وسمعت شيخ الاسلام يقول حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم فجرت حكومة حكم فيها احدهم بقول زفر فقلت له ما هذه الحكومة فقال هذا حكم الله فقلت له صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الامة هل هذا حكم زفر ولا تقل هذا حكم الله أونحو هذا من الكلام
الاحوال التي ترد على المفتي من المستفتى
الفائدة الرابعة عشرة المفتي اذا سئل عن مسالة فإما ان يكون قصد السائل فيها معرفة حكم الله ورسوله ليس إلا وإما ان يكون قصده معرفة ما قاله الامام الذي شهر المفتي نفسه باتباعه وتقليده دون غيره من الائمة واما ان يكون مقصوده معرفة ما ترجح عند ذلك المفتي وما يعتقده فيها لاعتقاده علمه ودينه وأمانته فهو يرضى تقليده هو وليس له غرض في قول إمام بعينه فهذه اجناس الفتيا التي ترد على المفتين
ففرض المفتي في القسم الاول ان يجيب بحكم الله ورسوله اذا عرفه وتيقنه لا يسعه غير ذلك
وأما القسم الثاني فاذا عرف اقول الامام نفسه وسعه ان يخبر به ولا يحل له ان ينسب اليه القول ويطلق عليه انه قوله بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أوطالعها من كلام المنتسبين اليه فانه قد اختلطت اقوال الائمة وفتاويهم بأقوال المنتسبين اليهم واختياراتهم فليس كل ما في كتبهم منصوصا عن الائمة بل كثير منه يخالف نصوصهم وكثير منه لا نص لهم فيه وكثير منه يخرج على فتاويهم وكثير منه أفتوا به بلفظه أوبمعناه فلا يحل لاحد ان يقول هذا قول فلان ومذهبه إلا ان يعلم يقينا انه قوله ومذهبه فما أعظم خطر المفتي وأصعب مقامه بين يدى الله تعالى (4/176)
واما القسم الثالث فانه يسعه ان يخبر المستفتى بما عنده في ذلك يغلب على ظنه انه الصواب بعد بذل جهده واستفراغ وسعه ومع هذا فلا يلزم المستفتى الاخذ بقوله وغايته انه يسوغ له الاخذ به
فلينزل المفتي نفسه في منزلة من هذه المنازل الثلاث وليقم بواجبها فإن الدين دين الله والله سبحانه ولا بد سائله عن كل ما افتى به وهو موقره عليه ومحاسب ولا بد والله المستعان
على المفتي ان يفتي بالصواب ولو كان خلافا لمذهبه
الفائدة الخامسة عشرة ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه ان يفتي السائل بمذهبه الذي يقلده وهو يعلم ان مذهب غيره في تلك المسألة ارجح من مذهبه واصح دليلا فتحمله الرياسة على ان يقتحم الفتوى بما يغلب على ظنه ان الصواب في خلافه فيكون خائنا لله ورسوله وللسائل وغاشا له والله لا يهدي كيد الخائنين وحرم الجنة على من لقيه وهو غاش للاسلام واهله والدين النصيحة والغش مضاد للدين كمضادة الكذب للصدق والباطل للحق وكثيرا ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا ان نفتي بخلاف ما نعتقده فنحكي المذهب الراجح ونرجحه ونقول هذا هو الصواب وهو اولى ان يؤخذ به وبالله التوفيق
على المفتي الا يبهم على السائل
الفائدة السادسة عشرة لا يجوز للمفتي الترويج وتخيير السائل وإلقاؤه في الاشكال والحيرة بل عليه ان يبين بيانا مزيلا للإشكال متضمنا لفصل الخطاب كافيا في حصول المقصود لا يحتاج معه الى غيره ولا يكون كالمفتي الذي سئل عن مسألة في المواريث فقال يقسم بين الورثة على فرائض الله عزوجل وكتبه فلان وسئل اخر عن صلاة الكسوف فقال تصلي على حديث عائشة وان كان هذا اعلم من الاول وسئل اخر عن مسألة من الزكاة فقال اما اهل الايثار فيخرجون المال كله واما غيرهم فيخرج القدر الواجب عليه أوكما قال وسئل اخر عن مسالة فقال فيها قولان ولم يزد (4/177)
قال ابو محمد بن جزم وكان عندنا مفت إذا سئل عن مسألة لا يفتى فيها حتى يتقدمه من يكتب فيكتب هو جوابي فيها مثل جواب الشيخ فقدر ان مفتيين اختلفا في جواب فكتب تحت جوابهما جوابي مثل جواب الشيخين فقيل له انهما قد تناقضا فقال وانا أتناقض كما تناقضا وكان في زماننا رجل مشار اليه بالفتوى وهو مقدم في مذهبه وكان نائب السلطان يرسل اليه في الفتاوي فيكتب يجوز كذا أويصح كذا أوينعقد بشرطه فارسل اليه يقول له تأتينا فتاوي منك فيها يجوز أوينعقد أويصح بشرطه ونحن لا نعلم شرطه فإما ان تبين شرطه وإما ان لا تكتب ذلك
وسمعت شيخنا يقول كل احد يحسن ان يفتى بهذا الشرط فإن أي مسألة وردت عليه يكتب فيها يجوز بشرطه أويصح بشرطه أويقبل بشرطه ونحو ذلك وهذا ليس بعلم ولا يفيد فائدة اصلا سوى حيرة السائل وتبلده وكذلك قول بعضهم في فتاويه يرجع في ذلك الى رأي الحاكم فيا سبحان الله والله لو كان الحاكم شريحا واشباهه لما كان مرد احكام الله ورسوله الى رأيه فضلا عن حكام زماننا فالله المستعان وسئل بعضهم 8عن مسالة فقال فيها خلاف فقيل له كيف يعمل المفتي فقال يختار له القاضي احد المذهبين قال ابو عمرو بن الصلاح كنت عند ابي السعادات ابن الاثير الجزري فحكى عن بعض المفتين انه سئل عن مسألة فقال فيها قولان فأخذ يزرى عليه وقال هذا حيد عن الفتوى ولم يخلص السائل من عمايته ولم يأت بالمطلوب
قلت وهذا فيه تفصيل فإن المفتي المتمكن من العلم المضطلع به قد يتوقف في الصواب في المسألة المتنازع فيها فلا يقدم على الجزم بغير علم وغاية ما يمكنه ان يذكر الخلاف فيها للسائل وكثيرا ما يسأل الامام احمد رضى الله عليه وغيره من الائمة عن مسالة فيقول فيها قولان أوقد اختلفوا فيها وهذا كثير في اجوبة الامام احمد لسعه علمه وورعه وهو كثير في كلام الامام الشافعي رضى الله عنه يذكر المسالة ثم يقول فيها قولان وقد اختلف اصحابه هل يضاف القولان اللذان (4/178)
يحكيهما الى مذهبه وينسبان اليه ام لا على طريقين واذا اختلف علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وزيد وابي وغيرهم من الصحابة رضى الله عنهم ولم يتبين للمفتي القول الراجح من أقوالهم فقال هذه مسألة اختلف فيها فلان وفلان من الصحابة فقد انتهى الى ما يقدر عليه من العلم قال ابو اسحاق الشيرازي سمعت شيخنا ابا الطيب الطبري يقول سمعت ابا العباس الحضرمي يقول كنت جالسا عند ابي بكر بن داود الظاهري فجاءته امرأة فقالت ما تقول في رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها فقال لها اختلف في ذلك اهل العلم فقال قائلون تؤمر بالصبر والاحتساب ويبعث على التطلب والاكتساب وقال قائلون يؤمر بالانفاق ولا يحمل على الطلاق فلم تفهم المرأة قوله فأعادت المسألة فقال يا هذه اجبتك عن مسألتك وأرشدتك الى طلبتك ولست بسلطان فأمضى ولاقاض فأقضى ولا زوج فارضى فانصرفى
لا يصح للمفتي ان يعتبر شرط الواقف إذا خالف الشارع
الفائدة السابعة عشرة اذا سئل عن مسألة فيها شرط واقف لم يحل له ان يلزم بالعمل به بل ولا يسوغه على الاطلاق حتى ينظر في ذلك الشرط فإن كان يخالف حكم الله ورسوله فلا حرمة له ولا يحل له تنفيذه ولا يسوغ تنفيذه وإن لم يخالف حكم الله ورسوله فلينظر هل فيه قربة أورجحان عند الشارع ام لا فان لم يكن فيه قربة ولا رجحان لم يجب التزامه ولم يحرم فلا تضر مخالفته وان كان فيه قربة وهو راجح على خلافه فلينظر هل يفوت بالتزامه والتقييد به ما هو احب الى الله ورسوله وارضى له وانفع للمكلف واعظم تحصيلا لمقصود الواقف من الاجر فإن فات ذلك بالتزامه لم يجب التزامه ولا التقييد به قطعا وجاز العدول بل يستحب الى ما هو احب الى الله ورسوله وانفع للمكلف واكثر تحصيلا لمقصود الواقف وفي جواز التزام شرط الواقف في هذه الصورة تفصيل سنذكره إن شاء الله وإن كان فيه قربة وطاعة ولم يفت بالتزامه ما هو احب الى الله ورسوله منه وتساوي هو وغيره في تلك القربة (4/179)
ويحصل غرض الواقف بحيث يكون هو وغيره طريقين موصلين الى مقصوده ومقصود الشارع من كل وجه لم يتعين عليه التزام الشرط بل له العدول عنه الى ما هو اسهل عليه وارفق به وان ترجح موجب الشرط وكان قصد القربة والطاعة فيه أظهر وجب التزامه
فهذا هو القول الكلى في شروط الواقفين وما يجب التزامه منها وما يسوغ وما لا يجب
ومن سلك غير هذا المسلك تناقض اظهر تناقض ولم يثبت له قدم يعتمد عليه
شروط الواقفين المخالفة للشرع
فإذا شرط الواقف ان يصلي الموقوف عليه في هذا المكان المعين الصلوات الخمس ولو كان وحده الى جانبه المسجد الاعظم وجماعة المسلمين لم يجب عليه الوفاء بهذا الشرط بل ولا يحل له التزامه اذا فاتته الجماعة فإن الجماعة اما شرط لا تصح الصلاة بدونها واما واجبة يستحق تاركها العقوبة وإن صحت صلاته وإما سنة مؤكدة يقاتل تاركها وعلى كل تقدير فلا يصح التزام شرط يخل بها
وكذلك اذا شرط الواقف العزوبية وترك التأهل لم يجب الوفاء بهذا الشرط بل ولا التزامه بل من التزمه رغبة عن السنة فليس من الله ورسوله في شئ فإن النكاح عندالحاجة اليه إما فرض يعصي تاركه وإما سنة الاشتغال بها أفضل من صيام النهار وقيام الليل وسائر اوراد التطوعات واما سنة يثاب فاعلها كما يثاب فاعل السنن والمندوبات وعلى كل تقدير فلا يجوز اشتراط تعطيله أوتركه إذ يصير مضمون هذا الشرط انه لا يستحق تناول الوقف إلا من عطل ما فرض الله عليه وخالف سنة رسول الله ص - ومن فعل ما فرضه الله عليه وقام بالسنة لم يحل له ان يتناول من هذا الوقف شيئا ولا يخفى ما في التزام هذا الشرط والالزام به من مضادة الله ورسوله وهو اقبح من اشتراطه (4/180)
ترك الوتر والسنن الراتبة وصيام الخميس والاثنين والتطوع بالليل بل اقبح من اشتراطه ترك ذكر الله بكرة وعشيا ونحو ذلك
ومن هذا اشتراطه ان يصلي الصلوات في التربة المدفون بها ويدع المسجد وهذا ايضا مضاد لدين الاسلام اعظم مضادة فإن رسول الله ص - لعن المتخذين قبور أنبيائهم مساجد فالصلاة في المقبرة معصية لله ورسوله باطلة عند كثير من اهل العلم لا يقبلها الله ولا تبرأ الذمة بفعلها فكيف يجوز التزام شرط الواقف لها وتعطيل شرط الله ورسوله فهذا تغيير الدين لولا ان الله سبحانه يقيم له من يبين اعلامه ويدعو اليه
ومن ذلك اشتراط إيقاد سراج أوقنديل على القبر فلا يحل للواقف اشتراط ذلك ولا للحاكم تنفيذه ولا للمفتي تسويغه ولا للموقوف عليه فعله والتزامه فقد لعن رسول الله ص - المتخذين السرج على القبور فكيف يحل للمسلم ان يلزم أويسوغ فعل ما لعن رسول الله ص - فاعله وحضرت بعض قضاة الاسلام يوما وقد جاءه كتاب وقف على تربة ليثبته وفيه وانه يوقد على القبر كل ليلة قنديل فقلت له كيف يحل لك ان تثبت هذا الكتاب وتحكم بصحته مع علمك بلعنة رسول الله ص - للمتخذين السرج على القبور فأمسك عن إثباته وقال الامر كما قلت أوكما قال
ومن ذلك ان يشترط القراءة عند قبره دون البيوت التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال والناس لهم قولان احدهما ان القراءة لا تصل الى الميت فلا فرق بين ان يقرأ عند القبر أوبعيدا منه عند هؤلاء والثاني انها تصل ووصولها فرع حصول الثواب للقارئ ثم ينتقل منه الى الميت فإذا كانت قراءة القارئ ومجيئه الى القبر إنما هو لأجل الجعل ولم يقصد به التقرب الى الله لم يحصل له ثواب فكيف ينقل عنه الى الميت وهو فرعه فما زاد بمجيئه الى التربة الا العناء والتعب بخلاف ما اذا (4/181)
قرأ الله في المسجد أوغيره في مكان يكون اسهل عليه واعظم لإخلاصه ثم جعل ثواب ذلك للميت وصل اليه
وذاكرت مرة بهذا المعنى بعض الفضلاء فاعترف به وقال لكن بقى شئ آخر وهو ان الواقف قد يكون قصد انتفاعه بسماع القرآن على قبره ووصول بركة ذلك اليه فقلت له انتفاعه بسماع القرآن مشروط بحياته فلما مات انقطع عمله كله واستماع القران من افضل الاعمال الصالحة وقد انقطع بموته ولو كان ذلك ممكنا لكان السلف الطيب من الصحابة والتابعين ومن بعدهم اولى بهذا الحظ العظيم لمسارعتهم الى الخير وحرصهم عليه ولو كان خيرا لسبقونا اليه فالذي لا شك فيه انه لا يجب حضور التربة ولا تتعين القراءة عند القبر
ونظير هذا ما لو وقف وقفا يتصدق به عند القبر كما يفعل كثير من الجهال فإن في ذلك من تعنية الفقير وإتعابه وإزعاجه من موضعه الى الجبانة في حال الحر والبرد والضعف حتى يأخذ لك الصدقة عند القبر مما لعله ان يحبط اجرها ويمنع انعقاده بالكلية
ومن هذا لو شرط واقف الخانقاه وغيرها على أهلها ان لا يشتغلوا بكتابة العلم وسماع الحديث والاشتغال بالفقه فإن هذا شرط باطل مضاد لدين الاسلام لا يحل تنفيذه ولا التزامه ولا يستحق من قام به شيئا من هذا الوقف فإن مضمون هذا الشرط ان الوقف المعين انما يستحقه من ترك ما يجب عليه من العلم النافع وجهل امر الله ورسوله ودينه وجهل اسماءه وصفاته وسنة نبيه ص - وأحكام الثواب والعقاب ولا ريب ان هذا الصنف من شرار خلق الله وأمقتهم عند الله ورسوله وهم خاصة الشيطان واولياؤه وحزبه الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون
ومن ذلك ان يشترط الواقف ان لا يقرأ في ذلك المكان شئ من آيات (4/182)
الاصفات واحاديث الصفات كما امر به بعض اعداء الله من الجهمية لبعض الملوك وقد وقف مسجدا لله تعالى ومضمون هذا الشرط المضاد لما بعث الله به رسوله ان يعطل اكثر ايات القران عن التلاوة والتدبر والتفهم وكثير من السنة أواكثرها عن ان تذكر أوتروى أوتسمع أويهتدي بها ويقام سوق التجهم والكلام المبتدع المذموم الذي هو كفيل بالبدع والضلالة والشك والحيرة
ومن ذلك ايضا ان يقف مكانا أومسجدا أومدرسة أورباطا على طائفة معينة من الناس دون غيرهم كالعجم مثلا أوالروم أوالترك أوغيرهم وهذا من أبطل الشروط فإن مضمونه ان اقارب رسول الله ص - وذرية المهاجرين والانصار لا يحل لهم ان يصلوا في هذا المسجد ولا ينزلوا في هذا الرباط أوالمدرسة أوالخانقاه بل لو امكن ان يكون ابو بكر وعمر واهل بدر واهل بيعة الرضوان رضى الله عنهم بين اظهرنا حرم عليهم النزول بهذا المكان الموقوف
وهذه ال شروط والاشتغال بها والاعتداد بها من اسمج الهذيان ولا تصدر من قلب طاهر لا ينفذها من شم روائح العلم الذي بعث الله به رسوله ص -
وكذلك لو شرط ان يكون المقيمون بهذه الامكنة طائفة من اهل البدع كالشيعة والخوارج والمعتزلة والجهمية والمبتدعين في اعمالهم كأصحاب الاشارات واللاذن والشير والعنبر وأكل الحيات واصحاب النار واشباه الذئاب المشتغلين بالاكل والشرب والرقص لم يصح هذا الشرط وكان غيرهم احق بالمكان منهم وشروط الله احق
فهذه الشروط واضعافها واضعاف أضعافها من باب التعاون على الاثم (4/183)
والعدوان والله تعالى انما امر بالتعاون على البر والتقوى وهو ما شرعه لسان رسول الله ص - دون ما لم يشرعه فكيف بما شرع خلافه والوقف إنما يصح على القرب والطاعات ولا فرق في ذلك بين مصرفه وجهته وشرطه فإن الشرط صفة وحال في الجهة والمصرف فإذا اشترط انا يكون المصرف قربة وطاعة فالشرط كذلك ولا يقتضي الفقه إلا هذا ولا يمكن احدا ان ينقل عن ائمة الاسلام الذين لهم في الامة لسان صدق ما يخالف ذلك البتة بل نشهد بالله والله ان الائمة لا تخالف ما ذكرناه وان هذا نفس قولهم وقد اعاذهم الله من غيره وانما يقع الغلط من كثير من المنتسبين اليهم في فهم اقوالهم كما وقع لبعض من نصب نفسه للفتوى من اهل عصرنا ما تقول السادة الفقهاء في رجل وقف على اهل الذمة هل يصح ويتقيد 2الاستحقاق بكونه منهم فأجاب بصحة الوقف وتقييد الاستحقاق بذلك الوصف وقال هكذا قال اصحابنا ويصح الوقف على اهل الذمة فأنكر ذلك شيخنا عليه غاية الانكار وقال مقصود الفقهاء بذلك ان كونه من اهل الذمة ليس مانعا من صحة الوقف عليه بالقرابة أوبالتعيين وليس مقصودهم ان الكفر بالله ورسوله أوعبادة الصليب وقولهم إن المسيح ابن الله شرط لاستحقاق الوقف حتى إن من آمن بالله ورسوله واتبع دين الاسلام لم يحل له ان يتناول بعد ذلك من الوقف فيكون حل تناوله مشروطا بتكذيب الله ورسوله والكفر بدين الاسلام ففرق بين كون وصف الذمة مانعا من صحة الوقف وبين كونه مقتضيا فغلظ طبع هذا المفتي وكثف فهمه وغلظ حجابه عن ذلك ولم يميز
ونظير هذا ان يقف على الاغنياء فهذا يصح اذا كان الموقوف عليه غنيا أوذا قرابة فلا يكون الغني مانعا ولا يصح ان يكون جهة الاستحقاق هو الغني فيستحق ما دام غنيا فإذا افتقر واضطر الى ما يقيم اوده حرم عليه تناول (4/184)
الوقف فهذا لا يقوله الا من حرم التوفيق وصحبة الخذلان ولو رأى رسول الله ص - من الائمة يفعل ذلك لاشتد انكاره وغضبه عليه ولما اقره البتة وكذلك لو رأى رجلا من امته قد وقف على من يكون من الرجال عزبا غير متأهل فإذا تأهل حرم عليه تناول الوقف لاشتد غضبه ونكيره عليه بل دينه يخالف هذا فإنه كان إذا جاءه مال أعطى العزب حظا واعطى الاهل حظين واخبر ان ثلاثة حق على الله عونهم فذكر منهم الناكح يريد العفاف وملزم هذا الشرط حق عليه عدم اعانة الناكح
ومن هذا ان يشترط انه لا يستحق الوقف إلا من ترك الواجب عليه من طلب النصوص ومعرفتها والتفقه في متونها والتمسك بها إلى الاخذ بقول فقيه معين يترك لقوله قول من سواه بل يترك النصوص لقوله فهذا شرط من ابطل الشروط وقد صرح اصحاب الشافعي واحمد رحمهما الله تعالى بأن الامام اذا شرط على القاضي ان لا يقضى إلا بمذهب معين بطل الشرط ولم يجز له التزامه وفي بطلان التولية قولان مبنيان على بطلان العقود بالشروط الفاسدة وطرد هذا ان المفتي متى شرط عليه ألا يفتى الا بمذهب معين بطل الشرط وطرده أيضا ان الواقف متى شرط على الفقيه ان لا ينظر ولا يشتغل إلا بمذهب معين بحيث يهجر له كتاب الله وسنة رسوله ص - وفتاوي الصحابة ومذاهب العلماء لم يصح هذا الشرط قطعا ولا يجب إلتزامه بل ولا يسوغ
وعقد هذا الباب وضابطه ان المقصود إنما هو التعاون على البر والتقوى وان يطاع الله ورسوله بحسب الامكان وان يقدم من قدمه الله ورسوله ويؤخر من اخره الله ورسوله ويعتبر ما اعتبره الله ورسوله ويلغي ما الغاه الله ورسوله وشروط الواقفين لا تزيد على نذر الناذرين فكما انه لا يوفى من النذور إلا بما كان طاعة لله ورسوله فلا يلزم من شروط الواقفين إلا ما كان طاعة لله ورسوله (4/185)
فإن قيل الواقف انما نقل ماله لمن قام بهذه الصفة فهو الذي رضى بنقل ما له اليه ولم يرض بنقله الى غيره وإن كان افضل منه فالوقف يجري مجرى الجعالة فإذا بذل الجاعل ماله لمن يعمل عملا لم يستحقه من عمل غيره وان كان بينهما في الفضل كما بين السماء والارض
قيل هذا منشأ الوهم والايهام في هذه المسألة وهو الذي قام بقلوب ضعفةالمتفقهين فالتزموا والزموا من الشروط بما غيره احب الى الله وارضى له منه بإجماع الامة بالضرورة المعلومة من الدين
وجواب هذا الوهم ان الجاعل يبذل ماله في غرضه الذي يريده إما محرما أومكروها أومباحا أومستحبا أوواجبا لينال غرضه الذي بدل فيه ماله واما الواقف فإنما يبذل ماله فيما يقربه الى الله وثوابه فهو لما علم انه لم يبق له تمكن من بذل ماله في اغراضه احب ان يبذله فيما يقربه الى الله وما هو انفع له في الدار الاخرة ولا يشك عاقل ان هذا غرض الواقفين بل ولا يشك واقف ان هذا غرضه والله سبحانه وتعالى ملكة المال لينتفع به في حياته وأذن له ان يحبسه لينتفع به بعد وفاته فلم يملكه ان يفعل به بعد موته ما كان يفعل به في حياته بل حجر عليه فيه وملكه ثلثه يوصى به بما يجوز ويسوغ ان يوصى به حتى إن حاف أوجار أوأثم في وصيته جاز بل وجب على الوصي والورثة رد ذلك الجور والحيف والاثم ورفع سبحانه الاثم عمن يرد ذلك الحيف والاثم من الورثة والاوصياء فهو سبحانه لم يملكه ان يتصرف في تحبيس ماله بعده إلا على وجه يقربه اليه ويدنيه من رضاه لا على أي وجه أراد ولم يأذن ولا رسوله للمكلف ان يتصرف في تحبيس ماله بعده على أي وجه اراده ابدا فأين في كلام الله ورسوله أواحد من الصحابة ما يدل على ان لصاحب المال ان يقف ما اراد على من اراد ويشرط ما اراد ويجب على الحكام والمفتين ان ينفذوا وقفه ويلزموا بشروطه واما ما قد لهج به بعضهم من قوله شروط الواقف كنصوص الشارع فهذا يران به معنى صحيح ومعنى (4/186)
باطل فإن اريد انها كنصوص الشارع في الفهم والدلالة وتقييد مطلقها بمقيدها وتقديم خاصها على عامها والاخذ فيها بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فهذا حق من حيث الجملة وان اريد انها كنصوص الشارع في وجوب مراعاتها والتزامها وتنفيذها فهذا من ابطل الباطل بل يبطل منها ما لم يكن طاعة لله ورسوله وما غيره احب الى الله وارضى له ولرسوله منه وينفذ منها ما كان قربة وطاعة كما تقدم
ولما نذر ابو اسرائيل ان يصوم ويقوم في الشمس ولا يجلس ولا يتكلم امره النبي ص - ان يجلس في الظل ويتكلم ويتم صومه فألزمه بالوفاء بالطاعة ونهاه عن الوفاء بما ليس بطاعة
وهكذا اخت عقبة بن عامر لما نذرت الحج ماشيه مكشوفة الرأس امرها ان تختمر وتركب وتحج وتهدى بدنة
فهكذا الواجب على اتباع الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن يعتمدوا في شروط الواقفين وبالله التوفيق
لا يجوز للمفتي إطلاق الفتوى في مسألة فيها تفصيل
الفائدة الثامنة عشرة ليس للمفتي ان يطلق الجواب في مسالة فيها تفصيل إلا اذا علم ان السائل انما سأل عن احد تلك الانواع بل اذا كانت المسالة تحتاج الى التفصيل استفصله كما استفصل النبي ص - ماعزا لما أقر بالزنا هل وجد منه مقدماتهأوحقيقته فلما أجابه عن الحقيقة استفصله هب به جنون فيكون إقراره غير معتبر ام هو عاقل فلما علم عقله استفصله بأن امر باستنكاهه ليعلم هل هو سكران ام صاح فلما علم انه صاح استفصله هل احصن ام لا فلما علم انه قد أحصن اقام عليه الحد
ومن هذا قوله لمن سالته هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال نعم إذا رأت الماء فتضمن هذا الجواب الاستفصال بأنها يجب عليها الغسل في حال ولا يجب عليها في حال (4/187)
ومن ذلك أن ابا النعمان بن بشير سأل رسول الله ص - ان يشهد على غلام نحله ابنه فاستفصله وقال أكل ولدك نحلته كذلك فقال لا فأبى ان يشهد وتحت هذا الاستفصال ان ولدك إن كانوا اشتركوا في النحل صح ذلك وإلا لم يصح
ومن ذلك ان ابن ام مكتوم استفتاه هل يجد له رخصة ان يصلي في بيته فقال هل تسمع النداء قال نعم قال فأوجب فاستفصله بين ان يسمع النداء أولا يسمعه
ومن ذلك انه لما استفتى عن رجل وقع على جارية امراته فقال إن كان استكرهها فهى حرة وعليه مثلها وإن كانت طاوعته فهى له وعليه لسيدتها مثلها وهذا كثير في فتاويه ص -
فإذا سئل المفتي عن رجل دفع ثوبه الى قصار يقصره فانكر القصار الثوب ثم اقر به هل يستحق الاجرة على القصارة ام لا فالجواب بالاطلاق خطا نفيا وإثباتا والصواب التفصيل فإن كان قصره قبل الجحود فله أجرة القصارة لانه قصره لصاحبه وإن كان قصره بعد جحوده فلا اجره له لانه قصره لنفسه
وكذلك اذا سئل عن رجل حلف لا يفعل كذا وكذا ففعله لم يجز له ان يفتى بحنثه حتى يستفصله هل كان ثابت العقل وقت فعله ام لا واذا كان ثابت العقل فهل كان مختارا في يمينه ام لا واذا كان مختارا فهل استثنى عقيبه يمينه ام لا واذا لم يستثن فهل فعل المحلوف عليه عالما ذاكرا مختارا ام كان ناسيا أوجاهلا أومكرها واذا كان عالما مختارا فهل كان المحلوف عليه داخلا في قصده ونيته أوقصد عدم دخوله فخصصه بنيته أولم يقصد دخوله ولا نوى تخصيصه فإن الحنث يختلف باختلاف ذلك كله
وراينا من مفتى العصر من بادر الى التحنيث فاستفصلناه فوجده غير (4/188)
حانث في مذهب من افتاه وقع ذلك مرارا فخطر المفتى عظيم فإنه موقع عن الله ورسوله زاعم ان الله امر بكذا وحرم كذا أواوجب كذا
ومن ذلك ان يستفتيه عن الجمع بين الظهر والعصر مثلا هل يجوز له ان يفرق بينهما فجوابه بتفصيل المسألتين وان الجمع إن كان في وقت الاولى لم يجز التفريق وإن كان في وقت الثانية جاز
ومن ذلك انه لو قال له إن لم تحرق هذا المتاع أوتهدم هذه الدار أوتتلف هذا المال وإلا قتلتك ففعل هل يضمن ام لا جوابه بالتفصيل فإن كان المال المكره على إتلافه للمكره لم يضمن وإن كان لغيره ضمنه
وكذلك لو ساله المظاهر إذا وطئ في اثناء الكفارة هل يلزمه الاستئناف أويبنى فجوابه بالتفصيل انه إن كان كفر بالصيام فوطئ في اثنائه لزمه الاستثناف وإن كفر بالاطعام لم يلزمه الاستئناف وله البناء فإن حكم تتابع الصوم وكونه قبل المسيس قد انقطع بخلاف الإطعام
وكذلك لو ساله عن المكفر بالعتق اذا اعتق عبدا مقطوعه اصبعه فجوابه بالتفصيل إن كان إبهاما لم يجزه وإلا اجزأه فلو قال له مقطوع الاصبعين وهما الخنصر والبنصر فجوابه بالتفصيل ايضا إن كانا من يد واحجدة واحدة لم يجزه وإن كانت كل اصبع من يد أجزأه
وكذلك لو ساله عن فاسق التقط لقطه أولقيطا هل يقر في يده فجوابه بالتفصيل تقر اللقطة دون اللقيط لانها كسب فلا يمنع منه الملتقط وثبوت يده على اللقيط ولاية وليس من أهلها
ولو قال له اشتريت سمكة فوجدت في جوفها مالا ما اصنع به فجوابه ان كان لؤلؤة أوجوهرة فهو للصياد لانه ملكه بالاصطياد ولم تطلب نفسه لك به وإن كان خاتما أودينارأ فهو لقطة يجب تعريفها كغيرها
وكذلك لو قال له اشتريت حيوانا فوجدت في جوفه جوهرة فجوابه (4/189)
إن كانت شاة فهي لقطة للمشتري يلزمه تعريفها حولا ثم هي له بعده إن كان سمكة أوغيرها من دواب البحر فهي ملك للصياد والفرق واضح
ومن ذلك لو ساله عن عبد التقط لقطة فأنفقها هل تتعلق بذمته أوبرقبته فجوابه انه إن انفقها قبل التعريف حولا فهى في رقبته وإن انفقها بعد حول التعريف فهي في ذمته يتبع بها بعد العتق نص عليها الامام احمد مفرقا بينهما لانه قبل الحول ممنوع منها فإنفاقه لها جناية منه عليها وبعد الحول غير ممنوع منها بالنسبة الى مالكها فإذا انفقها في هذه الحال فكأنه أنفقها بإذن مالكها فتتعلق بذمته كديونه
ومن ذلك لو ساله عن رجل جعل جعلا لمن رد عليه لقطته فهل يستحقه من ردها فجوابه إن التقطها قبل بلوغ قول الجاعل لم يستحقه لانه لم يلتقطها لاجل الجعل وقد وجب عليه ردها بظهور مالكها وإن التقطها بعد ان بلغه الجعل استحقه
ومن ذلك ان يسال فيقول هل يجوز للوالدين ان يتملكا مال ولدهما أويرجعان فيما وهباه فالجواب ان ذلك للاب دون الام
وكذلك اذ شهد له اثنان من روثته غر الاب والابن بالجرح فالجواب فيه تفصيل فإن شهدا قبل الاندمال لم يقبلا للتهمة وإن شهدا بعده قلت لعدم التهمة
ومن ذلك إذا سئل عن رجل ادعى نكاح امرأة فأقرت له هل يقبل إقرارها ام لا جوابه بالتفصيل إن ادعى زوجيتها وحده قبل اقرارها وان ادعاها معه اخر لم يقبل
ومن ذلك لو سئل عن رجل مات فادعى ورثته شيئا من تركته وأقاموا شاهدوا حلف كل منهم يمينا مع الشاهد فإن حلف بعضهم استحق قدر نصيبه من المدعي وهل يشاركه من لم يحلف في قدر حصته التي انتزعها بيمينه أولا يشاركه فالجواب فيه تفصيل إن كان المدعى دينار لم يشاركه وينفرد (4/190)
الحالف بقدر حصته وإن كان عينا شاركه من لم يحلف لان الدين غير متعين فمن حلف فإنما ثبت بيمنه مقدار حصته من الدين لا غيره ومن لم يحلف لم يثبت له حق واما العين فكل واحد من الورثة يقر ان كل جزء منها مشترك بين جماعتهم وحقوقهم متعلقة بعينه فالمخلص مشترك بين جماعتهم والباقي غصب على جماعتهم
ومن ذلك إذا سئل عن رجل استعدى على خصمه ولم يحرر الدعوى هل يحضره الحاكم الجواب بالتفصيل إن استعدى على حاضر في البلد احضره لعدم المشقة وإن كان غائبا لم يحضره حتى يحررها
ومن ذلك لو سئل عن رجل قطع عضوا من صيد وأفلت هل يحل اكل العضو الجواب بالتفصيل إن كان صيدا بحريا حل أكله وإن كان بريا لم يحل
ومن ذلك لو سئل عن تاجر اهل الذمة هل يؤخذ منه العشر فالجواب بالتفصيل إن كان رجلا اخذ منه العشر وإن كانت امرأة ففيها تفصيل إن اتجرت الى ارض الحجاز اخذ منها العشر وإن اتجرت الى غيرها لم يؤخد منها شئ لانها تقر في غير ارض الحجاز بلا جزية
ومن ذلك لو سئل عن ميت مات فطلب الاب ميرائه ولم يعلم من الورثة غيره كم يعطي الاب فالجواب بالتفصيل إن كان الميت ذكرا اعطى الاب اربعة من سبعة وعشرين سهما لان غاية ما يمكن ان يقدر معه زوجة وام وابنتان فله اربعة بلا شك من سبعة وعشرين وإن كان الميت أنثى فله سهمان من خمسة عشر قطعا لان اكثر ما يمكن ان يقدر زوج وام وابنتان فله سهمان من خمسة عشر قطعا
فإن قال السائل مات ميت وترك ثلاث بنات ابن بعضهن اسفل من بعض مع العليا جدها قال المفتي إن كان الميت ذكرا فالمسألة محال لأن جد (4/191)
العليا نفس الميت وإن على الميت انثى فجد العليا إما أن يكون زوج الميت أولا يكون كذلك فإن كان زوجها فله الربع وللعليا النصف وللوسطى السدس تكملة الثلثين والباقي للعصبة
فلو قال السائل ميت خلف ابنتين وابوين ولم تقسم التركة حتى ماتت احداهما وخلفت من خلفت قال المفتي ان كان الميت ذكر فمسألته من ستة للأبوين سهمان ولكل بنت سهمان فلما ماتت احداهما خلفت جدة وجدا واختا لأب فمسألتها من سنة وتصح من ثمانية عشر وتركتها سهمان توافق مسألتها بالنصف فترد الى تسعة ثم تضربها في ستة تكون اربعه وخمسين ومنها تصح وإن كان الميت أنثى ففريضتها أيضا ستة ثم ماتت احدا البنتين عن سهمين وخلفت جدة وجدا من ام واختا لاب فلا شيء للجد وللجدة السدس وللأخت النصف والباقي للعصبة فمسألتها من ستة وسهامها اثنان فاضرب ثلاثة في السمألة الاولى تكن ثمانية عشر
والمقصود التنبيه على وجوب التفصيل اذا كان يجد السؤال محتملا وبالله التوفيق فكثيرا ما يقع غلط المفتي في هذا القسم فالمفتي ترد اليه المسائل في قوالب متنوعة جدا فإن لم يتفطن لحقيقة السؤال والا هلك وأهلك فتارة تورد عليه المسألتان صورتهما واحدة وحكمهما مختلف فصورةالصحيح والجائز صورة الباطل والمحرم ويختلفان بالحقيقة فيذهل بالصورة عن الحقيقة فيجمع بين ما فرق الله ورسوله بينه وتارة تورد عليه المسالتان صورتهما مختلفة وحقيقتهما واحدة وحكمهما واحد فيذهل باختلاف الصورة عن تساويهما في الحقيقة فيفرق بين ما جمع الله بينة وتارة تورد عليه المسالة مجملة تحتها عدة انواع فيذهل وهمه الى واحد منها ويذهل عن المسئول عنه منها فيجيب بغير الصواب وتارة تورد عليه المسالة الباطلة في دين الله في قالب مزخرف ولفظ حسن فيتبادر الى تسويغها وهي من ابطل الباطل وتارة بالعكس فلا اله الا الله كم ههنا عن مزلة اقدام ومجال اوهام وما دعا محق الى حق (4/192)
الا اخرجه الشيطان على لسان أخيه ووليه من الانس في قالب تنفر عنه خفافيش البصائر وضعفاءالعقول وهم اكثر الناس و ما حذر احد من باطل الا اخرجه الشيطان على لسان و ليه من الانس فى قالب مزخرف يستخف به عقول ذلك الضرب من الناس فيستجيبون له و اكثر الناس نظرهم قاصر على الصور لا يتجاوزونها الى الحقائق فهم محبوسون فى سجن الالفاظ مقيدون بقيود لعبارات كما قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس و الجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون و لتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون
وأذكر لك من هذا مثالا وقع في زماننا وهو ان السلطان امر أن يلزم أهل الذمة بتغيير عمائمهم وأن تكون خلاف الوان عمائم المسلمين فقامت لذلك قيامتهم وعظم عليهم وكان في ذلك من المصالح وإعزاز الاسلام و إذلال الكفرة ما قرت به عيون المسلمين فألقى الشيطان على ألسنة أوليائه وإخوانه ان صوروا فتيا يتوصلون بها الى إزالة هذا الغبار وهي ما تقول السادة العلماء في قوم من أهل الذمة ألزموا بلباس غير لباسهم المعتاد وزى غير زيهم المالوف فحصل لهم بذلك ضرر عظم في الطرقات والفلوات وتجرأ عليهم بسببه السفهاء والرعاة وآذوهم غاية الاذى فطمع بذلك في إهانتهم والتعدي عليهم فهل يسوغ للامام ردهم الى زيهم الاول وإعادتهم الى ما كانوا عليه مع حصول التميز بعلامة يعرفون بها وهل في ذلك مخالفة للشرع ام لا فاجابهم من مسع التوفيق وصد عن الطريق بجواز ذلك وأن للامام إعادتهم الى ما كانوا عليه قال شيخنا فجاءتني الفتوى فقلت لا تجوز إعادتهم ويجب إبقاؤهم على الزي الذي يتميزون به عن المسلمين فذهبوا ثم غيروا الفتوى ثم جاءوا بها في قالب آخر فقلت لا تجوز إعادتهم فذهبوا ثم أتوا بها في قالب آخر فقلت هي (4/193)
المسألة المعينة وان خرجت في عدة قوالب ثم ذهب الى السلطان وتكلم عنده بكلام عجب منه الحاضرون فاطبق القوم على ابقائهم ولله الحمد
ونظائر هذه الحادئة اكثر من ان تحصى فقد القى الشيطان على ألسنة أوليائه ان صوروا فتوى فيما يحدث ليلة النصف في الجامع وأخرجوها في قالب حسن حتى استخفوا عقل بعض المفتين فأفتاهم بجوازه وسبحان الله كم توصل بهذه الطرق الى إبطال حق وإثبات باطل واكثر الناس إنما هم اهل ظواهر في الكلام واللباس والافعال واهل النقد منهم الذين يعبرون من الظاهر الى حقيقته وباطنه لا يبلغون عشر معشار غيرهم ولا قريبا من ذلك فالله المستعان
لا يفصل المفتي إلا إذا دعت الحاجة
الفائدة التاسعة عشرة اذا سئل عن مسالة من الفرائض لم يجب عليه ان يذكر موانع الارث فيقول بشرط الا يكون كافرا ولا رقيقا ولا قاتلا وإذا سئل عن فريضه فيها اخ وجب عليه ان يقول إن كان لاب فله كذا وإن كان لام فله كذا وكذلك إذا سئل عن الاعمام وبنيهم وبني الاخوة وعن الجد والجدة فلا بد من التفصيل والفرق بين الموضعين ان السؤال المطلق في الصورة الاولى يدل على الوارث الذي لم يقم به مانع من الميراث كما لو سئل عن رجل باع أوآجر أوتزوج أوأقر لم يجب عليه ان يذكر موانع الصحه من الجنون والاكراه ونحوهما إلا حيث يكون الاحتمال متساويا
ومن تأمل اجوبة النبي ص - رآه يستفصل حيث تدعو الحاجة الى الاستفصال ويتركه حيث لا يحتاج اليه ويحيل فيه مرة على ما علم من شرعه ودينه من شروط الحكم وتوابعه بل هذا كثير في القرآن كقوله تعالى واحل لكم ما وراء ذلك وقوله فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقوله تعالى والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم (4/194)
ولا يجب على المتكم والمفتى ان يستوعب شرائط الحكم وموانعه كلها عند ذكر حكم المسألة ولا ينفع السائل والمتكلم والمتعلم قوله بسرطه وعدم موانعه ونحو ذلك فلا بيان اتم من بيان الله ورسوله ولا هدى اكمل من هدى الصحابة والتابعين وبالله التوفيق
الاختلاف في فتوى المقلد
الفائدة العشرون لا يجوز للمقلد ان يفتي في دين الله بما هو مقلد فيه وليس على بصيرة فيه سوى انه قول من قلده دينه هذا إجماع من السلف كلهم وصرح به الامام احمد والشافعي رضى الله عنهما وغيرهما
قال ابو عمرو بن الصلاح قطع ابو عبد الله الحليم إمام الشافعيين بما وراء النهر والقاضي ابو المحاسن الروياني صاحب بحر المذهب وغيرها بانه لا يجوز للمقلد ان يفتى بما هو مقلد فيه
وقال وذكر الشيخ ابو محمد الجويني في شرحه لرسالة الشافعي عن شيخه ابي بكر القفال المروزي انه يجوز لمن حفظ كلام صاحب مذهب ونصوصه ان يفتى به وان لم يكن عارفا بغوامضه وحقائقه وخالفه الشيخ ابو محمد وقال لا يجوز ان يفتى بمذهب غيره اذا لم يكن متبحرا فيه عالما بغوامضه وحقائقه كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوي المفتين ان يفتى بها واذا كان متبحرا فيه جاز ان يفتى به
وقال ابو عمرو من قال لا يجوز له ان يفتى بذلك معناه لا يذكره في صورة ما يقوله من عند نفسه بل يضيفه الى غيره ويحكيه عن إمامه الذي قلده فعلى هذا من عددناه في اصناف المفتين المقلدين ليسوا على الحقيقة من المفتين ولكنهم قاموا مقام المفتين وادعوا عنهم فعدوا منهم وسبيلهم في ذلك ان يقولوا مثلا مذهب الشافعي كذا وكذا ومقتضى مذهبه كذا وكذا وما أشبه ذلك ومن ترك منهم إضافة ذلك الى إمامه فإن كان ذلك اكتفاء منه بالمعلوم عن الصريح فلا بأس (4/195)
قلت ما ذكره ابو عمرو حسن إلا ان صاحب هذه المرتبة يحرم عليه ان يقول مذهب الشافعي لما لا يعلم انه نصه الذي افتى به أويكون شهرته بين اهل المذهب شهرة لا يحتاج معها الى الوقوف على نصه كشهرة مذهبه في الجهر بالبسملة والقنوت في الفجر ووجوب تبييت النية للصوم في الفرض من الليل ونحو ذلك فأما مجرد ما يجد في كتب من انتسب الى مذهبه من الفروع فلا يسعه ان يضيفها الى نصه ومذهبه بمجرد وجودها في كتبهم فكم فيها من مسألة لا نص له فيها البتة ولا ما يدل عليه وكم فيها من مسألة نصه على خلافها وكم فيها من مسألة اختلف المنتسبون اليه في إضافتها الى مقتضى نصه ومذهبه فهذا يضيف الى مذهبه إثباتها وهذا يضيف اليه نفيها فلا ندري كيف يسع المفتي عندالله ان يقول هذا مذهب الشافعي وهذا مذهب مالك واحمد وابي حنيفة واما قول الشيخ ابي عمرو إن لهذا المفتي ان يقول هذا مقتضى مذهب الشافعي مثلا فلعمرالله لا يقبل ذلك من كل من نصب نفسه للفتيا حتى يكون عالما بمأخذ صاحب المذهب ومداركه وقواعده جمعا وفرقا ويعلم ان ذلك الحكم مطابق لأصوله وقواعده بعد استفراغ وسعه في معرفة ذلك فيها اذا اخبر ان هذا مقتضى مذهبه كان له حكم أمثاله ممن قال بمبلغ علمه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها
وبالجملة فالمفتي مخبر عن الحكم الشرعي وهو اما مخبر عما فهمه عن الله ورسوله واما عما فهمه من كتاب أونصوص من قلده دينه وهذا لون فكما لا يسع الاول ان يخبر عن الله ورسوله إلا بما علمه فكذا لا يسع الثاني ان يخبر عن إمامة الذي قلده دينه إلا بما يعلمه وبالله التوفيق
الاختلاف في تولية الفقيه القاصر عن معرفة الكتاب والسنة الافتاء
الفائدة الحادية والعشرون إذا تفقه الرجل وقرأ كتابا من كتب الفقه أوأكثر وهو مع ذلك قاصر في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف والاستنباط والترجيح فهل يسوغ تقليده في الفتوى فيه للناس أربعة أقوال الجواز (4/196)
مطلقا والمنع مطلقا والجواز عند عدم المجتهد ولا يجوز مع وجوده والجواز إن كان مطلعا على ما اخذ من يفتي بقولهم والمنع إن لم يكن مطلعا
والصواب فيه التفصيل وهو انه ان كان السائل يمكنه التوصل الى عالم يهديه السبيل لم يحل له استفتاء مثل هذا ولا يحل لهذا ان ينسب نفسه للفتوى مع و4جود هذا العالم وإن لم يكن في بلده أوناحيته غيره بحيث لا يجد المستفتي من يسأله سواه فلا ريب ان رجوعه اليه اولى من ان يقدم على العمل بلا علم أويبقى مرتبكا في حيرته مترددا في عماه وجهالته بل هذا هو المستطاع من تقواه المامور بها
ونظير هذه المسالة اذا لم يجد السلطان من يوليه إلا قاضيا عاريا من شروط القضاء لم يعطل البلد عن قاض وولي الامثل فالامثل
ونظير هذا لو كان الفسق هو الغالب على اهل تلك البلد وان لم تقبل شهادة بعضهم على بعض وشهادته له تعطلت الحقوق وضاعت قبل شهاده الامثل فالامثل
ونظيرها لو غلب الحرام المحض أوالشبهة حتى لم يجد الحلال المحض فإنه يتناول الامثل فالامثل
ونظير هذا لو شهد بعض النساء على بعض بحق في بدن أوعرض أومال وهن منفردات بحيث لا رجل معهن كالحمامات والأعراس قبلت شهادة فالأمثل منهن قطعا ولا يضيع الله ورسوله حق المظلوم ولا يعطل إقامة دينه في مثل هذه الصورة أبدا بل قد نبه الله تعالى على القبول في مثل هذه الصورة بقبول شهادة الكفار على المسلمين في السفر في الوصية في آخر سورة أنزلت في القرآن ولم ينسخها شيء ألبتة ولا نسخ هذا الحكم كتاب ولا سنة ولا أجمعت الأمة على خلافة ولا يليق بالشريعة سواه فالشريعة شرعت (4/197)
لتحصيل مصالح العباد بحسب الإمكان وأي مصلحة لهم في تعطيل حقوقهم إذالم يحضر أسباب تلك الحقوق شاهدان حران ذكران عدلان بل إذا قلتم تقبل شهادة الفساق حيث لاعدل وينفذ حكم الجاهل والفاسق إذا خلا الزمان عن قاض عالم عادل فكيف لا تقبل شهادة النساء إذا خلا جمعهن عن رجل أوشهادة العبيد إذا خلا جمعهم عن حر أوشهادة الكفار بعضهم على بعض إذا خلا جمعهم عن مسلم وقد قبل ابن الزبير شهادة الصبيان بعضهم على بعض في تجارحهم ولم ينكره عليه أحد من الصحابة وقد قال به مالك والإمام أحمد رحمهما الله تعالى في إحدى الروايتين عنه حيث يغلب على الظن صدقهم بأن يجتنبوا أويتفرقوا إلى بيوتهم وهذا هو الصواب وبالله التوفيق
وكلام أصحاب أحمد في ذلك يخرج على وجهين فقد منع كثير منهم الفتوى والحكم بالتقليد وجوزه بعضهم لكن على وجه الحكاية لقول المجتهد كما قال أبو إسحاق بن شاقلا وقد جلس في جامع المنصور فذكر قول أحمد أن المفتي بنبغي له أن يحفظ أربعمائة ألف حديث ثم يفتي فقال له رجل أنت تحفظ هذا فقال إن لم أحفظ هذا فأنا أفتي بقول من كان يحفظه وقال أبو الحسن ابن بشار من كبار أصحابنا ماضر رجلا عنده ثلاث مسائل أوأربع من فتاوي الإمام أحمد يستند إلى هذه السارية ويقول قال أحمد بن حنبل
الاختلاف في إفتاء العامي في حادثة عرف دليلها
الفائدة الثانية والعشرين اذا عرف العامى حكم حادثة بدليلها فهل له ان يفتي به ويسوغ لغيره تقليده فيه ففيه ثلاثة اوجه للشافعية وغيرهم احدهما الجواز لانه قد حصل له العلم بحكم تلك الحادثة عن دليلها كما حصل للعالم وان تميز العالم عنه بقوة يتمكن بها من تقرير الدليل ودفع المعارض له فهذا قدر زائد على معرفة الحق بدليله والثاني لا يجوز له ذلك مطلقا لعدم اهليته للاستدلال (4/198)
وعدم علمه بشرطه وما يعارضه ولعله يظن دليلا ما ليس بدليل والثالث ان كان الدليل كتابا أوسنة جاز له الافتاء وان كان غيرهما لم يجز لان القران والسنة خطاب لجميع المكلفين فيجب على المكلف ان يعمل بما وصل اليه من كتاب ربه تعالى وسنة نبيه ص - ويجوز له ان يرشد غيره اليه ويدله عليه
الخصال التي يجب ان يتصف بها المفتي
الفائدة الثالثة والعشرين ذكر ابو عبد الله بن بطة في كتابه في الخلع عن الامام احمد انه قال لا ينبغي للرجل ان ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال اولها ان تكون له نية فإن لم يكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور والثانية ان يكون له علم وحلم ووقار وسكينة الثالثة ان يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفتة الرابعة الكفاية والا مضغه الناس الخامسة معرفة الناس
وهذا مما يدل على جلالة احمد ومحله من العلم والمعرفة فإن هذه الخمسة هي دعائم الفتوى واي شئ نقص منها ظهر الخلل في المفتي بحسبه
منزلة النية
فأما النية فهى رأس الامر وعموده واساسه واصله الذي عليه يبنى فإنها روح العمل وقائده وسائقه والعمل تابع لها يبنى عليها يصح بصحتها ويفسد بفسادها وبها يستجلب التوفيق وبعدمها يحصل الخذلان وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والاخرة فكم بين مريد الفتوى وجه الله ورضاه والقرب منه وما عنده ومريد بها وجه المخلوق ورجاء منفعته وما يناله منه تخويفا أوظمعات فيفتي الرجلان بالفتوى الواحدة وبينهما في الفضل والثواب اعظم مما بين المشرق والمغرب هذا يفتى لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر ورسوله هو المطاع وهذا يفتي ليكون قوله هو المسموع وهو المشار اليه وجاهه هو القائم سواء وافق الكتاب والسنة أو خلفهما فالله المستعان (4/199)
وقد جرت عادة الله التي لا تبدل وسنته التي لا تحول ان يلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم اليه ما هو بحسب اصلاصه ونيته ومعاملته لربه ويلبس المرائي اللابس ثوبى الزور من المقت والمهانة والبغضة ما هو اللائق به فالمخلص له المهابة والمحبة وللآخر المقت والبغضاء
من الصفات التي يتصف بها المفتي الحلم الوقار والسكينة
وأما قوله ان يكون له حلم ووقار وسكينة فليس صاحب العلم والفتيا الى شئ احوج منه الى الحلم والسكينة والوقار فإنها كسوة علمه وجماله وإذا فقدها كان علمه كالبدن العاري من اللباس وقال بعض السلف ما قرن شئ الى شئ احسن من علم الى حلم والناس ههنا أربعة اقسام فخيارهم من اوتى الحلم والعلم وشرارهم من عدمهما الثالث من أوتى علما بلا حلم الرابع عكسه فالحلم زينة العلم وبهاؤه وجماله وضده الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات فالحليم لا يستفزه البدوات ولا يستخفه الذين لا يعلمون ولا يقلقه أهل الطيش والخفة والجهل بل هو وقور ثابت ذو أناة يملك نفسه عند ورود أوائل الامور عليه ولا تملكه اوائلها وملاحظته للعواقب تمنعه من ان تستخفه دواعي الغضب والشهوة فبالعلم تنكشف له مواقع الخير والشر والصلاح والفساد وبالحلم يتمكن من تثبيت نفسه عند الخير فيؤثره ويصبر عليه وعند الشر فيصبر عنه فالعلم يعرفة رشده والحلم يثبته عليه وإذا شئت ان ترى بصيرا بالخير والشر لا صبر له على هذا ولا عن هذا رأيته إذا شئت ان ترى صابرا على المشاق لا بصيرة له رأيته وإذا شئت ان ترى من لا صبر له ولابصيره رأيته وإذا شئت ان ترى بصيرا صابرا لم تكد فإذا رأيته فقد رايت إمام هدى حقا فاستمسك بغرزه والوقار والسكينة ثمرة الحلم ونتيجته
ولشدة الحاجة الى السكينة وحقيقتها وتفاصيلها وأقسامها نشير الى ذلك بحسب (4/200)
علومنا القاصرة وأذهاننا الجامدة وعباراتنا الناقصة ولكن نحن ابناء الزمان والناس بزمانهم اشبه منهم بآبائهم ولكل زمان دولة ورجال
معنى السكينة
فالسكينة فعيلة من السكون وهو طمأنينة القلب واستقراره واصلها في القلب ويظهر اثرها على الجوارح وهي عامة وخاصة
سكينة الانبياء
فسكينة الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اخص مراتبها وعلى اقسامه كالسكينة التي حصلت لابراهيم الخليل وقد القى في المنجنيق مسافرا الى ما اضرم له اعداء الله من النار فلله تلك السكينة التي كانت في قلبه حين ذلك السفر وكذلك السكينة التي حصلت لموسى وقد غشيه فرعون وجنوده من ورائهم والبحر أمامهم وقد استغاث بنو اسرائيل يا موسى الى اين تذهب بنا هذا البحر امامنا وهذا فرعون خلفنا وكذلك السكينة التي حصلت له وقت تكليم الله له نداء ونجاء كلاما حقيقة سمعه حقيقة بأذنه وكذلك السكينة التي حصلت له وقد رأى العصا ثعبانا مبينا وكذلك السكينة التي نزلت عليه وقد راى حبال القوم وعصيهم كأنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة وكذلك السكينة التي حصلت لنبينا ص - وقد اشرف عليه وعلى صاحبه عدوهما وهما في الغار فلو نظر احدهم الى تحت قدميه لرآهما وكذلك السكينة التي نزلت عليه في موافقة العظيمة واعداء الله قد أحاطوا به كيوم بدر ويوم حنين ويوم الخندق وغيره فهذه السكينة امر فوق عقول البشر وهي من اعظم معجزاته عند ارباب البصائر فان الكذاب ولا سيما على الله املق ما يكون واخوف ما يكون واشده اضطرابا في مثل هذه المواطن فلوا لم يكن للرسل صلوات الله وسلامه عليهم من الآيات إلا هذه وحدها لكفتهم
سكينة اتباع الرسل
وأما الخاصة فتكون لاتباع الرسل بحسب متابعتهم وهي سكينة الايمان وهي سكينة تسكن القلوب عن الريب والشك ولهذا انزلها الله على المؤمنين في اصعب المواطن احوج ما كانوا اليها هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين (4/201)
ليزدادوا إيمانا مع ايمانهم ولله جنود السموات والارض وكان الله عليما حكيما فذكر نعمته عليهم بالجنود الخارجة عنهم والجنود الداخلة فيهم وهي السكينة عند القلق والاضطراب الذي لم يصبر عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه وذلك يوم الحديبية قال الله سبحانه وتعالى يذكر نعمته عليهم بإنزالها أحوج ما كانوا اليها لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا لما علم الله سبحانه وتعالى ما في قلوبهم من القلق والاضطراب لما منعهم كفار قريش من دخول بيت الله وحبسوا الهدى عن محله واشترطوا عليهم تلك الشروط الجائرة الظالمة فاضطربت قلوبهم وقلقت ولم تطق الصبر فعلم تعالى ما فيها فثبتها بالسكينة رحمة منه ورافة ولطفا وهو اللطيف الخبير وتحتمل الاية وجها آخر وهو انه سبحانه علم ما في قلوبهم من الايمان والخير ومحبته ومحبة رسوله فثبتها بالسكينة وقت قلقها واضطرابها والظاهر ان الاية تعم الامرين وهو انه علم ما في قلوبهم مما يحتاجون معه الى إنزال السكينة وما في قلوبهم من الخير الذي هو سبب انزالها ثم قال بعد ذلك إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها وكان الله بكل شئ عليما لما كانت حمية الجاهلية توجب من الاقوال والاعمال ما يناسبها جعل الله في قلوب اوليائه سكينة تقابل حمية الجاهلية وفي السنتهم كلمة التقوى مقابلة لما توجبه حمية الجاهلية من كلمة الفجور فكان حظ المؤمنين السكينة في قلوبهم وكلمة التقوى على السنتهم وحظ اعدائهم حمية الجاهلية في قلوبهم وكلمة الفجور والعدوان على ألسنتهم فكانت هذه السكينة وهذه الكلمة جند من جند الله ايد بها الله رسوله والمؤمنين في مقابلة جند الشيطان الذي في قلوب اوليائه والسنتهم وثمرة هذه السكينة الطمأنينة للخير تصديقا وإيقانا وللامر تسليما وإذعانا فلا تدع شبهة تعارض الخير ولا إرادة تعارض الامر فلا تمر معارضات السوء بالقلب إلا وهي مجتازة من مرور الوساوس الشيطانية التي يبتلى بها العبد ليقوى إيمانه ويعلو عند الله ميزانه بمدافعتها وردها وعدم السكون اليها فلا يظن المؤمن انها لنقص درجته عند الله (4/202)
فصل السكينة عند القيام بوظائف العبودية
ومنها السكينة عند القيام بوظائف العبودية وهي التي تورث الخضوع والخشوع وغض الطرف وجمعية القلب على الله تعالى بحيث يؤدي عبوديته بقلبه وبدنه والخشوع نتيجة هذه السكينة وثمرتها وخشوع الجوارح نتيجة خشوع القلب وقد رأى النبي ص - رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال
لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه
فإن قلت قد ذكرت اقسامها ونتيجتها وثمرتها وعلامتها فما اسبابها الجالبة لها
الاسباب المؤدية الى السكينة
قلت سببها استيلاء مراقبة العبد لربه جل جلاله حتى كأنه يراه وكلما اشتدت هذه المراقبة اوجبت له من الحياء والسكينة والمحبة والخضوع والخشوع و الخوف والرجاء ما لا يحصل بدونها فالمراقبة اساس الاعمال القلبية كلها وعمودها الذي قيامها به ولقد جمع النبي ص - اصول اعمال القلب وفروعها كلها في كلمة واحدة وفي قوله في الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فتأمل كل مقام من مقامات الدين وكل عمل من اعمال القلوب كيف تجد هذا اصله ومنبعه
والمقصود ان العبد محتاج الى السكينة عند الوساوس المعترضة في اصل الايمان ليثبت قلبه ولا يزيغ وعند الوساوس والخطرات القادحة في اعمال الايمان لئلا تقوى وتصير هموما وغموما وارادات ينقص بها ايمانه وعند اسباب المخاوف على اختلافها ليثبت قلبه ويسكن جأشه وعند اسباب الفرح لئلا يطمح به مركبه فيجاوز الحد الذي لا يعبر فينقلب ترحا وحزنا وكم ممن أنعم الله عليه بما يفرحه فجمح به مركب الفرح وتجاوز الحد فانقلب ترحا عاجلا (4/203)
ولو أعين بسكينة تعدل فرحه لاريد به الخير وبالله التوفيق وعند هجوم الاسباب المؤلمه على اختلافها الظاهره والباطنه فما احوجه الى السكينة حينئذ وما انفعها له وأجداها عليه واحسن عاقبتها
والسكينة في هذه المواطن علامة على الظفر وحصول المحبوب واندفاع المكروه وفقدها علامه على ضد ذلك لا يخطئ هذا ولا هذا والله المستعان
الاستظهار بالعلم
وأما قوله ان يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته أي مستظهرا مضطعا بالعلم متمكنا منه غير ضعيف فيه فإنه اذا كان ضيفا قليل البضاعةغير مضطلع به أحجم عن الحق في موضع ينبغي فيه الإقدام لقلة علمه بمواضع الإقدام والاحجام فهو يقدم في غير موضعه ويحجم في غير موضعه ولا بصيرة له بالحق ولا قوة له على تنفيذه فالمفتى محتاج إلى قوة في العلم وقوة في التنفيذ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له
الكفاية
وأما قوله الرابعة الكفاية وإلا مضغه الناس فإنه إذا لم يكن له كفاية احتاج إلى الناس والى الاخذ مما في ايديهم فلا يأكل منهم شيئا إلا اكلوا من لحمه وعرضه اضعافه وقد كان لسفيان الثوري شئ من مال وكان لا يتروى في بذله ويقول لولا ذلك لتمندل بنا هؤلاء فالعالم اذا منح غناء فقد أعين على تنفيذ علمه وإذا احتاج الى الناس فقد مات علمه وهو ينظر
معرفة الناس
وأما قوله الخامسة معرفة الناس فهذا اصل عظيم يحتاج اليه المفتي والحاكم فإن لم يكن فقيها فيه فقيها في الامر والنهي ثم يطبق احدهما على الاخر وإلا كان ما يفسد اكثر مما يصلح فإنه اذا لم يكن فقيها في الامر له معرفة بالناس تصور له الظالم بصوره المظلوم وعكسه والمحق بصورة المبطل وعكسه وراج (4/204)
عليه المكر والخداع والاحتيال وتصور له الزنديق في صورة الصديق والكاذب في صورة الصادق ولبس كل مبطل ثوب زور تحتها الاثم والكذب والفجور وهو لجهله بالناس واحوالهم وعوائدهم وعرفياتهم لا يميز هذا من هذا بل ينبغي له ان يكون فقيها في معرفة مكر الناس وخداعهم واحتيالهم وعوائدهم وعرفياتهم فإن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد والاحوال وذلك كله من دين الله كما تقدم بيانه وبالله التوفيق
فوائد تتعلق بالفتوى مروية عن الامام احمد
الفائدة الرابعة والعشرون في كلمات حفظت عن الامام احمد رحمه الله تعالى ورضى عنه في امر الفتيا سوى ما تقدم آنفا
قال في رواية ابنه صالح ينبغي للرجل اذا حمل نفسه على الفتيا ان يكون عالما بوجوه القرآن عالما بالاسانيد الصحيحة عالما بالسنن وقال في رواية أبي الحارث لا تجوز الفتيا إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة وقال في رواية حنبل ينبغي لمن افتى ان يكون عالما بقول من تقدم وإلا فلا يفتي وقال في رواية يوسف بن موسى احب ان يتعلم الرجل كل ما تكلم فيه الناس وقال في رواية ابنه عبد الله وقد سأله عن الرجل يريد أن يسأله عن امر دينه مما يبتلي به من الايمان في الطلاق وغيره وفي مصره من أصحاب الراي واصحاب الحديث لا يحفظون ولا يعرفون الحديث الضعيف ولا الإسناد القوي فلمن يسأل لهؤلاء أولأصحاب الحديث على قلة معرفتهم فقال يسأل اصحاب الحديث ولا يسأل اصحاب الرأي ضعيف الحديث خير من الرأي وقال في رواية محمد بن عبيد الله بن المنادى وقد سمع رجلا يساله اذا حفظ الرجل مائة الف حديث يكون فقيها قال لا قال فمائتي ألف قال لا قال فثلاثمائة الف قال لا قال فأربعمائة الف قال بيده هكذا وحركها قال حفيده احمد بن جعفر بن محمد فقلت لجدي كم كان يحفظ احمد فقال أجاب عن ستمائة الف (4/205)
وقال عبد الله بن احمد سالت ابي عن الرجل يكون عنده الكتب المصنفة فيها قول رسول الله ص - والصحابة والتابعين وليس للرجل بصر بالحديث الضعيف المتروك ولا الاسناد القوي من الضعيف فيجور ان يعمل بما شاء ويتخير منها فيفتى به ويعمل به قال لا يعمل حتى يسأل ما يؤخذ به منها فيكون يعمل على امر صحيح يسال عن ذلك اهل العلم
وقال ابو داود سمعت احمد وسئل عن مسألة فقال دعنا من هذه المسائل المحدثة وما احصى ما سمعت احمد سئل عن كثير مما فيه الاختلاف من العلم فيقول لا أدرى وسمعته يقول ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتيا احسن فتيا منه كان اهون عليه ان يقول لا ادري من يحسن مثل هذا سل العلماء
وقال ابو داود قلت لأحمد الاوزاعي هو اتبع من مالك فقال لا تقلد دينك احدا من هؤلاء ما جاء عن النبي ص - وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير وقال إسحاق بن هاني سألت أبا عبد الله عن الذي جاء في الحديث أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار فقال يفتى بما لم يسمع وقال ايضا قلت لأبي عبد الله يطلب الرجل الحديث بقدر ما يظن أنه قد انتفع به قال العلم لا يعدله شئ وجاءه رجل يسأله عن شئ فقال لا اجيبك في شئ ثم قال قال عبد الله بن مسعود إن كل من يفتى الناس في كل ما يستفتونه لمجنون قال الاعمش فذكرت ذلك للحاكم فقال لو حدثتني به قبل اليوم ما افتيت في كثير مما كنت افتى به قال ابن هاني وقيل لابي عبد الله يكون الرجل في قرية فيسأل عن الشيء الذي فيه اختلاف قال يفتي بما وافق الكتاب والسنة وما لم يوافق الكتاب والسنة امسك عنه قيل له افتخاف عليه قال لا قيل له ما كان من كلام اسحاق بن راهويه وما كان وضع في الكتاب وكلام ابي عبيد ومالك ترى النظر فيه فقال كل كتاب ابتدع فهو بدعة أوكل كتاب محدث فهو بدعة واما ما كان عن مناظرة يخبر الرجل بما عنده وما يسمع من الفتيا فلا أرى به بأسا قيل له فكتاب ابي عبيد غريب الحديث (4/206)
قال ذلك شئ حكاه عن قوم اعراب قيل له فهذه الفوائد التي فيها المناكير ترى ان تكتب قال المنكر ابدا منكر
دلالة العالم للسائل على مفتى غيره
الفائدة الخامسة والعشرون في دلالة العالم للمستفتى على غيره وهو موضع خطر جدا فلينظر الرجل ما يحدث من ذلك فإنه متسبب بدلالته إما الى الكذب على الله ورسوله في أحكامه أوالقول عليه بلا علم فهو معين على الاثم والعدوان وإما معين على البر والتقوى فلينظر الانسان الى من يدل عليه وليتق الله ربه فكان شيخنا قدس الله روحه شديد التجنب لذلك ودللت مرة بحضرته على مفت أومذهب فانتهرني وقال مالك وله دعه ففهمت من كلامه إنك لتبوء بما عساه يحصل له من الإثم ولمن أفتاه ثم رأيت هذه المسألة بعينها منصوصة عن الإمام أحمد قال أبو داود في مسائلة قلت لأحمد الرجل يسأل عن المسألة فأدله على إنسان يسأله فقال إذا كان يعني الذي أرشدته إليه متبعا ويفتي بالسنة فقيل لأحمد إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب فقال أحمد ومن يصيب في كل شيء قلت له فرأي مالك فقال لا تتقلد في مثل هذا بشيء قلت وأحمد كان يدل على أهل المدينة ويدل على الشافعي ويدل على إسحاق ولا خلاف عنه في استفتاء هؤلاء ولا خلاف عنه في أنه لا يستفتي أهل الرأي المخالفون لسنة رسول الله ص - وبالله التوفيق ولا سيما كثير من المنتسبين إلى الفتوى في هذا الزمان وغيره وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي فقال ما يبكيك فقال استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم قال ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق قال بعض العلماء فكيف لو رأى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا وتوثبه عليها ومد باع التكلف إليها وتسلقه بالجهل والجرأة عليها مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة وهو من بين أهل العلم منكر أوغريب (4/207)
فليس له في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف نصيب ولا يبدي جوابا بإحسان وإن ساعد القدر فتواه كذلك يقول فلان ابن فلان ... يمدون للإفتاء باعا قصيرة ... وأكثرهم عند الفتاوي يكذلك ...
وكثير منهم نصيبهم مثل ما حكاه أبو محمد بن حزم قال كان عندنا مفت قليل البضاعة فكان لا يفتي حتى يتقدمه من يكتب الجواب فيكتب تحته جوابي مثل جواب الشيخ فقدر أن اختلف مفتيان في جواب فكتب تحتهما جوابي مثل جواب الشيخين فقيل له إنهما قد تناقضا فقال وأنا أيضا تناقضت كما تناقضا وقد أقام الله سبحانه لكل عالم ورئيس وفاضل من يظهر مماثلته ويرى الجهال وهم الأكثرون مساجلته ومشاكلته وانه يجري معه في الميدان وأنهما عند المسابقة كفرسي رهان ولا سيما إذا طول الأردان وأرخي الذوائب الطويلة وراءه كذنب الأتان وهدر باللسان وخلا له الميدان الطويل من الفرسان ... فلو لبس الحمار ثياب خز ... لقال الناس يالك من حمار ...
وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل وبالمناصب لا بالأهلية قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم ومسارعة أجهل منهم إليهم تعج منهم الحقوق إلى الله تعالى عجيجا وتضح منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجا فمن أقدم بالجرأة على ما ليس له من فتيا أوقضاء أوتدريس استحق اسم الذم ولم يحل قبول فتياه ولا قضائه هذا حكم دين الإسلام ... وإن رغمت أنوف من اناس ... فقل يارب لا ترغم سواها ...
حكم كذلكة المفتي
الفائدة السادسة والعشرون في حكم كذلكة المفتي ولا يخلو من حالين إما أن يعلم صواب جواب من تقدمه بالفتيا أولا يعلم فإن علم صواب جوابه فله (4/208)
ان يكذلك وهل الاولى له الكذلكة أوالجواب المستقل فيه تفصيل
فلا يخلو المبتديء اما ان يكون اهلا أومتسلقا متعاطيا ماليس له بأهل فإن كان الثاني فتركه الكذلكة اولى مطلقا إذ في كذلته تقرير له على الإفتاء وهو كالشهادة له بالأهلية وكان بعض اهل العلم يضرب إلى فتوى من كتب وليس بأهل فإن لم يتمكن من ذلك خوف الفتنة منه فقد قيل لايكتب معه في الورقة ويرد السائل وهذا نوع تحامل والصواب انه يكتب في الورقة الجواب ولا يأنف من الإخبار بدين الله الذي يجب عليه الإخبار به لكتابة من ليس بأهل فإن هذا ليس عذرا عند الله ورسوله وأهل العلم في كتمان الحق بل هذا نوع رياسة وكبر والحق لله عز و جل فكيف يجوز ان يعطل حق الله ويكتم دينه لأجل كتابة من ليس بأهل
وقد نص الإمام على ان الرجل اذا شهد الجنازة فرأى فيها منكرا لا يقدر على إزالته انه لا يرجع ونص على انه دعي الى وليمة عرس فرأى فيها منكرا لايقدر على إزالته انه يرجع فسألت شيخنا عن الفرق فقال لأن الحق في الجنازة للميت فلا يترك حقه لما فعله الحي من المنكر والحق في الوليمة لصاحب البيت فإذا اتى فيها بالمنكر فقد اسقط حقه من الإجابة وإن كان المبتدي بالجواب أهلا للإفتاء فلا يخلو إما ان يعلم المكذلك صواب جوابه أولا يعلم فإن لم يعلم صوابه لم يجز له ان يكذلك تقليدا له إذ لعله ان يكون قد غلط ولو نبه لرجع وهو معذور وليس المكذلك معذورا بل مفت بغير علم ومن أفتى بغير علم فإثمه على من أفناه وهو احد المفتين الثلاثة الذين ثلثاهم في النار وإن علم انه قد أصاب فلا يخلو إما أن تكون المسألة ظاهرة لا يخفى وجه الصواب فيها بحيث لا يظن بالمكذلك انه قلده فيما لا يعلم أوتكون خفية فإن كانت ظاهرة فالاولى الكذلكة لانه إعانة على البر والتقوى وشهادة للمفتى بالصواب وبراءة من الكبر والحمية وإن كانت خفية بحيث يظن بالمكذلك انه وافقه تقليدا محضا فإن امكنه إيضاح ما أشكه الاول وزيادة بيان (4/209)
أوذكر قيد أوتنبيه على أمر أغفله فالجواب المستقل اولى وإن لم يمكنه ذلك فإن شاء كذلك وإن شاء اجاب استقلالا
فإن قيل ما الذي يمنعه من الكذلكة إذا لم يعلم صوابه تقليدا له كما قلد المبتدي من فوقه فإذا افتى الاول بالتقليد المحض فما الذي يمنع المكذلك من تقليده
قيل الجواب من وجوه أحدها أن الكلام في المفتي الاول ايضا فقد نص الامام الشافعي واحمد وغيرهما من الائمة على انه لا يحل للرجل ان يفتى بغير علم حكى في ذلك الاجماع وقد تقدم ذكر ذلك مستوفى الثاني ان هذا الاول وإن جاز له التقليد للضرورة فهذا المكذلك المتكلف لا ضرورة له الى تقليده بل هذا من بناء الضعيف على الضعيف وذلك لا يسوغ كما لا تسوغ الشهادة على الشهادة وكما لا يجوز المسح على الخفين على طهارة التيمم ونظائر ذلك كثيرة الثالث أن هذا لو ساغ لصار الناس كلهم مفتين إذ ليس هذا بجواز تقليد المفتى اولى من غيره وبالله التوفيق
جواز الفتوى للذي لا تجوز له الشهادة والقضاء
الفائدة السابعة والعشرون يجوز للمفتي ان يفتي أباه وابنه وشريكه ومن لا تقبل شهادته له وإن لم يجز أن يشهد له ولا يقضى له والفرق بينهما أن الافتاء يجري مجرى الرواية فكأنه حكم عام بخلاف الشهادة والحكم فإنه يخص المشهود له والمحكوم له ولهذا يدخل الراوي في حكم الحديث الذي يرويه ويدخل في حكم الفتوى التي يفتى بها ولكن لا يجوز له أن يحابي من يفتيه فيفتى أباه أوابنه أوصديقه بشئ ويفتى غيرهم بضده محاباة بل هذا يقدح في عدالته إلا أن يكون ثم سبب يقتضى التخصيص غير المحاباة ومثال هذا ان يكون في المسألة قولان قول بالمنع وقول بالإباحة فيفى ابنه وصديقة بقول الاباحة والاجنبي بقول المنع
فإن قيل هل يجوز له ان يفتى نفسه (4/210)
قيل نعم إذا كان له ان يفتي غيره وقد قال النبي ص - استفت قلبك وإن أفتاك المفتون فيجوز له أن يفتى نفسه بما يفتى غيره به ولا يجوز له أن يفتى نفسه بالرخصة وغير بالمنع ولا يجوز له إذا كان في المسألة قولان قول بالجواز وقول بالمنع أن يختار لنفسه قول الجواز ولغيره قول المنع
وسمعت شيخنا يقول سمعت بعض الامراء يقول عن بعض المفتين من أهل زمانه يكون عندهم في المسألة ثلاثة اقوال احدها الجواز والثاني المنع والثالث التفصيل فالجواز لهم والمنع لغيرهم وعليه العمل
لا يجوز ان يكون غرض المفتي وإرادته معيار للفتوى
الفائدة الثامنة والعشرون لا يجوز للمفتي ان يعمل بما يشاء من الاقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح ولا يعتد به بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولا قاله إمام أووجها ذهب إليه جماعة فيعمل بما يشاء من الوجوه والاقوال حيث رأى القول وفق إرادته وغرضه عمل به فإرادته وغرضه هو المعيار وبها الترجيح وهذا حرام باتفاق الامة
وهذا مثل ما حكى القاضى أبو الوليد الباجي عن بعض أهل زمانه ممن نصب نفسه للفتوى أنه كان يقول إن الذي لصديقي على إذا وقعت له حكومة أوفتيا أن أفتيه بالرواية التي توافقه وقال وأخبرني من أثق به انه وقعت له واقعة فأفتاه جماعة من المفتين بما يضره وأنه كان غائبا فلما حضر سألهم بنفسه فقالوا لم نعلم أنها لك وأفتوه بالرواية الاخرى التي توافقه قال وهذا مما لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد بهم في الاجماع انه لا يجوز وقد قال مالك رحمه الله في اختلاف الصحابة رضى الله عنهم مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد
وبالجملة فلا يجوز العمل والافتاء في دين الله بالتشهى والتخير وموافقة الغرض فيطلب القول الذي يوافق غرضه وغرض من يحابيه فيعمل به ويفتى به ويحكم به ويحكم على عدوه ويفتيه بضده وهذا من افسق الفسوق واكبر الكبائر والله المستعان (4/211)
أنواع المفتين
الفائدة التاسعة والعشرون المفتون الذين نصبوا أنفسهم للفتوى أربعة أقسام
النوع الاول من أنواع المفتين
أحدهم العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في أحكام النوازل يقصد فيها موافقه الادلة الشرعية حيث كانت ولا ينافي اجتهاده تقليده لغيره أحيانا فلا تجد أحدا من الائمة إلا وهو مقلد من هو أعلم منه في بعض الاحكام وقد قال الشافعي رحمه الله ورضى عنه في موضع من الحج قلته تقليدا لعطاء فهذا النوع الذي يسوغ لهم الافتاء ويسوغ استفتاؤهم ويتأدى بهم فرض الاجتهاد وهم الذين قال فيهم النبي ص - إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها وهم غرس الله الذين لا يزال يغرسهم في دينه وهم الذين قال فيهم علي بن ابي طالب كرم الله وجهه لن تخلو الارض من قائم لله بحجته
فصل النوع الثاني من أنواع المفتين
النوع الثاني مجتهد مقيد في مذهب من ائتم به فهو مجتهد في معرفة فتاويه وأقواله ومأخذه وأصوله عارف بها متمكن من التخريج عليها وقياس ما لم ينص من ائتم به عليه على منصوصه من غير ان يكون مقلدا لإمامه لا في الحكم ولا في الدليل لكن سلك طريقه في الاجتهاد والفتيا ودعا الى مذهبه ورتبه وقرره فهو موافق له في مقصده وطريقة معا
وقد ادعى هذه المرتبة من الحنابلة القاضي ابو يعلى والقاضي أوعلي بن ابي موسى في شرح الارشاد الذي له ومن الشافعية خلق كثير وقد اختلف الحنفية في أبي يوسف ومحمد وزفر بن الهذيل والشافعية في المزني وابن سريج وابن المنذر ومحمد بن نصر المروزي والمالكية في أشهب وابن عبدالحكم وابن القاسم وابن وهب والحنابلة في ابى حامد والقاضي هل كان هؤلاء مستقلين بالاجتهاد أومتقيدين (4/212)
بمذاهي أئمهم على قولين ومن تأمل أحوال هؤلاء وفتاويهم واختياراتهم علم أنهم لم يكونوا مقلدين لائمتهم في كل ما قالوه وخلافهم لهم أظهر من أن ينكر وإن كان منهم المستقل والمستكثر ورتبة هؤلاء دون رتبة الائمة في الاستقلال بالاجتهاد
فصل النوع الثالث من أنواع المفتين
النوع الثالث من هو مجتهد في مذهب من انتسب اليه مقرر له بالدليل متقن لفتاويه عالم بها لا يتعدى اقواله وفتاويه ولا يخالفها وإذا وجد نص إمامه لم يعدل عنه الى غيره البته وهذا شأن اكثر المصنفين في مذاهب أئمتهم وهو حال اكثر علماء الطوائف وكثير منهم يظن انه لا حاجة به الى معرفة الكتاب والسنة والعربية لكونه مجتزيا بنصوص إمامه فهى عنده كنصوص الشارع قد اكتفى بها من كلفة التعب والمشقة وقد كفاه الامام استنباط الاحكام ومؤنة استخراجها من النصوص وقد يرى إمامه ذكر حكما بدليله فيكتفى هو بذلك الدليل من غير بحث عن معارض
وهذا شان كثير من أصحاب الوجوه والطرق والكتب المطولة والمختصرة وهؤلاء لا يدعون الاجتهاد ولا يقرون بالتقليد وكثير منهم يقول اجتهدنا في المذاهب فرأينا اقربها الى الحق مذهب إمامنا وكل منهم يقول ذلك عن إمامه ويزعم انه اولى بالاتباع من غيره ومنهم من يغلو فيوجب اتباعه ويمنع من اتباع غيره
فيالله العجب من اجتهاد نهض بهم الى كون متبوعهم ومقلدهم اعلم من غيره احق بالاتباع من سواه وأن مذهبه هو الراجح والصواب دائر معه وقد بهم عن الاجتهاد في كلام الله ورسوله واستنباط الاحكام منه وتبرجيح ما يشهد له النص مع استيلاء كلام الله ورسوله على غاية البيان وتضمنه (4/213)
لجوامع الكلم وفصله للخطاب وبراءته من التناقض والاختلاف والاضطراب فقعدت بهم هممهم واجتهادهم عن الاجتهاد فيه ونهضت بهم الى الاجتهاد في كون إمامهم أعلم الامة واولاها بالصواب وأقواله في غاية القوة وموافقة السنة والكتاب والله المستعان
فصل النوع الرابع من انواع المفتين
النوع الرابع طائفة تفقهت في مذاهب من انتسبت اليه وحفظت فتاويه وفروعه وأقرت على أنفسها بالتقليد المحض من جميع الوجوه فإن ذكروا الكتاب والسنة يوما في مسألة فعلى وجه التبرك والفضيلة لا على وجه الاحتجاج والعمل وإذا رأوا حديثا صحيحا مخالفا لقول من انتسبوا اليه أخذوا بقوله وتركوا الحديث وإذا رأوا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وغيرهم من الصحابة رضى الله عنهم قد أفتوا بفتيا ووجدوا لامامهم فتيا تخالفها أخذوا بفتيا إمامهم وتركوا فتاوي الصحابة قائلين الامام اعلم بذلك منا ونحن قد قلدناه فلا نتعداه ولا نتخطاه بل هو أعلم بما ذهب اليه منا ومن عدا هؤلاء فمتكلف متخلف قد دنا بنفسه عن رتبه المشتغلين وقصر عن درجة المحصلين فهو مكذلك مع المكذلكين وإن ساعده القدر واستقل بالجواب قال يجوز بشرطه ويصح بشرطه ويجوز ما لم يمنع منه مانع شرعي ويرجع في ذلك الى رأي الحاكم ونحو ذلك من الاجوبة التي يستحسنها كل جاهل ويستحي منها كل فاضل
ففتاوي القسم الاول من جنس توقيعات الملوك وعلمائهم وفتاوي النوع الثاني من جنس توقيعات نوابهم وخلفائهم وفتاوي النوع الثالث والرابع من جنس توقيعات خلفاء نوابهم ومن عداهم فمتشبع بما لم يعط متشبه (4/214)
بالعلماء محاك للفضلاء وفي كل طائفة من الطوائف متحقق بغيه ومحاك له متشبه به والله المستعان
هل يجوز للمفتي المقلد لمذهب ان يفتي به
الفائدة الثلاثون إذا كان الرجل في مذهب إمام ولم يكن مستقلا بالاجتهاد فهل له ان يفتى بقول ذلك الامام على قولين وهما وجهان لاصحاب الشافعي واحمد
أحدهما الجواز ويكون متبعه مقلدا للميت لا له وإنما له مجرد النقل عن الإمام
والثاني لا يجوز له ان يفتى لان السائل مقلد له لا للميت وهو لم يجتهد له والسائل يقول له انا أقلدك فيم تفتيني به
والتحقيق ان هذا فيه تفصيل فإن قال له السائل اريد حكم الله تعالى في هذه المسألة واريد الحق فيما يخلصني ونحو ذلك لم يسعه إلا أن يجتهد له في الحق ولا يسعه أن يفتيه بمجرد تقليد غيره من غير معرفة بأنه حق أوباطل وإن قال له اريد ان اعرف في هذه النازلة قول الامام ومذهبه ساغ له الاخبار به ويكون ناقلا له ويبقى الدرك على السائل فالدرك في الوجه الاول على المفتي وفي الثاني على المستفتي
هل يجوز تقليد الاموات
الفائدة الحادية والثلاثون هل يجوز للحي تقليد الميت والعمل بفتواه من غير اعتبارها بالدليل الموجب لصحة العمل بها فيه وجهان لأصحاب الامام احمد والشافعي فمن منعه قال يجوز تغيير اجتهاده لو كان حيا فإنه كان يجدد النظر عند نزول هذه النازلة إما وجوبا وإما استحبابا على النزاع المشهور ولعله لو جدد النظر لرجع عن قوله الاول والثاني الجواز وعليه عمل جميع المقلدين في أقطار الارض وخيار ما بأيديهم من التقليد تقليد الاموات ومن منع منهم تقليد الميت فإنما هو شئ يقوله بلسانه وعمله في فتاويه (4/215)
وأحكامه بخلافه والاقوال لا تموت قائلها بموت قائلها كما لا تموت الاخبار بموت رواتها وناقليها
المجتهد في نوع العلم له ان يفتي فيه ولا يفتي في غيره
الفائدة الثانية والثلاثون الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام فيكون الرجل مجتهدا في نوع من العلم مقلدا في غيره أوفي باب من ابوابه كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم أوفي باب الجهاد أوالحج أوغير ذلك فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له الافتاء بما لا يعلم في غيره وهل له ان يفتي في النوع الذي اجتهد فيه فيه ثلاثة اوجه اصحابها الجواز بل هو الصواب المقطوع به والثاني المنع والثالث الجواز في الفرائض دون غيرها
فحجة الجواز أنه قد عرف الحق بدليله وقد بذل جهده في معرفة الصواب فحكمه في ذلك حكم المجتهد المطلق في سائر الانواع
وحجة المنع تعلق أبواب الشرع واحكامه بعضها ببعض فالجهل ببعضها مظنة للتقصير في الباب والنوع الذي قد عرفه ولا يخفى الارتباط بين كتاب النكاح والطلاق والعدة وكتاب الفرائض وكذلك الإرتباط بين كتاب الجهاد وما يتعلق به وكتاب الحدود والاقضية والاحكام وكذلك عامة ابواب الفقه
ومن فرق بين الفرائض وغيرها رأى انقطاع احكام قسمة المواريث ومعرفة الفروض ومعرفة مستحقها عن كتاب البيوع والاجارات والرهون والنضال وغيرها وعدم تعلقاتها وأيضا فإن عامة احكام المواريث قطعية وهي منصوص عليها في الكتاب والسنة
فإن قيل فما تقولون فيمن بذل جهده في معرفة مسألة أومسألتين هل له ان يفتي بهما (4/216)
قيل نعم يجوز في أصح القولين وهما وجهان لاصحاب الامام احمد وهل هذا إلا من التبليغ عن الله وعن رسوله وجزى الله من أعان الاسلام ولو بشطر كلمة خيرا ومنع هذا من الافتاء بما علم خطأ محض وبالله التوفيق
من أفتى وليس أهلا للفتوى أثم
الفائدة الثالثة والثلاثون من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص ومن أقره من ولاة الامور على ذلك فهو آثم أيضا
قال ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله ويلزم ولي الامر منعهم كما فعل بنو أمية وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق وبمنزلة الاعمى الذي يرشد الناس الى القبلة وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس بل هو أسوأ حالا من هؤلاء كلهم وإذا تعين على ولي الامر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين
وكان شيخنا رضى الله عنه شديد الانكار على هؤلاء فسمعته يقول قال لي بعض هؤلاء أجعلت محتسبا على الفتوى فقلت له يكون على الخبازين والطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب
وقد روى الامام احمد وابن ماجة عن النبي ص - مرفوعا من افتى بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن النبي ص - إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا وفي أثر مرفوع ذكره أبو الفرج وغيره من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض
وكان مالك رحمه الله يقول من سئل عن مسألة فينبغي له قبل ان (4/217)
يجيب فيها ان يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه في الاخرة ثم يجيب فيها وسئل عن مسألة فقال لا أدري فقيل له إنها مسألة خفيفة سهلة فغضب وقال ليس في العلم شئ خفيف أما سمعت قول الله عزه وجل إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا فالعلم كله ثقيل وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة وقال ما أفتيت حتى شهد لي سبعون انى أهل لذلك وقال لا ينبغي لرجل ان يرى نفسه أهلا لشئ حتى يسأل من هو أعلم منه وما أفتيت حتى سألت ربيعة ويحيى بن سعيد فأمراني بذلك ولو نهياني انتهيت قال وإذا كان اصحاب رسول الله ص - تصعب عليهم المسائل ولا يجيب احد منهم عن مسألة حتى يأخذ راى صاحبه مع ما رزقوا من السداد والتوفيق والطهارة فكيف بنا الذين غطت الذنوب والخطايا قلوبنا وكان رحمه الله إذا سئل عن مسألة فكأنه واقف بين الجنة والنار وقال عطاء بن ابي رباح أدركت أقواما إن كان أحدهم ليسال عن شئ فيتكلم وإنه ليرعد
وسئل النبي ص - أي البلاد شر فقال لا أدرى حتى أسأل جبريل فسأله فقال اسواقها
وقال الامام احمد من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم إلا أنه قد تلجئ الضرورة وسئل الشعبي عن مسألة فقال لا أدري فقيل له الا تستحي من قولك لا أدري وأنت فقيه اهل العراق فقال لكن الملائكة لم تستحى حين قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا وقال بعض أهل العلم تعلم لا أدري فإنك إن قلت لا أدري علموك حتى تدري وإن قلت أدري سألوك حتى لا تدري وقال عتبة بن مسلم صحبت ابن عمر اربعة وثلاثين شهرا فكان كثيرا ما يسأل فيقول لا أدري وكان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتى فتيا ولا يقول شيئا إلا قال اللهم سلمني وسلم مني
وسئل الشافعي عن مسألة فسكت فقيل الا تجيب فقال حتى أدري الفضل في سكوتي أوفي الجواب وقال ابن ابي ليلى ادركت مائة وعشرين من الانصار من أصحاب رسول الله ص - يسأل أحدهم عن المسألة فيردها (4/218)
هذا الى هذا وهذا الى هذا حتى ترجع الى الاول وما منهم من أحد بحدث بحديث أويسأل عن شئ إلا ود أن أخاه كفاه وقال ابو الحسين الازدي ان احدهم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر وسئل القاسم بن محمد عن شئ فقال إنى لا احسنه فقال له السائل إنى جئتك لا اعرف غيرك فقال له القاسم لا تنظر الى طول لحيتي وكثرة الناس حولى والله ما أحسنه فقال شيخ من قريش جالس الى جنبه يا ابن اخي الزمها فوالله ما رأيناك في مجلس أنبل منك اليوم فقال القاسم والله لان يقطع لساني احب الى من ان اتكلم بما لا علم لي به وكتب سلمان الى ابي الدرداء رضى الله عنهما وكان بينهما مؤاخاة بلغني انك قعدت طبيبا فاحذر ان تكون متطببا أوتقتل مسلما فكان ربما جاءه الخصمان فيحكم بينهما ثم يقول ردوهما على متطبب والله أعيدا على قضيتكما
حكم العامي إذا لم يجد مفتيا
الفائدة الرابعة والثلاثون إذا نزلت بالعامى نازلة وهو في مكان لا يجد من سأله عن حكمها ففيه طريقان للناس أحدهما أن له حكم ما قبل الشرع على الخلاف في الحظر والاباحة والوقف لان عدم المرشد في حقه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة الى الامة والطريقة الثانية انه يخرج على الخلاف في مسالة تعارض الادلة عند المجتهد هل يعمل بالاخف أوبالاشد أويتخير والصواب انه يجب عليه ان يتقى الله ما استطاع ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله وقد نصب الله تعالى على الحق امارات كثيرة ولم يسو الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه بحيث لا يتميز هذا من هذا ولا بد ان تكون الفطر السليمة مائلة الى الحق مؤثرة له ولا بد ان يقوم لها عليه بعض الامارات المرجحة ولو بمنام أوبإلهام فإن قدر ارتفاع ذلك كله وعدمت في حقه جميع الامارات فهنا يسقط التكليف عنه في حكم هذه النازلة ويصير بالنسبة اليها كمن لم تبلغة الدعوة وإن كان مكلفا بالنسبة الى غيره فأحكام التكليف تتفاوت بحسب التمكن من العلم والقدرة والله اعلم (4/219)
من تجوز له الفتيا ومن لا تجوز
الفائدة الخامسة والثلاثون الفتيا اوسع من الحكم والشهادة فيجوز فتيا العبد والحر والمرأة والرجل والقريب والبعيد والاجنبي والامي والقارئ والاخرس بكتابته والناطق والعدو والصديق وفه وجه انه لا تقبل فتيا العدو ولا من لا تقبل شهادته له كالشهادة والوجهان في الفتيا كالوجهين في الحكم وإن كان الخلاف في الحاكم اشهر وأما فتيا الفاسق فإن افتى غيره لم تقبل فتواه وليس للمستفتي ان يستفتيه وله ان يعمل بفتوى نفسه ولا يجب عليه ان يفتي غيره وفي جواز استفتاء مستور الحال وجهان والصواب جواز استفتائه وإفتائه
قلت وكذلك الفاسق إلا ان يكون معلنا بفسقه داعيا الى بدعته فحكم استفتائه حكم إمامنه وشهادته وهذا يختلف باختلاف الامكنة والازمنة والقدرة والعجز فالواجب شئ والواقع شئ والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب وينفذ الواجب بحسب استطاعته لا من يلقى العداوة بني الواجب والواقع فلكل زمان حكم والناس بزمانهم اشبه منهم بآبائهم وإذا عم الفسوق وغلب على أهل الارض فلو منعت إمامه الفساق وشهاداتهم وأحكامهم وفتاويهم وولاياتهم لعطلت الاحكام وفسد نظام الخلق وبطلت اكثر الحقوق ومع هذا فالواجب اعتبار الاصلح فالاصلح وهذا عند القدرة والاختيار واما عند الضرورة والغلبة بالباطل فليس إلا الاصطبار والقيام بأضعف مراتب الانكار
يجوز للقاضي ان يفتي
الفائدة السادسة والثلاثون لا فرق بين القاضي وغيره في جواز الافتاء بما تجوز الفتيا به ووجوبها إذا تعينت ولم يزل امر السلف والحلف على هذا فإن منصب الفتيا داخل في ضمن منصب القضاء عند الجمهور والذين لا يجوزون قضاء الجاهل فالقاضي مفت ومثبت ومنفذ لما أفتى به (4/220)
من يمنع فتوىا القاضي
وذهب بعض الفقهاء من أصحاب الامام احمد والشافعي الى انه يكره للقاضي ان يفتي في مسائل الاحكام المتعلقة به دون الطهارة والصلاة والزكاة ونحوها واحتج ارباب هذا القول بأن فتياه تصير كالحكم منه على الخصم ولا يمكن نقضه وقت المحاكمة قالوا ولانه قد يتغير اجتهاده وقت الحكومة أوتظهر له قرائن لم تظهر له عند الافتاء فإن اصر على فتياه والحكم بموجبها حكم بخلاف ما يعتقد صحته وإن حكم بخلافها طرق الخصم الى تهمته والتشنيع عليه بأنه يحكم بخلاف ما يعتقده ويفتى به ولهذا قال شريح أنا اقضى لكم ولا أفتى حكاه ابن المنذر واختار كراهية الفتوى في مسائل الاحكام وقال الشيخ ابو حامد الاسفرائيني لاصحابنا في فتواه في مسائل الاحكام جوابان أحدهما ليس له ان يفتى فيها لان لكلام الناس عليه مجالا ولاحد الخصمين عليه مقالا والثاني له ذلك لانه اهل له
حكم فتيا الحاكم
الفائدة السابعة والثلاثون فتيا الحاكم ليست حكما منه ولو حكم غيره بخلاف ما افتى به لم يكن نقضا لحكمه ولا هي كالحكم ولهذا يجوز ان يفتي الحاضر والغائب ومن يجوز حكمه له ومن لا يجوز ولهذا لم يكن في حديث هند دليل على الحكم على الغائب لانه ص - إنما أفتاها فتوى مجردة ولم يكن ذلك حكما على الغائب فإنه لم يكن غائبا عن البلد وكانت مراسلته وإحضاره ممكنة ولا طلب البينة على صحة دعواها وهذا ظاهر بحمد الله
هل يفتى المفتي بشئ لم يقع
الفائدة الثامنة والثلاثون إذا سال المستفتي عن مسألة لم تقع فهل تستحب إجابتة أوتكره أوتخير فيه ثلاثة أقوال وقد حكى عن كثير من السلف انه كان لا يتكلم فيما لم يقع وكان بعض السلف اذا ساله الرجل عن مسالة قال هل كان ذلك فإن قال نعم تكلف له الجواب وإلا قال دعنا في عافية (4/221)
وقال الامام احمد لبعض اصحابه اياك ان تتكلم في مسالة ليس لك فيها إمام والحق التفصيل فإن كان في المسألة نص من كتاب الله أوسنة عن رسول الله ص - أواثر عن الصحابة لم يكره الكلام فيها وإن لم يكن فيها نص ولا اثر فإن كانت بعيدة الوقوع أومقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد وغرض السائل والاحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة اذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم لا سيما إن كان السائل يتفقة بذلك ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الاولى والله أعلم
لا يجوز للمفتي تتبع الحيل المحرمة والمكروهة
الفائدة التاسعة والثلاثون لا يجوز للمفتي تتبع الحيل المحرمة والمكروهة ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه فإن تتبع ذلك فسق وحرم استفتاؤه فإن حسن قصده في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة لتخليص المستفتى بها من حرج جاز ذلك بل استحب وقد ارشد الله تعالى نبيه ايوب عليه السلام الى التخلص من الحنث بأن ياخذ بيده ضغثا فيضرب به المرأة ضربة واحدة وأرشد النبي ص - بلالا الى بيع التمر بدراهم ثم يشترى بالدراهم تمرا آخر فيتخلص من الربا فاحسن المخارج ما خلص من المآثم وأقبح الحيل ما اوقع في المحارم أواسقط ما أوجبه الله ورسوله من الحق اللازم وقد ذكرنا من النوعين ما لعلك لا تظفر بحملته في غير هذا الكتاب والله الموفق للصواب
رجوع المفتى عما افتى به
الفائدة الاربعون في حكم رجوع المفتى عن فتياه إذا افتى المفتي بشئ ثم رجع عنه فإن علم المستفتى برجوعه ولم يكن عمل بالاول فقيل يحرم عليه العمل به وعندي في المسألة تفصيل وانه لا يحرم عليه الاول بمجرد رجوع المفتي بل يتوقف حتى يسأل غيره فإن أفتاه بموافقة الاول استمر على العمل به وإن أفتاه بموافقة الثاني ولم يفته احد بخلافه حرم عليه العمل بالاول وإن لم يكن في (4/222)
البلد إلا مفت واحد سأله عن رجوعه عما افتاه به فإن رجع الى اختيار خلافه مع تسويغه لم يحرم عليه وإن رجع لخطأ بأن له وأن ما أفتاه به لم يكن صوابا حرم عليه العمل بالاول هذا اذا كان رجوعه لمخالفة دليل شرعي فإن كان رجوعه لمجرد ما بان له ان ما أفتى به خلاف مذهبه لم يحرم على المستفتى ما أفتاه به اولا إلا أن تكون المسألة إجماعية
فلو تزوج بفتواه ودخل ثم رجع المفتى لم يحرم عليه إمساك امرأته إلا بدليل شرعي يقتضى تحريمها ولا يجب عليه مفارقتها بمجرد رجوعه ولا سيما إن كان إنما رجع لكونه تبين له ان ما أفتى به خلاف مذهبه وإن وافق مذهب غيره هذا هو الصواب
وأطلق بعض أصحابنا واصحاب الشافعي وجوب مفارقتها عليه وحكوا في ذلك وجهين ورجحوا وجوب المفارقة قالوا لان الرجوع عنه ليس مذهبا له كما لو تغير اجتهاد من قلده في القبلة في اثناء الصلاة فإنه يتحول مع الامام في الاصح
فيقال لهم المستفتى قد دخل بامرأته دخولا صحيحا سائغا ولم يفهم ما يوجب مفارقته لها من نص ولا إجماع فلا يجب عليه مفارقتها بمجرد تغير اجتهاد المفتى وقد رجع عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن القول بالتشريك وافتى بخلافه ولم ياخذ المال من الذين شرك بينهم اولا وأما قياسكم ذلك على من تغير اجتهاده في معرفة القبلة فهو حجة عليكم فإنه لا يبطل ما فعله المأموم بالاجتهاد الاول ويلزمه التحول ثانيا لانه مامور بمتابعة الامام بل نظير مسألتنا ما لو تغير اجتهاده بعد الفراغ من الصلاة فإنه لا تلزمه الاعادة ويصلى الثانيه بالاجتهاد الثاني
وأما قول ابي عمرو بن الصلاح وابي عبد الله بن حمدان من اصحابنا إذا كان المفتي إنما يفتي على مذهب امام معين فإذا رجع لكونه بان له قطعا انه خالف في فتواه نص مذهب إمامه فإنه يجب نقضه وإن كان ذلك في محل الاجتهاد لان نص مذهب إمامه في حقه كنص الشارع في حق المفتى المجتهد (4/223)
المستقل فليس كما قالا ولم ينص على هذه المسالة احد من الائمة ولا تقتضيها اصول الشريعة ولو كان نص امامه بمنزلة نص الشارع لحرم عليه وعلى غيره مخالفته وفسق بخلافه
ولم يوجب احد من الائمة نقض حكم الحاكم ولا إبطال فتوى المفتي بكونه خلاف قول زيد أوعمرو ولا يعلم احد سوغ النقض بذلك من الائمة والمتقدمين من أتباعهم وإنما قالوا ينقض من حكم الحاكم ما خالف نص كتاب أوسنة أواجماع الامة ولم يقل احد ينقض من حكمه ما خالف قول فلان أوفلان وينقض من فتوى المفتي ما ينقض من حكم الحاكم فكيف يسوغ نقض احكام الحكام وفتاوي اهل العلم بكونها خالفت قول واحد من الائمة ولا سيما اذا وافقت نصا عن رسول الله ص - أوفتاوي الصحابة يسوغ نقضها لمخالفة قول فلان وحده ولم يجعل الله تعالى ولا رسوله ص - ولا احد من الائمة قول فقيه من الامة بمنزلة نص الله ورسوله بحيث يجب اتباعه ويحرم خلافه فإذا بان للمفتي انه خالف إمامه ووافق قول الائمة الثلاثة لم يجب على الزوج ان يفارق امرأته ويخرب بيته ويشتت شمله وشمل اولاده بمجرد كون المفتي ظهر له ان ما أفتى به خلاف نص إمامه ولا يحل له ان يقول له فارق اهلك بمجرد ذلك ولا سيما إن كان النص مع قول الثلاثه وبالجملة فبطلان هذا القول أظهر من أن نتكلف بيانه
فإن قيل فما تقولون لو تغير اجتهاد المفتى فهل يلزمه إعلام المستفتى
قيل اختلف في ذلك فقيل لا يلزمه إعلامه فإنه عمل اولا بما يسوغ له فإذا لم يعلم بطلانه لم يكن آثما فهو في سعة من استمراره وقيل بل يلزمه إعلامه لان ما رجع عنه قد اعتقد بطلانه وبان له ان ما افتاه به ليس من الدين فيجب عليه إعلامه كما جرى لعبد الله بن مسعود حين افتى رجلا بحل ام امرأته التي فارقها قبل الدخول ثم سافر الى المدينة وتبين له خلاف هذا القول فرجع الى الكوفة وطلب هذا الرجل وفرق بينه وبين اهله وكما جرى للحسن بن زياد (4/224)
اللؤلؤي لما استفتى في مسألة فأخطأ فيها ولم يعرف الذي افتاه به فاستأجر مناديا ينادي ان الحسن بن زياد استفتى في يوم كذا وكذا في مسألة فأخطأ فمن كان أفتاه الحسن بن زياد بشئ فليرجع اليه ثم لبث اياما لا يفتي حتى جاء صاحب الفتوى فأعمله انه قد أخطأ وان الصواب خلاف ما افتاه به
قال القاضي ابو يعلى في كفايته من افتى بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده لم يلزمه إعلام المستفتى بذلك إن كان قد عمل به وإلا أعلمه والصواب التفصيل فإن كان المفتي ظهر له الخطأ قطعا لكونه خالف نص الكتاب أوالسنة التي لا معارض لها أوخالف إجماع الامة فعليه إعلام المستفتى وإن كان إنما ظهر له انه خالف مجرد مذهبه أونص إمامه لم يجب عليه عليه إعلام المستفتى وعلى هذا تخرج قصة ابن مسعود رضى الله عنه فإنه لما ناظر الصحابة في تلك المسألة بينوا له ان صريح الكتاب يحرمها لكون الله تعالى ابهمها فقال تعالى وأمهات نسائكم وظن عبد الله ان قوله اللاتى دخلتم بهن راجع الى الاول والثاني فبينوا له أنه إنما يرجع الى امهات الربائب خاصة فعرف انه الحق وان القول بحلها خلاف كتاب الله تعالى ففرق بين الزوجين ولم يفرق بينهما بكونه تبين له ان ذلك خلاف قول زيد او عمرو والله اعلم
القول في ضمان المفتي للمال والنفس
الفائدة الحادية والاربعون إذا عمل المستفتى بفتيا مفت في إتلاف نفس أومال ثم بان خطؤه قال ابو إسحاق الاسفرائني من الشافعية يضمن المفتى إن كان اهلا للفتوى وخالف القاطع وإن لم يكن اهلا فلا ضمان عليه لان المستفتى قصر في استفتائه وتقليده ووافقه على ذلك ابو عبد الله بن حمدان في كتاب آداب المفتى والمستفتى له ولم اعرف هذا لاحد قبله من الاصحاب ثم حكى وجها آخر في تضمين من ليس بأهل قال لانه تصدى لما ليس له بأهل وغر من استفتاه بتصد يه لذلك (4/225)
قلت خطأ المفتى كخطأ الحاكم والشاهد وقد اختلفت الرواية في خطأ الحاكم في النفس اوالطرف فعن الامام احمد في ذلك روايتان إحداهما أنه في بيت المال لانه يكثر منه ذلك الحكم فلو حملته العاقله لكان ذلك إضرارا عظيمابهم والثانية انه على عاقلته كما لو كان الخطأ بسبب غير الحاكم وأما خطئوه في المال فإذا حكم بحق ثم بان كفر الشهود أوفسقهم نقض حكمه ثم رجع المحكوم عليه ببدل المال على المحكوم له وكذلك اذا كان الحكم بقود رجع اولياء المقتول ببدله على المحكوم له وكذلك إن كان الحكم بحق الله بإتلاف مباشر أوبالسراية ففيه ثلاثة اوجه احدها ان الضمان على المزكين لان الحكم إنما وجب بتزكيتهم والثاني يضمنه الحاكم لانه لم يتثبت بل فرط في المبادرة الى الحكم وترك البحث والسؤال والثالث ان للمستحق تضمين أيهما شاء والقرار على المزكين لانهم الجأوا الحاكم الى الحكم فعلى هذا إن لم يكن ثم تزكية فعلى الحاكم وعن احمد رواية اخرى انه لا ينقض بفسقهم فعلى هذا لا ضمان
وعلى هذا اذا استفتى الامام أوالوالى مفتيا فأفتاه ثم بان له خطؤه فحكم المفتى مع الامام حكم المزكين مع الحاكم وان عمل المستفتى بفتواه من غير حكم حاكم ولا إمام فأتلف نفسا أومالا فان كان المفتي اهلا فلا ضمان عليه والضمان على المستفتى وإن لم يكن أهلا فعليه الضمان لقول النبي ص - من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن وهذا يدل على انه اذا عرف منه طب وأخطأ لم يضمن والمفتى اولى بعدم الضمان من الحاكم والامام لان المستفتى مخير بين قبول فتواه وردها فإن قوله لا يلزم يخلاف حكم الحاكم والامام وأما خطأ الشاهد فإما ان يكون شهودا بمال أوطلاق اوعتق أوحد أوقود فإن بان خطؤهم قبل الحكم لم يحكم بذلك وإن بان بعد الحكم (4/226)
باستيفاء القود وقبل استيفائه لم يستوف قطعا وإن بان بعد استيفائه فعليهم دية ما نلف ويتقسط الغرم على عددهم وإن بان خطؤهم قبل الحكم بالمال لغت شهادتهم ولم يضمنوا وإن بان بعد الحكم به نقض حكمه كما لو شهدوا بموت رجل باستفاضة فحكم الحاكم بقسم ميراثه ثم بانت حياته فإنه ينقض حكمه وإن بان خطؤهم في شهادة الطلاق من غير جهتهم كما لو شهدوا انه طلق يوم كذا وكذا وظهر للحاكم انه في ذلك اليوم كان محبوسا لا يصل اليه احد أوكان مغمى عليه فحكم ذلك حكم ما لو بان كفرهم أوفسقهم فإنه ينقض حكمه وترد المرأة الى الزوج ولو تزوجت بغيره بخلاف ما اذا قالوا رجعنا عن الشهاده فان رجوعهم ان كان قبل الدخول ضمنوا نصف المسمى لانهم قرروه عليه ولا تعود اليه الزوجه اذا كان الحاكم قد حكم بالفرقة وان رجعوا بعد الدخول ففيه روايتان احداهما انهم لا يغرمون شيئا لان الزوج استوفي المنفعة بالدخول فاستقر عله عوضها والثانية يغرمون المسمى كله لانهم فوتوا عليه البضع بشهادتهم واصلهما ان خروج البضع من يد الزوج هل هو متقوم أولا واما شهود العتق فإن بان خطؤهم تبينا انه لا عتق وان قالوا رجعنا غرموا للسيد قيمة العبد
الاوضاع التي لا يصح للمفتي ان يفتي وهو متلبس بها
الفائدة الثانية والاربعون ليس للمفتي الفتوى في حال غضب شديد أوجوع فرط أوهم مقلق أوخوف مزعج اونعاس غالب اوشغل قلب مستول عليه أوحال مدافعه الاخبثين بل متى احسن من نفسه شيئا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله وكمال تثبيته وتبينه امسك عن الفتوى فإن افتى في هذه الحالة بالصواب صحت فتياه ولو حكم في مثال هذه الحالة فهل ينفذ حكمه أولا ينفذ فيه ثلاثة اقوال النفوذ وعدمه والفرق بين ان يعرض له الغضب بعد فهم الحكومة فينفذ وبين ان يكون سابقا على فهم الحكومة فلا ينفذ والثلاثة في مذهب الامام احمد رحمه الله تعالى (4/227)
مسائل يرجع فيها المفتى الى العرف
الفائدة الثالثة والاربعون لا يجوز له ان يفتى في الاقرار والايمان والوصايا وغيرها مما يتعلق باللفظ بما اعتاده هو من فهم تلك الالفاظ دون ان يعرف عرف اهلها والمتكلمين بها فيحملها على ما اعتادوه وعرفوه وإن كان مخالفا لحقائقها الاصلية فمتى لم يفعل ذلك ضل وأضل
فلفظ الدينار عند طائفة اسم لثمانية دراهم وعند طائفة اسم لاثني عشر درهما والدرهم عند غالب البلاد اليوم اسم للمغشوش فإذا أقر له بدراهم أوخلف ليعطعنه إياها أوأصدقها امرأة لم يجز للمفتي ولا للحاكم أن يلزمه بالخالصة فلو كان في بلد إنما يعرفون الخالصة لم يجز له أن يلزم المستحق بالمغشوشة
وكذلك في ألفاظ الطلاق والعتاق فلو جرى عرف أهل بلد أوطائفة في استعمالهم لفظ الحرية في العفة دون العتق فإذا قال أحدهم عن مملوكة إنه حر أوجاريته إنها حرة وعادته استعمال ذلك في العفة لم يخطر بباله غيرها لم يعتق بذلك قطعا وإن كان اللفظ صريحا عند من ألف استعماله في العتق وكذلك إذا جرى عرف طائفة في الطلاق بلفظ التسميح بحيث لا يعرفون لهذا المعي غيره فإذا قالت اسمح لي فقال سمحت لك فهذا صريح في الطلاق عندهم وقد تقدم الكلام في الفصل مشبعا
وأنه لا يسوغ ان يقبل تفسير من قال لفلان على مال جليل أوعظيم بدانق أودرهم ونحو ذلك ولا سيما إن كان المقر من الاغنياء المكثرين أوالملوك وكذلك لو أوصى له بقوس في محله لا يعرفون إلا اقواس البندق أوالاقواس العربية أواقواس الرجل أوحلف لا يشم الريحان في محل لا يعرفون الريحان إلا هذا الفارسي أوحلف لا يركب دابة في موضع عرفهم بلفظ الدابة الحمار أوالفرس أوحلف لا يأكل ثمرا في بلد عرفهم في الثمار نوع واحد منها لا يعرفون غيره أوحلف لا يلبس ثوبا في بلد عرفهم في الثباب القمص وحدها دون الاردية والازر والجباب ونحوها تقيدت يمينه بذلك (4/228)
وحده في جميع هذه الصور واختصت بعرفه دون موضوع اللفظ لغة أوفي عرف غيره بل لو قالت المرأة لزوجها الذي لا يعرف التكلم بالعربية ولا يفهمها قل لي انت طالق ثلاثا وهو لا يعلم موضوع هذه الكلمة فقال لها لم تطلق قطعا في حكم الله تعالى ورسوله وكذلك لو قال الرجل لآخر انا عبدك ومملوكك على جهة الخضوع له كما يقوله الناس لم يستبح ملك رقبته بذلك ومن لم يراع المقاصد والنيات والعرف في الكلام فإنه يلزمه ان يجوز له بيع هذا القائل وملك رقبته بمجرد هذا اللفظ
وهذا باب عظيم يقع فيه المفتي الجاهل فيغر الناس ويكذب على الله ورسوله ويغير دينه ويحرم ما لم يحرمه الله ويوجب ما لم يوجبه الله والله المستعان
على المفتي الا يعين علىالمكر والخداع
الفائدة الرابعة والاربعون يحرم عليه اذا جاءته مسالة فيها تحيل على إسقاط واجب أوتحليل محرم أومكر أوخداع ان يعين المستفتى فيها ويرشده الى مطلوبه أويفتيه بالظاهر الذي يتوصل به الى مقصوده بل ينبغي له ان يكون بصيرا بمكر الناس وخداعهم واحوالهم ولا ينبغي له ان يحسن الظن بهم بل يكون حذرا فطنا فقيها بأحوال الناس وأموارهم يوازره فقه في الشرع وإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ وكم من مسألة ظاهرها ظاهر جميل وباطنها مكر وخداع وظلم فالغر ينظر الى ظاهرها ويقضى بجوازه وذو البصيرة ينقد مقصدها وباطنها فالاول يروج عليه زعل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زغل الدارهم والثاني يخرج زيفها كما يخرج الناقد زيف النقود وكم من باطل يخرجه الرجل بحسن لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق وكم من حق يخرجه بتهجينه وسوء تعبيره في صورة باطل ومن له ادنى فطنة وخبرة لا يخفى علهي ذلك بل هذا أغلب احوال الناس ولكثرته وشهرته يستغنى عن الامثلة بل من تأمل المقالات الباطلة والبدع كلها وجدها قد أخرجها اصحابها في قوالب مستحسنة (4/229)
وكسوها ألفاظا يقبلها بها من لم يعرف حقيقتها ولقد احسن القائل ... تقول هذا جناء النحل تمدحه ... وإن تشأ قلت ذا قيئ الزنابير ... مدحا وذما وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير ...
وراى بعض الملوك كأن اسنانه قد سقطت فعبرها له معبر بموت اهله واقاربه فأقصاه وطرده واستدعى آخر فقال له لا عليك تكون اطول اهلك عمرا فاعطاه وأكرمه وقربه فاستوفى المعنى وغير له العبارة واخرج المعنى في قالب حسن
والمقصود انه يحل له ان يفتي بالحيل المحرمة ولا يعين عليها ولا يدل عليها فيضاد الله في امره قال الله تعالى ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين وقال تعالى ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين وقال تعالى يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا انفسهم وما يشعرون وقال تعالى ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وقال تعالى ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله وقال تعالى إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وقال تعالى وما يمكرون إلا بانفسهم وما يشعرون وقال تعالى في حق ارباب الحيل المحرمة ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين
وفي صحيح مسلم عن النبي ص - انه قال ملعون من ضار مسلما أومكر به وقال لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل وقال المكر والخديعة في النار وفي سنن ابن ماجة وغيره عنه ص - ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزئون بآياته طلقتك راجعتك طلقتك راجعتك وفي لفظ خلعتك راجعتك خلعتك راجعتك وفي الصحيحين عنه ص - لعن الله اليهود حرمت (4/230)
عليهم الشحوم فجملوها وباعوها واكلوا اثمانها وقال ايوب السختياني يخادعون الله كما يخادعون الصبيان وقال ابن عباس من يخادع الله يخدعه وقال بعض السلف ثلاث من كن فيه كن عليه المكر والبغي والنكث
وقال تعالى ولا يحيق المكر السيء إلا باهله وقال تعالى إنما بغيكم على انفسكم وقال تعالى ومن نكث فإنما ينكث على نفسه
وقال الامام احمد هذه الحيل التي وضعها هؤلاء عمدوا الى السنن فاحتالوا في نقضها أتوا الى الذي قيل لهم إنه حرام فاحتالوا فيه حتى حللوه وقال ما اخبثهم يعني أصحاب الحيل يحتالون لنقض سنن رسول الله ص - وقال من احتال بحيلة فهو حانث وقال إذا حلف على شئ ثم احتال بحيلة فصار اليها فقد صار الى الذي حلف عليه بعينه وقد تقدم بسط الكلام في هذه المسألة مستوفى فلا حاجة الى إعادته
هل للمفتي اخذ الاجرة والهدية علي فتواه
الفائدة الخامسة والاربعون في أخذ الاجرة والهدية والرزق على الفتوى فيه ثلاث صور مختلفة السبب والحكم
فأما اخذه الاجرة فلا يجوز له لان الفتيا منصب تبليغ عن الله ورسوله فلا تجوز المعاوضة عليه كما لو قال له لا أعلمك الاسلام أوالوضوء أوالصلاة إلا بأجرة فهذا حرام قطعا ويلزمه رد العوض ولا يملكه
وقال بعض المتاخرين إن أجاب بالخط فله ان يقول للسائل لا يلزمني ان اكتب لك خطى إلا بأجرة وله أخذ الاجرة وجعله بمنزلة اجرة الناسخ فإنه يأخذ الاجرة على خطه لا على جوابه وخطه قدر زائد على جوابه
والصحيح خلاف ذلك وأنه يلزمه الجواب مجانا لله بلفظه وخطه ولكن لا يلزمه الورق ولا الحبر (4/231)
وأما الهدية ففيها تفصيل فإن كانت بغير سبب الفتوى كمن عادته بهاديه اومن لا يعرف انه مفت فلا بأس بقبولها والاولى ان يكافئ عليها وإن كانت بسبب الفتوى فإن كانت سببا إلى ان يفتيه بما لا يفتي به غيره ممن لا يهدي له لم يجز له قبول هديته وإن كان لا فرق بينه وبين غيره عنده في الفتيا بل يفتيه بما يفتي به الناس كره له قبول الهدية لانها تشبه المعاوضة على الافتاء
وأما اخذ الرزق من بيت المال فإن كان محتاجا اليه جاز له ذلك وإن كان غنيا عنه ففيه وجهان وهذا فرع متردد بين عامل الزكاة وعامل اليتيم فمن الحقه بعامل الزكاة قال النفع فيه عام فله الاخذ ومن ألحقه بعامل اليتيم منعه من الاخذ وحكم القاضي في ذلك حكم المفتي بل القاضي اولى بالمنع والله اعلم
افتاء المفتي في واقعة افتى فيها قبل ذلك
الفائدة السادسة والاربعون إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة اخرى فإن ذكرها وذكر مستندها ولم يتجدد له ما يوجب تغير اجتهاده افتى بها من غير نظر ولا اجتهاد وإن ذكرها ونسى مستندها فهل له ان يفتي بها دون تجديد نظر واجتهاد فيه وجهان لاصحاب الامام احمد والشافعي احدهما ان يلزمه تجديد النظر لاحتمال تغير اجتهاده وظهور ما كان خافيا عنه والثاني لا يلزمه تجديد النظر لان الاصل بقاء ما كان على ما وإن ظهر له ما يغير اجتهاده لم يجز له البقاء على القول الاول ولا يجب عليه نقضه ولا يكون اختلافه مع نفسه قادحا في علمه بل هذا من كمال علمه وورعه ولأجل هذا خرج عن الائمة في المسألة قولان فأكثر وسمعت شيخنا رحمه الله تعالى يقول حضرت عقد مجلس عند نائب السلطان في وقف افتى فيه قاضي البلد بجوابين مختلفين فقرأ جوابه الموافق للحق فأخرج بعض الحاضرين جوابه الاول وقال هذا جوابك ضد هذا فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة فوجم الحاكم (4/232)
فقلت هذا من علمه ودينه افتى اولا بشئ ثم تبين له الصواب فرجع اليه كما يفتى إمامه بقول ثم يتبين له خلافه فيرجع اليه ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه وكذلك سائر الائمة فسر القاضي بذلك وسرى عنه
إذا صح الحديث فهو مذهب الشافعي حتى ولو خالف قوله
الفائدة السابعة والاربعون قول الشافعي رحمه الله تعالى إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ص - فقولوا بسنة رسول الله ص - ودعوا ما قلته وكذلك قوله إذا صح الحديث عن النبي ص - وقلت انا قولا فانا راجع عن قولى وقائل بذلك الحديث وقوله اذا صح الحديث عن رسول الله ص - فاضربوا بقولى الحائط وقوله إذا رويت حديثا عن رسول الله ص - ولم اذهب اليه فاعلموا ان عقلى قد ذهب وغير ذلك من كلامه في هذا المعنى صريح في مدلوله وأن مذهبه ما دل عليه الحديث لا قول له غيره ولا يجوز ان ينسب اليه ما خالف الحديث ويقال هذا مذهب الشافعي ولا يحل الافتاء بما خالف الحديث على انه مذهب الشافعي ولا الحكم به صرح بذلك جماعة من ائمة اتباعه حتى كان منهم من يقول للقارئ إذا قرأ عليه مسألة من كلامه قد صح الحديث بخلافها اضرب على هذه المسالة فليست مذهبه وهذا هو الصواب قطعا ولو لم ينص عليه فكيف اذا نص عليه وابدى فيه وأعاد وصرح فيه بالفاظ كلها صريحة في مدلولها
فنحن نشهد بالله ان مذهبه وقوله الذي لا قول له سواه ما وافق الحديث دون ما خالفه وان من نسب اليه خلافه فقد نسب اليه خلاف مذهبه ولا سيما إذا ذكر هو ذلك الحديث وأخبر انه إنما خالفه لضعف في سنده أولعدم بلوغه له من وجه يثق به ثم ظهر للحديث سند صحيح لا مطعن فيه وصححه ائمة الحديث من وجوه لم تبلغه فهذا لا يشك عالم ولا يماري في انه مذهبه قطعا وهذا كمسالة الجوائح فإنه علل حديث سفيان بن عيينه بانه كان ربما ترك ذكر الجوائح وقد صح الحديث من غير طريق سفيان صحة لا مرية فيها ولا علة (4/233)
ولا شبهة بوجه فمذهب الشافعي وضع الجوائح وبالله التوفيق
وقد صرح بعض ائمة الشافعيه بان مذهبه ان الصلاة الوسطى صلاة العصر وان وقت المغرب يمتد الى مغيب الشفق وان من مات وعليه صيام صام عنه وليه وان أكل لحوم الابل ينقض الوضوء وهذا بخلاف الفطر بالحجامة وصلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه كذلك فإن الحديث وإن صح في ذلك فليس بمذهبه فإن الشافعي قد رواه وعرف صحته ولكن خالفه لاعتقاده نسخه وهذا شئ وذاك شئ ففي هذا القسم يقع النظر في النسخ وعدمه وفي الاول يقع النظر في صحة الحديث وثقه السند فاعرفه
القول في جواز الافتاء لمن يملك كتب الحديث
الفائدة الثامنة والاربعون إذا كان عند الرجل الصحيحان أواحدهما أوكتاب من سنن رسول الله ص - موثوق بما فيه فهل له ان يفتي بما يجده فيه
رأي المانعين
فقالت طائفة من المتأخرين ليس له ذلك لانه قد يكون منسوخا او له معارض أويفهم من دلالته خلاف ما يدل عليه أويكون امر ندب فيفهم منه الايجاب أويكون عاما له مخصص اومطلقا له مقيد فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسال اهل الفقه والفتيا
رأي المجوزين
وقالت طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله ص - وحدث به بعضهم بعضا بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط هل عمل بهذا فلان وفلان ولو رؤا من يقول ذلك لإنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك (4/234)
الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله ص - لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان لكان قول فلان أوفلان عيارا على السنن ومزكيا لها وشرطا في العمل بها وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الامة وقد امر النبي ص - بتبليغ سنته ودعا لمن بلغها فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الامام فلان والامام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان
قالوا والنسخ الواقع في الاحاديث الذي أجمعت عليه الامة لا يبلغ عشرة احاديث البتة بل ولا شطرها فتقدير وقوع الخطأ في الذهاب الى المنسوخ اقل بكثير من وقوع الخطأ في تقليد من يصيب ويخطئ ويجوز عليه التناقض والاختلاف ويقول ويرجع عنه ويحكى عنه في المسألة الواحدة عدة أقوال ووقوع الخطأ في فهم كلام المعصوم اقل بكثير من وقوع الخطأ في فهم كلام الفقيه المعين فلا يفرض احتمال خطأ لمن عمل بالحديث وافتى به إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن افتى بتقليد من لا يعلم خطؤه من صوابه
القول الفصل
والصواب في هذه المسألة التفصيل فإن كانت دلالة الحديث ظاهرة بينة لكل من سمعه لا يحتمل غير المراد فله ان يعمل به ويفتي به ولا يطلب له التزكية من قول فقيه أوامام بل الحجة قول رسول الله ص - وإن خالفه من خالفه وإن كانت دلالته خفية لا يتبين المراد منها لم يجز له ان يعمل ولا يفتى بما يتوهمه مرادا حتى يسأل ويطلب بيان الحديث ووجهه وإن كانت دلالته ظاهرة كالعام على أفراده والامر على الوجوب والنهي على التحريم فهل له العمل والفتوى به يخرج على الاصل وهو العمل بالظواهر قبل البحث عن المعارض وفيه ثلاثة اقوال في مذهب احمد وغيره الجواز والمنع والفرق بين العام فلا يعمل به قبل البحث عن المخصص والامر والنهي فيعمل به قبل البحث عن المعارض وهذا كله إذا كان ثم نوع اهليه ولكنه قاصر في معرفة الفروع وقواعد الاصوليين والعربية وإذا لم تكن ثمة اهلية قط ففرضه ما قال الله تعالى فاسالوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (4/235)
وقول النبي ص - الا سالوا اذا لم يعلموا إنما شفاء العى السؤال وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه المفتي من كلامه أوكلام شيخه وإن علا وصعد فمن كلام إمامه فلأن يجوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله ص - اولى بالجواز وإذا قدر انه لم يفهم الحديث كما لو لم يفهم فتوى المفتى فيسأل من يعرفه معناه كما يسأل من يعرفه معنى جواب المفتى وبالله التوفيق
الاحوال التي يجوز للمفتي ان يخالف فيها مذهب إمامه
الفائدة التاسعة والاربعون هل للمنتسب الى تقليد امام معين ان يفتي بقول غيره لا يخلو الحال من امرين إما ان يسأل عن مذهب ذلك الامام فقط فيقال له ما مذهب الشافعي مثلا في كذا وكذا أو يسأل عن حكم الله الذي اداه اليه اجتهاده فإن سئل عن مذهب ذلك الامام لم يكن له ان يخبره بغيره إلا على وجه الاضافة اليه وإن سئل عن حكم الله من غير أن يقصد السائل قول فقيه معين فههنا يجب عليه الإفتاء بما هو راجح عنده وأقرب الى الكتاب والسنة من مذهب إمامه أومذهب من خالفه لا يسعه غير ذلك فإن لم يتمكن منه وخاف ان يؤدي الى ترك الافتاء في تلك المسألة لم يكن له ان يفتي بما لا يعلم انه صواب فكيف بما يغلب على ظنه ان الصواب في خلافه ولا يسع الحاكم والمفتي غير هذا البتة فان الله سائلهما عن رسوله وما جاء به لا عن الامام المعين وما قاله وإنما يسال الناس في قبورهم ويوم معادهم عن الرسول ص - فيقال له في قبره ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ولا يسأل أحد قط عن إمام ولا شيخ ولا متبوع غيره بل يسأل عمن اتبعه وائتم به غيره فلينظر بماذا يجيب وليعد للجواب صوابا
وقد سمعت شيخنا رحمه الله يقول جاءني بعض الفقهاء من الحنفية فقال (4/236)
استشيرك في امر قلت ما هو قال اريد ان انتقل عن مذهبي قلت له ولم قال لاني ارى الاحاديث الصحيحة كثيرا تخالفه واستشرت في هذا بعض ائمة اصحاب الشافعي فقال لي لو رجعت عن مذهبك لم يرتفع ذلك من المذهب وقد تقررت المذاهب ورجوعك غير مفيد واشار على بعض مشايخ التصوف بالافتقار الى الله والتضرع اليه وسؤال الهداية لما يحبه ويرضاه فماذا تشير به انت علي قال فقلت له اجعل المذهب ثلاثة اقسام قسم الحق فيه ظاهر بين موافق للكتاب والسنة فاقض به وانت به طيب النفس منشرح الصدر وقسم مرجوح ومخالفة معه الدليل فلا تفت به ولا تحكم به وادفعه عنك وقسم من مسائل الاجتهاد التي الادلة فيها متجاذبة فإن شئت ان تفتي به وإن شئت ان تدفعه عنك فقال جزاك الله خيرا أوكما قال
وقالت طائفة اخرى منهم ابو عمرو بن الصلاح وابو عبد الله بن حمدان من وجد حديثا يخالف مذهبه فان كملت آلة الاجتهاد فيه مطلقا أوفي مذهب امامه أوفي ذلك النوع أوفي تلك المسالة فالعمل بذلك الحديث اولى وان لم تكمل آلته ووجد في قلبه حزازة من مخالفة الحديث بعدان بحث فلم يحد لمخالفته عنده جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل ام لا فإن وجده فله ان يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث ويكون ذلك عذرا له في ترك مذهب إمامه والله اعلم
العمل فيما إذا ترجح للمفتي مذهب غير مذهب إمامه
الفائدة الخمسون هل للمفتي المنتسب الى مذهب امام بعينه ان يفتي بمذهب غيره اذا ترجع عنده فإن كان سالكا سبيل ذلك الامام في الاجتهاد ومتابعة الدليل اين كان وهذا هو المنبع للامام حقيقة فله ان يفتي بما ترجح عنده من قول غيره وإن كان مجتهدا متقيدا بأقوال ذلك الامام لا يعدوها الى غيرها فقد قيل ليس له ان يفتي بغير قول امامه فإن اراد ذلك حكاه عن قائله حكاية محضة (4/237)
والصواب انه اذا ترجح عنده قول غير امامه بدليل راجح فلا بد ان يخرج على اصول امامه وقواعده فان الائمة متفقة على اصول الاحكام ومتى قال بعضهم قولا مرجوحا فأصوله ترده وتقتضي القول الراجح فكل قول صحيح فهو يخرج على قواعد الائمة بلا ريب فإذا تبين لهذا المجتهد المقيد رجحان هذا القول وصحة مأخذه خرج على قواعد إمامه فله ان يفتي به وبالله التوفيق
وقد قال القفال لو ادى اجتهادي الى مذهب ابي حنيفة قلت مذهب الشافعي كذا لكني اقول بمذهب ابي حنيفة لان السائل إنما يسألني عن مذهب الشافعي فلا بد ان اعرفه ان الذي افتيته به غير مذهبه فسألت شيخنا قدس الله روحه عن ذلك فقال اكثر المستفتين لا يخطر بقلبه مذهب معين عند الواقعة التي سال عنها وانما سؤاله عن حكمها وما يعمل به فيها فلا يسع المفتي ان يفتيه بما يعتقد الصواب في خلافه
العمل عند اعتدال رايين عند المفتي
الفائدة الحادية والخمسون إذا اعتدل عند المفتي قولان ولم يترجح له احدهما على الاخر فقال القاضي ابو يعلى له ان يفتي بأيهما شاء كما يجوز له ان يعمل بأيهما شاء وقيل بل يخير المستفتى فيقول له انت مخير بينهما لانه إنما يفتي بما يراه والذي يراه هو التخيير وقيل بل يقتيه بالاحوط من القولين
قلت الاظهر انه يتوقف ولا يفتيه بشئ حتى يتبين له الراجح منهما لان احدهما خطأ فليس له ان يفتيه بما لا يعلم انه صواب وليس له ان يخيره بين الخطأ والصواب وهذا كما إذا تعارض عند الطبيب في امر المريض امران خطأ وصواب ولم يتبين له احدهما لم يكن له ان يقدم على احدهما ولا يخيره وكما لو استشاره في امر فتعارض عنده الخطا والصواب من غير ترجيح لم يكن له ان يشير باحدهما ولا يخيره وكما لو تعارض عنده طريقان مهلكة وموصلة ولم يتبين له طريق الصواب لم يكن له الاقدام ولا التخيير فمسائل الحلال والحرام اولى بالتوقف والله أعلم (4/238)
لا يصح للمفتي ان يفتي بما رجع عنه إمامه
الفائدة الثانية والخمسون اتباع الائمة يفتون كثيرا باقوالهم القديمة التي رجعوا عنها وهذا موجود في سائر الطوائف فالحنفية يفتون بلزوم المنذورات التي مخرجها مخرج اليمين كالحج والصوم والصدقة وقد حكوا هم عن ابي حنيفة أنه رجع قبل موته بثلاثة أيام إلى التكفير والحنابلة يفتي كثير منهم بوقوع طلاق السكران وقد صرح الإمام أحمد بالرجوع عنه إلى عدم الوقوع كما تقدم حكايته والشافعية يفتون بالقول القديم في مسألة التثويب وامتداد وقت المغرب ومسألة التباعد عن النجاسة في الماء الكثير وعدم استحباب قراءة السورة في الركعتين الأخيرتين وغير ذلك من المسائل وهي أكثر من عشرين مسألة ومن المعلوم أن القول الذي صرح بالرجوع عنه لم يبق مذهبا له فإذا أفتى المفتي به مع نصه على خلافه لرجحانه عنده لم يخرجه ذلك عن التمذهب بمذهبه فما الذي يحرم عليه أن يفتي بقول غيره من الأئمة الأربعة وغيرهم إذا ترجح
فإن قيل الأول قد كان مذهبا له مرة بخلاف مالم يقل به قط
قيل هذا فرق عديم التأثير إذ ما قال به وصرح بالرجوع عنه بمنزلة مالم يقله وهذا كله مما يبين أن أهل العلم لا يتقيدون بالتقليد المحض الذي يهجرون لأجله قول كل من خالف من قلدوه
وهذه طريقة ذميمة وخيمة حادثة في الإسلام مستلزمة لأنواع من الخطأ ومخالفة الصواب والله اعلم
لايصح للمفتي أن يفتي بضد لفظ النص
الفائدة الثالثة والخمسون يحرم على المفتي أن يفتي بضد لفظ النص وإن وافق مذهبه
ومثاله أن يسأل عن رجل صلى من الصبح ركعة ثم طلعت الشمس (4/239)
هل يتم صلاته أم لا فيقول لا يتمها ورسول الله ص - يقول فليتم صلاته
ومثل ان يسأل عمن مات وعليه صيام هل يصوم عنه وليه فيقول لا يصوم عنه وليه وصاحب الشرع ص - قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه
ومثل أن يسأل عن رجل باع متاعه ثم أفلس المشتري فوجده بعينه هل هو احق به فيقول ليس أحق به وصاحب الشرع يقول فهو أحق به
ومثل أن يسأل عن رجل أكل في رمضان أوشرب ناسيا هل يتم صومه فيقول لا يتم صومه وصاحب الشرع يقول فليتم صومه
ومثل ان يسأل عن اكل كل ذي ناب من السباع هل هو حرام فيقول ليس بحرام ورسوله ص - يقول أكل كل ذي ناب من السباع حرام
ومثل أن يسأل عن الرجل هل له منع جاره من غرز خشبة في جداره فيقول له أن يمنعه وصاحب الشرع يقول لا يمنعه
ومثل ان يسأل هل تجزي صلاة من لا يقيم صلبه من ركوعه وسجوده فيقول تجزيه صلاته وصاحب الشرع ص - يقول لا تجزيء صلاة لايقيم الرجل فيها صلبه بين ركوعه وسجوده
أويسأل عن مسألة التفضيل بين الأولاد في العطية هل يصح أولا يصح وهل هو جور أم لا فيقول يصح وليس بجور وصاحب الشرع يقول إن هذا لا يصح ويقول لا تشهدني على جور
ومثل أن يسأل عن الواهب هل يحل له أن يرجع في هبته فيقول نعم يحل له أنه يرجع إلى أن يكون والدا أوقرابة فلا يرجع وصاحب الشرع يقول لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد فيما يهب لولده (4/240)
ومثل أن يسأل عن رجل له شرك في أرض أودار أوبستان هل يحل له أن يبيع حصته قبل إعلام شريكه بالبيع وعرضها عليه فيقول نعم يحل له أن يبيع قبل إعلامه وصاحب الشرع يقول من كان له شرك في أرض أوربعة أوحائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه
ومثل أن يسأل عن قتل المسلم بالكافر فيقول نعم يقتل بالكافر وصاحب الشرع يقول لا يقتل مسلم بكافر
ومثل أن يسأل عمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم فهل الزرع له أم لصاحب الأرض فيقول الزرع له وصاحب الشرع يقول من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته
ومثل أن يسأل هل يصح تعليق الولاية بالشرط فيقول لا يصح وصاحب الشرع يقول أميركم زيد فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله ابن رواحة
ومثل أن يسأل هل يحل القضاء بالشاهد واليمين فيقول لا يجوز وصاحب الشرع قضى بالشاهد واليمين
ومثل أن يسأل عن الصلاة الوسطى هل هي صلاة العصر أم لا فيقول ليست العصر وقد قال صاحب الشريعة صلاة الوسطى صلاة العصر
ومثل أن يسأل عن يوم الحج الأكبر هل هو يوم النحر أم لا فيقول ليس يوم النحر وقد قال رسول الله ص - يوم الحج الأكبر يوم النحر
ومثل أن يسأل هل يجوز الوتر بركعة واحدة فيقول لا يجوز الوتر بركعة واحدة وقد قال رسول الله ص - إذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة (4/241)
ومثل أن يسأل هل يسجد في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك الذي خلق فيقول لا يسجد فيهما وقد سجد فيهما رسول الله ص -
ومثل أن يسأل عن رجل عض يد رجل فانتزعها من فيه فسقطت أسنانه فيقول له ديتها وقد قال رسول الله ص - لادية له
ومثل أن يسأل عن رجل اطلع في بيت رجل فخذفه ففقأ عينه هل عليه جناح فيقول نعم عليه جناح وتلزمه دية عينه وقد قال رسول الله ص - إنه لو فعل ذلك لم يكن عليه جناح
ومثل أن يسأل عن رجل اشتري شاة أوبقرة أوناقة فوجدها مصراة فهل له ردها ورد صاع من تمر معها أم لا فيقول لا يجوز له ردها ورد الصاع من التمر معها وقد قال رسول الله ص - إن سخطها ردها وصاعا من تمر
ومثل أن يسأل عن الزاني البكر هل عليه مع الجلد تغريب فيقول لا تغريب عليه وصاحب الشرع يقول عليه جلد مائة وتغريب عام
ومثل أن يسأل عن الخضراوات هل فيها زكاة فيقول يجب فيها الزكاة وصاحب الشرع يقول لازكاة في الخضراوات
أويسأل عما دون خمسة أوسق هل فيه زكاة فيقول نعم تجب الزكاة وصاحب الشرع يقول لا زكاة فيما دون خمسة أوسق
أويسأل عن امرأة أنكحت نفسها بدون إذن وليها فيقول نكاحها صحيح وصاحب الشرع يقول فنكاحها باطل باطل باطل
أويسأل عن المحلل والمحلل له هل يستحقان اللعنة فيقول لا يستحقان اللعنة وقد لعنهما رسول الله ص - في غير وجه (4/242)
أويسأل هل يجوز إكمال شعبان ثلاثين يوما ليلة الإغماء فيقول لا يجوز إكمال ثلاثين يوما وقد قال رسول الله ص - فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما
أويسأل عن المطلقة المبتوتة هل لها نفقة وسكني فيقول نعم لها النفقة والسكنى وصاحب الشرع يقول لا نفقة لها ولا سكني
أويسأل عن الإمام هل يستحب له أن يسلم في الصلاة تسليمتين فيقول يكره ذلك ولا يستحب وقد روى خمسة عشر نفسا عن النبي ص - أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
أويسأل عمن رفع يديه عند الركوع والرفع منه هل صلاته مكروهة أوهي ناقصة فيقول نعم تكره صلاته أوهي ناقصة وربما غلا فقال باطلة وقد روى بضعة وعشرون نفسا عن النبي ص - أنه كان يرفع يديه عند الافتتاح وعند الركوع وعند الرفع منه بأسانيد صحيحة لا مطعن فيها
أويسأل عن بول الغلام الذي لم يأكل الطعام هل يجزي فيه الرش أم يجب الغسل فيقول لا يجزي فيه الرش وصاحب الشرع يقول يرش من بول الغول ورشه هو بنفسه
أويسأل عن التيمم هل يكفي بضربة واحدة إلى الكوعين فيقول لا يكفي ولا يجزيء وصاحب الشرع قد نص على أنه يكفي نصا صحيحا لا مدفع
أويسأل عن بيع الرطب بالتمر هل يجوز فيقول نعم يجوز وصاحب الشرع يسأل عنه فيقول لا آذن (4/243)
أويسأل عن رجل أعتق ستة عبيد لا يملك غيرهم عند موته هل تكمل الحرية في اثنتين منهم أو يعتق من كل واحد سدسه فيقول لا تكمل الحرية ف اثنين منهم وقد أقرع بينهم رسول الله ص - فكمل الحرية في اثتين وأرق أربعة
أويسأل عن القرعة هل هي جائزة أم باطلة فيقول لا بل هي باطلة وهي من أحكام الجاهلية وقد أقرع رسول الله ص - وأمر بالقرعة في غير موضع
أويسأل عن الرجل خلف الصف وحدة هل له صلاة أم لا صلاة له وهل يؤمر بالإعادة فيقول نعم له صلاة ولا يؤمر بالإعادة وقد قال صاحب الشرع لا صلاة صلاة له وأمره بالإعادة
أو يسأل هل للرجل رخصة في ترك الجماعة من غير عذر فيقول نعم له رخصة ورسول الله ص - يقول لا أجد لك رخصة
أويسأل عن رجل أسلف رجلا ماله وباعه سلعة هل يحل ذلك فيقول نعم يحل ذلك وصاحب الشرع يقول لا يحل سلف وبيع
ونظائر ذلك كثيرة جدا وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله ص - برأي أوقياس أواستحسان أوقول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فعل ذلك وينكرون على من يضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم وبالتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أوقياس أويوافق قول فلان وفلان بل كانوا عاملين بقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وبقول تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينم (4/244)
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلمون تسليما ويقوله تعالى اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون وأمثالها فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم ثبت عن النبي ص - أنه قال كذا وكذا يقول من قال بهذا ويجعل هذا دفعا في صدر الحديث أويجعل جهله بالقائل به حجة له في مخالفتة وترك العمل به ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله ص - بمثل هذا الجهل وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة الله ص - وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان
ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال لا نعمل بحديث رسول الله ص - حتى نعرف من عمل به فإن جهل من بلغه الحديث من عمل به لم يحل له أن يعمل به كما يقول هذا القائل
على المفتي ألا يتأول النصوص تأويلا فاسدا
الفائدة الخامسة والخمسون إذا سئل عن تفسير آية من كتاب الله أوسنة رسول الله ص - فليس له أن يخرجها عن ظاهرها بوجوه التأويلات الفاسدة لموافقة نحلته وهواه ومن فعل ذلك استحق المنع من الإفتاء والحجر عليه وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به أئمة الإسلام قديما وحديثا
قال أبو حاتم الرازي حدثني يونس بن عبد الأعلى قال قال لي محمد بن إدريس الشافعي الأصل قرآن أو سنة فإن لم يكن فقياس عليهما وإذا اتصل الحديث عن رسول الله ص - وصح الإسناد به فهو المنتهي (4/245)
والإجماع أكبر من الخبر الفرد والحديث على ظاهرة وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهرة أولاها به فإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولاها وليس المنقطع بشيء ماعدا منقطع سعيد بن المسيب ولا يقاس أصل على أصل ولا يقال لأصل لم وكيف وإنما يقال للفرع لم فإذا صح قياسه على الأصل صح قامت وقاست به الحجة رواه الأصم عن ابن أبي حاتم
وقال أبو المعالي الجويني في الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية ذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى والذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقد اتباع سلف الأمة فالأولى الاتباع وترك الابتداع والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة وهو مستند معظم الشريعة وقد درج صحب الرسول ص - ورضى عنهم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها وهم صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها ولو كان تأويل هذه الظواهر مسوغا أو محتوما لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين لهم على الإضراب عن التأويل كان ذلك قاطعا بأنه الوجه المتبع فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزيه الباري عن صفات المحدثين ولا يخوض في تأويل المشكلات ويكل معناها الى الرب تعالى وعند إمام القراء وسيدهم الوقوف على قوله تعالى وما يعلم تأويله إلا الله من العزائم ثم الابتداء بقوله والراسخون في العلم يقولون امنا به
ومما استحسن من كلام مالك انه سئل عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى كيف استوى فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول (4/246)
والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فلتجر اية الاستواء والمجىء وقوله لما خلقت بيدي وقوله ويبقى وجه ربك وقوله تجري بأعيننا وما صح من اخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا انتهى كلامه
وقال ابو حامد الغزالي الصواب للخلف سلوك مسلك السلف في الإيمان المرسل والتصديق المجمل وما قاله الله ورسوله بلا بحث وتفتيش
وقال في كتاب التفرقة الحق الاتباع والكف عن تغيير الظاهر رأسا والحذر عن اتباع تأويلات لم يصرح بها الصحابة وحسم باب السؤال رأسا والزجر عن الخوض في الكلام والبحث الى ان قال ومن الناس من يبادر الى التأويل ظنا لا قطعا فإن كان فتح هذا الباب والتصريح به يؤدي الى تشويش قلوب العوام بدع صاحبه وكل ما لم يؤثر عن السلف ذكره وما يتعلق من هذا الجنس بأصول العقائد المهمة فيجب تكفير من يغير الظواهر بغير برهان قاطع
وقال ايضا كل ما لم يحتمل التأويل في نفسه وتواتر نقله ولم يتصور ان يقوم على خلافه برهان فمخالفته تكذيب محض وما تطرق اليه احتمال تأويل ولو بمجاز بعيد فإن كان برهانه قاطعا وجب القول به وإن كان البرهان يفيد ظنا غالبا ولا يعظم ضرره في الدين فهو بدعة وإن عظم ضرره في الدين فهو كفر
قال ولم تجر عادة السلف بهذه المجادلات بل شددوا القول على من يخوض في الكلام ويشتغل بالبحث والسؤال
وقال ايضا الإيمان المستفاد من الكلام ضعيف والإيمان الراسخ إيمان العوام الحاصل في قلوبهم في الصبا بتواتر السماع وبعد البلوغ بقرائن يتعذر التعبير عنها
قال وقال شيخنا ابو المعالي يحرص الإمام ما امكنه على جمع عامة الخلق على سلوك سبيل السلف في ذلك انتهى (4/247)
وقد اتفقت الأئمة الأربعة على ذم الكلام وأهله وكلام الإمام الشافعي ومذهبه فيهم معروف عند جميع اصحابه وهو انهم يضربون ويطاف بهم في قبائلهم وعشائرهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واقبل على الكلام
وقال لقد اطلعت من اهل الكلام على شيء ما كنت اظنه وقال لأن يبتلي العبد بكل شيء نهى عنه غير الكفر أيسر من أن يبتلي بالكلام وقال لحفص الفرد أنا أخالفك في كل شيء حتى في قول لا إله إلا الله أنا أقول لا إله إلا الله الذي يرى في الاخرة والذي كلم موسى تكليما وأنت تقول لا إله إلا الله الذي لا يرى في الآخرة ولا يتكلم
وقال البيهقي في مناقبه ذكر الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن علية فقال أنا مخالف له في كل شيء وفي قوله لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى من وراء حجاب وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاما أسمعه موسى من وراء حجاب
وقال في أول خطبة رسالته الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به الواصفون من خلقه وهذا تصريح بأنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه تعالى وأنه يتعالى ويتنزه عما يصفه به المتكلمون وغيرهم مما لم يصف به نفسه
وقال أبو نصر أحمد بن محمد بن خالد السجزي سمعت أبي يقول قلت لأبي العباس بن سريج ما التوحيد فقال توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتوحيد أهل الباطل الخوض في (4/248)
الأعراض والأجسام إنما بعث رسول الله ص - بإنكار ذلك
وقال بعض أهل العلم كيف لا يخشى الكذب على الله ورسوله من يحمل كلامه على التأويلات المستنكرة المجازات المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أولى منها بالبيان والهداية وهل يأمن على نفسه أن يكون ممن قال الله فيهم ولكم الويل مما تصفون قال الحسن هي والله لكل واصف كذبا إلى يوم القيامة وهل يأمن أن يتناوله قوله تعالى وكذلك نجزي المفترين قال ابن عيينة هي لكل مفتر من هذه الأمة إلى يوم القيامة وقد نزه سبحانه نفسه عن كل ما يصفه به خلقه إلا المرسلين فإنهم إنما يصفونه بما أذن لهم أن يصفوه به فقال تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين وقال تعالى سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين ويكفي المتأولين كلام الله ورسوله بالتأويلات التي لم يردها ولم يدل عليها كلام الله أنهم قالوا برأيهم على الله وقدموا آراءهم على نصوص الوحي وجعلوها عيارا على كلام الله ورسوله ولو علموا أي باب شر فتحوا على الأمة بالتأويلات الفاسدة وأي بناء للإسلام هدموا بها وأي معاقل وحصون استباحوها لكان أحدهم أن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتعاطى شيئا من ذلك فكل صاحب باطل قد جعل ما تأوله المتأولون عذرا له فيما تأوله هو وقال ما الذي حرم على التأويل وأباحه لكم فتأولت الطائفة المنكرة للمعاد نصوص المعاد وكان تأويلهم من جنس تأويل منكرى الصفات بل أقوى منه لوجوه عديدة يعرفها من وازن يبن التأويلين وقالوا كيف نحن نعاقب على تأويلنا وتؤجرون أنتم على تأويلكم قالوا ونصوص الوحي بالصفات أظهر وأكثر من نصوصه بالمعاد ودلالة النصوص عليها أبين فكيف يسوغ تأويلها بما يخالف ظاهرها ولا يسوغ لنا تأويل نصوص المعاد وكذلك فعلت الرافضة في أحاديث فضائل الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضى الله عنهم وكذلك فعلت المعتزلة في تأويل أحاديث الرؤية (4/249)
والشفاعة وكذلك القدرية في نصوص القدر وكذلك الحرورية وغيرهم من الخوارج في النصوص التي تخالف مذاهبهم وكذلك القرامطة والباطنية طردت الباب وطمت الوادي على القرى وتأولت الدين كله فأصل خراب الدين والدنيا إنما هو من التأويل الذي لم يرده الله ورسوله بكلامه ولادل عليه أنه مراده وهل اختلف الأمم على أنبيائهم إلا بالتأويل وهل وقعت في الأمة فتنة كبيرة أوصغيره إلا بالتأويل فمن بابه دخل إليها وهل أريقت دماء المسلمين في الفتن إلا بالتأويل
فساد الأديان بالتأويل
وليس هذا مختصا بدين الإسلام فقط بل سائر أديان الرسل لم تزل على الاستقامة والسداد حتى دخلها التأويل فدخل عليها من الفساد مالا يعلمه إلا رب العباد
وقد توراثت البشارات بصحة نبوة محمد ص - في الكتب المتقدمة ولكن سلطوا عليها التأويلات فأفسدوها كما أخبر سبحانه عنهم من التحريف والتبديل والكتمان فالتحريف تحريف المعاني بالتأويلات التي لم يردها المتكلم بها والتبديل تبديل لفظ لفظ آخر والكتمان جحده وهذه الأدواء الثلاثة منها غيرت الأديان والملل وإذا تأملت دين المسيح وجدت النصارى إنما تطرقوا إلى إفساده بالتأويل بما لا يكاد يوجد قط مثله في شيء من الأديان ودخلوا إلى ذلك من باب التأويل وكذلك زنادقه الأمم جميعهم إنما تطرقوا إلى إفساد ديانات الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بالتأويل ومن بابه دخلوا وعلى أساسه بنوا وعلى نقطه خطوا
البواعث المؤدية إلى التأويل
والمتأولون أصناف عديدة بحسب الباعث لهم على التاويل وبحسب (4/250)
تصور أفهامهم ووفورها وأعظمهم توغلا في التأويل الباطل من فسد قصده وفهمه فكلما ساء قصده وقصر فهمه كان تأويله أشد انحرافا فمنهم من يكون تأويله لنوع هوى من غير شبهة بل يكون على بصيرة من الحق ومنهم من يكون تأويله لنوع شبهة عرضت له أخفت عليه الحق ومنهم من يكون تأويله لنوع هدى من غير شبهة بل يكون على بصيرة من الحق ومنهم من يجتمع له الأمران الهوى في القصد والشبهة في العلم
نتائج التأويل
وبالجملة فافتراق أهل الكتابين وافتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إنما أوجبه التأويل وإنما أريقت دماء المسلمين يوم الجمل وصفين والحرة وفتنة ابن الزبير وهلم جرا بالتأويل وإنما دخل أعداء الإسلام من المتفلسفة والقرامطة والباطنية والإسماعلية والنصيرية من باب التأويل فما امتحن الإسلام بمحنة قط إلا وسببها التأويل فإن محنته إما من المتأولين وإما أن يسلط عليهم الكفار بسبب ما ارتكبوا من لتأويل وخالفوا ظاهر التنزيل وتعللوا بالأباطيل فما الذي أراق دماء بني جذيمة وقد أسلموا غير التأويل حتى رفع رسول الله ص - يديه وتبرأ إلى الله من فعل المتأول بقتلهم وأخذ أموالهم وما الذي أوجب تأخر الصحابة رضى الله عنهم يوم الحديبية عن موافقة رسول الله ص - غير التأويل حتى اشتد غضبه لتأخرهم عن طاعته حتى رجعوا عن ذلك التأويل وما الذي سفك دم أمير المؤمنين عثمان ظلما وعدوانا وأوقع الأمة فيما أوقعها فيه حتى الآن غير التأويل وماالذي سفك دم علي رضى الله عنه وابنه الحسين وأهل بيته رضى الله تعالى عنهم غير التأويل وماالذي أراق دم عمار بن ياسر وأصحابه غير التأويل وماالذي أرق دم ابن الزبير وحجر بن عدي وسعيد بن جبير وغيرهم من سادات الأمة غير التأويل وما الذي اريقت عليه دماء العرب في فتنة أبي مسلم غير التأويل (4/251)
وما الذي جرد الإمام أحمد بين العقابين وضرب السياط حتى عجت الخليقة إلى ربها تعالى غير التأويل وما الذي قتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي وخلد خلقا من العلماء في السجون حتى ماتوا غير التأويل وما الذي سلط سيوف التتار على دار الإسلام حتى ردوا أهلها غير التأويل وهل دخلت طائفة الإلحاد من أهل الحلول والاتحاد إلا من باب التأويل وهل فتح باب التأويل إلا مضادة ومناقضة لحكم الله في تعليمه عباده البيان الذي امتن الله في كتابه على الإنسان بتعليمه إياه فالتأويل بالألغاز والأحاجي والأغلوطات أولى منه بالبيان والتبيين وهل فرق بين دفع حقائق ما أخبرت به الرسل عن الله وأمرت به بالتأويلات الباطلة المخالفة له وبين رده وعدم قبوله ولكن هذا رد جحود ومعاندة وذاك رد خداع ومصانعة
قال ابو الوليد بن رشد المالكي في كتابه المسمى ب الكشف عن مناهج الأدلة وقد ذكر التأويل وجنايته على الشريعة إلى أن قال فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه وهؤلاء أهل الجدل والكلام وأشد ما عرض على الشريعة من هذا الصنف أنهم تأولوا كثيرا مما ظنوه ليس على ظاهره وقالوا إن هذا التأويل هو المقصود به وإنما أمر الله به في صورة المتشابه ابتلاء لعباده واختبارا لهم ونعوذ بالله من سوء الظن بالله بل نقول إن كتاب الله العزيز إنما جاء معجزا من جهة الوضوح والبيان فما أبعد من مقصد الشارع من قال فيما ليس بمتشابه إنه متشابه ثم أول ذلك المتشابه بزعمه وقال لجميع الناس إن فرضكم هو اعتقاد هذا التأويل مثل ما قالوه في آية الاستواء على العرش وغير ذلك مما قالوا إن ظاهره متشابه ثم قال وبالجملة فأكثر التأويلات التي زعم القائلون بها أنها المقصود من الشرع إذا تأملت وجدت ليس يقوم عليها برهان
مثل من أول شيئامن الشرع
إلى أن قال ومثال من أول شيئا من الشرع وزعم أن ما أوله هو الذي (4/252)
قصده الشرع مثال من أتى إلى دواء قد ركبه طبيب ماهر ليحفظ صحة جميع الناس أوأكثرهم فجاء رجل فلم يلائمه ذلك الدواء الأعظم لرداءة مزاج كان به ليس يعرض إلا للأقل من الناس فزعم أن بعض تلك الأدوية التي صرح باسمها الطبيب الأول في ذلك الدواء العام المنفعة لم يرد به ذلك الدواء العام الذي جرت العادة في اللسان أن يدل بذلك الاسم عليه وإنما اراد به دواء آخر مما يمكن أن يدل عليه بذلك باستعارة بعيدة فأزال ذلك الدواء الأول من ذلك المركب الأعظم وجعل فيه بدله الدواء الذي ظن أنه قصده الطبيب وقال للناس هذا هوالذي قصده الطبيب الأول فاستعمل الناس ذلك الدواء المركب على الوجه الذي تأوله عليه هذا المتأول ففسدت أمزجه كثير من الناس فجاء آخرون فشعروا بفساد أمزجه الناس من ذلك الدواء المركب فراموا إصلاحه بأن بدلوا بعض أدويته بدواء آخر غير الدواء الأول فعرض من ذلك للناس نوع من المرض غير النوع الأول فجاء ثالث فتأول في ادوية ذلك المركب غير التأويل الأول والثاني فعرض للناس من ذلك نوع ثالث من المرض غير النوعين المتقدمين فجاء متأول رابع فتأول دواء آخر غير الأدوية المتقدمة فعرض منه للناس نوع رابع من المرض غير الأمراض المتقدمة فلما طال الزمان بهذا الدواء المركب الأعظم وسلط الناس التأويل على أدويتة وغيروها وبدلوها عرض منه للناس أمراض شتى حتى فسدت المنفعة المقصود بذلك الدواء المركب في حق أكثر الناس وهذه هي حالة الفرق الحادثة في هذه الشريعة مع الشريعة وذلك أن كل فرقة منهم تأولت غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى وزعمت أنه هو الذي قصده صاحب الشرع حتى تمزق كل ممزق وبعد جدا عن موضوعه الأول ولما علم صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته قال ص - ستفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله
وأنت إذا تأملت ما عرض في الشريعة في هذا الوقت من الفساد (4/253)
العارض فيها من قبل التأويل تبينت ان هذا المثال صحيح
واول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج ثم المعتزلة بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية ثم جاء ابو حامد فطم الوادي على القرى هذا كلامه بلفظه
ولو ذهبنا نستوعب ما جناه التأويل على الدنيا والدين ومانال الأمم قديما وحديثا بسببه من الفساد لاستدعى ذلك عدة اسفار والله المستعان
اطمئنان قلب المستفتي قبل العمل بالفتوى
الفائدة السادسة والخمسون لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي اذا لم تطمئن نفسه وحاك في صدره من قبوله وتردد فيها لقوله ص استفت نفسك وإن افتاك الناس وافتوك فيجب عليه ان يستفتي نفسه اولا ولا تخلصه فتوى المفتي من الله اذا كان يعلم ان الأمر في الباطن بخلاف ما افتاه كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك كما قال النبي ص من قضيت له بشيء من حق اخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من نار والمفتي والقاضي في هذا سواء ولا يظن المستفتي ان مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه اذا كان يعلم ان الأمر بخلافه في الباطن سواء تردد أوحاك في صدره لعلمه بالحال في الباطن أولشكه فيه أولجهله به أولعلمه جهل المفتي أومحاباته في فتواه أوعدم تقييده بالكتاب والسنة أولأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه وسكون النفس إليها فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتى يسأل ثانيا وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة فإن لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة
العمل إذا وجد مفتيان أحدهما أعلم من الآخر
فإن كان في البلد مفتيان أحدهما أعلم من الآخر فهل يجوز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل فيه قولان للفقهاء وهما وجهان لأصحاب الشافعي وأحمد (4/254)
فمن جوز ذلك رأى أنه يقبل قوله إذا كان وحده فوجود من هو أفضل منه لا يمنع من قبول قوله كالشاهد ومن منع استفتاء قال المقصود حصول ما يغلب على الظن الإصابة وغلبة الظن بفنوى الأعلم أقوى فيتعين والحق التفصيل بأن المفضول إن ترجح بديانة أوورع أوتحر للصواب وعدم ذلك الفاضل فاستفتاء المفضول جائز إن لم يتعين وإن استويا فاستفتاء الأعلم أولى والله أعلم
ترجمة كلام المفتي والستفتي
الفائدة السابعة والخمسون إذا لم يعرف المفتي لسان السائل أولم يعرف المستفتي لسان المفتي أجزأ ترجمة واحد بينهما لأنه خبر محض فيكتفي فيه بواحد كأخبار الديانات والطب وطرد هذا الاكتفاء بترجمة الواحد في الجرح التعديل والرسالة والدعوى والإقرار والإنكار بين يدي الحاكم والتعريف في إحدى الروايتين وهي مذهب ابي حنيفة واختارها أبو بكر إجراء لها مجرى الخبر والرواية الثانية لا يقبل في هذه المواضع أقل من اثتين إجراء لها مجرى الشهادة وسلوكا بها سبيلها لأنها تثبت الإقرار عند الحاكم وتثبت عدالة الشهود وجرحهم فافتقرت إلى العدد كما لو شهد على إقراره شاهد واحد فإنه لا يكتفي به وهذا بخلاف ترجمة الفتوى والسؤال فغنه خبر محض فافترقا
العمل في سؤال يحتمل صورا عديدة
الفائدة الثامنة والخمسون إذا كان السؤال محتملا محملا لصور عديدة فإن لم يعلم المفتي الصورة المسئول عنها لم يجب عن صورة واحدة منها وإن علم الصورة المسئول عنها فله أن يخصها بالجواب ولكن يقيد لئلا يتوهم أن الجواب عن غيرها فيقول إن كان الأمر كيت وكيت أوكان المسئول عنه كذا وكذا فالجواب كذا وكذا وله أن يفرد كل صورة بجواب فيفصل الأقسام المحتملة ويذكر حكم كل قسم ومنع بعضهم من ذلك لوجهين أحدهما انه ذريعة إلى تعليم الحيل وفتح باب لدخول المستفتي وخروجه من حيث شاء الثاني أنه سبب لازدحام أحكام تلك الأقسام على فهم العامي فيضيع مقصودة والحق التفصيل فيكره حيث استلزم ذلك ولا يكره بل يستحب إذا كان فيه زيادة (4/255)
إيضاح وبيان وإزالة لبس وقد فصل النبي ص - في كثير من أجوبته بقوله إن كان كذا فالامر كذا كقوله في الذي وقع على جارية امرأته إن كان استكرهها فهى حرة وعليه لسيدتها مثلها وإن كانت مطاوعة فهى له وعليه لسيدتها مثلها وهذا كثير في فتاويه ص -
على المفتي ان يكون حذرا فطنا
الفائدة التاسعة والخمسون وهي مما ينبغي التفطن له إن رأى المفتي خلال السطور بياضا يحتمل أن يلحق به ما يفسد الجواب فليحترز منه فربما دخل من ذلك عليه مكروه فإما أن يأمر بكتابة غير الورقة وإما أن يخط على البياض أويشغله بشئ كما يحترز منه كتاب الوثائق والمكاتيب
وبالجملة فليكن حذرا فطنا ولا يحسن ظنه بكل أحد وهذا الذي حمل بعض المفتين على أنه كان يقيد السؤال عنده في ورقة ثم يجيب في ورقة السائل ومنهم من كان يكتب السؤال في ورقة من عنده ثم يكتب الجواب وليس شئ من ذلك بلازم والاعتماد على قرائن الاحوال ومعرفة الواقع والعادة
على المفتي ان يشاور الثقة
الفائدة الستون إن كان عنده من يثق بعلمه ودينه فينبغي له ان يشاوره ولا يستقل بالجواب ذهابا بنفسه وارتفاعا بها ان يستعين على الفتاوي بغيره من أهل العلم وهذا من الجهل فقد أثنى الله سبحانه على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم وقال تعالى لنبيه ص - وشاورهم في الامر وقد كانت المسألة تنزل بعمر بن الخطاب رضى الله عنه فيستشير لها من حضر من الصحابة وربما جمعهم وشاورهم حتى كان يشاور ابن عباس رضى الله عنهما وهو إذا ذاك أحدث القوم سنا وكان يشاور عليا كرم الله وجهه وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ولا سيما إذا قصد بذلك تمرين أصحابه وتعليمهم وشخذ أذهانهم قال البخاري في صحيحه باب إلقاء (4/256)
العالم المسألة على أصحابه وأولى ما ألقى عليهم المسألة التي سئل عنها هذا ما لم يعارض ذلك مفسدة من إفشاء سر السائل أوتعريضه للأذى أومفسدة لبعض الحاضرين فلا ينبغي له ان يرتكب ذلك وكذلك الحكم في عابر الرؤيا فالمفتي والمعبر والطبيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطلع عليه غيرهم فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره
على المفتي ان يكثر الدعاء لنفسه بالتوفيق
الفائدة الحادية والستون حقيق بالمفتي ان يكثر الدعاء بالحديث الصحيح اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم
وكان شيخنا كثير الدعاء بذلك وكان إذا اشكلت عليه المسائل يقول يا معلم ابراهيم علمني ويكثر الاستعانة بذلك اقتداء بمعاذ بن جبل رضى الله عنه حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي عند موته وقد رآه يبكي فقال والله ما أبكى على دنيا كنت اصيبها منك ولكن أبكي على العلم والايمان اللذين كنت اتعلمهما منك فقال معاذ بن جبل رضى الله عنه إن العلم والايمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما اطلب العلم عند أربعة عند عويمر أبي الدرداء وعند عبد الله بن مسعود وابي موسى الاشعري وذكر الرابع فإن عجز عنه هؤلاء فسائر اهل الارض عنه أعجز فعليك بمعلم ابراهيم صوات الله عليه
وكان بعض السلف يقول عند الافتاء سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
وكان مكحول يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وكان مالك يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم وكان بعضهم يقول رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وكان بعضهم يقول اللهم وفقني واهدني وسددني واجمع لي بين الصواب والثواب واعذني من الخطأ (4/257)
والحرمان وكان بعضهم يقرأ الفاتحة وجربنا نحن ذلك فرأيناه من أقوى اسباب الاصابة
والمعول في ذلك كله على حسن النية وخلوص القصد وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الاول معلم الرسل والانبياء صلوات الله وسلامه عليهم فإنه لا يرد من صدق في التوجه اليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم فإذا صدقت نيته ورغبته في ذلك لم يعدم أجرأ إن فاته أجران والله المستعان
وسئل الامام احمد فقيل له ربما اشتد علينا الامر من جهتك فلمن نسأل بعدك فقال سلوا عبد الوهاب الوراق فإنه أهل ان يوفق للصواب واقتدى الامام احمد بقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه اقتربوا من افواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون فإنهم تجلى لهم امور صادقة وذلك لقرب قلوبهم من الله وكلما قرب القلب من الله زالت عنه معارضات السوء وكان نور كشفه للحق أتم وأقوى وكلما بعد عن الله كثرت عليه المعارضات وضعف نور كشفه للصواب فإن العلم نور يقذفه الله في القلب يفرق به العبد بين الخطأ والصواب
وقال مالك للشافعي رضى الله عنهما في اول ما لقيه إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية وقد قال تعالى يا ايها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ومن الفرقان النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل وكلما كان قلبه اقرب الى الله كان فرقانه اتم وبالله التوفيق
لا تتوقف الفتوى على غرض السائل
الفائدة الثانية والستون قد تكرر لكثير من اهل الافتاء الامساك عما يفتون به مما يعلمون انه الحق إذا خالف غرض السائل ولم يوافقه وكثير منهم يسألة عن غرضه فإن صادفه عنده كتب له وإلا دله على مفت أومذهب يكون غرضه عنده وهذا غير جائز على الاطلاق بل لا بد فيه من تفصيل فإن (4/258)
كان المسئول عنه من مسائل العلم والسنة أومن المسائل العلميات التي فيها نص عن رسول الله ص - لم يسع المفتى تركه الى غرض السائل بل لا يسعه توقفه في الافتاء به على غرض السائل بل ذلك إثم عظيم وكيف يسعه من الله ان يقدم غرض السائل على الله ورسوله وإن كانت المسألة من المسائل الاجتهادية التي يتجاذب اعنتها الاقوال والاقيسة فإن لم يترجح له قول منها لم يسع له ان يترجح لغرض السائل وإن ترجح له قول منها وظن انه الحق فأولى بذلك فإن السائل إنما يسأل عما يلزمه في الحكم ويسعه عند الله فإن عرفه المفتي أفتاه به سواء وافق غرضه أوخالفه ولا يسعه ذلك ايضا إذا علم ان السائل يدور على من يفتيه بغرضه في تلك المسألة فيجعل استفتاءه تنفيذا لغرضه لا تعبد الله بأداء حقه ولا يسعه ان يدله على غرضه اين كان بل ولا يجب عليه ان يفتي هذا الضرب من الناس فإنهم لا يستفتون ديانه وانما يستفتون توصلا الى حصول أغراضهم بأي طريق اتفق فلا يجب على المفتي مساعدتهم فإنهم لا يريدون الحق بل يريدون اغراضهم باي طريق وافق لهذا إذا وجدوا أغراضهم في أي مذهب اتفق اتبعوه في ذلك الموضع وتمذهبوا به كما يفعله ارباب الخصومات بالدعاوي عند الحكام ولا يقصد احدهم حاكما بعينه بل أي حاكم نفذ غرضه عنده صار اليه
وقال شيخنا رحمه الله مرة انا مخير بين إفتاء هؤلاء وتركهم فإنهم لا يستفتون للدين بل لو صولهم إلى أغراضهم حيث كانت ولو وجدوها عند غيري لم يجيئوا الى بخلاف من يسأل عن دينه وقد قال الله تعالى لنبيه ص - في حق من جاءه يتحاكم اليه لاجل غرضه لا لالتزامه لدينه ص - من اهل الكتاب فإن جاؤك فاحكم بينهم أواعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا فهؤلاء لما لم يلتزموا دينه لم يلزمه الحكم بينهم والله تعالى اعلم
روح الفتوى الدليل عليها
الفائدة الثالثة والستون عاب بعض الناس ذكر الاستدلال في الفتوى (4/259)
وهذا العيب اولى بالعيب بل جمال الفتوى وروحها هو الدليل فكيف يكون ذكر كلام الله ورسوله وإجماع المسلمين وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم والقياس الصحيح عيبا وهل ذكر قول الله ورسوله إلا طراز الفتاوي وقول المفتي ليس بموجب للاخذ به فإذا ذكر الدليل فقد حرم على المستفتي ان يخالفه وبرئ هو من عهدة الفتوى بلا علم
وقد كان رسول الله ص - يسأل عن المسألة فيضرب لها الامثال ويشبهها بنظائرها هذا وقوله وحده حجة فما الظن بمن ليس قوله بحجة ولا يجب الاخذ به واحسن أحواله وأعلاها ان يسوغ له قبول قوله وهيهات أن يسوغ بلا حجة وقد كان أصحاب رسول الله ص - إذا سئل احدهم عن مسألة افتى بالحجة نفسها فيقول قال الله كذا وقال رسول الله ص - كذا أوفعل كذا فيشفى السائل ويبلغ القائل وهذا كثير جدا في فتاويهم لمن تأملها ثم جاء التابعون والائمة بعدهم فكان أحدهم يذكر الحكم ثم يستدل عليه وعلمه يأبى ان يتكلم بلا حجة والسائل يأبى قبول قوله بلا دليل ثم طال الامد وبعد العهد بالعلم وتقاصرت الهمم الى ان صار بعضهم يجيب بنعم أولا فقط ولا يذكر للجواب دليلا ولا مأخذا ويعترف بقصورة وفضل من يفتى بالدليل ثم نزلنا درجة أخرى الى ان وصلت الفتوى الى عيب من يفتى بالدليل وذمه ولعله ان يحدث للناس طبقة اخرى لا يدري ما حالهم في الفتاوي والله المستعان
للمفتي ان يقلد الميت اذا علمت عدالتة
الفائدة الرابعة والستون هل يجوز للمفتي تقليد الميت اذا علم عدالته وانه مات عليها من غير ان يسأل الحي فيه وجهان لاصحاب احمد والشافعي اصحهما له ذلك فإن المذاهب لا تبطل بموت اصحابها ولو بطلت بموتهم لبطل ما بأيدي الناس من الفقه عن ائمتهم ولم يسغ لهم تقليدهم والعمل بأقوالهم وايضا لو بطلت اقوالهم بموتهم لم يعتد بهم في الاجماع والنزاع ولهذا لو شهد الشاهدان ثم ماتا بعد الاداء وقبل الحكم بشهادتهما لم تبطل شهادتهما وكذلك (4/260)
الراوي لاتبطل روايته بموته فكذلك المفتي لا تبطل فتواه بموته ومن قال تبطل فتواه بموته قال أهليته زالت بموته ولو عاش لوجب عليه تجديد الاجتهاد ولأنه قد يتغير اجتهاده وممن حكى الوجهين في المفتى أبو الخطاب فقال إن مات المفتى قبل عمل المستفتى فله العمل بها وقيل لا يعمل بها والله أعلم
هل للمستفتي ان يكرر العمل بالفتوى إذ تكرر السبب
الفائدة الخامسة والستون إذا استفتاه عن حكم حادثة فأفتاه وعمل بقوله ثم وقعت له ثانية فهل له مرة أن يعمل بتلك الفتوى الأولى أم يلزمه الاستفتاء مرة ثانية فيه وجهان لأصحاب أحمد والشافعي فمن لم يلزمه بذلك قال الأصل بقاء ما كان فله أن يعمل بالفتوى وإن أمكن تغير اجتهاده كما أن له أن يعمل بها بعد مدة من وقت الإفناء وإن جاز تغير اجتهاده ومن منعه من ذلك قال ليس على ثقة من بقاء المفتي على اجتهاده الاول فلعله أن يرجع عنه فيكون المستفتى قد عمل بما هو خطأ عند من استفتاه ولهذا رجح بعضهم العمل بقول الميت على قول الحي واحتجوا بقول ابن مسعود من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة
استفتاء الاعلم والادين
الفائدة السادسة والستون هل يلزم المستفتي ان يجتهد في أعيان المفتين ويسأل الاعلم والادين ام لا يلزمه ذلك فيه مذهبان كما سبق وبينا مأخذهما والصحيح انه يلزمه لانه المستطاع من تقوى الله تعالى المأمور بها كل احد وتقدم انه اذا اختلف عليه مفتيان احدهما اورع والاخر أعلم فأيهما يجب تقليده فيه ثلاثة مذاهب سبق توجيهها
القول في التمذهب بمذهب معين
وهل يلزم العامي ان يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة ام لا فيه مذهبان احدهما لا يلزمه وهو الصواب المقطوع به إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله (4/261)
ورسوله ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة فيقلده دينه دون غيره وقد انطوت القرون الفاضلة مبرأة مبرا اهلها من هذه النسبة بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به فالعامي لا مذهب له لان المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال ويكون بصيرا بالمذاهب على حسبه أولمن قرأ كتابا في فروع ذلك المذهب وعرف فتاوي إمامه وأقوله وأما من لم يتأهل لذلك ألبتة بل قال أنا شافعي أوحنبلي أوغير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول كما لو قال أنا فقيه أونحوي أوكاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله
يوضحه ان القائل إنه شافعي أومالكي أوحنفي يزعم انه متبع لذلك الامام سالك طريقه وهذا إنما يصح له إذا سلك سبيله في العلم والمعرفة والاستدلال فأما مع جهله وبعده جدا عن سيرة الامام وعلمه وطريقه فكيف يصح له الانتساب اليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من كل معنى والعامي لا يتصور ان يصح له مذهب ولو تصور ذلك لم يلزمه ولا لغيره ولا يلزم أحدا قط ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة بحيث يأخذ اقواله كلها ويدع أقوال غيره
وهذه بدعة قبيحة حدثت في الامة لم يقل بها احد من أئمة الاسلام وهم أعلى رتبة وأجل قدرا وأعلم بالله ورسوله من ان يلزموا الناس بذلك وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بمذهب عالم من العلماء وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بأحد المذاهب الاربعه
فيالله العجب ماتت مذاهب اصحاب رسول الله ص - ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الاسلام وبطلت جملة إلا مذاهب اربعة أنفس فقط من بين سائر الامة والفقهاء وهل قال ذلك احد من الائمة أودعا اليه أودلت عليه لفظه واحدة من كلامه عليه والذي اوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي اوجبه على من بعدهم الى يوم القيامه (4/262)
لا يختلف الواجب ولا يتبدل وإن اختلفت كيفيته أوقدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال فذلك أيضا تابع لما أوجبه الله ورسوله
ومن صحح للعامي مذهبا قال هو قد اعتقد ان هذا المذهب الذي انتسب اليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده وهذا الذي قاله هؤلاء لو صح للزم منه تحريم استفتاء اهل غير المذهب الذي انتسب اليه وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه أوأرجح منه أوغير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها بل يلزم منه أنه إذا راى نص رسول الله ص - أوقول خلفائه الاربعة مع غير إمامه ان يترك النص وأقوال الصحابة ويقدم عليها قول من انتسب اليه
وعلى هذا فله ان يستفتى من شاء من أتباع الائمة الاربعة وغيرهم ولا يجب عليه ولا على المفتى ان يتقيد بأحد من الائمة الاربعة بإجماع الامة كما لا يجب على العالم ان يتقيد بحديث اهل بلده أوغيره من البلاد بل إذا صح الحديث وجب عليه العلم به حجازيا كان أوعراقيا أوشاميا أومصريا أويمنيا
وكذلك لا يجب على الانسان التقيد بقراءة السبعة المشهورين بانفاق المسلمين بل اذا وافقت القراءة رسم المصحف الامام وصحت في العربية وصح سندها جازت القراءة بها وصحت الصلاة بها أتفاقا بل لو قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان وقد قرأ بها رسول الله ص - والصحابة بعده جازت القراءة بها ولم تبطل الصلاة بها على أصح الاقوال والثاني تبطل الصلاة بها وهاتان روايتان منصوصتان عن الامام احمد والثالث إن قرأ بها في ركن لم يكن مؤديا لفرضه وإن قرأ بها في غيره لم تكن مبطلة وهذا اختيار أبي البركات ابن تيمية قال لانه لم يتحقق الاتيان بالركن في الاول ولا الاتيان بالمبطل في الثاني ولكن ليس له ان يتبع رخص المذاهب واخذ غرضه من أي مذهب وجده فيه بل عليه اتباع الحق بحسب الامكان (4/263)
العمل عند اختلاف المفتيين
الفائدة السابعة والستون فإن اختلف عليه مفتيان فأكثر فهل يأخذ بأغلظ الاقوال أوبأخفها أويتخير أويأخذ بقول الاعلم اوالاورع أويعدل الى مفت اخر فينظر من يوافق من الاولين فيعمل بالفتوى التي يوقع عليها أويجب عليه ان يتحرى ويبحث عن الراجح بحسبه فيه سبعة مذاهب ارجحها السابع فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أوالطبيبين أوالمشيرين كما تقدم وبالله التوفيق
هل قول المفتي ملزم
الفائدة الثامنة والستون إذا استفتى فأفتاه المفتي فهل تصير فتواه موجبة على المستفتي العمل بحيث يكون عاصيا إن لم يعمل بها أولا يوجب عليه العمل فيه اربعة أوجه لاصحابنا وغيرهم أحدها انه لا يلزمه العمل بها إلا ان يلتزمه هو والثاني انه يلزمه إذا شرع في العمل فلا يجوز له حينئذ الترك والثالث انه إن وقع في قلبه صحة فتواه وأنها حق لزمه العمل بها والرابع انه اذا لم يجد مفتيا آخر لزمه الاخذ بفتياه فإن فرضه التقليد وتقوى الله ما استطاع وهذا هو المستطاع في حقه وهو غاية ما يقدر عليه وإن وجد مفتيا آخر فإن وافق الاول فأبلغ في لزوم العمل وإن خالفه فإن استبان له الحق في إحدى الجهتين لزمه العمل به وإن لم يستبن له الصواب فهل يتوقف أويأخذ بالاحوط أويتخير أويأخذ بالاسهل فيه وجوه تقدمت
العمل بالفتوى اذا لم تبلغه مشافهة من المفتي
الفائدة التاسعة والستون يجوز له العمل بخط المفتي وإن لم يسمع الفتوى من لفظ إذا عرف انه خطه أواعلمه به من يسكن الى قوله ويجوز له قبول قول الرسول إن هذا خطه وإن كان عبدا أوامرأة أوصبيا أوفاسقا كما يقبل قوله في الهدية والاذن في دخول اعتمادا على القرائن والعرف وكذا (4/264)
يجوز اعتماد الرجل على ما يجده من كتابة الوقف على كتاب أورباط أوخان أونحوه فيدخله وينتفع به وكذلك يجوز له الاعتماد على ما يجده بخط ابيه في برنامجه أن له على فلان كذا وكذا فيحلف على الاستحقاق وكذا يجوز للمرأة الاعتماد على خط الزوج انه أبانها فلها ان تتزوج بناء على الخط وكذا الوصي والوارث يعتمد على خط الموصي فينفذ ما فيه وإن لم يشهد شاهدان وكذا اذا كتب الراوي الى غيره حديثا جاز له ان يعتمد عليه ويعمل به ويرويه بناء على الخط اذا تيقن ذلك كله هذا عمل الامة قديما وحديثا من عهد نبينا ص - والى الان وإن انكره من انكره
ومن العجب ان من انكر ذلك وبالغ في إنكاره ليس معه فيما يفتي به إلا مجرد كتاب قيل إنه كتاب فلان فهو يقضى به ويفتى ويحل ويحرم ويقول هكذا في الكتاب والله الموفق
وقد كان رسول الله ص - يرسل كتبه الى الملوك والى الامم يدعوهم الى الاسلام فتقوم عليهم الحجة بكتابه وهذا أظهر من أن ينكر وبالله التوفيق
ما يفعل المفتي إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لاحد من العلماء
الفائدة السبعون إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لاحد من العلماء فهل يجوز الاجتهاد فيها بالافتاء والحكم ام لا فيه ثلاثة اوجه
احدها يجوز وعليه تدل فتاوي الائمة وأجوبتهم فإنهم كانوا يسالون عن حوادث لم تقع قبلهم فيجتهدون فيها وقد قال النبي ص - إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله اجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر وهذا يعم ما اجتهد فيه مما لم يعرف فيه قول من قبله وما عرف فيه اقوالا واجتهد في الصواب منها وعلى هذا درج السلف والخلف والحاجة داعية الى ذلك لكثرة (4/265)
الوقائع واختلاف الحوادث ومن له مباشرة لفتاوي الناس يعلم ان المنقول وإن اتسع غاية الاتساع فإنه لا يفي بوقائع العالم جميعا وانت إذا تأملت الوقائع رأيت مسائل كثيرة واقعة وهي غير منقولة ولا يعرف فيها كلام لأئمة المذاهب ولا لأتباعهم
والثاني لا يجوز له الافتاء ولا الحكم بل يتوقف حتى يظفر فيها بقائل قال الامام احمد لبعض اصحابه إياك ان تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام
والثالث يجوز ذلك في مسائل الفروع لتعلقها بالعمل وشدة الحاجة اليها وسهولة خطرها ولا يجوز في مسائل الاصول
والحق التفصيل وأن ذلك يجوز بل يستحب أويجب عند الحاجة واهلية المفتي والحاكم فإن عدم الامران لم يجز وإن وجد أحدهما دون الاخر احتمل الجواز والمنع والتفصيل فيجوز للحاجة دون عدمها والله أعلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص -
ولنختم الكتاب بذكر فصول يسير قدرها عظيم أمرها من فتاوي إمام المفتين ورسول رب العالمين تكون روحا لهذا الكتاب ورقما على جلة هذا التأليف
فتاوي امام المفتين ص - في العقيدة
فصح عنه ص - انه سئل عن رؤية المؤمنين ربهم تبارك وتعالى فقال هل تضارون في رؤية الشمس صحوا في الظهيرة ليس دونها سحاب قالوا لا فقال هل تضارون في رؤية القمر البدر صحوا ليس دونه سحاب قالوا لا قال فإنكم ترونه كذلك متفق عليه
وسئل كيف نراه ونحن ملء الارض وهو احد فقال أنبئكم عن ذلك (4/266)
في آلاء الله الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما ولعمر إلهك أقدر على ان يراكم وترونه ذكره احمد
وصح عنه ص - انه سئل عن مسألة القدر وما يعمل الناس فيه أمر قد قضى وفرغ منه أم أمر يستأنف فقال بل أمر قد قضى وفرغ منه فسئل حينئذ ففيم العمل فأجاب بقوله اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ قوله تعالى فأما من أعطى واتقى الى اخر الآيتين ذكره مسلم
وصح عنه ص -
انه سئل عما يكتمه الناس في ضمائرهم هل يعلمه الله فقال نعم ذكره مسلم
وصح عنه ص - انه سئل اين كان ربنا قبل ان تخلق السموات والارض فلم ينكر على السائل وقال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ذكره احمد
وصح عنه ص - انه سئل عن مبدأ تخليق هذا العالم فأجاب بأن قال كان الله ولم يكن شئ غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شئ ذكره البخاري
وصح عنه ص - انه سئل اين يكون الناس يوم يبدل الارض فقال على الصراط وفي لفظ آخر هم في الظلمة دون الجسر فسئل من أول الناس إجازة فقال فقراء المهاجرين ذكره مسلم ولا تنافى بين الجوابين فإن الظلمة أول الصراط فهناك مبدأ التبديل وتمامه وهم على الصراط
وسئل ص - عن قوله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا فقال ذلك العرض ذكره مسلم (4/267)
وسئل ص - عن أول طعام يأكله اهل الجنة فقال زيادة كبد الحوت فسئل ص - ما غذاؤهم على أثره فقال ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها فسئل ص - ما شرابهم عليه فيها فقال من عين فيها تسمى سلسبيلا ذكره مسلم
وسئل ص - هل رأيت ربك فقال نور أنسى أراه ذكره مسلم فذكر الجوار ونبه على المانع من الرؤية وهو النور الذي هو حجاب الرب تعالى الذي لو كشفه لم يقم له شئ
وسئل ص - يا رسول الله كيف يجمعنا ربنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع فقال للسائل أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله الارض اشرفت عليها وهي مدرة بالية فقلت لا تحي أبدا ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عليك إلا أياما ثم أشرفت عليها وهي شربة واحدة ولعمر إلهك إنك لهو أقدر على ان يجمعهم من الماء على ان يجمع نبات الارض ذكره احمد
وسئل ص - يا رسول الله ما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه فقال تعرضون بادية له صفحاتكم لا يخفى عليه خافية منكم فيأخذ ربك عز و جل بيده غرفة من الماء فينضح بها قلبكم فلعمر إلهك ما يخطى وجه واحد منكم منها قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء وأما الكافر فتحطمه بمثل الحميم الاسود ذكره احمد
وسئل ص - بم نبصر وقد حبس الشمس والقمر فقال للسائل بمثل بصرك ساعتك هذه وذلك مع طلوع الشمس وذلك في يوم اشرقت فيه الارض ثم واجهته الجبال فسئل ص - بم نجزي من حسناتنا وسيئاتنا فقال الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بمثلها أويعفو فسئل ص - على ماء يطلع من الجنة فقال على انهار من عسل مصفى وانهار (4/268)
من كأس ما بها من صداع ولاندامة وانهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة لعمر إلهك مما تعلمون وخير من مثله معه وأزواج مطهرة فسئل ص - ألنا فيها ازواج فقال الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم غير ان لا توالد ذكره احمد
وسئل ص - عن كيفية إتيان الوحي اليه فقال يأتيني أحيانا مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا متفق عليه
وسئل ص - عن شبه الولد بأبيه تارة وبأمه تارة فقال إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة كان الشبه له وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل فالشبه لها متفق عليه
وأما ما رواه مسلم في صحيحه انه قال إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر الرجل بإذن الله وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل انت بإذن الله فكان شيخنا يتوقف في كون هذا اللفظ محفوظا ويقول المحفوظ هو اللفظ الاول والاذكار والإيناث ليس له سبب طبيعي وإنما هو بأمر الرب تبارك وتعالى للملك ان يخلقه كما يشاء ولهذا جعل مع الرزق والاجل والسعادة والشقاوة
قلت فإن كان هذا اللفظ محفوظا فلا تنافى بينه وبين اللفظ الاول ويكون سبق الماء سببا للشبه وعلوه على ماء الآخر سببا للإذكار والإيناث والله أعلم
وسئل ص - عن اهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال هم منهم حديث صحيح ومراده ص - بكونهم منهم التبعية في أحكام الدنيا وعدم الضمان لا التبعية في عقاب الآخرة فإن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه (4/269)
وسئل ص - عن قوله تعالى ولقد رآه نزلة اخرى فقال إنما إنما هو جبريل عليه السلام لم أره على صورته التي خلق عليها هاتين المرتين ذكره مسلم
ولما نزل قوله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون سئل ص - يا رسول الله أيتكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب فقال نعم ليكررن عليكم حتى تؤدوا إلى كل ذي حق حقه فقال الزبير والله إن الامر لشديد
وسئل ص - كيف يحشر الكافر على وجهه فقال أليس الذي أمشاه في الدنيا على رجليه قادر أن يمشيه في الاخرة على وجهه
وسئل ص - هل تذكرون أهاليكم يوم القيامة فقال أما في ثلاث مواطن فلا يذكر أحد أحدا حيث يوضع الميزان حتى يعلم أيثقل ميزانه ام يخف وحيث يتطاير الكتب حتى يعلم كتابه من يمينه أومن شماله أومن وراء ظهره وحيث يوضع الصراط على جسر جهنم على حافتيه كلاليب وحسك يحبس الله به من يشاء من خلقه حتى يعلم أينجو أم لا ينجو
وسئل ص - يا رسول الله الرجل يحب القوم ولما يعمل بأعمالهم فقال المرء مع من أحب
وسئل ص - عن الكوثر فقال هو نهر أعطانيه ربي في الجنة هو أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر قيل يا رسول الله إنها لناعمة قال آكلها أنعم منها
وسئل ص - عن اكثر ما يدخل الناس النار فقال الاجوفان الفم والفرج وعن أكثر ما يدخلهم الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق (4/270)
وسئل ص - عن المرأة تتزوج الرجلين والثلاثة مع من تكون يوم القيامة فقال تخير فتكون مع احسنهم خلقا
وسئل ص - أي الذنب أعظم فقال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قيل ثم ماذا قال أن تقتل ولدك خشية ان يطعم معك قيل ثم ماذا قال ان تزني بحليلة جارك
وسئل ص - أي الاعمال احب الى الله فقال الصلاة على وقتها وفي لفظ لاول وقتها قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال بر الوالدين
وسئل ص - عن قوله يا أخت هارون وبين عيسى وموسى عليهما السلام ما بينهما فقال كانوا يسمون بأنبيائهم وبالصالحين قبلهم
وسئل ص - عن أول أشراط الساعة فقال نار تحشر الناس من المشرق الى المغرب وهذه إحدى مسائل عبد الله بن سلام الثلاث والمسألة الثانية ما أول طعام يأكله أهل الجنة والثالثة سبب شبه الولد بأبيه وأمه فولدها الكاذبون وجعلوها كتابا مستقلا سموه مسائل عبد الله بن سلام وهي هذه الثلاثة في صحيح البخاري
وسئل ص - عن الاسلام فقال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت
وسئل ص - عن الايمان فقال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت
وسئل ص - عن الاحسان فقال ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك (4/271)
وسئل ص - عن قوله تعالى والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة فقال هم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون ان لا يقبل منهم
وسئل ص - عن قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية فقال إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح على ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل اهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل فقال إن الله إذ خلق العبد للجنة استعمله بعمل اهل الجنة حتى يموت على عمل من اعمال اهل الجنة فيدخله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل اهل النار حتى يموت على عمل من أعمال اهل النار فيدخل النار
وسئل ص - عن قوله تعالى ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فقال بل ايتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام
وسئل ص - عن الادوية والرقى هل ترد من القدر شيئا فقال هي من القدر
وسئل ص - عمن يموت من أطفال المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين وليس هذا قولا بالتوقف كما ظنه بعضهم ولا قول بمجازاة الله لهم على ما يعلمه منهم أنهم عاملوه لو كانوا عاشوا بل هو جواب فصل وأن الله يعلم ما هم عاملوه وسيجازيهم على معلومه فيهم بما يظهر منهم يوم القيامة لا على مجرد علمه كما صرحت به سائر الاحاديث واتفق عليه (4/272)
أهل الحديث انهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار
وسئل ص - عن سبأ هل هو أرض أم امرأة فقال ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة وأما الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار فقال رجل يا رسول الله وما أنما فقال الذين منهم خثعم وبجيلة
وسئل عن قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة فقال ص - هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أوترى له
وسئل عن افضل الرقاب يعنى في العتق فقال انفسها عند اهلها وأغلاها ثمنا
وسئل ص - عن افضل الجهاد فقال من عقر جواده وأريق دمه
وسئل ص - عن افضل الصدقة فقال ان تتصدق وانت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى
وسئل ص - أي الكلام افضل فقال ما اصطفى الله الملائكة سبحان الله وبحمده
وسئل ص - متى وجبت لك النبوة وفي لفظ متى كنت نبيا فقال وآدم بين الروح والجسد هذا هو اللفظ الصحيح والعوام يروونه بين الماء والطين قال شيخنا وهذا باطل وليس بين الماء والطين مرتبة واللفظ المعروف ما ذكرنا
وذكر الامام احمد في مسنده ان اعرابيا ساله يا رسول الله اخبرني عن الهجرة اليك أينما كنت أم لقوم خاصة ام الى ارض معلومة ام إذا مت انقطعت فسأل ثلاث مرات ثم جلس فسكت رسول الله ص (4/273)
يسيرا ثم قال اين السائل قال ها هو ذا حاضر يا رسول الله قال الهجرة ان تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ثم أنت مهاجر وإن مت في الحضر فقام آخر فقال يا رسول الله أخبرني عن ثياب أهل الجنة أتخلق خلقا ام تنسج نسجاص قال فضحك القوم فقال رسول الله ص - تضحكون من جاهل يسأل عالما فاستلبث رسول الله ص - ساعة ثم قال اين السائل عن ثياب اهل الجنة فقال ها هو ذا يا رسول الله قال لا بل تنشق عنها ثمار الجنة ثلاث مرات
وسئل ص - انفضى الى نسائنا في الجنة وفي لفظ آخر هل نصل الى نسائنا في الجنة فقال إي والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة الى مائة عذراء قال الحافظ ابو عبد الله المقدسي رجال إسناده عندي على شرط الصحيح
وسئل أنطأ في الجنة فقال نعم والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا ورجال إسناده على شرط صحيح ابن حبان
وفي معجم الطبراني انه سئل هل يتناكح اهل الجنة فقال بذكر لا يميل وشهوة لا تنقطع دحما دحما
قال الجوهري الدخك الدفع الشديد
وفيه ايضا انه سئل ص - أيجامع اهل الجنة فقال دحما دحما ولكن لا منى ولا منية
وسئل ص - أينام اهل الجنة فقال النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون
وسئل ص - هل في الجنة خيل فقال إن دخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوتة له جناحان فحملت عليه فطار بك في الجنة حيث شئت (4/274)
وسئل ص - هل في الجنة إبل فلم يقل للسائل مثل ما قال للأول بل قال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك وقرت عينك
وفي معجم الطبراني ان ام سلمة رضى الله عنها سألته فقالت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز و جل حور عين قال حور بيض عين ضخام العيون سعر الحوراء بمنزلة جناح النسر قلت أخبرني عن قول الله عزوجل كأمثال اللؤلؤ المكنون فقال صفاؤهن صفاء الدر الذي في الاصداف الذي لم تمسه الايدى قلت اخبرني عن قوله تعالى فيهن خيرات حسان قال خيرات الاخلاق حسان الوجوه قلت اخبرني عن قول الله عزوجل كأنهن بيض مكنون قال رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشرة قلت أخبرني يا رسول الله عن قوله تعالى عربا اترابا قال هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن الله عذارى عربا متعشقات متحببات أترابا على ميلاد واحد قلت يا رسول الله نساء الدنيا افضل ام الحور العين قال بل نساء الدنيا افضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة قلت يا رسول الله وبم ذاك قال بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله تعالى البس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير بيض الالوان خضر الثياب صفر الحلى مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب يقلن نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا طوبي لمن كناله وكان لنا قلت يا رسول الله المرأة منا تتزوج الزوجين والثلاثة والاربعة ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها من يكون زوجها قال يا ام سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا فتقول يا رب إن هذا كان أحسنهم معي خلقا في دار الدنيا فزوجنيه يا أم سلمه ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والاخرة (4/275)
وسئل ص - عن قوله تعالى والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه اين الناس يؤمئذ قال على جسر جهنم
وسئل عن الايمان فقال إذا سرتك حسناتك وساءتك سيئاتك فأنت مؤمن
وسئل عن الإثم فقال إذا حاك في قلبك شئ فدعه
وسئل عن البر والاثم فقال البر ما اطمأن اليه القلب واطمأنت اليه النفس والاثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر
وسأله عمر هل نعمل في شئ نستأنفه ام في شئ قد فرغ منه قال بل في شئ قد فرغ منه قال ففيم العمل قال يا عمر لا يدرك ذلك إلا بالعمل قال إذا نجتهد يا رسول الله
وكذلك سأله سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله اخبرنا عن امرنا كأننا ننظر اليه أبما جرت به الاقلام وثبتت به المقادير أم بما يستأنف فقال لا بل بما جرت به الاقلام وثبتت به المقادير قال ففيم العمل إذا قال اعملو فكل ميسر قال سراقة فلا أكون ابدا أشد اجتهادا في العمل منى الان
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الطهارة
وسئل ص - عن الوضوء بماء البحر فقال هو الطهور ماؤه والحل ميتته وسئل ص - عن الوضوء من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب فقال الماء طهور لا ينجسه شئ
وسئل ص - عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من الدواب والسباع فقال إذا كان الماء فلتين لم ينجسه شئ (4/276)
وسأله ابو ثعلبة فقال إنا بأرض قوم أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم فقال إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء واطبخوا فيها واشربوا
وفي الصحيحين إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنا كل في آنيتهم قال لا تأكلوا فيها إلا ان لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها
وفي المسند والسنن أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا اليها فقال إذا اضطررتم اليها فاغسلوها بالماء واطبخوا فيها
وفي الترمذي سئل عن قدور المجوس فقال أنقوها غسلا واطبخوا فيها
وسئل ص - عن الرجل يخيل اليه انه يجد الشئ في الصلاة فقال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أويجد ريحا
وسئل ص - عن المذى قال يجزئ منه الوضوء فقال له السائل فكيف بما أصاب ثوبي منه فقال يكيفك ان تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى انه أصاب منه صححه الترمذي
وسئل ص - عما يوجب الغسل وعن الماء يكون بعد الماء فقال ذاك المذى وكل فحل يمذى فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة
وسألته فاطمة بنت ابي حبيش فقالت إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال لا إنما ذلك عرق وليس بحيضة فإذا أقبلت حيضتك فدعى الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي
وسئل عنها ايضا فقال النبي ص - تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة وتصوم وتصلي (4/277)
وسئل ص - عن الوضوء من لحوم الغنم فقال إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ
وسئل ص - عن الوضوء من لحوم الابل فقال نعم توضأ من لحوم الابل
وسئل ص - عن الصلاة في مرابض الغنم فقال نعم صلوا فيها
وسئل ص - عن الصلاة في مبارك الابل فقال لا
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله ما تقول في رجل لقى امرأة لا يعرفها فليس يأتى الرجل من امرأته شئ إلا قد أتاه منها غير أنه لم يجامعها فأنزل الله تعالى هذه الاية وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال له النبي ص - توضأ ثم صل فقال معاذ فقلت يا رسول الله أله خاصة أم للمؤمنين عامة قال بل للمؤمنين عامة
وسألته أم سليم فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال رسول الله ص - نعم إذا رأت الماء فقالت ام سلمة أوتحتلم المرأة فقال تربت يداك فيم يشبهها ولدها وفي لفظ ان ام سليم سألت نبي الله ص - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال رسول الله ص - إذا رأت المرأة ذلك فلتغتسل
وفي المسند ان خولة بنت حكيم سألت النبي ص - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال ليس عليها غسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غسل حتى ينزل
وساله أمير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه عن المذي فقال من المذي الوضوء ومن المني الغسل وفي لفظ إذ رأيت المذي فتوضأ واغسل (4/278)
ذكرك وإذا رأيت نضح الماء فاغتسل ذكره احمد
وسئل ص - عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما فقال يغتسل وعن الرجل يرى انه قد احتلم ولم يجد البلل فقال لا غسل عليه ذكره احمد
وسئل ص - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل وعائشة جالسة فقال إنى أفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل ذكره مسلم
وسألته ام سلمة فقالت يا رسول الله إني امرأة اشد ضفر رأسي أفأنقضه بغسل الجنابة فقال لا إنما يكفيك ان تحثى على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء ذكره مسلم وعند ابي داود واغمري قرونك عند كل حفنة
وسأله ص - امرأة فقالت يا رسول الله إن لنا طريقا الى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا ققال أليس بعد طريق هي أطيب منها قلت بلى يا رسول الله قال هذه بهذه وفي لفظ أليس بعده ما هو أطيب منه قلت بلى قال فإن هذا يذهب بذاك ذكره أحمد
وسئل ص - فقيل له إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة فقال الارض يطهر بعضها بعضا ذكره ابن ماجة
وسألته ص - امرأة فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به فقال تحته ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه متفق عليه
وسئل ص - عن فأرة وقعت في سمن فقال ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم ذكره البخاري ولم يصح فيه التفصيل بين الجامد والمائع (4/279)
وسألته ص - ميمونة عن شاة ماتت فألقوا إهابها فقال هلا أخذتم مسكها فقالت نأخذ مسك شاة قد ماتت فقال لها ص - إنما قال تعالى قل لا أجد فيما أوحى الى محرما على طاعم يطعمه إلا ان يكون ميتة أودما مسفوحا أولحم خنزير وإنكم لا تطعمونه إن تدبغوه تنتفعو به فأرسلت اليها فسلخت مسكها فدبغته فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها ذكره احمد
وسئل ص - عن جلود الميتة فقال ذكاؤها دباغها ذكره النسائي
وسئل ص - عن الاسصتطابة فقال أولا يجد أحدكم ثلاثة احجار حجران للصفحتين وحجر للمسر به حديث حسن وعند مالك مرسلا أولا يجد احدكم ثلاثة احجار ولم يزد
وساله سراقة عن التغوط فأمره ان يتنكب القبلة ولا يستقبلها ولا يستدبرها ولا يستقبل الريح وان يستنجي بثلاثة احجار ليس فيها رجيع أوثلاثة اعواد أوبثلاث حثيات من تراب ذكره الدارقطني
وسئل ص - عن الوضوء فقال اسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع وبالغ في الاستنشاق إلا إن تكون صائما ذكره ابو داود
وسأله ص - عمرو بن عنبسة فقال كيف الوضوء قال أما الوضوء فإنك إذا توضأت فغسلت كفيك فأنقيتهما خرجت خطاياك من بين أظافرك وأناملك فإذا تمضمضت واستنشقت وغسلت وجهك ويديك الى المرفقين ومسحت رأسك وغسلت رجليك اغتسلت من عامة خطاياك كيوم ولدتك امك ذكره النسائي
وسأله ص - أعرابي عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ذكره احمد (4/280)
وسأل النبي ص - أعرابي فقال يا رسول الله الرجل منا يكون في الصلاة فيكون منه الرويحة ويكون في الماء قلة فقال إذا فسا أحدكم فليتوضأ ولا تأتوا النساء في أعجازهن فإن الله لا يستحي من الحق ذكره الترمذي
وسئل ص - عن المسح على الخفين فقال للمسافر ثلاثة ايام وللمقيم يوما وليلة
وسأله ص - ابن ابي عمارة فقال يا رسول الله امسح على الخفين فقال نعم قال يوما قال ويومين قال وثلاثة ايام قال نعم وما شئت ذكره ابو داود فطائفة من أهل العلم أخذت بظاهره وجوزوا المسح بلا توقيت وطائفة قالت هذا مطلق وأحاديث التوقيت مقيدة والمقيد يقضى على المطلق
وسأله ص - أعرابي فقال اكون في الرمل أربعة اشهر أوخمسة أشهر ويكون فينا النفساء والحائض والجنب فما ترى قال عليك بالتراب ذكره احمد
وسأله ص - أبو ذر إني أغرب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فقال إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك حديث حسن
وسأله ص - امير المؤمنين علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه فقال انكسرت إحدى زندي فأمره ان يمسح على الجبائر ذكره ابن ماجة
وقال ثوبان استفتوا النبي ص - عن الغسل من الجنابة فقال اما الرجل فلينشر راسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر وأما المرأة فلا عليها ان لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات تكفيها ذكره ابو داود (4/281)
وسأله ص - رجل فقال إني أغتسلت من الجنابة وصليت الصبح ثم أصبحت فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه ماء فقال لو كنت مسحت عليه بيدك أجزاك ذكره ابن ماجه
وسألته ص - امرأة عن الحيض فقال تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر فتحسن الطهور تم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها
وسألته ص - عن غسل الجنابة فقال تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب الماء على رأسها فتدلكه حتى يبلغ شئون رأسها ثم تفيض الماء عليها
وسأله ص - رجل ما يحل لي من امرأتي وهي حائض فقال تشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها ذكره مالك
وسئل ص - عن مؤاكلة الحائض فقال واكلها ذكره الترمذي
وسئل ص - كم تجلس النفساء فقال تجلس اربعين يوما إلا ان ترى الطهر قبل ذلك ذكره الدارقطني
فتاوي إمام المفتين ص - في الصلاة
وسأله ص - ثوبان عن أحب الاعمال الى الله تعالى فقال عليك بكثرة السجود لله عزوجل فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط بها عنك خطيئة ذكره مسلم
وسأله عبد الله بن سعد أيما أفضل الصلاة في بيتي أوالصلاة في المسجد فقال ألا ترى الى بيتي ما أقربه من المسجد فلأن أصلي في بيتي أحب الى (4/282)
من ان أصلي في المسجد إلا ان تكون صلاة مكتوبة ذكره ابن ماجة
وسئل ص - عن صلاة الرجل في بيته فقال نوروا بيوتكم ذكره ابن ماجه
وسئل ص - متى يصلي الصبي فقال إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة
وسئل ص - عن قتل رجل مخنث يتشبه بالنساء فقال إنى نهيت عن قتل المصلين ذكره ابو داود
وسئل ص - عن وقت الصلاة فقال للسائل صل معنا هذين اليومين فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن ثم أمره فأقام الظهر ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية ثم امره فأقام المغرب حتى غابت الشمس ثم امره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم امره فأقام الفجر حين طلع الفجر فلما كان اليوم الثاني امره فأبرد بالظهر وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب قبل ان يغيب الشفق وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال أين السائل عن وقت الصلاة فقال الرجل انا يا رسول الله ص - فقال وقت صلاتكم ما رأيتم ذكره مسلم
وسئل ص - هل من ساعة أقرب الى الله من الاخرى قال نعم أقرب ما يكون الرب عزوجل من العبد جوف الليل الاخر فإن استطعت ان تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن
وسئل رسول الله ص - عن الصلاة الوسطى فقال هي صلاة العصر
وسئل ص - هل في ساعات الليل والنهار ساعة تكره الصلاة فيها فقال نعم إذا صليت الصبح فدع الصلاة حتى تطلع الشمس (4/283)
فإنها تطلع بين قرني شيطان ثم صل فإن الصلاة محضورة متقبلة حتى تستوي الشمس على رأسك كالرمح فدع الصلاة فإن تلك الساعة تسجر جهنم وتفتح فيها أبوابها حتى ترتفع الشمس عن حاجبك الايمن فإذا زالت الشمس فالصلاة محضورة متقبلة حتى تصلى العصر ثم دع الصلاة حتى تغيب الشمس ذكره ابن ماجه وفيه دليل على تعلق النهي بفعل صلاة الصبح لا بوقتها
وسأله ص - رجل فقال لا أستطيع أن آخذ شيئاص من القرآن فعلمني ما يجزيني فقال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فقال يا رسول الله هذا لله فما لي فقال قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني فقال بيده هكذا وقبضها فقال رسول الله ص - أما هذا فقد ملأ يديه من الخير ذكره أوداود
وسأله ص - عمران بن حصين وكان به بواسير عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك ذكره البخاري
وسأله ص - رجل أقرأ خلف الامام أو انصت قال بل أنصت فإنه يكفيك ذكره الدارقطني
وسأله ص - حطان فقال يا رسول الله إنا لا نزال سفرا فكيف نصنع بالصلاة فقال ثلاث تسبيحات ركوعا وثلاث تسبيحات سجودا ذكره الشافعي مرسلا
وسأله ص - عثمان بن ابي العاص فقال يا رسول الله إن الشيطان قد حال بين صلاتي وبين قراءتي يلبسها على فقال ذاك شيطان يقال هل خترب فإذا أحسسته فتعوذ بالله واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله ذكره مسلم (4/284)
وسأله ص - رجل فقال أصلي في ثوبي الذي أتى فيه أهلي قال نعم إلا ان ترى فيه شيئا فتغسله
وسأله ص - معاوية بن حيدة يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أوما ملكت يمينك قال قلت يا رسول الله الرجل يكون مع الرجل قال إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل قلت فالرجل يكون خاليا قال الله أحق ان يستحيا منها ذكره احمد
وسئل ص - عن الصلاة في الثوب الواحد قال أوكلكم يجد ثوبين متفق عليه
وسأله ص - سلمة بن الاكوع يا رسول الله إني اكون في الصيد فأصل وليس على إلا قميص واحد فقال فازرره وإن لم تجد إلا شوكة ذكره احمد وعند النسائي إنى اكون في الصيف وليس على إلا قميص
وسأله ص - رجل يا رسول الله أصلي في الفراء قال فأين الدباغ
وسئل ص - عن الصلاة في القوس والقرن فقال اطرح القرن وصلى في القوس ذكره الدارقطني والقرن بالتحريك الجعبة
وسألته ام سلمة هل تصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار فقال إذا كان الدرع سابلا يغطي ظهر قدميها ذكره ابو داود
وسأله ص - ابو ذر عن اول مسجد وضع في الارض قال المسجد الحرام فقال ثم أي قال المسجد الاقصى فقال كم بينهما قال اربعون عاما ثم الارض لك مسجد حيث أدركتك الصلاة فصل متفق عليه
وذكر الحاكم في مستدركه ان جعفر بن ابي طالب سأله عن الصلاة في السفينة فقال صل فيها قائما إلا ان تخاف الغرق
وسئل ص - عن مسح الحصى في الصلاة فقال واحدة أودع (4/285)
وسأله ص - جابر عن ذلك فقال واحدة ولان تمسك عنها خير لك من مائة ناقة كلها سواد الحدق فقلت المسجد كان مفروشا بالحصباء فكان أحدهم يمسحه بيديه لموضع سجوده فرخص النبي في مسحه واحدة وندبهم الى تركها والحديث في المسند
وسئل ص - عن الالتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد
وسأله ص - رجل فقال يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتى المسجد وتقام الصلاة أفأصلي معهم فقال لك سهم جمع ذكره ابو داود
وسأله ص - ابو ذر عن الكلب الاسود يقطع الصلاة دون الاحمر والاضفر فقال الكلب الاسود شيطان
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله إنى صليت فلم أدر أشفعت أوأوترت فقال رسول الله ص - إياكم ان يتلعب بكم الشيطان في صلاتكم من صلى فلم يدر اشفع ام اوتر فليسجد سجدتين فإنهما تمام صلاته ذكره احمد
وسئل ص - لأي شئ فضلت يوم الجمعة فقال لان فيها طبعت طينة ابيك آدم وفيها الصعقة والبعثة وفيها البطشة وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها استجيب له وسئل ايضا عن ساعة الاجابة فقال حين تقام الصلاة الى الانصراف منها ولا تنافي بين الحديثين لأن ساعة الاجابة وإن كانت آخر ساعة بعد العصر فالساعة التي تقام فيها الصلاة أولى ان تكون ساعة الاجابة كما ان المسجد الذي اسس على التقوى هو مسجد قباء ومسجد رسول الله ص - اولى بذلك منه وهو اولى من جمع بينهما بتنقلها فتأمل
وسئل ص - يا رسول الله اخبرنا عن يوم الجمعة ما فيه من الخير فقال فيه خمس خلال فيه خلق آدم وفيه أهبط آدم الى (4/286)
الارض وفيه توفي الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا اعطاه إياه ما لم يسأل إثما أوقطيعة رحم وفيه تقوم الساعة فما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبال ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة ذكره احمد والشافعي
وسئل ص - عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة متفق عليه وسأله أبو أمامة بكم أوتر قال بواحدة قال إني أطيق اكثر من ذلك قال ثلاث ثم قال بخمس ثم قال بسبع وفي الترمذي انه سئل عن الشفع والوتر هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر وفي سنن الدارقطني ان رجلا سأله عن الوتر فقال افصل بين الواحدة والثنتين بالسلام
وسئل ص - أي الصلاة افضل قال طول القنوت ذكره احمد
وسئل أي القيام أفضل قال نصف الليل وقليل فاعله
وسئل ص - هل من ساعة اقرب الى الله من الاخرى قال نعم جوف الليل الاوسط ذكره النسائي
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الموت
وسئل ص - عن موت الفجاءة فقال راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر ذكره احمد ولهذا لم يكره احمد موت الفجاءة في إحدى الروايتين عنه وقد روى عنه كراهتها وروى في مسنده ان رسول الله ص - مر بجدار أوحائط مائل فأسرع المشي فقيل له في ذلك فقال (4/287)
إني اكره موت الفوات ولا تنافي بين الحديثين فتأمله
وسئل تمر بنا جنازة الكافر أفنقوم لها قال نعم إنكم لستم تقومون لها إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس ذكره احمد وقام لجنازة يهودية فسئل عن ذلك فقال إن للموت فزعا فإذا رأيتم جنازة فقوموا
وسئل عن امرأة اوصت ان يعتق عنها رقبة مؤمنة فدعا بالرقبة فقال من ربك قالت الله قال من انا قالت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنه ذكره ابو داود
وسأله ص - عمر رضى الله عنه هل ترد إلبنا عقولنا في القبر وقت السؤال فقال نعم كهيئتكم اليوم ذكره احمد
وسئل عن عذاب القبر فقال نعم عذاب القبر حق
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الزكاة
وسئل ص - عن صدقة الابل فقال ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها ومن حقها حلبها يوم ورودها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه اولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما الى الجنة وإما الى النار
وسئل ص - عن البقر فقال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مرت عليه أولاها (4/288)
رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما الى الجنة وإما الى النار
وسئل ص - عن الخيل فقال الخيل ثلاثة هي لرجل وزر ولرجل ستر ولرجل أجر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لما في مرج أوروضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أوالروضة كانت له حسنات ولو أنه انقطع طيلها فاستنت شرفا أوشرفين كانت له آثارها وأرواثها حسنات ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد ان يسقيها كانت له حسنات فهى لذلك الرجل اجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهى لذلك الرجل ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لاهل الاسلام فهى على ذلك وزر
وسئل ص - عن الحمر فقال ما أنزل على فيها إلا هذه الاية الجامعة الفاذة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ذكره مسلم
وسألته ص - ام سلمة فقالت إني البس أوضاحا من ذهب أكنز هو قال ما بلغ ان تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز ذكره مالك
وسئل ص - أفي المال حق سوى الزكاة قال نعم ثم قرأ وآتى المال على حبة ذكره الدارقطني
وسألته ص - امرأة فقالت إن لي حليا وإن زوجي خفيف ذات اليد وإن لي ابن أخ أفيجزئ عني ان أجعل زكاة الحلي فيهم قال نعم
وذكر ان ماجة ان ابا سيارة ساله فقال إن لي نخلا فقال اد العشر فقلت يا رسول الله احمها لي فحماها لي
وسأله ص - العباس عن تعجيل زكاته قبل ان يحول الحول فإذن له في ذلك ذكره احمد (4/289)
وسئل ص - عن زكاة الفطر فقال هي على كل مسلم صغيرا أوكبيرا حرا أوعبدا صاعا من تمر أوصاعا من شعير أوأقط
وسأله ص - أصحاب الاموال فقالوا إن أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا قال لا ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل فقال إنى ذو مال كثير وذو أهل وولد وحاضرة فأخبرني كيف انفق وكيف امنع فقال تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك وتصل بها رحمك وأقاربك وتعرف حق السائل والجار والمسكين فقال يا رسول الله أقلل في قال فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا فقال حسبي وقال يا رسول الله إذا أديت الزكاة الى رسولك فقد برئت منها الى الله ورسوله قال رسول الله نعم اذا اديتها الى رسولي فقد برئت منها ولك أجرها وإثمها على من بدلها ذكره احمد
وسئل ص - عن الصدقة على ابي رافع مولاه فقال إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة وإن مولى القوم من انفسهم ذكره احمد
وسأله ص - عمر عن ارضه بخيبر واستفتاه ما يصنع فيها وقد اراد ان يتقرب بها الى الله فقال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ففعل وتصدق عبد الله بن زيد بحائط له فأتاه ابواه فقالا يا رسول الله إنها كانت قيم وجوهنا ولم يكن لنا مال غيره فدعا عبد الله فقال إن الله قد قبل منك صدقتك وردها على ابويك فتوارثاها بعد ذلك ذكره النسائي
وسئل ص - أي الصدقة افضل فقال المنيحة ان يمنح أحدكم الدرهم أوظهر الدابة أولبن الشاة أولبن البقرة ذكره احمد
وسئل ص - مرة عن هذه المسألة فقال جهد المقل وأبدأ بمن تعول ذكره ابو داود (4/290)
وسئل ص - مرة اخرى عنها فقال ان تتصدق وانت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى
وسئل مرة اخرى عنها فقال سقى الماء
وساله ص - سراقة بن مالك عن الابل تغشى حياضه هل له من أجر في سقيها فقال نعم كل كبد حرى أجر ذكره احمد
وسألته ص - امرأتان عن الصدقة على أزواجهما فقال لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة متفق عليه وعند ابن ماجة اتجزئ عني من النفقة الصدقة على زوجي وأيتام في حجري فقال رسول الله ص - لها أجران أجر الصدقة وأجر القرابة
وسألتة ص - اسماء فقالت مالي مال إلا أدخل على الزبير أفأتصدق فقال تصدقي ولا توعي فيوعى عليك متفق عليه
وسأله مملوك اتصدق من مال مولاى بشئ فقال نعم والاجر بينكما نصفان ذكره مسلم
وسأله ص - عمر رضى الله عنه عن شراء فرس تصدق به فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن اعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه متفق عليه
وسئل ص - عن المعروف فقال لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تعطي صلة الحبل ولو ان تعطى شسع النعل ولو ان تفرغ من دلوك في إناء المستسقى ولو ان تنحى الشئ من طريق الناس يؤذيهم ولو ان (4/291)
تلقى أخاك ووجهك اليه طلق ولو ان تلقى اخاك فتسلم عليه ولو ان تؤنس الوحشان في الارض ذكره احمد
فلله ما أجل هذه الفتاوي وما احلاها وما أنفعها وما أجمعها لكل خير فوالله لو ان الناس صرفوا هممهم اليها لأغنتهم عن فتاوي فلان وفلان والله المستعان
وسأله ص - رجل فقال إنى تصدقت على أمي بعبد وإنها ماتت فقال وجبت صدقتك وهو لك بميراثك ذكره الشافعي
وسألته ص - امرأة فقالت إني تصدقت على امي بجارية وإنها ماتت فقال وجب أجرك وردها عليك الميراث ذكره مسلم
وسأله ص - رجل فقال إن امي توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها قال نعم ذكره البخاري
وسأله آخر فقال إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم متفق عليه
وسأله ص - آخر فقال إن ابي مات ولم يوص أفينفعه ان اتصدق عنه قال نعم ذكره مسلم
وسأله ص - حكيم بن حزام فقال يا رسول الله امور كنت اتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقه وصدقة هل لي فيها أجر قال أسلمت على ما سلف لك من خير متفق عليه
وسألته ص - عائشة رضى الله عنها عن ابن جدعان وأنه كان في الجاهليه يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه فقال لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ذكره مسلم
وسئل ص - عن الغني الذي يحرم المسألة فقال خمسون (4/292)
درهما أوقيمتها من الذهب ذكره احمد
ولا ينافى هذا جوابه للآخر ما يغديه أويعشيه فإن هذا غناء اليوم وذاك غناء العام بالنسبة الى حال ذلك السائل والله أعلم
وسأله ص - عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقد أرسل اليه بعطاء فقال اليس أخبرتنا ان خيرا لاحدنا ان لا يأخذ من أحد شيئا فقال إنما ذلك من المسألة فأما ما كان عن غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله فقال عمر والذي نفسي بيده لا أسأل أحدا شيئا ولا يأتيني شئ من غير مسألة إلا اخذته ذكره مالك
فصل فتاوى إمام المفتين ص - في الصوم
وسئل ص - أي الصوم فقال شعبان لتعظيم رمضان قيل فأي الصدقة أفضل قال صدقة رمضان ذكره الترمذي والذي في الصحيح انه سئل أي الصيام افضل بعد شهر رمضان فقال شهر الله الذي تدعونه المحرم قيل فأي الصلاة افضل بعد المكتوبة قال الصلاة في جوف الليل
قال شيخنا ويحتمل ان يريد بشهر الله المحرم اول العام وان يريد به الاشهر الحرم والله اعلم
وسألته ص - عائشة رضى الله عنها فقالت يا رسول الله دخلت على وانت صائم ثم اكلت حيسا فقال نعم إنما منزلة من صام في غير رمضان أوقضى رمضان في التطوع بمنزلة رجل اخرج صدقة من ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه وبخل بما شاء فأمسكه ذكره النسائي
ودخل ص - على أم هاني فشرب ثم ناولها فشربت فقالت إني كنت صائمة فقال الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر (4/293)
ذكره أحمد وذكر الدارقطني أن أبا سعيد صنع طعاما فدعا النبي ص - وأصحابه فقال رجل من القوم إني صائم فقال رسول الله ص - صنع لك أخوك طعاما وتكلف لك أخوك أفطر وصم يوما آخر مكانه وذكر أحمد أن حفصة أهديت لها شاة فأكلت منها هي وعائشة وكانتا صائمتين فسألتا رسول الله ص - عن ذلك فقال أبدلا يوما مكانه
وسأله ص - رجل فقال قد اشتكيت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال نعم ذكره الترمذي وذكر الدارقطني أنه سئل أفريضة الوضوء من القيء فقال لا لو كان فريضة لوجدته في القرآن وفي إسناد الحديثين مقال
وسأله ص - عمر بن أبي سلمة أيقبل الصائم فقال له رسول الله ص - سل هذه لأم سلمة فأخبرته أن رسول الله ص - يفعل ذلك قال يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله ص - إنى لأتقاكم لله وأخشاكم له ذكره مسلم وعند الامام احمد ان رجلا قبل امرأته وهو صائم في رمضان فوجد من ذلك وجدا شديدا فأرسل امرأته فسألت أم سلمة عن ذلك فأخبرتها أن رسول الله ص - كان يفعله فأخبرت زوجها فزاده ذلك شرا وقال لسنا مثل رسول الله ص - إن الله يحل لرسوله ما شاء ثم رجعت امرأته الى ام سلمة فوجدت عندها رسول الله ص - فقال رسول الله ص - ما هذه المرأة فأخبرته ام سلمة فقال ألا اخبرتيها أنى أفعل ذلك قالت قد أخبرتها فذهبت الى زوجها فزاده ذلك شرأ وقال لسنا مثل رسول الله ص - إن الله يحل لرسوله ما شاء فغضب رسول الله ص - وقال والله إنى لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده ذكره مالك واحمد والشافعي رضى الله عنهم وذكر أحمد ان شابا (4/294)
ساله فقال أفبل وأنا صائم قال لا وسأله شيخ أقبل وأنا صائم قال نعم ثم قال إن الشيخ يملك نفسه
وساله ص - رجل فقال يا رسول الله أكلت وشربت ناسيا وانا صائم فقال أطعمك الله وسقاك ذكره أوداود وعند الدارقطني فيه بإسناد صحيح أتم صومك فإن الله أطعمك وسقاك ولا قضاء عليك وكان اول يوم من رمضان
وسألته ص - عن ذلك امرأة أكلت معه فأمسكت فقال مالك فقالت كنت صائمة فنسيت فقال ذو اليدين الان بعد ماشبعت فقال ص - أتمى صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك ذكره احمد
وسئل ص - عن الخيط الابيض والخيط الاسود فقال هو بياض النهار وسواد الليل ذكره النسائي
ونهاهم عن الوصال وواصل فسألوه عن ذلك فقال إنى لست كهيئتكم انى يطعمنى ربي ويسقينى متفق عليه
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله تدركني الصلاة وانا جنب فأصوم فقال رسول اله ص - وأنا تدركني الصلاة وانا جنب فأصوم فقال لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال والله إنى لأرجو ان اكون أخشاكم لله وأعلمكم لما اتقى ذكره مسلم
وسئل ص - عن الصوم في السفر فقال إن شئت صمت وإن شئت أفطرت وسأله ص - حمزة بن عمرو فقال إنى أجد في قوة على الصيام في السفر فهل على جناح فقال هي رخصة الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب ان يصوم فلا جناح عليه ذكرها مسلم (4/295)
وسئل ص - عن تقطيع قضاء رمضان فقال ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين قضى الدرهم والدرهمين الم يكن ذلك قضاء فالله احق ان يعفو ويغفر ذكره الدارقطني وإسناده حسن
وسألته ص - امرأة فقالت إن أمي ماتت وعليها صوم نذره أفأصوم عنها فقال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك متفق عليه
وعن أبي داود ان امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله عزوجل نجاها ان تصوم شهرا فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت ابنتها أواختها الى رسول الله ص - فأمرها ان تصوم عنها
وسالته ص - حفصة فقالت إنى أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدى لنا طعام فأفطرنا عليه فقال رسول الله ص - اقضيا مكانه يوما ذكره احمد ولا ينافى هذا قوله الصائم المتطوع امير نفسه فإن القضاء افضل
وسأله ص - رجل فقال هلكت وقعت على امرأتي وأنا صائم رسول الله ص - هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا قال هل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا قال اجلس فبينا نحن على ذلك إذ أتى النبي ص - بفرق فيه تمر والفرق المكتل الضخم فقال اين السائل قال أنا قال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر منى يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي ص - حتى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك متفق عليه (4/296)
وسأله ص - رجل أي شهر تأمرني أن أصوم بعد رمضان فقال إن كنت صائما بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر فيه تاب الله على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين ذكره احمد
وسئل ص - يا رسول الله لم نرك تصوم في شهر من الشهور ما تصوم في شعبان فقال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الاعمال الى رب العالمين فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم ذكره احمد
وسئل ص - عن صوم يوم الاثنين فقال ذاك يوم ولدت فيه وفيه انزل على القرآن ذكره مسلم
وسأله ص - أسامة فقال يا رسول الله إنك تصوم لا تكاد تفطر وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال أي يومين قال يوم الاثنين ويوم الخميس قال ذانك يومان تعرض فيهما الاعمال على رب العالمين فأحب ان يعرض عملى وانا صائم ذكره احمد
وسئل ص - فقيل يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس فقال إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين يقول حتى يصطلحا ذكره ابن ماجة
وسئل ص - يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر قال لا صام ولا أفظر أوقال لم يصم ولم يفطر قال كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوما قال ويطيق ذلك احد قال كيف بمن يصوم يوما ويفطر يوما قال ذاك صوم داود عليه السلام قال كيف بمن يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت أنى طوقت ذلك ثم قال رسول الله ص - ثلاث من كل شهر ورمضان الى رمضان (4/297)
هذا صيام الدهر كله صيام يوم عرفة احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي بعده ذكره مسلم
وسأله ص - رجل اصوم يوم الجمعة ولا أكلم أحدا فقال لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها أوفي شهر واما ان لا تكلم احدا فلعمرى ان تكلم بمعروف أوتنهى عن منكر خير من ان تسكت ذكره احمد
وساله ص - عمر رضى الله عنه فقال إنى نذرت في الجاهلية ان أعتكف يوما في المسجد الحرام فكيف ترى فقال اذهب فاعتكف يوما
وسئل ص - عن ليلة القدر أفي رمضان أوفي غيره قال بل في رمضان فقيل تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة قال بل هي إلى يوم القيامة فقيل في أي رمضان هي قال التمسوها في العشر الأول أوفي العشر الأخر فقيل في أي العشرين قال ابتغوها في العشر الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها فقال أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرنتي في أي العشر هي فغضب غضبا شديدا وقال التمسوها في السبع الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها ذكره أحمد والسائل أبو ذر وعند أبي داود أنه ص - سئل عن ليلة القدر فقال في كل رمضان وسئل عنها أيضا فقال كم الليلة فقال السائل ثنتان وعشرون فقال هي الليلة ثم رجع فقال أوالقابلة يريد ثلاثا وعشرين ذكره أبو داود
وسأله ص - عبد الله بن أنيس متى نلتمس هذه الليلة المباركة فقال التمسوها هذه الليلة وذلك مساء ليلة ثلاث وعشرين
وسألته ص - وسلم عائشة رضى عنها إن وافقتها فبم أدعو قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني حديث صحيح (4/298)
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الحج
وسألته ص - عائشة رضي الله عنها فقالت نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد قال لكن أفضل الجهاد وأجمله حج بدور ذكره البخاري وزاد أحمد لكن هو جهاده
وسألته ص - امرأة ما يعدل حجة معك فقال عمرة في رمضان ذكره أحمد وأصله في الصحيح
وسألته ص - أم معقل فقالت يا رسول الله إن على حجة وإن لأبي معقل بكرا فقال ابو معقل صدقت قد جعلته في سبيل الله فقال اعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله فأعطاها البكر فقالت يا رسول الله إنى امرأة قد كبرت سنى وسقمت فهل من عمل بجزئ عنى من حجتي فقال عمرة في رمضان تجزئ عن حجة ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل فقال إني أكرى في هذا الوجه وكان الناس يقولون ليس لك حج فسكت رسول الله ص - فلم يجبه حتى نزلت هذه الاية ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فارسل اليه رسول الله ص - وقرأها عليه وقال لك حج ذكره ابو داود
وسئل ص - أي الحج افضل قال العج والثج فقيل ما الحاج قال الشعث التفل قال ما السبيل قال الزاد والراحلة ذكره الشافعي
وسئل ص - عن العمرة أواجبه هي فقال لا وان تعتمر فهو افضل قال الترمذي صحيح وعند احمد ان اعرابيا قال يا رسول الله أخبرني عن العمرة اواجبه هي فقال لا وان تعتمروا خير لكم (4/299)
وسأله ص - رجل فقال إن ابي ادركه الاسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل والحج مكتوب علينا أفأحج عنه قال انت اكبر ولده قال نعم قال أرأيت لو كان على ابيك دين فقضيته عنه كان ذلك يجزي عنه قال نعم قال فحج عنه ذكره احمد
وسأله ص - ابو ذر فقال أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن فقال له حج عن ابيك واعتمر قال الدارقطنى رجال إسناده كلهم ثقات
وسأله رجل فقال إن ابي مات ولم يحج أفاحج عنه فقال أرأيت إن كان أبيك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق ذكره احمد
وسألته ص - امرأة فقالت إن امي ماتت ولم تحج أفأحج عنها قال نعم حجى عنها حديث صحيح وعند الدارقطني ان رجلا سأله قال هلك أبي ولم يحج قال أرأيت لو كان على ابيك دين فقضيته أيقبل منك قال نعم قال فاحجج عنه وهو يدل على ان السؤال والجواب إنما كانا عن القبول والصحة لا عن الوجوب والله أعلم
وأفتى ص - رجلا سمعه يقول لبيك عن شبرمة قريب له فقال احججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ذكره الشافعي واحمد رحمها الله تعالى
وسألته امرأة عن صبى رفعته اليه فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر ذكره مسلم
وسأله رجل فقال إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال النبي ص - لو كان عليها دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقض الله فهو أحق بالقضاء متفق عليه (4/300)
وسئل ما يلبس المحرم في إحرامه فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين متفق عليه
وسأله ص - رجل عليه جبة وهو متضمخ بالخلوق فقال احرمت بعمرة وانا كما ترى فقال انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة متفق عليه وفي بعض طرقه واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك
وسأله ص - ابو قتادة عن الصيد الذي صاده وهو حلال فأكل اصحابه منه وهو محرمون فقال هل معكم منه شئ فناوله العضد فأكلها وهو محرم متفق عليه
وسئل ص - عما يقتل المحرم فقال الحية والعقرب والفويسقة والكلب العقور والسبع العادي زاد احمد ويرمى بالغراب ولا يقتل
وسألته ص - ضباعة بنت الزبير فقالت إنى اريد وانا شاكية فقال النبي ص - حجى واشترطى ان محلى حيث حبستني ذكره مسلم واستفتته ام سلمة في الحج وقالت إنى اشتكى فقال طوفي من وراء الناس وانت راكبة
وسألته ص - عائشة فقالت يا رسول الله ألا أدخل البيت فقال ادخلى الحجر فإنه من البيت
واستفتاه ص - عروة بن مضرس فقال يا رسول الله جئت من جبلى طى أذلك مطيتى واتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه هل لي من حج فقال رسول الله ص - من أدرك معنا هذه الصلاة يعنى صلاة الفجر وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أونهارا تم حجه وقضى تفثه حديث صحيح (4/301)
واستفتاه ص - ناس من أهل نجد فقالوا يا رسول الله كيف الحج فقال الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر تم حجة ومن تأخر فلا إثم عليه ثم أردف رجلا خلفه ينادي بهن ذكره احمد
وسأله ص - رجل فقال لم أشعر فحلقت قبل ان أذبح فقال اذبح و لاحرج وسأله ص - آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل ان ارمي فقال ارم ولا حرج فما سئل النبي ص - عن شئ قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج متفق عليه وعند احمد فما سئل يومئذ عن امر مما ينسئ المرء أويجهل من تقديم بعض الامور على بعض وأشباهها إلا قال افعل و لاحرج وفي لفظ حلقت قبل ان انحر قال اذبح ولا حرج وساله ص - آخر قال حلقت ولم أرم قال ارم ولا حرج وفي لفظ انه سئل عمن ذبح قبل ان يحلق أوحلق قبل ان يذبح قال لا حرج وقال كان الناس يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل ان اطوف واخرت شيئا وقدمت شيئا فكان يقول ولا حرج إلا على رحيل اقترض عرض مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك ذكره ابو داود
وأفتى ص - كعب بن عجرة ان يحلق رأسه وهو محرم لاذى القمل وان ينسك بشاة أويطعم ستة مساكين أويصوم ثلاثة ايام
وأفتى ص - من أهدى بدنه ان يركبها متفق عليه
وسأله ص - ناجية الخزاعى ما يصنع بما عطب من الهدى فقال انحرها واغمس نعلها في دمها واضرب به صفحاتها وخل بينها وبين الناس فيأكلوها ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته
وساله عمر فقال إنى أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلثمائة دينار فأبيعها (4/302)
فأشترى بها بدنا فقال رسول الله ص - لا انحرها إياها
وسأله ص - زيد بن ارقم ما هذه الاضاحي فقال سنة أبيكم ابراهيم صلاة الله وسلامة عليه قال فما لنا منها قال بكل شعرة حسنة قالوا يا رسول الله فالصوف قال بكل شعرة من الصوف حسنة ذكره احمد
وسأله ص - امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه عن يوم الحج الاكبر فقال يوم النحر ذكره الترمذي وعند ابي داود بإسناد صحيح ان رسول الله ص - وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها فقال أي يوم هذا قالوا يوم النحر فقال هذا يوم الحج الاكبر وقد قال تعالى وأذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر ان الله برئ من المشركين ورسوله وإنما أذن المؤذن بهذه البراءة يوم النحر وثبت في الصحيح عن ابي هريرة انه قال يوم الحج الاكبر يوم النحر
وأفتى ص - اصحابه بجواز فسخهم الحج الى العمرة ثم افتاهم باستحبابه ثم أفتاهم بفعله حتما ولم ينسخه شئ بعده وهو الذي ندين الله به ان القول بوجوبه اقوى واصح من القول بالمنع منه وقد صح عنه صحة لا شك فيها انه قال من لم يكن أهدى فليهل بعمرة ومن كان أهدى فلهل بحج مع عمرة وأما ما فعله هو فإنه صح عنه انه قرن بين الحج والعمرة من بضعة وعشرين وجها رواه عنه ستة عشر نفسا من أصحابه ففعل القرآن وامر بفعله من ساق الهدى وامر بفسخه الى التمتع من لم يسق الهدى وهذا من فعله وقوله كأنه راى عين وبالله التوفيق
وسأله ص - رجل أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى أفأضحى بها قال لا ولكن خذ من شعرك وأظفارك وقص شاربك (4/303)
وتحلق عانتك وذلك تمام أضحيتك عند الله ذكره ابو داود والمنيحة الشاة التي أعطاه إياها غيره لينتفع بلبنها فمنعت من التضحية بها بأنها ليست ملكة وإن كان قد منحها هو غيره وقتا معلوما لزم الوفاء له بذلك فلا يضحى بها أيضا
وأمر رسول الله ص - سبعة من أصحابه كانوا معه فأخرج كل واحد منهم درهما فاشتروا اضحية فقالوا يا رسول الله لقد أغلينا بها فقال النبي ص - إن افضل الضحايا اغلاها واسمنها فأمر رسول الله ص - فأخذ رجل برجل ورجل برجل ورجل بيد ورجل بيد ورجل بقرن ورجل بقرن وذبحها السابع وكبروا عليها جميعا ذكره احمد نزل هؤلاء النفر منزلة اهل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم لانهم كانوا رفقة واحدة وسأله ص - رجل فقال إن على بدنه وأنا مؤثر بها ولا أجدها فأشتريها فأفتاه النبي ص - ان يبتاع سبع شياه فيذبحهن ذكره احمد
وسأله ص - زيد بن خالد عن جذع من المعز فقال ضح به ذكره احمد
وسأله ص - ابو بردة بن نيار عن شاة ذبحها يوم العيد فقال أقبل الصلاة قال نعم قال تلك شاة لحم قال عندى عناق جذعة هي أحب الى من مسنة قال تجزئ عنك ولن يجزئ عن احد بعدك ذكره احمد وهو صحيح صريح في ان الذبح قبل الصلاة لا يجزئ سواء دخل وقتها ولم يدخل وهذا الذي ندين الله به قطعا ولا يجوز غيره
وفي الصحيحين من حديث جندب بن سفيان البجلى عنه ص - مكان ذبح قبل ان يصلي فليذبح مكانها اخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله (4/304)
وفي الصحيحين من حديث انس عنه ص - انه قال من كان ذبح قبل الصلاة فليعد ولا قول لاحد مع رسول الله ص -
وسأله ص - ابو سعيد فقال اشتريت كبشا اضحي به فعدا الذئب فأخذ أليته فقال ضح به ذكره احمد
وأفتى ص - من أراد الخروج الى بيت المقدس للصلاة ان يصلي في مكة ذكره احمد
وسأله ص - آخر يوم فتح مكة فقال إنى نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس فقال صل ههنا ثم ساله فقال شأنك إذا ذكره ابو داود
وسأله ص - ابو ذر أي مسجد وضع في الارض اول قال المسجد الحرام قال ثم اى قال المسجد الاقصى قال كم بينهما قال أربعون عاما متفق عليه
وسئل ص - أى المسجدين اسس على التقوى قال مسجدكم هذا يريد مسجد المدينة ذكره مسلم وزاد الامام احمد وفي ذلك خير كثير يعنى مسجد قباء
فصل فتاوى إمام المفتين ص - في فضل بعض من سور القرآن
وسئل أى آية في القرآن اعظم فقال الله لا إله إلا هو الحي القيوم ذكره ابو داود
وسأل ص - رجل فقال ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب انه قبر فإذا إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال النبي ص (4/305)
هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر ذكره الترمذي وقال ابن عبدالبر هو صحيح
وساله ص - رجل فقال اقرئني سورة جامعة فأقرأه إذا زلزلت الارض حتى فرغ منها فقال الرجل والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدا ثم أدبر الرجل فقال النبي ص - افلح الرو يجل مرتين ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل فقال إنى احب سورة قل هو الله احد فقال حبك اياها ادخلك الجنة
وقال له عقبة بن عامر أقرأ سورة هود وسورة يوسف فقال لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس ذكره النسائي
وفي الترمذي عنه انه سئل ص - أي الاعمال احب الى الله قال الحال المرتحل وفهم بعضهم من هذا انه اذا فرغ من ختم الفران قرأ فاتحة الكتاب وثلاث آيات من سورة البقرة لانه حل بالفراغ وارتحل بالشروع وهذا لم يفعله احد من الصحابة ولا التابعين ولا استحبه احد من الائمة والمراد بالحديث الذي كلما حل من غزاة ارتحل في أخرى أوكلما حل من عمل ارتحل الى غيره تكميلا له كما كمل الاول واما هذا الذي يفعله بعض القراء فليس مراد الحديث قطعا وبالله التوفيق
وقد جاء تفسير الحديث متصلا به أن يضرب من أول القران الى اخره كلما حل ارتحل وهذا له معنيان احدهما انه كلما حل من سورة أوجزء ارتحل في غيره والثاني انه كلما حل من ختمه ارتحل في أخرى
وسئل عن أهل الله من هم فقال هم اهل القرآن أهل الله وخاصته ذكره احمد
وسأله ص - عبد الله بن عمرو بن العاص في كم اقرأ القران (4/306)
فقال في شهر فقال أطيق أفضل من ذلك فقال في عشرين فقال اطيق أفضل من ذلك فقال في خمس عشرة فقال اطيق افضل من ذلك قال في عشر فقال اطيق افضل من ذلك قال في خمس اطيق افضل من ذلك قال لا يفقه القرأن من قراه في اقل من ثلاث ذكره احمد
واختلف رجلان في اية كل منهما أخذهما عن رسول الله ص - فسألاه عنها فقال لكل منهما هكذا انزلت ثم قال انزل القران على سبعة احرف متفق عليه
وسئل ص - أي المجاهدين اعظم أجرا قال أكثرهم ذكرا لله قيل فأي الصائمين اعظم أجرا قال اكثرهم لله ذكرا ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك يقول اكثرهم لله ذكرا فقال ابو بكر لعمر رضى الله عنهما ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله ص - أجل ذكره احمد
وسئل ص - عن المفردين الذين هم اهل السبق فقال الذاكرون الله كثيرا وفي لفظ المشتهرون بذكر الله يضع الذكر عنهم اثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا ذكره الترمذي
وسئل عن رياض الجنة فقال حلق الذكر
وسئل ص - عن أهل الكرم الذين يقال لهم يوم القيامة سيعلم اهل الجمع من اهل الكرم فقال هم اهل الذكر في المساجد ذكره احمد
وسئل عن غنيمة مجالس الذكر فقال غنيمة مجالس الذكر الجنة ذكره احمد
وسئل ص - عن قوم غزوا فقالوا ما رأينا افضل غنيمة ولا اسرع رجعة منهم فقال ادلكم على قوم أفضل غنيمة منهم واسرع رجعة قوم شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى طلعت الشمس فأولئك اسرع رجعة وافضل غنيمة ذكره الترمذي (4/307)
وسئل ص - عن خيار الناس فقال الذين إذا رأوا ذكر الله ذكروا ذكره احمد
وسئل ص - عن خير الاعمال وازكاها عند الله وأرفعها في الدرجات فقال ذكر الله ذكره احمد
وسئل ص - أي الدعاء اسمع فقال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ذكره احمد وقال الدعاء بين الاذان والاقامة لا يرد قالوا فماذا نقول يا رسول الله قال سلوا الله العافية في الدنيا والاخرة ذكره الترمذي
وسئل ص - بأي شئ نختم الدعاء فقال بآمين ذكره ابو داود
وسئل ص - عن تمام النعمة فقال الفوز بالجنة والنجاة من النار ذكره الترمذي فنسأل الله تمام نعمته بالفوز بالجنة والنجاة من النار وسئل ص - عن الاستعجال المانع من إجابة الدعاء فقال يقول قد دعوت قد دعوت فلم يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ذكره مسلم وفي لفظ يقول قد سألت قد سألت فلم أعط شيئا
وسئل ص - عن الباقيات الصالحات فقال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله ذكره احمد
وسأله ص - الصديق رضى الله عنه ان يعلمه دعاء يدعو به في صلاته فقال قل اللهم إنى ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك انت الغفور الرحيم متفق عليه
وسأله ص - الاعرابي الذي علمه ان يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين (4/308)
ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم فقال هذا لربي فما لي فقال قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وأخرتك ذكره مسلم
وسئل ص - عن رياض الجنة فقال المساجد فسئل ص - عن الرتع فيها فقال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ذكره الترمذي
واستفتاه ص - رجل فقال لا استطيع ان آخذ من القرآن شيئا فعلمنى ما يجزيني قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله قال يا رسول اله هذا الله فما لي قال قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني فقال هكذا بيده وقبضها فقال رسول الله ص - أما هذا فقد ملأ يده من الخير ذكره ابو داود
ومر ص - بأبي هريرة وهو يغرس غرسا فقال الا ادلك على غراس خير لك من هذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر يغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة ذكره ابن ماجه
وسئل ص - كيف يكسب احدنا كل يوم الف حسنة قال يسبح مائة تسبيحة يكتب له الف حسنة أويحط عنه الف خطيئة ذكره مسلم
وافتى ص - من قال له لدعتني عقرب بأنه لو قال حين امسى أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره ذكره مسلم
وسأله ص - رجل أن يعلمه تعوذا يتعوذ به فقال قل اللهم إنى أعوذ بك من شر سمعي وشر بصري وشر لساني وشر قلبي وشرهنى يعني الفرج ذكره النسائي
وسئل ص - عن كيفيه الصلاة عليه فقال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك (4/309)
حميد مجيد وبارك على محمد وعلى أل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد متفق عليه
وقال له ص - معاذ يا رسول الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سالت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على ابواب الخير قلت بلى يا رسول الله قال الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قال الا اخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه رأس الامر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ثم قال الا اخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله قال كف عليك هذا وأشار الى لسانه قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد السنتهم حديث صحيح
وسأله ص - أعرابي فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان فقال والذي نفسي بيده لاأزيد على هذا ولا أنقص منه فلما ولى قال النبي ص - من سره ان ينظر الى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا متفق عليه
وسأله ص - رجل آخر فقال أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني من النار فقال تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتصل الرحم متفق عليه
وساله اعرابي فقال علمني عملا يدخلني الجنة فقال لئن كنت اقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة اعتق النسمة وفك الرقبة قال أوليسا واحدا (4/310)
قال لا عتق النسمة ان تنفرد بعتقها وفك الرقبة ان تعين في عتقها والمنحة الوكوف والفيء على ذي الرحم الظالم فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير ذكره أحمد
وسأله ص - رجل ما الإسلام فقال أن يسلم قلبك لله وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك قال فأي الإسلام أفضل قال الإيمان قال وما الإيمان قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت قال فأي الإيمان أفضل قال الهجرة قال وما الهجرة قال أن تهجر السوء قال فأي الهجرة أفضل قال الجهاد قال وما الجهاد قال أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم قال فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه ثم عملان هما أفضل الأعمال إلا من عمل بمثلهما حجة مبرورة أوعمرة ذكره أحمد
وسئل ص - أي الأعمال أفضل فقال الإيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة مبرورة تفضل سائر العمل كما بين مطلع الشمس ومغربها ذكره أحمد
وسئل ص - أيضا أي الأعمال أفضل فقال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال السائل وماذا يا رسول الله قال وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وأن تقول خيرا أوتصمت
واختلف نفر من الصحابة في أفضل الأعمال فقال بعضهم سقاية الحاج وقال بعضهم عمارة المسجد الحرام وقال بعضهم الحج وقال بعضهم الجهاد في سبيل الله فاستفتى عمر في ذلك رسول الله ص - فأنزل الله عز و جل أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله (4/311)
واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين إلى قوله تعالى وأولئك هم الفائزون
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت شهر رمضان فقال من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصابعه مالم يعق والديه ذكره أحمد
وسأله ص - آخر فقال أرأيت إذا صليت المكتوبة وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أدخل الجنة قال نعم قال والله لاأزيدن على ذلك شيئا ذكره مسلم
وسئل ص - أي الأعمال خير قال أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف متفق عليه
وسأله ص - أبو هريرة فقال إني رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء فقال كل شيء خلق من ماء قال أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة قال أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم ادخل الجنة بسلام ذكره أحمد
وسأله ص - آخر فشكا إليه قسوة قلبه فقال إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم
وسئل ص - أي الأعمال قال طول القيام قيل فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل فأي الهجرة أفضل قال من هجر ما حرم الله عليه قيل فأي الجهاد أفضل قال من جاهد المشركين بماله ونفسه قيل فأي القتل أشرف قال من أهريق دمه وعقر جواده ذكره أبو داود (4/312)
وسئل ص - أي الأعمال أفضل قال إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحج مبرور
وسئله ص - أبو ذر فقال من أين أتصدق وليس لي مال قال إن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ولك من جماعك لزوجتك أجر فقال أبو ذر فكيف يكون لي أجر في شهوتي فقال رسول الله ص - أرأيت لو كان لك ولد ورجوت أجرة فمات أكنت تحتسب به قلت نعم قال أنت خلقته قلت بل الله خلقه قال فأنت هديته قلت بل الله هداه قال أنت كنت رزقته قلت بل الله كان يرزقه قال فكذلك فضمفه في حلاله وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه وإن شاء اماته فلك اجر ذكره أحمد
وسأل ص - أصحابه يوما من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر أنا قال اتبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر انا قال من أطعم منكم اليوم مسكينا قال أبو بكر أنا قال فمن عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر أنا قال رسول الله ص - ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة ذكره مسلم
وسئل ص - يا رسول الله الرجل يعمل العمل فيستره فإذا اطلع عليه أعجبه فقال له له أجران أجر السر وأجر العلانية ذكره الترميذي
وسأله ص - أبو ذر يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه قال تلك عاجل بشرى المؤمن ذكره مسلم (4/313)
وسأله ص - رجل أي العمل أفضل فقال الإيمان بالله وتصديق به وجهاد في سبيله قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال السماحة والصبر قال أريد أهون من ذلك قال لا تتهم الله تعالى في شيء قضى لك ذكره أحمد
وسأله ص - عقبة عن فواضل الأعمال فقال يا عقبة صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك ذكره أحمد
وسأله ص - رجل كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أني قد أحسنت وإذا أسأت أني قد أسأت فقال إذا قال جيرانك إنك قد أحسنت فقد أحسنت وإذا قالوا قد أسأت فقد أسأت ذكره ابن ماجة وعند الإمام أحمد إذا سمعتهم يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الأموال
وسئل ص - أي الكسب أفضل قال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور ذكره أحمد
وسأله ص - رجل فقال إن لي مالا وولدا وإن أبى يريد أن يحتاج مالي قال أنت ومالك لأبيك إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا ذكره أبو داود وأحمد
وسألته ص - امرأة فقالت إنا كل على آبائنا وأبنائنا وأزواجنا فما يحل لنا من أموالهم قال الرطب تأكلينه وتهدينه ذكره أبو داود وقال عقبة الرطب يعني به ما يفسد إذا بقي
وسئل ص - إنا نأخذ على كتاب الله أجرا فقال إن (4/314)
أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ذكره البخاري في قصة الرقية
وسئل ص - عن أموال السلطان فقال ما أتاك الله منها من غير مسألة ولا إشراف فكله وتموله ذكره أحمد
وسئل ص - عن أجرة الحجام فقال أعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك ذكره مالك
وسأله ص - رجل عن عسب الفحل فنهاه فقال إنا نطرق الفحل فنكرم فرخص له في الكرامة حديث حسن ذكره الترميذي
ونهىعن القسامة بضم القاف فسئل عنها فقال الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا ذكره ابو داود
وسئل ص - أي الصدقة افضل قال سقى الماء
بعض الفتاوي المختلفة
وسألته ص - امراءة فقالت يا رسول الله اني احب الصلاة معك فقال قد علمت انك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي فأمرت فبنى لها مسجد في اقصى شيء من بيتها واظلم فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز و جل
وسئل ص - أي البقاع شر قال لا ادري حتى اسال جبريل فسأل جبريل فقال لا ادري حتى اسأل ميكائيل فجاء فقال خير البقاع المساجد وشرها الاسواق
وقال في الانسان ستون وثلاثمائة مفصل عليه ان يتصدق عن كل مفصل صدقة فسألوه من يطيق ذلك قال النخامة تراها في المسجد فتدفنها أوالشيء فتنحيه عن الطريق فإن لم تجد فركعتا الضحى يجزيانك (4/315)
وسئل ص - عن الصلاة قاعدا فقال من صلى قائما فهو افضل ومن صلى قاعدا فله نصف اجر القائم ومن صلى مضطجعا فله نصف اجر القاعد قلت وهذا له محملان احدهما ان يكون في النافلة عند من يجوزها مضطجعا والثاني على المعذور فيكون له بالفعل النصف والتكميل بالنية
وسأله ص - رجل فقال ما يمنعني ان اتعلم القران الا خشية ان لا اقوم به فقال تعلم القران واقراءه وارقد فإن مثل القران لمن تعلمه فقرأه وقال به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه على كل مكان ومن تعلمه ورقد وهو في جوفه كمثل جراب وكي على مسك
وقال عن رجل توفي من أصحابه ليته مات في غير مولده فستل لم ذلك فقال إن الرجل إذا مات في غير مولده فليس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة ذكر هذه الأحاديث أبو حاتم وابن حبان في صحيحه
وسئل ص - أيغني الدواء شيئا فقال سبحان الله وهل أنزل الله تبارك وتعالى من داء في الأرض إلا جعل له شفاء
وسئل ص - عن الرقي والأدوية هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله
وسئل ص - عن رجل من المسلمين طعن رجلامن المشركين في الحرب فقال خذها وأنا الغلام الفارسي فقال لا بأس في ذلك يحمد ويؤجر ذكر هما احمد
وسأله ص - رجل أن يعلمه ما ينفعه فقال لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك منبسط إليه وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ولايحبها الله (4/316)
وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم منه فإن أجره لك ووباله على من قاله
وسئل ص - عن لحوم الحمر الأهلية فقال لا تحل لمن شهد انى رسول الله ذكره أحمد
وسئل ص - عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها كيف يصنع معهم فقال صل الصلاة لوقتها ثم صل معهم فإنها لك نأفلة حديث صحيح
وسألته ص - امرأة صفوان بن المعطل السلمي فقالت إنه يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس فسأله عما قالت امرأته فقال أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتنا عنهما فقال ص - لو كانت سورة واحدة لكفت الناس وأما قولهما يفطرني إذا صمت فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب ولا أصبر فقال ص - يومئذ لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها قال وأما قولها لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت لانكا أن نستيفظ حتى تطلع الشمس فقال صل إذا استيقظت ذكره ابن حبان
قلت ولهذا صادف أم المؤمنين في قصة الإفك لأنه كان في آخر الناس ولا ينافي هذا الحديث قوله في حديث الإفك والله ما كشفت كنف أنثى قط فإنه إلى ذلك الوقت لم يكشف كنف أنثى قط ثم تزوج بعد ذلك
وسئل ص - عن قتل الوزغ فأمر بقتله ذكره ابن حبان
وسئل ص - عن رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة فجعل بهادي بين رجلين فقال إن الله لغنى عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب (4/317)
واستفتاه ص - رجل في جار له يؤذيه فأمره بالصبر ثلاث مرات فقال له في الرابعة اطرح متاعك في الطريق ففعل فجعل الناس يمرون به ويقولون ماله ويقول آذاه جاره فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه فقال رد متاعك والله لا اوذيك أبدا ذكره أحمد وابن حبان
وسأله ص - رجل فقال إني أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبة فقال له ألك والدان فقال لا قال فلك خالة قال نعم قال فبرها ذكره ابن حبان
وسئل ص - عن رجل قد أوجب فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضومنها عضوا منه من النار ذكره ابن حبان أيضا
أوجب أي استوجب النار بذنب عظيم ارتبكه
وسأله رجل فقال إن أبوي قد هلكا فهل بقي من بعد موتها شيء فقال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عقودهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما التي لا رحم لك من قبلها قال الرجل ما ألذ هذا وأطيبه قال فاعمل به
وسئل ص - عن رجل شد على رجل من المشركين ليقتله فقال إني مسلم فقتله فقال فيه فولا شديدا فقال إنما قاله تعوذا من السيف فقال إن الله حرم علي أن أقتل مؤمنا حديث صحيح وسئل ص - رجل فقال يارسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا فقال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ذكره ابن حبان
وسأله ص - رجل ما الذي بعثك الله به فقال الإسلام فقال (4/318)
وما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله وأن توجه وجهك لله وأن تصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة أخوان نصيران لا يقبل الله من عبد توبة أشرك بعد إسلامه ذكره ابن حبان أيصا
وسأله ص - الأسود بن سريع فقال أرأيت إن لقيت رجلا من المشركين فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله بعد أن قالها فقال رسول الله ص - لا تقتله فقلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد إن قطعها أفأقتله قال لا تقتله فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال حديث صحيح
وسأله ص - رجل فقال يارسول الله مررت برجل فلم يضفني ولم يقرني أفأحتكم قال بل اقره ذكرههما ابن حبان وقوله أحتكم أي أعامله إذا مر بي بمثل ما عاملني به
وسأله ص - أبو ذر فقال الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم قال يا أبا ذر أنت مع من أحببت قال فإني أحب الله ورسوله قال انت يا أبا ذر مع من أحببت
وسأله ص - ناس من الأعراب فقالوا أفتنا في كذا أفتنا في كذا أفتنا في كذا فقال أيها الناس إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه فذلك الذي حرج وهلك قالوا أفنتداوى يا رسول الله قال نعم إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء غير داء واحد قالوا يا رسول الله وما هو قال الهرم قالوا فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله قال أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا ذكره أحمد وابن حبان (4/319)
وسأله ص - عدي بن حاتم فقال إن ابي كان يصل الرحم وكان يفعل ويفعل فقال إن أباك أراد أمرا فأدركه يعني الذكر قال قلت يا رسول الله إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجا قال لا تدع شيئا ضارع النصرانية فيه قال قلت إني أرسل كلبي المعلم فيأخذ صيدا فلا أجد ما أذبح به إلا المروة والعصي قال لا أهرق الدم بما شئت واذكر اسم الله ذكره ابن حبان
وسألته ص - عائشة عن ابن جدعان وما كان يفعل في الجاهلية من صلة الرحم وحسن الجوار وقري الضيف هل ينفعه فقال لا لأنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين
وسأله ص - سفيان بن عبد الله الثقفي أن يقول له قولا لا يسأل عنه أحدا بعده فقال قل آمنت بالله ثم استقم
وسألته ص - من أكرم الناس فقال أتقاهم لله قالوا لسنا عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا
وسألته ص - امرأة فقالت إني نذرت إن ردك الله سالما ان أضرب على رأسك بالدف فقال إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا قالت إني كنت نذرت فقعد رسول الله ص - فضربت بالدف حديث صحيح وله وجهان أحدها أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح تطيبا لقلبها وجبرا وتأليفا لها على زيادة الإيمان وقوته وفرحها بسلامةرسول الله ص - والثاني أن يكون هذا النذر قربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول الله ص - سالما مؤيدا منصورا على أعدائه قد أظهره الله وأظهر دينه وهذا من أفضل القرب فامرت بالوفاء به
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله الرجل يريد الجهاد في (4/320)
سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا فقال لا أجر له فأعظم ذلك الناس فقالوا للرجل أعد لرسول الله ص - فلعلك لم تفهمه فقال الرجل يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا فقال لا أجر له فأعظم ذلك الناس فقالوا أعد لرسول الله ص - فأعاد فقال لا أجر له
وسأله ص - رجل فقال أقاتل أوأسلم قال أسلم ثم قاتل فأسلم ثم قاتل فقتل فقال البي ص - هذا عمل قليلا وأجر كثيرا
وسأله ص - رجل ما أكثر ما تخاف على فأخذ بلسانه ثم قال هذا
وسأله ص - رجل فقال قل لي قولا ينفعني الله به وأقلل لعلي أعقله فقال لا تغضب فردد مرارا كل ذلك يقول له لا تغضب
وسألته ص - امرأة فقالت إن لي ضرة فهل على جناح إن استكثرت من زوجي بما لا يعطيني فقال المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور وكل هذه الأحاديث في الصحيح
وسأله ص - رجل فقال إن شرائع الإسلام قد كثرت على فأوصنى بشيء أتشبث به فقال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ذكره أحمد
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله أرسل ناقتي وأتوكل على الله بل فقال بل اعقلها وتوكل ذكره ابن حبان والترميذي
وقال له ص - رجل ليس عندي يا رسول الله ما أتزوج به قال أوليس معك قل هو الله أحد قال بلى قال ثلث القرآن قال أليس معك قل يا أيها الكافرون قال بلى قال ربع القرآن قال أليس معك إذا زلزلت الأرض قال بلى قال ربع القرآن (4/321)
قال
أليس معك إذا جاء نصر الله قال بلى قال ربع القرآن أليس معك آية الكرسي قال بلى قال ربع القرآن قال تزوج تزوج تزوج ثلاث مرات ذكره أحمد
وسأله ص - معاذ فقال يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمرنا في أمرهم قال لا طاعة لمن لم يطع الله
وسأله ص - أنس أن يشفع له فقال إني فاعل قال فأين أطلبك يوم القيامة قال اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قلت فإذا لم ألقك على الصراط قال فأنا على الميزان قلت فإن لم ألقك عند الميزان قال فأنا عند الحوض لا أخطيء هذه الثلاث مواطن يوم القيامة ذكرها أحمد
وسأله ص - الحجاج بن علاط فقال إن لى بمكة مالا وإن لي بها أهلا وأريد أن آتيهم فأنا في حل إن أنا نلت منك أوقلت شيئا فأذن له رسول الله ص - أن يقول ما شاء ذكره أحمد
وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائلة معناه إما لعدم قصده له أولعدم علمه به أوانه أراد به غير معناه لم يلزمه مالم يرده بكلامه وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله ولهذا لم يلزم المكره على التكلم بالكفر الكفر ولم يلزم زائل العقل بجنون أونوم أوسكر ما تكلم به ولم يلزم الحجاج ابن علاط حكم ما تكلم به لأنه أراد به غير معناه ولم يعقد قلبه عليه وقد قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان وفي الاية الاخرى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم فالاحكام في الدنيا والاخرة مرتبة على ما كسبه القلب وعقد عليه وأراده من معنى كلامه (4/322)
وسألته ص - امرأة فقالت يا رسول الله إن نساء اسعدنني في الجاهلية يعنى في النوح أفأساعدهن في الاسلام فقال
لا إسعاد في الاسلام ولا شغار في الاسلام ولا عقر في الاسلام ولاجلب في الاسلام ومن انتهب فليس منا ذكره احمد
والاسعاد اسعاد المراة في مصيبتها بالنوح والشغار ان يزوج الرجل ابنته على ان يزوجه الآخر ابنته والعقر الذبح على قبور الموتى والجلب الصياح على الفرس في السباق والجنب ان يجنب فرسا فإذا اعيت فرسه انتقل الى تلك في المسابقة
وسأله صلى الله عليه و سلم بعض الانصار فقالوا قد كان لنا جمل نسير عليه وانه قد استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل فقال لاصحابه قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي ص - صلى الله عليه و سلم نحوه فقالت الانصار يا نبي الله انه قد صار مثل الكلب الكلب وانا نخاف عليك صولته فقال ليس علي منه بأس فلما نظر الجمل الى رسول الله ص - اقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه فأخذ رسول الله ص - بناصيته اذل ما كان قط حتى ادخله في العمل فقال له الصحابة يا نبي الله هذا بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن نعقل فنحن احق ان نسجد لك فقال لا يصلح لبشر ان يسجد لبشر ولو صلح لبشر ان يسجد لبشر لا مرت المراة ان تسجد لزوجها من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو كان من قدمه الى مفرق راسه يتنجس بالقيح والصديد ثم استقبلته تلحسه ما ادت حقه ذكره احمد فأخذ المشركون مع مريديهم بسجود الجمل ص - وتركوا قوله لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر وهؤلاء من الذين يتبعون المتشابه ويدعون المحكم
وسئل ص - فقيل له ان اهل الكتاب يحتفون ولا ينتعلون في الصلاة قال فاحتفوا وانتعلوا وخالفوا اهل الكتاب قالوا فإن اهل (4/323)
الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم فقال قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا اهل الكتاب ذكره احمد
وسأله ص - رجل فقال يا نبي الله مررت بغار فيه شيء من ماء فحدثت نفسي بأن أقيم فيه فيقوتني ما فيه من ماء وأصيب ما حوله من البقل وأتخلى عن الدنيا فقال النبي ص - إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة
فصل فتاوي امام المفتين صلى الله عليه و سلم في البيوت
واخبرهم ان الله سبحانه وتعالى حرم عليهم بيع الخمر والميتة والخنزير وعبادة الاصنام فسألوه وقالوا ارايت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود فإن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه واكلوا ثمنه
وفي قوله هو حرام قولان احدهما ان هذه الافعال حرام والثاني ان البيع حرام وان كان المشتري يشتريه لذلك والقولان مبنيان على ان السؤال منهم هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور أووقع عن الانتفاع المذكور والاول اختيار شيخنا وهو الاظهر لانه لم يخبرهم اولا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم اليه وانما اخبرهم عن تحريم البيع (4/324)
فأخبروه انهم يبتاعونه لهذا الانتفاع فلم يرخص لهم في البيع ولم ينههم عن الانتفاع المذكور ولا تلازم بين جواز البيع وحل المنفعة والله اعلم
وسأله ص - أبو طلحة عن أيتام ورثوا خمرا فقال أهرقها قال أفلا أجعلها خلا قال لا حديث صحيح وفي لفظ أن أبا طلحة قال يا رسول الله إني اشتريت خمرا لايتام في حجري فقال أهرق الخمر واكسر الدنان
وسأله ص - حكيم بن حزام فقال الرجل يأتيني ويريد مني البيع وليس عندي ما يطلب أفأبيع منه ثم أبتاع من السوق قال لا تبع ماليس عندك ذكره أحمد
وسأله ص - أيضا فقال إني أبتاع هذه البيوع فما يحل لي منها وما يحرم قال يا ابن أخي لا تبيعن شيئا حتى تقبضه ذكره أحمد
وعند النسائي ابتعت طعاما من طعام الصدقة فربحت فيه قبل أن أقبضه فأتيت رسول ص - فذكرت له ذلك فقال لا تبعه حتى تقبضه
وسئل ص - عن الصلاح الذي إذا وجد جاز بيع الثمار فقال تحمار وتصفار ويؤكل منها متفق عليه
وسأله ص - رجل فقال ماالشيء الذي لا يحل منعه قال الماء قال ماالشيء الذي لا يحل منعه قال الملح قال ثم ماذا قال النار ثم سأله ص - ماالشيء الذي لا يحل منعه قال أن تفعل الخير خير لك ذكره ابو داود
وسئل ان يحجر على رجل يغبن في البيع لضعف في عقدته فنهاه عن البيع فقال لا أصبر عنه فقال إذا بايعت فقل لا خلابة وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاثا (4/325)
وسئل ص - عن رجل ابتاع غلاما فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فرده عليه فقال البائع يا رسول الله قد استغل غلامي فقال الخراج بالضمان ذكره أبو داود
وسألته ص - امرأة فقالت إني امرأة أبيع وأشتري فإذا أردت أن أبتاع الشيء سمعت به أقل مما أريد ثم زدت حتى أبلغ الذي أريد وإذا أردت ان ابيع الشيء سمعت به أكثر من الذي اريد ثم وضعت حتى أبلغ الذي أريد فقال لا تفعلي إذا اردت ان تبتاعي شيئا فاستامى به الذي تريدين أعطيت أومنعت وإذا أردت ان تبيعي شيئا فاستامى به الذي تريدين أعطيت أومنعت ذكره ابن ماجه
وسأله ص - بلال عن تمر ردئ باع منه صاعين بصاع جيد فقال أوه عين الربا لا تفعل ولكن اذا اردت ان تشتري فبع التمر بيعا آخر ثم اشتر بالثمن متفق عليه
وسأله ص - البراء بن عازب فقال اشتريت أنا وشريكي شيئا يدا بيد ونسيئة فسألنا النبي ص - فقال أما ما كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فذروه ذكره البخاري وهو صريح في تفريق الصفقة وعند النسائي عن البراء قال كنت أنا وزيد بن ارقم تاجرين على عهد رسول الله ص - فسألناه عن الصرف فقال إن كان يدا بيد فلا بأس وإن كان نسبئة فلا يصلح
وسأله ص - فضالة بن عبيد عن قلادة اشتراها يوم خيبر باثنى عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلها فوجد فيها اكثر من اثني عشر دينارا فقال لا تباع حتى تفصل ذكره مسلم وهو يدل على ان مسألة مد عجوة لا تجوز إذا كان أحد العوضين فيه ما في الاخر وزيادة فإنه صريح الربا (4/326)
والصواب ان المنع مختص بهذه الصورة التي جاء فيها الحديث وما شابهها من الصور
وسئل ص - عن بيع الفرس بالافراس والنجيبة بالإبل فقال لا بأس إذا كان يدا بيد ذكره احمد
وسأله ص - ابن عمر اشترى الذهب بالفضة فقال إذا اخذت واحدا منهما فلا يفارقك صاحبك وبينك وبينه لبس وفي لفظ كنت أبيع الابل وكنت آخذ الذهب من الفضة والفضة من الذهب والدنانير من الدراهم والدراهم من الدنانير فسالت النبي ص - فقال إذا اخذت أحدهما وأعطيت الآخر فلا يفارقك صاحبك وبينك وبينه لبس ذكره ابن ماجه
وتفسير هذا ما في اللفظ الذي عند ابي داود عنه قلت يا رسول الله إنى ابيع الابل بالنقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير اخذ هذه من هذه واعطى هذه من هذه فقال لا بأس ان تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شئ ذكره احمد
وسئل ص - عن اشتراء التمر بالرطب فقال اينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم فنهى عن ذلك ذكره احمد والشافعي ومالك رضى الله عنهم
وسئل ص - عن رجل اسلف في نخل فلم يخرج تلك السنة فقال اردد عليه ماله ثم قال لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه وفي لفظ ان رجلا اسلم في حديقة نخل قبل ان يطلع النخل فلم يطلع النخل شيئا ذلك العام فقال المشتري هو لي حتى يطلع وقال البائع إنما بعتك النخل هذه السنة فاختصما الى النبي ص - فقال للبائع أخذ من نخلك (4/327)
شيئا قال لا قال فيم تستحل ماله اردد ماله ثم قال لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه
وهو حجة لمن لم يجوز السلم إلا في موجود الجنس حال العقد كما يقوله الاوزاعي والثوري وأصحاب الرأي
وسأله ص - رجل فقال إن بني فلان قد أسلموا لقوم من اليهود وإنهم قد جاعوا فأخاف ان يرتدوا فقال النبي ص - من عنده قال رجل من اليهود عندي كذا وكذا لشئ سماه أراه قال ثلاثمائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان فقال رسول الله ص - بسعر كذا وكذا وليس من حائط بني فلان ذكره ابن ماجه
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في فضل بعض الاعمال
وسأله ص - حمزة بن عبد المطلب فقال اجعلني على شئ أعيش به فقال رسول الله ص - يا حمزة نفس نحيها احب اليك ام نفس تميتها فقال نفس أحييها قال عليك نفسك ذكره احمد
وسئل ص - ما عمل الجنة قال الصدق فإذا صدق العبد بر وإذا بر آمن وإذا آمن دخل الجنة
وسئل ص - ما عمل أهل النار قال الكذب إذا كذب العبد فجر وإذا فجر كفر وإذا كفر دخل النار
وسئل ص - عن أفضل الاعمال فقال الصلاة قيل ثم مه قال الصلاة ثلاث مرات فلما غلب عليه قال الجهاد في سبيل الله قال الرجل فإن لي والدين قال آمرك بالوالدين خيرا قال والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدن ولا ولأتركهما فقال انت أعلم ذكره احمد (4/328)
وسئل ص - عن الغرف التي في الجنة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها لمن هي قال لمن ألان الكلام واطعم الطعام وبات لله قائما والناس نيام
وسأله ص - رجل أرأيت إن جاهدت بنفسي ومالي فقتلت صابر محتسبا مقبلا غير مدبر ادخل الجنة قال نعم فقال ذلك مرتين أوثلاثا قال إلا إن مت وعليك دين وليس عندك وفاؤه وأخبرهم بتشديد أنزل فسألوه عنه فقال الدين والذي نفسى بيده لو ان رجلا قتل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل في سبيل الله ما دخل الجنة حتى يقضى دينه ذكرهما احمد وسأله ص - رجل عن أخيه مات وعليه دين فقال هو محبوس بدينه فاقض عنه فقال يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة فقال أعطها محقة ذكره احمد
وفيه دليل على أن الوصي إذا علم بثبوت الدين على الميت جاز له وفاؤه وإن لم تقم به بينة
وسألوه ص - ان يسعر لهم فقال إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق وإنى لأرجو ان القى الله ولا يطلبني احد بمظلة ظلمتها إياه في دم أومال ذكره احمد
فصل متفرقات من فتاوي إمام المفتين ص -
وساله ص - رجل فقال ارضى ليس لاحد فيها شركة ولا قسمة إلا الجار فقال الجار احق بصقبه ذكره احمد والصواب العمل بهذه الفتوى اذا اشتركا في طريق أوحق من حقوق الملك (4/329)
وسئل ص - أي الظلم اعظم قال ذراع من الارض ينتقصه من حق اخيه وليست حصاة من الارض أخذها إلا طوقها يوم القيامة الى قعر الارض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها ذكره أحمد
وأفتى ص - في شاة ذبحت بغير إذن صاحبها وقدمت إليه أن تطعم الاساري ذكره ابو داود
وافتى ص - بأن ظهر الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة ذكره البخاري واخذ احمد وغيره من أئمة الحديث بهذه الفتوى وهو الصواب
وأفتى ص - بأن الرهن لا يغلق من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه حديث حسن
وأفتى ص - في رجل اصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فأمر ان يتصدق عليه فلم يوف ذلك دينه فقال للغرماء خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ذكره مسلم
وأفتى ص - من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره متفق عليه
وسألته ص - امرأة عن حلى لها تصدقت به فقال لها لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها وفي لفظ لا يجوز للمرأة امر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها ذكره اهل السنن وعند ابن ماجه ان خيرة امرأة كعب بن مالك أتته بحلي فقالت تصدقت بهذا فقال هل استأذنت (4/330)
كعبا فقالت نعم فبعث الى كعب فقال هل أذنت لخيرة ان تتصدق بحليها هذا فقال نعم فقبله رسول الله ص -
وسأله ص - رجل فقال ليس لي مال ولي يتيم فقال كل ما مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير ان تقى مالك أوقال تفدى مالك بماله
ولما نزلت ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي احسن عزلوا اموال الينامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فسألوا عن ذلك رسول ص - فتنزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ذكره احمد احمد وأهل السنن
وسئل ص - عن لقطة الذهب والورق فقال اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه
فسئل ص - عن ضالة الابل فقال مالك ولها دعها فإن معها حذاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يحدها ربها
فسئل ص - عن الشاة فقال خذها فإنما هي لك أولاخيك أوالذئب متفق عليه وفي لفظ لمسلم فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهى لك وفي لفظ لمسلم ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه
وقال ابي بن كعب وجدت صرة على عهد رسول الله ص - فيها مائة دينار فاتيت بها النبي ص - فقال عرفها حولا فعرفتها حولا ثم اتيته بها فقال عرفها حولا فعرفتها ثم اتيته بها فقال عرفها حولا فعرضتها ثم اتيته بها الرابعة فقا اعرف عددها ووكاءها (4/331)
ووعاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها فاستمتعت بها متفق عليه واللفظ للبخاري
وساله ص - رجل من مزينة عن الضالة من الإبل قال معها حذاؤها وسقاؤها تاكل الشجر وترد الماء فدعها حتى يأتيها باغيها قال الضالة من الغنم قال لك أولاخيك أوللذنب تجمعها حى يأتيها باغيها قال الحريسة التي توجد في مراتعها قال فيها ثمنها مرتين وضرب نكال وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن قال يا رسول الله فالثمار وما اخذ منها في أكمامها قال ما أخذ بفمه فلم يتخذ خبيئة فليس عليه شئ وما احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال وما اخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن قالوا يا رسول الله فاللقطة يجدها في سبيل العامرة قال عرفها حولا فإن وجدت باغيها فأدها إليه وإلا فهى لك قال ما يوجد في الحرب العادي قال فيه وفي الركاز الخمس ذكره احمد واهل السنن
والإفتاء بما فيه متعين وإن خالفه من خالفه فإنه لم يعارضه ما يوجب تركه
وأفتى بأن من وجد لقطة فليشهد ذوى عدل وليحفظ عفاصها ووكاءها ثم لا يكتم ولا يغيب فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء
وسئل ص - عن رجل جلس لحاجته فاخرج جرذ من جحر دينارا ثم أخرج آخر ثم أخرج آخر حتى اخرج سبعة عشر دينارا ثم اخرج طرف خرقة حمراء فأتى بها السائل رسول الله ص - فأخبره خبرها وقال خذ صدقتها قال ارجع بها لا صدقة فيها بارك الله لك فيها ثم قال لعلك أهويت بيدك في الجحر فلت لا والذي أكرمك بالحق فلم يفن آخرها حتى مات (4/332)
وقوله والله اعلم لعلك اهويت بيدك في الجحر إذ لو فعل ذلك لكان ذلك في حكم الركاز وإنما الله هذا المال إليه بغير فعل منه أخرجته له الارض بمنزلة ما يخرج من المباحات ولهذا والله أعلم لم يجعله لقطة إذ لعله علم انه من دفن الكفار
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الهدية والصدقة
وأهدى له ص - عياض بن حماد إبلا قبل أن يسلم فابى أن يقبلها وقال إنا لا نقبل زبد المشركين قال قلت وما زبد المشركين قال رفدهم وهديتهم ذكره احمد ولا ينافى هذا قبوله هدية اكيدر وغيره من اهل الكتاب لانهم اهل كتاب فقبل هديتهم ولم يقبل هدية المشركين
وسأله ص - عبادة بن الصامت فقال رجل أهدى الى قوسا ممن كنت اعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عليها في سبيل الله فقال إن كنت تحسب ان تطوق طوقا من نار فاقبلها
ولا ينافي هذا قوله إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله في قصة الرقية لان تلك جعالة على الطب فطبه بالقرآن فأخذ الاجرة على الطب لا على تعليم القرآن وههنا منعه من أخذ الاجرة على تعليم القرآن فإن الله تعالى قال لنبيه قل لا اسألكم عليه أجرا وقال تعالى قل ما سألتكم من أجر فهو لكم وقال تعالى اتبعو من لا يسألكم أجرا فلا يجوز أخذ الاجرة على تبليغ الاسلام والقرآن
وسأله ص - ابو النعمان بن بشير ان يشهد على غلام نحله لابنه فلم يشهد وقال لا تشهدني على جور وفي لفظ إن هذا لا يصلح وفي لفظ أكل ولدك نحلته مثل هذا قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وفي لفظ فارجعه وفي لفظ اشهد على هذا غيري متفق عليه وهذا امر تهديد قطعا لا امر إباحة لانه سماه جورا وخلاف العدل واخبر أنه لا يصلح (4/333)
وامره برده ومحال مع هذا ان يأذن الله له في الاشهاد على ما هذا شأنه وبالله التوفيق
وساله ص - سعد بن ابي وقاص رضى الله عنه فقال يا رسول قد بلغ بي من الوجع ما ترى وانا رجل ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا اجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك متفق عليه
وساله ص - عمرو بن العاص فقال يا رسول الله إن ابي اوصى أن يعتق عنه مائة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين وبقيت عليه خمسون رقبة أفأعتق عنه فقال رسول الله ص - إنه لو كان مسلما فأعتقتم عنه أوتصدقتم عنه أوحججتم عنه بلغه ذلك ذكره ابو داود
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في المواريث
وسأله ص - رجل فقال إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه فقال لك السدس فلما أدبر دعاه فقال لك سدس آخر فلما ولى دعاه وقال إن السدس الآخر طعمة ذكره احمد
وسأله ص - عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن الكلالة فقال يكفيك من ذلك الآية التي انزلت في الصيف في آخر سورة النساء ذكره مالك
وسأله ص - جابر كيف اقضى في مالي ولا يرثني إلا كلالة فنزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ذكره البخاري (4/334)
وسأله ص - تميم الداري يا رسول الله ما السنة في الرجل من المشركين يسلم على يد رجل من المسلمين فقال هو اولى الناس بمحياه ومماته ذكره أبو داود
وسألته ص - امرأة فقالت كنت تصدقت على امي بوليدة وإنها ماتت وتركت الوليدة قال قد وجب اجرك ورجعت اليك في الميراث ذكره أبو داود وهو ظاهر جدا في القول بالرد فتأمله
وسئل ص - عن الكلالة قال ما خلا الولد والوالد ذكره ابو عبد الله المقدسي في احكامه
وسألته ص - امرأة سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد قتل معك يوم احد وإن عمهما اخذ جميع ما ترك ابوهما وإن المرأة لا تنكح إلا على مالها فسكت النبي ص - حتى انزلت آية الميراث فدعا رسول الله ص - أخا سعد بن الربيع فقال اعط بنتى سعد ثلثي ميراثه واعط امرأته الثمن وخذ انت ما بقى ذكره احمد
وسئل ابو موسى الاشعري عن ابنه وابنة ابن واخت فقال للبنت النصف وللاخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعنى فسئل ابن مسعود واخبر بقول ابي موسى فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين اقضى فيها بما قضى النبي ص - للبنت النصف ولا بنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقى فللاخت ذكره البخاري
وسأله ص - رجل فقال عندي ميراث رجل من الازد ولست أجد ازديا ادفعه اليه فقال اذهب فالتمس ازديا حولا فأتاه بعد الحول فقال يا رسول الله لم أجد أزديا أدفعه اليه قال فانطلق فانظر أول خزاعي تلقاه فادفعه اليه فلما ولى قال على بالرجل فلما جاءه قال انظر اكبر خزاعة فادفعه اليه ذكره احمد (4/335)
وسئل ص - عن رجل مات ولم يدع وازثا إلا غلاما له كان اعتقه فقال رسول الله ص - هل له احد قالوا لا إلا غلاما له كان اعتقه فجعل رسول الله ص - ميراثه له ذكره احمد واهل السنن وهو حسن وبهذه الفتوى نأخذ
وأفتى ص - بأن المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه ذكره احمد وأهل السنن وهو حديث حسن وبه نأخذ
وأفتى ص - بأن المرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل احدهما صاحبة عمدا فإذا قتل أحدهما صاحبه عمدا لم يرث من ديته وماله شيئا وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته ذكره ابن ماجه وبه نأخذ
وأفتى ص - بأنه أيما جل عاهر بحرة او امه فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث ذكره الترمذي
وقضى ص - في ولد المتلاعنين انه يرث امه وترثه امه ومن قذفها جلد ثمانين ومن دعاه ولد زنا جلد ثمانين ذكره احمد وابو داود وعند ابي داود وجعل ميراث ولد الملاعنة لامه ولورثتها من بعدها
فتاوي إمام المفتين ص - في العتق
وسأله ص - الشريد بن سويد فقال إن امي اوصت ان تعتق عنها رقبة مؤمنة وعندي جارية سوداء نوبية أفأعتقها عنها فقال ائت بها فقال من ربك قالت الله قال من انا قالت رسول الله ص - قال اعتقها فإنها مؤمنة ذكره اهل السنن
وسأله ص - رجل فقال على عتق رقبة مؤمنة وأتاه بجارية سوداء أعجمية فقال لها اين الله فأشارت الى السماء بأصبعها السبابة فقال (4/336)
لها من انا فأشارت بأصبعها الى رسول الله والى السماء أي انت رسول الله فقال اعتقها ذكره احمد
وسأله معاوية بن الحكم السلمي فقال كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل نجد والجوابية فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما ياسفون فصككتها صكة فعظم ذلك على رسول الله ص - فقلت افلا أعتقها فقال ائتنى بها فقال لها اين الله قالت في السماء قال من انا قالت انت رسول الله قال اعتقها فإنها مؤمنة
قال الشافعي فلما وصفت الايمان وان ربها تبارك وتعالى في السماء قال اعتقها فإنها مؤمنة فقد سأل رسول الله ص - اين الله
وسأل ص - اين الله فأجاب من سأله بأن الله في السماء فرضى جوابه وعلم به انه حقيقة الايمان لربه واجاب هو ص - من سأله اين الله ولم ينكر هذا السؤال عليه وعند الجهمى ان السؤال بأين الله كالسؤال بما لونه وما طعمه وما جنسه وما أصله ونحو ذلك من الاسئلة المحالة الباطلة
وسالته ص - ميمونة ام المؤمنين فقالت أشعرت انى اعتقت وليدتى قال لو اعطيتها اخوالك كان اعظم لاجرك متفق عليه
وسأله ص - نفر من بني سليم عن صاحب لهم قد اوجب يعنى النار بالقتل فقال اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار ذكره ابو داود (4/337)
وسأله ص - رجل كم اعفو عن الخادم فصمت عنه ثم قال يا رسول الله كم اعفو عن الخادم قال اعف عنه كل يوم سبعين مرة ذكره ابو داود
وسئل ص - عن ولد الزنا فقال لا خير فيه نعلان أجاهد فيهما في سبيل الله أحب إلى من ان اعتق ولد الزنا ذكره احمد
وساله ص - سعد بن عبادة فقال إن امي ماتت وعليها نذر أفيجزى عنها ان اعتق عنها قال اعتق عن أمك ذكره احمد وعند مالك إن أمي هلكت 2فهل ينفعها ان اعتق عنها فقال نعم
واستفتته ص - عائشة رضى الله عنها فقالت إنى اردت ان اشترى جارية فأعتقها فقال اهلها نبيعكها على ان ولاءها لنا فقال لا يمنعك ذلك إنما الولاء لمن اعتق
والحديث في الصحيح فقالت طائفة يصح الشرط والعقد ويجب الوفاء به وهو خطأ وقالت طائفة يبطل العقد والشرط وإنما صح عقد عائشة لان الشرط لم يكن في صلب العقد وإنما كان متقدما عله فهو بمنزلة الوعد لا يلزم الوفاء به وهذا وإن كان اقرب من الذي قبله فالنبي ص - لم يعلل به ولا اشار في الحديث اليه بوجه ما والشرط المتقدم كالمقارن وقالت طائفة في الكلام إضمار تقديره اشترطى لهم الولاء أولا تشترطيه فإن اشتراطه لا يفيد شيئا لأن الولاء لمن أعتق وهذا اقرب من الذي قبله مع مخالفته لظاهر اللفظ وقالت طائفة اللام بمعنى على أي اشترطى عليهم الولاء فأنك انت التي تعتقين والولاء لمن اعتق وهذا وإن كان اقل تكلفا مما تقدم ففيه الغاء الاشتراط فإنها لو لم تشترطه لكان الحكم كذلك وقالت طائفة هذه الزيادة ليست من كلام النبي ص - بل هي من قول (4/338)
هشام بن عروة وهذا جواب الشافعي نفسه وقال شيخنا بل الحديث على ظاهره ولم يأمرها النبي ص - باشتراط الولاء تصحيحا لهذا الشرط ولا إباحة له ولكن عقوبة لمشترطه إذ ابى ان يبيع جارية للمعتق إلا باشتراط ما يخالف حكم اله تعالى وشرعه فأمرها ان تدخل تحت شرطهم الباطل ليظهر به حكم الله ورسوله لان الشروط الباطلة لا تغير شرعه وإن من شرط ما يخالف دينه لم يجز ان يوفى له بشرطه ولا يبطل البيع به وإن من عرف فساد الشرط وشرطه ألغى اشتراطه ولم يعتبر فتأمل هذه الطريقة وما قبلها من الطرق والله تعالى أعلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الزواج
وسئل ص - أي النساء خير فقال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا امر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله ذكره احمد
وسئل ص - أي المال يتخذ فقال ليتخذ احدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة ذكره احمد والترمذي وحسنه
وساله ص - رجل فقال إنى اصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها قال لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الولود الودود فإنى مكاثر بكم الامم
وسأله ص - ابو هريرة رضى الله عنه فقال إنى رجل شاب وإنى أخاف الفتنة ولا أجد ما أتزوج به أفلا أختصي قال فسكت عني ثم قلت فسكت عنى ثم قال يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختصر على ذلك أوزد ذكره البخاري (4/339)
وسأله ص - آخر فقال يا رسول الله أئذن لي ان اختصى قال خصاء امتى الصيام ذكره احمد
وسأله ص - ناس من اصحابه فقالوا ذهب اهل الدثور بالاجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول اموالهم قال أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ان كل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وامر بمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع احدكم صدقة قالوا يا رسول الله يأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر قال ارايتم لو كان وضعها في حرام اكان عليه وزر فكذلك اذا كان وضعها في الحلال كان له اجر ذكره مسلم
وافتى رسول الله عليه وسلم من اراد ان يتزوج امراة بأن ينظر اليها
وسأله ص - المغيرة بن شعبة عن امراة خطبها قال اذهب فانظر اليها فإنه اجدر ان يؤدم بينكما فأتى ابويها فأخبرهما بقول رسول الله ص - فكأنهما كرها ذلك فسمعت ذلك المراة وهي في خدرها فقالت ان كان رسول الله ص - امرك ان تنظر فانظر والا فإني انشدك كأنها عظمت ذلك عليه قال فنظرت اليها فتزوجتها فذكر من موافقتها له ذكره احمد واهل السنن
وسأله ص - جرير عن نظرة الفجاءة فقال اصرف بصرك ذكره مسلم
وسأله ص - رجل فقال عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك الا من زوجتك وما ملكت يمينك قال قلت يا رسول الله اذا كان القوم بعضهم في بعض فقال ان استطعت ان لا يرينها احد فلا يرينها قال قلت يا رسول الله اذا كان احدنا خاليا قال الله احق ان يستحيا منه ذكره اهل السنن (4/340)
وسأله ص - رجل ان يزوجه امراة فأمره ان يصدقها شيئا ولو خاتما من حديد فلم يجده فقال ما معك من القران قال معي سورة كذا وكذا قال تقرؤهن عن ظهر قلبك قال نعم قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن متفق عليه
واستأذنته ص - ام سلمة في الحجامة فأمر ابا طيبة ان يحجمها قال حسبت انه كان اخاها من الرضاعة أوغلاما لم يحتلم ذكره مسلم
وأمر ص - ام سلمة وميمونة ان يحتجبا من ابن ام مكتوم فقالنا اليس هو اعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا قال افعمياوان انتما الستما تبصرانه ذكره اهل السنن وصححه الترمذي فأخذت طائفة بهذه الفتوى وحرمت على المراة نظرها الى الرجل وعارضت طائفة اخرى هذا الحديث بحديث عائشة في الصحيحين انها كانت تنظر الى الحبشة وهم يلعبون في المسجد وفي هذه المعارضة نظر اذ لعل قصة الحبشة كانت قبل نزول الحجاب وخصت طائفة اخرى ذلك بأزواج النبي صلى الله عليه و سلم
وسألته ص - عائشة رضي الله عنها عن الجارية ينكحها اهلها اتستأمر ام لا فقال نعم تستأمر قالت عائشة رضي الله عنها فإنها تستحى فقال ص - فذاك اذنها اذا هي سكتت متفق عليه
وبهذه الفتوى نأخذ وانه لا بد من استئمار البكر وقد صح عنه ص - الايم احق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها واذنها صماتها وفي لفظ والبكر يستأذنها ابوها في نفسها واذنها صماتها وفي الصحيحين عنه ص - لا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا وكيف اذنها قال ان تسكت وسألته ص - جارية بكر فقالت ان اباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي ص - فقد امر باستئذان البكر (4/341)
ونهى عن انكاحها بدون اذنها وخير ص - من نكحت ولم تستأذن فكيف بالعدول عن ذلك كله ومخالفته بمجرد مفهوم قوله الأيم احق بنفسها من وليها كيف ومنطوقه صريح في ان هذا المفهوم الذي فهمه من قال تنكح بغير اختيارها غير مراد فإنه قال عقيبه والبكر تستأذن في نفسها بل هذا احتراز منه ص - من حمل كلامه على ذلك المفهوم كما هو المعتاد في خطابه كقوله لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده فإنه لما نفى قتل المسلم بالكافر أوهم ذلك إهدار دم الكافر وأنه لا حرمة له فرفع هذا الوهم بقوله ولا ذو عهد في عهده ولما كان الاقتصار على قوله ولا ذو عهد يوهم انه لا يقتل إذا ثبت له العهد من حيث الجملة رفع هذا الوهم بقوله في عهده وجعل ذلك قيدا لعصمة العهد فيه وهذا كثير في كلامه ص - لمن تأمله كقوله لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا اليها فإن نهيه عن الجلوس عليها لما كان ربما يوهم التعظيم المحذور رفعه بقوله ولا تصلوا اليها والمقصود ان امره باستئذان البكر ونهيه عن نكاحها بدون إذنها وتخييرها حيث لم تستأذن لا معارض له فيتعين القول به وبالله التوفيق
وسئل ص - عن صداق النساء فقال هو ما اصطلح عليه أهلوهم ذكره الدارقطني وعنده مرفوعا أنكحوا اليتامى قيل يا رسول الله ما العلائق بينهم قال ما تراضى عليه الاهلون ولو قضيبا من أراك
وسألته ص - امرأة فقالت إن أبي زوجني من ابن اخيه ليرفع بي خسيسته فجعل الامر اليها فقالت قد اجزت ما صنع ابي ولكن اردت ان يعلم النساء ان ليس الى الاباء من الامر شئ ذكره احمد والنسائي (4/342)
ولما هلك عثمان بن مظعون ترك ابنة له فزوجها عمها قدامة من عبد الله ابن عمر ولم يستأذنها فكرهت نكاحه واحبت ان يتزوجها المغيرة بن شعبة فنزعها من ابن عمر وزوجها المغيرة وقال إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها ذكره احمد
وسأله ص - مرثد الغنوي فقال يا رسول الله انكح عناقا وكانت بغيا بمكة فسكت عنه فنزلت الاية الزاني لا ينكح إلا زانية أومشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أومشرك فدعاه فقرأها عليه وقال لا تنكحها
وسأله ص - رجل آخر عن نكاح امرأة يقال لها ام مهزول كانت تسافح فقرأ عليه رسول الله ص - الآية ذكره احمد
وأفتى ص - بأن الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله فأخذ بهذه الفتاوي التي لا معارض لها الامام احمد ومن وافقه وهي من محاسن مذهبه رحمه الله عليه فإنه لم يجوز ان يكون الرجل زوج قحبة ويعضد مذهبه بضعة وعشرون دليلا قد ذكرناها في موضع آخر
وأسلم قيس بن الحارث وتحته ثمان نسوة فسأل النبي ص - عن ذلك فقال اختر منهن اربعا واسلم غيلان وتحته عشر نسوة فامره ص - ان يأخذ منهن اربعا ذكرهما احمد وهما كالصريح في ان الخيرة اليه بين الاوائل والاواخر
وسأله ص - فيروز الديلمي فقال اسلمت وتحتى اختان فقال طلق ايتهما شئت ذكره احمد
وسأله ص - بصرة بن اكتم فقال نكحت امرأة بكرا في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى فقال النبي ص (4/343)
لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها وفرق بينهما ذكره ابو داود
ولا يشكل من هذه الفتوى إلا مثل عبودية الولد والله اعلم
وأسلمت امرأة على عهده ص - فتزوجت فجاء زوجها فقال يا رسول الله إنى كنت اسلمت وعلمت بإسلامي فانتزعها رسول الله ص - من زوجها الاخر وردها الى الاول ذكره احمد وابن حبان
وسئل ص - عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا حتى مات فقضى لها على صداق نسائها وعليها العدة ولها الميراث ذكره احمد واهل السنن وصححه الترمذي وغيره وهذه فتوى لا معارض لها فلا سبيل الى العدول عنها
وسئل ص - عن امرأة تزوجت ومرضت فتمعط شعرها فأرادوا ان يصلوه فقال لعن الله الواصلة والمستوصلة متفق عليه
وسئل ص - عن العزل قال أوإنكم لتفعلون قالها ثلاثا ما من نسمة كائنة الى يوم القيامة إلا وهي كائنة متفق عليه ولفظ مسلم ألا عليكم ان لا تفعلوا ما كتب الله عزوجل خلق نسمة هي كائنة الى يوم القيامة إلا ستكون
وسئل ص - ايضا عن العزل فقال ما من كل الماء يكون الولد وإذا اراد الله خلق شئ لم يمنعه شئ وسأله ص - آخر فقال إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا اكره ان تحمل وانا اريد ما يريد الرجال وإن اليهود تحدث ان العزل موءودة صغرى فقال كذبت اليهود لو أراد الله ان يخلقه ما استطعت ان تصرفه ذكرهما احمد وابو داود (4/344)
وسأله ص - آخر فقال عندي جارية وانا أعزل عنها فقال رسول الله ص - إن ذلك لا يمنع شيئا إذا اراد الله فجاء الرجل فقال لرسول الله ص - إن الجارية التي كنت ذكرتها لك حملت فقال أنا عبد الله ورسوله ذكره مسلم وعنده ايضا إن لي جارية هي خادمتنا وساقيتنا وأنا أطوف عليها وأنا اكره ان تحمل فقال اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فلبث الرجل ثم اتاه فقال إن الجارية قد حملت فقال قد اخبرتك انه سيأتيها ما قدر لها
وسأله ص - آخر عن ذلك فقال لو ان الماء الذي يكون منه الولد اهرقته على صخرة لاخرجه الله منها وليخلقن الله عزوجل نفسا هو خالقها ذكره احمد
وسأله ص - آخر فقال إنى اعزل عن امرأتي فقال لم تفعل ذلك فقال إنى اشفق على ولدها فقال رسول الله ص - لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم وفي لفظ إن كان كذلك فلا حاضر ذلك فارس والروم ذكره مسلم
وسألته ص - امرأة من الانصار عن التجبية وهي وطء المرأة في قبلها من ناحية دبرها فتلا عليها قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا ذكره احمد
وسأله ص - عمر رضى الله عنه فقال يا رسول الله هلكت قال وما اهلكك قال حولت رحلى البارحة فلم يرد عليه شيئا فأوحى الله الى رسوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتقوا الحيضة والدبر ذكره احمد والترمذي وهذا هو الذي أباحه الله (4/345)
ورسوله وهو الوطء من الدبر لا في الدبر وقد قال ملعون من أتى امرأته في دبرها وقال من أتى حائضا أوامرأة في دبرها اوكاهنا فصدقة فقد كفر بما انزل على محمد وقال إن الله لا يستحي من الحق لا تاتوا النساء في أدبارهن وقال لا ينظر الله الى رجل اتى رجلا أوامرأة في الدبر وقال في الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى وهذه الاحاديث جميعها ذكرها احمد في المسند
وسئل ص - ما حق المرأة على الزوج قال ان يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت ذكره احمد واهل السنن
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الرضاع
وسألته ص - عائشة أم المؤمنين فقال إن أفلح أحا ابي القعيس استأذن علي وكانت امرأته أرضعتني فقال إيذنى له إنه عمك متفق عليه
وسأله ص - أعرابي فقال إنى كانت لى امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الاولى انها ارضعت امرأتى الحدثاء رضعة أورضعتين فقال لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ذكره مسلم
سأله سهلة بنت سهيل فقالت إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإنى أظن ان في نفس ابي حذيفة من ذلك شيئا فقال أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس ابي حذيفة فرجعت فقالت إنى قد أرضعته فذهب الذي في نفس ابي حذيفة ذكره مسلم
فاخذت طائفة من السلف بهذه الفتوى منهم عائشة ولم ياخذ بها اكثر (4/346)
أهل العلم وقدموا عليها احاديث توقيت الرضاع المحرم بما قبل الفطام وبالصغر وبالحولين لوجوه احدها كثرتها وانفراد حديث سالم الثاني ان جميع ازواج النبي ص - خلا عائشة رضى الله عنهن في شق المنع الثالث انه احوط الرابع ان رضاع الكبير لا ينبت لحما و لا ينشر عظما فلا تحصل به البعضية التي هي سبب التحريم الخامس انه يحتمل ان هذا كان مختصا بسالم وحده ولهذا لم يجئ ذلك إلا في قصته السادس ان رسول الله ص - دخل على عائشة وعندها رجل قاعد فاشتد ذلك عليه وغضب فقالت إنه أخي من الرضاعة فقال انظرن من إخوانكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة متفق عليه واللفظ لمسلم وفي قصة سالم مسلك آخر وهو ان هذا كان موضع حاجة فإن سالما كان قد تبناه ابو حذيفة ورباه ولم يكن له منه ومن الدخول عل أهله بد فإذا دعت الحاجة الى مثل ذلك فالقول به مما يسوغ فيه الاجتهاد ولعل هذا المسلك اقوى المسالك واليه كان شيخنا يجنح والله أعلم
وسئل ص - ان ينكح ابنة حمزة فقال لا تحل لي إنها ابنة اخي من الرضاعة ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ذكره مسلم
وسأله ص - عقبة بن الحارث فقال تزوجت امرأة فجاءت امة سوداء فقالت ارضعتكما وهي كاذبة فأعرض عنه فقال إنها كاذبة فقال كيف بها وقد زعمت بأنها ارضعتكما دعها عنك ففارقها وانكحت غيره ذكره مسلم وللدارقطني دعها عنك لا خير لك فيها
وسأله ص - رجل فقال ما يذهب عني مذمة الرضاع فقال عزة عبد أوامة ذكره الترمذي وصححه والمذمة بكسر الذال من الذمام لا من الذم الذي هو نقيض المدح والمعنى ان للمرضعة على المرضع حقا وذماما فيذهبه عبد أوامة فيعطيها إياه (4/347)
وسئل ص - ما الذي يجوز من الشهود في الرضاع فقال رجل أوامرأة ذكره احمد
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الطلاق
ثبت عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه سأله عن طلاق ابنه امرأته وهي حائض فأمر بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء ان يطلق بعد فليطلق
وسأله ص - رجل فقال إن امرأتي وذكر من بذائها فقال طلقها فقال إن لها صحبة وولدا قال مرها وقل لها فإن يكن فيها خير فستفعل ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك ذكره احمد
وسأله ص - آخر فقال إن امرأتي لا ترد يد لامس قال غيرها إن شئت وفي لفظ طلقها قال إنى اخاف ان تتبعها نفسي قال فاستمتع بها
فعورض بهذا الحديث المتشابه الاحاديث المحكمة الصريحه في المنع من تزويج البغايا واختلفت مسالك المحرمين لذلك فيه فقالت طائفة المراد باللامس ملتمس الصدقة لا ملتمس الفاحشة وقالت طائفة بل هذا في الدوام غير مؤثر وإنما المانع ورود العقد على زانية فهذا هو الحرام وقالت طائفة بل هذا من التزام اخف المفسدتين لدفع أعلاهما فإنه لما امر بمفارقها خاف ان لا يصبر عنها فيواقعها حراما فأمره حينئذ بإمساكها إذ مواقعتها بعد عقد النكاح اقل فسادا من مواقعتها بالسفاح وقالت طائفة بل الحديث ضعيف لا يثبت وقالت طائفة ليس في الحديث ما يدل على انها زانية وإنما فيه انها لا تمتنع ممن لمسها (4/348)
أووضع يده عليها أونحو ذلك فهى تعطى الليان لذلك ولا يلزم ان تعطيه الفاحشة الكبرى ولكن هذا لا يؤمن معه إجابتها لداعى الفاحشة فأمره بفراقها تركا لما يريبه الى ما لا يريبه فلما اخبره بان نفسه تتبعها وانه لا صبر له عنها رأى مصلحة إمساكها أرحج من مفارقتها لما يكره من عدم انقباضها عمن يلمسها فأمره بإمساكها وهذا لعله ارجح المسالك والله اعلم
وسألته ص - امرأة فقالت ان زوجي طلقني يعنى ثلاثا وإني تزوجت زوجا غيره وقد دخل بي فلم يكن معه إلا مثل هدبة الثوب فلم يقربني إلا بهنة واحدة ولم يصل منى الى شئ افأحل لزوجي الاول فقال رسول الله ص - لا تحلين لزوجك الاول حتى يذوق الاخر عسيلتك وتذوقي عسيلته متفق عليه
وسئل ص - ايضا عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخى الستر ثم يطلقها قبل ان يدخل بها قال لا تحل للاول حتى يجامعها الاخر ذكره النسائي
وسئل ص - عن التيس المستعار فقال هو المحلل ثم قال لعن الله المحلل والمحلل له ذكره ابن ماجه
وسألته ص - امرأة عن كفر المنعمين فقال لعل إحداكن ان تطول ايمتها بين يدى ابويها تعنس فيرزقها الله زوجا ويرزقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول ما رأيت منه يوما خيرا قط ذكره احمد
وسأله ص - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال أيلعب بكتاب الله وأنا بين اظهركم حتى قام رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله ذكره النسائي (4/349)
وطلق ركانة بن عبد يزيد أخو بنى المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول الله ص - كيف طلقتها فقال طلقتها ثلاثا فقال في مجلس واحد فقال نعم قال إنما تلك واحدة فارجعها إن شئت قال فراجعها فكان ابن عباس يروى إنما الطلاق عند كل طهر ذكره احمد قال حدثنا سعيد بن ابراهيم قال حدثني ابي عن محمد بن اسحاق قال حدثني داود بن الحصين عن عكرمة مولى ابن عباس فذكره واحمد يصحح هذا الاسناد ويحتج به وكذلك الترمذي وقد قال عبدالرزاق أنبأنا ابن جريج قال أخبرني بعض بنى رافع مولى رسول الله ص - عن عكرمة عن ابن عباس قال طلق عبد يزيد ابو ركانة وإخوته ام ركانة ونكح امرأة من مزينة فجاءت النبي ص - فقالت ما يغنى عنى إلا كما تغنى هذه الشعرة لشعرة اخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه فأخذت النبي ص - حميته فدعا بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه اترون ان فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلانا منه كذا وكذا قالوا نعم قال النبي ص - لعبد يزيد طلقها ففعل فقال راجع امرأتك ام ركانة وإخوته فقال إنى طلقتها ثلاثا يا رسول الله قال قد علمت راجعها وتلا يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقونهن لعدتهن
قال ابو داود حدثنا احمد بن صالح قال حدثنا عبد الرزاق فذكره فهذه طريقة اخرى متابعة لابن اسحاق والذي يخاف من ابن إسحاق التدليس وقد قال حدثني وهذا مذهبه وبه أفتى ابن عباس في إحدى الروايتين عنه صح عنه ذلك وصح عنه إمضاء الثلاث موافقة لعمر رضى الله عنه وقد صح عنه ص - ان الثلاث كانت واحدة في عهده وعهد ابي بكر وصدرا من خلافه عمر رضى اله عنهما وغاية ما يقدر مع بعده ان الصحابة كانوا على ذلك ولم يلغه وهذا وإن كان كالمستحيل فإنه يدل على انهم كانوا يفتون (4/350)
في حياته وحياة الصديق بذلك وقد افتى هو ص - به فهذه فتواه وعمل اصحابه كأنه اخذ باليد ولا معارض لذلك ورأى عمر رضى الله عنه ان يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرا لهم لئلا يرسلوها جملة وهذا اجتهاد منه رضى الله عنه غايته ان يكون سائغا لمصلحة رآها ولا يوجب ترك ما أفتى به رسول الله ص - وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق فليقل امرؤ ما شاء وبالله التوفيق
وسأله ص - رجل قال إن تزوجت فلانة فهى طالق ثلاثا فقال تزوجها فإنه لا طلاق إلا بعد النكاح
وسئل ص - عن رجل قال يوم اتزوج فلانة فهى طالق فقال طلق ما لا يملك ذكرهما الدارقطني
وسأله ص - عبد فقال إن مولاتي زوجتي وتريد ان تفرق بيني وبين امرأتي فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال اقوام يزوجون عبيدهم إماءهم ثم يديدون ان يفرقوا بينهم الا إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق ذكره الدارقطني
فتاوي امام المفتين ص - في الخلع
وسأله ص - ثابت بن قيس هل يصلح ان يأخذ بعض مال امرأته ويفارقها قال نعم قال فإنى قد أصدقتها حديقتين وهما بيدها فقال النبي ص - خذهما وفارقها ذكره ابو داود وكانت قد شكته الى النبي ص - وتحب فراقة كما ذكره البخاري انها قالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني اكره الكفر في الاسلام فقال اتردين عليه حديقته قالت نعم فقال رسول الله ص - اقبل الحديقة وطلقها تطليقة وعند ابن ماجة إنى اكره الكفر في الاسلام ولا اطيقه بغضا فأمر النبي ص - ان ياخذ منها حديقته ولا يزداد وعند النسائي ان النبي ص - افتاها ان تتربص (4/351)
حيضة واحدة وعند ابي داود ان النبي ص - امرها ان تعتد بحيضة واحدة
وافتى النبي ص - ان المرأة إذا ادعت طلاق زوجها فجاءت على ذلك بشاهد عدل استحلف زوجها فإن حلف بطلت شهادة الشاهد وإن نكل فنكوله بمنزلة شاهد آخر وجاز طلاقه ذكره ابن ماجة من رواية عمرو ابن ابي سلمة وقد روى له مسلم في صحيحه
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الظهار واللعان
وسئل ص - عن رجل ظاهر من امرأته ثم وقع عليها قبل ان يكفر قال وما حملك على ذلك يرحمك الله قال رأيت خلخالها في ضوء القمر قال لا تقربها حتى تفعل ما امرك الله عزوجل حديث صحيح
وسأله ص - رجل فقال لو ان رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه او قتل فتلتموه أوسكت سكت على غيظ فقال اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان فأبتلى به ذلك الرجل من بين الناس فجاء هو وامرأته إلى رسول الله ص - فتلاعنا ذكره مسلم
وسأله ص - رجل آخر إن امرأتي ولدت على فراشي غلاما أسود وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط قال هل لك من إبل قال نعم فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال نعم قال فأني كان ذلك قال عسى أن يكون نزعه عرق قال فلعل ابنك هذا نزعه عرق متفق عليه (4/352)
وحكم بالفرقة بين المتلاعنين وأن لا يجتمعا أبدا وأخذ المراة صداقها وانقطاع نسب الولد من ابيه وإلحاقه بأمه ووجوب الحد على من قذفه أوقذف امه وسقوط الحد عن الزوج وانه لا يلزمه نفقة ولا كسوة ولا سكنى بعد الفرقة
وسأله ص - سلمة بن صخر البياضي فقال ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذا انكشف لي منها شئ فلم البث - ان نزوت عليها فقال انت بذاك يا سلمة فقلت أنا بذاك فأنا صابر لامر الله عز و جل فاحكم في بما أراك الله قال حرر رقبة قلت والذي بعثك بالحق ما املك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال فصم شهرين متتابعين فقلت وهل اصبت الذي أصبت إلا من الصيام قال فاطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا قلت والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشيين ما لنا من طعام قال فانطلق الى صاحب صدقة بنى زريق فيدفعها اليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل انت وعيالك بقيتها فرجعت الى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله ص - السعة وحسن الرأي وأمر لي بصدقتكم ذكره احمد وسألته ص - خولة بنت مالك فقالت إن زوجها اوس بن الصامت ظاهر منها وشكته الى رسول الله ص - ورسول الله ص - يجادلها فيه بقوله اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله الايات فقال يعتق رقبة قالت لا يجد قال فيصوم شهرين متتابعين قالت إنه شيخ كبير ما به من صيام قال فليطعم ستين مسكينا قالت ما عنده من شئ يتصدق به فأتى ساعته بعرق من تمر قلت يا رسول الله إنى اعينه بعرق آخر قال احسنت اذهبي فاطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي الى ابن عمك ذكره احمد وابو داود (4/353)
ولفظ احمد قالت في والله وفي اوس بن الصامت انزل الله صدر سورة المجادلة قالت كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه وضجر قالت فدخل على يوما فراجعته بشئ فغضب فقال انت علي كظهر امي ثم خرج فجلس في نادى قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي قالت قلت كلا والذي نفس الخويلة بيده لا تخلص الى وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكم قالت فواثبني فامتنعت منه فغلبته بما تغلب المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عنى ثم خرجت الى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت رسول الله ص - فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت اشكو اليه ما القى من سوء خلقه فجعل رسول الله ص - يقول يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقى الله فيه قالت فوالله ما برحت حتى نزل القرآن فتغشى رسول الله ص - ما كان يتغشاه ثم سرى عنه فقال يا خويلة قد انزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ على قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله الى قوله وللكافرين عذاب اليم قالت فقال رسول الله ص - مريه فليعتق رقبة وذكر نحو ما تقدم
وعند ابن ماجه انها قالت يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطنى حتى إذا كبر سنى وانقطع ولدى ظاهر منى اللهم إنى اشكو اليك فما برحت حتى نزل جبرائيل عليه السلام بهؤلاء الايات
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في العدد
ثبت ان سبيعة الاسلمية سألته وقد مات زوجها ووضعت حملها بعد موته (4/354)
قالت فأفتاني رسول الله ص - أنى قد حللت حين وضعت حملي وامرني بالتزويج إن بدا لي
وعند البخاري أنها سئلت كيف أفتاها رسول الله ص - قالت أفتاني إذا وضعت أن أنكح وكانت أم كلثوم بنت عقبة عند الزبير بن العوام فقالت له وهي حامل طيب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة ثم خرج إلى الصلاة فرجع وقد وضعت فقال لها خدعتيني خدعك الله ثم أتى النبي ص - فسأله عن ذلك فقال سبق الكتاب أجله أخطبها إلى نفسها ذكره ابن ماجه
وسألته ص - فريعة بنت مالك فقالت إن زوجي خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألته أن ترجع إلى أهلها وقالت إن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه ولا نفقة فقال لها رسول الله ص - نعم قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أوفي المسجد ناداني رسول الله ص - أوأمر بي فنوديت له فقال كيف قلت فرددت عليه القصة التي ذكرت له فقال امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت فاعتددت فيه أربعة اشهر وعشرا فلما كان عثمان أرسل إلى فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به حديث صحيح ذكره أهل السنن
وأفتى ص - امرأة ثابت بن قيس بن شماس وجميلة بنت عبد الله ابن آبي لما اختلعت من زوجها فأمرها النبي ص - أن تتربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها ذكره النسائي وعند أبى داود والترمذي عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي ص - أن تعتد حيضة وعند الترمذي عن الربيع بنت معوذ أنها اختلعت على عهد رسول الله فأمرها النبي ص (4/355)
أوأمرت أن تعتد بحيضة قال الترمذي حديث الربيع الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة وعند النسائي وابن ماجه واللفظ له عن الربيع قالت اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألت ماذا على من العدة فقال لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين عنده حتى تحيضي حيضة قالت وإنما تبع في ذلك قضاء رسول الله ص - في مريم المغالية وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في ثبوت النسب
واختصم إليه ص - سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في الغلام فقال سعد هو ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلى انه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة هو أخي ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله ص - إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال هو لك يا عبد الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجى منه يا سودة فلم تره سودة قط متفق عليه وفي لفظ البخاري هو أخوك يا عبد وعند النسائي واحتجبي منه يا سودة فليس لك بأخ وعند الإمام احمد أما الميراث فله وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس لك بأخ فحكم وأفتى بالولد لصاحب الفراش عملا بموجب الفراش وأمر سودة ان تحتجب منه عملا بشبهه بعتبة وقال ليس لك بأخ للشبهة وجعله أخا في الميراث فتضمنت فتواه ص - أن الأمة فراش وان الأحكام تتبعض في العين الواحدة عملا بالاشتباه كما تتبعض في الرضاعة وثبوتها يثبت بها الحرمة والمحرمية دون الميراث والنفقة وكما في ولد الزنا هو ولد في التحريم وليس ولدا في الميراث ونظائر ذلك اكثر من ان تذكر فيتعين الأخذ بهذا الحكم والفتوى وبالله التوفيق (4/356)
فتاوي إمام المفتين ص - في الإحداد على الميت
وسألته ص - امرأة فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال رسول الله ص - لا مرتين أوثلاثا متفق عليه
ومنع ص - المرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد أربعة اشهر وعشرا ولا تكتحل ولا تطيب ولا تلبس ثوبا مصبوغا ورخص لها في طهرها إذا اغتسلت في نبذه من قسط أواظفار متفق عليه وعند أبي داود والنسائي ولا تختضب وعند النسائي ولا تمتشط وعند احمد لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الشقة الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل وجعلت أم سلمة رضى الله عنها على عينيها صبرا لما توفي أبو سلمة فقال ما هذا يا أم سلمة قالت إنما هو صبر ليس فيه طيب قال إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قلت بأي شئ امتشط يا رسول الله قال بالسدر تغلفين به رأسك ذكره النسائي وعند أبي داود فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار
وسألته ص - خالة جابر بن عبد الله وقد طلقت هل تخرج تجد نخلها فقال فجدى نخلك فإنك عسى ان تتصدقي أوتفعلي معروفا ذكره مسلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في نفقة المعتدة وكسوتها
ثبت ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها ألبتة فخاصمته في السكنى والنفقة الى رسول الله ص - قالت فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وفي السنن ان النبي ص - قال يا بنت آل قيس إنما السكنى والنفقة على من كانت له (4/357)
رجعة ذكره احمد وعنده ايضا إنما السكنى والنفقة للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى وفي صحيح مسلم عنها طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله ص - سكنى ولا نفقة
وفي رواية لمسلم ايضا ان ابا عمرو بن حفص خرج مع علي كرم الله وجهه الى اليمن فأرسل الى امرأته بتطليقة بقيت من طلاقها وأمر عياش بن ابي ربيعة والحارث بن هشام ان ينفقا عليها فقالا والله ما لها نفقة إلا ان تكون حاملا فأتت النبي ص - فذكرت له قولهما فقال لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقلت له أين يا رسول الله فقال عند ابن ام مكتوم وكان اعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها النبي ص - أسامة بن زيد فأرسل اليها مروان قبيصة ابن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته فقال لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان بيني وبينكم القرآن قال تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الاية قالت هذا لمن كانت له مراجعة فأي امر يحدث بعد الثلاث
وأفتى النبي ص - بأن النساء على الرجال رزقهن وكسوتهن بالمعروف ذكره مسلم
وسئل ص - ما تقول في نسائنا فقال أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تلبسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن ذكره مسلم
وسألته ص - هند امرأة ابي سفيان فقالت إن ابا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف متفق عليه
فتضمنت هذه الفتوى امورا احدها ان نفقة الزوجة غير مقدرة (4/358)
بل المعروف ينفى تقديرها ولم يكن تقديرها معروفا في زمن رسول الله ص - ولا الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم الثاني ان نفقة الزوجة من جنس نفقة الولد كلاهما بالمعروف الثالث انفراد الاب بنفقة اولاده الرابع ان الزوج أوالاب إذا لم يبذل النفقة الواجبة عليه فللزوجة والاولاد أن يأخذوا قدر كفايتهم بالمعروف الخامس ان المرأة إذا قدرت على أخذ كفايتها من مال زوجها لم يكن لها الى الفسخ سبيل السادس ان ما لم يقدره الله ورسوله من الحقوق الواجبة فالمرجع فيه إلى العرف السابع أن ذم الشاكي لخصمه بما هو فيه حال الشكاية لا يكون غيبه فلا يأثم به هو ولا سامعه بإقراره عليه الثامن ان من منع الواجب عليه وكان سبب ثبوته ظاهرا فلمستحقة ان يأخذ بيده إذا قدر عليه كما افتى به النبي ص - هندا وأفتى به ص - الضيف إذا لم يقره من نزل عليه كما في سنن ابي داود عنه ص - انه قال ليلة الصيف حق على كل مسلم فإن اصبح بفنائه محروما كان دينا عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه وفي لفظ من نزل بقوم فعليهم ان يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه وإن كان سبب الحق خفيا لم يجزله ذلك كما أفتى النبي ص - في قوله أذ الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك
وسأله ص - رجل من أحق الناس بحسن صحابي قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال ابوك متفق عليه زاد مسلم ثم أدناك فأدناك
قال الامام احمد للام ثلاثة ارباع البر وقال ايضا الطاعة للاب وللام ثلاث ارباع البر وعند الامام احمد قال ثم الاقرب فالأقرب وعند ابي داود ان رجلا سأل النبي ص - من أبر قال أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم موصولة (4/359)
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الحضانة
قضى رسول الله ص - فيها خمس قضايا
إحداها قضى بابنه حمزة لخالتها وكانت تحت جعفر بن ابي طالب وقال الخالة بمنزلة الام فتضمن هذا القضاء ان الخالة مقام الام في الاستحقاق وان تزوجها لا يسقط حضانتها إذا كانت جارية
القضية الثانية أن رجلا جاء بابن له صغير لم يبلغ فاختصم فيه هو وأمه ولم تسلم الام فأجلس رسول الله ص - الاب ههنا واجلس الام ههنا ثم خير الصبي وقال اللهم اهده فذهب الى امه ذكره احمد
القضية الثالثة ان رافع بن سنان اسلم وأبت امرأته ان تسلم فأتت النبي ص - وقالت ابنتي فطيم أوشبهه وقال رافع ابنتي فقال رسول الله ص - اقعد ناحية وقال لها اقعدي ناحية فأقعد الصبية بينهما ثم قال ادعواها فمالت الى امها فقال النبي ص - اللهم اهدها فمالت الى ابيها فأخذها ذكره احمد
القضية الرابعة جاءته امرأة فقالت إن زوجي يريد ان يذهب بابنى وقد سقاني من بئر ابي عتبة وقد نفعنى فقال رسول الله ص - استهما عليه فقال زوجها من يحاقنى في ولدى فقال النبي ص - هذا ابوك وهذه امك فخذ بيد ايهما شئت فأخذ بيد امه فانطلقت به ذكره ابو داود
القضية الخامسة جاءته ص - امرأة فقالت يا رسول الله (4/360)
إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقنى وأراد ان ينزعه منى فقال لها أنت احق به ما لم تنكحى ذكره ابو داود
وعلى هذه القضايا الخمس تدور الحضانة وبالله التوفيق
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الدماء
ومن فتاويه ص - في باب الدماء والجنايات
سئل ص - عن الآمر والقاتل فقال قسمت النار سبعين جزءا فللآمر تسع وستون وللقاتل جزء ذكره احمد
وجاءه رجل فقال إن هذا قتل اخي قال اذهب فاقتله كما قتل اخاك فقال له الرجل اتق الله واعف عني فإنه اعظم لأجرك وخير لك يوم القيامة فخلى عنه فأخبر النبي فسأله فأخبره بما قال له فقال له أما إنه خير مما هو صانع بك يوم القيامة تقول يا رب سل هذا فيم قتل اخي
وجاءه ص - رجل بآخر قد ضرب ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل فأمر له بالدية فقال أريد القصاص فقال خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص ذكره ابن ماجه
وأفتى ص - بأنه إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الاخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي امسك ذكره الدارقطني
ورفع اليه ص - يهودي قد رض رأس جارية بين حجرين فأمر به ان يرض رأسه بين حجرين متفق عليه
وقضى ص - ان شبه العمد مغلظ مثل العمد ولا يقتل صاحبه ذكره ابو داود (4/361)
وقضى ص - في الجنين يسقط من الضربة بغرة عبدأوأمة ذكره ابو داود ايضا
وقضى ص - في قتل الخطأ شبه العمد بمائة من الابل اربعون منها في بطونها اولادها ذكره ابو داود
وقضى ص - ان لا يقتل مسلم بكافر متفق عليه
وقضى ص - ان لا يقتل الوالد بالولد ذكره الترمذي
وقضى ص - ان يعقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون عنها إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها فهم يقتلون قاتلها ذكره ابو داود
وقضى ص - ان الحامل إذا قتلت عمدا لم تقتل حتى تضع ما في بطنها وحتى تكفل ولدها وإن زنت حتى تضع ما في بطنها وحتى تكفل ولدها ذكره ابن ماجه
وقضى ص - ان من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما ان يفدى وإما ان يقتل متفق عليه
وقضى ص - ان من أصيب بدم أوخبل والخبل الجراح فهو بالخيار بين أحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه ان يقتل أويعفو أويأخذ فيها الدية فمن فعل شيئا من ذلك فعاد فإن له نار جهنم خالدا مخلدا أبدا يعنى قتل بعد عفوه واخذ الدية أوقتل غير الجاني
وقضى ص - ان لا يقتص من جرح حتى يبرأ صحبه ذكره احمد
وقضى ص - في الانف اذا اوعب جدعا بالدية وإذا جدعت ارنبته بنصف الدية
وقضى ص - في العين بنصف الدية خمسين من الابل اوعدلها (4/362)
ذهبا أوورقا او مائة بقرة أوالف شاة وفي الرجل نصف العقل وفي ياليد نصف العقل والمأمومة ثلث العقل والمنقلة خمس عشرة من الابل والموضحة خمس من الابل والاسنان خمس خمس ذكره احمد
وقضى ص - ان الاسنان سواء الثنية والضرس سواء ذكره ابو داود
وقضى ص - في دية اصابع اليدين والرجلين بعشر عشر صححه الترمذي
وقضى ص - في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث الدية وفي اليد الشلاء إذا قطعت ثلث ديتها ذكره ابو داود
وقضى ص - في اللسان بالدية وفي الشفتين بالدية وفي البيضتين بالدية وفي الذكر بالدية وفي الصلب بالدية وفي العينين بالدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وأن الرجل يقتل بالمرأة ذكره النسائي
وقضى ص - ان من قتل خطأ فديته مائة من الابل ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وعشرة ابن لبون ذكره النسائي وعند ابي داود عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن مخاض ذكر
وقضى ص - ان من قتل متعمدا دفع الى اولياء المقتول فإن شاؤا قتلوا وإن شاءوا اخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة واربعون خلفه وما صولحوا عليه فهو لهم ذكر الترمذي وحسنه (4/363)
وقضى ص - على أهل الابل بمائة من الابل وعلى اهل البقر بمائتي بقرة وعلى اهل الشاة الفي شاة وعلى اهل الحلل مائتي حلة ذكره ابو داود
وقضى ص - ان عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها ذكره مسلم
وقضى ص - ان عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين ذكره النسائي وعند الترمذي عقل الكافر نصف عقل المؤمن حديث حسن يصحح مثله اكثر اهل الحديث وعند ابي داود كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ص - ثمانمائة دينار وثمانية ألاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم فلما كان عمر رفع دية المسلمين وترك دية اهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية
وقضى ص - في جنين امرأه ضربتها اخرى بغرة عبد اوامة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى ص - ان ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها متفق عليه
وقضى ص - في امرأتين قتلت إحداهما الاخرى ولكل منهما زوج بالدية على عاقله القاتلة وميراثها لزوجها وولدها فقال عاقلة المقتولة ميراثها لنا يا رسول الله فقال ص - لا ميراثها لزوجها وولدها ذكره ابو داود
وجاءه ص - عبد صارخ فقال مالك قال سيدي رآنى اقبل جارية له فجب مذا كيري فقال على بالرجل فطلب فلم يقدر عليه فقال اذهب فأنت حر قال على من نصرتي يا رسول الله قال على كل مؤمن أومسلم ذكره ابن ماجه (4/364)
وقضى رسول الله ص - بإبطال دية العاض لما اننزع المعضوض يده من فيه فأسقط ثنيته متفق عليه
وقضى ص - بأن من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فخذفوه ففقؤا عينه بأنه لا جناح عليهم متفق عليه وعند مسلم فقد حل لهم ان يفقؤا عينه وعند الامام احمد من هذا الحديث فلا دية له ولا قصاص
وقضى ص - انه لا دية في المأمومة ولا الجائفة ولا المنقلة ذكره ابن ماجه
وجاءه ص - رجل يقود آخر بنسعة فقال هذا قتل اخى فقال كيف قتلته قال كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبنى فأغضبنى فضربته بالفأس على قرنه فقتلته فقال هل لك من شئ تؤديه عن نفسك قال مالي إلا كسائي وفأسي قال فترى قومك يشترونك قال انا أهون على قومي من ذلك فقال دونك صاحبك فانطلق به فلما ولى قال رسول الله ص - إن قتله فهو مثله فرجع فقال يا رسول الله بلغني انك قلت إن قتله فهو مثله وأخذته بأمرك فقال أما تريد ان يبوء بإثمك وإثم صاحبك قال يا نبي الله بلى فرمى بنسعته وخلى سبيله ذكره مسلم
وقد اشكل هذا الحديث على من لم يحط بمعناه ولا إشكال فيه فإن قوله ص - إن قتله فهو أمثله لم يرد به انه مثله في الاثم وإنما عنى به انه إن قتله لم يبق عليه إثم القتل لانه قد استوفى منه في الدنيا فيستوى هو والولي في عدم الاثم اما الولي فإنه قتله بحق واما هو فلكونه قد اقتص منه وأما قوله يبوء بإثمك وإثم صاحبك فإثم الولي مظلمته بقتل أخيه وإثم المقتول إراقة دمه وليس المراد انه يحمل خطاياك وخطايا اخيك والله أعلم (4/365)
وهذه غير قصة الذي دفع اليه وقد قتل فقال والله ما أردت قتله فقال أما إنه إن كان صادقا فقتلته دخلت النار فخلاه الرجل صححه الترمذي وإن كانت هي القصة فتكون هذه علة كونه إن قتله فهو مثله في المأثم والله أعلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في القسامة
وأقر ص - القسامة على ما كانت عليه قبل الاسلام وقضى بها بين ناس من الانصار في قتيل ادعوه على اليهود ذكره مسلم
وقضى ص - في شأن محيصة بأن يقسم خمسون من أولياء القتيل على رجل من المتهمين به فيدفع برمته اليه فأبوا فقال تبرئكم يهود بأيمان خمسين فأبوا فوداه رسول الله ص - بمائة من عنده متفق عليه وعند مسلم بمائة من إبل الصدقة وعند النسائي فقسم رسول الله ص - ديته عليهم وأعانهم بنصفها
وقضى ص - انه لا تجنى نفس على اخرى ولا يجنى والد على ولده ولا ولد على والده والمراد انه لا يؤخذ بجنايته فلا تزر وازرة وزر اخرى
وقضى ص - ان من قتل في عميا أورميا لكونه بينهم بحجر أوسوط فعقله عقل خطأ ومن قتل عمدا فقود يديه فمن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ذكره ابو داود (4/366)
وقضى ص - ان المعدن جبار والبئر جبار متفق عليه وفي قوله المعدن جبار قولان احدهما انه إذا استأجر من يحفر له معدنا فسقط عليه فقتله فهو جبار ويؤيد هذا القول اقترانه بقوله وفي الركاز الخمس ففرق بين المعدن والركاز فأوجب الخمس في الركاز لانه مال مجموع يؤخذ بغير كلفة ولا تعب وأسقطها عن المعدن لانه يحتاج الى كلفة وتعب في استخراجه والله اعلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في حد الزنا
وسأله رجل فقال إن ابنى كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم وإنى سألت رجالا من أهل العلم فأخبرونى ان على ابني جلد مائة وتغريب عام وإن على امرأة هذا الرجم فقال والذي نفسي بيده لاقضين بينكما بكتاب الله المائة والخادم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها متفق عليه
وقضى ص - فيمن زنى ولم يحصن بنفى عام وإقامة الحد عليه ذكره البخاري
وقضى ص - ان الثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم والبكر بالبكر جلد مائة ثم نفى سنة ذكره مسلم
وجاءه اليهود فقالوا إن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم ما تجدون في التوارة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوارة فنشروها فوضع أحدهم يده (4/367)
على آية الرجم فقرأ ما بعدها وما قبلها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما فرجما متفق عليه
ولأبي داود ان رجلا منهم وامرأة زنيا فقالوا اذهبو به الى هذا النبي فإنه بعث بالتخفيف فإن أفتانا بفتيا دون الرجم فبلناها منه واحتججنا بها عند الله وقلنا إنها فتيا نبي من انبيائك فأتوه وهو جالس في المسجد في الصحابة فقالوا يا ابا القاسم ما ترى في رجل وامرأة زنيا فلم يكلمهم بكلمة حتى اتى بيت مدارسهم فقام على الباب فقال انشدكم بالله الذي انزل التوارة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا احصن قالوا يحمم ويجبه ويجلد والتجبية ان يحمل الزانيان على حمار وتقابل اقفيتهما ويطاف بهما فسكت شاب منهم فلما رأه النبي ص - سكت نظر اليه وأنشده فقال اللهم إذ انشدتنا فإنا تجد في التوارة الرجم فقال النبي ص - فما أول ما ارتخصتم امر الله قال زنى ذو قرابة ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم ثم زنى رجل في اسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه وقالوا لا يرجم صاحبنا حتى تجئ بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم فقال النبي ص - فإنى احكم بما في التوارة فأمر بهما فرجما
وعند ابي داود ايضا انه دعا بالشهود فجاءه اربعة فشهدوا انهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة
وسأله ص - ماعز بن مالك ان يطهره وقال إنى قد زنيت فأرسل الى قومه هل تعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا قالوا ما نعلمه إلا اوفى العقل من صالحينا فيما نرى فأقر أربع مرات فقال له في الخامسة أنكتها قال نعم قال حتى غاب ذلك منك في ذلك منها قال نعم قال (4/368)
كما يعيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر قال نعم قال فهل تدري ما الزنى قال نعم اتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال فما تريد بهذا القول قال اريد ان تطهرني فأمر رجلا فاستنكهه ثم امر به فرجم ولم يحفر له فلما وجد مس الحجارة فريشتد حتى مر برجل معه لحى جمل فضربه وضربه الناس حتى مات فقال النبي ص - هلا تركتموه وجئتموني به
وفي بعض طرق هذه القصة انه ص - قال له شهدت على نفسك اربع مرات اذهبوا به فارجموه
وفي بعضها فلما اشهد على نفسه اربع مرات دعاه النبي ص - قال أبك جنون قال لا قال هل احصنت قال نعم قال اذهبوا به فارجموه
وفي بعض طرقها انه ص - سمع رجلين من أصحابه يقول احدهما لصاحبه الم تر الى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مر بحيفة حمار شائل برجليه فقال اين فلان وفلان فقالا نحن ذان يا رسول الله فقال انزلا وكلا من جيفة هذا الحمار فقالا يا نبي الله من يأكل هذا قال فما نلتما من عرض احيكما آنفا اشد أكلا منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي انهار الجنة ينغمس فيها
وفي بعض طرقها انه ص - قال له لعلك رأيت في منامك لعلك استكرهت وكل هذه الالفاظ صحيحة
وفي بعضها انه امر فحفرت له حفيرة ذكره مسلم وهي غلط من رواية بشير ابن المهاجر وإن كان مسلم قد روى له في الصحيح فالثقة قد يغلط على ان احمد وأبا حاتم الرازي قد تكلما فيه وإنما حصل الوهم من حفرة الغامدية الى ماعز والله أعلم (4/369)
وجاءته ص - الغامدية فقالت إنى قد زينب فطهرني وإنه رددها فقالت ترددني كما رددت ماعزا فوالله إنى لحبلى فقال اذهبي حتى تلدي فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة فقالت هذا قد ولدته فقال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته اتته به وفي يده كسرة من خبز فقالت هذا قد فطمته وأكل الطعام فدفع الصبي الى رجل من المسلمين ثم امر بها فحفر لها الى صدرها وامر الناس فرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجهه فسبها فسمع نبي الله ص - سبه إياها فقال مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم امر بها فصلى عليها ودفنت ذكره مسلم
وجاءه ص - رجل فقال يا رسول الله إنى اصبت حدا فأقمه على ولم يسأله عنه وحضرت الصلاة فصلى مع النبي ص - فقام اليه الرجل فقال يا رسول الله إنى اصبت حدا فأقم في كتاب الله قال أليس قد صليت معنا قال نعم قال فإن الله قد غفر لك ذنبك أوقال حدك متفق عليه
وقد اختلف في وجه هذا الحديث فقالت طائفة اقر بحد لم يسمه فلم يجب علىالامام استفساره ولو سماه لحده كما حد ماعزا وقالت طائفة بل غفر الله له بتوبته والتائب من الذنب كمن لا ذنب له وعلى هذا فمن تاب من الذنب قبل القدرة عليه سقطت عنه حقوق الله تعالى كما تسقط عن المحارب وهذا هو الصواب
وسأله ص - رجل فقال اصبت من امرأة قبله فنزلت واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فقال الرجل ألى هذه فقال بل لمن عمل بها من امتي متفق عليه
وقد استدل به من يرى ان التعزير بواجب وان للامام إسقاطه ولا دليل فيه فتأمله (4/370)
وخرجت امرأة تريد الصلاة فتجللها رجل فقضى حاجته منها فصاحت وفر ومر عليها غيره فأخذوه فظنت انه هو وقالت هذا الذي فعل بي فأتوا به النبي ص - فأمر برجمه فقام صاحبها الذي وقع عليها فقال أنا صاحبها فقال النبي ص - اذهبي فقد غفر الله لك وقال للرجل قولا حسنا فقالوا الا ترجم صاحبها فقال لا لقد تاب توبة لو تابها اهل المدينة لقبل منهم ذكره احمد واهل السنن ولا فتوى ولا حكم احسن من هذا
فإن قيل كيف امر برجم البرئ
قيل لو انكر لم يرجمه ولكن لما اخذ وقالت هو هذا ولم ينكر ولم يحتج عن نفسه فاتفق مجئ القوم به في صورة المريب وقول المرأة هذا هو وسكوته سكوت المريب وهذه القرائن أقوى من قرائن حد المرأة بلعان الرجل وسكوتها فتأمله
تأثير اللوث في الدماء والحدود والاموال
وللوث تأثير في الدماء والحدود والاموال اما الدماء ففي القسامة واما لحدود ففي اللعان واما الاموال ففي قصة الوصية في السفر فإن الله تعالى حكم بأنه إن اطلع على على ان الشاهدين والوصيين ظلما وغدرا ان يحلف اثنان من الورثة على استحقاقهما ويقضى لهم وهذا هو الحكم الذي لا حكم غيره فإن اللوث إذا أثر في إراقة الدماء وإزهاق النفوس وفي الحدود فلأن يعمل به في المال بطريق الاولى والاحرى وقد حكم به نبي الله سليمان بن داود في النسب مع اعتراف المرأة انه ليس بولدها بل هو ولد الاخرى فقال لها هو ابنك ومن تراجم النسائي على قصته التوسعة للحاكم ان يقول للشئ الذي لا يفعله أفعل كذا ليستبين به الحق ثم ترجم عليه ترجمة اخرى فقال الحكم بخلاف ما يعترف به المحكوم عليه إذا تبين للحاكم ان الحق غير ما اعترف به وهذا هو العلم استنباطا ودليلا ثم ترجم عليه ترجمة ثالثة فقال نقض الحاكم ما حكم به من هو مثله أواجل منه (4/371)
قلت وفيه رد لقول من قال يكون بينهما إجراء للنسب مجرى المال وفيه ان حكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفتة في الباطن وفيه وع لطيف شريف عجيب من انواع العلم النافع وهو الاستدلال بقدر الله على شرعة فإن سليمان عليه السلام استدل بما قدره الله وخلقه في قلب الصغرى من الرحمه والشفقة بحيث ابت ان يشق الولد على انه ابنها وقوى هذا الاستدلال رضى الاخرى بأن يشق الولد وقالت نعم شقه وهذا قول لا يصدر من أم وإنما يصدر من حاسد يريد ان يتأسى بصاحب النعمة في زوالها عنه كما زالت عنه هو ولا أحسن من هذا الحكم وهذا الفهم وإذا لم يكن مثل هذا في الحاكم اضاع حقوق الناس وهذه الشريعة الكاملة طافحة بذلك
اختلاف العلماء في العمل بالسياسة
وجرت في ذلك مناظرة بين ابي الوفاء ابن عقيل وبين بعض الفقهاء فقال ابن عقيل العمل بالسياسة هو الحزم ولا يخلوا منه إمام وقال الاخر لا سياسة إلا ما وافق الشرع فقال ابن عقيل السياسة ما كان من الافعال بحيث يكون الناس معه اقرب الى الصلاح وابعد عن الفساد وإن لم يشرعه الرسول ص - ولا نزل به وحي فإن اردت بقولك لا سياسة إلا ما وافق الشرع أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح وإن اردت ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والمثل ما لا يجحده عالم بالسير ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف كان رأيا اعتمدوا فيه على مصلحة وكذلك تحريق على كرم الله وجهه الزنادقة في الاخاديد ونفى عمر نصر بن حجاج
قلت هذا موضع مزلة اقدام ومضلة افهام وهو مقام ضنك في معترك صعب فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا الحقوق وجرءوا اهل الفجور على الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد وسدوا على انفسهم (4/372)
طرقا صحيحة من الطرق يعرف بها المحق من المبطل وعطلوها مع علمهم وعلم الناس بها انها ادلة حق ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع والذي اوجب لهم ذلك نوع تقصير في معرفة حقيقة الشريعة والتطبيق بين الواقع وبينها فلما رأى ولاة الامر ذلك وان الناس لا يستقيم امرهم إلا بشئ زائد على ما فهمه هؤلاء من الشريعة فأحدثوا لهم قوانين سياسية ينتظم بها مصالح العالم فتولد من تقصير اولئك في الشريعة وإحداث هؤلاء ما أحدثوه من اوضاع سياستهم شر طويل وفساد عريض وتفاقم الامر وتعذر استدراكه وافرط فيه طائفة اخرى فسوغت منه ما يناقض حكم الله ورسوله وكلا الطائفتين اتيت من قبل تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله فإن الله ارسل رسله وانزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به السموات والارض فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت ادلة العقل واسفر صبحه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه ورضاه وامره والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته واماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التي هي اقوى منه وادل وأظهر بل بين بما شرعه من الطرق ان مقصوده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها والطرق اسباب ووسائل لا تراد لذواتها وإنما المراد غاياتها التي هي المقاصد ولكن نبه بما شرعه من الطرق على أسبابها وامثالها ولن تجد طريقا من الطرق المثبتة للحق إلا وهي شرعة وسبيل للدلالة عليها وهل يظن بالشريعة الكاملة خلاف ذلك
السياسة العادلة موافقة للشريعة
ولا نقول إن السياسة العادلة مخالفة للشريعة الكاملة بل هي جزء من اجزائها وباب من أبوابها وتسميتها سياسة امر اصطلاحي وإلا فإذا كانت عدلا فهى من الشرع فقد حبس رسول الله ص - في تهمه وعاقب في تهمة لما ظهرت امارات الريبة على المتهم فمن اطلق كل متهم وخلى سبيله أوحلفه (4/373)
مع علمه باشتهاره بالفساد في الارض ونقب النور وتواتر السرقات ولا سيما مع وجود المسروق معه وقال لا آخذه إلا بشاهدي عدل أوإقرار اختيار وطوع فقوله مخالف للسياسة الشرعية وكذلك منع النبي ص - الغال من الغنيمة سهمه وتحريق الخلفاء الراشدين متاعه ومنع المسئ على أمين سلب قتيله وأخذه شطر مال مانع الزكاة وإضعافه الغرم على سارق ما لا قطع فيه وعقوبته بالجلد وإضعافه الغرم على كاتم الضالة وتحريق عمر ابن الخطاب حانوت الخمار وتحريقه قرية يباع فيها الخمر وتحريقه قصر سعد ابن ابي وقاص لما احتجب فيه عن رعيته وحلقة راس نصر بن حجاج ونفيه وضربه صبيغا بالدرة لما تتبع المتشابه فسأل عنه الى غير ذلك من السياسة التي ساس بها الامة فسارت سنة الى يوم القيامة وإن خالفها من خالفها
ولقد حد أصحاب النبي ص - في الزنى بمجرد الحبل وفي الخمر بالرائحة والقئ وهذا هو الصواب فإن دليل القئ والرائحة والحبل على الشرب والزنى اولى من البينة قطعا فكيف يظن بالشريعة إلغاء اقوى الدليلين ومن ذلك تحريق الصديق اللوطى وإلقاء امير المؤمنين علي كرم الله وجهه له من شاهق على رأسه ومن ذلك تحريق عثمان المصاحف المخالفة للمصحف الذي جمع الناس عليه وهو الذي بلسان قريش ومن ذلك تحريق الصديق الفجاءة السلمي ومن ذلك اختيار عمر رضى الله عنه للناس إفراد الحج وأن يعتمروا في غير اشهر الحج فلا يزال البيت الحرام معمورا بالحجاج والمعتمرين ومن ذلك منع عمر رضى الله عنه الناس من بيع امهات الاولاد وقد باعوهن في حياة رسول الله ص - وحياة ابي بكر رضى الله عنه وأرضاه ومن ذلك إلزامه بالطلاق الثلاث لمن اوقعه بفم واحد عقوبة له كما صرح هو بذلك وإلا فقد كان على عهد رسول الله ص - وأبي بكر وصدرا من إمارته هو يجعل واحدة الى اضعاف ذلك من السياسات العادلة التي ساسوا بها الامة وهي مشتقة من أصول الشريعة وقواعدها (4/374)
السياسة والحقيقة والطريقة والعقل تنقسم الى صحيحة وفاسدة
وتقسيم بعضهم طرق الحكم الى شريعة وسياسة كتقسيم غيرهم الدين الى شريعة وحقيقة وكتقسيم آخرين الدين الى عقل ونقل وكل ذلك تقسيم باطل بل السياسة والحقيقة والطريقة والعقل كل ذلك ينقسم الى قسمين صحيح وفاسد فالصحيح قسم من اقسام الشريعة لا قسيم لها والباطل ضدها ومنافيها وهذا الاصل من اهم الاصول وانفعها وهو مبنى على حرف واحد وهو عموم رسالته ص - بالنسبة الى كل ما يحتاج اليه العباد في معارفهم وعلومهم واعمالهم وانه لم يحوج امته الى احد بعده وإنما حاجتهم الى من يبلغهم عنه ما جاء به فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق اليهما تخصيص عموم بالنسبة الى المرسل اليهم وعموم بالنسبة الى كل ما يحتاج اليه من بعث اليه في اصول الدين وفروعه فرسالته كافية شافية عامة لا تحوج الى سواها ولا يتم الايمان به إلا بإثبات عموم رسالتة في هذا وهذا فلا يخرج احد من المكلفين عن رسالته ولا يخرج نوع من انواع الحق الذي تحتاج اليه الامة في علومها واعمالها عما جاء به
الرسول يبين كل شئ
وقد توفى رسول الله ص - وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للامة منه علما وعلمهم كل شئ حتى أداب التخلي وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود والاكل والشرب والركوب والنزول والسفر والاقامة والصمت والكلام والعزلة والخلطة والغنى والفقر والصحة والمرض وجميع احكام الحياة والموت ووصف لهم العرش والكرسي والملائكة والجن والنار والجنة ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأى عين وعرفهم معبودهم والههم اتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويساهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله وعرفهم الانبياء واممهم وما جرى لهم وما جرى عليهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرفه نبي لامته قبله وعرفهم ص - من أحوال الموت وما يكون بعده في البرزخ وما يحصل فيه من النعيم (4/375)
والعذاب للروح والبدن ما لم يعرف به نبي غيره وكذلك عرفهم ص - أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق اهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من بعده اللهم إلا الى من يبلغه إياه ويبينه ويوضح منه ما خفى عليه وكذلك عرفهم ص - من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبدا وكذلك عرفهم ص - من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها وما يتحرزون به من كيده ومكره وما يدفعون به شره ما لا مزيد عليه وكذلك عرفهم ص - من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه الى سواه وكذلك عرفهم ص - من امور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة
لا حاجة للناس بعد رسول الله ودينه
وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والاخرة برمته ولم يحوجهم الله الى احد سواه فكيف يظن ان شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة اكمل منها ناقصة تحتاج الى سياسة خارجة عنها تكملها أوإلى قياس أوحقيقة أومعقول خارج عنها ومن ظن ذلك فهو كمن ظن ان بالناس حاجة الى رسول آخر بعده وسبب هذا كله خفاء ما جاء به على من ظن ذلك وقلة نصيبه من الفهم الذي وفق الله له اصحاب نبيه الذين اكتفوا بما جاء به واستغنوا به عما ما سواه وفتحوا به القلوب والبلاد وقالوا هذا عهد نبينا الينا وهو عهدنا اليكم وقد كان عمر رضى الله عنه يمنع من الحديث عن رسول الله ص - خشية ان يشتغل الناس به عن القرآن فكيف لو رأى اشتغال الناس بآرائهم وزبد افكارهم وزبالة اذهانهم عن القرآن والحديث فالله المستعان
وقد قال الله تعالى اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون وقال تعالى وأنزلنا عليك الكتاب (4/376)
تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين وقال تعالى يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وكيف يشفى ما في الصدور كتاب لا يفي هو ما تبينه السنة بعشر معشار الشريعة ام كيف يشفى ما في الصدور كتاب يستفاد منه اليقين في مسألة واحدة من مسائل معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله أوعامتها ظواهر لفظية دلالتها موقوفة على انتفاء عشرة امور لا يعلم انتفاؤها سبحانك هذا بهتان عظيم
ويالله العجب كيف كان الصحابة والتابعون قبل وضع هذه القوانين التي اتى الله بنيانها من القواعد وقبل استخراج هذه الآراء والمقاييس والاوضاع أهل كانوا مهتدين مكتفين بالنصوص أم كانوا على خلاف ذلك حتى جاء المتأخرون فكانوا اعلم منهم وأهدى وأضبط للشريعة منهم واعلم بالله وأسمائه وصفاته وما يجب له وما يمتنع عليه منهم فوالله لان يلقى الله عبده بكل ذنب ما خلا الإشراك خير من أن يلقاه بهذا الظن الفاسد والاعتقاد الباطل
فصل كلام الإمام احمد في السياسة الشرعية
وهذه نبذة يسيرة من كلام الإمام احمد رحمه الله في السياسة الشرعية
قال في رواية المروزي وابن منصور والمخنث ينفى لأنه لا يقع منه إلا الفساد والتعرض له وللإمام نفيه إلى بلد يأمن فساد أهله وإن خاف به عليهم حبسه
وقال في رواية حنبل فيمن شرب خمرا في نهار رمضان أوأتى شيئا نحو هذا أقيم الحد عليه وغلظ عليه مثل الذي يقتل في الحرم دية وثلث
وقال في رواية حرب إذا أتت المرأة المرأة تعاقبان وتؤدبان (4/377)
وقال أصحابنا إذا رأى الإمام تحريق اللوطي بالنار فله ذلك لان خالد ابن الوليد كتب إلى أبى بكر رضى الله عنه انه وجد في بعض نواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة فاستشار أصحاب النبي ص - وفيهم أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وكان أشدهم قولا فقال إن هذا الذنب لم تعص الله به أمة من الأمم إلا واحدة فصنع الله بهم ما قد علمتم أري أن يحرقوه بالنار فأجمع رأى أصحاب رسول الله ص - على أن يحرقوه بالنار فكتب أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى خالد بن الوليد رضى الله عنهما بأن يحرقوا فحرقهم ثم حرقهم ابن الزبير ثم حرقهم هشام ابن عبد الملك
ونص الإمام احمد رضى الله عنه فيمن طعن على الصحابة انه قد وجب على السلطان عقوبته وليس للسلطان أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب وإلا أعاد العقوبة
وصرح أصحابنا في أن النساء إذا خيف عليهن المساحقة حرم خلوة بعضهن ببعض
وصرحوا بأن من اسلم وتحته أختان فإنه يجبر على اختيار إحداهما فإن أبى ضرب حتى يختار
قالوا وهكذا كل من وجب عليه حق فامتنع من أدائه فإنه يضرب حتى يؤديه
وأما كلام مالك وأصحابه في ذلك فمشهور
الشافعي يعتبر قرائن الأحوال
وابعد الناس من الأخذ بذلك الشافعي رحمه الله تعالى مع انه اعتبر قرائن الأحوال في اكثر من مائة موضع وقد ذكرنا منها كثيرا في غير هذا الكتاب منها جواز وطء الرجل المرأة ليلة الزفاف وإن لم يرها ولم يشهد عدلان إنها (4/378)
امرأته بناء على القرائن ومنها قبول الهدية التي يوصلها إليه صبي أوعبد أوكافر وجواز أكلها والتصرف فيها وإن لم يشهد عدلان أن فلانا أهدى لك كذا بناء على القرائن ولا يشترط تلفظه ولا تلفظ الرسول بلفظ الهبة والهدية ومنها جواز تصرفه في بابه بقرع حلقته ودقه عليه وإن لم يستأذنه في ذلك ومنها استدعاء المستأجر للدار والبستان لمن شاء من أصحابه وضيوفه وإنزالهم عنده مدة وإن لم يستأذنه نطقا وإن تضمن ذلك تصرفهم في منفعة الدار وإشغالهم الكنيف وإضعافهم السلم ونحوه ومنها جواز الأقدام على الطعام إذا وضعه بين يديه وإن لم يصرح وإن له بالإذن لفظا ومنها جواز شربه من الإناء وإن لم يقدمه إليه ولا يستأذنه ومنها جواز قضاء حاجته في كنيفه وإن لم يستأذنه ومنها جواز الاستناد إلى وسادته ومنها اخذ ما ينبذه رغبة عنه من الطعام وغيره وإن لم يصرح بتمليكه له ومنها انتفاعه بفراش زوجته ولحافها ووسادتها وآنيتها وإن لم يستأذنها نطقا إلى أضعاف ذلك
وهل السياسة الشرعية إلا من هذا الباب وهي الاعتماد على القرائن التي تفيد القطع تارة والظن الذي هو أقوى من ظن الشهود بكثير تارة وهذا باب واسع وقد تقدم التنبيه عليه مرارا ولا يستغنى عنه المفتى والحاكم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الأطعمة
فلنرجع إلى فتاوي رسول الله ص - وذكر طرف من فتاويه في الأطعمة
وسئل ص - عن الثوم أحرام هو قال لا ولكنى اكرهه من أجل رائحته ذكره مسلم (4/379)
وسأله ص - أبو أيوب هل يحل لنا البصل فقال بلى ولكنى يغشاني ما لا يغشاكم ذكره احمد
وسئل ص - عن الضب أحرام هو فقال لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه متفق عليه
وسئل ص - عن السمن والجبن والفرا فقال الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ذكره ابن ماجه
وسئل ص - عن الضبع فقال أويأكل الضبع احد
وسئل ص - عن الذئب فقال أويأكل الذئب احد فيه خير ذكره الترمذي وعند ابن ماجه قال قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع قال ومن يأكل الضبع وإن صح حديث جابر في إباحة الضبع فإن في القلب منه شيئا كان هذه هذا الحديث يدل على ترك أكله تقذرا أوتنزها والله أعلم
وسألته ص - عائشة رضى الله عنها فقالت إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه ام لا فقال سموا انتم وكلوا ذكره البخاري
وسأله ص - رجل فقال أنأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله فأنزل الله ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه الى آخر الاية هكذا ذكره ابو داود وأن الذي سأل هذا السؤال هم اليهود والمشهور في هذه القصة ان المشركين هم الذين اوردوا هذا السؤال وهو الصحيح ويدل عليه كون السورة مكية وكون اليهود يحرمون الميتة كما يحرمها المسلمون فكيف يوردون هذا السؤال وهم يوافقوه على هذا الحكم ويدل عليه ايضا قوله وإن الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم فهذا سؤال مجادل في ذلك واليهود لم تكن تجادل في هذا وقد رواه الترمذي بلفظ ظاهره ان بعض (4/380)
المسلمين سأل هذا السؤال ولفظه أتى ناس إلى النبي ص - فقالوا يا رسول الله أنأكل مما نقتل ولا نأكل مما قتل الله فأنزل الله تعالى فكلوا مما ذكر اسم الله عليه الى قوله وإن اطعتموهم إنكم لمشركون وهذا لا يناقض كون المشركين هم الذين أوردوا هذا السؤال فسأل عنه المسلمون رسول الله ص - ولا احسب قوله إن اليهود سألوا عن ذلك إلا وهما من أحد الرواة والله أعلم
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله إنى اذا اصبت اللحم انتشرت للنساء واخذتني شهوتي فحرمت على اللحم فأنزل الله تعالى يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ذكره الترمذي
وسأله ص - ابو ثعلبة الخشني رضى الله عنه فقال إن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم فقال ص - إن لم تجدوا غيرها فارحضوها واطبخوا فيها واشربوا قال قلت يا رسول الله ما يحل لنا وما يحرم علينا قال لا تأكلوا لحم الحمر الإنسية ولا يحل كل ذي ناب من السباع ذكره احمد وقد ثبت عنه في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة انه قال اكل كل ذي ناب من السباع حرام وهذان اللفظان يبطلان قول من تأول نهيه عن أكل كل ذى ناب من السباع بأنه نهى كراهة فإنه تأويل فاسد قطعا وبالله التوفيق
فتاوي إمام المفتين ص - في الزكاة والصيد
وسئل ص - أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة فقال لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك ذكره ابو داود وقال هذا ذكاة المتردى وقال يزيد بن هارون هذا للضرورة وقيل هو في غير المقدور عليه
وسئل ص - عن الجنين يكون في بطن الناقة أوالبقرة أوالشاة (4/381)
أنلقيه ام نأكله فقال كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة امه ذكره احمد وهذا يبطل تأويل من تأول الحديث انه يذكى كما تذكى امه ثم يؤكل فإنه أمرهم بأكله وأخبر أن ذكاة امه ذكاة له وهذا لانه جزء من أجزائها فلم يحتج الى ان يفرد بذبح كسائر أجزائها
وسأله ص - رافع بن خديج فقال إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدى أفنذكى بالليطة فقال النبي ص - ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا ما كان من سن أوظفر فإن السن عظم والظفر مدى الحبشة متفق عليه والليطة الفلقة من القصب
وسأله ص - عدى بن حاتم رضى الله عنه فقال إن أحدنا ليصيب الصيد وليس معه سكين أيذبح بالمروة وشقة العصى فقال رسول الله ص - أمر الدم وأذكر اسم الله ذكره احمد
وسئل ص - عن شاه حل بها الموت فأخذت جارية حجرا فذبحتها به فأمر النبي ص - بأكلها ذكره البخاري
وسئل ص - عن شاة نيب فيها الذئب فذبحوها بمروة فرخص لهم في أكلها ذكره النسائي
وسئل ص - عن أكل الحوت الذي جزر البحر عنه فقال كلوا رزقا اخرجه الله لكم وأطعمونا إن كان معكم متفق عليه
وسأله ص - ابو ثعلبة الخشني فقال إنا بأرض صيد أصيد بقوسى وبكلبى المعلم وبكلبى الذي ليس بمعلم فما يصلح لي فقال ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلب المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت دكاته فكل متفق عليه وهو صريح في اشتراطه التسمية لحل الصيد ودلالته على ذلك اصرح من دلالته على تحريم صيد غير المعلم (4/382)
وسأله ص - عدي بن حاتم فقال إنى أرسل كلابي المعلمة فيمسكن على وأذكر اسم الله فقال إذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما امسك عليك قلت وإن قتلن قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها قلت فإنى ارمي بالمعراض الصيد فأصيب فقال إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن اصابه بعرضه فلا تأكله متفق عليه
وفي بعض الفاظ هذا الحديث إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل فإنى أخاف ان يكون إنما امسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره
وفي بعض الفاظه إذا ارسلت كلبك المكلب فاذكر اسم الله فإن امسك عليك فأدركته حيا فاذبحه وإن ادركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن اخذ الكلب ذكاته وفي بعض الفاظه إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله وفيه فإن غاب عنك اليومين أوالثلاثة ولم تجد فيه إلا اثر سهمك فكل إن شئت فان وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أوسهمك
وسأله ص - ابو ثعلبة الخشنى فقال يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة فأفتنى في صيدها فقال إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكت عليك فقال يا رسول الله ذكى قال ذكى أم غير ذكي وغير ذكى قال وإن اكل منه قال وإن أكل منه قال يا رسول الله افتني في قوسي قال كل ما امسكت عليك قوسك قال ذكى وغير ذكى قال ذكى وغير ذكى قال وإن تغيب عنى قال وإن تغيب عنك ما لم يصل يعنى يتغير أوتجد فيه اثرا غير اثر سهمك ذكره ابو داود
ولا يناقض هذا قوله لعدى بن حاتم وإن أكل منه فلا تأكل فإن (4/383)
حديث عدي فيما أكل منه حال صيده اذ يكون ممسكا على نفسه وحديث ابي ثعلبة فيما اكل منه بعد ذلك فإنه يكون قد امسك على صاحبه ثم اكل منه بعد ذلك وهذا لا يحرم كما لو اكل مما ذكاه صاحبه
وسئل ص - عن الذي يدرك صيده بعد ثلاث فقال كله مالم ينتن ذكره مسلم
وساله ص - اهل بيت كانوا في الحرة محتاجين ماتت عندهم ناقة لهم أولغيرهم فرخص له في اكلها فعصمتهم بقية شتائهم ذكره احمد
وعن ابي داود ان رجلا نزل بالحرة ومعه اهله وولده فقال له رجل ان لي ناقة قد ضلت فإن وجدتها فأمسكها فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت فقالت امرأته انحرها فأبى فنفقت فقالت اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها نأكله فقال حتى اسال رسول الله ص - فأتاه فسأله فقال له هل عندك ما يغنيك قال لا قال فكلوه قال فجاء صاحبها فأخبره الخبر فقال هلا كنت نحرتها قال استحييت منك وفيه دليل على جواز امساك الميتة للمضطر
وسأله ص - رجل فقال من الطعام طعام نتحرج منه فقال لا يختلجن في نفسك شيء ضارعت فيه النصرانية ذكره احمد ومعناه والله اعلم النهي عما شابه طعام النصارى يقول لا تشكن فيه بل دعه فأجابه بجواب عام وخص النصارى دون اليهود لان النصارى لا يحرمون شيئا من الاطعمة بل يبيحون مادب ودرج من الفيل الى البعوض
وسأله ص - عقبة بن عامر فقال انك تبعثنا فنزل بقوم لا يقروننا فما ترى فقال ان نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوه فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم ذكره البخاري (4/384)
وعند الترمذي انا نمر بقوم فلا يضيفوننا ولا يؤدون ما لنا عليهم من الحق ولا نحن نأخذ منهم فقال ان ابوا الا ان تأخذوا قرى فخذوه وعند ابي داود ليلة الضيف حق على كل مسلم فإن اصبح بفنائه محروما كان دينا عليه ان شاء اقتضاه وان شاء تركه وعنده ايضا من نزل بقوم فعليهم ان يقروه فإن لم يقروه فله ان يعقبهم بمثل قراه
وهو دليل على وجوب الضيافة وعلى أخذ الإنسان نظير حقه ممن هو عليه إذا أبى دفعه وقد استدل به في مسألة الظفر ولا دليل فيه لظهور سبب الحق ههنا فلا يهتم الآخذ كما تقدم في قصة هند مع أبي سفيان
وسأله ص - عوف بن مالك فقال الرجل أمر به فلان يقريني ولا يضيفني ثم يمر بي أفأجزيه قل لا بل اقره قال ورآني يعني النبي ص - رث الثياب قفال هل لك من مال قال قلت من كل المال قد أعطاني الله من الإبل و الغنم قال فلير عليك ذكره الترميذي
وسئل ص - عن جائزة الضيف فقال يومه وليلته والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة ولا يحل له ان يثوي عنده حتى يحرجه
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في العقيقة
وسئل ص - عن العقيقة كان كره الاسم وقال من ولد له مولود فأحب ان ينسك عنه فليفعل ذكره أحمد وعنده أيضا أنه سئل ص - عن العقيقة فقال لايحب الله العقوق كانه كره الاسم قالوا يارسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد قال من يولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتين متكافئتين وعن الجارية شاة (4/385)
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الأشربة
وسأله ص - رجل فقال لا أروى من نفس واحدة قال فأبن القدح عن فيك ثم تنفس قال فإني أرى القذاة فيه قال فأهرقها ذكره مالك وعند الترمذي انه ص - نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل القذاة اراها في الاناء قال أهرقها قال إنى لا أروى من نفس واحدة قال فأبن القدح إذن عن فيك حديث صحيح
وسئل ص - عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام متفق عليه
وسأله ص - ابو موسى فقال يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن البتع وهو من العسل ينبذ حتى يشتد والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد فقال كل مسكر حرام متفق عليه
وسأله ص - طارق بن سعيد عن الخمر فنهاه ان يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء
وسأله ص - رجل من اليمن عن شراب بأرضهم يقال له المزر قال امسكر هو قال نعم فقال رسول الله ص - كل مسكر حرام وإن على الله عهدا لمن شرب المسكر ان يسقيه من طينة الخبال قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال قال عرق أهل النار أوقال عصارة اهل النار
وسأله ص - رجل من عبد قيس فقال يا رسول الله ما ترى في شراب نصنعه في أرضنا من ثمارنا فأعرض عنه حتى سأله ثلاث مرات حتى قام يصلى فلما قضى صلاته قال لا تشربه ولا تسقه أخاك المسلم فوالذي (4/386)
نفسي بيده أووالذي يحلف به لا يشربه رجل ابتغاء لذة سكر فيسقيه الله الخمر يوم القيامة ذكره احمد
وسئل ص - عن الخمر تتخذ خلا قال لا ذكره مسلم
وسأله ص - ابو طلحة عن ايتام ورثوا خمرا فقال اهرقها قال أفلا نجعلها خلا قال لا ذكره احمد وفي لفظ ان يتما كان في حجر أبي طلحة فاشترى له خمرا فلما حرمت الخمر سأل النبي ص - أيتخذها قال لا
وسأل ص - قوم فقالوا إنا ننتبذ نبيذا نشربه على غدائنا وعشائنا وفي رواية على طعامنا فقال اشربوا واجتنبوا كل مسكر فأعادوا عليه فقال إن الله ينهاكم عن قليل ما أسكر وكثيره ذكره الدارقطني
وسأله ص - عبد الله بن فيروز الديلمي رضى الله عنهما فقال إنا اصحاب اعناب وكرم وقد نزل تحريم الخمر فما نصنع بها قال تتخذونه زبيبا قال نصنع بالزبيب ماذا قال تنقعونه على غدائكم وتشربونه على عشائكم وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غدائكم قال قلت يا رسول الله نحن ممن قد علمت نحن بين ظهرابي من قد علمت فمن ولينا فقال الله ورسوله قال حسبي يا رسول الله
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الايمان والنذور
وسأله سعد بن ابي وقاص فقال يا رسول الله إنى حلفت باللات والعزى وإن العهد كان قريبا فقال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاثا ثم انفث عن يسارك ثلاثا ثم تعوذ ولا تعد ذكره احمد (4/387)
ولما قال ص - من أقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة واوجب له النار سألوه ص - وإن كان شيئا يسيرا قال وإن كان قضيبا من أراك ذكره مسلم
وأعتم رجل عند النبي ص - ثم رجع الى أهله فوجد الصبية قد ناموا فأتاه اهله بطعام فحلف لا يأكل من أجل الصبية ثم بدا له فأكل فأتى رسول الله ص - فذكر ذلك له فقال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتها وليكفر عن يمينه ذكره مسلم
وسأله ص - مالك بن فضالة فقال يا رسول الله أرأيت ابن عم لي آتيه أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ثم يحتاج الى فيأتيني فيسألني وقد حلفت ان لا اعطيه ولا أصله قال فأمرني ان آتى الذي هو خير واكفر عن يميني
وخرج سويد بن حنظلة ووائل بن حجر يريدان رسول الله ص - مع قومهما فأخذ وائلا عدو له فتحرج القوم ان يحلفوا انه اخوهم وحلف سويد انه اخوه فخلوا سبيله فسأل رسول الله ص - عن ذلك فقال انت ابرهم واصدقهم المسلم اخو المسلم ذكره احمد
وسئل ص - عن رجل نذر ان يقوم في الشمس ولا يقعد ويصوم ولا يفطر بنهاره ولا يستظل ولا يتكلم فقال مروه فليستظل وليتكلم وليقعد وليتم صومه ذكره البخاري
وفيه دليل على تفريق الصفقة في النذر وان من نذر قربة صح النذر في القربة وبطل في غير القربة وهكذا الحكم في الوقف سواء
وسأله ص - عمر رضى الله عنه فقال إنى نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال اوف بنذرك متفق عليه (4/388)
وقد احتج به من يرى جواز الاعتكاف من غير صوم ولا حجة فيه لان في بعض الفاظ الحديث أن اعتكف يوما أوليلة ولم يأمره بالصوم إذ الاعتكاف المشروع إنما هو اعتكاف الصائم فيحمل اللفظ المطلق على المشروع
وسئل ص - عن امرأة نذرت ان تمشي الى بيت الله الحرام حافية غير مختمرة فأمرها ان تركب وتخمر وتصوم ثلاثة ايام ذكره احمد
وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر قال نذرت اخي ان تمشي الى بيت الله الحرام حافية فأمرتني ان استفتى لها رسول الله ص - فاستفتيته فقال لتمش ولتركب
وعند الامام احمد ان اخت عقبة نذرب ان تحج ماشية وانها لا تطبق ذلك فقال النبي ص - إن الله لغنى عن مشي اختك فلتركب ولتهد بدنه
ونظر وهو يخطب الى اعرابي قائم في الشمس فقال ما شأنك قال نذرت ان لا أزال في الشمس حتى يفرغ رسول الله ص - من الخطبة فقال رسول الله ص - ليس هذا نذرا إنما النذر فيما ابتغى به وجه الله ذكره احمد
ورأى رسول الله ص - شيخا يهادى بين ابنيه فقال ما بال هذا فقالوا نذر ان يمشي فقال إن الله لغنى عن تعذيب هذا نفسه وامره ان يركب متفق عليه
ونظر الى رجلين مقترنين يمشيان الى البيت فقال ما بال القرآن قالوا يا رسول الله نذرنا ان نمشي الى البيت مقترنين فقال ليس هذا نذرا إنما النذر فيما ابتغى به وجه الله ذكره احمد (4/389)
سألته ص - امرأة فقالت إن امي توفيت وعليها نذر صيام فتوفيت قبل ان تقضيه فقال ليصم عنها الولي ذكره ابن ماجه
وصح عنه ص - انه قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه
فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلاقه وقالت يصام عنه النذر والفرض
وابت طائفة ذلك وقالت لا يصام عنه نذر ولا فرض
وفصلت طائفة فقالت يصام عنه النذر دون الفرض الاصلي وهذا قول ابن عباس وأصحابه والامام احمد واصحابه وهو الصحيح لان فرض الصيام جار مجرى الصلاة فكما لا يصلي احد عن احد ولا يسلم احد عن احد فكذلك الصيام وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين فيقبل قضاء الولي له كما يقضى دينه وهذا محض الفقه وطرد هذا انه لا يحج عنه ولا يزكى عنه إلا اذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الولي عمن افطر في رمضان لعذر فأما المفطر من غير عذر اصلا فلا ينفعه اداء غيره عنه لفرائض الله تعالى التي فرط فيها وكان هو المأمور بها ابتلاء وامتحانا دون الولي فلا تنفع توبه احد عن احد ولا إسلامه عنه ولا أداء الصلاة عنه ولا غيرها من فرائض الله تعالى التي فرط فيها حتى مات والله أعلم
وسألته ص - امرأة فقالت إنى نذرت ان اضرب على رأسك بالدف فقال أوفي بنذرك قالت إنى نذرت ان اذبح بمكان كذا وكذا مكان يذبح فيه اهل الجاهلية قال لصنم قالت لا قال لوثن قالت لا قال اوفي بنذرك ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل فقال إنى نذرت ان انحر إبلا ببوانة فقال النبي ص - كان فيها وثن من اوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال فهل كان فيها عيد من اعيادهم قالو لا قال اوف بنذرك فإنه لا وفاء بالنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ذكره ابو داود (4/390)
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الجهاد
سئل عن قتال الامراء الظلمة فقال لا ما أقاموا الصلاة وقال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا أفلا ننابذهم قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة ثم قال ص - ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعته ذكره مسلم
وقال يستعمل عليكم امراء فتعرفون وتنكرون فمن كرة فقد برئ ومن انكر فقد سلم ولكن من رضى وتابع قالوا افلا نقاتلهم قال لا ما صلوا ذكره مسلم وزاد احمد ما صلوا الخمس
وسأله ص - رجل فقال أرأيت إن كان علينا امراء يمنعوننا حقنا ويسألوننا حقهم قال اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ذكره الترمذي
وقال إنها ستكون بعدى أثرة وامور تنكرونها قالوا فما تامرنا من أدرك ذلك قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم متفق عليه
وسأله ص - رجل فقال دلني على عمل يعدل الجهادقال لا اجده ثم قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد ان تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال ومن يستطيع ذلك فقال مثل المجاهد (4/391)
في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله ذكره مسلم
وسئل ص - أي الناس افضل فقال مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم من قال رجل في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره متفق عليه
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله ارايت إن قتلت في سبيل الله وانا صابر محتسب مقبل غير مدبر يكفر الله عني خطاياي قال نعم ثم قال كيف قلت فرد عليه كما قال فقال نعم فكيف قلت فرد عليه القول ايضا فقال أرأيت يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر يكفر الله عنى خطاياي قال نعم إلا الدين فإن جبريل سارني بذلك ذكره احمد
وسئل ص - ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ذكره النسائي
وسئل ص - أي الشهداء افضل عند الله تعالى قال الذين يلقون في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا اولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة ويضحك اليهم ربك تعالى واذا ضحك ربك الى عبد في الدنيا فلا حساب عليه ذكره احمد
وسئل ص - عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله متفق عليه
وعند ابي داود ان اعرابيا اتى رسول الله ص - فقال الرجل يقاتل للذكر ويقاتل ليحمد ويقاتل ليغنم ويقاتل ليرى مكانه فمن في (4/392)
سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
وسأله ص - رجل فقال يا رسول الله الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من أعراض الدنيا فقال لا اجر له فأعظم ذلك الناس وقالوا للرجل عد لرسول الله ص - فإنك لم تفهمه فقال يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال لا أجر له فقالوا للرجل عد لرسول الله ص - فقال له الثالثة فقال لا أجر له ذكره ابو داود
وعند النسائي انه سئل ص - أرأيت رجلا غزا يلتمس الاجر والذكر ماله فقال رسول الله ص - لا شئ له فأعادها ثلاث مرار يقول رسول اله ص - لا شئ له ثم قال إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وابتغى به وجهه
وسألته ص - ام سلمة فقالت يا رسول الله يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض الاية ذكره احمد
وسئل ص - عن الشهداء فقال من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد ذكره مسلم
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الطب
سأله ص - اعرابي فقال يا رسول الله انتداوى قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا انزل له شفاء علمه من علمه وجهلة من جهله ذكره احمد (4/393)
وفي السنن ان الاعراب قالت يا رسول الله الا نتداوى قال نعم عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أودواء إلا داء واحد قالوا يا رسول الله وما هو قال الهرم
وسئل ص - فقيل له أرايت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله ذكره الترمذي
وسئل ص - هل يغنى الدواء شيئا فقال سبحان الله وهل انزل الله تبارك وتعالى من داء في الارض إلا جعل له شفاء ذكره احمد
وسئل ص - عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من أمته فقال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون متفق عليه
وسأله ص - آل عمرو بن حزم فقالوا إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب وإنك نهيت عن الرقي قال اعرضوا على رقاكم قال فعرضوا عليه فقال ما أرى بأسا من استطاع ان ينفع اخاه فليفعل ذكره مسلم
واستفتاه عثمان بن ابي العاص رضى الله عنه وشكا اليه وجعا يجده في جسده منذ اسلم فقال ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل باسم الله ثلاثا وقل سبع مرات اعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما اجد واحاذر ذكره مسلم
وسئل ص - أي الناس اشد بلاء قال الانبياء ثم الامثل فالامثل الرجل يبتلى على حسب دينه فإن كان رقيق الدين ابتلى على حسب ذلك وإن كان صلب الدين ابتلى على حسب ذلك فما يزال البلاء بالرجل حتى يمشي على وجه الارض وما عليه خطيئة ذكره احمد وصححه الترمذي (4/394)
وذكر ابن ماجه انه سئل أي الناس اشد بلاء قال الانبياء قلت يا رسول الله ثم من قال ثم الصالحون إن احدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العبائة تحويه وإن كان احدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح احدكم بالعافية
وسأله ص - رجل أرايت هذه الامراض التي تصيبنا مالنا بها قال كفارات قال ابو سعيد الخدري رضى الله عنه وإن قلت قال وإن شوكة فما فوقها فدعا ابو سعيد على نفسه ان لا يفارقه الوعك حتى يموت وأن لا يشغله عن حج ولا عن عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة فما مسه إنسان إلا وجد حرة حتى مات ذكره احمد
وقال أسامة رضى الله عنه شهدت الاعراب يسألون النبي ص - اعلينا حرج في كذا اعلينا حرج في كذا فقال عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض اخيه شيئا فذلك هو الحرج فقالوا يا رسول الله هل علينا من جناح ان نتداوى قال تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم قالوا يا رسول الله ما خير ما أعطى العبد قال حسن الخلق ذكره ابن ماجه
وسئل ص - عن الرقي فقال اعرضوا على من رقاكم ثم قال لا بأس بما ليس فيه شرك ذكره مسلم
وسأله ص - طبيب عن ضفدع يجعلها في دواء فنهى النبي ص - عن قتلها ذكره اهل السنن
وشكا إليه ص - الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف القمل فأفتاهما بلبس قميص الحرير ذكره البخاري في صحيحه
وأفتى ص - ان من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن وهو يدل بمفهومه على انه إذا كان طبيبا واخطأ في تطبيبه فلا ضمان عليه (4/395)
وشكا اليه ص - المشاة في طريق الحج تعبهم وضعفهم عن المشي فقال لهم استعينوا بالنسل فإنه يقطع عنكم الارض وتخفون له قالوا ففعلنا فخففنا له والنسل العدو مع تقارب الخطأ ذكر ابن مسعود الدمشقي ان هذا الحديث في مسلم وليس فيه وإنما هو زيادة في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم في صفة حج ص - وإسناده حسن
وسألته ص - اسماء بنت عميس رضى الله عنها فقالت يا رسول الله إن ولد تسرع اليهم العين أفاسترقى لهم قال نعم فإنه لو كان شئ سابق القدر لسبقته العين ذكره احمد
وعند مالك عن حميد بن قيس المكي قال دخل على رسول الله ص - بابنى جعفر بن ابي طالب فقال لحاضنتهما مالى أراهما ضارعين فقالت إنه لتسرع اليهما العين ولم يمنعنا ان نسترقى لهما إلا انا لا ندري ما يوافقك من ذلك فقال استرقوا لهما فإنه لو سبق شئ القدر لسبقته العين
وسئل ص - عن النشرة فقال هي من عمل الشيطان ذكره احمد وابو داود والنشرة حل السحر عن السحور وهي نوعان حل سحر بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان فإن السحر من عمله فيتقرب اليه الناشر والمنتشر بما يحب فيبطل عمله عن المسحور والثاني النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والادوية المباحة فهذا جائز بل مستحب وعلى النوع المذموم بحمل قول الحسن لا يحل السحر إلا ساحر
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في الفأل والطيرة
وسئل ص - عن الطاعون فقال عذابا كان يبعثه الله على من كان قبلكم فجعله الله رحمة للمؤمنين ما من عبد يكون في بلد (4/396)
ويكون فيه فيمكث لا يخرج صابرا محتسبا يعلم انه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد ذكره البخاري
وسأله ص - فروة بن مسيك رضى عنه فقال يا رسول الله إنا بأرض يقال لها أبين وهي ريفنا وميرتنا وبية أوقال وباها شديد فقال رسول الله ص - دعها عنك فإن من القرف التلف
وفيه دليل على نوع شريف من أنواع الطب وهو استصلاح التربة والهواء كما ينبغي البدن واعتداله
وقال ص - لا طيرة وخيرها الفأل قيل يا رسول الله وما الفال قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم متفق عليه
وفي لفظ لهما لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل قالوا وما الفأل قال كلمة طيبة
ولما قال لا عدوى و لاطيرة ولا هامة قال له رجل ارايت البعير يكون به الجرب فتجرب الابل قال ذاك القدر فمن أجرب الاول وذكره احمد
و لاحجة في هذا لمن انكر الاسباب بل فيه إثبات القدر ورد الاسباب كلها الى الفاعل الاول إذ لو كان كل سبب مستندا الى سبب قبله لا الى غاية لزم التسلسل في الاسباب وهو ممتنع فقطع النبي ص - التسلسل بقوله فمن اعدى الاول إذا لو كان الاول قد جرب بالعدوى والذي قبله كذلك لا الى غايه لزم التسلسل الممتنع
وسألته ص - امرأة فقالت يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال فقال دعوها ذميمة ذكره مالك مرسلا
وهذا موافق لقوله ص - إن كان الشؤم في شئ فهو في ثلاثة في الفرس وفي الدار والمرأة وهو إثبات لنوع خفى من الاسباب ولا يطلع عليه (4/397)
أكثر الناس ولا يعلم إلا بعد وقوع مسببه فإن من الاسباب ما يعلم سببيته قبل وقوع مسببه وهي الاسباب الظاهرة ومنها ما لا يعلم سببيته إلا بعد وقوع مسببه وهي الاسباب الخفية ومنه قول الناس فلان مشئوم الطلعة ومدور الكعب ونحوه فالنبي ص - اشار الى هذا النوع ولم يبطله وقوله إن كان الشؤم في شئ فهو في ثلاثة تحقيق لحصول الشؤم فيها وليس نفيا لحصوله من غيرها كقوله إن كان في شئ تتداوون به شفاء ففي شرطة محجم أوشربه عسل أولذعة بنار ولا احب الكي ذكره البخاري
وقال من ردته الطيرة من حاجته فقد أشرك قالوا يا رسول الله وما كفارة ذلك قال أن يقول اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ذكره احمد
فصل فتاوي إمام المفتين ص - في ابواب متفرقة
وسأله ص - رجل فقال إنى اصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة فقال هل لك من ام قال لا قال فهل لك من خالة قال نعم قال فبرها ذكره الترمذي وصححه
وقال ابن عباس رضى الله عنهما كان رجل من الانصار أسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل الى قومه سلوا لي رسول الله ص - هل لي من توبة فجاء قومه الى النبي ص - فقالوا هل له من توبة فنزلت كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم الى قوله إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم فأرسل اليه فأسلم ذكره النسائي (4/398)
وسئل ص - عن رجل اوجب فقال اعتقوا عنه ذكره احمد وقوله اوجب أي فعل ما يستوجب النار
وسئل ص - عن قوله تعالى وتأتون في ناديكم المنكر قال كانوا يخذفون اهل الطريق ويسخرون منهم وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه ذكره احمد
وسئل ص - ايكون المؤمن جبانا قال نعم قالوا ايكون بخيلا قال نعم قالوا ايكون كذابا قال لا ذكره مالك
وسألته ص - امرأة فقالت إن لي ضرة فهل على جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني فقال المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور متفق عليه
وفي لفظ اقول إن زوجي اعطاني ما لم يعطني
وسأله ص - رجل فقال هل أكذب على امرأتي قال لا خير في الكذب فقال يا رسول الله اعدها وأقول لها فقال رسول الله ص - لا جناح ذكره مالك
وقال ص - اتقوا هذا الشرك فإنه اخفى من دبيب النمل فقيل له كيف نتقيه وهو اخفى من دبيب النمل يا رسول الله فقال قولوا اللهم إنا نعوذ بك ان نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم ذكره احمد
وقال ص - إن اخوف ما اخاف على امتي الشرك الاصغر قالوا وما الشرك الاصغر يا رسول الله قال الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ذكره احمد
وسئل ص - عن الاخسرين اعمالا يوم القيامة فقال هم (4/399)
الاكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا الى من بين يدية ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم
ولما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك عليهم وقالوا يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله ص - ليس ذلك إنما هو الشرك ألم تسمعوا قول لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم متفق عليه
وخرج عليهم وهم يتذاكرون المسيح الدجال فقال ألا اخبركم بما هو اخوف عليكم عندي من المسيح الدجال قالوا بلى قال الشرك الخفي قالوا وما الشرك قال ان يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل آخر ذكره ابن ماجه
وسئل رسول الله ص - عن طاعة الامير الذي امر اصحابه فجمعوا حطبا فأضرموه نارا وامرهم بالدخول فيها فقال ص - لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف وفي لفظ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وفي لفظ من امركم منهم بمعصية الله فلا تطيعوه
فهذه فتوى عامة لكل من أمره أمير بمعصية الله كائنا من كان ولا تخصيص فيها ألبتة
ولما قال ص - إن من اكبر الكبائر شتم الرجل والديه سالوه كيف يشتم الرجل والديه قال يسبب ابا الرجل وأمه فيسب أباه وامه متفق عليه
وللامام احمد إن أكبر الكبائر عقوق الوالدين قيل وما عقوق الوالدين قال ص - يسب أبا الرجل وأمه فيسب اباه وامه
وهو صريح في اعتبار الذرائع وطلب الشرع لسدها وقد تقدمت شواهد هذه القاعدة بما فيه كفاية (4/400)
وقال ص - ما تقولون في الزنى قالوا حرام فقال لان يزنى الرجل بعشر نسوة ايسر عليه من ان يزنى بامرأة جاره ما تقولون في السرقة قالوا حرام قال لان يسرق الرجل من عشرة ابيات ايسر من ان يسرق من بيت جاره ذكره احمد
وقال ص - اتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك اخاك بما يكره قيل ارأيت إن كان في اخي ما اقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ذكره مسلم
والامام احمد ومالك ان رجلا سأل رسول الله ص - ما الغيبة فقال ان تذكر من المرء ما يكره ان يسمع فقال يا رسول الله وإن كان حقا فقال رسول الله ص - إذا قلت باطلا فذلك البهتان
وسئل ص - عن الكبائر فقال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقول الزور وقتل النفس التي حرم الله والفرار يوم الزحف ويمين الغموس وقتل الانسان ولده خشية ان يطعم معه والزنا يحليلة جارة والسحر وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وهذا مجموع من احاديث
فصل بعض الكبائر
ومن الكبائر ترك الصلاة ومنع الزكاة وترك الحج الحج مع الاستطاعة والافطار في رمضان بغير عذر وشرب الخمر والسرقة والزنى واللواط والحكم بخلاف الحق واخذ الرشا على الاحكام والكذب على النبي ص - والقول على الله بلا علم في اسمائه وصفاته وافعاله واحكامه وجحود ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله واعتقاد ان كلامه وكلام رسوله لا يستفاد منه (4/401)
يقين اصلا وان ظاهر كلامه وكلام رسوله باطل وخطأ بل كفر وتشبيه وضلال وترك ما جاء به لمجرد قول غيره وتقديم الخيال المسمى بالعقل والسياسة الظالمة والعقائد الباطلة والآراء الفاسدة والادراكات والكشوفات الشيطانية على ما جاء به ص - ووضع المكوس وظلم الرعايا والاستيثار بالفئ والكبر والفخر والعجب والخيلاء والرياء والسمعة وتقديم خوف الخلق على خوف الخالق ومحبته على محبة الخالق ورجائه على رجائه وإرادة العلو في الارض والفساد وإن لم ينل ذلك ومسبة الصحابة رضوان الله عليهم وقطع الطريق وإقرار الرجل الفاحشة في أهله وهو يعلم والمشي بالنميمة وترك التنزه من البول وتخنث الرجل وترجل المرأة ووصل شعر المرأة وطلبها ذلك وطلب الوصل كبيرة وفعله كبيرة والوشم والاستيشام والوشر والاستيشار والنمص والتنميص والطعن في النسب وبراءة الرجل من ابيه وبراءة الاب من ابنه وإدخال المرأة على زوجها ولدا من غيره والنياحة ولطم الخدود وشق الثياب وحلق المرأة شعرها عند المصيبة بالموت وغيره وتغيير منار الارض وهو اعلامها وقطيعة الرحم والجور في الوصية وحرمان الوارث حقه من الميراث وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير والتحليل واستحلال المطلقة به والتحيل على إسقاط ما اوجب الله تحليل ما حرم الله وهو استباحة محارمه وإسقاط فرائضه بالحيل وبيع الحرائر وإباق المملوك من سيده ونشوز المرأة على زوجها وكتمان العلم عند الحاجة الى اظهاره وتعلم العلم للدنيا والمباهاة والجاه والعلو على الناس والغدر والفجور في الخصام وإتيان المرأة في دبرها وفي محيضها والمن بالصدقة وغيرها من عمل الخير وإساءة الظن بالله واتهامه في احكامه الكونية والدينية والتكذيب بقضائه وقدرة واستوائه على عرشه وأنه القاهر فوق عباده وان رسول الله ص - عرج به اليه وانه رفع المسيح اليه وأنه يصعد اليه الكلم وانه كتب كتابا فهو عنده على عرشه وان رحمته تغلب غضبه (4/402)
وانه ينزل كل ليلة الى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل فيقول من يستغفر فأغفر له وأنه كلم موسى تكليما وانه تجلى للجبل فجعله دكا واتخذ ابراهيم خليلا وأنه نادى آدم وحواء ونادى موسى وينادى نبينا يوم القيامة وانه خلق آدم بيديه وأنه يقبض سمواته بإحدى يديه والارض باليد الاخرى يوم القيامة
ومنها الاستماع الى حديث قوم لا يحبون استماعه وتخبيث المرأة على زوجها والعبد على سيده وتصوير صور الحيوان سواء كان لها ظل أولم يكن وأن يرى عينيه في المنام ما لم ترياه واخذ الربا وإعطاؤه والشهادة عليه وكتابته وشرب الخمر وعصرها واعتصارها وحملها وبيعها واكل ثمنها ولعن من لم يستحق اللعن وإتيان الكهنة والمنجمين والعرافين والسحرة ونصديفهم والعمل باقوالهم والسجود لغير الله والحلف بغيره كما قال النبي ص - من حلف بغير الله فقد اشرك وقد قصر ما شاء ان يقصر من قال إن ذلك مكروه وصاحب الشرع يجعله شركا فرتبته فوق رتبة الكبائر واتخاذ القبور مساجد وجعلها اوثانا واعيادا يسجدون لها تارة ويصلون اليها تارة ويطوفون بها تارة ويعتقدون ان الدعاء عندها افض من الدعاء في بيوت الله التي شرع ان يدعى فيها ويعبد ويصلى له ويسجد
ومنها معاداة اولياء الله وإسبال الثياب من الازار والسراويل والعمامة وغيرها والتبختر في المشي واتباع الهوى وطاعة الهوى وطاعة الشح والاعجاب بالنفس وإضاعة من تلزمه مؤنته ونفقته من اقاربه وزوجته ورقيقه ومماليكه (4/403)
والذبح لغير الله وهجر اخيه المسلم سنة كما في صحيح الحاكم من حديث ابي خراش الهذلي السلمي عن النبي ص - من هجر اخاه سنة فهو كقتله واما هجرة فوق ثلاثة ايام فيحتمل انه من الكبائر ويحتمل انه دونها والله اعلم
ومها الشفاعة في اسقاط حدود الله وفي الحديث عن ابن عمر يرفعه من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في امره رواه احمد وغيره بإسناد جيد
ومنها تكلم الرجل بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا
ومنها ان يدعى الى بدعة أوضلالة أوترك سنة بل هذا من اكبر الكبائر وهو مضادة لرسول الله ص -
ومنها ما رواه الحاكم في صحيحه من حديث المستورد بن شداد قال قال رسول الله ص - من أكل بمسلم أكلة اطعمه الله بها أكلة من نار جهنم يوم القيامة ومن قام بمسلم مقام سمعة اقامه الله يوم القيامة مقام رياء وسمعة ومن اكتسى بمسلم ثوبا كساه الله ثوبا من نار يوم القيامة
ومعنى الحديث انه توصل الى ذلك وتوسل اليه بأذى اخيه المسلم من كذب عليه أوسخرية أوهمزة أولمزة أوغيبة والطعن عليه والازدراء به والشهادة عليه بالزور والنيل من عرضه عند عدوه ونحو ذلك مما يفعله كثير من الناس واوقع في وسطه والله المستعان
ومنها التبجح والافتخار بالمعصية بين اصحابه واشكاله وهو الاجهار الذي لا يعافى الله صاحبه وإن عافاه من شر نفسه
ومنها ان يكون له وجهان ولسانان فياتي القوم بوجه ولسان ويأتي غيرهم بوجه ولسان اخر (4/404)
ومنها أن يكون فاحشا بذيا يتركه الناس ويحذرونه اتقاء فحشه
ومنها مخاصمة الرجل في باطل يعلم انه باطل ودعواه ما ليس له وهو يعلم انه ليس له
ومنها ان يدعى انه من آل بيت رسول الله ص - وليس منهم أويدعي انه ابن فلان وليس بابنه وفي الصحيحين من ادعى الى غير ابيه فالجنة عليه حرام وفيهما ايضا لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن ابيه فهو كافر وفيهما ايضا ليس من رجل ادعى لغير ابيه وهو يعلمه إلا وقد كفر ومن ادعى ما ليس له فليس مناوليتبوا مقعده من النار ومن دعا رجلا بالكفر أوقال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه
فمن الكبائر تكفير من لم يكفره الله ورسوله وإذا كان النبي ص - قد امر بقتال الخوارج واخبر انهم شر قتلى تحت أديم السماء وانهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ودينهم تكفير المسلمين بالذنوب فكيف من كفرهم بالسنة ومخالفة آراء الرجال لها وتحكيمها والتحاكم اليها
ومنها ان يحدث حدثا في الاسلام أويؤوى محدثا وينصره ويعينه وفي الصحيحين من احدث حدثا أوآوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ومن أعظم الحدث تعطيل كتاب الله وسنة رسوله وإحداث ما خالفهما ونصر من احدث ذلك والدب عنه ومعاداة من دعا الى كتاب الله وسنة رسوله ص -
ومنها إحلال شعائر الله في الحرم والاحرام كقتل الصيد واستحلال القتال في حرم الله
ومنها لبس الحرير والذهب للرجال واستعمال اواني الذهب والفضة للرجال (4/405)
وقد صح عن النبي ص - انه قال الطيرة شرك فيحتمل ان يكون من الكبائر وان يكون دونها
ومنها الغلول من الغنيمة ومنها غش الامام والوالي لرعيته ومنها ان يتزوج ذات رحم محرم منه أويقع على بهيمة
ومنا المكر بأخيه المسلم ومخادعته ومضارته وقد قال ص - ملعون من مكر بمسلم أوضار به
ومنها الاستهانة بالمصحف وإهدار حرمته كما يفعله من لا يعتقد ان فيه كلام الله من وطئه برجله ونحو ذلك
ومنها ان يضل اعمى عن الطريق وقد لعن رسول الله ص - من فعل ذلك فكيف بمن اضل عن طريق الله أوصراطه المستقيم
ونها أن يسم إنسانا أودابة في وجهها وقد لعن رسول الله ص - من فعل ذلك
ومنها ان يحمل السلاح على اخيه المسلم فإن الملائكة تلعنه
ومنها ان يقول ما لا يفعل قال الله تعالى كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون
ومنها الجدال في كتاب الله ودينه بغير علم
ومنها إساءة الملكة برقيقة وفي الحديث لا يدخل الجنة سئ الملكة
ومنها ان يمنع المحتاج فضل مالا يحتاج اليه مما لم تعمل يداه
ومنها القمار واما اللعب بالنرد فهو من الكبائر لتشبيه لاعبه بمن صبغ يده في لحم الخنزير ودمه ولا سيما اذا اكل المال به فحينئذ يتم التشبيه به فان اللعب بمنزلة غمس اليد واكل المال بمنزلة اكل لحم الخنزير
ومنها ترك الصلاة في الجماعة وهو من الكبائر وقد عزم رسول الله ص (4/406)
على تحريق المتخلفين عنها ولم يكن ليحرق مرتكب صغيرة وقد صح عن ابن مسعود انه قال ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق معلوم النفاق وهذا فوق الكبيرة
ومنها ترك الجمعة وفي صحيح مسلم لينتهين اقوام عن ودعهم الجمعات أوليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين وفي السنن بإسناد جيد عن النبي ص - قال من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه
ومنها ان يقطع ميراث وارثه من تركته أويدله على ذلك ويعلمه من الحيل ما يخرجه به من الميراث
ومنها الغلو في المخلوق حتى يتعدى به منزلته وهذا قد يرتقي من الكبيرة الى الشرك
وقد صح عن رسول الله ص - انه قال إياكم والغلو وإنما هلك من كان قبلكم بالغلو
ومنها الحسد وفي السنن انه يأكل الحسنات كما تاكل النار الحطب
ومنها المرور بين يدي المصلي ولو كان صغيرة لم يأمر النبي ص - بقتال فاعله ولم يجعل وقوفه عن حوائجه ومصالحه اربعين عاما خيرا له من مروره بين يديه كما في مسند البزار والله اعلم
فصل مستطرد من فتاويه ص - فارجع إليها
وسئل ص - عن الهجرة فقال إذا اقمت الصلاة وآتيت الزكاة فأنت مهاجر وإن مت بالحضرمة يعنى ارضا باليمامة ذكره احمد
وسأله ص - عبد الله بن حوالة ان يختار له بلادا يسكنها فقال عليك بالشام فإنها خيرة الله من ارضه يجتبى اليها خيرته من عباده (4/407)
فإن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله يتوكل لى بالشام واهله ذكره ابو داود بإسناد صحيح
وسأله معاوية بن حيدة جد بهز بن حكيم فقال يا رسول الله اين تأمرني قال ههنا ونحا بيده نحو الشام ذكره الترمذي وصححه
وسألته ص - اليهود عن الرعد ما هو فقال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخازيق من نار يسوقه به حيث يشاء الله قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع قال زجره السحاب حتى تنتهي حيث امرت قالوا صدقت ثم قالوا فأخبرنا عما حرم اسرائيل على نفسه قال اشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الابل والبانها فلذلك حرمها على نفسه قالوا صدقت ذكره الترمذي وحسنه
وسئل ص - عن القردة والخنازير أهي من نسل اليهود فقال إن الله لم يلعن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل حتى يهلكم ولكن هذا خلق كان فلما كتب الله على اليهود مسخهم جعلهم مثلهم ذكره احمد
وقال فيكم المغربون فقالت عائشة وما المغربون قال الذين يشترك فيهم الجن ذكره ابو داود وهذا من مشاركة الشياطين للانس في الاولاد وسموا مغربين لبعد انسابهم وانقطاعهم عن اصولهم ومنه قولهم عنقاء مغرب
وسأله ص - رجل فقال اين اتزر فأشار الى عظم ساقه وقال ههنا اتزر قال فإن ابيت قال فههنا اسفل من ذلك فإن ابيت فههنا فوق الكعببين فإن ابيت فإن الله لا يحب كل مختال فخور ذكره احمد
وسأله ص - ابو بكر الصديق رضى الله عنه فقال إن إزارى يسترخى إلا ان أتعاهده فقال إنك لست ممن يفعله خيلاء ذكره البخاري (4/408)
وقال من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة فقالت ام سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن قال يرخين شبرا فقالت إذا تنكشف اقدامهن قال يرخين ذراعا لا يزدن عليه
وسألته ص - امرأة فقالت إن ابنتي اصابتها الحصبة فامزق شعرها أفاصل فيه فقال لعن الله الواصلة والمستوصلة متفق عليه
وسئل ص - عن إتيان الكهان فقال لا تأتهم
وسئل ص - عن الطيرة قال ذلك شئ يجدونه في صدورهم فلا يردنهم
وسئل ص - عن الخط فقال كان نبي من الانبياء يخط فمن وافق خطه فذاك
وسئل ص - عن الكهان ايضا فقال ليسوا بشئ فقال السائل إنهم يحدثوننا احيانا بالشئ فيكون فقال تلك الكلمة من الحق يخطفها الجنى فيقذفها في أذن وليه من الانس فيخلطون معها مائة كذبة متفق عليه
وسئل ص - عن قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة فقال هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أوترى له ذكره احمد
وسألته ص - خديجة رضى الله عنها عن ورقة بن نوفل فقالت إنه كان صدقك ومات قبل ان تظهر فقال رأيته في المنام وعليه ثياب بيض ولو كان من اهل النار لكان عيه لباس غير ذلك
وسأله ص - رجل رأى في المنام كأن رأسه ضرب فتد حرج فاشتد في اثره فقال لا تحدث الناس بتلعب الشيطان بك في منامك ذكره مسلم (4/409)
وسألته ص - ام العلاء فقالت رأيت لعثمان بن مظعون عينا تجري يعنى بعد موته فقال ذاك عمله يجري له
وذكر ابو داود ان معاذا سأله فقال بم اقضى قال بكتاب الله قال فإن لم اجد قال فبسنة رسول الله ص - قال فإن لم اجد قال استدن الدنيا وعظم في عينيك ما عند الله واجتهد رأيك فسيسددك الله بالحق وقوله استدن الدنيا أي استصغرها واحتقرها
وسأله ص - دحية الكلبى فقا الا احمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلا فتركبها فقال إنما يفعل الذين لا يعلمون ذكره احمد
ولما نزل التشديد في أكل مال اليتيم عزلوا طعامهم عن طعام الايتام وشرابهم من شرابهم فذكوا ذلك لرسول اله ص - فأنزل الله تعالى ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم فخلطوا طعامهم وشرابهم بشرابهم
وسألته ص - عائشة رضى الله عنها عن قوله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابات فشأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فقال إذا رايتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم متفق عليه
وسئل ص - عن قوله تعالى يا اخت هارون فقال كانوا يسمون باسماء انبيائهم والصالحين من قومهم
ومن الترمذي انه سئل ص - عن قوله تعالى وأرسلناه الى مائة الف أويزيدون كم كانت الزيادة قال عشرة الاف (4/410)
وسأله ص - ابو ثعلبة عن قوله تعالى يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم الاية فقال ائتمروا بالمعروف وانتهوا عن المنكر حتى اذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل اجر خمسين يعملون مثل عملكم ذكره ابو داود
وسئل ص - متى وجبت لك النبوة فقال وآدم بين الروح والجسد صححه التزمذي
وسئل ص - كيف كان بدء امرك فقال دعوة ابى ابراهيم وبشرى عيسى ورؤيا امي رأت انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ذكره احمد
وساله ص - ابو هريرة يا رسول الله ما اول ما رأيت من النبوة قال إنى لفى الصحراء ابن عشرين سنة واشهر وإذا بكلام فوق رأسي وإذا برجل يقول لرجل اهو هو فاستقبلاني بوجوه لم ارها لاحد قط وارواح لم أجدها لخلق قط وثياب لم ارها على خلق قط فأقبلا يمشيان حتى اخذ كل منها بعضدى لا اجد لاخذهما مسا فقال احدهما لصاحبه اضجعه فأضجعاني بلا قصر ولا هصر فقال احدهما لصاحبه أفلق صدره فحوى احدهما صدري ففلقه فيما ارى بلا دم ولا وجع فقال له اخرج الغل والحسد فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها ثم قال له ادخل الرأفة والرحمة فإذا مثل الذي اخرج شبه الفضة ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال اغد سليما فرجعت بها رقة على الصغير ورحمة على الكبير ذكره احمد (4/411)
وسئل ص - اي الناس خير قال القرن الذي انا فيه ثم الثاني ثم الثالث
وسئل ص - عن احب النساء اليه فقال عائشة فقيل ومن الرجال فقال ابوها فقيل ثم من قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه
وسأله ص - علي والعباس أي أهلك احب اليك قال فاطمة بنت محمد قالا ما جئناك نسألك عن اهلك قال احب اهلي الي من انعم الله عليه وانعمت عليه اسامة بن زيد قالا ثم من قال علي بن ابي طالب قال العباس يا رسول الله جعلت عمك آخرهم قال إن عليا سبقك بالهجرة ذكره الترمذي وحسنة
وفي الترمذي ايضا انه ص - سئل أي اهل بيتك احب اليك قال الحسن رضى الله عنه والحسين رضى الله عنه
وسئل ص - أي الاعمال احب الى الله فقال الحب في الله والبغض في الله ذكره احمد
وسئل ص - عن امرأة كثيرة الصيام والصلاة والصدقة غير انها تؤذي جيرانها بلسانها فقال هي في النار فقيل إن فلانه فذكر قلة صلاتها وصيامها وصدقتها ولا تؤذى جيرانها بلسانها فقال هي في الجنة ذكره احمد
وسألته ص - عائشة فقال ان لي جارين فإلى ايهما اهدى قال الى اقربهما منك بابا ذكره البخاري
ونهاهم عن الجلوس بالطرقات إلا بحقها فسئل عن حق الطريق فقال (4/412)
غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وسأله ص - رجل فقال إن لي مالا ووالدا وإن ابي اجتاح مالي فقال انت ومالك لابيك إن اولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب اولادكم ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل عن الهجرة والجهاد معه فقال الك والدان قال نعم قال فارجع الى والديك فاحسن صحبتهما ذكره مسلم
وسأله ص - آخر عن ذلك فقال ويحك احيه امك قال نعم قال ويحك الزم رجلها فثم الجنة ذكره ابن ماجة
وسأله ص - رجل من الانصار هل بقى على من بر ابوي شئ بعد موتهما قال نعم خصال اربع الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلها فهو الذي بقى عليك من برهما بعد موتهما ذكره احمد
وسئل ص - ما حق الوالدين فقال هما جنتك ونارك ذكره ابن ماجه
وسأله ص - رجل فقال إن لي قرابة اصلهم ويقطعوني واحسن اليهم ويسيئوني واعفو عنهم ويظلموني أفأكافئهم قال لا إذا تكونوا جميعا ولكن خذ الفضل وصلهم فإنه لن يزال معك ظهير من الله ما كنت على ذلك ذكره احمد وعند مسلم لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولن يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك
وسئل ص - ما حق المرأة على الزوج قال يطعمها إذا (4/413)
طعم ويكسوها إذا لبس ولا يضرب لها وجها ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت ذكره ابو داود
وسأله ص - رجل فقال أستأذن على امي قال نعم فقال إنى معها في البيت فقال استأذن عليها فقال إنى خادمها قال استأذن عليها اتحب ان تراها عريانة قال لا قال استأذن عليها ذكره مالك
وسئل عن الاستئناس في قوله تعالى حتى تستأنسوا قال يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح ويؤذن أهل البيت ذكره ابن ماجه
وعطس رجل فقال ما اقول يا رسول الله قال قل الحمد لله فقال القوم ما نقول له يا رسول الله قال قولوا له يرحمك الله قال ما أقول لهم يا رسول الله قال قل لهم يهديكم الله ويصلح بالكم ذكره احمد (4/414)