " (1/129) فى ترجمة أحمد بن جعفر بن سعيد الأشعرى وذكر أن أبا محمد بن حيان نسبه إلى الضعف.
فهذه طرق أربعة عن أبى صالح مهما قيل فيها , فإن مما لا ريب فيه أن مجموعها يحمل المنصف على القطع بصحة الحديث عن أبى هريرة فكيف إذا انضم إليه الشواهد الآتيه:
وأما حديث عائشة , فأخرجه الطحاوى (3/53) وأحمد (6/65) والبيهقى (1/431) والرامهرمزى فى " المحدث الفصل [1] " (ق 31/2) عن محمد بن أبى صالح عن أبيه عنها به.
لكن محمد هذا وهو أخو سهيل لا يعرف كما قال الذهبى , وقد خالفه أخوه سهيل فقال عن أبيه عن أبى هريرة كما سبق قال أبو زرعة: " وهذا أصح ".
وأما حديث أبى أمامة فأخرجه أحمد (5/260) من طريق أبى غالب عنه به , دون قوله " اللهم أرشد ... " وإسناده حسن.
ورواه الطبرانى أيضا فى الكبير كما فى " المجمع " (2/2) وقال " ورجاله موثقون ".
ورواه البيهقى (1/432) موقوفا عليه وزاد: " قال: والأذان أحب إلى من الإقامة "
وأما حديث واثلة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والمعرف أنه: الفاصل}(1/234)
فرواه الطبرانى فى الكبير وفيه جناح مولى الوليد ضعفه الأزدى وذكره ابن حبان فى " الثقات ".
وأما حديث أبى محذورة فرواه الطبرانى أيضا , لكن بلفظ: " المؤذنون أمناء الله على فطرهم وسحورهم ".
قال الهيثمى: " وإسناده حسن ".
قلت: وقد رواه نحوه أبو عثمان البجيرمى فى " الفوائد " (ق 25/2) من طريق الحسن عن أبى هريرة رفعه , لكن إسناده واه.
ورواه البيهقى (1/432) عن الحسن مرسلا , وهو عنه صحيح.
وأما حديث ابن عمر فأخرجه السراج فى مسنده (1/23/2) والبيهقى (1/431) من طرق عن حفص بن عبد الله: حدثنى إبراهيم بن طهمان عن الأعمش عن مجاهد عنه.
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات على شرط البخارى قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 77) : " وصححه الضياء فى المختارة ". وأعله البيهقى بما لا يقدح كما بينه ابن التركمانى فى " الجوهر النقى ".
(218) - (حديث: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم " (ص 64) .
* صحيح.
وتقدم قبل أربعة أحاديث.
(219) - (حديث: " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ". متفق عليه (ص 64) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث ابن عمر وعائشة وأنيسة وأنس وسهل بن سعد وسلمان الفارسى
رضى الله عنهم.
أما حديث ابن عمر فله عنه طرق:(1/235)
1 ـ سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا به. قال: " وكان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له: أصبحت أصبحت ".
رواه البخارى (1/163) ومسلم (3/129) ومالك (1/74/15) والشافعى (1/253) والنسائى (1/105) والترمذى (1/392) والدارمى (1/269 ـ 270) والبيهقى (1/426 ـ 427) والطبرانى (3/190/2) والطيالسى (1819) وأحمد (2/9 , 123) من طرق عنه وليس عند الدارمى والترمذى هذه الزيادة.
وقال: " حديث حسن صحيح ".
2 ـ نافع عنه به. قال: " ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا ".
أخرجه البخارى (1/164 , 478) ومسلم والدارمى (1/270) وابن الجارود (86) والبيهقى (4/218) وأحمد (2/57) والطبرانى (3/199/2) من طرق عن عبيد الله عنه وليست الزيادة عند ابن الجارود وأحمد.
3 ـ عبد الله بن دينار عنه به.
مالك (14) وعنه البخارى (1/163) (1) والنسائى (1/105) , ورواه الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/82) من الطرق الثلاث.
4 ـ زيد بن أسلم عنه بلفظ: " {إن} بلالا لا يدرى ما الليل فكلوا ... الحديث".
رواه أحمد (2/122) وإسناده ضعيف.
وأما حديث عائشة فله عنها طريقان:
1 ـ القاسم بن محمد عنها به مثل حديث نافع.
أخرجه البخارى (1/164 , 478) ومسلم والدارمى وابن الجارود والبيهقى وكذا النسائى وأحمد (6/44 , 54) والطحاوى.
2 ـ عن الأسود بن يزيد قال: قلت لعائشة أم المؤمنين: أى ساعة توترين؟
__________
(1) عزاه الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في "تخريج الموطأ" لمسلم أيضاً فوهم لأنه ليس عنده من هذه الطريق.(1/236)
لعله قالت: ما أوتر حتى يؤذنون وما يؤذنون حتى يطلع الفجر , قالت: وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وعمرو ابن أم مكتوم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن عمرو فكلوا واشربوا فإنه رجل ضرير البصر , وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم , فإن بلالا لا يؤذن ـ كذا قال ـ حتى يصبح ".
أخرجه أحمد (6/185 ـ 186) من طريق يونس بن أبى إسحاق عنه.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
ومتنه كما {ترى} على خلاف ما فى الطريق الأولى , ففيه أن عمرا ينادى أولا, وهكذا رواه ابن خزيمة من طريقين عنها كما فى " الفتح " (2/85) , ثم رجح أنه ليس مقلوبا كما ادعى جماعة من الأئمة , بل كان ذلك فى حالتين مختلفتين , كان بلال فى الأولى يؤذن عند طلوع الفجر أول ما شرع الأذان , ثم استقر الأمر على أن
يؤذن بدله ابن أم مكتوم , ويؤذن هو قبله. وأورد على ذلك من الأدلة ما فيه مقنع فليراجعه من شاء.
والحديث رواه أبو يعلى مختصرا بلفظ: " كلو واشربوا حتى يؤذن بلال ".
قال الهيثمى (3/154) : " ورجاله ثقات ". ويشهد له الحديث الآتى.
وأما حديث أنيسة , فيرويه عنها خبيب بن عبد الرحمن وهى عمته , يرويه عنه ثقتان:
الأول: منصور بن زاذان بلفظ حديث عائشة من الطريق الثانى: " إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل , فكلوا واشربوا حتى تسمعوا نداء بلال ".
رواه النسائى (1/105) والطحاوى (1/83) وأحمد (6/433) من طريق هشيم حدثنا منصور به , وزاد: " قالت: " وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحورى.
قلت: وهذا سند صحيح على شرطهما.
الثانى: شعبة وقد شك فى لفظه فقال فيه: " إن ابن ام مكتوم ينادى بليل , فكلوا واشربوا حتى ينادى بلال , أو أن بلالا ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم , وكان يصعد هذا وينزل(1/237)
هذا , فنتعلق به فنقول كما أنت حتى نتسحر ".
أخرجه الطحاوى وأحمد , ورواه الطيالسى (1661) : حدثنا شعبة به باللفظ الأول: " إن بلالا يؤذن بليل ... الحديث " دون شك.
قال الحافظ فى " الفتح ": " ورواه أبو الوليد عن شعبة جازما بالثانى , وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن شعبة , وكذلك أخرجه
الطحاوى والطبرانى من طريق منصور بن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن ".
قلت: والظاهر أن شعبة هو الذى كان يضطرب فى روايته , ولذلك فإنى أرجح عليها رواية منصور ما [1] فيها من الجزم وعدم الشك , وحينئذ فالحديث شاهد قوى لحديث عائشة من الطريق الثانى , والله أعلم.
وأما حديث أنس , فأخرجه البزار بلفظ حديث عائشة الأول:
قال الهيثمى (3/153) : " ورجاله رجال الصحيح ".
ورواه الإمام أحمد (3/140) بلفظ: " لا يمنعكم أذان بلال من السحور فإن فى بصره شيئا ".
وإسناده صحيح إن كان قتادة سمعه من أنس , فإنه موصوم بالتدليس وقد عنعنه.
وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " مثل حديث ابن عمر من الطريق الأول , قال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: ومن طريق الطبرانى أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/156) , ومنه تبين لى ما فى قول الهيثمى المذكور من التساهل , فإن فيه أحمد بن طاهر بن حرملة , شيخ الطبرانى , وهو مع كونه ليس من رجال الصحيح فقد قال فيه الدارقطنى وغيره: كذاب.
لكن قال ابن حبان:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: لما}(1/238)
" وأما أحاديثه عن حرملة عن الشافعى فهى صحيحة مخرجة من المبسوط ".
قلت: وهذا من روايته عن الشافعى ومالك معا , والله أعلم.
وأما حديث سلمان فلفظه: " لا يمنعن بلال أحدكم من سحوره فإنما بلال يؤذن ليرجع قائمكم الذى فى صلاته , وينبه نائمكم ".
رواه الطبرانى فى " الكبير " وفيه سهل بن زياد وثقه أبو حاتم وفيه كلام لا يضر , كما فى " المجمع " (3/ {153} ـ 154) .
(220) - (قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: " ألقه على بلال فإنه أندى صوتا منك " (ص 64) .
وهو قطعة من حديث عبد الله بن زيد فى مشروعية الأذان ويأتى بتمامه فى الكتاب فنؤجل تخريجه إلى هناك.
(221) - (حديث: " أمناء الناس على صلاتهم وسحورهم المؤذنون ". رواه البيهقى من طريق يحيى بن عبد الحميد , وفيه كلام (ص 64) .
* حسن.
رواه البيهقى كما قال (1/426) من طريق يحيى بن عبد الحميد: حدثنى إبراهيم بن أبى محذورة وهو إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه عن جده مرفوعا به. إلا أنه قال " المسلمين " بدل الناس.
قلت: وهذا سند ضعيف للكلام الذى أشار إليه المصنف فى يحيى بن عبد الحميد وهو الحمانى وفيه اختلاف كبير , فوثقه ابن معين وغيره.
وقال أحمد: كان يكذب جهارا.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: كذاب.
وقال النسائى ضعيف.
وقال ابن عدى: لم أر فى أحاديثه مناكير , وأرجو أنه لا بأس به.. وفى " التقريب ": " حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث ".
وفى عبد العزيز بن عبد الملك وأبيه جهالة.
لكن الحديث له شاهد من مرسل الحسن البصرى مرفوعا بلفظ: " المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم قال: وذكر(1/239)
معها غيرها ".
أخرجه البيهقى (1/426) وقد تقدم نحت [1] الحديث (217) .
وإسناده صحيح وأشار البيهقى إلى تقوية الحديث به فقال: " وهذا المرسل شاهد لما تقدم ".
(222) - (حديث أبى هريرة: " لا يؤذن إلا متوضىء " رواه الترمذى والبيهقى مرفوعا. روى موقوفا وهو أصح (ص64)
* ضعيف.
وهو فى الترمذى (1/389) والبيهقى (1/397) عن معاوية بن يحيى الصدفى عن الزهرى عن أبى هريرة مرفوعا.
وقال البيهقى: " هكذا رواه معاوية بن يحيى الصدفى وهو ضعيف , والصحيح رواية يونس بن يزيد الأبلى وغيره عن الزهرى قال: قال أبو هريرة: لا ينادى بالصلاة إلا متوضىء ".
قلت: أسنده الترمذى من طريق ابن وهب عن يونس به موقوفا وكذا رواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/69/2) : حدثنا عمر بن هارون عن الأوزاعى عن الزهرى به.
قلت: وهذا مع وقفه منقطع بين الزهرى وأبى هريرة وكذا المرفوع.
وبالجملة فالحديث لا يصح , لا مرفوعا ولا موقوفا.
وروى البيهقى (1/392 , 397) من طريق الحارث بن عتبة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: " حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن الرجل إلا وهو طاهر , ولا يؤذن إلا وهو قائم ".
وقال: " عبد الجبار بن وائل عن أبيه مرسل ".
قلت: والحارث هذا مجهول كما فى " الجرح والتعديل " (1/2/85) وقال الحافظ (ص 76) : " وإسناده حسن إلا أن فيه انقطاعا "!
(223) - (قوله صلى الله عليه وسلم لبلال: " قم فأذن " (ص 64) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تحت}(1/240)
كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة , ليس ينادى لها , فتكلموا يوما فى ذلك , فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى , وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود , فقال عمر: أولا تبعثون رجلا منكم ينادى بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بلال قم فناد بالصلاة ".
وفى رواية: " فأذن بالصلاة ".
أخرجه البخارى (1/160) ومسلم (2/2) وأبو عوانة (1/326) والنسائى (1/102 ـ 103) والترمذى (1/362 ـ 363) وأحمد (2/148) وكذا السراج فى مسنده (1/21/2) والبيهقى (1/390 , 392) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(تنبيه) استدل المصنف بهذا الحديث ـ تبعا لغيره ـ على سنية الأذان قائما , وفى الاستدلال به نظر ـ كما فى " التلخيص " (ص 75) لأن معناه: اذهب إلى موضع بارز فناد فيه.
(تنبيه آخر) : سقط من الطابع لفظة " قائما " من المتن قبل قوله " فيهما ". فليصحح.
(224) - (" كان مؤذنو رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياما " (ص 64) .
* لم أجده.
والظاهر أنه لم يرو بهذا اللفظ , وإنما أخذ ذلك المؤلف من بعض الأحاديث استنباطا , كالحديث الآتى (229) : أن بلالا كان ينظر إلى الفجر , {فإذا} رآه تمطى. فإن التمطى هنا ـ فيما يظهر ـ إنما هو عند القيام بعد طول انتظار , والله أعلم , ويكفى فى هذا الباب جريان العمل على ذلك خلفا عن سلف.
وقد قال ابن المنذر: " أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن السنة , أن يؤذن المؤذن قائما ".(1/241)
(225) - (قال الحسن العبدى: " رأيت أبا زيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن قاعدا وكانت رجله أصيبت فى سبيل الله " رواه الأثرم (ص 65) .
ورواه البيهقى (1/392) من طريق عثمان بن عمر حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن بن محمد قال: دخلت على أبى زيد الأنصارى فأذن وأقام وهو جالس. قال: وتقدم رجل فصلى بنا ـ وكان أعرج أصيب رجله فى سبيل الله تعالى -.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى , رجاله كلهم ثقات معروفون غير الحسن بن محمد هذا وهو العبدى كما فى رواية الأثرم وقد أورده ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (1/2/35) فقال: " روى عن أبى زيد الأنصارى , روى عنه على بن المبارك الهنائى ".
قلت: فقد روى عنه إسماعيل بن ملسم أيضا كما ترى وهو العبدى القاضى وبذلك ارتفعت جهالة عينه , وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/15) ثم هو تابعى وقد روى أمرا شاهده فالنفس تطمئن إلى مثل هذه الرواية , والله أعلم.
(226) - (قال ابن المنذر: " ثبت أن ابن عمر كان يؤذن على البعير فينزل فيقيم " (ص 65)
* حسن.
وقول ابن المنذر هذا ذكره الحافظ فى " التلخيص " (ص 76) وأقره , وقد أخرج البيهقى (1/392) من طريق عبد الله العمرى عن نافع قال: " كان ابن عمر ربما أذن على راحلته الصبح , ثم يقيم على الأرض ".
والعمرى هذا ضعيف من قبل حفظه , فيشهد له ما بعده.
ثم روى عن أبى طعمة أن ابن عمر كان يؤذن على راحلته.
وإسناده حسن , وأبو طعمة اسمه نسير بن ذعلوق.
ثم روى من طريق إسماعيل عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا فى(1/242)
سفر فأذن على راحلته , ثم نزلوا فصلوا ركعتين ركعتين ثم أمره فأقام فصلى بهم الصبح.
قلت: وإسناده ضعيف لإرساله ولضعف إسماعيل بن مسلم وهو البصرى المكى.
(227) - (حديث: " إن بلالا كان يؤذن فى أول الوقت لا يخرم وربما أخر الإقامة شيئا ". رواه ابن ماجه (ص 65) .
* حسن.
رواه ابن ماجه (713) من طريق شريك عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: كان بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت وربما أخر الإقامة شيئا.
ورجاله ثقات غير أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضى سيىء الحفظ , لكنه قد توبع , فقد أخرجه أحمد (5/91) : حدثنا حميد بن عبد الرحمن حدثنا زهير عن سماك به بلفظ: " كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم , ثم لا يقيم حتى يخرج النبى صلى الله عليه وسلم قال: فإذا خرج أقام حين يراه ".
(228) - (قوله صلى الله عليه وسلم لبلال: " إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر ". رواه أبو داود (ص 65) .
* ضعيف جدا.
وعزوه لأبى داود وهم لعله سبق قلم , أو خطأ من الناسخ , فإنه لم يروه أبو داود , وإنما رواه الترمذى (1/373) والبيهقى (1/428) من طريق ابن عدى عن عبد المنعم البصرى حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر(1/243)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: يا بلال إذا أذنت فترسل فى أذانك , وإذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه , والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى ترونى ".
وقال الترمذى: " هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم , وهو إسناد مجهول ".
قلت: ولا أدرى ما وجه حكم الترمذى عليه بالجهالة , مع أنه إسناد معروف ولكن بالضعف , والضعف الشديد! فإن عبد المنعم هذا هو ابن نعيم الأسوارى صاحب السقاء.
قال البخارى وأبو حاتم: منكر الحديث.
وقال النسائى: ليس بثقة.
ويحيى بن مسلم هو البكاء وهو ضعيف كما فى " التقريب " ولهذا جزم فى " الدراية " (ص 61) بضعف إسناد الحديث.
وقد اختلف فيه على عبد المنعم فرواه عنه ثقتان هكذا , وخالفهما على بن حماد ابن أبى طالب فقال: حدثنا عبد المنعم بن نعيم الرياحى حدثنا عمرو بن فائد الأسوارى حدثنا يحيى بن ملسم به.
رواه الحاكم (1/204) . فأدخل بين عبد المنعم ويحيى عمرو بن فائد , وهو متروك كما قال الدارقطنى وغيره.
لكن ابن أبى طالب هذا قال ابن معين: ليس بشىء.
وقد ذهل عن هذا الاختلاف العلامة أحمد شاكر رحمه الله فتوهم أن للحديث إسنادين عن البكار , عرف الترمذى أحدهما ولم يعرف الآخر , وعرف الحاكم الثانى ولم يعرف الأول! وإنما هو إسناد واحد (رواه) [1] على عبد المنعم , اختلف عليه فيه , والراجح رواية الثقتين المشار إليهما وهذا واضح.
وللحديث طريق أخرى عند البيهقى عن صبيح بن عمر السيرافى حدثنا الحسن ابن عبيد الله عن الحسن وعطاء به دون قوله: " ولا تقوموا ... ". وقال: " الإسناد الأول أشهر من هذا , وليس بالمعروف ".
يشيرا إلى أن صبيحا مجهول كما قال الحافظ فى " اللسان " وله شاهد من حديث على قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: مداره}(1/244)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نرتل الأذان ونحذف الإقامة".
أخرجه الدارقطنى (ص 88) من طريق عمرو بن شمر حدثنا عمران بن مسلم قال: سمعت سويد بن غفلة قال: سمعت على بن أبى طالب يقول ...
قلت: " لكن عمرا هذا كذاب يروى الموضوعات كما قال الجوزجانى وابن حبان وغيرهما , فمن العجائب أن يسكت عنه الزيلعى فى " نصب الراية " (1/276) والحافظ فى " الدراية " (61) .
وأما فى " التلخيص " فقد افصح عن علته فقال: " وفيه عمرو بن شمر وهو متروك".
وله طريق أخرى. أخرجها أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/270) عن وضاح بن يحيى حدثنا أبو معاوية عن عمر بن بشير عن عمران بن مسلم عن سعد بن علقمة عن على به.
وهذا إسناد واه , فيه علل:
1 ـ سعد هذا لم أجد من ذكره (1) .
2 ـ عمر بن بشير هو أبو هانى الهمدانى.
روى ابن أبى حاتم (3/1/100) عن أحمد أنه قال: " صالح الحديث " وعن ابن معين: " ضعيف ". وعن أبيه " ليس بقوى يكتب حديثه , وجابر الجعفى أحب إلى منه ".
وضعفه العقيلى وابن شاهين وغيرهم.
3 ـ وضاح بن يحيى.
قال ابن أبى حاتم (4/2/41) : " سئل أبى عنه؟ فقال: شيخ صدوق ".
وفى " الميزان " و" اللسان ": " كتب عنه أبو حاتم وقال " ليس بالمرضى ".
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به لسوء حفظه ".
وهذه الطريق عزاها الزيلعى ثم العسقلانى فى " الدراية " (ص 61) للطبرانى
__________
(1) ووقع في نصب الراية (1/276) سعيد بن بشار , ولم أجده أيضا {إنما فيه: سعيد بن علقمة} .(1/245)
فى الأوسط, وسكتا أيضا عليه! وإنى لأخشى أن يكون هذا العزو خطأ , فانى لم أر الحديث مطلقا فى " مجمع الزوائد " ولا فى " الجمع بين معجمى الطبرانى الصغير والأوسط " والله أعلم [1]
وروى الدارقطنى (ص 88) عن مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبى الزبير مؤذن بيت المقدس قال: جاءنا عمر بن الخطاب فقال: " إذا أذنت فترسل , وإذا أقمت فاحذم ". (الحذم هو الإسراع) .
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 74) : " ليس فى إسناده إلا أبو الزبير مؤذن بيت المقدس , وهو تابعى قديم مشهور ".
قلت: بل فيه عبد العزيز والد مرحوم أورده ابن أبى حاتم (2/2/400) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأشار الحافظ نفسه فى " التقريب " إلى أنه لين الحديث.
وأبو الزبير هذا أورده ابن أبى حاتم أيضا (4/2/374) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فأروده فى " الثقات " (1/270) وقال: " يروى عن عبادة بن الصامت. روى عنه أهل فلسطين ".
(229) - (روى أن: " بلالا كان يؤذن على سطح امرأة من بنى النجار بيتها من أطول بيت حول المسجد " رواه أبو داود (ص 65) .
* حسن.
رواه أبو داود (519) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بنى النجار قالت: " كان بيتى من أطول بيت حول المسجد , وكان بلال يؤذن عليه الفجر , فيأتى بسحر , فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر , فاذا رآه تمطى ثم قال: اللهم إنى أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا
دينك. قالت: ثم يؤذن , قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة - تعنى هذه الكلمات -.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {لكن الحديث في المعجم الأوسط (5/188/5030) كما عزاه له الحافظان} .(1/246)
وأخرجه البيهقى (1/425) من طريق أبى داود.
قلت: ورجاله كلهم ثقات إلا ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه , ولذلك قال النووى فى " المجموع " (3/106) : " إسناده ضعيف " , فقول الحافظ فى " الفتح " (2/81) : " إسناده حسن " غير حسن , وكذلك قال فى " الدراية " (ص 64) , ولو سكت عليه كأصله " نصب الراية " (1/292 ـ 293) , وكصنيعه فى " التلخيص " (ص 75) لكان أولى , فإن عنعنة المدلس مع التحسين أمران لا يجتمعان , وكون ابن إسحاق مدلسا أمر معروف وصفه بذلك جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم الحافظ نفسه فى " التقريب " وغيره , فسبحان من لا يسهو.
نعم قد صرح ابن إسحاق بالتحديث فى " سيرة ابن هشام " (2/156) فزالت بذلك شبهة تدليسه , وعاد الحديث حسنا , وقد حسنه ابن دقيق العيد فى " الإمام " كما فى " نصب الراية " (1/287) .
وقد وقفت على تسمية المرأة من بنى النجار , فاخرج ابن سعد فى " الطبقات " (8/307) : أخبرنا محمد بن عمر حدثنى معاذ بن محمد عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: أخبرنى من سمع النوار أم زيد بن ثابت تقول: " كان بيتى أطول بيت حول المسجد , فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده , فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شىء فوق ظهره ".
ودلالة هذا على الأذان فى المنارة أوضح من دلالة حديث أبى داود الذى ترجمه له بقوله " باب الأذان فوق المنارة " لأن قوله " وقد رفع له شىء فوق ظهره " كالنص على المنارة , لولا أن إسناده واه بمرة لأن محمد بن عمر ـ وهو الواقدى ـ ضعيف جدا , كذبه الإمام أحمد وغيره.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: " كان ابن أم مكتوم يؤذن فوق البيت ".
ذكره الزيلعى (1/293) وعبد الله هذا - وهو ابن نافع مولى ابن عمر ـ(1/247)
ضعيف كما فى " التقريب ".
وأما حديث " من السنة الأذان فى المنارة , والإقامة فى المسجد ". فلا يصح , وقد عزاه الزيلعى لأبى الشيخ عن سعيد الجريرى عن عبد الله بن شفيق [1] عن أبى برزة الأسلمى قال: فذكره. وسعيد الجريرى كان اختلط قبل موته ثلاث سنين كما فى " التقريب " , وقد أشار الزيلعى إلى إعلال الحديث به حيث ابتدأ بالسند من عنده دون أن يذكر من دونه , ولا أدرى إذا كان هذا الإعلال وجيها , فإن روى الجريرى متهما {؟} فى رواية غير أبى الشيخ , فقد أخرجه تمام فى " الفوائد " رقم (2434 ـ نسختنا) من طريق خالد ابن عمرو حدثنا سفيان الثورى عن الجريرى به.
وخالد هذا هو أبو سعيد الأموى قال الحافظ: " رماه ابن معين بالكذب , ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع ".
ثم رأيت البيهقى قد أخرجه (1/425) من طريق أبى الشيخ , فإذا هو عنده من طريق خالد هذا فتبين أن إعلال الزيلعى بالجريرى غير وجيه وقال البيهقى: " حديث منكر , لم يروه غير خالد بن عمرو وهو ضعيف , منكر الحديث ".
(230) - (قول أبى جحيفة: " إن بلالا وضع أصبعيه فى أذنيه ". رواه أحمد والترمذى وصححه (ص 65) .
* صحيح.
رواه أحمد (4/308) : حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عون ابن أبى جحيفة عن أبيه قال: " رأيت بلالا يؤذن ويدور , وأتتبع فاه ههنا وههنا , وأصبعاه فى أذنيه ".
وأخرجه الترمذى (1/375 ـ 376) والحاكم (1/202) من طريق عبد الرزاق به
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: شقيق}(1/248)
ورواه أبو عوانة فى " صحيحه " (1/329) من طريق مؤمل قال حدثنا سفيان به.
وهو فى الصحيحين عن سفيان به دون الدوران والتتبع ويأتى بعد حديث.
وقد ورد فى حديث الرؤيا أن الملك حين أذن وضع أصبعيه فى أذنيه.
أخرجه أبو الشيخ فى " كتاب الأذان " عن زيد [1] بن أبى زياد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عبد الله بن زيد الأنصارى قال: " اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم للأذان بالصلاة ... قال: فرجعت إلى أهلى وأنا مغتم لما رأيت من اغتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان قبيل الفجر رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران أنا بين النائم واليقظان , فقام على سطح المسجد فجعل أصبعيه فى أذنيه ونادى ... الحديث ".
قال الزيلعى (1/279) : " ويزيد بن أبى زياد متكلم فيه ".
(231) - (عن سعد القرظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل أصبعيه فى أذنيه وقال إنه أرفع لصوتك " رواه ابن ماجه (ص 65) .
* ضعيف.
رواه ابن ماجه (710) : حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد ـ مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: حدثنى أبى عن أبيه عن جده به.
وأخرجه الطبرانى فى " الصغير " (ص 241) عن هشام , ورواه الحاكم (3/607) من طريق عبد الله بن الزبير الحميدى حدثنا عبد الرحمن بن عمار بن سعد به.
قلت: وسكت عليه الحاكم وكذا الذهبى. وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 47/2) :
" هذا إسناد ضعيف لضعف أولاد سعد القرظ: عمار وسعد وعبد الرحمن , رواه مسلم وأبو داود والنسائى والترمذى من حديث أبى جحيفة وقال: حسن صحيح ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: يزيد}(1/249)
قلت: وفى هذا التخريج تسامح كبير , فإن حديث أبى جحيفة عند غير الترمذى ليس فيه جعل الأصبعين فى الأذنين كما تقدمت الإشارة إلى ذلك فى الحديث السابق.
والحديث رواه ابن عدى فى " الكامل " (ق 235/1) من طريقين والبيهقى (1/396) عن هشام بن عمار به (1) , وخالفه [1] يعقوب حميد بن كاسب فقال: أنبأنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار ابنى حفص عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أذنت فاجعل أصبعيك فى أذنيك فإنه أرفع لصوتك ".
أخرجه الطبرانى (1/54/1) والبيهقى.
ويعقوب هذا فيه ضعف من قبل حفظه فإن كان حفظه فالسند ضعيف أيضا لأن مداره على عبد الرحمن بن سعد وقد عرفت ضعفه.
(232) - (" مستقبلا القبلة لفعل مؤذنيه صلى الله عليه وسلم " (ص 66) .
* ضعيف.
ولا أعرف فيه إلا حديث سعد القرظ أن بلالا كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة , ثم يقول: الله أكبر , الله أكبر.
أخرجه الحاكم وابن عدى والطبرانى فى " الصغير " بسند ضعيف , كذلك رواه فى "الكبير " ويأتى لفظه بتمامه بعد حديث.
لكن الحكم صحيح , فقد ثبت استقبال القبلة فى الأذان من الملك الذى رآه عبد الله بن زيد الأنصارى فى المنام لما سيأتى بيانه برقم (246) .
وقد قال إسحاق بن راهويه فى مسنده: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال: جاء عبد الله بن زيد فقال: يا رسول الله إنى رأيت رجلا نزل من السماء فقام على جذم حائط , فاستقبل القبلة ... " فذكر الحديث (2) .
__________
(1) هكذا هو في نسختنا من الكامل في ترجمة عبد الرحمن بن سعد , وعزاه إليه الزيلعي (1/278) من طريق عبد الرحمن هذا: أخبرني أبي عن أبيه عن أبي أمامة أنه عليه السلام أمر بلالا.... الحديث. وليس عنده من هذا الوجه.
(2) تلخيص الحبير (ص76) .
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: خالف}(1/250)
قلت: ورجاله كلهم ثقات , لكنه مرسل وقد صح موصولا كما سيأتى فى المكان المشار إليه.
وروى السراج فى مسنده (1/23/1) عن مجمع بن يحيى قال: " كنت مع أبى أمامة بن سهل , وهو مستقبل المؤذن فكبر المؤذن وهو مستقبل القبلة الحديث.
وإسناده صحيح , وهو فى مسند أحمد (4/95) دون موضع الشاهد منه.
(233) - (لقول أبى جحيفة: " رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمينا وشمالا حى على الصلاة حى على الفلاح " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/166) ومسلم (2/56) وكذا أبو عوانة (1/329) وأبو داود (520) والنسائى (1/106) والترمذى (1/375) والدارمى (1/271 ـ 272) والبيهقى (1/395) وأحمد (4/308 ـ 309) من طرق عن سفيان عن عون بن أبى جحيفة عن أبيه أنه رأى بلالا. الحديث.
وليس عند البخارى والترمذى والدارمى: " يقول يمينا ... ".
وزاد الترمذى وغيره: " وأصبعاه فى أذنيه ".
وإسنادها صحيح وقد مضى الكلام عليها (230) .
(234) - (" ولا يزيل قدميه للخبر " (ص 66) .
* ضعيف جدا.
ويشير إلى ما أخرجه الدارقطنى فى " الأفراد " عن عبد الله بن رشيد حدثنا عبد الله بن بزيع عن الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنا وأقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها ".
وقال: " غريب , تفرد به الحسن بن عمارة عن طلحة , وتفرد به عبد الله بن بزيع عن الحسن , وتفرد به عبد الله بن رشيد عنه " (1) .
__________
(1) نصب الراية (1/277)(1/251)
قلت: وثلاثتهم ضعفاء , وابن عمارة أشدهم ضعفا , فإنه قد اتهم بالكذب , قال أحمد: " منكر الحديث , وأحاديثه موضوعة , وقال مسلم وأبو حاتم والدارقطنى وغيرهم: " متروك الحديث ".
وأما عبد الله بن بزيع , فقال الدارقطنى: " ليس بمتروك ".
وقال ابن عدى: " ليس بحجة , عامة أحاديثه ليست بمحفوظة ".
وأما ابن رشيد فقال البيهقى: " لا يحتج به ".
وقال ابن حبان: " مستقيم الحديث ".
فالحمل فى الحديث عندى على ابن عمارة , لما عرفت من شدة ضعفه , فالحديث من أجله ضعيف جدا , واقتصار الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 76) على قوله: " إسناده ضعيف ". فيه قصور.
ويخالفه ما أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/52/1) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب أخبرنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار به , وبه سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار ابنى حفص عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال أنه كان يؤذن: الله أكبر الله أكبر , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن لا إله إلا الله , ثم ينحرف عن يمين القبلة فيقول: أشهد أن محمدا رسول الله , أشهد أن محمدا رسول الله ثم ينحرف فيستقبل خلف القبلة فيقول: حى على الصلاة , حى على الصلاة , ثم ينحرف عن يساره فيقول: حى على الفلاح حى على الفلاح ثم يستقبل القبلة
فيقول: الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله ".
وأخرجه ابن عدى (ق 235/1) والطبرانى فى " الصغير " (ص 241) والحاكم (3/607 ـ 608) من طريقين آخرين عن عبد الرحمن بن سعد بإسناد آخر له عن بلال به. وعزاه فى " كنز العمال " (4/267) لأبى الشيخ فقط.
وعبد الرحمن بن سعد ضعيف وقد اختلف عليه فى إسناده كما سبق بيانه قبل حديثين.
(235) - (قول بلال:" أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب فى الفجر ونهانى(1/252)
أن أثوب فى العشاء " رواه ابن ماجه (ص 66) .
* ضعيف.
رواه ابن ماجه (715) عن أبى إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن بلال به.
ومن هذا الوجه أخرجه الترمذى (1/378) والعقيلى فى " الضعفاء " (ص 26) وأحمد (6/14) بلفظ: " لا تثوبن فى شىء من الصلوات إلا فى صلاة الفجر ".
وقال الترمذى: " لا نعرفه إلا من حديث أبى إسرائيل الملائى , ولم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة , وإنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة ".
قلت: قد صرح أبو إسرائيل بالتحديث عن الحكم فى رواية لأحمد , لكن الظاهر أن أبا إسرائيل كان لا يقطع بذلك , فقد روى العقيلى عن البخارى قال فيه: " يضعفه أبو الوليد قال: سألته عن حديث ابن أبى ليلى عن بلال وكان يرويه عن الحكم فى الأذان؟ فقال: سمعته من الحكم أو الحسن بن عمارة ".
فالأولى أن يقال فى حديثه هذا إنه اضطرب فيه: فتاره قال: عن الحكم , وتارة: حدثنا الحكم , وتارة: حدثنا الحكم أو الحسن بن عمارة , فلا يصح الجزم بأنه لم يسمع الحديث من الحكم كما صنع الترمذى , بل يتوقف فى ذلك لاضطرابه فيه.
ولذلك قال فيه العقيلى: " فى حديثه وهم واضطراب ".
على أنه لم يتفرد به وإن لم يعرف ذلك الترمذى , فقال [1] أخرجه البيهقى (1/424) من طريق عبد الوهاب بن عطاء أنبانا سفية [1] عن الحكم بن عتيبة به.
ورجاله ثقات لكنه منقطع كما يأتى.
ثم أخرج البيهقى وأحمد (6/14 ـ 15) عن على بن عاصم عن أبى زيد عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبى ليلى به بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: فقد}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: شعبة}(1/253)
" أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب فى الفجر ". وهذا ضعيف من أجل عطاء وابن عاصم.
وعله البيهقى بالانقطاع فقال: " هذا مرسل , فإن عبد الرحمن بن أبى ليلى لم يلق بلالا ".
قلت: فعاد الحديث من جميع الوجوه إلى أنه منقطع وهو علة الحديث.
ثم قال البيهقى: " ورواه الحجاج بن أرطاة عن طلحة بن مصرف وزبيد عن سويد بن غفلة أن بلالا كان لا يثوب إلا فى الفجر فكان يقول فى أذانه: حى على الفلاح , الصلاة خير من النوم " والحجاج مدلس.
(236) - (دخل ابن عمر مسجدا يصلى فيه فسمع رجلا يثوب فى أذان الظهر فخرج , وقال: " أخرجتنى البدعة " (ص 66) .
* حسن.
رواه أبو داود (538) وعنه البيهقى (1/424) والطبرانى فى " الكبير " (3/203/2) عن سفيان حدثنا أبو يحيى القتات عن مجاهد قال: " كنت مع ابن عمر فثوب رجل فى الظهر أو العصر , قال: أخرج بنا فإن هذه بدعة ".
وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير أبى يحيى القتات ففيه ضعف لكن قال أحمد فى رواية الأثرم عنه: " روى إسرائيل عن أبى يحيى القتات أحاديث مناكير جدا كثيرة , وأما حديث سفيان عنه فمقارب " ففيه إشارة إلى أن حديثه من رواية سفيان ـ وهو الثورى ـ حسن لا بأس , قال عبد الحق الأشبيلى فى " كتاب التهجد " (ق 65/1) فى قول البخارى فى أبى ظلال: " مقارب الحديث ": " يريد أن حديثه يقرب من حديث الثقات , أى لا بأس به ".
والحديث علقه الترمذى (1/381) عن مجاهد به نحوه.(1/254)
(فائدة) : التثويب هنا هو مناداة المؤذن بعد الأذان الصلاة رحمكم الله , يدعو إليها عودا بعد بدء. وهو بدعة كما قال ابن عمر رضى الله عنه وإن كانت فاشية فى بعض البلاد.
(237) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم " (ص 66) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (514) والترمذى (1/383 ـ 384) وأبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/265 ـ 266) والبيهقى (1/399) وابن عساكر (1/400) وأحمد (4/169) عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقى عن زياد بن نعيم الحضرمى عن زياد بن الحارث الصدائى قال: " أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن فى صلاة الفجر فأذنت , فأراد بلال أن يقيم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره "
وقال الترمذى: " إنما نعرفه من حديث الأفريقى , وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره , قال أحمد: لا أكتب حديث الأفريقى ".
وقد ضعف الحديث أيضا البغوى والبيهقى وأنكره سفيان الثورى كما بينته فى " الأحاديث الضعيفة " (رقم 35) .
وله شاهد من حديث ابن عمر , وإسناده ضعيف , قال ابن أبى حاتم عن أبيه: " هذا حديث منكر ". وقد أفصحت عن علته فى المصدر السابق فليرجع إليه من شاء.
(338) - (قول جابر: " صلى النبى صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين " رواه مسلم (ص 66) .(1/255)
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر الطويل فى قصة حجة النبى صلى الله عليه وسلم وهو عند مسلم (4/38 ـ 43) بتمامه وأبى داود والدارمى وابن ماجه والبيهقى , وقد خرجته فى رسالتى " حجة النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كما رواها عنه جابر رضى الله عنه " (1) .
وهذه القطعة فيه (ص 39) بمعناها , وقد رواها النسائى أيضا (1/107) , ورواها البيهقى (1/400) بلفظ الكتاب.
(239) - (حديث ابن مسعود في الخندق: " أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله ثم أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر , ثم أقام فصلى المغرب , ثم أقام فصلى العشاء " رواه الأثرم) ص 66 و67.
* ضعيف.
ولقد أبعد المصنف النجعة في عزوه إياه للأثرم وهو من تلامذة الإمام أحمد , وقد أخرجه شيخه في مسنده (1/375) ثنا هشيم أنبأنا أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن أربع صلوات.... الحديث بتمامه.
وأخرجه أيضا النسائي (1/107) والترمذي (1/337) والبيهقي (1/403) من طرق عن هشيم به.
ثم أخرجه النسائي (1/102 , 107) والطيالسي (333) وأحمد (1/423) من طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير به , إلا أنه لم يذكر الأذان وزاد في آخره: " ثم طاف علينا فقال: ما على الأرض عصابة يذكرون الله عز وجل غيركم ".
__________
(1) وهي من مطبوعات المكتب الاسلامي.(1/256)
وقال الترمذي: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس , إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
قلت: فهو منقطع , أفيصح نفي البأس عنه؟!
وللحديث شاهد من رواية أبي سعيد الخدري قال: " شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل , فأنزل الله عز وجل * (وكفى الله المؤمنين القتال) * فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يصليها لوقتها , ثم أقام للعصر فصلاها كما كان يصليها في وقتها , ثم أذن (وفي رواية: أقام) للمغرب فصلاها في وقتها ".
أخرجه النسائي والبيهقي (1/402 ـ 403) والطيالسي (2231) وأحمد (3/25 , 49 , 67) من طرق عن ابن أبي ذئب , فقال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه , قال البيهقي: ورواه الشافعي في " القديم " عن غير واحد عن ابن أبي ذئب وقال في الحديث: " فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر , ثم أمره فأقام العصر , ثم أمره فأقام فصلى المغرب , ثم أمره فأقام فصلى العشاء ".
قلت: فإذا كان ذكر الأذان في أول صلاة محفوظا في الحديث فهو شاهد قوي لحديث الباب , فإن إسناده صحيح , وقد رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما كما في " التلخيص " (ص 73) مثل رواية النسائي , وقد ساقها الحافظ بذكر الأذان بدل الإقامة في كل موطن , والله أعلم.(1/257)
(240) - (حديث عمر مرفوعا: " إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر , فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر , ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله , فقال: أشهد أن لا إله إلا الله , ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله فقال: أشهد أن محمدا رسول الله , ثم قال: حي على الصلاة , فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله , ثم قال: حي على الفلاح , قال: لا حول ولا قوة إلا بالله , ثم قال: الله أكبر الله أكبر , فقال: الله أكبر الله أكبر , ثم قال: لا إله إلا الله , فقال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه , دخل الجنة ".
* صحيح.
رواه مسلم (2/4) وكذا أبو عوانة (1/339) وأبو داود (527) والطحاوي في " شرح المعاني " (1/86) والبيهقي (1/409) والسراج في مسنده (1/23/1) عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه مرفوعا به , دون قوله " خالصا " فلم ترد عند أحد منهم.
(241) - (روى أبو داود عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: أن بلالا أخذ فى الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة قال النبى صلى الله عليه وسلم: (أقامها الله وأدامها) " (ص 67) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (528) وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (102) والبيهقى (1/411) من طريق محمد بن ثابت عن رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبى أمامة , أو عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن بلالا. الحديث.
وزاد: " وقال فى سائر الإقامة ... " كنحو حديث عمر رضى الله عنه فى الأذان ".
قلت: وهذا إسناد واه: محمد بن ثابت وهو العبدى ضعيف , ومثله شهر بن حوشب والرجل الذى بينهما مجهول , وقد أشار البيهقى إلى تضعيف الحديث بقوله عقبه:(1/258)
" وهذا إن صح شاهد لما استحسنه الشافعى رحمه الله من قولهم: اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من صالح أهلها عملا ".
قلت: وهذا الذى استحسنه الشافعى أخذه عنه الرافعى فذكره فيما يستحب لمن سمع المؤذن أن يقوله , فانتقل الأمر من الاستحسان القائم على مجرد الرأى الى الإستحباب الذى هو حكم شرعى لابد له من نص! واستشهد الحافظ فى " التلخيص " (ص 79) لما ذكره الرافعى بهذا الحديث , وقال عقبه: " وهو ضعيف , والزيادة فيه لا أصل لها , وكذا لا أصل لما ذكره فى: الصلاة خير من النوم ".
قلت: يعنى قوله: " صدقت وبررت ".
(242) - (حديث عبد الله بن عمر مرفوعا: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول , ثم صلوا على فإنه من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا , ثم سلوا الله لى الوسيلة , فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله , وأرجو أن أكون أنا هو , فمن سأل الله لى الوسيلة حلت عليه الشفاعة " رواه مسلم (ص 67 , 68) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/4) وكذا أبو عوانة (1/337) وأبو داود (523) والنسائى (1/110) وعنه ابن السنى (91) والترمذى فى " الدعوات " (2/282) والطحاوى (1/85) وأحمد (2/168) والسراج (1/23/1) والبيهقى (1/409 ـ 410) من طرق عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا به , وكلهم قالوا " له " إلا أبا داود والترمذى وأحمد فقالوا: " عليه " , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(243) - (روى البخارى , وغيره عن جابر مرفوعا: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة , والصلاة القائمة , آت محمدا الوسيلة والفضيلة , وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته ,(1/259)
حلت له شفاعتى يوم القيامة " (ص 68) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/162 , 3/275) وفى " أفعال العباد " (ص 74) وأبو داود (529) والنسائى (1/110 ـ 111) وعنه ابن السنى (93) والترمذى (1/413 ـ 414) وابن ماجه (722) والطحاوى (1/87) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 140) والبيهقى (1/410) وأحمد (3/354) والسراج (1/22/2 ـ 23/1) وابن عساكر (ج 15/206/2) من طرق عن على بن عياش قال: حدثنا شعيب بن أبى حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر به.
وقال الترمذى: " حديث صحيح حسن غريب ".
وقد تابعه أبو الزبير عن جابر بنحوه مختصرا.
أخرجه أحمد (3/337) وابن السنى (94) من طريق ابن لهيعة حدثنا أبو الزبير به , وابن لهيعة سيىء الحفظ.
وله شاهد من حديث ابن مسعود , أخرجه الطحاوى من طريق أبى عمر البزار عن قيس بن مسلم عن طارق به شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا نحوه.
وهذا إسناد ضعيف جدا , أبو عمر هذا هو حفص بن سليمان القارىء الكوفى وهو متروك الحديث , وقد تابعه عمر أبو حفص وهو ابن حفص العبدى وهو مثله فى الضعف أو أشد , أخرجه عنه الطبرانى فى " الكبير " (3/49/1) , وقول الهيثمى (1/333) فى إسناده: " ورجاله موثقون " فهذا من تساهله فلا يلتفت إليه.
(تنبيه) وقع عند البعض زيادات فى متن هذا الحديث فوجب التنبيه عليها:
الأولى: زيادة: " إنك لا تخلف الميعاد " فى آخر الحديث عند البيهقى.(1/260)
وهى شاذة لأنها لم ترد فى جميع طرق الحديث عن على بن عياش اللهم إلا فى رواية الكشمينى [1] لصحيح البخارى خلافا لغيره فهى شاذة أيضا لمخالفتها لروايات الآخرين للصحيح , وكأنه لذلك لم يلتفت إليها الحافظ , فلم يذكرها فى " الفتح " على طريقته فى جمع الزيادات من طرق الحديث ويؤيد ذلك أنها لم تقع فى " أفعال العباد " للبخارى والسند واحد , ووقعت هذه الزيادة فى الحديث فى كتاب " قاعدة جليلة فى التوسل والوسيلة " لشيخ
الإسلام ابن تيمية فى جميع الطبعات (ص 55) طبعة المنار الأولى , و (ص 37) الطبعة الثانية منه و (ص 49) الطبعة السلفية , والظاهر أنها مدرجة من بعض النساخ , والله أعلم.
الثانية: فى رواية البيهقى أيضا: " اللهم إنى أسألك بحق هذه الدعوة ". ولم ترد عند غيره , فهى شاذة أيضا , والقول فيها كالقول فى سابقتها.
الثالثة: وقع فى نسخة من " شرح المعانى " " سيدنا محمد " وهى شاذة مدرجة ظاهرة الإدراج.
الرابعة: عند ابن السنى " والدرجة الرفيعة " وهى مدرجة أيضا من بعض النساخ فقد علمت مما سبق أن الحديث عنده من طريق النسائى وليست عنده ولا عند غيره , وقد صرح الحافظ فى " التلخيص " (ص 78) ثم السخاوى فى " المقاصد " (ص 212) أنها ليست فى شىء من طرق الحديث , قال الحافظ: " وزاد الرافعى فى " المحرر " فى آخره: يا أرحم الراحمين. وليست أيضا فى شىء من طرقه " , ومن الغرائب أن هذه الزيادة وقعت فى الحديث فى كتاب " قاعدة جليلة فى التوسل والوسيلة " لابن تيمية وقد عزاه لصحيح البخارى: وإنى أستبعد جدا أن يكون الخطأ منه لما عرف به رحمه الله من الحفظ والضبط , فالغالب أنه من بعض النساخ , ولا غرابة فى ذلك , وإنما الغريب أن ينطلى ذلك على مثل الشيخ السيد رشيد رضا رحمه الله تعالى , فإنه طبع الكتاب مرتين بهذه الزيادة دون أن ينبه عليها (ص 48) (الطبعة الأولى) و (ص 33) من الطبعة الثانية , وكذلك لم ينبه عليها الشيخ محب الدين الخطيب فى طبعته (ص 43) !
(244) - (حديث أنس مرفوعا:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الكشميهنى}(1/261)
" الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ". رواه أحمد والترمذى وصححه (ص 68) .
* صحيح.
رواه الترمذى فى " الصلاة " (1/415 ـ 416) وفى " الدعوات " (2/279) وأحمد (3/119) وكذا أبو داود (521) وعنه البيهقى (1/410) من طرق عن سفيان عن زيد العمى عن أبى إياس عن أنس به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح , وقد رواه أبو إسحاق الهمدانى عن بريد بن أبى مريم عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل هذا ".
قلت: زيد العمى هو ابن أبى الحوارى وهو ضعيف لسوء حفظه , لكن هذا الحديث قد تبين أنه قد حفظه بمجيئه من الطريق الأخرى التى أشار إليها الترمذى ويأتى تخريجها , وقد زاد الترمذى فى آخر الحديث من طريق يحيى بن يمان عن سفيان: " قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: سلوا الله العافية فى الدنيا والآخرة " وقال: " حديث حسن ".
قلت: كلا , بل هو ضعيف منكر بهذه الزيادة تفرد بها ابن اليمان وهو ضعيف لسوء حفظه , أما الحديث فصحيح بدونها فقد أخرجه أحمد (3/225) : حدثنا إسماعيل بن عمر قال: حدثنا يونس حدثنا بريد بن أبى مريم عن أنس بن مالك به وزاد: " فادعوا ".
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير بريد بن أبى مريم وهو ثقة بلا خلاف.
وقد رواه عنه أبو إسحاق السبيعى أيضا وهو ولد [1] يونس هذا.
أخرجه أحمد (3/155 , 254) وابن السنى (100) وكذا ابن خزيمة وابن حبان فى " صحيحيهما " كما فى " التلخيص " (ص 79) , وعزاه الحافظ العراقى فى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: والد}(1/262)
تخريج الإحياء " (3/552) للنسائى فى اليوم والليلة بإسناد جيد والحاكم وصححه.
ولا أعتقد إلا أن عزوه للحاكم خطأ , فإنى لم أره عنده بهذا اللفظ من هذا الوجه , ولا عرفت أحدا عزاه إليه غير العراقى وإنما منشأ الخطأ ـ والله أعلم ـ أن الحاكم علق الحديث (1/198) من الطريقين عن أنس ولم يسنده , ولا صححه , ثم ساق بسنده عن الفضل بن المختار عن حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: " الدعاء مستجاب ما بين النداء " , وهذا سند واه جدا.
ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر (12/219/2) وله طريقان آخران عن أنس. أخرجهما الخطيب (4/347 , 8/70) بإسنادين ضعيفين.
(245) - (قال الترمذي: حديث ابى هريرة: " أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ". رواه مسلم (ص 68) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/125) وكذا أبو عوانة (2/8) وأبو داود (536) والترمذى (1/397/204) والدارمى (1/274) وابن ماجه (733) والبيهقى (3/56) وأحمد (2/410 , 416 , 471) من طرق عن إبراهيم بن المهاجر عن أبى الشعثاء قال: " كنا قعودا فى المسجد مع أبى هريرة , فأذن المؤذن , فقام رجل من المسجد يمشى , فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة: فذكره ".
وهذا إسناد حسن فإن ابن المهاجر فيه ضعف من قبل حفظه لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن كما بينته فى " صحيح أبى داود " (331) .
وقد تابعه أشعث بن أبى الشعثاء عن أبيه.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائى (1/111) وأحمد (2/506) من طرق عنه نحوه.
ورواه شريك عن أشعث بزيادة:(1/263)
" ثم قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم فى المسجد فنودى بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلى " أخرجه الطيالسى (2588) وأحمد (2/537) .
وقال المنذرى: " وإسناده صحيح ".
وقال الهيثمى (2/5) : " ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: وفى ذلك كله نظر ظاهر فإن شريكا هذا هو ابن عبد الله القاضى , وهو سيىء الحفظ ولم يخرج له مسلم إلا متابعة وقد تفرد بهذه الزيادة دون سائر من رواه عن أشعث ودون من رواه عن أبى الشعثاء وهما ابن المهاجر وأشعث وقد تابعهما أبو صخرة جامع بن شداد عن أبى الشعثاء , أخرجه أبو عوانة والنسائى.
وللحديث طريق أخرى من حديث أبى صالح عن أبى هريرة , أخرجه الطبرانى فى " الصغير " (ص 168) بإسناد صحيح كما بينته فى " صحيح أبى داود " (ص 547) .
وقال الترمذى عقب الحديث: " حديث حسن صحيح , وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء , أو أمر لابد منه ".
(246) - (حديث عبد الله بن زيد أنه قال: " لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بى وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به الى الصلاة , قال: أفلا أدلك على ماهو خير من ذلك؟ فقلت: بلى فقال: تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله , حى على الصلاة حى على الصلاة , حى على الفلاح , حى على الفلاح , الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله قال: ثم استأخر عنى غير بعيد ثم قال: وتقول إذا قمت الى الصلاة: الله أكبر الله أكبر , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله , حى على الصلاة , حى على(1/264)
الفلاح , قد قامت الصلاة , قد قامت الصلاة , الله أكبر الله أكبر , لا إله إلا الله , فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت , فقال إنها لرؤيا
حق إن شاء الله فقم مع بلال , فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك " رواه أبو داود (ص 68 ـ 69) .
* حسن.
رواه أبو داود (499) وكذا البخارى فى " خلق أفعال العباد " (ص 76) والدارمى (1/269) وابن ماجه (1/232/706) وابن الجارود (ص 82 ـ 83) والدارقطنى (89) والبيهقى (1/391) وأحمد (4/43) من طريق محمد بن إسحاق حدثنى محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن محمد بن عبد الله بن زيد ابن عبد ربه قال: حدثنى أبى عبد الله بن زيد به.
وزاد فى آخره: " فقمت مع بلال , فجعلت ألقيه عليه , ويؤذن به , قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو فى بيته , فخرج يجر رداءه ويقول , والذى بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد ".
قلت: وهذا إسناد حسن , فقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث فزالت شبهة تدليسه , وأخرجه الترمذى (1/358 ـ 360) وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقد صححه جماعة من الأئمة كالبخارى والذهبى والنووى وغيرهم , وقد سقت النقول بذلك عنهم فى " صحيح أبى داود " (512) .(1/265)
باب شروط الصلاة
(247) - (حديث: " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع " (ص 70) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث ابن عمرو وسبرة بن معبد.
أما حديث ابن عمرو , فهو من رواية سوار أبى حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم فى المضاجع " أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/137/2) وأبو داود (495 , 496) - واللفظ له - والدارقطنى (85) والحاكم (1/197) والبيهقى (7/94) وأحمد (2/187) والعقيلى فى " الضعفاء " (ص 411) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (2/278) والبيهقى (3/84) من طرق عنه به.
وزاد أبو داود وأحمد والخطيب والبيهقى: " وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى شىء من عورته , فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته ".
والسياق لأحمد , وليس عند أبى داود " من عورته ".
وروى الحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه قال: " إذا كان الراوى عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما ".
قلت: فهذا القول فى طرف , وقول يحيى بن سعيد فيما رواه ابن المدينى عنه: " حديثه عندنا واه " فى طرف آخر , والحق الوسط وهو أنه حسن الحديث , وقد احتج بحديثه جماعة من الأئمة المتقدمين كأحمد وابن المدينى وإسحاق
والبخارى وغيرهم كما بينته فى " صحيح أبى داود ".
وسوار هو ابن داود المزنى الصيرفى وهو حسن الحديث أيضا كما يتلخص من أقوال الأئمة فيه وقد ذكرتها فى " صحيح أبى داود " (509) وفى " التقريب "(1/266)
" صدوق له أوهام ".
وأما حديث سبرة فهو من رواية حفيده عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ: " مرو الصبى بالصلاة إذا بلغ سبع سنين , وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها ".
رواه ابن أبى شيبة (1/137/1) وأبو داود (494) والترمذى (2/259) والدارمى (1/333) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/231) وابن الجارود (ص 77) والدارقطنى (85) والحاكم (1/201) والبيهقى (2/14 , 3/83 ـ 84) وأحمد (3/201) من طرق عنه.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
قلت: وفيما قالاه نظر , فإن عبد الملك هذا إنما أخرج له مسلم (4/132 ـ 133) حديثا واحدا فى المتعة متابعة كما ذكر الحافظ وغيره.
وقد قال فيه الذهبى: " صدوق إن شاء الله , ضعفه ابن معين فقط ".
فهو حسن الحديث إذا لم يخالف , ويرتقى حديثه هذا إلى درجة الصحة بشاهده الذى قبله.
وقد روى من حديث أنس رضى الله عنه.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/14/1) من " الجمع بينه وبين المعجم الصغير " وقال: " تفرد به داود المحبر "
قلت: وهو كذاب , فلا يستشهد بحديثه ولا كرامة!
(فائدة) : الزيادة التى عند أبى داود عن عمرو بن شعيب سيذكرها المصنف فى أول " كتاب النكاح " وسننبه على ما فى استدلاله به من النظر.
(248) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور ". رواه مسلم وغيره (ص 70) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث جماعة من الصحابة وقد تقدم ذكرهم مع تخريج أحاديث قبيل " باب مايوجب الغسل " (رقم 120) .(1/267)
(249) - (حديث جبريل حين أم النبى صلى الله عليه وسلم بالصلوات الخمس ثم قال: " ما بين هذين وقت " رواه أحمد والنسائى والترمذى بنحوه (ص 70) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر وابن عباس وأبى هريرة وأبى مسعود الأنصارى.
1 - اما حديث جابر فيأتى فى الكتاب بعد هذا.
2 - وأما حديث ابن عباس فلفظه: " أمنى جبريل عليه السلام عند البيت مرتين , فصلى بى الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك.... الحديث نحوه ".
أخرجه أبو داود (393) والطحاوى (1/87) وابن الجارود (78/79) والدراقطنى (96) والحاكم (1/193) والبيهقى (1/364) عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبى ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس.
وأخرجه الترمذى (1/279 ـ 282) وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح " ووافقه الذهبى ومن قبله النووى فى " المجموع " (3/23) وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان فى " صحيحيهما " كما فى " نصب الراية " (1/221) " والتلخيص " (ص 64) وقال: " وفى إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبى ربيعة مختلف فيه , ولكنه توبع , أخرجه عبد الرزاق عن العمرى عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس نحوه.
قال ابن دقيق العيد: هى متابعة حسنة , وصححه أبو بكر بن العربى وابن عبد البر ".
قلت: فالسند حسن , والحديث صحيح بهذه المتابعة لشواهده التى منها ما تقدم ويأتى.
3 - وأما حديث أبى هريرة فلفظه:(1/268)
" هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم , فصلى الصبح حين طلع الفجر ... الحديث نحوه ".
أخرجه النسائى (1/87) والطحاوى (1/88) والسراج (ق 87/1) والدارقطنى (97) والحاكم (1/194) وعنه البيهقى (1/369) من طريق محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو حسن , وليس على شرط مسلم. فإن محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم متابعة , وقد حسنه الحافظ فى " التلخيص " وقال: " وصححه ابن السكن , وقال الترمذى فى " العلل ": حسن " وله طريق آخر فى " مسند السراج " (ق 86/2) وغيره.
4 - وأما حديث أبى مسعود الأنصارى فهو من طريق أسامة بن زيد الليثى أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدا على المنبر فأخر العصر شيئا , فقال له عروة بن الزبير: أما إن جبريل عليه السلام قد أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة فقال له عمر: اعلم ما تقول , فقال عروة: سمعت بشير ابن أبى مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصارى يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نزل جبريل صلى الله عليه وسلم فأخبرنى بوقت الصلاة , فصليت معه , ثم صليت معه , ثم صليت معه , ثم صليت معه , ثم صليت معه , يحسب بأصابعه خمس صلوات , فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين تزول الشمس , وربما أخرها حين يشتد الحر , ورأيته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة , فينصرف الرجل من الصلاة فيأتى ذا الحليفة قبل غروب الشمس , ويصلى المغرب حين تسقط الشمس ويصلى العشاء حين يسود الأفق , وربما أخرها حتى يجتمع الناس , وصلى الصبح مرة بغلس , ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها , ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات , ولم يعد إلى أن يسفر ".(1/269)
أخرجه أبو داود (394) والدارقطنى (93) والحاكم (1/192) والبيهقى (1/363 , 314 , 435) .
وقال الحاكم: " صحيح " ووافقه الذهبى , وصححه أيضا الخطابى وحسنه النووى وهو الصواب كما بينته فى " صحيح أبى داود " (417) .
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة تراجع أحاديثهم فى " نصب الراية " (1/225 ـ 227) .
(250) - (حديث جابر:" أن النبى صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال: قم فصله , فصلى الظهر حين زالت الشمس , ثم جاءه العصر فقال: قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شىء مثله , ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس , ثم جاءه العشاء فقال: قم فصله , فصلى العشاء حين غاب الشفق , ثم جاءه الفجر فقال: قم فصله , فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال: سطع الفجر , ثم جاء من الغد للظهر فقال: قم فصله , فصلى الظهر حين صار ظل كل شىء مثله , ثم جاءه العصر حين صار ظل كل شىء مثليه , ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه , ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل , فصلى العشاء , ثم جاء حين أسفر جدا , فقال له: قم فصله , فصلى الفجر ثم قال: ما بين هذين وقت ". رواه أحمد والنسائى والترمذى بنحوه (ص 70 ـ 71) .
* صحيح.
أخرجه النسائى (1/91 ـ 92) والترمذى (1/281) والدارقطنى (95) والحاكم (1/195 ـ 196) وعنه البيهقى (1/368) وأحمد (3/330 ـ 331)(1/270)
من طرق عن عبد الله بن المبارك عن حسين بن على بن حسين قال: أخبرنى وهب بن كيسان عن جابر ابن عبد الله , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح غريب ".
وقال الحاكم: " حديث صحيح مشهور " , ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالوا , فإن رجاله ثقات رجال الشيخين , غير حسين بن على وهو أخو أبى جعفر الباقر , وهو ثقة , وأخرج حديثه هذا ابن حبان فى صحيحه كما فى " نصب الراية " (1/222) وعلقه أبو داود (394) .
وقد تابعه عطاء بن أبى رباح , عن جابر بلفظ: " أن جبريل أتى النبى صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه , والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس ... " الحديث نحوه.
أخرجه النسائى (1/89) والدارقطنى والحاكم والبيهقى من طريق برد بن سنان عن عطاء به , وعله [1] أبو داود (395) وإسناده صحيح.
وقد تابعه سليمان بن موسى عن عطاء به , لكن بلفظ آخر.
أخرجه النسائى (1/88) والطحاوى (1/88) وأحمد (3/351 ـ 352) .
(251) - (حديث أبى موسى: " أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة - قال فى آخره -: ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق - وفى لفظ فصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق - , وأخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول ثم أصبح فدعا السائل فقال: الوقت فيما بين هذين ". رواه أحمد ومسلم وابو داود والنسائى (ص 71) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (4/416) ومسلم (2/109 ـ 110) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (1/375) وأبو داود (395) والنسائى (1/91) والطحاوى (1/88) والسراج فى " مسنده " (ق 87/2) والدارقطنى (98) من طرق عن بدر بن عثمان أنبأنا أبو بكر بن أبى موسى عن أبى موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه أتاه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: وعلقه}(1/271)
سائل يسأله عن مواقيت الصلاة , فلم يرد عليه شيئا , قال: فأقام الفجر , حين انشق الفجر , والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا , ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس , والقائل يقول: قد انتصف النهار , وهو كان أعلم منهم , ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة , ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس , ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق , ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول قد طلعت الشمس أو كادت , ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس , ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: قد احمرت الشمس , ثم أخر المغرب ... " , الحديث - كما فى الكتاب - واللفظ الآخر فيه لأبى داود.
(252) - (حديث عائشة مرفوعا: " من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع فقد أدركها " رواه أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجه (ص 71) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/102 ـ 103) والنسائى (1/94) وأحمد (6/78) وابن الجارود (81) والسراج (85/2) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهرى قال: حدثنا عروة عن عائشة به - والسياق لمسلم -. وقال النسائى والسراج " ركعة " بدل " سجدة ".
وكذلك أخرجه ابن ماجه (700) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/90) من طريق ابن وهب قال: أخبرنى يونس به.
وأخرجه البيهقى (1/378) من هذا الوجه لكن باللفظ الأول: " سجدة " , فدل ذلك على أن هذا الاختلاف , إنما هو من الرواة , ولا اختلاف بينهما فى الحقيقة من حيث المعنى فإن الأمر كما قال " الخطابى ": " المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها , والركعة إنما يكون تمامها بسجودها فسميت على هذا المعنى سجدة ".
نقله الحافظ فى " الفتح " (2/32) وأيد ذلك بما فى روايته من حديث أبى هريرة الآتى بلفظ " إذا أدرك أحدكم أول سجدة من صلاة العصر ".
قلت: فهذا نص فى أن الإدراك إنما يكون بالسجدة الأولى فمن لم يدركها(1/272)
لم يدرك الركعة , ففيه رد على ما نقله المؤلف عن الشافعى أن الإدراك يحصل بإدراك جزء من الصلاة , يعنى ولو تكبيرة الاحرام!
(تنبيه) زاد مسلم فى آخر الحديث: " والسجدة إنما هى الركعة ".
قلت: وهى مدرجة فى الحديث ليست من كلامه صلى الله عليه وسلم قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 65) : " قال المحب الطبرى فى " الأحكام ": " يحتمل إدراج هذه اللفظة الأخيرة ".
قلت: وهو الذى ألقى فى نفسى وتبين لى بعد أن تتبعت مصادر الحديث فلم أجدها عند غير مسلم , والله أعلم.
(253) - (فى المتفق عليه: " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح " (ص 72) .
* صحيح.
أخرجه مالك فى " الموطأ " (1/6/5) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج كلهم يحدثونه عن أبى هريرة مرفوعا به , وزيادة: " ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ".
وهكذا أخرجه البخارى (1/154) ومسلم (2/102) وأبو عوانة (1/358) والنسائى (1/90) والترمذى (1/353) والدارمى (1/277) والطحاوى (1/90) والبيهقى (1/367) وأحمد (2/462) كلهم عن مالك به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد تابع مالكا عن زيد بن أسلم عبد العزيز بن محمد الدراوردى فقال: أخبرنى زيد بن أسلم به.(1/273)
أخرجه السراج فى " مسنده " (ق 85/1) وابن ماجه (699) ولفظ السراج من طريق عطاء وحده: " من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس فلم تفته العصر ومن صلى سجدة واحدة من الصبح قبل طلوع الشمس ثم صلى مابقى بعد طلوع الشمس فلم تفته الصبح ".
وتابعه حفص بن ميسرة أيضا , أخرجه أبو عوانة وقرن مع زيد: موسى بن عقبة , ولكنه ذكر أبا صالح مكان عطاء بن يسار.
وتابعه أيضا زهير بن محمد , أخرجه الطيالسى (2381) مثل رواية حفص.
فهذه أربعة طرق للحديث عن أبى هريرة.
طريق خامس: معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عنه.
أخرجه مسلم (2/103) وأبو داود (412) والنسائى (1/90) والسراج والبيهقى وأحمد (2/282) .
طريق سادس: أبو سلمة عن أبى هريرة.
أخرجه البخارى (1/148) ومسلم والنسائى والدارمى (1/277) وابن ماجه (2/700) والطحاوى والسراج وأحمد (2/254 , 260 , 348) وابن الجارود (80) من طرق عنه.
ولفظه عند البخارى: " إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته , وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته ".
وإسناده هكذا: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبى سلمة(1/274)
به , وقد أخرجه البيهقى (1/378) من طريق محمد بن الحسين بن أبى الحنين (1) حدثنا الفضل - يعنى: ابن دكين - به , بلفظ: " إذا أدرك أحدكم أول سجدة ... " بزيادة " أول " فى الموضعين , والفضل بن دكين هو أبو نعيم شيخ البخارى فيه.
والراوى عنه محمد بن الحسين , قال الخطيب: " كان ثقة صدوقا " وقد تابعه عمرو بن منصور شيخ النسائى فيه وهو ثقة ثبت كما قال الحافظ فى " التقريب ".
وتابع أبا نعيم على هذه الزيادة , حسين بن محمد أبو أحمد المروذى حدثنا شيبان به.
أخرجه السراج (ق 55/أو 95/1) وحسين هذا هو ابن بهرام التميمى وهو ثقة محتج به فى الصحيحين.
وشيبان هو ابن عبد الرحمن التميمى وهو ومن فوقه ثقات مشهورون.
فثبت مما ذكرنا أن هذه الزيادة صحيحة ثابتة فى الحديث وهى تعين أن المراد من الحديث إدراك الركوع مع السجدة الأولى كما سبق بيانه وما يترتب عليه من رفع الخلاف الفقهى فى الحديث الذى قبله.
(254) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى الظهر بالهاجرة " متفق عليه (ص 72)
* صحيح.
وهو من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه ولفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة , والعصر والشمس نقية , والمغرب إذا وجبت , والعشاء أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل , كان اذا رآهم قد اجتمعوا عجل , وإذا رآهم قد أبطئوا أخر , والصبح كانوا أو قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم
يصليها بغلس ".
أخرجه البخارى (1/151) ومسلم (2/119) وكذا أبو عوانة
__________
(1) الأصل (الحسين) والتصويب من تاريخ بغداد (2/225ـ226) وشذرات الذهب (2/171) ووثقوه.(1/275)
(1/267) والنسائى (1/91 , 92) والبيهقى (1/434) والطيالسى (1722) وأحمد (3/369) وكذا ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/125/1) والسراج (ق 99/1) .
(255) - (حديث: " بكروا بالصلاة فى يوم الغيم , فإن من فاتته صلاة العصر حبط عمله ". رواه أحمد وابن ماجه (ص 72) .
* ضعيف بهذا التمام.
رواه ابن ماجه (694) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنى يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى المهاجر عن بريدة الأسلمى قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة فقال.. فذكره ".
وأخرجه أحمد (5/361) حدثنا وكيع حدثنا الأوزاعى به.
وأخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/135/2) أنبأنا عيسى بن يونس ووكيع عن الأوزاعى به. مقتصرا على قوله " من فاتته ... ".
ورواه البيهقى (1/444) من طريق الحسن بن عزمة [1] وهذا فى " جزئه " (12) : حدثنا عيسى بن يونس بن أبى إسحاق السبيعى عن الأوزاعى به.
قلت: وقد خولف الأوزاعى فى إسناده ومتنه , وخالفه فى ذلك ثلاثة من الثقات:
الأول: هشام بن أبى عبد الله الدستوائى قال: حدثنى يحيى ابن أبى كثير عن أبى قلابة قال: حدثنى أبو المليح قال: كنا مع بريدة فى يوم ذى غيم , فقال: بكروا بالصلاة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك صلاة العصر فقد حبط
عمله " أخرجه البخارى (1/138 , 156) والنسائى (1/83) - والسياق له - والبيهقى وأحمد (5/349 , 350 , 357) وابن أبى شيبة من طرق عن هشام به.
الثانى: شيبان عن يحيى به , مقتصرا على المرفوع فقط , أخرجه أحمد (5/350) .
الثالث: معمر عن يحيى به مثل رواية شيبان بلفظ: " ... متعمدا أحبط
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عرفة}(1/276)
الله عمله " أخرجه أحمد (5/360) .
وقد تبين من رواية هؤلاء الثلاثة الثقات أن الحديث المرفوع إنما هو هذا المقدار الذى رواه الأخيران وصرحت رواية الأول منهم أن القصة موقوفة على بريدة وكذا قوله " بكروا بالصلاة فى يوم الغيم " ليس من الحديث المرفوع بل من قول بريدة أيضا , فهذا هو الاختلاف فى المتن.
وأما الاختلاف فى السند , فقال هؤلاء الثلاثة " أبو المليح " وقال الأوزاعى بدل ذلك " أبو المهاجر " , قال الحافظ فى " الفتح " (2/26) : " والأول هو المحفوظ " , وكذا قال فى ترجمة أبى المهاجر من " التهذيب ".
والخلاصة أنه لا يصح من الحديث إلا قوله صلى الله عليه وسلم: " من ترك صلاة
العصر فقد حبط عمله ".
(256) - (حديث رافع بن خديج: " كنا نصلى المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله " متفق عليه (ص 72) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/149) ومسلم (2/115) وكذا أبو عوانة (1/361) والبيهقى (1/370 , 447) وأحمد (4/142) من طريق الأوزاعى حدثنى أبو النجاشى قال: سمعت رافع بن خديج يقول: فذكره.
وكذا رواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/129/2) .
وله شاهدان من حديث جابر وأنس.
أخرجهما السراج فى " مسنده " (ق 95/2) بإسنادين صحيحين , وأخرج الأول منهما البيهقى وأحمد (3/303 , 382) بإسنادين آخرين أحدهما حسن والآخر صحيح!
وأخرج الآخر منهما ابن أبى شيبة وأحمد (3/114 , 189 , 199) .(1/277)
شاهد ثالث: أخرجه النسائى (1/90) عن رجل من أسلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , وإسناده صحيح.
شاهد رابع عن زيد بن خالد الجهنى:
أخرجه ابن أبى شيبة والبيهقى , وإسناده حسن.
شاهد خامس: عن الزهرى عن رجل أظنه قال من أبناء النقباء عن أبيه وفيه: " قال: قلت: للزهرى: وكم كانت منازلهم من المدينة؟ قال: ثلثى ميل ".
قلت: وفى حديث جابر من الطريق الحسنة: " قدر ميل ".
(257) - (حديث: " كان يصلى الصبح بغلس " (ص 72) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه وقد تقدم تخريجه قبل حديثين. وفى الباب عن عائشة قالت: " لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة ".
أخرجه مالك والستة {؟} والدارمى والطحاوى وأبو عوانة والبيهقى والطيالسى وأحمد من طرق عنها كما خرجته فى " صحيح أبى داود " (449)
وقال الترمذى " حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن أبى شيبة أيضا (1/126/1) والسراج (98/2) . وزاد فى رواية: " وهن من بنى عبد الأشهل على قريب من ميل من المدينة ". وإسناده حسن.
وفى الباب عن أبى مسعود البدرى.(1/278)
أخرجه أبو داود وغيره فى أثناء حديث سبق ذكره وتخريجه فى آخر الكلام على الحديث (240) .
وعن مغيث بن سمى قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس (وكان يسفر بها) فلما سلم أقبلت على ابن عمر , فقلت ماهذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر , فلما طعن عمر , أسفر بها عثمان ".
أخرجه ابن ماجه (671) والطحاوى (1/104) والبيهقى (1/456) والزيادة له وإسناده صحيح , إلا أنه يشكل فى الظاهر قوله: " أسفر بها عثمان " ; لأن التغليس قد ورد عن عثمان من طرق.
فأخرج ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/126/1) بسند صحيح عن أبى سلمان قال: " خدمت الركب فى زمان عثمان فكان الناس يغلسون بالفجر ".
لكن أبو سلمان هذا واسمه يزيد بن عبد الملك قال الدارقطنى: " مجهول ".
وفى التقريب: " مقبول ". يعنى عند المتابعة , وقد وجدتها , فأخرج ابن أبى شيبة بسند صحيح أيضا عن عبد الله بن إياس الحنفى عن أبيه قال: " كنا نصلى مع عثمان الفجر فننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض ".
وعبد الله هذا وأبوه ترجمهما ابن أبى حاتم (1/1/280 , 2/82) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا , فهذه الطريق تقوى الطريق الأولى , وقد أشار الحافظ ابن عبد البر إلى تصحيح هذا الأثر عن عثمان رضى الله عنه , وهو ما نقله المؤلف رحمه الله عنه أنه قال: " صح عن النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ".
فإذا ثبت ذلك عن عثمان فالجمع بينه وبين إسفاره أن يحمل الإسفار على أول خلافته , فلما استقرت له الأمور رجع إلى التغليس الذى يعرفه من سنته صلى الله عليه وسلم , والله أعلم.
(تنبيه) : الذى يبدو للباحث أن الانصراف من صلاة الفجر فى الغلس لم(1/279)
يكن من هديه صلى الله عليه وسلم دائما , بل كان ينوع , فتارة ينصرف فى الغلس كما هو صريح حديث عائشة المتقدم , وتارة ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ويحضرنى الآن فى ذلك حديثان:
الأول: حديث أبى برزة الأسلمى قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذى يعرف فيعرفه ".
أخرجه الستة إلا الترمذى والبيهقى وأحمد وقد خرجته فى " صحيح أبى داود " (426) , واخرجه أيضا ابن أبى شيبة (1/125/1) والطحاوى (1/105) والسراج (ق 99/1) واللفظ له.
الثانى: حديث أنس بن مالك , يرويه شعبة عن أبى صدقة مولى أنس ـ وأثنى عليه شعبة خيرا - قال: " سألت أنسا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر إذا زالت الشمس , والعصر بين صلاتكم هاتين , والمغرب إذا غربت الشمس , والعشاء إذا غاب الشفق , والصبح
إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر ".
أخرجه النسائى (1/94 ـ 95) وأحمد (3/129 , 169) والسياق له وإسناده صحيح
رجاله رجال الشيخين غير أبى صدقة هذا واسمه توبة الأنصارى البصرى , أورده ابن حبان فى " الثقات " (1/5) وسمى أباه كيسان الباهلى وقال: " روى عنه شعبة ومطيع بن راشد ".
قلت: وذكر فى الرواة عنه فى " التهذيب " أبا نعيم ووكيعا.
وما أظن ذلك إلا وهما فإنهما لم يدركاه ولا غيره من التابعين.
ورواية شعبة عنه توثيق له , لاسيما وقد أثنى عليه صراحة فى رواية أحمد.
وهذه فائدة لا تجدها فى كتب الرجال.
وقد فاتت الحافظ نفسه فإنه نقل عن الذهبى أنه قال: هو ثقة روى عنه شعبة فقال الحافظ: " يعنى وروايته عنه توثيق له " , ولم يزد على ذلك!
ولحديث أنس هذا طريق أخرى أخرجها السراج فى " مسنده " فقال (ق 92/1) :(1/280)
حدثنا عبيد الله بن جرير حدثنا أمية بن بسطام حدثنا معتمر حدثنا بيان عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الظهر عند دلوكها , وكان يصلى العصر بين صلاتيهم: الظهر والعصر , وكان يصلى المغرب عند غيوبها , وكان يصلى العشاء ـ
وهى التى يدعونها العتمة ـ إذا غاب الشفق , وكان يصلى الغداة إذا طلع الفجر حين ينفسح البصر , فما بين ذلك صلاته ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبيد الله ابن جرير وهو أبو العباس العتكى البصرى ترجمه الخطيب (10/325 ـ 326) . وقال: " وكان ثقة مات سنة 262 ".
وهذه الطريق قال الهيثمى (1/304) : " رواه أبو يعلى , وإسناده حسن ".
وعزا الزيلعى (239) الفقرة الأخيرة منه إلى الإمام أبى محمد القاسم بن ثابت السرقسطى من طريق محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر به بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الصبح حين يفسح البصر " وقال: " فقال: فسح البصر وانفسح إذا رأى الشىء عن بعد يعنى به إسفار الصبح ".
(تنبيه) هذا الحديث لاسيما على رواية لفظ أحمد دليل صريح لمشروعية الدخول فى صلاة الفجر فى الغلس , والخروج منها فى الإسفار , وهذا هو معنى الحديث الآتى: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " كما يأتى تحقيقه إن شاء الله تعالى.
(258) - (حديث: " أسفروا بالفجر فانه أعظم للأجر " رواه أحمد وغيره (ص 72) .
* صحيح.
وهو من حديث رافع بن خديج , يرويه عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عنه , وله عن عاصم طرق:
الأولى: محمد بن عجلان عنه.
أخرجه أحمد (4/140) حدثنا سفيان عن ابن عجلان به ولفظه: " أصبحوا(1/281)
بالصبح فإنه أعظم لأجوركم , أو أعظم للأجر ".
وأخرجه أبو داود (424) والدارمى (1/277) وابن ماجه (672) والطبرانى كما يأتى والحازمى فى " الاعتبار " (ص 75) من طرق عن سفيان وهو ابن عيينة وقد تابعه سفيان الثورى.
أخرجه الطحاوى فى:" شرح المعانى " (1/105) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/216/2) وأبونعيم فى " الحلية " (7/94) بلفظ: " أسفروا بصلاة الفجر , فإنه أعظم للأجر " , زاد الطحاوى " فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر أو لأجوركم ".
وقد جمعهما الطبرانى معا فى رواية فقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق عن الثورى وابن عيينة عن محمد بن عجلان به.
وتابعهما أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان.
أخرجه أحمد (4/142) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/126/2) قالا: حدثنا أبو خالد به , ولفظه: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ".
وتابعهم محمد بن إسحاق قال: أنبأنا ابن عجلان به , مثل لفظ سفيان.
أخرجه أحمد (3/465) : حدثنا يزيد قال: أنبأنا محمد بن إسحاق , وقد أسقط ابن إسحاق من السند مرة شيخه محمد بن عجلان فقال: عن عاصم بن عمر بن قتادة به.
أخرجه الدارمى والترمذى (1/289) والطحاوى والطبرانى من طرق عنه به , وذلك من تدليسه الذى اشتهر به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: " وهذا إسناد صحيح فإن ابن عجلان ثقة , وإنما تكلم فيه بعضهم لاضطرابه فى حديث نافع ولأنه اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبرى عن أبى(1/282)
هريرة , وليس هذا الحديث من ذاك , على أنه لم يتفرد به , بل تابعه جماعة كما يأتى.
الثانية: زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار مرفوعا بلفظ: " ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر ".
أخرجه النسائى (1/91) والطبرانى (1/217/1) من طريق أبى غسان قال: حدثنى زيد بن أسلم به.
وهذا سند صحيح كما قال الزيلعى فى " نصب الراية " (1/238) ورجاله كلهم ثقات , وأبو غسان اسمه محمد بن مطرف المدنى وهو ثقة حافظ.
وقد خالفه هشام بن سعد فقال: عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد به.
أخرجه الطحاوى وأحمد (4/143) من طريقين عن هشام به , ولفظه عند أحمد مثل رواية الثورى , ولفظ الطحاوى: " أصبحوا بالصبح فكلما أصبحتم بها فهو أعظم للأجر " , لكن هشاما هذا فيه ضعف من قبل حفظه.
وقد تابعه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه به , أخرجه أحمد (5/429) .
بيد أن عبد الرحمن هذا لا يستشهد به لشدة ضعفه.
وتابعه أيضا داود النصرى ولم أعرفه.
أخرجه الطبرانى والخطيب فى تاريخه (13/45) , وفى رواية للطبرانى والطحاوى " أبو داود " بدل داود , وأبو داود هذا الظاهر أنه نفيع بن الحارث الأعمى وهو كذاب , فلا وزن لمتابعته.
ثم رأيت الزيلعى ذكر فى " نصب الراية " (1/236) أنه أبو داود الجزرى , وهذا لم أجد من ذكره , والله أعلم.(1/283)
الثالثة: محمد بن عمرو بن جارية عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج به , أخرجه الطبرانى.
وابن جارية هذا لم أعرفه , وأنا أظن أن الصواب فيه (حارثة) , هكذا أورده ابن أبى حاتم (4/1/31) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى عن رافع , قال الطيالسى فى مسنده (961) : " حدثنا أبو إبراهيم عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج مرفوعا بلفظ قال: قال لبلال: " أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواقع نبلهم ".
قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى فإن هرير بن عبد الرحمن ثقة كما روى ابن أبى حاتم (4/2/131) عن ابن معين.
لكنه ذكر أنه يروى عن أبيه وعن بعض بنى سلمة.
فظاهره أنه ليس من التابعين , ولذلك أورده ابن حبان فى أتباعهم من كتابه " الثقات " وقال (2/300) : " يروى عن أبيه عن جده. روى عنه عبد الحميد بن أبى عيسى وابنه عبد الله بن هرير ".
وعليه فيخشى أن يكون منقطعا , لكن قد صرح بسماعه من جده فى رواية كما يأتى , فإذا ثبت ذلك فهو متصل.
وأما أبو ابراهيم هذا , فلم أعرفه , ولعل كلمة (أبو) زيادة ووهم من بعض النساخ , فإن الحديث معروف من رواية أبى إسماعيل المؤدب عن هرير , كما يأتى وأبو إسماعيل اسمه إبراهيم بن سليمان بن رزين فالظاهر أنه هذا , وهو ثقة كما قال الدارقطنى وابن معين وغيرهما.
وقال ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/139) :
" سألت أبى عن حديث رواه أبو نعيم عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع(1/284)
عن هرير بن عبد الرحمن عن جده رافع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال (قلت: فذكر الحديث) ؟ قال أبى: حدثنا هارون بن معروف وغيره عن أبى إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب عن هرير وهو أشبه ".
يعنى أن قول أبى نعيم " إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع " وهم من أبى نعيم كما صرح بذلك فى مكان آخر (1/143 ـ 144) وقال: " يعنى أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب وغلط فى نسبته ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ".
فيستفاد من ذلك أن الحديث من رواية أبى إسماعيل إبراهيم لا من رواية أبى إبراهيم.
وقد وقع فيه خطأ آخر , فقال الزيلعى فى " نصب الراية " (1/238) :
" روى ابن أبى شيبة وإسحاق بن راهوية وأبو داود الطيالسى فى مسانيدهم والطبرانى فى معجمه , قال الطيالسى حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدنى , وقال الباقون: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدنى حدثنا هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج سمعت جدى رافع بن خديج يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال ".
قلت: فذكر الحديث , ثم نقل كلام أبى حاتم فى تخطئة أبى نعيم ثم رده بقوله: " قلت: قد رواه أبو داود الطيالسى فى مسنده وكذلك إسحاق بن راهويه والطبرانى فى معجمه عن إسماعيل بن إبراهيم كما رواه أبو نعيم وقد قدمناه والله أعلم ".
قلت: هكذا وقع فى " الزيلعى ": " إسماعيل بن إبراهيم " فى كل المواضع حتى فيما نقله عن ابن أبى حاتم والذى عنده كما رأيت " إبراهيم بن إسماعيل " على القلب , فلا أدرى الوهم ممن , والله أعلم فإن الموضع يحتاج إلى
تحرير , فعسى أن نتمكن من ذلك فيما بعد.
وللحديث شاهد من حديث بلال:(1/285)
أخرجه الطحاوى (1/106) والطبرانى (1/51/2) وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف
ومن حديث أنس:
رواه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/95) وكذا البزار كما فى " المجمع " (1/315) وفيه يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل وهو ضعيف أيضا.
ولفظ أبى نعيم " يغفر الله لكم " وهو منكر كما حققته فى " الضعيفة " (2766)
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة وفى أسانيدها كلها ضعف كما بينه الزيلعى والهيثمى وغيرهم , والعمدة فيه حديث رافع بن خديج فإنه صحيح كما تقدم وقد صححه جماعة منهم الترمذى وابن حبان وشيخ الاسلام ابن تيمية فى " الفتاوى " (1/67) وغيرهم وحسنه الحازمى وأقر الحافظ فى " الفتح " (2/45) تصحيح من صححه.
(تنبيه) : قال الترمذى عقب الحديث: " وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثورى. وقال الشافعى وأحمد وإسحاق: معنى الإسفار أن يضح الفجر , فلا يشك فيه (1) ولم يرو أن معنى الإسفار تأخير الصلاة ".
قلت: بلى المعنى الذى يدل عليه مجموع ألفاظ الحديث إطالة القراءة فى الصلاة حتى يخرج منها فى الإسفار ومهما أسفر فهو أفضل وأعظم للأجر. كما هو صريح بعض الألفاظ المتقدمة , فليس معنى الإسفار إذن هو الدخول فى الصلاة فى وقت الإسفار كما هو المشهور عن الحنفية , لأن هذا السنة الصحيحة العملية التى جرى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما تقدم فى الحديث الذى قبله , ولا هو التحقق من دخول الوقت كما هو ظاهر كلام أولئك الأئمة , فإن التحقق فرض لابد منه , والحديث لا يدل إلا على شىء هو أفضل من غيره لا على ما لابد منه كما هو صريح قوله " ... فإنه أعظم للأجر " , زد على ذلك أن هذا
__________
(1) وكذا روى إسحاق المروزي في مسائله (ص 11) عن أحمد وإسحاق , وهي تحت الطبع في المكتب الإسلامي بتحقيق زهير الشاويش.(1/286)
المعنى خلاف قوله فى بعض ألفاظ الحديث: " ... فكلما أصبحتم بها فهو أعظم للأجر ".
وخلاصة القول أن الحديث إنما يتحدث عن وقت الخروج من الصلاة , لا الدخول , فهذا أمر يستفاد من الأحاديث الأخرى وبالجمع بينها وبين هذا نستنتج أن السنة الدخول فى الغلس والخروج فى الإسفار , وقد شرح هذا المعنى الإمام الطحاوى فى " شرح المعانى " وبينه أتم البيان بما أظهر أنه لم يسبق إليه واستدل على ذلك
ببعض الأحاديث والآثار وختم البحث بقوله: " فالذى ينبغى الدخول فى الفجر فى وقت التغليس , والخروج منها فى وقت الإسفار على موافقة ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى ".
وقد فاته رحمه الله أصرح حديث يدل على هذا الجمع من فعله عليه الصلاة والسلام وهو حديث أنس رضى الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ... الصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر ".
أخرجه أحمد بسند صحيح كما تقدم بيانه فى آخر تخريج الحديث السابق.
وقال الزيلعى (1/239) : " هذا الحديث يبطل تأويلهم الإسفار بظهور الفجر " وهو كما قال رحمه الله تعالى.
(259) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " الوقت الأول من الصلاة رضوان الله والآخر عفو الله " رواه الترمذى والدارقطنى (ص 72) .
* موضوع.
أخرجه الترمذى (1/321) والدارقطنى (ص 92) والبيهقى (1/435) وكذا أبو محمد الخلال فى " مجلسين من الأمالى " (ق 3/1 ـ 2) وعلى بن الحسن بن إسماعيل العبدى فى حديثه (ق 156/1) والضياء المقدسى فى(1/287)
" المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 134/2) من طريق يعقوب بن الوليد المدنى عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.
وضعفه الترمذى بقوله: " هذا حديث غريب , وقد روى ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه ".
وقال البيهقى: " هذا حديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدنى , وهو منكر الحديث , ضعفه يحيى بن معين , وكذبه أحمد وسائر الحفاظ ونسبوه الى الوضع نعوذ بالله من الخذلان , وقد روى بأسانيد أخر كلها ضعيفة وقال ابن عدى: الحديث بهذا الإسناد باطل ".
وفى " نصب الراية " (1/243) : " وأنكر ابن القطان فى " كتابه " على أبى محمد عبد الحق كونه أعل الحديث بالعمرى وسكت عن يعقوب , قال: ويعقوب هو علة [1] فإن أحمد قال فيه: كان من الكذابين الكبار , وكان يضع الحديث , وقال أبو حاتم: كان يكذب , والحديث الذى رواه موضوع وابن عدى إنما أعله به وفى بابه ذكره ".
والحديث أخرجه الحاكم (1/189) من هذا الوجه لكن بلفظ: " خير الأعمال الصلاة فى أول وقتها ".
وقال: " يعقوب بن الوليد ليس من شرط هذا الكتاب ".
قال الذهبى فى " تلخيصه ": " قلت: يعقوب كذاب ".
وقد روى الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة بأسانيد واهية وهم:
جرير بن عبد الله , وأبو محذورة وأنس بن مالك , وعبد الله بن عباس وابن عمر.
أما حديث جرير , فهو من طريق عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم عنه به.
أخرجه الدارقطنى (93) وعنه أحمد بن عيسى المقدسى فى " فضائل جرير "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: علته}(1/288)
(2/238/1) وكذا ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/67/2) من طريق الحسين ابن حميد بن الربيع حدثنى فرج بن عبد [1] المهلبى حدثنا عبيد بن القاسم به.
وأعله ابن الجوزى بالحسين هذا فقال: " قال مطين: " هو كذاب ابن كذاب ". وبهذا فقط أعله أيضا الزيلعى (1/243) وذلك منهم قصور فإن فوقه من هو مثله فى الضعف وهو عبيد بن القاسم.
قال الحافظ فى " التقريب ": " متروك , كذبه ابن معين , واتهمه أبو داود بالوضع ".
وسها الحافظ عن هاتين العلتين فقال فى " التلخيص " (ص 67) : " فى سنده من لا يعرف "!
وأما حديث أبى محذورة , فيرويه إبراهيم بن زكريا العبدسى أنبأنا إبراهيم بن عبد الملك بن أبى محذورة حدثنى أبى عن جدى مرفوعا به بزيادة: " ووسط الوقت رحمة الله ".
أخرجه الدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى وقال: " إبراهيم بن زكريا قال أبو حاتم الرازى: هو مجهول " وبه أعله البيهقى أيضا فقال: " هو العجلى الضرير يكنى أبا إسحاق حدث عن الثقات بالبواطيل. قاله لنا أبو سعيد المالبنى [2] عن أبى أحمد بن عدى الحافظ ".
وأما حديث أنس: فيرويه بقية عن عبد الله مولى عثمان بن عفراء: أخبرنى عبد العزيز قال: حدثنى محمد بن سيرين عنه مرفوعا.
أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 44/1) وقال: " لا يرويه غير بقية , وهو من الأحاديث التى يحدث به بقية عن المجهولين , لأن عبد الله مولى عثمان بن عفراء وعبد العزيز الذى فى هذا الإسناد لا يعرفان ".
وأما حديث ابن عباس فهو من طريق نافع السلمى عن عطاء عنه.
أخرجه الحافظ ابن المظفر فى " المنتقى من حديث هشام بن عمار "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عبيد}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: أبو سعد المالينى}(1/289)
(159/2) والخطيب فى " الموضح " (2/72) والبيهقى أيضا فى " الخلافيات " كما فى " التلخيص " للحافظ ابن حجر وقال (ص 67) : " وفيه نافع أبو هرمز وهو متروك".
واما حديث ابن عمر , فيرويه ليث بن خالد البلخى حدثنا إبراهيم بن رستم عن على الغواص عن نافع عنه مرفوعا بلفظ: " فضل الصلاة فى أول الوقت على آخره كفضل الآخرة على الدنيا ".
أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/20) , وعزاه المنذرى فى " الترغيب " (1/148) للديلمى فى " مسند الفردوس " مشيرا لضعفه.
قلت: وليث هذا لم أجد من ذكره , وكذا على الغواص , وأما إبراهيم بن رستم , فقال ابن عدى: منكر الحديث , وقال الدارقطنى: ليس بالقوى.
(260) - (وروى الدارقطنى من حديث أبى محذورة نحوه وفيه: " ووسط الوقت رحمة الله " (ص 72) .
* موضوع.
وقد سبق تخريجه والكلام على علته فى الذى قبله.
(261) - (روى أحمد: أنه صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال: " هل علم أحد منكم أنى صليت العصر؟ " قالوا: يا رسول الله ما صليتها. فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر ثم أعاد المغرب " (ص 72 و73) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (4/106) حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن محمد بن زيد أن عبد الله بن عوف حدثه أن أبا جمعة حبيب بن سباع ـ وكان قد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم ـ: أن النبى صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب ... الحديث.
وأخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/174/2) من طريق سعيد بن أبى مريم أنبأنا ابن لهيعة به.(1/290)
قلت: وهذا سند ضعيف , وله علتان:
الأولى: محمد بن يزيد هذا هو ابن أبى زياد الفلسطينى , وهو مجهول كما قال ابن أبى حاتم (4/1/126) عن أبيه , وكذا قال الدارقطنى وتبعهما الذهبى.
الثانى: ابن لهيعة , فإنه ضعيف لسوء حفظه , وبه أعله الحافظ فى " الدراية " (ص 124 ـ 125) , وأعله الزيلعى (2/164) بالعلتين.
وقال الهيثمى فى " المجمع " (1/324) : " رواه أحمد والطبرانى فى " الكبير "
وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف ".
(262) - (حديث: " صلوا كما رأيتمونى أصلى " (ص 73) .
* صحيح.
أخرجه البخارى وغيره فى حديث لمالك بن الحويرث وقد سقت لفظه بتمامه فى أول " باب الأذان " (213) .
(263) - (حديث: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " متفق عليه (ص 73) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/157) ومسلم (2/142) وأبو داود (442) وكذا أبو عوانة (2/260 ـ 261) والنسائى (1/100) والترمذى (1/335) والدارمى (1/280) وابن ماجه (695 , 696) والطحاوى (2/230) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/189/2) والبيهقى (2/218) وأحمد (3/216 , 243 , 267 , 269 , 282) والسراج (117/2) من طرق عن قتادة عن أنس مرفوعا به نحوه وأقرب ألفاظهم إليه
لفظ مسلم: " من نسى صلاة أو نام عنها , فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ".
ولفظ البخارى: " من نسى صلاة فليصل إذا ذكر , لا كفارة لها إلا ذلك , (أقم الصلاة لذكرى) ".
وفى لفظ لمسلم:(1/291)
" إذا رقد أحدكم عن الصلاة , أو غفل عنها , فليصلها إذا ذكرها , فإن الله يقول: (أقم الصلاة لذكرى) ".
وله شاهد من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر سار ليله , حتى إذا أدركه الكرى عرس وقال لبلال: اكلأ لنا الليل فصلى بلال ما قدر له , ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه , فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر , فغلبت بلال عيناه , وهو مستند إلى راحلته , فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس , فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا , ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أى بلال! فقال بلال: أخذ بنفسى الذى أخذ ـ بأبى أنت وأمى يارسول الله ـ بنفسك , قال: اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئا ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالا فأقام الصلاة , فصلى بهم الصبح , فلما قضى الصلاة قال: من نسى الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى قال: (أقم الصلاة لذكرى) ".
أخرجه مسلم (2/138) وأبو داود (435) وعنه أبوعوانة (2/253) وكذا البيهقى (2/217) , وابن ماجه (697) والسراج فى " مسنده " (116/2) من طرق عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عنه.
ورواه مالك (1/13/25) عن ابن شهاب عن سعيد مرسلا , والصواب الموصول لاتفاق جماعة من الثقات عليه وهم يونس ومعمر وشعبان {؟} وتابعهم صالح بن أبى الأخضر عند الترمذى (2/198 ـ بولاق) وللنسائى منه الجملة الأخيرة , من طريق يونس وابن اسحاق ومعمر.
وله طريق أخرى عن أبى هريرة بلفظ:
" من نسى صلاة فوقتها إذا ذكرها , قال الله عز وجل (أقم الصلاة لذكرى) ".
أخرجه ابن عدى (ق 100/2) عن حفص بن عمر بن أبى العطاف عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة مرفوعا وقال: " لا يرويه غير حفص بن عمر , وحديثه منكر".(1/292)
ومن طريقه أخرجه البيهقى (2/219) وقال: " قال البخارى: الصحيح عن أبى هريرة وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا ليس فيه " فوقتها إذا ذكرها".
قلت: لكن معناه صحيح يشهد له قوله فيما تقدم: " لا كفارة لها إلا ذلك " فتأمل.
وفى الباب عن أبى جحيفة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفره الذى ناموا فيه حتى طلعت الشمس , ثم قال: إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم , فمن نام عن صلاة , أو نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها , وإذا استيقظ ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/190/1) بإسناد صحيح.
وعن ابن مسعود قال: " أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية فذكروا أنهم نزلوا دهاسا من الأرض ـ يعنى بالدهاس الرمل ـ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إذا تنام , قال: فناموا حتى طلعت الشمس عليهم , قال: فاستيقظ ناس فيهم فلان وفلان , وفيهم عمر , فقلنا: اهضبوا يعنى تكلموا , قال: فاستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون , قال: كذلك لمن نام أو نسى ".
أخرجه ابن ابى شيبة (1/189/2) وأبو داود (447) والطيالسى (377) وأحمد (1/364 , 386 , 391) وإسناده صحيح.
(264) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الفجر صلى سنتها قبلها ". رواه أحمد ومسلم (ص 73) .
* صحيح.
رواه أحمد (2/428 ـ 429) ومسلم (2/138) وكذا أبو عوانة (2/251 ـ 252) والنسائى (1/102) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/189/2) والسراج فى " مسنده " (117/1) والبيهقى (2/218) من طريق أبى حازم عن أبى هريرة قال:(1/293)
" عرسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليأخذ كل رجل برأس راحلته , فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان , قال: ففعلنا , قال: فدعا بالماء فتوضأ , ثم صلى ركعتين قبل صلاة الغداة , ثم أقيمت الصلاة , فصلى الغداة " - والسياق لأحمد -.
وفى الباب عن أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى سفر فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم وملت معه فقال: انظر , فقلت: هذا ركب , هذان ركبان , هؤلاء ثلاثة , حتى صرنا سبعة , فقال: احفظوا علينا صلاتنا , يعنى صلاة الفجر , فضرب على آذانهم , فما أيقظهم إلا حر الشمس فقاموا فساروا هنيهة , ثم نزلوا فتوضئوا , وأذن بلال , فصلوا ركعتى الفجر , ثم صلوا الفجر وركبوا , فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا فى صلاتنا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنه لا تفريط فى النوم , إنما التفريط فى اليقظة فإذا سها أحدكم عن صلاته فليصلها
حين يذكرها , ومن الغد للوقت ".
أخرجه مسلم (2/138 ـ 140) وأبو عوانة (2/257 ـ 260) وأبو داود (444) والطحاوى (1/233) والدارقطنى (148) والبيهقى (2/216) وأحمد (5/298) والسراج (117/1 ـ 2) .
وفى الباب عن عمرو بن أمية الضمرى وذى مخبر الحبشى عند أبى داود وغيره بإسنادين صحيحين , وقد خرجتهما فى " صحيح أبى داود " (470 , 471) .
(265) - (حديث: " عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان " (ص 73) .
* صحيح. بمعناه.
وقد سبق تخريجه برقم (82) .
(266) - (حديث: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " (ص 73) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه قبل حديثين.(1/294)
(267) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل صلاة الله حائض إلا بخمار " صححه الترمذى (ص 74) .
* صحيح.
وسبق تخريجه برقم (196) .
(268) - (حديث سلمة بن الأكوع قال: قلت يارسول الله إنى أكون فى الصيد وأصلى فى القميص الواحد قال: " نعم , وأزرره ولو بشوكة " صححه الترمذى (ص 74) .
* حسن.
ولم يخرجه الترمذى وإنما رواه أبو داود (632) والنسائى (1/124 ـ 125) والشافعى فى " الأم " (1/78) والحاكم (1/250) والبيهقى (2/240) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع قال: " قلت: يا رسول الله إنى رجل أصيد , أفأصلى فى القميص الواحد ... الحديث.
وقال الحاكم: " صحيح " ووافقه الذهبى , وقال النووى فى " المجموع " (3/174) : " إسناده حسن " وهو كما قال , فإن موسى بن إبراهيم هذا وهو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة وسط كما قال ابن المدينى.
والدراوردى ثقة احتج به مسلم , وقد تابعه العطاف بن خالد عند الشافعى قرنه به , والعطاف صدوق يهم كما فى " التقريب " ومن طريقه أخرجه أحمد (4/49) وصرح فى روايته بسماع موسى بن سلمة , لكنه أدخل مرة بينهما يونس بن ربيعة أخرجه أحمد أيضا (4/54) , ويونس هذا لم أعرفه.
وفى الحديث خلاف آخر ذكرته فى " صحيح أبى داود " رقم (643) وبينت فيه أنه خلاف مرجوح لا يخدج فى صحة الحديث , والله أعلم.
(269) - (حديث على مرفوعا: " لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ(1/295)
حى ولا ميت " رواه أبو داود (ص 74) .
* ضعيف جدا.
أخرجه أبو داود (3140 , 4015) والبيهقى (2/228) من طريق حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبى ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على مرفوعا.
وقال أبو داود: " هذا الحديث فيه نكارة ".
وأخرجه ابن ماجه (1460) والبيهقى من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج عن حبيب به.
وكذلك أخرجه الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/274) وفى " المشكل " (2/284) والدارقطنى والحاكم (4/180 ـ 181) من طرق ثلاثة أخرى عن ابن جريج به.
فالحديث منقطع بين ابن جريج وحبيب كما هو صريح الرواية الأولى عن ابن جريج , وقد وجدت تصريحه بالسماع من حبيب فى بعض الروايات ولكنها معلولة وهما روايتان:
الأولى: أخرجها عبد الله بن أحمد فى زوائد " المسند " (1/146) : حدثنى عبيد الله بن عمر القواريرى حدثنى يزيد أبو خالد البيسرى القرشى حدثنا ابن جريج أخبرنى حبيب بن أبى ثابت به.
الثانية: أخرجها الدارقطنى من طريق أحمد بن منصور بن راشد أنبأنا روح ابن عبادة حدثنا ابن جريج: أخبرنى حبيب بن أبى ثابت به.
وعلة الرواية الأولى: يزيد أبو خالد وهو مجهول , كما قال الحافظ فى " تعجيل المنفعة " , وقال ابن حزم: " لا يدرى من هو ".
وعلة الرواية الثانية: أحمد بن منصور هذا , لم يوثقه أحد إلا ما قاله أبو حاتم فيه " صدوق " كما فى كتاب ابنه (1/1/78) , لكن الصدوق قد يخطىء , وقد ذكر ابن أبى حاتم فى " باب درجات رواة الآثار " , أن الراوى الذى قيل فيه " صدوق " أو " محله الصدق " أو " لا بأس به ": " فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه".(1/296)
قلت: وقد نظرنا فى روايته لهذا الحديث مصرحا بسماع ابن جريج. من روايته عن روح , قد خالف فى ذلك كل من وقفنا على روايته لهذا الحديث عن روح من الثقات , مثل بشر بن آدم عند ابن ماجه , والحارث بن أبى أسامة عند الحاكم , ومحمد بن سعد العوفى عند البيهقى , فإنهما قالا عن روح عن ابن جريج عن حبيب كما تقدم.
الأولان ثقتان , الأولى [1] احتج به البخارى والثانى حافظ صدوق , والآخر قال الدارقطنى " لا بأس به " , وكذلك فإنه خالف أيضا رواية الآخرين عن ابن جريج , فلم يصرح أحد منهم بالسماع فدل ذلك على نكارة روايته أو شذوذها على الأقل.
ولذلك قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 108) : " وقد قال أبو حاتم فى (كتاب العلل) : أن الواسطة بينهما - يعنى ابن جريج وحبيب - هو الحسن بن ذكوان , قال: ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم , فهذه علة أخرى , وكذا قال ابن معين أن حبيبا لم يسمعه من عاصم , وأن بينهما رجلا ليس بثقة , وبين البزار أن الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطى , ووقع فى زيادات (المسند) وفى الدارقطنى ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له وهو وهم فى نقدى , وقد تكلمت عليه فى (الإملاء على أحاديث مختصر ابن الحاجب) ".
والخلاصة: أن الحديث منقطع فى موضعين:
الأول: بين ابن جريج وحبيب.
والآخر: بين حبيب وعاصم.
فإن صح أن الواسطة بين الأولين الحسن بن ذكوان فالأمر سهل , لأن ابن ذكوان هذا مختلف فيه , وقد احتج {به} البخارى , وأما عمرو بن خالد فكذاب وضاع فهو آفة الحديث.
لكن فى الباب عن جماعة من الصحابة منهم جرهد , وابن عباس ومحمد بن عبد الله بن جحش , وهى وإن كانت أسانيدها كلها لا تخلو من ضعف كما بينته فى " نقد التاج " رقم (58) وبينه قبلى الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (243 ـ 245) فإن بعضها يقوى بعضا , لأنه ليس فيها متهم , بل عللها تدور بين
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: الأول}(1/297)
الاضطراب والجهالة والضعف المحتمل , فمثلها مما يطمئن القلب لصحة الحديث المروى بها , لا سيما وقد صحح بعضها الحاكم ووافقه الذهبى! وحسن بعضها الترمذى وعلقها البخارى فى صحيحه فقال (1/105) : " باب ما يذكر فى الفخذ. وروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبى صلى الله عليه وسلم: الفخذ عورة.
قال أنس: حسر النبى صلى الله عليه وسلم عن فخذه , وحديث أنس أسند , وحديث جرهد أحوط حتى نخرج من اختلافهم ".
بل قال البيهقى بعد أن ساق أحاديث هؤلاء الثلاثة: " وهذه أسانيد صحيحة يحتج بها "!
وقد تعقبه ابن التركمانى وبين عللها , وذكر عن ابن الصلاح أن الثلاثة متقاعدة عن الصحة.
وقال الإمام أبو جعفر الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/274) : " وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متوافرة صحاح فيها أن الفخذ من العورة ". ولايشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذه الأحاديث كلها معللة , وأن تصحيح أسانيدها من الطحاوى والبيهقى فيه تساهل ظاهر , غير أن مجموع هذه
الأسانيد تعطى للحديث قوة فيرقى بها إلى درجة الصحيح , لاسيما وفى الباب شواهد أخرى بنحوها تأتى بعده.
ولكن هناك أحاديث أخرى تخالف هذه , ومن المفيد أن أذكر بعضها:
الأول: عن عائشة رضى الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا فى بيته كاشفا عن فخذيه , فاستأذن أبو بكر , فأذن له , وهو على تلك الحال , ثم استأذن عمر , فأذن له وهو كذلك , فتحدث , ثم استأذن عثمان , فجلس النبى صلى الله عليه وسلم يسوى ثيابه وقال محمد: ـ ولا أقول ذلك فى يوم واحد ـ فدخل , فتحدث , فلما خرج قالت له عائشة: دخل عليك أبو بكر فلم تجلس , ثم دخل عثمان , فجلست وسويت ثيابك؟ فقال: ألا أستحيى ممن استحى [1] منه الملائكة ".
أخرجه الطحاوى فى " المشكل " (2/283 ـ 284) من طريق محمد بن أبى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: تستحى}(1/298)
حرملة عن عطاء بن يسار وسليمان بن يسار وأبى سلمة بن عبد الرحمن عنها.
قلت: وهذا سند صحيح , وأصله فى صحيح مسلم (7/116 ـ 117) والبيهقى (2/231) وابن شاهين فى " شرح السنة " (7/52/1 ـ 2) لكن بلفظ " كاشفا عن فخذيه أو ساقيه " على الشك , ورواية الطحاوى ترفع الشك , وتعين أن الكشف كان عن الفخذ.
وله طريق أخرى بهذا اللفظ: أخرجه أحمد (6/62) ورجاله ثقات غير عبيد الله بن سيار أورده الحافظ فى " التعجيل " (رقم 689) رامزا له بأنه من رجال أحمد وقال: " قال الحسينى: مجهول. قلت: ما رأيته فى مسند عائشة رضى الله عنها من مسند أحمد ".
قلت: هو فيه فى الموضع الذى أشرنا اليه.
وعبيد الله هذا لم يورده ابن أبى حاتم ولا ابن حبان فى " الثقات " والله أعلم.
وله شاهد من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب نحو حديث عائشة وفيه: " فوضع ثوبه بين فخذيه " أخرجه الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/273 ـ 274) والبيهقى (2/231) وأحمد (6/288) ورجاله ثقات غير عبد الله بن أبى سعيد المزنى الراوى له عن حفصة , وقد ترجمه الحافظ فى " التعجيل " وقال ملحقا: " وتلخص أن
لعبد الله بن أبى سعيد راويين , ولم يجرح ولم يأت بمتن منكر فهو على قاعدة " ثقات ابن حبان " , لكن لم أر ذكره فى النسخة التى عندى ".
قلت: فمثله يستشهد به , والله أعلم , وقد قال الهيثمى (9/82) : " رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط وإسناده حسن ".(1/299)
(تنبيه) لقد أعل الطحاوى ثم البيهقى ذكر الفخذ فى هذا الحديث برواية مسلم وغيره من طريق أخرى عن عائشة بهذه القصة بلفظ: " أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة , فأذن لأبى بكر.. الحديث " ليس فيه للفخذ ذكر.
وهذا التعليل أو الإعلال ليس بشىء عندى , لأن من أثبت الفخذ , ثقة وهى زيادة منه غير مخالفة لما رواه غيره فوجب قبولها كما هو مقرر فى " المصطلح ".
وهذا على فرض أنها لم تأت إلا من طريقه وحده , فكيف وقد وردت من الطريق الأخرى؟ فكيف ولها شاهد من حديث حفصة كما سبق؟ فكيف ولها شاهد آخر من حديث أنس بن مالك قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا من حوائط الأنصار فإذا بئر فى الحائط , فجلس على رأسها , ودلى رجليه , وبعض فخذه مكشوف وأمرنى أن أجلس على الباب , فلم ألبث أن جاء أبو بكر فأعلمته , فقال: ائذن له وبشره بالجنة , فحمد الله عز وجل ثم صنع كما صنع النبى صلى الله عليه وسلم ثم جاء عمر ... ثم جاء على ... ثم جاء عثمان , فأعلمته , فقال: ائذن له وبشره بالجنة , فلما رآه النبى صلى الله عليه وسلم غطى فخذه , قالوا يا رسول الله غطيت فخذك حين جاء عثمان؟ فقال: إنى لأستحى ممن يستحى منه الملائكة ".
أخرجه الطحاوى فى " المشكل " (2/284) عن عمرو بن مسلم صاحب المقصورة عن أنس بن مالك.
قلت: ورجاله ثقات معروفون غير عمرو هذا , أورده ابن أبى حاتم (3/1/260) من رواية راويين عنه , ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , فمثله حسن الحديث فى الشواهد.
الثانى: عن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس , فركب النبى صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة , وأنا رديف أبى طلحة , فأجرى رسول الله(1/300)
صلى الله عليه وسلم فى زقاق خيبر , وأن ركبتى لتمس فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إنى
أنظر الى بياض فخذ نبى الله صلى الله عليه وسلم , فلما دخل القرية قال: الله أكبر خربت خيبر , إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ... " الحديث.
أخرجه البخارى (1/105) والبيهقى (2/30) وأخرجه مسلم (4/145 , 5/185) وأحمد (3/102) إلا أنهما قالا: " وانحسر " بدل " وحسر " , ولم يذكر النسائى فى روايته (2/92) ذلك كله.
قال الزيلعى فى " نصب الراية " (4/245) عقب رواية مسلم: " قال النووى فى الخلاصة: وهذه الرواية تبين رواية البخارى , وأن المراد انحسر بغير اختياره لضرورة الإجراء انتهى ".
قلت: وأجاب عن ذلك الحافظ فى " الدراية " بقوله (ص 334) : " قلت ": لكن لا فرق فى نظرى بين الروايتين من جهة أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على ذلك لو كان حراما , فاستوى الحال بين أن يكون حسره باختياره وانحسر بغير اختياره ".
وهذا من الحافظ نظر دقيق , ويؤيده أن لا تعارض بين الروايتين إذ الجمع بينهما ممكن بأن يقال: حسر النبى صلى الله عليه وسلم الثوب فانحسر.
وقد جمع الشوكانى بين هذين الحديثين وبين الأحاديث المتقدمة فى أن الفخذ عورة بأنهما حكاية حال , لا عموم لها , انظر " نيل الأوطار " (1/262) .
ولعل الأقرب أن يقال فى الجمع بين الأحاديث: ما قاله ابن القيم فى " تهذيب السنن " (6/17) : " وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة , فالمغلظة السوأتان , والمخففة الفخذان , ولا تنافى بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة , وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة , والله أعلم ".(1/301)
قلت: وكأن الإمام البخارى رحمه الله أشار إلى هذا الجمع بقوله المتقدم: " وحديث أنس أسند , وحديث جرهد أحوط ".
(تنبيه) أورد السيوطى حديث " الفخذ عورة " من رواية الترمذى عن جرهد وعن ابن عباس , فتعقبه شارحه المناوى بقوله: " وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذى (والفرج فاحشة) .
قلت: وهذه البقية المزعومة لا أصل لها فى الحديث لا عند الترمذى ولا عند غيره , فلينبه لهذا.
(270) - (حديث أبى أيوب يرفعه: " أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة ". رواه الدارقطنى (ص 74) .
* ضعيف جدا.
أخرجه الدارقطنى (ص 85) ومن طريقه البيهقى (2/229) عن سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى أيوب مرفوعا بلفظ: " ما فوق الركبتين من العورة , وما أسفل من السرة من العورة ".
قال الحافظ فى الدراية (ص 66) : " وإسناده ضعيف ".
وكذا قال فى " التلخيص " (ص 108) وزاد: " فيه عباد بن كثير , وهو متروك "
قلت: فالإسناد إذن ضعيف جدا , لا ضعيف فقط , وفيه علة أخرى وهى سعيد بن راشد وبه أعله البيهقى فقال: " وهو ضعيف ".
قلت: بل هو ضعيف جدا وهو المازنى السماك , قال البخارى: " منكر الحديث " , وقال النسائى: " متروك ".
(271) - (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " ما بين السرة والركبة عورة ". رواه الدارقطنى.(1/302)
* حسن.
وعزوه للدارقطنى وحده قصور فقد أخرجه أبو داود فى سننه , وأحمد فى مسنده وغيرهما بسند حسن وقد مضى تخريجه برقم (247) .
(272) - (" لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " (ص 74) .
* صحيح.
وقد مضى (196) .
(273) - (حديث: " المرأة عورة " رواه الترمذى (ص 74) .
* صحيح.
رواه الترمذى (1/219 ـ 220) من طريق همام عن قتادة عن مورق عن أبى الأحوص عن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم به وتمامه: " فإذا خرجت استشرفها الشيطان " وقال: " حديث حسن غريب ".
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وقد أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/64/2) وابن عدى (ق 184/2) من طريق سويد أبى حاتم حدثنا قتادة به وزاد: " وإنها أقرب ماتكون الى الله وهى فى قعر بيتها " وقال: " سويد يخلط على قتادة , ويأتى بأحاديث عنه لا يأتى بها أحد غيره , وهو إلى الضعف أقرب ".
قلت: قد تابعه همام كما رأيت , فذلك مما يقويه , وتابعه أيضا سعيد بن بشير عن [1] ابن خزيمة فى " صحيحه " (1685 , 1687) وفيه عنده الزيادة عن همام وسعيد.
(274) - (حديث أم سلمة قالت: " يا رسول الله تصلى المرأة فى درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: نعم إذا كان سابغا يغطى ظهور قدميها " رواه أبو داود (ص 74) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (640) والحاكم (1/250) والبيهقى (2/233) عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه عن أم سلمة أنها سألت النبى صلى الله عليه وسلم: أتصلى المرأة ... الحديث.
وقال الحاكم:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عند}(1/303)
" صحيح على شرط البخارى " , ووافقه الذهبى.
وهو من أوهامهما الفاحشة فإن أم محمد بن زيد لا تعرف كما قال الذهبى نفسه فى " الميزان " , وقد وقع فى إسناد الحاكم " عن أبيه " بدل " عن أمه " , وأبوه ليس له ذكر فى شىء من الكتب , وأظنه وهما من بعض النساخ إن لم يكن من الحاكم نفسه!
وفى الحديث علة أخرى وهى تفرد ابن دينار هذا برفعه , وهو مع كونه من رجال البخارى فإن فيه ضعفا من قبل حفظه , فمثله لا يحتج به عند التفرد والمخالفة , فقد رواه مالك (1/142/36) عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم: ماذا تصلى فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: تصلى فى الخمار والدرع السابغ إذا غيب ظهور قدميها ".
ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (639) والبيهقى , وتابعه عند جماعة وعند ابن سعد (8/350) عبد الرحمن بن إسحاق كلهم عن محمد بن زيد به موقوفا , وهذا هو الصواب.
وأما رفعه فخطأ من ابن دينار , على أنه لا يصح مرفوعا ولا موقوفا لأن مداره على أم محمد هذا وهى مجهولة كما عرفت , فقول النووى فى " المجموع " (3/172) : " رواه أبو داود بإسناد جيد , لكن قال: رواه أكثر الرواة عن أم سلمة موقوفا عليها من قولها "!
فهذا ذهول منه رحمه الله عما ذكرناه , فتنبه.
(275) - (حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا يصلى الرجل فى ثوب واحد ليس على عاتقه منه شىء " متفق عليه (ص 74) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/102) ومسلم (2/61) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (2/61) وأبو داود (626) والنسائى (1/125) والدارمى (1/318) والطحاوى (1/223) والبيهقى (2/238) والشافعى أيضا فى " الأم " (1/77) من طرق عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة مرفوعا.(1/304)
(276) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " (ص 75) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه رقم (88) .
(277) - (حديث أبى موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتى وأحل لإناثهم " صححه الترمذى (ص 75) .
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/321) والنسائى (2/285) والطيالسى (506) وأحمد (4/394 , 407) والبيهقى (3/275) وأبو أحمد المفسر فى " حديث عبيد الله بن عمر " (ق 148/1 ـ 2) وكذا ابن وهب فى " الجامع " (102) والطحاوى فى " شرح المعانى " (2/346) من طرق عن نافع عن سعيد بن أبى هند عن أبى موسى به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أنه منقطع , لأن ابن أبى هند لم يسمع من أبى موسى شيئا , كما قال الدارقطنى , وتبعه الحافظ فى " الدراية " (ص 328) وغيره.
ويؤيد ذلك أن كثيرا من الرواة عن نافع أدخلوا فى إسناده بين سعيد بن أبى هند وأبى موسى رجلا وصفه بعضهم بأنه من أهل البصرة , كذلك رواه معمر عن أيوب , وعبد الله [1] يعنى العمرى , كلاهما عن نافع به.
أخرجه أحمد (4/392 , 393) ورواه الجرجانى فى " تاريخ جرجان " (138) عن سعيد بن أبى عروبة عن أيوب به.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: وعبيد الله}(1/305)
وقد تابعه عبد الله بن سعيد بن أبى هند فقال: " عن أبيه عن رجل عن أبى موسى "
أخرجه أحمد أيضا وكذا الطحاوى (2/346) .
وعبد الله بن سعيد ثقة محتج به فى الصحيحين وهو أعرف بحديث أبيه من غيره , ولم يختلف عليه فى إسناده , كما اختلف على نافع فيه , كما رأيت , فرواية عبد الله بن سعيد أرجح , فعاد الحديث إلى أنه عن رجل وهو مجهول فضعف الإسناد به.
ومن الاختلاف فيه على نافع , رواية يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
أخرجه أبو الحسن الحربى فى " نسخة عبد العزيز بن المختار " (ق 166/1) : حدثنا محمد (هو ابن محمد بن سليمان الباغندى) حدثنا محمد بن عبد السلام أنبأنا يحيى بن سليم به.
وهذا إسناد رجاله ثقات غير أن يحيى بن سليم وهو الطائفى وإن كان من رجال الشيخين فهو سىء الحفظ , وقد خالفه محمد بن عبيد ويحيى بن سعيد فقالا: عن عبيد الله عن نافع عن سعيد بن أبى هند عن أبى موسى كما تقدم , وهو الصواب.
نعم تابعه بقية بن الوليد عن عبيد الله.
قال الدار قطنى كما فى " نصب الراية " (4/224) : " وكلاهما وهم , فقد روى طلق بن حبيب قال: قلت لابن عمر: سمعت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الحرير شيئا؟ قال: لا (1) , فهذا يدل على وهمهما ". ثم ذكر أن الصحيح عن عبيد الله عن نافع ما صوبنا.
__________
(1) قلت رواه الطحاوي في شرح المعاني (2/344) .(1/306)
وقد روى الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة منهم عبد الله بن عمرو , وعبد الله ابن عباس , وعلى بن أبى طالب , وعمر بن الخطاب , وعقبة بن عامر , وزيد بن أرقم.
أما حديث ابن عمرو , فقال ابن وهب فى " الجامع " (102) : وأخبرنى عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع التنوحى عنه , وأخرجه الطيالسى (2253) : حدثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم به. ومن طريق ابن وهب وغيره رواه الطحاوى فى " شرح المعانى " (2/345) وابن ماجه (3597) .
وهذا سند ضعيف , ابن أنعم وهو الأفريقى وشيخه التنوخى كلاهما ضعيف.
ومن هذا الوجه أخرجه إسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى فى " مسانيدهم " وابن أبى شيبة فى " المصنف " والطبرانى فى معجمه كما فى " نصب الراية " , ولم يورده الهيثمى فى " المجمع " والله أعلم.
وأما حديث عبد الله بن عباس , فهو من طريق إسماعيل بن مسلم قال حدثنى عمرو بن دينار عن طاوس عنه.
أخرجه ابن الاعرابى فى " معجمه " (ق 64/1) .
وإسماعيل هذا هو المكى ضعيف , ومن طريقه رواه البزار والطبرانى فى الكبير والأوسط , وله عندهم إسناد آخر , وفيه سلام الطويل وهو متروك , وبقية رجاله ثقات , كما فى " المجمع " (5/143) .
وأما حديث على , فهو من طريق عبد الله بن زرير الغافقى عنه.
أخرجه أبو داود (4057) والنسائى (2/285) وابن ماجه (3595) والطحاوى (2/345) وأحمد (1/115) من طريق رجل سماه بعضهم أبا أفلح , وبعضهم أفلح , وبعضهم أبا صالح , وبعضهم , أبا على الهمدانى عن ابن زرير , وهو مجهول قال فى " نصب الراية " (4/223) :(1/307)
" وذكر عبد الحق فى " أحكامه ": هذا الحديث من جهة النسائى , ونقل عن ابن المدينى أنه قال فيه: " حديث حسن ورجاله معروفون , قال ابن القطان فى " كتابه " هكذا قال , وأبو أفلح مجهول , وعبد الله بن زرير مجهول الحال , قال الشيخ فى " الإمام ": وعبد الله بن زرير , ذكره ابن سعد فى " الطبقات " ووثقه وقال: توفى سنة إحدى وثمانين فى خلافة عبد الملك بن مروان ".
وأما حديث عمر , فأخرجه الطبرانى فى " الصغير " (ص 94) والأوسط وكذا البزار , وفيه عمرو بن جرير وهو متروك كما قال الهيثمى.
وأما حديث عقبة بن عامر , فهو من طريق هشام بن أبى رقية قال: سمعت مسلمة بن مخلد يقول لعقبه بن عامر: قم فأخبر الناس بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره.
أخرجه الطحاوى (2/345 ـ 346) والبيهقى (2/275 ـ 276) ورجاله ثقات غير هشام هذا وقد أورده ابن أبى حاتم (4/2/57) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأورده ابن حبان فى " الثقات " (1/248) .
وقد روى عنه ثقتان , فهو حسن الحديث فى الشواهد على الأقل , وقد نقل الشوكانى (1/381) عن الحافظ أنه قال: إسناده حسن.
وأما حديث زيد بن أرقم , فهو من طريق ثابت بن أرقم قال: حدثتنى عمتى أنيسة بنت زيد بن أرقم عن أبيها زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
أخرجه الطحاوى (2/345) , وزيد هذا هو ابن زيد بن ثابت بن زيد بن أرقم قال أحمد: حدثنا عنه معتمر أحاديث مناكير.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة أسانيدها ضعيفة أيضا تجدها فى " المجمع " و" نصب الراية " و" نيل الأوطار " وقد عقب عليها بقوله: " وهذه الطرق متعاضدة , بكثرتها ينجبر الضعف الذى لم تخل منه واحدة منها ".(1/308)
وفى أخرى له , بلفظ عن طريق آخر. " لا يلبس الحرير فى الدنيا إلا من ليس له فى الآخرة من شىء إلا هكذا , وقال بأصبعيه السبابة والوسطى ".
وإسناده صحيح أيضا , وهو عند البخارى (4/82 , 83) مفرقا ومسلم (6/141) .
وفى لفظه له أيضا (1/49) من طريق ثالث: " إنما يلبس الحرير من لا خلاق له "
وهو عند البخارى أيضا (4/84) , وعند مسلم (6/138) من طريق رابع.
وللحديث شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعا , وهو مخرج فى " الصحيحة " (384) .
(278) - (حديث عمر مرفوعا: " لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة " متفق عليه (ص 75) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/83) ومسلم (6/140) والنسائى (2/297) والترمذى (2/134) وأحمد (1/20 , 26 , 36 , 37 , 39) من طرق عنه والسياق لمسلم , وليس عند البخارى قوله: " لا تلبسوا الحرير " وهو عند النسائى موقوف وكذا عند أحمد , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وفى رواية لأحمد: قال عبد الله بن الزبير من عنده: " ومن لم يلبسه فى الآخرة لم يدخل الجنة , قال الله تعالى (ولباسهم فيها حرير) ".
وسنده صحيح على شرط الشيخين.(1/309)
(279) - (قول ابن عباس: " إنما نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت , أما العلم , وسدا الثوب , فليس به بأس " رواه أبو داود (ص 75) .
رواه أبو داود (4055) وأحمد (1/218 , 313 , 321) والبيهقى (3/270) من طريق زهير وابن جريج وغيرهما سماعا من خصيف عن عكرمة عن ابن عباس به.
قلت: وخصيف ضعيف لسوء حفظه , لكنه لم يتفرد به فقال الإمام أحمد (1/313) : حدثنا محمد بن بكر حدثنا ابن جريج: أخبرنى عكرمة بن خالد عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: " إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت حريرا " وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
(280) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه " (ص 76) .
* صحيح.
ورد من حديث أنس بن مالك , وأبى هريرة وابن عباس.
أما حديث أنس , فهو بلفظ الكتاب.
أخرجه الدارقطنى فى سننه (ص 47) من طريق أبى جعفر الرازى عن قتادة عنه مرفوعا وقال: " المحفوظ مرسل " , وأقره المنذرى فى " الترغيب " (1/86) .
قلت: وعلة هذا الموصول , أبو جعفر الرازى وهو ضعيف لسوء حفظه.
لكن رواه حماد بن سلمة عن ثمامة بن أنس عن أنس به , هكذا رواه جماعة عن حماد ورواه أبو سلمة عن حماد عن ثمامة مرسلا. والمحفوظ الموصول كما قال ابن أبى حاتم (1/26) عن أبى زرعة , قلت: سنده صحيح.(1/310)
وأما حديث أبى هريرة فلفظه: " أكثر عذاب القبر من البول ".
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/44/2) وعنه ابن ماجه (348) والدارقطنى أيضا والآجرى فى " كتاب الشريعة " (ص 362 , 363) والحاكم (1/183) وأحمد (2/326 , 388 , 389) عن الأعمش عن أبى صالح عنه مرفوعا.
وقال الدارقطنى: " صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولا أعرف له علة " , ووافقه الذهبى.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 27/1) : " هذا إسناد صحيح رجاله من آخرهم محتج بهم فى الصحيحين ".
قلت: وهو كما قالوا.
وله طريق أخرى عن أبى هريرة بلفظ: " استنزهوا من البول , فإن عامة عذاب القبر منه ".
أخرجه الدار قطنى من طريق محمد بن الصباح السمان البصرى أنبأنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون عن محمد بن سيرين عنه , وقال: " الصواب مرسل ".
قلت: وهذا سند رجاله ثقات غير محمد بن الصباح هذا , أورده الذهبى فى " الميزان " فقال: " بصرى , عن أزهر السمان , لا يعرف وخبره منكر " وكأنه يعنى هذا.
وأما حديث ابن عباس فلفظه: " عامة عذاب القبر من البول , فتنزهوا من البول "
أخرجه الدارقطنى والحاكم (1/183 ـ 184) وكذا البزار والطبرانى كما فى " مجمع الزوائد " (1/207) وقال: " وفيه أبو يحيى القتات وثقه يحيى بن معين فى رواية وضعفه الباقون ".(1/311)
قلت: وسكت عليه الحاكم ثم الذهبى , وقال الدارقطنى عقب الحديث: " لا بأس به " , قلت: وكأنه يعنى فى الشواهد.
ويشهد له حديثه الآخر وهو أتم منه , ويأتى بعد حديثين.
وأما حديث عائشة فلفظه: " قالت: دخلت على امرأة من اليهود فقالت: إن عذاب القبر من البول , فقلت: كذبت , فقالت: بلى إنا لنفرض من [1] الجلد والثوب , فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا , فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت , فقال: صدقت , فما صلى بعد يومئذ صلاة إلا قال فى دبر الصلاة: رب جبريل وميكائيل وإسرافيل أعذنى من حر النار , وعذاب القبر ".
أخرجه ابن أبى شيبة الى قوله " صدقت " والنسائى (1/197) بتمامه وكذا أحمد (6/61) من طريق جسرة: حدثتنى عائشة به. وجسرة هذه قال البخارى:: " عندها عجائب ".
قلت: وهذا الحديث فى الصحيح دون قول اليهودية: " إن عذاب القبر من البول " وقوله صلى الله عليه وسلم: " صدقت " , فهذا يدل على ضعف جسرة , وصحة حكم البخارى على أحاديثها!
(281) - (قوله لأسماء فى دم الحيض: " تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلى فيه " متفق عليه (ص 76) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه فى أول " باب إزالة النجاسة " رقم (165) .
(282) - (" أمره صلى الله عليه وسلم بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابى الذى بال فى طائفة المسجد ".
* صحيح.
وقد مر تخريجه فى آخر الباب المشار اليه (رقم 171) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: لنقرض منه}(1/312)
(283) - (حديث القبرين، وفيه: "أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله") ص 76.
صحيح.
وهو من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، بلى أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول" وفي رواية: "بوله " وأما الآخر، فكان يمشي بالنميمة"، ثم أخذ جريدة فشقها بنصفين، فغرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: "لعلهما أن يخفف عنهما ما لم ييبسا".
أخرجه البخاري (1/66 - 67، 346، 125) ومسلم (1/166) وأبو عوانة (1/196) وأبو داود (20) والنسائي (1/12 - 13) والترمذي (1/102 - 103) والدارمي (1/188 - 189) وابن أبي شيبة (1/44/2) وعنه ابن ماجه (347) والبيهقي (1/104) وأحمد (1/225) والسياق له وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وليس عنده قصة الجريدة ولا عند ابن أبي شيبة وقالا: "يستتر" بدل "يستنزه" وهي رواية البخاري وغيره، وعند مسلم وأبي داود الروايتان.
وفي رواية البخاري والنسائي وأحمد بلفظ: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان مكة أو المدينة فسمع صوت إنسانين يندبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "يعذبان، وما يعذبان في كبير"، ثم قال "بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله". الحديث
فائدة: قد جاء في حديث جابر الطويل في صحيح مسلم (8/235) بيان التخفيف المذكور في الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين".
فهذا نص على أن التخفيف سببه شفاعته صلى الله عليه وسلم ودعاؤه لهما، وأن رطابة(1/313)
الغصنين إنما هي علامة لمدة الترفيه عنهما وليست سببا، وبذلك يظهر بدعية ما يصنعه كثير من الناس في بلادنا الشامية وغيرها من وضع الآس والزهور على القبور عند زيارتها، الأمر الذي لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه من بعده على ما في ذلك من الإسراف وإضاعة المال. والله المستعان.
(284) - (حديث أبى سعيد رضى الله عنه: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ قالوا رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا قال: " إن جبريل أتانى فأخبرنى أن فيهما قذرا " رواه أبو داود (ص 76) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (650) وعنه البيهقى (2/431) والدارمى (1/320) والطحاوى (1/294) والحاكم (1/260) والبيهقى أيضا (2/402 , 431) وأحمد (3/20 , 92) من طرق عن حماد عن أبى نعامة السعدى عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى به.
وزاد فى آخره: " وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر , فإن رأى فى نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ".
وكذلك أخرجه الطيالسى فى مسنده (2154) حدثنا حماد بن سلمة به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى.
وقال النووى فى " المجموع " (2/179 , 3/132 , 156) : " وإسناده صحيح ".
وقد أعل الحديث بالإرسال وليس بشىء , وقد رجح أبو حاتم فى " العلل " (رقم 330) هذا الموصول , وقد ذكرت كلامه فى ذلك فى " صحيح أبى داود " رقم (657)(1/314)
ويؤيد صحة الحديث أن له شاهدا من حديث أنس , عند الحاكم (1/139 ـ 140) وقال: " صحيح على شرط البخارى " , ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
وشاهد آخر من مرسل بكر بن عبد الله المزنى.
أخرجه أبو داود (651) بسند صحيح عنه.
(تنبيه) : حماد فى هذا السند هو ابن سلمة كما صرح بذلك الطيالسى فى روايته , ووقع فى بعض نسخ أبى داود أنه ابن حماد وأظنه وهما من بعض النساخ لأمور ذكرتها فى " صحيح أبى داود " لا مجال لذكرها الآن.
(285) - (حديث: " جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا " (ص 77) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم , منهم: أبو هريرة , وجابر بن عبد الله , وحذيفة , وأبو أمامة , وأبو ذر , وعبد الله بن عمرو , وعبد الله بن عباس , وعلى بن أبى طالب.
1 ـ أما حديث أبى هريرة فلفظه: " فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم , ونصرت بالرعب , وأحلت لى الغنائم , وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا , وأرسلت إلى الخلق كافة , وختم بى النبيون ".
أخرجه مسلم (2/64) وأبو عوانة (1/395) والترمذى (1/293) وأحمد (2/412) والسراج (ق 46/2) , ولابن ماجه (567) الفقرة الرابعة منه.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
2 ـ وأما حديث جابر فلفظه: " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلى: نصرت بالرعب مسيرة شهر , وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا , وأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة(1/315)
فليصل , وأحلت لى الغنائم , وكان النبى يبعث إلى قومه خاصة , وبعثت الى الناس كافة , وأعطيت الشفاعة ".
أخرجه البخارى (1/93 , 121) ومسلم وأبو عوانة والنسائى (1/73 ـ 4/120) والدارمى (1/322 ـ 323) والبيهقى (1/212) والسراج (ق 47/1) .
3 ـ وأما حديث حذيفة فلفظه: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة , وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا , وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء " (1) .
رواه مسلم وأحمد (5/383) والسراج أيضا وعزاه السيوطى فى " الجامع الصغير " للنسائى أيضا , فلعله يعنى فى سننه الكبرى! والبيهقى (1/213) .
4 ـ وأما حديث أبى أمامة فلفظه: " فضلت بأربع: جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا , فأيما رجل من أمتى أتى الصلاة فلم يجد ماء وجد الأرض مسجدا وطهورا , وأرسلت الى الناس كافة , ونصرت بالرعب من مسيرة شهر , يسير بين يدى , وأحلت لى الغنائم " رواه السراج (ق 47/1) والبيهقى (1/212) .
قلت: وإسناده صحيح , ورواه أحمد بنحوه وتقدم لفظه (152) .
5 ـ وأما حديث أبى ذر فلفظه: " أعطيت خمسا لم يعطهن نبى قبلى , بعثت إلى الأحمر والأسود , وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا , وأحلت لى الغنائم ولم تحل لأحد قبلى , ونصرت بالرعب شهرا , يرعب منى العدو مسيرة شهر , وقيل لى: سل تعط , فاختبأت دعوتى شفاعة لأمتى , وهى نائلة منكم إن شاء الله تعالى من لا
يشرك بالله شيئا ".
__________
(1) قلت: قال مسلم في آخره: "وذكر خصلة أخرى" وهي في فضل الآيات من آخر سورة "البقرة". انظر "الصحيحة" 1482(1/316)
أخرجه الدارمى (2/224) وأحمد (5/145 , 148 , 161) والسراج (ق 46/2) بإسناد صحيح , وروى منه أبو داود (489) العطية الثانية.
6 ـ وأما حديث ابن عمرو فلفظه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلى , فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم , فقال لهم: " لقد أعطيت خمسا ما أعطيهن أحد قبلى , أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة , وكان من قبلى إنما يرسل إلى قومه , ونصرت على
العدو بالرعب ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر لملىء منه رعبا , وأحلت لى الغنائم كلها وكان من قبلى يعظمون أكلها , كانوا يحرقونها , وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا , أينما أدركتنى الصلاة تمسحت وصليت , وكان من قبلى يعظمون ذلك , إنما كانوا يصلون فى كنائسهم وبيعهم , والخامسة هى ما هى؟ قيل لى: سل فإن
كل نبى قد سأل , فأخرت مسألتى إلى يوم القيامة , فهى لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله " أخرجه أحمد (2/222) بسند حسن.
7 ـ وأما حديث ابن عباس فلفظه مثل حديث أبى ذر.
أخرجه أحمد (1/250 , 301) بسند حسن فى الشواهد.
8 ـ وأما حديث على فلفظه: " أعطيت ما لم يعط أحد من الانبياء , فقلنا: ماهو يا رسول الله؟ فقال: نصرت بالرعب , وأعطيت مفاتيح الأرض , وسميت أحمد , وجعلت لى التراب طهورا , وجعلت أمتى خير الأمم ".
أخرجه البيهقى (1/213 ـ 214) بسند فيه ضعف , وفيه اضطراب بينه ابن أبى حاتم (2/399) .
وبالجملة فالحديث صحيح متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/317)
(286) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا القبور مساجد فإنى أنهاكم عن ذلك ". رواه مسلم (ص 77) .
* صحيح.
وهو من حديث جندب بن عبد الله البجلى قال , سمعت النبى صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس وهو يقول: " إنى أبرأ إلى الله أن يكون لى منكم خليل , فإن الله تعالى قد اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا , ولو كنت متخذا من أمتى خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا , ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد , ألا فلا تتخذوا القبور مساجد , إنى أنهاكم عن ذلك ".
أخرجه مسلم (2/67 ـ 68) وأبو عوانة (1/401) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/84/2) , ورواه ابن سعد فى " الطبقات " (2/240) مختصرا دون ذكر الأخوة واتخاذ الخليل.
وفى الباب أحاديث أخرى كثيرة خرجتها فى كتابى " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " (ص 9 ـ 19) .
(287) - (روى ابن ماجه والترمذى وعبد بن حميد فى مسنده عن ابن عمر: أن النبى صلى الله عليه وسلم: نهى أن يصلى فى سبعة (1) مواطن: المزبلة , والمجزرة , والمقبرة , وقارعة الطريق , وفى الحمام , وفى مواطن [1] الإبل وفوق ظهر بيت الله " (ص 77) .
* ضعيف.
رواه الترمذى (2/177 ـ 178) وابن ماجه (746) وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 84/2) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/224) وأبو على الطوسى فى " مختصر الأحكام " (ق 36/1) والبيهقى (2/229 ـ 230) عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر به.
وقال البيهقى:
__________
(1) الأصل (سبع) وهو خطأ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: معاطن}(1/318)
" تفرد به زيد بن جبيرة ".
قلت: قال ابن عبد البر: " أجمعوا على ضعفه ".
وقال الساجى: " حدث عن داود بن الحصين بحديث منكر جدا " , يعنى هذا الحديث.
وقال الحافظ فى " التقريب ": " متروك " , وفى " التخليص " (ص 80) : " ضعيف جدا " , وقال الترمذى: " إسناده ليس بذاك القوى , وقد تكلم فى زيد بن جبيرة من قبل حفظه وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله , وعبد الله بن عمر
العمرى ضعفه أهل الحديث من قبل حفظه منهم يحيى بن سعيد القطان ".
وحديث الليث هذا وصله أبو بكر بن النجار فى " مسند عمر بن الخطاب " (ق 123/2) عن أبى صالح: حدثنى الليث بن سعد به. وكذلك وصله ابن ماجه (746) وأبو على الطوسى لكن سقط من سندهما العمرى.
قال الحافظ فى " التلخيص ": " وفى سند ابن ماجه عبد الله بن صالح , وعبد الله بن عمر العمرى المذكور فى سنده ضعيف أيضا , ووقع فى بعض النسخ بسقوط عبد الله بن عمر بين الليث ونافع فصار ظاهره الصحة.
وقال ابن أبى حاتم فى " العلل " عن أبيه: هما جميعا واهيان , وصححه ابن السكن وإمام الحرمين ".
ولبعضه طريق أخرى عن ابن عمر بلفظ: " نهى أن يصلى على قارعة الطريق , أو يضرب الخلاء عليها , أو يبال فيها ".
أخرجه ابن ماجه (330) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/191/1) عن عمرو ابن خالد الحرانى عن ابن لهيعة عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب , عن سالم عن أبيه مرفوعا.
ورجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه ضعيف لسوء حفظه.(1/319)
وفى الباب عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا بلفظ: " الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة ".
أخرجه أبو داود (492) والترمذى (2/131) والدارمى (1/323) وابن ماجه (745) والحاكم (1/251) والبيهقى (2/434! 435) وأحمد (3/83 , 96) والسراج (ق 47/1) من طرق عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبى سعيد به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد صححه كذلك الحاكم والذهبى وأعله بعضهم بما لا يقدح , وقد أجبنا عن ذلك فى " صحيح أبى داود " (507) , وذكرت له هناك طريقا آخر صحيحا هو فى منجاة من العلة المزعومة ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " أسانيده جيدة , ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه ".
وقد أشار إلى صحته الإمام البخارى فى جزء القراءة ص 4.
(288) - (حديث: " لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت ركعتين " متفق عليه (ص 78) .
* صحيح.
وهو من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة , هو وأسامة بن زيد , وبلال بن رباح وعثمان بن طلحة الحجبى , فأغلقها عليه , ومكث فيها. قال عبد الله: فسألت بلالا حين خرج , ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جعل عمودا عن يمينه , وعمودين عن يساره , وثلاثة أعمدة
وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة , ثم صلى ".
أخرجه مالك (1/398/193) وعنه البخارى (1/137) ومسلم (4/95) من طريق نافع عنه.
ورواه أبو داود (2023) عن مالك , والدارمى (2/53) والنسائى (1/22) .
وفى رواية عن مجاهد قال: أتى ابن عمر فقيل له: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة , فقال ابن عمر: فأقبلت والنبى صلى الله عليه وسلم قد خرج , وأجد بلالا قائما بين البابين , فسألت بلالا , فقلت: صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟ قال: نعم ,(1/320)
ركعتين , بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت , ثم خرج فصلى فى وجه الكعبة ركعتين.
أخرجه البخارى (1/111 ـ 112) ورواه أحمد (2/50) مختصرا " صلى فى البيت ركعتين ".
وله عنده (2/46) طريق ثالث عن سماك الحنفى قال سمعت ابن عمر يقول: فذكره مختصرا , وزاد فى رواية: " وستأتون من ينهاكم عنه ". وسنده صحيح على شرط مسلم.
(289) - (حديث: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة") ص 78.
صحيح.
وهو من حديث أبي هريرة أن رجلا دخل المسجد ورسول الله جالس في ناحية المسجد فصلى، ثم جاء فسلم عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام، فأرجع فصل فأنك لم تصل"، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم، فقال: "وعليك السلام، فارجع، فصل فإنك لم تصل"، فقال في الثانية، أو في التي بعدها علمني يا رسول الله، فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تطمئن قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".
أخرجه البخاري (1/145 - 146، 4/172، 367) ومسلم (2/11) وأبو عوانة (2/103) وأبو داود (856) والنسائي (1/141) ، والترمذي (2/103 - 104) وابن ماجه (1060) والبيهقي (2/15، 37، 62، 372) وأحمد (2/437) .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وله شاهد من حديث رفاعة بن رافع البدري بهذه القصة. أخرجه(1/321)
البخاري في جزء القراءة (11 - 12) والنسائي (1/161، 194) وكذا أبو داود (859) والحاكم (1/242) والشافعي في الأم (1/88) وأحمد (4/340) .
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وإنما هو على شرط البخاري وحده فإن علي بن يحيى بن خلاد لم يخرج له مسلم شيئا.
تنبيه: هذا الحديث يعرف عند العلماء بـ "حديث المسيء صلاته "، وقد يأتي في الكتاب الإشارة إليه بهذه العبارة كما في الصفحة 83 منه.
(290) - (حديث: " ابن عمر فى أهل قباء لما حولت القبلة " متفق عليه (ص 78) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/113 , 3/199 , 199 ـ 201 , 4/414) ومسلم (2/66) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (1/394) ومالك فى " الموطأ " (1/195/6) وعنه محمد فى موطئه (ص 152) والشافعى فى " الأم " (1/81 ـ 82) وعنه البيهقى (2/2) والنسائى (1/85 , 122) والدارمى (1/281) والدارقطنى (ص 102) وأحمد (2/16 , 26 , 105 , 113) من طرق عن عبد الله بن دينار , عن عبد الله بن عمر قال: " بينما الناس بقباء فى صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن , وقد أمر أن يستقبل الكعبة , فاستقبلوها , وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة ".
وقال أبو عوانة: " وهذا الحديث مما يحتج به فى إثبات الخبر الواحد ".
قلت: ويحتج به أيضا فى نسخ المتواتر بالآحاد , وهو الحق.
وقد جاءت هذه القصة عن جماعة آخرين من الصحابة , منهم أنس بن مالك عند مسلم وغيره , والبراء بن عازب عند الشيخين , وسهل بن سعد عند الطبرانى , وقد خرجت أحاديثهم وسقت ألفاظهم فى " تخريج صفة الصلاة "(1/322)
(291) - (حديث: عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: " كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فى ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة , فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل (فأينما تولوا فثم وجه الله) " رواه ابن ماجه (ص 78) .
* حسن.
وعزوه بهذا السياق لابن ماجه خطأ , فإنما هو للترمذى (2/176) , ورواه ابن ماجه (1020) نحوه من طريق الطيالسى وهذا فى مسنده (1145) وعنه البيهقى (2/11) وابن جرير فى تفسيره (1841 , 1843) والدارقطنى (ص 101) وأبو نعيم فى " الحلية " (1/179 ـ 180) وأبو على الطوسى فى " مختصر الأحكام " (ق 36/1) من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة به.
وزاد الطيالسى: " فقال: مضت صلاتكم , ونزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله) , وقال الترمذى: " هذا حديث ليس إسناده بذاك ".
قلت: وعلته عاصم هذا فإنه سيىء الحفظ , وبقية رجاله عند الطيالسى ثقات رجال مسلم عدا أشعث بن سعيد السمان وقد تابعه عنده عمرو بن قيس وهو الملائى احتج به مسلم.
وللحديث شاهد من حديث من حديث جابر قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسير أو سرية فأصابنا غيم فتحرينا , واختلفنا فى القبلة , فصلى كل رجل منا على حدة , فجعل أحدنا يخطر بين يديه لنعلم أمكنتنا , فلما أصبحنا نظرناه , فإذا نحن قد صلينا على غير القبلة , فذكرنا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: قد أجزأت صلاتكم ".
أخرجه الدارقطنى والحاكم (1/206) والبيهقى (2/10) من طريق محمد بن سالم عن عطاء عنه.
وقال الحاكم:(1/323)
" هذا حديث محتج برواته كلهم غير محمد بن سالم فإنى لا أعرفه بعدالة ولا جرح " , وتعقبه الذهبى بقوله: " هو أبو سهل واه ".
قلت: وضعفه الدارقطنى والبيهقى كما يأتى , وقد توبع , فرواه الدارقطنى والبيهقى من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبرى قال: وجدت فى كتاب أبى: حدثنا عبد الملك بن أبى سليمان العرزمى عن عطاء به نحوه.
وعبد الملك هذا ثقة من رجال مسلم لكن أحمد بن عبيد الله العنبرى ليس بالمشهور.
قال الذهبى: قال ابن القطان: مجهول.
قال الحافظ فى " اللسان ": " وذكره ابن حبان فى " الثقات " فقال: روى عن ابن عتبة وعنه ابن الباغندى , لم تثبت عدالته وابن القطان تبع ابن حزم فى إطلاق التجهيل على من لا يطلعون على حاله , وهذا الرجل بصرى شهير , وهو ولد عبيد الله القاضى المشهور ".
وأعله البيهقى بما فيه من الوجادة , وليس بشىء كما بينته فى تخريج " صفة الصلاة ".
وللحديث متابعة أخرى، فرواه البيهقى عن محمد بن عبيد الله العرزمى عن عطاء به نحوه وقال: " تفرد به محمد بن سالم ومحمد بن عبيد الله العرزمى عن عطاء وهما ضعيفان ".
وكذا قال الدارقطنى.
وبالجملة فالحديث بهذا الشاهد مع طرقه الثلاث عن عطاء يرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى.
(292) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ما بين المشرق والمغرب قبلة " رواه ابن ماجه والترمذى وصححه (ص 78 ـ 79) .(1/324)
* صحيح.
أخرجه الترمذى (2/171) وابن ماجه (1011) من طريق أبى معشر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا.
وقال الترمذى: " حديث أبى هريرة قد روى عنه من غير هذا الوجه , وقد تكلم بعض أهل العلم فى أبى معشر من قبل حفظه , واسمه نجيح , قال محمد: لا أروى عنه شيئا , وقد روى عنه الناس ".
قلت: وقال النسائى فى سننه (1/313) : " وأبو معشر المدنى اسمه نجيح , وهو ضعيف , ومع ضعفه أيضا كان اختلط , عنده أحاديث مناكير , منها: محمد بن عمرو ... " قلت: فذكر هذا الحديث ".
قلت: لكن له طريق أخرى.
فقال الترمذى: حدثنا الحسن بن أبى بكر المروزى , حدثنا المعلى بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمى عن عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة مرفوعا به وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".
قال محمد (يعنى البخارى) : هو أقوى من حديث أبى معشر وأصح ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات غير شيخ الترمذى " الحسن بن أبى بكر " كذا هو فى نسخ السنن " أبى بكر " حتى النسخة التى صححها أحمد شاكر رحمه الله تعالى , وهو خطأ , والصواب " الحسن بن بكر " بحذف لفظ (أبى) كما فى " التهذيب " و" التقريب " وهو الحسن بن بكر بن عبد الرحمن أبو على نزيل مكة , قال مسلمة: " مجهول " لكن قد روى عنه جماعة من الثقات ذكرهم فى " التهذيب " وكأنه لذلك قال فى " التقريب ": إنه صدوق , والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية ابن عمر مرفوعا.
أخرجه الدارقطنى (ص 101) والحاكم (1/206) وعنه البيهقى (2/9) عن يزيد ابن هارون أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن المجبر عن نافع عنه.
وقال(1/325)
الحاكم: " صحيح , وابن مجبر ثقة ".
قلت: كلا , بل ليس بثقة , بل اتفقوا على تضعيفه , وقد أورده الذهبى فى " الميزان " وكذا الحافظ فى " اللسان " فلم يذكرا عن أحد توثيقه , بل كل من حكوا كلامه فيه ضعفه , إلا الحاكم فلا يعتمد على توثيقه.
لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه الدارقطنى , وعنه الضياء فى " المختارة " , والحاكم أيضا (1/205) من طريق أبى يوسف يعقوب بن يوسف الواسطى حدثنا شعيب بن أيوب حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , فإن شعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده ".
ووافقه الذهبى.
قلت: ولكن شعيبا لم يخرج له الشيخان شيئا , إنما أخرج له أبو داود فقط , فالحديث صحيح فقط إن كان الراوى عنه يعقوب بن يوسف أبو يوسف الخلال الواسطى ثقة , فإنى لم أجد له ترجمة فيما عندى من كتب الرجال , وقد تفرد به كما قال البيهقى , قال: " والمشهور رواية الجماعة: حماد بن سلمة وزائدة بن قدامة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر من قوله. قال: وروى عن أبى هريرة مرفوعا , وروى يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا "
قلت: فالحديث بهذه الطرق صحيح , والله أعلم.
(293) - (حديث أبى أيوب: " ولكن شرقوا أو غربوا " (ص 79) .
* صحيح.
ولفظه: " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها , ولكن شرقوا أو غربوا. قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة , فننحرف , ونستغفر الله عز وجل ".(1/326)
أخرجه البخارى (1/50 , 111) ومسلم (1/154) وأبو عوانة (1/199) وأبو داود (9) والترمذى (1/13) والنسائى (1/10) وابن ماجه (318) والدارمى (1/170) وأحمد (5/416 , 417 , 421) من طرق عن الزهرى عن عطاء بن يزيد الليثى عن أبى أيوب به.
وقال الترمذى: " حديث أبى أيوب أحسن شىء فى هذا الباب وأصح ".
وللحديث إسنادان آخران , أحدهما عند مالك (1/19/1) والآخر عند الدارقطنى (23) . وهما صحيحان أيضا.
(294) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم قام يتهجد وحده فجاء ابن عباس فأحرم معه فصلى به النبى صلى الله عليه وسلم " متفق عليه (ص 79 ـ 80) .
* صحيح.
وهو من حديث ابن عباس رضى الله عنه أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم , وهى خالته , قال: فاضطجعت فى عرض الوسادة , واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله فى طولها , فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم , حتى إذا انتصف الليل , أو قبله بقليل , أو بعده بقليل , استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده , ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران , ثم قام إلى شن معلق , فتوضأ منه , فأحسن وضوءه , ثم قام يصلى , قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل ماصنع , ثم ذهبت فقمت إلى جنبه , فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسى وأخذ بأذنى اليمنى يفتلها , فصلى ركعتين , ثم ركعتين ثم ركعتين , ثم ركعتين ثم ركعتين , ثم ركعتين , ثم أوتر ثم اضطجع , حتى أتاه المؤذن , فصلى ركعتين خفيفتين , ثم خرج , فصلى الصبح ".
أخرجه مالك (1/121/11) وعنه البخارى (1/58 ـ 59 , 252 , 301 , 3/221) ومسلم (2/179) وأبو عوانة (2/315 ـ 316) وأبو داود (1367) والنسائى (1/241) وابن ماجه (1363) والبيهقى (2/7) وأحمد (1/242 , 358) كلهم عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عنه.
وله فى البخارى (1/42 , 48 , 182 , 188 , 220 , 4/469) وكذا(1/327)
مسلم وأبى عوانة وأبى داود وأحمد (1/244 , 249 , 252 , 275 , 283 , 284 , 341 , 343 , 347 , 350 , 354 , 360 , 365 , 367 , 369 , 370 , 373) وكذا الطيالسى (2632 , 2706) بطرق أخرى عن كريب وغيره عن ابن عباس بألفاظ متقاربة , وسيأتى بعضها برقم (540) .
وفى الباب عن جابر بن عبد الله فى اقتدائه هو وجبار بن صخر بالنبى صلى الله عليه وسلم فى السفر , وقد أشار إليه المؤلف هنا , وذكر بعضه فى الإمامة وقد ذكرت هناك لفظه بتمامه. (رقم 539) .
(295) - (حديث: " قصة معاذ " (ص 80) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وأنس بن مالك وبريدة.
أما حديث جابر , فله عنه طرق:
الأولى: عن عمرو بن دينار عنه قال: " كان معاذ يصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم , ثم يأتى فيؤم قومه , فصلى ليلة مع النبى صلى الله عليه وسلم العشاء , ثم أتى قومه فأمهم , فافتتح بسورة البقرة , فانحرف رجل فسلم , ثم صلى وحده , وانصرف , فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله , ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار , وإن معاذ صلى معك العشاء , ثم أتى فافتتح بسورة البقرة , فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: يا معاذ أفتان أنت؟ ! اقرأ بكذا , واقرأ بكذا.
وفى رواية: " أفتان أنت ثلاثا؟ ! اقرأ الشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى ونحوهما ".
أخرجه البخارى (1/183 , 4/137) - والرواية الأخرى له - ومسلم (2/41 ـ 42) وأبو عوانة (2/156 , 157) والنسائى (1/134) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/126) وابن الجارود فى " المنتقى " (165 ـ 166) وأحمد (3/308 , 369) والسراج فى مسنده (ق 32/2) من طرق عن عمرو به.(1/328)
وفى رواية للشيخين مختصرا بلفظ: " كان معاذ يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة , ثم يرجع إلى قومه فيصلى بهم تلك الصلاة ".
وأخرجه هكذا أبو داود (600) والترمذى (2/477) وقال: " حديث حسن صحيح " والطيالسى (1694) والطحاوى (1/238) والدارقطنى (ص 102) وزاد فى آخره: " هى له نافلة , ولهم فريضة ".
وإسنادها صحيح.
الثانية: عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصارى قال: " أقبل رجل بناضحين , وقد جنح الليل , فوافق معاذا يصلى , فترك ناضحيه وأقبل إلى معاذ , فقرأ بسورة البقرة أو النساء , فانطلق الرجل فبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبى صلى الله عليه وسلم , فشكا اليه معاذا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يامعاذ أفتان أنت أو قال: أفاتن أنت ثلاث مرار؟ ! فلولا صليت , بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى فإنه يصلى وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة ".
أخرجه البخارى (1/183 ـ 184) - والسياق له - وأبو عوانة (2/158) والنسائى (1/154 , 155) والطحاوى (1/125 ـ 126) والطيالسى (1728) وأحمد (3/299 , 300) والسراج (ق 32/2 , 33/1 ـ 2) وزاد: " فانصرف الرجل فصلى فى ناحية المسجد ": وإسنادها صحيح.
الثالثة: أبو الزبير عنه أنه قال: " صلى معاذ بن جبل الأنصارى لأصحابه العشاء , فطول عليهم , فانصرف رجل منا فصلى , فاخبر معاذ عنه , فقال: إنه منافق , فلما بلغ ذلك الرجل , دخل(1/329)
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: أتريد أن تكون فتانا يامعاذ؟ ! إذا أممت الناس فاقرأ ب (الشمس وضحاها) و (سبح اسم ربك الأعلى) و (اقرأ باسم ربك) و (الليل إذا يغشى) ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائى (1/155) والسراج (ق 33/1) 44/1 والبيهقى (2/392) وابن ماجه (836) مختصرا.
الرابعة: عن أبى صالح عنه مثل رواية محارب بن دثار:
أخرجه السراج (ق 33/1 ـ 2) , وزاد فى روايته: " قال أبو صالح: لما كان يوم أحد أتى ذلك الفتى معاذ فقال: زعمت أنى منافق! تقدم , فقال معاذ: صدق الله وكذبت , فقاتل: حتى قتل ".
وأما حديث أنس فلفظه: " كان معاذ بن جبل يؤم قومه فدخل حرام وهو يريد أن يسقى نخله , فدخل المسجد ليصلى فى القوم , فلما رأى معاذا طول فى صلاته ولحق بنخله يسقيه , فلما قضى معاذ قيل له: إن حراما دخل المسجد , فلما رآك طولت تجوز فى صلاته ولحق بنخله يسقيه , فقال: إنه منافق! أيستعجل الصلاة من أجل سقى نخله؟ ! فجاء حرام الى النبى صلى الله عليه وسلم ومعاذ عنده , فقال: يا نبى الله! أردت أن أسقى نخلى , فدخلت المسجد لأصلى مع القوم فلما طول تجوزت فى صلاتى ولحقت بنخلى أسقيه , فزعم أنى منافق , فأقبل نبى الله صلى الله عليه وسلم على معاذ , فقال: أفاتن أنت؟ ! لا تطول بهم اقرأ بهم (سبح اسم ربك الأعلى) (والشمس وضحاها) ونحوها ".
أخرجه السراج (ق 33/2) وأحمد (3/124) بسند صحيح.
وأما حديث بريدة فلفظه: " صلى معاذ بأصحابه العشاء الآخرة , فقرأ فيها (اقتربت الساعة) فترك رجل من قبل أن يفرغ من صلاته , فانصرف وقال له معاذ قولا شديدا , فأتى الرجل النبى صلى الله عليه وسلم يعتذر إليه , وقال: إنى كنت أعمل فى نخل لى , وخفت عليه الماء , فقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: صل بـ (الشمس وضحاها) ونحوها من السور ".(1/330)
أخرجه السراج (ق 35/1) بسند صحيح , غير أن قوله: " فقرأ فيها اقتربت الساعة " شاذ , والمحفوظ انه قرأ البقرة فى سائر الروايات المتقدمة.
(تنبيه) : استدل المؤلف بهذه القصة على أنه يصح للمأموم أن ينوى مفارقة الإمام لعذر يبيح ترك الجماعة , وفى ذلك نظر , فإن الظاهر من روايات القصة أن حراما قطع الصلاة وراء معاذ واستأنف الصلاة وحده من جديد , كما فى الرواية السابقة: " فانصرف الرجل فصلى فى ناحية المسجد " فإن الانصراف دليل القطع الذى ذكرنا , وقول الحافظ فى " الفتح " (2/162) : " وهذا يحتمل أن يكون قطع الصلاة أو القدوة " فيه بعد , لأنه لو أراد القدوة لما كان هناك ما يبرر له الانصراف المذكور إلى ناحية المسجد لأنه يتضمن عملا كثيرا تبطل الصلاة به كما
لا يخفى , على أن الحافظ استدرك فقال: " لكن فى مسلم , فانحرف الرجل فسلم , ثم صلى وحده " فهذا نص فيما ذكرنا , والله أعلم.(1/331)
كتاب الصلاة
[الأحاديث من 296 - 369]
(296) - (حديث طلحة بن عبيد الله: أن أعرابيا قال: يا رسول الله ماذا فرض الله على من الصلاة؟ قال: خمس صلوات فى اليوم والليلة , قال: هل على غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع شيئاً " متفق عليه (ص 81)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/19 ـ 20 , 274 , 2/161 , 4/339) ومسلم (1/31 ـ32 , 32)
وكذا أبو عوانة فى صحيحه (1/310 ـ 311 , 2/417) ومالك (1/175/94) وعنه أبو داود (391) والنسائى (1/79 , 297 , 2/272) وابن الجارود فى " المنتقى " (صـ 75) والبيهقى (2/466) وأحمد (1/162) من طرق عن أبى سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد , ثائر الرأس , يسمع دوى صوته , ولا نفقه ما يقول , حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإِسلام , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات فى اليوم والليلة , قال: هل على غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام شهر رمضان , قال: هل على غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع , قال: وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة , فقال: هل على غيرها؟ قال: لا , إلا إن تطوع , قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلح الرجل إن صدق ".
وفى رواية للشيخين والنسائى: " أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله , أخبرنى ماذا فرض الله على من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا , فقال: أخبرنى عما فرض الله من الصيام؟ قال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا , قال: أخبرنى بما فرض الله على من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم(2/3)
بشرائع الإسلام قال: والذى أكرمك لا أتطوع شيئا , ولا أنقص مما فرض الله على شيئا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلح إن صدق , أو دخل الجنة إن صدق ".
ومن التأمل فى هاتين الروايتين يتبين أن روايته [1] الكتاب مؤلفة منهما.
وللحديث شاهد من رواية أنس قال: " سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات؟ قال: افترض الله على عباده صلوات خمسا , قال: يا رسول الله! هل قبلهن أو بعدهن شيئا؟ قال: افترض الله على عباده صلوات خمسا , فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئا , ولا ينقص منه شيئا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن صدق ليدخلن الجنة ".
أخرجه النسائى والدارقطنى (ص 85) . وإسناده صحيح على شرط مسلم , وأصله فى البخارى (1/26 ـ 27) - من طريق أخرى أخرى عن أنس - ومسلم (1/32) والترمذى (1/121) وقال: " حديث حسن غريب من هذا الوجه ".
(297) - (حديث: " رفع القلم عن ثلاثة ... إلخ " (81) .
* صحيح.
وقد ورد من حديث عائشة , وعلى بن أبى طالب , وأبى قتادة الأنصارى.
أما حديث عائشة فلفظه: " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ , وعن المبتلى حتى يبرأ (وفى رواية: وعن المجنون (وفى لفظ: المعتوه) حتى يعقل أو يفيق) وعن الصبى حتى يكبر. (وفى رواية: حتى يحتلم) ".
رواه أبو داود (4398) والسياق له والنسائى (2/100) وله الرواية الثانية , والدارمى (2/171) وله الرواية الثالثة وابن ماجه (2041) وابن حبان (1496) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 77) والحاكم (2/59) وأحمد (6/100 ـ 101 , 101 , 144) وأبو يعلى (ق 208/1) عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عنها مرفوعا.
وقال الحاكم:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: رواية}(2/4)
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , فإن رجاله كلهم ثقات احتج بهم مسلم برواية بعضهم عن بعض , وحماد وهو ابن أبى سليمان وإن كان فيه كلام من قبل حفظه فهو يسير , لا يسقط حديثه عن رتبة الاحتجاج به , وقد عبر عن ذلك الحافظ بقوله: " فقيه , ثقة , صدوق , له أوهام ".
وفى " نصب الراية " (4/162) : " ولم يعله الشيخ فى " الإمام " بشىء , وإنما قال: هو أقوى إسنادا من حديث
على ".
قلت: وفى هذا الترجيح عندى نظر , لما لحديث على من الطرق سيما وإحداها صحيح كما يأتى.
وأما حديث على فله عنه طرق:
1 ـ عن أبى ظبيان عن ابن عباس قال: " أتى عمر بمجنونة قد زنت , فاستشار فيها أناسا فأمر بها عمر أن ترجم , فمر بها على على بن أبى طالب رضوان الله عليه فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بنى فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم , قال: ارجعوا بها , ثم أتاه , فقال: يا أمير المؤمنين: أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يبرأ , وعن النائم حتى يستيقظ , وعن الصبى حتى يعقل؟ قال: بلى , قال: فما بال هذه ترجم؟ قال , لا شىء , قال: فأرسلها , قال: فأرسلها , قال: فجعل عمر يكبر ".
وفى رواية: قال: أو ما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ , وعن الصبى حتى يحتلم؟ قال: صدقت , قال: فخلى عنها.
رواه أبو داود (4399 ـ 4401) وابن خزيمة فى " صحيحه " (1003) وعنه ابن حبان (1497) والحاكم (2/59/4/389) كلاهما بالروايتين والدارقطنى (347) بالرواية الثانية من طرق عن الأعمش عن أبى ظبيان به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.(2/5)
قلت: وهو كما قالا , ولا يضره إيقاف من أوقفه لأمرين:
الأول: أن من رفعه ثقة والرفع زيادة يجب قبولها
الثانى: أن رواية الوقف فى حكم الرفع لقول على لعمر: أما علمت , وقول عمر: بلى.
فذلك دليل على أن الحديث معروف عندهم.
وكذلك لا يضره رواية من أسقط من الإسناد ابن عباس مثل رواية عطاء بن السائب عن أبى ظبيان الجنبى قال أتى عمر بامرأة قد فجرت فأمر برجمها , فمر على رضى الله عنه ... الحديث. نحو الرواية الثانية المرفوعة.
أخرجه أبو داود (4402) وأحمد (1/154 , 158) من طريق عطاء بن السائب عن أبى ظبيان.
قلت: ورجاله ثقات لكن عطاء بن السائب كان اختلط , فلعله ذهب عليه من إسناد [1] ابن عباس بين أبى ظبيان والخليفتين.
وقد حكى الدارقطنى الخلاف فيه على أبى ظبيان كما ذكره الزيلعى والراجح عندنا رواية الأعمش عنه كما تقدم.
2 ـ عن الحسن البصرى عن على مرفوعا " رفع القلم عن ثلاثة ... الحديث ".
أخرجه الترمذى (1/267) والحاكم (4/389) وأحمد (1/116 , 118 , 140)
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وقال الحاكم: " إسناده صحيح ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " فيه إرسال " فأصاب , فإن الحسن البصرى لم يثبت سماعه من على , ولا يكفى فى مثله المعاصرة , كما ادعى بعض العلماء المعاصرين لأن الحسن معروف بالتدليس وقد عنعه فمثله لا تقبل عنعنته كما هو مقرر فى علم المصطلح , وشرحه الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه.
3 ـ عن أبى الضحى عنه مرفوعا.
أخرجه أبو داود (3 0 44) والبيهقى (6/57 , 7/359)
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع أيضا: فإن أبا الضحى ـ واسمه مسلم بن صبيح ـ لم يدرك على بن أبى طالب كما قال المنذرى وغيره.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: إسناده}(2/6)
4 ـ عن القاسم بن يزيد عن على بن أبى طالب مرفوعا مختصرا.
أخرجه ابن ماجه (2402) وقال البرصيرى فى " الزوائد " (ق 127/2) : " هذا إسناد ضعيف , القاسم بن يزيد هذا مجهول , وأيضا لم يدرك على بن أبى طالب ".
قلت: وبالجملة فحديث على هذا عندى أصح من حديث عائشة المتقدم لأن طريقه فرد , وهذا له أربع طرق إحداها صحيح كما رأيت , والله أعلم.
وأما حديث أبى قتادة فلفظه: " أنه كان مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فأدلج فتقطع الناس عنه فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: " إنه رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ , وعن المعتوه حتى يصح , وعن
الصبى حتى يحتلم ".
أخرجه الحاكم (4/389) عن عكرمة بن إبراهيم حدثنى سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عبد الله بن أبى رباح عن أبى قتادة وقال: " صحيح الإسناد ".
ورده الذهبى بقوله: " قلت: عكرمة ضعفوه ".
وفى الباب عن أبى هريرة أيضا , وثوبان وابن عباس وعن غير واحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم منهم شداد بن أوس وثوبان , لا تخلو أسانيدها من مقال , وقد خرجها الهيثمى فى " المجمع " (6/251) والزيعلى (4/164 ـ 165) بعضها.
(298) - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين وأضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم فى المضاجع ". رواه أحمد وأبو داود) . (ص 81) .
* صحيح
, وقد مضى تخريجه فى أول " شروط الصلاة " (247) واللفظ هنا لأحمد إلا أنه قال: " لسبع سنين " و" لعشر سنين " والباقى مثله سواء , ولفظ أبى داود نحوه وقد ذكرته هناك.(2/7)
(299) - (قال صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " صل قائما , فإن لم تستطع فقاعدا , فإن لم تستطع فعلى جنب " رواه البخارى (ص 82) .
* صحيح.
أخرجه البخارى قبيل " كتاب التهجد " (1/283) عن عمران بن حصين قال: " كانت بى بواسير , فسألت النبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: فذكره "
وكذلك أخرجه أبو داود (952) والترمذى (2/208) وابن ماجه (1223) وابن الجارود (120) والدارقطنى (146) والبيهقى (2/304) وأحمد (4/426) كلهم من طريق إبراهيم بن طهمان قال: حدثنى الحسين المكتب عن ابن بريدة عن عمران.
وأخرجه البخارى وأبو داود الترمذى وكذا النسائى (1/245) وابن الجارود والبيهقى (2/308) وأحمد (4/433) من طرق عن الحسين إسناده عن عمران بلفظ: " قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد؟ فقال: من صلى قائما فهو أفضل , ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم , ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ".
وهذا اللفظ صحيح أيضا كالأول خلافا لما يوهمه كلام الترمذى فى السنن أن اللفظ الأول شاذ لتفرد ابن طهمان به , بل الروايتان صحيحتان كما حققه الحافظ فى " الفتح " (2/483)
(300) - (قوله فى حديث المسىء: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر " (ص 82) .
* صحيح.
وقد سبق لفظه بتمامه وتخريجه برقم (289) .
(301) - (حديث: " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " , رواه أبو داود) (ص 82) .(2/8)
* صحيح.
وأوله " مفتاح الصلاة الطهور , وتحريمها ... "
أخرجه أبو داود (61/618) والترمذى (1/9) والدارمى (1/175) وابن ماجه (275) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/161) وكذا ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/88/2) والدارقطنى (145) والبيهقى (2/173 , 379) وأحمد (1/123 , 129) وأبو نعيم فى " الحلية " (8/372) والخطيب فى تاريخه (10/197) والضياء المقدسى فى " المختارة " (1/243) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن على رضى الله عنه مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد حسن.
قال الترمذى: " هذا الحديث أصح شىء فى هذا الباب وأحسن , وعبد الله بن محمد ابن عقيل ... قال: محمد: وهو مقارب الحديث ".
وقال النووى فى " المجموع " (3/289) : " رواه أبو داود والترمذى وغيرهما بإسناد صحيح إلا أن فيه عبد الله بن محمد ابن عقيل. قال الترمذى ... " قلت كلامه المذكور آنفا.
وقال الحافظ فى " الفتح " (2/267) : " أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح ".
كذا قال , ولا يخفى ما فيه وهو الذى يقول فى ابن عقيل هذا: " صدوق فى حديثه لين , ويقال تغير بآخره ".
وله طريق أخرى عن على مرفوعا به.
أخرجه أبو نعيم (7/124) وسنده ضعيف.
لكن الحديث صحيح بلا شك فإن له شواهد يرقى بها إلى درجة الصحة , وقد أوردتها فى كتابنا الكبير " تخريج صفة صلاة النبى صلى الله عليه وسلم , ويراجع لها " نصب الراية " (1/308) .(2/9)
(فائدة) : قال عبد الحق الأشبيلى فى " كتاب التهجد " (ق 65/1) فى قول البخارى فى أبى ظلال: مقارب الحديث:
" يريد أن حديثه يقرب من حديث الثقات , أى لا بأس به ".
(302) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (ص82) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/195) ومسلم (2/9) وكذا أبو عوانة (2/124 , 125 , 133) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/143/1) وأبو داود (822) والنسائى (1/145) والترمذى (2/25) والدارمى (1/283) وابن ماجه (837) وابن الجارود (98) والدارقطنى (122) وكذا الشافعى فى " الأم " (1/93) والطبرانى فى " الصغير " (42) والبيهقى (2/38 , 164 , 374 , 375) وأحمد (5/314 , 321 , 322) والسراج فى حديثه (189/2 , 195/1) من طرق عن الزهرى عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفوعا به.
وزاد مسلم وأبو داود والنسائى فى آخره. " فصاعدا ".
وقد قيل: أنه تفرد بها معمر عن الزهرى , ولكنها عند أبى داود من طريق سفيان عن الزهرى , فهى زيادة ثابتة لا سيما ولها شواهد كثيرة من حديث أبى سعيد وأبى هريرة وغيرهما , وقد ذكرت بعضها فى " تخريج صفة الصلاة ".
والحديث قال الترمذى " حديث حسن صحيح " , وفى رواية للدارقطنى بلفظ: " لا نجزى [1] صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب " , وقال: هذا إسناد صحيح ".
ولهذا اللفظ شاهد من حديث أبى هريرة أخرجه ابن خزيمة وابن حبان فى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تجزىء}(2/10)
صحيحيهما كما فى " نصب الراية " (1/366) .
وفى أخرى للدارقطنى والحاكم (1/238) من طريق محمد بن خلاد الإسكندرانى حدثنا أشهب بن عبد العزيز حدثنى سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفوعا بلفظ: " أم القرآن عوض من غيرها , وليس غيرها منها بعوض ".
وقال الحاكم: " قد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث عن الزهرى من أوجه مختلفة بغير هذا اللفظ , ورواة هذا الحديث كلهم أئمة , وكلهم ثقات على شرطهما ".
قلت: وهذا من أوهامه , فإن أشهب بن عبد العزيز وإن كان ثقة , فلم يخرج له الشيخان أصلا.
ومحمد بن خلاد الإسكندرانى , لم يخرجا له أيضا , وهو علة هذا الحديث عندى , فإنه وإن وثقه ابن حبان وغيره , فقد شذ فى رواية الحديث بهذا اللفظ , كما يشير إلى ذلك قول الدارقطنى عقبه: " تفرد به محمد بن خلاد عن أشهب عن ابن عيينة ".
وأوضحه ابن يونس بقوله فيه: " يروى مناكير , وإنما المحفوظ عن الزهرى بهذا السند: " لا تجزى صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن ".
وزاده توضيحا الحافظ فى " اللسان " فقال: " هذا اللفظ تفرد به أيضا زياد بن أيوب عن ابن عيينة والمحفوظ من رواية الحفاظ عن ابن عيينة: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " كذا رواه عنه أحمد بن حنبل وابن أبى شيبة وإسحاق بن راهويه وابن أبى عمر وعمر [1] الناقد وخلائق.
وبهذا اللفظ رواه أصحاب الزهرى عنه: معمر وصالح بن كيسان والأوزاعى ويونس بن يزيد وغيرهم , والظاهر أن روايته [2] كل عن [3] زياد بن أيوب وأشهب منقولة بالمعنى ". ثم ذكر عن الحاكم ما خلاصته: أن محمد بن خلاد كان ثقة حتى ذهبت كتبه , فمن سمع منه قديما فسماعه صحيح.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عمرو}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: رواية}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: من}(2/11)
قلت: فلعله حدث بهذا الحديث بعدما ذهبت كتبه فأخطأ فى لفظه , والله أعلم.
(303) - (حديث عبد الله بن أبى أوفى: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمنى ما يجزئنى فقال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ". رواه أبو داود (ص 83) .
* حسن.
رواه أبو داود (832) والنسائى (1/146 ـ 147) وابن الجارود (100) وابن حبان فى " صحيحه (477 ـ موارد) والدارقطنى (118) والحاكم (1/241) والبيهقى (2/381) والطيالسى (813) وأحمد (4/353 , 356 , 382) من طريق إبراهيم السلسكى [1] عن عبد الله بن أبى أوفى به وزيادة: " قال: يا رسول الله هذا لله عز وجل فما لى؟ قال: قل: اللهم اغفر لى وارحمنى وارزقنى وعافنى واهدنى , فلما قام قال: هكذا بيده.
وفى رواية: فعدهن الرجل فى يده عشرا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما هذا فقد ملأ يده - وفى الرواية الأخرى: يديه - من الخير ".
وليست هذه الزيادة عند النسائى.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " , ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , إلا أن السلسكى [2] هذا وإن أخرج له البخارى فقد قال الحافظ فى " التلخيص " (89) : " وهو من رجال البخارى لكن عيب عليه إخراج حديثه ".
وضعفه النسائى.
وقال ابن القطان: ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة.
وذكره النووى فى " الخلاصة " فى " فصل الضعيف " , وقال فى " شرح المهذب ": " رواه أبو داود والنسائى بإسناد ضعيف. وكان سببه {؟} كلامهم فى إبراهيم.
وقال ابن عدى: لم أجد له حديثا منكرا [3] المتن انتهى , ولم ينفرد به بل رواه الطبرانى وابن حبان فى صحيحه أيضا من طريق طلحة من مصرف عن ابن أبى أوفى.
ولكن فى إسناده الفضل بن موفق ضعفه أبو حاتم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: السكسكى}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: السكسكى}
[3] {كذا فى الأصل , والصواب: منكر}(2/12)
وقال فى ترجمة الفضل هذا من " التقريب ": " فيه ضعف ".
قلت: فالحديث حسن بهذه المتابعة , والله أعلم وقد قال المنذرى فى " الترغيب " (2/247) بعد أن عزاه لابن أبى الدنيا والبيهقى فقط من طريق السلسكى [1] : " وإسناده جيد ".
(304) - (حديث: " المسىء ".
* صحيح.
وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه (289) .
(305) - (حديث أبى حميد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره " وفى لفظ: " فلم يصوب رأسه ولم يقنع " حديث صحيح (ص83) .
* صحيح.
كما قال المؤلف رحمه الله تعالى: وهو باللفظ الأول عند البخارى فى صحيحه (1/212 ـ 213) وأبى داود (731 , 732) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/152) والبيهقى (2/84 , 97 , 102 , 116 , 127 ـ 128) من طرق عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء: " أنه كان جالسا فى نفر من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , فذكرنا صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد الساعدى: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه , وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه , ثم هصر ظهره , فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه , فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما , واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة , فإذا جلس فى الركعتين جلس على رجله اليسرى , ونصب اليمنى , فإذا جلس فى الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى , ونصب الأخرى وقعد على مقعده ".
وأما اللفظ الآخر , فرواه البخارى فى " جزء رفع اليدين " (ص 5) وأبو داود (730) والترمذى (2/105 ـ 107) والدارمى (1/313) وابن ماجه (1061) وابن الجارود (101) والبيهقى (2/72 , 137) وأحمد
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: السكسكى}(2/13)
(5/424) من طرق عن عبد الحميد بن جعفر حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبى حميد الساعدى قال سمعته ـ وهو فى عشرة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعى ـ يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: ما كنت أقدمنا له صحبة , ولا أكثر له إتيانا؟ قال: بلى قالوا: فأعرض , فقال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما , ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه , فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه , ثم قال: الله أكبر , وركع , ثم اعتدل , فلم يصوب رأسه ولم يقنع , ووضع يديه على ركبتيه ثم قال: سمع الله لمن حمده , ورفع يديه واعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه معتدلا , ثم أهوى إلى الأرض ساجدا , ثم قال: الله أكبر , ثم جافى عضديه عن إبطيه , وفتح أصابع رجليه , ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها , ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه معتدلا , ثم أهوى ساجدا , ثم قال: الله
أكبر , ثم ثنى رجله وقعد , واعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه , ثم نهض , ثم صنع فى الركعة الثانية مثل ذلك , حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه , كما صنع حين افتتح الصلاة , ثم صنع كذلك , حتى كانت الركعة التى تنقضى فيها صلاته , أخر رجله اليسرى وقعد على شقة متوركا , ثم سلم ".
والسياق للترمذى وقال: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أبو داود وابن الجارود وغيرهما فى آخره: " قالوا: صدقت , هكذا كان يصلى صلى الله عليه وسلم ".
وللنسائى (1/159) منه صفة ركوعه صلى الله عليه وسلم ولابن ماجه أيضا (862) بعضه.
(306) - (قوله للمسىء فى صلاته: " ثم ارفع حتى تعتدل قائما " (ص 83) .(2/14)
صحيح.
وتقدم برقم (289) .
(307) - (قول أنس: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده " قام حتى نقول قد أوهم " الحديث. رواه مسلم (ص 83 ـ 84) .
* صحيح.
وتمامه: " ثم يسجد , ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم ". أخرجه مسلم (2/45) وكذا أبو عوانة (2/135) وأبو داود (853) وأحمد (3/347) من طريق حماد بن سلمة أنبأنا ثابت بن أنس به.
وقد تابعه حماد بن زيد عن ثابت به بلفظ: " إنى لا آلو أن أصلى بكم كما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بنا , قال ثابت: كان أنس بن مالك يصنع شيئا لم أركم تصنعونه! كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل: قد نسى! وبين السجدتين حتى يقول القائل قد نسى ".
أخرجه البخارى (1/210) ومسلم وأبو عوانة (2/135 , 176) والسراج فى " حديثه " (54/1) والبيهقى (2/97 , 98 , 121) .
وأخرجه الطيالسى (2039) وأحمد (3/162 , 172 , 223) من طرق أخرى عن ثابت به مختصرا دون ذكر السجدتين وزادا: " من طول ما يقوم ".
وهو عند البخارى (1/205) دون الزيادة وهى صحيحة ثابتة.
(308) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً " (ص 84) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث المسىء صلاته وقد تقدم (289) .
(309) - (حديث أبى حميد: " كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض " (ص 84) .
* صحيح.
رواه أبو داود (734) والترمذى (2/59) وكذا البخارى فى " رفع اليدين " (ص 5 ـ 6) والبيهقى (2/85 , 112 , 121) عن فليح بن سليمان حدثنى عباس بن سهل عن أبى حميد به.
والسياق للترمذى إلا أنه قدم الأنف على(2/15)
الجبهة , وزاد هو وغيره: " ونحى يديه عن جبينه ووضع كفيه حذو منكبيه ".
وقال: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وهو على شرط الشيخين لكن فليح بن سليمان فيه ضعف من قبل حفظه لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه البيهقى (2/102) من طريق ابن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبى حميد.
وأصله فى البخارى كما تقدم برقم (298) وله شواهد ذكرتها فى " تخريج صفة الصلاة ".
(310) - (قوله صلى الله وسلم: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة , وأشار بيده إلى أنفه ـ واليدين والركبتين وأطراف القدمين ". متفق عليه (ص 84) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/209) ومسلم (2/52) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (2/73 , 182) والنسائى (1/166) والدارمى (1/302) وابن الجارود (106) والبيقهى (2/103) وأحمد (1/292 , 305) والسراج فى " مسنده " (39/2) من حديث ابن عباس مرفوعا به , وزادوا فى آخره: " ولا نكفت الثياب والشعر ".
وأخرجه أبو داود (899) والترمذى (2/62) وابن ماجه (884) والطيالسى (2603) وأحمد (1/221 , 279 , و286 , 324) بهذه الزيادة دون تسمية الأعضاء , وهو رواية للشيخين وغيرهما.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(311) - (قول أنس: " كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر فى مكان السجود " متفق عليه (ص 84) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/108 , 146) - واللفظ له فى رواية - ومسلم (2/109) والنسائى (1/167) والترمذى (2/479) والدارمى (1/308) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/105/1) وابن ماجه (1033) وأحمد (3/100) والبيهقى (2/106) والسراج فى " حديثه " (87/1) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(2/16)
(312) - (عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل، فرأيته واضعا يديه في ثوبه، إذا سجد) رواه أحمد ص (84)
ضعيف.
رواه أحمد وكذا ابنه في زوائد المسند (4/334 - 335) كلاهما عن عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وهو في المصنف (1 / 103 / 2) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات غير إسماعيل هذا فانه ضعيف كما في التقريب.
وقد خالفه إسماعيل بن أبي أويس. أخبرني إبراهيم بن إسماعيل الأشهلي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بني عبد الأشهل وعليه كساء متلفف به يضع يديه عليه يقيه برد الحصى.
أخرجه ابن ماجه (1032) فجعله من مسند والد عبد الله بن عبد الرحمن: ثابت بن الصامت. قال الحافظ في "التهذيب": وهو الصواب.
قلت: وإسناده ضعيف أيضا لأن إبراهيم بن إسماعيل وهو ابن أبي حبيبة ضعيف أيضا كأبيه.
(313) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما ". رواه أحمد وأبو داود والنسائى (ص 85) .(2/17)
* صحيح.
أخرجه أحمد (2/6) وعنه أبو داود (892) : حدثنا إسماعيل أنبأنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه.
وأخرجه النسائى (1/165) والحاكم (1/226) وعنه البيهقى (2/101) والسراج فى " مسنده " (ق 40/1) من طريق إسماعيل وهو ابن علية به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
ثم أخرجه البيهقى (2/102) وكذا ابن الجارود (107) والسراج من طريق وهيب قال: حدثنا أيوب به. إلا أنه صرح برفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: " عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
وإسناده صحيح أيضا.
وقال البيهقى: " كذا قال , ورواه إسماعيل بن علية عن أيوب فقال: " رفعه " ورواه حماد بن زيد عن أيوب موقوفا على ابن عمر , ورواه ابن أبى ليلى عن نافع مرفوعا ".
قلت: ولااختلاف بين رواية ابن علية , ورواية وهيب كما قد يتوهم من عبارة البيهقى ـ لأن قول الراوى: " رفعه " حكمه فى حكم المرفوع عند المحدثين , ومثله قوله " ينمى " كما تقرر فى " مصطلح الحديث ".
وقد رواه مالك أيضا فى " الموطأ " (1/163/60) عن نافع موقوفا.
ولا يخدج وقفه فى رفعه , لأن الرفع زيادة , وقد جاءت من ثقة وهو أيوب السختيانى رواها عنه ثقتان ابن علية ووهيب , فوجب قبولها.
وبالجملة فالحديث صحيح مرفوعا وموقوفا.(2/18)
(314) - (قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (ص 85) .
* صحيح.
وهو آخر حديث أوله: " دعونى ما تركتكم , إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم , فإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه , وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
وهو من حديث أبى هريرة , وله عنه ألفاظ وطرق:
الأولى: عن أبى الزناد عن الأعرج عنه بهذا اللفظ.
أخرجه البخارى (4/422) ومسلم (7/91) وأحمد (2/258) .
الثانية: عن الأعمش عن أبى صالح عنه.
أخرجه مسلم وابن ماجه (1 , 2) وأحمد (2/495) ورواه الترمذى (2/113) مختصرا دون الشطر الثانى وقال: " حديث حسن صحيح ".
الثالثة: عن همام بن منبه عنه به.
أخرجه مسلم وأحمد (2/313) .
الرابعة والخامسة: عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عنه به نحوه.
رواه مسلم.
السادسة: عن محمد بن زياد عنه به.
أخرجه مسلم (4/102) والنسائى (2/2) وأحمد (2/447 , 457 , 467 , 508) وفى أوله زيادة عند مسلم والنسائى فى رواية لأحمد بلفظ:(2/19)
" خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس قد فرض الله عليكم
الحج فحجوا , فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت: نعم لوجبت , ولما استطعتم " , ثم قال: " ذرونى ما تركتكم ... " الحديث.
وهكذا أخرجه الدارقطنى (ص 281) .
السابعة: عن عبد الرحمن بن أبى عمرة عنه به.
أخرجه أحمد (2/482) بإسناد على شرط الشيخين.
الثامنة: عن محمد بن عجلان عن أبيه عنه.
أخرجه أحمد (2/347 , 428) بإسناد حسن.
(315) - (قوله صلى الله عليه وسلم للمسىء: " ثم ارفع حتى تطمئن جالسا " (ص 85) .
* صحيح.
وقد تقدم بتمامه مع تخريجه كما سبق التنبيه عليه مرارا.
(316) - (قول عائشة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان " رواه مسلم (ص 85) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث لها , ولفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب (الحمد لله رب العالمين) , وكاذا إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه , ولكن بين ذلك , وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوى قائما , وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوى جالسا , وكان يقول فى كل ركعتين التحية , وكان يفرش رجله اليسرى , وينصب رجله اليمنى , وكان ينهى عن عقبة - وفى رواية: عقب - الشيطان , وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع , وكان يختم الصلاة بالتسليم ".(2/20)
أخرجه مسلم (2/54) وأبو عوانة (2/94 , 164 , 189 , 222) مفرقا وأبو داود (783) والبيهقى (2/15 , 113 , 172) وأحمد (6/31 , 192) وكذا الطيالسى (1547) والسراج (40/2) عن بديل بن ميسرة عن أبيه عن أبى الجوزاء عنها.
وروى منه ابن أبى شيبة (1/111 ـ 1 و2) المقدار الذى أورده المصنف , وابن ماجه (812) الجملة الأولى منه.
قلت: وهذا الإسناد ظاهره الصحة ولذلك أخرجه مسلم ثم أبو عوانة فى صحيحيهما , لكنه معلول , فقال الحافظ ابن عبد البر فى " الإِنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف " (ص 9) : " رجال إسناد هذا الحديث كلهم ثقات إلا أنهم يقولون - يعنى أئمة الحديث -: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال. "
قلت: وقد أشار إلى ذلك البخارى فى ترجمة أبى الجوزاء ـ واسمه أوس ابن عبد الله ـ فقال: " فى إسناده نظر ".
قال الحافظ فى " التهذيب ": " يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما لا أنه ضعيف عنده ".
وقد أعل الحافظ هذا الإسناد بالانقطاع فى حديث آخر يأتى (334) ويؤيد الانقطاع ما فى " التهذيب " إن جعفر الفريابى قال فى " كتاب الصلاة ": حدثنا مزاحم بن سعيد حدثنا ابن المبارك حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثنا بديل العقيلى عن أبى الجوزاء قال: أرسلت رسولا إلى عائشة يسألها , فذكر الحديث ".
قلت: فرجع الحديث إلى أنه عن رجل مجهول هو الواسطة بين أبى الجوزاء وعائشة , فثبت بذلك ضعف الإِسناد.
لكن الحديث صحيح إن شاء الله تعالى , فإن للجملة الأولى منه طريقا أخرى عند البيهقى , ولسائره شواهد كثيرة فى أحاديث متعددة يطول الكلام بإيرادها وقد ذكرتها فى صحيح أبى داود (رقم 752) .
(تنبيه) : استدل المؤلف رحمه الله تعالى بالحديث على أن السنة فى الجلوس بين السجدتين الافتراش , وحديث أبى حميد أصرح فى الدلالة على ذلك ولفظه بعد أن ذكر السجدة الأولى:(2/21)
" ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها , ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه معتدلا ". الحديث وقد تقدم تخريجه ولفظه برقم (305) .
ومما ينبغى أن يعلم أن هناك سنة أخرى فى هذا الموطن وهى سنة الإقعاء , وهو أن ينتصب على عقبيه وصدور قدميه فقد صح عن طاوس أنه قال: " قلنا لابن عباس فى الإِقعاء على القدمين فى السجود , فقال: هى السنة , فقلنا
له: إنا لنراه جفاء بالرجل , فقال ابن عباس: بل هى سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه مسلم (2/70) وأبو داود (845) والترمذى (2/73) والحاكم (1/272) والبيهقى (2/119) وأحمد (1/313) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " , وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب
النبى صلى الله عليه وسلم.
قلت: رواه ابن أبى شيبة (1/112/1) عن جماعة من الصحابة وغيرهم , ورواه أبو إسحاق الحربى فى " غريب الحديث " (5/12/1) والبيهقى عن العبادلة الثلاثة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير.
وإسناده صحيح.
وبالجملة فالإقعاء بين السجدتين سنة كالافتراش , فينبغى الإتيان بهما , تارة بهذه , وتارة بهذه , كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
وأما أحاديث النهى عن الإقعاء فلا يجوز التمسك بها لمعارضة هذه السنة لأمور:
الأول: أنها كلها ضعيفة معلولة.
الثانى: أنها إن صحت أو صح ما اجتمعت عليه فإنها تنص على النهى عن إقعاء كإقعاء الكلب , وهو شىء آخر غير الإقعاء المسنون. كما بيناه فى " تخريج صفة الصلاة " (1) .
__________
(1) طبع المكتب الاسلامي الصفحة 162 من الطبعة السادسة.(2/22)
الثالث: أنها تحمل على الإقعاء فى المكان الذى لم يشرع فيه هذا الإقعاء المسنون , كالتشهد الأول والثانى , وهذا مما يفعله بعض الجهال فهذا منهى عنه قطعا لأنه خلاف سنة الأفتراش فى الأول , والتورك فى الثانى على ما فصله حديث أبى حميد المتقدم والله أعلم.
(317) - (قال ابن عمر: " من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى , واستقباله بأصابعها القبلة " (ص 85) .
* صحيح.
رواه النسائى (1/173) من طريق عمرو بن الحارث عن يحيى أن القاسم حدثه عن عبد الله وهو عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: فذكره وزاد: " والجلوس على اليسرى ".
قلت: وإسناده صحيح.
وقد رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى " المصنف " (1/111/2) والنسائى أيضا والدارقطنى (133) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد به دون الاستقبال.
وكذلك رواه مالك (1/89/51) وعنه البخارى (1/212) عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله به.
ثم رواه الدارقطنى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به وقال: " هذه كلها صحاح ".
(تنبيه) : قول الصحابى: " من السنة كذا " هو فى حكم المرفوع بخلاف قول التابعى ذلك كما تقرر فى " المصطلح ".
(318) - (حديث: " أمره صلى الله عليه وسلم الأعرابى بالطمأنينة فى جميع الأركان ولما أخل بها قال: ارجع فصل فإنك لم تصل " (ص 85) .
* صحيح.
وتقدم.
(319) - (حديث ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد:(2/23)
السلام على الله من عباده , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " لا تقولوا السلام على الله , ولكن قولوا: التحيات لله " (ص 85 ـ 86) .
* صحيح.
أخرجه النسائى (1/187) والدارقطنى (133 ـ 134) وعنه البيهقى (2/138) من طريق سفيان بن عيينة عن الأعمش ومنصور عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود قال: كنا نقول قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله , السلام على جبريل وميكائيل. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا , فإن الله عز وجل هو السلام , ولكن قولوا: التحيات لله ... " الخ التشهد.
وقال الدارقطنى: " هذا إسناد صحيح ". ووافقه البيهقى.
قلت: وكذا قال الحافظ فى " الفتح " (2/258) وأصله فى " الصحيحين " دون قوله: " قبل أن يفرض " , ويأتى بعد حديث.
(320) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث كعب بن عجرة لما قالوا: قد عرفنا أو علمنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد ". الحديث , متفق عليه (ص 86) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/315 , 4/197) ومسلم (2/16) وكذا أبو عوانة (2/212 , 213) وأبو داود (976) والنسائى (1/190) والترمذى (2/352 ـ 353) والدارمى (1/309) وابن ماجه (904) والطحاوى فى " المشكل " (3/72) وابن أبى شيبة (2/131/2) وابن الجارود (109 ـ 110) والبيهقى (2/147) والطيالسى (1061) وأحمد (4/241 , 243) وكذا الطبرانى فى " الصغير " (ص 193) وابن منده فى " التوحيد " (ق 68/2) من طرق عن الحاكم [1] بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال: " لقينى كعب بن عجرة فقال: ألا أهدى لك هدية؟ إن النبى صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك؟ قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الحكم}(2/24)
قولوا: اللهم صلى على محمد , وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم , إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد , وعلى آل محمد , كما باركت على آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال ابن منده: " حديث مجمع على صحته ".
وقد تابعه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبى ليلى به وزاد فى الموضعين: " على إبراهيم و ... " (1) .
أخرجه البخارى (2/347) والطحاوى (3/73) والبيهقى (2/148) .
وتابعه أيضا يزيد بن أبى زياد عن عبد الرحمن به ولفظه: لما نزلت (إن الله وملائكته يصلون على النبى) قالوا: كيف نصلى عليك يا نبى الله؟ قال: قوله [1] : فذكره مع الزيادتين.
أخرجه أحمد (4/244) وكذا الحميدى فى " مسنده " (ق 138/1) وابن السنى فى " اليوم والليلة " (رقم 93) لكن ليس عندهما نزول الآية.
قلت: وإسناده حسن.
ويزيد هذا هو أبو عبد الله الهاشمى مولاهم الكوفى وفيه ضعف من قبل حفظه.
ثم أخرجه الحميدى والطحاوى من طريق مجاهد عن عبد الرحمن به.
وأخرجه أبو عوانة (2/212 ـ 213) عن مجاهد ويزيد بن أبى زياد معا وعن حمزة الزيات عن الحكم ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى به. وفيه نزول الآية ولكنه لم يسق صيغة الصلاة.
__________
(1) وهي ثابتة في رواية الحكم أيضاً عند ابن أبي شيبة.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: قولوا}(2/25)
(تنبيه) : قد أنكر الزيادتين المذكورتين بعض الحفاظ المتأخرين , وفيما أوردنا من الروايات فى إثباتهما ما يبين خطأ إنكارهما , وانظر تعليقنا على " صفة الصلاة " (ص 126) الطبعة الثانية.
(321) - (تشهد ابن مسعود: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفى بين كفيه كما يعلمنى السورة من القرآن:" التحيات لله والصلوات والطيبات , السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " متفق عليه (86) .
* صحيح.
أخرجه الإمام أحمد (1/414) حدثنا أبو نعيم حدثنا سيف قال: سمعت مجاهدا يقول: حدثنى عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال: سمعت ابن مسعود يقول: فذكره بهذا اللفظ.
وكذا أخرجه البخارى (4/176) ومسلم (2/14) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/114/2) كلهم عن أبى نعيم به.
وأخرجه أبو عوانة (2/228 ـ 229) والبيهقى (2/138) من طرق عن أبى نعيم به , وزادوا جميعا فى آخره:
" وهو بين ظهرانينا , فلما قبض قلنا: السلام على النبى ".
(فائدة) : قال الحافظ فى " الفتح " (11/48) :
" هذه الزيادة ظاهرها أنهم كانوا يقولون: " السلام عليك أيها النبى ". بكاف الخطاب فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم , فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم تركوا الخطاب , وذكروه بلفظ الغيبة , فصاروا يقولون: السلام على النبى ".
وقال فى مكان آخر (2/260) :
__________
(1) وأوردها المصنف فيما يأتي بدونهما.(2/26)
" قال السبكى فى شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبى عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب فى السلام بعد النبى صلى الله عليه وسلم غير واجب فيقال: السلام على النبى.
قلت: قد صح بلا ريب , وقد وجدت له متابعا قويا.
قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرنى عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبى صلى الله عليه وسلم حى: السلام عليك أيها النبى , فلما مات قالوا: الصلام على النبى.
وهذا إسناد صحيح.
قلت: وقد وجدت له شاهدين صحيحين:
الأول: عن ابن عمر " أنه كان يتشهد فيقول ... السلام على النبى ورحمة الله وبركاته ... "
أخرجه مالك فى " الموطأ " (1/91/94) عن نافع عنه.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
الثانى: " عن عائشة أنها كانت تعلمهم التشهد فى الصلاة ... السلام على النبى.
رواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/115/1) والسراج فى " مسنده " (ج 9/1/2) والمخلص فى " الفوائد " (ج 11/54/1) بسندين صحيحين عنها.
ولا شك أن عدول الصحابة رضى الله عنهم من لفظ الخطاب (عليك) إلى لفظ الغيبة (على النبى) إنما بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم لأنه أمر تعبدى محض لا مجال للرأى والاجتهاد فيه. والله أعلم. (1)
(322) - (" حديث أنه عليه الصلاة والسلام أمر ابن مسعود أن يعلم الناس " رواه أحمد (ص86) .
* ضعيف.
رواه أحمد (1/376) : حدثنا محمد بن فضيل حدثنا خصيف الجزرى قال: حدثنى أبو عبيدة بن عبد الله عن عبد الله قال:
__________
(1) انظر تعليقنا على هذه الزيادة في "صفة الصلاة" (ص:171) .(2/27)
" علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد , وأمره أن يعلمه الناس: التحيات ... الخ ".
قلت: وهذا إسناده ضعيف وله علتان.
الأولى: الانقطاع بين أبى عبيدة وأبيه ابن مسعود فإنه لم يسمع منه كما يقول الترمذى وغيره.
الثانية: ضعف خصيف هذا.
قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق سيىء الحفظ بآخره [1] ".
والحديث أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/114/2) بهذا الإسناد دون قوله: " وأمره أن يعلمه الناس ".
وهذا هو الصواب عن ابن مسعود كما تقدم فى الحديث الذى قبله.
(323) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم جلس للتشهد وداوم عليه " (ص 86) .
* صحيح.
وهو مستفاد من الأحاديث التى تصف صلاته صلى الله عليه وسلم كحديث عائشة المتقدم (316) : " وكان يقول فى كل ركعتين التحية , وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ... ".
وكحديث أبى حميد المتقدم أيضا (503) : " فإذا جلس فى الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى , فإذا جلس فى الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعده ".
(324) - (حديث: " صلوا كما رأيتمونى أصلى " (ص86)
* صحيح.
وقد تقدم (262) .
(325) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " وتحليلها التسليم " رواه أبو داود والترمذى (ص 86) .
* صحيح.
وتقدم (301) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: خلط بآخره}(2/28)
(326) - (حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم: " كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله " رواه مسلم (87) .
* صحيح.
وعزوه لمسلم بهذا التمام سهو , فإنه إنما أخرجه (2/91) مختصرا من طريق مجاهد عن أبى معمر: " أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين , فقال عبد الله: أنى علقها؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله ".
وهكذا أخرجه أبو عوانة فى " صحيحه " (2/238) والدارمى (1/301 ـ 311) والبيهقى (2/176) وأحمد (1/444) .
وأخرجه بتمامه أبو داود (996) والنسائى (1/195) والترمذى (2/89) وابن ماجه (914) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/158) وابن الجارود (111) والدارقطنى (136) والبيهقى أيضا (2/177) وأحمد (1/390 , 406 , 408 , 409 , 441 , 448) وابن أبى شيبة فى " مصنفه " (1/177) والسراج فى " مسنده " (301/2 ـ 1) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/67/1) من طرق عن أبى إسحاق عن أبى الأحوص ـ زاد النسائى والسراج وغيرهما: والأسود بن يزيد وعلقمة ـ عن عبد الله بن مسعود به وزادوا جميعا , إلا الترمذى:
" حتى يرى بياض خده " فى التسليمتين.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه النسائى والطحاوى والدارقطنى والبيهقى وأحمد (1/394 , 418) من طريق إسرائيل وزهير وكلاهما عن أبى إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ـ زاد بعضهم: وعلقمة ـ عن ابن مسعود به وزاد:
" ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك ".(2/29)
وقال الدارقطنى: " أنه أحسن إسنادا من الأول ".
قلت: وتابعه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود به إلا أنه أوقفه على ابن مسعود.
أخرجه الطيالسى (286) : " حدثنا همام عن عطاء بن السائب به " وزاد فى التسليمة الأولى: " وبركاته ".
وهذه الزيادة صحيحة الإسناد إن كان همام سمعها من عطاء قبل اختلاطه.
ولها طريق أخرى , عند الدارقطنى (ص 135) عن عبد الوهاب بن مجاهد حدثنى مجاهد حدثنى ابن أبى ليلى وأبو معمر قال: " علمنى ابن مسعود التشهد وقال: علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعلمنا السورة من القرآن ... ".
قلت: فذكر التشهد كما تقدم والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم , وفى آخرها: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
وقال الدارقطنى: " ابن مجاهد ضعيف ".
قلت: بل هو ضعيف جدا فقد كذبه الثورى , فلا يستشهد به.
لكن الزيادة هذه صحيحة فقد قال الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 104) : "
(تنبيه) : وقع فى صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة " وبركاته " , وهى عند ابن ماجه أيضا , وهى عند أبى داود أيضا فى حديث وائل بن حجر , فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست فى شىء من كتب الحديث ".(2/30)
قلت: ولم أرها فى النسخ المطبوعة من سنن ابن ماجه ويظهر أنها مختلفة من قديم , فقد قال ابن رسلان فى " شرح السنن ": " ولم نجدها فى ابن ماجه " بينما نرى الصنعانى يقول فى " سبل السلام " (1/275) : إنه قرأها فى نسخة مقروءة من ابن ماجه بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض
خده: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
قلت: وهو فى ابن ماجه برقم (914) من طريق أبى إسحاق عن أبى الأحوص عن ابن مسعود كما تقدم فى صدر هذا التخريج , فإن ثبتت هذه الزيادة فى ابن ماجه فهى شاذة عندى لأنها لم ترد فى شىء من الطرق التى سبق الإشارة إليها عن أبى إسحاق.
وقد وجدت لهذه الزيادة طريقا أخرى , أخرجها الطبرانى (3/67/2) من طريق عبد الملك بن الوليد بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش وأبى وائل عن عبد الله بن مسعود قال:
" كأنى أنظر إلى بياض خدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله ".
وعبد الملك بن الوليد ضعيف كما فى " التقريب " , لكن الظاهر أنه عند ابن حبان من غير هذه الطريق , فقد قال فى عبد الملك فيه: " يقلب الأسانيد لا يحل الاحتجاج به ".
وأما حديث وائل بن حجر فأخرجه أبو داود (997) عن موسى بن قيس الحضرمى عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه قال: " صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وعن شماله عليكم ورحمة الله ".(2/31)
وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وقد صححه عبد الحق فى " الأحكام " (ق 56/2) والنووى فى " المجموع " (3/479) والحافظ ابن حجر فى " بلوغ المرام " , لكنهما أورداه مع الزيادة فى التسليمتين , فلا أدرى أذلك وهم منهما , أو هو من اختلاف النسخ فإن الذى فى نسختنا وغيرها من المطبوعات ليس فيها هذه الزيادة فى التسليمة الثانية , وهو الموافق لحديث ابن مسعود فى مسند الطيالسى كما تقدم , والله أعلم.
(تنبيه) : احتج المؤلف رحمه الله بالحديث على أن " الأولى أن لا يزيد: وبركاته ". وإذا عرفت ما سبق من التحقيق يتبين للمنصف أن الأولى الإتيان بهذه الزيادة , ولكن أحيانا لأنها لم ترد فى أحاديث السلام الأخرى , فثبت من ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها ولكن تارة وتارة.
(327) - (قول ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة ليسمعناها ". رواه أحمد (ص 87) .
* صحيح.
رواه أحمد (2/76) من طريق إبراهيم الصائغ عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سند صحيح.
وله شاهد يرويه زرارة بن أبى أوفى قال: " سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: كان يصلى العشاء , ثم يصلى بعد ركعتين ثم ينام ... ثم توضأ فقام فصلى ثمان ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وما شاء من القرآن , وقالت [1] : ما شاء الله من القرآن , فلا يقعد فى شىء منهن إلا فى الثامنة فإنه يقعد فيها , فيتشهد ثم يقوم ولا يسلم , فيصلى ركعة واحدة , ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا " الحديث.
أخرجه الإمام أحمد (6/236) : حدثنا يزيد قال: حدثنا بهز بن حكيم وقال مرة: أخبرنا قال: سمعت زرارة بن أوفى يقول: فذكره.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: قال مرة}(2/32)
قلت: وهذا سند صحيح.
وقد تابعه قتادة عن زرارة به نحوه وفيه: " لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة , فيدعو ربه ويصلى على نبيه , ثم ينهض ولا يسلم , ثم يصلى التاسعة , ثم يسلم تسلمية يسمعنا ".
وإسناده صحيح أيضا , وهو فى صحيح مسلم (2/70) بلفظ " فيذكر الله ويحمده ويدعوه , ثم يسلم تسليما يسمعناه " وكذا أخرجه النسائى (1/250) . وعنه ابن حزم فى " المحلى " (3/49) لكن بلفظ " تسليمة ".
وهكذا عزاه الحافظ فى " التلخيص " (ص 104) لابن حبان فى " صحيحه " والسراج فى " مسنده " وقال: " وإسناده على شرط مسلم , ولم يستدركه الحاكم مع أنه أخرج حديث زهير بن محمد عن هشام كما قدمنا ".
قلت: لقد أصاب الحاكم فى عدم استدراكه فإنه قد أخرجه مسلم كما ذكرنا , وما أظن هذا الاختلاف اليسير فى تلك الكلمة " تسليما " و" تسليمة " بالذى يوجب على الحاكم أن يستدركه كما هو ظاهر.
وأما حديث زهير بن محمد الذى أشار إليه الحافظ , فهو ما رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم فى الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه , يميل إلى الشق الأيمن شيئا ".
رواه الترمذى (2/90 ـ 91) وغيره وقال الحاكم (1/230 ـ 231) : " صحيح على شرط الشيخين ".
ووافقه الذهبى وابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 29/1) .(2/33)
لكنه قد أعل بأن زهيرا هذا صاحب مناكير وأجيب عنه بأنه لم يتفرد به كما بينته فى " تخريج صفة الصلاة ".
وله شاهد من حديث أنس بن مالك: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/42/2 ـ الجمع بينه وبين الصغير) والبيهقى (2/189) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " () وعبد الغنى المقدسى فى " السنن " (6/243/1) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى عن حميد عنه.
وقال الطبرانى: " لم يرفعه عن حميد إلا عبد الوهاب ".
قلت: وهو ثقة محتج به فى الصحيحين , وسائر رجاله ثقات فهو صحيح الإسناد وقد سكت عليه الزيلعى (1/433 ـ 434) .
وقال الحافظ فى " الدراية " (ص 90) " ورجاله ثقات ".
وله طريق أخرى , أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/118/1) عن أيوب عن أنس: " أن النبى عليه السلام سلم تسليمة ".
ورجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع , فإن أيوب لم يسمع من أنس شيئا.
وقد ثبتت التسليمة الواحدة عن جماعة من الصحابة منهم أنس وابن عمر , رواه عنهما ابن أبى شيبة.(2/34)
(تنبيه) : دل حديث عائشة عند أبى عوانة على مشروعية الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى التشهد الأول.
وهذه فائدة عزيزة لاتكاد تراها فى كتاب فعض عليها بالنواجذ.
(328) - (" صلوا كما رأيتمونى أصلى " (ص 87) .
* صحيح.
وقد تقدم.
(329) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم علم الصلاة المسىء فى صلاته مرتبة بـ " ثم " (ص 87) .
* صحيح.
وقد تقدم.
(330) - (قول ابن مسعود: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يكبر فى كل رفع وخفض وقيام وقعود ". رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه (ص 87 ـ 88) .
* صحيح.
رواه أحمد (1/386 , 442 , 443) والنسائى (1/164 , 127) والترمذى (2/34) وكذا الدارمى (1/528) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/92/2) والسراج فى " حديثه " (ق 214/1) وعبد الغنى المقدسى فى " السنن " (6/222/1) من طريق أبى إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة والأسود عن ابن مسعود به , وزادوا إلا الدارمى: " ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وفى الباب عن ابن عباس من رواية عكرمة قال: " رأيت رجلا عند المقام يكبر فى كل خفض ورفع , وإذا قام , وإذا وضع , فأخبرت ابن عباس فقال: أوليس تلك صلاة النبى صلى الله عليه وسلم لا أم لك؟ ! "(2/35)
أخرجه البخارى (1/202) وابن أبى شيبة (1/93/2) .
وعن أبى هريرة فى الصحيحين وغيرهما ويأتى بعد هذا.
وعن على بن أبى طالب وعمران بن حصين , عندهما , وعن وائل الحضرمى بلفظ: " أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يرفع يديه مع التكبير , ويكبر كلما خفض , وكلما رفع , ويسلم عن يمينه وعن يساره ".
أخرجه السراج فى " حديثه " (ق 214/1) وكذا الدارمى (1/285) والطيالسى (1021) وأحمد (4/416) عن شعبة حدثنى عمرو بن مرة عن أبى البخترى عن عبد الرحمن اليحصبى عنه.
وهذا سند حسن , وفيه فائدة هامة وهو مشروعية الرفع مع كل تكبيرة وفى ذلك أحاديث كثيرة خرجتها فى " تخريج صفة الصلاة " وقد قال [1] جماعة من السلف منهم الإمام أحمد وكان يفعله كما ذكرته فى " صفة الصلاة " (ص 112) .
(331) - حديث أبى هريرة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكبر حين يقوم إلى الصلاة ثم يكبر حين يركع ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد ". الحديث متفق عليه (ص 88) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/202 ـ 203) ومسلم (2/7) وكذا أبو عوانة (2/95)
وأبو داود (836) والنسائى (1/158 , 172) والدارمى (1/285) والبيهقى (2/67) وأحمد (2/270) والسراج فى " الفوائد المنتخبة , من أصول مسموعات ابن شيبان العدل " (1/214/1) من طرق عن ابن شهاب قال: أخبرنى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع - والباقى مثله وزاد -:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعلها: قال به}(2/36)
" ثم يكبر حين يهوى , ثم يكبر حين يرفع رأسه , ثم يكبر حين يسجد , ثم يكبر حين يرفع رأسه , ثم يفعل ذلك فى الصلاة كلها , حتى يقضيها , ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس ".
زاد مسلم وغيره: " ثم يقول أبو هريرة: إنى لأشبهكم صلاة برسول الله "
وزاد الدارمى وأبو داود والبيهقى وأحمد: " ما زالت هذه صلاته حتى فارق الدنيا ". وهى زيادة صحيحة.
وأخرجه مالك (1/76/19) عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف " أن أبا هريرة كان يصلى لهم , فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف , قال: والله إنى لأشبهكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ومن طريق مالك أخرجه الشيخان وأحمد (2/236) وكذا ابن الجارود (101) . وتابعه جماعة عن أبى سلمة به.
رواه مسلم وأبو عوانة وأحمد (2/502) .
(332) - حديث أبى موسى وفيه: " وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ". رواه أحمد ومسلم (ص 88) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (4/394 , 401 , 405) ومسلم (2/15) وكذا أبو عوانة (2/128 ـ 129) وأبو داود (972 , 973) والنسائى (1/162 , 175 , 188) والدارمى (1/315) والدارقطنى (125) والبيهقى (2/140 ـ 141) من طرق عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشى قال:(2/37)
" صليت مع أبى موسى الأشعرى صلاة فلما كان عند القعدة قال رجل من القوم: أقرت الصلاة بالبر والزكاة , قال: فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم انصرف فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ فأرم القوم , ثم قال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ فأرم القوم , فقال: لعلك يا حطان قلتها؟ قال: ما قلتها , ولقد رهبت أن تبكعنى بها , فقال رجل من القوم: أنا قلتها ولم أرد بها إلا الخير , فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون فى صلاتكم؟ ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنننا وعلمنا صلاتنا فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم , ثم ليؤمكم أحدكم , فإذا كبر فكبروا , وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين يجبكم الله , فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك , وإذا قال: سمع الله لمن حمده , فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد , يسمع الله لكم , فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده , وإذا كبر وسجد , فكبروا واسجدوا , فإن الإمام يسجد قبلكم , ويرفع قبلكم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك , وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله , السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ".
وزاد مسلم وأبو داود والدارقطنى والرويانى فى مسنده (24/119/1) " وإذا قرأ فأنصتوا ". ولها شاهد من حديث أبى هريرة. أشار إليه مسلم وصححه وقد أخرجه أحمد (2/420) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/150) وغيرهما بإسناد حسن وقد أعل كما بينته فى " تخريج الصلاة " وسيأتى فى الحديث (394) .
وشاهد ثان من حديث عن عمر بن الخطاب:(2/38)
" ما لى أنازع القرآن؟ ! أما يكفى أحدكم قراءة إمامه؟ إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا قرأ فأنصتوا ".
رواه البيهقى فى " كتاب وجوب القراءة فى الصلاة " كما فى " الجامع الكبير " للسيوطى (3/334/2) وسكت عليه وما أراه يصح.
(333) - (قول حذيفة فى حديثه: " فكان ـ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم - يقول فى ركوعه: سبحان ربى العظيم , وفى سجوده: سبحان ربى الأعلى " رواه الخمسة وصححه الترمذى (ص 88) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (5/382 , 394) وأبو داود (871) والنسائى (1/160) والترمذى (2/48) وكذا أبو عوانة (2/188 ـ 189) والدارمى (1/299) وابن أبى شيبة (1/96/2) والطحاوى فى " الشرح " (1/138) عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد عن صلة بن زفر عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول ... " الحديث.
وزادوا إلا النسائى وابن أبى شيبة والطحاوى وأبا عوانة: " قال: وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل , ولا آية عذاب إلا تعوذ منها "
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه الطحاوى عن مجالد والدارقطنى (130) عن ابن أبى ليلى كلاهما عن الشعبى عن صلة به دون الزيادة , إلا أنهما زادا: " ثلاثاً " فى الركوع والسجود.
ومجالد وابن أبى ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن ضعيفان لسوء حفظهما.
وأخرجه ابن ماجه (888) من طريق ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر عن أبى الأزهر عن حذيفة به. دون الزيادة الأولى.(2/39)
قلت: وهذا سند ضعيف لضعف ابن لهيعة وجهالة أبى الأزهر.
ولكن هذه الزيادة الثانية صحيحة أيضا لأن لها شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة عن النبى صلى الله عليه وسلم فعلا وقولا منهم جبير بن مطعم وأبو بكرة وابن مسعود وأبو مالك الأشعرى وعبد الله بن أفرم , وعقبة بن عامر ـ ويأتى فى الكتاب عقب هذا ـ وعن رجل من الصحابة وحسنه الحافظ فى التلخيص , وعن ابن مسعود أيضا وأبى هريرة , وقد خرجت أحاديثهم فى " تخريج صفة الصلاة ", وهى وإن كانت مفرداتها لا تخلو من مقال فمجموعها يدل على ثبوت هذه الزيادة. والله أعلم.
ثم إن الحديث أخرجه مسلم أيضا (2/186) وأبو عوانة أيضا (163 ـ 164 , 168 , 169) والنسائى (1/169 , 170 , 245 , 246) والترمذى فى " الشمائل " وغيرهم عن الأعمش به أتم منه. وفيه تكرار التسبيح فى الركوع والسجود تكرارا كثيرا جدا حتى كان كل من الركوع والسجود قريبا من القيام وكان قرأ فيه سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران! وذلك فى صلاة الليل.
وستأتى رواية أخرى عن حذيفة فيها نحو هذا التكرار وذلك بعد حديث.
(334) - (وعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوها فى ركوعكم " فلما نزلت: (سبح اسم ربك الأعلى) قال: اجعلوها فى سجودكم " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (ص 88) .
* ضعيف.
رواه أحمد (4/155) وأبو داود (869) وابن ماجه (887) والطحاوى (1/138) والحاكم (1/225 , 2/477) والبيهقى (2/86) والطيالسى (1000) من طرق عن موسى بن أيوب الغافقى قال: سمعت عمى , إياس بن عامر يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهنى يقول: فذكره.
ثم رواه أبو داود وعنه البيهقى من طريق الليث بن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى ابن أيوب عن رجل من قومه عن عقبة بمعناه وزاد:(2/40)
" قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاثا , وإذا سجد قال: سبحان ربى الأعلى وبحمده ثلاثا ".
قال أبو داود: " وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة "
قلت: وبدونها أخرجه ابن حبان فى صحيحه كما فى " التلخيص " (ص 92) , وقال الحاكم: " صحيح " , وقد اتفقا على الاحتجاج برواته غير إياس بن عامر وهو مستقيم الإسناد ".
ورده الذهبى بقوله: " قلت: إياس ليس بالمعروف ".
قلت: وهو الذى يقتضيه علم " المصطلح " أنه غير معروف لأنه لم يرو عنه غير ابن أخيه موسى بن أيوب , ومع ذلك فإن الذهبى لم يورده فى " الميزان ", وقال العجلى: " لا باس به " , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وصحح له ابن خزيمة كما فى " التهذيب " وقال فى " تقريبه ": " صدوق ".
وأورده ابن أبى حاتم (1/1281) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , فالأقرب عندى ما قاله فيه الذهبى , والله أعلم.
(335) - (حديث حذيفة " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لى رب اغفر لى ". رواه النسائى وابن ماجه (ص 89) .
* صحيح.
رواه ابن ماجه (897) من طريق العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن طلحة بن يزيد عن حذيفة ح وعن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة به.
ومن الطريق الأولى أخرجه الدارمى (1/303 ـ 304) والحاكم (1/271) وأحمد (5/400) ولفظه أتم , قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة من رمضان , فقام يصلى فلما كبر , قال: الله أكبر , ذو الملكوت والجبروت , والكبرياء والعظمة ثم قرأ البقرة ; ثم النساء , ثم(2/41)
آل عمران , لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها , ثم ركع يقول: سبحان ربى العظيم , مثلما كان قائما , ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد , مثلما كان قائما , ثم سجد يقول: سبحان ربى الأعلى مثلما كان قائما ثم رفع رأسه فقام , فما صلى إلا ركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة ".
هكذا وقع عنده ليس فيه القول بين السجدتين , وكذلك رواه النسائى (1/246) وأعله بالانقطاع فقال: " هذا الحديث عندى مرسل , وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئا , وغير العلاء بن المسيب قال فى هذا الحديث: عن طلحة عن رجل عن حذيفة ".
قلت: والرجل الذى لم يسمه النسائى هو ـ على الراجح ـ صلة بن زفر , فقد قال الطيالسى فى " مسنده " (416) : حدثنا شعبة قال: أخبرنى عمرو بن مرة سمع أبا حمزة يحدث عن رجل عن عبس ـ شعبة يرى أنه صلة بن زفر ـ عن حذيفة أنه صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم.
(قلت: فذكره نحو رواية أحمد إلى الركوع ثم قال) : ثم رفع رأسه من الركوع , فقام مثل ركوعه فقال: إن لربى الحمد , ثم سجد , وكان فى سجوده مثل قيامه , وكان يقول فى سجوده: سبحان ربى الأعلى , ثم رفع رأسه من السجود , وكان يقول بين السجدتين: رب اغفر لى رب اغفر لى (رب اغفر لى) [1] , وجلس بقدر سجوده , قال حذيفة فصلى: أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام - شك شعبة - ".
وهكذا أخرجه أبو داود (874) والنسائى (1/172) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/397 ـ 308) والبيهقى (2/121 ـ 122) وأحمد (5/398) من طرق عن شعبة به.
ويؤيد أن الرجل من عبس هو صلة بن زفر كما رأى شعبة أمران:
الأول: أن صلة عبسى كما جاء فى ترجمته.
الثانى: أن الأعمش رواه عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أنها زيادة}(2/42)
صلة بن زفر عن حذيفة بهذه القصة نحوها أخرجه مسلم وغيره كما تقدم فى آخر الحديث (333) .
فإذا ثبت أنه صلة فالإسناد صحيح متصل رجاله كلهم ثقات وأبو حمزة هو طلحة بن يزيد الأنصارى المذكور فى طريق ابن ماجه.
وأما الطريق الثانى عند ابن ماجه فهو صحيح وهو عند مسلم وغيره كما عرفت آنفا لكنه لم يقع عنده فيه القول بين السجدتين.
(336) - (حديث ابن مسعود مرفوعا: " إذا قعدتم فى كل ركعتين فقولوا: التحيات لله ... " الحديث رواه أحمد والنسائى (ص 89) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (1/437) والنسائى (1/174) وكذا الطحاوى (1/155) والطبرانى فى " الكبير " و" الصغير " (164) والبيهقى (2/148) والطيالسى (304) من طرق عن أبى إسحاق عن أبى الأحوص عن ابن مسعود قال: " كنا لا ندرى ما نقول فى كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا , وإن محمدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه فقال: فذكره.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسم.
ثم أخرجه أحمد (1/423) من طريق سفيان عن الأعمس [1] ومنصور , وحصين بن عبد الرحمن بن أبى هاشم وحماد عن أبى وائل وعن أبى إسحاق عن أبى الأحوص والأسود عن عبد الله قال:
كنا لا ندرى ما نقول فى الصلاة , نقول: السلام على الله , السلام على جبريل , السلام على ميكائيل , قال فعلمنا النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو السلام فإذا جلستم فى ركعتين فقولوا: التحيات.. وعلى عباد الله الصالحين ...
قال أبو وائل
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الأعمش}(2/43)
فى حديثه عن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم: إذا قلتها أصابت كل ملك مقرب أو نبى مرسل أو عبد صالح ".
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " وهذا صحيح أيضا على شرط الشيخين وقد أخرجاه فى صحيحيهما من طريق الأعمش عن أبى وائل به نحوه بلفظ: " فإذا جلس أحدكم فى الصلاة فليقل: التحيات ... "
(337) - (حديث رفاعة بن رافع: " فإذا جلست فى وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد " رواه أبو داود (ص 89) .
* حسن.
رواه أبو داود (860) ومن طريقه البيهقى (2/133 ـ 134) عن محمد بن إسحاق: حدثنى على بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع عن النبى صلى الله عليه وسلم بهذه القصة (يعنى قصة المسىء صلاته) قال: " إذا أنت قمت فى صلاتك فكبر الله تعالى , ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن.
- وقال فيه -: فإذا جلست فى وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد. ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك ".
وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث وفى حفظه شىء ولذلك لا يرقى حديثه إلى درجة الصحة , بل الحسن فقط , ولذلك قال الذهبى بعد أن أطال ترجمته:
" فالذى يظهر لى أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق , وما انفرد به ففيه نكارة , فإن فى حفظه شيئا وقد احتج به أئمة , فالله أعلم , وقد استشهد به مسلم بخمسة أحاديث ذكرها فى صحيحه ".
وأخرجه الحاكم (1/343) من هذا الوجه عن رفاعة قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد إذ أقبل رجل من الأنصار بعد أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة , فصلى , ثم أقبل حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه(2/44)
فقال: وعليك. ارجع فصل إنك لم تصل. فذكر الحديث.
قلت: وهو نحو حديث أبى هريرة الذى تقدم برقم (289) .
(338) - (حديث: " إنه صلى الله عليه وسلم لما نسى الجلوس فى التشهد الأول فى صلاة الظهر سجد سجدتين قبل أن يسلم مكان مانسى من الجلوس ". رواه الجماعة بمعناه (ص 89) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن بحينة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فى صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين , يكبر فى كل سجدة , وهو جالس قبل أن يسلم , وسجدهما الناس معه , مكان ما نسى من الجلوس ".
أخرجه البخارى (1/213 , 308 ـ 309 ـ 310) ومسلم (2/83) والسياق لهما فى رواية وأبو داود (1034) والنسائى (1/175 , 181 , 186) والترمذى (2/235 ـ 236) وابن ماجه (1206) وأحمد (5/345 ـ 346) من طرق عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وهؤلاء هم الجماعة الذين عناهم المؤلف.
وقد رواه مالك أيضا (1/96/65 , 66) وعنه الإمام محمد فى موطئه (ص 104) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/179/1) والدارمى (1/353) وأبو عوانة فى صحيحه (2/193 ـ 194 ـ 194) والطحاوى فى " الشرح " (1/254) وابن الجارود (126 ـ 127) والدارقطنى (144) والبيهقى (2/134 , 340 , 343 , 352) عن
الأعرج به , ولفظ مالك فى إحدى روايتيه: " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقام فى اثنتين ولم يجلس
فيهما " ... الحديث.
(339) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين " (ص 89) .(2/45)
* صحيح.
وهو عجز حديث لعبد الله بن مسعود , يرويه الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد قال:
" صلى بنا علقمة الظهر خمسا , فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل قد صليت خمسا. قال: كلا ما فعلت , قالوا: بلى , قال: وكنت فى ناحية القوم وأنا غلام , فقلت: بلى قد صليت خمسا , قال لى: وأنت أيضا يا أعور تقول ذاك؟ قال: قلت: نعم قال: فانفتل فسجد سجدتين , ثم سلم ثم قال: قال عبد الله: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا , فلما انفتل توشوش القوم بينهم , فقال: ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله هل زيد فى الصلاة؟ قال: لا , قالوا: فإنك قد صليت خمسا , فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين ".
أخرجه مسلم (2/85) والبيهقى (2/342) بهذا التمام والنسائى (1/185) دون قوله " فإذا نسى ... " وكذا ابن الجارود (129) من طريق الحسن هذا.
ورواه أبو عوانة (2/204) أيضا ثم أخرجه مسلم (2/86) وأبو داود (1021) وابن ماجه (1203) وأحمد (1/424) من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله به مع الزيادة وزيادة أخرى وهى:
" وهو جالس , ثم تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدتين ".
وفى حديث الحسن أن السجدتين كانتا قبل قوله عليه السلام: " إنما أنا بشر ... " ولعله أقرب إلى الصواب , فقد رواه كذلك منصور عن إبراهيم عن علقمة كما سيأتى فى الحديث (402) . فالله أعلم.
(تنبيه) : استدل المؤلف بعموم هذا الحديث على أنه " يباح السجود للسهو عن شىء من السنن " ولو قال: " يستحب " لكان أقرب إلى الصواب , لأنه ـ أعنى الاستحباب ـ أقل ما يدل عليه الأمر هنا , ولا حجة فى تعليله ذلك بقوله فيما يأتى (ص 102) " لأنه لا يمكن التحرز منه " لأن هذا لا ينفى الاستحباب , إنما ينفى(2/46)
الوجوب كما لا يخفى.
وفى الباب عن ثوبان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لكل سهو سجدتان بعدما يسلم ".
أخرجه أبو داود (1038) وابن ماجه (1219) والبيهقى (2/337) وأحمد (5/280) من طرق عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعى عن زهير ـ يعنى ابن سالم العنسى ـ عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عنه. ولم يقل ابن ماجه (عن أبيه) وهو رواية لأبى داود وقال: " لم يذكر (عن أبيه) غير عمرو " يعنى ابن عثمان.
قلت: بلى قد ذكره أيضا الحكم بن نافع عند أحمد , وذكره أيضا عبد الرزاق وإن خولف عليه فى إسناده.
فقال الطبرانى فى " الكبير " (1/71) : " حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه به.
وهذا الاختلاف ليس من عبد الرزاق بل من رواية الدبرى فإن فيه ضعفا , ولكنه يستشهد به , فيما وافق عليه الثقات , فتبين مما ذكرنا ثبوت هذه الزيادة " عن أبيه " فى الإسناد , وهو إسناد حسن وإن قال البيهقى: " فيه ضعف " ولم يبين وجهه!
وقد تعقبه ابن التركمانى بقوله: " ليس فى إسناده من تكلم فيه ـ فيما علمت ـ سوى ابن عياش , وبه علل البيهقى الحديث فى كتاب المعرفة , فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوى! انتهى كلامه وهذه العلة ضعيفة فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن شامى وهو عبيد الله الكلاعى , وقد قال البيهقى فى " باب ترك الوضوء من الدم ": ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح فلا أدرى من أين حصل الضعف لهذا الإسناد؟ ! ".
ثم إستدركت فقلت: قد تبين لى أن فى إسناده من تكلم فيه وهو زهير بن(2/47)
سالم فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان.
وقال الدارقطنى: " منكر الحديث " , فهو علة الحديث , والظاهر أنه كان يضطرب فيه , فقد رواه الهيثم بن حميد عن عبيد الله بن عبيد بن زهير الحمصى عن ثوبان به دون " بعد السلام ".
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/178/2) أنبأنا المعلى بن منصور قال: أنبأنا الهيثم بن حميد به.
وبالجملة فهذا الحديث ضعيف من أجل زهير هذا , لكن له شواهد يتقوى بها , منها حديث الباب , وأحاديث أخرى , ذكرتها فى " صحيح سنن أبى داود " (954) .
(340) - (حديث الأسود: أنه صلى خلف عمر فسمعه كبر ثم قال: " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " رواه مسلم (ص 89) .
* صحيح.
إلا أن عزوه لمسلم من هذه الطريق وبهذا اللفظ سهو من المؤلف رحمه الله تعالى , فقد اخرجه مسلم (2/12) من طريق عبدة أن عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات , يقول: " سبحانك اللهم ... "
قلت: وهذا منقطع , قال النووى فى " شرح مسلم " (1/172 ـ طبع الهند) ": قال أبو على النسائى: هكذا وقع " عن عبدة أن عمر " وهو مرسل يعنى أن عبدة وهو ابن أبى لبابة لم يسمع من عمر ".
ثم ذكر النووى أن مسلماً إنما أورد هذا الأثر عرضا لا قصدا , ولذلك تسامح بإيراده. قال: وله أمثلة. فراجعه.
قلت: وقد صح موصولا.
فأخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/92/1) والطحاوى (1/117) والدارقطنى (ص 113) والحاكم (1/235) والبيهقى (2/34 ـ 35) من طرق عن الأسود بن يزيد قال: " سمعت عمر افتتح الصلاة وكبر فقال: سبحانك ... "(2/48)
واللفظ لابن أبى شيبة وزاد: " ثم يتعوذ ". وإسناده صحيح.
وصححه الحاكم والذهبى وكذا الدارقطنى كما يأتى وزاد فى رواية له: " كان عمر رضى الله عنه إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك ... يسمعنا ذلك ويعلمنا ".
وهو رواية لابن أبى شيبة (2/143/2) وإسنادها صحيح.
وفى أخرى له وكذا الطحاوى من طريق إبراهيم عن علقمة والأسود نحوه وفيه: " يسمع ذلك من يليه ".
وفى لفظ للطحاوى:: فرفع صوته ليتعلموها ".
ثم روى ابن أبى شيبة من طريق نافع عن ابن عمر عن عمر به دون الزيادات وقال: " هذا صحيح عن عمر قوله ".
ورواه من قبل عن عبد الرحمن بن عمر بن شيبة عن أبيه عن نافع به مرفوعا وقال: " رفعه هذا الشيخ عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن عمر ; والمحفوظ عن عمر من قوله ... وهو الصواب ".
قلت: وعبد الرحمن هذا لم أجد من ذكره , وأبو عمر بن شيبة: إن كان ابن قارظ فهو صدوق , وإن كان ابن أبى كثير مولى أشجع , فهو مجهول , وإن كان مولى معقل ابن سنان فلا يعرف , وقد أورد ثلاثتهم ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (3/1/114 ـ 115) .
لكن الحديث قد صح مرفوعا من طرق أخرى كما يأتى بعده.(2/49)
(تنبيه) : عزا الشوكائى فى " النيل " (2/86) هذا الأثر عن عمر لرواية الترمذى , وإنما ذكره تعليقا (2/10) عنه وعن ابن مسعود.
(341) - (حديث عائشة وأبى سعيد قالا: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال ذلك " (89) .
* صحيح.
أما حديث عائشة فأخرجه الترمذى (2/11) وابن ماجه (806) والطحاوى (1/117) والدارقطنى (113) والبيهقى (2/34) من طريق حارثة بن أبى الرجال عن عمرة عنها قالت: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم ... ".
وقال البيهقى: هذا لم نكتبه إلا من حديث حارثة وهو ضعيف ".
وقال الترمذى: " لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
قلت: قد عرفه غيره من غير هذا الوجه , أخرجه أبو داود (776) والدارقطنى (112) والحاكم (1/235) والبيهقى من طريق طلق بن غنام حدثنا عبد السلام بن حرب الملائى عن بديل بن ميسرة عن أبى الجوزاء عن عائشة به.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى - إلا أنه وقع فى نسختنا من تلخيصه " على شرطهما " وأظنه وهما من بعض النساخ " -.
وأعله أبو داود بقوله: " وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب , لم يروه إلا طلق بن غنام , وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكر فيه شيئا من هذا ".
قلت: يشير أبو داود إلى الحديث (309) بلفظ " كان يستفتح الصلاة بالتكبير(2/50)
والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) ليس فيه " سبحانك ... " وهذا الإعلال ليس بشىء عندنا لأنها زيادة من ثقة وهى مقبولة , ولولا أن الإسناد منقطع لحكمنا بصحته.
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 86) : " ورجال إسناده ثقات , لكن فيه انقطاع " يعنى بين أبى الجوزاء وعائشة , وقد سبق بيان ذلك فى المكان المشار إليه.
ولكنه مع ذلك شاهد جيد للطريق الأولى يرقى الحديث بهما إلى درجة الحسن , ثم إلى درجة الصحة بشهادة حديث أبى سعيد وغيره مما يأتى ذكره.
وأما حديث أبى سعيد:
فأخرجه أبو داود (775) والنسائى (1/143) والترمذى (2/9 ـ 10) والدارمى (1/282) وابن ماجه (804) والطحاوى (1/116) والدارقطنى (112) والبيهقى (2/34 ـ 35) وأحمد (3/50) وابن أبى شيبة من طرق عن جعفر بن سليمان الضبعى عن على بن على الرفاعى عن أبى المتوكل الناجى عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول " فذكره.
ولفظ أبى داود والطحاوى " كان إذا قام من الليل كبر ... الحديث - وزادا: " ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثا , ثم يقول: الله أكبر كبير [1] ثلاثا , أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم , من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ " -.
وهى عند الآخرين أيضا إلا النسائى وابن ماجه وقال الترمذى: " وقد تكلم فى إسناد حديث أبى سعيد , كان يحيى بن سعيد يتكلم فى على بن على الرفاعى , وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث ".
قلت: ولعل هذا لا ينفى أن يكون حسنا فإن رجاله كلهم ثقات , وعلى هذا وإن تكلم فيه يحيى بن سعيد فقد وثقه يحيى بن معين ووكيع وأبو زرعة وقال شعبة: اذهبوا بنا إلى سيدنا وابن سيدنا على بن على الرفاعى.
وقال أحمد: لم يكن به بأس إلا أنه رفع أحاديث.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: كبيرا}(2/51)
قلت: وهذا لا يوجب إهدار حديثه , بل يحتج به حتى يظهر خطأه , وهنا ما روى شيئا منكرا , بل توبع عليه كما سبق.
وكأن العقيلى أشار إلى تقويته حيث قال عقب حديث حارثة بن أبى الرجال المتقدم عن عائشة: " وقد روى من غير وجه بأسانيد جياد ".
وفى الباب عن أنس.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/35/2 من الجمع بينه وبين الصغير) عن عبد العزيز الحدانى حدثنا مخلد بن يزيد عن عائذ بن شريح عنه.
وقال: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: بلى , قد رواه الدارقطنى (ص 113) من طريق محمد بن الصلت حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس به.
بل أخرجه الطبرانى نفسه فى " كتاب الدعاء " كما فى " نصب الراية " (1/320) من طريق الفضل بن موسى السينانى ـ وفى الأصل ـ الشيبانى وهو تصحيف ـ عن حميد الطويل به.
وهذا إسناد صحيح , فلا يلتفت بعد هذا إلى قول أبى حاتم: " هذا حديث كذب لا أصل له , ومحمد بن الصلت لا بأس به كتبت عنه " كما فى " العلل " (1/135) لابنه.
وذلك لأمرين:
الأول: أنه لم يذكر الحجة فى كذب هذا الحديث مع اعترافه بأن راويه ابن الصلت لا بأس به , بل قد وثقه هو وأبو زرعة وابن نمير كما ذكر ابنه فى " الجرح والتعديل " (3/2/289) .
الثانى: أنه لم يتفرد به ابن الصلت بل توبع عليه من الطريقين المتقدمين(2/52)
فللحديث أصل أصيل عن أنس بن مالك رضى الله عنه.
(فائدة) صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحانك اللهم وبحمدك ... "
رواه ابن مندة فى " التوحيد " (ق 123/2) بسند صحيح.
(342) - (حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل القراءة: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " (ص 90) .
* صحيح.
لكن بزيادتين يأتى ذكرهما , وأما بدونهما فلا أعلم له أصلا , وإن أوهم خلاف ذلك الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " , فقد قال (ص 86 ـ 87) تعليقا على قول الرافعى: " ورد الخبر بأن صيغة التعوذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
قال الحافظ: " هو كما قال كما تقدم , وقد ورد بزيادة كما تقدم , وفى مراسيل أبى داود عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
قلت: لم يتقدم عنده إلا بإحدى الزيادتين المشار إليهما وهى " نفخه ونفثه وهمزه ".
ثم إن هذه الزيادة هى فى حديث الحسن أيضا فى مراسيل أبى داود (ص 6) من " مختصر المراسيل " , وهى زيادة صحيحة , وردت من حديث أبى سعيد الخدرى وجبير بن مطعم , وعبد الله بن مسعود , وعمر بن الخطاب , وأبى أمامة.
أما حديث أبى سعيد فتقدم آنفا بتمامه وفى آخره:
" أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم , من همزه ونفخه ونفثه , ثم يقرأ ".(2/53)
وإسناده حسن كما سبق بيانه هناك.
وإما حديث جبير بن مطعم فلفظه:
" سمعت النبى صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة قال: اللهم أعوذ بك من الشيطان الرجيم , من همزه ونفخه ونفثه ".
هكذا أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/92/1) : حدثنا ابن إدريس عن حصين بن عمرو بن مرة عن عبادة بن عاصم عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه.
ورواه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/78/2) من طريق أخرى عن عبد الله بن إدريس به وفى أوله زيادة تأتى فى حديث شعبة.. وهو رواية لابن أبى شيبة (1/89/2) .
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عباد بن عاصم , أورده ابن أبى حاتم (3/1/84) وقال:
" ويقال: عمار بن عاصم سمع نافع بن جبير , روى عنه عمرو بن مرة ". ولم يزد! وأورده ابن حبان فى " الثقات " (2/192) وقال: عداده فى أهل الكوفة ".
قلت: فهو مجهول وقد خولف حصين فى اسمه , فقال شعبة: أخبرنى عمرو بن مرة سمع عاصما العنزى يحدث عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دخل الصلاة كبر وقال: الله أكبر كبيرا , والحمد لله كثيرا , وسبحان الله بكرة وأصيلا , قالها ثلاثا , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه ".
أخرجه الطيالسى (947) وكذا أبو داود (764) وابن ماجه (807) وابن الجارود (96) والحاكم (1/235) والبيهقى (2/35) وأحمد (4/85) والطبرانى فى " المعجم الكبير " وابن حزم فى " المحلى " (3/248) من طرق عن
شعبة به وزاد أبو داود وغيره: " قال عمرو: نفخه الكبر , وهمزه الموتة , ونفثه الشعر ".(2/54)
وتابعه مسعر إلا أنه قال: عن عمرو عن رجل من عنزة عن نافع ابن جبير به وزاد " فى التطوع ".
ثم قال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر , فإن عاصما هذا العنزى لم يوثقه أحد , اللهم إلا ابن حبان فإنه اورده فى " الثقات " (2/222) وساق له هذا الحديث وقال: " كذا قال شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزى. وقال مسعر: عن عمرو بن مرة
عن رجل من عنزة. وقال ابن إدريس عن حصين عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم عن نافع بن جبير. وهو عند ابن عباس (كذا الأصل ولعله ابن عياش) عن عبد الله ابن عبد الله بن حمزة بن حرسه (كذا) عن عبد الرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بطوله ".
قلت: فهذا الاختلاف على عاصم فى اسمه يشعر بأن الرجل غير معروف ولعله لذلك قال البخارى: " لا يصح " , لكن لعله يتقوى بالطريق الأخرى التى ذكرها ابن حبان وإن كنت لم أعرف ابن حمزة هذا.
ولكنه على كل حال هو شاهد جيد للأحاديث الآتية.
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجه (808) والحاكم (1/207) والبيهقى (2/36) وأحمد (1/404) وكذا ابنه عبد الله عن محمد بن فضيل ـ شيخ أحمد فيه ـ عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن السلمى عن ابن مسعود قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل فى الصلاة يقول: اللهم إنى أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه ".
ثم أخرجه (1/403) والبيهقى من طريقين آخرين عن عمار بن زريق وعن ورقاء كلاهما عن عطاء به نحوه.
ولفظ الأخير منهما:(2/55)
" كان يعلمنا أن نقول ... " فذكره.
وقال الحاكم: " صحيح , وقد استشهد البخارى بعطاء بن السائب ".
قلت: ووافقه الذهبى , وفيه نظر , قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 54/2) : " هذا إسناد ضعيف , عطاء بن السائب اختلط بآخره , وسمع منه محمد بن الفضل بعد الاختلاط , وقد قيل: إن أبا عبد الرحمن السلمى لم يسمع من ابن مسعود , ورواه ابن خزيمة فى صحيحه عن يوسف بن عيسى عن ابن فضيل به ".
قلت: قد أثبت سماعه من ابن مسعود البخارى فى تاريخه والمثبت مقدم على النافى.
وأما حديث عمر:
فأخرجه الدارقطنى (112) عن عبد الرحمن بن عمر بن شيبة ولم أعرفه.
وقد وقع هنا للحافظ ابن حجر وهم نبهت عليه فى " تخريج صفة الصلاة ".
وأما حديث أبى أمامة فلفظه:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل فى الصلاة من الليل , كبر ثلاثا , وسبح ثلاثا , وهلل ثلاثا , ثم يقول: " اللهم إنى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه وشركه " , وفى رواية " ونفثه " بدل " وشركه ".
أخرجه أحمد (5/253) من طريق حماد بن سلمة وشريك عن يعلى بن عطاء أنه سمع شيخا من أهل دمشق أنه سمع أبا أمامة.
قلت: وهذا إسناد صحيح لولا الشيخ الدمشقى فإنه مجهول لم يسم.
ثم استدركت حديثا مرسلا آخر , وفيه تفسير الألفاظ التى وردت فى هذه الزيادة , وهو من رواية أبى سلمة بن عبد الرحمن قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول اللهم إنى أعوذ بك من(2/56)
الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه , قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تعوذ وا بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " , قالوا: يا رسول الله وما همزه ونفخه ونفثه؟ قال " أما همزه فهذه المؤتة [1] التى تأخذ بنى آدم , وأما نفخه فالكبر , وأما نفثه فالشعر ".
أخرجه أحمد (6/156) بإسناد صحيح إلى أبى سلمة وفيه رد على من أنكر من المعاصرين ورود هذا التفسير مرفوعا.
وبالجملة فهذه أحاديث خمسة مسندة ومعها حديث الحسن البصرى وحديث أبى سلمة المرسلين إذا ضم بعضها إلى بعض قطع الواقف عليها بصحة هذه الزيادة وثبوت نسبتها إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فعلى المصلى الإتيان بها اقتداء به عليه الصلاة والسلام.
وأما الزيادة الأخرى وهى " السميع العليم " فصحيحة أيضا وقد ورد فيها أحاديث:
الأول: عن أبى سعيد الخدرى , وفيه الجمع بينهما وبين الزيادة الأولى كما تقدم.
(تنبيه) أورد السيوطى هذا الحديث فى " الدر المنثور " (4/130) من طريق أبى داود والبيهقى فقط! دون الزيادة الأولى مع إنها ثابتة عندهما وعند كل من خرج الحديث , وكذلك أورد حديث ابن مطعم من طريق ابن أبى شيبة دون الزيادة الأولى وهى ثابتة عندهما أيضا.
الثانى: عن عائشة ـ وذكر الإفك ـ قالت:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , وفى " المسند ": الموتة}(2/57)
" جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكشف عن وجهه وقال: أعوذ بـ (الله) السميع العليم من الشيطان الرجيم (إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم) الآية ".
أخرجه أبو داود (785) وقال: " وهذا حديث منكر , قد روى هذا الحديث جماعة عن الزهرى لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح , وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد ".
قلت: وحميد هذا هو ابن قيس المكى وهو ثقة احتج به الشيخان وقد ذكر ابن القيم فى " التهذيب " (1/379) نقلا عن ابن القطان أن حميدا هذا أحد الثقات , وإنما علة الحديث من قطن بن نسير , وهو وإن كان من رجال مسلم فكان أبو زرعة يحمل عليه ... الخ كلامه.
الحديث أورده السيوطى فى " الدر المنثور " من رواية أبى داود والبيهقى.
الثالث: عن معقل بن يسار مرفوعا بلفظ: " من قال حين يصبح: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم , وثلاث آيات من آخر سورة الحشر , وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسى , وإن قالها مساء فمثل ذلك حتى يصبح ".
أخرجه الترمذى (2/151) والدارمى (2/458) وأحمد (5/26) وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (78) والثعلبى فى تفسيره (ق 189/1 ـ 2) وكذا البغوى (7/309) كلهم من طريق خالد بن طهمان أبى العلاء الخفاف حدثنى نافع بن أبى نافع عنه.
وقال الترمذى: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
قلت: وعلته خالد هذا.
قال ابن معين: " ضعيف " خلط قبل موته بعشر سنين , وكان قبل ذلك ثقة , وكان فى تخليطه كل ما جاءوا به يقر به ".
قلت: وساق الذهبى له فى " الميزان " هذا الحديث وقال: " لم يحسنه الترمذى(2/58)
وهو حديث غريب جدا ونافع ثقة ".
الرابع: عن أنس مرفوعا بلفظ: " من قال حين يصبح: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم أجير من الشيطان حتى يمسى ".
أخرجه ابن السنى (48) عن داود بن سليك عن يزيد عنه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , يزيد الرقاشى ضعيف , وداود بن سليك لم يوثقه غير ابن حبان وفى " التقريب ": "مقبول"، أى عند المتابعة.
وفى الباب عن ابن عمر موقوفا عليه بلفظ: " كان يتعوذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ".
هكذا أخرجه ابن أبى شيبة (1/92/1) عن ابن جريج عن نافع عنه.
قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين لولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه.
قلت: فهذه طرق يدل مجموعها على ثبوت زيادة " السميع العليم " فى الاستعاذة لاسيما وحديث أبى سعيد وحده حسن , فكيف إذا انضم إليه الأحاديث الأخرى؟ !
وجملة القول إن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم فى الاستعاذة ضم هذه الزيادة إليها أو التى قبلها , أو كليهما معا على حديث أبى سعيد , والله أعلم.
(343) - (حديث أم سلمة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم , وعدها آية " (ص 90) .(2/59)
* صحيح.
أخرجه أبو داود (4001) وعنه البيهقى (2/44) والترمذى (2/152) وفى " الشمائل " (2/131) والدارقطنى (118) والحاكم (2/231 ـ 232) وأحمد (6/302) وأبو عمرو الدانى فى " القراآت " (ق 6/1 , 8/2) من طرق عن يحيى بن سعيد الأموى قال: حدثنا ابن جريج عن عبد الله بن أبى مليكة عنها " أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يقطع قراءته آية آية: بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين ".
وقال الدارقطنى: " إسناد صحيح , وكلهم ثقات ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
وصححه ابن خزيمة فأخرجه فى صحيحه كما فى " تفسير ابن كثير " (1/17) وكذا صححه النووى فى " المجموع " (3/333) .
قلت: وهو كما قالوا: لولا عنعنة ابن جريج , لكنه قد توبع كما يأتى , فالحديث صحيح.
وأخرجه الطحاوى (1/117) والحاكم أيضا (1/232) من طريق حفص بن غياث: حدثنا ابن جريج به ولفظه:
" كان يصلى فى بيتها فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين.. " إلخ الفاتحة.
وفى رواية لأبى عمرو الدانى.
" كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية , يقول: بسم الله الرحمن الرحيم , ثم يقف , ثم يقول: الحمد لله رب العالمين ثم يقف , ثم يقول الرحمن الرحيم. ملك يوم(2/60)
الدين " وقال: " ولهذا الحديث طرق كثيرة , وهو أصل فى هذا الباب ".
قلت: كذا وقع فى رايته: " ملك ". دون مد الميم , وهى رواية الترمذى بلفظ: " وكان يقرؤها ملك يوم الدين ".
وأعله بالانقطاع فقال: " هذا حديث غريب , وبه يقول أبو عبيد ويختاره , هكذا روى يحيى بن سعيد الأموى وغيره عن ابن جريج عن ابن أبى مليكة عن أم سلمة , وليس إسناده بمتصل , لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبى مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة إنها وصفت قراءة النبى صلى الله عليه وسلم مفسرة حرفا حرفا ... وحديث الليث أصح ".
كذا قال! ونحن نرى أن الصواب خلاف ما ذهب إليه الترمذى , وأن الصواب والأصح حديث ابن جريج , لأنه قد توبع , فقال الإمام أحمد (6/288) : " حدثنا وكيع عن نافع بن عمر , وأبو عامر حدثنا نافع عن ابن أبى مليكة عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم - قال أبو عامر: قال نافع: أراها حفصة ـ أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إنكم لا تستطيعونها , قال: فقيل لها: أخبرينا بها , قال: فقرأت قراءة ترسلت فيها , قال أبو عامر: قال نافع: فحكى لنا ابن أبى مليكة: الحمد لله رب العالمين , ثم قطع , الرحمن الرحيم , ثم قطع , مالك يوم الدين ".
قلت: وهذا صحيح , وهو متابع قوى لابن جريج فى أصل الحديث. ولا يضره أنه لم يسم زوج النبى صلى الله عليه وسلم ولا أنه سماها حفصة لأنه ظن منه , فلا يعارض به من جزم بأنها أم سلمة.(2/61)
(فائدة) : قال أبو عمرو الدانى فى " باب تفسير الوقف الحسن (5/2) :
" ومما ينبغى له أن يقطع عليه رءوس الآى , لأنهن فى أنفسهن مقاطع , وأكثر ما يوجد التام فيهن لاقتضائهن تمام الجمل , واستبقاء أكثرهن انقضاء القصص. وقد كان جماعة من الأئمة السالفين والقراء الماضين يستحبون القطع عليهن , وإن تعلق كلام بعضهن ببعض , لما ذكرنا من كونهن , مقاطع , ولسن بمشبهات لما كان من الكلام التام فى أنفسهن دون نهاياتهن " ثم روى عن اليزيدى عن أبى عمرو أنه " كان يسكت على رأس كل آية , فكان يقول: إنه أحب إلى إذا كان آية أن يسكت عندها , وقد وردت السنة أيضا بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند استعماله التقطيع " ثم ساق هذا الحديث.
قلت: وهذه سنة تركها أكثر قراء هذا الزمان , فالله المستعان.
(344) - (حديث: " إذا أمن الإمامُ فأمنوا " متفق عليه (ص 90) .
* صحيح.
وتمامه: " فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ".
أخرجه البخارى (1/201 , 3/194) ومسلم (2/17) وكذا أبو عوانة (2/130 ـ 131) ومالك (1/87/2/44 , 45) والنسائى (1/147) والترمذى (2/30) والدارمى (1/284) وابن ماجه (846) وابن الجارود (100 ـ 101) والبيهقى (2/55) وأحمد (2/233 , و270 , 312 , 440 , 459) من طرق كثيرة عن أبى هريرة به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد ذكرت طرقه وألفاظه فى " تخريج صفة الصلاة ".
(345) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر فى الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء " (ص 90) .(2/62)
* صحيح.
وقد ذكر النووى فى " المجموع " (3/389) : إجماع المسلمين على ذلك كله , بنقل الخلف عن السلف مع الأحاديث المتظاهرة على ذلك.
وذكره نحوه ابن حزم فى " مراتب الإجماع " (ص 33) , وأقره شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك.
قلت: وإليك بعض الأحاديث التى أشار إليها النووى رحمه الله تعالى.
الأول: عن قطبة بن مالك: " أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر (والنخل باسقات لها طلع نضيد ".
أخرجه مسلم (2/39 ـ 40) وأبو عوانة (2/159) والبخارى فى " أفعال العباد " (81) والترمذى (2/108 ـ 109) وابن ماجه (816) والدارمى (1/297) والسراج (30/1) وكذا ابن أبى شيبة (1/140/1) والطيالسى وأحمد (4/322)
الثانى: عن عمرو بن حريث قال: " سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر (إذا الشمس كورت) .
أخرجه مسلم (2/39) والنسائى (1/151) والدارمى (1/297) وابن أبى شيبة والسراج والبيهقى والطيالسى (1055 , 1210) وأحمد (4/306 , 307) .
وفى رواية عنه: " كأنى أسمع صوت النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى صلاة الغداة (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) ".
أخرجه أبو داود (817) وابن ماجه (817) وإسناده حسن.
الثالث: عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: " ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا من وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم , كان يصلى بها(2/63)
فى الصبح ".
أخرجه النسائى (1/151) وأحمد (6/463) بإسناد حسن.
الرابع: عن أبى هريرة يرويه عبيد الله بن أبى رافع قال: " استخلف مروان أبا هريرة على المدينة , وخرج إلى مكة فصلى لنا أبو هريرة الجمعة , فقرأ بعد سورة الجمعة فى الركعة الآخرة (إذا جاءك المنافقون) قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف , فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان على بن أبى طالب يقرأ بهما بالكوفة فقال أبو هريرة: " إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما فى الجمعة ".
أخرجه مسلم (3/15) واللفظ له وأبو داود (1124) والترمذى (2/396 ـ 397) وابن ماجه (1118) .
وقال الترمذى " حسن صحيح ".
وأما القراءة فى الأوليين فلا أعلم فى ذلك حديثا صريحا , فالعمدة فى ذلك على الاتفاق الذى سبق نقله عن النووى.
(346) - (حديث أبى سعيد وابن أبى أوفى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض , وملء ما شئت من شىء بعد ". متفق عليه) (ص 90) .
* صحيح.
ولكنه من أفراد مسلم دون البخارى , أخرجه هو (2/47) والدارمى (1/301) وعنه البيهقى (2/94) وأبو داود (رقم 847) والنسائى (1/163) والطحاوى (1/141) وابن نصر فى " قيام الليل " (77) وأحمد (3/87) والسراج (38/1) وأبو عوانة (2/176) من حديث أبى سعيد الخدرى ولفظه:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد , ملء السماوات والأرض , وملء ما شئت من شىء بعد , أهل الثناء والمجد , أحق ما(2/64)
قال العبد , وكلنا لك عبد , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
ثم أخرجه مسلم (2/46 ـ 47) وكذا أبو عوانة (2/177) وأبو داود (846) وابن ماجه (878) والطحاوى والبيهقى وأحمد (4/353 , 354 , 356) وابن أبى شيبة (1/95/2) والسراج (37/2) عن عبد الله بن أبى أوفى بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده , اللهم ربنا لك الحمد , ملء السماوات , وملء الأرض , وملء ما شئت من شىء بعد ".
ورواه البخارى فى " الأدب المفرد " (684) بلفظ كان يدعو ... " دون قوله " بعد الركوع " , وهو رواية لمسلم وأحمد وغيرهما.
(347) - (حديث: " وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد " (ص 90) .
* صحيح.
وقد مضى فى حديث أبى موسى رقم (332) .
(348) - (حديث سعيد بن جبير عن أنس قال: " ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة به من هذا الفتى ـ يعنى عمر بن عبد العزيز - قال: فحزرنا فى ركوعه عشر تسبيحات وفى سجوده عشر تسبيحات ". رواه أحمد والنسائى وأبو داود (ص 91) .
* ضعيف.
رواه أحمد (3/162 ـ 163) وأبو داود (888) والنسائى (1/170) وكذا البيهقى (2/110) من طريق وهب بن مانوس قال: سمعت سعيد بن جبير به.
قلت: وهذا سند ضعيف , وهب هذا قال ابن القطان: " مجهول الحال ".(2/65)
(349) - حديث كعب بن عجرة: " خرج علينا النبى صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك , فكيف نصلى عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد , وعلى آل محمد , كما صليت على آل إبراهيم , إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " متفق عليه (ص 91) .
* صحيح.
وقد سبق تخريجه (320) .
(350) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم , ومن عذاب القبر , ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ". رواه الجماعة إلا البخارى والترمذى (ص 91) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/93) وكذا أبو عوانة (2/235) وأبو داود (983) والدارمى (1/310) والنسائى (1/193) وابن ماجه (909) وابن الجارود (110) والسراج (76/2) وأحمد (2/237 , 477) والبيهقى (2/154) من طريق محمد بن أبى عائشة عن أبى هريرة به.
وليس عند أبى عوانة والنسائى والدارمى لفظة " الأخير " و" فتنة " الثانية , وزاد البيهقى: " ثم ليدع بعد بما شاء , اللهم إنى أعوذ ... " وسنده صحيح.
(351) - (حديث " أن مالك بن الحويرث [كان] إذا صلى كبر ورفع يديه وإذا أراد أن يركع رفع يديه , وإذا رفع رأسه رفع يديه وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا " متفق عليه (ص 91) .(2/66)
* صحيح.
وهو من رواية أبى قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى ... الحديث.
أخرجه البخارى (1/191) ومسلم (2/7) وأبو عوانة (2/49) والبيهقى (2/27 , 71) .
وله طريق آخر بلفظ:
" كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه , وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه , وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده , فعل مثل ذلك ".
أخرجه مسلم - والسياق له - وأبو عوانة وأبو داود (745) والنسائى (1/161, 165) والدارمى (1/285) وابن ماجه (859) وأحمد (3/436 , 437 , 5/53) وكذا الطيالسى (1253) وابن أبى شيبة (1/91/2) من طرق عن قتادة عن نصر بن عاصم عنه.
زاد النسائى: " وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك " وسنده صحيح.
وفى أخرى له بلفظ:
" أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم رفع يديه فى صلاته إذا ركع , وإذا رفع رأسه من الركوع , وإذا سجد , وإذا رأسه من السجود حتى يحاذى بهما فروع أذنيه ".
وكذلك رواه أحمد (3/436 , 437) وسنده صحيح أيضا.
وفى أخرى له مختصرا بلفظ: " كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه فى الركوع والسجود ".
وكذلك رواه أبو عوانة فى " صحيحه (2/95) .
وقال الحافظ فى " الفتح "(2/67)
(2/185) بعد أن ساقه من طريق النسائى: " وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث فى الرفع فى السجود ".
وله شاهد من حديث أنس بلفظ:
" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه فى الركوع والسجود ".
رواه ابن أبى شيبة (1/91/1) بإسناد صحيح.
(352) - (حديث وائل بن حجر وفيه: " ثم وضع اليمنى على اليسرى ". رواه أحمد ومسلم (ص92) .
* صحيح.
رواه أحمد (4/317 ـ 318) ومسلم (2/13) وكذا أبو عوانة (2/97) عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم إنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر: " أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل فى الصلاة وكبر ـ وصف حمام [1] حيال أذنيه ـ ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى , فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما , ثم كبر فركع , فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه , فلما سجد سجد بين كفيه ".
وله طريق أخرى عن عاصم بن كليب: أخبرنى أبى أن وائل بن حجر الحضرمى أخبره قال: " قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلى , قال: فنظرت إليه قام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه , ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ; ثم قال: لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها , ووضع يديه على ركبتيه , ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد , فافترش رجله اليسرى , فوضع كفه اليسرى فى فخذه وركبته اليسرى , وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه وركبته اليسرى [2] ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة , ثم رفع
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: همام}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: فخذه اليمنى}(2/68)
أصبعه , فرأيته يحركها يدعو بها ثم جئت بعد ذلك فى زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد ".
رواه أحمد (4/318) وأبو داود (727) والنسائى (1/141) والدارمى (1/314) وابن الجارود (110 ـ 111) والبيهقى (2/27 ـ 28 , 132) من طرق عن زائدة عنه به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم , وصححه ابن خزيمة كما فى " الفتح " (2/366) وابن حبان كما فى " خلاصة البدر المنير " (ق 23/1) وكذا صححه النووى فى " المجموع " وابن القيم فى " زاد المعاد " (1/85) .
(353) - حديث على رضى الله عنه قال: " أن من السنة فى الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة ". رواه أحمد (ص92) .
* ضعيف.
رواه أحمد فى " المسائل " (ق 62/2) لابنه عبد الله وهذا [1] فى زوائد " المسند " (1/110) (1) وكذا أبو داود (756) والدارقطنى (107) والبيهقى (2/310) وكذا ابن أبى شيبة (1/156/1) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السوائى عن أبى جحيفة عن على رضى الله عنه به.
قلت: وهذا سند ضعيف , علته عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو الواسطى وهو ضعيف كما يأتى , وقد اضطرب فيه , فرواه مرة هكذا عن زياد عن أبى جحيفة عنه. ومرة قال: عن النعمان بن سعد عن على.
أخرجه الدارقطنى والبيهقى.
__________
(1) وأطلق العزو إلى الإمام أحمد في "المنتقى" فأوهم أنه في مسنده , وإنما هو في زياداته كما قلنا , وكما صرح به الحافظ في الفتح (2/186) .
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: وكذا}(2/69)
ومرة قال: عن سيار أبى الحكم عن أبى وائل قال: قال أبو هريرة ".
أخرجه أبو داود (758) والدارقطنى.
وقال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفى ".
قلت: ولذلك لم يأخذ الإمام أحمد بحديثه هذا , فقال ابنه عبد الله: " رأيت أبى إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة ".
وقد قال النووى فى " المجموع " (3/313) وفى " شرح صحيح مسلم " وفى غيرهما: " اتفقوا على تضعيف هذا الحديث لأنه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو ضعيف باتفاق أئمة الجرح والتعديل ".
وقال الزيلعى (1/314) : " قال البيهقى فى " المعرفة ": لا يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو متروك ".
وقال الحافظ فى " الفتح " (2/186) : " هو حديث ضعيف ".
قلت: ومما يدل على ضعفه أنه روى عن على خلافه , بإسناد خير منه , وهو حديث ابن جرير الضبى عن أبيه قال:
" رأيت عليا رضى الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ".
وهذا إسناد محتمل للتحسين , وجزم البيهقى (2/130) أنه حسن.
وعلقه البخارى (1/301) مختصرا مجزوما.
والذى صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم فى موضع وضع اليدين إنما هو الصدر, وفى ذلك أحاديث كثيرة أوردتها فى " تخريج صفة الصلاة " منها:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(3) انظر تضعيف الشيخ رحمه الله لهذا الأثر في "ضعيف سنن أبي داود" (رقم 130) .(2/70)
عن طاوس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى , ثم يشد بينهما على صدره , وهو فى الصلاة " , رواه أبو داود (759) بإسناد صحيح عنه.
وهو وإن كان مرسلا فهو حجة عند جميع العلماء على اختلاف مذاهبهم فى المرسل , لأنه صحيح السند إلى المرسل , وقد جاء موصولا من طرق كما أشرنا إليه آنفا فكان حجة عند الجميع , وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الإمام إسحاق بن راهويه , فقد ذكر المروزى فى " المسائل " (ص 222) : " كان إسحاق يوترُ بنا ... ويرفع يديه فى القنوت ويقنت قبل الركوع , ويضع يديه على ثدييه , أو تحت الثديين ".
(354) - (روى ابن سيرين: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره فى السماء فنزلت هذه الآية (والذين هم فى صلاتهم خاشعون) فطأطأ رأسه " رواه أحمد فى الناسخ والمنسوخ وسعيد بن منصور فى سننه " بنحوه وزاد فيه: " وكان يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه " وهو مرسل (ص 92) .
* ضعيف.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/32/1) والبيهقى (2/283) والحازمى فى " الاعتبار " (ص 60) من طريقين عن عبد الله بن عون عن محمد قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى رفع رأسه إلى السماء , تدور عيناه ينظر ههنا وههنا , فأنزل الله عز وجل (قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون) " فطأطأ ابن عون رأسه ونكس فى الأرض.
ثم رواه من طريق محمد بن يونس حدثنا سعيد أبو زيد الأنصارى عن أبي [1] عون عن ابن سيرين عن أبى هريرة موصولا , وقال: " والصحيح هو المرسل ".
وتعقبه ابن التركمانى بقوله:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: ابن}(2/71)
" ابن أوس ـ وهو سعيد أبو زيد الأنصارى ـ ثقة , وقد زاد الرفع , كيف وقد شهد له رواية ابن علية لهذا الحديث موصولا عن أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة ".
قلت: لكن الراوى له عن ابن أوس محمد بن يونس وهو الكديمى كذاب فلا يحتج به فالصواب ما قاله البيهقى , لكن ذلك بالنظر إلى رواية ابن عون هذه.
وقد أخرجها ابن جرير أيضا (18/3) .
وأما رواية ابن علية فالأرجح فيها الموصول - وإن اختلف عليه - فقد أخرجه ابن جرير: حدثنى يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا أيوب به مرسلا وكذلك أخرجه البيهقى من طريق سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن إبراهيم به.
وقال البيهقى: " هذا هو المحفوظ: مرسل , وقد روى عن إسماعيل بن إبراهيم ـ هو ابن علية ـ موصولا ".
ثم روى من طريق أبى عبد الله الحافظ , وهو الحاكم وقد أخرجه هو فى " المستدرك " (2/393) من طريق أبى شعيب الحرانى أخبرنى أبى أنبأ إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة رضى الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء , فنزلت (الذين هم فى صلاتهم خاشعون) فطأطأ رأسه "
وقال: " ورواه حماد بن زيد عن أيوب مرسلا وهذا هو المحفوظ ".
ووافقه الذهبى , فإنه لما قال الحاكم عقب الحديث: " صحيح على شرط الشيخين , لولا خلاف فيه على محمد , فقد قيل عنه مرسلا ".
فتعقبه الذهبى بقوله: " الصحيح مرسل ".(2/72)
وقد تبين لى أخيرا أن هذا القول هو الصواب , ذلك لأن أبا شعيب الحرانى ـ واسمه عبد الله بن الحسن بن أحمد ـ وإن وثقه الدارقطنى وغيره , فقد قال فيه ابن حبان: " يخطىء ويهم " كما فى " لسان الميزان ".
قلت: فمثله لا يحتمل تفرده ومخالفته للجماعة الذين رووا عن أيوب مرسلا.
وفى الباب عن أبى قلابة الجرمى قال: حدثنى عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قيامه وركوعه وسجوده بنحو من صلاة أمير المؤمنين يعنى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه , قال سليمان: فرمقت عمر فى صلاته فكان بصره إلى موضع سجوده " وذكر باقى الحديث.
أخرجه البيهقى وابن عساكر فى تاريخه (7/302/2) من طريق صدفة [1] بن عبد الله عن سليمان بن عبد الله الخولانى قال: سمعت أبا قلابة ...
وقال البيهقى: " وليس بالقوى ".
قلت: وعلته صدقة هذا وهو أبو معاوية السمين.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
وفى معناه حديث عائشة قالت: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة , وما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها ".
أخرجه الحاكم (1/479) وعنه البيهقى (5/158) .
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
(355) - (حديث " ابن مسعود فى المراوحة بين القدمين وهو قائم " (ص 92) .
* ضعيف.
رواه النسائى (1/142) وابن أبى شيبة (2/92/2) والبيهقى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: صدقة}(2/73)
(2/288) عن أبى عبيدة أن عبد الله رأى رجلا يصلى قد صف بين قدميه , فقال: خالف السنة , ولو راوح بينهما كان أفضل.
وقال البيهقى: " مرسل ".
يعنى منقطع بين أبى عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم يسمع منه كما تقدم.
ويعارضه حديث ابن الزبير قال: " صف القدمين , ووضع اليد على اليد من السنة ".
أخرجه أبو داود (754) وعنه البيهقى (2/30) من طريق العلاء بن صالح عن زرعة
بن عبد الرحمن قال: سمعت ابن الزبير.
قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضا , زرعة هذا لم يرو عنه إلا اثنان:
العلاء هذا أحدهما , ولم يوثقه غير ابن حبان والعلاء بن صالح ثقة فى حفظه ضعف.
وقد روى موقوفا أخرجه ابن أبى شيبة (2/93/1) بسند صحيح عن هشام بن عروة قال: أخبرنى من رأى ابن الزبير يصلى قد صف بين قدميه وألزق أحدهما [1] بالأخرى.
ثم روى نحوه عن ابن عمر من فعله. وسنده صحيح.
(356) - (حديث أبى (1) مسعود: " أنه ركع فجافى يديه , ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ". رواه أحمد وأبو داود والنسائى (ص 92) .
__________
(1) الأصل (ابن) وهو تصحيف، واسمه عقبة بن عمرو الأنصاري
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: إحداهما}(2/74)
* ضعيف.
رواه أحمد (4/119 , 120) وأبو داود (863) وعنه البيهقى (2/127) والنسائى (1/159) والحاكم (1/222) وكذا الدارمى (1/299) والطحاوى (1/135) من طرق عن عطاء بن السائب عن سالم أبى عبد الله قال: قال عقبة بن عمرو: " ألا أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقام وكبر , ثم ركع , وجافى يديه , ووضع يديه على ركبتيه , وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه حتى استقر كل شىء منه , ثم رفع رأسه ; فقام حتى استقر كل شىء منه , ثم سجد فجافى حتى استقر كل شىء منه , قال: فصلى أربع ركعات ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى أو هكذا كان يصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , وفيه ألفاظ عزيزة , ولم يخرجاه لإعراضهما عن عطاء بن السائب , سمعت العباس بن محمد الدورى يقول: سألت يحيى بن معين عن عطاء بن السائب؟ فقال: ثقة " ووافقه الذهبى.
قلت: لكنه ـ أعنى عطاء ـ كان اختلط , وليس فى رواة هذا الحديث عنه من روى عنه قبل الاختلاط , وفى هذه الحالة ينبغى التوقف عن تصحيح حديثه كما تقرر فى " مصطلح الحديث " لاسيما وفيه ألفاظ غريبة , والله أعلم.
(357) - (حديث وائل بن حجر قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ". رواه الخمسة إلا أحمد (ص 92 - 93) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (838) والنسائى (1/165) والترمذى (2/56) وابن ماجه (882) وكذا الدارمى (1/303) والطحاوى (1/150) والدارقطنى (131 ـ 132) والحاكم (1/226) وعنه البيهقى (2/98) من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل.(2/75)
قلت: وهذا سند ضعيف , وقد اختلفوا فيه , فقال الترمذى: " حديث حسن غريب , لا نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك ".
وقال الحاكم: " احتج مسلم بشريك وعاصم بن كليب ".
وليس كما قال - وإن وافقه الذهبى - فإن شريكا لم يحتج به مسلم وإنما روى له فى المتابعات كما صرح به غير واحد من المحققين , ومنهم الذهبى نفسه فى " الميزان " , وكثيرا ما يقع الحاكم ثم الذهبى فى مثل هذا الوهم , ويصححان أحاديث شريك على شرط مسلم , فليتنبه لذلك.
وأما الدارقطنى فقال عقب الحديث: " تفرد به يزيد عن شريك , ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك , وشريك ليس
بالقوى فيما تفرد به ".
قلت: وهذا هو الحق , فقد اتفقوا جميعا على أن الحديث مما تفرد به شريك دون أصحاب عاصم بن كليب , مثل زائدة ابن قدامة وهو ثقة ثبت فقد رواه عن عاصم ـ كما تقدم برقم 352 ـ أتم منه ولم يذكر عنه ما ذكره شريك , بل قال يزيد بن هارون: " إن شريكا لم يرو عن عاصم غير هذا الحديث ". وهو سىء الحفظ عند جمهور الأئمة , وبعضهم صرح بأنه كان قد اختلط , فلذلك لا يحتج به إذا تفرد , فكيف إذا خالف غيره من الثقات الحفاظ كما سبقت الإشارة إلى رواية زائدة.
على أنه قد رواه غيره عن عاصم عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكر وائلا.
أخرجه أبو داود والطحاوى والبيهقى عن شقيق أبى ليث قال: حدثنى عاصم به. لكن شقيق هذا مجهول لا يعرف كما قال الذهبى وغيره.
وله طريق أخرى معلولة أيضا.
أخرجه أبو داود (839) والبيهقى عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم ـ فذكر حديث الصلاة , قال: فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه. ومن طريق شقيق قال: حدثنى عاصم بن كليب عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم بمثل هذا وفى حديث أحدهما: " وإذا نهض نهض على ركبتيه ".
وعلته الانقطاع بين عبد الجبار بن وائل وأبيه فإنه لم يسمع منه شيئا كما قال(2/76)
ابن معين والبخارى وغيرهما. وفى الطريق الأخرى شقيق وهو مجهول.
وهذا الحديث مع ضعفه فقد خالفه أحاديث صحيحة:
الأول: عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه , وقال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
أخرجه الطحاوى فى " شرح المعانى " والدارقطنى (131) والحاكم (1/226) وعنه البيهقى (2/100) والحازمى فى " الاعتبار " (54) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ".
ووافقه الذهبى وهو كما قالا , وصححه أيضا ابن خزيمة كما فى " بلوغ المرام " (1/263) وقال الحاكم: " القلب إليه أميل ـ يعنى من حديث وائل ـ لروايات كثيرة فى ذلك عن الصحابة والتابعين ".
وأما البيهقى فقد أعله بعلة غير قادحة فقال: " كذا قال عبد العزيز , ولا أراه إلا وهما - يعنى رفعه - قال: والمحفوظ ما اخترنا. ثم أخرج من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: إذا سجد أحدكم فليضع يديه , وإذا رفع فليرفعها , قال الحافظ: ولقائل أن يقول , هذا الموقوف غير المرفوع , فإن الأول فى تقديم وضع اليدين على الركبتين. والثانى فى إثبات وضع اليدين فى الجملة ".
قلت: وعبد العزيز ثقة ولا يجوز توهيمه بمجرد مخالفة أيوب له , فإنه قد زاد الرفع وهى زيادة مقبولة منه , ومما يدل على أنه قد حفظ أنه روى الموقوف والمرفوع معا وقد خالفه فى الموقوف ابن أبى ليلى عن نافع به بلفظ: " أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه , ويرفع يديه , إذا رفع قبل ركبتيه ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/102/2) .
قلت: وهذا منكر لأن ابن أبى ليلى ـ واسمه محمد بن عبد الرحمن ـ سيىء(2/77)
الحفظ , وقد خالف فى مسنده الدراوردى وأيوب السختيانى كما رأيت.
الحديث الثانى: قوله عليه الصلاة والسلام:
" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير , وليضع يديه قبل ركبتيه ".
أخرجه البخارى فى " التاريخ " (1/1/139) وأبو داود (840) وعنه ابن حزم (4/128 ـ 129) والنسائى (1/149) والدارمى (1/303) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/65 ـ 66) وفى " الشرح " (1/149) والدارقطنى (131) والبيهقى (2/99 ـ 100) وأحمد (2/381) كلهم عن طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردى قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة مرفوعا به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير محمد بن عبد الله بن الحسن وهو المعروف بالنفس الزكية العلوى وهو ثقة كما قال النسائى وغيره , وتبعهم الحافظ فى " التقريب " , ولذلك قال النووى فى " المجموع " (3/421) والزرقانى فى " شرح المواهب " (7/320) : " وإسناده جيد ".
ونقل مثله المناوى عن بعضهم وصححه عبد الحق فى " الأحكام الكبرى " (ق 54/1) وقال فى " كتاب التهجد " (ق 56/1) : إنه أحسن إسنادا من الذى قبله، يعنى حديث وائل المخالف له.
وقد أعله بعضهم بثلاث علل:
الأولى: تفرد الدراوردى به عن محمد بن عبد الله.
الثانية: تفرد محمد هذا عن أبى الزناد.
الثالثة: قول البخارى: لا أدرى أسمع محمد بن عبد الله بن حسن من أبى الزناد أم لا.
وهذه العلل ليست بشىء ولا تؤثر فى صحة الحديث البتة.(2/78)
أما الجواب عن الأولى والثانية , فهو أن الدراوردى وشيخه ثقتان فلا يضر تفردهما بالحديث , كما لا يخفى.
وأما الثالثة فليست بعلة إلا عند البخارى بناء على أصله المعروف وهو اشتراط معرفة اللقاء , وليس ذلك بشرط عند جمهور المحدثين , بل يكفى عندهم مجرد إمكان اللقاء مع أمن التدليس كما هو مذكور فى " المصطلح " وشرحه الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه. وهذا متوفر هنا فإن محمد بن عبد الله لم يعرف بتدليس ثم هو قد عاصر أبا الزناد وأدركه زمانا طويلا , فإنه مات سنة (145) وله من العمر (53) , وشيخه أبو الزناد مات سنة (130) فالحديث صحيح لا ريب فيه.
على أن الدراوردى لم يتفرد به , بل توبع عليه فى الجملة , فقد أخرجه أبو داود (841) والنسائى والترمذى أيضا (2/57 ـ 58) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن به مختصرا بلفظ: " يعمد أحدكم فيبرك فى صلاته برك الجمل؟ ! ".
فهذه متابعة قوية , فإن ابن نافع ثقة أيضا من رجال مسلم كالدراوردى.
(تنبيه) : وأما ما أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/102/2) والطحاوى والبيهقى من طريق عبد الله بن سعيد عن جده عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه , ولا يبرك بروك الفحل ". فهو حديث باطل تفرد به عبد الله وهو ابن سعيد المقبرى وهو واه جدا بل اتهمه بعضهم بالكذب , ولذلك قال البيهقى وتبعه الحافظ فى " الفتح " (2/241) : " إسناده ضعيف ". وأحسن الظن بهذا المتهم أنه أراد أن يقول: " فليبدأ بيديه قبل ركبتيه " كما فى الحديث الصحيح , فانقلب عليه فقال: " بركبتيه قبل يديه ".
ومما يدل على ذلك قوله فى الحديث " ولا يبرك بروك الفحل " فإن الفحل ـ وهو الجمل ـ إذا برك فأول ما يقع منه على الأرض ركبتاه اللتان فى يديه كما هو مشاهد , وإن غفل عنه كثيرون فالنهى على بروك كبروكه يقتضى أن لا يخر على ركبتيه ,(2/79)
وأن يتلقى الأرض بكفيه , وذلك ما صرح به الحديث الصحيح , وبلذلك يتفق شطره الأول مع شطره الثانى خلافا لمن ظن أن فيه انقلابا واحتج على ذلك بهذا الحديث الواهى الباطل وبغير ذلك مما لا يحسن التعرض له فى هذا المكان فراجع تعليقنا على " صفة صلاة النبى صلى الله عليه وسلم " (ص 100 ـ 101) .
(فائدة) ثبت مما تقدم أن السنة الصحيحة فى الهوى إلى السجود أن يضع يديه قبل ركبتيه , وهو قول مالك والأوزاعى وأصحاب الحديث كما نقله ابن القيم فى " الزاد " والحافظ فى " الفتح " وغيرهما وعن أحمد نحوه كما فى " التحقيق " (ق 108/2) لابن الجوزى.
(358) - (حديث أبى حميد فى صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه: " وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شىء من فخذيه " (ص 93) .
* ضعيف بهذا السياق.
وقد تقدم تخريجه (305 , 309) لكن ليس فيه هذا , وإنما هو فى رواية لأبى داود (735) من طريق بقية حدثنى عتبة حدثنى عبد الله بن عيسى عن العباس ابن سهل الساعدى عن أبى حميد به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , علته عتبة هذا وهو ابن أبى حكيم الهمدانى قال فى " التقريب ": " صدوق يخطىء كثيرا ".
ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد ذكر فى " الفتح " (2/254) أن رواية عتبة أخرجها ابن حبان , وأن هذا القدر منها ورد فى رواية عيسى يعنى ابن عبد الله بن مالك , وكان قد عزى هذه الرواية قبل صفحة لأبى داود وغيره , وهى عند أبى داود (733) لكن ليس فيها القدر الذى رواه عتبة. فالظاهر إنها عند غير أبى داود.
فإذا ثبت ذلك فالحديث حسن على أقل الأحوال , والله أعلم.
(359) - (حديث ابن بحينه: " كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح فى سجوده حتى يرى وضح إبطيه ". متفق عليه (ص 93) .(2/80)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/208) ومسلم (2/53) وكذا أبو عوانة (2/185) والنسائى (1/166) والطحاوى (1/136) والبيهقى (2/114) وأحمد (5/345) عن عبد الله بن مالك بن بحينة به.
واللفظ لأحمد وأبى عوانة فى إحدى روايتيه , ولفظ الصحيحين: " كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه ".
(360) - (فى حديث أبى حميد: " ووضع كفيه حذو منكبيه " رواه أبو داود والترمذى وصححه. وفى لفظ: " سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة " (ص93) .
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه باللفظ الثانى (305) .
وأما اللفظ الأول فهو فى رواية فليح بن سليمان بسنده عن أبى حميد وقد مضت (309) وفيها ضعف كما مر , لكن لها شاهد من حديث وائل بن حجر , أخرجه البيهقى (2/82) بسند صحيح.
وقد صح أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يضعهما حذو أذنيه كما ذكرته فى " صفة الصلاة ".
(361) - (" حديث وائل بن حجر فى رفع اليدين أولا فى قيامه إلى الركعة " (ص 93) .
* ضعيف.
وقد سبق تخريجه (357) .
(362) - (حديث أبى هريرة: " كان ينهض على صدور قدميه " (ص 93) .(2/81)
* ضعيف.
أخرجه الترمذى (2/80) عن خالد بن إلياس عن صالح مولى التوأمة عن أبى هريرة مرفوعا به وقال: " خالد بن إلياس ضعيف عند أهل الحديث , وصالح مولى التوأمة هو صالح بن أبى صالح ".
قلت: وهو ضعيف لاختلاطه إلا فيما رواه القدماء عنه كابن أبى ذئب.
ومع ضعف هذا الحديث فقد خالفه حديثان صحيحان:
الأول: حديث أبى حميد الساعدى المتقدم (305) وفيه بعد أن ذكر السجدة الثانية من الركعة الأولى: " ثم قال: الله أكبر , ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه , ثم نهض ".
الثانى: عن مالك بن الحويرث أنه كان يقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصلى فى غير وقت صلاة , فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية فى أول ركعة , استوى قاعدا ثم قام فاعتمد على الأرض ".
أخرجه الشافعى فى " الأم " (1/101) وابن أبى شيبة (1/158/1) والنسائى (1/173) والبيهقى (2/124/135) والسراج (108/2) عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى عن خالد الحذاء عن أبى قلابة قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخارى (1/211) والبيهقى (2/123) من طريق وهيب عن أيوب عن أبى قلابة قال: جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا فى مسجدنا هذا , فقال: إنى لأصلى بكم وما أريد الصلاة , ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى , قال(2/82)
أيوب فقلت لأبى قلابة: وكيف كانت صلاته؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمة , قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير , وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام ".
وقد تابعه حماد بن زيد عن أيوب به نحوه بلفظ: " كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى والثالثة التى لا يقعد فيها استوى قاعدا
ثم قام ".
أخرجه الطحاوى (2/405) وأحمد (5/53 ـ 54) وهو صحيح أيضا.
وتابعه هشيم عن خالد مختصرا بلفظ:" أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يصلى , فإذا كان فى وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوى قاعدا ".
أخرجه البخارى وأبو داود (844) والنسائى أيضا والترمذى (2/79) والطحاوى والدارقطنى (132) والبيهقى.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وصححه الدارقطنى أيضا.
(فائدة) هذه الجلسة الواردة فى هذين الحديثين الصحيحين تعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة , وقد قال بمشروعيتها الإمام الشافعى , وعن أحمد نحوه كما فى " تحقيق ابن الجوزى " (111/1) , وأما حمل هذه السنة على إنها كانت منه صلى الله عليه وسلم للحاجة لا للعبادة وأنها لذلك لا تشرع كما يقوله الحنفية وغيرهم فأمر باطل كما بينته فى " التعليقات الجياد , على زاد المعاد " وغيرها , ويكفى فى إبطال ذلك أن عشرة من الصحابة مجتمعين أقروا إنها من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم فى حديث أبى حميد , فلو علموا أنه عليه السلام إنما فعلها للحاجة لم يجز لهم أن يجعلوها من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وهذا بين لا يخفى والحمد لله تعالى.
(363) - (حديث وائل بن حجر: " وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد(2/83)
على فخذيه ". رواه أبو داود (ص 93) .
* ضعيف.
وقد تقدم تخريجه فى الحديث (357) .
(فائدة) : روى ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/157) عن جماعة من السلف منهم ابن مسعود وعلى وابن عمر وغيرهم بأسانيد صحيحة أنهم كانوا ينهضون فى الصلاة على صدور أقدامهم.
فلعل ذلك كان فى الجلسة التى يقعد فيها أعنى للتشهد , توفيقا بين هذه الآثار وبين حديث مالك بن الحويرث الذى ذكرته آنفا , فإنى لا أعلم فى جلسة التشهد سنة ثابتة , ويؤيد ذلك أن ابن أبى شيبة روى (1/157/2) عن ابن عمر أيضا " أنه كان يعتمد على يديه فى الصلاة " وسنده صحيح أيضا , فهذا على وفق السنة , وما قبله على ما لا يخالفهما , والله أعلم.
364) - (حديث أبى حميد: " ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ". وقال: " وإذا جلس فى الركعتين جلس على اليسرى ونصب الأخرى ". وفى لفظ: " وأقبل بصدر اليمنى على قبلته " (ص 93) .
* صحيح. باللفظين الأولين , وقد مضيا فى حديثه (305) .
وأما اللفظ الآخر , فهو عند أبى داود (734) من رواية فليح وقد عرفت مما تقدم (309) أن فيه ضعفا.
(365) - (حديث أبى حميد: " فإذا كانت السجدة التى فيها التسليم أخرج رجله اليسرى وجلس متوركا على شقه الأيسر وقعد على مقعدته ". رواه البخارى (ص 94) .(2/84)
* صحيح.
وقد مضى بتمامه (305) .
(366) - (حديث ابن عمر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس فى الصلاة وضع يديه على ركبتيه , ورفع إصبعه اليمنى التى تلى الإبهام , فدعا بها ". رواه أحمد ومسلم (ص 94) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/90) - واللفظ له - وكذا أبو عوانة (2/225) والنسائى (1/187) والترمذى (2/88) وابن ماجه (913) من طريق عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه به وزادوا: " ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها ".
وأما أحمد فأخرجه (2/65) من طريق مالك , وهذا فى " الموطأ " (1/88/48) وعنه أبو داود أيضا (987) والنسائى (1/186) والبيهقى (2/130) كلهم عن مالك عن مسلم بن أبى مريم عن على بن عبد الرحمن المعاوى أنه قال: " رآنى عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء فى الصلاة , فلما انصرف نهانى , وقال: اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذا جلس فى الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى , وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التى تلى الإبهام , ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وقال: هكذا كان يفعل ".
ورواه النسائى (1/173) والبيهقى (2/132) من طريق إسماعيل بن جعفر عن مسلم ابن أبى مريم به وزاد بعد قوله: " الإبهام " فى القبلة , ورمى ببصره إليها , أو نحوها ".
وإسنادها صحيح.
(367) - (فى حديث وائل بن حجر:(2/85)
" ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها ". رواه أحمد وأبو داود والنسائى (ص 94) .
* صحيح.
وتقدم بتمامه (352) .
(368) - (حديث عامر بن سعد عن أبيه قال: " كنت أرى النبى صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى (1) بياض خده ". رواه أحمد ومسلم (ص 94) .
* صحيح.
رواه أحمد (1/172 , 180 , 181) ومسلم (2/91) وكذا أبو عوانة (2/237) والنسائى (1/194) وابن ماجه (915) وابن أبى شيبة (1/117/1) والبيهقى (2/178) والدورقى فى " مسند سعد " (1/120/1) عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد به.
واللفظ لمسلم , وفى رواية عن إسماعيل قال: اجتمعت أنا والزهرى فتذاكرنا: تسليمة واحدة , فقال الزهرى: تسليمة واحدة فقلت: أنبأنا ابن أبى إسحاق (كنية سعد بن أبى وقاص) أحدث بها عليك! حدثنى عامر بن سعد به مختصرا.
أخرجه أبو عوانة بسند صحيح عنه.
وفى رواية أخرى: " فقال (يعنى الزهرى) هذا حديث لم أسمعه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إسماعيل بن محمد: أكل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت؟ قال الزهرى: لا , قال: فثلثيه؟ قال: لا , قال: فنصفه؟ فوقف الزهرى عند النصف أو عند الثلث , فقال له إسماعيل: اجعل هذا الحديث فيما لم
__________
(1) الأصل (يرى) والتصويب من صحيح مسلم وما في الأصل رواية النسائي.(2/86)
تسمع!
أخرجه البيهقى بإسناد ضعيف إلى إسماعيل.
وقد تابعه موسى بن عقبة عن عامر بن سعد به مختصرا.
أخرجه أحمد (1/186) والدورقى عن أبى معشر عنه.
وللحديث شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود , وفى بعض الطرق عنه زيادة " وبركاته " فى التسليمة الأولى كما تقدم (326) .
(369) - (حديث جابر:" أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض " رواه أبو داود (ص 94) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (1001) والحاكم (1/170) والبيهقى (2/181) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: فذكره.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , وسعيد بن بشير إمام أهل الشام فى عصره إلا أن الشيخين لم يخرجاه بما وصفه أبو مسهر من سوء حفظه ومثله لا ينزل بهذا القدر " ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر , فإن سعيدا هذا ضعفه الجمهور , والذهبى نفسه أورده فى " كتاب الضعفاء " (ق 165 ـ 1 ـ 2) وقال " وثقه شعبة , وفيه لين , قال النسائى: ضعيف وقال ابن حبان فاحش الخطأ ".
قلت: فهذا جرح مفسر , يقدم على توثيق شعبة , ولذلك جزم الحافظ فى " التقريب " بأنه " ضعيف ".
وأما قول الحاكم: أن أبا مسهر وصفه بسوء الحفظ فهو من أوهامه , فإن الأمر على خلاف ما ذكر , ففى " ميزان الذهبى ":
" وقال يعقوب القسوي [1] : سألت أبا مسهر عن سعيد بن بشير؟ فقال: لم يكن فى بلدنا أحفظ منه , وهو ضعيف منكر الحديث ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الفسوى}(2/87)
لكنه لم يتفرد به , فقد رواه عبد الأعلى بن القاسم أبو بشر حدثنا همام عن قتادة به بلفظ: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسلم على أئمتنا ... " والباقى مثله سواء.
أخرجه ابن ماجه (922) والبيهقى.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير عبد الأعلى ـ وسماه ابن ماجه على بن القاسم وهو وهم ـ وهو صدوق.
وذكره ابن حبان فى الثقات , ولعله من أجل ذلك حسن إسناده الحافظ , فإنه بعد أن ساقه فى " التلخيص " (ص 104 ـ 105) باللفظ الأول من رواية أبى داود والحاكم ساقه باللفظ الثانى من رواية ابن ماجه والبزار وقال: " زاد البزار: " فى الصلاة " وإسناده حسن ".
وفى ذلك نظر عندى لأن البزار رواه من هذا الوجه كما يستفاد من ترجمة عبد الأعلى المذكور فى " تهذيب التهذيب " , وعليه فهو معلول , لأن الحسن البصرى قد اختلفوا فى سماعه من سمرة , وهو وإن كان الراجح أنه سمع منه فى الجملة , فإنه كان يدلس كما قال الحافظ وغيره , وقد عنعنه , فلا بد حينئذ من أن يصرح بالتحديث حتى يقبل حديثه كما هو مقرر فى موضعه من " علم مصطلح الحديث "
, وهذا مما لم نجده عنه , بل يحتمل أن يكون تلقاه عن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه , فقد روى ذلك عنه بإسناد لا يصح , يرويه جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثنى خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب: أما بعد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان فى وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدءوا قبل التسليم فقولوا: التحيات الطيبات والصلوات والملك لله , ثم سلموا على اليمين ثم سلموا على قارئكم , وعلى أنفسكم ".
وهذا إسناد ضعيف لما فيه من المجاهيل كما قال الحافظ , وهم سليمان بن سمرة فمن دونه , وقال الذهبى فى ترجمة جعفر هذا: " وهذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم".(2/88)
(تنبيهان) :
الأول: ذكر المؤلف أن الحديث من رواية جابر , وهو وهم منه أو خطأ من بعض النساخ , فإنما هو من حديث سمرة كما رأيت.
الثانى: وقع فى بعض نسخ " المنتقى من أخبار المصطفى " معزوا لأحمد , وفى نسخة: ابن ماجه بدل أحمد وهو الصواب فإن الحديث ليس فى المسند.(2/89)
فصل فيما يكره فى الصلاة
(370) - (حديث عائشة: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ". رواه أحمد والبخارى (ص 95) (1) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (6/106) والبخارى (1/194 , 2/324) وأبو داود (910) والنسائى (1/177) والترمذى (2/484) والبيهقى (2/281) والسراج (37/2) عنها قالت: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات فى الصلاة؟ فقال: ... " فذكره.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وكذلك رواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/181/1) ثم رواه من طريق أخرى عن عائشة موقوفا وهو صحيح مرفوعا وموقوفا.
(371) - (حديث سهل بن الحنظلية قال: " ثوب بالصلاة , [يعنى صلاة الصبح] (2) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى وهو يلتفت إلى الشعب. قال [أبو داود] (3) : وكان أرسل فارسا إلى الشعب يحرس " رواه أبو داود (ص 95) .
__________
(1) إن هذا الرقم هو رقم الصفحة المذكور فيها الحديث من الجزء الأول من "منار السبيل"
(2) و (3) زيادات من سنن أبي داود.(2/90)
* صحيح.
رواه أبو داود (916) وعنه البيهقى (2/348) فى " الصلاة " هكذا مختصرا ثم رواه فى " الجهاد " (2501) وكذا الحاكم (2/83 ـ 84) والبيهقى (9/149) بأتم منه وفيه قصتة [1] وقال الحاكم " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو صحيح على شرط مسلم , أما على شرط البخارى ففيه وقفة عندى لأن زيد بن سلام لم يثبت لأنه [2] من رجال البخارى الذين احتج بهم فى صحيحه والله أعلم.
والحديث عزاه المنذرى فى " الترغيب " (2/155 ـ 156) للنسائى أيضا فلعله فى سننه الكبرى [3] فإنى لم أره فى سننه الصغرى والله أعلم.
(372) - (حديث أنس مرفوعا: " اعتدلوا فى السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ". متفق عليه (ص 95) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/211) ومسلم (2/53) وكذا أبو عوانة (2/183 ـ 184) وأبو داود (897) والنسائى (1/166 , 167) والدارمى (1/303) وابن أبى شيبة (1/100/2) وابن ماجه (892) والبيهقى (2/113) والطيالسى (1977) وعنه الترمذى (2/66) وأحمد (3/109 , 115 , 177 , 179 , 191 , 202, 214 , 231 , 274 ,291) وابنه عبد الله فى زوائده (3/279) والسراج (40/1) من طرق عن قتادة عنه , وقد صرح بسماعه من أنس عند أبى عوانة وغيره
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وله شاهد من حديث جابر:
أخرجه ابن أبى شيبة والترمذى وابن ماجه (891) وأحمد (3/305 , 315 , 389) عن الأعمش عن أبى سفيان عنه نحوه.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: قصة}
[2] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: أنه}
[3] {الحديث فى الكبرى 5/273}(2/91)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وله طريق أخرى من رواية أبى الزبير عنه.
أخرجه أحمد (3/336) وسنده حسن فى المتابعات. وله شاهد آخر من حديث ابن عمر بلفظ: " لا تبسط ذراعيك إذا صليت كبسط السبع , وادعم على راحتيك , وتجاف عن ضبعيك , فإنك إذا فعلت ذلك سجد لك كل عضو منك ".
أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 284/1) والحاكم (1/227) من طريق ابن إسحاق قال: حدثنى مسعر بن كدام عن آدم بن على البكرى عنه مرفوعا.
وقال: " صحيح " ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو حسن فقط لما تقدم من حال ابن إسحاق وقد أخرجه الطبرانى فى " الكبير " ورجاله ثقات كما فى " المجمع " (2/126) .
وقال الحافظ فى " الفتح " (2/244) : " إسناده صحيح ".
فلعله عند الطبرانى من غير طريق ابن إسحاق فيراجع.
(373) - (حديث أنه رأى رجلا يعبث فى صلاته فقال: " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " (ص 95) .
* موضوع.
أورده السيوطى فى " الجامع الصغير " من رواية الحكيم عن أبى هريرة , وصرح الشيخ زكريا الأنصارى فى تعليقه على تفسير البيضاوى (ق 202) بأن إسناده ضعيف.
قلت: بل هو أشد من ذلك ضعفا , فقد قال المناوى فى " فيض القدير ":(2/92)
" رواه - يعنى: الحكيم - " فى " النوادر " عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبرى عن أبى هريرة قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته فى الصلاة ... الحديث.
قال الزين العراقى فى " شرح الترمذى ": وسليمان بن عمرو هو أبو داود النخعى متفق على ضعفه , وإنما يعرف هذا عن ابن المسيب. وقال فى " المغنى ": سنده ضعيف , والمعروف أنه من قول سعيد , ورواه ابن أبى شيبة فى مصنفه وفيه رجل لم يسم. وقال ولده: فيه سليمان بن عمرو مجمع على ضعفه.
وقال الزيلعى: قال ابن عدى: أجمعوا على أنه يضع الحديث ".
قلت: وكذلك رواه موقوفا ابن المبارك فى " الزهد " (ق 213/1) : " أنبأنا معمر عن رجل عن سعيد به ".
ومن هذا الوجه رواه ابن أبى شيبة (2/51/1) .
فهو لا يصح لا مرفوعا ولا موقوفا , والمرفوع أشد ضعفا , بل هو موضوع وكأنه لذلك لم يعرج عليه البيهقى فلم يورده فى سننه الكبرى ـ على سعتها ـ وإنما أورده (2/289) موقوفا معلقا. والله سبحانه أعلم.
(374) - (حديث أبى هريرة: " نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يصلى الرجل مختصرا ". متفق عليه (ص 95) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/307) ومسلم (2/72) وكذا أبو عوانة (2/84) وأبو داود (947) والنسائى (1/142) وعنه ابن حزم فى " المحلى " (4/18) والترمذى (2/222) والدارمى (1/332) وابن أبى شيبة (1/183/2) وابن الجارود (ص 116) والطبرانى فى " الصغير " (173) والحاكم (1/264) والبيهقى (2/287) وأحمد (2/232 , 290 , 295 , 331 , 339) من طرق عن محمد بن سيرين عنه به.
وزاد أبو عوانة: " ووضع يده على خاصرته ".
وزاد ابن أبى شيبة:(2/93)
" قال محمد: وهو أن يضع يده على خاصرته وهو يصلى.
وله شاهد من حديث ابن عمر يرويه زياد بن صبيح الحنفى قال: " صليت إلى جنب ابن عمر , فوضعت يدى على خاصرتى فضرب يدى , فلما صلى قال: هذا الصلب فى الصلاة , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه ".
أخرجه أبو داود (903) والنسائى (1/141) وابن أبى شيبة (1/183/1) والبيهقى (2/288) وأحمد (2/106) بإسناد جيد وصححه الحافظ العراقى فى " تخريج الإحياء " (1/139) .
(375) - (حديث: " نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى النائم والمتحدث " رواه أبو داود (ص 96) .
* حسن.
رواه أبو داود (694) عن عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظى قال: قلت له ـ يعنى معمر بن عبد العزيز ـ حدثنى عبد الله بن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف ; كل من دون القرظى مجهولون , ولذلك ضعفه أبو داود نفسه , فقد ساق بهذا السند حديثا آخر (1485) ثم قال: " روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب , كلها واهية , وهذا الطريق أمثلها , وهو ضعيف أيضا ".
وقال الخطابى فى " معالم السنن " (1/341) : " وهذا حديث لا يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم لضعف سنده وعبد الله بن يعقوب لم يسم من حدثه عن محمد بن كعب , وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيف , تمام بن بزيع وعيسى بن
ميمون , وقد تكلم فيهما يحيى بن معين والبخارى , ورواه أيضا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس.
وعبد الكريم متروك الحديث.
وقد ثبت عن(2/94)
النبى صلى الله عليه وسلم أنه صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة ".
والحديث أخرجه البيهقى (2/279) من طريق أبى داود , ثم قال: " وهذا أحسن ما روى فى هذا الباب , وهو مرسل (يعنى منقطع) ورواه هشام بن زياد أبو المقدام عن محمد بن كعب وهو متروك ".
قلت: ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (959) والحاكم (4/270) .
وتابعه مصادف بن زياد المدينى.
أخرجه الحاكم عن محمد بن معاوية عنه. وقال: " هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد النصرى ومصادف بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: هشام متروك , ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى فبطل الحديث ".
قلت: ومصادف بن زياد مجهول أيضا كما فى " الميزان ". ومن أبواب البخارى فى " صحيحه (باب الصلاة خلف النائم) ثم أورد فيه حديث عائشة الذى ذكره الخطابى.
قال الحافظ فى " الفتح " (1/485) : " وكأنه أشار إلى تضعيف الحديث الوارد فى النهى عن الصلاة إلى النائم , فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس وقال أبو داود: طرقه كلها واهية. انتهى.
وفى الباب عن ابن عمر. أخرجه ابن عدى , وعن أبى هريرة. أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " وهما واهيان أيضا ".
قلت: أما حديث ابن عمر فلم أقف على إسناده.
وأما حديث أبى هريرة فقد وقفت على إسناده فى " الجمع بين معجمى الطبرانى الصغير والأوسط " (1/31/2) : حدثنا محمد بن الفضل السقطى حدثنا سهل بن صالح الأنطاكى , حدثنا شجاع بن الوليد عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ:(2/95)
" نهيت أن أصلى خلف المتحدثين والنيام ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن محمد بن عمرو إلا شجاع , تفرد به سهل ".
قلت: وهو ثقة كما قال أبو حاتم وغيره وكذلك بقية الرواة كلهم ثقات معروفون من رجال التهذيب غير شيخ الطبرانى هذا , ترجمة الخطيب وقال (3/153) : " وكان ثقة , وذكره الدارقطنى فقال: صدوق ". وليس فى واحد منهم مغمز اللهم إلا محمد بن عمرو وهو ابن علقمة الليثى المدنى ففيه ضعف يسير من قبل حفظه , ولكنه كما قال الذهبى: " شيخ مشهور حسن الحديث , مكثر عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قد أخرج له الشيخان متابعة ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: فالحديث عندى حسن , وتضعيف الحافظ له مما لا يساعد عليه " مصطلح الحديث " , وقد أورده الهيثمى فى " مجمع الزوائد " وقال (2/62) : " رواه الطبرانى فى الأوسط , وفيه محمد بن عمرو بن علقمة واختلف فى الاحتجاج به ".
قلت: لكن المقرر فيه أنه حسن الحديث , وهو ـ أعنى الهيثمى ـ وكذلك الحافظ العسقلانى وغيرهم من الحفاظ النقاد جروا على تحسين حديثه , وقد صرح بنحو ذلك الذهبى كما رأيت , فلا مندوحة من القول بحسن هذا الحديث. والله أعلم.
وله شاهد من حديث مجاهد مرسلا.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/38/2) من طريق عبد الكريم أبى أمية عنه مرفوعا بلفظ:(2/96)
" أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن نصلى خلف النوام والمتحدثين ".
وعبد الكريم ضعيف كما عرفت من كلام الخطابى , لكن تابعه ليث وهو ابن أبى سليم , وهو ضعيف أيضا.
فالحديث أقل أحواله أنه حسن , وإلا فهو صحيح بهذا المرسل , والله أعلم.
(376) - (حديث عائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى خميصة لها أعلام , فنظر إلى أعلامها نظرة , فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتى هذه إلى أبى جهم , وائتونى بأنبجانيته , فإنها ألهتنى آنفا عن صلاتى ". متفق عليه (ص 96) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/106 , 194 , 4/80) ومسلم (2/77 ـ 78) وأبو داود (914 ,4052) والنسائى (1/125) والبيهقى (2/282) وأحمد (6/37 , 46 , 199 ,208) من طرق عن عروة عنها.
ورواه مالك (1/98/68) عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلا.
قال ابن عبد البر: " وهذا مرسل عند جميع الرواة عن مالك ".
قلت: وهو فى الصحيحين من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها موصولا كما ذكرنا. ومن طريق الزهرى عن عروة به.
وله عنها طريق أخرى.
أخرجه مالك (1/97/67) وعنه أحمد (6/177) عن علقمة بن أبى علقمة عن أمه أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: فذكره نحوه.
وهذا مرسل.
(377) - (حديث أبى ذر مرفوعا: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه ". رواه أبو داود (ص 96) .(2/97)
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (945) والنسائى (1/177) والترمذى (2/219) وابن ماجه (1027) وكذا الدارمى (1/322) وابن الجارود (116) والطحاوى فى " المشكل " (2/183) وابن أبى شيبة (2/96/2) والبيهقى (2/284) وأحمد (5/150 , 163 , 179) من طريق الزهرى عن أبى الأحوص عن أبى ذر به.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وسكت عليه الحافظ فى " الفتح " (3/63) , وقال فى " بلوغ المرام " (1/208 ـ شرحه) : " رواه الخمسة بإسناد صحيح ".
وفى ذلك نظر عندى فإن أبا الأحوص هذا لم يرو عنه غير الزهرى ولم يوثقه أحد غير ابن حبان , فلم تثبت عدالته وحفظه , ولذلك قال ابن القطان: " لا يعرف له حال ".
وقال النووى فى " المجموع " (4/96) : " فيه جهالة " وقال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " مقبول ". أى عند المتابعة وإلا فلين الحديث كما نص عليه فى المقدمة , وما علمت أحدا تابعه على هذا الحديث , فهو ضعيف.
بل قد خالفه فى لفظه عبد الرحمن بن أبى ليلى فقال: عن أبى ذر قال: " سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن كل شىء حتى سألته عن مسح الحصى؟ فقال: واحدة أو دع ".
أخرجه الطحاوى وأحمد (5/163) وابن أبى شيبة من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن جده.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات لولا أن محمد بن أبى ليلى فى حفظه ضعف.
لكن له طريق أخرى , فقال الطيالسى (470) : حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن أبى ذر به دون قوله: " أو دع ". وقال: " وقال سفيان عن الأعمش عن مجاهد عن ابن أبى ليلى عن أبى ذر(2/98)
عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه ".
قلت: ولعل هذا هو الأولى لموافقته للطريق الأولى عن أبى ذر , وعلى كل حال فالحديث بهذا اللفظ صحيح , والله أعلم.
(378) - (حديث على مرفوعا: " لا تقعقع أصابعك وأنت فى الصلاة " رواه ابن ماجه (ص 96) .
* ضعيف جدا.
أخرجه ابن ماجه (965) من طريق أبى إسحاق عن الحارث عن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا.
قال البوصيرى فى " الزوائد ": (ق 62/1) : " فيه الحارث بن عبد الله الأعور أبو زهير الهمدانى وهو ضعيف , وقد اتهمه بعضهم ".
وفى الباب عن معاذ بن أنس الجهنى مرفوعا بلفظ: " الضاحك فى الصلاة , والملتفت , والمقعقع أصابعه بمنزلة واحدة ".
أخرجه أحمد (3/438) والدارقطنى (64) والبيهقى (2/289) من طريق زبان بن فائد أن سهل بن معاذ حدثه عن أبيه به.
وقال البيهقى: " زبان بن فائد غير قوى ".
وروى ابن أبى شيبة (2/72/1) عن شعبة مولى ابن عباس قال: " صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعى , فلما قضيت الصلاة قال: لا أم لك تفقع [1] أصابعك وأنت فى الصلاة؟ ! ".
وسنده حسن.
(379) - (عن كعب بن عجرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه فى الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ". رواه الترمذى وابن ماجه (ص 96) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: تقعقع}(2/99)
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (967) من طريق أبى بكر بن عياش عن محمد بن عجلان عن أبى سعيد المقبرى عن كعب بن عجرة به.
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة فإن رجاله ثقات , غير أن أبا بكر بن عياش وإن كان من رجال البخارى ففى حفظه ضعف , وقد خولف فى إسناده ومتنه.
فقال الليث بن سعد: عن ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن رجل عن كعب بن عجرة بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه , ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه فى صلاة ".
أخرجه الترمذى (2/228) وقال: " رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث ".
قلت: رواه ابن جريج: أخبرنى محمد بن عجلان به إلا أنه قال: " عن بعض بنى كعب بن عجرة عن كعب ".
أخرجه أحمد (4/242) .
فهذا خلاف رواية أبى بكر بن عياش إسنادا ومتنا كما هو ظاهر.
وفى إسناده اختلاف آخر , فرواه الدارمى (1/327) عن سفيان وأحمد (4/242) عن قران بن تمام و (4/243) عن شريك بن عبد الله والحاكم (1/206) عن يحيى بن سعيد أربعتهم عن ابن عجلان عن المقبرى ـ وسماه الثانى سعيد بن أبى سعيد ـ عن كعب بن عجرة به. فأسقطوا الرجل المبهم والصواب إثباته فقد قال الطيالسى (1063) : حدثنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن مولى لبنى سالم عن أبين عن كعب به وكذلك رواه أحمد (4/242) : حدثنا حجاج أنبأنا ابن أبى ذئب به.
وهذا اختلاف آخر على سعيد إذ أدخل ابن أبى ذئب ـ وهو ثقة ـ بينه وبين كعب واسطتين , وقد سمى أحدهما. فرواه أبو داود (562) والدارمى(2/100)
(1/326) والبيهقى (3/230) وأحمد (4/241) عن داود بن قيس الفراء عن سعد بن إسحاق عن أبى ثمامة قال: " أدركنى كعب بن عجرة بالبلاط , وأنا مشبك بين أصابعى فقال ... " فذكر الحديث.
وأبو ثمامة هذا مجهول.
وقال الذهبى: " لا يعرف وخبره منكر ". ثم ساق له هذا الحديث.
وقال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول الحال ".
وجزم فى " التهذيب " أنه الرجل المبهم فى رواية الترمذى عن ابن عجلان.
ومن الاختلاف فيه عنه ـ أعنى ابن عجلان ـ ما أخرجه الحاكم " (1/207) من طريق أبى غسان حدثنا شريك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه.
وقال الحاكم: " وهم شريك فى إسناده " , وكذا قال الذهبى.
وعلقه الترمذى وقال: " هو غير محفوظ ".
قلت: وهذا من سوء حفظ شريك الذى اشتهر به , وقد رواه عن ابن عجلان على وجه آخر كما سبق.
قلت: فهذا اضطراب شديد فى إسناد الحديث , لا يمكن معه الحكم عليه بالصحة وإن قال الحاكم فى رواية يحيى بن سعيد المتقدمة: " صحيح على شرط مسلم " , فإنه قائم على عدم النظر إلى هذا الاضطراب الشديد.
نعم للحديث أصل صحيح عن المقبرى عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا توضأ أحدكم فى بيته ثم أتى المسجد كان فى صلاة حتى يرجع , فلا يفعل هكذا , وشبك بين أصابعه ".
أخرجه الدارمى (1/327) والحاكم من طريقين عن إسماعيل بن أمية عن المقبرى به. وقال:(2/101)
" صحيح على شرط الشيخين " , ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
وقول المنذرى فى " الترغيب " (1/123) : " وفيما قاله نظر ". مما لا وجه له , إلا أن يعنى الاضطراب السابق , وفى ذلك نظر! فإن الاضطراب إنما هو من غير طريق إسماعيل هذا , كما رأيت , وأما طريقه فسالمة من الاضطراب فهى صحيحة بلا مرية.
وللحديث طريق أخرى عن كعب بن عجرة مرفوعا نحو حديث ابن أبى أمية {؟} , يرويه عنه عبد الرحمن بن أبى ليلى.
أخرجه البيهقى (3/230 ـ 231) وقال: " هذا إسناد صحيح إن كان الحسن بن على الرقى هذا حفظه , ولم أجد له فيما رواه من ذلك تابعا ".
وتعقبه ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " بما مفاده أنه تابعه سليمان بن عبيد الله عند ابن حبان فى صحيحه.
قلت: وسليمان هذا هو الرقى وهو مختلف فيه.
وقد قال الحافظ فيه: " صدوق ليس بالقوى ".
قلت: فالإسناد ضعيف , ولا ينفعه متابعة الحسن بن على الرقى لأن الذهبى قال فيه: " اتهمه ابن حبان ". ثم ساق له حديثا آخر وقال: " وهذا باطل ".
وجملة القول أن الحديث صحيح من قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة , فلو أن المؤلف آثره على اللفظ الذى أورده لكان أصاب.
والله هو الموفق للصواب.
(380) - (قال ابن عمر فى الذى يصلى وهو مشبك: " تلك صلاة المغضوب عليهم ". رواه ابن ماجه (ص 96) .
* صحيح.
ولم أجده عند ابن ماجه , وإنما أخرجه أبو داود (993) من طريق(2/102)
عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية: سألت نافعا عن الرجل يصلى وهو مشبك يديه؟ قال: قال ابن عمر: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وقد خالفه فى متنه معمر فقال: عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل فى الصلاة معتمدا على يده [اليسرى] ". وفى رواية: " على يديه ".
أخرجه أبو داود (992) والحاكم (1/230) والبيهقى (2/135) وأحمد (2/147) والسراج (32/1) كلهم عن عبد الرزاق عنه به.
والزيادة للحاكم وقال: " صحيح على شرطهما ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , إلا أن معمرا وإن كان من الثقات الأعلام , وأخرج له الشيخان , فقد قال الذهبى: " له أوهام معروفة , احتملت له فى سعة ما أتقن ".
قلت: فمخالفته لعبد الوارث ـ وهو ثقة ثبت كما قال الحافظ ـ قد لا تحتمل , لكن لم يتفرد بهذا اللفظ , فقد رواه هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ساقطا يده فى الصلاة , فقال: لا
تجلس هكذا , إنما هذه جلسة الذين يعذبون ".
أخرجه أبو داود (994) والبيهقى وأحمد (2/116) , وهذا إسناد جيد على شرط مسلم , وهو يصحح لفظ معمر , فالظاهر أن ما رواه عبد الوارث قضية أخرى غير هذه , وكلتاهما ثابتة عن ابن عمر الأولى موقوفة , والأخرى مرفوعة. والله أعلم.
والحديث سكت عليه المنذرى فى " مختصر سنن أبى داود " (1/458) بألفاظه الثلاثة , ولم يعز شيئا منها لابن ماجه!(2/103)
(381) - (حديث: " ولا أكف ثوبا ولا شعرا " متفق عليه " (ص 97) .
* صحيح.
وقد مضى برقم (310) .
(382) - (قول ابن مسعود: " إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل أن يفرغ من الصلاة " (ص 97) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه برقم (89) .
(383) - (حديث " أنه صلى الله عليه وسلم لما أسن , وأخذه اللحم اتخذ عمودا فى مصلاه يعتمد عليه " رواه أبو داود (ص 97) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (948) والبيهقى (2/288) عن هلال بن يساف قال: " قدمت الرقة , فقال لى بعض أصحابى: هل لك فى رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: غنيمة , فدفعنا إلى وابصة , قلت لصاحبى: نبدأ فننظر إلى دله , فإذا عليه قلنسوة لاطئة ذات أذنين , وبرنس خز أغبر , وإذا هو معتمد على عصا فى صلاته , فقلنا: بعد أن سلمنا , قال: حدثتنى أم قيس بنت محصن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسن ... الحديث.
وأخرجه الحاكم (1/264 , 265) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
قلت: هلال هذا إنما أخرج له البخارى فى صحيحه تعليقا فالحديث على شرط مسلم وحده.
وله شاهد من حديث سهل بن سعد " أن العود الذى كان فى المقصورة جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسن , فكان يتكىء عليه إذا قام , فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سرق , فطلب , فوجد فى مسجد بنى عمرو بن عوف , وقد كانت الأرضة قد أصابت منه , فأخذ فنحتت له خشبتان جوفتا ثم أطبقتا عليه , ثم شعبت الخشبتان عليه , فأنت إن رأيته رأيت الشعب فيه ".(2/104)
أخرجه السراج فى مسنده (ق 12/1) من طريق موسى بن يعقوب أخبرنى أبو حازم أخبرنى سهل بن سعد به.
قلت: وموسى هو الزمعى وهو سىء الحفظ.(2/105)
فصل فيما يبطل الصلاة
(384) - (" حديث عمرو بن سلمة " (ص 98) .
* صحيح.
وهو من حديث عمرو نفسه , وقد تقدم لفظه فى الحديث (210) أو باب الأذان. وله لفظ آخر مختصرا , وعدنا هناك بذكره هنا , وهو من رواية عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: " لما رجع قومى من عند النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: أنه قال: ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن , قال: فدعونى فعلمونى الركوع والسجود , فكنت أصلى بهم ,
وكانت على بردة مفتوقة , [فكنت إذا سجدت خرجت استى] , فكانوا يقولون لأبى: ألا تغطى عنا است ابنك؟ ! ".
رواه النسائى (1/125) - والسياق له - وأبو داود (586) - والزيادة له - بسند صحيح.
(385) - (حديث: " حمله صلى الله عليه وسلم أمامة فى صلاته إذا قام حملها وإذا سجد وضعها ". متفق عليه (ص 98) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/140 , 4/114) ومسلم (2/73) وكذا أبو عوانة (2/145) ومالك (1/170/81) وأبو داود (917) والنسائى (1/178) وابن الجارود (114) والبيهقى (2/162 , 163) وأحمد (5/295 , 296 , 303 , 304 , 310 , 311) من طريق عمرو بن سليم الزرقى عن أبى قتادة(2/106)
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبى العاص بن الربيع فإذا قام حملها , وإذا سجد وضعها ".
هذا لفظ مسلم من طريق مالك , ولفظ البخارى عنه - وهو الذى فى " الموطأ " - " فإذا سجد وضعها , وإذا قام حملها ". على القلب , وهو الصواب.
ويشهد له رواية أخرى بلفظ: " رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة بنت أبى العاص وهى ابنة زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم على عاتقه , فإذا ركع وضعها , وإذا رفع من السجود أعادها ". زاد فى رواية: " على رقبته ".
أخرجها مسلم والنسائى وغيرهما كأحمد والزيادة له.
وفى رواية للبخارى: " خرج علينا النبى صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبى العاص على عاتقه فصلى ... "
وفى رواية لأحمد وأبى داود (918) : " بينا نحن فى المسجد جلوس خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبى العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى صبية , فحملها على عاتقه , فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى على عاتقه , يضعها إذا ركع ويعيدها على عاتقه إذا قام , فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى على عاتقه حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها ".
وإسناده صحيح.
وفى أخرى له من طريق ابن جريج أخبرنى عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم: " فقال عامر: ولم أسأله أى صلاة هى؟ قال ابن جريج: وحدثت عن زيد بن أبى عتاب عن عمرو بن سليم أنها صلاة الصبح ".
قال عبد الله بن أحمد:(2/107)
" جوده ".
قلت: قد رواه أبو إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسحاق عن زيد بن عتاب فلم يذكر ما ذكر ابن جريج.
أخرجه أحمد (5/295) .
وخالف فى ذلك ابن إسحاق فذكر أنها صلاة الظهر أو العصر.
رواه عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن عمرو بن سليم به ولفظه: " بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فى الظهر أو العصر , وقد دعاه بلال للصلاة , إذ خرج إلينا وأمامة بنت أبى العاص بنت ابنته على عنقه , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مصلاه , وقمنا خلفه وهى فى مكانها الذى هى فيه , قال: فكبرنا , قال: حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها , ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده , ثم قام أخذها فردها فى مكانها فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك فى كل ركعة حتى فرغ من صلاته ".
وإسناد جيد لولا أن ابن إسحاق عنعنه.
(386) - (حديث: " فتح الباب لعائشة وهو فى الصلاة " (ص 98) .
* حسن.
رواه أبو داود (922) والنسائى (1/178) والترمذى (2/497) والبيهقى (2/265) من طريق برد بن سنان أبى العلاء عن الزهرى عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت: " استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى تطوعا ,
والباب على القبلة , فمشى عن يمينه أو عن يساره , ففتح الباب , ثم رجع إلى مصلاه "
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وهو كما قال , فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير برد هذا وهو ثقة , وفيه ضعيف يسير , لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.(2/108)
(387) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم تقدم وتأخر فى صلاة الكسوف ".
* صحيح.
أخرجه مسلم وأبو عوانة فى صحيحيهما من حديث جابر , وسيأتى لفظه فى " صلاة الكسوف ".
(388) - (روى زياد بن علاقة قال: " صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس , فسبح به من خلفه فأشار إليهم: [أن] قوموا , فلما فرغ من صلاته سلم , وسجد سجدتين وسلم وقال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد.
أخرجه أحمد (4/247 , 253) وأبو داود (1037) والترمذى (2/201) والدارمى (1/353) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/255) وأبو داود الطيالسى (695) من طرق عن المسعودى عن زياد بن علاقة به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " لكن المسعودى ـ واسمه عبد الله بن عبد الرحمن ـ كان قد اختلط.
لكنه لم يتفرد به , فقد رواه غير زياد جماعة:
منهم قيس بن أبى حازم , رواه جابر الجعفى قال: حدثنا المغيرة بن شبيل الأحمسى عن قيس به بلفظ: " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام الإمام فى الركعتين , فإن ذكر قبل أن يستوى قائما فليجلس , فإن استوى قائما فلا يجلس ويسجد سجدتى السهو ".
أخرجه أبو داود (1036) وابن ماجه (1208) وأحمد (4/253 , 254) والبيهقى (2/343) وكذا الدارقطنى (ص 145) .(2/109)
قلت: وجابر الجعفى متروك.
وقد تابعه قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل به بلفظ: صلى بنا المغيرة بن شعبة فقام فى الركعتين , فسبح الناس خلفه , فأشار إليهم
أن قوموا , فلما قضى صلاته سلم وسجد سجدتى السهو , ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا استتم أحدكم قائما فليصل وليسجد سجدتى السهو , وإن لم يستتم قائما فليجلس ولا سهو عليه " أخرجه الطحاوى.
وقيس سىء الحفظ.
وتابعه إبراهيم بن طهمان عن ابن شبيل به بلفظ: صلى بنا المغيرة بن شعبة , فقام من الركعتين قائما , فقلنا سبحان الله , فأومأ وقال: سبحان الله , فمضى فى صلاته , فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس , ثم قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى قائما من جلوسه فمضى فى صلاته , فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس ثم قال: " إذا صلى أحدكم فقام من الجلوس , فإن لم يستتم قائما فليجلس , وليس عليه سجدتان , فإن استوى قائما فليمض فى صلاته , وليسجد سجدتين وهو جالس ".
قلت: وإسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات.
طريق أخرى: عن ابن أبى ليلى عن الشعبى عن المغيرة بن شعبة أنه قام فى الركعتين الأوليين فسبحوا به فلم يجلس , فلما قضى صلاته سجد سجدتين بعد التسليم , ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الترمذى (2/198/199) وأحمد (248) والبيهقى (2/344) .
قلت: ورجاله ثقات غير أن ابن أبى ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى سىء الحفظ.
وقد تابعه على بن مالك الرواسى قال: سمعت عامرا يحدث به.
أخرجه(2/110)
الطحاوى , وعلى بن مالك هذا ضعيف.
وجملة القول: أن الحديث بهذا الطرق والمتابعات صحيح , لا سيما وبعض طرقه على انفراده صحيح عند الطحاوى كما تقدم , وتلك فائدة عزيزة لا تكاد تجدها فى كتب التخريجات ككتاب الزيلعى والعسقلانى فضلا عن غيرها فراجعهما إن كنت تريد التثبت مما نقول.
والحديث عزاه الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 112) للحاكم أيضا , ولم أره عنده من حديث المغيرة وإنما روى نحوه (325) من حديث عقبة بن عامر من رواية عبد الرحمن بن شماسة المهرى قال: " صلى بنا عقبة بن عامر الجهنى , فقام وعليه جلوس , فقال الناس: سبحان الله , سبحان الله , فلم يجلس , ومضى على قيامه فلما كان فى آخر صلاته سجد سجدتين , وهو جالس , فلما سلم , قال: إنى سمعتكم أنفا تقولون: " سبحان الله " لكيما أجلس , لكن السنة الذى صنعت ".
وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
وفيه نظر , فإن ابن شماسة لم يخرج له البخارى وفيه إدريس بن يحيى وهو الخولانى وليس من رجال الشيخين , ولكنه صدوق كما قال ابن أبى حاتم (1/1/265) , وقال: سئل عنه أبو زرعة فقال: " رجل صالح من أفاضل المسلمين ".
(389) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " فإن استتم قائما فلا يجلس وليسجد سجدتين ". رواه أبو داود وابن ماجه (ص 99) .
* صحيح.
وهو عندهما بسند ضعيف جدا , لكن له طرق أخرى بعضها صحيح كما تقدم بيانه فى الذى قبله.
(390) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شىء من كلام(2/111)
الناس إنما هى التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " رواه مسلم (ص 99 ـ 100) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/70 ـ 71) وكذا أبو عوانة (2/141 ـ 142) وأبو داود (930 , 931) والنسائى (1/179 ـ 180) والدارمى (1/353 ـ 354) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/258) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 113 ـ 114) والبيهقى (2/49 ـ 52) والطيالسى (1105) وأحمد (5/449 , 448) من طريق يحيى بن أبى كثير عن هلال بن أبى ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمى قال: " بينما أنا أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس رجل من القوم , فقلت: يرحمك الله , فرمانى القوم بأبصارهم , فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلى؟ ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم , فلما رأيتهم يصمتوننى , لكن سكت , فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فبأبى هو وأمى ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه , فوالله ما كهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى , قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شىء من كلام الناس , إنما هو التسبيح والتكبير , وقراءة القرآن , أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت: يا رسول الله إنى حديث عهد بجاهلية , وقد جاء الله بالإسلام , وإن منا رجالا يأتون الكهان , قال: فلا تأتهم قال: ومنا رجال يتطيرون , قال: ذاك شىء يجدونه فى صدورهم فلا يصدنهم , قال: قلت ومنا رجال يخطون؟ قال: كان نبى من الأنبياء يخط , فمن وافق خطه فذاك , قال: وكانت لى جارية ترعى غنما لى قبل أحد والجوانية , فاطلعت ذات يوم , فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها , وأنا رجل من بنى آدم , آسف كما يأسفون , لكنى صككتها صكة , فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت يا رسول الله أفلا أعتقها (وفى رواية لو أعلم أنها مؤمنة لأعتقتها) , قال: ائتنى بها , فأتيته بها , فقال لها: أين الله؟ قالت: فى السماء , قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله , قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
والسياق لمسلم , والرواية الأخرى لأبى عوانة وفى روايته:
" إن صلاتنا هذه لا يصلح ... " إلخ مثل رواية المصنف , وقد صرح يحيى بن أبى كثير بالتحديث فى رواية لأحمد.
وقد قال الذهبى فى أول كتابه " العلو ":(2/112)
" حديث صحيح , رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن أبى كثير عن هلال بن أبى ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية السلمى أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى وغير واحد من الأئمة فى تصانيفهم , يمرونه كما جاء , ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف ".
قلت: يشير بذلك إلى قوله صلى الله عليه وسلم للجارية: " أين الله " وقولها: " فى السماء ".
فإن هذا النص قاصمة ظهر المعطلين للصفات , فإنك ما تكاد تسأله أحدهم بسؤاله صلى الله عليه وسلم " أين الله "؟ حتى يبادر إلى الإنكار عليك! ولا يدرى المسكين أنه ينكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم , أعاذنا الله من ذلك ومن علم الكلام , ولذلك رأينا الهالك فى الذب عن هذا العلم على حساب الطعن فى الأحاديث الصحيحة الشيخ زاهد الكوثرى يطعن فى صحة هذا الحديث بالذات لا بحجة علمية بل بوساوس شيطانية , مثل قوله: أن البخارى لم يخرجه فى صحيحه! وتارة يشكك فى صحة هذه الجملة بالذات " أين الله " لا لشىء إلا لأنها لم ترد خارج الصحيح! وكل هذا ظاهر البطلان لا حاجة بنا إلى تسويد الورق لبيانه نسأل الله
العصمة من الحمية الجاهلية والمذهبية!
(تنبيه) وقع فيما نقله شيخ الإسلام فى كتاب الإيمان (ص 150 طبع الأنصار) عن الإمام أحمد ما يشعر بشذوذ وضعف قوله فى هذا الحديث (فإنها مؤمنة " , ولا وجه لذلك فإنها زيادة صحيحة , وقد جاءت فى غير هذا الحديث كما نبهت عليه فيما علقته على كتاب الإيمان طبع المكتب الإسلامى (ص 243) .
(391) - (قوله صلى الله عليه وسلم لما عرض له الشيطان فى صلاته: " أعوذ بالله منك , ألعنك بلعنة الله " (ص 100) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/73) وأبو عوانة (2/144) والنسائى (1/179) والبيهقى (2/264) من حديث أبى الدرداء قال:
" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم [يصلى] فسمعنا [1] يقول: أعوذ بالله منك , ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثا , وبسط يده كأنه يتناول شيئا , فلما فرغ من الصلاة , قلنا:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فسمعناه}(2/113)
يا رسول الله قد سمعناك تقول فى الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك , ورأيناك بسطت يدك؟ قال: " إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله فى وجهى , فقلت أعوذ بالله منك , ثلاث مرات , ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة , فلم يستأخر ثلاث مرات , ثم أردت أخذه , والله , لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " ـ والسياق لمسلم - والزيادة للنسائى والبيهقى.
(392) - (حديث جابر مرفوعا: " القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء ". رواه الدارقطنى (ص 100) .
* موقوف.
وإنما أخرجه الدارقطنى فى سننه (ص 63) عن محمد بن يزيد بن سنان حدثنا أبى يزيد بن سنان حدثنا سليمان الأعمش عن أبى سفيان عن جابر مرفوعا بلفظ: " من ضحك منكم فى صلاته فليتوضأ ثم يعيد الصلاة ". وقال: " قال لنا أبو بكر النيسابورى: هذا حديث منكر , فلا يصح والصحيح عن جابر خلافه ".
قال الدارقطنى: " يزيد بن سنان ضعيف , ويكنى بأبى فروة الرهاوى , وابنه ضعيف أيضا , وقد وهم فى هذا الحديث فى موضعين: أحدهما فى رفعه إياه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , والآخر فى لفظه , والصحيح عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر من قوله: " من ضحك فى الصلاة أعاد الصلاة , ولم يعد الوضوء ".
وكذلك رواه عن الأعمش جماعة من الرفعاء الثقات , منهم سفيان الثورى وأبو معاوية الضرير ووكيع وعبد الله بن داود الخريبى وعمر بن على المقدمى وغيرهم. وكذلك رواه شعبة وابن جريج عن يزيد أبى خالد عن أبى سفيان عن جابر ".
ثم ساق أسانيده عنهم عن الأعمش وعن يزيد أبى خالد كلاهما عن أبى(2/114)
سفيان به موقوفا.
وقد رواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/154/2) : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش به.
ثم رواه الدارقطنى (ص 63) والبيهقى (2/251) من طريق سفيان الثورى عن أبى الزبير عن جابر قال: " التبسم لا يقطع الصلاة , ولكن القرقرة ".
وقال الدارقطنى والبيهقى: " رفعه ثابت بن محمد عن سفيان - زاد البيهقى: وهم وهم منه - ".
ثم ساقه هو , والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 208) وابن عدى فى " الكامل " (ق 46/2) وأبو نعيم فى " تاريخ أصبهان " (1/86) والخطيب فى " تاريخه " (11/345) عن ثابت بن محمد الزاهد حدثنا سفيان الثورى عن أبى الزبير عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقطع الصلاة الكشر , ولكن يقطعها القرقرة ".
وقال ابن عدى: " لا أعلم هذا الحديث إلا من رواية ثابت عن الثورى ولعله شبه على ثابت , فلعل الحديث كان عنده عن العزرمى [1] عن أبى الزبير , والعزرمى [2] يحتمل لضعفه فشبه عليه , فضم إليه الثورى فحمل حديث العرزمى على حديث الثورى , وهذا ما أتى به عن الثورى بهذا الإسناد غير ثابت ".
وقال الطبرانى: " لم يروه مرفوعا عن سفيان إلا ثابت , وحدثناه الدبرى عن عبد الرزاق عن الثورى موقوفا , وحدثناه محمد بن جعفر بن أعين حدثنا............. (بياض فى الأصل)
" عن الثورى موقوفا ".
وقال الخطيب: " رفعه لا يثبت ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: العرزمى}
[2] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: العرزمى}(2/115)
قلت: ثابت هذا مختلف فيه قال أبو حاتم: " صدوق " ووثقه مطين , وقال ابن عدى: " كان خيرا فاضلا وهو عندى ممن لا يتعمد الكذب , ولعله يخطىء".
وقال الدارقطنى: " ليس بالقوى , لا يضبط , وهو يخطىء فى أحاديث كثيرة ".
قلت: ومن الغرائب أن البخارى أورده فى " الضعفاء " , ومع ذلك روى عنه فى " الصحيح " , روى له حديثين فى الهبة والتوحيد.
قال الحافظ فى " مقدمة الفتح " (ص 392) : " لم يتفرد بهما ".
فلعله يشير بذلك إلى أنه روى له متابعة لا محتجا به , وهو اللائق به , والله أعلم.
وأما متابعة عبد الزراق له كما رواه الطبرانى ففى الطريق إليه الدبرى واسمه
إسحاق بن إبراهيم , قال الذهبى: " روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة , فوقع التردد فيها هل هى منه فانفرد بها , وهى معروفة مما تفرد به عبد الرزاق ".
فالحديث منكر بهذا الإسناد , والله أعلم.
وفى الباب عن أبى العالية قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه فجاء رجل ضرير البصر , فوقع فى بئر فى المسجد , فضحك بعض أصحابه فلما انصرف أمر من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة ".
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/154/2) والدارقطنى (ص 60 ـ 63) من طرق كثيرة عن أبى العالية به.
قلت: وهو مرسل , وقد رواه بعضهم عن أبى العالية عن رجل من الأنصار " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى ... " الحديث ولكنه شاذ أو منكر لمخالفته الثقات الذين رووه مرسلا , على أنه لم يصرح أن الرجل الأنصارى صحابى.
ثم ساق الدارقطنى له طرق أخرى عن أبى العالية مرسلا ثم قال:(2/116)
" رجعت هذه الأسانيد كلها التى قدمت ذكرها فى هذا إلى أبى العالية الرياحى , وأبو العالية , فأرسل الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسم بينه وبينه رجلا سمعه منه عنه. وقد روى عاصم الأحول عن محمد بن سيرين ـ وكان عالما بأبى العالية وبالحسن - فقال: لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبى العالية فإنهما لا يباليان عمن أخذا حديثهما ".
وفى " التلخيص " لابن حجر (ص 42) : " وروى ابن عدى عن أحمد بن حنبل قال: ليس فى الضحك حديث صحيح , وحديث الأعمى الذى وقع فى البئر مداره على أبى العالية وقد اضطرب عليه فيه.
وقد استوفى البيهقى الكلام عليه فى " الخلافيات " , وجمع أبو يعلى الخليلى طرقه فى جزء مفرد ".
قلت: وللحديث طرق كثيرة أخرى وكلها معلولة ليس فيها ما يحتج به , وقد ساقها الدارقطنى فى سننه (59 ـ 64) والزيلعى فى " نصب الراية لأحاديث الهداية " (1/47 ـ 54) وبينا عللها , وجمع ذلك كله العلامة أبو الحسنات اللكنوى فى رسالته " الهسهسة ينقض الوضوء بالقهقهة ".
(فائدة) روى ابن عدى فى ترجمة الحسن بن زياد اللؤلؤى (ق 89/1 ـ 2) بسند صحيح عن الشافعى قال: " قال لى الفضل بن الربيع: أنا أشتهى أن أسمع مناظرتك مع اللؤلؤى , قال: فقلت له: ليس هناك , قال: فقال: أنا أشتهى ذلك , قال: فقلت له: متى شئت , قال: فأرسل إلى , فحضرنى رجل ممن كان يقول بقولهم ثم رجع إلى قولى , فاستتبعته وأرسل إلى اللؤلؤى فجاء , فأتينا بالطعام فأكلنا , ولم يأكل اللؤلؤى , فلما غلسنا أيدينا قال له الرجل الذى كان معى: ما تقول فى رجل قذف محصنة فى الصلاة؟ قال: بطلت صلاته , قال: فما بال الطهارة؟ قال: بحالها , قال: فقال له: فما تقول فيمن ضحك فى الصلاة؟ قال بطلت صلاته وطهارته , قال: فقال له: فقذف المحصنات أيسر من الضحك فى الصلاة؟ ! قال: فأخذ اللؤلؤى نعله وقام: قال: فقلت للفضل: قد قلت لك أنه ليس هناك! ".(2/117)
(393) - (حديث: " فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " رواه الجماعة عن زيد بن أرقم (ص 100) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/302/209) ومسلم (2/71) وكذا أبو عوانة (2/139) وأبو داود (949) والنسائى (1/181) والترمذى (2/256) وفى " التفسير " (2/163) والبيهقى (2/248) وأحمد (4/368) عن زيد بن أرقم قال: " كان الرجل يكلم صاحبه على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فى الحاجة فى الصلاة حتى نزلت هذه الآية (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت - زاد مسلم وغيره: ونهينا عن الكلام - ".
وهى عند الترمذى أيضا وقال: " حديث حسن صحيح ".
(تنبيه) : عزا المصنف الحديث (للجماعة) كما ترى ; والصواب أن يستثنى منهم ابن ماجه كما فعل المجد ابن تيمية فى " منتقى الأخبار " (2/212 بنيل الأوطار) فإنه لم يروه ابن ماجه ولم يعزه إليه النابلسى فى " الذخائر " (1/213/1917) .
(394) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الإمام ليؤتم به " (ص 100) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم منهم أنس بن مالك وعائشة وأبو هريرة وجابر.
1 ـ أما حديث أنس فأخرجه البخارى (1801 {؟} , 190 , 206 , 282) ومسلم (2/18) وأبو عوانة (2/105 ـ 107) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/65/1) ومالك (1/135/16) وأبو داود (601) والنسائى (1/128 , 133) والترمذى (2/194) والدارمى (2/286 ـ 287) وابن ماجه (1238) والطحاوى فى شرح المعانى (1/235) وابن الجارود (119 ـ 120) والبيهقى (3/78 ـ 79) والطيالسى (2090) وأحمد (3/110 , 162) من طريق الزهرى قال: سمعت أنس بن مالك يقول:(2/118)
" سقط النبى صلى الله عليه وسلم من فرس , فجحش شقه الأيمن , فدخلنا عليه نعوده , فصلى بنا قاعدا , فصلينا قعودا , فلما قضى الصلاة قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا كبر فكبروا , وإذا ركع فأركعوا , وإذا قال: سمع الله لمن حمده , فقولوا ربنا ولك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا , وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " - والسياق لأبى عوانة -.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد تابعه حميد عن أنس بلفظ: " انفكت قدمه , فقعد فى مشربة له , درجتها من جذوع وآلى من نسائه شهرا , فأتاه أصحابه يعودونه , فصلى بهم قاعدا وهم قيام , فلما حضرت الصلاة الأخرى قال لهم: ائتموا بإمامكم , فإذا صلى قائما فصلوا قياما , وإن صلى قاعدا فصلوا معه قعودا , قال: ونزل فى تسع وعشرين , قالوا: يا رسول الله إنك آليت شهرا؟ قال: الشهر تسع وعشرون ".
أخرجه البخارى (1/108) وأحمد (4/200) وكذا الطحاوى ولكنه لم يسق لفظه وإنما أحال فيه على لفظ حديث الزهرى , وصرح عنده حميد بالتحديث عن أنس.
وأما حديث عائشة , فأخرجه البخارى (1/282 , 312 , 4/44) ومسلم (2/19) وأبو عوانة (2/107) ومالك (1/135/17) وابن أبى شيبة وأبو داود (605) وابن ماجه (1237) والطحاوى والبيهقى (3/79) وأحمد (6/51 , 57 ـ 58 ,
68 , 148 , 194) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها قالت: " اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فصلوا بصلاته قياما فأشار إليهم أن اجلسوا , فجلسوا , فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا ركع فاركعوا , وإذا رفع فارفعوا , وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا ".
وأما حديث أبى هريرة فله عنه طرق:(2/119)
الأولى: الأعرج عنه بلفظ: " إنما [جعل] الإمام ليؤتم به , فلا تختلفوا عليه , فإذا كبر فكبروا , وإذا ركع فاركعوا , وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا , وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ".
أخرجه البخارى (1/190) ومسلم (2/19 ـ 20) - والسياق له - وأبو عوانة (2/109) والبيهقى (3/79) .
الثانية: همام بن منبه عنه به.
أخرجه البخارى (1/187 ـ 188) ومسلم وأحمد (2/314)
الثالثة: أبو علقمة عنه بلفظ: " من أطاعنى فقد أطاع الله , ومن عصانى فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعنى , ومن عصى الأمير فقد عصانى , إنما الإمام جنة , فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا , وإذا قال: سمع الله لمن حمده , فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد , فإذا وافق قول أهل الأرض قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه ".
رواه مسلم (2/20) وأبو عوانة (2/110) والطحاوى والطيالسى (2577) وأحمد (2/467) , وليس عند مسلم ما قبل " إنما الإمام جنة ".
الرابعة: أبو يونس مولى أبى هريرة عنه به , دون قوله: " فلا تختلفوا عليه " وزاد: " وإذا صلى قائما فصلوا قياما " أخرجه مسلم (2/220) .
الخامسة: عن أبى صالح عنه به مثل حديث أبى يونس , وزاد بعد قوله: " وإذا كبر فكبروا ": " وإذا قرأ فانصتوا ".
رواه أبو داود (604) والنسائى (1/146) وابن أبى شيبة (2/65/1 ـ 2)(2/120)
وعنه ابن ماجه (846) وكذا أحمد فى " المسند " وابنه عبد الله فى " زوائده " (2/420) والدارقطنى (124) من طريق أبى خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عنه.
وقال أبو داود: " وهذه الزيادة: وإذا قرأ فأنصتوا , ليست بمحفوظة , الوهم عندنا من أبى خالد ".
قلت: هو سليمان بن حيان وهو ثقة احتج به الشيخان , ولم يتفرد بها بل تابعه محمد بن سعد الأنصارى وهو ثقة كما قال ابن معين وغيره! أخرجه النسائى والدارقطنى ويقويها الطريق السابعة.
وقد صحح هذه الزيادة الإمام مسلم وإن لم يخرجها فى صحيحه , ففيه (2/15) : " فقال له أبو بكر بن أخت أبى النضر , فحديث أبى هريرة؟ فقال: هو صحيح - يعنى: وإذا قرأ فأنصتوا - فقال: هو عندى صحيح , فقال: لما لم تضعه ههنا؟ قال: ليس كل شىء عندى صحيح وضعته ههنا , إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه ".
ومما يقوى هذه الزيادة أن لها شاهدا من حديث أبى موسى الأشعرى عند مسلم وغيره كما تقدم برقم (332) .
والحديث رواه مصعب بن محمد عن أبى صالح به بلفظ: " إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا كبر فكبروا , ولا تكبروا حتى يكبر , وإذا
ركع فاركعوا , ولا تركعوا حتى يركع , وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد , وإذا صلى قائما فصلوا قياما , فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون ".
أخرجه أبو داود (603) وأحمد (2/341) ورواه الطحاوى مختصرا.
قلت: وهذا سند صحيح.
السادسة: عن أبى سلمة عنه مثل الطريق الرابعة.
أخرجه ابن ماجه (1239) والطحاوى وأحمد (2/411 , 438 , 475) .(2/121)
السابعة: عجلان المدنى عنه بلفظ: " إنما الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا , وإذا قرأ فأنصتوا , وإذا قال: ولا الضالين , فقولوا: آمين , وإذا ركع فاركعوا " الحديث.
رواه أحمد (2/376) : حدثنا [أبو] سعد الصاغانى محمد بن ميسر حدثنا محمد بن عجلان عن أبيه. وكذا رواه الدارقطنى (125) .
قلت: ورجاله ثقات غير أبى سعد هذا فإنه ضعيف.
وأما حديث جابر فله عنه طرق:
الأولى: عن أبى الزبير عنه قال:
" اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه , وهو قاعد , وأبو بكر يسمع الناس تكبيره , فالتفت إلينا قياما فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودا , فلما سلم قال: إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود , فلا تفعلوا , ائتموا بأئمتكم , إن صلى قائما فصلوا قياما , وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا ".
أخرجه مسلم (2/19) وأبو عوانة (2/108) وابن ماجه (1240) والطحاوى (1/234) والبيهقى وأحمد (3/334) من طريق الليث بن سعد وغيره عنه.
الثانية: عن أبى سفيان عنه قال: " ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا بالمدينة فصرعه على جذم نخلة , فانفكت قدمه , فأتيناه نعوده , فوجدناه فى مشربة لعائشة يسبح جالسا , قال: فقمنا خلفه , فأشار إلينا , فقعدنا , قال: فلما قضى الصلاة قال: إذا صلى الإمام جالسا , فصلوا جلوسا , وإذا صلى الإمام قائما فصلوا قياما , ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها ".
أخرجه أبو داود (602) والبيهقى (3/80) وأحمد (3/300) وإسناده صحيح على شرط مسلم.(2/122)
وأما حديث ابن عمر فلفظه مثل لفظ رواية أبى علقمة عن أبى هريرة فى الرواية الثالثة دون قوله: " وإذا قال: سمع الله لمن حمده ... " إلخ.
رواه الطحاوى بسند صحيح.
(395) - (قول ابن عباس: " من نفخ فى صلاته فقد تكلم ". رواه سعيد , وعن أبى هريرة نحوه , وقال ابن المنذر: لا يثبت عنهما (ص 101) .
* موقوف.
ولم أقف على سنده [1] , لكن رواه البيهقى (2/252) من طريق أحمد بن الخضر الشافعى قال حدثنا إبراهيم بن على قال حدثنا على بن الجعد قال حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبى الضحى عن ابن عباس بلفظ: " إنه كان يخشى أن يكون كلاما - يعنى النفخ فى الصلاة - ".
قلت: ورجاله ثقات كلهم غير أحمد بن الخضر هذا , أورده الخطيب فى تاريخه (4/137 ـ 138) وذكر أنه روى عنه أبو بكر النقاش المقرى وأبو القاسم الطبرانى وغيرهما. قال: " ورواياته عند أهل خراسان كثيرة منتشرة , مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وإبراهيم بن على الظاهر أنه أبو إسحاق العمرى الموصلى ترجمة الخطيب (6/132) وقال: " وكان ثقة توفى سنة ست وثلاثمائة ".
قلت: وهو بهذا اللفظ أقرب إلى الصواب , فإن كون النفخ كلاما غير ظاهر لا من الناحية الشرعية ولا اللغوية ولذلك قال البيهقى عقبه: " والنفخ لا يكون كلاما إلا إذا بان منه كلام له هجاء , وأما إذا لم يفهم منه كلام له هجاء فلا يكون كلاما ".
ثم روى من طريق سلمة الأبرش قال: حدثنى أيمن بن نابل قال: قلت لقدامة بن عبد الله بن عمار الكلابى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نتأذى بريش الحمام فى مسجد الحرام إذا سجدنا؟ قال: انفخوا ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/16:
أما أثر ابن عباس: فرواه عبد الرزاق في " المصنف ": (2/189) عن الثوري عن منصور عمن سمع ابن عباس يقول: " من نفخ في الصلاة فقد تكلم ". وفي إسناده جهالة , لكنه صح بما روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في " المصنف ": (2/264) عن أبي الضحى مسلم بن صبيح عن ابن عباس قال: " النفخ في الصلاة كلام ".
وأما أثر أبي هريرة: فرواه عبد الرزاق في " المصنف ": (2/189) , عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: " النفخ في الصلاة كلام".
وقيس بن الربيع أثنى عليه جماعة بالحفظ , منهم: شعبة , وسفيان، وضعفه طائفة: كابن معين , وأحمد.
وقال ابن عدي: عامة رواياته مستقيمة. اهـ.(2/123)
ورجاله ثقات غير سلمة هذا، فقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق كثير الخطأ ".
(396) - (حديث الكسوف وفيه " ثم نفخ فقال أف أف " رواه أبو داود (ص 101) .
* صحيح.
رواه أبو داود (1194) من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: " انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يركع , ثم ركع , فلم يكد يرفع , ثم رفع , فلم يكد يسجد , ثم سجد , فلم يكد يرفع , ثم رفع , فلم يكد يسجد , ثم سجد , فلم يكد يرفع , ثم رفع , وفعل فى الركعة الأخرى مثل ذلك , ثم نفخ فى آخر سجوده فقال: " أف أف " ثم قال: رب ألم تعدنى أن لا تعذبهم وأنا فيهم , ألم تعدنى أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟ ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وقد أمحصت الشمس ... وساق الحديث ".
قلت: ورجاله ثقات كلهم إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط , وحماد ـ وهو ابن سلمة ـ روى عنه قبل الاختلاط وبعده , فلا يحتج بحديثه عنه حتى يتبين فى أى الحالين رواه عنه خلافا لبعض المعاصرين , فإنه جرى على تصحيح حديثه عنه.
نعم قد تابعه شعبة عن عطاء بن السائب به بلفظ: " وجعل يبكى فى سجوده وينفخ ويقول: رب لم تعدنى هذا وأنا أستغفرك , لم
تعدنى هذا وأنا فيهم ... " أخرجه النسائى (2/222) وأحمد (2/188) .
وشعبة سمع من عطاء قبل اختلاطه فصح الحديث , والحمد لله.
وتابعه أيضا عبد العزيز بن عبد الصمد عن عطاء به.
أخرجه النسائى (1/217) .(2/124)
(397) - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم: " قرأ من المؤمنين إلى ذكر موسى وهارون ثم أخذته سعلة فركع ". رواه النسائى (ص 101) .
* صحيح.
وهو من حديث عبد الله بن السائب قال: " صلى لنا النبى صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة , فاستفتح سوره المؤمنين حتى
جاء ذكر موسى وهارون , أو ذكر عيسى - شك أحد الرواة - أخذت النبى صلى الله عليه وسلم سعلة فركع , وعبد الله بن السائب حاضر ذلك ".
أخرجه مسلم (2/39) وأبو عوانة (2/161) والنسائى (1/156) وكذا أبو داود (649) وابن ماجه (820) والطحاوى (1/205) والبيهقى (2/60 , 389) وأحمد (3/411) وعلقة البخارى فى صحيحه (1/119) .
وقال الحافظ فى " الفتح " (2/211) : " إسناده مما تقدم [1] به الحجة ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل ,والصواب: تقوم}(2/125)
باب سجود السهو
(398) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين ". رواه مسلم (ص 102) .
* صحيح.
وقد تقدم (339) .
(399) - (حديث ابن مسعود: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: يا رسول الله هل زيد فى الصلاة شىء؟ قال: لا. قالوا: فإنك صليت خمسا فانفتل , فسجد سجدتين , ثم سلم ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون , فإذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين ". وفى لفظ: " فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين " رواه مسلم (ص 102) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/86) باللفظين ; والأول قد تقدم برقم (339) .
(400) - (حديث عمران بن حصين قال: " سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل(2/126)
الحجرة فقام (1) رجل بسيط اليدين , فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج فصلى الركعة التى كان ترك , ثم سلم ثم سجد سجدتى (2) السهو ثم سلم " رواه مسلم.
* صحيح.
رواه مسلم (2/88) وأبو عوانة (2/198 ـ 199) وأبو داود (1018) والنسائى (1/183) وابن ماجه (1215) والبيهقى (2/335 , 354 ـ 355 , 359) والطيالسى (847) وأحمد (4/427 , 441) من طرق عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى المهلب عن عمران به.
وفى رواية لمسلم وغيره: " رجل يقال له الخرباق , وكان فى يديه طول ".
ورواه أبو داود وغيره من طريق أخرى عن خالد مختصرا بزيادة: " ثم تشهد " وهى شاذة كما سيأتى بيانه بعد حديثين.
(401) - (حديث ابن بحينة أنه صلى الله عليه وسلم: " قام فى الظهر من ركعتين فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى الصلاة انتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم " متفق عليه (ص 103) .
* صحيح.
وقد سبق (رقم 338) .
(402) - (حديث: " إذا شك أحدكم فى صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين ". متفق عليه (ص 103) .
__________
(1) الأصل (فقال) والتصويب من صحيح مسلم
(2) الأصل (سجدتين)(2/127)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/113) ومسلم (2/84) وأبو عوانة (2/200 ـ 203) وأبو داود (1020) والنسائى (1/184 ـ 185) وابن ماجه (1211) وابن أبى شيبة (1/175/1) وابن الجارود (198) والبيهقى (2/330 , 335) والطيالسى (271) وأحمد (1/379 , 455) من طرق عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود: " صلى النبى صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدرى زاد أو نقص - فلما سلم , قيل له: يا رسول الله أحدث فى الصلاة شىء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا صليت كذا وكذا , فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم , فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث فى الصلاة شىء لنبأتكم به , ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكرونى , وإذا شك ... " الحديث.
والسياق للبخارى.
(403) - (حديث عمران بن حصين: " أن النبى صلى الله عليه وسلم {صلى} بهم فسها فسجد سجدتين , ثم تشهد , ثم سلم " رواه أبو داود والترمذى وحسنه (ص 104) .
* ضعيف شاذ.
رواه أبو داود (1039) والترمذى (2/241) , وابن الجارود (129) والحاكم (1/323) والبيهقى (2/355) من طريق أشعث بن عبد الملك الحمرانى عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى المهلب عن عمران بن حصين به.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه " ووافقه الذهبى.
قلت: أشعث هذا ثقة , ولكنه ما أخرجا له فى الصحيحين كما قال الذهبى(2/128)
نفسه فى " الميزان "! فالإسناد صحيح , لولا أن لفظه " ثم تشهد " شاذة فيما يبدو , فقد أخرج مسلم وأبو عوانة فى صحيحيهما من طرق أخرى عن خالد الحذاء به أتم منه وليس فيه هذه الزيادة كما تقدم قبل حديثين , ولذلك قال البيهقى عقب الحديث: " تفرد به أشعث الحمرانى , وقد رواه شعبة ووهيب وابن علية والثقفى وهشيم وحماد بن زيد ويزيد بن زريع وغيرهم عن خالد الحذاء لم يذكر أحد منهم ما ذكر أشعث عن محمد عنه ".
وأيده الحافظ فى " الفتح " (2/79) فقال بعد ما عزاه لبعض من ذكرنا وابن حبان: " وقال ابن حبان: ما روى ابن سيرين عن خالد غير هذا الحديث. انتهى
وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر , وضعفه البيهقى وابن عبد البر وغيرهما , ووهموا رواية أشعث لمخالفته غيره من الثقات عن ابن سيرين , فإن المحفوظ عن ابن سيرين فى حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد , وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضا فى هذه القصة: قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ قال: لم أسمع فى التشهد شيئا , وقد تقدم فى " باب تشبيك الأصابع " من طريق ابن عوف عن ابن سيرين قال: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم , وكذا المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإسناد فى حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد , كما أخرجه مسلم , فصارت بزيادة [1] أشعث شاذة , ولهذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد فى سجود السهو يثبت.
لكن قد ورد فى التشهد فى سجود السهو عن ابن مسعود عند أبى داود والنسائى , وعن المغيرة عند البيهقى , وفى إسنادهما ضعف. فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة فى التشهد باجتماعها ترتقى إلى درجة الحسن.
قال العلائى: وليس ذلك ببعيد , وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله. أخرجه ابن أبى شيبة ".
وما عزاه الحافظ للسراج رواه البيهقى أيضا (2/355) عن سلمة بن علقمة قال: قلت: لمحمد بن سيرين: فيهما تشهد - يعنى فى سجدتى السهو -؟ قال: لم أسمعه فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه , وأحب إلى أن يتشهد ".
وسنده صحيح , ورواه البخارى وابن أبى شيبة (1/177/2) مختصرا.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: زيادة}(2/129)
وحديث أبى هريرة الذى أشار إليه ابن سيرين , هو ما رواه هو عن أبى هريرة قال: " صلى النبى صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتى العشى , ـ قال محمد: وأكثر ظنى أنها العصر ـ ركعتين , ثم سلم , ثم قام إلى خشبة فى مقدم المسجد , فوضع يده عليها , وفيهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما فهابا أن يكلماه , وخرج سرعان الناس , فقالوا: أقصرت الصلاة؟ ورجل يدعوه النبى صلى الله عليه وسلم ذا اليدين , فقال: أنسيت أم قصرت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر , قال: بلى قد نسيت. [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين , فقال الناس نعم , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم] فصلى ركعتين ثم سلم , ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول , ثم رفع رأسه فكبر , ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول , ثم رفع رأسه وكبر. [فقيل لمحمد: سلم فى السهو؟ فقال: لم أحفظه عن أبى هريرة , ولكن ثبت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم] ".
أخرجه البخارى (1/309 , 310) ومسلم (2/86) وأبو عوانة (2/195) ومالك (2/93/58) وأبو داود (1008) والنسائى (1/181 ـ 182 , 182) والترمذى (2/247) وابن ماجه (1214) وابن الجارود (127) والبيهقى (2/354)
وأحمد (2/234 ـ 235 , 248 , 284) وزاد ابن ماجه وحده: " ثم سلم " يعنى بعد سجدتى السهو.
ورجاله ثقات , إلا أن هذه الزيادة شاذة لقول ابن سيرين فى الزيادة الثانية: " لم أحفظه عن أبى هريرة " فهذا نص على خطأ من ذكر التسليم فى حديثه عن أبى هريرة.
وهذه الزيادة الثانية عند مسلم وأبى عوانة وأبى داود وغيرهم.
وأما الزيادة الأولى فهى عند البخارى فى رواية , ومسلم , وغيره.
وفى قول ابن سيرين: " ... ولكن ثبت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم "(2/130)
إشارة منه إلى أن قصة أبى هريرة هذه وقصة عمران واحدة , وقد أشار إلى ذلك أيضا الحافظ ابن حجر فى كلامه الذى نقلته آنفا , وقد اختلف العلماء فى ذلك:
فذهب ابن خزيمة وغيره إلى التعدد , ورجح الحافظ أنها واحدة , وأجاب عن شبهة من خالف , فراجع كلامه فى ذلك فى " الفتح " (3/80) .
وحديث ابن مسعود فى التشهد بعد السجدتين , قد أخرجه أيضا البيهقى (2/356) مرفوعا وقال: " وهذا غير قوى , ومختلف فى رفعه ومتنه ".
قلت: وهو من طريق خصيف عن أبى عبيدة عن ابن مسعود وهذا إسناد فيه ضعف وانقطاع , وقد رواه من هذا الوجه ابن أبى شيبة (2/177/2) وأحمد (1/429) موقوفا على ابن مسعود , ويرجح الموقوف ما رواه ابن أبى شيبة عقبه من طريق إبراهيم عن عبد الله قال: فيهما تشهد.
وهذا إسناد صحيح وإن كان ظاهره الإنقطاع , لما عرف من ترجمة إبراهيم وهو النخعى فيما يرويه عن ابن مسعود بدون واسطة , أنه إنما يفعل ذلك إذا كان بينه وبين ابن مسعود أكثر من واحد من التابعين من أصحاب ابن مسعود , ولذلك صرح الحافظ بصحة إسناده كما تقدم.
(404) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " ليس على من خلف الإمام سهو , فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه ". رواه الدارقطنى (ص 104) .
* ضعيف.
رواه الدارقطنى فى سننه (ص 145) من طريق خارجة بن مصعب عن أبى الحسين المدينى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر مرفوعا وعلقه البيهقى (2/352) من هذاالوجه , وقال: " حديث ضعيف , وأبو الحسين هذا مجهول ".
قلت: وخارجة قال الحافظ فى " التقريب ":(2/131)
" متروك , وكان يدلس عن الكذابين , ويقال: إن ابن معين كذبه ".
قلت: وقد خولف فى إسناده , فرواه سليمان بن بلال عن أبى الحسين عن الحكم بن عبد الله عن سالم بن عبد الله قال: جاء جبير بن مطعم إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف قال أمير المؤمنين عمر فى الإمام يؤم القوم؟ فقال ابن عمر: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره.
وقال: والحكم بن عبد الله ضعيف ".
قلت: وأقره الذهبى فى " المهذب " (1/64/1) والحكم هذا هو أبو سلمة العاملى الشامى وقد اختلف فى اسمه وهو واه جدا فقد اتهم بالكذب والوضع.
والحديث قال الحافظ فى " بلوغ المرام " (1/293 ـ سبل السلام) : " رواه الترمذى والبيهقى بسند ضعيف وعزوه للترمذى وهم لعله من بعض النساخ والله أعلم.
(فائدة) : ذهب الهادى من أئمة الزيدية إلى أن المؤتم إذا سها فى صلاته أنه يسجد للسهو خلافا للجمهور , ومال إلى ذاك الصنعانى فقال: " ولو ثبت هذا الحديث لكان مخصصا لعمومات أدلة سجود السهو , ومع عدم ثبوته فالقول قول الهادى ".
قلت: نحن نعلم يقينا أن الصحابة الذين كانوا يقتدون به صلى الله عليه وسلم كانوا يسهون وراءه صلى الله عليه وسلم سهوا يوجب السجود عليهم لو كانوا منفردين , هذا أمر لا يمكن لأحد إنكاره , فإذا كان كذلك , فلم ينقل أن أحدا منهم سجد بعد سلامه صلى الله عليه وسلم , ولو كان مشروعا لفعلوه , ولو فعل لنقلوه , فإذا لم ينقل , دل على أنه لم يشرع , وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى قد يؤيد ذلك ما مضى فى حديث معاوية بن الحكم السلمى إنه تكلم فى الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم جاهلا بتحريمه , ثم لم يأمره النبى صلى الله عليه وسلم بسجود السهو , ذكره البيهقى وما قلناه أقوى.
(405) - (صح عنه صلى الله عليه وسلم: " أنه لما سجد لترك التشهد الأول والسلام(2/132)
من نقصان سجد الناس معه " (ص 104) .
* صحيح.
ويشير بذلك إلى حديثين:
الأول: حديث المغيرة بن شعبة فى ترك التشهد الأول , وقد مضى بطرقه برقم (381) ومثله حديث ابن بحينة وقد مضى (338) والآخر حديث عمران بن حصين وقد مضى (400) ومثله حديث ذى اليدين من رواية أبى هريرة وقد ذكرته عند الحديث (303) .
(406) - (حديث: " فإذا سجد فاسجدوا " (ص 104) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث أبى هريرة وقد مضى تخريجه مع بيان ألفاظه (394) .
(407) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " فعليه وعلى من خلفه " (ص 104) .
* ضعيف.
وهو قطعة من الحديث المتقدم (404) .
(408) - (حديث المغيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس فإن استتم قائما فلا يجلس , وليسجد سجدتين " رواه أبو داود وابن ماجه (105) .
* صحيح.
وقد مضى (388) .
(409) - (حديث: " إنما جعل الإمام ليؤتم به ".
* صحيح.
وقد مضى (394) .
(410) - (حديث: " إنه لما قام عليه السلام من التشهد قام الناس معه " (ص 105) .
* صحيح.
وقد تقدم برقم (338) .(2/133)
(411) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " إذا شك أحدكم فى صلاته فلم يدر أصلى ثلاثا أو أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن , ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته , وإن كان صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان ". رواه أحمد ومسلم (ص 105) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/84) وأبو عوانة (2/192 ـ 193) وأبو داود (1024) والنسائى (1/183 ـ 184 , 184) والدارمى (1/351) وابن ماجه (1210) وابن أبى شيبة (1/175/1 ـ 2) وابن الجارود فى " المنتقى " (126) والدارقطنى (ص 142) والبيهقى (2/331 , 351) وأحمد (3/72 , 83 , 87) من طرق عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى به.
ورواه مالك (1/95/62) وعنه أبو داود وغيره من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا.
وقد تابعه على إرساله جماعة ذكرتهم فى جزء لى فى هذا الحديث , وبينت فيه أن كلا من الموصول والمرسل صحيح , ومعنى ذلك أن الراوى أرسله مرة ووصله أخرى.
فالحديث على كل حال صحيح.(2/134)
باب صلاة التطوع
(412) - قوله صلى الله عليه وسلم: " واعلموا أن من خير أعمالكم الصلاة ". رواه ابن ماجه (ص 106) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم ثوبان وعبد الله بن عمرو وأبو أمامة , وجابر ربيعة الجرشى.
أما ثوبان فله عنه ثلاث طرق:
الأولى: عن سالم بن أبى الجعد عنه مرفوعا بلفظ: " استقيموا ولن تحصوا , واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة , ولا يحافظ على
الوضوء إلا مؤمن ".
أخرجه ابن ماجه (277) وكذا الدارمى (1/168) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 4) والحاكم (1/130) والبيهقى (1/457) والخطيب فى تاريخه (1/293) وكذا أحمد (5/276 ـ 277 ـ 282) كلهم بهذا اللفظ ليس عند أحد منهم لفظه " من " التى وردت فى الكتاب , فلعلها من زيادة بعض النساخ , وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولست أعرف له علة يعلل بمثلها ". ووافقه(2/135)
الذهبى , وكذا المنذرى فى " الترغيب " (1/98) وقال: " رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ".
كذا قالوا وفيه علة ظاهرة وهو الإنقطاع بين سالم بن أبى الجعد وثوبان فقد قال أحمد: " لم يسمع سالم من ثوبان ولم يلقه , بينهما معدان بن أبى طلحة ".
وذكر أبو حاتم نحوه. وقد تنبه لهذه العلة الحافظ البوصيرى فقال فى " الزوائد ": " ورجال إسناده ثقات أثبات , إلا أن فيه انقطاعا بين سالم وثوبان , ولكن أخرجه الدارمى وابن حبان فى صحيحه من طريق ثوبان متصلا ".
يعنى الطريق الآتية وهى:
الثانية: عن أبى كبشة السلولى أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " سددوا , وقاربوا , واعملوا وخيروا , واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ... " الحديث.
أخرجه الدارمى وأحمد (5/282) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/72/2) عن الوليد بن مسلم حدثنا ابن ثوبان حدثنى حسان بن عطية أن أبا كبشة السلولى حدثه به.
قلت: وهذا إسناد حسن متصل بالتحديث ورجاله كلهم ثقات رجال البخارى غير ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت وهو حسن الحديث.
الثالثة: عن عبد الرحمن بن ميسرة عن ثوبان مرفوعا بلفظ: " استقيموا تفلحوا , وخير أعمالكم الصلاة , ولا يحافظ ... " الحديث.
رواه أحمد (5/280) بإسناد صحيح إلى ابن ميسرة , وأما هذا فقد وثقه(2/136)
العجلى , وروى عنه جماعة منهم حريز بن عثمان وقد قال أبو داود شيوخ حريز كلهم ثقات.
فالإسناد صحيح إن شاء الله تعالى.
والحديث أورده الإمام مالك فى " الموطأ " (1/34/36) بلاغا.
وقال ابن عبد البر فى " التقصى ": " هذا يستند ويتصل من حديث ثوبان عن النبى صلى الله عليه وسلم من طرق صحاح ".
وقال أبو عمرو بن الصلاح فى رسالته فى صلاة الرغائب (ق 10/1) بعدما عزاه لابن ماجه: " وله طرق صحاح ".
وأما حديث عبد الله بن عمرو:
فأخرجه ابن ماجه (278) ورجاله ثقات غير ليث وهو ابن أبى سليم وهو ضعيف.
وأما حديث أبى أمامة:
فأخرجه ابن ماجه أيضا (279) عن أبى حفص الدمشقى عنه.
وأبو حفص هذا مجهول كما قال المنذرى.
وأما حديث جابر:
فأخرجه الحاكم من طريق أبى بلال الأشعرى حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن أبى سفيان عنه , وقال: " وهم فيه أبو بلال ".(2/137)
يعنى أن أبا بلال أخطأ فى روايته لهذا الحديث على محمد بن خازم عن الأعمش عن أبى سفيان عنه , وأن الصواب رواية ابن نمير وزائدة وغيرهما عن الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن ثوبان كما تقدم.
وأبو بلال ضعفه الدارقطنى.
وأما حديث ربيعة الجرشى:
فرواه الطبرانى فى " الكبير " من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف قال المنذرى: " وربيعة الجرشى مختلف فى صحبته ".
(413) - (حديث: " وذروة سنامه الجهاد " (ص 106) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث لمعاذ بن جبل رضى الله عنه قال: " كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر , فأصبحت يوما قريبا منه , ونحن نسير , فقلت: يا رسول الله أخبرنى بعمل يدخلنى الجنة , ويباعدنى من النار , قال: لقد سألتنى عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا , وتقيم الصلاة , وتؤتى الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت , ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة , والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار , وصلاة الرجل فى جوف الليل , قال: ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) حتى بلغ (يعملون) , ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده , وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله: قال: رأس الأمر الإسلام , وعموده الصلاة , وذروة سنامه الجهاد , ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى
يا نبى الله , فأخذ بلسانه , قال: كف عليك هذا , فقلت: يا نبى الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به , فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس فى النار على وجوهم , أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ".
أخرجه الترمذى (2/103 ـ بولاق) وابن ماجه (3973) وأحمد (5/231) من طريق معمر عن عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل عن معاذ.
وقال(2/138)
الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده حسن , لكن أعله الحافظ ابن رجب فى شرح الأربعين " فقال (195 ـ 196) - بعد أن حكى تصحيح الترمذى -:
" وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين:
أحدهما: أنه لم يثبت سماع أبى وائل من معاذ , وإن كان قد أدركه بالسن , وكان معاذ بالشام , وأبو وائل بالكوفة وما زال الأئمة كأحمد وغيره يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا , وقد قال أبو حاتم الرازى فى سماع أبى وائل من أبى الدرداء: قد أدركه وكان بالكوفة , وأبو الدرداء بالشام يعنى إنه لم يصح له سماع منه. وقد حكى أبو زرعة الدمشقى عن قوم أنهم توقفوا فى سماع أبى وائل
من عمر أو نفوه فسماعه من معاذ أبعد.
والثانى: أنه قد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن أبى النجود عن شهر بن حوشب عن معاذ. خرجه الإمام أحمد مختصرا , قال الدارقطنى: وهو أشبه بالصواب , لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عليه فيه.
قلت: رواية شهر عن معاذ مرسلة يقينا وشهر مختلف فى توثيقه وتضعيفة.
قلت: رواية شهر هذه المرسلة , أخرجها أحمد (5/248) مختصرا كما قال ولفظها: " سأنبئك بأبواب من الخير: الصوم جنة , والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار , وقيام العبد من الليل , ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) إلى آخر الآية ".
وقد وصلها أحمد (5/235 , 236 , 245 , 246) من طرق عن شهر حدثنا ابن غنم عن معاذ بن جبل به مختصرا ومطولا.
وشهر ضعيف لسوء حفظه.
ثم رواه أحمد (5/233 , 237) من طريق شعبة عن الحكم قال: " سمعت(2/139)
عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل - قال شعبة: فقلت له: سمعه من معاذ؟ قال: لم يسمعه منه وقد أدركه - أنه قال: يا رسول الله أخبرنى بعمل يدخلنى الجنة , ففكر [1] مثل حديث معمر عن عاصم.
قال الحكم: وسمعته من ميمون بن أبى شبيب ".
قلت: ورجاله ثقات غير عروة هذا قال الذهبى: " لا يعرف " وذكره ابن حبان فى " الثقات ".
وقد تابع الحكم عن ميمون: حبيب بن أبى ثابت فقال: عن ميمون بن أبى شبيب عن معاذ به مختصرا , وفيه القطعة المذكورة.
أخرجه الحاكم (2/76 , 412 ـ 413) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن ميمونا لم يسمع من معاذ كما قال الحافظ ابن رجب (196) .
الثانى: أن حبيب بن أبى ثابت مدلس معروف , وقد عنعنه. لكن تابعه الحكم بن عتيبة فى الموضع الثانى عند الحاكم.
وقال الإمام أحمد (5/234) : حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبو بكر حدثنى عطية بن قيس عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجهاد عمود الإسلام وذروة سنامه ".
قلت: وهذا إسناد متصل , ورجاله ثقات غير أبى بكر وهو ابن عبد الله بن أبى مريم الشامى وهو ضعيف لاختلاطه , وقد أخطأ فى متن الحديث حيث جعل " عمود الإسلام " وصفا للجهاد أيضا , بينما هو فى الطرق المتقدمة وصف للصلاة فقط.
هذا ويتلخص مما تقدم أن جميع الطرق منقطعة فى مكان واحد منها غير هذه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: فذكر}(2/140)
الطريق واحد [1] طريقى شهر بن حوشب فهى تقوى هذه , وأما الطرق الأخرى فلا يمكن القول فيها أنه يقوى بعضها بعضا , لأن جميعها متحدة العلة وهى سقوط تابعيها منها ويجوز أن يكون واحدا , وعليه فهى حينئذ فى حكم الطريق الواحد , ويجوز أن يكون التابعى مجهولا , والله أعلم.
وخلاصة القول: أنه لا يمكن القول بصحة شىء من الحديث إلا هذا القدر الذى أورده المصنف لمجيئه من طريقين متصلين يقوى أحدهما الآخر , والله أعلم.
(414) - (قال أبو الدرداء: " العالم والمتعلم فى الأجر سواء , وسائر الناس همج لا خير فيهم " (ص 106) .
* موقوف.
وقد روى مرفوعا عن أبى الدرداء وغيره.
أما الموقوف فأخرجه ابن عبد البر فى " جامع بيان العلم وفضله " (1/27) من طريق خالد بن معدان قال: قال أبو الدرداء , فذكره إلا أنه قال: " فى الخير شريكان " بدل " فى الأجر سواء ".
وهذا سند ضعيف لانقطاعه , قال الإمام أحمد " خالد بن معدان لم يسمع من أبى الدرداء ".
ثم رواه ابن عبد البر (1/28) وكذا الدارمى (1/79 , 95) من طريق سالم بن أبى الجعد عن أبى الدرداء به دون قوله " همج ".
ورجاله ثقات لكنه منقطع أيضا فإن سالما لم يدرك أبا الدرداء كما قال أبو حاتم.
وأما المرفوع فروى عن أبى الدرداء وأبى سعيد وعبد الله بن مسعود وأبى أمامة وابن عباس.
1 ـ أما حديث أبى الدرداء فهو من طريق معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: وأحد}(2/141)
عن أبى إدريس الخولانى عنه مرفوعا به إلا أنه قال: " فيه " بدل " فيهم ".
أخرجه القضاعى فى " مسند الشهاب " (ق 18/2) وكذا الطبرانى فى الكبير كما فى " مجمع الزوائد " وقال: (1/122) :
" وفيه معاوية بن يحيى الصدفى قال ابن معين: هالك ليس بشىء ".
وأما حديث أبى سعيد فهو من طريق عبد الملك بن حبيب المصيصى أخبرنا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عنه مرفوعا.
أخرجه ابن عبد البر (2/27) وقال: " هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصى عن ابن المبارك مسندا , ورواه عبد الله بن عثمان عن ابن المبارك عن ثور عن خالد بن معدان من قول أبى الدرداء ".
قلت: وهو منقطع بين ابن معدان وأبى الدرداء , وهذا فيه المصيصى وهو مجهول الحال , روى عنه جماعة ولم يوثقه أحد.
3 ـ وأما حديث ابن مسعود , فهو من طريق سليمان بن داود الشاذكونى حدثنا الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبى وائل عنه.
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/79/1) وعنه أبو نعيم فى " الحلية " (1/376) .
قلت: وهذا إسناد واه جدا , الربيع بن بدر متروك والشاذكونى كذبه غير واحد من الأئمة.
والحديث قال الهيثمى: " رواه الطبرانى فى " الأوسط " و" الكبير " وفى سند الأوسط نهشل بن سعيد , وفى الآخر الربيع بن بدر وهما كذابان ".
كذا قال: ولا أعلم أحدا نسب الربيع هذا إلى الكذب , فلعله أراد الشاذكونى فسها وكتب الربيع بن بدر , والله أعلم.(2/142)
4 ـ وأما حديث أبى أمامة فهو من طريق عثمان بن أبى العاتكة عن على بن يزيد عن القاسم أبى عبد الرحمن عنه مرفوعا.
أخرجه ابن ماجه (228) والخطيب فى تاريخه (2/212) وابن عبد البر (1/28) وابن عساكر (12/284/1 ـ 2) .
قلت: وعلى بن يزيد هو الألهانى ضعيف , وأشار إلى إعلال الحديث به الحافظ المنذرى فى " الترغيب " (1/59) وتصحف اسمه على المناوى ناقلا عنه!
فقال فى " فيض القدير ": " وفيه على بن زيد بن جدعان ضعيف لا يحتج به. ذكره المنذرى ".
وليس عند المنذرى " ابن جدعان " وإنما زادها المناوى من عنده على سبيل البيان بعد أن تصحف عليه اسم والد على: " يزيد " بـ " زيد "!
5 ـ وأما حديث ابن عباس فهو من طريق على بن أبى الحسن الكوفى حدثنا أبو مسلم على بن محمد الكندى عن خالد بن عبد الله القسرى عن الضحاك بن مزاحم عنه.
أخرجه الباطرقانى فى " مجلس من الأمالى " (رقم 12 ـ نسختى) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف. الضحاك لم يسمع من ابن عباس , والقسرى هو أمير العراق ولم يوثقه أحد غير ابن حبان وله أخبار شهيرة وأقوال فظيعة ذكرها ابن جرير وغيره , ومن دونه لم أعرفها.
وجملة القول إن الحديث لا يصح لا موقوفا ولا مرفوعا.
(415) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم فعل صلاة الكسوف وأمر بها " (ص 106) .
* صحيح.
وسيأتى تخريجه فى بابها إن شاء الله تعالى.(2/143)
(416) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم , كان يستسقى تارة ويترك أخرى " (ص 106) .
* صحيح.
أما استسقاؤه صلى الله عليه وسلم فسيأتى فى بابه إن شاء الله تعالى.
وأما تركه صلى الله عليه وآله وسلم إياه , ففيه أحاديث عن أنس بن مالك وكعب بن مرة وعبد الله بن عباس.
1 ـ أما حديث أنس فهو بلفظ:
" إن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر - وفى رواية: كان نحو دار القضاء - ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب , فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما , فقال: يا رسول الله هلكت المواشى وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا , قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم اسقنا , اللهم اسقنا , اللهم اسقنا , قال أنس: فلا والله ما نرى فى السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا , ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار , قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس , فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت , [قال: فما صلينا الجمعة حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أهله] , قال: فو الله ما رأينا الشمس شيئا - وفى رواية: ثم مطروا حتى سالت مثاعب المدينة , واضطردت طرقها أنهارا , فما زالت كذلك إلى يوم الجمة المقبلة ما تقلع , ثم دخل رجل من ذلك الباب فى الجمعة المقبلة , ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب , فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال , وانقطعت السبل , ادع الله أن يمسكها [قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لسرعة ملالة ابن آدم] قال: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه - وفى رواية: وبسط يديه حيال صدره وبطن كفيه مما يلى الأرض) [حتى رأيت بياض إبطيه] , يدعو ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا , اللهم على الآطام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر. قال: فإنقطعت وخرجنا نمشى فى الشمس.
- وفى رواية: قال: فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت , حتى رأيت المدينة فى مثل الجوبة , وسال وادى قناة شهرا , ولم(2/144)
يجىء أحد من ناحية إلا أخبر بجود -.
- وفى أخرى: فتقشعت عن المدينة فجعلت تمطر حواليها وما تمطر بالمدينةقطرة , فنظرت إلى المدينة وأنها لفى مثل الإكليل - قال شريك (هو ابن عبد الله بن أبى نمر) : فسألت أنسا: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدرى ".
أخرجه البخارى (1/257 , 258 , 259 , 260 , 261 ـ 262 , 262 ـ 263) ومسلم (3/24 ـ 26) ومالك (1/191/3) وأبو داود (1174 , 1175) والنسائى (1/225 ـ 226 , 227) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/190 ـ 191) وابن الجارود فى " المنتقى " (135) والبيهقى (3/353 ـ 354 , 355 , 356 , 357) وأحمد (3/104 , 187 , 194 , 245 , 261 , 271) من طرق كثيرة عن أنس يزيد بعضهم على بعض. وقد ذكرت المهم منها - والسياق للبخارى -.
2 ـ وأما حديث كعب بن مرة , فهو من رواية شرحبيل بن السمط عنه قال: " جاءه صلى الله عليه وسلم رجل فقال: استسق الله لمضر , قال: فقال: إنك لجرىء! ألمضر؟ قال: يا رسول الله استنصرت الله عز وجل فنصرك ودعوت الله عز وجل فأجابك , قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يقول: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقا غدقا عاجلا غير رائث , نافعا غير ضار , قال: فأحيوا , قال: فما لبثوا أن أتوه فشكوا إليه كثرة المطر فقالوا: قد تهدمت البيوت , قال: فرفع يديه , وقال: اللهم حوالينا ولا علينا , قال: فجعل السحاب يتقطع يمينا وشمالا ".
أخرجه ابن ماجه (1269) والطحاوى (1/191) والحاكم (1/328) والبيهقى (3/355 ـ 356) وأحمد (4/236) وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
3 ـ وأما حديث عبد الله بن عباس فهو بلفظ:
" جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع , ولا يخطر لهم فحل , فصعد المنبر فحمد الله ثم قال: اللهم اسقنا(2/145)
غيثا مغيثا مريئا طبقا مريعا غدقا عاجلا غير رائث , ثم نزل , فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا: قد أحيينا ".
رواه ابن ماجه (1270) بإسناد قال البوصيرى: " صحيح , ورجاله ثقات ".
قلت: أما أن رجاله ثقات فصحيح , وأما أن إسناده صحيح , فليس كذلك, لأنه من رواية حبيب بن أبى ثابت عن ابن عباس , وهو مدلس وقد عنعنه.
ورواه الطبرانى فى الكبير نحوه. قال الهيثمى (2/213) " وفيه محمد بن أبى ليلى وفيه كلام كثير ".
وفى الباب عن عمر بن الخطاب. قال عطاء بن أبى مروان الأسلمى عن أبيه قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب نستسقى , فما زاد على الاستغفار "
رواه ابن أبى شيبة (2/121/2) بإسناد صحيح.
(417) - (حديث بريدة مرفوعا: " من لم يوتر فليس منا " رواه أحمد.
* ضعيف.
رواه أحمد (5/357) وكذا أبو داود (1419) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/54/1) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/136) وابن نصر فى " قيام الليل " (111) والحاكم (1/305 ـ 306) والبيهقى (2/470) عن أبى المنيب عبيد الله بن عبد الله حدثنى عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا بلفظ: " الوتر حق , فمن لم يوتر فليس منا " قالها ثلاثا.
وقال الحاكم: " حديث صحيح , وأبو المنيب العتكى مروزى ثقة يجمع حديثه ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: قال البخارى: عنده مناكير ".
وفى " التقريب ": " صدوق يخطىء ".(2/146)
وله شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " من لم يوتر فليس منا ".
أخرجه أحمد (2/443) وابن أبى شيبة قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا خليل بن مرة عن معاوية بن قرة عنه.
قال الزيلعى فى " نصب الراية " (2/113) : " وهو منقطع , قال أحمد: لم يسمع معاوية بن قرة من أبى هريرة شيئا ولا لقيه. والخليل بن مرة ضعفه يحيى والنسائى , وقال البخارى: منكر الحديث ".
ولذلك قال الحافظ فى " الدراية " (113) : " وإسناده ضعيف ".
والحديث أورده السيوطى فى " الجامع الصغير " و" الكبير " (3/293/2) من رواية الطبرانى فى " الأوسط " من حديث أبى هريرة بلفظ: " من لم يوتر فلا صلاة له ".
ولا أظن أن له أصلا بهذا اللفظ فى " أوسط الطبرانى " فانى لم أره فى " مجمع الزوائد " ولا فى " زوائد معجم الطبرانى الصغير والأوسط " كلاهما للهيثمى , بل ولا له أصل فى غير الأوسط. فلم يورده الزيلعى فى " نصب الراية " (2/113) , ولا غيره , فلا أدرى كيف وقع ذلك فى " الجامعين " , ولأمر ما بيض له المناوى فى " فيض القدير " والله أعلم.
ثم وجدته فخرجته فى " الضعيفة " (5224) .(2/147)
(418) - (حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعا: " الوتر ركعة من آخر الليل " رواه مسلم (ص 106) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/173) وكذا أبو عوانة (2/333 ـ 334) والنسائى (1/427) والبيهقى (3/22) والطيالسى (1926) وأحمد (1/311 , 361 , 2/43) والخطيب فى " تاريخه " (7/413) من طريق أبى التياح وغيره عن أبى مجلز قال: سمعت ابن عمر يحدث به.
ورواه أبو داود (1421) والنسائى (1/247) من طريق عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن رجلا من أهل البادية سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال بأصبعه هكذا: " مثنى مثنى , والوتر ركعة من آخر الليل ".
وهو فى صحيح مسلم (2/172) نحوه.
ثم رواه مسلم وأبو عوانة والطيالسى (2764) وأحمد (1/311 , 361) والبيهقى والخطيب (12/374 ـ 375) من طريق قتادة عن أبى مجلز عن ابن عباس به.
(تنبيه) لم يعز السيوطى فى " الجامع الصغير " حديث ابن عمر إلا لمسلم وأبى داود والنسائى , وحديث ابن عباس لأحمد والطبرانى فى الكبير.
وزاد فى " الكبير " (1/382/2) : الطيالسى والبيهقى! ففاته أنه فى صحيح مسلم وأبى عوانة.
(419) - (حديث عائشة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة , يوتر منها بواحدة ". متفق عليه (ص 106 ـ 107) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/253 و285) ومسلم (2/165) وأبو(2/148)
عوانة (2/326) وأبو داود (1335) ومالك (1/120/8) والنسائى (1/248) والطحاوى (1/167) والبيهقى (3/73) وأحمد (6/215 و248) من طريق ابن شهاب عن عروة
ابن الزبير عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم به وزاد: " فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن ".
ولفظ البخارى: " كان يصلى إحدى عشرة ركعة , كانت تلك صلاته يعنى بالليل , فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه , ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر , ثم يضطجع على شقه الأيمن , حتى يأتيه المؤذن للصلاة ".
وزاد مسلم وأبو عوانة وغيرهما فى رواية: " يسلم بين كل ركعتين ".
وأخرجاه وكذا البخارى من حديث ابن عمر نحو الرواية الأولى.
وأبو عوانة (2/315) من حديث ابن عباس.
(420) - (حديث ابن عمر أنه: " كان يسلم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته " (ص 107) .
* صحيح.
رواه مالك (1/125/20) عن نافع: " أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعتين والركعة فى الوتر حتى يأمر ببعض حاجته ".
ومن طريق مالك رواه الشافعى (1/109 ـ ترتيبه) والبخارى (1/252) .
وقد وجدت له طريقا أخرى , فقال ابن أبى شيبة (2/52/1) : هشيم قال: أخبرنا منصور عن بكر بن عبد الله المزنى: أن ابن عمر صلى ركعتين ثم سلم , ثم قال: ادخلوا إلى بأبى فلانة , ثم قام فأوتر بركعة.
قلت: وهذا إسناد صحيح.(2/149)
وله شاهد مرفوع , فقال ابن أبى شيبة: " حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا ابن أبى ذئب عن الزهرى عن عروة عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يوتر بركعة , يتكلم بين الركعتين والركعة ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
(421) - (حديث عائشة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يفصل فيهن ". رواه أحمد والنسائى (ص 107) .
* ضعيف.
رواه الإمام أحمد (6/155) عن يزيد بن يعفر عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى العشاء دخل المنزل , ثم صلى ركعتين , ثم صلى بعدهما ركعتين أطول منهما , ثم أوتر بثلاث لا يفصل فيهن , ثم صلى ركعتين وهو جالس ويسجد وهو قاعد جالس.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , يزيد هذا قال الذهبى: " ليس بحجة , وقال الدارقطنى: يعتبر به ". وكأنه من أجله ضعف الإمام أحمد إسناده كما نقله المجد ابن تيمية فى " المنتقى " (2/280 ـ بشرح الشوكانى) .
وأما النسائى فأخرجه (1/248) من طريق سعيد - وهو ابن أبى عروبة - عن قتادة عن زرارة بن أبى أوفى عن سعد بن هشام به مختصرا بلفظ: " كان لا يسلم فى ركعتى الوتر ".
ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبى شيبة (2/53/1) وابن نصر فى " قيام الليل " (122) وكذا الإمام محمد فى موطئه (ص 146) والطحاوى (1/195) والدارقطنى (175) والحاكم (1/304) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: بل هو معلول , فقد قال ابن نصر: " هذا ـ عندنا ـ قد اختصره سعيد من الحديث الطويل الذى ذكرناه , ولم يقل فى هذا الحديث إن النبى صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث لم يسلم فى الركعتين , فكان يكون(2/150)
حجة لمن أوتر بثلاث بلا تسليم فى الركعتين , إنما قال: لم يسلم فى ركعتى الوتر , وصدق فى ذلك الحديث أنه لم يسلم فى الركعتين ولا فى الثلاث ولا فى الأربع ولا فى الخمس ولا فى الست , ولم يجلس أيضا فى الركعتين كما لم يسلم فيهما ".
ويؤيد ما ذكره رواية الحاكم بلفظ:" لا يسلم فى الركعتين الأوليين من الوتر "
فهذا نص على أنه لا يعنى بالركعتين الركعتين اللتين هما قبل الركعة مباشرة , وعلى أن الوتر فى هذا الحديث كان أكثر من ثلاث وهو ما صرح به الحديث الذى أشار إليه ابن نصر , وذكر أن هذا مختصر منه , وإليك لفظه فيما رواه جماعة عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عنها , قال: قلت: يا أم المؤمنين نبئينى عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت: " كنا نعد له سواكه وطهوره , فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل , فيتسوك ويتوضأ , ويصلى تسع ركعات لا يجلس فيها إلا فى الثامنة , فيذكر الله ويحمده ويدعوه , ثم ينهض ولا يسلم , ثم يقوم فيصلى التاسعة , ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه , ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلى ركعتين بعدما يسلم " الحديث.
رواه مسلم وغيره وقد سبق تخريجه (138) , وكذلك أخرجه مسلم والنسائى (1/250) وغيرهما من طرق أخرى عن قتادة به. وقد اختصر أيضا! فأخرجه الحاكم (1/304) وعنه البيهقى (3/28) من طريق شيبان بن فروخ أبى شيبة حدثنا أبان عن قتادة به بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم "
وقال البيهقى: (لا يقعد) إلا فى آخرهن ".
ساقه الحاكم عقب رواية سعيد , وسكت عليه هو والذهبى! وقد أشار البيهقى إلى إعلالها بقوله:
" كذا فى هذه الرواية , وقد روينا فى حديث سعد بن هشام وتر النبى صلى الله عليه وسلم(2/151)
بتسع ثم بسبع , والله أعلم ".
يشير إلى أن هذه الرواية شاذة لمخالفتها ما رواه الجماعة عن قتادة كما بينته آنفاً , والعلة من شيبان هذا , فإنه وإن كان من رجال مسلم ففى حفظه شىء.
قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق يهم ".
فهو ممن لا يحتج به عند المخالفة كما هنا.
وقد قال النووى فى " المجموع " (4/17) : " حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم فى ركعتى الوتر. رواه النسائى بإسناد حسن , ورواه البيهقى فى السنن الكبير بإسناد صحيح. وقال: يشبه أن يكون هذا اختصار من حديثها فى الإيتار بتسع ". وأقره النووى على ذلك , بل وافقه عليه فيما بعد , فقال (4/23) : " وهو محمول على الإيتار بتسع ركعات بتسليمة واحدة كما سبق بيانه ".
وأما الحافظ فخرج الحديث بالروايتين فى " التلخيص " (ص 116) وسكت عليه!
وهذا من الأمثلة على أن كتاب " المجموع " قد يجمع من الفوائد ما لا يوجد فى " التلخيص " خلافا لما سمعته من بعض شيوخ الأزهر وأساتذة كلية أصول الدين فيه عند اجتماعى بهم فى لجنة الحديث بالقاهرة أوائل شهر ربيع الأول سنة ثمانين وثلاثمائة وألف (1380) .
(422) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " أوتروا قبل أن تصبحوا " رواه مسلم (ص 107) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/174) وكذا أبو عوانة (2/309) والنسائى (1/247) والترمذى (2/332) وابن ماجه (1189) والدارمى (1/372) وابن أبى شيبة (2/50/2) وابن نصر فى " قيام الليل " (138) والحاكم (1/301) والبيهقى (2/478)
وأحمد (3/13 , 35 , 37 , 71) وأبو نعيم فى " الحلية " (9/61) من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن أبى نضرة عن أبى سعيد به. وقد صرح ابن أبى كثير بالتحديث فى رواية لمسلم وأحمد ; وقال ابن ماجه:(2/152)
" قال محمد بن يحيى: فى هذا الحديث دليل على أن حديث عبد الرحمن واه ".
قلت: يشير إلى ما أخرجه ابن ماجه قبيل هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكره ".
ومن هذا الوجه رواه الترمذى أيضا (2/330) وأحمد (3/44) وابن نصر (138) وقال: " وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أصحاب الحديث لا يحتجون بحديثه ".
قلت: لكنه لم يتفرد به , بل تابعه محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم به.
أخرجه أبو داود (1431) والدارقطنى (171) والحاكم (1/302) وعنه البيهقى (2/480) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
قلت: ولا تعارض بينه وبين الحديث الذى قبله خلافا لما أشار إليه محمد بن يحيى ; ذلك لأنه خاص بمن نام أو نسى فهذا يصلى بعد الفجر أى وقت تذكر , وأما الذاكر فينتهى وقت وتره بطلوع الفجر , وهذا بين ظاهر.
ومما يشهد لهذا , حديث قتادة عن أبى نضرة عن أبى سعيد مرفوعا بلفظ: " من أدرك الصبح ولم يوتر , فلا وتر له ".
أخرجه الحاكم (1/302) وعنه البيهقى , وقال: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
وأما البيهقى فأعله بقوله: " ورواية يحيى بن أبى كثير كأنها أشبه (يعنى الحديث الأول) فقد روينا عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قضاء الوتر ".(2/153)
يعنى حديث محمد بن مطرف المذكور آنفا.
ولا وجه لهذا الإعلال بعد صحة الإسناد , وهو بمعنى الحديث الأول بل هو أصرح منه وأقرب إلى التوفيق بينه وبين حديث ابن مطرف. لأنه صريح فيمن أدرك الصبح , ولم يوتر , فهذا لا وتر له , وأما الذى نسى أو نام حتى الصبح فإنه يصلى كما تقدم.
ومثل حديث الباب حديث ابن عمر أنه كان يقول:
" من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا , فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك , فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أوتروا قبل الفجر ".
أخرجه أبو عوانة (2/310) وابن الجارود (143) والحاكم (1/302) والبيهقى (2/478) من طريق سليمان بن موسى حدثنا نافع عنه , وقال الحاكم: " إسناده صحيح " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
ومن هذا الوجه أخرجه الترمذى (2/332) وابن عدى (157/1) مرفوعا كله بلفظ: " إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر , فأوتروا قبل طلوع الفجر "
وقال الترمذى: " تفرد به سليمان بن موسى على هذا اللفظ ".
قلت: واللفظ الأول أصح عندى , والفقرة الوسطى منه موقوفة , رفعها بعض الرواة عند الترمذى وهو وهم عندى ولعله من قبل سليمان بن موسى فإنه لين بعض الشىء وكان خلط قبل موته. وقد روى مسلم (2/173) وغيره عن الليث عن نافع أن ابن عمر قال: فذكره دون قوله " فإذا كان الفجر ... ".
وروى هو , والبخارى (1/253) وغيرهما من طريق عبيد الله عن نافع به مرفوعا مختصرا بلفظ:(2/154)
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ".
ولا يخالف هذا حديث أبى نهيك أن أبا الدرداء كان يخطب الناس فيقول: لا وتر لمن أدركه الصبح , قال: فانطلق رجال إلى عائشة فأخبروها فقالت: كذب أبو الدرداء , كان النبى صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر.
أخرجه أحمد (6/242 ـ 243) وابن نصر (139) بإسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين , غير أبى نهيك واسمه عثمان بن نهيك , ذكره أبو أحمد الحاكم وابن حبان فى الثقات.
قلت: والظاهر أن أبا الدرداء رضى الله عنه أراد بقوله: " لا وتر لمن أدركه الصبح " من كان غير مقدور [1] كما دل عليه حديث ابن مطرف وغيره , ومما يؤيد ذلك أنه قد روى عن أبى الدرداء أنه قال:" ربما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يوتر , وقد قام الناس لصلاة الصبح " أخرجه الحاكم (1/303) والبيهقى (2/479) وقال: " تفرد به حاتم بن سالم البصرى ويقال له الأعرجى , وحديث ابن جريج أصح من ذلك".
قلت: قال أبو حاتم فيه: " يتكلمون فيه ". وقال ابنه فى " الجرح والتعديل " (1/2/261) : " ترك أبو زرعة الرواية عنه , ولم يقرأ علينا حديثه ".
قلت: فقول الحاكم فى الحديث: " صحيح الإسناد " من التساهل الذى عرف به , فلا عجب منه , وإنما العجب من الذهبى حيث وافقه فى تلخيصه مع أنه أورد ابن سالم هذا فى الميزان وذكر عن أبى زرعة أنه قال: لا أروى عنه.
ويؤيده أيضا قول مسلم بن مشكم:
" رأيت أبا الدرداء غير مرة يدخل المسجد ولم يوتر , والناس فى صلاة الغداة فيوتر وراء عمود , ثم يلحق الناس فى الصلاة "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: معذور}(2/155)
أخرجه ابن نصر (ص 139) .
ومسلم هذا ثقة , وهو كاتب أبى الدرداء , ولكن لا أدرى ما حال الإسناد إليه , فإن المختصر اختصره , غفر الله لنا وله.
ووجه عدم المخالفة التى أشرنا إليها إنما هو من جهة أن إيتاره عليه الصلاة والسلام بعد الصبح , إنما هو فعل منه لا ينبغى أن يعارض به قوله الذى هو تشريع عام للأمة , هذا إذا لم يمكن التوفيق بينهما , وهو ممكن بحمل هذا الحديث على عذر النوم ونحوه. ويؤيده حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه كان فى مسجد عمرو بن شرحبيل , فأقيمت الصلاة فجعلوا ينتظرونه , فجاء , فقال: إنى كنت أوتر , قال: وسئل عبد الله: هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم , وبعد الإقامة , وحدث عن النبى صلى الله عليه وسلم " أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى ".
أخرجه النسائى (1/247) والبيهقى (2/480 ـ 481) بسند صحيح.
والشاهد منه تحديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى بعد أن طلعت الشمس , فإنه إن كان ما صلى صلاة الوتر فهو دليل واضح على أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أخرها لعذر النوم , وإن كانت هى صلاة الصبح ـ كما هو الظاهر والمعروف عنه صلى الله عليه وسلم فى غزوة خيبر ـ فهو استدلال من ابن مسعود على جواز صلاة الوتر بعد وقتها قياساً على صلاة الصبح بعد وقتها بجامع الاشتراك فى العلة وهى النوم , والله أعلم.
(423) - (حديث: " إن الله قد أمدكم بصلاة هى خير لكم من حمر النعم , وهى الوتر , فصلوها فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر ". رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه (ص 107) .
* صحيح. دون قوله: " هى خير لكم من حمر النعم ".
رواه ابن أبى شيبة (2/54/1) وأبو داود (1418) والترمذى (2/314)
والدارمى (370) وابن ماجه (1168) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/250) وابن نصر فى " قيام(2/156)
الليل " (111) والطبرانى فى " الكبير " (1/207/2) والدارقطنى (174) والحاكم (1/306) والبيهقى (2/478) من طرق عن يزيد بن أبى حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفى عن عبد الله بن أبى مرة الزوفى عن خارجة ابن حذافة أنه قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ... " فذكره دون قوله: " فصلوها " وقال أكثرهم بدلها: " جعله الله لكم ".
وقال الترمذى: " حديث غريب , لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبى حبيب ".
قلت: يزيد ثقة وقد تابعه خالد بن يزيد كما يأتى , وإنما العلة فيمن فوقه.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى وهذا من عجائبه , فقد قال فى ترجمة ابن راشد الزوفى وقد ذكر له هذا الحديث: " رواه عنه يزيد بن أبى حبيب وخالد بن يزيد , قيل: لا يعرف سماعه ابن أبى مرة (الأصل أبى هريرة) , قلت: ولا هو بالمعروف وذكره ابن حبان فى الثقات ".
وفى " التقريب ": أنه مستور.
ثم قال الذهبى فى ترجمة عبد الله بن أبى مرة: " له عن خارجة فى الوتر , لم يصح , قال البخارى: لا يعرف سماع بعضهم من بعض ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 117) : " وضعفه البخارى , وقال ابن حبان: إسناد منقطع , ومتن باطل "!
قلت: أما الانقطاع فمجرد دعوى لا دليل عليها , وإنما العلة جهالة ابن راشد هذا وهو الذى وثقه ابن حبان وحده بناء على قاعدته الوهية فى توثيق من لم يعرف بجرح!(2/157)
وأما أن المتن باطل , فهو من عنت ابن حبان وغلوائه , وإلا فكيف يكون باطلا وقد جاءت له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته , كيف لا وبعض طرقه صحيح لذاته؟ ! فروى عبد الله بن لهيعة: أنا عبد الله بن هبيرة قال: سمعت أبا تميم الجيشانى يقول: سمعت عمرو بن العاص يقول: أخبرنى رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله عز وجل زادكم صلاة , فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح , الوتر الوتر " ألا وإنه أبو بصرة الغفارى , قال أبو تميم: فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ بيدى أبو ذر فانطلقنا إلى أبى بصرة , فوجدناه عند الباب الذى يلى دار عمرو بن العاص , فقال أبو ذر: أنت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكر الحديث) ؟ قال: نعم: قال أنت سمعته؟ قال: نعم , قال: أنت سمعته؟ قال: نعم.
أخرجه أحمد (6/397) حدثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة به.
ورواه الطحاوى (1/250) : حدثنا على بن شيبة حدثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال: حدثنا ابن لهيعة به (وسقط من السند عبد الله بن هبيرة) .
ورواه الطبرانى فى الكبير (1/104/2) من طريق ثالث عن ابن لهيعة به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير ابن لهيعة وهو إنما يخشى منه سوء حفظه بسبب احتراق كتبه وهذا مأمون منه هنا لأن من الرواة عنه أبو عبد الرحمن المقرى واسمه عبد الله بن يزيد. قال عبد الغنى بن سعيد الأزدى: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك , وابن وهب , والمقرى.
وذكر الساجى وغيره مثله.
قلت: فصح بذلك إسناد الحديث , والحمد لله.
على أن ابن لهيعة لم ينفرد به فقال الإمام أحمد (6/7) : حدثنا على بن إسحاق حدثنا عبد الله ـ يعنى ابن المبارك ـ أنبأنا سعيد بن يزيد حدثنى ابن هبيرة به.
ورواه الطبرانى فى الكبير (1/100/1) من طريق آخر عن ابن المبارك به.
قلت: فهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم فهذه متابعة(2/158)
قوية من سعيد بن يزيد - وهو الإسكندرانى - تدل على حفظ ابن لهيعة رحمه الله.
والحديث رواه الحاكم أيضا فى " كتاب معرفة الصحابة " من " المستدرك " (3/593) لكن سقط منه إسناده , وقد ساقه عنه الزيعلى (2/110) من طريق ابن لهيعة به.
وأشار الذهبى فى " تلخيصه " إلى هذه الطريق , والله أعلم.
وفى الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: " إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم , وهى الوتر ".
رواه أحمد (2/208) وابن أبى شيبة (2/54/1) عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو به. ورجاله ثقات لكن الحجاج مدلس وقد عنعنه.
غير أنه قد جاء من غير طريقه , فأخرجه أحمد (2/206) وابن نصر (111) عن المثنى بن الصباح , والدارقطنى (174) عن محمد بن عبيد الله كلاهما عن عمرو به.
وابنا الصباح وعبيد الله كلاهما ضعيف , والله أعلم.
ثم وجدت له طريقا أخرى عن ابن عمرو فقال الإمام أحمد فى " كتاب الأشربة " (ق 25/1) : حدثنا هاشم حدثنا فرج حدثنا إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو به.
وإبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن رافع الحضرمى مجهول كما قال الهيثمى (2/240) .
وفى الباب أحاديث أخرى خرجها الزيعلى فى " نصب الراية " والعسقلانى فى " التلخيص " فمن شاء راجعهما وفيما ذكرنا كفاية.
(424) - (حديث: أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبى هريرة وأنس وابن عباس القنوت بعد الركوع (ص 107) .(2/159)
* صحيح.
1 ـ أما حديث أبى هريرة فلفظه: " لأقربن صلاة النبى صلى الله عليه وسلم , فكان أبو هريرة يقنت فى الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده , فيدعو للمؤمنين , ويلعن الكفار ".
أخرجه البخارى (1/204) ومسلم (2/135) وأبو داود (1440) والنسائى (1/164) والسراج (ق 115/2) والدارقطنى (178) والبيهقى (2/206) وأحمد (2/255 , 337 , 470) من طريق أبى سلمة بن عبد الرحمن عنه. وله فى الصحيحين وغيرهما ألفاظ مختلفة , وما أوردناه كاف هنا.
2 ـ وأما حديث أنس فله عنه طرق وألفاظ:
الأولى: عن محمد بن سيرين قال: " سئل أنس بن مالك: أقنت النبى صلى الله عليه وسلم فى الصبح؟ قال: نعم , فقيل: أو قنت قبل الركوع [أو بعد الركوع] ؟ قال: بعد: الركوع يسيرا ".
أخرجه البخارى (1/254) ومسلم (2/136) وأبو عوانة (2/281) وأبو داود (1444) والنسائى (1/163) والدارمى (1/375) وابن ماجه (1184) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/143) والسراج (ق 110/2) والبيهقى (2/206) وأحمد (3/113 , 166) .
وفى رواية من طريق خالد الحذاء , عن محمد قال: سألت أنس بن مالك: هل قنت عمر؟ قال: نعم , ومن هو خير من عمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع " وإسناده حسن.
الثانية: عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع فى صلاة الفجر يدعو على بنى عصية ".(2/160)
أخرجه مسلم وأبو عوانة (2/286) وأبو داود (1445) وأحمد (3/184 و249) والسراج (ق 110/2) .
الثالثة: عن أبى مجلز عنه مثل الذى قبله إلا أنه قال:
" يدعو على رعل وذكوان , ويقول: عصبة [1] عصت الله ورسوله ".
رواه البخارى (1/254 و3/92) ومسلم وأبو عوانة والنسائى وابن أبى شيبة (2/59/1) والسراج (115/1) والطحاوى وأحمد (3/116 , 204) .
الرابعة: عن قتادة عنه قال:
" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً بعد الركوع يدعو على حى من أحياء العرب ثم تركه ".
أخرجه النسائى (1/164) وابن أبى شيبة (2/59/1) والسراج (110/2) والطحاوى (1/144) وأحمد (3/115 , 180 , 217 , 261) وصرح قتادة بالتحديث فى رواية لأحمد (3/191 , 249) , وسنده صحيح على شرط الشيخين وهو عند مسلم (2/137) دون قوله: " بعد الركوع ".
الخامسة: عن حميد عنه قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت بعد الركعة , وأبو بكر وعمر , حتى كان عثمان , قنت قبل الركعة ليدرك الناس ".
أخرجه ابن نصر فى " قيام الليل " (133) بإسناد صحيح وهو من طريق عبد العزيز ابن محمد عن حميد , وقد تابعه عنه سهل بن يوسف حدثنا حميد به , مختصراً , بلفظ: " عن أنس بن مالك , قال: سئل عن القنوت فى صلاة الصبح , فقال: كنا نقنت قبل
الركوع وبعده ".
أخرجه ابن ماجه (1183) وإسناده صحيح أيضا كما قال البوصيرى فى " الزوائد " , لكن قوله: " قبل الركوع " شاذ لعدم وروده فى الطرق
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: عصية}(2/161)
المتقدمة , لكن له أصل فى طريق أخرى ـ وهى الآتية ـ مطلقاً دون تقييده بـ " صلاة الصبح " , وكذلك رواه السراج فى مسنده (ق 116/1) من طريق عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا حميد قال: سئل أنس بن مالك عن القنوت قبل الركوع أم بعده؟ قال: كل ذلك كنا نفعل.
وعن شعبة عن حميد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: " قد كان قبل وبعد يعنى فى القنوت قبل الركوع وبعده ".
السادسة: عن عبد العزيز بن صهيب عنه قال:
" بعث النبى صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا لحاجة يقال لهم القراء , فعرض لهم حيان من بنى سليم , رعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة فقال القوم: والله ما إياكم أردنا , إنما نحن مجتازون فى حاجة للنبى صلى الله عليه وسلم فقتلوهم , فدعا النبى صلى الله عليه وسلم شهراً عليهم فى صلاة الغداة , وذلك بدء القنوت , وما كنا نقنت , قال عبد العزيز: وسأل رجل أنسا عن القنوت بعد
الركوع أو عند القراءة؟ قال: لا بل عند فراغ من القراءة ".
رواه البخارى (90/3) والسراج (ق 116/1 ـ 2) .
السابعة: عن عاصم الأحول قال:
" سألت أنس بن مالك عن القنوت فى الصلاة؟ فقال: نعم , فقلت: كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله , قلت: فإن فلانا أخبرنى عنك أنك قلت: بعده , قال: كذب , إنما قنت النبى صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا , إنه كان بعث ناساً يقال لهم القراء وهم سبعون رجلا إلى ناس من المشركين بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدِ قبلهم , فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد , (وفى رواية: فعرض لهم هؤلاء فقتلوهم) , فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا يدعو عليهم , [فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم] ".
أخرجه البخارى (1/256 , 2/295 ـ 296 , 3/93) - والسياق له - ومسلم (2/136) وأبو عوانة (2/285) والدارمى (1/374 ـ و375)(2/162)
وابن أبى شيبة (2/59/1) والسراج (ق 110/1) والطحاوى (1/143) والبيهقى (2/207) وأحمد (3/167) من طرق عن عاصم.
وله عند الطحاوى وأحمد (3/232) طرق أخرى عن أنس , وفيما ذكرنا منها كفاية.
3 ـ وأما حديث ابن عباس فلفظه:
" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً فى الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح فى دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة , يدعو على أحياء من بنى سليم , على رعل وذكوان وعصية , ويؤمن من خلفه , [وكان أرسل يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم , قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت] ".
أخرجه أبو داود (1443) والسراج (ق 116/1) وابن الجارود (1/106) وأحمد (1/301 ـ 302) وابن نصر (137) والحاكم (1/225) وعنه البيهقى (2/200) والحازمى فى " الاعتبار " (ص 62 , 64) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " كلهم من طريق ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عنه.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر فإن هلال بن خباب لم يخرج له البخارى , ثم إن فيه مقالا وقد قال النووى فى " المجموع " (3/502) : " إسناده حسن أو صحيح ".
قلت: والصواب أنه حسن لحال هلال.
(تنبيه) وهذه الأحاديث كلها فى القنوت فى المكتوبة فى النازلة , والمؤلف استدل لها على أن القنوت فى الوتر بعد الركوع , وما ذلك إلا من طريق قياس الوتر على الفريضة كما صرح بذلك بعض الشافعيين , منهم البيهقى فى سننه(2/163)
(3/39) , بل هو المنقول عن الإمام أحمد , ففى " قيام الليل " (133) لابن نصر: " وسئل أحمد رحمه الله عن القنوت فى الوتر قبل الركوع أو بعده؟ وهل ترفع الأيدى فى الدعاء فى الوتر؟ فقال: القنوت بعد الركوع ويرفع يديه , وذلك على قياس فعل النبى صلى الله عليه وسلم فى الغداة ".
قلت: وفى صحة هذا القياس نظر عندى , وذلك أنه قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقنت فى الوتر قبل الركوع كما يأتى بعد حديث , ويشهد له آثار كثيرة عن كبار الصحابة كما سنحققه فى الحديث الآتى بإذن الله تعالى , وغالب الظن أن الحديث لم يصح عند الإمام أحمد رحمه الله فقد أعله بعضهم كما يأتى , ولولا ذلك لم يلجأ الإمام إلى القياس فإنه من أبغض الناس له حين معارضته للسنة , ولكن الحديث عندنا صحيح كما سيأتى بيانه فهو العمدة فى الباب.
(425) - (عن عمر وعلى " أنهما كانا يقنتان بعد الركوع ". رواه أحمد والأثرم (ص 107) .
* لا يصح عنهما. وهذا إن كان يعنى القنوت فى الوتر , وأما فى الفجر , فقد صح ذلك عن عمر كما تقدم فى بعض طرق حديث أنس بن مالك فى الحديث الذى قبله , وروى ابن أبى شيبة فى " قنوت الفجر قبل الركوع أو بعده " (2/60/1) عن العوام ابن حمزة قال: سألت أبا عثمان عن القنوت؟ فقال: بعد الركوع , فقلت: عن من؟ فقال: عن أبى بكر وعمر وعثمان.
قلت: وإسناده حسن.
وروى الطحاوى (1/147) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعى عن أبيه أنه صلى خلف عمر ففعل مثل ذلك. يعنى مثل حديث عبيد بن عمير قال: صليت خلف عمر صلاة الغداة فقنت فيها بعد الركوع , وقال فى قنوته: " اللهم إنا نستعينك , ونستغفرك , ونثنى عليك الخير كله , ونشكرك(2/164)
ولا نكفرك , ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد , ولك نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحفد , نرجو رحمتك ونخشى عذابك , إن عذابك بالكفار ملحق " إلا أن الخزاعى قال: " ونثنى عليك ولا نكفرك , ونخشى عذابك الجد ".
وإسناده من الطريق الأولى صحيح , وفى الطريق الأخرى ابن أبى ليلى: محمد بن عبد الرحمن وهو سيىء الحفظ. لكن فى رواية أخرى عند الطحاوى من الطريق الأولى أنه قنت بذلك قبل الركوع.
وروى هو ـ أعنى الطحاوى ـ وابن أبى شيبة (2/60/2 , 61/1) من طرق أخرى عن عمر أنه قنت فى الفجر قبل الركوع , وبعضها صحيح الإسناد.
وروى ابن أبى شيبة مثله بإسنادين عن ابن عباس , وكلاهما صحيح.
وأما القنوت فى الوتر:
فتبين مما سبق أن عمر رضى الله عنه ثبت عنه كل من القنوت قبل الركوع وبعد الركوع.
وأما القنوت فى الوتر بعد الركوع فلم أر فيه أثراً عن عمر , أما قبل الركوع فقد روى ابن أبى شيبة (2/56/1) عن إبراهيم بن يزيد أن عمر قنت فى الوتر قبل الركوع.
قلت: ورجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع , فإن إبراهيم وهو النخعى لم يدرك عمر , لكن لعل الواسطة بينهما الأسود بن يزيد فقد رواه ابن نصر (133) من طريقه عن عمر , ولكن المختصر حذف إسناده إليه كما فعل فى كثير من الأحاديث والآثار , وليته لم يفعل.
وفى رواية عنده بلفظ:" بعد القراءة قبل الركوع ".
هذا ما يتعلق بالرواية عن عمر.(2/165)
وأما الرواية عن على , فلا تصح لا قبل الركوع ولا بعده , فى الفجر والوتر , فروى ابن أبى شيبة (2/62/2) حدثنا هشيم قال: حدثنا عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن السلمى: أن علياً كان يقنت فى صلاة الصبح قبل الركوع.
وكذا رواه الطحاوى (1/148) .
ثم رواه (2/56/1) بهذاالإسناد لكن بلفظ: " كان يقنت فى الوتر بعد الركوع ".
وكذا رواه ابن نصر (133) والبيهقى (3/39) .
قلت: وهذا سند ضعيف لأن عطاء بن السائب كان اختلط , ولعل هذا الاختلاف فى الرواية إنما هو من اختلاطه.
ويعارض هذا اللفظ ما رواه أبو بكر بن أبى شيبة (2/56/1) : حدثنا يزيد ابن هارون عن هشام الدستوائى عن حماد بن إبراهيم عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون فى الوتر قبل الركوع.
وهذا سند جيد , وهو على شرط مسلم.
ثم روى (2/57/2) عن إبراهيم قال:
" كان عبد الله لا يقنت السنة كلها فى الفجر , ويقنت فى الوتر كل ليلة قبل الركوع ".
وإسناده ضعيف فيه أشعث وهو ابن سوار الكوفى وهو ضعيف.
والخلاصة أن الصحيح الثابت عن الصحابة هو القنوت قبل الركوع فى الوتر , وهو الموافق للحديث الآتى.
ثم وجدت له طريقاً أخرى , أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/27/1 و34/2) عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال:
" كان عبد الله لا يقنت فى شىء من الصلوات , إلا فى الوتر قبل الركعة ".
وسنده صحيح.(2/166)
(426) - (حديث أبى بن كعب: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقنت قبل الركوع ". رواه أبو داود (ص 107) .
* صحيح.
أخرجه النسائي (1 / 248) وابن ماجه (1182) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1 / 400 / 2 و401 / 1) من طريق علي بن ميمون الرقي ثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب به.
قلت: وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن ميمون وهو ثقة كما في التقريب. وقد تابعه فطر بن خليفة عند الدارقطني (175) ، ومسعر بن كدام عند البيهقي (2 / 40) كلاهما عن زبيد به.
قلت: فصح بذلك الإسناد.
وله إسناد آخر عن سعيد بن عبد الرحمن، فقال ابن نصر (131) : حدثنا إسحاق أخبرنا عيسى بن يونس ثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى به.
وأخرجه الدارقطني وعنه البيهقي (2 / 39) من طريق المسيب بن واضح ثنا عيسى بن يونس به.
وهذا إسناد صحيح أيضا.
وقد أعله أبو داود (1427) بأن جماعة رووه عن زبيد وآخرون عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة - بلفظ: كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. لم يذكروا فيه القنوت.
وهذا الإعلال ليس بشيء لاتفاق الجماعة من الثقات على رواية هذه الزيادة، فهي مقبولة. ولذلك صحح الحديث غير واحد من العلماء، ومن أعله فلا حجة له.
قال الحافظ في التلخيص (118) :
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو علي بن السكن في صحيحه،(2/167)
ورواه البيهقي من حديث أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وضعفها كلها، وسبق إلى ذلك أحمد بن حنبل وابن خزيمة وابن المنذر.
قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه شيء، ولكن عمر كان يقنت.
قلت: ومما يقوي الحديث تلك الشواهد التي أشار إليها الحافظ، ويقويه أيضا حديث أنس بن مالك لما سئل عن القنوت في الصلاة قبل الركوع أو بعده؟ أجاب بقوله: قبله. ثم ذكر أن القنوت بعد الركوع إنما كان شهرا واحدا كما تقدم بيانه قبل حديث. وإذا تذكرنا أن أنسا رضي الله عنه كان يعتقد أن قنوت النازلة إنما كان بدؤه في حادثة القراء الذين قتلوا في بئر معونة، وأنه إنما قنت من أجلها شهرا بعد الركوع ينتج معنا أن القنوت في غير النازلة - وليس ذلك إلا قنوت الوتر - إنما هو قبل الركوع، كما قال هو نفسه في الرواية السادسة والسابعة المتقدمتين عنه، ولا يمكن حمل القبلية في قوله هذا إلا على قنوت الوتر، كما لا يخفى على من تتبع مجموع روايات حديث أنس المتقدمة. والله أعلم.
وقد يشهد للحديث ما أخرج ابن منده في التوحيد (ق 70 / 2) : أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة المدني الحزامي حدثنا ابن أبي فديك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عنبة عن موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... الحديث وزاد في آخره: لا منجا منك إلا إليك.
فإن قوله: أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر ظاهر قبل الركوع، لكن رواه الحاكم (3 / 172) وعنه البيهقي (3 / 38 - 39) من طريقين آخرين عن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني به بلفظ: إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود.
فهذا خلاف الرواية الأولى. فالله أعلم.(2/168)
والإسناد حسن رجاله ثقات رجال البخاري غير الشعراني.
قال الحاكم: (ثقة لم يطعن فيه بحجة) وكأنه لذلك قال عقب الحديث: صحيح عل شرط الشيخين، إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده.
ثم ساقه عنه عن موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي به نحوه وسيأتي لفظه بعد حديثين.
ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في التلخيص (94) بعد أن ساق رواية الحاكم هذه:
("تنبيه": ينبغي أن يتأمل قوله في هذا الطريق إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود، فقد رأيت في الجزء الثاني من فوائد أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني تخريج الحاكم له قال: ثنا محمد بن يونس المقري قال: ثنا الفضل بن محمد البيهقي....)
قلت فذكره بسنده ولفظ ابن منده، وفيه الزيادة، وابن يونس المقري ترجمه الخطيب في تاريخه (3 / 446) ووثقه، ولهذا مالت نفسي إلى ترجيح هذا اللفظ بعد ثبوت هذه المتابعة. والله أعلم.
(427) - (روى الأثرم عن ابن مسعود: " أنه كان يقنت فى الوتر وكان إذا فرغ من القراءة كبر ورفع يديه ثم قنت ". (ص107) .
لم أقف على سنده عند الأثرم , لأننى لم أقف على كتابه [1] , وإنما وجدت قطعة منه فى الطهارة فى مجموع محفوظ فى المكتبة الظاهرية بدمشق , وغالب الظن أنه لا يصح , فقد أخرجه ابن أبى شيبة (2/58/1) والطبرانى (3/34/1) والبيهقى (3/41) من طريق ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله أنه كان يرفع يديه فى قنوت الوتر.
وليث هو ابن أبى سليم وهو ضعيف لاختلاطه.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/17:
الأظهر أن المؤلف ساقه للاستدلال به على التكبير ورفع اليدين قبل القنوت إذا قنت قبل الركوع , ولذا فأمثل مما ساقه المخرج ما رواه ابن أبي شيبة (2/307) : حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن عبد الرحمن ابن الأسود عن أبيه أن عبد الله بن مسعود كان إذا فرغ من القراءة كبر ثم قنت.
وروى البخارى فى " جزء رفع اليدين ": (ص 173 , ط. بديع الدين شاه) قال: حدثنا عبد الرحيم المحاذى حدثنا زائدة عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله أنه كان يقرأ في آخر ركعة من الوتر: * (قل هو الله أحد) * ثم يرفع يديه , فيقنت قبل الركعة.
وروى البيهقي في " الكبرى ": (3/41) من طريق شريك عن الليث نحوه.
ووراه ابن نصر في " قيام الليل ": (ص 123) " مختصره ".
ومن طريق عبد السلام به رواه الطبراني في " المعجم الكبير ": (9/278) . وطرقه كلها فيها ليث وهو ابن أبى سليم وهو ضعيف عند أكثر المحدثين , وفي بعض الطرق علل أخرى.
وقد روى التكبير عن على والبراء - رضى الله عنهما - عند عبد الرزاق في " المصنف ": (3/109) وعن عمر عنده: (3/115) .
وقد أخرجه آخرون , وليس هذا محل بسطه. اهـ.(2/169)
والمؤلف ساقه للاستدلال به على القنوت قبل الركوع , وهو بهذا القدر صحيح , فقد ثبت ذلك عن ابن مسعود وغيره من الصحابة من طريق علقمة بسند صحيح كما سبق قبل حديث , وقد رواه ابن أبى شيبة (2/56/1) من طريق ليث بسنده المذكور آنفاً عن الأسود قال: " كان ابن مسعود لا يقنت فى شىء من الصلوات إلا فى الوتر قبل الركوع ".
(428) - (حديث: " أن عمر رضى الله عنه قنت بسورتى أبى " (ص 107) .
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/61/1 و12/42/1) : حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: سمعت عمر يقنت فى الفجر يقول: " بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم إنا نستعينك , ونؤمن بك , ونتوكل عليك , ونثى عليك الخير , ولا نكفرك , ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نرجو رحمتك , ونخشى عذابك , إن عذابك الجد بالكفار ملحق , اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ".
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , ولولا عنعنة ابن جريج لكان حرياً بالصحة.
وقد رواه البيهقى (2/210) عن سفيان قال: حدثنى ابن جريج به.
ورواه ابن أبى شيبة (2/60/2 و12/41/2) من طريق ابن أبى ليلى عن عطاء به.
وابن أبى ليلى سىء الحفظ , لكنه لم يتفرد به، فقد روى البيهقى وغيره من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: صليت
خلف عمر بن الخطاب رضى الله عنه صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع:(2/170)
" اللهم إياك نعبد , ولك نصلى ونسجد , وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك , ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق , اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثنى
عليك الخير ولا نكفرك , ونؤمن بك , ونخضع لك ونخلع من يكفرك.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وقال البيهقى: " كذا قال: " قبل الركوع " , وهو وإن كان إسناداً صحيحاً فمن روى عن عمر قنوته بعد الركوع أكثر , فقد رواه أبو رافع وعبيد بن عمير وأبو عثمان النهدى وزيد بن وهب , والعدد أولى بالحفظ من الواحد ".
قلت: قد ثبت القنوت قبل الركوع عن عمر من عدة طرق صحيحة عنه كما تقدم بيانه برقم (418) فالصواب القول بثبوت الأمرين عنه كما بيناه هناك.
وفى رواية لابن نصر عن عمر بن الخطاب أنه كان يقنت بالسورتين: اللهم إياك نعبد , واللهم نستعينك.
وفى أخرى عن سلمة بن كهيل: أقرأها فى مصحف أبى بن كعب مع قل أعوذ برب الفلق , وقل أعوذ برب الناس.
ومن المؤسف أن مختصر كتاب ابن نصر حذف إسناد هاتين الروايتين فحرمنا معرفة حالهما صحة أو ضعفاً.
وروى ابن أبى شيبة (12/42/1) عن حبيب بن أبى ثابت عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلى أن علياً قنت فى الفجر بهاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك ... اللهم إياك نعبد ...
ورجاله ثقات غير الكاهلى هذا فلم أجده.
ثم روى عن ميمون بن مهران قال: " فى قراءة أبى بن كعب: اللهم إنا نستعينك ... ".
قلت: فذكر السورتين , ورجال إسناده ثقات , ولكن ابن مهران لم(2/171)
يسمع من أبى فهو منقطع.
(تنبيه) هذه الروايات عن عمر فى قنوت الفجر , والظاهر أنه فى قنوت النازلة كما يشعر به دعاؤه على الكفار , ولم أقف على رواية عنه فى أنه كان يقنت بذلك فى الوتر كما يشعر به صنيع المؤلف , والله أعلم.
(429) - (ومما ورد: " اللهم اهدنا فيمن هديت , وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت , وبارك لنا فيما أعطيت , وقنا شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , إنه لا يذل من واليت , ولا يعز من عاديت , تباركت ربنا وتعاليت ". رواه أحمد - ولفظه له- والترمذى وحسنه من حديث الحسن بن على قال: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن فى قنوت الوتر: " اللهم اهدنى ـ إلى - وتعاليت - وليست فيه - ولا يعز من عاديت ". ورواه البيهقى وأثبتها فيه (ص 107 ـ 108) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (1/199) وكذا ابن نصر (134) وابن الجارود (142) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (ج 1/130/2) عن يونس بن أبى إسحاق عن بريد بن أبى مريم السلولى عن أبى الحوراء عن الحسن بن على قال: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن فى قنوت الوتر: اللهم اهدنى فيمن هديت ... ".
قلت: ذكر الكلمات كلها ما عدا " ولا يعز من عاديت ". إلا أنهما قالا: " فإنك " بزيادة الفاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات.
وتابعه أبو إسحاق وهو السبيعى عن بريد بن أبى مريم به.
أخرجه أبو داود (1425) والترمذى (2/328) والنسائى (1/252) والدارمى (1/373) وابن أبى شيبة (2/55/2 , 12/41/1) وعنه ابن ماجه(2/172)
(1178) وابن الجارود أيضاً والحاكم (3/172) والبيهقى (2/209 و497 و498) - وعنده الزيادة - , وأحمد أيضاً (1/200) والطبرانى من طرق عن أبى إسحاق به.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما كما فى " نصب الراية " (2/125) و" التلخيص " (ص 94) وقال: " ونبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله: " فى قنوت الوتر " تفرد بها أبو إسحاق عن بريد بن أبى مريم , وتبعه ابناه يونس وإسرائيل كذا قال: قال: ورواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبى إسحاق وابنيه , فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر , وإنما قال: كان يعلمنا هذا الدعاء.
قلت: ويؤيد ما ذهب إليه ابن حبان أن الدولابى رواه فى " الذرية الطاهرة " له والطبرانى فى " الكبير " من طريق الحسن بن عبيد الله عن بريد بن أبى مريم عن أبى الحوراء , وقال فيه: " وكلمات علمنيهن " , فذكرهن , قال بريد: فدخلت على محمد بن على فى الشعب فحدثته , فقال: صدق أبو الحوراء , هن كلمات علمناهن نقولهن فى القنوت , وقد رواه البيهقى من طرق قال فى بعضها: قال بريد بن أبى مريم: فذكرت ذلك لابن الحنفية فقال: إنه الدعاء الذى كان أبى يدعو به فى صلاة الفجر.
ورواه محمد بن نصر فى كتاب الوتر أيضاً ".
قلت: حديث شعبة الذى أشار إليه الحافظ أخرجه أحمد والدارمى باللفظ الذى ذكره , لكن أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (1/130/1) بلفظ: " علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول فى الوتر: اللهم اهدنى ... "
وإسناده هكذا: " حدثنا محمد بن محمد التمار أنبأنا عمرو بن مرزوق أنبأنا شعبة عن بريد بن أبى مريم به ... ".
قلت: وهذا إسناد صحيح عندى , فإن عمرو بن مرزوق هو أبو عثمان الباهلى وهو ثقة احتج به البخارى , والتمار هو صاحب أبى الوليد الطيالسى كما فى " الشذرات " (2/202) , وقال الحافظ فى " اللسان " (5/358) :(2/173)
" أخذ عنه الطبرانى , ووقع لنا من عواليه حديث عن أبى الوليد الطيالسى وغيره , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال: " ربما أخطأ " , أرخ ابن المنادى وفاته سنة تسع وثمانين ".
وتابعه أيضا: ًعبد الرحمن بن هرمز عن بريد بن أبى مريم إلا أنه خالفه فى إسناده فقال: إن بريد بن أبى مريم أخبره قال: سمعت ابن عباس ومحمد بن على ـ هو ابن الحنفية ـ بالخيف يقولان: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقنت فى صلاة الصبح وفى وتر الليل بهؤلاء الكلمات ... " فذكرها دون الزيادة.
أخرجه الفاكهى فى " حديثه " (ج 1/18/1 ـ 2) والبيهقى (2/210) من طريق عبد المجيد يعنى ابن عبد العزيز بن أبى رواد عن ابن جريج أخبرنى عبد الرحمن بن هرمز به.
قلت: وعبد المجيد هذا فيه ضعف من قبل حفظه , وعبد الرحمن بن هرمز قال الحافظ فى " التلخيص ": " يحتاج إلى الكشف عن حاله , وليس هو الأعرج ; فقد رواه أبو صفوان الأموى عن ابن جريج فقال: عبد الله بن هرمز , والأول أقوى ".
قلت: ولم أجد من ذكر عبد الرحمن هذا , أما الأعرج فهو ثقة معروف.
ثم قال البيهقى: " ورواه مخلد بن يزيد الحرانى عن ابن جريج فذكر رواية بريد مرسلة فى تعليم النبى صلى الله عليه وسلم أحد ابنى ابنته هذا الدعاء فى وتره ثم قال بريد: سمعت ابن الحنفية وابن عباس يقولان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها فى قنوت الليل.
وكذلك رواه أبو صفوان الأموى عن ابن جريج إلا أنه قال: عن عبد الله بن هرمز.
وقال فى حديث ابن عباس وابن الحنفية: فى قنوت صلاة الصبح. فصح بهذا كله أن تعليمه هذا الدعاء وقع لقنوت صلاة الصبح وقنوت الوتر , وأن بريداً أخذ الحديث من الوجهين اللذين ذكرناهما ".
قلت: فى الطريق إلى بريد من الوجه الثانى ابن هرمز وقد عرفت حاله , وفيه ذكر القنوت فى الصبح دون الطريق الأولى الصحيحة , وعليه فالقنوت فى(2/174)
الصبح بهذا الدعاء لا يصح عندى , والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى عن أبى الحوراء مثل رواية بريد عنه.
أخرجه الطبرانى عن الربيع بن الركين عن أبى يزيد (كذا ولعله زيد) الزراد عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف علته الربيع هذا وهو ابن سهل بن الركين , قال الدارقطنى وغيره: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بثقة.
وللحديث طريق أخرى من رواية عائشة عن الحسن بن على رضى الله عنهم.
أخرجه ابن أبى عاصم فى " السنة " (375) , وقد تكلمت على إسناده فيما علقته عليه.
(430) - (حديث على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول فى آخر وتره: " اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك , بك منك , لا نحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك ". رواه الخمسة , والروايتان - يعنى هذه والتى قبلها - بالإفراد وجمعهما المؤلف (ص 108) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1427) والنسائى (1/252) والترمذى (2/274) وابن ماجه (1179) وابن أبى شيبة (2/57/2) وأحمد (1/96 و118 و150) وابن نصر (141) من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن عمرو الفزارى عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن على بن أبى طالب به.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الصحيح غير الفزارى هذا ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة ومع ذلك وثقه ابن معين وأبو حاتم وأحمد , وذكره ابن حبان فى الثقات.(2/175)
(431) - (حديث الحسن بن على السابق وفى آخره: " وصلى الله على محمد ". رواه النسائى (ص 108) .
* ضعيف.
رواه النسائى (1/252) من طريق ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى ابن عقبة عن عبد الله بن على عن الحسن بن على قال: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات فى الوتر قال: " قل: اللهم اهدنى فيمن هديت ... وصلى الله على النبى محمد ".
قلت: وهذا سند ضعيف وإن قال النووى فى " المجموع " (3/499) : إنه صحيح أو حسن , فقد تعقبه الحافظ ابن حجر فى " التلخيص " (ص 94) بقوله: قلت: وليس كذلك فإنه منقطع , فإن عبد الله بن على ـ وهو ابن الحسين ابن على ـ لم يلحق الحسن بن على , وقد اختلف على موسى بن عقبة فى إسناده فروى عنه شيخ ابن وهب هكذا , ورواه محمد بن أبى جعفر بن أبى كثير عن موسى بن عقبة عن أبى إسحاق عن بريد بن أبى مريم بسنده.
رواه الطبرانى والحاكم ,ورواه أيضا الحاكم من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة , عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن على قال: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وترى إذا رفعت رأسى ولم يبق إلا السجود
, فقد اختلف فيه على موسى بن عقبة كما ترى وتفرد يحيى بن عبد الله بن سالم عنه بقوله: عن عبد الله بن على , وبزيادة الصلاة فيه ".
قلت: ولذلك قال العز بن عبد السلام فى " الفتاوى " (ق 66/1 ـ عام 6962) : " ولم تصح الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القنوت , ولا ينبغى أن يزاد على صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم شىء ".
وهذا هو الحق الذى يشهد به كل من علم كمال الشريعة وتمامها وأنه صلى الله عليه وسلم ما(2/176)
ترك شيئاً يقربنا إلى الله إلا وأمرنا به.
قلت: ثم اطلعت على بعض الآثار الثابتة عن بعض الصحابة وفيها صلاتهم على النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر قنوت الوتر , فقلت بمشروعية ذلك , وسجلته فى " تلخيص صفة الصلاة " فتنبه.
(تنبيه) : قوله فى رواية الحاكم: " إذا رفعت رأسى ولم يبقَ إلا السجود " فى ثبوته نظر كما سبق بيانه فى آخر الحديث (426) .
(432) - (عن عمر: " الدعاء موقوف بين السماء والأرض , لا يصعد منه شىء حتى تصلى على نبيك " رواه الترمذى (ص 108) .
* ضعيف موقوف.
أخرجه الترمذى (2/356) من طريق أبى قرة الأسدى عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: إن الدعاء ... إلخ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , علته أبو قرة الأسدى , أورده ابن أبى حاتم (4/2/427) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وفى " الميزان " أنه مجهول.
وفى"التهذيب ": " وأخرج ابن خزيمة حديثه فى صحيحه وقال: لا أعرفه بعدالة ولا جرح ".
وأخرج إسماعيل القاضى فى " فضل الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم " (94/2) من طريق عمرو بن مسافر حدثنى شيخ من أهلى قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: " ما من دعوة لا يصلى على النبى قبلها إلا كانت معلقة بين السماء والأرض ".
قلت: وهذا مع أنه مقطوع فإسناده واه من أجل الشيخ الذى لم يسم , وعمرو بن مسافر , ويقال فيه ابن مساور , وعمر بن مسافر , وعمر مساور , قال البخارى: " منكر الحديث " , وقال أبو حاتم: ضعيف.(2/177)
وروى أبو عبد الله الخلال فى " تذكرة شيوخه " كما فى " المنتخب منه " (47/1) من طريق الحارث بن على بن أبى طالب مرفوعاً به.
قلت: وإسناده واهٍ جداً.
(433) - (حديث عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه فى الدعاء لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه " رواه الترمذى (ص 108) .
* ضعيف.
رواه الترمذى (2/244) وابن عساكر (7/12/2) من طريق حماد بن عيسى الجهنى عن حنظلة بن أبى سفيان الجمحى عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: فذكره.
وقال الترمذى: " حديث صحيح غريب , لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى وقد تفرد به وهو قليل الحديث , وقد حدث عنه الناس ".
قلت: ولكنه ضعيف كما فى " التقريب " , وفى " التهذيب ": " قال ابن معين: شيخ صالح , وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال أبو داود: ضعيف روى أحاديث مناكير. وقال الحاكم والنقاش: يروى عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة. وضعفه الدارقطنى , وقال ابن حبان: يروى عن ابن جريج وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أشياء مقلوبة يتخايل إلى من هذا الشأن صناعته أنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به , وقال ابن ماكولا: ضعفوا حديثه ".
قلت: فمثله ضعيف جداً , فلا يحسن حديثه فضلاً عن أن يصحح! والحاكم مع تساهله لما أخرجه فى " المستدرك " (1/536) سكت عليه ولم يصححه , وتبعه الحافظ الذهبى.
وفى الباب عن السائب بن يزيد عن أبيه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه ".(2/178)
أخرجه أبو داود (1492) عن ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص عن السائب به.
قلت: وهذا سند ضعيف , لجهالة حفص بن هاشم , وضعف ابن لهيعة.
ولا يتقوى الحديث بمجموع الطريقين لشدة ضعف الأول منهما كما رأيت.
فرمز السيوطى للحديث بالحسن وإقرار المناوى له غير حسن , فتنبه.
(434) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عباس: " فإذا فرغت فامسح بهما وجهك ". رواه أبو داود وابن ماجه (ص 108) .
* ضعيف.
رواه ابن ماجه (1181 و3866) وابن نصر فى " قيام الليل " (ص 137) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/98/1) والحاكم (1/536) عن صالح بن حسان (ووقع فى كتاب الحاكم: حيان وهو خطأ) عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضى الله عنه بلفظ: " إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك , ولا تدع بظهورهما , فإذا فرغت ... " الحديث.
هذا لفظهم , وأما لفظ أبى داود فهو أتم من هذا من طريق أخرى وسيأتى.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن حسان هذا فإنه منكر الحديث كما قال البخارى. وقال النسائى: متروك الحديث. وقال ابن حبان: كان صاحب قينات وسماع , وكان يروى الموضوعات عن الأثبات , وقال ابن أبى حاتم فى " العلل " (2/351) : " سألت أبى عن هذا الحديث؟ فقال: منكر ".(2/179)
قلت: وقد تابعه عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب به , أخرجه ابن نصر.
قلت: ولا يفرح بهذه المتابعة لأن ابن ميمون حاله قريب من ابن حسان , قال ابن حبان: يروى أحاديث كلها موضوعات. وقال النسائى: ليس بثقة.
ورواه أبو داود (1485) وعنه البيهقى (2/212) من طريق عبد الملك بن محمد ابن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب به ولفظه: " لا تستروا الجدر , من نظر فى كتاب أخيه بغير إذنه , فإنما ينظر فى النار , سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها , فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم ".
قلت: وهذا سند ضعيف: عبد الملك هذا ضعفه أبو داود.
وفيه شيخ عبد الله بن يعقوب الذى لم يسم فهو مجهول , ويحتمل أن يكون هو ابن حسان الذى فى الطريق الأولى , أو ابن ميمون الذى فى الطريق الثانية , وأخرج الحاكم (4/270) طرق الأول من طريق محمد بن معاوية حدثنا مصادف بن زياد المدينى قال: سمعت محمد بن كعب القرظى به وتعقبه الذهبى بأن ابن معاوية كذبه الدارقطنى فبطل الحديث.
وقال أبو داود عقب الحديث:" روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية , وهذا الطريق أمثلها , وهو ضعيف أيضاً ". وضعفه البيهقى أيضاً كما يأتى.
وقال ابن نصر عقب الحديث: " ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث , وأما أحمد بن حنبل: فحدثنى أبو داود قال: سمعت أحمد , وسئل عن الرجل يمسح وجهه(2/180)
بيديه إذا فرغ فى الوتر؟ فقال: لم أسمع فيه بشىء , ورأيت أحمد لا يضله [1] . (1)
قال ابن نصر: وعيسى بن ميمون هذا الذى روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه , وكذلك صالح بن حسان , وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء , فأنكر ذلك وقال: ما علمت , وسئل عبد الله (هو ابن المبارك) عن الرجل يبسط يديه , فيدعو , ثم يمسح بهما وجهه؟ فقال: كره ذلك سفيان ".
(تنبيه) : أورد المصنف هذا الحديث والذى قبله مستدلاً بهما على أن المصلى يمسح وجهه بيديه هنا فى دعاء القنوت , وخارج الصلاة , وإذا عرفت ضعف الحديثين فلا يصح الاستدلال بهما , لا سيما ومذهب أحمد على خلاف ذلك كما رأيت.
وقال البيهقى: " فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف فى دعاء القنوت , وإن كان يروى عن بعضهم فى الدعاء خارج الصلاة , وقد روى فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث فيه ضعف , وهو مستعمل عند
بعضهم خارج الصلاة ; وأما فى الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح , ولا أثر ثابت , ولا قياس , فالأولى أن لا يفعله , ويقتصر على ما فعله السلف رضى الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه فى الصلاة ".
ورفع اليدين فى قنوت النازلة ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دعائه على المشركين الذين قتلوا السبعين قارئاً.
أخرجه الإمام أحمد (3/137) والطبرانى فى " الصغير " (ص 111) من حديث أنس بسند صحيح. وثبت مثله عن عمر , وغيره فى قنوت الوتر.
وأما مسحهما بالوجه فى القنوت فلم يرد مطلقاً لا عنه صلى الله عليه وسلم , ولا عن أحد من أصحابه , فهو بدعة بلا شك.
وأما مسحهما به خارج الصلاة فليس فيه إلا هذا الحديث والذى قبله
__________
(1) مسائل الإمام احمد لأبي داود (ص 71) .
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: لا يفعله}(2/181)
ولا يصح القول بأن أحدهما يقوى الآخر بمجموع طرقهما ـ كما فعل المناوى ـ لشدة الضعف الذى فى الطرق , ولذلك قال النووى فى " المجموع ": لا يندب " تبعا لابن عبد السلام , وقال: لا يفعله إلا جاهل.
ومما يؤيد عدم مشروعيته أن رفع اليدين فى الدعاء قد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وليس فى شىء منها مسحهما بالوجه فذلك يدل ـ إن شاء الله ـ على نكارته وعدم مشروعيته.
(تنبيه) جاء فى " شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد " للسفارينى (1/655) ما نصه: " وفى صحيح البخارى من حديث أنس رضى الله عنه قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه فى الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه ".
قلت: فهذا وهم منه رحمه الله , فليس الحديث عن أنس عند البخارى ولا غيره من أصحاب الكتب الستة.
(435) - (حديث مالك الأشجعى قال: " قلت لأبى: يا أبت إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى ها هنا بالكوفة نحو خمس سنين أكانوا يقنتون فى الفجر؟ قال: " أى بنى محدث " رواه أحمد والترمذى وصححه (ص 109) .
* صحيح.
رواه أحمد (3/472 و6/394) والترمذى (2/252) وكذا النسائى (1/164) وابن ماجه (1241) والطحاوى (1/146) وابن أبى شيبة (2/58/2) والطيالسى (1328) وعنه البيهقى (2/213) من طرق عن أبى مالك به. والسياق لابن ماجه وقال: " نحواً ". وكذا قال الترمذى , وقال أحمد " قريباً ". وفى رواية له: " كان أبى قد صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو ابن ست عشرة سنة ... ".(2/182)
قلت: وإسناده صحيح , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(436) - (عن سعيد بن جبير قال: أشهد أنى سمعت ابن عباس يقول: " إن القنوت فى صلاة الفجر بدعة " رواه الدارقطنى (ص 109) .
ضعيف.
أخرجه الدارقطنى فى " سننه " (ص 179) وعنه البيهقى (2/214) من طريق عبد الله بن ميسرة أبى ليلى عن إبراهيم بن أبى حرة عن سعيد بن جبير به.
وقال البيهقى: " لا يصح , وأبو ليلى الكوفى متروك , وقد روينا عن ابن عباس أنه قنت فى صلاة الصبح ".
(437) - (حديث عائشة مرفوعاً: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ". رواه أحمد ومسلم والترمذى وصححه (ص 109) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/160) وكذا أبو عوانة (2/273) والترمذى (2/275) وابن أبى شيبة (2/32/2) والبيهقى (2/470) وأحمد (6/50 ـ 51 و149 و265) من طريق سعد بن هشام عنها به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: واستدركه الحاكم (1/307) فوهم.
(438) - (وعن أبى هريرة مرفوعاً: " لا تدعوا ركعتى الفجر ولو طردتكم الخيل ". رواه أحمد وأبو داود.
* ضعيف.
رواه أحمد (2/405) وأبو داود (1258) عن عبد الرحمن بن(2/183)
إسحاق عن محمد بن زيد عن ابن سيلان عن أبى هريرة به.
ومن هذا الوجه رواه الطحاوى فى " شرح المعانى " (1/176 ـ 177) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف , ابن سيلان هذا , قال الذهبى: " لا يعرف , قيل اسمه عبد ربه , وقيل جابر ".
قلت: وقد سماه ابن أبى شيبة عبد ربه ولكنه أوقفه , فقال (2/32/1) : حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن زيد عن عبد ربه قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.
وقد جزم الحافظ فى " التهذيب " بأنه عبد ربه , ونقل عن ابن القطان الفاسى أنه قال: " حال مجهولة , لأنه ما يحرر له اسمه , ولم نر له راوياً غير ابن قنفذ " يعنى محمد بن زيد هذا.
وله طريق أخرى واهية جداً عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعاً نحوه.
وقد بينت علتها فى " الأحاديث الضعيفة " (1534) .
وذكر المنذرى فى " مختصر السنن " (2/75) أنه رواه أيضاً ابن المنكدر عن أبى هريرة.
قلت: ولم أره من هذا الوجه , والله أعلم. [1] .
(439) - (حديث عبيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم: " أنه سئل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة [أو] سوى المكتوبة؟ فقال: نعم بين المغرب والعشاء " (ص 109) .
* ضعيف.
رواه أحمد (5/431) والبيهقى (3/20) من طريق التيمى عن رجل عن عبيد به.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذى لم يسم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {وقفنا عليه من هذا الوجه: أخرجه القزوينى فى " التدوين فى أخبار قزوين " (4/20) من طريق المنذر بن زياد ثنا محمد بن المنكدر عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تدع ركعتى الفجر وإن طلبتك الخيل "}(2/184)
(440) - (قول ابن عمر: " حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعد الظهر , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , وركعتين قبل الغداة كانت ساعة لا أدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فيها فحدثتنى حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين " متفق عليه (ص 109) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/295) من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: أخبرنى نافع عن ابن عمر قال: " صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر , وسجدتين بعد الظهر ,وسجدتين بعد المغرب , وسجدتين بعد العشاء , وسجدتين بعد
الجمعة , فأما المغرب والعشاء ففى بيته , وحدثتنى حفصة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى سجدتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر وكان ساعة لا أدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فيها ".
وأخرجه مسلم (2/162) وأبو عوانة (2/263) والبيهقى (2/471) من طريق عبيد الله به دون قوله: " وحدثتنى حفصة.... ".
ثم رواه البخارى (1/296 ـ 297) وابن الجارود (143) وأحمد (2/6) من طريق أيوب عن نافع به بلفظ: " حفظت من النبى صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعدها , وركعتين بعد المغرب فى بيته , وركعتين بعد العشاء فى بيته وركعتين قبل صلاة الصبح , وكانت ساعة لا يدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فيها , حدثتنى حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين ".
ورواه مالك عن نافع به دون ركعتى الصبح وقال بدله: " وبعد الجمعة ركعتين فى بيته " أخرجه أبو داود (1252) وأحمد (2/63) .
وللنسائى (1/253) رواية حفصة , وهى رواية لمسلم (2/159) وابن(2/185)
ماجه (1145) وغيرهما.
وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر فقال أحمد (2/141) : حدثنا هشيم أنبأنا منصور وابن عون عن ابن سيرين عن ابن عمر قال: كان تطوع النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعدها , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , قال: وأخبرتنى حفصة أنه كان يصلى ركعتين بعد طلوع الفجر ".
وإسناده صحيح على شرط الشيخين إن كان ابن سيرين ـ واسمه محمد ـ سمعه من ابن عمر , وما أظنه كذلك , فقد قال الإمام أحمد (2/99 و117) : حدثنا روح حدثنا ابن عون عن محمد عن المغيرة بن سلمان قال: قال ابن عمر: فذكره دون ذكر حفصة.
ثم رواه أحمد (2/100) من طريق أيوب سمعت المغيرة بن سلمان يحدث فى بيت محمد ابن سيرن أن ابن عمر قال: فذكره.
والسند إلى المغيرة صحيح , فالحديث حديث المغيرة حدث به فى بيت ابن سيرين فحدث هو به عن المغيرة , فتوهم بعض الرواة أن الحديث من رواية ابن سيرين عن ابن عمر , فحدث به على الوهم , وإنما هو من حديث المغيرة عن ابن عمر.
ويؤيده أن قتادة قال: سمعت المغيرة بن سليمان يحدث عن ابن عمر به.
أخرجه أحمد (2/51/74) .
والمغيرة بن سليمان ـ أو سلمان كما قال أيوب ـ لم يوثقه أحد فهو يعل الإسناد ويضعفه , والله أعلم.
لكن رواه أنس بن سيرين ـ وهو أخو محمد ـ عن ابن عمر أنه قال: فذكر الحديث مثل رواية المغيرة.
أخرجه أحمد (2/73) : حدثنا عفان حدثنا أبان العطار حدثنا أنس بن سيرين به.(2/186)
وهذا سند صحيح على شرطهما ولا أعلم له علة.
ورواه حماد بن سلمة حدثنا أنس بن سيرين به مختصراً بلفظ: " كان يصلى الركعتين قبل صلاة الفجر كأن الأذان فى أذنيه ".
أخرجه أحمد (2/88 و126) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(441) - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم: " قضى ركعتى الفجر حين نام عنها , وقضى الركعتين اللتين قبل (1) الظهر بعد العصر " (ص 110) .
* صحيح.
وهما حديثان: الأول: من حديث أبى هريرة , وقد مضى لفظه برقم (264) .
الثانى: عن أم سلمة , وهو من رواية كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعاً وسلها عن الركعتين بعد العصر , وقل: إنا أخبرنا أنك تصلينهما , وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما , قال ابن عباس: وكنت أصرف مع عمر بن الخطاب الناس عنها , قال كريب: فدخلت عليها , وبلغتها ما أرسلونى به , فقالت: سل أم سلمة فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها , فردونى إلى أم سلمة بمثل ما أرسلونى به إلى عائشة , فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما , ثم رأيته يصليهما أما حين صلاهما فإنه صلى العصر , ثم دخل وعندى نسوة من بنى حرام من الأنصار فصلاهما , فأرسلت إليه الجارية ; فقلت: قومى بجنبه فقولى له: تقول أم سلمة: يا رسول الله إنى أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما , فإن أشار بيده فاستأخرى عنه , قال: ففعلت الجارية , فأشار بيده فاستأخرت عنه , فلما انصرف , قال: يا بنت أبى أمية سألت عن الركعتين بعد العصر , إنه أتانى ناس
__________
(1) كذا الأصل والصواب بعد كما سيأتي في الأحاديث.(2/187)
من عبد القيس بالإسلام من قومهم , فشغلونى عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان "
أخرجه البخارى (1/156 و164 ـ 165) ومسلم (2/210 ـ 211) وأبو داود (1273) والدارمى (1/334 ـ 335) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/178) من طريق عمرو بن الحارث عن بكير أن كريباً مولى ابن عباس حدثه.
ورواه النسائى (1/67) والسراج (132/2) وأحمد (6/293 و304 و310) من طريق أبى سلمة عن أم سلمة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بعد العصر ركعتين , فقلت: ما هذه الصلاة؟ فما كنت تصليها , فقال: قدم وفد بنى تميم فشغلونى عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر ".
قلت: وإسناده صحيح.
وله طريق ثالثة: عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة به مثله وزاد: " فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا ".
أخرجه الطحاوى (1/180) وأحمد (6/315) .
قلت: وإسناده معلول بالانقطاع بين ذكوان وأم سلمة وبأن الأكثر من الرواة عن حماد لم يذكروا فيه الزيادة , فهى شاذة , ومن الدليل عليه أنه عند النسائى والمسند (6/303 و306 و309 و311 و333) طرق أخرى عن أم سلمة بدون الزيادة.
وفى الباب عن عائشة رضى الله عنها قالت: " ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سراً ولا علانية: ركعتان
قبل صلاة الصبح , وركعتان بعد العصر ".(2/188)
أخرجه البخارى (1/156) ومسلم (2/211) والنسائى (1/67) وأحمد (6/159) من طريق عبد الرحمن الأسود عن أبيه عنها.
وله عند مسلم والنسائى وأبى داود (1279) وأحمد (6/50 و84 و96 و109و 113 و125 و134 و145 و159 و176 و183 و188 و200 و241 و253) طرق أخرى عنها.
ورواه أبو داود (1280) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد العصر وينهى عنها , ويواصل وينهى عن الوصال ".
قلت: ورجال إسناده ثقات ولكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
(442) - (عن أبى سعيد مرفوعاً: " من نام من وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره " رواه أبو داود (ص 110) .
* صحيح.
وقد مضى الكلام على إسناده برقم (422) .
(443) - (حديث: " عليكم بالصلاة فى بيوتكم فإن خير صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة " رواه مسلم (ص 110) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/189 و4/423) ومسلم (2/188) وأبو عوانة (2/293 و294) وأبو داود (1447) والنسائى (1/237) والبيهقى (2/494) وأحمد (5/182و 184) من حديث زيد بن ثابت قال: " احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير , فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فيها , قال: فتتبع إليه رجال , وجاءوا يصلون بصلاته , قال: ثم جاءوا ليلة فحضروا , وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم , قال: فلم يخرج إليهم , فرفعوا أصواتهم , وحصبوا الباب , فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً , فقال لهم(2/189)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة فى بيوتكم , فإن خير صلاة المرء فى بيته إلاالصلاة المكتوبة " - والسياق لمسلم - ولفظ البخارى وغيره: " أفضل " بدل " خير ". وكذلك رواه الترمذى (2/312) مقتصراً على هذه الفقرة الأخيرة منه فقط وقال: " حديث حسن ".
قلت: وله شاهد من حديث عبد الله بن سعد قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل الصلاة فى بيتى أو الصلاة فى
المسجد؟ قال: ألا ترى إلى بيتى ما أقربه من المسجد؟ فلأن أصلى فى بيتى أحب إلى من أن أصلى فى المسجد , إلا أن تكون صلاة مكتوبة ".
أخرجه ابن ماجه (1378) والطحاوى (1/200) والبيهقى (2/412) وأحمد (4/342) من طريق معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عنه.
قلت: وقال فى " الزوائد " (ق 85/2) " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات , رواه ابن حبان فى صحيحه ".
وهو كما قال , وحرام بن معاوية تابعى ثقة ويقال فيه حرام بن حكيم.
(444) [1]- (قول معاوية: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك , أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج " رواه مسلم (ص 110) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/17 و17 ـ 18) وأبو داود (1129) والبيهقى (2/191) وأحمد (4/95 و99) عن عمر بن عطاء بن أبى الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شىء رآه منه معاوية فى الصلاة , فقال: نعم صليت معه
الجمعة فى المقصورة , فلما سلم الإمام قمت فى مقامى فصليت , فلما دخل أرسل إلى , فقال: لا تعد لما فعلت , إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ... " الحديث.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] في الأصل (344) ، وهو خطأ(2/190)
(445) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى فى شهر رمضان عشرين ركعة " رواه أبو بكر عبد العزيز فى الشافى بإسناده (ص 110) .
* موضوع.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/90/2) وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 73/1 ـ 2) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/148/2) وفى " الأوسط " كما فى " المنتقى منه " للذهبى (ق 3/2) و" الجمع بين المعجمين " (ق 109/1) وابن عدى فى " الكامل " (ق 1/2) والخطيب فى " الموضح " (1/219) والبيهقى (2/496) وغيرهم كلهم من طريق أبى شيبة إبراهيم بن عثمان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به.
وقال الطبرانى: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ".
وقال البيهقى: " تفرد به أبو شيبة وهو ضعيف ".
قلت: وكذا قال الهيثمى فى " المجمع " (3/172) أن أبا شيبة هذا ضعيف , وقال الحافظ فى " الفتح " بعدما عزاه لابن أبى شيبة: " إسناده ضعيف "
وكذلك ضعفه الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (2/153) من قبل إسناده , ثم أنكره من جهة متنه فقال: " ثم هو مخالف للحديث الصحيح عن عائشة قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة. رواه الشيخان ".
وكذلك قال الحافظ ابن حجر وزاد: " هذا مع كون عائشة أعلم بحال النبى صلى الله عليه وسلم ليلاً من غيرها ".
ولذلك عده الحافظ الذهبى فى " الميزان " من مناكير أبى شيبة هذا , وقال الفقيه أحمد بن حجر فى " الفتاوى الكبرى " أنه حديث شديد الضعف , وأنا(2/191)
أرى أنه موضوع لأمور ثلاثة ذكرتها فى " الأحاديث الضعيفة والموضوعة " برقم (546) فليرجع إليها من شاء.
(تنبيه) : كتاب الشافى من كتب الحنابلة وكنت أود الرجوع إليه لأنقل منه إسناد الحديث. ولكنى لم أقف عليه , أقول هذا مع أننى على يقين أن إسناده يدور على أبى شيبة , لأن كل من خرجه فطريقه ينتهى إليه , وأيضاً فإن الطبرانى قد صرح بأنه تفرد به , فلا يختلجن فى صدر أحد أن الشافى لعله رواه من غير هذه الطريق الواهية.
(446) - (عن يزيد بن رومان: " كان الناس فى زمن عمر بن الخطاب يقومون فى رمضان بثلاث وعشرين ركعة " رواه مالك (ص 110) .
* ضعيف.
رواه مالك فى " الموطأ " (1/115/5) وعنه البيهقى فى " السنن الكبرى " (2/496) وفى " المعرفة " أيضاً ـ كما فى " نصب الراية " (2/154) ـ عن يزيد بن رومان به مع تقديم وتأخير.
قلت: وهو ضعيف لانقطاعه.
قال البيهقى: " ويزيد بن رومان لم يدرك عمر ".
ثم هو معارض لما صح عن عمر من أمره بإحدى عشرة ركعة , فقد روى مالك (1/115/4) عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال: " أمر عمر بن الخطاب أبى بن كعب وتميماً الدارى أن يقوما للناس إحدى [1] عشرة ركعة , قال: وقد كان القارىء يقرأ بالمئين , حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام , وما كنا ننصرف إلا فى فروع الفجر ".
وهذا إسناد صحيح جدا , فإن السائب بن يزيد صحابى صغير.
ومحمد بن يوسف ثقة ثبت احتج به الشيخان وهو قريب السائب بن يزيد.
وقد خالفه يزيد بن خصيفة فرواه بلفظ يزيد بن رومان , وهى رواية شاذة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بإحدى}(2/192)
كما حققته فى " صلاة التراويح " فلا نعيد القول فيها , وقد سقت فى الكتاب المذكور كل ما يروى عن عمر وغيره من صلاة التراويح عشرين ركعة , وبينت ضعفها وأنها غير صالحة للاحتجاج بها.
(447) - (عن أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع أهله وأصحابه وقال: " إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ". رواه أحمد والترمذى وصححه. (ص 110) .
* صحيح.
رواه أحمد (5/159 و163) والترمذى (1/154 ـ بولاق) وكذا أبو داود (1375) والنسائى (1/238) وابن ماجه (1327) وابن أبى شيبة (2/90/2) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/206) وابن نصر فى قيام الليل (ص 89) والفريابى فى " الصيام وفوائده " (ق 71/1 ـ 72/2) والبيهقى (2/494) من طريق الوليد بن عبد الرحمن الجرشى عن جبير بن نفير الحضرمى عن أبى ذر قال: " صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا حتى بقى سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل , ثم لم يقم بنا فى السادسة , وقام بنا فى الخامسة حتى ذهب شطر الليل , فقلت له: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه , فقال: إنه من قام ... - الحديث - ثم لم يصل بنا حتى بقى ثلاث من الشهر , وصلى بنا فى الثالثة , ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح , قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات.
(448) - (حديث:" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً " متفق عليه (ص 111) .(2/193)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/253) ومسلم (2/173) وكذا أبو عوانة (2/333) وأبو داود (1438) والنسائى (1/247) وابن أبى شيبة (2/48/1) وابن نصر (127) وابن الجارود (143) والبيهقى (3/34) وأحمد (2/143 و150) من طرق عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وفى رواية لأحمد (2/135) من طريق ابن إسحاق حدثنى نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن الوتر قال:
" أما أنا فلو أوترت قبل أن أنام , ثم أردت أن أصلى بالليل شفعت بواحدة ما مضى من وترى , ثم صليت مثنى مثنى , فإذا قضيت صلاتى أوترت بواحدة , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر ".
قلت: وهذا إسناد حسن.
ثم روى أحمد من طريق ابن إسحاق حدثنى محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسليمان بن يسار كلاهما حدثه عن عبد الله بن عمر , قال: ولقد كنت معهما فى المجلس , ولكنى كنت صغيراً فلم أحفظ الحديث قالا: سأله رجل عن الوتر؟ فذكر الحديث وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نجعل آخر صلاة الليل الوتر.
قلت: وإسناده حسن أيضاً.
فصل
(449) - (حديث أبى هريرة مرفوعاً: " أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ". رواه مسلم (ص 111) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/169) وكذا أبو داود (2429) والنسائى (1/240) والدارمى (1/346 , 2/21 و22) وابن نصر (19) والطحاوى فى " المشكل " (2/101) والبيهقى (3/4) وأحمد (2/303 و329 و342 و344 و535) عن أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعاً بلفظ:(2/194)
" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم , وأفضل الصلاة ... " الحديث.
والشطر الأول منه أخرجه النسائى فى " سننه الكبرى " (2/40/2) من طريق هلال ابن العلاء بن هلال قال: حدثنا أبى قال: حدثنا عبيد الله عن عبد الملك عن جندب بن سفيان البجلى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
قلت: والعلاء هذا فيه لين , وقد خالفه زائدة فقال: عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعاً به.
وتابعه أبو بشر عن حميد بن عبد الرحمن به.
أخرجهما النسائى أيضاً بإسنادين صحيحين.
(450) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماءالدنيا إذا مضى شطر الليل " الحديث , رواه مسلم (ص 111) .
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدرى وجبير بن مطعم ورفاعة بن عرابة الجهنى وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن مسعود.
1 ـ أما حديث أبى هريرة فله عنه طرق:
الأولى والثانية عن أبى عبد الله الأغر وعن أبى سلمة عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر , فيقول: من يدعونى فأستجيب له , من يسألنى فأعطيه , من يستغفرنى فأغفر له ".
أخرجه مالك (1/214/30) وعنه البخارى (1/289 و4/190 و479) ومسلم (2/175) وأبو داود (1315) والترمذى (2/263 ـ بولاق) وابن نصر فى " قيام الليل " (35) والبيهقى فى " السنن " (3/2) وفى " الأسماء(2/195)
والصفات " (316) وأحمد (2/487) كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنهما.
وأخرجه الدارمى (1/347) وابن ماجه (1366) وأحمد (2/264 و267) من طرق أخرى عن ابن شهاب به.
وزاد أحمد فى رواية: " فلذلك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على صلاة أوله ".
وإسنادها صحيح , لكن الظاهر أنها مدرجة فى الحديث من بعض رواته ولعله الزهرى ورواه مسلم (2/176) والدارمى وأحمد (2/504) من طريقين آخرين عن أبى سلمة وحده.
ورواه أبو عوانة (2/288) من طريق أبى إسحاق عن الأغر وحده عن أبى هريرة.
وقرن به فى بعض الروايات أبا سعيد عند مسلم وغيره كما سيأتى.
الثالثة: أبو صالح عنه مرفوعاً بلفظ:
" ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك , أنا الملك , من ذا الذى يدعونى فأستجيب له ... الحديث نحوه وزاد: " فلا يزال كذلك حتى يضىء الفجر ".
أخرجه مسلم (2/175 ـ 176) وأبو عوانة (2/289) والترمذى (2/307 ـ 308 ـ طبع شاكر) وأحمد (2/282 و419) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح , وقد روى من أوجه كثيرة عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم , وروى عنه أنه قال: " ينزل الله عز وجل حين يبقى ثلث الليل الآخر " , وهو أصح الروايات ".
يعنى اللفظ الذى قبله من الطريقين الأولين , وقد أطال الحافظ فى " الفتح " (3/26) الاستدلال على ترجيح ما رجحه الترمذى.
الرابعة: عن سعيد بن مرجانة قال: سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(2/196)
" ينزل الله فى السماء الدنيا لشطر الليل , أو لثلث الليل الآخر , فيقول: من يدعونى فأستجيب له , أو يسألنى فأعطيه , ثم [يبسط يديه تبارك وتعالى] يقول: من يقرض غير عديم ولا ظلوم ".
أخرجه مسلم والبيهقى فى " الأسماء والصفات " (ص 316 ـ 317) .
الخامسة: عن سعيد المقبرى عنه مرفوعاً بلفظ:
" لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك مع الوضوء ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل , فإذا مضى ثلث الليل أو نصف الليل نزل إلى السماء الدنيا جل وعز فقال: (فذكر الجمل الثلاث وزاد) : هل من تائب فأتوب عليه ".
أخرجه أحمد (2/433) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
السادسة: عن عطاء مولى أم صفية (وقيل صبية. قال أحمد: وهو الصواب) عن أبى هريرة نحو الذى قبله دون الزيادة.
أخرجه الدارمى (1/348) وأحمد (1/120 و2/509) وعطاء هذا مجهول لم يوثقه غير ابن حبان.
السابعة: عن يحيى عن أبى جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول , فذكره بنحو اللفظ الأول.
أخرجه الطيالسى (2516) وأحمد (2/258 , 521) وأبو جعفر هذا مجهول.
2 ـ وأما حديث أبى سعيد الخدرى , فهو من طريق أبى إسحاق عن الأغر أبى مسلم يرويه عن أبى سعيد وأبى هريرة معاً قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا , فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب , هل من سائل هل من داع حتى؟ ينفجر الفجر [ثم يصعد] ".(2/197)
رواه مسلم وأبو عوانة والطيالسى (2232 و2385) وعنه البيهقى (317) وأحمد (2/383 و3/34 و94) عن أبى إسحاق به.
قلت: ورواه النسائى بلفظ منكر ليس فيه ذكر النزول , ولا نسبة للقول المذكور إلى الله تعالى كما بينته فى الضعيفة (3897) .
3 ـ وأما حديث جبير , فهو من رواية ابنه نافع بن جبير عن أبيه مرفوعا
ًنحو اللفظ الأول مع اختصار.
أخرجه الدارمى (1/347) وابن خزيمة فى " التوحيد " (88) والبيهقى (317) وأحمد (4/81) والآجرى (312 و313) عن حماد بن سلمة حدثنا عمرو بن دينار عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
4 ـ وأما حديث رفاعة فهو من رواية عطاء بن يسار عنه مرفوعاً نحوه.
أخرجه الدارمى وابن ماجه (1367) وابن خزيمة فى " التوحيد " (87) وأحمد (4/16) والآجرى فى " الشريعة " (310 و311) عن يحيى بن أبى كثير عن هلال بن أبى ميمونة عنه.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين وصرح يحيى بالتحديث فى رواية للآجرى , وهى رواية ابن خزيمة.
5 ـ وأما حديث على فهو من رواية عبيد الله بن أبى رافع عن أبيه عنه مرفوعاً مثل حديث أبى هريرة.
أخرجه الدارمى (1/348) وأحمد (1/120) عن محمد بن إسحاق عن عمه عبد الرحمن بن يسار عنه.
قلت: ورجاله ثقات فإن عبد الرحمن بن يسار وثقه ابن معين وذكره ابن حبان فى " الثقات " , وبقية رجاله معروفون ; فالسند جيد.
6 ـ وأما حديث ابن مسعود. فهو من رواية أبى الأحوص عنه بلفظ:(2/198)
" إذا كان ثلث الليل الباقى يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء , ثم يبسط يده فيقول: هل من سائل يعطى سؤله؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر ".
رواه ابن خزيمة (89) وأحمد (1/388 و403 و446) والآجرى (312) بإسناد صحيح.
(451) - (حديث:" أفضل الصلاة صلاة داود , كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه " (ص 111) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/286 و2/362) ومسلم (3/165) وأبو داود (2448) والنسائى (1/321) والدارمى (2/20) وابن ماجه (1712) وأحمد (2/160و 206) من طرق عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم: فذكره بلفظ: " أحب الصلاة إلى الله ... " والباقى مثله; وفى أوله زيادة بلفظ: " أحب الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً , وأحب ... ".
ورواه ابن أبى الدنيا فى " التهجد " (2/55/2) من طريق محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار به بلفظ: " خير الصيام صيام داود وكان يصوم نصف الدهر , وخير الصلاة صلاة داود , وكان يرقد نصف الليل الأول , ويصلى آخر الليل , حتى إذا بقى سدس من الليل رقد ".
وإسناده على شرط مسلم , لكن محمد بن مسلم هذا وهو الطائفى فيه ضعف من قبل حفظه , فلا يحتج به إذا خالف.
(452) - (حديث: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم , وهو قربة إلى ربكم , ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم " رواه(2/199)
الحاكم وصححه (ص 111) .
* حسن.
أخرجه الحاكم (1/308) وعنه البيهقى (2/502) وابن عدى فى " الكامل " (ق 220/1) من طريق عبد الله بن صالح حدثنى معاوية بن صالح عن ثور بن يزيد (وقال ابن عدى: ربيعة بن يزيد) عن أبى إدريس الخولانى عن أبى أمامة الباهلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عدى: " عبد الله بن صالح هو عندى مستقيم الحديث , إلا أنه يقع فى حديثه فى أسانيده ومتونه غلط , ولا يتعمد الكذب ".
وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط البخارى ".
قلت: ووافقه الذهبى , وذا من عجائبه , فإن معاوية بن صالح لم يخرج له البخارى , والذهبى نفسه يقرر ذلك فى ترجمته من " الميزان " ويقول: " وهو ممن احتج به مسلم دون البخارى , وترى الحاكم يروى فى مستدركه أحاديثه ويقول: هذا على شرط البخارى فيهم فى ذلك ويكرره "!
وهذا ما وقع فيه الذهبى نفسه فى تلخيصه , فسبحان من لا ينسى.
ثم إن عبد الله بن صالح وإن كان أخرج له البخارى ففيه ضعف كما يشير إليه كلام ابن عدى المتقدم , وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق كثير الغلط , ثبت فى كتابه , وكانت فيه غفلة ".
قلت: فمثله يستشهد به , ولا يحتج به وقد خولف , فقد أخرجه البيهقى من طريق مكى بن إبراهيم حدثنا أبو عبد الله خالد بن أبى خالد عن يزيد بن ربيعة عن أبى إدريس الخولانى عن بلال بن رباح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به نحوه , وزاد فى آخره: " ومطردة للداء عن الجسد ".
ورجاله ثقات غير خالد هذا فلم أعرفه , ولم يتكلم عليه الذهبى فى(2/200)
" المهذب " (1/94/1) بشىء! وغير يزيد بن ربيعة وهو الرحبى الدمشقى وهو ضعيف , وقد قلبه بعض الضعفاء فقال " ربيعة بن يزيد " , وهذا ثقة!
أخرجه الترمذى (2/272) وابن نصر فى " قيام الليل " (ص 18) وابن أبى الدنيا فى " التهجد " (1/30/2) والبيهقى وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (5/61/1) عن بكر بن خنيس عن محمد القرشى عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى به. وقال الترمذى: " حديث غريب , لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه ولايصح من قبل إسناده , سمعت محمد بن إسماعيل (هو البخارى) يقول: محمد القرشى هو محمد بن سعيد الشامى , وهو محمد بن أبى قيس , وهو محمد بن حسان , وقد ترك حديثه , وقد روى هذا الحديث معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن أبى أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح من حديث أبى إدريس عن بلال ".
قلت: وهو كما قال فإن الشامى هذا هو المصلوب فى الزندقة , وأما الطريق الأخرى فليس فيها متهم كما سبق بيانه.
وله شاهد من حديث سلمان مرفوعاً به وفيه الزيادة: " ومطردة للداء عن الجسد ".
أخرجه ابن عدى (233/2) وابن عساكر (15/140/2) من طريقين عن الوليد بن مسلم أخبرنى عبد الرحمن بن سليمان بن أبى الجون العنسى عن الأعمش عن أبى العلاء العنزى عن سلمان به.
وقال ابن عدى: " وابن أبى الجون عامة أحاديثه مستقيمة , وفى بعضها بعض الإنكار , وأرجو أنه لا بأس به ".
قلت: وفى " التقريب ": " صدوق يخطىء ".
وبقية رجاله ثقات غير أبى العلاء العنزى , قال الذهبى: " لا أعرفه ".(2/201)
قلت: ولعله أبو العلاء الشامى الذى روى عن أبى أمامة وعنه أصبغ بن زيد الوراق. قال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول ".
قلت: ويتلخص مما سبق أن الحديث حسن دون الزيادة , لأنها لم تأت من طريقين يصلح أن يقوى أحدهما الآخر. بخلاف أصل الحديث فقد جاء عن أبى أمامة وقد صححه من سبق ذكرهم ويأتى , وقال الحافظ العراقى فى " تخريج الإحياء " (1/321) : " رواه الطبرانى فى الكبير والبيهقى بسند حسن ".
وعزاه المنذرى فى " الترغيب " (1/216) للترمذى فى كتاب الدعاء من جامعه , وابن أبى الدنيا فى التهجد وابن خزيمة فى صحيحه.
وفى هذا نظر , فإن الترمذى إنما أخرجه معلقاً [1] وابن أبى الدنيا من حديث بلال كما تقدم , وحديث بلال عزاه السيوطى فى " الجامع الكبير " (2/73/2) لأحمد أيضاً
والحاكم وابن السنى وأبى نعيم فى " الطب " , وعزوه لأحمد خطأ , وللحاكم محتمل , والله أعلم.
وحديث سلمان عزاه لابن السنى وأبى نعيم أيضاً , وهو شاهد لا بأس به لحديث أبى أمامة. والله أعلم.
(453) - (حديث أبى هريرة مرفوعاً: " إذا قام أحدكم من الليل فليفتح صلاته بركعتين خفيفتين " رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 111) .
* صحيح.
رواه أحمد (2/232 و278) ومسلم (2/184) وأبو داود (1323) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (2/304) والبيهقى (3/6) من طريق أبى أسامة حماد بن أسامة وزائدة ومحمد بن سلمة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبى هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن أبى شيبة (2/44/2) وأبو عوانة وابن حبان (650)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب أن الترمذى أخرجه موصولا فانظره 5/516 , 517}(2/202)
والبيهقى من طريق سليمان بن حبان أبى خالد الأحمر عن هشام به من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " كان إذا قام من الليل يتهجد صلى ركعتين خفيفتين ".
وسليمان وإن احتج به الشيخان فهو يخطىء أحياناً , فلا يحتج به عند المخالفة , وهو هنا قد خالف الجماعة الذين رووه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم. وهو الصواب.
ويؤيده أن معمراً رواه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة قال: " إذا " بمعناه , زاد: " ثم ليطول بعد ما شاء ".
رواه أبو داود (1324) وعنه البيهقى , ثم قال أبو داود: " روى هذا الحديث حماد بن سلمة وزهير بن معاوية وجماعة عن هشام عن محمد أوقفوه على أبى هريرة , وكذلك رواه أيوب وابن عوف أوقفوه على أبى هريرة ".
قلت: والذين رووه عن هشام مرفوعاً جماعة أيضاً وهم ثقات أثبات ومعهم زيادة فهى مقبولة.
وقد صح الحديث مرفوعاً من طريق عائشة رضى الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقى وأحمد (6/30) وابن أبى شيبة.
ثم وجدت حديث أيوب مرفوعاً , رواه سفيان بن عيينة عنه عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قام أحدكم يصلى من الليل فليصل ركعتين خفيفتين يفتح بهما صلاته ".
أخرجه ابن أبى الدنيا فى " التهجد " (95/1) : حدثنا أبو موسى الهروى حدثنا سفيان بن عيينة به.(2/203)
وهذا سند صحيح وأبو موسى هذا اسمه إسحاق بن إبراهيم البغدادى وهو ثقة.
(454) - (حديث أبى الدرداء عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من نام ونيته أن يقوم كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه ". رواه أبو داود والنسائى (ص 111) .
* صحيح.
رواه النسائى (1/255) ـ دون أبى داود ـ وابن ماجه (1344) وابن نصر فى " قيام الليل " (ص 38) والحاكم (1/311) وعنه البيهقى (3/15) من طريق الحسين بن على الجعفى عن زائدة عن سليمان عن حبيب بن أبى ثابت عن عبدة بن أبى لبابة عن سويد بن غفلة عن أبى الدرداء مرفوعاً.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى , وقال المنذرى فى " الترغيب " (1/208) : " إسناده جيد ".
قلت: وهو كما قالوا لولا أن حبيب بن أبى ثابت مدلس وقد عنعنه.
وقد خالفه معاوية بن عمرو حدثنا زائدة فذكره بإسناده من قول أبى الدرداء.
أخرجه الحاكم.
وتابعه جرير عن الأعمش وهو سليمان عن حبيب به موقوفاً , أخرجه ابن نصر.
وتابعه سفيان عن عبدة بسنده عن أبى ذر وأبى الدرداء موقوفاً.
أخرجه النسائى وكذا ابن خزيمة فى صحيحه كما فى " الترغيب " (1/208) إلا أنه قال: " عن أبى ذر أو أبى الدرداء " على الشك , ورواه ابن حبان فى صحيحه مرفوعاً هكذا على الشك.
قلت: ويبدو أن الأصح الوقف , ولكنه فى معنى الرفع لأنه لا يقال من(2/204)
قبل الرأى كما هو ظاهر.
وله شاهد مرفوع من حديث عائشة رضى الله عنها بلفظ: " ما من امرىء تكون له صلاة بليل , يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته , وكان نومه عليه صدقة ".
أخرجه مالك (1/117/1) عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضا أنه أخبره أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (1314) والنسائى أيضاً وابن نصر (78) والبيهقى وأحمد (6/180) .
قلت: وإسناده كلهم ثقات غير الرجل الذى لم يسم , وهو وإن كان عند سعيد رضاً كما قال هو نفسه فذلك لا يكفى فى توثيقه حتى يسمى , فيتبين أنه ثقة , كما هو مقرر فى " مصطلح الحديث ". وقد سماه النسائى فى رواية له " الأسود بن يزيد " , لكن فى الطريق إليه أبو جعفر الرازى وهو سىء الحفظ فلا يحتج به , فلا يغتر بقول المنذرى: " الأسود بن يزيد ثقة ثبت , وبقية إسناده ثقات ". لاسيما وقد رواه أحمد (6/63) من طريق أبى جعفر هذا بإسقاط الواسطة بين سعيد وعائشة , وتابعه على ذلك عنده (6/72) أبو أويس واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس , وهو وإن روى له مسلم ففيه ضعف , فلا ينهض لمعارضته رواية مالك.
نعم هو شاهد حسن لحديث أبى الدرداء , لاسيما وقد قال المنذرى عقب قوله السابق: " ورواه ابن أبى الدنيا فى " كتاب التهجد " بإسناد جيد , رواته محتج بهم فى الصحيح ".
قلت: وليس هو فى نسخة " التهجد " المحفوظة فى المكتبة الظاهرية بدمشق , والظاهر أن النسخ مختلفة , فإن هذه النسخة مع أنها ختمت بعبارة " آخر الكتاب "(2/205)
وبجانبها بخط مغاير لخطها: " بلغ العرض بالأصل " , فقد ألحق بها أربع ورقات كبار كتب فى أعلى الأولى منها: " تمام كتاب ابن أبى الدنيا ". والله أعلم.
(تنبيه) عزا المؤلف حديث أبى الدرداء لأبى داود والنسائى. وقد تبين من التخريج المذكور أن أبا داود إنما رواه من حديث عائشة , فعزوه إليه من حديث أبى الدرداء وهم أو تسامح.
(455) - (حديث: " من صلى قائماً فهو أفضل , ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم ". متفق عليه (ص 112) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/282) ـ دون مسلم ـ وكذا أبو داود (951) والنسائى (1/245) والترمذى (2/207) وابن ماجه (1231) والبيهقى (2/491) وأحمد (4/433 و435 , 443) عن عمران بن حصين ـ وكان رجلاً ميسوراً [1]ـ قال: " سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعدا؟ فقال: فذكره.
وزاد: " ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد ".
والسياق للبخارى وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
ولم يروه مسلم فقوله " متفق عليه " وهم.
نعم أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال: " حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة ,
قال: فأتيته فوجدته يصلى جالساً , فوضعت يدى على رأسه , فقال: ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة , وأنت تصلى قاعداً؟ قال: أجل , ولكن لست كأحد منكم ".
وأخرجه أيضاً وأبو عوانة (2/220 ـ 221) وأبو داود (950) والنسائى (1/245) والدارمى (1/321) وابن ماجه (1229) والطيالسى (2289)
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: مبسوراً}(2/206)
وأحمد (2/162 و192 و201 و203) .
(456) - (حديث: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ". رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 112) .
* صحيح.
رواه أحمد (2/421) ومسلم (2/49 ـ 50) وأبو داود (875) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (2/180) والنسائى (1/171) والبيهقى (2/110) وزادوا: " فأكثروا الدعاء ". وزاد البيهقى: " فيه ". وفى رواية لأبى عوانة: " فأكثروا من الدعاء ".
والحديث عزاه السيوطى فى " الجامع الكبير " (1/119/2) و" الجامع الصغير " لمسلم وأبى داود والنسائى فقط!
(457) - (أمره صلى الله عليه وسلم بكثرة السجود فى غير حديث " رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 112) .
* صحيح.
وفيه أحاديث:
الأول والثانى: عن ثوبان وأبى الدرداء , يرويه عنهما معدان بن طلحة اليعمرى قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت: أخبرنى بعمل أعمله يدخلنى الله به الجنة , أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله , فسكت , ثم سألته فسكت , ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " عليك بكثرة السجود لله , فإنك لا تسجد لله سجدة , إلا رفعك الله بها درجة , وحط عنك بها خطيئة ". قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته , فقال لى مثل ما قال لى ثوبان.(2/207)
أخرجه مسلم (2/51 ـ 52) وأبو عوانة (2/180 ـ 181) والنسائى (1/171) والترمذى (2/230 ـ 231) وابن ماجه (1423) والبيهقى (2/485 ـ 486) وأحمد (5/276) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وله عن ثوبان طريق أخرى بلفظ: " ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة ". أخرجه أحمد (5/276 و283) عن سالم بن أبى الجعد قال: قيل لثوبان: حدثنا {عن} رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: تكذبون [1] على , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
قلت: ورجاله ثقات لكنه منقطع فإن سالماً لم يلقَ ثوباناً وله طريق ثالثة عند أبى نعيم فى " الحلية " (3/56) .
الثالث: عن ربيعة بن كعب الأسلمى قال:
" كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته , فقال لى: سلنى فقلت: أسألك مرافقتك فى الجنة قال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك , قال: فأعنى على نفسك بكثرة السجود ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود (1320) والنسائى والبيهقى عن أبى سلمة ابن عبد الرحمن عنه.
وأخرجه أحمد (4/59) من طريق أخرى أتم منه: عن ابن إسحاق قال: حدثنى محمد
ابن عمرو بن عطاء عن نعيم بن مجمر [2] عن ربيعة بن كعب قال: " كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأقوم له فى حوائجه نهارى أجمع حتى يصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة , فأجلس ببابه إذا دخل بيته , أقول: لعلها أن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: لتكذبون}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: نعيم المجمر}(2/208)
تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة , فما أزال أسمعه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده , حتى أمل , فأرجع أو تغلبنى عينى فأرقد , قال: فقال لى يوماً ـ لما يرى من خفتى , وخدمتى إياه ـ: سلنى يا ربيعة أعطك , قال: فقلت: أنظر فى أمرى يا رسول الله ثم أعلمك ذلك. قال: ففكرت فى نفسى فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة , وأن لى فيها رزقاً سيكفينى ويأتينى , قال: فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتى , فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذى هو به , قال: فجئت , فقال: ما فعلت يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم يا رسول الله أسألك أن تشفع لى إلى ربك فيعتقنى من النار , قال: فقال: من أمرك بهذا يا ربيعة! قال: فقلت: لا والله الذى بعثك بالحق ما أمرنى به أحد , ولكنك لما قلت: سلنى أعطك وكنت من الله بالمنزل الذى أنت به نظرت فى أمرى وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة , وأن لى فيها رزقاً سيأتينى , فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتى , قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً , ثم قال لى: إنى فاعل , فأعنى على نفسك بكثرة السجود ".
قلت: وإسناده حسن.
الرابع: عن أبى ذر رضى الله عنه:
قال الأحنف بن قيس: دخلت بيت المقدس فوجدت فيه رجلاً يكثر السجود , فوجدت فى نفسى من ذلك , فلما انصرف قلت: أتدرى على شفع انصرفت أم على وتر , قال: إن أك لا أدرى فإن الله عز وجل يدرى , ثم قال: خبرنى حبى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم , ثم بكى , ثم قال: أخبرنى حبى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ثم بكى , ثم قال: أخبرنى حبى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم قال: " ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة , وحط عنه بها خطيئة , وكتب له بها حسنة ". قال: قلت: أخبرنى من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فتقاصرت إلى نفسى.
أخرجه الدارمى (1/341) وأحمد (5/164) والسياق له , وإسناده صحيح(2/209)
على شرط مسلم.
وله فى المسند (5/147 و148) طريقان آخران عن أبى ذر.
الخامس عن أبى فاطمة قال:
" قلت يا رسول الله أخبرنى بعمل أستقيم عليه وأعمله. قال: " عليك بالسجود , فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة , وحط بها عنك خطيئة ".
أخرجه ابن ماجه (1422) بإسناد حسن. وأخرجه أحمد (3/428) من طريق أخرى عنه بلفظ: " أكثر من السجود , فإنه ليس من رجل يسجد لله سجدة ... " الحديث
ومن طريق ثالث مختصراً , بلفظ: " يا أبا فاطمة إن أردت أن تلقانى فأكثر السجود ". وفيها ابن لهيعة وهو حسن الحديث فى المتابعات والشواهد.
السادس: عن عبادة بن الصامت مرفوعاً.
مثل حديث أبى ذر من الطريق الرابعة وزاد: " فاستكثروا من السجود ".
أخرجه ابن ماجه وأبو نعيم " فى الحلية " (5/130) , ورجاله ثقات.
(458) - (حديث جابر مرفوعاً: " أفضل الصلاة طول القنوت ". رواه أحمد ومسلم والترمذى (ص 112) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (3/391) ومسلم (2/175) والترمذى (2/229) وابن ماجه (1421) والبيهقى (3/8) من طرق عن أبى الزبير عنه , وقال الترمذى:(2/210)
" حديث حسن صحيح ".
ثم أخرجه مسلم والبيهقى وأحمد (3/302 و314) وكذا الطيالسى (1777) من طريق أبى سفيان عن جابر.
وله شاهد من حديث عبد الله بن حبشى الخثعمى مرفوعاً به.
أخرجه أبو داود (1325) والنسائى (1/349) والدارمى (1/331) وأحمد (3/411 ـ 412) .
قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم.
(459) - (حديث أبى هريرة وأبى الدرداء فى صلاة الضحى , رواها مسلم (ص 112) .
* صحيح.
أما حديث أبى هريرة فلفظه: قال: " أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر , وركعتى الضحى , وأن أوتر قبل أن أرقد ".
رواه مسلم (2/158 و159) وكذا أبو عوانة (2/266) وأبو نعيم فى مستخرجه (1/135/1) وأبو داود (1432) والنسائى (1/247 و327) والدارمى (1/339 و2/18 ـ 19) والبيهقى (3/47) والطيالسى (2392 و2396 و2447و 2593) وأحمد (2/258 و265 و271 و277 و311 و392 و402 و459 و489و 497 و499 و505 و526) من طرق كثيرة عن أبى هريرة رضى الله عنه.
وعلق البخارى (1/394) منه الوصية بركعتى الضحى ووصلها ابن أبى شيبة (2/95/2 و96/1) وزاد فى رواية: " فإنها صلاة الأوابين ".
وهى رواية لأحمد فى الحديث. وإسنادها ضعيف , ومعناها صحيح للحديث الآتى (رقم 461) .
ووصله البخارى (1/296) بتمامه لكن بلفظ " وصلاة الضحى ".(2/211)
وأما حديث أبى الدرداء فهو نحو حديث أبى هريرة ولفظه: " أوصانى حبيبى صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر , وصلاة الضحى , وبأن لا أنام حتى أوتر ".
أخرجه مسلم وأبو نعيم (1/135/2) وأبو داود (1433) وأحمد (6/440 و451) من طرق عنه.
ورواه النسائى (1/327) وأحمد (5/173) من طريق أخرى عن أبى ذر مثله.
قلت: وإسناده صحيح.
(460) - (حديث أبى سعيد: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى حتى نقول: لا يدعها , ويدعها حتى نقول: لا يصليها " رواه أحمد والترمذى وقال: حسن غريب
* ضعيف.
رواه أحمد (3/21 و36) والترمذى (2/342) وأبو نعيم فى " تاريخ أصبهان " (1/244) عن عطية العوفى عنه. وقال: " حديث حسن غريب ".
قلت: وعطية ضعيف , وخاصة فى روايته عن أبى سعيد كما بينته فى " الأحاديث الضعيفة والموضوعة ".
(461) - (حديث: " وركعتى الضحى " (ص 113) .
* صحيح.
وكأنه يعنى حديث أبى هريرة وأبى الدرداء المتقدمين قبل حديث.
وفى الباب حديثان آخران صحيحان , وفيهما بيان فضل الركعتين فلا بد من تخريجهما.
الأول: عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:(2/212)
" يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة , فكل تسبيحة صدقة , وكل تحميدة صدقة , وكل تهليلة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وأمر بالمعروف صدقة , ونهى عن المنكر صدقة , ويجزى من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ".
رواه مسلم (2/158) وأبو عوانة (2/266) وأبو نعيم فى مستخرجه (1/135/1) وأبو داود (1285 و6243) والبيهقى (3/47) وأحمد (5/167 و178) وزاد أبو داود فى رواية: " وبضعة أهله صدقة , قالوا: يا رسول الله: أحدنا يقضى شهوته وتكون له صدقة؟ قال: أرأيت لو وضعها فى غير حلها ألم يكن يأثم؟ ".
وسندها صحيح.
الثانى: عن بريدة بن الحصيب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " فى الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا , فعليه أن يتصدق عن كل مفصل بصدقة , قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبى الله؟ قال: النخاعة فى المسجد تدفنها , والشى تنحيه عن الطريق , فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك ".
رواه أبو داود (5242) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/25) وابن حبان (633 و811) وأحمد (5/354 و359) من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(462) - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلاها أربعاً , كما فى حديث عائشة. رواه أحمد ومسلم (ص 113) .
* صحيح.
وهو من حديث معاذة العدوية أنها سألت عائشة رضى الله عنها: كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات , ويزيد ما شاء.(2/213)
أخرجه مسلم (2/157) وأبو عوانة (2/267) وابن ماجه (1381) والبيهقى (3/47) والطيالسى (1571) وأحمد (6/95 و120 و124 و145 و168 و265) من طرق عنها.
وفى رواية لأحمد (6/74 و156) من طريق المبارك بن فضالة: أخبرتنى أمى عن معاذة عن عائشة قالت: صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى بيتى من الضحى أربع ركعات. وهذا سند ضعيف , فإن أم المبارك لا تعرف كما يستفاد من " تعجيل المنفعة " (ص 566) .
ثم أخرجه أحمد (6/106) : حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا عثمان بن عبد الملك أبو قدامة العمرى قال: حدثتنا عائشة بنت سعد عن أم درة قالت: رأيت عائشة تصلى الضحى وتقول: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى إلا أربع ركعات.
قلت: وهذا سند ضعيف أيضاً , أم درة بالدال المهملة وأوردها فى " التهذيب " فى حرف الذال المعجمة وقال: " روى عنها ابن المنكدر وأبو اليمان الرحال وعائشة بنت سعد.
وذكرها ابن حبان فى " الثقات " وقال العجلى: تابعية مدنية ثقة ".
وعثمان بن عيد الملك هذا لم أهتد إليه إلا بواسطة الدولابى فى كتابه " الكنى والأسماء " فقد قال (2/88) : " وأبو قدامة عثمان بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب , يروى عن عائشة بنت سعد بن أبى وقاص , روى عنه خالد بن مخلد القطوانى ".
وهكذا ساق نسبه ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (3/1/165) وذكر له راويين آخرين , ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وكذلك ساقه ابن حبان(2/214)
فى " الثقات " (2/203) ولم يورده ابن حجر فى " التعجيل " وهو على شرطه.
قلت: فالظاهر أن هذا هو الذى فى هذا السند إلا أن اسم جده تحرف على بعض النساخ إلى " عبد الملك " , والله أعلم.
وبالجملة فالسند ضعيف لجهالة حال أم درة والعمرى هذا.
ومما يدل على ضعف حديثهما وكذا حديث أم المبارك الذى قبله ما ورد بأقوى سند عن عائشة رضى الله عنها قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى سبحة الضحى قط , وإنى لأسبحها , وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس , فيفرض عليهم ".
أخرجه مالك (1/152 ـ 153/29) والبخارى (1/286 و296) ومسلم (2/156) وأبو عوانة (2/267) وأبو داود (1293) والبيهقى (3/49) وابن أبى شيبة (2/94 ـ 95) وأحمد (6/168 و169 ـ 170 و177 و178 و209 و215 و223و 238) من طريق عروة عنها.
فهذا الحديث صريح فى أن عائشة لم ترَرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى الضحى , فهو دليل على ضعف الحديثين المذكورين وبطلانهما عنها.
أما الحديث الأول فلا تعارض بينه وبين هذا , لأنه لم يقل إنها رأته يصلى , فمن الجائز أنها تلقت ذلك عن بعض الصحابة ممن رآه يصلى فروته عنه دون أن تنسبه إليه , ومثل هذا كثير فى أحاديث الصحابة لأنهم كانوا يصدق بعضهم بعضاً.
وبهذا جمع القاضى عياض فقال بعد أن ذكر هذا الحديث: " والجمع بينه وبين قولها " كان يصليها " أنها أخبرت فى الإنكار عن مشاهدتها , وفى الإثبات عن غيرها ".
وقيل فى الجمع غير هذا فمن شاء فليراجعها فى " الفتح " (3/46) .
وقد جاء فى فضل هذه الأربع ركعات حديث قدسى , فقال صلىّ الله عليه وآله وسلم:(2/215)
" يقول الله عز وجل: ابن آدم لا تعجزنى من أربع ركعات فى أول النهار , أكفك آخره ".
رواه أبو داود (1289) والدارمى (1/338) وأحمد (5/286 و287) عن نعيم بن همار ـ بالمهلمة على الأرجح ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
قلت: وسنده صحيح كما قال النووى فى " المجموع " (4/39) .
قلت: وهو على شرط مسلم.
ورواه أحمد (4/153 و201) من طريق أخرى عن نعيم بن همار عن عقبة بن عامر الجهنى مرفوعاً. وإسناده صحيح أيضاً.
وله شواهد فى " الترغيب " (1/236) , وسيأتى أحدها فى الكتاب رقم (464) .
(463) - (حديث: أنه صلاها صلاها ستا. كما فى حديث جابر بن عبد الله , رواه البخارى فى تاريخه (ص 113) .
* صحيح.
لم أتمكن من استخراجه من التاريخ , لاسيما ولم يطبع منه ـ فيما علمت ـ إلا ثلاثة أجزاء , ولم تطلها يدى الآن [1] وقد أخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/59/1 - من الجمع بينه وبين المعجم الصغير) بسندين عن محمد بن قيس عن جابر بن عبد الله قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أعرض عليه بعيراً لى فرأيته صلى الضحى ست ركعات ".
وإسناده محتمل للتحسين فإن محمد بن قيس هذا أورده ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (4/1/64) وقال: " روى عنه حميد الطويل وحماد بن سلمة " ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " كما قال الهيثمى فى " المجمع " (2/238) , ولم أجده فى نسخة الظاهرية من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/19:
الحديث رواه البخاري فى " تاريخه ": (1/1/212) في ترجمة محمد بن قيس عن جابر به.
ومحمد بن قيس هو المدنى قاص عمر بن عبد العزيز , من رجال التهذيب , وكلام المخرج في ترجمته لا يخفى ما فيه , ولهذا ظن أنه لم يعدله إلا ابن حبان , وقد نقل في " التهذيب " توثيقه عن أبى داود ويعقوب بن سفيان وغيرهما , وقال فى أول ترجمته: " روى عن أبي هريرة وجابر يقال: مرسل ". اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ": (4/1/63) : " عن جابر: مرسل ". اهـ.
وهو غير محمد بن قيس الذي ذكر المخرج ترجمته عن الجرح والتعديل , فإن ذاك بصرى , وذكره فى " التهذيب " للتمييز.
والبخاري وصفه بأنه قاص عمر بن عبد العزيز , وهو الذى ساق الخبر فى ترجمته , فليس هو الذى ترجم له المخرج بيقين , مع أن محمدا البصرى نقل فى " التهذيب " توثيقه عن ابن المدينى ونعته بأنه مكى , والله أعلم.
والمقصود أن قول المخرج: (إسناده محتمل للتحسين) مبني على خفاء أمر محمد بن قيس , ومحمد ثقة كما قدمت , فتبقى علة الإرسال وبالله التوفيق. اهـ.(2/216)
" الثقات ". والله أعلم.
وروى ابن جرير عن مجاهد قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى يوماً ركعتين , ثم يوماً أربعاً , ثم يوماً ستاً , ثم يوماً ثمانيا , ثم ترك يوماً ".
ذكره فى " كنز العمال " (4/283) .
قلت: وهو مرسل , لكنه شاهد لما قبله.
ويشهد له أيضاً حديث أنس بن مالك قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى ست ركعات , فما تركتهن بعد ذلك". رواه الطبرانى فى " الأوسط " من طريق سعيد بن مسلمة الأموى حدثنا عمر بن خالد بن عباد بن عبيد الله بن الربيع عن الحسن عنه.
قال الهيثمى (2/237) : " وسعيد بن مسلمة (الأصل: مسلم) الأموى , ضعفه البخارى وابن معين وجماعة , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال: " يخطىء ".
قلت: والحسن البصرى مدلس وقد عنعن.
وبالجملة فالحديث لا ينزل عن رتبة الحسن إن لم يرق إلى الصحيح لهذه الشواهد. والله أعلم.
ثم رأيت حديث جابر عند الترمذى فى " الشمائل " (2/106) من طريق أخرى عن حكيم ابن معاوية الزيادى حدثنا زياد بن عبيد الله بن الربيع الزيادى عن حميد الطويل عن أنس مرفوعاً بلفظ: " كان يصلى الضحى ست ركعات ".
وهذا سند حسن فى المتابعات , فالحديث صحيح , والله أعلم.(2/217)
(464) - (حديث أم هانىء: " أن النبى صلى الله عليه وسلم عام الفتح صلى ثمان ركعات سبحة الضحى " رواه الجماعة (ص 113) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/102 و280 و296) ومسلم (2/157) وأبو داود (1290و 1291) والنسائى (1/46) والترمذى (2/338) وابن ماجه (1379) وكذا مالك (1/152/27 و28) وأبو عوانة (2/269 و270) والدارمى (1/338 و339) وابن أبى شيبة (2/96/1) وأحمد (6/341 و342 و343 و423 و425) من طرق عن أم هانى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثمان ركعات , ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها , غير أنه كان يتم الركوع والسجود ".
واللفظ للشيخين فى رواية والترمذى وقال: " حديث حسن صحيح ".
وفى لفظ لأبى داود وعنه البيهقى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثمانى ركعات , يسلم من كل ركعتين ".
أخرجه من طريق ابن وهب حدثنى عياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عنها.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , وإن كان ظاهره الصحة فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عياض فتفرد عنه مسلم , ومع ذلك فإن فى حفظه ضعفاً , قال البخارى: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. وضعفه غيرهما , وذكره ابن حبان فى " الثقات ". وفى " التقريب ": " فيه لين ".
قلت: ومما يدل على ذلك قوله فى هذا الحديث:(2/218)
" يسلم بين كل ركعتين " ; فإن هذا لم يقله أحد فى حديث أم هانى على كثرة الطرق عنها , كما أشرنا إليها.
وقد وهم الحافظ ابن حجر رحمه الله فى هذا الإسناد فقال فى " التلخيص " (ص 118) : " رواه أبو داود , وإسناده على شرط البخارى ".
وإنما هو على شرط مسلم وحده , ثم هو ضعيف لما عرفت من حال عياض وتفرده.
وعزاه المنذرى فى " مختصر السنن " (2/1245) بهذا اللفظ لابن ماجه وهو وهم , وعزاه الحافظ فى " الفتح " (3/43) لابن خزيمة من طريق كريب , وهى التى عند أبى داود , والله أعلم.
(465) - (حديث: " قال الله تعالى: ابن آدم اركع لى أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره " رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
* صحيح.
رواه الترمذى فقط (2/340) من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبى الدرداء وأبى ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: " ابنَآدم اركع لى من أول النهار ركعات ... " الحديث.
وقال: " حديث حسن غريب ".
قلت: بل هو صحيح , وإن كان إسناده حسناً , فإن له طريقاً أخرى عن شريح بن عبيد الحضرمى وغيره عن أبى الدرداء مرفوعاً به نحوه.
قلت: وإسناده صحيح , وله شاهد من حديث نعيم بن همار تقدم ذكره منا عند الحديث (455) وهو فى " صحيح أبى داود " (1270) .(2/219)
(466) - (حديث: " صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم (ص 113) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/171) وأبو عوانة (2/270 و271) وأحمد (4/366 و367 و372و 375) من حديث زيد بن أرقم قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء , وهم يصلون الضحى فقال ... فذكره ".
وفى رواية: " أن زيد بن أرقم رأى قوماً يصلون من الضحى فقال: أما لقد علموا أن الصلاة فى غير هذه الساعة أفضل , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... " فذكره.
(467) - (حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين " رواه الجماعة (ص 113) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/293) ومسلم (2/155) وأبو داود (467) والنسائى (1/119) والترمذى (2/129) وابن ماجه (1013) وكذا مالك (1/62/57) والدارمى (1/323 ـ 324) والبيهقى (3/53) وأحمد (5/295 و296 و303و 311) واللفظ للبخارى وكذا مسلم والبيهقى وأحمد.
ولفظ مالك - وهو رواية الآخرين من طريقه -: " ... فليركع ركعتين قبل أن يجلس ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أبو داود فى رواية: " ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته ".
وإسناده صحيح.
وفى رواية لمسلم وأبى عوانة عنه قال:(2/220)
" دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهرانى الناس , قال: فجلست , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ قال: فقلت يا رسول الله رأيتك جالساً , والناس جلوس , قال: فإذا دخل أحدكم المسجد , فلا يجلس حتى يركع ركعتين ".
(468) - (حديث أبى هريرة: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: " يا بلال حدثنى بأرجى عمل عملته فى الإسلام , فإنى سمعت دف نعليك بين يدى فى الجنة " قال: ما عملت عملاً أرجى عندى أنى لم أتطهر طهوراً فى ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لى أن أصلى. متفق عليه (ص 113)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/290) ومسلم (7/146 ـ 147) وكذا أحمد (2/333 و439) من طريق أبى زرعة عنه.
وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً نحوه وفيه: ما أذنت قط إلا صليت ركعتين , وما أصابنى حدث قط إلا توضأت عندها , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بهذا ".
أخرجه الترمذى (2/293) والحاكم (3/285) وأحمد (5/360) عن الحسين بن واقد حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه.
وفى رواية لأحمد (5/354) : " ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو على شرط مسلم فقط , فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخارى.(2/221)
والحديث عزاه المنذرى فى " الترغيب " (1/99) لابن خزيمة فقط فى صحيحه , فقصر.
(469) - (عن قتادة عن أنس فى قوله تعالى: " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ". قال: " كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء ". وكذلك: " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " (1) . رواه أبو داود (ص 113 ـ 114) .
* صحيح.
رواه أبو داود (1321 و1322) وكذا ابن أبى شيبة (2/15/1) والحاكم (2/467) والبيهقى (3/19) من طريق قتادة به.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم , ووافقه الذهبى. وقد تابعه يحيى بن سعيد وهو الأنصارى القاضى عن أنس بلفظ: " إن هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) نزلت فى انتظار هذه الصلاة التى تدعى العتمة ".
أخرجه الترمذى (2/207) وقال: " حديث حسن صحيح غريب , لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
قلت: وإسناده صحيح , ورجاله رجال البخارى غير شيخ الترمذى عبد الله بن أبى زياد وهو ثقة.
وأما قوله: " لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". فقد عرفه أبو داود ومن ذكرنا معه من الوجه الأول.
(470) - (وعن حذيفة قال: " صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم المغرب , فلما قضى صلاته قام فلم يزل يصلى حتى صلى العشاء ثم خرج " رواه أحمد والترمذى (ص 114) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (5/391 و404) - واللفظ له - والترمذى
__________
(1) هكذا الأصل، وليس عند أبي داود ولا عند غيره (عن المضاجع)(2/222)
(2/307) وكذا ابن نصر فى " قيام الليل " (33) من طرق عن إسرائيل: أخبرنى ميسرة بن حبيب عن المنهال عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: " قالت لى أمى: متى عهدك بالنبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلت: ما لى به عهد منذ كذا وكذا , قال: فهمت بى , قلت: يا أمى دعينى حتى أذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فلا أدعه حتى يستغفر لى ويستغفر لك , قال: فجئته فصليت معه المغرب , فلما قضى الصلاة , قام يصلى , فلم يزل يصلى حتى صلى العشاء
, ثم خرج ".
زاد الترمذى: " فتبعته , فسمع صوتى , فقال: من هذا؟ حذيفة؟ قلت: نعم , قال: ما حاجتك غفر الله لك ولأمك ".
وهذا مختصر بينته رواية أحمد الأخرى بلفظ: " فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة. قال: ما لك؟ فحدثته بالأمر , فقال: غفر الله لك ولأمك ".
وللحاكم (3/381) منه الدعاء بالمغفرة , وسكت عليه , وقال الذهبى فى " تلخيصه ":" قلت: صحيح ".
قلت: وهو كما قال , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأورده المنذرى فى " الترغيب " (1/205) - مختصراً - بلفظ: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب , فصلى إلى العشاء ".
وقال: " رواه النسائى بإسناد جيد ".
قلت: ولعله يعنى " السنن الكبرى " للنسائى أو " عمل اليوم والليلة " له , فإنى لم أره فى " الصغرى " له [1] , والله أعلم.
وهكذا رواه مختصراً ابن أبى شيبة (2/15/1) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {الحديث فى السنن الكبرى له 1/157}(2/223)
فصل
(471) - (حديث ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته " متفق عليه (ص 114) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/274 و275) ومسلم (2/88) وكذا أبو عوانة (2/206و 207) وأبو داود (1412) والحاكم (1/222) والبيهقى (2/323) وأحمد (2/217) من طرق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.
وعبيد الله هذا وهو العمرى المصغر وهو ثقة حجة , وقد خالفه أخوه عبد الله العمرى المكبر , فزاد فى متنه التكبير قبل السجود ولا يصح لضعف المكبر كما يأتى بيانه فى الحديث الذى بعده.
(472) - (لقول ابن عمر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد , وسجدنا معه " رواه أبو داود (ص 114) .
* ضعيف.
رواه أبو داود (1413) وعنه البيهقى (2/325) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سند لين - كما قال الحافظ فى " بلوغ المرام " - وعلته عبد الله بن عمر وهو ضعيف , وسكت عليه البيهقى , فتعقبه ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " بقوله:(2/224)
" فى سنده عبد الله بن عمر أخو عبيد الله متكلم فيه , ضعفه ابن المدينى , وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه , وقال ابن حنبل: كان يزيد الأسانيد , وقال صالح بن محمد: لين , مختلط الحديث ".
قلت: وقد خالفه أخوه عبيد الله الثقة , فرواه عن نافع نحوه , ولم يذكر التكبير فيه كما سبق فى الحديث الذى قبله , فدل ذلك على أن ذكر التكبير فيه منكر , كما تقتضيه قواعد علم الحديث. والله أعلم.
(تنبيه) قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 114) : " رواه أبو داود , وفيه العمرى عبد الله المكبر , وهو ضعيف , وخرجه الحاكم
من رواية العمرى أيضاً , لكن وقع عنده مصغراً , وهو ثقة فقال: إنه على شرط الشيخين ".
قلت: الحديث عند الحاكم من رواية العمرى المصغر كما قال الحافظ لكن ليس عنده التكبير , وهو إنما أورده لإثبات مشروعية السجود خارج الصلاة , فإنه قال: " حديث صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه , وسجود الصحابة بسجود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارج الصلاة سنة عزيزة ".
ولذلك ذكرت الحاكم فى جملة من خرج الحديث الأول , وإن كان وهم فى استدراكه إياه على الشيخين.
وقد قلد الحافظ فى الخطأ المذكور الصنعانى فى " سبل السلام " والشوكانى فى " نيل الأوطار " (2/352) وبعض أفاضل المؤلفين فى فقه السنة فى عصرنا.
(473) - (لحديث عطاء: أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنك كنت إمامنا ولو سجدت سجدنا " رواه الشافعى وغيره (ص 115)
* ضعيف.
رواه الشافعى (1/102 من ترتيبه) : أخبرنا إبراهيم بن(2/225)
محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: " أن رجلاً قرأ عند النبى صلى الله عليه وسلم السجدة , فسجد النبى صلى الله عليه وسلم , ثم قرأ آخر عنده السجدة , فلم يسجد النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت , وقرأت عندك السجدة , فلم تسجد فقال النبى صلى الله عليه وسلم: كنت إماماً , فلو سجدتَ سجدتُ ".
قلت: وهذا إسناد واهٍجداً , إبراهيم هذا هو ابن أبى يحيى الأسلمى وهو ضعيف جداً اتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب. لكنه لم يتفرد به فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/173/1) : حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم به نحوه.
ورواه البيهقى (2/324) من طريق هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به.
فهو مرسل صحيح الإسناد , وقال الحافظ فى " الفتح " (2/445) بعد أن ذكره من رواية ابن أبى شيبة: " رجاله ثقات إلا أنه مرسل ".
وقال البيهقى: " وقد رواه إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة موصولاً , وإسحاق ضعيف , وروى عن الأوزاعى عن قرة عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة وهو ضعيف أيضاً , والمحفوظ من حديث عطاء بن يسار مرسل ".
(474) - (حديث أبى بكرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجداً " رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه (ص 115) .
* حسن.
رواه أبو داود (2774) والترمذى (1/299) وابن ماجه (1394) وكذا ابن عدى فى " الكامل " (ق 38/1) والدارقطنى (157) والبيهقى (2/370) من طرق عن بكار بن عبد العزيز بن أبى بكرة عن أبيه عن أبى بكرة به.
وزادوا غير الترمذى: " شكراً لله تبارك وتعالى ".
وقال: " حديث حسن غريب , لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث بكار بن(2/226)
عبد العزيز ".
قلت: وهو ضعيف , قال الذهبى فى " الميزان ": " قال ابن معين: ليس بشىء , وقال ابن عدى: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ثم قال فيه: أرجو أنه لا بأس به , وذكره العقيلى فى " الضعفاء " - ثم ساق له مما أنكر عليه هذا الحديث - ".
قلت: ومن طريقه أخرجه أحمد (5/45) بسنده عن أبى بكرة: " أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشر بظفر جند له على عدوهم , ورأسه فى حجر عائشة رضى الله عنها , فقام فخر ساجداً ثم أنشأ يسأل البشير , فأخبره فيما أخبره به أنه ولى أمرهم امرأة , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: الآن هلكت الرجال إذا أطاعت النساء. هلكت الرجال إذا أطاعت النساء ... ثلاثاً ".
وهكذا أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 38/1) وأبو نعيم فى " تاريخ أصبهان " (2/34) وابن ماسى فى آخر " جزء الأنصارى " (ق 11/1) والحاكم (4/291) : وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو ذهول منه عن حال بكار هذا الذى حكاه فى كتابه " الميزان " كما سبق نقله عنه , فسبحان من لا ينسى.
ومن أجل بكار هذا أوردت الحديث فى " الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (435) وذكرت هناك أنه إنما يصح من الحديث شطر منه بلفظ " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " , فليرجع إليه من شاء.
لكن موضع الشاهد من الحديث وهو السجود شكراً ثابت فقد جاء فيه أحاديث أخرى تشهد لهذا المعنى أذكر بعضها:
1 ـ عن أنس بن مالك(2/227)
" أن النبى صلى الله عليه وسلم بشر بحاجة فخرّساجداً ".
رواه ابن ماجه (1392) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبدة السهمى عنه.
قلت: وهذا سند لا بأس به فى الشواهد فإن رجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سيىء الحفظ.
2 ـ عن سعد بن أبى وقاص قال:
" خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة , فلما كنا قريباً من عزورا نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة , ثم خرّساجداً فمكث طويلاً , ثم قام فرفع يديه , فدعا الله ساعة ثم خرّساجداً , فمكث طويلاً , ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خرّساجدا. ذكره ثلاثاً قال: إنى سألت ربى , وشفعت لأمتى فأعطانى ثلث أمتى فخررت ساجداً لربى شكراً , ثم رفعت رأسى فسألت ربى لأمتى , فأعطانى الثلث الآخر فخررت ساجداً لربى ".
أخرجه أبو داود (2775) وعنه البيهقى (2/370) عن يحيى بن الحسن بن عثمان عن الأشعث بن إسحاق بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه.
قلت: وهذا سند ضعيف , يحيى هذا مجهول , وشيخه الأشعث مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان.
3 ـ عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إنى لقيت جبريل عليه السلام , فبشرنى وقال: إن ربك يقول لك: من صلى عليك , صليت عليه , ومن سلم عليك سلمت عليه , فسجدت لله شكراً.
أخرجه أحمد (1/191) والحاكم (1/550) والبيهقى (2/371) عن سليمان بن بلال حدثنى عمرو بن أبى عمرو عن عاثم بن عمر بن قتادة عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف.
وقال الحاكم:(2/228)
" صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: بل هذا إسناد ضعيف , وفيه علتان:
الأولى: جهالة خال عبد الواحد هذا فقد أورده ابن أبى حاتم (3/1/23) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً وسبقه إلى ذلك البخارى , وأما ابن حبان فأورده فى " الثقات " (1/137) .
الثانية: الاختلاف فيه على عمرو بن أبى عمر , وهو من صدقه قد يهم , فقال عنه سليمان بن بلال عنه هكذا.
وقال يزيد بن عبد الهاد [1] : عن عمرو بن أبى عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرحمن بن عوف به.
وعبد الرحمن هذا هو ابن معاوية بن الحويرث وهو سىء الحفظ كما فى " التقريب " والله أعلم.
ثم وجدت له طريقاً أخرى عن عبد الرحمن بن عوف , عند ابن أبى شيبة (2/123/1)
بسند ضعيف , فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف , ومن طريقه رواه ابن أبى الدنيا وأبو يعلى كما فى " الترغيب " (2/278) فالحديث بالطريقين حسن.
4 ـ عن البراء بن عازب قال:
" بعث النبى صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام , فلم يجيبوه , ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم بعث على بن أبى طالب وأمره أن يقفل خالداً ومن كان معه , إلا رجل ممن كان مع خالد أحب أن يبقى مع على رضى الله عنه فليعقب معه قال البراء: فكنت ممن عقب معه , فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا على رضى الله عنه , وصفنا صفاً واحداً , ثم تقدم
بين أيدينا , فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأسلمت همدان جميعاً , فكتب على رضى الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب , خرّساجداً , ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان , السلام على همدان ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: بن الهاد}(2/229)
أخرجه البيهقى (2/369) من طرق عن أبى عبيدة بن أبى السفر قال: سمعت إبراهيم ابن يوسف بن أبى إسحاق عن أبيه عن أبى إسحاق عن البراء. وقال: " أخرج البخارى صدر الحديث عن إبراهيم بن يوسف , فلم يسقه بتمامه , وسجود الشكر فى تمام الحديث صحيح على شرطه ".
وأقره ابن التركمانى فلم يتعقبه بشىء.
وبالجملة , فلا يشك عاقل فى مشروعية سجود الشكر بعد الوقوف على هذه الأحاديث.
لاسيما وقد جرى العمل عليها من السلف الصالح رضى الله عنهم.
وقد ذكر المؤلف طائفة منهم كما يأتى.
(475) - (حديث: " أن أبا بكر سجد حين جاءه قتل مسيلمة " رواه سعيد (ص 115) .
* ضعيف.
ورواه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/123/1) والبيهقى (2/371) عن أبى عون الثقفى محمد بن عبيد الله عن رجل لم يسمه: " أن أبا بكر لما فتح اليمامة سجد "
ورجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذى لم يسم.
(476) - (حديث أن علياً سجد حين وجد ذا الثدية فى الخوارج " رواه أحمد (ص 115) .
* حسن.
أخرجه أحمد (1/107 ـ 108 و147) عن طارق بن زياد قال: " سار على إلى النهروان , فقتل الخوارج , فقال: اطلبوا , فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سيجىء قوم يتكلمون بكلمة الحق لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , سيماهم أن [1] فيهم رجل أسود مخدج اليد فى يده شعرات سود , إن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس , وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أو}(2/230)
خير الناس , قال: ثم إنا وجدنا المخدج , قال: فخررنا سجوداً , وخرّعلى ساجداً معنا ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف , طارق بن زياد مجهول كما فى " التقريب " , ولم يوثقه غير ابن حبان.
لكنه لم يتفرد بموضع الشاهد منه , فقد أخرجه ابن أبى شيبة (2/173/1) والبيهقى (2/371) عن محمد بن قيس عن رجل يقال له: أبو موسى (يعنى مالك بن الحارث) قال: " كنت مع على , فلما قال: اطلبوه - يعنى: المخدج - فلم يجدوه , فجعل يعرق جبينه ويقول: والله ما كذبت , ولا كذبت , فاستخرجوه من ساقية , فسجد ".
قلت: وهذا ضعيف أيضاً مالك هذا لم يوثقه غير ابن حبان أيضاً.
وتابعه أيضاً ريان بن صبرة الحنفى: " أنه شهد يوم النهروان , قال: وكنت فيمن استخرج ذا الثدية , فبشر به علياً (كذا) قبل أن ننتهى إليه , فانتهينا إليه وهو ساجد فرحاً به ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/123/1) .
قلت: وريان هذا لم يوثقه غير ابن حبان (1/49) . ولكن الحديث قوى بهذه الطرق الثلاث , والله أعلم.
(477) - (حديث: " أن كعب بن مالك سجد لما بشر بتوبة الله عليه " وقصته متفق عليها (ص 115) .
* صحيح.
وهذا القدر رواه ابن ماجه (1393) بإسناد صحيح على شرط الشيخين , عن كعب بن مالك قال: " لما تاب الله عليه خرّساجداً ".(2/231)
وأما القصة بتمامها , فأخرجها البخارى (3/177 ـ 182) ومسلم (8/106 ـ 112) والبيهقى (2/370 و460 و9/33 ـ 36) وأحمد (3/456 ـ 459 و459 ـ 460و 6/387 ـ 390) عن ابن شهاب: أخبرنى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك
أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب ـ من بنيه ـ حين عمى: قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك قال كعب بن مالك.
فصل فى أوقات النهى
(478) - (حديث: " إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتى الفجر " احتج به أحمد (ص 116) .
* صحيح.
روى من حديث أبى هريرة , وابن عمر , وابن عمرو.
أما حديث أبى هريرة , فأخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/58/2 من الجمع بينه وبين المعجم الصغير) : حدثنا أحمد بن يحيى الحلوانى حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصارى حدثنا إسماعيل بن قيس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال: " لم يروه عن يحيى إلا إسماعيل تفرد به أحمد بن عبد الصمد ".
قلت: قال الذهبى: " لا يعرف " وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال: " يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات ".
قلت: وليس الأمر كذلك هنا فإنه يرويه عن إسماعيل بن قيس وهو الأنصارى , قال البخارى والدارقطنى: " منكر الحديث ".
وقال النسائى وغيره: " ضعيف ".
وبه أعل الحديث الهيثمى فى " المجمع " (2/218) وقال: " وهو ضعيف ".(2/232)
وكان حقه أن يعله بابن عبد الصمد أيضاً.
وقد رواه عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب مرفوعاً مرسلاً.
أخرجه البيهقى (2/466) بإسناد صحيح , فمثله حجة عند جميع الأئمة لأن المرسل ثقة إمام , وقد جاء موصولاً من وجوه كما يأتى.
وأما حديث ابن عمر , فأخرجه أبو داود (1278) والترمذى (2/279) والدارقطنى (161) والبيهقى (2/465) وأحمد (2/104) من طرق عن قدامة ابن موسى عن أيوب (وقال بعضهم: محمد) بن حصين عن أبى علقمة عن يسار مولى ابن عمر قال: رآنى ابن عمر وأنا أصلى بعد طلوع الفجر , فقال: يا يسار! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلى هذه الصلاة فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم , لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين ".
وقال الترمذى: " حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى , وروى عنه غير واحد ".
قلت: وهو ثقة كما فى " التقريب " وقد احتج به مسلم ووثقه ابن معين وأبو زرعة وغيرهما فلا تغتر (1) بقول الذهبى فيه: " ذكره البخارى وابن أبى حاتم فسكتا عن حاله , فلا حجة بانفراده ". لأن سكوت الإمامين المذكورين لا يضر بعد توثيق من ذكرنا. على أن نسبة السكوت إلى ابن أبى حاتم لا يصح , بل هو من أوهام الذهبى رحمه الله , فإن ابن أبى حاتم لما ترجم لموسى لم يسكت عنه , بل روى توثيقه عن ابن معين وأبى زرعة كما ذكرنا وإنما علة الحديث من شيخه أيوب بن حصين وقال بعضهم - كما سبقت
__________
(1) كما جرى لبعض المعلقين على "التقريب".(2/233)
الإشارة إليه ـ: محمد بن حصين , والصحيح الأول كما قال البيهقى ومن قبله الدارقطنى , وعكس ذلك ابن أبى حاتم فقال: " محمد أصح ".
قلت: والأول أرجح عندنا , وسواء كان هذا أو ذاك فالرجل مجهول.
ولعله لذلك استغربه الترمذى , والله أعلم.
لكن له عن ابن عمر طرق أخرى:
1 ـ أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 297/2) عن محمد بن الحارث حدثنى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ حديث أبى هريرة إلا أنه قال: " الركعتين قبل المكتوبة ".
وقال ابن عدى: " محمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ ".
قلت: وشيخه فى هذا الحديث محمد بن عبد الرحمن ـ وهو ابن البيلمانى أشد ضعفاً منه , فقد اتهمه ابن عدى وابن حبان , وذهب بعضهم إلى أن الآفة منه فى كل ما يرويه ابن الحارث عنه , والله أعلم.
2 ـ قال الطبرانى فى " الأوسط ": حدثنا عبد الملك بن يحيى بن بكير (حدثني أبي الليث بن سعد) [1] حدثنى محمد بن النبيل الفهرى عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " لا صلاة بعد الفجر إلا الركعتين قبل صلاة الفجر ".
سكت عليه الحافظ الزيلعى ثم ابن حجر فى " الدارية " (ص 58) .
وقال العلامة شمس الحق العظيم آبادى فى " إعلام أهل العصر " (ص 22) : " هذه طريق تقوم بها الحجة ".
قلت: كلا , بل فيها علتان:
الأولى: جهالة ابن النبيل هذا , فقد ترجمه ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (4/1/108) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , بل أشار إلى أنه لم يسمع من ابن عمر , فقال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: حدثنى أبى حدثنا الليث بن سعد}(2/234)
" روى عن ابن عمر , وأدخل يحيى بن أيوب بينه وبين ابن عمر أبا بكر بن يزيد بن سرجس ".
وأما ابن حبان فأورده فى " الثقات " (1/209) !
الثانية: عبد الملك بن يحيى لم أجد له ترجمة.
3 ـ ثم روى الطبرانى من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن ابن عمر به , وقال: " تفرد به عبد الله بن خراش ".
قلت: وهو متروك.
4 ـ وروى الطبرانى فى " المعجم الكبير " من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق عن أبى بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به.
قلت: وهذا إسناده واهٍجداً , فإن أبا بكر هذا هو ابن عبد الله بن محمد بن أبى سبرة سمع منه عبد الرزاق قال النسائى: متروك , وقال أحمد: كان يضع الحديث.
وأما حديث ابن عمرو , فأخرجه ابن أبى شيبة (2/76/1) وابن نصر فى " قيام الليل " (ص 79) والدارقطنى (ص 91 و161) والبيهقى من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقى عن عبد الله بن يزيد أبى عبد الرحمن الحبلى عنه مرفوعاً بلفظ: " لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتى الفجر ".
وقال البيهقى: " فى إسناده من لا يحتج به ".
قلت: يعنى الأفريقى هذا.
وقال الهيثمى فى " المجمع ":(2/235)
" رواه البزار والطبرانى فى الكبير وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم واختلف فى الاحتجاج به ".
ومنه تعلم أن قول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى فى تعليقه على الترمذى (2/280) أنه إسناد صحيح , غير صحيح , ولو أنه قال: حديث صحيح بالنظر إلى مجموع هذه الطرق لما أبعد , على أنه لا يفوتنا التنبيه إلى أن بعض هذه الطرق لا يستشهد بها لشدة ضعفها , فالاعتماد على سائر الطرق التى خلت من متهم أو واهٍ. جدا , والله أعلم.
(فائدة) : روى البيهقى بسند صحيح عن سعيد بن المسيب: أنه راى رجلاً يصلى بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين , يكثر فيها الركوع والسجود , فنهاه , فقال: يا أبا محمد! يعذبنى الله على الصلاة؟ ! قال: لا , ولكن يعذبك على خلاف السنة.
وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى , وهو سلاح قوى على المبتدعة الذين يستحسنون كثيراً من البدع باسم أنها ذكر وصلاة , ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم , ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة! ! وهم فى الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة فى الذكر والصلاة ونحو ذلك.
(479) - (حديث أبى سعيد مرفوعاً: " لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " متفق عليه (ص 116) .
* صحيح.
رواه البخارى (1/155/466) ومسلم (2/207) وكذا أبو عوانة (1/380 ـ 381) والنسائى (1/66) وأحمد (3/95) من طريق عطاء بن يزيد عن أبى سعيد الخدرى به.
ورواه أبو داود (2417) وابن ماجه (1249) والدارقطنى (91) والبيهقى (2/452) والطيالسى (2242) وأحمد أيضاً (3/6 و7 ـ 8 و45 و53 و59(2/236)
و 64و 66 و67 و71 و73 و96) من طرق أخرى عن أبى سعيد به.
وفى الباب عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبى هريرة فى الصحيحين وغيرهما ولفظ حديث ابن عمر: " لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها , فإنها تطلع بين قرنى شيطان ".
(تنبيه) قوله فى حديث أبى سعيد: " ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " مخصص بما إذا كانت الشمس مصفرة , وأما إذا كانت بيضاء نقية فالصلاة حينئذ مستثناة من النهى بدليل حديث على رضى الله عنه مرفوعاً بلفظ: " نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة ".
أخرجه أبو داود والنسائى والبيهقى والطيالسى وأحمد وغيرهم بسند صحيح , وقد صححه ابن حزم والحافظ العراقى والعسقلانى وغيرهما , وقد تكلمت على الحديث فى " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (200) و" صحيح أبى داود " (1196) .
وفى معنى حديث ابن عمر: حديث عمرو بن عتبة الطويل فى إسلامه , وزاد بعد قوله " قرنى شيطان ": " وحينئذ يسجد لها الكفار ".
وقال فى تعليل النهى عن الصلاة عند استواء الشمس وسط السماء: " فإنه حينئذ تسجر جهنم ".
أخرجه مسلم (2/208 ـ 209) والنسائى (1/97 ـ 98) وابن ماجه وغيرهم.
وأخرج النسائى (1/96) عن أبى أمامة , سمعت عمرو بن عتبة به.(2/237)
وله شاهد مرسل من حديث عبد الله الصنابحى مرفوعاً نحوه إلا أنه قال: " ثم إذا استوت قارنها , فإذا زالت فارقها ".
فهذا منكر لمخالفته لحديث عمرو بن عتبة: " فإن حينئذ تسجر جهنم ".
أخرجه مالك (1/219/44) وعنه النسائى (1/95) وابن ماجه (1253) إلا أنه قال: أبى عبد الله الصنابحى.
قال الحافظ فى " التقريب ": " عبد الله الصنابحى مختلف فى وجوده , فقيل صحابى مدنى , وقيل هو أبو عبد الله الصنابحى عبد الرحمن بن عسيلة الآتى ".
قلت: فإن يكن هو فتابعى ثقة , فالحديث مرسل مع النكارة التى فيه.
(480) - (حديث عقبة بن عامر: " ثلاث ساعات كان النبى صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيهن , أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع , وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس , وحين تضيف للغروب حتى تغرب " رواه مسلم (ص 116) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/208) وكذا أبو عوانة (1/386) وأبو داود (3192) والنسائى (1/95 و283) والترمذى (1/192) والدارمى (1/332) وابن ماجه (1519) والطحاوى (1/90) والبيهقى (2/454) وابن أبى شيبة (2/75/2) وأحمد (4/152) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(481) - (حديث جبير مرفوعاً: " يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة من ليل أو نهار " رواه الأثرم والترمذى وصححه (ص 116) .(2/238)
* صحيح.
رواه الترمذى (1/164) وكذا النسائى (1/98 و2/36) والدارمى (2/70) وابن ماجه (1254) والدارقطنى (162) والحاكم (1/448) والبيهقى (2/461) وأحمد (4/80) عن سفيان بن عيينة عن أبى الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم به , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , وقد صرح أبو الزبير بالسماع فى رواية النسائى وغيره.
وتابعه ابن جريج قال: أنبأنا أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن باباه به.
أخرجه أحمد (4/81 و84) , وهو صحيح أيضاً.
وتابعه عبد الله بن أبى نجيح عن عبد الله بن باباه به.
أخرجه أحمد (4/82 و83) عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن أبى نجيح به.
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم معروفون غير عبد الله بن أبى نجيح , واسم أبى نجيح يسار مولى ابن عمر , وقد روى عنه جماعة من الثقات وذكره ابن حبان فى " الثقات ".
(482) - (حديث أم سلمة: " أنه صلى الله عليه وسلم قضاهما - يعنى الركعتين اللتين قبل الظهر - بعد العصر " متفق عليه (ص 117) .
* صحيح.
وقد سبق تخريجه ولفظه برقم (434) .
(483) - (حديث أبى ذر مرفوعاً: " صل الصلاة لوقتها فإن أقيمت وأنت فى المسجد فصل , ولا تقل: إنى صليت فلا أصلى ". رواه أحمد ومسلم (ص 117) .(2/239)
* صحيح.
رواه أحمد (5/147 و160 و168) ومسلم (2/121) وأبو عوانة (2/356) من طرق عن أبى العالية عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر به نحوه , ولفظ الكتاب مركب من روايتين:
الأولى: من طريق بديل بن ميسرة قال: سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذى: " كيف أنت إذا بقيت فى قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قال: ما تأمر؟ قال: صل الصلاة لوقتها , ثم اذهب لحاجتك , فإن أقيمت الصلاة وأنت فى المسجد فصل "
الأخرى: من طريق أيوب عن أبى العالية البراء قال: " أخر ابن زياد الصلاة , فجاءنى عبد الله بن الصامت , فألفيت [1] له كرسياً فجلس عليه , فذكرت له صنيع ابن زياد , فعض على شفتيه وضرب فخذى وقال: إنى سألت أبا ذر كما سألتنى , فضرب فخذى كما ضربت فخذك وقال: إنى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فضرب فخذى كما ضربت فخذك , وقال: صل الصلاة لوقتها , فإن أدركتك الصلاة معهم فصل , ولا تقل: إنى قد صليت , فلا أصلى " - والسياق لمسلم -.
وفى رواية له من طريق أبى عمران الجونى عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرنى؟ قال: صل الصلاة لوقتها , فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة (زاد فى رواية) : وإلا كنت قد أحرزت صلاتك ".
وأخرجها أحمد أيضاً (5/149 و163 و169) .
(484) - (حديث: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " متفق عليه (ص 117) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: فألقيت}(2/240)
* صحيح.
وقد سبق تخريجه (266) .
(485) - (حديث على رضى الله عنه: " كان صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته ثم يخرج فيقرأالقرآن ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه , وربما قال: لا يحجزه من القرآن شىء ليس الجنابة " رواه الخمسة (ص 117) .
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (229) والنسائى (52/1) والترمذى (1/273 ـ 274) وابن ماجه (594) وأحمد (1/84 و124) وهؤلاء هم الخمسة ـ ورواه أيضاً الطيالسى (101) والطحاوى (1/52) وابن الجارود فى " المنتقى " (52 ـ 53) والدارقطنى (ص 44) وابن أبى شيبة (1/36/1 و37/1) والحاكم (1/152 ـ 4/107) وابن عدى فى " الكامل " (ق 214/2) والبيهقى (1/88 - 89) كلهم من طرق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: أتيت على على رضى الله عنه أنا ورجلان , فقال: " ... فذكره ".
والسياق لأحمد إلا أنه قدم " لا يحجزه " على " لا يحجبه ".
وهو عند الترمذى مختصر بلفظ: " كان يقرئنا القرآن على كل حال مالم يكن جنباً " وهو رواية ابن أبى شيبة وغيره. وزاد ابن الجارود: " وكان شعبة يقول فى هذا الحديث: نعرف وننكر , يعنى أن عبد الله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو ".
ففى هذا النص إشارة إلى أن ابن سلمة كان تغير حفظه فى آخر عمره , وأن عمرو بن مرة إنما روى عنه فى هذه الحالة , فهذا مما يوهن الحديث ويضعفه وقد صرح بذلك جماعة من الأئمة , فقال المنذرى فى " مختصر السنن " (1/156) : " ذكر أبو بكر البزار أنه لا يروى عن على إلا من حديث عمرو بن مرة عن(2/241)
عبد الله ابن سلمة.
وحكى البخارى عن عمرو بن مرة: كان عبد الله ـ يعنى ابن سلمة ـ يحدثنا فنعرف وننكر , وكان قد كبر , لا يتابع على حديثه , وذكر الإمام الشافعى رضى الله عنه هذا الحديث وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
قال البيهقى: " وإنما توقف الشافعى فى ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفى , وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة , وإنما روى هذا الحديث بعدما كبر قاله شعبة ".
وذكر الخطابى أن الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه كان يوهن حديث على هذا ويضعف أمر عبد الله بن سلمة ".
وخالف هؤلاء الأئمة آخرون , فقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
وصححه أيضاً ابن السكن وعبد الحق والبغوى فى " شرح السنة " كما فى " التلخيص " للحافظ ابن حجر.
وتوسط فى " الفتح " فقال (1/348) : " رواه أصحاب السنن , وصححه الترمذى وابن حبان , وضعف بعضهم [أحد] رواته ,
والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة ".
هذا رأى الحافظ فى الحديث , ولا نوافقه عليه , فإن الراوى المشار إليه وهو عبد الله بن سلمة قد قال الحافظ نفسه فى ترجمته من " التقريب ": " صدوق تغير حفظه ".
وقد سبق أنه حدث بهذا الحديث فى حالة التغير فالظاهر هو أن الحافظ لم يستحضر ذلك حين حكم بحسن الحديث , والله أعلم.
ولذلك لما حكى النووى فى " المجموع " (2/159) عن الترمذى تصحيحه للحديث تعقبه بقوله: " وقال غيره من الحفاظ المحققين: هو حديث ضعيف ".
ثم نقل عن الشافعى والبيهقى ما ذكره المنذرى عنهما.
وما قاله هؤلاء المحققون هو الراجح عندنا لتفرد عبد الله بن سلمة به(2/242)
وروايته إياه فى حالة تغيره.
وأما ما ادعاه بعض العلماء المعاصرين أنه قد توبع فى معنى حديثه هذا عن على
فارتفعت شبهة الخطأ , ثم ذكر ما روى أحمد (1/110) حدثنا عائذ بن حبيب: حدثنى عامر بن السمط عن أبى الغريف قال: " أتى على رضى الله عنه بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثاً , وغسل وجهه ثلاثاً , وغسل يديه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً , ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ , ثم قرأ شيئاً من القرآن , ثم قال: هذا لمن ليس بجنب , فأما الجنب فلا , ولا آية ".
ثم قال: " هذا إسناد صحيح جيد ". ثم تكلم على رجاله بما خلاصته أنهم ثقات.
فالجواب من وجوه:
الأول: إننا لا نسلم بصحة إسناده لأن أبا الغريف هذا لم يوثقه غير ابن حبان وعليه اعتمد المشار إليه فى تصحيح إسناده , وقد ذكرنا مراراً أن ابن حبان متساهل فى التوثيق فلا يعتمد عليه , لاسيما إذا عارضه غيره من الأئمة , فقد قال أبو حاتم الرازى: " ليس بالمشهور. قيل: هو أحب إليك أو الحارث الأعور؟ قال: الحارث أشهر , وهذا قد تكلموا فيه , وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة ".
قلت: وأصبغ هذا لين الحديث عند أبى حاتم , ومتروك عند غيره , فمثل هذا لا يحسن حديثه فضلاً عن أن يصحح!
الثانى: أنه لو صح فليس صريحاً فى الرفع أعنى موضع الشاهد منه وهو قوله: " ثم قرأ شيئاً من القرآن ... ".
الثالث: لو كان صريحاً فى الرفع فهو شاذ أو منكر لأن عائذ بن حبيب وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن عدى: " روى أحاديث أنكرت عليه ".(2/243)
قلت: ولعل هذا منها , فقد رواه من هو أوثق منه وأحفظ موقوفاً على على , أخرجه الدارقطنى (44) عن يزيد بن هارون حدثنا عامر بن السمط أبو الغريف الهمدانى قال: " كنا مع على فى الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة , فوالله ما أدرى أبولاً أحدث أو غائطاً , ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه , ثم قبضهما إليه , ثم قرأ صدراً من القرآن , ثم قال: اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة , فإن أصابته جنابة فلا ولا حرفاً واحدا ".
وقال الدارقطنى: " هو صحيح عن على " يعنى موقوفاً.
قلت: وكذلك رواه موقوفاً شريك بن عبد الله القاضى عند ابن أبى شيبة (1/36/2) والحسن بن حى وخالد بن عبد الله عند البيهقى (1/89 و90) ثلاثتهم عن عامر بن السمط به مختصراً موقوفاً عليه فى الجنب قال: لا يقرأ القرآن ولا حرفاً.
فتبين من هذا التحقيق أن الراحج فى حديث هذا المتابع , أنه موقوف على على , فلو صح عنه لم يصلح شاهداً للمرفوع , بل لو قيل: إنه علة فى المرفوع , وأنه دليل على أن الذى رفعه وهو عبد الله بن سلمة أخطأ فى رفعه لم يبعد عن الصواب. والله تعالى أعلم.
(فائدة) : قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 51) : " قال ابن خزيمة: لا حجة فى هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة , لأنه ليس فيه نهى , وإنما هى حكاية فعل , ولا النبى صلى الله عليه وسلم أنه إنما امتنع من ذلك لأجل الجنابة.
وذكر البخارى عن ابن عباس أنه لم يرَبالقراءة للجنب بأساً , وذكر فى الترجمة قالت عائشة: كان النبى صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ".
قلت: وحديث عائشة وصله مسلم وغيره.
وأثر ابن عباس وصله ابن المنذر بلفظ: "(2/244)
إن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب ".
كما فى " الفتح " وذكر أن البخارى والطبرى وابن المنذر ذهبوا إلى جواز قراءة القرآن من الجنب واحتجوا بعموم حديث عائشة المذكور.
قلت: وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنى كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر , أو قال: على طهارة ". صريح فى كراهة قراءة الجنب لأن الحديث ورد فى السلام كما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح , فالقرآن أولى من السلام كما هو ظاهر , والكراهة لا تنافى الجواز كما هو معروف , فالقول بها لهذا الحديث الصحيح واجب وهو أعدل الأقوال إن شاء الله تعالى.
باب صلاة الجماعة
(486) - (حديث أبى هريرة مرفوعاً: " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر , ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا , ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلاً يصلى بالناس , ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " متفق عليه (ص 118) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/170) ومسلم (2/123) والسياق له وكذا أبو عوانة (2/5) والبيهقى (3/55) وابن أبى شيبة (1/131/1) وأحمد (2/424 و531) كلهم من طريق الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة به.
وزاد أحمد فى رواية بعد قوله " حبوا ": " ولو علم أحدكم أنه إذا وجد عرقاً من شاة سمينة أو مرماتين حسنتين لأتيتموهما أجمعين " وإسناده صحيح.
وأخرج ما قبل هذه الزيادة الدارمى (1/291) وابن ماجه (797) وأحمد فى رواية (2/466 و472) , وأخرج ما بعدها أبو داود (548) .(2/245)
وأخرجهما معاً أحمد (2/479 ـ 480) وإسناده صحيح أيضاً.
وللحديث طرق أخرى:
فأخرجه مالك (1/129/3) وعنه البخارى (1/168) ومسلم وأبو عوانة والنسائى (1/135) وابن الجارود (154) والبيهقى كلهم عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة به دون ما قبل قوله " ولقد همت [1] ... " وفيه الزيادة.
وأخرجه أحمد (2/386) من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة به وزاد فى آخره: " ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبوا " وإسناده جيد.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة عن همام بن منبه: حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصة الهم فقط.
وهما وكذا أبو داود والترمذى (1/422) عن يزيد بن الأصم عن أبى هريرة بهذه القصة , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(487) - (حديث: " أنه لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلى فى بيته قال: هل تسمع النداء؟ فقال: نعم , قال: فأجب " رواه مسلم (ص 118) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: " أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد , فسأل النبى صلى الله عليه وسلم أن يرخص له , فيصلى فى بيته , فرخص له , فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم , قال: فأجب ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: هممت}(2/246)
أخرجه مسلم (2/124) وكذا أبو عوانة (2/6) والنسائى (1/136) والبيهقى (3/57) من طريق يزيد بن الأصم عنه.
وله طريق أخرى , رواه ابن أبى شيبة (1/137/1) عن أبى رزين عن أبى هريرة نحوه.
وله شاهد من حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم الحديث نحوه
أخرجه أبو داود (552 و553) وغيره بإسنادين صحيحين عنه. وقد خرجته وتكلمت عليه فى " صحيح أبى داود " (561 و562) .
(488) - (وعن ابن مسعود قال: " لقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق " رواه مسلم وغيره (ص 118) .
* صحيح.
ولفظه بتمامه: " من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن , فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى , وإنهن من سنن الهدى , ولو أنكم صليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف فى بيته لتركتم سنة نبيكم , ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم , وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور , ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة , ويرفعه بها درجة , ويحط عنه بها سيئة , ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق , ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام فى الصف "
أخرجه مسلم (2/124) وأبو عوانة (2/7) وأبو داود (550) والنسائى (1/136) وابن ماجه (777) والبيهقى (3/58 ـ 59) والطيالسى (313) وأحمد (1/382 و414 ـ 415 و455) من طرق عن أبى الأحوص عن ابن مسعود به موقوفاً عليه.
وليس عند أبى داود ما بعد قوله " لضللتم " وقال بدلها: " لكفرتم " وهى رواية ضعيفة منكرة لمخالفتها السائر الرواة.(2/247)
(489) - (حديث أبى موسى مرفوعاً: " اثنان (1) فما فوقهما جماعة " رواه ابن ماجه (ص 118)
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (972) وكذا الطحاوى (1/182) والدارقطنى (ص 105) والبيهقى (3/69) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (8/415 و11/45 ـ 46) وابن عساكر (15/95/2) عن الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عمرو بن جراد عن أبى موسى
به , وقال البيهقى: " رواه جماعة عن الربيع بن بدر وهو ضعيف ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 62/2) : " هذا إسناد ضعيف لضعف الربيع ووالده بدر بن عمرو ".
قلت: بدر لم يضعفه أحد , وإنما علته أنه لا يعرف , قال الذهبى: " لا يدرى حاله , فيه جهالة ".
وقال الحافظ ابن حجر: " مجهول ".
قلت: ومثله عمرو بن جراد جد الربيع , فالإسناد واهٍجداً.
وقد روى الحديث عن ابن عمرو بن العاص وأبى أمامة والحكم بن عمير الثمالى , وأنس بن مالك , والوليد بن أبى مالك مرسلاً.
أما حديث ابن عمرو , فهو من طريق عثمان بن عبد الرحمن المدنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , أخرجه الدارقطنى.
__________
(1) الأصل (الإثنان) والتصويب من ابن ماجه وغيره.(2/248)
قلت: وهذا إسناده واهٍجدا أيضا ;ًفإن المدنى هذا متروك وكذبه ابن معين كما فى " التقريب ".
وأما حديث أبى أمامة , فهو من رواية عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عنه مرفوعاً. أخرجه أحمد (5/254 و269) .
قلت: وهذا سند واهٍفإن عبيد الله بن زحر وعلى بن يزيد الألهانى ضعيفان.
وأما حديث الحكم بن عمير فهو من رواية بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبى حبيب قال: سمعت الحكم بن عمير الثمالى ـ وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ـ يقول. فذكره مرفوعاً.
أخرجه ابن سعد (7/415) وابن عدى (ق 306/1) وقال: " عيسى بن إبراهيم بن طهمان عامة رواياته لا يتابع عليه ".
قلت: هو واهٍجداً , فقد قال البخارى فيه: " منكر الحديث ". والنسائى: " متروك الحديث ".
وأما حديث أنس فيرويه سعيد بن زربى حدثنا ثابت عنه مرفوعاً بلفظ: الإثنان جماعة , والثلاثة جماعة , وما كثر فهو جماعة ".
أخرجه البيهقى وقال: " ضعيف ".
قلت: وعلته سعيد هذا وهو واهٍجداً , قال البخارى: " عنده عجائب "
وكذا قال أبو حاتم وزاد: " من المناكير " وقال النسائى: " ليس بثقة ".
وقال ابن حبان: " كان يروى الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته ".(2/249)
وأما حديث الوليد بن أبى مالك فهو عند الإمام أحمد (5/269) قال: " حدثنا هشام بن سعيد حدثنا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن الوليد بن أبى مالك قال: دخل رجل المسجد , فصلى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه؟ قال: فقام رجل فصلى معه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان جماعة ".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات فهو صحيح لولا أنه مرسل فإن الوليد ـ وهو ابن عبد الرحمن بن أبى مالك ـ تابعى مات سنة (125) .
وقد صح الحديث موصولاً من طريق أخرى عن أبى سعيد الخدرى وغيره نحو هذا , لكن ليس فيه قوله " هذان جماعة " كما سيأتى فى " الإمامة " رقم (535) .
والخلاصة أن الحديث ضعيف من جميع طرقه , وليس فيها ما يقوى بعضه بعضاً لشدة ضعفها جميعها , وخيرها المرسل , فلو وجدنا فى تلك الموصول ما فيه ضعف يسير لحكمنا بقوته , ولذلك قال الحافظ فى " تخريج المختصر ": " حديث غريب , وقد جاء من رواية أبى موسى وأبى أمامة وأنس {و} عبد الله بن عمرو ابن العاص , وأسانيدها كلها ضعيفة ".
وقال فى موضع آخر كما فى " الفيض ": " اتفقوا على تضعيفه ".
وقال القسطلانى فى " شرح البخارى ": " طرقه كلها ضعيفة ".
قلت: لكن يشهد لصحة معناه كما أشار إليه المؤلف الحديث الآتى بعده.
(490) - (وقال صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: " وليؤمكما أكبركما ".
* صحيح.
وهو قطعة من حديث لمالك بن الحويرث تقدم برقم (215) .(2/250)
(491) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد " (ص 119) .
* ضعيف.
وقد روى عن أبى هريرة , وجابر بن عبد الله وعائشة مرفوعاً , وعن على موقوفاً.
أما حديث أبى هريرة , فهو من رواية سليمان بن داود اليمامى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عنه.
أخرجه الدارقطنى (161) والحاكم (1/246) والبيهقى (3/57) وقال: " وهو ضعيف ".
قلت: وعلته من اليمامى هذا فإنه واهٍجداً , قال البخارى: " منكرالحديث " (1) .
وقال ابن معين: " ليس بشىء ".
وأما حديث جابر: فقال الدارقطنى: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمى حدثنا أبو السكين الطائى زكريا بن يحيى.
وحدثنا محمد بن مخلد حدثنا جنيد بن حكيم حدثنا أبو السكين الطائى حدثنا محمد ابن سكين الشقرى المؤذن حدثنا عبد الله بن بكير الغنوى عن محمد بن سوقة عن محمد ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: فقد النبى صلى الله عليه وسلم قوماً فى صلاة الفجر , فقال: ما خلفكم عن الصلاة؟ قالوا: لحاء كان بيننا فقال: فذكره وقال الدارقطنى: هذا لفظ ابن مخلد , وقال أبو حامد: " لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأتِإلا من علة ".
قلت: وبهذا اللفظ الثانى رواه الدولابى فى " الكنى والأسماء "
__________
(1) أي لا تحل الرواية عنه , كما هو اصطلاح البخاري.(2/251)
(1/197) معلقاً والعقيلى فى " الضعفاء " (383) بإسناده عن محمد بن سكين به وقال: " محمد بن سكين , قال البخارى: فى إسناده نظر ". يعنى أنه متهم , كما هو معروف عن البخارى.
ثم قال العقيلى: " هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه صالح ".
قلت: يعنى اللفظ الثانى , وهو كما قال , وهو من حديث ابن عباس وسيأتى قبيل " صلاة أهل الأعذار " رقم () .
وأما حديث عائشة , فهو من رواية عمر بن راشد عن ابن أبى ذئب عن الزهرى عن عروة عنها مرفوعاً.
أخرجه ابن حبان فى " الضعفاء " وقال: " عمر لا يحل ذكره إلا بالقدح "
قلت: ولذلك أورده ابن الجوزى فى " الموضوعات " من طريق ابن حبان معتمداً عليه فيما جرح به عمر. وتعقبه السيوطى فى " اللآلى " (2/16) بقوله: " قلت: قد وثقه العجلى وغيره , وروى له الترمذى وابن ماجه ".
قلت: وهذا تعقب مردود من وجهين:
الأول: أن السيوطى ظن (1) أن عمر بن راشد هو اليمامى فهو الذى روى له من ذكر السيوطى وقال فيه العجلى: " لا بأس " , وليس به , بل هو عمر بن راشد الجارى فإنه يروى عن ابن عجلان ومالك وغيرهما من طبقة ابن أبى
__________
(1) وجاراه في ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/99ـ100) .(2/252)
ذئب , فهو يروى عن أتباع التابعين. وأما اليمامى فإنه أعلى طبقة من هذا , فإنه يروى عن نافع وغيره من التابعين. ثم تأكدت مما ذكرته حين رجعت إلى " التهذيب " فوجدته قد ذكر فى شيوخ الجارى ابن أبى ذئب , شيخه فى هذا الحديث , فثبت أنه هو وليس كما توهم السيوطى. وإذا كان الأمر كذلك , فالجارى هذا متفق على تضعيفه , بل قال فيه الدارقطنى: " كان يتهم بوضع الحديث على الثقات " , وقال الحاكم وأبو نعيم: " يروى عن مالك أحاديث موضوعة ".
الثانى: أنه لو كان هو اليمامى فلا اعتداد بتوثيق العجلى له , لأنه قد خالفه من هو أعلم منه بالجرح والتعديل وأكثر كأحمد وابن معين والبخارى وغيرهم كثير , كلهم أطبقوا على توهين شأنه , بل قال فيه ابن حبان ما عرفت وقال النسائى: ليس بثقة. والجرح مقدم على التعديل كما هو معروف , فسقط بذلك تعقب السيوطى على ابن الجوزى.
نعم تعقبه إياه بطريق أبى هريرة وجابر وارد. ولذلك سلمه له العلامة ابن عراق فى " تنزيه الشريعة المرفوعة " (2/100) فقال:
" وممن حكم على هذا الحديث بالوضع العلامة رضى الدين الصنعانى فى جزئه الذى جمع فيه ما وقع فى " الشهاب " للقضاعى , و" النجم " للأفليشى من الأحاديث الموضوعة. ورده الحافظ أبو الفضل العراقى فى جزء له تعقب فيه على الصنعانى فى أحاديث , فقال: أخرجه الحاكم فى مستدركه من حديث أبى هريرة , ثم قال: واعترض غير واحد من الحفاظ على الحاكم فى تصحيحه بأن إسناده ضعيف , ثم قال: وإن كان فيه ضعف فلا دليل على كونه موضوعاً ".
قلت: والاعتراض المذكور على الحاكم غير وارد عليه , لسببين:
الأول: أنه لم يصححه.
الثانى: أنه إنما أورده شاهداً لحديث ابن عباس الآتى , وقد سبقت الإشارة إليه. وهم يتساهلون فى الشواهد كما هو معلوم. لكن الاعتراض يمكن(2/253)
توجيهه على الحاكم فى صورة أخرى , بأن يقال: إنه لا يصلح شاهداً لشدة ضعفه كما سبق , فقد قال ابن الصلاح وتبعه جماعة: " لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن يكون حسناً لأن الضعف يتفاوت , فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين ". (1)
قلت: وهذا الحديث من هذا القبيل , فإن فى الطريقين الأوليين متهمين , وفى الثالث وضاعا. فمن حسن الحديث من المعاصرين فقد غفل عن القاعدة التى نقلناها عن ابن الصلاح , وأمثاله كثيرون ممن يغفل عن ذلك! ولذلك قال الحافظ فى تخريج الحديث من " التلخيص " (123) : " مشهور بين الناس , وهو ضعيف , ليس له إسناد ثابت , أخرجه الدارقطنى عن جابر وأبى هريرة , وفى الباب عن على وهو ضعيف أيضاً ".
قلت: أما حديث على فهو موقوف كما ذكرنا فى صدر الكلام خلافاً لما أوهمه كلام الحافظ رحمه الله تعالى. وهو من رواية أبى حيان عن أبيه عن على. قيل له: ومن جار المسجد؟ قال: من أسمعه المنادى. أخرجه البيهقى (3/57) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف علته والد أبى حيان واسمه سعيد بن حيان , قال الذهبى: " لا يكاد يعرف , وعنه ولده , روى له الترمذى حديثاً عن على وقال فيه: غريب ".
وأما قول الحافظ فى " تخريج الهداية " بعد أن عزاه للشافعى: " ورجاله ثقات " فإنما عمدته فى ذلك توثيق ابن حبان وكذا العجلى لسعيد بن حيان , وهما من المعروفين بالتساهل فى التوثيق , فلا يطمئن القلب لتفردهما بالتوثيق وكأنه
__________
(1) انظر "الباعث المثبت" (43)(2/254)
لذلك ضعف الحافظ حديث على هذا كما تقدم , والله أعلم.
(تنبيه) : قال المناوى فى آخر كلامه على هذا الحديث: " ومن شواهده حديث الشيخين: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر "
وهذا خطأ من وجهين:
الأول: أن الحديث ليس عند الشيخين , وإن كان صحيحاً كما سيأتى تحقيقه فى المكان الذى سبق أن أشرنا إليه.
الآخر: أن شهادته قاصرة لأنه أعم , والمشهود له أخص فإنه يفيد ـ لو صح ـ أن الواجب على جار المسجد أن يصلى فيه لا فى غيره من المساجد , وهذا مما لا يدعيه هذا الشاهد فتأمل.
(492) - (وقال ابن مسعود: " من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن " الحديث , رواه مسلم (ص 119) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث طويل عن ابن مسعود موقوفاً عليه تقدم قبل ثلاثة أحاديث.
(493) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها " رواه أبو داود والدارقطنى (ص 199) .
* حسن.
رواه أبو داود (592) وابن الجارود فى " المنتقى " (169) والدارقطنى (154 ـ 155) والحاكم (1/203) والبيهقى (3/130) وأحمد (6/405) وأبو القاسم الحامض فى " المنتقى من حديثه " (ج 3/9/2) وأبو على الصواف فى " حديثه " (89 ـ 91) من طريق الوليد بن جميع قال: حدثتنى جدتى وعبد الرحمن ابن خلاد الأنصارى عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارى وكانت قد جمعت القرآن , وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل(2/255)
دارها , وكان لها مؤذن , وكانت تؤم أهل دارها - واللفظ لأحمد -.
قلت: وهذا إسناد حسن , الوليد بن جميع احتج به مسلم كما قال الحاكم ووافقه الذهبى , وأما جدته واسمها ليلى بنت مالك كما فى رواية الحاكم فلا تعرف كما قال الحافظ فى " التقريب " , وأما عبد الرحمن بن خلاد فمجهول الحال , وأورده ابن حبان فى " الثقات " على قاعدته! لكن هو مقرون بليلى فأحدهما يقوى رواية الآخر , لا سيما والذهبى يقول فى " فصل النسوة المجهولات ": " وما علمت فى النساء من اتهمت , ولا من تركوها ".
ولعل هذا هو وجه إقرار الحافظ ابن حجر فى " بلوغ المرام " تصحيحه ابن خزيمة للحديث , مع أنه أعله فى " التلخيص " (ص 121) بقوله: " وفى إسناده عبد الرحمن بن خلاد وفيه جهالة ".
وذهل عن متابعة ليلى إياه , وإلا لذكرها وبين حالها كما فعل بمتبوعها ابن خلاد وكأنه اعتمد على رواية لأبى داود , فإنها لم تذكر فيها , وعكس ذلك الدارقطنى وأحمد فى رواية له فذكراها دون ابن خلاد.
والحديث أعله المنذرى بالوليد بن عبد الله , وقد رددته عليه فى " صحيح أبى داود " (605) , بما خلاصته أن مسلماً احتج به كما سبق , وأن جماعة وثقوه كابن معين وغيره , ونقل صاحب " التعليق المغنى " عن العلامة العينى أنه قال: " حديث صحيح ".
والحق أنه حسن , والله أعلم.
(494) - (حديث: " لا يؤمن الرجل فى بيته إلا بإذنه " (ص 119) .
* صحيح.
وهو فقرة من حديث لأبى مسعود البدرى الأنصارى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله , فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم(2/256)
بالسنة , فإن كانوا فى السنة سواء , فأقدمهم هجرة , فإن كانوا فى الهجرة سواء , فأقدمهم سلماً (وفى رواية: سنا) , ولا يؤمن الرجل ُالرجلَ فى سلطانه , ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه ".
أخرجه مسلم (2/133) وأبو عوانة (2/35 و36) وأبو داود (582) والنسائى (1/136) والترمذى (2/459) وابن ماجه (980) وابن الجارود (308) والدارقطنى (104) والحاكم (1/243) والبيهقى (3/119 و125 و119) والطيالسى (618) وأحمد (4/118 و121 و5/272) من طرق عن إسماعيل بن رجاء الزبيدى قال سمعت أوس بن ضمعج يحدث عن أبى مسعود به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وله شاهد هو عبد الله بن يزيد الخطمى - وكان أميراً على الكوفة ـ قال: أتينا قيس بن سعد بن عبادة فى بيته , فأذن المؤذن للصلاة , وقلنا لقيس: قم فصل لنا , فقال: لم أكن لأصلى بقوم لست عليهم بأمير , فقال رجل ليس بدونه يقال له عبد الله بن حنظلة بن الغسيل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل أحق بصدر دابته , وصدر فراشه , وأن يؤم فى رحله , فقال قيس بن سعد عند ذلك: يا فلان ـ لمولى لهم ـ قم فصل لهم.
أخرجه الدارمى (2/285) والبيهقى (3/125 ـ 136) عن سعيد بن سليمان عن إسحاق ابن يحيى بن طلحة عن المسيب بن رافع ومعبد بن خالد عن عبد الله بن يزيد الخطمى.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل إسحاق هذا.
ولبعضه شاهد من حديث إسماعيل بن رافع عن محمد بن يحيى عن عمه واسع بن حبان عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم: " الرجل أحق بصدر دابته , وأحق بمجلسه إذا رجع " أخرجه أحمد (3/32) .(2/257)
وإسناده ثقات غير إسماعيل هذا فهو ضعيف الحفظ. وقد خالفه عمرو بن يحيى فقال: عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن وهب بن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الرجل أحق بمجلسه , وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه " أخرجه الترمذى (4/6) وقال: " حديث صحيح غريب ".
قلت: وإسناده صحيح.
(495) - (حديث: " أن أبا بكر صلى حين غاب النبى صلى الله عليه وسلم , وفعله عبد الرحمن بن عوف فقال النبى صلى الله عليه وسلم أحسنتم " رواه مسلم (ص 119)
* صحيح.
وهما حديثان:
الأول عن سهل بن سعد الساعدى:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم , وحانت الصلاة , فجاء المؤذن إلى أبى بكر الصديق , فقال: أتصلى للناس فأقيم؟ قال: نعم , فصلى أبو بكر , فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم , والناس فى الصلاة , فتخلص حتى وقف فى الصف , فصفق الناس , وكان أبو بكر لا يلتفت فى صلاته , فلما أكثر الناس من التصفيق التفت أبو بكر , فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك , فرفع أبو بكر يديه , فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك , ثم استأخر حتى استوى فى الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى , ثم انصرف , فقال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبى قحافة أن يصلى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لى رأيتكم أكثرتم من التصفيح؟ ! من نابه شىء فى صلاته فليسبح , فإنه إذا سبح التفت إليه , وإنما التصفيح للنساء ".
أخرجه مالك (1/163/61) وعنه البخارى (1/177) ومسلم (2/25) وأبو عوانة (2/233) وأبو داود (940) والبيهقى (3/122) وأحمد(2/258)
(5/337) كلهم عن مالك عن أبى حازم عنه.
ثم أخرجه البخارى (1/302 و306 و311 ـ 312 و2/164 ـ 165 و4/398) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود (941) والنسائى (1/127 و128 و176 و2/310) والبيهقى (3/112) وأحمد (5/331 و332 و336 و338) من طرق أخرى عن
أبى حازم به نحوه.
وزاد أبو داود وأحمد بعد قوله " ليصلح بينهم ": " بعد الظهر , فقال لبلال: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك , فمر أبا بكر فليصل بالناس ... ".
الثانى: عن المغيرة بن شعبة:
" أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك , قال المغيرة: فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط , فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر , فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى , أخذت أهريق على يديه من الإداوة , وغسل يديه ثلاث مرات , ثم غسل وجهه , ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه , فضاق كما جبته , فأدخل يديه فى الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة , وغسل ذراعيه إلى المرفقين , ثم توضأ على خفيه , ثم أقبل , قال المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف , فصلى لهم , فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين , فصلى مع الناس الركعة الآخرة , فلما سلم عبد الرحمن بن عوف , قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته , فأفزع ذلك المسلمين , فأكثروا التسبيح , فلما صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم , ثم قال: أحسنتم , أو قال: قد أصبتم. يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها ".
أخرجه مسلم (2/26 ـ 27) وأبو عوانة (2/214 ـ 215) وأبو داود (149) والبيهقى (1/274 و2/295 ـ 296) وأحمد (4/249 و251) وزاد فى رواية: " قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: دعه " , وهو رواية لأبى عوانة.(2/259)
والحديث عند البخارى مختصراً ليس فيه موضع الشاهد منه وقد تقدم فى " المسح على الخفين " رقم (99) , وقد أخرج البخارى فى " جزء القراءة " (ص 17) من طريق عمرو بن وهب الثقفى قال: " كنا عند المغيرة فقيل: هل أم النبى صلى الله عليه وسلم أحد غير أبى بكر؟ قال: كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر ثم ركبنا , فأدركنا الناس , وقد أقيمت , فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم ركعة , وهم فى الثانية , فذهبت أؤذنه , فنهانى , فصلينا الركعة التى أدركنا , وقضينا الركعة التى سبقنا ".
قلت: وإسناده صحيح.
(496) - (حديث أبى هريرة مرفوعاً: " إذا جئتم إلى الصلاة , ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً , ومن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة ". رواه أبو داود وفى لفظ له: " من أدرك الركوع أدرك الركعة " (ص 119) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (893) والدارقطنى (132) والحاكم (1/216 و273 ـ 274) والبيهقى (2/89) من طرق عن سعيد بن أبى مريم: أخبرنا نافع بن يزيد حدثنى يحيى بن أبى سليمان عن زيد بن أبى العتاب وابن المقبرى عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقى: " تفرد به يحيى بن أبى سليمان المدينى , وقد روى بإسناد آخر , أضعف من ذلك عن أبى هريرة ". وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد , ويحيى بن أبى سليمان من ثقات المصريين ". وقال فى المكان الآخر: " وهو شيخ من أهل المدينة سكن مصر , ولم يذكر بجرح " (1) .
__________
(1) ولو سلم له ذلك فهل يلزم منه أنه ثقة في حديثه؟! كلا , ولكن مثل هذا القول من الحاكم يشعر اللبيب أن مذهبه في التوثيق كمذهب ابن حبان.(2/260)
قلت: ووافقه الذهبى , والصواب ما أشار إليه البيهقى أنه ضعيف , لأن يحيى هذا لم يوثقه غير ابن حبان والحاكم , بل قال البخارى: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث , ليس بالقوى , يكتب حديثه.
قلت: لكن له طريق أخرى عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل عن النبى صلى الله عليه وسلم: " إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا , وإن كان ساجداً فاسجدوا , ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع ".
أخرجه البيهقى. وهو شاهد قوى فإنه رجاله كلهم ثقات , وعبد العزيز بن رفيع تابعى جليل روى عن العبادلة: ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وغيرهم من الصحابة وجماعة من كبار التابعين , فإن كان شيخه ـ وهو الرجل الذى لم يسمه ـ صحابياً فالسند صحيح , لأن الصحابة كلهم عدول فلا يضر عدم تسميته كما هو معلوم , وإن كان تابعياً , فهو مرسل لا بأس به كشاهد , لأنه تابعى مجهول , والكذب فى التابعين قليل , كما هو معروف.
وقد روى بإسناد آخر من حديث أبى هريرة مرفوعاً بلفظ: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه ".
أخرجه الدارقطنى والبيهقى وكذا أبو سعيد بن الأعرابى فى " المعجم " (ق 94/2) والعقيلى فى الضعفاء (460) كلهم من طريق ابن وهب: أخبرنى يحيى ابن حميد عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب قال: أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة به.
وقال العقيلى:(2/261)
" قال البخارى: يحيى بن حميد عن قرة لا يتابع عليه.
ورواه معمر ومالك ويونس وعقيل وابن جريج وابن عيينة والأوزاعى وشعيب عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعاً بلفظ: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ". ولم يذكر أحد منهم هذه اللفظة: " قبل أن يقيم الإمام صلبه " , ولعل هذا من كلام الزهرى فأدخله يحيى بن حميد فى الحديث ولم يبينه ".
قلت: ويحيى هذا ضعفه الدارقطنى ومن طريقه أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه كما فى " اللسان " و" التلخيص " (132) وترجم له ـ أعنى ابن خزيمة ـ: " ذكر الوقت الذى يكون فيه المأموم مدركاً للركعة إذا ركع إمامه قبل ".
وقد وجدت له طريقاً أخرى إلى الزهرى , أخرجه الضياء المقدسى فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 37/2) عن أبى على الأنصارى حدثنا عبيد الله بن منصور الصباغ حدثنا أحمد بن صالح ـ ولم يكن هذا الحديث إلا عنده ـ حدثنا عبد الله ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهرى به بلفظ: " من أدرك الإمام وهو راكع فليركع معه , وليعتد بها من صلاته ".
وهذا إسناد واهٍجدا فإن أبا على الأنصارى هذا اسمه محمد بن هارون بن شعيب بن إبراهيم بن حيان وقد قال الذهبى: عن عبد العزيز الكتانى: " كان يتهم ". فلا يصلح للاستشهاد.
ومما يقوى الحديث جريان عمل جماعة من الصحابة عليه:
أولاً: ابن مسعود , فقد قال: " من لم يدرك الإمام ركعاً لم يدرك تلك الركعة ".
أخرجه البيهقى (2/90) من طريقين عن أبى الأحوص عنه.
قلت: وهذا سند صحيح.(2/262)
وروى ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/99/1 ـ 2) والطحاوى (1/231 ـ 232) والطبرانى (3/32/1) والبيهقى (2/90 ـ 91) عن زيد بن وهب قال: خرجت مع عبد الله من داره إلى المسجد , فلما توسطنا المسجد ركع الإمام , فكبر عبد الله ثم ركع , وركعت معه , ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف حتى رفع القوم رءوسهم , قال: فلما قضى الإمام الصلاة قمت وأنا أرى أنى لم أدرك , فأخذ بيدى عبد الله , فأجلسنى وقال: إنك قد أدركت ".
قلت: وسنده صحيح. وله فى الطبرانى طرق أخرى.
ثانياً: عبد الله بن عمر , قال:
" إذا جئت والإمام راكع , فوضعت يديك على ركبتيك قبل أن يرفع فقد أدركت ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/94/1) من طريق ابن جريج عن نافع عنه.
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقى إلا أنه قرن مع ابن جريج مالكاً ولفظه: " من أدرك الإمام راكعاً , فركع قبل أن يرفع الإمام رأسه , فقد أدرك تلك الركعة ".
قلت: وإسناده صحيح.
ثالثاً: زيد بن ثابت , كان يقول:
" من أدرك الركعة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة ".
رواه البيهقى من طريق مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر ويزيد بن ثابت كانا يقولان ذلك.
وأخرج الطحاوى (1/232) عن خارجة بن زيد بن ثابت. " أن زيد بن ثابت كان يركع على عتبة المسجد ووجهه إلى القبلة , ثم يمشى معترضاً على شقه الأيمن , ثم يعتد بها إن وصل إلى الصف أو لم يصل ".(2/263)
قلت: وإسناده جيد , وقد أخرجه هو والبيهقى (2/90 و91) من طرق أخرى عن زيد نحوه ويأتى إحداها قريباً.
رابعاً: عبد الله بن الزبير , قال عثمان بن الأسود:
" دخلت أنا وعمرو بن تميم المسجد , فركع الإمام فركعت أنا وهو ومشينا راكعين , حتى دخلنا الصف , فلما قضينا الصلاة , قال لى عمرو: الذى صنعت آنفاً ممن سمعته؟ قلت: من مجاهد , قال: قد رأيت ابن الزبير فعله ".
أخرجه ابن أبى شيبة ورجاله ثقات غير عمرو بن تميم بيض له ابن أبى حاتم وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال البخارى: " فى حديثه نظر ".
خامساً: أبو بكر الصديق. عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أبا بكر الصديق وزيد بن ثابت دخلا المسجد والإمام راكع فركعا , ثم دبا وهما راكعان حتى لحقا بالصف.
أخرجه البيهقى وإسناده حسن , لكن أبا بكر بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر الصديق فهو عنه منقطع , إلا أنه يحتمل أن يكون تلقاه عن زيد بن ثابت.
وهو عن زيد صحيح ثابت , فإنه ورد عنه طرق أخرى تقدم بعضها قريباً.
والخلاصة أن الحديث بشاهده المرسل , وبهذه الآثار حسن يصلح للاحتجاج به , والله أعلم.
(فائدة) : دلت هذه الآثار الصحيحة على أمرين:
الأول: أن الركعة تدرك بإدراك الركوع , ومن أجل ذلك أوردناها.
الثانى: جواز الركوع دون الصف , وهذا مما لا نراه جائزاً , لحديث أبى بكرة , أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف , ثم مشى إلى الصف , فلما قضى النبى صلى الله عليه وسلم صلاته , قال: أيكم الذى ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصاً ولا تعد ".
أخرجه أبو داود وغيره بإسناد صحيح كما بينته فى " صحيح أبى داود(2/264)
(685) وهو عند البخارى أخصر منه.
فالظاهر أن الصحابة المذكورين لم يبلغهم هذا الحديث , وذلك دليل على صدق القول المشهور عن مالك وغيره: " ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم ".
ثم رجعت عن ذلك إلى ما ذكرنا عن الصحابة لحديث عبد الله بن الزبير فى أن ذلك من السنة , وهو صحيح الإسناد كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الصحيحة ".
(تنبيه) : روى البخارى فى جزء القراءة (ص 24) : حدثنا معقل بن مالك قال: حدثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة قال: " إذا أدركت القوم ركوعاً لم تعتد بتلك الركعة ".
فهذا سند ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق , ومعقل , فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان , وقال الأزدى: متروك.
لكن رواه البخارى فى مكان آخر منه (ص 13) عن جماعة فقال: حدثنا مسدد وموسى ابن إسماعيل ومعقل بن مالك قالوا: حدثنا أبو عوانة به لكن بلفظ: " لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائماً ".
ثم قال البخارى: حدثنا عبيد بن يعيش قال: حدثنا يونس قال: حدثنا [ابن] إسحاق قال: أخبرنى الأعرج به باللفظ الثانى. فقد ثبت هذا عن أبى هريرة لتصريح ابن إسحاق بالتحديث , فزالت شبهة تدليسه. وأما اللفظ الأول فلا يصح عنه لتفرد معقل بن مالك به ومخالفته للجماعة فى لفظه , ولذلك لم أستحسن من الحافظ سكوته عليه فى " التلخيص " (ص 127) .
وثمة فرق واضح بين اللفظين فإن اللفظ الثابت يعطى معنى آخر لا يعطيه اللفظ الضعيف , ذلك لأنه يدل على أنه إذا أدرك الإمام قائماً ولو لحظه ثم ركع أنه يدرك الركعة , هذا ما يفيده اللفظ المذكور , والبخارى ساقه فى صدد إثباته وجوب قراءة الفاتحة وأنه لا يدرك الركعة إذا لم يقرأها , وهذا مما لا يتحمله هذا اللفظ كما هو ظاهر , والله أعلم.(2/265)
(تنبيه آخر) : أخرج حديث الباب ابن عساكر فى تاريخه (9/457/2) من طريق محمد ابن إسماعيل الترمذى قال حدثنا ابن أبى مريم: حدثنا نافع بن يزيد حدثنا جعفر ابن ربيعة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن السائب أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر حدثه عن أبيه مرفوعاً به.
والترمذى ثقة حافظ , وهو صاحب السنن المعروف به {؟} , فلا أدرى أهذا خلاف منه للجماعة الذين رووه عن ابن أبى مريم على الوجه المتقدم , أم هو إسناد آخر لنافع ابن يزيد فى هذا الحديث , أم هو خطأ من بعض نساخ التاريخ اختلط حديث بآخر؟
وهذا أبعد الاحتمالات.
وأما اللفظ الآخر الذى ذكره المؤلف , وعزاه لأبى داود فلا أعلم له أصلاً , لا عند أبى داود ولا عند غيره , والله أعلم.
(497) - (حديث: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ". رواه الجماعة إلا البخارى (ص 120) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/153) وكذا أبو عوانة فى صحيحه (2/33 ـ 34) وأبو داود (1266) والنسائى (1/139) والترمذى (2/282) والدارمى (1/337) وابن ماجه (1151 و1152) والطحاوى (1/218) وأحمد (2/331 و455 و517 و531)
والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 6 و109) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (5/197 و7/195 و12/213 و13/59) من طرق كثيرة عن عمرو بن دينار قال: سمعت عطاء بن يسار عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: بل هو صحيح , وله طريق أخرى عن أبى هريرة أخرجه الطحاوى وأحمد (2/352) من طريقين عن عياش بن عباس القتبانى عن أبى تميم الزهرى عن أبى هريرة مرفوعاً بلفظ:(2/266)
" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التى أقيمت ".
وهذا سند صحيح على شرط مسلم غير أبى تميم الزهرى فهو مجهول.
ولعل عدم تصحيح الترمذى للحديث من أجل أن بعض الثقات رواه عن عمرو عن عطاء عن أبى هريرة موقوفاً عليه.
وقد أخرجه كذلك ابن أبى شيبة (1/194) والطحاوى.
لكن رواية الثقات الآخرين الذين رووه عن عمرو به مرفوعاً مقدمة على رواية الذين أوقفوه لأن معهم زيادة وهى مقبولة اتفاقاً , لاسيما وقد شهد لها الطريق الأخرى كما ذكرنا.
وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً
(498) - (حديث: " أن عمر كان يضرب على الصلاة بعد الإقامة " (ص 120) .
لم أقف عليه بهذا اللفظ. [1]
وقد روى ابن أبى شيبة (1/195/1) عن ابن أبى فروة عن أبى بكر بن المنكدر عن سعيد بن المسيب: " أن عمر رأى رجلاً يصلى ركعتين والمؤذن يقيم فانتهره , وقال: لا صلاة والمؤذن يقيم إلا الصلاة التى تقام لها ".
وهذا سند ضعيف جداً , لأن ابن أبى فروة واسمه إسحاق بن عبد الله متروك ".
(499) - (حديث أبى هريرة: " وإذا قرأ فأنصتوا " رواه الخمسة إلا الترمذى.
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه برقم (394) , ورواه مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى فى حديث طويل تقدم ذكره تحت رقم (332) .
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/21:
أثر عمر رواه عبد الرزاق في " مصنفه ": (2/436) ومن طريقه ابن حزم في " المحلى ": (3/110 , ط. منيرية) عن الثوري عن جابر عن الحسن بن مسافر عن سويد بن غفلة قال: " كان عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد الإقامة ".
والحسن هذا ينظر من هو ? فإني لم أعرفه الآن. اهـ.(2/267)
" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة الظهر {؟} , فقرأ معه رجل من الناس فى نفسه , فلما قضى صلاته , قال: هل قرأ معى منكم أحد؟ قال ذلك ثلاثاً فقال له الرجل: نعم يا رسول الله أنا كنت أقرأ بـ (سبح اسم ربك الأعلى) قال: ما لى أنازع القرآن؟ أما يكفى قراءة إمامه؟ إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا قرأ فأنصتوا ".
رواه البيهقى فى " كتاب وجوب القراءة فى الصلاة " كما فى " الجامع الكبير " (3/334/2) .
(500) - (قال صلى الله عليه وسلم: " من كان له إمام فقراءته له قراءة " رواه أحمد فى مسائل ابنه عبد الله ورواه سعيد , والدارقطنى مرسلاً (ص 120) .
* حسن.
وقد روى عن جماعة من الصحابة , منهم جابر بن عبد الله الأنصارى وعبد الله بن عمر , وعبد الله بن مسعود , وأبو هريرة , وابن عباس , وفى الباب عن أبى الدرداء وعلى والشعبى مرسلاً.
أما حديث جابر فله عنه {طرق} .
الأولى: عن أبى الزبير عنه مرفوعاً: " من كان له إمام , فقراءة الإمام له قراءة " أخرجه ابن ماجه (850) والطحاوى (1/128) والدارقطنى (126) وابن عدى فى " الكامل " (ق: 5/1) وعبد بن حميد فى " المنتخب " (ق 114/2) وأبو نعيم فى " الحلية " (ق7/334) من طرق عن الحسن بن صالح بن حى عن جابر عن أبى الزبير به. وقال أبو نعيم: " مشهور من حديث الحسن ".
قلت: ولكنه قد اختلف عليه فى إسناده على وجوه:
1 ـ عنه عن جابر وحده كما ذكرنا.
2 ـ عنه عن جابر وليث عن أبى الزبير.(2/268)
أخرجه الطحاوى والدارقطنى وابن عدى (ق 280/2) وابن الأعرابى فى معجمه (ق 173/2) والبيهقى (2/160) من طرق عنه. وقال البيهقى: " جابر الجعفى وليث بن أبى سليم لا يحتج بهما , وكل من تابعهما على ذلك أضعف منهما أو من أحدهما , والمحفوظ عن جابر فى هذا الباب ما أخبرنا ... ".
ثم ساق حديث جابر الآتى فى الكتاب بعد هذا , ساقه موقوفاً عليه , وسيأتى تحقيق القول فيه هناك إن شاء الله تعالى.
وجابر الجعفى ضعيف جداً قال الزيلعى فى " نصب الراية " (2/7) : " مجروح روى عن أبى حنيفة أنه قال: ما رأيت أكذب من جابر الجعفى , لكن له طرق أخرى , وهى وإن كانت مدخولة , ولكن يشد بعضها بعضاً ".
ونحو جابر فى الضعف قرينه الليث بن أبى سليم قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , اختلط أخيراً , ولم يتميز حديثه فترك ".
وقال ابن عدى عقب الحديث: " ليث مع الضعف الذى فيه يكتب حديثه ".
قلت: ولكن لا يتقوى الحديث باقترانه مع جابر لشدة ضعفه.
3 ـ عنه عن أبى الزبير به. بإسقاط جابر والليث من بينهما.
أخرجه الإمام أحمد فى مسنده " (3/339) : حدثنا أسود بن عامر أنبأنا حسن بن صالح عن أبى الزبير عن جابر (1) .
__________
(1) لكن رواه ابن الجوزي في التحقيق (1/320) من طريق أحمد عن الأسود به , أنه ذكر في إسناده جابر الجعفي , وبه أعله , والله أعلم.(2/269)
والأسود بن عامر ثقة احتج به الستة , وقد توبع , فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/150/1) : حدثنا مالك بن إسماعيل عن حسن بن صالح به.
ومالك هذا ثقة احتج به الستة أيضاً , ولهذا قال ابن التركمانى: " وهذا سند صحيح , وكذا رواه أبو نعيم عن الحسن بن صالح عن أبى الزبير , ولم يذكر الجعفى. كذا فى أطراف المزى. وتوفى أبو الزبير سنة ثمان وعشرين ومائة , ذكره الترمذى وعمرو بن على. والحسن بن صالح ولد سنة مائة , وتوفى سنة سبع وستين ومائة , وسماعه من أبى الزبير ممكن , ومذهب الجمهور إن أمكن لقاؤه لشخص وروى عنه فروايته محمولة على الاتصال , فحمل على أن الحسن سمعه من أبى الزبير مرة بلا واسطة , ومرة أخرى بواسطة الجعفى وليث ".
قلت: هذا الحمل بعيد عندى , بل الظاهر أن الحسن بن صالح على ثقته كان يضطرب فيه , فرواه على هذه الوجوه المتقدمة , على أنه لو سلم بما قاله ابن التركمانى لكانت لا تزال هناك علة أخرى قائمة فى الإسناد على جميع الوجوه تمنع من الحكم عليه بالصحة وهى عنعنة أبى الزبير فإنه كان مدلساً كما هو معروف ولم يصرح بالسماع فى جميع الروايات عنه. وكأنه لما ذكر قال الزيلعى (2/10) بعد
أن ساقه من طريق أحمد: " فى إسناده ضعف ".
ثم إن رواية أبى نعيم عن الحسن , قد أخرجها عبد بن حميد وأبو نعيم الأصبهانى وفيها جابر الجعفى. فلعل عدم ذكره إنما هو فى رواية عن أبى نعيم.
4 ـ عنه عن جابر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدى (ق 50/1) والطحاوى (1/128) .
5 ـ عنه عن أبى هارون العبدى عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدى (ق 14/2) والطبرانى فى " الأوسط " (1/36/2 ـ من الجمع بينه وبين الصغير) من طريقين عنه.
وقال الطبرانى: " لم يروه عن الحسن بن صالح إلا النضر بن عبد الله الأزدى ".(2/270)
قلت: بلى , فقد تابعه إسماعيل بن عمرو البجلى عند ابن عدى وقال: " لا يتابع عليه , وهو ضعيف ".
فخفى عليه ما علمه الطبرانى , وعلى العكس.
وأبو هارون العبدى متروك , وقد رواه عنه معتمر موقوفاً على أبى سعيد.
رواه ابن أبى شيبة (1/150/1) .
قلت: فهذه وجوه خمسة , اضطرب الرواة فيها على الحسن بن صالح , والاضطراب ضعف فى الحديث لأنه يشعر أن راويه لم يضبطه ولم يحفظه. هذا إذا قبل بعد ترجيح وجه من هذه الوجوه , وإلا فالراجح عندى الوجه الثانى لاتفاق أكثر الرواة عن الحسن عليه , ولأنه لا ينافى الوجه الأول والثالث لما فيه من الزيادة عليهما , وزيادة الثقة مقبولة , وأما الوجه الرابع والخامس فشاذان بمرة.
وله طريق أخرى عن أبى الزبير عن جابر. يرويه سهل بن العباس الترمذى حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبى الزبير به.
أخرجه الإمام محمد فى " الموطأ " (ص 99) والدارقطنى (154) وعنه ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/320) وقال الدارقطنى:
" حديث منكر , وسهل بن العباس متروك ".
الطريق الثانية عن جابر. قال الإمام محمد فى " الموطأ " (98) : " أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا أبو الحسن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
وأخرجه الطحاوى والدارقطنى (ص 123) والبيهقى (2/159 والخطيب (10/340) من طرق عن أبى حنيفة به. وقال الدارقطنى:
" لم يسنده عن موسى بن أبى عائشة غير أبى حنيفة والحسن بن عمارة , وهما ضعيفان ".(2/271)
ثم أخرجه الدارقطنى وابن عدى (ق 83/1) من طريق الحسن بن عمارة عن موسى بن أبى عائشة به.
وقال الدارقطنى: " والحسن بن عمارة متروك الحديث ".
وقال ابن عدى: " لم يوصله فزاد فى إسناده جابراً غير الحسن بن عمارة وأبو حنيفة , وهو بأبى حنيفة أشهر منه من الحسن بن عمارة , وقد روى هذا الحديث عن موسى بن أبى عائشة غيرهما فأرسلوه , مثل جرير وابن عيينة وأبى الأحوص والثورى وزائدة ووهب وأبو عوانة وابن أبى ليلى وشريك وقيس وغيرهم عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد مرفوعاً مرسلاً ".
وذكر نحوه الدارقطنى وقال: " وهو الصواب ". يعنى المرسل.
وقد تعقب بعض المتأخرين قول الدارقطنى المتقدم أنه لم يسنده غير أبى حنيفة وابن عمارة بما رواه أحمد بن منيع فى " مسنده ": أخبرنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان وشريك عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند ظاهره الصحة , ولذلك قال البوصيرى فى " الزوائد " (56/1) : " سند صحيح كما بينته فى زوائد المسانيد العشرة ".
قلت: وهو عندى معلول , فقد ذكر ابن عدى كما تقدم وكذا الدارقطنى
والبيهقى أن سفيان الثورى وشريكاً روياه مرسلاً دون ذكر جابر فذكر جابر فى إسناد ابن منيع وهم , وأظنه من إسحاق الأزرق , فإنه وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن سعد: " ربما غلط " , وقد قال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/149/2) : حدثنا شريك وجرير عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره مرسلا لم يذكر جابراً.
وهذا هو الذى تسكن إليه النفس وينشرح له القلب أن الصواب فيه أنه(2/272)
مرسل , ولكنه مرسل صحيح الإسناد.
الطريق الثالثة: عن يحيى بن سلام قال: حدثنا مالك عن وهب بن كيسان عن جابر
مرفوعاً بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهى خداج , إلا أن يكون وراء إمام " أخرجه الطحاوى (1/128) والدارقطنى (124) والقاضى أبو الحسن الخلعى فى " الفوائد " (ج 20/47/1) من طريق يحيى بن سلام به.
وقال الدارقطنى: " يحيى بن سلام ضعيف , والصواب موقوف ".
ثم أخرجه هو والطحاوى والبيهقى (2/160) والخلعى من طرق صحيحة عن مالك به موقوفاً. وهكذا هو فى " الموطأ " (1/84/38) وقال البيهقى: " هذا هو الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع , وقد رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك , وذاك مما لا يحل روايته على طريق الاحتجاج به ".
قلت: ثم أخرجه الطحاوى من طريق إسماعيل بن موسى ابن ابنة السدى قال: حدثنا مالك فذكر مثله بإسناده (يعنى الموقوف) قال: فقلت لمالك: أرفعه؟ فقال: خذوا برجله.
قلت: فلينظر مراد الإمام مالك بقوله هذا , هل هو إقرار الموقف واستنكار السؤال عن رفعه؟ أم ماذا؟
ثم أخرجه الدارقطنى فى " غرائب مالك " من طريق عاصم بن عصام عن يحيى بن نصر بن حاجب عن مالك به مرفوعاً باللفظ الأول:
" من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ".
وقال الدارقطنى:(2/273)
" هذا باطل لا يصح عن مالك ولا عن وهب بن كيسان , وعاصم بن عصام لا يعرف ". كما فى " نصب الراية " و" اللسان ".
ويتلخص مما سبق أنه لا يصح شىء من هذه الطرق إلا طريق عبد الله بن شداد المرسلة.
وأما حديث ابن عمر , فله عنه طريقان:
الأولى: عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً باللفظ الأول. أخرجه الدارقطنى (124) وقال: " محمد بن الفضل متروك".
الثانية: عن خارجة عن أيوب عن نافع عنه مرفوعاً به.
أخرجه الدارقطنى (ص 154) والخطيب (1/237) .
وقال الدارقطنى: " رفعه وهم , والصواب وقفه ".
ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية حدثنا أيوب عن نافع وأنس بن سيرين أنهما حدثا عن ابن عمر به موقوفاً عليه.
قلت: وكذلك هو فى " الموطأ " (1/86/43) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام , وإذا صلى وحده فليقرأ , قال: وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام ".
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " ومن طريقه الخطيب فى تاريخه (11/426) من طريق أحمد بن عبد الله بن ربيعة بن العجلان حدثنا سفيان ابن سعيد الثورى عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: " صلى بنا النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح , فقرأ سورة (سبح اسم ربك الأعلى)(2/274)
فلما فرغ من صلاته قال: من قرأ خلفى؟ فسكت القوم , ثم عاود
النبى صلى الله عليه وسلم: من قرأ خلفى؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما لى أنازع القرآن؟ إذا صلى أحدكم خلف الإمام فليصمت , فإن قراءته له قراءة , وصلاته له صلاة ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن الثورى إلا أحمد بن عبد الله بن ربيعة ".
وقال الخطيب: " وهو شيخ مجهول ".
قلت: وهذا الحديث لم يورده الهيثمى فى " مجمع الزوائد " , ولا هو فى " الجمع بين معجمى الطبرانى الصغير والأوسط " ولا أورده الزيعلى فى " نصب الراية " مع استقصائه لطرق الحديث , وإنما عزاه للأوسط الحافظ ابن حجر فى ترجمة أحمد المذكور فى " اللسان ".
وأما حديث أبى هريرة فهو من طريق محمد بن عباد الرازى حدثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمى عن سهل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة به. أخرجه الدارقطنى (126 و154) وقال: " لا يصح هذا عن سهيل , تفرد به محمد بن عباد الرازى عن إسماعيل وهو ضعيف ".
وقال فى الموضع الأول: " وهما ضعيفان ".
وأما حديث ابن عباس فيرويه عاصم بن عبد العزيز عن أبى سهيل عن عوف عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم: " تكفيك قراءة الإمام , خافت أو جهر ".
أخرجه الدارقطنى (126) فى موضعين منها , قال فى الأول منهما , " عاصم ليس بالقوى , ورفعه وهم ". وقال فى الآخر: " قال أبو موسى (إسحاق بن موسى الأنصارى ": قلت لأحمد بن حنبل(2/275)
فى حديث ابن عباس هذا؟ فقال: هذا منكر ".
وأما حديث أبى الدرداء فيرويه زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح حدثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عنه قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفى كل صلاة قراءة , قال: نعم , فقال رجل من الأنصار وجبت هذه , فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ـ وكنت أقرب القوم إليه ـ ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا كفاهم ".
أخرجه النسائى (1/146) والطبرانى فى " الكبير " والدارقطنى (126) وأعله بقوله: " كذا قال وهو وهم من زيد بن الحباب , والصواب: فقال أبو الدرداء: ما أرى الإمام إلا قد كفاهم ".
وقال النسائى: " هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ , إنما هو قول أبى الدرداء ".
ثم ساق الدارقطنى من طريق ابن وهب: " حدثنى معاوية بهذا قال: فقال أبو الدرداء: يا كثير ما أرى الإمام إلا قد كفاهم ".
وقال الهيثمى فى " المجمع " (2/110) بعد أن عزاه للطبرانى: " وإسناده حسن ".
قلت: وهو كما قال أو أعلى لولا أن النسائى والدارقطنى أعلاه بالوقف والله أعلم.
وأما حديث على فيرويه غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبى عن الحارث عنه قال: " قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم: أقرأ خلف الإمام أو أنصت؟ قال: بل أنصت فإنه يكفيك " أخرجه الدارقطنى (125) وقال: " تفرد به غسان وهو ضعيف وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان , والمرسل(2/276)
الآتى أصح منه ". يعنى مرسل الشعبى وهو:
وأما حديث الشعبى , فيرويه على بن عاصم عن محمد بن سالم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا قراءة خلف الإمام ".
قلت: وهذا مع إرساله ضعيف السند فإن على بن عاصم ومحمد بن سالم كلاهما ضعيف.
وقد روى عن محمد بن سالم عن الشعبى عن الحارث عن على متصلاً كما تقدم.
والمرسل أصح لما قال الدارقطنى.
ويتلخص مما تقدم أن طرق هذه الأحاديث لا تخلوا من ضعف , لكن الذى يقتضيه الإنصاف والقواعد الحديثية أن مجموعها يشهد أن للحديث أصلاً , لأن مرسل ابن شداد صحيح الإسناد بلا خلاف , والمرسل إذا روى موصولاً من طريق أخرى اشتد عضده وصلح للاحتجاج به كما هو مقرر فى مصطلح الحديث , فكيف وهذا المرسل قد روى من طرق كثيرة كما رأيت. وأنا حين أقول هذا لا يخفى على ـ والحمد لله ـ أن الطرق الشديدة الضعف لا يستشهد بها , ولذلك فأنا أعنى بعض الطرق المتقدمة التى لم يشتد ضعفها.
(تنبيهان) :
الأول: عزا المؤلف الحديث لمسائل عبد الله , وقد فتشت فيها عنه فلم أجده , فالظاهر أنه وهم , وعلى افتراض أنه فيه فكان الأولى أن يعزوه للمسند دون المسائل أو يجمع بينهما لأن المسند أشهر من المسائل كما لا يخفى على أهل العلم
الثانى: سبق أن الدارقطنى ضعف الإمام أبا حنيفة رحمه الله لروايته لحديث عبد الله بن شداد عن جبر موصولاً , وقد طعن عليه بسبب هذا التضعيف بعض الحنفية فى تعليقه على " نصب الراية " (2/8) ولما كان كلامه صريحاً بأن التضعيف منالدارقطنى كما مبهماً غير مبين ولا مفسر , ولما كان يوهم أن الدارقطنى تفرد بذلك دون غيره من أئمة الجرح والتعديل , لاسيما وقد اغتر به(2/277)
بعض المصححين , فكتب بقلمه تعليقاً ينبىء عن تعصبه الشديد للإمام على أئمة الحديث وأتباعهم , بعبارة تنبىء عن أدب رفيع! فقد رأيت أن أكتب هذه الكلمة بياناً للحقيقة وليس تعصباً للدارقطنى , ولا طعناً فى الإمام. كيف وبمذهبه تفقهت؟ ! ولكن الحق أحق أن يتبع , فأقول:
أولاً: لم يتفرد الدارقطنى بتضعيفه بل هو مسبوق إليه من كبار الأئمة الذين لا مجال لمتعصب للطعن فى تجريحهم لجلالهم وإمامتهم , فمنهم عبد الله بن المبارك فقد روى عنه ابن أبى حاتم (2/1/450) بسند صحيح أنه كان يقول: " كان أبو حنيفة مسكيناً فى الحديث ". وقال ابن أبى حاتم: " روى عنه ابن المبارك ثم تركه بآخره. سمعت أبى يقول ذلك ".
ومنهم الإمام أحمد , روى العقيلى فى " الضعفاء " (434) بسند صحيح عنه أنه قال: " حديث أبى حنيفة ضعيف ".
ومنهم الإمام مسلم صاحب الصحيح فقال فى " الكنى " (ق 57/1) : " مضطرب الحديث ليس له كثير حديث صحيح ".
ومنهم الإمام النسائى فقال فى " الضعفاء والمتروكين " (ص 29) : " ليس بالقوى فى الحديث ".
ثانياً: إذا سلمنا أن تجريح الدارقطنى كان مبهماً. فلا يعنى ذلك أن التجريح هو فى الواقع مبهم , فإن قول الإمام أحمد فيه: " حديثه ضعيف " فيه إشارة إلى سبب الجرح وهو عدم ضبطه للحديث , وقد صرح بذلك الإمام مسلم حين قال: " مضطرب الحديث ". وكذلك النسائى أشار إلى سبب الضعف نحو إشارة أحمد حيث قال: " ليس بالقوى فى الحديث " , وقد أفصح عن قصده الذهبى فقال: " ضعفه النسائى من جهة حفظه وابن عدى وآخرون ".
وقد اعترف الحنفى المشار إليه بأن جرح الإمام من بعضهم هو مفسر (ولم(2/278)
يسم البعض!) ولكنه دفعه بقوله: " إن الذى جرح الإمام بهذا لم يره , ولم ير منه ما يوجب رد حديثه ".
قلت: وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن عبد الله بن المبارك رآه وروى عنه , ثم ترك حديثه كما سبق عن أبى حاتم , ولولا أنه رأى منه ما يوجب رد حديثه ما ترك الرواية عنه.
الثانى: أن كلامه يشعر ـ بطريق دلالة المفهوم ـ أن الجارح لو كان رأى الإمام كان جرحه مقبولاً! فلزمه أن يقبل جرح ابن المبارك إياه , لأنه كان قد رآه كما سبق. على أن هذا الشرط مما لا أصل له عند العلماء , بل نحن نعلم أن أئمة الجرح والتعديل جرحوا مئات الرواة الذين لم يروهم , وذلك لما ظهر لهم من عدم ضبطهم لحديثهم بمقابلته بأحاديث الثقات المعروفين عندهم. وهذا شىء معروف لدى المشتغلين بعلم السنة.
على أننى أعتقد أن المتعصبين لا يرضيهم بأى وجه نقد إمامهم فى رواية الحديث من أئمة الحديث المخلصين الذين لا تأخذهم فى الله لومة لأئم , فها أنت ترى دفع الجرح المبين سببه بحجة لم ترد عند العلماء وهى أن الجارح لم يرَالإمام , فلو أنه كان رآه أفتظن أنهم كانوا يقبلون جرحه , أم كانوا يقولون: كلام المتعاصرين فى بعضهم لا يقبل؟ !
وبعد فإن تضعيف أبى حنيفة رحمه الله فى الحديث لا يحط مطلقاً من قدره وجلالته فى العلم والفقه الذى اشتهر به , ولعل نبوغه فيه , وإقباله عليه هو الذى جعل حفظه يضعف فى الحديث , فإنما من المعلوم أن إقبال العالم على علم وتخصصه فيه , مما يضعف ذاكرته غالباً فى العلوم الأخرى , والله تعالى أعلم.
(501) - (عن جابر مرفوعاً:" كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج إلا وراءالإمام " رواه الخلال (ص 120) .
* ضعيف.
والصواب فيه موقوف كما سبق بيانه فى الذى قبله.(2/279)
(502) - (قوله: " اقرأ بها فى نفسك " من قول أبى هريرة (ص 120) .
* صحيح موقوفاً.
أخرجه مسلم (2/9) وأبو عوانة (2/126) وكذا البخارى فى " جزء القراءة " (ص 3) وأبو داود (821) والنسائى (1/144) والترمذى (2/157 ـ بولاق) وكذا مالك (1/84/39) وأحمد (2/241 و250 و285 و457 و460 و478 و487) من طريقين عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج ثلاثاً غير تمام , فقيل لأبى هريرة: إنا نكون وراء الإمام , فقال: اقرأ بها فى نفسك , فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل , فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله حمدنى عبدى , وإذا قال: (الرحمن الرحيم) , قال الله: أثنى على عبدى , وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال: مجدنى عبدى , وقال مرة: فوض إلى عبدى , فإذا قال:؟ (إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل , فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم , صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليه ولا الضالين) قال: هذا لعبدى , ولعبدى ما سأل) .
وأخرجه ابن أبى شيبة فى موضعين (1/143/1 و149/1 ـ 2) والطحاوى (1/127) دون الحديث القدسى - وهو رواية لأحمد -.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: بل هو صحيح , كيف لا وهو من وجهين وقد صححه أبو زرعة من الوجهين كما ذكره الترمذى نفسه.
والمرفوع منه دون الحديث القدسى , طريق أخرى عن عبد الملك بن المغيرة(2/280)
عن أبى هريرة.
أخرجه أحمد (2/290) , وإسناده حسن.
(503) - (قال ابن مسعود: " وددت أن الذى يقرأ خلف الإمام ملىء فوه تراباً ".
* موقوف
. وهو بهذا اللفظ فى مصنف ابن أبى شيبة (1/150/1) من طريقين عن الأسود بن يزيد قوله. وهو عنه صحيح.
وأخرجه الطحاوى (1/129) من قول ابن مسعود بلفظ: " ليت الذى ... " والباقى مثله سواء.
وإسناده ضعيف , فيه حديج بن معاوية وهو ضعيف كما قال النسائى وغيره. عن أبى إسحاق وهو السبيعى وكان اختلط.
وروى الإمام محمد فى " الآثار " (ص 100) والطحاوى بسند صحيح عن علقمة بن قيس قال: " لأن أعض على جمرة أحب إلى من أن أقرأ خلف الإمام ".
قلت: وعلقمة والأسود بن يزيد من الذى تفقهوا على ابن مسعود رضى الله عنه , فلعلهما تلقيا ذلك عنه , فإن ثبت ذلك , فهو دليل على صحته عن ابن مسعود , وإن كان إسناده عنه ضعيفاً , كما رأيت.
وقال الإمام محمد (101) : أخبرنا داود بن قيس الفراء المدنى: أخبرنى بعض ولد سعد بن أبى وقاص أنه ذكر له أن سعداً قال:
" وددت أن الذى يقرأ خلف الإمام فى فيه جمرة ".
ورواه ابن أبى شيبة (1/149/2) حدثنا وكيع عن داود بن قيس عن ابن نجار عن سعد به. فسمى ولد سعد بن نجار.
قلت: وهو مجهول لا يعرف وقد علقه البخارى فى جزء القراءة (5) وقال:(2/281)
" وهذا مرسل , وابن نجار لم يعرف ولا سمى , ولا يجوز لأحد أن يقول: فى فىّالقارىء خلف الإمام جمرة , لأن الجمرة من عذاب الله , وقال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تعذبوا بعذاب الله , ولا ينبغى لأحد أن يتوهم ذلك على سعد مع إرساله وضعفه ".
وروى البخارى تعليقاً فى جزئه (ص 5) والدارقطنى فى سننه (126) من طريق على بن صالح عن ابن الأصبهانى عن المختار بن عبد الله بن أبى ليلى عن أبيه قال: قال على رضى الله عنه , " من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة ".
وقال البخارى: " لا يصح , لأنه لا يعرف المختار , ولا يدرى أنه سمعه من أبيه أم لا , وأبوه من على , ولا يحتج أهل الحديث بمثله , وحديث الزهرى (1) عن عبد الله بن أبى رافع عن أبيه أولى وأصح ".
قلت: لكن على بن صالح وهو ابن حى الهمدانى قد خولف فيه , فقال ابن أبى شيبة (1/149/2) : أخبرنا محمد بن سليمان الأصبهانى عن عبد الرحمن بن الأصبهانى عن ابن أبى ليلى عن على به.
وهذا سند جيد ليس فيه المختار ولا أبوه , فإن ابن أبى ليلى فى هذه الطريق هو عبد الرحمن بن أبى ليلى التابعى الجليل سمع من على رضى الله عنه , سمع منه ابن الأصبهانى كما فى ترجمة هذا الأخير , ويؤيده أن الدارقطنى أخرجه (126) من طريق عبد العزيز بن محمد حدثنا قيس عن عبد الرحمن بن الأصبهانى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى به.
وقيس هو ابن الربيع وهو صدوق. وكذا محمد بن سليمان الأصبهانى وهما وإن كان فيهما ضعف من قبل حفظهما فأحدهما يقوى الآخر كما هو مقرر فى المصطلح.
ولذلك قال ابن التركمانى (2/168) فى هذا الوجه: " لا بأس به ".
وهذا القول من على رضى الله عنه ينبغى حمله على القراءة خلف الإمام فى
__________
(1) سيأتي قريباً(2/282)
الجهرية دون السرية , وذلك لأمرين:
الأول: أن القراءة فى الجهرية خلفه هو الذى يتنافى مع الفطرة لأنه لا يعقل البتة أن يجهر الإمام , وينشغل المأموم بالقراءة عن الإصغاء والاستماع إليه , وقد تنبه لهذا الشافعية وغيرهم فقالوا بالقراءة فى سكتات الإمام , ولما وجدوا أن ذلك لا يمكن ولا يحصل الغرض من التدبر فى القراءة , قالوا بالسكتة الطويلة عقب الفاتحة بقدر ما يقرؤها المؤتم , وهذا مع أنه لا أصل له فى الشرع
لأن حديث السكتة ضعيف ومضطرب كما سيأتى فليس فيه هذه السكتة الطويلة!
الثانى: أنه قد صح عن على رضى الله عنه أنه كان يقرأ فى السرية , فقد روى ابن أبى شيبة (1/148/2) والدارقطنى (ص 122) وكذا البيهقى (2/168) واللفظ له عن الزهرى عن عبيد الله بن أبى رافع عن على أنه: " كان يأمر أو يحث أن يقرأ خلف الإمام فى الظهر والعصر فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة , وفى الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ".
وقال الدارقطنى: " وهذا إسناد صحيح ".
قلت: وزاد بعض الرواة فيه: " عن أبيه عن على ". وكذلك علقه البخارى كما تقدم. لكن قال البيهقى: " الأصح الرواية الأولى , وسماع عبيد الله بن أبى رافع عن على رضى الله عنه ثابت , وكان كاتباً له ".
قلت: فإذا ثبت هذا الأمر عن على رضى الله عنه , فلا يجوز أن ينسب إليه القول بنفى مشروعية القراءة وراء الإمام مطلقاً فى السرية أو الجهرية , بناء على قوله المتقدم " من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة " كما صنع ابن عبد البر فى " التمهيد " على ما نقله ابن التركمانى عنه (2/169) وأقره طبعاً تبعاً لمذهبه! كما لا يجوز أن يتخذ هذا الأمر الثابت عنه دليلاً على ضعف قوله(2/283)
المذكور , كما فعل البيهقى , لأن الجمع ممكن بحمله على الجهرية كما سبق , والأمر المتقدم صريح فى مشروعية القراءة فى السرية دون الجهرية , فاتفقا ولم يختلفا. والله الموفق.
(504) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى بأصحابه إلى سترة , ولم يأمرهم أن يستتروا بشىء , لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه " (ص 121) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/135) ومسلم (2/55) وأبو عوانة (2/48/ـ 49) وأبو داود (687) وابن ماجه (1304 و1305) والبيهقى (2/269) وأحمد (2/142) عن عبد الله بن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلى إليها , والناس وراءه , وكان يفعل ذلك فى السفر , فمن ثم اتخذها الأمراء ".
واللفظ للبخارى وترجم له بقوله: " باب سترة الإمام سترة لمن خلفه ".
وليس عند أبى عوانة وابن ماجه قوله: " وكان يفعل ذلك فى السفر ". وجعلا ما بعده من قول نافع , فهو مدرج فى الحديث.
وزاد ابن ماجه فى رواية: " وذلك أن المصلى كان فضاء ليس فيه شىء يستتر به "
وإسناده صحيح.
(505) - حديث الحسن عن سمرة:" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتتين إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها ". وفى رواية: " سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غيرالمغضوب عليهم ولا الضالين " رواه أبو داود (ص 126) .(2/284)
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (777 ـ 780) من طرق ستة عن الحسن به. وقد اختلفوا عليه.
الأول: أشعث عن الحسن به. بلفظ الكتاب.
أخرجه أبو داود (778) , وعلقه البيهقى (2/196) .
الثانى: قتادة , وقد اضطرب فى روايته وهى من طريق سعيد بن أبى عروبة عنه , فقال يزيد بن زريع حدثنا سعيد به بلفظ: " أن سمرة بن جندب وعمران بن حصين تذاكرا , فحدث سمرة بن جندب أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: سكتة إذا كبر - الحديث مثل رواية الكتاب الثانية - فحفظ ذلك سمرة , وأنكر عليه عمران بن حصين , فكتبا فى ذلك إلى أبى بن كعب , وكان فى كتابه إليهما أو فى رده عليهما: أن سمرة قد حفظ ".
أخرجه أبو داود (779) وعنه البيهقى.
وأخرجه البخارى فى " جزء القراءة " (ص 23) عن يزيد نحوه بلفظ: " وسكتة إذا فرغ من قراءته ".
وكذلك رواه عبد الأعلى عن سعيد , إلا أنه زاد: " ثم قال بعد ذلك (يعنى قتادة) : وإذا قال: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) , وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه " أخرجه أبو داود (780) والترمذى (2/31) وابن ماجه (844) , وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وفيه نظر لما سيأتى عن الدارقطنى.
وقد تابعه مكى بن إبراهيم عن سعيد به. عند البيهقى.(2/285)
فهذه الرواية صريحة فى أن قتادة كان فى أول الأمر يقول: " إذا فرغ من قراءته "
, ثم قال بعد: " إذا قال غير المغضوب ... " والرواية الأولى أولى لموافقتها لرواية أشعب ورواية حميد , وهى:
الثالث: حميد عن الحسن به بلفظ: " كان للنبى صلى الله عليه وسلم سكتتان: سكتة حين يكبر , وسكته حين يفرغ من قراءته , فأنكر ذلك عمران بن حصين ... " الحديث.
أخرجه البخارى فى جزئه والدارمى (283) وأحمد (5/15 و20 , 21) وابن أبى شيبة (1/117/2) .
الرابع: يونس بن عبيد , وقد اختلف عليه على وجوه (1) :
أـ فقال إسماعيل عنه مثل رواية حميد بلفظ:" وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسكتة عند الركوع ".
أخرجه أبو داود (777) وعنه البيهقى , وابن ماجه (845) وأحمد (5/21) والدارقطنى (128) .
ب ـ وقال يزيد بن زريع عنه بلفظ: " وإذا فرغ من قراءة السورة سكت هنية ".
أخرجه أحمد (5/11 و23) .
ج ـ وقال هشيم عن يونس بلفظ: " وإذا قال (ولا الضالين) سكت أيضاً هنيهة "
. أخرجه أحمد (5/23) والدارقطنى.
__________
(1) وقول ابن القيم في رسالة الصلاة: أنه لم يختلف عليه فيه , خطأ كما سنرى.(2/286)
وأرجح هذه الروايات عن يونس هى الأولى لمتابعة الرواية الثانية. واتفاق إسماعيل ـ وهو ابن علية - ويزيد بن زريع عليها.
الخامس: منصور بن المعتمر عن الحسن مثل رواية هشيم عن يونس.
أخرجه أحمد (5/23) مقروناً برواية يونس من طريق هشيم عنهما.
السادس: عمرو عن الحسن قال: " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات: إذا افتتح التكبير , حتى يقرأ الحمد , وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة , وإذا فرغ من السورة حتى يركع ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/117/2) : حدثنا حفص عن عمرو ...
قلت: وحفص هو ابن غياث وهو ثقة , وأما عمرو , فهو إما ابن ميمون الجزرى الرقى وهو ثقة أيضاً , وإما عمرو بن عبيد المعتزلى المشهور وهو ضعيف متهم بالكذب وخاصة على الحسن البصرى , وهذا هو الذى يترجح عندى أنه ابن عبيد , لأن مثل هذه الرواية به أليق , وهو بها ألصق لما فيها من شذوذ ومخالفة لرواية الجماعة عن الحسن من جهة الإرسال وجعل السكتات اثنتين والله أعلم.
وإذا اتضحت هذه الطرق الست وألفاظها , فأرجحها هو اللفظ الأول (وإذا فرغ من القراءة كلها) لاتفاق أشعث وحميد عليها , دون أن يختلف عليهما فيه , وأما الألفاظ الأخرى فقد اختلف فيها على رواتها عن الحسن غير رواية المعتمر فهى مرجوحة , للاختلاف أو التفرد. وأيضاً فإن اللفظ الأول فيه زيادة على الروايات التى اقتصرت على ذكر الفاتحة فقط , وهى زيادة من ثقة فيجب قبولها كما هو مقرر فى " مصطلح الحديث " , فهو مرجح آخر , وبالله التوفيق.
على أن الحديث معلول , لأن الطرق كلها تدور على الحسن البصرى , وقد قال الدارقطنى عقب الحديث:(2/287)
" الحسن مختلف فى سماعه من سمرة , وقد سمع منه حديثاً واحداً وهو حديث العقيقة , فيما زعم قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد".
على أن الحسن البصرى مع جلالة قدره كان يدلس , فلو فرض أنه سمع من سمرة غير حديث العقيقة , فلا يحمل روايته لهذا الحديث أو غيره على الاتصال إلا إذا صرح بالسماع , وهذا مفقود فى هذا الحديث , بل فى بعض الروايات عنه ما يشير إلى الانقطاع فإنه قال فيها: قال سمرة: وهى رواية إسماعيل ولذلك فالحديث لا يحتج به , وقد قال أبو بكر الجصاص فى " أحكام القرآن " (3/50) ." إنه حديث غير ثابت ".
(506) - قول جابر:" كنا نقرأ فى الظهر والعصر خلف الإمام فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة , وفى الآخرتين بفاتحة الكتاب " رواه ابن ماجه (ص 121) .
* صحيح.
قال ابن ماجه (843) , حدثنا محمد بن يحيى حدثنا سعيد بن عامر حدثنا شعبة عن مسعر عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال: " ... "
قلت: وهذا إسناد صحيح , رجاله رجال البخارى غير سعيد بن عامر وهو ثقة.
(507) - (حديث: " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا , وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا " متفق عليه (ص 122) .
* صحيح.
وهو من حديث أنس بن مالك فى الصحيحين وغيرهما وقد تقدم تخريجه برقم (394) .
(508) - (فى حديث أبى موسى:" فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم " رواه مسلم.(2/288)
* صحيح.
وقد مضى بتمامه مخرجاً برقم (332) .
(509)
- (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبقونى بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام " (ص 122) .
* صحيح.
رواه مسلم (2/28) وأبو عوانة (2/136) والدارمى (1/302) والبيهقى (2/91 ـ 92) وأحمد (3/102 و126 و154 و217 و240) من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: أيها الناس إنى إمامكم فلا تسبقونى بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف , فإنى أراكم أمامى ومن خلفى , ثم قال: والذى نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً , ولبكيتم كثيراً , قالوا: وماذا رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار ".
والسياق لمسلم وليس عند الدارمى " ثم قال ... " الخ.
ولأبى داود (624) منه النهى عن الانصراف.
وله شاهد من حديث معاوية بن أبى سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تبادرونى بالركوع ولابالسجود , فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركونى به إذا رفعت , ومهما أسبقكم به إذا سجدت , تدركونى به إذا رفعت , إنى قد بدنت "
أخرجه الدارمى (1/301 ـ 302) وابن ماجه (963) واللفظ له والبيهقى (2/92) وأحمد (4/92 و98) من طريق محمد بن عجلان عن محمد بن يحيى بن حيان عن ابن محيرز [1] عنه. ولأبى داود منه (619) أكثره.
قلت: وهذا إسناد جيد. وابن محيرز [2] اسمه عبد الله.
(بدنت) بتشديد الدال المهملة أى كبرت.
وله شاهد آخر من حديث أبى هريرة مرفوعاً بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: محيريز}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: محيريز}(2/289)
" يا أيها الناس إنى قد بدنت , فلا تسبقونى بالركوع والسجود ولكن أسبقكم , إنكم تدركون ما فاتكم ".
أخرجه البيهقى (2/93) من طريق إسحاق قال: حدثنى عبد الله بن أبى بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبى الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن.
(510) - (عن أبى هريرة مرفوعاً: " أما يخشى الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " متفق عليه (ص 122) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/181) ومسلم (2/28) وكذا أبو عوانة (2/137) وأبو داود (623) والنسائى (1/132) والترمذى (2/476) والدارمى (1/302) وابن ماجه (961) وابن خزيمة (1600) والبيهقى (2/93) والطيالسى (2491) وأحمد (2/260 و271 و425 و456 و469 و472 و504) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 60) وأبو نعيم فى الحلية (8/43) والخطيب فى " تاريخه " (3/155 و4/398) من طرق عن محمد بن زياد حدثنا أبو هريرة قال: قال محمد صلى الله عليه وسلم: فذكره - واللفظ لمسلم -.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أبو داود وأحمد والخطيب فى رواية لهما: " والإمام ساجد ".
قلت: وإسنادها صحيح.
وفى رواية لبعضهم " صورة " بدل " رأس ". وفى أخرى " وجه " وهى من اختلاف الرواة , والأرجح رواية مسلم وغيره " رأس " كما ذكرته فى " صحيح أبى داود " (634) .(2/290)
(511) - (حديث: " عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان " (ص 123) .
* صحيح.
لطرقه وقد تقدم تخريجه فى أوائل الكتاب (رقم 81) .
(512) - (حديث أبى هريرة مرفوعاً: " إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة , وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء " رواه الجماعة (ص 123)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/183) ومسلم (2/43) وكذا مالك (1/134/13) وأبو داود (794 و495) والنسائى (1/132) والترمذى (1/461) وأحمد (2/486) من طريق الأعرج عن أبى هريرة به , لكن ليس عند أحد منهم " وذا الحاجة " , وعند البخارى بدلها " والكبير " وكذا قال النسائى ومالك وأحمد. وقال مسلم " أو المريض " , وكذا قال الترمذى {وقال} : " حديث حسن صحيح ".
لكن فى رواية أخرى من طريق أبى بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة فذكره مختصراً , وفيه " وذا الحاجة " أخرجه مسلم والبيهقى (3/115) .
وكذا فى رواية أبى سلمة عن أبى هريرة. عند مسلم والبيهقى وأحمد (2/271 و502)
وكذا فى رواية أبى صالح عنه. عند أحمد (2/472 و525) , وسنده صحيح.
وبالجملة فهذه الرواية ثابتة فى الحديث , فضمها المؤلف إليه ثم عزاه للجماعة , وهذا منه تسامح وتساهل. على أن عزوه لابن ماجه خطأ فإنه لم يخرجه البتة من حديث أبى هريرة , وإنما أخرجه (984) من حديث أبى مسعود(2/291)
البدرى بنحوه فى قصة معاذ فى إطالته الصلاة دون قوله: وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء ".
وقد أخرجه الشيخان أيضاً.
(513) - (حديث ابن أبى أوفى: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقوم فى الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم " رواه أحمد وأبو داود (ص 123) .
* ضعيف.
أخرجه أحمد (4/356) وأبو داود (802) من طريق همام حدثنا محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبى أوفى به.
قلت: ورجاله ثقات غير الرجل الذى لم يسم , وقد سمى , فأخرجه البيهقى (2/66) من طريق الحمانى حدثنا أبو إسحاق الحميسى: حدثنا محمد بن جحادة عن طرفة الحضرمى عن عبد الله بن أبى أوفى.
قلت: وطرفه هذا مجهول فلم نستفد من تسميته شيئاً , على أن الحمانى متكلم فيه.
(514) - (" وثبت عنه صلى الله عليه وسلم الانتظار فى صلاة الخوف لإدراك الجماعة ".
* صحيح.
وفيه أحاديث كثيرة منها:
عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه , وصفت طائفة وجاه العدو , فصلى بالتى معه ركعة , ثم ثبت قائماً , وأتموا لأنفسهم , ثم انصرفوا , فصفوا وجاه العدو , وجاءت الطائفة الأخرى , فصلى بهم بالركعة التى بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً , وأتموا لأنفسهم , ثم سلم بهم ".
أخرجه مالك (1/183/1) وعنه البخارى (3/100 ـ 101) ومسلم (2/214) وأبو عوانة (2/364) وأبو داود (1238) والنسائى (1/229) وابن الجارود (123 ـ 124) وأحمد (5/370) والبيهقى (3/252 ـ 253)(2/292)
كلهم عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح به. وعلقه الترمذى (2/456 ـ 457) عنه وقال: " حديث حسن صحيح ".
(515) - (حديث: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات " رواه أحمد وأبو داود (ص 123) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (565) والدارمى (1/293) وابن الجارود (169) والبيهقى (3/134) وأحمد (2/438 و475 و528) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره دون قوله: " وبيوتهن خير لهن ".
قلت: وإسناده حسن , وصححه النووى فى " المجموع " على شرط الشيخين وعزاه العراقى لمسلم , وكل ذلك وهم كما نبهت عليه فى " صحيح أبى داود " (574) وإنما صححت الحديث , لأن له شواهد , فقد أخرجه أحمد (6/69 ـ 70) من حديث عائشة مثل حديث أبى هريرة.
قلت: وإسناده حسن.
وأخرجه أيضا (5/192 , 193) من حديث زيد بن خالد الجهنى مرفوعاً به.
وقال الهيثمى (2/33) : " إسناده حسن ".
قلت: وفيه نظر بينته فى " الثمر المستطاب " , ولكنه لا بأس به فى الشواهد , وقد أخرجه ابن حبان فى صحيحه.
وأما الزيادة , " وبيوتهن خير لهن " فيشهد لها أحاديث:(2/293)
منها: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تمنعوا نساءكم المساجد , وبيوتهن خير لهن ".
أخرجه أبو داود (567) والحاكم (1/209) وعنه البيهقى (3/131) وأحمد (2/76 و76 ـ 77) من طريق حبيب بن أبى ثابت عنه.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى , وصححه جماعة آخرون ذكرتهم فى " صحيح أبى داود " (576) , وهو كما قالوا لولا عنعنة حبيب , فإنه موصوف بالتدليس.
وهو فى الصحيحين وغيرهما من طريق نافع عن ابن عمر نحوه دون الزيادة.
وفى الباب عن أم حميد وأم سلمة وابن مسعود , وقد تكلمت على أسانيدها فى " التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب ".(2/294)
فصل فى الإمامة
(516) - (حديث: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله , فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة , فإن كانو فى السنة سواء فأقدمهم هجرة " الحديث (ص 124) .
* صحيح.
وقد سبق برقم (494) .
(517) - (قوله: " فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سناً " رواه مسلم (ص 124) .
* صحيح.
وهو قطعة من الحديث الذى قبله.
(518) - (قوله: " فإن كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سناً " رواه مسلم (ص 124) .
* صحيح.
وهو قطعة من الحديث الذى قبله.
(519) - (حديث: " قدموا قريشاً ولا تقدموها " (ص 124) .
* صحيح.
روى من حديث الزهرى مرسلاً , ومن حديث عبد الله بن السائب وعلى بن أبى طالب وأنس بن مالك وجبير بن مطعم.(2/295)
أما حديث الزهرى فأخرجه الشافعى (2/509 ـ من ترتيبه) وأبو عمرو الدانى فى " كتاب الفتن " (ق 5/1) والبيهقى فى " معرفة السنن " (ص 25) من طريقين عن ابن أبى ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وزاد: " وتعلموا من قريش , ولا تعلموها ".
ورواه البيهقى (3/121) من طريق معمر عن الزهرى عن ابن أبى حتمة مرفوعاً به وزاد: " فإن للقرشى مثل قوة الرجلين من غيرهم يعنى فى الرأى ".
وقال: " هذا مرسل , وروى موصولاً وليس بالقوى ".
قلت: وابن أبى حتمة هو أبو بكر بن سليمان بن أبى حتمة , وهو تابعى ثقة , ونقل ابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 48/2) عن البيهقى أنه قال: " مرسل جيد ". فالظاهر أنه يعنى البيهقى فى " المعرفة " , وإلا فليس فى " السنن " قوله " جيد " كما رأيت ".
وأما حديث عبد الله بن السائب فأخرجه الطبرانى فى الكبير من طريق أبى معشر عن المقبرى عنه به مثل رواية ابن أبى ذئب وزاد: " ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله تعالى ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 125) : " وأبو معشر ضعيف ".(2/296)
وأما حديث على فعزاه الحافظ للبيهقى , ولعله يعنى فى المعرفة , وعزاه السيوطى فى " الجامع الصغير " للبزار بلفظ: " أخبرتها بما لها عند الله ".
ولم يورده فى " الجامع الكبير " من حديث على أصلا! وإنما أورد فيه (2/94/2) اللذين قبله.
وقد أورده الهيثمى فى " المجمع " (10/25) وقال: " رواه الطبرانى , وفيه أبو معشر وحديثه حسن , وبقية رجاله رجال الصحيح ".
وأظن هذا وهماً منه , فإن من عادته أنه إذا أطلق العزو للطبرانى فإنما يعنى " المعجم الكبير " له , وقد رجعت إلى معجم على منه فلم أجده فيه , والله أعلم
وأما حديث أنس , فأخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/64) وفيه محمد بن سليمان ابن مشمول المخزومى وهو ضعيف. وفى الطريق إليه محمد بن يونس وهو الكديمى وهو متهم بالكذب.
وأما حديث جبير بن مطعم , فأخرجه البيهقى كما قال الحافظ (1) , قال: وقد جمعت طرقه فى جزء كبير ".
قلت: فهو بهذه الطرق صحيح إن شاء الله تعالى , فإن مجيئه مرسلاً بسند صحيح كما سبق مع اتصاله من طرق أخرى يقتضى صحته اتفاقاً كما هو مقرر فى " مصطلح الحديث " , وقد أشار الحافظ فى " الفتح " (13/105) إلى صحة الحديث , والله أعلم.
__________
(1) قلت: وأخرجه أبو نعيم في الحلية (9/64) .(2/297)
(520) - (حديث: " الأئمة من قريش " (ص 124) .
* صحيح.
ورد من حديث جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك وعلى بن أبى طالب وأبو برزة الأسلمى.
1 ـ أما حديث أنس فله عنه طرق:
الأولى: قال الطيالسى فى مسنده (2133) : حدثنا ابن سعد عن أبيه عنه مرفوعاً وأخرجه ابن عساكر (7/48/2) من طريق أبى يعلى حدثنا الحسين بن إسماعيل أبو سعيد بالبصرة حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه به. وهكذا أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (3/171) من طريق الطيالسى عن إبراهيم بن سعد به وقال: " هذا حديث مشهور ثابت من حديث أنس ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط الستة فإن إبراهيم بن سعد وأباه ثقتان من رجالهم.
الثانية: عن بكير بن وهب الجزرى قال: قال لى أنس بن مالك: أحدثك حديثاً ما أحدثه كل أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال: فذكره.
أخرجه أحمد (3/129) والدولابى فى " الكنى " (1/106) وابن أبى عاصم فى " السنة " (1020 ـ بتحقيقى) وأبو نعيم (8/122 ـ 123) وأبو عمرو الدانى فى " الفتن " (ق 3/2) والبيهقى (3/121) , وقال: " مشهور من حديث أنس , رواه عنه بكير ".
قلت: وليس بالقوى كما قال الأزدى , وذكره ابن حبان فى " الثقات " فمثله يستشهد به.
والحديث عزاه فى " المجمع " (5/192) للطبرانى أيضاً فى الأوسط وأبى يعلى والبزار وقال: " رجاله ثقات " ,.(2/298)
الثالثة: عن محمد بن سوقة عن أنس به.
أخرجه أبو نعيم (5/8) من طريق أبى القاسم حماد بن أحمد بن حماد بن أبى رجاء المروزوى قال: وجدت فى كتاب جدى حماد بن أبى رجاء السلمى بخطه عن أبى حمزة السكرى عن محمد بن سوقة به. وقال: " غريب من حديث محمد , تفرد به حماد موجوداً فى كتاب جده ".
قلت: والحمادان لم أجد من ترجمهما.
الرابعة: عن عمر بن عبد الله بن يعلى عنه مرفوعاً.
أخرجه ابن الديباجى فى " الفوائد المنتقاه " (2/79/2) عن مروان بن معاوية عنه قلت: وعمر هذا ضعيف.
الخامسة: عن على بن الحكم البنانى عنه مرفوعاً بلفظ: " الأمراء من قريش ... " الحديث.
أخرجه الحاكم (4/501) من طريق الصعق بن حزن حدثنا على بن الحكم به وقال: " صحيح على شرط الشيخين , ووافقه الذهبى , وإنما هو على شرط مسلم وحده , فإن الصعق هذا إنما أخرجه له البخارى خارج الصحيح.
والحديث عزاه الحافظ العراقى فى " تخريج الإحياء " (4/91) للنسائى والحاكم بإسناد صحيح. فلعله يعنى السنن الكبرى للنسائى.
السادسة: عن قتادة عنه بلفظ: " إن الملك فى قريش ... " الحديث.
رواه الطبرانى كما فى " الفتح " (13/101) .
2 ـ وأما حديث على بن أبى طالب , فهو من طريق فيض بن الفضل(2/299)
البجلى حدثنا مسعر ابن كدام عن سلمة بن كهيل عن أبى صادق عن ربيعة بن ناجذ عنه بلفظ: " الأئمة من قريش ... " الحديث.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 85) وعنه أبو نعيم (7/242) , وأبو القاسم المهرانى فى " الفوائد المنتخبة " (4/40/1 ـ 2) وأبو عمرو الدانى فى " الفتن " (ق 4/2) والحاكم (4/75 ـ 76) والخطابى فى " غريب الحديث " (ق 71/1) من طرق عن الفيض به. وقال الطبرانى: " لم يروه عن مسعر إلا فيض ".
قلت: وهو مجهول الحال , فقد ذكره ابن أبى حاتم (3/2/88) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , غير أنه قال: كتب أبى عنه , وروى عنه.
قلت: وهو من رواة هذا الحديث عنه , خلافاً لما قد يشعر به صنيع الهيثمى (5/192) . حيث أعل الحديث بحفص بن عمر بن الصباح الراقى , مع أنه تابعه أبو حاتم وغيره عند الدانى والحاكم.
وبقية رجال الإسناد ثقات , فهو حسن فى الشواهد. وقد سكت عليه الحاكم وكذا الذهبى على ما فى النسخة المطبوعة من كتابيهما , وأما المناوى فقال فى " فيض القدير ": " أخرجه الحاكم " فى " المناقب " (يعنى المكان الذى أشرنا إليه بالرقم) وقال: صحيح , وتعقبه الذهبى فقال: حديث منكر. وقال ابن حجر رحمه الله: حديث حسن , لكن اختلف فى رفعه ووقفه , ورجح الدارقطنى وقفه.
قال: وقد جمعت طرق خبر " الأئمة من قريش " فى جزء ضخم عن نحو أربعين صحابياً ".
قلت: وذكر العلامة القارى فى شرحه لـ " شرح النخبة " أن الحافظ قال فى هذا الحديث إنه متواتر.
ولا يشك فى ذلك من وقف على بعض الطرق التى جمعها الحافظ رحمه الله كالتى نسوقها هنا.(2/300)
3 ـ وأما حديث أبى برزة , فهو من طريق سكين بن عبد العزيز عن سيار بن سلمة أبى المنهال الرياحى عنه.
أخرجه الطيالسى (926) وأحمد (4/421 و424) وكذا يعقوب بن سفيان وأبو يعلى والطبرانى والبزار كما فى " الفتح " (13/101) و" المجمع " (5/163) وقال: " ورجال أحمد رجال الصحيح خلا سكين وهو ثقة ".
قلت: وثقه جماعة , وضعفه أبو داود وقال النسائى: ليس بالقوى فالسند حسن والحديث صحيح.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة بمعناه فى الصحيحين وغيرهما , فمن شاء فليراجع " مجمع الزوائد " و" فتح البارى " , ثم " السنة لابن أبى عاصم " رقم (1009 ـ 1029 ـ بتحقيقى) .
(تنبيه) استدل المصنف بالحديث على أن القرشى مقدم فى إقامة الصلاة على غيره , كما هو مقدم فى الإمامة الكبرى , وفى هذا الاستدلال نظر عندى , لأن الحديث بمجموع ألفاظه ورواياته لا يدل إلا على الإمامة الكبرى , فإن فى حديث أنس وغيره: " ما عملوا فيكم بثلاث: ما رحموا إذا استرحموا , وأقسطوا , إذا قسموا , وعدلوا إذا حكموا ".
فهذا نص فى الإمامة الكبرى , فلا تدخل فيه الإمامة الصغرى لاسيما وقد ورد فى البخارى وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم سالماً مولى أبى حذيفة فى إمامة الصلاة ووراءه جماعة من قريش.
نعم الحديث الذى قبله ظاهر الدلالة على ما ذكره المؤلف , والله أعلم.
(521) - (حديث: " لا يؤمن الرجل الرجل فى بيته " رواه مسلم (ص 124) .
* صحيح.
وهو قطعة من حديث تقدم بتمامه.(2/301)
(522) - (حديث: لأن ابن عمر أتى أرضاً له وعندها مسجد يصلى فيه مولى له , فصلى ابن عمر معهم , فسألوه أن يؤمهم فأبى وقال: " صاحب المسجد أحق ". رواه البيهقى بسند جيد (ص 124) .
* حسن.
أخرجه الشافعى (1/129) : أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرنى نافع قال: " أقيمت الصلاة فى مسجد بطائفة من المدينة , ولابن عمر قريباً من ذلك المسجد أرض يعملها , وإمام ذلك المسجد مولى له , ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثمة , قال: فلما سمعهم عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة , فقال له المولى صاحب المسجد: تقدم فصل , فقال عبد الله: أنت أحق أن تصلى فى مسجدك منى , فصلى
المولى ".
ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى (3/126) وسنده حسن.
(523) - (قال أبو سعيد مولى أبى أسيد: " تزوجت وأنا مملوك فدعوت ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو ذر وابن مسعود , وحذيفة فحضرت الصلاة فتقدم أبو ذر فقالوا: وراءك , فالتفت إلى أصحابه فقال: أكذلك؟ قالوا: نعم , فقدمونى " رواه صالح بإسناد فى مسائله (ص 124) .
* صحيح الإسناد إلى أبى سعيد هذا.
وقد أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/23/1 و7/50/1 و12/43/2) وابن حبان فى " الثقات " (1/274) عن أبى نضرة عن أبى سعيد به.
قلت: وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات غير أبى سعيد , فلم يوثقه غير ابن حبان وقال: " يروى عن جماعة من الصحابة , روى عنه أبو نضرة ".
وذكره الحافظ فيمن روى عن مولاه أبى أسيد مالك بن ربيعة الأنصارى(2/302)
فهو مستور. والله أعلم.
(524) - (روى ابن ماجه عن جابر مرفوعاً: " لا تؤمن امرأة رجلاً , ولا أعرابى مهاجراً , ولا فاجر مؤمناً , إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه " (ص 125) .
* ضعيف.
وهو عجز حديث سنذكره بتمامه فى أول " الجمعة ".
(525) - (حديث ابن عمر: " كان يصلى خلف الحجاج " (ص 125) .
* صحيح.
قال الحافظ فى " التلخيص " (128) : " رواه البخارى فى حديث ".
قلت: ولم أجده عنده حتى الآن [1] , وقد أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/84/2) : حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعى عن عمير بن هانىء قال: " شهدت ابن عمر والحجاج محاصر ابن الزبير , فكان منزل ابن عمر بينهما فكان ربما حضر الصلاة مع هؤلاء , وربما حضر الصلاة مع هؤلاء ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الستة.
وأخرجه البيهقى (3/122) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن عمير بن هانىء أتم منه.
ورواه الشافعى (1/130) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر اعتزل بمنى فى قتال ابن الزبير , والحجاج بمنى , فصلى مع الحجاج.
ورواه ابن سعد (4/1/110) من طريق جابر ـ وهو الجعفى ـ عن نافع نحوه.
ثم أخرج عن زيد بن أسلم أن ابن عمر كان فى زمان الفتنة لا يأتى أمير
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/22:
هو في حديث في " الحج " كما أفاده الحافظ ابن حجر , فانظر: " الصحيح ": (3/511 , و 513 , و 514 - ط. السلفية مع الفتح) . اهـ.(2/303)
إلا صلى خلفه , وأدى إليه زكاة ماله. وسنده صحيح.
وأخرج عن سيف المازنى قال: " كان ابن عمر يقول: لا أقاتل فى الفتنة , وأصلى وراء من غلب ".
وإسناده صحيح , إلى سيف , وأما هو فأورده ابن أبى حاتم (2/1/274) . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
(526) - (حديث: " أن الحسن والحسين كانا يصليان وراء مروان " (ص 125) .
أخرجه الشافعى (1/130) ـ وعنه البيهقى ـ وابن أبى شيبة (2/84/2) قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه:
" أن الحسن والحسين رضى الله عنهما كانا يصليان خلف مروان , قال: فقيل: ما
كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟ فقال: لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم إن كان أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم قد سمع من جديه الحسن والحسين , فقد قيل إنه لم يسمع من أحد من الصحابة , والله أعلم.
(527) - (قال صلى الله عليه وسلم: " إن الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر " رواه أبو داود) ص 125.
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (594 و2533) وعنه البيهقي (3/121) والدارقطني (184 و185) وابن عساكر (13/394/1) عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا , وقال الدارقطني: مكحول لم يسمع من أبي هريرة ومن دونه ثقات.(2/304)
وقال الزيلعي في " نصب الراية " (2/27) : رواه أبو داود في الجهاد وضعفه بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة , ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في " المعرفة " وقال: إسناده صحيح , إلا أن فيه انقطاعا بين مكحول وأبي هريرة.
قلت: وما عزاه لأبي داود من التضعيف ليس في سنن أبي داود لا في الجهاد وإليه رمزنا بالرقم الثاني , ولا في الصلاة وإليه الرمز بالرقم الأول , فلعله في كتاب آخر لأبي داود , والله أعلم.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " سيليكم بعدي ولاة , فيليكم البر ببره , والفاجر بفجوره , فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق , وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم , وإن أسأؤوا فلكم وعليهم ".
أخرجه الدارقطني (184) وابن حبان في " الضعفاء " من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , آفته عبد الله هذا فإنه متروك كما قال الحافظ في " التلخيص " (125) .
وفي الباب عن ابن عمر وأبي الدرداء وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وواثلة بت الأسقع وأبي أمامة.
1 ـ أما حديث ابن عمر فله عنه طرق:
الأولى: عن عطاء بن أبي رباح عنه مرفوعا بلفظ: " صلوا على من قال لا إله إلا الله , وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله ".
أخرجه الدارقطني (184) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/217) من طريق
عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء به.(2/305)
قلت: وهذا سند واه جدا , عثمان بن عبد الرحمن هو الزهري الوقاصي متروك وكذبه ابن معين.
الثانية: عن مجاهد عنه به.
أخرجه الدارقطني وتمام في " الفوائد " (ج 9/132/2) وأبو بكر بم مكرم القاضي في " الأمالي " (1/37/1) وابن شاذان في " الفوائد " (1/118/2 و125/1) وأبو جعفر الرزاز في " ستة مجالس من الأمالي " (ق 229/1) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 46/1) من طريق الحاكم , كلهم عن محمد بن الفضل بن عطية ثنا سالم الأفطس عن مجاهد , وقال الحاكم: تفرد به محمد بن الفضل بن عطية.
قلت: وهو كذاب كما قال الفلاس وغيره , وقد خولف فيه عن سالم كما يأتي.
الثالثة: عن نافع عنه , وله عنه طرق:
أـ عن أبي الوليد المخزومي ثنا عبيد الله عنه.
أخرجه الدارقطني وابن المظفر في " الفوائد المنتقاة " (2/218/1) وأبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن عثمان في " غرائب حديث الميانجي " (ق 125) والخطيب (11/293) عن العلاء بن سالم عن أبي الوليد.
قلت: وهذا إسناد واه جدا , أبو الوليد اسمه خالد بن إسماعيل المخزومي , قال ابن عدي: كان يضع الحديث على الثقات.
قلت: وقد تابعه وهب بن وهب القاضي وهو كذاب أيضا.
أخرجه الخطيب (6/403) .
ب ـ عن عثمان بن عبد الله بن عمرو العثماني ثنا مالك بن أنس عنه به.
أخرجه محمد بن المظفر في " غرائب مالك " (ق 69/2) وتمام في(2/306)
" الفوائد " (4/78/2) وابن عدي (ق 291/1) والخطيب (11/283) كلهم عنه.
قلت: وهذا كالذي قبله فإن العثماني هذا كذاب وضاع وقد ساق له الذهبي بعض ما وضعه من الأحاديث , وقال ابن عدي عقب هذا: باطل عن مالك.
الرابعة: عن سعيد بن جبير عنه.
أخرجه أبو نعيم (10/320) عن نصر بن الحريش الصامت ثنا المشمعل بن ملحان عن سويد بن عمر عن يالم الأفطس عن سعيد بن جبير به.
قلت: وهذا سند ضعيف , نصر هذا , قال الدارقطني: ضعيف , وروى الخطيب (13/286) عنه أنه قال: حججت أربعين حجة ما كلمت فيها أحدا , فسمي الصامت لذلك.
قلت: وهذا مخالف للإسلام لأن معناه أنه لم يأمر بمعروف ولم ينه عن منكر , فالظاهر أنه صوفي مقيت.
2 ـ وأما حديث أبي الدرداء , فهو من طريق الوليد بن الفضل أخبرني عبد الجبار بن الحجاج بن ميمون الخراساني عن مكرم بن حكيم الخثعمي عن سيف بن منير عنه قال: " أربع خصال سمعتهن من رسول صلى الله عليه وسلم لم أحدثكم بهن , فاليوم أحدثكم بهن , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تكفروا أحدا من أهل قبلتي بذنب وإن عملوا الكبائر , وصلوا خلف كل إمام , وجاهدوا ـ أو قال: قاتلوا ـ مع كل أمير , والرابعة , لا تقولوا في أبي بكر الصديق , ولا في عمر , ولا في عثمان , ولا في علي إلا خيرا , قولوا: * (بلك أمة قد خلت , لها ما كسبت ولكم ما كسبتم) * ".
أخرجه الدارقطني (184) وقال:(2/307)
ولا يثبت إسناده , من دون أبي الدرداء ضعفاء.
وأخرجه العقيلي في " الضعفاء " (260 ـ 261) من هذا الوجه مختصرا بلفظ: " صلوا خلف كل إمام , وقاتلوا مع كل أمير " , وقال: عبد الجبار هذا إسناده مجهول غير محفوظ , وليس في هذا المتن إسناد يثبت.
قلت: والراوي عن عبد الجبار وهو الوليد بن الفضل أوهى منه , قال ابن حبان: يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة , لا يجوز الاحتجاج به.
وله طريق أخرى ستأتي في الحديث السادس.
3 ـ وأما حديث علي , فهو من طريق أبي إسحاق القنسريني ثنا فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن الحارث عنه مرفوعا بلفظ: " من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر , والجهاد مع كل أمير ولك أجرك , والصلاة على كل من مات من أهل القبلة".
أخرجه الدارقطني (185) وقال: وقد ساق قبله الأحاديث المتقدمة: وليس فيها شيء يثبت.
قلت: وعلة هذا من وجوه:
الأول: الحارث وهو الأعور , وهو متهم بالكذب.
الثاني: محمد بن علوان , وهو مجهول.
الثالث: فرات بن سليمان , قال ابن حبان: منكر الحديث جدا , يأتي بما لا يشك أنه معمول.
الرابع: أبو إسحاق هذا , قال الذهبي: مجهول.
4 ـ وأما حديث ابن مسعود فهو من طريق عمر بن صبح عن منصور عن(2/308)
إبراهيم عن علقمة والأسود عنه مرفوعا بلفظ: " ثلاث من السنة: الصف خلف كل إمام , لك صلاتك وعليه إثمه , والجهاد مع كل أمير , لك جهادك وعليه شره , والصلاة على كل ميت من أهل التوحيد , وإن قاتل نفسه ".
أخرجه الدارقطني (185) وقال: عمر بن صبح متروك.
قلت: وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
5 ـ وأما حديث واثلة , فهو من طريق الحارث بن نبهان ثنا عتبة بن اليقظان عن أبي سعيد عن مكحول عنه مرفوعا بلفظ: " لا تكفروا أهل ملتكم , وإن عملوا الكبائر , وصلوا مع كل إمام , وجاهدوا مع كل أمير , وصلوا على ميت ".
أخرجه الدارقطني (185) بتمامه وابن ماجه (1525) الجملة الأخيرة والتي قبلها , وقال الدارقطني: أبو سعيد مجهول.
قلت: الظاهر أنه محمد بن سعيد المصلوب الشامي فإنه من أصحاب مكحول وكان الرواة يدلسون اسمه ويقلبونه على أنواع كثيرة جمعها بعض المحدثين فجاوزت مائة! وهو كذاب وضاع.
وفي السند علتان أخريان: عتبة بن يقظة , قال النسائي: غير ثقة.
والحارث بن نبهان , قال البخاري: منكر الحديث.
وللحديث طريق أخرى تأتي بعده.
6 ـ وأما حديث أبي أمامة فهو من طريق القرقساني عن عبد الله بن يزيد(2/309)
قال: حدثني أبو الدرداء وأبو أمامة وواثلة بن الأسقع مرفوعا بلفظ: " صلوا مع من صلى من أهل القبلة , وصلوا على من مات من أهل القبلة ".
أخرجه الجرجاني في " تاريخ جرجان " (272) من طريق ابن عدي بسنده عن القرقساني به.
قلت: وهذا سند واه جدا , عبد الله بن يزيد هذا هو ابن آدم الدمشقي , قال أحمد: أحاديثه موضوعة.
والقرقساني اسمه محمد بن مصعب , وفيه ضعف من قبل حفظه.
فقد تبين من هذا التجريح والتتبع لطرق الحديث أنها كلها واهية جدا كما الحافظ في " التلخيص " (ص 125) , ولذلك فالحديث يبقى على ضعفه مع كثرة طرقه , لأن هذه الكثرة الشديدة الضعف في مفرداتها لا تعطي الحديث قوة في مجموعها كما هو مقرر في " علم الحديث " , فالحديث مثل صالح لهذه القاعدة التي قلما يراعيها من المشتغلين بهذا العلم الشريف.
(528) - (قال البخارى فى " صحيحه ": " باب إمامة المفتون والمبتدع , وقال الحسن: صلى وعليه بدعته " (ص 125) .
* صحيح.
وقد وصله سعيد بن منصور عن ابن المبارك عن هشام بن حسان أن الحسن سئل عن الصلاة خلف صاحب البدعة؟ فقال الحسن صل خلفه , وعليه بدعته. كما فى " فتح البارى " (2/158) والسند صحيح.
(529) - (روى البخارى عن عبيد الله بن عدى بن خيار: " أنه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى , ويصلى لنا إمام فتنة ونتحرج , فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس , فإذا(2/310)
أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم " (ص 125 ـ 126) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/181) وكذا الإسماعيلى كما فى " الفتح " (2/158) .
(530) - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يستخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى " , رواه أبو داود) . ص 126.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (595) وعنه البيهقي (3/88) من طريق عمران القطان عن قتادة عن أنس أن النبي استخلف , الحديث , ثم أخرجه أبو داود (2931) وابن الجارود (156 ـ 157) وأحمد (3/132) من هذا الوجه بلفظ: " استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين ".
وزاد أحمد في رواية (3/192) : " يصلي بهم وهو أعمى ".
قلت: وهذا سند حسن , رجاله كلهم ثقات وفي عمران القطان كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن , لكن قد خالفه همام فقال: عن قتادة مرسلا.
أخرجه ابن سعد (4/151/1) , وهذا أصح.
لكن الحديث صحيح فإن له شاهدين أحدهما موصول , والآخر مرسل.
أما الموصول فأخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/31/1) : حدثنا إبراهيم هو بن هاشم ثنا أمية هو ابن بسطام ثنا يزيد بن زريع حدثنا حبيب المعلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يصلي بالناس ".(2/311)
وقال: لم يروه عن هشام إلا حبيب تفرد به يزيد , حدثنا موسى بن هارون حدثنا أمية بن بسطام فذكره.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين غير إبراهيم بن هاشم وهو أبو إسحاق البيع البغوي وموسى بن هارون وهو أبو عمران الحمال وهما ثقتان.
وقال الهيثمي في " المجمع " (2/65) : رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
قلت: ولا وجه لهذا التخصيص , فرجال الطبراني أيضا رجال الصحيح كما سبق , وقد رواه ابن حبان أيضا في صحيحه كما في " التلخيص " (ص 124) .
وأما المرسل , فأخرجه ابن سعد في " الطبقات " (4/1/151) من طريق يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي قال: " استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم يؤم الناس , وكان ضرير البصر ".
وهو مرسل صحيح الإسناد.
ورواه من طريق محمد بن سالم عن الشعبي بلفظ: " غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة غزوة , ما منها غزوة إلا يستخلف ابن أم مكتوم على المدينة , وكان يصلي بهم وهو أعمى ".
ومحمد بن سالم هذا الهمداني أبو سهل الكوفي وهو ضعيف.
وله شاهد آخر موصول لكنه ضعيف جدا , أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/29/2) عن عفير بن معدان عن عكرمة عن ابن عباس به مثل حديث أنس.
وقول الحافظ: إسناده حسن , غير حسن فإن ابن معدان ضعيف(2/312)
اتفاقا , بل قال النسائي: ليس بثقة.
ثم هو من حديث عكرمة عنه كما ترى , لا من حديث عطاء عنه كما وقع في " التلخيص " [1]
(531) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بهم جالساً فصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا ثم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به , فلا تختلفوا عليه , فإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين " متفق عليه (ص 126) .
* صحيح.
وهو من رواية أبى هريرة , لكن ليس فيها سبب الحديث , وإنما هو من رواية أنس وعائشة وقد تقدمت ألفاظهم جميعاً برقم (394) .
(532) - (قال ابن مسعود: " لا يؤمن الغلام حتى تجب عليه الحدود " , وقال ابن عباس: " لا يؤمن الغلام حتى يحتلم " , رواهما الأثرم , ولم ينقل عن غيرهما من الصحابة خلافه) .. ص 127.
لم أقف على إسنادهما.
فإن كتاب الأثرم لم نطلع عليه , اللهم إلا قطعة من كتاب الطهارة منه في المكتبة الظاهرية , ولا وجدت من تكلم عليهما , إلا أن أثر ابن عباس رواه عبد الرزاق مرفوعا بإسناد ضعيف , كما في " الفتح " (2/156) .
لكن يخالف هذين الأثرين حديث عمرو بن سلمة , وفيه أنه أم الوفد من الصحابة الذين رجعوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم وعمره يومئذ ست أو سبع سنين كما تقدم في الحديث (210) , ففي هذا رد لقول المصنف: ولم ينقل عن غيرهما من الصحابة خلافه! فهؤلاء جماعة من الصحابة اقتدوا بالغلام قبل الاحتلام , قال الحافظ: وقد نقل ابن حزم أنه لا يعلم لهم في ذلك مخالف منهم.
ففيه إشارة إلى تضعيف هذين الأثرين , وعلى كل حال فالأخذ بحديث عمرو أولى للقطع بصحته , ولأنه عن جماعة من الصحابة وأيضا فهو في حكم
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] كذا وَهَّمَ الشيخُ رحمه الله الحافِظَ ابن حَجَر, والحديث الذي عناه ابن حجر إنما رواه الطبراني في الكبير (11/183) لا الأوسط وهو من رواية عطاء كما قال , قال الطبراني: حدثنا عبيد العجل , حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان , حدثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن البي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمر المدينة. فقول الحافظ " إسناده حسن " إنما قاله على هذا السند لا الإسناد الظاهر الضعف الذي في الأوسط. والله الموفق.(2/313)
المرفوع , والقول بأنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مردود , لأنها ـ كما قال الحافظ ـ شهادة نفي , ولأن زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز كما استدل أبو سعيد وجابر لجواز العزل بكونهم فعلوه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولو كان منهيا عنه لنهي عنه في القرآن أو السنة , انظر " فتح الباري " (2/155 ـ 156 و8/19) .
(533) - (روى عن عمر: أنه صلى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء , فوجد فى ثوبه احتلاماً فأعاد الصلاة ولم يعد الناس ". وروى الأثرم نحو هذا عن عثمان وعلى. [1]
(534) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث محجن بن الأذرع [2] : " فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة " رواه أحمد (ص 127) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (4/338) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم ـ قال سفيان مرة , عن بسر أو بشر بن محجن , ثم كان يقول بعد: عن أبى محجن الديلى عن أبيه قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد , فحضرت الصلاة فصلى فقال لى:
ألا صليت؟ قال: قلت: يا رسول الله قد صليت فى الرحل , ثم أتيتك , قال: فإذا فعلت , فصل معهم واجعلها نافلة. قال عبد الله بن أحمد: قال: أبى: ولم يقل أبو نعيم ولا عبد الرحمن: واجعلها نافلة ".
قلت: وهذا سند رجاله ثقات غير بسر أو بشر فإنه لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير زيد بن أسلم , ومع ذلك قال فيه الحافظ فى " التقريب": " صدوق ".
والحديث صحيح فإن له شواهد كما يأتى.
ورواية أبى نعيم وعبد الرحمن ـ وهو ابن مهدى ـ التى أشار إليها أحمد قد أخرجها فى " المسند (4/34) عنهما عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن أبيه , وعن عبد الرزاق قال: أنبأنا زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/24:
لم يتكلم عليه المخرج بشيء.
وأثر عمر: أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه ": (2/348) بإسناد صحيح عن عروة عن عمر , ورواه من طرق أخرى بعضها مطول وبعضها مختصر. وانظر: " مصنف ابن أبي شيبة ": (2/44) .
وقد رواه مالك في " الموطأ ": (1/49) من طرق عن عمر , وليس فيها التصريح بأن الناس لم يعيدوا , لكنها تفهم من السياق.
ورواه الدارقطني: (1/364) بإسناد رجاله ثقات.
ورواه ابن الجعد في " مسنده ": (رقم 193) مرسلا بنحوه.
وأما أثر عثمان فرواية الأثرم عنه ساقها ابن عبد البر في " التمهيد ": (1/182) , قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: حدثنا هشيم عن خالد بن سلمة قال: أخبرني محمد ابن عمرو بن المصطلق " أن عثمان بن عفان صلى بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة فقال: كبرت والله , كبرت والله , فأعاد الصلاة ولم يأمرهم بأن يعيدوا ".
ورواه الدارقطني في " سننه ": (1/364) من طريق ابن مهدي عن هشيم به.
ومحمد بن عمرو ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا , وذكره ابن حبان في " الثقات ": (7/368) , والظاهر أن روايته عن عثمان مرسلة.
وأما أثر علي: فرواه ابن أبي شيبة في " المصنف ": (2/45) , ومن طريقه الأثرم في " سننه " كما في " التمهيد " (1/182) من طريق الحجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي في الجنب يصلي بالقوم , قال: يعيد ولا يعيدون (لفظ الأثرم) .
وهذا إسناد ضعيف , وروي عن علي خلافه.
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف ": (2/350 - 351) . اهـ.
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: الأدرع}(2/314)
أبيه بلفظ: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة , فجلست فلما صلى , قال لى: ألست بمسلم؟ قلت: بلى , قال: فما منعك أن تصلى مع الناس؟ قال: قلت: صليت
فى أهلى , قال: فصل مع الناس ولو كنت قد صليت فى أهلك ".
وهكذا رواه مالك (1/132/8) عن زيد بن أسلم به. إلا أنه قال: " عن رجل من بنى الديل يقال له بسر بن محجن ... ". وعن مالك أخرجه النسائى (1/137) والدارقطنى (159) والبيهقى (2/300) وقرن به الدارقطنى عبد العزيز بن محمد وهو الدراوردى وقال: " اللفظ لمالك , والمعنى واحد ".
قلت: فقد اتفق هؤلاء الخمسة أبو نعيم وعبد الرحمن ومعمر ومالك وعبد العزيز على أن ليس فى الحديث: " واجعلها نافلة ". فهى فيه شاذة لتفرد سفيان بها وهذا يدل على أنه لم يجد حفظ الحديث كما أنه اضطرب فى إسناده وفى اسم بسر كما رأيت , والصواب رواية الجماعة. والله أعلم.
لكن هذه الزيادة صحيحة فقد وردت فى حديث آخر عن يزيد بن الأسود: " أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام شاب فلما صلى , فإذا رجلان لم يصليا فى ناحية المسجد , فدعا بهما , فجىء بهما ترعد فرائصهما , فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا فى رحالنا , فقال: لا تفعلوا , إذا صلى أحدكم فى رحله , ثم أدرك الإمام ولم يصل , فليصل معه فإنها له نافلة ".
أخرجه أصحاب السنن ـ إلا ابن ماجه ـ وغيرهم بإسناد صحيح , وصححه جماعة كما حققته فى " صحيح أبى داود " (590 و591) .
(تنبيه) : قول المؤلف: " حديث محجن بن الأذرع [1] " وهم فإنه ليس من حديثه بل من حديث محجن بن أبى محجن الديلى , وهذا غير الذى قبله فإنه ديلى كما تقدم وذاك أسلمى.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: الأدرع}(2/315)
(535) - (حديث أبى سعيد: " من يتصدق على ذا فيصلى معه " رواه أحمد وأبو داود (ص 127)
* صحيح.
أخرجه أحمد (3/64 و5/45) وأبو داود (574) وكذا الدارمى (1/318) والترمذى (1/427 ـ 428) وابن أبى شيبة (2/63/2) وابن الجارود (168) والحاكم (1/209) وأبو يعلى فى " مسنده " (ق 69/2) والطبرانى فى " الصغير " (ص 126 و138) والبيهقى (3/69) وابن حزم (4/238) عن سليمان الناجى عن أبى المتوكل عن أبى سعيد الخدرى: " أن رجلاً دخل المسجد , وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. زاد أحمد ـ والسياق له ـ وغيره: فقام رجل من القوم فصلى معه ".
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم , سليمان الأسود هذا هو سليمان بن سحيم , احتج به مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: إنما هو صحيح فقط فإن سليمان هذا ليس ابن سحيم وإنما هو الناجى كما جاء مصرحاً به فى سند أحمد , وهو أبو محمد البصرى وهو ثقة اتفاقاً.
ثم رواه أحمد (3/85) : حدثنا على بن عاصم أنبأنا سليمان الناجى به بلفظ: " صلى بأصحابه الظهر , قال: فدخل رجل من أصحابه , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما حبسك يا فلان عن الصلاة؟ قال: فذكر شيئاً اعتل به , قال: فقام يصلى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث. وقال الهيثمى (2/45) : " ورجاله رجال الصحيح "!
قلت: على بن عاصم لم يرو له الشيخان شيئاً , ثم هو ضعيف من قبل حفظه فلا يحتج به إذا تفرد به , وإن كان حديثه أتم.
وللحديث شاهد من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه مثله ـ أعنى اللفظ(2/316)
الأول دون الزيادة.
أخرجه السراج فى " مسنده " (ق 108/1) وفى " حديثه " (ق 97/1) والدارقطنى (ق 103) والطبرانى فى " الأوسط " (1/22/1) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (1/514) عن عمر بن محمد بن الحسن الأسدى حدثنا أبى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عنه.
قلت: وهذا سند جيد كما قال الزيلعى فى " نصب الراية " (2/58) وتبعه العسقلانى , ومحمد بن الحسن هذا هو الأسدى الكوفى الملقب بـ " التل " وهو صدوق فيه لين احتج به البخارى وليس هو ابن زبالة الضعيف كما ظن الهيثمى.
وله طريق آخر فيه نكارة أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 238/1) عن أبى حمزة حدثنا محمد بن عبيد الله عن عباد بن منصور قال: " رأيت أنس بن مالك دخل مسجداً بعد العصر , وقد صلى القوم , ومعه نفر من أصحابه , فأمهم , فلما انفتل قيل له: أليس يكره هذا؟ فقال: دخل رجل المسجد , وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر , فقام قائماً ينظر , فقال: ما لك؟ فقال: أريد أن أصلى فقال النبى صلى الله عليه وسلم: فذكره , فدخل رجل , فأمرهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يصلوا جميعاً ".
وقال ابن عدى: " وعباد بن منصور هو فى جملة من يكتب حديثه ".
قلت: وهو ضعيف تغير بآخره , وقوله: " فدخل رجل " منكر مخالف لما فى رواية أبى سعيد: فقام رجل من القوم فصلى معه ".
فهذا نص على أن الرجل كان من الجماعة الذين كانوا صل وا مع النبى صلى الله عليه وسلم , ولم يدخل عليهم بعد الرجل الأول , ويؤيده مرسل الحسن البصرى بلفظ: " أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: ألا رجل يقوم إلى هذا فيصلى معه , فقام أبو بكر فصلى معه , وقد كان صلى تلك الصلاة".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/46/1) والبيهقى (3/69 ـ 70) وإسناده إلى(2/317)
الحسن صحيح.
ثم رواه ابن أبى شيبة (2/63/2) بسند صحيح أيضاً عن أبى عثمان وهو النهدى
مرسلاً به دون قوله " فقام أبو بكر ... ".
ولصلاة أنس بعد الجماعة الأولى فى المسجد أصل , فقد أخرج ابن أبى شيبة والبيهقى من طريق الجعد أبى عثمان اليشكرى قال: " صلينا الغداة فى مسجد بنى رفاعة , وجلسنا , فجاء أنس بن مالك فى نحو من عشرين من فتيانه , فقال: أصليتم؟ قلنا: نعم , فأمر بعض فتيانه , فأذن وأقام , ثم تقدم فصلى بهم ".
قلت: وسنده صحيح وعلقه البخارى فى صحيحه.
فهذا يدل على خطأ عباد بن منصور فى حديثه حيث خلط بين حديث أنس المرفوع وحديثه هذا الموقوف فجعلهما حديثاً واحداً , احتج أنس فيه للموقوف بالمرفوع! ومن جهة أخرى فإنه جعل الصلاة فى الحديث الموقوف صلاة العصر , وهى صلاة الغداة!
(536) - (حديث: " إنما جعل الإمام ليؤتم به , فلا تختلفوا عليه " متفق عليه (ص 127) .
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة فى بعض الطرق عنه وقد سبق ذكرها (394) .
(537) - (حديث معاذ: [فى صلاة المفترض وراء المتنفل] متفق عليه (ص 127) .
فصل
(538) - عن ابن مسعود أنه صلى بين علقمة والأسود وقال:(2/318)
(هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل" رواه أبو داود) (ص 128)
* صحيح.
أخرجه أبو داود (613) والنسائي (1 / 128 - 129) وأحمد (1 /) وابن أبي شيبة (1 / 98 / 1 / 2) من طريق محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه (ولم يقل أحمد وابن أبي شيبة عن أبيه) قال: (استأذن علقمة والأسود على عبد الله وقد كنا أطلنا القعود على بابه فخرجت الجارية فاستأذنت لهما فأذن لهما ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال: فذكره) .
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هارون هذا وهو ثقة وثقة أحمد وابن معين. وقال أبو زرعة: (لا بأس به مستقيم الحديث) كما في (الجرح والتعديل) (4 / 2 / 94 - 93) .
وتناقض فيه ابن حبان وكذا الدارقطني فقد قال البرقاني: (سألت الدارقطني عن عبد الملك بن هارون بن عنترة؟ فقال: متروك يكذب وأبوه يحتج به وجده يعتبر به) . كما في (الميزان) و (التهذيب) .
وقال الذهبي في ترجمة عبد الملك: (يروي عن أبيه. قال الدارقطني: ضعيفان) وأقره الحافظ في (اللسان) فالله أعلم.
وأما ما نقله الزيلعي (2 / 33) عن النووي أنه قال فيه هارون بن عنترة وهو وإن وثقه أحمد وابن معين فقد قال الدراقطني: هو متروك كان يكذب) فإني أظنه وهما من النووي رحمه الله فإن الدارقطني إنما قال ذلك في عبد الملك بن هارون لا في أبيه كما تقدم.
وعلى كل حال فرواية التوثيق عن الدارقطني وابن حبان أولى بالترجيح لموافقتها لتوثيق الأئمة الذين سبق ذكرهم ولأن رواية التضعيف عنهما جرح غير مفسر فلا يقبل.
ومع ذلك فإنه لم يتفرد به بل تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود به.(2/319)
أخرجه الطحاوي في (1 / 181) والبيهقي (3 / 98) وأحمد (1 / 451 و455) من طرق عنه.
فهذه متابعة قوية وأما إعلال النووي لها بقوله: (وابن إسحاق مشهور بالتدليس وقد عنعن والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق) . وأقره الزيلعي (2 / 34) .
قلت: فهذا مردود بتصريح ابن إسحاق بالتحديث في رواية لأحمد قال (1 / 459) : ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه قال: (دخلت: أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود الهاجرة قال: فأقام الظهر ليصلي فقمنا خلفه فأخذ بيدي ويد عمي ثم جعل أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره ثم قام بيننا فصففنا خلفه (!) صفا واحدا ثم قال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة، قال: فصلى بنا فلما ركع طبق وألصق ذراعيه بفخذيه وأدخل كفيه بين ركبتيه قال: فلما سلم أقبل علينا قال: إنها ستكون أئمة يؤخرون الصلاة عن وقتها فإذا فعلوا ذلك فلا تنظروهم واجعلوا الصلاة معهم سبحة) .
قلت: فهذا إسناد متصل جيد.
وله متابع آخر خرجته في (صحيح أبي داود) (627) .
وله طريق أخرى عن ابن مسعود.
رواه إبراهيم - عن علقمة والأسود أنهما دخلا على عبد الله فقال: أصلى من خلفكم؟ قالا: نعم فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه والأخر عن شماله، ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما بين فخذيه فلما صلى قال:(2/320)
هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم (2 / 69) وأبو عوانة (2 / 166) والطحاوي (1 / 134 - 135) .
وقد تابعه أبو إسحاق وهو السبيعي عن الأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس.
أخرجه أحمد (1 / 414) وفي رواية له عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عنهما.
وهكذا رواه الطحاوي.
وهذه الطريق وإن لم تكن صريحة في رفع قصة الصف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهي ظاهرة في ذلك ويؤيدها الروايات السابقة ولذلك فلا وجه لإعلال الحديث فيها بالوقف بعد التصريح بالرفع في غيرها والله أعلم.
(538 / 1) - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم: (كان إذا قام إلى الصلاة تقدم وقام أصحابه خلفه" (ص 128)
* صحيح.
وإن كنت لم أره بهذا اللفظ فإن الظاهر أن المصنف أخذ معناه من مجموعة من الأحاديث الصحيحة وهذا المعنى متواتر عنه صلى الله عليه وسلم.
ومن الأحاديث الدالة عليه حديث جابر الآتي بعده وحديث أنس الآتي بعد ثلاثة أحاديث.
وفي لفظ عنه لمسلم (2 / 137) (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم خلفه فيصل بنا وكان بساطهم من جريد النخل) .
وحديث جابر الآخر بلفظ: (اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه......) الحديث وقد تقدم (394)(2/321)
(539) - (ولمسلم وأبى داود: " أن جابراً وجباراً وقفا أحدهما عن يمينه وآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى اقامهما خلفه " (ص 128) .
* صحيح.
أخرجه مسلم فى آخر كتابه (8/233) وأبو داود (634) واللفظ له وعنه البيهقى (3/95) عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً يعنى ابن عبد الله قال: " سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة , فقام يصلى , وكانت على بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم يبلغ لى , وكانت لها ذباذب (1) , فنكستها , ثم خالفت بين طرفيها , ثم تواقصت (2) عليها لا تسقط , ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأخذ بيدى , فأدارنى حتى أقامنى عن يمينه , فجاء [جبار] بن صخر حتى قام عن يساره , فأخذنا بيديه جميعاً حتى أقامنا خلفه , قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقنى وأنا لا أشعر , ثم فطنت به , فأشار إلى أن أتزر بها , فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا جابر! قال: قلت: لبيك يا رسول الله , قال: إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه , وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك (3) ".
(540) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس وجابراً إلى يمينه لما وقفا عن يساره " رواه مسلم (ص 128) .
* صحيح.
أما حديث ابن عباس فقد تقدم قبيل كتاب الصلاة (رقم 294) بلفظ: " ثم قام يصلى , قال ابن عباس: فقمت إلى جنبه , فوضع رسول
__________
(1) جمع ذِبْذِبْ وهي الأطراف والأهداب.
(2) أي أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط.
(3) بكسر الحاء وفتحها: هو معقد الإزار(2/322)
الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسى وأخذ بأذنى اليمنى يفتلها ... " وفى رواية لمسلم (2/178 ـ 179) وأبى داود (1357) بلفظ: " فقمت عن يساره , فأخذ بيدى , فأدارنى عن يمينه " , وللبخارى (1/42 و48 و182 و188 و220) معناه وصححه الترمذى (2/452) .
وأما حديث جابر فتقدم لفظه آنفاً.
(فائدة) احتج المصنف رحمه الله بالحديثين على أن الرجل الواحد يقف عن يمين الإمام محاذياً له , يعنى غير متقدم عليه ولا متأخر عنه , وهو مما بوب البخارى على حديث ابن عباس فقال: " باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء , إذا كانا اثنين " وقد فعل ذلك بعض السلف , فراجع " فتح البارى " (2/160) , أو " الأحاديث الصحيحة " لنا (رقم 141) و (606) .
(541) - (حديث وابصة بن معبد أن النبى صلى الله عليه وسلم: " رأى رجلاً يصلى خلف الصف وحده فأمر أن يعيد " رواه أبو داود.
* صحيح.
أخرجه الطيالسى فى مسنده (1201) : حدثنا شعبة قال: أخبرنى عمرو بن مرة قال: سمعت هلال بن يساف قال: سمعت عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد به.
ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود (682) والترمذى (1/448) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/229) والبيهقى (3/104) وأحمد (4/228) وابن أبى شيبة (2/13/1) كلهم عن شعبة به.
ورواه ابن عساكر (17/349/2) عنه من طريق آخر عن عمرو بن مرة به.
وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: ورجاله ثقات غير عمرو بن راشد , وهو مجهول العدالة , أورده ابن أبى حاتم (3/1/232) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات " على قاعدته المعروفة! ومع ذلك فإنه يستشهد به(2/323)
كما أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله فيه " مقبول ". يعنى عند المتابعة , وقد توبع كما سيأتى , فالحديث صحيح.
وقد خولف فى إسناده عمرو بن مرة , فقال حصين: عن هلال بن يساف , قال: أخذ زياد بن أبى الجعد بيدى ونحن بالرقة فقام بى على شيخ يقال له وابصة بن معبد ـ من بنى أسد , فقال زياد , حدثنى هذا الشيخ: أن رجلاً صلى خلف الصف وحده ـ والشيخ يسمع ـ فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة ".
أخرجه الترمذى (1/445) والدارمى (1/294) وابن أبى شيبة (2/13/1) وعنه ابن ماجه (1004) والطحاوى والبيهقى وأحمد وابن عساكر (17/350/1) من طرق عن حصين عن هلال بن يساف به.
وقد تابعه منصور عن هلال به.
أخرجه ابن منصور عن هلال به. {؟}
أخرجه ابن الجارود (161) : حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا الثورى عن منصور به.
لكن رواه خلاد بن يحيى حدثنا سفيان الثورى عن حصين به.
رواه البيهقى، فأخشى أن يكون قوله " عن منصور " وهماً من عبد الرزاق. والله أعلم.
وعلى كل حال , فرواية حصين أرجح من رواية عمرو بن مرة , لأنه لم يتفرد بذكر زياد بن أبى الجعد , بل إنه قد توبع , فقال: يزيد بن زياد بن أبى الجعد عن عمه عبيد بن أبى الجعد عن زياد بن أبى الجعد عن وابصة به.
أخرجه الدارمى والبيهقى وأحمد من طرق عن يزيد به.
قلت: وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات غير زياد بن أبى الجعد فإن القول فيه كالقول فى عمرو بن راشد وأنه مجهول كما تقدم. لكن لم يتفرد به زياد , بل تابعه هلال بن يساف فى المعنى فإنه قال فى مسنده: " أخذ زياد بيدى(2/324)
فقام بى على وابصة فقال: حدثنى هذا الشيخ ـ والشيخ يسمع ـ " كما تقدم , فأقره الشيخ على ذلك , فصارت الرواية من قبيل القراءة على الشيخ وهلال يسمع , وذلك نوع من أنواع تلقى الحديث كما هو مقرر فى المصطلح , فثبت بذلك الحديث. والحمد لله.
وإذا عرفت ذلك فرواية شمر بن عطية عن هلال بن يساف عن وابصة به. ليست منقطعة كما ظن البعض لما عرفت من تحديث زياد بالحديث أمام وابصة مقراً له وهلال يسمع.
أخرجه أحمد وابن عساكر (17/350/1) بسند صحيح.
ومما سبق يتبين أن الحديث صحيح , وليس من قبيل المضطرب فى شىء كما توهم البعض , فقد ظهر أن الهلال [1] فيه ثلاث روايات:
الأولى: عن عمرو بن راشد عن وابصة.
الثانية: عن زياد بن أبى الجعد عنه.
الثالثة: عنه مباشرة.
فهو قد سمعه من عمرو بن راشد عنه , ومن زياد عنه ووابصة يسمع , فجاز له أن يرويه عنه مباشرة كما فى الرواية الثالثة , وبذلك تتفق الروايات الثلاث ولا تتعارض , فيكون للحديث عن وابصة ثلاث طرق , وبها نقطع بصحة الحديث.
وله طريق رابعة وفيها زيادة واهية , أخرجها أبو يعلى فى " المفاريد " (3/15/1) و" المسند " (96/1) والبيهقى (3/105) عن السرى بن إسماعيل عن الشعبى عن وابصة قال: " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى خلف الصفوف وحده فقال: أيها
المصلى وحده! ألا وصلت إلى الصف , أو جررت إليك رجلا فقام معك؟ أعد الصلاة ". وقال: " تفرد به السرى بن إسماعيل وهو ضعيف ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: لهلال}(2/325)
قلت: وكذا قال الهيثمى (2/96) أن السرى هذا ضعيف فقط , وعزاه لرواية أبى يعلى. وقال الحافظ فى " التقريب ": إنه متروك. وهذا هو الصواب أنه ضعيف جداً , فقد صرح جماعة من الأئمة بأنه متروك , وبعضهم بأنه ضعيف جداً وآخر بأنه ليس بثقة.
وقال يحيى بن سعيد: استبان لى كذبه فى مجلس.
وقد رواه ابن عساكر (17/349/2) من طريق إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى به دون الزيادة وسنده ضعيف.
وله طريق خامسة , وفيه الزيادة الواهية , فقال ابن الأعرابى فى " المعجم " (ق 122/1) : حدثنا جعفر بن محمد بن كزال حدثنا يحيى بن عبدويه حدثنا قيس عن السدى عن زيد بن وهب عن وابصة بن معبد: " أن رجلاً صلى خلف الصف وحده , وكان النبى صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه كما يرى من بين يديه , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ألا دخلت فى الصف , أو جذبت رجلاً صلى معك؟ ! أعد الصلاة ".
قلت: وهذا إسناد واهٍ أيضاً , قيس هو ابن الربيع , قال الحافظ: " صدوق , تغير لما كبر , وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به! ".
وبه أعله الحافظ فى " التلخيص " (125) .
قلت: وإعلاله بالراوى عنه يحيى بن عبدويه أولى , فإنه وإن كان قد أثنى عليه أحمد , فقد قال فيه ابن معين: " كذاب رجل سوء ". وقال مرة " ليس بشىء ".
وقد رواه أبو الشيخ ابن حبان فى " تاريخ أصبهان " (ص 129) وعنه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/364) بسند صحيح عن الطائى قال: حدثنا قيس به. أورده فى ترجمة الطائى هذا , فقد يتوهم أنه متابع لابن عبدويه هذا , وليس كذلك , بل هو هو. فقد قال أبو نعيم: " قال أبو محمد ـ يعنى ابن حبان ـ: هذا الشيخ أراه يحيى بن عبدويه البغدادى , لأن هذا الحديث معروف به ".(2/326)
قلت: وعلى هذا يدل صنيع الحافظ فى " التلخيص " , فإنه عزى الحديث لأبى نعيم فى ترجمة يحيى بن عبدويه , وهو إنما أورده فى ترجمة الطائى كما سبق ولكنه ختمها بقول ابن حبان هذا , فدل ذلك على أن الحافظ يرى ما أريه أبو الشيخ. وهو الظاهر. والله أعلم.
وبالجملة , فهذه الزيادة واهية لا يحتج بها لشدة ضعفها , وعدم وجود المتابع القوى عليها.
وقد روى الحديث عن ابن عباس , وأبى هريرة وعلى بن شيبان.
أما حديث ابن عباس فهو من طريق عكرمة عنه , وله عنه لفظان:
الأول: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلى خلف الصف وحده , فقال: أيها المنفرد بصلاتك أعد صلاتك ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/33/1) وفى " الكبير " والجرجانى فى تاريخه " (322 ـ 323) وابن عساكر (12/248/2) عن عبد الحميد الحمانى عن النضر أبى عمر عن عكرمة عنه. وقال الطبرانى: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد , تفرد به الحمانى ".
قلت: وهو ضعيف , لكن شيخه أبو عمر ـ اسم أبيه عبد الرحمن ـ أشد ضعفاً منه , فقد كذبه بعض الأئمة , وبه أعل الحديث فى " المجمع " (2/96) فقال: " رواه البزار والطبرانى فى الكبير والأوسط , وفيه النضر أبو عمر أجمعوا على ضعفه ".
الثانى: عنه مرفوعاً بلفظ: " إذا انتهى أحدكم إلى الصف وقد تم فليجبذ إليه رجلاً يقيمه إلى جنبه ".
رواه الطبرانى فى الأوسط أيضاً عن بشر بن إبراهيم حدثنى الحجاج بن(2/327)
حسان عن عكرمة به. وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد , تفرد به بشر ".
قلت: وهو ممن كان يضع الحديث , كما قال غير واحد من الأئمة , وقال الهيثمى: " هو ضعيف جداً ".
قلت: وقد خالفه يزيد بن هارون الثقة الحافظ فقال: عن الحجاج بن حسان عن مقاتل بن حيان رفعه به نحوه , أخرجه البيهقى (3/105) .
فعاد الحديث إلى أنه عن مقاتل بن حيان مرسلا. وسنده لا بأس به لولا إرساله , وكان يمكن تقويته بحديث ابن عباس ووابصة لولا شدة ضعفهما , فيبقى الحديث على ضعفه.
وأما حديث أبى هريرة , فلفظه نحو لفظ حديث ابن عباس الأول.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط ": " حدثنا محمد بن أحمد بن أبى خيثمة: حدثنا عبد الله بن محمد بن القاسم العبادى البصرى حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى هريرة قال: " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلى خلف الصفوف وحده , فقال: أعد الصلاة ". وقال: " لا يروى عن أبى هريرة إلا بهذا الإسناد تفرد به العبادى ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الهيثمى , وأصله قول ابن حبان: " يروى المقلوبات , لا يحتج به , ويروى عن غير يزيد الملزقات ".
وأما حديث على بن شيبان فهو بلفظ: " خرجنا حتى قدمنا على النبى صلى الله عليه وسلم فبايعناه , وصلينا خلفه , فرأى رجلاً(2/328)
يصلى خلف الصف وحده , فوقف عليه نبى الله حتى انصرف فقال: استقبل صلاتك , فلا صلاة للذى خلف الصف ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/13/1) : حدثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر قال: حدثنى عبد الرحمن بن على بن شيبان عن أبيه.
ورواه ابن ماجه (1003) من طريق ابن أبى شيبة , والطحاوى وابن سعد (5/551) وابن خزيمة (1/164/2) وابن حبان فى صحيحه (401 و402) والبيهقى وأحمد (4/23) وابن عساكر (15/99/1) من طرق عن ملازم به.
قلت: وهذا سند صحيح ورجاله ثقات كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 69/2) .
وعزاه الحافظ فى " البلوغ " لابن حبان عن طلق بن على وهو وهم.
وجملة القول أن أمره صلى الله عليه وسلم الرجل بإعادة الصلاة , وأنه لا صلاة لمن يصلى خلف الصف وحده , صحيح ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من طرق.
وأما أمره صلى الله عليه وسلم الرجل بأن يجر رجلاً من الصف لينضم إليه فلا يصح عنه صلى الله عليه وسلم. فلا يغتر بسكوت الحافظ على حديث وابصة عند الطبرانى وفيه الأمر المذكور كما تقدم , سكت عليه فى " بلوغ المرام " فأوهم الصحة , ولا بإعادة الصنعانى فى شرحه عليه (2/44 ـ 45) لحديث ابن عباس فى الأمر مرتين فأوهم أنه من طريقين! !
(فائدة) : إذا لم يستطع الرجل أن ينضم إلى الصف , فصلى وحده , فهل تصح صلاته , الأرجح الصحة , والأمر بالإعادة محمول على من لم يستطع القيام بواجب الانضمام. وبهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما بينته فى " الأحاديث الضعيفة " المائة العاشرة ".
(542) - (قول أنس: " صففت أنا واليتيم وراءه , والمرأة خلفنا فصلى بنا ركعتين " متفق عليه (ص 128) .(2/329)
* صحيح.
أخرجه مالك (1/153/31) وعنه البخارى (1/108 ـ 109) وكذا مسلم (2/137) وأبو داود (612) والنسائى (1/126) والترمذى (1/454) والدارمى (1/295) والبيهقى (3/96) وأحمد (3/164) كلهم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك: " أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام , فأكل منه , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا فلأصلى َلكم , قال أنس: فقمت , إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء , فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه , والعجوز من ورائنا , فصلى لنا ركعتين , ثم انصرف ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
(543) - (حديث: " أن عائشة قالت لنساء كن يصلين فى حجرتها: " لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه فى حجاب " (ص 129) .
* لم أجده [1] .
وقد قال البخارى فى صحيحه " باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة , وقال الحسن: لا بأس أن تصلى وبينك وبينه نهر , وقال أبو مجلز: يأتم الإمام وإن كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبير الإمام ".
قال الحافظ فى شرحه للجملة الأولى من كلام البخارى (2/178) : " أى هل يضر ذلك بالاقتداء أو لا؟ والظاهر من تصرفه , أنه لا يضر كما ذهب إليه المالكية , والمسألة ذات خلاف شهير , ومنهم من فرق بين المسجد وغيره ".
قلت: وقد روى ابن أبى شيبة فى المصنف (2/25/1 ـ 2) آثاراً فى المنع من ذلك , وأخرى فى الرخصة فيه وهذه أكثر وأصح , ولعل ذلك لعذر كضيق المسجد أو نحوه , وإلا فالواجب الصلاة فى المسجد ووصل الصفوف , فما يفعله الناس اليوم فى موسم الحج من الصلاة فى الغرف التى حول المسجد
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] الأثر، رواه البيهقي في السنن الكبرى [3/111] : قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبى عمرو حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع قال قال الشافعى قد صلى نسوة مع عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فى حجرتها فقالت لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه فى حجاب.(2/330)
الحرام مع عدم اتصال الصفوف فيه فلا أراه جائزاً بوجه من الوجوه.
وقد روى ابن أبى شيبة (2/101/1 ـ 2) عن مغيرة بن زياد الموصلى قال: " رأيت عطاء يصلى فى السقيفة فى المسجد الحرام فى النفر , وهو متفرقون عن الصفوف , فقلت له: أو قيل له؟ فقال: إنى شيخ كبير , ومكة دويه , قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فأصابه مطر فصلى بالناس وهم فى رحالهم وبلال يسمع الناس التكبير ".
فهذا مع إرساله فيه ابن زياد هذا وفيه ضعف والله أعلم.
(544) - (حديث أن عمار بن ياسر كان بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار، فقام على دكان، والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة، فأخذ بيده، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم؟ " فقال عمار: فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي. رواه أبو داود. (ص 129)
* ضعيف بهذا السياق.
أخرجه أبو داود (598) من طريق ابن جريج: أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت الأنصاري: حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن ... الحديث.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسم، ومن أجل أبي خالد هذا فإنه لا يعرف كما قال الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر، يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي.
قلت: الأول محتمل على أنه ضعيف، والآخر بعيد مع كونه متهما بالكذب كما بينته في صحيح أبي داود (610) .
لكن للحديث أصل بنحوه، يرويه همام (أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني) .(2/331)
أخرجه الشافعي في الأم (1 / 152) وأبو داود (597) والحاكم (1 / 210) وعنه البيهقي (108) من طرق عن الأعمش عن إبراهيم عن همام به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وهمام هو ابن الحارث النخعي الكوفي، وإبراهيم هو النخعي.
ثم أخرجه الحاكم من طريق زياد بن عبد الله بن الطفيل عن الأعمش به نحوه، وفيه قال له أبو مسعود: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه؟ قال: فلم ترني أجبتك حين مددتني.
وأخرج الدارقطني (197) المرفوع منه فقط وقال: لم يروه غير زياد البكاء.
قلت: يعني هذا اللفظ الصريح في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد رواه غيره باللفظ الذي قبله.
وهذا إسناده حسن.
(545) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم: " صلى على المنبر ونزل القهقرى فسجد فى أصل المنبر ثم عاد " الحديث متفق عليه (ص 129) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/232 ـ 233) ومسلم (3/74) وكذا أبو عوانة (2/147) وأبو داود (1080) والنسائى (1/120 ـ 121) وابن ماجه (1416) والبيهقى (3/108) وأحمد (5/339) عن سهل بن سعد قال: " أرسل رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى فلانة امرأة من الأنصار قد سماها سهل ـ: مرى غلامك النجار أن يعمل لى أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس , فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها , فأرسلت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت هاهنا , ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها , ثم ركع وهو عليها , ثم نزل القهقرى , فسجد فى أصل المنبر , ثم عاد , فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس: إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى "(2/332)
والسياق للبخارى ".
(546) - (حديث: " أن أبا هريرة: صلى على سطح المسجد بصلاة الإمام " رواه الشافعى , ورواه سعيد عن أنس (ص 129) .
* موقوف.
رواه الشافعى (1/138 ـ بدائع المنن) : أخبرنا ابن أبى يحيى عن صالح مولى التوأمة قال: " رأيت أبا هريرة يصلى فوق ظهر المسجد وحده بصلاة الإمام ".
قلت: وهذا سند واهٍجداً , من أجل ابن أبى يحيى واسمه إبراهيم بن محمد وهو متهم بالكذب. وصالح مولى التوأمة ضعيف , ثم وجدت ابن أبى ذئب رواه أيضاً عن صالح به وزاد: " وهو أسفل " رواه ابن أبى شيبة (2/25/2) .
وأما حديث أنس , فأخرجه الشافعى أيضاً (1/167) : أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنى عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن إبراهيم قال: " رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة فى بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف , فصلى بصلاة الإمام فى المسجد , وبين بيوت حميد والمسجد الطريق ".
ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى (3/111) , وسنده ضعيف جداً لما علمت من حال إبراهيم بن محمد وهو ابن أبى يحيى. لكن أخرجه البيهقى من طريق أخرى عن عبد ربه قال: " رأيت أنس بن مالك يصلى بصلاة الإمام الجمعة فى غرفة عند السدة بمسجد البصرة ".
قلت: وعبد ربه هذا لم أعرفه.
وأخرج ابن أبى شيبة (2/25/1 ـ 2) : أنبأنا هشيم عن حميد قال: " كان أنس يجمع مع الإمام وهو فى دار نافع بن عبد الحارث ببيت مشرف(2/333)
على المسجد له باب إلى المسجد , فكان يجمع فيه ويأتم بالإمام ".
قلت: وهذا سند صحيح إن كان هشيم سمعه من حميد فإنه موصوف بالتدليس.
(547) - (حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " متفق عليه. (ص 130) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (2/80) وكذا أبو عوانة (1/412) والنسائى (1/116) والترمذى (1/332) والبيهقى (3/76) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرنى عطاء عن جابر بن عبد الله به , إلا أنه قال: " البصل والثوم ... "
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " , وليس عنده , " فإن الملائكة ... ".
وكذلك أخرجه البخارى (1/219) ومسلم أيضاً وأبو عوانة من طرق أخرى عن ابن جريج به. ولم يذكر البصل والكراث.
وتابعه ابن شهاب: أخبرنى عطاء بن أبى رباح به بلفظ: " من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا , أو ليعتزل مسجدنا , وليقعد فى بيته "
أخرجه البخارى (3/508 و440) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود (3822) والبيهقى وأحمد (3/400) .
وله طريق أخرى عن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث , فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها , فقال: من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا , فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس "(2/334)
أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن ماجه (3365) والبيهقى وأحمد (3/374 و387 و397) من طرق عن أبى الزبير عنه به.
وللحديث شواهد كثيرة عن أنس وابن عمر وأبى هريرة وغيرهم فى الصحيحين وغيرهما , وسيأتى من حديث أبى أيوب الأنصارى فى " الأطعمة " (2578) .
فصل
(548) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن المسجد , وقال مروا أبا بكر فليصل بالناس " متفق عليه (ص 130) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/176) ومسلم (2/32 ـ 24) وكذا أبو عوانة (2/117 ـ 118) ومالك (1/170/83) والترمذى (2/291) وابن ماجه (1233) والبيهقى (3/82) وأحمد (6/96 و159 و231 و270) من طريق عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [فى مرضه] : مروا أبا بكر فليصل بالناس , فقالت عائشة: إن أبا بكر إذا قام فى مقامك لم يسمع الناس من البكاء , فمر عمر فليصل بالناس , قال: مروا أبا بكر فليصل للناس , قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولى له: إن أبا بكر إذا قام فى مقامك لم يسمع الناس من البكاء , فمر عمر فيصل بالناس ففعلت حفصة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكن لأنتن صواحب يوسف , مروا أبا بكر فليصل بالناس , فقالت حفصة: لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيراً ".
والسياق لمالك , وعنه أخرجه البخارى والترمذى باختصار , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".(2/335)
وله فى الصحيحين وغيرهما طرق أخرى عن عائشة , وأخرجاه فى حديث أبى موسى الأشعرى ـ نحوه ـ.
(549) - (حديث أن ابن مسعود قال: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض (ص 130) .
صحيح.
وتقدم لفظه بتمامه وتخريجه (488)
(550) - حديث عائشة مرفوعاً: " لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين " رواه أحمد ومسلم وأبو داود (ص 130) .
* صحيح.
أخرجه أحمد (6/43 و54 و73) ومسلم (1/78 ـ 79) وكذا أبو عوانة (1/268) وأبو داود (89) وابن أبى شيبة (2/100/2) والطحاوى فى " المشكل " (2/404) والحاكم (1/168) والبيهقى (3/71) من طرق عنها به.
وقد قيل أن فى سنده اختلافاً , والراجح عندى سلامته من الاختلاف وأن له ثلاث طرق كما بينته فى " صحيح أبى داود " (81) .
(551) - (حديث ابن عباس مرفوعاً: " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر ـ قالوا فما العذر يا رسول الله؟ قال خوف أو مرض ـ لم يقبل الله منه الصلاة التى صلى " رواه أبو داود (ص 130) .
* ضعيف بهذا اللفظ.
أخرجه أبو داود (551) والدارقطنى (161) والحاكم (1/245 و246) والبيهقى (3/75) من طريق أبى جناب عن مغراء العبدى عن عدى بن ثابت عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو جناب اسمه يحيى بن أبى حية الكلبى وهو(2/336)
ضعيف كما قال المنذرى وغيره.
لكن له طريق أخرى عن عدى بن ثابت به بلفظ: " من سمع النداء فلم يأته , فلا صلاة له إلا من عذر ".
رواه ابن ماجه (793) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/154/2) وعنه أبو موسى المدينى فى " اللطائف من علوم المعارف " (14/1/1) والحسن بن سفيان فى " الأربعين " (68/1) والدارقطنى والحاكم والبيهقى (3/174) من طرق عن هشيم عن شعبة عن عدى به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى , وهو كما قالا , وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم.
وقال الحافظ فى " بلوغ المرام " (2/27ـ سبل السلام) : " وإسناده على شرط مسلم , لكن رجح بعضهم وقفه ".
قلت: ولا مبرر لهذا الترجيح , فإن الذين رفعوه جماعة الثقات تابعوا هشيماً عليه , منهم قراد واسمه عبد الرحمن بن غزوان عند الدارقطنى والحاكم , وسعيد ابن عامر وأبو سليمان: داود بن الحكم عند الحاكم وقال: " هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة , وهو صحيح على شرط الشيخين ,ولم يخرجاه , وهشيم (وقراداً أبو نوه) [1] ثقتان , فإذا وصلاه فالقول فيه قولهما ".
ووافقه الذهبى. وقال الحافظ فى " التلخيص " (123) : " وإسناده صحيح , لكن قال الحاكم وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة ".
قلت: لكن الحاكم قد أجاب عن إعلاله بالوقف فى تمام كلامه كما رأيت , فلو أن الحافظ نقله بتمامه كان أولى.
هذا ولشعبة فيه إسناد آخر , ذكره قاسم بن أصبغ فى كتابه , فقال: أنبأنا إسماعيل بن إسحاق القاضى قال: أنبأنا سليمان بن حرب أنبأنا شعبة عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: وقراد أبو نوح}(2/337)
كذا فى " الأحكام الكبرى " لعبد الحق الأشبيلى (ق 33/1) وقال: " وحسبك بهذا الإسناد صحة ". وأقره ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " وصححه ابن حزم أيضاً (4/191) وقد رواه قبل صفحة من طريق القاسم , وأخرجه البيهقى (3/174) والخطيب فى تاريخه (6/285) من طرق أخرى عن إسماعيل بن إسحاق به.
وقال الخطيب. " قال لنا أبو بكر البرقانى: تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب ".
قلت: وهما إمامان ثقتان حافظان , فلا يضر تفردهما به , على أنى قد وجدت لإسماعيل متابعاً عليه , فقال الطبرانى (3/158/1) : حدثنا أحمد بن عمرو القطرانى حدثنا سليمان بن حرب به , إلا أنه أوقفه.
قال الطبرانى عقبه: " هكذا رواه القطرانى عن سليمان بن حرب موقوفاً , ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضى عن سليمان بن حرب مرفوعاً ".
قلت: وهذا أصح , لأن الرفع زيادة من ثقة , مع أن مخالفه وهو القطرانى هذا لم أعرفه [1] , فمثله لا يقرن بمثل إسماعيل القاضى , فضلاً عن أن يرجح عليه.
وللقاضى فيه إسناد آخر فقال الدينورى فى " المنتقى من المجالسة " (ق 283/1) : حدثنا إسماعيل يعنى ابن إسحاق القاضى: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبى حصين عن أبى بردة عن أبيه مرفوعاً بلفظ: " من سمع النداء فارغاً صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له ".
وأخرجه الحاكم من طريق أخرى عن إسماعيل به , وكذلك رواه البيهقى (3/174) , وهذا سند صحيح على شرط البخارى لولا أن ابن عياش فيه ضعف من قبل حفظه , لكن قد تابعه مسعر عند أبى نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/342) وقيس بن الربيع عند البزار كما فى " التلخيص " فصح بذلك
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {قال الحافظ الذهبى فى " سير أعلام النبلاء " (13/506ـ 507) : القطرانى , الشيخ المحدث المعمر الثقة ... حدث عنه: أبو القاسم الطبرانى ... وذكره ابن حبان فى " ديوان الثقات "}(2/338)
الحديث. والحمد لله.
وله شاهد من حديث جابر مرفوعاً به.
أخرجه البخارى فى " التاريخ الكبير " (1/1/111) .
(552) - (حديث: إن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة " (ص 131) .
* صحيح.
أخرجه البيهقى (3/185) من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن: " أن ابن عمر دعى يوم الجمعة وهو يتجهز للجمعة إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت , فأتاه وترك الجمعة ".
قلت: وإسناده صحيح , وإسماعيل هذا هو ابن عبد الرحمن بن ذويب الأسدى وهو ثقة. وقد توبع , فرواه ليث عن يحيى عن نافع:
" أن ابن عمر ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ـ وكان بدرياً ـ مرض فى يوم جمعة , فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة , وترك الجمعة ".
أخرجه البخارى (3/62) والبيهقى.
وأخرجه الحاكم (3/438) من طريق هشيم عن يحيى بن سعيد به بلفظ: " أنه استصرخ فى جنازة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو خارج من المدينة يوم الجمعة , فخرج إليه ولم يشهد الجمعة ".
(553) - (حديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم: " أنه كان يأمر المنادى فينادى بالصلاة صلوا فى رحالكم فى الليلة الباردة وفى الليلة المطيرة فى السفر " متفق عليه (ص 131) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/166) ومسلم (2/147) وأبو عوانة (2/348) وأبو داود (1061 و1062) والدارمى (1/292) والبيهقى (3/70) وأحمد (2/4 و53و 103) من طريق نافع قال:(2/339)
" أذن ابن عمر فى ليلة باردة بفجنان (1) ثم قال: صلوا فى رحالكم , وأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذناً يؤذن , ثم يقول على أثره: ألا صلوا فى الرحال , فى الليلة الباردة أو المطيرة فى السفر ".
وأخرجه مالك (1/73/10) عن نافع به , إلا أنه لم يذكر السفر , وهو رواية للبخارى (1/173) ومسلم وأبى عوانة وأبى داود (1063) والنسائى (1/107) والبيهقى وأحمد (2/63) كلهم عن مالك به.
وقد تابعه أيوب عن نافع به , لم يذكر السفر أيضاً.
أخرجه ابن ماجه (937) وأحمد (2/10) عن ابن عيينة عن أيوب.
وأخرجه أبو داود عن حماد بن زيد حدثنا أيوب به.
لكن أخرجه هو عن إسماعيل ـ وهو ابن علية ـ والبيهقى عن شعبة كلاهما عن أيوب به , بذكر السفر. وكذا رواه حماد بن سلمة عن أيوب. كما قال أبو داود. وهذا هو الأرجح لأسباب:
أولاً: أنها زيادة من بعض الثقات , وهى مقبولة.
ثانياً: أنها موافقة لرواية عبيد الله عن نافع فى إثباتها عند الشيخين وغيرهما , ولم يختلف عليه فيها.
ثالثاً: أن لها شاهداً من حديث جابر قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر , فمطرنا , فقال: ليصل من شاء منكم فى رحله ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة فى صحيحيهما وأبو داود (1065) والطيالسى (1736) وعنه الترمذى (2/263) وأحمد (3/312 و327 و397) عن طريق أبى الزبير عنه. وقال الترمذى:
__________
(1) موضع أو جبل بين مكة والمدينة , بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلا "فتح".(2/340)
" حديث حسن صحيح ".
قلت: هو صحيح بما قبله وبشواهده الأخرى وإلا فأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.
هذا , وقد روى محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر الحديث بلفظ: " نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فى المدينة فى الليلة المطيرة والغداة المقرة [1] ".
أخرجه أبو داود (1064) وقال: " وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصارى عن القاسم عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال فيه: فى السفر ".
قلت: وهذا مرجح آخر لما رجحناه آنفاً اختلف الرواة فيه على أيوب , أن الصواب أن ذلك كان فى السفر. فاتفاق أيوب وعبيد الله بن عمر على ذلك دليل قاطع على خطأ ابن إسحاق على نافع فى قوله: " فى المدينة ".
ومما يؤيد ذلك أنه جاء فى بعض الأحاديث أن النداء المذكور كان يوم حنين , فروى الحسن البصرى عن سمرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين فى يوم مطير , الصلاة فى الرحال " , وفى رواية: " فأمر مناديه فنادى أن الصلاة فى الرحال ".
أخرجه أحمد (5/8 و13 و22) وابن أبى شيبة (2/29/2) ورجاله ثقات إلا أن الحسن مدلس وقد عنعنه. لكن يشهد له حديث أبى المليح عن أبيه: " أن يوم حنين كان مطيراً , قال: فأمر النبى صلى الله عليه وسلم مناديه أن الصلاة فى الرحال ".
أخرجه أبو داود (1057) والنسائى (1/137) وأحمد (5/74 و75) من طرق عن قتادة عن أبى المليح به.
ورواه خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: القرة}(2/341)
المليح به. إلا أنه قال " يوم الحديبية ".
أخرجه ابن ماجه (936) وأحمد والحاكم (1/293) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى , وهو كما قالا , وصححه الحافظ أيضاً فى " الفتح " (2/94) .
وأخرجه ابن أبى شيبة من هذا الوجه إلا أنه قال: " عام الحديبية أو حنين " على الشك , ولعل الأرجح " حنين " لموافقتها لرواية سمرة. والله أعلم.
وبعد , فإن هذه كله لا ينفى أن تكون مثل هذه القصة وقعت فى الإبانة [1] أيضاً , بل لعل هذا هو الأقرب فقد قال الإمام أحمد (4/220) حدثنا على بن عياش حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنى يحيى بن سعيد قال أخبرنى محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم بن النحام قال: " نودى بالصبح فى يوم بارد , وأنا فى وطر [2] امرأتى , فقلت: ليت المنادى قال: من قعد فلا حرج عليه , فنادى منادى النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر أذانه: ومن قعد فلا حرج عليه ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات , لولا أن إسماعيل بن عياش قد ضعف فى روايته عن الحجازبين , وهذه منها , لكن رواه الطبرانى من طريق آخر رجالها رجال الصحيح كما قال الهيثمى (2/47) , فالحديث به قوى , وقد أخرجه أحمد من طريق أخرى: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ سماه عن نعيم بن النحام به نحوه.
وهذا رجاله ثقات غير الشيخ الذى لم يسمه , ولعله قد سمى فى طريق أخرى لدى عبد الرزاق وتبين أنه ثقة , فقد عزاه الحافظ فى " الفتح " (2/81) لعبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام به نحوه. والله أعلم.
(554) - (وروى فى الصحيحين عن ابن عباس: " فى يوم مطير ". وفى رواية لمسلم: " وكان يوم جمعة " (ص 131) .
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , ولعل الصواب: الإقامة}
[2] {كذا فى الأصل , والصواب: مرط}(2/342)
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/239) ومسلم (2/148) وأبو داود (1066) وابن ماجه (939) عن عبد الله بن عباس:
" أنه قال لمؤذنه فى يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمداً رسول الله , فلا تقل حى على الصلاة , قل: صلوا فى بيوتكم , قال: فكأن الناس استنكروا ذاك , فقال: أتعجبون من ذا؟ قد فعل ذا من هو خير منى , إن الجمعة عزمة , وإنى كرهت أن أخرجكم فتمشون فى الطين والدحض ".
والسياق لمسلم , وفى رواية له: " أذن مؤذن ابن عباس يوم جمعة فى يوم مطير ... " الحديث نحوه.
وله طريق أخرى مختصراً , رواه ابن عوف عن محمد أن ابن عباس ـ قال ابن عوف: أظنه قد رفعه ـ قال: " أمر منادياً فنادى فى يوم مطير أن صلوا فى رحالكم ".
أخرجه أحمد (1/277) حدثنا ابن أبى عدى عن ابن عوف به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
ومحمد هو ابن سيرين. وابن عوف اسمه عبد الله. وابن أبى عدى هو محمد بن إبراهيم , وكلهم ثقات محتج بهم فى الصحيحين.
ورواه ابن أبى شيبة (2/29/2) من طريق أخرى عن ابن عباس به. وفيه انقطاع.
ويشهد للحديث ما رواه ناصح بن العلاء أبو العلاء مولى بنى هاشم حدثنا عمار بن أبى عمار مولى بنى هاشم أنه مر على عبد الرحمن سمرة وهو على نهر أم عبد الله يسيل الماء مع غلمته ومواليه , فقال له عمار: يا أبا سعيد الجمعة! فقال عبد الرحمن بن سمرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إذا كان يوم مطر وابل فليصل أحدكم فى رحله ".(2/343)
أخرجه أحمد (5/62) والحاكم (1/292 ـ 293) وقال: " ناصح بن العلاء بصرى ثقة ".
ورده الذهبى بقوله: " قلت: ضعفه النسائى وغيره , وقال البخارى: منكر الحديث , ووثقه ابن المدينى وأبو داود ".
قلت: فمثله حسن الحديث فى الشواهد. والله أعلم.
(555) - (حديث: إن رجلاً صلى مع معاذ ثم انفرد فصلى وحده لما طول معاذ فلم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم حين أخبره " (ص 131) .
* صحيح.
وقد تقدم تخريجه من طرق (295) .
باب صلاة أهل الأعذار
(556) - (حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (ص 132) .
* صحيح.
وقد مضى تخريجه (314) .
(557) - (قوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب ". رواه الجماعة إلا مسلماً (ص 132) .
* صحيح.
وتقدم (299) .
(558) - (حديث على مرفوعاً وفيه: " فإن لم يستطع أن يسجد أومأ إيماءاً , ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وإن لم يستطع أن يصلى قاعداً صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقياً ورجلاه مما يلى القبلة " رواه الدارقطنى (ص 132) .(2/344)
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (ص 179) عن حسين بن حسين العرنى حدثنا حسين بن زيد عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن على بن حسين عن الحسين بن على عن على بن أبى طالب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يصلى المريض قائماً إن استطاع , فإن لم يستطع صلى قاعداً , فإن لم يستطع أن يسجد أومأ ... ".
قلت: وهذا سند ضعيف جداً , آفته العرنى هذا قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم. وقال ابن عدى: لا يشبه حديثه حديث الثقات
وقال ابن حبان: يأتى عن الأثبات بالملزقات ويروى المقلوبات.
كذا فى "الميزان " ثم ساق له من مناكيره أحاديث هذا أحدها ثم قال: " وهو حديث منكر , وحسين بن زيد لين أيضاً ".
قلت: وحسين بن زيد هو ابن على بن الحسين بن على بن أبى طالب , قال عبد الرحمن ابن أبى حاتم قلت لأبى: ما تقول فيه؟ فحرك يده وقلبها , يعنى تعرف وتنكر!
وقال ابن عدى: " أرجو أنه لا بأس به , إلا أنى وجدت فى حديثه بعض النكرة ". كذا فى " نصب الراية " (2/176) .
إذا عرفت ذلك فمن الغرائب سكوت ابن الجوزى فى " التحقيق " (ج 1 ص 269 الحديث 454) عليه وقد رواه من طريق الدارقطنى , وأغرب منه متابعة ابن الهادى له على السكوت! ! !
(559) - (حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (ص 132) .
* صحيح.
وتقدم قريباً.
(560) - (حديث أبى موسى مرفوعاً: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " (ص 132) .(2/345)
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/246) وأبو داود (3091) وابن أبى شيبة (2/229/2) وأحمد (4/410 و418) عن إبراهيم بن إسماعيل السكسكى قال: سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبى كبشة فى سفر , فكان يزيد يصوم فى السفر , فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره إلا أنه قال: " مثل ما كان ".
قلت: والسكسكى هذا فيه ضعف وإن أخرج له البخارى كما سبق بيانه فى الحديث (296) , لكن هذا الحديث له شواهد كثيرة يرقى بها إلى درجة الصحة , فمن المفيد أن أذكر بعضها:
1 ـ عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد من المسلمين يبتلى ببلاء فى جسده إلا أمر الله الحفظة الذين يحفظونه: اكتبوا لعبدى [فى كل يوم وليلة] مثل ما كان يعمل وهو صحيح ما دام محبوساً فى وثاقى ". رواه أحمد (2/194) وابن أبى شيبة والحاكم (1/348) من طريقين عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقال الحاكم " على شرطهما ". ووافقه الذهبى , والقاسم إنما أخرج له البخارى تعليقاً.
ثم رواه أحمد (2/205) من طريق ثالثة عن القاسم به نحوه.
ثم رواه (2/203) من طريق عاصم بن أبى النجود عن خيثمة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو به نحوه.
قلت: وهذا سند حسن.
2 ـ عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء فى جسده قال الله: اكتب له صالح عمله الذى كان يعمله , فإن شفاه غسله وطهره , وإن قبضه غفر له ورحمه ".(2/346)
أخرجه أحمد (3/148 و238 و258) من طريق حماد بن سلمة عن سنان بن ربيعة قال: سمعت أنس بن مالك به.
قلت: وهذا سند حسن.
3 ـ عن أبى الأشعث الصنعانى أنه راح إلى مسجد دمشق , وهجر بالرواح , فلقى شداد ابن أوس والصنابحى معه , فقلت: أين تريدان يرحمكما الله؟ قالا: نريد ها هنا إلى أخ لنا مريض نعوده , فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل , فقالا له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بنعمة , فقال له شداد: أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا , {فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يقول: إنى إذا ابتليت عبدا من عبادى مؤمنا فحمدنى على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا} ويقول الرب عز وجل: أنا قيدت عبدى وابتليته , وأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح ". أخرجه أحمد (4/123) وإسناده حسن.
4 ـ عن عطاء بن يسار يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين: اكتبوا لعبدى مثل الذى كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه ". أخرجه ابن أبى شيبة (2/230/1) بإسناد صحيح عنه , إلا أنه مرسل.
وفى الباب أحاديث أخرى , وفيما ذكرته كفاية.
(561) - (حديث يعلى ابن أمية: " أن النبى صلى الله عليه وسلم , انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم , والبلة من أسفل منهم , فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن ثم تقدم فصلى بهم يعنى إيماءاً يجعل السجود أخفض من الركوع " رواه أحمد والترمذى (ص 133) .
* ضعيف.
رواه أحمد (4/173 ـ 174) والترمذى (2/266 ـ 267) وكذا الدارقطنى (146) والبيهقى (2/7) والخطيب فى تاريخه(2/347)
(11/182 ـ 183) من طريق عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده.
وضعفه الترمذى بقوله: " حديث غريب ".
والبيهقى فقال: " وفى إسناده ضعف , ولم يثبت من عدالة بعض رواته ما يوجب قبول خبره ".
قلت: يشير بذلك إلى عمرو بن عثمان وأبيه فإنهما مجهولان.
(562) - (حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (ص 133) .
* صحيح.
وتقدم قريباً.(2/348)
فصل فى صلاة المسافر
(563) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم وخلفاءه داوموا على القصر " (ص 134) .
* صحيح المعنى.
وأما اللفظ فلم أره فى شىء من دواوين السنة , والظاهر أن المؤلف أخذه من مجموعة من الأحاديث , فأنا أذكر بعضها مما يدل على المعنى:
الأول: عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: " صحبت ابن عمر فى طريق مكة , قال: فصلى لنا الظهر ركعتين , ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله , وجلس وجلسنا معه , فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى , فرأى ناساً قياماً , فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون , قال: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتى , يا ابن أخى إنى صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر فلم يزد
على ركعتين حتى قبضه الله , وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله , وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله , ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله , وقد قال الله (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) ".
أخرجه البخارى (1/280) ومسلم (2/144) وأبو عوانة (2/335) وأبو داود (1223) والنسائى (1/213) والترمذى (2/544) وحسنه والبيهقى (3/158) وأحمد (2/24 و56) عن عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه به ,
والسياق لمسلم.
ولفظ البخارى:(3/3)
" صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان لا يزيد فى السفر على ركعتين , وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك ".
وهو رواية لأحمد , وفى أخرى له (2/44 ـ 45) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم به بلفظ: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان يصلى صلاة السفر يعنى ركعتين , ومع أبى بكر , وعمر , وعثمان ست سنين من إمرته , ثم صلى أربعاً ".
ثم أخرجه هو (2/21) وأبو عوانة (2/338) من هذا الوجه نحوه.
قلت: ورواية خبيب هذه ـ وهو ثقة ـ تبين خطأ قول عيسى بن حفص فى روايته عن عثمان: " فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله " فقد زاد عليهما فى آخر أمره كما فى هذه الرواية الصحيحة عن حفص , وقد تابعه جماعة , ولذلك أنكر بعض المحققين قول عيسى هذا , ففى " نصب الراية " (2/192) : " قال عبد الحق: هكذا فى هذه الرواية , والصحيح أن عثمان أتم فى آخر الأمر ,
كما أخرجاه من رواية نافع عنه , ومن رواية ابنه سالم أنه عليه السلام صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين وأبو بكر وعمر {وصلى عثمان ركعتين صدرا من خلافته ثم أتمها أربعا انتهى} .
وله طريق أخرى عن ابن عمر , فقال عوف الأزدى: " كان عمر بن عبيد الله بن معمر أميراً على فارس , فكتب إلى ابن عمر يسأله عن الصلاة؟ فكتب ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , كان إذا خرج من أهله صلى ركعتين حتى يرجع إليهم ".
أخرجه أحمد (2/45) وإسناده حسن فى المتابعات والشواهد , رجاله(3/4)
كلهم ثقات غير عوف هذا , أورده ابن أبى حاتم (3/1/385) وسمى أباه عبد الله , ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/174) .
وله فى المسند طرق أخرى , وسيأتى أحدها فى الحديث (577) .
الثانى: عن أنس بن مالك قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع , قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشراً ".
أخرجه البخارى (1/276) ومسلم (2/145) وأبو عوانة (2/346 ـ 347) والنسائى (1/212) والترمذى (2/433) والدارمى (1/355) وابن ماجه (1077) والبيهقى (3/136) وأحمد (3/187 و190) .
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثالث: عن ابن عباس , وله عنه طريقان:
1 ـ عن سعيد بن شفى قال:
" جعل الناس يسألون ابن عباس عن الصلاة؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من أهله لم يصل إلا ركعتين حتى يرجع إليهم ".
أخرجه الطحاوى (1/242) وأحمد (1/241 و285) وابن أبى شيبة (2/109/2) من طريق أبى إسحاق عنه.
قلت: رجاله ثقات غير أن أبا إسحاق ـ وهو السبيعى ـ كان اختلط.(3/5)
2 ـ عن ابن سيرين عن ابن عباس:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة لا يخاف إلا الله عز وجل فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع ".
أخرجه أحمد (1/215 و266) وابن أبى شيبة (2/110/1) وسنده صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجه النسائى أيضاً (1/211) . والترمذى (2/431) وقال: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ويعارض هذه الأحاديث حديث عائشة قالت: " قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر وأتم ".
أخرجه الطحاوى (1/241) وابن أبى شيبة (2/111/2) والدارقطنى (242) والبيهقى (3/141 ـ 142) من طريق مغيرة بن زياد عن عطاء بن أبى رباح عنها.
ولكنه لا يصح , فإن المغيرة هذا قال الدارقطنى عقبه: " ليس بالقوى ".
وقد سأل عبد الله بن أحمد أباه عن حديثه هذا: يصح؟ فقال: " له أحاديث منكرة , وأنكر هذا الحديث " كما فى مسائله (107) .
وقد تابعه طلحة بن عمرو , عند الدارقطنى والبيهقى , ولكنها متابعة واهية لا تقوم بها حجة.
فإن طلحة هذا , قد قال الدارقطنى فيه: " ضعيف " وقد ألان الدارقطنى القول فيه فإن حاله أشد مما ذكر , فقد قال أحمد والنسائى: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: " كان ممن يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم , لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب ".
وفى " التقريب ": أنه متروك.
وقد خالفهما عمر بن ذر المرهبى , فقال: أخبرنا عطاء بن أبى رباح " أن عائشة كانت تصلى فى السفر المكتوبة أربعاً ".(3/6)
أخرجه البيهقى وقال: " عمربن ذر كوفى ثقة ".
قلت: فروايته أولى , وهى تدل على أن الإتمام إنما هو عن عائشة موقوفا عليها , وهذا ثابت عنها من غير طريق , فى الصحيحين وغيرهما كما يأتى , وأما الرفع فلم يثبت عنها من وجه يصح.
وقد رواه الدارقطنى ومن طريقه البيهقى (3/141) وابن الجوزى فى " التحقيق " (1/153/1) من طريق سعيد بن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبى رباح عنها: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقصر فى السفر
ويتم , ويفطر ويصوم ".
وقال: " هذا إسناد صحيح ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات غير ابن ثواب , فإنى لم أجد له ترجمة فى غير " تاريخ بغداد " ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول الحال كما سبق بيانه فى حديث " لا يمس القرآن إلا طاهر " رقم (122) فلا تطمئن النفس لصحة هذا الحديث , وهذا إذا كانت الرواية بلفظ: " يتم " و" يصوم " أى النبى صلى الله عليه وسلم , كما وقع ذلك فى السنن المطبوعة , أما إذا كانت بلفظ " وتتم " " وتصوم " كما أورده الحافظ فى " التلخيص " (ص 128) مصرحاً ومقيداً له بأنه بالمثناة من فوق , فلا إشكال حينئذ , لأن المعنى أن عائشة هى التى كانت تتم , وهذا عنها صحيح كما سبق. ولكن فيما أورده الحافظ نظر عندى , لأن الرواية فى السنن كما ذكرنا بالمثناة التحتية , وكذلك فى " تحقيق ابن الجوزى " و" نصب الراية " للزيلعى (2/192) من طريق الدارقطنى.
ومن الغريب أن الحافظ مع إيراده ما سبق قال عقب ذلك: " وقد استنكره أحمد , وصحته بعيدة , فإن عائشة كانت تتم , وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان , كما فى الصحيح , فلو كان عندها عن النبى صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت , وقد ثبت فى الصحيحين خلاف ذلك ".(3/7)
ووجه الغرابة , أن الذى استنكره أحمد إنما هو رفع الحديث إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وهو الذى يتوجه إليه قول الحافظ (وصحته بعيدة ... " وما بعده من التعليل , لا الموقوف , فلعل ضمير " استنكره " فى كلامه راجع إلى الحديث الذى ساقه الحافظ قبل هذا وهو عن عائشة قالت: " سافرت مع النبى صلى الله عليه وسلم فلما رجعت قال: ما صنعت فى سفرك؟ قلت: أتممت الذى قصرت , وصمت الذى أفطرت , قال: أحسنت ".
هذا لفظ الحديث فى شرح الرافعى.
فقال الحافظ فى تخريجه: " النسائى والدارقطنى والبيهقى من حديث العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة: " أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت: يا رسول الله بأبى أنت وأمى , أتممتُ وقصرتَ , وأفطرتَ وصمت , فقال: أحسنت يا عائشة , وما عاب على ".
وفى رواية الدارقطنى: " عمرة فى رمضان " واستنكر ذلك , فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر فى رمضان , وفيه اختلاف فى اتصاله.
قال الدارقطنى: عبد الرحمن أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق , وهو كما قال ففى " تاريخ البخارى " وغيره ما يشهد لذلك , وقال أبو حاتم: دخل عليها وهو صغير , ولم يسمع منها.
قلت: وفى ابن أبى شيبة والطحاوى ثبوت سماعه منها.
وفى رواية للدارقطنى: عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة.
قال أبو بكر النيسابورى: من قال فيه عن أبيه أخطأ.
واختلف قول الدارقطنى فيه , فقال فى السنن: إسناده حسن.
وقال فى العلل: " المرسل أشبه ".
قلت: ولعل الإرسال هو علة الحديث , وقد تعلق بعضهم فى إعلاله بالعلاء بن زهير لقول ابن حبان فيه: " يروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات , فبطل الاحتجاج به فيما لم يوافق الثقات ".
فقد رد الذهبى ثم العسقلانى هذا القول بأن العبرة بتوثيق يحيى ـ يعنى أن ابن معين قد وثقه ـ , فلا يعتد بتضعيف ابن حبان إياه , لاسيما وهو قد أورده(3/8)
فى " الثقات " أيضاً , فتناقض.
وقد ذكر العلامة ابن القيم فى " زاد المعاد " أن الحديث لا يصح , ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمة أنه قال: " هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
فليراجع كلامه فى ذلك من شاء (1/181 ـ 182) .
(564) - (وروى أحمد عن ابن عمر مرفوعاً: " إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يكره أن تؤتى معصيته " (ص 134) .
* صحيح.
قال الإمام أحمد (2/108) : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن نافع عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , ورواه ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما كما فى " الترغيب " (2/92) .
ثم رأيته فى ابن حبان (545 و914) رواه عن قتيبة به لكنه زاد حرب بن قيس بين عمارة ونافع.
ثم قال أحمد: حدثنا على بن عبد الله حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع به. ومن هذا الوجه رواه الخطيب (10/347) .
قلت: فزاد على وهو ابن المدينى فى إسناده حرب بن قيس , وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " وذكر البخارى أنه كان رضى , فإن كان الدراوردى قد حفظ الإسنادين فهو من هذا الوجه من المزيد فيما اتصل من الأسانيد , لكن الظاهر أن الدراوردى كان يضطرب فى إسناده , فقد أخرجه القضاعى فى " مسند الشهاب " (ق 89/2) عنه بالوجه الأول.
ورواه على وجه ثالث , أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/104/2) وابن مندة فى " التوحيد " (ق 125/2) وابن عساكر (12/348/1) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد عن موسى بن عقبة عن حرب بن قيس عن(3/9)
نافع به.
ثم رواه ابن منده من طريق هارون بن معروف حدثنا عبد العزيز به إلا أنه أسقط من السند حرب بن قيس.
وقال الطبرانى: " لم يدخل بين موسى ونافع حربا إلا الدراوردى ".
قلت: وهو صدوق احتج به مسلم , إلا أنه كان يحدث من كتب غيره فيخطىء, وقد اضطرب فى إسناد هذا الحديث على وجوه أربعة:
فتارة يرويه عن عمارة بن غزية عن نافع عن ابن عمر.
وتارة يدخل بين عمارة ونافع حرب بن قيس.
وتارة عن موسى بن عقبة بدل عمارة بن غزية , على الوجهين المذكورين.
ولعل الوجه الثانى هو الأرجح , لأنه قد توبع عليه , فقد قال ابن الأعرابى فى معجمه (ق 223/1) : قرأت على على: أنبأنا ابن أبى مريم أنبأنا يحيى بن أيوب حدثنى عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع به.
قلت: ويحيى بن أيوب هو الغافقى المصرى وهو ثقة من رجال الشيخين ومثل ابن أبى مريم واسمه سعيد , وأما على شيخ ابن الأعرابى فهو ابن داود القنطرى وهو ثقة , فصح بذلك إسناد الحديث ونجا من الاضطراب المخل بالصحة.
على أن للحديث شواهد من حديث عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وأبى هريرة وأنس بن مالك وأبى الدرداء وأبى أمامة وواثلة بن الأسقع.
أما حديث ابن عباس , فهو بلفظ: " ... كما يحب أن تؤتى عزائمه ".
أخرجه أبو بكر الشيرازى فى " سبعة مجالس ": (ق 8/1) عن الحسن بن على بن شبيب المعمرى أنبأنا حسين بن محمد بن أيوب السعدى حدثنا أبو محصن حصين بن نمير أنبأنا هشام وهو ابن حسان عن عكرمة عنه , مرفوعاً به.
وقال:(3/10)
" قال الحاكم: هذا متن يعرف من حديث ابن عمرو وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم , لم نكتبه من حديث هشام بن حسان عن عكرمة إلا بهذا الإسناد , وهذا أحد ما يعد من غرائب المعمرى ".
قلت: كلا فقد توبع عليه , قال الطبرانى فى " المعجم الكبير (3/139/1) : حدثنا الحسن بن إسحاق التسترى أنبأنا الحسين بن محمد الزراع به.
ومن طريق الطبرانى رواه أبو نعيم فى " الحلية " (6/276) ورواه ابن حبان (913) من طريق ثالث عن الحسين بن محمد به.
والحسين هذا ثقة , ومن فوقه من رجال البخارى فالسند صحيح وحسنه المنذرى (2/92) , وقد أخرجه الواحدى فى " الوسيط " (63/1 ـ 2) عن أبى محصن به.
ثم رواه الطبرانى من طريق عباد بن زكريا الصريمى أنبأنا هشام بن حسان به ورجاله ثقات غير الصريمى.
وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/162) : " رواه الطبرانى فى الكبير والبزار ورجالهما ثقات ".
وأما حديث ابن مسعود فهو بلفظ: " إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ".
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/61/2) : حدثنا أبو مسلم الكشى أنبأنا معمر بن عبد الله الأنصارى حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعاً.
ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم (2/101) وكذا الطبرانى فى " الأوسط " (1/104/1) وقال: " لم يروه عن شعبة مرفوعاً إلا معمر ومسكين بن بكير الحرانى ".
قلت: ومعمر هذا قال العقيلى: " لا يتابع على رفع حديثه ".
قلت: لكن قد تابعه فى رفع هذا الحديث مسكين هذا , وقد احتج به(3/11)
الشيخان , لكن الطريق إليه لا تصح , أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ق 327/2) من رواية مصعب بن سعيد عن مسكين به وقال: " لا أعلم رواه غير مصعب بن سعيد عن مسكين عن شعبة , ومصعب الضعف على حديثه بين ".
وأما حديث عائشة فهو بلفظ: " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه , كما يحب أن يؤخذ بعزائمه قلت: وما عزائمه؟ قال: فرائضه ".
أخرجه ابن حبان فى " الثقات " (2/200) والطبرانى فى " الأوسط " من طريق عمر بن عبيد البصرى ـ صاحب الخمر ـ حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها.
وقال الطبرانى: " لم يروه عن هشام إلا عمر ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الهيثمى (3/163) .
وأما حديث أبى هريرة فهو من رواية يحيى بن عبيد الله عن أبيه عنه.
أخرجه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (1/286) .
وهذا سند واهٍجداً , يحيى متروك متهم بالوضع وأبوه مجهول العدالة.
وأما حديث أنس , فأخرجه الدولابى فى " الكنى " (2/2/42) بإسناد ضعيف , وقد وقع فيه تحريف من الطابع , وله طريق أخرى يأتى بعده.
وأما حديث أبى الدرداء ومن بعده , فأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/104/1 ـ 2) من طريق عبد الله بن يزيد بن آدم عن أبى الدرداء وأبى أمامة ووائلة [1] بن الأسقع وأنس بن مالك مرفوعاً بلفظ: " إن الله يحب أن تقبل رخصه , كما يحب العبد مغفرة ربه ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: واثلة}(3/12)
قلت: وهو بهذا اللفظ باطل , وآفته عبد الله هذا.
قال أحمد: أحاديثه موضوعة.
وجملة القول أن الحديث صحيح بلفظيه المتقدمين: " ... كما يكره أن تؤتى معصيته " , " ... كما يحب أن تؤتى عزائمه ".
وأما إنكار شيخ الإسلام ابن تيمية اللفظ الثانى فى أول " كتاب الإيمان " فمما لا يلتفت إليه بعد وروده من عدة طرق بعضها صحيح كما سلف.
(565) - (حديث ابن عباس مرفوعاً: " يا أهل مكة لا تقصروا فى أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان " رواه الدارقطنى.
* ضعيف.
رواه الدارقطنى (148) وعنه البيهقى (3/137 ـ 138) والطبرانى (3/112/1) من طريق إسماعيل بن عياش أنبأنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء بن أبى رباح عن ابن عباس به.
وقال البيهقى: " وهذا حديث ضعيف , إسماعيل بن عياش , لا يحتج به , وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة , والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس ".
وأورده عبد الحق فى " الأحكام " (ق 62/1) من رواية الدارقطنى.
ثم قال: " عبد الوهاب بن مجاهد ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم , وسفيان الثورى يرميه بالكذب ".
ونحوه فى " التحقيق " لابن الجوزى (ق 152/1) .
وفى " مجمع الزوائد " (2/157) : " رواه الطبرانى فى الكبير من رواية ابن مجاهد عن أبيه وعطاء , ولم أعرفه , وبقية رجاله ثقات ".(3/13)
كذا قال , وابن مجاهد هو عبد الوهاب كما فى رواية الدارقطنى , وإسماعيل بن عياش ضعيف فى روايته عن غير الشاميين وهذه منها.
وقال الحافظ فى " الفتح " (2/467) : " وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الوهاب "
وفى " التلخيص " (129) : " وإسناده ضعيف , فيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك رواه عنه إسماعيل بن عياش , وروايته عن الحجازيين ضعيفة , والصحيح عن ابن عباس من قوله ".
قال ابن أبى شيبة (2/109/1) : ابن عيينة عن عمرو قال: أخبرنى عطاء عن ابن عباس قال: " لا تقصروا إلى عرفة وبطن نخلة , واقصروا إلى عسفان والطائف وجدة , فإذا قدمت على أهلٍ أو ماشية فأتم ".
وإسناده صحيح , ورواه الشافعى (1/115) بهذا الإسناد نحوه ويأتى.
ويعارض الحديث حديثان: أحدهما عن أنس , والآخر عن أبى سعيد الخدرى.
أما حديث أنس فهو من رواية يحيى بن يزيد الهنائى قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة , فقال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ (شعبة الشاك) صلى ركعتين ".
أخرجه مسلم (2/145) وأبو عوانة (2/346) وأبو داود (1201) وابن أبى شيبة (2/108/1 ـ 2) والبيهقى (3/146) وأحمد (3/129) وزاد بعد قوله: " عن قصر الصلاة ": " قال: كنت أخرج إلى الكوفة فأصلى ركعتين حتى أرجع ".(3/14)
وهى رواية للبيهقى وإسنادها صحيح.
وأما حديث أبى سعيد فيرويه أبو هارون العبدى عنه مرفوعاً بلفظ: " كان إذا سافر فرسخاً قصر الصلاة وأفطر ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/108/1) وعبد بن حميد فى مسنده كما فى " ثلاثياته " (ق 78/2) و" المنتخب منه " (ق 104/2) وسعيد بن منصور كما فى " الكواكب الدرارى " (2/60/1) وعبد الغنى المقدسى فى " السنن " (ق 65/2) .
وقال: " اسم أبى هارون العبدى عمارة بن جوين ".
قلت: وهو متروك , ومنهم من كذبه كما فى " التقريب " للحافظ ومن عجائبه أنه سكت عن الحديث فى " التلخيص " (130) وقد ذكره من رواية سعيد بن منصور فقط وتبعه على ذلك الصنعانى فى " سبل السلام " (2/54) .
فالعمدة على حديث أنس , وقد قال الحافظ فى " الفتح " (2/467) : " وهو أصح حديث ورد فى بيان ذلك وأصرحه , وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التى يبتدأ منها القصر , لا غاية السفر , ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقى (قلت: وكذا أحمد) ذكر فى روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنساً عن قصر الصلاة , وكنت أخرج إلى الكوفة , يعنى من البصرة فأصلى ركعتين حتى أرجع , فقال أنس , فذكر الحديث.
فظهر أنه سأله عن جواز القصر فى السفر لا عن الموضع الذى يبتدأ القصر منه.
ثم إن الصحيح فى ذلك أنه لا يتقيد بمسافة , بل بمجاورة البلد الذى يخرج منها.
ورده القرطبى بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به , فإن كان المراد به أنه لا يحتج به فى التحديد بثلاثة أميال فمسلم , لكن لا يمتنع أن يحتج به فى التحديد بثلاثة فراسخ , فإن الثلاثة أميال مندرجة فيه , فيؤخذ بالأكثر احتياطاً.
وقد روى ابن أبى شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة قال: قلت لسعيد(3/15)
بن المسيب: " أقصر الصلاة وأفطر فى بريد من المدينة؟ قال: نعم ".
قلت: وقد صح عن ابن عمر رضى الله عنه جواز القصر فى ثلاثة أميال , كما سيأتى بعد حديثين , وهى فرسخ , فالأخذ بحديث أنس أولى من حديث ابن عباس لصحته ورفعه وعمل بعض الصحابة به. والله أعلم.
على أن قصره صلى الله عليه وسلم فى المدة المذكورة لا ينفى جواز القصر فى أقل منها إذا كانت فى مسمى السفر , ولذلك قال ابن القيم فى " الزاد ": " ولم يحد صلى الله عليه وسلم لأمته مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك فى مطلق السفر والضرب فى الأرض , كما أطلق لهم التيمم فى كل سفر.
وأما ما يروى من التحديد باليوم واليومين أو الثلاثة فلم يصح عنه منها شىء البتة " والله أعلم.
(566) - (" حديث ابن عباس وابن عمر كانا لا يقصران فى أقل من أربعة برد " (ص 134) .
قلت: وهو معنى ما علقه البخارى وقد ذكره المؤلف بعد حديث , فلنتكلم عليه هناك (568) .
(567) - (وقال البخارى فى صحيحه: " باب فى كم يقصر الصلاة , وسمى النبى صلى الله عليه وسلم يوماً وليلة سفراً " (ص 134) .
قلت: ثم ساق البخارى (1/277) فى الباب أحاديث منع المرأة من السفر إلا مع محرم , منها حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة ".
ورواه مسلم (4/103) إلا أنه قال: " إلا مع ذى محرم عليها ".
وأخرجه أبو داود أيضاً (1742) , وفى رواية له بلفظ:(3/16)
" بريداً " بدل " يوماً وليلة ".
ورجالهما ثقات , ولكن اللفظ شاذ , وقد أشار الحافظ فى " الفتح " (2/467) إلى أنه غير محفوظ , ولعل الخطأ من جرير وهو ابن عبد الحميد , فقد قال الحافظ فى ترجمته من " التقريب ": " ثقة , صحيح الكتاب , قيل كان فى آخر عمره يهم من حفظه ".
فلعله روى الحديث فى الآخر من حفظه فأخطأ. والله أعلم.
(568) - ( [قال البخارى] : " وكان ابن عباس وابن عمر يقصران ويفطران فى أربعة برد وهى ستة عشر فرسخاً " (ص 134) .
* صحيح.
قلت: وصله البيهقى فى سننه (3/137) من طريق يزيد بن أبى حبيب عن عطاء بن أبى رباح أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم كانا يصليان ركعتين ركعتين , ويفطران فى أربعة برد مما فوق ذلك.
وإسناده صحيح. وقال الحافظ (2/466) : " وصله ابن المنذر من رواية يزيد بن أبى حبيب عن عطاء بن أبى رباح أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران فى أربعة برد , فما فوق ذلك.
وروى السراج من طريق عمرو بن دينار عن ابن عمر نحوه.
وروى الشافعى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة.
قال مالك: وبينها وبين المدينة أربعة برد.
ورواه عبد الرزاق عن مالك هذا فقال: بين المدينة وذات النصب ثمانية عشر ميلا , وفى الموطأ (1) عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقصر فى مسيرة اليوم التام. ومن طريق عطاء أن ابن عباس سئل أتقصر الصلاة إلى عرفة؟ قال: لا , ولكن إلى عسفان أو إلى جدة أو الطائف ".
قلت: هذه الطريق ليست فى الموطأ , وإنما هى عند الشافعى (1/115) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبى رباح قال: قلت لابن عباس: أقصر إلى عرفة؟ قال: لا ولكن إلى جده وعسفان
__________
(1) (ج/147/13) , ورواية الشافعي المذكورة عن مالك هي في الموطأ أيضا (1/147/12) .(3/17)
والطائف , وإن قدمت على أهل أو ماشية فأتم ".
ورواه ابن أبى شيبة نحوه وتقدم لفظه قبل حديثين (565) .
وإسناده صحيح كما قال الحافظ فى " التلخيص " (129) عازيا إياه إلى الشافعى.
قال: " وذكره مالك فى الموطأ عن ابن عباس بلاغا ".
قلت: هو فى " الموطأ " (1/148/15) بلاغاً كما قال لكنه من فعله لا من قوله بلفظ: " كان يقصر الصلاة فى مثل ما بين مكة والطائف , وفى مثل ما بين مكة وعسفان , " وفى مثل ما بين مكة وجدة ".
قال مالك: وذلك أربعة برد.
ورواه ابن أبى شيبة (2/108/2) من طريق ربيعة الجرشى عن عطاء بن أبى رباح به نحو روايةالشافعى وزاد: " وذلك ثمانية وأربعون ميلاً , وعقد بيده ".
وإسناده صحيح أيضاً.
(فائدة) البريد اثنا عشر ميلا , كما فى " المختار " وغيره , وقد صح عن ابن عمر القصر فى أقل من البريد , فأخرج ابن أبى شيبة (2/108/1) عن محمد بن زيد بن خليدة عن ابن عمر قال: " تقصر الصلاة فى مسيرة ثلاثة أميال ".
وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن خليدة هذا وقد روى عنه جماعة من الثقات كما فى " الجرح والتعديل " (3/2/256) وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/206/2) .
ثم روى (2/109/1) عن محارب بن دثار قال: سمعت ابن عمر(3/18)
يقول: " إنى لأسافر الساعة من النهار وأقصر ".
وإسناده صحيح كما قال الحافظ فى " الفتح " (2/467) .
ثم روى (2/111/1) عن نافع عن ابن عمر: " إنه كان يقيم بمكة فإذا خرج إلى منى قصر " وإسناده صحيح أيضاً.
وقال الثورى: سمعت جبلة بن سحيم سمعت ابن عمر يقول: " لو خرجت ميلاً قصرت
الصلاة " ذكره الحافظ وصححه.
قلت: وهذه الآثار عن ابن عمر أقرب إلى السنة على ما سبق بيانه قبل حديثين (565) والله أعلم.
(569) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل " (ص 135) .
* لا أعرفه بهذا اللفظ.
والظاهر أن المصنف لا يعنى أنه مروى به , بل بالمعنى , وهو صحيح تدل عليه أحاديث , منها حديث أنس:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ... صلى ركعتين ".
رواه مسلم وغيره وقد تقدم بتمامه قبل ثلاثة أحاديث (565) .
ومنها: حديثه الآخر الآتى بعده.
ومنها: حديث الشعبى مرسلاً: " كان النبى عليه السلام إذا خرج مسافراً قصر الصلاة من ذى الحليفة ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/108/1) بسند صحيح عنه.(3/19)
ومنها: حديث أبى هريرة: " أنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبى بكر وعمر من المدينة إلى مكة , كلهم صلى ركعتين من حين خرج من المدينة حتى يرجع إلى المدينة فى المسير والإقامة بمكة ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/46/2) عن حبيب بن أبى حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال: زعم أبو هريرة به.
وقال: " تفرد به أبو كامل ".
قلت: وهو ثقة حافظ ممن احتج بهم مسلم , وكذلك سائر رواته , إلا أن حبيباً هذا وهو الأنماطى البصرى أخرج له متابعة , وهو حسن الحديث.
وقال الهيثمى (2/156) : " رواه أبو يعلى والطبرانى فى الأوسط , ورجال أبى يعلى رجال الصحيح ".
وفى " الباب " عن ابن عباس وقد ذكرناه فى الحديث (563) .
(570) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة أربعاً والعصر بذى الحليفة ركعتين " (ص 135) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/277) ومسلم (2/144) وأبو عوانة (2/347) وأبو داود (1202) والنسائى (1/83) والترمذى (2/431) وابن أبى شيبة (2/108/1) والبيهقى (3/145 ـ 146) وأحمد (3/111 و177 و186 و268) من طرق عن أنس به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أحمد فى روايته: " وبات بها حتى أصبح , فلما صلى الصبح ركب راحلته , فلما انبعثت به سبح وكبر حتى استوت به على البيداء , ثم جمع بينهما , فلما قدمنا مكة أمرهم(3/20)
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلوا , فلما كان يوم التروية , أهلوا بالحج , ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات بيده قياماً , وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين ".
وروى البخارى (1/391 ـ 392) بعضه.
وزاد أحمد فى رواية (3/237) : " آمناً لا يخاف فى حجة الوداع ".
وإسناده جيد.
(571) - (حديث: " أن ابن عباس سئل: ما بال المسافر يصلى ركعتين حال الانفراد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة " رواه أحمد (ص 135) .
* صحيح.
ولم أجده فى المسند بهذا اللفظ , وهو فيه , بألفاظ أقربها إلى لفظ المؤلف ما أخرجه (1/216) من طريق أيوب عن قتادة عن موسى بن سلمة قال: " كنا مع ابن عباس بمكة , فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا , وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: تلك سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح , وأخرجه أبو عوانة فى صحيحه (2/340) ولكنه لم يسق لفظه.
وفى لفظ لأحمد (1/337) من طريق شعبة عن قتادة به: " كيف أصلى إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام؟ قال: ركعتين سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم " وهو بهذا اللفظ عند مسلم (2/143 ـ 144) من هذا الوجه. وأخرجه النسائى نحوه (1/212) , وله فى المسند (1/226 و290 و369) ألفاظ أخرى بمعناه , وكذا أخرجه أبو عوانة (2/340) والبيهقى (3/153 ـ 154) والطحاوى (1/245) .(3/21)
وروى البيهقى (3/157) بسند صحيح عن أبى مجلز قال: " قلت لابن عمر: المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم يعنى المقيمين أتجزيه الركعتان أو يصلى بصلاتهم؟ قال: فضحك وقال: يصلى بصلاتهم ".
(572) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام بمكة فصلى بها إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها وذلك أنه قدم صبح رابعة , فأقام إلى يوم التروية (1) فصلى الصبح ثم خرج " ذكره الإمام أحمد (ص 135) .
* صحيح المعنى.
وهو مستنبط من أحاديث صفة حجته صلى الله عليه وسلم , وهى كثيرة جدا , أنسبها بالمقام حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: " قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذى الحجة , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أحلوا , واجعلوها عمرة , فضاقت بذلك صدورنا وكبر علينا , فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: يا أيها الناس أحلوا , فلولا الهدى الذى معى لفعلت مثل الذى تفعلون فأحللنا حتى وطئنا النساء , وفعلنا ما يفعل الحلال , حتى إذا كان يوم التروية , وجعلنا مكة بظهر لبينا بالحج ".
أخرجه النسائى (2/43) وإسناده صحيح ومسلم (4/37) وليس عنده تاريخ القدوم من طريق عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن جابر.
وقد تابعه قيس بن سعد عن عطاء به , مثل رواية النسائى.
أخرجه أحمد (3/362) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفى رواية لمسلم وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر فى حديثه الطويل فى حجته صلى الله عليه وسلم وآله وسلم:
" فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى , فأهلوا بالحج , وركب رسول الله
__________
(1) هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي به لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد، أي يسقون ويستقون.(3/22)
صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ... ". الحديث.
ولى فى حديث جابر هذا رسالة لطيفة جمعت فيها ما تيسر من ألفاظه ورواياته , وهى مطبوعة.
(573) - (حديث: " قال أنس: أقمنا بمكة عشراً نقصر الصلاة " (ص 135) .
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى الحديث (563) .
(574) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة " رواه أحمد (ص 136) .
* صحيح.
قال الإمام أحمد (3/295) : حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر قال: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " الحديث.
ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (1236) وقال: " غير معمر لا يسنده ".
ورده النووى فى " الخلاصة " بقوله: " هو حديث صحيح الإسناد , على شرط البخارى ومسلم , لا يقدح فيه تفرد معمر , فإنه ثقة حافظ فزيادته مقبولة ".
وأقره الزيلعى (2/186) , وقال الحافظ فى " التلخيص " (129) عقب قول أبى داود المذكور:
" ورواه ابن حبان ـ يعنى: فى " صحيحه " ـ والبيهقى (3/152) من حديث معمر , وصححه ابن حزم والنووى , وأعله الدارقطنى فى " العلل " بالإرسال والانقطاع , وأن على بن المبارك وغيره من الحفاظ قد رووه عن يحيى بن أبى كثير(3/23)
عن ابن ثوبان مرسلاً , وأن الأوزاعى رواه عن يحيى عن أنس , فقال: بضع شعرة. قلت: بهذا اللفظ رواه جابر , أخرجه البيهقى من طريقه بلفظ: غزوت مع النبى صلى الله عليه وسلم تبوك , فأقام بها بضع عشرة , فلم يزد على ركعتين حتى رجع ".
قلت: هذا أخرجه البيهقى من حديث أبى أنيسة عن أبى الزبير عن جابر.
وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه , وأما أبو أنيسة , فلم أعرفه ولم يورده الدولابى فى " الكنى " فلا يعل بمثله حديث ابن ثوبان عنه , وإرسال على بن المبارك إياه سبق الجواب عنه فى كلام النووى , فالأرجح أن الحديث صحيح , وهذا المرسل أخرجه ابن أبى شيبة (2/112/1) .
وأما رواية الأوزاعى المذكورة , فأخرجها الطبرانى فى " الأوسط " (1/46/2) من طريق عمرو بن عثمان الكلابى حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعى به. وقال: " لم يروه عن الأوزاعى إلا عيسى ولا عنه إلا عمرو ".
قلت: وهو متروك كما فى " المجمع " (2/158) , وقال الحافظ فى " التقريب " و" التلخيص ": " ضعيف " قال: " وقد اختلف فيه على الأوزاعى , ذكره الدارقطنى فى " العلل " وقال: الصحيح عن الأوزاعى عن يحيى أن أنسا كان يفعل. قلت: ويحيى لم يسمع من أنس ".
قلت: والموقوف على أنس سيأتى فى الكتاب بعد حديث , ومنه يتبين أنه حديث آخر ليحيى , فلا يعل به حديث الباب. والله تعالى أعلم.
(575) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة أقام بها تسعة عشر يوما يصلى ركعتين " رواه البخارى (ص 136) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/276) من طريق أبى عوانة عن عاصم(3/24)
وحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما يقصر , فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسعة عشر قصرنا , وإن زدنا أتممنا ".
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقى (3/150) به.
ثم أخرجه هو والدارقطنى (149) من طرق عن أبى عوانة به إلا أنه لم يذكر حصينا وقال: " سبعة عشر يوما ".
وبهذا اللفظ أخرجه ابن أبى شيبة (2/112/2) : حدثنا حفص عن عاصم عن عكرمة به، وهكذا أخرجه أبو داود (1230) والبيهقى من طرق عن حفص به.
وقال الإمام أحمد (1/223) : حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم الأحول به باللفظ الأول " تسع عشرة ".
وكذلك أخرجه الترمذى (2/434) والطحاوى (1/242) والبيهقى من طرق عن أبى معاوية به. وقال الترمذى: " حديث غريب حسن صحيح ".
لكن ذكر البيهقى أن عثمان بن أبى شيبة رواه عن أبى معاوية باللفظ الثانى: " سبع عشرة ".
ثم أخرجه البخارى (3/143) من طريق ابن شهاب عن عاصم به باللفظ الأول.
لكن أخرجه الدارقطنى من هذا الوجه باللفظ الثانى!
قلت: فهذا اضطراب شديد على عاصم وعلى الرواة عنه , لكن لعل اللفظ الأول هو الأرجح , فقد رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم به.
أخرجه ابن ماجه (1075) بإسناد صحيح. ولا أعلمه اختلف فيه على ابن زياد.(3/25)
ورواه البخارى (3/143) من طريق عبد الله (وهو ابن المبارك) قال: أخبرنا عاصم به. ولفظه: " أقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوما يصلى ركعتين " ورجح البيهقى هذه الرواية وقال: " أنها أصح الروايات , ولم يختلف فيها على عبد الله بن المبارك وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول. والله أعلم ".
قلت: وفيما نفاه من الاختلاف نظر فإن عبد بن حميد قال فى مسنده: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن المبارك به بلفظ: عشرين يوما كما فى " التلخيص " (129) وقال: " وهى صحيحة الإسناد , إلا أنها شاذة , اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر ".
قلت: فالترجيح برواية ابن زياد أولى لما سبق ذكره.
وللحديث طريق آخر عن عكرمة.
رواه شريك عن ابن الأصبهانى عنه بلفظ: " أقام بمكة عام الفتح سبع عشرة , يصلى ركعتين " أخرجه أبو داود (1232) والبيهقى وأحمد (1/303 و315) .
قلت: ورجاله ثقات , غير أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضى سىء الحفظ فلا يحتج به.
وله طريق أخرى عن ابن عباس. يرويه محمد بن إسحاق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عنه بلفظ: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة ".
أخرجه أبو داود (1231) وابن ماجه (1076) والبيهقى عن أبى داود وأعلاه بأن جماعة لم يذكروا فيه ابن عباس , فهو مرسل.(3/26)
قلت: وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه فلا يحتج به أيضا , لكنه لم يتفرد به , فرواه عراك بن مالك عن عبيد الله بن عبد الله به.
أخرجه النسائى (1/212) وإسناده صحيح , لكن قوله " خمس عشرة " شاذ لمخالفته لسائر الروايات كما فى " التلخيص " (129) .
وجملة القول: أن أصح هذه الروايات الرواية الأولى والثانية وأصحهما الأولى , وقد جمع بينهما البيهقى وغيره بأن من روى الأولى عدد يوم الدخول ويوم الخروج , ومن روى الأخرى لم يعدهما , وقال الحافظ: وهو جمع متين. والله أعلم.
(576) - (قال أنس: " أقام أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة " رواه البيهقى بإسناد حسن (ص 136) .
* ضعيف.
أخرجه البيهقى (3/152) من طريق عكرمة بن عمار حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاموا ... الحديث.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع , فإن يحيى لم يسمع من أنس كما قال الحافظ فى حديث ذكرناه قبل حديث , وقد ذهل عن هذه العلة المؤلف أو من تبعه فحسنه , وهو مسبوق بمثله! ففى " نصب الراية " (2/186) : " قال النووى: إسناده صحيح , وفيه عكرمة بن عمار , واختلفوا فى الاحتجاج به , واحتج به مسلم فى صحيحه ".
قلت: والحق أن عكرمة هذا حسن الحديث , لولا أن حديثه هذا منقطع. ولا عجب أن يخفى ذلك على النووى وغيره وإنما العجب أن يخفى على الحافظ ابن حجر فيتابع فى كتابه " الدراية " أصله " نصب الراية " فيقول (ص 129) إنه صحيح! مع أنه إسناد منقطع باعترافه , فجل من لا ينسى.
(577) - (حديث: " أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر(3/27)
الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول " رواه الأثرم (ص 136) .
* صحيح.
ورواه البيهقى (3/152) من طريق نافع عن ابن عمر أنه قال: " أريح علينا الثلج , ونحن بأذريبجان ستة أشهر فى غزاة , وكنانصلى ركعتين ".
قلت: وإسناده صحيح , كما قال الحافظ فى " الدراية " (129) , وهو على شرط الشيخين كما نقله الزيلعى (2/185) عن النووى وأقره.
وله طريق أخرى , فقال ثمامة بن شراحيل: " خرجت إلى ابن عمر فقلت: ما صلاة المسافر؟ فقال: ركعتين ركعتين , إلا صلاة المغرب ثلاثا , قلت: أرأيت إن كنا بـ (ذى المجاز) ؟ قال: وما (ذو المجاز) ؟ قال: قلت: مكان نجتمع فيه , ونبيع فيه , ونمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة , فقال: يا أيها الرجل كنت بأذربيجان ـ لا أدرى قال ـ أربعة أشهر أو شهرين , فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين , ورأيت النبى صلى الله عليه وسلم بصر عينى يصليها ركعتين ثم نزع إلى بهذه الآية (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) ".
أخرجه أحمد (2/83 و154) بإسناد حسن , رجاله كلهم ثقات غير ثمامة هذا فقال الدارقطنى " لا بأس به شيخ مقل " وذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/7) .
فصل فى الجمع
(578) - (حديث معاذ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليها جميعا , وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا , ثم سار , وكان يفعل مثل ذلك فى المغرب والعشاء " رواه أبو داود والترمذى وقال حسن غريب (ص 136) .(3/28)
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1220) والترمذى (2/438) وكذا أحمد (5/241 ـ 242) كلهم قالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى غزوة تبوك ... " الحديث واللفظ لأبى داود إلا أن المصنف اختصر آخره ولفظه: " وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب ".
ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطنى (151) والبيهقى (3/163) وقال الترمذى (2/440) : " حديث حسن غريب تفرد به قتيبة , لا نعرف أحدا رواه عن الليث غيره. وقال فى مكان آخر من الصفحة الأخرى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وأنا أرى أن الإسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الستة , وقد أعله الحاكم بما لا يقدح فى صحته , فراجع كلامه فى ذلك مع الرد عليه فى " زاد المعاد " لابن القيم (1/187 ـ 188) ولذلك قال فى " إعلام الموقعين " (3/25) : " وإسناده صحيح وعلته واهية ".
وغاية ما أعل به علتان:
الأولى: تفرد قتيبة به أو وهمه فيه.
والأخرى: عنعنة يزيد بن أبى حبيب.
والجواب: عن الأولى أن قتيبة ثقة ثبت كما قال الحافظ فلا يضر تفرده , كما هو مقرر فى علم الحديث. وأما الوهم , فمردود إذ لا دليل عليه إلا الظن , والظن لا يغنى من الحق شيئا , ولا يرد به حديث الثقة! ولو فتح هذا الباب لم(3/29)
يسلم لنا حديث!
والجواب عن العلة الأخرى فهو أن يزيد بن أبى حبيب غير معروف بالتدليس وقد أدرك أبا الطفيل حتما , فإنه ولد سنة (53) ومات سنة (128) وتوفى أبو الطفيل سنة (100) أو بعدها , وعمر يزيد حينئذ (47) سنة.
نعم قد خولف قتيبة فى إسناده , فقال أبو داود (1208) : حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملى الهمدانى: حدثنا المفضل بن فضالة والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبى الزبير عن أبى الطفيل به.
ومن طريق أبى داود: رواه الدارقطنى (150) وكذا البيهقى (3/162) لكنه قال: " عن الليث بن سعد " فجعل الليث شيخ المفضل , وإنما هو قرينه , وكلاهما شيخ الرملى , واغتر بذلك ابن القيم فى " الزاد " فقال:
" فهذا المفضل قد تابع قتيبة , وإن كان قتيبة أجل من المفضل وأحفظ , لكن زال تفرد قتيبة به " (1) .
فالصواب أن الذى تابع قتيبة إنما هو الرملى , لكنه خالفه فى إسناده فقال: الليث عن هشام بن سعد عن أبى الزيبر عن أبى الطفيل. فإما أن يصار إلى الجمع فيقال: لليث بن سعد فيه إسنادان عن أبى الطفيل , روى عنه أحدهما قتيبة , والآخر الرملى , ولهذا أمثلة كثيرة فى الأسانيد كما هو معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف.
وإما أن يصار إلى الترجيح فيقال: قتيبة أجل وأحفظ من الرملى , فروايته أصح.
والجمع عندى أولى , لأنه لا يلزم منه تخطئة الثقة بدون حجة , لاسيما ولرواية أبى الزبير عن أبى الطفيل أصل أصيل , ففى " موطأ مالك " (1/143/2) : عن أبى الزبير المكى عن أبى الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبره: " أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك , فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر , والمغرب والعشاء , قال: فأخر الصلاة
يوما , ثم
__________
(1) وقد فاتنى التنبيه على هذا الوهم فى " التعليقات الجياد على زاد المعاد " فليستدرك. اهـ.(3/30)
خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل , ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا "ً.
ومن طريق مالك أخرجه مسلم (7/60) وأبو داود (1206) والنسائى (1/98) والدارمى (1/356) والبيهقى وأحمد (5/237) .
وأخرجه مسلم (2/) وابن ماجه (1070) وابن أبى شيبة (2/113/1) والطيالسى (1/126) وأحمد (5/229 و230 و236) من طرق أخرى عن أبى الزبير به. وصرح فى بعضها بالتحديث , وزاد مسلم والطيالسى وأحمد فى رواية: " قلت: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ".
قلت: وليس فى شىء من هذه الطرق عن أبى الزبير ذكر لجمع التقديم الوارد فى حديث قتيبة , ولا يضره ذلك لما تقرر أن زيادة الثقة مقبولة , لاسيما ولم يتفرد به بل تابعه الرملى ـ وإن خالفه فى إسناده كما سبق ـ.
على أن لهذه الزيادة شاهدا قويا فى بعض طرق حديث أنس الآتى بعده.
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس قال:
" ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر قال: قلنا بلى , قال: كان إذا زاغت الشمس فى منزله جمع بين الظهر والعصر , قبل أن يركب , وإذا لم تزغ له فى منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر , وإذا حانت المغرب فى منزله جمع بينها وبين العشاء , وإذا لم تحن فى منزله ركب , حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما ".
أخرجه الشافعى (1/116) وأحمد (1/367 ـ 368) والدارقطنى (149) والبيهقى (3/163 ـ 164) من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة وكريب كلاهما عن ابن عباس.
قلت: وحسين هذا ضعيف , قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 130) :(3/31)
" واختلف عليه فيه , وجمع الدارقطنى فى سننه بين وجه الاختلاف فيه , إلا أن علته ضعف حسين , ويقال: إن الترمذى حسنه , وكأنه باعتبار المتابعة , وغفل ابن العربى فصحح إسناده , لكن له طريق أخرى: أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحمانى فى مسنده عن أبى خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
وروى إسماعيل القاضى فى " الأحكام " عن إسماعيل بن أبى أويس عن أخيه عن سليمان ابن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه ".
قلت: فالحديث صحيح عن ابن عباس بهذه المتابعات والطرق. وقواه البيهقى بشواهده , فهو شاهد آخر لحديث معاذ من رواية قتيبة تدل على حفظه وقوة حديثه.
(579) - (حديث أنس بمعناه , متفق عليه (ص 136) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/281 و281 ـ 282) ومسلم (2/151) وأبو عوانة (2/351) وأبو داود (1218) والنسائى (1/98) والدارقطنى (149 ـ 150) والبيهقى (3/161 ـ 162) وأحمد (3/247 و265) من طرق عن عقيل عن ابن شهاب أنه حدثه عن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر , ثم ينزل فيجمع بينهما , وإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب ".
وفى رواية للبيهقى من طريق أبى بكر الإسماعيلى: أنبأ جعفر الفريابى حدثنا إسحاق بن راهويه أنبأنا شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن عقيل به بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان فى سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل ".
قلت: وهذا إسناد صحيح كما قال النووى فى " المجموع " (4/372) وأقره الحافظ فى " التلخيص " (130) وهو على شرط الشيخين كما قال ابن القيم فى " الزاد ".
قال الحافظ:(3/32)
" وفى ذهنى أن أبا داود أنكره على إسحاق , ولكن له متابع رواه الحاكم فى " الأربعين " عن أبى العباس محمد بن يعقوب عن محمد بن إسحاق الصغانى عن حسان بن عبد الله عن المفضل بن فضالة عن عقيل (قلت: فذكره بإسناده ومتنه فى الصحيحين إلا أنه قال: صلى الظهر والعصر ثم ركب وقال) وهو فى الصحيحين من هذا الوجه بهذا السياق وليس فيهما " والعصر " , وهى زيادة
غريبة صحيحة الإسناد وقد صححه المنذرى من هذا الوجه والعلائى , وتعجب من الحاكم كونه لم يورده فى " المستدرك " وله طريق أخرى رواها الطبرانى فى " الأوسط ": حدثنا محمد بن إبراهيم بن نصر بن شبيب الأصبهانى: حدثنا هارون بن عبد الله الحمال حدثنا يعقوب بن محمد الزهرى حدثنا محمد بن سعد (1) حدثنا ابن عجلان عن عبد الله بن الفضل عن أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا كان فى سفر فزاغت الشمس قبل أن يرتحل , صلى الظهر والعصر جميعاً , وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس جمع بينهما فى أول العصر , وكان يفعل ذلك فى المغرب والعشاء ".
وقال: تفرد به يعقوب بن محمد.
قلت: وهو صدوق كثير الوهم كما فى " التقريب " وفى "المجمع " (2/160) : " رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله موثقون ".
قلت: فهو إسناد حسن فى الشواهد.
وقد وجدت له طريقاً ثالثة , فقال ابن أبى شيبة (2/113/1) : يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس قال: " كنا نسافر مع أنس بن مالك , فكان إذا زالت الشمس , وهو فى منزل لم يركب حتى يصلى الظهر , فإذا راح فحضرت صلاة العصر فإن سار من منزله قبل أن تزول فحضرت الصلاة قلنا له: الصلاة فيقول: سيروا , حتى إذا كان
__________
(1) الأصل " سعدان " والتصويب من " الجمع بين المعجمين " (1/47/1) وكتب الرجال. اهـ.(3/33)
بين الصلاتين نزل فجمع بين الظهر والعصر , ثم يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وصل ضحوته بروحته صنع هكذا ".
قلت: ورجاله ثقات لولا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. ومن طريقه رواه البزار بنحوه كما فى " المجمع ".
(تنبيه) : لقد تبين مما سبق ثبوت جمع التقديم فى حديث أنس من طرق ثلاثة عنه , لكن قول المؤلف أنه متفق عليه بمعنى حديث معاذ , لا يخلو من تسامح لأنه يوهم أن الجمع المذكور متفق عليه وليس كذلك كما عرفت من التخريج , فتنبه.
(579/1) - (قال ابن عباس: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. وفي رواية من غير خوف ولا سفر ". رواهما مسلم. (ص 137)
* صحيح.
أخرجه مالك (1 / 144 / 4) عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك كان في مطر.
وأ خرجه مسلم (2 / 151) وأبو عوانة (2 / 353) وأبو داود (1210) والشافعي (1 / 118) وكذا ابن خزيمة في صحيحه (972) والطحاوي (1 / 95) والبيهقي (3 / 166) كلهم عن مالك به.
وقد تابعه زهير حدثنا أبو الزبير به، وزاد:
" بالمدينة - قال أبو الزبير: فسألت سعيدا: لم فعل ذلك؟ فقال:
سألت ابن عباس كما سألتني؟ فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته ".(3/34)
أخرجه مسلم والبيهقي.
ثم أخرجاه وكذا أبو عوانة والطيالسي (2629) والشافعي (1 / 119) وكذا أحمد (1 / 283 و349) من طرق أخرى عن أبي الزبير به وصرح بسماعه من سعيد عند الطيالسي.
وقد تابعه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير به إلا أنه قال:
" مطر " بدل " سفر ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود (1211) والترمذي (1 / 355) والبيهقي (3 / 167) وأحمد (1 / 354) .
وتابعه عمرو بن هرم عن سعيد بلفظ:
" أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا "
أخرجه الطيالسي (2614) : حدثنا حبيب عن عمرو بن هرم به، ورواه النسائي (1 / 98) من طريق حبان بن هلال وهو ثقة حجة حدثنا حبيب به بلفظ:
" أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل، وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة الأولى والعصر ثمان سجدات ليس بينهما شيء ".
وهذا إسناد جيد، وهو على شرط مسلم.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس.
1 - فقال الإمام أحمد (1 / 223) : ثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال:
" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس وما أراد لغير ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ".(3/35)
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وجابر بن زيد هو أبو الشعثاء، وقد رواه عنه عمرو بن دينار مختصرا بلفظ:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا، وثمانيا، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. أخرجه البخاري (1 / 146) ومسلم (2 / 152) وأبو عوانة (2 / 354) والشافعي (1 / 118 - 119) وأبو داود (1214) والنسائي (1 / 98) وابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) والبيهقي (3 / 167) وزاد هو ومسلم وغيرهما:
قلت: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك.
ووهم بعض رواة النسائي فأدرجه في الحديث!
قلت: ورواية قتادة عن أبي الشعثاء ترجح رواية حبيب بن أبي ثابت بلفظ مطر بدل سفر، ولم تقع هذه الرواية للبيهقي فرجح رواية أبي الزبير المخالفة لها بلفظ سفر برواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء هذه التي ليس فيها لفظ من اللفظين!
ويرجحه أيضا الطريق الآتية:
2 - قال ابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) : وكيع قال نا داود بن قيس الفراء عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال:
" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة في غير خوف ولا مطر، قال: فقيل لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: أراد التوسعة على أمته ".
وأخرجه أحمد (1 / 346) والطبراني في " الكبير " (3 / 99 / 1) من طريقين آخرين عن داود بن قيس به.
وهذا سند حسن في المتابعات والشواهد رجاله ثقات رجال مسلم غير(3/36)
صالح هذا ففيه ضعف، ورواه الطحاوي (1 / 95) من طريق أخرى عن الفراء، وقال: " في غير سفر ولا مطر "، ولعل الصواب الرواية الأولى، فإن لفظ " المدينة " معناه " في غير سفر "، فذكر هذه العبارة مرة أخرى لا فائدة منها بل هو تحصيل حاصل، بخلاف قوله في غير خوف ففيه تنبيه إلى معنى لا يستفاد إلا به فتأمل.
3 - قال عبد الله بن شقيق:
" خطبنا ابن عباس بالبصرة يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أم لك؟! ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شئ، فأتيت أبا هريرة، فسألته، فصدق مقالته ".
أخرجه مسلم (2 / 152 - 153) وأبو عوانة (2 / 354 - 355) والطيالسي (2720) .
وفي رواية عنه قال:
" قال رجل لابن عباس: الصلاة، فسكت، ثم قال: الصلاة فسكت، ثم قال: الصلاة، فسكت، ثم قال: لا أم لك تعلمنا بالصلاة؟! وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! "
أخرجه مسلم وابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) وزاد في آخره:
" يعني السفر "
قلت: والظاهر أن هذه الزيادة من ابن أبي شيبة نفسه على سبيل التفسير وما أظنها صوابا، فإن الظاهر من السياق أن الجمع المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان في الحضر، وإلا لم يصح احتجاج ابن عباس به على الرجل كما هو ظاهر، ويؤيده رواية بالمدينة فإنها صريحة في ذلك كما تقدم.(3/37)
وللحديث شاهد من حديث جابر يرويه الربيع بن يحيى الأشناني قال ثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عنه قال:
" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة ".
أخرجه الطحاوي (1 / 96) وابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 116) وتمام في " الفوائد " (4 / 78 / 2) وخلف بن محمد الواسطي في " السادس من الأفراد والغرائب " (254 - 255) من طرق عنه.
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير أن الأشناني هذا مختلف فيه فقال فيه أبو حاتم " ثقة ثبت "، كما رواه عنه ابنه في الجرح (1 / 2 / 471) ، ومع ذلك فقد قال عنه عقب هذا الحديث:
" إنه باطل عندي، هذا خطأ لم أدخله في التصنيف، أراد أبا الزبير عن جابر، أو أبا الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. والخطأ من الربيع ".
وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال ابن قانع: " ضعيف ". وكذا قال الدارقطني وزاد:
" ليس بالقوي، يخطئ كثيرا، حدث عن الثوري (قلت: فذكر الحديث) وهذا حديث ليس لابن المنكدر فيه ناقة ولا جمل، وهذا يسقط مائة ألف حديث ".
فهو حديث معلول من رواية ابن المنكدر عن جابر، وفي كلام أبي حاتم المتقدم إشارة إلى أن له أصلا من حديث أبي الزبير عن جابر، وقد وجدته، أخرجه ابن عساكر (17 / 273 / 1) من طريق محمد بن ابراهيم عن شعبة عن أبي الزبير عن جابر.
" أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير خوف، ولا علة ولا مطر ".
(580) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم: أمر المستحاضة بالجمع بين(3/38)