[14/78]
قال مالك في كتاب ابن المواز: ومن كان بينه وبين غيره قتال وأتي وبه أثر الضرب والجرح فزعم أن فلاناً وفلاناً قاتلاه وأنه أثر فيهما أثراً سماه وأنهما جرحاه ثم مات قال: يسبحنان حتي يمتحن أمرهما، وأحب ما فيه إلي الاصطلاح.
قال ابن القاسم: ولا قسامة في مثل هذا، وإنما القسامة فيمن قال قتلني فلان. فأما إن قال قاتلت فلاناً وفلاناً قسامة فيه كقتيل الصفين.
قال ابن المواز: قول ابن القاسم هذا ليس بقول مالك. وإنما قاله ابن القاسم لما قال مالك لا قسامة فيمن قتل بين الصفين. وإنما ذلك إذا لم يثبت [ذلك عند أحد](1)بشاهد ولا بقول الميت(2). ثم ذكر مثل ما تقدم ذكره من قول ابن القاسم وأشهب.
قال [ابو زيد عن](3)ابن القاسم: ليس لأحد أن يقول فلان جرحني ويحلف ويقتص. بخلاف القتل، إلا ما كان من قتال فيكشف(4)وبأحدهم جرح، فيدعي أن أحدهم جرحه، فليحلف ويقتص منه.
وقاله عبد الملك في غير القتال في قوم ضربوا رجلاً فانكشفوا عنه وبه جرح، فإنه يحلف علي من ادعي أنه جرحه ويقتص منه إذا شهد علي اجتماعهم عليه، قاتلهم أو لم يقاتلهم. قال: وإنما يريد ابن القاسم أن يدعي [مجروح](5)جرح فيدعي أن أحدهم جرحه، فليحلف ويقتص منه.
وقاله عبد الملك في غير القتال في قوم ضربوا رجلاً فانكشفوا عنه وبه جرح، فإنه يحلف علي من ادعي أنه جرحه ويقتص منه إذا شهد علي اجتماعهم عليه، قاتلهم أو لم يقاتلهم. قال: وإنما يريد ابن القاسم أن يدعي [مجروح](6)علي أحد لم يشهد عليه بمنازعته إياه ولا بضربه، ولا بتسبب من ذلك فلا يكون له في ذلك ما يكون في القتل.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) هذه عبارة ص و ع . وهو أحسن ترتيباً . وعبارة الأصل: إذا لم يثبت بشاهد عند أحمد ولا بقول الميت .
(3) ناقص من الأصل.
(4) في ص و ع : ثم ينكشف.
(6) ساقط من الأصل.(1/72)
[14/79]
قال ابن القاسم، في العتبية(1)فإن كان القتيل بين الصفين بين قوم قاتلوا علي التأويل فليس علي قاتليه(2)قتل ولا دية وأن عرفوا بخلاف غيرهم.
قال سحنون في قوم وقعت بينهم منازعة فدخل رجل يحجز بينهم فأصيب بجرح أو قتل فلا يد ري من فعل ذلك به، فديته علي عواقلهم.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال مالك: وإذا افترقت الفئتان(3)وبينهما قتيلان، وبأحدهما جرح أو جراح، ففيهم عقل النفس وليس في جراحهم شئ(4).
قال عنه علي في المجموعة في قوم مشوا إلي قوم في منازلهم بالسلاح فقاتلوهم فقتل بينهم وجرح: إن كل فرقة تضمن ما أصيب من الأخري، ولا يطل دم الزاحفين، قال لأن المزحوف إليهم لو شاءوا لم يقاتلوهم واستأذنوا(5)السلطان.
قال غيره في غير المجموعة: هذا إن كان حجز السلطان يمكنهم(6)، فأما إن عاجلوهم ناشدوهم الله، فإن أبوا فالسيف، ونحوه في المدونة.
قال علي عن مالك في قوم تراموا فجرح رجل منهم فشهدوا علي رجل منهم أنه جرحه: إنه لا شهادة لهم لأنهم يدفعون عن أنفسهم، وعليهم العقل.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15 : 519.
(2) في ع : عاقلته . وهو تصحيف .
(3) في ص و ع : افترق الفريقان.
(4) في الأصل: ففيها .... وفي جراحهما.
(5) كذا في الأصل وص و في ع : حجز السلطان عليهم.
(6) كذا في الأصل وص . وفي ع : حجز السلطان عليهم.(1/73)
[14/80]
قال ابن القاسم في العتبية(1)من رواية عيسي، وفي المجموعة عنه في الطائفين يفترقان عن جرحي وقتلي، فيقول رجل من إحدي الطائفتين: أنا قتلته والقتيل من غير طائفته، فولاة المقتول بالخيار: إما أن يقتلوه بإقراره أو يتركوه، ثم تلزمهم الدية(2). وذكر ابن حبيب مثله عن مطرف وابن الماجشون، غير أن في روايته عنهما: إن شاءوا تركوه وألزموه ديته(3)لأنه متهم بإقراره في طرح الدية التي وجبت عليه وعلي طائفته.
[ قال أبو محمد فقوله ألزموه غلط، لقوله في احتجاجه عليه وعلي طائفته](4)، وأراه من غلط الناقل.
ومن المجموعة(5)روي أصبغ عن ابن القاسم في القبيلتين(6)تأتي كل واحدة تدعي علي الأخري جراحات(7)وتنكر دعوي الأخري، وأقروا بأصل الثائرة؛ فأري أن كل طائفة ضامنة لجراح الأخري(8). فإن لم يتقاراً بالثاائرة، فإن قامت بينة عليها حلفت كل طائفة علي من ادعت عليه واستقادت منه . وإن لم تعرف [كل واحدة](9)من الجارح تحالفوا علي الجراحات أنها(10)كانت من الفئة الأخري ويضمن بعضهم جراحات بعض، فإن لم تأت بينة بأصل الثائرة ولا تقاروا(11)بها، لم يقد بعضهم علي بعض بالدعوي. فإن قال أحد الرجلين جرحني صاحبي هذا ثلاث جراحات، فأقر الجارح باثنين حلف
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15 : 517 .
(2) هكذا في الأصل، وعبارة ص و ع أنسب: إما قتلوه بإقرار، وإن شاؤوا تركوه وألزموه الدية.
(3) في الأصل: تركوه ثم ألزموا ديته.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) في ص و ع : ومن العتبية.
(6) في ص و ع : في الفئتين.
(7) وقع تصحيف وإقحام كلمات في عبارة الأصل. والتصحيح من ع .
(8) في ص و ع : بجراح صاحبتها.
(9) ساقط من الأصل.
(10) في ع : أن الجراح.
(11) ساقط من الأصل.(1/74)
[14/81]
المجروح علي الثالثة واستقاد منها ثلاثتها(1)، وذلك أنه أقر أنه قاتله وجرحه.
و[قال](2)ابن حبيب: وليس بين أهل الفتن قود فيما نال(3)بعضهم من بعضهم علي التأويل، ولا تباعة بمال(4)إلا فيما كان قائماً بعينه لم يفت. فأما بين أهل الثائرة والعصبية فبينهم القود والبتاعة في الأموال.
و[قال](5)ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف في قوم تماقلوا، فغرق [أحدهم فمات فشهد](6)بعضهم علي الباقين أنهم مقلوه حتي مات، وشهد الشهود عليهم أن الشهود فعلوا ذلك به، إن [الدية](7)علي جميعهم في أموالهم، فلزمهم بمعني الإقرار أن غرقه جاء من قبلهم لا بمعني الشهادة، كانوا عدولا أو غير عدول؛ فعلوا ذلك في شهادتهم خطأ أو عمدا، وهذا في الكبار، ولو كانوا سقط ذلك إذ لا إقرار(8)لهم. قاله أصبغ.
***
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل: ثلثها.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صفحت في الأص: قال.
(4) صفحت في الأصل كذلك: ولا تباعة بما قال.
(5) ساقط من الأصل.
(6) ساقط كذلك من الأصل .
(7) ساقط أيضاً من الأصل.
(8) في الأصل: ولا إقرر.(1/75)
[14/82]
في القتيل يوجد في محلة قوم أو يفترق الناس
بمني أو غيرها عن قتيل
ومن نزل عند امرأة فمات عندها
من المجموعة قال ابن القاسم وغيره عن مالك: إن الأمر عندهم في القتيل يوجد في محلة قوم في قرية أو غيرها أنه لا يؤخذ به أقرب الناس إليه دارا أو مكانا(1)، ولو أخذ بذلك لم يشأ رجل أن يلطخ قوما بذلك إلا فعل. قال ابن القاسم وأشهب: وليس ذلك من اللطخ الذي يوجب القسامة أو القود أو الدية.
قال ابن القاسم: وإن وجد قتيل في أرض المسلمين وقالوا إنهم لا يدرون من قتله. فدمه يطل، كما قال مالك فيمن يوجد في المحلة. قال ابن القاسم: ولا يكون في بيت المال. وقاله أشهب. قال ولعله قتل عمدا وليس في العمد دية وإن كان خطأ فهو علي عاقلة قاتله.
قال المغيرة في الرجل يوجد قتيلا إلي جانب منازل قوم [هم](2)أعداؤه، فيدعي [ولاته](3)أن فلانا وفلانا قتلاه، قال: لا أري علي من وجد قتيلا قرب داره شيئا، إلا أن يستبرأ علي قدر ما تكون الظنة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن مات من زحام أو غيره أو وجد في مني حين يفيض الناس من عرفة أو وقع في مني من زحام الناس؛ فلا شئ فيه من دية أو غيرها ولا قسامة فيه.
***
__________
(1) كذا في ع و هو الصواب. وعبارة الأصل محرفة: دار نزلا مكاناً.
(2) ساقط من الأصل وص .
(3) ساقط من ع .(1/76)
[14/83]
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في رجل نزل عند امرأة فمات. فجاء وليه فاتهمها وقال: اتهمناها به من وجه لا أقدر أبثه. قال: يكشف أمرها، فإن كانت غير متهمة فلا تحبس ويخلي سبيلها.
فيمن أمر رجلا بقتل رجل فأطاعه
أو أمسك رجلا لمن قتله أو أمر رجلا بذلك
أو أمر عبده بشئ من ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم وغيره عن مالك: ومن أمر رجلا بقتل رجل ففعل فإنه يقتل(1)القاتل دون الآمر. ولو أمسكه رجل حتي ضربه فمات مكانه، فإن أمسكه وهو يري أنه يريد قتله قتلا به جميعا. وإن ظن أنه يريد ضربه كضرب الناس، قتل القاتل(2)وبولغ في عقوبة الممسك وسجن ولم يقتل.
وإذا أمر السيد عبده أو العامل الظالم(3)بعض أعوانه بقتل رجل(4)ظلما فإنه يقتل الآمر والمأمور.
وأما الأب يأمر ابنه أو المعلم يأمر بعض صبيانه أو الصانع(5)يأمر متعلمية [ فيتقل](6)فإن كان المأمور محتلما قتل، ولا قتل علي الآمر ولا
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وفي الأصل: ففعل في مجانه يقتل . وهو تصحيف.
(2) صحفت عبارة الأصل كذلك: كضرب الناس كقتل القاتل.
(3) كذا في ص و ع . وهو الصواب وصحف في الأصل : أو القاتل الظالم.
(4) في الأصل: يقتل رجلا.
(5) هنا يبتدي بتر بضعة أوراق من مخطوط ص.
(6) زيادة في الأصل.(1/77)
[14/84]
دية علي عاقلة الصبي(1)، وعليه العقوبة. وإن لم يحتلم قتل الآمر، وعلي عاقلة الصبي نصف الدية. وإن كثر الصبيان فالدية علي عواقلهم وإن قل ما يجب عليهم. وكل ما ذكرنا فنحوه في كتاب ابن المواز والواضحة(2)عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال أصبغ: كان ابن وهب يقول فيمن أمر عبده الأعجمي بقتل رجل فقتله فعلي سيده وحده القتل، وعلي عبده جلد مائة وسجن سنة. وإن أمر به الفصيح فالقتل علي العبد وحده، ويجلد سيده مائة ويحبس سنة. قال أصبغ: هذا استحسان، وقولنا أنهما يقتلان جميعاً العبد والسيد، كان فصيحاً أو أعجمياً.
وقال ابن القاسم: ولو أمر بذلك ابنه الصغير فقتله قتل الأب دون الابن إن لم يحتلم، ويعاقب إن كان مثله قد بلغ أن يعاقب. وقاله أشهب. وقال ابن نافع: لا يقتل الأب ولا سيد العبد ويوجع عقوبة، ويقتل العبد، وعلي عاقلة الصبي الدية . ويقول ابن القاسم أقول.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أمر رجلاً بقتل رجل فقتله، قال: ليس العبد كالحر، كأنه يري إن كان المأمور حراً قتل به وحده. وقاله ابن وهب. وقال ابن المواز وأشهب: يقتل القاتل ويضرب الآمر ويحبس سنة.
قال ابن القاسم: ومن أمر عبد غيره بقتل رجل فقتله قتل العبد وحده.
قال(3): ومن أعطي صبياً سكيناً فقال اقتل فلاناً فقتله؛ فإن كان الصبي ابن الآمر أو غلامه قتل الآمر، وإن كان غير ابنه لم يقتل وضرب
***
__________
(1) في ع: ولا علي عاقلته دبة .
(2) في ع : في كتاب المواز وابن حبيب
(3) في ع : وقال ابن القاسم.(1/78)
[14/85]
ضرباً شديداً وأطيل سجنه. وكان علي عاقلة الصبي الدية. وقال أصبغ: إن كان الصبي ابنه وقد بلغ مبلغ العقل، ومثله ينهي عما ينهي عنه مثل اليافع(1)والمراهق فلا قتل علي أبيه. وهو في ذلك مثل غير ولده لو أمر(2).
وفي العتبية وكتاب ابن الحبيب [عن أصبغ](3)مثل ذلك. قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلي ووجدت لأصبغ[كأنه](4)وقف عن هذا الجواب وقال بقول ابن القاسم، ولكن إن كان الابن محتلماً فهو كالأجنبي.
وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: إن كان الابن مراهقاً لم يقتل [الآمر](5)ويبالغ في عقوبته. وقيل يضرب مائة ويحبس سنة، والدية علي عاقلة الصبي ويؤدب أدباً صالحاً بقدر احتماله. وإن لم يبلغ الصبي هذا الحد قتل الآمر، وعلي عاقلة الصبي نصف الدية. وقال ابن القاسم: علي عاقلته نصف الدية. وكان يقول: علي عاقلة الصبي جميع الدية، ولا يعجبني، [قال أبو محمد](6)ولا يؤدب.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز والعتبية في الصبي الذي أمره أبوه وهو مراهق: إن أباه وغيره سواء. والدية علي عاقلة الصبي. قال في كتاب ابن المواز: ويضرب الآمر مائة ويحبس سنة، ويضرب الغلام ضربا صالحاً بقدر احتماله. قال أصبغ، في الكتابين: وذلك إن كان الآمر ليس بحاضر، إنما أرسله لهذا. فأما أن يحضر ويامر بالقتل وهو يشلي ذلك إما بإمساك أو إشلاء بأمر بين، فهو قاتل حينئذ ويقتل أبناً كان أو غيره، كما لو اجتمع أجنبيان علي قتل رجل قصداً له، وأحدهما يباشر القتل والضرب بيده
***
__________
(1) في الأصل: من اليافع. وهو تصحيف.
(2) صفحت عبارة الأصل كذلك: مثل غير ولده وابنه.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضا من الأصل.
(6) ساقط كذلك من الأصل.(1/79)
[14/86]
وألاخر يقول: اقتل اقتل، قتلا جميعاً. ونزلت ومشايخنا متوافرون، فراوا أن يقتل بقوله اقتل علي هذه الصفة.
في المقتول يعفو عن دمه أو عن ديته
وفيمن أذن لرجل أن يقتله أو يقطع يده أو يد غيره
وفيمن عفا عن جرحه ثم نزي فيه فمات
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وابن وهب وغيرهما عن مالك في المقتول يعفو عن قاتله عمداً في وصيته، فذلك له دون أوليائه. قال عنه ابن نافع: إلا في قتل الغيلة. قال في كتاب ابن المواز: يجوز عفو المقتول عن دمه العمد، وإن كره ذلك ولده. وكذلك لا قول لغرمائه وإن أحاط الذين بماله.
قالوا عن مالك: وأما عفو المقتول عن دمه خطأ فهو كمال يجوز ذلك في ثلثه إذا أوصي به إن كان له مال يخرج منه، وإلا جاز منه الثلث وحاص به أهل الوصايا. قال ابن المواز وقاله عبد العزيز في موضع آخر. وإن أوصي بثلثه والقتل خطأ، دخلت الوصايا في ديته. وقاله أشهب. وكذلك إن أوصي بثلثه قبل أن يضرب، إلا أن يضرب، فتختلس نفسه ولا يعرف له بعد الضرب حياة فلا تدخل الوصايا في ديته، لأنه لم يعلم بها ولو عاش بعد الضرب. قال في موضع آخر: إلا أن يعفو هو علي الدية فتدخل بها الوصايا.
ومن كتاب ابن المواز أيضاً قال أشهب في المقتول خطأ يوصي بثلثه منها فإنه يدخل في ذلك ثلث ديته. وإن أوصي بديته جاز إن حملها
***(1/80)
[14/87]
الثلث(1)من الدية وغيرها. وإن أوصي بشئ من ماله فذلك في ثلث ماله وديته. وإن أوصي بوصايا وعفا عن ديته وليس له إلا ديته، وإن أوصي بوصايا وعفا عن ديته وليس له إلا ديته، وجب الحصاص في ثلث ديته وحصاص العاقلة لجميع الدية، فما أصاب أهل الوصايا أخذوه في ثلاث سنين من العاقلة، وأخذ الورثة ثلثيها كذلك.
ومن العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل عمداً فأوصي أن تقبل الدية وأوصي بوصايا فذلك جائز، ووصاياه في ديته وماله. ولو أوصي بالدية لقوم ولا مال له غيرها فليس لهم إلا ثلثها.
وروي أبو زيد، عن ابن القاسم فيمن قال: ليتني أجد من يقتلني. فقال له رجل فأشهد لي أنك وهبت لي دمك وعفوت عني وأنا أقتلك. فأشهد له فقتله. فهذا اختلف فيه أصحابنا، وأحسن ما رأيت أن بقتل به، لأنه عفا هن شئ قبل أن يجب له، وإنما وجب لأوليائه، بخلاف عفوه عنه بعد أن علم أنه قتله. لو أذن له بقطع يده ففعل لم يكن له عليه شئ.
وقال عبد الملك بن الحسن عمن أخبره عن ابن القاسم وأشهب فيمن خرجت له ريشة في كفه فقيل له: اقطع يدك من المفصل. قال إن كان أمراً مخوفاً يخاف عليه منه الموت [إن قطعه](3)فلا يفعل(4). وإن كان أمراً لا يخاف منه ذلك فلا بأس به.
ومن المجموعة قال مالك: ومن قال لرجل اقطع يدي أو يد عبدي أو افقأ أعيننا، عوقب المأمور إن فعل ولا غرم عليه في الحر ولا في العبد.
***
__________
(1) في ع : ثلثه.
(2) البيان والتحصيل، 15: 489.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صحق في الأصل فكتب: فلا يعقل.(1/81)
[14/88]
قال ابن حبيب قال أصبغ: من أمر رجلاً يقتل عبده ففعل؛ فإنه يغرم قيمته لحرمة القتل، كما يلزمه دية الحر إذا قتله بإذن وليه فعفا عنه. ويلزم الآمر والمأمور ضرب مائة وحبس سنة.
قال أشهب فيمن قال دمي عند فلان فاقتلوا ولا تقبلوا منه دية.
فأراد الورثة أخذ الدية منه فليس لهم ذلك. فإن أقسموا ثم عفا بعضهم لم يجز عفوه، وإن نكل بعضهم فلا قسامة فيه حتي يقسموا جميعاً.
قال علي عن مالك فيمن أنكح عبده حرة علي أن لا تباعة لها فيما شجها به إن شجها، فلا يجوز ذلك، ولها طلب حقها.
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن قتل عمداً فوكل رجلاً فوض إليه أمر دمه وأقامه فيه مقام نفسه، فعفا عن الدم وأبي الأولياء، أو عفوا وأبي الوكيل. فإن ثبت الدم ببينة فالأمر للوكيل في العفو والقصاص(1). وإن استحق بقسامة فللأولياء القود أو العفو.
ولو قال عند موته: لا تعفوا عن قاتلي فأراد الأولياء أو يعفوا،فإن كان الدم ببينة فلا عفو لهم، وإن استحق بقسامة فالعفو لهم.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا عفا المجروح عن جرحه العمد ثم نزي فيه فمات، فلولاته أن يقسموا ويقتلوا، لأنه لم يعف عن النفس. قال أشهب: إلا أن يقول قد عفوت عن الجرح وعما يتنامي(2)إليه فيكون عفواً عن النفس. ولو صالحه من موضحة عل مال ثم نزي فيها فمات، فلولاته أن يقسموا في العمد ويقتلوا، وفي الخطأ يأخذون الدية من العاقلة، ويردون ما أخذ وليهم في الصلح.
***
__________
(1) في ع : في العفو أو القتل.
(2) في الأصل: ينامي وهو تصحيف.(1/82)
[14/89]
في المقتول يعفو عن بعض قاتله أو جارحه أو عن نصف جرحه
وشئ من ذكر عفو الولي عن الدم أو بعض الأولياء
وكيف إن كان فيهم صغار؟ والتداعي في العفو
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن ولي قتله جماعة فعفا عن أحدهم بغير شئ أو علي الدية(1)فذلك جائز، ولأوليائه قتل باقيهم.
قال علي عن مالك: وليس به ذلك في الجراح إذا جرحوه جميعاً. وليس له [ولا](2)لأوليائه العفو عن بعض والقصاص من بعض؛ وذلك أنه لا يدري من جرحه منهم. ولكن عليهم عقل الجرح بالحصص، أراه يريد سرعوا إليه بالضرب ثم افترقوا عنه وقد جرح ولا يدري من جرحه منهم.
قال ابن القاسم في المدونة: وإذا قطع جماعة يد رجل أو جرحوه عمداً فله صلح أحدهم والعفو عمن شاء والقصاص ممن شاء(3)وكذلك في النفس.
ومن كتاب ابن المواز: والمقتول عمداً يقتله جماعة فيعفو عن أحدهم فذلك جائز، ولولاته قتل من بقي ما لم يكن ذلك بقسامة قال
***
__________
(1) هنا ينتهي بتر مخطوطة الصادقية: ص. المشار إليه أنفاً.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص و ع ، وهو الأنسب وعبارة الأصل: والعفو عمن يشاء والقود مما شاء.(1/83)
[14/90]
مالك(1): ولأوليائه قتل من شاءوا أو العفو عمن شاءوا(2). ومن عفا عنه المقتول فلا سبيل إليه. وإن كان ذلك بقسامة أقسم ولاته علي واحد وقتلوه(3)وكذلك للورثة أن يصالحوا أحداُ علي أن يحدوا عنه القسامة. قال أشهب: إذا كان ذلك بعد موت القتيل، وأما قبل موته فلا يجوز من الورثة. قال: وإن أرضي واحد منهم واحداً من أولياء المقتول بالدية أو بأقل منها أو بأكثر؛ مثل أن يعفو عنه ففعل فذلك جائز، وله ما أخذ لا يدخل معه فيه أحد من ورثة المقتول، ولا لهم علي المعفي(4)عنه سبيل في قسامة(5)ولادية ولا شئ. ويقسم جماعتهم علي واحد ممن بقي ويقتلونه(6)إن شاءوا.
ولو عفا المجووح عن جرحه العمد ثم نزي فيه فمات. فالأوليائه أن يقسموا ويقتلوا لأنه لم يعف عن النفس. قال أشهب: إلا أن يقول عفوت عن الجرح وعما تنامي إليه فيكون عفواً عن النفس. فلو صالحه في موضحة علي مال، ثم نزي فيها فمات. فلأوليائه أن يقسموا في العمد، ثم يقتلوا أو يأخذوا في الخطأ الدية من العائلة، ويردون ما أخذ وليهم في الصلح(7).
***
__________
(1) في ص و ع: قال ( بدون ذكر مالك).
(2) هكذا في الأصل. وعبارة ص و ع أوجز وأشمل: ولولاته قتل من شاؤوا وصلح من شاؤوا ويعفون عمن شاؤوا.
(3) كذا في ص و ع . وعبارة الأصل غير دقيقة: وإن كان قتله بقسامة أقسم ولاته علي من شاؤوا أو قتلوه.
(4) في ع : المعفو عنه.
(5) كذا في ص و ع . وفي الأًصل : في قتله.
(6) في الأصل: ويقتلوه . وهو تصحيف.
(7) هذه الفقرة الأخيرة مكررة في جميع النسخ مع ما سبق آنفاً.(1/84)
[14/91]
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال أشهب: وإذا قتل رجل وله وليان فعفا أحدهما، وعليه دين محيط، فعفوه جائز، ثم أن عفا الآخر لم يجز عفوه إلا فيما فضل عن دينه. ولأنه صار للثاني بعفو الأول ما وجب له(1).
قال علي عن مالك في خمسة إخوة في ولاء، قتل أحدهم وفيهم المحتلم ومن لم يحتلم، فأرادوا القتل أو العفو وخالفهم الوصي: إن الأمر للوصي. وقاله عبد الملك، أن المولي عليه لا يجوز عفوه عن الدم.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ليس للمرأة المولي عليها عفو عن جراحها، كان خطأ أو عمداً.
قال: وإذا ادعي القاتل أن ولي الدم قد عفا عنه فأنكر، فله أن يحلفه ويبرأ بيمينه. فإن نكل رد اليمين علي القاتل، فإن حلف برئ، وإن ادعي ببينة غائبة تلوم له الإمام.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ولا يمين علي ولي الدم، لأن اليمين لا تكون في استحقاق الدم إلا خمسين يميناً، وهذا يريد أن يوجب عليه قسامة مع البينة أو مع قسامة أخري قد كانت. ولو قال القاتل: تحلف لي يميناً واحدة لم يكن ذلك له. أرأيت إن استحلفه فلما قدم ليقتل، قال قد عفا عني استحلفه(2).
ومن المجموعة قال مالك فيمن له ابن يجري الخيل، فسأله رجل أن يجري له فرساً، فأذن له فوقع [من الفرس](3)فمات، فليس علي الذي حمله إلا الكفارة، ولا دية عليه[لأنه] من الخطأ، وكأنه عفا دية ابنه بالإذن لأن الدية له وحده.
***
__________
(1) هذه العبارة ص ولعلها الصحيحة، وفي ع : مال وجب له. وفي الأصل : مال ويجب به.
(2) كذا في الأصل. وفي ص : استحلف له. وفي ع : استحلف.
(3) ساقط من الأصل.(1/85)
[14/92]
قال مالك: ومن وجب له دم عمد فعفا عنه فليس علي القاتل بعد ذلك شئ يؤديه إلا أن يشترط ذلك عليه. فإن عفا أحد الأولياء عن العمد، وهم ثلاثة, وأخذ الباقيان نصيبهما من الدية، ثم طلب العافي(1)الدية وقال: لم أرد ترك الدية قال مالك: إذا استدل علي قوله بأمر يعرف صدقة فذلك له بعد يمينه ما عفا إلا لأخذ الدية.
وبعد هذا باب في عفو اجتماع الأولياء(2)في الدم وفي عفو بعضهم، فيه بقية القول في عفو الأولياء.
في الجاني يطلب منه دية العمد
في نفس أو جرح فيأبي
من المجموعة روي ابن القاسم وأشهب عن مالك في قاتل العمد يطلب منه الأولياء الدية فيأبي إلا أن يقتلوه، قال: فليس لهم إلا القصاص إلا أن يعفو بعض الأولياء فيضمن من لم يعف نصيبه من الدية. قال ابن القاسم: إذ لا يتبعض الدم ويصير كعمد المأمومة. قال مالك: وكذلك جراح العمد إن طلب المجروح الدية فليس له القصاص إذا أبي الجارح. قال ابن المواز: هذا قول مالك في الجراح وقول أصحابه ابن القاسم وأشهب وابن وهب.
قال أشهب: وأما قاتل العمد تطلب منه الدية فليس له أن يأبي ذلك، ويجبر علي الدية إن كان ملياً؛ لأنه في قتل نفسه(3)وإبقاء ماله
***
__________
(1) كذا في ص و ع. وهو الصواب. وصحف في الأصل: الباقي.
(2) صفحت عبارة الأصل: في إجماع الأولياء.
(3) كذا في ص و ع وصحف في الأصل: في قتل نفس.(1/86)
[14/93]
لغيره مضار [وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه جعل](1)للأولياء إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، وقاله ابن المسيب.
قال في كتاب ابن المواز وإذا قال المقتول نفسه قد عفوت[عنه](2)علي الدية إن ذلك جائز ولازم(3)للقاتل. وكذلك لو عفا أولياؤه عن الدم لزم ذلك القاتل فحينئذ يصير مالاً فيكون دية يقضي منها دين الميت. وأما إذا لم يشترط المقتول دية ولا أولياؤه(4)فلا حجة للغرباء لأنه ليس بمال. وقاله ربيعة وغيره من التابعين.
وذكر ابن حبيب روي ابن القاسم(5)عن مالك في عفو الأولياء عن القاتل علي الدية فيأبي [القاتل] أن ذلك له، وقاله أصبغ. وروي مطرف وابن الماجشون أن ذلك له. وقاله أصبغ. وروي مطرف وابن الماجشون أن ذلك يلزمه واجتج بنحو حجة أشهب التي ذكر ابن المواز، قال ابن حبيب: وقاله عبد العزيز. ولم يقل مالك هذا في شئ من الجراح ولا في عضو من الأعضاء .
قال مطرف عن مالك: وإذا عفا عنه ولاة الدم ولم يذكروا دية ثم قالوا إنما عفونا علي الدية، فإن كان ذلك بحضرة ما عفوا فذلك لهم، وإن كان ذلك قد طال فلا شئ لهم، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
وفي المجموعة والعتبية(6)قال سحنون: وإذا عفا مجروح عن نصف جرحه، فإن أمكن القصاص من نصفه(7)اقتص منه. وإن كان إذا
***
__________
(1) ما بين معقوفتين زيادة في الأصل.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص و ع. وصحف عبارة الأصل: كان ذلك جائز ولازم.
(4) كذا في ص و ع . وفي الأصل: عفا لولياؤه علي الدية. وهو تصحيف.
(5) في الأصل: روي عن ابن القاسم. وهو إقحام لا معني له.
(6) البيان والتحصيل، 16: 169.
(7) كذا في ص و ع وفي الأصل: من بقيته.(1/87)
[14/94]
ساقط نصفه لم يكن في باقيه قصاص فالجارح(1)مخير إما أن يجيز ذلك ويؤدي نصف عقل الجرح، وإلا قيل للمجروح(2)إما أن تقتص وإما أن تعفو. وقال أشهب: يخير علي أن يعقل له نصفه.
قال ابن المواز في القاتل العمد أو الجارح يعفي عنه في الدية فيأبي إلا القصاص، فله ذلك في الجرح ولم يختلف(3)فيه أصحاب مالك.
قال ابن وهب لم أسمع في الجراح أن المجني عليه مخير إلا في الصحيح [يفقأ عين الأعور أو الأعور يفقأ عين الصحيح](4)أو العبيد يجرح بعضهم بعضاً، أو الكبير يجرح الصغير، فإن أولياء الصغير بالخيار في القصاص أو أخذ العقل. قال ابن وهب: وكذلك القتل بين الأحرار عندي إذا عفي عن القاتل بالدية فليس له أن يأبي ذلك. قال أشهب: وقاله ابن المسيب بن سعيد وربيعة وعبد العزيز ويحي بن فرقد. وما علمت من قال فيه بقول مالك إلا أبو الزناد(5).
قال ربيعة في القاتل عمداً بعيب(6)وله مال كبير؛ فإن كان القاتل يعلم حياته أخذت الدية من ماله إن شاء ورثة المقتول، إلا أن يموت القاتل قبل أخذ الدية من ماله، فلا شئ لورثة المقتول من عقل ولادية.
***
__________
(1) هذه عبارة ص و ع الوافية. وصحفت عبارة الأصل وبترت: لا يمكن من باقية فالجارح.
(2) في الأصل: وإلا قيل له. وهو تحريف .
(3) أقحمت "وإن" في الأصل فأفسدت معني الجملة: وإن لم يختلف.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) كذا في جميع النسخ. ومقتضي العربية : إلا أبا الزناد.
(6) كذا في الأصل، ولا معني له. وفي النسختين كلمة غير منقوطة لا تقرأ.(1/88)
[14/95]
في القاتل يتوب فيقيد من نفسه
من العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن كتب إليه الوالي(1)في قتل رجل ثم تاب فعرض نفسه علي الأولياء فقالوا: نخشي إن قتلناك عقوبة الوالي. فعرض عليهم الدية فأبوا. قال: أحب إلي أن يؤدي ديته إليهم وأن يعتق الرقاب، وأن يبكي ويقترب إلي الله بالدعاء والرغبة إليه، ويلحق بهذه الثغور ويحج ويكثر من العمل الصالح ما استطاع. فإن لم تقبل منه الدية فليتعلق ويصنع هذا ويمكن من نفسه ويتصدق، ويكثر الحج والغزو. وإن قدر أن يلحق بالثغور يكون بها أبداً حتي يموت فليفعل، وما الدية عندي بالقوي.
في اجتماع الولاة في الدم
ومن أولي منهم بالعفو والقيام
وفي عفو بعض الأولياء أو نكوله
من كتاب ابن المواز قلت: من الأولياء الذين إذا عفا أحدهم عن الدم العمد لزم من بقي؟ قال أنا بنوه الذكور أو إخوته إن لم يكن بنون، فمن عفا منهم جاز علي من بقي ولا سبيل إلي القتل. ولم يختلف في هذا مالك وأصحابه. وأما من هو أبعد من العصبة [مثل](2)الأعمام والعصبة من موال أو قرابة، فاختلف فيه قول مالك وقول أصحابه، فروي أشهب عن
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهو الصواب. وحرفت عبارة الأصل: فيمن كتب إلي الوالي.
(2) زيادة من ع وحدفها أولي.(1/89)
[14/96]
مالك: إن لم يكن له ولد ولا إخوة، وله عصبة لا يرثه غيرهم، والدم بقسامة فنكل بعضهم فليقسم من بقي ويجعلوا مكان الناكل رجلاً من العشيرة، وإلا ردت الأيمان علي من بقي، ولا يكون لمن عفي عنه عفو في غير الولد والإخوة. وكذلك في عفو أحدهم بعد القسامة لم يجز. وكان من قام منهم بالدم أولي، كان بقسامة أو بغير قسامة(1).
وكذلك بنو الإخوة في قول أشهب وروايته (لهم) مقام سائر العصبة إذا استووا، فمن قام بالدم فهو أحق. وروي عنه ابن وهب: إن عفا عنه بعض بني عمه بعد القسامة جاز ذلك علي من بقي منهم، إن كانوا في القعدد سواء، ولمن بقي نصيبهم من الدية وإن كره القاتل. وقال عنه ابن القاسم [مثله فيهم وفي الموالي، وكذلك في نكول بعضهم عن القسامة، وبهذا نأخذ وبه قال ابن القاسم](2)وعبد الملك وأصبغ.
قال مالك: وأما الذي لا يجوز فيه العفو إلا بجماعتهم فأن يكون في العصبة رجال ونساء، والنساء أقرب. فأما إن استووا مثل البنين والبنات أو الإخوة والأخوات فلا كلام للإناث مع الذكور. وأما البنات مع الإخوة فمختلف فيه.
قال أشهب: عفو أحد الإخوة يجوز علي البنات وعلي باقي الإخوة جعلهم كالبنين، ولم يجعل لأحد من العصبة مثل هذا إلا بإجتماع غير البنين والإخوة.
وقال ابن القاسم: لا يجوز عفو الإخوة(3)كلهم مع البنات إلا بالبنات. ولا عفو للبنات إلا بالإخوة. وقول ابن القاسم أحب إلينا. وكذلك
***
__________
(1) أثبتنا في هذه الفقرة الطويلة من بداية الترجمة نص المخطوطتين ص و ع ، وتركنا عبارة الأصل لما فيها من تصحيف كثير وبترو إقحام.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص و ع وصحف في الأصل فكتب : عفو البنين.(1/90)
[14/97]
روي هو وابن وهب وغيره عن مالك في القتل يثبت بالبينة وللميت بنات وعصبة من إخوة وغيرهم، قال: وإن لم يثبت بشاهدين وهو موضع قسامة فللعصبة والموالي أن يقسموا ويستحقوا الدم، ولا عفو للنساء معهم؛ لأن الدم بأيمانهم وجب. ولو عفوا بعد وجوب الدم بأيمانهم وأراد النساء القتل فذلك لهن.
وقال عبد الملك في البنات والإخوة والأخوات الشقائق والعصبة، فيقسم الولاة دونهن ويحق الدم فلا عفو لهن [دون العصبة](1)وعفوهن قبل القسامة أضعف؛ لأن الدم بغيرهن يحق. وكذلك الأخوات الشقائق مع الإخوة للأي.
قال محمد: فأما بنات مع أعمام أو مع غيرهم من العصبة فمجتمع فيه من قول مالك وأصحابه، يريد وقد ثبت القتل ببينة، أنه لا عفو لهن إلا بهم، ولا عفو للعصبة إلا بهن. ومن قام للقتل فهو أحق . قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلي.
وقد اجتمع مالك وأصحابه أن البنين أولي من الأب، ولا قول للأب معهم في عفو ولا قيام. وأن الأب أولي من الإخوة في العفو والقيام، فكيف يستوي البنون والإخوة فيما ذكر أشهب؟.
واختلف ابن القاسم وأشهب فب البنات مع الأب فقال أشهب: الأب أولي بالعفو أو القتل، وقال ابن القاسم لا عفو إلا باجتماع منه ومنهن. قال ابن القاسم: وكذلك هن مع الجد والإخوة وغيرهم إلا مع ذكور البنين. وبقول ابن القاسم أخذ أصبغ. وذكر ابن عبدوس عن ابن القاسم مثله.
قال قال مالك وابن القاسم: وأحق الأولياء بدم العمد ذكور الولد، لا حق معهم لأب ولا جد. وإن لم يكن غير أب وأم فالأب أولي بالدم أو
***
__________
(1) ساقط من الأصل.(1/91)
[14/98]
العفو(1). وأما أب وإخوة أو أخوات فلا حق لهم مع الأب في عفو ولا قيام(2). ولا مع السلطان. وقال في الرابع من كتاب الجراح في ابن الملاعنة يقتل ببينة إن لأمه القتل، كانت عربية أو مولاة، ولا يجوز عفوها مع السلطان، لأن عصبة أبنها(3)إن كانت عربية ـ المسلمون، والسلطان مكانهم. وإن كانت مولاة فعصبته مواليها، ولا يجوز أيضاً عفوها وإن كانت [عربية](4)فالسلطان إن شاء القتل فهو أولي من الأم ومن البنت، وإن عفا فللأم والبنت القتل. ومن قام بالدم أولي.
قال أشهب: وكذلك العفو كله في العمد(5)ومن قام بالقود في كل أحد فهو أولي، إلا الولد الذكور أو الإخوة فإن لم يكن دونهم [ولد](6)فمن عفا فهو أولي.
***
__________
(1) كذا في ص و ع وعبارة الأصل أولي بالعفو أو القصاص.
(2) في الأصل : ولا قصاص.
(3) كذا في ع، وهو الصواب وفي الأصل وص : أمها.
(4) ساقط من الأصل.
(5) في الأصل: في الدم. وهو تصحيف.
(6) ساقط من الأصل.(1/92)
[14/99]
قال ابن المواز: الأب بعد الولد [الذكر](1)أولي من جميع من ترك الميت من إخوة وأم وغيرهم، ولا اختلاف فيه. فأما مع البنات ؛ فمختلف فيه(2)؛ فأشهب يراه أولي في العفو والقتل. ولم يجز ابن القاسم عفوه إلا قيام(3).
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز، وكثير منه في رواية عيسي عن ابن القاسم: وأما الأم فلها القيام بالدم مع الإخوة فمن دونهم. والأب أولي منها(4)ولا عفو لها مع البنات ولا مع العصبة، ولا لهم إلا باجتماع منها ومنهم . وقاله مالك. ولا تسقط الأم إلا مع الأب ومع الولد الذكور فقط.
قال ابن حبيب وقال ابن الماجشون: وليس للأم من الولاية في دم العمد شئ في عفو ولا قيام(5). إلا أن يصير ذلك مالاً فترث منه لأنها ليست من ولاته ولا من قومه. وقال مطرف قال مالك: إنها أولي من العصبة.
ومن كتاب ابن المواز: وكذلك لا عفو للأخوات مع الجد، ولا يسقطهن إلا الجد ومن هو أقرب منه. فأما مع من هو أبعد منه ومن الإخوة، فلهن القيام بالدم معه. وأما مع الجد فالجد أولي منهن في العفو والقيام؛ لأنه أخ مع الإخوة، ولا كلام للأخوات مع الذكور من الإخوة. فمن ها هنا كان الجد أولي، ولأن الجد عفوه مع الإخوة جائز لأنه كأخ معهم، فكيف مع الأخوات؟
***
__________
(1) ساقط من ع.
(2) في الأصل: فمختلف عنه. وهو تصحيف.
(3) هذه عبارة ص و ع . وعبارة الأصل: فأما غير البنات فلا عفو لأحد معه ولا قيام.
(4) في الأصل: منهم وهو تصحيف.
(5) في الأصل: شئ من عفو ولا قيام، وهو تصحيف.(1/93)
[14/100]
وأما مع باقي العصبة الأعمام وبنوهم ومن هو أبعد وكالموالي فلا عفو للأخوات إلا بهم ولا لهم إلا بهن(1)وكذلك البنات والأم مع العصبة لا عفو لهن إلا باجتماع العصبة معهن، إلا أن يحزن الميراث فلا يكون للعصبة فيه حق.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في الجد والإخوة والأخوات نحو ما ذكرناها هنا عن ابن القاسم.
[قال](2)وأما الجد والبنات فكالأب معهن، لا عفو له إلا بهن ولا لهن إلا به. وأما البنون معه فهم أولي منه.
ومن كتاب ابن المواز قال في موضع آخر من كتابه: وأما الجد والإخوة فمختلف فيه؛ فابن لقاسم يراه كالأخ في العفو يجوز(3)عفوه علي الإخوة، ويجوز عفو بعض الإخوة عليه. وقاله أصبغ. وأما الجد والأخوات فلا قول لهن معه في عفو ولا قيام عند ابن القاسم كالأخ معهن.
وقال أشهب: لا قول للجد مع الإخوة، وهم أولي منه بالعفو والقيام؛ لأنهم أقعد، وهو معهم كأخ لأب؛ هو يقسم معهم ولا نظر له مع الشقيق في عفو ولا قيام. وكذلك الجد مع ابن الأخ فابن الأخ وابن ابن الأخ أولي. وابن القاسم يري الجد أولي من الأخ.
وذكر في المجموعة قول ابن القاسم وقول أشهب هذا في الجد مع الأخ أو مع الأخوات ولم يذكر ابن الأخ.
***
__________
(1) انقلبت العبارة في الأصل فكتب: فلا عفو للأخوات إلا بهن ولا لهن إلا بهم.
(2) ساقط من الأصل.
(3) عبارة الأصل ناقسة: يراه كأخ يجوز.(1/94)
[14/101]
ومن كتاب بن المواز: وروي عن ابن القاسم(1)في بعض مجالسه أن الأخ أولي من الجد بالعفو، وأنه مع الأخوات لا يجوز عفوه إلا بهن ولا عفوهن إلا به. قال ابن المواز: وأكثر هذا غلط(2)ممن أخبرني به وهذا قول أشهب.
قال: وبنو الإخوة، يريد في أنفسهم، في قول أشهب وروايته [كالعصبة لا عفو إلا باجتماعهم وإن استووا. وقول ابن القاسم وروايته](3)أن من عفا منهم فهو أولي إذا استووا. ورواه ابن وهب وقاله أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز [قال](4)وأما البنات مع الأخوات فقال ابن القاسم قولاً غيره أحب إلي، إن البنات أولي بالعفو والقيام، فإن اختلف البنات نظر السلطان، وكذلك في ابنة واحدة فلا قيام للعصبة؛ لأن الميراث في الدم أحرز دون العصبة، وقد ثبت الدم ببينة فلم يستحق بقسامة. [قال:و](5)لو استحق بقسامة العصبة لم يجر العفو إلا باجتماع منهم ومن الابنة، وكذا ذكر ابن القاسم في المجموعة.
وقال أيضاً عنه في بنت وأخت: فإن مات مكانه فالبنت أحق بالعفو أو القتل. وإن عاش بعد ذلك وأكل وشرب ثم مات فلا تقسم النساء ويقسم العصبة. فإن أقسموا وعفت البنت فلا عفو لها دونهم، ولا عفو لهم دونها، [ولا عفو](6)إلا باجتماع منها ومنهم أو منها ومن بعضهم.
***
__________
(1) في الأصل: وذكر ابن القاسم.
(2) في الأصل وص: وأظن هذا غلط.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضاً من الأصل.
(6) ساقط من الأصل.(1/95)
[14/102]
وقال في العتبية(1)من رواية عيسي في بنات وعصبة: لو عفت واحدة من العصبة جاز ذلك عن من بقي وبطل القتل.
قال ابن المواز: ويقول أشهب أقول في بنت وأخت إنه إن مات مكانه فمن قام بالدم من البنت أو الأخت فذلك له؛ لأن الأخت ها هنا عصبة، ولو كان مكان الأخت عصبة لم يكن للبنت عفو إلا معهم(2)لأنهم وإن استحق الدم بقسامة العصبة؛ لأنه عاش فهو سواء، فليقسم العصبة ثم تكون الأخت والبنت أولي بالقتل أو العفو. فمن طلب القتل منهما فهو أولي. وكذلك لو لم يترك إلا بنتاً(3)وعصبة، أحدهم أقعدهم؛ فأقسم الأقعد معهم أو أقسم اثنان من الجميع ثم كان أقربهم من الميت مع البنت أحق بالعفو أو القيام(4).
وقال ابن وهب [العفو والقيام للبنت أو للبنت والأخت دون العصبة وقال ابن وهب](5)عن مالك إن كان له بنات وعصبة أو بغير قسامة. قال ابن المواز: لأن للبنات مع الصعبة حقاً(6)ولو كان مع البنات أخوات فالأمر للبنات وللأخوات دون العصبة. قال عبد المالك: وكذلك أخوات شقائق وإخوة(7)لأب، فلا يكون العفو إلا باجتماع منهم.
وقال أيضاً ابن القاسم في بعض مجالسه: إن البنات والأخوات إذا اجتمعن فلا قول للعصبة معهن في عفو ولا قيام إن كان القتل ببينة، وإن
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 15 : 514.
(2) في الأصل: عفو لأنهم. وهو تصحيف.
(3) صفحت عبارة الأصل: وكذلك لو ترك إلا بنت .
(4) هذان السطران مأخوذان من ص و ع . ووقع في الأصل فيهما نقص وتحيف.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(6) قليت الجملة وصحفت في الأصل و ص: لأن العصبة مع البنات حق.
(7) في ع: وأخوات. ولعله تصحيف.(1/96)
[14/103]
كان بقسامة فلا حق للنساء فيه من بنات ولا أخوات. وهو للعصبة. وهذا القول ذكر [مثله ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف وذكر](1)نحوه ابن عبدوس عن مالك.
[وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنهما قالا: إذا كان العصبة مع بنات [فقط، أو مع أخوات فقط، أو مع بنات](2)وأخوات؛ فإن ثبت الدم ببينة فالبنات وحدهن أو الأخوات وحدهن أو البنات والأخوات جميعاً إذا اجتمعن أحق بالعفو أو القيام بالدم من العصبة، وإن ثبت الدم بقسامة فمن طلب القود من الفريقين فهو أحق ممن تركه، وإن عفا البنات والأخوات وطلب العصبة القود فذلك للعصة، وإن عفا العصبة وطلبت البنات والأخوات القود فهن أحق به](3).
قال ابن المواز: ولأشهب أيضاً قول في بعض جوابه أن ذلك للبنات مع العصبة، لا عفو إلا باجتماعهم، ثم لا قول للأخوات معهم في عفو ولا قيام، كان الدم ببينة أو بقسامة، ولو لا قرب البنات من الميت ما دخلن مع العصبة.
[ قال محمد: نزع أشهب أن جعل القيام بالدم لمن كان أولي بوراثة، ولا الموالي، وأقرب بالعصبة](4)لولا اتباعه في بعض ذلك مالكاً علي الاستحسان. ألا تراه يجعل ابن الأخ أولي بالدم من الجد وإن كانت قسامة، وإنه لوجه القياس. وإن الاستحسان في كثير [من العلم](5)أملك. وقد ذكرت لك قول أشهب الآخر قبل هذا أن الأخت والبنت أحق من الصعبة، ولا عفو للبنت إلا بالأخت. قاله مالك وقاله أصبغ وقال: إن ذلك لهن دون العصبة، كان بقسامة أو بغير قسامة.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(3) هذه الفقرة الطويلة التي تبتدئ من قوله: (وذكر ابن حبيب) ساقطة من ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(5) ساقط من ص .(1/97)
[14/104]
ولا أري قول ابن القاسم في إخراجه إياهن فيما كان بقسامة. وأما أخوات وعصبة فإن كان بقسامة فلا حق للأخوات، وإن كان ببينة فالأخوات مع الصعبة، لا عفو إلا باجتماعهم.
ومن المجموعة قال مالك: والبنت يجوز عفوها مع ولاة الدم، ولا يجوز عفو الولاة دونها هذه رواية ابن وهب [عنه](1)وروي عنه ابن القاسم لا عفو لها إلا بهم ولا لهم إلا بها. وقد تقدم فيما حكي ابن المواز من رواية ابن وهب أيضاً مثل هذا، وما حكي من قول ابن وهب خلافة(2).
ومن المجموعة عن ابن القاسم [قال: ولا تجري الجدة للأب أو للأم مجري الأم في عفو ولا قيام قال مالك: إلا](3)في أم وعصبة: إن صولحوا العصبة فللأم أن تقتل. قال عنه ابن وهب في أم وأخ وإبن عن إنه لا عفو للأم دونهما.
ومن كتاب ابن المواز عن ابن القاسم في أم وأخوات وعصبة، فلا حق للأخوات معهم في العفو، وذلك للأم والعصبة. فإن افتقت الأم والعصبة علي العفو جاز ذلك علي الأخوات.
قال في المجموعة: وإن عفا العصبة والأخوات فللأم القتل.
وقال في كتاب ابن المواز: وإن اختلف الأم والعصبة بطل العفو. قال: وأما الأم والبنات والعصبة، فإن عفا البنات والعصبة جاز علي الأم، وإن عفت الأم والعصبة لم يجز علي البنات؛ لأن الأم أقرب من الأخوات، والبنات أقرب من لأم.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) هنا وقع تقديم وتأخير في مقدار صفحة أولها: " ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون عن مالك في المقتول عمداً وآخرها: وإن قتل عمداً لم يجب القتل إلا ببينة" . قدمت هذه الصفحة هنا في ص و ع . وأخرت إلي ما عبد بضع صفحات في الأصل وقد اعتمدنا ترتيب الأصل.
(3) ما بين معقوفتين صاقط من الأصل.(1/98)
[14/105]
قال ابن المواز: والأم عند أشهب أضعف من سميت.
وقال أيضاً أشهب في ولد الملاعبة : إنه لا عفو لبناته ولا للموالي دون أمه، ولا عفو إلا باجتماعهم. وقال في موضع آخر ما ذكرنا [قيل هذا](1).
وقال أشهب: لا أمر للأم مع البنات ولا مع العصبة ولا مع غيرهم من الورثة، ولا للأخوات مع البنات. ولا من العصبة إن لم تكن بنات في عفو ولا قيام.
ومن المجموعة و كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا ثبت القتل ببينة وللمقتول بنون وبنات، فعفو البنين جائز علي البنات، ثم لا شئ للبنات من الدية فإن عفا أحد البنين وجب لمن بقي من ذكر أو أنثي حظه من الدية علي الفرائض، وكذلك الزوجة، ويسقط حق العافي وحده. وإن عفا الرجال كلهم علي الدية دخل فيها البنات والزوجات. وكذلك إن وجب القتل بقسامة.
قال ابن المواز في كتاب الإقرار: وإذا كان ولد المقتول [عمداً](2)ذكوراً وإناثاً، فعفا جميع الذكور علي غير الدية، فذلك جائز ولا حق للبنات في الدية، وكذلك الأخوات مع الأخوة لا حق لهن في دية إلا أن يبقي(3)واحد من الذكور [لم يعف](4)عن الدم، كن بنات مع بنين أو أخوات مع إخوة، يأخذون ذلك من القاتل في ثلاث سنين ويسقط حظ من عفا وحده عن القاتل. وهذا كله قول ابن القاسم وأشهب.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صحف في الأصل فكتب: إلا أن يعفو.
(4) ساقط من الأصل.(1/99)
[14/106]
وذكر أشهب عن مالك مرة أنه قال: ‘ن عفا الذكور فإن لأخواتهم خظهن من الدية. ولم يقل ذلك أشهب ولا ابن القاسم. وقالا ما ذكرا عنه(1)أولا. وعلي هذا جماعة من أدركنا، من أصحاب مالك وهو أصله في موطئه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا استوي الأولياء في القعدد رجال ونساء وهذا لا يكون إلا في بنين وبنات أو أخوة وأخوات. فإن اجتمع عفو الرجال علي الدية دخل فيها النساء؛ وكانت علي المواريث، وإن عفوا علي غير دية(2)فلا شئ للنساء، وإن عفا بعض الرجال علي غير شئ فلمن بقي من ذكر أو أنثي حظه من الدية. قال ابن القاسم: مثل أخوين وأخت؛ فيعفو الأخ فلمن بقي ثلاثة أخماس الدية لا نصفها. محمد: لأنها إذا صارت دية صارت موروثة علي الفرائض، وإن عفا الأخوان فلا شئ للأخت ولا للزوج إن كان ثم زوج. وكذلك في البنين.
ولو تركت زوجاً وآخرين فعفا أحدهما فللزوج نصف الدية، وللأخ الاخر ربعها يتبعان به القاتل، فإن كان عفا الأخ أيضاً فلا شئ للزوج، استحق الدم ببينة أو بقسامة. وإنما يسقط حق النساء بعفو من معهن من الرجال في درجة إذا عفوا في فور واحد. وأما لو عفا أحد الأخوين ثم [بلغ](3)الآخر فعفا، فلا يضر ذلك من معها من أخت أو زوجة، لأنه مال وجب بعفو الأول. ولو كان الثاني عليه دين لم يجز عفوه بعد الأول. وإذا رجع الأول فقال: ما عفوت إلا علي أخذ الدية فاختلف فيه قول مالك، فقال: يحلف ما أراد ترك الدية ويأخذ حقه منها. [ثم رجع فقال لا شئ
***
__________
(1) في الأصل: عنهما. وهو تصحيف.
(2) في الأصل: علي غير شئ.
(3) ساقط من الأصل.(1/100)
[14/107]
له، إى أن يري لما قال وجهاً فذلك له. وبه قال ابن القاسم. وقال أيضاً ابن القاسم في بعض مجالسه: ليس عفوه عن الدم عفواً علي الدية، إلا أن يري لذلك وجه، مع العفو، [وإلا فله](1)عليه الدية](2).
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإذا كان أولياء الدم إخوة كبيرين مع صغير(3)أقسم الكبيران مع ولي الصغير، ومن نكل منهم بطل الدم ولادية فيه [وإن بقيي](4)بعد الناكل كبيران فصاعداً.
وأما أشهب فلا يجعل من عفا أولي(5)إلا في البنين مع الإخوة. ويقول أيضاً: إذا نكل أحدهم لم تسقط الدية بنكول أحدهم وإن كانوا بنين أو إخوة(6)ويصير عنده كعفو أحدهم بعد القسامة. وقد قال أيضاً: عفوه بعد القسامة وقبلها سواء. وكذلك نكوله أنه يقسم من بقي ولهم حظهم من الدية. وقال: سمعته من مالك مراراً لا أحصيها.
قال ابن المواز: يسقط الدم والدية بنكول أحدهم وهو قول مالك، في الموطأ، وقاله أصحابه أجمع. قال ابن عبد الحكم: وهو أصح الروايتين عن مالك، وهو أحب إلي، وهو قول أصحابه ابن القاسم وعبد الملك وأصحابه أصبغ وغيره. وإنما تكون الدية لمن بقي عند مالك؛ إذا أقسموا كلهم، فعفا بعضهم بعد القسامة.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف عن مالك: إذ عفا بعض الأولياء في درجة بعد أن ثبت الدم بقسامة أو ببينة بشئ أخذه العافي، أو بغير شئ يسقط الدم ويأخذ من لم يعف حظه من الدية من مال القاتل. وإن عفا
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) في الأصل: وإذا كان أولياء الدم كبيران مع صغير، وهو تصحيف صحح من ص و ع .
(4) ساقط من الأصل.
(5) صحف في الأصل فكتب: أولاً.
(6) العبارة مصحفة في الأصل: وإن كانوا بنون أو خوة.(1/101)
[14/108]
قبل القسامة وهو ممن له العفو، فإن بقي ممن له العفو اثنان(1)فأكثر مثله في الدرجة، فلهم أن يقسموا ويأخذوا حظهم من الدية، فإن لم يبق إلا واحد فلا قسامة له، ولا يقسم فيه النساء.
وقال ابن الماجشون في الأول من القسامة لابن حبيب: وإذا عفا أحد الأولياء بعد ثبوت الدم فقد قاله لي مالك إنه يرجع إلي الدية ويسقط منها حظ العافي. ولا أقوله، وأقول: إنه لا دية فيه لمن لم يعف، عفا العافي بعد ثبوت الدم أو قبله، إلا أن يعفو علي شرط شئ يأخذه قل أو كثر، فإن لمن لم يعف(2)أن يرجع علي حظه في الدية إن ثبت الدم. وإن لم يكن ثبت(3)فلهم الدية إذا أقسم علي الدم من لم يعف. قال ابن حبيب: وبرواية مطرف عن مالك [أقول](4)، وبها قال أصبغ ورواه ابن وهب وغيره عن عمر بن الخطاب.
قال مطرف وابن الماجشون: وإذا عفا بعض الولاة أو نكل عن القسامة، فإنما يبطل الدم إذا كان العافي أقرب ممن لم يعف أو كانوا في درجة. فأما إن كان من بقي أقرب فلمن بقي القسامة والقتل، ولهم أن يستعينوا في القسامة بمن هو أبعد منه. وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب في الكتاب الثاني من القسامة: ومن قتل [عمدا](5)وله ابنان وابنة فأقسم الابنان واستحقا الدم ثم عفا أحدهما، فللباقي مع أخته ثلاثة أخماس الدية في مال القاتل، فإن لم يكن له مال اتبع بذلك ديناً. ثم لا يجوز عفو أخته بعد عفوه وإن كان عليه دين محيط](6)ويجوز
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهو الصواب. وعبارة الأصل ميتورة مصحفة: فإن بقي من لم يعف اثنان.
(2) في الأصل: فإن لمن بقي لم يعف.
(3) كذا في ص و ع . وفي الأصل: وإن لم يثبت.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط من الأًصل.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص و ع .(1/102)
[14/109]
عفو لعافي وإن كان عليه دين محيط. ثم ذكر ابن الماجشون من العفو عن حظه أو عن حظ الجميع علي أكثر الدية أو أقل نحوما في كتاب ابن المواز، وقد ذكرناه.
ومن المجموعة قال مالك: إذا كان للمقتول موال فعفا بعضهم فإن استووا في القعدد فلا سبيل إلي القتل.
قال ابن القاسم وأشهب والمغيرة: وإذا كان الرجال والنساء في درجة، كبنين وبنات وأخوات، فلا حق للنساء(1)مع الرجال في عفو ولا قيام، فإن اختلفت أرحامهم كبنات مع إخوة أو أخوات وبني العم فالقول قول من قام بالقتل من الرجال والنساء. قال المغيرة: ثبت القتل ببينة أو قسامة.
قال هو وابن القاسم: وإن عفا بعض البنات وبعض العصبة أو بعض الأخوات وبعض العصبة فلا يقتل، ويقضي لمن بقي بالدية. وإن قال بعض البنات نقتل وقال بعضهن نعفو، نظر قول العصبة، فإن قالوا العفو تم العفو، وإن قتلوا فذلك لهم.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: لا يجوز العفو إلا باجتماع من البنات والعصبة(2)؛ فالقائم بالدم أولي. قال ابن المواز: لأن العفو عنده لا يجوز من أحد إذا اختلفوا إلا في الإخوة والبنين فقط. وقول عبد الملك وأصبغ علي رأي ابن المواز(3).
ومن كتاب ابن حبيب(4)قال مطرف وابن الماجشون عن مالك في المقتول عمداً وله عصبة وموال فطلبوا أن يقسموا وطلب النساء أن
***
__________
(1) كذا في ص و ع وعبارة الأصل: فلا سبيل لحق النساء. وهو اقتحام مفسد للسياق.
(2) في الأصل: أو العصبة، وهو تصحيف.
(3) كذا في الأصل: و في ص وع : وأصبغ ورأي علي علي رأي ابن القاسم.
(4) هنا تندرج الصقحة المقدمة في ص و ع . وتستمر إلي العنوان التالي: في الصبي يكون ولي الدم...(1/103)
[14/110]
يعفون(1)، فذلك للولاة دونهن(2)إن استحق الدم بقسامة، وإن(3)طلب النساء القتل فذلك لهن. ولو ثبت الدم ببينة كان النساء من بنات وأخوات أولي بالعفو والقيام من العصبة.
ومن المجموعة قال أشهب في أخوات شقائق وإخوة لأب: إنه لا قود للإخوة للأب ولا كلام لهم في عفو ولا قيام وإن أقسموا معهم، وإن لم يقسموا معهم والشقائق اثنتان فصاعداً أقسموا واستحقوا الدم.
قال ابن القاسم: ومن أسلم من أهل الذمة أو رجل لا يعرف وله عصبة فقتل عمداً وله بنات، فلهن أن يقتلن، فإن عفا بعضهن وطلب باقيهن القتل نظر الإمام بالاجتهاد؛ لأن ولاءه للمسلمين. قال ابن المواز عن ابن القاسم: فإن عفون كلهن فذلك لهن. قال أشهب: إذا اختلفن فمن قام بالدم كان أولي كما لو كان مع عصبة. فلو اجتمعن علي العفو فليس ذلك لهن إلا بالسلطان، كما لو كن مع عصبة فليس ذلك لهن إلا بالعصبة. هذا إن كان القتل ببينة، فأما ما كان بقسامة فلا قسامة فيه، ولكن ترد القسامة علي القاتل ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال ابن القاسم: وإن قتل عمداً وله أم وبنات فقط، فإن كان القتل ببينة فالعفو والقيام لأمه وبناته. وإن كان بقسامة يطل دمه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وليس للإخوة للأم في الدم نصيب. قال: ولا عفو لزوج ولا زوجة. والعفو والقيام للعصبة. محمد: إلا أن تؤخذ فيه دية فيدخل فيها جميع الورثة.
***
__________
(1) هذا مقتضي القواعد: أن يعفون . وفي الأصل: أن يعفو
(2) كذا والصواب دونهن .
(3) سقط إن من الأصل، ولا بد منها.(1/104)
[14/111]
قال أشهب: وإن جعل المقتول دمه إلي رجلين فليس لأحدهما عفو إلا مع الآخر. وكذلك إن قال فوضت دمي إلي فلان فهو له. قال: فأمره إليه إن شاء قتل وإن شاء عفا علي شئ. وإن عفا علي دية فهي لورثة المقتول.
وإن كان الدم بقسامة فالقسامة للعصبة، والعفو والقتل إلي هذا كما هو. وإن نكل واحد من عصبته فلا سبيل إلي القتل إن كانوا في درجة.
ومن العتبية(1)روي يحي بن يحي عن ابن القاسم فيمن قتل رجلين عمداً وثبت القتل فعفا أحد أولياء القتيلين عنه علي الدية، وقام أولياء الآخر بالقتل فذلك لهم، فإن قتلوا بطل صلح أولياء الآخر.
[ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قتل رجلاً خطأ ولا عصبة له، وله بنت وأخت، فلتقسما وتأخذا الدية. وإن قتل عمداً لم يجب القتل إلا ببينة](2).
في الصبي يكون ولي الدم أو أحد الأولياء
أو يكون للصبي دم أو جرح هل يصالح عنه في ذلك؟
من المجموعة ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب عن مالك في المقتول عمداً وله ولد صغار، فإن كان له أب أو وصي فله القتل أو العفو علي الدية، لا يجوز علي غير الدية. وإذا كان وصي، فهو أولي من الأب، ولا يرتقب بلوغ الصبي. قال أشهب: فإن لم يكن وصي نظر السلطان وجعل من يلي عليهم يتظر في ذلك لهم، ولا يعفو إلا بمال
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 6 : 11.
(2) هنا ينتهي بتر ص و ع .(1/105)
[14/112]
يأخذه وإن كان أقل من الدية علي وجه النظر مالا يتهم فيه بمحاباة لقلته لأنه بيع وأحق البيع بالتجاوز.
قال سحنون في المجموعة نقض أشهب أصله في هذا، لأنه يري إذا طلب منه الدية في [دم](1)العمد فليس له أن يأبي ذلك. فكيف يحط من الدية وقد كان للصبي أن يأخذه بها لو كان بالغاً.
قال ابن القاسم وأشهب: وللوصي أن يقتص للصبي من جراح العمد، وهو أولي بذلك من أوليائه.
قال مالك: وإن قتل ابن أباه وله ولد صغير فلوصية(2)القتل. قالا: وإن قتل اليتيم فأولياؤه أحق بدمه من وصية، وهو حق لهم. قال أشهب: كما زالت ولايته عن تركته. قال أصبغ: إلا أن يكون أولياء الصبي الذين هو أحق بدمه إخوته وهو ولاية هذا الوصي فهو أولي في العفو والقود.
قال: وإن كان هذا المقتول المولي عليه له ولد صغير، فوضي الأب أولي من عمومة الصبي بالدم.
ولو قتل الأخ أخاه عمداً وللمقتول ابن غلام وأب، واستحقوا دمه بقسامة منهما أو ببينة، فأبي الأب أن يقتل ولده، وأبي الابن إلا أن يقتل عمه. فذلك للابن؛ إن شاء قتل أو عفا.
ومن الكتابين قال ابن القاسم وأشهب: وللوصي أن يصالح في جرح الصغير بشئ يأخذه علي وجه النظر. ولا يعفو علي غير شئ. قال مالك وابن القاسم: وليس للأب أن يعفو عن جرح الصغير علي أقل من الأرش إلا أن يتحمله في ماله. [قال ابن القاسم: ويكون مليا يعرف
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص وع . وهو الأنسب . وفي الأصل: فلولية.(1/106)
[14/113]
ملاؤه، وإلا لم يجز عفوه. قال ابن القاسم: والوصي كذلك. ولا يعفو أب أو وصي أو من يلي علي الصبي علي أقل من الدية إلا أن يتحمل ذلك في ماله ويكون مليا](1).
قال ابن القاسم وأشهب: وذلك فيما ثبت من جراح الصبي. وأما ما لم يثبت فللأب والوصي الصلح فيه بوضيعة بخلاف ما قد يثبت. ولو بذل دية الجرح أو أكثر فأبي الوصي إلا القود، فإن كان من النظر أخذ المال أكرهه السلطان علي ذلك. قال أشهب: وكيف إن كان الصبي فقيراً [يريد](2)فذلك أحري.
ومن الكتابين: وإن صالح له أب أو وصي علي أقل من دية الجرح، قال أشهب فذلك جائز علي النظر في العمد، إذ ليس بمال. وأما في الخطأ فإن كان ذلك مما تحمله العاقلة في سنة أو سنتين أو ثلاث، يريد ليس مما يجتهد فيه، فهذا يجوز أن يتعجل من العاقلة ما يجوز تعجيله للصبي وفيه له نظر وإن لم يكن فيه مبلغ الدية إذا خيف من تضيع ذلك في اتباعهم(3)به، يريد: علي ما يجوز من عروض معجلة له. [قال](4)وإن كانت العاقلة علي غير ذلك وبقاؤه(5)عليهم كاملاً مؤجلاً أحظي(6)للصبي لم يجز الصلح. وكذلك أن كان مما يلزم(7)الجارح في ماله، ويقدر علي أخذه منه فلا يجوز أيضاً. وإن كان معدماً وخيف إن لم يصالح يوتي عليه(8)فالصلح جائز ويتعجله.
***
__________
(1) هذه الفقرة ساقطة من الأصل ثابته في ص و ع .
(2) ساقط من الأصل.
(3) في الأصل: واتباعهم . وهو تصحيف.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.
(5) في الأصل: وبقاه تصحيف كذلك.
(6) كذا في ص و ع . وهو أنسب. وفي الأصل: أهوط.
(7) صحفت عبارة الأصل: إن كان شيئا يلزم.
(8) كذا في الأصل و ع. وفي ص ما يشبه: بري ما عليه والكل غامض.(1/107)
[14/114]
وقال ابن القاسم(1)العمد والخطأ سواء لا يجوز فيه الصلح علي أقل من الأرش، كبيع سلعة بدون القيمة إلا علي وجه النظر، في عدم الجارح فيما يلزمه في ماله.
ومن العتبية(2)روي [عيسي](3)عن ابن القاسم قال: وإذا لم يكن للمقتول إلا ولد صغار ليس له غيرهم، ولا وصي لهم، فليقم الإمام لهم وصياً، فإن رأي لهم القتل قتل، وإن رأي لهم أخذ الدية أخذ ولا يأخذ أقل منها في ملاء القاتل. ويجوز صلحه في عدمه علي ما يراه(4)منها علي وجه النظر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وللأب أو الوصي أن يصالح في جرح الصبي علي أقل من الدية إن كان عمداً. وابن القاسم لا يجيز ذلك إلا بوجه النظر، وأشهب يجيزه في العمد بكل حال ما لم يكن محاباة للجارح أو القاتل؛ مثل أن يتهم في ذلك لعلة ما يأخذ.
قال أشهب: فإذا جاز صلحه في العمد علي الدية علي النظر جاز علي أقل منها علي النظر، إذ لا دية في العمد، وأخذ المالي [فيه](5)أحظي له من القصاص إذا كان فيه ما يقيم [أمره](6)ويسد خلته، وهو كبيع سلعة، فذلك فيها جائز ما لم يظهر محاباة.
واتفق ابن القاسم وأشهب في عبد الصبي يقتله عبد أن أخذ قيمته أولي من القصاص. وإذا قام بجرح الصبي شاهد حلف الجارح. وإن نكل أدي دية الجرح.
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهو الصواب. وفي الأصل: ابن المواز.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 78.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صحف في الأصل: علي ما يراد.
(5) ساقط من الأصل.
(6) ساقط أيضاً من الأصل.(1/108)
[14/115]
قال ابن المواز: أما في العمد فيحبس إذا نكل، فإن حلف أخر حتي يكبر الصبي فيحلف ويقتص، ولا يوقف شئ.
وفي باب اجتماع الولاة في الدم وعفو بعضهم شئ من معني هذا الباب.
في أولياء الدم يكون فيهم صغير أو غائب أو مجنون
وكيف إن لم يكن غير ابن صغير وعصبة
وكيف إن عفا الجائز الأمر من الأولياء
علي مال أو علي غير مال؟
من المجموعة وكتاب ابن المواز، وربما زاد أحدهم الشئ. روي ابن وهب وأشهب عن مالك في المقتول له بنون صغار وعصبة؛ فللعصبة القتل ولا ينتظر بلوغ الصغار. قال عنه ابن وهب: ولهم العفو، ولا يعفون إلا علي الدية وتكون لجميع ورثته. ويدخل فيه زوجته وأخته لأمه وجميع الورثة.
قال عنه أشهب: وينظر للصغار وليهم في القتل(1)أو العفو، يريد علي مال، ولوليه أن يقيم إن أصاب غيره من العصبة يقسم معه. وإن لم يكن في قربه، ثم يكون لهذا الذي هو أولي بالصبي القتل أو العفو علي الدية. فإن لم يجد من يحلف معه حلف هو خمساً وعشرين يميناً، وحبس القاتل حتي يكبر الصبي فيحلف خمسا وعشرين يميناً أخري ويقتل. وإن
***
__________
(1) في ع: في القود.(1/109)
[14/116]
كان وليه وصياً(1)أجنبياً لم يحلف في القسامة إلا العصبة. ثم للوصي النظر في القود أو العفو، يريد علي مال.
قال ابن المواز: فإن لم يكن له وصي فالأقرب ثم الأقرب من العصبة.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم عن مالك: إذا كان له ولد صغار وعصبة، فإن ثبت القتل ببينة فالأولياء القتل أو العفو علي الدية كاملة قبل أن يكبر الولد. وإن كان بالقسامة فلهم القسامة ويقتلون أو يعفون علي الدية. فإن نكلوا حبس القاتل حتي يبلغ الصبية، فيقسمون ثم يقتلون أو يأخذون الدية.
قال ابن حبيب: وأحب إلي إذا كان الدم ببينة ألا يعفو العصبة وإن أخذوا الدية. ولكن يحبس القاتل حتي يكبر الصبية، فإن كان بقسامتهم فلهم العفو عن الدية. وأحب إلي أن يكون بإذن السلطان. وإن أرادوا القتل الآن فذلك لهم. وقاله ابن دينار وابن كنانة وابن أبي حازم وغيرهم، ثم رجع الكلام إلي ما في المجموعة وكتاب ابن المواز علي ما تقدم.
قال مالك: والابن أولي بالدم. فإن كان صغيراً فالأب يقتل أو يعفو علي الدية، فإن لم يكن إلا الجد فذلك له، وليس الجد للأم من ذلك بسبيل. وإن كان في بنيه كبار فذلك لهم. وإن لم يكن إلا عصبة فذلك إليهم، ولا ينتظر الصغار. فإن لم يكونوا فالسلطان ينظر لهم أو يولي عليهم بذلك فيكون كالوصي، ثم لا يصالح إن رأي الصلح إلا علي الدية في ملاء القاتل، فإن لم يكن ملياً فله الصلح علي دونها، ولو صالح في ملائه علي دونها لم يجز، وطولب القاتل، ولا يرجع القاتل علي الخليفة بشئ. قال محمد قال أصبغ ولا سبيل إلي القتل. قال ابن القاسم: ولا يجوز صلحه بغير شئ.
***
__________
(1) في ع : صبياً وهو تصحيف.(1/110)
[14/117]
قال أشهب: وإن كان له بنون صغار وكبار، فأقسم الكبار [وله وصي](1)فلا يقتلوا إلا برأي الوصي [وإذا عفا الأوصياء علي الدية جاز ودخل فيها الكبار](2)وإذا عفوا علي غير شئ لم تجز وكان للكبار القتل.
وإن عفا الأكابر نظر الوصي، فإن رأي أن يأخذ لهم صلحا فعل. قال ابن المواز: إن كانوا معهم في درجة جاز عفو من عفا منهم، يريد وكان لمن بقي حظه من الدية. قال: وإن طلبوا القتل نظر معهم أولياء الصغار، ومن عفا منهم علي الدية دخل فيها الباقون. وأما العصبة عند أشهب، غير الولد والإخوة، فمن قام بالدم منهم فهو أولي من كبير أو ولي صغير. ولا عفو إلا لجميعهم، ولا يعفو أولياء الأصاغر مع الأكابر إلا بنصيبهم من الدية، وإلا فلهم القتل.
ومن المجموعة قال علي [بن زياد](3)عن مالك: الوصي أولي بالنظر في القتل، أو العفو بالدية من الأولياء. وقاله أشهب.
قال سحنون: ومذهب عبد الملك أن ينتظر(4)الصغير من الولد حتي يكبر. ولا أقول به(5)ولكن إن كان قد قارب البلوغ وراهق فلينتظر بلوغه، وإن كان لا يبلغ مثله إلي سنين فللكبير القتل.
ومن الكتابين واللفظ للمجموعة(6)قال: قال ابن القاسم عن مالك: وإن غاب بعض الأولياء وقام من حضر بالقتل فلا يعجل، ويحبس القاتل حتي يكتب(7)إلي الغائب. فإن اتفقوا علي القتل قتل. ومن عفا لزم
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) زيادة في ص.
(4) في الأصل: أن يتظر.
(5) في الأصل: ولا أقوله.
(6) في ع : واللفظ لابن عبدوس.
(7) في ع : حتي يكتبوا.(1/111)
[14/118]
عفو، وكان لمن بقي حظه من الدية. وقال أشهب مثله؛ إذا كان أولياؤه من عفا منهم كان أولي فلينتظر الغائب، فإن عفا واحد ممن حضر تم العفو ثم لا ينتظر الغائب، وإن كان من قام منهم بالدم كان أولي فلمن حضر أن يقتل، فإن عفوا لم يتم العفو وحبس القاتل حتي يكاتب الغائب فيعفو أو يقتل.
قال ابن القاسم وليس الصغير كالغائب، لأنه يكاتب، والصغير يطول انتظار بلوغه، فتطل الدماء، إلا أن يكون بعيد الغيبة فيكون لمن حضر القتل. قال سحنون: هذا فيمن بعد جداً كالأسير بأرض الحرب وشبهه. فأما من غاب(1)من إفريقية إلي العراق فليس من ذلك. وكذلك الصبي إذا قارب البلوغ فلينتظر.
ومن العتبية(2)ن سماع يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وسألته عن غيبة بعض الأولياء فقال: إن كان من غاب ممن له العفو أو ممن لو نكل في القسامة ردت [القسامة](3)علي المدعي عليهم فالينتظر أبداً، وإن اقسم من حضر ممن هو في درجة كانوا اثنين أو أكثر، وإنما يؤمر من حضر ممن هو في درجته أن يقسموا، [إذ](4)قد ينكلون فترد الأيمان ويبطل الدم. وإن أقسموا كان في ذلك حياطة لئلاً يموت هؤلاء ويقدم الغائب فلا يجد من يقسم معه، ولكن يقسم من حضر ويحبس القاتل وينتظر الغائب فيحلف أو ينكل.
وإن كان من حضر هو الأقعد والذي غاب ممن لو عفا أو نكل لم يبطل الدم؛ حلف الحاضرون وقتلوا. وإن كان الحاضر واحداً وله القعدد ضم إليه من يحلف معه وإن بعد وكان له أن يقتل، كان من يحلف معه مثل الغائب.
***
__________
(1) في الأصل: فأما من بعد.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 36.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.(1/112)
[14/119]
في البعد أو أبعد منه، مثل أن يكون الأقعد ابناً والغائب أخاً(1). وحضر أخ أو ابن عم، فحلف أو نكل الأخ، وحلف ابن العم أو مولي فذلك يوجب القتل ولا ينتظر الأخ الغائب.
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم(2)وينتظر المبرسم والمغمي عليه لأنه مرض، قال أشهب: إلا أن يكون من قام بالدم كان أولي فلا ينتظر، ولمن بقي القتل. وإن كان المغمي عليه والمبرسم أو الغائب أولي وحده انتظر. وكذلك إن كان من عفا كان أولي والصغير يقوم مقامه وليه، وهو لا يتناول عليهم من قرب. وهو استحسان، والقياس أنه واحد.
قال ابن القاسم: ولا ينتظر مجنون مطبق، ويلزم من ينتظر بلوغ الصغير(3)أنه إن بلغ مطبقاً أن ينتظر به(4).
وقال أشهب في المطبق الذي لا إفاقة [له](5)، فلينتظر الإمام له أن كان من عفا كان أولي، فيولي ذلك(6)رجلاً ينظر له ويصالح عنه إن شاء بمال يأخذه. فإن عفا بغير شئ لم يجز وكان للصحيح القتل، وإن عفا الصحيح فللمجنون حظه من الدية، وإن كان من قام بالدم كان أولي، فللصحيح(7)أن يقتل بأمر السلطان ولا يقيم للمجنون أحداً، لأن من قام بالقتل كان أولي.
***
__________
(1) هكذا في ص و ع . وفي الأصل بعض تحريف: مثل أن يكون الغائب أخ والحاضر ابن.
(2) في الأصل: قال ابن المواز. وهو تصحيف.
(3) في الأصل: بلوغ الصبي.
(4) في الأصل: أن ينتظره.
(5) ساقط من الأصل.
(6) عبارة الأصل: فليول رجلاً.
(7) فالصحيح وهو تصحيف.(1/113)
[14/120]
ومن كتاب ابن المواز، وأراه لابن القاسم: وإذا كان(1)أولياء الدم صغيراً وكبيراً لم ينتظر بلوغ الصغير ولا يقسم وصيه، ولكن يقسم الكبير مع رجل من العشيرة، ويكون للكبير أن يقتل مع وصي الصغير. وإن كانوا إخوة كبيرين مع صغير، أقسم الكبيران ثم قتلوا مع ولي الصغير.
وفي باب اجتماع الأولياء من معني هذا الباب.
في وليي القتيل يقتل أحدهما القاتل
والآخر صغير أو كبير غائب أو حاضر
من العتبية(2)روي أصبغ عن ابن القاسم في المقتول له وليان، فقام أحدهما فقتل القاتل؛ [قال: لا قتل عليه](3)ويغرم لصاحبه، [يريد](4)نصف الدية، لأنه أبطل حقه الذي كان له يعفو عنه ويصالح ويأخذه. وقاله أصبغ.
ومن كتاب محمد: وإذا كان أحد الابنين غائباً أو صغيراً عليه ولي، فعدا أخوه فقتل القاتل بغير حكم ولا رضي من معه وهو ممن لا قسامة فيه، فإنما عليه الأدب فيما افتات علي الإمام، ويغرم لأخيه حظه من الدية لأنه أتلفه عليه. وقاله أصبغ. قال ابن المواز: وكذلك لو قتله هو أو قتله أجنبي خطأ، فعلي عاقلة قاتله الدية لمن كان له دمه.
***
__________
(1) في الأصل: وأما إن كان.
(2) البيان والتحصيل، 16: 62.
(3) ساقط من الأصل، وفيه: فإن يغرم.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.(1/114)
[14/121]
في الولد يستلحق بحكم أو يعتق بعد وجوب الدم
وفي ولي الدم يموت هل لورثته ما كان له؟
وكيف إن كان للقاتل ورثة؟ وفي القاتل يكون من الأولياء
والابن هل يقتل أباه إن كان ولي الدم؟
من المجموعة(1)قال عبد الملك: وإذا قتل رجل وله ابن عبد فعتق بعد القتل، فلا مدخل له في الدم ولا في الميراث، ولكن يستعين به الأولياء كما يستعان بالعصبة. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف. إلا أن مطرفاً قال لا يستعان به ولم يره(2)كالعصبة.
قال عبد الملك في المجموعة: ولو ألحق بأبيه بعد القتل بحكم لدخل في الولاية والميراث وكان ولياً مع أمثاله. ولو كان ابنان قد أقسما قبل لحوقه لأقسم هو بعد لحوقه بقدر ما لو أن كان لا حقاً(3)يوم أقسما، إلا أن يكون أمثاله خمسين قد أقسموا فيستغني عنه. ولو كان الذين أقسموا بني عم ثم لحق ابن لسقطت قسامتهم وصار حقه وحده، وتؤتنف القسامة. وكما لو لحق به ولدان فلهما القسامة. ولو كانا قائمين لكان لهما ذلك(4)، إلا أن يستعينا بغيرهما.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: وإذا مات وارث [هذا](5)المقتول الذي له القيام، فورثته مقامه في العفو والقتل. قال أشهب: يقوم
***
__________
(1) في ع: من كتاب ابن عبدوس.
(2) في الأصل: ولا أراه.
(3) كذا في ع. وفي الأصل: بقدر أن لو كان لاحقاً.
(4) كذا في ع. وفي الأصل: فلهما ذلك.
(5) زيادة من الأصل.(1/115)
[14/122]
مقام هذا الميت من ورثته من له القيام بدمه لو كان هو مقتولاً، وإن ورث هذا الولي(1)رجال ونساء؛ فلا عفو للنساء إن كن بنات إلا مع العصبة، ولا عفو للعصبة إلا بهن. وكذلك العصبة والأخوات إن كان أحد ورثته المقتول بنت الميت أو رجلا من عصبته، فإن القود قائم حتي يجتمع كل من له في دم المقتول نظر علي العفو(2).
قال ابن القاسم وأشهب: وإن كان للمقتول عمداً بنون وبنات، فماتت بنت له وتركت بنين ذكوراً فلا شئ لهم في العفو عن الدم ولا القيام إذ لم يكن ذلك لأمهم. ولكن يكون لهم ما كان(3)لها إن عفا بعض بني المقتول دخل هؤلاء فيما وجب لأمهم من الدية(4).
قال ابن القاسم: ولو مات رجل من ولاة الدم(5)وورثته رجال ونساء؛ فللنساء من القتل والعفو ما للذكور؛ لأنهم ورثوا الدم عمن له أن يعفو أو يقتل.
وقال أشهب: أمر الدم لبني الميت الوارث دون بناته، فإن عفوا جاز عفوهم، كما إذا عفا أعمالهم.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا ترك المقتول [عمداً](6)بالبينة أماً وبنتاً وعصبة أو ابن عم، فماتت الأم أو البنت أو أحد من العصبة أو الموالي، فورثته [في](7)بناته إلا الزوج والزوجية، ومن قام بالدم كان أولي. [وإن](8)
***
__________
(1) كذا في ع وهو الصواب.
(2) صحف العفو في الأصل فكتب: الصغير.
(3) في ع : ما صار.
(4) كذا في ع وهو الصواب . وعبارة الأصل: وجب لهم من الدية.
(5) في الأصل: الولاة الدم. وهو تصحيف.
(6) ساقط من الأصل ثابت في ص و ع .
(7) زيادة في ص.
(8) ساقط أيضاً من الأصل ثابت في ص و ع .(1/116)
[14/123]
اختلف ورثة هذا الميت ومن بقي من أولياء المقتول فلا عفو إلا باجتماعهم. قال: وورثته الميت، وإن كان من غير عصبة المقتول ومن غير ورثته فهو بمنزلة الميت منهم.
وإذا وجبت قسامة في دية الخطأ ثم مات، [يريد](1)أحد أوليائه، فلورثته ما كان له يدخلون كلهم مدخله. وكذلك غرماؤه لأنهم أولي بماله من ورثته، فهم يقسمون ويستحقون. ولو أقسم الورثة ولم يعلموا بالغرماء لأجزأهم، لأنه بقي علي الغرماء اليمين باستحقاق الورثة الدية، أن يحلفوا ما قبضوا شيئاً من دينهم، فمن نكل عن ذلك بقي حقه للورثة، أن يحلفوا ما قبضوا شيئاً من دينهم، فمن نكل عن ذلك بقي حقه للورثة، وإنما يحلف الغرماء إذا كان دينهم يحيط بذلك، فيدخلون مدخل غريمهم الميت(2)مع من بقي من ولاة المقتول. ثم إن طرأ غريم بعد ذلك لم يعرف حلف مثل ما كان يحلف لو حضر.
وقال مالك: وإذا قال لمقتول، وقد ضرب، فلان ضربني وقتلني وله أن أولياء، فرضي الأولياء، يريد عفواً، فللأم(3)القيام بالدم، فإن ماتت فلورثتها مثل ذلك إلا أن يثبتوا الصلح مع الأولياء.
ومن الكتابين، ونسبه في المجموعة إلي أن ابن القاسم وأشهب: وإذا مات واحد من أولياء المقتول، قال في المجموعة من ولد المقتول، والقاتل وارثه، بطل القصاص؛ لأنه ملك من دمه حصة، فهو كالعفو، وعليه لمن بقي من أصحابه حظه من الدية؛ شاء أو أبي، وذلك إن كان من الأولياء الذين إذا عفا أحدهم جاز علي الباقين.
قال أشهب: وأما إن كان الميت من الأولياء الذين من قام منهم بالدم
***
__________
(1) ساقط كذلك من الأصل.
(2) هذه هي العبارة السليمة في ع. وفي الأصل: فيدخل غريمهم الميت.
(3) صحف في ع فكتب : فللإمام.(1/117)
[14/124]
كان أولي، فلمن بقي أن يقتلوا إلا أن يجتمع أولياء المقتول علي العفو فيجوز.
قال في كتاب ابن المواز: ولو كان الأولياء ممن يجوز عفو أحدهم علي الباقين فمات أحدهم فورثه القاتل مع عصبة، والقاتل امرأة، إما بنت هذا الولي أو أمه قال: فهذا لا عفو فيه حتي يجتمع فيه ملؤهم علي العفو(1). قال: فإن مات أحد بني المقتول عن بنين وبنات ليس القاتل منهم، فلا أمر لبناته في دم جدهن، وذلك لبنيه مع بقية ولد المقتول الذكور. فإن عفا أحدهم لزم ذلك من بقي، يريد ولمن بقي حظه من الدية.
قال: فإن مات أحد بني المقتول وكان وارثه ابن القاتل؛ لأنه كان أعتق ابن المقتول الميت، فإنه يسقط الدم، ولمن بقي من ورثة المقتول سوي الميت حظه من الدية، ولمن بقي من ورثة لولي الميت من النساء حظهن من الدية، ولمن بقي من ورثة لولي الميت من النساء حظهن من الدية، ويسقط حظ ابن القاتل(2)منهم.
قال ابن القاسم في المجموعة: وإذا كان ولي الدم ابن القاتل فكره له مالك أن يقتص من أبيه، وقد كره له أن يحلفه فكيف يقتله. قال أشهب: ليس له قتله، وفي ذلك الدية.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن قتل زوجته وابنها ابنه: فليس له قتل أبيه، وأري له الدية علي عاقلته. وقد قال أكثر العلماء: لا يقتل الأب بابنه. [فليس قتله](3)وإن عمد قتله، وإنما يطلب دمه من هو أبعد من ابنه(4)فكيف حتي يلي الابن قتل أبيه بنفسه.
***
__________
(1) هكذا في ع وهو الصواب. وتخلل عبارة الأصل بتر وتصحيف كثير فصارت: "فورثة القاتل مع عصبته ولو للقاتل امرأة هذا الولي أو أمه فهذا لا يعفو فيه حتي يجتمع فيه ملأهم كالعفو".
(2) صحف في ع فكتب: حظ ابن القاسم.
(3) زيادة في الأصل.
(4) في الأصل: أبعد منه.(1/118)
[14/125]
في الصلح في الدماء وعفو الأولياء أو بعضهم علي مال
وكيف إن صالح في جرح ثم تنامي إلي النفس
وقد تقدم من عفو بعض الأولياء علي مال باب وفي باب آخر الصلح عن الصغير.
من كتاب ابن المواز قال: ويجوز الصلح في دم العمد علي ما اصطلحوا عليه من شئ، معجلاً أو مؤخراً، نفساً او جرحاً فيه قصاص، كائناً ما كان الجاني، من أهل ذهب فصولح علي ذهب أو غيره، نقداً أو إلي أجل، [أو من أهل و رق فصولح علي ذهب أو غيره، نقداً أو إلي أجل أو من أهل إبل فصولح علي أقل منها نقداً أو إلي أجل، أو علي غيرها نقداً أو إلي أجل](1)فهو كله جاءز لأنه دم وليس بمال، ولو لم يجب صلحه إلا علي ديتين أو ثلاث فذلك له جائز. ولو عفا علي الدية مبهماً بغير نسمية شئ ففي ذلك الدية في مال القاتل لازمة له.
قال ابن المواز: وإنما يتقي(2)مثل هذا في الخطأ لأنه دين ثابت، فيدخله ما يدخل الدين من الصلح منه علي ما يحل ويحرم.
وإذا كان من أهل الإبل فصالحة علي أكثر من مائة بعير علي أسنان الإبل(3)سواء نقداً؛ أو كان من أهل الذهب فصالحه علي أكثر من ألف دينار نقداً، أو كان من أهل الذهب فصالحه علي أكثر من ألف دينار نقداً، فهو جائز في العرض، وأجزته[أيضاً في الإبل](4)ولم أجزه في البيع، لأنه في البيع [ليس](5)له أن يعجلها قبل المحل، ولهذا تعجيل ما أعطي.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ثابت في ص و ع . ساقط من الأصل.
(2) صحف في الأصل: وإنما يبقي.
(3) في ع : أسنان الدية.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضاً من الأصل.(1/119)
[14/126]
قال أشهب: وإن بدا للعاقلة وقالوا غلطنا فذلك لهم، لأنهم لا يحملهم علي هذا إلا الغلط [ أو الهبة فيحلفون إن ادعوا الغلط](1)فيما يشبه أن يغلطوا فيه. قال: ولا يجوز [شئ من](2)الصلح في شئ من الجراح قبل البرء. وبعد هذا لابن حبيب عن ابن الماجشون نحو ما ذكر ابن المواز إلا في بعضه، وقد تكرر بعضه أيضاً.
ومن العتبية(3)روي عيسي عن ابن القاسم في المجروح أيصالح عن الجرح وعن الموت إن كان؟ قال: لا يجوز الصلح علي وضع الميت(4)، ولكن يصالحون علي شئ معلوم ولا يدفع إليه شئ، فإن برئ فله ما صالح عليه، وإن مات ففيه القسامة والدية إن كان خطأ [ بعد أن يقسموا](5)أو القتل إن كان عمداً.
ومن الواضحة(6)قال أصبغ: كل من جرح فصالح جارحه في الخطأ والعمد أو فيما فيه القصاص من العمد وما لا قصاص فيه مما فيه العقل من الجراح الأربعة وغيرها فالصلح جائز فيه وفيما ترامي إليه إلا النفس، فإن ترامي إلي النفس خير الورثة في التمسك بما أخذوه، أو يردوه ويقسموا فيقتلوا في العمد إن شاءوا ويأخذوا الدية في الخطأ.
وإن صالح عليه وعلي ما جر إليه من نفس أو غيرها بشرط في أصل الصلح(7)فذلك جائز في العمد، إن كان مما فيه القصاص وإن ترامي إلي النفس، فإن كان مما لا قصاص فيه وإنما فيه الحكومة في شينه بقدر برئه
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(2) زيادة في ع.
(3) البيان ولاتحصيل، 16 : 505.
(4) في ع : وضع الموت.
(5) زيادة في ع.
(6) في ع: كتاب ابن حبيب.
(7) في ع: كتاب ابن حبيب.(1/120)
[14/127]
فهو كالخطأ، ولا يجوز فيه الصلح ولا في جراح الخطإ علي هذا الشرط، وإنما الصواب فيه إذا كان الجرح مما فيه عقل مسمي، أو مما [أيضاً] فيه قدر الشين بعد البرء أن يقع الصلح عليه بعينه، وعلي ما ظهر من حقه فيه، إن كان فيه عقل مسمي فعلي عقله، لا يعدو ذلك بشرط(1)ما ترامي إليه من نفس فدونها. وأما ما ليس فيه إلا الشين بعد البرء فإنما يجوز فيه الصلح بعد برئه(2)علي ما أحب.
قال: فإن وقع ذلك قبل البرء واشترط ما جر إليه في حياته فسخ أيضاً في حياته ويرد إلي حقه فيه بعد برئه، ويفسخ أيضاً بعد موته وللورثه أن يقسموا ويستحقوا الدية في مال الجارح؛ لأنه عمد سقط فيه القود، لشبهة العفو برضاه بالصلح.
وإن وقع ذلك في الخطأ وشرط ما جر إليه فسخ في حياته ويرد إلي حقه في الجرح، وإن مات فسخ ثم ليس للورثه خيار إنما لهم أن يقسموا ويأخذوا الدية. قال: وسمعت هذا من ابن القاسم.
قال ابن حبيب(3)وقال ابن القاسم وأشهب وابن وهب في قوم رموا بقتل فهربوا فأحرق أخو القتيل منازلهم وأفسد أموالهم ثم هلك فصالح ولد القتيل القبيلة بمال علي طرح الدم عنهم وقطع الخصومة بينهم ثم قاموا علي الأخ بما فعل بهم: إن الصلح ماض قاطع لما جر إليه الدم من تلف أموالهم وخراب ديارهم؛ لأن الصلح في هذا لا يكون إلا علي قطع جراء ما يطالبون به جرار الدم. وقال أصبغ: هذا فيما أفسد الابن ومن والاه، فذلك قائم عليه لا يدخل في الصلح حتي يشترط. قال ابن حبيب مثله، إلا
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وصحفت عبارة الأصل: فعلي عقله لا بعده إلا بشرط.
(2) صفحت عبارة الأًصل أيضاً: فليس إلا الصلح بعد برئه.
(3) هنا يبدأ بتر في ص و ع بقدر صفحة سنشير إلي نهايته بعد. ثم تأتي هذه الصفحة الناقصة في النسختشن قبل عنوان: في ميراث الدية الآتي.(1/121)
[14/128]
أن يشارك إلا بن عمه في الفساد وكان معه فيه فالصلح قاطع لذلك كله لأنها تباعة واحدة. وإن كان أمر العم والابن متبايناً لم يدخل بعضه في بعض.
قال أشهب وابن وهب في نفر رموا بدم فقال أحدهم للأولياء: خذوا مني كذا وكذا ولا تقسموا علي فرضوا، فإن كان في حياة القتيل فهم بالخيار، إن شاءوا تمادوا علي ذلك فأقسموا علي من بقي، وإلا ردوا ذلك عليه وأقسموا كذلك عليه. وإن صالحوا بعد مات القتيل فالصلح ماض ويقسمون علي غيره، ويضرب المصالح مائة ويحبس سنة. وقاله أصبغ.
قال أصبغ في القاتل يصالح علي الرحلة من بلد القتيل ولا يساكنهم فذلك جائز، ويحكم عليه أن لا يساكنهم أبداً ويرحل عنهم. وقال النبي صلي الله عليه وسلم، لوحشي: غيب وجهك عني(1).
ومن العتبية(2)روي أبو زيد عن القاسم في المجروح يترامي جرحه فمات واستحق وليه الدم، فصالح القاتل علي أن يخرج من البلد فإن وجده فيها قتله، فخرج ثم وجده في البلد؛ قال: أري أن يقتل به.
ومن كتاب ابن حبيب: إن شرطوا أنه إن لم يفعل أو فعل عاد فجاورهم فلهم الدية، وإن كان الدم قد ثبت حين الصلح فذلك جائز في القود والدية، فإن لم يثبت الدم لم يجز إلا أن يقولوا: إن لم يفعل أو فعل ثم عاد فنحن علي حجتنا في الدم، وكذلك الجراحات مثله(3).
قال ابن الماجشون: ويجوز الصلح من دم العمد ومن جراح العمد علي دنانير أو دراهم أو عروض نقداً أو إلي أجل، كان الجاني من أهل الذهب أو من أهل الورق أو من أهل الإبل.
***
__________
(1) في غزوة أحد من صحيح البخاري، ولفظه: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 76.
(3) هنا تنتهي الصفحة الناقصة من ص و ع .(1/122)
[14/129]
ابن حبيب قال ابن الماجشون: وأما في الخطأ فلا يجوز أن يصالح العاقلة علي أكثر من الدية عدداً(1)في أسنان دية الخطأ [نقداً. وهذا بين الغلط في أمر الدية، ولا يجوز أن يصالحوا بأسنان هي دون أسنان دية الخطأ](2). أو دون بعضها وهي من أسنان دية الخطأ نقداً؛ لأنه ضع وتعجل. فإن كان إلي أجل(3)فهو الكالي بالكالي، وإن كان علي ذهب أو ورق أكثر من الدية، يريد أو مثلها أو أقل والدية إبل، فجائز. ولا يجوز إلي أجل، وهو دين في دين.
وإن كان من أهل الذهب فصالحوا علي أكثر من ألف دينار، أو من أهل الورق فصالحوا علي أكثر من اثني عشر ألف درهم، فليردوا إلي قدر الدية؛ لأن هذا من الغلط. وإن كانوا أهل ذهب فلا يصالحوا علي ورق. أو أهل ورق فلا يصالحوا علي ذهب(4)نقداً ولا إلي أجل الدية، وهو صرف مإحر ودين بدين في التأخير.
ولو كانت الجناية عمداً جاز صلح الجاني علي ذهب أو ورق [أو إبل](5)أو عرض، مثل الدية أو أكثر منها، إلي أجل أو نقداً، لأنه لم يجب لهم شئ غيره صالحوا عليه. وقاله ابن القاسم ومطرف وابن عبد الحكم وأشهب وأصبغ.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز [وهو](6)وأشهب في أخوين وأخت للقتيل عمداً، يصالح أحد الأخوين عن حصته بأكثر من خمسي الدية، فليرجع أخوه وأخته علي القاتل بثلاثة أخماسها، فيضم إلي ما أخذ
***
__________
(1) صحف في الأصل: عندنا.
(2) ساقط من ص و ع.
(3) في ص و ع .
(4) كذا في الأصل وهو أوضح: وفي النسختين الآخرين: ولا أهل الورق علي الذهب.
(5) زيادة في ص و ع .
(6) ساقط من الأصل.(1/123)
[14/130]
هو ثم يقسم الجميع علي الفرائض، وهذا في المدونة عن أشهب. وابن نافع لا يري أن يدخل بعضهم علي بعض فيما صالح به لنفسه، كعبد بينهم أو عرض.
قال أشهب: ولو صالح من حصته علي أقل من حقه، فليس له غيره. وإن صالح به علي جميع الدم فله خمساه ويرد ما بقي، ولأخيه وأخته ثلاثة أخماس الدية أحب القاتل أو كره.
وإن صالح من حظه علي أكثر علي أكثر من الدية فهو بين جميعهم علي الفرائض، يريد ما يأخذ الأخ والأخت من نصيبهما من الدية.
قال أشهب: وإذا عفا جميع البنين عن جميع الدم علي الدية أو أقل منها أو أكثر، فللأم والزوجة والبنات حظهن بالميراث من ذلك.
قال ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا كان للمقتول زوجة وابن عم فعفوه جائز عليها، فإن عفا عن جميع الدم بنصف الدية فللزوجة ربع ذلك، ويرجع علي القاتل بربع نصف الدية.
وإن ترك أخوين فصالح أحدهما من حظه علي خمسمائة، ثم صالح الآخر [من حظه](1)علي ألف فأكثر، فلا يدخل معه الأول في الزيادة، ويرد الزيادة إلي القاتل إن كان مثله يجهل لك. وإن كان عالماً فللآخر جميع ما صالح عليه.
قال ابن القاسم: ولو كان أحدهما غائباً ووجب الدم بقسامة، فصولح الحاضر علي أن [لا](2)يقسم، ثم قدم الغائب وقام بالدم فليس له أن يقسم وقد سقط الدم، ولا يرجع علي القاتل بشئ ولا علي أخيه. قال ابن المواز: لأن الدم لم يثبت، فيدخل الغائب فيما صالح به الحاضر.
***
__________
(1) ساقط من ص و ع .
(2) ساقطة من الأصل. ولابد منها.(1/124)
[14/131]
وإذا ترك المقتول ابنين وبنتاً، والدم بالبينة، فصالح أحدهما عن نفسه علي أكثر من حقه، وصالح الاخر بعده علي أكثر من حقه، فصلح الأول جائز ويشاركه الباقون في الزيادة، وصلح الثاني جائز ولا يدخل الباقون في الزيادة؛ لأنها إما يعلم قول القاتل(1)مع يمينه، إلا أن يعرف بغير ذلك(2)، ويقضي للأخت بخمس الدية، وتشارك الأول خاصة في الزيادة.
وإن كان له ثلاثة من الأولاد فصالح [الأول](3)علي حظه من الدية، وصالح الثاني علي ديتين، والثالث علي ثلاث ديات، فليس للأول علي الثاني ولا علي الثالث شئ وعلي الأول(4)أن يدخل ثلثي الدية فتكون بينه وبينهما أثلاثاً(5)، يريد ولا يدخل أيضاً الثاني علي الثالث ولا الثالث علي الثاني بشئ.
قال: ولو صالح الأول بعرض ولم يصالح الباقيان بشئ، فله منه بقدر حصته من الدية، يريد ما قابل ذلك من قيمة العرض، وما فضل فهو وأخواه(6)في ذلك سواء. ولو ألفي(7)القاتل عديماً لرجع من بقي منهم في جميع ما أخذ الأول، وكان بين الورثة علي الفرائض، ثم يتبع القاتل بمصابه من بقي، فكلما أخذوا منه شيئاً كان بينهم أثلاثاً.
وذكر ابن المواز مسألة ابن القاسم في العبد يقتل رجلا له وليان، فعفا أحدهما علي أن أخذ جميع العبد أن السيد إن دفع للآخر نصف الدية تم فعله، وإن أبي خير العافي بين أن يكون العبد بينهما أو يرده ويكونا
***
__________
(1) صفحت في الأصل فكتبت: القائل.
(2) في ص و ع : بعدم ذلك.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل فكتبت: ولا علي الأول . بإقحام لا.
(5) في الأًصل: ثلاثاً . وهو تصحيف.
(6) صحف في الأصل فكتب: وأخوه
(7) في الأًصل: بقي وهو تصحيف .(1/125)
[14/132]
علي أمرهما في القتل أو العفو. وذكر قوله الاخر. ثم قال ابن المواز: وما وجدت لجوابه الأول حجة في فرقه بين الحر وبينه ولا أصلا(1).
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن اتهم بقتل فصالح أولياء القتيل علي مائتي فريضة، مائة(2)إلي انسلاخ صقر يأتيه بها مجتمعة، ومائة منجمة يف ثلاث سنين، فطلب دفع المائة الأولي [رسلاً يتبع بعضها بعضاً فلاي ينسلخ](3)الأجل حتي يأخذوها. قال: لا بأس أن يأخذوها رسلاً كما ذكر وأراه علي الأولياء(4). قيل إنه لما ذكر السنين الثلاث طلب الأولياء ثلث المائة الثانية في أول السنة، ولم يكن شرط في أولها ولا آخرها. قال: فليعطوا ذلك في وسط السنة.
ومن العتبية(5)من سماع ابن القاسم فيمن صالح علي دم عمد علي أن يعطي كل سنة كذا وكذا من الإبل، وشرط أن يعطيها جملة؛ فقال الذي عليه الإبل يؤديها(6)رسلاً يتلو بعضها بعضاً. وقال الآخر: لا أخذها إلا جملة، قال: له يوديها(7)رسلاً قيل: فإن شرط عليه في سنة ولم يذكر في أي شهر من السنة يأخذها. قال يؤديها في وسط السنة.
روي يحي ابن يحي عن ابن القاسم في المجروح يصالح من جرح العمد، ثم يترامي فيموت، فيقول أولياؤه إنما صالحكم علي الجرح. فلهم أن يقسموا ويقتلوا إذا ثبت الجرح ببينة أو بإقرار(8).
***
__________
(1) في ص و ع: ببينة وبين الجرة إلا أصلاً. وهو تصحيف.
(2) في الأصل: مائتي فريضة ومائة. وهو تصحيف.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل: وأباه علي الأولياء.
(5) البيان والتحصيل، 15: 449.
(6) كذا في ص و ع. وعبارة الأًصل: فعلي الذي عليه الإبل أن يعطيها.
(7) له وديها.
(8) توجد بعد هذا في ص و ع الصفحة الناقصة المشار إليها آنفاً.(1/126)
[14/133]
في ميراث الدية
من كتاب ابن المواز قال مالك: دية العمد إذا قبلت موروثة علي كتاب الله تعالي، ويرث فيها النساء وغيرهن، وإن لم يحزن ما بقي فذلك لمن يرثه من العصبة(1). قال مالك: وإن قتله وارثه عمداً فلا يرث ماله ولا من ديته ولا يحجب وارثاً، وإن قتله خطأ لم يرث من الدية ولا يحجب فيها وارثاً، ويرث من المال ويحجب فيه. وقد اختلف في ماله.
وإنما يحجب الحاجب حيث يرث، وأما حيث لا يرث فلا يحجب ويصير كالعبد والكافر. وقاله ابن وهب وابن القاسم وأشهب.
قال أشهب: وكذلك الأب لا يرث من دية ابنه في الخطأ(2)، [وكذلك الابن](3)ويرث الأب القاتل ابنه خطأ من ماله إن كان صريح الخطأ، فإن كان ليس بصريح الخطإ لم يرث من ماله ولا من ديته. [وإذا اقتل بمثل ما فعل المدلجي لم يرث من ماله ولا من ديته](4)وقد هم عمر بقتله وأعطي الدية إلي أخي المقتول. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: لا يرث القاتل(5)؛ فهو متهم في العمد، ولا يتهم في الخطأ في المال. قال غيره: لم يختلف أنه لا يرث من الدية، وقد روي منع القاتل من الميراث عن عمر وابن المسيب وعن عطاء وغيره.
قال مالك: الأمر عندنا أن قاتل العمد لا يرث من الدية. [ولا من المال، وقاتل الخطأ لا يرث من الدية](6)، واختلف في توريثه من المال، وأحب إلي أن يرث من ماله لارتفاع التهمة فيه. وقاله عبد العزيز(7),
***
__________
(1) كذا في الأصل. وعبارة ص و ع : وإن لم يجدن فما بقي فلمن يتركه من العصبة.
(2) كذا في ص و ع . وهو الصواب. وصحف في الأصل: وكذلك الابن.
(3) ساقط من .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص و ع .
(5) في كتاب الفرائض من سنن الترمتذي وابن ماجة والدرامي.
(6) ساقط من ص و ع.
(7) هنا في الأًصل خاتمة: تم كتاب الجراح الثالث بحمد الله وعونه.(1/127)
[14/134]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله علي محمد خاتم النبيين
الجزء الرابع
من أحكام الدماء من النوادر
وهو كتاب القسامة
سنة القسامة وأصلها وما يوجبها وتبدئة المدعي فيها
[قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد](1)ومن المجموعة وكتاب ابن المواز روي أصحاب مالك(2)عنه، قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا وما اجتمعت عليه الأمة في القديم والحديث أن يبدأ المدعون للدم في القسامة، وكذلك فعل النبي- صلي الله عليه وسلم – في الحارثيين(3)فإن حلفوا استحقوا الدم. وفرق بين ذلك وبين سائر الحقوق؛ أنها تقدر في غير الدم أن تستثبت البينات، والدم إنما يرتصد به(4)الخلوات، ورواه ابن وهب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن النبي- صلي الله عليه وسلم- بدأ المدعين في العمد والخطأ خمسين يميناً.
قال أشهب: والقسامة سنة لا رأي فيها، وكانت في الجاهلية فأقرها النبي- صلي الله عليه وسلم- في الإسلام. [قال غيره](5): وكذلك قال ابن شهاب لعمر بن عبد العزيز. قال عبد الملك: لم يعرض النبي-صلي الله
***
__________
(1) ساقط من ص و ع . ثابت في الأصل.
(2) كذا في ع . وبترت العبارة في الأصل و ص : وكتاب ابن المواز وأصحاب مالك.
(3) في كتاب القسامة من الموطأ وسنن ابن ماجة وغيرهما.
(4) في ع : يرصد به. وقبله بياض بقدر كلمتين.
(5) ساقط من ص و ع .(1/128)
[14/135]
عليه وسلم-علي الحارثين ما يمنعهم منه لو أجابوا، فلما نكلوا عرض الأيمان علي خصمائهم. ولم يعمل بذلك الأئمة قديماً علي بعدها في النفس وخروجها عن سائر الأحكام إلا وذلك عندهم واجب بأمر لا معدل عنه، مع قول أئمتنا إنها السنة، يؤثرونه عمن يأثره [عن من](1)قبلهم.
قال مالك: وما ذكر الله سبحانه من شأن البقرة التي ضرب القتيل بلحمها فحي فأخبر بمن قتله(2)دليل أنه يقسم مع قول الميت.
فإن قيل إن ذلك آية. قيل: إنما الآية حياته. فإذا صار حياً لم يكن كلامه آية(3)وقد قبل قوله فيه.
وسن النبي صلي الله عليه وسلم الأيمان في القسامة. قال ابن المواز: قإن قيل: قد يدعي ذلك علي عدوه [قيل](4)فالعداوة تزيد في الظنة واللطخ. ومما يقويه قليه(5)مع الأيمان.
قال غيره: وفرق الله سبحانه بين حكم الدماء وغيرها تعظيماً للدماء، فجعل الدية علي من لم يجن. وغيرنا يحكم بالدية مع القسامة بالقتل، يوجد في المحلة، فأخرجوا ذلك عن سائر الحقوق، فهي مع قول الميت أو مع الشاهد العدل اولي.
قال بعض أصحابنا: ولم يدع النبي صلي الله عليه وسلم الحارثيين إلي الأيمان حتي ادعوا علي اليهود القتل، وكان بينهم يومئذ وبين اليهود عداوة ظاهرة وأمر قوي به دعواهم.
***
__________
(1) ساقط من الأًصل.
(2) في الأصل: فأخبر من قتله وهو تصحيف
(3) عبارة الأصل ناقصة: لم يكن منه آية
(4) ساقط من ص و ع .
(5) صحف في الأًصل: قوله.(1/129)
[14/136]
قال مالك: والمجتمع عليه عندنا وما أدركت الناس عليه أن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين: إما بقول الميت دمي عند فلان، أو بلوث من بينة علي القتل وإن لم تكن قاطعة.
واختلف قوله في اللوث فقال هو الشاهد العدل، وهو أكثر قوله وأصحابه. وقال: الشاهد وإن لم يكن عدلاً، ويوجبها إن ثبت الضرب ببينة ثم يعيش بعد ذلك ثم يموت، وعلي الضرب شاهدان. واختلف في شاهد علي قول الميت.
قال ابن المواز قال ابن عبد الحكم: ويوجبها ما يدل علي القتل(1)بأمر بين، مثل أن يري متلطخاً(2)بدم جاء من مكان فيه القتيل ليس معه غيره وشبه هذا.
وفي الجزء الثاني وهو كتاب القصاص باب فيه ذكر القتيل يوجد في المحلة.
ذكر ما يوجب القسامة من قول الميت
أو الشهادة علي القتل أو علي الضرب
وذكر اللوث من البينة علي القتل
من المجموعة و كتاب ابن المواز قال أصحاب مالك عنه: ولا تجب القسامة إلا بأحد أمرين: إلا بقول الميت دمي عند فلان، أو بلوث بينة علي القتل وإن لم تكن قاطعة. قالوا عنه: واللوث الشاهد العدل. قال
***
__________
(1) كذا في الأًصل و ص وفي ع : العمد
(2) كذا في ص و ع . وصحف في الأًصل: ملتطخاً.(1/130)
[14/137]
عنه ابن القاسم في المجموعة: الذي يري أنه حضر الأمر. قال عنه ابن ناقع: ولا يحلف مع شاهده المسخوط ولا النساء(1)ولا العبيد ولا الصبيان.
قال ابن الموز: وأحب إلي أن يكون اللوث الشاهد العدل. وأخذ به ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم.
قال أشهب قال مالك-فيما بلغني-: اللوث شاهد عدل أو امرأتان عدلتان(2)ثم روي أشهب عنه فيه وفي العتبية(3)أنه الشاهد وإن لم يكن عدلاً، وكذلك المرأة. وقال مرة في غير العدل أرجو وقال وليس شهادة العبد بلوث.
قال ابن المواز(4): وذهب أشهب أنه يقسم مع غير العدل ومع المرأة. وأما شهادة العبد والصبي والذمي فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه أنه ليس بلوث.
قال أشهب: ودعوي الميت أقوي في التهمة من شهادة المسخوط. قال ابن عبد الحكم: ولا شهادة للنساء في قتل عمد ولا يكون(5)لطخاً.
قال ابن المواز: يريد في امرأة واحدة، وأما امرأتان فيقسم مع شهادتهما إن كانتا عدلتين ويقتل بذلك، قاله ابن القاسم.
وقال ابن عبد الحكم: ويوجب القسامة يدل(6)علي قتل القاتل بأمر بين(7)مثل ان يراه يجره ميتاً، أو يري خارجاً متلطخاً(8)بالدم من
***
__________
(1) كذا في ص و ع وفي الأصل: ولا يحلف مع شهادة النساء والمسخوط.
(2) في الأصل: أو امرأتين عدلين وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل، 15: 463 و 466.
(4) كذا في الأصل. وفي ص و ع : قال ابن القاسم .
(5) في الأصل: ولا يكونوا وهو تصحيف.
(6) كذا في ص و ع وهو أنسب وفي الأصل: وتوجب القسامة بما يدل.
(7) صحف من الأًصل: بأمرين.
(8) تكرر في الأًصل تصحيف ملتلطخا(1/131)
[14/138]
منزل يوجد فيه القتيل وليس معه غيره، فمثل هذا يوجب القسامة. ومثل أن يعدو عليه في سوق عامر فيقتله فيشهد بذلك من حضر، يريد وإن لم يعرفوا إن تظاهر ذلك كاللوث تكون معه القسامة. وقاله من أرضي.
قال ابن حبيبي: وروي(1)ابن وهب عن ربيعة ويحي بن سعيد أن شهادة الموأة لطخ يوجب القسامة. قالا: وكذلك شهادة النساء والعبيد والصبيان واليهود والنصاري والمجوس إذا حضروا قتلاً فجأة، أو الضرب أو الجرح فذلك يوجب القسامة.
وروي ابن وهب عن مالك أن شهادة النساء لوث، ومثل أن يري المتهم بحذاء المقتول وقربه ولم يروه حين أصابه. [ومن رواية ابن المواز عن ابن عبد الحكم يجره ميتاً](2).
ومن المجموعة قال ربيعة: يقسم بشهادة الصبي والذمي. وقال: وهذا لا يقوله مالك ولا أحد من أصحابه. قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: ومن اللوث الذي تكون به القسامة اللفيف من السواد والنساء والصبيان يحضرون ذلك، ومثل الرجلين أو النفر غير عدول. وعلي اللوث الشاهد العدل. ومن روي عنه أن اللوث الشاهد العدل فقد وهم(3)، وإنما يسأل هل الشاهد العدل لوث؟ فيقول نعم. واللوث ما أخبرتك، وقد حكم به عندنا. واللوث: الأمر المنتشر. وقال ابن الماجشون وأصبغ مثل قول مطرف. وقال مطرف: ومن ادعي علي رجل أنه شجه أو ضربه ضرباً زعم أنه خاف منه علي نفسه وقد عرفت العداوة بينهما. قال: لا أري(4)أن يحبس بقوله إلا أن يأتي بلطخ بين وشبهة قوية، أو يكون المدعي بحال
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وفي الأصل: ورواية .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) بياض في ع مكان "فقدوهم"
(4) في ص و ع : فلا أري.(1/132)
[14/139]
يخاف منه الموت، وقد يحرص الرجل علي معرة عدوة بالسجن بأن يجرح نفسه. وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال ابن المواز: وإن شهد عدل أنه قتله غيلة لم يقسم مع شهادته، ولا نقبل هاهنا إلا شاهدين. ورأيت ليحي بن عمر أنه يقسم معه. قال ابن المواز: وإنما يقسم مع شهادة الواحد علي معاينة القتل بعد أن يثبت معاينة جسد القتيل، فيشهد علي موته ويجهل قاتله، كما عرف موت عبد الله بن سهل(1). وكذلك لو شهد رجل وامرأتان علي قتله ولم يعرف موته فلا قسامة فيه إلا أنه يحبس المشهود عليه ولا يعجل بتخليته، فعسي أن يأتي بشاهد آخر ويثبت موت الميت. قال أبو محمد: يريد برجلين.
قال ابن الماجشون، في موضع آخر: لأن القتل(2)يفوت، والحبس لا يفوت. قال ابن حبيب عن مطرف وابن لماجشون مثله؛ أنا إذا شهد واحد عدل أن فلاناً قتل فلاناً قتل معترك ونحن نسير معه، فمات قصعاً فدفناه، فلا قسامة في هذا لأن موته لم يثبت إلا بشاهد، وإنما القسامة مع الشاهد فيمن ثبت موته. [ولو أقسموا ولم يثت موته](3)إلا بشاهد فكيف يحكم في زوجته وأم ولده ومدبره أيحلفون؟ أم لا ينفذ لهم بحكم الموت؟
وقال أصبغ: ينبغي أن لا يعجل السلطان فيه بالقسامة حتي يكشف ويبحث، فلعل شيئاً أثبت من هذا، فإذا بلغ أقصي الاستيناء قضي بالقسامة مع الشاهد وبموته بذلك، وتعتد زوجته وأم ولده [ وتنكح](4). وقد قيل يقتل قاتله بالقسامة ولا يحكم بالتمويت في زوجته ورقيقه، وهذا ضعيف، وقال ابن حبيب بقول أصبغ.
***
__________
(1) هو الذي قتل في ضواحي خيبر وأنكرت اليهود قتله فقضي فيه النبي صلي الله عليه وسلم بالقسامة ثم وداه عليه السلام من عنده كما مر.
(2) في ص و ع : القتيل.
(3) ساقط من الأًصل.
(4) ساقط من الأصل أيضاً.(1/133)
[14/140]
ومن المجموعة قال عبد الملك: وتجب القسامة بقول الميت بشهود عليه، مات مكانه أو ارتث منه، وبشهادين علي الضرب، إذا ارتث من مكانه، [ويشاهد علي الضرب يوجد في مكانه ميتاً أو ارتث منه](1)ويشاهد علي قول الميت بقوله: ضربني فلان. يحلفون له بشاهد، كما يجئ الضرب بشاهد.
قال ابن المواز في العتبية: لا يقسم مع شاهد علي قول الميت؛ لأن الميت كشاهد، ولا يثبت قوله إلا بشاهدين، فيقسم حينئذ.
قال فيه وفي كتاب ابن المواز قال أشهب: إن قال فلان قتلني أو قال جرحني أو ضربني أو شهد(2)بذلك علي الفعل شاهد ففيه القسامة. وقال ابن القاسم: إن صح قول الميت في ذلك بشاهدين ففيه القسامة. فأما شاهد علي الجرح فليس فيه قسامة. ويحلف أولياؤه يميناً واحداً ثم لهم دية الجرح.
وقال أشهب: إنما لا يقسم إذا لم يكن موت، فأما إن مات فقد صارت نفساً [فيقسم](3)مع قول الميت دمي عند فلان أو قال: هو بي(4)وكذلك إن قال فلان قتلني أو قال: جرحني أو أصابني أو ضربني أو شهد علي ذلك الفعل شاهد واحد، ففي ذلك كله القسامة.
قال ابن المواز: وأما إن لم يشهد علي قول الميت إن فلاناً قتله. إلا شاهد فقد اختلف فيه قول مالك. وقال عبد الملك يقسم مع شهادته(5)، وقال غيره: لا يجوز علي [قول] الميت إلا بشاهدين، وبه أخذ ابن عبد الحكم أنه لا يقسم إلا بشاهدين علي قول الميت، أو مع شاهد علي الجرح وقد مات. وبه قال ابن المواز.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب: وشهد
(3) ساقط من الأًصل.
(4) كذا في ص و ع وصحف في الأصل: أو قال موتي.
(5) كذا في الأصل و ص .. وفي ع : مع شاهده.(1/134)
[14/141]
وقال: إنما تكون القسامة حيث يكون اليمين مع الشاهد، وأنزل بعض العلماء الميت كشاهد، ولذلك لا يكون شاهداً علي قوله.
وروي يحي بن يحي عن ابن القاسم في العتبية أنه لا يقسم مع شاهد علي الجرح. قال سحنون اختلف الرواة في ذلك، فقيل: يقسم معه وقيل لا يقسم قال أصبغ: ولا يلزمه بهذه الشهادة حبس(1).
قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ولو ثبت بشاهدين أنه شق جوفه أو أنفذ مقاتله وتكلم بع ذلك وأكل وشرب فلا قسامة في هذا.
قال ابن المواز وابن عبدوس قال ابن القاسم وأشهب: إذا قال المقتول دمي عند فلان وله مع شاهد علي القتل لم يكن بد من القسامة علي سنتها. قال أشهب: ولو لم يقل فلان قتلني ولكن قال جرحني. فليقسم ولاته أنه جرحه ولمن جرحه مات وكذلك يقسمون لو قام [شاهد أنه جرحه ولم يقل قتله. قال ابن القاسم: وإذا رمي بدمه أورع](2)أهل البلد أقسم مع قوله. قال أشهب: وهو لم قام عليه شاهد بدرهم فجحده لأخذ منه مع يمين الطالب، وذلك ليساوي في الحكم بين الناس، كما قضي عثمان(3)لامرأة عبد الرحمن بالميراث وهو ممن لا يتهم في طلاقها في المرض. لكن ليستوي الحكم ويساوي فيه بين المتهم وغيره.
***
__________
(1) صفحت عبارة الأصل: ولا يلزمه هذه الشهادة حق.
(2) ساقط من ع، ثابت في الأصل و ص .
(3) كذا في الأصل و ع . وفي ص : عمر .(1/135)
[14/142]
في المسخوط أو المرأة أو الصبي أو العبد أو النصراني
يقول دمي عند فلان أو يدعي علي أحدهم قتل أو جرح
من المجموعة قال ابن القاسم قال مالك: إذا قال الميت دمي عند فلان، وهو مسخوط أو غير مسخوط، أقسم مع قوله ولا يتهم، لأوليائه أن يقسموا في العمد والخطأ وإن كانوا مسخوطين. قال ابن المواز: ومن لم يقبل قول المقتول حتي يكون عدلاً فقد أخطأ. ويلزمه أن لا يقسم مع قول المرأة. وإنما جعله العلماء لطخاً لا شهادة.
قال ابن القاسم في الكتابين: وكذلك المرأة تقول دمي عند فلان. فليقسم مع قولها. وقد يحلف المسخوط مع شاهده في الحقوق. والمرأة يقسم مع دعواها ولا يقسم مع شهادتها. وكذلك لأشهب في المجموعة.
قال ابن القاسم في الكتابين: وإذا قال الصبي المقتول فلان الصبي قتلني وقام علي قوله بينة، وأقر القاتل فلا يقسم علي قوله، ولا يقبل إقرار الحي؛ لأن الصبي لا يحلف مع شاهده، فلا يقبل فيه إلا عدلان علي معاينة القتل. قال أشهب: وقول كل واحد علي نفسه أوجب من دعواه علي غيره. فإذا لم يقبل إقرار الصبي علي نفسه أو جرح فدعواه في ذلك علي غيره أبعد.
وروي ابن القاسم وأشهب عن مالك: لا يقسم مع قول الصبي. قال ابن حبيب قال مطرف ورواه عن مالك: أن لا يقسم مع قول الصبي. [إلا أن يكون قد راهق وأبصر وعرف فيقسم علي قوله. وقاله ابن الماجشون وأصبغ قال ابن المواز قال بعض العلماء: يقسم مع قول الصبي(1)وأباه مالك وأصحابه وقولهم أصوب.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع ، ثابت في الأصل و ص .(1/136)
[14/143]
قال ابن سحنون: قد اختلف فيه، فقيل يقسم مع قوله، ويلزم قائل ذلك أن يقوله في النصراني. قال ابن المواز: وذهب عبد العزيز بن أبي سلمة إلي أن لأهل الذمة القسامة، وأباه مالك وإن تحاكموا إلينا.
قال ابن القاسم عن مالك: إذا قال نصراني دمي عند فلان. لم يقسم مع قوله، ولا يقسم النصاري(1).
قال ابن المواز: لا يقبل قول ذمي علي ذمي ولا علي غيره ولا عبد علي عبد ولا علي غيره. ولا صبي علي صبي ولا علي كبير. كما ليس لواحد منهم قسامة.
قال أشهب في المجموعة: سنة القسامة كانت في حر مسلم، ولا يقسم في دم عبد وإن كان مسلماً، ولا في دم [غير](2)مسلم وإن كان حراً.
قال ابن المواز: وإن قال العبد دمي عند فلان الحر فلا يحلف سيده ليستحق دمه، واستحسن أن يحلف المدعي عليه إن كان حراً قال أشهب: يحلف خمسين يميناً ويبرأ ويضرب مائة ويحبس سنة. وإن نكل حلف سيد العبد يميناً واحدة واستحق قيمة عبده مع ضرب مائة وسجن عام. وحجته أنه ممن يوجب القسامة بين الأحرار. ولو أن حراً ادعاه علي العبد، كانت فيه القسامة. وإنما تركت في هذا لأنه عبد ولا قسامة في عبد. ورواه أشهب عن مالك. وقال ابن القاسم: يحلف المدعي عليه يميناً واحدة ولا قيمة عليه ولا ضرب ولا سجن. فإن نكل غرم القيمة وضرب مائة وسجن سنة.
وقال ابن الماجشون: لا يحلف فيه(3)الحر خمسين يميناً في عمد ولا خطإ ولكن يميناً واحدة وإن عرفت بينه وبينه عداوة بعد أن يسجن ويكشف
***
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل و ص : النصراني
(2) سقطت كلمة غير: في الأصل فقلبت المعني
(3) في ع : معه .(1/137)
[14/144]
عن أمره. فإن أبي أن يحلف ضرب أدباً، وليس يضرب مائة ويحبس سنة إلا من ملكت إشاطة دمه بقسامة أو غيرها. وقد قال بعض الناس: إذا قام بقتل العبد شاهد وجب فيه ضرب مائة وسجن سنة، لأن ذلك يوجب بين الأحرار قسامة.
قال ابن المواز: وروي أشهب عن ابن كنانة عن مالك في عبد ضرب فأقام أياماً فادعي علي حر انه ضربه مع آخرين، وشهد شاهد أنه رآه مع العبد في بلد والعبد مجروح؛ فقال مالك: يحلف الحر خمسين يميناً ما قتله ولا شرك في دمه، ثم يجلد ويسخن عاماً.
قال ابن المواز: ولو قام شاهد علي الحر أنه قتل العبد حلف سيده يميناً واحدة وأخذ قيمته من المدعي عليه، لم يختلف في هذا ابن القاسم وأشهب. ويحبس سنة ويضرب مائة، ولا يقال للعبد إن لم يمت احلف [واقتص من الجرح، ولا للسيد احلف](1)واستقد، إن مات العبد وقاتله عبد.
قال أصبغ: وإن كان إنما نزي في جرحه فمات فإنه يحلف السيد يمينين، يميناً مع الشاهد علي الجرح، ويميناً لمات منه. قاله ابن القاسم [قال ابن القاسم](2)فإن نكل السيد لم يحلف سيد الجارح، إلا أن يحلف بالله ما علم عبداً كان عليه جلد مائة وحبس سنة.
قال ابن القاسم في المجموعة وهو لمالك في كتاب ابن المواز: وإذا جرح النصراني أو العبد المسلم ثم أسلم هذا وعتق هذا وقال كل واحد منهما دمي عند فلان، فإن كان للنصراني أولياء مسلمون أو للعبد أولياء أحرار أقسموا مع قوله واستحقوا الدية في مال الجاني.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من الأصل و ص .(1/138)
[14/145]
ومن أقام شاهداً أن عبده قتل عمداً أو خطأ حلف يميناً واحدة(1)وأخذ قيمته. فإن كان القاتل عبداً فإما فداه سيده أو ودي القيمة، فإن أسلمه لم يقتل إذ لا يقتل بشهادة واحد. ولا قسامة في العبيد في عمد ولا خطإ.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ولا يقبل ها هنا غير العدل، وإن كنت أقبله في الأحرار مع القسامة.
قال ابن المواز: ولو قام شاهد بأن مسلماً قتل نصرانياً عمداً فاختلف قول مالك فيه، فالذي قال به أشهب وابن عبد الحكم أن يحلف المشهود عليه خمسين يميناً. قال أشهب: ويضرب مائة ويحبس سنة. [حلف أو نكل. والذي قال به ابن القاسم وعبد الملك أن يحلف ورثة الدم يميناً واحدة علي كل واحد منهم ويأخذ ديته ويضرب مائة ويحبس سنة](2)قال ابن المواز: وهذا أحب إلي إن كان القتل بشاهد عدل. فأما بقول النصراني أو العبد إن فلاناً قتلني، فأحب إلي أن يحلف المدعي عليه خمسين يميناً ويبرأ. ولا يجلد ولا يحبس بقول النصراني.
ولو جرح النصراني بشاهد فنزي فيه فمات؛ فقال ابن عبد الحكم: يحلف ولاته يميناً واحدة ويستحقون الدية لأنه لا قسامة لهم، ولا يستقيم أن يحلف أنه مات من لجرح؛ فلم أجد بداً من أن احلفهم، أحب إلي من أن أعطيهم بلا يمين ولا قسامة في النصراني.
قال ابن حبيب: كان ابن القاسم قد قال في النصراني يقول دمي عند فلان إن ولاته يحلفون خمسين يميناً ويستحقون الدية وذكره عن مالك، وأنكر ذلك مطرف وابن الماجشون ولم يعرفاه لمالك ولا لأحد من علمائهم. قال: وإنما قال [لي مالك](3)إن قام شاهد واحد علي قتله حلف ولاته يميناً
***
__________
(1) هنا إقحام نحو صفحتين في ع لا يتصل أولهما بما قبله ولا آخرهما بما بعده لذلك تركناهما.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) ساقط من الأًصل.(1/139)
[14/146]
واحدة وأخذوا الدية من مال القاتل في العمد، وعلي [عاقلة](1)القاتل في الخطأ [الدية](2)وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ. وقال ابن نافع: لا تحمل العاقلة دية النصراني لأنها تستحق بشاهد ويمين، ولا تحمل العاقلة وما يستحق بيمين واحدة. وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: إن العاقلة تحمل ذلك لأنها دية، ولكن لا تستحق إلا بخمسين يميناً. وإنما قيل: لا يقسم النصاري، معناه علي قول صاحبهم، فأما مع شاهد فليقسموا. وقاله أشهب وبه أقول.
ومن الكتابين قال ابن القاسم: وإذا رمي المقتول بدمه أورع أهل البلد أقسم مع قوله. وإن رمي حر عبداُ أو ذمياً أقسم ولاته وقتلوا في العمد، فإن استحقوا العبد خير سيده بتسليمه أو يفديه بالدية. قال ابن المواز: ولا يقسم ها هنا إلا العصبة، ويسقط الدم بنكول أحدهم، ولا تقسم فيه النساء. وإن أقسم عصبته في العمد ثم عفوا علي الدية كانت الدية لورثة المقتول دونهم بلا قسامة ولا يمين عليهم، كان ذلك في ذمي أو عبد أو حر أو مسلم في العمد، كان بدعوي الميت أو بشاهد علي القتل. فإن ادعي ذلك الحر قبل الذمي أو العبد خطأ، أقسم ورثته وخير سيد العبد في غرم الدية أو إسلامه، وقيل لأهل حزب الذمي: احملوا العقل .
قال ابن المواز: وإذا قال كبير رجل أو امرأة قتلني فلان الصبي عمداً، فليقسم ورثته مع قوله، كما يقسمون في الخطأ علي قدر مواريثهم من الرجال والنساء والإخوة للأم؛ كل واحد علي قدر مورثه. ولا يقسم العصبة إلا من يرث منهم ومن نكل أو عفا حلف من بقي خمسين يميناً، وأخذوا حظهم من الدية من العاقلة.
***
__________
(1) ساقط أيضاً من الأصل.
(2) لا يوجد في الأًصل كذلك.(1/140)
[14/147]
باب(1)
فيمن قال دمي عند فلان خطأ أو قال عمداً
أو ادعي ورثته خلاف قوله أو اختلفوا
أو أقر القاتل بخلاف دعواه
من كتاب ابن المواز قال: واختلف قول مالك في(2)قول الميت في القسامة في الخطأ، فروي عنه أصحابه إلا ابن وهب أنه يقسم مع قوله في العمد والخطأ. وقال عنه ابن وهب إنه لا يقسم مع قوله في الخطإ إلا بلوث من شهادة. قال ابن المواز: ولم يثبت عندنا هذه الرواية إلا في قوله: أنا قتلت فلاناً خطأ. فأما في قوله قتلني فلان خطأ أو عمداً فما علمنا فيه اختلافاً من قول مالك وأصحابه كلهم. وهو قول أهل العلم.
قال عيسي عن ابن القاسم في العتبية: أخبرني من أثق به أن قول مالك قديماً؛ أن لا يقسم مع قول الميت في الخطأ، قيم رجع فقال يقسم مع قوله.
ومن كتاب ابن المواز: وإن قال دمي عند فلان خطأ أو قال عمداً أو ادعي ورثته خلافه فلا قسامة لهم ولادية ولا دم، ولا لهم إن رجعوا إلي قول الميت شئ. وهذا قول أشهب في المجموعة.
وقال ابن القاسم في المجموعة: إذا ادعوا خلافه فليس لهم أن يقسموا إلا علي قوله، ولم أسمعه من مالك.
***
__________
(1) زيادة في ع .
(2) في الأصل: مع وهو تصحيف .(1/141)
[14/148]
قال ابن القاسم في الكتابين: وإن قال دمي عند فلان ولم يقل عمداً ولا خطأ. فإن قال ولاته كلهم عمداً أو خطأ أقسموا [علي ذلك](1)واستحقوا ما ادعوا. وقال ابن المواز قال مالك: إذا لم يفسر فاجتمعت الأولياء علي الخطأ أقسموا وكانت الدية علي العاقلة. قال ابن القاسم: وان اجتمعوا علي العمد فوقف عنه وقال: أحب إلي أن لا يقسموا إلا علي الخطأ. قال مالك في كتاب ابن المواز: فإن افترقوا فقال بعضهم عمداً وقال بعضهم خطأ. فليحلف مدعو الخطأ خمسين يميناً ولهم من الدية قدر حظهم. ثم إن طلب ذلك مدعو العمد أن يحلفوا فذلك لهم ولهم حظهم من الدية. قال: ولم وقد عرضت عليهم الأيمان فأبوها؟ قال لم تعرض عليهم ولا حلفوا. قال أشهب في كتاب الإقرار لابن المواز: لا يكون ذلك لهم وكأنهم نكلوا عن اليمين.
قال محمد: وأما ما روي عن مالك أنه رجع مدعو العمد إلي دية الخطأ فذلك لهم فليس كذلك؛ لأنهم قد برؤوا العاقلة بادعائهم العمد، فلا يستحقون الدية إلا باجتماع القائمين بالدم مع القسامة.
وقال ابن القاسم ي المجموعة: إذا اختلفوا حلفوا كلهم وكان لهم دية الخطأ بينهم أجمعين(2)قال مالك في الكتابين: فإن نكل مدعو الخطأ قال في المجموعة: وقالوا لا علم لنا بطل دعوي مدعي العمد[وإن نكل مدعو العمد](3)حلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية . قال ابن المواز: لأنه لا يقسم في العمد وقد بقي من ولاة المقتول أحد يابي(4)، وفي الخطإ يقسم بعض مع نكول بعض وغيبته.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ع وفي الأصل وص ك أجمع
(3) ساقط من ع .
(4) كذا في الأصل و ص . وفي ع : احد، فأما في الخطأ. وهو تصحيف.(1/142)
[14/149]
قال ابن القاسم في الكتابين: وإن قال بعضهم خطأ وقال الباقون علم لنا، حلف مدعو الخطأ واخذوا نصيبهم من الدية. فإن حلفوا ثم شاء الآخرون أن يحلفوا بعد نكولهم فليس لهم ذلك. وقاله أشهب في هذا الوجه في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم، في الكتابين: وإن قال بعضهم: عمداً. وقال الباقون لا علم لنا ولا نحلف. فإن دمه يطل .
قال أشهب في المجموعة: إذا لم يفسر الميت عمداً من خطإ، فإن ظهر من حال القتيل ما يدل علي عمد أو خطإ أقسموا علي ذلك، إلا أن يوجد [قد](1)قطع بالجراحات في رأسه وجسده فتكون القسامة فيه علي العمد. قال أشهب في الكتابين: فإن لم يكن في حاله ما يدل علي شئ واجتمع جميع ولاته من عصبته ومن يرثه علي الخطأ أقسم ورثته وحقت لهم الدية علي العاقلة. ومن نكل سقطت مصابته فقط. وإن اجتمعوا علي العمد أقسم ولاة الدم خاصة وقتلوا. قال في المجموعة: فإن نكل بعضهم وهو ممن لا عفو له(2)فليسقم الباقون ويقتلوا. فإن عفا بعضهم بالدية فهي بينهم ميراثاً علي الفرائض. وإن نكل من نكل ممن له العفو فليقسم الباقون، ويستحقوا الدية في مال القاتل وتكون بين الورثة، وتسقط حصة الناكل إن كان وارثاً.
قال في الكتابين: فإن اختلفوا فقال العصبة الذين لهم الدم إنه عمد، وقال الورثة خطأ، قال في المجموعة: وليس من عصبته أحد يرثه. قال، في الكتابين: فدمه هدر، ولا قسامة فيه ولا قود ولا دية؛ لأنه إن كان عمداً فذلك للعصبة ولم يثبت ذلك لهم الميت. وإن كان خطأ فالدية علي العاقلة ولم يدعه الميت. وعلي المدعي عليه القتل القسامة ما قتله عمداً(3)ليحرز ماله. ولا قسامة عليه في الخطأ.
***
__________
(1) ساقط من الأًصل.
(2) في الأًصل: وهو ممن لا يقوا له. وهو تصحيف .
(3) صحفت في الأًصل: ما قبله عمد.(1/143)
[14/150]
قال في المجموعة: وإن كان من العصبة وارث مع الورثة فقال مع الورثة إنه خطأ. فقد صار هذا الدم في العمد والخطأ دية، إلا أنه إن كان عمداً فإن بقية دية المقتول بعد نصيب مدعي الخطأ من عصبته في مال القاتل، وإن كان خطأ فعلي العاقلة، فأري دمه هدراً إلا ما يصيب القاتل من الدية خاصة. فليؤخذ ويقسم علي ورثة المقتول، ثم يرد نصيب الوارث من العصبة علي القاتل؛ لأني أتهمه بأن يكون نكل عن القسامة علي العمد أنه أراد العفو، إلا أن يقسم علي قتل الخطإ فيكون له هذا الذي رد دية علي القاتل.
قال ابن المواز: إذا ادعي العصبة من الرجال العمد كلهم لن ينظر إلي قول ورثته من النساء، قالوا خطأ أو عمداً، وأقسم العصبة وقتلوا لأنه لا عفو للنساء مع الرجال. وإن قال العصبة كلهم خطأ وقال النساء عمداً.
كانت دية، وحلف العصبة خمسين يميناً وأخذوا حظهم من الدية من العاقلة.
وروي عن مالك في هذا إن رجع مدعو العمد فحلفوا علي الخطأ(1)أخذوا حظوظهم [أيضاً](2)من الدية. ولعل هذا لم يقله مالك؛ لأن من قال عمداً فقد أبرأ العاقلة ولا شئ له في مال القاتل، إذ لا يثبت قبله الدم إلا بقسامة جميعهم علي العمد إلا أن ينكل واحد، فهذا أصل مالك وأصل ابن القاسم وأشهب وأصحابهما.
ومن المجموعة والعتبية(3)قال سحنون عن أشهب: إذا لم يفسر الميت وله ورثة أربعة رجال في القعدد سواء، فقال رجلان خطأ وقال الآخران عمداً، أقسموا كلهم وأخذ مدعو الخطإ نصف الدية من العاقلة والآخرون نصفها في ماله.
***
__________
(1) في الأًصل: فحملوا
(2) ساقط من ع.
(3) البيان والتحصيل، 16 : 45.(1/144)
[14/151]
قال في العتبية(1): وكذلك إن قال اثنان هو عمد. وقال الآخران لا علم لنا. حلف مدعو العمد ولهم نصف الدية في ماله. قال ونكولهم عن الأيمان قبل وجوب الدم كعفوهم(2)عنه لو وجب؛ فلمن بقي حظه من الدية.
قال أشهب من رواية سحنون في الكتابين: وإن قال دمي عند فلان ولم يقل عمداً ولا خطأ. أو شهد بذلك شاهد ولم يقل عمداً ولا خطأ، وللميت بنات وعصبة، فقال البنات عمداً وقال العصبة خطأ [فلا سبيل إلي الدم ولكن يقسم البنات والعصبة](3)فيكون للعصبة ثلث الدية علي العاقلة، وللبنات ثلثاها في مال الجاني. قيل فهن يقلن إنما لنا دم، قال لما لم يكن لهن سبيل إلي الدم كان كدم عفي عن بعضه.
ومن العتبية(4)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال قتلني فلان خطأ وقال القاتل قتلته عمداً. فالورثة إن شاءوا قتلوه بإقراره. وإن كانت حيلة(5)، أقسموا علي ذلك وقتلوه. قال أبو بكر قال [يحي](6)علي العمد ويقتلوا؛ لأنه يدرا عن نفسه(7)ما وجب عليه ويقر علي العاقلة بما لا يلزمهم.
وقال ابن كنانة فيمن ادعي أن رجلاً سقاه سماً وأشهد رجلاً علي قوله وقال إن مت فمنه أموت. قال: لا يقسم في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو بآثار بينة من أثر الجراح أو الضرب.
وبعد هذا باب في القسامة في قتل الخطأ.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 45.
(2) في الأصل: كتفرقهم. وما أثبتناه من ص و ع
(3) ساقط من ع، ثابت في الأًصل و ص
(4) البيان والتحصيل، 15: 521 وفي الأصل: ومن المجموعة.
(5) كذا في الأًصل وفي ص : حياته وفي ع: حياة والكل غامض.
(6) ساقط من الأصل.
(7) كذا في الأصل وهو الصواب. وفي ص و ع : لا يدرأ.(1/145)
[14/152]
باب(1)
في المقتول يرمي رجلاً ثم يبرئه ويرمي غيره
أو يقول ما أعرفه ثم يدعي معرفته
أو يسمي رجلاً فيوجد بذلك الاسم رجلان
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن ضرب فقال: بي فلان وفلان، ثم سئل وخوف فقال بي](2)فلان وفلان غير الأولين ولا يذكر براءة الأولين، فليس لورثته علي الأولين والآخرين سبيل؛ لأنه كذب بقوله الآخر قوله الأول، وكأنه برأ الأولين، فتسقط القسامة عن لأولين والآخرين.
قال في العتبية(3)رواية يحي بن يحي: لجهالته ووهمه ثم لا يقسم علي دم مثل هذا [إلا](4)بلوث من بينة.
قال سحنون في المجموعة وهو كمن رمي به آخر وبرأ الأول، فتسقط القسامة عن الأول والآخر. قال سحنون: وإم قال دمي عند فلان وفلان ثم برأ أحدهما فقد أبطل قوله في الآخر.
ومن العتبية(5)قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن سئل من جرحك؟ فيقول: ما أعرفه [فيقول](6)غلبني السكر وظلام الليل. ثم سئل بعد يوم أو يومين فقال فلان جرحني، قال لا يقبل منه. وقد نزلت وأفتي فيها بهذا.
***
__________
(1) زيادة في ص
(2) ساقط من ع، ثابت في الأصل و ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 25-26.
(4) سقطت من الأًصل فأفسدت المعني
(5) البيان والتحصيل، 16 : 61.
(6) زيادة في ع.(1/146)
[14/153]
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإذا قال المجروح فلان قتلني ثم أبرأه ورمي غيره إنه يؤخذ بقوله الآخر. وإن رجع إلي انطاف(1)الأول قبل قوله أيضاً. وإن رمي نفراً ثم برأ بعضهم وأقام علي إنطاف بعض فالقول أيضاً قوله. وإن سئل من بك؟ فقال لا أعرف من بي؛ كنت سكران. أو في ظلمة الليل. ثم سمي بعد ذلك إن القول قوله. وإذا لم يقبل قوله في الآخر فلا يقبل في الأول، وأقيم مقام المتهم لم يقم علي دعواه أصلا.
ولم ير أصبغ بقوله قسامة لا علي من برأ ولا علي من أنطف ولا علي من سمي بعد قوله لا أدري. وهو قول ابن القاسم وأشهب. إلا أن أصبغ قال: إن رمي رجلاً، ثم رمي غيره معه بعد ذلك إنه إن قال: بي فلان، ليس بي غيره. فلا سبيل علي من رمي بعده. وإن لم يقل: ليس بي غيره، فلولاته أن يقسموا علي أيهما شاءوا، ويضرب الآخر مائة ويحبس سنة.
ومن العتبية(2)قال أصبغ فيمن قال: إن مت من جراحي هذه ففلان غلام فلان بي. فيوجد له غلام بذلك الاسم يوم دعواه، ثم يدعي السيد انه كان له من يسمي بذلك فماتوا أو باعهم، قال: لا ينظر إلي قول السيد، ولكن يقع ذلك علي ذلك الغلام الذي يعرف سببه، فإن عرف السبب أنه كان له يوم الجرح غلامان بذلك الايم كف عنه حتي يثبت علي أحدهما.
وكذلك في الحقوق وغيرها يقع ذلك علي المنسوب المعروف به في موضعه وفي صفته إذا لم يكن في الحارة أو في البلد غيره، فإن أشكل ترك حتي يعرف.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن ادعي أن قوماً ضربوه فحبسهم الإمام بقوله، ثم إنه برأ بعضهم قال: فإنه يطق من برأه.
***
__________
(1) الإنطاق: الاتهام.
(2) البيان والتحصيل، 16: 71-72.(1/147)
[14/154]
في المرأة الحامل تضرب فتقول دمي عند فلان
ثم تلقي جنيناً حياً أو ميتاً
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب في امرأة ضربت فألقت جنيناً ميتاً وقالت دمي عند فلان؛ ففي المرأة القسامة، شئ في الجنين إلا ببينة لأنه كجرح ولا قسامة فيه. ولو قام شاهد عدل بأن هذا أصاب الجنين لم يكن يحلف فيه قسامة حتي يستهل. ولكن من يرث الغرة(1)كل واحد منهم يميناً أنه قتله، ويستحقون الغرة في مال الضارب.
وإن قالت دمي عند فلان أو قالت فلان ضربني فخرج جنينها حياً فاستهل، ففي الأم القسامة ولا قسامة في الولد لأن المضروب غيره. قال ابن القاسم في المجموعة: مات قبل أن يستهل أو بعد وإن كانت مريضة. قال في كتاب ابن المواز: لأنها تجر بشاهدتها إلي نفسها أو إلي زوجها إن كان أباه أو إلي إخوته إن كانوا ولدها، لأنها لو قالت فلان قتلني وقتل فلاناً معي لم يكن في فلان قسامة. ولو قالت، وهي حية: قتل فلان ابني فلا قسامة فيه مع قولها.
ومنه ومن العتبية(2)[روي](3)سحنون عن ابن القاسم فيمن قال قتلني فلان وقتل فلاناً معي، قبل قوله في نفسه وغيره، وأقسم علي قوله في غيره إن كان عدلاً(4). ولو قال ابني معي لم يقبل قوله في ابنه.
***
__________
(1) الغرة: البياض في وجه الفرس. وجعل الحديث في الجنين غزة عبد أو أمة أو فرس. او بغل. انظر النهاية لابن الأثير.
(2) البيان والتحصيل، 16: 42.
(3) ساقط من ص .
(4) كذا في الأصل و ص . وفي ع : عاقلاً.(1/148)
[14/155]
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب لو قالت امرأة دمي ودم فلان(1)عند فلان عمداً أو خطأ فالقسامة في ذلك فيهما في العمد والخطأ، ويقسم ولاة القائلة في دمها بقولها، ويقسم ولاة الآخر بشهادتها. وكذلك لو لم يشهد الآخر فالقسامة تجب مع شهادتها، لأنها لوث.
محمد: يريد ما لم تكن شهدت لمن يرثها، لأنها شاهدة ها هنا بخلاف قولها في دم نفسها. قال محمد: هذا قول أشهب ومن يري شهادة المرأة توجب القسامة. وخالفه ابن القاسم واين عبد الحكم وأصبغ، ولم يوجبوها إلا بشهادة عدل علي القتل أو علي قول الميت.
وقد اختلف قول مالك في الشاهد علي قول الميت واختلف فيه أحصابه، وهذا مذكور بعد هذا.
ومن العتبية(2)روي يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب في المرأة تقول دمي عند فلان. ثم تطرح جنيناً ميتاً، يريد وتموت هي، فإن قالت: عمداً قتل بالقسامة(3). ولو ثبتت عليه الضربة عمداً أو خطأ بالبينة، ففي الخطأ عقلها علي عاقلته بالقسامة لماتت من ضربه، ويحلف ورثته الجنين يميناً واحداً، ويزيد كل واحد منهم لمات من ضربه إياها، ثم يأخذون من ماله الغرة، فإن طرحته حياً ثم مات ففيه أيضاً القسامة وفي أمه وعقلاهما تامان علي عاقلة الضارب. وإن قامت البينة أنه ضربها عمداً فألقته ميتاً ثم ماتت، فليقسم أولياؤها ويقتلوا، ويحلف ورثة الجنين يميناً. [واحداً](4)ويأخذوا الغرة. وإن استهل ثم مات والضرب عمد في بعض جسدها ففيه القسامة وتكون ديته في ماله. وأما إن تعمد بطنها حتي
***
__________
(1) كذا في الأصل و ص وفي ع: ودم فلانة.
(2) البيان والتحصيل، 6 : 30.
(3) صحف في الأصل فكتب: قسم بالقسامة.
(4) ساقط من ع .(1/149)
[14/156]
يري أنه عمد الجنين قتل القاتل به وبها القسامة(1)، فإن شاءوا عفوا كلهم، ولا يضر أولياء الجنين عفو أولياء المرأة، ولا يضر أولياءها عفو أولياء الجنين. ولكل طائفة القتل إلا أن يعفو من أولياء كل واحد من له العفو فلا سبيل إلي القتل.
في المقتول يقول دمي عند أبي
من العتبية(2)من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم قال ابن القاسم: من قال دمي عند أبي. أقسم علي قوله في الخطأ وكانت الدية علي العاقلة. وإن كان عمداً ولم يفسر أقسم علي قوله ولم يقد منه، وكانت الدية علي الأب مغلظة في ماله. قال: ولو قال أضجعني أبي فذبحني أو بقر بطني فإنه يقسم مع قوله ويقتل الأب إن شاء الأولياء أو يعفوا.
قال أشهب لا يقتل في العمد والد ولا والدة بالقسامة، وأري ذلك مالاً. وقد رأي أهل العلم أن يقتل عشرة بواحد ولم يروا أن يقتلوا بالقسامة عشرة.
***
__________
(1) في ع : ولها بالقسامة .
(2) البيان والتحصيل، 16 : 40.(1/150)
[14/157]
في المضروب يفيق ثم يقيم أياماً ثم يموت
أو يموت في غمرته والقسامة في ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم: إذا قام شاهدان بالقتل لم تكن قسامة. قال أشهب: وذلك إذا قالا قتله قصعاً(1)، فأما إن شهدا أنه ضربه وأنه مات من ذلك الضرب فهذا كالغموس(2)، وأدني أمرهما أن يكونا لطخاً فتكون مع قولهما القسامة.
[قال ابن القاسم وأشهب: فإن شهد شاهد أنه ضربه حتي قتله ففيه القسامة ولهم القود في العمد والدية في الخطأ. قالا: فأما إن شهد رجلان أنه ضربه فأجافه وعاش وتكلم وأكل وشرب ولم يسأل حتي مات ففيه القسامة. أشهب](3)يحلفون لهو ضربه ولمن ضربه مات. [وكذلك في قول القتيل ضربني وإن لم يقل قتلني ثم عاش أياماً ثم مات](4).
قال أبو محمد: قوله أجافه يريد جائفة يمكن معها الحياة، ولو قالا شق جوفه لم تكن قسامة.
قال ابن القاسم: وإذا ضربه برجله البطن فاقام أياماً فزعم أنه يجد منها أمراً شديداً علي فؤاده. قال: فليخوف بالله، فإن أصر وقال مازلت منذ ركضني بشر، وما قتلني إلا الركضة، أقسم مع قوله واسحقوا دمه إذا كان مضجعاً(5)من يوم ركضه، وكذلك إن لم يضجع(6)ورأي ضرر ذلك ومشقته حتي مات.
***
__________
(1) صحف في الأصل فكتب: بعصي
(2) كذا في الأصل و ص وهو الصواب. وصحف في ع كلمة مدمجة لا تقرأ . وفي الأصل و ص . مضطجعاً .... لم يضطجع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع. ثابت في الأصل و ص .
(4) ما بين معقوفتين زيادة من ص.
(5) ما بين معقوفتين زيادة من ص .
(6) كذا في ع. وهو الأنسب .(1/151)
[14/158]
من العتبية(1)من سماع ابن القاسم قال: ومن ضرب الرأس فأقام مغموراً لا يفيق، وقامت بينة علي ضربه ثم مات، قال: إذا لم يفق فلا قسامة، وإنما القسامة فيمن أفاق أو طعم، أو فتح عينيه وتكلم وما أشبه ذلك. وقال ابن حبيب قال أصبغ: خلابه أهله أو لم يخلوا لا قسامة فيه إذا لم يفق.
ومن المجموعة قال أشهب وقاله علي عن مالك: ليس في الجراح قسامة إلا أن يموت منها. قال أشهب وإن مات تحت الضرب أو بقي مغموراً لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتي مات فلا قسامة فيه، وإن أكل أو شرب أو فتح عينيه وتكلم وشبه ذلك فلا بد من القسامة في العمد والخطأ. وكذلك إن أقام يومين يتكلم ولم يأكل ولم يشرب. وكذلك إن قطع فخذه فعاش يومه وأكل وشرب ومات آخر النهار. وأما إن شقت حشوته وأكل وشرب وعاش أياماً فإنه يقتل قاتله بغير قسامة إذا أنفذت مقاتله. وما أري من بلغ هذا يعيش ما ذكرت. وكذلك لو انقطع نخاع رقبته لأنه لو أجهز عليه أحد لم يقتل به. وقاله ابن القاسم.
قال ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك: إذا شهد عدلان علي ضرب رجل فحمل فأقام ثم مات ففيه القسامة، لأنه لا يؤمن أن يكون من أمر عرض له أو غيره، إلا أن يكون لم يزل من ذلك مغموراً لا يفيق ولا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم حتي مات فهذا لا قسامة فيه. وإنما القسامة فيمن أفاق أو طعم أو تكلم أو فتح عينيه وشبه ذلك. وقاله أشهب. وإن مكث ليلة أو ليلتين إذا كان في غمرته تلك.
قال أشهب: ولو تكلم وإن لم يأكل ولا شرب فقد خرج من غمرته، ولا يستحق دمه في قود أو دية إلا بقسامة. قال محمد: إلا أن تكون جراحه أنفذت مقاتله.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 460.(1/152)
[14/159]
قال ابن القاسم: وإن قطع فخذه فعاش يوماً أكل فيه أو شرب ثم مات ففيه القسامة. وإن شق بطنه وتكلم وأكل وعاش يومين، فإن كان أنفذت مقاتله مثل عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- فلا قسامة فيه.
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: إذا شهد علي الضرب شاهدان فعاش المضروب [يوماً](1)ثم مات ففيه القسامة لمات من ضربه. وإن قام بالضرب شاهد حلفوا بالله الذي لا اله الا هو لفلان قتله. قال أصبغ(2): وإن شهد أنه خنقه حتي مات. أو غرقه فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
ومن العتبية(3)قال سحنون قال ابن القاسم: ومن ضربه قوم فأقام أياماً ثم مات، فقال القوم من ضربنا مات فلا يقبل قولهم وهم كذبة(4). ومن سماع ابن القاسم عمن كان ببينه وبين رجل قتال فأتي(5)وبه أثر ضرب أو جرح(6)، فقال فلان وفلان قاتلاني وعملا بي هذا، وقد أثرت منهما في مواضع ذكرها(7). قال يسجنان حتي يكشف أمرهما. والصلح في مثل هذا أحب إلينا، وأما القصاص فلا أعلمه.
***
__________
(1) زيادة في ع.
(2) كذا في الأصل و ص . وفي ع : قال أشهب.
(3) البيان والتحصيل، 16 : 52 .
(4) قال ابن رشد: لاحتمال أن يكون إنما مات من ضرب بعضهم ولا من ضرب جميعهم أو من شئ آخر. فلا يقتل واحد منهم إلا بالقسامة.
(5) كذا في ص و ع . وهو الصواب. وصحف في الأصل: فمات .
(6) كذا في ص وهو الأنسب. وفي الأصل: أثر ضرب جراح وفي ع: أثر ضرب بجراح.
(7) كذا في الأصل و ص. وفي ع : في موضع ذكره.(1/153)
[14/160]
فيمن جرح ثم ضربته دابة
أو وقع من فوق جدار ثم مات
والقسامة في ذلك
من العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن جرح ثم ضربته دابة فمات فلا يدري من أي ذلك مات، قال: نصف الدية علي عاقلة الجارح. قيل: أبقسامة؟ قال: فكيف يقسم في نصف دية؟ وقال ابن القاسم في المجموعة: إن فيه القسامة. وقال في العتبية في كتاب الصلح إذا جرح ثم مرض فمات ففيه القسامة. قال: ومن شنج موضحة فتراخي برؤه حتي سقط عليه جدار فقتله أو قتل إن له عقل الموضحة.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن جرحه رجل ثم ضربته دابة أو وقع من فوق جدار فأصابته جراح أخري ثم مات، فلا يدري من أي ذلك مات فلهم أن يقسموا لمات من جرح الجارح، وهو كمرض المجروح بعد الجرح. قال ابن المواز: ولو كان إنما طرحه إنسان من أعلي ظهر البيت أقسموا علي أيهم شاءوا علي الجارح أو الطارح وقتلوه، وضرب الآخر مائة وسجن عاماً.
ومن المجموعة قال مالك: إذا مرض المجروح فمات فليقسموا لمات من ضربه في الخطأ والعمد.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15 : 487 .(1/154)
[14/161]
فيمن أطعم رجلاً طعاماً أو سقاه ماء(1)
فعرض له مكانه ما أكربه فقال من ذلك أموت
وفي الذي يرمي بحجر أو بعصاً
أو قال فلان ركضني أو ضربني أو وكزني
وهل في ذلك كله القسامة؟
وقد تقدم في باب المضروب يفيق ثم يقيم أياماً قول ابن القاسم فيمن ضرب برجله البطن فأقام أياماً وزعم أنه يجد ألما شديداً، أنه يخوف بالله، فإن تمادي أقسم علي قوله.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن قربت إليه امرأته طعاماً فأكله، فلما [أكله](2)تقياً مكانه أمعاءه، فلما أيقن بالموت من ساعته أشهد أن به امرأته وخالتها فلانة ثم مات مكانه، فأقرت امرأته أن ذلك الطعام إنما أتتها به وخالتها فلانة ثم مات مكانه، فأقرت امرأته أن ذلك الطعام إنما أتتها به خالتها هذه. قال: ففي ذلك القسامة للذي عاجله عند أكله، وهذا كالجرح(3)عندنا، وقوله [بي](4)امرأتي وخالتها يكفي وإن لم يقل أموت. كما يكتفي بذلك في الجرح وضربه بالسيف والعصي. وقد يكتفي بقوله فلان قتلني وإن لم يكن به أثر جرح ولا ضرب ولا وصف ضرباً ولا غيره فذلك يوجب القسامة وإن لم يصف ضرباً ولا غيره. قاله مالك ورواه ابن وهب وقاله جميع أصحابه في العمد والخطأ
***
__________
(1) كذا في ع وهو الأنسب . وفي الأصل: سماً.
(2) ساقط من ع.
(3) كذا في ص و ع . وفي الأصل: كالجراح .
(4) ساقط أيضاً من ع.(1/155)
[14/162]
يقسم ولاته لفلان ضربه ومن ضربه مات إن [سمي ضرباً، أو فلان قتله](1)إن سمي قتلاً، ولا يحتاج إلي كشف كيف قتله أو كيف ضربه. وإن شهد أنه خنقه حتي مات أو أغرقه فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
وقد روي أشهب وابن القاسم(2)وابن وهب عن مالك في قوم اطعموا قوماً سويقاً فيه سيكران(3)[فسكروا] فأخذوا دنانير معهم ثم ماتوا. قال: فليقتلوا كالمحاربين. ولو قالوا لم نرد(4)قتلهم لم يصدقوا كما لا يصدق الضارب بالعصا. وقد قتل النبي-صلي الله عليه وسلم- اليهودية التي سعت له الشاة فمات منها ابن معزوز(5).
قال مالك: ويقتل من سقي السم. قال أصبغ: وكذلك [في](6)القسامة. وقا أيضاً مالك في الذي يرمي بالحجر أو بالعصا أو يلكز: إن فيه القسامة والقود في العمد، ولم يستبن أثرث العصا أو اللكزة أو جرحت أو لم تجرح. والغالب أن هذين لا تجر حان والرمية قد تكز ولا تجرح، والركضة قد توهن من داخل الجوف ولا تجرح. فإذا قال: فلان قتلني أو [قال](7)ضربني أو وكزني أو ركضني أو رماني أو لطمني، فله ما تقلد وكانت القسامة، كان ذلك بحضرة القتيل أو بغير حضرته. وكل ما كان فيه من ذلك كله القسامة بشاهد أو لوث علي هذا كله [ففيه القسامة بقول الميت، وقد تكون القسامة بالشاهد علي هذا](8)وإن لم يكن أثر فذلك علي قوله.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) كذا في الأصل و ص . وفي ع : روي أشهب عن ابن القاسم.
(3) هو البنج.
(4) كذا في ص و ع . وهو الأنسب وفي الأصل: لم يريدوا
(5) حديث اليهودية التي سمت له الشاة في كتاب المغازي من صحيح البخاري، وكتب الأطعمة . والديات من سنن أبي داود والدرامي ومسند أحمد.
(6) ساقط من الأصل.
(7) ساقط من الأصل.
(8) ما بين معقوفتين ساقط من ع، ثابت في الأصل و ص.(1/156)
[14/163]
وكذلك لو قال سقاني فلان سماً، والسم أشد وأدهي(1)قتلا، وهو أعلم بمبلغ ذلك(2)وأثبت من معرفته بملبلغ الجرح منه . فإذا ثبت قول الذي تقيا أمعاءه بشاهدين فليقسم ولاته على إحدي المرأتين ، ولا ينفع المرأة قولها خالتي أتتني به. وتضرب الأخري مائة وتحبس سنة. وكذلك الذي يقول فلان سقاني سماً. ولا يبالي تقيأ منه أو لم يتقيأ، ففيه القسامة.
ولا يقاد من ساقي السم بالسم، بخلاف العصا أو الخنق. وكذلك لا يقاد من حرق النار بالنار؛ ألا تراه لا يقاتل العدو بها؟
وكذلك لو شهد شاهد أن فلاناً سقاه سماً كانت القسامة في ذلك مع شهادته، وكذلك بدعوي الميت. وإن شهد أنه حنقه حتي مات أو غرقه، فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
[ومن العتبية(3)من سماع عيسي بن دينار قال: وسئل ابن كنانة عن رجل ادعي أن رجلاً سقاه سماً وأشهد رجالاً وقال لهم إن فلاناً سقاني سماً وهو في جوفي، فإن مت منه فدمي عنده، هل يكون في ذلك قسامة؟ قال لا تكون القسامة في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو بالآثار البينة من الجراحة وأثر الضرب](4)
***
__________
(1) كذا في ص. وفي الأًصل: وأوصي، وفي ع: وأوحي.
(2) كذا في الأصل و ص. وفي ع. بمنافع ذلك.
(3) البيان والتحصيل، 15: 524.
(4) هذه الفقرة المكتوبة بين معقوفتين ثابته في ع. ساقطة كلها من الأًصل و ص .(1/157)
[14/164]
جامع القول في القسامة في الخطأ
من المجموعة قال مالك: المجتمع عليه عندنا أن المبدئين بالأيمان في الخطأ الذين يدعون الدية. قال ابن القاسم: ويقسمون مع الشاهد.
قال أشهب: وإن قال دمي عند فلان قتلني خطأ فلولاته أن يقسموا ويأخذوا الدية(1)من العاقلة. وهو أمر مجتمع عليه عند أهل المدينة، لأن القتل أوجب حرمة في المال، فكما يقسمون بقوله في العمد يقسمون في الخطأ.
وقال عبد الملك يؤخذ في الخطأ بقول الميت وبشهادة النساء، وبالشاهد علي القتل فيمن مات مكانه أو ارتث يجري مجري قسامة العمد، إلا أن النساء يشهدون فيها، ولا يشهدون إلا فيمن علم الناس موته. وأما من لم يعلم أنه مات بالبينة فلا شهادة لهن فيه ولا لشاهد واحد ولا لرجل وامرأتين ولا يقسم معه. وهذا ونحوه قد ذكره ابن المواز.
قال ابن المواز: اختلف قول مالك في القسامة علي قول الميت في الخطأ، وقد ذكرت هذا في باب سنة القسامة وما يوجبها.
قال عيسي بن دينار في العتبية. أخبرني من أثق به أن أقول مالك قديماً لا يقسم في الخطأ بقول الميت. ثم رجع فقال يقسم مع قوله.
قال في كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة: ويبدأ ولاة المقتول في القسامة في الخطأ مثل العمد؛ لأنه دم قال: ولو اتهم في الخطأ أنه يريد غني ولده لأتهم في العمد أن يريد قتل عدوه(2)وقاله.
***
__________
(1) كذا في الأصل وص . وصحف في ع: أو يأخذوا الدية.
(2) كذا في الأصل و ص. وهو أضح. وفي ع. لأتهم بالعمد في قتل عدوه(1/158)
[14/165]
مالك. وقال: إن السنة عندهم أن يبدأ مدعو الدم بالأيمان، في العمد والخطإ، والقسامة في الخطأ من قسامة الدم. قال: ويحلف فيه الرجال والنساء بقدر مواريثهم. وما جاء فيه كسر في يمين جبرت علي من عليه أكثر تلك اليمين. ثم الدية علي عاقلة القاتل مؤجلة. وإن كان ممن لا عاقلة له مثل من دخل في الإسلام هو وأبوه أو جده، وابن الملاعنة، فالدية في ذلك علي بيت المال. وإذا نكل جميع ولاته حلف المدعي عليه خمسين يميناًُ، فإن نكلوا غرموا: وإن كانوا جماعة مدعي عليهم في قتل الخطأ لم يقسموا(1)إلا علي جماعتهم [قال](2)وليس للأولياء أن يقسموا علي أحدهم بخلاف العمد ثم الدية علي قبائلهم قلوا أو كثروا، مؤجل ما علي كل قبيلة(3)في ثلاث سنين وإن قل، ولو أقل من عشر الدية.
قال: ويقسم علي قول المسخوط من بلغ الحلم من الرجال والمحيض(4)من النساء. قال أشهب في العمد والخطأ، ما لم يكن صغيراً أو عبداً أو ذمياً. ويقسم أولياؤه وإن كانوا مسخوطين إذا كانوا بالغين مسلمين أحراراً. ولو قصد بدعواه أعدل الناس أو شرهم، في العمد والخطأ ادعوا علي ذمي أو علي عبد أو صبي أو مجنون ذكر وأنثي، فيستحق بذلك الدم والدية في الخطأ بالقسامة.
ومن المجموعة قال مالك: ويحلف في الخطأ جميع الورثة من رجال ونساء بقدو مواريثهم، واليمين التي فيها كسر تجبر علي من عليه أكثرها. قال عبد الملك: لا ينظر إلي كثرة ما عليه من الأيمان، ولكن إلي ما عليه من كثرة تلك اليمين، فإن كان رجل وأخته، فاليمين المنكسرة علي المرأة
***
__________
(1) كذا في ع. وهو الصواب. وصحف في الأصل وص : لم يقسم.
(2) ساقط من ص و ع
(3) كذا في الأصل و ص . وفي ع: ما علي القبيلة.
(4) كذا في ع. وهو أنسب وفي الأصل وص : الحيض.(1/159)
[14/166]
لأن عليه أكثرها. وكذلك قال ابن القاسم إن كان علي واحد منهم النصف وعلي آخر الثلث وآخر السدس، جبرت علي صاحب النصف.
قال ابن القاسم: وإن كان جد وإخوة حلف الجد ثلث الأيمان، وحلف الإخوة ما بقي. قال أشهب: إن كان [في](1)الإخوة اثنان فأكثر، فعليهم ثلاثة وثلاثون يميناً، وتجبر اليمين المنكسرة [علي الجد. وإن كان مع الجد أخ وأخت حلف الأخ نصف الثلاثة والثلاثين يميناً، وكل واحد ربعها(2)، وتجبر اليمين المكسورة](3)علي الأخ خاصة .
وفي باب أيمان القسامة من هذا المعني.
قال ابن حبيب: وإذا حلف النساء في الخطإ وأخذن نصيبهن من الدية وبقي العصبة وهم أكثر من خمسين، فإن بقي نضف الدية أحلف منهم خمسة وعشرون يميناً يميناً(4)، وكذلك علي قدرما بقي لهم، وقاله أشهب.
قال ابن القاسم: وإنما يحلف بعضهم عن بعض في العمد، وأما في الخطأ فلا بد أن يحلفوا كلهم وإن كانوا مائة.
ومن المجموعة قال مالك: وإذا لم يرثه إلا النساء حلفن وأخذن الدية. وإن لم يدع غير رجل واحد فإنه يحلف وحده ويأخذها بخلاف العمد.
وإن ترك بنتاً وعصبة، فإن جاءت وحدها حلفت خمسين يميناً وأخذت نصف الدية وإن جاءت مع العصبة حلفت خمسة وعشرين يميناً وأخذت النصف، وحلف العصبة خمسة وعشرين.
***
__________
(1) سقطت "في" من الأصل و ص.
(2) كذا في ع. وفي ص ما يشبه: وخلفت الأخت وهو أنسب.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) "يميناً" الثانية ساقطة من الأصل.(1/160)
[14/167]
قال مالك: فإن نكل العصبة فلابد أن تتم هي خمسين يميناً وتأخذ النصف. وإن قام بعض الورثة والباقون غياب أو صغار، فلا [بد](1)أن يحلف من قام خمسين يميناً من رجل أو امرأة ويأخذ حصته(2)من الدية، ثم من جاء من غائب أو صغير حلف [من الأيمان ما يصير عليه](3)ويأخذ حصته من الدية. ومن نكل بطل حقه منها. قال عبد الملك: ولو حضر قوم من العصبة وبقي بعضهم، فليحلف هؤلاء جميع الأيمان بينهم ويأخذوا قدر حصتهم من الدية، ثم من جاء فإنما يحلف بقدر ما يقع عليه منها بميراثه ثم يأخذ نصيبه من الدية.
ولو حلف من استوعب الميراث من ولد أو عصبة ثم جاء آخر في درجتهم، فليحلف بقدر ما يلزمه لو حضر ويأخذ حقه منهم، كغريم قدم علي غرماء بعدما أخذوا ديته. [بالقسامة بقدر حقوقهم](4)، فإنه يحلف بقدر مالو حضر معهم ثم يرجع علي كل رجل منهم.
وإذا وجبت القسامة في الخطأ لرجل فمات، فإن لورثته من ذلك ما كان له يرثونه عنه، يحلفون الأيمان التي عليه. وإذا أقسم الورثة ولم يعلموا بالغرماء، ثم قدم الغرماء ولهم دين محيط، أجزأهم أيمان الورثة؛ لأنه قد بقي للورثة عليه أن يحلفوا ما قبضوا من دينهم(5)شيئاً. ولو لم يحلف الورثة وقام غرماء المقتول والدين محيط، فلهم أن يقسموا ويأخذوا الدية بعد أن يحلفوا ما سقط من دينهم(6)شئ. ولو كان الورثة إنما يحلفون عنهم بعد ما لم يبق عليهم يمين أنهم ما قبضوا دينهم، ولا بقيت عليهم حجة
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في الأصل و ص . وفي ع: ويأخذون حصتهم
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، وأقحمت مكانه عبارة لا معني لها: حلف من رجل أو امرأة
(4) ما بين قوسين ثابت في الأصل و ص . ساقط من ع .
(5) صحف في الأصل فكتب: من ديتهم .
(6) صحف مرة أخري في الأصل: من ديتهم وستكرر هذا الخطأ فتصححه ولا نشير إليه.(1/161)
[14/168]
ولا سبب للورثة ما جاز أن يحلف الورثة عنهم؛ لأنه لا يحمل أحد عن أحد يميناً في مال وكأنه قام له شاهد بمال أخذه [بيمين](1)غيره.
قال ابن القاسم: إذا وهب القتيل ديته في الخطأ لرجل فذلك للرجل، يحلف في الدم دون الورثة، يريد والثلث يحمل [أو](2)إذا أجاز الورثة، وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون وابن نافع وأصبغ نحوه في قسامة الغرماء في الدين المحيط.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة وفي العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حمل خشبة مع رجلين أعاناه فيها، فمشي ابن له صغير معهم، فلما ألقوها وقعت عليه، فلم يلبث إلا يسيراً حتي مات، ولم يشهد بذلك إلا رجلان رأيا(3)الصبي يمشي في ظلها حتي تواري عنهما فسمعا الوقعة وصاح الصبي، فأتياه فوجداه في حجر أبيه حتي مات عن قرب، فإذا مات في غمرته لم يتكلم فالدية علي عواقلهم، وعلي كل رجل منهم عتق رقبة، وإذا عاش شيئاً من النهار [ثم مات](4)وقامت علي ذلك بينة، وترك أمه وأختيه وأباه وعصبته، فليحلف ورثته خمسين يميناً لمات من ذلك. وتلزم الدية عواقلهم أثلاثاً. وللأم سدس جميعها، ويحلف الأختان والعصبة ويأخذون بقية الثلث الذي علي عاقلة الأب. ويحلف الأب لمات من ذلك ويأخذ بقية الثلثين من عاقلة الرجلين. وإذا لم يأتوا كلهم فحلفت الأختان والعصبة خمسين يميناً، ثم جاء الأب بعد ذلك فإنه يحلف خمسين يميناً، وتقسم الدية علي ستة وثلاثين سهما؛ فالأم السدس ستة، وللأب عشرون، وللأختين ثلثا الثلث(5)ثمانية وسهمان للعصبة.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من ع.
(3) صحف في الأصل: رأي الصبي
(4) ساقط من ع.
(5) كذا في ع وهو الصواب. وصحفت عبارة الأصل وص : ثلثا الدية.(1/162)
[14/169]
قال ابن القاسم: ويحلف الأب لمات من فعل الرجلين(1). وتحلف الأختان والعصبة لمات من صنيع الأب. وتحلف الأم لمات من صنيعهم أجمع.
وذكر هذه المسألة ابن المواز عن مالك سواء، وذكر قول ابن القاسم وتفسيره وزاد: قال مالك وإذا كانت في ذلك قسامة كانت الأيمان في ذلك علي كل واحد بقدر ميراثه، وإذا كان في الأيمان كسر جبرت اليمن علي من عليه أكثرها.
قال محمد: تحلف الأم ثمانية أيمان؛ لأنه وقع سدس الأيمان ثمانية وثلث، تجبر اليمن علي غيرها، أراد(2)أكثر اليمين ويحلف الأب ثمانية وعشرين يميناً، ويحلف الصعبة والأختان أربعة عشر يميناً؛ تحلف واحدة من الأختين خمسة أيمان؛ لأن عليها خمسة أيمان إلا ثلثاً، فجبرت عليها. وعلي العصبة أربعة أيمان تفرق عليهم. فإن نكلوا عنها فلا حق لهم. وكذلك لو كانوا خمسة أو أكثر، حلف أربعة منهم أربعة أيمان وأجزأهم.
قال مالك: إذا لم يأتوا أجمعون، وجاء أهل الثلث العصبة والأختان فليحلفوا خمسين يميناً، لأنه لا تستحق الدية(3)حتي يستحق الدم ولا يستحق بأقل من ذلك . ولو نكل أصحاب الثلث لم يضر نكولهم أصحاب الثلثين وحلفوا خمسين يميناً، فإذا لم يأتوا جملة استأنف كل فريق منهم خمسين يميناً علي حدة. قال مالك: ثم يأخذون من عاقلة الأب، وإن جاء بعد الأب حلف أيضاً خمسين يميناً ثم يكون فرضها من ستة وثلاثين سهماً، علي كل عاقلة ثلث ذلك، فللأم السدس من الجميع ستة، فلها وللأب علي
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهو الصواب . وفي الأصل: بعد الرجلين .
(2) كذا في ع. وفي الأصل وص ما يشبه أن يقرأ : أدني فيه ولا معني له.
(3) كذا في ص و ع . وهو الأنسب . وفي الأصل: لأنه لا يستحقون الدية.(1/163)
[14/170]
عاقلة الرجلين أربعة وعشرون، لها أربعة، وللأب عشرون. ولها مع الأختبين والعصبة علي عاقلة الأب اثنا عشر، سهمان للأم وعشرة للأختين والصعبة.
ولو قتلوه عمداً قتلوا به، إذا تعد الأب قتله وقصد إليه. وأما مثل الرمية والضربة فلا يقاد منه الأب، وهو بخلاف الأجنبيين في هذا .
وبعد هذا باب في الإقرار بقتل الخطأ.
في القسامة في الجماعة يقتلون الرجل عمداً أو خطأ
وقد عاش بعد الضرب أو لم يعش
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وعلي قال مالك: وإذا ضرب النفر الرجل حتي يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعاً. فأما إن مات بعد ضربهم ففيه القسامة، ولا يقسم إلا علي واحد منهم. ولم يعلم بقسامة قط كانت إلا علي واحد.
قال في كتاب ابن المواز قال مالك: ولا يقسمون إلا علي جميعهم ثم يقتلون واحداً. قال ابن عبدوس قال عبد الملك: لأنه لابد أن يكون قتله قد انصرف إلي من جهلناه(1)منهم؛ إما واحداً أو أكثر منه [فاليقين واحد منهم](2)والشك في أكثر منه. فلذلك يقسمون علي واحد يقصدونه إذ لا يطل دمه في سنة القسامة.
ومن الكتابين قال ابن القاسم عن مالك: وإذا أقسموا علي واحد قالوا في القسامة لمات من ضربه، ولا يقولوا من ضربهم. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم عن مالك.
***
__________
(1) في ع : جعلناه
(2) ساقط من ع .(1/164)
[14/171]
ومن المجموعة قال أشهب: إن شاءوا أقسموا علي واحد منهم أو علي اثنين أو أكثر أو علي جميعهم، ثم لا يقتلون إلا واحداً ممن ادخلوه في قسامتهم؛ كان ذلك بقول الميت قتلني فلان وفلان وفلان. أو قال ضربوني. أو كان بشهادة شاهد علي القتل(1)ومات مكانه. أو بشاهدين ثم عاش أياماً. وإذا كانت الدعوي علي رجال ونساء وصبيان فأقسموا أنهم قتلوه جميعاً، فلا يقتلوا من البالغين إلا واحداً، إما رجل أو امرأة. وعلي عواقل الصبيان حصتهم من الدية.
فإن كان الرجال والنساء عشرين والصبيان خمسة، فعلي عواقلهم خمس الدية؛ [خمس الخمس](2)علي كل عاقلة صبي منهم؛ لأنه من أصل دية كاملة.
قال ابن القاسم عن مالك: إذا كان عمداً أقسموا علي واحد من الجماعة(3)وقتلوه، كان ذلك بدعوي الميت أو بلوث بينة علي القتل(4)أو بيئة علي الضرب ثم عاش أياماً. وأما في الخطأ فليقسموا عليهم أجمعين وتفرق الدية علي عواقلهم في ثلاث سنين.
قال ابن القاسم: وإذا عاش بعد ضرب الجماعة في الخطأ فليس لهم أن يقسموا علي واحد لمن ضربه مات، بخلاف العمد، لأنه يقول الضرب منا واحد، فلا تخصوا عاقلتي بالدية فينتفع بهذا، ولا منفعة له في العمد لأنهم لو أقسموا علي جماعتهم كان لهم قتله منهم فلا نفع له في ذلك.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن رمي بدمه نفراً فأخذ واحد منهم فسجن وتغيب من بقي، فأراد الأولياء بقاءه حتي يجدوا من غاب فيختاروا
***
__________
(1) كذا في ع . وهو الأنسب وفي الأصل : الفعل
(2) زيادة في الأصل.
(3) صحفت في الأصل: واحد من المائة
(4) في الأصل: علي الفعل .(1/165)
[14/172]
من يقسمون عليه، وقال المسجون إما أقسمتم علي أو أطلقتموني فذلك له(1)[ولكن يستأني به بقدر ما يطلبون ويرجي الظفر بهم](2)ويتلوم لهم في ذلك. فإن تم التلوم ولم يوجدوا قيل للولاة: أقسموا علي هذا واقتلوه، ثم ليس لكم علي من وجد من الباقين إلا ضرب مائة وسجن سنة. [فإن نكلوا حلف المسجون](3)خمسين يميناً، وإن نكل سجن حتي يحلف. قال: وإن شاءوا صالحوا المسجون علي مال، ثم لهم القسامة علي من شاءوا من الباقين ويسجن المصالح سنة بعد أن يضرب مائة.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب في ثلاثة نفر احتملوا صخرة أو خشبة فضربوا بها رأس رجل، قال في كتاب ابن المواز: فألقوها عليه، قال في الكتابين: فمات بعد أن عاش أياما؛ فليس لهم أن يقسموا ويقتلوهم، ولا يقسموا إلا علي واحد.
قال أشهب: كما لو أجافه كل واحد بجائفة سواء. [ وقال إن فلاناً منهم أنفذ مقاتلي فليس للأولياء أن يقسموا إلا عليه. قال في كتاب ابن المواز: ليس علي الباقين ضرب ولا سجن، وهذا قول مالك، وقاله لي مالك وابن عبد الحكم وأصبغ. ومن المجموعة والعتبية(4)رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب قال ابن القاسم فيمن به جراح وآثار من شرب فيقول: بي فلان وفلان وفلان](5).
من الكتابين قال مالك: وإذا قال ضربني فلان وفلان وفلان وينص مل ما فعله به كل واحد منهم فقال: فلان طعنني بالرمح وفلان أوضحني
***
__________
(1) كذا في ص و ع وفي الأصل: فليس ذلك له.
(2) ما بين معقوفتين ثابت في الأصل و ص ، ساقط من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل و ص. ويوجد بدله فيهما (وإن حلف).
(4) البيان والتحصيل، 16: 23.
(5) هذه الفقرة المكتوبية بين معقوفتين ساقطة كلها من الأصل. ثابته في ص و ع .(1/166)
[14/173]
وفعل فلان بي كذا من خنق أو ركض أو جرح. قال: فإن سمي من بلغ مقاتله أو بلغ منه ما يموت منه فلا يقسم إلا عليه. وإن لم ينسب إلي أحد مبلغ مقاتله وإنما وصف صنيعهم وقد قال: الخنق أشد ذلك علي او الركض أو لم يقل، فلينظر، فإن وجد أحدهم بلغ إنفاذ المقاتل دون أصحابه لم يقسموا إلا عليه. وإن وجدوا مقاتله قد أنفذها رجلان أو أكثر، أقسموا علي واحد؛ من شاءوا ممن بلغ لك الفعل منه. وليس لهم أن يقسموا علي غيرهم ممن لم يبلغ جرحه مبلغ هؤلاء. وإن كانت كلها مجهزة أو كلها غير موهنة أقسموا علي واحد من جماعتهم من شاءوا منهم وقتلوه.
قال في المجموعة: وإذا قال: أقسموا علي فلان فليس لهم أن يقسموا علي غيره، كما كان لهم اختيار من يقسمون عليه. فالميت أولي بذلك لعلمه بأشد ذلك عليه، وإن كان ذلك في الخطأ فالذي يقع في القلب أن لا يقبل منه وليقسموا علي جميعهم، ثم ينظر إلي حصة من عافاه، فإن حمل ثلثة(1)ما يقع عليهم سقط عنهم. ولو قال: لا تقسموا علي احد. كان لهم أن يقسموا [إلا](2)إن حمل ثلثه الدية جاز ذلك. ولو لم يقل شيئاً فليس لهم أن يقسموا علي واحد في الخطأ وهم لا يدرون من ضرب من مات. وروي يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب مثل ما ذكر في العمد.
وقال فيه: إن قال دمي خطأ عند فلان وفلان وفلان، ولا تقسموا إلا علي فلان دونهم. فإن كان ثلثه يحمل ما يصير علي من نهاهم أن يقسموا عليه فليس لورثته أن يقسموا إلا علي من أمر، ويلزم عاقلته بقدر ما كان يصير عليهم من الدية لو أقسموا عليهم وإن قل. ولا شئ علي الآخر من الدية. وإن لم يسع ذلك الثلث خير الورثة: فإن شاؤوا أقسموا علي الذي
***
__________
(1) هنا يبتدي بتر نحو صفحتين في ع. وسنشير إلي نهايته بعد.
(2) ساقطة من الأًصل و ص ، والسياق يقتضيها.(1/167)
[14/174]
أمر به وحده، وتجوز وصيته ويزول عن الباقين حصتهم من الدية. وإن أبوا أقسموا عليهم، ويحاص الموصي لهم. أن لا يقسموا عليهم في الثلث ثم يوضع عن كل واحد من الدية بقدر ما نابه من الثلث، وكان ما بقي علي عواقلهم، ويثبت علي الذي أمر أن يقسم عليه ما ينوبه من الدية، أقسموا عليه وحد أو عليهم كلهم.
ولو قالت الورثة [لا تقسموا](1)إلا علي جميعهم فذلك لهم؛ ضاق الثلث أو اتسع. ثم يسقط عن الموصي لهم ما يجب عليهم من الدية.
ومن المجموعة قال مالك: ومن جرحه رجلان [عمداً](2)فمات فلأوليائه أن يقسموا علي من أحبوا. وأما في الخطأ فيقسمون علي جميع الضاربين وتفرق الدية علي عواقلهم.
قال فيه وفي العتبية(3)من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وإن جرحه واحد خطأ وآخر عمداً وقامت البينة بذلك ومات المجروح؛ فإن شاؤوا(4)الأولياء أقسموا علي جارح العمد فقتلوه، وأخذوا من الآخر عقل الجرح؛ وإن شاءوا أقسموا علي الخطأ وأخذوا الدية من عاقلته واستقادوا من جرح العمد. وليس لهم أن يقسموا عليهما ليتسقيدوا من جرح العمد ويأخذوا الدية من عاقلة الآخر في الخطأ، ولكن علي ما فسرت لك. وإن لم يثبت الجراحات(5)ببينة وإنما هو قول الميت فهو كما ذكرنا في قيام البينة علي الجراح.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ص
(3) البيان والتحصيل، 16: 18.
(4) كذا في النسختين لغة أكلوني البراغيث. ويتكرر هذا فلا ننبه عليه
(5) كذا في ص وهو الأنسب وفي الأصل: لم يثبت الجراحات.(1/168)
[14/175]
ولأبي زيد رواية عن ابن القاسم ذكرها ابن المواز، وقد ذكرناها في باب قبل هذا في الجماعة يجرحون رجلاً، فهناك قول أشهب.
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية(1)قال: إن مات مكانه في ضارب العمد وضارب الخطأ، قتل به المتعمد، وعلي المخطئ نصف الدية إن عفي عن الضارب عمداً. وإذا عفي عن الضارب عمداً ضرب مائة وسجن عاماً.
وإن عاش المضروب بعد ضربهما ثم [مات](2)أقسم ولاته علي أيهم شاءوا فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه ولا شئ علي الآخر. وإن أقسموا علي المخطئ كانت الدية عليه كاملة، يريد علي عاقلته، وبرئ الآخر، إلا أن يعلم أن أحدهم ضربه ضربة لا يموت من مثلها. فإن كان كذلك فلا شئ عليه.
ومن المجموعة قال سحنون [في](3)البينة تخالف قول الميت، إن اختاروا أن يقسموا علي أحدهم بقول الميت بطل الجرح الآخر؛ كان العمد أ الخطا؛ لأنه لا يستحق بقول الميت إلا بقسامة، ولا قسامة في الجرح.
قال ابن القاسم: وإن ضربه أحدهما خطأ ثم ضربه الآخر عمداً فمات مكانه فليقتل المتعمد، وعلي عاقلة الآخر نصف الدية.
قال عبد الملك: ولا تبطل القسامة بطول الأمد إذا انتقض الجرح في الطول، إذا قامت البينة إنه انتقض، فلولاه المقتول ما كان لهم يوم الضرب، وذلك أن يحلفوا لمن ضربه مات.
ومن المجموعة عن ابن القاسم، وهو في العتبية من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وإذا أقسموا علي واحد من الجماعة ثم
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 79.
(2) ساقط من الأصل.
(3) ساقط أيضاً من الصل.(1/169)
[14/176]
أرادوا تركه(1)وأن يقسموا علي غيره منهم، وزعموا أن جرحه كان أشد علي الميت(2)وأنه شبه عليهم، وإلا فليس [ذلك](3)لهم في الثاني، وأما في الأول فينظر(4)، فرن كان تركهم الأول علي أن الآخر صاحبه وأبرأ الأول، فلا سبيل لهم أيضاً إلي قتل الأول، وإن كان انتقالهم إلي الثاني غضباً عليه وندماً في تركهم له ولم يبرئوا الأول، فلهم قتل الأول بقسامتهم.
ومن قال قتلني فلان وأناس معه. فيقتل لذي سمي بالقسامة. وقوله: وأناس معه؛ فإن أثبتتهم البينة أنهم ضربوه مع الذي سمي؛ فليقسموا علي واحد أيهم شاءوا من الجماعة.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإذا قال ضربني فلان وفلان وفلان. ولم يقل قتلوني. ثم قال بعد يومين أو ثلاثة: فلان فلان أجهزا علي. فسمي بعض من كان سمي أو سمي غيرهم، وقال ليس لي [في](5)قتل من بقي شئ. فلأوليائه أن يقسموا علي أحدهما ويقتلوه إن شاءوا، ويجلد الآخر منهما مائة ويحبس سنة، ولا شئ علي باقي الجماعة.
ولو كان قال أولا في الجماعة قتلوني ولم يقل ضربوني ثم أوجب ذلك علي اثنين؛ فإن كانا من غير الجماعة الأولين سقط قوله(6)، في يرجع فيشهد علي آخر فلا يقبل. وأما إن كانا من الجماعة الأولي فذلك له لأن القسامة إنما تكون علي واحد منهم، فيقسم بقوله علي أحدهما.
***
__________
(1) كذا في الأصل. وهو أنسب . وفي ص: نزعة
(2) في ص: علي وليهم.
(3) ساقط من الأصل.
(4) كذا في ص . وهو الأنسب وفي الأصل: ولا في الثاني فينظر .
(5) ساقط من الأصل.
(6) هنا ينتهي بتر ع المشار إليه آنفاً.(1/170)
[14/177]
في القسامة تجب علي الجماعة فيقر أحدهم بالقتل أو جميعهم
أو يقر من ليس منهم أو يقر واحد أنه قتله عمداً
وآخر أنه قتله خطأ
من المجموعة قال المغيرة في قوم وجبت عليهم القسامة فاستودي أحدهم فليقتلوه(1)ويقسموا علي واحد ممن بقي فيقتلوه(2)ويقسموا علي واحد ممن بقي فيقتلوه. وإن بقي واحد أقسموا عليه إن شاءوا وقتلوه. وذكر ابن المواز مثله عن مالك أن المقر إن ثبت علي قوله فلهم قتله والقسامة علي واحد ممن بقي وقتله، ويضرب من بقي مائة ويسجن سنة. ولو رجع المستودي قبل منه، وكذلك إن كان المقر ليس منهم.
وقال ابن القاسم، في الكتابين في قوم وجب لهم دم رجل بقسامة فقدم للقتل، وأرادوا قتله فأقر غيره أنه قتله، فإن شاءوا قتلوا المقر بإقراره، وإن شاءوا قتلوا الأول بالقسامة. ولا يقتلون إلا واحداً منهما. وكذلك روي عيسي عن ابن القاسم في العتبية(3)وقال ربيعة: يقتل هذا بالقسامة وهذا بالإقرار. ولا أقول به لأنه إنما قتله واحد.
قال ابن المواز قال مالك وابن عبد الحكم وأصبغ: إذا وجب في قوم القسامة وأتي غيرهم فأقر بالقتل فليقتل المقر ويقسم علي واحد من هؤلاء ويقتل. وقال ابن القاسم: لا يقتل إلا واحد إما المقر أحد هؤلاء بالقسامة(4)وإن قتل المقر فقال ابن القاسم مرة يقتل بقسامة، وقال مرة بغير قسامة. وأنكر أصبغ وابن المواز قوله بقسامة. وروي عنه أبو زيد في العتبية: يقتلون من شاءوا منهم بقسامة.
***
__________
(1) كذا في الأصل. و ص ولعله الصواب وفي ع فليقتلوه واستودي أي أقر .
(2) البيان والتحصيل، 15، 475.
(3) صحف في الأصل: وإنما أحدهما بالقسامة.(1/171)
[14/178]
قال في كتاب ابن المواز: ولو أقر الذي ليس منهم بعد أن أقسموا علي واحد من هؤلاء فلا يقتل إلا واحد إما المقر وإما الذي أقسموا عليه.
ومن العتبية(1)رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب [وهو في المجموعة عنه](2)وإذا جرح النفر رجلاً فمات فتجب عليهم القسامة فأقروا كلهم بقتله، قال فلا يقتلوا منهم أحداً حتي يقسموا علي واحد أيهم أحبوا فيقتلوه، وليس لهم قتل واحد منهم بالقسامة وباقيهم بالإقرار. وكذلك لو لم يقر منهم إلا واحد منهم بالقسامة وباقيهم بالإقرار.
وكذلك لو لم يقر منهم إلا واحد فقال أنا قتلته. فلا يقتلوه حتي يقسموا عليه، وليس لهم أن يقسموا علي غيره ويقتلوا المقر بإقراره، ولكن يقسمون علي واحد كما لو لم يقر واحد منهم.
وروي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل فادعي دمه قبل رجل، فصالحه ورثته علي مال، ثم أقر غيره أنه قتله، فإن شاء ولاته تمسكوا بصلحهم، وإن شاءوا قتلوا الآخر وردوا ما أخذوا في الصلح. قال: والصلح بعد أن تجب لهم القسامة أو قبل جائز. ثم هم مخيرون إذا أقر غيره فإن قتلوا المقر قتلوه بغير قسامة.
ومن كتاب ابن سحنون قال المغيرة في رجلين أقر أحدهم أنه قتل فلاناً عمداً، وأقر الآخر أنه قتله خطأ: إن أولياء القتيل إن شاءوا قتلوا المقر بالعمد وسقط العقل عن المخطئ. وإن شاءوا أخذوا العقل من مال المقر بالخطأ وسقط القود عن الآخر، وعليه ضرب مائة وتغريب عام. وعلي الآخر الكفارة.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 6.
(2) ساقط من ع . وكرر عبارة يحي بن يحي في الأصل.(1/172)
[14/179]
في إقرار القاتل بقتل الخطأ أو بقتل العمد
وكيف إن رجع وقد قامت عليه بينة؟
وهل في ذلك قسامة؟
ومن المجموعة قال أشهب، ونحوه لابن القاسم، وإذا شهد شاهد أو شاهدان علي إقرار [القاتل](1)أنه قتل فلاناً خطأ لم يجب ذلك عليه شيئاً ولا علي العاقلة إذا أنكر الشهادة، لأنه كشاهد علي العاقلة نقل عنه، وهو مع ذلك من أضعف الشهداء. فإن ثبت علي قوله ففي ذلك القسامة، ويجب علي العاقلة الدية. وإن لم يعرف له إنكار وقد شهد علي قوله رجلان وجبت القسامة.
[قال أبو محمد](2): لعله يريد وليس بحاضر فيسأل. وكذلك قال أشهب ينبغي أن يسأل. قال وأما لو شهد علي القتل الخطأ شاهد، وشاهد علي إقراره، كانت القسامة مع الشاهد علي القتل خاصة، لا مع الشاهد علي الإقرار. وقال ابن القاسم: بخلاف شاهد علي إقرار رجل بدين. هذا يقر علي نفسه.
ومن كتاب ابن المواز ونحوه في المجموعة: ومن أقر بلا محنة أنه قتل فلاناً عمد، وشهد علي إقراره شهود، فحبس ليقتل فرجع وقال أقررت خوفاً من الضرب؛ إنه يقتل ولا يقبل رجوعه إلا أن يأتي بأمر معروف. وإن شهد شاهد علي إقراره بقتل العمد وهو يجحد، فقال ابن
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من ع .(1/173)
[14/180]
القاسم لا يكون إلا شاهدان(1). وقال أشهب(2)يقسم الولاة مع الشاهد علي إقراره ويقتلونه.
قال ابن القاسم وأشهب في المقر طائعاً بالقتل عمداً ثم يقول كنت كاذباً إنه لا يقتل منه [ويقتل](3)وإنما لا يقام(4)علي من رجع ما كان من حد هو لله. فأما حقوق العباد فتؤخذ لهم(5). وأما المقر أنه قتل فلاناً خطأ فيقبل رجوعه، لأنه كشاهد رجع، ولا ينظر إلي من شهد علي إقراره. وقال ابن وهب عن مالك: لا تحمل ذلك العاقلة إلا أن يكون مع قوله شئ يشده. وقال عنه ابن القاسم: إن كان الذي أقر أنه قتله ممن يتهم علي غني ولده مثل الأخ والصديق لم يصدق. وإن كان من الأباعد لا يتهم فيه والمقر ثقة مأمون لا يخاف أن يكون أرشي فليقسم الولاة علي قوله، وتكون الدية علي عاقتله مؤجله، وقاله ابن القاسم وأشهب. محمد بن المواز: وهذا أحب إلي، وإن كان عبد الملك قد قال لي الدية كلها في مال القاتل لا قدر ما يلزمه مع العاقلة، ورواه عن مالك، وقال ابن القاسم الدية علي العاقلة بقسامة، والمقر كرجل منهم في الغرم. فإن لم يقسموا فلا شئ لهم [ولا](6)في مال المقر.
وقال أشهب: وكذلك لو كان اعترافه لمن يتهم عليه. وقد قال رجل لعمر بن عبد العزيز إن امرأتي تحولت علي ابني فقتلته، فأبي أن يجعل له عقلاً وأبطله وقال إذا مات ابن أحدهم قال: تحولت عليه امرأتي، ولم يوجب فيه علي أحد شيئاً.
***
__________
(1) كذا في الأصل و ص . وهو الصواب. وصحف في ع: إلا شاهداً
(2) في ص : وقال ابن القاسم. وهو تصحيف.
(3) ساقط من الأصل.
(4) كذا في ص و ع وفي الأصل: لا يقع .
(5) كذا في الأصل و ع . وفي ص : فيؤخذ بها .
(6) زيادة في الأصل و ص .(1/174)
[14/181]
وقد قيل: لا تحمل العاقلة عمداً ولا اعترافاً ولا عبداً، وتكون دية هذا القتيل علي المقر في ماله، لأنه لا يطل الدم عمن أقر به.
ومن كتاب ابن سحنون قال المغيرة: إذا أقر أنه قتل فلاناً خطأ فعقله في ماله. ولو قام شهد بقتل الخطأ مع ذلك أقسموا ولاته مع الشاهد، فإن نكلوا حلف من ولاة المعترف خمسون رجلاً ما قتله المعترف وسقط الدية عنهم وعنه، وقد أخرجه الشاهد من أن يلزمه الاعتراف شيئاً.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ: ومن أقر أنه قتل فلاناً خطأ أو عمداً ثم رجع عن إقراره وشهد علي إقراره شاهد؛ فأما في العمد فيقسم معه، وأما في الخطأ فلا، لاختلاف الناس في القسامة علي إقراره. [ولو ثبت عليه أو قام بإقراره شاهدان. ولو شهد شاهد علي إقراره](1)بالعمد وشاهد علي معاينة القتل لكان قد تمت الشهادة ووجب القتل. وقاله [لي](2)ابن القاسم. ولو كان هذا(3)في الخطأ أقسموا مع شاهد المعاينة.
وقال ابن المواز قال ابن القاسم: ومن أقر أنه قتل ابنه خطأ فلا يقبل منه ولا قسامة فيه. وإن أقر أنه قتله عمداً عمد لقتله أو عمد لضربه(4)لزمه إقراره. فأما تعمده للقتل [ تفسه فيقتل به، وأما تعمده الضرب فمات من ذلك فتلزمه الدية مغلظة في ماله. وإن أقر أنه قتل نفسه](5)خطأ أو عمداً فلا دية فيه وهو هدر وإن قامت علي ذلك بينة. قال مالك: وعلي ذلك الناس عندنا أن العاقلة لا تقعل من أصاب نفسه عمداً، أو خطأ.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) زيادة في الأصل.
(3) هكذا في ع. وهو الأنسب . وهو الأصل و ص : ولو كان هكذا
(4) هذه عبارة ع. وهي المناسبة وفي الأصل: عمداً لقتله وعمداً لضربه . وفي ص : قتله عمدا بضربه .
(5) ما بين معقوفتين ثابت في ص و ع ساقط من الأصل.(1/175)
[14/182]
العمل في أيمان القسامة وكيف الحلف فيها؟
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن نافع عن مالك: ويجلب(1)من بأعراص المدينة إليها القسامة. فإن كانت مدينة عليه الصلاة والسلام- حلفوا عند المنبر بعد الصلاة. قال عنه ابن وهب: يحلف في القسامة والدماء واللعان، فأما بمدينة النبي – عليه السلام – فعند المنبر، وأما في غيرها من المدائن، ففي جامعها يحلفون قياماً. قال في كتاب ابن المواز: في أشنع ساعات النهار دبر الصلاة وعلي رؤس الناس، يحلفون بالله الذي لا اله الا هو لهوضربه ولمن ضربه مات ولا يزاد الرحمن الرحيم عالم الغيب والشهادة. قال ابن القاسم وأشهب في العتبية(2)مثل، ولا يقول الطالب المدرك.
قال ابن المواز: وروي ابن القاسم عن مالك قال: يقول في القسامة أقسم بالله الذي لا إله إلا هو – فقط- لهو ضربه ولمن ضربه مات. قال ابن القاسم: إن كان قد ضربه ثم عاش. قال أبو محمد: وأعرف في كتاب آخر أن المغيرة يزيد: الرحمن الرحيم. ولم يره مالك.
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال أشهب: فإن قال والذي لا إله إلا هو لهو ضربه ولمن ضربه مات. قال مالك: ولا يؤخذوا بأن يقولوا عالم الغيب والشهادة. وهذه أيمان الأعراب. قال أشهب: وإن قالوا لهو قتله ولم يذكروا الضرب وإن كان مضروباً فذلك جائز.
وقال عبد الملك: يحلف والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة لقد مات من الضرب الذي شهد عليه فلان وفلان أن فلاناً ضربه
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وهو الصواب. وصحف في الأصل: ويحلف
(2) البيان والتحصيل، 16 : 128.(1/176)
[14/183]
[ضربة](1)إياه يردده هكذا. قال أشهب قال مالك: لم يستحلف بهذا في القسامة إلا قريباً. ولا أري ذلك، وهي من أيمان الأعراب.
قال: ويحلف في القسامة علي البت لا عل العلم، وقاله ابن القاسم في المجموعة والعتبية(2)رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب.
قال أشهب في المجموعة وغيرها: يحلف الصغير يكبر مع شاهد بدين لأبيه الميت علي البت، ولو لم يجز علي البت لم يجز علي العلم؛ لأنه إذا لم يعلم لم يجز أن يقول: علمي. ولكن يحلف في القسامة ومع الشاهد كما جاءت السنة، ويسلم لذلك.
قال ابن المسيب: يحلف غير مستثن ولا متلجلج: أقسم بالله الذي أحيي وأمات أن قاتلنا الذي ندعي عليه قتل صاحبنا فلاناً لصدق صاحبنا. ويدفع إليهم. فإن عثر علي أن القسامة باطلة بشهادة عادلة لم يقتل به إلا من قتله. ويحلف من كان غائباً بأرض أخري، كما عرضها البني –عليه السلام- علي من لم يحضر القتل. ويحلف الأعمي وقاله كله ابن القاسم وقاله مالك.
قال سحنون في المجموعة: لأن العلم قد ينال بالمعاينة والسماع والخبر. كما أن الصغير إذا أخبره شاهدان بتركة أبيه جاز له تصديقهم، ثم يدعي ذلك فيسمع منه ويقضي له. فكما يستبيح بالخبر يحلف بالخبر مع شاهده ولو لم يجزم(3)لم يسع الحاكم قبول دعوته أو يمينه. ولو نكل لم ينبغ(4)للحاكم علي هذا [أن](5)يحلف له المدعي عليه، ولكن العلم يدرك بغير وجه.
***
__________
(1) زيادة في الأصل، ولا معني لها.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 28 .
(3) كذا في الأصل، وهو المناسب للسياق. وفي ص : ولم يخبر وفي ع : ولو لم يجز .
(4) في الأصل و ص: لم ينبغي . وهو تصحيف وفي ع ما يشبه أن يقرأ : لم يسمح .
(5) زيادة في ع .(1/177)
[14/184]
وأما القسامة فقد قامت السنة أن النبي – عليه السلام – عرض الأيمان علي من لم يحضر بما ثبت من لطخهم. قال مالك: ويجلب من بأعراص المدينة إليها في القسامة(1)، وبمكة(2)وبيت المقدس إليها، وإن كان عن عشرة أميال. ولا يجلب إلي غيرها من البلدان إلا من مثل عشرة أميال ونحوها.
في عدد من يحلف في القسامة
وقسمة الأيمان فيها في العمد والخطأ
قال مالك في المجموعة وكتاب ابن المواز: المجتمع عليه عندنا أنه لا يقسم في العمد إلا اثنان فصاعداً، تردد عليها الأيمان إلي تمام خمسين [يميناً](3). قال ابن القاسم: كأنه من ناحية الشهادة، إذ لا يقتل بأقل من شهادتين. قال أشهب: وقد جعل الله لكل شهادة رجل في الزنا، رجلاً يميناً من الزوج في لعانه.
قال عبد الملك: ألا تري أنه لا يحلف النساء في العمد إذ لا يشهدن فيه. وإنما عرضها النبي – عليه السلام – علي جماعة. والجماعة اثنان فصاعداً، لقول الله عز وجل: ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس)(4).
قال علي قال مالك: والأيمان فيما سواه في المدعين علي عددهم. قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك: يحلف من الولاة خمسون رجلاً، كل
***
__________
(1) كذا في الأصل. وفي ص و ع : المدينة في اليمين وفي القسامة.
(2) في ع: وفي مكة .
(3) ساقط من الأصل.
(4) الآية 11 من سورة النساء.(1/178)
[14/185]
رجل يمين. فإن لم يكونوا خمسين ردت عليهم الأيمان. قال المغيرة وأشهب وعبد الملك: فإن كانوا أكثر من خمسين، وهم في القعدد سواء، قال في كتاب ابن المواز: مثل الإخوة أو غيرهم قالوا: فليس عليهم أن يحلف منهم إلا خمسون رجلاً، وليس لهم أن يحلف اثنان منهم خمسين [يميناً](1). قال: لأن من لم يقسم منهم ممن فوق الخمسين لم يدع ذلك نكولاً.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإن أبوأ إلا أن يحلف منهم رجلان خمسين يميناً لم يجزئهم، وهو كالنكول حين لم خمسين يميناً من كل رجل يمين، ثم من بقي لا يعد ناكلاً لتمام الأمر. فإن نكل بعض الخمسين الذين في يد الإمام للأيمان، وطاع من لم يكن في يده منهم بأن يقسم مكان الآبي فليس لهم ذلك. ويصير الآبي في هذا عن اليمين كالعافي إذا استووا.
قال المغيرة: وإن حلف الخمسون ثم قال الباقون الذين لم يحلفوا بعد أن استحق الدم نحن نعفو، فذلك لهم، ولمن لم يعفوا نصيبهم من الدية(2).
ومن كتاب بن المواز: وإذا كان الأولياء في العمد مثل الإخوة أو الولد أو غيرهم في القعدد سواء، أكثر من خمسين وأقل؛ هل يحلف بعضهم؟ قال: ذهب ابن القاسم إلي أن يمين رجلين منهم خمسين يميناً بينهما سواء يجوز [وينوب](3)عمن بقي، ولا يحلف أقل من رجلين. ثم القتل إلي جميعهم والعفو لمن حلف ومن لم يحلف.
قال أشهب: إن كانوا أكثر من خمسين حلف منهم خمسون. وإن كانوا أربعين حلف كل واحد منهم يميناً يميناً، وقيل لهم يأتي منكم عشرة يحلفون عشرة أيمان أخر. وكذلك إن كانوا [ثلاثين رجلاً. أو ما هو أكثر من
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) صفحت عبارة ع: وإن لم يعف نصيبه من الدية.
(3) ساقط من ع.(1/179)
[14/186]
خمسة وعشرين. فأما إن كانوا](1)خمسة وعشرين فليحلفوا يمينين [يمين](2)وإن كانوا أقل، حلف كل واحد منهم يمينين يمينين(3)، ثم يحلف منهم ما بقي من الخمسين يميناً يميناً(4). وإن كانوا خمسة عشر حلف كل واحد ثلاثة أيمان، وتبقي خمسة أيمان يحلفها منهم خمسة نفر يميناً يميناً. وقال ابن القاسم في هذا كله يجزئ يمين رجلين(5)منهم، الخمسين بينهما نصفين، إن تطاوعوا(6)بذلك، ولم يكن ذلك ممن [لم](7)يحلف نكولاً عن اليمين. فإن أبي أحد منهم وقوفاً عنها سقط الدم بذلك.
محمد: وقول ابن القاسم صواب، وذلك أن أيمان القسامة يجزئ يمين بعضهم عن بعض. ولو لم يجزئ ذلك لم يقل أشهب إن كانوا ثلاثين يحلفون يميناً يميناً ثم يحلف عشرون منهم عشرين يميناً. ولو كانوا عنده مائة في القعدد سواء أجزأ يمين خمسين منهم. وكما يجزئ يمين الأكابر دون الأصاغر. بل جعل لمن لم يكن له في الدم حق أن يحلف عمن له الحق من صغير أو كبير(8). وأما إذا تشاح الأولياء ولم يرض أن يحمل بعضهم عن بعض فلا بد مما قال أشهب ويقول به ابن القاسم.
قال أشهب: ولو بدأ البعض من طاع باليمين، وهو خمسون أو كانوا أكثر من خمسين فطاع خمسون منهم، ثم بدا لبعضهم فتنحي وأدخل غيره، فلا سبيل إلي الدم ولا إلي القسامة. والآبي كالعافي. قال محمد: صواب؛ إذا علم من واحد منهم امتناع عن اليمين [فأما إن لم يكن من أحدهم
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) زيادة في الأصل.
(3) يمينين الثانية ساقطة من ع.
(4) في الأصل يمين يمين، وهو تصحيف. وسبتكرر فيه.
(5) في ع: رجل. وهو تصحيف.
(6) في ع: إن طاعوا.
(7) سقطت من الأصل.
(8) كذا في ص، وه المناسب. وفي الأصل و ع: من صغير أو كان واحد منهم كبيراً .(1/180)
[14/187]
امتناع](1)فجائز أن يحمل بعضهم عن بعض في العمد [إن كانوا اثنين فصاعداً](2).
قال ابن القاسم: يجوز في العمد أن يحلف اثنان منهم وإن كثروا وتساووا. وإن كان القتل خطأ لم يجزئ أن يحلف إلا جماعتهم، لأنه مال يرثونه.
قال مالك: وإن كان ولد المقتول صغاراً فإنه يقسم ولي الصغير إن كان(3)من عشيرته إن كان معه غيره، ويحلف وإن كان الولي أولي من الذي انضم معه في القسامة، ثم يكون القتل إلي الولي أولي ممن ضم معه في القسامة، وإن شاء أخذ الدية.
قال أشهب عن مالك: وإن لم يجد من يحلف معه من عشيرته حلف ولي الصغير وحده خمسة وعشرين يميناً، ثم يكون القتل للصغير خاصة.
قال محمد(4)وذلك إذا كان ولي الصغير أبعد منه. فأما لو كان أخاه(5)لكان القتل لهما أو العفو إذا حلف الصغير بعد كبره. قال مالك: وإن كان ولي الصغير أجنبياً لم يحلف إلا عصبته والوصي(6)القائم بأمر الدم.
قال: وإذا كان جد وإخوة قال ابن القاسم: يحلف الجد معهم بقدر ميراثه(7)في العمد والخطأ، يريد إذا تشاحوا. وقال أشهب: هذا في الخطأ.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) زيادة في الأصل.
(3) في الأصل: كانوا
(4) كذا في الأصل و ع وفي ص : قال مالك.
(5) في النسخ كان أخوه.
(6) في ص : والولي .
(7) في ع: ميرائهم.(1/181)
[14/188]
يحلف ثلث الأيمان سبعة عشر يميناً، يجبر عليه اليمين لأن عليه أكثر تلك اليمين. فأما في العمد فأيمان العصبة فيه علي القعدد. ولو حلف الجد معهم لم يكن القتل والعفو إلا إلي الإخوة. وقال ابن القاسم: هو كأحدهم [يجوز عفوه كما](1)يجوز عفو أحدهم. وقاله أصبغ.
قال أشهب في الكتابين: وإذا كان في الخطإ جد وثلاثون أخا، حلف الجد سبعة عشر يميناً، وحلف الإخوة ثلاثين يميناً، ثم يحلف ثلاثة من الإخوة الثلاثة أيمان الباقية. ولو كان مع الجد عشرون أخاً وعشر أخوات، يحلف الإخوة أربعة أخماس الثلاثة والثلاثين يميناً الباقية، وذلك ستة وعشرون يميناً، ويبقي خمس يمين يجبر علي الأخوات إذ أصابهن أكثرها، فيحلفن سبعة أيمان، وإنما أصابهن ستة أيمان، وثلاثة أخماس يمين، فجبرت عليهم يحلفها سبع نسوة منهن، ويستوجبن كلهن ميراثهن، لأن من لم تحلف منهن غير ناكل. وكذلك الذكور(2)إذا حلفوا يميناً يميناً حلف ستة منهم الستة أيمان الباقية وأجزأهم.
قال محمد: ومذهب ابن القاسم في هذا الأصل أحب إلي أنه لا يجبر اليمين علي بعضهم دون بعض في الخطأ إلا في اليمين الواحدة، وإنما تجبر الأيمان علي من عليه أكثرها علي ما قال أشهب في العمد الذي يحلف بعضهم عن بعض. وليس [ذلك](3)في الخطأ، لأنه لا يحمل أحد عن أحد في الخطأ يميناً لأنه مال لهم. فلو كان لجماعة دين بشاهد واحد، لم يكن بد من اليمين علي كل واحد(4). وكذلك في الميراث [تفاضلوا في الميراث أو](5)استووا، فإذا فضلت أيمان في الخطأ يسيرة أو كثيرة فلابد أن يحلفها الباقون، إن كانت أقل من عدتهم حلفوا يميناً يميناً.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) في ع. الإخوة.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في الأصل. وفي ص و ع : من يمين كل واحد.
(5) ساقط من الأصل.(1/182)
[14/189]
وقال في مسألة أشهب في الجد والإخوة والأخوات: إذا حلف الجد سبعة عشر يميناً، فيلحلف الرجال والنساء كل واحد يمينين [يمينين](1)كما لو كانوا مائة أخ مع الجد، فحلف الجد سبعة عشر، فلا بد من يمين يمين علي الإخوة. ومن نكل منهم فلا شئ له، ويأخذ من حلف حصته من الدية إذا حلف منهم خمسون رجلاً خمسين يميناً، أو حلفها بعضهم قضي لمن حلف، ولم يأخذ من لم يحلف حتي يحلف قدر نصيبه من الدية. ولو أبوا اليمين إلا الجد فلابد أن يحلف خمسين يميناً ويأخذ ثلث الميراث؛ لأنه لا يستحق شئ من الدية حتي تتم أيمان القسامة.
وكذلك لو كانت امرأة وقامت وحدها لحلفت الخمسين يميناً كلها وأخذت نصيبها، قم إن قام غيرها لم يحلف إلا بقدر نصيبه من الميراث. ولو أن الإخوة الناكلين بدا لهم أن يحلفوا بعد يمين الجد فليس ذلك لهم. وذلك لمن كان منهم غائباً فقدم أو من لم يعرض عليه يمين من الحضور حتي حلف الجد الخمسين، فليحلفوا قدر نصيبهم من الأيمان ويأخذوا حظهم من الدية.
وقاله مالك في البنين والبنات في الخطأ. أو بنت وابن، إذا أتت البنت أولاً حلفت خمسين يميناً، ثم من جاء بعدها فإنما يحلف بقدر نصيبه لو حضروا كلهم أولاً. وكذلك لو بدأ الذكور أو أحدهم. وكذلك إخوة وأخوات، وأب وبنات وعصبة.
قال: فلو حلفت الأختان ثلثي الأيمان والصعبة ثلثها وأخذوا الدية. ثم قدمت أخت ثالتة [فإن](2)حلفت اثني عشر يميناً أخذت ثلث الثلثين من أخنيها. وإن نكلت رجع نصيبها إلي العاقلة بعد يمين العاقلة علي علمهم. فإن نكلوا دفع ذلك إلي القادمة بلا يمين.
***
__________
(1) زيادة في الأصل.
(2) ساقطة من الأصل.(1/183)
[14/190]
يل لمالك: فالمرأة الواحدة تأتي أولاً ؟ قال: تحلف جميع الأيمان في الخطأ، وما هو من الأمر القديم. قال محمد: هذا قول مالك وأصحابه ما علمت فيه بينهم اختلافاً. قال ابن القاسم: فإذا ثدمت واحدة، يريد: بنت أو أخت، فحلفت خمسين يميناً وأخذت نصف الدية، ثم قدمت لها أخت [أخري](1)، قال تحلف سبعة عشر يميناً وتأخذ سدس الدية من أختها وسدسها من العاقلة.
محمد: وكذلك قال مالك في الغائب يقدم والصغير يكبر بعد أن حلف غيره جميع الأيمان وأخذ حصته؛ فليحلف هذا بقدر حصته من الأيمان ويأخذ ميراثه من الدية.
ومن العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم: وإذا أتت امرأة فأقسمت خمسين يميناً فأخذت قدر حصتها من الميراث، ثم تندم، وردت ما أخذت علي الذي أقسمت عليه. ثم جاءت أخت لها فلها أن تحلف بقدر نصيبها في الميراث، ولا تحلف خمسين يميناً، لأن يمين الأولي حكم لا ينقض لرجوعها، كما لو حلفتا خمسين يميناً أخذتا ثلثي الدية ثم نزعت إحداهما لم تكلف الباقية أن تتم خمسين يمناً.
ومن كتاب ابن المواز: ولو حلف أحد كبيرين ونكل الآخر، وثم صغير فلبغ، حلف بقدر نصيبه وأخذه. وأما في دم العمد فيحلف الأكابر ويقتلون.
ولو كان ثم كبير غائب لم يعجل حتي ينظر الغائب أيعفو أم يقتل؟ وكذلك لو كان الدم ببينة بغير قسامة. وكذلك لو كانوا حضوراً كلهم فتطوع باليمين اثنان عن الباقين، فليخير الباقون فإن كان منهم من يأبي اليمين أو ينكل فهو كالعفو، ويبطل الدم.
***
__________
(1) زيادة في الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 15 : 521 .(1/184)
[14/191]
ولو كانوا كباراً وصغاراً في العمد، فعفا الكبار أو أحدهم أو نكل جاز إن كانوا مع الصغار في درجة، وصارت دية في مال القاتل شاء أو أبي. فإن كان عديماً اتبع بها ديناً، وذلك إذا كان النكول بعد استحقاق الدم بالقسامة أو بالبينة.
وإذا عفا الكبار وهو عصبة، فالصغار أحق بالدم منهم، وإن عفوا علي دية جاز علي الصغار، وإلا فلا. فإن كان للصغير وصي فهو أولي بذلك من عصبته، وهم أحق بالقسامة، والوصي يقوم بالقتل أو يعفو علي الدية.
قال: وإذا كان أولي الأولياء بدمه رجلان، والدم خطأ، فليحلفا خمسين يميناً، وليس لهما الاستعانة فيها بغيرهما ممن هو أبعد من العصبة والعشيرة. ولهم ذلك في العمد، ولا يحلف فيه النساء، ولا يحلف أقل من اثنين من الرجال، ويبدأ بيمين الأقرب فالأقرب، ويحلفون بقدر عددهم مع عدد المعينين. [فإن حلف الذين هم أحق بالدم من بنين أو إخوة أكثر من المعينين](1)يريد حلف الأقربون أكثر من عدد أنفسهم، فذلك جائز. فأما إن حلف المعينون أكثر مما عليهم في العدد مع عدد الأقربين لم يجز ذلك.
قال: وإذا كان ولاة الدم في العمد رجلين فحلف واحد منهما [ماعليه](2)خمسة وعشرين يميناً، ثم وجد الآخر من يعينه في أيمانه فذلك [له](3)علي ما ينبغي من التفسير؛ وذلك أنه إن وجد أربعة وعشرين، يعينونه يميناً يميناً، يجزئه أن يحلف هو معهم يميناً واحدة؛ لأني أجعل المعونة كأنها(4)للأخوين، فوقع اثنا عشر من المعونة للأول الحالف، فصار
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ع.
(4) في ع: كلها . وهو تصحيف.(1/185)
[14/192]
كأنه حلف أكثر مما عليه، وبقي لهذا معونة باثني عشر يميناً، فلابد أن يحلف معهم ثلاثة عشر يميناً. [وكذلك لو وجد هؤلاء المعينين له خاصة قبل يمين أخيه لم تكن المعونة إلا لهما. ويحلف كل واحد منهما ثلاثة عشر يميناً](1)مع هؤلاء . محمد: وهذا قول عبد الملك، وهو جيد.
قال ابن القاسم: وإذا لم يكن غير وليين في الدم [العمد](2)لم يجز أن يحلف أحدهما أكثر من صاحبه. وإنما يجوز ذلك، إن كانوا أكثر من اثنين، فتحمل الأيمان(3)علي غيرهم.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا كان بعض ولاة المقتول أعمي فإنه يقسم معهم، وهو تام الشهادة إذا كان عدلاً عند العلماء من الصحابة وتابعيهم؛ وقد نقل عن أمهات المؤنين من وراء حجاب، وكما يجوز له وطء زوجته فكذلك يشهد(4).
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صحفت في الأصل: فيحمل اثنان.
(4) هنا تنتهي نسخة أيا صوفيا "الصل" مع بداية الورقة 153/ظ من الجزء التاسع عشر من تجزئتها العشرينية. وسنتعمد من الآن نسخو الصادقية التونسية مكان الأصل باعتبارها المخطوط الوحيد-من بين ما وقفنا عليه-الذي يحتوي علي بقية نص النوادر متسلسلا إلي نهاية الكتاب، وسنرمز إليها دائماً بحرف ص.(1/186)
[14/193]
فيمن يستعان به في أيمان القسامة من العصبة أو العشيرة
في الولي الواحد(1)أو يستعين في بعض الأولياء
من كتاب ابن المواز قال: وإذا لم يكن إلا ولي واحد في دم العمد فلينظر من يحلف معه وإن كان أبعد منه من عشيرته. قال ابن القاسم في المجموعة: ممن يلتقي معه في أب معروف(2)، فيحلف كل واحد منهم خمساً وعشرين(3)يميناً. وله إذا وجد جماعة أن يستعين بهم إن شاء كلهم أو بعضهم حتي يتم الخمسين يميناً، إما يمين يمين(4)أو يقسم بينهم [يمين](5)ويساوونه في الأيمان ولا يحلف كل واحد منهم أكثر منه(6)، وله أن يحلف هو أكثر من كل واحد منهم، يريد ما لم يحلف أكثر من خمسة وعشرين.
قال مالك: وإن كانا وليين والقعدد سواء، فلهما أن يستعينا بمن هو أبعد منهما، ثم يكون القتل لهما أو العفو. ثم إن بدا لمن طاع من العشيرة باليمين لم يبطل ذلك الدم وردت الأيمان علي القاتل فليحلف خمسين يميناً، ويأتي هو من عشريته بمن يحلف عنه الخمسين يميناً، ثم يضرب مائة ويحبس سنة. وإن كان ولي واحد ولم يجد من يحلف معه، قال: يحلف المدعي عليه كما ذكرنا ويضرب ويسجن.
***
__________
(1) كذا في ع. وهو الأنسب . وفي ص: الولي الحميد.
(2) كذا في ع. وفي ص: يلتقي معه إلي معروف .
(3) صحفت في ص: فليحلف .... خمس وعشرون.
(4) كذا في ص وفي ع: بياض بقدر ثلاث كلمات ثم: يميناً يميناً.
(5) زيادة في ص.
(6) كذا في ص. وصحف في ع: أكثر من مائة.(1/187)
[14/194]
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وغيره قال مالك: والقسامة إلي عصبة المقتول قال ابن القاسم: فإن ترك ابناً وهو عربي وله عشيرة فليقسم مع الابن من قرابته من هو معروف يلتقي معه إلي جد يوارثه به. فأما من هو من عشيرته بغير نسب معروف فلا يقسم، كان للمقتول ولد او لم يكن.
وقال عبد الملك: ويستعين الولي في عصبته، يريد في العمد، بمن شاء إلي منتهي خمسين رجلا. ولو حلف [أحد](1)الوليين فلأحدهما أن يستعين بمن شاء من عصبته فإن أعان أحد هذا الحالف ولا يريد حتي حلف هو وهم نصف أيمان القسامة، قال: فإنه ينظر أيمان من أعانه بقسمه بين الوليين ويزاد علي الذي حلف منهما علي ما حلف حتي يستكمل شطر ما بقي بعد أيمان المعينين، ويحلف الآخر الشطر الباقي بعد أيمان المعينين. ولو أن الحالف أولا حلف وحده عن أناس ممن يعينه أو رأي أن يحلف بغير معين فحلف، ثم وجد الآخر من يعينه فذلك جائز له، إلي أن يكمل هو وهم خمسة وعشرين يميناً. فإن للمعينين(2)أن يحلفوا يميناً يميناً(3)والأولياء أكثر من ذلك. وأما أن يحلف كل واحد من المعينين أكثر مما يصيب كل واحد من الأولياء فليس لهم ذلك. وإذا استعان ولي الدم بمن يحلف معه لم يحلف معه أكثر من خمسة وعشرين يميناً، ولا يبدأ بالمستعان بهم، ولكن يبدأ بولي الدم.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ص. وفي ع: قال وللمعينين.
(3) يميناً الثانية ساقطة من ص.(1/188)
[14/195]
في ابن الملاعنة والعفو عنه ومن لا ولاة له ولا عصبة
وذكر القسامة في الحنين يستهل
ومن كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال ابن القاسم في ابن الملاعنة يقول دمي عند فلان، فإن كانت أمه معتقه أو أعتق أبوها أو جدها أقسم مواليها في العمد. قول أشهب وعصبتها. وأما في الخطأ فليقسم ورثته بقدر مواريثهم من رجال ونساء، ويستكمل من حضر منهم خمسين يميناً وإن كانت من العرب فلا قسامة فيه في العمد. محمد: لأن العرب خولته، ولا ولاية للخولة. وكلك من ولا ولاة ولا موالي، لأن ماله لبيت المال.
قال ابن القاسم: ولو وقام بالقتل شاهدان كان لأمه القتل أو العفو، كانت من العرب أو مولاة، وخالفه أشهب في عفو الأم. وقال أشهب: إذا كانت أمه من العرب فلا قسامة فيه في عمد ولا خطأ، إذ لا عصبة له تعرف، كشاهد قام علي حبس دار حياة رجل. فلو كانت علي رجل بعينه حلف معه، وإن كانت علي السبيل أو المساكين لم يحلف معه. وكذلك في الوصايا للمساكين أو في السبيل يقوم به شاهد [ولو كانوا معينين لحلفوا معه، وكذلك في القسامة لا تكون في العمد إلا بأيمان عصبة تعرف](1).
وأما في الخطأ فيكون بقدر مواريثهم في الدية. وذهب أشهب إلي أنه لا عفو لأمه في العمد والخطأ إذا ثبت القتل بشاهدين، ولها القتل في العمد كانت عربية [أو مولاة. ولا يجوز عفوها لأنها إن كانت عربية](2)فالمسلون ولاته يعلقون عنه، والسلطان ينظر لهم. ومن قام بالدم [منهم أو
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط من ع.(1/189)
[14/196]
منها](1)فهو أحق. [وإن كانت مولاة فلمواليها أن يعفوا. ومن قام بالدم منهم أو منها فهوو أحق](2)وكذلك لو كانت له بنت مع ذلك والقتل بشاهدين، فمن قام بالدم فهو أحق وإن كانت عربية، والسلطان يقوم مقام موالي الأم لو كانت مولاة. وكذلك المنبوذ والمعتق سامة (كذا).
ومن أسلم علي يد رجل فهو مثل ما ذكرنا في ابن الملاعنة وفي القسامة بقوله أو بشاهد علي القتل في العمد وفي الخطأ أنه يقسم وارثوه بقدر مواريثهم.
قال: ولو أن ابن الملاعنة وأمه مولاة أو عربية وقد عقل عنه عصبة أمه أو مواليها في المولاة، المسلمون في العربية، ثم استلحقه أبوه، ثم قال دمي عند فلان [فإنه](3)يمضي ما تقدم فيه، ويقسم الآن أبوه وعصبة أبيه في العمد، ويقسم في الخطأ وهو ومن يريد. وكذلك من ولدت أمته ولم يقر بوطئها وقال إنه من زني فباعه وأعتقه المبتاع وعقل عنه قوم مولاه، ثم استلحقه بائعه أنه يلحق به، ولا يرد ما مضي من أحكامه في تلك المعاقلة ويأتنف معاقلة [قبيلة](4)أبيه من الآن.
قال ابن المواز: ولا قسامة في الجنين إذا يستهل، لا اختلاف في هذا. وإن استهل فأشهب يقول: إن مات مكانه ساعة استهل لم يلبث فلا قسامة فيه، وفيه دية الخطأ بكل حال(5)، ضربت أمه عمداً أو خطأ، لأن موته بضرب أمه. وقال ابن القاسم عن مالك: إذا استهل ففيه القسامة قال ابن القاسم: لأنه لم يمت ساعة أصيب قد بقي حتي جرح واستهل بخلاف
***
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضا من ص.
(5) كذا في ع وهو المناسب وعبارة ص: وفي دمه الخطأ بكل حال.(1/190)
[14/197]
من أصيب في المقاتل، قال: ففيه القسامة إذا استهل، ويقتل الضارب في العمد بالقسامة، وأما في الخطأ فالدية علي عاقلته.
ومن العتبية(1)من سماع يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وسألته عن المنبوذ ومن لا وارث [له](2)إلا جماعة المسلمين، مثل مسألة أهل الكتاب ويتهم أحدهم بقتل(3)عمداً أو خطأ فلا يشهد علي عاقلته إلا رجل واحد. قال: لا يستحق دم مثل هذا إلا بشاهدين، لا يستحق بقسامة. وإذا كان للمقتول عمداً عاقلة وليس له وارث ولا عصبة فلا تقسم عليه عاقلة الجاني(4)، ولا قسامة إلا بوارثة نسب ثابت أو ولاء، ولا يقسم من القبيلة(5)، إلا من التقي معه إلي نسب ثابت ببينة، ولا المولي [الأسفل.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن التقط](6)لقيطا فقتل بعد أن صار رجلا، فرمي بدمه رجلا(7)فلا يقسم فيه ملتقطه، ولكن ترد الأيمان علي المدعي عليه فيحلف خمسين يميناً. فإن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن نكل سجن أبداً حتي يحلف أو يموت. وكذلك(8)من قتل من العرب أو من المسلمين ولا عصبة له فلا يستحق دمه بقسامة، ولكن ترد الأيمان كما ذكرنا. وقاله ابن القاسم وابن نافع وابن عبد الحكم وأصبغ.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 15.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ص وهو المناسب وعبارة ع: ويتهم بقتل أحدهم.
(4) كلمة الجاني ساقط من ع.
(5) كذا في ع. وعبارة ص: ولا تقسم القبيلة.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(7) هذه هي عبارة ص المناسبة للسياق. وفي ع: فيرمي بدمه رجلان.
(8) في ص: ولكن.(1/191)
[14/198]
في نكول بعض ولاة الدم عن القسامة في العمد والخطأ
وفي رد أيمان القسامة علي المدعي عليه
وهل يحلف معه أحد من ولاته كما يفعل المدعون؟
وفي نكول المدعي عليه أو العاقلة
من كتاب ابن المواز، ومثله في المجموعة والعتبية(1)قال ابن القاسم في المجموعة وابن وهب عن مالك: وإذا نكل ولاة الدم عن القسامة ثم طلبوا أن يقسموا فليس [ذلك](2)لهم إذا كان نكولاً بيناً. ومن نكل عن اليمين فقد أبطل حقه. قال ابن وهب عن مالك: إلا أن يكون لهم عذر بين ظاهر في تركها. [قال سحنون في العتبية: مثل أن يزعموا أن علي الميت ديناً وأوصي بوصايا](3)وكذلك لو نكلوا وردت الأيمان علي المدعي عليهم فنكلوا لم [يكن](4)للمدعين أن يرجعوا فيحلفوا.
ومن المجموعة قال مالك: وإذا نكل بعض ولاة الدم في العمد حلف من بقي منهم، إلا أن ينكل بعض من له العفو فلا سبيل إلي الدم، وترد الأيمان حينئذ علي المدعي عليهم. [وكذلك في نكول جميع المدعين فترد علي المدعي عليهم(5)] يحلف منهم خمسون رجلاً. وقال ابن القاسم في المجموعة لا يحلف فيهم المتهم فإن لم يكن فيهم خمسون ردت عليهم الأيمان فإن نكلوا ولم يوجد غير المتهم لم يبرأ حتي يحلف هو خمسين يميناً [ويبرأ](6).
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 444. 445.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) ساقط أيضا من ص.
(5) مابين معقوفتين ساقط أيضاً من ع.
(6) زيادة في ع.(1/192)
[14/199]
قال في كتاب ابن المواز: ويضرب مائة ويحبس سنة. قال عبد الملك: لأنه مدعي عليه، فلذلك يحلف وحده. وأما المدعون فإنه لا يقوم دم العمد بأقل من يمين رجلين. قال ابن القاسم: ولأنه أقيم مقام الشهادة. قال مالك: فإن اتهم بالعمد جماعة(1)فلابد من يمين كل واحد منهم خمسين يمينا، [كثروا أو قلوا.
قال في كتاب ابن المواز عن مالك، ومثله لعبد الملك: لأن كل واحد في نفسه يحلف إذ لعله الذي كان يقسم عليه، فإذا حلف كل واحد خمسين يمينا](2)برئ إلا من الضرب والسجن، ومن لم يحلف منهم سجن حتي يحلف.
قال عبد الملك في المجموعة وكتاب ابن المواز وابن حبيب: ولكل واحد منهم أن يستعين في الخمسين يميناً التي يحلف من عصبته بمن شاء ما بينه وبين أن يكون علي كل رجل منهم يمين فذلك له. قال ابن المواز: وقاله ربيعة ومالك.
قال عبد الملك في الكتابين: وإن كانوا كلهم من بطن واحدة فذلك أيضا لهم، ولكن لا ينقص كل رجل منهم من خمسين يميناً. قال: وإذا كانوا مفرقتين فلا يستعين أحد بغير عصبته، ولو كانوا من فخذ(3)واحد استعان فأخذ تسعة وأربعين منهم فحلفوا معه. فلمن حلف بعده من المتهمين أن يستعين بهم أنفسهم أيضا للأيمان معه، وبالمتهم نفسه الذي يحلف عنه. وكذلك مع الثالث إن كان المتهمون ثلاثة، وليس لهم أن يجمعوهم في مرة فيقولوا ما قتله فلان ولا فلان ولا فلان، وليحلف الثلاثة ثلاثة أيمان. قال: ولابد من تكريرهم الأيمان مع كل واحد منهم.
***
__________
(1) هذه عبارة ع، وهي المناسبة وفي ص : فإن أقيم بالدم جماعة .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) في ع بياض مكان " فخذ" .(1/193)
[14/200]
ومن كتاب ابن حبيب قال مالك: وإذا نكل بعض ولاة الدم حلف من بقي إن كانوا اثنين فصاعداً أو كانوا أقعد من الناكلين، فإن كانوا مثلهم في القعدد أو أقعد منهم ممن يجوز عفوه فلا سبيل إلي الدم، وترد الأيمان علي المدعي عليه إن كان واحداً وعليهم إن كانوا جماعة، حتي يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً، ومن نكل حبس حتي يحلف.
قال مطرف: ولا يكون للمدعي عليهم، واحداً كانوا أو جماعة، أن يستعينوا بمن يحلف معهم كما يفعل ولاة المقتول، لأنهم إنما يبرئون أنفسهم، ورواه عن مالك. وقال ابن الماشجون: لهم أن يستعينوا بولاتهم وعصبتهم وعشريتهم كما ذلك لولاة المقتول، وقاله ربيعة ويحي بن سعيد والمغيرة وغيرهم، وبه قال أصبغ.
وقال ابن حبيب برواية مطرف عن مالك. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، ورواه هو وابن وهب عن مالك قال: إذا ردت الأيمان علي أولياء القاتل في العمد لنكول أولياء الدم أو لأنه لم يوجد من يحلف إلا واحد، فإنه إن حلف أولياء القاتل خمسون منهم خمسين يميناً، وإن لم يكن إلا اثنان منهم فحلفوا الخمسين يميناً دون القاتل، برئ المدعي عليه ولا يحلف معهم ولا يجبرون علي الأيمان عنه إلا أن يتطوعوا. فإن قالوا نحلف بعضها ويحلف هو البعض فليس ذلك لهم، ولابد أن يحلفها [من ولاته رجلان فأكثر دونهم، فإن لم يوجد إلا رجل لم يجز أن يحلف(1)] غير المدعي عليه لأنه لا يبرئه إذا حلف إلا خمسون يميناً، فليحلفها وحده. قال مالك: فإن نكل حبس أبداً حتي يحلف.
وقال عبد الملك: يحلف فيها هو ومن استعان به من [غير](2)عصبته يحلفون هو وهم سواء، وله هو أن يحلف أكثر منهم، وإن لم يجد حلف هو
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) زيادة في ص ويظهر أن لا محل لها.(1/194)
[14/201]
وحده الخمسين يميناً. قال محمد: قول ابن القاسم أشبه بقول مالك في موطنه.
قال سحنون وفي العتبية(1)عن ابن القاسم: وإذا نكل مدعو العمد عن القسامة ردت الأيمان علي أولياء القاتل، فإن حلف منهم خمسون رجلا خمسين يميناً برئ هو، ولا يحلف هو معهم ولا يجبرون علي الأيمان معه(2)إلا أن يتطوعوا، فإن لم يجدوا إلا أقل من خمسين [رجلا](3)حلفوا خمسين تردد عليهم عن طاعوا بذلك، وليس عليهم(4)أن يجعلوا القاتل أن يحلف بعضها، فإما(5)حلفوها كلها وإلا حلفها المدعي عليه وحده كلها، فإن أبي سجن حتي يحلف. ولا يحلف عنه اقل من رجلين.
قال ابن المواز: وإذا وجبت القسامة بقول الميت أو بشاهد علي القتل فردت الأيمان علي المدعي عليه فليحلف هو أو ولاته، فإنه إن نكل هاهنا المدعي عليه حبس حتي يحلف، وإن أقر قتل. هذا قول مالك وأصحابه. فأما إن كانت القسامة وقد ضرب ثم عاش أياماً فإن ابن القاسم وعبد الملك قالا: يحلف ما من ضربي مات، وإن نكل سجن حتي يحلف، وإن حلف سجن سنة وضرب مائة؛ وإن نكل سجن حتي يحلف، وإن حلف سجن سنة وضرب مائة؛ وإن نكل وأقر وقال من ضربي مات لم أقتله، ولابد أن يحلف. وقال أشهب وعبد الملك(6)وأصبغ: لا يحلف في هذا وهو غموس، وهذا أحب إلي، بخلاف المدعين، لأن المدعين وإن دعوا إلي اليمين فيما لم يحضروا فإن نكولهم يبطل الدم(7)ويوجب لهم رد اليمين
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 484.
(2) في النسختين: ولا يجبروا علي الأيمان معهم. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ع.
(4) في ع: لهم
(5) كذا يف ع وهو الأنسب. وفي ص : وإن .
(6) في ع: وابن عبد الحكم.
(7) في ع: يبطل به الدم.(1/195)
[14/202]
علي المدعي عليهم(1)، [فكيف يحلف المدعي عليهم](2)يميناً إذا نكلوا أو أقروا لم يؤخذوا بشئ. وأما لو كانت القسامة بقول الميت أو بشاهد علي القتل(3)[فردت اليمين علي القاتل](4)فقد اتفقوا أن هذا إن نكل سجن أبداً حتي يحلف، ولا يحكم عليه بنكوله بقصاص ولادية، وعلي هذا ثبت مالك. وإنما اختلف أصحابه في النكول في الطلاق أو العتاق، إلا أن ابن القاسم قال(5): إلا أن يكون للضرب جرح معروف فيقتص منه، مع ضرب مائة وحبس سنة إذا حلف الجارح خمسين يميناً أنه ما قتله وما من ضربه مات.
قال ابن المواز: هذا قول(6)ابن القاسم ولا نقول به. ولا يحلف الجارح أو الضارب أنه ما مات من ضربه، لأنه لو أقر بذلك ما قتل [بإقراره، لم يختلف في هذا مالك وأصحابه](7). وأما قوله يقتص من الجرح فغير صواب لأنه لا يقتص في الجرح إلا بيمين المجروح، فأما بيمين ورثته فليس ذلك إلا في القسامة فقط، وليس ذلك لهم في الجرح إلا بشاهدين عليه ثم ينزي فيه فيموت، فهذا الذي يقتص منه الجرح إذا نكلوا.
وقد ذكر ابن القاسم فيه قولا عن مالك لم يصح عند غيره(8). قال: إذا ردت اليمين علي المدعي عليهم في العمد فنكلوا فالعقل عليهم في مال الجارح خاصة، ثم يقتص منه الجرح سوي العقل(9).
***
__________
(1) كذا في ع. وفي ص: المدعي عليه.
(2) ساقط من ع.
(3) صفحت عبارة ص: علي الميت.
(4) ساقط من ع.
(5) كذا في ص. وعبارة ع: إلا ابن القاسم فإنه قال.
(6) في ص: قال قول. وهو تصحيف.
(7) ساقط من ع.
(8) كذا في ع. وفي ص: عنده.
(9) في ص: سموا العقل.(1/196)
[14/203]
وروي عنه ابن القاسم أيضاً وابن وهب أنه إن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن نكل حبس حتي يحلف، ولادية فيه، فهذا الصواب.
وقال ابن القاسم فيمن ضربه قوم فأقام أياماً ثم مات فيقولون إن من ضربهم مات. قال: لا يصدقون، هذا غيب وهم كذبة. ولو شهد بذلك أحد لم يقتل بذلك، وإنما يقتل منهم من يقتل بالقسامة بالسنة. ولو قال ذلك واحد منهم لم يقتل بذلك، ولا يقتل أحد منهم إلا بالقسامة علي واحد، إن شاؤوا المقر أو غيره، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة من مقر وغيره، قال مالك.
قال أصبغ: هذا في قوله من ضربي مات فلا يصدق، فأما إن قال أنا قتلته ضربت مقاتله فإنه يقتل به، ويقسمون علي واحد [ممن بقي ويقتلونه إن شاؤوا، وقاله مالك وابن عبد الحكم وأصبغ. فإن لم يقسموا علي أحدهم](1)ردت القسامة علي الضاربين فحلف كل واحد منهم خمسين يميناً، ثم يضرب مائة ويسجن سنة، فإن نكلوا حبسوا حتي يحلفوا.
وهذا قول ابن القاسم(2)وروايته. وأما أشهب فإنما يري رد الأيمان علي المدعي عليهم القتل بقول الميت دمي عند فلان أو بشاهد علي القتل. وأما قوله ضربني [أو شهد علي الضرب أو الجرح فلا يرد فيه يمين عنده](3)ولو نكل عن يمينه أنه مات من ضربه أو أقر أنه من ضربه مات ما قتلته بذلك ولا سجنته، ولكن أجلده مائة مكانه وأحبسه سنة وأطلق سبيله، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) هكذا في ع وهو الصواب. وفي ص: قول مالك .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.(1/197)
[14/204]
قال أشهب ويلغني عن ربيعة انه قال: إذا ردت الأيمان في العمد فنكلوا ففيه الدية، وإن كان خطأ ففيه نصف الدية، وقد جعل [عمر](1)علي السعديين نصف الدية حين نكلوا عن القسامة أن صاحبهم [ما](2)مات فيها. قال أشهب: وإنما ذكرت هذا وإن كان غير معمول به في نصف الدية لكنه قوة في أن العاقلة تغرم(3)إذا نكلت.
قال أصبغ: وإذا نكل ولاة الدم والقاتل عبد فليحلف سيده يميناً واحدة علي علمه، فإن نكل لزمه أن يفتكه. هذا في قول الميت قتلني فلان أو بشاهد علي القتل، وقيل يحلف العبد خمسين يميناً ويضرب مائة ولا يحبس، لأنه لو أقر لقتل(4)ولو كانت القسامة في هذا لأنه عاش بعد الضرب [ثم مات](5)فنكلوا فلا ترد اليمين في هذا علي العبد ولا علي سيده، ولكن يضرب مائة ويترك. فإن كان ثم جرح معروف بشاهدين ونكل ولاة الدم عن القسامة فدية الجرح في رقبة العبد.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا [كان](6)لم يجد الولي [الواحد](7)من يحلف معه ردت الأيمان علي المدعي عليه، فإن نكل حبس حتي يحلف ولا يقتل. وكذلك في الجرح في العمد يقوم به شاهد وأبي أن يحلف معه، فليحلف الجارح، فإن نكل سجن حتي يحلف، وقاله عبد الملك(8)في القتل.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) صحف في ص فكتب: تقوم.
(4) هكذا في ع وهو الصواب. وصفحت عبارة ص: لأنه وأقول قتل.
(5) ساقط من ع .
(6) زائد في ص.
(7) زيادة كذلك في ص.
(8) كذا في ع. وفي ص. ما يشبه : عبد العماد!(1/198)
[14/205]
وقال: ولو قال حين ردت عليه اليمين من ضربي مات وأنا قتلته، فإن كان شهد شاهد بالضرب ومات في المعترك، ووجده العدول(1)ميتاً، [في المعترك](2)، فليقتل بإقراره، ويقتل به لأنه لم شهد شاهد آخر مع الأول قتل به بلا قسامة. وأما إن عاش بعد الضرب فلا يقبل قوله من ضربي مات، كما لا يشهد علي مثل هذا شاهد، وإن كنت أرد عليه أيمان القسامة التي وجبت للأولياء في البينة فلا أقبل قوله فيما لا أقبله من البينة لو شهدوا به انه من ضربه مات.
وروي عن مالك إذا نكل الأولياء عن القسامة في العمد وردوها علي الجارح والجرح عمد ومات بعده؛ أنه يحلف الجارح خمسين يميناً أنه ما مات من جرحه ثم يقتص منه في الجرح، وإن كان خطأ فعقله في ماله ما لم يبلغ ثلث الدية فيكون علي العاقلة معه. وهذا الذي ذكره ابن المواز وعابه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا كان القتل خطأ فنكل ولاة الدم عن القسامة فإنها ترد علي عاقلة المدعي عليه القتل، فإن نكلوا لزمتهم الدية في قول ابن القاسم وأشهب وأصحابهما. وقال عبد الملك: لا ترد القسامة في الخطإ علي أحد لأنها لا ترد علي معروفين ولا علي من حق عليهم، لأن الدية إنما تجب يوم تفرض. وقول ابن القاسم وأشهب أحب إلي. وكما يطلبون ليغرموا فكذلك يطلبون ليحلفوا، فإن نكلوا قضيت عليهم بالدية.
وروي ابن وهب عن مالك [أنها](3)ترد علي المدعي عليه القتل، فإن نكل لم يلزم عاقلته شئ بنكوله. قال محمد: وهي راوية تستحيل لأنه لا ترد القسامة في الخطأ علي المدعي عليه، وقاله مالك لأنه لا يلزم العاقلة بنكوله شئ فيما اظن، ولأنه كواحد من العاقلة لو أقر عليهم فهو
***
__________
(1) الللام ساقطة في ص : العدو.
(2) زيادة في ص.
(3) ساقط من ص.(1/199)
[14/206]
كشاهد، وإنما ترد علي من يلزمه الغرم لو استحق الدم. ومن نكل من العاقلة غرم قدر ما يصيبه مع العاقلة، ومن حلف برئ. وذكر ابن عبدوس قول عبد الملك ورواية ابن وهب هذه عن مالك.
ومن العتبية(1)قال سحنون عن ابن القاسم: إذا قال قتلني فلان خطأ ونكل ولاته فردت الأيمان علي المدعي عليهم فعلي من ترد أعلي العاقلة أم علي المدعي عليهم؟
قال بل علي المدعي عليهم الدم وعلي عواقلهم، قال: فليحلف منهم خمسون رجلاً، فإن أبوا(2)إلا عشرة [منهم حلفوا، قال: مالك لا يبري العاقلة إلا اليمين لو كانوا عشرة آلاف](3)، فمن حلف منهم سقط عنه بقدر ما يصيبه، ومن لم يحلف أدي ما يقع عليه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: إذا نكل بعض ولاة الدم في العمد عن القسامة وطلب الباقون أن يقسموا، فإن كان نكل بعض من له العفو قبل القسامة فهو كعفو. قال ابن عبد الحكم: فلا يكون في ذلك دم ولا دية، بخلاف إذا نكل بعضهم بعد قسامة جماعتهم. وهذا قول أصحاب مالك إلا أشهب فإنه قال في مالك ما لا أحصي(4)وما اختلف قوله علي أنه يسقط القتل ويحلف الباقون ويكون لهم حظهم من الدية. قال ابن المواز: والذي أنكر أشهب هذا قول مالك في موطئه إن الأيمان لا ترد علي من لم ينكل من ولاة الدم. قال ابن عبد الحكم: ويسقط الدم والدية.
قال مالك: وترد الأيمان علي المدعي عليهم يحلف منهم خمسون رجلاً، فإن لم يكن فيهم ردت عليهم، فإن لم يوجد غير المدعي عليه القتل
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 482 .
(2) في ص : فإن أبي .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) كذا في ص. وفي ع: فإنه قال قال ملك مالا أحصي.(1/200)
[14/207]
حلف وحده خمسين يميناً إن لم يجد من عصبته من يحلف معه، ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال مالك: وهذا في نكول من نكل من ولاة الدم قب القسامة، فأما من نكل منهم بعد أن أقسم جماعتهم، فلمن لم ينكل حظه من الدية. فهذا قول مالك وأصحابه المدنيين والبصريين إلا اشهب. فإنه ساوي بين نكولهم قبل أن يقسموا أو بعد، وجعل لمن بقي حظه من الدية إذا كلفوا خمسين يميناً، ورواه عن مالك.
قال ابن المواز: ولم يختلفوا أن نكول من نكل منهم قبل القسامة وعفوه سواء، وأما بعد القسامة من جميعهم فقد فرق ابن القاسم بين عفوه ونكول له فقال: وإن كذب أحدهم نفسه بعد استحقاقهم الدم بالقسامة فهو كما لو نكل قبل القسامة ولا سبيل إلي القتل. قال محمد: وهذا إغراق، وأراه إنما أراد سقوط الدم ينكوله، فأما الدية فلا لأن ثبت لاخوته بالقسامة، ولكن يسقط الدم ويصير دية تورث.
وفي سماع أشهب في العتبية في عفو بعض الأولياء قال: يكون للباقين حظهم من الدية قبل القسامة، قال: بالقسامة وغيرها ولا سبيل إلي القتل، وكذلك في نكول أحدهم عن القسامة.
قال سحنون وقال ابن نافع: إذا نكل الناكل علي وجه الورع والمخرج(1)حلف من بقي وقتلوا، وإن كان علي وجه العفو والترك حلف من بقي وكانت له الدية، وهذا الذي أري.
وروي ابن القاسم عن مالك قال فلان وفلان ضرباني وفلان منهم قتلني فحبس القاتل فصالح عصبة المقتول علي ثلثي الدية، وأبت أم القتيل(2)إلا بالقيام فذلك لها ولورثتها إن ماتت.
***
__________
(1) كذا في ع وهو الأنسب. وفي ص : النزاع والجرح.
(2) كذا في ع وهو الصواب. وصحفت عبارة ص: وأحب أم القاتل.(1/201)
[14/208]
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا ادعي بعض ولاة الدم أنه قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا عن قتله، فحلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية، ثم طلب الذين قالوا لا علم لنا أن يحلفوا ويأخذوا حظهم من الدية فليس ذلك لهم بعد النكول، وهو قال مالك في الدم والحقوق.
ومن العتبية روي يحي بن يحي عن ابن القاسم قال: إذا قام لهم شاهد بقتل وليهم فنكلوا عن القسامة فردت علي القاتل فحلف وبرئ، ثم وجد المدعون شاهداً آخر فإنه لا حق لهم، وكذلك طالب الدين يجد شاهداً آخر بعد نكوله ويمين المطلوب فلا شئ له(1).
قال أبو محمد: قوله في المديان يعني علي قول ابن القاسم، والمدعي عالم بشهادة الآخر، ولو لم يكن يعلم به كان له أن يحلف مع الثاني، وكذلك في قول أشهب وإن علم بشاهده.
قال سحنون وعيسي عن ابن القاسم: وإذا نكل المدعي عليهم في الخطأ غرموا الدية، والقاتل كرجل منهم ولا يستحلف هو. قال عنه عيسي: فإذا نكل أحد ولاة الدم في القسامة في الخطأ فهو حق لزم عاقلة المدعي عليهم فلا يبرئهم إلا اليمين ولو كانوا عشرة آلاف، فمن حلف منهم سقط عنه بقدر ما يصيبه، ومن نكل غرم ما يقع عليه(2).
***
__________
(1) في ص: لهم .
(2) في ص: ما يقطع عليه.(1/202)
[14/209]
في شهادة الصبيان في الجراح
وما يجري في ذلك من ذكر القسامة وغيرها
من كتاب ابن المواز قال: شهادة الصبيان بينهم في الجنايات جائزة سنة معمول بها بالمدينة إن لم يتفرقوا ولو يدخل بينهم رجل حتي شهد بعضهم لبعض فيجوز. وإنما ذلك في الذكور منهم الأحرار، وأما الإناث والعبيد فلا يجوز وإن كان ذكل بينهم، وقاله علي وابن الزبير(1)وغيرهما وكثير من التابعين، وما بلغنا(2)من خالف ذلك إلا ابن عباس. وإذا وجد بينهم رجل أو معهم لم تجز شهادتهم، وكذلك إن افترقوا، إلا أن يشهد علي شهادتهم قبل التفرق عدلان ولم يختلفوا عليها. فإن أقيد ذلك بهذا(3)لم يضر رجوعهم، وإذا اختلفوا عند حضور الرجلين للشهادة علي شهادتهم واختلفوا عند السلطان. فقال بعضهم هذا جرحه، وقال بعضهم بل هذا، فهي كلها باطل. وأما إن شهدوا علي القتل فاختلف فيه، فأجازه أشهب ما لم يكن بقسامة، فإنه لا يجز القسامة(4)بشهادة الصبيان. وقال ابن القاسم(5): إنما تجوز شهادتهم فيما دون النفس، وقاله أصبغ.
وإذا شهد صبيان أن صبياً شج صبياً فنزي فيه فمات، فقال ابن القاسم لا قسامة فيه. قال محمد: ولهم دية الشجة علي عاقلة الجاني إن بلغت الثلث. قال: ولو مات مكانه [كانت الدية كاملة](6)علي عاقلته.
***
__________
(1) كذا في ع. وسقطت واو العطف في ص ففسد المعني: علي بن الزبير.
(2) في ع: وما علمنا.
(3) كذا في ص. وفي ع ما يشبه: فإذا قيد ذلك بهذا .
(4) كذا في ع. وهو الأنسب. وعبارة ص: لا يجد في القسامة .
(5) في ص: وقال أشهب. وهو تصحيف.
(6) ساقط من ص.(1/203)
[14/210]
قاله ابن القاسم. قال: [ولو كان](1)شهادة صبي علي قتله فلا قسامة فيه.
قال ابن القاسم: وإن شهد صبيان علي كبير أنه شج صغيراً لم يجز. محمد: لأنهم شهدوا علي غيرهم لبعضهم. وقال أشهب: لا يجوز صبي لكبير(2)أنه شجه [أو جرحه](3)ولا علي كبير لصغير أنه جرحه، وإنما يجوز بينهم ليبين [وإذا شهد كبير علي كبير أنه شج صبياً فإن الحكم بذلك يؤخر](4)إلي بلوغ الصغير فيحلف ويستحق حقه ولا يوقف(5)له شئ إلي بلوغه، إلا أن ينكل الكبير عن اليمين فيغرم دية الجرح.
قال مالك في صبيان في مكتب شرب أحدهم في بوقال(6)، فضرب صبي البوقال بيده فكسر سن الشارب، فشهد الصبيان قبل افتراقهم عند المعلم بذلك. فإن كان المكسورة(7)سنه فعلقها علي الصبي في ماله ويتبع به. ثم قال كالغد (كذا) نحن نجيز شهادة الصبيان بينهم إن كانوا أحراراً. قيل: فإن كانوا أبناء خمس عشرة سنة اقتتلوا بالسيوف. قال: لا قود بينهم حتي يحتلموا، قال عنه ابن القاسم: وتحيض الجارية.
قال ابن وهب قال عطاء في العبد يصاب بين العبيد أو الراعي بين الرعاة فلا تقبل شهادتهم بعضهم علي بعض، وتكون ديته عليهم جميعاً. ولو أن ثلاثة صبيان شهد واحد علي صاحبه أنه جرح الثالث فلا تجوز شهادة واحد، إذ لا يمين فيه للصبي.
***
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) كذا في ع. وهو المناسب وفي ص. لا يجوز عن صبي لكبير .
(3) ساقط من ع.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) في ع: ولا يوخذ.
(6) البوقال: كوز بلا عروة. قاموس.
(7) أقحم بين كان والمكسورة في ع كلمة غير منقوطة تشبه: أبعد .(1/204)
[14/211]
فإن قلت يحلف إذا كبر. قلت يصير كبير يحلف مع شهادة صبي، ولكن يبتدئ الشهادة الآن إن كان عدلا إن لم تكن ردت قبل ذلك، وإن كان الشاهدان من الصبيان ذكوراً أحراراً جاز ذلك علي الإناث والذكور.
قال ابن القاسم: وإن شهد كبير علي أن كبيراً قتل صغيراً ففيه القسامة، وأما صبي قتل كبيراً بشهادة صبيين فجائز إن لم يعش حتي يعلمهم، وتلزم الدية عاقلة الجاني. وأما علي جرح كبير جرحه صبي فلا يجوز وإن لم يفترقوا. قال مالك: وإن شهد كبير أن صبياً كسر يمين(1)كبير فإنه يحلف المجروح معه. أشهب: وإن شهد به لصغير علي كبير أنه جرحه فجائز، وليحلف الجارح الكبير ويترك.
وشهادة الصبيان مذكورة في كتاب الشهادات .
في القصاص من الجراح العمد بالشاهد واليمين
وذكر الشاهد في جرح الخطأ والدعوي في ذلك
قال ابن المواز: ويقضي بالقصاص في الجراح بالشاهد واليمين في صغيرها وعظيمها في العمد والخطأ، ولا شك في الخطأ.
وقال ابن عبد الحكم: لا أري ذلك في العمد إلا في اليسير من الجراح. وقد روي عن مالك [أنه يقتص بذلك رواية مبهمة لم تذكر ما صغر أو كبر. وروي عن مالك](2)أن ذلك فيما لا خوف فيه من موضحة(3)
***
__________
(1) في ع: سن.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) الموضحة: هي الجرح الذي يكشف عن العظم ويوضحة(1/205)
[14/212]
ودامية(1)وجراح الجسد. وأما اليد والعين وشبه ذلك فلا يقتص فيه إلا بشاهدين، وهذا قول عبد الملك.
قال ابن عبد الحكم: وهذه الرواية من قوليه أحب إلي، لأن الشاهد مع اليمين في الأموال، وإنما تتبعه فيما قل من الجراح استحساناً وإذا لم يختلف فيه [قوله](2).
قال محمد: وروي ابن القاسم وأشهب عنه أنه قال: يقضي بذلك فيما عظم أو صغر منها من قطع اليد وغيرها يحلف يميناً واحدة ويقتص.
قال ابن القاسم: فإن نكل حلف القاطع وبرئ، فإن نكل حبس حتي يحلف، وقيل يقطع.
قال مالك: وإن كان الشاهد غير عدل حلف المطلوب، وليس كالقسامة، وما قال أحد غير هذا إلا بعض من لا يؤخذ(3)بقوله. قال: ولا قسامة في الجراح.
وقال أشهب: إذا تعلق به وبه جرح، فقال أنت جرحتني فله عليه اليمين، وإن كان من أهل التهم أدب.
والذي في العتبية(4)من سماع أشهب عن مالك: وإذا تنازعا ثم أتي أحدهما بأصبعه مجروحة تدمي يزعم أن صاحبه عضها، قال يحلف له، وإن كان من أهل التهم أدب.
قال في الكتابين وقال ابن القاسم فيمن ادعي أن فلاناً جرحه فلا يستحلف(5)في جرح ادعاه عليه أو ضرب إلا أن يكون مشهوراً بذلك
***
__________
(1) الدامية: هي التي يدمي الجلد منها وقتها.
(2) زيادة في ع.
(3) سقطت "لا" من ص: من يؤخذ. وهو تصحيف.
(4) البيان والتحصيل، 16: 103- 104.
(5) كذا في ع وهو الصواب. وصفحت عبارة الأصل: فليستحلف.(1/206)
[14/213]
فليحلف، فإن نكل سجن حتي يحلف، وقاله أصبغ. فإن طال حبسه ولم يحلف عوقب وأطلق إلا أن يكون متمرداً فيخلد في السجن، وقاله أصبغ.
وفي العتبية(1): إلا أن يكون مبرزاً في ذلك. قال أصبغ(2): المبرز المتردد في الشئ المصر فيه بالخبث.
ومن كتاب ابن المواز: ولا يكون له إذا قال(3)فلان جرحني أن يحلف ويقتص، بخلاف النفس، إلا أن يكون مثل قتال ظاهر ينظر إلي اثنين يتنازعان ويتسابان ثم يفترقان، فيدعي أحدهما علي صاحبه العداء والجرح أو نتف اللحية، وأتت بينة حضروا ذلك من أوله وليس بالمدعي شئ ثم افترقا عن ما ذكرت، فليقتص له مما فيه القصاص، ويؤخذ العقل مما فيه عقل. وأما نتف اللحية والرأس فإنما فيه الأدب.
قال ابن القاسم عن مالك في قوله في القصاص من الجراح بشاهد ويمين إنه لأمر ما سمعت فيه بشئ ممن مضي، ولكن استحساناً. فإن نكل حلف [الجارح](4)وربرئ، فإن نكل سجن حتي يحلف، وكان يقول [يقتص منه، ثم رجع. وقال ابن القاسم في الخطإ إذا ردت اليمين علي جراح العمد كالمأمومة(5)يقتص بالشاهد واليمين، وبشاهد وامرأتين، وبامرأتين، وبامرأتين ويمين .
وكذلك بين العبيد(6)يحلف العبد المجروح مع الشاهد ويقتص، فإن نكل
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 183.
(2) في ع. قال أشهب. وهو خلاف ما يوجد أيضاً في العتبية المنقول عنها.
(3) كذا في ص. وفي ع. قال ولا يتردد نكوله إذا قال.
(4) ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(6) المأمومة : شجة بلغت أم الرأس. قاموس.(1/207)
[14/214]
حلف سيده واقتص، فإن نكل حلف العبد الجارح وبرئ، فإن نكل فلسيد المجروح القصاص منه. فإن قال أنا آخذ ما نقص عندي بنكول الجارح حلف سيد الجارح أن ما شهد به الشاهد علي عبده باطل، وإن نكل أدي دية الجرح أو أسلم فيها العبد. وأما إن كان قتلاً فلابد من يمين [العبد](1)القاتل لأنه لعله يقر فيقتل، فإن نكل حلف سيده.
ومن العتبية(2)قال ابن القاسم [في سماعه](3): إذا قام له شاهد بجرح خطأ حلف معه واستحق ديته إن كان له دية، وإن نكل حلف الجارح وبرئ، فإن نكل غرم ديته. قال سحنون روي عيسي إن كان أقل من الثلث، وإن كان الثلث فأكثر فلا شئ عليه ولا يمين. قال سحنون: لأن الدية علي غيره.
قال أصبغ: وإذا شهد له شاهد أنه شجه موضحة، يريد خطأ، وشهد آخر أنها منقلة(4)فإن لم يفت بالبرء ولا زيادة ولا نقصان نظرها غيرهما من أهل العدل، وإن فات ذلك فإن شاء حلف وله دية منقلة، وإلا فله عقل الموضحة بلا يمين.
وقال سحنون فيمن فقأ عين امرأته أو عبده وادعي أن ذلك عن أدبه لهما وأنه خطأ، وقال العبد والمرأة: بل تعمد، فالقول قول المرأة والعبد لظهور العداء، قيل أليس له أدبهما؟ وإلا كان كالطبيب. قال: قد عرف أمر الطبيب أنه غير تعدي، وهذا لم يظهر لنا غير التعدي. ثم رجع فقال لا شئ علي السيد ولا علي الزوج، وهما مصدقان حتي يظهر تعديهما.
***
__________
(1) زيادة في ع.
(2) البيان والتحصيل، 16: 90.
(3) ناقص من ص.
(4) المنقلة: الشجة التي تنقل منها فراش العظام. قاموس.(1/208)
[14/215]
قال سحنون : وإذا ادعى المفقوءة عينة ان الفاقىء فقاها خطأ ، وقال الجانى بل عمدا ، ( فإن صدقة الجانى )(1)ما لزم العاقلة شىء لأنها لا تحمل اعترافا بدية .
باب
فى الدعوى والتهم فى الجراح والقتل والإقرار
من العتبية قال مالك فى المدعى (علية)(2)القتل أو الجرح (يقر)(3)بغير محنة (ثم يرجع ، قال : لا يقبل رجوعة . وقال فيمن اتهم بقتل فأقر بغير محنة)(4)أو شهد على إقرارة رجلان وحبس ، فلما أخرج ليقتل رجع وقال إنما أقررت خوفا من الضرب(5). وقال مالك : فلا يقبل رجوعة ويقتل ، إلا أن يذكر أمرا بينا . والمدعى علية القتل بلا بينة إن كان ممن يتهم بذلك ويظن بة أطيل سجنة . وقال مالك فى سماع ابن القاسم من العتبية(6)وكتاب ابن المواز فى امرأة نزل عندها رجل فمات ( فجأة )(7)فاتهمت بة ، وقال ولية أتهمها بة من وجة لا أثبتة ، فليكشف عنها ، فإن لم تكن متهمة فلا تحبس ولا تهدد . قال ابن القاسم : وغن كانت متهمة أطيل سجنها فلعل بينة تقوم
***
__________
(1) ساقط من ع .
(2) ساقط أيضا من ص .
(3) ساقط أيضا من ص .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع .
(5) فى ص : خوفا من الضرر .
(6) البيان والتحصيل ، 15 : 456 .
(7) ناقص من ص .(1/209)
[14/216]
عليها بشىء . فغن كان ذلك ولو يوجد (شىء)(1)أحلفت خمسين يمينا وأطلقت . ولم ير مالك مع البينة تهمة يؤخذ بها(2)، ولكن يطال سجن المتهم لعلة توجد علية بينة . ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن وجد معة سيف فإن كان من أهل الطهارة والبراءة والصلاح رأيت أن يحلف . ومنة ومن العتبية رواية أبى زيد ، قال ابن القاسم فيمن اتهم بقتل رجل عمدا فسجن فأقر أنة قتلة خطأ . قال مالك : يطال سجنة لعلة يوتى علية بلطخ ، فإن لم يؤت(3)بشىء أقسم خمسين يمينا وخلى . وقال (فى) العتبية(4): ولو أنة أتى أولا بشاهد(5)وهو ممن لا يتهم أن يريد غنى ولدة أقسم ولاة المقتول مع قولة إنى قتلت فلانا خطأ واستحقت الدية . ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسن عن ابن القاسم فيمن ادعى علية قتل رجل عمدا،فإن كان من أهل الريب والتهم سجن ، ويؤجل المدعى شهرا ليأتى بالبينة ؛ وإن كان غير متهم فلا يحبس بقولة إلا أمرا قريبا اليومين والثلاثة(6). وروى يحيى بن يحيى عن ابن وهب فيمن قامت علية البينة بقتل رجل أو لوث يوجب القسامة أو يرمية المقتول بدمة ، فيقيم المتهم بينة
***
__________
(1) زيادة فى ع .
(2) عبارة ع مقلوبة : ولم ير مالك مع التهمة بينة يؤخذ بها .
(3) فى ص : فلم يوت . وهو تصحيف .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 81 .
(5) بياض فى ع مكان الكلمتين " أولا بشاهد " . والإكمال من ص .
(6) فى ص : اليوم والثلاثة .(1/210)
[14/217]
عدولا أنة كان يوم مقتل القتيل ببلد بعيد لا يبلغ من قتلة من ليلتة(1). قال : أما إذا رماة المقتول أو قام علية لوث فإن ذلك يدرأ عنة القسامة . قال يحيى : ولم يجب فى الذى تقوم علية البينة بالقتل ومعاينة الضرب . فى الذى تقوم علية البينة بالقتل(2)قال مالك فى العتبية من رواية أشهب فى جارية كانت ترعى غنما وقد أولع بها غلاميتبعها ويراودها فافتقدت هى وشاة من الغنم فى يوم واحد ثم وجدت مقتولة فأخذ العبد واتهمة سيدها ، فقال (لة)(3)رب العبد : احكم فية بما شئت ، فقال : حكمى أن تغربة عنى فرضى بذلك ، وزعم سيدة(4)أنة لم يكن علم(5)ثم أخبرة القوم الذين أخذوا العبد أنهم وجدوا جلد الشاة معة وقدحا كان للجارية ، فطلب سيدها أن يقوم امرأة صلحا قاطعا . قال مالك : ما أرى من صلح إنما قلت لة غرب عبدك عنى . فقال لة : إن كتب(6)بينى وبينة كتاب أنا اصطلحنا فى التهمة بالجارية المقتولة على أن يبيعة ويغربة فباعة ، قال: هذا صلح تام . قلت : لك القيام بهذا الذي ظهر لك وترفعه إلي السلطان فيري فيه رأيه.
***
__________
(1) بياض فى ع مكان الكلمتين : " من ليلتة " والإكمال من ص .
(2) هذا العنوان ساقط من ع .
(3) ساقط من ص .
(4) كذا فى النسختين ، ومقتضى السياق : وسيدها .
(5) كذا فى ع . وهو الأنسب . وفى ص : معهم .
(6) كذا فى ص . وفى ع : فقال إنة كتب .(1/211)
[14/218]
في عقوبة القاتل أو الجارح
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أصحاب مالك عنه : وإذا عفي عن قاتل العمد لزمه جلد مائة وحبس سنة ، وجب الدم ببينة أو بقسامة ، قال مالك : ولا يقتل من الجماعة بالقسامة إلا واحد منهم ( قاله أشهب وقاله عبد الملك . قال لأن الأولياء قد ملكوا إثباطة (كذا) دم كل واحد منهم )(1)بالقسامة ، ويعد إبراؤهم من القسامة عليهم كالعفو عن دم وجب .
قال عبد الملك : وليس لأحد عن هذا عفو ولا للسلطان ، وهو سنة ماضية وحق لله .قال غيره من ( محققي)(2)أصحابنا : لأن لله سبحانة وتعالى في عقوبة القاتل حقا ، وللوالي سلطان . فإذا عفا الولي بقي حق الله في ذلك ، ولما بقي في ذلك من التباهي ولقد أحطنا علما أن لله في ذلك حقا وأن (للولي) عليه سبيلا بما يستدل عليه فوجدنا الله قد قرن ذكر عقوبة القاتل والزاني فقال : ( ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون )(3). فلما عفا عن القاتل من له العفو بقيت لله فيه عقوبة جعلناها كعقوبة الزانى البكر : جلد مائة وسجن سنة ، والله أعلم . وقد روي فيه حديث للنبي فيمن قتل عبده(4)وروي ذلك عن أبي بكر وعن على بن أبي طالب رضي الله عنهما .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) ساق من ع .
(3) الآية 68 من سورة الفرقان .
(4) في كتاب الديات من سنن ابن ماجة : قتل رجل عبدة عمدا متعمدا ، فجلده رسول الله مائة ونفاه سنة سهمة من المسلمين .(1/212)
[14/219]
قال ابن عبد الملك : وما حق منه بقسامة أو بغيرها سواء وما حق منه على امرأة حرة أو أمة أو على عبد فذلك سواء . وما وقع فيه العفو قبل القسامة وقبل أن يحق ذوو الحق في الدم بحقه(1)فليكشف ذلك الحاكم ، فمن كان يحق عليه الدم لو أقسموا أو بالحق الثابت فيه ففيه جلد مائة وسجن سنة ، وما كان لا يوجب دما لا بقسامه ولا بما فوقها فلا جلد فيه ولا سجن . وإذا عفا عن الدم ذوو القسامة فلا يخرجهم من الجلد وسجن عام أن يقسموا كما يخرجهم ذلك من الدم إذا ردت عليهم الأيمان . قال ابن عبد الملك : ويعيد ما دام الطاخ الدم الذي يسجن فيه ، فإذا لزمه جلد مائة يوجه ما يحق عليه الحكم أرسل عنه الحديد ، يريد وسجن سنة .
قال ابن القاسم وأشهب : ومن اعترف بالقتل فعفي عنه لزمه جلد مائة وحبس سنة . قال أشهب : حدود(2)الله كلها من تاب منها أو اعترف لم تزل (عنه) توبته ما عليه من السبيل من حد أو عقوبة ، إلا المحارب وحده يتوب قبل المقدرة . وقد أقام الرسول صلي الله عليه وسلم (الرجم )(3)على المعترف(4)
ومن كتاب ابن المواز قال محمد : وإذا نكل ولاة الدم كلهم عن القسامة وقد وجبت لهم ، فعلي المدعي عليه سجن سنة وجلد مائة ، لأن إشاطة دمه(5)قد ملكت لو أقسموا لم يختلف فيه أصحاب مالك إلا ابن عبد الحكم فإنه قال : إذا نكلوا فلا جلد ولا سجن على المدعي عليه ،
***
__________
(1) بياض في ع ، والجملة كلها غامضة .
(2) في ع : وحقوق .
(3) ساقط من ص .
(4) أحاديث رجم المعترف بالزني كثيرة في الصحاح وكتب السان . ومنها حديث ما عز بن مالك الذي جاء إلي النبي عليه السلام فقال إني زنيت ، فأعرض أربع مرات وهو يقول : زنيت ، فأمر به أن يرجم وهو في كتاب الحدود من سنن ابن ماجه .
(5) إشاطة الدم : اهداره واهلاكة .(1/213)
[14/220]
ويحلف كل واحد ممن ادعي عليه القتل خمسين يمينا ويسلم من الضرب والسجن ، وإن لم يحلف حبس أبدا حتي يحلف .
(قال)(1): ولو حبسوا قبل القسامة انتظار لقسامة أو لقيقم البينة ثم قتل واحد منهم بالقسامة ، فإن يضرب من بقي مائة ويسجن سنة مؤتنفة بعد ما تقدم من السجن ، وخالفة أصحابة فقالوا : كل من حقت عليه القسامة فنكل عنها وعفي عنه لزمه السجن سنة وجلد مائة . وقاله مالك وابن القاسم وأشهب وعبد الملك وأصبغ .
وقال أصبغ : ليس على عبد(2)أنه قتل حرا أو عبدا قتل بذلك ، فإن عفي عنه جلد مائة وسجن سنة ، وبطل اقراره عن سيده .
وقال أصبغ : ليس على عبد(3)ولا على أمة حبس سنة ، وعليهما جلد مائة ، وسواء أسلموا أو فدوا . وعبد الملك لايري على قاتل العبد جلد مائة ولا سجن سنة ، قتله عبد أو امرأة(4)إذا كان بشاهد واحد . قال : ولا أقول بما قال بعض الناس إنه يقع منه بالشاهد ما يوجب القسامة في الحر إذ لم يقتل ، جلد مائة وحبس سنة ، كان الرجل المقتول حرا أو عبدا أو ذميا أو مجوسيا أو مجوسية ، وهو قول مالك ، وقاله أصبغ .
قال ابن القاسم وأشهب وأصبغ : ولو قتل السيد عبده لزمه جلد مائة وحبس سنة . قال ابن القاسم : وقد اختلف فيه . وإذا كان المقتول ذميا حرا أو عبدا قتله عبد ذمي أو مسلم أو حر فلم يقتل ، فإنه يجلد مائة ويحبس
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط أيضاً من ص .
(3) كذا في ع وهو الصواب . وصحفت في ص : ليس على سيد .
(4) كذا في ص وهو الصواب . وفي ع : قتله عبد أو حر . وهو تصحيف .(1/214)
[14/221]
سنة . ولا شك أن ذلك على الذمي يقتل مسلما حرا أو عبدا فيعفي عنه . وأما إذا قتل ذميا وإن كان عبا فإنى استحسن ذلك فيه .
وقال أشهب : وأري في اللطخ ضرب مائة وحبس سنة .
قال أصبغ : والنصرانى إذا قتل أحدا فعفي عنه فليجلد مائة ويسجن سنة . ( محمد : وإذا قتلت أم الولد سيدها فعفي عنها فعليها جلد مائة وحبس سنة )(1)وإن قتلت غير سيدها فتجلد مائة ولا تحبس . ومن العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن حبس للقتل ثم عفي عنه بعد ثبوت القتل ببينة أو بقسامة ، فإنه يجلد مائة ويئنتف به سجن سنة من يوم جلد لا يحسب ما مضي . قال ابو زسد : وإذا نكل الأوليا عن القسامة ورودها على أولياء القاتل فحلفوا وبرؤوا صاحبهم فلا بد من جلد مائة وحبس سنة .
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال مالك وابن القاسم وأشهب فيمن قتل ذميا أو عبدا له أو لغيره الذمي أو لمسلم فعليه جلد مائة وحبس سنة .
قال اشهب : والعبد إذا قتل عبدا أو حرا فسقط عند القتل ، فليجلد مائة ويسجن عاما . والذمي أو الذمية إذا قتل حرا أو عبدا أو ذميا أو ذمية أو مسلما أو مسلمة جلد مائة وسجن سنة . قال أشهب : وذلك واسع أن يكون الجلد ثم السجن أو السجن ثم الجلد . وكذلك في كتاب ابن المواز .
قال أشهب : ومن استقيد منه فلا يعاقب شئ .
قال ابن القاسم : وأما في قتل الخطأ فلا عقوبة فيه ولا سجن . قال
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع
(2) البيان والتحصيل ، 15 : 496(1/215)
[14/222]
مالك : وكل من لزمه القصاص في الجراح فإنه يعاقب بالإجتهاد ، وكذلك لو جرح منقلة وما لا قود فيه .
قال ابن حبيب (قال)(1)مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ : وكل من قتل لفا عمدا ذكرا أو أنثي حرا أو مملوكا له أو لغيره مسلما أو كافرا كتابيا أو مجوسيا فإنه يجلد مائة ويسجن سنة ويعتق رقبة . وكل قاتل عفي عنه فإنه يضرب مائة ويسجن سنة وإن كان عبدا أو ذميا . وقاله مالك . وقال ابن الماجشون : إنما هذا فيمن قتل حرا مسلما ، فأما غير المسلم فإنما يجب فيه الأدب المؤلم ، وقاله ابن حبيب .
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك في النفر يرمون بالدم فتجب في ذلك القسامة فيقسم على واحد منهم ويقتل وإن على من بقي سجن سنة وضرب مائة وكذلك لو لم يقسم على واحد منهم وعفي عنهم لكان مثل ذلك على جميعهم . ولو وقعت التهمة على أحد ولم يتحقق ما يجب به قسامة ولا قتل ، فلا يوجب ذلك ضربا ولا سجنا سنة(2)ولكن يطال سجنة ( السنين الكثيرة ن ولقد كان الرجل يحبس في الدم واللطخ والتهمة فيطال حبسه حتي يتمنى به أهله أن لو مات لطول سجنه )(3)
قال ابن حبيب قال مالك : وإن قام شاهد أن عبد فلان قتل عبد رجل فحلف وحق القتل ففدي ، فعليه ضرب مائة وسجن سنة(4)فليضرب مائة وحبسه .
قال مطرف : ومذهب المغيرة أنه ليس على العبيد حبس ، وإنما عليهم
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) كذا في ع . وهو أنسب وعبارة ص : ضربا ولا سجن فيه
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع .
(4) كذا في ع وهو الأنسب . وعبارة ص : ففدي فليضرب مائة وحبسة .(1/216)
[14/223]
جلد مائة . قال ابن الماجشون في العبد المسلم كقول مالك ، وقال في النصراني إنما عليه الأدب المؤلم .
وفي باب ما يوجب القسامة شئ من ذكر عقوبة القاتل وفي غيره من الأبواب .
فيمن وجد مع امراته رجلا فقتله
ومن تطلع في دار رجل ففقأ عينه
من كتاب ابن المواز ومن وجد في بيته (قتيل)(1)فاعترف صاحبه البيت أنه قتله ، وذكر أنه وجده مع امرأته يطؤها ، أو جاء هو قبل أن يظهر أمره فأخبره بذلك ، فإن لم يأت بأربعة شهداء قتل إلا أن يظهر عذره مثل أن يري بثقب البيت أو يتسور فيقتله صاحب البيت وقال وجدته مع امرأتى فلا قود فيه وفيه الدية .
قيل لمحمد : فلو كان ذلك فاشيا قد كثر فيه الذكر وانتشر (الخبر ، ولعله قد تقدم اليه قيل ذلك واستاذي عليه ثم وجده في بيته فقتله )(2)
فقال : لا أظنه ينفعه ذلك ، لخوفي أن يكون خدعة حتي أدخله بيته .
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون : وإذا أتي(3)الرجل بالرجل وأشهد عليه امرأته(4)أو جاريته ثم قتله بعد ذلك لم يكن عليه شئ وكذلك لو شهد عليه وهو غائب وعلم أن المشهود عليه علم ذلك ثم وجد
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) في ص : وإذا نادي .
(4) في ع : بامرأته .(1/217)
[14/224]
في داره مقتولا . وذكر عن ابن القاسم (نحوه وقال : فقتل الرجل وقتل المرأة بعينه ، وذكر ابن القاسم ) نحو هذا القول عن يحي بن سعد (وربيعة)(1)
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك (سئل)(2)عن الحديث الذي جاء : من تطلع في بيت رجل (بغير إذنه)(3)ففقأ عينه بحصاة لم يكن عليه جناح(4). قال الله (أعلم)(5)بهذا الحديث قيل أن يعقل أم يقاد ؟ قال كنت أقيد منه . ولو أن رجلا دخل بيته بغير إذنه لكان في هذا بيان (كذا) إذا تعمد قتله .
وقد ذكرنا في غير هذا الكتاب فيمن قتل رجلا في بيته ثم قال إنه أراد قتلي أو أخذ مالى فدفعته عن نفسي فقتلته أنه يقتل به .
وقد ذكرنا في غير هذا الكتاب فيمن قتل رجلا في بيته ثم قال إنه أراد قتلي أو أخذ مالى فدفعته عن نفسي فقتلته أنه يقتل به .
(ومن كتاب الإكراه للابن سحنون ذكر عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد قتيلا في دار رجل فيقول : كاثرنى على مالى فقتلته ، فإنه ينظر فإن كان المقتول داعراً متهما بالشر طل دمه ، ولزم القاتل الدية فيه . وإن كان غير متهم قتل به . قال سحنون : وقال أصحابنا المغيرة وغيره إن كان القاتل قد أشهر أذي المقتول له وأشهد على ذلك والمقتول متهم بما ذكر عنه داعر فلا قود فيه ولا دية )(6)
***
__________
(1) زيادة في ع .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط من ص .
(4) حديث الاطلاع على الناس ورد بغير هذا اللفظ وبصيغة : " من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ......." في سنن الترميذي والنسائي والدارمي
(5) في مكانها بياض في ص .
(6) هذه الفقرة بين معقوفتين ساقطة كلها من ص .(1/218)
[14/225]
فيمن قتل في الحرم
وهل يقاد من القاتل في الحرم ؟
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن قتل في الحرم أن قاتلة يقتل في الحرم ، ولو قتله في الحل فأخذ في الحرم لقتل في الحرم ، ولا يخرج إلي الحل ، ولا يؤخذ لاحلاله إن كان محرما ، وتقام الحدود كلها في الحرم وغيره ولا تؤخر ، فعسي أن يفلت أو تصيبه مصيبة الموت .
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية(1)في القاتل يوجد بمكة فيقوم أولياؤه ، قال : يقتل في الحرم ، والحرم أحق أن تقام فيه حدود الله ولا ينتظر به أن يفرغ من حجة .
فيمن دفع عن نفسه أو دفع عما ظلم فيه
وقتل رجلا
من كتاب ابن المواز : أول من إتخذ المقصورة مروان حين طعنه اليمانى فأخذه واستشار في قتله فلم ير له قتله ، فتركة واتخذ المقصورة من طيب فيها تشابيك(2)
قال عبد الملك(3): لا قصاص (علي)(4)من قتل أحدا على تأويل القرآن مثل الخوارج ، فأما ما أخذوا من مال فإنه يؤخذ منهم (إذا وجد معهم )(5)
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 6 : 77
(2) كذا في ع . وفي ص كلمة شبه مطموسة .
(3) كذا في ص وفي ع : مالك .
(4) ساقط من ص .
(5) زيادة في ع .(1/219)
[14/226]
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون يرفعة إلي عمر في رجل هربت منه امرأته إلي قومها فذهب في طلبها برجلين ، فقام أبوها إليهم بيده عمود فأخذه منه أحدهما فضربه به فكسر يده ، وأخذ الزوج منه امرأته ، فلم يقده منه عمر وقضي له بدية اليد .
قال عبد الملك : لم ير فيه قصاصا لأنه إنما كفه عن عدائه بضربه إياه ، وليس على جهة العمد الذي فيه القصاص ، وهو حسن من القول .
في خطأ الإمام والحكام في الدماء
والبينة تشهد بقتل رجل ثم قدم حيا بعد القصاص
قال ابن حبيب قال أصبغ : روي ابن وهب عن يحيي بن سعيد قال : كل من ولي الحكم بين المسلمين من أمير أو قاض(1)أو صاحب شرطة مسلط اليد ، فكل ما كان من عقوبتهم من موت وكان عن حد من حدود الله(2)أو أدب بحق فذلك هدر ، وأما ما أتى من ظلم بين مشهور متعمد(3)فعلية القود في عمده والعقل في خطئة .
قال أصبغ : وهو قولنا وجماعة علمائنا أن ما يأتى على يديه في حد أقامه أو قصاص وأدب وغيره ، مثل إجازته لشهادة نصرانى أو عبد أو مسخوط أوشبهة وهو لم يعلم حتى نفذ القصاص والحد ثم ظهر له فلا شئ عليه ، وذلك أنه مجتهد ولم يتعمد ظلما ، ولا كان منه خطأ ، ( فأما ما أخطأ )(4)فيه من الحكم فاقتص ممن لا قصاص عليه في نفس أو جارحة
***
__________
(1) كذا في ص وهو الصواب . وصفحت عبارة ع : من أمير أو قصاص .
(2) صفحت عبارة ص : وكان عن حدود من حدود الله .
(3) كذا في ص . وفي ع . بين بشهود متعمداً .
(4) ساقط من ع .(1/220)
[14/227]
أو قطع في سرقة لا قطع فيها ، فإن عقل ذلك عليه ويحمل محمل الخطأ ، يكون في ماله أقل من الثلث ، وما كان الثلث فأكثر فعلي عاقلته . كالطبيب والخاتن والمعلم .
وإن تعمد أحدا بقتل أو قطع أو جرح بغير حق ولا شبه فيخطئ بها إلا تعمد الظلم فعليه القود . وما أخطأ به في المال وقد اجتهد فلا شئ عليه ، بخلاف خطئة في الدم وما دونه ، وما تعمد من إتلاف مال بلا حق ولا شبهة فذلك في ماله ، يأخذ به المظلوم من يشاء منه ومن المحكوم له به .
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا أمر القاضي بقطع يمين رجل ( لسرقة )(1)فقطعت شماله ، فإن كان القاطع(2)من أهل الجهالة مضي ذلك ولم يقطع غيرها
وقال ابن الماجشون : عليه القطع في يمينه ، وعلى الوالي عقل يساره . ( قيل : وإذا كان قطع ذلك وهو عالم به ؟ قال : لا يزيل ذلك الحكم عن موضوعه . قيل : فلو قطعت يساره )(3)ثم سرق ؟ قال : تقطع منه رجله اليسري ، ولا قصاص على القاطع ( أو الآمر بقطعة لو لم يجزه )(4)
قال سحنون : لست أدري ما قال ، وأري قطع اليسار مجزئا عن السارق ، سواء كان خطأ أو عمدا إلا أنه يؤدب(5)إن قطع عمدا . وأن سرق مرة أخري قطعت رجله اليمنى وليس على الحاكم أو على القاطع دية .
***
__________
(1) زيادة في ع .
(2) في ص : الغلام . وهو تصحيف .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(4) هكذا هذه العبارة في ص ، وهي غامضة . ومكانها بياض في ع .
(5) هكذا في ص . وهو الأنسب . وفي ع : لأنه لا يؤدب .(1/221)
[14/228]
ومن العتبية(1)روي أصبغ وابن القاسم فيمن أقام شاهدين على رجل أنه قتل ابنه ، فأسلم إليه فقتله الأب ، ثم جاء ابنه حيا ، فعلي الشاهدين الدية دون الأب . وقال أصبغ ، والخطأ من الشاهدين كالرجوع ، فإن تعمدا(2)فذلك في أموالهما ، وإن شبه عليهما فعلي العاقلة .
قال ابن القاسم : ولو كان إنما صولح الأب على مال لرد الأب المال ، لأنه إنما شهد له شهد له بدم ، فليرد المال ، فإن لم يكن له مال اتبع ولا شئ على الشاهدين(3)وقاله أصبغ ،
في القاتل يدخل في جماعة فلا يعرف
من العتبية(4)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل رجلا في وسط الناس فهرب وطولب حتى اقتحم بيتا فيه رجلان فلا يعرف من الثلاثة . قال : يحلف كل واحد من الثلاثة خمسين يمينا ويغرمون الدية بلا قسامة من الأولياء . ومن نكل من الثلاثة كان العقل علة من نكل . وقال سحنون : لا شئ عليهم ، وشهادة البينة أنهم رأوه دخل فيهم ولا يعرفونة بعينة باطل .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 63 – 64
(2) كتبت مصحفة في ص : فإن عمدا .
(3) كذا في ع وهو الأنسب . وفي ص : ولاشئ عليه على الشاهدين .
(4) البيان والتحصيل ، 15 : 490 .(1/222)
[14/229]
مسائل من الجنايات
روي عيسي بن دينار عن ابن القاسم في العتبية(1)في عبد قتل حراً فأسلم إلي أوليائه فاستحيوه أيباع عليهم ؟(2)قال : لا إلا أن يخاف أن يقتلوه بعج أن عفوا عنه .
روي أشهب عن مالك فيمن قتل عبدا أكثر حر أنه إنما يغرم قيمته رقيقا كله . ومن قتل مطاتبا غرم قيمته مطابتا بما عليه من الكتابة وليس قيمته عبدا عليه كذا(3).
وروي أصبغ عن ابن القاسم فيمن أقر أنه ضرب(4)عبدا أو رماه فلما مات قال لم يمت من ضربي ، وقال سيده من ضربك مات أو من رميك ، فليحملف ربه أنه من ضربك أو من رميك مات ، ويأخذ منه قيمته ، وكذلك لو ثبت أنه ضربه أو رماه والله أعلم .
تم الجزء الرابع من أحكام الدماء
وهو آخرها والحمد لله .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 144 .
(2) كذا في ع وهو الصواب . وصفحت عبارة ص : فاستحياه ابتاع عليه .
(3) كذا في ع وهو الأنسب . وعبارة ص : وليس قيمته عليه عبدا كذلك .
(4) صفحت عبارة ص : أنه قتل .(1/223)
[14/230]
بسم الله الرحمن وصلي الله علي محمد خاتم النبيين
كتاب الحدود في الزني
في حد الزني وذكر الإحصان والرجم فيه
وصفة الرجم والجلد(1)
من كتاب ابن حبيب قال الثورى كانت الثيب في أول الإسلام إذا زنت حبست في البيت حتي تموت ، لقوله الله تعالى ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهم أربعة منكم – إلي قوله تعالى – أو يجعل الله لهن سبيلا )(2). قال الرسول صلي الله عليه وسلم قد جعل الله لهن سبيلا ، والسبيل الرجم(3). وقال في البكرين(4)( واللذان يأتيانها منكم فآذونهما )(5)فكانوا(6)يؤذونهما بالقول حتي نزل الحد بقوله عز وجل ( والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )(7).
ومن كتاب آخر . ونحوه في كتاب ابن المواز : وإنما رجم رسول الله اليهوديين بما أظهر عليهما في التوراة(8). وقالوا وهذا قبل نزول
***
__________
(1) هنا تضاف للمقابلة مخطوطة القروويين بفاس التى نرمز إليها بحرف ف .
(2) الآية 15 من سورة النساء .
(3) في باب الحدود من صحيح مسلم وسنن الترمذي وابن ماجه والدرامي ، ومسند أحمد .
(4) كذا في ص و ع . وفي ف : وقال في البكر .
(5) الآية 16 من سورة النساء .
(6) كذا في ف وهو الأنسب . وفي ص و ع فكان .
(7) الآية الثانية من سورة النور .
(8) في باب لحدود من صحيح مسلم ، وسنن الترمذي وابن ماجة ، ومسند أحمد .(1/224)
[14/231]
الحدود(1)(ثم نزل)(2)في الثيب والبكر ( ماذكرنا عن سفيان ، ثم نسخ ذلك بما ذكرنا في البكر والثيب )(3)
وقال في كتاب ابن المواز : حكم رسول الله في الثيب والثيبة بالرجم ، وجلد البكر ونفاه(4)وهو تغريب عام ، وقال لأنيس : أغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها(5)، فلم يذكر صلي الله عليه وسلم جلداً ، ولا جلد على الثيب ، ولا يعاقب بعقوبتين ، ولم يجعل الله سبحانه على المحارب عقوبتين ، فإذا عوقب بالقتل لم يضم معه قطع ولا غيره ، وهو أعلي العقوبات .
والرجم ليس بسنة ولكن فريضة من الله على الثيب والثيبة . قال عمر : الرجم في كتاب الله حق . قال بعض البغدادين من أصحابنا قال الله تعالى ( ويدرا عنها العذاب )(6)وهي ذات الزوج المحصنة ، ولم يذكر ما ذلك العذاب ، فبين النبي أنه الرجم في الثيب .
( من كتاب ابن المواز )(7)قال : ولا يكون الزوجان محصنين إلا (بنكاح صحيح ويكون فيه وطء صحيح قاله مالك ، ولاي كونان محصنين إلا )(8)بمسيس معلوم . وإن اختلفا في إرخاء الستر لم يكونا ولا واحد منهما محصنين لا من أقر ولا من أنكر . وقاله ابن القاسم في الإحصان
***
__________
(1) في ص : الحد .
(2) ساقط من ص .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع .
(4) في باب الحدود من صحيح مسلم .
(5) في باب الحدود من الموطأ والصحيحين ، وسنن الترميزي والنسائي وابن ماجه والدراسي وفي مسند أحمد .
(6) الآية 8 من سورة النور .
(7) ساقط من ص .
(8) ما بين معقوفتين ثابت في ع وف . ساقط من ص .(1/225)
[14/232]
(قال)(1)لأنه إن كان الرجل هو المقر بالوطء فيقول إذا أخذ في زني بعد أن طلقها إنما أردت أن أوجب الرجعة وأبرأ من المهر وألزمها العدة ، وتقول هي أردت أن ألزمه بدعواى المهر ونحوه .
وأما قول مالك في أن ذلك لا يحلها فأنا أري أن تصدق هي في (دعوي)(2)الإحلال .
قال محمد : ولو اختلفنا في الوطء بعد وقوع الزنا(3)لم يقبل قول الزانى منهما ، ورجم وإن لم يبن بها إلا ليلة ثم فارقها .
وأما إن اختلفا قبل الزنا فلايكون المقر منهما محصنا وإن أقام معها الزمن الطويل(4)ولو عشرين سنة ، قاله ابن القاسم وعبد الملك ، فارقها أو لم يفارقها
كما لو قالت بعد الإقامة الطويلة معه لم يصبنى وطلبت أجل العنين وصدقها فذلك لها ، ولا حاجة لها بطول الإقامة معه لو أقرت قبل بناء معروف وقد مات أنه أصابها في أهلها وقد أقر هو بمثل ذلك . فإن عرف أنه كان يبيت عندها في أهلها ويأتيها صدقت وإلا لم يحلها ذلك ولا يلزمها الإحصان .
قال محمد : إلا أن تثبت على إقرارها بعد الزني . قال ابن القاسم وأما أن ترجع بذلك إلي زوجها الأول فلا يكون ذلك إلا بدخول يعرف .
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون : إذا شهد عليه أربعة بالزني وله امرأة وهو مقر بمسيسها ولا ولد له منها ولا يوجد أحد يشهد عليه بإقراره بالمسيس قبل ذلك أيرجم ؟ قال : إن أقر بالبناء بها أو كان يعرف
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) زيادة في ص .
(3) في ف : بعد وقوعه .
(4) كذا في ص . وفي ع : الدهر . وفي ف : الدهر الطويل .(1/226)
[14/233]
أنه بنى بها فعليه الرجم ولا يسأل عن شئ إذا لم يعرف منه قبل ذلك إنكار المسيس فأما إن لم يكن مقرا بالبنا ء ولا عرف أنه بني فحدده حد البكر ولإن أقر بالمسيس .
قال مالك : والإحصان : إحصان عفاف في الإسلام بالحرية ، وإحصان نكاح . وقوله الله تعالى : ( يرمون المحصنات ثم لم يأتوا )(1)فهذا إحصان في الحرائر المسلمات ، فمن قذفهن من مسلم أو ذمي ذكر أو أنثي جلد ثمانين جلدة ، وعلى العبد أربعين(2)ذكرا أو أنثي مسلما أو ذميا . ولا يحصن إلا وطء صحيح .
قال مالك فيه : إذا وطئها في نكاح صحيح وهي حائط أو صائمة أو محرمة أو قد ظاهر منها فلا يحلها ولا يحصنها(3)وقاله المصريون من أصحابة وهي روايتهم عنه ، وقاله أصبغ .
وقال المغيرة وابن دينار إن ذلك يحصن ولا يحل وروياه عن مالك قال ابن الماجشون : وهو يحل ويحصن .
قال ربيعة في أختين توء متين أصابتا(4)الفاحشة ، واحدة بكر وأخري ذات زوج هما سواء في إيجاب الحد أو رفعه ، ليس الزوج لهذه يوجب عليها ذلك ما لم تنبت شعرا أو تحض(5).
والخصي إن كان له عسيب يحصنها ، لأن الإحصان ليس بالماء(6)إنما هو مجاوزة الختان الختان(7)فإذا جاوز عيبه ختانها أحصنها . وكذلك
***
__________
(1) الأية 4 من سورة النور .
(2) كذا في جميع النسخ . ومقتضي العربية : أربعون .
(3) صفحت عبارة ص : فلا يحلها ولا يحلها .
(4) صفحت عبارة ص : في أختين يوما أصابت .
(5) في ص : أو يحيض وهو تصحيف .
(6) كذا في ع و ف وهو الصواب . وصحف في ص : بالبناء .
(7) سقطت "الختان" الثانية من ص .(1/227)
[14/234]
لو قطعت حشفته وانثياه ، وذلك أيضا يحلها ، وفي ذلك الغسل . فأما المجبوب فلا يحل ولا يحصن ولا حد فيه ، والمقطوع الحشفة الحر إن زني رجم وإن لم ينزل إن كان محصنا .
قال محمد : وإذا تأيمت المرأة بعد إحصانها أو الرجل أو كانا على نكاحهما . فقد وجب عليهما الإحصان .
وكل ما ذكرنا هاهنا من الإحصان فهو في كتاب النكاح وأكثر منه ، وتركت باقي هذا الباب لأنه في كتاب النكاح
قال مالك : ولا يحفر للمرجوم وما سمعت عن أحد ممن مضي يحد فيه أن يحفر له أو لا يحفر له ، وأري أن لا يحفر له . وقوله : فرأيت الرجل يحني على المرأة(1)دليل أنه لا يحفر له ولا يربط واحد منهما .
قال أشهب : وإن حفر له فأحب غلي أن تخلي يداه(2)ويحسن عندي أن لا يحفر له ولا يربط . قال : وقد أقامت الأئمة الحدود فلم يعلم أن أحدا منهم تولي ذلك بنفسه ولا ألزم ذلك البينة
، وإنما يأمر بالحد كما يأمر بغيره ، فيرمي بالحجارة التى يرمي بمثلها ، فأما بالصخور العظام فلا يستطاع الرمي بتلك ، ولا يرفع عنه حتي يموت . وكذلك المرأة .
وبعد هذا باب في (صفقة)(3)ضرب الحدود كلها .
***
__________
(1) يشير إلي ما جاء في حديث الرجم في الموطأ عن عبد الله بن عمر قال : فرأيت الرجل يحنى على المرأة يقيها الحجارة ، أى يكب عليها .
(2) في ص . أن تحل له يداه .
(3) ساقط من ص .(1/228)
[14/235]
في النفي وعلى من يجب
من كتاب ابن المواز قال : إذا حد البكر الزانى فلينف من بلده إلي بلد غيره ويحبس سنة بموضع ينفي إليه ، وليس على النساء نفي ولا على العبيد لقول النبي – صلي الله عليه وسلم – لا تنفي المرأة إلا مع ذي محرم منها(1)، والعبد يدخل على سيده الضرر . فصارت عقوبة على سيده . قال غيره : ولا قرار للعبد ، وإنما ينفي ذو القرار .
قال محمد : وقد قال النبي في الأمة إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم قال في الثالثة أو الرابعة فبيعوها(2)ولم يذكر نفيا . وما روي عن عمر من نفي العبد فقد روي ما دل على خلافة أن عبد الله بن عياش(3)أمره عمر ان يجلد ولائد الإمارة في الزنى خمسين خمسين . قال مالك : ولم أمسع منه بنفي .
قال : وينفي من مصر إلي الحجاز إلي مثل منف(4)وما والاها ، ومن المدينة إلي فدك وخيبر ، ذكره مالك أنه كان ينفي عندهم كذلك ، وذكر أن عمر نفي إلي البصرة ، ونفي عمر بن عبد العزيز من مصر إلي منف . قال ابن القاسم : وأسوان أيضا ، ودونها منفي أيضا إذا حبس فيها . ويكتب إلي والى ذلك البلد أن يقبضه ويسجنه عنده ويحسب(5)السنة من يوم يصير في السجن .
***
__________
(1) أحاديث منع خروج المرأة إلا مع ذي محرم جاءت في أحاديث متعددة بلفط " لا تسافر المرأة ...... إلا مع ذي محرم . ولم أقف على حديث بلفظ " لا تنفي " ولعله تصحيف . "
(2) في الموطأ عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنى . وآخر الحديث فيه : ثم بيعوها ولو بضفير .
(3) عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومى . وهو أيضا في الموطأ في باب جامع ما جاء في حد الزني .
(4) منف : اسم مدينة فرعون بمصر . معجم البلدان .
(5) صحف في ص ويحبس .(1/229)
[14/236]
قال ابن حبيب عن مطرف : ويؤرخ يوم سجنه .
قال في كتاب ابن المواز : وكراؤه في سيره عليه في ماله في الزانى والمحارب ، فإن لم يكن له مال ففي مال المسلمين . وقاله أصبغ . قال : وإنما ينفي المخنثون إلي الموضع القريب ولا يحبسون ويخلون اليوم بعد الأيام للمسألة والمعاش . قال مالك : وسمعت أن النبي صلي الله عليه وسلم نفي المخنثين وأن نفيهم حسن .
قال ابن حبيب : كان في عهد النبي مخنثان فنفاهما إلي غير جبل بالمدينة .
في الشهادات في الزني وما يتم به واختلاف البينة فيه
وكيف إن أتوا معترفين
من كتاب ابن المواز : ولا يجب حد الزني إلا بأحد هذه الوجوه ، إما بإقرار لا رجوع بعده حتي يحد ، أو بأربعة شهداء عدول على الرؤية ، أو يظهر حمل بامرأة غير طارئة لا يعرف لها نكاح ولا ملك . هذا قول مالك وأصحابة .
قال عيسي في العتبية(1)عن ابن القاسم ، وهو في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم أيضا : لا يتم الشهادة في الزني حتي يشهد أربعة في موضع واحد في يوم واحد وساعة واحدة على صفة واحدة .
قال مالك في كتاب ابن المواز : وحتي يقولوا كالمرود في المكحلة في البكر والثيب ، فإن نفوا فهو كالنكال(2)على المشهود
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 319
(2) هكذا في ص ر ع . وفي ف : فإن لم يقولوا هذا فهو النكال .(1/230)
[14/237]
عليه . محمد(1)وذلك إن لم يكن في شهادتهم أنه زني ولا ذكروا زني وإنما شهدوا على ما وصفوا .
( من كتاب ابن المواز )(2)قال أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية(3): لو شهد رجلان وقالا معنا رجلان آخران ، فأري أن يحدا وروي ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشوف قال : إذا شهد بالزني أربعة جازت شهادتهم وإن كانوا هم القائمين بذلك وجاءوا مجتمعين أو مفترقين إذا كان افتراقهم قريبا بعضهم من بعض .
وروي أصبغ عن ابن القاسم في العتبية(4)في أربعة شهدوا على رجل بالزني فتعلقوا به وأتوا به السلطان وشهدوا عليه فلا تجوز شهادتهم عليه وأراهم قذفة . وروي يحيي بن يحيي عن ابن القاسم خلاف هذا ومثل قول أشهب .
ومن كتاب ابن المواز عن أشهب فيمن قذف رجلا بالزني وقال أنا أقيم عليه أربعة فأتي بواحد وقال(5)وهذا آخر في المسجد ، وآخر في القيسارية ، وآخر في السوق ، فذكر أمكنة فريبة(6)وأتي بهم من ساعته فلا ينبغي للإمام أن ينتظر به حتي يحده هو ومن شهد معه إذا لم تكن شهادتهم متواترة . وأما إذا تمت الشهادة قبل إسقاطها بجهل من الإمام فهي جائزة ، ويحد المشهود عليه ، ولكن (لا)(7)ينبغي للإمام ندبا أن ينتظر به حتى يجده ومن شهد معه ولو جاء اليوم بشاهدين أو يواجد فلو يجد
***
__________
(1) كذا في ع و ف . وفي ص كلمات مقحمة مشطب على بعضها .
(2) زيادة في ع و ف .
(3) البيان والتحصيل ، 10 : 9 .
(4) البيان والتحصيل ، 10: 23
(5) هكذا في ع و ف . وهو الأنسب . وفي ص . فأتوا وقال .
(6) صفحت عبارة ص : فذكر أمكنة وسوق .
(7) سقطت (لا) من ص فأفسدت المعنى .(1/231)
[14/238]
حتى أتى بآخر(1)بعد ذلك وبآخر حتى أتم(2)أربعة مفترقين فإنها تقبل ويحد الزانى
قال محمد : وإن جاء رجل إلي الإمام على وجه الشهادة فقال : أشهد على فلان أنه زني فليجد إلا أن يأتى بأربعة سواه ( فإن ذكر أربعةم سواه )(3)حضورا أو قريبة غيبتهم ترك ويوثق منه وكلف(4)أن يبعث فيهم . وإن ادعي بينة بعيدة(5)حد ، تم إن جاء يهم سقط عنه جرحة القدف(6).
وروي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا على رجل أنهما رأياه مع امرأة تحت لحاف أو رأيا رجليها على عنقة أو ما هو دون الزني لم يكن عليهما شئ ، لأنهما لم يقذفا ، ويعاقب الرجل والمرأة . ولو قالا رأيناه يزني بها كالمرود في المكحلة جلدا الحد ثمانين .
وروي عيسي في العتبية(7): أن شهادة ابن الملاعنة تجوز في الزنا ، ولا تجوز فيه شهادة ولد الزنا .
وإذا اختلفت البينة فقال أحدهم زني بها في غرفة وبعضهم في سفل ، أو قال بعضهم منكبة وقال بعضهم مستقلية ، أو قال البعض ليلاً وبعضهم نهاراً ، أو يوم كذا وآخرون يوم كذا ، واختلوا في الساعات بطلت الشهادة ويحدن للقذف .
***
__________
(1) كذا في ع و ف . وهو الأنسب . وفي ص : فلم يجد حتى إن تأخر . وهو تصحيف .
(2) في جميع النسخ (تم) ولا تسبقة مع ( متفرقين )
(3) ساقط من ص .
(4) صحف في ص : وحلف .
(5) صحف كذلك في ص : بينة قريبة .
(6) في ص : جرح القذف . وهو تصحيف .
(7) البيان والتحصيل ، 10 : 230 .(1/232)
[14/239]
وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون في الشهود يتفقون في صفة الزني والرؤية ويختلفون في الأيام والمواطن فهذا لا يبطل الشهادة . وانظر فإذا اختلفوا فيما ليس على الإمام أن يسألهم عنه وتتم الشهادة مع السكوت عنه فلا يضرهم اختلافهم فيه مع ذكرهم .
وقال أصبغه عن ابن القاسم عن مالك : إن الشهادة بهذا ساقطة في الزنى والسرقة ، وجائزة في الخمر والقذف .
وروي عيسي عن ابن القاسم في العتبية(1)وهو في كتاب في أربعة شهدوا على رجل بالزنى ، فقال اثنان منهم اغتصبها ، وقال اثنان طاوعته ، قال يحد الشهود ولا يحد الرجل لاختلاف الشهادة .
قال في العتبية(2): فإن أقر حد وإن أنكر جلدوا . وقال في كتاب محمد : ولا يكون على الرجل والمرأة حد ولا أدب .
قال : وكذلك إن قال اثنان نشهد أنه زنى بها ، وقال اثنان نشهد أنه غلبها على نفسها ولم يقذفاها هى فالحد عليهم أربعتهم لأن اثنين قاذفان لها ، وسقطت شهادة الآخرين .
قال في العتبية(3)من رواية أبي زيد في أربعة شهدوا أنه زني بامرأة فأخذ الرجل فهربت المراة ، فقال اثنان منهم رأيناه يزني بفلانة التى هربت ، وقال الآخران : زني بامرأة لا ندري أهي فلانة أو غيرها ولا يعرفانها ، فليحد الأربعة وهم فذفة للمرأة .
انظر قوله (في)(4)المرأة ، وأصله أنه لا يحد في القذف لغائب وهم إذا لم يحدوت كيف يستخرجون .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 322 .
(2) للبيان والتحصيل ، 16 : 322 .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 348 .
(4) زيادة في ف .(1/233)
[14/240]
انظر مسألة الذي أخذ يزنى بإمراة فهربت ، فقال هى زوجتى في باب الإفرار بالزنى ، ومسألة شهادة شاهدين على اغتصاب الذمي في باب الاستكراه .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا شهد أربعة فقال اثنان على الوطء واثنان على الخلوة والنفس العالى والملاصقة ( حد اللذان ذكرا الرؤية ، وعوقب الرجل والمرأة بالشهادة على الخلوة والنفس )(1)قال أشهب : بمائة جلدة ونحوها . وإن وصف ثلاثة الزنى وقال الرابع لم أره في الفرج حد الأربعة إن شهد الرابع معهم أنه زنى وإن لم يقل زنى وإنما قال رأيته على بطنها وشبهه فلا شئ عليه . وقال في المدونة ويعاقب .
وفي كتاب القذف باب في اختلاف البينة في القذف .
وإذا شهد أربعة بالزنا ثم غابوا قبل أن يسألوا غيبة بعيدة أو ماتوا نفدت الشهادة وحد . فأما إن أمكن الإمام مسألتهم أو مسألة واحد منهم فلا يقيم الحد حتى يسأله ، فإن كان(2)في ذلك ما يبطل الحد ابطله ، وحد الشهود كلهم حد القذف ، وإن كان في سرقة لم يعاقب(3)وا ولا أدبوا ، وإن كان في الزنى (أكثر من ) أربعة (فغاب أربعة )(4)لم يسأل من بقي منهم وإن أمكنه مسألته ، لأنه لو رجع لم يزل الحد بذلك ، ولو رجع من سوي الأربعة بعد إقامة الحد لم يغرموا شيئا . وقال ابن القاسم : يحدون ثم رجع إلي هذا . وقد اختلف فيه أيضا قول اشهب فيما أحسب . وأحب إلي أن لا يحد الخامس ولا يغرم حتى يرجع واحد من الأربعة ، فيغرم هو ومن رجع قبله ربع الدية
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) في ف : فإن قال .
(3) ساقط من ف .
(4) ساقط من ص .(1/234)
[14/241]
وإذا رفع رجل إلي الإمام شهادته أنه رأي فلانا يشرب خمراً أو يسرق فرد الوالى شهادته لم يكن عليه عقوبة إن طالبه المشهود عليه . وهذا بخلاف أن لو شهد عليه بالزني . وإن كان للسرقة من يطلبها حلف معه وأخذها ، وإن لم يكن طالب ولا شهد بها للإنسان فلا عقوبة عليه إن كان عدلا ، وإن لم يكن عدلاً عوقب إن لم يأت بمخرج
قال أشهب : إن كانت شهادته على وجه المشاتمة عوقب إلا أن يقيم شاهدين سواه ، فإن ادعي بينة بعيدة لم يهمل وأوجع أدبا ، وإن كانت قريبة أوقف هو والمشهود عليه وقيل به ا بعث إلي من يشهد مهك ،فإن أقامهم لزم الحد من شهدوا عليه .
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن شهد عليه رجلان أنه طلق امرأته أو أعتق جاريته ثم رأياه(1)يطؤها إنه لا شهادة لهما ولا حد عليهما ، إذا لو جازت شهادتهما على الطلاق أو العتق لزمهما الحد ، والحد لو حد يجرحمها(2)فسقطت الشهادة كلها . وكذلك من ورث { أخاه }(3)وفي تركته عبدان فأعتقهما ، ثم شهد العبدان على ولد ولدته أمة للميت بأن الميت أقر بوطئها وأنه ولده ، لم تجز شهادتهما ، لأن ذلك برقهما ، شهادة العبدين لا تجوز .
وأما لو قال شاهدا الطلاق { والعتق }(4)إن رأيناه على بطنها في شهادة واحدة فهاهنا يقضي بالطلاق والعتق ، وتجب عليه العقوبة ، لأنهما لو فرقا شهادتهما ها هنا جازت ، وفي الأول لا تجوز ولو فرقا ذلك ، وقاله أصبغ
***
__________
(1) في ص : ثم رأيناه وهو تصحيف .
(2) كذا في ع و ف ، وهو المناسب . وصفحت عبارة ص : والجلد لو حد يرجمها .
(3) ساقط من ص .
(4) ساقط أيضا من ص .(1/235)
[14/242]
في الشهادة على الشهادة في الزني
والشهادة على الحكم فيه وعلى الإقرار به
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك : لا تجوز الشهادة على الشهادة في الزني إلا على شهادة كل واحد من الأربعة أربعة ، ولا يجوز أربعة على أربعة وإن كانوا كلهم قد سمعوا من الأربعة ، إلا ستة عشر شاهداً . قال مطرف : وهكذا سمعت مالكا يقول .
قال مالك : وإن حضر ثلاثة على الرؤية وغاب الرابع أو مات فلا تقوم شهادته إلا بأربعة ينقلون عنه ، وإن احتاج الإمام إلي تعديلهم فلا يقبل إلا أربعة يعدلون كل رجل منهم(1)وكل شئ من شهادة الزني لا من رؤية ولا من نقل ولا من تعديل فلابد من اربعة أربعة(2).
قال ابن الماجشون وجميع أصحابنا ابن القاسم وغيره : تجوز شهادة أربعة على أربعة في الزني إذا كانوا كلهم سمعوا من الأربعة ، فإن تفرقوا جاز اثنان على كل واحد منهم حتي يصيروا ثمانية على اربعة ، ويجوز في تعديلهم ما يجوز في تعديل غيرهم : اثنان على كل واحد ، وأربعة عليهم أجمعين . وابن القاسم في غير كتاب ابن حبيب يقول : يزكيهم كلهم اثنان .
وقال ابن المواز عن ابن القاسم : إن شهد واحد على رؤية(3)نفسه وثلاثة على شهادة ثلاثة فذلك تام ، ولا يجب الحد حتي يكون عدد الشهود
***
__________
(1) هذه عبارة ع و ف ، وهي صحيحة . واضطربت عبارة ص : فلا يقبل إلا بتعديل باربعة على تعديل كل واحد منهم .
(2) أربعة الثانية ساقطة من ص .
(3) في ص : ورثة . وهو تصحيف .(1/236)
[14/243]
عند الحاكم أربعة ثم يجدد(1)عدد الشهود على الرؤية أربعة . وكذلك لو شهد اثنان على شهادة اثنين ، واثنان على شهادة { اثنين ، واثنان على شهادة }(2)ثلاثة ، واثنان على شهادة واحد ، فتكون قد تمت { الشهادة }(3)أيضا من كلات الفريقين . وكذلك اثنان على الرؤية ، واثنان على شهادة اثنين ، وأما واحد على رؤية نفسه ، واثنان على شهادة ثلاثة لم تجز الشهادة ويحد الشاهد على لارؤية للقذف .
وأما الشاهدان على الشهادة فإن لم يكت في شهادتهما أنه زان ، وإنها قالا(4)أشهدونا على شهادتهم أن فلانا زان رأيناه وفلان معنا ، لم يحد الناقلان عنهم ... ، وإن قدم الثلاثة حدوا إلا أن يثبتوا على شهادتهم حين قدموا ويشهدوا بها ، فيحد المشهود عليه .
قال محمد : ذلك إذا تأخر ضرب الشاهد الأول حتي قدم هؤلاء وكذلك إن لم يقدم منهم غير واحد فشهد . هذا كله قول ابن القاسم ، وهو قول أشهب في كتبه ، وقاله أصبغ .
وقال في { باب }(5)القاذف يقيم شاهدين أن فلانا الوالي حد المقذوف في الزني بشهادة أربعة فلا ينفعة ذلك حتي يقيم أربعة على حد الوالي { له }(6)في الزني . وإن لم يقولوا حده بشهادة أربعة إن كان الإمام عدلا فيبرأ بهذا ، وإلا حد هو والشاهدان . هذا قول مالك وأصحابه ، وذكر ابن
***
__________
(1) كذا في ص . وفي ع و ف : يحد .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضا من ص .
(4) في ص : وأنه قالوا وهو تصحيف .
(5) زيادة في ع .
(6) ساقط من ص .(1/237)
[14/244]
حبيب عن مالك نحوه إلا في حد الشاهدين فقال عنه لا يحدان لأنهما لم يشهدا على رؤية ، وإنما شهدا على فعل غيرهما .
وهذا مع زيادة فيه في كتاب القذف في باب التداعي في القذف ، { والقاذف }(1)يقيم البينة بما يبرئة .
وقال في كتاب ابن المواز : ويجوز في الشهادة(2)على كتاب قاض إلي قاض في الزني بشاهدين إذا ثبت الزني عند الأول بأربعة ، ويحضر المكتوب إليه أربعة عدولاً لإقامة الحد عليه .
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك : وإذا شهد رجلان على إقرار رجل بالزني وهو يجحد فهو كرجوعة فلا شئ عليه ، كانوا اثنين أو أربعة ولا حد على الشاهدين وإن { لم }(3)إن يكونا عدلين .
في الرجوع عن الشهادة في الزنى
وكيف إن وجد أحدهم عبداً أو مسخوطاً أو زوجاً
أو وجد المرجوم مجبوباً(4)
من العتبية(5)من رواية أبي زيد عن ابن القاسم في خمسة شهدوا على رجل بالزني ثم رجع واحد ، فلا شئ على الراجع حتي يرجع واحد من الأربعة ، فيحد الراجعان(6). وقال ابن المواز عن ابن القاسم : على الراجع
***
__________
(1) ساقط أيضا من ص .
(2) صفحت عبارة ص : ونحوه في الشاهدة .
(3) ساقط من ص .
(4) في ع : مجنونا وهو تصحيف .
(5) البيان والتحصيل ، 16 : 349 .
(6) في ص : الرجلان . وهو تصحيف .(1/238)
[14/245]
الحد وإن بقي بعده أربعة . وقد اختلف عنه فيه ، واختلف فيه عن أشهب ، وأحب إلي أن لا يحد ولا يغرم شيئا ، لأن الحد قد أثبته أربعة غيره .
قال ابن القاسم في الكتابين : ثم إن رجع واحد من الأربعة بعد رجم الزانى ضرب الراجعان الحد وغرما ربع الدية . قال محمد : وإن كثر عددهم ، وإنما الغرم على لاراجع من الأربعة وعلى من رجع قلبه وإن كثروا . ولو رجع بعد الرابع آخر لزم كل من رجع نصف الدية مع الحد . وكذلك في ثالث { حتى }(1)لا يبقي غير واحد ، فعلي كل من رجع ثلاثة أرباع الدية بينهم بالسوية . وإن رجع الباقي تمت الدية على الجميع وحدوا كلهم .
قال أشهب : وكل من قذفة ممن رجع عن شهادته فعليه الحد ، وإن قذفه غيرهم لم يحد ، لأن الحد وجب بحكم .
وقال في العتبية(2)أبو زيد عن ابن القاسم : وإذا أتي قاذف رجل بأربعة شهدوا على رجل بالنزي ضرب المقذوف وبرئ القاذف(3)، فإن نزع واحد من الأربعة ضرب النازع دون القاذف ، وكذلك إن رجعوا كلهم حدوا دون قذف .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا رجم المشهود عليه ثم رجعت البينة فلا قتل عرى من رجعوا وقاله أصبغ عن ابن القاسم . وكذلك إن تعمدوا عليه الشهادة في قصاص أو قطع لم يقتص(4)منهم وعليهم الغرم فيما فيه الدية ، وقاله أصبغ(5).
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 351 .
(3) كذا في ع و ف . وهو الأنسب . وفي ص : ضرب المقذوف عن القاذف .
(4) صفحت في ص : لم يقبض .
(5) أصبغ : ساقط من ف .(1/239)
[14/246]
وروي ابن حبيب عن ابن الماجشون : أنهم إن رجعوا في الزني باشتباه أو شك فلا غرم عليهم حتي يقروا بتعمد الزور فيغرموا الدية في أموالهم مع الحد .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا رجم ثم وجد أحد الشهود عبداً أو نصرانيا أو أعمى(1)أو ولد زوجاً ، حد الشهود كلهم حد القذف والأعمي وولد الزني والنصراني ثمانين ، والعبد أربعين والزوج ثمانين ،إلا أن يلاعن ، ودية المرجوم على عاقلة الإمام / وقال ابم القاسم وأشهب ، وذكر عن ابن القاسم أنه قال : إلا أن يكون من بقي من الأربعة قد علموا أن رابعهم { عبد }(2)فتكون الدية في أموالهم .
قال ابن القاسم : وإن كان أحدهم زوجاً وقد رجمت فليلاعن الزوج فإن أبي حد ، ولم يحد الثلاثة لا عن أو لم يلاعن ، وله الميراث نكل أو لاعن .
وروي ابن حبيب عن أصبغ أن الزوج إن لاعن بعد الرجم سقط الحد عن الشهود ، وإن لم يلتعن حد هو وهم .
قال محمد ابن القاسم : ولاشئ على الزوج من ديتها ، ولا على عاقلة الإمام ، ولا على عاقلة الشهود ، وليس بخطإ صراح ٍ(3)وهو مما يختلف فيه ، وبخلاف شهادة العبد النصراني ، وقاله كله أصبغ واعجبه إلا الميراث فوقف عنه ، لأن فيه تهمة القتل العمد وشبهه .
وقال مالك : وإن وجد أحدهم مسخوطا قال ابن حبيب عن أصبغ : أو منبوذا ، فلا حد عليهم بعد الحكم ، ولا دية على عاقلة الإمام ولا على غيرهم ، وإن كان قبل الحكم حد جميع الشهود .
***
__________
(1) صحف في ص : أو أعجمياً .
(2) ساقط من ص .
(3) صحف في ص : جراح .(1/240)
[14/247]
قال ابن المواز(1)قال اشهب : وإن وجد المرجوم مجبوبا فديته على عاقلة الإمام ولا حد عليهم ، وعليهم وجميع الأدب وطول السجن ، إلا أن يقولوا رايناه يزنى قبل جبابه(2)فتمضي شهادتهم ، ولا حد على الشهود بكل حال وإن لم يقولوا قبل جبابه .
في الإقرار بالزني وكيف إن رجع ؟
والإقرار بالإحصان وفي المقر بقتل أو بجرح ثم ينزع
من كتاب ابن المواز : { قال }(3)ومن أقر بالزني بغير خوف ولا محنة ثم نزع ، إن ذكر للإقراره وجهاً وسبباً(4)، { فلم }(5)يختلف فيه أصحاب مالك أنه يقبل رجوعه . وأما إن لم يكن لذلك وجه إلا على التوبة والإقرار فاختلف فيه ، فروي عن مالك أنه لا يقبل منه إلا بأمر يعذر به ، وقال { به }(6)أشهب وعبد الملك ، وقال ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم : يقبل وإن لم يأت بعذر .
وروي ابن وهب عن مالك أنه يقال مالم يكن لأحد فيه تباعة . قال ابن القاسم : وكذلك كل مقر بشئ هو لله فليؤخذ به ما لم يرجع عنه فإنه يقال ، وكل من اعترف بشئ للناس ثم نزع لم يصدق وأخذ بذلك . وكذلك في السرقة يغرم السرقة ولا يقطع لرجوعه . وقد اختلف في اتباعه بها في عدمه .
***
__________
(1) في ص : قال ابن حبيب
(2) صحف في ص كذلك : قبل حياته .
(3) ساقط من ص .
(4) كذا في ص بصيغة المعلوم . وفي ع و ف بصيغة المجهول : وإن ذكر لا قراره وجه وسيب .
(5) ساقط من ص .
(6) ساقط أيضا من ص .(1/241)
[14/248]
وقال أشهب وعبد الملك كما ذكرنا : يقبل منه إن جاء بعذر ، وإلا لن يقبل منه . واحتج ابن عبد الحكم في إقالته بقول النبي في ماعز لما هرب : هلا تركتموه(1). قال محمد : وبه نأخذ يقبل منه وإن لم يكن عذر . وكذلك لو رجع عن إقراره بشرب خمر .
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون مثل ما ذكر عنه محمد : إنه لا يقال إلا أن يورك(2)، قال مثل أن يقول إنما أردت أني أصبت امرأتى حائضاً أو جارتى وهي أختي من الرضاعة فظننت ذلك زني ، وإن لم يورك فلا يقال
وقال مطرف عن مالك : يقبل منه ورك أو لم يورك ، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ قالا: فهو قول جميع أصحابنا وبه أخذ ابن حبيب .
قال ابن الماجشون : ومن أقر أنه وطئ جارية امرأته ثم قال كذبت فإن لم يورك ولم يزد على قوله كذبت فإنه يحد ، ولو ورك فقال لم أرد الزني وإنما أردت أني وطئتها بعد أن وهبتها لى لم يحد وأقيل ، ويؤدب لتركه الإشهاد ويسقط عنه الحد ، ٍلأنه لم يقر أنه وطئ بزني ، وإنما وطئ { بتلك الهبة }(3)التى زعم . ولو أخذ معها يطوؤها فادعي الهبة حد إن لم يقم بينة على ما قال ، فأما إن لم يؤخذ معها وإنما هو مقر فكما ذكرنا من الأدب فقط .
قال ابن المواز { قال ابن القاسم }(4)ولو نزع بعد أن جلد أكثر الحد لأقيل وإن لم يورك بعذر. وقال أشهب وعبد الملك لا يقال إلا أن يورك فيقال ما لم يضرب أكثر الحد فليتم عليه ، وإن ورك . وقال ربيعة : يقال فيما ليس لأحد فيه تباعه إلا أنه ليس كمن اعترف أربع مرات ثم
***
__________
(1) تقدم تخريخ هذا الحديث .
(2) التوريك : نية بنويها الحالف غير ما نواه مستحلفة . قاموس .
(3) ساقط من ص .
(4) ساقط من ص .(1/242)
[14/249]
نزع . قال مالك : ما اعرف هذا أن الإمام يعرض عن المعترف حتي يعترف أربع مرات .
قال مالك في المتهم بالقتل يقر بلا محنة ويشهد على إقراره فيسجن ، فلما أخرج للقود نزع وقال أقررت خوفا من الضرب { فإنه }(1)يقتل إلا أن يأتى بأمر يعرف(2). قال محمد : لأنه حق للناس ، ولو عفي عنه لم يكن عليه جلد مائة وسجن سنة .
وإذا قال رجل ضربنى فلان وفلان ثم مات ، فأقر رجل منهم أو من غيرهم أنه قتله ، أنه يقتل بلا قسامة إن أقام على قوله ، ثم يقسم الأولياء على أحد الباقين من شاءوا منهم فيقتولنه ، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة . قال مالك : وإن رجع المقر قبل رجوعة .
قال أشهب : ومن أقر بقتل عمد ثم رجع يقبل وليقتل وإن لم يشهد على قوله إلا رجل ، وقيل لا يقتل إلا بشاهدين على إقراره .
قال ابن شهاب فيمن اعترف بعد أن جلد الحد إنه لا يحد . قال محمد : وذلك إذا اعترف بالزني الذي حد فيه أو بزني قبله ، فأما بزني بعد أن حد فليقم عليه إن بقي على إقراره .
قال مالك : ويسأل الإمام الزانى هل هو بكر ويقبل قوله إنه بكر ، إلا أن تقوم بينة أنه ثيب . ولا تجوز شهادة رجل وامرأتين على الإحصان ، وقيل لا يسأله حتي يكشف عنه ، فإن وجد من ذلك علما وإلا سأله وقبل قوله بلا يمين ، وهذا أحب إلينا .
***
__________
(1) ساقط أيضا من ص .
(2) في ص : بأمر معروف .(1/243)
[14/250]
وإذا قالت المشهود عليها بزني أو سرقة أو شرب خمر أو قذف أو قصاص إنى حامل فلا يعجل عليها الإمام حتي يتبين أمرها ، فإن كانت حاولاً تركت حتي تضع فيقام عليها إن وجدوا لأبنها مالاً يسترضع به ، ولا تؤخر حتي تستقل من نفاسها . قال محمد : هذا في الرجم أو القتل إن كان لولدها مال يسترضع به أو كان له من يرضعه .
قال ابن القاسم واشهب : ومن أقر أنه زني بفلان فإن سمي من لا تعرف فليس عليه إلا حد الزني إن أقام على إقراره ، ولا يحد للقذف ، وإن نزع لم يقم عليه بشئ . وإن سمي امرأة تعرف فأنكرت حد لها ، ويحد للزني { بجلد }(1)أو برجم إن لم يرجع بعد جلد الفرية . وإن قالت غصبنى وكان من ذلك أمر يعرف به صدقها قبل منها .
وفي كتاب السرقة باب في الإقرار بالحدود بوعيد أو بغير وعيد فيه كثير من معانى هذا الباب ، وفي باب الاستكراه شئ من إقرار العبد وغيره من معانى الإقرار .
***
__________
(1) ساقط من ع .(1/244)
[14/251]
فيمن أقر أنه وطئ(1)فلانة بنكاح أو { ملك ولا }(2)بينة له أو أخذ مع امرأة فقال هي زوجي أو أمتي أو وطئ أمة
وقال باعها ربها مني أو وهبها لي
أو كان ذلك في أمة زوجته
ومن شهد عليه أنه طلق امرأته وهو منكر ثم وطئها
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن قال عند قوم وطئت فلانه بنكاح أو قال البارحة أو اشتريت أمة فلان فوطئتها ، قال : لا يكلف بينة بالنكاح ولا بالشراء ولا يحد ، لأنه لم يؤخذ مع امرأة(3)يطؤها فيقول هذه زوجتي ، فهذا الذي يكلف البينة إن لم يكن طارئا ولا أقر بزنى صريح ، وقاله علماؤنا . وقد غلط فيها بعض من يشار غليه ، وقال مثله مطرف وأصبغ .
قال ابن الماجشون : ولو شهدت عليه بينة أنهم رأوا فرجه في فرج امرأة غابت عنا لا ندري من هي ، فقال هو كانت زوجتي وقد طلقتها أو كانت أمتي وقد باعها وهو معروف أنه غير ذي زوجي ولا جارية ، فهو مصدق ولا يكلف بينة . ولو أخذته معها كلفته البينة إن لم يكن طارئا لأنه قد قصد في امرأة معلومة دعوي نكاح(4)أو ملك وهي تعترف بغير ذلك ، فيحد حتي يقيم بينة بما قال . والأول ادعي ذلك في مجهولة . قال . ولو لم يدع ذلك وقال كذب الشهود لحد ، وقاله مطرف وأصبغ .
***
__________
(1) في ص : فض
(2) ساقط من ص .
(3) كذا في ع و ف . وهو الصواب . وصفحت عبارة ص : لأنه هو وجد مع امرأة
(4) في ص : دعواه بنكاح .(1/245)
[14/252]
قال مالك : ومن وجد يطأ امرأة بذلك وأقر بذلك وادعي الزوجية فليحدا وإن أحصنا بغير هذا النكاح رجما . قال ابن القاسم : وجد في بيت أو طريق إلا أن تقوم بينة بالنكاح ، ولا تقبل فيه شهادة أخيها أو أبيها ، أو يكون(1)أمر قد سمع وعرف فلان يحدان ، ولكن لا يثبتان على ذلك حتي ياتنفا نكاحا جديدا بعد الاستيراء .
قال أشهب في امرأة أقرت أنه زنت مه هذا الرجل وقال هو تزوجتها وأقر بالوطء ولا بينة { له }(2)قال : لا يحد هو الزني ، وتحد هي للزني ولا تحد للقذف . قال : وهي بخلاف من أخذ مع امرأة ثم ادعي النكاح لأنه قد أخذ وهو يدفع عن نفسه ، فلا يصدق . قال ابن القاسم : هما سواء ويحدان .
قال أشهب : وكذلك إن وطئ جارية رجل وقال اشتريتها والسيد منكر وقد أخذت معه فعليه الحد إذا لم يعرف بحوز لها ، ولا يلحق به ولدها ، ويحلف السيد ويأخذها وما ولدت ، فإن نكل عن اليمين حلف الواطئ وكانت له أم ولد بإقراره ، وأما الولد فلا يحلق به ، لأنه قد حد في وطء جاء منه هذا الولد ، وليس له أن يسترق الولد ولا يسترق امه للإقراره أنه ولده(3)وأنهم أحرار .
قال أبو محمد : يريد لا يسترقها فيبيعها ولكن تكون أم ولد . قال : وحررناهما بظاهر الحكم ولم يسقط عنه الحد بنكول سيدها عن اليمين ، لأنه لو صدقه(4)لم يزل الحد عنهما ، ولكن تصير له الأمة وولدها بالنكول ولا يسقط الحد عنهما بشاهد مع إقرار السيد بالبيع ، ولو كان
***
__________
(1) في ص : أو ابنها أن يكون .
(2) ساقط من ص .
(3) صفحت عبارة ص : ولا يسترق أمهم للإقراره أنهم ولده .
(4) في ص : قد صدقة . وهو تصحيف .(1/246)
[14/253]
شاهد وامرأتان استحسنت درء الحد لأنه قد جاء بما يوجب التمليك من الشهادة ، وليس بالقياس ، وخالفة ابن القاسم وقال : إذا نكل السيد عن اليمين حلف الواطئ وصارت له وسقط الحد . وقول ابن القاسم أحب إلي ، والاستحسان في مثل هذا أحب إلي من القياس .
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن ادعي جارية عند رجل ويقول اشتريتها { من رجل }(2)بسوق المسلمين ، وأقام المدي البينة ، ويقر الذي هي في يديه بوطئها على أنها له ولا بينة له بالشراء . قال : يدرأ عنه الحد الحد . ولو قال اشتريتها منك ولا بينة له ، قال : يدرأ عنه الحد إذا كان ممن لا يتهم . قال يحيي بن عمر : هذا خلاف ما في كتبهم ، ولا يعجبني .
{ ومن كتاب ابن سحنون مسألة الرجل يشهد عليه شاهدان أنه طلق امرأته ، يريد طلاقا بائنا ، وهو يجحد وقد أقر بوطئها بعد تاريخ الطلاق ، أن الطلاق يلزمه ولا حد عليه . ولو كان الوطء بشهادتهما أبطلت شهادتهما في الطلاق والوطء . ولو كانوا أربعة من المسلمين لزمة الطلاق والحد . قاله سحنون ، وذكر أن على بن زياد روي عن مالك في أربعة شهدوا على رجل أنه طلق امرأته البته وأنهم رأوه بعد ذلك يطؤها ، أنه يفرق بينهما ، ولا حد عليه . قال سحنون : وأصحابنا يابون هذه الرواية . وهذه موعوبة في كتاب الشهادات }(3).
ومن كتاب ابن حبيب : وقد قال مالك فيمن أعتق عبده لا مال له غيره ، فجاءه رجل يدعي علي السيد بدين ، فأقام رجلاً وامرأتين أو رجلا وحلف معه ، فإن الدين يثبت ويرد العتق . ولو لم يكن إلا دعواه وبينهما خلطة ونكل السيد عن اليمين وحلف طالب الحق لثبت حقه ورد العتق .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 9 : 218 .
(2) زيادة في ص . وعي في نص البيان والتحصيل المنقول عنه .
(3) هذه الفقرة الطويلة ساقطة من ص .(1/247)
[14/254]
ومن ذلك أن يدعى على زوج أمتة انة ابتاعها منة بكذا ويقيم شاهدا وامرأتين فيقضى بذلك وينفسخ النكاح والنساء لا يقبلن فى الطلاق .
ومنة أن يقذف رجلا ثم يقيم شاهدا وامرأتين أنة عبد فيسقط الحد وقد تجوز شهادة امرأتين على الاستهلال فتثبت الموارثة بغير يمين .
قال ابن المواز : ولو كان حائزا للجارية التى ادعى شراءها وأقر بوطئها لم يحد وإن لم يقم شاهدا ، ويحلف السيد ما باعها ويأخذها وقيمة ولدها ، وقالة أشهب .
وقال : قد جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت : وطىء زوجى جاريتى ، فسألة فاعترف وقال باعتها منى ، فقال عمر ! أقم البينة وإلا رجمتك ، فاعترفت زوجتة بالبيع فتركة ، فهذا بذلك فيمن وطىء امرأة وادعى الشراء أن السيد إن أقر زال الحد ، وإن حلف حد الواطىء .
وقال ابن وهب عن مالك : لا حد للزوج فى ذلك . وفى غير حديث مالك(1)أنها لما اعترفت حدها . انظر ما معنى ذلك . وكيف يكون قاذفة وهو مقر بالوطء بالشراء وقد صدقتة . وكان مالك يقول : لاحد عليها لأنها غيرى لا تدرى ما تقول . وفى حديث مالك عن عمر أن الزوج ادعى أنها وهبتها لة ، فقال لة أقم البينة وإلا رجمتك ، فاعترفت فتركة .
وادعت امرأة ذلك على زوجها عند على بن أبى طالب – رضى اللة عنة – فقال لها : إن صدقت رجمناة ، وإن كذبت جلدناك ، فقالت : غيرى غيرى . وقال على : من أتى جارية امرأتة رجمتة . قال مالك : وإن اعترف رجم إن كان محصنا ، وولدة رفيق لها . وذكر ابن حبيب من هذة الأحاديث مثل ما ذكر ابن المواز .
***
__________
(1) كذا فى ص و ع . وفى ف : وفى حديث غير مالك .(1/248)
[14/255]
وذكر عن القاسم بن محمد فى امرأة أعطت لزوجها خادما تخدمة فى سفرة ، فقيل لة إن حكمك فيها جائز ، فقومها(1)ثم زاد على ما أعطى وأخذها لنفسة ، وأشهد بالثمن فى ذمتة لزوجتة ثم وطئها ، فرفعت المرأة ذلك إلى عمر ، فاعترف الزوج بما صنع ، فشاور فية ثم خرج يوما فجلدة مائة ، فكان إذا رأى عمر نكس رأسة ، فقال لة عمر يوما : إنا لم نالك من أنفسنا خيرا(2).
ورفع إلى عمر امرأة اتخذت غلامها ، فأرارد عمر رجمها فقالت : قرأت كتاب اللة (أو ما ملكت أيمانكم )(3)فقال تأولت كتاب اللة على غير تأويلة وتركها ، وقال : أنت حرام بعدة على كل مسلم ، وجز رأس الغلام وغربة .
وقالت امرأة لأبى بكر : إن غلامى أطوع لى من عنز(4)وأنا أريد أن أعتقة وأتزوجة ، فقال لها أبو بكر : اذهبى إلى عمر فإن رضى تابعناة ، فذهبت فذكرت ذلك لعمر فضربها حتى أسرع بولها(5)، ثم قال : لا تزال العرب عربا ما منعت نساءها .
***
__________
(1) كذا فى ص وفى ع و ف : فأقامها .
(2) كذا فى ع و ف . وفى ص ما يشبة : مالة بالك وأنة منا خيرا . والعبارتان غامضتان .
(3) الآية 3 من سورة النساء .
(4) كذا فى ع و ف . وفى ص : من غير .
(5) كذا فى ص . وفى ع و ف : أسرعت بولها .(1/249)
[14/256]
فيمن أكرة حرة أو أمة على الوطء
أو صغيرة أو ذمية وهو حر أو عبد
أو ذمى أو صبى وكيف إن طاوعتة ؟
قال ابن حبيب : روى عن على بن أبى طالب وغيرة فيمن استكرة امرأة أنة يحد ولها صداق مثلها ، وقال مالك فى موطئة : إنة الأمر المجتمع علية عندنا .
ومن كتاب ابن المواز قال – يعنى مالكا – إنة إذا أكرها يحد وعلية صداق المثل إن كانت (امرأة)(1)حرة مسلمة أو ذمية أو صغيرة افتضها ، وإن كانت أمة فما نقصها وطؤة فى البكر والثيب ، ولا تحد هى ويحد هو بالرجم إن كان حرا محصنا ، والجلد فى البكر والتغريب . وإن كان عبدا جلد خمسين ولا يغرب ، وما لزمة من صداق الحرة ونقص الأمة ففى رقبتة . ويقبل إقرار العبد فية إن كان بفور ما فعل وهى متعلقة بة تدمى ، فأما بعد بعد من فعلة فلا يقبل قولة فيما يلحق برقبتة ، وما كان جسدة أقيم من حد ونحوة ، وإن كان ذميا قتل لنقض العهد ، وهذا فى محصنة مسلمة ، وقالة الليث . وإن طاوعتة حدث ونكل هو . قال (أصبغ)(2): والنكال فى هذا مثل ضعفى الحد وأكثر . قال ابن وهب فى كتاب آخر : يجلد جلدا يموت من مثلة .
***
__________
(1) ساقط من ف .
(2) زيادة فى ص .
9- النوادر والزيادات(1/250)
[14/257]
قال ابن المواز : وقد قتل أبو عبيدة ذميا استكرة مسلمة . قال ابن المواز : وإن استكرة أمة مسلمة لم يقتل ، كما لو قتلها لم أقتلة ، وفية اختلاف ، فهذا أحب إلى لما جاء : لا يقتل حر بعبد(1)(قال مالك)(2)وعلية فى الأمة ما نقصها فى البكر والثيب .
قال سحنون فى العتبية(3)عن ابن القاسم : إذا اغتصب النصرانى حرة مسلمة فوطئها قتل ،ولا يجزى فية شهادة رجلين ، ولكن أربعة ، كما يشهد فى الزنا وفى صفتة ، لأن بالوطء يجب القتل ، ولا يثبت الوطء إلا بأربعة . وكان يقول يجزى فية شهادة رجلين ، ثم رجع إلى هذا ، وبة قال سحنون : إذا شهد علية أربعة قتل .
وقال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب : وإن طاوعتة ضربت الحد وضرب النصرانى ضربا يموت منة . وإن اغتصبها صلب .
ومن كتاب ابن المواز قال ربيعة فى العبد يستكرة الحرة قال : يحد ويباع بغير أرضها ، وفعلة عمر بن عبد العزيز ودفع ثمنة إليها ، وفعلة عبد الملك بن مروان .
قال أبو محمد : أراة أسلم إليها فى الصداق فيبيع لها بغير أرضها لتبتعد عنها معرتة(4)، وغن فداة فاستحسن ربيعة أن يباع بغير أرضها .
(قال ابن المواز)(5): وأما الصبى يفتض صبية صغيرة بذكرة أو بأصبعة ففية فى قولنا الاجتهاد بقدر رأى الإمام مع أهل المعرفة ، وحكم
***
__________
(1) حديث حسن أخرجة البيهقى فى السنن عن ابن عباس ، وأخرجة السيوطى فى الجامع الصغير .
(2) ساقط من ص .
(3) البيان والتحصيل ، 16:334 .
(4) صحف فى ص : بعدتة .
(5) ساقط من ف .(1/251)
[14/258]
فية عبد الملك بأريعين دينارا ، وحكم(1)فية عياض بن عبد اللة قاضى عمر ابن عبد العزيز على مصر بخمسين دينارا بعد فوض عمر إلية فية الاجتهاد .
وقال أبو زيد بن أبى الغمر عن ابن القاسم فيمن افتض بكرا (بأصبعة)(2)وهى صغيرة أو كبيرة إنها كالجائفة وفى ذلك ثلث ديتها ، وقيل ما نقص من مهر مثلها . قال محمد : وأحسن ما سمعت فية أن ينظر إلى قدرما عابها(3)ذلك عند الأزواج ، مثل أن يكون مهر مثلها بكرا مائة ، ومهر مثلها ثيبا خمسون ، فيؤدى ما نقص ذلك .
ومن العتبية(4)قال سحنون عن أشهب فى الصبية تمكن من نفسها رجلا فيطؤها ، فإن كان مثلها يخدع فعلية الصداق ، وإن كان مثلها لا يخدع فلا صداق لها وإن لم تحض . (وقال أشهب أيضا)(5): وإذا مكنتة الأمة العذراء من نفسها فافتضها فلا غرم علية وتحد ، وقالة المغيرة فى الأمة ، وقال ابن القاسم فى المدونة : علية ما نقص من ثمنها .
قال ابن حبيب عن أصبغ فى صبيان(6)أمسكوا جارية لصبى حتى افتضها إن علية وعليهم (قدر)(7)ما شأنها ذلك وعابها عند الأزواج فى جمالها وقدرها ، لأنة جرح وليس بوطء فيكون لها صداق (المثل)(8)ويؤدب هو والصبيان الذين معة . وكذلك يؤدب كل صبى عقل وراهق فى كل تعد .
***
__________
(1) فى ص : وحاكم وهو تصحيف .
(2) ساقط من ص .
(3) صحف فى ص : ما أصابها .
(4) البيان والتحصيل ، 16:329.
(5) زيادة فى ص .
(6) فى ص : صبيين . وهو تصحيف .
(7) ساقط من ص .
(8) ساقط من ص .(1/252)
[14/259]
فى المرأة يظهر بها حمل فتدعى الإكراة
وفى غير الحامل تتعلق برجل تدعى أنة وطئها
وهى تدمى أو لا تدمى
وكيف إن قامت بينة أنة احتملها فخلا بها أو لم تقم
من كتاب ابن المواز : وإذا ظهر بامرأة حمل ولا زوج لها فقالت استكرهت فلا تصدق وعليها الحد . وكذلك إن قالت تزوجت إلا أن تقوم بينة بالنكاح أو على الاستكراة ، أو جاءت تدمى إن كانت بكرا ، أو استغاثت حتى أتيت وهى على ذلك ، وشبة هذا من الأمر البين مما تبلغ فية فضيحة نفسها ، وإلا فعليها الحد .
وإذا جاءت مستغيثة تدمى أو ثيب لا تدمى وقد بلغت فضيحة عنها الحد بهذة الشبهة وتنجو بذلك من حد الزنى إن ظهر بها حمل . وبنظر فى الرجل . قال مالك : فإن كان ممن(1)يشار إلية بذلك نظر فية ، وإن كان ممن لا يشار إلية بة ، فقال ابن القاسم وابن وهب ، حدث حد القذف ، كانت تدمى أولا تدمى ، ولا حد عليها (للزنى)(2)وقالة مالك .
قيل فقول مالك فى المتهم ينظر فية ، هل يحد ويغرم الصداق ؟ قال : لا يحد عندة ولكن يؤدب أدبا وجيعا ، كانت تدمى أولا تدمى ، وقد اختلف فى الصداق فأوجب لها علية عبد الملك (وأشهب)(3)صداق المثل بعد يمينها ، ولم ير علية ابن القاسم صداقا وإن كان من أهل الدعارة ، إلا أن
***
__________
(1) فى ص : مما . وهو تصحيف تكرر .
(2) ساقط من ع .
(3) ساقط أيضا من ص .(1/253)
[14/260]
يشهد رجلان أنه احتملها واختفي بها ، فتأتي وتدعي ذلك وتبلغ فضيحة نفسها ، فيجب لها الصداق إذا حلفت ، ويوجع هو أدبا . ولا حد عليها . وهذا قول مالك .
قيل : فإن نظرها النساء فألفيت بكراً ؟ قال : أما أشهب فلم ير لها شيئاً . { قال أصبغ}(1)
وقد قيل بل ذلك لها ، ولا يقبل قول النساء في ذلك . روي أشهب وعبد الملك في التي تأتي مستغيثة ولم يشهد لها أحد أنه احتلمها وخلا بها ، ولكن جاءت متعلقة به وفضحت نفسها وهي ثيب ، أو كانت بكراً فجاءات تدمي ، فإن الرجل يؤدب ويغرم الصداق . قال أشهب : بعد يمينها . قال عبد الملك : وإن كان ثقة فلا يلزمه صداق ولا أدب ، ولا تحد هي لما رمته . وذكر فيه ابن حبيب عن ابن الماجشون مثل ما ذكر ابن المواز .
وروي عن مالك في التي تأتي متعلقة تدمي أو ثيب لا تدمي أن لها الصداق بلا يمين . قال ابن وهب : وإن رمت بذلك رجلا صالحاً حدث لقذفه كانت تدمي أو لا تدمي ، ولا تحد حد الزني للشبهة ، إلا أن تدعي هذا بعد أن ظهر بها الحمل فتحد للزنا والقذف ،وقاله كله أصبغ ، إلا أن قوله إنها تحد في التي تدمي وقد رمت به رجلاً صالحا ، وإني لا أحدها له ، وقاله عبد الملك .
وقال مالك وابن القاسم وابن وهب إنها تحد له . قال ابن وهب : وإن رمت المتهم وهي بكر تدمي لم تحد له وعواقب ، سواء كان معها أو لم يكن ، بحضرة ذلك أو بغير حضرته .
وقال ربيعة : إن ادعت ذلك على رجل بغير شبهة من خلوة أو نظرة ولا استغاثة عندما غلبت فإنها تحد للقذف ولا يدفع ذلك عنها حد الزني إن
***
__________
(1) ساقط من ع .(1/254)
[14/261]
استمرت حاملاً ، لأنها تتهم أن تفعل ذلك مما اشفقت منه . وقال نحوه يحيي ابن سعيد إنها إنما تصدق إذا ظهر لها علامة تعذر بها في استغاثتها فيوجد معها ونحوه ذلك . قال : ويعاقب هو . قال : وإن لم يكن شئ من ذلك حدت هي لقذفة .
ومن كتاب ابن حبيب ذكر عن ابن الماجشون مثل ما ذكر عنه ابن المواز في المتعلقة به تدمي أو لا تدمي ولا بينة على خلوته بها ، وزاد ابن حبيب عنه فقال : وسواء كانت سفيهة أو حليمة إذا ادعت على سفيه أو من لا يعرف بسفه ولا حلم ، فعليه الأدب على الإجتهاد ، ولها عليه صداق المثل بما بلغت من فضيحة نفسها . وإن ادعته قبل من لا يظن به ذلك فلا صداق لها ولا حد عليها ولا أدب عليها ولا عتاب .
وإن ادعت ذلك أمة قبل سفه فعليه الأدب ولا عفو لها ، لأن الأمة إنما تدعي العفو لسيدها ، والحرة لنفسها . وإذا ادعته على حليم فلا حد عليها ، وقاله كله مالك .
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا على ثلاثة نفر أنهم غضبوا امرأة فذهبوا {بها}(2)إلي الصحراء فقالت وطئوني كلهم ، فإنها تحلف وتأخذ من كل واحد صداق مثلها ، ولا حد عليهم ولا عليها ولو جاءت امرأة تدعي أن فلاناً وهو من أهل الفسق اغتصبها لم يجب لها صداق ولو كان أشر من عبد الله الأزرق في زمانة ، إلا أن تقوم بينة على أخذه غياها ، كأنه يقول : فتحلف وتأخذ الصداق ، وإلا فلا شئ لها . قال ابن القاسم : وينظر الإمام فإن رآه أهلاً للعقوبة عاقبة .
قال أصبغ قلت للابن القاسم : أيجب الصداق للمغتصبة بشهادة رجلين ؟ قال : لا ، إلا بأربعة مما يوجب الحد وإلا كانا قاذفين يحدان ،
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 310 . 311
(2) ساقط من ص .(1/255)
[14/262]
يعنى أصبع أنهما قطعا عليها بالوطء . قال سحنون عن ابن القاسم إذا قالا رأيناه أدخلها منزله غصباً فغاب عليها فقالت أصابنى فلها الصداق مع يمينها ، ولا يحد هو إن أنكر .
وفي كتاب اللعان شئ من ذكر المرأة يظهر بها حمل فتقول غصبت على نفسي(1).
في المرأة تدعي على رجل أنه راودها فرمته بحجر فشجته وفيمن وجد مع امرأة في بيت وهما يتهمان .
ومن سماع ابن القاسم من العتبية(2)ذكر مالك عن يحي بن سعيد أن امرأة خرجت إلي بعض الحرار ، فعرض لها رجل من أصحاب الحمر فأرادها على نفسها وكشفها فامتنعت ورمته بحجر فشجته وصاحت فذهب وأتت إلي مروان بن الحكم فجمع أحاب الحمر فعرضهم عليها حتي عرفته بشجته فلم يدعه حتي أغرمه لها ألف درهم بما كشف منها . قال مالك : وليس هذا مما يؤخذ به ، وكان مروان شديدا في مثل هذا ، ربما يوتي بمن عن قبل امرأة فيقلع ثنيته .
قال ابو زيد عن ابن القاسم : ومن وجد مع امرأة في بيت وهما متهمان فليضربا ضربا وجميعا ، قيل بثيابهما ؟ قال بل على مثل ما يضرب الحدود . ومثله في كتاب ابن المواز وقال بشهادة رجلين فليؤدبا بقدر ما يري الإمام { منش شنعة أمرهما . وقاله فيمن وجدمع امرأة في لحاف }
***
__________
(1) من هنا يبتدئ بتر طويل في ص نحو أربع صفحات . يبتدئ مع نهاية لوحة وينتهي ببداية لوحة ، الأمر الذي يدل على سقوط لوحات من المخطوط الأصلي عند التصوير أو الجمع .
(2) البيان والتحصيل . 16: 277 .(1/256)
[14/263]
إنهما(1)قيل بدون الحد ، قال بقدر ما يري الإمام }(2)وربما يجوز به الحد وروي عن على بن أبي طالب أنه يجلد في مثل هذا كل واحد مائة جلدة وروي عن عمر دون المائة .
فيمن وجد مع امرأة رجلا فقتله
وفيمن باع امرأة أو زوجها لرجل
من كتاب ابن المواز : ونحوه في العتبية(3)من سماع ابن القاسم قد ذكرناه في باب التداعي في القذف ، قيل ما معنى قول على بن أبي طالب رضي الله عنه إن لم يأت بأربعة فليقتض منه ، يريد فيمن وجد مع امرأته رجلا يقتله ، أذلك في البكر والثيب ؟ قال لا أدري ، لم أسمع فيه شيئا ، وإنما أريد بهذا نجاة القاتل . قال ابن القاسم وذلك عندي في البكر والثيب إن أقام أربعة أنه وطئها لم يتقص منه لواحد منهما ، وهو معني قول على ، إلا أنه إن كان بكراً فعلي عاقتله دية الخطأ للشبهة فيه ، ولما جاء الإختلاف فيه . {قال}(4)ورجع ابن كنانة إلي أن قال فيه دية الخطا في البكر ، وثبت المغيرة عليه وإن كان بكراً إذا جاء بأربعة .
قلت له : ولا تراه من الحرابة واللصوصية ؟ قال وإن قد أهدر عمر ابن الخطاب غير دم . وقال ابن عبد الحكم لا شئ عليه وإن كان بكراً إذا كان قد أكثر منه الشيكة وكان يذكر أذاه .
***
__________
(1) كلمتان مطموستان .
(2) مابين معقوفتين ساقط من ف .
(3) البيان والتحصيل 16 : 272 – 273 .
(4) ساقط من ع .(1/257)
[14/264]
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : ولو قاتله فكسر رجله أو جرحة فذلك جبار . وأما إن قتله قتل به إلا أن يأتي بأربعة أنهم عاينوا فرجه في فرجها فلا قود عليه ، ويؤدب كما يؤدب من قتل من وجب عليه القتل دون الإمام .
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن جاع وباع امرأته من رجل وأقرت له بذلك فوطئها ، قال رأيت عن مالك أنهما يعذران بالجوع ، وتكون طلقة بائنة من الزوج حين أوطأها غيره ، فيرجع عليه المبتاع بالثمن . وقيل فإن لم يكن عن جوع ؟ قال فحري أن تحد هي وينكل الزوج ولكن أدرأ الحد أحب إل جاء من درء الحد بالشبه . وقد قال ملك في الذي سرق من جوع لا قطع عليه .
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم مثل ما ذكر عيسي عنه في العتبية في الذي يبيع امرأته . قال وقال أصبغ وأنا أخالفه وأوجب الحد عليها ولا تعذر بجوع ولا غيره ، وهي كحره بيعت حتي وطئت فلا شبهة في هذا . وقد بانت منه بثلاث . وطئها المشتري أو لم يطأها ، كالموهوبة ،واشهد إذا كان عزم بيع من زوجها . وكذلك لو زوجها عازما على ذلك ، وطئها الناكح أو لم يطاها ويدرأ الحد في النكاح شبهة ، لأنها بانت من زوجها بالنكاح ، وقع نكاحها وبينونتها من زوجها معاً ، ولا شبهة لها بالبيع ، ويرجع الزوج الثاني عليها بما أصدقها إلا ربع دينار إذا لم يكن علم أن الذي زوجها هو زوج لها . وأما لو علم لم يكن له شئ وعوقب ولم يحد للشبهة . ولو حددته لحددتها ، ولو قاله قائل ما أخطأ . ويرجع مبتاعها بجميع الثمن على الزوج ، وإن شاء على المرأة ، ولا يترك لها منه ربع دينار ولا غيره . ولو كان عالما لحد ورجع بالثمن كله
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 324 .(1/258)
[14/265]
قال لنا أبو بكر بن محمد وقال ابن وهب إن ذلك لا يكون طلاقا ولكن إن طاوعته على البيع وأقرت أن مشتريها أصابها طائعة رجمت ، فإن قالت استكرهت فلا حد عليها . وقال ابن القاسم يكون بيعة طلاقاً وقال وهي طلقة بائنة . وقال أشهب لا يكون بيعة طلاقاً ، وقال أصبغ هو الطلاق ثلاثاً ، وقال سحنون عن ابن نافع : تكون طلقة بائنة ، قيل لسحنون غاب عليها المبتاع أو لم يغب ؟ قال نعم .
قال سحنون قال ابن نافع عن مالك وزاد شبطون عن مالك : انتفض النكاح بينهما بواحدة بائنة ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب أنها طلقة بائنة ، يريد لأنه كوطء الملك ، فهو كالإكراه البين .
فيمن زني بنائمة أو ميته أو مجنونة
أو صغيرة أو بهيمة أو حربية
وفي زني أهل الذمة وغير ذلك
ومن غير كتاب قال النبي عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق وعن الصبي حتي يحتلم(1)
ومن كتاب ابن الموزا ومن زني بميته أو نائمة أو مجنونة في حال جنونها أو ببهيمة أو صغيرة حد ، أما فيالبهية فيعاقب ، وعليه للنائمة والمجنون صداق المثل ، ولا صداق عليه في الميتة ، وقاله أشهب . محمد كما لو قطع لها عضواً لم يلزمه أرش ، ولا صداق عليه في الصغيرة إذا
***
__________
(1) في صحيح البخاري وكتب السنن ومسند أحمد والجامع الصغير للسيوطي بألفاظ متقارنة . ولفظة في سنن أبي داود ، ومستدرك الحاكم ، ومسند أحمد كلهم عن علي وعمر قريب مما(1/259)
[14/266]
طاوعته ، ولو لزمه لها الصداق للزمه لك في الأمة والبكر إذا طاوعتاه قال والنائمة كالمكرهة ، وكذلك المجنون وإن طاوعته إلا أن توتي في إفاقتها فإنها تحد ، يريد ولا صداق لها . وما روي عن عمر : لو وجدت من أتي بهيمة لقتلته ، فقاله على التغليظ ، كما لو قال عمر لو تقدمت بقول في نكاح الستر والمتعة لرجمت .
ومن كتاب ابن حبيب أصبغ عن ابن القاسم من زنا بميته حد . ولو حلف أن يطأ امرأته فلم يطأها إلا ميته أنه حانث . قيل فإن كان نوي وإن كانت ميته(1)ويمينه بالحرية ، قال يحنث ولا تنفعه نيته .
ومن كتاب ابن المواز : ومن دخل دار الحرب بأمان فزني بحربية أقر بذلك أو شهد به أربعة عدول ، ابن القاسم يري عليه الحد ، وكذلك فيما وطئ من الغنم وله فيه نصيب . وقال أشهب لا يحد . ولو زني بذمية رجم إن كان ثيبا ، وترد هي إلي أهل دينها .
وفي باب الاستكراه ذكر زني النصراني بمسلمة طوعا أو كرهاً .
وإذا طلب أهل الذمة إقامة الرجم فيما بينهم على من زني منهم فإن كان ذلك في دينهم فذلك لهم . قال أشهب كانوا أهل صلح أو عنوة إلا من كان منهم رقيقا لمسلم من عبد أو أمة لم يكن لهم ذلك فيمن ملكنا منهم لا رجم و لاجلد ولا قتل .
/267/
ذكر ما يجب على المتفاعلين
ومن فعل ذلك بأمره حراماً
وذكر تفاعل المرأتين
ومن كتاب ابن المواز قال مالك قال النبي عليه السلام اقتلوا الفاعل والمفعول به(2)وفي حديث غيره : ارجموا . قال مالك ولم نزل نسمع من العلماء أن المتفاعلين من الرجال يرجمان إذا كانا بالغين أحصنا أو لم يحصنا ، وقال ابن شهاب . ومن فعله بصبي لم يعاقب الصبي ويرجم الكبير ، والشهادة فيه كالشهادة في الزني .
قال ربيعة ومالك : الرجم فيهما هي العقوبة التى أنزل الله بقوم لوط .
قال ابن حبيب : وكتب أبو بكر الصديق أن يحرقهم بالنار ففعل وفعل كذلك ابن الزبير في زمانه ، وهشام بن عبد الملك في زمانه ، والقشير بالعراق . ومن أخد بهذا فلم يخطئ ، الرجم هو الذي جاء عن النبي . ابن شهاب ومالك عليه العمل .
ومن كتاب ابن المواز : ومن وطئ امرأة أجنبية في دربها حراما حدا جميعا ، ومن أحصن منهما رجم ، ومن كان بكرا جلد ويغرب الرجل ، وإن اغتصبت فلها المهر ولا حد عليها .
ومن العتبة(3)وروي عيسي عن ابن القاسم في المرأة تساحق المرأة فتقران أو تشهد عليهما بينة فليس في عقوبتها حد ، وذلك على اجتهاد الإمام وعلى ما يري من شنعة ذلك وخبشهما .
***
__________
(1) كذا في ف وهو الأنسب . وعبارة ع : قبل فإن نوي وكانت ميته .
(2) في باب الحدود من سنن أبي داود والترمزي وابن ماجة ، ومسند أحمد .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 323 .(1/260)
[14/268]
ومن غير العتبية(1)قال ابن شهاب : سمعت رجالاً من أهل العلم يقولوان غنهما تجلدان مائة مائة . وقال أصبغ عن ابن القاسم مثل رواية عيسي ، وقاله أصبغ ، إلا أنه قال : تجلدان خمسين خمسين ونحوهما وعليهما الغسل إن أنزلتا ، وقاله ابن وهب . قال سعيد بن حسان وسألته امرأة في رقعة عن الغسل فيه ، فرمي بها غليها وقال : تغتسل غسلها الله بالقطران .
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : ومن شهد عليه أربعة أنه وطئ امرأة في دربها ، قال إن جاوزا الختان الشرج فعليهما ما على الزانيين ، في الإحصان الرجم وعلى البكر الجلد(2)
فيمن وطئ من لا يحل له وطؤها بملك يمينه أو بنكاح
من قرابة أو غيرها أو وطئ ما ملك بشبهه
ومن أحل جاريته لرجل فوطئها
ومن وطئ أمة ابنه وشبه ذلك
أو وطئ أمته وهي زوجة عبدة أو زني بذات محرم
قال ابن حبيب : حدثني ابن المغيرة عن الثورى عن إبراهيم قال : كان ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فلأن يخطئ حاكم من الحكام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة(3). إذا رأيتم للمسلم مخرجا فادرؤا عنه . وفي الحديث : إن الحدود تدرأ بالشبهات(4)
***
__________
(1) كذا في ف وهو المناسب للسياق . وفي ع : ومن غير المدونة .
(2) هنا ينتهي بتر ص الذي اشرنا غلي بدايته آسفا .
(3) حديث صحيح أخرجة ابن أبي شيبة والترميذي والحاكم في المستدرك ، والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة ، والسيوطي في الجامع الصغير بألفاظ متقاربة
(4) حديث حسن أخرجة كذلك السيوط في الجامع الصغير بلفظ : ادرؤوا الحدود بالشبهات .(1/261)
[14/269]
ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم وكل من وطئ بملك يمينه من يحرم عليه بالرشاع من أم أو أبنه أو أخت أو ما كان فلا حد عليه وإن علم أنهن { حرام عليه لأنهن }(2)لا يعتقن عليه بالملك وله بيعهن وهبتهن ، فإن حملن منه لحق به الولد(3)وعتقن عليه معجلا إذ لم يبق له فيهن منفعه ولا متعة .
وكذلك في وطئة بالملك لم يحرم عليه بالنسب ولا يعتقن بالملك من العمة والخالة وبنت الأخت وغيرها مثل الأول في رفع الحد وفي العتق إذا حملن ، إلا أنه إن أتي منهن أحداً عالماً بالتحريم عوقب نكالاً وبعن عليه إن لم يحملن .
وأما من وطئ بالملك من يحرم عليه بالنسب ممن يعتق عليه إذا ملكه ، مثل الأم والبنت والأخت والجدة وشبهها عامداً عالماً بالتحريم ، فإنه يحد ولا يلتحق به الولد إلا أن يعذر بالجهل فيدرأ عنه الحد ويلحق به الولد ويعتق عليه .
وإنما لم يحد فيمن لا يعتق عليه لشبهة الملك ، ولا يجتمع حد وملك . وكذلك من يحرم بالرضاع .
ومن طلق امرأتة { واحدة }(4)فانقضت عدتها ثم وطئها ، فإن عذر بالجهالة لم يحد ، وكذلك هي . ومن أقر منهما أنه لم يجهل تحريم ذلك حد .
وإن عذرت هي بالجهل فلها الصداق في ماله . وإن كان عالمين حدا جميعا ولا صداق لها . وذكر ابن حبيب مثله عن أصبغ عن ابن القاسم .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 309 .
(2) ساقط من ع .
(3) صفحت عبارة ص . لحق به أم الولد .
(4) ساقط من ف .(1/262)
[14/270]
ومن كتاب ابن المواز : وقال مالك في متزوج الخامسة أو اخته من الرضاعة والأخت على الأخت ووطئ عالماً بالتحريم رجم إن كان محصناً وإن عذر بالجهل لم يحد ، وقاله ابن شهاب . { مالك }(1): وكذلك إن وطئ مجوسية بنكاح عالماً بالتحريم حد .
قال ابن القاسم : ومن تزوج امرأة على عمتها أو خالتها أو نكاح متعة وهو عالم بالتحريم عوقب ولم يحد . ومن حددته في هذا بوطء النكاح ، فإن وطئ ذلك بالملك لم يحد إذا كان ممن لا يعتق عليه وإن كان عالماً بتحريمه . وذكر نحو ما ذكرنا {عن عيسي }(2)عن ابن القاسم ، وقاله أصبغ . وكذلك إن وطئ مجوسية بالملك عالماً بالتحريم فلا يحد .
وقال ابن القاسم : وإذا تزوجت المسلمة نصرانياً فأولدها إنه يلحق {به}(3). قال محمد : ويكون على دين أبيه إذا عذرت بالجهالة .وإذا وطئ المطلقة ثلاثاَ في العدة أو أم الولد يعتقها ثم يطؤها قبل حيضة ، قال ابن القاسم : إن عذر فيها بالجهل لم يحد ، وعذره أشهب في المطلقة ولم يعذره في أم الولد وألزمه الحد . قالاً : ولا صداق عليه
قال مالك وابن القاسم : ومن زني بذات محرم فهو كالأجنبي يرجم المحصن ويجلد البكر وينفي . قال ابن حبيب عن ابن الماجشون : إن كان بكراً فالحد مع أدب الشديد لما انتهك من المحرم .
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن نكح نكاح متعة أو امرأة على أختهل أو على عمتها أو خالتها أو امرأة في عدتها عالماً بالتحريم أو جاهلاً فلا يحد ويوجع عقوبة ، والعالم عقوبة من الجاهل به ، ويلحق فيه الولد .
***
__________
(1) ساقط أيضا من ف .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط من ف .(1/263)
[14/271]
وكذلك كل ما درى فيه الحد ، وكذلك ناكح امرأته المبتوتة لا يحد كان عالماً أو جاهلاً فيها . وأما إن كانت مطلقة ثلاثا فإن كان عالماً حد لأنه لم يحتلف فيه ، وإن كان جاهلاً لم يحد ، وهذا استحسان ، والقياس فيه أن يحد . ولا يعذر كذلك ناكح الخامسة أو أخته من نسب أو رضاع وغيرها من ذوات محارمه ، يحد العالم بتحريمه { دون الجاهل }(1)ويدرأ عن الجاهل الأغتم(2)وشبهه يري أن مثله لا يعلم تحريم هذا .
وروي على بن زياد في كتابه عن مالك فيمن نكح في العدة ووطئ فيها عالماً بالتحريم أنه يحد . وقال ابن القاسم : لا يحد ويؤدب .
وفي كتاب ابن المواز : من وطئ أمة اشتراها وهي حرة ولم يعلم لم يحد ، وإن علم ثم وطئ حد . قال المغيرة في كتاب آخر : إذا لم يعلم فلها صداق المثل(3)، وقال ابن القاسم لا صداق لها .
قال ابن القاسم : وإن اشترب {أمة}(4)من نفسها أو من غير مالكها وهو يعلم فوطئها ، فإن علم أن بيع الرجل لها خيانة وسرقة أو تعديا أو بيعها نفسها على وجهة الإباق فليحد .وإن اشتراها من الرجل يري أنه نظر لربها فتلك شبهة تدفع عنه الحد . قال أشهب : ولا ينجو من العقوبة ، لأن الجار والصديق قد يبيع الشئ على صديقة نظراً له .
ومن تزوج أمة من نفسها فقالت أن حرة ووكلت من زوجها والزوج يعلم أنها كاذبة متعدية لم يحدا وعوقبا . وكذلك في الحرة ، ويلحق الولد في ذلك بالأب ، وهو رقيق لسيد الأمة لا قيمة فيهم على الأب ،وكذلك إن علم ببينة أنه أقر قبل الوطء والحمل أنه علم أنها كاذبة ، وإلا لم أرق ولده
***
__________
(1) زيادة في ص .
(2) الأغتم : من لا يفصح شيئا قاموس .
(3) كدا في ع و ف . و ف ص : الصداق
(4) ساقط من ص .(1/264)
[14/272]
{ بإقراره بعد الحمل أنه تزوجها عالماً بكذبها ، ويلزم الأب قيمة الولد }(1)يوم الاستحقاق
وإذا تزوجت امرأة وزوجها غائب ثم قدم فزعمت أنه بلغها وفاتة ولا بينة لها بذلك ، فلتعاقب ولا تحد . وقاله ابن شهاب . وقال : قد تكون الشبهة في بعض من يقصر عقله وتقل فطنته فتظن أن السماع تسمعه كالبينة ، وأري أن تعاقب بمائة جلدة . وعن الحرة تحت عبد يخرج إلي بلد آخر فتزوجت أنها تحد . محمد : إذا أتت ذلك عالمة بغير عذر ، ولا شئ على الزوج ولا على الذي زوجها ، وترد هي الصداق بما غرته . وإن كان الذي زوجها عالماً فهو يغرم الصداق ويعاقب .
وروي ابن حبيب أن النعمان بن بشير رفع إليه رجل وطئ جارية امرأته فقال : لأقضين فيها بقضاء رسول الله ، إن أحلها له جلدته ، وإن لم يحلها له وجعته ، فوجده قد أحلها له فجلده مائة .
ومن كتاب ابن المواز قال ابن شهاب : وإذا قالت امرأة لرجل أمتي لك حل(2)فوطئها على ذلك فإنه يرجم ولا يلحق به الولد. ولو وهبت أمتها وجعلتها في حجلتها(3)فأتي زوجها فوطئها فلا حد عليه وتنكل الزوجة . قال في كتاب ابن حبيب نحوه عن عثمان ، وقال : يحلف ما شعره ، فإن أبي رجموه ، وإن حلف جلدوه(4)مائة جلدة ، وامراته مائة جلدة ، وحدوا الوليدة .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) كذا في ع و ف . وعبارة ص مطموسة تشبه : أي ادخل .
(3) الحجلة كالقبة موضع يزين بالثياب والستور للعروس . قاموس وقد صفحت في ص فكتبت : حفلها .
(4) في ص : فإن أبي فارحموه ......فاجلدوه .(1/265)
[14/273]
قال مالك في كتاب ابن المواز : ومن أحل أمته لرجل فوطئها فلتقوم عليه حملت أو لم تحمل ، شاء أو أبي ، ولا يحد ويلحق به ما ولدت . وإن كان عديما اتبع بالقيمة دينا إلا أن لا تحمل فتباع عليه في القيمة ولا ترد إلي ربها وإن رضيا ، ويعاقب الواطئ إن لم يعذر بجهل . وكذلك الأب يطأ أمة ابنه فتلزمة القيمة حملت أو لم تحمل ، كان بإذن الولد أو تعديا ، وكذلك الجدود عند ابن القاسم في الوطء والسرقة . وقاله عبد الملك ، وخالفة أشهب فقال : عليهم الحد والقطع بخلاف الأب . قالوا : ويدرأ عن الأم في السرقة الحد .
وأما إن وطئها عند ابنها ، قال أشهب : فعليها الحد كما تحد في عبدها . قال : ولا يجوز لها تزويج عبد ابنها ولا للأب تزويج أمة ابنه .
قال ابن شهاب في التي أمكنت من نفسها عبدها ولم يحتلم فعليها النكال(1)ولا ترجم .
قال مالك في التي وجدت مع عبدها يطؤها فتقول : كنت أعتقته وتزوجته ولابينة لها إنها تحد ، كما لا يقبل ذلك من الحرين يؤخذان فيدعيان أنهما زوجان . قال مالك : ويعتق العبد بإقرارها .
ومن زوج أمته لعبده ثم وطئها لم يحد ونكل . وقد روي أن عمر جلد فيه مائة ، وروي عنه أن الغلام شكا ذلك غليه فبعث إليه فسأله عن أمته هل يطؤها ، فأشار غليه على وعبد الرحمن ابن عوف أن لا يقر ، فأنكر فقال : لو اعترفت لجعلتك نكالا . قال عطاء : ينكل ولا يحد .
قال ابن شهاب : وإن جاء ولد لحق بالعبد . قال ابن القاسم إلا أن يكون العبد معزولاً عنها قدر ما فيه استبراء . قال اصبغ : قدر حيضة فيلحق الولد بالسيد . قال ابو زيد وأصبغ : قدر الشهر ونحوه قال أصبغ :
***
__________
(1) صحف في ص : فعليها النكاح .(1/266)
[14/274]
لأنهما فراشان فآخرهما أولي عن كان بينهما حيضة ووضعت لستة اشهر من وطء السيد .
قال ابن القسم : وكذلك لو وطئ مملوكة لغلامه ، فإن كان بين الوطأين ما ذكرنا لحق بالسيد وإن كان انتزاعاً . قال أصبغ : وهو قول مالك في زوجة العبد إلا أن يقول السيد استبرأت بعد وطئي .
قال أصبغ : وإذا وطئ السيد عن غير حيضة ولا قدرها فالولد للعبد إلا أن ينفيه بلعان ، ولا لعان له بوطء السيد هذا الوطء إلا أن ينتفي بغير ذلك بزني يراه فليلتعن(1)بذلك ويسقط عنه الولد ، وتلتعن هي . فإن ادعاه السيد لحق به . وقال أيضاً : وإذا التعن العبد فلا لعان عليها لأن للولد فراشاً يلحق به وهو السيد .
قال : وكذلك الأمة لا زوج لها يظهر بها حمل فيجب عليها الحد ولو أقر به السيد سقط الحد عنها .
كمتزوجة في العدة قبل حيضة تأتي بولد لأقل من ستة أشهر(2)فهو للأول إلا أن ينفيه بلعان فيلحق بالثاني ، إلا أن ينفيه بلعان بعد أن يدعي استبراء بعد وطئة ، ثم لا تحل له . ولو كان تزويج الثاني بعد حيضة فالولد له إلا أن تضعه لأقل من ستة أشهر .
قال أشهب في المبضع معه في شراء جارية ، فاشتري له حارية فوطئها الوكيل فحلمت إنه زان ويحد ، ولا يلحق به الولد ، اشهد علي الشراء أو لم يشهد .
قال عبد الملك : إذا أبضع معه في شراء جارية بعينها فابتاعها له ثم اشهد ببينة أنه ابتاعها {بربج}(3)أو غيره ثم وطئها . قال : هو زان لا
***
__________
(1) في ص : فيلتقي . وهو تصحيف .
(2) كذا في ص . وفي ع و ف : لقل من خمس سنين .
(3) ساقط من ص .(1/267)
[14/275]
يلحق به الولد ، كالمودع يفعل مثل هذا . ولو أنه تعدي في الشراء حتي يكون الذي أبضع معه مخيراً عليه فأشهد عنه ذلك أنه ألزمها نفسه بثمنها أو أزيد منه درأت(1)عنه الحد إن وطئها ولحق به الولد ، وهي له أم ولد ، لأنه كان لها ضامنا قبل الوطء وقبل رضا المبضع .
قال محمد : وإذا أوصي لرجل بجارية وله مال واسع فوطئها الموصي له قبل موت السيد ثم مات فحملها الثلث وأخذها ، قال : هو زان ويحد ، فإن حملت لم حملت لم يلحق به الولد لنه يوم وطئ لا حق له فيها ولا شبهة . وإن وطئ بعد موت السيد وعلى السيد دين محيط بتركته ، فذها لا يحد(2)ويلحق به الولد ويغرم قيمتها للغرماء في ملائه ، وتكون أم ولد . وإن كان معدما بيعت وحدها واتبع بقيمة الولد للغرماء . فإن ملكها يوماً لم تكن له بذلك أم ولد .
وإذا وطئ الوارث جارية من التركة وعلى الميت دين محيط والواطئ عديم . فإن كان عالماً بالدين فكان وطئوه مبادرة بيعت وحدها للغرماء ، واتبع بقيمة الولد ولاحد عليه بكل حال . وإن كان له مال لم تبع عليه وإن وطئ مبادرة ، ويغرم قيمتها فهي له أم ولد ، وهو فيها كالشريك ، يريد ممن لا حد عليه . قال ابن القاسم : فإن لم يعلم بدين أبيه لم تبع وإن كان معدماً واتبع بقيمتها ديناً . قال محمد : وما بقي(3)من دين أبية يتبع باقلهما .
***
__________
(1) في ص : ورأت . وهو تصحيف .
(2) كذا في ع و ف . وهو الصواب . وفي ص : يحد وهو تصحيف
(3) كذا في و ف وهو الأنسب . وفي ص : وما كان .(1/268)
[14/276]
فيمن وطئ أمة له فيها شرط
ومن تزوج على أمة ثم وطئها قبل البناء وشبه ذلك
{ من كتاب ابن المواز }(1)قال مالك : ومن وطئ أمة له فيها شرط قومت عليه ولحق به الولد ولا يحد ، ويعاقب إن لم يعذر بجهل . فإذا لم يجهل فقد قال مالك : تقوم عليه {إن كان له مال ، وأحب إلينا أن يكون الشريك مخيراً : إن شاء يمسك وإن شاء قومها عليه }(2)يوم الوطء .
قال : وكل وطء يدرأ فيه الحد ويلحق فيه الولد يقوم فيه على الواطئ إلا الأمة بين الشريكين ، فإن الشريك مخير في قول مالك وأصحابه كما ذكرنا ، لتعدي الواطئ . وفي جارية مكاتبة ، وأما إن حملت فلتقوم عليه . وقد قيل القيمة يوم الحمل ، وقيل يوم الحكم ، وقيل يوم الوطء . والصواب عندنا : إن شاء شريكة يوم الوطء وإن شاء يوم حملت .
وهذا إن وطئها مرة بعد مرة ، فإن كان مرة واحدة فيوم الوطء يوم الحمل .
وإم لم يتبين بها حمل فرضي بإمساكها ثم ظهر بها حمل لم تقوم إلا يوم الحمل . وقال مالك في الموطأ : يوم أصابها ويعاقب . { قال مالك }(3)قال ابن عمر : يعاقب {ولا يحد}(4). قال أبو الزناد : يعاقب بمائة جلدة .
قال مالك : فإن لم تحمل بقيت بينهما ، وعليه نصف ما نقصها وطؤه . وقال ابن القاسم : لا شئ عليه فيما نقصت . هذا أصل مالك .
***
__________
(1) ساقط من ع .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) ساقط من ص .
(4) ساقط كذلك من ص .(1/269)
[14/277]
وأصحابه ، كان الواطئ ملياً أو معدماً . محمد : لأنه إذا شاء ضمنه القيمة في عدمه ثم باع عليه نصيبه في القيمة ، فإن وفي بها وإلا اتبعه بما بقي ديناً ، وما زاد فللوطئ .
وإن كان عليه دين فالشريك أحق منهم بها وبثمنها حتي ياخذ حقة .
وأما إن حملت فلا بد من قيمتها شاء الشريك أو أبى فى ملائة ، وتكون لة أم ولد ( وإن كان عديما بقيت مصابة الواطىء بحساب أم الولد )(1)ونصفها رقيق للذى لم يطأ ، ويتبع الواطىء بنصف قيمة الوالد ويلحق بأبية .
وقد قيل ويتبعة بنصف ( قيمة )(2)ما نقصها الوطء ، قالة مالك ، وأباة ابن القاسم ، قال : لأنة لو شاء قومها علية . وقد كان مالك يقول : تقوم علية فى عدمة ويتبع وتكون أم ولد ، ورجع إلية ابن القاسم .
قال أصبغ عن ابن القاسم : ولا يعجل عتق نصفها(3)على الواطىء ، إذ قد يملك باقيها(4)فيحل لة وطؤها . ثم إن حملت منة صارت لة أم ولد كلها . وهذا قول عبد الملك وأصبغ وقولنا .
وإن كان الواطىء والد الشريك فهو كما ذكرنا فى الأجنبيين فى العسر واليسر والحمل وغير الحمل ، غير أن الابن يتبع أباة بقيمة مصابتة فى الملاء والعدم .
وإن وطىء أمة لة نصفها ، ونصفها حر ، لم يحد وعوقب ، فإن حملت عتق علية نصيبة ساعتئد ، وإن غصبها فعلية نصف ( قيمة )(5)ما نقصها .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين اقط من ع .
(2) زيادة فى ص و ع .
(3) فكتب عبارة ع : ولا يعجل عتقها .
(4) فى ص : يباع باقيها .
(5) ساقط من ص .(1/270)
[14/278]
وإن كان وطىء مكاتبتة لم يحد ، وإن غصبها فعلية ما نقصها يحسب فى آخر كتابتها . قال أشهب : وإن أعتق شقصا لة من أمة ثم وطئها المتمسك قبل التقويم فحملت لم يحد ، ولحق بة الولد ، وعلية نصف ما نصقها للمعتق ، ويأخذ منة نصف قيمتها فيتقاصان . وقال ابن القاسم هى حرة ساعة حملت وتبطل القيمة ، وهى حرة منهما . وإن غصبها أدى للآخر نصف ما نقصها ، وبة أقول .
قال ابن القاسم : وإذا ولدت أمة بين رجلين فأنكراة وأعتق أحدهما مصابتة فلم تقوم علية حتى ادعى الآخر الولد ، إنة يحلق بة ويبطل العتق وتقوم على المستحلق وتكون لة أم ولد . وإن كان معدما فعتق نصفة جائز ، ويتبع بنصف قيمة الولد ويلحق بة .
ومن تزوج بجارية(1)ثم وطئها بعد أن دفعها إليها بعد أن بنى بالزوجة فهو زان ويرجم ، وإن كان قبل البناء فابن القاسم يدرأ عند الحد . قال عنة أصبغ : وكذلك لو أصدقها دنانير فتجهزت فيها بخادم فزنى بالخادم قبل البناء فهو سواء . قال أصبغ : لأنة عندة كالشريك قبل أن يبنى ، لأنة لو طلق وقد ماتت الأمة أنها منهما ولهما نماؤها ، والحد يدرأ بدون هذا من الشبهة .
وقال أشهب وعبد الملك : علية فيها الحد . قال عبد الملك : ولا شبهة لة فيها . ولو طلقها بعد وطئة قبل أن يحد وقبل البناء لم ينفعة ذلك ويحد ، ويرجع إلية نصفها ونصف ولدها رقيقا .
قال أشهب : ولو أراد أن يتزوج أمتة هذة التى أصدقها قبل أن يبنى بامرأتة كان ذلك لة جائزا .
***
__________
(1) كذا فى ص و ف وهو الصواب . وفى ع : ومن تزوج جارية وهو تصحيف .(1/271)
[14/279]
وذكر ابن حبيب عن ابن الاجشون مثل ما ذكر عنة ابن المواز . قال أصبغ : وأحب إلى أن لا يحد لشبهة الشركة ، طلق أو لم يطلق . قال ابن حبيب : وهو الاستحسان وأحب إلى والأول القياس .
فيمن زنى وجهل تحريم الزنى
قال ابن حبيب : حدثنى الحميدى عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن المسيب قال : ذكر الزنى بالشام فقال رجل زنيب البارحة ، فقيل لة ما تقول ؟ قال ما علمت أن اللة حرمة . فكتبت إلى عمر فية ، فكتب : إن علم أن اللة حرمة فحدوة ، وإن لم يكن علم فعلموة ، وإن عاد فحدوة .
ومن كتاب آخر ذكر حديث المرأة التى ذكرت أن راعيا أصابها بدرهمين ، فقيل لة لم لم تستحل بة وهى تعلم تحريمة ، فلم يحدها عمر . قال مالك : لا يعذر اليوم بمثل هذ .
قال ابن حبيب : وذهب أصبغ فة حديث مرغوس أن يأخذ بة أن يدرا الحد عمن جهل الزنى ممن يرى أن مثلة يجهلة ، مثل السبى وغيرهم ممن يشبههم .
فى ولد الزنى
من كتاب ابن حبيب قال الشعبى : ولد الزنى خير الثلاثة إذا اتقى اللة . قيل لة : فقد قيل شر الثلاثة ، قال هذا شىء قالة كعب ، لو كان شر الثلاثة لم ينتظر بأمة ولادتة . وكذلك قال ابن عياس .
***(1/272)
[14/280]
قال ابن مسعود : إنما قيل شرهم فى الدينا ، ولو كان شرهم عند اللة ما انتظر بأمة أن تضع .
وقال عمر بن الخطاب : أكرموا ولد الزنى وأحسنوا إلية . وقال ابن عباس : هو عبد من عبيد اللة ، إن أحسن جوزى وإن شاء اساء عوقب . وقال عمر بن الخطاب : أعتقوا أولاد الزنى وأحسنوا إليهم
تم كتاب الزنى
***(1/273)
[14/281]
بسم اللة الرحمن الرحيم وصلى اللة على محمد خاتم النبين
كتاب الأشربة
ما جاء فى تحريم الخمر
قال ابن حبيب : ذم اللة الخمر فى ايتين ، وحرمها فى الثالثة التى أنزلها بعدهما فى سورة المائدة . نسخ بها الآيتين ، وهما : (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير )(1)يقول :
ما يجر من دواعى السكر ( ومنافع للناس )(2)كان يشربها الرجل للهم يعرض لة فيسكرة ، ومنافع الميسر مقامرتهم بة ، وإثمة ما يقع فى خلال ذلك من الشحناء والمنازعة . ثم أنزل اللة الثانية فى النساء ( لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى )(3)ثم أنزل الثالثة الناسخة ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلاة )إلى قولة ( منتهون )(4)وأمرة باجتنابها تحريم ، كما أوامرة واجبة ، وقد قرنها بالميسر والأنصاب وهى الأصنام .
قال أبو بكر بن المنكدر(5): والخمر التى حرم اللة هى السكر الذى
***
__________
(1) الآية 219 من سورة البقرة .
(2) الآية 219 من سورة البقرة .
3 الآية من سورة النساء .
(4) الآية من سورة المائدة .
(5) هكذا فى ف وهو الصواب . وصحف فى ص و ع : ( أبو بكر بن البكير ) وابن المنكدر تابعى من رجال الحديث فى المدينة . أدرك بعض الصحابة وروى عنهم توفى عام 130 .(1/274)
[14/282]
يثمل كثيرة ويسكر(1)، ويدعو إلى العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر اللة وعن الصلاة .
فالخمر لم تحرم لطيب طعم ولا للون ولا لرائحة ، ولكن لما يكون عنها . ولا فرق بين مسكر العنب ومسكر التمر وغيرة . وإنما سميت خمرا لمخامرتها العقل ، والسكر إنما سمى سكرا لأنة يسكر لمخامرتة العقل .قال اللة عز وجل ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منة سكرا )(2)فالسكر الخمر .
وقال أنس : إن خمرهم كانت يوم نزل تحريمها من فضيخ(3)التمر والرطب . وقد أمر(4)من حضر من الانصار أن يريقها حتى نزلت الآية فلم يشكوا أنها الخمر . وعمر قد قال : نزل تحريمها يوم نزل وهى من خمس ، ثم أجمل فقال : ألا وإن لخمر ما خامر العقل ، فتبين معناها . ولو كان إلى القياس وجب أن يقاس عصير العنب على (كل)(5)مسكر التمر وغيرة ، لأن السكر مما عدا العنب ليس الغرض منة إلا السكر ، فهو أخص بالتحريم ، إذ من أجل السكر حرمت واحتيط على العباد فمنعوا(6)من قليلها إذ كان داعية إلى كثيرها .
ومثل هذا فى التعبد كثير ، منة الخاطب فى العدة أبيح لة التعريض ومنع ومنع من التصريح ؛ ومنة سائق الهدى تطوعا أمر أن لا يأكل منة خيفة التطرق إلى نحرة ثم يدعى عطبة ؛ ومنة البيع عند النداء خشية فوت الجمعة فمنع البيع فية . وهذا يكثر ذكرة(7).
***
__________
(1) صحف فى ص : يسكر كثيرة ويسكر .
(2) الآية 67 من سورة النحل .
(3) الفضيخ : العصير ، وشراب يتخذ من بسر مفضوخ أى مكسور . قاموس .
(4) كذا فى ص وهو الأنسب . وفى ع و ف : وقد أمرة .
(5) ساقط من ف .
(6) كذا فى و ف . وهو لأنسب . وصحفت عبارة ص : و " احتيط على الغابر فخرجوا " .
(7) فى ص : يكثر دخلة .(1/275)
[14/283]
ومن أحل المسكر فإنما أغمض واستعمل التغافل ، وإلا فالأمر واضح . وعارض بعض المتأخرين بأخذ الرجل الدواء المزيل لعقلة . وهذا عجيب ، فالزائل العقل من غير المسكر ، ذهل عما علية السكران طريح مرض يبكى علية ، والآخر ، إن كان ذا حياء قل حياؤة ، أو عفيفا زالت عفتة ، فلا يطعن بالأبا طيل فى أدلة الحق .
ومعنى آخر أن المتنازل للسكر قصد وأراد أن يخامر عقلة ليطرب ويلهو، والمتناول للدواء لم يقصد لهذا ، وإنما أمر حدث علية .
قال غيرة : والعصير من العنب الذى جامعونا علية لم ينقلة إلى اسم الخمر إلا الشدة ، فوجب لة ذلك الاسم بحدوثها لقليلة وكثيرة ، وصار بحدوثها فية الصفات التى ذكر اللة – عز وجل – تحريم الخمر لها من السكر والصد عن ذكر اللة وعن الصلاة .
والخمر والسكر معنى واحد وقد قرن (اللة)(1)النخيل والأعناب فيما يتولد عنهما مما يجب لة هذا الاسم . وثبت أن النبى قال : كل مسكر حرام(2)وقال : ما أسكر كثيرة فقليلة حرام(3)وقال : كل مسكر خمر(4).
وخطب بة عمر على الناس وقال : إن الخمر من خمسة أشياء يوم نزل تحريمها . ثم قال : والخمر ما خامر العقل . وثبت أن النبى سئل عن البتع فقال : كل شراب أسكر فهو حرام(5)، وأنة قال للذين سألوة من
***
__________
(1) لا يوجد اسم الجلالة ف .
(2) فى الصحيحين ، وسنن أبى داود والنسائى وابن ماجة عن أبى موسى وغيرة ، وفى مسند أحمد .
(3) فى صحيح ابن حيان ، وسنن أبى داود والترمذى عن جابر . وفى سنن ابن ماجة والنسائى ومسند أحمد عن ابن عمر .
(4) فى صحيح مسلم ، وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة ، ومسند أحمد عن ابن عمر .
(5) فى الموطأ والصحيحين ، وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة ، وفى مسند أحمد عن عائشة .(1/276)
[14/284]
اليمن عن شرابهم وأنهم لا يصلحهم إلا ذلك لبرد أرضهم . فقال السكر ؟ قالوا نعم . فنهاهم عنة وقال : كل مسكر حرام ، ولم يريدوا أنة لا يصلحهم إلا أن يسكروا ، وإنما رغبوا فى شربة ، فحرمة عليهم وأدخلة فى اسم الخمر التى قامت(1)معانيها فية .
ولما كان العصير من عنب أو فضيخ تمر لا يجب لة اسم لخمر أو المسكر إلا بحدوث الشدة دل على ان الشدة الحادثة أوجبت هذا الاسم لقليلة وكثيرة ، فصار تحريم قليلة وكثيرة بهذة العلة الحادثة التى نقلت اسمة ، فوجب لغيرة من الأشربة حكمة أن يستحق الاسم والمعنى إذا قام فية ما قام فى العصير بالشدة من المعانى التى لها وجب الاسم ، ولة حرمت ، فصار قليلة وكثيرة معلولا مقيسا علية ، إذ وجب اسم الخمر لقليلة بهذا كما وحب لكثيرة . ولو كان قليلة لم يسم خمرا لعلة الشدة ولكن لغير علة ، لزمك أن قليل عصير العنب اسمة خمر قبل الشدة ، وهذا فاسد . فقد صح أن قليلة حدث لة اسم الخمر بالشدة ، وصار فية من العلة التى نقلت اسم ما فى كثيرة .فإن تعسف فقال وجب لها اسم الخمر لقليلها وكثيرها بالشدة حرم كثيرها لما فية من السكر الداعى إلى ما ذكر اللة سبحانة من الصد عن الذكر وعن الصلاة .
قيل : قد أعطى أن الخمر هو الداعى إلى ذلك ، وأنة لذلك حرمة ، فأوضح بذلك أن يدعو إلية قليلة لأنة يدعو إلى كثيرة ويتطرق إلية ، كما يدعو كثيرة إلى نهاية تلك الأمور .
وكثير فى الشريعة بهذا المعنى يمتنع للجرائر والدواعى . وقد قرن اللة النخيل والأعناب بمعنى واحد فيما يتولد عنهما من السكر الذى هو الخمر .
***
__________
(1) فى ص : كانت .(1/277)
[14/285]
وقد تعسف بعض المتأخرين فى تحليل النقيع من غير العنب ، ولا سلف لهم فية ، وتعسفوا فى دفع الآثار وقابلوها بأحاديث لا تثبت واستكرهوا التأويل الفاسد فيما قد ثبت التحريم ، وألزمناهم لما أقروا بما ثبت من الحديث في تحريم المسكر ، لأن آخر المشروب لا يسكر منفرداً ، فقد دخل القليل تحت هذا لاسم ، كما دخل اسم الخمر تحت قليلة ، فوجب الاسم لقليلة وكثيره ، لأن لقليله معنى من مخامرة العقل ، كما فيه معنى من موجبات السكر بعد مكابرتهم إلي أن مثل ذلك . تخليل العقار القاتل كثيره ، وهو ما ينتج من الطعام وما دونه من الأكل ، وهذا مما نحن فيه مفترق لأن الله سبحانه نص لنا على تحريم قليل الخمر وكثيرها ، وأجمعت الأمة على أن قليل العقار الضار كثيره جائزة أكله {فهذا} بتحليل قليله ، وقام النص بتحريم قليل الخمر ، فرد ما اتختلف فيه من الأشربة غلي ما فيه النص فيها أولي بنا من رده إلي الأودية التى هي مستباحة ، لأنا إنما نقيس علي الأشبه من الأصلين بالفرع لو سلمنا لك أنه فرع ، فكيف ونحن نقول إنه دخل تحت اسم الخمر ؟ وكيف تلزموننا أن نقيس ما يأخذع على الكراهة والحذر من تلف نفسه على ما ياخذه على الشهوة ويقصد به البلوغ إلي السكر الذي هو آخر أفعاله ، ولا يقصد أحد في العقار إلي مثل هذا . وشئ آخر أن أخذ قليل العقار ليس بداعية إلي المزيد منه ، وتناول قليل الخمر أو ما يفعل فعله داعية إلي المزيد منه ، لأنه يحدث في النفس تطلباً إلي المزيد وطربا واستثارة .
وشئ أخر أن من يوجب الحد في السكر من الأشربة يلزمه أن يحد في الكثير من العقار المزيل للعقل ، ومن خالف السلف فلم يحد في السكره من كل مسكر وحد في قليل الخمر لزمه أن يحد كل طاعم أو شارب حرام من ميته وخنزير ، أو يدفع الحد عنه .
***(1/278)
[14/286]
فإن قال : حددنا في قليله لانه داعية إلي كثيره {كما حرم الله عز وجل قليله لأنه داعية إلي كثيره }(1)وليس في غيره من المحرمات دواعي إلي كثيرها ، فإن هذا ما قلنا إن قياسك ما خالفتنا فيه من الأشربة غلي ما يشبه معنى وفعلا من الأشربة أولي بك حين دفعت الأحاديث وقدحت في النص على تحريم مسكر الأشربة ، وكيفما صرفت قول غيرنا لم تجد له بيانا لا من باب القياس والاستدلال ولا من باب الآثار والله المستعان علي توفيقه .
وقد تجد شارباً لمقدار من المسكر لا يسكره إلا أكثر منه ، إلا أنه خرج فضربته ريح استحكم فيه السكر الذي لولا الريح لم يسكر فصار عليه حراماً ما كان قبل أن تمسحه الريح حلالاً ، وصار يحد ظهره لما دخله من الريح الذي هو سبب سكره . وأصلهم {كذا} أن أواخر الشراب هو المسكر له ، وهذا سبب سكره غير الشراب . فإن جعلت ما تقدم له من الشراب معيناً في ذلك ، قيل لك : فحرمه عليه إذ له جزء من السكر ، فإن أبيت من ذلك فلا يحد صاحب الريح إذ لم يتعد عندك بشراب يوجب سكره ، وإنما تعرض للريح بخروجة فكان عن ذلك سكره ، ولا حكم عندك لمتقدم الشراب فيما له رفع التحريم والحد .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/279)
[14/287]
في الخليطين من الأشربة ومن الخل
وذكر ما نهي عنه من نبيذ الأوعية
وذكر الطلا والعصير وحلال الأنبذة
قال ابن حبيب : نهي النبي عن الخليطين من الأشربة(1)فلا يجوز شرب الخليطين نبذا كذلك أو خلطا عند الشرب ، كانا من جنسين أو من جنس ، مثل عنب وزبيب أو زهو ورطب أو تمر مدبب فقد نهي عنه مالك ، ولا ينبذ رطب من التمر ويابس معاً ، ولا من أخضر ويابس . وكذلك إن نبذ زبيب وحده لم يجز أن يصب معه عند شربه عسلا أو يلقي فيه تمر أو تين ولا كل ما هو أصل شراب إلا الفقاع فقد يستخف .
أصبغ : أن يحلي بالعسل عنه شربه وإن كان بيذاً أن أصلها زبيب جاز أن يخلطا عند الشرب ، وكذلك نبيذ زبيب يطرح عليه زبيب ليحليه ويشد به ، أو عسل يطرح على نبيذ عسل .
وفي كتاب ابن المواز نحو ما ذكر ابن حبيب من معانى الخليطين . قال غيره : لا بأس أن يخلط شراب ورد وشراب بنفسج ويشربا لأن أصلهما واحد وهو السكر .
ومن العتبية قال ابن القاسم : لا باس أن يخلط العسل مع اللبن ويشرب . وقال عن مالك في العصير يجعل فيه الشعير وغيره ليخلل به فيصير خلا ، قال : لا بأس به .
***
__________
(1) في الموطأ عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله نهي أن يشرب التمر والزبيب جميعاً والزهو والرطب جميعاً . والزهو والرطب جميعا . وأحاديث النهي عن الخليطين في الصحيحين والسنن والمسند وغيرها .(1/280)
[14/288]
ومن سماع أشهب : وعن المرأة تعمل نضوحاً من التمر والزبيب تمتشط به فلا باس به . قيل : أفيشربه المريض ؟ قال : لا خير فيه قيل : أفتختلط المرأة تجعله في رأسها من نبيذ التمر ونبيذ الزبيب ؟ قال : لا تجعل في رأسها منه شيئاً . قيل : أفتخلط الزبيب والتمر لتخلله . قال : ما علمت أنه يكره إلا في الأشربة ، ولا بأس بالنبيذ يجعل منه دردي(1)من نبيذ غير مسكر ، ولا يجوز إن كان دردي المسكر ، وأنكر قول من أجازة
وكذلك ذكر ابن حبيب في عكر(2)السكران يضري به العسل ، لأن درديه خمر . قال ابن المسيب : فيحرم ما خلط به ، وقاله مالك وأصحابه .
قال عيسي في العتبية(3)عن ابن القاسم : لا يجعل العسل على النبيذ ويشرب . قال عنه {سحنون}(4)وإذا تخلل الخليطان من الأشربة فلا باس بأكله .
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب سئل عن النبيس(5)يجعل فيها العسل هل هو من الخليطين ؟ قال : لا باس به . والنبيس مثل الماء . قال : ولا بأس بلبن يضرب بعسل ويشرب .
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في عجين عجن بدردي إذ لم توجد له خميرة ؟ قال : لا يؤكل ، والدردي الجائز(6)هو من النبيذ(7)
***
__________
(1) الدردي : ما يبقي أسفل الزيت وشبهه . قاموس .
(2) العكر : ددي كل شئ .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 318 و 330 .
(4) ساقط من ع . وفي البيان والتحصيل ، قال ابن القاسم .
(5) كذا في ع و ف . وفي ص ما يشبه : النفس .ولم يتضح لنا معناها .
(6) كلمة مطموسة في ص تشبه : للأمر .
(7) كذا في ص و ف . وفي ع : هو من الشدة .(1/281)
[14/289]
ومن كتاب ابن حبيب : وروي مالك أن النبي نهي عن الدباء والمزفت رواه أبو هريرة(1)، ورواه جابر وزاد والنقير والحنتم {قال ابن حبيب : والحنتم الجر }(2)من فخار أخضر كان أو أبيض والنقير من عود . فقال أهل العلم نهي عن ذلك لئلا يعجل ما نبذ فيها . ثم روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه ارخص بعد لك فيها فقال : كنت نهيتكم عن الأوعية فانبذوا ولا أحل كل مسكر(3)وإن عائشة كانت تنبذ للنبي صلي الله عليه وسلم في جر أخضر ، وكانت عائشة تشربه فيها(4)وروي أنه ما كان بين نهية ورخصة إلا جمعة .
واختفت الصحابة(5)في إباحة ذلك وحظره ، وأراه ممن لم تبلغه الإباحة . فروي عن على وابن مسعود {ومعاذ}(6)والخدري وأنس . لم يكونوا يتقون نبيذ الجر ولا غيره ، وأخذ بذلك نافع وربيعه ، واحد بالتحريم من الصحابة عمر وعبد الله بن عمر وابن عباس وأبو هريرة ، ومن التابعين : الحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس {وسعيد بن جبير}(7)وابن شهاب . وأشد ما جاء عنهم نبيذ الجر ، وأخذ مالك بكراهية الدباء والمرفت ، وأرخص في نبيذ النقير والحتيم . والتحليل في جميعه أحب غلي وبه اقول وجاءت به الآثار .
ومن كتاب ابن المواز : وكره مالك الدباء والمرفت ، والنقير عنده كالمرفت . وروي عنه أشهب أنه أجاز نبيذ الجر وكره الدباء والمرفت ، وأجاز
***
__________
(1) في باب الأشرية في الموطأ
(2) مابين معقوفتين ساقط من ص ؟
(3) في سنن ابن ماجه عن بريدة . وعند السيوطى في الجامع الصغير وفيه : واجتنبوا كل مسكر .
(4) في باب الأشرية من صحيح مسلم .
(5) هكذا في ع و ف وهو الأنسب وفي ص : واختلف العلماء .
(6) ساقط من ص .
(7) ساقط من ص . وفيها بدله : وابن حبيب وهو خطأ .(1/282)
[14/290]
الزقاق وإن كانت مزفتة ، وكره القرعة وإن لم تكن مزفتة ولا مقيرة(1)وأن يجعل فيها نبيذ .
قال محمد : وذكر غيره أن النبي نهي عن النقير والحنتم والدباء .
قال : ولا يكره أن ينقع الزبيب ولا عصير العنب بعينه(2)إذا شربته عصيراً ما لم يسكر { وكان ينقع الزبيب للصحابة فيشربونه }(3)وكان ابن عمر ينقع له اليوم ويشربه بالغد ثم يخفف من الزبيب ويجعل عليه زبيب وينقع ويشربه إلي غد ، فإذا كان بعد غد طرحه .
وإذا عصر العنب وبقي ثفله فصب عليه رجل مانء {فيغلي}(4)ويشربه قال : إن كان يسكره فلا خير فيه . وقيل لمالك : إن قوماً ييبسون ورق العنب ثم يلقون عليه ماء ثم يشربونه ، قال: إن لم يسكر فلا بأس به .
وكره مالك وأصحابه أن يجعل الدردي في شئ من النبيذ ليضري(5)به ، وكره غير واحد من اصحابنا أن يجعل في طعام أو شراب .
وقال عنه أشهب : إن كان دردي غير مسكر فلا بأس به .
وروي عنه ابن القاسم في النبيذ يجعل فيه عكره ليضري به فكرهه ، وأخذ أصبغ بقول مالك ، ولا يعجبه قول ابن القاسم .
***
__________
(1) مقيرة : مدهونة بالقبر الطلاء الأسوذ الشبيه بالزفت .
(2) في ص : بغيرة .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(4) ضري يضري بالشي : عتق فيه وجاد طعمه . قاموس
6) ساقط من ص .(1/283)
[14/291]
وسئل مالك عن العسل يجعل فيه الحديدة عشية {ويشربه}(1)غدوة وهو قارص(2)لا يسكر فكرهه . قال ابن القاسم : وقد قال لا بأس به ، وهو أحب إلي . فأما عكر النبيذ والبرنه(3)فلا خير فيه .
ومن العتبية(4)من سماع أشهب عن مالك قيل له : أتري أن يجتنب شراب النبيذ وإن كان حلواً ويتحرج منه حيفة أن يعرض بنفسه سوء الظن ؟ قال : نعم لا أحب أن يشربه لا في البيت(5)ولا خارجاً وإن {كان حلواً ، وإني }(6)أنهي أهل المدينة أن ينبذوه(7).
ومن كتاب ابن المواز وقيل لمالك في النبيذ {الذي}(8)يجعل في السقاية أمن السنة هو ؟ {قال مالك}(9)أو كان في أيام أبي بكر وعمر ؟ قال : لم يكن في أيامهما وليس من السنة . ولو ذكرت كلمت فيه أمير المؤمنين وأكره شرب النبيذ الذي يعمل في الأسواق والعرس ، ولا بأس فيه بالشربة التى يعملها النساء في السويقة(10)يكسرن خبزاً ثم يجعلن عليه بقلاً ثم يحوصنه(11)ثم يشربنه ، فإذا كان لا يسكر فلا بأس به ، وقد كان ينبذ لابن عمر شراب بالغدو وبشربه بالعشي .
ومن كتاب ابن المواز : ولا أحد في طبخ العصير { ذهاب}(12)ثلثيه وإنما أنظر إلي السكر . قال أشهب : وإن نقص تسعة أعشاره . قيل لمالك : الطبخه حد ؟ قال : كنت أسمع إذا ذهب ثلثاه .
***
__________
(1) في ع فارس – بالسنين .
(2) كلمة مطموسة في النسخ .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 303 .
(4) في ع : إلا في البيت . وهو تصحيف .
(5) ساقط من ص .
(6) صفحت عبارة ص : لا أنهي أهل المدينة أن ينبذونه .
(7) ساقط من ص .
(8) جماة مقحمة لا محل لها على ما يبدو .
(9) كذا في ص و ف . وفي ع : في البيوت .
(10) كلمة غير واضحة في الشخ .
(11) ساقط من ص .(1/284)
[14/292]
قال ابن المواز وابن حبيب : وروي عن ابن عمر نهية عن الطلا الذي يطبخ فمنه ما يذهب ثلثاه ، ومنه ما يذهب نصفه ، ومنه ما يذهب ثلثه . فقال : إن ما تذهب الشمس من خمرهم أكثر مما يذهب في النار من طلاكم ، فذكر له قول عمر في الطلا فقال : قد استحل بعمر معاصي الله ، إن الذي أتي به عمر لا تقدر أن تشربه حتي تخوضة بيدك ، إن شربت الطلا فاشرب الخمر وكل ثمنها .
قال ابن حبيب : كأنه رآه ذريعة إلى شربها ، ونهي عنه عمر بن عبد العزيز وقال : إن لم يتناه الناس عن الخمر قلعت الكروم ، وقال : لو اقتصر الناس على ما أباح منه عمر لم أنههم(1)عنه ، ولكن نهاهم عن طبيخ العصير ليزدجروا حماية عن دين الله .
قال ابن حبيب : وإن هذا ليعجبنى لمنع الذرائع ، وأن ينهي عنه العامة ، ومن تحفظ في خاصته فعمله فلا يعمل فيه إلا بإجتماع وجهين : أن يذهب ثلثاه ويوقن أنه لا يسكر . وقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال تستحل الخمر باسم يسمونها(2).
قال ابن حبيب : وأنهي عن شرب العصير(3)الذي عصر في المعاصر التى يتردد العصر فيها ، وإن كان ساعة عصر لما يبقي في أسفلها(4)خوفاً من أن يكون قد اختمر ولا شك أن بقايا أسفلها يختمر فيصير خمراً ، ثم يلقي {عليه}(5)عصير رطب طري فيختلط به فيفسد كله ، لأن قليل الخمر إذا القي عليه كثير من عصير أو خل أو طعام أو ما يشرب حرم كله .
***
__________
(1) في ص : لم أنه عنه .
(2) لم أقف عليه بهذا اللفظ ، لكن في كتاب الأشربة من سنن ابن ماجة باب الخمر يسمونها بغير اسمها . ومما فيه حديث عن عبادة ابن الصامت : يشرب ناس من أمتى الخمر باسم يسمونها إياه .
(3) كذا في ع و ف . وفي ص : النبيذ .
(4) . كذا في ع و ف . وصحفت عبارة ص : ساعة عصرها أسفلها .
(5) ساقط من ص(1/285)
[14/293]
وأما ما عصر منه في غير المعاصر الذي يتردد فيه فلا بأس بشربه(1)وشربه كثير من التابعين بالمدينة ، وحد بعضهم فيه ما لم يغل ولم ير مالك أن الغليان علة التحريم ولكن ما لم يسكر .
قال ابن حبيب : وإنما احتاط(2)أولئك فحرموه بالغليان حوطة ، لأن الغليان علم للاختماره وداعية إلي سكره ، فأنا أنهي عنه ، وبالسكر يجب التحريم عندى . واجتنابه { عندي}(3)الغليان البين أحب إلي .
وكان ابن عمر يأمر بالزبيب فيطرح في السقاء { فينبذ له بكرة ويشربه عشياً ، وينبذله عشيا ويشربه بكرة ، وكان إذا صدي السقاء }(4)وخافه أمر به فغسل بالماء . ولا بأس بالمري الذي يعمل(5)من العصير ، ولا بأس بما طبخ بالعصير أو زبب به من سفرجل وغيره ، إذا كان يوم عمل به ذلك حلالاً . وكل ما طبخ بخمر أو رتب به أو مري عمل به فذلك حرام ، لأنه خالطه ما حرم الله تعالى فحرم كله . وكذلك سمعت أهل العلم .
وقال ابن المواز : وأكثر ما عرف من العصير أنه إذا طبخ فذهب ثلثاه إلا ثخن(6)ولم يسكر وليس ذلك في {كل}(7)بلد ولا كل عصير . فأما الموضع المعروف بذلك فلا بأس به ، قد شربه عدد من الصحابة إذا ذهب منه الثلثان ، وقاله كثير من التابعين .
قيل لمالك فمن مزج طلا العنب بالماء ثم يتركونه يوماً ثم يشربونه ؟ قال : إن لم يسكر فلا بأس به . قال محمد : والسكر من
***
__________
(1) كذا في ع و ف . وفي ص : فلا بأس أن يشربه .
(2) صفحت في ص / اختلط .
(3) ساقط من ص .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(5) كذا في ص وفي ع : يفصل .
(6) هكذا في . وفي ص و ف كلمات مطموسة .
(7) ساقط من ف .(1/286)
[14/294]
النخيل كما قال الله سبحانه {ومن ثمرات النخيل والأعنباب تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً }(1)قال ابن عباس وابن عمر : السكر خمر وقاله سعيد بن جبير .
في بيع العنب ممن يعصره خمراً
وفي بيع الخمر والإجازة في شئ من أمره
من كتاب ابن حبيب وابن المواز : قال النبي في الخمر : إن الذي حرم شربها حرم بيعها ولعن شاربها وساقيها وبائعها ومشتريعا وحاملها والمحمولة إليه ومعتصرها والقيم عليه وآكل ثمنها(2)ونهي ابن عمر عن بيع العصير فقل له الرجل : فأشربه ؟ قال : نعم . قال يحل شربه(3)وحرم بيعه ؟ فقال له : أجئت تستفتينى أم جئت تمارينى . قال ابن عمر : نهي عن بيعه خيفة أن يخمره مشتريه عصيراً فيجوز .
وكذلك بيع الكرم إن خيف أن يشتري للعصير خمراً لم يجز بيعه منه وإن كان مسلماً . وأما رومي فلا يجوز بحال لأنه هو شأنهم . ونهي عنه ابن عمر وابن عباس وعطاء والأوزاعي ومالك وغيرهم .
قال الأوزاعي : كمن باع سلاحاً(4)ممن يعلم أنه يقتل به مسلماً . وقاله مالك في الكتابين فيمن يبيع العسل والتمر والزبيب والقمح ممن
***
__________
(1) الآية 67 من سورة النحل .
(2) في كتاب الأشربة من سنن أبي داود وابن ماجة ، وفي مسند أحمد بألفاظ متقاربة .
(3) في ع يحلل شربه .
(4) في ع : كما لو باع .(1/287)
[14/295]
يعمله شراباً مسكراً . وكره طعام عاصرها وبائعها ومعاملته وإن كان مسلماً ، أو يكري حانوته من خمار أو شيئاً يستعمل في أمر الخمر . ونهي عنه ابن عمر ، ونحوه عن ابن المسيب .
قال ابن حبيب : ومن باع خمراً من مسلم فعثر عليه وهي قائمة فإنها تكسر على البائع ، ويرد الثمن إن قبضه على المبتاع ، وإن لم يقبضه لم يطلب به المبتاع . ولو فاتت الخمر بيد المشتري أخذ منه الثمن ففرق على اهل الحاجة ، قبضة المبتاع أو لم يقبضه ،ويعاقبان لبيعها .
وأخذنا من المبتاع الثمن لأنه ألزم نفسه ذلك بما أفات من الخمر {وقول ابن حبيب هذا شئ مما انفرد به وليس رضاه بثمن الخمر يوجبه عليه }(1)ولم يفت عنده شئ له قيمة(2)وذكر أن مطرفاً روي عن مالك في مسلم كسر لذمي خمراً أنه لا قيمة عليه ، وقال ابن القاسم : عليه قيمته وذكر عنه غير ابن حبيب أنه رواه عن مالك .
وإذا اسلف ذمي {إلي ذمي خمراً}(3)ثم أسلم الذي هي عليه أنها تسقط عنه . قال مالك : وإن ابتاع مسلم من ذمي خمراً وقبضها أهريقت عليه {وإن قبض الذمي الثمن ترك له ، وإن لم يقبضه لم يؤخذ من المسلم شئ . ولو بقيت الخمر بيد بائعها النصراني هريقت عليه }(4)ولو قبضها المسلم وفاتت في يده قبل أن يعثر عليه فلا شئ له على المسلم ، ويعاقبان في ذلك كله .
***
__________
(1) ما بين معقوفتني ساقط من ص .
(2) كذا في ع و ف . وعبارة ص : ولم يفت عنده شئ فله قيمته .
(3) ساقط من ص .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص . ايضاً .(1/288)
[14/296]
ولو باعها المسلم من النصراني وهي بيد أحدهما فلتكسر على المسلم ويرد الثمن إن فاتت بيد النصراني أخذ {الثمن}(1)من المسلم إن قبضه {أو من }(2)النصراني {إن لم يقضه }(3)وتصدق به . وهذا كله مكرر في البيوع .
باب(4)
في الخمر يتخلل أو العصير
وفي التعالج بالخمر وهل يشربها(5)المضطر ؟
وفي النقيع بضروب(6)الخمر ، وفي هدم بيت الخمار
من كتاب ابن المواز قال : ومن عصر خمراً من مسلم أو نصراني فصارت خلا أو خللها هو ، وأوعصرها خلا فصارت خمراً فخللها . فلا بأس بأكلها وبيعها ، ولكن أكره للمسلم أن يملك خمراً فيخللها إ لا يحل له أن يملكها طرفة عين .
قال مالك : يهريقها ، فإن اجترأ فخللها فلا بأس بأكلها ، ولا بأس إذا خللها النصراني أن تؤكل .
***
__________
(1) ساقط من ع .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضاً من ص .
(4) انفردت به ف .
(5) في ع : وهل يشربها .
(6) في ع ما يشبه : بظروف .(1/289)
[14/297]
ومن كتاب ابن حبيب : ومن عصر عصيراً يريد به الخل فلا بأس أن يعالجه وهو عصير لما يرجو من تخليله من صب الماء فيه ونحوه . ولا بأس أن يلقيه علي دردي العنب وحثالته وإن داخلته الخمر ، ثم إن عجل ففتحه قبل أوانه فوجده قد دخله عرق الخل فله أن يقره ويعالجه حتي يتحقق تخليله ، وإن لم يدخل عرق الخل ولا نحا نحايته في رائحته أو طعمه فهو خمر فليهرقها ولا يحل له حبسها ولا علاجها لتصبح خلا . فإن جهل واجترأ علي المعصية فحسبها حتي صارت خلا فلا بأس به . وفد اختلف في أكله ، قد نهي عنه عمر بن الخطاب أن يؤكل خل من خمر {خللت}(1)حتي يبدأ إليه تخليلها فعند ذلك يطيب الخل ، وأباح {شراء }(2)الخل يجده عند النصاري ما لم يعلم أنها كانت خمراً فتعمدوا إفسادها بالمالء لتتخلل(3)فلا خير في أكلها عنده ، وقاله ابن مسعود وبه قال ابن الماجشون .
وأجاز ربيعه أكل خل النصاري وإن كان من خمر تعمدوا إفسادها ، وبه قال مالك وأصحابه إلا ابن الماجشون . وكذلك أجازوا إذا تجرأ المسلم فخلل الخمر أنها تؤكل وقد اثم في تملكه لها حتي تخللت ، وبه أقول .
وإن صب خل في ظروف فرغت منها خمر فلا خير في أكله . وكذلك لو صب فيها ماء وغيره مما يؤكل أو يشرب إلا أن يطول زمان الخل فيها حتي صار خلا كله ، وقد أساء في تأخيره . وكذلك من مزح خلا يخمر وجب عليه إراقته إلا أن يطول زمانه حتي صار خلا كله . وكذلك كل ما مزج به الخمر(4)فيحرم إلا النقطة وشبهها تقع في كصير من الطعام {والخل }
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط أيضاً من ص .
(3) هكذا في ع و ف . وهو الأنسب . وعبارة ص : فتعمدوا غفسادها بالتخليل .
(4) صفحت عبارة ص : ما مزة به الخل .(1/290)
[14/298]
فلا يحرم ، كالنقطة من الدم تقع في ماء كثير فتذهب فيه }(1)فلا تفسده ، ولا يجل أن يجعل خمراً ومسكراً من الأشربة في نضوح (ديريرة)(2)أو دهن أو طيب أو غاسول تتدلك به النساء قد كره ذلك العلماء ونهي عنه ابن عمر وعائشة وغيرهما .
وقال : وإن عجن الدلوك بعصير فلا بأس به . وكذلك إن جعل فيما ذكرنا من نضوح وغيره وإن اختمر به بعد ذلك ، لأنه قد غيره الذي جعل فيه وحال به عن أن يصير خمراً .
قال : وقد نهي النبي عن التداوي بالخمر وقال : ليس فيما حرم الله شفاء(3)وروينا عن غير واحد من الصحابة والتابعين النهي عن ذلك منهم عمر وعائشة وابن مسعود وابن عمر وغيره من الصحابة والتابعين .
ونهي ابن عمر أن يسقي لناقته وفعل ذلك بها غلمان له فأبي أن يركبها . وكره {مالك}(4)أن يداوي بها دبر الدواب . وقد روي {ذلك}(5)عن ابن عمر أنه نهي عنه .
قل ابن حبيب قال مكحول : ومن اضطر إلي خمر يشربها لعطش أو حوع فلا يحل له ذلك . وقال مالك في المختصر : لا يشرب المضطر الخمر .
وبقية القول في هذا في كتاب الذبائح
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) كلمة غير واضحة في النسخ الثلاث .
(3) في باب الأشربة من صحيح البخاري .... في السكر إن الله لم يجعل شفاءكم . وفي كتاب الطب من سنن ابن ماجه عن التداوي بالخمر . قال عليه السلام : إن ذلك ليس شفاء ولكنه داء .
(4) ساقط من ع .
(5) ساقط من ص .(1/291)
[14/299]
ومن العتبية(1)روي أشهب عن مالك عن الركوة(2)التي للخمر تغسل أيجعل فيها الخل . قال : لا لأنها قد تشربت فلا تفعل وإن غسلت ، وأخاف أن لا يخرج ريحها منها(3)وأما الجرار إذا غسلتها فلا بأس .قال في المختصر الكبير : {وفي الجرة }(4)إذا طبخ فيها الماء وغسلت .
قال في سماع أشهب : قيل أيحرق بيت الخمار الذي فيه الخمر يبيعه ؟ قال لا . قال ابن حبيب : ينبغي للإمام أن يشهر العقوبة في الخمر ويشد فيه . وقد أحرق عمر بيت رويشد الثقفي ، وكان حانوناً للخمر ، وقد كان نهاه قبل ذلك(5)وتقدم إليه . قال : وينبغي للإمام أن يهدم معاصر المسلمين ، يريد التي يعصر فيها العنب ، وقد فعله عمر بن عبد العزيز بالشام . قال : ولا يهدم معاصر النصاري ، ولكن يتقدم غليهم أن لا يعصر فيها أحد من المسلمين ، ولا يبيعوا الخمر من مسلم ، ولا يظهورها في جماعة المسلمين ، فمن فعل عاقبة . وقد نهي عمر النصاري أن يدخلوا الخمر فسطاط المسلمين وجماعتهم ، وأمرهم أن يجعلوا خمرهم خارجاً من الفسطاط ، ونهي أن ينقلوها من قرية إلي قرية
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 296
(2) كذا في ع و ف وهو الصواب . وفي ص : الزكوة – بالزاى – وهو تصحيف .
(3) كذا في ع و ف ، وهوالأنسب . وفي ص : ريحها من الزكوة .
(4) زيادة في ع
(5) كذا في ع و ف . وفي ص : نهاه عن ذلك .(1/292)
[14/300]
في ضرب الحد في شرب الخمر
وفي رائحتهعا(1)وذكر المتهم بها
ومن وجد في مشربه أو يحمل خمراً
ومن شرب الخليطين هل يعاقب
قال ابن حبيب : والسنة أن الحد يجب(2)على كل من شرب شراباً مسكراً ، سكر أو لم يسكر ، ثمانين جلدة . وكذلك فعل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز جلدا في الرائحة .
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية(3)من سماع ابن القاسم : وعمن يوجد به رائحة مسكر فإن شهد عليه ذوا عدل أنه {شرب}(4)مسكر حد . وإن لم يستقين(5)وكان من أهل السفة نكل ، وإن كان رضي في حاله لم يكن عليه شئ .
قال عنه أشهب في المدمن في الخمر يجدا كلما أحد الحد ؟ قال : نعم وأري أن يلزم السجن إذا كان مدمنا خليعا ، وقد فعله عامر بن الزبير بابن له كان ماجنا . ورأي عمر رجلا فاء خمراً فقال لأبي هريرة أتشهد أنه شربها ، قال أشهد أنه قاءها . قال : ماهذا التعمق ؟
قال أصبغ عن ابن القاسم في الاستنكاه اري أن يعمل به ، وقاله أصبغ . فإن استنكر سكره فليستنكهة { وقد حضرت العمري القاضي وعنده /ص/
ابن وهب وجماعة من العلماء فأمر بالإستنكاه(6)ففاوهبه(7)بالكلام والمراجعة ثم أدخل مسمه في شدقه فقطع عليه أنها خمر يريد فجلده .
قال أصبغ : وأحب إلي أن يستنكهه اثنان كالشهادة ، فإن لم يكن إلا واحد فعليه الحد إذا كان الإمام هو أمره بالاستنكاه حين استرابه ، وأما إن كان شاهداً عليه بالاستنكاه من قبل نفسه فلا يجوز إلا اثنان كالشهادة على الشرب . ومن إجازة الشهادة بالاسمتنكاه أن أبا هريرة شهد أنه قاءها ولم يره شربها ، ووكد ذلك عمر بقوله : فلا وربك ما قاءها حتي شربها .
قال ابن القاسم في العتبية(8)من رواية أبي زيد : ولا يضرب السكران الحد حتي يفيق قيل : فإن خشي الإمام أن تأتيه فيه شفاعة فيبطل حد الله ، قال : لا يضربه وهو سكران . وإذا شهد بعض الشهود في الراحة من الرجل أنها رائحة مسكرة {قال بعضهم ليس برائحة مسكر ، فإن اجتمع عدلان أنها رائحة مسكر }(9)جلد . وإن لم يتحقق ذلك للإمام وأشكل عليه نظر في الرجل ، فإن كان لا بأس بحاله تركه ، فقد يشرب الرجل الصالح نبيذاً حلالاً تكون له رائحة .
قال : وإن كان من أهل السفه والباطل اختبر بأن يستقرئة مالا يخطئ مثله مما يصلي به كم قصار المفصل ، فإن اعتدلت قراءته وثبتت صحته تركه ، وإن لم يقرأ ما يعرف أنه يقرؤه والتالث واختلط تبين أنه شرب مسكراً ويحد . فإن شك في ذلك فهو من أهل التهم عوقب بالتهمة إذا كان من أهلها . وقاله ابن الماجشون . وأما إذا حقت عليه الشهادة أنها رائحة مسكر فليجد وإن لم يختلط ولا يحتاج إلي أن يستبرأ بشئ .
***
__________
(1) هكذا في ع . وفي ف . رائحته ........به أما ال العنوان في ص فمطموس .
(2) في ص : سئبت .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 258 . 259 .
(4) ساقط من ص . وهو ثابت أيضا في العتبية المنقول عنها
(5) كذا في ص و ع وهو النسب وفي ف ما يشبه : لم يستفيق . ولا يستقيم .
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(7) أى فكلمه ، من الفوه الذي هو الفم يقال فاوهته بكذا . أسا البلاغة .
(8) البيان والتحصيل ، 16 : 356 .
(9) ما بين معقوفتين ساقط من ع .(1/293)
[14/301]
قال مطرف عن مالك في الذي يوجد به رائحة به رائحة نبيذ فيشك أهو مسكر أو غيره ، أو أخذ على مشربة ولم يسكر ولم يعرف ما نبيذهم ، فإن كان معتاداً لذلك {ضرب}(1)سبعين ونحوها ، وإن لم يكن معتاد(2)فخمسين ونحوها ، عبداً كان في هذا أو حراً ، لنه يحد وإن مان عبداً ، فسوي مع الحر فيمثل هذه الرتب التى تكون العقوبة باجتهاد الإمام . ولو جري الأمر في هذا على نحو الحدود لا ستخف مثل ذلك كثير من أهل الفسق حتي يصير تسلطاً لهم . وكذلك رأيت الناس يعملون عندنا ، وقال نحوه أصبغ إلا أنه قال دون(3)السبعين .
قال مطرف : وإن أخذ(4)سكران في السواق وقد تسلط وآذي الناس برمي أو بغشهار سيف(5)، فقال مالك في مثل هذا أري أن يزاد في عقوبته فيبلغ ضربه مع الحد نحو الخمسين والمائة والماتين ، ويعلن ذلك ويشهر . ورايت عاملاً بالمدينة وقد أوتي بمن معه جرة مسسكرة فأمر أن تصب على رأسه إشهاراً له .
وقال مالك فيمن وجد مع قوم يشربون ولم يشرب ولم توجد منه رائحة وهو يقول إنى صائم ، قال : وماله أني يدخل في مثل ، أري أن يعاقب في حضوره لذلك .
ومن العتبية(6)ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ : قلت للابن القاسم : فإذا مر صاحب المسلحة برحل أو مر به رجل فاتهمه بالشراب ، أيامر من يستنكهه . قال : إن رأي تخليطاً فنعم . قال أصبغ : شبه
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) صفحت عبارة ص : وإن كان معتاداً .
(3) في ص : قال ذو وهو تصحيف .
(4) في ع : وإن وجد .
(5) في ص : أو إشارة سيف .
(6) البيان والتحصيل ، 16:337(1/294)
[14/303]
السكران الذي يختلط في مشيه وكلامه ويكثر ميلانه وعبثه(1)فلا يسعه حينئذ إلا اختبار لأنه سلطان ، فهو كحد بلغ إليه ، وإن لم يكن بنحوه هذه الصفه تركه ولم يتجسس عليه .
زاد في العتبية(2)وإن رآه خرج من مخرج سوء وما يتهم فيه فيعاقبه بنحوه ذلك إذا كان صاحياً ، ولا يبلغ {منه}(3)ما يبلغ من الظاهر الأمر الذي وصفنا .
ومن كتاب ابن المواز {قال}(4)ولا يحد في شرب الخليطين ولا فيما نهي عنه من شراب الظروف ، ولكن فيه الأدب لمن نهي عنه وعرف ذلك وارتكبه تعداً .
قال محمد بن المواز : وإذا شهد عدلان على رجل وامرأة برائحة مسكر أو أنه تقيا قيئا من شراب مسكر فعليه الحد ، وفعله عمر ، وقالته عائشة وغيرها .
قال مالك : وإن كانت الرائحة مشكلة لم يحد ونظر حالة / فإن طان من أهل التهم أدب بالإجتهاد ، وإن كان رضي وغير متهم تركه . قال ابن القاسم : إلا يكون في حال الشارب في اختلاطة ما يدل على سكره .
قال مالك : وإذا لم يدر ما تلك الرائحة جلد نكالاً بقدر سفهه . قال عبد الملك : وقد يختبر بالقراءة بالسور التى لا شك في معرفته بها من السور القصار ، فذلك مستحسن عند الإشكال ، فإذا لم يقرأ والتالث واختلط فقد شرب مسكراً ويحد .
***
__________
(1) في ص : وعقبه . وهو تصحيف .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 337
(3) ساقط من ص .
(4) ساقط من ع .(1/295)
[14/304]
في إقامة الحد في الحرم وعلى المحرم
وهل ينفي ؟
من العتبية(1)من سماع أشهب قال مالك : ويقام الحد في الحرم ويقتل في الحرم بقتل النفس في الحرم .
قال ابو زيد عن ابن القاسم في الرجل البكر يزني فيؤخذ بمكه وهو محرم فاقيم عليه الحد أينفي وهو محرم ولا ينظر به تمام حجة ؟ قال : نعم {ينفي}(2)ولا ينتظر به تمام الحج .
في صفقة ش رب الحد وذكر حد العبيد
وهي يحد الرجل عبده ؟
ومبلغ الأدب في الفسوق والجنايات
ومن أقيم عليه حل هل يحبس أوي زاد نكالاً أويطاف به ؟
ومن اجتمع عليه حد ونكال
قال ابن حبيب : وينبغي أن تقام الحدود كلها علانية بلا ستر للتناهي ، والضرب فيها سواء افيجاع ، ولكن في الخمر أشد ... ذلك .
قال مالك في غير كتاب ابن حبيب : والضرب فيها كلها سواء ،
***
__________
(1) البيان والتحصيل 16 : 294 .
(2) ساقط من ص .(1/296)
[14/305]
وليعلن بإقامتها . قال في الكتابين : وليجعل الإمام رجلا عدلاً لأقامة الحدود ، وقد فعله الصديق .
قال محمد بن عبد الحكم : وأوحب إلي أن يكون ضرب الحدود بين يدي القاضي لئلا يتعدى فيها .
ومن كتاب ابن المواز : ولا يختار للإقامة الحد قويا ولا ضعيفاً ، ولكن رجلا وسطاً من الرجال ، ولايتعمد أشهد الضرب المنقطع ولا أضعفه ،ولكن ضرباً موجعاً . ويعتبر ذلك بما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في صفة السوط(1)
قال ربيعة : ويختار له الرجل العدل المؤتمن لا يقطع إلي اشده ولا اضعفه جلداً ممدوداً لا يستريح فيه ولا يالوا وجعاً ونحوه .
عن يحي بن سعيد {وابن شهاب}(2)قال مالك : كنت أسمع أن يختار له العدل . قال مالك(3): يجتهد في حد الزنا والفرية ، ويخفف بعض التخفيف في الخمر . وقال نحوه قتادة وقال به مضت السنة .
وقال مالك : الضرب في الحدود كلها سواء في الخمر وغيره ، وكذلك سمعت أهل العلم . قال ابن القاسم : ضربا بين الضربين ، ليس بالخفف ولا بالمبرح . قال مالك : يدلك على ذلك ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في السيوط .
قال محمد : ودليل آخر أن حد الخمر مستخرج من حد القذف ، قاله على لما شاور فيه عمر الصحابة . ويضرب الرجل قاعداً ولا يربط ولا يقيد(4)وتخلي يداه . قال مالك وأصحابه .
***
__________
(2) في كتاب الحدود من الموطأ ، باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا عن زيثد بن أسلم .
(3) ساقط من ص .
(4) كذا في ص . و ع وفي ف : قال ابن شهاب .(1/297)
[14/306]
وقد قال على بن ابي طالب للجالد في الخمر : اضرب ودع له يديه يتق بهما . قال : يضرب على الظهر والكتفين دون سائر الأعضاء .قال مالك : والذي قال على الأعضاء كلها ما سمعت أحداً من العلماء من عرف ذلك ولا يراه .
ومنه ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم : ويجرد الرجل ويضرب المرأة قاعدة {ثيابها }(2)واستحسن أن تقعد في قفة ولا ينزع عنها ثوب إلا أن تتعمد لباس ما يقيها الضرب فلنزع ، ويبقي عليها ما يسترها .
قال ابو زيد عن ابن القاسم في العتبية(3)في المراة يكون عليها ثوبان في الحد ؟ قال " لا بأس بثوبين ، وينزع ما سوي ذلك . "
قيل لمالك في سماع ابن القاسم فيمن رجلاً منقلة مما لا قود فيه ايعاقب مع الغرم ؟ قال : نعم . قيل فيجرد ؟ قال : نعم . وقد نزع عن امراة قطيفة جعلتها تحت ثيابها ، فأري ان ينوع مثل هذا وأنكر الحد في الحبال للرجل والمرأة .
قال فيه وفي العتبية(4)من سماع أشهب قال : ولا أري أن يحلق رجل ولا امرأة ، قال في العتبية لا في الخمر ولا في القذف . قيل له : قد يكون الرجل الخبيث فيكسر بذلك . قال : اتباع الماضين أولي ، ولم أسمع ذلك عن أحد منهم . وهذه عقوبات احدثها الحجاج ومثله .قيل افيطاف بهم وبشارب الخمر ؟ قال : أما الفاسق المدمن فليطف به ويعلن امره ويفضح .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 349 .
(2) ساقط من ع .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 349 .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 298 .(1/298)
[14/307]
قال ابن حبيب :وليس عليه مع الضرب سواه من حلاق ولا طواف ولا سجن إلا المدمن المعتاد المشهور بالفسق فلا بأس أن يطاف به ويشهر ويفضح . واستحب مالك أن يلزم مثل هذا السجن .
قال : وروي عن الشعبي : أن النساء يضربن ضرباً دون ضرب بسوط دون سوط ، ، ولا يجردن ، { ولا يمددن}(1)وتتقي وجوههن . وقال الثوري : يضربن قعوداً والرجال قياماً . قال : ورجم امرأة وقال لأهلها اصنعوا بها ما تصنعون { بمن ماتت في بيتها . وقال : كل حد قيم فيه على صاحبه في الدنيا فهو كفارة له ، كما يقضي}(2)الدين بالدين .
ومن العتبة قال ابن الماجشون :(3)كل من اقيم عليه حد من الحدود ما كان فليخل سبيله ولا يسجن .وكل من لم يلزمه حد إلا الأدب فللإمام أدبه بقدر ما يري من حرية وفسقة ، ويسجنه حتي يتوب أو يموت ، وقال مثله أصبغ
ومن كتاب ابن المواز : وحد العبد في الخمر اربعون ، قاله عمر وعثمان وابن عمر وغيرهم ، ولم يختلف فيه مالك وأصحابة . وللسيد أن يقيم عليه حد الزنا في بيته دون الإمام ، قاله مالك وأصحابه والمدنيون كلهم . قال مالك : وكذلك في شرب الخمر إذا شهد عليه عدلان غير سيده ، ويحضر لجلده في الحد رجلين لأنه عسي أن يعتق ثم يشهد فيوجد من يشهد بجلده . ويحضر في حد الزني أربعة سواه ، وإن كان هو رابعهم فليرفعه إلي الإمام ، وإن كان هو وآخر {في الخمر}(4)رفعه إلي الإمام .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) كذا في ص و ف . وفي ع : قال ابن القاسم .
(4) ساقط من ص .(1/299)
[14/308]
قال مالك : ولا يقيم عليه السرقة والقتل ، وأما الزني والقذف والخمر فيقيم عليها الحد إلا الإمام . قال مالك إلا أن يكون الزوج عبداً له فله أن يقيم عليهما الحد . فأما عبد غيره أو حر فلا . وكذلك المرأة تقيم الحد علي ممالكيها / وكذلك روي عيسي في العتبية(1)عن ابن القاسم .
قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب مثله ، وإن كان الشهود غير السيد لحرمه الزوج ، وعسي أن يعتق ولده يوماً فيقذف بأمه ، فلا يكون بإقامة الحد له مخرج . قال أشهب : إلا أن يكون زوجها وغداً لا تلحقه معرة ذلك .
قال مالك : ولا يضرب عبده في الخمر بعصي ، ولكن بالسوط أربعين ، وفي الزني خمسين ، عبداً كان أو أمة .
ومن باع(2){أمة}(3)حاملاً من زني ثم علم أن البائع لم يقم عليها الحد فالمبتاع في سعة أن لا يقيمه عليها .
ومن العتبية(4)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن زني عبده فضربه خمسين ضربة بغير السوط ، قال قال مالك : لا يقام الحد إلا بالسوط . قال ابن القاسم(5)ولو ضربه بالدرة فإن ضربه بها علي ظهره أجزأة ، وماهو بالبين .
وروي عن ابن مسعود أنه أمر بسوط فجعله بين حجرين حتي لان ثم أمر أن يجلد به رجلاً شوب ، وقال له : ولا تمد إبطاً ، وأعط كل عضو حقه .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 316 .
(2) كذا في جميع النسخ . ومقتضي السياق ابتاع .
(3) ساقط من ص .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 326 .
(5) في ص : قال مالك .(1/300)
[14/309]
قال ابن حبيب : العمل(1)في قول مالك وأهل المدينة أن يرفع يده بالسوط في الحدود ويضرب الوجيع ، ولا يضرب إلا الظهر . قال وكتب عمر أن لا يبلغ في العزيز أكثر من ثلاثين جلدة . وروي ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين(2).
قال ابن الماجشون عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال : لما حد ابو بكرة أممرته أمة بشاة فذبحها ثم جعلت جلدها على ظهره {قال إبراهيم}(3)قال أبي : فما ذلك إلا من ضرب شديد ، وكذلك كان يري .
وقال : ولا يقام الحد علي المريض حتي يفيق إذا كان مرضا يخاف عليه فيه إذا حد ، لأنه يصير كالقتل . وماروي عن عمر في قدامة أنه ضربه ثمانين وهو مريض غير معمول به . وقد روي عنه في حديث غيره .
أقيموا عليه الحد فإني أخشي أن أموت فلا ادري هل كان قدامة أو غيره . وقد روي عن عمر في الحامل حين أراد ضربهت فأنكر عليه معاذ فرجع .
قال مالك : وإذا ادعت أن بها حملاً وقد وجب عليها حد في زني أو سرقة أو قذف أو خمر أو قصاص جرح فلا يعجل عليها حتي يتبين أمرها ، فإن لم تكن حاملاً أقيم ذلك عليها ، وإن صح حملها أخرت حتي تضع واستؤجر لها من يرضعه إن كان له مال ، ثم أقيم عليها ذلك .
قال : وأما الكبير الضعيف أو العجوز أو حدثة السن ممن لا يحتمل الحد ثمانين فلا بد من حدهم ولا يؤخرون ، إذ ينتظر وقت يؤخرون إليه ، وذلك إذا بلغت الصبية الحيض والغلام الحلم أو إنبات الشعر أو سنا لا يبلغه أحد إلا بلغ الحيض أو الاحتلام .
***
__________
(1) كذا في ع و ف وهو الأنسب .وفي ص : القول .
(2) حديث ضعيف أخرجه البيهقي في السنن عن النعمان بن بشير . والسيوطي في الجامع الصغير .
(3) ساقط من ص .(1/301)
[14/310]
وقد استحسن بعض العلماء تخفيف الضرب عمن ذكرنا(1)ونحن نستحسنة ما لم يكن نقصا بيناً . وروي أن ابن عمر اشار إلي ضارب أمة له {الحد}(2)أن خفف ، فقيل له ( ولا تأخذكم بهما رأفة )(3)فقال : أيقتلها ؟
قال مالك : ومن شرب الخمر في نهار رمضان حد ثمانين الخمر وجلد نكالا لما تجرأ عليه من الشهر . قال محمد : وروي نحوه عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه جلد عشرين بعد الحد(4)وذكره ابن حبيب عن علي إلا أنه قال : حده ثم سجنه ثم جلده بالغد عشرين جلدة .
قال محمد : وروي أن عمر جلد قدامة في الخمر ثمانين ، وزاده ثلاثين وقال : هذه لتأويلك كتاب الله علي غير تأويله فيما تأول من قوله تعالى : (ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طمعوا )(5).
قال محمد : ولو لم يشرب الشارب إلا حسوة من أي مسكر من الأشربة لحد ثمانين . قال : ومن شربه ممن لا يعلم تحريمة كالأعجمي الذي دخل الإسلام ولا يعرف ، فلا عذر للأحد بهذا في إسقاط حد .
وكذلك في الزني يظنه حلالاً . وكذلك من تأويل في السكر من غير عنب أنه حلال فلا عذر له بهذا . وكذلك القذف ، فهذا قول مالك وأصحابه إلا ابن حبيب(6).
***
__________
(1) كذا في ع و ف . عبارة ص : نحوه من ذكرنا .
(2) ساقط من ع .
(3) الآية الثانية من سورةا لنور
(4) في ص : الجلد . وهو تصحيف .
(5) الآية 93 من سورة المائدة .
(6) كذل في ص . وفي ع و ف : إلا ابن وهب .(1/302)
[14/311]
وأخبرنى ابو زيد عنه أنه إن كان مثل البدوي لم يقرأ الكتاب ولا يعلمه فشرب وهو يجهل ذلك فلا يحد ويعذر ، {وقد}(1)فعله عمر .
قال مالك : قد ظهر الإسلام وفشا ولا يعذر جاهل في شئ من الحدود .قال محمد : يعني ابن وهب في النوبية التي أعتقها حاطب وكانت أحصنت بزوج ، فلما قال له عثمان : ما الحد إلا علي من علمه جلدها مائة جلده .
قيل لمالك فالحديث الذي جاء ان النبي أتي برجل فأمر أن يضرب شكول (كذا) فأنكره ، وذكر حديث النبي في الحد حين أتي بسوط جديد فقال دون هذا ثم بآخر فقال : فوق هذا وذكر الحديث(2).
وإذا اجتمع عليه حدان فقال عبد الملك : يجزئ أن يحد أكبرهما ، مثل أن يزني ويقذف ، فليجد مائة جلدة فيهما . وقال ابن القاسم : يضرب الحدين ثمانين ومائة، وبه أقول ، أني يؤخذ بكل ما لزمه إلا في القتل ، فإن الحدود تدخل فيه إلا القذف دون ما سواه من حد خمر وغيره. وكل جرح أو قصاص في البدن أو قطع لله أو للعباد فداخل فيه . وإن كان قتلاً عفا عنه أهله لزمه ما عليه من حد سواه .
قال مالك : وحد القذف وحد القذف وحد الخمر حد واحد ، لأنه مشتق منه . قال ابن القاسم : سواء اجتمعا أو افترقا ، فما أقيم {به}(3)منهما ناب عن الآخر لا يبالي ما قيم به منهما أولاً .
وأما حد الزني في البكر وحد القذف أوالخمر فيقامان جميعا ويبدأ بحد الزني .وإذا حد للقذف فهو لكل قذف تقدم ولكل شرب خمر ،
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) تقدم تخريجة في الموطأ في كتاب الحدود عن زيد بن أسلم .
(3) ساقط من ع .(1/303)
[14/312]
كان من لم يقم بالقذف حضوراً أو غياباً .وكذلك لو حد للخمر اجزا عن كل قذف تقدم(1).
في اختلاف البينة في شرب الخمر
ومن حلف بالطلاق ما شرب خمراً وقد شرب مسكراً
وهذا الباب مكرر في غير هذا الكتاب .
قال ابن القاسم في العتبية من رواية أبي زيد فيمن شهد عليه شاهد أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه شرب نبيذا مسكراً قال : يحد .
قال عنه أبو زيد : وإن شهد واحد أنه شرب خمراً في رمضان وشهد آخر أنه شرب في شعبان ، وقال : يحد وإن شهدا بهذه الشهادة في موضع واحد لم يحد .
ومن سماع ابن القاسم : ومن شهد عليه شهود أنه شرب خمراً فحلف بالطلاق أنه ما شرب خمراً ، قال يحد ولا يطلق عليه . ومن الناس من يقول الخمر من عصير العنب وإن كان الخمر عندنا كل ما خمر من [كل](2)مسكر ، ولكن لا يلزم هذا طلاق .
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف : وأتي هشام بن عبد الله المخزومي قاضي المدينة ، وهو من صالحي قضاتها ، برجل خبيث يعرف باتباع الصبيان ، لصق بغلام في زحمة الناس حتي أفضي ، فبعض به هشام إلي مالك فقال : أترى أن أقتله ؟ قال : لا ، ولكن يعاقب عقوبة موجعة .
***
__________
(1) صفحت عبارة ص : أجزأ عن كل قاذب .
(2) ساقط من ص .(1/304)
[14/313]
قال : كم ؟ قال : ذلك إليك . فأمر به هشام فجلد أربعمائة سوط وألقاه في السجن ، فما لبث أن مات ، فكر ذلك لمالك فما استنكره ولا رأي أنه أخطأ .
وهذه حكاية ذكرها العبي عن مطرف : يقال فضمه إلي نفسه كأنه يريد أني يفعل به ، فرفع إلي أمير المدينة فبعث به إلي مالك فقال ما تأمر فيه ؟ قال : ذلك إلي السلطان بما يري . ثم ذكر شربه كما تقدم . قال : فما رأيت مالكاً أنكر ذلك .
قيل لمطرف في الكتابين : فكم اقصي ما يبلغ به في الأدب في المعروف بالجرم ؟ قال : ثلاثمائة سوط فما دون
قال مالك في مثل هؤلاء المشهورين بالفساد الظلم : إن الضرب قلما ينكيهم ويسجنون أبداً ويثقلون بالحديد حتي تظهر توبتهم وتثبت(1)عند الإمام فيخليهم .
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك إنه رأي فيمن يبتز الجارية أو الغلام من أهل المراودة والناس ينظرون حتي يغيب عليه فلا يدري ما فعل ، أن يضرب في مثل هذه ثلاثمائة وأربعمائة ، بكراًَ كان أو ثيبا . وحكم بذلك برأي مالك(2)وكان هشام بن عبد الملك لا يوتي بأحد بيده حديدة من حدائد اللصوص إلا رضض يده إن كان من أهل الخبث والريب ، فقال مالك : ما أعرف الرض ، ولو قطع كان أولي . ومن أمر الناس عندنا الشهرة لأهل الفسق رجالاً ونساء ، ويعلن بجلدهن ويكشف وجه المرأة عند ذلك وتكشف من الثياب إلا ما يواريها ولا يصف خلفها ولا يحجبها من الضرب ، وتشد في مكتل ، ويشهر الرجال بلا مثلة ، وقاله أصبغ ،واستكثر الأربعمائة وقال
***
__________
(1) هكذا في ع و ف . وصفحت في ص : وتظهر (مكررة) .
(2) كذا في ع و ف .وعبارة ص : وحكم بذلك ابن أبي طالب .(1/305)
[14/314]
دون هذا . وأنكر القطع وقال بدلاً منه الجلد الشديد والتخليد في السجن . قال ابن حبيب : وذلك إلي اجتهاد العدل
ومن كتاب ابن المواز : ومن اجتمع عليه حد ونكال فليجمعا عليه مكانه . قال أشهب : ولا يؤخر عنه أحدهما لبرئه ، وليس كالمريض . قال محمد : وكذلك إن وجب عليه حدان إلا أن يري الإمام تفريقهما(1)
قال ابن القاسم عن مالك قال : يجرد في العقوبات إذا بلغت تلك عقوبته ، ومن العقوبة ما يخفف فيعاقب على ثيابه وفوق رأسة وربما كان بالسجن .
ما يصلح فيه العفو والستر
ومالا يصلح ذلك فيه
[وهذا الباب](2)قذف تقدم باب في معناه في العفو عن حد القذف
ومن كتاب ابن المواز : لا يجوز العفو عن الحدود بعد أن تبلغ إلي الإمام ، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لصفوان فهلا تركته قبل أن تأتي به(3).
قال مالك : وأما قبل أن يبلغ الإمام فالعفو والستر فيه جائز وإن كان حداً . قال الزبير للذي استشفع إليه فقال حتى أبلغ به الإمام ، فقال الزبير : إذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع .
***
__________
(1) صفحت عبارة ص : إلا أن يقر الإمام منهما .
(2) ساقط من ص .
(3) في كتاب الحدود وباب الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان من الموطأ عن صفوان بن عبد الله بن صفوان .ولفظ الحديث في الموطأ : فهلا قبل أن تأتينى به .(1/306)
[14/315]
قال محمد : وإنما ينبغي أن يشفع ويستر عورته فيمن تكون منه الزلة وليس بالمعلن دون الإمام . فأما المعلن الذي يكثر ذلك منه فأهل أن يرفع أمره ويزجر عن ذلك .
قيل لمالك فيمن له جار سوء يظهر ما لا ينبغي في الإسلام هل أدل عليه ؟ [قال](1)قدم إليه وانهه فإن لم ينته فدل عليه .
وأري للسلطان والشرطي إذا دعي إلي بيت فيه فسق أو علي شراب ، فأما البيت الذي لا يعرف بذلك فلا أري أن يتبعه ، وأما المعلن بالفسق وقد تقدم إليهم فيه فليتبعه .
قال الصديق : لو رايت رجلاً على حد من حدود الله ما أخذته ولا دعوت إليه أحداً حتي يكون غيري معي . قال ابن شهاب : فإن كان غيره معه ممن يجب بشهادتهم الحد فليرفعه إلي السلطان ، وإن لم تبلغ شهادته بمن معه أن يجب بهم الحد فيعمل بما قال ابو بكر رضي الله عنه .
قال محمد : وإذا كان مع الإمام رجلان لم يسعه أن بستر عليه ، وإن كان معه واحد فله في ستره سعة ما لم يكن معلناً قال ابن وهب عن مالك : وإذا كان معه رجل رفعه إلي من هو فوقه .
قال ابن شهاب : ذكر أن جابر بن عبد الله وابن عباس كانا يأخذانهم ثم يلاسلانهم . قال محمد : وذلك أحسن إلا من اكثر وظهر فسقه وتقدم إليه ، فإن انتهي وإلا رفع وأظهر عليه . قيل : فإن انتهي إلي لأمام [أن فلاناً](2)سكران أو علي حد ، أيرسل في أخذه ؟ قال : أما [ما](3)لم يصح عنده أو يحضره أويراه فلا ، إلا للمعلن بالفسق بالشراب أو غيره .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضاً من ص .(1/307)
[14/316]
وفي باب الحد(1)في الرائحة في صلب المسلحة هل يستنكه من مر به قد تقدم .
قال محمد قال ابن المسيب : الستر علي كل مؤمن إلا الوالي وأحد الشهود الأربعة في الرجم لا ينبغي له أن يستره في الموكل (كذا) .
قال مالك : وإذا بلغ الحد إلي الحراس أو الشرط فهو كبلوغة إلي الإمام . وروى ابن عباس أن النبي قال : لو رجمت أحد بغير بينة لرجمت فلانة قد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها(2).
قال ابن القاسم : والشفاعة في التعزير جائزة بعد بلوغ الإمام . قال أشهب : أما عفو اقمام عنه فظلم ، وأما صاحب التعزير فجأئزة إلا من كان فاسقاً معاوداً فلا احب أن يشفع له ، ولو فعل لم أره ضيقاً .
وقيل له : أيقال ذو الهيئة عثرته ؟ قال : لم أسمع ، وهذا من السلطان .
ومن كتاب ابن حبيب قلت لمطرف : فإذا رفع إلي الإمام أن في بيت فلان خمراً ايكشف عن ذلك ؟ [قال](3)أما المأبون بذلك او مشهور بالخمر(4)والسفه فأرب له تعاهد وليكشف عن بيته ، ذكر له عنه أو لم يذكر . وإن رأي نقله عن مكانه ويشرد به فعل ، كان منزلة أو لم يكن إذا كان مشهور ، فإن كان له أكراه عليه ، وإن لم يكن له أخرجه منه . وأما غير المعروف فلا يكشفه وإن شهدوا علي البيت ، وقاله أصبغ .
***
__________
(1) كذا في ع و ف . وهو الصواب . وصفحت عبارة ص : وفي باب الشرب .
(2) في الصحيحين عن ابن عباس . في باب الحدود والطلاق من صحيح البخاري ، واللعان من صحيح مسلم عن ابن عباس . وفي كتاب الحدود من سنن ابن ماجة ، ومسند أحمد .
(3) ساقط من ص .
(4) هنا تنتهي مبتورة مخطوطة الخزانة العامة بالرباط التى كنا نرمز غليها بحرف ع .(1/308)
[14/317]
وروي ابن حبيب أن عمر مشي في الليل فراي ناراً في بيت فأتي إليها فإذا بقوم يشربون وشيخ يغنيهم ، فاقتحم عليهم وقال : يا أعداء الله قد أمكن الله منكم ، فقال الشيخ : ما نحن أعظم [منك](1)ذنباً ، تعديت ودخلت بغير إذن والله يقول : (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا )(2). فاحتشم عمر وقال : ذوروا هذه بهذه .
قال : واعترف أبو محجن الثقفي في شعره بشرب الخمر فأراد عمر جلده فقال : صدق الله وكذبت ، أما قال سبحانه في الشعراء (وأنهم يقولون مالا يفعلون )(3)فتركه من الجلد وعزله عن العمل .
وأتي رجل إلي ابن مسعود بابن أخ له فال له : إن هذا شرب الخمر ، فنكر ابن مسعود رأسه ثم رفع {اسه فقال : جزاك الله من وال شراً ، والله ما أذنب صغيراً ولاشرب كبيراً إن العباد يعيرون ولا يغفرون ، والله يغفر ولا يعير ، ثم دعا بسوط ذى تمر فوضعه بين حجرين فرضه حتي لان ثم قال لعمه قم فاجلده ولا تر غبطاً وأعط كل عضو حقه [منه](4)
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) الآية 27 من سورة النور . وقد صفحت الفقرة الأخيرة في ص : حتى تستأذنوا وفي ف : ( تدخلوا بيوتا غير بيوتكم ) الآية .
(3) الآية 226 من سورة الشعراء .
(4) زيادة في ص .(1/309)
[14/318]
في اللعب بالنرد والشطرنج وشبهه
وذكر الغناء والمغنيات واللهو واللعب
قال ابن حبيب : ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : من لعب بالنرد فقد عصي الله ورسوله(1)وروي في التغليظ في اللعب بالميسر ، يغني النرد والشطرنج ، كثير ، وكذلك أربعة عشلا وكل ما يلهي من طبل ومزمار وغيره من البرائط . وقيل إن ذلك من قول الله عز وجل (ومن الناس من يشتري لهو الحديث )(2)
وقد كسر ابن عمر النرد علي رؤوس من رآه لعب بها . ومر بغلمان يلعبون بالكحة فأمر بها فدفنت وهي حفرة يلعب فيها بالحصي وشببه .
ونهي علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهم عن الشطرنج والكعاب ، ومن التابعين عدد كثير ، ومنهم من كان لا يسلم عليهم وهم يلعبون بها .
قال ابن حبيب : ولا خير في قليلها ولا في كثيرها ، لا في الخلوة ولا في العامة ، لا على التحارب ولا على غيره . وليزجر عنها الإمام ويعاقب بالضرب والحبس عليها ، ويكسر ما ظفر به منها ، ويسقط بذلك شهادته وإن لم يكن مدمناً .
وقيل لمالك في غير كتاب ابن حبيب : أيسلم علي من لعب بها ؟
***
__________
(1) حديث صحيح عن أبي موسي أحمد في المسند . وأبو داود وابن ماجة في السنن ، ولحاكم في المستدرك . وعند السيوطي في الجامع الصغير .(1/310)
[14/319]
قال : نعم أهل الإسلام ، فإن فعل هذا ذهب كل مذهب . وروى أن النبى حرم الغناء وشراء المغنيات وتعليمهن(1)وتلا ( ومن الناس من يشترى لهو الحديث )(2).
وسمع ابن عمر زمارة راعى فعدل عن الطريق وجعل أصبعية فى أذنية فذهب حائدا عن الطريق . وسأل نافعا أتسمع ؟ حتى قال لة لا ، ففتح أذنية . قيل لمالك فيمن يمر بة مزمار أو غناء ، فيجد لذة ؟ قال : إذا كان جالسا فليقم ويذهب ، وإن كان ماشيا فغما أن يقف أو يتقدم أو يتأخر .
قال ابن حبيب : ومن علم جاريتة الغناء لم تجز شهادتة وإن لم يسمعها . وكذلك من حضر سماع ذلك وعرف بحبة . ولا يجوز لبائع المغنية أن يأخذ لغنائها ثمنا ، فإن باع على ذلك رد البيع ، فإن (فاتت)(3)كان فيها قيمتها على أنها غير مغنية .
وقال مالك وأصحابة المصريون : إذا باعها فليبين أمر غنائها(4)، فإن لم يفعل فهو عيب ترد بة . قال ابن حبيب : وهذا عيب لا ينبغى ذكرة فى البيع لأن ذكرة اليوم زائد فى الثمن . وقد بيعت فى تركة فاطمة بنت طلحة الهاشمى بالمدينة بأمر القاضى جارية مغنية كتم غناءها فبلغت أربعمائة دينار ، فأمر مالك أن تباع بالبراءة منة ، فلما ذكر ذلك بلغت ألف دينار وأربعمائة دينار فصار ذكرة بيعا للغناء فلا يجوز ذكرة عندى ، وليس بعيب(5)عندى إذا كتمة .
***
__________
(1) . فى كتاب الأدب من سنن أبى داود باب فى النهى عن الغناء وباب كراهية الغناء والزمر . وفى كتاب التجارات من سنن ابن ماجة : نهى رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن بيع المغنيات . وكذلك فى مسند أحمد .
(2) الآية 6 من سورة لقمان .
(3) ساقط من ص .
(4) كذا فى ع . وعبارة ص : فليبرأ من غنائها .
(5) كذا فى ع . وفى ص : وليس بمعصية .(1/311)
[14/320]
وقال ابن المواز : ليس لة بة رد . وقال سحنون : يكتم ذلك فى عقد البيع ، فإذا انعقد البيع تبرأ منة ، فإما رضى المبتاع أو رد . وإن كانت مشهورة بالبلد بيعت فى بلد لا تعرف فية على هذا المعنى .
قال ابن حبيب : (وإن)(1)لم يذكر غناؤها غير أنها قد عرفت وعرف أنة زيد فى ثمنها فلا يحل ذلك ، وليبعها بموضع لا تعرف فية .
وينبغى للإمام أن ينهى عن الغناء ويكسر جميع الملاهى من بوق ومزمار والعود والبرابط والمصافق وغيرها من أدوات اللعابين إلا الكبر والمزهر والدف ، وفى الكبر (بعض)(2)ما فية ، والدف أخف من المزمر .
وينهى الإمام عن اللعب بهم إلا فى العرس ، فقد استخف ذلك فية لأشهارة ونهية عن ذلك فى غيرة ، ويعاقب علية إلا الجوارى العواتق فى بيوتهن ، فيكون ذلك لهن مثل ما هوفى العرس ، ما لم يكن مع ذلك سواة من الملاهى الملهية فلا يجوز ذلك .
وقال الحسن : إذا كان فى الوليمة برابط فلا دعوة لهم ولا نعمة عين . قال مالك والأوزاغى : إذا كان فيها لهو فارجع عنهم . ورجع ابن مسعود عن مثل ذلك وقال : قال النبى صلى اللة علية وسلم : من كثر سواد قوم كان منهم ومن رضى عمل قوم كان شريكهم فى عملهم(3)وخرج أبو وائل لما رأى اللعابين .
تم كتاب الحد فى الخمر
بحمد اللة تعالى
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط من ف .
(3) لم أقف علية بهذا اللفظ . وفى كتاب الفتين من صحيح البخارى باب من كرة أن يكثر سواد
11- النوادر والزيادات 14(1/312)
[14/321]
بسم اللة الرحمن الرحيم وصلى اللة على محمد خاتم النبين
كتاب القذف
فيمن نفى رجلا من أبية أو من أمة
من كتاب ابن المواز والعتبية(1)قال أشهب عن مالك فيمن قال لرجل لا أب لك فلا شىء علية إلا أن يريد النفى . وهذا مما تقولة الناس على الرضى ، فأما من قالة فى مشامتة وغضب فذلك شديد . قال فى كتاب ابن المواز : وليحلف ما أراد نفية . وقال فى السؤال لا أبا لك .ومن العتبية(2)من سماع ابن القاسم : ومن قال لرجل يا ابن الأسود وأبوة أبيض فهذا شديد .
ومن كتاب ابن المواز قلت : فلو قال لة يا بن الأبيض وابوة أسود ؟ قال : لم أقل فى هذا شيئا ، إنما قلت فى القائل يا بن الأسود وأبوة أبيض . وأما القائل لابن النبطى يا بن القبطى ، ولابن الأسود يا بن النوبى ، فهذا قريب .
ومن كتاب ابن المواز (قال مالك)(3)ومن قال لرجل ( يا أسود ، و)(4)يا بن الأسود فعلية الحد وإن كان من الموالى . وكذلك(5)بة إلى لون
***
__________
(1) فى ص : كتاب الدماء الثالث . وهو لا يطابق محتوى الباب . وفى آخر هذا الباب عبارة : تم كتاب القذف . لذلك أثبتناة هنا .
البيان والتحصيل ، 16 : 303 .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 299 .
(3) ساقط من ف .
(4) ساقط من ص .
(5) كلمة مطموسة فى ع وساقطة فى ص .(1/313)
[14/322]
من الألوان ليس فى آبائة بذلك اللون أحد ، مثل يا بن الأزرق أو الأصهب أو الأبيض أو الآدم أو الأعور أو الأقطع ، ففية الحد وإن كانوا موالى إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك . قال عبد الملك : وكذلك يا بن المحدود
قال مالك : وأما لو قال لة ذلك فى نفسة با أعور يا أقطع يا كذا فلا حد فية ، إن كان عربيا أو مولى ، حتى يكون يا بن كذا ، بخلاف القائل لعربى يا حبشى يا عبد يا عجمى ، أو سماة بشىء من الأجناس وإن لم يقل باين ، فهذا يحد إن كان من العرب
قالابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون : من قال العربى أو مولى يا يهودى أو يا أسود لم يحد ، ولو قال يا بن الاسود يا بن النصرانى أو اليهودى فإنة يحد .
قال ابن الماجشون : ولو قال يا بن البربرى وأبوة فارسى أو أصبهانى(1)فلا حد علية فى البياض كلة ، إلا أن يكون أبوة أسود فلا شىء علية فى السواد كلة إذا نسبة إلى غير جنسة من السواد ، إلا أن يكون أبوة أبيض فيكون نفيا ويحد مثل أن يقول لأسود أو حبشى باين الفارسى ، أو لفارسى يا بن الأسود أو يا بن الحبشى .
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال لمولى يا بن الأسود حد ، ولو قال لة يا بن الحبشى لا يحد ، لأن من دعا مولى إلى غير جنسة لم يحد ، ولو دعا إلى غير لونة أو صفتة حد . يريد فى قولة يا بن كذا . قال : فأما لو سماة أباة باسمة لم يحد وإن وصفة بغير صفتة ، مثل قولة با بن فلان الأقطع أو الأسود . قال عبد الملك : وهو شاتم ويؤدب .
قال ابن القاسم : ولو قال يا بن النصرانى أو اليهودى أو يا بن عابد وثن حد ، إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك فينكل . قال أشهب : لا يحد
***
__________
(1) كذا فى ص . وفى ف : اشبانى – بالشين المعجمة – ولعلة إسبانى .(1/314)
[14/323]
إذا حلف أنة لم يرد قذفا ولا نفيا . قالا : ولو قال فى نفسة يا يهودى يا عابد وثن لم يحد وإن كان عربيا ، وينكل . وروى الليث(1)فى هذا أن النبى صلى اللة علية وسلم (قضى)(2)فيمن قالة لأنصارى أن يجلد عشرين سوطا .
وأما إن نسب أباة إلى صناعة فقال يا بن الخياط أو الحداد أو يا بن الحائك أو الحجام فروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنة إن كان عربيا حد ، إلا أن يشبة يكون فى آبائة من هو كذلك ، وإن كان من قبل أمهاتة حلف ما أراد إلا هو وما أراد نفيا ، ولا حد علية .
هذة(3)رواية ابن وهب فى المختصر . قال عنة ابن القاسم : وإن كان مولى لم يحد وإن لم تقم بينة إن كان أحد من آبائة كذلك ، ويعزر وإن أقام بينة بذلك .
ورورى أيضا عنة ابن وهب فى موطأة أن علية الحد كان من الموالى أو من العرب ، إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك . وقال أشهب : هما سواء ، لا حد علية ، ويحلف ما أرارد نفيا لنسبة وإن لم تكن لة بينة ، وكأنة قال أبوك الذى ولدك حجام او حائك أو دباغ فلا حد فية .
وروى ابن وهب أن عمر بن عبد العزيز رفع إلية رجل قال لآخر يا بن الحجام(4)وأبواة حران ، فلم ير علية حدا ولم يرة نفيا لنسبة . وقال ربيعة ويحيى بن سعيد : علية الحد ، وقالة ابن وهب وابن كنانة .
***
__________
(1) كذا فى ف وهو المناسب . وفى ص : ورد فى الليث .
(2) لعلها سقطت من الأصل ، لأن السياق يقتضيها أو كلمة نحوها .
(3) ساقطة من ص .
(4) فى ف : يا بن حلاق .(1/315)
[14/324]
قال بان القاسم : من قال لعربى أنت ابن فلان ونسبة إلى غير أبية أو غير جدة فعلية الحد وإن لم يقلة على سباب أو غصب ، إلا أن يقولة على وجة الاختيار(1). قال أشهب : لا يحد لأنة قالة وهو يرى أنة كذلك ، إلا أن يقولة على سباب فيحد .
وقال محمد : ويحد إلا أن يقولة على وجة الخطأ والاختبار فإن علم أنة تعمد(2)حد لة ، وإن أشكل وادعى الخطأ أطلق وترك .
قال القابسى(3): ولو نسبة إلى جدة فى مشاتمة لم يحد ( قال أشهب : يحد )(4)إن كان فى مشاتمة .
قال ( محمد : قول )(5)ابن القاسم أحب إلى ، إلا أن يكون ثم من يعرف أنة أراد القذف ، مثل أن يتهم الجد بأمة ونحوة ، وإلا لم يحد .
وقد ينسب إلية بشبهة بة فى خلق أو طبع ، فيقال أنت ابن فلان ، يريد لشبهة .
قال ابن القاسم : ومن نسب رجلا إلى عم لة أو خال أو جد أو زوج أمة فعلية الحد ، وقال أشهب لا يحد إلا أن يقولة فى مشاتمة .وقالة أصبغ ومحمد . قال أصبغ : وقد سمى اللة تعالى العم فى الكتاب أبا بقولة سبحانة ( نعبد إلهك وإلة آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق )(6).
***
__________
(1) كذا فى النسختين . ولعل الصحيح : الإخبار .
(2) صحف فى ص : أنة أخمر .
(3) كذا فى ص . وفى ف : قال ابن القاسم .
(4) ساقط من ص .
(5) ساقط أيضا من ص .
(6) الآية 133 من سورة البقرة .(1/316)
[14/325]
قال : ومن نفى رجلا من جدة فقال : لست ابن فلان – يريد جدة – حد وإن كان الجد مشتركا مثل نفية من أبية العبد أو المشترك .
وإن قال لة يا ولد الزنى أو يا بن الزنى أو أنت لزان أو لزانية ( أو ولد زنية )(1)أو فرج زنى فالحد فى ذلك كلة . وإن كانت أمة مملوكة أو ذمية . ( قال ابن القاسم وأشهب فى القائل للمسلم ليس أبوك فلان يعنى جدة ثم قال )(2)إنما أردت لست ابنة لصلبة نفسة ولم أرد نفية فلا يصدق وليحد .
قال أشهب : إلا أن يكون لة وجة ، مثل أن يسنعة يقول أنا فلان بن فلان فيذكر جدة فيقول لة ليس بأبيك(3)، كأنة يلغية ، فإن لم يكن هذا حد إذا كانت ولادة جدة فى الإسلام ولم يكن مجهولا(4)فإن كان مجهولا لم يحد إن كان مولى ، وإن كان من العرب حد . وإن كانت ولادتة فى الجاهلية وكان كافرا فعلية الحد .
وكذلك لو نفاة من أبية ( دينة )(5)أو قال لة أنت ابن زنى أو ولد زنى . فإن كان أبوة مجهولا فلا حد علية .
قال محمد : وذلك أن المحمولين على النسب لا يثبت بينهم ما ادعوة من الأنساب ولا يتوارثون بها . (قال)(6)وإذا قال لمسلم ليس أبوك فلان ، يريد أباة المعروف بة ، وأبوة مجهول ولد فى الجاهلية إنة يحد إن ولد المنفى فى الاسلام . وإن كان المنفى مع أبية مجهولا لم يحد من نفاة .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط من ف .
(3) كذا فى ف وهو الأنسب . وعبارة ص : فيقول ليس بأبية .
(4) فى ص : محمولا وهو خطأ سيتكرر بعد فنصلحة ولا ننبة علية .
(5) زيادة فى ص .
(6) ساقط من ف .(1/317)
[14/326]
قال مالك : من نفى نصرانيا من أبية وللمنفى ولد مسلم فلا يحد حتى يقول للمسلم ليس أبوك فلان ، يعنى الحر(1)، فيحد ، ما لم يكن أبوة وجدة مجهولين .
قال ابن القاسم : ومن قال لمسلم وأبوة وجدة لأبية وأمة نصارى أو مماليك يا فرج زنى فعلية الحد ، أو قال لة : زنت بك أمك أو أنت لزنية(2)أو لست لأبيك ، أو يا بن زنية(3)أو يا ولد زنى إنة يحد ، كانت أمة أمة أو نصرانية ، ولا أعلمة إلا قول مالك .
قال مالك : ولو قال لة يا بن الزانية لم يحد ونكل ، وقالة ابن شهاب من رواية يونس .
قال ابن القاسم : وكذلك لو قال لة يا ولد الخبث لأن مخرجة على الزنى والنفى ، مثل قولة ولد زنى . وجاء الحديث : إذا كثر الخبث(4)وهذا فى باب آخر .
ومن قال لعبدة أو نصرانى وأبواهما مسلمان(5)يا بن الزانى أو يا بن الزانية حد ، كان عبدة أو عبد غيرة . ولو كان أبوة حرا مسلما وأمة نصرانية فقال لة يا بن الزانية لم يحد . وكذلك إذا كان الأب كافرا أو عبدا فقال يا بن الزانية والأم حرة مسلمة فإنما علية النكال .
ومن قال لعبد أبواة حران مسلمان لست لأبيك أو ليس أبوك فلان أو يا ولد زنى أو أنت لزنى أو ولد زنية لحد . وكذلك لو كانت أمة حرة والأب عبد . وأما إن كان الأب حرا والأم مملوكة أو نصرانية ثم قال لة شيئا
***
__________
(1) فى ص : يعنى الجد .
(2) صفحت عبارة ص بإقتحام (ليست) فصار : أنت لست لزنية
(3) كذا في ف . وفي ص : بابن الزانية .
(4) في الموطأ وباب الفتن من الصحيحين ، وسنن الترميزي وابن ماجة ومسند أحمد .
(5) صفحت العبارة في النسختين . وما أثبتناه مقتضي العربية .(1/318)
[14/327]
من هذا ، فقال اشهب : لا يحد ، لأن الابن عبد ، ولا يحد في نفيه لذات نفس العبد ، ولم يقذف الأب ولا نفاه من نسبه .
قال ابن قاسم : يحد لأنه حمل اباه المسلم علي غير أمة ، وأبي مالك(1)أن يجيبنى فيها بشئ .
قال اشهب : لم يحمل أباه علي غير أمة ، وكأنه قال : وطئ أمك الأمة غير أبيك وأنت ملحق بأبيك ، وللعاهر الحجر .
وروي ابن وهب عن مالك أن عليه الحد . وأما إن قال لحر ابن حرين لست لأمك فلا يحد ، قاله وجميع أصحابه
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون [من](2)قال لعبده أو لعبد غيره لست لأبيك أو ليس أبوك فلان وأبواه حران فإنه يحد ، وكأنه زني أمه . وسواء كان أبوه حراً أو عبداً وإنما الجد للأم . وإن كانت أمه [أمة](3)لم يحد كان الأب حراً أو عبداً ، لأنه ليس في نفي العبد من أبيه حد . ولو قاله لحر حد ، كان أبواه(4)عبدين او حرين ، وقاله كله أصبغ .
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك : من قال لرجل ليست أمك فلانة فلا حد عليه . ولو قال ليس أبوك فلان حد لقطع نسبه .
قال مطرف : وإن قال له يا ابن السوداء وأمة بيضاء حد لأنه حمل أباه علي غير أمه وجعله ابن زنية . ولو قال : بابن زينب السوداء وأمة زينب وهي بيضاء لم يحد ، كقوله ليست أمك فلانه . وقال ابن الماجشون :
***
__________
(1) في ص : وابن مالك . وهو صحيف .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضاً من ص .
(4) هكذا في ف وهو الصواب . وحرفت عبارة ص بالتصحيف والحذف فصارت : ولو قل الحر جد أبواه .(1/319)
[14/328]
ذلك سواء ولا حد عليه في الوجهين . وكذلك يابن النصرانية أو يابن فلانة النصرانية ، وقاله أصبغ ، وقول ابن حبيب أحب إلي .
قال وقال مالك وأصحابه فيمن قال يا بن ملاعنة أن عليه الحد . وروي عن عمر ، سواء قال يا بن الفاعلة أو [قال](1)ليس أبوك فلان ، إلا أن يقول ليس أبوك [فلان](2)على الإخبار بملاعنة أبيه أمه ، فأما ان قاله(3)في مشاتمة فيحد .
ومن المختصر قال مالك : ومن قال لرجل يا بن الأمة أو يا بن البربرية ن وأمة عربية ، إنه يحد ، كأنه نفي أمه من أبيها . ولو قال له ليست أمك فلانه لم يحد .
وقال ابن حبيب قال ابن الماجشون : وإن قال [له](4)يا ابن الأمة وأمة عربية ، أو يا ابن البربرية وأمة قرشية ، قال : قد أعلمتك أنه ليس في الأم نفي . وإن كانت أمة قرشية أو عربية فقال له يا ابن الأمة فكأنه قال لأمه أنت أمه فلا شئ عليه . وقال مطرف : يحد في هذا كله حتي يسميها أو ينسبها غلي غير جنبها أو ينعتها بغير نعتها(5)فلا يحد .
قال : ولم يحد من قبل النفي لكن بحمله أباه [علي](6)غير امه وقال ابن حبيب هو القياس ، لكن أحب إلي [أن أدارأ الحد ](7)بشبهة الإختلاف ، وفيه وجيع الأدب .
***
__________
(1) ساقط من ف .
(2) ساقط من ص .
(3) في ص : إن قال له .
(4) ساقط من ص .
(5) في ص : بغير نفسها . وهو تصحيف .
(6) ساقط من ص .
(7) ساقط أيضا من ص .(1/320)
[14/229]
[ ومن كتاب ابن المواز قال ربيعة : ومن قال للابن عربية يا بن الأمة أو يا بن البربرية فعليه الحد لأنه نفاها ](1)وأما لو قال لست ابن فلانة لم يحد ، وإن قال يا ابن النصرانية أو اليهودية وهي مسلمة لم يحد .
وقال الليث إن قال يا ابن السندية وهي عربية [إنه يحد ](2)
ومن العتبية(3)من سماع ابن القاسم قال مالك : من قال لرجل يا ابن البربرية وأمة عربية إنه يحد لأنه نفاها من أبيها . ولو قال ليست أمك فلانة فلا حد عليه .
ومن العتبية(4)روي ابو زيد عن ابن القاسم في امرأة قالت لابنها لست ابن أبيك ، قال عليها الحد .
قال سحنون عن أشهب فيمن قدم من سفر فوجد مع امرأته ولداً فقال ليس هذا ابنى ولا ابنك . قال : إن حلف أنه ما أراد قذفا فلا شئ عليه . وأما إن كان حاضراً مقراً به ثم قال هذا فإنه يحد .
ومن مسائل المدنيين قال ابن القاسم فيمن قال لرجل يا ابن زينب وليس في أمهاته [زينب](5)ويقول اردت اسما أفضل من اسم أمه ، ويقول المقذوف حملت أبي علي غير أمي ، قال : لا شئ في هذا . وكذلك إن قال له ليست أمك التى ولدتك .
وقال فيمن قال لولد ابن مولي : يا عبد بن العبدين ، وقال أردت عبد الله . قال ابن نافع : يحلف ، فإن حلف عزر ، وإن لم يحلف سجن حتي يحلف . وقال ابن القاسم مثله ، وقال : ولو قال ذلك لعربي لجلد الحد .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط كله أيضا من ص .
(2) ساقط كذلك من ص .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 286 .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 344 .
(5) ساقط من ص .(1/321)
[14/330]
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن قال لرجل يا ابن المطرق فإن كان من الموالي لم يحد إن حلف أنه لم يرد القذف ، ولقد قال له قولاً سيئاً
فيمن نفي أحداً من قبيلته
أو من مواليه أو قال ليس لك أصل
من كتاب ابن المواز قال : ومن قال لقرشي يا عربي يا مصري لم يحد ،ولو قال لعربي أو قرشي يا مصر يا يمانى ، أو ليمانى يا مصري حد إلا أن يقوله علي الخطأ ، أو قاله لمولاه فلا يحد . وكذلك إن قال لمولي يا عربي يا عبد لم يحد . ومن قال لعربي يا ابن القرشي حد .
ومنه ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم : ومن كان(2)أصفر اللون فقل له رجل علي الغضب تنح أيها العبد ، وأمه سوداء أو سندية ، وقال لم ارد نفيه وأردت سواده ، فأرجو أن لا حد عليه ، وأدني ما عليه اليمين ما اراد نفيا ً.
ومن كتاب ابن المواز : ومن نفي عربيا من قبيلته حد ، وإن كان مولي لم يحد ، ويحلف له .
ومن قال لمولي لست من موالي فلان [ أو لست مولي فلان](3)فقال أشهب وابن القاسم : إن كان هو نفسه أعتقه فلان فلا حد عليه . وإن كان المعتق أباه أو جده فإنه يحد . وقال مالك : وقد قال عظيماً .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 288 .
(2) في ص : ومن قال . وهو تصحيف .
(3) ساقط من ص .(1/322)
[14/331]
وكذلك إن قال لست من الموالي ، وقاله أصبغ . وقال أشهب لا يحد وهو كمن قال لمولي قرشي أنت مولي معافري ، فليس كمن أخرجة إلي غير جنسه ، والدراية بالشبهة أسلم .
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في القائل لست [من](1)موالي فلان مثل ما ذكر ابن المواز . قال ابن حبيب وقالا : هو قول مالك ، وقاله ابن عبد الحكم وأصبع ، وقالا لي عن ابن وهب وابن القاسم عن مالك مثله .
قال ابن الماجشون : وذلك أنه إذا كان أبوه أو جده المعتق ، ف:انه قال لست لأبيك ، ولو قال ليس أبوك مولي فلان وأبوه المعتق نفسه لم يكن عليه حد .
قال ابن الماجشون في موضع آخر من كتابة : إذا كان ابو جده المعتق فقال له لست مولي فلان فذكر قول مالك هذا .
وقال عبد الملك : وأنا أحلفه ما أراد قطع نسبه ، فإن حلف لم يحد وإن نكل حد ، بخلاف نكول من قام عليه شاهد بالقذف ، فيحلف وينكل هذا(2)يسجن حتي يحلف أنه لم يثبت عليه القذف . وفي الأول قد ثبت قوله وظاهرة قطع نسبه ، ولكن له منصرف يريده(3)فإذا نكل عنه حد قال ابن حبيب: وبقول ابن الماجشون وتفسيره أقول .
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال لرجل من الموالي : ليس فلان أعتق(4)[أباك وهو الذي اعتقه ، فإنه يحد . ولو قال ذلك للأب : ليس فلان أعتقك ](5)أو لست من مواليه لم يحد .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) كذا في ف وهو الأنسب . وصفحت عبارة ص : فيحلف فيه كل هذا .
(3) في ص : يؤيده .
(4) عبارة ص : مولاك ليس فلان اعتقد . وهي مشوشة .
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/323)
[14/332]
قال أصبغ : وقال ابن وهب في الوجهين لا يحد ، ويعاقب . قال محمد : أظن أصبغ وهم على ابن وهب لأنه روي عن مالك في القائل لست من موالي فلان أنه يحد .
ومن قال لمولي يا ابن البربري وأصله غير بربري فأخرجة إلي غير جنسه ، أو قال يارومي أو يا ابن الرومي أو يا ابن النبطي أو يا فارسي(1)أو يا حبثي [أو يا بن الحبشي ](2)وله أب في الإسلام فلا حد عليه ، ويحلف ما أراد نفيه ، ثم ينكل علي قدر هيئة المقال له ذلك في الفضل ، فإن نكل قال ابن القاسم : لا أحده(3). وقال أشهب يحد(4).
قال مالك ليس للعجم نسب(5)ألا تري أنهم لا يتوارثون بها .
وقال ابن شهاب : ومن قال لرجل يا ابن القبطي وأبوه فارسي ، أو يا ابن الفارسي وابوه بربري ، حد إذا كان نسبيا معروفا . قال مالك : في الإسلام .
قال محمد : وكذلك لو قال له : تزعم أنك فارسي ما انت بفارسي ولكنك بربري ، فلا يحد ، ويحلف ما اراد نفيه ، وينكل . ولو قال لمولي يا عربي يا عبد لم يحد .
***
__________
(1) في ص : يا قرسي . وهو تصحيف .
(2) ساقط من ص .
(3) في ص : لا احبه وهو تصحيف .
(4) في ص وقال اشهب كذا وهو تصحيف كذلك .
(5) كذا في ف وهو المناسب . وفي ص : وليس للعجمي نسبها .(1/324)
[14/333]
قال مطرف وابن الماجشون : من قل لمولي يا جزار أو يا بن الجزار لم يحد . ونكل بعد أن يحلف بالله ما اراد نفيا .
وإن قال لعربي يا خياط أو يا جزار فلا حد عليه . وإن قال له يا ابن الخياط أوي ا ابن الجزار فعليه الحد ، إلا أن يكون في ىبائة من كان كذلك .
ومن قال لمولي يا فارسي أو يا ابن الفارسي أو يا ابن الفارسي لم يحد ، ويعزز ويحلف .وكذلك يابربري يا نبطي ، أو قال في ذلك يا ابن(1)
قال أشهب : ومن قال لرجل من الموالي يانبطي فقال له إن كنت نبطيا فأنت ابن زانية ، قال : يعاقبان . محمد : يريد ولا يحدان . ولو قاله لعربي حد في ذلك كله .
قال ابن الماجشون : ومن قال لرجل في مشاتمة ليس لك أصل ولا فصل ، فإن لم يكن من العرب فعليه الأدب الخفيف مع السجن ، وإن قاله لعربي(2)وكان ممن يعرف ماله فعليه الحد لأنه قطع نسبه ،وإن عذر بالجهل حلف ما أراد قطع نسبه وكان عليه ما علي من قاله لغير عربي ، وإن نكل حد .
ومن كتاب ابن المواز قال : ومن قال لرجل مالك من أصل ولا فصل ، قال لا حد في ذلك . قال أصبغ فيه الحد ، وقيل إلا أن يكون من العرب ففيه الحد .
***
__________
(1) هنا بياض في ص بقدر كلمتين .
(2) في ص : وإن قال له يا عربي .(1/325)
[14/334]
في المقذوف يرد الجواب على قاذفة
والمرأة تقذف زوجها أو غيره
ومن قذف المحدود أو ابن الملاعنة
قال ابن المواز قال مالك : ومن قال لرجل أراك زانيا ، فقال أنت أزني مني ، وهما عفيفان . قال عليهما الحد . [وقاله يونس عن ربيعة](1).
قال ابن حبيب قال أصبغ : ومن قال لرجل يا زانى فيقول الآخر أنت أزني مني ، فهما قاذفان . وليس قوله أزني مني إقراراً منه بالزنا ومحمله محمل الرد(2)لما قال له .
وقال : لو قال لأمرأة يا زانية فقالت له زنيت بك ، كانا حميماً قاذفين ،وليس بإقرار منها ، ولكن رداً لم ا قال لها . وقال ابن القاسم : عليها وحدها الحد ، ولا أراه .
ومن العتبية(3)روي يحيي عن ابن القاسم أنها تحد في الزني وفي قذفه ، فإن أقامت رجمت بعد أن تجلد ثمانين جلدة في القذف ، وإن كانت بكراً جلدت مائة للزني وثمانين للقذف .وإن رجعت حدت للفرية فقط .وذكر عنه ابن المواز مثل رواية يحي وقال : ولا حد عليه لها لأنها قد صدقته .
وقال اشهب : إلا أن ينزع ويقول غنما قلت ذلك علي المجاوبة ولم ارد قذفا ولا إقراراً بالزني ، فليجلد الرجل حينئذ ولا تحد هي في قذف ولا زني .
***
__________
(1) زيادة في ف .
(2) عبارة ص : ومحملة رد الرد .
(3) هنا في ص شطب علي العتبية ، وهامش يصحح : كتاب ابن المواز . انظر البيان والتحصيل ، 16 : 328 . 329 .(1/326)
[14/335]
وقد أصبغ : يجلد كل واحد منهما لصاحبة وإن نزعت عن قولها لأن كل واحد منهما قاذف للآخر ، وليس قولها تصديقاً له ولكن رداً عليه .
وروي يحيي بن يحيي عن ابن القاسم : من قال لامرأته يازانية فقالت : بك زنيت ، قال : لاشي عليها لأنها تقول اردت إصابته إياي بالنكاح ، فيدرأ بهذا عنها القذف ، ولا يعد هذا إقراراً منها بالزني . قال أصبغ : يريد في الأجنبية ، وليس قولها تصديقاً بل هو جواب : تقول إن كنت زنيت فبك ، ولها عليه حد الفرية ، لأن كل منهما قاذف .
قال عيسي عن ابن القاسم في ذات الزوج لا حد عليها للقذف ، وعليه [الحد](1)إلا أن يلاعن . قال عيسي : لاحد عليه ولا لعان .
وقال ابن المواز : وروي عن ابن شهاب فيمن قال لرجل يا زان فقال له الآخر أنت أزني مني أن ذلك قذف له وإقرار علي نفسه بالزني . وهذا يؤيد قول ابن القاسم ومالك(2)وربيعة ، وقالا : بل الحد عليها جميعاً ،وإلي هذا نزع أصبغ .
قال ابن حبيب قال اصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لنصراني يا ابن المشركة الزانية(3)، فقال له النصراني بل أنت ، إنه يحد النصراني ثمانين جلدة .
ومن كتاب [ابن المواز والعتبية(4)رواية ] أصبغ عن ابن القاسم قال : ومن قال لنصراني يا ابن الفاعلة ، فقال له النصراني أخزي الله ابن الفاعله . قال ابن القاسم فليحلف النصراني ما أردت قذفه ، فإن نكل سجن
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) في ص : وابن مالك . وهو تصحيف .
(3) كذا في ص . وفي ف : يا ابن المشرك الزاني .
(4) البيان والتحصيل 16 : 338 .(1/327)
[14/336]
حتي يحلف . وقال أصبغ : يحد النصراني ثمانين لأنه جواب علي المشاتمة ، فهو تعريض ، ف:انة قال لها يا زانية فقالت زينب بك . قال : ويعاقب المسلم . زاد في العتبية(1)غير أن المسلمين يحدان البادئ والراد ، وأما النصراني والمسلم فيحد النصراني ويعاقب له المسلم ، لأنه لا يحد له .
ومن كتاب ابن المواز : وقال فيمن أمة زانية فقال له رجل يا ابن الزانية ، فقال له أمك أشر منها ، فقال فيها ابن شهاب : لا حد عليه وإن كان قد عرض ، ولكن لو قال أمك أزني منها جلد الحد .
قال مالك : ومن قذف من جلد في زني لم يحد . قال ابن القاسم : ويؤدب بإذاية المسلم ، وكذلك لو رجم فإذا ابنه يقذف أباه بالزني . ومن قال لرجل يا ابن الزانية وله جدة لأمة قد زنت ، قال مالك : لا يحد إذا حلف أنه لم يرد غيرها ، ويعاقب بإذايته له .
قال مالك : ومن قال لمنبوذ يا ولد زني أو يا ابن الزانية لم يحد وأدب ، وإن قال له يا زان حد . ومن قال لرجل يا منبوذ حد ، إلا أن يقيم البينة أنه منبوذ .
قال ابن حبي قال أصبغ : من قال لرجل يا أحمد فقال له أحمقنا ابن زانية ، فهو قذف من قائلة ، لأنه جواب للشتم(2)واستتار عن القذف بذكر الحمق . كان المقال له أحمق أو حليماً .
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون عن مالك فيمن قذف من حد في الزني بعد أن حسنت توبته لم يحد .
قال ابن حبيب قال مطرف : من قذف ابن الملاعنة بأمة أو أبيه
/337/
فعلية الحد . وكذلك من قذف المحمول بأمة أو بأبيه ، أو اللقيط بأمة أو أبيه .وأما من قذف المنبوذ بأمة أو بأبية فلا عليه . ومن قذف ابن أم الولد بأمة لم يحد وعزر ، وإن قذفه بأبيه حد ، وقاله كله ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن قال لابن الملاعنه يا ابن زانية حد ، وإن نفاه من أبيه في مشاتمة حد . ولو قال لها زوجها(3)بعد اللعان يا زانية ، فقال ابن شهاب : يحد إذ ليست بزوجة له . قال محمد : لا حد عليه .
وقال ابن قسيط (كذا) من قذف امرأته [بعد موتها ](4)إنه يحد ويرثها ، وقاله عبد الرحمن بن القاسم [بن محمد بن أبي بكر](5)
جامع في التعريض
وما يجب به حد القذف
ومن قال زني فرجك
من كتاب مابن المواز قال محمد : من السنة أن لا يحد حد القذف إلا في قذف مصرح أو بنفي أحد من أحد آبائة أو تعريض يري أنه لزني أو نفي أو يظهر حمل بامرأة غير طارئة تدعي تزويجاً أو اغتصاب . وقاله مالك . وقد جلد عمر في التعريض الحد وقال حمي الله لا تدعي جوانبة .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 338 .
(2) هنا في ص بياض بقدر كلمة .
(3) في ص : قال له زوجها . وهو تصحيف .
(4) ساقط من ص .
(5) زيادة في ف هكذا . وهو تصحيف . ولعله : ومحمد بن أبي بكر . وإلا فابن القاسم هو عبد الرحمن ابن القاسم بن خالد بن جنادة .(1/328)
[14/338]
قال ابن شهاب : إن من التعريض البين ما يبلغ به الحد . قال : ومن قال لرجل في مشاتمة إنى لعفيف الفرج ، وما أنا بزان ، وما يطعن في فرجي ففي ذلك الحد وقاله لي عبد الملك .
وإن قال له إنك لخبيث الفرج فعليه الحد ، وقاله غير واحد من العلماء .
وإن قال له في مشاتمة يامستور الجدران ثم قال أردت ستور جدران النخل ، فقد بلغني أن عمر عبد العزيز جلده وقال : ما النخل بالجدران(1)قال مالك : ولا أري في هذا حداً ، وفيه النكال . وكذلك في العتبية(2)من سماع ابن القاسم . وكان مروان ربما نزع ثنيتي لرجل يقبل المرأة .
قال ابن وهب : بلغنى عن مالك فيمن قال لرجل يا ابن العفيفة(3)أنه يحلف ما أراد القذف ويعاقب . وقال أصبغ إن قاله علي وجه المشاتمة إن أمك لعفيفة [حد](4).
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون : من قال لرجل في مشاتمة يا ابن العفيفة فعلية الحد ، وقاله أصبغ ، وقال ابن وهب إنه قول ابن شهاب .
قوال ابن الماجشون : من قال لامرأة في مشاتمة إني لعفيفة فعليه الحد [وإن قاله لرجل فعليه الحد ](5)إلا أن يدعي أنه أراد عفيف التكسب أو المطعم(6)والمال فيحلف ولا حد عليه وينكل ، لأن المرأة لا يعرض لها بذكر العفاف إلا في الفرج ، والرجل يعرض له بذلك في غير وجه في المال
***
__________
(1) هنا في ف جملة زائدة عما في ص لكنها مطموسة .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 278 .
(3) في ص : الخفيفة . لكنها كررت بعد : العفيفة كما في ف .
(4) ساقط من ص .
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(6) في ص : المعظم وهو تصحيف .(1/329)
[14/339]
واللسان الفرج والمال ، فيحصل علي أشده ، ويخرج من ذلك بيمينه ، ثم ينكل .
وقال عبد الملك فيمن قال في مشاتمة إنك لعفيف الفرج فإنه يحد . وكذلك إن قال : ما أنا ممن يطعن في فرجي . قلت : فإن قال له إني لعفيف . قال إن كان في مشاتمة حلف ما أراد الفرج وأدب ، وهو في الرجل أخف منه في المرأة .
وقال ابن القاسم فيمن قال فعلت بفلانة في أعطانها وبين فخذيها فإنه يحد ، وقال اشهب لا يحد .
قال ابن القاسم : من قال لرجل زنت يداك أو رجلاك فإنه يحد ، وقال أشهب لا يحد . وقالا في زني فرجك إنه يحد .
ومن قال لمجبوب يازان لم يحد ، إلا أن يقول زنيت قبل أن تجب ، ولا يحد إلا أن يعلم أنه جب بعد الكبر فهو مسلم حر . وقد قال ابن القاسم : فإذا علم أنه جب في صغره لم يحد .
قال ابن القاسم : ومن قال في امرأته لم أجدها لم أجدها عذراء حين بني بها او بعد فراقها لم يحد ، ويحلف ما أراد الفاحشة . وكذلك لوقالته امرأة لامرأة ، وقد تذهب العذرة من النورة(1)والحيض وغيره .
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية(2)من سماع ابن القاسم فيمن قال لآخر في مشاتمة :أبي خير من أبيك [وأمي خير من أمك] وما احس مفتضل(3)رأسي ، فقال له الآخر هلم أباك الذي تزعم أنه أبوك ، فهذا من
***
__________
(1) بعدها كلمة مطموسة في النسختين .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 327 . 328 .
(3) كذا في ص . وفي ف م يشبه شقيقاً . وكلاهما غير واضح .(1/330)
[14/340]
يعرف ابي وأمي ويعرف أباك وأمك . قال : قوله الذي تزعم أنه أبوك انكر ما قال ، ثم قال : العفو في مثل كله أمثل ، وأما الحد فلا .
ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم وعمن لقريب له في شر ، وجدته أخت أبيه ، فقال له : إن نسبك مني بعيد . قال مالك : فما أري في هذا [شيئاً . ومن قال لرجل يابن أمي ، فقال له ابن أمك الشيطان ، فليس هذا ](2)بفرية ، فهذا من كلام السفهاء . قيا فيؤدب ؟ قال إنه لخفيف وهو أذي .
ومن سماع أشهب من العتبية(3)وكتاب ابن المواز : ومن أشهر بامرأة في شعر ثم قال قولاً قلته لا أصل له عندي ، قال : لا حد في هذا غلا في الشئ البين [ففيه](4). [قال ابو بكر بن محمد : المعروف من قول أصحابنا أنه يعتبر شعره ، فإن كان فيه تعريض القذف حد ](5)
ومن العتبية(6)من سماع عيسي عن ابن القاسم : ومن قال لرجل في منازعة إنك لعظيم في نفسك ، فقال الآخر وما يمنعنى وأما معروف الحب والنسب ، فقال له صاحبة : هذا تعريض . قال : هذا مثل مسالة مالك التى تقدمت في الذي قال هلم اباك الذي تزعم أنه ابوك ، فقال : قد قال عظيما وما أري فيه الحد .قال ابن القاسم : فهذا عندي اشك ، وليحلف ما أراد نفيا ولا يحد .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 275 .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من ص .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 287 .
(4) ساقط من ص .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط أيضاً من ص .
(6) البيان والتحصيل ، 16 : 327 .(1/331)
[14/341]
وروي عنه ابو زيد فيمن [قال لجماعة](1)والله ما تروني إلا ولد زني وأنتم اولاد حلال معرضاً ،واشباه هذا . قال : إن كان بينهم عداوة حلف ما أراد قذفاً ، وإن لم تكن عداوة فليحلف أيضاً(2)ما أراد الفاحشة .
وعمن قال لرجل في مشاتمة ما أعرف أباك وهو يعرفة ، قال : يحد ثمانين جلدة .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن قال لرجل ما أأعرف أباك فما أنكر فليرفعة إلي السلطان . قال محمد : ولو قال ما يعرف أبوك لحد .
وروي أبو زيد عنه : ومن قال رأيت فلاناً مع فلانة في بيت او قال على بطنها أدب أدباً وجيعا . وكذلك لو قالخ لزوجته وقال رأيتها معه في لحاف ، أدب ولا يبلغ به الحد .
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال لرجل رأيتك تطلب امرأة في أثرها أو تطردها أو تقبلها أو اقتحمت عليها أو دخلت علي فلانة ، فلا حد عليه شئ من ذلك ، لأنه يمكن ان يكون بلا زني ، فهو شتم وكذلك لو قال رأيتك معها في ثوب أو لحاف أو علي بطنها أو في مقعد الرجل من امرأته فلا حد في ذلك ، ويحلف ما أراد قذفا ويؤدب .
وفي المدونة : إذا قال له جامعت فلانة بين فخذيها فهو تعريض بين ، وفيه الحد . وقال اشهب لا يحد في التفخيد لأنه صرح بما رماه به .
ومن العتبية(3)روي أبو زيد عن ابن القاسم : ومن قال لامرأته قد سرحتك(4)من زنى فإنه يحد ولا طلاق عليه .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 :345 .
(2) غير واضحة في ع ويمكن أن تقرأ هكذا . وفي ص مطموسة .
(3) كذا في . وفي ص : البطرق – بالباء .
(4) ساقط من ع .(1/332)
[14/342]
قال محمد والعتبي قال ابن القاسم عن مالك في مولي قال لعربي أنا خير منك أصلاً وفصلا وأقرب برسول الله فلم ير فيه حداً ، وقال : ما أري من أمر بين ، والعفو فيه أفضل . ومن قال مالك من أصل ولا فصل فلا حد في هذا .
قال العتبي قال أصبغ : فيه الحد ، وقيل إلا أن يكون من العرب ففيه الحد .
قال مالك : ومن قال لمولي ياابن المطرق(1)لم يحد ، ويحلف ما أراد قذفاً وينكل .
قال : ومن قال لرجل أنا أقذفتك أو افتري عليك فلا يحد ، ويحلف ما أراد الفاحشة .
قال ابن حبيب قال مطرف فيمن قال لرجل في منازعة أتكلمنى وقد نكحت أمك أو كانت زوجتى ؟ قال مالك : إن لم تقم بينة أنه تزوجها فعلية [الحد](2)للقذف . وقال ابن الماجشون : لا يحد ، ويعاقب أشد العقوبة ، لأنه لو جاء بشاهدين على نكاحه كفاه . ولو كان قذفا لم يخرج من الحد إلا بأربعة .
قال ابن حبيب بقول مالك لأنه تعريض بين لأن النكاح يسمي وطئاً ، فلو كان في غير منازعة لم يحد ، كما لو قال له في غير منازعة ما أنا بزان ولا أمي بزانية لم يحد ، وقال أصبغ وذكره عن ابن القاسم .
ومن كتاب ابن المواز : من قال لرجل أنا جامعت أمك حد إن كانت حرة مسلمة ، إلا أن يقيم بينة أنه تزوجها تزويجا حراماً أو في عدة أو وطئها فيما لا يجوز له أن يطأها من ظهار وغيره ، فإن أقام بينة بذلك
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط من ص .(1/333)
[14/343]
حلف أنه الذي أراد ولا يحد . كما لو قال ذلك في نفسه . وإن قال له رأيت فلا يصيب أمك حلالاً ، فإن كان علي المشاتمة فعليه الحد .
ومن قال لرجل أنت تزنى بامرأتك أو أنت مقيم معها حراماً أو بأمتك فلا حد عليه ، ولقد آذي فيؤدب له .
ومن قال لرجل يا فاعل بأمة فإنه يحد . وروي عن أبي هريرة أنه قاله . وذكر ابن حبيب أن الثوري [روي](1)عن أبي هريرة فيمن قال يا نايك أمه ، فجلده ابو هريرة ثمانين .
ومن رقع بينهم كلام فكشف عن فرجة وأشار إليه فقال له إن أمك وأختك لتعرف هذا ، فعليه [الحد](2)وقد نزل هذا بالمدينة فضربة عبد الملك ابن مروان وسعيد بن العاصي ثمانين ، وذكره بكير(3)
ومن قال يا ابن منزلة الركبان فإنه يحد ، لأنه كان في الجاهلية إذا طلبت المرأة الفاحشة أنزلت الركبان . قال يحيي بن سعيد : جلد مروان في ذلك الحد
قال ومن قال يا بن ذات الراية حد . وكان في الجاهلية على باب المرأة البغي راية . وقد جلد عمرو بن العاص في ذلك الحد .
قال : وإن قال له يا ذا الذي تزعم المرأة أنه اغتصبها أو يزعم الصبي أنه نكحة ، ، قال : إن كان في مشاتمة فعليه الحد .
***
__________
(1) بكير بن عبد الله ابن الشج من أهل المدينة وأعلم عصره بالحديث توفي بمصر عام 122 هـ (أعلام الزركلي ) .(1/334)
[14/344]
قال : ومن قذفه رجل فاستاذي(1)عليه فحده أو تركه أو عفا عنه ، ثم خاصم رجلاً فقال له قد سمعت فلاناً يقول لك يا زان فمالك لم يستأذ عليه ، فإنه يحد [يحد](2)قال له [ذلك](3)في الوجهين ، لأنه كأنه قال له صدق عليك فلان
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال لرجل أنا افتري عليك أو أنا اقذفك قال : لا حد عليه ، ويحلف أنه ما أراد الفاحشة .
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : ومن قول مالك إذا عرض الأب بابنه بالزني لم يحد ، بخلاف غيره . وإنما يحد إذا صرح ، كالقصد إلي القتل وهو يجوز عفوه عن القذف وإن لم يرد ستراً – يريد عند الإمام – قال ابن الماجشون : [فيمن قال لرجل في منازعة أنا فلان بن فلان لا يعرف ، فإن قاله لرجل مجهول بالبلد فلا شئ ](4)عليه ، وإن كان معروفاً بالبلد حد .
قال : وحدثنى الحنفي عن ابن أبي ذؤيب فيمن قال لامرأة يا حدودية(5)قد طلقتك زوجك فهو يطئوك حراما ، فإن عليه النكال .
قلت : لأصبغ فيمن قال لرجل يا زانى فيقال له قذفته فيقول إنما اردت زنوت الجبل أي علوت فيه . والزانى في كلام العرب الذي يعلو الجبل ، قال عليه الحد ، ولا يقبل منه إلا أن يكون كائنا في تلك الحال ، وتبين أنه الذي أراد ولم يقله في مشاتمة . اصبغ يريد ويحلف القائل زنات الجبل . وهو مهموز .
***
__________
(1) في ص : فاستأذن . وهو تصحيف .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضا من ص .
(4) ما بين معقوفتين من ص .
(5) في ص حروف متقطعة (باب وف) لا معنى لها .(1/335)
[14/345]
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال زني فرجك أو دبرك حد ، قال ذلك لرجل أو لامرأة .
فيمن قال لرجل يا ولد الخبث أو يا خبيث أو يا خبيث الفرج
أو يا ابن الخبيثة أو يا بن اللخناء أو يا قرنان
أو قال يا لوطي أو لمرأة يا قحبا وشبه ذلك
أو قال يا فاسق أو يا فاجر أو قال لا خير منك أو يا مخنث
من كتاب ابن المواز ومن العتبية(1)وروي أصبغ وعيسي عن ابن القاسم فيمن قال لرجل يا ولد زني ، وعلي ذلك يجري ذلك في المشاتمة . قال عنه فيه : إن قال له يا خبيث الفرج ، أو قال أنا اعف منك فرجاً إنه يحد ، قال أصبغ : إن كان في مشاتمة وغضب .
ومن كتاب المدنيين من العتبية قال ابن القاسم : وإن قال له يا بن الخبيثة أو يا ابن اللخناء(2)فليس عليه في ابن اللخناء إلا الأدب ، لأنها القذرة ، وذلك بقدر حالها ، ليس يقال ذلك لابن أمة عربية أو ذات دين أو من صالحي الموالي ، مثل من قال لابن أمة نصرانية أو سفيهة(3)في مبلغ الأدب [وأما قوله يابن الخبيثة فإنه يحلف ما أراد قذفا ويؤدب ، لأن الخبيث](4)يخرج إلي غير الحد وبلغنى ذلك عن مالك ، وقاله ابن كنانة .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 339 – 340 .
(2) الأمة اللخناء : التى لم تختن . ومن شتم العرب يا بن اللخناء أي يا دنئ الأصل أو يا لئيم الأم . قاموس .
(3) كلمة غير واضحة تقرأ هكذا في ف ، وتقرأ نحو سفلة في ص .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/336)
[14/346]
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : ومن قال لرجل في مشاتمة يابن العفيفة فقال له الاخر يابن الخبيثة ، فعلي القائل يا بن العفيفة [الحد](1)إن كانت أمة حرة . وأما القائل يا ابن الخبيثة فليحلف ما أراد الزني ، فإن حلف ادب ، وإن نكل حد . وإن قال له يا خبيث الفرج فعليه الحد .
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في ولد الخبيث يحد ، وإن [قال](2)يا ابن الخبيثة حلف ما أراد القف وأنه أراد خبثا في فعل أو خلق [ونكل](3)فإن نكل سجن حتي يحلف . وكذلك إن قال يا ابن الفاسقة أو الفاجرة ، فإن طال سجنه ولم يحلف اوجع أدباً وخلي . قال ابن الماجشون : فهذا كله إذا نكل حد ، وبه أقول .
قال ابن حبيب وابن المواز وقال ابن الماجشون عن مالك فيمن قال لرجل يا مخنث ، قال في كتاب ابن حبيب : فإن كان في كلامه توضيع أو لين(4)أو يعمل عمل النساء . قال في كتاب ابن المواز . أو كان في يديه [رصيع](5)حلقة فيه أو لين في كلامه أو يعمل من عمل النساء شيئاً(6)، قال في الكتابين : أحلف ما أراد الفاحشة ونكل ، وإن لم يكن في الرجل شئ من ذلك حد له .
قال ابن حبيب وروي عن ابن أبي أ ويس أن عمر بن عبد العزيز لم ير فيهالحد ، إلا أنه جلد فيه جلداً أشد من الحد .(7)
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط أيضاً من ص .
(3) ساقط من ف .
(4) كررت (في كلامه) بعد لين في ص .
(5) زيادة في ف .
(6) كذا في ف وهو الأنسب . وعبارة ص : في كلامه أو من علم النساء شئ .
(7) صفحت عبارة ص هكذا : جلد فيه السيد من الحد .(1/337)
[14/347]
وذكر ابن المواز من رواية ابن وهب قال : وقال رجل من العلماء إنه إن شاء قال : قلت [إنه](1)مخنث الجسد أو المنطق .
قال في كتاب ابن المواز : وكذلك إن قال له يا مؤنث وفيه لين الكلام خلقه أو غيره مما يشبهه فليحلف ويؤدب .
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية(2)من سماع ابن القاسم : فيمن قال لرجل يا مجلود ، فقال له الآخر إن كنت مجلوداً فأنت فاسق ، فقامت البينة أنه مجلود . قال : فعلي القائل فأنت فاسق الأدب الخفيف .
وقال في عربي وقرشي يقذفه فقال القرشي : أنا خير منك وأقرب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم [فقال له العربي بل أنا خير منك وأقرب إلي رسول الله صلي عليه وسلم ](3)قال : ما أري في هذا حداً ، والعفو أفضل .
قال ابن القاسم في مولي قال لعربي لست لي بكفء فلا حد في هذا وقاله مالك في مولي قال لعربي أنا خير منك وأقرب نسبا لرسول الله ، فلا حد في هذا .
قال ابن القاسم : وكذلك الرومي يقول للعربي أنا خير منك وأكرم حسبا فلا حد فيه ، إنما الحد في قذف أو نفي أو تعريض .
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في عربي نازع مولاه ، فقال له العربي : إنما أعتق أبوك أمس ، فقال له المولي : أنا أقدم منك في العتق ومن أبيك . قال : لا حد في هذا وينكل ويحبس ، كما لو قال أنا خير منك وقاله مالك .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 270
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/338)
[14/348]
قال ابن وهب : وإن كان إنما أراد في قوله أقدم منك في العتق أن اباك(1)معتق فعليه الحد ، وإن أراد أقدم في الإسلام وشبهه فلا حد عليه .
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون : إن قال عربي لعربي أنا خيرمنك لم يحد ، فكذلك لو قاله لمن فوقه في العربي من قرشي أو غيره(2)أو قاله لمثله . وكذلك إن قاله مولي لمولي .
ولو قاله مولي لعربي لحد ، وكأنه قال له : لست من العرب . فإن قال أردت أنا خير منك عند الله ، فإن كان مثله يشبه أن يكون كذلك ألف ولم يحد. وإن قاله سفيه(3)لا يشبه مثله ما قاله حد ولم يصدق . وإن قال ابنا عم من العرب(4)أو من قريش أحدهما للآخر أنا خير منك فعليه الحد ، إذ لا مذهب(5)له هاهنا إلا النقل من نسبه ، إلا أن يقول اردت اني خير منك ديناً ومثله يشبه ما قال ، فليحلف ولا يحد وقاله أصبغ .
قال محمد : ومن قال لرجل ياقرنان فعليه الحد إن قامت به امرأته ، لأن يا قرنان إن عليه الحد لأنه أراد الفاحشة ، ولم ير يحيي بن عمر فيه حداً . قال يعزر عشرين سوطاً . وإن قال له يا مواجر(6)بارت إجارتك ، [إن](7)قاله على المشاتمة فعليه الحد . وروي أشهب عن مالك في قوله يا مواجر أنه يحد .
***
__________
(1) في ص : أن أراد . وهوتصحيف .
(2) كذا في ص ز وعبارة ف : فوقة من العرب قريش وغيره .
(3) في ص : سفها وهو تصحيف .
(4) صفحت عبارة ص : يزعم من العرب .
(5) في ص : إذ المذهب . وهو تصحيف .
(6) في ص : يا فاجر .
(7) ساقط من ص .(1/339)
[14/349]
قال في كتاب ابن المواز : ولو قال يا فاجر فقط لم يحد ، وكذلك يا فاسق ، وفيه الأدب . وإن قال يا خبيث حلف أنه ما أراد القذف ونكل . وإن نكل ، قال ابن القاسم يحبس ، وقال أشهب : يحد إن لم يحلف ما أراد القذف ولا خبث الفرج ، كقول مالك في قوله يا مخنث ، وإن نكل حد ، وإن حلف عوقب .
قال أشهب : وكذلك في يافاسف يا فاجر ، وكذلك يا بن الفاسقة أو الفاجرة أو يابن الخبيثة ، فإن لم يحلف ](1)عنده لم يحد وحبس حتي يحلف ، فإن طال حبسه نكل وخلي .
قال ابن القاسم : وينكل في قوله يا بن الفاجرة أو الفاسقة ولا يحلف في ذلك . وقال اشهب : يحلف في ذلك وفي قوله يابن الفاجر والفاسق أو يابن الخبيث ، يحلف ما أراد نفيع من أبيه ولا أراد قذفا لآبيه ، فإن حلف نكل وغن لم يحلف حد . والنكال بقج اجتهاد الإمام في حالات الناس ، منهم المعروف بالأذي ، ومنهم ذو الهوة ، ويختلف(2)فيمن يقال [له](3)ذلك أيضاً من ذوي الحال .
قال أشهب نحو قول ابن القاسم في قوله يا فاجر بفلانة إنه يحد إن لم يظهر لقوله سبب منعه بها بينة(4)في مال جحدها إياه يدعي أنه أراد ذلك فليحلف على ذلك .
قال أشهب نحوه إذا قال يافاجر بفلانة أو يا فاسق بها أو يافاسق الفرج او يا خبيث الفرج ففيه الحد في جميع ذلك وأدني حالات التعريض بالزني .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) صفحت في ص .
(3) صفحت في ص : ويحلف .
(4) ساقط من ص . كذا في ص . وفي قد ما يشبه : صيغة بها نسبه . ولا يظهر معنى العبارتين .(1/340)
[14/350]
قال ابن شهاب : من رمي رجلا بلواط حد ، وقال مالك في المدونة إنه إن رماه ببهيمة لم يحد ، وادب ، لأنه لايحد ناكحها(1)وقال يحيي بن عمر : فيمن قال لامرأة يا قبحة إنه يحد ، [ أخبرنا أبو بكر بن محمد قال : حدثنا أبو اسحاق البرقي وأبو زيد عن ابن ابي الغمر قالا : أخبرنا اشهب أنه قال فيمن قال لرجل يا مواجر إن عليه الحد ](2)
قال ابن حبيب [أخبرنى الحنفي](3)عن ابن أبي ذئيب في المرأة تقذف امرأة [بامرأة](4)أخري ، قال تنكل(5)قاذفتها نكالا موجعاً .
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن قيل له يا مابون(6)وهو رجل في كلامه تأنيث يضرب الكبر ويلعب في الأعراس ويغنى ويتهم بما قيل .
أو قال له يا سارق وقد اتهم بالسر قة غير مرة واحدة وحبس فيها ، أو قال يا مقامر وهو مشهور بالقمار معروف به ، فلا شئ علي أحد من هؤلاء ، إلا القائل يا مابون فلا مخرج له من الحد إلا أن يحق ذلك(7)
/351/
فيمن قال لامرأة زنيت في صباك أو في كفرك [أو مكرهة](8)
أو زني هذا ثم ادعي أنه أراد هذا
من كتاب ابن المواز : ومن قال لامرأة زنيت وأنت صغيرة او أمة أو نصرانية ، فقال ابن القاسم يحد ، وهو تعريض وإن أقام بينة بما تقدم من ذلك . وكذلك عنده لو قال لها زنيت فلما طولب أقام البينة بأنها زنت وهي نصرانية أو صغيرة ، قال : لا ينفعه ذلك .
قال مالك : واما إن أقام بينة أنها زنت وهي أمة فإن ذلك ينفعه ولا حد عليه ، وتحد هي حد الأمة خمسين جلدة . وإن لم تقم بينة حد هو للقذف ، وقاله ابن القاسم في الأمة ، قال : وأما في الصغيرة والنصرانية فلا تنفعه البينة [شيئاً](9). ثم قال زنيت في صغرك أو نصرانيتك أو لم يسم ، لأن الذي تقدم لا يكون زني وقد حصل إما قاذفا أو معرضا .
قال عبد الملك في ذلك كله : إن أقام البينة لم يحد ، وإن لم يقم بينة حد وإن سمي [وقال اشهب : إن سمي ](10)فقال في صغرك او نصرانيتك أو رقك ، فإن كان في غير مشاتمة لم يحد ، وإن كان في مشاتمة حد إلا أن يقيم البينة .
قال ابن وهب قال عطاء وابن شهاب : إذا رماها بما كان في الجاهلية نكل ، وقاله مالك . قال محمد : وأراه قد سمي زناها في الجاهلية وكان ذلك قد عرف من فعلها ببينة ، فأما إن لم يسمه ولكن قذفها ، فلما طولب أقام بينة بزناها في الشرك فلا تنفعه ، رواه ابن القاسم عن مالك ،
***
__________
(1) في ص : راكبها . وهو تصحيف .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ف .
(3) ساقط من ص .
(4) زيادة في ف .
(5) أقحم اسم مالك بين قال وتنكل في ص .
(6) في ص : يا مانون . وتكرر التصحيف بعد ذلك .
(7) كذا في ف وهو أنسب . وفي ص : إلا نحو ذلك .
(8) زيادة في ف .
(9) ساقط من ص .
(10) ساقط من ص .(1/341)
[14/352]
وقاله ابن القاسم وأشهب وعبد الملك كما قدمناه . وقول ابن القاسم أقيس ، وقول أشهب استحسان ، وأحب إلينا إن كانت له بينة لم يحد ، وعليه جماعة من أصحاب مالك وغيرهم .
وأما إن قال قذفتك وأنت نصرانية ، فقال أشهب إن كان في مشاتمة حد ، وإلا لم يحد . وقال ابن القاسم : يحد إلا أن يكون منه على التحلل
وإن قال : رايتك تزني مستكرهة ، [ قال يحد وإن أقام البينة ، لأنها ليست بذلك زانية . ومن قذف مستكرهة](1)حد ، ولو كانت زوجة له لا عن وإلا حد ، قاله ابن القاسم .
وقال هو واشهب : من عرض لامرأته بالزني فإنه يحد إن لم يلاعن .
في الصغير والعبد والكافر والمجنون يقذف أو يقذف ،
وحد البلوغ ومن قذف طارئاً لا يعرف
ومن قذف عبداً أو أمة اقتص منه وهو قد اعتقد ولم يعلم
أو قبل أن ينفذ في الثلث
من كتاب ابن المواز : وقال في التى لم تحص قط يقذفها رجل فإن عليه الحد إذا كان مثلها يوطأ . قاله مالك وأصحابه . وإذا قذفته هي لم تحد إذا لم تحض وأنبتت الشعر كما يحد من زني بها ولا تحد هى .وأما الغلام فلا حد له ولا عليه في قذف إلا بالحلم أو نبات الشعر ، كما
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
12 – النوادر والزيادات 14(1/342)
[14/353]
لا يحد هو في وطئة ولا الموطوءة(1)وقاله يحيي بن سعيد وابن شهاب ومالك والليث والأوزاعي .
وروي ابن وهب وابن القاسم عن مالك في الغلام يقذف رجلاً فلا حد عليه حتي يحتلم أوي نبت الشعر س. وإن سرق هو وصبيه صغيرة لم يحداً إلا يالاحتلام في الغلام أو تحيض الجارة أو ينبت الشعر . فإن أبطأ الحيض والاحتلام فحتي يبلغا سنا لا يبلغه أحد غلا بلغ ذلك من احتلام(2)أو حيض ، كانا مسلمين او حرين او ذميين او مملوكين .
قال ابن حبيب : ثمانين عشر عاماً أقصي السن الذي يجب به الحد في تأخير الحيض والإنبات . قال الأبهري : والاحتلام في المرأة بلوغ .
وفي كتاب السرقة باب في هذا .
ومن كتاب ابن المواز : وقال في النصرانبي يحد إن قذف مسلماً ، ومن قذفه هو لم يحد قاذفه مسلماً أو كافراً وكذلك العبد لا حد عليه إن قذفه مسلم أو كافر ـ ويحد هو في قذفه المسلم الحر ، يحد أربعين .وأم الولد والمدبر ومن فيه بقية رق بمنزلته .
ويؤدب قاذف المملوك والنصرانى ، وإن قال ذلك علي قدر ما يعرف به من الأخري .
قال ابن شهاب : ولم يكونوا يؤدبون الحر في قذف المملوك ، وأنا اري أن يصرف(3)الإمام عنهم الأذي بالأدب ، بقدر سفهه وحالة سيما إن كان للعبد أو للذمي ولد ميلم أو زوج للنصرانية حر مسلم ، فهو أقوي في أدبه .
***
__________
(1) في ص : وأما الموطوءة . وهو تصحيف .
(2) في ص : في الاحتلام . وهوتصحيف .
(3) بصرف) غير واضحة في ف . وهي مقتضي السياق .وفي ص : أن يؤدب .(1/343)
[14/354]
وقال مالك والليث مثله في هذا إنه يعزر ، وقاله ابن المسيب والقاسم وسالم وربيعة وسليمان ويحيي بن سعيد . وجلد عمر ابن عبد العزيز رجلاً قذف نصرانية لها ولد مسلم بضعاً وثلاثين سوطاً ، وذكر ابن حبيب مثله .
قال في كتاب ابن المواز قال يحيي بن سعيد : وأما من نفي أولادهم فإنه يحد . قال مالك : وكذلك لو قال لنصرانية أو أمة يا زانية ولها ولد مسلم إنه يعزر . قال محمد : وكذلك النصراني والعبد يقال له يازان وله ولد مسلم إن فيه التعزير .
قال مالك : وإن قال لرجل يا بن الزانية وقد هلكت أمة مشركة(1)إنه يعزر . [وقال ابن حبيب](2)عن أصبغ فيمن قال لمسلم أمة نصرانية يا ابن الزانية ، قال ابن القاسم : فإن [كان](3)ذا هيئة عزر له عشرين سوطاً ونحوها ، وإن كان لا هيئة له فدون ذلك .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ولو أسلمت النصرانية وعتقت الأمة ولم يظهر ذلك حتي قذفتا(4)إنه يحد قاذفهمها . قال مالك : وقذف [رجل](5)بأمة وهي أم ولد [في](6)ولاية عمر بن عبد العزيز فأخبره أباه فأعتق أبوه أمه ثم عاد متعرضا له حتي قذفته ثانية فرفع إلي عمر فحده .
وقال ابن حبيب قال ابن الماجشون في حر قذف عبداً إنه لا يعزر به إلا أن يكون قد نهي عن أذي هذا العبد(7)أو يكون رجلاً فاحشا معروفاً بأذي الناس فيؤدب ، ويكون ذلك زجراً عن هذا العبد وغيره . وكذلك في قذف المسلم للنصراني .
قال ابن الماجشون في مواضع أخر من كتاب ابن حبيب : وإن زني عبد عبداً لم يحد وأدب ، وكذلك إن زني حر عبداً لم يحد وأدب .وإزني حر وعبداً حراً حداً جميعاً ، هذا ثمانون وهذا أربعون .
وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم في امرأة قالت لأمتها يا زانية فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم : إن لم نجلدك في الدنيا جلدتك في الآخرة . فقالت لأمتها اجلدينى فأبت وقالت : عفوت عنك ،فأعتقتها وأخبرت النبي صلي الله عليه وسلم فقال : عسي(8).
قال الأوزاعى : إن كانت كذلك وإ حدث لها يوم القيامة . ومن قاله لكتابية أو مجوسية سئل عن ذلك يوم القيامة
قال ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم واصبغ فيمن قال لعبد يازان فيقول العبد بل أنت ، إنه يحد العبد وينكل الحر .
وروي عيسي عن ابن القاسم عمن قذف مسلماً ابواه نصرانيان [فإن كان ](9)ممن له هيئة جلد عشرين فأكثر ، وإن كان لا هيئة له فأدني من ذلك ، يريد شتمه ولم ينفه ولا قذفه بالزني أو قذف اباه او امه .
ومن كتاب ابن المواز : وعن الغريب يقدم فينتمي غلي قوم فنفاه رجل منهم ، قال : فعلي المقذوف في هذا أن يقيم البينة على نفسه . وقاله ابن وهب وأشهب . وقال محمد : وإن طال مقامه بالبلد الزمان الطويل حتي انتشر ذلك عند الناس وعرف به ثم أخرجه أحد منهم فإنه يحد .
وقال ابن القاسم [عن مالك](10): والناس في أنسابهم على ما حاوزا وعرفوا به كحياوة ما يملكون . ومن ادعي غير ذلك كلف البينة وإلا حد .
***
__________
(1) كذا في ف . وفي ص : مسلمة .
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط أيضا من ص .
(4) في ص : قذفوا . وهو تصحيف .
(5) ساقط من ص .
(6) ساقط من ف .
(7) هناك كلمة مطموسة .
(8) في كتاب الحدود من صحيح البخاري : من قذف مملوكه وهو برئ مما قال جلد يوم القيامة
(9) ساقط من ص .
(10) ساقط أيضا من ص .(1/344)
[14/355]
ومن شهد عليه قوم فقال المشهود عليه هم عبيد ، فأما المجهولون بالبلد يعرف قدومهم فلا تقبل شهادتهم حتي تقوم بينة بحريتهم مثل عدالتهم ، وأما المعروفون بالبلد البارون بها(1)فهم احرار على ما حازوا وعرفوا بها . قال ابن القاسم : بل هم أحرار ابداً ، مثل الذي قذف الرجل وقال إن أمة أمة أو نصرانية فلا يقبل قوله ، وهي حرة حتي يقيم هذا البينة أنها أمة .
قال فيه وفي العتبية(2)من سماع ابن القاسم في الأمة تعتق في وصية فيقذفها رجل بعد موت سيدها قبل تنفذ في الثلث ، إنه لا يحد وإن كان في المال سعة ، ثم رجع فقال : إن كان له مال مأمون حد ، وترث وتورث ، وقاله عيسي بن دينار .
قال مالك أيضاً : وكذلك في العبد لا يحد قاذفة وإن ترك سيده مالاً مأموناً حتي تنفذ حريته ، وإلا لم تجب له موارثه الأحرار ، ولا يحد قاذفه واختلف فيه قوله .
ومن كتاب ابن المواز في هذا العبد يقفذه رجل قبل يعتق في الثلث الرجل(3)أو أمة حامل من سيدها بعد موته ولم تكن ولدت منه(4)قبل ذلك . فأما هذه الحامل فيحد قاذفها إن تبين حملها ، ولم يختلف فيه قول مالك . وقد قيل له أتؤخر حتي تضع ولهله ينفش ؟ فأنكر ذلك . واما الموصي بعتقه فلا يحد قاذفه وإن نظر فيه بعد ذلك فخرج من ثلثه .
واختلف قول مالك فيه إذا ترك مالاً مأموناً من دور وعقار ، فروي عنه ابن وهب أنه لا يحد [قاذفه](5)[حتي ينفذ في الثلث](6)وإن ترك مالاً
***
__________
(1) كذا في ص . وفي ف : الثارون به .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 268 .
(3) كذا في ص . في ف : في الرجل ولعله زائد .
(4) كذا في ف . وصفحت عبارة ص . : لم يكن وارث منه .
(5) ساقط من ص .
(6) ساقط من ف .(1/345)
[14/357]
مأموناً، (وروى عنه ابن القاسم القولين وأخذ أنه يحد قاذفه إن ترك مالاً مأموناً)(1)وإليه رجع مالك.
قال: وإن أعتق عبده وهو غائب ولم يعلم حتى قذف (أو قذف أو جرح)(2)أو جرح فينفذ فيه القضاء على أنه عبد. ثم يثبت أنه قد كان حراً قبل ذلك، إنه يرجع (به)(3)إلى حكم الحرية فيما له وعليه، ويتم(4)عليه الحد على ما تقدم في حد في قذف أو زنى، وتحمل عاقلته ما يحمله الحر.
وإذا اقتص (له من)(5)عبد في قطع يد فإنه يرجع في ذلك فيقال لسيد العبد المقتص منه إنما كان يلزم عبدك خمسمائة دينار تفديه بها أو تسلمه، فأنت على ذلك، فافده أو أسلمه. فإن فديته فلك على الإمام ما نقص من قيمة عبدك، و إلا فأسلمه ولا شيء لك في قطع يده، ويكون لمن أسلم إليه على الإمام قيمة (قطع)(6)يده.
كما لو قتله قصاصاً بعبد ثم ظهر أن المقتول الأول حر، أو اقتص منه على أنه حر ثم تبين أن الأول عبد، فعلى عاقلة الإمام دية الحر المقتص منه تؤخذ منها قيمة العبد للسيد.
وأما إن اقتص من الحر على أنه عبد فقطعت يده للعبد ثم علم أنه حر فكذلك أيضاً تكون دية المقتص منه على عاقلة الإمام، ويقال لسيد العبد إن شئت فأسلم عبدك إن كان أبطله ويكون لك عليه قيمته صحيحاً يوم قطعت يده، وإن لم يبطله فإنما (لك)(7)عليه ما نقص عبدك ولا شيء
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) صحفت كلمة (ويتم) في ص: ديته.
(5) ناقص من ص.
(6) ناقص من ف.
(7) ساقط من ص.(1/346)
[14/358]
له عليك أنت مما كان اقتص لعبدك من قطع الحر، ودية الحر على عاقلة الإمام.
كما لو رجم من شهد عليه أربعة بالزنى ثم ظهر أن أحدهم عبد، وإن ألفي المرجوم عبداً فقيمته في مال الإمام.
ومن العتبية(1)من سماع أشهب فيمن قذف رجلاً بزنى أمه وهو يعرفها أمة وقد عتقت قبل ذلك ولم يعلم، أنه يحد. قيل قد قالت إن حلف أنه لم يعلم فقد عفوت عنه، فذهب ليحلف فبدا لها. قال: فذلك لها، ويحد وإن كانت قد أشهدت على ذلك، لأن عفوها في مثل هذا لا يجوز وإن ثبتت على العفو، إلا أن تريد ستراً (يريد)(2)، وقد بلغ الإمام. قال: وروى ابن القاسم عن مالك أن العفو جائز.
ومن كتاب ابن المواز: وعن النصراني أو العبد يقذف المسلم ثم يسلم النصراني ويعتق العبد مكانه، فإنهما يحدان.
قال مالك: يؤخذ إذا أسلم النصراني بحقوق الناس، ولو كان قتل نصرانياً أو سرق منه أو قذف مسلماً فإنه يقام عليه بعد إسلامه فيقتل ويقطع ويحد للقذف. وكذلك العبد يقام عليه حد العبد بعد أن يعتق، كان العبد مسلماً أو نصرانياً.
ومن أخذ في زنى أو فرية أو شرب خمر فقال أنا مملوك. فأما في الزنى فيرجم إن كان محصناً ولا يصدق، وإن (كان)(3)بكراً لم يقم عليه إلا حد العبد القذف(4)، وكذلك في الفرية وشرب الخمر، لأنه لا يتهم أن يرق نفسه بهذا.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 289.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ص. في ف: حد القذف.(1/347)
[14/359]
قال محمد: وإن أقر بالرق لرجل (حاضر)(1)أو قريب الغيبة سئل من أقر له، فإن ادعاه لم يحد في الجلد إلا حد العبد، وأما في الزنى والقتل والقطع فلا يسقط عنه إلا بالبينة.
ومن (العتبية من)(2)سماع ابن القاسم: ومن قال لرجل يا ابن الزانية وهو غريب لا تعرف أمه ويحتج بذلك القاذف، قال: إن كان مسلماً حد له القاذف. وقد يقدم الرجل من خراسان وغيرها فيقيم السنين فهذا يحد قاذفه ولا يكلف بينة أن أمه حرة أو مسلمة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قذف مجنونة في خبلها بالزنى حد، وهي لو زنت في ذلك الحال لم تحد. قال محمد: ولو أصابها الجنون من صغرها حتى كبرت لم تفق، لم يكن على من زنى بها حد، لأنها لا يعلق بها اسم (الزنى)(3)كمن جب في صغره ثم قذف في كبره، وقال أصبغ عن ابن القاسم في كل من لا حد عليه إلا الجارية لم تبلغ المحيض وبلغت الوطء، فليحد قاذفها والزاني بها، ولا تحد هي.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط من ص. وهو في البيان والتحصيل، 16: 281 – 282.
(3) ساقط من ص.(1/348)
[14/360]
باب(1)
فيمن أمر رجلاً أن يقدف رجلاً
أو يقتله ففعل أو أمر عبده أو صبيه
ومن بلغ عن رجل قذفاً أو حمل إليه به كتاباً
من العتبية(2)روى عيسى عن ابن القاسم: ومن قال لعبده أو لأجنبي قل لفلان إن فلاناً يقول له يا ابن الفاعلة ففعل، فإن قامت البينة أن الآمر أمره بذلك فالحد على الآمر دون المأمور، وإن لم تقم بينة حد المأمور.
وإن قال له اقذف فلاناً ففعل، فأما في العبد فيحد هو والسيد، وأما في الحر فيحد القاذف ولا يحد الآمر.
ومن قذفه عبد رجل فشكاه إلى سيده فقال أنا أمرته بذلك، قال: يحد السيد في قول مالك. قال ابن القاسم: ويضرب العبد أيضاً.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن أمر غلامه بقذف رجل فقذفه أنهما يحدان جميعاً، سواء قال له اقذفه أو قال له (قل)(3)يا ابن الفاعلة. ولو أمر أجنبياً أن يقذف رجلاً ففعل فالحد على المأمور دون الآمر. وأما لو قال له (قل)(4)يا ابن الفاعلة ففعل فالحد عليهما، لأنه وإن ثبت أنه أمره بذلك فقد قاله المأمور. قال ابن حبيب: وهذا أحسن ما فيه، وقد اختلف فيه.
***
__________
(1) انفرد به فـ.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 304-305.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.(1/349)
[14/361]
ومن كتاب ابن المواز: ومن حمل إلى رجل كتاباً من رجل وفيه يا ابن الفاعلة فدفعه إليه، فإن كان يعرف ما فيه حد، وهو أشد من التعريض.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قال لرجل فلان بزعم أنك زان وأقام بينة أن فلاناً قاله، فإن قاله الثاني مخاصماً أو مشاتماً حدا جميعاً، وإن قاله مخبراً فلا حد عليه، وإن لم يأت ببينة على قول فلان حد هذا بكل حال. وإن جاءه بذلك على وجه الرسالة فقال فلان أرسلني إليك يقول له يا زان أو جاء معه بذلك في كتاب يعرف ما فيه فعليه الحد، وإن ثبت له أن فلاناً أرسله به، وقاله مطرف.
ومن كتاب ابن المواز فيمن قال لرجل يا ذا الذي تزعم المرأة أنها اغتصبها أو يزعم الصبي أنه نكحه، فإن قاله في مشاتمة فعليه الحد.
ومن العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم في حر أمر حراً أن يقتل حراً فقتله، فليقتل القاتل ويجلد الآمر مئة ويحبس سنة. ولو أمر بذلك عبده ففعل لقتل العبد والسيد، كان العبد أعجمياً أو فصيحاً، وروى عنه أصبغ مثله.
قال عنه يحيى ابن يحيى: إذا أمر بذلك عبده أو العامل يأمر رجلاً يقتل رجلاً والعامل ظالم(2)له، فإنه يقتل الآمر والمأمور.
وأما من أمر بذلك ابنه أو معلم يأمر صبيانه أو صانع يأمر متعلميه، فإن بلغ المأمور الحلم قتل وبولغ في عقوبة الآمر، ولا عقل على عاقلته. وقال عنه سحنون: يقتلان جميعاً.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 306.
(2) كذلك في ص وهو الصواب. وفي ف والعبد ظالم.(1/350)
[14/362]
(قال يحيى)(1)وأما من لم يبلغ الحلم منهم فالقتل على الآمر، وعلى عاقلة الصبي نصف عقل المقتول، وإن كثر الصبيان قسم العقل على عواقلهم وإن قل (ما)(2)على كل عاقلة.
قال أصبغ: لا يقتل أبو الصبي إن كان الصبي بلغ مبلغاً يعقل (مثله)(3)مثل المراهق واليفاع وشبهه، فهو كالخطأ وكغير ولده، وهو على عاقلته، ولا يقتل واحد منهما. وكذلك إن (كان)(4)أمره بإرحال واحد يغيب عليه دونه، فأما بمحضره وهو يشاهد ذلك إما بإمساك أو بإشلاء أمر بين فهو قاتل. ويقتل أباً كان أو غيره.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال أخبرتني فلانة أن فلاناً زنى بها فأنكرت المرأة أو أقرت، قال: يحد هو بكل حال، أقرت هي أو أنكرت، فإن أقرت حدت للرجل وللزنى، وإن أنكرت لم يكن عليها شيء، وحد المخبر عنها حداً واحداً لها وللرجل. قال ولا يمين عليها.
ومن قال لرجل أشهد لك أن فلاناً زناك، فقيل إن كان ذلك في غير مشاتمة لم يلزم الشاتم حد ولا يمين أنه لم يرد قذفاً، وقيل يحد إلا أن يقيم بينة أن فلاناً أشهده. محمد: والأول أحب إلينا، إلا أن يرى أن ذلك منه على المشاتمة.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط أيضاً من ف.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط كذلك من ص.(1/351)
[14/363]
فيمن قال إن فعل أو من يفعل كذا فهو ابن زانية، وإن كان كذا أو إن لم يكن كذا أو إن لم أكن كذا ( فأنت كذا )(1)
من العتبية(2)من سماع ابن القاسم فيمن قيل له إنك فعلت كذا فيقول من قال إني فعلت كذا فهو ابن زانية، فقال ( له )(3)رجل أنا قلته، فإن قامت له بينة أنه قاله حد له وإلا فلا.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال مالك فيمن قال لآخر على المشاتمة يريد عينة ولا يطعن في نسبه: إن لم أكن أصح منك فأنت ابن زانية، يقول أصح منك في الأمور لا أقارف ما تقارف فإن أقام بينة أنه أصح منه كما ذكر نكل(4)بإذايته له، و إلا حد. قال وإن قال له إن لم أكن أفضل منك فأنت ابن زانية، فالبينة على القاذف.
ومن كتاب ابن سحنون: كتب شجرة لسحنون، فيمن قال لرجل إن كنت خيراً مني فأنت ابن عشرة آلاف زانية، فقال له الآخر إن لم يكن عبدي خيراً منك فأنت ابن عشرة آلاف زانية. فكتب إليه سحنون: أن الذي قال إن كنت خيراً مني فليس مخرجه خيراً مني في الدين، ولكن ينظر، فإن كان هذا عربياً والآخر ليس بعربي أو له آباء عدد(5)في الولاء فهو فوق صاحبه فإن كان هكذا فليحد. وأما القائل عبدي خير منك فليحد ولا يكون العبد خيراً من الحر.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 275-276.
(3) ساقط من ص.
(4) في ص: بطل، وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: أو له أنا وعدد.(1/352)
[14/364]
ومن كتاب ابن المواز [قال](1): وإن قال لرجل يا ذا الذي جده نصراني فقال عن كان جدي نصرانياً فأنت ابن زانية ، فنظر فإذا جده لأمه نصراني ، فليحلف القاذف بالله ما أراد إلا جده لأبيه ، قال محمد : ويؤدب .
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لرجل إن كنت عربياً فأنت ابن الفاعلة ، فطلب المقوف البينة أنه من العرب فلم يجد . قال : يضرب القائل [ذلك](2)سبعين جلدة . قال ابن القاسم : هذا كثير ويضرب أربعين او خمسين .
وكذلك من قال لرجل عن كنت فعلت كذا وإن كان كذا فأنت ابن الفاعلة ، فإن ثبت ذلك الذي قال إنه(3)كذلك حد ، وإن لم يكن ضرب نحو ما ذكرنا .
قال أصبغ عن ابن القاسم : وسأله رجل فقال قال لي فلان(4)لست من العرب ، فقلت : من قال إنى لست من العرب فهو ابن زانية . قال : إن أقمت البينة أنك من العرب حد هو لنفيه إياك ، وضربت انت الحد لأنك قذفته . فقال الرجل لابن القاسم(5): إنما أردت الناس [كافة ولم ارده فقط](6)فقال له أنت تجاوبه وتقول ماأردته(7)لا ينجيك ذلك من الحد ، ولكن صالحة .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط أيضاً من ص .
(3) في ص : قال أنت . وهو تصحيف .
(4) في ف : قال لي رجل .
(5) كذا في ف وهو الأنسب . وعبارة ص : قيل لابن القاسم .
(6) ساقط من ص .
(7) كذا في ف وهو المناسب . وعبارة ص : أنت تماريه بقول ماأردت(1/353)
[14/365]
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون : ومن قال من شهد على فهو [زان](1)ابن زانية ، فشهد عليه رجل ، فعلي قائل ذلك الحد . وكذلك لو قال من دخل المسجد فهو ابن الفاعلة فعليه الحد . ولو قال من رمانى فهو ابن الفاعلة ، فرماه رجل فلا حد عليه ، لأن هذا متعد ، وقاله كله اصبغ .
وقال ابن الماجشون : ومن قال لرجل إن كنت قلت ما ذكرت فأنت ابن الفاعله ، فإن كان له بينة أنه قاله حد ، وإن لم تقم بينة أدب لآنه أرفث(2).
ومن العتبية(3)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن باع لرجل(4)فقال أنا أكرمك كرامة لابنك وكذلك يكرمك كثير من جيرانك ، فقال : من يكرمنى لابني فهو ابن الفاعلة ، فإنه ينظر ، فإن كان أمر بين إنما يكرم لولده حد ، وإلا فلا شئ عليه .
وقال في رجل قال لاخر لأنك في عيال ربيبك ، فقال الآخر أنا أقذفك بالزني إن كنت في عياله ، فإن وجد بينة أنه في عيال زوج أمه [حد](5)وإن لم تكن بينة أدب .
قال ابن الماجشون : من قال لرجل في مشاتمة أحمقنا فهو ابن زانية فلينظر فيه ، فإن كان القاذف أحمق وألآخر أحلم ، فإن قامت بذلك أم القاذف حد لها ، ولا يحد بقيام المقذوف(6). قال : وإن كان المقذوف أحمق منه حد له ، وإن كانا أحلمين وأحدهما احلم من ألاخر ، فأحلمهما محمل ما ذكرنا . وإن لم يفق أحدهما صاحبة بشئ في ذلك فلا شئ على واحد منهما .
***
__________
(1) ساقط من ص
(2) كذا في ف وهو صواب . أرفث بمعنى أفحش . والكلمة مطموسة في ص .
(3) البيان والتحصيل ، 16 : 353 .
(4) كذا في ص . وفي ف : فيمن نازع رجلاً وهو أنسب . وفي العتبية المنقول عنها : كانت بينهما منازعة .
(5) ساقط من ص .
(6) صفحت عبارة ص : ولا يحد هو المقذوف .(1/354)
[14/366]
ومن [كتاب](1)ابن المواز قال مالك : ومن قال لقوم قبل ان يرميه أحد من رمانى منكم فهو ابن زانية ، فرماه أحدهم فلا حد عليه ، ولكن يعذر(2). وكذلك إن قال من لبس ثوبي او ركب دابتى أو غير ذلك مما لا يجوز لأحد أن يفعله إلا بإذنه فهو ابن زانية – يريد فيمن فعله في المستقبل – فلا حد على من يفعله . وغن كان أراد من قد كان فعله [به](3)قبل قوله فإنه يحد إذا ثبتت البينة للفاعل قبل قذفه ، وإن قذفه لمن يفعل مستقبلاً مالا يملك المقذوف منعه منه فإنه يحد .
قيل : فيحد قبل الفعل ؟ قال : أما الأمر العام مثل قوله من دخل الحمام أو المسجد فهو كذا . هذا يحد ولا ينتظر به ، ويحد ساعتئذ ، كان فيما فعل من هذا أو فيما يستقبل . وأما في الأشياء الخواص مثل قوله من لبس ثوب فلان أو ركب دابته ، فهذا لا يحد حتي يفعل ذلك أحد فحينئذ يحد له .
وغذا قيل له فلان وفلان يشهدان عليك في حق حجدته ، قال : من شهد على فهو ابن زانية ، فشهد عليه رجل بذكر حق ، قال مالك : يحد وذكر ابن سحنون عن المغيرة مثله أن عليه الحد .
قال محمد : وهذا كمن قال : من شهد لفلان أم من رماه . قال ومن ذلك إن قيل لرجل إنك فعلت كذا(4)فقال : من قال إنى فعلته فهو ابن زانية ، فقال له رجل أنا قلته فإن قامت له بينة أن قد كان قاله حد له ، وإلا لم يحد . وإن لم يقم له شاهد واحد حلف ولم يحد .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) في ص : يعرض .
(3) ساقط من ص .
(4) معظم هذا السطر ضعيف التصوير في ص لا يقرأ . والنص من ف .(1/355)
[14/367]
باب(1)
جامع القول في العفو عن حد القذف وفي العفو على عوض
والمقذوف يكتب بالقذف كتاباً ليقوم به متي شاء
والمقذوف يقرا ويكذب بينته ويكتب بينة
من كتاب ابن المواز قال مالك : وعفو المقذوف عن القاذف جائز قبل أن يبلغ الإمام ، فإن بلغ الإمام لم يجز عفوه إلا أن يريد ستراً أو يكون ابوه .
قال ابن القاسم في المدونة : وكان مالك يجيز العفو بعد أن يبلغ الإمام كما روي عن عمر بن عبد العزيز ، قال في كتاب ابن المواز : وإن [لم](2)يرد ستراً ، ثم رجع مالك فلم يجزه عند الإمام إلا أن يريد ستراً .
قال ابن المواز : وهذا إذا قذفه في نفسه ، فإن قذف أبويه أو أحدهما وقد مات المقذوع لم يجز العفو فيه بعد بلوغ الإمام ، وقاله مالك .وإذا كان قاذفه جده لأبيه جاز عفوه عنه وإن بلغ(3)الإمام ، قاله ابن القاسم وأشهب(4). وأما جده لأمه فلا يجوز ذلك فيه كالأجنبي . وأما العفو عن الأجنبي قبل بلوغ الإمام فجائزة ، رواه ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم عن مالك .
وروي أشهب عن مالك أنه متي قام به بعد العفو(5)حد له إلا أن يكون أراد ستراً ، وقاله ابن شهاب وذهب إليه ابن وهب . قال اصبغ : وقول
***
__________
(1) انفردت به كذلك ف .
(2) ساقط من ص .
(3) في ص : وإن كان بلغ . وهو إقحام .
(4) في ص : قال أشهب .
(5) كذا في ف ، وهو أنسب . وعبارة ص : متى ما قام بعد العفو .(1/356)
[14/368]
ابن القاسم [وهو](1)قول مالك أحب إلينا ، وهو قول الناس أن عفوه قبل يبلغ الإمام يسقط عنه الحد .
قال النبي [لصفوان](2)فهلا قبل ان تأتينى به(3). وقال : تعافوا عن الحدود فيما بينكم فما بلغ من حد فقد وجب(4)رواه ابن وهب وقال : ومعنى قوله فى جواز العفو عند الإمام إذا أراد ستراً ، قال مالك : مثل أن يكون شرب الحد قديماً فيخاف أن يظهر ذلك عليه الآن . فأما إن عمل شيئاً لم يعلمه أحد إلا نفسه فلا يجوز عفوه عند الإمام في القذف ولا في غيره إلا في الدم . قال ابن حبيب قال أصبغ : معنى قوله في عفو المقذوف في نفسه أو في أبوية عند الإمام إلاأن يريد ستراً ، فإنه عن قال اردت ستراً لم يقبل مه ويكشف عن ذلك الإمام ، فإن خاف أن يثبت عليه ذلك أجاز عفوه ، وإلا لم يجزه وإن زعم أنه يريد ستراً [وقاله ابن القاسم عن مالك . وأما في الأب فجائز عفوه عنه وإن لم يرد ستراً ](5)، وقاله مالك . وقال أصبغ : لا يحد له أصلا .
ومن قول مالك أن الأب لا يحد في التعويض ، وقال ابن الماجشون في الجنبي ، وقول مالك إذا أراد قال يعنى إذا كان مثله يفعل ذلك جاز عفوه ولا يكلف أن يقول اردت ستراً لأن [قول ذلك عار ، فأما العفيف الفاصل فلا يجوز عفوه . قال ابن الماجشون ](6)عفو الابن عن ابيه وعفو الوالد عن ولده جائز وإن لم يرد ستراً .
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) ساقط من ف .
(3) تقدم تخريجة . وهو في كتاب الحدود من الموطأ عن صفوان بن عبد الله بن صفوان . وكتب نص الحديث هنا في ص مصحفاً .
(4) في سنن أبي داود والنسائي .
(5) ما بين معقوفتن ساقط من ص .
(6) ما بين معقوفتين ساقط أيضا من ص .(1/357)
[14/369]
[ومن كتاب ابن المواز ](1)ومن أقام بينة على قاذفة عند الإمام ثم أكذبهم نفسه ، قال : لا يقبل منه ويحد ولأنه كالعفو .
قال ابن حبيب عن أصبغ في القاذف إذا هم الإمام بضربه فأقر المقذوف على نفسه الزني وصدقه ، فإن ثبت على إقراره حد للزني ولم يحد للقذف ، وإن رجع إقراره لم يحد ، وحد القاذف .
وقال ابن الماجشون : إذا رجعت عن اقراره [ حد للزني ولم يحد القاذف . وإن رجع عن إقراره ](2)بتوريك(3)درئ عنه الحد بتوريكه ، ودرئ عن القاذف الحد بإقراره . قال ابن حبيب :وهو أحب إلي [ ما لم يستبن](4)أنه أراد بإقراره إسقاط الحد عن القاذف فيبطل إقراره .وذكر ابن المواز عن ابن الماجشون ما ذكر عنه ابن حبيب في إقرار المقذوف ورجوعه وقال : إن جاء بعذر .
قال ابن المواز قال مالك في رجلين وقع بينهما مشاتمة ثم لقي احدهما رجلا فقال له : إن فلاناً المخنث يشتمنى فبلغة فطالبة فسئل فعفا عنه وأشهد ، ثم بدا له فليس له ذلك ، والعفو في مثل هذا أمثل .
قال أصبغ : ف‘ن شرط متي ما أردت أن اقوم عليه قمت ، قال ذلك له [فإن قام نظر فيه ، فإن ](5)، كان مما له فيه الأذي البين أخذ به ، وإلا ترك . وذكر ابن حبيب عن اصبغ أن له أن يكتب عليه كتابا متى ما اراد قام به(6)قال : وقاله مالك . [قال اصبغ](7)فلو طلب ذلك بعد أن بلغ الإمام
***
__________
(1) ساقط كذلك من ص .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) تقدم أن التوريك في المين نية ينويها الحالف غير ما نواه مستحلفة .
(4) ساقط من ص
(5) ساقط أيضا من ص .
(6) كذا في ف وهو المناسب . وعبارة ص محرفة : سمتي قال أنه أم به .
(7) زيادة في ف .(1/358)
[14/370]
فليس له ذلك . قال ابن القاسم : وهذا يشبه العفو . قال : وإن حلف ألا يدع حقه فأراد أن يكتب عليه كتاباً قال : يحنث .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : وللمقذوف أن يكتب بذلك كتاباً ليقوم به متى شاء ، وإنى لأكرهه ، وما هو من عمل الناس .
ومن العتبية(1)روي اشهب عن مالك في القاذف يعطي مائة دينار للمقذوف على أن عارفاه من الحد قال : لا يجوز ذلك وعليه الحد .
قال : وإذا رأي الإمام رجلاً على حد من حدود الله وسمعه يقذف رجلاً ؟ قال : يرفعه إلي من هو فوقه [ويكون شاهداً ويجوز العفو فيه قبل أن يربع إلي من هو فوقه ](2)
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : وأما التعزيز [فالشفاعة](3)فيه جائزة بعد بلوغ الإمام . قال اشهب : أما إلي الإمام فذلك ظلم وإثم وأما الذي له الحق فلا [باس به وأرجو أجره عليه ،إلا أن يكون الذي عليه ذلك سفيهاً معاوداً مثل هذا فلا ](4)أحب لأحد أن يشفع له . ولو فعل لم اره ضيقا .
وفي باب قذف الجماعة شئ من ذكر العفو .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 289 و 294
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) ساقط من ص .
(4) ما بين معقوفتين من ص .(1/359)
[14/371]
باب(1)
في شتم الأقارب بعضهم بعضا
بأمر دون الحد
ومن العتبية(2)من سماع ابن القاسم في كتاب ابن المواز قال مالك فيمن شتمه عمه أو جده أو خاله فلا شئ عليهم في هذا إذا كان على وجه الأدب . وكأنه لم ير الأخ مثله إذا شتمه .
قال ابن القاسم : وأما الفرية فيحدون له كلهم إن طلب ذلك . وذكره عنه أصبغ في كتاب محمد وزاد : وكذلك أبوه يضرب له الحد إن قذفه وقام به ، ثم لا تقبل شهادة الولد في شئ ، لأن الله سبحانه نهي عن أن يقول لهما اف ، وهذا يضرب ظهره . وقد ذكرنا ما روي ابن حبيب عن اصبغ أنه لا يحد الأب لولده أصلا . قال مالك : وله العفو عن أبيه عند الإمام .
وقال [مالك](3)فيمن نازع(4)ولده فقال أشهدكم أنه ليس بولدى ، فطلب الإمام أو ولدها من غيره حدها وقد كان فارقها ونكحت غيره وعفا ولده . قال : يحلف ما أراد قذفاً وما قاله إلا على وجه أن لو كانوا ولدي لم يعصونى فيما صنعوا ثم لا شئ عليه إن حلف .
***
__________
(1) في ف وحدها وسيتكرر فلا ننبه عليه .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 269 .
(3) ساقط من ف .
(4) في ص : باع . وهو تصحيف .(1/360)
[14/372]
باب
في التداعي في القذف وغيره من الحدود واليمين فيه
ومن أقام فيه شاهداً والقاذف يقيم بينة أن المقذوف حد
او على إقراره أو اختلف في رقه وحريته
من كتاب ابن المواز ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم : وعمن ادعي على رجل أنه قذفه ولا بينه له أيحلف ؟ قال لا يمين في ذلك ،فإن اقام شاهداً أحلف له ، فإن نكل سجن أبداً حتي يحلف ، وقاله ابن القاسم .
قال محمد : ولم يختلف أصحاب مالك أنه يحبس ابدا حتي يحلف وقاله ابن القاسم .
قال محمد : ولم يختلف أصحاب مالك أنه يحبس أبداً حتي يلحف قال أصبغ عن ابن القاسم : فإن طال سجنه خلي . قال في كتاب محمد والطول فيه سنة .
ومن العتبية(2)قيل فإذا خلي من السجن أيؤدب ؟ فوقف ، وكذلك في كتاب محمد .
قال اصبغ في الكتابين : يودب إذا خلي إن كان يعرف بأذي الناس والفحش ، وإلا فأدبه حبسه ، ولا يؤدب المستوجب للأدب إلا بعد الإياس من يمينه .
ومن سماع ابن القاسم : سئل مالك عن معني حديث على إن لم يأت بأربعة فليقض برمته(3)في البكر والثيب إذا جاء بأربعة ترك ؟ قال : لم اسمع في هذا شيئاً ، إنما اريد بهذا موضع الشهادة للبراءة له .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 270 : 271 .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 339 .
(3) تقدم التعليق عليه .(1/361)
[14/373]
قال في كتاب محمد وقال ابن القاسم : إذا أقام أربعة أربعة برؤية الزني ترك في البكر والثيب ، وهو معنى الحديث . وروي اصبغ عن ابن القاسم قال في كتاب ابن المواز : أنه بلغه عن مالك فيمن قذف رجلاً فأقام شاهدين أنهما رأياه يجلد الحد في الزني ، قال في كتاب محمد : انهما رأيا فلاناً الوالى يحده في الزني بشهادة أربعة فلا ينفعه ذلك ، وليحد هو والشاهدان . ولو جاء بأربعة شهدوا أنهم رأوه يجلد في الزني فلا حد عليه وهذا مجتمع عليه .
قال عنه أبو زيد : وكذلك إن قال يا محدود في زني ، فإن لم يأت بأربعة على حد الإمام له فليحد القاذف .
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : وكذلك الأمة تعتق فيقيم عليها قاذفها أربعة يشهدون أن سيدها أقام عليها الحد في الزني فيزول عنه الحد . ولو لم يقم بذلك إلا شاهدان أو ثلاثة يحد هو والشهود .
قال عبد الملك : وكذلك إن اقام أربعة يشهدون أن سيده باعه إن كان عبداً وتبرأ من زناه فيزول بذلك الحد عن القاذف ، فإن كانوا في هذا أقل من أربعة لم يحدوا هم حد القذف لنهم لم يشهدوا على رؤية زني ولا أخفوه عليه وأتوا على معنى الشهادة ، وليحد القاذف .
قال ابن المواز : وإذا كتب قاض إلي قاض في الزني أن أربعة شهدوا عندى على فلان بالزني ولم يشهد على كتاب القاضي إلا رجلان أن ذلك يمضي وينفذ ما فيه رجم وحد أو قطع أو قتل .
وفي كتاب الرجم باب في مثل هذا من الشهادة على الشهادة أو على الحكم في الزنى مستوعب .
وليحضر لحد الزنى أربعة أقل ذلك ليكون ذلك مخرجاً لمن رماه بالزنى بعد اليوم ، وغن لم يكن الذي يحضرهم ممن يعرف أصل ذلك ولا حقيقته .
***(1/362)
[14/374]
ومن كتاب ابن المواز في الذي يدعي أن فلاناً سرق له متاعاً ، قال ابن القاسم : إن كان يعرف بذلك او يتهم امتحن وهدد ، ولا يعرض لغير المتهم . واما إن كان من أهل الفضل والدين أدب له المدعي أدبا وجيعاً .
وقال اشهب : لا يمين في شئ من هذا ولا أدب على المدي أصلا ، إلا أن يتهم أن يريد عيبة وشتمه فينطر في المدعي عليه فإن كان من أهل التهم حبس ولا يمين [فيه](1).
ابن وهب قال مالك : إذا قال سرق مني في مشاتمة نكل ، وإن كان في غير مشاتمة لم ينكل . قال : ومن رفع شهادته إلي وال أن فلاناً سرق أو شرب فرد شهادته فطلب فلان أن يعاقب له : قال : لا شئء عليه .
قال اشهب : إلا أن يعلم أن ذلك منه على المشاتمة . وأما لو رفع شهادته عليه بالزني فإنه يحد إلا أن يأتى بأربعة سواه ويكونوا حضوراً أو قريبة غيبتهم ويتوثق منه . فإن كانوا على بعد لم يؤخر ن وحد الشاهد للقذف إن قام به المشهود عليه ، كان في مشاتمة أو غيرها .
قال ابن القاسم : ومن شهد أن هذا سرق [متاع](2)فلان أنه يحلف الطالب ويأخذها ، وإن لم يكن له طالب فإن كان الشاهد غير عدل عوقب ولا يعاقب العدل .
قال محمد : ومن سمع رجلاً يقذف رجلاً ، فإن كان وحده فهو في سعه أن لا يشهد(3). وقال مالك : إن كان معه غيره فليعلم(4)المقذوف . وقاله ابن القاسم وأشهب . قال مالك : وإن كان وحده فلا يفعل لأن الناس فسدوا .
***
__________
(2) ساقط من ص .
(3) ساقط من ص .
(4) في ص : ألا أن يشهد . وهو تصحيف . في ص : فلم يعلم .(1/363)
[14/375]
وقال ابن وهب عن مالك فيمن قذف رجلاً عند قوم فاستكتمهم وقال المجالس أمانه ، فبلغ المقذوف الشهادة ، قال : عليهم أن يشهدوا وكذلك في إقراره بالحق له واستكتمتهم .
ومن قال لرجل أخبرت أنك زان أنه يحد ، قيل : فإن جاء القاذف بشاهدين أن هذا أقر على نفسه بالزني ، قال ابن القاسم وعبد الملك : لا حد على القاذف وقال أشهب الحد ثابت عليه قال محمد : لانه لو اقر رجل عند الإمام بالزني فلما أراد أن يقيم الحد [عليه](1)رجع المقر فتركه ثم قذف إنه يحد قاذفه .
قال محمد : وأحب إلي إن كانت الشهادة بإقراره على نفسه بعد أن قذف فلا حد على قاذفه ، وإن كان قاذفه أحد بعد رجوعه فليحد قاذفه .
قال أشهب : لا حد على الشاهدين على إقرار الرجل بالزني لأن مخرج ذلك على وجه الشهادة ولم يشهدا أنه فعل . والذي قال أصبغ أنهما يحدان شئ(2)انفرد به ، وقد خالفه الناس .
وروي ابن وهب أن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت لما كان قاضيا على المدينة خوصم إليه في امرأة قذفت امرأة عذراء وقالت أرسل إليها من ينظرها فإن كانت عذراء فاجلدنى ، فسأل عن ذلك فقال : عليها الحد ولا يكشف النساء في هذا .
ومن [كتاب ](3)ابن المواز : ومن قال لرجل يا ابن الزانية ، فقام المقذوف ، فقال القاذف : إن أمه نصرانية أو أمة . قال : يحد إلا أن يقيم ببينة أن أمه كما ذكرنا ، ولابينة على المقذوف ، فهي على القاذف . وقاله ابن القاسم
***
__________
(1) ساقط من ص .
(2) صفحت عبارة ص هكذا : أنهما يحدا بشئ .
(3) ساقط من ص .(1/364)
[14/376]
قال محمد : وذلك إذ كانت ميته ، فإن كانت باقية طلب منه توكيلها له .
وفي باب قذف [الصغير والكافر ذكر من قذف ](1)عربيا مجهولاً
جامع ما يجب فيه التعزيز من صنوف الشتم
من كتاب ابن المواز : روي ابن وهب أن علي بن أبي طالب وابن ا لمسيب وعمر بن عبد العزيز دعوا(2)وابن سالم وسليمان بن أبي حبيب [المحاربي](3)وابن منسيط (كذا) وابن شهاب وغيرهم أنهم قالوا : من قال لرجل يا فاسق يا كافر يا خبيث يا شارب الخمر يا محدود في الفرية ولم يقل في الزني ، فلا حد عليه في شئ من ذلك ولكن يعاقب بإيذائة أخاه المسلم .
وقال في القائل : ياشارب الخمر ياسارق يافاسق ففيه الأدب . قال محمد : وأدبه على قدر ما يعرف به القائل من كثرة اذاته وشتمه بعد (كذا) وبقدر حال المقال له ذلك . وكذلك إن قال يا مجلود الحد في الخمر أو في الفرية أو يابن المحدود فيهما ، لم يحد . قال محمد : وإن كان في ذلك كاذبا ، ويؤدب وإن كان صادقاً .
وإن قال يا محدود في الزنى حد إلا أن ياتى بأربعة شهداء سواه يشهدون أنه حد في الزنا . سوإن قال يا محدود أو يابن المحدود فقط مبهما
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ايضاً من ص .
(2) كلمة مطموسة .
(3) زيادة في ف .(1/365)
[14/377]
حلف أنه لم يرد قذفاً ثم نكل بقدر أذاته ولا حد عليه ،وقاله اصبغ . فإن نكل حد ثمانين ، لأن نكوله كالاقرار .
ومن كتاب ابن المواز ،وهو في سماع أشهب من العتبية(1): ومن قال لرجل يا كلب ، فذلك يختلف ، فإن قيل ذلك للابن الشرف في الدين والإسلام والفضل والهيئة ، فليس العقوبة فيه كالعقوبة إن قال ذلك لدنئ .
قال مالك : وإن قال لرجل كذبت وأثمت(2)فإن قاله لرجل من سراة الناس فليعزر بالسوط ، وهو أشد من قوله يا شحيح ، والكذب خبيث . قال مالك : وذلك يختلف ، أما إن قاله لمن يخاصمه فيقول له في منازعته كذبت وأثمت فهو مخالف لمن يكذب من لا خصومة بينة وبينه . مالك : وذلك يختلف ، أما إن قاله لمن يخاصمة فيقول فيقول له في منازعته كذبت وأثمت فهو مخالف لمن يكذب من لا خصومة بينةوبينه . مالك : ومن قال لرجل إنك لشحيح بخيل فلا أدب في ذلك ، ولكن ينهى عنه .
ومن العتبية(3)من سماع سحنون قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال لرجل يا بن الجافي(4)إنه يعاقب ، وإن قال يا ابن الجافي والجافية عوقب وزيد في عقوبته لأمه .
ومن كتاب ابن المواز ، وهو في العتبية(5)رواية أبي زيد عمن قال لرجل يا مرائي ، زاد في كتاب ابن المواز : [يا خائن ، قال في العتبية قال ابن القاسم ،وقال في كتاب ابن المواز ](6)قال مالك : إن قاله لأحد من اهل الصلاح عوقب ،وإن كان من أهل السفه ممن لا يبالى ما قيل له عوقب بقدر ذلك ، والناس على قدر منازلهم .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 301 . 302 .
(2) في ص : وأثبت . وهو تصحيف .
(3) البيان والتحصيل . 16 : 332 .
(4) في ص : الحافي – بالحاء المهملة – وهو تصحيف . وسيتكرر .
(5) البيان والتحصيل ، 16 : 353 – 354 .
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/366)
[14/378]
قال ابن القاسم في العتبية(1): أرأيت من قال هذا لليث ومن قاله لى اتكون عقوبتهما سواء ؟ ومن الناس من لو قيل له لكان [له](2)أهلاً .
ومن قال لرجل يا ساقط حلف ما أراد قذفاً وأدب ، إلا أن يكون ساقطاً يتبع الولائم وشبهه .
وروي عنه أصبغ عن مالك فيمن قال لمولي يا ساقط أنه يحد . قيل لابن القاسم فإن نحا إلي أمر يريده ؟ قال :أما أنا فأري أن يحلف ما أراد نفيع . قال عنه عيسي وابن المواز فيمن قال لرجل يا سارق قال يضرب خمسة عشر سوطاً أو نحوها . قال في كتاب ابن المواز : إذا قاله لمن له الحال(3)والمروءة والقائل من أهل الإيذاء
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن قال لرجل في منازعة لأجلدنك حدين فليحلف ما أراد الفرية ، فإن حلف أدب . ومن قال لرجل خرجت من اليمين طريداً أو عبداً(4)فليحبس ولا شئ فيه غيره .
فيمن له القيام بحد المقذوف من أولياء الميت
ومن قام بقذف الغائب
من كتاب ابن المواز : ومن قال عند الإمام سمعت فلاناً يقذف فلاناً فليس على الإمام حده ولا يرسل إلي المقذوف ولا يعلمه .
***
__________
(1) البيان والتحصيل . 16 : 354 .
(2) ساقط من ص .
(3) في ص : المال .
(4) كذا في ص . وعبارة ف : فريداً وحيداً .(1/367)
[14/379]
قال مالك : ومن قذف ثم مات قبل يقوم به ، فإن قام بنوره به فلهم أن يحدوه ، وكذلك لو أقام سنة أو أكثر منها ثم مات إن لم حفظ عن الميت ذكر عفو ، ولا قيام بذلك لأولياءه ، فإن لم يكن له أولياء سقط الحد ، ولا يقوم به وصية ، إلا أن يوصي به فيقول قم بحدى فليقم به .
قال ابن القاسم : وإن ترك ولداً وولد واباً وجداً لب فهم سواء ومن قام منهم فله أن يحده وإن كان غيره أقرب من هؤلاء . فأما إخوة أو بنات أو جدات أو غير من سمينا فلا قيام له بحد الميت ، غلا أن يوصي به .
قال اشهب : إذا كان [ثم ولد وولد ولد واب](1)فلا يقوم إلا الأقرب [فالأقرب](2)، ولا قيام لغيره ، ولا قيام للابن الابن مع الابن ولا عفو ، ثم ابن الابن بعده ، ثم الأب بعدهما ، ثم الأخ بعده ، ثم الجد بعد الأخ ، ثم العم بعد الجد . وكذلك قراباته من النساء الأقرب فالأقرب . وأما الزوجة وبنت البنت فلا حق لهن .
وأما إن أقيم بذلك بعد طول زمان فإن كان المقذوف نفسه فله ذلك إن حلف ، وأما إن مات(3)بعد طول زمان فلا حق لأوليائه ، وإنما يكون ذلك لهم إن مات قبل طول الزمان فذلك لهم وإن طال الزمان بهم . وذلك أنه لو كان حيا وقام بعد طول الزمان حلف ما سكت تاركاً(4)فإذا مات لم يكن لهم ذلك .
وقال اشهب : ذلك للأولياء وإن طال الزمان قبل موته ، لأنه لو عفا ثم قام كان ذلك له . هذا مذهب أشهب . قال وإذا غاب المقذوف غيبة بعيدة فليس لولده ولا لغيره من أوليائة القيام به ، وقد قيل لولده القيام في الغيبة
***
__________
(1) ساقط من ف .
(2) ساقط من ص .
(3) في ص : إن طال . وهو تصحيف .
(4) في ص : ما سكت بري . وهو تصحيف أيضاً .(1/368)
[14/380]
البعيدة ، ويحد لهم . وليس ذلك لهم في الغيبة القريبة ، وكوتب المقذوف . وقال ابن القاسم : لا يقوم بذلك ولا غيره وإن طالت الغيبة ، وقاله أصبغ .
وذكر ابن حبيب عن اصبغ عن ابن القاسم : لا يقوم للغائب أحد من أقربائة إلا الولد في ابيه أو في أمه ، ولو ان السلطان سمعه مع شاهدين عدلين حده وإن كان المقذوف غائباً .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ولو سمعه رجلان فرفعا ذلك إلي الإمام فلا ينظر في ذلك ولا يحده ، وقاله ابن القاسم .
فيمن قذف جماعة
وكيف إن قذف آخر وهو يجلد
ومن قذف واحدا من جماعة لم يعينه
وكيف ان عفا عنه أحدهم
من غير كتاب قال مالك واصحابه فيمن قذف جماعة مفترقين أو مجتمعين فحد لهم أو لواحد منهم ، فذلك لكل قذف تقدم ، قام طالبوه او لم يقوموا ، إلا المغيرة فقال : إن قاموا جماعة فحدوا حد لجميعهم ، وإن قاموا مفترقين حد لكل واحد .
قال عيسي في العتبية(1)عن ابن القاسم فيمن قذف قوماً فلم يقم به حتي شرب الخمر فجلد فيه ، قال : فذلك لكل ما تقدم من قذف أو شرب خمر ، كأنه يريد لأنه من حد القذف مستخرج .
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 313 .(1/369)
[14/381]
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال لجماعة أحدكم زان أو ابن زانية فلا يحد ، إذا لا يعرف من أراد ، وإن قام به جماعتهم فقد قيل لا حد عليه . ولو قام به أحدهم فادعي أنه أراده لم يقبل منه إلا بالبيان أنه أراده . ولو عرف من أراد لم يكن للإمام أن يحده له إلا بقيامة عليه . ومن قذف مجهولاً(1)فلا حد عليه .
ومن العتبية(2)رواية عيسي وكتاب ان حبيب من رواية أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لرجل يا زوج الزانية ، وتحته امرأتان ، فعفت واحدة وقامت الأخري تطلب ، فليحلف ما أراد إلا التى عفت ويبرأ ، فإن نكل حد .
ومن كتاب ابن المواز عن الذي يجلد في القذف فيقذف وهو يجلد رجلاً أخر أو المقذوف نفسه. قال مالك : فإن لم يمض من الجلد إلا يسيره اجزأة تمام هذا الحد للقذفين ، لا يستاذنف ، وإن كان إنما بقي أيسر الحد أتم الحد واستؤنف للمقذوف الثانى حد أخر ، لأنه إذا لم يبق غلا السوطان والثلاثة ، ف:انه قذفه بعد تما الحد . وكذلك إذا مضي منه مثل ذلك فكأنه قذف ثانيا قبل أن يجلد شيئاً .
قال أشهب : والعشرة الأسواط في ذلك عندي قليل . وقد سمعت الليث يذكر عن ريبعة أنه إذا جلد من الحد الأول شيئ اً ثم قذف ثانية أنه يستأنف من حين قذف الثانية ، وقاله ابن القاسم .
قال محمد : وهو أحب إلينا أن يؤتنف به في كل شئ إذا لم يبق إلا أيسره مثل العشرة والخمسة عشر فليتم الحد ثم يؤتنف الحد الثانى . قال أشهب : وإن ضرب مثل نصف الحد أو أكثر أوأكثر أو اقل قليلا فليوتنق [من](3)حينئذ الحد .
***
__________
(1) في ف : من لا يعرف .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 315 .
(3) ساقط من ف .(1/370)
[14/382]
وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون نحو ما تقدم . قال : إن مضي مثل السوط الأسواط اليسيرة تمادى وأجزأه لهما ، وإن مضي مثل الثلاثين والأربعين ونحوها ابتدى لهما ، وإن بقي مثل سوط أو أسواط أتم وابتدأ حد ثانياً
ومن كتاب ابن المواز وقال ابن شهاب : وإذا حد له ثم قذفه ، فكلما فرغ من الجلد قذفه فإنه يؤتنف له الحد ابداً .
قال محمد : ولو قال بعد أن حد(1)له والله ما كذبت عليه ، أو قال صدقت عليه ، لحد ثانية ، لأنه قذف مؤتنف .
وقال ابن القاسم وعبد الملك وأصبغ نحوه في الزوج ينكل عن اللعان في قذف زوجته فيحد ثم يقول مثل هذا إنه قذف ثان ، وكذلك إن قذف نساءه فتقوم إحداهم فيضرب لها ، ثم قالت الأخري : أتقذفنى ؟ فقال : ما كذبت عليك ، وإنه يحد لها إن لم يلاعن ، وإن كانت في غير عصمته حد لها .
وقال فيمن لاعن امرأته ثم قا لها بعد ذلك يا زانية إنه يحد وبلغنا ذلك عن ابن شهاب . قال محمد : ولم يعجبنا .
وفي باب قبل هذا ذكر من يجتمع عليه حدان أو حد ونكال .
ومن كتاب ابن المواز : ومن جلد في الزني مائة جلدة ثم ثبت أنه محصن فإنه يرجم ولا يجزه الجلد . وروي أن النبي صلي الله عليه وسلم فعل ذلك .
***
__________
(1) في ص : جلد(1/371)
[14/383]
اختلاف البينة في القذف وشهادة ولد الزني فيه
وشهادة القاذف إذا تاب في كل شئ
وهذا الباب في كتاب الشهادات ومنه مكرر في كتاب السرقة
وفي غير كتاب من كتاب ابن المواز : ومن ادعي على رجل أنه قذفه فأقام عليه شاهداً أنه رماه [في شهر رمضان](1)أو قال له لست من بنى فلان ، وشاهداً [آخر](2)أنه قال له ذلك في شهر شوال ، قال مالك : شهادتهما جائزة ، ويحد المشهود عليه .
قال : وشهادة ولد الزني تجوز في كل شئ إن كان عدلاً إلا في نفي رجل من نسبه(3)أو يشهد على الزني يكون رابع أربعة ، قال : فيحد هو وهم . وقال عبد العزيز بن ابي سلمة : لا يحد هو ولا هم لأنه يشهد يظن أنه سيقبل . قال : ولو كان رابعهم عبداً لحد وحدواً .
قال محمد : والقاذف لا يخرجة من الحد إلا إقامة أربعة شهداء يشهدون بما ثبت به الزانى ، لقول الله عز وجل [والذين يرمون المحصنات] إلي قوله (إلا الذين تابوا)(4). قال ابن شهاب ومالك : فإذا تاب قبلت شهادته(5). قالا : والإحصان في هذه الىية للحرائر المسلمات ، وفي الآية الأخري إحصان نكاح .
قال وقال غيرهما وهو قول مالك : إذا رمي محصناً بالحرية والإسلام والعفاف حد ، لأن ذلك كله يسمى إحصاناً . ولو انخرم صنف من هذه لم يحد .
***
__________
(1) ساقط من ص
(2) ساقط من ف .
(3) في ص : من حسبه .
(4) الآيتان 4 و 5 من سورة النور .
(5) صفحت عبارة ص : إذا تاب قبل شهادتهم .(1/372)
[14/384]
قال مالك : ولا أعرف من قول الإمام لمن يجلد في القذف إن تبت قبلت شهادتك ، ولا ينفعه إن قال تبت ، ولا يضره إن لم يتب ، ولكن إذا تاب قبلت شهادته إذا عرف بالخير والتزيد فيه . قال مالك : وشهادة القاذف قائمة حتي [يحد](1)وإن كتب عليه كتاباً .
الترغيب في إقامة الحدود
قال ابن حبيب : كان مالك إذا سئل عن شئ من الحدود أسرع الجواب وساس به وأظهر السرور بإقامة الحد ، وقال : بلغنى أنه يقال لحد يقام بارض خير لها من مطر أربعين صباحاً .
... تم كتاب القذف
***
__________
(1) ساقط من ص .
5) لا يوجد كتاب القطع في السرقة في مخطوط القرووين بفاس ، وإنما يأتى فيه كتاب المحاربين مباشرة بعد كتاب القذف . ويوجد كتاب قطع السرقة في قطعة مخطوط عتيق من القيروان (ق) تصعب قراءة صورتها . وهي الوحيدة التى نستعملها لمقابلة مخطوط الصادقية (ص) طوال هذا الباب
13- النوادر والزيادات 14(1/373)
[14/385]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله علي محمد خاتم النبيين
كتاب القطع في السرقة(1)
حد ما فيه القطع من السرقة وكيف تقوم السرقة
ومن سرق شيئاً بعد شئ في فور واحد أو سرق من حزرين او سرق عصي مفضضة
قال مالك في غير موضع : أقل ما فيه القطع في السرقة من الذهب ربع دينار ،ومن الفضة ثلاثة دراهم لا تقويم فيها(2).
قال ابن المواز : لا ينظر فيهما إلي قيمتهما ولا إلي صرفهما ، كان ذلك دنيئا أو جيداً ، نقرة كان ذلك أو [تبرأ] من ذهب العمل – يريد وفضته – وتقوم ما سرق من غير العين ، ولا يقوم إلا بالدراهم ، فما بلغت قيمته ثلاثة دراهم ففيه القطع ، كان ذلك سدس دينار في الصرف أو أقل ، وغن لم تكن فيمة السرقة ثلاثة دراهم لم يقطع وإن كان ذلك في الصرف ربع دينار .
***
__________
(2) كذا في ق وهو الأنسب . وعبارة ص : لا يقوم فبهما .(1/374)
[14/386]
قال مالك : وكان الصرف حين قطع النبي في المجن(1)اثني عشر درهما بدينار ، فلا ينظر إلي ما زاد بعد ذلك أو نقص(2).
قال عيسي بن دينار : ولا قيمة في جل(3)ذهب أو فضة ويظر إلي وزنه ، فإن بلغ دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة قطع .
ومن العتبية(4)روي عيسي عن ابن القاسم : فيمن سرق تبرأ وزنه ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة قال : ففيه القطع وإن لم يجز بجواز العين(5).
قال فيه وفي كتاب ابن المواز : وإن سرق ثلاثة دراهم ينقص كل درهم نحو خروبة أو ثلاث حبات وهي تجوز بجواز الوازنة فلا قطع فيها حتي تكون قائمة الوزن . قال محمد عن أصبغ : وأما مثل حبتين من كل درهم فإنه يقطع .
قال ابن المواز قال مالك : وأحسب الأمر الحبة التى قطع فيها القطع الجائزة بين الناس إذا سرق منها ثلاثة دراهم ، وأن تكون مقطوعة أو قراضات فضة جائزة دون ثلاثة دراهم فضة نقرة أو هي مكسورة أو مصوغ وزن ثلاثة دراهم ففيه القطع(6).
***
__________
(1) المجن : ما يستر به
(2) انظر الموطأ ، باب ما يجب فيه القطع .
(3) كذا في ص . وهي مطموسة في ق .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 229 .
(5) كذا في ق وهو الأنسب . وصفحت عبارة ص : وإن لم يحز تجوز العين .
(6) هذه الفقرة منقوله كما هي في ص ، وفيها تصحيف ولا شك ولكن لم تمكن مقابلتها لأنها مطموسة في ق .(1/375)
[14/387]
قال ابن حبيب قال أصبغ : ومن سرق ليلاً عصي مفضضة وفيها ظاهرة فيها أكثر من ثلاثة دراهم ولم ير الفضة في الليل فإن رئ(1)أنه لم يبصر الفضة لم يقطع ويصير كما لو كانت الفضة في داخلها .
قال مالك في العتبية(2)من رواية عيسي عن اين القاسم : ولا يقوم(3)السرقة رجل ولكن رجلان عدلان ، وكذلك كل ما يحتاج الإمام إلي تقويمه . وكذلك في عتق الشقص وغيره . وإذا اجتمع عدلان على قيمة يجب بها القطع لم ينظر إلي من خالفهما . وقال أيضاً : إذا أحضر الإمام أربعة فاجتمع رجلان على قيمة ورجلان على قيمة نظر القاضي إلي أقرب القيمتين إلي السداد .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : وإنما ينظر إلي قيمتها يوم السرقة لا يوم القطع ، وإن اختلفوا أخذ بقول من قال قيمتها ثلاثة دراهم إذا كانا عدلين . قال أشهب : كما لو شهدا له بثلاثة(4)وآخران بدرهمين من غير قضاء علماه فإنه يقضي له بثلاثة .
وروي أشهب عن مالك فيمن سرق مالا قطع فيه فلم يعلم به حتي سرق ما يكون مع الأول القطع ، فلا قطع في عليه(5)حتي يسرق في مرة واحدة ما فيه القطع .
ولو سرق قمحاً من بيت فكان ينقل منه قليلاً [قليلا](6)حتي اجتمع ما فيه القطع في سرقة واحدة فهذا عليه القطع .
***
__________
(1) كذا في ق وهو الأنسب , وهو ص : وإن رأي .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 234 .
(3) كذا في ق وفي ص : ولا يقيم .
(4) كذا في ق مع تضبيب . وفي ص : شهدا له بها . وهي مصحفة ولاشك .
(5) صفحت عبارة ص : فلا يقطع عليه .
(6) ساقطة من ص .(1/376)
[14/388]
وروي ابو زيد عن ابن القاسم في السارق يدخل البيت عشر مرات في الليلة فيخرج في كل مرة بدرهم أو درهمين فإنه لا يقطع حتي يخرج في مرة بما فيه من القيمة ثلاثة دراهم .
وقال سحنون في موضع آخر : إذا كان في فور واحد قطع ، وهذا طلب فيه الحيلة . [وقول ابن القاسم أحسن ](1)
ومن كتاب ابن المواز : ومن سرق من حزرين قدر ربع دينار ، قال عبد الملك : لا يقطع حتى يسرق من حرز واحد إن كان ذلك لرجلين .
قال محمد : ولو كان لرجل حانوتان في دار فسرق من كل حانوت درهما ونصفاً ، فإن كانت [دارا](2)مشتركة لم يقطع ، خرج بذلك من الدار قطع ،وإن أخذ فيها لم يقطع .
[وروي عن مالك في غرائر بالسوق مجتمعه للبيع ، فيسرق رجل من كل غرارة شيئاً حتى اجتمع له ما يقطع في مثله ، أنه لا يقطع حتى يسرق من اى غرارة ما يجب فيه القطع ، لأن كل غرارة حرز لما فيها ، شاور فيها الأمير من أحضر من العلماء فأفتوا فيها أن عليه القطع وأقتى مالك بما ذكرنا ، فرجعوا إليه ، وكان أول من رجع إليه ربيعة ](3)
***
__________
(1) ساقط من ق .
(2) ساقط من ص .
(3) هذه الفقرة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة كلها من ق .(1/377)
[14/389]
في الجماعة يشتركون في السرقة أو يتعاونون عليها
وسرقة الشريك من شريكة أو من المغنم
وفي السارق يرمي بالسرقة من الحزر
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : وإذا اجتمع قوم ليسرقوا(1)فاخرج كل واحد شيئاً في يده من الحرز ، فلا قطع إلا علي من خرج بما يسوي ثلاثة دراهم . ولو حملوا(2)على احدهم ما خرج به فعليهم القطع كلهم .
قال ابن القاسم : فهذا فيما يحتاج فيه إلى معونتهم لنقله ، فأما الصرة والثوب فالقطع على من خرج به منهم . وقال عبد الملك : لو كانوا خمسة خرجوا بثوب يحملونه فلا قطع عليهم .
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : إذا اخرجوا السرقة من حرزها يحملونها ، فإذا كان في قيمتها إن قسمت عليهم ما يقع لكل واحد ربع دينار قطعوا ، كانت خفيفة أو ثقيلة ، وإن كان يقع لكل واحد [اقل](3)من ربع دينار وكان(4)شيئاً خفيفاً يكتفي احدهم بحمله فلا قطع عليهم ، وإن كان ثقيلا لا يكتفي بحمله بقوتهم (كذا) فعليهم كلهم القطع ، وإن لم تكن قيمتها(5)إلا ثلاثة دراهم .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : وإنما مثل الجماعة يسرقون ما
***
__________
(1) كذا في ق . وفي ص : يسرقون .
(2) في ص : جعلوا
(3) ساقط من ص .
(4) كذا في ق وهو أنسب وفي ص : فإن كان .
(5) صفحت عبارة ص : وإن لم يكن فيها .(1/378)
[14/390]
قيمته ثلاثة دراهم فيقطعون ، كما لو قطعوا يد رجل عمداً لقطعوا ، وفي الخطأ يلزم عواقلهم ذلك ، وإن لم يقع على كل عاقلة إلا ربع عشر الدية .
وإذا دخل رجلان الحزر فأخذ كل واحد دينار فأسلف أحدهما للآخر دينره أو قضاه إياه فالقطع على من خرج بهما ، وإن كان أحدهم داخل الحرز فناول الآخر خارجا في الطريق فليقطع الداخل وإن أخذ في الحزر .
وإن كان الثاني على ظهر البيت فناوله(1)فظهر البيت كالبيت . وقد اختلف قول مالك فيه ، فقال : يقطع الذي على ظهر البيت إذا رمي به غلي الطريق ، ورواه ابن عبد الحكم ، وروي ابن القاسم [أنه](2)إن دلي حبلاً فربط به الأسفل المتاع ورمي به إليه ، قال في موضع أخر : ورفعه الأعلي فإنهما يقطعان .
قال محمد : هذا أحب إلي لتعاونهما على اخراجهما لحاجتهما إلي التعاون . وكذلك الذي يحمل على الاخر ما يخرج به . وبهذا أخذ ابن القاسم وأشهب ورويا عن مالك أنه إن تساوي الأسفل والذي على السطح وناول الذي في السطح ثالثاً في الطريق ، فإنما قطع الذي يخرج المتاع من البيت والذي على سطحها دون الذي في الطريق وقاله ربيعه وعبد الملك .
وروي ابن وهب عن مالك قال : إذا ناول الداخل في الحرز آخر في خارجه قطع الدخل وعوقب الخارج ، وإن كان الخارج يدخل يده داخل الحرز فيخرج المتاع فهو الذي يقطع ويعاقب الداخل . وهذا مذهب بن القاسم .
وقال في الداخل يربط والخارج أخرجه بالحرز فليقطعا جميعاً ولو اجتمعت ايديهما فيالنقب في المناولة قطعا جميعا(3)وإن أخذ .
***
__________
(1) كلمتان مطموستان .
(2) ساقط من ص .
(3) هنا طمس بمقدار ثلاث كلمات .(1/379)
[14/391]
الداخل قبل يخرج . [أدخل الخارج يده إلي الحرز فناوله الداخل قطعا ](1).
قال ابن القاسم في الداخل(2)يرمي المتاع خارج الحرز ثم يؤخذ قبل يخرج من الحرز إنه يقطع ، ووقف فيه مالك . وروي عنه أشهب وابن عبد الحكم أنه يقطع ، وروي مثله ابن القاسم .
قال مالك : وإنما القطع في خروج المتاع لا في خروج السارق . وقاله عبد الملك . قال عبد الملك : وما رمي به السارق من الحرز فأتلفه قبل يخرج هو من الحرز فإن قصد إتلافه كالمؤيس من أخذه مثل أن يرميه في نار عامداً وهو مما لا تبقيه النار فلا قطع عليه . وما كان على غير هذا يرميه ليخرج فيأخذه ، أو يرميه إلى غيره فإنه يقطع(3)ذلك أو بقي وأخذ في الحرز .
قال مالك : وإذا دخل فسرق وآخر يحرس [له] فلا قطع على الحارس ويعاقب .
قال يحي بن سعيد : ومن أوي(4)السرقة للسارق وأخفاها له أوجع ضرباً .
قال وإذا دخل رجلان الحرز فسرق أحدهما دينارا فأعطاه(5)الآخر أو أودعة إياه قبل أن يخرجا ، فإنما القطع على(6)من خرج به . وكذلك إن كان ثوباً فباعه منه في الحرز .
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) كذا في ق وهو أنسب . وفي ص : في السارق .
(3) طمس بقدر كلمتين .
(4) كذا في ق وهو الأنسب . وفي ص ما يشبه : أرجي .
(5) في ص : فقضاه .
(6) صفحت عبارة ص : فإنما يقطع على .(1/380)
[14/392]
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : ومن سرق من مال بينه وبين آخر مما قد حجب عنهما سته دراهم فصاعدا قطع ، فذكرت له قول من قال لا يقطع حتي يجاوز فوق حقه من جملة المال بثلاثة دراهم فلم يره . قال أصبغ : وقد اختلف فيه ،وأنا أقول لا يقطع(1)حتي يجاوز نصيبه من الجميع بثلاثة دراهم ، واستحسنة ابن حبيب للدراية بالشبهة قال : والأول القياس .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك في الشريكين [يكون](2)لهما قمح مغلق عليه ، فيأتى أحدهما فيسرق منه ما يجاوز حقه بما فيه القطع إنه لا يقطع ، لأنه يفتحه إذا شاء دون شريكة ، ولكن إن كان على يدي أحدهما أو على يدي غيرهما فسرق منه الذي لم يؤتمن عليه ما يكون في نصيب شريكه من المسروق مما فيه القطع فإنه يقطع .
ومن سرق من المغنم ، وهو من أهل ذلك المغنم بعد أن حيز عند رجل قدر ربع دينار قطع ، لأن حقه فيه لا قدر له .
قال محمد قال أشهب عن مالك ، وهو قول عبد الملك في سرقه أحد الشريكين مما حجر عنه من الشركة بين أمين إنما يراعي فوق حقه من المسروق بثلاثة دراهم . والفرق بينه وبين أن لو وطئ أمة من الشركة أنه لا يحد وإن منع منها وجعلت بيد غيره أنه يعذر بجهله في إستباحة وطئها ، ولا يعذر في السرقة .
قال : وما سرق من المغنم بعض أهله قبل أن يجوز فلا يقطع ويؤدب ، وإن كان بعد أن يجوز وجعله بيد أمناء فإنه يقطع إن كان جميعا ما سرق ثلاثة دراهم ، لأن حظه منه لا بال له . وكذلك من سرق من بيت المال
***
__________
(1) كذا في ق وهو أنسب . وفي ص : وأنا أقول إنه لا يقطع .
(2) ساقط من ص .(1/381)
[14/393]
وقال يحيي بن سعيد : من سرق من الفئ قبل يقسم فإنه يقطع إلا أن يكون من الأمناء الذين جعلوا على المقاسم فتكون خيانة .
قال ابن وهب قال مالك والليث : يقطع في السرقة من المغنم وبيت المال .
فيمن سرق مالا يجوز ملكه
أو ما يجوز ملكه ولا يجوز بيعه
ومن سرق صبيا أو أعجميا حرا أو عبدا
من كتاب ابن المواز : قال أشهب فيمن سرق زيتا وقعت فيه فأرة فماتت إنه يقطع إذا كان يسوي لو بيع على هذا ثلاثة دراهم ، ويغرم قيمته إن كان بها مليا .
ومن سرق جلد ميته غير مدبوغ لم يقطع ، ويقطع في المدبوغ عند أشهب .وفي رواية ابن القاسم عن مالك : إن كان قدر قيمة ما فيه من الصنعة بالدباغ ثلاثة دراهم : قال ابن القاسم : قيمة ذلك يوم دبغه وكذلك لو كانت حرارة أو دباغ وصنعة ما كانت . قال مالك : ولا قطع في الميته ، وقد نهي النبي عن الانتفاع بعصبها(1)ولا في النبيذ المسكر يسرقه من مسلم أو ذمي [وكذلك في الخنزير وإن سرقة مسلم أو ذمي ](2)من ذمي أو مسلم ، إلا أنه إن سرقه من ذمي فإنه يغرمه في ملائمة مع وجيع الأدب(3).
***
__________
(1) في كتاب اللباس من سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة ، ومسند أحمد بلفظ : لا تستمتعوا أو لاتنتفعوا من الميتة بإرهاب ولا عصب .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص . والإكمال من ق .
(3) هنا يبتدئ بتر بقدر صفحتين في ق بسبب ضياع لوحتين من الكراسة المجموعة(1/382)
[14/394]
ومن سرق صليبا من خشب أو تمثالا من كنيسة أو غيرها نظر إلي قيمته على أنه صليب أو تمثال ، فإن بلغت ثلاثة دراهم قطع من سرقة مسلم أو ذمي من مسلم أو ذمي .
ومن سرق كلباً مما نهي عن اتخاذه لم يقطع ، واختلف فيه إن كان كلب صيد أو ماشية ، فقال أشهب يقطع وإن كان نهي عن بيعه(1)، كما يقطع من ثقب خندق رجل فسرق من شمر تخليه قبل بدو صلاحه ما قيمته على عدوه ثلاثة دراهم . وقال ابن القاسم : لا قطع في الكلب لصيد أو غيره ولا يعجبنى ثمنه وإن احتاج إلي شرائة فهو أخف .
ومن سرق سبعا فقال أشهب : إن سوي في عينه ثلاثة دراهم ففيه القطع . وراعي ابن القاسم فيه جلده ذكياً فإنه تجوز الصلاة عليه . بل بجلده إّذا ذكي . قال ابن القاسم : ويقطع في الوحش كالضبع(2). ومن سرق خراماً عرف(3)وطائراً عرف بالإجابة إذا دعي ، فأحب إلينا أن لا يراعي إلا قيمته على أنه ليس فيه ذلك ولا سوي ذلك من مال العمد والباطل (كذا) .
وأما سباع الطير المعلمة فلينظر إلي قيمتها على ما يتعلق ذلك وذكر عن أشهب أنه قوم كله بغير ما فيه من ذلك ، وكان بارزاً معلماً أو غيره وهو نحو قول مالك في إذا أغرم إذا قتله .
ومن سرق لحم أضحية أو جلدها قطع إذا كان قيمة ذلك ثلاثة دراهم ، وقاله أشهب .
قال ابن حبيب قال أصبغ : وإن سرق له أضحية قبل الذبح قطع وأما إن سرقها بعد الذبح فلا يقطع لأنها لا تباع في فلس ولا تورث .
***
__________
(1) في ص . وإن كانت أنها عن بيعة . وهي مصحفة ، كتبناها مصححة حسب مقتضي السياق عدم وجود نسخة أخري للمقابلة وسيتكرر مثل هذا فلا يقيد التنبيه عليه .
(2) كلمة مطموسة
(3) ثلاث كلمات مطموسة .(1/383)
[14/395]
مالا ، لكن تورث لتؤكل . ومن سرقها ممن تصدق عليه بها قطع إن كان قيمتها ثلاثة دراهم لإن المعطي ملكها فله يبيعها عندها (كذا) .
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم ، وذكر عن ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم فيمن سرق مزمارا أو عودا أو مثل الدف والكبر وغيره من الملاهي ، فإن كان قيمته بعد الكسر ربع دينار قطع سارقة من مسلم أو ذمي .
قال في كتاب ابن حبيب : أو سرقة ذمي من ذمي لأن على الإمام كسرها عليهم إذا أظهروها ، أو كان فيه فضة وزنها ثلاث دراهم قطع ، يريد ولا يبالي بقيمته ، قال في كتاب ابن حبيب : قد علم بها السارق لظهورها فيه .
قال في الكتابين : وأما الدف والكبر(2)وإن كان في قيمتها صحيحين ربع دبنار قطع لأنه قد أرخض في اللعب بهما .
قال : ومن سرق كلبا وفي عنقه قده ثمنها ربع دينار فإنه يقطع . قال في كتاب ابن حبيب : إذا كان السارق قد رآها وعلم بها ، فإن لم يكن علم بالقدر لم يقطع .
ومن كتاب ابن المواز : ومن سرق جلد ميته غير مدبوغ لم يقطع وإن كان مدبوغا قطع عند أشهب .
قال عبد الله يعنى إن بلغ ما فيه القطع .
وقال ابن القاسم عن مالك : إن كان قيمته(3)من الصنعة ثلاث دراهم قطع ، وإلا لم يقطع . قال ابن القاسم : قيمته يوم دبغة.
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 236
(2) بعد هذا كلمتان غير مفهومتين هكذا : يبس فهما .
(3) كلمة مطموسة .(1/384)
[14/396]
ومن كتاب ابن المواز قال : ومن سرق صبياً حراً أو أعجميا كبيرا أو صغيراً قطع إذا كان من حرز . قاله مالك وأصحابه وابن شهاب والليث وقال ربيعة : الصبيان بمنزلة(1)إن أخذوا من حرزهم قطع ، وإن كان من غير حرز عوقب . قال أشهب : وذلك أن الصبي الحر لم بلغ أن يعقل نفسه ، والعجمي لا يعقل مثله ما يرد به ، فهذان يقطع سارقهما كانا حرين أو عبدين . قال ابن القاسم وأشهب : فإن كان الصبي يعقل والعبد فصيح فلا قطع فيهما .
وقال ابن الماجشون في موضع آخر لا قطع على من سرق خمراً .
ومن العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن سرق أعجمية ووطئها فعليه الحد والقطع ،وإن كان محصنا رجم ولم يقطع(3). قال أشهب : وإن راطن أعجميا فأجابه لم يقطع ، ولو دعا صبيا صغيرا فخرج إليه فمضي به قطع
وقد ذكرنا هذا في باب آخر .
***
__________
(1) كلمة أخري مطموسة .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 236 .
(3) هنا ينتهي بترق المشار إليه انفا .(1/385)
[14/397]
في السرقة من الثمار والنبات قبل(1)أو الجرين
أو من حريسة الجبل أو من غنم معها راعي
أو من دواب في الرعي
وسرقة النخلة وما يتصل بذلك
ومن العتبية(2)روي أشهب عن مالك وذكره ابن المواز من رواية أشهب في الزرع يحصد ، قال في كتاب محمد ، ويربط ويترك في الغائط(3)ليحمل إلي الجرين . وقال في العتبية(4)بحصد فيجمع من الغائط في موضع ليحمل إلي الجرين . قال في الكتابين : فيسرق منه قبل أن يحمل وقد ضم بعضه إلي بعض ، إنه يقطع ، كان عنده حارس أو لم يكن ، وليس كالزرع القائم .
قال في العتبية(5): وموضعه له حرز ، وربما ترك هناك الزمان الطويل ، وليس كالثمر في الشجر ، وهو مثل ما جذ ووضع في أصلها ، ففي ذلك القطع وإن لم يكن عنده حارس لأنه يطول ، كما لا يراعي في الجرين حارس .
ابن المواز والعتبي في زرع مصر من القمح والقرط يحصد ويترك في الموضع الذي حصد فيه أياما لييبس فيسرق منه . قال : ليس هذا جرين ولا مراح ، وماهو عندي بالبين أنه يقطع فيه . قيل : وإنما يدرس في الجرين ، قال هذا بين ، يقول إذا سرق من الجرين . قال ابن المواز : فهذا
***
__________
(1) كلمات مطموسة .
(2) البيان والتحصيل ، 16 : 218 .
(3) الغائط : المطمئن الواسع من ألأرض قاموس .
(4) البيان والتحصيل ، 16 : 218 .
(5) البيان والتحصيل ، 16 : 218 .(1/386)
[14/398]
أحب إلينا ، لأن كل ماله حرز وموضع ينقل غليه فليس موضعه ذلك بموضع له . ولو حمل فسرق منه في الطريق لقطع سارقة إن كان معه أحد . وإنما قطع لمكان موضعه .
قال ابن حبيب عن أصبغ في الزرع يحصد ويترك مربوطاً في الفدان أياما ، فقال أشهب وابن نافع يقطع من سرق منه . قال ابن القاسم : لا يقطع ، وبه قال أصبغ ، إلا أن يكون له حافظ فعلي من سرق منه القطع .
ومن كتاب ابن المواز والعتبية(1)في رواية أصبغ عن ابن القاسم ولا قطع على من سرق من الغائط(2)في موضع ليحمل إلي الجرين ، هذا الموضع الذي يجمع فيه ليحمل للمنع . [قال العتبي](3)وقاله أصبغ ومحمد ، ذلك أنه لا يحمل لحرز ولا لموضع حرز .
ومن كتاب ابن المواز : يقطع في البقل إن لم يكن قائماً حصد وأحرز ، ويقطع في كل شئ حتي الماء إذا أحرز لوضوء أو شرب أو غيره ، وحتى الحطب والعلف والتبن والورد والياسمين والرمل والرماد إذا سوي ثلاثة دراهم وحرز(4)وسرق من حرز .
قال : ومن سرق ثمرة نخل قبل يجد وهي في دار أو كان مجذوذا في منزلة ، فهذا يقطع إذا بلغت قيمته على الرجاء والخوف ربع دينار . ولو كان ذلك في الحوائط والبساتين لم يقطع في الثمر المعلق أو غير المعلق ، مالم يكن في موضع قد أحرز ونحي عن موضعه .
قال ابن وهب عن مالك : ولا يقطع إن سرق نخله صغيرة أو كبيرة ، ولو اجتثها وهي مقطوعة الرأس وخرج لم يقطع . ولو كانت حسنة
***
__________
(1) البيان والتحصيل ، 16 : 218 و 256 .
(2) كلمة مطموسة .
(3) ساقط من ص
(4) هكذا في ق . وفي ص : وسرق من حرز .(1/387)
[14/399]
مأموناً، (وروى عنه ابن القاسم القولين وأخذ أنه يحد قاذفه إن ترك مالاً مأموناً)(1)وإليه رجع مالك.
قال: وإن أعتق عبده وهو غائب ولم يعلم حتى قذف (أو قذف أو جرح)(2)أو جرح فينفذ فيه القضاء على أنه عبد. ثم يثبت أنه قد كان حراً قبل ذلك، إنه يرجع (به)(3)إلى حكم الحرية فيما له وعليه، ويتم(4)عليه الحد على ما تقدم في حد في قذف أو زنى، وتحمل عاقلته ما يحمله الحر.
وإذا اقتص (له من)(5)عبد في قطع يد فإنه يرجع في ذلك فيقال لسيد العبد المقتص منه إنما كان يلزم عبدك خمسمائة دينار تفديه بها أو تسلمه، فأنت على ذلك، فافده أو أسلمه. فإن فديته فلك على الإمام ما نقص من قيمة عبدك، و إلا فأسلمه ولا شيء لك في قطع يده، ويكون لمن أسلم إليه على الإمام قيمة (قطع)(6)يده.
كما لو قتله قصاصاً بعبد ثم ظهر أن المقتول الأول حر، أو اقتص منه على أنه حر ثم تبين أن الأول عبد، فعلى عاقلة الإمام دية الحر المقتص منه تؤخذ منها قيمة العبد للسيد.
وأما إن اقتص من الحر على أنه عبد فقطعت يده للعبد ثم علم أنه حر فكذلك أيضاً تكون دية المقتص منه على عاقلة الإمام، ويقال لسيد العبد إن شئت فأسلم عبدك إن كان أبطله ويكون لك عليه قيمته صحيحاً يوم قطعت يده، وإن لم يبطله فإنما (لك)(7)عليه ما نقص عبدك ولا شيء
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) صحفت كلمة (ويتم) في ص: ديته.
(5) ناقص من ص.
(6) ناقص من ف.
(7) ساقط من ص.(1/388)
[14/358]
له عليك أنت مما كان اقتص لعبدك من قطع الحر، ودية الحر على عاقلة الإمام.
كما لو رجم من شهد عليه أربعة بالزنى ثم ظهر أن أحدهم عبد، وإن ألفي المرجوم عبداً فقيمته في مال الإمام.
ومن العتبية(1)من سماع أشهب فيمن قذف رجلاً بزنى أمه وهو يعرفها أمة وقد عتقت قبل ذلك ولم يعلم، أنه يحد. قيل قد قالت إن حلف أنه لم يعلم فقد عفوت عنه، فذهب ليحلف فبدا لها. قال: فذلك لها، ويحد وإن كانت قد أشهدت على ذلك، لأن عفوها في مثل هذا لا يجوز وإن ثبتت على العفو، إلا أن تريد ستراً (يريد)(2)، وقد بلغ الإمام. قال: وروى ابن القاسم عن مالك أن العفو جائز.
ومن كتاب ابن المواز: وعن النصراني أو العبد يقذف المسلم ثم يسلم النصراني ويعتق العبد مكانه، فإنهما يحدان.
قال مالك: يؤخذ إذا أسلم النصراني بحقوق الناس، ولو كان قتل نصرانياً أو سرق منه أو قذف مسلماً فإنه يقام عليه بعد إسلامه فيقتل ويقطع ويحد للقذف. وكذلك العبد يقام عليه حد العبد بعد أن يعتق، كان العبد مسلماً أو نصرانياً.
ومن أخذ في زنى أو فرية أو شرب خمر فقال أنا مملوك. فأما في الزنى فيرجم إن كان محصناً ولا يصدق، وإن (كان)(3)بكراً لم يقم عليه إلا حد العبد القذف(4)، وكذلك في الفرية وشرب الخمر، لأنه لا يتهم أن يرق نفسه بهذا.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 289.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ص. في ف: حد القذف.(1/389)
[14/359]
قال محمد: وإن أقر بالرق لرجل (حاضر)(1)أو قريب الغيبة سئل من أقر له، فإن ادعاه لم يحد في الجلد إلا حد العبد، وأما في الزنى والقتل والقطع فلا يسقط عنه إلا بالبينة.
ومن (العتبية من)(2)سماع ابن القاسم: ومن قال لرجل يا ابن الزانية وهو غريب لا تعرف أمه ويحتج بذلك القاذف، قال: إن كان مسلماً حد له القاذف. وقد يقدم الرجل من خراسان وغيرها فيقيم السنين فهذا يحد قاذفه ولا يكلف بينة أن أمه حرة أو مسلمة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قذف مجنونة في خبلها بالزنى حد، وهي لو زنت في ذلك الحال لم تحد. قال محمد: ولو أصابها الجنون من صغرها حتى كبرت لم تفق، لم يكن على من زنى بها حد، لأنها لا يعلق بها اسم (الزنى)(3)كمن جب في صغره ثم قذف في كبره، وقال أصبغ عن ابن القاسم في كل من لا حد عليه إلا الجارية لم تبلغ المحيض وبلغت الوطء، فليحد قاذفها والزاني بها، ولا تحد هي.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط من ص. وهو في البيان والتحصيل، 16: 281 – 282.
(3) ساقط من ص.(1/390)
[14/360]
باب(1)
فيمن أمر رجلاً أن يقدف رجلاً
أو يقتله ففعل أو أمر عبده أو صبيه
ومن بلغ عن رجل قذفاً أو حمل إليه به كتاباً
من العتبية(2)روى عيسى عن ابن القاسم: ومن قال لعبده أو لأجنبي قل لفلان إن فلاناً يقول له يا ابن الفاعلة ففعل، فإن قامت البينة أن الآمر أمره بذلك فالحد على الآمر دون المأمور، وإن لم تقم بينة حد المأمور.
وإن قال له اقذف فلاناً ففعل، فأما في العبد فيحد هو والسيد، وأما في الحر فيحد القاذف ولا يحد الآمر.
ومن قذفه عبد رجل فشكاه إلى سيده فقال أنا أمرته بذلك، قال: يحد السيد في قول مالك. قال ابن القاسم: ويضرب العبد أيضاً.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن أمر غلامه بقذف رجل فقذفه أنهما يحدان جميعاً، سواء قال له اقذفه أو قال له (قل)(3)يا ابن الفاعلة. ولو أمر أجنبياً أن يقذف رجلاً ففعل فالحد على المأمور دون الآمر. وأما لو قال له (قل)(4)يا ابن الفاعلة ففعل فالحد عليهما، لأنه وإن ثبت أنه أمره بذلك فقد قاله المأمور. قال ابن حبيب: وهذا أحسن ما فيه، وقد اختلف فيه.
***
__________
(1) انفرد به فـ.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 304-305.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.(1/391)
[14/361]
ومن كتاب ابن المواز: ومن حمل إلى رجل كتاباً من رجل وفيه يا ابن الفاعلة فدفعه إليه، فإن كان يعرف ما فيه حد، وهو أشد من التعريض.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قال لرجل فلان بزعم أنك زان وأقام بينة أن فلاناً قاله، فإن قاله الثاني مخاصماً أو مشاتماً حدا جميعاً، وإن قاله مخبراً فلا حد عليه، وإن لم يأت ببينة على قول فلان حد هذا بكل حال. وإن جاءه بذلك على وجه الرسالة فقال فلان أرسلني إليك يقول له يا زان أو جاء معه بذلك في كتاب يعرف ما فيه فعليه الحد، وإن ثبت له أن فلاناً أرسله به، وقاله مطرف.
ومن كتاب ابن المواز فيمن قال لرجل يا ذا الذي تزعم المرأة أنها اغتصبها أو يزعم الصبي أنه نكحه، فإن قاله في مشاتمة فعليه الحد.
ومن العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم في حر أمر حراً أن يقتل حراً فقتله، فليقتل القاتل ويجلد الآمر مئة ويحبس سنة. ولو أمر بذلك عبده ففعل لقتل العبد والسيد، كان العبد أعجمياً أو فصيحاً، وروى عنه أصبغ مثله.
قال عنه يحيى ابن يحيى: إذا أمر بذلك عبده أو العامل يأمر رجلاً يقتل رجلاً والعامل ظالم(2)له، فإنه يقتل الآمر والمأمور.
وأما من أمر بذلك ابنه أو معلم يأمر صبيانه أو صانع يأمر متعلميه، فإن بلغ المأمور الحلم قتل وبولغ في عقوبة الآمر، ولا عقل على عاقلته. وقال عنه سحنون: يقتلان جميعاً.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 306.
(2) كذلك في ص وهو الصواب. وفي ف والعبد ظالم.(1/392)
[14/362]
(قال يحيى)(1)وأما من لم يبلغ الحلم منهم فالقتل على الآمر، وعلى عاقلة الصبي نصف عقل المقتول، وإن كثر الصبيان قسم العقل على عواقلهم وإن قل (ما)(2)على كل عاقلة.
قال أصبغ: لا يقتل أبو الصبي إن كان الصبي بلغ مبلغاً يعقل (مثله)(3)مثل المراهق واليفاع وشبهه، فهو كالخطأ وكغير ولده، وهو على عاقلته، ولا يقتل واحد منهما. وكذلك إن (كان)(4)أمره بإرحال واحد يغيب عليه دونه، فأما بمحضره وهو يشاهد ذلك إما بإمساك أو بإشلاء أمر بين فهو قاتل. ويقتل أباً كان أو غيره.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال أخبرتني فلانة أن فلاناً زنى بها فأنكرت المرأة أو أقرت، قال: يحد هو بكل حال، أقرت هي أو أنكرت، فإن أقرت حدت للرجل وللزنى، وإن أنكرت لم يكن عليها شيء، وحد المخبر عنها حداً واحداً لها وللرجل. قال ولا يمين عليها.
ومن قال لرجل أشهد لك أن فلاناً زناك، فقيل إن كان ذلك في غير مشاتمة لم يلزم الشاتم حد ولا يمين أنه لم يرد قذفاً، وقيل يحد إلا أن يقيم بينة أن فلاناً أشهده. محمد: والأول أحب إلينا، إلا أن يرى أن ذلك منه على المشاتمة.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط أيضاً من ف.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط كذلك من ص.(1/393)
[14/363]
فيمن قال إن فعل أو من يفعل كذا فهو ابن زانية، وإن كان كذا أو إن لم يكن كذا أو إن لم أكن كذا ( فأنت كذا )(1)
من العتبية(2)من سماع ابن القاسم فيمن قيل له إنك فعلت كذا فيقول من قال إني فعلت كذا فهو ابن زانية، فقال ( له )(3)رجل أنا قلته، فإن قامت له بينة أنه قاله حد له وإلا فلا.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال مالك فيمن قال لآخر على المشاتمة يريد عينة ولا يطعن في نسبه: إن لم أكن أصح منك فأنت ابن زانية، يقول أصح منك في الأمور لا أقارف ما تقارف فإن أقام بينة أنه أصح منه كما ذكر نكل(4)بإذايته له، و إلا حد. قال وإن قال له إن لم أكن أفضل منك فأنت ابن زانية، فالبينة على القاذف.
ومن كتاب ابن سحنون: كتب شجرة لسحنون، فيمن قال لرجل إن كنت خيراً مني فأنت ابن عشرة آلاف زانية، فقال له الآخر إن لم يكن عبدي خيراً منك فأنت ابن عشرة آلاف زانية. فكتب إليه سحنون: أن الذي قال إن كنت خيراً مني فليس مخرجه خيراً مني في الدين، ولكن ينظر، فإن كان هذا عربياً والآخر ليس بعربي أو له آباء عدد(5)في الولاء فهو فوق صاحبه فإن كان هكذا فليحد. وأما القائل عبدي خير منك فليحد ولا يكون العبد خيراً من الحر.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 275-276.
(3) ساقط من ص.
(4) في ص: بطل، وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: أو له أنا وعدد.(1/394)
[14/364]
2ملقاة قد تركت في الحائط ففيها القطع. وقال أشهب: أما إن لم يتركها مطروحة وأحرزها في الجنان في موضع منه حريز وكان الجنان في حرز أو له حارس فإنه يقطع.
وقال ابن القاسم عن مالك: إذا قطعها ربها ووضعها في الجنان قطع سارقها، وكذلك جميع الشجر. قال محمد: وأظنه أنه لا حرز لها إلا حيث ألقيت فيه (قال)(1): ولو كان إنما وضعت لتحمل إلى حرز لها معروف لم يقطع حتى تضم إليه، فهذا أحب إلي، وأحسب فيه اختلافا.
وإذا كان(2)بموضع لا حارس عليه ولا غلق، فقال أشهب: إن كان في صحراء فلا قطع على من سرق منه، وإن آواه إلى موضع يكون مثله حرزا فإنه يقطع، كان عليه حارس أم لا.
وقال ابن القاسم: فيه القطع مثل حريسة الجبل إذا آواه المراح وإن كان إلى غير الدواب(3)ولا حظر ولا غلق وأهلها في بيوتهم، قاله مالك.
وكذلك قال في السرقة من خباء المسافر وإن ذهب عنه ولم يدع فيه أحدا.
ومن العتبية(4)روى عيسى عن ابن القاسم وابن وهب في الراعي يبعد بغنمه فيدركه الليل في موضع لم يكن بها له مراح فيجمعها ثم يبيت فيسرق منها، قال: يقطع وهو كمراحها.
قال ابن القاسم: وحريسة الجبل(5)كل شيء يسرح للرعي من بعير أو بقرة أو شاة أو غير ذلك من الدواب، لا قطع على من سرق منها وإن كان أصحابها عندها.
***
__________
(1) زيادة في ص.
(2) كلمة مطموسة.
(3) في ق : إلى غير الدور .
(4) البيان والتحصيل ، 16: 242 و 262 .
(5) جاء في الحديث لا قطع في حويسة الجبل. قال في النهاية: أي ما يحرس بالجبل لأنه ليس بحرز. وقد صحف الجبل في ص: الخيل.(1/395)
[14/400]
قال: في الراعي يجمع غنمه في الرعي فيسوقها إلى المراح فيسرق منها وهي على الطريق ففي ذلك القطع. قال: وإذا كان على النخيل والزرع أو جذ التمر(1)فجمع في مكان واحد وأغلق عليه الباب، فعلى من سرق منه القطع. وأما الذي لا قطع فيه فالذي يكون في(2)من غير تحظير ولا بيت يغلق.
وروى عنه ابن القاسم(3)فيمن ضرب خباء في العرط (كذا) فربط درابة حوله وفصل عنها(4)لا يحولها عن موضعها فسرق رجل منها، قال: لا قطع عليه.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن ساق غنمه من مراحها إلى مسرحها فسرق منها أحد قبل تخرج من بيوت القرية إنه يقطع. وكذلك إذا ردها من مسرحها إلى مراحها، فإذا سرق منها بعد أن أدخلها القرية وخالطت البيوت (وهو يسوقها)(5)إنه يقطع وإن لم تدخل المراح.
وفي باب حرز الدواب وسرقتها هذه ذكرها ابن المواز عن مالك مثل ما ذكر أصبغ وأزيد ما ها هنا. ومسألة السرقة من ثياب القصار ينشرها على الحر(6)في باب السرقة من حبل(7).
***
__________
(1) صحفت عبارة ص كثيرا والتصحيح من ق.
(2) هنا كلمة لا تقرأ.
(3) هكذا في ق. وفي ص: ابن المواز.
(4) كذا في ق. وفي ص: وحصل عليها.
(5) ساقط من ص.
(6) كذا في ق وهو الصواب. وصحف في ص: البحر.
(7) في ص: في جبل وهو تصحيف.(1/396)
[14/401]
في السارق يرد السرقة إلى الحرز أو يوجد في الحرز
ثم يهرب بها أو ترك حتى أتى بالبينة(1)
ومن سرق من جوع أو من سرق من مال الإمام
ومن سرق من بيت رجل وادعى أنه أودعه عنده أو أنه أرسله
من العتبية(2)قال أبو إسحاق(3)البرقي عن أشهب في السارق يخرج السرقة من الحرز ثم يردها فيه فإنه يقطع لأن القطع وجب بالخروج.
قال عيسى ومحمد بن خالد عن ابن القاسم: وإذا أخذ السارق في الحرز وقد ائتزر بإزار ثم انفلت وهو عليه فلا قطع عليه، علم أهل البيت أنه عليه أو لم يعلموا.
قال أصبغ فيه وفي كتاب ابن المواز: وإذا رأى السارق يسرق متاعه فتركه وأتى بشاهدين ليعايناه يسرق فنظراه ورب المتاع معهما حتى خرج به، قال في كتاب ابن المواز: ولو أراد أن يمنعه لمنعه، قال: فلا قطع عليه، ونحن نقول أنه قول مالك. وقال أصبغ: عليه القطع.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق من جوع أصابه لا قطع عليه. قال ابن حبيب: وروي عن أبي هريرة لا قطع في عام مجاعة، وذلك للمضطر. وذكر غيره إنه روي عن عمر: لا قطع في سنة(4).
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: أو يقول حتى تأتي البينة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 227.
(3) كذا في ق وهو الصواب. وفي ص: ابن إسحاق.
(4) انظر البيان والتحصيل، 16: 324.(1/397)
[14/402]
وروى أبو زيد في العتبية(1)في السارق يسرق من مال الإمام، قال: لا نقص عليه في القطع ولا نقص عليه في المسروق.
وروى عنه عيسى فيمن سرق متاعا من رجل وقامت عليه البينة فقال: كنت أودعته إياه إنه يقطع ولا يصدق، ولا يمين له على رب المتاع.
ولو صدقه رب المتاع لم يزل ذلك عنه القطع. قال عيسى أحب إلي إذا صدقه أن لا يقطع.
قال ابن حبيب قال أصبغ في قول مالك في السارق يؤخذ في الليل قد أخذ متاعا من دار رجل وزعم أنه أرسله إليه وصدقه الرجل، فإن كان ممن له إليه انقطاع ويشبه ما قال لم يقطع. قال: فمعنى ويشبه ما قال أن يدخل إلى المتاع من مدخله غير مستتر وأتى في وقت يجوز أن يرسله فيه مع الانقطاع الذي عرف منه إليه.
وأما إن أخذه مستترا أو دخل من غير مدخله أو دخل في حين لا يعرف فليقطع، ولا ينفعه انقطاعه إليه. وأما إن لم يعرف إليه منه انقطاع فإنه يقطع في الوجهين، إلا أن يصدقه رب المتاع فلا يقطع إذا دخل في وقت يعرف غير مستتر من مدخل. ( وإن دخل من غير مدخل أو في حين لا يعرف أو دخل متسترا فإنه يقطع)(2)وإن صدقه رب المتاع.
ومن كتاب ابن المواز روى ابن عبد الحكم عن مالك فيمن أخذ بليل ومعه متاع فيقول: رب المنزل(3)أرسلني، فذلك يختلف في الساعات وحال الرجل، فإذا كان بليل وهو ممن يتهم قطع ولم يصدق. قال: وإذا كان ممن له إليه انقطاع وجاء بما يشبه لم يقطع، و إلا قطع ولم يصدق. قال محمد: إذا أقر أنه أخذها من حرز.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 264.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص. والإكمال من ق.
(3) في ص: رب المتاع.(1/398)
[14/403]
قال مالك: وإن كسر الباب وأخذ المتاع وقال: أرسلني صاحبه، وصاحبه بالشام وهذا بالمدينة، قال: يقطع، وليس هذا فعل الرسول. ولو قال ربه أنا أرسلته لم يصدق.
قال مالك: وإذا أخذ في الليل وقال: ربه أرسلني إليه(1)وينكر ذلك صاحبه، أما في ساعة لا يرسل فيها وهو ممن لا يعرفه ولا هو من أهل الأمانة فإنه يقطع،
وقال ابن القاسم قال مالك: وكل من قام بالسارق وجب أن يقطع بخلاف القذف. ولو أن المسروق منه غائب لم يكن للسارق حجة، ولو حضر وقال ما سرق مني شيئاً ولا المتاع لي وعفا عنه لم يلتفت إلى قوله إذا قامت البينة بسرقته.
قال مالك فيمن سرق متاعاً بمصر وربه غائب بالشام وقال: ربه أرسلني، وقدم ربه فصدقه، فلابد من قطعه. قال أشهب: إذا سرقه(2)مستتراً.
وكذلك إن تأخر قطعه حتى مات المسروق منه والسارق وارثه، لأن القطع لزمه قبل أن يرثه. وكذلك إذا ادعى عليه وديعة أو غيرها فجحده فأخذها من يده سرقة مستتراً فإنه يقطع إلا أن يقيم بينة أنه أودعه ذلك وإن لم يشهدوا بملكه له.
***
__________
(1) كذا في ق. وهو المناسب. وفي ص: وقال: ربه أتى به.
(2) صحف في ص: إذا قطعه.(1/399)
[14/404]
فيما يسرق بالفلاة من مطامر
والسرقة من القبر والسرقة من المسافر يكون بالفلاة
والمسافرون يسرق بعضهم من بعض
وأهل السفينة وفي السفينة تسرق
من العتبية(1)من سماع ابن القاسم وفي كتاب ابن المواز قال مالك في مطامر بالفلاة يخزن فيها الطعام وتعمي حتى لا تعرف أو تكون بحضرة الدور ومنها ما يكون بيناً بحضرة أهله فيسرق منها ما يسوي ثلاثة دراهم، فأما التي بالفلاة قد أخفاه ربه وعفى عليه وأسلمه فلا قطع عليه، وما كان بحضرة أهله معروفاً ففيه القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم.
وقال عنه أشهب في المسافر ينزل بالفلاة فيضرب خباءه وينيخ إبله فيسرق سارق من متاعه الذي في الخباء أو في خارجه ومن تلك الإبل فهي معقلة(2)أو غير معقلة إذا كانت قرب صاحبها، ففي ذلك كله القطع.
وكذلك إن لم يكن له خباء(3)المراح والجرين عليه حرز.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في مسافرين ضربوا أخبيتهم وأناخوا إبلهم، ثم ذكر مثل ما تقدم وقال: فإن سرق بعضهم من بعض قطع السارق. محمد: يريد ما لم يكونوا من أهل خباء واحد. قال محمد(4)وذلك كدار فيها سكان يسرق بعضهم من بعض. قال مالك: وما كان من إبلهم(5)في الرعي فلا يقطع من سرق منها.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16:216.
(2) في النسختين: (معلقه) ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) كلمة مطموسة.
(4) في ق: قال مالك.
(5) صحفت في ص: من أوانيهم.(1/400)
[14/405]
قال مالك في الرفقة ينزلون في الفلاة كل قوم على حدة ويضم(1)كل رفقاء متاعهم على حدة، إلا أنهم نزلوا بموضع واحد فإن سرق بعضهم من بعض فذلك كالدار المشتركة ذات المقاصير، يقطع إن سرق بعضهم من بعض. وكذلك إن سرق أهل الخباء الواحد وأتفقا (كذا) بعضهم من بعض.
ومن يسرق منهم من غير رفقائه أو من غير أهل خبائه قطع، والخباء نفسه إذا سرق قطع سارقه.
قال ابن القاسم فيمن طرح ثوباً في الصحراء وذهب لحاجته فيسرق، فإن كان منزلاً نزله(2)قطع سارقه، وإلا لم يقطع. (وقال أشهب: إن طرحه بموضع ضيعة فلا قطع فيه)(3)وإن طرحه بقرب منه أو من خبائه أو من خباء أصحابه، فإن كان سارقه من غير الخباء قطع.
وقال يحي بن سعيد قال محمد: و(أما)(4)أهل السفينة يسرق بعضهم من بعض فلا قطع عليه، وهي كالحرز الواحد، إلا أن يسرق منهم أحد من غيرهم مستتراً فليقطع إن أخرج ذلك من المركب، ويقطع من سرق السفينة نفسها، إلا أن تكون مخلاة لا أحد فيها.
وقال ابن القاسم وأشهب إنها إن كانت في المرسى على وتدها أو بين السفن أو بموضع لها حرز، فعلى سارقها القطع وإن لم يكن معها أحد، وإن كانت مخلاة أو أفلتت ولا أحد معها فلا قطع فيها إلا أن يكون معها أحد.
***
__________
(1) في ص: ويمضي وهو تصحيف.
(2) في ص: منزلاً أنزله.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(4) زيادة في ص.(1/401)
[14/406]
وإذا كان فيها مسافرون فأرسلوا بها في مرسى وربطوها ونزلوا كلهم وتركوها، فقال ابن القاسم: يقطع من سرقها، وقال أشهب: إن ربطوها في غير مربط لم يقطع كالدابة.
قال محمد: إن كانت بموضع يصلح أن يرسى فيه قطع، وإن كان في غير ذلك لم يقطع.
(ويقطع)(1)من سرق من المحمل كان فيه صاحبه أو لم يكن فيه أحد.
قال مالك: إن كان مقطوراً(2)بالإبل أو كان معها وليس بناء عنها(3).
قال مالك: ويقطع السارق من القبر ولا يقطع حتى يخرج من القبر، وإن أخذ فيه فلا يقطع إلا أن يكون رمى المتاع خارجاً من القبر فيقطع.
والقبر حرز لما فيه كما البيت حرز لما فيه. وقاله ابن المسيب وعطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة:
فيمن سرق مما يوضع بالسوق للبيع من مواقف فناء
والسرقة مما ينشر الصباغ والقصار أو ما على الحائط
أو على الدابة أو على الصبي أو إلى جانب المسجد
من كتاب ابن المواز قال مالك: وما وضع في السوق للبيع من متاع أو شاة فموضعه حرز ويقطع سارقه، كان على قارعة الطريق من غير حانوت ولا تحظير ولا حصير، كان صاحبه عنده أو قام لحاجته وتركه، كان
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: مقطوعاً. وهو تصحيف.
(3) صحفت عبارة ص: وأمر يشاد عنها.(1/402)
[14/407]
في ليل أو نهار، كان ما وقف للسوم أم لا، إلا أن يدخل (الرجل)(1)حانوتاً لشراء يريد بإذن. فيسرق منه فلا يقطع، ما لم تكن من الحوانيت المباحة في دخولها فتصير(2)كالأفنية يقطع من سرق منه، (يريد)(3)ولا يرعى فيه الإذن، وهو مفسر في باب من سرق من موضع أذن له في دخوله.
وقال في الشاة توقف في السوق للبيع، فتسرق إن فيها القطع وإن لم تكن مربوطة. وكذلك الأمتعة توضع للبيع، والطعام في القفاف ولهم حصر يغطونها ليلاً وهي بلأفنية حوانيته، وربما ذهب وتركه، فمن سرق منه قطع.
قال ابن القاسم وأشهب: (وكذلك)(4)كل ما وضع في الموقف للبيع ومن متاعه، يعني حانوته، وله حصير من قصب ربما أغلق بها وذهب.
قال: وتابوت الصراف يقوم عنه ويتركه بموضعه فيسرقه سارق ليلاً أو نهاراً، قال: يقطع كان مبنياً أو غير مبني. ولو كان شأنه أن ينصرف به كل ليلة قنسيه فسرق فلا قطع فيه.
والبعير يعقله ربه في السوق ليحمل عليه فيسرق، قال مالك: ففيه القطع. قال مالك: وكذلك الإبل المناخة يموضع(5)فيه الكراء قد عرف، قال ربيعة في البعير المعقول في السوق يحل ويذهب به ففيه القطع.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: فتعتبر.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط من ص.
(5) كلمة مطموسة.(1/403)
[14/408]
ومن العتبية روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن جعل ثوبه قريباً منه ثم قام يصلي فسرقه رجل فإنه يقطع. وإذا أخذ وقد قبضه قبل(1)لزمه القطع. ولو قلت(2)حتى يخرج به من المسجد ففيه القطع.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية(3)من سماع ابن القاسم في الغسال يغسل الثياب على الحر وينشرها فيسرق منها وهو يغسل أخرى إنه لا قطع فيها ورآها كالغنم في الرعي.
قال: وما سرق على حبال الصباغين من الثياب المنشورة يمدونها على حوانيتهم في الطرق فلا قطع في ذلك أيضاً، ولعله يذهب ويدعها أو يطرحها الريح. وكذلك في كتاب ابن المواز عن مالك من رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم.
وقد روي عن مالك في حبل الصباغ والقصار أنه يقطع من سرق منه. قال أصبغ قال ابن القاسم: ولا فرق بين حبل جديد وقديم، وأنكر قول من فرق بينهما.
قال ابن القاسم في الكتابين في الثوب ينشر على الحائط فتدلى بعضه للطريق فجره سارق من الطريق بقصبة أنه يقطع. وهذا أبين من الأول يعني من السرقة من دار مفتوحة.
وقال أشهب وابن القاسم عن مالك في صبي كان على دابة بباب المسجد فقطع رجل الركابين، فعليه القطع. قال عنه أشهب: إن كان الصبي ليس بنائم، وإن كان نائماً فيشبه أن لا يلزمه قطع، وما أدري وأراه كالدابة لا أحد معها. وأما المربوطة في حرزها فمن سرق منها فليقطع. قال أشهب: إذا كان الصبي نائماً فلا قطع على سارق الركابين.
***
__________
(1) كلمة مطموسة.
(2) طمس بقدر ثلاث كلمات.
(3) البيان والتحصيل، 16: 208-209.(1/404)
[14/409]
ومن خلى دابته بباب المسجد ودخل يركع فسرقت فلا قطع على سارقها. ومن سرق من المحمل قطع، كان فيه صاحبه أو لم يكن، إلا أن يكون مخلى هكذا فلا قطع.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ: من سرق من حبل الغسال قطع، ولو سرق الحبل نفسه قطع إن كانت قيمته ثلاثة دراهم.
وقال أصبغ فيمن نزل عن دابته وتركها ترعى فسرق رجل سرجها من عليها فلا يقطع كمن سرق شيئاً على صبي صغير لا يدفع عن نفسه.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن سرق قرطاً من أذن صبي أو سواراً عليه أو معه، فأما الصغير لا يعقل ولا يحرز ما عليه وليس مع الصبي خادم يحمله أو يصحبه فلا قطع عليه، وإن كان معه أحد يصحبه قطع السارق إن سرق(1)ذلك مستتراً. وإن لم يكن معه أحد لم يقطع، إلا أن يكون الصبي في حرز، فيقطع سارق ما عليه كما يقطع لو سرقه نفسه.
وإذا كان الصبي يعقل وممن يحرز ما عليه قطع من سرق منه شيئاً مستتراً، كان في حرز أو غيره، كان معه حافظ أو ليس معه أحد. وإن أخذه منه على وجه خديعة بمعرفة من الصبي لم يقطع. وكذلك لو كابده. وأما الصغير فبعلمه وبغير علمه سواء. وكذلك أخبرني أصيغ عن ابن القاسم.
وروى ابن وهب عن مالك في السارق مما على الصبي إن كان من دار أهله قطع، وكذلك إن سرق الصبي نفسه. وقال: إذا كان مثله يحرز ما عليه (قطع سارق ما عليه)(2)مستتراً، وإن كابده لم يقطع. قال عنه ابن القاسم: وإذا كان مع الصبي خادم يحمله قطع إذا كان مستتراً. قال محمد: وهذا في الصبي الصغير والكبير.
***
__________
(1) في ص: وإن قطع، وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.(1/405)
[14/410]
في السرقة مما في المسجد والكعبة
والمحارس والحمام
ومن سرق ثوبه في المسجد(1)
من العتبية(2)من سماع ابن القاسم وهو في كتاب ابن المواز قال مالك: لا قطع على من سرق من حلي الكعبة لأنه دخلها بإذن مثل بيوت الناس يدخل فيها بإذن. قال محمد في كتابه: ولم يجعله مثل المساجد.
قال مالك: وكذلك بيت يكون فيه قناديل المسجد وحصره أو بيت تكون فيه زكاة الفطر في المسجد أو فيه غير ذلك، فمن دخل فيه بإذن لم يقطع فيما سرق منه، ومن دخله بغير إذن فسرق منه مستتراً قطع إذا خرج به من البيت إلى المسجد، لأن خزانة المسجد المباح دخوله بخلاف خزانة البيت الذي لا يدخل إلا بإذن. هذا خزانته مثل بيته.
ومن العتبية(3)قال ابن القاسم عن مالك: ومن سرق من قمح الفطرة الذي يجمع في المسجد،- يريد يذهب فيه- وإن لم يخزن في خزانة.
ابن القاسم: ومن سرق من بسط المسجد التي تطرح في رمضان، فإن كان عنده صاحبه قطع، وإلا فلا (وقال مالك في الكتابين في محارس الإسكندرية يعلق الناس السيوف(4)فيسرق منه، فإن كان ربه عنده قطع
***
__________
(1) هذا العنوان تنقصه كلمات مطموسة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 205.
(3) البيان والتحصيل، 16: 231.
(4) كلمة مطموسة.(1/406)
[14/411]
سارقه وإلا فلا)(1)إلا أن ينقب فيسرق ولم يدخل من مدخل الناس فيقطع وإن لم يكن عند المتاع حارس.
قال وسارق البساط من المسجد إن احتمله من مكانه فأخذ قطع وإن لم يخرج من المسجد، لأن المسجد ليس بحرز لشيء.
قال ابن حبيب عن أصبغ قال مالك: إذا سرق من الحمام ودخل من بابه لم يقطع إلا أن يكون عند الباب من يحرزه. قال أصبغ: سواء عنده دخل بإذن أو بغير إذن مستراً لا يريد دخول الحمام ولكن يريد السرقة إذا كان ممن دخل الحمام.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن سرق من بلاط الحمام ورصاصه وميازيبه فأما من دخل مع الناس للجميع (كذا) فلا يقطع إلا أن يسرق ذلك من بيت مغلق من الحمام فيقطع.
وأما من سرق ولم يؤذن له فيه ولا في وقت الدخول فعليه القطع.
قال مالك: وإذا سرق من دخل الحمام من ثياب الناس، فإن كان معها حارس أو كانت في بيت تحرز فيه بغلق ففيها القطع، وأما ما وضع في بعض مجالس الحمام بغير حارس ولا غلق فلا قطع فيه، إلا أن يسرقه من لم يدخل من مدخل الناس، وإنما نقب واحتال فيقطع.
قال مالك: وليس في الحمام من متاع الناس لا حارس له مثل ما يوضع بالأسواق من المتاع ويذهب عنه ربه، ففي هذا القطع.
قال ابن وهب: وقال الأوزاعي بقول مالك في السارق من الحمام. وروى ابن القاسم عن مالك في الحمام هل يقطع السارق منه؟ قال: ربما أخطأ الرجل وربما أغفل. قال ابن سحنون: يقول ظننته ثوبي(2). قال مالك:
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص. وقد أقحم بدله سطران يتعلقان بالسرقة من الحمام.
(2) هكذا في ص. وعبارة ق: قال سحنون: يريد بقوله ظننته ثوبي.(1/407)
[14/412]
وقد أمرت صاحب السوق أن يضمن صاحب الحمام ثياب الناس أو يأتوا بمن يحرسها.
قال عيسى عن ابن القاسم: من سرق من حصر المسجد (قطع)(1)وإن لم يكن له باب. ومن سرق الأبواب قطع. وروى ابن القاسم عن مالك: إذا كانت سرقته للحصر نهاراً لم يقطع، وإن كان تسور عليها (ليلاً قطع)(2).
وذكر عن سحنون في غير العتبية: إذا كانت حصره قد خيط بعضها إلى بعض قطع وإلا لم يقطع.
قال ابن القاسم: ومن سرق من المسجد الحرام أو من مسجد لا يغلق فلا قطع عليه. ومن سرق القناديل قطع سرقها ليلاً أو نهاراً.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: ولا قطع في شيء من حصر المسجد وقناديله وبلاطه. وقال أصبغ في ذلك كله القطع، وقال محمد، كما لو سرق(3)أو خشبة من سقفه أو من جوائزه.
وقال ابن القسم: فيمن سرق من قمح الفطرة الذي يصب في المسجد، إن كان معه حارس قطع. وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن مالك أنه إن لم يكن معها حارس لم يقطع. وقال أصبغ: عليه القطع كان معها حارس أو لم يكن، كقناديله وحصره وبلاطه. (قال ابن حبيب: ليس ذلك كقناديله وحصره، لأن ذلك موضعه من مصلحة المسجد، وأما الفطرة فلا يقطع إلا أن يكون معها حارس، كانت في المسجد أو في غيره.
قال ابن المواز عن ابن القاسم: فإذا كان عليها حارس وإن لم يكن
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ق.
(3) بعدها كلمتان لا تقرآن.(1/408)
[14/413]
يخرج من المسجد قطع، كما قطع سارق رداء صفوان وقد أخذ من المسجد.
ولو كانت الفطرة في بيت من المسجد لقطع إذا أخرجه إلى المسجد.
قال ابن حبيب وقال ابن الماجشون: ومن سرق من ذهب باب الكعبة قطع، ويقطع في القناديل والحصر والبلاط وإن أخذ في المسجد، كان في ليل أو نهار، وحرزها في موضعها، وكذلك الطنفسة يبسطها الرجل في المسجد لجلوسه، فإن كان تركها فيه وجعلها كالحصير من حصره، فسارقها كسارق الحصر، وقال مالك (كما)(1)في طنافيس طوال كانت تترك فيه كالحصر ليلاً ونهاراً.
وقال عبد الملك: وأما طنفسة يذهب بها ربها ويرجع وربما نسيها في المسجد فلا قطع في هذه وإن كان على المسجد غلق، لأن الغلق لم يكن من أجلها ولم يكلها ربها إلى غلق، فهو قول مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال فيمن سرق رداؤه من المسجد ولو لم يكن تحت رأسه وكان قريبا منه لقطع إن كان منفذها (كذا) وكالنعلين بين يديه يكونان من المنتبه.
قلت: فقد قطع في رداء صفوان وهو نائم؟ قال: ذلك كان تحت رأسه. وقال عبد الملك في النعلين، وقاله في ثوب النائم يسرق، يريد من تحت رأسه.
وقال مالك في محارس الإسكندرية وغيرها يعلق الناس فيها السيوف، فيخرج أحدهم لضوء فيسرق سيفه فلا قطع فيه وإن خرج به السارق من المسجد، لأن صفوان لم يقم عن ردائه ويدعه، ولو كان الرجل عند سيفه لقطع سارقه إن كان السارق ممن ليس معهم، إنما جاء مثنافاً (كذا). وأما إن سرق بعضهم من بعض فتلك جناية ولا قطع فيه، وإن كان صاحبه عنده.
***
__________
(1) ساقط من ص.(1/409)
[14/414]
فيمن سرق من موضع أذن له في دخوله
مثل المنزل وغيره
وفي أحد الزوجين يسرق متاع الآخر(1)
من العتبية(2)وكتاب ابن المواز روى أشهب: فيمن دخل حانوت رجل فسرق منه فإنه لا يقطع، وقد ائتمنه في الدخول ورجف(كذا) تركه ويقول له ناولني هذا أو ليس هذا كالأقبية. فأما يدخل للسوم – يريد فيما لا يدخل إلا بإذن – فيسرق فهذا الا يقطع.
قال مالك: ومن دخل على بزاز فباع منه ثوباً ثم خرج فتناول شيئاً فلا قطع عليه.
ومن العتبية(3)قال أشهب (عن مالك)(4)من أدخل رجلاً منزله فسرق ما في كمه واختلسه فلا قطع عليه كما لو فعلت ذلك له به زوجته (أو أخوه)(5)وترك القطع فيما يشك فيه خير من القطع.
قال عيسى قال ابن القاسم في الحوانيت التي في السوق تدخل بغير إذن ليس على من سرق منها القطع.
وفي باب السرقة مما يوضع في السوق من هذا.
وروى سحنون عن ابن القاسم: ومن له دار يسكن في بعضها وفي بعضها حوانيت وليس معه فيها غيره وهي محجورة عن الناس، فأضاف
***
__________
(1) هذا العنوان ناقص بسبب طمس بعض عباراته.
(2) البيان والتحصيل، 16: 224.
(3) البيان والتحصيل، 16: 224.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط أيضاً من ص. وفيه بدله: إذا جبره. وهو تصحيف.(1/410)
[14/415]
ضيفاً في بعض الحوانيت وبقية الحوانيت مغلقة فسرق الضيف من بعض تلك الحوانيت وليس هو فيها نازلاً، قال: لا قطع عليه(1).
ومن كتاب ابن المواز قال: (مالك)(2)ومن أضاف رجلاً في داره وهي غير مشتركة فسرق من بعض بيوتها وهي محجورة عنه(3)فلا يقطع وكذلك لو دق خزانة في البيت الذي كان فيه أو تابوتاً كبيراً فيه فسرق منه فلا قطع عليه (قال مالك)(4): وكذلك سرقة أحد الزوجين من متاع صاحبه من بيت قد حجره عن صاحبه فلا قطع عليه إن كانت الدار غير مشتركة، وإن كان فيها ساكن غيرهما ففي ذلك القطع.
وكذلك مماليكهما إذا أذن لهم في دخول الدار وهي غير مشتركة فلا قطع فيما سرق مما حجر عنه من بيوتها حتى يخرجه من الدار.
(قال عبد الله: هكذا وقع في هذا الموضع، وذكر لنا في موضع لآخر ولم يذكر حتى يخرجه، وقد تقدم قوله إنه جائز)(5).
وقال سحنون في موضع آخر في الضيف يسرق من بيت قد أغلق عنه إنه يقطع، أو خزانة في البيت مغلقة عنه أو تابوت كبير فيه فهو كالخزانة فيقطع إذا أخرج ذلك مما حجر عنه فيقطع وإن أخذ في الدار، وكذلك سرقة أحد الزوجين من صاحبه من بيت قد أغلقه عنه.
وأما غير المأذون في الدخول فلا يقطع(6)حتى يخرج به من الدار.
***
__________
(1) انظر البيان والتحصيل، 16: 252.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ص. وعبارة ق: مما حجر عنه.
(4) ساقط من ص. وفيه بدلها: لأنه جائز وهو تصحيف.
(5) هذه الفقرة ساقطة من ص.
(6) كذا في ق وهو الأنسب. وأقحمت في عبارة ص كلمة غير مفهومة.(1/411)
[14/416]
وإذا سرق المأذون في الدخول من تابوت صغير في البيت مغلق، أو سرق ذلك التابوت فلا قطع.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أدخل رجلاً داره لصنيع أو لدعوة أو لعمل يعمله (له في بيته)(1)من خياطة أو غيرها فيذهب ويدعه فيسرق من ذلك البيت أو من خزانة مغلقة أو تابوت فيه كبير يكسره ويسرق منه فلا قطع عليه.
قال مالك: هي خيانة ويعاقب. وكذلك لو سرق من بعض بيوت الدار التي حجرت عنه إلا في دار فيها ساكن آخر فيقطع هذا.
وعن قوم في صنيع فيسرق بعضهم من بيت هم فيه قال: لا يقطع، وكذلك لو كر(2)بعضهم من كم بعض أو من كفه أو سرق رداءه أو نعله فلا قطع عليه ويعاقب، لأن الحرز البيت، وليس الكم في هذا حرزاً. ورواه أشهب وابن وهب عن مالك. وكذلك الأجير.
وقال في قوم في منزل فيسرق بعضهم من بعض فلا يقطع إلا أن يكون لها بيت آخر مغلق فيسرق منه آخر فليقطع.
وقال مالك فيمن يدخل إلى قوم من قريب أو غيره فيسرق متاعهم، فإن كان ذلك على وجه الائتمان فلا يقطع.
***
__________
(1) ساقط في ص: فلا ياتون بقطع. 14- النوادر والزيادات 14
(2) كذا في ص. وفي ق مطموس.(1/412)
[14/417]
في المختلس من المحمل
والذي يشير إلى الشاة بالعلف في خارج
وفي الدار المشتركة نشر فيها بعضهم ثوباً فيسرق(1)
من كتاب ابن المواز قال مالك: من سرق من كم رجل في الطريق قطع إذا صار في يده وإن لم يبرح، وكذلك من(2)من كمه أو ثوبه أو خطفه من نائم أو مستيقظ فإنه يقطع.
قال مالك: ومن قطع من جفن السيف أو الحمائل أو النعال أو(3)مستترا كالخلاخيل، وكمن سرق من المحمل والقطار أو المتاع في المصلى فإنه يقطع.
قال عنه أشهب: وكذلك من يقطع ما في الكم بحديدة أو يدقه بحجر حتى يأخذه فإنه يقطع. قال عنه أشهب كانت مصرورة أو غير مصرورة في كمه، ذكره ابن شعبان.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يقطع المختلس. قيل: فإن اختلس من المحمل؟ قال: ما أدري ما هذا، ولكن إن سرق مستترا قطع.
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا قطع في الخلسة(4)وقاله كثير من التابعين. قال ربيعة: إلا الآخذ شيئاً بالفلاة فتلك حرابة، بخلاف الحاضرة يختلس فيها فعليه العقوبة. وكذل خلسة المرأة من المرأة. قال عطاء: تقطع اليد المختفية ولا تقطع اليد المعلنة ولا المختلس.
***
__________
(1) معظم العنوان مطموس في النسختين.
(2) كلمة مطموسة يشبه أن تكون: اختلس
(3) كلمة مطموسة في ق. ويشبه أن تكون: أسلاف.
(4) في كتاب الحدود من سن أبي داود والترمذي وابن ماجه والدرامي، وكتاب قطع السارق من سن السناني بلفط: ولا على المختلس قطع.(1/413)
[14/418]
ومن العتبية(1)قال أشهب عن مالك: في الذي يشير إلى الشاة بالعلف ( من خارج )(2)وليس أبوابها حرزا لما فيها وهي كالدروب تغلق بالليل وتباح بالنهار. ومن نزل بها موضعاً ووضع متاعه وتابوته وكان لا ينقلب به ليلا ولا نهارا فعلى من سرقه القطع وإن أخذ ولم يخرج من باب تلك الدار والقيسارية(3)
قال مالك في هذه التي من طريق أنس ابن مالك يكون الرجل فيها نائما على لحافه أو يقوم عنه ويدعه فيسرق، أو دابة من مربطها بعناية، ففي ذلك القطع حين يأخذه وإن لم يخرج من الدار، فأما ما يجده مطروحا إنما نسيه أو سقط منه فلا قطع فيه. وقد قطع سارق رداء صفوان من تحت رأسه وقد أخذ قبل أن يخرج به.
قال فيه وفي العتبية(4)أشهب عن مالك في دار مشتركة قال في كتاب محمد: وهي طريق، قال في الكتابين: يكون للرجل فيها شاة وللآخر شاتان فيغلق الباب فتسور رجل الجدار فسرق شاة قال: يقطع.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في قوم اقتسموا دارا فحظر كل واحد منهم على نفسه بقصب فأدخل فيه دابته. فاحتلها أحدهم فلا يقطع لأنه يقول: مطرنا ( كذا ) رجعت ( أو يقول بل )(5)وجدتها إنفلتت. قال مالك: ولو أخرجها من بعض البيوت لقطع. قال أشهب: إن كان ذلك الحظير ليس يحرز على أهل الدار ففيه إشكال. والمضاء في العفو أولى.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 227 و 258.
(2) ساقط من ص .
(3) في هذه الفقرات خل وبتر في النص لم نستطع إصلاحه من ق لضعف تصويرها حتى لا تكاد تقرأ، وكذلك من العتبية التي كثيرا ما ينقل المؤلف عنها بالمعنى.
(4) البيان والتحصيل، 16: 217.
(5) زيادة في ص.(1/414)
[14/419]
قال محمد: ولو سرقها أجنبي لقطع إذا أخرجها من ذلك الحظير ومربطها.
ومن العتبية(1)قال سحنون عن ابن القاسم : إذا كان في الدار المحجورة عن الناس بئر يستقي منها الأشراك فينسى بعضهم على البئر تورا أو قدحا أو غير ذلك فسرقه أجنبي فأخرجه من الدار إنه يقطع. ولو نشر في الدار بعض الأشراك ثوبا فسرقه أجنبي قطع، ولا يقطع إن سرقه بعض أهل الدار المشتركة.
وقال أصبغ عن ابن القاسم في دار نهى صاحبها أن يغلقها فتبيت مفتوحة، ولكن ليست التي تدخل بغير إذن، كالتي لا تدخل إلا بإذن.
في حرز الدواب ومواضعها وسرقتها
من كتاب ابن المواز قال أشهب: قيل لمالك إن ابن المسيب يقول: من احتل بعيرا من عقاله فذهب به أو قطع صرة قطع، قال : أصاب.
قال مالك: ومن حل بعيرا من القطار قطع. وإذا سيقت غير مقطورة فمن سرق منها قطع والمقطورة أبين. وكذلك الروابل ( كذا ). ولو قال: أخذته من آخر القطار قطع إذا برز به من الإبل، إلا أن يقول: وجدته قد انقطع فلا يقطع.
قال مالك: ومن حل بعيرا من عقاله فأخذه قطع إذا كان البعير بحضرة القوم. وكذلك من دخل المسجد أو الحمام وترك دابته ببابها فسرقت، فلا قطع فيها إلا أن يكون معها أحد.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 252.(1/415)
[14/420]
وأما الدابة بقبائها المعروف(1)مربوطة أو على مذودها، أو البعير المعقول بمعتلف له أو بموضع معروف يأكل عليه، فمن سرقه من مثل هذا قطع. وأما إن كان ليس بقباء (كذا) معروف وكان مخلى سبيله فلا يقطع.
ولو شاء قال: وجدته ضالاً.
(قال ابن حبيب)(2)قال أصبغ من قول مالك: من سرق دابة من مربطها المعروف قطع. قال أصبغ: وإن لم تربط فيه إلا العشرة (أيام)(3)ونحوها، فذلك مربط معروف يقطع إن سرقها منه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ربط دابته في مرج فسرقت، فإن كان عندها حارس قطع، وإلا فلا، كان في ليل أو نهار.
وقال يحيى بن سعيد: إن كانت في حائط أو حجر قطع. قال محمد: ما لم تكن مطلقة ترعى، فأما إن كانت في مرج ينقل إليها العلف وعندها حارس ففيها القطع. وقال مالك في الدواب(4)في الربيع وقومتها معها فتسرق منها دابة وهي على وتدها مربوطة. قال: هذا من ناحية الرعي فلا يعجبني القطع فيها. قال ابن القاسم: فهي حريسة الجبل.
قال مالك: وإذا كانت الدواب أو الإبل تساق إلى المرعى غير مقطورة(5)فيسرق منها، قال: يقطع ما لم تنته إلى الرعي، والمقطورة أبين. وكذلك إذا لحق (كذا) من الرعي فهي راجعة تساق غير مقطورة وقد خرجت من حد الرعي ولم تصل إلى مراحها فتسرق في تلك الحال، قال: يقطع سارقها.
***
__________
(1) كذا في ص. وهي مطموسة في ق ولعها بخبائها.
(2) زيادة في ص.
(3) ساقط من ص.
(4) صحفت عبارة ص: وقال ما الذي في الدواب.
(5) في ص: غير معطول. وهو تصحيف.(1/416)
[14/421]
قلت: (وكيف)(1)وقد جاء حتى يأويها المراح؟ قال: وكذلك في التمر حتى يأويه الجرين، فلو حمله أحد إلى الجرين أو إلى بيته أو حمل على دابة فسرق من عليها ألا يقطع؟ وإنما يؤخذ في الحديث بما أريد.
قال مالك في الدواب عليها الروامل(2)فيقف السارق في الطريق فيأخذ منها دابة، قال: يقطع إذا تنحى بها.
وقد ذكرت هذه المسألة في باب سرقة الثمار وحريسة الجبل من كتاب ابن حبيب، وفي باب السرقة ما يوضع في السوق من معاني هذا الباب.
في سرقة العبد وحده أو مع أجنبي
من مال سيده أو من مال ابنه الحر
أو ابن سيده أو من أجنبي
وفي سرقة الأب الحر من مال ولده
من كتاب ابن المواز قال: ويقطع العبد والأمة في السرقة وإن لم يكونا مسلمين، ملكهم مسلم أو كافر إذا سرق من مال غير سيده، ولا يقطع في مال سيده، وإن أحرز عنه ونقب (عليه)(3)ليلاً فلا يقطع فيه.
وإن سرق من متاع زوجة سيده من بيت أذن له في دخوله لم يقطع، فإن كان لم يؤذن له فيه قطع إن كان مستتراً. وكله قول مالك.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا بالراء المهملة، وهي – كما في لسان العرب: نواسج الحصير. ويحتمل أن تكون بالزاي وهي يحمل عليها من الإبل وغيرها. ولعل ما قبلها: معها.
(3) ساقط من ص.(1/417)
[14/422]
وكذلك عبد الزوجة يسرق من مال الزوج، فهذا المعتق والمكاتب مثله.
قال وكذلك (إن سرق)(1)عبد فيه شرك من مالك أو (مال)(2)عبد لم يقطع. ولو سرق عبدك أو مكاتبك أو مدبرك من مال عبد آخر أو مكاتب أو مدبر مما حجر عنه لم يقطع.
ومنه ومن العتبية(3)من سماع ابن القاسم: وإن سرق العبد من مال سيده قطع.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا سرق عبدك من وديعة عندك لأجنبي من بيت لم يؤتمن على دخوله لم يقطع، ويقطع فيها الأجنبي. وكذلك ما استعرت أو استأجرته يقطع من سرقه منك.
قال ابن القاسم وأشهب: وإذا سرق عبدك من أجنبي (شيئاً)(4)من بيتك فإن كان البيت محرزاً عنه لا يؤذن له في دخوله قطع الأجنبي (قال أشهب:)(5)وإن لم تبلغ سرقتهما إلا ربع دينار. قالا: وإن كان من موضع أذن لعبد في دخوله لم يقطع الأجنبي وكذلك أجيرك.
قالا: وإن سرق كبير وصغير ما قيمته ثلاثة دراهم قطع الكبير وحده. قال أصبغ: وقاله بعض فقهاء المدينة.
قال ربيعة: وإن سرق عبدك من مال لك فيه شرك من موضع محروز عنه(6)قطع. وقال ابن وهب عن مالك إنه إن سرق أكثر من نصيب سيده – يريد ثلاثة دراهم – قطع.
***
__________
(1) ساقط أيضاً من ص.
(2) زيادة في ف.
(3) البيان والتحصيل، 16:215. وفيه ابن سيده. ولعل كلمة (ابن) سقطت من النسختين.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: من موضع في ورعه.(1/418)
[14/423]
قال محمد: واختلف قول مالك(1)في هذا، وأحب إلي(2)إن سرق ما قيمته دراهم قطع. وكذلك إن كان شريك سيده أحرزه عن سيده. وأما إن كان سيده هو أحرزه فلا يقطع كما لو سرق وديعة عند سيده ببيت محروز عن العبد(3)فلا يقطع، وتقطع يد الأجنبي في السرقة.
ومن العتبية(4)روي أبو زيد عن ابن القاسم في عبد يدخل مع أجنبي فيسرق من بيته فلا يقطع، وغرم ما يسرق على الحر خاصة. قال عنه محمد بن خالد في عبد سرق من مال ابنه الحر، قال لا يقطع، وكذلك من مال ابنه العبد له حتى ينزعه من سيده.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا سرق والدك وأجيرك من حرز فأحب إلي أن لا يقطع وإن كانت قدر ثلاثة دراهم لشبهة إذن الأب.
ومن العتبية(5)روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن جمع(6)شيئاً من الزكاة يقسمه بين المسلمين فأدخله في بيته وأغلق عليه ثم طالب عبده بفتح الباب فسرق منه أنه يقطع، وبلغني ذلك عن مالك والبيت مما(7)لم يأتمنه مولاه على دخوله، ولو كان يأتمنه مولاه على دخوله وفتحه لم يقطع.
قال ابن القاسم في عبيد الخمس(8)يسرقون من الخمس إنهم يقطعون. وإن سرق عبيد الفيء(9)قطعوا.
***
__________
(1) في ص محمد وهو تصحيف.
(2) عبارة ص مصحفة: في هذا لأصحابه أبى.
(3) هذه عبارة ق وهي صحيحة. وصحفت في ص: عند سيده محروز من سيده.
(4) البيان والتحصيل، 16: 215.
(5) البيان والتحصيل، 16: 261.
(6) في العتبية: وسئل عن وال جمع.
(7) في ص: والبينة ما.
(8) صحفت في ص: عبيد الخمير. وتكرر مصحفاً.
(9) صحفت عبارة ص تصحيف شيعاً: عبيد بالغين من البئر.(1/419)
[14/424]
ومن كتاب ابن المواز: ويقطع الابن في سرقة مال أحد أبويه، ولا يقطعان في سرقتهما ماله. واختلف في الجد فقال ابن القاسم: لا يقطع، وقال أشهب: يقطع. قالا: ويقطع من سواهما(1)من القرابات.
في السارق يدع الباب مفتوحاً فيسرق غيره
أو يسرق السرقة من السارق سارق آخر
أو يختلسها أو يشتريها
من كتاب ابن المواز: وإذا سرق وترك الباب مفتوحاً فذهب من البيت شيء آخر (قال مالك)(2)فإن كان أهله فيه لم يضمن ما تلف بسببه، وإن لم يكن فيه أحد ضمن ما ثبت أنه ذهب منه بعد تركه إياه مفتوحاً.
قال عبد الملك (في السارق يسرق أولاً ويقطع ثم يسرق بعده الثاني، قال)(3)يقطع الثاني(4)أيضاً لأنه سارق فإن كان(5)ضمن الأول ما سرق الثاني ولا رجوع له بذلك على الثاني، ولا يضمن الأول ما سرق بنفسه.
وقال ربيعة ومالك وابن القاسم وأشهب: ومن سرق سرقة فسرقها منه آخر، ومن الثاني ثالث. قطعوا ولو كانوا مائة فسرقها واحد من آخر. قطعوا.
***
__________
(1) في ص: من سرقاهما. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(4) في ص: يسرق الثاني. وهو تصحيف.
(5) بعدها كلمتان مطموستان في ق. وفي ص كلمتان محرفتان: غيريمين.(1/420)
[14/425]
قال محمد: فإن تلفت من الآخر فلربها أن يختار من شاء من الموسرين منهم فيضمنه ولا يتبع من ليس مليا بشئ. ولو سرقها الأول واختلسها منه الثاني، أو سرقها من غير حرز وهما عديمان، لم يضمن إلا الثاني، وربها أحق بما يأخذ منه من غرماء الأول ( وكما لو باعها لسارق فأكلها المبتاع أو باعها والسارق عديم مديان )(1)فلربها أن يأخذ من الثاني قيمتها يوم السرقة إن أكلها بقرب السرقة، وإن باعها المشتري فإنما عليه الثمن الذي قبض ما بلغ، ويرجع المشتري على السارق بما دفع المشتري إلى ربها، إلا أن يكون ما دفع إلى السارق أقل منه، فيأخذ منه الأقل، وإن كان على السارق دين خاص(2)وإنما يرجع المشتري على البائع بأقل الأمرين ما قبض منه ربها أو قبضه منه السارق ويحاص به غرماءه.
فيمن تلزمه قيمة السرقة إذا سرق
ومن لا تلزمه ومن استهلك في الحرز والسرقة تباع
من كتاب ابن المواز: قال مالك وأصحابه: ومن سرق ما لا يجب فيه القطع إما لقلته أو لأنه من غير حرز أو لغير ذلك فإنه يتبع به في عدمه ( وحاص غرماءه. وإذا كان ملياً يوم القطيع(3)متصل من يوم سرق إلى يوم قطع، وإلا لم يتبع )(4)وإن كان الآن ملياً بعد عدم تقدم له. قال مالك: وهو الأمر المجتمع عليه عندنا.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: خلص. وهو تصحيف.
(3) طمس بقدر نصف سطر.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/421)
[14/426]
قال مالك: ولو كان يلزمه الغرم إذا أيسر بعد عدم لكان ذلك في رقية العبد إذا عتق. ( قال محمد )(1)ولو قطع وهو ملي من يوم سرق إلى يوم قطع ثم أعدم بعد القطع قبل أن يغرم، قال أشهب: لا شيء عليه إلا في الشيء الذي سرق منه، وقال ابن القاسم: يتبع بهذا ديناً، وإنما ينظر إلى يوم أقيم الحد. قال: وإذا قطع وهو عديم فوجدت السرقة بيد مبتاع فليأخذها ربها، ويتبع المبتاع السارق ديناً في عدمه ويحاص به غرماءه.
قال: ولو أن المشتري أكلها أو باعها وهو الآن عديم فلربها أن يتبعه بها في عدمه، فإن أيسر السارق قبله رجع عليه ربها بالأقل من قيمتها يوم أكلها المشتري، أو الثمن الذي(2)دفع إلى السارق، لأنه إنما له إما قيمتها يوم سرقت أو قيمتها يوم أكلها المشتري ( فيأخذ من السارق الأقل من القيمتين أو من الثمن الذي قبض. فإن كانت قيمتها يوم أكلها المشتري )(3)أكثر رجع على المشتري بتمام ذلك يتبعه به ديناً. وإنما رجع ( بما ذكرنا )(4)على السارق لأنه عديم بغريمه(5)المشتري، ولو يكن للمشتري لو غرم أن يرجع عليه إلا بالثمن، فإن كان هو أقل من القيمة لم يأخذ ربها من السارق غيره، وإن كان قيمتها يوم السرقة أقل منه لم يكن لصاحبها عليه إلا قيمتها يوم سرقت منه.
قال ابن القاسم: وإذا سرق ولا يدان له ولا رجلان قد قطعوا في سرقات أو غيرها، فإنه يعاقب ويسجن. وأما اتباعه في عدمه فابن القاسم يرى أن يتبع(6)لأنه لم يقطعه، وقال أشهب: لا يتبع لأنها سرقة يجب فيها القطع. أرأيت لو كان عديماً ومات قبل يقطع أيوخذ مما ترك؟ هذا ما لا يكون.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ق وهو صحيح. وعبارة ص مصحفة: من قيمتها والمشتري الذي.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.
(5) في ص: عديم لقرية. وهو تصحيف.
(6) في ص: يروي أن لا يتبع. وهو تصحيف شنيع.(1/422)
[14/427]
قال محمد: هذا أحب إلي، وقد قال ابن القاسم فيمن سرق فلم يقطع حتى زنى فرجم بعد أن أيسر وقد كان عديماً يوم السرقة، إنه لا يتبع، لأنه كمن قطعت يده لدخول القطع في القتل.
قال مالك: ومن أقر بالسرقة من غير محنة ثم رجع فإنه يقال ولا يقطع ويلزمه الغرم ويتبع به في عدمه، وهذا أحسن لأنه رجع عن عقوبة تدفع الغرم، وهو من حقوق الناس لا يقبل فيه رجوعه. ولو ثبت على إقراره لم يتبع في عدمه ويقطع.
قال: ومن سرق سرقات متقاربة من غير واحد فقام له أحدهم فقطع وليس له إلا قدر قيمة سرقة القائم، ثم قام الباقون، فقال ابن القاسم: يدخلون كلهم في تلك القيمة بالحصص إن علم أن ذلك لم يزل في ملكه منذ سرق أول سرقة. وقال أشهب: لو كانوا اجتمعوا لكانوا فيه إسوة. قال محمد: بل ما وجد عنده لجميعهم، والكلمفلس فلمن لم يحضر الرجوع عليهم.
وقال أشهب: لو كانت سرقة واحدة لاثنين، فقام بها أحدهما فقطع وأغرمه نصف قيمتها، ثم قام شريكه فله الدخول معه فيما أخذ. ثم إن كان السارق مليا رجعا عليه بالنصف الثاني(1)كالحق بين رجلين. وكذلك لو كان بين الثلاثة فأغرمه أحدهم الثلث وقطع، ثم قام الباقيان أدخلا معه فيما أخذ. وإذا أخذ فقطع وقد استهلك السلعة وبيده مال ادعى أنه أفاده بعد السرقة فهو مصدق، إلا أن تقوم بينة بخلاف قوله أو يوخذ بقرب ما سرق بما لا يكون فيه كسب ولا ميراث، فلا يصدق إلا ببينة.
ومن كتاب الغضب لمحمد: أن الغرماء أولى من المسروق بما في يده، إلا أن يفضل عنهم قدر قيمة السرقة فيكون ذلك لربها.
***
__________
(1) في ق النصف الباقي.(1/423)
[14/428]
ومن كتاب ابن حبيب: روى الفضل بن فضالة عن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد(1)قال ابن حبيب يعني لا يتبع بها إن لم تؤخذ هي أو يوجد له مال.
قال ابن الماجشون: إذا قطع السارق وبيده مال وعليه دين فغرماؤه أحق به، إلا أن يفضل (عن)(2)دينهم فلصاحب السرقة مما فضل قيمتة سرقته، وإن لم يفضل شيء فلا يتبعه بشيء، وذلك أن حق غرمائه في ذمته، وصاحب السرقة إنما له القيمة في وجده إن لم يجد سرقته. وأما إن وجد سرقته بعينها فهو أحق بها من الغرماء. ولو وجد قد أحدتها سلعة(3)بعينها فربها مخير إن شاء أخذها وأجاز البيع، وإن شاء ببيعت له وأخذ من ذلك قيمة سلعته، وما فضل فللسارق، وإن نقص(4)لم يتبعه. ولو كان ثمنها عيناً وعرف أنه بعينه ثمنها(5)فربها أحق بها من الغرماء.
قال: وللآخذ منه القيمة أو الثمن على أنها فاتت ثم وجدها بيد المبتاع، فله أخذها، ويرجع المبتاع على بائعه إن كان غير السارق، ويرجع الذي باعه على بائعه إن كان السارق، ويرجع السارق على ربها بما دفع إليه.
قال ابن الماجشون: ولو وجدت مشتريها من السارق قد أكلها أو أبلاها فأنت مخير: فإن شئت أخذت من هذا القيمة فيما له قيمة، والمثل فيما نقص بمثله وترد إلى السارق ما أخذت منه ويرجع المبتاع على السارق
***
__________
(1) في باب السارق من سنن النسائي.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ق. وعبارة ص: ولو وجدها آخذها سلعة. ولعل الصواب: ولو وجده قد استبدل بها سلعة. فهذا مقتضى السياق.
(4) في ص: وإن لم يفضل. وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: يعنيه منها.(1/424)
[14/429]
بالثمن. وأما إن كان المبتاع باعها أو أكلها فلا شيء عليه إلا أن تجيز البيع إن باعها وتأخذ الثمن فذلك(1)ويرجع بائعها على السارق بثمنه ويأخذ منه السارق ما أعطاه.
ومن كتاب ابن المواز: وما أكل السارق في الحرز أو أفسد اتبع بقيمته في عدمه، وكذلك إن دخل حائطاً فأكل من ثمره المعلق أو أفسده ولا يزاد على قيمته. وروى أشهب عن مالك: أن عليه قيمته الأكثر منه ويؤدب.
قال محمد: إن كان تمراً فعليه مكيله إن عرف، وإن كان رطباً(2)قائماً وقد تلف فإنما فيه قميته إذ لا يقدر على مثله، ولو قدر لكان أخذ مثله ضرراً إلا في اليسير.
ومن العتبية(3)روى أبو زيد عن ابن القاسم في ثلاثة دخلوا بيت رجل فسرقوا ما يجب فيه القطع فقطعوا، وواحد منهم ملي(4)فإنه يضمن قيمة جميع السرقة.
وقد مر من ذكر ضمان السرقة شيء في باب من أحدث فيما سرق حدثاً والسرقة ببلد إلى بلد أو تتغير بيد السارق بفعله أو بغير فعله.
***
__________
(1) كذا في النسختين. ومقتضى السياق: فذلك لك.
(2) في ص: وطئاً. وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل، 16: 261 - 262.
(4) في ص: علي. وهو تصحيف.(1/425)
[14/430]
فيمن أحدث فيما سرق حدثاً
أو ضيعه في الحرز أو استهلكه
أو بعد أن أخرجه أو نقله إلى بلد
أو تغير في يديه بغير سببه
ومن سرق زعفراناً فصبغ به
من العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم، ونحوه في كتاب ابن المواز في السارق يذبح الشاة في الحرز ثم يخرج بها مذبوحة فإن سويت مذبوحة ما فيه القطع قطع، فإن كان له مال يوم سرق ضمن قيمتها حية (وإن لم يكن له مال اتبع بما بين قيمتها مذبوحة وقيمتها حية)(2)فهذا مما لزمه في الحرز وما لم يقطع فيه، وما بيع من ذلك في عدمه.
وكذلك كل ما أفسد في الحرز أو كسر من جرة زيت أو سمن أو حرق ثوباً فهو يضمنه وإن قطع وكان له مال أو لم يكن لأنه لم يقطع فيه وإنما قطع في قيمته والخروج(3)به. وكذلك لو قطع ثوب وشيء(4)في الحرز خرقاً ثم خرج بها وقيمتها ثلاثة دراهم لضمن قيمته صحيحاً في ملائه، و إلا أن يشاء ربها أخذ الخرق، فإن أخذها فلا شيء على السارق. وإذا لم يأخذ الخرق فله تضمينه(5)ما بين قيمته صحيحاً وقيمته مقطوعاً، كان له مال أو لم يكن، يريد إلا أن ذا المال يضمن الجميع.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 233.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) هذه عبارة في سلمية. وصحفت في ص: وإنما قطع وأخرج.
(4) في ص: ثوب وشيء. وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: فلا يضمن.(1/426)
[14/431]
ولو ابتلع ديناراً في الحرز وخرج لقطع. وإن أكل طعاماً في الحرز يسوى ما فيه القطع لم يقطع وعوقب واتبع في ملائه وعدمه، قلت قيمته أو كثرت.
ومن كتاب ابن المواز قال: وكذلك كل ما أفسد(1)في الحرز ولم يخرج منه شيء وإذا دهن رأسه بدهن في الحرز، قال أشهب: أو غالبه ثم خرج (منه بشيء)(2)فإن كانت قيمته بعد خروجه ثلاثة دراهم قطع.
قال أشهب: يعني(3)بعد ذلك ثلاثة دراهم وإن كان قد تلف في رأسه قبل يخرج، ولا تنزع منه إذا غسل أو(4)ما يسوى ذلك لم يقطع.
وإذا دخل الحرز بثوب (له)(5)فصبغه بزعفران من الحرز وخرج به، فإن زادت قيمته يوم خرج به ثلاثة دراهم قطع، وليس كالدهن التي يتلف(6)في الرأس، لأن ذلك لا يزيد في قيمة العبد أو الحر. قال: ويلزم السارق قيمة الزعفران إن أكله في ملائه، وأما في عدمه وقد قطع، فأما ما زادت قيمة الثوب بالصبغ كأن زادت عشرة دراهم فلا يسقط عنه لأنه عذر(7)في الثوب، يريد ولم يهلك الثوب، وأما باقي قيمة زعفرانه فله أخذه من باقي ثمن الثوب إن لم يكن على السارق دين، فإن كان على السارق دين تحاصوا، مثل أن يكون ثمن الزعفران ديناراً ويصبغ الثوب في الحرز، وقيمته أبيض نصف دينار فصار يسوى ديناراً فإنما قطعت يده في نصف دينار، والنصف الآخر لزمه فيما أخذ من داخل الحرز، فإن كان عديماً وعليه دين يحيط بالثوب فرب الثوب أولى بالثوب حتى يأخذ نصف
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: وكذلك الذي كل ما أفسده.
(2) ساقط من ص.
(3) كلمات مطموسة بقدر نصف سطر.
(4) كلمة مطموسة.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: يثبت، وهو تصحيف.
(7) طمس كلمتين.(1/427)
[14/432]
دينار(1)والذي زاد في الثوب إن قطع فيه لأن غير شبيه (كذا) فهو أولى به من غرمائه، ثم تحاص الغرماء نصف الدينار الذي لزم السارق في الحرز ولم يقطع فيه. وسواء كان دين السارق لزمه قبل يسرق أو بعد.
ولو أخرج الزعفران من الحرز وقيمته دينار فصبغ به ثوبه فزاد به نصف دينار، وعليه دين، فرب الزعفران أولى بالثوب حتى يقبض ما زاد فيه وهو نصف دينار، ويكون الغرماء أحق(2)بما بقي من الثوب لا يحاصهم رب الزعفران بما بقي لأنه قطع فيه، ولم يبق منه عين قائمة.
كما لو صبغ صباغ ثوباً وقبضه ربه وقام الصباغ بحقه(3)فإنما يكون الصباغ أحق بما زاد الصبغ في الثوب، وحاص بما بقي.
وإذا لم يزد في قيمة الثوب الذي صبغه السارق بالزعفران الذي سرق حيث قطع(4)فيه وهو عديم فإنه لا يتبع السارق بشيء، وغرماؤه أحق بالثوب. قال: وليس مثل أن يكون الثوب هو المسروق فصبغه السارق بزعفران(5)هذا لا حق له فيه.
قال محمد: يريد أن غرماء السارق لا شيء لهم مع صاحب المسروق، وفيه اختلاف.
قال: وإذا سرق زعفراناً فصبغ به ثوبه ثم باعه فقام رب الزعفران والسارق عديم فرب الزعفران أحق بالثوب حتى يستوفي منه (قيمة)(6)ما زاد صبغه على قيمته أبيض. وكذلك لو باعه من ثان، والثاني من ثالث، فله ذلك فيه ويضمن(7)كما لو باع ثوبه الذي صبغه له الصباغ، هذا اليس للصباغ فيه طلب لحق صبغه إذا بيع لأنه غير متعد في بيعه.
***
__________
(1) كذا في ق وهو صواب. وصحفت عبارة ص: فيأخذ نصفه ديناً.
(2) في ص: ويكون الغرماء أخذه. وهو تصحيف.
(3) كلمات مطموسة.
(4) صحف في ص: حيث وقع.
(5) كلمة مطموسة.
(6) ساقط من ق.
(7) في ق: وليس.(1/428)
[14/433]
وإذا أفسد الطعام في الحرز أو أحرق الثوب ثم أخرج ذلك فاسداً أو محروقاً أو الشاة بعد أن ذبحها، فإن كان قيمة ذلك على ما هو به من الإفساد أقل من ثلاثة دراهم لم يقطع، ولتبع بجيمع القيمة في ملائه وعدمه. وإن بلغ ذلك فاسداً ثلاثة دراهم فأكثر قطع ولا يتبع في عدمه بذلك، ويتبع بما زاد من القيمة في الحرز بما أحدث فيه من الفساد في عدمه، لأنه لم يقطع فيه.
قلت فهل ربه أحق(1)بما وجد من متاعه(2)وإن قطع فيه فيتبعه بما لزمه بالفساد مما لم يقطع فيه؟
قال: في الفساد الكثير فليس هو أحق به وإن قطعته فيه، لأني لا أسلمه إليه إلا بعد وجوب القطع فيما خرج به، فإن شاء أخذ ذلك بما لزم السارق داخل الحرز في الفساد فذلك له ما لم يكن على السارق دين فيحاص غرماءه (بما فيه)(3)بقدر ذلك، وإن لم يكن فساد كثير فله أخذه.
وقال ابن القاسم: وله من ذلك أن يبيعه بما نقصه فعله في الحرز.
محمد: وهو أحب إلي، لأنها جناية لزمته قبل السرقة إذا لم يكن(4)ذلك مبلغ التلف.
قال: ولو أخرجه ثم أفسده لم يكن له به من نقصه شيء. قال محمد: يعني ليس له أخذ ما نقصه من الفساد الكثير، فإن شاء أخذها ولا شيء له. هذا على قول أشهب، لأنه أحدث فيها بعد أن ضمنها. ولو أفسدها قبل يخرج بها فساداً كثيراً أو أتلفها تلفاً يضمنها به فلا خيار له فيه.
***
__________
(1) صحف في ص: وبه أخذ.
(2) في ص: من قناعة. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ق.
(4) في ص: إذا لم يصر. وقد تكرر بعد.(1/429)
[14/434]
قلت: فلم قطعته فيما خرج به وقد ضمنته إياه قبل يخرج به(1)حين ذبح الشاة ثم أخرج اللحم وهو يسوى ثلاثة دراهم؟
قال: لأن ذلك اللحم ليس بحلال له بيعه، ولو(2)مكانه لم يكن له أكله حتى يقضى عليه بالقيمة. ألا ترى لو قطع يد السارق ثم أخرجها لقطعته، وقد لزمته قيمتها بما فعل.
ولو سرق أمة أعجمية من حرزها وأصابها عنده عيب مفسد يلزمه به قيمتها فوطئها بعد ذلك لقطع وحد للزنا إن كان بكراً، وإن كان محصناً رجم ولم يقطع.
قال: ومن سرق ثوباً فصبغه بعد أن أخرجه فقطع فيه، فإن ربه مخير: إن شاء لزمته قيمته ويباع فيأخذ ربه من ثمنه قيمته، ويأخذ السارق ما بقي. وإن عجر ثمنه عن قيمته أبيض(3)لم يتبع بما بقي في عدمه، وإن كان عليه دين فالغرماء أحق بثمنه دون ربه، لأنه أسلمه وفات بالبيع، وليس لربه نقض بيعه ولا أخذ(4)ثمنه، لأنه بعد إسلامه بيع وليس هو ثمن سرقته بعينها.
قال: ولو شاء أخذه مصبوغاً فذلك له. واختلف في الصبغ هل عليه فيه شيء. فقال ابن القاسم في كتاب السرقة إنه ليس له أخذ الثوب بحال وإن دفع قيمة الصبغ.
وفي كتاب (ابن)(5)سحنون عنه أنه قال: له يأخذه ويدفع قيمة الصبغ. وقال في كتاب الغصب: إن شاء أخذه ودفع قيمة الصبغ، وإن شاء أسلمه واتبعه بقيمته أبيض. فهذا عندنا ما لم يكن عليه دين.
***
__________
(1) هذه عبارة وهي سليمة. وصحفت في ص: ولم يخرج به.
(2) كلمة مطموسة.
(3) في ص: عن قيمته أيضاً. وهو تصحيف.
(4) عبارة ص مصحفة: وإلا أخذ.
(5) سقط (ابن) من ص: قال سحنون.(1/430)
[14/435]
واختلف أيضاً قول أشهب فيه،فخيره في كتاب السرقة في ثلاثة أوجه: إن شاء أخذ قيمته يوم السرقة، وإن شاء (دفع قيمة الصبغ وأخذ ثوبه، وإن شاء كان شريكاً فيه بقيمته أبيض. وقال في كتاب الغصب: إن شاء ألزمه قيمته يوم سرقه، وإن شاء)(1)أخذه مصبوغاً ولا غرم عليه في الصبغ(2)كمن غصب داراً فبيضها وزوقها. وهذا الثابت من قوله وبه أخذ أصحابه أصبغ وغيره، لأنه متعد في الصبغ. بخلاف المفلس(3)وقد صبغ ثوباً اشتراه، فهذا ليس له أخذه(4)حتى يدفع قيمة الصبغ إذ لم يتعد في صبغه، فكما يفرق(5)بناء المشتري في عرصة اشتراها وبناء الغاصب فيها لو قبضها(6)، فإذا لم يكن لما بناه الغاصب قيمة أو قام لأخذها ربها فلا شيء عليه، بخلاف تفليس المشتري بعد أن بنى. ولو غصبه خشبة فعمل منها باباً لم يكن له أخذها وإن أعطاه قيمة الصنعة، وإنما له قيمة الخشبة.
قال ابن القاسم وأشهب: وكذلك ذكر في التفليس ليس لبائع الخشبة إلى الباب سبيل.
ولو سرق نحاساً فعمل منه قمقماً بعد أن أخرجه ثم قطع ولا مال (له)(7)فاضطرب فيه ابن القاسم، فقال لا يأخذ القمقم وإن أدى قيمة الصنعة(8)، مثل نقرة الفضة يضربها دراهم فليس له أخذها وإن غرم قيمة الصنع(9).
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: في الغصب. وهو تصحيف.
(3) صحفت عبارة ص: وهذا المفلس.
(4) كذا في ق وهو صحيح. وصحف في ص: ليس ثوبه أخذه.
(5) كذا في ق وهو الصواب. وصحفت عبارة ص: ولما يعترق.
(6) في ص: أو غصبها، وهو تصحيف أيضاً.
(7) ساقط من ص.
(8) في ص: قيمة الصبغ. وهو تصحيف كذلك.
(9) صحف في ص أيضاً: قيمة الصبغ.(1/431)
[14/436]
وقال أشهب: في النقرة(1)مثل قول ابن القاسم، واختلف في (في قوله)(2)في النحاس، فقال له أخذ القمقم ويعطي قيمة الصنعة، وإن شاء أغرمه وزن النحاس. قال محمد: وهذا أحب إلي.
قال محمد: ولم يكن له أخذ الدراهم لئلا يظلم السارق بذهاب صنعته. وليس ذلك كالشيء بعينه كالدار والثوب إذا أخذهما وأعطاه قيمة الصنعة. وفصل بين الصفتين، وبهذا احتجا، ولم يرو فيه ابن القاسم عن مالك شيئاً. وليس في النحاس حجة إلا إحالته(3)عن حاله.
وأما سارق الحنطة يعمل منها سويقاً ويقطع(4)، قال ابن القاسم وأشهب: فليس لرب القمح أخذ السويق ولكن يباع ويشترى له من ثمنه مثل حنطته، وما فضل لسارق، وما عجز فلا يتبع بشيء في عدمه.
قال أشهب: وليس كالصبغ(5)الثوب أو قطعه(6)على العود، وهذا كله قائم بعينه وإن صنع الثوب وقطع، والقمح كالخشبة يعمل منها باب.
قال ابن القاسم فيمن غصب(7)عموداً أو خشبة وبنى عليها قصراً، فلربه أخذه وإن أخرب بنيانه. واستحسن أشهب أنه إن كان يخرب بنيانه أن لا يأخذ إلا قيمة يوم السرقة.
***
__________
(1) في ص: له غرة. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ق.
(3) في ص: إجابته. وهو تصحيف.
(4) هذا مقتضى السياق. وفي النسختين ما يشبه النفي: ولا يقطع. وهو لا ينسجم مع ما في آخر الفقرة أنه لا يتبع في عدمه بشيء.
(5) كذا في ق. وهو الصواب وعبارة ص مصحفة: ويشمل كصباغ.
(6) كلمة مطموسة.
(7) في ص: صبغ وهو تصحيف.(1/432)
[14/437]
قال أشهب: وإذا قطع الثوب جبة أو قلانس أو عمل به لحافاً(1)فلربه أخذه وقيمته. وقال ابن القاسم. قال محمد: هذا في عمله(2)إياه ظاهرة أو باطنة، فأما قلانس أو ثياباً فلا أدري.
ومن العتبية(3)روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق فضة أو ذهباً فصاغها حلياً أن عليه مثلها، وليس للمسروق منه أخذ الحلي، وكذلك الحديد يعمل منه سيفاً، والكتان والغزل ينسج منه (ثوباً، وإنما عليه مثله. وأما الحنطة يصنع منها دقيقاً ويعمل منها)(4)خبزاً. فأما في الخبز فعليه مثل الحنطة إن وجد، و إلا فقيمته. وأما إن طحنه فأنا أشك فيه أن يكون له أخذه وقد قيل ذلك عمن قضى. وأنا أرى أن عليه مثل الحنطة والخبز أبين.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن سرق فضة فصاغها حلياً أو صفراً فعمله آنية، أو ثوباً فصبغه أو خاطه أو جعله ظهارة أو بطانة لجبة أو ظهار قلانس أو بطائن، أو خشبة فعمل منها باباً أو بابين، أو حنطة فطحنها، فكل ما افترى فيه من هذا فلا يقدر على أخذ صنعته إلا بأن يشارك فيه، فإن لرب السرقة أخذها بما في ذلك من الصنعة بلا غرم شيء نقصه ذلك أو زاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق(5).
وكل ما يقدر أن(6)منه ما أحدث فيه من الصنعة ولا يضر ذلك المسروق منه فذلك له، و إلا فلا شيء له، ويبقى الثوب لربه مصبوغاً والقمح المطحون والفضة والنحاس المعمولان، والباب والتابوت.
***
__________
(1) قلبت كلمات في هذه الجملة. والتصحيح من ق.
(2) في ص: جعله.
(3) البيان والتحصيل، 16: 245.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(5) في الأقضية من الموطأ، والحرث من صحيح البخاري، والإمارة في سنن أبي داود، والأحكام من سنن الترمذي.
(6) كلمة مطموسة.(1/433)
[14/438]
وأما الثوب المخيط والمقطع كظهائر أو قلانس أو بطانة لجبة فله أن يعترف (كذا) ذلك ويأخذ لأنه (عين)(1)شبيه بعينه، إلا أن يشاء أن يسلم إليه ذلك ويأخذ قيمته.
والمسروق منه والمغصوب سواء، وأصل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق. وقد قال مالك في غاصب الأرض يبنيها أو يزوقها ويجصصها فإن له أخذها(2)، ولا يأخذ منها الغاصب إلا ما يقدر على (أخذه)(3)مما له قيمة إذا نقض، فيأذن له في أخذه أو يعطيه قيمته منقوضاً. فهذا أصل هذا كله.
قال ابن الماجشون: وأما لو باع السارق ما سرق فأحدث المشتري فيه ما ذكرنا من الصنعة في هاته الأصناف، فلينظر ما قيمة ذلك قبل العمل فيه وقيمته بعد العمل، فإن شاء ربها دفع ذلك إليه، وإن شاء كان به شريكاً له، وهذا إذا لم يجز البيع ويأخذ الثمن أو يأخذ قيمة السرقة من السارق أو طلب غير شبيه.
قلت: فإن لم يكن عند المسروق منه(4)قيمة ما زاد فيها المشتري، هل للمشتري أن يعطيه قيمتها ويلزم ذلك ربها قياساً على حديث عمر فيمن عمر(5)أرضاً مواتاً ثم استحقت(6)أنه يدفع إليه رب الأرض العمارة. (فإن أبى دفع العامر إليه قيمة الأرض)(7)فإن أبيا كانا شريكين.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ق وهو الصواب. وعبارة ص مصحفة: فله فيها أخذها.
(3) ساقط من ص.
(4) صحفت عبارة ص: فإن لم يكن عين المسروق فيه.
(5) في ق: أحيى.
(6) في ص: استمتعت وهو تصحيف.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ق.(1/434)
[14/439]
قال قال مالك والمغيرة وابن دينار: لا يعمل من هذا الحديث بإخراج رب الأرض منها ولكن إن أبى أن يعطيه قيمة عمارته كان العامر بها شريكاً. وكذلك في هذه الأشياء التي ذكرت إن أبى المسروق أن يدفع قيمة ما زاد عمل المشتري كانا شريكين، وليس للمشتري أن يعطيه قيمة ما استحق ويدفعه عنه. فهو قول مالك والمغيرة وابن دينار وقولنا. وروى مطرف مثله وقال به، وقال أصبغ مثل قولهما.
وخالف ابن القاسم في الوجهين إن كانت السرقة مما يكال أو يوزن(1)فغيرها السارق بما ذكرنا من الصنعة أنها تبقى له ويغرم المثل لربها كيلاً أو وزناً. وكذلك رأى في الخشبة (يعمل منها باباً أو مصراعي باب إنما عليه في الخشبة)(2).
قال ابن حبيب: ولا يعجبني قوله في حديث عمر، فإن أصبغ أخذ به، وبه أخذ ابن القاسم، وبقول ما ذكرت من المدنيين أقول.
من العتبية(3)قال عيسى عن ابن القاسم: وإذا سرق زعفراناً لرجل وثياباً لآخر فيصبغها بذلك الزعفران أو العصفر فأخذ وقطعت يده، فإن كان له مال يوم السرقة لزمته قيمة الثياب والمثل في الزعفران أو العصفر، وإن لم يكن له مال ووجدت الثياب مصبوغة يتحاصان: هذا بقيمة ثيابه، وهذا بقيمة زعفرانه أو عصفره.
وهذا الباب أكثره مكرر في كتاب الغصب.
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: مما توكل ونفدت.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 247.(1/435)
[14/440]
في السرقة ينقلها السارق إلى بلد آخر
وحريسة الجبل ينضيها
والزيت المسروق يجده ربه بعينه في بلد آخر
من العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق طعاماً فنقله إلى بلد آخر فلقيه ربه به فليس لربه أخذه إلا ببلد سرق فيه، إلا أن يتراضيا على ما يجوز تراضيهما عليه في السلف.
وروى (عنه) أصبغ فيمن يسرق حريسة الجبل فينضيها أو تهزل عنده، فلربها إن شاء أخذ دابته، وإن شاد قيمتها يوم السرقة. وأما إن لم تكن حريسة فقطع فيها وله مال فلربها أخذها بغير شيء، وإلا ضمنه قيمتها. وإن لم يكن له مال فليس له إلا دابته ولا قيمة عليه ولا يتبع بشيء ( وإن كان نقصها من قبله وعمله، لأنه لو سرق ثياباً فلبسها فأبلاها أو طعاماً فأكله فقطع في ذلك ولا مال له فإنه يتبع بشيء)(2).
قال أشهب في الحريسة وإن لم يكن له مال فليتبع، وهي خيانة لا قطع فيها، ولهذا تفسير.
وهذا الباب في الغصب بعضه.
من كتلب ابن المراز: ومن سرق زيتاً فوجده ربه بعينه ببلد آخر قال مالك: فليس له أخذه، وإنما له أخذ مثله ببلد سرقه منه لا قيمته، وكذلك القمح. وقال أشهب هو مخير.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 242 – 243 و 255.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/436)
[14/441]
ضمد قطع يد السارق وكيف إن سرق مراراً
أو كانت يمينه شلاء والقاطع يقطع يساره غلطاً
وتجنب القطع في شدة البرد والحر
قال مالك في المختصر الكبير: وتقطع يد السارق ثم يحسم موضع القطع بالنار. قال في موضع آخر: كذلك في الرجل. وحد القطع في اليد من مفصل الكوع وفي الرجل من مفصل الكعبين. وذكره سحنون في المحارب.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا سرق مراراً من رجل أو من رجال وكل سرقة يجب فيها القطع، فقطع يمينه في أحدهما، فذلك لكل سرقة متقدمة، أقيم فيها أو لم يقم. ثم إن سرق بعد أن قطعت يده اليمنى في السرقة، فلتقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فيده اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى ثم إن سرق جلد وحبس، سواء هذه السرقات من رجل أو من رجال.
ولو كانت السرقة التي قطع فيها عاد فسرقها من حرزها ذلك أو غيره لقطع إذا أقيم به.
وذكر ابن حبيب حديثاً في السارق إذا قطع أربع مرات ثم سرق أن يقتل وليس بالثابت. ومالك وأصحابه على أنه يعاقب إلا أبو المصعب فإنه قال : يقتل.
ومن كتاب ابن المواز: إذا سرق ويمينه شلاء فروى ابن وهب عن مالك في الشلل البين أنه تقطع رجله اليسرى، ثم قال لابن القاسم بعد ذلك أمحها ووقف، ثم قال: تقطع يده اليسرى، وأخذ ابن القاسم بأن تقطع رجله اليسرى بعد أن كان قال تقطع يده اليسرى.
***(1/437)
[14/442]
وقال أصبغ: لا تقطع إلا يده اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى حتى يكون من خلاف. فهذا في شلل بين لا يقتص من مثله، وهذا قول أشهب.
وكذلك إن ولد لا يمين له، قال: فلا أقطع رجلاً ما وجدت يداً. وأما إن كانت اليمنى مقطوعة في سرقة أو غيرها مما أصيب فيه فلتقطع رجله اليسرى.
وذكر ابن حبيب عن أصبغ أن ابن القاسم قال مرة في الأشل اليمين أو قد قطعت قصاصاً إنه تقطع رجله اليسرى، وقال مرة: إن كان شللاً قطعت يده اليسرى، وإن كان في قصاص قطعت رجله اليسرى, وقال أصبغ: تقطع يده(1)اليسرى في الوجهين.
ومن كتاب ابن المواز قال: (مالك)(2)ومن سرق ثم قطع رجل يمينه عمداً أو خطأ فقد زال عنه(3)قطع السرقة ولا قصاص في يده في عمد ولا دية في الخطأ، ويعاقب المتعمد.
قال أشهب: وكذلك العمد في الذي وجب عليه القتل لو تعمد رجل قتله لم يقتص منه، وإن قتله خطأ فلا دية فيه.
قال محمد: وإذا قطع رجل(4)ثم سرق فإنه تقطع يمينه في السرقة، ثم إن سرق قطعت رجله اليمنى، ثم إن سرق فرجله اليسرى.
ومن سرق وقطع يمين رجل عمداً قبل السرقة أو بعد السرقة فلا تقطع يمينه بالسرقة، ولا قصاص للمجني عليه ولا دية. ولو كان إنما قطع يساره
***
__________
(1) كذا في ق وهو الصواب. وصحفت في ص: تقطع رجله.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ق وهو الصحيح. وصحف في ص: فقد العلة.
(4) كلمة مطموسة.(1/438)
[14/443]
قبل أن يسرق أو بعد، فلتقطع يداه جميعاً، اليمنى في السرقة ثم اليسرى قصاصاً.
قال مالك: ولو قطعت يسار السارق غلطاً أو أخرجها(1)بها فقطعه أجزأه ولا يعاد القطع. قال أشهب: وقد روي عن علي بن أبي طالب.
قال ابن حبيب قال مطرف في السارق يقطع القاطع يساره غلطاً إنه لا يقطع غيرها، ولا شيء على الإمام ولا على القاطع.
قال مطرف عن مالك: ومن أخذ سارقاً في بيته فعجل(2)فقطع يمينه، فإن أقام شاهدين على سرقته ما يجب فيه القطع سلم من القصاص وعوقب. (قال مطرف: ولو أن هذا إنما قطع يساره له بعد القطع)(3)وداه وعليه الأدب.
وقال ابن الماجشون: وليس خطأ الإمام أو القاطع(4)مما يزيل القطع من اليد التي أمر الله سبحانه بها، وليقطع يمين السارق ويكون عقل يساره في مال الإمام خاصة إن كان هو المخطيء أو في مال الذي قطعه في بيته. وإلى هذا رجع مالك. قال ابن حبيب: وبالأول أقول، وإليه ذهب المصريون.
وفي باب لآخر ذكر السارق يقطعه صاحب السرقة.
ومن كتاب ابن المواز: وقد قطع الصديق والفاروق اليدين والرجلين من خلاف في السرقة.
***
__________
(1) كلمة أخرى مطموسة.
(2) صحف في ص: فعمل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) في ص: الإمام أو السارق. وهو تصحيف.(1/439)
[14/444]
قال ابن القاسم وأشهب: وإذا سرق وبعض أصابعه مقطوعة فإن كان واحداً الإبهام أو غيره (قطعت يده)(1). ولو لم يبق منها إلا إصبعان فلتقطع رجله اليسرى.
وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية(2)فيمن سرق ولا يدين له فلتقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى. وقد قال مالك في أشل اليمين إنه تقطع رجله اليسرى، ثم رجع فقال بل يده اليسرى، وهو أحب إلي.
قال: وإذا أخذ المحارب وقد وجب عليه قطع اليد والرجل وقد ضرب على يده اليسرى فقطعت أو بقيت معلقة بالجلد فإن كان ذلك في فور ما أخذ فيه فلا تقطع إلا رجله اليمنى، وإن كان شيء يسير في فوره فلتقطع يده اليمنى ورجله اليسرى.
وكذلك السارق يتبعه رب السرقة بسيف فيضرب يده فيقطعها، فليس عليه إن أخذ غير ذلك.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب قال مالك: ولا يقطع السارق في شدة البرد مما يكون القطع فيه خفيفاً أو ثقيلاً. وأما في شدة الحر فليقطع وليس يتلف وإن كان فيه بعض الخوف. ورواه ابن القاسم بلاغاً.
وقال ابن القاسم: وأرى أن يؤخر في الحر إذا خيف فيه ما يخاف في شدة البرد. وأما المرض المخوف فلا يقطع فيه ولا يجلد لحد ولا لنكال.
وفرق مالك بين الحر والبرد.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 16: 248.(1/440)
[14/445]
في حد البلوغ وإقامة الحدود
روى ابن القاسم عن مالك أن الغلام والجارية يقام عليهما الحدود بالإنبات وإن لم يحتلم الغلام ولا حاضت الجارية، ثم وقف عن(1)الإنبات، واستحب ابن القاسم أن لا يقام بالإنبات، وثبت غيره من أصحاب مالك أنه يجب الإنبات.
قال: وذلك الإنبات البين، قاله مالك. قال ابن حبيب: فهو سواد الشعر. وحكم عمر بالإنبات.
قال محمد(2): وإذا بلغ سناً لا يبلغه أحد إلا احتلم ولم يحتلم ولم ينبت أو كانت جارية ولم تحض حكم لهما بالبلوغ. قال ابن حبيب وغيره: ثمان عشر (سنة،)(3)وقيل سبع عشرة. وقال بعض البغداديين من أصحابنا: إن الإحتلام من المرأة بلوغ إن لم تحض(4).
قال يحيى بن عمر: أما كل شيء بين المرء(5)وبين الله مما يلزمه فيقبل قوله إنه لم يحتلم(6)وإنها لم تحض ولا يراعي فيه الإنبات. وأما كل شيء يطلب منه من هذا وشبهه فلا ينظر إلى إنكاره البلوغ ويحكم فيه بالإنبات وفي مثل هذا جاء في الحديث وحكم السلف أن ينظر إلى هؤلاء.
***
__________
(1) في ص: ثم وقعت على. وهو تصحيف.
(2) كذا في ص. وفي ق: مالك.
(3) ساقطة من ص.
(4) في ص: إن لم يحضر وهو تصحيف.
(5) صحف في ص كذلك: بين المومنين.
(6) في ص. لم يحتمل وهو تصحيف.(1/441)
[14/446]
في الإقرار بالسرقة عن محنة أو بغير محنة ثم يرجع
وكيف إن أخرج السرقة وفي الكشف عن المتهم(1)
من كتاب ابن المواز قال _ يعني مالكاً _ : ومن أقر على نفسه بالسرقة على وجه التوبة وهو حر أو عبد لزمه إقراره فيقطع في السرقة، ويقام عليه حد الزنى والفرية والخمر وإن كان ذلك في سفهه وقد صار من أهل الفضل. قال: فإن رجع قبل يقام الحد عليه أقيل(2)، وأغرم الحر قيمة السرقة يوم سرقها، ولا شيء على العبد، ويتبع بذلك الحر في عدمه. وكل حد هو لله لم يثبت إلا بإقرار المقر فإنه يقبل رجوعه ما لم يحد أو ياتي من ذلك من السبب ما تثبته البينة من تفسير المتاع في السرقة وهو من أهل التهم، فهذا يقطع ولا يقبل رجوعه.
ومن العتبية(3)روى ابن القاسم فيمن اعترف بسرقة من غير محنة ثم نزع(4)قال: لا يقال. قال ابن القاسم يريد إذا عين (السرقة)(5)وبلغني ذلك عن مالك.
قال أشهب مثله(6)إذا كان إماماً مخوفاً لا تؤمن سطوته كصاحب الشرط(7)وهو كالإكراه وإن لم يمتحن لأنه يرى سياطاً موضوعةً ويخاف وقال في الدنانير مثله إلا أن يعرف أنها بعينها قال ابن القاسم: أما إن جاء تائباً فأقر ثم نزع فإنه يقال. وأما إن أقر بعدما أخذ فلا يقطع حتى يعين في الحر والعبد.
***
__________
(1) هذا العنوان غير تام بسبب محو كلمات منه في النسختين.
(2) هذه عبارة ق الجارية مع السياق. وصحفت في ص: قبل تمام الحد أقيل.
(3) البيان والتحصيل، 16: 230 و 250.
(4) كذا في ق والبيان والتحصيل. وفي ص: رجع.
(5) ساقطة من ص.
(6) صحف في ص: مسكنه.
(7) في ص: لصاحب الشراء. وهو تصحيف.(1/442)
[14/447]
قال عنه محمد بن خالد: وإذا أقر بالسرقة وعينها عند غير السلطان ثم نزع، قال عيسى: إذا اعترف بعد ضرب عشرة أسواط وحبس ليلة لم يلزمه إقراره كان الوالي عدلاً أو غير عدل وربما أخطأ العدل. وقد قال رجل لعمر بن عبد العزيز: إن ضربتني سوطاً واحداً أقررت على نفسي، فقال: ماله قبحه الله(1)فإذا أقر(2)على خوف لم يلزمه إلا أن يعين، قال عيسى: يعني يرى بعض ما أقر به.
قال عنه عيسى قال مالك: إذا أقر آمناً(3)بلا محنة ثم نزع فلا يحد حتى يعين على ما قال بأمر يقع عليه، وقاله ابن القاسم. قال: وليس في الدراهم تعيين لو أخرجها وقال هذه هي.
قال فيه وفي كتاب ابن المواز: روى أشهب عن مالك فيمن اتهم بالسرقة فأخذ فقال: سرقت.
قال عبد الله(4)يريد دراهم وما عندي منها إلا هذا الدرهم. قال في كتاب ابن المواز: وأخرج درهماً. قال في الكتابين: لا يقطع بهذا إن لم تقم بينة ولا جاء بمبتاع يعرف بعينه، والدراهم لا تعرف بعينها، ولكن يعاقب.
قال مالك في العتبية: وأكره للسلطان أن يأخذ الرجل بالتهمة فيقول له أخبرني ولك الأمان فيخبره، فهذا من الخديعة.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا ضرب في الخمر أو الزنى عن إقرار ثم نزع وهو يجلد، قال: أما الفرية فأخاف أن يكون قذفاً(5)إذا
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: ماله متجه ألف.
(2) صحفت كذلك في ص: فإذا ألقى.
(3) شوهت الجملة في ص: قال ماض وأنا أقرضاً.
(4) كذا في ق. وفي ص: أبو محمد. وهما - على التوالي – اسم المؤلف وكنيته.
(5) كلمة مطموسة.(1/443)
[14/448]
قال: لم يكن مني إليك قبل هذا الشيء، إلا أن يأتي بوجه بين يعرف به عذره. وأما غير القذف فيقبل رجوعه وإن ضرب جل الحد، إلا أن يبقى اليسير كالسوطين والثلاثة وشبه ذلك، فيكون كمن رجع بعد تمام الحد.
قال مالك: وإذا أقر بشيء من الحدود بعد سجن أو تهديد أو وعيد فهو كالضرب، ويقبل رجوعه. وقال ابن القاسم وأشهب، ولا يقطع ولا يغرم، رجع أو لم يرجع وإن ثبت على إقراره، إلا أن يخبر بأمر تتبين فيه حقيقة إقراره أو يعين(1)السرقة أو يقر بعد ذلك آمناً.
قال أشهب: لا يقطع وإن ثبت على إقراره إلا أن يخرج السرقة فيعرف أنها للمسروق منه(2)فهذا يقطع وإن كان بعد ما ذكرت من سجن وقيد ووعيد، وإن نزع يقبل نزوعه. وأما إن لم يعين فلا يحد(3)أبداً وإن ثبت على إقراره، لأنه يخاف أن يعاود بمثل الأمر الأول.
قال محمد: ولو أخرج المتاع ثم نزع وكان له سبب مثل أن يقول قيل لي إن أخرجت المتاع(4)فأخذته من فلان، فهذا لا يقطع إذا ظن به ذلك.
وروى نحوه ابن وهب عن يحيى بن سعيد، وقد روى ابن وهب عن مالك فيه: إذا أقر عن محنة فأخرج المتاع قطع، إلا أن يقول دفعه إلي فلان، وإنما أقررت للضرب فلا يقطع(5)، وأما إن لم يبين فلا يقطع بحال.
وروي عن ابن عمر في المقر(6)عن جلد أنه لا يقطع حتى يبين السرقة(7)وعن يحيى بن سعيد وربيعة نحوه.
***
__________
(1) في ص: أو بين. وهو تصحيف.
(2) صحفت عبارة ص: أنها المسروقة منها.
(3) صحفت عبارة ص: لم يقر لم يحد.
(4) كلمتان مطموستان.
(5) في ص: فاليقطع. وهو تصحيف.
(6) صحفت في ص: في القمر. 15- النوادر والزيادات 14
(7) عبارة ص مصحفة: حتى بين ذلك دقة.(1/444)
[14/449]
قال ربيعة: ولو أقام على الاعتراف بعد المحنة فلا يؤخذ به لأنه يخاف أن يناله من المحنة مثل ما(1)أقر به.
وروى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي بسارق فقال له: أسرقت؟ ما إخالك فعلت، فقال: قد فعلت، فأمر أن يقطع ثم يحسم، ثم قال له: تب إلى الله فتاب فقال: اللهم تب عليه(2)وذكره ابن حبيب برواية عن يزيد بن حصين عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن كتاب ابن حبيب قال محمد: وإن ادعى رجل على رجل السرقة أو اتهم بها من لا يعرف بذلك ولا يتهم فلا يكشف، فأما أهل التهم فلابد أن يكشفوا ويستقصى عليهم بقدر تهمتهم وشهرتهم بذلك، وربما كان فيه الضرب، وهذا قول العلماء، وقاله مالك والليث.
وقال ابن وهب عن الليث فيمن(3)وجد معه متاع مسروق فقال اشتريته فإن كان متهماً عوقب. وكتب عمر بن عبد العزيز في مثله(4)أن يسجن إن اتهم حتى يموت فيه. قال مالك: يحبس بقدر ما يرى الإمام، ثم يعاقب ويسرح، ولا يسجن حتى يموت.
قال أشهب: إذا شهد عليه أنه متهم فإنه يسجن بقدر ما اتهم به، وعلى قدر حاله، ومنهم من يجلد بالسوط مجرداً. وإن كان الوالي غير عدل فلا يذهب به إليه ولا يشهد عليه، إلا أن يعرف أن السلطان لا يخالفه فيه إلى غير حق.
قال ابن القاسم فيمن توجد معه السرقة فيقول ابتعتها من السوق ولا أعرف بائعها، وهي ذات بال أو لا بال لها. وكيف إن كانت أمثر مما
***
__________
(1) في ص: قياماً. وهو تصحيف.
(2) في صحيح مسلم، وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والدرامي، ومسند أحمد.
(3) في ص: حين. وهو تصحيف.
(4) صحف في ص: فيمن مثله.(1/445)
[14/450]
وجد معه. قال: يرد المتاع(1)إلى من استحقه بالبينة بعد أن يحلف أنه ما خرج عن ملكه. وينظر، فإن كان من أهل الصلاح خلي سبيله ولا يمين عليه، وإن كان متهماً حبس وامتحن(2). قال ابن القاسم: فإن بقي للطالب بعض متاعه أحلف المتهم بعد أن يبتلي في بقية المتاع.
وقد تقدم في باب السارق يقول أرسلني رب المتاع.
قال مالك: ومن أخذ بليل ومعه سيف، فإن كان من أهل الطهارة أحلف بالله.
ومن كتاب ابن المواز: وذكره ابن حبيب عن أصبغ قال: ومن جاء إلى الوالي برجل فقال سرق متاعي، فإنه إن كان موصوفاً بذلك متهماً هدد وامتحن(3)وأحلف، وإن لم يكن كذلك لم يعرض له. وإذا كان من أهل الصلاح والبراءة لا يشار(4)بذلك إلى مثله أدب له المدعي.
قال ابن المواز قال أشهب: أما اليسير فلا يمين فيه على غير المتهم ولا أدب على المدعي، إلا أن يتهم أن يريد عيبه وشينه. وإن كان المدعى عليه متهماً ملطوخاً امتحن بالسجن ولا أدب ولا يمن عليه. قال مالك: ولا يؤدب إذا كان ذلك منه لطلب ظلامته، وإن قاله على وجه المشاتمة نكل له.
قال ابن حبيب قال الماجشون: ومن شهدت عليه بينة أنه سارق ومعروف بالسرقة متهم بها قد سجنه الإمام بها غير مرة، ولكن لم تكن منه سرقة حين شهدوا عليه فلا يقطع بهذا وليطل الإمام سجنه.
قلت لمطرف: فمن سرق له متاع فاتهم من جيرانه رجلاً غير معروف
***
__________
(1) في ص: يرد البيع، وهو تصحيف.
(2) محو بقدر سطر.
(3) حرفت عبارة ص: متهماً بعدد وأسجن.
(4) في ص: لا يضار. وهو تصحيف.(1/446)
[14/451]
أو يتهم رجلاً غريباً لا يعرف ما حاله أيسجن حتى يكشف عنه؟ قال: نعم، ولا يطال سجنه.
وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً اتهمه المسروق منه بسرقة بعيره وقد صحبه في السفر(1)قال مطرف: وإذا كان المتهم بالسرقة متهماً معروفاً بها كان سجنه أطول، وإن وجد معه مع ذلك بعض السرقة فقال: اشتريته ولا بينة له وهو من أهل التهم لم يؤخذ منه غير ما في يديه، وإن كان غير معروف حبسه وكشف عنه، وإن كان معروفاً بذلك حبس أبداً حتى يموت فيه. وقاله ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ.
في إقرار العبد بالسرقة وغيرها
وما يلحق ذمته أو رقبته
في كتاب ابن المواز: وعن العبد بيده متاع فأقر أنه سرقه لهذا الرجل فإنه يقطع، ولا يقضى(2)به للرجل إلا ببينة(3)ويبقى لسيده ويحلف أنه ما يعرف لهذا فيه حقاً، وقال أشهب. ولو قال: هو بيد عبدي ولا أدري هو لعبدي أو لغيره، فهو للعبد أبداً ولا يقبل إقراره.
قال مالك: ولا يقبل من إقرار العبد إلا ما ينصرف إلى جسده(4)، أما ما يلزم به سيده أمر فلا. قال محمد: إلا فيما يعرف(5)ويشبه مثل
***
__________
(1) في باب الأقضية من سنن أبي داود، والديات من سنن الترمذي، والسارق من سنن النسائي.
(2) في ص: ولليقق. وهو تصحيف.
(3) في ص: إلا شبهة. وهو تصحيف أيضاً.
(4) صحفت في ص. إلى قده.
(5) عبارة ص مصحفة: إلا ما يعرفه.(1/447)
[14/452]
ما قال في صبي يعلق بعبد قد وطئ على أصبعه فقطعها وهي تدمي فأقر العبد. قال مالك: يقبل قوله هذا ويكون ذلك في رقبته، وأما على غير هذا فلا يقبل منه، ولا يتبع به بعد عتقه ( لأنه يقول(1)وما يتعلق بذمته لا يتبع به بعد عتقه )(2)وإن كان مما أذن فيه سيده اتبع به في رقه فيما يفيد من غير عمل يده.
قال محمد: ولا يتبع بالسرقة التى يقطع في رقه ولا في عتقه ولا فيما بين يديه من مال. ( وكذلك إن كانت بينة(3)وقال أصبغ يوخذ فيما بين يديه من المال )(4)
قال محمد: لا يؤخذ بها في رقه ولا بعد عتقه لأن ماله صار له بعد العتق، إلا أن يقر بعد العتق أن ثمنها فيما بيده. وما سرق مما لا يقطع فيه مما لم يؤتمن عليه فكالخيانة(5)وأما ما أدان به ففي ذمته بعد عتقه، مثل أن يدخل منزلاً لعمل أو لغيره فيسرق منه. وما لزم الصانع منهم فهو في ذمته في رقه وعتقه، إلا أن يكون فعل ذلك بغير إذن ربه أو تجرأ أو تسلف بغير إذن ربه فما زاد من هذا ففي ذمته بعد عتقه، إلا أن يدفع ذلك سيده إلى الإمام فيسقط فلا يلزمه بعد عتقه.
قال محمد: وكذلك لو اسقطه عنه سيده دون السلطان، يريد أشهد على ذلك. وما لزمه في وطء الأمة والحرة(6)غصباً ففي رقبته، إلا أن يكون بإقراره فلا يقبل منه إلا أن تأتي متعلقة به وهي تدمي، أو كان بنتاً(7). فيقبل إقراره وهي مصدقة.
***
__________
(1) ثلاث كلمات مطموسة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) كلمتان مطموستان.
(4) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من ص.
(5) في ص: فكالا ما به. وهو تصحيف.
(6) صحفت عبارة ص: الأمة أو المدة.
(7) كلمة مطموسة.(1/448)
[14/453]
وعن عبد قتل حماراً فسئل فقال: خفت أن أموت جوعاً، قال ابن عباس: لا يقطع، ويقدم سيده ثمن الحمار ويحلف لئلا يقتل(1)العبد بالجوع.
قال يحي بن يحيى عن مالك: وذلك إذا ثبت ذلك على سيده فيغرم أو يسلمه(2)وإنما ترك عمر قطع عبيد حاطب ( وأغرمه )(3)لأنه كان يجيعهم.
قال مالك: وليس الأمر عندنا على تضعيف القيمة، ورأيت ابن كنانة في غير كتاب ابن المواز أنه إنما سأله عن ثمن ناقته فضعفه فاحتمل أن يفصادف تضعيف الثمن(4)قيمتها اليوم. وقال غيره: ولو لم يكن هذا ولم يقل بذلك أحد بعده لم يجب القول به، فهم لو اجتمعوا على ترك عمل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لترك. وعلم أنهم لم يجتمعوا إلا لأمر يجب المصير إليه.
قال مالك في عبد أتى به رجل إلى الوالي ودمه يسيل وقال ضربني، فضرب الوالي العبد وحبسه، ثم قدم آخر في مثل ذلك ودمه يسيل ثم قام به ثالث في مثل ذلك ودمه يسيل والعبد ينكر. قال مالك: يحلف العبد ويطلق. قال محمد: وتأويله أنه كان(5)لرجلين.
قال مالك في عبيد دخل عليهم وعندهم شاتان مذبوحتان تعرفان لجارهم، فأقر اثنان منهم وجحد الثالث فإن(6)فغرم ذلك على ساداتهم.
***
__________
(1) هذه العبارة مصحفة أيضا في ص: ويملك العبد ليلاً يصل.
(2) في ص: أو سائمه وهو تصحيف.
(3) ساقط من ص.
(4) كلمة مطموسة.
(5) كلمة مطموسة.
(6) كلمة أخرى مطموسة.(1/449)
[14/454]
قال مالك في عبد على دابة ( فأصاب صبياً بموضحة فأتى متعلقاً به فأقر له العبد ولا بينة له، فما كان قريباً من فعله وأتى مكانه متعلقاً به )(1)فليقبل منه، وأما ما بعد فإنما يقول كنت فعلته فلا يقبل قوله.
ومن كان منهم لا يعرف بالسرقة فيقر أنه أخذه ويظن به أنه لا يعرف السرقة فلا يعذر بذلك ويقطع.
قال في حديث السوداء(2)التي أقرت بالزنى في أيام عمر إنه لا يعذر اليوم أحد بهذا.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الموصى بعتقه يسرق قبل أن يقوم في الثلث إنه إنما ينظر إلى قيمته يوم ينظر في تقويمه لا يوم سرق ولا يوم الموت ولا يوم الوصية.
فيمن صالح سارقاً ثم رافعه
أو ظهرت السرقة عند غيره
من العتبية(3)روى عيسى(4)عن ابن القاسم: فيمن تعلق بمن سرق منه متاعاً يريد به السلطان، فطلب منه السارق الصلح قبل أن يصل الى الإمام، فصالحه وتركه ثم هاج بينه وبين نزاع فرفعه، قال: يقطع السارق.
وأما الصلح فإنه إن كان صالحه على أن لا يرفعه إلى السلطان فللسارق
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: النسوة.
(3) البيان والتحصيل، 16 : 258.
(4) كذا في ص. وفي ق روى أصبغ.(1/450)
[14/455]
أن يرجع عليه فيأخذ منه ما صالحه به، وإن كان إنما صالحه من متاعه الذي سرق منه فلا رجوع له بشيء(1).
قال عنه عيسى فيمن ادعى على رجل سرقة فصولح عن إنكار، ثم أقر لغيره أنه سرقها. فإن ثبت على إقراره قطع، وإن كان ملياً أخذ منه المدعي ما صالح به، وأخذ المسروق منه قيمة سرقته، وإن كان عديما فلا يتبع بشيء ولا رجع المصالح على الطالب بشيء. فقول الثاني وإن كان عديماً فرجع عن إقراره قبل القطع درئ عنه واتبعه المصالح بما صالح به والمسروق منه ببقية سرقته. وإن أقر بها عن ضرب ثم أنكر فلا قطع عليه(2).
قال أصبغ فيمن اتهم رجلا بسرقته فذهب به إلى الامام فأقر له في الطريق أو صالحه لم يلزمه ذلك، وإن كان مأموناً فذلك يلزمه(3). الكثير وصفته، وقال قد سرقه يوم الخميس وقال الآخر يوم الجمعة لم يجز أيضاً.
قال ابن القاسم : وكله قول مالك.
كما لم شهد واحد أنه شرب أمس خمراً، وشهد آخر أنه شربه اليوم، لأنه من باب الفعل لا من باب الاقرار، وشهادتهما في الغد من معنى الإقرار يقضى به وإن اختلف اليوم. وإن شهد رجل أنه سرق بالمدينة وآخر أنه سرق بمصر لم يجز، وقاله أصبغ وقال: هو قولهم وقول مالك، وفيه بعض الغمز.
ومن العتبية(4)روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال رأيت فلاناً يسرق ساجاً وقال الآخر أشهد أنه سرق رداءاً فلا يقطع حتى يجتمعا على
***
__________
(1) سقطت هنا لوحتان من مصور مخطوط القيروان. ونسبه على موضع استياف نصه.
(2) كلمات ممحوة في ص.
(3) هنا نحو ربع صفحة ممحو إلا كلمات مبعثرة في أواخر السطور.
(4) البيان والتحصيل، 16 : 260.(1/451)
[14/456]
ثوب واحد. وإن قال هذا سرقه بكرة وقال الآخر سرقة عشية وهو ثوب واحد فلا يقطع.
ومن كتاب ابن المواز: ومن سرق من الإمام نفسه فقامت عليه بينة أو أقر، قال: للإمام أن يقطعه لأنه حد لله. وكذلك لو قطع عليه الطريق فأقر أو قامت به بينة جاز له أن يحكم عليه، ولكن لا يحكم عليه بقيمة السرقة حتى يرفعه إلى من فوقه. قال: ولو شهد بذلك هو ورجل عدل فأشهب يقول: أنه يقيم عليه الحد، ولو رفعه إلى الإمام كان أحب إلي.
وقال ابن القاسم: لو أن الإمام سمع رجلاً ومعه من يثبت الشهادة عليه ثم قام به صاحبه لأقام عليه الإمام الحد قال: ويعجبني الحيوان (كذا).
في المسروق منه يرى رفع السارق أو يعفو عنه(1)
من كتاب ابن حبيب: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشفع في حد من حدود الله(2)، وقال صفوان حين عفى عن سارق رداءه: فهلا قبل أن تأتيني به(3).
قال وأخبرني الحميدي عن سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنه أخذ سارقاً ثم أرسله وقال: أستره لعل الله يستر علي.
***
__________
(1) الشطر الآخير من العنوان ممحو لا يقرأ.
(2) أحاديث النهي عن الشفاعة في الحد عديدة. ومنها في صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدرامي بلفظ الإستفهام الإنكاري، أتشفع في حد من حدود الله، عن عائشة.
(3) في باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان من كتاب الحدود من الموطأ.(1/452)
[14/457]
وتشفع الزبير في سارق فقال المسروق حتى أبلغ(1)به الإمام، فقال: إذا بلغت الإمام فلعنة الله على الشافع والمشفع(2).
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أقيم بالسارق في غيبة المسروق لم ينظر ويقطع، هذا إذا عفا الغائب لو حضر أو قال أنا أرسلته أو هو إذا ثبتت السرقة ببينة.
وقال مالك في السارق يطلب فيمتنع ويقاتل فيصاب بنفسه إنه هدر. وقال ابن شهاب: إذا أشهر السيف ليهدد بشهرته فهو سارق محارب إذا شهد عليه بذلك. قال محمد: وإن لم يقاتل ولا أشهر السلاح ولكن هرب رب المتاع فرماه ليوهنه فمات، قال: عقله على عاقلته، وإن تعمد قتله(3)قتل به.
قال ربيعة في السارق أن يخرج فتجافي في قر بحجر (كذا) فيرمى فمات، إن فيه الغقل وإن تعمد قتله قتل به. ولو رماه ليوهنه فيأخذ متاعه فعليه العقل. وقال نحوه ابن شهاب.
قال محمد: ولو قتله في داره فادعى رب الدار أنه قالتله فقتله فإنه لا يصدق ويقتل به، واحتج بحديث سعد حين قال: إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بالشهداء(4).
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإذا سرق السارق وخرج بالمتاع فاتبعه رب المتاع، فلما رهقه دفعه السارق عن نفسه وامتنع وقاتله ابتغاء النجاة بسيف أو سكين أو عصى فقتله الرجل في امتناعه حيث لم يجد إلى أخذ
***
__________
(1) هنا ينتهي بتر ق المشار إليه آنفاً.
(2) في كتاب الحدود من الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
(3) في ص: وإن تعد مثله. وهو تصحيف.
(4) في كتاب القضاء من الموطأ بلفظ: أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء. وهو أيضاً في كتاب اللعان من صحيح مسلم، وفي كتاب السنن ومسند أحمد. وفي ص: حتى آتي بالشهيد.(1/453)
[14/458]
السارق سبباً فدمه هدر، ولا قود فيه ولا دية إن كان المتاع لذي سرق معه، وإن لم يكن معه المتاع وإنما طلب النجاة بنفسه ففيه الدية إن كان قتله بموضع سرق فيه وشبهه. فأما لو تباعد ولحق بالصحراء(1)أو بغير موضعه ولا متاع ففيه القود، وافقه السارق أو لم يوافقه لأنه لا متاع ولا هو بموضع يخاف من عودته. ولو كان المتاع معه كان دمه هدراً.
ولو أسره وظفر به ثم قتله ففيه القود، كان معه متاع أو لم يكن، ولو كان(2)ولا عنه السارق رماه ليوهنه فيدركه فأصاب نفسه فدمه هدر. وإن لم يوافقه إذا كان المتاع معه، وإن لم يكن معه ففيه الدية إن كان بموضعه وبقربه، وأرى إن تباعد وصار إلى الصحراء وشبه ذلك ففيه القود، يريد إن لم يكن معه المتاع.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يشفع للسارق إذا صار إلى الإمام أو إلى حرسه. قال ابن القاسم: وأما قبل أن يصل إليهم فواسع إن لم يعرف بذلك ويشهر به. وأما إن عرف بأذى الناس فترك الشفع له أحب إلي، وكذلك في سائر الحدود. وقيل لمالك: أسمعت ذا الهيئة(3)تقال عثرته؟ قال: ما سمعت، وهذا من السلطان.
قال أبو محمد(4): وهذا يذكر عن عمر، ولو ثبت فإنما يراد(5)به في غير الحدود من الأذى والشتم، وذلك على قدر حال القائل والمقول له ذلك.
***
__________
(1) في ص: بالحصى وهو تصحيف.
(2) كلمة لا تقرأ.
(3) صحفت عبارة ص: أن ذا اللعبة.
(4) في ق: قال عبد الله، وهو المؤلف ابن أبي القيرواني، ويتكرر هذا الاختلاف في النسختين.
(5) صحفت عبارة ص: ولا ثبت فإنا يراد.(1/454)
[14/459]
قال ابن المواز: وإذا عفا المسروق منه عن السارق ثم قام به غيره فإنه يقطع.
في إقامة الحدود في أرض العدو
ومن أصاب حداً من ذمي أو من مسلم
من إقراره عندنا أو مسلم عندهم
ومن تاب من مرتد ومحارب(1)
من كتاب ابن المواز قال: (مالك)(2)يقيم أمير الجيش الحدود بأرض الحرب وفي الغزو وعلى السارق والزاني وشارب الخمر.
قال أشهب: ولو دخل تجار مسلمون بلد الحرب فسرق بعضهم من بعض أو من ذمي أو صنعوا غير ذلك من زنى بمسلمة أو نصرانية أو شرب خمر أو قذف ثم رجعوا إلى بلد الإسلام فشهد بعضهم على بعض لأقيمت عليهم هذه الحدود. وكذلك لو أكل لحم خنزير لأدب في بلد الإسلام.
وإن دخل حربي بأمان فسرق من مسلم أو ذمي أو سرق ذلك منه مسلم، فقال أشهب: لا قطع على من سرق منه ولا عليه فيما سرق ولا حد عليه إن قذف مسلماً، ولكن يعاقب في ذلك كله، وذلك أنه لا ذمة لهم.
قال مالك في مستأمن أخصى غلمانه، قال: لا يعقلون عليه، وكأنه فعل ذلك بهم في بلدهم.
***
__________
(1) في هذا العنوان بتر بسبب طمس كلمات في المصورتين.
(2) ساقط من ص.(1/455)
[14/460]
قال أشهب: ولو كان ذمياً لعتقوا عليه، وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم على سلمة وهوكافر عبداً أخصاه وجذعه(1).
قال ابن القاسم: ويقطع المسلم إن سرق من المستأمن، وإن سرق حربي من مسلم قطع، وإن قذف مسلماً حد له. ولو أن حربياً قذف مسلماً(2)ببلد الحرب ثم أسلم، أو سرق ودخل بأمان لم يحد، كما أن القتل بموضعه عنه (كذا) وقال هذا ابن القاسم وأشهب.
وكذلك المرتد يفعل ذلك ببلد الحرب. وأما إن كان ببلد الإسلام فإن قتل على الردة لم يحد قبل القتل لسرقة، ولا يقتص منه ولا يقام عليه حد الفرية.
قيل: فإن تاب أيقام عليه حد الزنى والخمر. قال في كتاب ابن المواز: ولا يحد لزناه في ردته – يريد وكذلك لا يحد لشرب الخملر في ردته.
قال: والمحارب إذا تاب قبل يقدر عليه أقيمت عليه الحدود كلها التي فعلها في حرابته لأنها من حقوق الناس وإنما يسقط عنه ما كان لله من حد الحرابة التي يقيمها السلطان. وإذا سرق مجوسي أو عبد أو كتابي قطع.
قال مالك: ولا يقطع سارق الخمر يسرقه مسلم أو ذمي أو من مسلم، ويؤدب ويغرم القيمة للذمي.
تم كتاب القطع في السرقة(3).
***
__________
(1) في باب من مثل بعبده فهو حر من كتاب الديات من سنن ابن ماجة.
(2) في ص: قذف سنة. وهو تصحيف.
(3) وهنا ينتهي مخطوط القيروان (ق) .(1/456)
[14/461]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد خاتم النبيين
كتاب المحاربين
الحكم في المحاربين وعقوباتهم
من كتاب ابن المواز، ونحوه في كتاب ابن سحنون قال الله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله )(1). ومن قول مالك وأصحابه: إن هذا التخيير الذي خير الله تعالى فيهم إنما هو على الإجتهاد من الإمام ومشورته الفقهاء بما يراه أتم للمصلحة وأدب عن الفساد(2)وهذا فيمن أخذ قبل أن يأتي تائباً، فمن أخذ(3)منهم فلابد من قتله إلا أنه مخير فيه أن(4)يقتله ولا يصلبه، أو يصلبه ثم يطعنه، وهذا معنى الصلب.
وأما من عظم فساده وطال أذاه وأخذ المال ولم يفقبل، فقال مالك وابن القاسم فليقتله الإمام، ولا يختار فيه غير القتل. وقال أشهب: هو مخير فيه (مخير)(5)في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف.
وإذا أخاف السبيل ونصب وعلا أمره ولم يأخذ مالاً ولا قتل فهو فيه مخير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف أو ضربه ونفيه، وذلك بقدر ذنبه.
***
__________
(1) الآية 33 من سورة المائدة.
(2) صحفت عبارة ص: يراه من المصلحة و الزنا من الفساد.
(3) في ص: فلا أخذ. وهو تصحيف.
(4) في: ص مخير في أنه.
(5) ساقط من ص.(1/457)
[14/462]
قال ابن القاسم عن مالك: يخير في هذا أخذ بحضرة ذلك(1)أو بعد طول زمان.
قال أشهب في الذي يؤخذ بحضرة ذلك ولم يقتل ولم يأخذ المال فهذا الذي قال مالك لو أخذ فيه بأيسر ذلك.
قال ابن وهب عن مالك: إذا أخاف السبيل وأعظم الفساد وأخذ الأموال ولم يقتل أحداً فليقتله الإمام إذا ظهر عليه. قال: وهو مخير (فيه)(2)في القتل أو الصلب أو قطع الخلاف أو النفي.
قال عنه ابن القاسم: وأما من لم يخف السبيل ولم تطل إقامته(3)ولم يشتهر ولا أخذ مالاً، وأخذ بحضرة ما خرج فأحب إلي أن يجلد وينفى ويحبس حيث نفي أبداً أو حتى تظهر توبته(4)، وليس لجلده حد إلا اجتهاد الإمام فيه.
قال أشهب في هذا: وإن رأى الإمام أن يقتله أو يقطعه من خلاف فذلك له إذا كان ذلك اجتهاده فيه.
قال مالك: والمعلن(5)والمستخفي من المحاربين سواء إذا أراد أخذ الأموال، ويجتهد فيه الإمام بقدر جرمه وليس ذلك هو على الإمام، لكن على اجتهاده، والرجال والنساء والعبيد والأحرار والمسلمون وأهل الذمة في ذلك سواء. وقد قال الله سبحانه في السرقة ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء )(6)فهي تدخل في آية الحرابة. قال
***
__________
(1) صحف في ص: أخذ بغرته ذلك.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: ولم ينل إقامة. وهو تصحيف.
(4) هذه عبارة ف السليمة. ووقع في عبارة ص في هذين السطرين تصحيف وحذف وقلب أفسد المعنى.
(5) في ص: والمقبل. وهو تصحيف.
(6) الآية 38 من سورة المائدة.(1/458)
[14/463]
ابن القاسم وأشهب في كتاب ابن سحنون: ولا نفي على العبد في الحرابة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن شهاب: يقتل من المحاربين من قتل ويقطع من أخذ المال ويجتهد فيمن أخاف. ولو قطع فيهم أو رأى غير ذلك فله ذلك، ويؤدب من آوى محارباً(1)وإن اتهم بالحرابة ولم تقم عليه بينة فإنه ينكل وينفى إلى بلد سواه ويسجن، ولا يطلق من يخاف منه على دماء المسلمين وأموالهم. (قال)(2)وليس لما يأخذ من المال حد قل أو كثر ولو لم يأخذ(3)شيئاً أصلاً إلا أنه علم أنه خرج لقطع الطريق فوجد بسلاح أو بعصى أو سوط وأخذ بحضرة ذلك قبل أن يقتل ويأخذ مالاً أو يفسد أو يخيف أحداً فله حكم المحارب، وليس للإمام أن يعفو عنه. قال مالك: ولو أخذ في هذا بأيسر ذلك.
قال ابن القاسم: وهو الجلد والنفي، وقال أشهب: وهو فيه مخير. قال مالك وعبد العزيز: وقد جعل(4)الله الفساد قرين القتل فقال ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض )(5)وقرنهما في المحاربة فأباح دمه بالفساد.
قال محمد: والفساد يعظم ويقل فيجتهد في عقوبته. قال: وقول الله تعالى ( أو يصلبوا ) أن يصلبه ثم يقتله مصلوباً بطعنه (قال ابن القاسم وأصبغ برواية ابن القاسم)(6).
***
__________
(1) كذا في ف. وصحف في ص: من آذى محدثاً.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: ولم يأخذ بإسقاط لو.
(4) في ص: وقد فعل. وهو تصحيف.
(5) الآية 32 من سورة المائدة.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص. وبعده يبتديء بتر في ف بمقدار صفحة.(1/459)
[14/464]
وقال ابن القاسم وأشهب: إنما يقتل ثم يصلب، ولو صلبه قتله مصلوباً فذلك إذا بلغ ذلك حربه (كذا) وقال الليث: إذا قتل وأخذ المال صلبه ثم طعنه حتى يموت، وأما إن قتل فلتضرب عنقه بالسيف بغير صلب.
قال محمد: ولو حبسه الإمام ليصلبه فمات في السجن فإنه لا يصلب، ولو قتله أحد في السجن أو قتله الإمام فليصلب، قال: ولا يجلد مع القتل ولا مع القطع من خلاف، وإنما يجلد مع النفي.
قال أشهب: وإن جلده مع النفي لضعف وإنما أستحسن له ضعف عنه من غيره(1)، ولو قاله قائل لم أعبه.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله في نفي المحاربين أن شد في أعناقهم حديداً وانفهم إلى شعب. وقد قال أشهب في كتاب ابن سحنون: إذا قتل وأخذ المال وأخاف فلابد من قتله، فإذا قتله فهو مخير في صلبه ويرى ذلك بقدر فساده، ولا يقذع يده ورجله مع القتل.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ولو كتب إلى عامل البلد الذي نفى إليه الزاني والمحارب إذا مضت للزاني سنة فأطلقه، وإن ظهرت توبة المحارب فأطلقه، فإذا جاءه الكتاب فليؤرخ يوم حبس الزاني، فإن تمت السنة أطلقه.
وقال مطرف: إذا استحق عبده النفي فليضربه ويسجن ببلده حتى يظهر توبته، فذلك عندنا نفي وتغريب، ورواه عن مالك وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ برواية ابن القاسم(2).
***
__________
(1) في هذه الجملة تصحيف لكلمة ضعف المكررة لم نستطيع تصويبه لعدم وجود نسخة للمقابلة.
(2) هنا ينتهي بتر ف المشار إلى بدايته آنفاً.(1/460)
[14/465]
وقال ابن الماجشون: ليس النفي عندنا الذي ذكر الله تعالى أن ينقل من قرية إلى قرية فيسجن بها، ولا يكون هذا مثلاً لما جزاؤه القتل(1)والقطع، وإنما النفي يقول: أن تنفوهم من الأرض بطلبكم(2)إياهم لتقيموا(3)عليهم العقوبة فيشردون ويختفون وأنتم تطلبونهم. فإذا ظفر بهم فلابد من إحدى الثلاث عقوبات: القتل أو الصلب أو القطع من خلاف، هو في ذلك يخير، وله أن يقتل أو يصلب (من لم يقتل)(4)لأن الله سبحانه جعل الفساد مثلاً للقتل، ولكنا نستحب إذا أعلن ودمر القرى وهجم على الحريم أن يرمى به للأقصى فهو الصلب. وهكذا قال مالك والمغيرة وابن دينار في ذلك كله من تفسير النفي وغيره، وقاله ابن شهاب قال ابن حبيب(5)وبه أقول.
قال ابن الماجشون: والصلب فيه أن يصلب حياً ثم يقتل(6)مصلوباً، ثم لا يمكن منه أهله ولا غيرهم لإنزاله حتى يعفن على الخشبة وتأكله الكلاب.
وقال أصبغ: لا بأس أن يخلى لمن أراد من أهله وغيرهم إنزاله ليصلى عليه ويدفن، ولا يصلي عليه الإمام. ( قال ابن الماجشون: وأما الذي يقتله بغير صلب فيمكن من أراد دفنه والصلاة عليه من ذلك إلا الإمام )(7).
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: بدلاً لما جزاه القتل.
(2) كذا في فـ وهو الصواب. وفي ص كلمة لا تقرأ.
(3) في ص: لتعزموا
(4) ساقط من فـ.
(5) في ص: قال ابن شهاب. وهو تصحيف بالتكرار.
(6) صحفت عبارة ص: أن يصلب حتى يقبل.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/461)
[14/466]
وقال ابن سحنون عن أبيه: إذا صلب وقتل (أنزل)(1)تلك الساعة فدفع إلى أهله لدفنه والصلاة عليه إلا الإمام. وأما من(2)هلك على مثل ما قتل عليه الحارث الذي تنبأ(3)فلا يصلي عليه لأنه مرتد.
وقال لمن سأله من الأندلسيين: إن رأى الإمام أن يبقيه على الخشبة اليومين والثلاثة بما رجا من تشريد(4)أهل الفساد فذلك له، ولكن ينزله فيغسله أهله ويكفن ويصلي عليه، ثم إن رأى إعادته إلى الخشبة فعل. وأما فيما قال لي فقال: لا يعاد إلى الخشبة ويترك(5)عليها بعد القتل ولكن ينزل ويدفع إلى أهله.
ومن العتبية(6)روى أشهب عن مالك: سئل هل يعذب اللصوص بالرهز(7)والخنافيس التي تحمل على بطونهم قال: لا يجوز هذا، إنما هو السوط أو السجن، وإن لم يجد في ظهره مضرباً (فالسجن)(8)قيل فإن لم يجد في ظهره مضرباً ألا يبطح فتضرب أليتاه، فقال: لا والله، وإنما هو الضرب في الظهر بالسوط والقطع في اليدين من الكوعين، وبذلك مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
قال: وإذا قطع الطريق بعد قطع يديه ورجليه من خلاف في حرابة أو غيرها؟ قال: فلم يبق فيه إلا القتل أو الصلب أو النفي بقدر جرمه،فإن نفاه ثم عاد، فإن رأى الإمام نفيه لصغر جرمه فعل، وإن كان قد اتقى(9)فساده وعظم جرمه فليقتله أو يصلبه.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: ولها هلك. وهو تصحيف.
(3) عبارة ص مصحفة: قتل عليه المحارب الذب سا.
(4) عبارة ص مصحفة كذلك: لمن رجا من تشديده.
(5) في ص: ولا ينزل عليها. وهو تصحيف.
(6) البيان والتحصيل، 16: 383.
(7) الرهز: في الجماع وغيره. أساس البلاغة.
(8) ساقط من ص.
(9) كذا في ف. وفي ص ما يشبه: اشتق. ومقتضى السياق ارتقى أو ازداد.(1/462)
[14/467]
وإن أخذ المحارب وهو أقطع اليمين فرأى قطعه، قال أشهب: تقطع رجله اليسرى، لأنه لو سرق قطعت رجله اليسرى. وقال ابن القاسم: تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، وهذا هو الصحيح، لأن القطع في المحارب يد ورجل من خلاف كشيء واحد، فإذا وجد اليمنى شلاء رجع إلى اليد الأخرى التي تقطع معها(1)الرجل من خلاف.
قال ربيعة: ولا ينفى (المسلم)(2)المحارب من بلد الإسلام إلى أرض العدو، ولكن يسجن (في أرض الغربة)(3).
ومن كتاب ابن المواز: وإذا حبس المحارب لينظر في البينة عليه فقتله رجل في السجن، فإن زكيت البينة لم يقتل قاتله(4)وأدب، وإن لم يزكوا(5)قتل به.
وإن عدا عليه فقطع يده ورجله، فإن ثبت عليه القتل في حرابته أقيد قاطعه لأنه لابد من قتله، وإذا رأى القاضي في محارب أن يسلمه إلى أولياء من قتل فعفوا عنه، ثم ولي من لا يري فيه عفواً، فأما ابن القاسم فقال: هو حكم نفذ لا ينقض للاختلاف فيه، وقال أشهب: ينقض ويقتل(6). ولا خلاف أنه لا عفو فيه، يريد أشهب أن الشاذ لا يعد خلافاً.
وذكر سحنون في كتاب ابنه قول ابن القاسم وأشهب، وذكر أن عبد الملك(7)يقول مثل قول أشهب. قال سحنون بقول ابن القاسم، وقالا إنه قال
***
__________
(1) في ص: فيها. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ف.
(3) ساقط من ص.
(4) هذه عبارة ف وهي الصحيحة. وفي ص: مصحفة فإن أثبت البينة ثم قتله قاتله.
(5) في ص: وإن ترك. وهو تصحيف.
(6) صحفت في ص: يقتص ويقتل.
(7) كذا في ف. وصحفت في ص: أن مالك.(1/463)
[14/468]
لأنه شيء لا اختلاف فيه(1)لأنهما يضعفان مثل هذا من الاختلاف مما لا يقوله أهل المدينة. قال ابن المواز: يعني مالكاً.
وإذا أخذ قبل أن يتوب فلا عفو فيه للإمام ولا لأولياء القتيل ولا لأرباب المتاع، وهو حق لله لا شفاعة فيه. فهذا في باب آخر.
في المحاربين من أهل الذمة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا نقض أهل الذمة العهد ومنعوا الجزية ثم ظفر بهم فليردوا إلى ذمتهم إن كان ذلك عن ظلم ظلموا به، وأما إن فعلوا ذلك عن غير ظلم ظلموا به إلا نصرة لدينهم، فهؤلاء يردون عبيداً وتسبى منهم النساء والذراري إن كان الإمام عدلاً ولم يركبوا بظلم، والمراهقون منهم تبع لهم. وأما من يرى أنه مغلوب من رجالهم وأن مثله لم يعن مثل الضعيف والشيخ الكبير والزمني، فلا يستحلوا بقتل ولا بأمر.
قال: ولو ظفر بالذرية قبل أن يظفر برجالهم كانوا فيئاً، إلا أن يكونوا قد خرجوا حين نقضوا إلى أرض الحرب وتركوا الذرية بين أظهرنا فهم على ذمتهم ولو حملوا الذرية معهم فظهر بهم قبل أن يصلوا إلى أرض الحرب أو بعد أن وصلوا، فهم كلهم فيء إن كان الإمام عدلاً ولم يناعو (كذا) شيئاً، وإن لم يكن عدلاً أو نقصوا شيئاً يعرف فلا يقاتلوا ولا يسبوا.
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: لأنه نفي الاختلاف فيه.(1/464)
[14/469]
وكذلك إن تحملوا(1)إلى أرض العدو بذراريهم لم يستحلوا إن ظفر بهم ( ولا بذراريهم، إلا أن يقوموا مع العدو على المسلمين فيستحلوا. قال أصبغ: وأما إن ظفر بهم )(2)بدار الحرب قبل أن يقاتلوا وقبل أن يصيروا حرباً وقد خرجوا بسبب من الظلم فليردوا إلى ذمتهم.
قال مالك: وإذا أقام أهل الذمة بظلم ظلموا به وقطعوا الطريق فلا يحل قتلهم حيث كانوا من البلاد، وهم كالخوارج الذين خرجوا لا يحل قتالهم. (يريد إذا خرجوا عن ظلم ظلموا به، وهذا على قول من يرى أنهم لا يقتلون إلا أن يمشوا بذراريهم)(3).
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في أهل الذمة يخرجون فيقاتلون فيظفر بهم. قال محمد: يريد ولم ينقموا ظلماً وجوراً، قال أما أموالهم ففيء(4)وأما ذراريهم ونساؤهم فلا، وهم على صلحهم، وليس إلى سبيهم سبيل. وفي كتاب الجهاد أن أشهب يرى أن لا يعودوا إلى رق ويبقوا على ذمتهم.
***
__________
(1) في ص: إن فعلوا. وهو تصحيف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من ص.
(4) صحفت عبارة ص: الما مواهم يعني.(1/465)
[14/470]
في المحاربين وجهادهم وهل يعطون التافه ولا يقاتلون
وذكر قتل الحرابة والغيلة والنايرة والعداوة
وصفة المحارب في المصر ومن ليس بمحارب ومن يشك فيه
وهل يومن المحارب أو يتبع مرتدهم.
من كتاب ابن المواز قال: ولم يختلف مالك وأصحابه في إجازة قتل المحاربين، وأن من قتل في ذلك فخير قتيل. قال مالك: ويناشده الله ثلاثاً وإن عاجله قاتله. وقال عبد الملك: لا تدعوه ولتبادر إلى قتله.
قال محمد: ومن ظفر به وأسره فلا يلي قتله، وليرفعه إلى الإمام، إلا أن يكون الإمام ممن لا يقيم عليهم الحكم، وأحسب أن مالكاً قاله، أن لا يجهز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم وليبعث إلى الإمام يلي ذلك. فإن خفت أن لا يقيم عليهم الحكم فاقتل أنت الأسير، وأجهز على الجريح واقطعه خلافاً. ومن قتل منهم ورثه ورثته.
ومن كتاب ابن سحنون وغيره قال مالك: يدعى اللص إلى التقوى، فإذا أبي فقاتله، ومن عاجلك فقاتله. وإن طلبوا مثل الطعام والشراب وما خف فليعطوا ولا يقاتلوا.
وقال عبد الملك: لا تدعه وقاتله واقتله واجهز عليه، وليس هذه دعوة وإنما هي عطية منك لمن تخشى جرأه، وأخذ عدته، وقد فعل ما أوجب عليه القتل.
قال سحنون: وأنا أرى أن لا يعطوا شيئاً وإن قل، ولا يدعونهم فهذا وهن يدخل عليه، وليظهر لهم الصبر والجلد والقتال بالسيف، فهو أكسر لهم وأقطع لطمعهم(1)، وكذلك عنه في العتبية.
***
__________
(1) في ص: لطفهم. وهو تصحيف.(1/466)
[14/471]
قال مالك وابن القاسم وأشهب: جهادهم جهاد، قال عنه أشهب من أفضل الجهاد وأعظمه أجراً.
وقال مالك في أعراب قطعوا الطريق إن جهادهم أحب إلي من جهاد الروم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد(1)، فإذا قتل دون ماله ومال المسلمين فهو أعظم لأجره.
وقال عبد الملك: ولا يجوز أن يؤمن المحارب إن سأل الأمان، بخلاف المشرك، لأنك تدع المشرك إذا أمنته على حاله وبيده أموال المسلمين، وقد أبقاهم الله بالذمة على ما هم عليه، ولا يجوز أن تدع المحارب على ذلك. ولا يجوز للإمام أن يؤمنه وينزله على ذلك، ولا أمن له بذلك، لأنه في سلطانك وعلى دينك إنما امتنع منك بعزة لا بدين ولا ملة.
ولو لحق(2)بدار الحرب من الأمان فتنصر وقاتلنا معهم فأسرناه فليستتبه الإمام، فإن ( أبى )(3)قتله، وذلك على الردة والحرابة، وإن تاب قبلت توبته ونظر، فإن كان يلزمه حكم فيما صنع في حرابته قبل ردته في (حق من )(4)حكم الله وحق المسلمين ألزمه إياه، ولا تزيل الردة ذلك عنه(5)وقاله ابن شهاب وربيعة وأبو الزناد.
قال سحنون: وإذا هرب المحارب فدخل حصناً من حصون الروم فحاصرناهم فنزل أهله(6)بعهد وطلب المحارب العهد والأمان لإامنه أمير
***
__________
(1) حديث حسن أخرجه أحمد في المسند، وابن حيان في الصحيح، وأبو داود والنسائي والترمذي في السنن، كلهم عن سعيد ابن زيد.
(2) في ص: ولو نحن. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ف.
(4) زيادة في فـ.
(5) صحف في ص: ذلك حق من.
(6) هكذا عبارة ف. وصحفت في ص: فجاء صرناهم وترى أهله.(1/467)
[14/472]
السرية(1)، قال: لا أمان له ولا يزيل حكم الحرابة(2)عنه جهل من أمنه وقد ظفرنا به قبل التوبة.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا امتنع المحارب بنفسه حتى أعطي الأمان فأخذ على ذلك، فقد اختلف فيه، فقيل يتم له ذلك، وقيل ليس ذلك له ويؤخذ بحق الله سبحانه، وقال أصبغ مثل أن يكون في مركب أو على فرس قد امتنع، أو في حصن أو موضع لا يوصل (إليه)(3)، فيعطي الأمان فيأتي على ذلك فلا أمان له، لأن أمانه من السلطان أو غيره، وهذا ( حق )(4)لله لا يزول إلا بالتوبة قبل أن يقدر عليه.
ولو قال الوالي لأحدهم لك الأمان على أن تخبرني بما أخذتم وعلى من قطعتم ومن كان معكم ففعل، فلا أمان له(5)بذلك، وما كان ينبغي للإمام أن يؤمنه على قطع حقوق الله، وليقم عليه ما أقام على غيره ، ولا يؤخذ بما أقر به على أن يؤمنه.
قاله مالك وبعض أصحابه، مثل أن يقول: أصدقني هل قطعت الطريق علي أن لا حد عليك، فأقر ( له )(6)فإنه لا حد عليه بهذا الإقرار.
ويكره للسلطان إذا أخذ أحداً في تهمة أن يخلو به ويقول: أخبرني وأنت آمن فيخبره، وهذا وجه خديعة ويغرهم.
ولو أن مرتداً لحق(7)بدار الحرب فأمنه الإمام فقد جهل الإمام، فإن لم يتب فليقتله ولا أمان له، بخلاف الحربي(8)وقال ابن القاسم وأشهب:
***
__________
(1) صحفت هذه العبارة أيضاً في ص: في أمنه أسير السرية.
(2) ثلبت كلمات في هذه الجملة في ص: حكم الراتبة عنه فهل.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.
(5) في ص فلا أمل له. وهو تصحيف.
(6) ساقط من ص.
(7) كذا في فـ وهو الصواب. وفي ص: المربد. وهو تصحيف.
(8) في ص: بخلاف الربي. وهو تصحيف.(1/468)
[14/473]
ويكون المحارب محارباً وإن لم يأخذ مل يجب فيه القطع في السرقة، لأنه يكون محارباً وإن لم يأخذ شيئاً إذا قطع وأفسد. وكذلك لو خرج بغير سلاح وفعل فعل المحارب من التلصص(1)وأخذ المال مكابرة، وقد يكون الواحد محارباً.
(ومن كتاب ابن سحنون)(2)قال عبد الملك: ولا يعطى اللصوص(3)شيئاً طلبوه وإن قل، وفي ذلك وهن قائم(4)ومذلة للإسلام وشبهة في الدين.
وهذا في العدد المناصف لهم والراجي الغلبة، وإن أمكن الخوف، إلا فيمن يوقن أن لا قوة بهم ولا نجدة ولا مناصفة، فهؤلاء للأمير، وعسى أن يعذروا في إعطائهم إن شاء الله، وقاله كله سحنون. وكل ما ذكر عن عبد الله في هذا الباب فقد ذكره عنه ابن حبيب.
قال أشهب: ولا يقتل المحارب بالخنق باليد وبالحبل وبالحجر وبالغم وبغير ذلك، فهو محارب وإن لم يقتل، وقد يحرج بالسلاح ولا يحتاج إليه.
ومن كتاب ابن المواز، ونحوه في العتبية(5)من سماع ابن القاسم قلت: فإن خرج لقطع السبيل لغير مال، (قال)(6)فلعداوة أو نائرة أو يدخل بينهم، قال: لا ولا لدين إلا أنه قال: لا أدع مقاولا (كذا) من لا يحرجون إلى الشام أو إلى مصر أو مكة، قال: فهو محارب لا عفو فيه.
***
__________
(1) في ص: من الغاصب. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: ولا يقصر اللصوص.
(4) صحفت عبارة ص. وق الأولى قائم.
(5) البيان والتحصيل،
(6) ساقط من ص.(1/469)
[14/474]
وكل من قطع الطريق إذا أخاف الناس وحمل عليهم(1)السلاح لغير عداوة ولا نائرة فهو محارب.
وقتل الغيلة أيضاً من المحاربة، أن يغتال رجلاً أو صبياً فيخدعه حتى يدخله موضعاً فيأخذ ما معه فهو الحرابة. وكل من قتل أحداً على ما معه قل أو كثر فهو محارب، فعل ذلك بعبد أو حر مسلم أو ذمي.
قال مالك: وقد قتل عثمان مسلماً بذمي قتله غيلة، قال مالك: ولو صحب(2)رجلاً في سفر فقتله غيلة لما معه فهو محارب. (وقال ابن القاسم وأشهب: وإذا خرج بغير سلاح وكابره الناس على المال وقطع الطريق فهو محارب)(3)وإن لم يقتل أحداً، وقد يقتل بالخنق والحجر والغم (بلا سلاح)(4).
قيل لمالك: فالذي يقتل الناس بالخنق غيلة أيقتل خنقا؟ قال: ذلك إلى الإمام على أشنع ما يراه، وليس من باب القود.
ومن ضرب رجلاً بعصى أو حبل ليأخذ ما معه فمات فإنه يقتل وإن لم يرد قتله، لأنه من باب الحرابة، ولو لم يكن ذلك لأخذ ما معه ولكن ليس بينهما عداوة ففيه القصاص أو العفو من أوليائه.
قال محمد: وأما من أدخل رجلاً موضعاً على خديعة حتى قتله أو دخل عليه حريمه(5)فقتله، وذلك لعداوة أو نايرة(6)بينهما وليس لمال ولا أخذ منه مالاً، فهذا لأوليائه قتله أو العفو عنه. فإن عفي عنه جلد مائة
***
__________
(1) صحفت في ص: وجعل بينهم.
(2) في ص: صحبه. وهو تصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(4) ساقط أيضاً من ف.
(5) في ص: حربية. وهو تصحيف.
(6) صحف في ص: لعداوة أو أهل وتيرة.(1/470)
[14/475]
وحبس سنة، وقال كله مالك. والذي يدخل على رجل حريمه فيكابره حتى يقتله بهراوة لا لأخذ مال مثل ما ذكرنا. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.
قال أشهب وابن عبد الحكم عن مالك وهو في العتبية من سماع أشهب: فيمن لقي رهطاً(1)فأطعمهم سويقاً فمات بعضهم(2)بالباقين فلم يفيقوا(3)إلى مثلها، فقال: ما أردت قتلهم وإنما أردت أخذ ما معهم، وإنما أعطاني السويق رجل وقال إنه يسكر وأنا لم أرد قتلهم. قال: يقتل.
وقال: أرايت التي سمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه في الشاة فمات بعضهم ألم يكن عليها القتل؟ قيل تلك أرادت القتل، وهذا يقول لم أرد القتل، فلا يقبل ذلك منه. وهو تعمد إطعامهم والذي(4).
قال في كتاب محمد: ولو قال ما أردت قتلهم ولا أخذ أموالهم، وإنما هو سويق لا شيء فيه، إلا أنهم لما ماتوا أخذت أموالهم. قال: فلا شيء عليه غير رد المال.
ومن العتبية(5)روى أشهب عن مالك في جارية أطعمت رجلاً في بلح شيئاً أذهب عقله، فمرة يفيق، ومرة يذهب عقله قد أقرت بذلك، قال: قد أتت أمراً عظيماً، قيل أفتقتل؟ قال: إنها محقونة بكل شر(6)وما
***
__________
(1) كذا في ص: لقي رهطاً. وفي ف: لقي رجالاً.
(2) كلمة مطموسة.
(3) في ص: فلم يعفوا.
(4) كلمات مطموسة.
(5) البيان والتحصيل، 16: 374.
(6) كذا في ف وفي العتبية أيضاً. وصحفت في ص: إنها محفوفة بكل شيء.(1/471)
[14/476]
أدري ما القتل؟ قيل: فعلت هذا قبل هذا، قال: ترفع إلى السلطان وهي تستحق كل سوء. فأما القتل فلا أدري.
قال مالك في عبيد قتلوا سيدهم قتل غيلة فحبسوا حتى يثبت ذلك.
قال: ينفق عليهم حتى يثبت ذلك فيقتلوا ولا يستحيوا لأنه قتل غيلة، ولا يجوز العفو عنهم.
قال ابن شهاب في المتهم بالحرابة ولم يثبت عليه ببينة أرى أن ينفى إلى بلد آخر ويسجن، ولا يطلق من يخاف منه على دماء المسلمين وأموالهم.
قال مالك في قوم لقيهم قوم في طرف المدينة فقاتلوهم فاتهموهم أن يكونوا أرادوا سلبهم، قال: أرى أن يخرجوا من تلك المدينة ولا ينفوا كما ينفى المحارب.
ومنه ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن لقي رجلاً فسأله طعاماً معه فأبى، فكتفه ونزع منه الطعام ونزع ثوبه، قال: إنه يشبه المحارب.
من كتاب ابن سحنون(1)قال سحنون في السارق ليلاً يأخذ متاعاً فيطلب رب الدار نزع المتاع منه فيكابده عليه بسيف أو سكين أو عصى حتى خرج به أو لم يخرج وكثر عليه الناس ولم يسأله(2)قال: هذا محارب. قيل: فلو نقب (فدخل)(3)فأدركه رب المتاع فخرج والمتاع في النصب(4)(فكابده على المتاع حتى غلبه عليه فأخذ على ذلك، فإن كابده
***
__________
(1) في ص: ابن المواز.
(2) كذا في ص. وفي ق ما يشبه: ولم يتسلمه. ويبقى المعنى غامضاً.
(3) ساقط من ص.
(4) في ف: في البيت.(1/472)
[14/477]
بسلاح حتى أخافه فأسلمه)(1)إليه أو بقي يجاذبه عليه حتى أخذ، فهو محارب، وإن كان كابده كما يفعل المختلس فمحارب، وينكل ولا يقطع، لأن أوله كان سارقاً ثم صار مختلساً، ولا قطع في الخلسة.
المحارب في المصر
(من كتاب ابن سحنون)(2)قال ابن القاسم (وأشهب)(3): المحارب في المصر وغير المصر سواء، إذا قطعوا وأفسدوا في مدينتهم أو في الطريق فذلك سواء.
وقال عبد الملك: لا يكونون محاربين في القرية إلا أن يريدوا بذلك القرية كلها، و إلا فهم معتدون إلا أن يكونوا خبراء وجماعة محاربين لأهل القرية عادين معلنين فهم كاللصوص الذين يفتحون القرى وتكثر جموعهم. فأما وهم في القرية مختلفون لا يفسدون إلا الواحد والمستضعف فليس في القرى محاربة، وخالفه سحنون فقال: ذلك سواء.
قال ابن المواز قال مالك في رجل جرح بسيفه في سوق من بعض أعمال المدينة، ما أراه أراد رجلاً فأخذ، هل يقتل؟ قال: لا يقتل ولا يقطع وليؤدب عقوبة موجعة ويحبس. وقد اختبأ رجل لمروان(4)فطعنه، فاستشار فيه فلم يروا فيه قتلاً، وإنما كان ظلمه عامله باليمن ففعل هذا.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) حرفت الجملة تماماً في ص: ومراصتي رجل له وإن.(1/473)
[14/478]
قال أصبغ: لأنه أراد أمراً فلم يفعله، ولو فعل هذا تلصصاً وحرابة شاهراً سيفه في الأسواق لأخذ أموال الناس فإنه ينفى كما يفعل بالمحارب الخفيف الظلم.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن سرق فامتنع قاتله، وإن لم تجد السبيل إلى أخذ متاعك إلا بنفسه فافعل، ودمه هدر، وإن لم يأخذ شيئاً فلا تقتله لأنه إنما يدفعك عن نفسه لا عن مالك، وإن ظفرت به وهو مشهور بالخبث فارفعه إلى الإمام، وإن لم يكن مشهوراً فالستر أحب إلي، وليس بالبين. قال في كتاب محمد: فهو ممن يضرب وينفى.
قال في الكتابين: وكذلك الذي يأخذ معه الدابة فيقر أنه وجد عليها(1)رجلاً فأنزله عنها وأخذها.
قال مالك في كتاب ابن المواز: ومن لقي رجلاً في الصحراء أو عند القمة فنشره(2)من ثوبه، قال لا يقطع إلا أن يكون محارباً أو لصاً، فأما من يكابد رجلاً في الليل حتى يأخذ ثوبه فلا يقطع. قال: وإن كان في المحاربين صبيان لم يحكم عليهم بشيء، وأما العبد أو الذمي(3)فيحكم عليهم ذكراناً وإناثاً.
قال مالك فيمن دخل أرض البربر وهو أصحاب فتن وأصحاب هوى ويقاتل بعضهم بعضاً، ومعه سيف أو سرج أيبيعه منهم؟ قال: لا، ولا أحب بيع السلاح فيمن يناويء أهل الإسلام.
قال أصبغ عن ابن القاسم في اللص يولي مدبراً أيتبع؟ قال: إن
***
__________
(1) في ص: وجد محيلها. وهو تصحيف.
(2) كذا في النسختين. ومقتضى السيلق ما يشبه سلبه أو جرده.
(3) في ص: وأما العبد أو العبيد. وهوتصحيف.(1/474)
[14/479]
كان قتل أحداً منهم، وإن لم يكن قتل فما أحب أن يتبع ولا يقتل. قال: والأسير من اللصوص يقتل (إن قتل)(1)وإن لم يقتل بلغ به إلى الإمام.
قال مالك: إذا لم يقتل فهو أشكل، فلا ينبغي أن يقتله(2)إلا الإمام.
قال ابن القاسم: وإن قتل واحداً منهم فقد استوجبوا كلهم القتل ولو كانوا مائة ألف(3).
وقال سحنون في اللصوص يولون مدبرين أيتبعون؟ قال: نعم، ولو بلغوا ترك الطعام. قيل لسحنون: فلو عرض لك لص فجرحته فسقط أتجهز عليه؟ قال: نعم قيل: فقول ابن القاسم لا يجهز عليه؟ فلم يره، وقد حل منه ذلك بما قطع من السبيل وأخاف وحارب.
وقال في كتاب ابنه: يتبع منهزمهم(4)، ويقتلون مقبلين ومنهزمين، وليس هروبهم توبة.
قال: وأما التدفيف على جريحهم، فإن لم تتحقق هزيمتهم ويخاف كرتهم فليوجف على جريحهم، وإن استحقت الهزيمة بجريحهم أسروا والحكم فيه إلى الإمام.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) صحف في ص: أن يفعله.
(3) صحفت عبارة ص: كانوا فإنه ألف.
(4) في ص: يتبع مشهرهم. وهو تصحيف.(1/475)
[14/480]
في توبة المحاربين وما الذي يلزمهم بعد التوبة
وكيف إن ولي أحدهم القتل وأخذ المال
ثم تابوا أو ظفر بهم أو ببعضهم
من كتاب ابن المواز قال عبد الملك: وإذا تاب المحارب قبل أن تقدر عليه أيها السلطان سقط عنه ما كان لله من حد الحرابة، وليست توبته أن يأتي الإمام فيقول تبت ويلقي بنفسه ويطرح سلاحه ويحل عقده حتى(1)يعلم منه من إيثار توبته قبل مجيئه إليه وقدرته عليه ما يستدل به، لقول الله سبحانه (من قبل أن تقدروا عليهم)(2).
فإذا لم يكن غير مجيئه وقوله تبت هكذا حبسه حتى يطلع من ذلك ما يدله بما ظهر منه في موضعه وبحيث كان أنه ترك ذلك وجانب أهله وظهر منه من ذلك قبل مجيئه إليك(3)فذلك ينجيه منك، كما لو علمت مثل ذلك منه قبل أن يأتيك، كان مجيئه بعد ذلك ينجيه منك فأجاز ذلك سحنون.
قال ابن المواز قال مالك: وإذا تاب المحارب اتبع في عدمه بأموال الناس، وإن أقيم عليه حد الحرابة فقتل أو نفي لم يتبع(4)في عدمه وإن أيسر بعد ذلك، وقاله ابن القاسم.
وإذا قتل عبداً أو ذمياً فقتل في الحراب لم يتبع بشيء من ذلك في ماله ولا في ذمته، لأنه كالقصاص، ولا يجمع قصاص ودية.
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: وبحل عشرة متى.
(2) الآية 34 من سورة المائدة.
(3) كلمة غير مقروءة.
16- النوادر والزيادات 14
(4) في ص: لم يبلغ وهو تصحيف.(1/476)
[14/481]
قال محمد: ولم نعلم أن عثمان حين قتل المسلم المحارب بالذمي حكم عليه بدية. وأما إن تاب فعليه دية من قتل من الذميين وقيمة العبيد نصارى أو مسلمين – يريد في ماله وذمته – بلا قصاص، مع ضرب مائة وحبس سنة، ويقتل بالحر المسلم إلا أن يعفو أولياؤه فيضرب مائة ويحبس سنة.
وإن كان المحاربين ذميين فتابوا كان عليهم القود فيمن قتلوا من الذميين إن شاء أولياؤهم، والرجال والنساء فيما ذكرنا سواء. وفي كتاب ابن سحنون نحو ما ذكرنا من هذا.
وقال ابن سحنون عن أبيه: وقال في محاربين قتلوا (رجلاً)(1)وسبوا امرأة ثم أخذوا قبل القدرة عليهم(2)فأقروا بذلك، فإن أقروا بغير تخويف قتلوا، ولزم صداق المرأة على من زعمت أنه وطئها. ولو تابوا قبل الظهور عليهم قتل من ولي القتل منهم، وصداق المرأة(3)كما ذكرنا. وهذا مذهب أشهب في القتل إذا تابوا، ويضرب الباقون كل واحد مائة ويسجن سنة. وذكر مثل ما ذكر عنه ابن المواز، وذكر أن قول ابن القاسم أن يقتل الجميع إذا تابوا.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك وابن القاسم وأشهب (وإذا ولي أحد المحاربين)(4)قتل رجل ممن قطعوا عليه ولم يعاونه أحد من أصحابه على قتله، فإنهم يقتلون كلهم، ولا عفو فيهم للأولياء ولا للإمام، وكذلك لو ولي أخذ المال واحد منهم (ثم ظفرنا بغيره)(5)فإنه يلزمه غرم جميع ذلك المال، كان قد أخذ من ذلك حصة أو لم يأخذ.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في النسختين، والعبارة متناقضة، لأنهم إذا أخذوا فقد قدر عليهم.
(3) عبارة ص فيها بتر وتصحيف: من وفى القتل وحدوا للمرأة.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط أيضاً من ص.(1/477)
[14/482]
وقال مالك: ولو تاب واحد منهم وقد أخذ كل واحد منهم حصته في المال، فإن هذا التائب يضمن جميع المال، لأن الذي ولي أخذ المال إنما قوي بهم.
قال ابن القاسم: وكذلك القتل عندي يقتل من لم يل القتل منهم ولا أعان فيه.
قال في العتبية: وقد استوجبوا القتل كلهم لو كانوا مائة ألف.
قال من كتاب ابن المواز: وكذلك لو تابوا كلهم قبل يقدر عليهم كان على الدية. ولو ظفر بهم الإمام قبل التوبة قتلهم أجمعين.
وقال أشهب: إن أخذوا قبل أن يتوبوا قتل جميعهم ولا عفو فيهم. وأما إن تابوا قبل أن يقدر عليه فقد سقط عنهم حكم الحرابة(1)، ولم يقتل منهم إلا من ولي القتل أو من أعان عليه ومن أمسكه وهو يعلم أنه يريد قتله، ولا يقتل الآخر ولكن يضرب كل واحد منهم مائة ويحبس سنة.
قال أشهب: وإنما قال عمر: لو تمالأ عليهم أهل صنعاء لقتلتهم به، وذلك أنهم قتلوه قتل غيلة.
قال أشهب عن مالك: ولو كان أحدهم قائماً لم يأخذ شيئاً غير أنه حين قسم المال أخذ حصبة ثم أخذ (حصة)(2)قال أخاف أن عليه جميع المال لأن بهم(3)أخذ المال، وكلهم أعوان.
***
__________
(1) صحف في ص: حكم الحرابة لله.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: كأنه بهم.(1/478)
[14/483]
قال ابن عبد الحكم: والذي لم يل أخذ شيء، قال يرد(1)ما أخذ من حصته، وأخاف أن يكون ضامناً لما أخذ أصحابه وما أحراه
ومن غير كتاب ابن المواز قال محمد بن عبد الحكم: لايزاد على كل أحد إلا ما أخذ. ابن المواز وقال ابن القاسم عن مالك: ذلك عليه كله في توبته وفي الظفر به قبل توبته.
ومن كتاب ابن المواز قلت كيف توبة المحارب؟ قال: الذي هو أحب إلى مالك ورواه ابن وهب وابن عبد الحكم إتيانه (إلى السلطان)(2).
وإن هو أظهر توبة عند جيرانه ( واختلافه إلى المسجد حتى يعرف ذلك عنه فجائز، قاله ابن عبد الحكم )(3).
قال أصبغ: وإن قعد(4)في بيته وعرف أن ذلك منه ترك معروف بين يبوح بالتوبة جاز ذلك له.
وقال عبد الملك: وإن لم تكن توبته إلا إتيانه إلى السلطان فيقول: جئتك تائباً لم ينفعه ذلك، لقول الله تعالى (من قبل أن تقدروا عليهم)(5).
قال في العتبية أشهب عن مالك في المحارب إذا تاب ونزع وأظهر لجيرانه وجاء إلى المسجد، هل عليه شيء؟ أو أحب إليك أن يأتي السلطان؟ قال: أحب إلي أن يأتي السلطان.
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة هكذا: والذي لم يلي المدشي قال بور.
(2) ساقط من ف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) في ص: وإن عقد. وهو قلب.
(5) الآية 34 من سورة المائدة.(1/479)
[14/484]
من كتاب ابن المواز قال أصبغ: وتوبة النصراني المحارب بالنزوع وإظهار الترك. قال محمد: وأحب إلينا أن يأتي الإمام فيخبره بتوبته ونزوعه.
وإذا تاب المحارب فأخذه بعض من قطع عليه الطريق في المسجد أو في طريقه أو بيته أو السوق فدفعه وأقام عليه البينة، فإن عرف بالتوبة سقط عنه حد الحرابة وبقي عليه حقوق الناس(1)في الدماء والجراح، ويتبع بالأموال في ماله وفي ذمته، رواه ابن القاسم وأشهب وابن وهب عن مالك.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون في عيون المحاربين إنهم يقتلون معهم، لأنهم أعوان(2)لهم وقد قتلهم معهم عمر في قتل الغيلة.
ومن العتبية قال سحنون، إذا أقيم على المحارب الحد فحكمه حكم السارق فيما وجب عليه من مال إن كان وفره متصلاً أخذ منه كل ما لزمه من استكراه النساء واحتلال مال ودية النصراني وقيمة العبد، وإن لم يتصل وفره (لم يتبع بشيء، وإن لم يقم عليه حد الحرابة اتبع بذلك يلزمه في ماله وذمته)(3)، ويلزمه القصاص لمن له قصاص.
قال عبد الملك بن الحسن قال قال أشهب: وإذا تاب المحارب وقد كان زنى وسرق في حرابته لم يوضع عليه ذلك.
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: وليس عليه حقوق إنما.
(2) في ص: أعمال لهم. وهوتصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/480)
[14/485]
باب
في شهادة من قطع عليهم الطريق على المحارب
وشهادة بعضهم على بعض
والحكم فيما يوجد بأيدي المحاربين من الأمتعة
من كتاب ابن المواز قال مالك وابن القاسم وأشهب: تقبل شهادة من قطع عليهم الطريق على اللصوص أنهم قطعوا عليهم (الطريق)(1)ذلك من حدود الله تعالى، وتقبل شهادة بعضهم على بعض بما أخذوا لهم، ولا تقبل شهادة أحدهم لنفسه أن هذا متاعه، ولا شهادته لابنه. وأما شهادته أن هذا قتل ابنه أو أباه فتقبل إذا شهد مع غيره، لأنه إنما يقتل بالحرابة لا بالقصاص ولا عفو فيه.
وأما لو شهد عليه بذلك مع غيره بعد أن تاب لم تجز شهادته، لأن الحق له والعفو أو القصاص. وأما شهادة الأجنبيين فتجوز قبل التوبة وبعدها، ولا يتهمون في (شهادة)(2)بعضهم لبعض لأن المحاربين إن قالوا ما قطعنا عليكم فقد أزالوا عنهم الظنة، وإن أقروا فقد صدقوهم(3)في قطع الطريق.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: تقبل شهادة الرفقة بعضهم لبعض على المحارب ويقضى عليه برد ما أخذ إن كان ملياً، لأن المحاربين إنما يقطعون في المفاوز حيث لا بينة إلا من قطعوا عليه. ولا تقبل شهادة كل واحد منهم لنفسه.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ص.
(3) صحفت عبارة ص: وإن أقر فقد سد قولهم.(1/481)
[14/486]
ولو قالوا كلهم عند الحاكم قتل منا كذا وكذا رجلاً وسلب منا كذا وكذا حملاً ومن الجواري كذا، ومن الثياب كذا، ومن الخيل كذا. فأما الأحمال فلفلان، والثياب لفلان والخيل لفلان وفلان فذلك جائز يقبل قول كل لغيره لا لنفسه، ويوجب ذلك عليه المحاربة والقتل، وذكره عن مالك وابن القاسم وأشهب.
قال: وإذا حبس الإمام المحاربين بشهادة شاهد واحد وشهد قوم غير عدول ولم يأت غيرهم، ومنهم من يشتهر اسمه بالفساد ولا يعرف إلا بعينه، فإذا رآه من كان يراه عرفه، قال: فليخرجه، ويوقفه ويشهره حيث يعلم أن الغرماء ينظرون إليه والمسافرون، ويستقصي ذلك من إشهاره وإظهاره حيث يرجى أن يعرف من مشهد أو مسجد، فلعل من يشهد على عينه فتتم الشهادة عليه، وليس عليه أن يخرجه كل يوم، ولكن المرة بعد المرة(1).
وإذا بلغ من شهرة المحارب باسمه ما يؤكد تواتره باسمه، مثل أبي الوليد أو سليمان، فأخذ فأتى(2)من يشهد أن هذا أبو الوليد أو سليمان، فقالوا لم نشاهد قطعه للطريق أو قتله للناس وأخذ أموالهم، إلا أنا يعرفه بعينه، وقد استفاض عندنا واشتهر قطعه للطريق وما شهر به من القتل وأخذ المال والفساد، قال فإن الإمام يقتله بهذه الشهادة. وهذا أكثر من شاهدين على العيان. أرأيت زقوطاً(3)يحتاج إلى من يشهد أنه عاينه يقطع ويقتل؟
***
__________
(1) في ص: ولكن أره بعد أره. وهو تصحيف.
(2) في ص: وإن جاء. وهو تصحيف أيضاً.
(3) يشير إلى زقوط البرغواطي، ويكتب أيضاً بالسين: سقوت وسكوت. وهي شخصية غريبة تدل هذه الإشارة من ابن أبي زيد القيرواني المعاصر له على المرحلة الأولى من حياة سقوط، وهي مرحلة الصعلكة والحرابة التي لم يهتم بها المؤرخون المغاربة والأندلسيون بقدر ما عنوا بمرحلة أسره من طرف أحد الأمراء الأدارسة الحموديين الذي أعتقه وأنابه عنه في حكم سبتة وطنجة حيث بقي زقوط يزاول حكم المدينتين إلى أن خر صريعاً عجوزاً أمام حجافل المرابطين في منتصف القرن الخامس (11م) انظر معلمة المغرب، 4: 1170 – 1171.(1/482)
[14/487]
من كتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون: وما وجد بأيدي اللصوص والسراق من متاع الناس من بز ورقيق وحلي وغيره، فمن ادعاه ولا بينة له، قال مالك: يدفع إليه بعد الاستيناء وبعد أن يفشوا ذلك(1)ولا يطول جداً بعد أن يحلف مدعوه ويضمنه ذلك ولا يكلفهم حميلاً(2)هكذا في كتاب ابن سحنون.
وقال في كتاب ابن المواز: ولا يكلف ضماناً، بعد أن قال يدفعه إليهم ويضمنهم إياه.
قال أشهب في الكتابين: وذلك إذا أقر اللصوص أن ذلك المتاع مما تلصصوا عليه، فحينئذ يصدق مدعيه مع يمينه ويدفعه إليه ببينة (ويضمنه بعد الاستيناء والإنشاد وانتظار من يطلبه، فإن جاء رجلان يدعيانه)(3)ولا بينة لهما حلفا وكان بينهما، ومن نكل منهما دفع إلى من حلف.
قال في كتاب ابن المواز: وإن نكلا لم يكن لواحد منهما فيه شيء. قال ابن المواز: وذلك أن اليمين هاهنا لابد منها للسلطان.
وإذا دفع إلى أحد (بالصفة)(4)بعد أن أشهد عليه وضمنه ثم جاء آخر يدعيه لم تكن له بالصفة دخول معه، ولكن إن جاء ببينة أخذه من الأول، إلا أن يقيم الأول بينة (فيقضى بأعدلهما، وإن تكافأتا بقي للأول، ولو جاءا معاً كان بينهما بعد أيمانهما. ومن جاء منهما ببينة)(5)كان له. وإن أقاما بينة فتكافأت فها هنا يقسم بينهما بعد أيمانهما. ومن نكل منهما كان من حلف أحق به.
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: بعد الاستثبات وبعد أن يعينوا ذلك.
(2) في ص: محيلا. وهوتصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من ص.(1/483)
[14/488]
قال في كتاب ابن سحنون قلت: فإن لم يأت له طالب فهو كاللقطة(1)، فإن جاء له طالب وإلا باعه الإمام وحبس ثمنه وكتب صفته عنده. وإن جاء له طالب فليسأله عن صفته ويكشف ذلك، فإن لم يأتوا بالصفة والنعت دفعه إليه وأخذ منه به كفيلاً، فإن جاء غيره بعد ذلك أخذ به الكفيل، ويجتهد الإمام في برهان ذلك.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: وهذا إن أقر اللصوص أنه ما قطعوا فيه الطريق، وإن قالوا بل هو من أموالنا كان له، وإن كان كثيراً لا يملكون مثله حتى يقيم مدعوه البينة.
قال اين المواز: وما لم يأت له طالب فهو كاللقطة كضوال الإبل وغيرها. قال: وإذا شهد عليهم من قطعوا عليهم الطريق وهم عبيد أو نصارى أو أحرار مسلمون غير عدول لم يقتلوا، ولكن إن استفاض ذلك من الذكر وكثرة القول أدبهم الإمام وحبسهم.
آخر كتاب المحاربين
***
__________
(1) صحف في ص: فهو كالقطعة. وسيتكرر فيه هذا الخطأ.(1/484)
[14/489]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد خاتم النبيين
كتاب المرتدين
في استتابة المرتد وقتله
وفي النصراني يسلم ثم يرتد ويعتذر
من كتاب ابن سحنون، وأكثره في كتاب ابن المواز إلا قول عبد العزيز والحجة عليه، قال سحنون قال النبي صلى الله عليه وسلم من غير دينه فاقتلوه(1)، يعني بعد الاستتابة(2)، فإن تاب ترك. يدل على ذلك أن عبد الله بن سعد ارتد، فلما عاود الإسلام تركه، واستتاب نبهان أربع مرات وقبل منه. وقد فعله الصديق عام الردة. وقال عمر في مرتد قتل ألا استتبتموه ثلاثاً. وروى ابن حبيب مثله عن عثمان وعلي ابن أبي طالب.
ومن كتاب ابن سحنون قال ابن أبي سلمة: حده القتل، ولا بد أن يقتل وإن تاب وذكره عن معاذ. قال سحنون: وهذا شاذ، ومعاذ إنما قال ذلك في المرتد الذي حبسه أبو موسى الأشعري أربعين يوماً يدعوه إلى الإسلام، وتلك استتابة متقدمة. وأما قول عبد العزيز حده القتل، كما أن من تاب عن الزنى لا يزيل عنه الحد توبة، فهذا يفترق لأن توبة الزاني لا تزيل عنه اسم الزنى ولا يحد قاذفه، وتوبة المرتد تزيل عنه اسم الكفر،
***
__________
(1) حديث صحيح بلفظ: من بدل دينه فاقتلوه، رواه عن ابن عباس البخاري في الصحيح، وأحمد في المسند، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في السن، والسيوطي في الجامع الصغير.
(2) في ص: قبل الاستتابة، وهو تصحيف خطير.(1/485)
[14/490]
وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء يكفيك من هذا. وقد أزال الله بالتوبة عن المحارب حد الحرابة.
قال: ومن ولد على الفطرة أو لم يولد عليها ممن ارتد في الاستتابة سواء. وقاله مالك في كتاب ابن المواز، وقال: ( والرجال )(1)والنساء والعبيد ( والأحرار )(2)في ذلك سواء، ارتدوا إلى ملة أو زندقة.
وقال ابن القاسم: ولا يحل لسيد العبد أن يكتم ذلك عليه ولا يلى هو قتله وليرفعه إلى الإمام.
ومن العتبية(3)وكتاب ابن المواز عن مالك في المرتد يتوب أنه لا عقوبة عليه. قال سحنون: وكذلك الراجع عن شهادته قبل الحكم. ولو عوقب الشاهد لم يرجع غيره من شهد بباطل. قيل أن ينتظر ثلاثاً كما روي عن عمر. قال: يقال ثلاثاً وهو حسن لا يأتى من الاستظهار الأخير، وليس عليه جماعة الناس – يريد في إيقافه ثلاثاً.
قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية(4)عن الليث: إن الصديق استتاب أم قرفة وقد ارتدت ثلاثاً فلم تتب فقتلها.
ومن كتاب ابن المواز قال محمد: وما علمت بين مالك وأصحابه اختلافاً أن من ارتد يستتاب.
قال مالك: وما علمت في استتابة تجويعاً ولا تعطيشاً وأن يقات من الطعام بما لا يضره.
***
__________
(1) ساقط من فـ.
(2) ساقط من فـ.
(3) البيان والتحصيل، 16 : 378.
(4) البيان والتحصيل، 16 : 392.(1/486)
[14/491]
قال ابن القاسم قال مالك في نصراني أسلم ثم ارتد عن قرب وقال إنما كان إسلامه عن ضيق عليه، فإن عرف أنه عن ضيق ناله أو مخافة أو شبه، فعسى أن يعذر(1)، وقال ابن القاسم وقال أشهب لا عذر له ويقتل وإن علم أن ذلك عن ضيق كما قال.
وقال أصبغ: قول مالك أحب إلي إلا أن يقيم على الإسلام بعد ذهاب الخوف فهذا يقتل، وقاله ابن وهب وابن القاسم إذا كان عن ضيق أو عذاب أو ضرر أو خوف، قال أصبغ: وذلك إذا صح ذلك وكان زمان يشبه ذلك في جوره.
وقال في كتاب ابن المواز في النصراني يصحب القوم في سفر فيظهر الإسلام ويتوضأ ويصلي، وربما قدموه، فلما أمن أخبرهم وقال: صنعت ذلك تحصناً بالإسلام ليلاً يوخذ ما معي أو تؤخذ ثيابي ونحو ذلك، فذلك له إن أشبه ما قال، ويعيدون ما صلوا خلفه في الوقت وبعده.
ومن العتبية(2)روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم عن مالك مثله. وقال سحنون: إن كان في موضع يخاف على نفسه فدارى عن نفسه وماله فلا شيء عليه. ويعيد القوم صلاتهم، وإن كان في موضع هو فيه آمن فليعرض عليه الإسلام، فإن أسلم لم يكن على القوم إعادة، وإن لم يسلم قتل وأعادوا.
قال يحيى ابن يحيى وقال ابن وهب في راهب قيل له أنت عربي قد عرفت فضل الإسلام فما منعك منه؟ فقال: كنت مسلماً زماناً ولم أر ديناً خيراً من النصرانية(3)فرجعت إليها، فرفع إلى الإمام فقال: كنت كاذباً فيما قلت ولا بينة عليه ( غير إقراره الذي رجع عنه، قال: لا قتل عليه ولا عقوبة، ولا يستتاب إلا من شهد عليه أنه )(4)رئي يصلي ولو ركعة.
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: أو شبهه به من أن يقدر.
(2) البيان والتحصيل، 16 : 426-427.
(3) في ص: خيراً من أن مرتبه. وهو تصحيف.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/487)
[14/492]
وقال ابن القاسم عن مالك: لا يقتل على الردة إلا من ثبت عليه أنه كان على الإسلام يعرف ذلك منه طائعاً ( يصلي مقراً بالإسلام )(1)من غير أن يدخل فيه هرباً من ضيق عذاب أو حمل من الجزية ما لا يطيق فيتأذى بمثل هذا، فإنه يقال وإن أسلم إذا عرف ذلك من عذره.
قال أصبغ عن ابن وهب مثله، وقال أشهب: يقتل وإن شهد له أنه كان عن ضيق، وخالفه ابن القاسم وابن وهب، وأفتى به إسحاق بن سليمان ونزلت عندنا بمصر.
قال بن حبيب قال أصبغ فيمن أسلم طائعاً ثم ارتد بعد طول مكث أو بقرب، صلى وصام أو لم يفعل، ثم رجع في موقفه، فيسلك به مسلك من ولد على الفطرة والإستتابة بثلاثة أيام يخوف فيها بالقتل ويذكر الإسلام ويعرض عليه، فأما من دخل فيه عن ضيق خراج ( أو جزية )(2)أو مخافة بأمر بين فلا يقتل، ويومر بالجوع ويحبس ويضرب، فإن رجع وإلا ترك بلا قتل، وقاله ابن القاسم وابن وهب، وأنكر ذلك ابن حبيب وقال: سواء عن ضيق أو غيره، ويقتل إن رجع. وكذلك قال لي مطرف وابن الماجشون عن مالك.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في النصراني يسلم ويصلي ثم يقول: أسلمت مخافة الجزية أو أن أظلم فيقبل منه وليس كالمرتد.
قال فيه وفي العتبية ( عن عيسى )(3)عن ابن القاسم قال: ولو اشترى مسلمة فلما أخذت معه قال: أنا مسلم ثم علم به أو اعترف أنه قال ذلك
***
__________
(1) ساقط أيضاً من ص.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.(1/488)
[14/493]
لنكاحها، قال: لا يلزمه (إلا)(1)الأدب. قيل أيبلغ به سبعين سوطاً؟ قال: الأدب في هذا أهون من ذلك.
في سبي المرتدين
والقول في ولد المرتد قبل الردة وبعدها
وردة الصغير وإسلامه والحكم في ولد من أسلم
من كتاب ابن سحنون: وإذا ارتد أهل مدينة ( وغلبوا على أهلها )(2)وارتد نساؤهم وفيها مسلمون آمنون ثم ظفرنا بهم، فإنه يستتاب الرجال والنساء، فإن لم يتوبوا قتلوا، ولا يحل سبيهم ولا استرقاقهم.
وقال سحنون: يستتاب من بلغ من أولادهم ويكره صغارهم على الإسلام. وفي قوله الآخر: إن من بلغ من أولادهم فإن السباء يأخذه.
قال ابن سحنون قال أهل العراق: ولا تقتل امرأة إذا ارتدت وتسجن وتكره على الإسلام، ويروونه عن ابن عباس والحسن، وقال الحسن: إن أسلمت(3)كانت أمة للمسلمين مثل المرأة تسبى(4).
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) صحفت هذه العبارة كثيراً في ص: والأمن وقال الخمسون إن أعلمت.
(4) هذه الفقرة أخرت عن التي بعدها في ف.(1/489)
[14/494]
قال سحنون: والمرتد إذا لحق بأرض الحرب وحارب ثم ظفرنا به إنه يستتاب وليس كالمحارب المسلم يظفر به قبل التوبة. ألا ترى أن أهل الردة قبل منهم حين تابوا ولم تكن محاربتهم تزيل عنهم حكم المرتد إذا تاب أن تقبل توبته.
وقال أهل العراق: وإن أسلمت لم تسترق كالرجل يرتد ثم يتوب(1).
قال سحنون: قول النبي صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه(2)عام، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام في امرأة ارتدت الاستتابة.
واستتاب أبوبكر أم فرقد، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء في دار الحرب(3)لأنهن لا شوكة لهن. ألا ترى لو قاتلت لقتلت(4).
وقد ساوى الله – عز وجل – في حد الزنى في الإحصان بين الرجل والمرأة في القتل، وكذلك في الكفر الذي هو أعظم.
وقول من قال إن (قول)(5)النبي صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه، إنما هو فيمن حكم النبي صلى الله عليه وسلم فيه لو كان كافراً أو حربياً يلزمه أن يقول في الأعمى والمقعد يرتدان لا يقتل لأنه لو كان كافراً لم يقتل، فهذا غير مقول.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم في المرتدة لها ولد(6)صغير فليسترضع له من بيت المال ثم تقتل إن لم تتب، قيل: فإن لم يقبل
***
__________
(1) في ص: ثم يموت. وهو تصحيف.
(2) تقدم تخريجه قريباً.
(3) فس ص: في دار الهجرة. وهوتصحيف.
(4) في عبارة ص حذف وقلب: لا شوكة ألا ترى قالت.
(5) ساقط من ص.
(6) صحف في ص: في المرتد ذلك ولد.(1/490)
[14/495]
الولد غيرها وخيف على الولد الموت استؤني بها؟ قال: نعم ذلك حسن إذا خيف عليه.
ومن كتاب ابن سحنون(1)فيمن ارتد (ولحق دار الحرب فتنصر وتزوج فولد له أولاد ثم استتبناه وولده فتاب هو وولده، وأبى ولد)(2)ولده الإسلام. قال سبيل ولده وولد ولده سبيله لا يسلط عليهم السبي، ويقتل من لم يتب من الكبار، ويكره الصغار على الإسلام، كانوا ولده أو ولد ولده، وإن صاروا في سهمان أحد أخذوا منه ولم يسترقوا ولا يتبعهم بشيء. ثم رجع فقال: أما من بلغ من الولد فإن السباء يأخذه وكذلك ولد ولده.
ومن كتاب الحاوي قال مالك: ولا يكون أحد من المرتدين بارتداده ولا أحد من ذريته(3)لحق بدار الحرب ولم يلحق بها.
ومن العتبية من سماع سحنون عن ابن القاسم في حصن(4)فيه مسلمون ارتدوا عن الإسلام فإنهم يقاتلون ويقتلون، ولا تسبى ذراريهم، وأموالهم فيء للمسلمين.
وذكر سحنون في كتاب ابنه عن ابن القاسم فيمن ارتد ولحق بدار الحرب بأهله وولده وارتد أهله هناك، قال: أما ولد الذين حدثوا بعد الردة فهم فيء، وكذلك ولده الصغار. وقال: في زوجته إنها فيء ثم رجع في الزوجة وقال: لا تكون فيئاً.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في أمة مسلمة عتقت فلحقت بأرض الروم فتنصرت ثم سبيت، فإنها تستتاب. وإذا اشتراها مسلم فإن تابت كانت حرة، وإن أبت قتلت.
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) كلمات لا تقرأ.
(4) صحف في ص: فيمن حضر.(1/491)
[14/496]
ولو أن حرة ذات زوج ارتدت ولحقت بأرض الحرب أو تزوجت وولد لها أولاد ثم سبيت معهم فإنها تستتاب، فإن تابت تركت، وأولادها الصغار والكبار تبع لأبيهم في الدين، وليست كالمأسورة المسلمة، ولا يكون زوج التي تابت من الردة أحق بها، وله نكاحها بعد ثلاث حيض، لأن بردتها بانت منه.
وقال قال ربيعة في أهل قرية أسلموا ونساؤهم وذراريهم ثم ارتدوا هم والذراري، فقاتلناهم ثم ظفرنا بهم فليقتل الرجال والنساء ومن بلغ من الذرية. وأما الذرية فمن كان لهم منهم قبل أن يسلموا فأسلموا عليهم فهم سبي، وجعل خروج الآباء من الإسلام خروجاً لمن كان معهم من الذرية والنساء، كما أنهم الذين أدخلوهم بالصلح عليهم. وأما من ولد لهم من الذرية بعد إسلامهم فأحرار مجبرون على الإسلام، ولا يسبون ولا يسترقون.
قال عبد الملك: وإذا ارتد أهل قرية من قرى الإسلام ثم ظفرنا بهم فإنهم لا يسبون ولا يستحل نساؤهم ولا ذراريهم، وإن كانوا أهل ذمة فذراريهم وأموالهم فيء وهم تبع لرجالهم، لأن نقض رجالهم العهد يدخل فيه نساؤهم وصغارهم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة وغيرها.
وقال أصبغ عن أشهب في مسلم ارتد بدار الحرب وله أولاد صغار بدار الحرب ثم غنماه (هو وأولاده)(1). فأما هو فإن لم يتب قتل، وأما أولاده فهم مسلمون، لأنهم ولدوا في الإسلام.
***
__________
(1) ساقط من ص.(1/492)
[14/497]
قال أبو زيد قال ابن القاسم وابن كنانة في ولد المرتد الصغار إذا غفل عنهم حتى كبروا(1)ولم يسلموا فلا يكرهون على الإسلام، وليتركوا على دينهم.
قال محمد: هذا في التي حملت أمه قبل أن يرتد ثم ارتد، فهذا الولد يجبر على الإسلام ما لم يحتلم، فإذا احتلم ترك عند ابن القاسم، وقال أشهب: يجبرون بالضرب.
قال ابن القاسم في العتبية(2)فيمن ارتد وله ولد صغار فأبوا أن يسلموا وقد كبروا، فليجبروا بالضرب ولا يبلغ بهم القتل. وأما من ولد في حال ردته فإن أدركوا قبل الحلم جبروا على الإسلام، وإن بلغوا على ذلك ولا يكونون كمن ارتد.
قال ابن كنانة في ولد المرتد إذا قتل إنه يعقل عنه المسلمون، ويصلون عليه إذا مات. وإن تنصر وعلم بأمره استتيب فإن تاب و إلا قتل. وإن غفل عنه حتى يشيخ ويتزوج لم يستتب ولم يقتل(3).
ابن المواز قال ابن القاسم: في (ابن)(4)مسلم ولد على الفطرة ثم ارتد وقد عقل الإسلام ولم يحتلم، قال يجبر على الإسلام بالضرب والعذاب، فإن احتلم على ذلك ولم يرجع قتل، بخلاف الذي يسلم ثم يرتد وقد عقل ثم يحتلم على ذلك، وفرق بينهما، وليس بمنزلة ولد المرتدة، وجعلهم أشهب سواء، وقال فيمن ولد على الفطرة ثم ارتد بعد أن عقل وقارب الحلم ثم احتلم على ذلك إنه يرد إلى الإسلام بالسوط والسجن، وقاله ابن عبد الحكم، وقال ابن القاسم يقتل.
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: إذا عقل منهم حتى كرهوا.
(2) البيان والتحصيل، 16: 439 – 440.
(3) كذا في ف وفي نص العتبية المنقول عنه. وزعبارة ص: حتى يبلغ لم يستتب ولم يقتل.
(4) ساقط من ص.(1/493)
[14/498]
قال ابن القاسم فيمن طلق امرأته النصرانية ولها منه ولد صغير فتركه معها وغفل عنه حتى احتلم على النصرانية، قال إن لم يرجع إلى الإسلام لم أر أن يقتل، ويترك.
قال مالك: ومن أسلم من النصراني وله ولد صغير فأقرهم على النصرانية حتى كبروا فلا يجبرهم الإمام (على الإسلام)(1).
قال ابن القاسم وأشهب: يجبرون على الإسلام.
قال ابن عبد الحكم: ولو كان إسلامه والابن ابن اثنتي عشرة سنة وقد عقل دينه فلا يعرض له. ولو مات أبوهم في تلك الحال وقف ميراثه إلى بلوغ الابن، فإن ثبتوا على النصرانية لم يرثوه، وإن رجعوا إلى الإسلام ورثوه.
قال: ولو رجعوا إلى الإسلام قبل الحكم أعطيتهم الميراث، ولو كان الولد في إسلام أبيه ابن ست سنين ونحوها كانوا مسلمين بإسلامه، كان مجوسياً أو نصرانياً.
ومن أسلم ثم ارتد وهوابن اثنتي عشرة سنة، قال مالك: يجبر على الإسلام بالضرب والتهديد وإن بلغ. قال ابن القاسم: بخلاف من ولد على الفطرة فيرتد قبل أن يحتلم ثم يحتلم، هذا يقتل. ولو أسلم نصراني قبل الحلم ثم بلغ مسلماً وقارب عشرين سنة ثم ارتد فهذا يقتل إن لم يتب.
ومن كتاب ابن عبدوس قال سحنون فيمن أسلم وولده مراهق لم يحتلم ثم مات الأب فإن ميراثه يوقف إلى بلوغهم، فإن أسلموا ورثوه، وإن أبوا تركوا ولم يرثوه. قال ابن القاسم: ولا يقبل منهم قبل البلوغ إن قالوا إنا لا نسلم ولو احتلمنا. (ولو قالوا)(2)إنا نسلم الآن لم يعطوا بذلك الميراث إلى البلوغ.
***
__________
(1) ساقط أيضاً من ص.
(2) ساقط من ص.(1/494)
[14/499]
(قال ابن القاسم في الغلام يرتد قبل البلوغ وهو يكره على الرجوع إلى الإسلام، ثم مات قلا يصلى عليه ولا توكل ذبيحته. وقال سحنون: إذا ارتد قبل البلوغ)(1)وهويكره على الرجوع إلى الإسلام قبل البلوغ، فإن ميراثه لورثته المسلمين. وينبغي لهذا أن يصلى عليه، فكيف يورث بالإسلام من لا يصلى عليه؟ ولو كانت له زوجة وارتد حينئذ ابتغاء ألا تكون ردته فرفة. ومن رأى أنه لا يصلى عليه فهي عنده فرقة، وقد تكون الفرقة بردة الزوجة وليس بيدها طلاق.
قال سحنون: ومن أسلم قبل البلوغ ثم عقل الإسلام ثم ارتد ثم مات قبل البلوغ وهو يكره على الإسلام (فميراثه لأهله.
قال ابن القاسم وأشهب وعبد الملك: وهذا لو لم يمت لم يقتل وإنما يكره على الإسلام)(2)بالضرب ولا يقتل لأن إسلامه كان ضعيفاً.
قال سحنون ومالك: يكرهه بالضرب وإن بلغ، والمغيرة يقتله إن تمادى بعد البلوغ. وأما من ارتد من أولاد المسلمين فليؤدب فإن تمادى حتى بلغ فأصحابنا مجتمعون على أن يقتل(3)إذا بلغ وتمادى.
وقال ابن القاسم: وأكثر المدنيين فيمن أسلم وله ولد صغير ابن خمس أو ست سنين لم يعقلوا، إنهم مسلمون بإسلامه ويرثونه، وأنكر سحنون رواية ابن القاسم عن مالك أن أباهم إذا أقرهم حتى بلغوا اثنتي عشرة سنة فأبوا أن يسلموا أنهم لا يجبرون.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(3) في ص: لا يقتل. وهو تصحيف.(1/495)
[14/500]
وقال بعض الرواة(1): يجبرون، وهو أكثر من مذاهب المدنيين. قال(ابن القاسم)(2): وإسلام الأب (إسلام)(3)للصغير والصغيرة من ولده، ويوجب ذلك فسخ نكاح الصبية، ويفسخ نكاح الصبي إن لم تسلم زوجته. ولو كانا مراهقين في إسلام الأب تركا حتى يبلغا ولم يجبرا.
ومن كتاب ابن سحنون قال المغيرة: وإذا أسلم غلام مراهق يعقل الإسلام ثم مات فلا يرثه أبواه الكافران، وقد أجاز عمر وصية غلام يفاع. ولو مات أبوه وقف ميراثه، فإن رجع الغلام إلى دين أبيه قبل الحلم ورثه، وإن لم يرجع لم يرثه.
ومن العتبية(4)قال محمد بن خالد قال ابن القاسم: لا يجبر الصبي (المسبي)(5)على الإسلام إذا كان قد عقل دينه، وأراه ذكره عن مالك.
قال مالك فيمن تزوج نصرانية فأولدها(6)أولاداً، فلما بلغوا قالوا: لا نسلم، قال: يجبرون على الإسلام كرهاً ولا يبلغ القتل.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتد وحارب وغصب فيوقف ماله، فإن قتل فهو فيء، وإن تاب رجع إليه. وكذلك الأسير يرتد، فإن ظفرنا به فقتل فماله فيء ويجبر ولده على الإسلام صغاراً أو كباراً. وروي عن مالك إن كبروا لم يجبروا.
ومن كتاب ابن المواز: أخبرني أبو زيد عن ابن القاسم في أسير بديار الحرب اتخذ هنالك أمة(7)فحملت منه ثم ارتد ومات وغنمها(8)المسلمون
***
__________
(1) في ص ما يشبه: وقال بعض أهل العراق.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) البيان والتحصيل، 16: 437.
(5) ساقط من ص. وهو ثابت في ف وفي نص العتبية في البيان والتحصيل.
(6) في ص: فأولادها. وهو تصحيف.
(7) في ف: أم ولد.
(8) في ص: وأخذها.(1/496)
[14/501]
فهي وولدها أحرار، وماله فيء. وإن حملت منه وهو مرتد كانت ومالها وولدها فيئاً. قال محمد: وإن لم يأخذها المسلمون حتى كبر ولدها الذين حملت بهم قبل الردة على الكفر، لم يجبروا على الإسلام – يريد إن بلغوا – وهم فيء وصغارهم أحرار مع أمهم.
قال: وولد المسلمة(1)الحرة أو الذمية (تنسى)(2)فتلد عندهم، (فمن احتلم من ولدها وقاتل فهو فيء)(3)وصغارهم (معها)(4)أحرار. ولو كانت أمة لمسلم فولدها رقيق لمالكها.
قال أصبغ في الأسير يتزوج في أرض الحرب ثم غنمنا أهله(5)وولده، فزوجته وولده البالغ فيء، والصغار أحرار وماله له ما لم يقع في المغانم(6).
قال مالك: وإذا أسلم حربي عندنا ثم غزا معنا فإن أهله وولده فيء.
وقال أشهب في علجة أبقت من سيدها المسلم ثم أصابها بعد سنين معها أولاد فادعى أنهم منه فإنه يصدق ويلحقون به إن كانوا من بطن واحد، وإلا لم يلحق به (إلا)(7)الأول.
قال ابن حبيب في كتاب له أفرده في السيرة في الملحدين وكتب إليه يسأل عن قوم من البربر بالمغرب يقال لهم الصالحية(8)أتاهم رجل فادعى النبوة وتسمى لهم صالحاً، وقال لهم إن محمدا إنما أرسل إلى العرب، وأمرهم بإفطار رمضان وأن يصوموا رجبا وغير ذلك مما شرع لهم
***
__________
(1) صحف في ص: وكذلك المسلمة.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) ساقط من ص.
(5) عبارة ص مصحفة: عقها أهله.
(6) صحف في ص: ما لم يقيم.
(7) ساقط من ص.
(8) في ص: الطاغية. وهو تصحيف.(1/497)
[14/502]
فصدقوه(1)وارتدوا وأقاموا على ذلك وتناسلوا وقاتلهم المسلمون غير مرة. فكتب (إليهم)(2)ابن حبيب: إنهم إذا سبوا وظفر بهم أو بطائفة منهم إنهم وذراريهم لهم حكم المرتد يستتاب الأكابر منهم فإن تابوا و إلا قتلوا. وكذلك من بلغ من ذراريهم، يسترقون و لا يحل استرقاقهم بالسبي. وكل ما ولد للمرتد بعد ردته فله حكم المرتد، و لا يسترق من تناسل منهم، ويجبر الصغير على الإسلام ويستتاب من بلغ، فإن لم يتب قتل. وذكر أن كذلك ذكر له كل من كاشفه عن ذلك من أصحاب مالك.
القول في مال المرتد وأفعاله فيه
وذكر نكاحه وميراثه
وشيء من التداعي في ذلك
من كتاب ابن المواز قال مالك: إذا قتل المرتد على ردته (في الدين)(3)لا يرثه وارثه من المسلمين و لا من أهل الدين الذي ارتد إليه.
قال ابن القاسم: يوقف الإمام ماله قبل يقتل ويطعمه منه. ولو باع واشترى بعد حجز السلطان عليه فإن قتل لم يلحق دينه هذا في هذا المال، ودينه في كل ما أفاد من حين حجز عليه بهبة أو غيرها، وكل ما باع أو تحمل أو تجر أو اشترى أو تصدق عليه فدينه فيه حتى يوقفه السلطان، فإذا أوقفه للقتل لم يلحقه دين إن قتل، وإن رجع كان ما دوين به في ماله – يريد في ذمته - .
***
__________
(1) في ص: فقوه. وهو تصحيف أيضاً.
(2) ساقط من ف.
(3) زيادة في ص.(1/498)
[14/503]
ولو ارتد ولم يعلم بردته فأقام سنين يبيع ويشتري فذلك جائز عليه ولازم له، وإنما يكون ما قلنا أولاً إذا علم بردته فرجع وحبس للقتل، وكذلك في كتاب ابن حبيب عن أصبغ في كل ما ذكرنا.
قال ابن سحنون قلت له: قال أصبغ عن ابن القاسم: إذا تزوج وبنى فلا صداق لها(1)قال أصبغ: وذلك إن تزوج بعد الحجر عليه وإيقاف ماله، مثل البيع والشراء.
قال سحنون: ما أعرف فيه الحجر، ردته حجر، ويصير بالردة ممنوعاً من ماله، إلا أن يبايعه أحد في ذمته، وكذلك يجوز (أن يزوجوه في ذمته، ينكح من نساء الدين الذي ارتد إليه من يهودية أو نصرانية، وكذلك يجوز)(2)مبايعة المفلس فس ذمته وكذلك نكاحه. وإذا باع المرتد شيئاً نظر فيه الإمام، فإن رأى غبطة أمضاه، وإن رأى فيه محاباة أوقفه، فإن تاب كان عليه، وإن قتل أبطله. وكذلك إن تزوج وبنى، فإن قتل فلا شيء لها، وإن تاب فلها الصداق.
ومن كتاب ابن المواز: وما باع المرتد أو اشترى أو أقر به قبل حجر السلطان لازم له خلا نكاحه، وما أقر به (أو بايع)(3)بعد الحجر لم يدخل في ماله إلا أن يتوب.
ومن ارتد ظاهراً ولم يسر كفره ثم قتل أو مات موته (كذا) فلا يرثه وارثه لا مسلم ولا كافر من الملة التي ارتد إليها ولا من غيرهم، وماله فيء لبيت المال، ويبطل ما كان أوصى به(4)وهو مسلم إلا ما ليس له فيه رجوع، من مدبر دبره في إسلامه فهو نافذ في ثلث ما ترك يوم قتل أو ما
***
__________
(1) صحف في ص: فلا حد أولها.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) في ص: ما كان أو صرف. وهو تصحيف.(1/499)
[14/504]
خرج من معتقه إلى أجل، وأمهات أولاده، فذلك تام نافذ، وديونه التي (كانت)(1)لزمته (في إسلامه)(2)فهي في ماله، وهذا يلزمه كله إلا وصاياه(3).
وما كان من هذا بعد ردته فباطل إن مات أو قتل (فيبطل)(4)تدبيره ويسترق ما استولد في الإماء أو أعتق إلى أجل أو ادان بإقراره وإن كان ذلك قبل يحجر عليه. هذا مذهب أشهب. وأما ابن القاسم فتلزمه عنهد ديونه التي ادان قبل الحجر وينفذ فيه إقراره.
وأما إن رجع إلى الإسلام فيلزمه ذلك كله ويرجع إليه ماله (إلا)(5)، أمهات أولاده فاختلف فيهن، فقال ابن القاسم: يرجعن كما كن يطؤهن، ولهن حكم أمهات الأولاد. وقال أشهب: قد عتقن بالردة(6)فلا يرجعن إليه. وأما امرأته فلا تحل له إلا بنكاح لم يختلف فيها. وأما ما أحدث بعد الحجر من بيع أو شراء أو عتق وغيره فباطل، قتل أو رجع إلى الإسلام وأخذ ماله.
قال محمد ابن المواز: وأحب ما سمعت إلي أنه يلزمه ذلك كله إذا رجع إلى إسلامه، وكذلك قال ابن حبيب عن أصبغ في ذلك وفي كل ما ذكر ابن المواز، إلا أمهات أولاده فإنه قال مثل قول أشهب: إنه إن تاب يحرمن عليه كالزوجة، كما أن السفيه إن أعتقها جاز عتقه إذا لم يكن فيها غير الوطء الذي حرم بالعتق وحرم في المرتد بالردة.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) صحف في ص: ولهذا يلزمه كله الأوصياء.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: عتقن بالزيادة. وهو تصحيف.(1/500)
[14/505]
قال في كتاب ابن المواز: وإذا تزوج بعد الردة وقبل الحجر ثم قتل، فإن كان بنى بها فلها صداقها في ماله إن كان لا يجاوز صداق مثلها. وكذلك لو خرج، وأما إن لم يبن بها فلا شيء لها، ولا يلحقه ما داين به الناس في ردته. وأما بيعه وشراؤه بغير محاباة فلاحق بماله، وما تصدق به قبل الحجر فيبطل إن قتل، وإن تاب لزمه. وما فعل في الحجر من بيع أو (شراء)(1)أو صدقة أو غيرها لم يلزمه وإن تاب.
وروى أصبغ عن ابن القاسم أن ما ادان قبل الحجر يلزمه، وما ادان بعد الحجر فهدر إن مات أو قتل، ولازم إن تاب. قال محمد: وهذا أصح ما سمعت فيه، وذكر ابن حبيب مثله.
قال ابن القاسم: ولا ينفقون ماله على ولده ولا على عياله، وينفق عليه منه في الثلاثة الأيام التي يستتاب فيها، فإن قتل كان لبيت المال. وكل ما كان منه قبل ردته من تدبير وعتق إلى أجل وأم ولد فأحرار إن مات أو قتل. فالمدبر من الثلث، والمؤجل يعتق إلى أجله(2)، وخدمته في الأجل للمسلمين.
قال ابن المواز: وأما ولاء من أعتق من هؤلاء فلولده المسلمين عند ابن القاسم، فإن لم يكن له ولد مسلمون – يريد أو عصبة مسلمون – فلجماعة (المسلمين)(3). وقال أشهب: ولاؤهم للمسلمين دون مسلمي ولده. وقول ابن القاسم أحب إلينا، لأنه عقد كان منه في إسلامه.
قال مالك في الأسير يتنصر طائعاً إن زوجته تبين منه، ولها في ماله باقي صداقها. وكذلك ما عليه من دين قديم للناس، وإن أكره فهي في عصمته، وإن شك في أمره فرق بينهما، وماله موقوف في هذين الوجهين.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) صحفت عبارة ص: والرجل يعتق الرجل.
(3) ساقط من ف.(2/1)
[14/506]
قال ابن القاسم: إذا ارتد وقعت الفرقة بينه وبين نسائه وإن كن كتابيات، وكذلك لو تزوجها في ردته لم يجز ذلك وإن أسلم.
قال ابن حبيب قال أصبغ في نساء المرتد اليهوديات والنصرانيات لا يحال بينه وبينهن، ولا يحرمن عليه إن عاود الإسلام، لأنه الله سبحانه قال في النساء (فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار)(1). وقال في الرجال: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)(2)ففرق بين ذلك.
ومن العتبية قال ابن القاسم في المرتد إذا أعتق عبيداً ثم تاب، ولاؤهم للمسلمين، لأنه أعتقهم في وقت لا يثبت له ولاء ما أعتق. وكذلك ولاء ما كاتب من عبد فأدى كتابه، ويتم تدبير من دبر إذا تاب. وأما إن قتل لم يجز تدبيره. قال: وما وقع له من منفعة فليس له أن يأخذها. ومن طلق امرأته في مرضه (ثم ارتدت)(3)ثم رجعت إلى الإسلام ثم مات هو فإنها لا ترثه، وكذلك لو طلقها طلقة ثم ارتد في عدتها ثم عاود الإسلام في عدتها لم تكن له رجعة، وردته طلقة بائنة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا ارتد (مريض)(4)قتل في مرضه ولا ينتظر موته، ولا يرثه ورثته، إلا أن يتوب فيرثه ورثته المسلمون إلا امرأته. وكذلك في ردة (المرأة)(5)المريضة وإن ماتت لم يرثها زوجها. ولو طلق مريض زوجته ثلاثاً ثم ارتدت ثم تابت ثم مات هو من مرضه فإنها لا ترثه، وكذلك في ردته هو في مرضه ثم تاب ثم مات فلا ترثه.
وإذا قتل العبد على ردة أو على زندقة فميراثه لسيده، ولا يكتم ذلك عليه سيده وليرفعه ولا يتبعه. وكذلك أم الولد ومن فيه بقية رق.
***
__________
(1) الآية 10 من سورة الممتحنة.
(2) من نفس الآية السابقة.
(3) ساقط من ف.
(4) ساقط أيضاً من ف.
(5) ساقط من ص.(2/2)
[14/507]
وإذا مات للمرتد ولد مسلم أو على الدين الذي ارتد إليه، فقال ابن القاسم: لا يرثه وإن مات بعد ذلك، ويرثه سواه من ورثته. وقال أشهب: إن رجع إلى الإسلام ورثه – يريد إن كان الولد مسلماً – وخالفه ابن المواز.
ومن كتاب ابن سحنون: قال أهل العراق إذا قتل المرتد على الردة دفع ميراثه إلى ورثته المسلمين، وذكروا ذلك عن علي والحسن وابن المسيب. وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم(1)، ولا يتوارث أهل ملتين(2)وأن علياً لم يرث أبا طالب وإنما ورثه عقيل.
وأما حجتهم بابن المسيب فقد روى عنه أهل الحجاز وأهل العراق أنه قال: نرث المشركين ولا يرثونا، وهذا خلاف. ثم ناقضوا وقالوا: إن مات له ولد في حال الردة لم يرث منه هو، ولا فرق بين ذلك.
فإن قيل: كما ورثتم المطلقة في المرض من زوجها ولا يرثها (هو.)(3)قلت مفترق، لأن المعنى الذي به منع المرتد من ميراث ابنه هي(4)الردة التي بها منعنا ابنه أن يرث(5)منه، وورثنا الزوجة من الزوج إذ منعها من ذلك فراراً من كتاب الله، ولم تفر المرأة عن ميراثه. ولم يختلف العلماء أن وصيته في ماله (باطلة)(6)فلو كان له مال يورث نفذت فيه وصاياه(7)وأبطل أهل البصرة أيضاً إقراره وجناياته الخطأ عن ماله (وقال النعمان: ما
***
__________
(1) حديث صحيح في الصحيحين، وسنن أبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجة ومسند أحمد، عن أسامة. وهو عند السيوطي في الجامع الصغير.
(2) حديث صحيح أيضاً أخرجه أصحاب السنن في كتاب الفرائض، وأحمد في المسند.
(3) ساقط من ص.
(4) صحفت عبارة ص: من ميراثه أنه بين.
(5) هذه العبارة كذلك مصحفة في ص: التي فيها ابنه لا يرث.
(6) ساقطة من ص.
(7) عبارة ص مشوهة: يورث بعد تلبين له اياه.(2/3)
[14/508]
كسب في ردته فهو فيء ولا يورث. وفي هذا دليل على ما خالفنا فيه من سائر ماله)(1).
وقالوا : إن لحق مرتد بأرض الحرب قسم ماله بين ورثته، وأنفذ عتق أم ولده ومدبره، فإن جاء تائباً أخذ ما وجد من الميراث، ونفذ ما ذكرنا من عتق إلا أن يكون الإمام لم ينفذه. (قال سحنون:)(2)ليس هذا بشيء، إن وجب له حكم الموت بلحاقه بأرض الحرب فلا يبطله مجيئه، وإن لم يوجب حكم الموت فلا يورث. وكذلك في أم الولد والمدبر. وإذا أبطلتم التوريث فأبطلوا العتق، ولا فرق بين ذلك، وهذا أولى أن ينكروه على أنفسهم مما أنكروا علينا من مال امرأة المفقود الذي حكم به عمر وعثمان وعلي بدار المهاجرين والأنصار للضرر، وهم قد حكموا لرجل (حي)(3)ببلد الحرب بحكم الموتى، ثم نقضوا ذلك. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يرث المسلم الكافر.
ومن كتاب ابن المواز)(4)وإذا قام شاهد عليه أنه ارتد في رمضان، وشاهد بالردة في ذي القعدة، وقد مات له ميت مسلم ممن يرثه في شوال لكان له ميراثه، إلا أن يقر هو أنه ارتد في رمضان، لأن الردة إنما ثبتت عليه في ذي القعدة بالشاهدين.
وجرى في باب سبي المرتد في ردته وإسلامه شيء من معنى الميراث.
وقال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد شاهد أن ردته في رمضان، وشاهد بردته في ذي القعدة، وشاهدان أنه تزوج في شوال فالنكاح ثابت، إذ لم تثبت الردة إلا في ذي القعدة. وكذلك لو غنمت الغنيمة في شهر، وشهد شاهد أنه ارتد في شهر قبلها، وشاهد بالردة في شهر بعدها فإن له قسمة منها.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.(2/4)
[14/509]
قال ابن المواز: وإن مات مرتد أو مسلم أو على الدين الذي ارتد عليه فقال ابن القاسم: يرثه غير الأب، ولا يرثه الأب وإن رجع إلى الإسلام، وقال أشهب: إن رجع إلى الإسلام ورثه. وقال محمد: لا يرثه(1).
في جناية المرتد والجناية عليه
من الجراح والقتل والقذف والحدود
من كتاب ابن المواز قلت: أرأيت المرتد إذا قتل مسلماً أو ذمياً عمداً أو خطأ؟ قال: لم أجد لمالك فيه ما يتضح لي، واضطرب فيه أصحابه، فجعله ابن القاسم مرة كالمسلم إن رجع، ومرة كالنصراني، ثم قال: أحب إلي إذا رجع أن يكون كأنه فعل ذلك وهو مسلم. وكذلك فيما جرح أو جنى على غير (كذا) أو سرق أو قذف فليقم عليه إن تاب ما يقام على المسلم إذا فعله، وتحمل عاقلته من الخطأ الثلث فأكثر، ويقتص منه للحر في جراح العمد، ويحد في قذفه، ويقطع إن سرق. وأما إن لم يتب فليقتل ولا يقام عليه من ذلك إلا الفرية.
ولو قتل حراً عمداً في ردته وهرب إلى بلد الحرب لم يكن لولاة المقتول(2)من ماله شيء، ولا ينفق على ولده وعياله منه ويوقف، فإن مات فهو فيء، وإن تاب ثم مات كان لورثته. وإن كان القتيل عبداً أو ذمياً أخذ ذلك من ماله، وأشهب يرى لولاة المقتول المسلم(3)أخذ الدية من ماله، إن شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا صبروا حتى يقتلوه.
***
__________
(1) هذه الفقرة الأخيرة كلها ساقطة من ف. وسطرها الأول في ص غير واضح ولعل فيه حذفاً أو تصحيفاً. وقد أثبتناه على حاله.
(2) في ص: لمولاه المعتق. وهو تصحيف.
(3) صحف في ص: يرى لمولاه المسلم.(2/5)
[14/510]
وروى أبو زيد عن ابن القاسم أنه إن قتل مسلماً خطأ فديته في بيت المال لأن ميراثه للمسلمين. قال: ولو قتل نصرانياً أو جرحه اقتص منه في القتل والجرح، فإن جرح مسلماً لم يقتص منه، وإن قتله قتل به.
قال محمد: والذي آخذ به إن قتل مسلماً عمداً لم أعجل (عليه)(1)بالقصاص حتى أستتيبه، فإن لم يتب وقتل سقط عنه ذلك إلا الفرية، وإن تاب اقتص منه. وإن قتل عبداً أو نصرانياً عمداً فذلك في ماله، قتل أو تاب.
قال ابن القاسم في المرتد يقتله رجل عمداً إن ديته في ماله دية أهل الدين المرتد إليه(2).
وقال سحنون في العتبية(3)وكتاب ابنه أنه لا قصاص ولا دية على عاقلة إلا الأدب فيما افتات على الإمام، وقاله أشهب.
(قال ابن القاسم في العتبية)(4)وقد كان ابن أبي سلمة يرى أنه يقتل ولا يستتاب.
وقال أشهب في كتاب ابن سحنون: وإذا قتله رجلان فلا قصاص عليهما ولا دية، ولو قطع يده ثم عاد إلى الإسلام فدية يده له دية الدين الذي ارتد إليه من مجوسي أو كتابي.
قال ابن القاسم في العتبية(5)من رواية يحيى بن يحيى: والمرتد إذا جرحه رجل عمداً أو خطأ فعقل جراحاته للمسلمين إن قتل، وله إن تاب. وعمد من جرحه كالخطأ لا يقاد منه. ولو جرحه عبد أو نصراني فلا قود له، لأنه ليس على دين يقر عليه، وفيه العقل.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) في ف الدين الذي ارتد إليه.
(3) البيان والتحصيل، 16: 429.
(4) البيان والتحصيل، 16: 429 وما بين قوسين ساقط من ف.
(5) البيان والتحصيل، 16: 429 – 430.(2/6)
[14/511]
ومن كتاب ابن سحنون: وإن قطعت يده خطأ ثم رجع إلى الاسلام فدية يده له من دية أهل الدين الذي ارتد إليه.
وقال أشهب في المرتد يقتل رجلاً خطأ إن ديته على أهل الدين الذي ارتد إليه. ولو جنى معاهد على آخر خطأ كانت الدية في ماله بخلاف الأول.
وقال ابن حبيب قال أصبغ: وإذا قتل المرتد في ارتداده أو جرح أحداً عبدا أو حراً مسلماً أو نصرانياً، أو افترى أو شرب خمراً، فإنه إن قتل فالقتل يأتي على ذلك كله إلا الفرية فإنه يحد للمقذوف(1)ثم يقتل. وقتله الخطأ وجراحاته الخطأ ففي بيت المال إن قتل على ردته، وإن رجع إلى الإسلام سقط عنه ما كان من حد الله، وأخذ بالسرقة والفرية. وإن قتل عمداً، ويقتص منه في الجراح العمد، وتحمل عاقلته الخطأ في النفس. ولو جرح عبداً أو نصرانياً أو قتله لم يقتص منه في عمده وغرم ديته(2)أو ثمنه في ماله. وما أصاب قبل ردته من قتل خطأ أو جرح خطأ فعلى عاقلته، كان قد حكم فيه على عاقلته قبل الردة أو لم يحكم، كما لو مات.
وأما لو رجع إلى الإسلام(3)فذلك الذي لا شك فيه في قول ابن القاسم أنه على عاقلته.
وما أصيب به في ردته من جرح عمد أو خطأ ثم تاب فليقتص له في العمد من المسلم، وإن كان نصرانياً أو عبداً لم يقتص له منه، وذلك في رقبة العبد وفي مال النصراني.
***
__________
(1) في ص: فيجلد المقذوف. وهو تصحيف.
(2) صحف في ص: وعدم ديته.
(3) في ف: لو راجع الإسلام.(2/7)
[14/512]
وإن كان الفاعل مرتدا ثم تاب اقتص منه، فإن تاب المفعول به ولم يتب الفاعل فالقتل يأتي على ذلك في العمد، وإن كان خطأ فالعقل على المسلمين. وإن رجع الفاعل وحده فعقل المفعول به في مال الفاعل في العمد، وعلى عاقلته في الخطأ، لأن ما أصيب به المرتد فعقله لمسلمين، كمن سجن في قتل فجنى عليه جان(1)فله منه القصاص.
قال أصبغ: وليس على(2)من قتل المرتد من مسلم أو ذمي قتل، قد قتله عمداً أو خطأ، ولا قصاص في عمده للشبهة ولا يطل دمه، وأرى أن يؤدب في العمد والخطأ، قتله مسلم أو نصراني، وديته للمسلمين.
ولو جرحه مسلم أو نصراني قبل ردته فلا قود فيه وفيه العقل. ولو رجع إلى الإسلام اقتص له من المسلم، ولا قصاص له من النصراني.
ومن قذف مرتداً فلا حد عليه، قتل أو رجع إلى الإسلام، كان القاذف مسلماً أو نصرانياً. وكذلك إن قذف قبل ارتداده فلا حد له وإن راجع الإسلام، كمن قذف رجلاً ثم زنى المقذوف قبل الحد.
ولو قذف ( بأمه )(3)فإنما الحد لأمه إن كانت مسلمة، يقوم لها به من قام من مسلم أو كافر من يعده قذفها. ( ولو )(4)لم يقم به لها أحد ( آخر )(5)حتى قتل المرتد ولم يقم هو بذلك ولا ذكره فذلك باطل. ولو كانت الأم أمة أو نصرانية فسواء قذف ( بذلك )(6)في ردته أو قبل ردته، رجع إلى الإسلام أو قتل، لا حد على من قذفه بأمه إن كان القاذف مسلماً أو
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: في قتل يحق عليه جاز.
(2) في ص: وليعن من. وهو تصحيف.
(3) في ص: لأمه. وهو تصحيف.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط من ف.
(6) ساقط أيضاً من ف.
17- النوادر والزيادات 14(2/8)
[14/513]
نصرانياً، إلا أنه إن رجع إلى الإسلام فقذفه بها بعد أن رجع وهي أمة أو نصرانية أدب له.
ومن العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم في المرتد يقتل نصرانياً أو يجرحه، قال: إن أسلم(2)لم يستقد منه، وحاله في الجرح والقتل حال المسلم يقاد منه للمسلم دون النصراني. قال عيسى: وإن قتل على ردته فالقتل يأتي على ذلك كله.
وروى عنه أصبغ في المرتد يقتل مسلماً أو نصرانياً أو عبداً عمداً أو خطأ أو يجرح أحدهم أو يقذف أو يسرق، فليستتب فإن لم يتب قتل، ودخل في ذلك القتل كل حد إلا القذف يبدأ به، وإن أسلم فحكمه ( فيه كله )(3)حكم مسلم لم يرتد.
وروى يحيى عن ابن القاسم في المرتد في دار الإسلام يقتل رجلاً أنه يقاد منه، ولأوليائه العفو إن شاؤوا. ولو لحق بدار الحرب مرتد فعدا على رجل مسلم فقتله وكان يقتل المسلمين مع العدو فهو كالمحارب، ليس للإمام أن يعفو عنه. وإن قتله خطأ أدي عنه من بيت المال، وإن قتل هو خطأ فعقله للمسلمين. قال ابن المواز عن ابن القاسم: والمرتد إذا قذف مسلماً حد له، تاب أو لم يتب.
قال فيه وفي العتبية(4): وإن قذفه أحد لم يحد له، عاد إلى الإسلام أو لم يعد. وإن قذفه قبل ردته فإن قتل مرتداً فلا حد على قاذفه، وإن تاب حد له. ( قال محمد: لا يحد قاذفه، عاد إلى الإسلام أو قتل، كمن قذف عفيفاً، ثم زنى يحد له )(5)
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 421-422.
(2) في ص: فإن كان أسلم.
(3) ساقط من ف.
(4) البيان والتحصيل، 16 : 422
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(2/9)
[14/514]
قال محمد في المرتد يقتل مسلماً في دار الحرب أو يقذفه أو يزني ثم يوسر فليستتب، فإن لم يتب قتل وسقط حد قذفه للمسلم، وإن تاب سقط عنه كل شيء فعله بدار الحرب كالحربي إلا من وجد معه(1)ماله بعينه أخذه، وما لم يوجد لم يتبع به وإن قامت عليه بينة، ملياً كان أو معدماً.
وقال ابن القاسم في حربي قدم أو أسر فأسلم ثم ارتد ورجع إلى دار الحرب ثم أسر وقد قتل رجلاً قبل كفره، قال محمد: فإنه يستتاب فإن تاب وقد قتله بدار الحرب فلا قصاص عليه ولا دية، وإن كان قتله إياه في دار الإسلام(2)دفع إلى أوليائه فقتلوه إن شاءوا أو عفوا.
قال محمد: فإن كان قد قتل أحداً قبل أن يرتد فعليه جلد مائة وحبس سنة، وإن قتله في ردته لم أضربه ولو أحبسه.
قال مالك: وكذلك الخوارج يتوب أحدهم قبل يقدر عليه وكل من خرج على التأويل. وأما المحارب فلا يستتاب، ولكن إن تاب قبل سقدر عليه لم يلزمه شيء للحرابة، ولزمه حقوق الناس.
في المرتد إذا تاب هل يعيد شيئاً من فرائضه
وما الذي يلزمه من فروض الشريعة
من قبل ردته أو في حين ردته
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: إذا تاب وضع عنه ما كان من زنى متقدم وما كان من إحصان. قلت: فما كان فرضً فيه متقدماً من صلاة
***
__________
(1) عبارة ص مصحفة: من في الآذان من وجده بعده.
(2) في ص: إياه بعد الإسلام. وهو تصحيف.(2/10)
[14/515]
أو زكاة أو قضاء رمضان أو زنى متقدم؟ قال: إذا تاب سقط ذلك، لقول الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)(1)وكذلك كل ما كان لله من حقوق الناس التي يحكم بها السلطان فيما بينهم، ولا فرية ولا سرقة – يريد لا يأخذه بذلك الإمام فيما كان(2)للناس. قال: وتسقط بردته حجة الإسلام وجهاده ويسقط إحصانه، وكذلك المرأة. وكنصراني أسلم فلا يؤخذ إلا بما كان يلزمه إذا فعله وهو مشرك من سرقة وفرية وحد وحق من حقوق الناس. وما كان للناس من قذف في الردة أو قبل الردة، فقال ابن القاسم: فلمن قذفه أن يأخذه بذلك، وإن كان هو المقذوف فلا شيء له، إلا أن يكون فيما قذف به قبل الردة فله القيام به إذا رجع إلى الإسلام، وإن قتل فلا حد له.
قال ابن القاسم: ويسقط عنه أيمانه بالله وبالعتق إذا تاب إلا الظهار(3)فيلزمه كما يلزمه الطلاق. قال محمد: ولم يعجبنا قوله في الظهار.
قال مالك: وما طلق في ارتداده أو أعتق فلا يلزمه، وما طلق قبل الردة أو أعتق فإنه يلزمه. قال أصبغ: لو كان ثلاثاً لم تحل له إلا بعد زوج، كانت مسلمة أو كتابية على الدين الذي ارتد إليه أو غيره. وأما أيمانه قبل الردة بالطلاق والعتق والمشي فلا تلزمه الآن.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وكل ما ترك في ردته من الفرائض فلا شيء عليه فيه إذا تاب. وأما ما فرط فيه قبل ردته من صلاة وصيام وزكاة وغيرها من فرائضه، فإن تاب فيلزمه قضاء ذلك، وكذلك يلزمه مل طلق من نسائه قبل الردة، إلا فيمن أبت أن لا ينكحها إلا بعد زوج، وخالفه ابن
***
__________
(1) الآية 38 من سورة الأنفال.
(2) عبارة ص مصحفة: ولا سرقة في أخذه فذلك للإمام ما كان.
(3) صحف في ص: إذاب الانتحار.(2/11)
[14/516]
حبيب في قضاء الشرائع، وقال بقوله في الطلاق والحدود إنه إن زنى أو سرق في إسلامه ثم ارتد ثم تاب أنه يؤخذ بذلك. وكذلك فيما كان شرب من الخمر وركوب الفواحش.
ولو سقط عنه ذلك لم يشأ أحد من أهل الجرأة والفسق أن يركب ذلك كله ثم يكفر بلسانه ويقول: أنا أعتقد الإيمان بقلبي وأعاوده بلساني فيزول ذلك كله عني إلا فعل، ويستبيح(1)بذلك من أبت نسائه، وهذا فساد وذريعة إلى الحيلة.
قال ابن المواز: وإذا ارتد وهو محرم انفسخ إحرامه، فإن كان تطوعاً لم يلزمه، وإن كان فرضاً أو كان قد حج الفريضة قبل ذلك، فإنه لابد من استئناف حج الفريضة. ولو ارتد في رمضان وقد صام بعضه أو أفطره لم يلزمه قضاء، وإن أسلم(2)في بقية منه صام ما بقي.
ومن العتبية(3)قال ابن القاسم(4)في المرتدة لا يحل لزوجها وطؤها وهي في الردة، ولا يحل له إذا تابت إلا بنكاح (جديد)(5)ولا تحل ذبيحته ولا يقام عليه حد الزنى والخمر، فعله في ردته أو قبل ذلك. ويقام عليه(6)بعد توبته حد الفرية والسرقة، فعل ذلك في ردته أو قبلها. وإذا لم يتب لم يقطع في السرقة ويحد في القذف.
ومن كتاب ابن المواز: ولا تقتل المرتدة إن كان لها زوج حتى تستبرأ بحيضة، وإن لم يكن لها زوج قتلت إلا أن تدعي حملا(7)يختلف فيه أو يشك فتستبرأ بحيضة.
***
__________
(1) في ص: ويفسح. وهو تصحيف.
(2) صحف كذلك في ص: وإن أفطر.
(3) البيان والتحصيل، 16: 436.
(4) في ص: قال الشيخ.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: ويقال عليه. وهو تصحيف.
(7) كلمة مطموسة.(2/12)
[14/517]
وفي باب جناية المرتد شيء من معاني هذا الباب فيما يلزم المرتد إن تاب من الحدود.
وإن زنى أو قذف في حال ردته لم يحد في الزنى كان قبل توقيف السلطان أو بعده، تاب أو لم يتب(1)، فليحد ثم يقتل إن لم يتب. وإذا أقر بجرح عمداً لزمه، وإذا حوصر حصن ففتح فوجد فيه مرتداً فقال: ارتددت بعد فتح الحصن، وقال أصحابه قبل فتحه، فالقول قول المرتد لأنه عرف بالإسلام إن تاب أخذ سهمه وإن قتل فسهمه لبيت المال. وإن ارتد قبل الحصار وقبل القتال فلا سهم له وإن تاب. وإن وجدت له امرأة فقال: تزوجتها في ردتي، وقالت بعد أن رجع إلى الإسلام فهي مصدقة.
قلت: لم وقد عرف أن إسلامه بعد ردة؟ قال: ليس من هذا ولكن من باب مدعي الحلال، وليفسخ نكاحه بكل حال بإقراره، ولها نصف الصداق، يريد إن لم يطأها.
في الحكم في الزنا دقة وتوبتهم
وفي الذي يتزندق(2)
من كتاب ابن المواز وابن سحنون قال مالك وأصحابه: يقتل الزنديق ولا يستتاب إذا ظهر عليه.
قال سحنون في كتاب ابنه، وقاله ابن القاسم في كتاب ابن المواز والعتبية(3)من رواية عيسى، ونحوه عن أصبغ: فكل من أسر الكفر ديناً
***
__________
(1) في ف: تاب أو قتل.
(2) هذا الشطر الثاني في العنوان لا يوجد في ف.
(3) البيان والتحصيل، 16: 406 – 407.(2/13)
[14/518]
خلاف ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو منانية أو غيرها من صنوف الكفر. وكذلك من أسر عبادة شمس أو قمر أو نجوم ثم اطلع عليه، فليقتل ولا تقبل توبته.
قال مالك: إن توبته لا تعرف، وإنما تقبل توبة من أظهر الكفر.
قال ابن المواز: ومن أظهر كفره من زندقة أو كفر برسول الله صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك ثم تاب منه قبلت توبته. وقول الليث في الزنديق مثل قول مالك.
ومن كتاب ابن سحنون وغيره قال مالك: وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من غير دينه فاضربوا عنقه، يعني من أسر، وأما من أعلن الكفر فهو كأهل الردة الذين قبل أبو بكر توبتهم.
قال سحنون: فلما كان الزنديق إنما يقتل على ما أسر لم تقبل توبته، لأن ما يظهر لا يدل على ما أسر(1)، لأنه كذلك كان، فلا عمل(2)على توبته، والمرتد إنما يقتل على ما أظهر، فإذا تاب بظاهر فصح بها (كذا) ما أظهر من الكفر، ولا خلاف بين العلماء في المجاهر بالفساد والسفه تقبل توبته ويصير إلى العدالة(3)، وأن من كان مشهوراً بالعدالة فثبت أنه يشهد بالزور يسر ذلك أنه لا تقبل شهادته وإن أظهر الرجوع عمل ثبت عليه.
قال غيره من البغداديين من أصحابنا: الزنديق مبطل(4)في توبته بما أبطن من الكفر الذي لا علم لنا على الرجوع عنه، وقد أمرنا بقبول توبة
***
__________
(1) في ص: لأن ما يظهر لا يرى على ما يسر. وهو تصحيف.
(2) صحف كذلك في ص: فلا علم.
(3) في ص: إلى الحرابة. وهو تصحيف.
(4) كذا في ص. وفي ق ما يشبه: منصور. وكلاهما غير ظاهر المعنى.(2/14)
[14/519]
المحارب المظهر للفساد، وأزالت التوبة عنه حد الحرابة(1)ولم يزل الله بتوبة المنستر(2)للزنا والسرقة ما لزمهما من الحد.
ولا حجة لمن احتج بالمنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يعلمهم، فلم يأخذهم بعلمه، ولا يحكم الإمام بعلمه. وقد نهاه الله عنهم فقال: أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم(3)ولم يأت أن بينة شهدت عنده على منافق بباطنه فتركه.
قال أصبغ في العتبية(4): وإذا أقر الزنديق بالزندقة ثم قال: أنا تائب عنها، فإن أقر قبل يظهر(5)عليه فعسى(6)أن تقبل توبته، وأما بعد الظهور فلا تقبل توبته ويقتل ولا يناظر بشيء.
قال: ومن أيقن برجل أنه زنديق فقتله غيلة فلا حرج عليه بينه وبين الله تعالى، ولا يسلم من السلطان(7)إلا بالبينة على زندقته فيسلم بذلك من القتل والعقوبة، ولكن يزجره(8)ويعزره فيما عجل به دونه، وهو محسن فيما بينه وبين الله تعالى.
وبلغني أنه ذكر لابن عمر أن راهباً يتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلا قتلتموه. وروي عنه في يهودي تناول من حرمة الله سبحانه غير ما هو عليه من دينه وجاهر فيه أو به فخرج عليه بالسيف فطلبه بالسيف فهرب.
***
__________
(1) في ص: حد المراتب. وهو تصحيف.
(2) صحف في ص: بتوبة المسيس.
(3) في ف: عنهم.
(4) البيان والتحصيل، 16: 444.
(5) صحف في ص: فإن أخذت لي بظهر.
(6) في ص: فعلمي. وهو تصحيف.
(7) صحفت عبارة ص: ولا يقتص من السلطان.
(8) في ص: ولكن يرجوه. وهوتصحيف.(2/15)
[14/520]
ومن كتاب ابن سحنون قال: وكتب سحنون إلى ابن عبد الحكم يسأل له أشهب عن قوم أخذوا على المنانية، فزعموا أنه دينهم الذي كانوا عليه لا يعرفون غيره، ولم يعرف أحد أنهم كانوا على الإسلام أو كانوا يعرفون بالنصرانية ثم صار مناني، فقال: اكتب إليه في المنانية يتركون ولا يعرض لهم.
قال أصبغ في كتاب ابن حبيب: ومن تزندق من أهل الذمة لم يقتل لأنه خرج من كفر إلى كفر، وقاله مالك ومطرف وابن عبد الحكم.
وقال ابن الماجشون: يقتل لأنه دين لا يقر عليه أحد، ولا تؤخذ عليه جزية. قال ابن حبيب: وما أعلم من قاله غيره ولا أقوله.
قال مالك: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم من غير دينه فاقتلوه، يعني الدين الذي رضيه الله ودعا إليه، وأما من خرج من ملة من الكفر إلى غيرها فلم يضر ذلك. قال غيره: وكذلك روي عن علي بن أبي طالب وابن شهاب وغيره.
وفي كتاب ابن المواز عن مالك مثله في الخارج من دين الكفر إلى دين غيره من مجوسي أو كتابي. قال ابن القاسم: وكل ما في هذا الباب عن ابن الماجشون وأصبغ فمثله في كتاب ابن حبيب.
في الذمي يتزندق
قال أبو بكر بن محمد: روى عبد الرحمن بن إبراهيم الأندلسي (عن عبد الملك)(1)عن ابن الماجشون في النصراني واليهودي يتزندق أنه يقتل، لأنه خرج من ذمة إلى غير ذمة، ولو أسلم لقتل كمسلم تزندق ثم تاب.
***
__________
(1) ساقط من ص.(2/16)
[14/521]
قال ابن عبدوس في السكران يرتد تبين منه زوجته كالصحيح، (قال)(1)وإذا قتل الساحر على سحره ورثه ورثته. وكذلك من قتل على سب النبي صلى الله عليه وسلم.
ميراث الزنديق والمنافق وأهل الأهواء
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه رأى أن يورث الزنديق بوراثة الإسلام. قال ابن القاسم (وأشهب)(2): إذا شهد عليه بذلك فاعترف بذلك وتاب فلم تقبل توبته وقتل فلا يرثه ورثته المسلمون. وأما من لم يقر به ولم يظهره حتى قتل وتاب فإنه يورث. وكذلك من أسر كفراً فإنهم يتوارثون بوراثة الإسلام، كالمنافقين على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال في كتاب ابن سحنون قال بعض أصحابنا: إذا شهدت عليه بينة بالزندقة فأنكر أو تاب من ذلك فقتل، فإن ورثته من المسلمين يرثونه. وإذا أقر وتمادي لم يرثه أحد.
وقال ابن القاسم في العتبية(3)من رواية عيسى: إذا أعلن ما هو عليه وتمسك به وقال: اقتلوني (عليه)(4)أو دعوني، فلا ترثه ورثته، وميراثه للمسلمين كالمرتد. ولا تجوز له وصية ولا عتق. وأما من لا يستتاب ممن استتر فليرثه ورثته، وتجوز وصاياه وعتقه. وذكر مثله أصبغ
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ف.
(3) البيان والتحصيل، 16: 407.
(4) ساقط من ف.(2/17)
[14/522]
عنه، وقاله أصبغ في كتاب توريث الزنديق بوراثة الإسلام إذا قتل وإن لم تقبل توبته.
وروى ابن نافع في العتبية(1)وكتاب ابن المواز: ميراث الزنديق للمسلمين يسلك بماله مسلك دمه. قال ابن المواز وسحنون وقاله أشهب، وبخلاف المنافقين لأن أولئك قد تركوا ونوكحوا. قال سحنون في العتبية وقاله ابن عبد الحكم.
وروى ابن القاسم في العتبية عن مالك وكتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون في رجل سأله عن أب له مات على الزندقة، قال: قال في كتاب ابن سحنون وكتاب ابن حبيب قد علمت ذلك منه. ومن كتاب ابن حبيب قال في العتبية(2)وكتاب ابن المواز إنه كان يعبد الشمس. قال ابن القاسم: يعني يسر ذلك، هل أرثه؟ فقال له مالك: نعم ترثه، وقال به أصبغ وقال: سواء قتل على ذلك أو مات ولم يظهر عليه، فإنه يرثه ورثته من المسلمين. قال أبو محمد: يعني بقوله قتل على ذلك وهو منكر أو تائب، فأما إن أقر به حتى قتل فلا يورث عند أحد.
قال سحنون قال عبد الملك: سبيل ماله سبيل دمه، وماله للمسلمين، وهو قول أشهب والمغيرة، وبه أقول. وفرق المغيرة بينهم وبين المنافقين، إن أولئك أقروا بعد معرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: وقد ذكرت حجة غيره من البغداديين وما اعتل به في المنافقين في الباب الأول.
قال ابن المواز: إن المنافقين لو أظهروا نفاقهم لقتلهم رسول الله صلى اله عليه وسلم.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 442.
(2) البيان والتحصيل، 16: 443.(2/18)
[14/523]
قال سحنون: لا وصية للزنديق في ماله إن قتل، يريد سحنون لأن ماله لا يورث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن شهد عليه أنه يأتي الكنيسة ليصلي فيها وهو منكر لذلك يظهر الإسلام فإنه يقتل ويرثه المسلمون. وأما من أظهر ديناً غير الإسلام من زندقة أو كفر برسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عليه فمرتد يقتل إن لم يتب، وماله فيء. ومن تاب مما كان يظهره يترك، وإن لم يتبع قتل ولا يورث ولا يصلى عليه.
وإن كان إنما قتل على ما كان يسره فإنه يرثه ورثته، ولا نأمرهم بالصلاة عليه، فإن فعلو فهم أعلم.
قال فيه وفي العتبية(1)قال ابن القاسم: ومن قال في مرضه لم أكن مسلماً وكنت أرامي فإنه لا يرثه ورثته المسلمون ولا غيرهم، وقاله مالك فيمن كفر في مرضه.
ومن العتبية(2)رواية عيسى عن ابن القاسم، وهو في كتاب ابن سحنون (عن أصبغ وسحنون، وذكره ابن حبيب عن أصبغ، وفي كتاب ابن المواز عن ابن القاسم ونحوه)(3)وذكر نحو ذلك كله ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ أن كل من يستتاب ممن أظهر كفره وثبت عليه فقتل أو مات، فماله فيء لا يرثه ورثته من المسلمين ولا من أهل الدين الذي ارتد إليه. وأما من أسر ذلك فقتل فيرثه ورثته المسلمون. وأما أهل الأهواء من الإباضية والقدرية وغيرهم من أهل التحريف لكلمة الله(4)فإنهم يستتابون، أظهروا ذلك أو أسروه. وقاله كله سحنون، إلا في
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 442 وفيه في آخر السؤال: كفر عند موته بدلاً من في مرضه.
(2) البيان والتحصيل، 16: 407.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) في ص: من أهل التهم بسبب كتاب الله؟(2/19)
[14/524]
استتابة أهل الأهواء وقتلهم فإنه قال: إنما تأويل قول مالك في ذلك فيمن يأتون بدارهم ويدعون إلى بدعتهم. وما أقل من يعرف تأويل قول مالك في هذا، ولم يقاتلهم علي رضي الله عنه حتى يؤتوا بدارهم، وكذلك عمر بن عبد العزيز وهو معنى قةله فيهم.
وفي كتاب ابن حبيب عن مالك كل ما ذكر عنه هاهنا.
فيمن سب الله سبحانه وتعالى أو أحداً من ملائكته
أو من أنبيائه ورسله من مسلم أو ذمي
وذكر ميراثه ومن شتم أحداً من الصحابة
وفيمن تكلم بكلام يشبه الكفر ولم يقصد إليه
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن القاسم عن مالك، وذكره ابن سحنون عن أبيه عن ابن القاسم، وذكره عنه ابن المواز فيمن شتم الله تبارك وتعالى من اليهود والنصارى بغير الوجه الذي به كفروا، قتل ولم يستتب. قال ابن القاسم: إلا أن يسلم.
قال أصبغ في كتاب ابن حبيب: لأن الوجه الذي به كفروا ما افتروا عليه من الصاحبة والولد والشريك وشبهه، فهو دينهم الذي أقروا عليه، وعليه أدوا الجزية. وأما غيره من الفرية والشتم فلم يعاهدوا عليه، فهو نقض للعهد. وأما من تزندق منهم فلا يقتل، لأنه خرج من كفر إلى كفر، وقاله مالك: وقاله أيضاً مطرف عنه، وقاله ابن عبد الحكم.
قال ابن الماجشون: يقتل لأنه دين لا يقر عليه أحد، ولا تؤخذ على مثله الجزية. قال ابن حبيب: ولم أعلم من قاله غيره ولا أخذ به.
***(2/20)
[14/525]
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز وابن سحنون: ومن سب الله سبحانه من المسلمين قتل ولم يستتب (إلا أن يكون افترى على الله سبحانه عز وجل بارتداد إلى دين دان به فأظهره فيستتاب)(1)، وإن لم يظهر قتل ولم يستتب.
قال ابن القاسم عن مالك في كتاب ابن سحنون وقاله ابن حبيب عن مطرف عن مالك، ومثله في العتبية(2)عن عيسى عن ابن القاسم عن مالك: أن من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين قتل ولم يستتب. قال ابن القاسم في العتبية: أو شتمه أو عابه أو نقصه فإنه يقتل كالزنديق (وميراثه لمسلمين. قال في هذه الكتب: وهو كالزنديق)(3)لا تعرف توبته، وقد فرض الله تعزيره وتوقيره. قال في كتاب ابن سحنون: قال الله سبحانه وتعالى: (والذين آمنوا به وعزروه ونصروه)(4)فمن شتمه كان بمنزلة من أدركه فلم يعزره ولم ينصره في(5)ديناً، ومن لم ينصره لم يؤمن به.
قال سحنون: وميراثه للمسلمين، وقال أصبغ: ميراثه لورثته إن كان مستتراً، وإن كان مظهراً فماله للمسلمين (ويقتل على كل حال ولا يستتاب، لأن توبته لا تعرف)(6).
قال ابن القاسم في العتبية(7)وكتاب ابن سحنون وابن المواز: ومن شتم النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب قتل إلا أن يسلم. قال سحنون وأصبغ: لا يقال له أسلم ولا تسلم، ولكن إن أسلم فذلك توبة له.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 16: 397.
(3) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من ص.
(4) الآية 157 من سورة الأعراف.
(5) كلمتان لا تقرآن.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(7) البيان والتحصيل، 16: 397.(2/21)
[14/526]
قال ابن القاسم: ومن شتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال سحنون وأصبغ: أو أحداً منهم أو تنقصه قتل ولم يستتب، كمن شتم نبياً عليه السلام. قال اله سبحانه: (لا نفرق بين أحد منهم)(1).ومن شتمهم من أهل الذمة قتل إلا أن يسلم. وكذلك في كتاب ابن حبيب، كله عن مالك وابن القاسم وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ.
قال ابن القايم عن مالك في هذه الكتب كلها: في قبطي بمصر قال: مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة فهو الآن في الجنة فماله لم يغن عن نفسه حين كانت الكلاب تأكل ساقيه، قال في العتبية(2): لو كانوا قتلوه استراحوا منه. قال مالك: أرى أن تضرب عنقه.
(قال أبو محمد)(3)أخبرنا عبد الله بن مسرور عن عيسى بن مسكين عن سحنون عن ابن القاسم أنه قال: من شتم الأنبياء من المسلمين قتل. ومن شتمهم من اليهود والنصارى يعني بغير الوجه الذي كفروا به، ضربت عنقه، إلا أن يسلم.
ومن كتاب ابن سحنون: وفرقنا بين من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين ومن سبه من أهل الكتابين فلم يزل القتل عن المسلم في ذلك بالتوبة، وقلنا في الكتابي إنا نقتله إلا أن يسلم فندعه، وذلك أن المسلم لم ينتقل من دينه إلى غيره، إنما فعل شيئاً حده عندنا القتل ولا عفو فيه لأحد، وكان كالزنديق الذي لا تقبل توبته إذ لم ينتقل من ظاهر إلى ظاهر. والكتابي كان على الكفر، فلما انتقل إلى الإسلام بعد أن سب النبي صلى الله عليه وسلم غفر له ما قد سلف، كما قال الله سبحانه.
وسب النبي صلى الله عليه وسلم هو من حدود الله لا عفو فيه للعباد، فزال بالإسلام.
***
__________
(1) الآية 84 سورة آل عمران.
(2) البيان والتحصيل، 16: 397.
(3) ساقط من ف.(2/22)
[14/527]
ولما كان الحد فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين القتل، ولا يجوز أن يساوي بين حرمته وحرمة غيره من أمته. فإذا ثبت هذا لابد من التفاضل بينه وبين أمته فيمن سبه من أهل الذمة أو سبه مسلم. فكان حده القتل في المسلم والذمي.
فإن قيل: فلم قتلتم الذمي بذلك، ومن دينه سب النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه؟ قيل: إنا لم نعطهم العهد على ذلك ولا على قتلنا وأخذ أموالنا، فلو قتل واحداً منا لقتلناه وإن كان ذلك من دينه استحلالاً لدمائنا، فكذلك سب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أظهره.
قال سحنون: وكما لو بذل لنا أهل الحرب الجزية على أن نقرهم على إظهار سب النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز في قول قائل ذلك، وجاز لنا حربهم، دل ذلك على أن العهد ينقض بيننا وبينهم بسبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ويحل لنا دمهم كما يحل لنا دم من بذل لنا الجزية على ذلك، ولم يوجب لهم ذلك الكف عن دماءهم في قول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)(1)فكما لم تجب لهم الذمة على هذا، فكذلك تنقض الذمة إذا ..(2)ولو حصنته الذمة من القتل بسبه النبي صلى الله عليه وسلم لحصن المسلم إسلامه من القتل على ذلك، وليس لك حجة بأن ذلك من ديانة الذمي، كما أن من ديانته قتلنا، فإذا قتلنا زالت ذمته.
فإن قال قائل: فهو إذا أسلم وقد سب النبي صلى الله عليه وسلم تركتموه، وإذا أسلم وقد قتل مسلماً قتلتموه؟
قلت لأن هذه من حقوق العباد لا تزول بإسلامه، وذلك من حقوق الله تزول بالتوبة من دينه إلى ديننا(3).
***
__________
(1) الآية 29 من سورة التوبة.
(2) كلمة مطموسة.
(3) هنا في ف إقحام فقرة عن قضية الراهب الذي ذكر عند ابن عمر. وقد تقدمت.(2/23)
[14/528]
قال عبد الله أخبرنا عبد الله بن مسرور(1)قال حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان عن أحمد بن مروان عن إسماعيل الترمذي عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن مالك قال: من قال إن رداء النبي صلى الله عليه وسلم وسخ أراد به عيبه قتل.
أخبرنا عبد الله بن مسرور(2)عن عمر بن يوسف عن محمد بن وضاح عن ابن أبي مريم فيمن عير رجلاً بالفقر فقال: تعيرني بالفقر وقد رعى النبي صلى الله عليه وسلم الغنم. فقال مالك: قد عرض بالنبي صلى الله عليه وسلم في غير موضعه، فأرى أن يؤدب. قال: ولا ينبغي إذا عوقب أهل الذنوب أن يقولوا قد أخطأت الأنبياء قبلنا.
وقال عمر بن عبد العزيز لرجل انظر لنا كاتباً يكون أبوه عربياً، فقال كاتب له: قد كان أبو النبي صلى الله عليه وسلم كافراً، فقال له: أجعلت هذا مثلاً؟ فعزله وقال: لا تكتب لي أبداً.
وفي باب الحكم في المرتدين(3)قول ابن عمر فيمن سب الله أو رسوله من أهل الكتاب.
ومن العتبية(4): سئل سحنون: عمن تقاضى غريمه فأغصبه فقال له: صل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الطالب: لا صلى الله على من صلى عليه، هل هو كمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو شتم الملائكة الذين يصلون عليه؟ فقال: لا إذا كان على ما وصفت من وجه الغضب ( والضيق
***
__________
(1) في ص: مسروق.
(2) في ص: أخبرنا منصور.
(3) كذا في ص وهو الصواب. وفي ف: الزنديق.
(4) البيان والتحصيل، 16 : 419.(2/24)
[14/529]
لأنه لم يكن مضمراً على الشتم وإنما تكلم على الغضب )(1). قال أبو بكر قال يحيى قال أبو إسحاق البرقي: قال أصبغ: لا يقتل لأنه إنما شتم الناس. وذهب الحارث وغيره في مثل هذا إلى القتل.
وكل من شتم نبياً من الأنبياء قتل، وإن تاب لم يقبل منه إلا أن يكون ذمياً. ( قال )(2)وكذلك إن شتم غيره من الأنبياء أو ملكاً من الملائكة.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الكتابي ( والمجوسي )(3)الذي يقول: إن محمداً لم يرسل إلينا وإنما ( أرسل إليكم، وإنما )(4)نبينا موسى أو عيسى أرسل إلينا ونحو هذا فلا شيء عليهم، لأن الله تبارك وتعالى أقرهم على مثل ذلك على أخذ الجزية.
وأما إن سبه فقال: ليس بنبي أو لم يرسل أو لم ينزل عليه قرآن وإنما هو شيء يقوله ونحو هذا، فهذا يقتل. والمسلم إذا قال مثل ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل به.
ومن سماع ابن القاسم عن رجل نادى رجلاً باسمه فأجابه: لبيك اللهم لبيك؟ فإن كان جاهلاً أو قاله على وجه السفه فلا شيء عليه.
وقال سحنون في الرجل يقول عند التعجب من الشيء صلى الله عليه وسلم، قال ذلك مكروه، ولا ينبغي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا على سمة الاحتساب ورجاء الثواب.
وروى عيسى عن ابن القاسم في نصراني قال ديننا ( خير ) من دينكم وإنما دينكم دين الحمير ونحو ذلك من القبيح، ومثل قول النصراني للمؤذن إذا قال أشهد أن محمداً رسول الله، قال: كذلك يضيعكم(5)الله قال: هذا
***
__________
(1) ساقط من ف
(2) ساقط أيضاً من ف.
(3) ساقط من ف.
(4) ساقط من ص.
(5) في ف ما يشبه: يعطكم.(2/25)
[14/530]
فيه الأدب الوجيع والسجن الطويل. أما إن شتم النبي صلى الله عليه وسلم شتماً يعرف فإنه يقتل إلا أن يسلم. قال مالك: يقول الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)(1).
قال عيسى في الذي سمع ذمياً يشتم النبي صلى الله عليه وسلم فاغتاظ فقتله، فإن كان شتماً يجب به عليه القتل وثبت ذلك ببينة فلا شيء عليه، وإن لم يثبت ذلك عليه أو شتمه شتماً لا يلزمه به القتل فعليه نصف ديته، ويضرب مائة ويحبس سنة، وهذا في باب آخر قد كرر.
وقال مالك: ومن شتم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو ابن العاص، فأما إن قال إنهم كانوا على ضلال وكفر فإنه يقتل، ولو شتمهم بغير ذلك من مشاتمة الناس فلينكل نكالاً شديداً.
قال: وإن قال: إن جبريل أخطأ بالوحي استتيب، فإن تاب و إلا قتل.
وفي كتاب ابن سحنون (قال سحنون)(2)وكتب إلى بعض أصحابنا: ومن كفر أحداً من الصحابة، كفر علياً أو عثمان أو غيره من الصحابة فأوجعه جلداً.
ورأيت في مسائل رويت عن سحنون من كتاب موسى: أن من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إنهم كانوا على ضلالة وكفر فإنه يقتل، ومن شتم غير هؤلاء من الصحابة بمثل هذا فعليه نكال شديد.
قيل فيمن قال أخطأ جبريل بالوحي، إنما كان النبي علي بن أبي طالب، قال: يستتاب، فإن تاب و إلا قتل.
***
__________
(1) الآية 38 من سورة الأنفال.
(2) ساقط من ص.(2/26)
[14/531]
باب(1)
في المتنبي والساحر
ومن تنبأ من أهل الكتاب أو قال بعد نبيكم نبي
من العتبية(2)روى عيسى عن ابن القاسم، ورواه ابن حبيب عن أصبغ عنه فيمن تنبأ أنه يستتاب، أسر ذلك أو أعلنه. وهو إذا دعا إلى ذلك سراً فقد أعلنه، فإن لم يتب قتل، وميراثه للمسلمين كالمرتد.
وكذلك في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم قال أصبغ في كتاب ابن سحنون ومن لم يعلن كفره حتى شهد به عليه (قتل)(3)ولم يستتب.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب سحنون إلى ابن عبد الحكم يسأل له أشهب عن اليهودي يزعم أنه نبي أو أنه رسول إلينا، أو قال: بعد نبيكم نبي، قال: إن كان معلناً بذلك استتيب إلى الإسلام، فإن تاب و إلا قتل.
قال سحنون في العتبية(4): ومن تنبأ وزعم أنه يوحى إليه استتيب، فإن تاب و إلا قتل.
قال ابن المواز: ومن قول مالك وأصحابه: أن الساحر كافر بالله، فإذا سحر هو بنفسه فإنه يقتل ولا يستتاب. والسحر كفر. قال الله تعالى (حكاية عن هاروت وماروت)(5)(إنما نحن فتنة فلا تكفر)(6).
***
__________
(1) كذا في ف وفي ص: القول في المتنبي.
(2) البيان والتحصيل، 16: 421.
(3) ساقط من ص.
(4) البيان والتحصيل، 16: 421.
(5) ساقط من ص.
(6) الآية 102 من سورة البقرة.(2/27)
[14/532]
وقال مالك: هو كالزنديق إذا عمل السحر هو نفسه. قال الله سبحانه: (ولقد علما لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق)(1)وقد أمرت حفصة في جارية لها سحرتها أن تقتل فقتلت.
قال ابن عبد الحكم وأصبغ: هو كالزنديق ميراثه لورثته المسلمين، وإن كان للسحر أو الزندقة مظهراً استتيب فإن لم يتب قتل وكان ماله في بيت المال، ولا يصلى عليه بحال. وأما الذي يسر ذلك إذا قتل فيرثه ورثته ولا آمرهم بالصلاة عليه، فإن فعلوا فهم أعلم.
قال مالك: ولا يقتل الساحر إن كان من أهل الذمة، إلا أن يكونوا أدخلوا بسحرهم ضرراً على المسلمين، فيكون نقضاً للعهد، فإن تاب فلا توبة له إلا الإسلام.
قال مالك وإن سحر بذلك أهل ملته(2)فليؤدب إلا أن يقتل أحداً فيقتل به.
قال سحنون في العتبية(3)في الساحر من أهل الذمة إذا عثر عليه فإنه يقتل إلا أن يسلم فيترك كمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا ذهب المسلم إلى من عمل له السحر فليؤدب أدباً موجعاً.
قال مالك من رواية ابن وهب قال: ويقتل الساحر إن كان مسلماً، سحر مسلماً أو ذمياً. وإن كان الساحر ذمياً قتل إن آذى به مسلماً، وإن آذى ذمياً (أدب)(4)إلا أن يقتله فيقتل به.
***
__________
(1) من نفس الآية 102 من سورة البقرة.
(2) في ص: أهل ذمته. وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل، 16: 443.
(4) ساقط من ص.(2/28)
[14/533]
قال: ومن أطعم رجلاً ما أذهب به عقله فليس هذا من السحر وليؤدب، ويطال سجنه.
وأما الذي يقطع لسان رجل أو يدخل السكاكين في جوف نفسه، فإن كان هذا سحراً قتل، وإن كان خلافه عوقب.
قال: والذي يسحر الرجل والمرأة حتى يتبع(1)أحدهما صاحبه: إن كان هذا من سحر قتل، وإن لم يكن من سحر أدب.
قال: ومن غلا في النجوم فيقول: فلان يقدم غداً أو يكسف القمر غداً فليزجر، فإن عاد أدب أدباً شديداً. ولو علم ذلك أحد لعلمه الأنبياء. وما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالشاة المسمومة حتى أكل منها.
قال أشهب عن مالك في التي أطعمت إنساناً ملحاً أذهب عقله، فمرة فيفيق ومرة يذهب عقله فينبح ويرعد، وقالت لا أقدر على زواله عنه، قال هي محفوفة بكل سواء، أما القتل فلا أدري.
وقد كتبت هذا في باب المحاربين.
وقال: فيمن نصب نفسه إلى شيء من (علم)(2)الكهانة فيخبر بمن سرق متاعاً لرجل وموضعه ويخبره بما يجد في سفره، أو يطعم السارق الطعام ليخرج له السرقة، فليؤدب هؤلاء ويحبسوا حتى يتوبوا.
قال: والعبد المكاتب إذا سحر سيده قتل، ويلي ذلك منه السلطان إذا كان السحر الذي قال الله سبحانه. قال أصبغ: فيكشف ذلك حتى تعرف حقيقته، ولا يحل لسيده ولا لغيره قتله.
***
__________
(1) كذا في ف. وفي ص: يبيع.
(2) ساقط من ف.(2/29)
[14/534]
وقد سحرت عائشة جاريتها واعترفت فلم تقتلها وباعتها ممن يسيء ملكها. قال غيره: إنما فعلت ذلك عائشة حين كانت يجب عليها القتل عندها لو رفع ذلك إلى السلطان وصح عنده.
وإذا سحرت المدبرة أو المكاتبة فلم يرفع أمرها إلى السلطان، فليس لربها أن يبيعها لما فيها من عقد التدبير أو الكتابة، وليس له حلها، وليس لأحد ما لعائشة في ذلك.
قال محمد: والسحر كفر، فمن أسره وأظهر الإسلام فظهر عليه قتل وإن أظهره فكمن أظهر كفره. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل.
وقتل ساحر في زمان زياد بن أبي سفيان كان يدخل حصاة في دماغه ليخرجها من فيه، ويأخذ الثوب فيخرقه ثم يأتي به على حاله ونحو هذا، وكتب عمر: أن اقتلوا ( كل ساحر )(1)وفرقوا بين المجوسي وذوات المحارم في كتاب الله، وامنعوهم الزندقة. ولم يكن عمر يأخذ الجزية من المجوس حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
وقال ابن المسيب وابن شهاب: يقتل الساحر. قيل لابن شهاب: فمن سحر من أهل الكتاب فلم يقتله. وكذلك قال مالك، إلا أن يدخل بسحره على المسلمين ضرراً.
***
__________
(1) ساقط من ف.(2/30)
[14/535]
في منع الزكاة وترك الصلاة
أو ترك فريضة من فرائض الله سبحانه
من العتبية(1)من رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك فيمن قال لا أصلي، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل. ومن قال لا أتوضأ ولا أصلي فكذلك يستتاب، وكذلك إن قال لا أصوم رمضان. وأما إن قال لا أؤدي الزكاة فلتؤخذ منه أحب أو كره. ومن قال: لا أحج فأبعده الله ولا يجبر على ذلك.
قال أصبغ: ومن أقر أن الصلاة عليه مفروضة وقال: لا أصلي فإنه يقتل، وقاله عبد العزيز ابن أبي سلمة. قال أصبغ: وإصراره على أن لا يصلي كالجحد بها وإن أقر بها. ( وبلغني أن ابن شهاب قال: إن خرج وقتها ولم يصل قتل. وإن جحد الزكاة قتل، وإن أقر بها وأبى )(2)أن يؤديها أخذت منه كرهاً، ويضرب إن امتنع ودافع، فإن دافع في جماعة قوتل هو ومن معه، وقتل كل من دافع عنها، كفعل الصديق في أهل الردة إذ منعوا الزكاة. ومن جحد الوضوء أو الغسل من الجنابة قتل، ومن أقر بذلك وقال لا أفعله قتل كالجاحد. وكذلك إن قال لا أصوم. ومن قال لا أوتر أدب أدباً وجيعاً حتى يصليها وأما ركعتا الفجر فلا، وهما أخف شئناً، والوتر سنة.
وقال موسى ابن معاوية عن معن بن عيسى قال: كتب إلى مالك في قوم بالمغرب يصلون ركعتين ويجحدون السنة ويقولون لا نجد إلا ركعتين، قال مالك: يستتابون فإن لم يتوبوا قتلوا.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 393.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(2/31)
[14/536]
قال ابن حبيب فيمن منع الزكاة وهو مقر بها فلتؤخذ منه كرهاً، ولا يخرجه ذلك من الإيمان. وإن كذب بها فهو مرتد يستتاب ثلاثاً، ولا ينفعه إقراره بغيرها من الفرائض، أخذت منه كرهاً أو لم يؤخذ.
وإذا كان مانع الزكاة ممتنعاً من السلطان فلا يصل إليه، فهو بمنعه إياها كافر، كان بها مقراً أو جاحداً، وليجاهده السلطان حتى يأخذها منه كما فعل الصديق بالذين منعوا وقالوا: أخية الجزية ولم يطيبوا بها نفساً ورضوا بإقامة غيرها من الشرائع.
قال: ولا تسبى ذراريهم كذراري المرتدين. وأما تارك الصلاة إذا أمره الإمام بها فقال: لا أصلي فليقتل ولا يؤخر إلى ما بينه وبين آخر وقتها، ( وليقتل لوقته. )(1)قال: وهو بتركها كافر، تركها جاحداً أو مفرطاً أو مضيعاً أو متهاوناً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة(2). وكذلك أخوات الصلاة.
وأما من رفع إلى الإمام فقال: أنا أصلي تركه، فإن عاد إلى تركها فرفع إليه أمره بها فرجع فقال أنا أصلي فليعاقبه ويبالغ فيه بالضرب والسجن حتى تظهر توبته ولزومه الصلاة.
وإن قال عند إيقافه له: لا أصلي قتله وإن أقر بها ولم يستتب، ولا يؤخره عن وقت تلك الصلاة ساعة إلا ما بينه وبين آخر وقتها. وكذلك من قال: لا أتوضأ ولا أغتسل من جنابة ولا أصوم رمضان، فليقتل ولا يؤخر ثلاثاً.
***
__________
(1) ساقط من ف.
(2) في كتاب الإيمان من صحيح مسلم، وفي سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه والدرامي، ومسند أحمد. بألفاظ متقاربة.(2/32)
[14/537]
ولو عمل الشرائع كلها وزعم أن الله لم يفرضها استتيب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل. وكذلك إن قال: ليس الحج مفترضاً، وإن أقر بفرضه وقال لا أفعله ترك وقيل له: أبعده الله، وقاله كل مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ، ورواه ابن القاسم ومطرف عن مالك مجملا بغير تلخيص.
وافتراق الحج من غيره لأن وقته واسع ما بينه وبين آخر عمره، إن أداه كان مؤدياً لفرضه، حتى إذا مات بعد هذا ولم يحج وقع عليه اسم الكفر.
وهذا الذي ذكرنا في الخمس شرائع التي بني عليها الإسلام. كما جاء الأثر: الإيمان بالله والصلاة والزكاة والصوم والحج على المستطيع. فمن ترك واحدة منهن كان كافراً، ومن ترك سواهن من الأوامر، أو ركب ما نهي عنه فذلك ذنب إن شاء الله غفره أو عاقبه عليه.
وهذا الذي قال ابن حبيب في تكفير من أقر بفرض الزكاة أو الصوم وتركه عمداً أو تهاوناً حتى زال الوقت إنه كافر، فقول انفرد به. وقد أجمع الأئمة أنهم يصلون عليه، ويورث بالإسلام ويرث، ويدفن مع المسلمين. وما ذكر من الحديث فلم يذكر في الحديث في تارك الصلاة هل هو جحد أو تفريط ولا فسر الكفر. وفي إجماعهم على توبته والصلاة عليه ما يدل أنه لا يراد به الخروج من الإيمان كخروج المشرك بالله الجاحد له، والله أعلم.
وهذا قول الخوارج إلا من قال: لا أصلي فهذا قد رد ما دعا الله إليه عناداً. وهذا كقول أهل الردة لا نؤدي الزكاة. ومن رد على الله أمره أو على رسوله رداً مجرداً هكذا فلم يجب إلى دعوته، كما قال إبليس لا أسجد، فكان بذلك كافراً رجيماً وهو بخلاف من ترك ذلك تفريطاً وغرة ومعصية.
وروى مالك عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، وفي آخر الحديث ومن لم
***(2/33)
[14/538]
يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة(1)، فهذا يبين معنى الديث الذي ذكر ابن حبيب، والله أعلم.
الحكم في القدرية والخوارج وأهل البدع
من كتاب ابن المواز، وهو لابن الماجشون مفسراً في كتاب ابن حبيب وغيره، قال مالك(2)في الحروري إذا لم يخرج على الإمام العدل فيدعو إلى بدعته أو يقتل أحداً لم نقتله. فأما إن قتل أحداً على دينه ذلك أخرج على الإمام العدل فيستتاب، فإن تاب قبلت منه وإلا قتل.
وكذلك الجماعة منهم، ويقتل منهزمهم، ومن أسر منهم فللإمام قتله إن رأى ذلك، وإن انقطع الحرب استتابه، وإن لم ينقطع فله قلته. وكذلك إن خاف لأهل ذلك الجمع دولة بسبب يخاف، وكذلك يجهز على جريحهم في هذا الوجه.
وأما إن كان أمر الإمام قد ظهر عليهم بيقين فلا يقتل وليستتب، فإن تاب قبل منه، وتسقط عنهم إذا تابوا الدماء والفروج والموال وكل ما فعلوا وإن كانوا أملياء، إلا من وجد ماله بعينه فليأخذه. قال: وإن لم يرجع ولم يتب قتل.
وقال عبد الملك: لا يقتل، وما علم أنه ليس من أموالهم فليرد إلى أهله إن عرفوا، ويوقف ما بقي إلى أن يؤيس من طالبه ثم يتصدق به، سواء قتل في المعركة أو بعد ذلك. وما كان معه من سلاح أو خيل أو معه من مال فهو لورثته ميراثاً ( عنه )(3)وكذلك قال عبد الملك عن مالك.
***
__________
(1) في باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر من كتاب الصلاة من الموطأ.
(2) كذا في ص وهو الصواب وفي ف قال محمد.
(3) ساقط من ص.(2/34)
[14/539]
وإن أسر وترك حتى انقطع حربهم وخمدت ريحهم وزال عسكرهم، فلا يقتل الأسير، ويستتاب ويؤدب، يريد إن لم يتب. وإن كانت حربهم قائمة فإن رأى الإمام قتل هذا الأسير لم أره خطأ، ويقتل المنهزم ولا يستتاب.
قال ابن المواز وقال مالك وأصحابه في القدرية إنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا. وهو قول عمر بن عبد العزيز. قال بعض أصحاب مالك أظنه عن مالك، يستتاب الإباضية والقدرية، فإن تابوا وإلا قتلوا. قال: والحرورية إذا كان الإمام عدلاً.
قال ابن القاسم: ( وهذا )(1)يدل على أنهم إذا خرجوا على العدل ( وأرادوا قتاله )(2)ودعوا إلى بدعتهم أن يقاتلوا.
وسئل ( ابن )(3)عمير عن الحرورية فقال: أشر خلق الله عمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين، فلا أحد أحق بالقتل والقتال منهم.
قال مالك: وتوبة القدري ترك ما عليه. قال: فإن قتل فميراثه ( لورثته )(4)، أسر ذلك أو أعلنه.
قال مالك في القدرية والإباضية: لا يصلى عليهم، فإذا قتلوا فذلك أحرى. قال سحنون: يعني أدباً لهم، فإن طاعوا فيصلى عليهم.
قال ابن المواز: ومن قتل من الخوارج ممن استتيب فلم يتب فلا يصلى عليه الإمام، ويصلي عليه غيره من المسلمين، ويغسل ويكفن
***
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذلك ساقط من ص.
(3) بوزن عظيم – كما في الإصابة – وهو ابن عسل أو ابن سهل الحنظلي، روى قصته مع عمر الدرامي من طريق سليمان ابن يسار.
(4) ساقط من ص.(2/35)
[14/540]
ويرثه ورثته، وتعتد عنه امرأتهبالإحداد وتنفذ وصيته. وكذلك قال سحنون في كتاب ابنه في جميع أهل الأهواء.
وقال أيضاً، يعني مالكاً، بترك الصلاة تأديباً لهم، ولا يخرجون من الإيمان ببدعتهم.
قيل: فقول مالك يستتاب أهل البدع؟ قال: أما من كان بين أظهرنا وفي جماعتنا فلا يقتل، وليضرب مرة بعد أخرى ويحبس، ونهى الناس عن مجالسته والسلام عليه تأديباً له. وقد ضرب عمر صبيغ ونهى عن كلامه حتى حسنت توبته. فأما من بان منهم عن الجماعة ودعوا إلى بدعتهم ومنعوا فريضة من الفرائض فليدعهم الإمام العدل إلى السنة والرجوع إلى الجماعة، فإن أبوا قاتلهم كما فعل الصديق بمن منع الزكاة، وكما فعل على بالحرورية ففارقوه وشهدوا عليه بالكفر، فلم يهجهم ( حتى خرجوا ونزلوا بالنهروان فأقاموا شهراً فلم يهجهم )(1)حتى سفكوا الدماء وقطعوا الطريق فقاتلهم.
وقال عمر بن عبد العزيز: يستتابون، فإن لم يتوبوا قوتلوا على وجه البغي. فمعنى قول عمر هذا وقول مالك إنما هو فيمن خرج وبن بداره فذلك قول عمر قوتلوا على وجه البغي ( يعني قول عمر هذا وقول مالك )(2)أنهم خرجوا وبانوا عن سلطانه.
قال سحنون: ولا تعاد الصلاة خلف أهل البدع في وقت ولا غيره، وهو قول جمع أصحاب مالك. أشهب والمغيرة وابن كنانةوغيرهم، وليس بكافر، وليس يخرجه دينه من الإيمان، ومن كفرهم ركب قول الحرورية في التكفير بالذنوب.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط من ف.(2/36)
[14/541]
قال سحنون: وكتب إلى بعض أصحابنا، وهو لعبد الملك، في غير كتاب ابن سحنون: في المعتزلة وغيرهم من أهل الأهواء: إن كل كافة استكفت(1)ودعت إلى بدعتها فليقاتلوا. وكذلك كل كافة استكفت معصية أو منع حق فليقاتلهم الإمام حتى يظهر عليهم سلطان الحق ويقام فيهم. وقد قاتلهم الصديق ولم يكفروا أول كفرهم أن منعوا الزكاة فقالتهم قتال من كفر، وقاتل على الخوارج.
وأما غير الكواف والجماعة، فمن في سلطانك من المعتزلة ممن تبرأ من علي وعثمان أو من احدهما، أو يظهر بدعة القدر أن الأمر إليه، وأنه ما شاء فعل، وأنه يريد أن يعصي والله يريد أن يطيع، فيكون ما أراد هو ولا يكون ما أراد الله، فاستتبه فإن تاب فأوجعه ضرباً فيما مضى. وكذلك من كفر علياً أو عثمان أو أحداً من الصحابة فأوجعه جلداً.
وروي عن سحنون فيمن كفر الخلفاء الأربعة أن يقتل، ويؤدب في غيرهم. وقد تقدم إيعاب هذا في باب متقدم.
قال سحنون، وهو لعبد الملك في كتاب ابن حبيب: ومن قام وحده من الخوارج وحكم فاعترض الناس فليفعل به ما يفعل بمن استكف من جماعتهم ما لم يوسروا فإذا أسروا (صاروا كمن تحت سلطاننا منهم في الحكم فيهم. ومن قاتل من الأسارى ثم أسر)(2)فما دامت الحرب قائمة لم يظهر أحد الفريقين على الآخر فله حكم من في القتال، فللإمام قتله وله الكف عنه إن طمع في غير ذلك.
***
__________
(1) في ف: اسفكت (مرتين) ولعلها محرفة عن استكفت يقال استكف الناس: مد إليهم كفه يسألهم، واستكف الناس حواليه: أحدقوا به. أساس البلاغة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(2/37)
[14/542]
(قال: وكل ما حكموا من حكم الناس فليتعقب ذلك)(1)ويكشف وينظر فيه كالمبتدىء، فإذا رأى صواباً وشهوداً على أصل الحق يقبل مثلهم وأمراً بيناً أمضاه، ولا ينفذ ما وقع بشهادتهم، كان الحاكم منهم جائراً أو مجتهداً، ويصير كحكم من الناظر فيه ابتداءً.
قال سحنون: ومن وهم ببدعة واستوطأ ذلك عليه وعرف به فلا تقبل شهادته بين زائغ ومبتدع ولا جماعي، ولا على محق ولا على مبطل ولا بين أهل الأديان. وأما غير معروف بذلك(2)ما لم يؤت عليه بأمر واضح فأجره مجرى غيره من قبول (من عدل)(3)عندك. وهذا الذي ذكره سحنون كله لعبد الملك في كتاب ابن حبيب.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا ظفرنا بأحد ممن قاتل على تأويل القرآن وتاب فليس عليه مما هلك بيده من مال ورقيق وحيوان شيء، ولا عليه من قود ولا دية في نفس ولا جرح، ولا صداق في وطء حرة أو أمة. وما وجد بيده من شيء يعرف بعينه أخذه ربه. ولو أخذ لرجل ألف دينار فوجد معه ألف دينار فلا أدري ما العين وما يدريه أن هذا ماله بعينه. قال مالك: وليس كالمحارب ولا السارق.
قال عطاء: إذا أخذوا فليقتل منهم من قتل، ويؤخذ المتاع ممن أخذ (المتاع)(4)، ويسجن من بقي ولا يقتلون ولا يقطعون، ويسجنون حتى يتوبوا.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) كلمة مطموسة.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط من ف.(2/38)
[14/543]
وكتب عمر بن عبد العزيز في خارجي خرج بخراسان وأشار بسيفه فأخذ: إن كان قتل قتل، وإن جرح جرح، وإلا سجن حتى يتوب وقربوا(1)أهله منه. وقال الليث فيهم مثل قول مالك، وذكر ابن حبيب مثل هذا القول عن عطاء وعمر بن عبد العزيز.
قال ابن شهاب: ووقعت الفتنة وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرون فلم يروا على من قاتل على تأويل القرآن قصاصاً في دم ولا حداً في وطء. وكذلك فعل علي بن أبي طالب، وبهذا قال مالك، وقاله ابن القاسم.
وقال أصبغ: يقتل من قتل إن طلب ذلك وليه كاللص يتوب قبل يقدر عليه. قال ابن حبيب: هذا خلاف لمالك وجميع أصحابه في أهل التأويل، ولا أعلم من قال مقالة أصبغ هذه، وهي خلاف ما تقدم من فعل علي والصحابة.
وذهب ابن حبيب إلى أن الخوارج الذين كفروا الناس بالذنوب كفار، وأنه يستتاب من ظهر عليه منهم أياماً ويسجن لذلك خرجوا أو لم يخرجوا إذا أظهروا ذلك.
ومن تاب ترك، إلا أن يكون لهم جماعة في موضع (يلجؤون إليه)(2)فلا يترك هذا وإن تاب، ويسجن(حتى)(3)تفترق جماعتهم خيفة أن يلحق بهم (قال ابن حبيب)(4)إنهم كفار ببدعتهم هذه (لأنهم سموا الزاني والسارق وأشباههم من أهل الذنوب كفاراً،)(5)والله جعل القطع على من سرق والحد على من زنى، فلو كان كافراً (لكان عليه القتل بذلك وأمر فيهم بالقتل، وقال في القاتل: (فمن عفي له من أخيه شيء)(6)ولو كان
***
__________
(1) في ف: وفرقوا.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) كذلك ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(6) الآية 178 من سورة البقرة.(2/39)
[14/544]
كافراً)(1)ما جعله له أخاً. ومن رد هنا من كتاب الله (فهو)(2)معاند كافر. ولا يحل سبي ذراريهم (وهم على الإسلام حتى يبلغوا فيقولوا بقول من قتل منهم فيسلك سبيلهم)(3). وكذلك سائر فرق الخوارج من الإباضية والصفرية، وكذلك القدرية (والمعتزلة)(4).
وكذلك يستتاب المرجئة الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا علم (قال ابن حبيب)(5). وأما الشيعة فمن أحب منهم علياً ولم يقل على غيره من الصحابة فهذا ديننا، ومن غلا إلى بغض عثمان والبراءة منه فليؤدب أدباً وجيعاً، ومن زاد في غلوه منهم إلى بغض أبي بكر وعمر مع عثمان وشبههم فالعقوبة عليه أشد وتكرير ضربه وطول سجنه حتى يتوب ولا يبلغ به القتل إلا في سب نبي من الأنبياء عليهم السلام.
وأما من تجاوز منهم إلى الإلحاد فزعم أن علياً رفع ولم يمت وسينزل إلى الأرض وأنه دابة الأرض. ومنهم من قال كان الوحي يأتيه ويعدد ذرية مفترضة طاعتهم، ونحو هذا من الإلحاد، فهو كفر، يستتاب قائله ويقتل إن لم يتب.
وذكر أن قوماً بالمغرب ادعوا نبياً سموه صالحاً وأظهر لهم كتاباً بلسان البربر، وقالوا: محمد نبي العرب، وأكلوا رمضان وصاموا رجباً واستحلوا تزويج تسع نسوة وشبه هذا، فهؤلاء مرتدون ويقتلون إن لم يتوبوا، ويجاهدون، ولا تسبى ذراريهم كالمرتدين وميراثهم للمسلمين.
وفي الباب الآخر ذكر من قال: إن الله لم يكلم موسى.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط من ص.
(3) كذلك ساقط ما بين معقوفتين من ص.
(4) ساقط من ف.
(5) ساقط من ص.
18- النوادر والزيادات 14(2/40)
[14/545]
وذكر ابن حبيب في كتاب آخر عن مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ أنهم قالوا في أهل الأهواء من أهل البدع كلها: القدرية والإباضية والحرورية (والمرجئة) وجميع أهل الأهواء إنهم على الإسلام متماسكين به، إلا إنهم ابتدعوا وحرفوا كتاب الله وتأولوه على غير تأويله، إنهم يستتابون، فإن تابوا و إلا قتلوا، وأن من قتل منهم أو مات على ذلك فميراثه لورثته من المسلمين.
باب(1)
في قتل أهل العصبية والعداوة من المسلمين
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: قال الله سبحانه: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) إلى قوله (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)(2).
قال من لقينا من العلماء: معنى ذلك إذا خرج بعضهم على بعض بغياً ورغبة عن حكم الإسلام على العصبية فسقاً وخلوعاً، فليدعهم الإمام ومن معه إلى الرجوع إلى التحاكم وإلى التناصف عند حاكم من حكام المسلمين، فإن فعلوا قبل منهم، وإن أبت الطائفتان أو إحداهما قاتل الإمام من أبى وحلت دماؤهم حتى يقهروا، فإن تحققت الهزيمة عليهم وظهر الإمام عليهم ظهوراً بيناً وأيس من عودتهم فلا يقتل منهزموهم ولا يدفف على جريحهم. وإن لم تستحق الهزيمة ولم يومن رجوعهم فلا بأس بقتل جريحهم ومنهزموهم، ولا بأس أن يقتل الرجل في القتال أخاه وقرابته مبارزة وجده
***
__________
(1) اختص ف بلفظ باب.
(2) الآية 9 من سورة الحجرات.(2/41)
[14/546]
لأبيه وأمه، فأما الأب وحده فلا أحب قتله على التعمد مبارزة أو غيرها. وكذلك الأب الكافر مثل الخارجي. وقال أصبغ: يقتل فيها أباه وأخاه.
قالا: ولا تصاب أموالهم ولا حريمهم، وإذا أصيب منهم أسير فلا يقتل، ويؤدب ويسجن حتى يتوب. وإن ثبت عليه أنه قتل أحداً فلقتل به بخلاف أهل الأهواء الذين قاتلوا على التأويل. ولا ينبغي للإمام والمسلمين أن يقفوا عن الخروج إلى أها المعصية وأهل البغي حتى يردوهم إلى الحق وحكم الإسلام، فإذا قام بذلك من نصيب الحق ووجه العمل فيه ولم يكن تلفيفاً ولا هجماً بغير سنة ولا تحفظ.
قال عبد الملك: والخوارج إذا أسر منهم أسير والحرب قد انقطعت فلا يقتل، وينهى عن بدعته ويؤدب كمبتدع في غير جماعة (وتقبل توبته من تاب(1)وإن كانت الحرب قائمة فللإمام قتل أميرهم أو جماعة)(2)في قبضته إذا خاف أن يكون عليه دبره أو أحس ضعفاً أو خشية عورة علمها.
وعلى هذا يجري ذلك في التدفف على الجريح واتباع المنهزم حسب ما يرى من ذلك، وليست هزيمتهم توبة، وإنما هو إلى ما يرى من الظهور البين أو غيره، وقال سحنون مثل قوله. وقال: سمعت أصحابنا يقولون: لا يقتل منهم أهل المعصية إذا كانت الحال ما ذكرت ويقتل منهزم الخوارج بكل حال. وكل ما جرى في هذا الباب عن سحنون وعبد الملك فقد ذكره ابن حبيب عن عبد الملك.
(وقد جرى في باب متقدم ذكر قتال أهل النائرة والعداوة بخلاف المحاربين واللصوص، وهو بخلاف حكم أهل الأهواء والتأويل. وقد بينا كل شيء من ذلك)(3).
***
__________
(1) كلمة مطموسة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) هذه الفقرة المكتوبة بين معقوفتين كلها ساقطة من ف.(2/42)
[14/547]
قال ابن حبيب: وإذا بغت قبيلة على قبيلة فقاتلتها حمية وعصبية وفخراً بالأنساب وغيرها من النائرة، فعلى الإمام أن يكفهم ويفرق جمعهم، فإن لم يقدر فليخرج إليهم، وعلى الناس الخروج معه لذلك، فإذا نزل بقربهم راسلهم وسمع حجة كل فريق، فإن ظهر له أن إحداهما ظالمة للأخرى باغية عليها، أمرها بالكف والانصراف، فإن أطاعته وانصرفتا، فلكل فريق طلب الفريق الآخر بما جرى بينهم في ذلك من دم ومال، ولا يهدر شيء من ذلك، بخلاف ما كان على تأويل القرآن، فإن أبت الطائفة الباغية أن تنصرف عن المبغي عليها قاتلها معها ومن معه من المسلمين.
وإن تبين للإمام العدل أن الطائفتين باغيتان أمرهما بالتفرق والانصراف، فعلتا و إلا جاهدهما بمن معه من المسلمين. وهذا معنى الآية التي ذكر الله تعالى في الفئة الباغية.
(قال ابن حبيب: ونادى منادي على ابن أبي طالب في بعض من حاربه أن لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير. ثم كان موطن آخر في غيرهم فأمر باتباع المدبر وقتل الأسير والإجهاز على الجريح، فعوتب في ذلك فقال: هؤلاء لهم فئة ينحازون إليها، والأولون لم تكن لهم فئة.
قال عبد الملك: وما أصاب الإمام من عسكر أهل البغي من كراع وسلاح، فإن كانت لهم فئة قائمة فلا بأس أن يستعين به الإمام ومن معه على قتالهم إن احتاجوا إليه، فإن زالت الحرب رده إلى أهله. وما سوى الكراع والسلاح فيوقف حتى يرد إلى أهله. ولا يستعان بشيء منه، وإن لم تكن لهم فئة قائمة رد ذلك كله من سلاح وغيره إليهم أو إلى أهلهم.
(وكذلك قال ابن الماجشون وأصبغ في أهل العصبية والحرورية)(1)وكذلك فعل على بن أبي طالب رضي الله عنه.
***
__________
(1) هذه الفقرة الطويلة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة من ف.(2/43)
[14/548]
قال: وقد أصاب الإمام من امرأة على رأيهم أو عبد أو ذمي أسيراً وكانوا يقاتلون، فإن لم تكن لهم فئة قائمة أطلقهم، وإن كانت لهم فئة قائمة أمر بحبسهم حتى يزول الحرب. وإن بذل له أهل البغي مالاً حتى يتأخر عنهم أياماً أو أشهراً حتى ينظروا في أمرهم، فلا يحل أن يأخذ شيئاً منهم، وله أن يؤخرهم إلى مدة سألوه ما لم يكونوا يقاتلون فيها أحداً أو يفسدون فلا يؤخرهم حينئذ.
وإذا وضعت الحرب أوزارها، فإن كان أهل البغي ممن خرج على تأويل القرآن من الخوارج وضع عنهم كل ما أصابوا إلا ما وجد من مال يعرف بعينه فيأخذه ربه(1). وأما أهل المعصية أو أهل خلاف لسلطانهم بغياً، يريد بلا تأويل، حكم في ذلك كله بالقود والقصاص ورد المال، قائماً كان أو فائتاً، قاله ابن الماجشون وأصبغ.
وإن قاتل معه أهل ذمة وضع عنهم مثل ما وضع عن المتأولين الذين أعانوا، وردوا إلى ذمتهم، وإن كانوا أهل عصبية وخلاف للإمام العدل فهو نقض لعهدهم موجب لاستحلالهم، وإن كان السلطان غير عدل وخافوا جوره واستعانوا بأهل الذمة فليس ذلك نقضاً لعهد أهل الذمة.
ولا قود في الجراح في هؤلاء، وما أصابهم في دفعهم عن أنفسهم فهدر، إلا أن تكون منهم غارة وعياثة وفساد على غير وجه دفاع ظلم ولا امتناع فيلزمهم فيه القود (والقصاص)(2)ورد المال.
وكذلك قال مالك في أهل الذمة يخرجون عن ظلم ظلموا به، فلا يقاتلوا إلا أن يخرجوا فساداً وعياثة فليجاهدوا ويصيروا فيئاً، وقاله مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ وغيرهم.
***
__________
(1) صحفت عبارة ص: فيما حرزه به.
(2) ساقط من ص.(2/44)
[14/549]
وإن كان الإمام عدلاً وحارب من خرج عليه وامتنعوا، فما أصاب منهم فهو موضوع، وإن لم يكن من أهل العدل فما أصيب منهم في حربه ففيه القصاص ورد الأموال. وإن امتنع أهل البغي، وكانوا أهل بصائر وتأويل أو عصبية، عن الإمام العدل فله فيهم من رمي المجانيق، وقطع الميرة والماء عنهم، وإرسال الماء عليهم ليغرقهم، مثلما له في الكفار وإن كان فيهم النساء والذرية، ولا يرميهم بالنار إلا أن لا يكون فيهم نساء ولا ذرية فله ذلك، إلا أن يكون فيهم من لا يرى رأيهم ويكره بغيهم، وخيف أن يكون فيهم، فلا يفعل فيهم شيئاً مما ذكرنا. وكذلك لو كان مع المشركين أسارى مسلمون، وقاله مالك وأصحابه.
وإن سأل أهل البغي الإمام العدل تأخيرهم شهراً وأعطوا رهاناً وأخذوا منه رهاناً فغدروا وقتلوا الرهان فلا يقتل الإمام رهنهم وليحبسهم، فإذا هلك أهل البغي تركهم، إلا أن يكونوا أهل بدعة فليستتبهم. وكذلك لو جرى مثل هذا بيننا وبين الروم فقتلوا من عندهم رهناً، لا ينبغي أن نقتل نحن رهنهم. وكذلك فعل معاوية، إلا أن ابن الماجشون قال: يسترقهم الإمام ولا يردهم إليهم.
وإذا قاتل مع أهل البغي النساء بالسلاح، فلأهل العدل قتلهن في القتال. وإن لم يكن قتالهن إلا بالتحريض ورمي الحجارة فلا يقتلن إلا أن يكن قتلن أحداً بذلك فيقتلن. وإذا أسرن وقد كن يقاتلن قتال الرجال لم يقتلن إلا أن يكن قد قتلن، يريد في غير أهل التأويل.
قال: وسبيل من قتله أهل البغي من أهل العدل سبيل الشهداء، ومن قتل من أهل البغي تركوا، ومن أراد الصلاة عليهم من أهلهم فإن لم يكن لهم من يلي ذلك أمر الإمام بمواراتهم بغير صلاة. وعلى أصل سحنون يصلى عليهم. واختلف فيمن قتل من أهل العدل في ترك الصلاة عليه كالشهيد.
***(2/45)
[14/550]
ويكره أن يبعث برؤوس أهل البغي وغيرهم من العدو إلى الآفاق، وهو مثلة لم يكن يفعله السلف.
ومن قتل أباه من أهل البغي أو أخاه لم يحرم عليه ميراثه. ويكره له قتل أبيه منهم في القتال من غير تحريم، إلا أن يكون أبوه قصد إليه ليقتله، فلا بأس أن يدافعه الابن بالقتال إن لم يجد حودا عنه بلا هزيمة ولا وهن يدخل على أصحابه. وأباح أصبغ أن يقصد أخاه بالقتل وينتهز فرصته وغفلته. وإذا حملت على أحد منهم فقال: تبت وألقى السلاح فدعه.
ولو قال: كف ولعلي أبايعك وألقي السلاح (فكف عنه. وإن قال كف فإني على دينك ولم يلق السلاح)(1)فلا تدعه ولا تعجل بالقتل حتى يتبين ما أراد لأنه على دينك بالإسلام وقد ابتدع، فإن عاجلك فاقتله إلا أن يلقي السلاح.
ولو أن أهل البغي صالحوا المشركين ثم غدروهم فسبوهم لم يجز لنا شراؤهم، ولو أن أهل البغي ألجأوا المسلمين إلى دخول أرض الحرب لم يجز لهم أن يعينوا المشركين عليهم. ولو استعانوا بهم المشركون على قتال عدو لهم لم ينبغ أن يعينوهم، إلا أن يغير عليهم بعض أهل الشرك ويسبوهم فيخاف المسلمون على أنفسهم من ذلك، فلا بأس أن يقاتلوا حينئذ مع الذين هم معهم.
وكذلك لو كان أهل البغي غزوا المشركين وسبوهم حتى خلصوا إلى من عندهم من المسلمين، فلهم دفعهم عن أنفسهم. ولو أن المشركين سبوا أهل البغي وذراريهم وبالمستأمنين من المسلمين قوة على اسنقاذ السبي منهم، فعليهم أن يقاتلوهم على خلاص الذراري، ولا يوفى لهم بالعهد في مثل هذا، كما لا يعطي العهد عليه. وقاله كله ابن الماجشون وأصبغ.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(2/46)
[14/551]
ولو أن طائفتين من أهل البغي اقتتلتا ولا طاقة لأهل العدل على طائفة واحدة منهما فلا ينضموا إلى إحداهما فيقاتلوا معها الأخرى.
قال: والخارج وحده في المصر كالجماعة، خرج بسلاح أو بعصى أو حجر إن كان على البصيرة. وإذا سبى أهل البغي قوماً مشركين وادعهم أهل العدل لم يجز لنا شراؤهم منهم(1)،
ولو استعان أهل البغي بالحربيين على قتال أهل العدل فظفر أهل العدل بهم حل لهم قتل أهل الحرب. ولو أغار أولئك على أهل العدل فظفر أهل العدل بهم حل لهم قتلهم وسبيهم، لأنهم نكثوا.
ولو دخل حربي بأمان فمات وله ابن حربي وابن ذمي فماله لابنه الحربي. ولو أن الميت ذمي فماه لابنه الذمي.
ذكر القدر والأسماء والصفات والاستواء على العرش
وذكر ترك الجدال ومجانبة أهل البدع
من العتبية(2)قال سحنون: أخبرني بعض أصحاب مالك أن رجلاً قال لمالك: يا أبا عبد الله مسألة، فسكت عنه، ثم عاوده فسكت، ثم سأله فرفع إليه رأسه فقال له: (الرحمن على العرش استوى)(3)كيف استواؤه؟ فطأطأ مالك رأسه ساعة ثم قال: سألت عن غير مجهول، وتكلمت في غير معقول. ولا أراك إلا امرأ سوء، أخرجوه.
***
__________
(1) هنا خلط كثير في عبارات ص لذلك اقتصرنا في هذه الفقرة على نص ف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 367.
(3) الآية 5 من سورة طه.(2/47)
[14/552]
قال أصبغ قال ابن القاسم: ومن قال اله لم يكلم موسى فليستتب، فإن تاب وإلا قتل.
ولا ينبغي لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، ولا يشبهب كذلك بشيء وليقل: له يدان كما وصف به نفسه، وله وجه كما وصف به نفسه. تقف عندما في الكتاب، لأن اله سبحانه لا مثل له ولا شبيه له ولا نظير له، ولا يروي أحد مثل هذه الأحاديث. ( مثل إن الله خلق آدم على صورته، ونحو ذلك من الأحاديث. وأعظم مالك أن يتحدث أحد بمثل هذه الأحاديث )(1)أو يرددها.
ومن سماع ابن القاسم قال مالك(2): أشد ىية على أهل ( الاختلاف من أهل )(3)الأهواء قوله سبحانه: ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه )(4)وتأويلها على أهل الأهواء.
وروى بن حبيب عن أسد عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا أمامة الباهلي تأولها في الخوارج، قال: كانوا مؤمنين فخرجوا من الإيمان، وقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القاسم قال مالك: كان ها هنا رجل يقول: ما بقي دين إلا دخلت فيه، يعني أهل الأهواء، فلم أر شيئاً مستقيماً، يعني بذلك فرق الإسلام، فقال رجل: أنا أخبرك لم ذلك، لأنك لا تتقي الله، يقول الله سبحانه ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً )(5).
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) انظر البيان والتحصيل، 16 : 362-363.
(3) ساقط من ص.
(4) الآية 106 من سورة آل عمران
(5) الآية الثانية من سورة الطلاق.(2/48)
[14/553]
قال سحنون: بلغني أن القاسم ابن محمد قال له ذلك(1).
قال مالك فيما يحتج على أهل القدر قال الله سبحانه ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني )(2)، قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه عرضاً للخصومات أكثر السفل، يعني أهل الأهواء.
ومن سماع أشهب قال مالك: القدرية قوم سوء فلا تخالطوهم(3)ولا تصلوا وراءهم، وإن جامعتموهم في ثغر فأخرجوهم منه(4).
قال سحنون قال ابن غانم في كراهية مجالسة أهل الأهواء: أرأيت من قعد إلى سارق وفي كمه بضاعة أما يحرز منه ليلاً يغتاله؟ فالدين أولى.
وعمن ينازع القدري في ذلك ثم يأتيه القدري فيأخذ يده ويتنصل إليه، فإن جاء تاركاً لذلك نازعاً عنه فليكلمه، وإلا فهو في سعة من ترك كلامه.
وهذا المعنى وشبهه كثير منه في جامع مختصر المدونة وسنذكره في كتاب جامع نفرده لكتاب النوادر إن شاء الله تعالى.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 363.
(2) الآية 13 من سورة السجدة.
(3) كلمة مطموسة.
(4) هنا في ف صفحة سابقة مكررة.(2/49)
[14/554]
جامع لمعان مختلفة
وعلاج الجان
من العتبية(1)من سماع ابن القاسم: سئل مالك عن طريق بخراسان يقطع فيها قوم من أهل الكفر على المستضعف من المسافرين والمسلمين، أترى هذا مرابطاً؟
قال: نعم، أرى أن يحرس ذلك الموضع وكأنه رآه مرابطاً.
قال محمد بن عبد الحكم ابن الحسن قال ابن وهب عن المسلم له أم نصرانية عمياء تريد منه المسير بها إلى الكنيسة فلا بأس عليه بذلك حتى يبلغها، ولا يدخل هو الكنيسة. قيل: فيعطيها النفقة لعيدها؟ قال: أما في طعامها وشرابها فنعم، ولا يعطيها ما تعطي في الكنيسة.
وروى أشهب ( وابن نافع )(2)عن مالك: وسئل عن رجل به لمم، فقيل له إن شئت أن نقتل صاحبك قتلناه، فقال له بعض من عندنا لا تفعل، واصبر واتق الله، وقال له بعضهم: اقتله فإنما هو مثل اللص يعرض لك يريد مالك فاقتله، فقال: إن أعظمهم جرماً الذي مثله باللص. قيل له: فما رأيك؟ قال: لا علم لي بهذا، هذا من الطب(3). والله تعالى المستعان وعليه توكلت وإليه أنيب.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 372.
(2) ساقط من ف.
(3) انظر البيان والتحصيل، 16 : 385.(2/50)
[14/555]
تم كتاب المرتدين
وبتمامه تم جميع كتاب النوادر للشيخ الإمام العالم العلامة أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مستقره ومأواه آمين آمين آمين يا رب العالمين(1).
***
__________
(1) هذه الخاتمة انفردت بها مخطوطة الصادقية بتونس ( ص ).(2/51)