نظم اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية
للعَلامة سُليْمَان بن سَحْمَان
ـ رَحِمَه اَلْله ـ
1266 ـ 1349 هـ
ترجمة الناظم ـ رحمه الله ـ (1):
سليمان بن سحمان بن مصلح بن حمدان بن مصلح بن حمدان بن مسفر بن محمد بن مالك بن عامر الخثعمي , التبالي , العسيري , النجدي , الشيخ , العلامة , صاحب الردود القويمة وُلد في قرية السُّقا, مِن قُرى أبها, واخْتُلِفَ في سنة ميلاده ما بين عام 1266 وعام 1269, نشأَ في بيت علمٍ وشرفٍ ودينٍ, وتربَّى على يدي والده تربيةً حسنة, فحفظ عليه القرآن ثم أخذ يلقنه مبادئ العلوم وفي سنة 1280 هـ نزح والده من عسير
يدي والده تربيةً حسنة, فحفظ عليه القرآن ثم أخذ يلقنه مبادئ العلوم وفي سنة 1280 هـ نزح والده من عسير إلى نجد واصطحب معه ابنه سليمان فأخذ سليمان في القراءة على الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ ( ت 1285 هـ ) وعلى ابنه عبداللطيف بن عبدالرحمن ( ت 1293 هـ ) ولازم الشيخ علبداللطيف ملازمة تامة ثمَّ انتقل الشيخ مِن الرِّياض مع والده إلى بلدة العمار من بلاد الأفلاج فقرأ على الشيخ حمد بن عتيق (1301 هـ ) ولازمه سبعة عشر عاماً ثم رجع إلى الرياض بعد وفاة الشيخ حمد وقويت صلته بالشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ ( ت 1339 هـ ) وأخذَ علوم اللغة العربية مِن الشيخ حمد بن فارس, فبلغ -رحمه الله- في العلوم مبلغاً, حتَّى صار مناراً يُهتدى به, كثيرَ التَّصانيف, كشف شبهَ المشبِّهين نظماً ونثراً
تلاميذه :
أخذ عنه العلم علماء أجلاء منهم ابنه صالح(ت 1402هـ) وابنه عبدالعزيز (1394هـ) والشيخ سليمان بن حمدان (ت1394هـ) والشيخ عمر آل الشيخ (ت1395هـ ) والشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم(ت1392هـ)
مصنفاته :
الأسنة الحداد في ردِّ شبهات علوي الحدَّاد
إرشاد الطالب إلى أهمِّ المطالب
الصواعق المرسلة الشهابية في الرد على الشبه الشامية
الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق
---
(1) ترجمته في مجلة المنار :31/ 238 والأعلام : 3 / 126 تراجم متأخري الحنابلة : 16 مشاهير علماء نجد : 290 معجم المؤلفين : 4 / 264 روضة الناظرين: 1 / 126 علماء نجد : 2 / 399 معجم مصنفات الحنابلة: 6 / 280(1/1)
كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام
كشف شبهات عبدالكريم البغدادي في تحليله ذبائح الصلب وكفار البوادي
الجواب الفاصل في الساعة بين من يقول إنها سحر ومن يقول إنها صناعة
منهاج أهل الحق والإتباع في مخالفة أهل الجهل والإبتداع
أشعة الأنوار فيما تضمنته لا إله إلا الله من الأسرار
عقود الجواهر المنضدة الحسان ( ديوانه )
وغيرها .
نسبة النظم إلى الناظم ـ رحمه الله ـ :
نسبها له القاضي في روضة الناظرين 1/129 وابن بسام في علماء نجد 2 / 402 والدكتور عبدالله الطريقي في معجم مصنفات الحنابلة 6 / 208 ونسبها له الشيخ عبدالعزيز السلمان في الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية في عدة مواضع من كتابه .
[ كتاب الطهارة ](1)
أحكام المياه (1)
وَقَوْلُ أَبي العبَّاسِ أَحمدَ إِنَّها ... لمَاءانِ في القولِ الصَّحيح المؤَيدِ
وَما لَهُما مِنْ ثالثٍ جاء مثبت ... بنصِّ رسولِ اللهِ أَفضلِ مُرشدِ
وأَمَّا الذي استثني ببولٍ وغوطة ... فإِنَّ على القولِ الصحيحِ المسدَّدِ
إِذا كانَ دونَ القُلَّتينِ فإِنَّه ... على ذاكَ محمولٌ بغيرِ تردُّدِ
يؤَيدُهُ نصُّ ببئرِ بضاعةٍ ... فراجعه لا تكسلْ ولا تتبلَّدِ
وعندَ أَبي العبَّاسِ ذلكَ طاهرٌ ... إِذالم يغيِّره الملاقي بمفسِدِ
وقالَ أَبو العباسِ أَحمدُ إِنَّهُ ... لماءٌ طهورٌ في الأَصحِّ المؤيَّدِ
ولاَ نصَّ في تقسيِمهِ بين طاهرٍ ... وبينَ طهورٍ عن نبيِّكَ أَحمدِ
وعندَ أَبي العبَّاس في عَظْم مِيتةٍ ... ومنفحةٍ والقرنِ والظفرِ فاعْدُدِ
كذا الرِّيشُ مع صوفٍ فذلكَ طاهرٌ ... وَلاَ نصَّ في تنجيسِها فتقيَّدِ
__________
(1) هذه العناوين ليست من المتن وإنما للتقسيم .(1/2)
آداب قضاء الحاجة
وكان أَبو العباسِ للمسْحِ مانعاً ... وللنَّترِ إِذْ لاَ نصَّ فيهِ لمقتدِ
ويحدثُ هذا المسحُ للسَّلِسِ الَّذي ... يشقُّ فَخُذْ بالعلمِ عن كُلِّ مهتدِ
وليسَ حديثُ النَّترِ و المسحِ ثابتاً ... ولا صحَّ في فعلِ النَّبي محمَّدِ
وعندَ أَبي العباسِ ليسَ بجائزٍ ... وَلَوْ مِنْ وَرَاء ما حالَ فاحظُرْ وشَدِّدِ
فكم بين بيتِ اللهِ من ركنِ شامخٍ ... وأَسْوارِ حيطانٍ وبيتٍ معمَّدِ
فللجهةِ التَّحريمُ يا صاحِ فاعْلَمِ ... فَخُذْ نصَّ تصريحٍ صحيحٍ مُؤَيَّدِ
وإِنْ ذكروا يوماً حديثاً مجوِّزا ... لذلك في البنيانِ غيرَ مُفْنَّدِ
فقد ذَكَرَ ابنُ القيِّم الحبرُ أَنَّها ... قضيةُ عينٍ خُصِّصَتْ بمحمَّدِ
وَما جاء نَصٌّ في الكراهةِ أَن تُدِرْ ... إِلى القَمَرين الفَرْجَ عَن خيرِ مُرْشِدِ
لئن لم يَكُنْ هَدْيُ النبيِّ محمدٍ ... وَلَيْسَ عليه أَمرُه فَله ارْدُدِ
نواقض الوضوء
بَلى مَسُّ إِنسانٍ لأَمردَ ناقِضٌ ... وَعَنْ شَهْوةٍ ذاكَ المسيسُ فقيِّدِ
وهذا هو القولُ الصحيحُ الَّذي له ... أَشارَ أَبو العباسِ يا ذا التنقُّدِ
التيمم
وَكُنْ عالمِاً أَنَّ التيمُّمَ رافعٌ ... يصلَّى بِهِ كالماءِ كلَّ التعبدِ
فصحَّ عن المعصومِ أَنَّ طهورَنا ... إِذا لم نجدْ ماءً هو الترُّبُ فاقْتَدِ
فيجزئُ قبلَ الوقتِ بالنص يا فَتى ... وفي الوقتِ حظرُ النفلِ للمتعبِّدَ
فمقتدياً بالحقِّ كن لا مُقَلِّدًا ... تَفُزْ إِقتفا هَدْيِ النَّبي مُحمَّدِ
وَلَا تَتيمَّمْ عندَ كُلِّ فريضَةٍ ... فما صحَّ هذا الفعلُ عن خيرِ مُرْشدِ
فأَطلِقْه كالماء في كُلِّ حُكْمِهِ ... فصلِّ به الأوقاتِ ذاتِ التَّعدُّدِ
وأَن تمسَحَنْ بالرَّمل يا صاحِ خالصاً ... فَلَا بأْسَ في هذا لدى كُلِّ مهتدِ
إِذا كنتَ في أَرضٍ كثيرٍ رِمالُها ... كأَرَضِ تبوكٍ فامْسَحَنْ لاَ تَقَيَّدِ(1/3)
وَما صَحَّ هذا الوصفُ من نفسِ فعلِه ... وَلَا أَمرِه فافهم وراجعْه تَرشُدِ
كمسحِكَ من بطنِ الأَصابع يا فَتى ... لوجهِكَ والكفَّينِ في رَاحةِ الْيَدِ
فليَس على هذا دليلٌ مقرَّرٌ ... فدعه وَلَا تعملْ بذلكَ تقتَدِ
ويكفيكَ فعلُ المصطفى فتقيَّدَن ... لما سنَّه واحْذَر تُخالفه تعتدِ
إزالة النجاسة
وَتطهر بالحولِ النَّجاسةُ كلُّها ... كَذا الخمرُ إنْ لمَ ْيقصد الخلَّ معتدِ
وهذا اختيارُ الشيخِ والنَّصُّ لمَ ْ يَرِدْ ... بتنجيسِها بالحَوْلِ عَن خيرِ مُرشِد
[ كتاب الصلاة ]
صفة الصلاة
وَفي الفَجْرِ فاتلُ من طوالِ المفصَّل ... واقصر في مَغربٍ ثم اقْصِدِ
وَلَيْسَ على هذا دليلٌ وَلَمْ تَكُنْ ... بسنَّةِ خيرِ العالمينَ محمَّدِ
وَقَدْ أَنْكَروا أَعْني الصحابةَ فِعْلَه ... فراجعْه في زادِ المعادِ لتَهْتَدِ
فَلَا تَقْرأَنْ في مغرِبٍ بِقصارِه ... بَل اقرأْهُ أَحياناً وحيناً بأَزْيَدِ
فَقَد قَرأَ الأَعرافَ فيها نبيُّنا ... وَبِالنورِ أحياناً وَلمَّا يُقَيّدِ
مبطلات الصلاة
وَكُنْ عالماً أَنَّ الكلامَ إِذا أَتَى ... فأَصْغِ لَهْ سمعاً وعي العلمَ تَرْشُدِ
على دَرَجاتٍ فاعلمنَّ ذكرتها ... فأُولاها بها الآن أَبتدي
يدلُّ على معنى بوضعٍ لنفسهِ ... و إِلا فمع لفظٍ سواه فقّيدِ
وذاكَ كفي مِنْ فاعلمنَّ ومثله ... يدٌ ودمٌ قم ثم خُذْ في المعدّدِ
فهذا كلامٌ ثم ثانيهما الَّذي ... يدلُّ على معنى بطبعٍ مجرَّدِ
كمثلِ سؤَال والعطاس تثاوبٌ ... بكاء و تأْويهٌ أَنينُ المجوِّدِ
فهذا الَّذي عددت أَشياء ما أَتى ... من النَّفخ في النَّصِّ الأَكيدِ المؤَيَّدِ
وليس كلاماً في الحقيقةِ مبطلاً ... صلاةَ الفتى في قولِ كُلِ مسدَّدِ
وَلَوْ بانت الحرفانِ منه كما أَتى ... بأُفٍ ثلاثٍ في الحديث المؤَكَّدِ
إِذا كان مغلوباً على ذاكَ يا فَتى ... وما ليسَ مغلوباً عليهِ فقيِّدِ(1/4)
ففيه نزاعٌ مستفيضٌ مقرَّرٌ ... وَلَيس لعمري مبطلاً في المؤَكَّدِ
فَلَا بُدَّ في لفظِ الكلامِ دلالةٌ ... تدلُّ على معنى بوضعٍ كما ابتدي
وما لاَ على معنى يدلُّ بوصفِهِ ... وَلَا طَبْعِهِ مثل التنخعِ فاشْهدِ
فقد جاء في النصِّ المؤَكد فعلُه ... وَذا حاصلُ التقريرِ مِنْ قَوِل أَحمدِ
وأَعني أَبا العباسِ حيثُ نظمتهُ ... ولخَّصتُ ما مِنه المرادَ لمقصدِ
القنوت في الوتر
ولا تَقْنَتَنْ في كلِّ وترِك يا فَتى ... فتجعلُه كالواجبِ المتأَكِّد
وَكُنْ قانتاً حيناً وحيناً فتارِكاً ... لذلك تسعدْ بالدَّليل وتهتَدِ
ففعلٌ وتركٌ سُنَّةٌ وكلاهما ... أَتتْ عن رسولِ اللهِ إِن كنتَ مقتدِ
سجود التلاوة
بلى فاسْجُدَنْ في فرضِ سِرٍ فإِنَّه ... لَسُنَّةُ خيرِ العالمينَ محمَّدِ
فراجعْه في الأَعلامِ إِنْ كنتَ شائقاً ... تجد ثمَّ ما يشفي وَيَكفي لمنْ هُدي
أوقات النهي
كذا سُنَّةٌ للفَجْرِ تُفْعَلُ بعدَها ... إذا لم تُصَلَّ قبلَها فتقيَّدِ
فإِنْ أَنتَ لم تفعلْ فللشَّمسِ فارقُبَنْ ... إلى قِيْدِ رُمحٍ ثمَّ انثني فلتسجد
وَعِند أبي العباسِ لا حظرَ للَّذي ... يصليهما أَعني تحيةَ مَسْجدِ
وذا لعمومِ النَّصِّ إِذْ لا مخصِّصٌ ... فَخُذ قولَ مَنْ بالنَّص يهدي وَيَهْتَدي
أَلَيسَ لها تُقضى الفروضُ وكالَّذي ... سمعتَ به في نظمِه ذا التَّعدُّدِِ
كذلك صحَّ النهيُ حالةَ خطبةِ الـ ... إِمامِ لمن يَأْتي بنفلِ التَّعبُّدِ
فأَمَّا الذي يأْتي ابتداءً فإِنه ... يُصلِّي وَلَا يجِلسْ تحيَّةَ مسجدِ
فهذا دليلٌ واضحٌ متقرِّرٌ ... وَقَدْ كان في وقتٍ من النَّهيِ فاقتدِ
صلاة الجماعة
وإِنَّ الصحيحَ المرتَضى عِندَ من قَضى ... بتعيينها فرضاً وبالنَّصِّ يقتدي
سوى من أَتى بالعذرِ فالنَّصُّ قد أَتى ... بتخصيصِه لاغير ذا قولُ أَحمدِ
وقالَ أَبو العبَّاس بل ذاكَ جائزٌ ... لفعلِ مُعاذٍ معْ صحابةِ أَحمدِ(1/5)
يصلي بهم فرضٌ وهم ذُو فريضةٍ ... وَقَدْ كانَ صلَّى الفرضَ خلفَ محمَّدِ
كَذا من يُصلِّي الظهرَ يأْتمُّ بالذي ... يُصَلِّي صلاةَ العصرِ غيرَ مفنَّدِ
صلاة أهل الأعذار
وَقَد قَصروا أَعني الصحابةَ دونَ ما ... يُقدِّرُه من فرسخ بالتَّعدُّد
فما حدد المعصومُ قدرَ مسافةٍ ... لفطرٍ ولا قصرٍ فهل أَنتَ مقتدِ
وشرطُ جوازٍ نيةُ قصرِها ... فشرطٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ
وهل جاءها إِلاَّ بنيَّةِ قصرِها ... نصَّ في تقييدِها حينَ يبتدي
بإِحرامه للقصرِ من سيِّد الورى ... فدعْه وَلَا تعملْ بذلِكَ ترشُدِ
وسنَّةُ جمع الظهرِ والعصرِ يا فتى ... كذا جمعُه بينَ العِشاءَيْنِ فاشْهَدِ
فعارض أَنْ جدّ بالسَّير قاصدٌ ... فإِن لم يجدَّ السَّيرَ بل قامَ للغدِ
فسنَّةٌ القصر إنْ كنتَ مقتدِ ... فراتبة فاعلم بذلك تَرشُدِ
وَعَنه وفي الظهرينِ أيضاً وإِنَّه ... لقولُ أَبي العباسِ مَع كلِّ سيِّدِ
وفيه حديثٌ ثابتٌ متقرِّرٌ ... عن السَّيِّدِ المعصومِ أَفضلِ مُرشدِ
وَما كانَ مِنْ هدي النَّبي اعتمادُه ... على السَّيفِ إذ لا نصَّ فيه لمهتدِ
ولكن يكونُ الاعتمادُ على العَصى ... أَو القوسِ ذا هديُ النَّبي محمدِ
وما ظَنَّهُ الجهال إِن اعتمادَه ... على السَّيفِ فيما يزعمون لمقصِدِ
إشارة إظهارٍ لدينٍ أَتى به ... فزعمٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ
بدع المساجد
ووضعُ المصلَّى في المساجِدِ بدعةٌ ... وليس من الهدي القويمِ المسدَّدِ
وَتقديمهُ في الصفِّ حجر لروضةٍ ... وغصبٌ لها عن داخِلٍ متعبِّدِ
ويُشبهُه وضعُ العَصاةِ وحكمُها ... كَحُكْمِ المصلَّى في ابتداعِ التعبُّدِ
بلى مستحبٌّ أَن يماطا وَيرفَعا ... عن الداخلينَ الراكعينَ بمسجِدِ
لئن لمَ ْيَكُنْ هذا بنصٍّ مقرَّرٍ ... وَلَا فعلِ أَصحابِ النبيِّ محمدِ
فخيرُ الأُمورِ السالفاتُ على الهدى ... وشرُّ الأُمورِ المحدَثاتُ فبعِّدِ(1/6)
[ كتاب الصيام ]
وَلَيسَ صيامُ الغيمِ يوماً واجبٍ ... ولا مستحبٍّ في الصحيح المؤيَّدِ
فَقَدْ جاء في هذا نصوصٌ صحيحةٌ ... فخذ بنصوصِ المصطفى وتقيَّدِ
وإِيَّاكَ و الآراءَ لا تَقْبَلَنَّها ... وقد صحَّ نصُّ عن نبيِّكَ أَحمدِ
وإِنْ أَوَّلُوا يوماً للفظِ اقدروا له ... بأَن ضيِّقوا فاردُدْه بالنَّصِّ مهتدِ
وذلك في زاد المعادِ أَنِ اقدروا ... ثلاثينَ يوماً كاملاتِ التَّعدُّدِ
فمن يستحب الصومَ في يومِ غيمنا ... فذلك عاصٍ للرسولِ محمدِ
وماذا عَسى إِن قدروه لأَحمد ... وَعَنْ تابعٍ أَو صاحبٍ لا تقلِّدِ
فليس لإنسانٍ من الناسِ حجةٌ ... مع السَّيد المعصومِ أَفضلِ مرشدِ
وَقال أَبو العباسِ بل ذاكَ جائزٌ ... وَعَن أَحمدٍ نصُّ الجوازِ فأَوردِ
إِن اعتاضَ عن حبٍّ شعيرٍ بسعرِه ... ولا بأْسَ في هذا لدى كلِّ سيِّد
فيروى عن الحبرِ ابنِ عباسٍ أنَّه ... يجوزُ وَلمَ يُعْرَفْ له من مفنِّّدِ
وأَما حديثُ النَّهي عن صرفه إِلى ... سواه ففي الإسنادِ طعنٌ لنُقَّدِ
وإِنْ صحَّ هذا فالمرادُ بصرفهِ ... إِلى سَلَمٍ في غيرِ ذاكَ فقيِّدِ
ليربحَ فيما ليسَ يضمنُ فاحضرَنْ ... لهذا ففيه النَّهيُ فافْهمْ تُسَدَّدِ
[ كتاب المواريث ]
وإِنَّ صحيحَ القولِ في الجدِّ أَنَّه ... لكالأَبِ في أَحوالِه والتودُّدِ
وذا ظاهرُ القرآن فاقرأْ ليوسفٍ ... ترى الجد باسم الأَبِّ يا ذا التَّنقدِ
فعَنْ ظاهرِ القرآنِ أَخذُك يا فَتى ... أَحقُّ وأَولى عن إِمامٍ مقلَّدِ
يرادُ اجتهادٌ منه إذ ليسَ واردٌ ... بنصٍّ عن الهادي الأَمينِ محمَّدِ
وليس لأَبٍّ جبرُ بِكْرٍ على امرئٍ ... أَبتْه ولم ترضاه إِنْ كنتَ مقتدِ
وهذا خلافُ السنَّةِ المحضةِ التي ... أَتَتْنا عَن المعصومِ أَكملِ سَيِّدِ
فإِنْ كَرِهَتْ فاردُدْ إِليها مخيَّراً ... فإِن لم تَشأْ فافسخْ وَلَا تَتَقَيَّدِ
وهذا هو القولُ الصحيحُ الَّذي به ... ندينُ إله العالمَين ونَقْتَدِ(1/7)
[ التقليد ]
أَلا أَيُّها الإنسانُ إيَّاكَ والهَوَى ... وتقليد آراء الرجالِ فتقتَدِ
وَلَا تتعصَّبْ للمذاهبِ جهرَةً ... وتنبذ خلفَ الظهرِ سنَّةَ أَحمدِ
فإِصداقُ تعليمِ القرآن فضيلةٌ ... بنصِّ رسولِ اللهِ أَكملِ مرشدِ
فإِنَّ انتفاعَ الخودِ يا صاحِ بالَّذي ... تعلَّمُ من آي الكتابِ الممجَّدِ
لأَفضلُ ما يسعى له الناسُ في الدُّنا ... وأَعظمُ مرغوبٍ إِليه لمن هُدي
فأَينَ انتفاعُ الخودِ بالشعر يا فتى ... من النَّفع بالقرآنِ إِنْ كنتَ تَقتدِي
ومَنْ قالَ هذا بالنبيِّ مخصصٌ ... فقولٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ
وَمَنْ قال لا إِصداقَ إِلاَ على الَّذي ... يقدَّرُ من مالٍ فليسَ بجيِّدِ
وإِنَّ الصَّحيحَ المرتَضى للذي أَتَى ... … وصحَّ عنِ الهادي النبيِّ محمَّدِ
بهذا ندينُ الله جلَّ جلاله ... فسل ربَّك التوفيقَ أَي موحِّدِ(1/8)
نظم ما انفرد به شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأئمة الأربعة
للعلامة سليمان بن سحمان ـ رحمه الله ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[ المقدمة ]
1 بحمدِ وليِّ الحمد مُسدِى الفضائل .... أُؤَلِّفُ نظماً فائقاً في المسائِلِ
2 مسائلُ عن شيخِ الوجودِ أُولى التقى .... مبيدِ العِدَى من كلِّ غاوٍ وَجَاهِلِ
3 وأَعنِي به الحبرَ بنَ تيميةَ الرِّضَى .... وفي بعضِها جاءت عضالُ الزَّلازِلِ
4 تفرَّدَ عن نعمانَ فيها ومالكٍ .... وعن أَحمد والشافعيِّ الأَماثِلِ
5 وقد جاء بعضُ الصَّحبِ يسأَلُ .... نظمها فأَحببتُ أَنْ أَحْظَى بدعوةِ سَائِلِ
6 وإِنْ لم أَكُنْ ذَا خِبْرَةٍ ودِرَايةٍ .... ولستُ لتحقيقِ العلومِ بآهلِ
7 ولكنَّني أَرجُو من اللهِ رحمةً .... وعلمَاً وتفهيماً بكلِّ المسائِلِ
المسأَلة الأُولى
8 فأَوَّلُها قصرُ الصَّلاةِ لِكُلِّ ما .... به سِفر يُسَمَّى لدى كُلِّ قَائِل
9 وسيَّانَ عندَ الشَّيخِ كانَتْ طويلَة .... مسافَتُه أَو دُونَه في التَّماثُلِ
10 وذَا مذهبٌ للظاهريَّةِ قد أتى .... وعن بعضِ أَصحابِ النَّبِي الأَفَاضِل
المسأَلة الثانية والثالثة
11 وتستبرىءُ البكرَ الكبيرةَ عندهُم .... وكان إِلى أَقوالِهم غيرَ ماثِلِ
12 ويختارُ ما اختارَ البُخارِي وقد أَتَى .... بذا أَثرٍ عن نجلِ حُلوِ الشَّمائِلِ
13 وذاكَ هو الفاروقُ والقولُ لابنهِ .... وثالثُها ما قاله في المسائِلِ
14 فيختارُ ما اختارُوا لسَجْدةِ قارئ .... بغير اشتراطٍ للوضُوءِ لفاعلِ
المسأَلة الرابعة
15 ومعتقداً ليلا فبان بضدِّه .... لأكلٍ ومطعومٍ بشهرِ الفَضَائلِ
16 فليسَ القضَا يوماً عليه بواجبٍ .... وما حكمهُ إِلاَّ كناسٍ وجاهِلِ
17 وما أَمر المعصومُ من كانَ مُخطِئاً .... من الصَّحبِ أَن يقضِي الصيامَ فَسائِلِ
18 كذلكَ بعضُ التَّابعينَ وبعضُ مَنْ .... إِلى الفقه منسوبٌ ومَنْ لِلفضائِلِ
19 عنيتُ به نجلَ الخليفةِ ذي التُّقى .... فمذهبهُم أَلاَّ قضاء لفاعِلِ
20 وعمدتُهم ما في الصحيحينِ ذكرُه .... وقد مرَّ منظوماً فكن غير غَافِلِ(2/1)
المسأَلة الخامسة
21 ومَنْ كانَ في حجَّاتِه متمتعاً .... بفرض وإِلاَّ في جميعِ النَّوافِلِ
22 فيكْفِيه سعىٌ واحدٌ في اختيارِه .... وعن أَحمدٍ يرويه بعضُ الأَفاضِلِ
23 وكانَ ابنُ عبَّاسٍ بذلك قائلاً .... فأَعظمْ به من قُدوةٍ ذي فَضَائِل
المسأَلة السادسة
24 وقد جَوَّز الشيخُ السبَاقَ بغيرِ .... أَنْ يحلِّله ما ليسَ يوماً بجاعِلِ
25 وإِنْ أَخْرجَا جُعلا وهَذَا اختيارُه .... وكان إِماماً عالِماً بالمسائِلِ
المسأَلة السابعة والثامنة والتاسعة
26 وَمَنْ تَفْتَدِى تستبرئنَّ بحَيضِه .... وفي ذَا حديثٌ مرسلٌ في المراسِلِ
27 وموطؤة يا صَاحِ أَعني بشبهةٍ .... وَمَنْ طلقت إِحدى الثلاثِ الكَوامِل
المسأَلة العاشرة
28 كَذا وطئ من حِيزَت بملكِ إِباحةٍ .... من الوثَنيَّاتِ الحِسَانِ الخواذِلِ
المسأَلة الحادية عشرة
29 وجُوِّزَ عَقْدٌ للرِّداءِ لمحرِم .... بإِحرامِه فافهم مقالَ الأَفاضِلِ
المسأَلة الثانية عشرة
30 وجُوِّز يا صاحِ الطَّوافُ لحائضٍ .... وليسَ لما قد أَوجَبُوه بمائِلِ
31 إِذَا كان لم يُمكن طوافُ طهارَةٍ .... ورفقَتُها قد قربُوا للرَّواحِل
المسأَلة الثالثة عشر
32 وجوز بيعاً للعصير بأَصلِه .... كزيتٍ بزيتونٍ فكن غيرَ غافِلِ
المسألة الرابعة عشر
33 كذاك الوُضُو يا صاحِ مِن كُلِّ مَا عَسى .... يُسمَّى به أَلما جائز غير حَائِلِ
34 سواءٌ لديه مُطلقاً أَو مقيَّداً .... وعنه رأَينا مُطلقاً في المسائِلِ
المسأَلة الخامسة عشر
35 وجوَّزَ بيعاً للحلِيِّ وغيرِها .... إِذا اتخذت في فضةٍ بالتَّفاضُل
36 بها والَّذي قَدْ زادَ يجعلُ للَّذِي .... لصنعتها في فاضِلٍ في المقابلِ
المسأَلة السادسة عشر
37 وإِن وقَعتْ في مائعٍ من نجاسَةٍ .... سواء قليلا أَو يكن غَيْر حَامِلِ
38 ولم يتغيَّر ليسَ ينجس عندَه .... وقد كانَ أَحْظَى منهمُو بالدَّلائِل
المسأَلة السابعة عشر
39 ومن خافَ مِن عيدٍ كذاك وجمعةٍ .... فواتاً وليسَ الماءُ يوماً بحاصِلِ
40 فإِن يتيمَّمْ كان ذلك عندَه .... يجوزُ فقابلْ بالثَّنا كلَّ فاضلِ(2/2)
المسأَلة الثامنة عشر
41 ومما جَرى منها عليه فوادِحٌ .... عِظامٌ وجاءت نحوه بالزلاَزِلِ
42 بإِفتائِه أَنَّ الطَّلاقَ إِذا أَتى .... ثلاثاً بلفظٍ واحدٍ غيرُ كَامِلِ
43 ولا واقعٌ بل إِن تلك جميعهَا.... لواحدةٌ في قِيله كالأَماثلِ
44 من الصَّحب في عهدِ النَّبيِّ وبعدَه .... إِلى أَنْ أُجيزت في عُقوبةِ عادِل
45 ولو فُرِّقت إِذا هِي لم تكُن .... على سَّنِة المعصومِ أَفضلِ فاضِل
المسأَلة التاسعة عشر
46 ومَنْ بطلاقٍ حالف فيمينُه .... مكفرةٌ لكن هي بالقَلاقِل
47 وعودِى بل أُوذي لإِفتائِه بهَا .... وكم مَرَّةٍ إِلى ذا الآن من مُتَحامِلِ
48 وقد كَتبَ الشَّيخُ الإمامُ مصنَّفاً .... بأَلفٍ من الأَوراقِ دفْعاً لصَائِلِ
49 ولكنَّه مع خصمِه سوفَ يَتلْقَي .... لدى اللهِ والرحمنُ أَعدلُ عادِل
50 وفي بعضِ ما قد مرَّ مما نظمتهُ .... مواقِفُ منهم له في المسَائِلِ
51 وقد قال هذا ما تفرَّد عنهمُو .... به الشَّيخُ هذا رَسْم خطٍّ لناقِلِ
52 وصَلِّ إِلهي كلَّ ما هبَّت الصَّبَا .... وما انْهلَّ صوبُ السَّارِياتِ الهَوامِل
53 على المصطَفى الهادِي الأَمينِ محمَّدٍ .... وأَصحابِه والآلِ أَهْلِ الفَضَائِل
انتهت المنظومة بحمد الله تعالى وأسأل الله الذي أعان عليها أن يعين على غيرها
وصلى الله على نبينا محمد(2/3)